ما علاقة الآية: (أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده) في زعم اليهود حقهم في فلسطين؟
ـ[ساهر الليل]ــــــــ[01 May 2003, 03:29 م]ـ
قال تعالى: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)
- يزعم اليهود بأن لهم حقا تاريخيا في بيت المقدس؟ لو تكرمت اخي الحبييب أبطل زعم اليهود في أن لهم حق في فلسطين.
ـ[سلاموني]ــــــــ[02 May 2003, 04:50 ص]ـ
قال تعالى: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون}
سـ1ـــ/ يزعم اليهود بأن لهم حقا تاريخيا في بيت المقدس؟ أبطل هذا الزعم في ضوء الآية الكريمة
ما علاقة اليهود بهذه الآية الكريمة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لا وجود لأي علاقة بين اليهود و هذه الآية الكريمة
الله تعالى أنزل على موسى عليه السلام التوراة و أنزل الزبور على النبي داوود عليه السلام و كتب لهم في الزابور بأن الأرض يرثها عباد الله الصلحون
اليهود قوم تجبروا في الأرض و تركوا العمل بالناموس و حرفوا كتبهم و عصوا ربهم و تمردوا عن انبيائهم فقتلوا فيما قتلوا من أنبيائهم و حرفوا فيما حرفوا من كتبهم فبعث لهم الله النبي أشيعا عليه السلام ليحثهم بالعودة و توقف على الفساد في الأرض و عودة للناموس أو ينزل عليهم عذاب ربهم حيث يرسل عليهم غزاة يبدونهم
لكن اليهود لن يعتبروا فأصروا على عنادهم و كفرهم و فسادهم في الأرض
و تحقق الوعد
حيث هجم على فلسطين نبوحذ صخر ليوقف الحرب التي كانت دائرة بين مملكتين إسرائيليتين يهوذا في شمال و مملكة بني إسرائيل في أورشليم "القدس" حيث قتلهم مقتلة عظيمة و قتل نسائهم و أولادهم و حرق بيوتهم و أسرى البقية إلى بابل و ضاعت لهم أرض فلسطين التي كان يقيم فيها الكنعانيين قبل دخول اليهود إليها بأمر الله تعالى
و بقي اليهود أسرى في السجون بابل و منهم من هرب إلى منطقة بعيدة جد و هكذا فرغت فلسطين منهم أجمعين
لأنهم فسدوا فساد عظيم لهذا ذكرهم الله تعالى بقوله {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون}
و تحقق هذا الوعد حيث ورث المسلمين أرض فلسطين و هم عباد الله الصلحين كما أورثوها مؤمنين بني إسرائيل قبل فسادهم و طردهم منها بعد فسادهم
و عن سؤالك" يزعم اليهود بأن لهم حقا تاريخيا في بيت المقدس؟ أبطل هذا الزعم في ضوء الآية الكريمة"
ليس لهم أي حق في بيت المقدس بعد سقوطها على يد نبوخذصخر لأن الله تعالى بعث إليهم النبي داننيال عليه السلام و بعدما فسر رؤية ملك بابل تم إطلاق صراح جميع اليهود كما سمح لهم بالعودة إلى فلسطين بشرط بدون أن يحكموا أو أن تقوم لهم الدولة لأن الله حرمها على بني إسرئيل بسبب فسادهم و أمرهم أن يعيشوا مشتيتين بين الأمم حتى يبعث الله لهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليتبعوه
و هم يزعمون أنه لن يأتي بعد؟؟
و بالفعل منذ ذالك تاريخ لن تقوم لبني إسرائيل أي دولة أو سلطة في فلسطين أو في أي مكان و بقية فلسطين تنتقل من اليونان إلى الفرس إلى رومان ثم إلى الإسلام حتى سنة 1948 تاريخ الغدر
و هاهم اليهود أقاموا دولتهم و أعيدا فسادهم فماذا ينتضرهم؟؟
و كان وعد الله مفعولا
{ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون}
سيبعث الله لهم نبوحذصخر آخر ليبيدهم على بكرة أبيهم و تعود فلسطين و يعود القدس للعباده الصالحون الذي وعدهم بقوله تعالى {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون}
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 May 2003, 01:20 ص]ـ
أخي الحبيب ساهر الليل أعانه الله ووفقه أعتذر على عدم الرد لأنني لمست أن هذا السؤال اختباري ويبدو أن هذه إحدى الفقرات. حيث صيغة (أبطل هذا الزعم على ضوء الآية) صيغة مألوفة في الاختبارات!!!
أخي الحبيب: الآية فيها دليل على بطلان هذا الزعم الذي يزعمه اليهود، لأن الله كتب وقدر أن الصالحين هم الذين يرثون الأرض في النهاية، واليهود أهل فساد وغدر وكفر، فليسوا داخلين في هذا. هذه هي العلاقة باختصار.
وتوضيح ذلك - يا أخي الحبيب - أن الله سبحانه وتعالى في هذه الآية قد كتب وقدر أن الذي يرث الأرض في نهاية الأمر هم المتقون الصالحون، وليس غيرهم. فجعل سبب وراثتهم للأرض صلاحهم واستقامتهم، فإذا استقاموا على هذه الطريقة حقق الله لهم وعده، وإذا انحرفوا عنها عاقبهم الله، وأذلهم حتى يعودوا لطاعته.
وبنو إسرائيل عندما كانوا صالحين مستقيمين، مكن الله لهم، وفضلهم على العالمين، فلما انحرفوا غضب عليهم ولعنهم.
وكذلك أمة محمد عندما كانت مستقيمة على دينه، آمرة بالمعروف، ناهية عن المنكر، مؤمنة بالله، قال الله فيها: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) ثم بين علة تلك الخيرية فقال (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله). فلما انحرفت الأمة عن الطريق المستقيم ذاقت الهوان والمر ولا زالت. وهكذا.
و لأن اليهود في هذا الزمان من أشد الناس فساداً وإفساداً، فقد انتفى شرط الوراثة وهو الصلاح والاستقامة، فليس لهم حق في فلسطين. فتأمل هذه المعاني حفظك الله.
ومعنى الآية الكريمة:
(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون). أي العاملون بطاعته، المنتهون إلى أمره ونهيه. دون العاملين بمعصيته، المؤثرين طاعة الشيطان على طاعته.
والزبور: هو اسم عَلَم على كتاب نبي الله داود عليه السلام، ويقال أن المراد به كل كتاب لله منزل.
والذكر: قيل هو التوراة، وقيل هو أم الكتاب. يعني اللوح الذي كتب فيه كل شيء قبل الخلق. والله أعلم.(/)
إشارة إلى كتاب: (الإجماع في التفسير) للخضيري
ـ[أبو تميم الرائد]ــــــــ[02 May 2003, 04:44 م]ـ
لاشك أن معرفةالإجماع في كل علم من العلوم مطلب هام وأمر ضروري لامناص عنه ليسلم الطالب في إجتهاده من مفارقة الإجماع ومخالفة الإتفاق ولكي يريح نفسه من عناء البحث في المسائل المجمع عليها ويصرف كامل جهده في التنقيب والتحقيق في مسائل الخلاف.
وقد صدر في (علم التفسير) كتاب هام ومرجع نافع في معرفة مواطن الإجماع وتحقيقها وترتيبها وميزته أنه يذكر أقوال العلماء الذين حكوا الإجماع ومن ثم يناقشها لينتهي بالحكم على الإجماع المحكي في المسألة .... هل خُرق أولا؟؟؟
عنوان الكتاب ((الإجماع في التفسير)) وهو رسالة ماجستير من إعداد الشيخ/محمد بن عبدالعزيز الخضيري وإشراف الدكتور/علي العبيد .... الكتاب صدر عن دار الوطن بالرياض ويباع ب (27) ريال تقريباً
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[03 May 2003, 08:03 ص]ـ
الأخ الفاضل أبو تميم
السلام عليكم ورحمة اله وبركاته، أما بعد:
فأشكرك على ما طرحته حول كتاب أخينا الفاضل الشيخ محمد بن عبد العزيز الخضيري، وقد كنت أود أن يكون عنوان مقالك واضحًا في أنك تريد الحديث عن هذا الكتاب النافع، فقد كنت أتوقع أن تتكلم عن موضو ع الإجماع في التفسير، لا عن هذا اكتاب.
أرجو أن يكون العنوان دالاًّ على مضمونه، وياليتك ـ ما دمت تريد التعريف بهذا الكتاب ـ اخترت مقطعًا من هذا الكتاب ووضعته لتعرف طريقته لمن لم يطلع عليه.
ولك من الله الجزاء الأوفى.
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[13 Apr 2009, 01:00 ص]ـ
هذا رابط لتحميل الكتاب:
http://dc99.4shared.com/download/96752435/ec7d4b7/___online.rar
بارك الله فيكم.(/)
وقفات مع الإسرائيليات في كتب التفسير
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[02 May 2003, 06:09 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه وقفات مع الإسرائيليات في التفسير , كتبتها على هيئة نقاط , وهي أشبه ما تكون بإجابة على سؤال , حتى يسمح الوقت بإضافة الشواهد والاستدلالات مستوفاةً في بحث كامل – إن شاء الله -؛ بعد إضافة تعديلاتكم وإضافاتكم وفوائدكم بارك الله فيكم:
مقدمات:
1 - (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) رواه البخاري.
2 - (إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم) رواه البخاري.
3 - أجمع العلماء على أن ما جاءنا عن بني إسرائيل على ثلاثة أقسام:
- ما يوافق شرعنا , فهو مقبول.
- ما يخالف شرعنا , فهو مردود.
- ما لم يوافق شرعنا ولم يخالفه , وهو المسكوت عنه , فهذا يُروى ولا يُطوى , على سبيل الاستشهاد لا الاعتقاد , ولا نصدقهم فيه ولا نكذبهم؛ كما أمر به الحديث.
الوقفة الأولى:
الإسرائيليات هي كل ما رُوي عن بني إسرائيل من كتبهم أو عن علمائهم.
وهي نسبة إلى " إسرائيل " وهي في العبرية: عبد الله , أو صفوة الله .. , وهو نبي الله يعقوب عليه السلام {كل الطعام كان حلاًّ لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه .. الآية}.
وكل ما كان عن بني إسرائيل – سواءً من كتبهم أو علمائهم , داخل في مسمى الإسرائيليات (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) البخاري.
الوقفة الثانية:
قد يُراد بالإسرائيليات أعم ممّا يُذكر عن اليهود , كأخبار النصارى , أو ما يورد عمّن يطعنون في الإسلام , أو ما يكون من قبيل الموضوعات في التفسير , كقصة زينب بنت جحش رضي الله عنها عند قوله تعالى {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه .. الآية} [الأحزاب37] , أو قصة الغرانيق , وغيرها.
ولمّا كان الأصل في ذلك اليهود – بني إسرائيل – وأكثره عنهم , ولهم يدٌ فيما عدا ذلك عُمِّمَ مصطلح " الإسرائيليات " على: كلِّ دخيلٍ في التفسير , وهذا التعميم أَثَّر على الحكم على الإسرائيليات بالمعنى الخاص - كما سيأتي -.
الوقفة الثالثة:
هل هناك فائدة في التفريق بين الإسرائيليات التي مصدرها أخبار بني إسرائيل , وبين ما سُمّيَ بذلك مما ليس عنهم؟
التفريق بين الإسرائيليات التي مصدرها أخبار بني إسرائيل , وبين ما سُمّيَ بذلك مما ليس عنهم يفيد كثيراً في الحكم على الخبر؛ فالدخيل في التفسير مما ليس عن بني إسرائيل مردود في الجملة – كقصة الغرانيق مثلاً - , وأما ما ورد عن بني إسرائيل فيدخل في النصوص الشرعية الواردة كـ (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) وغيره.
الوقفة الرابعة:
تعامل الصحابة رضي الله عنهم مع الإسرائيليات في حدود الإذن الشرعي , وفي إطار (الاستشهاد لا الاعتقاد) , وهم عند نقلهم لها في الغالب يسألون ويتحرون عمّا في التوراة يقيناً , لا مجرد ما يتناقله أهل الكتاب , فعند سؤالهم لكعب الأحبار مثلاً تجدهم يقولون: هل تجد في التوراة؟ , أو يقول: قرأت في التوراة .. . ثم قد يكون الجواب محل نقاش أيضاً.
وهذا نوعٌ عالٍ من التوثق في نقل الإسرائيليات , يفيدهم عند وضعها في موضعها من التفسير.
وينبغي عند حديثنا عن الإسرائيليات أن نجعل فعل الصحابة رضي الله عنهم , وموقفهم من رواية الإسرائيليات نصب أعيننا , ولا تجرنا العاطفة وموقف العِدَاء الشرعي من اليهود , إلى تجاوز النص الشرعي , وتعامل الصحابة معه.
وهاهنا مُسَلَّمةٌ لا شك فيها وهي:
((أن ما صح عن الصحابة من الإسرائيليات هو مما يوافق شرعنا , أو من المسكوت عنه , مما لا يوافق أو يخالف شرعنا))
وكلاهما مقبول , بل إن رواية الصحابي لخبر بني إسرائيل المسكوت عنه يكاد يوصله إلى ما يوافق شرعنا.
فلا وجه أبداً للتحرج من حكاية ما في كتب التفسير مما صح عن أحد الصحابة من أخبار بني إسرائيل.
ولا ينقضي عجبي وألمي ممن يحاول تجريد كتب التفسير من هذه الروايات الإسرائيلية , بزعم أنها غير مفيدة في التفسير , أو إنها من دسائس أعداء الإسلام التي انطلت على المسلمين!!.
وهل تأمل هذا القائل كيف انطلت هذه الدسائس على الصحابة والتابعين وأئمة المفسرين الذين هم علماء الأمة ونبهائها , ثم فتح الله عليه فاكتشفها هو في هذا العصر العظيم!!.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد بدت بوادر هذا المسلك في عدد كبير من الرسائل العلمية في الأزهر سجلت بعنوان " الدخيل في التفسير " , لمهمة التجريد السابقة الذكر , وبدون استثناء في مادة الإسرائيليات , سواءً عن الصحابة أو غيرهم , وقد تناولت هذه الرسائل كتب التفسير من لَدُن ابن جرير , في أكثر من ثلاثين رسالة علمية , وهناك محولات لتسجيل رسائل علمية في بعض جامعات المملكة في نفس الموضوع , وقد وقفت على بعض الرسائل بهذا العنوان , والله المستعان.
والحقيقة أن طريقة إخراج الإسرائيليات من كتب التفسير بعيدة عن مناهج المفسرين , وهي كذلك متناقضة وغير عملية أو منهجية , وكثير ممن نصوا في تفاسيرهم على تجنب الإسرائيليات وعدم روايتها؛ أورَدُوا في أثناء تفاسيرهم عدداً منها فمستقل ومستكثر – كتفسير المنار على سبيل المثال –.
الوقفة الخامسة:
ما الفائدة من الإسرائيليات في التفسير , وما الحاجة إليها , خاصة وأن بيان كلام الله تعالى لا يفتقر إلاّ إلى معرفة بالشرع وبلسان العرب؟
هناك من يقول أن الإسرائيليات غير مفيدة في التفسير ولا حاجة إليها فيه , لكن صنيع المفسرين من لَدُن الصحابة إلى التابعين وتابعيهم إلى ابن جرير وكل من بعده من المفسرين؛ ذِكرُ الإسرائيليات في تفاسيرهم , وهذه قضية منهجية عند المفسرين , والذي يسأل عن فائدة الإسرائيليات في التفسير؛ يبدأُ بسؤال ابن عباس وأبا هريرة وابن مسعود وعائشة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم؛ لأنهم أول من روى الإسرائيليات في التفسير.
وأستطيع القول هنا أن:
((التفسير لا يحتاج إلى الإسرائيليات ولكنه يستفيد منها))
فالشيخ السعدي – رحمه الله - مثلاً , اعتمد في تفسيره لسورة يوسف على دقائق اللغة وسياق الكلام والموضوع العام , وغير ذلك , وترك ذكر أي شيء من الإسرائيليات فيها , فنطقت له الآيات بفوائد عجيبة ومعاني دقيقة , فهو هنا لم يحتج إلى الإسرائيليات , ولكننا - ولاشك - سنستفيد مما صح منها عن الصحابة مثلاً , في تأكيد هذه المعاني الصحيحة وتثبيتها.
الوقفة السادسة:
كان اليهود يعيشون مع الصحابة في المدينة , وكان أهل الذمة بعد ذلك في مجتمعات المسلمين آمنين , ومعهم في شوارعهم وبين بيوتهم وحول مساجدهم , ويحسن بنا أن نلحظ البُعدَ الدعوي في الإذن النبوي بالحديث عن بني إسرائيل ما كان حقاً من أخبارهم , أو ما لم يعارض شرعنا , وهذا العدل والإنصاف في العلم والدعوة باب عظيم من أبواب الترغيب في الإسلام , وتحبيب أهل الذمة في هذا الحق الذي يتمم ما عندهم من الحق , ولا يرد الحق ممن جاء به.
كما أنه كان من ثمرة ذلك الاحتكاك مع أهل الذمة التعرف على كتبهم وأخبارهم عن كثب , وتنقية ورد ما ينتشر منها بين العامة مما يعارض الشريعة , أو رواية ما يصلح منها , خاصة مما له علاقة بكتاب الله تعالى.
الوقفة السابعة:
كثير منّا ينفر من الإسرائيليات إذا مَرَّت معه في كتب التفسير لأنها إسرائيليات , لا لِأنها خالفت نصوصاً شرعية , أو مسلمات عقدية , وهذا خطأ منهجي , ناتج عن التصور القاصر للإسرائيليات في كتب التفسير.
الوقفة الثامنة:
بعض المفسرين ينقلون في تفاسيرهم من التوراة مباشرة , كالفخر الرازي , وابن كثير , وابن عاشور , وغيرهم , بل نقل ابن عاشور في تفسيره لآية (20) من سورة المؤمنون عن التوراة , وعن أساطير اليونان وإلياذتهم لهوميروس!!.
الوقفة التاسعة:
الأسانيد تفيد في ثبوت نسبة الخبر إلى قائله , فما فائدة ذكر أسانيد الإسرائيليات مادام متنها عن بني إسرائيل , وهم أهل الكذب والتحريف؟
من فوائد إسناد الإسرائيليات معرفة ثبوتها عمّن حكاها , ومعرفة من رواها كذلك , فهي عن الصحابة ليست كروايتها عمّن دونهم .. وهكذا , كما أن في الإسناد للخبر خروج من عهدته , وتحميل للقارئ أن ينظر فيه ويحكم بنفسه , وكما قيل أن حال المسند كحال الشرطي الذي يجمع كل ما له علاقة بالجريمة وكل ما يمكن أن يكون تهمة للجاني؛ ويضعه بين يدي القاضي ليختار منها ما شاء ويدع منها ما لا يصلح لعدم كفاية الأدلة.
الوقفة العاشرة:
الكتب المؤلفة في الإسرائيليات في التفسير عديدة , من أولها وأشهرها كتاب:
" الإسرائيليات في التفسير والحديث " لـ د/ محمد حسين الذهبي – رحمه الله - , وكتاب: الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير , لـ د/ محمد بن محمد أبو شهبة – رحمه الله - , وكتاب: الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير , لـ د/ رمزي نعناعة <أردني>. وغيرها.
ويغلب في تناولها العاطفة , وعدم التمييز في الأحكام.
أما كتاب الذهبي فكَتَبَه بطلب من مجمع البحوث في الأزهر , وأخذه نعناعة قبل أن يُطبع , وضمنه كاملاً في كتابه الذي هو رسالته للدكتوراه , وناقشها أبو شهبة , والذهبي حاضراً , وواجهوه بأخذه لكتاب شيخه الذهبي كاملاً دون أي إشارة إليه , وطالت واشتدت المناقشة , وأثرت على درجته فيها. – حدثني بهذا أحد الأساتذة الجامعيين الذين حضروا هذه المناقشة -.
وبعد:
فهذه عشر وقفات , تشبه أن تكون فوائد متناثرة , قصدت فيها إلى ذكر بعض المسائل المتخصصة , دون عامة المسائل في الإسرائيليات , مما هو معلوم لدى العموم.
وأرجوا أن نجد في ما يأتي من تعليقات ما يُثري الموضوع أكثر , على أن تكون في هذا الإطار , وسنواصل التعليقات إن شاء الله تعالى حتى يكتمل الموضوع , ويكون جديراً بهذا المُلتقى المبارك.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 May 2003, 07:45 م]ـ
أخي الحبيب أبا بيان وفقه الله ورعاه
أشكرك على هذه الوقفات المتميزة، التي أتت على مسائل في غاية الأهمية. وأود أن أشير إلى أمور:
الأول: سبقت مشاركة حول الإسرائليات ورواية عبدالله بن عباس رضي الله عنهما لها للأخ الكريم أحمد القصير، وسبقه إلى ذلك الأخ أحمد البريدي في نفس الأمر تجدها على هذا الرابط ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=115) .
وأرجو منكم التكرم بمناقشتها على ضوء ما تذكره من نقاط حول الإسرائليات وفقك الله. وقد هممت بكتابة ما أراه حول تلك المسألة وملخص الرأي عندي في نقطتين:
1 - أن العبرة في النقل عن الصحابة صحة السند، فإذا صح السند عن ابن عباس فحسبك بذاك. فإن كان الأمر لا مدخل للرأي فيه، فله حكم الرفع كما يقول العلماء، واشتراط بأن يكون الراوي من غير المكثرين من الأخذ عن بني إسرائيل شرط غريب. فهل الثقة بالصحابي والعدالة تنخرم هنا؟ بحيث نقول ربما تكون هذه الرواية عن بني إسرائيل وليست عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أليس هذا قدحاً في الصحابي الراوي؟
وقد أشار أخي الشيخ خالد الباتلي إلى هذا الأمر وذكر أن أول من اشترط هذا الشرط كما يرى هو الحافظ العراقي. وتابعه ابن حجر، وخالفهما في ذلك السخاوي رحمهم الله جميعاً، وكلامه مبسوط في محله. فما رأيك في هذه النقطة؟
2 - هل ثبت عن عبدالله بن عباس أنه من المكثرين من رواية الإسرائليات؟ فهو لم يرو في تفسير الطبري سوى ستة عشر رواية حسب إحصاء الدكتور آمال محمد عبدالرحمن في كتابها عن الإسرائليات عند الطبري وسيأتي الإشارة إليه. فهل هذا العدد يعتبر كثيراً؟
الثاني: أن هناك كتاب جديد صدر بعنوان (الإسرائليات في تفسير الطبري - دراسة في اللغة والمصادر العبرية) للدكتورة آمال محمد عبدالرحمن ربيع. طبع عام 1422هـ. وقد تناولت فيه الموضوع بطريقة لم تسبق إليها. فيا حبذا لو عرضت لهذا الكتاب، ورأيك في منهجيته.
الثالث: أنني قد اطلعت على كتاب رمزي نعناعة، وهو عندي أجود من كتاب شيخه الذهبي. وأنت أدرى بذلك وفقك الله، فما رأيك؟
أرجو منك المواصلة في هذا الطرح المتميز، وأسأل الله العون والتوفيق والسداد.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[02 May 2003, 10:22 م]ـ
الإسرائيليات: هي الأخبار المنقولة عن أهل الكتاب من غير طريق القرآن والسنة الثابتة عن النبي r، كالذي يحكى عن كعب الأحبار وكان من أحبار اليهود فأسلم، أو وهب بن منبه وغيرهما.
وهي أربعة أقسام:
1. إما أن يُعلم كذبها بما عندنا من الشريعة.
2. وإما أن يُعلم صدقها بما عندنا من الشريعة.
3. وإما أن تكون من المسكوت عنه؛ لكنها أقرب إلى الخرافة والكذب وتحيلها القول السليمة.
4. وإما أن تكون من المسكوت عنه، والعقول لا تحيل وقوعها.
فهذه أربعة أقسام للإسرائيليات.
فالقسم الأول: وهو ما عُلم كذبه بشهادة شرعنا له بالبطلان يجب رده وإطراحه، ولا تجوز حكايته إلا على سبيل التنبيه على بطلانه.
قال الحافظ ابن كثير: وما شهد له شرعنا منها (يعني من الإسرائيليات) بالبطلان فذاك مردود لا يجوز حكايته إلى على سبيل الإنكار والإبطال. اهـ ()
والقسم الثاني: وهو ما عُلم صدقه بشهادة شرعنا له بالصحة. فإذا ذُكر هذا القسم إنما يذكر استشهاداً لا اعتقاداً، ولا حاجة لنا فيه استغناء بما ثبت في شرعنا. وإذا ذُكر في التفسير لا يكون هو المفسِّر للآية، بل المفسِّر للآية هو ما ثبت في شرعنا، فانتفى كون الآية مفسَّرة بها ومحمولة عليها.
والقسم الثالث: وهو ما كان من المسكوت عنه؛ لكن العقول السليمة تحيله، ويغلب على الظنون كذبه، وهو أقرب إلى الخرافة. كجبل قاف المزعوم، والحوت "نون" الذي تُحمل عليه الأرض.
قال الحافظ ابن كثير: وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله r: " حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" فيما قد يجوّزه العقل، فأما ما تحيله العقول، ويحكم عليه بالبطلان، ويغلب على الظنون كذبه، فليس من هذا القبيل. اهـ ()
(يُتْبَعُ)
(/)
والقسم الرابع: وهو ما كان من المسكوت عنه، ولا تحيله العقول السليمة، ولا يغلب على الظنون كذبه، فيجب في مثل هذا التوقف، فلا يحكم عليه بصدق أو كذب، وعلى هذا القسم ينزَّل قول النبي r: " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا .. " ().
قال الحافظ ابن حجر: أي إذا كان ما يخبرونكم به محتملاً لئلا يكون في نفس الأمر صدقاً فتكذبوه، أو كذباً فتصدقوه، فتقعوا في الحرج، ولم يرد النهي عن تكذيبهم فيما ورد شرعنا بخلافه ولا عن تصديقهم، فيما ورد شرعنا بوفاقه، نبه على ذلك الشافعي رحمه الله. اهـ ()
وقال الحافظ ابن كثير في قول النبي r: " حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج": هذا محمول على الإسرائيليات والمسكوت عنها عندنا، فليس عندنا ما يصدقها ولا ما يكذبها فيجوز روايتها للاعتبار. اهـ ()
وهذا القسم أكثر الأقسام ذِكراً في كتب التفسير، وغالبه في تحديد مبهمات لا فائدة للأمة في تحديدها، كأسماء أصحاب الكهف، ولون كلبهم، ومكان الكهف، وكم عدد الدراهم التي اشتُرِي بها يوسف، عليه السلام، أما ما تحتاجه الأمة فقد بين لنا رسولنا r، وشرحه، وأوضحه، عرفه من عرفه، وجهله من جهله ().
فإذا كان حكم هذا النوع هو التوقف في التصديق والتكذيب؛ فلا يصح تفسير كلام الله بأمور مشكوك في صدقها وكذبها؛ فلربما حُملت الآية عليها فكانت كذباً فيكون قد فسر كلام الله تعالى بالكذب حقيقة، أو يكون قد خُولف أمر النبي r وذلك باعتقادنا صدق هذه الإسرائيليات، وأي تصديق لها أعظم من جعلها بياناً لمراد الله تعالى فيما أبهمه عن خلقه.
وكلا الأمرين باطل، فالقرآن حق ولا يحمل إلا على الحق، واعتقادنا في الإسرائيليات المسكوت عنها التوقف. فتعين صحة عدم تفسير آيات القرآن بهذه الإسرائيليات.
قال ابن كثير: "ليعلم أن أكثر ما يتحدثون به غالبه كذب وبهتان، لأنه قد دخله تحريف وتبديل، وتغيير وتأويل، وما أقل الصدق فيه، ثم ما أقل فائدة كثير منه لو كان صحيحاً" ().
قال العلامة عبدالرحمن السعدي: "واعلم أن كثيراً من المفسرين، رحمهم الله، قد أكثروا في حشو تفاسيرهم من قصص بني إسرائيل، ونزلوا عليها الآيات القرآنية وجعلوها تفسيراً لكتاب الله، محتجين بقوله r: " حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج".
والذي أرى أنه، وإن جاز نقل أحاديثهم على وجه، تكون مفردة غير مقرونة، ولا منزلة على كتاب الله، فإنه لا يجوز جعلها تفسيراً لكتاب الله قطعاً إذا لم تصح عن رسول الله r.
وذلك أن مرتبتها كما قال r: " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم".
فإذا كانت مرتبتها أن تكون مشكوكاً فيها، وكان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن القرآن يجب الإيمان به والقطع بألفاظه و معانيه.
فلا يجوز أن تجعل تلك القصص المنقولة بالروايات المجهولة، التي يغلب على الظن كذبها، أو كذب أكثرها، معاني لكتاب الله، مقطوعاً بها، ولا يستريب بهذا أحد.
ولكن بسب الغفلة عن هذا، حصل ما حصل. والله الموفق" ().اهـ ()
انظر: مقدمة ابن كثير - قواعد الترجيح للحربي - التفسير والمفسرون - المقدمات الأساسية
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 May 2003, 09:53 ص]ـ
بسم الله
شكر الله للإخوة الذين كتبوا هذه المقتطفات القيمة، وأرغب في التأكيد على الأخ أبي بيان بأن يواصل تحرير مسائل هذا الموضوع بطريقته السابقة أو بأحسن منها، وله منا الدعاء والشكر.
والموضوع يحتاج إلى تأصيل أكثر مع الحرص على ربط التأصيل النظري بالأمثلة التطبيقية؛ لأن ذلك مما يعين على تحرير كثير من المسائل المتعلقة بهذا الموضوع.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 May 2003, 12:31 ص]ـ
الإخوة الفضلاء:
عبد الرحمن الشهري , خالد الباتلي , أبو مجاهد.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أشكركم جميعاً على حسن ظنكم بأخيكم الضعيف , وأخص بالشكر شيخنا الفاضل /د. مساعد الطيار - حفظه الله - على مشاركته بموضوعه
ولأخي الحبيب عبد الرحمن الشهري وفقه الله:
بالنسبة لكتاب الدكتورة آمال , فلم أطلع عليه , وآمل أن أحصل عليه قريباً.
ومنذ زمن وأنا أُطارح عدداً من المتخصصين مسألة أن يكون الصحابي من المشهورين بالأخذ عن أهل الكتاب , وأن هذه القضية غير منضبطة ولا دقيقة , وما ذكرتَه فائدة جليلة لم أطلع عليها من قبل , فجزاك الله خيراً منها.
وفي الحقيقة أنه واجهتني مشكلة أخرت هذا الموضوع كثيراً وهي:
محاولة جمع واستقصاء ما رواه الصحابة من الإسرائيليات , ثم استخلاص ما صح منها , ثم استخراج منهجهم وقواعدهم في التعامل معها.
وكما ترى فهذا موضوع يصلح رسالة ماجستير , (أو بحث ترقية على الأقل!!) , ونتيجة ذلك البحث تجيب على كل الأسئلة والإشكالات المتوقعة على هذا الموضوع.
ولكني آثرت طرح هذه الوقفات التي تعتبر مهاداً نظرياً عند النظر في الإسرائيليات على العموم.
ولأخي أبو مجاهد أسعده الله بأمنيته:
فهذا عذري كما رأيت , وسأجتهد إن شاء الله تعالى , في إضافة أي موضع تطبيقي يصلح شاهداً للموضوع مع توالي الأيام , وأرجوا أن تشاركني ذلك , وجميع الأحبة المهتمين.
ولأخي الفاضل خالد الباتلي وفقه الله:
فآمل ملاحظة ما يلي:
1 - التفريق بين حاجة التفسير إلى الإسرائيليات؛ واستفادته منها.
2 - التنبه إلى صنيع الصحابة رضي الله عنهم في ذلك , وأخذه بعين الاعتبار.
3 - التفريق بين < عدم صحة تفسير آيات القرآن بالإسرائيليات > كما ذكرتَ , و < ذكرها مع تفسير آيات القرآن لأغراض كثيرة لم تكن لتخفى على الصحابة ومن بعدهم من أئمة المفسرين.
وكل هذه النقاط سبقت في الوقفات , فأحسن الله لك المثوبة على إفادتك , وبارك الله في جميع الإخوة.
والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 May 2003, 12:54 ص]ـ
هناك كلام للشيخ أحمد شاكر رحمه الله في الإسرائيليات ذكره في مقدمة كتابه عمدة التفسير، حيث قد جمع كلام ابن كثير في الإسرائليات أثناء تفسيره، ونقده.
وأذكر أنني قرأت للشيخ أحمد شاكر كلاماً قاسياً في من يورد الإسرائليات في التفسير مطلقاً، ويرى أن من أكبر الحرج أن تجعل كلام بني إسرائيل مع تفسير كلام الله جنباً إلى جنب.
فلعلكم تشيرون إلى ذلك يا أبا بيان وفقكم الله
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 May 2003, 08:24 م]ـ
لا تزال فوائدك تترى , ولعلي أُطالع كلامه بنصه , وإن كنت وقفت على مجمل كلامه , وعلى مواضع كثيرة لابن كثير رحمهما الله تعالى , وأنا - ولا أعوذ بالله من كلمة أنا , كما يقول البشير الإبراهيمي - أتجنب عامداً ذكر كلام الأئمة السابقين في هذا الباب؛ حتى نقف منه على يقين مستوعب لجميع مواضع النظر والخلاف , فعندها نذكر ونناقش بأدلة ويقين , ولا يعني هذا التهوين مما ذُكر في أصل الموضوع , ولكن للبيان خطاب وللرد خطاب , وأنا هيَّابٌ من الرد خاصة عند ذكر هؤلاء الجبال في العلم والحفظ. والله الموفق.
ـ[أبو محمد القرناس]ــــــــ[07 May 2003, 01:10 ص]ـ
الأخ الفاضل أبو بيان؛شكر الله لك هذه الفوائد الحسان،وثقل لك بها الميزان واسمح لي بوقفة وإحالة.
اماالوقفة فمع قولك- رعاك ربك -: وهاهنا مُسَلَّمةٌ لا شك فيها وهي:
((أن ما صح عن الصحابة من الإسرائيليات هو مما يوافق شرعنا , أو من المسكوت عنه , مما لا يوافق أو يخالف شرعنا))
وكلاهما مقبول , بل إن رواية الصحابي لخبر بني إسرائيل المسكوت عنه يكاد يوصله إلى ما يوافق شرعنا.
فلا وجه أبداً للتحرج من حكاية ما في كتب التفسير مما صح عن أحد الصحابة من أخبار بني إسرائيل.أ. ه
فأقول هل مجرد رواية الصحابي الجليل للمسكوت عنه تجعله موافقاً للشرع؟ أم أن غاية ما في الأمر أن يكون رأيا معتبراً لهذا الصحابي الراوي؟.آمل أن تتأمل ذلك.
وأما الإحالة فطالع -مشكوراً - كلام الحافظ ابن كثير في أول قصة إبراهيم الخليل -عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم-في سورة الأنبياء؛ حيث أورد رحمه الله كلاماً مختصراً نفيساً في بيان المنهج في التعامل مع الإسرائيليات.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[07 May 2003, 07:44 ص]ـ
شكر الله لك أخي هذه المشاركة , وكنت أعلم أني سأُلاحظ على هذه العبارة , وهذا من نباهتك أخي الفاضل , وأنبه هنا إلى اختياري لفظة " يكاد " , ولم أعبر بما يفيد الجزم.
وإن كان في نفسي أنه لا يَبعُد كثيراً عنه , خاصة من الناحية العملية.
وهذا رأي يُتَأمل.
ـ[المشارك7]ــــــــ[08 May 2003, 11:49 م]ـ
تكلم عن قضية الاسرائيليات الشيخ محمد الخضيري في كتابه تفسير التابعين بكلام جميل تحسن مراجعته.
ولي بعض الملاحظات في هذاالموضوع البالغ الاهمية لعل الاخوة ينظرون فيها:
1 - البحث في راوية الاسرائيليات من البحث في الجائز لا الواجب فلو ترك المرء الروايات الاسرائيلية مطلقا فلا تثريب عليه.
2 - اطلاق القول بجواز ذكر الروايات الاسرائيلية مادام قد ذكرها بعض الصحابة ترد عليه الاشكالات التالية:
1 - قد ذكر الاخ ابو بيان ان الاسرائيليات تذكر من باب الاستشهاد فقط لكن واقع المفسرين عند التمحيص يخالف ذلك وقد ذكر الشيخ الخضيري من نتائج الاسرائيليات:
1 - مخالفة الظاهر:
فمن ذلك قول سعيد بن المسيب وهويحلف ما يستثني:ما اكل ادم من الشجرة وهو يعقل ولكن حواء سقته من الخمر حتى اذا سكر قادته اليها فاكل.
2 - الترجيح:
ومنه انكار مجاهد نزول المائدة حقيقة مخافا ظاهر الاية وسبب الترجيح ان اهل الكتاب لم يرد عندهم فيها شيئ.
ومنه في قوله تعالى" ونادى نوح ابنه".
قلت ومنه ما ذكره الشيخ مساعد الطيار في تفسير النعجة في سورة ص وانها المراة.
ثم مامعنى الاستشهاد اليس معناه ان المعنى مقرر معروف ثم نستشهد عليه والواقع في بعض الاسرائيليات ان ذلك لم يعرف الا من طريق الاسرائيلية كما في تفسير النعاج مثلا.
3 - ذكر علماء الحديث ان الحديث المنكر لا يقوي ولايتقوى كما قال الامام احمد رحمه الله تعالى:المنكر ابدا منكرفكيف يجوز الاستشهاد بالاسرائيليات باطلاق وفيها المناكير.
4 - الاحتجاج بفعل ابن عباس رضي الله عنه فيه الامور التالية:
(يُتْبَعُ)
(/)
1.هل بقية الصحابة على نفس المنهج الظاهر ان ابن عباس توسع في هذ الامرواما الوارد عن غيره من الصحابة فيمكن الجواب عنه بالامور التالية:
0 - هل الوارد عنهم قليل ام كثير؟ وهذه القلة هل يمكن ان يقال فيها انها منهج لهم ام يقال هذا من الامور العارضة التي لاتكون مقصودة؟ وهل الوارد الصحيح عنهم فيه الروايات المنكرة؟
وقصدي من هذا انه ينبغي النظر في فعل الصحابة حتى ينظر هل هي مسالة اطبقوا عليها ام هي راي لبعضهم خالفه اخرون من الصحابة.
ثم رايت الشيخ الخضيري في كتابه تفسير التابعين ذكر مايلي:
1 - "انفردت مدرستا العراق وخاصة مدرسة الكوفة بقلة المروي عنها في الجانب الاسرائيلي فلانكاد نجد فيها الكثرة التي كانت في المدرسة المكية وقد تعود اسباب ذلك الى ما يلي:
1.تاثر المدرستين -البصرية والكوفية -بالمدرسة المدنية التي قل فيها هذا النتاج ولاسيما ان عمر رضي الله عنه كان شديدا على كعب الاحبار لئلا يحدث الناس بما يفتنهم.
وتاثرت هذه المدرسة الكوفية ايضا بابن مسعود شيخها الذي كان بعيدا عن الرواية في هذا الجانب يحذو حذو عمر في اعماله واقواله "اهـ.
2 - "يعد ابي بن كعب رضي الله عنه من اقل الصحابة اعتمادا على الاسرائيليات فلم يرو عنه الا خبران وفي اسنادهما مقال "اهـ.
3 - ان من تلاميذ ابن عباس رضي الله عنه من خالف منهج شيخه فذكر الخضيري ان عكرمة اعرض عن كثير من الاسرائيليات ولم يرو عن ابن عباس الاالقليل وغالبها كان في المبهمات.
واما عطاء فانه اعرض عن تلك الروايات.
2 - القائلون بالاحتجاج بفعل الحبر البحر ابن عباس ترد عليهم الاشكالات التالية:
0.هل يجوزالتوسع في الاسرائيليات فجوابهم بالمنع وقد قال الخضيري "والحاصل ان ابن عباس توسع في الرواية عن بني اسرائيل فتبعه اصحابه في ذلك "فما جوابهم؟.
0.هل يجوز ذكر الاسرائيلية المشتملة على المنكر دون بيان النكارة فيها؟ ...
وابن عباس رضي الله عنه وردت عنه روايات فيها نكارة ولم يرد فيها بيانه لهذه النكارة.
0. ان ابن عباس رضي الله عنه قد نعى على المسلمين سؤال اهل الكتاب وهذا يجعلنا نتريث في اطلاق القول بالجواز بناء علىفعل ابن عباس رضي الله عنه.
0.ان ابن عباس قد نص علىان اهل الكتاب قد بدلوا وغيروا.فهذا كسابقه بل اشد في الحجة.
0.اذا ذكر ابن عباس الاية ثم ذكر الاسرائيلية في معرض تفسير الاية الايسبق الى الفهم ان ابن عباس فسر الاية بالاسرائيلية وانظر الى قوله في تفسيرسورة ص " ..... ثم امر به فطرح في البحر فذلك قوله (ولقد فتنا سليمان والقينا على كرسيه جسدا) يعني الشيطان الذي كان تسلط عليه. اهـ. فهل يجوز التفسيربهذه الصورة باطلاق مع ما في ذلك من ايهام الاعتماد على الاسرائيلية؟
واذكر بعض الاحتمالات التي قد يمكن تخريج فعل ابن عباس عليها ولااجزم بها بل اضعها بين ايديكم للنظر فيها:
-الظاهر والله اعلم ان الدافع لابن عباس على التوسع في ذلك حديث حدثوا عن بني اسرائيل ولاحرج.
-قد يكون والله اعلم في بعض الاحيان يذكرابن عباس الاسرائيلية معتمدا عليها ووجه ذلك ان القران ذو اوجه واذا كان المعنى المذكور في الاسرائيلية مما يمكن حمل الاية عليه فتحمل الاية عليها.
وسيقوى عندك هذا المعنى اذا علمت ان ابن عباس كان كما يقول الشيخ الخضيري يكثر من سؤال كعب الاحبار.
فلو جمعت ان كعبا كما يقول الذهبي:وكان خبيرا بكتب اليهود له ذوق في معرفة صحيحها من باطلها في الجملة.اذا جمعت ذلك مع معرفتك بحسن فهم ابن عباس وقوة ذكائه لربما قوي هذا المعنى في نفسك.
واذا صح هذا المعنى فلك ان تقول ان ابن عباس استشهد بالاسرائيلية لان المعنى يمكن وجوده ولو لم ترد الاسرائيلية.
وقد يقول قائل ان ابن عباس اعتمد على الاسرائيلية في التفسير من جهة انه ولو في بعض الاحيان تكون الاسرائيلية هي التي اثارت هذا المعنى ولو لا الاسرائيلية لما ذكر هذا المعنى.
-قد يكون ابن عباس ذكرالاسرائيلية التي فيها نكارة لبعض تلامذة النجباء الذين لاحاجة له في تنبيههم الى بطلان هذه الاسرائيلية.
ولا شك انه في بعض الاحيان يكون ذكر الاسرائيلية من باب المثال او غير ذلك وهذا لا اشكال فيه ولكن الاشكال فيماظاهره مشكل.
وانقل لكم ما ذكره الشيخ الخضيري في كعب:
(يُتْبَعُ)
(/)
" ... فهو -اي كعب -وان انكر عليه عمر مرة وقال له:لتتركن الاحاديث او لالحقنك بارض القردة.
الا انه في مرة اخرى نجده يساله ويقول له:ما اول شيئ ابتدأه من خلقه؟ ... "اهـ.
اليس في نهي عمر الاول حجة لمن يمنع التوسع في الاسرائيليات وعدم اطلاق القول بجواز ذكرها في التفسير.
وقد يحتج المانعون بالامور التالية:
1 - ان الحديث دل على جواز التحديث عن بني اسرائيل والجائز يجوز تركه ولاسيما اذا ترتب على ذلك مصلحة.
2 - ان باب المصالح والمفاسد باب عظيم والمصلحة تقضي المنع من ذلك لامور:
0.المفاسد المترتبة على رواية الاسرائيلية من مخالفة الظاهر،والترجيح بناء على الاسرائيلية، وذهاب فهم كثير من الناس الى ان المراد بالاية ما ورد في هذه الاسرائيلية وليس الناس في الفهم على مستوى واحد وانتم تقولون لاوجه للتحرج من رواية الاسرائيليات فلامانع اذا ان اذكرها في كتاب مؤلف للعامة ولن يفهم كثير من الناس ان المراد بهذه الاسرائيلية مجرد المثال بل لن يفهم كثير من طلبة العلم ان المراد المعنى الجملي دون التفاصيل.
فان قلتم ان رددتم علينا فردوا على ابن عباس فنقول لكم يجوز روايات الاسرائيليات المنكرة فان رددتم علينافردوا على ابن عباس.
ومن اجاز الرواية الاسرائيلية ذكر لذلك ضوابط وقيودا ولكن في كثير من الاحيان في العلم اذا ذكرت قيود في مسالة نظريا فانه في الجانب التطبيقي يتساهل في ذلك فلينتبه لذلك.
واخيرا ههنا امور:
1 - لا اشكال في جواز ذكر الاسرائيلية من باب المثال او في المبهمات ونحو ذلك.
2 - فرق بين ان يقال"فلا وجه أبداً للتحرج من حكاية ما في كتب التفسير مما صح عن أحد الصحابة من أخبار بني إسرائيل ".
وبين ان يقال ينبغي التحري في رواية الاسرائيليات ويجوز رواية مالا يؤثر حكما ولامعنى.
فان السامع للاول سيتوسع في رواية الاسرائيليات وقد يذكر المنكرات وقد يرى انها غير منكرة وقد ذكر الشيخ مساعد ان كون الرواية منكرة او غير منكرة مما قد يختلف فيه.فهل يستساغ ذكر المنكرات.وهذا لعلها نتيجة طبيعية للتوسع فان ما تراه منكرا قد لا اراه منكرا وقد اراه منكرا ولاتراه منكرا.
والمطبق للمعنى الثاني سيتحرى في رواية الاسرائيليات وقد يقع في رواية المنكر مرة او مرتين لذهول او لغير ذلك ولايمكن ان يقال فيما هذا حاله ان منهجه ذكر الاسرائيليات.
هذه امور احببت ذكرها في هذا الموضوع المهم وان كان ثم نقد فلا تبخلوا علينا به وجزى الله الاخوة خيرا.
ولا يبخلن علينا شيخنا ابو عبد الملك بملاحظاته فانا حريصون على معرفة رايه.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[10 May 2003, 07:19 م]ـ
التعليق على الإسرائيليات
الأخ الفاضل (المشارك7) حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فأستميحكم عذرًا أن أُعلِّقَ على ما ذكرتم من تعليقكم على الأخ الفاضل (أبي بيان) حفظه الله، وأقول:
قولكم حفظك الله: ((البحث في راوية الاسرائيليات من البحث في الجائز لا الواجب فلو ترك المرء الروايات الاسرائيلية مطلقا فلا تثريب عليه)).
هذا القول صحيح، لذا لا يعاب على مفسر تركه للإسرائيليات، وهذا ما لا تجده من النقد الموجه إلى كتاب من كتب التفسير، بخلاف ضدِه.
وما ذكرتموه في النقطة الثانية من إطلاق القول بجواز ذكر الروايات الاسرائيلية مادام قد ذكرها بعض الصحابة، وأنه ترد عليه الإشكالات التي ذكرتم، فهذا صحيح من جهة أنه قد ورد الاعتماد على الإسرائيلية في بعض تفسيرات السلف، لكنه قول بالرأي والاجتهاد، وإذا وجد له مخالف من قول غيره من السلف غير معتمد على الإسرائيلية، فالمسألة في هذه الحال تعود إلى الترجيح بين الأقوال، ويمكن تضعيف القول الذي اعتمد على الإسرائيلية بذلك، لكن الأمر هنا يرجع إلى مثال بعينه، والأمر الذي يراد دراسته يرجع إلى المنهج العام في الإسرائيليات وما يتعلق بها من قواعد القبول أو الرفض.
وقولكم: ((ذكر علماء الحديث أن الحديث المنكر لا يقوي ولا يتقوى كما قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: " المنكر أبدًا منكر "، فكيف يجوز الاستشهاد بالإسرائيليات بإطلاق وفيها المناكير؟!))
(يُتْبَعُ)
(/)
أقول: إن هنا المراد النظر في المنهج العام في التعامل مع الإسرائيليات، وهنا فرق بين أن يقال: يجوز رواية الإسرائيليات، والقول بقبول جميع الإسرائيليات، والقول بالقبول لا يقول به أحد، والقول الأول مأخوذ من منهج مفسري السلف (الصحابة والتابعين وأتباع التابعين)، وهذا الذي يقصد بحثه؛ لأنه يترتب على عيب نقل الإسرائيليات في التفسير نقد منهج السلف.
وهذه الفكرة ـ أيها الأخ الفاضل ـ لم ترتضِها ـ ولك ذلك، فالأمر راجع إلى الاجتهاد ـ لذا جاءت عندك كتابة منهج بارزة هكذا (منهج)، وهذا سديد منك لو كنت تتبعت التفسير المأثور عن السلف فانتقدت أن يكون منهجًا معروفًا عندهم.
وأقول لك: إنك على خُبرٍ أن التفسير المروي عن أفراد الصحابة لا يوازي المروي عن ابن عباس بحال، بل إنك تعلم أن بعض كتب طبقات المفسرين قد أدخلت بعض الصحابة في المفسرين، مع أنه لم يرد عنهم إلا القليل، بل النادر أحيانًا، وهذه مسألة تحتاج إلى بحث، وهي محلُّ نظر واختلاف آراء، وقد طرحتها في موضوع (مفهوم المفسِّر) في كتابي ((مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر)).
وأقصد من ذلك أنك لو طبقت هذا المنهج الذي ذكرته في قولك: ((الاحتجاج بفعل ابن عباس رضي الله عنه فيه الأمور التالية:
1.هل بقية الصحابة على نفس المنهج؟
الظاهر أن ابن عباس توسع في هذا الأمر وأما الوارد عن غيره من الصحابة فيمكن الجواب عنه بالأمور التالية:
هل الوارد عنهم قليل أم كثير؟ وهذه القلة هل يمكن أن يقال فيها: إنها منهج لهم أم يقال هذا من الأمور العارضة التي لا تكون مقصودة؟ وهل الوارد الصحيح عنهم فيه الروايات المنكرة؟
وقصدي من هذا انه ينبغي النظر في فعل الصحابة حتى ينظر هل هي مسالة أطبقوا عليها أم هي رأي لبعضهم خالفه آخرون من الصحابة)).
أقول: ولو طبقت منهجك هذا، فأنه لا يسلم لك بعض مصادر التفسير؛ وطرقه؛ لأنك ستجد القلَّة فيه عن غير ابن عباس ـ كالاستشهاد بالشعر ـ فهل يُرَدُّ ذلك من أجل أنك لا تجده إلا عن ابن عباس، أم ماذا؟.
أقول لك هذا مدارسةً لا تقريرًا، والأمر يحتاج إلى بحث واستقراء، وفقني الله وإياك وجميع الإخوة إلى تحرير مثل هذا.
ثمَّ استشهدت مشكورًا برأي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الله الخضيري في كتابه الممتع البديع ((تفسير التابعين))، ولي في هذا تعليقات:
الأول: أتمنى منك لو أعطيت نبذة مختصرة عن هذا الكتاب تعريفًا به لمن يتصفح هذا الملتقى؛ لأن هذا الكتاب من الكتب الفريدة في منهجية البحث، وفي فوائد نفيسة جدًّا، ظهرت بعد استقراء وتأمُّل.
وإني لأجدها فرصة أن أرفع للإخوة الذين يشاركون في الملتقى بأن يقوموا بالتعريف ببعض الكتب النافعة في علوم القرآن والتفسير؛ لأن الملتقى فرصة للتعريف بالكتب المتعلقة بعلوم القرآن والتفسير، والدال على الخير كفاعلة.
الثاني: إنَّ لي تحفُّظًا على مصطلح ((مدرسة)) في التفسير، لأمور:
1 ـ إن هذا المصطلح من المصطلحات الفلسفية المعاصرة، وقد ظهر للتعبير عن بعض الأفكار التي يتبناها مجموعة من الناس ويدافعون عنها، ويينضوون تحتها.
وهذا الأسلوب غير موجود في ما يسمى بمدارس التفسير مطلقًا.
2 ـ ثمَّ إنَّ هذا التصنيف منتقضٌ بما عُرِفَ من تنوع شيوخ بعض التابعين، وتنوع مواطنهم التي عاشوا فيها، فهل النسبة للمدرسة إلى الشيوخ أم إلى الموطن؟
ومن أمثلة من تعدد فيه هذه:
أبو العالية، فهو مدنيٌّ، ثمَّ بصري، وقد أخذ التفسير عن ابن عباس، فهل يُنسبُ إلى مدرسة المدينة لنشوئه الأول فيها، وتلقيه العلم على شيوخها، أم إلى البصرة التي استقرَّ بها بعد ذلك، فيكون من المدرسة البصرية، أم إلى تتلمذه على ابن عباس فيكون من المدرسة المكية.
مجاهد بن جبر، تلقى التفسير عن ابن عباس، وهو من أخصِّ تلاميذه، ثم تلقى العلم على بعض شيوخ المدينة من الصحابة، وأخذ بقراءة ابن مسعود واستفاد منها في التفسير، فإلى أي المدارس يُنسب.
الحسن البصري، كان مدني المنشأ، ثمَّ صار بصريًا، فإلى أي المدارس يُنسب، وهل كان الوعظ الذي تميَّز به مما أخذه من مدرسة المدينة، أم هو من اختصاصاته التي منَّ الله بها عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
أبو مالك غزوان الغفاري، فهو كوفيٌّ، وقد أخذ التفسير عن ابن عباس، فهل يُلحقُ بالمدرسة الكوفية لاستيطانه بها، أم بالمدرسة المكية لأجل شيخه.
وكذا الحال بأبي الشعثاء جابر بن زيد البصري الذي تلقى التفسير عن ابن عباس، وهو بصري، مع ملاحظة قلَّةِ الرواية عنه في التفسير.
3 ـ وإذا لاحظت ما يتميز به أفراد كل مدرسة، فإنك ستجد بينهم تباينًا في المنهج التفسيري، ففي تلاميذ ابن عباس (المدرسة المكية) تجد أن عطاء منحاه في التفسير فقهي؛ لأنه مفتي مكة، لكن لم يبرز هذا المنحى عند غيره من تلاميذ ابن عباس كما برز عنده.
وتجد العناية ببيان المفردات عند مجاهد أكثر من غيره من تلاميذ ابن عباس، وهكذا غيرهم ممن له تميز في شيء من التفسير لا يبرز عند غيره من أصحابه.
وهذا يقود إلى الملحوظة الرابعة، وهي:
4 ـ هل ما يتميز به الواحد منهم يُعدُّ ميزة للمدرسة التي ينتمي إليها أم لا؟
الواقع أنه لا يُعدُّ من منهج المدرسة العام؛ لأنَّ مصطلح المدرسة ـ كما سبق ـ يرتبط بأفكار معينة تدور حولها المدرسة، ولا يمنع أن يكون لأفرادها اجتهادات فردية خارج إطار هذه الأفكار العامة، وهذه الاجتهادات الفردية لا تُنسب إلى المدرسة، بل تُنسب إلى أصحابها.
5 ـ ومما يدلُّ على عدم صحة هذا الإطلاق أنك تجد أن أصحاب المدرسة المنسوبين إليها قد يخالفون آراء شيخهم في التفسير، مما يدلُّ على أنهم لا يلتزمون رأيه في كلِّ شيء، ويمكن القول بأنهم لا يتبنونه في كل مسألة تفسيريه، والدليل على ذلك ورود أقوال عنهم تخالف أقوال شيوخهم، واختلافها من باب تنوع المعاني وتعدد الأقوال، وليس من باب الاختلاف الذي يرجع إلى قول واحد، وهذا الاختلاف ظاهر لمن يقرأ في تفسير السلف.
فإن قيل: إن الاختلاف في الأمثلة التفسيرية لا يعني الاختلاف في أصل المنهج التفسيري الذي سار عليه شيخ المدرسة.
فالجواب: إن المنهج التفسيري عند جميع هذه المدارس متقاربٌ جدَّا، بل إنهم يتفقون في أغلب المنهج، والاختلاف بينهم إنما هو في بعض الأمور الجزئية، كما أن الاختلاف كائن في القِلَّةِ والكثرة في الأخذ بهذا المصدر أو ذاك.
فكل المدارس ترجع إلى القرآن والسنة ولغة العرب وأسباب النُّزول وقصص الآي، وتُبَيِّنُ الحكم الفقهي الذي تتضمنه الآية، وتُبَيِّنُ من نزل فيه الخطاب، وتُبَيِّنُ مبهمات بعض الآي … الخ.
لكنهم بين مقلٍّ ومكثرٍ، أو بين من يرد عنه في هذه المصادر رواية ومن لا يرد عنه.
والذي يظهر أن تفسير السلف يصدر عن مدرسة واحدة، ومصادرهم وأصولهم متفقة، ليس بينهم فيها اختلاف، سوى الاختلاف في كثرة الاعتماد على هذا المصدر أو ذاك.
أما الإسرائيليات التي هي أصل هذا النقاش فهي مصدر من مصادرهم، والأمر فيها مختلف لورود الحديث المشهور فيها، وما وقع من خلاف في تطبيقه بين المفسرين لا يعني أنها ليست من المصادر، وكونها من المصادر لا يعني القبول المطلق لكل تفسير اعتمد على مروية إسرائيلية.
وأرى أن التميز يرجع إلى الأشخاص بذاتهم، وقد يظهر عليهم أثر شيوخهم فيهم، وكلما تعددَّت الشيوخ ظهر تنوع التفسير عند التلميذ، والله أعلم.
الثالث: أن ما نقلت من استقراء الدكتور محمد بن عبد الله الخضيري يخصُّ التابعين ـ في أغلبه ـ وأمر الإسرائيليات يحتاج إلى استقراء في طبقات السلف الثلاث للخروج برؤية واضحة في هذا المجال، مع اليقين بأنَّ ما يرد عن الصحابة فإن النفس إليه أسكن، ووضع التأصيل عليه أسلم.
ثمَّ أعود بعد هذا الاستطراد إلى بقية كلامك الممتع في الإسرائيليات، فأقول:
إن ما ذكرته بعد ذلك مفيد في كيفية الاستفادة من الإسرائليات التي رويت من طريق السلف، ويظهر أنَّ في ما ذكرته أمرين منفكين:
الأول: كيفية التعامل مع ما ورد عن السلف من الإسرائيليات سواءً أظهرت نكارتها لك، أم كانت مما لا يُحكم بنكارتها.
الثاني: التجوز في رواية الإسرائيلية للعامة.
أما في الأولى، فأرى أنني وإياك ملزمون بأدب التعامل مع السلف، ومعرفة منهجهم في ذلك، والحرص على تخريج ما ورد عنهم على وجه لا يخالف منهجهم العام، ومعرفة سبب قولهم بذلك إن أمكن.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما الثانية، فأنت في مقام الاختيار، فلك أن تترك ما تراه غريبًا منكرًا من هذه الإسرائيليات، ولا تذكره البتة، وهذا المنهج قد سلكه بعض المفسرين، كالشيخ عبد الرحمن السعدي ففي تفسيره.
لكن المشكل عندك هنا فيما لو ذكر بعضهم شيئًا من هذه الروايات التي فيها نكارة عندك، فإنك تحتجُّ عليه بما ذكرت، ولعل هذا من باب اختلاف التنوع في الاجتهاد، والذي يقلُّ فيه التثريب، فمن روى فله سلف، ومن ترك وأعرض فله سلف، ولا شكَّ أن السلم البعدُ عن هذه المنكرات الإسرائيلية.
لكن أقول لك: إن الملاحظ أن بعض الناس لا يقبل الإسرائيلية حتى لو لم يكن فيها شيء غريب ولا منكر، فتراه يعلق على تفسير من التفاسير، ويقول في الحاشية: ((هذه إسرائيلية)).
فيفهم من كلامه أنها مردودة؛ لأنها إسرائيلية فقط، ولا ينظر إلى صحة انطباق القصة المذكور على الآية، وكونها مثالاً لمعنى الآية، وأن الآية تحتملها، وكل هذا لا يلزم منه قبول هذه الإسرائيلية من جهة الخبر؛ لأن قبول الأخبار له شرط، وبيان المعنى لا يدخل في شرط قبول الأخبار، فبينهما اختلاف في المنهج، لذا ترى في بيان المعنى أنه يقبل فيه ما لا يقوم حجة في نقل أحاديث الأحكام من الأسانيد، وهذا له باب آخر لعله يأتي تفصيله.
وأخيرًا، فإنَّ الموضوع لا يزال يحتاج إلى مطارحات علمية أخرى، وإني لأتمنى أن يكون للإخوة المشاركين في هذا الملتقى بحث جماعي في مرويات الإسرائيليات في تفسير السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم، فلو تصدَّر الأخ ((أبو بيان)) أو الأخ ((المشارك7)) ـ تكرُّمًا، لا أمرًا ـ إدارة هذا البحث، وطلب المشاركة من الإخوة، وأخذ كل واحد من الباحثين واحدًا من أعلام المفسرين من السلف، واستخرج المرويات الإسرائيلية عنده، ونظر في طريقة روايته لها، وأسلوب الرواية الواردة عنه:
هل كانت جوابًا لسؤال؟
هل كانت استشهادًا.
هل اعتمد عليها في بيان المعنى؟
هل فيها نكارة أو غرابة، وما موطن ذلك؟ … إلخ من الأسئلة التي ستظهر في بحث هذا الموضوع، ثمَّ يضع كل واحد ما وصل إليه في بحثه.
أظنُّ أنه سيُتوصَّل إلى حلِّ بعض المشكلات المستعصية في هذا الباب، والله أعلم.
هذا اقتراح أرجو أن يجد قبولاً، وكأني بكم تقولون: ما أسهل الاقتراح، لكن من ينفِّذ؟
أقول نعم، لكني أرجو أن يتميز هذا الملتقى بالإبداع في كل أموره، حتى في مثل هذه الأفكار التي قد يظنها بعض الناس صعبة التطبيق، لكن أقول: من استعان بالله أعانه، ومن كان همه خدمة كتاب ربه فإن الله سيوفقه، ويكفينا فخرًا أننا نكتب فيما يتعلق بهذا الكتاب العزيز، وأسأل الله لي ولكم الإخلاص في القول والعمل، وأن لا تخدعنا أنفسنا بما نقدِّم، وأن نكون من العاملين الجادين.
أعتذر إليكم عن الإطالة، وأرجو أن أكون قد بينت شيئًا مما يتعلق بتعليقكم أيها الأخ الكريم.
محبكم: أبو عبد الملك.
ـ[ابو يوسف]ــــــــ[17 May 2003, 11:43 م]ـ
الاخ أبو بيان كتبت
"ولا ينقضي عجبي وألمي ممن يحاول تجريد كتب التفسير من هذه الروايات الإسرائيلية , بزعم أنها غير مفيدة في التفسير "
ارجو ان تذكر بعض الامثلة ولك الشكر
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[18 May 2003, 11:10 م]ـ
بإمكانك أخي الفاضل أن تجد هذه العبارة في عدد من الكتب التي تحدثت عن الإسرائيليات في التفسير - وفي المقال بعضها - , وفي مقدمة عدد من كتب التفسير , وبالأخص مختصرات التفاسير التي تقذفها لنا المطابع تباعاً.
وذكرت في الموضوع منهج عدد من الرسائل العلمية التي لاتفرق في موضوع الإسرائيليات في كتب التفسير.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[26 Jun 2003, 10:20 م]ـ
قال الإمام القرطبي - رحمه الله - في مقدمة كتابه (الجامع لأحكام القرآن):
وشرطي في هذا الكتاب:. . , وأضرب عن كثير من قَصَص المفسرين , وأخبار المؤرخين , إلا ما لابد منه , ولا غنىً عنه للتبيين. ا. هـ
فإن كانت الإسرائيليات داخلة في مراد القرطبي بـ: (قَصَص المفسرين , وأخبار المؤرخين)؛ فكلامه هذا شاهد جيد لِما ذكرناه في أصل الموضوع.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[26 Jul 2003, 05:58 م]ـ
الوقفة الحادية عشر:
أخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
إن اليهود جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له رجلاً منهم وامرأة زنيا , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تجدون في التوراة؟ قالوا: نفضحهم ويجلدون. قال عبد الله بن سلام: كذبتم , إن فيها آية الرجم. فأتوا بالتوراة فنشروها , فوضع أحدهم يده على آية الرجم , فقال ما قبلها وما بعدها , فقال عبد الله بن سلام: ارفع يدك , فرفع يده فإذا آية الرجم , قالوا: صدق , فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما.
في الحديث:
تسمية الجملة من التوراة: آية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[25 Mar 2005, 05:01 م]ـ
* الوقفة الثانية عشر:
معلوم موقف ابن كثير من الاسرائيليات, ولكن في هذا النقل عنه بيان لصعوبة الانفكاك عن المباح روايته منها,
خاصة عند استجلاء كامل الموقف من أخبار الأمم السابقة؛ لغرض إتمام الفائدة طبعاً.
قال ابن كثير عند تفسيره لقوله تعالى في سورة مريم: {وهُزِّي إليك بجذع النخلة} [25]:
(والظاهر أنها كانت شجرةً, ولم تكن في إبَّانِ ثمرها, قاله وهب بن مُنبه).
ولعل الأيام تسمح بشواهد أخرى. والله الموفق.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Mar 2005, 09:53 م]ـ
أخي أبا بيان زادك الله بسطة في العلم والرزق
لو اطلعت على ما ذكره الجديع في كتابه مقدمات في علوم القرآن حول هذا الموضوع، وأبديت رأيك فيه ..... [يحذف الجواب لإفادة العموم]
شكرا لك، وتقبل تحيتي
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[27 Mar 2005, 01:59 م]ـ
احب ان اضيف اضافتين الاولى فيما يخص الاردني الذي سرق رسالة الدكتور الذهبي اذ الحقيقة ان الموضوع ليس في هذا الكتاب وانما كان هذا الطالب قد استعار من استاذه كتابا بعنوان الاتجاهات المنحرفة في التفسير ثم قام باعطائه الى وزارة الاوقاف الاردنية وطبعته باسمه واوهم الناس ان الكتاب للطالب حتى جاء الذهبي الى الاردن وراى ما راى ثم حلف بعدها ان لا يشرف على طالب اردني وقد بر بقسمه رحمه الله
واما الثانية فكيف نوفق بين ما يقال عن رواية الصحابة للاسرائيليات وبين غضب النبي صلى الله عليه وسلم من عمر لانه كان يقرا في صحيفة من صحفهم وبما صح عن ابن عباس انه قال لا تسالوا اهل الكتاب ولا والله ما راينا حدا منهم سالكم عن مسالة في دينه فهل خالف ابن عباس قوله
والسلام
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[14 Apr 2005, 09:12 م]ـ
الأستاذ الفاضل د جمال وفقه الله
أعتذر عن تأخر الرد, وقد أصبت وفقك الله في إضافتك الأولى, والوهم فيما نقلتُ ليس مني, وإنما من الدكتور الذي حدثني.
وبالنسبة للرد النبوي على عمر رضي الله عنه فهو للزجر عمَّا في تلك الكتب مما يغني عنه كتاب الله المهيمن على ما قبله من كتاب, وفيه أمرٌ بالاستغناء بالقرآن عن غيره, فما كان في تلك الكتب من خير فهو في القرآن وأزيد.
وأما ابن عباس رضي الله عنهما فنهيه عن النقل عن أهل الكتاب محمولٌ على نقله على جهة الاعتماد عليه, خاصة إذا كان ذلك في مقابل أصول تفسيرية معتمدة.
ومجمل القول أن كلا الصورتين السابقتين حصل فيهما تجاوز لشرط من شروط الاستشهاد بالإسرائيليات.
وقد ورد عن عمر وابن عباس وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم روايات عن بني إسرائيل, صحت أسانيد بعضها, وحَسُن بعضها, والباقي مما لا ينهض بنفسه يتقوى بغيره لإثبات أصل القضية, وأن ذلك كائن منهم رضي الله عنهم, لفوائد لا تخفى.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[15 Apr 2005, 08:19 ص]ـ
أما عن ابن عباس فقط صح عنه الأخذ من الإسرائيليات، لكن أين ثبت ذلك عن عمر؟!
ـ[عبدالعزيز محمود المشد]ــــــــ[30 Apr 2005, 02:37 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب
جزاك الله خيراً على هذا الجهد العلمي
غير أني ألوم عليك تحاملك على علماء الأزهر في قولك (وقد بدت بوادر هذا المسلك في عدد كبير من الرسائل العلمية في الأزهر سجلت بعنوان " الدخيل في التفسير " , لمهمة التجريد السابقة الذكر , وبدون استثناء في مادة الإسرائيليات , سواءً عن الصحابة أو غيرهم , وقد تناولت هذه الرسائل كتب التفسير من لَدُن ابن جرير , في أكثر من ثلاثين رسالة علمية) فإننا في الأزهر لا نجرد كتب التفسير إلا من الإسرائيليات التي تخالف شرعنا , وتعطي الفرصة لأعداء الإسلام لإيراد الشبه على ديننا. وأنا لا أتكلم هذا الكلام بدون دليل وإنما أتكلمه من واقع عملي في رسالتي التي بعنوان
(الدخيل في الروايات الواردة في تفسيري الإمامين ابن أبي حاتم والآلوسي)
(من أول سورة الأعراف إلى آخر سورة التوبة)
لنيل درجة التخصص الماجستير في التفسير وعلوم القرآن , من قسم التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين والدعوة , جامعة الأزهر، فرع المنصورة.
والتي أراك قد تحاملت عليها وعلى أمثالها من رسائل الدخيل في الأزهر الشريف الذي له دور كبير في الدفاع عن الإسلام في الماضي والحاضر. أرى فضيلتك قد أغفلته.
(يُتْبَعُ)
(/)
فطلبي من فضيلتك أن لا تتحامل على الأزهر وعلمائه , وأن لا تتجاهل دوره في الدفاع عن الإسلام , وأن تراجع هذه الرسائل جيداً قبل الحكم عليها.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوك عبد العزيز محمود المشد
الدراسات العليا - قسم التفسير وعلوم القرآن
مرحلة الماجستير - جامعة الأزهر
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[30 Apr 2005, 04:50 م]ـ
أخي الحبيب عبد العزيز المشد
قد قرأت ما كتب أبو بيان، والمسألة علمية، وهي تحتاج إلى نقاش علميٍّ، ويا حبذا لو ذكرت لنا أمثلة مما رواه ابن أبي حاتم بالذات، وأعطيتنا فيها طريقة دراستكم لها، وهل طريقتكم كطريقة كل الرسائل، لكي يكون النقاش على مثال واضح
وأرجو أن تتأمل قول أبي بيان: ((والحقيقة أن طريقة إخراج الإسرائيليات من كتب التفسير بعيدة عن مناهج المفسرين , وهي كذلك متناقضة وغير عملية أو منهجية , وكثير ممن نصوا في تفاسيرهم على تجنب الإسرائيليات وعدم روايتها؛ أورَدُوا في أثناء تفاسيرهم عدداً منها فمستقل ومستكثر؛ كتفسير المنار على سبيل المثال)).
وأرجو أن تتأمل قضية مهمة للغاية، فابن أبي حاتم من نقَّاد الحديث، ومن أعلام المسلمين، وهو يروي التفسير عن طبقة الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، فهل خفي عليه وعلى من قبله أنها تخالف شرعنا وتركوها، أم المسألة تعود إلى منهجٍ علميٍّ عندهم نحتاج إلى أن نتأمَّله وننظر فيه.
أخي الكريم:
نحن بحاجة إلى دراسة جادةٍ لمثل هذا الموضوع، وليس إلى دراسات قد حكمت مُسبقًا على هذه الروايات فهي تأتيها على أسلوب النَّقضِ.
لست أصف رسالتك ولا هذه الرسائل بكلامي هذا، لكن ما اطلعت عليه كان يمشي على هذا الأسلوب، ولعلك أخبر به، فرسالتك متخصصة في هذا الشأن، فأرجو أن لا تفهم أني أحكم على ما انتهجه الأزهر في هذا بالنقص، ولا بغيره، فأنا لم أطَّلع عليها، وأتمنى أن تتحفنا بأمثلة نُدير حولها النقاش، وتكون في موضوع مستقلٍّ عن هذا الموضوع.
ـ[موراني]ــــــــ[30 Apr 2005, 06:31 م]ـ
عبد العزيز المشد المحترم , وفقه الله , كتب:
فإننا في الأزهر لا نجرد كتب التفسير إلا من الإسرائيليات التي تخالف شرعنا , وتعطي الفرصة لأعداء الإسلام لإيراد الشبه على ديننا
فهنا أتساءل:
هل يجوز هذا التعامل بالتراث شرعا؟
لقد تصفحت قبل عامين تقريبا في السيرة النبوية لابن هشام .... حذفت منها الاسرائيليات.
هل يجوز ذلك شرعا في العلم؟
تقديرا
موراني
ـ[موراني]ــــــــ[30 Apr 2005, 07:35 م]ـ
اضافة: من كلّف الأزهر الشريف أو غيره من المؤسسات الدينية شرعيا بالحذف حتى لكلمة واحدة من النصوص التراثية التي رواها السلف الصالح عبر القرون؟
تقديرا
موراني
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[01 May 2005, 09:23 ص]ـ
ما يزال المسلمون منذ أيام السلف يقومون بتلخيص وتهذيب واختصار الكتب، فأين المشكلة؟
ـ[موراني]ــــــــ[01 May 2005, 10:59 ص]ـ
محمد الأمين:
نعم: وكانت عناوين هذه الكتب: الملخص ..... المختصر ... والتهذيب أو حتى تذهيب التهذيب ....
وذلك الى جانب الأصل الكامل ان وجد! ولا بديلا له.
هذه هي المشكلة عند المعاملة الأزهرية بالتراث.
عندما تخرج كتابا لأول مرة (وهناك كتب مخطوطة لا تحصى ولم تر ضوء الشمس الى يومنا هذا) هل تجرد (تحذف) منه الاسرائيليات أو ما يخالف الشرع حسب رأيك؟
المعاملة الأزهرية تشجعك الى ذلك.
فمن هنا: ان فعلته لارتكبت الجريمة العظمى على التراث.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[01 May 2005, 11:59 م]ـ
الشيخ مساعد: شكر الله لك تعقيبك, وقد ذكرت كثيراً ممَّا ههمت بكتابته, فجزاك الله خيراً.
الأخ الكريم محمد الأمين: جزاك الله خيراً على متابعتك وحسن إفادتك, وبالنسبة لرواية عمر رضي الله عنها فسأضيفها حالما أتمكن إن شاء الله تعالى.
وأرحب بالأخ الكريم عبد العزيز المشد مشاركاً مفيداً في هذا الملتقى, وأستأذنه في هذه الإشارات:
- قلت: (غير أني ألوم عليك تحاملك على علماء الأزهر في قولك ( ... ) فإننا في الأزهر). يا أخي لا أتذكر أني ذكرت علماء الأزهر في المقال, ولم أتحامل عليهم, ولا خطر ذلك على بالي, ولا فهمه أحد ممن قرأ المقال قبلك, لكن الشيء الوحيد الذي نفهمه من هذه العبارة هو: أنك من علماء الأزهر.
- وقلت: (والتي أراك قد تحاملت عليها وعلى أمثالها من رسائل الدخيل في الأزهر الشريف الذي له دور كبير في الدفاع عن الإسلام في الماضي والحاضر. أرى فضيلتك قد أغفلته). ليس للموضوع علاقة بدور الأزهر في الماضي والحاضر, وهو ما أراك أقحمته في الموضوع بكل سبيل, وقد ذكر الشيخ مساعد سلمه الله أن المسألة علمية, فلتكن منك في هذا الإطار.
- وقلت: (فطلبي من فضيلتك .. , وأن تراجع هذه الرسائل جيداً قبل الحكم عليها). لقد سعدت بكونك أحد الدارسين للدخيل في كتب التفسير, وكنت أتمنى لو تسنى لي الاطلاع المفصل على هذه الرسائل أو ما تيسر منها, غير أني نقلت ما كتبت عنها عن أستاذ مشارك في قسم التفسير وعلوم القرآن في الأزهر وجامعة أم القرى, واستوثقت تلك المعلومة من أستاذ آخر بنفس الدرجة العلمية والتخصص في كلا الجامعتين, وناقشتهما في هذا المنهج, ورأيت ذلك كافياً في توضيح المنهج العام لهذه الرسائل فيما يتعلق بموضوعنا.
فحبذا لو تكرمت وعرضت منهج رسالتك في استخراج الاسرائيليات ودراستها والحكم عليها, في موضوع مستقل, تفيدنا فيه أكثر عن هذا الموضوع.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[02 May 2005, 12:34 ص]ـ
فائدة:
قال شيخ الإسلام في الرد على البكري: (( ... وأيضًا فعلماء الدين أكثر ما يحررون النقل فيما ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه واجب القبول أو فيما ينقل عن الصحابة و أما ما ينقل من الإسرائيليات و نحوها فهم لا يكترثون بضبطها ولا بأحوال نقلها لأن أصلها غير معلوم و غايتها أن تكون عن واحد من علماء أهل الكتاب أو من أخذه عن أهل الكتاب لما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم فإما أن / يحدثوكم بباطل فتصدقوهم و إما أن يحدثوكم بحق فتكذبوهم فإذا كنا قد نهينا عن تصديق هذا الخبر و أمثاله مما يؤخذ عن أهل الكتاب لم يجز لنا أن نصدقه إلا أن يكون مما يجب علينا تصديقه مثل ما أخبرنا به نبينا عن الأنبياء و عن أممهم فإن ذلك يجب تصديقه مع الاحتراز في نقله فهذا هذا)).
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[16 Dec 2005, 08:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صَوَّرت مقالاً قبل ثلاث سنوات, وتصفحته البارحة!! , فقرأتُ فيه ما يلي:
(مما يحسن توجيه النظر إليه في هذا المبحث، أن بعض المعاصرين قد شنّ غارة على وجود مرويات بني إسرائيل في تفسير الصحابة، وعدّ ذلك من عيوب تفسيرهم.
والذي يجب التنبّه له أن الحديث عن الإسرائيليات يَطَال سلف الأمة من المفسرين: صحابةً، وتابعين، ولقد كان هؤلاء أعلم الناس بالتفسير، وأعظم الذائدين عن الدين كل تحريف وبطلان.
لقد تجوّز سلف هذه الأمة في رواية الإسرائيليات، أفلم يكونوا يعرفون حكم روايتها ومنزلتها في التفسير؟.
ألم يكونوا يميّزون هذه الإسرائيليات التي استطاع المتأخرون تمييزها؟!
وإذا كان ذلك كذلك؟ فما الضرر من روايتها؟.
ألا يكفي المفسر بأن يحكم على الخبر بأنه إسرائيلي، مما يجعله يتوقف في قبول الخبر؟.
إن بحث (الإسرائيليات) يحتاج إلى إعادة نظر فيما يتعلق بمنهج سلف الأمة في روايتهم لها، ومن أهم ما يجب بحثه في ذلك ما يلي:
1 - جَمْعُ مروياتهم فيها، وجَعْلُ مرويات كل مفسرٍ على حِدَةٍ.
2 - محاولة معرفة طريق تحمّل المفسر لها، وكيفية أدائه لها، فهل كان يكتفي بعرضها ثقةً منه بتلاميذه الناقلين عنه؟ أو هل كان ينقدها، ويبين لتلاميذه ما فيها؟
3 - ما مدى اعتماد المفسر عليها؟ وهل كان يذكرها على سبيل الرواية لما عنده في تفسير هذه الآية، من غير نظر إلى صحة وضعف المروي؟
أوْ هل كان يرويها على سبيل الاستئناس بها في التفسير؟
أو هل يعتمد عليها، ويبني فهم الآية على ما يرويه منها؟
تلك المسائل وغيرها لا يتأتّى إلا بعد جمع المرويات، واستنطاقها لإبراز جوابات هذه الأسئلة وغيرها مما يمكن أن يَثُورَ مع البحث, ثم بعد هذا يمكن استنباط منهج السلف وموقفهم من الإسرائيليات في التفسير. والله أعلم).
وكان عنوان المقال: مصادر التفسير (4) - تفسير الصحابة للقرآن - الحلقة الثانية. بقلم: مساعد بن سليمان الطيار, في مجلة البيان عدد99, ص18, 1416هـ.
لَمَّا قرأتُ ذلك وجدت في نفسي سعادةً ذكرتني سعادة ابن مسعود رضي الله عنه لَمَّا أفتى في مسألةٍ باجتهاده, ثم قام إليه من أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك بنَصِّه, ففرح فرحاً عظيماً, ووصل الرجل صلةً جليلة.
فالحمد لله على فضيلة التوافق من غير تشاعُرٍ ولا تواطؤ, إذ لم أقرأ هذا المقال إلا البارحة, وبينه وبين موضوعي هذا سبع سنين, وكأنهما من رأسٍ واحدة .. , فأنشد رحمه الله في هذا:
لمَّا وقفتُ على الآثارِ أَنْشُدُها=أُسائِلُ الركبَ عن رأيِي, وما الخبرُ؟
قالوا: لكَ اللهُ من رأيٍ أصبتَ به=عينَ الحقيقةِ إذ لم يعدُها النظرُ
وافقتَ فيه حميدَ الرأيِ ذا بصرٍ=لهُ على البعدِ مِني السمعُ والبصرُ
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[08 Jan 2006, 02:08 ص]ـ
أيها الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله
ائذنوا لي أن أسألكم هل قام أحد اليوم بنقد متن الإسرائيليات نقدا دقيقا بعد أن يكون قد نقدها سندا, وهل من أحد استطاع إرجاع تلك الأسرائيليات إلى نصوص كتب بعينها معروفة عند أهل الكتاب؟
فإن كان أحد قد فعل هذا فدلونا على اسم الكتاب وصاحبه لنرجع إليه.
ولكم الأجر والشكر والثواب.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[07 Jun 2006, 09:25 م]ـ
وهل من أحد استطاع إرجاع تلك الأسرائيليات إلى نصوص كتب بعينها معروفة عند أهل الكتاب؟.
فعلت هذا الدكتورة آمال محمد عبد الرحمن في كتابها "الإسرائيليات في تفسير الطبري - دراسة في اللغة والمصادر العبرية". لكن نحتاج لدراسات أخرى مشابهة في تفاسير وكتب أخرى.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Feb 2009, 12:45 م]ـ
قال ابن العربي المالكي رحمه الله في كتابه أحكام القرآن عند ذكره لمسائل قصة أمر موسى لبني إسرائيل بذبح البقرة:
(فِي الْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ: كَثُرَ اسْتِرْسَالُ الْعُلَمَاءِ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُمْ فِي كُلِّ طَرِيقٍ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: {حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ}. وَمَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ الْحَدِيثُ عَنْهُمْ بِمَا يُخْبِرُونَ بِهِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَقِصَصِهِمْ لَا بِمَا يُخْبِرُونَ بِهِ عَنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ أَخْبَارَهُمْ عَنْ غَيْرِهِمْ مُفْتَقِرَةٌ إلَى الْعَدَالَةِ وَالثُّبُوتِ إلَى مُنْتَهَى الْخَبَرِ، وَمَا يُخْبِرُونَ بِهِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ إقْرَارِ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ قَوْمِهِ؛ فَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ. وَإِذَا أَخْبَرُوا عَنْ شَرْعٍ لَمْ يَلْزَمْ قَوْلُهُ؛ فَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ، عَنْ {عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا أُمْسِكُ مُصْحَفًا قَدْ تَشَرَّمَتْ حَوَاشِيهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قُلْت: جُزْءٌ مِنْ التَّوْرَاةِ؛ فَغَضِبَ وَقَالَ: وَاَللَّهِ لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إلَّا اتِّبَاعِي}.)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[12 Feb 2009, 08:36 ص]ـ
جزاك الله خيراً أبا مجاهد , وما أجمل فلتات ابن العربي رحمه الله , لكن التعميم في الحديث لا يدل على ما ذهب إليه من التفريق , ولا أثر للعدالة والثبوت في هذا الباب؛ لأنه محصور - بنصوص أخرى - فيما لا خبر فيه من شرعنا , كما أن النص جاء بإباحة التحديث عنهم , وهذا أوسع من الأخذ عنهم والاعتماد على نقلهم.
ـ[أم حذيفة]ــــــــ[23 Jan 2010, 01:01 م]ـ
اسجل ردي للاطلاع على الموضوع حالما اتفرغ
احسن الله اليكم(/)
مجالس في دراسة بعض موضوعات علوم القرآن (المجلس الرابع: في الأحرف السبعة)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 May 2003, 07:20 م]ـ
بسم الله:
لابد قبل الخوض في تفصيلات هذا الموضوع المهم من موضوعات علوم القرآن من التعريف بمفردات عنوانه، وهي: نزول، وقرآن، وسبعة، وأحرف.
وقد سبق التعريف بكلمتي نزول، وقرآن، وذكر معنى كل كلمة في اللغة وفي الشرع، وأمَّا ما يتعلق بتعريف كلمتي: سبعة، وأحرف، فهذا ما أريد توضيحه - إن شاء الله - في السطور التالية:
فسبعة وسبع: العدد المعروف بين الستة والثمانية، تقول: سبع نسوة، وسبعة رجال، وقد تكرر ذكر السبعة والسبع والسبعين والسبعمائة في القرآن، وفي الحديث.
والعرب تضعها موضع التضعيف والتكثير، كقوله تعالى: {إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] فهذا من باب التكثير والتضعيف، لا من باب حصر العدد، ولم يرد الله جل ثناؤه أنه عليه الصلاة والسلام إن زاد على السبعين غفر لهم، ولكن المعنى إن استكثرت من الدعاء والاستغفار لم يغفر الله لهم. [انظر: تهذيب اللغة للأزهري 2/ 115 - 119، ولسان العرب لابن منظور 6/ 156، وانظر: عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ للسمين الحلبي 2/ 192.]
وأمَّا المراد بسبعة في حديث {أنزل القرآن على سبعة أحرف} فهو حقيقة العدد على الصحيح الذي لاينبغي التعويل على خلافه كما سيتضح ذلك - إن شاء الله - عند سياق الأحاديث في هذا الباب.
وأمَّا أحرف: فهي جمع حرف، وهو في الأصل: الطرف والجانب والحدّ، فحرف الشيء طرفه، ومنه حرف الجبل، والسيف والسفينة لأطرافها، وحروف الهجاء: أطراف الكلمة، والحروف العوامل في النحو: أطراف الكلمات الرابطة لبعضها ببعض. [انظر: تهذيب اللغة للأزهري 5/ 12، 13، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس 2/ 42، ولسان العرب لابن منظور 3/ 127، 128، وانظر كذلك: مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني ص 228، وعمدة الحفاظ للسمين الحلبي 1/ 453.]
وأمَّا كلمة حرف في الاصطلاح فلها عدة إطلاقات:
فهي تطلق على حرف الهجاء في اصطلاح الكاتبين والقارئين، وتطلق على الكلمة غير المستقلة بالمعنى التي تربط بين الاسم والفعل أو بين الاسم والاسم في اصطلاح النحويين، مثل على وعن ونحوهما، وتطلق على كل كلمة تقرأ على وجوه متعددة من القرآن في اصطلاح علماء القراءات، تقول: هذا في حرف ابن مسعود أي في قراءة ابن مسعود. [انظر: تهذيب اللغة ولسان العرب في المواضع السابقة، وانظر: كتاب الأحرف السبعة ومنزلة القراءات منها للدكتور حسن ضياء الدين عتر ص 120.]
وأمَّا معنى الحرف في اصطلاح الشارع فهو الكلمة لا حرف الهجاء، ولذلك فإن لفظة {حرف} من الألفاظ التي شاع لها معنى غير المعنى المراد بها شرعاً. [انظر: كتاب الحقيقة الشرعية في تفسير القرآن العظيم والسنة النبوية لمحمد عمر بازمول ص 78.]
فالمشهور الشائع عند أكثر الناس عندما يسمعون - مثلاً - حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: {من قرأ القرآن، فله بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول (الم) حرف، لكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف} [أخرجه الترمذي في كتاب فضائل القرآن، باب: ماجاء فيمن قرأ حرفاً من القرآن ماله من الأجر رقم [2910] 5/ 161 من حديث عبدالله بن مسعود، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وقال الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم [2327] 3/ 9: صحيح. وفي الحديث خلاف طويل في صحته وفي رفعه ووقفه]. أن معنى الحرف هنا حرف الهجاء، ويبنون على هذا الفهم أن قراءة كلمة (الحمد) مثلاً يحصل القارئ لها على خمسين حسنة لأن له بكل حرف عشر حسنات، وهذا فهم خاطيء وإن كان هو المشهور عند أكثر الناس.
والصحيح أن معنى {الحرف} في هذا الحديث هو {الكلمة}.
قال ابن الجزري - رحمه الله -: (وقد سألت شيخنا شيخ الإسلام ابن كثير - رحمه الله تعالى -: ما المراد بالحرف في الحديث؟ فقال: الكلمة، لحديث ابن مسعود - رضي الله عنه -: {من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات، لا أقول (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف}.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا الذي ذكره هو الصحيح، إذ لو كان المراد بالحرف حرف الهجاء لكان ألف بثلاثة أحرف، ولام بثلاثة، وميم بثلاثة، وقد يَعْسُر على فهم بعض الناس فينبغي أن يتفطن له، فكثير من الناس لايعرفه)
ا هـ. [النشر في القراءات العشر لابن الجزري 2/ 453 - 454، وانظر: تقرير ذلك في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 12/ 103 - 113.]
وأمَّا معنى نزول القرآن على سبعة أحرف فسوف يأتي تفصيله - إن شاء الله - في درس قادم ...
والله الموفق
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[06 May 2003, 05:27 م]ـ
معنى الأحرف السبعة التي نزل عليها القرآن:
معنى الأحرف السبعة مسألة كبيرة، وقع فيها اختلاف كثير بين العلماء حيث تعددت الأقوال فيها حتى أوصلها بعضهم إلى خمسة وثلاثين قولاً، وذكر السيوطي أنه اختُلف في معنى هذا الحديث على نحو أربعين قولاً، ذكر منها خمسة وثلاثين قولاً، ثُمَّ قال: (قال ابن حبان: فهذه خمسة وثلاثون قولاً لأهل العلم واللغة في معنى إنزال القرآن على سبعة أحرف، وهي أقاويل يشبه بعضها بعضاً، وكلها محتملة، ويحتمل غيرها). [انظر: (الإتقان) 1/ 145، 156]
وكثرة الأقاويل في هذه المسألة يدل على اهتمام العلماء بها، وهذا الاهتمام له أسباب، أهمها:
1 - صلة هذه المسألة بالقرآن الكريم، الذي هو أساس الدين ومصدر التشريع، وكلام الله الذي {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42].
2 - أن الأحاديث الواردة في نزول القرآن على سبعة أحرف - مع كثرتها، وتعدد رواياتها - جاءت مجملة، لاتكشف عن حقيقة المراد بهذه الأحرف، ولم يأت نص صحيح صريح يبينها، فكان الاجتهاد في تحديد المراد بها مدعاة للاختلاف.
3 - أن تخاصم الصحابة في هذا الأمر، وتحاكمهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء الجواب عنه برد كل واحد منهم إلى ما قرأ، وتصويبه. ولم تبين الأحاديث حقيقة الاختلاف الذي كان بين كل قراءة وأخرى، وهذا يدل على أن الأمر صار معروفاً لدى الصحابة - رضي الله عنهم - فلم يحتاجوا إلى بيان، ولو خفي عليهم لسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يبين لهم، فينبغي البحث لمعرفة ذلك.
وهذا الذي حدا العلماء على التعمق في دراسة أحاديث نزول القرآن على سبعة أحرف، رغبةً في إدراك المراد بهذه الأحرف. [صدر قبل سنوات بحث بعنوان: (حديث الأحرف السبعة دراسة لإسناده ومتنه، واختلاف العلماء في معناه، وصلته بالقراءات القرآنية) للدكتور عبدالعزيز بن عبدالفتاح القارئ، الأستاذ المشارك بالجامعة الإسلاميَّة بالمدينة المنورة.
وممن سرد الأحاديث الواردة في نزول القرآن على سبعة أحرف أبو شامة المقدسي، حيث عقد فصلاً كاملاً عند كلامه عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: {نزل القرآن على سبعة أحرف} سرد فيه الأحاديث من ص 219 - 239.
وأمَّا المرجع الذي اعتمد عليه أكثر من اهتم بجمع أحاديث هذا الباب فهو تفسير ابن جرير الطبري، حيث سرد الأحاديث والآثار الواردة في هذا الباب بأسانيدها في مقدمة تفسيره في باب: القول في اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب من ص 21 - 67.]
كما أن الروايات الواردة في مجموعها يشوبها بعض الغموض والإبهام فليس فيها ما يبين بجلاء نص الآية أو الكلمة التي وقع الاختلاف في قراءتها، ولا نوع الخلاف في تلك القراءات، أكان خلافاً صوتياً يُمكن أن يعزى إلى تباين اللهجات في النطق وطريقة الأداء مع وحدة اللفظ، أم كان اختلافاً في اللفظ مع وحدة المعنى؟!. [هذه الأسباب مأخوذة بشيء من التصرف من كتاب: نزول القرآن على سبعة أحرف للشيخ مناع القطان ص 33، 34.]
وبسبب هذا الغموض والإبهام الذي شاب الروايات الواردة في هذه المسالة - وهي نزول القرآن على سبعة أحرف - فقد كثرت أقوال العلماء في معنى هذه الأحرف.
(يُتْبَعُ)
(/)
والذي يمعن النظر في تلك الأقوال والآراء التي وردت في كتب العلماء يجد أن بعضها غير معزو لقائله، وبعضها الآخر استنباطاً بعيد المأخذ، ومنها آراء كثيرة ذات مضمون واحد أو متقارب وإن اختلف التعبير؛ ولذلك فإن حاصل هذه الأقوال والآراء، وما له بال منها يرجع إلى ستة أقوال، هي التي ذكرها ابن عبدالبر - رحمه الله - في كلامه السابق، وهي:
القول الأول: أن معنى {سبعة أحرف} سبع قراءات، والحرف ههنا القراءة، وهو قول الخليل بن أحمد.
القول الثاني: أنها سبعة أنحاء، كل نحو منها جزء من أجزاء القرآن خلافاً للأنحاء الأخرى.
ومعنى الحرف عند أصحاب هذا القول: صنف من الأصناف، نحو قول الله عزوجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} [الحج: 11] فذهب هؤلاء في قول رسول الله: {أنزل القرآن على سبعة أحرف} إلى أنها سبعة أنحاء وأصناف، فمنها زاجر، ومنها آمر، ومنها حلال، ومنها حرام، ومنها محكم، ومنها متشابه، ومنها أمثال.
القول الثالث: أنها سبع لغات، في القرآن مفترقات، على لغات العرب كلها يمنها ونزارها؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجهل شيئاً منها، وكان قد أوتي جوامع الكلم.
القول الرابع: مثل الثالث، ولكن اللغات السبع كلها إنَّما تكون في مضر فجائز أن يكون منها لقريش، ومنها لكنانة، ومنها لأسد، ومنها لهذيل، ومنها لتميم، ومنها لقبة، ومنها لقيس، فهذه قبائل مضر، تستوعب سبع لغات على هذه المراتب.
القول الخامس: أن معنى السبعة الأحرف سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل، وتعال، وهلم، وعلى هذا أكثر أهل العلم.
القول السادس: أن المراد بالأحرف السبعة وجوه التغاير السبعة التي وقع فيها الاختلاف، والتي هي:
1 - ما يتغير حركته ولايزول معناه ولا صورته.
2 - ما يتغير معناه ويزول بالإعراب ولاتتغير صورته.
3 - ما يتغير معناه بالحروف واختلافها بالإعراب ولاتتغير صورته.
4 - ما تتغير صورته، ولايتغير معناه.
5 - ما تتغير صورته ومعناه.
6 - التقديم والتأخير.
7 - الزيادة والنقصان.
وسيأتي - إن شاء الله - زيادة توضيح لهذه الأوجه عند مناقشة هذه الأقوال.
وأمَّا القول الأقوى والأشهر فهو أن معنى السبعة الأحرف سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل، وتعال، وهلم.
وهذا القول هو الذي عليه أكثر أهل العلم، وإليه ذهب سفيان بن عيينة، وعبدالله بن وهب، وابن جرير الطبري والطحاوي، وغيرهم من أهل العلم، واختاره ابن عبدالبر كذلك.
فالأحرف السبعة على هذا القول سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد، نحو: أقبل، وتعال، وهلم، وعجل، وأسرع، فهي ألفاظ مختلفة لمعنى واحد.
وقد بين ابن عبدالبر - رحمه الله - سبب اختياره لهذا القول، حيث ذكر أن هذا القول هو أولى الأقوال بالصواب لأمور منها:
[1]- دلالة الأحاديث المرفوعة على ذلك، ومن الأحاديث التي ذكرها، وذكر أنها تدل على صحة هذا القول:
أ) - حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على حرف، قال: فقال ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ إلى سبعة أحرف، فقال: اقرأه فكل شاف كاف، إلاَّ أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، على نحو هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل.
ب) - حديث سليمان بن صرد، قال: قرأ أبيٌّ آية، وقرأ ابن مسعود آية خلافها، وقرأ رجل آخر خلافهما، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبيّ: ألم تقرأ آية كذا وكذا كذا وكذا؟ وقال ابن مسعود: ألم تقرأ آية كذا وكذا كذا وكذا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {كلكم محسن مجمل}. قال - أي أبيّ - قلتُ: ما كلنا أحسن ولا أجمل. قال: فضرب صدري، وقال: {يا أبيّ، إني أُقرئت القرآن، فقلتُ: على حرف أو حرفين، فقال لي الملك الذي عندي: على حرفين، فقلتُ: على حرفين أو ثلاثة، فقال الملك الذي معي: على ثلاثة، فقلتُ: على ثلاثة، هكذا حتى بلغ سبعة أحرف، ليس منها إلاَّ شاف كاف، قلتُ: غفوراً رحيماً أو قلتُ: سميعاً حكيماً، أو قلتُ: عليماً حكيماً، أو عزيزاً حكيماً، أي ذلك قلت
(يُتْبَعُ)
(/)
فإنه كما قلت. وزاد بعضهم في هذا الحديث: ما لم تختم عذاباً برحمة، أو رحمة بعذاب}.
قال ابن عبدالبر بعد هذا الحديث: (قال أبو عمر: أمَّا قوله في هذا الحديث: قلتُ: سميعاً عليماً، وغفوراً رحيماً، وعليماً حكيماً، ونحو ذلك، فإنَّما أراد به ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها، أنها معان متفق مفهومها مختلف مسموعها لايكون في شيء منها معنى وضده، ولا وجه يخالف وجهاً خلافاً ينفيه أو يضاده كالرحمة التي هي خلاف العذاب وضده، وما أشبه ذلك.
وهذا كله يعضد قول من قال: إن معنى السبعة الأحرف المذكورة في الحديث: سبعة أوجه من الكلام المتفق معناه المختلف لفظه نحو: هلم، وتعال، وعجل، وأسرع، وانظر، وأخر، ونحو ذلك) ا هـ.
جـ) - عن أبيّ بن كعب قال: أتى جبريلُ النبيَّ - عليهما السلام - وهو بأضاة بني غفار، فقال: {إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تقرئ أمتك على حرف واحد، قال: اسأل الله مغفرته ومعافاته، أو قال: معافاته ومغفرته سل لهم التخفيف فإنهم لايطيقون ذلك، فانطلق ثُمَّ رجع، فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين، قال: اسأل الله مغفرته ومعافاته، أو قال: معافاته ومغفرته، إنهم لايطيقون ذلك، فاسأل لهم التخفيف، فانطلق ثُمَّ رجع، فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف، قال: اسأل الله مغفرته ومعافاته، أو معافاته ومغفرته، إنهم لايطيقون ذلك، فسل لهم التخفيف، فانطلق ثُمَّ رجع، فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ منها حرفاً فهو كما قرأ}.
د) - حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {هذا القرآن انزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ولا حرج، ولكن لاتختموا ذكر آية رحمة بعذاب، ولا ذكر عذاب برحمة}.
فهذه الأحاديث التي ذكرها ابن عبدالبر، وغيرها تدل على أن القول الذي اختاره هو الصواب - إن شاء الله -.
[2]- دلالة الآثار وأقوال علماء الأمصار في هذا الباب على أن هذا القول هو الصواب، وأنه أصح وأقوى من الأقوال الأخرى.
ومن هذه الآثار:
أ - ما رواه الأعمش، عن أبي وائل، عن ابن مسعود قال: إني سمعت القراءة فرأيتهم متقاربين، فاقرأوا كما علمتم، وإياكم والتنطع والاختلاف، فإنَّما هو كقول أحدكم: هلم، وتعال.
ب - وعن ابن عباس، عن أبيّ بن كعب أنه كان يقرأ: {لِلَّذِينَ ءَامَنُوا انظُرُونَا} [الحديد: 13]: للذين ءامنوا امهلونا، للذين ءامنوا أخرونا، للذين ءامنوا ارقبونا.
وكذلك روى عنه أنه كان يقرأ: {كُلَّمَآ أَضَآءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ} [البقرة: 20]: مروا فيه، سعوا فيه.
قال ابن عبدالبر بعد هذا الأثر عن أبيّ بن كعب: (كل هذه الأحرف كان يقرؤها أبيّ بن كعب، فهذا معنى الحروف المراد بهذا الحديث - والله أعلم -). [التمهيد 8/ 291.]
جـ) - قال ابن شهاب الزهري: إنَّما هذه الأحرف في الأمر الواحد ليس تختلف في حلال ولا حرام.
وقال أيضاً في الأحرف السبعة: هي في الأمر الواحد الذي لا اختلاف فيه.
د) - وسئل سفيان بن عيينة عن اختلاف قراءة المدنيين والعراقيين هل تدخل في السبعة الأحرف؟ فقال: لا، وإنَّما السبعة الأحرف كقولهم: هلم، أقبل، تعال، أي ذلك قلت: أجزأك قال أبو بكر محمد بن عبدالله الأصبهاني المقرئ: ومعنى قول سفيان هذا أن اختلاف العراقيين والمدنيين راجع إلى حرف واحد من الأحرف السبعة.
وهذا الذي ذكره الأصبهاني هو ما ذهب إليه ابن جرير الطبري وأبو جعفر الطحاوي، كما سيأتي - إن شاء الله -.
وللحديث بقية إن شاء الله
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 May 2003, 11:31 م]ـ
بسم الله
بعد بيان القول الراجح - حسب ما توصلت إليه - أذكر ما ذكره أهل العلم من ردود على الأقوال الأخرى في هذه المسألة:
القول الأول: وهو أن معنى {سبعة أحرف} سبع قراءات، والحرف بمعنى القراءة، وهو منسوب إلى الخليل بن أحمد، لا يلتفت إليه، فهو قول مردود.
قال الزركشي في أثناء ذكره لأقوال العلماء في بيان معنى الأحرف السبعة: (الثاني - وهو أضعفها - أن المراد سبع قراءات، وحكى عن الخليل بن أحمد، والحرف هاهنا القراءة). [البرهان في علوم القرآن للزركشي 1/ 305.]
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال ابن الجزري في النشر في أثناء كلام له عن أول من جمع القراءات في كتاب، وعن عدد القراء الذين تنسب إليهم القراءات، قال: (وإنَّما أطلنا في هذا الفصل لما بلغنا عن بعض من لا علم له أن القراءات الصحيحة هي التي عن هؤلاء السبعة، أو أن الأحرف السبعة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم هي قراءة هؤلاء السبعة، بل غلب على كثير من الجهال أن القراءات الصحيحة هي التي في الشاطبية والتيسير، وأنها هي المشار إليها بقوله صلى الله عليه وسلم: {أنزل القرآن على سبعة أحرف} ... وإنَّما أوقع هؤلاء في الشبهة كونهم سمعوا {أنزل القرآن على سبعة أحرف} وسمعوا قراءات السبعة، فظنوا أن هذه السبعة هي تلك المشار إليها؛ ولذلك كره كثير من الأئمة المتقدمين اقتصار ابن مجاهد على سبعة من القراء، وخطّأوه في ذلك، وقالوا: ألا اقتصر على دون هذا العدد، أو زاده، أو بيّن مراده ليخلص من لايعلم من هذه الشبهة ...
وكان من جواب الشيخ الإمام مجتهد ذلك العصر أبي العباس أحمد ابن عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية - رحمه الله -: لانزاع بين العلماء المعتبرين أن الأحرف السبعة التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن أنزل عليها ليست قراءات القراء السبعة المشهورة). [النشر لابن الجزري 1/ 36 - 39 باختصار. وانظر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك في مجموع الفتاوى 13/ 395.]
وبهذا نعلم أن هذا القول من أضعف الأقوال، وأرى أن في نسبته للخليل لبن أحمد نظراً؛ فهو أجل من أن يخفى عليه ضعف هذا القول وبطلانه، ولعله يقصد بالقراءة معنى آخر غير المعنى الذي فهم عنه.
وأمَّا القول الثاني، وهو أن معنى الأحرف السبعة سبعة أنحاء، كل نحو منها جزء من أجزاء القرآن خلاف الانحاء غيره، ومعنى الحرف عند أصحاب هذا القول: صنف من الأصناف.
فالقرآن نزل على سبعة أنحاء وأصناف، فمنها زاجر، ومنها آمر، ومنها حلال، ومنها حرام، ومنها محكم، ومنها متشابه، ومنها أمثال.
واحتجوا بحديث سلمة بن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن أبيه، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على وجه واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أوجه زاجر، وآمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، واعتبروا بأمثاله، وآمنوا بمتشابه، وقولوا آمنا به كل من عند ربنا}.
فقد رده ابن عبدالبر بقوله: (وهذا الحديث عند أهل العلم لايثبت، لأنه يرويه حيوة عن عقيل عن سلمة هكذا، ويرويه الليث عن عقيل عن ابن شهاب، عن سلمة ابن أبي سلمة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وأبو سلمة لم يلق ابن مسعود، وابنه سلمه، ليس ممن يحتج به.
وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة إسناده، وقد رده قوم من أهل النظر، منهم أحمد بن أبي عمران، قال: مَن قال في تأويل السبعة الأحرف هذا القول فتأويله فاسد، محال أن يكون الحرف منها حراماً لا ما سواه، أو يكون حلالاً لا ما سواه؛ لأنه لايجوز أن يكون القرآن يقرأ على أنه حلال كله، أو حرام كله أو أمثال كله.
ذكره الطحاوي عن أحمد بن أبي عمران سمعه منه، وقال: وهو كما قال ابن أبي عمران) ا هـ.
وهذا الحديث إن صح فمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم هنا {سبعة أحرف} أي سبعة أوجه كما فسرت في الحديث، وليس المراد الأحرف السبعة التي تقدم ذكرها في الأحاديث الأخرى، لأن سياق تلك الأحاديث يأبى حملها على هذا.
وبيان ذلك: أن ظاهر الأحاديث يدل على أن المراد بالأحرف السبعة أن الكلمة تقرأ على وجهين أو ثلاثة، إلى سبعة توسعة للأمة، والشيء الواحد لايكون حلالاً وحراماً في آية واحدة، والتوسعة لم تقع في تحريم حلال ولا تحليل حرام، ولا في تغيير شيء من الوجوه والمعاني المذكورة. [فتح الباري 8/ 646].
(والذي ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الصحابة الذين اختلفوا في القراءات احتكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاستقرأ كل رجل منهم، ثُمَّ صوّب جميعهم في قراءاتهم على اختلافها، حتى ارتاب بعضهم لتصويبه إياهم، فقال صلى الله عليه وسلم للذي ارتاب منهم عند تصويبه جميعهم: {إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف}.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومعلومٌ أن تماريهم فيما تماروا فيه من ذلك، لو كان تمارياً واختلافاً فيما دلت عليه تلاواتهم من التحليل والتحريم، والوعد والوعيد، وما أشبه ذلك لكان مستحيلاً أن يصوب جميعهم ويأمر كل قارئ منهم أن يلزم قراءته في ذلك على النحو الذي هو عليه؛ لأن ذلك لو جاز أن يكون صحيحاً وجب أن يكون الله جل ثناؤه قد أمر بفعل شيء بعينه وفرضه في تلاوة من دلت تلاوته على فرضه، ونهى عن فعل ذلك الشيء بعينه وزجر عنه في تلاوة الذي دلت تلاوته على النهي والزجر عنه، وأباح وأطلق فعل ذلك الشيء بعينه، وجعل لمن شاء من عباده أن يفعله فِعْلَه، ولمن شاء منهم أن يتركه تَرْكَه، في تلاوة من دلت تلاوته على التخيير؛ وذلك من قائله - إن قاله - إثبات ما قد نفى الله جل ثناؤه عن تنزيله بقوله: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82].
وفي نفي الله جل ثناؤه ذلك عن محكم كتابه أوضح الدليل على أنه لم ينزل كتابه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم إلاَّ بحكم واحد متفق في جميع خلقه لا بأحكام فيهم مختلفة) ا هـ. [من تفسير الطبري 1/ 48، 49 بتصرف يسير جداً، وانظر: نزول القرآن على سبعة أحرف لمناع القطان ص 82، 83.]
وبهذا نعلم أن هذا القول مردود من جهة الرواية والدراية والعقل. [انظر: المدخل لدراسة القرآن الكريم لمحمد محمد أبو شهبة ص 178.]
وأمَّا القول الثالث ويدخل فيه القول الرابع، وهما أن معنى السبعة الأحرف سبع لغات من لغات العرب، سواء كان على لغات العرب كلها - كما في القول الثالث - أم على لغات مضر خاصة - كما في القول الرابع - فهما مردودان أيضاً وإن قال بهما جماعة من العلماء، منهم أبو عبيد القاسم بن سلام، وثعلب، وأبو حاتم السجستاني، واختاره ابن عطية كما اختاره قبله الأزهري في تهذيب اللغة.
قال ابن عبدالبر - رحمه الله -: (وأنكر أكثر أهل العلم أن يكون معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: {أنزل القرآن على سبعة أحرف} سبع لغات وقالوا: هذا لا معنى له؛ لأنه لو كان ذلك لم ينكر القوم في أول الأمر بعضهم على بعض؛ لأنه من كانت لغته شيئاً قد جبل وطبع عليه وفطر به لم ينكر عليه.
وفي حديث مالك عن ابن شهاب المذكور في هذا الباب رد قول من قال: سبع لغات؛ لأن عمر بن الخطاب قرشي عدوي، وهشام بن حكيم بن حزام قرشي أسدي، ومحال أن ينكر عليه عمر لغته، كما محال أن يقرئ رسول الله صلى الله عليه وسلم واحداً منهما بغير ما يعرفه من لغته، والأحاديث الصحاح المرفوعة كلها تدل على نحو ما يدل عليه حديث عمر هذا).
وقال أيضاً مرجحاً القول الذي اختاره ومبيناً السبب في ذلك: (وسنورد من الآثار وأقوال علماء الأمصار في هذا الباب ما يتبين لك به أن ما اخترناه هو الصواب فيه - إن شاء الله -، فإنه أصح من قول من قال: سبع لغات مفترقات لما قدمنا ذكره، ولما هو موجود في القرآن بإجماع من كثرة اللغات المفترقات فيه حتى لو تقصيت لكثر عددها، وللعلماء في لغات القرآن مؤلفات تشهد لما قلنا، وبالله التوفيق).
ويُمكن أن نجمل الردود على هذا القول بما يلي:
1. أن هذا القول بعيد غاية البعد عن الروايات التي جاءت في هذا الباب، كما أنه لايتفق مع الحكمة التي نزل القرآن على سبعة أحرف من أجلها؛ لأنه يقتضي أن القرآن أبعاض، كل بعض بلغة، وهذا لايتأتى فيه رفعُ الحرج والمشقة، والتيسيرُ والتسهيلُ، إذ كل قبيلة مكلفة شرعاً بقراءة القرآن جميعه وفهمه والعمل به، فهذا القول لايحقق الغرض الذي لأجله نزل القرآن على سبعة أحرف. [المدخل لدراسة القرآن الكريم لأبي شهبة ص 170.]
2. أن في القرآن الكريم ألفاظاً كثيرة من لغات قبائل أخرى غير السبعة التي عدّوها، حتى عدّ بعضهم لغات العرب التي جاءت في القرآن، وأوصلها إلى أربعين لغة. [انظر: مناهل العرفان للزرقاني 1/ 182، 183، فقد ذكر بعض الأمثلة لألفاظ جاءت في القرآن من لغات غير التي ذكروها، وذكر مَن قال بأن في القرآن أربعين لغة عربية.]
(يُتْبَعُ)
(/)
3. أن أصحاب هذا القول اختلفوا في تعيين تلك اللغات وحصرها، فلو كان المراد بالأحرف السبعة ما قالوه لما خفي على الصحابة تعيين تلك اللغات، ولما خفيت علينا أيضاً. [انظر: كتاب: حديث الأحرف السبعة للدكتور عبدالعزيز بن عبدالفتاح القاري ص 72، 73.]
4. أن الآثار التي استدلوا بها على قولهم آثار ضعيفة لاتقوم بها حجة. [انظر الذين قالوا به في كتاب مناهل العرفان للزرقاني 1/ 159 - 160.]
وأمَّا القول السادس الذي ذكره ابن عبدالبر، وهو أن المراد بالأحرف السبعة وجوه التغاير السبعة التي وقع الاختلاف فيها، وهو ما أشار إليه ابن عبدالبر بقوله: (وقال بعض المتأخرين من أهل العلم بالقرآن: تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعة ... ) إلخ.
فقد تعقبه ابن عبدالبر بقوله: (وهذا وجه حسن من وجوه معنى الحديث، وفي كل وجه منها حروف كثيرة لاتحصى عدداً) ا هـ.
ومفهوم كلام ابن عبدالبر هذا يدل على أن هذا القول ليس هو معنى الأحرف السبعة الواردة في الأحاديث، وإنَّما هو وجه من وجوه معنى الحديث؛ وذلك لأن هذا القول يعني أن الأحرف السبعة التي نزل عليها القرآن موجودة في المصحف الذي يقرأ فيه الناس اليوم كما يقول أصحاب هذا القول وابنُ عبدالبر لايرى هذا كما سيأتي - إن شاء الله -.
ولذلك قال بعد أن ذكر بعض الأمثلة للوجوه التي ذكرها أصحاب هذا القول: (وهذا يدلك على قول العلماء أن ليس بأيدي الناس من الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن إلاَّ حرف واحد، وهو صورة مصحف عثمان، وما دخل فيه مِمَّا يوافق صورته من الحركات واختلاف النقط من سائر الحروف) ا هـ.
وهذا القول الذي ذكر ابن عبدالبر أنه وجه حسن من وجوه معنى الحديث قال به جماعة من العلماء، ورجحه كثير من المتأخرين. [انظر الذين قالوا به في كتاب مناهل العرفان للزرقاني 1/ 159 - 160.]
وقد ورد في بيان أوجه التغاير هذه آراء متقاربة لثلاثة من العلماء، وبين هذه الآراء روابط قوية.
أمَّا الأول منها فهو لابن قتيبة في كتابه: تأويل مشكل القرآن حيث قال: (وقد تدبرتُ وجوه الخلاف في القراءات فوجدتها سبعة أوجه:
أولها: الاختلاف في إعراب الكلمة، أو في حركة بنائها بما لايزيلها عن صورتها في الكتاب، ولايغيّر معناها، نحو قوله تعالى: {هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} و {أطهرَ لكم} [هود: 78] {وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ} و {هل يُجازى إلاَّ الكفور} [سبأ: 17]، {وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} و {بالبَخَلِ} [النساء: 37، الحديد: 24]، {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} و {مَيْسُرَة} [البقرة: 280].
والوجه الثاني: أن يكون الاختلاف في إعراب الكلمة وحركات بنائها، بما يغير معناها، ولايزيلها عن صورتها في الكتاب، نحو قوله تعالى: {رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} [سبأ: 19] و {باعَدَ بين أسفارنا}، و {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} و {تَلِقُونه} [النور: 15]، {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} و {بعد أَمَهٍ} [يوسف: 45].
والوجه الثالث: أن يكون الاختلاف في حروف الكلمة دون إعرابها، بما يغيّر معناها ولايزيد صورتها، نحو قوله: {وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا} و {ننشرها} [البقرة: 259]، ونحو قوله: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ} و {فُرِّغَ} [سبأ: 23].
والوجه الرابع: أن يكون الاختلاف في الكلمة بما يُغيّر صورتها في الكتاب ولايغير معناها، نحو قوله: {إن كانت إلاَّ زقية} و {صَيْحَةً} [يس: 29] و {كالصوف المنفوش} و {كَالْعِهْنِ} [القارعة: 5].
والوجه الخامس: أن يكون الاختلاف في الكلمة بما يزيل صورتها ومعناها نحو قوله: {وطلع منضود} في موضع {وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ} [الواقعة: 29].
والوجه السادس: أن يكون الاختلاف بالتقديم والتأخير، نحو قوله: {وَجَآءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} [ق: 19] وفي موضع آخر: {وجاءت سكرة الحق بالموت}.
(يُتْبَعُ)
(/)
والوجه السابع: أن يكون الاختلاف بالزيادة والنقصان، نحو قوله تعالى: {وما عملت أيديهم} و {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} [يس: 35]، ونحو قوله: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} و {إن الغني الحميد} [لقمان: 26]. [هكذا في الكتاب المطبوع، ولعلها: {إن الله الغني الحميد}.]
وقرأ بعض السلف: {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة أنثى} [ص 23] و {إن الساعة آتية أكاد أخفيها من نفسي فكيف أظهركم عليها} [طه: 15]). [من تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص 36 - 38.]
وأمَّا الثاني فهو لأبي الفضل الرازي، حيث ذكر في كتابه اللوامح - كما نقله عنه السيوطي في الإتقان - أن الكلام لايخرج عن سبعة أوجه في الاختلاف:
الأول: اختلاف الأسماء من إفراد وتثنية وجمع، وتذكير وتأنيث.
الثاني: اختلاف تصريف الأفعال من ماض ومضارع وأمر.
الثالث: وجوه الإعراب.
الرابع: النقص والزيادة.
الخامس: التقديم والتأخير.
السادس: الإبدال.
السابع: اختلاف اللغات، كالفتح والإمالة، والترقيق، والتفخيم، والإدغام، والإظهار، ونحو ذلك. [انظر: الإتقان للسيوطي 1/ 147. وانظر الأمثلة على هذه الأوجه في كتاب الوافي في شرح الشاطبية للشيخ عبدالفتاح القاضي ص 5 - 7.]
وأمَّا الثالث فهو لابن الجزري، حيث قال: (ولازلت أستشكل هذا الحديث وأفكر فيه وأمعن النظر من نيف وثلاثين سنة، حتى فتح الله عليّ بما يُمكن أن يكون صواباً - إن شاء الله -، وذلك أني تتبعتُ القراءات صحيحها وشاذها وضعيفها ومنكرها، فإذا هو يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه من الاختلاف لايخرج عنها، وذلك: إمَّا في الحركات بلا تغيّر في المعنى والصورة، نحو {البُخْل} [النساء: 37] بأربعة و {يحسب} [الهمزة: 3] بوجهين.
أو بتغيّر في المعنى فقط، نحو: {فتلقى آدمَُ من ربه كلماتٌٍ} [البقرة: 37]، {وادّكر بعد أمة} [يوسف: 45] وأمَهٍ.
وإمَّا في الحروف بتغير المعنى لا الصورة نحو {تبلوا} و {تتلوا} [يونس: 30] و {نُنَجِّيك ببدنك لتكون لمن خلفك} و {ننجِّيك ببدنك} [يونس: 92] أو عكس ذلك نحو {بصطة} و {بسطة} [الأعراف: 69] و {الصراط} و {السراط} أو بتغيرهما نحو {أشد منكم، ومنهم} [التوبة 69، الزخرف: 43] و {يأتل} و {يتأل} [النور: 22] و {فامضوا إلى ذكر الله} و {فاسعوا} [الجمعة: 9].
وإمَّا في التقديم والتأخير، نحو {فيُقتلون ويَُقتلون} [التوبة: 111] و {جاءت سكرت الحق بالموت} [ق: 19].
أو في الزيادة والنقصان نحو {وأوصى، ووصى} [البقرة: 132] و {الذكر والأنثى} [الليل: 3].
فهذه سبعة أوجه لايخرج الاختلاف عنها، وأمَّا نحو اختلاف الإظهار والإدغام، والروم والإشمام، والتفخيم والترقيق، والمد والقصر والإمالة، والفتح، والتحقيق والتسهيل، والإبدال والنقل، مِمَّا يعبّر عنه بالأصول؛ فهذا ليس من الاختلاف الذي يتنوع فيه اللفظ والمعنى؛ لأن هذه الصفات المتنوعة في أدائه لاتخرجه عن أن يكون لفظاً واحداً، ولئن فرض فيكون من الأول) ا هـ. [النشر في القراءات العشر لابن الجزري 1/ 26، 27.]
فهذه أشهر آراء العلماء في هذا القول، وهي وإن كانت مقبولة، إلاَّ أن جعلها هي المراد بالأحرف السبعة لايُسلَّم، ولايَسْلم من اعتراضات وردود، أبرزها:
1) - أنها أقوال واجتهادات ليس عليها دليل، فلم يذكر القائلون بهذا القول دليلاً واحداً مأثوراً يدل على أن المراد بالأحرف السبعة هو ما ذهبوا إليه من هذه الوجوه إلاَّ التتبع الذي ذكره كل واحد منهم.
وهذا التتبع لايصلح أن يكون دليلاً على أن المراد بالأحرف السبعة هو الوجوه التي يرجع إليها اختلاف القراءات؛ لأنه تتبع مبني على استقراء ناقص، بدليل أن تتبعهم لهذه الوجوه التي ذكروها مختلف غير متفق، فمثلاً الوجه السابع الذي ذكره الرازي لم يذكره ابن قتيبة ولا ابن الجزري، بل إن ابن الجزري برّر إهماله مِمَّا يدل على أنه يُمكن الزيادة على سبعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذلك الوجه الأول عند الرازي، والثاني والسادس ترجع ثلاثتها إلى الوجه الخامس عند ابن الجزري؛ مِمَّا يدل على أن هذه الوجوه يُمكن أن يتداخل بعضها في بعض، وأن تعيينها إنَّما هو بطريق الاتفاق، لا الاستقراء الصحيح.
وعلى هذا يكون الحصر في الوجوه السبعة غير مجزوم به، ولا متعين، فهو مبني على الظن والتخمين.
2) - أن الغرض من إنزال القرآن على سبعة أحرف إنَّما هو رفع الحرج والمشقة، والتيسير والتسهيل على الأمة؛ والمشقّةُ غير ظاهرة في إبدال الفعل المبني للمعلوم بالفعل المبني للمجهول، أو العكس، ولا في إبدال فتحة بضمة، أو حرف بآخر، أو تقديم كلمة أو تأخيرها، أو زيادة كلمة ونقصان أخرى، فإن القراءة بإحداهما دون الأخرى لاتوجب مشقة يَسألُ النبي صلى الله عليه وسلم منها المعافاة، ويبيّن أن أمته لاتطيق ذلك، ويراجع لأجل رفعها جبريل مراراً، ويطلب التيسير، فيجاب بإبدال حركة بأخرى، أو تقديم كلمة وتأخير أخرى.
فالحق أنه مستبعد أن يكون هذا هو المراد بالأحرف السبعة.
وبعد هذا كله يتبيّن أن الرأي الذي اختاره ابن عبدالبر - رحمه الله - هو أقوى الآراء وأولاها بالصواب - إن شاء الله - وهو القول الذي رجحه إمام المفسرين ابن جرير الطبري - رحمه الله -، واختاره أكثر أهل العلم كما قال ذلك غير واحد من العلماء، منهم القرطبي، وابن كثير - رحمهما الله - فقد ذكر القرطبي في مقدمة تفسيره خمسة أقوال، فجعل القول الأول منها هذا القول الذي اختاره ابن عبدالبر، وقال: (وهو الذي عليه أكثر أهل العلم، كسفيان بن عيينة وعبد الله بن وهب والطبري والطحاوي، وغيرهم). [انظر: مقدمة تفسير القرطبي 1/ 42.]
ونقل كلامه هذا ابن كثير في كتاب فضائل القرآن. [كتاب فضائل القرآن لابن كثير ص 133.]
وقد اختاره من المتأخرين كل من الدكتور محمد محمد أبو شهبة في كتابه المدخل، والشيخ مناع القطان في كتابه نزول القرآن على سبعة أحرف، وأطالا في الاستدلال لصحته، ورد الاعتراضات الواردة عليه، وأكثر كلامهما في هذا مأخوذ من كلام الإمام ابن جرير الطبري - رحمه الله - في مقدمة تفسيره. [انظر: تفسير الطبري 1/ 21 - 67.]
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 May 2003, 05:50 م]ـ
وهذه تتمة لوضوع نزول القرآن على سبعة أحرف:
من المسائل الكبيرة التي اختلف فيها العلماء مسألة صلة المصاحف العثمانية بالأحرف السبعة، هل هذه المصاحف مشتملة على جميع الأحرف السبعة؟.
في هذه المسألة ثلاثة أقوال للعلماء:
الأول: ما ذهب إليه الطبري، ومن وافقه على رأيه في الأحرف السبعة من أن المصاحف العثمانية تشتمل على حرف واحد منها، وهو حرف قريش، الذي جمع عثمان عليه المصاحف.
الثاني: ما ذهب إليه جماعات من الفقهاء والقراء والمتكلمين من أن المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف السبعة.
وبنوا قولهم هذا على أنه لايجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الحروف السبعة التي نزل القرآن عليها، ولايجوز أن ينهى الصحابة - بعد جمعهم للقرآن في مصحف عثمان - عن القراءة ببعض الأحرف السبعة، ولا أن يجمعوا على ترك شيء من القرآن.
الثالث: ما ذهب إليه جماعة من السلف والخلف من أنها مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة فقط.
وهذا القول نسبه ابن الجزري لجماهير العلماء من السلف والخلف، وقال: (وهذا القول هو الذي يظهر صوابه؛ لأن الأحاديث الصحيحة، والآثار المشهورة المستفيضة تدل عليه وتشهد له) ا هـ. [النشر في القراءات العشر لابن الجزري 2/ 31.]
وقد أسهب ابن جرير الطبري في تقرير القول الأول، وكذلك أبو جعفر الطحاوي، وذكرا أن إنزال القرآن على سبعة أحرف كان لحكمة التيسير والتسهيل على الناس في بداية الأمر؛ إذ كانوا أميين لايكتبون، إلاَّ القليل منهم، فكان يشق على كل ذي لغة منهم أن يتحول إلى غيرها من اللغات، ولو رام ذلك لم يتهيأ له إلاَّ بمشقة عظيمة؛ فوسع لهم في اختلاف الألفاظ إذا كان المعنى متفقاً، فكانوا كذلك حتى كثر من يكتب منهم، وحتى عادت لغاتهم إلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبان بذلك أن تلك السبعة الأحرف إنَّما كانت في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك، ثُمَّ ارتفعت تلك الضرورة فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن
(يُتْبَعُ)
(/)
إلى حرف واحد. [انظر: تفسير الطبري 1/ 58 - 67، وانظر: كتاب الطحاوي شرح مشكل الآثار 8/ 125 - 130.]
واختيار الصحابة لحرف واحد من الأحرف السبعة ليس فيه محذور، ولايترتب عليه ما يخل بحفظ القرآن الكريم؛ لأن القراءة بأي حرف من الأحرف السبعة جائزة، وكل حرف من هذه الأحرف كاف شاف كما جاء ذلك في الأحاديث، والقارئ مخيرٌ بالقراءة بأي حرف منها، كما أن الذي عليه كفارة يمين مخير بأن يكفر بأي نوع من أنواع الكفارات، فإذا كفر بواحد منها فقد أدى ما عليه، ولم يقع في محذور، وكذلك من قرأ بحرف واحد من الأحرف السبعة فقد أدى ما عليه ولم يقع في محذور، وقد كان سبب اقتصارهم على حرف واحد من هذه الأحرف السبعة هو خوفُ الوقوع في المراء في القرآن الذي هو كفر، وخوفُ الاختلاف والتنازع كما هو واضح من حديث أنس في قصة حذيفة مع عثمان - رضي الله عنهم أجمعين -.
قال ابن عبدالبر - رحمه الله -: (وإذا أبيح لنا قراءته على كل ما أنزل فجائز الاختيار فيما أنزل عندي - والله أعلم -) ا هـ. [التمهيد 8/ 279.]
وبهذا يتبين رجحان القول الأول، وإن كان القول الثالث - الذي اختاره ابن الجزري - وهو أن المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة صحيحاً أيضاً؛ إذ لا تعارض بينه وبين القول الأول في الحقيقة.
وهذا ما قرّره ابن عبد البر- رحمه الله - بقوله: (وهذا يدلك على قول العلماء أن ليس بأيدي الناس من الحروف السبعة التي نزل القرآن عليها إلاَّ حرف واحد، وهو صورة مصحف عثمان، وما دخل فيه مِمَّا يوافق صورته من الحركات واختلاف النقط من سائر الحروف) ا هـ. [التمهيد 8/ 296.]
ونظراً لتداخل هذين القولين فإن ابن الجزري - رحمه الله - لم يذكر القول الأول في كتابه النشر عندما عرض أقوال العلماء في هذه المسألة، وإنَّما اكتفى بذكر القولين الثاني والثالث، ورجح الثالث.
فالقول الثالث في الحقيقة مشتمل على القول الأول؛ لأنه إن لم يبق من الأحرف السبعة إلاَّ حرف واحد، كما هو مذهب الطبري والطحاوي وابن عبدالبر وغيرهم فالمصاحف مشتملة عليه، وهو الذي عليه جمهور العلماء من السلف والأئمة، والأحاديث والآثار المشهورة المستفيضة تدل عليه - كما قال شيخ الإسلام - رحمه الله -. [انظر: مجموع الفتاوى 13/ 395.]
وإن فرض أنه بقى أكثر من حرف واحد، واشتملت عليها المصاحف العثمانية فليس في هذا ما يناقض ما سبق.
قال ابن حجر في الفتح: (والحق أن الذي جُمِعَ في المصحف هو المتفق على إنزاله المقطوع به المكتوب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وفيه بعض ما اختلف فيه [من] الأحرف السبعة لا جميعها، كما وقع في المصحف المكي: {تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ} [التوبة: 100] في آخر براءة، وفي غيره بحذف {مِنْ}، وكذا ما وقع من اختلاف مصاحف الأمصار من عدة واوات ثابتة في بعضها دون بعض، وعدة هاآت وعدة لامات ونحو ذلك، وهو محمول على أنه نزل بالأمرين معاً، وأقر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابته لشخصين، أو أعلم بذلك شخصاً واحداً وأمره بإثباتهما على الوجهين.
وما عدا ذلك من القراءات مِمَّا لايوافق الرسم فهو مِمَّا كانت القراءة جوزت به توسعة على الناس وتسهيلاً، فلما آل الحال إلى ما وقع من الاختلاف في زمن عثمان، وكفر بعضهم بعضاً اختاروا الاقتصار على اللفظ المأذون في كتابته وتركوا الباقي) ا هـ[فتح الباري لابن حجر 8/ 646، 647.]
ولعل ما ذكره الإمام أبو العباس المهدوي في شرح الهداية يعتبر خلاصة ما سبق وهو الذي ينبغي الاعتماد عليه، وتقريره في هذه المسألة، حيث قال: (وأصح ما عليه الحذاق من أهل النظر في معنى ذلك - إن شاء الله -: أن ما نحن عليه في وقتنا هذا من هذه القراءات هو بعض الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن.
وتفسير ذلك: أن الحروف السبعة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن أنزل عليها تجري على ضربين:
أحدهما: زيادة كلمة ونقص أخرى، وإبدال كلمة مكان أخرى، وتقدمة كلمة على أخرى، وذلك نحو ما روي عن بعضهم: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم في مواسم الحج} [البقرة: 195] ... ورُوي عن بعضهم: {وجاء سكرة الحق بالموت} [ق: 18]، فهذا الضرب وما أشبهه متروك لاتجوز القراءة به، ومن قرأ بشيء منه غير معاند ولا مجادل عليه وجب على الإمام أن يأخذه بالأدب بالضرب والسجن على ما يظهر له من الاجتهاد، فإن قرأ به وجادل عليه ودعا الناس إليه وجب عليه القتل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: {المراء في القرآن كفر} ولإجماع الأمة على اتباع المصحف المرسوم.
والضرب الثاني: ما اختلف فيه القراء من إظهار وإدغام وروم وإشمام وقصر ومدّ، وتخفيف وشدّ، وإبدال حركة بأخرى، وياء بتاء وواو بفاء وما أشبه ذلك من الاختلاف المتقارب، فهذا الضرب هو المستعمل في زماننا هذا، وهو الذي عليه خط مصاحف الأمصار، سوى ما وقع فيه من اختلاف في حروف يسيرة.
فثبت بهذا أن هذه القراءات التي نقرؤها هي بعض من الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن استعملت لموافقتها المصحف الذي اجتمعت عليه الأمة، وتُرك ما سواها من الحروف السبعة لمخالفته لمرسوم المصحف، إذ ليس بواجب علينا القراءة بجميع الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن، وإذ قد أباح النبي عليه السلام لنا القراءة ببعضها دون بعض لقوله عزوجل: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْءَانِ} [المزمل: 20] فصارت هذه القراءات المستعملة في وقتنا هذا هي التي تيسرت لنا بسبب ما رآه سلف الأمة من جمع الناس على هذا المصحف؛ لقطع ما وقع بين الناس من الاختلاف وتكفير بعضهم لبعض، فهذا أصح ما قال العلماء في معنى هذا الحديث، وما أشبهه من الأحاديث المأثورة عن النبي عليه السلام) ا هـ. [شرح الهداية للإمام أبي العباس المهدوي 1/ 5 - 7 باختصار يسير.]
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 May 2003, 06:12 م]ـ
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=191
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[05 Jun 2003, 04:31 م]ـ
الأخ الفاضل أبو مجاهد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد أحسنت فعلاً بفصل هذه الموضوعات على هذا الشكل الحالي، ولك جزيل الشكر بما تمتع به هذا الملتقى بهذه البحوث التافعة، وأرجو أن أجد الوقت للمشاركة معكم في هذه الموضوعات.
محبكم: أبو عبد الملك
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[05 Jun 2003, 05:53 م]ـ
الأخ الفاضل أبو مجاهد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فصلك لهذه الموضوعات أتاح لنا فرصة الاستفادة مما كتبت وأرجو ان يكون هذا منهج الملتقى في الموضوعات الطويلة بحيث تقسم إلى مجالس ويحال عليها , وفي نهايتها توضع على ملف مضغوط في مكتبة الملتقى لمن أراد تحميلها.
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[13 Jul 2005, 03:57 م]ـ
بارك الله فيك أخي في الله على هذا الطرح العميق.
وأرجوا أن تقرأ مشاركتي الجديدة في هذا الموضوع, موضوع الأحرف السبعة.
ـ[الباحث7]ــــــــ[14 Jul 2005, 07:52 م]ـ
بحث الأخ محمد بن يوسف حول نفس الموضوع
هل الأحرف السبعة هي القراءات السبع؟ ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1328&highlight=%C7%E1%C3%CD%D1%DD+%C7%E1%D3%C8%DA%C9)
ـ[أم عاصم]ــــــــ[14 Jul 2005, 08:26 م]ـ
بارك الله في الإخوة الأفاضل على التوضيحات المهمة بخصوص الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن .. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
وأمَّا القول الأقوى والأشهر فهو أن معنى السبعة الأحرف سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل، وتعال، وهلم.
وهذا القول هو الذي عليه أكثر أهل العلم، وإليه ذهب سفيان بن عيينة، وعبدالله بن وهب، وابن جرير الطبري والطحاوي، وغيرهم من أهل العلم، واختاره ابن عبدالبر كذلك.
فالأحرف السبعة على هذا القول سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد، نحو: أقبل، وتعال، وهلم، وعجل، وأسرع، فهي ألفاظ مختلفة لمعنى واحد.
إن هذا القول معارض بما تواتر من القراءات التي وردت فيها بعض الألفاظ التي تختلف معانيها باختلاف قراءاتها .. مثل قوله تعالى:
? ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ آمَنُو?اْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُو?اْ? [الحجرات: 6] وفي قراءة ابن مسعود وحمزة والكسائي: «فتثبتوا»، ولا يجوز ترك التبين ولا التثبت، بل كلاهما واجب.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Jul 2005, 10:42 م]ـ
الأخت أم عاصم وفقها الله
لم يتبين لي وجه التعارض؛ فلعلك توضحين مرادك ...
ـ[ابن العربي]ــــــــ[15 Jul 2005, 10:28 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لعل مراد الأخت أم عاصم القراءات المشهورة المعروفة هي الأحرف السبعة
وهذا القول قاله أبو بكر بن الطيب رحمه الله فقد ذهب إلى أن المراد بالاحرف السبعة القراءات السبع
وهذا القول لم يقل به أحد من أهل العلم المحققين
ويبقى الراجح من قول النبي صلى الله عليه وسلم:" أنزل القرآن على سبعة أحرف " هو ما تتميز به كل قبيلة عن أختها من اختلاف في المفردات وتميز في الاصوات ففي لغة قريش مفردات لا توجد في لغة هذيل والعكس
فأذن الله تعالى لكل قبيلة أن تنطق بما يتناسب مع لسانها
والقرآن نزل بلسان قريش وقرأه جبريل عليه السلام بلسان قريش وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم قرأه بلسان قريش ثم أذن لكل قبيلة أن تنطق بما يتناسب مع لسانها
فيكون معنى الأحرف السبعة الاذن بقراءته بأن تقراء كل قبيلة بلسانها
إن شاء الله يكون هذا هو المطلوب توضيحه يا أم عاصم
ـ[أم عاصم]ــــــــ[15 Jul 2005, 04:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم: ابن العربي وفقه الله.
إن القراءات المقطوع بصحتها هي من الأحرف السبعة .. لكن ليس المراد بالأحرف السبعة القراءات السبع!!
وأنا لم أذكر القول الذي يترجح عندي (من أقوال العلماء) في المراد بالأحرف السبعة، وإنما ذكرت اعتراضا على القول الذي أورده بعض الإخوة من أقوال العلماء ووصفه بالأقوى والأشهر.
إن القول بأن الأحرف السبعة هي سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد، نحو: أقبل، وتعال، وهلم، وعجل، وأسرع، فهي ألفاظ مختلفة لمعنى واحد، يعارضه ورود ألفاظ في قراءات متواترة يؤدي اختلاف قراءاتها إلى اختلاف المعاني. والأمثلة متعددة على ذلك، من بينها قوله تعالى: ? ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ آمَنُو?اْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُو?اْ? [الحجرات: 6] ففي قراءة ابن مسعود وحمزة والكسائي: «فتثبتوا»، والتبين هو البيان والتعرف، أما فتثبتوا فهو طلب الثبات والتأني حتى يتضح الحال (روح المعاني للآلوسي).
إن القائلين بهذا القول قد احتجوا بما جاء في حديث أبي بكرة «كلها شاف كاف ما لم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب، نحو قولك: تعال وأقبل وهلم واذهب وأسرع واعجل».
وما جاء في حديث أبيّ بن كعب أنه كان يقرأ: ?لِلَّذِينَ ءَامَنُوا انظُرُونَا? [الحديد: 13]: للذين ءامنوا امهلونا، للذين ءامنوا أخرونا، للذين ءامنوا ارقبونا.
وكذلك روى عنه أنه كان يقرأ: ?كُلَّمَآ أَضَآءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ? [البقرة: 20]: مروا فيه، سعوا فيه.
إن ما ذكر في هذه الأحاديث ليس من قبيل حصر الأحرف السبعة فيها وفي نوعها وحده حتى يصح الاستدلال بها على ما ذهبوا إليه، بل هو -كما قال ابن عبد البر- من قبيل ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها، وأنها معان متفق مفهومها، مختلف مسموعها، لا يكون في شيء منها معنى وضده.
وما ذكروه من الأحرف ليس خارجا عنها لكنه أخص والأحرف السبعة أعم (وانظر مناهل العرفان للزرقاني 1/ 168 وما قاله: د. حسن ضياء الدين عتر -في رده لهذا القول- في كتابه: الأحرف السبعة ومنزلة القراءات منها ص: 173).
أرجو أن يكون وجه التعارض قد تبين للأخ الفاضل: أبي مجاهد العبيدي. وأنتظر تعليقاتكم التي لا نعدم منها الفائدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Jul 2005, 05:23 م]ـ
القائلون بأن معنى الأحرف السبعة: سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد، نحو: أقبل، وتعال، وهلم، وعجل، وأسرع، فهي ألفاظ مختلفة لمعنى واحد = يرون أنه لم يبق من هذه الأحرف إلا حرف واحد، وهو الذي يقرأ به الآن - ويدخل فيه جميع القراءات الصحيحة -، وعلى هذا القول مع نتيجته لا يكون المثال الذي أوردته الأخت أم عاصم داخلاً في تعريف الأحرف السبعة. ثم إنه أيضاً ليس مطابقاً للتعريف؛ لأن " تثبتوا " ليست بمعنى " تبينوا "، فهاتان كلمتان مختلفتا المعنى، والتعريف يقولون فيه: المعنى واحد.
ـ[أم عاصم]ــــــــ[18 Jul 2005, 12:48 ص]ـ
الأخ المشرف: أبو مجاهد العبيدي وفقه الله.
إن لفظ " تثبتوا " ليس بمعنى " تبينوا "، وقد وردا في قراءتين متواترتين.
وهذا المثال لا يدخل في تعريف القائلين بأن معنى الأحرف السبعة: سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد ..
فإذا كان كذلك، فأين يمكن إدراجه؟
لذلك يمكن الاعتراض على هذا التعريف -القول- بأنه ليس عامّا.
ومن الاعتراضات أيضا:
- نفى الطبري -وهو من القائلين بهذا القول- أن يكون اختلاف حركات الإعراب داخلا في الأحرف السبعة، وكذلك إبدال حرف تهج بآخر فقال:
"وأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف وجرّه ونصبه، وتسكين حرف وتحريكه، ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة، فمن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف" بمعزل .. " (مقدمة تفسير الطبري).
مع أن اختلاف حركات الإعراب وإبدال حرف تهج بآخر مما تتميز به بعض اللغات عن بعض.
ومراعاة ذلك يجلب التيسير في قراءة القرآن وتعلمه. والتيسير حكمة من الحكم المقصودة من الأحرف السبعة.
ذكر ابن قتيبة أن من تيسيره سبحانه على عباده أمره -عليه الصلاة والسلام- بأن يُقرئ كل قوم بلغتهم وما جرت عليه عادتهم: فالهذليّ يقرأ (عَتَّى حِينٍ) يريد ?حَتَّى حِينٍ? [المومنون: 54]؛ لأنه هكذا يلفظ بها ويستعملها. والأسديّ يقرأ: تِعْلمون وتِعْلم و (تِسْوَدُّ وُجُوهٌ) و (أَلَمْ إعْهَدْ إِلَيْكُمْ) .. (انظر تأويل مشكل القرآن ص: 39).
- يرى أصحاب هذا القول أن الأحرف الستة قد اندثرت بعد النسخ العثماني ولم يبق إلا حرف واحد من الأحرف السبعة. وهذا يعوزه الدليل الشرعي. (انظر مناهل العرفان 1/ 168 وما بعدها في رد هذا القول).
إن ما يمكن استخلاصه من قول الطبري وأصحابه في المراد بالأحرف السبعة أنه محاولة لتوضيح أمور تتعلق بهذه الأحرف، لكنه ترك ثغرات تحتاج إلى سدها.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 Jul 2005, 02:52 ص]ـ
الأخت الكريمة أم عاصم
المثال الذي ذكرتيه ليس له صلة بتعريف الأحرف السبعة؛ فهو عنها بمعزل ....
لذلك لا تعارض بين القراءتين، وبين تعريف الأحرف السبعة الذي اعتمده الطبري وغيره ....
أرجو ألا تخلطي بين القراءات السبع، والأحرف السبعة ....
أما قولك الأخير: (لكنه ترك ثغرات تحتاج إلى سدها) فأوافقك عليه، وهو ما يحاول الباحثون فعله عندما يبحثون في هذه المسألة ...
ـ[د. أنمار]ــــــــ[18 Jul 2005, 06:17 ص]ـ
بحث ممتع بارك الله فيكم
لكن ترجيح قول ابن عبد البر واالطبري على اجتهاد ابن الجزري ومن نحى منحاهم عارضه ترجيحكم بقاء بعض الأحرف مما ذكرته وأيدته من كلام المهدوي وغيره
ولعل ما ذكره الإمام أبو العباس المهدوي في شرح الهداية يعتبر خلاصة ما سبق وهو الذي ينبغي الاعتماد عليه، وتقريره في هذه المسألة، حيث قال: (وأصح ما عليه الحذاق من أهل النظر في معنى ذلك - إن شاء الله -: أن ما نحن عليه في وقتنا هذا من هذه القراءات هو بعض الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن.
......
إلخ
. [شرح الهداية للإمام أبي العباس المهدوي 1/ 5 - 7 باختصار يسير.]
فهذا القول لا يتماشى مع الترجيح السابق بل لا يصلح له إلا مثل اجتهاد ابن الجزري في معنى الأحرف السبعة
ثم أن الأحاديث التي ذكرت فيها نحو أقبل وهلم وتعال لم تحقق على وجهها المطلوب
وأوهم كلام ابن عبد البر من حديث أبي بكرة أنها مرفوعة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمشهور أنها صحت من روايات موقوفة على الصحابة كأمثال ابن مسعود رضي الله عنه، فمثل هذا يحتاج إلى مزيد تحقيق وبيان المدرج منها. فهل صح فيها حديث صحيح مرفوع؟
ـ[د. أنمار]ــــــــ[18 Jul 2005, 08:35 ص]ـ
ثم وجدت حديث أبي بكرة رضي الله عنه عند الإمام أحمد في مسنده والبزار كذلك والطحاوي في مشكل الآثار وابن أبي شيبة في مصنفه والطبري في تفسيره كلهم من طرق عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن جبريل عليه السلام، قال: اقرأ القرآن على حرف فاستزاده، فقال: على حرفين فاستزاده حتى بلغ سبعة أحرف كل شاف كاف كقولك هلم وأقبل "
ومداره على علي بن زيد بن جدعان وحاله لا يخفى فمثل حديثه لا يصحح.
فبقي المعول في فهم الحرف على قول نحو هلم وأقبل على غير المرفوع والله أعلم
علما بأن هذا مثل به للتقريب لا للحصر، ونحو اجتهاد ابن الجزري المبني على تتبع كل ما تواتر وصح وشذ وضعف هو الرأي الأشمل والقول بالمترادفات يدخل فيه، علما بأن هناك من القراءات المتواترة مما ليس من المترادفات بل وقولك سميعا حكيما ليس كفولك غفورا رحيما
فليس هذا مترادفا
ولمستم ليس كلامستم
وتبينوا ليست كتثبتوا
ومالك ليست كملك
ويعملون ليست مرادفة لتعملون
والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Jul 2005, 07:32 ص]ـ
قال ابن جرير:
(وأما ما كان من اختلاف القراءة، في رفع حرف وجرّه ونصبه،
وتسكين حرف وتحريكه
ونقل حرف الى آخر، مع اتفاق الصورة،
فمن معنى قول النبي صلى اللّه عليه وسلم: (اُمِرْتُ أنْ أقْرَأ القُرآنَ على سَبْعَةِ أحْرُفٍ) بِمَعْزِلٍ؛ لأنه معلوم أنه لا حرف من حروف القرآن -مما اختلفت القراءة في قراءته بهذا المعنى - يوجب المراء به كفرَ الممارى به في قول أحد من علماء الأمة.
وقد أوجب عليه الصلاة والسلام بالمراء فيه الكفر من الوجه الذي تنازع فيه المتنازعون إليه، وتظاهرت عنه بذلك الرواية) انتهى 1/ 65 تحقيق محمود شاكر
ـ[أم عاصم]ــــــــ[20 Jul 2005, 02:27 م]ـ
ومن الاعتراضات أيضا:
- نفى الطبري -وهو من القائلين بهذا القول- أن يكون اختلاف حركات الإعراب داخلا في الأحرف السبعة، وكذلك إبدال حرف تهج بآخر فقال:
"وأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف وجرّه ونصبه، وتسكين حرف وتحريكه، ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة، فمن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف" بمعزل .. " (مقدمة تفسير الطبري).
مع أن اختلاف حركات الإعراب وإبدال حرف تهج بآخر مما تتميز به بعض اللغات عن بعض.
ومراعاة ذلك يجلب التيسير في قراءة القرآن وتعلمه. والتيسير حكمة من الحكم المقصودة من الأحرف السبعة.
ذكر ابن قتيبة أن من تيسيره سبحانه على عباده أمره -عليه الصلاة والسلام- بأن يُقرئ كل قوم بلغتهم وما جرت عليه عادتهم: فالهذليّ يقرأ (عَتَّى حِينٍ) يريد ?حَتَّى حِينٍ? [المومنون: 54]؛ لأنه هكذا يلفظ بها ويستعملها. والأسديّ يقرأ: تِعْلمون وتِعْلم و (تِسْوَدُّ وُجُوهٌ) و (أَلَمْ إعْهَدْ إِلَيْكُمْ) .. (انظر تأويل مشكل القرآن ص: 39) ........
ـ[أم عاصم]ــــــــ[21 Jul 2005, 02:40 ص]ـ
أرجو ألا تخلطي بين القراءات السبع، والأحرف السبعة.
أخي الكريم لم أخلط بين القراءات السبع والأحرف السبعة. وإذا بدا لك الخلط فأعتقد أنه راجع إلى:
أن من بين الاعتراضات على القول الذي توصلتَ إلى أنه الراجح في المراد بالأحرف السبعة (وهو أنها سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد، نحو: أقبل، وتعال، وهلم، وعجل، وأسرع، فهي ألفاظ مختلفة لمعنى واحد)، وجود قراءات متواترة لا يشملها هذا القول.
فذهب أصحاب هذا القول إلى أن هذه القراءات ليست من الأحرف السبعة.
بينما اعتمدت على القول الذي يرى بأن الأحرف السبعة هي مصدر القراءات المقطوع بصحتها، لا مصدر سواها.
وبالتالي فهذه القراءات هي من الأحرف السبعة. وبين الأحرف والقراءات عموم وخصوص.
وبناء على ذلك قلتُ بأن هذا القول ليس عاما ..
قال أبو العباس أحمد بن يوسف الكواشي في أول تفسيره التبصرة: وكل ما صح سنده واستقام وجهه في العربية ووافق لفظه خط المصحف الإمام فهو من السبعة المنصوص عليها ولو رواه سبعون ألفا مجتمعين أو متفرقين .. (النشر في القراءات العشر 1/ 44).
وهذا ما خلصتَ إليه أيضا حين قلتَ:
ولعل ما ذكره الإمام أبو العباس المهدوي في شرح الهداية يعتبر خلاصة ما سبق وهو الذي ينبغي الاعتماد عليه، وتقريره في هذه المسألة، حيث قال: (وأصح ما عليه الحذاق من أهل النظر في معنى ذلك - إن شاء الله -: أن ما نحن عليه في وقتنا هذا من هذه القراءات هو بعض الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن. .
فثبت بهذا أن هذه القراءات التي نقرؤها هي بعض من الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن استعملت لموافقتها المصحف الذي اجتمعت عليه الأمة، وتُرك ما سواها من الحروف السبعة لمخالفته لمرسوم المصحف، إذ ليس بواجب علينا القراءة بجميع الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن .. [شرح الهداية للإمام أبي العباس المهدوي 1/ 5 - 7 باختصار يسير].
وقال الطبري في كتاب "القراءات":
"كل ما صح عندنا من القراءات أنه عَلَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته من الأحرف السبعة التي أذن الله له، ولهم أن يقرأوا بها القرآن. فليس لنا أن نخطئ من قرأ إذا كان ذلك به موافقا لخط المصحف" (ذكره صاحب كتاب الإبانة).
ـ[د. أنمار]ــــــــ[21 Jul 2005, 08:19 ص]ـ
قال ابن جرير:
(وأما ما كان من اختلاف القراءة، في رفع حرف وجرّه ونصبه،
وتسكين حرف وتحريكه
ونقل حرف الى آخر، مع اتفاق الصورة،
فمن معنى قول النبي صلى اللّه عليه وسلم: (اُمِرْتُ أنْ أقْرَأ القُرآنَ على سَبْعَةِ أحْرُفٍ) بِمَعْزِلٍ؛ لأنه معلوم أنه لا حرف من حروف القرآن -مما اختلفت القراءة في قراءته بهذا المعنى - يوجب المراء به كفرَ الممارى به في قول أحد من علماء الأمة.
وقد أوجب عليه الصلاة والسلام بالمراء فيه الكفر من الوجه الذي تنازع فيه المتنازعون إليه، وتظاهرت عنه بذلك الرواية) انتهى 1/ 65 تحقيق محمود شاكر
هذه غريبة من الإمام الطبري والواقع يخالفها، فلو وجد من ينكر قراءة مالك أو فتثبتوا ويماري في ذلك فقد كفر بالإجماع،
فائدة:
تظاهر الرواية الذي أشار إليه الإمام الطبري إنما يفهم من فعل سيدنا عثمان رضي الله عنه أما التصريح بما تنازع فيه المتنازعون فما وقفت بعد التتبع إلى على رواية واحدة عند ابن أبي داود في المصاحف أنهم اختلفوا يومئذ في قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله
وقال الآخر وأتموا الحج والعمرة للبيت
لكن هذا لا ينفي البتة كون إنكار قراءة الآية بما صح عن رسول الله ليس كفرا فلذا جاء في الأثر أن سيدنا عثمان بعث مع كل مصحف قارئ يقرئ الناس بما صح عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وابن جرير كما لا يخفى له زلات في مسألة القراءات ردها عليه جمهور العلماء بغض النظر عن الأعذار التي التمست له وقد بحث بعضها هنا في الملتقى
والله أعلم(/)
البحث عن مخطوطة تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) من المائدة إلى الأعراف
ـ[محمد عطاالله العزب علي]ــــــــ[03 May 2003, 12:42 ص]ـ
السلام عليكم أما بعد أود أولا أن أحييكم على هذا المجهود الرائع الذي تبذلونه من أجل خدمة الموقع وأسأل الله أن يجعل ذللك في ميزان حسناتكم وأريد أن أسأل عن مخطوطة في التفسير بعنوان الكشف والبيان في تفسير القرآن للامام الثعلبي من أول سورة المائدة الى قوله وواعدنا موسى في سورة الاعراف فأرجو من الاخوة أن يدلوني على ذلك لمن كان عنده علم علما بأني بحثت عنها في دار الكتب المصرية وجزاكم الله خيرا
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 May 2003, 09:44 ص]ـ
بسم الله
نرحب بك يا أخي محمد، ونشكرك على ثنائك عل الملتقى
وبخصوص ما سألت عنه أقول: حسب علمي أن كتاب الكشف والبيان للثعلبي قد حقق في جامعة أم القرى في عدد كبير من الرسائل العلمية، ومعنا في هذا الملتقى بعض الأعضاء الذين شاركوا في تحقيق هذا التفسير وهو الأخ الشيخ أحمد البريدي فيمكنك مراسلته، أو لعلعه يجيب عن سؤالك هنا بعد اطلاعه عليه.
ونرحب بك مرة أخرى، وننتظر المزيد من مشاركاتكم الجادة.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[03 May 2003, 11:43 م]ـ
حياك الله أخي واشارك في جواب سؤالك بما يلي:
نسخ الكتاب كثيرة منها:
1 - نسخة المكتبة المحمودية التابعة لمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة برقم 527 وتوجد مصورة في مركز الملك فيصل ويمكنك مراسلتهم.
والنسخة مكتوبة بخط واضح وكبير وتقع في ثلاثة عشر جزء وفيها نقص وهي من اجود النسخ.وتاريخ نسخها 626.
2 - النسخة التركية الموجودة في المكتبة السليمانية برقم 102 قسم داماد ابراهيم باشا وهي نسخة شبه كاملة وتاريخ نسخها متاخر عام 1186وهي مصورة في مركز البحوث في جامعة ام القرى.
وفيها تصحيفات كثيرة بل ربما زيادات من الناسخ احيانا.
3 - نسخة جاريت يهودا بكتبة جامعة برنستون وهي من احسن النسخ واقدمها وتاريخ نسخها600 ويوجد جزء مصور منها في مكتبة الملك فهد بالرياض لكن للأسف الجزء المطلوب غير موجود.
وللاستزادة راجع الفهرس الشامل ص 84
مع العلم اني اؤكد ما قاله الشيخ ابو مجاهد من تحقيق الكتاب في جامعة ام القرى كاملا.
والكتاب طبع في لبنان واطلعت عليه على عجل فوجدت طباعته سيئة فيها تصحيفات كثيرة وسقط ولعلي اكتب حول هذا مستقبلا ان شاء الله.
وفقك الله لكل خير(/)
نظرات في كتاب (الأفراد) لابن فارس رحمه الله
ـ[أبو عبد الله الحربي]ــــــــ[03 May 2003, 12:21 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه.
وبعد
فبداية أحي الأخوة في هذا الملتقى على هذا الصرح الطيب، والذي أسأل الله أن يكون نبراساً في هذه الشبكة العملاقة ومنبعاً صافيا ينهل منه كل من يتعطش إلي معرفة اعظم كتاب عرفه التاريخ إلي يوم يفنى التاريخ.
واحب أن اشارك واساهم في هذا الموضوع
الأخوة الكرام
لقد اهتم المسلمون اهتماماً كبيراً بالقرآن الكريم، كيف لا؟ وهو الذكر الحكيم،وحبل الله المتين
فبعض العلماء أهتم بتفسيره وبعضهم اهتم بإستخراج أحكامه، والبعض الآخر اهتم بكلماته وألفاظه ومعانيه ووو إلخ.
واليوم سوف نعرض، صورة مشرقة من درر العلماء
هذا كتاب جميل أنيق للعلامة اللغوي ابن فارس ـ رحمه الله ـ بعنوان (الإفراد) وموضوع الكتاب واضح من عنوانه.
قال رحمه الله كل ما في القرآن من ذكر"الأسف " فمعناه " الحزن" إلا في قوله تعالى (فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ) [الزخرف 55] أي " أغضبونا"
وقال رحمه الله: وكل ما في القرآن من ذكر " البروج" فهي " الكواكب" إلا في قوله تعالى (وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ) [النساء 78] فهي " القصور الطوال الحصينة"
وقال رحمه ربي: وكل ما فيه ذكر " البر والبحر" فالمراد بالبحر " الماء" وبالبر " التراب اليابس" إلا في قوله تعالى (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) [الروم 41] فالمراد به " البرية والعمران"
وقال: كل ما ذُكر فيه من " أصحاب النار" فمعناه ط أهلها " إلا قوله نعالى (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً) [المدّثر 31] فمعناه " خزنتها ملائكة".
وقال: وكل ما فيه من " صيوم" فهو " العبادة المعروفة" إلا في قوله تعالى (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْما) [مريم36] أي" صمتاً"
وقال رحمه الله: وكل " إنفاق" في القرآن فهو "الصدقة" إلا في قوله تعالى (فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا) [الممتحنة 11] فالمراد به " المهر".
هذه جولة يسيرة في هذا الكتاب، أتمنى أنكم قد وجدتم الفائدة.
والحمد لله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 May 2003, 01:12 م]ـ
أخي الكريم أبا عبدالله الحربي وفقه الله
أرحب بك في ملتقى أهل التفسير، وأشكرك على تفضلك بالانضمام إليه.
وبالنسبة لكتاب الأفراد للعلامة أحمد بن فارس رحمه الله، فهو من الكتب الصغيرة الحجم التي تصلح للمذاكرة - كما يقول ابن فارس في مقدمته - وله سبق في الكتابة في هذا الموضوع.
وقد كنت كتبت بحثاً في جهود ابن فارس في التفسير وعلوم القرآن، وترجح لدي أن هذا الكتاب قد ضمنه الزركشي رحمه الله كله في (البرهان في علوم القرآن) 1/ 105 حيث قال: (وقال ابن فارس في كتاب (الأفراد): كل ما في كتاب الله من ذكر الأسف .... الخ). ثم نقل عنه السيوطي في الإتقان، وقد سماه:الوجوه والنظائر. وجعله كتاباً مستقلاً لابن فارس،وتبعه في هذا الوهم الدكتور رمضان عبدالتواب وهلال ناجي ومن قبلهما إسماعيل البغدادي في هدية العارفين. ولكن الزركشي يرى أن كتاب الأفراد مؤلف في فن الوجوه والنظائر. مع أن هناك فرقاً بين الوجوه والنظائر وبين الأفراد.
فالوجوه هي المعاني المختلفة للفظة القرآنية.
والنظائر هي الآيات الواردة في الوجه الواحد.
بينما الأفراد هي الألفاظ التي لا نظير لها ومعناها واحد في كل المواضع، واستقراء كتاب ابن فارس يدل على هذا المعنى.
وقد نشر هذا الكتاب في مجلة الدراسات الإسلامية بإسلام آباد في يونيو 1983م بتحقيق الدكتور أحمد خان.
وقبل مدة ظهر الكتاب محققاً في مجلة الحكمة، في العدد الثاني والعشرين من ص127 - 141 تحت عنوان: (أفراد كلمات القرآن)
ولم يكتب اسم المحقق الذي قام بتحقيقها، وقد راسلتهم في معرفة المحقق، ولم يجيبوا إلى الآن.
ويقول المحقق أنه وجدها في دار المخطوطات بصنعاء في مجموع برقم 208. وتبين أن الزركشي قد نقل الكتاب كاملاً وتصرف في النص. ولم يترك سوى المقدمة تقريباً.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأرجو منك يا أبا عبدالله أن تتكرم بعرض هذا الكتاب بطريقة أكثر تركيزاً وعمقاً ومقارنة بكتاب مقاتل بن سليمان في الوجوه والنظائر والدامغاني وغيرهما، عندما يتيسر لك الأمر وفقك الله وبارك في جهودك. وقد قمت بتعديل عنوان المشاركة ليكون أدل على المقصود فاعذرني.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[03 May 2003, 02:56 م]ـ
شكر الله للجميع واحب ان انبه في هذا الموضوع على ما يلي:
1 - عرف الشيخ عبد الرحمن الأفراد فقال:بينما الأفراد هي الألفاظ التي لا نظير لها ومعناها واحد في كل المواضع، واستقراء كتاب ابن فارس يدل على هذا المعنى.
وعندي ان هذا لا يستقيم مع صنيع ابن فارس والأصح ان نقول: الأفراد هي الألفاظ التي لا نظير لها ومعناها واحد في كل المواضع , إلا ما استثني.
2 - لا يلزم ان يكون المستثتى موضعا واحدا بل ربما يكون اكثر من موضع فالتسمية في الأفراد تسمية أغلبية.
3 - الأفراد داخل في كليات القرآن إذ الاستثناء معيار العموم كما قرره الأصوليون.
4 - الأفراد طريقها الاستقراء ولذا فلابد ان يكون الاستقراء تاما ولذا فليس كلُّ ما يذْكُره المفسِّرون من الكُلِّيات مُسَلَّمٌ، إذْ رُبّما يكون الاستقراء غيرَ تامٍّ، ومن أمْثلةِ ذلك:
ورد عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما وابن زيدٍ" أنّ كلَّ شيءٍ في القرآن رِجْزٌ فهو عذاب"، وهذا الاستقراءُ غيرُ تامٍّ قال ابن فارس:" كلُّ حرْفٍ في القرآن منْ " رِجْز " فهو العذاب، كقوله تعالى في قصّة بني إسرائيل: {لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ} (الأعراف: من الآية134) إلا في سورة المدّثّر: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (المدثر:5) فإنّه يعني به الصّنم فاجتنِبوا عبادتَه.
ومِمّنْ فسَّر الآية بالصّنم ابنُ عباس رضي الله عنهما وابن زيد
قُلْتُ: وحَصْرُ ابن فارسٍ أيضًا غيرُ تامٍّ، إذْ يَخْرُج منهُ أيضًا قوله تعالى: {وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ} (الأنفال: من الآية 11)، والمرادُ بالشيطانِ إمّا عبارة عن الشهوة، أو ما يدعو إليه من الكفْر والبهتان والفساد
5 - اقترح ان يقوم احد طلاب الدراسات العليا بدراسة الكليات دراسة نظرية وتطبيقيه بحيث يقوم بدراسة الأمثلة وبيان المسلم منها وغير المسلم ولا مانع عندي من التعاون معه في وضع خطة للموضوع.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 May 2003, 03:42 م]ـ
وفقكم الله يا أخي العزيز أحمد البريدي، وأشكرك على تصويبك للعبدالفقير. وبالنسبة لاقتراحك الأخير، فقد كان ذلك، حيث تم بحث هذا الموضوع في قسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين في الرياض في رسالة ماجستير، وكان المشرف على الطالب هو شيخنا الكريم الأستاذ الدكتور محمد بن عبدالرحمن الشايع وفقه الله.
جزاكم الله خيراً.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 May 2003, 12:03 ص]ـ
جمعت بفضل الله تعالى مادة بحث متكامل حول " الكليات التفسيرية " دراسة نظرية تطبيقية , ولكن حالت دون إتمامه الحوائل , ولعلي أكتب رؤوس أقلام في هذا الموضوع , في مشاركة مستقلة بإذن الله تعالى.
ومما وجدته من الجديد في الباب: منظومة في كليات القرآن , لعلامة متأخر , أُعَرف بها - إن شاء الله - في حينه , ومنكم الدعاء بالإعانة , وفقكم الله لكل خير.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 May 2003, 12:26 ص]ـ
وفقكم الله أيها الإخوة، وهناك كتاب جديد طبع بعنوان: (الكليات الشرعية في القرآن الكريم) لعلك يا أبا بيان أن تعرضه، وتبين الفرق بينه وبين موضوع كليات الألفاظ وفقك الله. وهو للدكتور الحسن حريفي. وطبع في دار ابن القيم ودار ابن عفان هذا العام في مجلدين.
ـ[الإداوة]ــــــــ[04 May 2003, 02:06 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..........
مشاعر .. جياشة .. لايزجرها قلم .. ولا يتبعها يراع .. لكل إبداع .. ولكل يد تغرس الشموع لتقول للناس هذا كتاب الله من هنا ... فدونكموه .. فهو السبيل وحده .. وليس من نور سواه .. فافرحي ياجموعنا .. وأقيمي جمعنا بين زمزم والحطيم ..... شكراً للافذاذ النجباء ..
هذا وقد نقل الزركشي بعض الأفراد على الأفراد فقال:
(يُتْبَعُ)
(/)
انتهى ما ذكره ابن فارس. وزاد غيره كل شىء فى القرآن لعلكم فهو بمعنى لكى غير واحد فى الشعراء لعلكم تخلدون فإنه للتشبيه أى كأنكم وكل شىء فى القرآن أقسطوا فهو بمعنى العدل إلا واحد فى الجن وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا يعنى العادلين الذين يعدلون به غيره هذا باعتبار صورة اللفظ وإلا فمادة الرباعى تخالف مادة الثلاثى وكل كسف فى القرآن يعنى جانبا من السماء غير واحد فى سورة الروم ويجعله كسفا يعنى السحاب قطعا وكل ماء معين فالمراد به الماء الجارى غير الذى فى سورة تبارك فإن المراد به الماء الطاهر الذى تناله الدلاء وهى زمزم.وكل شىء فى القرآن لئلا فهو بمعنى كيلا غير واحد فى الحديد لئلا يعلم أهل الكتاب يعنى لكى يعلم وكل شىء فى القرآن من الظلمات الى النور فهو بمعنى الكفر والإيمان غير واحد فى أول الأنعام وجعل الظلمات والنور يعنى ظلمة الليل ونور النهار وكل صوم فى القرآن فهو الصيام المعروف إلا الذى فى سورة مريم إنى نذرت للرحمن صوما يعنى صمتا وذكر أبو عمرو الدانى فى قوله تعالى واسألهم عن القرية التى كانت حاضرة البحر أن المراد بالحضور هنا المشاهدة قال وهو بالظاء بمعنى المنع والتحويط قال ولم يأت بهذا المعنى إلا فى موضع واحد وهو قوله تعالى فكانوا كهشيم المحتظر قيل وكل شىء فى القرآن وما أدراك فقد أخبرنا به وما فيه وما يدريك فلم يخبرنا به حكاه البخارى رحمه الله فى تفسيره واستدرك بعضهم عليه موضعا وهو قوله وما يدريك لعل الساعة قريب وقيل الإنفاق حيث وقع القرآن فهو الصدقة إلا قوله تعالى فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا فإن المراد به المهر وهو صدقة فى الأصل تصدق الله بها على النساء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة:
وذكر أبو عمرو الدانى فى قوله تعالى واسألهم عن القرية التى كانت حاضرة البحر أن المراد بالحضور هنا المشاهدة قال وهو بالظاء بمعنى المنع والتحويط قال ولم يأت بهذا المعنى إلا فى موضع واحد وهو قوله تعالى فكانوا كهشيم المحتظر.
نبه د / حازم حيدر إلى أن أبا عمرو الداني ذكر في كتاب (الظاءات) مايخالف هذا الحصر وهو أن معنى (الحظر) المنع وجاء في موضعين من كتاب الله: الأول: (وما كان عطاء ربك محظورا) والثاني: موضع القمر السابق.
فهل نقل الزركشي ومن بعده السيوطي للحصر عن أبي عمرو غير دقيق أم أن أباعمرو نقله ونقضه في موضعين
من كتبه؟؟؟ يبقى سؤال بانتظار ..
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 May 2003, 08:14 م]ـ
* من تحدثوا في موضوع الكليات القرآنية , تناولوها من ناحيتين:
الناحية الأولى:
ما يمكن أن يسمى القواعد القرآنية , أو كليات الكون والنفس والحياة - كما هو عنوان رسالة علمية في ذلك في جامعة محمد الخامس بالمغرب - , وهذا التناول يعتني بالحديث عن مقاطع قرآنية , تتضمن قضايا كلية , تنطبق على جزئيات كثيرة , وهي خاصة بالجانب الموضوعي للكليات , لا الجانب اللفظي , ولها مُتعلقٌ واضح بالخصائص العامة للتشريعات الإسلامية من حيث العموم والثبات والشمول , مثاله: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} , {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً} , وغيرها من الآيات.
والكتاب المذكور من هذا الباب , وليس فيما يخص فن التفسير وعلومه.
الناحية الثانية:
أما التناول الإصطلاحي للكليات فهو وإن كان يشمل النوع السابق إلا أنه أحد أقسامه باعتبارات معينة , لكن الكليات التفسيرية المتداولة في كتب التفسسير واللغة لم يُكتب فيها كتاباً تأصيلياً إلى الآن - فيما أعلم - , وهي التي تُهم طالب علم التفسير , في جمعها وتحقيقها ومعرفتها. والله أعلم.
* أخي عبد الرحمن الشهري - حفظه الله -: لقد أحسنت الظن كثيراً بأخيك الضعيف , وإني والله لأستحي من بعض ما أقرأ من الكلام لي , فلا تُكثر علي بارك الله فيك , أسأل الله تعالى ستره ومعافاته في الدنيا والآخرة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Dec 2007, 09:10 م]ـ
أصدر الأستاذ الدكتور حاتم الضامن وفقه الله رسالة ابن فارس هذه في كتاب مستقل عن دار البشائر للنشر بسوريا عام 1427هـ.
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/64764183d324d4.jpg
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[19 Dec 2007, 12:43 ص]ـ
جزاك الله خيرا أبا عبدالله.(/)
إشكال بالنسبة لجمع مصحف عثمان
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[03 May 2003, 06:26 م]ـ
إشكال: قال الزرقاني ـ رحمه الله ـ ما معناه أن عثمان ـ رضي الله عنه ـ حينما أراد جمع المصحف اضطر الى تتعدد المصاحف المكتوبة، لأنه رضي الله عنه أراد أن يجمع في المصحف الأوجه السبعة التي نزل عليها القران، و هذه الأوجه منها ما يمكن أي يندرج تحت رسم واحد، كاختلاف وجوه الاعراب و منها ما لا يمكن أن يندرج تحت رسم واحد كالتقديم و التأخير مثلا أو بعض صور الابدال.
ووجه الاشكال: أن ما ذكره الزرقاني واضح و مفهوم و يمكن أن يندرج على مصحف عثمان، و لكن ذكر الزرقاني رواية البخاري من أن عثمان أرسل الى حفصة أن ترسل اليه بالصحف التي عندها ـ و التي جمعت في عهد أبي بكر بعمل زيد بن ثابت ـ لينسخ منها المصحف ـ بأوجهه السبعة ـ فكيف كانت هذه الأوجه السبعة موجودة في مصحف واحد و هو الذي جمع على عهد أبي بكر و بعض هذه الوجوه لا تجتمع في رسم واحد مما اضطر عثمان الى أن يعدد المصاحف كما مر؟
لا أجد دفع لذلك الا القول باحد وجهين:
الوجه الأول: أن مصحف زيد بن ثابت لم يشتمل على الأوجه السبعة، و لكن هذا يرد عليه إشكالان:
الأول / أن الزرقاني ذكر أن المصحف الذي جمع في عهد زيد بن ثابت كان يشتمل على الأوجه السبعة.
الثاني / أن ذلك يلزم منه أن عثمان اعتمد على صحائف أخرى غير مصحف زيد بن ثابت حتى يستطيع أن يصل الى ما وصل اليه من
جمع كل الاختلافات، و هذا لم يرد بل ما ورد هو اعتماده على المصحف الذي جمع في عهد أبي بكر.
الوجه الثاني: أن نقول بتعدد المصحف المجموع على عهد أبي بكر، و لا يظهر ذلك من النقولات كما لا يخفى عليكم.
فأرجو التكرم بالافادة مع الترفق
و أرجو الانتباه الى موضوع الأوجه السبعة الذي أخشى أن يكون قد أهمل، لأنه بذلك قد تراكمت عليّ النقاط الغير مفهومة في كتاب (مناهل العرفان) و هذا يعطّلني عن المسير.
و بارك الله في جهودكم
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[03 May 2003, 11:56 م]ـ
سيُحَل هذا الإشكال وجميع الإشكالات في موضوع الجمع - إن شاء الله تعالى - من خلال تصور ما يلي:
1 - أن أبا بكر رضي الله عنه جمع القرآن , وعثمان رضي الله عنه جمع الناس عليه.
2 - فعليه: جمع عثمان هو جمع أبي بكر رضي الله عنهم , ولم يغير فيه شيئاً.
3 - الذي جمعه أبو بكر رضي الله عنه هو ما عرضه رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام في العرضة الأخيرة.
4 - العرضة الأخيرة اشتملت على ما لم يُنسَخ من الأحرف السبعة؛ بدليل وجود عدد من الصحابة تختلف قرائتهم عمَّا في المصحف الإمام.
هذا القدر من البيان تجتمع به الأدلة , وعليه قامت , وبه نطقت , وهو حلٌّ لكثير من المشكل في هذا الباب , وأكتفي بهذا القدر , لهذا الإشكال , ولعلنا نزيد الموضوع إيضاحاً , بإيرادات أخرى في هذا الباب. والله أعلم.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[04 May 2003, 12:08 ص]ـ
نعم أخي أبي بيان ليتنا نزيد الموضوع
و على كلامكم السابق ـ أثابكم الله تعالى خير المثوبة ـ: لماذا تعدد المصحف العثماني ليشمل الأوجه كلها، و لم يتعدد المصحف الذي جمعه أبو بكر؟
فما زال السؤال قائم، و لاحظ أني لا أئتي بتصور من عندي، بل أسألتي تأتي بناءا على أول دراسة لي في علوم القران، وهي في كتاب (مناهل العرفان) لذلك فإنه ستكثر أسألتي ـ إن شاء الله ـ وسوف يتحملني أيضا الشيخ عبد الرحمن الشهري ـ هذا ظني به ـ
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 May 2003, 07:52 م]ـ
سؤالك أخي الحبيب هو:
لماذا تعدد المصحف العثماني ليشمل الأوجه كلها، و لم يتعدد المصحف الذي جمعه أبو بكر؟
والجواب:
الذي اختلف في الجمعين هو سبب الجمع , فسببه في زمن أبي بكر رضي الله عنه هو خشية فوات شيء من القرآن بفوات حملته؛ وذلك لما استحر القتل في القراء في وقعة اليمامة , في طلب عمر المشهور من أبي بكر بذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما سبب الجمع في زمن عثمان رضي الله عنه هو , ما رآه هو وما بلغه عن بعض الصحابة من الإختلاف في قراءة القرآن , اختلافاً يتبعه تخطئة وتجهيل , كما اختلفت اليهود والنصارى في كتابهم , وهذا ما جعل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يطلب من عثمان ذلك مع ما هو في نفس عثمان , وقد حمد له الصحابة ذلك الفعل بإجماع , وصح عن علي رضي الله عنه قوله: والله ما فعل عثمان الذي فعل إلا على ملأٍ منّا , ولو كنت مكانه لفعلت مثل الذي فعل.
فعلى هذا: الأوجه التي أشرت إليها في مصحف عثمان موجودة في مصحف أبي بكر , ولا أدري كيف ظهر لك أن في مصحف أبي بكر أوجهاً ليست في مصحف عثمان , فإن كنت وقفت عليه في "مناهل العرفان" فاذكره , وإن كنت فهمته من غيره فبينه , وفقك الله تعالى لكل خير , وجعلنا من مفاتيحه.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[06 May 2003, 09:32 ص]ـ
قلت أخي: ولا أدري كيف ظهر لك أن في مصحف أبي بكر أوجها ليست في مصحف عثمان.
و لكن أنا أقصد العكس / كيف تكون هناك أوجها في مصحف عثمان ليست في مصحف أبي بكر؟
قال الزرقاني: [وصفوة القول: أن اللفظ الذي لا تختلف فيه وجوه القراءات، كانوا يرسمونه بصورة واحدة لا محالة، أما الذي تختلف فيه وجوه القراءات فإن كان لا يمكن رسمه في الخط متحملا لتلك الوجوه كلها، فإنهم يكتبونه برسم يوافق بعض الوجوه في مصحف، ثم يكتبونه برسم اخر يولفق بعض الوجوه الأخرى في مصحف اخر، وكانوا يتحاشون أن يكتبوه بالرسمين في مصحف واحد … .. إلخ]
فواضح أن تعدد الأوجه كان مدعاة الى تعدد الرسم، وبعض هذا الرسم لا يمكن الجمع بينه و بين غيره، فكان لزاما لذلك أت تتعدد المصاحف كما هو ظاهر من كلام الزرقاني ـ رحمه الله ـ
و معلوم أن عثمان ـ رضي الله عنه ـ نقل المصحف بأوجهه السبعة عن مصحف أبي بكر، أي أن مصحف أبي بكر كان شاملا للأوجه السبعة، فهذا يستلزم أنه أيضا متعدد، لوجود الرسم الذي لا يمكن أن يجتمع مع غيره.
و السؤال / هل كان مصحف أبي بكر متعددا؟ أم أنه كان على رسم واحد و لكن بقية الأوجه و الاختلافات محفوظة في صدر الصحابة رضي الله عنهم، ثم لمّا دونها عثمان ـ رضي الله عنه ـ تعددت المصاحف؟
وأعتذر إن كنت قد أتعبتك
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[07 May 2003, 09:28 ص]ـ
لا تعتذر يا أخي الفاضل , فإنا نسعد بمدارستكم.
ولعلنا نتابع هذه الفقرات على هذا الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=189
الذي ستجد فيه مقدمة مفيدة في هذا الموضوع.
وبالنسبة لكتاب " مناهل العرفان " فإنه مُتعب جداً في هذا الباب , ولا يحل كثيراً من الإشكالات , فلعلك تستوعب الموضوع من غيره من الكتب التي تناولت هذا الجانب.(/)
ما هو عمل الشيخ السبت في رسالته الماجستير على (مناهل العرفان)؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[03 May 2003, 06:28 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته، شيخنا عبد الرحمن الشهري ـ حفظه الله ـ ما هو عمل الشيخ عثمان السبت في رسالته الماجستير على (مناهل العرفان)؟
و أنا سأنتهي من مناهل العرفان قريبا إن شاء الله، فهل ترون أن أتبع هذه الدراسة بدراسة هذه الرسالة على هذا الكتاب؟
مع العلم أنني لأريد ذلك أو يترجح في نظري القاصر لما أرى له من الأهمية حيث تكون الدراسة مكثفة حول كتاب واحد، وهذا يورث إتقان هذا الكتاب و إتقان ما فيه و أدعى للبعد عن التشتت، لأنه كما يقول بعضهم: صاحب الكتاب خير من صاحب الكتب.
و بارك الله فيكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 May 2003, 08:09 م]ـ
أخي الكريم محمد يوسف وفقه الله لكل خير
أما ما سألت عنه من حقيقة دراسة الشيخ الكريم خالد السبت في رسالته الماجستير التي كانت بعنوان (كتاب مناهل العرفان للزرقاني - دراسة وتقويم)، فالمراد بها كما ذكر في مقدمة كتابه (الجمع بين ذكر المحاسن وإبرازها، إضافة إلى بيان منهج المؤلف في كتابه (مناهل العرفان) وما شابه ذلك من الأمور الهامة، مع التنبيه على المآخذ على الكتاب جملة وتفصيلاً، ومناقشتها وبيان وجه الصواب فيها).
وكتاب مناهل العرفان من الكتب المشهورة في علوم القرآن عند المتأخرين، حيث جمع بين تحقيق المتقدمين، وسهولة عبارة المعاصرين. فساغ للمتخصصين وغيرهم.
وقد ترجم كتاب مناهل العرفان إلى لغات متعددة كما ذكر الزرقاني في مقدمته للطبعة الثالثة.
وأنا أؤيدك في فكرة الدوران حول كتاب واحد أصيل معتمد في كل فن، بحيث يكون هذا الكتاب جامعاً للمسائل، وقتله بحثاً، ودرساً، فإن هذا أدعى للتركيز كما ذكرت.
وقد أخذت نفسي بذلك وحمدت هذه الطريقة كثيراً، وقد جمعت الكتب المصنفة في الفنون، وانتخبت لي في كل فن عدداً من الكتب لا تزيد عن ستة كتب لا أمل من قراءتها، والنظر فيها، مع حرصي الشديد على كتب المتقدمين ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، فإن لكلامهم من النور والقبول ما ليس لكلام المتأخرين، ولست أغمط حق المتأخرين فالعبرة بالحق، ولكن هذا رأيي. وأرجو مع الزمن أن أزيد بصراً بهذه الأصول الجوامع.
وهذه طريقة معهودة عند العلماء من قديم فقد ذكر أن الربيع بن سليمان المرادي تلميذ الإمام الشافعي كان ينظر في كتاب لرسالة للشافعي أكثر من خمسين سنة لا يدع النظر فيه. ومن العلماء من كرر صحيح البخاري أكثر من سبعمائة مرة!!!
وفي ترجمة العلامة محمد التاودي المري أنه أقرأ صحيح البخاري أكثر من أربعين مرة. فلم يكن يدعه، لا سيما في شهر رمضان، يفتتحه في أول يومٍ منه، ويختمه آخره. و أقرأ ألفية ابن مالك في النحو نحوًا من ثلاثين مرة، وربما أقرأها في الشهر الواحد بَدْءًا وخَتْمًا. وأقرأ مختصر خليل في فقه المالكية نحو ثلاثين مرة.
أمَّا الآجرومية في النحو، فلم يزل يُقرئها خصوصًا للصِّغار من أعقابه وأبناء إلى وفاته. رحمه الله.
ولو رجعت إلى كتاب المشوق إلى طلب العلم، للأخ الكريم علي العمران لرأيت فيه ما يعجبك ويطربك إن شاء الله من هذه القصص، ويمكنك أن تجده في موقع صيد الفوائد على الانترنت. وفقك الله ونفع بك.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[03 May 2003, 09:07 م]ـ
بارك الله فيك شيخنا عبد الرحمن، وأشهد الله و من في المنتدى أنني أحبكم في الله و جازاك الله خيرا على أهتمامكم
، أرجو الرابط من فضلكم، فأنا جاهل بالمواقع و ليس لي فيها كبير تنقل
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[03 May 2003, 09:52 م]ـ
كما أرجو أن تنتخبوا لي كتابا يكون عمدتي في كل مما يأتي:
1 ـ أسباب النزول
2 ـ قواعد التفسير
و ما رأيكم باتخاذ (تفسير ايات الأحكام) للسايس، في تفسير ايات الأحكام، حيث إني سأدرسه ـ إن شاء الله ـ العام القادم في الأزهر؟
وبارك الله فيكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 May 2003, 10:21 م]ـ
وفقكم الله، وأحبكم الله الذي أحببتموني فيه.
وأحيل سؤالك لأخي الكريم أبي مجاهد وفقه الله ليجيب عليه إن شاء الله
وأما رابط كتاب المشوق إلى طلب العلم للشيخ علي العمران وفقه الله فتجده مع غيره من الكتب والرسائل الثمينة، في الموقع الرائع.صيد الفوائد ( http://www.saaid.net/book/index.htm) برقم 147 في القائمة. وفقك الله
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[07 May 2003, 12:36 ص]ـ
للأهمية .... الشيخ أبي مجاهد
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[07 May 2003, 09:03 ص]ـ
بسم الله
أخي محمد يوسف زادك الله من فضله
كنت قد كتبت عما سألت عنه بالتفصيل تحت هذا الرابط http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=26
فيمكنك اللرجوع إليه واختيار الأنسب لقدراتك ورغباتك، وكل ما ذكرته من الكتب فيه خير وفائدة.
وأعتذر عن التأخر
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[08 May 2003, 01:19 ص]ـ
بارك الله فيك شيخنا أبا مجاهد وبارك في جهودكم
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[08 May 2003, 05:54 ص]ـ
هل يمكن لشيخنا عبد الرحمن أن يدانا على الكتب الستة التي ذكر أنه يعتمد في كل فن على كتاب منها لو لم يكن في ذلك حرج وهذا نص كلام فضيلتكم
(وقد أخذت نفسي بذلك وحمدت هذه الطريقة كثيراً، وقد جمعت الكتب المصنفة في الفنون، وانتخبت لي في كل فن عدداً من الكتب لا تزيد عن ستة كتب لا أمل من قراءتها، والنظر فيها، مع حرصي الشديد على كتب المتقدمين ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، فإن لكلامهم من النور والقبول ما ليس لكلام المتأخرين،)(/)
فوائد قرآنية (الحلقة الثانية)
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[04 May 2003, 03:21 ص]ـ
فوائد قرآنية (الحلقة الثانية)
الفائدة الأولى:
كل سؤال في القرآن جاء الجواب عنه بـ (قل) إلا في موضع واحد وهو قوله تعالى: {ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا} [طه: 105] حيث جاء الجواب بفاء (فقل)، والسبب في ذلك:
أن هذا السؤال – أعني في سورة طه – هو عبارة عن سؤال لم يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عنه بعد، لذلك جاء الجواب بـ (فقل)، وكأن المعنى والله أعلم: إن سألوك عن الجبال (فقل).
وأما بقية الأسئلة في القرآن الكريم فهي عبارة عن أسئلة تقدمت، أي سأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم فنزل القرآن جواباً عليها.
[انظر: تفسير القرطبي في آية، طه: 105].
الفائدة الثانية:
عند تأمل صفتي (العظيم) و (الكبير) لله تعالى في القرآن الكريم، وهما صفتان متقاربتان في المعنى، نجد أنه يقرن معهما صفة العلو (العلي) وهذا في القرآن كله، ولم يتبين لي السر في ذلك حتى الآن، فسبحان من أودع كتابه من الأسرار التي لا يعلمها إلا هو.
ومن الأمثلة على ذلك:
قوله تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} {وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}.
الفائدة الثالثة:
عند تأمل آيات القرآن الكريم فيما يتعلق بأسلوب النداء، نلاحظ ما يلي:
1 - إذا كان النداء من الله تعالى للعباد، جاء بحرف النداء المقتضي للبعد، كقوله تعالى: {يا عبادي الذين آمنوا}.
2 - وإذا كان النداء من العباد لله تعالى، جاء من غير حرف النداء، وذلك لأن حرف النداء للتنبيه، والله منزه عن ذلك، وأيضاً فإن أكثر حروف النداء للبعيد، وهذا ينافي ما أخبر الله به تعالى من أنه قريب من الداعي خصوصا، ومن الخلق عموما.
وهذا في القرآن كله – أعني إذا كان النداء من العباد – ومن الأمثلة على ذلك:
قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ} وقوله تعالى: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ}.
ولم يأت بحرف النداء إلا في موضعين، وهما قوله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان: 30] وقوله تعالى: {وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ} [الزخرف: 88]
والسبب في ذلك: أن النداء في هاتين الآيتين نداء شكاية، بخلاف سائر الآيات فإنه نداء طلب، والله تعالى أعلم.
[انظر: الموافقات للشاطبي (2/ 163 - 164) تحقيق: مشهور بن حسن آل سلمان].
ـ[الغزالي]ــــــــ[04 May 2003, 02:47 م]ـ
أحسن الله إليك، شيخ أحمد وبارك فيك.
نتطلع إلى المزيد!
ـ[مداد]ــــــــ[05 May 2003, 11:41 م]ـ
الحقيقة أنه منذ عام كامل، لم أجد ما يستحق القراءة في النت، مثل هذا الموضوع المميز، فجزى الله كاتبه خيرًا، وبارك له في وقته، وعلمه، وعمله.
لدي تعقيبٌ بخصوص اقتران صفة (العلي) بصفة (الكبير) تارة، وبصفة (العظيم) تارة أخرى.
معروفٌ أن القرآن نزل بلغة العرب، وخاطب عقولهم، وكانت العرب تستصغر الشيء العالي: كلما علا شيءٌ، زاد في صغره.
فأتوقع - والله تعالى أعلم - أن (من) حِكم اقتران الصفتين بهذه الصورة (لغويًا على الأقل) أن ينفي ما قد يخطر في أذهان العرب (الذين كانوا حسيين ماديين) من أن علوه قد يُشعر ببعد أو صغر - جلا وعلا -.
وربما تكون (من) الحِكم - أيضًا - أن صفتيْ (الكبير والعظيم) قد تطلقان على أي مخلوق، فهما ليستا خاصتين بالله وحده - تعالى -. فنحن نقول: هذا عملٌ عظيم، وذاك كتابٌ حجمه كبير. فلما كانت الصفتان غير خاصتين بالرب -جلا وعلا - بل قد تطلقان على البشر، قدَّم عليهما (صفة العلو) الخاصة بجلاله؛ أي المتعالي عن الأشباه والنظائر،أو المتعالي عن أن يكون له مماثلٌ أو مشابه في صفاته أو ذاته.
والله - تعالى- أعلم.
ـ[سوسن]ــــــــ[18 Sep 2005, 10:12 م]ـ
السلام عليكم
(يُتْبَعُ)
(/)
بالنسبه لتأملك في قوله تعالى (فقل ينسفها ربي نسفا) أن الفاء جاءت هنا لانهم لم يسألوا الرسول بعد
نجد في سورة البقرة آية 142 (سيقول السفهاء) جاء الجواب (قل لله)
لم يأتي بالفاء مع انهم ايضا لم يسألوا بعد
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[20 Sep 2005, 01:01 ص]ـ
الأسالذ الفاضل / أحمد القصير - حفظه الله ..
بارك الله فيك على هذه اللفتات الرائعة والملاحظات القيّمة ..
وأسأل الله تعالى أن يزيدكم علماً وإيماناً ..
وأذن لي - أخي الكريم - أن أضيف بعض الإشارات إلى ما جاء في الفائدة الأولى:
فإن كلمة " يسألونك " جاءت في القرآن الكريم أكثر من أربع عشرة مرة، منها على سبيل المثال: " يسألونك عن الأنفال .. يسألونك عن المحيض .. ويسألونك عن الجبال .. يسألونك ماذا ينفقون .. ".
وعند تدبّر الذكر الحكيم لهذه الواطن بحثاً عن العلل البلاغية في الصيغ المنتقاة في كل منها .. يلفت انتباهنا أولاً صيغة السؤال " يسالونك .. " وجوابه " قل .. ". حيث نلاحظ في الصيغتين عدّة أمور:
أولاً: جاء السؤال بصيغة الجمع " يسألونك " للدلالة على أن المجتمع المسلم ينبغي أن يكثر فيه العلماء والمتعلمون وإلا كان مجتمعا جاهلا.
ثانياً: جاء السؤال بصيغة المضارع للدلالة عل استمرارية الأسئلة والتساؤلات، فالمسلم متعطّش للمعرفة يرغب دائما فيها.
ثالثاً: كاف المخاطب في " يسألونك " إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم هو العالم الذي نستقي منه ديننا .. وهذا تنبيه إلى وجوب سؤال العالم الذي ينصح ويدلّ على الخير ويشير إلى الصواب، وعدم الأخذ من الجاهل لأنه يَضِلّ ويُضلّ.
رابعاً: من هذه الصيغة نستفيد أيضاً أنه يجب تحديد السؤال " عن الأنفال .. عن المحيض .. عن الجبال .. " وهكذا ..
خامساً: كلمة " قل " فيها دليل على وجوب إجابة السائل، فمن كتم علماً لجمه الله بلجام من نار ..
ثم نلاحظ أمراً آخر، وهو أن كلمة " يسألونك " جاءت أربع مرات بغير واو " يسألونك عن الأهلة .. يسألونك ماذا ينفقون .. يسألونك عن الشهر الحرام .. يسألونك عن الخمر "، ثم جاءت ثلاث مرات مقترنة بالواو: " ويسألونك ماذا ينفقون .. ويسألونك عن اليتامى .. ويسألونك عن المحيض ". والسبب في ذلك - والله أعلم - أن سؤالهم عن الحوادث الأول وقع متفرّقًا، أما سؤالهم عن الحوادث الأخر فقد وقع في وقت واحد، لذلك جيء بحرف الجمع دلالة على ذلك.
ولقد بيّنت - حفظك الله - سبب مجيء الفاء بـ (فقل) في السؤال عن نسف الجبال ..
فتبقى إشارة أخيرة، هي قوله تعالى: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب"، حيث لم يجيء بـ (قل) للاشارة هنا الى أن العبد في حال الدعاء في أشرف المقامات ولا واسطة بينه وبين مولاه.
ومن إعجاز القرآن في اختياره الدقيق للكلمات ما جاء في قوله تعالى في سورة النازعات: " يسألونك عن الساعة أيان مرساها .. الآيات " .. فلم يأت هنا بـ (قل) كذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم وقت حدوثها، فلا ينبغي التقوّل على الله تعالى فيها، فعلمها عند الله وحده.
وهذا من إعجاز هذا الكتاب الحكيم ..(/)
نظرة في تحقيق الدكتور عبدالله التركي لتفسير الطبري بالتعاون مع دار هجر
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[04 May 2003, 07:22 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن ولاه، أما بعد، فقد طلب مني الإخوة الكرام في موقع ثمرات المطابع أن أكتب لهم ما رأيت في تحقيق الإخوة الأفاضل في دار هجر لكتاب جامع البيان عن تأويل آي القرآن، فاستعنت بالله، وكتبت ما يأتي:
أولاً: مميزات هذه الطبعة:
1 ـ الاعتماد على نسخة فريدة لم تَعتمِد عليها الطبعات السابقة، وتدارك كثير من السقط الموجود في المطبوع.
لقد كنت أترقب صدور هذه الطبعة بفارغ الصبر، لما سمعت من وجود نسخة لم يسبق أن وقف عليها من حقق الطبعات السابقة، وكنت أن تحلَّ بعض الإشكالات التي كنت أرى أنها بسبب سقط في العبارة، وقد كان ذلك، إذ ظهر في هذه الطبعة أن كثيرًا مما وقع الإشكال فيه كان بسبب السقط في النسخة المطبوعة، ومن ذلك على سبيل المثال (27: 47 من طبعة الحلبي) ووازنها بطبعة دار هجر (22: 20)، ومثال آخر (27: 59 من طبعة الحلبي) ووازنها بطبعة دار هجر (22: 50).
2 ـ وضع أجزاء وصفحات طبعة البابي الحلبي ـ وهي الأكثر تداولاً بين الناس ـ على الحاشية اليمنى أو اليسرى من الصفحة، وفي ذلك الصنع فائدة لمن يريد أن يوازن بين التحقيقين، أو تكون عنده النسخة القديمة فيعرف مقابلها من التحقيق الجديد.
وهذا العلم يُحبَّذُ أن يجعل في كل تحقيق جديد لكتاب سارت طبعة من طيعاته بين الناس، لتكون الفائدة منه أعمُّ، ولا يفقد طالب العلم ما كان له من تعليقات على الطبعة القديمة.
3 ـ وضع السور والآيات المفسَّرة في المجلد على كعب المجلد، وهذا يسهِّل الرجوع إلى الموضع الذي يريده الباحث.
4 ـ ذكر فروق النُّسخ، وذلك يجعل للقارئ فرصة التخيُّر والاجتهاد، فيما لو رأى أن ما اختاره المحققون ليس مما يحالفه الصواب.
5 ـ تخريج الأحاديث، وبعض الآثار، وهو مع وجازته يفيد في عملية البحث العلمي، ويقرِّب المعلومة لمن يريد أن يتوسع في التخريج.
6 ـ شرح المفردات الغريبة التي تحتاج إلى شرح.
7 ـ تخريج القراءات تخريجًا موجزًا.
ومن حيث العموم فالحواشي لم تكن مثقلة بما لا يفيد، وهذا من محاسن التحقيق من هذه الجهة.
وأحب أن اختم هذه المميزات بشكر الشيخ الفاضل معالي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي على جهوده المشهودة في خدمة كتب التراث، وما قام به من إخراج لكتب كبار، وتيسير توزيعها على طلبة العلم، وذلك جهد يشكر له ويذكر، ويحبذا لو وُجِدَ مثله ممن يقومون بخدمة التراث وإخراجه على هذا السبيل.
ثم أقول إن توجيه ملحوظات على هذا العمل العظيم لا تغمطه حقه، ولا تنقص من قدره، بل يكفيه ما ففيه من المميزات، لكن لكل رأي خاصٌّ في إخراج الكتاب، وإني إذ أقدِّم رؤيتي المتواضعة ـ التي أرجو أن تكون رؤية موفقة ـ أتمنى أن يُستفاد منه علميًا.
ثانيًا: لما كان كل جهد بشري عرضة للاختلاف في طريقة إخراجه، فإني رأيت بعض الملحوظات التي كان يحسن بهذه النسخة أن تتولاها، خصوصًا أن المتوقع بعد صدورها أن لا يكون بعدها تحقيق لهذا الكتاب.
ومن هذه الملحوظات:
1 ـ عدم الاستفادة من تعليقات آل شاكر، مع ما فيها من ثروة علمية لا تخفى على من قرأ في طبعة محمود شاكر رحمه الله، إذ كان له عناية فائقة بالتحقيق والتعليق على كتب التراث، وله في ذلك منهج نفيس لا يخفى على من يقرأ في تراثه.
ومن الملاحظ أن المحققين استفادوا كثيرًا من تحقيقه، وإن لم يشيروا إليه، ويظهر هذا جليًّا بموازنة عمل المحققين بين القسم الذي حققه محمود شاكر والقسم الذي لم يحققه.
2 ـ عدم بيان المصطلحات النحوية التي يستعملها الطبري، وقد كان بيان هذه المصطلحات مما اعتنى به محمود شاكر رحمه الله، وكم كنت أتمنى لو وجِدَ هذا التعريف بالمصطلحات ليكون قارئُ التفسير على علمٍ بها خصوصًا، وأن الطبري يتبع مصطلحات النحو الكوفي، وهي مخالفة للمصطلحات الدارجة اليوم.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 ـ عدم الاستفادة من تحقيق الدكتورة هدى قراعة لكتاب معاني القرآن للأخفش، وتظهر فائدة عملها في هذا الكتاب في إرجاعها لنقول الطبري من معاني القرآن للأخفش، وتحديدها بالصفحات، كما قامت في الفهارس بوضع فهرس خاصٍّ بهذه النقول.
كما أنه لم يتابع في نقوله النحوية واللغوية بما عند الفراء في معانيه، وقد استفاد الطبري من كتاب الفراء كثيرًا، بل يظهر أنه عمدة عنده.
هذا، وقد ظهر لي من خلال الموازنة أن الطبري ينقل من معاني القرآن للفراء، وقد ينص عليه أحينًا، كما قد تتبعه محمود شاكر في المواطن التي حققها.
وينقل كذلك من مجاز القرآن لأبي عبيدة، وكذلك تتبعها محمود شاكر في المواطن التي حققها.
وينقل من الأخفش، وهو ما تكفلت به الدكتورة هدى قراعة، وجعلت له جدولاً في فهارس معاني القرآن.
وإذا نقل عنهم قلَّ أن ينص على أسمائهم، بل ينسبه إلى أهل العربية أو اللغة أو النحو من البصرة أو الكوفة.
وهناك نصوص لم أعثر عليها في هذه الكتب الثلاثة، ولعلها للكسائي أو قطرب أو غيرهما، والله أعلم.
وتظهر فائدة إرجاع هذه النقول إلى أصولها أنَّ الطبري قد يحكيها أحيانًا بالمعنى، فتستغلق العبارة، فإذا عاد القارئ إلى الأصل الذي نقلها منه الطبري اتضحت عبارته.
4 ـ عدم ترقيم الآثار.
5 ـ عدم القيام بالفهارس التي هي أهمُّ من الفهارس الموجودة في التحقيق، ومن هذه الفهارس المهمة: فهرس اللغة، فهرس الغريب، فهرس أساليب العرب، فهرس مصطلحات الطبري، فهرس قواعد الترجيح، فهرس الفوائد العلمية.
6 ـ كان من المحبذ لو أدرجت استدراكات ابن عطية وابن كثير على الطبري، فهما ممن كان لهما عناية بكتابه، ولهما عليه استدراكات علمية مفيدة.
7 ـ ومن المحبذ لو وضعت النسخ التي اعتمدت في التحقيق في جدول يذكر فيه اسم النسخة والمواضع التي تحتويها النسخ.
8 ـ صِغَرُ الهوامش الجانبية، مع أن القارئ لا يخلو من حاجته للتعليق على هذا الكتاب، فلو كانت الحواشي أوسع لاستفيد منها في التعليق.
9 ـ كان يمكن أن يستعاض عن هذا الحجم الكبير، ويمكن أيضًا أن تُدخل تعليقات آل شاكر المهمة، واستدراكات ابن عطية وابن كثير = لو كان إخراج الكتاب فنيًّا على غير هذه الصورة، ومن المعلوم أن الأمور الطباعية قد تطورت، حتى لقد ظهر تفسير ابن عطية وابن الجوزي وابن كثير وغيرها في مجلد واحد.
وليس المراد أن يكون إخراجه مضغوطًا مثل هذه الكتب، لكن المراد أن تحقيق ذلك ممكن، ومن الأمثلة الواضحة على ذلك أن تقوم بالموازنة بين طبعة دار الغرب لمعجم الأدباء الذي يتألف من سبع مجلدات، سابعها فهارس، مع الطبعة القديم التي كانت في عشرين جزءًا، وهي بلا فهارس علمية.
وطبعة دار الغرب أجمل وأرقى من تلك، فهلا كانت طبعة تفسير الطبري بمثل هذا المقاس، واستفيد من الحواشي النافعة التي تضاف إليها.
10 ـ من المصادر التي اعتمدت في هذه الطبعة كتاب التبيان للطوسي، وقد جاء ذكره في المراجع (26: 1336) كالآتي: التبيان في تفسير القرآن (شيعي) لشيخ الطائفة الطوسي.
والملحوظة أن الإحالات عليه ترد في مرويات عن السلف كمرويات مجاهد وقتادة وغيرهما. ولا أدري ما القيمة العلمية في كون الطوسي ذكر هذه المرويات، وهي موجودة عند الطبري بالإسناد؟!
ينظر ـ على سبيل المثال ـ بعض الإحالات إليه في المجلد (22) الصفحات (11، 54، 133، 152، 165، 166) وغيرها كثير.
وهذا الكتاب ليس من كتب التفسير المعتمدة عند أهل السنة حتى يُذكر، والإرجاع إليه في قضية لا تخصه بحيث يقال إنها لا توجد إلا فيه. وحبذا لو ألغيت هذه الترجيعات.
11 ـ لقد شارك في هذا العمل مركز البحوث والدراسات العربية والإسلامية بدار هجر، وهذا يعني أن الذي قام بالعمل فريق، وفي مثل النوع من العمل يفضَّل ذكر الفريق الذي شارك، ويبين ما قام به كل واحد من أعضائه، وهذا أولى من عدم ذكرهم مع ما لهم من جهد، كما أنَّ فيه توكيدًا وإقناعًا للقارئ خصوصًا إذا عرفت تخصصات هؤلاء العاملين.
ومن باب الفائدة فإني أذكر كتابًا سار على هذا الأسلوب، وشدَّما أعجبني بحسن إخراجه، وببيان ما قام به كل واحد من فريق العمل، وهو كتاب العود الهندي عن أمالي في ديوان الكندي، لعبد الرحمن بن عبيد الله السقاف.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد ذُكِرَ في صفحة مستقلة أعضاء العمل، ومهمة كل واحدٍ منهم، ولقد كان إخراجه بديعًا يناسب ما في هذا التأليف من الإبداع والحُسن. وكم أتمنى أن يحرص ناشرو الكتب الإسلامية على حسن الإخراج للكتب، فكم من كتاب يعينك على القراءة بحسن إخراجه.
12 ـ كم كنت أود لو كانت المقدمة للكتاب تتناسب مع جلالة مؤلفة وعظمة تأليفه، وأن يستخرج منهجه من خلال ما قام به المحققون؛ إذ الكلام عن منهجه جاء وصفيًا خاليًا من الأمثلة مع تيسرها لمن قام بتحقيقه، وبقي معه مدة من الزمن.
ولقد وقع في الحديث عن منهجه بعض الأخطاء أحببت أن أذكر أهمها، فمنها:
? جاء في ص 50:» فالترجيح بالروايات هو أقوى مرجحات الطبري لما يختاره من المعاني التي يستنبطها «.
أقول لم يكن هذا هو المنهج العام الذي سار عليه الطبري، بل كان يرجح بعض الروايات التي فيها ضعف، فهو ينظر إلى المعنى أكثر من نظره للإسناد أو لطبقة المفسر، إلا في حالات قليلة، وهذا ظاهر من منهجه.
? وجاء في الصفحة نفسها:» وكان الأولى به أن يتحرى نقد الأسانيد؛ خاصة أنه ساق كثيرًا من الإسرائيليات، ولعل دافعه إلى ذلك أنه ساق السند بتمامه، ومن أسند لك فقد حمَّلك أمانة البحث عن رجال الإسناد، وبالتالي فقد أخلى عهدته ... «.
على هذا الكلام ملحوظتان:
الأولى: أن اشتراط التحري في أسانيد التفسير ليس هو المنهج الذي قام عليه منهج المحدثين الذين فرقوا بين أحاديث الحلال والحرام والمرفوعات وغيرها، بل لقد نصوا على قبول الروايات التفسيرية على ما فيها من ضعف، وعمل المحدثين والمفسرين على هذا، والطبري مثال لذلك، لذا لا تجد عنده نقد أسانيد مرويات التفسير إلا نادرًا، لأن هذه الروايات مما تلقاه العلماء بالقبول، وعملوا بها في فهم كلام الله، ولا يُعترض عليها إلا في حالة وقوع نكارة تدعو إلى تحري الإسناد.
ومن أقوال أئمة الحديث في ذلك ما ذكره البيهقي في مقدمة كتابه العظيم (دلائل النبوة):
قال عبد الرحمن بن مهدي:» إذا روينا في الثواب والعقاب وفضائل الأعمال = تساهلنا في الأسانيد، وتسامحنا في الرجال. وإذا روينا في الحلال والحرام والأحكام = تشدَّدنا في الأسانيد وانتقدنا الرجال «(دلائل النبوة / 1: 43).
قال يحيى بن سعيد القطان:» تساهلوا في التفسير عن قومٍ لا يوثِّقونهم في الحديث، ثمَّ ذكر ليث بن أبي سليم، وجويبر بن سعيد، والضحاك، ومحمد بن السائب؛ يعني: الكلبي.
وقال: هؤلاء يُحمد حديثهم (كذا، ولعل الصواب: لا يحمد)، ويُكتب التفسير عنهم «(دلائل النبوة للبيهقي / 1: 35 ـ 37) ..
قال البيهقي:» وإنما تساهلوا في أخذ التفسير عنهم لأن ما فسروا به؛ ألفاظه تشهد لهم به لغات العرب، وإنما عملهم في ذلك الجمع والتقريب فقط «(دلائل النبوة / 1: 37).
وقال البيهقيُّ (ت: 458):» … وأما النوع الثاني من الأخبار، فهي أحاديث اتفق أهل العلم بالحديث على ضعف مخرجها، وهذا النوع على ضربين:
ضرب رواه من كان معروفًا بوضع الحديث والكذب فيه، فهذا الضرب لا يكون مستعملاً في شيء من أمور الدين إلا على وجه التليين.
وضرب لا يكون راويهِ متَّهمًا بالوضع، غير أنه عُرفَ بسوء الحفظِ وكثرة الغلطِ في روايته، أو يكون مجهولاً لم يثبت من عدالته وشرائط قبول خبره ما يوجب القبول.
فهذا الضرب من الأحاديث لا يكون مستعملاً في الأحكام، كما لا تكون شهادة من هذه صفته مقبولةً عند الحكَّام. وقد يُستعمل في الدعوات، والترغيب والترهيب، والتفسير، والمغازي؛ فيما لا يتعلق به حكمٌ «(دلائل النبوة / 1: 33 ـ 34).
وإذا عُرِفَ هذا، فإن ما ذُكر من الكلام على الأسانيد الدائرة الضعيفة (ص: 187) مع أنه عن بعض الأسانيد، فإنه لا فائدة فيه من جهة العمل التفسيري؛ لأن هذه الأسانيد التي حكم عليها بالضعف مما اشتهر أخْذُ المفسرين به، وقد سبق بيان أن منهج المحدثين قبول هذه الروايات في التفسير، والله أعلم.
الثانية: أن الطبري لم يَسِرْ على قاعدة من أسند فقد حمَّلك البحث عن الإسناد، والدليل على ذلك ما سبق من أنه اعتمد على هذه الروايات في بيان كلام الله، ولم ينتقدها، ولو كان إنما ذكرها فقط لجاز أن يقال بهذا، مع أني أرى انه لا يقال به إلا بنص صريح من المؤلف أنه أراد هذه القاعدة في منهجه، وذلك ما لا تجده عند ابن جرير لا نصًّا ولا استقراءً، بل منهجه مخالف لها، والله أعلم.
وهناك بعض الملحوظات في الكلام على منهج الطبري في الإسرائيليات والقراءات، اتركها لضيق المقام.
وأخير أقول: إن هذا الكتاب كتابٌ للأمة، وأرى أن المشاركة في تحسينه بأي صورة من الواجبات، وأرجو أن يكون هذا التحقيق الذي خرج له هو التحقيق الإمام الذي ليس له ما بعده، وما ذكرته فمن باب النصح والحرص على هذا الكتاب العظيم، وما توفيقي إلا بالله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 May 2004, 06:09 م]ـ
جزاك الله خيراً.
يرفع للفائدة.
ـ[المنهوم]ــــــــ[17 May 2004, 06:49 م]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخنا
ـ[عبدالله الزيادي]ــــــــ[28 Jul 2004, 11:36 ص]ـ
قال الشيخ عبد العزيز الطريفي أنّ الطبعة الثانية أفضل من الأولى لأنه تم تتميم بعض السقط والنقص فهل من توضيح؟
ـ[المقرئ]ــــــــ[28 Jul 2004, 02:40 م]ـ
إلى الشيخ المفيد: مساعد الطيار سدده الله ووفقه
حقيقة تشكر على ثنائك لهذا الجهد الكبير فالإنصاف عزيز في هذا الزمان ولا يستغرب ذلك من متجرد مثلك
وجهود الشيخ لا ينكرها إلا حاسد
ومن له عناية بما قام به الشيخ من إخراج عرف قدر الجهد الذي قام به الشيخ ومن معه في إخراج الكتاب وقد كان لي وقفات مع كثير من الكتب التي أخرجها الشيخ قبل طباعته للكتاب وقد كانت محل إغلاق
فمثلا المقنع قارنته مع نسختين: النسخة المشهورة في مجلد واحد والنسخة الأخرى مع حاشية سليمان بن عبد الوهاب وقد وجدت فروقات كبيرة جدا وسقطا في المطبوع دلنا عليه عمل الشيخ
فضلا عن تشكيل النص ووضع علامات الترقيم
وانظر إلى الكافي فقد كانت النسخة المطبوعة بجميع الطبعات فيها إغلاق كبير ولما كنا نقرأ على شيخنا ابن عثيمين هذا الكتاب وقد كان معنا نسخة خطية واحدة ومع هذا في بعض الأحيان تستغلق علينا كلمة فيصوبها الشيخ بما يراه ومن نافلة القول إنك لتعجب من ذكاء وفقه الشيخ فقد كانت عين الصواب مع صعوبة التقدير وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
وأما المسند فهو من عجائب الزمان لو لم يكن للشيخ إلا هذا الجهد لكفاه فخرا على طول الزمان وأخطاء النسخ السابقة بالعشرات وبعض الطبعات بالمئات
إلى غير ذلك من الكتب التي خرجت
وأما تفسير الطبري فقد كان لي معه مراجعات ولم أقرأ الكتاب كله -يسر الله ذلك- ولكن كان لي بعض التصحيفات في أسماء الرجال وبعض النصوص المشكلة
ولما خرج الكتاب رجعت إليه بلهف فوجدت الحل فيها
فنحن وبكل صراحة نريد نصا سليما، أهل العلم يعرفون كيف يصلون إلى التحقيق لا نريد حواش بقدر ما نريد النص كاملا سليما
وأما ما ذكرته فهي وجهة نظر محترمة وقد تكون محقا ولكن لي رأيا مخالفا فاسمعه ممن هو أدنى منك:
قد يأتي غيرك ويقول لو زيد فيه أيضا مقارنة ترجيحاته بغيره
وغيرك يقول لو زيد فيه القراءات التي لم يذكرها
وغيرك يقول لو أشير إلى المسائل التي تكلم عنها الطبري في غير كتابه
وغيرك يقول: لو كان التخريج مطولا وتختلف الآراء في طريقة التخريج
وغيرك يقول: لو نسبت الأقوال الفقهية وذكرت مراجعها وزيد فيها اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية
وهكذا
عموما رأيي الشخصي:
أن المحققين يكفينا منهم سلامة النص وبذا يكونون قد دخلوا في مرتبة الكمال الطباعي
فإن حصل عزو فقط للمصادر الذي يذكرها المؤلف نفسه دون زيادة فهذا متمم الكمال أما أن ننقل كتابا آخر في داخل هذا الكتاب فأنا ضد هذه النظرية
وإن كانت فلسفة العمل الأكاديمي على هذه الفكرة فكل له رأيه
المقرئ
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[29 Jul 2004, 04:50 ص]ـ
شكر الله لك تعقيبك يا أخي
ووجهات النظر ليس لها حد كما ذكرت، لكني ذكرت ما أرى أنه أنسب لوضع هذا المؤلََّف العظيم، وفي الأمر سعة ولله الحمد، وذلك من الاختلاف المحمود، ولله الحمد.
ـ[أبو حسن]ــــــــ[22 Sep 2005, 02:52 م]ـ
نسأل الله لكم التوفيق
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[22 Sep 2005, 03:18 م]ـ
بارك الله فيكم يا د. مساعد. وشكرا للتعقيب القيم للمقرئ, وجزى الله د. التركي خير الجزاء.
ـ[الراية]ــــــــ[24 Mar 2006, 02:44 م]ـ
للتذكير بالموضوع
وهذا ذكر للنسخ الخطية المعتمدة في التحقيق
http://www.thamarat.org/images/BooksBig/nas-66.jpg
النسخ المعتمدة في التحقيق:
(1) النسخة الأصل
تاريخ النسخ: بها جزآن مؤرخان بتاريخ سنة 391هـ
نوع الخط وصفته: أندلسي عدد الأوراق: 2001 ما عدا جزئيين لم يذكر عدد أوراقهما
بداية المخطوط: يبدأ بتفسير الآية 19 من سورة البقرة
نهاية المخطوط: تفسير طرف من أول سورة قريش
حالة المخطوط: بها مقابلات في بعض أجزائها
ملاحظات: تضم هذه النسخة أجزاء متفرقة من الكتاب ناقصة من أولها، وأجزاء أخرى ليست بالقليلة على مدار النسخة.
(يُتْبَعُ)
(/)
مصدره: خزانة جامعة القروييين بفاس وعنها نسخة مصورة بمعهد المخطوطات بأرقام (287 - 279) رقمه: (80/ 37/40/ 491،40/ 791)
إضافة: هناك جزء صور من المكتبة البريطانية ويُمثل السفر الثالث من هذه المخطوطة كتب على ورق غزال، في أواخر القرن الهجري الرابع ويقع في 77 ورقة من القطع المتوسط ومسطرته ما بين (22 - 27) سطر
يبدأ في أثناء الآية 57 من سورة البقرة
وينتهي بالآية 102من السورة نفسها.
(2) النسخة الثانية:
نسخة الخزانة العامة بالرباط
تاريخ النسخ: بدون
نوع الخط وصفته: معتاد عدد الأوراق: 255 معدل عدد الأسطر في الصفحة:18
بداية المخطوط: من أول الكتاب
نهاية المخطوط: بانتهاء الآية 61 من سورة البقرة
حالة المخطوط: ناقص نقص كبير
ملاحظات: هو جيد في أوله ثم مال إلى الاختصار في آخره
مصدره: الخزانة العامة بالرباط وعن مصدره لدى معهد المخطوطات محفوطه برقم (76) رقمه: 299ق
(3) النسخة الثالثة:
اسم الناسخ: عبدالحق بن عمر الشهير بالخطيب المصري
تاريخ النسخ: 5/ 12/1144
نوع الخط وصفته: نسخ معتاد
مقاس الورقة: من القطع الكبير
عدد الأوراق: 2141 معدل عدد الأسطر في الصفحة:47
ملاحظات: النسخة تضم الكتاب كاملاً مصدره: مكتبة أيا صوفيا رقمه: (100 - 101)
(4) النسخة الرابعة
اسم الناسخ: لم يذكر
تاريخ النسخ: 17/ 1/1140هـ
نوع الخط وصفته: نسخ معتاد
مقاس الورقة: من القطع الكبير
عدد الأوراق: 1567 هذه عدد أوراق الكتاب ما عدا ربعه الأخير الذي يمثل الجزء الرابع لم تذكر عدد أوراقه.
معدل عدد الأسطر في الصفحة: 45
ملاحظات: تضم الكتاب كاملاً، في أربعة مجلدات
مصدره: محفوظة بمكتبة أيا صوفيا رقمه: 169 - 172
(5) النسخة الخامسة
اسم الناسخ: راجع الملاحظات
تاريخ النسخ: راجع الملاحظات
نوع الخط وصفته: نسخ
ملاحظات:
(1) هذه النسخة تضم الكتاب كاملاً، في خمس مجلدات مصدره: مكتبة أيا صوفيا
(2) كتب الجزء الثالث من النسخة: عامر الشبابيبي المالكي الأزهري، سنة 1140
3 - كتب الجزء الخامس والأخير: عامر بن أحمد بن عامر الأشموني الشافعي الأزهري
(6) النسخة السادسة
اسم الناسخ: سلامة بن الحاج سلامة بن الحاج حجازي
تاريخ النسخ: شوال /1147 هـ
عدد الأوراق: 887 معدل عدد الأسطر في الصفحة: 40 - 45 سطرا
بداية المخطوط: من أواخر الجزء السابع، (74) من سورة الأنعام
نهاية المخطوط: إلى بداية الجزء العشرين (93) من سورة النحل
مصدره: مركز الملك فيصل رقمه: 100 - 101
(7) النسخة السابعة
عنوانها (عنوان المخطوط): جامع البيان في تأويل القرآن
اسم الناسخ: كتب على الجزء التاسع عشر أن ناسخه هو: علي بن محمد بن عباد عبدالصمد الديديلي الشافعي، وأنه كتبه بالقاهرة
تاريخ النسخ: أنظر الملاحظات (3)
عدد الأوراق: 4974
عدد الأجزاء: 25 مجلدة
حالة المخطوط: تشمل في الأصل التفسير كاملاً،
إلا أنه فقد المجلد الثالث منهما ويشمل: من أثناء تفسير الآية (150) من سورة البقرة إلى أثناء الآية (220) من السورة نفسها
ملاحظات:
1 - هذه النسخة هي التي اعتمد عليها محمود شاكر – رحمه الله – في تحقيقه للتفسير
2 - وقع في بعض أجزاء النسخة أنها أوقفت من: المعز الأشرف العالي السيفي صرغتمس، رأس نوبه الأمراء الجندارية المالكي الناصري.
3 - من الجزء الرابع إلى الجزء العشرين من هذه النسخة قد كتبت ما بين شهر ذي الحجة سنة أربع عشرة وسبعمائة وشهر ربيع أول سنة ست عشرة وسبعمائة.
انتهى وصف النسخ الخطية،،،،
* من الملاحظات الفنية
سوء و رداءة تجليد دار هجر
وهذا في اغلب اصدارتها
مثل: المقنع مع الانصاف والشرح الكبير، و الاقناع، والكافي، وتفسير الطبري، ومسند الطيالسي، وغيرها.
لكن عندما يعاد طبع الكتاب من دار أخرى
مثل: دار عالم الكتب او غيرها، يكون التجليد أفضل، والسعر أقل!
ـ[نورة العنزي]ــــــــ[29 Oct 2010, 01:21 م]ـ
... يرفع للفائدة(/)
هل ترقيم البسملة قابل للتغيير؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[04 May 2003, 01:37 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله، أود الحديث حول البسملة و هل هي اية من أول كل سورة، أم هي اية تستفتح بها السور؟
مذهب الشافعية: أنها اية من أول كل سورة
مذهب الحنابلة: أنها اية تستفتح بها السورة، و ليست من السورة
مذهب المالكية: ليست اية بالكلية
مذهب الحنفية: أنها اية أنزلت للفصل بين السور
و مذهب الحنفية مردود بانتقاض العلة في سورة الفاتحة فلو كان كذلك لانتفت في الفاتحة و لثبتت في براءة
و ذهب العثيمين ـ رحمه الله ـ الى مذهب الحنابلة بانها اية تستفتح بها السور، فقال في الشرح الممتع:
[[فإن قال قائل: إذا قلتم ذلك فكيف الجواب عما نجده في المصاحف: أن أول اية في الفاتحة هي البسملة؟
نقول: هذا الترقيم على قول بعض أهل العلم: إن البسملة اية من الفاتحة، ولهذا في بقية السور لا تعد من اياتها و لا ترقم، و الصحيح أنها ليست من الفاتحة، و لا من غير الفاتحة، بل هي اية مستقلة.]]
فهل الترقيم الذي رقمت به البسملة في الفاتحة بكونها اية منها في المصاحف المنتشرة، قابلة للتغيير حسب المذهب المختار؟
و هل يدل على ذلك ما ذكره الزرقاني في (مناهل العرفان) من أن ترقيم الايات قد اختلف فيه خاصة أنه ذكر المذهب الذي ذهب اليه العثيمين ـ رحمه الله ـ من تقسيم الاية الأخيرة في الفاتحة الى ايتين؟
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[04 May 2003, 02:14 م]ـ
أخي العزيز: الأدلة على كون البسملة ليست من الفاتحة كثيرة منها:
1 - حديث: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله حمدني عبدي ..... والصلاة هنا المراد بها الفاتحة ولوكانت البسملة منها لبدأ بهاولم يبدأ بالحمد.
2 - حديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمدلله رب العالمين ...
والحديثان صحيحان
3 - استدل بعض أهل العلم بدليل عقلي: وهو ان البسملة اختلف فيها والقرآن لم يختلف فيه.
وليس هذا موضع بسط ذلك وانما الغرض الاشارة
اما بالنسبة للترقيم:فهي على حسب القراء فاذا طبع المصحف مثلا على رواية حفص جعلت البسملة اية من الفاتحة واذا طبع على رواية ورش لم تجعل منها وجعلت الاية السادسة عند نهاية " انعمت عليهم " والسابعة مابعدها وقد طبع كذلك في مصحف المدينة وهو مبني على الخلاف السابق
والخلاف في هذه المسألة مهم تحريره إذ يترتب على ذلك صحة الصلاة من عدمها كما لايخفى عليك.
وفقك الله لكل خير
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[06 May 2003, 09:36 ص]ـ
جازاك الله خيرا أخي و بارك فيك
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 May 2003, 01:23 ص]ـ
فائدة ذات صلة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (والصواب أن البسملة آية من كتاب الله، حيث كتبها الصحابة في المصحف، إذ لم يكتبوا فيه إلا القرآن، وجردوه عما ليس منه، كالتخميس والتعشير وأسماء السور؛ ولكن مع ذلك لا يقال هي من السورة التي بعدها، كما أنها ليست من السورة التي قبلها، بل هي كما كتبت آية، أنزلها الله في أول كل سورة، وهذا أعدل الأقوال الثلاثة في هذه المسألة. وسواء قيل بالقطع في النفي أو الإثبات، فذلك لا يمنع كونها من موارد الاجتهاد التي لا تكفير ولا تفسيق فيها للنافي ولا للمثبت، بل قد يقال ما قاله طائفة من العلماء: إن كان واحد من القولين حق، وأنها آية من القرآن في بعض القراءات، وهي قراءة الذين يفصلون بها بين السورتين، وليست آية في بعض القراءات، وهي قراءة الذين يصلون ولا يفصلون بها بين السورتين.) انتهى بتصرف يسير جداً وللتوسع انظر [مجموع الفتاوى، الجزء رقم 13، صفحة: 389](/)
اقتراح أصل جديد من أصول التفسير
ـ[مرهف]ــــــــ[05 May 2003, 01:58 ص]ـ
أصل جديد لأصول التفسير
بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فمنذ كنت أقرأ أصول التفسير لابن تيمية، والفوز الكبير للدهلوي رحمهما الله تعالى وأجد ما كتب من الأصول التي ينبغي على المفسر البناء عليها في فهم كتاب الله تعالى، وأقرن القراءة بالأسلوب العملي الذي مشى عليه المفسرون فيما كتبوه وموافقتهم لهذه الأصول، وكنت أدهش عندما ألاحظ أن المفسرين كانوا يعتمدون على أصول أخرى غير منصوص عليها، ولكنها أصول عملية جديرة بالاعتبار، ومن هذه الأصول تفسير القرآن بالمناسبات، والمقصود مناسبة الآيات لبعضها، إذ أن هذه المناسبات لها الأثر البالغ في توجيه دلالة المفردة وإليك مثالاً عملياً لذلك، فقد أورد الرازي في تفسير الأية: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90) قاعدة جليلة في ذلك فقال: (واعلم أن في المأمورات كثرة وفي المنهيات أيضاً كثرة وإنما حسن تفسير لفظ معين لشيء معين إذا حصل بين ذلك اللفظ وبين ذلك المعنى مناسبة أما إذا لم تحصل هذه الحالة كان ذلك التفسير فاسداً فإذا فسرنا العدل بشيء والإحسان بشيء آخر وجب أن نبين أن لفظ العدل يناسب ذلك المعنى ولفظ الإحسان يناسب هذا المعنى فلما لم نبين هذا المعنى كان ذلك مجرد التحكم ولم يكن جعل بعض تلك المعاني تفسيراً لبعض تلك الألفاظ أولى من العكس ... ) الرازي 20/ 82، ط دار الكتب العلمية.
فما رأيكم بذلك؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 May 2003, 10:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي مرهف وفقك الله
ما ذكرته بقولك: (ومن هذه الأصول تفسير القرآن بالمناسبات، والمقصود مناسبة الآيات لبعضها) تعارف المتخصصون على تسميته بالسياق، وهو محل اهتمام المفسرين قديما، والباحثين المتخصصين حديثاً، وقد كتب حوله عدة بحوث، منها:
- السياق عند ابن جرير للشيخ عبدالحكيم القاسم - رسالة ماجستير
السياق وأثره في التفسير - دراسة نظرية تطبيقية على سورة البقرة للشيخ محمد بن عبدالله الربيعة، وهو أحد أعضاء ملتقى أهل التفسير، وهي رسالة دكتوراه لا زال الباحث يعدها أعانه الله وسدده.
وأما المناسبات بين السور والآيات فهو علم آخر مشهور في كتب التفسير وعلوم القرآن.
ـ[جنتان]ــــــــ[18 Jun 2007, 10:43 م]ـ
د. عبد الله ,جزيتم خيرا ,هل رسالة أ. عبد الحكيم القاسم في السياق عند الإمام ابن جرير الطبري؟
وهل هي رسالة مطبوعة؟ وأين أجدها أثابكم الله وسدد خطاكم؟؟.
أختكم ....
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 Jun 2007, 11:38 م]ـ
د. عبد الله ,جزيتم خيرا ,هل رسالة أ. عبد الحكيم القاسم في السياق عند الإمام ابن جرير الطبري؟
وهل هي رسالة مطبوعة؟ وأين أجدها أثابكم الله وسدد خطاكم؟؟.
أختكم ....
لا أعلمها مطبوعة، وبإمكانك الحصول عليها من قسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين، أو من الباحث مباشرة فهو قريب منكم في الرياض. وقد سعدت بالدراسة معه في مرحلة الماجستير.
ـ[غانم الغانم]ــــــــ[19 Jun 2007, 05:31 ص]ـ
بالإمكان البحث عنها في موقع الملك فيصل للدراسات في الإنترنت , ومن ثم تصوير ما تريدون منها من مكتبة الملك فيصل في الرياض
ـ[مصطفى فوضيل]ــــــــ[19 Jun 2007, 03:09 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم مرهف حفظه الله تعالى
أعتقد أن هناك فرقا بين علم المناسبة، وبين مصطلح المناسبة الوارد في كلام الرازي؛ فالأول مبحث من مباحث علوم القرآن الكريم كتب فيه القدماء والمحدثون كما أشار إليه أخونا أبو مجاهد حفظه الله عز وجل. وأما مصطلح المناسبة الوارد في كلام الرازي فظاهر من سياق كلامه أنه يقصد شيئا آخر غير ذلك المعنى الأول.
فقد جاء كلامه تعقيبا على أقوال متخالفة في بيان ألفاظ وردت في قوله تعالى (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)، وتوقف لتقرير قاعدة مفادها ضرورة وجود الصلة بين اللفظ والمعنى وهو ما عبر عنه بالمناسبة، فهذه القاعدة إذا استقرت في الذهن أمكن بها فرز المعاني وتصورها في علاقتها بالألفاظ.
وبناء على ذلك عقب فقال: "فثبت أن هذه الوجوه التي ذكرناها ليست قوية في تفسير هذه الآية، وأقول: ظاهر هذه الآية يدل على أنه تعالى أمر بثلاثة أشياء، وهي العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ونهى عن ثلاثة أشياء هي: الفحشاء، والمنكر، والبغي فوجب أن يكون العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ثلاثة أشياء متغايرة ووجب أن تكون الفحشاء والمنكر والبغي ثلاثة أشياء متغايرة، لأن العطف يوجب المغايرة"
ثم انطلق يشرح كل لفظ على حدة، فبدأ بالعدل فقرر أصل معناه وهو (الأمر المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط) ثم قال: "وذلك أمر واجب الرعاية في جميع الأشياء". ومعنى ذلك أن العدل له معنى أصل يتجلى في جميع الأشياء. وواجب المفسر أن يلاحظ المناسبة بين كل شيء من تلك الأشياء وبين أصل العدل، وهذا ما فعله الرازي رحمه الله تعالى مع هذا اللفظ ومع الألفاظ الأخرى حيث تتبع المناسبات بين تلك الألفاظ ومعانيها مبتدئا بأصولها ومتتبعا لتجلياتها .. ولولا الإطالة لأوردت نصه بتمامه وكماله؛ ولعل فيما ذكرت غنية إن شاء الله تعالى، والله أعلم بالصواب.(/)
علم المناسبات
ـ[مرهف]ــــــــ[05 May 2003, 02:30 ص]ـ
ـ المناسبات:
المناسبة في اللغة: المقاربة،والمناسب:القريب،وهذا يناسب هذا: يقاربه شبهاً،ومنه النسيب الذي هو القريب المتصل.والتناسب:هو ترتيب المعاني المتآخية التي تتلازم ولا تتنافر، والقرآن العظيم كله متناسب؛لا تنافر فيه ولا تباين.
وقد تعددت تعاريف العلماء للمناسبة، يقول البقاعي: (فعلم مناسبات القرآن علم تعرف منه علل ترتيب أجزائه،وهو سر البلاغة لأدائه إلى تحقيق مطابقة المعاني لما اقتضاه من الحال .. ).
وعرفه غيره بأنه:ارتباط آي القرآن بعضها ببعض؛حتى تكون كالكلمة الواحدة،متسقة المعاني، منتظمة المباني .. ).
ويعرَّف أيضاً: (معنى واصل بين الآيات،أو بين السورتين:عام أو خاص،عقلي أو حسي أو خيالي، أو غير ذلك من أنواع العلاقات،أو التلازم الذهني؛كالسبب والمسبب،والعلة والمعلول،والنظيرين، والضدين،ونحو ذلك مما يربط أجزاء الكلام ويجعل بعضه آخذاً بأعناق بعض،فيقوى بذلك الارتباط، ويصير التأليف حاله حال البناء المحكم المترابط الأجزاء).
وعلم المناسبات علم دقيق،يعتمد على العقلية ذات التفكير الكلي، أي التي تربط الأشياء بعضها وتكشف وجه العلاقة بينها،وهو علم يعرف به قدر القائل فيما يقول.
ويشتمل علم المناسبات على:
أ ـ معرفة مناسبة الآيات لبعضها حتى ترتبط السورة كلها ببعضها،وكذلك مناسبة مفردة في الآية مع المفردة التي قبلها والتي بعدها،وكذلك مناسبة الجمل مع بعضها البعض في الآية.
ب ـ مناسبة اختتام السورة بافتتاحها، وارتباطه به.
ج ـ مناسبة السور مع بعضها البعض.
د ـ مناسبة الفاصلة للآية.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 May 2003, 11:00 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي مرهف وفقك الله
حبذا لو كان طرحاً جاداً أكثر؛ بحيث يكون لك عمل آخر غير النقل، كذكر المراجع، وتحرير الأقوال ومناقشتها والتوفيق بينها واختيار الراجح منها.
وحبذا لو أشرت إلى أشهر الكتب التي اعتنت بهذا العلم من المتقدمة والمتأخرة.، وهي كثيرة والحمد الله.فلو عرفت القراء على بعضها أعانك الله ويسر أمرك.
ونشكرك على مشاركتك.
ـ[مرهف]ــــــــ[06 May 2003, 02:01 ص]ـ
تاريخ المناسبات والكتب المؤلفة فيه:
لم يكن القصد من هذه المشاركة كتابة بحث علمي لتحقيق مسألة فيها إشكال، وإن كنت ممن يفضل ذلك، ولكن: كان القصد إحياء وإثارة هذا الموضوع بين يدي السادة المختصين لإثرائه بالجديد من حيث القبول والرد، وعلى كلٍ فمراجع المشاركة في علم المناسبات هي:
ـ نظم الدرر في تناسب الآيات والسور لإبراهيم بن عمر البقاعي 1/ 6، ط دار الكتاب الإسلامي القاهرة 1992. ـ الفوائد المشوق إلى علوم القرآن لابن القيم الجوزية صـ 87، ط مكتبة المتنبي القاهرة.
ـ البرهان في علوم القرآن للزركشي 1/ 131، 132، ت المرعشلي، ط دار المعرفة.
ـ الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 2/ 108، ط: دار الفكر.
ـ أثر المناسبة في كشف إعجاز القرآن، أ. د: نور الدين عتر، مذكرة مطبوعة.
ـ علم المناسبات وأهميته في تفسير القرآن، أ. د: نور الدين عتر حفظه الله تعالى، مذكرة مطبوعة.
تاريخ علم المناسبات:
ويذكر فضيلة الأستاذ الدكتور نور الدين عتر حفظه الله في مذكرته (علم المناسبات) أن أول ما بدأ به علم المناسبات شذرات على لسان السلف رضي الله عنهم يستأنسون بها في تفسير القرآن ولا سيما في اجتهاداتهم وحواراتهم، وذكر أيضاً أن أول ظهور هذا الفن مسجلاً كان عند الإمام أبي جعفر الطبري المتوفى سنة 310 هـ
في تفسيره الإمام، ثم جاء أبو بكر النبسابوري المتوفى 324 هـ فعني به في دروسه ويستعلن به على رؤوس الأشهاد في درس الجامع، ثم جاء الزمخشري المتوفى سنة 538 هـ وجعل للمناسبة حظاً في كتابه الكشاف،ثم جاء الفخر الرازي المتوفى 606 هـ بكتابه (مفاتيح الغيب) الذي اعتنى بالمناسبات من جملة ما اعتني به من العلوم، وأول كتاب يصلنا في التأليف في علم المناسبات مفرداً هو:
ـ البرهان في مناسبة ترتيب سور القرآن لأحمد بن إبراهيم بن الزبير أبو جعفر الغرناطي المتوفى سنة 708 هـ، (تحقيق شعباني محمد رسلة ماجستير مقدمة لدار الحديث الحسنية الرباط.أشار إليه الزركشي في البرهان وذكر في نشرة أخبار التراث العربي الكويت ع 13 ص 15 سنة 1404).
ـ ثم نظم الدرر في تناسب الآيات والسور لبرهان الدين البقاعي المتوفى سنة 885 هـ.
ـ ـ واختصر البقاعي كتابه نظم الدرر في كتاب سماه: (دلالة البرهان القويم على تناسب آي القرآن العظيم.
ـ وللسيوطي: (تناسق الدرر في تناسب السور) طبع بدار الإعتصام بالقاهرة 1976، وطبع بتحقيق عبد الله محمد الدرويش، ط عالم التراث في دمشق 1983،وأعيد تصويره في دار الكتاب العربي في سورية.،وقد ذكر السيوطي في مقدمة كتابه التنايق أن له كتاباً سماه أسرار القرآن واشتمل على بضعة عشر نوعاً،والأبواب الخاصة في المناسبات في كتاب أسرار القرآن كما بينها السيوطي هي:
الأول: بيان ترتيب سوره وحكمة وضع كل سورة موضعها.
الثالث: وجه اعتلاق فاتحة السورة بخاتمة التي قبلها.
الرابع مناسبة مطلع السورة للمقصد الذي سيقت له.
الخامس: مناسبة أول السورة لآخرها.
السادس: مناسبات ترتيب آياته واعتلاق بعضها ببعض.
التاسع: بيان فواصل الآي ومناسبتها للآية التي ختمت بها.
العاشر: مناسبة أسماء السور لها.
وللسيوطي أيضاً: مراصد المطالع في تناسب المقاصد والمطالع، ذكره في كشف الظنون 2/ 1652، وذكر المرعشلي في تحقيقه على البرهان أنه مخطوط وله نسخة في جامعة برنستون رقم (4746)، وذكر وكتاب جواهر البيان في تناسب سور القرآن للسيخ المحدث عبد الله بن محمد الصديقي الغماري،ط عالم الكتبفي بيروت وذكر المرعشلي أيضاً في تحقيقه على البرهان من الكتب (نهر النجاة في بيان مناسبات أيات أم الكتاب) ل: ساجقلي زادة المرشي توفي سنة 1150 هـ. والله أعلم
وأسأل الله تعالى التوفيق
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سعيد بوعصاب]ــــــــ[04 Mar 2009, 04:59 م]ـ
أخي الكريم جزاك الله خيرا على ما كتبت ولإثارة الموضوع أكثر أضيف هذه المعلومات:
ـ من الكلمات المشهورة على ألسنة من كتب في هذا العلم قولهم: قل من كتب في هذا الفن ـ وفي اعتقادي أن هذه المقولة بحاجة إلى كثير من التحرير، وذلك أنه قد بان لي من خلال التعامل مع هذا العلم لأكثر من ثلاث سنوات أن الأمر على النحو الآتي
ـ المؤلفات التي اختصت بهذا العلم هي فعلا قليلة، أذكر منها:
البرهان في مناسبة ترتيب سور القرآن لأبي جعفر بن الزبير الغرناطي الأندلسي من شيوخ أبي حيان وهو لذكر المناسبات بين السور خاصة.
ـ نظم الدرر في تناسب الآي والسور وهو لبرهان الدين البقاعي، ويجمع بين الآيات والسور، وهو أوسع من ألف في هذا الباب، وللإشارة فقد استفاد في كتابه هذا كثيرا من كتاب لأبي الحسن الحرالي المراكشي، وكتاب هذا الأخير لم يصلنا كاملا، ولقد عمل بعض الباحثين بالمغرب على جمعه، وهو محمادي الخياطي، وقد طيع منه فتح الباب المقفل لفهم القرآن المنزل، والتحلية والتوشية، وقد طبعته كلية الآداب بتطوان
ـ الإمام السيوطي له في هذا الباب ثلاثة كتب وهي:
قطف الأزهار، وهو أوسعها، بلغ فيه الى سورة التوبة، ولم يتمه، وهوكتاب رائع وقد طبعته وزارة الأزقاف القطرية في مجلدين.
واختصر من هذا الكتاب كنابين الأول: تناسق الدرر في تناسب السور، وهو لذكر المناسبات بين السور خاصة، وقد طبع محققا من قبل محمود عطا، كما طبع أيضا بتحقيق السيد الجميلي، والثالث هو مراطد المطالع في تناسب المقاطع والمطالع، وقد وقفت على طبعتين لهذا الكناب: الأولى بتحقيق محمد با زمول، والثاني بتحقيق استاذنا الدكنتور محمد بوسف الشربجي، وقد نشرته مجلة الأحمددية، التي كانت تصدر من الإمارات وتوفقت عن الصدور، وهذا الأخير لذكر المناسبات بين فواتح السور وخواتمها،
كناب: جواهر البيان في تناسب سور القرآن للشيخ عبدالله بن الصديق الغماري، وهو في الحقيقة يكاد يكون منقولا عن السيوطي
وأما من المعاصرين فأبرز ما كتب قي الموضوع، كتاب التناسب البياني في القرآن دراسة في النظم المعنوي والصوتي لأحمد ابي زيد، وكتاب بلاغة تصريف القول في القرآن الكريم،لمحمد النقراط، وفبلهما كتاب النبأ العظيم لعبد الله دراز هذا فيما يخص الملؤلفات التي اخصت بالمناسبات
وأما عن المؤلفات التي خللطت المناسبات بغبرها فتكاد كتب التفسير لا تخلو منها بيد انني سأذكر أبرز كنب التفسير التي عنيت بالمناسبات يشكل عام فمنها
تفسير الطبري، والرازي، والبحر المجيط لأبي حيان، والكشاف للزمخشري والتحرير والتنزير للطاهر بن عاشور، وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين
ـ بقي أن أذكر النوع الثالث وهي كتب علوم القرآن التي اعتنت بذكر المناسبات،فمن أبرزها: الإتقان، للسيوطي، البرهان للزكشي،مناهل العرفان للزرقاني، مباحث في علوم القرآن للقطان، هذا ما تيسر كتابته بخصوص المقولة التي سبق ذكرها والله تعالى أعلم.(/)
ما أفضل ماكتب عن أهمية أسباب النزول ومكانتها؟
ـ[الإداوة]ــــــــ[05 May 2003, 01:15 م]ـ
ارجو التفضل ممن يجد جواباً ...
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 May 2003, 03:33 م]ـ
أخي الكريم (الإداوة) حياكم الله
جواب سؤالك يا أخي الكريم يحتاج إلى استقراء تام لكل ما كتب في أسباب النزول ثم الحكم بعد ذلك، ولكن أجيبك عن أفضل ما قرأته في ذلك ولعل بقية الإخوة يضيفون ما يرونه وفقكم الله جميعاً.
من الكتب الجيدة التي كتبت حول أسباب النزول من حيث أهمية هذا العلم، ومكانته في التفسير ونحو ذلك ما يلي:
1 - كتاب بعنوان (أسباب نزول القرآن: مصادرها ومناهجها) للدكتور حماد عبدالخالق حلوة. وهو من الكتب الجيدة التي درست أسباب نزول القرآن من حيث الدراية. وأما من حيث الرواية فلا يخفى عليكم كثرة ما كتب فيها ولله الحمد.
2 - أسباب النزول وأثرها في التفسير. للشيخ عصام بن عبالمحسن الحميدان. وهذا البحث كان رسالة أعدها الباحث لنيل الماجستير في كلية أصول الدين بالرياض. وقد اطلعت عليها بشيء من العجلة في مكتبة قسم القرآن في الكلية ولم أدقق في مميزاتها. ولم أطلع عليها مطبوعة بعد ذلك، ولا أدري هل طبعت أم لا؟
3 - ما كتبه الطاهر بن عاشور في مقدمة تفسيره حول أسباب النزول.
4 - ما أشار إليه ابن تيمية في مقدمته في التفسير بشيء من الاختصار.
5 - أسباب نزول القرآن: دراسة وتحليل. لعبدالرحيم فارس أبو علبة. وأذكر أن الدكتور عبدالحكيم الأنيس قد انتقده كثيراً في مقدمة تحقيقه لكتاب (العجاب) لابن حجر فلعلك تراجعه، ومثله الدكتور فضل حسن عباس في كتابه (إتقان البرهان) في مبحث أسباب النزول.
والله أعلم.
ـ[مرهف]ــــــــ[06 May 2003, 02:06 ص]ـ
وأذكر أن الدكتور عماد الدين رشيد له: أسباب النزول وأثره في أصول الفقه مقدم رسالة دكتوراه في كلية الشريعة جامعة دمشق
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 May 2003, 06:35 ص]ـ
أحسنت أخي مرهف.
الكتاب بعنوان: (أسباب النزول وأثرها في بيان النصوص) دراسة مقارنة بين أصول التفسير وأصول الفقه. للدكتور عماد الدين محمد الرشيد. وقد طبع الكتاب بدار الشهاب عام 1420هـ. وهو في الأصل رسالة دكتوراه نوقشت بجامعة دمشق في 15/ 11/1419هـ.
وقد عول في ذكر المؤلفات في أسباب النزول على ما كتبه الدكتور عبدالحكيم الأنيس في مقدمة تحقيقه لكتاب (العجاب في بيان الأسباب) لابن حجر العسقلاني.
ـ[فرحان العطار]ــــــــ[06 May 2003, 07:55 ص]ـ
وكذلك كتاب اسباب النزول للشيخ المحدث مقبل الوادعي رحمه الله
ـ[أبو العالية]ــــــــ[24 Dec 2003, 06:24 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
" أسباب نزول القرآن: دراسة وتحليل. لعبدالرحيم فارس أبو علبة. "
نقد هذا المؤلف الدكتور فضل عباس في كتابه " إتقان البرهان في علوم القرآن " (1/ 242) وما بعدها
وذكر أن جل رسالته مسروق من محاضرات الدكتور فضل، وهذا غاية في البعد عن الأمانة العلمية وأنى لبركة العلم لهؤلاء، نسأل الله السلامة والعافية.
هذا للتوضيح بحال المؤلف هداه الله إلى الحق.
وما أكثرهم اليوم والله المستعان.
ـ[عبد الله]ــــــــ[25 Dec 2003, 11:26 م]ـ
مما أفرد لدراسة أسباب النزول دراية:
1 - علم أسباب النزول وأهميته في تفسير القرآن، خالد خليفة السعد، دار الحكمة، البحرين - المنامة 1998.
2 - مباحث في علوم القرآن: علم أسباب النزول، وسيلة بلعيد بن حمدة، دار الجويني، تونس 1984.
عبد الله إبراهيم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Sep 2005, 09:15 ص]ـ
ومن الكتب التي كتبت في دراسة موضوع أسباب النزول دراسة نقدية، كتاب (أسباب النزول) لبسام الجمل. وهو رسالة علمية تقدم بها الطالب لنيل درجة الدكتوراه، أشرف عليها الدكتور عبدالمجيد الشرفي، بكلية الآداب بمنوبة - تونس، وذلك في 14 مارس 2003م، وهي دراسة جديرة بالمناقشة والقراءة من قبل المتخصصين لبيان ما فيها من صواب وغيره.
وقد طبعت هذه الرسالة مؤخراً في المركز الثقافي العربي بالمغرب عام 2005، ويقع الكتاب في 472 صفحة من القطع العادي.
http://www.tafsir.net/images/asbabnzool.jpg
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Dec 2005, 06:18 م]ـ
ومن الكتب الجيدة في هذا الموضوع كتاب متوسط الحجم بعنوان:
أسباب النزول: تحديد مفاهيم، ورد شبهات.
للدكتور محمد سالم أبو عاصي.
من إصدار دار البصائر بالقاهرة. وهذه هي الطبعة الثانية للكتاب، وقد صدر في نشرته الأولى باسم:
أسباب النزول بين الفكر الإسلامي والفكر العلماني
وموضوع أسباب النزول من الموضوعات التي ولج منها، والحديث حولها الكتاب العلمانيون، مستغلين قول القائلين أن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ في قصر الدلالة القرآنية على زمن النزول، والقول بأن القرآن كتاب تاريخي تجاوزه الزمن، ولم يعد صالحاً للتطبيق في زماننا هذا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[07 Dec 2005, 02:53 م]ـ
هل يمكن يا شيخ عبد الرحمن ان تكتب لنا تقريرا عن رسالة الجمل في اسباب النزول
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Dec 2005, 04:27 م]ـ
أخي الكريم الدكتور جمال وفقه الله: دار حديث بيني وبين الأخ عبدالعزيز الضامر حول هذا الكتاب، فأخبرني أنه قرأه كله، وعلق على أبرز ما ورد فيه، فطلبت منه التكرم بتلخيص رأيه في الكتاب وطرحه في الملتقى استجابة لرغبتكم الكريمة، ففعل مشكوراً، وكتب ذلك تحت عنوان:
عرض موجز لكتاب (أسباب النزول) لبسام الجمل ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=17217)
ـ[محمدعالى]ــــــــ[02 Apr 2006, 08:15 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
اخوتى الأعزاء حياكم الله وحفظكم ورعالكم
أريد الارشاد فى موضوع’’العبرة بعموم اللفظ لابخصوص السبب’’ بين التاصيل والتطبيق
أريد نقاشا يثري هذا الموضوع نظرا لأهميته فى علوم القرآن
أفيدونا جزاكم الله خيرا
ـ[محمدعالى]ــــــــ[04 Apr 2006, 12:19 ص]ـ
السلام عليكم
إخوتى الاعزاء أود المساعدة والتوجيه فى موضوع
’’العبرة بعموم اللفظ لابخصوص السبب’’ بين التأصيل والتطبيق.
أفيدونا مما أنعم الله به عليكم جزاكم الله خيرا.(/)
مقدمة في آيات الأحكام
ـ[أبو خالد، وليد العُمري]ــــــــ[06 May 2003, 12:36 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة ولسلام على رسول الله، وعلى آله، وأصحابه أجمعين. أما بعد:
فشكر الله تعالى لكل من كانت له يدٌ بيضاء في قيام هذا الملتقى، ونسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا، ويقينا شر أنفسنا.
وقد أحببت أن أبدأ المشاركة في هذا الملتقى المبارك؛ استجابة لرغبة شيخنا، وأستاذنا الدكتور مساعد بن سليمان الطيار - حفظه الله تعالى- بإطلالة على آيات الأحكام، والتعريف بأشهر كتبها، ومناهج المصنفين في ذلك.
فأولاً: نعرج على معنى آيات الأحكام.
آيات الأحكام: هي الآيات التي تُعنى ببيان الأحكام الشرعية والدلالة عليها - سواء كانت الأحكام اعتقادية، أو عملية فرعية، أو سلوكية وأخلاقية (1) - إلاّ أن العلماء تعارفوا على إطلاق أحكام القُرْآن؛ على أحكام القرآن العملية، الفرعية، المعروفة بالفقهية.
والمراد بآيات الأحكام - عند الإطلاق -:"هي الآيات التي تُبيّن الأحكام الفقهية وتدل عليها نصاً، أو استنباطاً " (2).
وتفاسير آيات الأحكام، أو التَفْسِيْر الفقهي: " هو التَفْسِيْر الذي يُعنى ببيان الأحكام الفقهية، والتنبيه عليها، سواء بالاقتصار عليها، أو العناية الخاصة بها " (3).
ثانياً: عدد آيات الأحكام
اختلف أهل العلم - رحمهم الله - في كون آيات القُرْآن الدالة على الأحكام الفقهية محدودة، محصورة أم لا؟ على قولين:
القول الأول: أن آيات الأحكام محدودة، محصورة بعدد معين (4) ثم اختلف هؤلاء في عددها:
- فقيل هي خمسمائة آية.
- وقيل: بل مائتا آية فقط.
- وقيل: هي مائة وخمسون آية فقط؛ "ولعل مرادهم المصرّح به؛ فإن آيات القصص، والأمثال وغيرها يُستنبط منها كثير من الأحكام" (5).
القول الثاني: أن آيات الأحكام غير محدودة العدد، فكل آية في القُرْآن قد يُستنبط منها حكمٌ معينٌ (6)، وَمَرَدُ ذلك إلى ما يفتحه الله على العَالِمِ من معاني القُرْآن ودلالاته، وما يتميز به العالم من صفاء الروح، وقوة الاستنباط، وجودة الذهن وسيلانه (7).
قال نجم الدِّيْن الطُوفي: "والصحيح أن هذا التقدير غيرُ معتبر، وأن مقدار أدلة الأحكام في ذلك غير منحصر؛ فإن أحكام الشرع كما تُستنبط من الأوامر، والنواهي؛ كذلك تُستنبط من الأقاصيص، والمواعظ، ونحوها، فقلَّ آية في القُرْآن الكريم، إلاّ ويُستنبط منها شيء من الأحكام، وإذا أردتَ تحقيق هذا؛ فانظر إلى كتاب أدلة الأحكام (8) للشيخ عِز الدِّيْن بن عبد السلام، وكأن هؤلاء- الذين حصروها في خمس مائة آية - إنما نظروا إلى ما قُصد منه بيان الحكم دون ما اسْتُفِيد منه، ولم يُقصد به بيانها " (9).
وقال القرافي:"فلا تكاد تجد آية إلاّ وفيها حكم، وحصرها في خمسمائة آية بعيد" (10).
وهذا هو الرَّاجح - والله أعلم- لأن أحكام القُرْآن في كتاب الله على قسمين (11):
- أولهما: ما صُرَّح به في الأحكام، وهو كثير كقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْصِّيَامُ} إلى قوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الْشَهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة/183] وعامة أحكام القُرْآن العظيم من هذا النوع، ومثال ذلك: غالب أحكام سورة البقرة، والنساء، والمائدة.
- وثانيهما: ما يؤخذ بطريق الاستنباط، والتأمل، وهو على قسمين أيضاً:
· أحدهما: ما يُسْتَنْبَطُ من الآية مباشرة، بدون ضَمِّ آية أخرى لها؛ وذلك نحو استنباط تحريم الاستمناء من قوله تعالى: {وَالَّذِيْنَ هُم لفُرُوجِهِم حافِظون إلاّ على أزواجِهِم أو ما مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإنَهُمْ غَيْرُ مَلُوْمِيْنَ فَمَنْ أبْتَغَي وَرَاءَ ذَ لِكَ فَاؤلَئِكَ هُمُ الْعَادُوْنَ} [المؤمنون /5 - 7]، وكاستنباط صحة صوم من أصبح جُنباً، من قوله تعالى: {فالآن بَاشِرُوْهُنَّ وَابْتَغُوْا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوْا وَاشْرَبُوْا حَتَى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187].
(يُتْبَعُ)
(/)
والقسم الثاني: ما يُسْتَنْبَطُ بِضَمِّ الآية إلى غيرها، سواء لآية أخرى، أو لحديث نبوي، ومنه استنباط علي بن أبي طالب (12)، وابن عباس (13)، أن أقل الحمل ستة أشهر؛ من قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُوْنَ شَهْرَاً} [الأحقاف / 15] مع قوله تعالى: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}،ومنه استنباط أن التطهر المراد بقوله تعالى {فَإِذَا تَطّهَرْنَ} [البقرة /222]؛ وقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبَاً فَاطَّهَرُوْا} [المائدة: 6] هو الاغتسال المذكور في قوله تعالى: {وَلاَ جُنُبَاً إِلاَّ عَابِرِيْ سَبِيْلٍ حَتَّى تَغتَسِلُوْا} [النساء: 43]؛ وبناءً على هذا؛ فإن آيات الأحكام أكثر من أن تُحْصَر بعدد معين، وهذا ضَرْبٌ مِنْ إعجاز القُرْآن الكريم، والله اعلم.
ثالثاً: نشأة تَفْسِيْر آيات الأحكام (14):
نشأ التَفْسِيْرُ الفقهي في مرحلة متقدمة جداً؛ إذ إنه جزء من التَفْسِيْرِ النبوي في الجملة، فقد كان من جملة الآيات التي تنزل على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- آيات الأحكام الفرعية، والمصطلح على تسميتها"الفقهية"، فكان -صلى الله عليه وآله وسلم- يفَسَّرَها لأصحابه بقوله، وعمله؛ فَيُبَيِّنُ مُجّمَلَها، ويُقيِّد مُطْلَقها، ويخصص عامّها؛ ومن الأمثلة على ذلك؛ أنه كان يصلي بصحابته، ويقول لهم: ((صلوا كما رأيتموني أصلي))، ويحج بهم، ويقول: ((خذوا عني مناسككم)) وهذا تَفْسِيْر لآيات الصلاة، والحج في القُرْآن الكريم، وكذا الزكاة، أمر الله بها أمراً مُجْمَلاً {وَآتُوْا الْزَكَاةَ} [البقرة/110]، {وآتوا حَقهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام/141]، {أَنْفِقُوْا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَرْضِ} [البقرة/267] فبيَّن لهم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ما تجب فيه الزكاة، ومقاديرها، وأوقاتها، وهكذا في جميع التشريعات.
وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين- يهتمون بسؤاله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن هذا النوع من الآيات؛ قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: ((سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الكلالة؟
فقال: تكفيك آية الصيف)) (16).
ثم إنَّ الصحابة بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بدأوا يجتهدوا في دلالات أخرى من آيات الأحكام، لم يسألوا عنها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وليس بين أيديهم فيها عِلْماً؛ فهذا أبو بكر -رضي الله عنه- يقول: ((إني قد رأيت في الكلالة رأياً؛ فإن كان صواباً؛ فمن الله وحده لا شريك له، وإن يك خطأ؛ فمنّي، ومن الشيطان، والله بريء منه، إن الكلالة ما خلا الولد، والوالد)) (16).
فهذا أبو بكر يَعْمَد إلى قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُوْرَثُ كَلاَلَةً} [النساء/12] فيجتهد في تَفْسِيْرها، وتأويلها، ولعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- اجتهاد في فهم قوله تعالى: {فَمَنْ تمتعَ بالعُمْرَةِ إِلَى الْحَجَّ} [البقرة/196] فقد كان ينهى عن المتعة! وهي في كتاب الله، اجتهاداً منه -رضي الله عنه-، وخالفه فيه كبار الصحابة علي، وابن مسعود، وأبى موسى، وعبد الله ابن عُمر -رضي الله عنهم جميعا-.
وبرز من الصحابة في هذا الباب عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، وعبد الله ابن عباس، وأثّر كلٌ منهم في تلاميذه، فظهر اهتمام المدرسة الكوفية - تلاميذ ابن مسعود - والمدرسة المدنية - تلاميذ ابن عمر - والمدرسة المكية - تلاميذ ابن عباس - في تَفْسِيْر القُرْآن الكريم، وخاصة آيات الأحكام (17).
واستمر اهتمام الصحابة وتلاميذهم من التابعين بتَفْسِيْر آيات الأحكام لا يتعدى المُدارسة، والإفتاء حتى جاء الإمام مقاتل بن سليمان الخرساني (ت / 150هـ)؛ فألف أول كتاب خاص في تَفْسِيْر آيات أحكام القُرْآن، وكان تَفْسِيْراً بالمأثور، في الدرجة الأولى، مع إعمال مقاتل للرأي أحياناً أخرى (18).
ومن الأئمة المجتهدين الذين ألّفوا في هذا الباب: الإمام يحيى بن زكريا بن سليمان القرشي الكوفي، إمام مجتهد (ت / 203هـ) (19).
ثم بدأ بعض أئمة المذاهب المعروفة، وتلاميذهم في التأليف في هذا الباب، وممن نُقل عنه التأليف في هذا الباب:
الإمام أبو عبد الله، محمد بن إدريس الشافعي (ت / 204) هـ؛ فقد ألّف كتاباً في أحكام القُرْآن (20).
(يُتْبَعُ)
(/)
الإمام أبو جعفر الطحاوي (ت/321)، وهو ينسج على طريقة المُحَدِّثين عموماً؛ بغض النظر عن طريقته في الترجيح، وسيأتي التعريف بكتابه - بحول الله تعالى-.
واشتهر التأليف بعد ذلك؛ إلا أن طابع التأليف أخذ في الاختلاف من جهة القصد، والمنهج! فالقصد؛ نصرة المذهب الذي ينتمي له المؤلف، ومن جهة المنهج؛ فالبناء على أصول إمام المذهب، وقواعده؛ فهذا الإمام الجَصَّاص في كتابه المعروف أحكام القُرْآن لا يألوا جُهداً في نُصْرَةِ مَذْهَبِ الإمام أبي حنيفة، النعمان بن ثابت - رحمه الله - (ت/150)، ولو بالتأويلات البعيدة، والتكلف المتعسف! ثم هو تطبيق للقواعد، والأصول التي يقوم عليها مذهب الحنفيَّة.
وهذا الإمام إلْكِيَا الهَرَّاسي يصرح في مقدمته، بأن القصد من التأليف "شرح ما انتزعه الشافعي، من أخذ الدلائل في غموض المسائل، وضممتُ إليه ما نسجته عن منواله، واحتذيت على مثاله" (21) فقد أشار للأمرين؛ فالقصد: شرح استدلالات الشافعي - رحمه الله-والمنهج: جمع استدلالات الشافعي، وضم مسائل آخر منسوجة على منواله في التأصيل، والاستدلال.
ولا يُعاب على إلكيا الهَرَّاسي أن يؤلّف في استدلالات الإمام الشافعي، وينسج على منواله، فهذا أقل ما ينبغي تجاه أراء الأئمة الكبار، واجتهاداتهم؛ ليقتدي الخلف؛ بالسلف في طريقة الفقه، والتفقه؛ ولكن الذي يُعاب هو التقليد المحض، والتعصب الأعمى، وعدم رؤية الحق إلاّ من جهة واحدة، مع القدرة على البحث، والاستدلال.
وقد استمر التأليف في إطار المذاهب؛ لكن المؤلفين قد اختلفت مناهجهم في البسط، والإيجاز، والتجرد، والانحياز؛ فمنهم من اقتصر على قول واحد في التَفْسِيْر والاستنباط، ومنهم من توسع في ذكر أقوال الأئمة، والاهتمام باختلاف الآراء والاجتهادات، ومنهم من تجرد في الاستدلال، والتدليل، وبحث عن الرَّاجح من الأقوال، دون التفات للمذاهب، أو التعويل عليها، ومنهم من ظل حبيس أقوال شيوخه، فلم يتكلم في مسائل العلم إلا من خلالها، وهذا من عجيب خلق الله، أعني التفاوت في العقول، والأفهام، بين الأنام، والله المستعان لاربّ سِواه.
ـــــــــــــ
الهوامش
-وتقسيم الأحكام الشرعية إلى أصول، وفروع؛ يُقصد به أمران؛ أحدهما مقبول، ولا ضير فيه، والآخر مردود، ولا عبرة به، ولا بقائله.
* أما التقسيم المقبول؛ فهو التقسيم باعتبار الغلبة، أو للتوضيح، والتبيين؛ فيقال: هذه مسائل أصول، وتلك مسائل فروع؛ ويلاحظ أن التقسيم غير دقيق تماماً، ولا منضبط؛ لأن المسائل الإعتقادية لابد أن ينبني عليها عمل، وهي تمثل السلوك، والأخلاق الإسلامية بمعناها الشامل، كما أن المسائل العلمية الفقهية، الفرعية، لابد أن تصدر عن اعتقاد، ونيّة، ثم أن هناك مسائل تعد من الأصول؛ وهي مما يعذر المسلم بجهلها، بل وقد لا يجب تعلمها؛ كبعض التفصيلات في مسائل الاعتقاد، وهناك مسائل تُعَدُّ من الفروع؛ وهي مما يُعلم من الدِّيْن بالضرورة؛ بل وهي من الواجبات المتحتمات على كل مسلم؛ كفعل الفرائض من الصلاة، والصيام، والزكاة ..... وجملة القول؛ أن هذا التقسيم بهذا الاعتبار تقسيم اصطلاحي، ولا مشاحة في الاصطلاح إذا خَلا من مفسدة، ولا مفسدة فيه هنا، والله أعلم.
* والقسم الثاني؛ وهو التقسيم المردود؛ فهو أن يراد بهذا التقسيم، تهوين شأن مسائل الفروع، أو ترتيب مسائل التكفير، والتبديع على هذا التقسيم؛؛ فيقال من أخطأ في مسائل الأصول؛ فهو كافر، أو مبتدع، دون مسائل الفروع!! فهذا خطأ من قائله، وهذا النوع الذي اشتد نكير شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عليه، وعلى من قال به! ينظر الثبات والشمول (ص/61)، التفريق بين الأصول والفروع، للشثري (1/ 196) فما بعدها، منهج القُرْآن في تقرير الأحكام (ص/74 - 132).
2 - ينظر تفاسير آيات الأحكام ومناهجها، للدكتور/ علي بن سليمان العبيد (1/ 25) -رسالة جامعية-، وآيات الأحكام في المغني، للدكتور/ فهد العندس (1/ 22) - رسالة جامعية-.
3 - المرجعان السابقان.
4 - وممن قال بهذا القول الغزالي في المستصفى (4/ 6)، والرازي في المحصول (2/ 3/33)، والمارودي في أدب القاضي (1/ 282).
5 - البرهان للزركشي (2/ 3 - 4).
(يُتْبَعُ)
(/)
6 - وهو قول أكثر العلماء، وممن رَجَّحَهُ العِزّ بن عبد السلام، والقَرَافي، والطُوْفِي، والزَرْكَشِي، وابن جُزَي، والسيوطي، وابن النجار، والشوكاني، والشنقيطي. انظر شرح التنقيح (ص/437)، شرح مختصر الروضة (3/ 415)، البرهان في علوم القُرْآن (2/ 4 - 6)، والإتقان (2/ 185)، شرح الكوكب المنير (4/ 460)، تقريب الوصول (ص / 431)، إرشاد الفحول (2/ 814) ط/ صبحي حلاق، نثر الورود (2/ 145).
7 - ينظر التقرير والتحبير (3/ 390).
8 - هو كتاب ((الإمام في بيان أدلة الأحكام)) للإمام الحافظ عز الدِّيْن بن عبد السلام السُلمي (ت/660) كتاب عظيم لا يستغني عنه الفقيه، ولا المتفقه، حُقق الكتاب في رسالة علمية؛ بجامعة أم القرى، وطبعه محققه /د. رضوان مختار بن غربية عن دار البشائر الإسلامية - بيروت - 1407 هـ.
9 - شرح مختصر الروضة (3/ 415).
10 - شرح التنقيح (ص/476).
11 - انظر البرهان للزركشي (2/ 5 - 7).
12 - روى البيهقي في سننه الكبرى، باب ما جاء في أقل الحمل (يرقم/15326و15327)، ((أن عمر t أُتِىَ بامرأة قد ولدت لستة أشهر؛ فَهَمَّ بِرَجْمِهَا؛ فبلغ ذلك علياً t فقال: ((ليس عليها رجم؛ فبلغ ذلك عمر t فأرسل إليه، فسأله؛ فقال:) والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} وقال: {وحمله وفصاله ثلاثون شهراً} فستة أشهر حمله؛ حولين تمام؛ لا حَدَّ عليها، أو قال: لا رجم عليها، قال: فَخَلَّى عنها ثم ولدت)).
13 - روى البيهقي في سننه الكبرى، باب ما جاء في أقل الحمل (برقم/15325): عن عكرمة، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه كان يقول: ((إذا ولدت المرأة لتسعة أشهر كفاها من الرضاع أحد وعشرين شهراً، وإذا وضعت لسبعة أشهر كفاها من الرضاع ثلاثة وعشرين شهراً، وإذا وضعت ستة أشهر كفاها من الرضاع أربعة وعشرين شهراً؛ كما قال الله عز وجل – يعني قوله:) وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ()).
14 - يُنظر التَفْسِيْر والمفَسَّرَون للذهبي (1/ 156)، تفاسير آيات الأحكام ومناهجها للعبيد (1/ 26) فما بعدها. آيات الأحكام في المغني (رسالة جامعية) للفاضل (1/ 10) فما بعدها، وللعندس (1/ 23) فما بعدها.
15 - أخرجه البخاري في الأذان، باب الأذان للمسافر ... (رقم/605).
16 - رواه أحمد في المسند (رقم/262) من حديث عمر بن الخطَّاب.
17 - انظر تَفْسِيْر التابعين، للخضيري (2/ 665).
18 - انظر تَفْسِيْر الخمسمائة آية في القُرْآن ... لمقاتل بن سليمان (ص / 66 - 68) -رسالة جامعية -
19 - ذكره ابن النديم في الفهرست (ص / 57)، والداودي في طبقات المفَسَّرَين (2/ 362).
20 - انظر البرهان للزركشي (2/ 3)، أحكام القُرْآن للبيهقي (1/ 20)، وقد نقل عنه الجَصَّاص في أحكام القُرْآن (3/ 351).
21 - انظر أحكام القُرْآن له (1/ 2) وقد أشار البيهقي - رحمه الله - في مقدمة كتابه (أحكام القُرْآن) لمثل هذا، غير أن المنهج العام للكتابين يختلف؛ فهذا -أي البيهقي - قَصَر التأليف على جمع متفرق للإمام الشافعي في هذا الباب، ولم يزد في كتابه عن استدلال الشافعي شيئاً؛ بينما إلكيا الهَرَّاسي؛ فتأليفه منفرد في أحكام القُرْآن.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 May 2003, 12:33 م]ـ
أشكر أخي الكريم أبا خالد على هذه المشاركة المتميزة، وأرحب به وبمشاركاته باستمرار في ملتقى أهل التفسير، الذي أرجو أن يصبح الملتقى المفضل للمتخصصين بإذن الله بجهودكم جميعاً.
أخي أبا خالد! لقد ظللت أترقب هذه المشاركة منذ قمتم بالتسجيل، حيث أخبرني أخي الشيخ أحمد البريدي بمعرفته بكم ثم جاءت مشاركة محبرة محررة، فكأني بك ممن يحبون الحولي المحكك كما يقول النقاد.
وفقك الله لما يحب ويرضى، وأرجو أن تشفعها بأختها قريباً.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[07 May 2003, 07:18 ص]ـ
حياك الله أبا خالد
ويقع التساؤل كثيراً عن سبب قلة تآليف الحنابلة في هذا الباب؟
وكيف يمكننا الوقوف على آراء الحنابلة وجهودهم في ذلك , من خلال تجربتكم؟
وفقكم الله لكل خير.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[07 May 2003, 02:24 م]ـ
الأخ الفاضل أبو خالد
السلام عليكم ورحمة اله وبركاته، أما بعد:
فأشكر لك استجابتك السريعة والرائعة التي دبَّجتها بهذا المقال النافع.
وأرجو أن تتواصل مع الملتقى بمقالات لاحقة.
ولن نعدم من الاستفادة منك فيما يرد الملتقى من أسئلة تحتاج إلى الإجابة.
ولي طلب أرجو أن تنظر فيه إن كان ممكنًا، وهو كتابة ٌ موجزة عن كيفية مناقشة المستشرقين الذين تعرضوا لعلوم القرآن بالنقد والتزييف، ليكون مقدمة لفتح هذا الباب في هذا الملتقى.
إذ من الملاحظ ان بعض الدراسات التي ناقشت المستشرقين تتعامل معهم على أنهم يؤمنون بالرسالة الخاتمة.
أرجو أن لا يكون طلبي مكلفًا عليكم، وإنما طلبته منكم لما أعلم من قراءتكم حول هذا الموضوع.
وإني إذ أطلب هذا منكم فإنما هو من باب الحرص على إثراء هذا الملتقى بالمقالات العلمية النافعة.
ولكم من الله الثواب والجزاء الأوفى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو خالد، وليد العُمري]ــــــــ[10 May 2003, 10:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فشكر الله تعالى لكم أيها الإخوة الفضلاء إحسان الظن بأخيكم!! وأسأله تعالى أن يجمعنا على خير في الدنيا، والآخرة.
شيخنا الدكتور/ أبا عبد الملك- وفقه الله - سأجتهد - بحول الله تعالى - في المشاركة في الموضوع الذي ذكرته، وآمل أن أوفق فيه للصواب، لكن لعلي أتأخر كعادتي!.
وشكر الله لأخي الشيخ عبد الرحمن الشهري هذا التشجيع، فلك ولأخي الشيخ أحمد البريدي وافر السلام.
أخي الفاضل: أبا بيان وفقه الله
لا أعرف تماماً سبباً لقلة التصنيف عند الحنابلة في هذا الباب، ولا شك أن كتابتهم مقارنة بكتاباتهم الأخرى، وكتابات غيرهم في هذا الباب قليلة.
ولو جُمعت جهود محقيقيهم في هذا الباب؛ لعُد نافعاً في بابه، وقد كتب نخبة من طلبة العلم المشايخ في قسم التفسير بجامعة الإمام خمس أطروحات لمرحلة الدكتوراه في آيات الأحكام في المغني للإمام أبي محمد ابن قدامة المقدسي، إلا إنه في نفسي من كتابتهم، ومنهجهم حسكة (*)!!
حيث انطلقوا إلى كل آية يستشهد بها أبو محمد على مسالة فقهية؛ فيجعلونها رأساً لمسألة فقهية يقومون بدراستها دراسة موازنة بأقوال الفقهاء، ومفسري آيات الأحكام على المذاهب الثلاثة الأخرى، فكانت كتاباتهم غير كاشفة لاستنباطات أبي محمد في التفسير من جهة، وتكراراً لتحرير مسائل فقهية مبثوثة، وعروفة من جهة أخرى.
ولو اهتم أحدهم بجمع استنباطات أبي محمد التفسيرية من آيات الأحكام؛ لكان نافعاً، وأقل كلفة في الوقت، والجهد، والمال.
- كيف يمكننا إثراء المكتبة التفسيرية في آيات الأحكام خاصة عند الحنابلة؟؟؟
يظهر لي والعلم عند الله تعالى أنه بإمكاننا أن نفعل ذلك متى التزمنا بأمرين:
أولهما: حسن الانتقاء، بمعنى أنه ليس كل من كتب وصنف يملك حساً تفسيريًا يصلح للجمع، والإبراز.
الثاني: ضبط المنهج المتبع في الدراسة والبحث، فيحصر البحث في الاستنباطات التفسيرية التي يوضح مأخذ الحكم من الآية دون العمومات المتبعة عادة في الاستشهاد المجرد.
ـــــــــــــــ
(*) الحَسَكُ: جمع حَسَكةٍ وهي شوكة صلبة خشنة تَعْلَقُ بأَصواف الغنم، قال َبو عبيد:"في قلبه عليك حَسِيكة -وحَسِيفة وسَخيمةٌ بمعنى واحد"، ولست استعملها هنا بمعنى الحقد، والسخيمة.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[10 May 2003, 10:37 م]ـ
والحقيقة أني توقعت ذكراً لأبي يعلى , وكذلك الموجود من روايات الإمام أحمد في كتب المفسرين الحنابلة تحت آيات الأحكام , لكن تأصيلكم أغناني عن ذلك , بارك الله فيكم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Oct 2003, 12:12 ص]ـ
تعليقاً على ما أورده الشيخ العُمري حول جمع أقوال ابن قدمة في التفسير من كتابه المغني أقول:
لقد سجلت مجموعة رسائل دكتوراه في هذا الموضوع في قسم القرآن بكلية أصول الدين بالرياض، وقد انتهت ونوقشت، وطبعت الرسالة الأولى منها.(/)
هل وضع البسملة بين سورة الأنفال والتوبة من باب الاجتهاد؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[06 May 2003, 09:39 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، هل كان عثمان رضي الله عنه يعتبر سورة الأنفال و سورة براءة سورة واحدة لذلك لم يفصل بينهما بالبسملة؟
و إذا كان كذلك فكيف نقول بأن سقوط البسملة من بين السورتين توقيفي؟
و ما دامت المسألة خلافية وتتفرع على مسألة ترتيب سور القران، فهل لأحد أن يضع البسملة بين السورتين، بناءا على مخالفته لعثمان في ذلك وأنهما سورة واحدة؟
و على قول عثمان ـ رضي الله عنه ـ هل نعتبرهما نحن سورة واحدة؟
بارك الله في جهودكم
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[25 Jun 2006, 06:52 م]ـ
للرفع .......
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[25 Jun 2006, 08:07 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .. الرحمن الرحيم .. والصلاة والسلام على سيد المرسلين .. نبينا محمد العدناني الأمين .. وبعد
اختلف العلماء في سبب سقوط البسملة على أقوال منها:
القول الأول: أن البسملة رحمة وأمان (وبراءة) نزلت بالسيف فليس فيها أمان. روي ذلك عن علي وسفيان بن عيينة.
القول الثاني: أن عادة العرب إذا كتبوا كتاباً فيه نقض عهد أسقطوا منه البسملة، فلما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عليّاً رضي الله عنه ليقرأها عليهم في الموسم قرأها ولم يبسمل على عادة العرب في شأن نقض العهد. وهذا قول ضعيف.
القول الثالث، وهو أصحها وأرجحها: ما قاله عثمان بن عفان رضي الله عنه لابن عباس. فقد أخرج النسائي والترمذي وأبو داود وأحمد وابن حبان والحاكم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " قلت لعثمان رضي الله عنه ما حملكم على أن عمدتم إلى (الأنفال) وهي من المثاني، وإلى (براءة) وهي من المائين، فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحيم)، ووضعتموهما في السبع الطوال؟ فما حملكم على ذلك؟
فقال عثمان رضي الله عن: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه شيء يدعو بعض من يكتب عنده فيقول: [ضعوا هذا في السورة التي فيها كذا، وكذا] وتنزل عليه الآيات فيقول: [ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا]. وكانت (الأنفال) من أوائل ما أنزل بالمدينة، و (براءة) من آخر ما أنزل من القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فظننت أنها منها ثمن، ثم قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحيم)، ووضعتها في السبع الطوال.
وعلى هذا لم يكتبها الصحابة في المصحف الإمام مقتدين في ذلك بأمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه. والله أعلم.
ننتظر تعليقات الأعضاء الكرام بارك الله فيهم.
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[26 Jun 2006, 04:37 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد
تعقيباً على موضوع وضع البسملة بين سورتي الأنفال والتوبة هل هو اجتهادي أم توقيفي
أضيف فائدة قرأتها في هذا الباب:
- * يؤخذ من حديث عثمان أن ترتيب آيات القرآن الكريم توقيفي عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن جبريل عليه السلام، عن رب العزة جل جلاله.
أما ترتيب السور ففيه خلاف بين أهل العلم. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى مفاده: أن بعض سور القرآن ترتيبها توقيفي، والبعض الآخر اجتهادي. أقول: ومنها سورتي الأنفال وبراءة كما تبين.
- ** بيان أن حديث عثمان رضي الله عنه حجة على أن القياس أصل في الدين خلافاً لمن أنكر ذلك.
يقول صاحب أضواء البيان رحمه الله تعالى، عن ابن العربي قال:" ألا ترى إلى عثمان رضي الله عنه، وأعيان الصحابة كيف لجؤوا إلى قياس الشبه عند عدم النص، ورأوا أن قصة (براءة) شبيهة بقصة (الأنفال) فألحقوها بها. فإذا كان القياس يدخل في تأليف القرآن (أي جمعه)، فما ظنك بسائر الأحكام. "ا. هـ
والله أعلم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Jun 2006, 07:06 ص]ـ
الدكتور ناصر الماجد: دراسة نقدية لأثر عثمان رضي الله عنه في سبب سقوط البسملة من أول براءة ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1066&highlight=%CD%E3%E1%DF%E3)
تنبيه: ورد في أثر عثمان الذي نقلته الأخت الفاضلة ميادة "وهي من المائين" والصحيح: وهي من المِئين.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Jun 2006, 07:15 ص]ـ
حول إسقاط البسملة أول التوبة ـ جواب السؤال ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=192)
وهنا نقاشات علمية نافعة حول مسألة ترتيب السور:
ما وجه الربط بين سورة المسد وسورة الإخلاص ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=1028)
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[27 Jun 2006, 08:09 ص]ـ
يا أخي هذا الأثر لا يصح بحال من الأحوال فحتى لو صح سندا فلن يصح متنا ونجزم بأن ترتيب المصحف توقيفي من عندالله وهذه الرواية مختلقة ممن أرادوا الكيد لعثمان رضي الله عنه وممن لم يجدوا قبل التوبة بسملة فحاولوا ان يجيبوا على هذا الإشكال بهذه الرواية والله أعلى وأعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[27 Jun 2006, 12:34 م]ـ
أقول لأخي الفاضل د. أبو مجاهد: أحسن الله إليك، فالروبط التي أضفتها نافعة ومفيدة نفعنا الله وإياكم بالعلم النافع. وجزاك الله خيرا لتنبيهك فقد كان سهوا مني.
ّّ_______________________
فضيلة الدكتور عبد الرحمن الشهري المشرف العام على الموقع حفظكم الله:
شكرالله لكم جهودكم وبارك فيها وفيكم.
اطلعت على الروابط التي ذكرها فضيلة الدكتورأبو مجاهد حفظه الله فوجدت أن السؤال قد نوقش بطريقة مستفيضة ونافعة، فحبذا لو يحال السؤال الذي تم طرحه ومناقشته من قبل على الموضع الذي نوقش فيه، إلا أن يكون قد استجد في الأمر جديد.
مجرد رأي واقتراح. وجزيتم من الرحمن خير الجزا.(/)
إشكال - يا أهل التخصص - في (مقدمة شيخ الإسلام)؟
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[06 May 2003, 12:13 م]ـ
يقول شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ:
يجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن لأصحابه معاني القران كما بين لهم ألفاظه!! فقوله عز وجل [لتبين للناس ما نزل إليهم] يتناول هذا وهذا.
المرجع: أول فصل في مقدمة أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه.
بماذا نوجه العبارة المعلم عليها بالاحمر ....
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[06 May 2003, 06:03 م]ـ
بسم الله
أخي الكريم وفقك الله:
ما سألت عنه من كلام شيخ الإسلام في مقدمة التفسير سبق لي أن درسته بالتفصيل، وكتبت حوله بحثاً قبل سنوات.
والذي توصلت إليه أن كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يحمل على تبيين ما لا بد من بيانه من معاني القرآن؛ إذ من المعلوم أن كثيراً من آي القرآن يمكن فهمه لمن كان من أهل اللسان العربي، فهذا لا يحتاج إلى بيان من الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأما الذي يجب عليه صلى الله عليه وسلم بيانه فهو ما أشكل، ولا يمكن فهمه إلا ببيانه صلى الله عليه وسلم.
وهذا الجواب هو الذي يتوافق مع الواقع، ومع النصوص والأدلة في هذه المسألة. والله أعلم، وهو الموفق للصواب.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[07 May 2003, 02:25 م]ـ
الأخ الفاضل (الشافعي) حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد، فقد اطلعت على إيرادكم العبارة المشكلة في رسالة شيخ الإسلام، وهي ليست الموضع الوحيد الذي ذكر فيه مثل هذه العبارة، بل ذكرها في مواطن أخرى سترد الإشارة إلى بعضها.
كما اطلعت على ردِّ الأخ الفاضل الشيخ أبي مجاهد العَبيدي (بفتح العين)، وكنت أتمنى لو كتب ما توصل إليه في هذه العبارة مفصلاً لتقع الفائدة للجميع.
وسأكتب لك ما وقع لي من شرح هذه العبارة أثناء شرحي لرسالة شيخ الإسلام، وهو شرحٌّ لمَّا ينقَّح، فأقول:
موضوع البيان النبويِّ للقرآن:
ذكر شيخ الإسلام في هذا المبحث أن النبي قد بيَّن للصحابة معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه، واستدلَّ لذلك بأربعة أدلة:
الأول: قوله تعالى:] لتبين للناس ما نزل إليهم [، وهو يشمل بيان الألفاظ وبيان المعاني.
الثاني: الآثار الواردة في تعلُّم الصحابة لمعاني القرآن.
الثالث: الآيات الحاثَّة على عقلِ القرآن وتدبره.
الرابع: العادة الجارية بين الناس فيمن أراد أن يتعلم علمًا، فإنه يستشرح كتابًا في هذا العلم.
ويُعبِّر بعض المعاصرين عن هذه المسألة بسؤال، وهو: هل فسَّر النبي r القرآن كله، أم فسَّر بعضَه؟
والذي يُفهم من كلام شيخ الإسلام هنا أنه فسَّره كلَّه، وقد طرق هذا الموضوع في غير هذا الموضع، وأورد فيه مثل ما أورده هنا، وهذا يعني أنَّ هذه القضية قضية محسومة عنده.
ومن أمثلة ما ورد عنه في هذه القضية:
قال ـ في معرض حديثه عن المتشابه، وبيان أن السلف تكلموا في جميع معاني القرآن ـ:» ... ثمَّ إنَّ الصحابة نقلوا عن النبي r أنهم كانوا يتعلمون منه التفسير مع التلاوة، ولم يذكر أحد منهم قط أنه امتنع عن تفسير آية.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا: عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي r عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ... «(دقائق التفسير 1: 142).
وقال في بغية المرتاد (ص: 330 ـ 332) في معرض ردِّه على أبي حامد الغزالي في قوله في كتب جواهر القرآن عن التفسير الباطن:» إن كنت لا تقوى على احتمال ما يقرع سمعك من هذا النمط مالم تُسند التفسير للصحابة، فإنَّ التقليد غالب عليك «، قال شيخ الإسلام:» ... وأما التفسير الثابت عن الصحابة والتابعين، فذلك إنما قبلوه لأنهم قد علموا أن الصحابة بلغوا عن النبي لفظ القرآن ومعانيه جميعا كما ثبت ذلك عنهم، مع أن هذا مما يعلم بالضرورة عن عادتهم، فإن الرجل لو صنف / كتابَ علمٍ في طبٍ أو حسابٍ أو غيرِ ذلك وحفظه تلامذته = لكان يُعْلَمُ بالاضطرارِ أنَّ هِمَمَهم تشوَّق إلى فهم كلامه ومعرفة مراده، وإن بمجرد حفظ الحروف لا تكتفي به القلوب، فكيف بكتاب الله الذي أمر ببيانه لهم، وهو عصمتهم، وهداهم، وبه فَرَقَ الله بين الحق والباطل والهدى والضلال
(يُتْبَعُ)
(/)
والرشاد والغي، وقد أمرهم بالإيمان بما أخبر به فيه والعمل بما فيه، وهم يتلقونه شيئا بعد شيء؛ كما قال تعالى:] وقالوا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا [الآية، وقال تعالى:] وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا [، وهل يتوهم عاقل أنهم كانوا إنما يأخذون منه مجرد حروفه، وهم لا يفقهون ما يتلوه عليهم، ولا ما يقرؤونه، ولا تشتاق نفوسهم إلى فهم هذا القول، ولا يسألونه عن ذلك، ولا يبتدىء هو بيانه لهم هذا مما يعلم بطلانه أعظم مما يعلم بطلان كتمانهم ما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، ومن زعم أنه لم يبين لهم معاني القرآن، أو أنه بيَّنها، وكتموها عن التابعين، فهو بمنْزلة من زعم أنه بين لهم النص على عليِّ وشيئًا آخر من الشرائع والواجبات، وأنهم كتموا ذلك، أو أنه لم يبين لهم معنى الصلاة والزكاة والصيام والحج ونحو ذلك مما يزعم القرامطة أنَّ له باطنا يخالف الظاهر؛ كما يقولون إن الصلاة معرفة أسرارهم والصيام كتمان أسرارهم والحج زيارة شيوخهم وهو نظير قولهم أن أبا بكر وعمر كانا منافقين / قصدهما إهلاك الرسول وأن أبا لهب أقامهما لذلك وأنهما يدا أبي لهب وهو المراد في زعمهم بقوله تبت يدا أبي لهب وتب وقولهم إن الإشراك الذي قال الله لئن أشركت ليحبطن عملك هو إشراك أبي بكر وعلي في الولاية وأن الله أمره بإخلاص الولاية لعلي دون أبي بكر وقال لئن أشركت بينهما ليحبطن عملك ونحو ذلك من تفسير القرامطة.
فقولنا بتفسير الصحابة والتابعين لعلمنا بأنهم بلغوا عن الرسول ما لم يصل إلينا إلا بطريقهم، وأنهم علموا معنى ما أنزل الله على رسوله تلقيا عن الرسول، فيمتنع أن نكون نحن مصيبين في فهم القرآن، وهم مخطئون، وهذا يعلم بطلانه ضرورة عادة وشرعا «.
وقال:» أحدها: أن العادة المطردة التى جبل الله عليها بنى آدم توجب اعتناءهم بالقرآن المنَزل عليهم لفظا ومعنى، بل أن يكون اعتناءهم بالمعنى أوكد، فانه قد علم أنه من قرأ كتابا فى الطب أو الحساب أو النحو أو الفقه أو غير ذلك فانه لابد أن يكون راغبا فى فهمه وتصور معانيه فكيف بمن قرؤا كتاب الله تعالى المنَزل اليهم الذى به هداهم الله وبه عرفهم الحق والباطل والخير والشر والهدى والضلال والرشاد والغى، فمن المعلوم أن رغبتهم فى فهمه وتصور معانيه أعظم الرغبات، بل اذا سمع المتعلم من العالم حديثا فانه يرغب فى فهمه فكيف بمن يسمعون كلام الله من المبلغ عنه بل، ومن المعلوم أن رغبة الرسول فى تعريفهم معانى القرآن أعظم من رغبته فى تعريفهم حروفه، فان معرفة الحروف بدون المعانى لا تحصل المقصود إذا اللفظ إنما يراد للمعنى «(الفتاوى 5: 175).
والملاحظ هنا أنَّ شيخ الإسلام رحمه الله تعالى يناقش أقوال أقوامٍ لا يرون تفسير الصحابة والتابعين، ويذهبون إلى تفسيرات شيوخهم من أهل البدع، فقد ذكر هذه الأفكار في كتبٍ يناقش فيها هؤلاء، ككتاب بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية وأهل الإلحاد القائلين بالحلول والاتحاد، وفي كلامه على المحكم والمتشابه.
ولما كان الأمر هنا في مناقشة أهل البدع الذين ضلوا الطريق جاء هذا التبيين منه رحمه الله على هذا الوجه، لكن ما في المقدمة تبيين لأناس لم يُشابوا بهذه العقائد الفاسد.
والذي يريده شيخ الإسلام (ت: 728) التنبيه على أنَّ التفسير قد عُلِمَ من جهة الصحابة والتابعين، وهو يريد أن يحتجَّ على أولئك المبتدعة الذين يأتون بأقوال باطلة تناقض أقوال السلف، ولا تصححها الشريعة. وينتج من ذلك:
% أنه لا يوجد في القرآن ما لا يُعلم معناه، فلا يقع متشابه كلي في هذا القسم الذي يتعلق بالمعنى، إذ كله معلوم مفسَّرٌ، ومنه معاني الأسماء والصفات التي كان النِّزاع فيها مشهورًا بين المتأخرين، وأحسنهم حالاً من يزعم أنَّ مذهب السلف فيها التفويض، وهذا من جهل تفسير السلف.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا شكَّ أنَّ عدم ورود تفسيرات جزئية لهذه المسائل التي بحثها المتأخرون لا يعني أنَّ السلف كانوا يفوضونها؛ لأنَّ هذا لم يرد عنهم البتة، كما لم يرد عنهم إنكار معنى صفة من الصفات ولا اسم من الأسماء، ولهذا لا مدخل لهم في كون النبي r لم يفسر جميع القرآن، فهم يُلزمون بأن يثبتوا بالنقل أنَّ السلف فوَّضوا المعاني أو أنكروا معانيها كما يفعل المتأخرون، والموضوع في هذا طويل، والمراد التنبيه على أنَّه لا حجة لهؤلاء في تفسيراتهم المبتدعة بكون الرسول r لم يفسر جميع القرآن، والله أعلم.
% أنه لا يوجد في القرآن ما خفِيَ علمه على الصحابة، وظهر لمن بعدهم بلا علمٍ ولا دليل ولا حجة يقوم عليها ذلك التفسير؛ كتفسيرات الرافضة والقرامطة وغيرهم من الغلاة الذين يزعمون أنَّ عندهم من تفسيره ما لا يُعلَم إلا من جهتهم.
وليس ردُّ هذه التفسير لكونه لما ترد عن السلف فقط، بل لأنها باطلة في ذاتها، قال شيخ الإسلام (ت: 728):» وقوله] يعني: الغزالي [: إن كنت لا تقوى على احتمال ما يقرع سمعك من هذا النمط ما لم تسند التفسير للصحابة، فإن التقليد غالب عليك.
يقال له: إنما لم أحتمل هذا النمط لأني أعلم بالاضطرار أنه باطل، وأن الله لم يُرِدْهُ فَرَدِّي للقَرْمَطَةِ في السمعيات كَرَدِّي للسفسطة في العقليات، وذلك كَرَدِّي لكل قول أعلم بالاضطرار أنه كذب وباطل. ولو نقل مثل هذا النمط عن أحد من الصحابة والتابعين، لعلمت أنه كذب عليهم، ولهذا تجد القرامطة ينقلون هذا عن علي u ، ويدَّعون أنَّ هذا العلم الباطن / المخالف لما علم من الظاهر مأخوذ عنه، ثم لم يستفيدوا بهذا النقل عن علي u عند المسلمين إلا زيادة كذب وخزي، فإن المسلمين يعلمون بالاضطرار أن عليًّا لا يقول مثل هذا، وأهل العلم منهم قد علموا بالنقول الصحيحة الثابتة عن علي ما يبين كذب هذا، ويبين أن من ادعى على علي أنه كان عنده عن النبي r علم خصه به فقد كذب، كما هو مبسوط في غير هذا الموضع «().
% أنه لا يوجد في تفسير القرآن ما أخفاه الرسول r عن الصحابة t ، ولا ما أخفاه على بعضهم وعلَّمه غيرهم عن قصدٍ، ولا ما علَّمه بعض الصحابة واستأثروا بعلمه فلم يُعلِّموه، ولا ما خصُّوا به بعض التابعين عن قصدٍ، حتى يصل إلى بعض الناس دون غيرهم، فكلُّ هذا مما يخالف ما هو معلوم من نقل الآثار بالضرورة، ويعرف كل من قرأ في آثار السلف عمومًا أنه لا يوجد مثل هذه العلوم الخاصة التي يزعمها بعض الرافضة أو الصوفية أو الباطنية.
ولا شكَّ أن كلام شيخ الإسلام من حيث وجود بيان لجميع القرآن عن رسول الله r بجميع ألفاظه وجُمَلِهِ فيه إشكالٌ، ويلزم منه أنَّ الصحابة الذين فسروا القرآن كانوا يفسرونه بتفسير النبي r ولا ينسبونه إليه، أو أن يكون شيء كثير منه لم يصل إلينا، وهذا من المسائل المشكلة، لو ثبتت.
والذي تدلُّ عليه الآثارُ ما يأتي:
% أنَّ النبي r كان له تفسيرات مباشرة لبعض آيات القرآن.
% أنَّ عموم سنته r شارحة للقرآن.
% أنَّ أصول الدين من المعاملات والشرعيات والاعتقادات قد بيَّنها الرسول r للصحابة بيانًا واضحًا لا لبس فيه، واختلافهم في بعض أفرادها لا يدلُّ على أنه لم يبينها لهم.
وهذا يسدُّ المدخل على المبتدعة الذين ناقشهم شيخ الإسلام، وعليه يُحمل كلامه في بيان الرسول r ، والله أعلم.
% أنَّ الصحابة كان لهم اجتهاد في بيان القرآن وتفسيره، ولم يقع خلافهم في أصول المسائل السابقة، وإنما وقع في جزئيات، بل ما وقع الخلاف فيه من جهة الاعتقاد نادرٌ جدًّا، وهو يرجع إلى صحَّةِ دلالة الآية على المسألة العقدية، لا على ثبوت المسألة العقدية عندهم؛ كالاختلاف في قوله تعالى:] يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون [] القلم: 42 [، فقد ورد عن ابن عباس وأصحابه أنه تكشف القيامة عن هول وكرب عظيم، وقد حمل بعض المفسرين الآية على ما ورد عن أبي سعيد الخدري وغيره من حديث الساق، وهو قول الرسول r :» يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياءً وسمعة، فيذهب ليسجد، فيعود ظهره طَبَقًا واحدًا «().
(يُتْبَعُ)
(/)
ومما يجب أن يعلم ويعتقد أنه لا يوجد في تفسيرات الصحابة ولا التابعين وأتباعهم قول بالرأي المذموم الذي يكون عن جهل أو هوى، كما حصل فيمن جاء بعدهم من المتأخرين، بل كانوا يجتهدون على علمٍ، ولا يعني هذا أن يكون كل اجتهادهم صحيحًا، بل حالها حال الاجتهادات في الفرعيات، لكن قولهم مقدم، وهو أولى من قول غيرهم من المتأخرين، وهذا لا يُنازع فيه، وعموم اختلافهم في التفسير يرجع إلى اختلاف التنوع كما أشار إليه شيخ الإسلام في أكثر من موطن، والله أعلم.
% إذا أوردت أثر أبي عبد الرحمن السلمي الذي ذكره شيخ الإسلام، وفيه دلالة على أنَّ الصحابة كانوا يتدارسون القرآن؛، قال:» حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن ـ كعثمان وعبد الله بن مسعود وغيرهما ـ: أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي r عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا «.
وأضفت إليه أثر ابن عمر، وهو قوله:» لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنْزل السورة على محمد، فنتعلم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده منها؛ كما تتعلمون أنتم القرآن اليوم، ولقد رأينا اليوم رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه «.
واستحضرت أثر ابن مسعود (ت: 35)، الذي يدُّل على أنهم كانوا إذا أشكل عليهم شيء من القرآن سألوا رسول الله r ، قال ابن مسعود (ت: 35):» لما نزلت هذه الآية] الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم [شق ذلك على أصحاب رسول الله، وقالوا: أينا لم يلبس إيمانه بظلم، فقال رسول الله: إنه ليس بذاك، ألا تسمع إلى قول لقمان لابنه:] إن الشرك لظلم عظيم [«.
واستحضرت أثر ابن عباس (ت: 68) في أقسام التفسير، الذي استشهد به شيخ الإسلام في أكثر من موطن، قال ابن عباس (ت: 68):» تفسير القرآن على أربعة وجوه: تفسير يعلمه العلماء، وجهٌ تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير لا يعلم إلا الله تعالى ذكره «().
وإذا علمت أنَّ النبي r كان يبتدئ أصحابه بالتعليم في أحيان كثيرة = ظهر لك أنَّ المدارسة التي بينهم في العلم قد تكون مع الرسول r ، وقد تكون فيما بينهم، فإذا أشكل عليهم شيء من العلم سألوا رسول الله r ، وإن كان كثير من العلم يبتدئهم به الرسول r دون سؤال منهم.
فإنَّ النتيجة التي يمكن أن تخلص إليها من جملة هذه الآثار: أنَّ النبي r بين لهم من المعاني ما احتاجوا إليه، بدلالة قوله r :» تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك كتاب الله وسنتي «.
وكان من أعظم ما يدخل في البيان أصول الدين والشرائع والمعاملات، وأنَّ الخلاف الوارد في التفسيرِ كان في أمورٍ قابلة للاجتهاد، والأمر فيها واسع، وهي ترجع إلى احتمال الآية للمعنى المذكور من عدمه.
أما الأقوال الباطلة التي ظهرت بعد جيل السلف فإنه يردُّها أمورٌ سترد الإشارة إليها في التعليق على هذه المقدمة إن شاء الله.
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[13 May 2003, 08:02 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
: فأود المشاركة في هذا الموضوع بعدد من النقاط أرجو أن تسهم في توضيح هذه المسألة، وأرجو أن لا أثقل عليكم:
من أول ما يجب عند البحث في هذه المسألة أن يستحضر الباحث أن ألفاظ القرآن الكريم وآياته تنقسم من جهة فهم المخاطبين لها إلى قسمين:
الأول: قسم من آيات القرآن الكريم وألفاظه، لا يحتاج إلى بيان وتفسير، وإنما يفهمه المخاطب بلغته وسليقته؛ نحو: تعال وأقبل، وذهب، وعاد، وما كان في معنى هذه الألفاظ، فمثل هذا لا يحتاج إلى تفسير وبيان؛ لأن العربي يفهمه بمقتضى كونه ناطقا بلغة العرب متكلما بها، ومن أمثلة ذلك من آيات القرآن قوله تعالى: (محمد رسول الله) وقوله: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا) وقوله ((وهو الذي أحياكم ثم يميتكم)) فمثل هذا لا تدعو الحاجة إلى أن يفسر المعنى لمن يتكلم لغة العرب؛ لأن مقتضى كونه متكلما بلغة العرب أن يفهم مثل هذه الألفاظ والتراكيب، وعلى هذا النوع جاءت كثير من آيات القرآن، ويحتمل إن يقال: إن أكثر القرآن الكريم ورد
(يُتْبَعُ)
(/)
على هذا النحو، وهذا القسم من آيات القرآن الكريم وألفاظه لم ينقل عن النبي e تفسيره وبيانه، بل ولا عن أحد من الصحابة والتابعين، لأن الاشتغال بهذا من العي والسفه الذي يجل عنه العقلاء فضلا عن مقام النبوة. وقد أشار فضيلة د. مساعد إلى هذا فيما نقله عن ابن عباس t في الوجه الأول من أوجه تفسير القرآن الكريم. ومن نافلة القول أن يشار إلى أن أهل العلم ممن تكلم في هذه المسألة كابن تيمية وغيره رحمهم الله قطعا لم يقصدوا في بحثهم أن النبي فسر هذا النوع من الألفاظ والتراكيب، وإذا سلمنا بهذا خرج من محل البحث كثير من آيات القرآن الكريم. وهنا لا بد من التنبيه على أنه لا يشكل على هذا ظهور العجمة في الناس بعد هذا، لما تفرق الصحابة في الأمصار ودخل كثير من العجم في الإسلام، مما أثر في السليقة العربية، فهذا أمر طرأ بعد أن لم يكن في زمن النبي e، بل حتى نحن اليوم يشكل علينا ألفاظ من القرآن الكريم كان عامة الناس حتى العوام منهم في القرون المتقدمة لا يجهلون المراد بها.
الثاني: وقسم آخر من القرآن الكريم، لا يفهمه العربي بلغته وسليقته اللغوية، وبعبارة أكثر دقة: لا يفهم المراد منه، وإن أمكن فهم لفظه مجردا، فلفظ الصلاة والزكاة ـ مثلا ـ من الألفاظ التي لا يشكل على العربي فهم معاني ألفظها، وإنما يشكل عليه فهم مراد الشارع منها، فهو وإن فهم أن الصلاة بمعنى الدعاء، والزكاة بمعنى النماء والتطهير، فهو لا يدري المراد بهما في اصطلاح الشريعة، والعربي يفهم أيضا بسليقته العربية المراد بالجنة والنار والصراط المنصوب على متن جهنم والميزان، لكنه لا يدرك حقائق تلك الألفاظ، وهذا القسم يمكن أن يقسم باعتبارات عديدة، أهمها؛ أنه ينقسم باعتبار أن المكلف يحتاج فهمه حتى يمتثل ما كلف به أو لا يحتاج، إلى نوعين:
الأول: نوع يتعلق بما لزم المكلف من تكاليف الشريعة وواجباتها كالحلال والحرام، فالمكلف يحتاج إلى فهم مراد الشارع فيها حتى يمكنه أن يمتثل ما أمر به نحو ما سبق من معنى الصلاة والزكاة، ومثل هذا النوع قد بينه النبي e كله أتم بيان وأبلغه، وهو مقتضى كونه رسولا؛ لأن من لازم الرسالة البيان والبلاغ التام، ولهذا يقول تعالى ((وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون)) ويقول تعالى ((وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون)) وهذا القنوع لا يختلف أهل الإسلام في أن الرسول eبلغة أتم وأكمل بلاغ، لكن أود هنا التنبيه على كيفية التفسير النبوي لها، لأنه ربما وقع الظن بأن البيان لا بد أن يكون لفظيا، والصحيح أن سنة النبي e بمفهومها الشامل لأقواله وأفعاله وتقريراته كلها من جملة ما يحصل به بيان القرآن الكريم، فمثلا مما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام مما يندرج ضمن البيان اللفظي ما رواه مسلم وغيره عن أنس بن مالك أن النبي e قال لما قرأ سورة الكوثر، قال: (أتدرون ما الكوثر؟ فقلنا الله ورسوله أعلم قال فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل، عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيختلج العبد منهم، فأقول: رب إنه من أمتي، فيقول: ما تدري ما أحدثت بعدك) هذا مثال على التفسير النبوي اللفظي، ومن أمثلة التفسير العملي أو الفعلي ما جاء عنه عليه الصلاة والسلام في بيان المراد بالصلاة والحج وغيرهما، إذ نجد في القرآن الكريم في مواضع كثيرة أمر بالصلاة والحج، وقد ثبت عن النبي e فيما رواه البخاري وغيره عن مالك أنه قال (صلوا كما رأيتموني أصلي) وقال في الحديث الذي أخرجه الترمذي وأصحاب السنن عن جابر ـ في الحج ـ قال: (خذوا عني مناسككم)، فكل ما ثبت عن النبي u في صفة الصلاة والحج قولا وفعلا هو من جملة التفسير والبيان لتلك الآيات الآمرة بالصلاة والحج، وهذا النوع من التفسير أعني به التفسير العملي باب واسع، وفي ظني أنه لم يلق العناية به وقد كنت أرجو أن يبحث في رسالة علمية كما عزم على ذلك أخي الشيخ إبراهيم الحميضي، لكن حال دون ذلك بعض الأمور، والحمد لله على كل حال.
الثاني: نوع لا يحتاج المكلف فهمه حتى يمتثل ما أمر به، وأمثلة هذا النوع كثيرة من ذلك: كثير من الأمور الغيبية التي ذكرت في القرآن، مثل بعض ما يقع في الآخرة كصفة الصراط والميزان، ومثل بعض الحوادث والوقائع التي أشار إليها القرآن الكريم، كأسماء أصحاب الكهف وعددهم واسم كلبهم، ومما يندرج في هذا النوع بعض الحقائق العلمية التي أشار إليها القرآن الكريم، فإن علم المكلف بها وإن كان يزيد في إيمانه ويقينه بأن القرآن من عند الله تعالى، لكنه مما لا يلزم المكلف فهمه على هذا المعنى الخاص، ولذا لم ينقل عن النبي e تفسيره بل ترك لفهم واستنباط أهل العلم الراسخين فيه، وهذا من جملة الأوجه التي جعلت القرآن الكريم آية معجزة إلى قيام الساعة، وأحسب أننا إذا تتبعنا كلام الإمام ابن تيمية رحمه الله في كتبه ومؤلفاته لم يشق علينا أن نراه يقرر أن النبي e سكت عن بيان بعض هذه الغيبيات.
وبعد، فأرجو أن يكون ما ذكرته هنا مما يساعد على تصور المسألة ويلقي عليها مزيدا من الضوء، والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[15 May 2003, 03:35 م]ـ
شكرالله لك الشيخ / مساعد. هذا التحقيق وهذا الجهد في خدمة العلم والعلماء.
وطلبة العلم بحاجة ماسة لشرح هذه المقدمة شرحا وافيا يحل غوامضها ويفك رموزها
وانتم اهل باذن الله لهذه المهمة. وفقكم الله واعانكم لاتمام هذا الشرح عاجلا غير اجل.
دمت بخير وعافية ..
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 May 2003, 05:53 ص]ـ
بسم الله
لعل الإشكال قد زال بما ذكره المشايخ الكرام أعلاه، وتتميماً للفائدة أنقل هنا شرح الشيخ صالح الأسمري وفقه الله لهذا المقطع من مقدمة التفسير، قال الشيخ صالح:
(عقد المصنف ـ يرحمه الله ـ هذا الفصل؛ لِيُبَيِّنَ أن النبي r بيَّن لأَصحابه معاني القرآن، واستدل على ذلك بثلاث دلائل:
ـ أولها: دلالة الخبر. وذلك قول الله عز وجل:) لِتُبيِّن للناس ما نزل إِليهم (. حيث إن الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم يشمل البيانين:
أولهما: البيان اللفظي بتلاوة كتاب الله و تبليغه.
والثاني: البيان الإِيضاحي المتعلق لما في كتاب الله عز وجل ومعانيه.
ومعلومٌ أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يُخالف أمْرَ ربه، وهو معصوم من المخالفة في الشرع، وهذا منعقدٌ الإجماع عليه، وقد حكى الإجماع جماعة، و من أولئك: شيخ الإسلام ابن تيمية ـ يرحمه الله ـ في: "دلائل النبوة" ومن ثَمَّ يصح الاستدلال به، فَيُؤخذ أن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن معاني القرآن، كما أنه بيَّن ألفاظه.
ـ ثانيها: دلالة النظر، وذلك من جهاتٍ:
l منها: قول المصنف ـ يرحمه الله ـ: (وذلك أن الله تعالى قال: (كتاب أنزلناه إِليك مباركٌ ليدبَّرُوا آياته)، وقال: (أفلا يتدبرون القرآن)، وقال: (أفلم يدَّبروا القول) وتدبر الكلام دون فهم معانيه لا يُمكن…الخ). وفيه استدلالٌ بدلالة اللزوم على إثبات المقصود، فإَذا كان القرآن قد أُمِرَ بتدبره، ولا يُستطاع فهم جميع القرآن من قِبَلِ الناس جميعاً، فتعين أن النبي صلى الله عليه وسلم أَفهم أُمته هذا القرآن.
l ومن النظر أيضاً: ما أشار إليه المصنف ـ يرحمه الله ـ بقوله: (ومن المعلوم أَن كل كلامٍ فالمقصود منه: فهم معانيه دون مجرد ألفاظه؛ فالقرآن أولى بذلك) وهذا ما يُسمى بدلالة الأَولوية، وفيه أن القرآن قد بَيَّنَهُ النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن المقصود فهمه وتدبره، ولا يقع إِلا كما سبق.
ـ وثالثها: دلالة العادة. وبيَّنها المصنف ـ يرحمه الله ـ بقوله: (والعادة تمنع أن يقرأ قومٌ كتاباً في فنٍ من العلم كالطب والحساب …).
وعليه: فإن الصحابة استشرحوا كتاب الله تعالى على النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ فبيَّن لهم معانِيَهُ، وأفهمهم إِياه.
فهذه ثلاث دلائل، تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن القرآن الكريم معنىً وفحوى.
واختلف في المقصود بالتبيان السابق على قولين:
الأَول: أَنه بيَّن صلى الله عليه وسلم جميع آي الكتاب، ويدخل في ذلك: كلماته وجُمله وما إليه.
وأما الثاني: فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن شيئين:
أولهما: المجمل؛ ففسره.
وأما الثاني: فالمستشكل؛ فبينه.
والقول الثاني هو الذي قطع به الجمهور والأكثر، كما قاله السيوطي في: "الإتقان"، وكذلك البقاعي في مواضع من تفسيره: "نظم الدرر في تناسب الآي والسُّوَر"، وجماعة.
وفيه دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما اقتصر على بيان ما يَرِدُهُ السؤال عنه، والعادة أنه يُسأل عن المجملات؛ لِتُفَصَّل، وعن المستشكلات، لِتُبيَّن.
وهذا القول يدل عليه دلالتان:
أما الأولى: فقول الله عز وجل: (لتُبين للناس ما نُزِّلَ إِليهم)، حيث فسره مجاهد كما جاء عند: "الطبري" وغيره بأنه: (بيانٌ لما أُجمل واستشكل)، فرجع البيان حينئذٍ إلى شيئين: إِلى المستشكل، وإِلى المجمل.
وأما الثانية: فاتفاق الفقهاء والمفسرين على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُبيِّن أحرف القرآن وكلماته، وقد حكى الاتفاق في ذلك جماعة، ومن أولئك: بدر الدين الزركشي في: "البرهان"، وكذلك القرطبي في: "تفسيره"، في آخرين.
وعليه فإِطلاق شيخ الإسلام ابن تيمية ـ يرحمه الله ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن لأَصحابه معاني القرآن؛ إِنما عنى به المعنى السابق، من مجملٍ يُفَسَّر ويُفَصَّل، ومن مُسْتَشْكَلٍ يُبيَّن ويُحَل.
ويدل على أنه عنى ذلك الإطلاق دلالتان:
أما الأولى: فالاتفاق المحكي. وسبق، والعادة عدم مخالفة الإِمام للاتفاقات والإجماعات المحكية.
وأما الثانية: فهو أن شيخ الإسلام ـ يرحمه الله ـ قد بيَّن في آخر هذه المقدمة أن الرأي في كتاب الله سبحانه وتعالى نوعان:
رأي مذموم، ورأي محمود، فدلَّ على أن كتاب الله ليس مبيناً في كل كلماته وجُملِهِ؛ وإِلا لما كان ثمةَ مكان للرأي المحمود.
وعليه فإن تقرير شيخ الإسلام ابن تيمية ـ يرحمه الله ـ لتبيين النبي r لمعاني القرآن، محمولٌ على هذا المحمل، لا غير.) انتهى شرح الشيخ صالح.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسن]ــــــــ[20 Oct 2005, 07:06 ص]ـ
نود من شيخنا الفاضل مساعد الطيار أن يؤلف شرحا لهذه المقدمة النفيسة
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[20 Oct 2005, 09:58 ص]ـ
الحمد لله، لقد انتهيت من هذا الشرح، وسيطبع قريبًا في دار ابن الجوزي بالدمام، وأتمنى من الله أن يكون هذا الشرح معينًا في فهم القضايا المتعلقة بالتفسير التي طرحها شيخ الإسلام ابن تيمية، ولم أسلك فيه أسلوب الشرح المعتاد، بل نظرت إلى المسائل التي تكلم فيها شيخ الإسلام، ثم درستها مبيِّنًا رأي شيخ الإسلام، ومستعينًا بما كتبه من الأفكار نفسها في غير المقدمة، ومضيفًا بعض الفوائد المتعلقة بنقاش االموضوع، وقد ألحقت عددًا من النصوص التي لها علاقة بموضوعات المقدمة، وجعلتها آخر الكتاب باسم ملاحق علمية من كلام شيخ الإسلام وتلميذه ابن قيم الجوزية.
ولله الحمد أولاً وآخر، وظاهرًا وباطنا.
ـ[أبو حسن]ــــــــ[21 Oct 2005, 12:59 ص]ـ
جزاكم الله وأسأل الله ألايحرمكم الأجر والمثوبة
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Dec 2009, 12:03 ص]ـ
ومما يحسن إضافته هنا أن الآية التي استدل بها شيخ الإسلام في تقريره لبيان النبي صلى الله عليه وسلم، وهي قول الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] قد خصص عمومها بالآية التي في نفس السورة، وهي قول الله جل وعلا: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل: 64]؛ فالآية الأخيرة تدل على أنه يبين ما اختلفوا فيه، وأما ما لم يقع فيه اختلاف فلا حاجة إلى بيانه.
كما أن في الآية قرينةً على أنه لم يبين كل شيئ في القرآن، وهي ختمها بقوله: {ولعلهم يتفكرون}؛ فلو أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن معاني جميع الآيات فليس هناك حاجة للتفكر والنظر في معانيها.
جاء في كتاب "البيان في علوم القرآن" للأستاذين سليمان القرعاوي، ومحمد بن علي الحسن ما نصه: (وقد بيّن صاحب دراسات في مناهج المفسرين [الدكتور إبراهيم خليفة] خطأ فهم أستاذه المرحوم الذهبي، بل فهم السيوطي من قبله، فقال: "معنا قرينتان من قول ابن تيمية شيخ الإسلام نفسه في هذا المجال صريحتان في أنه لا يمكن بحال من الأحوال شمول البيان النبوي لجميع القرآن.
أحدهما: تصريحه أن أحسن طرق التفسير وأوضحها أن يطلب أول ما يطلب من القرآن ذاته، وأنه حين يعيينا ذلك فحسب ننتقل إلى السنة على ما قال طيب الله ثراه في هذه المقدمة: (فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا أَحْسَنُ طُرُقِ التَّفْسِيرِ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ أَصَحَّ الطُّرُقِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُفَسَّرَ الْقُرْآنُ بِالْقُرْآنِ؛ فَمَا أُجْمِلَ فِي مَكَانٍ فَإِنَّهُ قَدْ فُسِّرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَمَا اُخْتُصِرَ مِنْ مَكَانٍ فَقَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَإِنْ أَعْيَاك ذَلِكَ فَعَلَيْك بِالسُّنَّةِ)؛ فإذا كان البيان النبوي الشريف شاملاً لجميع القرآن، إذن علام نسب هذا الزعم لشيخ الإسلام؟! فماذا بقي بعد ذلك للقرآن حتى يفسر بعضه بعضاً، بل حتى يقدم ذلك، ولا ينتقل عنه إلى طلب البيان من السنة إلا حيث لا نجده.
أما القرينة الثانية من كلام شيخ الإسلام نفسه في هذه المقدمة، فقوله بعد أن فرغ من الحديث عن السنة: (وَحِينَئِذٍ إذَا لَمْ نَجِدْ التَّفْسِيرَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ رَجَعْنَا فِي ذَلِكَ إلَى أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُمْ أَدْرَى بِذَلِكَ لِمَا شَاهَدُوهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْأَحْوَالِ الَّتِي اخْتَصُّوا بِهَا؛ وَلِمَا لَهُمْ مِنْ الْفَهْمِ التَّامِّ وَالْعِلْمِ الصَّحِيحِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ لَا سِيَّمَا عُلَمَاؤُهُمْ وَكُبَرَاؤُهُمْ كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ ... إلخ)، فإذا كانت السنة قد بينت جميع القرآن فماذا يمكن أن يكون قد بقي إذن لأقوال الصحابة حتى نرجع إليها في التفسير، بل ما معنى قوله: (وَحِينَئِذٍ إذَا لَمْ نَجِدْ التَّفْسِيرَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ)؟!. انتهى المراد نقله من كتاب البيان في علوم القرآن ص320 - 322.(/)
* * لطائف الوقوف * *
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[07 May 2003, 07:35 ص]ـ
هذه مجموعة لطيفة من مواضع الوقف والابتداء المستحسنة , التي يستفيد منها كل قارئ للقرآن.
ولا شك:
أن من فوائد علم الوقف والابتداء إفادة معنىً جديد مبتكر غير المعنى المتبادر من الوقف المعتاد.
كما أنه:
مجال رحب من مجالات تدبر معاني كلام الله تعالى , والتأمل فيه.
وفكرة هذا الموضوع أن يضيف كل قارئ وزائر , ما وقف عليه بنفسه من مواضع الوقف الحسنة غير المعتادة , أو ما سمعه من أحد القراء المتقنين من هذه الوقوف.
وسأبدأ هذه المشاركات بذكر مثال , نكمل غيره من المواضع بعد مشاركات الإخوة وآرائهم:
- سورة البقرة (282): {ولا يأب كاتب أن يكتب * كما علمه الله فليكتب}.
- سورة البروج (14 - 15 - 16): {وهو الغفور الودود ذو العرش * المجيد فعال لما يريد}.
ولعلنا نقتصر في هذا المقام على ذكر الوقف وموضعه , دون التعرض لنوع الوقف , ليبقى النظر في المعنى واتصاله بسياقه محل تأمل القارئ , فلا نضع للمثال إطاراً خاصاً ينظره القارئ من خلاله. وهذا مجرد اقتراح؛ لأن غرضي من الموضوع هو الوقوف على هذه المواضع بالدرجة الأولى , للفوائد التي ذكرتها , ولغيرها مما لا يخفى.
فإلى مشاركاتكم , وإفاداتكم , بارك الله فيكم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[07 May 2003, 09:32 ص]ـ
بسم الله
اختيار موفق يا أبا بيان
وللإحاطة: موضوع الشيخ مساعد الطيار - إن لم أكن واهما - لرسالة الماجستير كان عن موضوع الوقف والإبتداء وأثره في التفسير.
وهذا الموضوع جدير بالعناية، وخاصة من القراء والأئمة؛ فكثير منهم يقع في أخطاء بسبب عدم معرفة هذا العلم
ومن أمثلة ذلك على وجه السرعة:
أسمع بعض الأئمة يقرأ قوله تعالى: (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من االخاسرين) فيقف عند (ليحبطن عملك) لانقطاع نفسه؛ ثم يستأنف قارئاً (ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) ولا شك أن هذا ابتداء قبيح جداً.
ومن ذلك أيضاً أن كثيراً من القراء يصلون قوله تعالى: (كلا لو تعلمون علم اليقين) بقوله تعالى بعدها: (لترون الجحيم) وهذا خطأ يخل بتفسير الآيتين؛ لأن الأولى جملة شرطيه’ جوابها محذوف تقديره: لو يعلمون علم اليقين لما ألهاهم التكاثر، أو لما فعلوا ما لا ينبغي فعله.
والآية الثانية استئنافية قسمية، والمعنى: والله لترون الجحيم، على تفصيل في تفسيرها ليس هذا محله.
والأمثلة كثيرة، ولعل الأخوة يذكرون المهم منها حتى يعم النفع.
وأكرر شكري لك يا أخي أبا بيان على مشاركاتك المتميزة، وأطلب منك ذكر اسمك الصريح في مكان التوقيع؛ فلعلك تجيب طلبي إن لم يكن هناك ما يمنع.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[07 May 2003, 09:50 ص]ـ
حياك الله يا أبا مجاهد
وهذه المواضيع أقل ما نقدمه لهذا الملتقى المبارك.
وقد حرصت هنا على تجاوز الجانب التأصيلي للموضوع , لعلمي أن الشيخ مساعد الطيار - حفظه الله - كتب رسالته للماجستير في هذا الموضوع , فآثرت السلامة - خاصة وهو الآن من المشرفين - , وتركت له جانب التأصيل , وأتمنى من الشيخ أن يتحفنا بما يشفي في هذا الباب , ولو " عُجالة الراغب المُتمني ".
ويبقى المجال لجميع الإخوة للمشاركة بالمواضع اللطيفة للوقوف , ولو بمجرد ذكر الموضع.
وبالنسبة لطلبك أبا مجاهد , فسيظهر قريباً اسمي الصريح في الملتقى , والله الموفق.
ـ[أبو محمد القرناس]ــــــــ[07 May 2003, 09:52 م]ـ
أحسن الله إليك أخي الكريم أبو بيان فإن اسهاماتك قيمة رفع الله قدرك وحط وزرك وأوافق الشيخ رغبته في الإفصاح عن شخصكم الكريم -جمعنا الله بكم في فردوسه الأعلى-.
واسمحوا لي بمشاركة سريعة أسأله تعالى أن ينفع بها، فأقول مستعيناً بالله ربي وربكم:
وردت لفظة (كلا) في القرآن الكريم في ثلاثة وثلاثين موضعاً، كلها في نصف القرآن الثاني -وليس الموضع موضع بيان حكمة ذلك -إنما الذي يعنينا هنا: هل نقف عليها أم لا؟
ذكر الإمام السيوطي أن منها سبعاً جاءت بمعنى الردع اتفاقاً فهذه يوقف عليها وهي (موضعي مريم وموضعي الشعراء وفي سبأ [ألحقتم به شركاء كلا] وفي المدثر [أن أزيد كلا] والقيامة [أين المفر كلا]).
والباقي منها بمعنى حقاً قطعاً فلا يوقف عليه،ومنها ما احتمل الأمرين ففيه الوجهان. أ.ه- ملخصاً من الإتقان (1\ 191) وعليه يمكن أن نقول قف في السبعة المواطن الأولى وما عداها فصل. والله يرعاكم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[08 May 2003, 12:04 م]ـ
الأخ الفاضل أبو بيان، زادك الله بيانًا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد أشار الأخ الفاضل أبو مجاهد للرسالة التي قدمته لنيل درجة الماجستير، وهي بعنوان: الوقف وأثره في التفسير.
ولكن كتابتي في هذا الموضوع لا تكفي. وإحجامك عن الكتابة فيه من أجل انتظار ما كتبته فيه يجعلني أنقل إليك عتبي اللطيف، فأنا بانتظار ما تكتبون كما تنظرون ما أكتب.
وكم أسعد بما أراه من مشاركات علمية جادة.
فلي طلب ورجاء إليك أن تكتب في موضوع الوقف والابتداء، وسأشارك فيه معكم إن شاء الله، فلا تبخل بما عندك، سدَّدك الله ووفقك.
محبكم: أبو عبد الملك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد بن يحي المعافا]ــــــــ[08 May 2003, 02:58 م]ـ
حكم الوقف شرعاً:
لا يوجد في القرآن الكريم وقف واجب يأثم القارئ بتركه، ولا وقف حرام يأثم القارئ بفعله وإنما يرجع الوجوب أو التحريم إلى قصد القارئ فقط، وكل ما ثبت شرعاً: هو سنية الوقف على رؤوس الآي، وكراهة ترك الوقوف عليها، وجواز الوقف على ما عداها إذا لم يوهم خلاف المراد من المعنى
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[09 May 2003, 12:56 ص]ـ
شكر الله لشيخنا الفاضل , وأعلمه أني أحبه في الله تعالى , وأرحب بالأخ خالد المعافا في هذا الملتقى وأشكره على مشاركته في هذا الموضوع.
وأؤكد هنا على الجانب التطبيقي في الموضوع دون الدخول في تفاصيل ومسائل علم الوقف , لكن مشاركات الإخوة بدأت تنحى بالموضوح منحى الفوائد والمسائل في هذا العلم , ولا أُمانع من ذلك , ولكني سأقتصر في متابعة الموضوع على الأمثلة والمواضع المستحسنة ,
<< وإن أبحر الزوار في غير مركبي >>.
ـ[أبو محمد القرناس]ــــــــ[09 May 2003, 07:40 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد؛ فمن المواطن اللطيفة في ذلك:
* في سورة غافر (فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل) فيقف ثم (يسحبون في الحميم) فيقف ثم (ثم في النار يسجرون) ثم (ثم قيل لهم أين ماكنتم تشركون من دون الله) غافر (70 - 74)
* في المدثر آخر آية (ومايذكرون إلا أن يشاء الله) فيقف ثم يعيد لفظ الجلالة ويكمل (الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة).والله أعلم.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[10 May 2003, 10:32 م]ـ
كنت تدارست مع بعض الإخوة الحفاظ بعض لطائف الوقوف , فلاحظنا أن:
(كل آية بُدئت بـ" الذي أو الذين " صحَّ الابتداء بالوصف السابق في آخر الآية قبلها على أنها نعت له أو متعلقة به) , وتدارسنا عدداً من مواضعها , وافترقنا على أنها من لباب أفكارنا , ثم وجدت السيوطي قد نص عليها في باب الوقف والابتداء من " الإتقان " 1/ 175 فقال:
كل ما في القرآن من " الذي" و " الذين " يجوز فيه الوصل بما قبله نعتاً , والقطع على أنه خبر , إلا في سبعة مواضع فإنه يتعين الآبتداء بها - ثم ذكرها -.
ومن أمثلة ذلك: "سأذكر الأمثلة من محل الابتداء "
- سورة البقرة (21 - 22) {تتقون * الذي جعل لكم الأرض فراشاً .. }.
- سورة البقرة (26 - 27) {الفاسقين * الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه}.
- سورة البقرة (45 - 46) {الخاشعين * الذين يظنون أنهم مُلاقوا ربهم}.
- سورة البقرة (155 - 156) {الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون}.
- سورة آل عمران (190 - 191) {أولي الألباب * الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم}.
- سورة الرعد (19 - 20) {أولوا الألباب * الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق}.
- سورة الحجر (90 - 91) {المقتسمين * الذين جعلوا القرآن عضين}.
- سورة الحجر (95 - 96) {المستهزئين * الذين جعلوا القرآن عضين}.
- سورة النحل (27 - 28) {الكافرين * الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم}.
- سورة النحل (31 - 32) {المتقين * الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم}.
- سورة الكهف (103 - 104) {الأخسرين أعمالاً * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا}.
وأترك غيرها من المواضع الكثيرة.
ونلاحظ هنا أيها الأخوة الفضلاء أن عدداً من هذه المواضع لا يساعد على البدء به الحكم الإعرابي - إلا أن ينبري لتخريجها علماء النحو - , كما أن بعضها يمنع من البدء به تغييره للمعنى , بل إفساد المعنى تماماً , كما مر بي في:
- سورة التوبة (19 - 20) {الظالمين * الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله .. } , و (63 - 64) سورة يونس , وغيرها من المواضع , وبعضها مما استثناه السيوطي رحمه الله.
وهذا يوقفنا على أهمية تمحيص القواعد النظرية , وتلبيسها للواقع التطبيقي؛ فإنك لو تتبعت بقية المواضع في القرآن؛ لخرجت بضابط آخر , قد يبتعد أو يقترب مما ذكره السيوطي رحمه الله.
ومن أسلم هذه المواضع وأوضحها ما ذكرته في سورة الرعد سابقاً.
وأعتذر للإخوة عن الإطالة , ولكن احتاجت الأمثلة إلى بيان أكثر.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 May 2003, 04:41 م]ـ
بسم الله
هناك فوائد تأصيلية قيمة حول موضوع الوقف والإبتداء في الكتب التالية:
(يُتْبَعُ)
(/)
سنن القراء ومناهج المجودين للشيخ الفاضل: أبي مجاهد عبدالعزيز القارئ ص130 - 138
التمهيد في علم التجويد للإمام ابن الجزري رحمه الله
المقدمات الأساسية في علوم القرآن لعبدالله الجديع.
فهل بإمكانك أخي أبا بيان أن تختصرها لنا، وتتحفنا بها ‘ فهي جديرة بالتأمل والمدارسة.
وأعتذر عن إحالة ذلك إليك؛ ولكن ضيق الوقت من جهة مع كثرة المشاغل، وكونك صاحب الموضوع هو ما حملني على ما صنعت، والله المستعان.
وستكون مشاركتي هنا عبارة عن تهذيب لمقال جبد وجدته في أحد المواقع، وفيه فوائد كثيرة، وضوابط مفيدة حول هذا الموضوع، فليتقبله الإخوة الأعضاء والزوار بقبول حسن:
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وبعد:
فالواقع أن باب الوقف والابتداء باب هام جداً يجب على قارئ القرآن الكريم أن يهتم به؛ إذ هو دليل على فقهه وبصيرته؛ لأن القارئ قد يقف أحياناً على ما يخل بالمعنى وهو لا يدرى، أو يبتدئ بما لا ينبغى الابتداء به.
فإن كان ذا بصيرة، فإنه لن يقف إلا على ما يتم به المعنى اللهم إلا إذا اضطر إلى غير ذلك، فإن عليه حينئذٍ أن يعالج أمره بأن يرجع كلمة أو أكثر أى إلى موضع يجوز الابتداء به، فيستأنف قراءته بادئاً به، ومنتهياً بجملة تفيد معنى يجوز الوقوف عليه.
ومثل ذلك قل أيضاً فى الابتداء.
والهدف من وراء ذلك كله هو عدم الإخلال بنظم القرآن، ولا بما اشتمل عليه من معان. ولسوف يقف القارئ الكريم على أمثلة تطبيقية فيما هو آت – إن شاء الله تعالى - يدرك من خلالها ارتباط كل من الوقف والابتداء فى قراءة القرآن الكريم بالتفسير، ولكن من حق قارئنا علينا - قبل ذلك - أن نوقفه على معنى كل من الوقف والابتداء وأهم ما يتعلق بهما من أحكام0
تعريف الوقف والابتداء:
الوقف: هو قطع النطق عن آخر الكلمة.
والابتداء: هو الشروع فى الكلام بعد قطع أو وقف.
علاقة الوقف والابتداء بالمعنى أو التفسير:
قال الصفاقسى فى كتابه تنبيه الغافلين مبيناً أهمية معرفة الوقف والابتداء:
ومعرفة الوقف والابتداء متأكد غاية التأكيد، إذ لا يتبين معنى كلام الله، ولا يتم على أكمل وجه إلا بذلك؛ فربما قارئ يقرأ ويقف قبل تمام المعنى، فلا يفهم هو ما يقرأ ومن يسمعه كذلك، ويفوت بسبب ذلك ما لأجله يقرأ كتاب الله تعالى، ولا يظهر مع ذلك وجه الإعجاز، بل ربما يُفهم من ذلك غير المعنى المراد، وهذا فساد عظيم؛ ولهذا اعتنى بعلمه وتعليمه والعمل به المتقدمون والمتأخرون، وألفوا فيه من الدواوين المطولة والمتوسطة والمختصرة ما لا يعد كثرة.ومن لا يلتفت لهذا، ويقف أين شاء، فقد خرق الإجماع، وحاد عن إتقان القراءة وتمام التجويد. انتهى
وهذا الكلام من عالم صرف حياته لخدمة القرآن كالصفاقسى له وجاهته، وهو يؤكد ما قلته آنفاً عن ارتباط الوقف والابتداء بالتفسير.
وقال السخاوى فى تأكيد ذلك أيضاً:
فى معرفة الوقف والابتداء الذى دونه العلماء تبيين معانى القرآن العظيم، وتعريف مقاصده، وإظهار فوائده، وبه يتهيأ الغوص على درره وفرائده 00 وقد اختار العلماء وأئمة القراء تبيين معانى كلام الله تعالى وجعلوا الوقف منبهاً على المعنى ومفصلاً بعضه عن بعض، وبذلك تلذ التلاوة، ويحصل الفهم والدراية، ويتضح منهاج الهداية. انتهى
من الآثار الدالة على وجوب معرفة الوقف والابتداء:
1 - حديث الخطيب الذى خطب بين يدى النبى - صلى الله عليه وسلم - قائلاً: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما. ثم وقف على "يعصهما" ثم قال فقد غوى. هنا قال له النبى -صلى الله عليه وسلم -: "بئس الخطيب أنت"
وقد قال له النبى - صلى الله عليه وسلم - ذلك لقبح لفظه فى وقفه؛ إذ خلط الإيمان بالكفر فى إيجاب الرشد لهما، وكان حقه أن يقول واصلاً: ومن يعصهما فقد غوى. أو يقف على "فقد رشد" ثم يستأنف بعد ذلك " ومن يعصهما .. الخ" فهذا دليل واضح على وجوب مراعاة محل الوقف.
2 - روى عن ابن عمر - رضى الله عنهما - أنه قال: لقد غشينا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على النبى - صلى الله عليه وسلم - فنتعلم حلالها وحرامها وأمرها وزجرها وما ينبغى أن يوقف عنده منها.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - وقال على - رضى الله عنه - لما سئل عن قوله تعالى: (ورتل القرآن ترتيلاً) قال: الترتيل معرفة الوقوف وتجويد الحروف.
قال ابن الجزرى فى النشر: فى كلام على - رضى الله عنه - دليل على وجوب تعلم الوقف والابتداء ومعرفته.
وفى كلام ابن عمر برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة - رضى الله عنهم - أجمعين وصح بل تواتر عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح كأبى جعفر يزيد ابن القعقاع - أحد القراء العشرة - وإمام أهل المدينة الذى هو من أعيان التابعين، وصاحبه الإمام نافع بن أبى نعيم وأبى عمرو بن العلاء، ويعقوب الحضرمى،وعاصم بن أبى النجود - وهم من القراء العشرة - وغيرهم من الأئمة، وكلامهم فى ذلك معروف، ونصوصهم عليه مشهورة فى الكتب؛ ومن ثم اشترطه كثير من أئمة الخلف على المجيز أن لا يجيز أحداً إلا بعد معرفته الوقف والابتداء.
وكان أئمتنا يوقفوننا عند كل حرف، ويشيرون إلينا فيه بالأصابع، سنة أخذوها كذلك عن شيوخهم الأولين -رحمة الله عليهم أجمعين. ا. هـ ....
4 - وأختم هذه الأدلة بحديث نبوى كما استهللتها به وهو حديث أبى بن كعب رضي الله عنه، قال: أتينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فقال: إن الملك كان معى فقال: اقرأ القرآن، فعد حتى بلغ سبعة أحرف فقال: ليس منها إلا شاف كاف ما لم تختم آية عذاب برحمة، أو تختم رحمة بعذاب.
قال أبو عمرو الدانى: هذا تعليم التمام من رسول الله -صلى الله عليه وسلم - عن جبريل عليه السلام، إذ ظاهره دالّ على أنه ينبغى أن تقطع الآية التى فيها ذكر النار والعقاب وتفصل مما بعدها إذا كان بعدها ذكر الجنة والثواب، والأمر كذلك أيضاً إذا كانت الآية فيها ذكر الجنة والنار بأن يفصل الموضع الأول عن الثانى.
قال السخاوى معقباً: لأن القارئ إذا وصل غير المعنى؛ فإذا قال: (تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين) غيرّ المعنى وصير الجنة عقبى الكافرين ....
والسلف الصالح - رضى الله عنهم - كانوا يراعون مواضع الوقف والابتداء تمام المراعاة خشية أن يقف الواحد منهم على مالا يجوز أو أن يبتدئ بما لا ينبغى بل إن بعضهم كان إذا قرأ ما أخبر الله به من مقالات الكفار يخفض صوته بذلك حياءً من الله أن يتفوه بذلك بين يديه. وليس معنى ذلك أن من يجهر بمثل ذلك يكون مخطئاً أو لم يراع قواعد الأدب مع الله لأن السر والجهر بالنسبة إلى الله تعالى سواء. قال تعالى: (وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور).
ومن العلماء الذين نبهوا على وجوب مراعاة ذلك الإمام مكى بن أبى طالب فى كتابه الكشف عن وجوه القراءات السبع، وضرب على ذلك بعض الأمثلة على ما لا يجوز الابتداء به ومن ذلك الابتداء فى القراءة بقوله تعالى: (الله لا إله إلا هو) بعد الاستعاذة مباشرة فإنه غير سائغ؛ لأن القارئ يصل "الرجيم" بلفظ الجلالة وذلك قبيح فى اللفظ يجب الكف والامتناع عنه إجلالاً لله وتعظيماً له.
ومنه أيضاً الابتداء بقوله تعالى: (إليه يرد علم الساعة) بعد الاستعاذة مباشرة لأن القارئ يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. إليه يرد علم الساعة؛فيصل ذلك بالشيطان وهو قبيح جدا ً.
ما يشترط فيمن يقوم بتحديد مواضع الوقف والابتداء
ليس لكل واحد من الناس أن يحدد مواضع الوقف والابتداء بل ينبغى توفر شروط فيمن يقوم بشأن تحديد مواضع الوقف والابتداء منها:
1 - العلم بالنحو: حتى لا يفصل -بالوقف - بين المبتدأ وخبره أو بين المتضايفين - أى المضاف والمضاف إليه - أو بين المستثنى والمستثنى منه اللهم إلا إذا كان هذا الاستثناء منقطعاً؛
فإن العلماء قد اختلفوا فيه على ثلاثة أقوال:
أ- قال بعضهم: يجوز الفصل مطلقاً؛ لأنه فى معنى مبتدأ حذف خبره للدلالة عليه.
ب- وقيل: هو ممتنع مطلقاً لأن المستثنى فى حاجة إلى المستثنى منه - فى هذه الحالة - من جهة اللفظ والمعنى حيث لم يعهد استعمال إلا الاستثنائية وما فى معناها إلا متصلة بما قبلها لفظاً ومعنى كذلك لأن ما قبلها مشعر بتمام الكلام فى المعنى؛ إذ قولك: ما فى الدار أحد هو الذى صحح: إلا الحمار. فلو قلت: إلا الحمار وحده لكان خطأ.
ج- وقيل: الأمر يحتاج إلى تفصيل، فإن صرح بالخبر جاز لاستقلال الجملة واستغنائها عما قبلها، وإن لم يصرح به - أى الخبر - فلا يجوز لافتقارها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبالجملة؛ فإن معرفته بعلم النحو تجعله لا يقف على العامل دون المعمول، ولا على المعمول دون العامل، ولا على الموصول دون صلته، ولا على المتبوع دون تابعه، ولا على الحكاية دون المحكى، ولا على القسم دون المقسم به، أو غير ذلك مما لا يتم به المعنى. يضاف إلى ذلك أن الوقف قد يكون تاماً على إعراب غير تام على إعراب آخر؛ فظهر بذلك ضرورة العلم بالنحو لمن يقوم بتحديد مواضع الوقف والابتداء.
2 - العلم بالقراءات: لأن الوقف قد يكون تاماً على قراءة، غير تام على قراءة أخرى.
3 - العلم بالتفسير: لأن الوقف قد يكون تاماً على تفسير معين، غير تام على تفسير آخر.
4 - العلم بالقصص: حتى لا يقطع قبل تمام قصة.
5 - العلم باللغة التى نزل عليها القرآن.
هذه الشروط اشترطها ابن مجاهد، ونقلها عنه السيوطى موجزة. واشترط غير ابن مجاهد العلم بالفقه كذلك.
قال صاحب هذا الرأى: ولهذا فإن من لم يقبل شهادة القاذف وإن تاب فإنه يقف عند قوله تعالى: (ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً)، وأما من قالوا بقبول شهادته إذا تاب ومن جملة ذلك إقامة الحد عليه؛ أقول: هؤلاء يصلون الآية بالآية التى بعدها: (إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا) ..
والذى ينبغى علمه أن كلاً من التفسير والوقف مرتبط بالآخر، وهذه الحقيقة نتصورها أحياناً فى القراءة الواحدة، وأحياناً فى القراءات المختلفة.
قال السيوطى مقرراً هذه الأخيرة: الوقف قد يكون تاماً على قراءة غير تام على أخرى … .. والوقف يكون تاماً على تفسير وإعراب غير تام على تفسير وإعراب آخر.
ومثال هذا: الوقف على (لا ريب) فإنه يكون تاماً إن جعلنا (فيه هدى) مبتدأً وخبراً، وهو اتجاه نافع وعاصم، ولو جعلنا الجار والمجرور (فيه) متعلقاً بـ (لا ريب) فالوقف يكون على (لا ريب فيه) ويستأنف بعد ذلك بـ (هدى للمتقين) أى: هو هدى؛ فعلى الأول الوقف تام على قول أصحاب الوقف، وعلى المعنى الثانى الوقف كاف.
أمثلة تطبيقية تؤكد مدى ارتباط كل من التفسير والوقف بالآخر غير ما ذكر:
1 - قال تعالى: (هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا)
وشاهدنا من هذه الآية هو قوله سبحانه: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم ... ) حيث قال الجمهور: الوقف على قوله: (إلا الله) وقف تام. وقال غيرهم: ليس تاماً بل يوصل بما بعده ولا يوقف عليه.
تفسير الآية على رأى الجمهور:
الله عز وجل فى هذه الآية يذكر لنبيه - صلى الله عليه وسلم - وللناس أجمعين أنه أنزل القرآن فيه المحكم الواضح، والمتشابه غير الواضح، ثم بين بعد ذلك أن أهل الزيغ الحاقدين يتبعون هذا المتشابه بهدف التشكيك وإثارة البلبلة بين صفوف المؤمنين، مع أن المتشابه لا يعلمه إلا الله وحده فقط؛ وعلى ذلك فالجملة التى بعد هذا الوقف وهى قوله: (والراسخون فى العلم يقولون .. ) ليست معطوفة على لفظ الجلالة، بل الواو للاستئناف و "الراسخون" مبتدأ وجملة "يقولون" خبر فالجملة هذه مقطوعة إذن عما قبلها، وقد قال بهذا القول كل من:
ابن عمر وابن عباس وعائشة وعروة بن الزبير وعمر بن عبدالعزيز وأبى الشعثاء وأبى نهيك، وهو مذهب الكسائى والفراء والأخفش وأبى عبيد وحكاه ابن جرير الطبرى عن مالك واختاره.
تفسير الآية على رأى غير الجمهور:
وبناء على رأى غير الجمهور يكون المعنى أن الراسخين فى العلم المتمكنين منه يعلمون أيضاً تأويل المتشابه، فقوله سبحانه: (والراسخون فى العلم يقولون .. ) ليس مقطوعاً عما قبله ولكن معطوفاً عليه، فالواو للعطف و "الراسخون" معطوف على لفظ الجلالة و "يقولون" حال. وهذا الرأى منقول عن مجاهد وابن عباس فى قول آخر حيث نقل عنه أنه قال: أنا ممن يعلم تأويله.
ومن هنا نعلم أن تفسير الآية قد اختلف بناءً على اختلاف القراء حول موضع الوقف فيها. وإن شئت قلت: إن موضع الوقف قد اختلف حسب اختلاف نظرة العلماء إلى تفسيرها، فالتلازم واضح وظاهر بين موضع الوقف والتفسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا وقد حاول بعض العلماء التوفيق بين الرأيين ومنهم ابن عطية الذى قال: وهذه المسألة إذا تؤملت قرب الخلاف فيها من الاتفاق وذلك أن الله تعالى قسم آى الكتاب قسمين: محكماً ومتشابهاً فالمحكم هو المتضح المعنى لكل من يفهم كلام العرب ولا يحتاج فيه إلى نظر ولا يتعلق به شئ يلبس ويستوى فى علمه الراسخ وغيره. والمتشابه يتنوع، فمنه مالا يعلم البتة كأمر الروح وآماد المغيبات التى قد علم الله بوقوعها إلى سائر ذلك، ومنه ما يحمل على وجوه فى اللغة ومناح فى كلام العرب فيتأول تأويله المستقيم، ويزال ما فيه مما عسى أن يتعلق به من تأويل غير مستقيم كقوله تعالى فى عيسى (وروح منه) إلى غير ذلك، ولا يسمى أحد راسخاً إلا بأن يعلم من هذا النوع كثيراً بحسب ما قدر له، وإلا فمن لا يعلم سوى المحكم فليس يسمى راسخاً. اهـ
وقال الشوكانى: ومن أهل العلم من توسط بين المقامين فقال: التأويل يطلق ويراد به فى القرآن شيئان:
أحدهما: التأويل بمعنى حقيقة الشئ وما يؤول أمره إليه … .. فإن أريد بالتأويل هذا فالوقف على الجلالة - تام - لأن حقائق الأمور وكنهها لا يعلمه إلا الله عز وجل … ..
وأما إن أريد بالتأويل المعنى الآخر وهو التفسير والبيان فالوقف على (والراسخون فى العلم) لأنهم يعلمون ويفهمون ما خوطبوا به بهذا الاعتبار.
وحاصل ذلك أننا لو نظرنا بإمعان إلى رأى الفريقين لأدركنا أن كل فريق قد أصاب الحقيقة من وجه وذلك بأن نحمل رأى المعارضين لمعرفة الراسخين فى العلم لتأويل المتشابه نحمله على نوع منه وهو الذى استأثر الله بعلمه، فهذا لا اطلاع لأحد عليه إلا الله كوقت الساعة وخروج الدابة ونزول المسيح ….الخ
ونحمل رأى المؤيدين على المتشابه الذى يعرف المراد منه بالبحث والنظر؛ فإن الراسخين فى العلم يعلمون تأويله حيث هم أهل البحث والنظر، وذلك مثل المتشابه الذى يرجع التشابه فيه إلى اللفظ المفرد من جهة غرابته أو اشتراكه أو ما يرجع التشابه فيه إلى تركيب الكلام ونحو ذلك.
2 - قال تعالى: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلاً. يا ويلتى ليتنى لم أتخذ فلاناً خليلاً. لقد أضلنى عن الذكر بعد إذ جاءنى وكان الشيطان للإنسان خذولاً)
وشاهدنا هو قوله سبحانه: (لقد أضلنى عن الذكر بعد إذ جاءنى) حيث وقف الجمهور عليه وقفاً تاماً؛ لأن كلام الظالم قد انتهى عند هذا الحد. ثم جاء بعد ذلك قوله سبحانه: (وكان الشيطان للإنسان خذولاً) تقريراً وبياناً لما قبله. والمراد بالظالم عقبة ابن أبى معيط كما سيأتى بيانه، وقال بعضهم: إن هذا القول (وكان الشيطان …….) الخ هو من تتمة كلام الظالم وعليه فالوقف على (خذولاً) وليس على (إذ جاءنى)، والمراد بالشيطان إما الخليل - وهو أمية بن خلف على ما سيأتى أو أبى بن خلف - وعلى ذلك فتسمية الخليل شيطاناً فلأنه قد أضله وزين له الكفر وعدم الإيمان فقلد الشيطان فى ذلك ونهج نهجه فى الصد والإضلال. وقد يراد بالشيطان هنا إبليس إذ هو الأصل فى الغواية والإضلال.
قال الشوكانى تعليقاً على قوله تعالى: (وكان الشيطان للإنسان خذولا) هذه الجملة مقررة لمضمون ما قبلها، ويحتمل أن تكون من كلام الله تعالى، أو من تمام كلام الظالم، وأنه سمى خليله شيطاناً بعد أن جعله مضلاً، أو أراد بالشيطان إبليس لكونه الذى حمله على مخاللة المضلين. اهـ
.......
3 - جاء فى سورة النمل فى سياق حديث بلقيس مع قومها حين كانت تشاور فى أمر سليمان عليه السلام، أقول: فى هذا السياق جاء قوله تعالى: (قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون)
قال الجمهور عن هذه الآية: إن الوقف على (أذلة) وقف تام. وقال غيرهم: بل الوقف على (وكذلك يفعلون) وليس على (أذلة)؛ فأما على رأى الجمهور فإن كلام بلقيس قد انتهى عند (وجعلوا أعزة أهلها أذلة) ثم جاء هذا التذييل (وكذلك يفعلون) وهو من كلام الله سبحانه تصديقاً لما ذهبت إليه بلقيس من أن الملوك إذا دخلوا قرية من القرى فاتحين لها أو غازين؛ فإنهم يخرجون أهلها، ويفرقون شملهم، ويتلفون ما فيها من خيرات. وعلى ذلك فهذا التذييل مستأنف وليس معطوفاً على ما قبله.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما على رأى غير الجمهور؛ فتذييل الآية (وكذلك يفعلون) موصول بما قبله على أنه من كلام بلقيس، فالواو إذن للعطف، وما بعدها من جملة مقول القول. وبذلك تكون الجملة كما يقول البيضاوى: تأكيداً لما وصفته - بلقيس - من حال الملوك وتقريراً بأن ذلك من عادتهم المستمرة.اهـ ...
ضوابط للوقف والابتداء يجب مراعاتهاوإلا أخل القارئ بالمعنى والتفسير:
الضابط الأول: لا يجوز الوقوف على مالا يتم به المعنى.
هذه قاعدة عامة مجملة، وتفصيلها: أنه لا يجوز أن يوقف على العامل دون المعمول، ولا المعمول دون العامل، وسواء كان العامل اسماً أم فعلاً أم حرفاً، وسواء كان المعمول مرفوعاً أم منصوباً أم مخفوضاً، عمدة أو فضلة، متحداً أو متعدداً.
ولا يوقف أيضاً على الموصول دون صلته، ولا على ما له جواب دون جوابه، ولا على المستثنى منه قبل المستثنى، ولا على المتبوع دون التابع، ولا على ما يستفهم به دون ما يستفهم عنه، ولا على ما أشير به دون ما أشير إليه، ولا على الحكاية دون المحكى، ولا على القسم دون المقسم به وغير ذلك مما لا يتم المعنى إلا به.
وقد مضت الأمثلة على ذلك فى أقسام الوقف.
الضابط الثانى: كلمة "كلا" وردت فى القرآن الكريم فى ثلاثة وثلاثين موضعاً منها سبعة للردع بالاتفاق وهذه يوقف عليها. وهى:
(عهدا. كلا)، (عزاً. كلا)، (أن يقتلون. قال كلا)، (إنا لمدركون. قال كلا)، (شركاء كلا)، (أن أزيد. كلا)، (أين المفر. كلا).
والباقى منها ما هو بمعنى حقاً قطعاً فلا يوقف عليه، ومنها ما احتمل الأمرين أى الردع ومعنى حقاً قطعاً ففيه الوجهان.
وإذا استقرأنا هذه اللفظة فى القرآن الكريم فإننا سوف نجد أنها لم تذكر إلا فى النصف الثانى من القرآن الكريم وفى السور المكية فقط ولذلك قيل:
وما نزلت "كلا" بيثرب فاعلمن
ولم تأت فى القرآن فى نصفه الأعلى
والسبب فى ذلك أن هذه الكلمة "كلا" تفيد الردع والزجر والرد على الكفار فيما يزعمون أو يدعون.
الضابط الثالث: كلمة "بلى" جاءت فى القرآن الكريم فى إثنين وعشرين موضعاً فى ست عشرة سورة وهى على أقسام ثلاثة:
الأول: لا يجوز الوقف عليها بالإجماع، لتعلق ما بعدها بما قبلها وذلك كائن فى سبعة مواضع هى:
(بلى وربنا)، (بلى وعداً عليه حقاً)، (قل بلى وربى لتأتينكم)، (بلى قد جاءتك)، (بلى وربنا)، (قل بلى وربى)، (بلى قادرين).
الثانى: المختار فيه عدم الوقف، وذلك فى خمسة مواضع هى:
(بلى ولكن ليطمئن قلبى)، (بلى ولكن حقت)، (بلى ورسلنا)، (قالوا بلى)، (قالوا بلى قد جاءنا).
الثالث: المختار فيه جواز الوقف عليه وهى العشرة الباقية:
الضابط الرابع:قال ابن الجزرى: كل ما أجازوا الوقف عليه أجازوا الابتداء بما بعده.
الضابط الخامس:
كل ما فى القرآن من "الذى" و "الذين" يجوز فيه الوصل بما قبله نعتاً، ويجوز فيه القطع على أنه خبر إلا فى سبعة مواضع يلزم فيها القطع وهى قوله سبحانه:
(الذين آتيناهم الكتاب يتلونه)، (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه)، (الذين يأكلون الربا)،
(الذين آمنوا وهاجروا)، (الذين يحشرون)، (الذين يحملون العرش).
الضابط السادس:
كلمة "نعم" وردت فى القرآن فى أربعة مواضع، وضابط الوقف عليها وعدمه: أنه إن وقع بعدها واو لم يجز الوقف عليها وإن لم يقع بعدها واو فالمختار الوقف عليها؛ لأن ما بعدها غير متعلق بما قبلها، ومثال ذلك قوله تعالى:
(ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً قالوا نعم فأذن ... ) فالمختار هنا الوقف على "نعم "؛ لأن ما بعدها غير متعلق بما قبلها؛ حيث إنها من قول الكفار، وما بعدها (فأذن) ليس من قولهم.
وأما المواضع الثلاثة الباقية التى وردت فيها كلمة "نعم" فإنه لا يوقف عليها لكونها مرتبطة ومتعلقة بما بعدها، وهى قوله تعالى:
1 - (وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين. قال نعم وإنكم لمن المقربين)
2 - و (قال نعم وإنكم إذاً لمن المقربين).
3 - و (قل نعم وأنتم داخرون).
وننتهى من هذه الدراسة إلى أن مراعاة مواضع الوقف والابتداء أمر من الأهمية بمكان بحيث إنه يجب مراعاته حتى لا يخل القارئ بالمعنى الذى يقصده القرآن الكريم، وأن عدم مراعاة هذه المواضع يوقع كثيرا فى الحرج حيث يستحيل المعنى القرآنى عن مقصوده، بل إنه يصل بالقارئ أحيانا إلى ما هو أبعد من الحرج كما عرفنا ذلك فيما مضى وفقنا الله تعالى إلى ما يحبه ويرضاه كما نسأله سبحانه أن يجنبنا الزلل وأن يوفقنا إلى حسن القول والعمل وأن يجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا وجلاء همومنا ونور أبصارنا وقائدنا إلى الجنة يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم0
المرجع: http://www.quransite.net/modules.php?name=News&file=article&sid=4
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فرحان العطار]ــــــــ[16 May 2003, 12:08 ص]ـ
أبو بيان و فقك الله واليك هذه المشاركة اسأل الله ان ينفع بها
في أول سورة الانعام عند قوله تعالى (و هو الله في السموات) ثم يقف و يبدأ (و في الارض يعلم سركم و جهركم)
و جزاكم الله خيرا على هذه الفوائد القيمة
ـ[عبد الله]ــــــــ[18 May 2003, 10:27 م]ـ
الأخ أبا بيان
جزاك الله خيراً على فكرتك، ويمكن أن يضاف إليها عكسها، وهو منع الوقف فيما يتبادر للقارئ جواز الوقف عليه، وهو ما يسمى بالوقف القبيح، كالوقف على قوله تعالى ((فويل للمصلين)) من سورة الماعون. وهذا ما دعا بعض الفسّاق لأن يقول:
ما قال ربك ويل للألى سكروا ... بل قال ربك ويل للمصلينا
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[18 May 2003, 11:57 م]ـ
أرحب بجميع الإخوة المشاركين في هذا الملتقى , وشكر الله للإخوة فرحان العطار وعبد الله على مشاركاتهما المفيدة , وسنتواصل بإذن الله فيما نخدم به كتاب الله تعالى.
- و لا أُمانع أبداً من إضافتنا وجوهاً من أوجه الوقف الممنوع للحذر منها وتحذير من يقف عليها قصداً , وأقترح بناءً على طلب الأخ الفاضل عبد الله , أن تكون الطريقة على مثل ما نذكر في أمثلة ومواضع الوقوف المستحسنة , مع زيادة ذكر وجه المنع من الوقف بعد كل مثال. كما أقترح كذلك على الأخ عبد الله بارك الله فيه أن يتفضل - بنية خالصة - بجعل هذا الاقتراح في موضوع جديد في الملتقى؛ لإثراءه أكثر؛ ولتتمايز الموضوعات بوحدة مترابطة في كل موضع.
وأرجوا أن يتقبل هذا الاقتراح ولا يؤخره عن رواد هذا المنتدى المبارك.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[26 Jun 2003, 10:10 م]ـ
ومن المواضع كذلك:
- سورة محمد (20 - 21) {فأولى لهم * طاعة وقول معروف}.
ـ[أخوكم]ــــــــ[30 Jun 2003, 03:39 م]ـ
1 - هذا الموضوع بحق من أجمل المواضيع ولكن أظنه يحتاج إلى وقفة مع الوقفات قبل الآخذ بها لأن كثيرا منها يبقى اجتهادا بشريا، وخير من يضبط الوقف من كان عالما بخصوص الآية وعموم القرآن فإنه نادرا ما يخطئ.
2 - أما أغرب وقف قرأته فهو عند قوله سبحانه على لسان فرعون:
وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ أَمْ (يقف هنا فيصير المعنى أفلا تبصرون أم تبصرون) أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ.
3 - إن كثيرا من الآيات التي اختلفوا في الوقف عندها كانت تحتمل الإحتمالين لفائدة قد يدركها البعض مثل قوله سبحانه
(وما يعلم تأويله إلا الله ( ...... ) والراسخون في العم ... )، ففي الوقف بعد لفظ الجلالة فائدة وفي الوصل فائدة أخرى والآية تحتمل المعنيان.
والله أعلم.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[22 Jul 2003, 02:07 م]ـ
ومن المواضع كذلك:
- سورة الأحقاف (16): {آمن إن وعد الله حق}.
- سورة مريم (7): {يحيى لم نجعل له من قبل سميا}.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[26 Jul 2003, 06:03 م]ـ
ومن المواضع:
- سورة الصافات (41 - 43): {أولئك لهم رزق معلوم فواكه * وهم مكرمون في جنات النعيم}.
ـ[ابو الخير]ــــــــ[19 Aug 2003, 09:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من الوقوف التي تلقيتها ولم اجد من وقف عليها
في سورة البقرة
((امن الرسول بما انزل اليه من ربه * والمؤمنون كل امن بالله))
وكذلك في سورة الانعام
((قل تعالوا اتل ما حرم ربكم * عليكم الا تشركوا به شيئا))
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[21 Aug 2003, 03:26 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أبا بيان على هذه المشاركة، وقد كنت أريد جمع هذا الباب من العلم، فوافقت ما عندي، ولدي مشراكتان ولكن قبل المشاركتين، أنبه على أمر وهو:
قوله تعالى (ذو العرش المجيد *فعال لما يريد) يصح فيها الوقف على قراءة الضم (المجيدُ) وأما على قراءة الكسر، فلا يصح لأنهاحينئذ تكون صفة للعرش.
وأما المشاركتان:
1 - قوله تعالى في سورة هود (قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ولا ينفعكم* نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون).
2 - سمعتها من الشيخ عبدالرحمن بن عبدالخالق في الصلاة: من سورة العنكبوت (إن الله يعلم * ما يدعون من دونه من شيء وهو العزيز الحكيم).
وبارك الله في جهودكم.
ـ[عادل الكلباني]ــــــــ[21 Aug 2003, 09:00 م]ـ
الحمد لله وبعد،،،
فقد تمتعت بهذا المنتدى، وبهذا الموضوع خاصة، لشغفي به، وحاجتي إليه،،، ووددت أن أنبه إخواني وهم أعلم إلى أن الوقف لا ينبغي أن يكون استحسانا خاليا من العلمية، إذ لا بد أن يكون للوقف المختار مؤيد من اللغة، والتفسير، والسياق،،، ففي قوله تعالى في المدثر آخر آية (ومايذكرون إلا أن يشاء الله) فيقف ثم يعيد لفظ الجلالة ويكمل (الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة) لا يصح البدء بلفظ الجلالة على أنه مبتدأ، ولو فعل لكان مزيدا في القرآن، وعلى هذا فقس،،، كقوله تعالى {لمن الملك اليوم} {الملك اليوم لله الواحد القهار}. والله أعلم.
وفي قوله تعالى {لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه} فيقف، ثم يبدأ {وتسبحوه بكرة وأصيلا} على أن التسبيح لله وحده، وما قبله مشترك لله وللرسول، فهذا الفهم جيد، ولكن تأباه اللغة، فالواو عاطفة قولا واحدا، وإلا لقال {وتسبحونه}.
وأما ما يأباه السياق ففي مثل قوله تعالى {يا بني لا تشرك} ثم يقف، ويبدأ {بالله إن الشرك لظلم عظيم} فهو من حيث اللغة والمعنى صحيح، ولكن يأباه السياق.
وأما ما ياباه التفسير واللغة والسياق ففي مثل ما ذكر من الوقف على قوله تعالى {أفلا تبصرون أم} {أنا خير .... } ألاية
ووقف بعضهم على قوله تعالى {فيم} ثم يبدأ {أنت من ذكراها}
كما يجب مراعاة فصاحة الكتاب، وبلاغة ألفاظه، وهذا مما يتدرج تحت اللغة، فقد نزل بلسان عربي مبين
وللموضوع أمثلة وبحث، ولست في دياري فاعذروني.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[24 Aug 2003, 10:58 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أبا بيان على هذا الموضوع
ومن المواضع:
{يَسْتَفْتُونَكَ * قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ} (176) سورة النساء
{إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ * فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (118) سورة المائدة
{ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ * حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ} (103) سورة يونس
ـ[عبد الحميد العرفج]ــــــــ[27 Aug 2003, 11:50 م]ـ
جزى الله الإخوة المشايخ خير الجزاء على ما أتحفونا به.
وحقيقة هذا العلم مهم للغاية في فهم ىي الكتاب العزيز، ومنذ فترة وأنا أريد القراء في هذا الفن، ولكن أريد كتاباً – أو كتباً – يحوي على أغلب ما تقدم، ومأموناً من جهة كون مؤلفه أو محققه عمدة في هذا الفن.
فليت الإخوة المشايخ يتحفوننا بأفضل من كتب في هذا الباب من علم القرآن.
وبالمناسبة فقد رأيت قبل فترة كتاباً في موقع (ثمرات المطابع) اسمه (معالم الاهتداء إلى معرفة الوقوف والابتداء) للشيخ محمود خليل الحصري رحمه الله، فما رأيكم فيه؟
وقد لوحظ عليه ما يلي:
1. يلاحظ أن غلاف الكتاب في الجزء المخصص للكتابة فيه قد ملئ أكثر من اللازم، فكان يكفي الإشارة إلى اسم الكتاب والمؤلف فقط، والتعريف بالمؤلف يكون داخل الكتاب في صفحة مخصصة له.
2. فهرس الكتاب يحتاج إلى تعديل حيث إنه لا يسير بطريقة منطقية، وبعض عناوينه مخالف لما بداخل الكتاب مثل"مواضع عدم الوقف السبعة" هذا داخل الفهرس، أما داخل الكتاب فهو " المواضع السبعة التي لا يجوز الوقف عليها مع بيان علة منع الوقف" وهكذا.
3. تكلم المؤلف عن الابتداء قبل أن يتم موضوع الوقوف ثم عاد مرة ثانية وتكلم عن مسائل متعلقة بالوقوف.
في انتظار ردكم الشافي.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[28 Aug 2003, 07:05 ص]ـ
شكر الله لللإخوة المشاركين اهتمامهم بهذا الموضوع ,
ونرحب بالشيخ الفاضل / عادل الكلباني , في هذا الملتقى الذي يشرف بأهل القرآن من كل مكان , ونشكره على مشاركته والتي هي وقفة تأصيلية في الباب , نسأل الله تعالى أن ييسر لها من يتممها من أهل العلم والفضل.
الأخ محمد المطيري: شكر الله لك تنبيهك , وجزاك خيراً على مشاركاتك القيمة.
ـ[محب الدين]ــــــــ[30 Aug 2003, 09:29 ص]ـ
شكر الله للاخوة المشاركو في ايراء هذا الموضوع ومن باب الادلء فقد سمعت الشيخ محمد العثيمين رحمه الله مرارا يأمر بالوقوف عند قوله تعالى (ذلكم خير لكم) ثم يستأنف القارئ (إن كنتم تعلمون) سواء في سورة الجمعة، أو سورةسورة الصف / ويقول أن الخيرية غير متعلقة بالعلم. والله أعلم
ـ[عبد الحميد العرفج]ــــــــ[06 Sep 2003, 10:57 م]ـ
لم أجد أحداً ذكر الكتاب الذي طلبت!
من أعظم الفرص أن هيأ الله لنا مثل هذا المنتدى المتخصص الذي نستشير فيه أهل العلم بالتفسير بما هم أعلم به من غيرهم.
في انتظار إجابتكم، وجزاكم الله خيراً.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[15 Oct 2003, 09:12 م]ـ
ومن هذه المواضع كذلك:
- سورة الأنفال (4): {أولئك هم المؤمنون * حقاً لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم}.
" ذكر هذا الوقف الإمام الثعلبي في تفسيره 4/ 328 , ط دار إحياء التراث العربي , وهي طبعة مليئة بالسقط والتحريف في كل صفحة , ومحققوها شيعة!! , ولهم من التعليقات والتخريجات عجائب لا تنقضي , منها على عجل:
تخريجهم لمرويات الثعلبي (ت427هـ) من تفسير القرطبي (ت671هـ)!!.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[06 Nov 2003, 02:04 م]ـ
- سورة الذاريات (16 - 17): {إنهم كانوا قبل ذلك محسنين (16) كانوا قليلاً * من الليل ما يهجعون (17)}. " تفسير الثعلبي 9/ 111 , والمعنى: أن المحسنين قليل في الناس , و هم من الليل لا ينامون , وبعبادة ربهم يقومون ".
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[13 Dec 2003, 04:41 ص]ـ
وكذا من الوقوف:
- سورة الذاريات (20 - 21): {وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم * أفلا تبصرون}.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[14 Dec 2003, 12:03 ص]ـ
من المواضع التي يحسن الوقوف عليها، بل عدم الوقوف عليها ـ عند شيخنا ابن عثيمين رحمه الله ـ من أخطاء القراء كما سمعته يقول ذلك، هو:
قوله تعالى: (أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً؟ * لايستوون).
فالخطأ ـ عند شيخنا ـ في وصل الآية،والصواب الوقوف عند قوله (فاسقاً).
والله أعلم.
يتبع، حسب ما يفتح الله به.
ـ[الخطيب]ــــــــ[14 Dec 2003, 04:02 ص]ـ
شكر الله لكم أخي أبا مجاهد أن نوهت على مقالة أخيك الفقير في الوقف والابتداء وعلاقته بالمعنى القرآن وهي مقالة كنت قد شارت بها في بعض المواقع وما كان ليفوتني المشاركة بها في ملتقى أهل التفسير
وهذا رابطها
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=563&highlight=%C7%E1%E6%DE%DD+%E6%C7%E1%C7%C8%CA%CF%C7 %C1
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[14 Dec 2003, 11:37 م]ـ
ومن المواضع التي تتصل بهذا الموضوع:
وصل قوله تعالى في سورة الدخان (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبينٍ: يغشى الناس) ثم تقف، ثم تقرأ التي بعدها (هذا عذاب أليم).
ـ[الراية]ــــــــ[18 Dec 2003, 03:59 م]ـ
قوله تعالى
(ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا هنالك*الولاية لله الحق هو خير ثوابا .. )
(الكهف:44)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[19 Dec 2003, 05:26 م]ـ
من المواضع:
- سورة الصافات (125 - 126): {أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين الله * ربكم ورب آبائكم الأولين}.
ـ[سر .. من .. رأى]ــــــــ[24 Dec 2003, 03:22 ص]ـ
ومن المواضع أيضا ماورد في سورة
1/آل عمران ( ... ومايعلم تأويله إلاالله والراسخون في العلم* ... )
2/المائدة (فأصبح من النادمين من أجل ذلك* كتبنا علىبني إسرائيل .. )
3/الجاثية (لله ملك السموات والأرض ويوم تقوم الساعة*يومئذيخسرالمبطلون)
4//البينة (حنىتأتيهم البينة رسول من الله *يتلو صحفا مطهرة)
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[20 Aug 2004, 05:49 ص]ـ
السلام عليكم
جزاكم الله خيرًا على هذا الموضوع الجميل. الوقف اهتم به علماء القراءات والعربية.
في قوله، تعالى: (فجاءته إحداهما تمشي. على استحياء قالت ... ) الآيةَ.
هل الوقف على (تمشي) وارد؟ هو يعطي معنى مختلفًا، لأن الاستحياء يكون متعلقًا بالقول، لا المشي.
ومثل هذا قوله، تعالى: (فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك. ينظرون هل ثُوّب الكفار ... ) الآية. هو، أيضًا، يعطي معنى مختلفًا، لأن الضحك يكون - حينئذ - مقيدًا بكونهم على الأرائك. ويكون الاستفهام معمولاً لـ (ينظرون).
ـ[الازهري المصري]ــــــــ[20 Aug 2004, 06:02 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالنسبة لاية سورة القصص
لقد قراها الشيخ محمد رفعت هكذا
(فجاءته إحداهما تمشي على استحياء ....... على استحياء قالت)
وهدانا الله وايكم سواء السبيل
ـ[الازهري المصري]ــــــــ[22 Aug 2004, 10:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ايضا من الوقوف اللطيفة التي وقفت عليها وأرجو من الاخوة التعليق عليها
هو الوقوف على "قال او قالوا او قل " اذا كان الخطاب عن المؤمنين
وذلك كقوله تعالى "قالوا ربنا افرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين"
فنقول "قالوا *ربنا افرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين"
والامثلة على ذلك كثيرة ...........................
وجزاكم الله خيرا
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[08 Sep 2004, 02:07 م]ـ
- سورة البقرة (71): {مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فيها قالوا الآن} , ويبتدئ {جئتَ بالحق}.
قال الإمام أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله:
(كان شيخنا الأستاذ الكبير أبو عبد الله بن الفخار- رحمه الله- يأمرنا بالوقف على قوله تعالى في سورة البقرة: {قالوا الآن} , ويبتدئ {جئت بالحق}.
وكان يفسر لنا معنى ذلك: أن قولهم {الآن} أي: فَهِمنا وحصل لنا البيان, ثم قال {جئت بالحق} يعني في كل مرة, وعلى كل حال.
وكان رحمه الله يرى هذا الوجه أولى من تفسير ابن عصفور له من أنه: حذف الصفة, أي: بالحق المبين. وكان يُحافظ عليه).
الإفادات والإنشادات (ص:150).
* ونستفيد من هذا النقل وغيره كثير في باب الوقف:
أن المعنى أوَّلاً ثم الوقف تبعٌ له,
وعليه فأرى للأخ الأزهري المصري التزام الوصل في ما ذكر, فهو أفضل في ارتباط المعنى وتمامه.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Sep 2004, 01:13 م]ـ
ومن لطائف الوقف:
قوله تعالى: (قال لا تثريب عليكم اليوم* يغفر الله لكم * وهو أرحم الراحمين) [يوسف:92]
والتفسير على هذا، على أنه دعاء لهم بالمغفرة. ووجه آخر للوقف هو:
(قال لا تثريب عليكم * اليوم يغفر الله لكم * وهو أرحم الراحمين) [يوسف:92] وهو مرجوح.
انظر: المكتفى للداني 329
ـ[أبو زينب]ــــــــ[22 Sep 2004, 03:49 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اسمحوا لي أولا أن أقدم نفسي فأنا طبيب أطفال من تونس .. ! و لا أدعي علما و لكني طويلب علم أتطفل على موائد الكرام.
و لقد سرني هذا الموقع المميز و المبارك. ففي هذا الملتقى نجتمع افتراضيا لتدارس كتاب الله فما أفضله و أجله و أطيبه من عمل.
و إنه ليشرفني أن أنظم إلى ملتقى قرآني أجد فيه أساتذة و مشايخ أفاضل: الشيخ عبد الرحمن السديسي و الدكاترة أبو عبد الرحمن الشهري و مساعد الطيار و أبو مجاهد العبيدي و أبو بيان و أبو عائشة ... و غيرهم كثير و الحمد لله.
و أقترح عليكم ثلاث مواطن للطائف الوقوف:
1 - قوله تعالى " كن * فيكون "
2 - " و وصى بها إبراهيم بنيه * و يعقوب يا بني .. "
3 - " سلام * هي مطلع الفجر ".
جزاكم الله كل خير.
اللهم فقهنا في الدين و علمنا التأويل.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[22 Sep 2004, 11:07 م]ـ
حياك الله أخي الكريم: أبا زينب
وإنا لنسعد بحضور أمثالك في هذا الملتقى للإفادة والاستفادة,
فلاتتردد في المشاركة, ونفع المسلمين؛ خدمة لكتاب الله عز وجل,
وقد حشرتني مع الدكاترة ولست منهم,
نسأل الله لنا ولكم التوفيق.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[20 Oct 2004, 11:37 م]ـ
قال تاج القراء الكرماني عند قوله تعالى «فلا جُناحَ عليه أن يَطَّوَّفَ بِهما» [البقرة 158]:
(ومن وقف على «جُناح» وابتدأ «عليه أن يَطَّوَّفَ بِهما» ففيه بُعدٌ من وجهين:
أحدهما: أن قوله «ولا جُناحَ» يكرر في القرآن, وصِلَتُه عليه.
والثاني: أنه زَعَمَ أن عليه إغراء, والإغراءُ إنما يكون للمُخاطَب دون الغائب).
غرائب التفسير وعجائب التأويل 1/ 187.
ـ[محمد الحسيني]ــــــــ[25 Oct 2004, 09:05 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع فعلا شيق .. و بارك الله في الاخوة المشاركين
لكن أرى ان بعض الوقوفات فيا من التعسف من جهة اللغة او المعنى كما ان بعض
الابتداءات - عندي و الله اعلم - ابتداءات قبيحة ..
لا احتاج ان اذكر ان جمال القراءة اذا كانت مستوفية للغة و المعنى فلا ينبغي طلب
الوقف بين المبتدأ و خبره و لا بين الفعل و فاعله و لا بين المضاف و المضاف اليه و لا
بين المتعاطفات او بين العامل و المعمول ... الخ
من الوقوفات النادرة ((ان الله لا يستحي ان يضرب مثلا ما * بعوضة فما فوقها)) البقرة و قفها الشيخ الالباني رحمه الله تعالى و قد نص عليه ابن النحاس.
قوله تعالى ((ثم ننجي رسلنا و الذين آمنوا كذالك * حقاً علينا نصر المؤ منين)) يونس
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Oct 2004, 09:08 ص]ـ
لا أدري هل مر هذا الوقف الممنوع أم لا! لكن أذكره فإن تبين تكرره يحذف.
مثال على الوقف الممنوع الذي يحيل المعنى.
كان أبو ذر الحنفي رحمه الله أحد علماء بخارى، فصلى الإمام وقرأ أول سورة الممتحنة: (وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول). ثم وقف. وابتدأ: (وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم).
فما كان من أبي ذر إلا أن عزل هذا الإمام، ولم يأمر بإعادة الصلاة.
انظر: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 175 وذكره القرشي في طبقات الحنفية.
ـ[أبو زينب]ــــــــ[31 Oct 2004, 02:30 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و إليكم هذه المواطن من لطائف الوقوف:
1 - " الله الذي رفع السموات بغير عمد * ترونها * ثم استوى على العرش .. " الرعد 2
و كذلك في سورة لقمان الآية 10 " خلق السموات بغير عمد * ترونها * و ألقى في الأرض رواسي ... "
2 - " .. واتخذ سبيله في البحر * عجبا * قال ذلك ما كنا نبغ " الكهف 63.
3 - " يدعو * لمن ضره أقرب من نفعه .. " الحج 13.
و لي تصحيح في مداخلة الأخ محمد الحسيني - جزاه الله كل خير - إذ أنه ذكر الآية من سورة يونس " ثم ننجي رسلنا و الذين آمنوا كذلك * حقا علينا ننج المؤمنين " 103 و يبدو لي أن الأمر التبس عليه مع سورة الروم في قوله تعالى " و كان حقا علينا نصر المؤمنين "47
وفق الله الجميع لما فيه الخير و الفلاح.
اللهم فقهنا في الدين و علمنا التأويل
ـ[سلسبيل]ــــــــ[19 Nov 2004, 07:18 م]ـ
ومن مواضع الوقوف كذلك
في قولة تعالى (قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات * والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض) سورة طه
فيبتدأ بقولة تعالى والذي فطرنا وبذا يكون قسما أما عند الوصل فيكون معطوفا على البينات
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[22 Nov 2004, 12:41 ص]ـ
وكذلك قوله تعالى في:
- سورة عبس (18 - 19): {من أي شيء خلقه من نطفة * خلقه فقدره ثم السبيل يسره .. }.
ـ[علي حنانة]ــــــــ[30 Nov 2004, 01:44 ص]ـ
إن قراءة الشيخ محمد حبش للقرآن الكريم التي نتابعها الآن على القنوات الفضائية تعتمد منطقاً دقيقاً في رعاية أحكام الوقف والابتداء
نقترح تأصيل هذه القواعد في الرسم القرآني بالاستفادة نم الوسائل الحديثة
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[23 Feb 2005, 11:11 م]ـ
وكذلك قوله تعالى في:
- سورة النمل (91 - 92): {وأُمِرتُ أن أكون من المسلمين () وأن أتلوا القرآن * فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه .. }.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[28 Feb 2005, 11:32 ص]ـ
وكذلك قوله تعالى في:
- سورة البينة (1 - 2): {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم * البينة () رسولٌ من الله يتلوا صحفاً مطهرة}.
وهو للابتداء لا للوقف.
ـ[لؤي أبو محمد]ــــــــ[06 Mar 2005, 10:22 م]ـ
هنالك وقوفات وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم وليست رؤوس آي
قال السخاوي: ((ينبغي للقارئ أن يتعلم وقف جبريل عليه السلام، فإنه كان يقف في سورة آل عمران عند قوله {قل صدق الله * فاتبعوا ملة ابراهيم حنيفاً}
والنبي صلى الله عليه وسلم يتبعه.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقف في المواضع الآتية رغم أنها ليست رؤوس آي:
سورة البقرة والمائدة عند قوله تعالى {فاستبقوا الخيرات*}
سورة المائدة {سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق*}
{قل هذه سبيلي أدعو إلى الله * على بصيرة أنا ومن اتبعني}
{كذلك يضرب الله الأمثال * الذين استجابوا لربهم الحسنى}
{والأنعام خلقها * لكم فيها دفء}
{أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً * لا يستوون}
{ثم أدبر يسعى فحشر * فنادى}
{ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة}
فكان صلى الله عليه وسلم يعتمد الوقف على تلك الوقوف وغالبها ليس رأس آية وما ذلك إلا لعلم عنده علمه من علمه وجهله من جهله)). اهـ.
لي تعليق على الوقف في سورة النازعات
{ثم أدبر يسعى فحشر * فنادى}
معلوم أن الفاء حرف يفيد التعقيب فالوصل يفيد أن جمع الناس تم بسرعة
أما الوقف فيفيد أن هنالك مدة زمنية تطلبها جمع الناس وهو ما يعطي عمقاً للمعنى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[24 Mar 2005, 03:10 م]ـ
وكذلك قوله تعالى في:
- سورة النجم (6 - 7): {ذو مِرَّة * فاستوى وهو بالأفق الأعلى}.
ـ[عماد الدين]ــــــــ[30 Mar 2005, 05:07 م]ـ
قال الله تعالى:
(عفى الله عنك * لِمَ أذنت لهم حتى يتبين لك ... )
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[02 May 2005, 12:36 ص]ـ
قرأت قبل أيام في تفسير جزء (عم) للشيخ ابن عثيمين، قدس الله روحَه ونوّر ضريحَه، أنه يوقَفُ عند (البيت) من قوله تعالى: (فليعبدوا ربَّ هذا البيت) ثم يبتدئ: (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) حتى لا يُتوهّم كونُ الموصول من صفة (البيت).
______
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[02 May 2005, 12:50 ص]ـ
الأخ لؤي أبو محمد
هذه الوقوفات المنسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم لم تثبت عنه البتة، وقد نقلها غير السخاوي، فليس لها إسناد، وهي من الغرائب، وتجدها كذلك في كتاب كنوز ألطاف البرهان في رموز أوقاف القرآن لمحمد الصادق الهندي، وهي موجودة على حاشية المصحف الباكستاني.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[02 Jul 2005, 02:09 ص]ـ
وكذلك قوله تعالى في:
- سورة النساء (108): {يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم * إذ يبيتون ما لا يرضى من القول}.
ـ[الميموني]ــــــــ[03 Jul 2005, 02:04 ص]ـ
لدي مداخلة على هذا الموضوع كنت منذ مدة أريد أن أكتبها و لكن تدفعني عنها الشواغل ثم لما بدأت في كتابتها طالت بعض الشيء
فأفردتها هنا على هذا الرابط و هي في أمور عامة و منهجية في لطائف الوقف القرآني
و فيها بعض الملاحظات العامة
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=13553#post13553
أرجو التكرم بالاطلاع عليها و و ذكر ما ترونه من ملاحظات
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[13 Jul 2005, 10:46 م]ـ
وكذلك قوله تعالى في:
- سورة النساء (157 - 158): {وما قتلوه * يقيناً * (157) بل رفعه الله إليه}.
ـ[بدر الجبر]ــــــــ[22 Aug 2005, 05:51 م]ـ
مشايخنا الأفاضل حياكم الله، ها أنا ضيف جديد على هذا الملتقى المبارك فأنتم القوم - فيما أحسبكم - لا يشقى بكم من يجالسكم؛ لأني من المشتغلين بالنحو والأعاريب، فأرجو أن تقبلوني ومشاركتي فلدي بعض الوقوف التي أعجبتني ولم أطلع عليها في كتاب، وهي:
قوله تعالى في سورة الشعراء " إن حسابهم إلا على ربي * لو تشعرون "
وقوله سبحانه في سورة النمل " رب إني ظلمت نفسي * وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين "
وقوله في سورة الأنبياء" ووهبنا له إسحاق * ويعقوب نافلة "
ـ[المعتز بالإسلام]ــــــــ[23 Aug 2005, 06:59 ص]ـ
أليست يعقوب معطوفة على إسحاق؟!
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[20 Dec 2005, 06:51 م]ـ
- سورة النحل (120): {إن إبراهيم كان أُمَّةً قاتناً * لله * حنيفاً وما كان من المشركين}.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Jan 2006, 01:57 ص]ـ
قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين: (فَسَقى لهما ثمَّ تولَّى إلى الظلِّ فقالَ* رَبِّ إني لما أنزلتَ إِليَّ من خيرٍ فقير) القصص 24
بحيث يقف القارئ أولاً على كلمة (فقالَ) على أنه فعلٌ ماضٍ من القيلولة. ثم يبدأ مرة أخرى من (قال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير). فيكون من القول. وإن ابتدأ بقوله (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) كان ظاهراً أنه دعاء من موسى عليه السلام.
ولست أدري هل تعرض لهذا المعنى أحد من المفسرين أو المصنفين في الوقف والابتداء.
ـ[د. أنمار]ــــــــ[12 Oct 2006, 02:35 م]ـ
قال تعالى: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز * عليه ما عنتم.
رمز السجاوندي بأن الوقف على عزيز مجوز، على تأويل عليه ما عنتم أي شفاعة ما أثمتم
ثم اعترضه وصحح عدم الوقف في الآية.
ـ[همس الحرف]ــــــــ[21 Dec 2006, 02:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من رائعة الوقف القرآني
" وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون " يونس
يحتمل في "ما" أن تكون نافية وحينئذ يكون الوقف على "إلا الظن" فهي موجبة له وكرر "إن يتبعون" توكيداً.
ويحتمل في "ما" أن تكون استفهامية ويكون الوقف على "شركاء" فيتم بها المعنى ليتم الإخبار بقوله "إن يتبعون إلا الظن".
(يُتْبَعُ)
(/)
" إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لايكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إليَّ ولا تنظرون" يونس
"وشركاءكم" تعرب إما مفعول معه أو مفعول بفعل مضمر التقدير "ادعوا شركاءكم" وهذا على القراءة بقطع الهمرة وإما على الوصل فهو معطوف في قوله "فأجمعوا".
" وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهاراً ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون "
الوقف على قوله " ومن كل الثمرات " ثم تبدأ بقوله " جعل فيها زوجين " يعني الذكر والأنثى، ويجوز الوقف على " اثنين" وهو أحسن.
" للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم مافي الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به أولئك لهم سوء العذاب ومأواهم جهنم وبئس المهاد "
الوقف على " الحسنى" وهي مبتدأ والمراد بها الجنة، و"للذين استجابوا" خبر مقدم، "والذين لم يستجيبوا " مبتدأ وخبره " لو أن لهم .... " فتقف على الأمثال.
والوقف الآخر: على قوله " والذين لم يستجيبوا له " ويكون للذين استجابوا يتعلق بيضرب، والذين لم يستجيبوا معطوف على الذين استجابوا.
ويكون المعنى: يضرب الله الأمثال للطائفتين.
" ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون "
اللام على وجه التهديد لقوله بعده "فتمتعوا فسوف تعلمون" فعل هذا يبدأ بها، وقيل اللام لام العاقبة فعلى هذا توصل بما قبلها لأنها في الأصل لام كي، قال ابن .... : وذلك بعيد في المعنى.
" ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر "
الواو: يحتمل أن تكون عاطفة على ما قبلها فيوصل المعنى وخص المشركين لأنهم لا يؤمنون بالآخرة فيفرطون في حب الدنيا.
ويحتمل أن تكون الواو استئنافية فيبدأ بها، والمعنى: ومن الذين أشركوا قوم يود أحدهم لو يعمر ألف سنة، قال ابن ...... : والأول أظهر.
" كأن لم يكن بينكم وبينه مودة ياليتني كنت معهم فأفوز عظيماً "
هذه جملة اعتراض بين العامل والمعمول فلا يجوز الوقف عليها وهذه المودة في ظاهر المنافق لا في اعتقاده.
" لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثاً "
الواو يحتمل أن تكون استئنافية فتقف، ويحتمل أن تكون حالية.
تقبلوا خالص تحياتي
أخوكم
ـ[عبدالله المعيدي]ــــــــ[25 Dec 2006, 05:00 ص]ـ
جزى الله الإخوة المشايخ خير الجزاء على ما أتحفونا به.
وحقيقة هذا العلم مهم للغاية في فهم ىي الكتاب العزيز
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[18 Nov 2007, 11:18 م]ـ
ومنه قوله تعالى ((أعدت للمتقين*)) ثم يتم ((المتقين الذين ينفقون في السراء والضراء و ..... )) الآية
وكذلك ((ونعم أجر العاملين*)) ثم يتم ((العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون))
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[19 Nov 2007, 11:13 ص]ـ
أحسنت أخي مجاهد وقد سبقت الإشارة إلى ضابط هذا الباب في المشاركة التاسعة.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[19 Nov 2007, 09:27 م]ـ
السلام عليكم
جزاكم الله خيرًا على هذا الموضوع الجميل. الوقف اهتم به علماء القراءات والعربية.
في قوله، تعالى: (فجاءته إحداهما تمشي. على استحياء قالت ... ) الآيةَ.
هل الوقف على (تمشي) وارد؟ هو يعطي معنى مختلفًا، لأن الاستحياء يكون متعلقًا بالقول، لا المشي.
حياك الله أبا عبدالله ..
لكن هذا الوقف وإن كان حسنا لأول وهلة،إلا أنه عند التأمل فيه ضعف؛ لأنه قوله حينئذٍ: (فجاءته إحداهما تمشي) تحصيل حاصل، إذ الأصل أن مجيء الإنسان ماشيا،فتعلق الحياء بالمشي حينئذٍ؛ ولأن من كانت تستحي في مشيتها فمن الأولى أن تكون من الحييات في قولها ومنطقها،والله أعلم.
ـ[عادل التركي]ــــــــ[19 Nov 2007, 11:46 م]ـ
هنا وقفان سمعت الثاني من القارئ الشيخ ناصر القطامي
فرجعت للتفسير فوجت الأول
كما فسره الإمام البغوي رحمه الله
وهما في سورة الفجر:
وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20) كَلَّا * إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ * وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) قال في معالم التنزيل:
{وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} أي كثيرًا، يعني: تحبون جمع المال وتولعون به، يقال: جم الماء في الحوض، إذا كثر واجتمع.
{كَلا} ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر. وقال مقاتل: أي لا يفعلون ما أمروا به في اليتيم، وإطعام المسكين، ثم أخبر عن تلهفهم على ما سلف منهم حين لا ينفعهم، فقال عز من قائل: {إِذَا دُكَّتِ الأرْضُ دَكًّا دَكًّا} مرة بعد مرة، وكسر كل شيء على ظهرها من جبل وبناء وشجر، فلم يبق على ظهرها شيء.
{وَجَاءَ رَبُّكَ} قال الحسن: جاء أمره وقضاؤه (1) وقال الكلبي: ينزل {وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} قال عطاء: يريد صفوف الملائكة، وأهل كل سماء صف على حدة. قال الضحاك: أهل كل سماء إذا نزلوا يوم القيامة كانوا صفًا مختلطين بالأرض ومن فيها فيكون سبع صفوف
______________
(1) هذا تأويل والصواب حمل الآية على الحقيقة وعلى مراد الله تعالى. راجع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 5/ 402 - 409، 16/ 416 - 420. (هذه الحاشية من المحقق جزاه الله خيرا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[معن الحيالي]ــــــــ[20 Nov 2007, 10:23 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء .. جزاكم على حسن القراءة للقران الكريم .. جزاكم على فتح باب التدبر في القران الكريم ..
وجزاكم وجزاكم.
من الايات التي تخطر على البال الان قوله تعالى في براءة يوسف عليه السلام:
(وان كان قميصه قد من دبر فكذبت) (وهو من الصادقين) .. سمعت اماما يقرا بها .. .
ومنه قوله تعالى: (شهر رمضان الذي انزل فيه القران) ويبدا (القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان).
ومنه قوله تعالى (ولكم فيها ما تشتهي انفسكم ولكم فيها ما تدعون) ويبدا (ما تدعون نزلا من غفور رحيم)
سبحان الله تعالى الذي احكم القران الكريم وجعله معجزة الى يوم الدين.
ـ[الونشريسي]ــــــــ[03 Feb 2008, 09:14 ص]ـ
أشكر جميع من شارك في هذه الفوائد، وأضيف:
من الوقوفات اللطيفة التي تشحذ أذهان السامعين:
الوقوف على (ما) في قوله تعالى {إن الله لا يستحييي أن يضرب مثلا ما. بعوضة فما فوقها} البقرة أو الثمن.
الوقوف على (كن) في قوله تعالى {كن فيكون} في جميع القرآن.
الوقوف على (ولد) في قوله تعالى {قل إن كان للرحمن ولد} ثم يستأنف {فأنا أول العابدين} (18) الزخرف على جعل (ما نافية.
يقف على كل واحدة من هذه الكلمات {إنه فكر وقدر}. {فقتل} {كيف قدر} {ثم قتل} {كيف قدر} من سورة المدثر}.
[أبو حذيفة جلول المسجل باسم (بوسنيان)
ـ[طابة]ــــــــ[04 Feb 2008, 10:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أصف نفسى حتى بصغار طلاب العلم , ولكنى أحب القرآن وأحب التأمل فيه , فأتمنى أن أشارك معكم عسى لما أخطأ تقومونى ,ولكنى سأبدأ بما سمعته أما ما سأتدبره بإذن الله ففى مشاركة أخرى إن شاء الله تعالى.
*من الوقف الممنوع:أخطأ إمام فى الصلاة الجهرية قال (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) ثم ركع ... قال أحد المأمومين وهو شيخ عالم عندنا لو كان أكمل (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) ثم ركع!!!
*قالت لى معلمة وأنا أقرأ عليها (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا * إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) بأن نقف على (لا علم لنا) ثم نبدأ بـ (إنك أنت علام الغيوب)
حتى لا يتوهم أنهم يقصدون لا علم لنا بأنك علام الغيوب
*قالت لى معلمة أخرى الأفضل الوقف على (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ) ثم نبدأ بـ (أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) قالت لى بأن هذا الجيل الذى عصى قد مات كله فى الأربعين سنة هذه ثم دخل جيل جديد.
* * (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) * (وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) وقف بيان.
هذا والله أعلم
ـ[الونشريسي]ــــــــ[05 Feb 2008, 08:58 ص]ـ
شكر شيخنا الشيخ عادل على هذه النصائح الطيبة والقواعد المحكمة، وأحب التنبيه الى أمرين:
أولا: أفضل من سمعته وأعرف يهتم بالوقف والابتداء ثلاثة: الشيخ إبراهيم الأخضر- - تلميذه الشيخ ابراهيم الدوسري-- الشيخ عادل الكلباني.
ثانيا: كنت قد قد شاركت أمس بذكر بعض لطائف الوقوف لكن لم تكن الحروف منسقة، وأعيدها اليوم لعلها تنضبط.
أقول: من الوقوفات التي تشحذ أذهان السامعين:
1 - الوقوف على (ما) في قوله تعالى {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما} بعوضة فما فوقها. الثمن الأول في البقرة.
وقد يعكر عليها أن الابتداء بالمنصوب ضعيف في اللغة.
2 - الوقوف على {كن} من كل ما ورد في القرآن من قوله تعالى {كن فيكون} باعتبار أن الجملة الأولى إنشائية،
والثانية خبيرة.
3 - الوقوف على على (ولد) من قوله تعالى {قل إن كان للرحمن ولد} فأنا أول العابدين} الآية [81] من سورة الزخرف
باعتبار أن إن نافيا وليست شرطية.
4 - الوقوف على قوله تعالى {وفي أنفسكم} بحيث تصل بها {للموقنين} ثم تقف على أنفسكم، ثم تبتدإ {أفلا تبصرون}
وذلك في الآية [21] الذاريات.
5 - إفراد كل واحدة من هذه الكلمات {إنه فكر وقدر} -- {فقتل} -- {كيف قدر} -- {ثم قتل} -- {كيف قدر}.-- {ثم نظر}
وفق الله الجميع لتدبر كتابه، والعمل به.
أبو حذيفة جلول (أكتب باسم بوسنيان) سوف أعد العضوية قريبا إن شاء الله.(/)
طلب إحضار مادة درس التفسير
ـ[أبو عمران]ــــــــ[07 May 2003, 08:36 ص]ـ
إخواني هذا الأسبوع عندي درس في تفسير سورة الطلاق مع مجموعة من الإخوان و قتي ضيق جدا حيث يجب ان اجلس على الشبكة طول النهار و قسم من الليل ... فأحب أن تشاركوني هذا الخير العظيم ... و تساعدوني في إحضار مادة تحصل للدرس في تفسير هذه السورة ... و احب أن أعلمكم أن الدرس مع مجموعة من الأخوة تزوجوا حديثا و هم شباب في مقتبل العمر ... بقي على الدرس مدة أسبوع فهل بإمكانكم المساعدة ... و بارك الله فيكم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[07 May 2003, 09:14 ص]ـ
أخي الكريم
بإمكانك الاستفادة من هذا الرابط http://www.google.com/search?q=%CA%DD%D3%ED%D1+%D3%E6%D1%C9+%C7%E1%D8%E1 %C7%DE&ie=windows-1256&hl=ar&btnG=%C8%CD%CB+Google&lr=lang_ar واختيار ما تراه مناسباً. مع استغرابي من طول المدة التي تقضيها مع هذه الشبكة. وفقني الله وإياك لما فيه الخير.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 May 2003, 09:20 ص]ـ
أخي الحبيب أبا عمران مرحباً بك وبإخوانك وبمشاركاتك وأرجو أن تجد ما يسرك بإذن الله في ملتقى أهل التفسير.
ولكنني أستغرب يا أبا عمران من اختيارك لتفسير سورة الطلاق لشباب حديثي عهد بزواج!!!
لماذا لا تفسر لهم سورة أخرى؟!
على أي حال سأحرص على مساعدتك، وسأبعث لك على بريدك ما يتيسر. وأرجو من الجميع التكرم بالمساعدة وفق الله كل طالب للخير.
ـ[أبو عمران]ــــــــ[09 May 2003, 03:28 م]ـ
إخواني الكرام أبو مجاهد و سيد عبدالرحمن بارك الله فيكما و نفع الله بكما
شكر لما و جزاكما الله خيرا على مشاركتم .. أبو مجاهد إن شاء الله أستفيد من رابط الجوجل ... اما بخصوص الوقت فهذا مربوط بعملي الوظيفي ... يجبرني على الجلوس عليها طول الوقت ..
أما استفسار اخينا سيد عبدالرحمن ... السورة تاتي ضمن جزء قد سمع و قد وفقنا الله تعالى الى ان وصلنا الى هذه السورة ... و من قبل ذلك كنا نعتمد على تفسير ابن كثير و في ظلال القرأن ... إلا أني طلبت مساعدتكم لكون السورة ما فيها من احكام فقهية خصوصا في هذه القضية الخطيرة قضية الطلاق ... و طبعا كما قلت لكم نحن أكراد و فهمنا لا يصل الى مستوى فهمكم بارك الله فيكم أنا بإنتظار بريدك يا سيدي الكريم(/)
جمع القرآن بين أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[07 May 2003, 09:17 ص]ـ
في هذا الموضوع ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=156)
استشكل أحد الإخوة مسألةً في جمع القرآن , فكتبت خلاصة عاجلة تزيل الإشكال على طريقة: التأصيل ثم التفصيل , ثم أورد إشكالاً آخر , فأجبته , ثم انقلب الإشكال الثاني وأصبح إشكالاً ثالثاً , وهنا توقفت عن المتابعة؛ لأضع هذه المشاركة , التي أرجوا أن تفيد في جانب:
((جمع القرآن في عهد أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما , والفرق بينهما))
وسنرى أن تصور هذه المقدمة يعين كثيراً على فهم مسائل كثيرة من أبواب علوم القرآن لاتصاله الظاهر بها , وبالأخص " الأحرف السبعة ".
وسأبدأ بذكر خلاصة الباب في نظري , ثم أتبعها بالتفصيل , جاعلاً حاشية كل موضع بعده مباشرةً بين هلالين:
* * *
تأصيلٌ ثم تفصيل
سيُحَل هذا الإشكال وجميع الإشكالات في موضوع الجمع - إن شاء الله تعالى - من خلال تصور ما يلي:
1 - أن أبا بكر رضي الله عنه جمع القرآن , وعثمان رضي الله عنه جمع الناس عليه.
2 - فعليه: جمع عثمان هو جمع أبي بكر رضي الله عنهم , ولم يغير فيه شيئاً.
3 - الذي جمعه أبو بكر رضي الله عنه هو ما عرضه رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام في العرضة الأخيرة.
4 - العرضة الأخيرة اشتملت على ما لم يُنسَخ من الأحرف السبعة؛ بدليل وجود عدد من الصحابة تختلف قرائتهم عمَّا في المصحف الإمام.
هذا القدر من البيان تجتمع به الأدلة , وعليه قامت , وبه نطقت , وهو حلٌّ لكثير من المشكل في هذا الباب , وأكتفي بهذا القدر , لهذا الإشكال , ولعلنا نزيد الموضوع إيضاحاً , بإيرادات أخرى في هذا الباب. والله أعلم.
* * *
(جمع القرآن)
الحمد لله , و صلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً, أما بعد:
فإن الله تعالى قد تكفل بحفظ كتابه , وهيأ الأسباب الكونية والقدرية لذلك , فقال تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).
وهذه مقدمة مهمة لفهم مسالة جمع القرآن على مراحلها الثلاثة كما سنذكر – إن شاء الله تعالى -.
* الجمع الأول: في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم:-
يطلق جمع القرآن ويراد به أحد معنيين:
الأول: حفظه في الصدور. والثاني: كتابته في السطور.
(في تسمية القرآن بـ: القرآن والكتاب , إشارة لطيفة إلى هذين النوعين, فالقرآن بمعنى الجمع والحفظ , والكتاب بمعنى المكتوب , ولا يكفي أحدهما عن الآخر , فلا يكفي حفظ حافظ حتى يوافق رسم المصحف , ولا تكفي كتابة كاتب حتى توافق ما نقل بالتواتر. انظر: النبأ العظيم , لمحمد عبد الله دراز, صـ 5 - 7 , ونقلها عنه غالب من كتب في علوم القرآن بعده) وكلاهما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
فأما النوع الأول: فإن الأمة الأمية التي بعث فيها الرسول صلى الله عليه وسلم كانت من أسرع الناس حفظاً , وهكذا الصحابة رضي الله عنهم عُنُوا بسماع القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم وحفظه ومدارسته , فلم يكونوا يتجاوزوا عشر آيات حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل , وأقاموا به ليلهم تهجداً وتلاوةً , حتى كان يسمع لبيوتهم دويٌّ كدويّ النحل من التلاوة , فلا عجب أن يكثر حفاظ القرآن من الصحابة , حتى عُرف طائفة منهم بالقراء , وقد كانوا عدداً كبيراً , ففي البخاري (4090) عن أنس رضي الله عنه في قصة بئر معونة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سبعين رجلاً يقال لهم القراء .. الحديث.
وذكر السيوطي في الإتقان (3 – 1/ 72 , نقلاً عن أبي عبيد القاسم بن سلام في كتابه (القراءات) وفي مقدمة (طبقات القراء) للذهبي أن هذا العدد هم الذين عرضوا القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم واتصلت بنا أسانيدهم , وأما من جمعه من الصحابة ولم يتصل بنا سندهم فكثير) عدداً كثيراً ممن حفظ القرآن كله من المهاجرين والأنصار , ومثّل أنس بن مالك رضي الله عنه لبعض من جمع القرآن كاملاً عن النبي صلى الله عليه وسلم سماعاً منه وعرضاً عليه بقوله عندما سأله قتادة: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة كلهم من الأنصار: أبيّ بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد
(يُتْبَعُ)
(/)
(4 – 6/ 102 - 103 , وأبو زيد هو قيس بن السكن أحد عمومة أنس رضي الله عنهم. الفتح 6/ 102 - 103).
أما النوع الثاني من جمع القرآن وهو ضم بعضه إلى بعض كتابةً وتدويناً فقد وجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كذلك, وقد أذن به صلى الله عليه وسلم بقوله " لا تكتبوا عني , ومن كتب عني غير القرآن فليمحه " (رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه , صحيح مسلم بشرح النووي 18/ 129) , بل كان له عليه الصلاة والسلام كتّاب الوحي ومنهم الخلفاء الأربعة وزيد بن ثابت وأبيّ بن كعب ومعاوية وغيرهم كثير رضي الله عنهم (انظر: جوامع السيرة لابن حزم صـ 26 - 27 , وزاد المعاد لابن القيم 1/ 29) , ووصف هذا الجمع زيد بن ثابت رضي الله عنه بقوله: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع (رواه الحاكم في المستدرك 2/ 229). فلم تكن أدوات الكتابة متيسرة لهم بل كانوا يكتبون في اللخاف والرقاع والأقتاب والأكتاف وغيرها. وكان على هذه الصورة مفرقاً غير مجموع , وإنما لم يجمع في كتاب واحد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لتتابع نزول الوحي منجّماً حسب الأحداث , ولورود النسخ فيه , مما يستلزم تكرار تغييره دائماً مع كل نزول , ولأن الله أمّنَ نبيّه من نسيانه " سنقرئك فلا تنسى , إلا ّما شاء الله " (انظر: المرشد الوجيز لأبي شامة صـ 62, والبرهان 1/ 300 - 301).
وقد كان الاعتماد في هذه المرحلة على الحفظ أكثر من الكتابة لقوة الذاكرة وسرعة الحفظ وقلة الكاتبين ووسائل الكتابة.
فقُبِض النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن محفوظ في الصدور, ومكتوب في الصحف , مفرقاً بين الصحابة , مرتب الآيات إجماعاً , قال زيد رضي الله عنه: قبض النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن القرآن جمع في شيء (صحيح البخاري 6/ 58 باب جمع القرآن الكريم).
* الجمع الثاني: في عهد أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه:-
- تاريخه: بعد معركة اليمامة في السنة الثانية عشر من الهجرة.
- وسببه: أنه قُتل في معركة اليمامة عدد كبير من القراء منهم سالم مولى أبي حذيفة أحد من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن منهم , فأمر أبو بكر بجمعه لئلا يضيع , ففي البخاري (4986) أن عمر بن الخطاب أشار على أبي بكر رضي الله عنهما بجمع القرآن بعد وقعة اليمامة, فتوقف , فلم يزل عمر يراجعه حتى شرح الله صدر أبي بكر لذلك فأرسل إلى زيد بن ثابت فأتاه وعنده عمر فقال له أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه , قال زيد: فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما أمراني به , قال: فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال , فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله , ثم عند عمر حياته , ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنهما .. . رواه البخاري مطوّلاً.
وقد وافق المسلمون أبا بكر على ذلك وعدّوه من حسناته حتى قال علي رضي الله عنه: أعظم الناس في المصاحف أجراً أبو بكر , رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع ما بين اللوحين (رواه ابن أبي داود في المصاحف صـ11, وحسّنه الحافظ ابن حجر في الفتح 9/ 12).
وإنما أُختير زيد رضي الله عنه لهذا الأمر في زمن أبي بكر وعثمان؛ لما ذكره أبو بكر عنه من رجاحة عقله, وتمام حفظه, وأنه من كتبة الوحي, ولأنه شهد العرضة الأخيرة للقرآن (شرح السنة للبغوي 4/ 525 – 526 , والبرهان للزركشي 1/ 237 , والإتقان للسيوطي 1/ 118).
وصفة هذا الجمع قائمةٌ على أربعة أسس:
1 – ما كان محفوظاً في صدور الرجال.
2 – ما كُتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.
3 – لا يقبل من صدور الرجال إلا ما تلقوه من فم النبي صلى الله عليه وسلم.
4 – لا يقبل شيء من المكتوب حتى يشهد شاهدان على أنه كُتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو بكر رضي الله عنه لزيد وعمر بن الخطاب: اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه (المصاحف لابن أبي داود صـ12 , وجمال القراء للسخاوي 1/ 86 , قال ابن حجر: ورجاله ثقات مع انقطاعه. الفتح 9/ 14).
وقام عمر رضي الله عنه في الناس فقال: من كان تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من القرآن فليأتنا به (المصاحف لابن أبي داود صـ17).
(يُتْبَعُ)
(/)
قال زيد رضي الله عنه: فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال (صحيح البخاري برقم 4986).
قال ابن حجر: وفائدة التتبع المبالغة في الاستظهار والوقوف على عين ما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم (الفتح 9/ 15).
وذكر قريباً من ذلك أبو شامة والزركشي رحمهم الله تعالى (المرشد الوجيز لأبي شامة صـ57 , والبرهان للزركشي 1/ 234).
وتميز هذا الجمع بمنتهى الدقة والإتقان , وإهماله لما نسخ من الآيات, واشتماله على ما ثبت في العرضة الأخيرة دون سواه , وظفر بإجماع الأمة عليه , وتواتر ما فيه , ولم يكن منه إلا نسخة واحدة حفظت عند إمام المسلمين أبي بكر-رضي الله عنه- باتفاق العلماء (البرهان للزركشي 1/ 297 , ودراسات في علوم القرن لفهد الرومي صـ82) , وسمي بالـ"مصحف" باتفاق الصحابة (رواه ابن أشتة في (المصاحف) من طريق موسى بن عقبة عن ابن شهاب , ذكره السيوطي في الإتقان1/ 89).
وكان الغرض من هذا الجمع تقييد القرآن كله مجموعاً في مصحف واحد حتى لايضيع منه شيء , دون أن يحمل الناس عليه لعدم ظهور الخلاف في قراءته (أصولٌ في التفسير , لمحمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله ,صـ33).
* الجمع الثالث: في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه:ـ
تاريخه: في أوائل السنة الخامسة والعشرين من الهجرة.
وسببه: اختلاف الناس في القراءة بحسب ما وصلهم من القرآن , إمّا من الصحابة أو الصحف , فخيفت الفتنة فأمر عثمان رضي الله عنه أن يجمع الناس على مصحف واحد , لئلا يختلف الناس فيتنازعوا في كتاب الله ويتفرقوا (قاله ابن حجر في الفتح 9/ 17) , ومنه ما رواه البخاري (الفتح 9/ 17) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق , فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة , فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك , فأرسلت بها حفصة إلى عثمان.
وكان هذا العمل بمشورة من الصحابة واتفاق منهم , قال علي رضي الله عنه: يا أيها الناس لا تغلوا في عثمان ولا تقولوا له إلا خيراً في المصاحف , فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأٍ منّا جميعاً , قال ما تقولون في هذه القراءة؟ فقد بلغني أن بعضهم يقول إن قراءتي خير من قراءتك , وهذا يكاد أن يكون كفراً , قلنا: فما ترى؟ قال: نرى أن نجمع الناس على مصحف واحد , فلا تكون فرقة ولا يكون اختلاف , قلنا: فنعم ما رأيت , قال علي: والله لو وليت لفعلت مثل الذي فعل (المصاحف لابن أبي داود صـ30 , وإسناده صحيح كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح 9/ 18).
واختار عثمان رضي الله عنه لهذا الجمع لجنة من ثلاثة من قريش: عبد الله بن الزبير, وسعيد بن العاص, وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام, وواحد من الأنصار هو زيد بن ثابت رضي الله عنه , وقال عثمان للقرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم (صحيح البخاري 6/ 99) وهذا فيما يتعلق بالرسم الكتابة.
فنسخ مصحف أبي بكر رضي الله عنه في أربعة أو خمسة أو سبعة مصاحف , واحد منها بقي عند عثمان وأرسل البقيّة إلى مكة والشام والبصرة والكوفة , وأرسل مع كل مصحف منها حافظ يقرئ الناس بها (مناهل العرفان 1/ 396 - 397) , وأمر بالإقراء بما فيها وما يوافقها ومنع ما عداها (البرهان 1/ 235 , الإتقان 1/ 60) , وأمر بإحراق ما كان من صحائف مفرقة عند بعض الصحابة رضي الله عنهم (صحيح البخاري برقم 4987 , والفتح 9/ 21).
وتميّز جمع عثمان رضي الله عنه باشتماله على ما ثبت في العرضة الأخيرة , وإهمال ما نسخت تلاوته (قال البغوي في (شرح السنّة) 4/ 525 - 526: المصحف الذي استقر عليه الأمر هو آخر العرضات على رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأمر عثمان بنسخه في المصاحف وجمع الناس عليه , وأذهب ما سوى ذلك قطعاً لمادة الخلاف , فصار ما يخالف خط المصحف في حكم المنسوخ والمرفوع كسائر ما نسخ ورفع فليس لأحد أن يعدوا في اللفظ إلى ما هو خارج عن الرسم. ا.هـ ونقلها عنه ابن حجر في الفتح8/ 646).
وكان مرتب الآيات والسور على الوجه المعروف الآن , واشتمل على ما لم ينسخ من الأحرف السبعة والتي تفرعت عنها القراءات المتواترة المعروفة.
وكتبت المصاحف بطريقة تجمع وجوه القراءات المختلفة , وذلك بعدم إعجامها وشكلها , وجُرِّدت هذه المصاحف من كل ما ليس قرآناً , كالذي كان يكتبه بعض الصحابة في مصاحفهم الخاصة من شرح لمعنى أو بيان لمنسوخ أو دعاء أو نحو ذلك (مناهل العرفان 1/ 260 - 261).
وأجمعت الأمّة على جمع عثمان رضي الله عنه , وهو من سنّة الخلفاء الراشدين وقد دلّ الحديث على أن لهم سنّة يجب إتباعها (كما في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه المشهور"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين , عضّوا عليها بالنواجذ ,. . الحديث" رواه أبو داود (4607) والترمذي (2672) وابن ماجه (44,43) وأحمد 4/ 126 - 127 والدارمي 1/ 44 وغيرهم).
* والفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان رضي الله عنهما هو:
1 – أن الباعث لجمع أبي بكر "خشية أن يذهب شيء من القرآن" , والباعث لجمع عثمان "منع الاختلاف في قراءته" ولم يغير رضي الله عنه حرفاً مما في مصحف أبي بكر رضي الله عنه , وأنّى له ذلك , فعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: قلت لعثمان {والذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجاً} قد نسختها الآية الأخرى , فلِمَ تكتبها أو تدعها؟ قال: يا ابن أخي لا أغيّر شيئاً من مكانه. (رواه البخاري 6/ 29 برقم 4530).
2 – جمع أبي بكر في مصحف واحد , وجمع عثمان بمعنى نسخه في مصاحف متعددة متحد ة الإقراء بما يوافق رسمه.
والله أعلم وصلّى الله على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[08 May 2003, 03:42 م]ـ
بارك الله فيك شيخنا أبابيان، وكلامكم واضح وبيّن، وواضح أنكم تفسرون الأحرف السبعة بالأوجه السبعة كما ذهب الزرقاني، وهذا مما سهل لي طريق فهم كلامك لأنني ـ الى الان ـ أقول بان الأحرف السبعة هي الأوجه السبعة، ولكن قلتم في مصحف أبي بكر (ولم يكن منه الا نسخة واحدة حفظت عند إمام المسلمين أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ بالتفاق العلماء)
وطبعا كانت هذه النسخة مشتملة على الأوجه السبعة، طيّب … هذا متصور فيما يمكن جمعه على رسم واحد، فما العمل فيما لا يمكن جمعه على رسم واحد، كوجه التقديم و التأخير؟ هل كان المصحف نسخة واحدة على رسم واحد لاختلاف واحد و كان الوجه الاخر محفوظا في الصدور؟ هذا هو ما أسأل عنه
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[09 May 2003, 12:33 ص]ـ
شكر الله لك أخي الحبيب على اهتمامك بالموضوع ومتابعته.
ولعلك تلاحظ بارك الله فيك أني لم أتعرض لموضوع الأحرف السبعة , وإن كان له علاقة بموضوع الجمع , ولم أذكر ما يُفهم منه أن الأحرف السبعة هي الأوجه السبعة , - إلا على تعريف خاص للأوجه السبعة تبين لك - وأرجوا أن لا يُفهم من كلامي أن القراءات السبعة هي الأحرف السبعة , فإني لم أذكر هذا , وقد نبه عليه أكثر من كتب فيه.
والحقيقة أني أردت أن يبقى هذا الموضوع خاصاً بمسألة الجمع , وأما ما يتبعها من مسائل كالأحرف السبعة مثلاً , فقد اطلعت على مقدمة موضوع فيها للشيخ مساعد الطيار على هذا الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=191
وأشكرك أخي الحبيب محمد على اهتمامك ونشاطك في الملتقى , والذي لا يخفى على مطالع. نفعنا الله وإياكم بما نقول. والله الموفق.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[09 May 2003, 05:38 م]ـ
بارك الله فيك شيخنا أبا بيان، و يمكنك أن تتجاهل تعليقي على موضوع الأحرف السبعة، فما أردت نقاش المسألة و إنما أوردت الكلام عابرا، فأنا أتابع الموضوع مع الشيخ / مساعد حفظه الله
و حاشا أن أظن اعتقادك بأن الأحرف السبعة هي القراءات السبع، فهذا من جهل العوام الفاضح، كما أشار السيوطي الى ذلك.
و لكن ما زال سؤالي قائما فأرجو أن ترجع اليه، واحتسب الأجر عند الله
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[09 May 2003, 06:28 م]ـ
الأخ أبو بيان بارك الله فيك وفي علمك.
حول مسألة اشتمال الصحف العثمانية على الأحرف السبعة لا زال الإشكال قائما حول المنهجية التي كتبت عليها تلك الصحف بحيث يكون رسمها مشتملاً للأحرف السبعة، وطبعا الأمر لا زال يحتاج إلى بيان شافي، آمل أن تتحفنا والإخوة بما لديكم حول هذه المسألة.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[26 Feb 2004, 09:10 ص]ـ
ومن الأدلة على الجمع الكتابي في العهد النبوي:
ما رواه عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه, قال: وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من ثقيف, فقالوا لي: احفظ لنا متاعنا وركابنا, فقلت: على أنكم إذا فرغتم انتظرتموني حتى أدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم, فدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه حوائجهم, ثم خرجوا, فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم, فسألته مصحفاً كان عنده فأعطانيه. (1)
قال أبو بكر بن أبي عاصم (ت:287):
هذا مما يحتج أن القرآن جمع في المصاحف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, وبما روى ابن عمر رضي الله عنهما, عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسافروا بالمصاحف إلى أرض العدو). (2) , ودل على أنه كان مجموعاً في المصاحف. (3) ا. هـ
------------------------------------
(1) رواه الطبراني في الكبير 9/ 53, برقم 8393, و9/ 40, برقم 8356, وقال الهيثمي في المجمع 9/ 371: رجاله رجال الصحيح غير عبّاد وقد وُثّق.
(2) رواه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه.
(3) الآحاد والمثاني, لابن أبي عاصم, ت/ الدكتور باسم الجوابره, دار الراية, 3/ 191.
ـ[ابن العربي]ــــــــ[26 Feb 2004, 12:16 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي بارك الله فيك هل الحديث يدل على وجود المصاحف في أيدي الصحابة رضي الله عنهم وهو ما يسمى بالمصحف الشخصي؟ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مثل مصحف ابن مسعود رضي الله عنه ومصحف أبي رضي الله عنه
أم أنه يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كتب القرآن في مصحف وليس في رقاع متفرقة؟
آمل من سعادتكم التوضيح شكر الله لكم وبارك فيكم.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[26 Feb 2004, 10:26 م]ـ
أخي الكريم: ابن العربي سلمه الله
كلا النوعين من المصاحف التي ذكرت كان موجود في العهد النبوي:
فكان هناك مصاحف خاصة ببعض الصحابة, وكان مكتوباً في رقاع كما ذكرت, فإذا اجتمعت صارت مصحفاً, ولا مانع من تسميته مصحفاً حتى مع عدم اكتمال جميع السور فيه في زمن نزول الوحي وتجدده. والله أعلم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[27 Feb 2004, 02:22 ص]ـ
هناك مسألة أشار إليها الأخ الفاضل أحمد القصير، وهي اشتمال المصاحف التي نسخها عثمان على بقية الأحرف السبعة، والجواب عنها يتعلق بتحرير المراد بالأحرف السبعة، وأشير هنا إلى مسألة مهمة متعلقة بهذا الموضوع، وهي أن الصوتيات من الإدغام والإظهار والمد والإشمام والروم والإمالة وغيرها لا يمكن أن تُكتب، فإذا كانت من الأحرف السبعة ظهر يقينًا أنَّ الرسم لا يلزم أن يشمل جميع وجوه المقروء، بل ثبوت القراءة أصل، والرسم فرع عنه، وهي مسألة تحتاج إلى تحقيق أكثر.
ثم إنك تجد بعض الوجوه المقروءة ليست مما يوافق الرسم، ولا يمكن دخوله في الاحتمال إلا بتمحُّلٍ، وهذا يدلُّك على ما قلت، ومن ذلك رسم (لأهب لك غلام) فقد رُسمت في المصاحف بالألف، وقرأ أبو عمرو وورش بالياء (ليهب)، وهذه المسألة تحتاج إلى تحقيق وتمحيص، والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن العربي]ــــــــ[27 Feb 2004, 08:14 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفع بكم
عندي بعض الأسئلة أتمنى أن أجد إجابة عليها وهي
س1 / ما هو الفرق بين الأحرف السبعة والقراءات السبع؟ وهل القراءات السبع اجتهاد أم نص كما هو الحال في الأحرف السبعة؟
س2 / هل جبريل عليه السلام أسمع الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن على سبعة أحرف أم على حرف واحد هو حرف قريش؟ ثم أذن الله لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يأذن لأمته أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف التي هي لغات القبائل وألفاظها وأصواتها؟ وهو صلى الله عليه وسلم قد أوتي جوامع الكلم؟
س 3 / ما هو سبب اختلاف القراء هل هو بسبب احتمال الكلمة في الرسم العثماني بحيث إن الكلمة تقراء بلفظين أو ثلاثة أو أكثر؟
س 4 / وهل الخلاف الذي وقع بين القراء وقع في الأصوات أي في المد والإدغام والهمس والتسهيل وهذه كلها جارية على سنن لغة العرب في نطقها للألفاظ؟ أم غير ذلك؟
س 5 / هل علم الوقف والابتداء وعلم التجويد نتجا عن هذا الخلاف الذي وقع بين القراء في الأصوات؟ أم عن شيء آخر؟
ولكم مني جزيل الشكر والعرفان
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[22 Apr 2004, 11:01 م]ـ
* قال محمد بن المنادى:
سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: (أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المصحف). طبقات الحنابلة 1/ 281.
----------------
الأخ ابن العربي وفقه الله, طالعت الأسئلة, وغالبها سبق الحديث عنه في موضوعات سابقة في الملتقى, وسأجيبك عمَّا تيسر منها- إن شاء الله- في أقرب وقت.(/)
الطريق إلى حل مشكلة الأحرف السبعة (1)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[07 May 2003, 01:46 م]ـ
الطريق إلى حل مشكلة الأحرف السبعة (1)
إن هذا الموضوع من أعظم مشكل علوم القرآن، ولا أُرى أنه يُختلف في ذلك.
ومهما تعدد الدراسات فيها، وتكاثر الآراء حول المراد بها، فإنه يبقى في نفس القارئ أسئلة لا يرى لها حلاًّ.
وإن تعدد الدراسات من الأمور المحمودة في البحث العلمي؛ لأنَّ العقول تختلف في نظراتها، وفي طريقة عرضها، وفي استنباطاتها، وقد يوجد جزء من الحق في هذه المسألة عند باحث، ويوجد جزء آخر عند غيره، وهكذا.
وأذكر أنَّ الأخ الفاضل محمد بن عبد العزيز الخضيري طرح سؤالاً على أحد أساتذتنا أثناء الدراسات العليا لإعداد درجة الماجستير، فقال: لماذا لا يكون مثل هذا الموضوع وغيره من الموضوعات المشكلة محلَّ بحثٍ في الدراسات العليا؟
فكان من جواب الأستاذ الدكتور أن قال بأن هذا الموضوع مشكل، ولا يوجد له حلُّ، ودراسته إنما هي تكرار لما كُتبَ.
وهذا الموضوع وأمثاله من أبرز وأهم الموضوعات التي تصلح للنقاش والدراسة في الدراسات العليا؛ لأن مناقشة مثل هذا الموضوع بحدِّ ذاته مفيد للدارس، فضلاً عما يمكن أن يفتح عليه من الرأي الصائب الذي قد يخرج به.
ولست أرى أن الموضوع قد انتهى بقول فلان، بل لا زال الموضوع بحاجة إلى بحثٍ، وأعمال من سبق إنما هي مفاتيح للدراسة، وبعضها أوفر فائدة من بعض.
وإذا كان ذلك كذلك، فإني سأطرح لك ـ أيها القارئ الكريم ـ خلاصة ما توصلت إليه في قراءة هذا الموضوع، وإني لأسأل الله التوفيق في القول والعمل.
أولاً: إنَّ الدراسات المتقدمة والمتأخرة قد تناولت هذا الموضوع بطرق شتى، وسأذكر نوعين من الدراسات المعاصرة من باب بيان أمثلة لهذه الدراسات، وليس من باب استقرائها.
الدراسة الأولى: دراسة الشيخ الدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ في كتابه (حديث الأحرف السبعة).
وقد تميَّزت هذه الدراسة بالاستقراء لحديث الأحرف السبعة ودراسة سنده، ثم استقراء أراء العلماء في المراد بها مع الاستدراك على كل قول بما فيه من وجوه الضعف.
وبعد استدراكاته هذه خلُص إلى رأيه المتميز في المراد بالأحرف السبعة، وشرحه مبينا مأخذ كل قيد ذكره في التعريف. ومن أهم ما يحسن التنبه له في هذا الرأي أنه اعتمد على نص الحديث في استنباط معنى الأحرف، وهذه سابقة جيدة تفكُّ شيئًا كبيرًا من معنى هذه الأحرف.
ثم طرح بعد ذلك الحكمة من الأحرف السبعة، ثم ذكر فصولاً تتعلق بالقراءات وصلتها بالأحرف السبعة، وما يتعلق بتواترها، ثم ما يتعلق بمعنى الاختيار وحقيقته.
وتُعدُّ هذه الدراسة أنفس ما كُتِب في هذا الموضوع.
وإني لأنوه هنا بأن هذا المنهج الذي سلكه الشيخ عبد العزيز في طريقة دراسة الأحرف هو المنهج السديد في دراسة كثير من موضوعات علوم القرآن المعلَّقة أو الناقصة بحثًا، حيث يتم جمع الآثار المتعلقة بالموضوع، ثم يقوم الباحث بدراسة تلك النصوص واستنباط الفوائد والأحكام منها.
وسأعرض لكم لاحقًا ـ إن شاء الله ـ أمرًا يتعلق بعلوم القرآن، وهو (علوم القرآن بين الآثار والاستنباط)، وسأطرق فيه ما يمكن أن يكون فيه الرأي من هذه الموضوعات.
الدراسة الثانية: دراسة الدكتور حسن ضياء الدين عتر في كتابه (الأحرف السبعة ومنْزلة القراءات منها).
وهي دراسة واسعة للأحرف السبعة، ومن أبرز ما فيها أن المؤلف أنه يذكر الحديث، ثم يذكر ما يحمله الحديث من فوائد متعلقة بالموضوع.
وهذه طريقة حسنة في دراسة الموضوع، وفي الكتاب مسائل وفوائد كثيرة تتعلق بهذا الموضوع، وهو من الكتب المفيدة في هذا الموضوع، وإن كان المؤلف لم يخرج فيه عن أن الأحرف السبعة سبع لغات هي أشهر وأفصح لغات العرب أنزل الله القرآن بها (ص: 177).
الدراسة:
المسألة الأولى:
لقد نزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة، وبقي في المدينة مدة من الزمن يقرأ بما كان يقرأ به في مكة.
ولم ينْزل عليه الترخيص بالقراءة بالأحرف السبعة إلا في المدينة، كما هو ظاهر من حديث أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار، قال: فأتاه جبريل عليه السلام، فقال:» إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف.
(يُتْبَعُ)
(/)
فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك.
ثم أتاه الثانية، فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين.
فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك.
ثم جاءه الثالثة، فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف.
فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك.
ثم جاءه الرابعة، فقال إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا «. رواه مسلم.
وقد أفاد هذا الحديث ما يأتي:
1 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف المراد بالحرف الذي يراد القراءة به، لذا استزاد تخفيفًا على الأمة.
ولما كان عارفًا بهذه الأحرف، فإنه قد علَّمها الصحابة رضي الله عنهم، وقرؤوا بها، ويشهد لذلك ما وقع لعمر بن الخطاب مع حكيم بن حزام في قراءته لسورة الفرقان.
وهذا فيه ردٌّ على من يزعم أنَّ الأحرف السبعة من المتشابه. وذلك صحيح إن كان المراد به أنه متشابه على قائلة، أما أن يكون متشابهًا على كل أحد، فلا.
2 ـ أن الأمر بالقراءة بهذه الأحرف كان في المدينة بدلالة قوله:» أضاة بني غفار «، وهو موضع بالمدينة، ويشهد له ما روي من طريق آخر أن جبريل لقيه عند أحجار المِرَى أو أحجار المِراء، وهي قباء كما في النهاية في غريب الأثر لابن الأثير.
3 ـ أن العدد سبعة مقصودٌ، وليس المراد به التكثير، بدلالة التدرج الذي ذُكِر في الحديث، ولو كان العدد غير مقصود لما كان لهذا التدرج معنى، بل لجاء الأمر بالقراءة على سبعة أحرف من أول الأمر.
4 ـ أن القراءة كانت على حرف واحدٍ قبل نزول هذا التيسير، وهذا الحرف كان يوافق لغة قريش (ينظر: سنن القراء ومناهج المجودين: 32).
وهذا متوافق مع طبيعة الرسالة؛ لأنَّ الرسول يرسل بلسان قومه، وينْزل الكتاب عليه بلسانهم، ولسان قريش معروف مشهور بين العرب بسبب الحجِّ الذي يقومون به إلى مكة، فكان كثير منهم يمكنهم القراءة به، والله أعلم.
ولا تعجل عليَّ هنا باستنباط أنَّ الأحرف هي لغات، فليس الأمر كذلك على إطلاقه، بل هناك تفصيل سيأتي في حينه.
5 ـ إن نزول الأحرف السبعة قد كان متأخِّرًا، وقد ذكر الشيخ عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ أنه كان بعد فتح مكة، حيث بدأت قبائل العرب على اختلاف ألسنتها ولهجاتها تدخل في دين الله أفواجًا. (سنن القراء ومناهج المجودين: 32).
وهذا الوقت الذي نزلت فيه الأحرف السبعة هو أنسب الأوقات بالنسبة لتلك الوفود التي سترد المدينة وتتعلم القرآن، فكان من تيسير الله أن أنزل تلك الأحرف تيسيرًا لهم، كما ورد في الحديث، وهذا التيسير لا زال مستمرًا حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ـ[الإداوة]ــــــــ[08 May 2003, 06:40 م]ـ
جزيتم خيرا.
وسعيا .. حثيثاً .. لنرى المزيد حول هذا الموضوع ..
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[09 Jul 2004, 06:23 م]ـ
يرفع ليكمله فضيلة الشيخ أبو عبد الملك وفقهما الله:)
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[09 Jul 2004, 08:13 م]ـ
جزاك الله خيرا .... و نحن في انتظار المزيد ...
وفقك الله
ـ[د. أنمار]ــــــــ[10 Jul 2004, 06:00 ص]ـ
نقل الشيخ مساعد حفظه الله ورعاه ما يلي:
=============
إن نزول الأحرف السبعة قد كان متأخِّرًا، وقد ذكر الشيخ عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ أنه كان بعد فتح مكة، حيث بدأت قبائل العرب على اختلاف ألسنتها ولهجاتها تدخل في دين الله أفواجًا.
==============
أقول:
أما كون الأحرف السبعة نزلت في المدينة فهو واضح، لكن تحديد ذلك بأنه بعد فتح مكة، فالظاهر من الكلام أعلاه أنه استنباط.
أما التعليل الذي ذكره فليس بالضرورة ألا يكون نزول الأحرف قبل ذلك بمدة،
فهل هناك نص قاطع للنزاع يشهد لذلك الرأي؟
ـ[المنهوم]ــــــــ[10 Jul 2004, 06:20 م]ـ
جزى الله الشيخ / مساعد
على هذا التحقيق الجميل
وأما الأخ / أنمار
فأقول لك // ما يضيرك ان يكون كون الأحرف بعد الفتح او قبله
فألامر واحد مادام انه في المدينة وبعد الهجرة
ـ[د. أنمار]ــــــــ[10 Jul 2004, 07:00 م]ـ
نعم
فبعض العلماء ذهب إلى أن تكرر نزول كثير من الآيات كما هو معلوم في أسباب النزول محمول عندهم على تنزلها ببعض الأحرف السبعة، وهو عندي قول وجيه جدا، وكثير منها حصل في أول العهد المدني كما في آخره، فلا أعدل عن قناعتي هذه إلا بنص.
ـ[أمين الشنقيطي]ــــــــ[11 Jul 2004, 12:04 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ماابتدأه أخونا الأستاذ د. مساعد
يفتح الأمل فى نفوس إخوانه المقرئين فهذا الحديث هو أصلهم العلمي، ومادتهم التى يحتكمون إليها عند الاستدلال،
لذا رأيت أن أنبه من قبيل التوضيح إلى أن طرق المسائل بطريقة أخرى عمل جيد لكنه قد لايحقق الهدف،
وأشكر أخونا الدكتور مساعد لشعوره بهذه الحيثية، وتطرقه لدراسات متنوعة فى هذا الموضوع،
واسأل الله العظيم أن تجد هذه المسائل الشائكة رجالا على شاكلته لتجد البحوث فى أمر الأحرف الضوء من جديد.
وفى الحقيقة بالنسبة لي أقول لقد تعلقت بهذا الحديث المبارك منذ الدراسات المنهجية الماجستير وخلال دروس العلامة عبد العزيز القارئ فى هذا الموضوع،
وما يقال عن تلك الدروس فهو قليل جدا. نسأل الله أن يجزيه خير الجزاء،
وفى الحقيقة إن الأحرف مادة علمية دسمة واسعة الأطراف.
وهذا الذى تفطن له أستاذنا الدكتور القاري
يقول فى كتابه الأحرف السبعة: أما مايترتب على تعدد هذه الأوجه من اختلاف فى المعاني أو زيادة وماتدور حوله من مقاصد .... إلى أن يقول كل ذلك نعده بحوثا متفرعة من الأحرف خارجة عن حقيقة كنهها، منفصلة عن بحث تأويلها وتفسيرها وبيان المراد منها.
فى الحقيقة: تحمل هذه العبارات الدلالات المطلوبة للحل والباحث يطرق الجانب الذي يختاره منها أو مافهمه.
وأقول فى الحقيقة هناك جوانب لا أرى الشيخ تطرق إليها
كفضل القراءات على غيرها من علوم القرآن كما هو الحال فى فضائل القرآن. وغير ذلك من بحوث منطوية تحت هذا الحديث الكبير. والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[19 Apr 2005, 08:51 ص]ـ
الذي ذكره احد الاخوه من فرحه بقول بعض المتقدمين ان هناك بعض الايات قد تكرر نزولها فرح ليس في موضعة وهي قضية ناقشها الاستاذ الدكتور فضل عباس في كتابه اتقان البرهان وله كذلك راي في الاحرف السبعة حبذا ان يطلع الاخ الدكتور الطيار عليه وفي سنة 1991 كنت في مصر وزرت المرحوم الاستاذ الذكتور السيد الكومي فاخبرني انه تقدم ببحث للاستاذية حول الاحرف السبعة لكن المؤسف ان البحث لم يكن موجودا عنده وتوفي الشيخ ولم اطلع على هذا البحث فهل من واسطة تجلب البحث من الازهر وتضعه على الشبكة لعلنا نستفيد وقد عرضت انا لهذا الموضوع في رسالة الماجستير حول الدراسة المنهجية والنقدية لتفسير ابن عاشور ولعلي ان انسا الله تعالى في الاجل ان ابدي رايا في هذا لكن بعد ان اطلع على ما كتبه الاخ الدكتور الطيار والمقال الاول حسن جدا وانا ننتظر المقال الاتي
فكل التحية للدكتور الطيار
ـ[الراية]ــــــــ[01 Dec 2006, 09:38 ص]ـ
معنى الأحرف السبعة في القراءة
فضيلة د. خالد السبت
10/ 11 / 1427
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن أقرب الأقوال في معنى الأحرف السبعة: أنها سبعة أوجه من وجوه التغاير كما سنوضح ذلك إن شاء الله.
وهذا القول اختاره كثير من المحققين في هذا الشأن كأبي الفضل الرازي، وابن قتيبة، والباقلاني، وابن الجزري والسخاوي، ومكي بن أبي طالب، وأبي عمرو الداني، وغيرهم.
أما حصر هذه الأوجه فلا يخلو من إشكال لأن مبنى ذلك على الاستقراء، وهو استقراء ناقص باعتبار أن عثمان رضي الله عنه جمع الناس على حرف واحد وهو حرف قريش، ومن ثم لم تصل إلينا جميع الأحرف السبعة، وإنما بعضها.
وغاية ما هنالك أن نمثل على وجوه التغاير هذه فنقول مثلاً: من ذلك:
اختلاف الأسماء بالإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، نحو (أمانتهم) و (أماناتهم)، وكالاختلاف في وجوه الإعراب، نحو (ما هذا بشراً) و (ما هذا بشرٌ)، والاختلاف في التصريف، نحو: (ربَّنا باعِد بين أسفارنا) و (ربُّنا باعَد بين أسفارنا)، وهكذا ما كان بتغيير حرف، نحو (يعملون) و (تعملون) إلى غير ذلك من الأوجه التي يحصل بها التغاير. والله أعلم.
http://www.almoslim.net/rokn_elmy/show_question_main.cfm?id=16971
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[01 Dec 2006, 11:29 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم العلم ابن المذاكرة كما علمونا صغارا، وكانوا يعنون بالمذاكرة (الحوار)، أو هكذا فهمنا، قبل أن تغزونا وسائل الإعلام فتحول معنى المذاكرة عن معهودنا إلى (القراءة)، وعلى كلّ فقد أحببت أن أسطر بعض الأفكار التي تجول فيَّ عن حديث الأحرف السبعة، شاكراً للإخوة الذين فتقوا الحديث فيه والذين علقوا عليه. على الرغم من أهمية فهم معاني الحديث لأنه المصدر الثاني للتشريع، إلا أني أرى أن البحث التاريخي واللغوي (الفيلولوجي) في علم القراءات هو الذي سيضيف الى العلم شيئا جديدا. وفي الوقت الذي أشكر للأستاذ مساعد- وأحبه في الله كثيرا- أن دلنا على المحاولات او المقاربات العلمية في تحديد معنى (الحرف)، فإني أستأذنه في طرح وجهة نظري بمودة عن الموضوع المهم الذي يشغل جميع الباحثين في الدراسات القرآنية والمتعلمين لعلم القراءات وربما لكل مسلم مثقف. اتجه تفكيري بهذا النحو، شاكرا لكل من يدل على الطريق: سواء عرفنا المراد الحقيقي من حديث (سبعة أحرف كلها شاف كاف) أم لم نعرف، فإنّ فائدة الحديث تنحصر في إضفاء الشرعية على علم القراءات وتاريخ المصحف، ولن تتجاوز البحوث والدراسات التخمين في معناه بحكم القيود الدلالية والفاصل الزماني بين المرسل والمتلقي. مثله في ذلك مثل حديث الفرق، فلن نتجاوز التخمين في معنى الفرقة إلى قيام الساعة ولذلك فحديث الأحرف السبعة لن يفيدنا وقد تيقنا من ثبوت سنده عند أهل النقل - سوى بإضفاء الشرعية على علم القراءات وهي مضفاة، لكنه يستل سخيمة المتعصبين لظاهر قوله تعالى إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ممن يظنون حُرمة الحديث في مواضيع كثيرة متعلقة بتاريخ القرآن. وقد رأيت من يبسط لسانه بالنكير على مثل ابن جرير على جلالة قدره وعظيم فضله لتكلمه على بعض القراءات وترجيحه بينها. ولا يجرؤ على الترجيح
(يُتْبَعُ)
(/)
بين القراءات إلا من كان بمستوى ابن جرير وأين مثل أبي جعفر؟ لكن السياق القرآني والمعنى الظاهر للفقرة أو القطعة قد ينصر إحدى القراءات على بعض. فقراءة الكوفيين (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا) بالتخفيف تبدو أقوى وأكثر ملاءمة للسياق من قراءة البصريين (كُذِبوا) بالتشديد. ذلك أن الآية تصوّر حالة الرسل النفسية والمفارقة التي يشعرون بها بين عظم تكذيب قومهم وجراءتهم على الله وبين حلم الله تعالى عنهم مما تشبه (اليأس)، ولبيان بغتة نصر الله تعالى وحلاوته ويقين مجيئه لمن لم ييأس من روحه قال تعالى حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا، ومعنى كُذبوا أُخلِفوا ما وُعدوا، ولأن الفاعل المجهول شيء من قبل الله تعالى حسن العدول الى كُذبوا بالتشديد لزيادة فائدة تنزيه الرسل من ظنهم ما لا يليق بربهم. لكن قراءة التشديد ستجعل الفاعل المجهول هو قومهم، والقوم قد كذّبوا، فلا يناسب التشديد السياق أبدا. على أهمية السياق كان يعتمد المرجحون بين القراءات، وربما غضب أو امتعض المرجحون للروايات، ويميل علم الدلالة المعاصر الى نصر المرجحين للسياق لسبب من علم التاريخ، فلا يجوز إخضاع النص المتواتر قطعيّ الثبوت ومنه سياقه العام وترابط جمله وأجزائه لنصوص ظنية الثبوت مروية في ضوئه وظلاله. كتبت هذا الترجيح في ظلال القراءتين قبل أن أقرأ تفسير ابن جرير والآن سأراجعه لأرى ماذا قال: ثم ارتأيت نسخه من نسخة الطبري على موقع مجمع الملك فهد لأشرك القارئ الكريم معي في التفكير، فنحن نفكّر في النصوص وليس في الفراغ،، قال الطبري رحمه الله تعالى: * * * < 16 - 296 > القول في تأويل قوله تعالى: حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى , فدعوْا من أرسلنا إليهم , فكذبوهم , وردُّوا ما أتوا به من عند الله = (حتى إذا استيئسَ الرسل)، الذين أرسلناهم إليهم منهم أن يؤمنوا بالله، ويصدِّقوهم فيما أتوهم به من عند الله = وظن الذين أرسلناهم إليهم من الأمم المكذِّبة أن الرسل الذين أرسلناهم قد كذبوهم فيما كانوا أخبروهم عن الله، من وَعده إياهم نصرَهم عليهم = (جاءهم نصرنا). * * * وذلك قول جماعة من أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 19987 - حدثنا أبو السائب سلم بن جنادة , قال: حدثنا أبو معاوية , عن الأعمش , عن مسلم , عن ابن عباس , في قوله: (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا)، قال: لما أيست الرسل أن يستجيب لهم قومُهم , وظنَّ قومهم أن الرسل قد كذَبَوهم , جاءهم النصر على ذلك , فننجّي من نشاء. 19988 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا أبو معاوية الضرير, قال: حدثنا الأعمش , عن مسلم , عن ابن عباس، بنحوه = غير أنه قال في حديثه، قال: " أيست الرسل " , ولم يقل: " لما أيست ". < 16 - 297 > 19989 - حدثنا محمد بن بشار , قال: حدثنا مؤمل , قال: حدثنا سفيان , عن عطاء بن السائب , عن سعيد بن جبير: (حتى إذا استيئس الرسل)، أن يسلم قومهم , وظنّ قوم الرسل أن الرسل قد كَذَبُوا جاءهم نصرنا. 19990 - حدثنا ابن بشار , قال: حدثنا مؤمل , قال: حدثنا سفيان , عن الأعمش , عن أبي الضحى , عن ابن عباس , مثله. 19991 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمران بن عيينة , عن عطاء , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس: (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا)، قال: حتى إذا استيأس الرسل من قومهم , وظن قومهم أن الرسل قد كَذَبوا , (جاءهم نصرنا). 19992 - حدثنا ابن بشار , قال: حدثنا عبد الرحمن , قال: حدثنا سفيان , عن حصين , عن عمران السلمي , عن ابن عباس: (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا)، أيس الرسل من قومهم أن يصدِّقوهم , وظن قومهم أن الرسل قد كذبتهم. 19993 - حدثنا عمرو بن عبد الحميد , قال: حدثنا جرير, عن حصين , عن عمران بن الحارث السلمي , عن عبد الله بن عباس , في قوله: (حتى إذا استيئس الرسل)، قال: استيأس الرسل من قومهم أن يستجيبوا لهم = (وظنوا أنهم قد كذبوا)، قال: ظن قومهم أنهم جاؤوهم بالكذب.
(يُتْبَعُ)
(/)
19994 - حدثنا أبو كريب , قال: حدثنا ابن إدريس , قال: سمعت حصينًا , عن عمران بن الحارث , عن ابن عباس: حتى إذا استيأس الرسل من أن يستجيب لهم قومهم , وظنَّ قومهم أن قد كذبوهم = (جاءهم نصرنا). < 16 - 298 > 19995 - حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس , قال: حدثنا عبثر , قال: حدثنا حصين , عن عمران بن الحارث , عن ابن عباس , في هذه الآية: (حتى إذا استيئس الرسل)، قال: استيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا , وظنَّ قومُهم أن الرسل قد كَذَبوهم فيما وعدوا وكذبوا = (جاءهم نصرنا). 19996 - حدثنا محمد بن المثنى , قال: حدثنا ابن أبي عدي , عن شعبة , عن حصين , عن عمران بن الحارث , عن ابن عباس , قال: (حتى إذا استيئس الرسل)، من نصر قومهم = (وظنوا أنهم قد كذبوا)، ظن قومهم أنهم قد كَذَبوهم. 19997 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا محمد بن الصباح , قال: حدثنا هشيم , قال: أخبرنا حصين , عن عمران بن الحارث , عن ابن عباس , في قوله: (حتى إذا استيئس الرسل)، قال: من قومهم أن يؤمنوا بهم , وأن يستجيبوا لهم , وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم (جاءهم نصرنا)، يعني الرسلَ. 19998 - حدثني المثنى , قال: حدثنا عمرو بن عون , قال: أخبرنا هشيم , عن حصين , عن عمران بن الحارث , عن ابن عباس، بمثله سواء. 19999 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء , عن هارون , عن عباد القرشي , عن عبد الرحمن بن معاوية , عن ابن عباس: (وظنوا أنهم قد كُذِبوا) خفيفة , وتأويلها عنده: وظن القومُ أن الرسل قد كذبوا. < 16 - 299 > 20000 - حدثنا أبو بكر , قال: حدثنا طلق بن غنام , عن زائدة , عن الأعمش , عن مسلم , عن ابن عباس , قال: (حتى إذا استيئس الرسل)، من قومهم أن يصدِّقوهم , وظن قومُهم أن قد كذبتهم رُسُلهم = (جاءهم نصرنا). 20001 - حدثني المثنى , قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس , قوله: (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا)، يعني: أيس الرسل من أن يتّبعهم قومهم , وظن قومُهم أن الرسل قد كَذَبوا , فينصر الله الرسل , ويبعثُ العذابَ. 20002 - حدثني محمد بن سعد , قال: حدثني أبي , قال: حدثني عمي , قال: حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله: (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا)، حتى إذا استيأس الرسلُ من قومهم أن يطيعوهم ويتبعوهم , وظنَّ قومُهم أن رسلهم كذبوهم = (جاءهم نصرنا). 20003 - حدثني المثنى , قال: حدثنا إسحاق , قال: حدثنا محمد بن فضيل , عن حصين , عن عمران بن الحارث , عن ابن عباس: (حتى إذا استيئس الرسل)، من قومهم = (وظنوا أنهم قد كذبوا)، قال: فما أبطأ عليهم إلا من ظن أنهم قد كَذَبوا. 20004 - .... قال: حدثنا آدم العسقلاني , قال: حدثنا شعبة , قال: < 16 - 300 > أخبرنا حصين بن عبد الرحمن , عن عمران بن الحارث قال: سمعت ابن عباس يقول: (وظنوا أنهم قد كذبوا) خفيفةً. وقال ابن عباس: ظن القومُ أنّ الرسل قد كَذَبوهم، خفيفةً. 20005 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا جرير , عن عطاء , عن سعيد بن جبير , في قوله: (حتى إذا استيئس الرسل)، من قومهم , وظنّ قومُهم أن الرسل قد كَذَبوهم. 20006 - .... قال: حدثنا محمد بن فضيل , عن خصيف , قال: سألت سعيد بن جبير , عن قوله: (حتى إذا استيئس الرسل)، من قومهم , وظن الكفار أنهم هم كَذَبوا. 20007 - حدثني يعقوب والحسن بن محمد , قالا حدثنا إسماعيل بن علية. قال: حدثنا كلثوم بن جبر , عن سعيد بن جبير , قوله: (حتى إذا استيئس الرسل)، من قومهم أن يؤمنوا , وظن قومُهم أن الرسل قد كَذَبتهم. 20008 - حدثني المثنى , قال: حدثنا عارم أبو النعمان , قال: حدثنا حماد بن زيد , قال: حدثنا شعيب , قال: حدثني إبراهيم بن أبي حرة الجزري , قال: سأل فتى من قريش سعيد بن جبير , فقال له: يا أبا عبد الله، كيف تقرأ هذا الحرف، فإني إذا أتيت عليه تمنَّيت أن لا أقرأ هذه السورة: (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا)؟ قال: نعم , حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يصدِّقوهم , وظن المرسَلُ إليهم أن الرُّسُل كَذَبوا. قال: فقال الضحاك بن مزاحم: ما رأيت كاليوم قط رجلا يدعى إلى علم فيتلكَّأ!! لو رحلت في هذه إلى اليمن كان قليلا! <
(يُتْبَعُ)
(/)
16 - 301 > 20009 - حدثني المثنى , قال: حدثنا الحجاج , قال: حدثنا ربيعة بن كلثوم , قال: حدثني أبي , أن مسلم بن يسار , سأل سعيد بن جبير ; فقال: يا أبا عبد الله , آية بلغت مني كل مبلغ: (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا)، فهذا الموتُ , أن تظنّ الرسل أنهم قد كُذِبوا , أو نظنّ أنهم قد كَذَبوا، مخففة! قال: فقال سعيد بن جبير: يا أبا عبد الرحمن , حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يستجيبوا لهم , وظن قومُهم أن الرسل كذبتهم = (جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين). قال: فقام مسلم إلى سعيد , فاعتنقه وقال: فرّج الله عنك كما فرّجت عني 20010 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا يحيى بن عباد , قال: حدثنا وهيب , قال: حدثنا أبو المعلى العطار , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس: (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) قال: استيأس الرسل من إيمان قومهم ; وظنَّ قومهم أن الرسل قد كَذَبوهم , ما كانوا يخبرونهم ويبلِّغونهم. < 16 - 302 > 20011 - .... قال: حدثنا شبابة , قال: حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قوله ; (حتى إذا استيئس الرسل) أن يصدقهم قومهم , وظن قومهم أن الرسل قد كَذَبوا , جاء الرسل نَصرُنا. 20012 - حدثني محمد بن عمرو , قال: حدثنا أبو عاصم , قال: حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله. 20013 - حدثني المثنى: قال: حدثنا الحجاج , قال: حدثنا حماد , عن عطاء بن السائب , عن سعيد بن جبير , في هذه الآية: حتى إذا استيأس الرسل من قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كَذَبت. 20014 - .... قال: حدثنا حماد , عن كلثوم بن جبر , قال: قال لي سعيد بن جبير: سألني سيد من ساداتكم عن هذه الآية فقلت: استيأس الرسل من قومهم , وظنَّ قومهم أن الرسل قد كذبت. 20015 - حدثني يونس , قال: أخبرنا ابن وهب , قال: قال ابن زيد , في قوله: (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا)، قال: استيأس الرسل أن يؤمن قومهم بهم , وظنَّ قومهم المشركون أن الرسل قد كَذَبوا ما وعدهم الله من نصره إياهم عليهم، وأخْلِفُوا، وقرأ: (جاءهم نصرنا)، قال: جاء الرسلَ النصرُ حينئذ. قال: وكان أبيّ يقرؤها: " كُذِبُوا ". 20016 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء , عن سعيد , عن أبي المتوكل , عن أيوب ابن أبي صفوان , عن عبد الله بن الحارث , < 16 - 303 > أنه قال: (حتى إذا استيئس الرسل)، من إيمان قومهم = (وظنوا أنهم قد كذبوا)، وظن القوم أنهم قد كذبوهم فيما جاءوهم به. 20017 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا عبد الوهاب , عن جويبر , عن الضحاك , قال: ظن قومهم أن رسلهم قد كَذَبوهم فيما وعدوهم به. 20018 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثنا محمد بن فضيل , عن جحش بن زياد الضبي , عن تميم بن حذلم , قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول في هذه الآية: " حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا "، قال: استيأس الرسل من إيمان قومهم أن يؤمنوا بهم , وظن قومهم حين أبطأ الأمر أنهم قد كَذَبوا بالتخفيف. 20019 - حدثنا أبو المثنى , قال: حدثنا محمد بن جعفر , قال: حدثنا شعبة , < 16 - 304 > عن أبي المعلى , عن سعيد بن جبير , في قوله: (حتى إذا استيئس الرسل)، قال: استيأس الرسل من نصر قومهم , وظنّ قومُ الرسل أن الرسل قد كَذَبوهم. 20020 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال: حدثنا أبو أحمد , قال: حدثنا عمرو بن ثابت , عن أبيه , عن سعيد بن جبير: حتى إذا استيأس الرسل أن يصدِّقوهم , وظن قومُهم أن الرسل قد كذبوهم. 20021 - .... قال: حدثنا أبو أحمد , قال: حدثنا إسرائيل , عن عطاء بن السائب , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس: حتى إذا استيأس الرسل أن يصدّقهم قومهم , وظن قومُهم أن الرسل قد كَذَبوهم. 20022 - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان , قال: سمعت الضحاك في قوله: (حتى إذا استيئس الرسل)، يقول: استيأسوا من قومهم أن يجيبوهم , ويؤمنوا بهم =" وظنوا "، يقول: وظن قوم الرسل أن الرسل قد كَذَبوهم الموعد. * * * قال أبو جعفر: والقراءة على هذا التأويل الذي ذكرنا في قوله: (كُذِبُوا) بضم الكاف وتخفيف الذال. وذلك أيضًا قراءة بعض قرأة أهل المدينة وعامة قرأة أهل الكوفة. وإنما
(يُتْبَعُ)
(/)
اخترنا هذا التأويل وهذه القراءة , لأن ذلك عقيب قوله: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ < 16 - 305 > كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، فكان ذلك دليلا على أن إياس الرسل كان من إيمان قومهم الذين أهلكوا , وأن المضمر في قوله: (وظنوا أنهم قد كذبوا)، إنما هو من ذكر الذين من قبلهم من الأمم الهالكة , وزاد ذلك وضوحًا أيضًا، إتباعُ الله في سياق الخبر عن الرسل وأممهم قوله: (فنجي من نشاء)، إذ الذين أهلكوا هم الذين ظنوا ان الرسل قد كذبتهم، فكَذَّبوهم ظنًّا منهم أنهم قد كَذَبوهم. * * * وقد ذهب قوم ممن قرأ هذه القراءة، إلى غير التأويل الذي اخترنا , ووجّهوا معناه إلى: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم , وظنَّتِ الرسل أنهم قد كُذِبوا فيما وُعِدُوا من النصر. * ذكر من قال ذلك: 20023 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا عثمان بن عمر , قال: حدثنا ابن جريج , عن ابن أبي مليكة , قال: قرأ ابن عباس: (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا)، قال: كانوا بشرًا ضَعفُوا ويَئِسوا. 20024 - .... قال: حدثنا حجاج بن محمد , عن ابن جريج , قال: أخبرني ابن أبي مليكة , عن ابن عباس , قرأ: (وظنوا أنهم قد كُذِبوا)، خفيفة، قال ابن جريج: أقول كما يقول: أخْلِفوا. قال عبد الله: قال لي ابن عباس: كانوا بشرًا. وتلا ابن عباس: حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [سورة البقرة: 214] = قال ابن جريج: قال ابن أبي مليكة: ذهب بها إلى أنهم ضَعُفوا فظنوا أنهم أخْلِفوا. 20025 - حدثنا ابن بشار , قال: حدثنا مؤمل , قال: حدثنا سفيان , عن الأعمش , عن أبي الضحى , عن مسروق , عن عبد الله , أنه قرأ: (حتى إذا < 16 - 306 > استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا)، مخففة. قال عبد الله: هو الذي تَكْرَه. 20026 - .... قال: حدثنا أبو عامر , قال: حدثنا سفيان , عن سليمان , عن أبي الضحى , عن مسروق , أن رجلا سأل عبد الله بن مسعود: (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا)، قال: هو الذي تكره = مخففةً. 20027 - .... قال: حدثنا محمد بن جعفر , قال: حدثنا شعبة , عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير , أنه قال في هذه الآية: (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا)، قلت: " كُذِبوا "! قال: نعم ألم يكونوا بشرًا؟ 20028 - حدثنا الحارث , قال: حدثنا عبد العزيز , قال: حدثنا إسرائيل , عن سماك , عن عكرمة , عن ابن عباس , في قوله: (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا)، قال: كانوا بشرًا، قد ظنُّوا. * * * قال أبو جعفر: وهذا تأويلٌ وقولٌ , غيرُه من التأويل أولى عندي بالصواب، وخلافه من القول أشبه بصفات الأنبياء، والرسل إن جاز أن يرتابوا بوعدِ الله إياهم ويشكوا في حقيقة خبره، مع معاينتهم من حجج الله وأدلته ما لا يعاينه المرسَل إليهم فيعذروا في ذلك، فإن المرسَلَ إليهم لأوْلى في ذلك منهم بالعذر. وذلك قول إن قاله قائلٌ لا يخفى أمره. * * * وقد ذُكِر هذا التأويل الذي ذكرناه أخيرًا عن ابن عباس لعائشة , فأنكرته أشد النُكرة فيما ذكر لنا. * ذكر الرواية بذلك عنها، رضوانُ الله عليها: 20029 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا عثمان بن عمر , قال: حدثنا < 16 - 307 > ابن جريج , عن ابن أبي مليكة , قال: قرأ ابن عباس: (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا)، فقال: كانوا بشرًا، ضعفوا ويئسوا = قال ابن أبي مليكة: فذكرت ذلك لعروة , فقال: قالت عائشة: معاذ الله! ما حدَّث الله رسوله شيئًا قطُّ إلا علم أنه سيكون قبل أن يموت , ولكن لم يزل البلاء بالرسل حتى ظن الأنبياء أن من تبعهم قد كذّبوهم. فكانت تقرؤها: " قَدْ كُذِّبُوا "، تثقلها. 20030 - .... قال: حدثنا حجاج , عن ابن جريج , قال: أخبرني ابن أبي مليكة , أن ابن عباس قرأ: (وظنوا أنهم قد كُذِبوا)، خفيفة، قال عبد الله: ثم قال لي ابن عباس: كانوا بشرًا وتلا ابن عباس: حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [سورة البقرة: 214] = قال ابن جريج: قال ابن
(يُتْبَعُ)
(/)
أبي مليكة: يذهب بها إلى أنهم ضَعُفوا , فظنوا أنهم أُخْلِفوا. قال ابن جريج: قال ابن أبي مليكة: وأخبرني عروة عن عائشة , أنها خالفت ذلك وأبته , وقالت: ما وعد الله محمدًا صلى الله عليه وسلم من شيء إلا وقد علم أنه سيكون حتى مات , ولكنه لم يزل البلاء بالرسل حتى ظنوا أنَّ من معهم من المؤمنين قد كذَّبوهم. قال ابن أبي مليكة في حديث عروة: كانت عائشة تقرؤها: " وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا " مثقَّله , للتكذيب. 20031 - .... قال: حدثنا سليمان بن داود الهاشمي , قال: حدثنا إبراهيم بن سعد , قال: حدثني صالح بن كيسان , عن ابن شهاب , عن عروة , < 16 - 308 > عن عائشة قال: قلت لها قوله: (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا)، قال: قالت عائشة: لقد استيقنوا أنهم قد كُذِّبوا. قلت: " كُذِبوا ". قالت: معاذ الله , لم تكن الرُّسل تظُنُّ بربها، إنما هم أتباع الرُّسُل، لما استأخر عنهم الوحيُ، واشتد عليهم البلاء، ظنت الرسل أن أتباعهم قد كذَّبوهم = (جاءهم نصرنا). 20032 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن الزهري , عن عروة , عن عائشة , قالت: حتى إذا استيأس الرجل ممن كذبهم من قومهم أن يصدّقوهم , وظنَّت الرسل أن من قد آمن من قومهم قد كَذَّبوهم , جاءهم نصر الله عند ذلك. * * * قال أبو جعفر: فهذا ما روي في ذلك عن عائشة , غير أنها كانت تقرأ: " كُذِّبُوا "، بالتشديد وضم الكاف , بمعنى ما ذكرنا عنها: من أن الرسل ظنَّت بأتباعها الذين قد آمنوا بهم، أنهم قد كذَّبوهم , فارتدُّوا عن دينهم , استبطاءً منهم للنصر. وقد بيّنا أن الذي نختار من القراءة في ذلك والتأويل غيرَه في هذا الحرف خاصّةً. * * * وقال آخرون ممن قرأ قوله: " كُذِّبُوا " بضم الكاف وتشديد الذال , معنى ذلك: حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا بهم ويصدِّقوهم , وظنَّت الرسل، بمعنى: واستيقنت، أنهم قد كذّبهم أممهم، جاءَتِ الرُّسل نُصْرَتنا. وقالوا: < 16 - 309 > " الظن " في هذا بمعنى العلم، من قول الشاعر: فَظُنُّوا بِأَلْفَيْ فَارِسٍ مُتَلَبِّبٍ سَرَاتُهُمْ فِي الفَارِسِيّ المُسَرَّدِ * * * * ذكر من قال ذلك: 20033 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , عن الحسن = وهو قول قتادة =: " حتى إذا استيئس الرسل من إيمان قومهم , وظنوا أنهم قد كُذِّبوا "، أي: استيقنوا أنه لا خير عند قومهم , ولا إيمان = (جاءهم نصرنا). * * * 20034 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: (حتى إذا استيئس الرسل)، قال: من قومهم = (وظنوا أنهم قد كذِّبوا)، قال: وعلموا أنهم قد كذبوا = (جاءهم نصرنا). * * * قال أبو جعفر: وبهذه القراءة كانت تقرأ عامة قرأة المدينة والبصرة والشأم , أعني بتشديد الذال من " كُذِّبُوا " وضم كافها. * * * وهذا التأويل الذي ذهب إليه الحسن وقتادة في ذلك، إذا قرئ بتشديد الذال وضم الكاف، خلافٌ لما ذكرنا من أقوال جميع من حكينا قوله من الصحابة , لأنه لم يوجه " الظن " في هذا الموضع منهم أحدٌ إلى معنى العلم واليقين , مع أن " الظنّ" إنما استعمله العرب في موضع العلم فيما كان من علم أدرك من جهة الخبر أو من غير وجه المشاهده والمعاينة. فأما ما كان من علم أدرك من وجه المشاهدة والمعاينة، فإنها لا تستعمل فيه " الظن " , لا تكاد تقول: " أظنني حيًّا، وأظنني إنسانًا " , بمعنى: أعلمني إنسانًا، وأعلمني حيًا. والرسل الذين كذبتهم أممهم , لا شك أنها كانت لأممها شاهدة، ولتكذيبها إياها منها سامعة , فيقال فيها: ظنّت بأممها أنها كَذَّبتها. * * * وروي عن مجاهد في ذلك قولٌ هو خلاف جميع ما ذكرنا من أقوال الماضين الذين سَمَّينا أسماءهم وذكرنا أقوالهم، وتأويلٌ خلاف تأويلهم، وقراءةٌ غير قراءة < 16 - 310 > جميعهم , وهو أنه، فيما ذُكِر عنه، كان يقرأ: " وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا " بفتح الكاف والذال وتخفيف الذال. * ذكر الرواية عنه بذلك: 20035 - حدثني أحمد بن يوسف , قال: حدثنا أبو عبيد , قال: حدثنا حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , أنه قرأها: " كَذَبُوا " بفتح الكاف بالتخفيف. * * * =وكان يتأوّله كما: - 20036 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن
(يُتْبَعُ)
(/)
جريج , عن مجاهد: استيأس الرجل أن يُعَذَّبَ قومهم , وظن قومهم أن الرسل قد كَذَبوا = (جاءهم نصرنا) , قال: جاء الرسلَ نصرنا. قال مجاهد: قال في" المؤمن " فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ، قال: قولهم: " نحن أعلم منهم ولن نعذّب ". وقوله: وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ، [سورة غافر: 83]، قال: حاق بهم ما جاءت به رسلهم من الحق. * * * قال أبو جعفر: وهذه قراءة لا أستجيز القراءة بها، لإجماع الحجة من قرأة الأمصار على خلافها. ولو جازت القراءة بذلك، لاحتمل وجهًا من التأويل، وهو أحسن مما تأوله مجاهد , وهو: حتى إذا استيأس الرسل من عذاب الله قومَها المكَذِّبة بها , وظنَّت الرسل أن قومها قد كَذَبوا وافتروا على الله بكفرهم بها = ويكون " الظن " موجِّهًا حينئذ إلى معنى العلم , على ما تأوَّله الحسن وقتادة. * * * وأما قوله: (فنجي من نشاء) فإن القرأة اختلفت في قراءته. فقرأه عامة قرأة أهل المدينة ومكة والعراق: " فَنُنْجِي مَنْ نَشَاء "، مخفّفة بنونين، < 16 - 311 > بمعنى: فننجي نحنُ من نشاء من رسلنا والمؤمنين بنا , دون الكافرين الذين كَذَّبوا رُسلنا، إذا جاء الرسلَ نصرُنا. * * * واعتلّ الذين قرءوا ذلك كذلك، أنه إنما كتب في المصحف بنون واحدة، وحكمه أن يكون بنونين , لأن إحدى النونين حرف من أصل الكلمة , من: " أنجى ينجي" , والأخرى " النون " التي تأتي لمعنى الدلالة على الاستقبال , من فعل جماعةٍ مخبرةٍ عن أنفسها، لأنهما حرفان، أعني النونين، من جنس واحدٍ يخفى الثاني منهما عن الإظهار في الكلام , فحذفت من الخط، واجتزئ بالمثبتة من المحذوفة , كما يفعل ذلك في الحرفين اللذين يُدْغم أحدهما في صاحبه. * * * وقرأ ذلك بعض الكوفيين على هذا المعنى , غير أنه أدغم النون الثانية وشدّد الجيم. * * * وقرأه آخر منهم بتشديد الجيم ونصب الياء، على معنى فعل ذلك به من: " نجَّيته أنجّيه ". * * * وقرأ ذلك بعض المكيين: " فَنَجَا مَنْ نَشَاءُ" بفتح النون والتخفيف , من: " نجا ينجو ". * * * قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا، قراءة من قرأه: " فَنُنْجِي مَنْ نَشَاءُ" بنونين , لأن ذلك هو القراءة التي عليها القرأة في الأمصار , وما خالفه ممن قرأ ذلك ببعض الوجوه التي ذكرناها، فمنفرد بقراءته عما عليه الحجة مجمعة من القرأة. وغير جائز خلاف ما كان مستفيضًا بالقراءة في قرأة الأمصار. * * * < 16 - 312 > قال أبو جعفر: وتأويل الكلام: فننجي الرسلَ ومن نشاء من عبادنا المؤمنين إذا جاء نصرنا، كما: - 20037 - حدثني محمد بن سعد , قال: حدثني أبي , قال حدثني عمي: قال: حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس: " فننجي من نشاء "، فننجي الرسل ومن نشاء = (ولا يردّ بأسنا عن القوم المجرمين)، وذلك أن الله تبارك وتعالى بَعَث الرسل , فدعوا قومهم، وأخبروهم أنه من أطاع نجا، ومن عصاه عُذِّب وغَوَى. * * * وقوله (ولا يردّ بأسنا عن القوم المجرمين)، يقول: ولا تردُّ عقوبتنا وبطشنا بمن بطشنا به من أهل الكفر بنا وعن القوم الذين أجرموا , فكفروا بالله، وخالفوا رسله وما أتوهم به من عنده. * * * خلاصة ما أورده ابن جرير رحمه الله تعالى حتى إذا استيأس الرسل وظنوا (ظن قومهم) أنهم قد كُذِبوا حتى إذا استيأس الرسل وظنوا (الرسل أنفسهم) أنهم قد كُذبوا حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِّبوا (من قبل قومهم) ورجح الطبري قراءة التخفيف لكن على تأويل أن الذين ظنوا هم القوم لا الرسل، معتمدا على قاعدة خارج السياق هي عصمة الرسل وربأ بهم عما لا يليق بهم. قلت وقد انتصرت لتأويل ابن عباس في أن القراءة الأكثر مواءمة للسياق هي (كُذبوا) بالتخفيف وأن الرسل أنفسهم هم الذين ظنوا، ومعنى ظنهم بالضبط هو معنى قولهم حين (يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله) و في هذه الحالة وما أشبه، يكون المعنى العام أولى بالمصير اليه من المعنى الجزئيّ. والله أعلى وأعلم. لكننا نخلص من هذه المحاورة إلى أن الموقف من القراءات والترجيح بينها، الجرأة والإحجام عن نقدها، هو موقف معرفي في ترتيب الأولويات المعرفية، ولا أجدني مستطيعا أن أقتنع بتقديم شيء على السياق القرآني وترابط أجزائه.(/)
حول إسقاط البسملة أول التوبة ـ جواب السؤال
ـ[مرهف]ــــــــ[07 May 2003, 04:28 م]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
فأتقدم بالشكر أولاً للأخ محمد يوسف على طرحه لسؤال: هل البسملة بين الأنفال والتوبة من باب الاجتهاد، وقد أثارني جداً وأحببت أن أفرده بمشاركة خاصة لطول البحث ودقته وأسأل الله التوفيق والعون وأطلب منكم النصح والتسديد وسأورد أولاً نص السؤال ثم الجواب.
نص السؤال:
هل كان عثمان رضي الله عنه يعتبر سورة الأنفال و سورة براءة سورة واحدة لذلك لم يفصل بينهما بالبسملة؟
و إذا كان كذلك فكيف نقول بأن سقوط البسملة من بين السورتين توقيفي؟
و ما دامت المسألة خلافية وتتفرع على مسألة ترتيب سور القران، فهل لأحد أن يضع البسملة بين السورتين، بناءا على مخالفته لعثمان في ذلك وأنهما سورة واحدة؟
و على قول عثمان ـ رضي الله عنه ـ هل نعتبرهما نحن سورة واحدة؟
الجواب:
الناظر في النصوص الواردة في هذا الأمر يجد أن سيدنا عثمان رضي الله عنه لم يكن يعتبر أن سورة الأنفال و التوبة كانت سورة واحدة بل كان يظن أنهما سورة واحدة، وهناك فرق بين العبارتين، وهذا الظن تغير لسيدنا عثمان لما علم أن الأنفال ليست من التوبة والوارد في ذلك هو ما أخرجه أحمد وأبو داود (786) والترمذي (3086) وقال: حسن صحيح، والنسائي في الكبرى (8007) وابن حبان (1/ 230) والحاكم (2/ 221) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وابن جرير (1/ 69) عن ابن عباس قال قلت لعثمان ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطول فقال عثمان كان رسول الله تنزل عليه السور ذوات العدد فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وكانت الأنفال من أوائل ما نزل في المدينة وكانت براءة من آخر القرآن نزولا وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظننت أنها منها فقبض رسول الله ولم يبين لنا أنها منها فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتها في السبع الطول. الإتقان 1/ 167.
فظن عثمان رضي الله عنه كان سببه:
أولاً:وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتبين لعثمان أهما سورة واحدة أم اثنتان؟
ثانياً: ووجود الشبه بينهما، ووجه الشبه في أن الأنفال بينت ما وقع له صلى الله عليه وسلم من مشركي مكة، والتوبة بينت ما وقع له صلى الله عليه وسلم مع المنافقين ولأن في كل منهما تعاهداً ونبذاً للعهد، وفيهما الأمر بالقتال. وهذا لا يعني أن عثمان كان يرى أنهما سورة واحدة.
ودليل علمه بأنهما سورتان هو فصلهما عن بعضهما.
وأما عدم كتابة البسملة في أول براءة فقد تعددت الآراء في ذلك، يقول الزركشي في البرهان 1/ 360): (سبب سقوط البسملة أول براءة:اختلف في السبب في سقوط البسملة أول براءة فقيل كان من شأن العرب في الجاهلية إذا كان بينهم وبين قوم عهد وأرادوا نقضه كتبوا لهم كتابا ولم يكتبوا فيه البسملة فلما نزلت براءة بنقص العهد الذي كان للكفار قرأها عليهم علي ولم يبسمل على ما جرت به عادتهم .... .
وعن مالك أن أولها لما سقط سقطت البسملة.
وقد قيل إنها كانت تعدل البقرة لطولها.
وقيل لأنه لما كتبوا المصاحف في زمن عثمان اختلفوا هل هما سورتان أو الأنفال سورة وبراءة سورة تركت البسملة بينهما.
وفى مستدرك الحاكم [2/ 320] أيضا عن ابن عباس سألت عليا عن ذلك فقال لأن البسملة أمان وبراءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان.
قال القشيرى والصحيح أن البسملة لم تكن فيها لأن جبريل عليه السلام ما نزل بها فيها).
أما الأثر الذي ذكره الزركشي عن مالك فهو غريب؟ اللهم إلا أن يكون المراد النسخ وهذا لا دليل عليه،وقد ورد عن مالك ما يرده قال السيوطي في الإتقان 1/ 63: (وأخرج [لعله ابن أبي داود كما يدل عليه السياق] عن ابن وهب قال سمعت مالكا يقول إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعون من النبي).
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما ما ذكره من عادة العرب عند إرادتها نقض العهد عدم كتابتها البسملة فهذا بعيد في كونه العلة في هذا الشأن، ثم عدم قراءة سيدنا علي لها لا يعني عدمها في نفس الأمر، وهذا الأثر أشبه ما يكون بالحكمة منه بالعلة، ولذلك استدرك عليه الزركشي رحمه الله بالحديث السابق عن ابن عباس فقال: (ولكن في صحيح الحاكم أن عثمان ... وذكر الحديثَ)، وكذلك ما ذكره الزركشي عن سيدنا علي رضي الله عنه في أن البسملة أمان وبراءة نزلت بالسيف .. هو حكمة عدم ذكر البسملة لا علتها.وأما كونها كانت تعدل البقرة في طولها فيكفي في رده ذكر الزركشي له بالتضعيف،وكذلك القول في اختلاف كتبة المصاحف في زمن عثمان هل هما سورتان أم كل واحدة سورة، فلو صحّ ذلك لورد إلينا مستفيضاً كما ورد إلينا تحريهم في كتابة قوله تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة:128). [انظر البرهان 1/ 326، 329 و 333].
فبقي معنا قول القشيري أن البسملة لم تكن فيها لأن جبريل عليه السلام ما نزل بها فيها،و هذا القول يؤيده بالمعنى ما نقله السيوطي قال: (وقال مكي وغيره ترتيب الآيات في السور بأمر من النبي ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة) الإتقان 1/ 62.
ولعل المسألة تتفرع عن أمرين:
الأول: الخلاف في كون ترتيب سور القرآن توقيفي أم اجتهادي،فجمهور العلماء على الثاني منهم مالك والقاضي أبو بكر في أحد قوليه [الإتقان 1/ 63]، ويميل العبد الفقير لقول البيهقي الذي نقله السيوطي في إتقانه 1/ 64: (قال البيهقي في المدخل كان القرآن على عهد النبي مرتبا سوره وآياته على هذا الترتيب إلا الأنفال وبراءة لحديث عثمان السابق). وهو الذي رجحه السيوطي في الإتقان 1/ 65 قال: (قلت ومما يدل على أنه توقيفي كون الحواميم رتبت ولاء وكذا الطواسين ولم ترتب المسبحات ولاء بل فصل بين سورها وفصل بين طسم الشعراء وطسم القصص بطس مع أنها أقصر منهما ولو كان الترتيب اجتهاديا لذكرت المسبحات ولاء وأخرت طس عن القصص، والذي ينشرح له الصدر ما ذهب إليه البيهقي وهو أن جميع السور ترتيبها توقيفي إلا براءة والأنفال ولا ينبغي أن يستدل بقراءته سورا ولاء على أن ترتيبها كذلك وحينئذ فلا يرد حديث قراءته النساء قبل آل عمران لأن ترتيب السور في القراءة ليس بواجب فلعله فعل ذلك لبيان الجواز).فيكون سيدنا عثمان اجتهد في وضعهما معاً لوجود الشبه بينهما، من باب مراعاة مناسبة الوحدة الموضوعية في القرآن الكريم، لا لأنه يقول بأنهما سورة واحدة والله أعلم.
الأمر الثاني:ترتيب الآيات توقيفي لا شبهة في ذلك والأدلة كثيرة وعليه الإجماع، ولكن هل البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة؟ أكثر العلماء على أنها آية [انظر: التبيان في آداب حملة القرآن للنووي صـ 81،82، والمجموع للنووي أيضاً 3/ 280، 284، ففيه بسط الأدلة بما يغني ويشفي]، ومن أدلتهم على ذلك وجودها في المصاحف مع حرص سيدنا عثمان على نفي ما ليس من القرآن من القرآن، فلما لم يكتب البسملة دل ذلك على أنها لم تنزل مع التوبة بالوحي، فقد أخرج أبو داود (788) والحاكم (1/ 231) وصححه ووافقه الذهبي عن ابن عباس قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السور حتى ينزل عليه: بسم الله الرحمن الرحيم.) وفي رواية عند الحاكم (1/ 231) عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه جبريل فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم؛ علم أنها سورة.).
فهذه الأدلة وغيرها بينت أن البسملة لم تسقط اجتهاداً من أحد من الصحابة، ولو كان الأمر كذلك لورد إلينا من طرق القراءات ما يدل عليه، ثم إن إجماع الصحابة قام على ما فعله عثمان رضي الله عنه وفيهم الحفظة ومنهم من نقل عنه القول بأن البسملة آية من كل سورة كعلي بن أبي طالب وأبي هريرة وابن عمر وابن عباس ... .ولا يجوز لهم أن يسكتوا عن إسقاط آية ولم يفعلوا.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال في الإتقان 1/ 63 ط دار الفكر: (قال البغوي في شرح السنة: الصحابة رضي الله عنهم جمعوا بين الدفتين القرآن الذي أنزله الله على رسوله من غير أن زادوا أو نقصوا منه شيئا خوف ذهاب بعضه بذهاب حفظته فكتبوه كما سمعوا من رسول الله من غير أن قدموا شيئا أو أخروا أو وضعوا له ترتيبا لم يأخذوه من رسول الله وكان رسول الله يلقن أصحابه ويعلمهم ما نزل عليه من القرآن على الترتيب الذي هو الآن في مصاحفنا بتوقيف جبريل إياه على ذلك وإعلامه عند نزول كل آية أن هذه الآية تكتب عقب آية كذا في سورة كذا فثبت أن سعي الصحابة كان في جمعه في موضع واحد لا في ترتيبه فإن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب أنزله الله جملة إلى السماء الدنيا ثم كان ينزله مفرقا عند الحاجة وترتيب النزول غير ترتيب التلاوة.
وقال ابن الحصار ترتيب السور ووضع الآيات مواضعها إنما كان بالوحي كان رسول الله يقول ضعوا آية كذا في موضع كذا وقد حصل اليقين من النقل المتواتر بهذا الترتيب من تلاوة رسول الله ومما أجمع الصحابة على وضعه هكذا في المصحف).
وعليه فلا يجوز لأحد أن يضع البسملة بين السورتين،متعللاً بما ورد في السؤال (، بناءا على مخالفته لعثمان في ذلك وأنهما سورة واحدة). والله أعلم.
ملاحظة: ورد عن بعض الأئمة أنهم قالوا بأن الأنفال والتوبة سورة واحدة كمجاهد وسفيان وابن لهيعة، وحجتهم عدم وجود البسملة، وقد مر الكلام على ضعف هذه الحجة عداك عن صحة النسبة إليهم، وكذلك ورد أن ابن مسعود أثبت البسملة في مصحفه، وقد رد الطيبي هذا النقل وقال: لا يعول عليه، انظر عون المعبود شرح سنن أبي داوود 8/ 380، 381.وأردتها هنا للأمانة العلمية في ذكر اللآراء ولم أضمنها في البحث لضعفه وعدم ثبوتها والله أعلم
المراجع:
الإتقان في علوم القرآن للسيوطي ط دار الفكر بيروت.
البرهان في علوم القرآن للزركشي، ت المرعشلي، ط دار المعرفة.
التبيان في آداب حملة القرآن للنووي ت محمد الحجار ط دار ابن حزم.
تفسير ابن جرير ت صدقي جميل العطار ط دار الفكر بيروت.
المجموع شرح المهذب للإمام النووي ت: د. محمد مطرحي، ط دار الفكر بيروت.
سنن أبي داوود، ط دار الحديث.
جامع الترمذي ت أحمد شاكر، ط دار الفكر بيروت
السنن الكبرى للنسائي ت عبد الغفار سليمان البنداري، سيد كسروي حسن ط دار الكتب العلمية.
مستدرك الحاكم ط دار المعرفة.
صحيح ابن حبان ت شعيب أرناؤوط، ط مؤسسة الرسالة.
عون المعبود شرح سنن أبي داوود، للمباركفوري ط دار الكتب العلمية.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[10 May 2003, 06:32 م]ـ
الأخ الكريم مرهف
السلام عليكم ورحمة الله وبركانه، أما بعد:
فقد اطلعت على جوابكم على سؤال الأخ محمد يوسف، فجزاك الله خيرًا، وإن كان عند بعض الأعضاء تأييد أو استدراك، فإنه مما يتمناه الإخوة المشرفون، لكي يظهر أثر التجاوب والمناقشة العلمية الهادفة، لكن العذر لهم أولى من العتب، ولعل بعضهم يهمُّ بطرح تأييد أو استدراك.
وأما ما طرحته في الرد، فهو اجتهاد تشكر عليه، مع ملاحظة أن حديث ابن عباس وعثمان فيه ضعف، ولا يصلح الاحتجاج به، ثمَّ إن ترتيب السور توقيفي على الصحيح، وأخيرًا فإن ترك البسملة كما قال القشيري أنه لم ينزل بها جبريل، وهذه هي العلة الصحيحة في تركها، ثمَّ يأتي بعد ذلك تعليل عدم نزولها، وهي جملة الأقوال التي ذكرتها في سبب ترك البسملة.
أما جواز مخالفة عثمان في وضع البسملة ـ لو كان كما يقال: اجتهاد منه ـ فذلك لا يجوز؛ لأنَّ هذا لو كان كذلك، فإنه قد حظي بإجماع الصحابة، وإجماعهم حجة لا يجوز خلافه.
واعلم أنه ليس للصحابة في أمر القرآن سوى جمعه، وجمعوه على ما ثبت في العرضة الأخيرة، لم ينقصوا في ذلك ولم يزيدوا على ما ثبتت قراءته على النبي صلى الله عليه وسلم في هذه العرضة، والله الموفق.
ـ[مرهف]ــــــــ[11 May 2003, 01:18 ص]ـ
بسم الله
فضيلة الأستاذ الدكتور مساعد نفع الله بكم إنه لمن دواعي سروري أن يكون التعقيب الأول من فضيلتكم، وأشكركم على هذا الاستدراك المفيد، وكنت أحاول مراراً إرسال بريد إلكتروني إليكم عن طريق المنتدى ولكن لم أستطع ولم أعرف بريدكم الالكتروني وذلك لاستشارتكم في موضوع الإعجاز العلمي والتفسير العلمي ومنهجهما وما يتعلق بهما لأني أقدم رسالة علمية فيهما فحبذا لو تفضلتم بإرسال بريدكم الإلكتروني لأتصل بكم، وأما بخصوص طلب المشاركة فإني ممن يحب تبادل الأفكار ومجالس العلم والمناظرات لما لها من أثر في إغناء العقل ونمائه وتحفيز النفس على البحث والاجتهاد وإظهار الجديد والاستفادة من الغير، وأما حديث ابن عباس وعثمان فقد صححه الترمذي والحاكم ووافقه الذهبي، وسكت عنه أبو داود، وعليه فهو حجة، وإلا فما علة ضعفه. وجزاكم الله خيراً أما بريدي فهو mor2001@al-islam.com
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[11 May 2003, 03:02 م]ـ
ما شاء الله لا قوة إلا بالله …. كلامك أخي يدل على سعة اطلاعك بالمسألة، وأنها جاءت بعد دراسة مسبقة و مستفيضة، وأنا ما كنت أهمل الرد أو التعليق، و لكني في هذا الملتقى مستفيد فقط، فكنت أطالع ما يجري من النقاشات حتى أخلص الى أكبر فائدة ممكنة، فقد أخبرت من قبل أن دراستي في مناهل العرفان ـ للزرقاني ـ هي أول دراسة لي في هذا الفن ـ أول دراسة على الحقيقة ـ ولذلك فستجدني أطرح أسئلة ساذجة أحياناً.
الان نرتب الأقوال: الدكتور / مساعد، ذهب الى القول بأن ترتيب السور توقيفي، خلافا للأخ / مرهف الذي ذهب الى قول الجمهور بأن الترتيب اجتهادي، وهنا ملاحظتان:
الأولى / للأخ / مرهف، وهي أن الزرقاني قال في المناهل [[و ينسب هذا القول الى جمهور العلماء]]، و الشاهد قوله (ينسب) وأنا لا أدري هل الزرقاني ممن يعتني بمسائل الاصطلاح النقلية أم لا، و لكني أوردت ذلك للاحتياط، فلو كان ممن يعتني بالاصطلاح، فنسبة القول الى الجمهور تحتاج الى بحث، ويغلب على ظني صحة النسبة، لسكوت الدكتور / مساعد على نقلك، رغم مخالفته للقول.
الثانية / للدكتور / مساعد، من الحجج التي يحتج بها على كون الترتيب توقيفي، الاجماع على فعل عثمان و الذي يشمل الترتيب، و لكن ألا يصح أن يقال بأن الصحابة صحة كون الفعل صحيح لدرء الفتنة، دون أن يتركوا أقوالهم، فيكونون قد أجمعوا على صحة الفعل لا على القول؟
ـ[مرهف]ــــــــ[12 May 2003, 01:12 ص]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
أشكرك أخي محمد على هذه الملاحظة ولكن قبل الإجابة عليها أود تصحيح أمر نسبته إلي فأنا لم أرجح بأن ترتيب السور اجتهادي وإنما رجحت كون ترتيب السور توقيفي عدا ترتيب الأنفال والتوبة كما رجح السيوطي ذلك أيضاً والنص الذي كتبته مازال.
أما بالنسبة لعبارة الزرقاني في المناهل (ينسب) فقد أحسنت صنعاً أخي محمد، لأن الزرقاني تبع في نقل مذهب الجمهور عن السيوطي، والسيوطي اعتمد في نقل مذهب الجمهور عن الزركشي في البرهان (انظر 1/ 354) وقد فصل الزركشي القول في ترتيب السور إلى ثلاثة مذاهب الثالث أن أكثر السور كان ترتيبها معلوم لدى الصحابة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأشاروا إلى أن ما سوى ذلك يمكن أن يكون فوض الأمر فيه إلى الأمة بعده.
ثم وجدت فضيلة الأستاذ الدكتور نور الدين عتر حفظه الله في كتابه (علوم القرآن الكريم) يقول صـ 42:لكن جماهير العلماء على أن ترتيب سور القرآن توقيفي وليس باجتهاد من الصحابة وإن كانوا اختلفوا هل كل ذلك الترتيب بتوقيف قولي صريح من النبي صلى الله عليه وسلم ينص على كل سورة أنها بعد سورة كذا أو أن بعض هذا الترتيب قد استند فيه الصحابة إلى مستند فعلي من قراءة النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً) ثم قال حفظه الله صـ 43: (والأدلة على أن ترتيب السور كلها توقيفي كثيرة جداً من السنة نجد فيها ترتيب السور على وفق مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه .. ) ثم ذكر بعض هذه الأدلة.
وكذلك الدكتور عدنان زرزور في كتابه (مدخل إلى تفسير القرآن) صـ 136 قال: (أما ترتيب السور في المصحف على ما هو عليه فقد ذهب جمهور العلماء إلى أ، ه توقيفي كترتيب الآيات سواء بسواء .. ) ثم ينقل الدكتور ما قاله السيوطي من أن مذهب الجمهور أن ترتيب السور اجتهادي وينتقده قائلاً صـ 139: (ولكن هذا الإطلاق فيما يورده السيوطي ـ جمهور العلماء ـ يتعارض بشكل حاد مع الروايات الصحيحة الدالة على أن سوراً قرآنية كانت مرتبة على هذا النحو زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما ترتيب الصحابة لمصاحفهم فلم يكن أكثر من اختيار وقتي، أو مطلق جمع القرآن ولهذا فإنهم لم يلتزموا الدفاع عنه .... ).وأشير عليك أخي الكريم أن تبدأ بكتاب مختصر قبل مناهل العرفان، لأن الزرقاني يسرد في الكلام ويطنب ويكثر في سرد الأقوال والشبه وهذا لا يفيد كثيراً من كانت أول قراءته في علوم القرآن والله أعلم. وأترك الملاحظة الثانية يجيب عنها الدكتور مساعد نفع الله به(/)
التذكير بمنهج ملتقى أهل التفسير.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 May 2003, 06:03 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ذي الفضل والإحسان، والعظمة والامتنان، علَّمَ القرآن، وخلق الإنسان، وعلمه البيان.
والصلاة والسلام على أشرف ولد عدنان وقحطان، وعلى أصحابه ومن تبعهم بإحسان، أما بعد:
أخي عضو ملتقى أهل التفسير وزائره ..
سلام الله عليك ورحمته وبركاته، وأحمد الله تعالى الذي جاء بك إلى هنا.
ولعلك تصبر معي قليلاً حتى تكمل قراءة هذه الكلمات، والصبر على القراءة عزيز هذه الأيام، ولكنها – كما أظن – كلمات تستحق التأمل والنظر، وأنا أخاطب بها قلوب الكبار، ومسالك القلوب وعرة، والولوج إليها صعب، ولكن بحسبي أن أحاول أن أشير إشارات خفيفة عسى أن تلج القلوب المحبة المرهفة، وتنصت لها الآذان المتعبة من كثرة الصخب والضجيج في كل مكان!!
- لقد جاء ملتقى أهل التفسير وشبكة الانترنت أكثر ما تكون زحاماً بالمنتديات والساحات والمواقع ... منها النافع الرائد الذي سار ولا زال نحو أهداف نبيلة سامية، وغايات تستحق السهر والتعب من أجل تحقيقها، ونعمت تلك المواقع، وبارك الله في القائمين عليها، ومنها مواقع دون ذلك، ومنها مواقع كان الأولى بأصحابها الإمساك عن ما هم فيه، فذلك خير لهم إن شاء الله.
ولم يأت ملتقى أهل التفسير تحقيقاً لرغبة شخصية، أو نزوة عارضة، فما كان أهونها عليَّ أن أدفنها في مولدها. ولكنه جاء استجابة لحاجة ماسة لجمع الجهود، وتوحيد المنهج، وخدمة العلم، فإن الأمانة الملقاة على عواتق طلاب العلم ثقيلة، والتبعة عظيمة، والقائمون بشيء من الواجب قليل، بل أقل من القليل وأعني بذلك المتعلقين بدراسة التفسير وعلوم القرآن على وجه الخصوص بسبب.
وقد رسمت رؤية كبيرة في بداية الأمر للمشروع، ثم رجعت لنفسي فأخذتها بالحزم، وليس كالحزم مع النفس، وقلت: الكمال عزيز المنال، وكم أخر تطلبه من جلائل الأعمال!! فلماذا لا نبدأ بملتقى يجمع طلاب العلم المتخصصين في المقام الأول، يتبادلون فيه الرأي، ويعرضون فيه النظر، بطرح عميق، وعبارة رشيقة، ونفوس بريئة.
يجمعهم كتاب الله، وعلوم كتاب الله.
وقل لي يا رعاك الله! هل أشرف من هذه الرابطة؟! وأمتن من هذه الوثيقة؟!
وقد بدأ ملتقى أهل التفسير – ولله الحمد أولاً وآخراً – يشق طريقه، ونحن لما نكمل الشهر، فكيف إذا خب المسير بنا دهراً؟ ونسأل الله أن يوفق كل من آزر وأعان وشارك وأثنى وشجع، فلولاهم ما هزني شوق إلى تسطير هذا الكلام.
منذ بدأ التسجيل في ملتقى أهل التفسير يتزايد، رأى المشرفون أنه لابد من التذكير والتأكيد على بعض الأصول والأسس، التي ينبغي أن نسير على ضوئها، ليكون للعمل ثمرة، وللجهد عائدة، وسأجمل ذلك في هذه الأمور:
1 - سعة الأفق في النقاش والطرح والحوار، وهذه صفة مهمة، يجب على طالب العلم أن يتحلى بها، فقد مللنا من ضيق العطن، وضيق الأفق. ذلك أنَّا قد اشتغلنا بالجدال العقيم عن العميق، وبسوء الظن عن حسن الفهم، فقست القلوب، وتبعثرت الجهود، وقد أسفنا على ذاك الزمان الذي مضى، وعفى الله عما سلف. ومن عاد ... !! فالله المستعان.
2 - عدم التردد في مناقشة أي فكرة تراها في الملتقى، أو موضوع له علاقة بالملتقى، شريطة الفهم، وحسن العرض، ومراقبة الله في كل ما تكتب. ولا يمنعنك من المناقشة والحوار، خشيةٌ من انتقاد أحد، أو تهيبٌ من محاورة فلان أو فلان، فالحق هو المقصد، وأعضاء الملتقى الذين قام عليهم الملتقى يحرصون على ذلك، بل ويبالغون في الحرص على التأكيد على هذا الأمر، فلا تتردد في الحوار والجدال، في حدود ما قد علمت وفقك الله.
3 - اعلم يا أخي الحبيب أن ما يخرج من القلب يدركه القلب بلا عناء، وما يخرج من اللسان لا يتجاوز الآذان، والرائد لا يكذب أهله، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بالتقاطها، فاستحضر ذلك دائماً، وهنا على وجه الخصوص.
(يُتْبَعُ)
(/)
4 - أن ملتقى أهل التفسير حلقة ضمن حلقات سابقة ولا حقة إن شاء الله لخدمة القرآن الكريم، وخدمة طلاب العلم في أنحاء المعمورة، ولا يسعى لسحب بساط من تحت موقع آخر، أو يستأثر بطلاب العلم دون غيره، فإن تعدد المواقع الإسلامية الجادة مطلب كل محب غيور على الإسلام، والخيارات الكثيرة طريق جيد لبث روح التنافس المثمر الشريف بين المسلمين، فأرجو أن لا يجد بعض الإخوان في نفوسهم حرجاً من هذا إن شاء الله.
5 - إن كنت يا أخي الكريم عالماً أو طالب علم متخصص في التفسير وعلوم القرآن، أو في أي علم من علوم الشريعة الشريفة، فأفدنا ولا تبخل علينا بعلمك ووقتك، فنحن في أمس الحاجة إلى علمك، ومشاركتك، وأنا أقدر كثرة انشغالك، وتعدد أعباءك، ولكن لنا فيك مطمع، ولن نشق عليك إن شاء الله، وستجدنا من المقدرين الشاكرين، فجزاك الله خيراً. ولا تبخل علينا بالتسجيل باسمكم الصريح، حتى نلقي السمع، ونحد البصر، ونشهد القلب، فإن الثقة فيما يُكتب وراء الأسماء المستعارة، والكنى المشتركة ضعيفٌ، وقلَّ من يحفل به غالباً، مع تقديري لجميع من يخالفني في ذلك.
6 - وإن كنت سائلاً فأحسن عرض سؤالك، وثق بالإجابة بإذن الله بقدر المستطاع، ولا تعجل علينا في ملتقى أهل التفسير، فليس هناك عضو متفرغ حتى الآن يقوم على الإجابة في لحظتها، فلا بد من الصبر والانتظار، وقد رأى الإخوة المشرفون الكرام عدم ترك الإجابة على أي سؤال، حتى لا تمل أيها السائل الكريم، فتعرض عنا بعد أن أطمعناك، وظننت أننا قد تركناك وما قدرناك. وليس هذا – والله – بمقصود، ولكن الوقت ضيق، والأسئلة كثيرة. وهناك أسئلة أجوبتها يسيرة على طرف الثمام، وأسئلة تحتاج إلى بسط وبيان وتوضيح. فالنوع الأول أمره سهل، والثاني يحتاج إلى الكتابة على مهل، فاصبر علينا وفقك الله.
7 - أننا ننوي بعد مضي شيء من الوقت، أن نقسم الملتقى إلى أقسام علمية متخصصة بدرجة أكثر، ولكننا ننتظر حتى تكثر المادة العلمية التي تندرج تحت تلكم الأقسام (كمناهج المفسرين – وعلوم القرآن – والتفسير) ونحو ذلك مما أرجو منكم جميعاً إعانتنا بالرأي في المناسب في ذلك، وقد كنت في بداية الأمر آثرت أن يبقى المنتدى قسماً واحداً حتى لا يتشتت الأعضاء، ولكن أشار علي من إشارته أمر بذلك فقلت له: نستشير الأعضاء، وننتظر قليلاً حتى تتكامل بعض الموضوعات. فأنا منتظر لآرائكم وفقكم الله، فإما أمضينا التقسيم، وإما أبقينا على الرأي القديم.
8 - أنني أؤكد في الختام على الحرص على التسجيل بالأسماء الصريحة، وإلا فأسماء مستعارة غير موهمة، وعدم التسمي بأسماء مشهورة للسلف ولا للخلف فهذا فيه ما فيه من المؤاخذات، واللبيب بالإشارة يفهم، إلا لمن وافق اسمه أسماءهم فهذا أمر آخر، واتفاق عجيب، وقلما يحدث، فتعاونوا معنا وفقكم الله وسدد خطاكم.
9 - محاولة التفكير، في مشروعات علمية، تصلح للطرح على صفحات الملتقى، وتبنيها، والقراءة حولها لكي تقدم كاملة مكتملة للنقاش، والحوار العلمي، فالطريق ما زال طويلاً، ولا تتعجل في طرح الفكرة فتقتلها بذلك، وإنما أشر إن شئت إلى رغبتك في ذلك وسنكون سعداء بالانتظار إذا أفضى إلى روائع الحوار، ولا تنس أيها الأخ الكريم فكرة حلقات النقاش التي بدأت في ملتقى أهل التفسير بكتاب الفراهي، وفكر في مشروع مماثل في أي شهر من الشهور القادمة. وفقك الله.
وفي الختام أشكركم جميعاً على تعاونكم، وأرجو التعقيب بما ترونه، وأخص المشرفين وفقهم الله، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[11 Jun 2003, 11:37 م]ـ
فضيلة المشرف العام:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا على ماتبذله من جهد ووقت في هذا السبيل لايخفى على كل زائر لهذا المنتدى، وأشكرك على هذه الأصول المحررة، والأسس المحبرة، وأعان الله الجميع على التقيد بها.
والواقع أنه كما قالت العرب: قطعت جهيزة صوت كل خطيب، فلا مزيد على ماذكرت، إلا أنني أزيد واحدة حتى تتم عشرة كاملة، وهي: بيان مصدر النقل عند وجوده، والنص على ذلك في المشاركة سواء كانت من كتاب أو موقع أو غير ذلك.
والسلام عليكم،،،
ـ[محمد بن غرمان آل رديني]ــــــــ[15 Jul 2003, 05:43 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد
فأسأل المولى جل جلاله أن يكتب لكم بهذا الملتقى جزيل الأجر ووافر الحسنات وأن يجعله سبيلا إلى فتح أفاق العلم للعامة والخاصة، وان يسدد القائمين علية لكل صواب وأن يجنبهم الخطاء والزلل، وأن ينفع به كل من أعان على استمراره من مشارك أو ناقد يريد خيرا أو سائلا أو صاحب رأى يستفاد من علمه وخبرته أو عالما بتقنيات هذه الشبكة أفاد هذا الموقع ويسر الإفادة منه.
وصلى الله وسلم على نبيه محمد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[18 Jan 2008, 04:54 ص]ـ
تجولت الليلة، وبعجالة، في بدايات هذا المنتدى رغبة في استدراك ما فاتني الانتفاع به من المواضيع المطروحة قبل تسجيلي فيه، فعثرت في جملة ما عثرت عليه، على هذا الموضوع الذي يضع ضوابط منهجية للمشاركة في المنتدى. فأحببت التذكير به بعد أربع سنوات ونصف من كتابته.
ـ[مها]ــــــــ[18 Jan 2008, 02:59 م]ـ
جزى الله خير الجزاء من كتب هذا التذكير، و من ذكر به، و حبذا لو ثبت هذا الموضوع فترة؛ ليقرأه حديث العهد بهذا الملتقى من عضو أو زائر.
سدد الله الخطى، وأدام ظل هذا الملتقى.
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[18 Jan 2008, 03:06 م]ـ
بداية أسأل المولى جل وعلا أن يجزيكم خير الجزاء على ماتبذلونه لطلاب العلم في هذا المنتدى المبارك، وأن يجعله في ميزان أعمالكم، أردت التأكيد على ضرورة التزام أدب الحوار أثناء النقاش، واستعمال الألفاظ المهذبة التي تنم عن شخصية طالب القرآن وعلومه، وألا يكون مثل هذا الملتقى المبارك مكانا للجدال والمراء الذي لاطائل من وراءه، وأرى أنه من المناسب تقسيم الملتقى إلى أقسام علمية أخرى وليكن لمناهج المفسرين وللغة العربية - خصوصا - حظٌ منها.
وأقترح على كل من أراد أن يطرح موضوعا جديدا التأكد أولا أنه لم يطرح مسبقا، ولم تسبق الإشارة إليه.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[18 Jan 2008, 06:52 م]ـ
[ align=center]
7- أننا ننوي بعد مضي شيء من الوقت، أن نقسم الملتقى إلى أقسام علمية متخصصة بدرجة أكثر، ولكننا ننتظر حتى تكثر المادة العلمية التي تندرج تحت تلكم الأقسام (كمناهج المفسرين – وعلوم القرآن – والتفسير) ونحو ذلك مما أرجو منكم جميعاً إعانتنا بالرأي في المناسب في ذلك، وقد كنت في بداية الأمر آثرت أن يبقى المنتدى قسماً واحداً حتى لا يتشتت الأعضاء، ولكن أشار علي من إشارته أمر بذلك فقلت له: نستشير الأعضاء، وننتظر قليلاً حتى تتكامل بعض الموضوعات. فأنا منتظر لآرائكم وفقكم الله، فإما أمضينا التقسيم، وإما أبقينا على الرأي القديم.
.
رعاكم الله أبا عبد الله وكل الفضلاء القائمين معك على الإشراف، وجزاكم الله خير الجزاء على ما تبذلونه من جهود مخلصة وعزيمة راسخة في الرقي بهذا الملتقى المبارك، الذي يستفيد منه العالم قبل الطالب.
ثم - أستاذي الفاضل- حبذا المضي في التقسيم وتطوير القديم، ولعل التقسيم أجمع للفكرة، وأحرص للمتابعة، وأدعى للاستزادة، وأنشط للذهن، وأخف على القلب، وأحفظ للوقت، لما في ذلك من لم شتات الموضوعات، وتركيزها بحسب التخصصات.
والرأي لكم، وإخوتي الأعضاء في الملتقى، والله أسال للجميع السداد، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وصلى الله وسلم على نبينا الكريم.
ـ[أحمد مذكور]ــــــــ[19 Jan 2008, 08:39 م]ـ
أحسنتم وبارك الله فيكم على هذا الجهد الطيب، وإن تفكيركم الدائم والمستمر بتطوير هذا الملتقى المبارك لينُمُّ عن وعي بأهمية هذا التطوير، وإدراك لكل المتغيرات على الساحة العلمية والبحثية في مجال التفسير وعلوم القرآن.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[20 Jan 2008, 01:40 م]ـ
يحسن بفضيلة المشرف العام جمع ما شابه هذا التذكير مما كتبه أهل الملتقى من أجله ومن ذلك " http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=9912 ففي ذلك النفع العظيم.
ـ[الميموني]ــــــــ[24 Jan 2008, 11:43 ص]ـ
سددكم الله وأعانكم ونفع بكم وبجهودكم وجهود إخواننا المشرفين والأعضاء
ـ[نعيمان]ــــــــ[09 Feb 2008, 08:47 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم المشرف العام، ورفع قدرك في الدنيا والآخرة، وأثقل به موازينك، حتى تصبح رفيقاً للحبيب النبيّ صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه في الفردوس الأعلى من الجنة.
وجزى الله كل من فكّر، وساهم، وأثنى، ودعا، وشارك، وقرأ، ومرّ، جزاهم ربي خير ما يجزي طالباً عن أساتذته، وعالماً عن طلبته، وشيخاً عن مريديه.
ونفعنا الله تعالى ببركةِ العلم، بركةَ الوقت، وزادنا علماً ووقتاً، وجعل أوقاتِنا أكبرَ من واجباتِنا.
ووهبنا الإخلاص في العبادة، والصواب في العمل.
ثم أشارك الأستاذ محمّد عمر رأيه في قوله، وقول من أشاروا عليك - حفظهم الله تعالى ورعاهم -:
(حبذا المضي في التقسيم وتطوير القديم، ولعل التقسيم أجمع للفكرة، وأحرص للمتابعة، وأدعى للاستزادة، وأنشط للذهن، وأخف على القلب، وأحفظ للوقت، لما في ذلك من لم شتات الموضوعات، وتركيزها بحسب التخصصات.)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[19 Jul 2008, 10:26 م]ـ
قرأتُ الموضوع - الآن - وللمرة الأولى واستفدت منه وتمنيتُ أن لو لم تقع عيني علىموضوع قبله عند أول ساعةٍ دخلت فيها المنتدى , وتفادياً لتأسف أيٍ من الأحبة على فوات الاطلاع على الموضوع أحببت رفعَه لأُظهِر نفعَه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الحي محمد]ــــــــ[20 Jul 2008, 06:18 ص]ـ
دمت مسددا
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[21 Jul 2008, 06:19 م]ـ
أحسنت كل الإحسان، والهدف الأول والحقيقي لعلوم الشرع تزكية النفس و تأديبها ولاخير في سعينا إن اشترينا بها ثمناً قليلاً.
ـ[محمد العواجي]ــــــــ[22 Jul 2008, 02:09 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أمّا أنا فأشهد بالله غير محاب ولا متردد أني ما رأيت مثل موقع أهل التفسير وموقع أهل الحديث في الانضباط والتجديد وسعة الأفق مع الأدب في المناقشة والعرض وسعة الصدر في المسائل العلمية
وأكثر من ذلك أنه موقع خدمي للباحثين وطلاب العلم متجرد من كل التبعيات والإعاقات التي نشتكي منها في الجامعات والمعاهد والمؤسسات عادة
وهو مع ذلك يخدم شريحة لم أكن أتصور مداها إلا بعد المشاركة فيه من حيث المستوى العلمي والرقعة الجغرافية والتباين في السن ونمطية التفكير مما جعله ثريا نديا
فجزى الله القائمين عليه خير الجزاء
ونعترف بتقصيرنا تجاه إعانتهم على هذه المهمة العظيمة
ونسأل الله أن يخلف ويبارك لهم في المال والجاه والوقت والعلم والذرية
وأن ينفعهم به يوم لا ينفع مال ولا بنون
وأوصي إخواني بكثرة الدعاء لهم سرا وعلانية فهم والله قدواتنا في النجاح والمثابرة.
ـ[عبد الله المدني]ــــــــ[07 Feb 2009, 09:31 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الدكتور عبد الرحمن .. بارك الله في جهودكم ومن معكم من إخوانكم ووفقكم .. فما رأيت على النت موقعا أفضل من هذا! فتقبل الله منكم، وأجرى الله الخير على أيديكم
ـ[هبة المنان]ــــــــ[07 Feb 2009, 10:28 م]ـ
أحسن الله إليكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين 000
ـ[عبدالله الغامدي]ــــــــ[08 Feb 2009, 03:03 م]ـ
اللهم احفظ مشايخنا جميعا ...
ـ[أبوحسام الدين]ــــــــ[08 Feb 2009, 08:03 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أستاذنا الدكتور عبد الرحمن الشهري
فإنا ما قلته وعرضته إنما هي رغبة كل طالب علم متجرد عن الهوى، بعيد عن التعصب لإسم أو رسم سوى الإسلام في الجملة. ولكن لي بعض النقاط التي هي من أخ صغير لكم وربما تكون خطأ في نظر البعض وهي قابلة للأخذ والرد.
الأولى: لابد وأن يكون الجميع حريص في نقاشه على إبراز الحق مهما كان.
الثانية: هناك كثير من المواضيع التي وقع فيها خلاف في القديم والحديث بحسب مفهوم نصوص القرآن والحديث، فقضية تبني قولا واحدا وإهمال سائر الأقوال والنظر إليها بعين الازدراء فهذا نوع من الظلم، والاجتهادات عامة قابلة للأخذ والرد ما دامت في حيز فهم السلف
الثالثة: لابد لمن يناقش آخر أن يحسن الظن به، ولا يتدخل في النيات فيقول هذا يقصد كذا أو يقصد كذا. لأن هذا غير مشروع
الثالثة: الرمي بالعظائم في المسألة الخلافية ورمي المعين مثل أن يقول له أنك جهمي أو مرجئ أو رافضي بمجرد الظن أو جملة قد يقع فيها المشارك وهو لا يقصد منها ما يقصده الرامي له، فينبغي اتساع الصدر في النقاش ما دام في حيز العلم الشرعي
الرابعة: أن يقصد الجميع التعاون على البر والتقوى في رفع مستوى مدرسة علمية عظيمة في الاهتمام بكتاب الله تعالى كهذا المنتدى الذي هو فريد من نوعه، ولا يقصد بذلك أن يبرز مكانته العلمية ويتطلع إلى شهرة أو مجد
الخامسة: من حق المشارك أن يطلب إلغاء المشاركة التي تجرحه وتقلل من شأنه مهما كان صاحب هه المشاركة. حتى يشيع الحب والود بين الجميع.
هذا ما أردت التنبيه عليه وأسأل الله تعالى أن يوفق الجميع إلى كل خير.
أخوكم
أبوحسام الدين الطرفاوي
سيف النصر علي عيسى
ـ[خلوصي]ــــــــ[16 Jul 2009, 08:11 ص]ـ
سامحني يا سيدي على تصرفي بمقالتكم هكذا:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ذي الفضل والإحسان، والعظمة والامتنان، علَّمَ القرآن، وخلق الإنسان، وعلمه البيان.
والصلاة والسلام على أشرف ولد عدنان وقحطان، وعلى أصحابه ومن تبعهم بإحسان، أما بعد:
أخي عضو ملتقى أهل التفسير وزائره ..
سلام الله عليك ورحمته وبركاته، وأحمد الله تعالى الذي جاء بك إلى هنا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولعلك تصبر معي قليلاً حتى تكمل قراءة هذه الكلمات، والصبر على القراءة عزيز هذه الأيام، ولكنها – كما أظن – كلمات تستحق التأمل والنظر، وأنا أخاطب بها قلوب الكبار، ومسالك القلوب وعرة، والولوج إليها صعب، ولكن بحسبي أن أحاول أن أشير إشارات خفيفة عسى أن تلج القلوب المحبة المرهفة، وتنصت لها الآذان المتعبة من كثرة الصخب والضجيج في كل مكان!! -
......................................
يجمعهم كتاب الله، وعلوم كتاب الله.
وقل لي يا رعاك الله! هل أشرف من هذه الرابطة؟! وأمتن من هذه الوثيقة؟!
.............
رأى المشرفون أنه لابد من التذكير والتأكيد على بعض الأصول والأسس، التي ينبغي أن نسير على ضوئها، ليكون للعمل ثمرة، وللجهد عائدة، وسأجمل ذلك في هذه الأمور:
1 - سعة الأفق في النقاش والطرح والحوار، وهذه صفة مهمة، يجب على طالب العلم أن يتحلى بها، فقد مللنا من ضيق العطن، وضيق الأفق. ذلك أنَّا قد اشتغلنا بالجدال العقيم عن العميق، وبسوء الظن عن حسن الفهم، فقست القلوب، وتبعثرت الجهود، وقد أسفنا على ذاك الزمان الذي مضى، وعفى الله عما سلف. ومن عاد ... !! فالله المستعان.
2 - عدم التردد في مناقشة أي فكرة تراها في الملتقى، أو موضوع له علاقة بالملتقى، شريطة الفهم، وحسن العرض، ومراقبة الله في كل ما تكتب. ولا يمنعنك من المناقشة والحوار، خشيةٌ من انتقاد أحد، أو تهيبٌ من محاورة فلان أو فلان، فالحق هو المقصد، وأعضاء الملتقى الذين قام عليهم الملتقى يحرصون على ذلك، بل ويبالغون في الحرص على التأكيد على هذا الأمر، فلا تتردد في الحوار والجدال، في حدود ما قد علمت وفقك الله.
3 - اعلم يا أخي الحبيب أن ما يخرج من القلب يدركه القلب بلا عناء، وما يخرج من اللسان لا يتجاوز الآذان، والرائد لا يكذب أهله، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بالتقاطها، فاستحضر ذلك دائماً، وهنا على وجه الخصوص.
4 - أن ملتقى أهل التفسير حلقة ضمن حلقات سابقة ولا حقة إن شاء الله لخدمة القرآن الكريم، وخدمة طلاب العلم في أنحاء المعمورة، ولا يسعى لسحب بساط من تحت موقع آخر، أو يستأثر بطلاب العلم دون غيره، فإن تعدد المواقع الإسلامية الجادة مطلب كل محب غيور على الإسلام، والخيارات الكثيرة طريق جيد لبث روح التنافس المثمر الشريف بين المسلمين، فأرجو أن لا يجد بعض الإخوان في نفوسهم حرجاً من هذا إن شاء الله.
5 - إن كنت يا أخي الكريم عالماً أو طالب علم متخصص في التفسير وعلوم القرآن، أو في أي علم من علوم الشريعة الشريفة، فأفدنا ولا تبخل علينا بعلمك ووقتك، فنحن في أمس الحاجة إلى علمك، ومشاركتك، وأنا أقدر كثرة انشغالك، وتعدد أعباءك، ولكن لنا فيك مطمع، ولن نشق عليك إن شاء الله، وستجدنا من المقدرين الشاكرين، فجزاك الله خيراً. ولا تبخل علينا بالتسجيل باسمكم الصريح، حتى نلقي السمع، ونحد البصر، ونشهد القلب، فإن الثقة فيما يُكتب وراء الأسماء المستعارة، والكنى المشتركة ضعيفٌ، وقلَّ من يحفل به غالباً، مع تقديري لجميع من يخالفني في ذلك.
6 - وإن كنت سائلاً فأحسن عرض سؤالك، وثق بالإجابة بإذن الله بقدر المستطاع، ولا تعجل علينا في ملتقى أهل التفسير، فليس هناك عضو متفرغ حتى الآن يقوم على الإجابة في لحظتها، فلا بد من الصبر والانتظار، وقد رأى الإخوة المشرفون الكرام عدم ترك الإجابة على أي سؤال، حتى لا تمل أيها السائل الكريم، فتعرض عنا بعد أن أطمعناك، وظننت أننا قد تركناك وما قدرناك. وليس هذا – والله – بمقصود، ولكن الوقت ضيق، والأسئلة كثيرة. وهناك أسئلة أجوبتها يسيرة على طرف الثمام، وأسئلة تحتاج إلى بسط وبيان وتوضيح. فالنوع الأول أمره سهل، والثاني يحتاج إلى الكتابة على مهل، فاصبر علينا وفقك الله.
7 - أننا ننوي بعد مضي شيء من الوقت، أن نقسم الملتقى إلى أقسام علمية متخصصة بدرجة أكثر، ولكننا ننتظر حتى تكثر المادة العلمية التي تندرج تحت تلكم الأقسام (كمناهج المفسرين – وعلوم القرآن – والتفسير) ونحو ذلك مما أرجو منكم جميعاً إعانتنا بالرأي في المناسب في ذلك، وقد كنت في بداية الأمر آثرت أن يبقى المنتدى قسماً واحداً حتى لا يتشتت الأعضاء، ولكن أشار علي من إشارته أمر بذلك فقلت له: نستشير الأعضاء، وننتظر قليلاً حتى تتكامل بعض الموضوعات. فأنا منتظر لآرائكم وفقكم الله، فإما أمضينا التقسيم، وإما أبقينا على الرأي القديم.
8 - أنني أؤكد في الختام على الحرص على التسجيل بالأسماء الصريحة، وإلا فأسماء مستعارة غير موهمة، وعدم التسمي بأسماء مشهورة للسلف ولا للخلف فهذا فيه ما فيه من المؤاخذات، واللبيب بالإشارة يفهم، إلا لمن وافق اسمه أسماءهم فهذا أمر آخر، واتفاق عجيب، وقلما يحدث، فتعاونوا معنا وفقكم الله وسدد خطاكم.
9 - محاولة التفكير، في مشروعات علمية، تصلح للطرح على صفحات الملتقى، وتبنيها، والقراءة حولها لكي تقدم كاملة مكتملة للنقاش، والحوار العلمي، فالطريق ما زال طويلاً، ولا تتعجل في طرح الفكرة فتقتلها بذلك، وإنما أشر إن شئت إلى رغبتك في ذلك وسنكون سعداء بالانتظار إذا أفضى إلى روائع الحوار، ولا تنس أيها الأخ الكريم فكرة حلقات النقاش التي بدأت في ملتقى أهل التفسير بكتاب الفراهي، وفكر في مشروع مماثل في أي شهر من الشهور القادمة. وفقك الله.
وفي الختام أشكركم جميعاً على تعاونكم، وأرجو التعقيب بما ترونه، وأخص المشرفين وفقهم الله، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن.
فهذا الكلام لذيذ شهي .. جميل بهي!
بارك الله فيكم جميعا إخوة الإيمان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عوض احمد الشهري]ــــــــ[27 Jul 2009, 09:16 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء يا دكتور عبدالرحمن على ما تبذله من جهد أنت والمشائخ الفضلاء وأسأل من الله أن يوفقكم ويسددكم لكل خير.
وأشكر الملتقى على تفعيل العضوية وأعتذر عن الإنقطاع السابق لبعض الظروف.
وأسأل من الله أن ينفعنا بما في هذا الصرح العلمي الكبير وجميع المسلمين اللهم آمين.
ـ[نعيمان]ــــــــ[31 Oct 2010, 05:12 م]ـ
تجولت الليلة، وبعجالة، في بدايات هذا المنتدى رغبة في استدراك ما فاتني الانتفاع به من المواضيع المطروحة قبل تسجيلي فيه، فعثرت في جملة ما عثرت عليه، على هذا الموضوع الذي يضع ضوابط منهجية للمشاركة في المنتدى. فأحببت التذكير به بعد أربع سنوات ونصف من كتابته.
قرأتُ الموضوع - الآن - وللمرة الأولى واستفدت منه وتمنيتُ أن لو لم تقع عيني علىموضوع قبله عند أول ساعةٍ دخلت فيها المنتدى , وتفادياً لتأسف أيٍ من الأحبة على فوات الاطلاع على الموضوع أحببت رفعَه لأُظهِر نفعَه.
سامحني يا سيدي على تصرفي بمقالتكم هكذا:
فهذا الكلام لذيذ شهي .. جميل بهي!
بارك الله فيكم جميعا إخوة الإيمان.(/)
مسائل علوم القرآن بين النقل والاجتهاد
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[08 May 2003, 05:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد وعدتكم في مقالة (الطريق إلى حل الأحرف السبعة (1)) أن أطرح لكم هذا الموضوع. وهو ـ في نظري ـ قد لا يكون خافيًا على كثيرين، لكني أذكره من باب التذكرة. ومعرفة هذه القضية من الأصول التي يحسن لدارس علوم القرآن أن يعرفها؛ لأنه سيضطر إليها في بعض المسائل العلمية المتعلقة بهذا العلم.
لكن يحسن أيضًا أن ينتبه إلى أنَّ بعض الاحتمال العقلي الذي يُورد في بعض المسائل يقرب أو يبعد بحسب نوع ذلك الاحتمال. وأتمنى أن يوفق الله أحدنا في هذا الملتقى لاستنباط ضوابط الاحتمالات العقلية التي تقبل في علوم القرآن.
وأذكر ضابطًا ـ على سبيل المثال ـ: أن يكون الاحتمال العقلي موافقًا للواقع المدروس في قضية من القضايا.
فمن أمثلة ما يخالف واقع القضية المدروسة بعض ما طُرِح في تخريج أثر أنس بن مالك، حيث قال: ((مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه)) وفي رواية عن قتادة قال: ((سألت أنس بن مالك رضي الله عنه من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟
قال: أربعة؛ كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد)).
والأثران رواهما البخاري، وفيهما إشكال من جهة الحصر، ومن جهة الاختلاف في الرابع من جامعي القرآن هل هو أبي بن كعب، أو أبو الدرداء.
وقد خُرِّج قول أنس في هذا الحصر بأن المراد بالجمع الكتابة لا الحفظ.
وهذا التخريج لا يتوافق مع ما حصل من جمع القرآن في عهد أبي بكر، ثم عثمان، إذ لو كان ذلك التخريج صحيحًا لجاء لهذا الجمع الذي عندهم ذكر أثناء جمعه في هين العهدين. فهو مخالف لواقع كتابة المصحف فيما يبدو، والله أعلم.
ومن باب الاستطراد، وكون الشيء بالشيء يُذكر = أقول: إن دراسة مصطلحات السلف في العلوم مما يحتاج إلى عناية، ولا أدري هل بُحث هذا أم لا، ومن أمثلة هذه المصطلحات في علوم القرآن عند السلف مصطلح الجمع، ومصطلح القُّرَّاء الذي كانوا يطلقونه على الفقهاء منهم فيما يبدو، وهو محل بحث، عسى الله أن ييسر لأحد الإخوة في هذا الملتقى أن يبحثه.
وأعود إلى صلب الموضوع، فأقول:
إذا نظرت إلى علوم القرآن وسبرتها فإنه سيظهر لك ما يأتي:
أولاً: أنَّ جملة من مسائله نقلية لا مجال فيها للرأي، كنقل القراءات التي قُرِئَ بها، وأسباب النُّزول الصريحة، ومبهمات القرآن، وفضائل الآيات والسور.
فلا مجال للقول بأن حرف كذا يقرأ بكذا إلا بأثر، ولا مجال للحكم بأن سبب نزول الآية كذا إلا بالنقل، ولا مجال لتحديد أن المراد بالشجرة التي أكل منها آدم إلا بالنقل، ولا مجال للقول بفضل سورة من السور إلا بالنقل.
والمقصود هنا أن طريقة الوصول إلى هذه المعلومة من طريق النقل، ولا يقع فيها الاجتهاد، وليس المقصود هنا تحرير صحة المنقول، فهذا مجاله مجال آخر.
ثانيًا: أن جملة منها الأصل فيها نقلي، لكن إذا انعدم النقل قام القياس والاجتهاد المبني على النقلي؛ كعلم المكي والمدني.
قال السيوطي (ت: 911):» وقال الجعبري: لمعرفة المكي والمدني طريقان: سماعي، وقياسي.
فالسماعي: ما وصل إلينا نزوله بأحدهما.
والقياسي: كل سورة فيها: يا أيها الناس فقط، أو كلا، أو أولها حرف تَهَجٍّ سوى الزهراوين والرعد، أو فيها قصة آدم وإبليس سوى البقرة = فهي مكية.
وكل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم الخالية مكية.
وكل سورة فيها فريضة أو حَدٌّ فهي مدنية «(الإتقان 1: 48).
ثالثًا: وأن بعضًا من علومه مبني على الاجتهاد المحض؛ كعلم تناسب الآي والسور، وعلم إعجاز القرآن.
وإذا كان ذلك كذلك، فإن بعض المسائل العلمية في علوم القرآن قد تكون من باب الاجتهاد المستند إلى النصوص، أو إلى الواقع الذي المرتبط بالمسألة، أو إلى غيرها من القرائن التي يستند إليها المجتهد في بيان بعض مسائله وتحريرها.
ومن ثمَّ، فلا تثريب على من تكلم عن هذه المسائل التي تعتمد على الاستنباط والاستدلال ما دام كلامه مبنيًا على علم، كما هو الحال في غيره من العلوم التي يقع فيها الاجتهاد.
وقد يكون اختلاف في فهم المنقول، فيحمله بعضهم على معنى، ويحمله آخر على معنى، وهذا سائغ ومقبول من الاختلاف، وهو من باب اختلاف التنوع الذي يقع فيه الباحثون، فلا تثريب في ذلك، ولا يزال الاختلاف في هذه الأمة قائمًا، وهو محمود ما دام فيه سعة صدر وأفق، وتقبُّلٍ للقول الآخر في محالِّ الاجتهاد، وذلك الذي يثري العلم، ويزيد المتعلمين.
بل إن تقبل أقوال الآخرين المبنية على الاجتهاد من أول ما يحسن بطالب العلم تعلمه والتأدب به، وأن لا يكون مقلدًا لقول فلان؛ لأنه فلان، بل يكون متبعًا؛ أي متبصرًا بما قال، عارفًا به، قادرًا على الدفاع عنه، وعلى التعبير به.
وأرجو أن يتَّسم هذا الملتقى بحسن التنوع في طرح الآراء، وتقبُّل الاجتهادات مع الأدب الجمِّ بين أصحابه، والله الموفق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Feb 2005, 11:57 م]ـ
بارك الله فيكم يا أبا عبدالملك. ونفع بعلمكم.
يرفع للمدارسة حوله فهو موضوع جدير بالتأمل والوقوف. وكتب علوم القرآن على كثرتها لا تقف من مسائله وترتبها بحسب هذه النظرة. وإنما يختلف ترتيب المسائل في كتب علوم القرآن من كتاب إلى كتاب. وإثارة هذه المسألة لها فائدتان:
الأولى: معرفة ما لا مدخل للرأي فيه من مسائل علوم القرآن، وما صح فيه الدليل فيوقف عنده. ومعرفة ما يدخل تحت الاجتهاد المقبول ما دام مشفوعاً بدليله، ومبيناً وجه الاستدلال والاستنباط، فيصرف الباحثون جهودهم في هذا الجانب خدمة لهذا العلم، وقضاء لحقه.
الثانية: التسهيل على الدارس وطالب العلم، في تصوره الصحيح لمسائل علوم القرآن، والتقسيم الصحيح يعين على السبر والتدبر، مع استحضار موقع هذه المسألة أو تلك ضمن بنية العلم المدروس. وهذه مسألة مهمة يحتاج إليها دارس أي علم من العلوم. ولا يزال المتخصصون في العلوم المختلفة يشاركون في تقريب العلوم التي تخصصوا بها لغير المتخصصين طمعاً في النفع والفائدة والله لا يضيع أجر المحسنين. ونحن في الدراسات القرآنية نطمع أن نجعل من العلوم المتعلقة بالقرآن الكريم علوماً شعبية يعرفها المسلمون بمختلف مستوياتهم العلمية، إذ من حقهم كمسلمين معرفة ما يتعلق بدينهم وكتاب ربهم، وكم أسعدُ عندما يسألني سائل في المسجد أو غيره عن معنى آية، أو مرجع مسألة من مسائل التفسير أونحو ذلك مما لا يستغني عنه مسلم يقرأ القرآن، ويستمع للتلاوة. فينشرح عندما يعرف الجواب، ويحرص على شراء الكتاب أو الشريط الذي فيه تفصيل لما سأل عنه. وهذا يلقي على المتخصصين تبعة القيام بهذه المهمة بصدق، وتأدية الرسالة على أكمل وجوهها، فإن لكل زمان ظروفه الخاصة، ووسائله المتجددة، فلا بد من الانتفاع بها بقدر الطاقة لخدمة الناس، وتقريب علوم القرآن لهم، وجعلها في متناول أيديهم طلباً للثواب، وحرصاً على بيان الكتاب.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وفي انتظار تعقيبات الإخوة الفضلاء.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[13 Apr 2009, 01:11 م]ـ
جزى الله خيراً شيخنا أبا عبد الملك خيراً , وإياهُ أسأل قائلاً:
1 - بالنسبة للتخريج الذي تفضلتم به ألا تغني عنهُ وعن ظَنِّ مخالفته واقعَ الصحابةِ الأوجهُ الأخرى التي خرَّج بها العلماءُ الأثر كالطحاوي وغيره, والتي منها:
* أنَّ مُراد أنس رضي الله عنهُ أنه لم يجمعهُ غيرُ أولاء الأربعة من الأوس , وأنَّ جوابه رضي الله عنهُ كان في معرض المفاخرة بأن جمع الأربعة كان على وجه الضبط والقدرة على الإقراء , خلافاً لمن جمعه جمعاً لا يمكنه معه تعليمُ غيره , ولا جزمَ بنفيه الجمع عن المهاجرين.
*أو أنهُ لا مفهومَ مخالفةٍ لكلام أنس.
* أو أنَّ المُراد بالجمع أخذ كامل القرآن وأوجهه وقراءاته مباشرةً عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة من أقرأ الناس في عهده من صحابته كابن مسعود وغيره.
2 - هل بالإمكان وضعُ بعضٍ من أنواع علوم القرآن خارج هذه الأقسام الثلاثة التي تكرمتم بها مما ليس هو بنقلي , ولا اجتهادي , ولا أصلَ نقلياً لهُ فإذا انعدم قيس عليه.؟
وهو قسمٌ (مختَلفٌ فيه بين النقل والاجتهاد) كترتيب السور مثلاً , أم يمكنُ إدراجُ هذا النوع تحت أحد هذه الشعب الثلاث.؟(/)
أسانيد التفسير (إجابة على سؤال عن صحيفة ابن أبي طلحة / إجابات على ملتقى أهل الحديث)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[08 May 2003, 05:34 م]ـ
إن الحديث عن تفسير علي بن أبي طلحة يدخل في منظومة موضوع عامٍّ، وهو أسانيد روايات التفسير.
ومما قد لا يخفى أن التفسير قد نُقِلَ بروايات يحكم علماء الحديث عليها بالضعف أو ما هو أشد منه، لكن الذي قد يخفى هو كيفية تعامل هؤلاء العلماء مع هذه الروايات في علم التفسير.
ولتصوير الحال الكائنة في هذه الروايات، فإنك ستجد الأمر ينقسم بين المعاصرين وبين السابقين.
فالفريق الأول: بعض المعاصرين يدعو إلى التشدد في التعامل مع مرويات السلف في التفسير.
والفريق الثاني: جمهور علماء الأمة من المحدثين والمفسرين وغيرهم ممن تلقَّى التفسير واستفاد من تلك الروايات، بل قد اعتمدها في فهم كلام الله.
هذه صورة المسألة عندي، والظاهر أن الاستفادة من هذه المرويات، وعدم التشدد في نقدها إسناديًا هو الصواب، وإليك الدليل على ذلك:
1 ـ أنك لا تكاد تجد مفسرًا من المفسرين اطرح جملة من هذه الروايات بالكلية، بل قد يطرح أحدها لرأيه بعدم صحة الاعتماد عليها، ومن أشهر الروايات التي يُمثَّل بها هنا رواية محمد بن مروان السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.
2 ـ أن المفسرين اعتمدوا اعتمادًا واضحًا على هذه المرويات، سواءً أكانوا من المحررين فيه كالإمام الطبري وابن كثير، أم كانوا من نَقَلَةِ التفسير كعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وهؤلاء قد أطبقوا على روايتها بلا نكير، مع علمهم التام بما فيها من الضعف.
ولا يقال كما قد قال من قال: إن منهج الإمام الطبري في هذه الروايات الإسناد، وإن ليس من منهجه الصحة اعتمادً على قاعدة من أسند فقد أحالك.
ففي هذه المقولة غفلة واضحة عن منهج الإمام الطبري الذي لم ينصَّ أبدًا على هذا المنهج في تفسيره، والذي اعتمد على هذه المرويات في بيان معاني كلام الله، وفي الترجيح بين أقوال المفسرين، ولم يتأخر عن ذلك إلا في مواضع قليلة جدًّا لا تمثِّل منهجًا له في نقد أسانيد التفسير، أعني أنَّ الصبغة العامة رواية هذه الآثار والاعتماد عليها في بيان كلام الله.
وقس على الإمام الطبري غيره من المفسرين الذين اعتمدوا هذه المرويات في التفسير.
3 ـ أنَّ أئمة المحدثين لهم كلام واضح بين في قبول هذه الروايات واحتمالها والاعتماد عليها؛ لأنهم يفرقون بين أسانيد الحلال والحرام وأسانيد غيرها من حيث التشديد والتساهل، ونصوصهم في ذلك واضحة، ومن ذلك:
قال عبد الرحمن بن مهدي: (إذا روينا في الثواب والعقاب وفضائل الأعمال = تساهلنا في الأسانيد، وتسامحنا في الرجال. وإذا روينا في الحلال والحرام والأحكام = تشدَّدنا في الأسانيد وانتقدنا الرجال) [دلائل النبوة، للبيهقي، تحقيق: الدكتور عبد المعطي قلعجي (1: 34)].
وقد انجرَّ هذا التَّساهل على روايات التفسير، فاحتملوا قومًا معروفين بضعفهم في نقل الحديث، فقبلوا عنهم ـ من حيث الجملة ـ رواياتهم، قال يحيى بن سعيد القطان: تساهلوا في التفسير عن قومٍ لا يوثِّقونهم في الحديث، ثمَّ ذكر ليث بن أبي سليم، وجويبر بن سعيد، والضحاك، ومحمد بن السائب؛ يعني: الكلبي.
وقال: هؤلاء يُحمد حديثهم (كذا، ولعل الصواب: لا يحمد)، ويُكتب التفسير عنهم. [دلائل النبوة، للبيهقي، تحقيق: الدكتور عبد المعطي قلعجي (1: 35 ـ 37)].
وقال البيهقيُّ (ت: 458): (… وأما النوع الثاني من الأخبار، فهي أحاديث اتفق أهل العلم بالحديث على ضعف مخرجها، وهذا النوع على ضربين:
ضرب رواه من كان معروفًا بوضع الحديث والكذب فيه، فهذا الضرب لا يكون مستعملاً في شيء من أمور الدين إلا على وجه التليين ….
وضرب لا يكون راويهِ متَّهمًا بالوضع، غير أنه عُرفَ بسوء الحفظِ وكثرة الغلطِ في روايته، أو يكون مجهولاً لم يثبت من عدالته وشرائط قبول خبره ما يوجب القبول.
(يُتْبَعُ)
(/)
فهذا الضرب من الأحاديث لا يكون مستعملاً في الأحكام، كما لا تكون شهادة من هذه صفته مقبولةً عند الحكَّام. وقد يُستعمل في الدعوات، والترغيب والترهيب، والتفسير، والمغازي؛ فيما لا يتعلق به حكمٌ) [دلائل النبوة، للبيهقي، تحقيق: الدكتور عبد المعطي قلعجي (1: 33 ـ 34)].
4 ـ ومما يُعلمُ من نقد الأسانيد أنَّ المحدِّثينَ قد فرَّقوا في نقدِهم لبعض الأعلامِ، فجعلوه في نقل الحديث من المجروحين المتكلَّمِ فيهم، وأثنوا عليه في علمٍ برعَ هو فيه، بل قد يكون فيه إمامًا يُؤخذُ قوله في ذلك العلم، وهذا يعني أنَّ تضعيفه في روايةِ الحديث لم ينجرَّ إلى تضعيفه في ذلك العلمِ الآخرِ، ومن الأمثلة التي يمكنُ أن تُضربَ في هذا ما يأتي:
1 ـ عاصم بن أبي النَّجود الكوفي (ت: 128)، قال عنه ابن حجر العسقلاني (ت: 852): (صدوق له أوهام، حجة في القراءة، وحديثه في الصحيحين مقرون) [تقريب لاتهذيب، لابن حجر العسقلاني، تحقيق: صغير أحمد الباكستاني (ص: 471)].
2 ـ حفص بن سليمان الأسدي (ت: 180) الراوي عن عاصم بن أبي النَّجود (ت: 128)، قال عنه الذَّهبي (ت: 748) ـ بعد أن ذكر جرح علماء الحديث فيه: (قلت: أما في القراءةِ، فثقة ثبت ضابط، بخلاف حاله في الحديث) [معرفة القراء الكبار، للذهبي (1: 140)]
وقال ابن حجر العسقلاني (ت: 852): (متروك الحديث مع إمامته في القراءة) [تقريب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، تحقيق: صغير أحمد الباكستاني (ص: 257)]
3 ـ نافع بن أبي نعيم المدني (ت: 169): (صدوق ثبت في القراءة) [تقريب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، تحقيق: صغير أحمد الباكستاني (ص: 995)].
4 ـ عيسى بن ميناء المدني، المعروف بقالون (ت: 220)، أحد راويَي نافع المدني (ت: 169)، قال عنه الذهبي: (أما في القراءةِ فثبتٌ، وأما في الحديث فيكتب حديثه في الجملة. سئل أحمد بن صالح المصري عن حديثه فضحك، وقال: تكتبون عن كلِّ أحدٍ!) [ميزان الاعتدال (3: 327)].
5 ـ حفص بن عمر الدُّوري (ت: 246)، قال ابن حجر (ت: 852): (لا بأس به) [تقريب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، تحقيق: صغير أحمد الباكستاني (ص: 259)].
وقال ابن الجزري (ت: 833): (إمام القراءة، وشيخ الناس في زمانه، ثقة ثبت كبير ضابط) [غاية النهاية، لابن الجزري (1: 255)].
ولا يبعد أن يكونَ بعضُ المتميِّزينَ في علمٍ من العلومِ لا يكاد يُعرفُ لهم روايةٌ للحديثِ؛ كعثمان بن سعيد الملقب بورش (ت: 197) أحد راويَي قراءة نافع المدني (ت: 169).
فإذا كان ذلك واضحًا في علمِ القراءةِ، فإن علم التفسير لم يوجد له كتبٌ تخصُّ طبقات المفسرين وتنقدُ روايتهم على وجه الخصوصِ، بخلاف ما وُجِدَ من علم القراءة الذي تميَّزَ تميُّزًا واضحًا عند الترجمة لأحد القراء كما تلاحظُ في الأمثلة السابقةِ.
ولذا لا تجد في الكلام عن المفسرين سوى الإشارة إلى أنهم مفسرون دون التنبيه على إمامتهم فيه وضعفهم في غيره كما هو الحال في نقد القراء، وإذا قرأت في تراجم المحدثين ستجد مثل هذه العبارات: (المفسر، صاحب التفسير)، ومن ذلك:
قال الذهبي (ت: 748): (مجاهد بن جبر، الإمام، أبو الحجاج، مولى السائب بن أبي السائب المخزومي، المكي، المقرئ، المفسر، أحد الأعلام) [معرفة القراء الكبار (1: 66)]
قال الخليلي: (… ورواه شيخ ضعيف، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، وهو إسماعيل ابن أبي زياد الشامي صاحب التفسير) [الإرشاد للخليلي (1: 448)]
وقال: (مقاتل بن سليمان صاحب التفسير خراساني محله عند أهل التفسير والعلماء محل كبير واسع العلم لكن الحفاظ ضعفوه في الرواة) [الإرشاد للخليلي (3: 928)]
قال ابن سعد: (أبو مالك الغفاري صاحب التفسير، وكان قليل الحديث) [الطبقات الكبرى (6: 295)]
قال ابن سعد: (أبو صالح واسمه باذام، ويقال باذان، مولى أم هانئ بنت أبي طالب، وهو صاحب التفسير الذي رواه عن ابن عباس، ورواه عن أبي صالح الكلبيُّ محمد بن السائب) [الطبقات الكبرى (6: 296)]
قال ابن سعد: (إسماعيل بن عبد الرحمن السدي صاحب التفسير، مات سنة سبع وعشرين ومائة) [الطبقات الكبرى (6: 323)]
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن سعد: (أبو روق واسمه عطية بن الحارث الهمداني من بطن منهم يقال لهم بنو وثن من أنفسهم، وهو صاحب التفسير، وروى عن الضحاك بن مزاحم وغيره) [الطبقات الكبرى (6: 369)]
قال ابن سعد: (مقاتل بن سليمان البلخي صاحب التفسير، روى عن الضحاك بن مزاحم وعطاء وأصحاب الحديث يتقون حديثه وينكرونه) [الطبقات الكبرى (7: 373)]
قال الخطيب البغدادي: (قال يحيى بن معين السدى الصغير صاحب التفسير محمد بن مروان مولى الخطابيين ليس بثقة) [تاريخ بغداد (3: 292)]
قال الخطيب البغدادي: (يزيد بن حيان الخراساني أخو مقاتل بن حيان صاحب التفسير) [تاريخ بغداد (14: 332)]
ويظهر أنَّ سبب عدم تمييز نقد المفسرين على وجه الخصوص أمران مشتركان لا ينفكان عن بعضهما:
الأول: أن رواية التفسير كانت مختلطةً برواية الحديث في كثير من الأحيان.
الثاني: أن كثيرًا من رجال الإسناد في التفسير هم من نقلة السنة النبوية، فكان الحديث في نقدهم والحكم عليهم من جهة التفسير والحديث واحدًا.
لكن المحدثين لم يجعلوا مقاييس قبولهم لروايات الحديث كمقاييس قبولهم لروايات التفسير، وإن كانوا حكموا على بعض روايات التفسير بالضعف كما سبقت الإشارة إلى كلام بعضهم في هذا التفريق.
لكن قد يقع أنَّ بعض روايات التفسير تكون متمحِّضةً فيه، ولا تكادُ تجدُ أسانيدها إلا في علم التفسيرِ، وقد لا ترى بواسطتها روايةً لحديث نبويٍّ، وإن وُجِدَ فهو قليلٌ، ومن أمثلةِ ذلك رواية العوفييِّن التي تنتهي بعطيَّة العوفي (ت: 111) عن شيخه ابن عباسٍ (ت: 68)، وهي روايةٌ مسلسلةٌ بالضُّعفاءِ، وأمرها مشهورٌ معروفٌ في التفسيرِ، لكن لاتجدُ روايةَ أحاديث بهذه السلسلةِ العوفيَّةِ. [ينظر في رجال إسناد تفسير العوفي: تفسير الإمام الطبري، تحقيق: محمود شاكر (1: 263)]
5 ـ ولعلَّ مما يبيح تساهل التعامل مع أسانيد المفسرين من جهة الإسناد أن كثيرًا من روايات التفسير روايات كتبٍ، وليست روايات تلقين وحفظٍ؛ لأنك لا تكاد تجد اختلافًا بين ما رواه نقلة هذه المرويات بهذه الأسانيد.
ولذا تجدهم ينسبون التفسير إلى من رواه مدوَّنًا كتفسير عطية العوفي (ت: 111) عن ابن عباس (ت: 68)، وتفسير السدي (ت: 128) عن بعض أشياخه، وتفسير قتادة (ت: 117) الذي يرويه سعيد ابن أبي عروبة ومعمر بن راشد، وتفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (ت: 68)، وتفسير عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (ت: 182)، وغيرها من صحف التفسير.
وإذا كان كثير من هذه الروايات رواية الكتاب فإن هذا يجعلها صالحة للاعتمادُ، أو الاستئناسُ بها من حيث الجملةِ.
ومن باب المناسبة أذكر أن صحف التفسير من البحوث التي لم تطرح حتى الآن، فياحبذا لو تولاَّها أصحاب هذا الشأن.
6 ـ أنه مما يتبع هذه المسألة أنه قد اشتهر بعض هؤلاء الأعلام في التفسير إما رواية وإما دراية، ويجب أن لا ينجرَّ الحكم عليه في مجال الرواية إلى مجال الدراية، بل التفريق بين الحالين هو الصواب، فتضعيف مفسر من جهة الرواية لا يعني تضعيفه من جهة الرأي والدراية، لذا يبقى لهم حكم المفسرين المعتبرين، ويحاكم قولهم من جهة المعنى، فإن كان فيه خطأ رُدَّ، وإن كان صوابًا قُبِلَ.
إذا تأمَّلت هذه المسألة تأمُّلاً عقليًّا، فإنَّه سيظهر لك أنَّ الرأي لا يوصف بالكذب إنما يوصف بالخطأ، فأنت تناقش قول فلان من جهة صحته وخطئه في المعنى، لا من جهة كونه كاذبًا أو صادقًا؛ لأن ذلك ليس مقامه، وهذا يعني أنَّك لا ترفضُ هذه الآراء من جهة كون قائلها كذابًا في الرواية، إنما من جهة خطئها في التأويلِ.
وهذا يعني أنَّ الحكم على الكلبيِّ (ت: 146)، ومقاتل بن سليمان (ت: 150) بالكذب من جهة الرواية، لا يعني أنَّك لا تأخذ بقولِهما الذي هو من اجتهادهما في التفسيرِ، بل إذا ظهرت عليه أمارات الصِّحةِ من جهة المعنى يُقبلُ، ولا يردُّ لكون صاحبه كذَّابًا. وكذا الحال في من وُصِفَ بالضَّعف في روايته؛ كعطيَّةَ العوفي (ت: 111)، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم (ت: 182)، وغيرهما.
وغياب هذه القضيةِ يوقعُ في أمرين:
الأول: طرحُ أراء هؤلاء المفسرين، وهم من أعلام مفسري السلف.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني: الخطأ في الحكم على السندِ الذي يروى عنهم، فيُحكم عليه من خلال الحكم عليهم، وهم هنا ليسوا رواةً فيجرى عليهم الحكم، بل القول ينتهي إليهم، فأنت تبحث في توثيق من نقل عنهم، ومن الأمثلة التي وقع فيها بعض الباحثين الفضلاء:
قال ابن أبي حاتم: (حدثنا أبي، قال: حدثنا الحسن بن الربيع، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، ثنا محمد بن إسحاق، قوله: (الحي القيوم (] آل عمران: 2 [: القائم على مكانته الذي لا يزول، وعيسى لحم ودم، وقد قضى عليه بالموت، زال عنة مكانه الذي يحدث به) [تفسير ابن أبي حاتم، تحقيق: حكمت بشير ياسين (ص: 27)].
ولما درس المحقق رجال الإسناد خرج بما يأتي:
الحسن بن الربيع ثقة، وعبد الله بن إدريس ثقة، ومحمد بن إسحاق صدوق، ثمَّ قال في نتيجة الحكم: (درجة الأثر: رجاله ثقات، إلا ابن إسحاق صدوق، فالإسناد حسنٌ) [تفسير ابن أبي حاتم، تحقيق: حكمت بشير ياسين (حاشية ص: 28) / وقد سار على تحسين هذا الإسناد في تحقيقه، ينظر مثلاً (ص: 71)]
فجعل الإسناد حسنًا بسبب ابن إسحاق، وهذا الحكم فيه نظر، إذ الصحيح أن يُحكم على الإسناد بأنه صحيح؛ لأنَّ الذين نقلوه عن ابن إسحاق هم الذين يتعرَّضون للتعديل والتجريح، أما قائل القول، فلا يدخل في الحكم.
7 ـ إن من تشدد في نقد أسانيد التفسير، فإن النتيجة التي سيصل إليها أنَّ كثيرًا من روايات التفسير ضعيفة، فإذا اعتمد الصحيح واطَّرح الضعيف فإن الحصيلة أننا لا نجد للسلف إلا تفسيرًا قليلاً، وهم العمدة الذين يعتمدون في هذا الباب، فإذا كان ذلك كذلك فمن أين يؤخذ التفسير بعدهم؟!
لقد طرحت هذه المسألة على بعض من يرى أنه يجب التشدد أسانيد التفسير، وتنقية كتب التفسير من الضعيف والإسرائيليات، والخروج بتفسير صحيح الإسناد عن السلف يُحتكم إليه، فقلت له: أنت تعلم أنَّ اتباع هذا المنهج سيخرج كثيرًا من روايات التفسير، وأنه قد لا نجد في بعض الآيات تفسيرًا محكيًا عن السلف سوى ما طرحته، فمن أين ستأخذ التفسير؟
قال: نرجع للغة، لأن القرآن نزل بلغة العرب.
قلت له: فممن ستأخذ اللغة؟
قال من كتبها وأعلامها؛ من الخليل بن أحمد والفراء وأبي عبيدة وغيرهم.
فقلت له: أنت طالبت بصحة الإسناد في روايات التفسير، فلم لم تعمل بها في نقل هؤلاء وحكايتهم عن العرب، فأنا أطالبك بأن تصحح الإسناد في نقل هؤلاء أن معنى هذه اللفظة هو كذا عند العرب نقلاً صحيحًا متصلاً من الفراء وغيره إلى ذلك العربي الذي علَّمه ذلك.
فهل يا تُرى أن هذا المنهج صحيح؟
إنَّ طبيعة العلوم تختلف، فإثبات السنة النبوية، وإلزام الناس بها ليس كإثبات اللغة، فاللغة تثبت بما لا يثبت به الحديث، وكذا الحال في التفسير، فإنه يثبت بما لا يثبت به الحديث، والاعتماد على هذه الروايات جزءٌ أصيل من منهجه لا ينفكُّ عنه، ومن اطَّرحها فقد مسخ علم التفسير.
8 ـ إن التفسير له مقاييس يعرف بها عدا مقاييس الجرح والتعديل، إذ التفسير يرتبط ببيان المعنى، وإدراك المعنى يحصل من غير جهة الحكم على الإسناد، لذا فإن عرض التفسير على مجموعة من الأصول تبين صحيحه من ضعيفة، كالنظر في السياق والنظر في اللغة، والنظر في عادات القرآن والنظر في السنة ... الخ
وقد أشار البيهقي إلى هذا الملحظ فقال: (وإنما تساهلوا في أخذ التفسير عنهم لأن ما فسروا به؛ ألفاظه تشهد لهم به لغات العرب، وإنما عملهم في ذلك الجمع والتقريب فقط) [دلائل النبوة للبيهقي (1: 37)]
ومن قرأ في كتب التفسير ومارس تدريسه أدرك هذا المعنى، وإلا لرأيته يقف كثيرًا حتى يتبين له صحة هذه المرويات ليعتمد عليها، وفي هذه الحال أنَّى له أن يفسِّر.
9 ـ ومما يحسن ملاحظته هنا أنَّ التفسير المنقول بطرق فيها ضعف له فوائد، منها أن يكون المعنى الذي يحمله التفسير مما قد اشتهر بين السلف فيستفاد منه في حال الجدل مع المعارضين، خصوصًا إذا كان في مجال الاعتقاد؛ لذا ترى بعض العلماء ينص على أنَّ بعض المعاني الباطلة في التفسير المرتبطة بالمعتقد = لم تثبت لا بالطرق الصحيحة ولا الضعيفة.
10 ـ وأخيرًا، فإني أرى في هذه المسألة التي يطول فيها الجدل أن يُفرَّق بين الاعتماد التام على منهج أهل الحديث في نقد الروايات وبين الاستفادة منه، فالصحيح أن يُستفاد منه، ويأتي وجه الاستفادة منه في حالات معينة؛ كأن يكون في التفسير المروي غرابة أو نكارة وشذوذًا ظاهرًا.
ومن أمثلة ذلك ما تراه من فعل الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُون)] المائدة: 55 [حيث تتبع أسانيد المرويات ونقدها، لكنك تجده في مواطن أخرى يرويها ولا ينقدها، وما ذاك إلا لما في الخبر المنقول في هذه الآية من النكارة التي جعلته يتتبع الإسناد، أما في غيرها فالأمر محتمل من جهة المعنى وليس فيها ما ينكر فقبله، والله أعلم.
وهذا الموضوع له جوانب أخرى، وهو يحتاج إلى تأصيل وتمثيل، ولعل فيما طرحته غنية، وأسأل الله لي ولكم التوفيق والصواب في القول والعمل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 May 2003, 11:47 م]ـ
يرفع للتأمل والمشاركة.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[24 May 2003, 05:57 ص]ـ
شكر لأبي عبد الملك ما سطر وكتب وكنت قد عزمت على طرح هذا الموضوع للنقاش في مشاركة مستقلة بعنوان " قيمة الإسناد في مرويات التفسير" حتى رأيت هذا الموضوع فلله الحمد والمنة , وهذه بعض النقاط في هذا الموضوع:
1 - فيما يتعلق بمرويات التفسير الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم فلابد من تطبيق قواعد المحدثين كما لايخفى.
2 - فيما يتعلق بسائر المفسرين فأنا اتفق مع ابي عبد الملك فيما ذهب إليه لكن ينبغي التنبيه على أمور:
- ان كان المروي فيما لامجال للاجتهاد فيه فلابد من الحكم عليه لانه سيكون من المرفوع حكما.
- ان يكون المروي في قضية عقدية فلا بد من تحقق نسبة القول لصاحبه كتفسير ابن عباس الكرسي بالعلم والرواية الأخرى انه موضع قدمي الرب.
- ان تتعارض الروايات عن مفسر معين فالأسانيد تكون هي الفيصل في الغالب.
ـ[الغامدي]ــــــــ[28 May 2003, 12:52 ص]ـ
يا شيخ مساعد:
لكنكم لم تتكلموا على صحيفة ابن ابي طلحة بخصوصها فالعنوان مغاير للمضمون.
من نص على قبولها؟(/)
الأحكام الفقهية من الآيات القرآنية، الحلقة الأولى
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[08 May 2003, 11:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد على النعم الجزيلة، والمنن الجليلة،
لك الحمد ما اقشعرت الأبدان لعظمتك، ولانت الجلود من خشيتك،
لك الحمد أنت تعطى الأخلاص من تشاء، فأعطنا إخلاصا يذهب عنا حب الرياء، ويجعلنا في الآخرة مع النبيين والصديقين والشهداء
اللهم طهر حروفنا من حب التكاثر، وطيب منا البواطن والمظاهر،
اللهم إن لم نبلغ مراتب المخلصين فأنت تعلم أنا نحب أن نكون منهم
اللهم بحبنا ذاك إلا أعطيتنا منه أوفر الحظ والنصيب،
اللهم أصلح السرائر، وطهر الضمائر،
اللهم صل وسلم على الرسول، واجعلنا من أتباعه في الغدو والقفول،
اللهم أجب الدعوة، واغفر الهفوة، وأنزع من قلوبنا إلى الحرام كل شهوة، يارب:
أما بعد
فلما كان الطريقا طويلا، والصبر على لأوائه عسير ثقيلا، والعمر وحي التقضي، سريع التمضي، والمشاركات المبددة، والمطارحات المشردة، تذهب هباء منثورا، كأن لم تكن شيئا مذكورا، أحببت أن إشارك في هذا الملتقى المبارك،بكتابات متسلسلة، وحلقات مرتبة، توفر تراكما علميا مفيدا،
فأخترت المشاركة بالوقوف عند كل آية والنظر هل كانت مما استدل به الفقهاء في أي مبحث من المباحث، أخذا بقول من قال وهو الراجح، أن آيات الاحكام كثيرة جدا، غير محصورة بعد،
وقد كان منهجي البحث بنفسي في كتب الفقه دون الرجوع لتفاسير آيات الأحكام،
بل آخذ ذلك مباشرة من كتب الفقه، وقد بدأت من الآية 134 من سورة آل عمران،
حيث هي الآية التي وقفنا عندها في درس التفسير، وحتى أوفر على نفسي التحضير مرتين، فلم أبدأ من أول القرآن، وعسى أن ييسر الله التمام،
ولعلي أعود لمزيد بيان المنهج في البحث في حلقة قادمة إن شاء الله، وبعد النظر لعل إخواننا يسهمون معنا بالنصحية، والتقويم
اللهم اجعل هذا العمل مباركا، ووفقنا فيه للقبول، واجعله من العمل المدخر يوم القيامة، يا رب العالمين،
قال تعالى:
والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم من يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على مافعلوا وهم يعلمون،
1 - أخذ الفقهاء الحنفية منها جواز البناء على الصلاة التي أحدث فيها العبد بعد الوضوء:
من الآية
ففي (الحجة ج: 1 ص: 70) لمحمد بن الحسن الشيباني رحمه الله تعالى:
وقال ابو حنيفة اذا احدث في متعمد من ريح سبقه او بول او غائط فلينصرف وليغسل ما اصابه من ذلك ثم يتوضأ ثم يبنى على صلاته ان احب وقال ابو حنيفة رحمه الله واحب ان يتكلم ويعيد الصلاة ولا يبنى وان بنى اجزأه اخبرنا ابو حنيفة رضي الله عنه قال حدثنا عبد الملك بن عمير عن معبد بن صبيح ان رجلا من اصحاب محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام صلى خلف عثمان بن عفان رضي الله عنه فأحدث الرجل فانصرف ولم يتكلم حتى توضأ ثم اقبل وهو يقول ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون فاحتسب بما مضى وصلى ما بقي ما فعلوا وهم يعلمون فاحتسب بما مضى وصلى ما بقي
2 - ومنها اخذ الحنابلة رحمهم الله مشروعية صلاة التوبة:
ففي كشاف القناع ج: 1 ص: 443
و تسن صلاة التوبة إذا أذنب ذنبا يتطهر ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله تعالى لحديث علي عن أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر له ثم قرأ والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله الآية رواه أبو داود
3 - واستشهد بها الشافعية على قبول توبة القاذف ومن ثم شهادته
المهذب ج: 2 ص: 330
فصل
ومن ردت شهادته بمعصية فتاب قبلت شهادته لقوله تعالى والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا والتوبة نوبتان توبة في الباطن وتوبة في الظاهر فأما التوبة في الباطن فهي ما بينه وبين الله عز وجل فينظر في المعصية فإن لم يتعلق الفرج فالتوبة منها أن يقلع عنها ويندم على ما فعل ويعزم على ألا يعود إلى مثلها والدليل عليه قوله تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة بها مظلمة لآدمي ولا حد لله تعالى كالاستمتاع بالأجنبية فيما دون أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون
(يُتْبَعُ)
(/)
أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين وإن تعلق بها حق آدمي فالتوبة منها أن يقلع عنها ويندم على ما فعل ويعزم على ألا يعود إلى مثلها وأن يبرأ من حق الآدمي إما أن يؤديه أو يسأله حتى يبرئه منه لما روى إبراهيم النخعى أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه رأى رجلا يصلى مع النساء فضربه بالدرة فقال الرجل والله لئن كنت أحسنت فقد ظلمتني وإن كنت أسأت فما علمتني فقال عمر اقتص قال لا أقتص قال فاعف قال لا أعفو فافترقا على ذلك ثم لقيه عمر من الغد فتغير لون عمر فقال له الرجل يا أمير المؤمنين أرى ما كان مني قد أسرع فيك قال أجل قال فاشهد أنى قد عفوت عنك وإن لم يقدر على صاحب الحق نوى أنه إن قدر أوفاه حقه وإن تعلق بالمعصية حد لله تعالى كحد الزنا والشرب فإن لم يظهر ذلك فالأولى أن يستره على نفسه لقوله عليه الصلاة السلام من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله تعالى فإن من أبدى لنا صفحته أقمنا عليه حد الله وإن أظهره لم ينكر لان ماعزا والغا مدية اعترفا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزنا فرجمهما ولم ينكر عليهما وأما التوبة في الظاهر وهى التي فإذا بها العدالة والولاية وقبول الشهادة فينظر في المعصية فإن كانت فعلا كالزنا والسرقة لم يحكم بصحة التوبة حتى يصلح عمله مدة لقوله تعالى إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا وقدر أصحابنا المدة وعشرون لأنه لا تظهر صحة التوبة في مدة المساجد فكانت أولى المدد بالتقدير سنة لأنه تمر فيها الفصول الأربعة التي تهيج فيها الطبائع وتغير فيها الأحوال وإن كانت المعصية بالقول فإن كانت ردة فالتوبة منها أن يظهر الشهادتين وإن كانت قذفا فقد قال الشافعي رحمه الله التوبة منه إكذابه نفسه
4 - واستشهدوا بقوله تعالى ولم يصروا على مافعلوا بأن الإصرار على الصغائر موجب لانتفاء العدالة:
قال في (إعانة الطالبين ج: 4 ص: 280)
قوله واجتناب إصرار على صغيرة معطوف على اجتناب كل كبيرة والإصرار هو أن يمضي زمن تمكنه فيه التوبة ولم يتب وقيل بأن يرتكبها ثلاث مرات توبة وقال عميرة الإصرار قيل هو الدوام على نوع واحد منها والأرجح أنه الإكثار من نوع أو أنواع قاله الرافعي لكنه في باب العضل قال إن المداومة على النوع الواحد كبيرة وبه صرح الغزالي في الإحياء قال الزركشي والحق أن الإصرار الذي تصير به الصغيرة كبيرة إما تكرارها بالفعل وهو الذي تكلم عليه الرافعي وإما تكرارها في الحكم وهو العزم عليها قبل تكفيرها وهو الذي تكلم فيه ابن الرفعة وتفسيره به الماوردي قوله تعالى ولم يصروا على ما فعلوا وإنما يكون العزم إصرارا بعد الفعل وقبل التوبة اه وفي الأحياء أن الصغيرة قد تكبر بغير الإصرار كاستصغار الذنب والسرور به وعدم المبالاة والغفلة عن كونه يسبب الشقاوة والتهاون بحكم الله والإغترار بستر الله تعالى وحلمه وأن يكون عالما يقتدى به ونحو ذلك اه بجيرمي قوله أو صغائر أي من نوع واحد أو أنواع قوله بأن لا تغلب طاعاته صغائره الذي يظهر أن الباء بمعنى مع وهي متعلقة بإصرار المنفي والمعنى أن العدالة تتحقق بإجتناب الإصرار المصاحب لعدم غلبة طاعاته معاصيه بأن استويا أو غلبت المعاصي أما الإصرار المصاحب لغلبة الطاعات فتحقق العدالة بدون إجتنابه كما سيصرح به ورأيت لسيد عمر البصري كتب على قول التحفة بأن لا تغلب الخ ما نصه كذا في النهاية وفي هامش أصله بخط تلميذه عبد الرؤوف ما نصه الظاهر أن لا زائدة وفيه نظر لأن الظاهر أن مراد الشارح تفسير الإصرار المراد للمصنف
قال الحافظ رحمه الله:
فتح الباري ج: 11 ص: 99
فيه إشارة الى ان من شرط قبول الاستغفار ان يقلع المستغفر عن الذنب والا فالاستغفار باللسان مع التلبس بالذنب كالتلاعب
5 - واستدل ابن حزم رحمه الله بالآية على أن المحارب مادام مصرا يجب مواصلة نفيه مرة بعد مرة لأنه مصر على المحاربة ولا يجوز إقراره في سجن:ق
قال في (المحلى ج: 11 ص: 182)
(يُتْبَعُ)
(/)
قال أبو محمد رحمه الله ثم نظرنا في حجة من قال ينفي أبدا من بلد إلى بلد أن قال إننا إذا سجناه في بلد أو أقررناه مسجون فلم ننفه من الأرض كما أمر الله تعالى بل عملنا به ضد النفي والإبعاد وهو الإقرار والإثبات في الأرض في مكان واحد منها وهذا خلاف القرآن فوجب علينا بنص القرآن أن نستعمل إبعاده ونفيه عن جميع الأرض أبدا حسب طاقتنا أو غاية ذلك ألا نقره في شيء منها ما دمنا قادرين على نفيه من ذلك الموضع ثم هكذا أبدا ولو قدرنا على أن لا ندعه يقر ساعة في شيء من الأرض لفعلنا ذلك ولكان واجبا علينا فعله ما دام مصرا على المحاربة
قال أبو محمد رحمه الله فكان هذا القول أصح وأولى بظاهر القرآن لما ذكر المحتج له من أن السجن إثبات وإقرار لا نفي وما قال قط أهل اللغة التي نزل بها القرآن وخاطبنا بها الله تعالى أن السجن يسمى نفيا ولا أن النفي يسمى سجنا بل هما اسمان مختلفان متغايران قال الله تعالى فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن 4 الموت أو يجعل الله لهن سبيلا النساء 15 الآية وقال تعالى ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ثم ودخل معه السجن فتيان قال أحدهمآ إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين يوسف 35 36 فما قال أحد لا قديم ولا حديث أن حكم الروائي كان النفي إذ أمر الله تعالى بحبسهن في البيوت ولا قال قط أحد أن يوسف عليه السلام نفى إذ حبس في السجن فقد بطل قول من قال بالسجن جملة وعلى كل حال فالواجب أن ننظر في القولين اللذين هما إما نفيه إلى مكانه وإقراره هنالك أو نفيه أبدا فوجدنا من حجة من قال ينفي من بلد إلى بلد ويقر هنالك أن قالوا أنتم لا تقولون بتكرار فعل الأمر بل يجزى عندكم إيقاعه مرة واحدة وإذا كررتم النفي أبدا فقد نقضتم أصلكم قال علي وهذا الذي أنكروه داخل عليهم يمنعهم المنفي من الرجوع إلى منزله فهم يقرون عليه استدامة فقد وقعوا فيما أنكروا بعينه نعم والتكرار أيضا لازم لمن قال بنفيه أو سجنه سواء سواء قال أبو محمد رحمه الله فنقول إن المحارب الذي افترض الله تعالى علينا نفيه حربا على محاربته فإنه ما دام مصرا فهو محارب وما دام محاربا فالنفي حد من حدود الله تعالى ولم يصروا على ما فعلوا آل عمران 35
6 - واستدل بها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله انه لا يجب على من زنا أن يقدم نفسه للحاكم لإقامة الحد
قال في الفتاوى ج: 34 ص: 180
رحمه الله عن رجل أذنب ذنبا يجب عليه حد من الحدود مثل جلد أو حصب ثم تاب من ذلك الذنب وأقلع واستغفر ونوى أن لا يعود فهل يجزئه ذلك أو يحتاج مع ذلك إلى أن يأتى إلى ولى الأمر ويعرفه بذنبه ليقيم عليه الحد أم لا وهل ستره على نفسه وتوبته أفضل أم لا فأجاب إذا تاب توبة صحيحة تاب الله عليه من غيرحاجة إلى أن يقر بذنبه حتى يقام عليه الحد وفى الحديث من ابتلى بشىء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله فانه من يبد لنا صفحته تقم عليه كتاب الله وفى الآثر أيضا من أذنب سرا فليتب سرا ومن أذنب علانية فليتب علانية وقد قال تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم الآية
7 - واستدل بها بعض الحنفية على عدم إقامة حد الزنا بمن زنا بالميتة
قال إبراهيم بن أبي اليمن الحنفي: في لسان الحكام ج: 1 ص: 398
فصل في المسألة المتعلقة بالحدود رجل زنى بامرأة ميتة لا حد عليه وعليه التعزير لما روى أن بهلول النباش فعل ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه السلام فلم يقم عليه الحد ونزل فيه قوله تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة الآية وقبلت توبته
8 - واستدل بها ابن حزم على أن من ترك الصلاة يتوب ويكثر من التطوع:
قال في المحلى ج: 2 ص: 244
280 مسألة وأما قولنا أن يتوب من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها الله تعالى ويكثر من التطوع فلقول الله تعالى فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ثم إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا ولقول الله تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم
يتبع إن شاء الله في حلقة قادمة وصلى الله وسلم على محمد
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 May 2003, 09:22 م]ـ
بسم الله
موضوع جيد، وله أهمية من جهة كونه يربط الفقه بأصله الأول وهو القرآن الكريم، وفيه ما يعين الباحث، والقارئ له على تكوين ملكة الاستنباط، وأقترح عليك أخي عبدالله ما يأتي:
أولاً - أن تهتم بضبط الكتابة بالحرص على سلامتها من الأخطاء المطبعية، مع التركيز على مراعاة علامات الترقيم ما أمكن.
ثانياً - أن يغلب الجانب التفسيري على الجانب الفقهي بمراعات ما يأتي:
1 - ذكر الحكم الفقهي المستنبط من الآية باختصار، مع ذكر من ذكره من العلماء من غير توسع في النقل، ولعل الإحالة تختصر لك الوقت في ذلك.
2 - أن تحرص على ذكر وجه الاستنباط من الآية، مع الحرص على بيان مدى صحة هذا الاستنباط، من خلال معرفة التفسير الصحيح للآية، ومدى احتمال اللفظ للحكم المستنبط.
ثالثاً - أرجو منك الاستمرار في كتابة هذه الحلقات فهي من أنفع الأشياء لطالب العلم، وقد كان الشيخ بن عثيمين رحمه الله يهتم بجانب الفوائد والاستنباطات كثيراً. فلعلك تستعين بما له من ثروة مباركة في التفسير والفقه.
وأخيراً؛ أحيي فيك الجدية والعمق فيما تطرح. وفقك الله وزادك من فضله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 May 2009, 11:42 ص]ـ
يتبع إن شاء الله في حلقة قادمة وصلى الله وسلم على محمد
كتب هذا الموضوع في 8 - 5 - 2003م
واليوم هو 8 - 5 - 2009م
أي منذ ست سنوات تماماً.
ولعل أخي عبدالله يستأنف الكتابة بعد حصوله ليلة أمس الأربعاء 12 - 5 - 1430هـ على درجة الدكتوراه في الفقه من جامعة أم درمان بالخرطوم ولله الحمد، وقد حصل على الدرجة بتقدير ممتاز في تحقيق أحد شروحات مختصر خليل المالكي رحمه الله.
نبارك للدكتور عبدالله بن بلقاسم هذه الدرجة ونسأل الله أن تكون عوناً له على طاعة الله.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[08 May 2009, 05:30 م]ـ
نبارك للدكتور عبدالله بن بلقاسم هذه الدرجة ونسأل الله أن تكون عوناً له على طاعة الله.
آمين آمين آمين
ـ[يسري خضر]ــــــــ[08 May 2009, 09:33 م]ـ
نبارك للدكتور عبدالله بن بلقاسم هذه الدرجة ونسأل الله أن تكون عوناً له على طاعة الله.
ـ[محمد عامر]ــــــــ[31 May 2009, 12:32 ص]ـ
نبارك للدكتور الفاضل المحبوب صاحب الأخلاق العالية هذه الدرجة العلمية والتي في الحقيقة تشرف به قبل أن يشرف بها ونسأل الله له الإخلاص في القول والعمل ومزيد العطاء(/)
طلب تقييم موقع (دار القرآن)، وحديث عن ترجمة معاني القرآن
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 May 2003, 03:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الكرام وفقهم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فقد وصلتني إلى بريد الملتقى رسالة من أحد المواقع الإسلامية المشهورة على الانترنت تطلب من أعضاء ملتقى أهل التفسير تقييم موقع (دار القرآن) من حيث قيمة التراجم التي احتواها.
http://www.quranhome.com
أرجو ممن يستطيع فعل ذلك أن يساعد في هذا العمل، جزاكم الله خيراً. علماً أنه يحتوي على 28 ترجمة للقرآن الكريم.
وفقكم الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 May 2003, 02:47 م]ـ
كتبت هذا الموضوع منذ ما يزيد على أسبوعين أو أكثر، ولم يشارك أحد، وأنا أقدر سبب ذلك.
- أما التفسير باللغة العربية فهو تفسير العلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله.
- وأما التفسير باللغة الانجليزية فهي الترجمة التي اعتمدها مجمع الملك فهد في المدينة النبوية.
- والترجمة الفرنسية والألمانية كنت أتوقع أن يشارك أحد الإخوان من أهل المغرب ومن غيرهم، وأنا أعرف منهم الأخ أمين نور شريف، والأخ عمار العراقي وغيرهما من أهل مونستر بألمانيا، الذين يجيدون هاتين اللغتين، وهم من أعضاء ملتقى أهل التفسير!! وربما تكون التي اعتمدها المجمع كذلك وخاصة الفرنسية.
ولكن بقية اللغات ربما لا يحسنها أحد من الأعضاء أو الزوار للملتقى.
وهذه مشكلة كبيرة لا زالت تعاني من الإهمال التام في الأقسام العلمية للقرآن الكريم وعلومه في الكليات الإسلامية بصفة عامة. والسبب في ذلك عدم التنبه لأهمية ابتعاث المتخصصين في الدراسات القرآنية بعد إتقانهم لتخصصهم لدراسة اللغات الأخرى للمشاركة في الترجمات المعتمدة التي يطمئن إليها المسلمون في أنحاء الأرض، سواء كانت هذه الترجمات لتفسير القرآن الكريم، أو لغيره من الكتب والرسائل.
فقل أن تجد متخصصاً في التفسير يتقن لغة أجنبية واحدة لهذا الهدف النبيل وهو خدمة هذا التخصص وتقريبه لأهل لغة من اللغات الحية التي لا يزال المسلمون الذين يتحدثون تلك اللغة يعانون معاناة شديدة في معرفتهم للإسلام كما ينبغي أن يكون.
وأغلب الذين قاموا بالترجمات المتداولة من غير أهل التخصصات الشريعة القوية التي تطمئن معها للترجمات. وبدل أن ينشط المسلمون لحل المشكلة من أصلها، نشطوا في انتقاد الترجمات المنتشرة، والكثير من الانتقادات التي وجهت إلى ترجمات تفسير القرآن الكريم، انتقادات مبنية على ترجمات الآخرين من غير المتخصصين، فلم يكن الباحث بنفسه هو الذي قام بالترجمة.
وأسجل هنا استثناء ما قام به الدكتور نجدة رمضان وفقه الله في كتابه (ترجمة القرآن الكريم وأثرها في معانيه) مع دراسة تحليلية لثماني ترجمات متداولة بست لغات هي الانجليزية والفرنسية والروسية والألمانية والتركية والشركسية. وهو وفقه الله يجيد هذه اللغات وخاصة الألمانية والفرنسية والانجليزية والروسية والشركسية.
وقد أجاد الدكتور نجدة في بحثه هذا إجادة طيبة، لاعتماده في دراساته على لغته هو كباحث.
وإنني لأسطر عجبي أيها الإخوة الكرام من رجل واحد أتقن لغات حية عديدة، وكتب بها العديد من المؤلفات، وترجم منها وإليها العديد من الكتب. وهو شخص واحد هو الدكتور عبدالرحمن بدوي المصري الذي توفي قريباً جداً. له أكثر من 120 كتاباً بلغات مختلفة، ولا أريد أن يخبرني أحد بأنه صاحب مذهب وجودي أو غير ذلك، والذي يهمنا في سيرته هو هذه الهمة العالية. وأقول ألا يوجد بين أهل التفسير من يتصدى لهذا الأمر؟! أرجو ذلك.
ومن مؤلفات الدكتور عبدالرحمن بدوي كتاب بعنوان (دراسات المستشرقين حول صحة الشعر الجاهلي) ترجمها عن الألمانية والانجليزية والفرنسية الدكتور عبدالرحمن بدوي!!
وهناك رجل آخر هو الدكتور حسين مجيب المصري يجيد عشر لغات إجادة طيبة ويكتب بها، ولعلكم تعرفونه!! همم عالية، وإنما نبكي على هزال هممنا والله المستعان.
وهذا باب له صلة بدراسات المستشرقين حول القرآن الكريم وترجماته وترجمات معانيه، وما أكثر اهتمام المستشرقين بتاريخ القرآن وعلومه، بل إنهم ما كتبوا في مثل هذا الموضوع من موضوعات الشرق، ودراسة أعمال هؤلاء لا تغني فيها الترجمة.
وانظر إذا أردت أن تفرق بين من يبحث بناء على الكتب المترجمة، ومن يبحث بناء على قراءاته الخاصة باللغات الأصلية، فانظر إلى ما يكتبه الدكتور عبدالوهاب المسيري وفقه الله، وما يكتبه غيره عن العلمانية والصهيونية وغيرها من الموضوعات التي كتب فيها وفقه الله. تجد مصداق ما أقول.
وفقكم الله جميعاً. وجعلنا الله من أهل القرآن وخدمته.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[25 Oct 2007, 06:18 م]ـ
لفت انتباهي حديث د. عبد الرحمن الشهري هنا عن أهمية الترجمة، وهو ما يلتقي مع خاطرة كتبتها منذ مدة قصيرة على هذا الرابط ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=9858) حول أهمية ترجمة الأعمال المتخصصة في علوم القرآن إلى اللغات الأخرى.
وقد احترت: هل أكتب تعليقي هنا أو هناك:)، فاخترت أن أكتبها هناك كي تجتمع الأفكار في نفس الموضوع. وسأنقل كلام د. عبد الرحمن في الموضع الآخر.(/)
هل استخراج الفوائد من الآيات هو من قبيل التفسير؟
ـ[السلطان]ــــــــ[11 May 2003, 12:15 ص]ـ
يمر كثيراً في كتب التفسير فوائد: هل هذه الفوائد من التفسير وكيف يجمع بين ذلك إن كانت تفسيراً وبين ما يعرف به التفسير أنه البيان.
ـ[مرهف]ــــــــ[11 May 2003, 07:41 ص]ـ
لا تخرج هذه الفوائد عن كونها من التفسير، لأنها تدخل في بيان المراد من كلام الله تعالى بقدر الطاقة البشرية، وتعتبر في هذه الحالة ـ هذه الفوائد ـ ملخصاً لعملية التفسير، وكذلك فإن المقصود من التفسير هو استخراج أحكام القرآن وحكمه وهذه الفوائد لا تخرج عن كونها إما حكماً أو حكمة ينبغي الاسترشاد والاستهداء بها والله أعلم.
ـ[السلطان]ــــــــ[11 May 2003, 05:07 م]ـ
أخي مرهف أشكرك على الجواب ولعله اشتمل على نقطتين:
1 - أن الفوائد تلخيص للتفسير.
2 - تعريف التفسير باستخراج الأحكام والحكم بقدر الطاقة البشرية.
أما النقطة الأولى فلا أوافق عليها لأن التفسير شيء والفوائد شيء آخر ومثال ذلك أنك تفسر قوله تعالى: (والله على كل شيء قدير) ثم تقول مما يستفاد الخوف من الله تعالى فهل هذه الفائدة تسمى تفسيراً.
الثانية: فأظن أن هذا التعريف يحتاج إلى نطر وكثير ممن عرف بهذا التعريف نوقش ولعل أسلم التعاريف للتفسير:" بيان القرآن العظيم "
وعليه فهل هذه الفوائد بيان للقرآن. وهل استخراج الأحكام يعتبر بياناً. أرجو النظر في هذه المسألة. والله يرعاكم
ـ[مرهف]ــــــــ[12 May 2003, 01:47 ص]ـ
بسم الله:
أما قولك أننا نستفيد من الآية الخوف من الله تعالى، وهذه فائدة، إنما كانت فائدة عندما تبين لك من دلالة الآية أن قدرة الله تعالى يدخل فيها العظيم الكبير والصغير الذليل، ولا يعدوا الإنسان عن أن يكون من جملة ما يدخل في قدرة الله تعالى، إذ التنوين في الأية (شيء ٍ) أفاد ذلك ـ فسر أو بين ـ فأنت عبرة عن هذا التفسير بخلاصة هي أني أخاف الله تعالى مستفيداً من هذه الآية والله أعلم
أما عدم ارتضائك لدخول الحكم والحكمة في التعريف فهذا أمر يحتاج منكم لبيان حتى يحسن الاستفادة منه وتحريره فأرجو بيان ذلك، وأما اقتصارك على تعريف التفسير بما ذكرت، فمن المعلوم أن التعاريف يشترط فيها أن تكون جامعة مانعة فهل تعريفك كذلك؟ والله أعلم.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[15 May 2003, 07:16 ص]ـ
للجواب على هذا السؤال نسأل ونقول:
متى تُذكر الفوائد في كتب التفسير؟
في الأعم الأغلب أنها تُذكر بعد التفسير , وخاصة في كتب التفسير المتأخرة. أو على الأقل أثناء التفسير بعد بيان المعنى , وهذا يعني أنها خارجة عن حد التفسير من الناحية العملية , بمعنى أنه لو لم تُذكر هذه الفوائد فإن التفسير قد حصل بالبيان الأول.
وفي تسميتها < فائدة > إشارة إلى أنها زيادة عن الأصل.
ومعرفة حد التفسير مفيد في الإجابة على هذا السؤال , كما أنه مفيد كذلك في التعامل مع كتب التفسير. وبيانه:
التفسير هو: بيان معاني كلام الله عز وجل.
وهذا القدر من التعريف يدل عليه الوضع اللغوي , والواقع الاصطلاحي , أما من حيث الوضع اللغوي فإن التفسير لغة: البيان , على كلا الإشتقاقين (الفسر أو السفر) , وأما من حيث الواقع الاصطلاحي: فإنك لو استعرضت كتب التفسير كلها وأقوال المفسرين من لدن الصحابة رضي الله عنهم وحتى عصرنا هذا؛ لوجدت أنها تشترك في هذا القدر من التعريف وهو بيان المعنى - سواء ببيان اللفظة أو الجملة أو المعنى الإجمالي - , ثم تتفاوت بعد ذلك في ناحيتين:
1 - ظهور الجانب العلمي الأبرز في المفسر على تفسيره , فيصطبغ تفسسيره به , كتمكنه من اللغة نحواً أو بلاغة , أو الفقه , أو غير ذلك.
2 - ظهور أثر الواقع على تفسيره , وتفاعل المفسر مع مظاهر وأحداث عصره وتساؤلاته , فيربط بين واقعه وبين مواضع من الآيات يستدل بها عليه بوجه من الوجوه.
ولو تأملت أكثر لوجدت أن الفوائد في كتب التفسير من هذين الجانبين.
وهذا مثال يوضح المقصود:
قال تعالى: {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين} , لو أردت التفسير لهذه الآية فستقول:
أن رجلاً من المؤمنين جاء من أطراف المدينة مسرعاً إلى قومه , آمرأً لهم باتباع المرسلين , والإيمان بالله تعالى.
هذا الحد من البيان حصل به التفسير , فإذا قلت أن اسم هذا الرجل هو (سمعان) كما ذكره بعض المفسرين , فقد ذكرت فائدة خارجةً عن حد التفسير , ولا أثر لها في معنى الآية , بمعنى أنك لو لم تذكرها لما تأثر فهمك للآية في الأصل , والجهل بها لا يضر , ولو اقتصرت على ذكرها دون البيان الأول لمعنى الآية لما فسرت الآية , وهي تُذكر هنا لعلاقتها بالقرآن الكريم , وهذا يسمى علم المبهمات , وكذلك غيره من علوم القرآن التي تُذكر في كتب التفسير لعلاقتها بالقرآن الكريم , لا على أنها تفسيراً له , وإن كانت تتفاوت فوائدها في التفسير من علم إلى آخر.
هذا ما تيسر ذكره على عجل , والله الموفق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مرهف]ــــــــ[18 May 2003, 01:34 ص]ـ
أخي الكريم أبا البيان حفظك الله الجواب باختصار:
ـ هل التعريف الذي تذكره هو التعريف المعتمد عند أهل الاختصاص بالتفسير؟
ـ إذا كان التتفسير هو البيان، والبيان ضد المبهم، وهذا الرجل الذي جاء يسعى مبهم فذكر اسمه بيان له فذخل في التفسير ولم يدخل في الفوائد، وقد اصطلح عليه العلماء بالمبهمات في التفسير وحبذا لو اطلعتم على كتاب غرر التبيان من لم يسم في القرآن لابن جماعة تحقيق عبد الجواد خلف طبع دار قتيبة، ثم إن إفراد المفسرين لهذه الفوائد تحت عنوان لوحدها لا لكونها ليست من التفسير بل لأنها خلاصة التفسير، كما نفر نحن اليوم ما يستنبط من ظاهر الحديث الذي ندرسه عنواناً اسمه (فقه الحديث) وهو من شرح الحديث وكذلك فوائد التفسير هي من التفسير والله أعلم
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[18 May 2003, 11:45 م]ـ
الأخ الفاضل مرهف - حفظه الله -:
- ذكرتُ في التعليق السابق أن هذا التعريف هو المعتمد من حيث الوضع اللغوي ومن حيث التطبيق العملي عند المفسرين , وقد صرح به من المتأخرين الشيخ الفاضل / مساعد الطيار - حفظه الله - , في أحد كتبه , وذكر فيه من سبقه إليه من المفسرين فارجع إليه غير مأمور إذ أن فيه أمثلة تطبيقية واضحة تقرب المراد أكثر , واسم الكتاب " مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر " دار ابن الجوزي.
- قلت بارك الله فيك (إذا كان التفسير هو البيان، والبيان ضد المبهم) , و بنيت على هذه المقدمة أن المبهمات من التفسير لأنها بيان عن اسم الرجل , وأنا ذكرت تعريف التفسير على أنه: بيان معاني كلام الله عز وجل , وليس بيان الأسماء المبهمة الواردة في القرآن الكريم , الذي هو علم المبهمات كما تفضلت , وتشابه التعريفين في كلمة أو كلمات لا يعني في الحقيقة أنهما شيء واحد.
- ثم كلمة فائدة في نفسها تنطق بأنها زائدة , ولا شك أننا تفرق بين (معنى الحديث أو تفسير الحديث) و بين (فقه الحديث) , وعليه فلا وجه للاعتراض , خاصة وأنك ذكرت أن فقه الحديث مما يُستنبط من الحديث , وهذا تماماً ما أقوله هنا أن الفوائد مما يُستنبط من الآية لا أنها هي تفسير الآية , فالإستنباط مرحلة بعد التفسير. والله أعلم.
ـ[مرهف]ــــــــ[19 May 2003, 06:15 ص]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
أخي الحبيب أبا البيان:
لا بد من تحرير موضع النزاع، وإني أجدمحل النزاع في تعريف التفسير وما المراد بالفائدة، إذ الخلاق هل الفوائد المستنبطة من الآيات القرآنية تدخل في التفسير؟
وعندما نقول (في التفسير) فالمراد من حيث مصطلحه عند المفسرين الذين هم أهل هذا الفن لا عند أهل اللغة، إذ المعلوم أن المصطلحات إما أن تكون لغوية أو عرفية، والمصطلحات العرفية إما أن تكون عامة أو تكون خاصة، وتعريف التفسير هو من المصطلحات الخاصة، وهذا المصطلح الخاص له مدخل من اللغة، بل يعتمد على اللغة من حيث المبدأ، ثم من شروط التعريف أن يكون جامعاً مانعاً بالحد لا بالرسم، و تعريف التفسير ببيان كلام الله تعالى فقط لا يكفي ولا أعلم أحداً من المتقدمين قال به ـ من حيث الاصطلاح ـ حتى نقلتم ـ جزاكم الله خيراً أن د. مساعد حفظه الله اعتمده، وإذا أردنا أن نطبق المثال الذي أوردته على التعريف هذا فإن (رجل) في الآية من كلام الله تعالى وبيان اسمه دخل في مسمى التفسير عموماً، اللهم إلا أن تقصد نوعاً خاصاً من التفسير وهو ما كان له معنى، فينبغي أن تضاف هذه إلى تعريف التفسير على أنها حد، وكذلك الفوائد تدخل في مسمى البيان بشكل عام إذ هي بيان القواعد التي يسترشد بها الإنسان من الآيات القرآنية.
ثم إن ذكرك للفوائد على أنها الزيادة، فهذا معنى من معان الفائدة، قال في القاموس (مادة: فيد): والفائدة ما استفدت من علم أو مال.
وقال في المصباح المنير: الفائدة: الزيادة تحصل للإنسان، ... وأفدته مالاً أعطيته، وأفدت منه: أخذت. (المصباح المنير 2/ 665)
وفي النهاية لابن الأثير عند شرحه لحديث ابن عباس رضي الله عنه: (يزكيه يوم يستفيده) قال: أي يوم يملكه. النهاية في غريب الحديث 3/ 484.
وعليه فالمراد بالفائدة هنا ليس الزيادة وإنما التحصيل، فتقول: نستفيد من الآية كذا، أي نحصل من الآية، وهذا التحصيل إنما تأتى من بيان معاني كلام الله تعالى.
صحيح أن هناك فارقاً بين معنى الحديث وفقه الحديث وما يستنبط ويسترشد من الحديث .. ولكن كل هذه المصطلحات حصلت من خلال بيان وشرح الحديث، وكذلك في التفسير نضع العناوين المختلفة في كتب التفسير بشكل منهجي فنقول: شرح المفردات، ثم معنى الآية، ثم ما يستفاد من الآية .. وهكذا وأنت لو أردت أن تأخذ كتاباً في التفسير وحاولت فرز المعلومات التي فيها تحت عناوين ستخرج بهذه العناوين والله أعلم
وأخيراً أخي أبا البيان عملاً بالسنة الشريقة فإني أحببتك في الله مع أني لا أعرفك ولكنها الأرواح المجندة أسأل الله تعالى التوفيق لك ولي وللمسلمين.وأنا بانتظار الاستفادة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السلطان]ــــــــ[20 May 2003, 12:24 ص]ـ
الإخوة الأكارم الذين أفادوا في هذا الموضوع لعل أنقل لكم كلاماً جميلاً للإمام ابن القيم يبين الفرق بين
التفسير وبين ما يستخرج من الفوائد:
قال ابن القيم رحمه الله:
(ومعلوم أن الاستنباط إنما هو استنباط المعاني والعلل ونسبة بعضها إلى بعض، فيَعْتَبِرْ ما يصح منها بصحة مثله ومشبهه ونظيره، ويلغي ما لا يصلح، هذا الذي يعقله الناس من الاستنباط، قال الجوهري: الاستنباط كالاستخراج، ومعلوم أن ذلك قدر زائد على مجرد فهم اللفظ، فإن ذلك ليس طريقة الاستنباط، إذ موضوعات الألفاظ لا تنال بالاستنباط، وإنما تنال به العلل والمعاني والأشباه والنظائر ومقاصد المتكلم، والله سبحانه ذم من سمع ظاهراً مجرداً فأذاعه وأفشاه، وحمد من استنبط من أولي العلم حقيقته ومعناه)
إعلام الموقعين: 1/ 172.
ـ[مرهف]ــــــــ[20 May 2003, 06:14 م]ـ
بسم الله:
أخي السلطان لعلك أنزلت كلام ابن القيم في غير محله إذ أن كلامه يجري على استنباط الأحكام والعلل، ولا يجري على التمييز بين التفسير والتأويل وإلا فليتك بينت كلامه في التفريق بين التفسير والفوائد من خلال شرحك له.جزاك الله خيراً
ـ[السلطان]ــــــــ[21 May 2003, 05:03 م]ـ
الإخوة الكرام:
نحن بحاجة إلى تحرير محل النزاع في المسألة وأرى أنه كالتالي:
1 - نحن لا نتكلم في الفرق بين التفسير والتأويل وإنما نتحدث عن الفرق بين التفسير وبين استخراج الفوائد من النصوص القرآنية. وعليه فينبغي أن يعلم أن قول الأخ الفاضل مرهف في الرد الأخير: (ولا يجري على التمييز بين التفسير والتأويل) ليس في موضوعنا. وموضوع الفرق بين التفسير والتأويل طويل ومبحوث في كتب التفسير وعلوم القرآن.
2 - الآية قد تدل على الفوائد دلالة ظاهرة كدلالة قوله تعالى: (وآتوا الزكاة) على وجوب الزاكاة. فهذه ينبغي ألا يكون فيها نزاع في أن استفادة وجوب الزكاة هنا من عمل المفسر.
3 - وقد تدل الآية على الحكم أو الفائدة دلالة خفية كدلالة قوله تعالى: (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) على صحة صوم من أصبح مجنباً. فهذه هي محل النزاع.
والذي يظهر أن التفسير تام قبل ذكر هذه الفائدة.
أرجو أن يكون في هذه الحروف مزيد اقتراب من الحق والله تعالى أعلم.
ـ[مرهف]ــــــــ[22 May 2003, 04:20 ص]ـ
بسم الله:
أخي الكريم السلطان أيدك الله فإني أعتذر إليك عن سبق يدي في الكتابة إذ المراد الفرق بين التفسير والفوائد ولكن سبقت يدي وانصرفت إلى ما في ذهني وكتبت (التأويل).
ولكن ألم تقل أنت من خلال الفقرة الثانية بجعل الفائد من التفسير.بقولك: (الآية قد تدل على الفوائد دلالة ظاهرة).ولي سؤال استيضاح ما مرادك بقولك: (والذي يظهر أن التفسير تام قبل ذكر هذه الفائدة) ز وجزاك الله خيراً.
ـ[عبدالله محمد العربي]ــــــــ[22 May 2003, 09:26 ص]ـ
المواضيع المطروحو هنا جميلة ’ وأشكرهم عليها ولكني أتمنى من الإخوة بيان معنى قوله تعالى: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به) لأن العقلانيين والعصرانيين يستدلون بها على أن اليهود والنصارى مسلمون مثلنا ولا فرق بيننا وبينهم إلا بكثرة الأعمال الصالحة أو قلتها)
ـ[مرهف]ــــــــ[24 May 2003, 03:12 ص]ـ
بسم الله:
أخي الكريم حبذا لو طرحت موضوعك في مشاركة مفردة وبينت تفسير الآية بحسب مراجعتك ثم يقو الأعضاء بالتعليق والإضافة حتى ينشط العمل العلمي فما رأيك؟
ـ[السلطان]ــــــــ[02 Jun 2003, 02:12 م]ـ
أخي الفاضل مرهف ... حفظه الله ...
ما قلته: (الآية قد تدل على الفوائد دلالة ظاهرة)
المقصود من هذا الكلام أن الآية قد تدل على الحكم أو الفائدة إن صحت التسمية بدلالة ظاهرة فهنا هذا الحكم لا يسمى استنباطاً وإن كان حكماً أو فائدة من الآية،
وكلامنا في البداية حول ما يستنبط من الآيات وليس كل ما تدل عليه الآية.
فبعض ما تدل عليه الآية داخل في التفسير قطعاً.
لكن السؤال والبحث فيما يستنبط من الآية وهو الدلالات الخفية للآية والإشارات التربوية وغيرها.
هل يُعتبر ذلك تفسير.
ولك مني جزيل الشكر على هذه المناقشة الجميلة(/)
سؤال عن تفسير يعنى بذكر المعنى الإجمالي للآيات مع ربط مقاطع السورة ببعضها؟
ـ[زيد العنزي]ــــــــ[11 May 2003, 04:46 م]ـ
السلام عليكم ايها الأحبة
وجزى الله القائمين على هذا الملتقى خير الجزاء.
سؤالي بارك الله فيكم
هل من الممكن ان تدلوني على تفسير يعنى بالكلام عن المعنى الاجمالي للسورة وكذلك الكلام على المقاطع بصورة اجمالية مع ربط الآيات بعضها ببعض وذلك كي يعينني على حفظ كتاب الله وربط الآيات بعضها ببعض وأشكر لكم تعاونكم .......
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[12 May 2003, 12:22 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد
فأنصحك بأحد كتابين
1 - تفسير الشيخ السعدي رحمه الله تعالى،
2 - أيسر التفاسير للشيخ أبي بكر الجزائري
فهما مكتوبان بأسلوب سهل، مع ذكر معاني المقاطع على الوجه الذي تريد
وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لحفظ كتاب الله وفهمه وتدبره والعمل به والدعوة إليه والصبر على الأذى فيه
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[12 May 2003, 04:51 ص]ـ
اخي اسال الله ان يعينك على حفظ كتابه
وأما بخصوص طلبك فإني مؤيد ما كتبه الأخ عبد الله بن بلقاسم خاصة تفسير الشيخ السعدي فإنه لا يعلم قيمة هذا التفسير الا من اطال النظر فيه وقارنه بغيره كما أحب ان انصحك بكتاب مختصر تصحبه معك دائما اذ هو مطبوع على هامش المصحف على قطع صغير الا وهو:
التفسير الميسر فعليك به وستعلم قيمة ذلك حين تنظر فيه ما تريد ان تحفظه
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 May 2003, 04:36 م]ـ
بسم الله
ما ذكره الإخوة الكرام أعلاه يعتبر المرحلة الأولى لما سأل عنه السائل، وهو يصلح لمن كان يقصد معرفة التفسير إجمالاً من غير خوض في التفصيلات، ولا غوص في أعماق المطولات.
أما من علت همته، وسمت تطلعاته، وأراد التوسع فيما سأل عنه السائل = فإني أنصحه بالكتب التالية:
- في ظلال القرآن لسيد قطب رحمه الله، وهو يهتم كثيراً بما يسمى بالوحدة الموضوعية للسورة، ويحرص بعناية على ربط مقاطع السورة بعضها ببعض.
- كتاب الأساس في التفسير لسعيد حوى، فله اهتمام بجانب الربط والمناسبات.
مع الحرص على معرفة ما في هذين التفسيرين من مخالفات وأخطاء في العقيدة وغيرها من المسائل، مع التنبيه على أن الأول له أهمية خاصة في ربط الآيات بالواقع، ومعالجة قضايا الأمة من خلال وقفاته العجيبة مع كثير من الآيات.(/)
نظرات .. في موقف المعاصرين من الإسرائيليات (1)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[14 May 2003, 12:37 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الاسرائيليات وموقف المعاصرين منها
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ....
ففي هذا الموضوع سوف أناقش موقف المعاصرين من الإسرائيليات من حيث قبولها أو رفضها وإيرادها في كتب التفسير المعاصرة ومنهج مؤلفيها حيالها، وقد سرت في ذلك على طريقة قد توصل لمعرفة شيء من منهج المعاصرين تجاه الروايات الإسرائيلية، وهذه الطريقة تتلخص في ما يلي:
1. عرضت لأكثر من عشرين مؤلفاً في التفسير إضافة لآراء بعض الكتاب في علوم القرآن سواء من ألف كتاباً مستقلاً في علوم القرآن أو في مبحث الإسرائيليات على وجه الخصوص أو كان مقالة في مجلة.
2. أما لمن كتب في التفسير فإني قرأت ما يفيد البحث في مقدمته فإن رأيت أنه التزم بمنهج معين قمت بمقارنة سريعة بين ذلك المنهج وعدد من مضان الإسرائيليات في كتابه ثم خرجت بنتيجة مدى انطباق ذلك المنهج على كتابه. وإن لم يشر تتبعت بعض المواطن التي يذكر المفسرون فيها الإسرائيليات وأثبت ما رأيته من صنع المؤلف.
3. وأما من كتب في غير التفسير فقد لخصت رأيه في ذلك من خلال ما قرأت في كتابه.
4. قدمت بمقدمة يسيرة لمعنى الإسرائيليات.
5. عرضت في آخر البحث لما يجب على المفسر تجاه الإسرائيليات من خلال بعض أقوال المعاصرين.
(ملحوظة: لم أرتب العلماء بحسب الوفيات)
وحقيقة لم أر أن هذا البحث يستحق النشر في مثل هذا المنتدى المتميز، إلا أن الرغبة في الاستفادة من نقاش المتخصصين من أهل الفضل والعلم دعاني لذلك أسأل الله تعالى التوفيق والسداد ..
معنى الإسرائيليات
الإسرائيليات جمع مفرده اسرائيلية: وهي القصة أو الحادثة التي تروى عن مصدر إسرائيلي والنسبة فيها إلى إسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام. وهي تشمل ما يروى عن اليهود والنصارى. ووينبغي الإشارة إلى ضرورة تحقيق معنى الاسرئيليات وهل المراد بها الراويات المنقولة عن مصادرهم أو الروايات التي تتحدث عنهم وعلى الثاني تدخل الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصص بني إسرائيل في معنى الاسرائيليات.
سبب تسميتها بذلك وإن كان هذا الاسم يدل بظاهره على اللون اليهودي:
1. إما نظراً إلى الأصل لأن أصل النصارى راجع إلى بني إسرائيل1.
2. وإما للتغليب فإن أكثر الأخبار منقول عن اليهود وإما لأمر آخر.
وقال الدكتور محمد الشويعر: "إن نسبة غالبية الأنبياء لإسرائيل هذا جعل الروايات التي تحكي الأخبار القديمة تنسب إليهم بالتقاء الأجداد"
موقف عموم المفسرين منها:
يظهر أن عموم المفسرين من المعاصرين قد ذموا دخول الإسرائيليات في كتب التفسير، قال الدكتور رمزي نعناعة: "لم يطمئن كثير من المسلمين منذ عصور مبكرة إلى التفسير المروي في جملته فتناولوه بالنقد إجمالا وتفصيلاً ... وبالجملة فكتب التفسير من عهد ابن جرير إلى اليوم لا يكاد يخلو تفسير منها من إسرائيليات إلا أنها متفاوتة قلة وكثرة. نعم هناك مفسرون وقفوا من هذه الروايات موقف الناقد المنكر وبخاصة المتأخرين منهم الذين تسنى لهم الإطلاع على أسفار أهل الكتاب بعد أن ترجمت وعرفوا ما فيها من تهافت وتحريف وتغيير إلا أن هذا لم يكن شاملاً وإن الناقدين أنفسهم رووا كثيراً منها في مناسبات كثيرة. وفي اعتقادي أن سبب الإكثار والإقلال من رواية هذه الإسرائيليات في كتب التفسير يرجع إلى رأي المفسر في حكم روايتها وإلى بيئته وثقافته.
وهذا الذي ذكره الدكتور هو ما لاحظته خلال بحثي في هذه الكتب المعاصرة حيث أن عدداً من المفسرين الذين اطلعت عليهم ينكرون إدخال تلك الروايات في التفسير ثم هم مع ذلك يقعون في إثباتها بين مقل ومكثر.
موقف المفسرين المعاصرين من الإسرائيليات
موقف الإمام الشوكاني رحمه الله (ت: 1250هـ) من الإسرائيليات:
(يُتْبَعُ)
(/)
1. من ناحية وجودها في تفسيره: فتفسير الشوكاني يمتاز عن غيره بقلة الإسرائيليات بل لا تكاد توجد فيه إلا للرد عليها. قال الدكتور محمد حسن الغماري في مقارنة بين ابن كثير والشوكاني قال: "بخلاف الإمام الشوكاني فلم يجز كلامهم ولا قصصهم في تفسير كلام الله تعالى وبهذا يظهر واضحاً أن الشوكاني أشد في باب الإسرائيليات من الحافظ ابن كثير مع أن ابن كثير من خير مفسري السلف من حيث انتقائه والله أعلم".
2. من جهة نقده لها: والشوكاني رحمه الله أشد المفسرين انتقاداً للإسرائيليات فهو لم يدع فرصة تمر دون أن يوجه نقده اللاذع إليها وإليك نماذج من ذلك:
أ. قال في قصة هاروت وماروت في سورة البقرة (102): "وحاصلها راجع في تفاصيلها إلى أخبار بني إسرائيل إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط ولا إطناب فيها فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده الله تعالى والله أعلم بحقيقة الحال".
ب. قال في أقوال بعض العلماء في تفسير السكينة الواردة في قوله تعالى: {إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم} (البقرة 248).
قال: "أقول هذه التفاسير المتناقضة لعلها وصلت إلى هؤلاء الأعلام من جهة اليهود أقماهم الله فجاءوا بهذه الأمور لقصد التلاعب بالمسلمين رضي الله عنهم والتشكيك عليهم وانظر إلى جعلهم لها تارة حيواناً وتارةً جماداً وتارة شيئاً لا يعقل وهكذا كل منقول عن بني إسرائيل يتناقض ويشتمل على ما لا يعقل في الغالب ولا يصح أن يكون مثل هذه التفاسير المتناقضة مروية عن النبي ? ولا رأياً رآه قائله فهم أجل قدراً من التفسير بالرأي وبما لا مجال للاجتهاد فيه ".
ج. قال في التعليق على قول سعيد بن جبير "كانوا يقولون الألواح من ياقوتة، وأنا أقول إنما كانت من زمرد وكتابها الذهب كتبها الله بيده فسمع أهل السماوات صريف الأقلام " قال: (وأنا أقو ل رحم الله سعيداً ما كان أغناه عن هذا الذي قاله من جهة نفسه فمثله لا يقال بالرأي ولا بالحدس والذي يغلب على الظن أن كثيراً من السلف رحمهم الله كانوا يسألون اليهود عن هذه الأمور فلهذا اختلفت واضطربت أقوالهم فهذا يقول من خشب وهذا يقول من برد وهذا يقول من حجر ونحن نؤمن بذلك كما جاء في القرآن ولا نتكلف شيئاً لم يرد الدليل به والله أعلم).
د. قال الشوكاني: (روى ابن أبي حاتم عن الحسن قال: كان اسم هدهد سليمان غبر وأقول: من أين جاء علم هذا للحسن رحمه الله ... وهو رحمه الله أورع الناس عن نقل الكذب ونحن نعلم أنه لم يصح عن الرسول ? من ذلك شيء ونعلم أنه ليس للحسن إسناد متصل بسليمان أو بأحد من أصحابه فهذا العلم مأخوذ من أهل الكتاب وقد أمرنا أن لا نصدقهم ولا نكذبهم).
وبهذا نعلم أنه رحمه الله يقف من الإسرائيليات موقف الناقد الحصيف العارف ويضع الأمور في مواضعها ويوقعها في مواقعها.
ويتلخص لنا موقف الشوكاني رحمه الله في ما يلي:
1) أنه أورد عدد من الإسرائيليات في كتابه لكنه يمتاز بقلتها.
2) أنه ينقد هذه الروايات ولا يسكت عنها.
3) أنه يرى أن رواية الإسرائيليات سبب للاضطراب في التفسير والتناقض.
4) أن ما نقل في التفسير من قصص السابقين الغريبة إنما هو مأخوذ عن بني إسرائيل وليس منقولاً عن النبي ? ولا هي من كلام السلف.
5) أنه يرى عدم الترخص برواية الإسرائيليات في التفسير يقول رحمه الله: "فإن ترخص مترخص بالرواية عنهم لمثل ما روي (حدثوا عن بين إسرائيل ولا حرج) فليس ذلك فيما يتعلق في تفسير كتاب الله سبحانه بلا شك بل فيما ذكر عنهم من القصص الواقعة لهم" وقد وافقه على ذلك أحمد شاكر والسعدي والألوسي كما سيأتي.
6) أن المنقول عنهم متناقض ويشتمل على مالا يعقل في الغالب.
7) أن مقصود بعض من أورد هذه المتناقضات هو التشكيك على المسلمين والتلاعب بهم.
8) يرى أن تفصيل تلك القصص ومعرفة فصولها من التكلف والفضول.
موقف الألوسي رحمه الله (1217هـ - ت: 1270 هـ) من الإسرائيليات في كتابه (روح المعاني):
(يُتْبَعُ)
(/)
تفسير الألوسي من أجل التفاسير وأوسعها وأجمعها. ومن ميزات هذا التفسير، أن صاحبه يمحص فيه الروايات ويدقق فيه الأخبار، فيرفض الإسرائيليات رفضاً باتاً. يقول الشيخ قاسم القيسي مفتي بغداد (ت:1955م) في كتابه تاريخ التفسير ما نصه: "وأما تفسير العلامة الألوسي المسمى بروح المعاني فليس له في الحجج والتحقيق ثاني اشتمل على تسع مجلدات ضخام، حوت من الدقائق والحقائق ما لا يسع شرحه كلام، وهو خال من الأباطيل والاسرائيليات والروايات الواهية والخلافات وجامع للمعقول والمنقول".
ويظهر موقفه رحمه الله منها من خلال ما يلي:
1) يسمي الألوسي أصحاب الإسرائيليات بـ (أرباب الأخبار) أو (أهل الأخبار) ولا يثق بهؤلاء الإخباريين،ويرفض قبول رواياتهم، ويتمنى لو لم ترد في كتب الإسلاميين، حيث يقول في معرض تفنيده لقصة من هذه القصص التي أوردها: "ويا ليت كتب الإسلام لم تشتمل على هذه الخرافات التي لا يصدقها العاقل لأنها أضغاث أحلام".
و يقول رحمه الله: "وقد ذكر أهل الأخبار في ماهية البيت وقدمه وحدوثه ومن أي شيء كان باباه وكم مرة حج آدم ومن أي شيء بناه إبراهيم ومن ساعده على بنائه ومن أين جاء بالحجر الأسود" ثم يعقب فيقول: "أشياء لم يتضمنها القرآن العظيم ولا الحديث الصحيح وبعضها يناقض بعضاً وذلك على عادتهم في نقل ما دب ودرج".
2) يلاحظ أن الألوسي شديد النقد للإسرائيليات التي حشا بها كثير من المفسرين تفاسيرهم مع سخرية منه أحياناً: يقول الشيخ محمد أبو شهبه: (ولم أر أحداً من المفسرين بعد العلامة الحافظ ابن كثير في تفسيره حارب الإسرائيليات والموضوعات مثل ما فعل الإمام الألوسي في تفسيره) أ. هـ.
يقول في قوله تعالى: {وخر موسى صعقاً} (الأعراف 142) قال: "ونقل بعض القصاصين أن الملائكة كانت تمر عليه أي على موسى عليه السلام حينئذ فيلكزونه بأرجلهم ... الخ" ثم يقول: "وهو كلام ساقط لا يعول عليه بوجه من الوجوه فإن الملائكة عليهم السلام مما يجب تبرئتهم من إهانة الكليم بالرجل والفحش في الخطاب".
ويقول في قصة عوج بن عنق التي رواها البغوي بعد أن قصها: "وليس العجب من جرأة من وضع هذا الحديث وكذبه على الله تعالى إنما العجب ممن يدخل هذا الحديث في كتب العلم من التفسير وغيره ولا يبين أمره" ثم قال: "ولا ريب أن هذا وأمثاله من صنع زنادقة أهل الكتاب الذين قصدوا الاستهزاء والسخرية بالرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم".
ويقول في التعليق على الأخبار في وصف سفينة نوح عليه السلام: "وسفينة الأخبار في تحقيق الحال فيما أرى لا تصلح للركوب فيها إذ هي غير سالمة من عيب فالحري بحال من يميل إلى الفضول أن يؤمن بأنه عليه السلام صنع الفلك حسبما قص الله تعالى في كتابه ولا نخوض في مقدار طولها وعرضها وارتفاعها ومن أي خشب صنعها وبكم مدة أتم عملها إلى غير ذلك مما لم يشرحه الكتاب ولم تبينه السنة الصحيحة".
ويعلق على من وصف التابوت بعد أن قال: "فقال أرباب الأخبار" ثم نقل أقوالاً فيه وأنه صندوق تناقله الكرماء ... ثم قال: "ولم أر حديثاً صحيحاً مرفوعاً يعول عليه يفتح قفل هذا الصندوق ولا فكراً كذلك".
وأشد ما ينتقده هو ما يمس الأنبياء وعصمتهم كما في سورة (ص) آية: (21 - 24)
3) أن الألوسي رحمه الله ربما أنكر ظاهر بعض القصص الإسرائيلية ثم يفسرها تفسيراً شارياً بعيداً كل البعد عن الحق وروح الإسلام: نقل في قصة هاروت وماروت قصة إسرائيلية أن امرأة اسمها زهرة تعلمت منهما السحر فصعدت إلى السماء فمسخت هذا النجم فأرادا العروج لها فلم يستطيعا، ثم قال: "يراد من الملكين العقل العملي والعقل النظري اللذان هما من عالم القدس، ومن المرأة المسماة بالزهرة النفس الناطقة " هذا على الرغم من إنكاره لبعض العلماء لأخذهم بظاهر القصة إلا أنه اعتبرها من الرموز والإشارات. قال الدكتور رمزي نعناعة: "ولا أدري سامحه الله كيف أعطى هذه القصة مدلولاً رمزياً وهي خرافية وهو نفسه أنكرها ظاهراً عجباً للألوسي إذا كانت القصة موجودة فكيف ينكر ظاهرها وإن لم تكن موجودة فكيف أعطاها ذلك المدلول والحق أن نزعة التصوف من الألوسي أوقعته في مثل هذه الشطحة البعيدة"
(يُتْبَعُ)
(/)
4) أن الألوسي رحمه الله مع رفضه الشديد للإسرائيليات إلا أنه يفوته أحياناً بعضها وينساق في تيارها كما في قوله {وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء} أورد الاختلاف في عدد الألواح وفي جوهرها ومقدارها وكاتبها ثم قال: "والمختار عندي أنها من خشب". وكما روى في عصا موسى وصفتها وكما في عدد بني إسرائيل أثناء التيه، وإيراده لها دون التعقيب يؤكد عدم خلو عدد كبير من كتب التفسير ـ بل حتى من المتشددين في ذكرها ـ من الإسرائيليات. وقد يعتذر أحياناً بأنه قصد من وراء روايته لها إشباع شهوة المولعين بالأخبار كما في قوله: {وإذا وقع القول عليهم} ذكروا روايات كثيرة من صفة الدابة ثم قال: "وإنما نقلت بعض ذلك دفعاً لشهوة من يحب الاطلاع على شيء من أخبارها صدقاً كان أو كذباً". وانظر أيضاً في إثباته لها تفسير (سورة يوسف: 80) وسورة النمل (22) وسورة لقمان (12).
ويمكن تلخيص منهجه من النقاط التالية:
1) انه من أشد المفسرين انتقاداً لها.
2) قلة روايته للإسرائيليات.
3) يرد بعض الإسرائيليات لمخالفتها العقل أو المعلوم من الشرع أو لما تمس من عصمة الأنبياء أو لضعف السند والوضع.
4) قد يفسر بعض الإسرائيليات بالإشارات والرموز.
5) أنه فاته بعض الإسرائيليات فأوردها ولم يعقب عليها ولعل السبب هو إشباع رغبة القارئ الشغوف بها.
6) أن من الإسرائيليات ما وضعه الزنادقة من أهل الكتاب للاستهزاء والسخرية بالرسل واتباعهم.
7) يرى أن الالتفات لها فضول.
موقف الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله (ت 1376 هـ) من الإسرائيليات من خلال كتابه (تيسير الكريم الرحمن):
لم يذكر الشيخ رحمه الله في مقدمته ما يدل على طريقته ونهجه في ذكر الإسرائيليات وموقفها منها، إلا أنه أشار إلى ذلك في ثنايا الكتاب ويمكن تلخيص منهجه من خلال ما يلي:
1) أن الشيخ رحمه الله من المقلين جداً في ذكر الإسرائيليات بل لا تكاد توجد فيه إلا نادراً: قال الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل وهو أحد طلبة الشيخ وسمع منه بعض التفسير: (فهو يعتني بإيضاح المعنى المقصود من الآية بكلام مختصر مفيد، مستوعب لجميع ما تضمنته الآية من معنى أو حكم ... دون إطالة أو استطراد أو ذكر قصص أو إسرائيليات).
وقال الدكتور عبد الرحمن اللويحق: (فكان كتابه فتحاً في هذا العلم إذ أوقف القارئ على المراد وأعانه على تدبر المنزل دون أن يقف به على المشغلات الصارفات عن ذلك كالبحوث اللغوية الصرفة والاسرائيليات ونحوها).
2) يرى الشيخ رحمه الله أنه لا يجوز جعل الإسرائيليات تفسيراً لكتاب الله تعالى:
قال بعد تفسير الآية (74) من سورة البقرة: (واعلم أن كثيراً من المفسرين رحمهم الله قد أكثروا في حشوا تفاسيرهم من قصص بني إسرائيل ونزلوا عليها الآيات القرآنية وجعلوها تفسيراً لكتاب الله، محتجين بقوله ?: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)، والذي أرى أنه وإن جاز نقل أحاديثهم على وجه تكون مفردة غير مقرونة ولا منزلة على كتاب الله، فإنه لا يجوز جعلها تفسيراً لكتاب الله قطعاً إذا لم تصح عن رسول الله ? ذلك أن مرتبتها كما قال ?: (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم)، فإذا كان مرتبتها أن تكون مشكوكاً فيها، وكان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن القرآن يجب الإيمان به، والقطع بألفاظه ومعانيه فلا يجوز أن تجعل تلك القصص المنقولة بالروايات المجهولة التي يغلب على الظن كذبها أو كذب أكثرها معاني لكتاب الله مقطوعاً بها ولا يستريب بهذا أحد لكن بسبب الغفلة عن هذا حصل ما حصل والله الموفق).
3) يرى رحمه الله أن من أوجه رد الإسرائيليات مخالفتها اللفظ العربي أو للمعنى أو لهما أو للعقل:
قال رحمه الله في تفسيره للآية (20) من سورة النمل: (ولم يصنع شيئاً من قال أنه تفقد الطير لينظر أين الهدد منها ليدله على بعد الماء وقربه .. فإن هذا القول لا يدل عليه دليل بل الدليل العقلي واللفظي دال على بطلانه) ثم ذكر الدليلين ثم قال:
(يُتْبَعُ)
(/)
(وهذه التفاسير التي توجد وتشتهر بها أقوال لا يعرف غيرها تنقل هذه الأقوال عن بني إسرائيل مجردة ويغفل الناقل عن مناقضتها للمعاني الصحيحة وتطبيقها على الأقوال ثم لا تزال تتناقل، وينقلها المتأخر مسلماً للمتقدم حتى يظن أنها الحق فيقع من الأقوال الردية في التفاسير ما يقع، واللبيب الفطن، يعرف أن هذا القرآن الكريم، العربي المبين، الذي خاطب الله به الخلق كلهم، عالمهم وجاهلهم، وأمرهم بالتفكر في معانيه، وتطبيقها على ألفاظه العربية المعروفة المعاني التي لا تجهلها العرب العرباء، وإذا وجد أقوالاً منقولة عن غير رسول الله ?، ردها إلى هذا الأصل، فإن وافقته قبلها، وإن خالفته لفظاً ومعنى أو لفظاً أو معنى، ردها وجزم ببطلانها، لأن عنده أصلاً معلوماً مناقضاً لها وهو ما يعرفه من معنى الكلام ودلالته) أ. هـ.
4) أنه مع تحرز الشيخ من ذكر الإسرائيليات إلا أنه أثبتها في مواطن نادرة في كتابه:
قال الشيخ في تفسير قوله تعالى: {وألقينا على كرسيه جسداً}: (أي شيطاناً قضى الله وقدر أن يجلس على كرسي ملكه، ويتصرف في الملك في مدة فتنة سليمان).
وقال في قوله تعالى {وخذ بيدك ضغثاً} أي حزمة شماريخ: (فاضرب به ولا تحنث) قال المفسرون: وكان في مرضه وضره قد غضب على زوجته في بعض الأمور فحلف لأن شفاه الله أن يضربها مائة جلدة فلما شفاه الله وكانت امرأة صالحة محسنة إليه رحمها الله ورحمه فأفتاه أن يضربها بضغث فيه مائة شمراخ فيبر في يمينه) أ. هـ.
موقف الشيخ الأمين رحمه الله تعالى (ت: 1393 هـ) من الاسرائيليات كما في كتابه (أضواء البيان):
لم يبين الشيخ رحمه الله منهجه في مقدمته في ذكر الاسرائيليات في التفسير حتى قال الدكتور محمود النقراشي في كتابه مناهج المفسرين عن أضواء البيان: (أنه أضرب صفحاً عما ينسب إلى النقل عن أهل الكتاب ولم يوضح لنا شيئاً فيه).
إلا أن الشيخ الأمين رحمه الله قد بين موقفه منها أثناء تفسيره لبعض الآيات ويتلخص ذلك فيما يلي:
1) الإعراض عن ذكر الإسرائيليات مما لا فائدة في البحث عنه ولا دليل على التحقيق فيه ولعله هو غالب الإسرائيليات: قال رحمه الله في تفسير سورة الكهف عند قوله تعالى: {وكلبهم باسط ذراعيه}: (ففي القرآن العظيم أشياء كثيرة لم يبينها الله لنا ولا رسوله ? ولم يثبت في بيانها شيء والبحث عنها لا طائل تحته ولا فائدة فيه، وكثير من المفسرون يطنبون في ذكر الأقوال فيها بدون علم ولا جدوى، ونحن نعرض عن مثل ذلك دائماً، كلون كلب أصحاب الكهف واسمه، وكالبعض الذي ضرب به القتيل من بقرة بني إسرائيل، وكاسم الغلام الذي قتله الخضر، وأنكر عليه موسى قتله، وكخشب سفينة نوح من أي شجر هو، وكم طول السفينة وعرضها، وكم فيها من الطبقات، إلى غير ذلك مما لا فائدة في البحث عنه، ولا دليل على التحقيق فيه) أ. هـ.
ويقول في سورة الإسراء عند قوله {وإن عدتم عدنا}: (وتركنا بسط قصة الذين سلطوا عليهم في المرتين لأنها أخبار إسرائيلية وهي مشهورة في كتب التفسير والتاريخ والعلم عند الله تعالى).أ. هـ.
ويقول أيضاً في سورة الكهف: (واعلم أن قصة الكهف وأسمائهم وفي أي محل من الأرض كانوا كل ذلك لم يثبت فيه عن النبي ? شيء زائد على ما في القرآن وللمفسرين في ذلك أخبار كثيرة إسرائيلية أعرضنا عن ذكرها لعدم الثقة بها).أ. هـ.
وقال في قصة صاحب الجنة في سورة الكهف: (وكلام المفسرين في الرجلين المذكورين هنا في قصتهما كبيان أسمائهما ومن أي الناس هما أعرضنا عنه لما ذكرنا سابقاً من عدم الفائدة فيه وعدم الدليل المقنع عليه) أ. هـ.
2) أنه رحمه الله أورد عدداً من الإسرائيليات في كتابه ثم انتقدها إما لمخالفتها المعنى المشهور من كلام العرب وإما لمخالفتها عصمة الأنبياء وإما لعدم الثقة بها:
• فأما إيراده لها فقد أوردها رحمه الله في معنى الرقيم في قوله: {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم .. } وفي معنى {مجمع البحرين} بل ذكر في سورة يوسف في معنى البرهان الذي رآه يوسف عليه السلام نقلاً عن الدر المنثور أربعاً وعشرين رواية ثم انتقدها.
• وأما نقده رحمه الله:
? فإما أن يكون لعدم ثقته بها كما مر في كلامه.
(يُتْبَعُ)
(/)
? وإما أن يكون لمخالفتها المعنى المشهور من كلام العرب قال في رده على من قال إن المراد بقوله " وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد " أنه رجل منهم لا كلب حقيقي واستدل على ذلك بالقراءة الشاذة " وكالبهم باسط ذراعيه " وقراءة " وكالئهم " قال: (وقوله جل وعلا " باسط ذراعيه " قرينة على بطلان ذلك القول لأن بسط الذراعين معروف من صفات الكلب الحقيقي ... وهذا المعنى المشهور من كلام العرب، فهو قرينة على أنه كلب حقيقي) ثم وجه القراءة الشاذة.
? وإما أن يكون نقده لما في القصة من قدح في مقام الأنبياء عليهم السلام: كما قال في رده على الروايات التي أوردها في قصة يوسف في معنى البرهان قال: (هذه الأقوال التي رأيت نسبتها إلى هؤلاء العلماء منقسمة إلى قسمين: قسم لم يثبت نقله عن من نقل عنهم بسند صحيح وهذا لا إشكال في سقوطه، وقسم ثبت عن بعض من ذكر، ومن ثبت عنه شيء من ذلك فالظاهر الغالب على الظن المزاحم لليقين أنه إنما تلقاه عن الإسرائيليات لأنه لا مجال للرأي فيه ولم يرفع منه قليل ولا كثير إليه ?، وبهذا تعلم أنه لا ينبغي التجرؤ على القول في نبي الله يوسف ... اعتماداً على مثل هذه الروايات مع أن في الروايات المذكورة ما تلوح عليه لوائح الكذب) أ. هـ.
كما قال رحمه الله في تفسيره سورة الكهف: (فما يذكره المفسرون في تفسير قوله تعالى: " ولقد فتنا سليمان .. " الآية، من قصة الشيطان الذي أخذ الخاتم وجلس على كرسي سليمان ... لا يخفى أنه باطل لا أصل له وأنه لا يليق بمقام النبوة فهو من الإسرائيليات التي لا يخفى أنها باطلة).
? وإما أنه يرى أنه لا فائدة في بحث ذلك ولا دليل عليه: كما قال بعد سرد الأقوال في معنى " مجمع البحرين ": (ومعلوم أن تعيين البحرين من النوع الذي قدمنا أنه لا دليل عليه من كتاب ولا سنة، وليس في معرفته فائدة فالبحث عنه تعب لا طائل تحته وليس عليه دليل يجب الرجوع عليه). أ. هـ.
3) قسم رحمه الله الإسرائيليات إلى الأقسام الثلاثة المشهورة فقال: (ومن المعلوم أن ما يروى عن بني إسرائيل من الأخبار المعروفة بالإسرائيليات له ثلاث حالات: في واحدة منها يجب تصديقه وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة الثابتة على صدقه، وفي واحدة يجب تكذيبه وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة أيضاً على كذبه، وفي الثالثة لا يجوز التكذيب ولا التصديق ... وهي ما إذا لم يثبت في كتاب ولا سنة صدقه ولا كذبه، وبهذا التحقيق تعلم أن القصص المخالفة للقرآن والسنة الصحيحة التي توجد بأيدي بعضهم زاعمين أنها في الكتب المنزلة يجب تكذيبهم فيها لمخالفتها نصوص الوحي الصحيح التي لم تحرف ولم تبدل والعلم عند الله تعالى). أ. هـ.
موقف سيد قطب رحمه الله (ت: 13/ 5/1386هـ) من الإسرائيليات من خلال كتابه (في ظلال القرآن):
لم يبين المؤلف رحمه الله موقفه في مقدمته إلا أنه أشار في كتابه إلى أنه يرفض إيراد الإسرائيليات في التفسير ويحذر منها ويعدها أساطير لا سند لها صحيح ولهذا فإنه لا تكاد توجد في تفسيره رواية إسرائيلية يوليها اهتمامه بل كان يعيب على كثير من المفسرين السابقين عنايتهم بها:
يقول رحمه الله في قوله سبحانه: {حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور} [هود: 40]: (وتتفرق الأقوال حول فوران التنور ويذهب الخيال ببعضهم بعيداً وتبدوا رائحة الإسرائيليات وفي قصة الطوفان كلها واضحة، أما نحن فلا نضرب في متاهة بغير دليل في هذا الغيب الذي لا نعلم منه إلا ما يقدمه لنا النص وفي حدود مدلوله بلا زيادة). ثم قال: (وأساطير بني إسرائيل المدونة في ما يسمونه (العهد القديم) تحوي كذلك ذكرى طوفان نوح ... لكن هذا كله شيء لا ينبغي أن يذكر في معرض الحديث القرآني عن الطوفان ولا ينبغي أن يخلط الخبر الصادق الوثيق بمثل هذه الروايات الغامضة وهذه الأساطير المجهولة المصدر والأسانيد) ثم ذكر تحريف التوراة والإنجيل ثم قال: (ومن ثم لا يجوز أن يطلب عند تلك الكتب جميعها يقين في أمر من الأمور).
موقف الإمام البقاعي رحمه الله من الإسرائيليات من خلال كتابه (أوردته استطراداً)
(نظم الدرر) و (الأقوال القويمة):
(يُتْبَعُ)
(/)
حقق البقاعي رحمه الله ذلك وأشبع القول في كتابه (نظم الدرر) و (الأقوال القويمة) فهو يرى أن النقل من الكتب القديمة جائز ويستشهد على صحة ذلك بحادثة الرجم ويذكر عدة أحداث من استشهاد النبي ? بالتوراة على صحة ما يدعيه وكل ذلك يذكره البقاعي تمهيداً للرأي المقبول عنده في جواز النقل من الكتب القديمة.
نقل عنه الدكتور رمزي نعناعة أنه قال في كتابه (الأقوال القويمة في حكم النقل من الكتب القديمة [مخطوط]) ما نصه: (حكم النقل عن بني إسرائيل ولو كان في ما لا يصدقه كتابنا ولا يكذبه الجواز وإن لم يثبت ذلك المنقول، وكذا ما نقل عن غيرهم من أهل الأديان الباطلة، لأن المقصود الاستئناس لا الاعتماد بخلاف ما يستدل به في شرعنا فإنه العمدة في الاحتجاج للدين فلا بد من ثبوته، فالذي عندنا من الأدلة ثلاثة أقسام: موضوعات، وضعاف، وغير ذلك، فالذي ليس بموضوع ولا ضعيف مطلق الضعف يورد للحجة، والضعيف المتماسك للترغيب، والموضوع يذكر لبيان التحذير منه بأنه كذب، فإن وازنت ما ينقله أئمتنا من أهل ديننا للاستدلال لشرعنا بما ينقله الأئمة عن أهل الكتاب، سقط من هذه الأقسام الثلاثة في النقل عنهم ما هو للحجة فإنه لا ينقل عنهم ما يثبت به حكم من أحكامنا، ويبقى ما يصدقه كتابنا فيجوز نقله وإن لم يكن في حيز ما يثبت لأنه في حكم الموعظة لنا، وأما ما كذبه كتابنا فهو كالموضوع لا يجوز نقله إلا مقروناً ببيان حاله).أ. هـ.
ونقل عنه في كتابه (نظم الدرر) عند تفسير قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} من سورة البقرة ما نصه: (فإن أنكر منكر الاستشهاد بالتوراة والإنجيل، وعمي عن الأحسن في باب النظر أن يرد على الإنسان بما يعتقد تلوت عليه قول الله تعالى استشهاداً على كذب اليهود: {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين} وقوله تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه} في آيات من أمثال ذلك كثيرة، وذكرته باستشهاد النبي ? بالتوراة في قصة الزاني ... ). ثم ذكر أحاديث استدل بها على ذلك ثم قال: "هذا فيما يصدقه كتابنا، وأما مالا يصدقه ولا يكذبه فقد روى البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ? قال: (حدثوا عن بين إسرائيل ولا حرج) ... فإن دلالة هذا على سنية ذكر مثل ذلك أقرب من الدلالة على غيرها، ولذا أخذ كثير من الصحابة رضي الله عنهم عن أهل الكتاب "، ثم ذكر منع بعض الأئمة من قراءة شيء من الكتب القديمة ثم قال: (هذا مخصوص بما علم تبديله بدليل أن كل من قال ذلك فقد علل بالتبديل فدار الحكم معه).أ. هـ.
والذي يظهر من منهجه رحمه الله أن يرى جواز النقل عنهم وإن لم يثبت ذلك المنقول ما لم يكذبه كتابنا ويميل إلى سنية ذلك، وأن القصد من ذلك الاستئناس لا الاعتماد، وأنه لا ينقل عنهم ما هو للحجة ولا ما يثبت به حكم من أحكامنا وأن ما كذبه كتابنا فهو كالموضوع لا يجوز نقله إلا مقروناً ببيان حاله، ويرى أنه ينقل عنهم في معرض الرد عليهم لأن الأحسن في باب النظر أن يرد على الإنسان في ما يعتقد.
موقف محمد عبده من الإسرائيليات:
1) يرى عدم جواز حشو التفسير بهذه الإسرائيليات:
يقول عند تفسيره لقوله تعالى {وقولوا حطة} بعد أن ذكر بعض أقوال المفسرين: "ومنشأ هذه الأقوال الروايات الإسرائيلية، ولليهود في هذا المقام كلام كثير وتأويلات خدع بها المفسرون ولا نجيز حشوها في تفسير كلام الله تعالى"
كما يرى عدم جواز إلحاق شيء من ذلك بالوحي إلا ما ثبت عن المعصوم ?: قال عن التفاسير: (كما ولعوا بحشوها بالقصص والإسرائيليات التي تلقفوها من أفواه اليهود و ألصقوها بالقرآن لتكون بياناً له وتفسيراً وجعلوا ذلك ملحقاً بالوحي والحق الذي لا مرية فيه أنه لا يجوز إلحاق شيء بالوحي غير ما تدل عليه ألفاظه وأساليبه إلا ما ثبت بالوحي عن المعصوم الذي جاء به ثبوتاً لا يخالطه الريب) أ. هـ.
2) يرى أنها صارفة عن العبرة: قال في تفسير قوله تعالى {ألم تر إلى الذي خرجوا من ديارهم وهم ألوف ... }: (فنأخذ القرآن على ما هو عليه لا ندخل فيه شيئاً من الروايات الإسرائيلية التي ذكروها وهي صارفة عن العبرة لا مزيد كمال فيها) أ. هـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
3) إلا أنه مع ذلك قد وقع في ذكر الإسرائيليات بل وتحريف معنى النص القرآني ليوافق نصوص أهل الكتاب: حيث ذهب في معنى قوله تعالى {وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ... } إلى أن المراد في الآيات بيان نوع من التشريع الموجود عند بني إسرائيل يتوصل به إلى معرفة القاتل المجهول ثم يربط بين هذا المعنى وبين ما جاء في التوراة فيقول: (على أن هذا الحكم منصوص في التوراة وهو أنه إذا قتل قتيل لم يعرف قاتله فالواجب أن تذبح بقرة غير ذلول في واد دائم السيلان ويغسل جميع شيوخ المدينة القريبة من المقتل أيديهم على العجلة التي كسر عنقها في الوادي ... ).
موقف الشيخ محمد رشيد رضا (27/ 5/1282هـ-23/ 5/1354هـ) من الإسرائيليات من خلال كتابه (المنار):
يقول الشيخ في مقدمة المنار: (كان من سوء حظ المسلمين أن أكثر ما كتب في التفسير يشغل قارئه عن هذه المقاصد العالية والهداية السامية، فمنها ما يشغله عن القرآن بمباحث الإعراب ... وبعضها يلفته عنه بكثرة الروايات وما مزجت به من خرافات الإسرائيليات) إلى أن قال: (وغرضنا من هذا كله أن أكثر ما روي في التفسير المأثور أو كثيره حجاب على القرآن، وشاغل لتاليه عن مقاصده العالية، المزكية للأنفس المنورة للعقول، فالمفضلون للتفسير المأثور لهم شاغل عن مقاصد القرآن بكثرة الروايات التي لا قيمة لها سنداً ولا موضوعاً)
فقد أشار رحمه الله في هذه المقدمة إلى عدم رضاه عن إدخال الإسرائيليات في التفسير ... ويظهر لنا موقفه من خلال ما يلي:
1) هو من أشد المفسرين إنكاراً للإسرائيليات، وأعنفهم على من خدعوا بها وروجوا لها ... وهو يضرب صفحاً عن ذكرها وقد يشير إليها ويبين بطلانها:
يقول في تفسير سورة الأعراف عند قوله: (وزادكم في الخلق بسطة) قال: (وفي التفسير المأثور روايات إسرائيليةُ الأصلِ في المبالغة في طولهم وقوتهم لا يعتمد عليها ولا يحتج بشيء منها) أ. هـ.
ويقول أيضاً لما عرض لقصة نوح في سورة هود: (وأما ما حشا المفسرون به تفاسيرهم من الروايات في هذه القصة وغيرها عن الصحابة والتابعين وغيرهم فلا يعتقد بشيء منه ولم يرفع شيء منه إلى النبي ?) إلى أن قال: (وكل ذلك من الأباطيل الإسرائيلية المنفرة عن الإسلام).
2) قد يذكر الروايات الإسرائيلية التي تناقلها المفسرون ثم يقارنها بما في التوراة متخذاً من ذلك دليلاً على كذبها كأنما التوراة عنده هي الأصل المعتمد أو القياس الذي تقاس عليه روايات المفسرين المسلمين فما وافقها فهو حق وما خالفها فهو باطل:
ومثال ذلك أنه عندما فسر قوله تعالى في سورة المائدة " قالوا يا موسى إن فيها قوماً جبارين ... " قال: (أما ما روي في التفسير المأثور من وصف هؤلاء الجبارين فأكثره من الإسرائيليات الخرافية التي كان يبثها اليهود في المسلمين فرووها من غير غزو إليهم ... ) ثم يقول بعد أن أورد بعض ما ورد عن المفسرين: (وهذه القصة مبسوطة في الفصل الثالث عشر والرابع عشر من سفر العدد الذي هو السفر الرابع من أسفار التوراة وفي أولهما ... ) ومضى في نقل بعض أخبارهم من التوراة ثم قال: (فأنت ترى أنه ليس في الرواية المعتمدة عند بني إسرائيل تلك الخرافات التي بثوها بين المسلمين في العصر الأول وإنما فيها من المبالغة ... ).
قال الدكتور محمد حسين الذهبي: (ولست أرى وجهاً للمقارنة بين ما ذكره المفسرون وما نقل عن التوراة فالتوراة دخلها التحريف والتبديل فالاحتكام إليها غير صحيح، ثم لِمَ يهوِّن الشيخ من مبالغات التوراة وما فيها قريب مما كتب في التفسير؟ الحق أن هذا مسلك ما كان للشيخ رحمه الله أن يسلكه).
ويقول عند الآيات الواردة في قصة آدم عليه السلام من سورة الأعراف: (ومن أراد الإسرائيليات فليرجع إلى المتفق عليه عند أهل الكتاب ليعلم الفرق بين ما عندنا وما عندهم بأن يراجع هنا سائر ما ورد في القصة بعد الذي نشرناه منها في سفر التكوين دون غيره مما لا يعرف له أصل عندهم، هو في الفصل الثالث منه .. ) ثم يسوق ملخص ما في سفر التكوين ثم يقول: (إذا علمت هذا فلا يغرنك شيء مما يروى في التفسير المأثور في تفصيل هذه القصة فأكثره لا يصح وهو أيضاً مأخوذ من تلك الإسرائيليات المأخوذة عن زنادقة اليهود الذين دخلوا في الإسلام للكيد له وكذلك الذين لم
(يُتْبَعُ)
(/)
يدخلوا فيه).
قال الدكتور محمد حسين الذهبي: وواضح كل الوضوح أنه يريد أن يقول إن ما في كتب التفسير من الإسرائيليات كذب لمخالفته لسفر التكوين وهو الأصل المعتمد عند اليهود أما ما في كتب التفسير فإنه يرجع إلى مصادر أخرى لا يعرف لها أصل عندهم وإنما هي من وضع زنادقتهم ... وعجيب كل العجب أن الشيخ رحمه الله يقرر في أكثر من موضع في تفسيره مثل هذا ثم يناقض نفسه فيقول في سفر التكوين تحت عنوان "سفر التكوين ليس من التوراة" ما نصه: (وسفر التكوين هذا ليس حجة قطعية فيما ذكر فيه فضلاً عما سكت عنه)
وأعجب العجب أن ترى صاحب المنار وهذا رأيه في سفر التكوين وفي التوراة يقرر أن بعض ما في التوراة يصلح تفسيراً لبعض النصوص القرآنية وذلك في أكثر من موضع ...
فمثلاً عندما فسر قوله تعالى الآية (133) من سورة الأعراف {فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد ... } نراه يذكر الروايات التي أوردها بعض المفسرين في شأن الطوفان، ثم يعقب عليها ببيان بطلانها ثم يقول: (وأولى الآثار بالقبول قول ابن عباس الأول الموافق للمتبادر من اللغة ... وما عدا ذلك فمن الإسرائيليات، وأولاها بالقبول ما لا يخالف القرآن من أسفار التوراة نفسها وهو ما ننقله عنها) .. ثم ساق الشيخ رشيد ما جاء في شأن الطوفان في الفصل التاسع من سفر الخروج وفيه من الأخبار الإسرائيلية ما لا يقوم دليل على صحته مما بأيدينا من القرآن والسنة.
وقد ذكر الشيخ الذهبي أمثلة كثيرة لاستشهاده بالتوراة وجعلها تفسيراً لكلام الله تعالى.
3) لقد تجاوز الشيخ الحد في إنكار الإسرائيليات حتى أنه لينكر الأخبار الصحيحة ويزعم أنها من قبيل الإسرائيليات لمجرد غرابتها كما في قصة الجساسة والدجال ونزول عيسى عليه السلام وغير ذلك من أحاديث الفتن وأشراط الساعة:
قال: (وجملة الأقوال في حديث الجساسة أن ما فيه من العلل والاختلاف والإشكال من عدة وجوه يدل على أنه مصنوع، وأنه على صحته ليس له حكم المرفوع وكذا يقال في سائر أحاديث الدجال المشكلة). قال: (ومنه يعلم أيضاً أن يد بطل هذه الإسرائيليات الأكبر كعب الأحبار قد لعبت لعبها في مسألة الدجال "في كل وادٍ أثر من ثعلبة").
وقال بعد أن شكك في أحاديث الفتن وأشراط الساعة: (فكل حديث مشكل المتن أو مضطرب الرواية أو مخالف لسنن الله تعالى أو لأصول الدين أو نصوصه القطعية أو للحسيات وأمثالها من القضايا اليقينية، فهو مظنة لما ذكرناه، فمن صدّق رواية مما ذكر ولم يجد فيها إشكالاً فالأصل فيها الصدق، ومن ارتاب في شيء منها، أو أورد عليه بعض المرتابين والمشككين إشكالاً في متونها، فيلحمله على ما ذكرنا من عدم الثقة بالرواية لاحتمال كونها من دسائس الإسرائيليات أو خطأ الرواية بالمعنى أو غير ذلك مما أشرنا إليه).
وقد رد ما في البخاري عن أبي هريرة عن النبي ? قال: (قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة، فدخلوا يزحفون على أستاههم فبدلوا وقالوا: حطة حبة في شعرة) حيث أورده في تفسير الآية ثم علق عليه وقال: (ومنشأ هذه الأقوال الروايات الإسرائيلية ولليهود في هذا المقام كلام كثير وتأولات خدع بها المفسرون ولا نجيز حشوها في كلام الله تعالى وأقول: أن ما اختاره الجلال مروي في الصحيح ولكنه لا يخلو من علة إسرائيلية).
وقد ذكر في رده أن أبا هريرة لم يصرح بالسماع فيحتمل أنه سمعه من كعب الأحبار لأنه كان يروي عنه!!.
4) حمله هذا الإنكار للإسرائيليات على الكلام على رواة الإسرائيليات وتضعيف بعض الثقات والطعن فيهم:
وهو يخالف الجمهور في تعديل كعب رحمه الله بل ويقسوا عليه في العبارة كما قال بعد رواية لكعب في شأن الدجال: بمثل هذه العبارات كان كعب الأحبار يغش المسلمين ليفسد عليهم دينهم وسنتهم وخدع به الناس لإظهاره التقوى ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).
ويقول عن وهب: (أنا أسوأ ظناً فيه على ما روى من كثرة عبادته ويغلب على ظني أنه كان له ضلع مع قومه الفرس الذين كانوا يكيدون للإسلام والعرب ويدسون لهم من باب الرواية ومن طريق التشيع).
وقال: (وقد هدانا الله من قبل إلى حل بعض مشكلات أحاديث أبي هريرة المعنعنة على الرواية عن كعب الأحبار الذي أدخل على المسلمين شيئاً كثيراً من الإسرائيليات الباطلة والمخترعة وخفي على كثير من المحدثين كذبه ودجله لتعبده).
بل وصف كعباً ووهباً بأنهما شر رواة الإسرائيليات أو أشدهم تلبيساً وخداعاً للمسلمين.
5) مع كل ما سبق فقد وقع الشيخ محمد رشيد رضا فيما كان يحذر منه من ذكر الإسرائيليات في التفسير:
كما في قوله {فقلنا اضربوه ببعضها} قال: (ويروون في هذا الضرب روايات كثيرة ... ) ثم ذكر الأقوال وكما أورد في قصة التابوت عن وهب بعض القصص الإسرائيلية.
الاسرائيليات وموقف المعاصرين منها
ـ[مرهف]ــــــــ[14 May 2003, 04:22 م]ـ
بسم الله:
الأخ فهد جزاك الله خيراً على هذه الدراسة المفيدة التي تصلح لأن تكون رسالة علمية بعنوان (ضوابط رواية الإسرائيليات في التفسير) إذ شروط رواية الإسرائيليات من الناحية العملية أكثر في عمل المفسرين من الناحية النظرية،وأسأل الله أن يبارك في جهدك وتسرع بالأقسام الأخرى، ولكن لي بعض الاستيضاحات:
لم تعطنا تعريفاً معتمداً للإسرائيليات حسب المنهج الذي مشيت عليه من مقارنة تعريف الإسرائيليات من الكتب التي اعتمدت عليها وخاصة تعريف أبو شهبة في كتابه عن الإسرائيليات.
بالنسبة لعمل الألوسي من خلال إشاراته المستفادة من القصص الإسرائيلية، ألا يمكن اعتبار هذه القصص من القصص التي يستفاد منها أموراً تربوية، فإننا نفرق بين القصص التربوية التي قد ينسجها أحدنا لولده من الخيال ليعلمه خلقاً من هذه القصة، وهي غير القصص التاريخية التي ينبغي التثبت فيها، فبطلان القصة لا يعني عدم الاستفادة من بعض اللفتات التربوية التي قد تقدح في الذهن عند سماعها، فما رأيك بهذا الكلام.
ثم ما رأيكم بفعل ابن كثير في البداية والنهاية عندما فسر الآيات الواردة في قصص الأنبياء من كتب أهل الكتاب أم أنه يجوز استخدام الإسرائيليات في التاريخ ولا يجوز في التفسير؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[21 May 2003, 02:01 م]ـ
أخي الكريم مرهف وفقه الله ..
بالنسبة لموضوع التعريف فسيأتي إن شاء الله في نهاية البحث المختصر كلام قد يكون جواباً وكان المقصود من هذا البحث كما سبق في الأعلى هو معرفة موقف المعاصرين من هذه الإسرائيليات أما تعريفها ففي ظني أنه أحد رأيين بحسب ما مر معي في البحث:
الأول: من عرفها بأنه ما نقل من قصص بني إسرائيل من كتبهم.
الثاني: ما تحدثت عنهم.
ولذا نجد بعض العلماء كالسعدي قد يسمي الرواية إسرائيلية ولو كانت حديث نبوي في معرض كلامه عن الإسرائيليات قال: (فإنه لا يجوز جعلها تفسيراً لكتاب الله قطعاً إذا لم تصح عن رسول الله ? ذلك أن مرتبتها كما قال ?: (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم)) وكما سيأتي في كلام غيره من المعاصرين.
والذي يظهر لي أن مرجع التعريفين واحد فالعلماء متفقون على أن ما صح عن رسول الله مقبول.
والأدق تعريفها بما نقل من كتبهم إذ هو محل البحث والخذ والرد.
وأرجو أن يتسع البحث مستقبلا للحديث عن التفريق بين روايتها وبين ربطها بالقرآن وسيمر كلام بعض المعاصرين في ذلك.
وأما السؤال عن كلام الألوسي رحمه الله فيستدعي الكلام حول التفسير الإشاري وكلام الإمام ابن القيم فيه معلوم من حيث شروطه ولبعض مشائخنا نظرات جميلة في هذا التفسير لعلها ترى النور.
وأما الكلام حول الاستفادة من القصص ولو لم تصح فقد أثرت كامناً في هذا الموضوع، ولعلي أستأذنك في قول ما يلي:
1 - من أعظم الأمور التي ينبغي لطالب العلم العناية بها العناية بتربية نفسه وطلابه وهذه مهمة العلماء قال ابن القيم رحمه الله في كلامه على حديث: " العلماء ورثة الأنبياء ": (فيه أيضاً تنبيه لأهل العلم على تربية الأمة كما يربي الوالدُ ولده فيربونهم بالتدرج والترقي من صغار العلم إلى كباره وتحميلهم منه ما يطيقون كما يفعل الأبُ بولده الطفل في إبصاله الغذاء إليه فإن أرواح البشر بالنسبة إلى الأنبياء والرسل كالأطفال بالنسبة إلى آبائهم بل دون هذه النسبة بكثير ولهذا كل روح لم يربها الرسل لم تُفلح ولم تصلح لصالحةٍ كما قيل:
ومن لا يُربيه الرسول ويسقِهِ ... لُباناًَ له قد درَّ من ثدي قُدسه
فذاك لَقيطٌ ما له نسبة الولا ... ولا يتعدى طور أبناء جنسه) [مفتاح دار السعادة: 1/ 262 تحقيق الحلبي].
2 - أننا نلاحظ في توجه كثير ممن يُعنى بالتربية إلى قصص واقعية أو مسطورة في الكتب وهذا أمر جميل في الاستفادة من ذلك، إلا أنه ينبغي القول أن التوجيه للاستفادة من قصص القرآن والسنة الصحيحة أفضل وأعظم وقد قال تعالى: (نحن نقص عليك أحسن القصص) فقل لي بربك كيف تكون فائدة قصص مدحها ربك بأنه أحسن القصص. ولذا تجد بعض من يتكلم في مواضيع تربوية ينصرف لأدنى قصة وقد تكون غير صحيحة، ولو رجعنا إلى القرآن وصحيح السنة وقصص العلماء الثابتة لكان فيه الكفاية.
3 - الكلام حول القصص الخيالية المنسوجة والاستفادة منها يحتاج إلى كلام المتخصصين من أهل الأدب والشرع ولذا فأحيل الكلام إليهم.
4 - معرفة المتربي بعدم صحة القصة أو بكونها خيالية يفقد رغبته في استخراج الفوائد منها ويقلل من التركيز معك في الاستفادة منها. وكثيراً ما تجد من يسألك عن قصة أعجبته هل هي واقعية. فكون القصة واقعية لا شك أنه أقرب للاستفادة والاتعاظ من كونها منسوخة أو خيالية.
5 - للقصص الخيالية فوائد أخر كتوسيع الخيال والمتعة وثراء اللغة ولا أظن السؤال عن ذلك.
هذه بعض التأملات أخي مرهف رعاك الله ...
ولعلك تتحفنا بما لديك وأرجو أن لا نبيع التمر على أهل هجر ..
أخوك فهد
ـ[مرهف]ــــــــ[22 May 2003, 04:53 ص]ـ
بسم الله:
اخي الكريم فهد حفظكم الله تعالى:
أما بالنسبة للاستفادة من القصص فلا أحد على خلاف معك في أن أفضل ما يقوم به المربي هو الاستفادة من أحسن القصص التي ذكرها الله تعالى في كتابه ومن القصص التي قصها النبي صلى الله عليه وسلم وأضف أيضاً قصص الصحابة والتابعين فهي مناهج تربوية غزيرة.
وبالنسبة للفقرة الثالثة حول جواز ذكر هذه القصص الخيالية فأرى أن دليل جواز ذلك حديث خرافة الذي كان يقصه النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه الترمذي في الشمائل وغيره فهناك جمع من العلماء قالوا بأن هذه القصة خرافة كان يتداولها العرب والله أعلم.
أما علم المتربي بعدم واقعية القصة يضعف من أثرها فهذا له وجه من الصحة ولكن لا على جميع المستويات فإنا نجد المربين إلى الآن يحرصون على تدريس أبنائهم وتلامذتهم قراءة قصص كليلة ودمنة ومعلوم أصل هذه القصة.
وأنا مع ن يقول إن مثل هذه القصص والاستفادة منها ليس محلها التفسير ولكني أناقش الموضوع هنا من ناحية تربوية سليمة كما طرحم ذلك في سياق كلامكم.
وأخيراً بقي عليكم أخي فهد نفع الله بكم أن تفيدني بالاجابة على السؤال الثاني حول منهج ابن كثير في البداية والنهاية في ذكر الاسرائيليات وجزاك الله خيراً.
أخوكم مرهف
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[01 Jun 2003, 01:04 ص]ـ
الأخ مرهف حفظه الله .. أشكر لك هذه التعقيبات المفيدة وأسأل الله تعالى للجميع السداد:
و بالنسبة للإمام ابن كثير رحمه الله وكتابه البداية والنهاية:
ذكر رحمه الله منهجه في ذلك في بداية كتابه فقال:
(ولسنا نذكر من الإسرائيليات إلا ما أذن الشارع في نقله مما لا يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهو القسم الذي لا يصدق ولا يكذب مما فيه بسط لمختصر عندنا، أو تسمية مبهم ورد به شرعنا مما لا فائدة في تعيينه لنا فنذكره على سبيل التحلي به لا على سبيل الاحتياج إليه والاعتماد عليه، وإنما الاعتماد والاستناد على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ما صح نقله أو حسن وما كان فيه ضعف نبينه وبالله المستعان وعليه التكلان ... ولا نذكر منها إلا القليل على سبيل الاختصار. ونبين ما فيه حق مما وافق ما عندنا وما خالفه فوقع فيه الانكار ... ) ثم ذكر حديث " وحدثوا عن بني إسرائيل ... " وقال: (فهو محمول على الاسرائيليات المسكوت عنها عندنا فليس عندنا ما يصدقها ولا ما يكذبها فيجوز روايتها للاعتبار وهذا هو الذي نستعمله في كتابنا هذا فأما ما شهد له شرعنا بالصدق فلا حاجة بنا إليه استغناء بما عندنا وما شهد له شرعنا منها بالبطلان فذاك مردود لا يجوز حكايته إلا على سبيل الانكار والابطال) البداية والنهاية: 1/ 5.
وقال في موضع آخر: (ونحن نورد ما نورده من الذي يسوقه كثير من كبار الأئمة المتقدمين عنهم ثم نتبع ذلك من الأحاديث بما يشهد له بالصحة أو يكذبه ويبقى الباقي مما لا يصدق ولا يكذب وبه المستعان وعليه التكلان) (1/ 15).
ومن كلامه يتضح منهجه في هذا الكتاب مع أنه ينبغي ملاحظة ما يلي:
1 - أن كتابه هذا ليس كتاب تفسير بل هو كتاب تاريخ ولذلك فقد تروى على سبيل الأخبار على أنها تفسير لكتاب الله تعالى.
2 - أنه حتى في التاريخ فإنه ملتزم رحمه الله بنقل المسكوت عنه وما خالف فإنه ينبه عليه.
3 - أنه يذكرها لا على سبيل الاحتياج بل على سبيل التحلي.
ـ[مرهف]ــــــــ[01 Jun 2003, 02:31 م]ـ
جوزيت خيراً وزادك الله فقها ولي سؤال آخر فيما يخص التفسير بالإسرائيليات:
ما رأيك بمنهج ابن جرير في تاريخه بورود الإسرائيليات
هل نستطيع أن نعتبر الرواية الإسرائيلة ـ بأنواعها المقبولة ـ مرجحاً لقول من الأقوال في التفسير وهل قام بذلك أحد المفسرين مننهجهم العملي من الذين مررت عليهم في دراستك.
ـ[الراغب في مدارج السالكين]ــــــــ[02 Jun 2003, 05:41 م]ـ
جزاك الله خيرا أخانا الفاضل فهد الوهبي،على ما عرضت وأفدت في هذا الموضوع.
والشكر موصول للجميع.
سؤالي هو عطف على ما ذكره الأخ مرهف في سؤاله الأخير حول ورود الروايات الاسرائيلية في تاريخه وحتى في تفسيره: إذا علمنا انكار كثير من المفسرين للروايات الاسرائيلية ورفضهم الشديد لها كالألوسي والشوكاني والسعدي وغيرهم رحمهم الله وهم في الغالب عيال على ابن جرير فهل يظن بابن جرير أنه يوردها مع رسوخ قدمه في العلم، ويقال ذلك أيضا عن الحافظ ابن كثير، ألا يمكن ان تكون تلك الروايات من زيادات النساخ ـ بقصد أو بغير قصد ـ وخصوصا أن بعضهم من طلبة العلم، فلربما حدث عند بعضهم تأثر بمناهج أخرى في التفسير ترى جواز روايتها والتساهل فيها.
وإن مما يرشح ذلك الإحتمال ـ كما أراه ـ كثرة النسخ الخطية وخصوصا تفسير ابن كثير يظهر من خلالها زيادة في بعضها ونقص في بعضها الآخر، فهل يمكن ان يكون ما ذكرته صوابا؟ وكيف يمكن التدليل على صحته؟
والفائدة من ذلك ـ والله أعلم ـ أن نبرئ ساحة الامام ابن جرير وأمثاله من مسؤلية ايراد الاسرائيليات، ولربما ان ثبت ذلك بيقين جاز لنا أن ننقح كتبهم منها، فنريح الأمة من مطالعة شيء منها، والتشويش على التفسير المطلوب. والله أعلم.
ـ[أم حذيفة]ــــــــ[24 Feb 2010, 04:51 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ونفع بكم
البحث طويل لم اطلع على كل عناصره(/)
نشأة التفسير (التفسير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم)
ـ[مرهف]ــــــــ[14 May 2003, 04:43 م]ـ
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
لا مشاحة في أن علم التفسير أول العلوم القرآنية نشأة، فقد صاحبت نشأته نزول القرآن الكريم وواكبت الوحي، فكان الصحب رضوان الله عليهم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن كل ما غمض عليهم من المنزل،وكان صلى الله عليه وسلم يبين لهم ما يحتاجون إليه من معانيه وأحكامه.
وبالنظر في مشتملات القرآن الكريم نجده قد أوجز في موضع، وأطنب في موضع آخر، وفصل في مكان ما أجمله في مكان آخر، وقيد في موضع ما أطلقه في موضع آخر، وخصص في موضع ما جاء به على العموم في موضع آخر، وهذا في ذاته بيان.
ولكن بعد ذلك دعت الحاجة إلى فهم الكتاب العزيز؛ ذلك لأن فيه إشارات لم يتح لكثير من العرب أن يفهموها، وكذلك فإن سلوك المسلم الفردي والاجتماعي متعلق على فهم القرآن وربطه في جميع نواحي الحياة، ولذلك أخذ التفسير مكانة مهمة في حياة المسلم إلى يومنا هذا؛ ومما لا ريب فيه أن التفسير مرّ بأطوار ومراحل، حتى اتخذ الصورة التي نجده عليها الآن.
وسأتكلم باخنصار هنا عن التفسير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
التفسير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
رغم اشتهار العرب في عصر نزول القرآن بالفصاحة والبلاغة، وامتلاكها لناصية البيان، واعتبارها سموَّ الفصاحة ونظم الشعر؛ حتى قامت أسواق شعرية تعرض فيها قصائد الفحول المشتملة على التحديات الشعرية، وألوان الخطابة والتفنن بصياغتها؛ للتدليل على امتلاكهم لبحر اللغة العربية وأسرارها، والإبداع في أساليبها؛ حتى تحداهم الله تعالى في كتابه فقال:
(وإن كنتم في ريب ممّا نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين) [البقرة/ 24]، ثم بين لهم عجزهم فقال: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً) [الإسراء /88]؛ إلا أنهم لم يعلموا من القرآن إلا ظواهره،ولم يدركوا من بيانه إلا عجزهم عنه، ذلك لأن كتاب الله قد جمع في اللفظة الوجيزة معاني دقيقة وكثيرة،وإشارات علمية،وسنن كونية،ومغيبات تاريخية وعقدية مما حاجهم إلى الشرح والبيان، والاستفسار عن كثير من معاني القرآن بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله جعل رسوله صلى الله عليه وسلم مبيناً لكتابه، فقال تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) [النحل/44].
فكان الرسول صلى الله عليه وسلم المبيّن الأول للقرآن، والمرجع الأساس لفهم القرآن.
ثم إن البيان الحاصل منه صلى الله عليه وسلم واقع على صور متعددة:
- فقد يكون بياناً لمجمل، كبيانه صلى الله عليه وسلم للصلاة والزكاة ومقدارها، لما أجمله الله تعالى في قوله: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) [البقرة/42].
- وقد يكون توضيحاً لما أشكل، كتفسيره صلى الله عليه وسلم للخيط الأبيض والخيط الأسود في قوله تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) [البقرة/186]، بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا، بل هو سواد الليل وبياض النهار).
- وقد يكون تخصيصاً للعام، كتخصيصه صلى الله عليه وسلم للظلم في قوله تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) [الأنعام/83]، بأنه الشرك بقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس كما تقولون، أولم تسمعوا إلى قول لقمان لابنه: (يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) [لقمان/12]).
- وقد يكون تقييداً لمطلق،كتقييد اليد في قوله تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) [المائدة /40] باليمين.
ثم وقع اختلاف بين العلماء في القدر الذي بين الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن:
ـ فمنهم من ذهب إلى أنه صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه كلّ معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه وهو رأي ابن تيمية في مقدمة أصول التفسير صـ 35.
ـ ومنهم من ذهب إلى أنه صلى الله عليه وسلم لم يبين لأصحابه من معاني القرآن إلا القليل وهو رأي الخويبي،نقله السيوطي في الإتقان 2/ 174
ـ ومنهم من ذهب إلى أنه صلى الله عليه وسلم بين الكثير من معاني القرآن لأصحابه، ولم يبين كل المعاني؛لأن من القرآن ما استأثر الله بعلمه،ومنه ما يعلمه العلماء،ومنه ما يعلمه العرب من لغاتهم،ومنه ما لا يعذر أحد في جهالته وهذا رأي الذهبي في (التفسير والمفسرون 1/ 53).
والمختار عندي هذا الأخير لما مرّ؛ ولأنه من البدهي أن لا يفسر الرسول صلى الله عليه وسلم لهم ما يرجع فهمه إلى معرفتهم، وهم العرب؛ لأن القرآن نزل بلغتهم، ولم يفسر لهم ما تتبادر الأذهان إلى معرفته، ثم إن الصحابة رضي الله عنهم وقع بينهم الاختلاف في تأويل آيات من كتاب الله تعالى، فلو كان عندهم نص مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم ما وقع هذا الاختلاف، أو لارتفع بعد الوقوف على النص.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمدين]ــــــــ[25 Jun 2004, 11:00 ص]ـ
الأخ الكريم:
ما هي درجة صحة حديث ينسب إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يقول بما معناه: مات النبي عليه الصلاة والسلام ولم يفسر من القرآن إلا آيتين أو ثلاثاً.
هذا حديث مر بي فيما مضى ولم أستطع أن أعثر عليه مع أنه يبدو لي مشهوراً إذ مر في كثير من المواضع.
وشكراً.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Jun 2004, 02:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أثر عائشة الذي سألت عنه ذكره ابن جرير الطبري في مقدمة تفسيره، في باب: ذكر الأخبار التي غلط في تأويلها منكرو القول في تأويل القرآن.
وهذا نص كلامه:
(ذكر الأخبار
التي غلط في تأويلها منكر والقول في تأويل القرآن
فإن قال لنا قائل: فما أنت قائل فيما:-
90 - حدثكم به العباس بن عبد العظيم، قال: حدثنا محمد بن خالد ابن عثمة، قال: حدثني جعفر بن محمد الزبيري، قال: حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعدد، علمهن إياه جبريل.
91 - حدثنا أبو بكر محمد بن يزيد الطرسوسي، قال: أخبرنا معن، عن جعفر بن خالد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن، إلا آيا بعدد، علمهن إياه جبريل عليه السلام.)
ثم ذكر آثاراً أخرى في التحذير من القول في التفسير، ثم أجاب عنها بقوله:
(قيل له: أما الخبر الذي روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد، فإن ذلك مصحح ما قلنا من القول في الباب الماضي قبل، وهو: أن من تأويل القرآن ما لا يدرك علمه إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم. وذلك تفصيل جمل ما في آيه من أمر الله ونهيه وحلاله وحرامه، وحدوده وفرائضه، وسائر معاني شرائع دينه، الذي هو مجمل في ظاهر التنزيل، وبالعباد إلى تفسيره الحاجة - لا يدرك علم تأويله إلا ببيان من عند الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وما أشبه ذلك مما تحويه آي القرآن، من سائر حكمه الذي جعل الله بيانه لخلقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلا يعلم أحد من خلق الله تأويل ذلك إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يعلمه رسول الله
< 1 - 88 >
صلى الله عليه وسلم إلا بتعليم الله إياه ذلك بوحيه إليه، إما مع جبريل، أو مع من شاء من رسله إليه. فذلك هو الآي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسرها لأصحابه بتعليم جبريل إياه، وهن لا شك آي ذوات عدد.
ومن آي القرآن ما قد ذكرنا أن الله جل ثناؤه استأثر بعلم تأويله، فلم يطلع على علمه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولكنهم يؤمنون بأنه من عنده، وأنه لا يعلم تأويله إلا الله.
فأما ما لا بد للعباد من علم تأويله، فقد بين لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم ببيان الله ذلك له بوحيه مع جبريل. وذلك هو المعنى الذي أمره الله ببيانه لهم فقال له جل ذكره: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون [سورة النحل: 44].
ولو كان تأويل الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -أنه كان لا < 1 - 89 > يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد- هو ما يسبق إليه أوهام أهل الغياء، من أنه لم يكن يفسر من القرآن إلا القليل من آيه واليسير من حروفه، كان إنما أنزل إليه صلى الله عليه وسلم الذكر ليترك للناس بيان ما أنزل إليهم، لا ليبين لهم ما أنزل إليهم.
وفي أمر الله جل ثناؤه نبيه صلى الله عليه وسلم ببلاغ ما أنزل إليه، وإعلامه إياه أنه إنما نزل إليه ما أنزل ليبين للناس ما نزل إليهم، وقيام الحجة على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ وأدى ما أمره الله ببلاغه وأدائه على ما أمره به، وصحة الخبر عن عبد الله بن مسعود بقيله: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعلم معانيهن والعمل بهن - ما ينبئ عن جهل من ظن أو توهم أن معنى الخبر الذي ذكرنا عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه لم يكن يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد، هو أنه لم يكن يبين لأمته من تأويله إلا اليسير القليل منه.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا مع ما في الخبر الذي روي عن عائشة من العلة التي في إسناده، التي لا يجوز معها الاحتجاج به لأحد ممن علم صحيح سند الآثار وفاسدها في الدين. لأن راويه ممن لا يعرف في أهل الآثار، وهو: جعفر بن محمد الزبيري.)
وقد قال أحمد شاكر في تعليقه على الأثر: (الحديث 90، 91 - هو بإسنادين، ونقلهما ابن كثير في التفسير 1: 14 - 15 عن الطبري، وقال: "حديث منكر غريب. وجعفر هذا: هو ابن محمد بن خالد بن الزبير العوام القرشي الزبيري، قال البخاري: لا يتابع في حديثه. وقال الحافظ أبو الفتح الأزدي: منكر الحديث". وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6: 303، وقال: "رواه أبو يعلى، والبزار بنحوه. وفيه راو لم يتحرر اسمه عند واحد منهما، وبقية رجاله رجال الصحيح. أما البزار فقال: عن حفص أظنه ابن عبد الله عن هشام بن عروة. وقال أبو يعلى: عن فلان بن محمد بن خالد عن هشام". أما ما ذكر عن البزار، فإنه لم يقع له الراوي بنسبه، ووقع له باسم "حفص" فظنه "ابن عبد الله"، ولعله تصحف عليه في نسخته عن "جعفر" أو تصحف من الناسخين، فظنه "جعفر بن عبد الله بن زيد بن أسلم". و "جعفر بن عبد الله" هذا: مترجم في التهذيب، وذكر أنه وقع اسمه في بعض نسخ مسند مالك للنسائي "حفص بن عبد الله". وأيا ما كان فقد بان خطأ البزار في ظنه، وأن الراوي هو "جعفر بن محمد بن خالد الزبيري".
و "جعفر الزبيري"، راوي هذا الحديث: ذكر في الإسناد الثاني منسوبًا إلى جده، وهو جعفر بن محمد بن خالد، كما بينه ابن كثير، وكما ترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 1\ 1: 487 - 488، وابن حجر في لسان الميزان 2: 124. وترجمه البخاري في الكبير 1\ 2: 189 منسوبًا لجده، ثم قال: "قال لي خالد بن مخلد: حدثنا جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير بن العوام ... وقال معن: عن جعفر بن خالد".
والراجح عندي أنه "جعفر بن محمد بن خالد"، لما ذكرنا، ولأن ابن سعد ترجم لجده "خالد بن الزبير" 5: 137، وذكر أولاده، وفيهم "محمد الأكبر" و "محمد الأصغر"، ولم يذكر أن له ولدًا اسمه "جعفر".
وسيأتي أن يعل الطبري نفسه هذين الإسنادين بأن جعفرًا راويهما "ممن لا يعرف في أهل الآثار". ص: 89 وقد نقل ابن كثير أن البخاري قال فيه: "لا يتابع في حديثه"، وكذلك نقل الذهبي عنه في الميزان، وتبعه ابن حجر في لسان الميزان. ولكن البخاري ترجم له في التاريخ الكبير، فلم يقل شيئًا من هذا ولم يذكر فيه جرحًا، وكذلك ابن أبي حاتم لم يذكر فيه جرحًا، ولم يذكره البخاري ولا النسائي في الضعفاء. ونقل ابن حجر أن ابن حبان ذكره في الثقات. وأن يذكره البخاري في التاريخ دون جرح أمارة توثيقه عنده. وهذان كافيان في الاحتجاج بروايته. ولئن لم يعرفه الطبري في أهل الآثار لقد عرفه غيره.
وفي الإسناد الأول من هذين "محمد بن خالد ابن عثمة"، وقد ترجمه البخاري في الكبير 1\ 1: 73 - 74، وقال: "محمد بن خالد، ويقال: ابن عثمة، وعثمة أمه"، ونحو ذلك في الجرح والتعديل 3\ 2: 243، فينبغي أن ترسم "ابن" بالألف، وهي مرفوعة تبعًا لرفع "محمد" وأمه "عثمة" بفتح العين المهملة وسكون الثاء المثلثة. ومحمد بن خالد هذا: ثقة.)
انظر تفسير الطبري 1/ 84 - 89 بتحقيق محمود شاكر وأخيه أحمد
ـ[مرهف]ــــــــ[26 Jun 2004, 01:01 ص]ـ
بسم الله
أشكرك أخي أبا مجاهد على ردك العلمي، وأني آسف لتأخر جوابي وذلك أني كنت غائباً عن الملتقى بسبب الدراسة والأبحاث أكثر من ستة أشهر وأسأل الله تعالى أن لا يقطعني عن المللأستفيد منه(/)
أجوبة الشيخ / د. مساعد الطيارعلى أسئلة (ملتقى أهل الحديث)
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[14 May 2003, 06:21 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه إجابات لبعض الأسئلة التي طرحت في ملتقى أهل الحديث ((للشيخ مساعد الطيار وفقه الله))
وقد وعد بإكمال البقية إن تيسر له ذلك، نسأل الله أن ييسر له وقتا كافيا للإجابة عليها
=============
قال الشيخ وفقه الله:
إجابات ملتقى أهل الحديث
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن تبعه ووالاه إلى يوم الدين، أما بعد:
فأشكر الله ما أنعم به علي من نعمه الوافرة، وأشكره على ما فتح علي به من العلم بكتابه، وأسأله في ذلك المزيد، كما أسأله الإخلاص في القول والعمل، وان يجعل ما انعم به حجة لي لا عليَّ إنه وسميع مجيب.
ثم أشكر الإخوة القائمين على ملتقى أهل الحديث الذي يتميز بما فيه من الطرح العلمي الجادِّ، وأسأل الله لهم التوفيق والسداد، أشكرهم على حسن ظنهم بي، وعلى حرصهم على هذا اللقاء الذي أتمنى أن يكون كما أحبوه.
ثم أتوجه بالشكر لكل من سأل، وانتظر أن أجيب عليه، مع اعتذاري عن إجابة بعض الأسئلة، ولعله يكون لها زمن مناسب بعد حين.
وإني أتوجه إليهم وإلى كل أصحاب الطرح العلمي الجادِّ ممن يطرح رأيه في هذا الملتقى أو غيره أن يكون المراد من طرحه الوصول إلى الحقيقة العلمية، وليس الانتصار للأشخاص أو المشايخ، إذ كم تُحجبُ الأقوال الصحيحة بهذا السبب، وكم يمتنع قوم من طرح ما لديهم لأجل ألا يجابهوا بمثل هذا الردِّ الذي لا يعتمد الأسلوب العلمي، بل ينحى منحى التعصب للرأي، حتى ترى أنه يخرج في كثير من الأحيان إلى الأسلوب الخطابي المتهيج للرد على المخالفين، ويضمحلُّ الأسلوب العلمي بين الباحثين.
كما أن بعض الباحثين قد يرتجل في ردِّ مسألة، ثمّ يتبين له في قرارة نفسه خطؤها، وتراه بعد ذلك يُصرُّ على قوله المرتجل، ويصعب عليه النزوع عنه، وذلك مسلك غير حميد، وكما قيل: الرجوع إلى الحق فضيلة، ولا أشكُّ أن كثيرًا ممن في هذه الملتقيات الجادِّة قد اطَّلع على قصص رائعة من قصص السلف في التنازل عن الرأي الخطأ إذ نُبِّه عليه، إذ الإصرار غير المبرر على مسألة ظاهرٍ خطؤها مذمة للشخص من حيث لا يدري.
وأدعو الإخوة ونفسي إلى التثبت من نقل المعلومة، فكم ترى نسبة قولٍ إلى عالم من العلماء، ولا تكاد تراه قال به، لكن الباحث نقل ما فهم من كلامه، ونسبه إليه ظنًّا منه أنه قول له، فالحرص على نقل قول العالم بحذافيره أولى من تقويله القول بما فهمه الباحث.
وإنني أدعو إلى أن يكون بين أهل العلم اختلاف التغاير والتنوع، لا اختلاف التناقض والتضاد، وليعلم أنه لا يوجد أحد يستطيع أن يتسلط على فهم العباد، ويلزمهم بما لم يقتنعوا به، فإذا لم تقبل قولي أو لم أقبل قولك فليبق بيني وبينك الودُّ والصفاء، وإخاء الإيمان والولاء.
وأسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن اختارهم من بين خلقه، وجعلهم خيرته، وأن يرفعني وإياكم بالعلم والعمل، إنه سميع مجيب.
تنبيه:
لقد سلكت في بعض الأسئلة سبيل التوسع، أو الزيادة على ما أراده السائل من باب تتميم المنفعة والفائدة، وأرجو أن أكون قد وفقت في هذا، والله الموفق
التفسير الكبير للفخر الرازي من أوسع كتب التفسير، وقد حشاه مؤلفه بمباحث كثيرة جدًا تخرج به عن التفسير، حتى قيل فيه: فيه كل شيء إلا التفسير، وهذا من باب المبالغة لكثرة ما فيه من المباحث التي هي خارجة عن صلب التفسير، بل قد تكون ليست من علوم الشريعة.
والكتاب يُعدُّ من مراجع التفسير الكبيرة، وفيه فوائد كثيرة، ومسائل علمية نادرة، لكن لا يصلح أن يقرأ فيه إلا من كان عارفًا بعلم الاعتقاد، وضابطًا لعلم التفسير ليعرف كيف يستفيد منه.
وقد استفاد الرازي من كتب التفسير التي قبله، خصوصًا كتب المعتزلة، وقد يذكرها لينقدها، لكنه كما قيل: يورد الشبهة نقدًا، ويردها نسيئة. فهو قويٌّ في عرض الشبه، ضعيف في ردِّها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن أعلام المعتزلة الذين نقل عنهم: قطرب (ت: 206)، وأبو بكر الأصم، والجبائي (ت: 303)، والكعبي (ت: 319)، وأبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني (ت: 322)، والزمخشري (ت: 538).
وقد جعل العقل حجة عنده، فتراه يقدمه على النقل بدعوى التعارض بينهما، بل تراه يستخدمه في مجالات لا يُقبلُ فيها نقد العقل، كبعض الأحاديث الصحيحة الواردة في حق بعض الأنبياء، فهو يفندها من جهة العقل فحسب.
وقد استفاد في الوجوه البلاغية من تفسير الزمخشري على وجه الخصوص، لذا تراه يشقِّق سطرًا مضغوطًا بالمعلومات عند الزمخشري فيجعله في مسائل يبسط فيها البحث.
ومما ظهر في كتابه غير الأمور العقلية والفلسفية وبحوث العلوم التجريبية ما يأتي:
1 ـ الاعتناء بعلم المناسبات.
2 ـ الاستنباط في جميع المجالات.
3 ـ ذكر الملح واللطائف التفسيرية.
4 ـ العناية بجانب البلاغة القرآنية.
وهذا الكتاب من الكتب التي تحتاج إلى الاختصار الذي يقرِّبها للقارئ، ويبعد ما فيها من الاستطرادات العلمية التي لا تفيد جمهور القراء، والتي قد تكون مخالفة للاعتقاد. والله الموفق.
قال السائل: تناقش الإخوة في الملتقى حول صحة نسبة الكثير من تفسيرات ابن عباس (رضي الله عنهما) إليه، وخصوصاً تلك التي من طريق علي بن أبي طلحة عنه. فما قول فضيلتكم في ثبوت التفسير عنه؟
إن السؤال عن تفسير علي بن أبي طلحة يدخل في منظومة موضوع عامٍّ، وهو أسانيد روايات التفسير.
ومما قد لا يخفى أن التفسير قد نُقِلَ بروايات يحكم علماء الحديث عليها بالضعف أو ما هو أشد منه، لكن الذي قد يخفى هو كيفية تعامل هؤلاء العلماء مع هذه الروايات في علم التفسير.
ولتصوير الحال الكائنة في هذه الروايات، فإنك ستجد الأمر ينقسم بين المعاصرين وبين السابقين.
فالفريق الأول: بعض المعاصرين يدعو إلى التشدد في التعامل مع مرويات السلف في التفسير.
والفريق الثاني: جمهور علماء الأمة من المحدثين والمفسرين وغيرهم ممن تلقَّى التفسير واستفاد من تلك الروايات، بل قد اعتمدها في فهم كلام الله.
هذه صورة المسألة عندي، والظاهر أن الاستفادة من هذه المرويات، وعدم التشدد في نقدها إسناديًا هو الصواب، وإليك الدليل على ذلك:
1 ـ أنك لا تكاد تجد مفسرًا من المفسرين اطرح جملة من هذه الروايات بالكلية، بل قد يطرح أحدها لرأيه بعدم صحة الاعتماد عليها، ومن أشهر الروايات التي يُمثَّل بها هنا رواية محمد بن مروان السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.
2 ـ أن المفسرين اعتمدوا اعتمادًا واضحًا على هذه المرويات، سواءً أكانوا من المحررين فيه كالإمام الطبري وابن كثير، أم كانوا من نَقَلَةِ التفسير كعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وهؤلاء قد أطبقوا على روايتها بلا نكير، مع علمهم التام بما فيها من الضعف.
ولا يقال كما قد قال من قال: إن منهج الإمام الطبري في هذه الروايات الإسناد، وإن ليس من منهجه الصحة اعتمادً على قاعدة من أسند فقد أحالك.
ففي هذه المقولة غفلة واضحة عن منهج الإمام الطبري الذي لم ينصَّ أبدًا على هذا المنهج في تفسيره، والذي اعتمد على هذه المرويات في بيان معاني كلام الله، وفي الترجيح بين أقوال المفسرين، ولم يتأخر عن ذلك إلا في مواضع قليلة جدًّا لا تمثِّل منهجًا له في نقد أسانيد التفسير، أعني أنَّ الصبغة العامة رواية هذه الآثار والاعتماد عليها في بيان كلام الله.
وقس على الإمام الطبري غيره من المفسرين الذين اعتمدوا هذه المرويات في التفسير.
3 ـ أنَّ أئمة المحدثين لهم كلام واضح بين في قبول هذه الروايات واحتمالها والاعتماد عليها؛ لأنهم يفرقون بين أسانيد الحلال والحرام وأسانيد غيرها من حيث التشديد والتساهل، ونصوصهم في ذلك واضحة، ومن ذلك:
قال عبد الرحمن بن مهدي:» إذا روينا في الثواب والعقاب وفضائل الأعمال = تساهلنا في الأسانيد، وتسامحنا في الرجال. وإذا روينا في الحلال والحرام والأحكام = تشدَّدنا في الأسانيد وانتقدنا الرجال «().
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد انجرَّ هذا التَّساهل على روايات التفسير، فاحتملوا قومًا معروفين بضعفهم في نقل الحديث، فقبلوا عنهم ـ من حيث الجملة ـ رواياتهم، قال يحيى بن سعيد القطان:» تساهلوا في التفسير عن قومٍ لا يوثِّقونهم في الحديث، ثمَّ ذكر ليث بن أبي سليم، وجويبر بن سعيد، والضحاك، ومحمد بن السائب؛ يعني: الكلبي.
وقال: هؤلاء يُحمد حديثهم (كذا، ولعل الصواب: لا يحمد)، ويُكتب التفسير عنهم «().
وقال البيهقيُّ (ت: 458):» … وأما النوع الثاني من الأخبار، فهي أحاديث اتفق أهل العلم بالحديث على ضعف مخرجها، وهذا النوع على ضربين:
ضرب رواه من كان معروفًا بوضع الحديث والكذب فيه، فهذا الضرب لا يكون مستعملاً في شيء من أمور الدين إلا على وجه التليين ….
وضرب لا يكون راويهِ متَّهمًا بالوضع، غير أنه عُرفَ بسوء الحفظِ وكثرة الغلطِ في روايته، أو يكون مجهولاً لم يثبت من عدالته وشرائط قبول خبره ما يوجب القبول.
فهذا الضرب من الأحاديث لا يكون مستعملاً في الأحكام، كما لا تكون شهادة من هذه صفته مقبولةً عند الحكَّام. وقد يُستعمل في الدعوات، والترغيب والترهيب، والتفسير، والمغازي؛ فيما لا يتعلق به حكمٌ «().
4 ـ ومما يُعلمُ من نقد الأسانيد أنَّ المحدِّثينَ قد فرَّقوا في نقدِهم لبعض الأعلامِ، فجعلوه في نقل الحديث من المجروحين المتكلَّمِ فيهم، وأثنوا عليه في علمٍ برعَ هو فيه، بل قد يكون فيه إمامًا يُؤخذُ قوله في ذلك العلم، وهذا يعني أنَّ تضعيفه في روايةِ الحديث لم ينجرَّ إلى تضعيفه في ذلك العلمِ الآخرِ، ومن الأمثلة التي يمكنُ أن تُضربَ في هذا ما يأتي:
1 ـ عاصم بن أبي النَّجود الكوفي (ت: 128)، قال عنه ابن حجر العسقلاني (ت: 852):» صدوق له أوهام، حجة في القراءة، وحديثه في الصحيحين مقرون «().
2 ـ حفص بن سليمان الأسدي (ت: 180) الراوي عن عاصم بن أبي النَّجود (ت: 128)، قال عنه الذَّهبي (ت: 748) ـ بعد أن ذكر جرح علماء الحديث فيه ـ:» قلت: أما في القراءةِ، فثقة ثبت ضابط، بخلاف حاله في الحديث «().
وقال ابن حجر العسقلاني (ت: 852):» متروك الحديث مع إمامته في القراءة «().
3 ـ نافع بن أبي نعيم المدني (ت: 169):» صدوق ثبت في القراءة «().
4 ـ عيسى بن ميناء المدني، المعروف بقالون (ت: 220)، أحد راويَي نافع المدني (ت: 169)، قال عنه الذهبي:» أما في القراءةِ فثبتٌ، وأما في الحديث فيكتب حديثه في الجملة. سئل أحمد بن صالح المصري عن حديثه فضحك، وقال: تكتبون عن كلِّ أحدٍ! «().
5 ـ حفص بن عمر الدُّوري (ت: 246)، قال ابن حجر (ت: 852):» لا بأس به «().
وقال ابن الجزري (ت: 833):» إمام القراءة، وشيخ الناس في زمانه، ثقة ثبت كبير ضابط «().
ولا يبعد أن يكونَ بعضُ المتميِّزينَ في علمٍ من العلومِ لا يكاد يُعرفُ لهم روايةٌ للحديثِ؛ كعثمان بن سعيد الملقب بورش (ت: 197) أحد راويَي قراءة نافع المدني (ت: 169).
فإذا كان ذلك واضحًا في علمِ القراءةِ، فإن علم التفسير لم يوجد له كتبٌ تخصُّ طبقات المفسرين وتنقدُ روايتهم على وجه الخصوصِ، بخلاف ما وُجِدَ من علم القراءة الذي تميَّزَ تميُّزًا واضحًا عند الترجمة لأحد القراء كما تلاحظُ في الأمثلة السابقةِ.
ولذا لا تجد في الكلام عن المفسرين سوى الإشارة إلى أنهم مفسرون دون التنبيه على إمامتهم فيه وضعفهم في غيره كما هو الحال في نقد القراء، وإذا قرأت في تراجم المحدثين ستجد مثل هذه العبارات:» المفسر، صاحب التفسير «، ومن ذلك:
قال الذهبي (ت: 748):» مجاهد بن جبر، الإمام، أبو الحجاج، مولى السائب بن أبي السائب المخزومي، المكي، المقرئ، المفسر، أحد الأعلام «().
قال الخليلي:» … ورواه شيخ ضعيف، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، وهو إسماعيل ابن أبي زياد الشامي صاحب التفسير «().
وقال:» مقاتل بن سليمان صاحب التفسير خراساني محله عند أهل التفسير والعلماء محل كبير واسع العلم لكن الحفاظ ضعفوه في الرواة «().
قال ابن سعد:» أبو مالك الغفاري صاحب التفسير، وكان قليل الحديث «().
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن سعد:» أبو صالح واسمه باذام، ويقال باذان، مولى أم هانئ بنت أبي طالب، وهو صاحب التفسير الذي رواه عن ابن عباس، ورواه عن أبي صالح الكلبيُّ محمد بن السائب «().
قال ابن سعد:» إسماعيل بن عبد الرحمن السدي صاحب التفسير، مات سنة سبع وعشرين ومائة «().
قال ابن سعد:» أبو روق واسمه عطية بن الحارث الهمداني من بطن منهم يقال لهم بنو وثن من أنفسهم، وهو صاحب التفسير، وروى عن الضحاك بن مزاحم وغيره «().
قال ابن سعد:» مقاتل بن سليمان البلخي صاحب التفسير، روى عن الضحاك بن مزاحم وعطاء وأصحاب الحديث يتقون حديثه وينكرونه «().
قال الخطيب البغدادي:» قال يحيى بن معين السدى الصغير صاحب التفسير محمد بن مروان مولى الخطابيين ليس بثقة «().
قال الخطيب البغدادي:» يزيد بن حيان الخراساني أخو مقاتل بن حيان صاحب التفسير «().
ويظهر أنَّ سبب عدم تمييز نقد المفسرين على وجه الخصوص أمران مشتركان لا ينفكان عن بعضهما:
الأول: أن رواية التفسير كانت مختلطةً برواية الحديث في كثير من الأحيان.
الثاني: أن كثيرًا من رجال الإسناد في التفسير هم من نقلة السنة النبوية، فكان الحديث في نقدهم والحكم عليهم من جهة التفسير والحديث واحدًا.
لكن المحدثين لم يجعلوا مقاييس قبولهم لروايات الحديث كمقاييس قبولهم لروايات التفسير، وإن كانوا حكموا على بعض روايات التفسير بالضعف كما سبقت الإشارة إلى كلام بعضهم في هذا التفريق.
لكن قد يقع أنَّ بعض روايات التفسير تكون متمحِّضةً فيه، ولا تكادُ تجدُ أسانيدها إلا في علم التفسيرِ، وقد لا ترى بواسطتها روايةً لحديث نبويٍّ، وإن وُجِدَ فهو قليلٌ، ومن أمثلةِ ذلك رواية العوفييِّن التي تنتهي بعطيَّة العوفي (ت: 111) عن شيخه ابن عباسٍ (ت: 68)، وهي روايةٌ مسلسلةٌ بالضُّعفاءِ ()، وأمرها مشهورٌ معروفٌ في التفسيرِ، لكن لاتجدُ روايةَ أحاديث بهذه السلسلةِ العوفيَّةِ.
5 ـ ولعلَّ مما يبيح تساهل التعامل مع أسانيد المفسرين من جهة الإسناد أن كثيرًا من روايات التفسير روايات كتبٍ، وليست روايات تلقين وحفظٍ؛ لأنك لا تكاد تجد اختلافًا بين ما رواه نقلة هذه المرويات بهذه الأسانيد.
ولذا تجدهم ينسبون التفسير إلى من رواه مدوَّنًا كتفسير عطية العوفي (ت: 111) عن ابن عباس (ت: 68)، وتفسير السدي (ت: 128) عن بعض أشياخه، وتفسير قتادة (ت: 117) الذي يرويه سعيد ابن أبي عروبة ومعمر بن راشد، وتفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (ت: 68)، وتفسير عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (ت: 182)، وغيرها من صحف التفسير.
وإذا كان كثير من هذه الروايات رواية الكتاب فإن هذا يجعلها صالحة للاعتمادُ، أو الاستئناسُ بها من حيث الجملةِ.
ومن باب المناسبة أذكر أن صحف التفسير من البحوث التي لم تطرح حتى الآن، فياحبذا لو تولاَّها أصحاب هذا الشأن.
6 ـ أنه مما يتبع هذه المسألة أنه قد اشتهر بعض هؤلاء الأعلام في التفسير إما رواية وإما دراية، ويجب أن لا ينجرَّ الحكم عليه في مجال الرواية إلى مجال الدراية، بل التفريق بين الحالين هو الصواب، فتضعيف مفسر من جهة الرواية لا يعني تضعيفه من جهة الرأي والدراية، لذا يبقى لهم حكم المفسرين المعتبرين، ويحاكم قولهم من جهة المعنى، فإن كان فيه خطأ رُدَّ، وإن كان صوابًا قُبِلَ.
إذا تأمَّلت هذه المسألة تأمُّلاً عقليًّا، فإنَّه سيظهر لك أنَّ الرأي لا يوصف بالكذب إنما يوصف بالخطأ، فأنت تناقش قول فلان من جهة صحته وخطئه في المعنى، لا من جهة كونه كاذبًا أو صادقًا؛ لأن ذلك ليس مقامه، وهذا يعني أنَّك لا ترفضُ هذه الآراء من جهة كون قائلها كذابًا في الرواية، إنما من جهة خطئها في التأويلِ.
وهذا يعني أنَّ الحكم على الكلبيِّ (ت: 146)، ومقاتل بن سليمان (ت: 150) بالكذب من جهة الرواية، لا يعني أنَّك لا تأخذ بقولِهما الذي هو من اجتهادهما في التفسيرِ، بل إذا ظهرت عليه أمارات الصِّحةِ من جهة المعنى يُقبلُ، ولا يردُّ لكون صاحبه كذَّابًا. وكذا الحال في من وُصِفَ بالضَّعف في روايته؛ كعطيَّةَ العوفي (ت: 111)، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم (ت: 182)، وغيرهما.
وغياب هذه القضيةِ يوقعُ في أمرين:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأول: طرحُ أراء هؤلاء المفسرين، وهم من أعلام مفسري السلف.
الثاني: الخطأ في الحكم على السندِ الذي يروى عنهم، فيُحكم عليه من خلال الحكم عليهم، وهم هنا ليسوا رواةً فيجرى عليهم الحكم، بل القول ينتهي إليهم، فأنت تبحث في توثيق من نقل عنهم، ومن الأمثلة التي وقع فيها بعض الباحثين الفضلاء:
قال ابن أبي حاتم:» حدثنا أبي، قال: حدثنا الحسن بن الربيع، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، ثنا محمد بن إسحاق، قوله:] الحي القيوم [] آل عمران: 2 [: القائم على مكانته الذي لا يزول، وعيسى لحم ودم، وقد قضى عليه بالموت، زال عنة مكانه الذي يحدث به «().
ولما درس المحقق رجال الإسناد خرج بما يأتي:
الحسن بن الربيع ثقة، وعبد الله بن إدريس ثقة، ومحمد بن إسحاق صدوق، ثمَّ قال في نتيجة الحكم:» درجة الأثر: رجاله ثقات، إلا ابن إسحاق صدوق، فالإسناد حسنٌ «().
فجعل الإسناد حسنًا بسبب ابن إسحاق، وهذا الحكم فيه نظر، إذ الصحيح أن يُحكم على الإسناد بأنه صحيح؛ لأنَّ الذين نقلوه عن ابن إسحاق هم الذين يتعرَّضون للتعديل والتجريح، أما قائل القول، فلا يدخل في الحكم.
7 ـ إن من تشدد في نقد أسانيد التفسير، فإن النتيجة التي سيصل إليها أنَّ كثيرًا من روايات التفسير ضعيفة، فإذا اعتمد الصحيح واطَّرح الضعيف فإن الحصيلة أننا لا نجد للسلف إلا تفسيرًا قليلاً، وهم العمدة الذين يعتمدون في هذا الباب، فإذا كان ذلك كذلك فمن أين يؤخذ التفسير بعدهم؟!
لقد طرحت هذه المسألة على بعض من يرى أنه يجب التشدد أسانيد التفسير، وتنقية كتب التفسير من الضعيف والإسرائيليات، والخروج بتفسير صحيح الإسناد عن السلف يُحتكم إليه، فقلت له: أنت تعلم أنَّ اتباع هذا المنهج سيخرج كثيرًا من روايات التفسير، وأنه قد لا نجد في بعض الآيات تفسيرًا محكيًا عن السلف سوى ما طرحته، فمن أين ستأخذ التفسير؟
قال: نرجع للغة، لأن القرآن نزل بلغة العرب.
قلت له: فممن ستأخذ اللغة؟
قال من كتبها وأعلامها؛ من الخليل بن أحمد والفراء وأبي عبيدة وغيرهم.
فقلت له: أنت طالبت بصحة الإسناد في روايات التفسير، فلم لم تعمل بها في نقل هؤلاء وحكايتهم عن العرب، فأنا أطالبك بأن تصحح الإسناد في نقل هؤلاء أن معنى هذه اللفظة هو كذا عند العرب نقلاً صحيحًا متصلاً من الفراء وغيره إلى ذلك العربي الذي علَّمه ذلك.
فهل يا تُرى أن هذا المنهج صحيح؟
إنَّ طبيعة العلوم تختلف، فإثبات السنة النبوية، وإلزام الناس بها ليس كإثبات اللغة، فاللغة تثبت بما لا يثبت به الحديث، وكذا الحال في التفسير، فإنه يثبت بما لا يثبت به الحديث، والاعتماد على هذه الروايات جزءٌ أصيل من منهجه لا ينفكُّ عنه، ومن اطَّرحها فقد مسخ علم التفسير.
8 ـ إن التفسير له مقاييس يعرف بها عدا مقاييس الجرح والتعديل، إذ التفسير يرتبط ببيان المعنى، وإدراك المعنى يحصل من غير جهة الحكم على الإسناد، لذا فإن عرض التفسير على مجموعة من الأصول تبين صحيحه من ضعيفة، كالنظر في السياق والنظر في اللغة، والنظر في عادات القرآن والنظر في السنة ... الخ
وقد أشار البيهقي إلى هذا الملحظ فقال:» وإنما تساهلوا في أخذ التفسير عنهم لأن ما فسروا به؛ ألفاظه تشهد لهم به لغات العرب، وإنما عملهم في ذلك الجمع والتقريب فقط «().
ومن قرأ في كتب التفسير ومارس تدريسه أدرك هذا المعنى، وإلا لرأيته يقف كثيرًا حتى يتبين له صحة هذه المرويات ليعتمد عليها، وفي هذه الحال أنَّى له أن يفسِّر.
9 ـ ومما يحسن ملاحظته هنا أنَّ التفسير المنقول بطرق فيها ضعف له فوائد، منها أن يكون المعنى الذي يحمله التفسير مما قد اشتهر بين السلف فيستفاد منه في حال الجدل مع المعارضين، خصوصًا إذا كان في مجال الاعتقاد؛ لذا ترى بعض العلماء ينص على أنَّ بعض المعاني الباطلة في التفسير المرتبطة بالمعتقد = لم تثبت لا بالطرق الصحيحة ولا الضعيفة.
10 ـ وأخيرًا، فإني أرى في هذه المسألة التي يطول فيها الجدل أن يُفرَّق بين الاعتماد التام على منهج أهل الحديث في نقد الروايات وبين الاستفادة منه، فالصحيح أن يُستفاد منه، ويأتي وجه الاستفادة منه في حالات معينة؛ كأن يكون في التفسير المروي غرابة أو نكارة وشذوذًا ظاهرًا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن أمثلة ذلك ما تراه من فعل الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى:] إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [] المائدة: 55 [حيث تتبع أسانيد المرويات ونقدها، لكنك تجده في مواطن أخرى يرويها ولا ينقدها، وما ذاك إلا لما في الخبر المنقول في هذه الآية من النكارة التي جعلته يتتبع الإسناد، أما في غيرها فالأمر محتمل من جهة المعنى وليس فيها ما ينكر فقبله، والله أعلم.
وهذا الموضوع له جوانب أخرى، وهو يحتاج إلى تأصيل وتمثيل، ولعل فيما طرحته غنية، وأسأل الله لي ولكم التوفيق والصواب في القول والعمل.
وقوف المصاحف
قال السائل: ما رأيكم بالعلامات الموجودة في المصاحف الآن ,وهل يجب أن يلتزم بها القارئ للقرآن؟
الجواب: إن الأصل في وقوف القرآن أنَّها مبنية على الاجتهاد، وليس هناك وقف يحرم أو يجب إلا بسببٍ.
ومبنى الوقوف على المعنى، لذا يعاب على من لم يحرر المعاني في الوقوف، لكنه لا يصل بعمله هذه إلى الحرمة.
والحرمة والوجوب تحتاج إلى دليل شرعي؛ إذ أنها تدل على فعل شيء يخالف الشريعة، وليس ذلك في الوقوف القبيحة التي حكم العلماء عليها بالقبح.
وتعمد الوقف على ما لا يحسن الوقف عليه فعل قبيح بلا إشكال، لكنه لا يصل إلى حدِّ الحرمة إلا إذا كان يعتقد ذلك المعنى القبيح، وإذا كان يعتقد ذلك المعنى القبيح فإنه آثم سواءً أكان في حال قراءة أم كان في غيرها.
فمن وقف على قوله:] يد الله مغلولة [، وهو يعتقد هذا المعنى ويريده، فهو آثم باعتقاده قبل وقفه، والله أعلم.
أما التزام القارئ بها من أجل تحسين الأداء وتبيين المعاني، فإنها إنما جُعلت لهذا الغرض، وإذا كان هذا هو الغرض منها فالتزامها أولى من تركها، مع مراعاة أن تركها ليس فيه إثمٌ.
وهذه العلامات الموجودة في المصاحف مأخوذة من وقوف السِّجاوندي (ت: 560) من كتابه الكبير (علل الوقوف)، ووقوفه هي: الوقف اللازم، وعلامته (م)، والوقف المطلق، وعلامته (ط)، والوقف الجائز، وعلامته (ج)، والوقف المجوز لوجه، وعلامته (ز)، والمرخص ضرورةً، وعلامته (ص)، وما لا يوقف عليه، وعلامته (لا).
وقد بقيت هذه الوقوف إلى هذا العصر، وهي المعمول بها في مصاحف الأتراك والقارة الهندية.
أما المصحف المصري وما انبثق عنه كمصحف المدينة النبوية المطبوع بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، فإنه استفاد من وقوف السجاوندي وإن كان خالفه في بعض مواطن الوقف أو في الزيادة عليه في المصطلحات التي هي في الحقيقة نابعة منه، ووقوف هذه المصاحف هي: الوقف اللازم، وعلامته (م)، والوقف الجائز، وعلامته (ج)، والوقف الأولى، وعلامته (قلى)، والوصل الأولى، وعلامته (صلى)، ووقف المعانقة، وعلامته ( .. .. ) ثلاث نقاط على جملة المعانقة أو كلمتها، والوقف الممنوع، وعلامته (لا).
ولعلك تلاحظ أنه لا يوجد فيها الوقف المطلق والوقف المرخص ضرورة والوقف المجوز لوجه التي هي من وقوف السجاوندي. كما تجد في المصحف المصري ومن تبعه وقف المعانقة والوقف الأولى والوصل الأولى، وهذه لم ينص عليها السجاوندي، لكن بالنظر إلى أنواع الوقف الجائز عنده وباستقراء علله تجد أنها موجودة عنده، وإن لم ينصَّ عليها.
وباستقراء تطبيقات الوقف الجائز عند السجاوندي (ت: 560) ظهر أنه على مراتب ثلاثٍ:
1 ـ ما يستوي فيه موجب الوقف وموجب الوصل، وهو الذي اصطلح عليه بأنه (الجائزُ).
2 ـ ما يكون الوصل فيه أولى من الوقف، وهو الذي اصطلح عليه بأنه (المجوز لوجه).
والوقف المجوز لوجه عنده: ما تكون علة الوصل فيه أقوى من علة الوقف، لكن يجوز الوقف لأجل هذه العلة المرجوحة.
3 ـ ما يكون الوقف فيه أَولى من الوصل، وهذا القسم لم يذكر له مصطلحاً كالسابقين، غير أنه ظهر عنده في تطبيقاته، حيث ينصُّ في بعض مواطن الوقوف على جواز الوصل والوقف، ويرجح الوقف على الوصل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن أمثلة ذلك الوقف على لفظ " أزواجًا " الثاني من قوله تعالى:] فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجا يَذْرَأُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [حيث حكم عليه بالجواز، وقال في عِلَّةِ ذلك الوقف الجائز:» لأن الضمير:] فيه [قد يعود إلى الأزواج الذي هو مدلول قوله:] أزواجًا [، والأصح أنه ضمير الرَّحِم، وإن لم يسبق ذكره، فكان الوقف أوجه «.
% وأما وقف التعانق أو المعانقة المرموز له بالنقاط الثلاث، فقد كان يسمى عند المتقدمين وقف المراقبة، وأول من نبه عليه أبو الفضل الرازي (ت: 454) ().
وعرَّفه أبو العلاء الهمذاني (ت: 569)، فقال:» المراقبة بين الوقفين: أن لا يثبتا معًا، ولا يسقطا معًا، بل يُوقف على أحدهما «().
وقد أشار إلى هذا الوقف السجاوندي (ت: 560) في قوله تعالى:] فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ % مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ... [] المائدة: 31 ـ 32 [.
قال:» ... ] النادمين [ج.] من أجل ذلك [ج، كذلك؛ أي هما جائزان على سبيل البدل، لا على سبيل الاجتماع؛ لأن تعلُّق] من أجل [يصلح بقوله:] فأصبح [، ويصلح بقوله:] كتبنا [، وعلى] أجل ذلك [أجوز؛ لأن ندمه ـ من أجل أنه لم يوارِ ـ أظهر «.
وهذه الوقوف لا ينبغي التهييج عليها لانتشارها بين المسلمين في مصاحفهم، وليس فيها ما يوجب الخطأ المحض، إذ هي اجتهادات اجتهد فيها علماء أفذاذ، واتباعها أولى من تركها.
كما أنَّ من كان له اجتهاد وخالفهم في أماكن الوقف أو في مصطلحاته فإنه لا يشنَّع عليه أيضًا.
لكن لا تُجعل اجتهادات الآخرين في الوقوف سبيلاً إلى التشنيع على وقوف المصحف، ولو ظهرت صحتها؛ لأنَّ في ذلك استطالة على جلالة المصحف، وجعل العمل فيه عرضة للتغير، وذلك ما لا ينبغي.
لكن لو عمل الإنسان لنفسه وقوفًا خاصة به لرأي رآه، واجتهاد اجتهده، فإنه لا يثرَّب عليه أيضًا؛ لأن أصل المسألة كله مبناه الاجتهاد.
قال السائل: ما رأيكم بما يسمى الآن بالإعجاز العلمي للقرآن , وهل يدخل تحت علوم القرآن؟
الجواب: إن هذه المسألة تعتبر من المسائل العلمية التي حدثت في هذا العصر، والموضوع أكبر من أن يجاب عنه في مثل هذا الموضع، لكن أستعين بالله، وأذكر من ما يفتح الله به عليَّ.
1 ـ إنَّ هذا الموضوع يدخل تحت التفسير بالرأي، فإن كان المفسر به ممن تأهل وعَلِمَ، كان تفسيره محمودًا، وإن لم يكن من أهل العلم فإن تفسيره مذموم، وإن كان قد يصل إلى بعض الحقِّ.
2 ـ إنَّ الإعجاز العلمي يدخل في ما يسمى بالإعجاز الغيبيي، وهو فرع منه، إذ مآله الإخبار بما غاب عن الناس فترة من الزمن، ثمَّ علمه المعاصرون.
وإذا تحقَّق ذلك، فليعلم أنَّ هذا النوع من الإعجاز ليس مما يختص به القرآن وحده، بل هو موجود في كل كتب الله السابقة؛ لأنَّ الإخبار في هذه الكتب عن الحقائق الكونية لا يمكن أن يختلف البتة.
وعدم وجود ما يطابق علم القرآن في كتبهم التي بين يديهم إنما هو لتحريفهم لها، فلينتبه لذلك.
ومن باب إيضاح هذه المسألة بالذات؛ يقال: إنَّ كتب الله السابقة توافق القرآن في جميع ما يتعلق بوجوه الإعجاز المذكورة عدا ما وقع به التحدِّي، إذ لم يرد نصُّ صريح يدل على أنه قد تُحدِّي الأقوام الذين نزل عليهم كتب، كما هو الحال بالنسبة للقرآن.
3 ـ إن قصارى الأمر في مسألة الإعجاز العلمي أنَّ الحقيقة الكونية التي خلقها الله، وافقت الحقيقة القرآنية التي تكلم بها الله، وهذا هو الأصل؛ لأنَّ المتكلم عن الحقيقية الكونية المخبر بها هو خالقها، فلا يمكن أن يختلفا البتة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكل ما في الأمر أنَّ هذه الحقيقة الكونية كانت غائبة من جهة تفاصيلها عن السابقين، فمنَّ الله على اللاحقين بمعرفة هذه التفاصيل، فكشفوا عنها، وأثبتوا حقيقة ما جاء في القرآن من صدق، فكان اكتشاف ذلك من دلائل صدق القرآن الذي أخبر عنها بدقة بالغة، لم تظهر تفاصيلها إلا في هذا العصر الذي نبغ فيه سوق البحث التجريبي الذي صارت دولته إلى الكفار دون المسلمين، فصاروا إذا ما اكتشفوا أمرًا جديدًا عليهم سارع المعتنون بالإعجاز العلمي لإثبات وجوده في نصوص القرآن.
4 ـ إن كثيرًا ممن كتب في الإعجاز العلمي ليس ممن له قدم في العلم الشرعي فضلاً عن علم التفسير، وكان من أخطار ذلك أن جُعلت الأبحاث في العلوم التجريبية أصلاً يُحكم به القرآن، وتأوَّل آياته لتتناسب مع هذه النظريات والفرضيات.
وكل من دخل إلى التفسير وله أصل، فإن أصله هذا سيؤثر عليه، وسيقع في التحريف، كما وقع التحريف عند المعتزلة الذين جعلوا العقل المجرد أصلاً يحتكمون إليه، وكما وقع لغيرهم من الطوائف المنحرفة.
والذي يدل على وقوع الانحراف في هذا الاتجاه الحرص الزائد على إثبات حديث القرآن عن كثير من القضايا التي ناقشها الباحثون التجريبيون.
5 ـ إن كتاب الله أعلى وأجل من أن يجعل عرضة لهذه العقول التي لم تتأصل في علم التفسير، فأين هم من قول مسروق:» اتقوا التفسير، فإنما هو الرواية عن الله «.
6 ـ إنَّ في نسب الإعجاز، أو التفسير إلى» العلمي «فيها خلل كبير، وأثر من آثار التغريب الفكري، فهذه التسمية منطلقة من تقسيم العلوم إلى أدبية وعلمية، كما هو الحال في المدارس الثانوية سابقًا، وفي الجامعات حتى اليوم، وفي ذلك رفع من شأن العلوم التجريبية على غيرها من العلوم النظرية التي تدخل فيها علوم الشريعة.
وإذا كان هذا يسمى بالإعجاز العلمي، فما ذا يسمى الإعجاز اللغوي، أليس إعجازًا علميًا، أليست اللغة علمًا، وقل غيرها في وجوه الإعجاز المحكية.
لا شكَّ أنها علوم، لكنها غير العلم الذي يريده الدنيويون الغربيون الذين أثروا في حياة الناس اليوم، وصارت السيادة لهم.
ومما يؤسف له أن يتبعهم فضلاء من المسلمين في هذا المصطلح دون التنبه لما تحته من الخطر والخطأ.
7 ـ ومما يلاحظ في أصحاب الإعجاز العلمي عدم مراعاة مصطلحات اللغة والشريعة، ومحاولة تركيب ما ورد في البحوث التجريبية على ما ورد في القرآن، ومن الأمثلة على ذلك أن القرآن يذكر عرشًا وكرسيِّا وقمرًا وشمسًا وكواكب ونجومًا وسموات سبع، من الأرض مثلهن ... الخ
ومصطلحات العلم التجريبي المعاصر زادت على هذه، وذكرت لها تحديدات وتعريفات لا تُعرفُ في لغة القرآن ولا العرب، فحملوا ما جاء في القرآن عليها، وشطَّ بعضهم فتأوَّل ما في القرآن إلى ما لم يوافق ما عند الباحثين التجريبين المعاصرين.
فبعضهم جعل السموات السبع هي الكواكب السبع السيارة، وجعل الكرسي المجرات التي بعد هذه المنظومة الشمسية، والعرش هو كل الكون.
وآخر يجعل ما تراه من نجوم السماء التي أقسم الله بها وأخبر عن عبوديتها، وجعلها علامات؛ يجعل ما تراه مواقع النجوم، وإلا فالنجوم قد ماتت منذ فترة. إلى غير ذلك من التفسيرات الغريبة التي تجيء مرة باسم الإعجاز العلمي، ومرة باسم التفسير العلمي ... الخ من المسميات.
وكل هذا الجهد إنما هو لأجل التوفيق بين ما يسمونه علمًا، وبين ما جاء في القرآن.
ولقد كان لهذه القضية سلفٌ كالفلاسفة الذين عاشوا في ظلِّ الإسلام حين أرادوا أن يوفِّقوا بين ما في القرآن وبين ما في الفلسفة مما يسمونه حقيقة.
8 ـ إنَّ بعض من نظَّر للإعجاز العلمي، وضع قاعدة، وهي أن لا يفسَّر القرآن إلا بما ثبت حقيقة علمية لا تقبل الشكَّ، لئلا يتطرق الشك إلى القرآن إذا ثبت بطلان فرضية فسِّرت بها آية.
وهذا القيد خارجٌ عن العمل التفسيري، ولا يتوافق مع أصول التفسير، وهو قيد يلتزم به مقيِّده ـ وإن لم يكن في الواقع قد التزمه كثيرون ممن بحث في هذا الموضوع ـ ولا يُلزِمُ به المفسِّرَ؛ لأنَّ التفسير أوسع من الإعجاز.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن عجيب الأمر أن بعضهم يؤكد على هذه القاعدة، ويجعل المقام في الإعجاز مقام تحدٍ للكفار، ويقول: ... أن القرآن الذي أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة على النبي الأمي r في أمة غالبيتها الساحقة من الأميين ـ يحوي من حقائق هذا الكون ما لم يستطع العلماء إدراكه إلا منذ عشرات قليلة من السنين
هذا السبق يستلزم توظيف الحقائق، ولا يجوز أن توظف فيه الفروض والنظريات إلا في قضية واحدة وهي قضية الخلق والإفناء ... لأن هذه القضايا لا تخضع للإدراك المباشر للإنسان، ومن هنا فإن العلم التجريبي لا يتجاوز فيها مرحلة التنظير، ويبقى المسلم نور من كتاب ربه أو من سنة رسوله r يعينه على أن يرتقي بإحدى تلك النظريات إلى مقام الحقيقة، ونكون بذلك قد انتصرنا للعلم بالقرآن الكريم أو بالحديث النبوي الشريف، وليس العكس. انتهى كلامه.
ولعلك ترى كيف أن هذا القائل ينقض قاعدته في نفس كلامه عنها، إذ يمكن أن يستخدم غيره هذا الضابط الذي خرم به القاعدة في الحديث عن الخلق والإفناء كما استخدمه هو، وبهذا فإنه لا يوجد قاعدة تخصُّ الإعجاز العلمي على هذا السبيل؛ إذ يمكن أن تكون كثير من فرضيات البحوث التجريبية مما لا تخضع للإدراك البشري، ثم نصححها لورود ما يدل عليها من القرآن اجتهادًا أن هذه الآية تشهد لتلك النظرية.
وهنا مسألة مهمة، وهي من الذي يُثبتُ أنَّ هذه القضية صارت حقيقةً لا فرضية؟
أي: من هو المرجع في ذلك؟ أيكفي أن يُحدِّثَ بها مختصٌّ، أتكفي فيها دراسةٌ بحثيةٌ، أتحتاج إلى إجماعٍ من المختصين؟
هذه المسألة من أولى ما يجب أن يعتني به من يريدون تفسير القرآن بالحقائق التي أثبتها البحث التجريبي المعاصر.
وفي نظري أنَّ هذا هو أول ما يجب على الباحث تأصيله وتأكيد ثبوته من جهة البحث التجريبي، فإذا ثبت ذلك له، انتقل من يريد الحديث عن ما يسمى بالإعجاز العلمي إلى المرحلة الثانية، وهي تعلُّم التفسير وأصوله لئلا يشتطوا في تفسيراتهم، أو يلووا أعناق النصوص إلى ما يريدون.
9 ـ أما بالنسبة للمفسر، فإنه لا يمكنه أن ينكر ما يُحكمُ بثبوته من حقائق العلم التجريبي؛ لأنه لا يملك الأدوات التي يصل بها إلى أن يثبت أو ينكر، وهذه الأدوات متكاملة عند الباحثين التجريبيين، وإن أخذها منهم، فإنما يأخذها ثقة به فيهم لا غير.
وعمل المفسِّر هنا أن يرى صحة انطباق تلك القضية على ما جاء في القرآن من جهة دلالة اللغة والسياق وغيرها، أي أن عمله عمل تفسيري بحت، وهو يمتلك أدواته بخلاف كثير ممن كتب في ما يسمى بالإعجاز العلمي الذين لا يملكون تلك الأدوات، فتراهم يخبطون خبط عشواء.
فكما لا يرضى أصحاب ما يسمى بالإعجاز العلمي بما عند المفسرين من تفسير كل ظواهر الكون التي أثبت البحث التجريبي المعاصر خطأها، فإن المفسرين لا يرضون لك واحد من الباحثين التجريبين أن يوافق بين البحث التجريبي وما ورد في القرآن.
وإن كنت أرى أن المفسر أقدر في الربط من الباحث التجريبي.
10 ـ إن الربط بين ما يظهر في البحث التجريبي المعاصر وبين ما يرد في القرآن إنما هو من عمل المفسِّر به، كائنًا من كان هذا المفسر، وعمليته في هذا بيان معاني القرآن، وإذا كانت هذه مهمته هنا فإنَّ المفسِّر يبين معانيه بجملة من المعلومات التي قد يكون فيها الضعيف من جهة أفراده، كبعض الآثار الضعيفة مثلاً. فلو أن مفسِّرًا اعتمد في تفسيره على نظريةٍ من النظريات التي ثبت بطلانها لاحقًا فإنَّ الأمر أن هذا تفسير ضعيف لا يصحُّ، ولا علاقة للقرآن به، فالخطأ خطأ المفسر، وليس الخطأ في القرآن قطعًا.
وهذا يشبه ما لو فسّر مفسِّر بمعنى شاذٍّ، فهل ينال القرآن خطأ منه، وهل يقال: إن الخطأ من القرآن؟
لا شكَّ أن الأمر ليس كذلك.
لكن الأمر اختلف هنا لأنَّ الباحثين فيما يسمى بالإعجاز العلمي يريدون أن يلزموا الناس بما توصَّلوا إليه على أنَّ القرآن حقٌّ لا مرية فيه؛ لأنه أثبت هذه القضايا قبل أن يعرف الناس تفاصيلها، فألزموا أنفسهم من جهة التفسير بما لا يلزم، فأوقعوا أنفسهم في الضيق والحرج، وظهر عندهم الإلزام بتفسير القرآن بالحقائق، وذلك ما لم يطبقوه في تفسيراتهم، كما قلت.
(يُتْبَعُ)
(/)
11 ـ إن موضوع ما يسمى بالتفسير العلمي طويل جدًّا، ولست ممن يردُّه جملة وتفصيلاً، لكنني أدعو إلى تصحيح مساره، ووضعه في مكانه الطبيعي دون تزيُّدٍ وتضخيم كما هو الحاصل اليوم، حتى لقد جعله بعضهم الطريق الوحيد لدعوة الكفار، وأنَّى له ذلك؟
لقد أسلم كثير منهم في هذا العصر ـ ولا زالوا يسلمون بما يعرفه كثير ممن خبر إسلامهم ـ ولم يكن إسلامهم بسبب ما ورد في القرآن من حقائق وافقها البحث التجريبي.
نعم لقد كان له أثر في إسلام بعض الكفار، لكنهم أقل بكثير ممن يسلم عن سبيل الاقتناع بالإسلام، وبما فيه مما يلائم فطرة البشر، وهذا الموضوع بذاته بحث يصلح للمتخصصين في قسم الدعوة، وهو يحتاج إلى عناية.
12 ـ إنَّ أي تفسير جاء بعد تفسير السلف، فإنه لا يقبل إلا بضوابط، وهذه الضوابط:
1 ـ أن لا يناقض (أي: يبطل) ما جاء عن السلف (أعني: الصحابة والتابعين وأتباع التابعين).
ملاحظة: السلف عند أصحاب الإعجاز العلمي كل المفسرين السابقين، وليس مقصورًا على هذه الطبقات الثلاث.
وذلك لأنَّ فهم السلف حجة يُحتكم إليه، ولا تجوز مناقضته البتة، فمن جاء بتفسير بعدهم، سواءً أكان مصدره لغة، أو بحثًا تجريبيًا، فإنه لا يقبل إن كان يناقض قولهم.
فإن قلت: إنه يرد عن السلف في تفسير الآية اختلاف، فكيف العمل؟
فالجواب: أنَّ الاختلاف الوارد عنهم أغلبه اختلاف تنوع، وليس بينه تضادٌّ إلا في القليل منه.
والقاعدة في اختلاف التنوع:
% أن تقبل الأقوال الواردة عنهم على سبيل التنوع ما دام ليس في قبولها جميعًا ما يمنع ذلك.
% أن يُرجَّح أحد أقوالهم على سبيل القول الأَولى والأرجح دون اطِّراح غيره وتركه بالكلية؛ لأنه قد يستفاد منه في موضع آخر.
والقاعدة في اختلاف التضاد الوارد بينهم أن يرجَّح أحدها على سبيل التعيين لا التنوع؛ لأنه لا يمكن القول بها معًا، فلزم الترجيح، وهو هنا تصحيح لقول، وترك للآخر.
واطراح ما جاء عنهم بالكلية في هذين النوعين من الاختلاف معناه مناقضة قولهم، وعدم الاعتبار به، وهذا واقع كثير ممن تعرض للتفسير وجعل مصدره البحث التجريبي المعاصر.
2 ـ أن يكون المعنى المفسَّر به صحيحًا.
وهو على قسمين:
الأول: أن يكون المعنى من جهة اللغة، وهذا لابدَّ أن يثبت لغةً، وأي تفسير بمعنى لم يثبت من جهة اللغة، فإنه مردود، كمن يفسِّر الذرة الواردة في القرآن بالذرة الفيزيائية، وهذا مصطلح حادث لا يثبت في اللغة.
الثاني: أن يكون المعنى جمليًا لا من جهة اللغة، كمن يفسِّر خلق الأطوار بأنها الأطوار الداروينية.
وهذا مخالف لما جاء في الشريعة، وهو غير صحيح في نفسه؛ لذا لا يصحُّ التفسير به، ولا بما هو على منهجه البتة.
3 ـ أن يتناسب مع سياق الآية، وتحتمله الآية.
وهذا قيد مهمٌّ، وفيه مجال للاختلاف، لكن لا يجب إلزام الآخر به، وكثيرٌ من التفسيرات بما وصل إليه البحث التجريبي تدخل في هذا الضابط؛ إذ قد يكون المعنى غير مناقض لما ورد عن السلف، وهو معنى صحيح، لكن يكون وجه ردِّه عدم احتمال الآية له، والحكم باحتمال الآية له من عدمه محلُّ اجتهادٍ، وإذا كان الاجتهاد في احتماله أو عدمه عن علم فلا تثريب على الفريقين، بل في الأمر سعة، كما هو الحال في الاجتهاد الكائن في علماء أمة محمد r .
وسأضرب مثلاً أرجو أن يوضح هذا الأمر، وهو ما ورد في تفسير قوله تعالى:] فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ [] الأنعام: 125 [.
(يُتْبَعُ)
(/)
تأمل السياق الذي وردت فيه هذه الآية، وانظر ـ تكرمًا ـ إلى ما قبلها، يقول تعالى:] أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون َ % وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ % وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ % فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ % وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ [] الأنعام: 122 ـ 126 [.
إن الحديث عن حال الكافر وحال المؤمن، ثم ضرب مثالاً بحال الأكابر من المجرمين الذين لا يمكن أن يدخل الإيمان قلوبهم لما فيهم من الكفر والإجرام، ثمَّ بين سبحانه مشيئته في الهداية والإضلال، وذكر أن من أراد هدايته، فإنه يشرح صدره للإيمان به وييسره له، ومن أراد له الضلال، فإنه يجعل صدره في حال ضيق وحرج شديد، ولو أراد الإيمان فإنه لا يستطيعه، كما لا يستطيع الإنسان أن يصعد في السماء.
قال الطبري:» القول في تأويل قوله تعالى:] كأنما يصعد في السماء [: وهذا مَثَلٌ من الله ـ تعالى ذكره ـ ضربه لقلب هذا الكافر في شدة تضييقه إياه عن وصوله إليه؛ مثل امتناعه من الصعود إلى السماء، وعجزه عنه؛ لأن ذلك ليس في وسعه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ... «.
ثم ذكر الرواية عطاء الخراساني، قال: مثله كمثل الذي لا يستطيع أن يصعد في السماء.
وعن ابن جريج: يجعل صدره ضيقا حرجا بلا إله إلا الله حتى لا يستطيع أن تدخله، كأنما يصعد في السماء من شدة ذلك عليه.
وعن السدي: كأنما يصعد في السماء من ضيق صدره.
وتقدير المعنى عندهم: إن عدم قدرة الكافر على الإيمان كعدم قدرة الإنسان على الصعود إلى السماء، ويكون الضيق والحرج بسبب عدم قدرته على الإيمان لا بسبب التصعد في السماء.
وتفسيرهم لا يعيد التشبيه إلى الضيق والحرج، وإنما إلى الامتناع من الإيمان وعدم القدرة عليه.
وانشراح النفس للإيمان سابقة له، فمن يشاء الله له الهداية يشرح نفسه له، كما أن من أراد الله له الكفر فإنه يجعل صدره ضيقًا حرجًا، فلا يستطيع أن يؤمن بالله، وهو ممتنع عليه الإيمان كامتناع الصعود إلى السماء على الإنسان.
وهذا التفسير من دقائق فهم السلف، وتفسيرهم يرجع إلى لازم معنى الجملة الثانية، وهي جعل الضيق والحرج في صدر الكافر، إذ من لازمه أنه لو أراد الإيمان فإنه لا يستطيعه، كما لا يستطيع الإنسان الصعود للسماء، فنبهوا على هذا اللازم الذي قد يخفى على كثير ممن يقرأ الآية.
وفي تفسيرهم إثبات القدر، وأن الله يفعل ما يشاء، فمن أراد الله هدايته شرح صدره، ومن أراد ضلاله ضيَّق صدره وجعله حرجًا لا يدخله خير، وفي هذا ردٌّ على القدرية الذين يزعمون أن العبد يخلق فعله.
أما البحث التجريبي المعاصر فقد كشف عن قضية تتعلق بالصعود إلى الأجواء العليا، حيث وجد أن الإنسان تتناقص قدرته على التنفس الطبيعي درجة بعد درجة كلما تصاعد إلى السماء، وسبب ذلك انخفاض الضغط الجزئي للأكسجين في طبقات الجو العليا، وقد جعل أصحاب الإعجاز العلمي هذه الظاهرة الكونية تفسيرًا للحرج الذي يصيب الكافر بسبب عدم قدرته على الإيمان.
وقد جعلوا التشبيه يعود إلى الضيق والحرج، والمعنى عندهم: إن حال ضيق صدر الكافر المعرض عن الحق وعن قبول الإيمان بحال الذي يتصعد في السماء.
وذكر وجه الشبه، وهو الصفة المشتركة بينهما: ضيقًا وحرجًا، وجاء بأداة التشبيه (كأن) ليقع بعدها المشبه في صورة حسية واضحة ...
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا تأملت هذين التفسيرين وعرضتهما على سياق القرآن ومقاصده، فأي القولين أولى وأقوى؟
لا شكَّ أن ما ذكره السلف أولى وأقوى، والثاني ـ وإن كان محتملاً ـ لا يرقى إلى قوته، وإن قٌبِلَ هذا القول المعاصر على سبيل التنوع فالأول هو المقدَّم بلا ريب.
ووجه قوته كائن في أمور:
الأول: أن ما قاله السلف مُدركٌ في كل حين، منذ أن نزل الوحي بها إلى اليوم، أما ما ذكره المعاصرون، فكان خفيًّا على الناس حتى ظهر لهم أمر هذا المعنى هذا اليوم.
الثاني: أن التنبيه عن امتناع الإيمان عنهم بامتناع صعود الإنسان إلى السماء أقوى وأولى من التنبيه عن تشبيه الحرج والضيق الذي يجده الكافر في نفسه بما يجده من صعِدَ طبقات السماء.
فالحرج والضيق مدرك منه بخلاف امتناع الإيمان الذي يخفى سبيله، وهو الذي جاء التنبيه عليه في الآية، وذلك من دقيق مسلك قدر الله سبحانه.
4 ـ أن لا يُقصَر معنى الآيةِ على هذا المعنى المأخوذ من البحوث التجريبية.
وهذا الضابط كثيرًا ما ينتقضُ عند أصحاب الإعجاز العلمي، وقد وجدت حال بعضهم مع تفسير السلف على مراتب:
ـ فمنهم من لا يعرف تفسير السلف (الصحابة والتابعين وأتباعهم) أصلاً ولا يرجع إليه، وكأنه لا يعتد به ولا يراه شيئًا. وهؤلاء صنفٌ يكثر فيهم الشطط، ولا يرتضيهم جمهورٌ ممن يتعاطى الإعجاز العلمي.
ـ ومنهم من يقرأ تفسير السلف، لكنه لا يفهمه، وإذا عرضه فإنه يعرضه عرضًا باهتًا، لا يدل على مقصودهم، ولا يُعرف به غور علمهم، ودقيق فهمهم.
ـ ومنهم من يخطئ في فهم كلام السلف، ويحمل كلامهم على غير مرادهم، وقد يعترض عليه وينتقده، وهو في الحقيقة إنما ينتقد ما فَهِمَه هو، وليس ينتقد تفسيرهم؛ لأنه أخطأ في فهمه.
ومما يظهر من طريقة عرض أصحاب هذا الاتجاه لما توصلوا إليه من معانٍ جديدة أنهم يقصرون معنى الآية على ما فهموه، دون أن ينصوا على ذلك صراحة، وهذا مزلق خطير لا ينتبه إليه كثير من الفضلاء الذين دخلوا في هذا الميدان.
بل إنهم يتفوهون بكلام يلزم منه تجهيل الصحابة وتصغير عقولهم، وأني لأجزم أن هؤلاء الفضلاء لو تنبهوا لهذا اللازم لعدَّلوا عباراتهم، لكن طريقة البحث التي سلكوها جعلتهم لا ينتبهون إلى هذا المزلق الخطير.
ومن ذلك أن بعضهم يقول:» ... وهناك آيات وألفاظ قرآنية لم تكن لتفهم حقيقتها حتى جاء التقدم العلمي يكشف عن دقة تلك المعاني والألفاظ القرآنية، مما يوحي إلى كل عاقل بأن كلام الكتاب الكريم كلام الله المحيط علمًا بكل شيء، وإن كان قد حدث جهلٌ بفهم بعض ألفاظه ومعانيه، فإن زيادة علوم الإنسان قد جاءت لتُعرِّف الإنسان بما جهل من كلام ربه «.
ألا يلزم من هذا الكلام أن الصحابة قد خفي عليهم شيء من معانيه، وكذا خفي على التابعين وأتباعهم، وبقي بعض القرآن غامضًا لا يُعرف حتى جاء (التقدم العلمي!) فكشف عن هذه المعاني.
ولو كان يعتقد هذا اللازم، فالأمر خطير جدَّا. لكني لا أشكُّ ـ محسنًا الظن بقائله ـ أنه لم يتنبه لهذا اللازم الخطير، وأُراه لو انتبه له لعدَّل عبارته.
ولقد كان من نتيجة هذا التقعيد أن لا تُذكر أقوال السلف بل يذكر ما وصل إليه البحث التجريبي المعاصر، وتفسير الآية به، وهذا فيه قصر لمعنى الآية على ذلك التفسير الحادث، وهذا خطأ محضٌ.
وقد سئل آخر: لماذا لم يبين الرسول هذه الوجوه للصحابة؟
فكانت إجابته أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لو أخبرهم بهذه الحقائق العلمية لما أدركوها، وقد يقع منهم شك أو تكذيب.
وهذا الجواب من أعجب العجب، فكيف يقال هذا في قوم آمنوا بما هو أعظم من هذه الحقائق الكونية، وأرى أن خطأ هذا أوضح من أن يوضَّح، وإني أخشى أن يكون هؤلاء ممن فرح بما أوتي من العلم، فنسب الجهل للصحابة الذين آمنوا بما هو أعظم من هذه الأمور.
ألم يؤمنوا بأن الرسول r أسري به، ثم عرج به في جزء من الليل، ورأى ما رأى من آيات ربه الكبرى؟ أليس هذا أعجب مما يذكره الباحثون التجريبيون؟
وقل مثله في غير ذلك مما آمنوا به وصدَّقوا ولم يعترضوا.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإني قد رأيت لأحد الفضلاء كتابًا في مناهج المفسرين، وأجاب عن سبب عدم تفسير النبي r القرآن كاملاً، وكان مما أجاب به، فقال:
(يُتْبَعُ)
(/)
» لضعف المستوى العلمي عند الصحابة، ولو فسره لهم رسول الله r بما حوت آياته من علوم ومعارف فقد لا يستوعبونها، وقد تكون محل استغراب بعضهم، والعلماء الذين جاؤوا بعد الصحابة قدموا بعض المضامين العلمية للآيات، ولذلك قيل: خير مفسر للقرآن هو الزمن «.
وهذا القول من ذلك الفاضل من أعجب العجب، إذ كيف يكون خيرة الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ضعيفي المستوى العلمي، ومالمراد بالعلم الذي ضعفوا فيه؟!
أليسوا أعلم الأمة، والأمة عالة عليهم في هذا؟!
ألم يخبرهم الرسول r بما هو كائن إلى يوم القيامة؟! حفظه منهم من حفظه، ونسيه من نسيه.
إن مثل هذا القول خطير، وإني لأحسن الظن بأن قائله لم يتنبه لما يتبطنه هذا الكلام من خطأ محضٍ، وأن الأمر يحتاج إلى تعديل أسلوب وعبارات، والله المستعان.
وبعد، فإن هذين النقلين اللذين نقلتهما فيما يتعلق بالإعجاز العلمي إنما هما عن أفاضل ممن تكلموا في الإعجاز العلمي دون غيرهم ممن تخبط في هذا المجال.
وهنا يجب أن يُفرَّق بين فضلهم، وما لهم من قدم في الدعوة إلى الله، والحرص على هداية الناس، وبين ما وقعوا فيه من الخطأ، فالأول يشكر لهم ويُذكر ولا يُنكر، ولكن هذا الفضل ليس حجابًا حاجزًا عن التنبيه على ما وقعوا فيه من الخطأ.
كما أن التنبيه على خطئهم لا يعني نبذهم وعدم الاعتداد بهم، وإنما المقصود هنا تصحيح المسار في هذه القضية التي رُبِطت بكتاب الله، وجُعلت من أهم ما توصل إليه المعاصرون، بل جعله بعضهم هو طريق الدعوة للكفار.
وأختم هذا البحث بمسائل متفرقة في هذا الموضوع، وهي كالآتي:
أولاً: قضايا العلم التجريبي بين القرآن والعلم الحديث:
% العلم بالسنة الكونية لا يرتبط بالمعتقد، ولا بالأفكار؛ لأنها نتيجة البحث والتأمل، وهي من العلوم التي وكلها الله لعباده، فعلى قدر ما يكون الجهد في البحث يصل البشر بإذن الله إلى نتائجه المرجوة، ولما كان الوصول إلى هذه العلوم التجريبية مرتبطًا بالقدرة على البحث ووجود المناخ المناسب له، وكان الغرب الكافر قد حرص عليه، فإنهم قد سبقوا المسلمين في ذلك.
% أن إشارة القرآن لبعض هذه المسائل المرتبطة بالعلوم التجريبية لم يكن هو المقصد الأول، ولم ينْزل القرآن من أجلها، وإذا وازنتها بين المعلومات العقدية والشرعية، ظهر لك أنَّ المعلومات العقدية والشرعية ـ أي: كيف يعرفون ربهم، وكيف يعبدونه ـ هي الأصل المراد بإنزال القرآن، وهي التي تكفلَّ الله ببيانها للناس، أما المعلومات الدنيوية بما فيها العلوم التجريبية فهي موكولة للناس كما سبق، وإن جاءت فإنها تجيء مرتبطة بالدلالة على حكم عقدي أو شرعي، فهي جاءت تبعًا وليس أصالةً؛ أي أن القرآن لم يقصد أن يذكرها على أنها حقيقة علمية مجردة، بل ليستدل بها مثلا: على توحيد الله وأحقيته بالعبادة، أو على حكم تشريعي، أو على إثبات اليوم الآخر.
% القضايا العلمية التي يفسر بها من يبحث في الإعجاز أو التفسير العلمي لا يدركها إلا الخواص من الناس، ولا يوصل إليها إلا بالمراس.
% الفرق بين القرآن والعلم التجريبي في تقرير القضية العلمية:
1 ـ أن القرآن يقررها حقيقة حيث كانت وانتهت، والعلم التجريبي يبدأ في البحث عنها من الصفر حتى يصل إلى الحقيقة العلمية.
2 ـ القرآن يذكر القضية العلمية مجملة غير مفصلة، أما العلم التجريبي فينحو إلى تفصيل المسألة العلمية.
% علم البشر قاصر غير شمولي، ونظره من زاوية معينة، لذا قد يغفل عن جوانب في القضية، فيختلَّ بذلك الحكم ونتيجة البحث.
وقد يكتشف ما لم يحتسب له عن طريق الصدفة لا الممارسة العملية.
% القرآن طرح القضايا العلمية بعيدًا عن الخيالات التي كانت إبان نزوله، سواءً أكانت هذه العلوم عند العرب أم عند غيرهم، وهذه الخيالات بان خطئوها في القرون المتأخرةِ، ولا يزال هناك غيرها مما سيكشفه العلمُ التجريبي، وكل ذلك مما لا يمكن أن يخالف حقائق القرآن إن صحَّة تلك العلوم.
% قد تكون بعض القضايا العلمية صحيحة في ذاتها، لكن الخطأ يقع في كون الآية تدلُّ عليها، وتفسَّر بها.
ثانيًا: موقف المسلم من قضايا العلوم التجريبة المذكورة في القرآن:
(يُتْبَعُ)
(/)
% الإيمان بالقضية الكونية التي ذكرها القرآن لا تحتاج إلى إدراك الحسِّ، بل يكفي ورودها في القرآن، بخلاف القضايا العلمية التي تحتاج إلى الإيمان بها إلى الحسِّ، سواءً أكانت هذه القضايا مذكورة في القرآن أم لم تكن مذكورة.
% المسلم مطالب بالأخذ بظواهر القرآن، وأخذه بها يجعله يسلم من التحريف أو التكذيب بها، ولو كانت مخالفة لقضايا العلم التجريبي المعاصر.
فإذا عارضت النظريات العلمية، ولو سُميت حقائق علمية فإنه لا يلزم الإيمان بها، بل يقف المسلم عند ظواهر القرآن؛ لأن المؤمن مطالب بالإيمان بنصوص القرآن لا غير.
% يجب الحذر من حمل مصطلحات العلوم المعاصرة على ألفاظ القرآن وتفسيره بها.
% البحوث العلمية الناتجة عن الدراسات لا يلزم مصداقيتها، وهي درجات من حيث المصداقية، لذا ترى دراسة علمية تذكر فوائد شيء، وتأتي دراسة تناقضها في هذه الفوائد.
ثالثًا: هل نحن بحاجة إلى التفسير العلمي، أو الإعجاز العلمي؟
إن نتيجة ما يتوصل إليه الباحث في الإعجاز العلمي هي إثبات أن الحقيقة أو النظرية الكونية أو التجريبية قد ورد ذكرها في القرآن صراحة أو إشارة، وهذا فيه دليل على صدق القرآن وأنه من عند الله.
وهذه النتيجة لا يمكن الوصول إليها إلا بعد البحث المجرد في الحقائق الكونية والمواد التجريبية، ولا شكَّ أن الباحث إذا كان ممن يؤمن بالله ورسوله r فإنه لن يأتي بشيء مخالف لما في القرآن والسنة، أما إذا كان الباحث كافرًا فقد يقع منه مخالفات للشرع، ويكون ذلك دليلا على خطئه في مسار بحثه.
ومن ثمَّ فإنَّ عندنا أمران:
الأول: العناية بالبحث التجريبي والنظر في هذا الكون والتدبر فيه للننافس بذلك أعداء الله الذين تقدموا علينا في هذا المجال.
الثاني: العناية بما يسمى بالإعجاز العلمي لإثبات صحة هذا الدين لأولئك الذين لا يؤمنون إلا بالحقائق المادية، ودعوتهم إلى الإسلام، وذلك أنه لما كان هذا العصر عصر الثورة العلوم التجريبية الدنيوية، فإنَّ تقديم هذه التفسيرات الموافقة لما ثبت في هذه العلوم للناس دعوة لهم لهذا الدين الحقِّ.
وهذا القول حقٌّ لكن الأمر يحتاج إلى توازن في طرح مدى الدعوة بهذه التفسيرات العلمية للقرآن، وهل أثبتت نجاحها وتميُّزها؟
إنَّ الذي يُخشى منه أن تكون الدعوة بهذه التفسيرات الموافقة للعلوم التجريبية قد أخذت أكبر من حجمها، وأنَّ عدد المتأثرين بها قليلٌ لا يكادون أن يوازوا بعددهم ما يقوم به داعية أو مركز إسلامي يبيَّن للناس هذا الدين الحقَّ.
ومن المعلوم أن الأفواج الكثيرة التي دخلت في الإسلام أسلمت بأبسط من هذا الطرح العلمي، فأغلبهم أسلم لما يجد في الإسلام من موافقته لفطرته التي فطره الله عليها دون أن يصل إلى الإيمان بالله بهذا العلم الذي لا يدركه إلا القليل من الناس.
ثمَّ إنَّ من سيسلم من الباحثين في العلوم التجريبية من الكفار بسبب هذا الإعجاز العلمي يلاحظ فيه ما يلي:
ـ أنه لا وقت عنده لدعوة غيره، بل لتفهم الدين الجديد الذي دان به، بسبب كبر السنِّ ـ في الغالب ـ والانشغال بالأبحاث والتجارب التي تجعله بعيدًا عن تفهُّم هذا الدين وطبيعته.
ـ أنَّ بعض من يسلم منهم يكون إسلامه صوريًا، ولم يتحقق فيه الاستسلام الحقُّ.
ـ أنَّ تأثير هؤلاء يكاد يكون معدومًا، بل لو ثبت إسلامهم قد يُحاربون، ويسفَّهون، ولا يُحترمون في مجتمعاتهم العلمية.
وأخيرًا، فإن بعض من يستسلم لهذه الحقائق المذكورة في القرآن أو السنة، يأخذها بنظره العلمي التجريبي، ولا يدرك حقيقة الوحي، وأنَّ هذا القرآن من عند الله، فبينه وبين ذلك حجاب مستور، والله أعلم.
ومن ثمَّ، فإن العناية بالأمر الأول ـ وهو البحث التجريبي والنظر في هذا الكون والتدبر فيه ـ يجب أن تكون أكبر وأكثر من العناية بالأمر الثاني ـ وهو ما يسمى بالإعجاز العلمي ـ لوجهين:
الوجه الأول: أنه هو المجال الوحيد الذي سبقنا فيه أعداؤنا، ولابد لنا من منافستهم في ذلك، والسعي للتقدم عليهم فيه.
الوجه الثاني: أنه عندما يقوم الباحثون المسلمون بتلك البحوث نضمن أنهم لن يصلوا إلى نتائج خاطئة مخالفة للكتاب والسنة، بل إنهم سوف يعيدون النظر في بعض النتائج المخالفة للكتاب والسنة التي وصل إليها البحث الغربي الكفار.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا بقي همُّنا منصبًّا على العناية بما يسمى بالإعجاز العلمي لإثبات صحة هذا الدين لأولئك الذين لا يؤمنون إلا بالحقائق المادية، فإننا سنبقى عالة على الغرب ننتظر منه كل جديد في العلوم، ثمَّ نبحث ما يوافقه في شرعنا، ولا يخفاك ما دخل علينا من هذه العلوم مما هو مخالف لشرعنا، وما ذاك إلا بسبب أنَّ موقفنا نحن المسلمين موقف التلميذ الضعيف المتلقي الذي يشعر أنه لا شيء عنده يمكن أن يقدمه.
والبحث العلمي بلا قوة تحميه لا يمكن أن ينفعل في الواقع، لذا لابدَّ من أن يواكب العلم قوةٌ تكون في الأمة كي تدعم هذا العلم وتحافظ عليه، وإلا صار ما تراه من هجرة العلماءِ عن ديار المسلمين إلى ديار الغرب الكافرة.
وأسأل الله أن يوفقني وإياكم لما يحبه ويرضاه، وأرجو أن يبعد عني وعنكم الشطط والتحامل في هذه القضية وفي غيرها، وإن هذه القضية بالذات حسَّاسة، وتدخلها العواطف، ويبرز في الردَّ على من يعترض عليها الكتابة الخطابية، فتخرج عن كونها قضية علمية تحتاج إلى تجلية وإيضاح إلى قضية دفاع عن مواقف وشخصيات.
وأقول أخيرًا: إنَّ في الموضوع قضايا كثيرة تحتاج إلى تجلية وإيضاح، ولولا ضيق المقام لأشرت إليها، وإني أسأل الله أن يوفقني ويعينني على الكتابة فيه على منهجٍ عدل وسط لا شطط فيه.
قال السائل: تفسير الصحابي للآية، هل يعتبر حجة يجب الأخذ بها؟ خصوصاً إذا لم يتابعه عليه أحد.
الجواب: إن هذا افتراض عقلي، فهل يوجد له مثال كي يُتكلَّم عنه، وإلا فلو أُجيب عن كل افتراض لكثر الكلام، وطال المقام، والنتيجة المحصَّلة ليست بشيء، فأرجو منك أيها الأخ الكريم أن تذكر مثالاً لذلك ليناقش عبر المثال.
وقولك:» ولم يتابعه عليه أحد «ماذا يعني؟
هل يعني أنه عُرِفَ التفسير عنه، ولم يؤخذ به، فإن كان ذلك كذلك، فأين مثاله.
أو أنه لم يُعرف، وهو قول غير مشهورٍ، وهو قول مطمور وُجِدَ بعد زمن من الأقوال المنقولة.
وكل هذا مما يحتاج إلى مثال، لكن مما يجب أن يُعلم أن قول الصحابي ـ من حيث الجملة ـ معتبر في التفسير، والله الموفق.
إذا اختلف في التفسير اثنان من الصحابة، أحدهما ابن عباس؛ هل يجب الأخذ بقول الحبر؟ أم ينظر في ذلك إلى القرائن، كمطابقة ظاهر اللغة، والمعلوم من خطاب الشارع، ونحو هذا؟
الجواب: لا يلزم الأخذ بقول الحبر مطلقًا، لأنَّ في ذلك إدعاءٌ العصمة له من الخطأ، وذلك ما لا يقال به، لكن إذا وقع الاختلاف في التفسير بينهم، عُمِدَ إلى المرجِّحات عن كان الاختلاف يحتاج إلى ترجيح، لكن إذا كان الاختلاف من باب التنوع، والآية تحتمل هذه الأقوال، فليس أحدها متروكًا، بل كلها معتبرة، والله أعلم.
قال السائل: هل بالإمكان أن يأتي متأخِّر بتفسير معتبر لآية غفل عنه المتقدّمون؟
الجواب: هذه المسألة مهمة جدًّا، وهي تحتاج إلى معرفة ما يترتب على القول بأن المتأخرين لا يمكن أن يأتوا بتفسير معتبر لم يقل به المتقدمون، إذ نتيجة القول بأنَّ المتأخرين لا يمكن أن يأتوا بتفسيرٍ معتبر لم يقل به السلف ما يأتي:
1 ـ أن التفسير توقَّف على ما قال به السلف فقط.
2 ـ أنه لا يجوز القول في التفسير بغير ما قال به السلف.
3 ـ أن كل قول بعد قولهم، فهو باطل على الإطلاق.
والمسألة ترجع إلى أصل من أصول التفسير، وهي مسألة (وجوه التفسير)، فهل يوجد للآية أكثر من وجه تفسيري معتبر أم لا؟، وإنما قلت: معتبرًا؛ لئلا يُفهم أن الوجوه الباطلة والباطنة تدخل في مرادي.
وهذه المسألة قد فهمها السلف ومن جاء بعدهم من العلماء، وقد وجدت في تطبيقاتهم التفسيرية، ومن أمثلة أقوالهم:
عندَ تفسيرِه قولَ اللهِ تعالى:] وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيطَانٍ رَجِيمٍ [] الحجر: 17 [قالَ الشَّنقيطيُّ (ت: 1393):» … فقوله رضيَ اللهُ عنه: إلاَّ فهماً يعطيه الله رجلاً في كتابِ اللهِ، يدلُّ على أنَّ فَهْمَ كتابِ اللهِ تتجدَّدُ به العلومُ والمعارفُ التي لم تكنْ عند عامَّةِ الناسِ، ولا مانعَ من حمل الآيةِ على ما حملها المفسِّرونَ، وما ذكرْناه أيضاً أنَّه يُفْهَمُ منها، لِمَّا تَقَرَّرَ عندَ العلماءِ مِنْ أنَّ الآيةَ إنْ كانت تحتملُ معانيَ كلُّها صحيحٌ، تَعَيَّنَ حَمْلُهَا على الجميعِ، كما حَقَّقَه
(يُتْبَعُ)
(/)
بأدلتِهِ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أبو العباسِ بنُ تَيمِيَّةَ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ في رسالتِهِ في علومِ القرآنِ «().
وأما تطبيقاتهم، فأكثر من أن تُحصى، وإلا فما عمل المفسرون الذين جاؤا بعدهم؟!
ولقد بُحثت هذه المسألة ففي أصول الفقه، وصورة المسألة عندهم:
إذا ورد عن السلف تفسيران، فهل يجوز إحداث قول ثالث؟
وفي نظري أن إيراد هذه المسألة بهذه الصورة في كتب أصول الفقه فيه نظر؛ لنه لا يفرق بين علم التفسير وعلم الفقه.
فعلم الفقه يرتبط بالعمل، إذ يتضمن افعل أو لا تفعل، وهذا إما أن يكون كذا وإما أن يكون كذا، فلا يصلح القول الثالث في كثير من الحيان في مجال الفقه.
أما في مجال التفسير، فالتفسير مرتبط بالمعنى، والمعنى يمكن أن يتعدد، ولم يكن من شرط التفسير أنَّ السابقين قد أتوا على جميع محتملاته، بل هناك بعض المحتملات الصحيحة التي لم يذكرها السلف، وهذه المحتملات تقبل إذا توفرت فيها الضوابط الآتية:
1 ـ أن يكون المعنى المذكور صحيحًا في ذاته.
2 ـ أن لا يبطل قول السلف.
3 ـ أن تحتمله الآية.
4 ـ أن لا يُقصر معنى الآية على هذا المحتمل الجديد، ويترك ما ورد عن السلف.
وإن قال قائل: هل يعني هذا جهل السلف بهذا المعنى الذي ذكره المتأخرون؟
فالجواب: إنه لا يلزم أن يوصف السلف بجهل المعنى الجديد، ولكن للمسألة وجه آخر، وهو أنه لو ظهرت لهم أمارات تدعو للقول به، وتركوه، أو قيل لهم فاعترضوا عليه، فإنه يمكن في هذه الحال أن يقال: لا يصلح القول به.
ومما يدل على ذلك تعدد اجتهاد السلف في طبقاتهم الثلاث (الصحابة والتابعين وأتباع التابعي)، ولو كان لا يجوز القول في التفسير إلا بما سمعوا، لما ورد تفسير للصحابة، ولو اكتفى التابعون بما سمعوه من الصحابة لما ورد تفسير للتابعين ... الخ.
ولو كان التفسير لا يجوز فيه الاجتهاد والإتيان بمعنى جديد، لكان مما بينه الرسول r ، ولم يتركه لمن بعده.
ومما يستأنس به في هذا المقام أن بعض السلف قد نزَّلوا آيات على بعض أهل البدع الذين عاصروهم، وهذا من باب الرأي، ولو كان لا يجوز مثله لما قالوا به، والله أعلم.
وإنما ترك الرسول r تفسير جميع القرآن، وفسَّر بعضه مما احتاج التنبيه عليه أو مما وقع في إشكال على الصحابة، فسألوه، فأجابهم.
أما ما بقي مما لم يفسر الرسول r فإنه ـ مع وجود اختلاف بين السلف ـ معلوم لا يحتاج إلى بيان نبوي في كل آية.
وأخيرًا، لا تكاد تجدُ قائلاً بهذه المسألة إلا أن يكون قولاً فلسفيًا؛ لأنه يخالف تطبيقات العلماء في التفسير، والله أعلم.
قال السائل: هل ترون تبايناً منهجياً بين المتقدِّمين والمتأخرين والمعاصرين في تفسير القرآن الكريم؟
الجواب: لست أعرف المراد بالمتقدمين والمتأخرين، لكن إن كان المراد بالمتقدمين السلف، وبالمتأخرين من جاء بعدهم، فلا شكَّ أن من اطلع على تفاسيرهم، فإنه سيجد فرقًا واضحًا بين معلومات التفسير بين الفريقين، كما سيجد فرقًا بينهم في طريقة كتابة التفسير، ومنهجهم فيه، وقد أشرتُ إلى شيء من ذلك في مبحث مفهوم التفسير من كتاب (مفهوم التفسير والتأويل ... ).
أما المعاصرون فلا يمكن أن ينفكوا عن ما كتبه من كان قبلهم، وإن كانت قد حدثت طرائق جديدة في التفسير، كالذي يسمى بالتفسير الموضوعي، والله أعلم.
قال السائل: ما رأيكم (وفقكم الله) فيما انتشر هذه الأيام من قيام بعض الباحثين بجمع شروح بعض الأئمِّة لآيات متعدِّدة في رسالة وتسميتها بـ "تفسير الإمام الفلاني"؟ حيث إنَّ أغلب كلام ذلك الإمام لا يكون تفسيراً مستقصياً للآيات، ولكن كلاماً مجملاً فيها.
الجواب: ما ذكره السائل صحيح بلا إشكال، ويمكن تلخيص الملحوظات على مثل هذا العمل فيما يأتي:
1 ـ أنَّ كثيرًا ممن جُمِع تفسيرهم لا يُعرفون بهذا العلم.
2 ـ أن فصل التفسير من وسط كلامٍ لا علاقة له بالتفسير فيه صعوبة بالغة، ولا يتأتى فصله في كل حين للباحث.
3 ـ أنَّ الباحث يُدخِل منقول العالم مع مَقُولِهِ، وينسب له التفسير، وذلك غير سديدٍ، إذ نقله لا يعني أنه يعتدُّ بذلك القول؛ إلا إذا قال بهذه القاعدة.
4 ـ أن بعض الباحثين يدخلون في جمعهم جملة من علوم القرآن التي لا علاقة لها بالتفسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
5 ـ أن هذا الجمع لا يؤخذ منه منهج البتة.
لكن يبقى أن يُذكر هنا أنه قد يرد في سياق كلام بعض العلماء نص تفسيري صريح، فإذا كان كذلك فإن جمعه والاستفادة منه مفيدة، لكن لا يؤخذ من هذه المنقولات منهج للعالم في التفسير.
قال السائل: هل القراءات السبعة هي الأحرف السبعة؟ وما القول الراجح فيها؟
الجواب: إن موضوع الأحرف السبعة من الموضوعات التي لا زالت تشغل الكثيرين، ولا يرون فيها جوابًا شافيًا، لما في هذا الموضوع من الغموض.
ولقد تصدَّى للكتابة فيه أعلام كثيرون، وأنفس ما كتب فيه كتاب الدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري حفظه الله، وهو بعنوان (حديث الأحرف السبعة / دراسة لإسناده ومتنه واختلاف العلماء في معناه وصلته بالقراءات القرآنية).
ولقد قرأت هذا الكتاب كثيرًا واستفد منه ومن غيره ممن كتب في هذا الموضوع، ورأيت بعد فترة من قراءة هذا الموضوع أن أفصله على مباحث متتالية يتجلى فيها صلة الأحرف السبع بالرسم والقراءات والعرضة الأخيرة ... الخ، وإليك ملخص ما كتبته في هذا.
أولاً: معنى الحرف في الحديث: الوجه من وجوه القراءة.
أنواع الوجوه الواردة في اختلاف القراءات:
1 ـ اختلاف الحركات؛ أي: الإعراب: فتلقى آدم من ربه كلمات.
2 ـ اختلاف الكلمة باعد باعَدَ، وننشرهانُنشزها بظنين بضنين.
3 ـ اختلاف نطق الكلمة: جِبريل جَبريل جَبرئيل جبرئل.
4 ـ اختلاف راجع إلى الزيادة والنقص: تجري تحتها تجري من تحتها. سارعوا وسارعوا.
5 ـ اختلاف عائد إلى اللهجة الصوتية، وهذا مما يعود إليه جملة من الاختلاف المتعلق بالأداء، كالفتح والإمالة والتقليل في الضحى.
نزل القرآن على رسول الله r ، وكان على حرف واحدٍ مدة بقائه في الفترة المكية، وزمنًا كثيرًا من الفترة المدنية، ثمَّ أذن الله بالتخفيف على هذه الأمة، فأنزل الأحرف التي يجوز القراءة بها، وكان عددها سبعة أحرف في الكلمة القرآنية.
روى البخاري (ت: 256) وغيره عن ابن عباس (ت: 68)، عن رسول الله r ، قال:» أقرأني جبريل u على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني، حتى انتهى إلى سبعة أحرف «.
وقد ورد في روايات أخرى:» كلها كاف شاف ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب، وآية عذاب بآية رحمة «.
وورد كذلك سبب استزادة الرسول (، فقال:» لقيت جبريل عند أحجار المرا، فقلت: يا جبريل. إني أرسلت إلى أمة أمية: الرجل والمرأة والغلام والجارية والشيخ العاني الذي لم يقرأ كتابًا قط، فقال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف «.
وقد وقع اختلاف كبير في المراد بهذه الأحرف السبعة، وسأعرض لك ما يتعلق بهذا الموضوع في نقاط:
1 ـ أنَّ التخفيف في نزول الأحرف السبعة كان متأخرًا عن نزوله الأول، فلم يرد التخفيف إلا بعد نزول جملة كبيرة منه.
2 ـ أنَّ هذه الأحرف نزلت من عند الله، وهذا يعني أنه لا يجوز القراءة بغير ما نزل به القرآن.
3 ـ أنَّ هذه الأحرف السبعة كلام الله، وهي قرآن يقرأ به المسلمون، ومعلوم أنه لا يجوز لأحد من المسلمين أن يحذف حرفًا واحدًا من القرآن، ولا أن ينسخ شيئًا منها فلا يُقرأ به.
4 ـ أن القارئ إذا قرأ بأي منها فهو مصيب.
5 ـ أن القراءة بأي منها كاف شاف.
6 ـ أنَّ الذي يعرف هذه الأحرف المنْزلة هو الرسول r ، لذا لا تؤخذ إلا عنه، ويدل على ذلك حيث عمر وأبي في قراءة سورة الفرقان، حيث قال كل منهما: أقرأني رسول الله r .
7 ـ أنَّها نزلت تخفيفًا للأمة، وقد نزل هذا التخفيف متدرجًا، حتى صار إلى سبعة أحرف.
8 ـ أنَّ الرسول r بين سبب استزادته للأحرف، وهو اختلاف قدرات أمته الأمية التي فيها الرجل والمرأة والغلام والشيخ الكبير.
هذا ما يعطيه حديث الأحرف السبعة من الفوائد المباشرة، لكنه لا يحدِّدُ تحديدًا دقيقًا المراد بالأحرف السبعة، وهذا ما أوقع الخلاف في تفسير المراد بها.
أولاً: علاقة هذه الأحرف بالعرضة الأخيرة:
عن عائشة رضي الله عنها، قالت:» أسرَّ إليَّ رسول الله r : إنَّ حبريل كان يعارضني بالقرآن كلَّ سنة، وإنه عارضني هذا العام مرتين، ولا أُراه إلا قد حضر أجلي «.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي هذه العرضة نُسِخَ ما نُسخَ من وجوه القراءت التي هي من الأحرف السبعة، وثبت ما بقيَ منها، وكان أعلم الناس بها زيد بن ثابت، قال البغوي في شرح السنة:» يقال إن زيد بن ثابت شهد العرضة الأخيرة التي بين فيها ما نسخ وما بقي، وكتبها لرسول الله r ، وقرأها عليه، وكان يقرئ الناس بها حتى مات، ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر في جمعه وولاه عثمان كتب المصاحف «.
والدليل على وجود أحرف قد نُسخت ما تراه من القراءات التي توصف بأنها شاذة، وقد ثبتت بسند صحيح عن النبي r ، وإلا فأين تضع هذه القراءات الصحيحة الشاذة من هذه الأحرف؟!.
ثانيًا: علاقة هذه الأحرف بالقراءات المتواترة:
القراءات المتواترة: السبع التي جمعها ابن مجاهد، وما أضيف إليها من القراءات الثلاث المتممة للعشر.
والأحرف السبعة مبثوثة في هذه القراءات المتواترة، ولا يوجد شيءٌ من هذه القراءات لا علاقة له بالأحرف السبعة، غير أنَّ الأمر كما وصفت لك من أنها مبثوثةٌ فيها، وبعضها أوفر حظًا بحرف من غيرها من القراءات.
وإن لم تقل بهذا، فما ماهية الأحرف الستة الباقية التي يُدَّعى أنَّ عثمان ومن معه من الصحابة اتفقوا على حَذْفِها، أو قل: نَسْخِها.
وكم أنواع القراءات التي ستكون بين يديك ـ لو كنت تقول بأنَّ هذه القراءات على حرف واحد ـ لو وُجِدَت هذه الأحرف الستة التي يُزعم عدم وجودها الآن؟!
لقد سبق أن بينت لك بموجز من العبارة، وأراك تتفق معي فيه: أنَّ هذه الأحرف قرآن منَزَّلٌ، والله سبحان يقول:] إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [، أفترى أنَّ القول بحذف ستة أحرف قرآنية يتفق مع منطوق هذه الآية؟!
ومن قال بأن الأمة مخيَّرةٌ بين هذه الأحرف فلا دليل عنده، ولا يوافق قولُه منطوق هذه الآية، ولو كان ما يقوله صحيحًا لوُكِلَ إلى المسلمين حفظ القرآن، كما وُكِلَ إلى من قبلَهم حفظُ كتب الله، وأنت على خُبْرٍ بالفرق بين الحِفْظَين، فما تركه الله من كتبه لحفظ الناس غُيِّرَ وبدِّل ونسي، وما تعهَّد الله بحفظه فإنه باقٍ، ولا يمكن أن يُنقص منه حرف بحال من الأحوال.
ولعلك على خبر كذلك بأن من كفر بحرف من القرآن، فقد كفر به كلِّه، فكيف بمن ترك أكثره مما هو منَزَّلٌ واقتصر على واحدٍ. هذا ما لا يمكن أن يقع فيه صحابة رسول الله r ، فتأمَّل ذلك جيِّدًا، يظهر لك جليًا أنَّ القول بأنَّ القراءات التي يُقرأ بها اليوم على حرفٍ واحدٍ لا يصحُّ البتة.
إنَّ القول بأنَّ هذه القراءات على حرفٍ واحدٍ لا دليل عليه البتة، بل هو اجتهاد عالم قال به وتبعه عليه آخرون، والاجتهاد يخطئ ويصيب. ويظهر هنا أنَّ الصواب لم يكن حليف من رأى أنَّ هذه القراءات على حرفٍ واحدٍ.
ثالثًا: علاقة الأحرف السبعة بمصحف أبي بكر ومصاحف عثمان:
اعلم أنَّه لا يوجد نصٌّ صريحٌ في ما كتبه أبو بكر ولا عثمان رضي الله عنهما، لذا ظهر القول بأنَّ أبا بكر كتب مصحفه على الأحرف السبعة، وكتبه عثمان على حرف واحدٍ. وهذا القول لا دليل عليه البتةَ، وهو اجتهاد مدخولٌ.
والذي يدل عليه النظر أنه لا فرق بين ما كُتب بين يدي رسول الله r ، وهو مفرق في أدوات الكتابة آنذاك من رقاع ولخف وأكتاف وغيرها، وبين ما جمعه أبو بكر في مصحف واحد، ثمَّ بين ما فرَّقه عثمان ونسخه في المصاحف المتعددة في الأمصار، هذا هو الأصل، وهو أن القرآن الذي توفي رسول الله r وقد تمَّ أنه هو الذي بين يدي الأمة جيلاً بعد جيل، ولست أرى فرقًا بين هذه الكتبات الثلاث من حيث النص القرآني، وإنما الاختلاف بينها في السبب والطريقة فحسب.
ولو تتبعت المسألة عقليًا، ونظرت في اختيار زيد بن ثابت دون غيره من الصحابة، وبدأت من هذه النقطة = لانكشف لك الأمر، فلأبد معك مفقِّرًا هذه الأفكار كما يأتي:
1 ـ لا يجوز البتة ترك شيء من القرآن ثبت أنَّه نازل من عند الله، وأنَّ الرسول (قرأ به، وأقرأ به الصحابة، وقد مضى الإشارة إلى ذلك.
2 ـ أنَّ القرآن قد كُتِبَ في عهد الرسول r مفرَّقًا في الرقاع واللخف والعسب، ولم يكن مجموعًا في كتاب.
3 ـ أنَّ القرآن كان متفرقًا في صدور الرجال، وهم على درجات في مقدار حفظه، قال زيد بن ثابت:» فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال «.
(يُتْبَعُ)
(/)
4 ـ أنَّ من أسباب اختيار زيد بن ثابت ما ذكره أبو بكر الصديق t ، قال زيد:» وقال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل، لا أتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله rفتتبع القرآن واجمعه «.
فكان في هذا ما يميِّزه على متقدمي قراء الصحابةِ، أمثال أبيِّ بن كعب، وأبي موسى الأشعري، وسالم مولى حذيفة وغيرهم.
كما كان هذا ما ميَّزه على ابن مسعود خصوصًا، الذي جاء في الآثار أنه حضر العرضة الأخيرة، وقد كان اعترض على عدم إشراكه في جمع القرآن في عهد عثمان.
5 ـ أنَّ زيدًا الذي هو من أعلم الصحابة بالعرضة الأخيرة = سيكتب في المصحف الذي أمره أبو بكر بكتابته ما ثبت في هذه العرضة، ولن يترك حرفًا ثبت فيها من عند نفسه أو بأمر غيره.
ومن هنا يكون مصحف أبي بكر قد حوى ما بقي من الأحرف السبعة التي ثبتت في العرضة الأخيرة.
ولما جاء عثمان، وأراد جمع الناس على المصحف، جعل مصحف أبي بكر أصلاً يعتمده، وقام بتوزيع الأحرفِ التي تختلفُ القراءة بها في هذه المصاحف، فكان عمله نسخَ المصاحفِ، وتوزيع الاختلاف الثابت في القراءةِ عليها، ولم يترك منها شيئًا، أو يحذف حرفًا.
وما لم يُرسم في المصاحف، وقرئ به فإنه مأخوذٌ عن المقرئ الذي أرسله عثمان مع المصحف، وقراءة المقرئ قاضية على الرسم؛ لأنَّ القراءة توقيفية يأخذها الأول عن الآخر لا مجال فيها للزيادة ولا النقص، والرسم عمل اصطلاحيٌّ قد يتخلَّف عن استيعاب وجوه القراءات فلا يصطلح عليه.
فإن اعترض معترض بما روى البخاري عن أنس:» أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال لعثمان أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى فأرسل إلى حفصة أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنه إنما نزل بلسانهم ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة ومصحف أن يحرق «. .
ووجه الاعتراض من جهتين:
الأول: أنَّ الاختلاف قائمٌ في القراءات المشهورة التي يقرأ بها الناس إلى اليوم، فما وجه عمل عثمان، وهو إنما كان يخشى اختلاف القراءة؟
فالجواب: إنَّ القراءة قبل هذا الجمع لم تكن صادرة عن إجماع الصحابة وإلزام الناس بما ثبت في العرضة الأخيرة مما كتبه زيد في مصحف أبي بكر، والذي يدل على ذلك أنَّ قراء الصحابة كانوا يقرئون الناس بما صحَّ عندهم عن نبيهم r ، وليس كلهم بَلَغَهُ ما نُسِخَ في العرضة الأخيرة.
فلما وزع عثمان المصاحف = أرسل مع كل مصحف قارئًا يُقرئُ الناس، بما في هذا المصحف الذي أثبت فيه وجه مما ورد في العرضة الأخيرة، وكان في ذلك حسمٌ لمادة الخلاف، وذلك أنه لو التقى قارئٌ من البصرة وقارئ من الكوفة، فقرأ كل منهما على اختلاف ما بينهما، فإنهما يعلمان علمًا يقينيًا بأن ذلك عائدٌ إلى وجه صحيح مروي عن النبي r ، وبهذا يكون الاختلاف قد تحدَّد بهذه المصاحف ومن معها من القراء، وأنَّ ما سواها فهو منسوخ لا يُقرأ به.
وهذا يعني أنَّ عمل عثمان هو تقرير الأوجه التي ثبتت في العرضة الأخيرة التي كُتِبَت في مصحف أبي بكر، وإلزام الناس بها، وترك ما عداها مما قد نُسخ، وليس أنه حذف ستة أحرف.
الثاني: أن يقول المعترض: إنَّ في الرواية السابقة:» وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنه إنما نزل بلسانهم ففعلوا «أوكد الدليل على أنهم كتبوا المصحف العثماني على حرف واحدٍ، وهو ما يوافق لغة قريش.
والجواب عن ذلك أن يقال: إنَّ هذه المسألة ترتبط بالرسم، وهي مسألة تحتاج إلى توضيح أمور تتعلق بالرسم، وليس هذا محلها، لكن سآتي على ذكر ما يلزم من حلِّ هذا الاعتراض، وبالله التوفيق.
(يُتْبَعُ)
(/)
أولاً: إنه قد ثبت أنَّ بعض وجوه القراءات التي يقرأ به في المتواتر الآن بغير لغة قريش، كالهمز وتسهيله، فقريش لا تهمز، والهمز قراءة جمهور القراء، فكيف تخرج هذه القراءات التي ليست على لغة قريش.
ثانيًا: إنه يمكن أن يُحمل الأمر على رسم المصحف لا على قراءته؛ وهذا هو الظاهر من ذلك الأثر، فقوله:» فاكتبوه على لغة قريش «إشارة إلى الرسم لا إلى القراءةِ، أمَّا القراءة فإنه يُقرأ بها بغير لغة قريش وإن كان برسم لغتها ما دام ثابتًا.
ويدلُّ لذلك أنَّه قد وردت بعض الألفاظ التي كُتبت في جميع المصاحف على وجه واحد من الرسم، وقد ثبتت قراءتها بغير هذا الرسم.
ومن ذلك ما حكاه أبو عمرو الداني (ت: 444) من أنَّ مصاحف أهل الأمصار اجتمعت على رسم الصراط وصراط بالصاد، وأنت على خُبرٍ بأنها تُقرأ في المتواتر بالصاد وبالسين وبإشمامها زايًا.
وإنما قرئت هي وغيرها مما رسم على وجه، وقرئت أيضًا على وجه آخر بالأخذ عن القارئ الذي أقرأ بهذه المصاحف، وهذا يعني أنَّه لا يلزم أخذ القراءة من الرسم حتى توافق قراءة القارئ، وأنه يجوز أن يقرأ القارئ بما يخالف المرسوم، لكنه يكون من الثابت عن النبي r ، وهو مضبوط معروف، لذا لم يكن في مصحف عثمان مثل قراءة أبي الدرداء وابن مسعود:» والذكر والأنثى «مع صحة سندها إلى الرسول r .
ويقال: إنما رُدَّت مع صحة سندها لأنه لم يقرأ بها في العرضة الأخيرة، ولم توافق المصحف، وليس ردها لمخالفة رسم المصحف فقط، والله أعلم.
وبعد هذا يكون الفرق بين عمل أبي بكر وعمل عثمان كما يأتي:
1 ـ أنَّ أبا بكر أراد حفظ القرآن مكتوبًا، خشية أن يموت قراء الصحابة، فيذهب بذهابهم.
أما عثمان بن عفان، فكان الاختلاف الذي نشأ بين التابعين سببًا في نسخه للمصاحف.
2 ـ أنَّ أبا بكر كتب مصحفًا واحدًا بما يوافق رسم ما بقي من الأحرف السبعة، أما عثمان بن عفان، فنسخ من هذا المصحف عدة مصاحف، ولم يحذف منه شيئًا.
3 ـ أنَّ أبا بكر لم يلزم المسلمين باتباع المصحف الذي كتبه، ولم يكن هذا من مقاصده لما أمر بكتابة المصحف، لذا بقي الصحابة يُقرئون بما سمعوه من الرسول r ، وكان في ذلك المقروء كثير من المنسوخ بالعرضة الأخيرة.
أما عثمان، فألزم المسلمين باتباع المصحف الذي أرسله، ووافقه على ذلك الصحابة، لذا انحسرت القراءة بما نسخ من الأحرف السبعة، وبدأ بذلك معرفة الشاذ من القراءات، ولو صح سندها، وثبت قراءة النبي r بها.
وبهذا يكون أكبر ضابط في تشذيذ القراءة التي صح سندها، ولم يقرأ بها الأئمة = كونها نسخت في العرضة الأخيرة.
علاقة الأحرف السبعة بلغات العرب:
لا يخفى على من يقرأ في موضوع الأحرف السبعة ارتباطها بلغات العرب، بل إنَّ بعض العلماء جعل سبع لغات من لغاتها هي المقصودة بالأحرف السبعة، وفي ذلك إهمال لوجوه اختلافات لا تنتج عن كونها من لغة دون لغة.
ولعل من أكبر ما يشير إلى أنَّ اللغات تدخل في الأحرف السبعة كون القرآن بقي فترة من الزمن يقرأ بلسان قريش، حتى نزلت الرخصة بالأحرف السبعة، فظهرت الأحرف التي هي من لغات غير قريش.
ومما يشير إلى ذلك ما ورد من نهي عمر ابن الخطاب لابن مسعود من أن يقرئ بلغة هذيل، ولا يتصور أن يقرئ ابن مسعود بما لم ينْزل ويأذن به النبي r .
وفي تحديد اللغات التي هي أسعد حظًّا بنُزول القرآن خلاف بين العلماء، ويظهر أنَّ في ذلك صعوبة في بعض مواطن الاختلاف في تحديد القبيلة التي تقرأ بهذا الوجه دون غيرها، كما قد تشترك أكثر من لغة في وجه من الوجوه، فيكون نسبه إلى لغة أحدها دون غيرها قصور في ذلك.
وتظهر الصعوبة أيضًا في أنه لا يوجد تدوين تامٌّ للهجة قبيلة دون غيرها، وإن كان في الكتب إشارة إلى بعض الظواهر اللهجية لهذه القبائل.
وإذا تأمَّلت ما يتعلق باللغات العربية، وجدته أكثر ما يتعلق به الخلاف في القراءات، خصوصًا ما يتعلق بالنطق، فقبيلة تعمد إلى الإدغام في كلامها، وقبيلة تعمد إلى الإمالة، وقبيلة تعمد إلى تسهيل الهمز، وقبيلة تعمد إلى تحقيق الهمز، وقبيلة تعمد إلى ترقيق بعض الأحرف، وقبيلة تعمد إلى تفخيمها، وهكذا غيرها من الظواهر المرتبطة بالصوتيات التي تتميَّز بها قبيلة عن قبيلة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويظهر أنَّ هذه الصوتيات هي أكبر ما يراد بنُزول الأحرف السبعة، وهي التي يدل عليها قوله r :» أسأل الله مغفرته ومعافاته، وإن أمتي لا تطيق ذلك «، وقوله r :» يا جبريل. إني أرسلت إلى أمة أمية: الرجل والمرأة والغلام والجارية والشيخ العاني الذي لم يقرأ كتابًا قط «.
إذ الذي يستعصي على هؤلاء هو تغيير ما اعتادوا عليه من اللهجات إلى غيرها، دون ما يكون من إبدال حرف بحرف، أو زيادة حرف، أو إعراب، فإن هذه لا تستعصي على العربي. لكن أن يكون عاش جملة دهره وهو يميل، فتريد أن تعوده على الفتح، أو كان ممن يدغم، فتريد أن تعوِّده على الإظهار = فذلك ما يعسر، والله أعلم.
ولا يفهم من هذه الجملة في هذا الحديث أنَّ الاختلاف في الأحرف يرتبط بهذه اللهجات دون غيرها من وجوه الاختلاف، بل يُحملُ هذا على أن هذا النوع المتعلق باللهجات هو أعظم فائدة مقصودة في نزول الأحرف السبعة، وليس هذا الفهم بدعًا، ففي الشريعة أمثلة من هذا النوع، ومن ذلك:
قوله r :» الحج عرفة «، والحج يشتمل على أعمال غير الوقوف بعرفة، فقوله r يدل على أنَّ هذه العمل أعظم أعمال الحج.
وقوله r في الحديث القدسي:» قال الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل: فإذا قال:] الحمد لله رب العالمين [، قال الله: حمدني عبدي. وإذا قال:] الرحمن الرحيم [، قال الله: أثنى علي عبدي. فإذا قال:] مالك يوم الدين [، قال: مجدني عبدي. فإذا قال:] إياك نعبد وإياك نستعين [، قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل … «
وإنما سُمِّيت الفاتحة: الصلاة، وهي جزء منها؛ لأنها أعظم شروط الصلاة.
وكذلك قوله r :» الدين النصيحة «، وقوله r:» الدعاء هو العبادة «، وغيرها من الأمثلة التي يسمى فيها الجزء باسم الكلِّ؛ للتنبيه على أهميته، وللدلالة على الاعتناء به.
وإذا صحَّ لك هذا، فإنَّ جميع وجوه الاختلاف في القراءة تدخل في الأحرف السبعة، وأنَّ أعظم هذه الوجوه ما يتعلق باللهجات، والله أعلم.
علاقة الأحرف برسم القرآن:
يرتبط هذا الموضوع بلغات العرب، وقد سبق الحديث عنها، والمراد هنا التنبيه على كون ما يتعلق برسم القرآن من الأحرف السبعة هو ما يمكن رسمه من الألفاظ، أمَّا وجوه القراءة التي ترجع إلى اللهجات؛ كالإمالة والتقليل، والمد والإظهار والإدغام والسكت والتسهيل والإبدال، وغيرها = فلا يمكن أخذها من الصحف ولا كتابتها في المصاحف إلا بما يصطلح عليه أنه يشير إليها، ومعلوم أن علم ضبط المصحف كان متأخرًا، ولم يكن في عصر الصحابة إطلاقًا.
وهذا يعني أنك إذا قلت: كُتِبَ المصحف على الأحرف السبعة، فالمراد كتابة الألفاظ ووجوه قراءتها اللفظية لا الصوتية.
وهذه الصوتيات إنما تؤخذ عن السابق بطريق المشافهة والرواية، فينقلها كما سمعها، وهكذا من أو السند إلى منتهاه.
وبهذا تعلم أن رسم المصحف لا يمكن أن يحوي جميع وجوه الأحرف السبعة، وإنما يمكن أن يحوي منها ما يتعلق برسم الألفاظ، أمَّا غيرها فيؤخذ من طريق الأئمة القراء.
ولهذا السبب ـ لما أراد عثمان أن يلزم الناس بالقراءة التي أجمع الصحابة على أنها ما ثبت في العرضة الأخيرة ـ أرسل مقرئًا مع كل مصحف،فقد ورد أنه أمر زيد بن ثابت أن يقرئ في المدينة، وبعث عبد الله بن السائب مع المكي، والمغيرة بن أبي شهاب مع الشامي، وأبو عبد الرحمن السلمي مع الكوفي، وعامر بن عبد القيس مع البصري.
ومن ثَمَّ فالرواية قاضية على الرسم لا العكس.
تلخيص المراد بالأحرف السَّبعة
الأحرف السبعة: أوجه من الاختلاف في القراءة، وما لم ينسخ منها في العرضة الأخيرة، فهو محفوظ ومبثوث في القراءات المتواترة الباقية إلى اليوم.
ومن ثَمَّ، فإنه لا يلزم الوصول إلى سبعة أوجه في هذه القراءات المتواترة الباقية؛ لأنَّ بعض هذه الأحرف قد نُسِخَ.
كما أنه لا يلزم أن يوجد في كل كلمة سبعة أوجه من أوجه الاختلاف، وإن وُجِدَ، فإنه لا يتعدَّى السبعة، فإن حُكيَ في لفظ أكثر من سبعة، عُلِمَ أنَّ بعضها ليس بقرآن؛ كبعض الأوجه الواردة في قوله تعالى:] وَعَبَدَ الطَّاغُوت [.
(يُتْبَعُ)
(/)
والمراد بعدد الأوجه من أوجه الاختلاف التي لا تزيد على سبع: الاختلاف في الكلمة الواحدة في النوع الواحد من أنواع الاختلاف؛ كالمد والقصر، والإمالة والفتح.
ومن ثَمَّ، فلا إشكال في أن تكون أنواع الاختلاف أكثر من سبعٍ في العدد، كما اختلف في ذلك من جعل الأحرف السبعة أنواع من الاختلاف في القراءات عموماً، والصحيح أنها كلها أوجه اختلاف مندرجة، لكن لا يجتمع أكثر من سبعة منها في اختلاف أداء الكلمة القرآنية.
ويلاحظ أنَّ هذه الأوجه على قسمين:
الأول: ما يتعلق بالنطق واللهجة، كالإمالة والتقليل والفتح، وكالإدغام والإظهار، وغيرها، وهذا ما جاء تأكيد النبي e عليه في طلب التيسير، حيث أن أكبر فائدة في هذه الحرف هو التيسير على الشيخ الكبير وغيره، ولا يتصور هذا إلاَّ في النطق.
الثاني: ما يتعلق بالرسم والكتابة؛ كالاختلاف في زيادة الواو وعدمها في لفظ] وسارعوا [، والاختلاف في حركات الكلمة في لفظ] تَرجِعون [، و] تُرجَعون [، وغيرها، وهو ما ركَّز عليه من جعلها أنواعاً من الاختلاف في القراءة (ابن قتيبة، وأبو الفضل الرازي، وابن الجزري وغيرهم)، وإنما دخل هذا في الأحرف، مع أنه قد لا يعسر على الناطقين؛ لأنك تجد هذا القسم من الاختلاف في القراءة، فلا بدَّ أن تحمله على الأحرف السبعة، وإلاَّ كان هناك شيء من الاختلاف غير اختلاف هذه الأحرف السبعة.
هذا ما يسر الله تقييده، ولازال البحث يحتاج إلى إعادة صياغة وتحرير، والله الموفق.
قال السائل: هل من كتاب في أحكام الوقف والابتداء ميسر وسهل حيث
إن كتاب الأشموني فيه شيء من الصعوبة.
الجواب: إن معرفة هذه الكتب تحتاج إلى معرفة المصطلحات التي اعتمدتها، وغالب هذه الكتب اعتمدت مصطلح التام والكافي والحسن والقبيح، فمعرفة هذه المصطلحات، والاجتهاد في دراسة تطبيقاتها تجعل هذا العلم سهلاً شيئًا فشيئًا.
ومما يحسن علمه في هذا العلم أنه يقوم على ثلاثة علوم، هي: التفسير، والقراءات، والنحو.
والجامع بين هذه العلوم هو معرفة المعنى (أي: التفسير)، فالإعراب فرع المعنى، والقراءة إما أن تكون مرتبطة بالإعراب، فهي تعود في النهاية إلى المعنى، وإما أن تعود إلى دلالة المفردة، والحاجة إلى هذا النوع من القراءات في هذا العلم قليل.
لكن كثيرًا من المواقف لا يمكن أن تُفهم بدون معرفة النحو، وإن كان كما قيل إنه فرع المعنى.
علة هذه المصطلحات:
جعل علماء الوقف الذين قسَّموا الوقف إلى تامٍّ وكافٍ وحسنٍ وقبيحٍ، جعلوا اللفظ والمعنى عمدةً في التفريق بين هذه المصطلحات، وذكر بعضهم علة هذا التقسيم، ومنهم ابن الجزري، حيث قال:» وأقرب ما قلته في ضبطه: أن الوقف ينقسم إلى اختياري واضطراري؛ لأنَّ الكلام، إمَّا أن يتمَّ، أو لا؛ فإن تمَّ كان اختيارياً.وكونه تامَّا لا يخلو: إمَّا أن لا يكون له تعلق بما بعده البتة ـ أي: لا من جهة اللفظ ولا من جهة المعنى ـ فهو الوقف الذي اصطلح عليه الأئمة بالتامِّ، لتمامه المطلق، يوقف عليه ويبتدأ بما بعده.
وإن كان له تعلق، فلا يخلو هذا التعلق، إما أن يكون من جهة المعنى فقط، وهو الوقف المصطلح عليه بالكافي، للاكتفاء به عما بعده، واستغناء ما بعده عنه، وهو كالتام في جواز الوقف عليه والابتداء بما بعده.
وإن كان التعلق من جهة اللفظ، فهو الوقف المصطلح عليه بالحسن؛ لأنه في نفسه حسن مفيد، يجوز الوقف عليه دون الابتداء بما بعده، للتعلق اللفظي. . وإن لم يتمَّ الكلام كان الوقف عليه اضطرارياً، وهو المصطلح عليه بالقبيح، لا يجوز تعمد الوقف عليه إلا لضرورة: من انقطاع نفس ونحوه، لعدم الفائدة، أو لفساد المعنى «. ()
وهذا السبر والتقسيم الذي ذكره ابن الجزري واضح الدلالة على صحة هذا التقسيم وعلله. غير أنمه يبقى أن ابن الجزري وغيره ممن تقدمه لم يوضحوا المراد باللفظ والمعنى توضيحاً جلياً.
ويحتاج القارئ في كتب الوقف والابتداء التي تعتمد هذه المصطلحات أن يعرف مرادهم باللفظ والمعنى عنده.
وقد بين بعضُ العلماء المتأخرين المراد بالتعلق اللفظي، وقالوا بأنه ما يكون ما بعده متعلقاً بما قبله من جهة الإعراب، كأن يكون صفة، أو معطوفاً، أو غيرها من التوابع النحوية ().
(يُتْبَعُ)
(/)
وما نصَّ عليه هؤلاء ظاهر من استقراء كتب الوقف، خاصة عند ذكر _ما لا يوقف عليه)، حيث يعتمدون على الإعراب، ومن ذلك ما ذكره ابن الأنباري تحت باب (ما لا يتم الوقف عليه)، حيث قال:» واعلم أنه لا يتمُّ الوقف على المضاف دون ما أضيف إليه، ولا على المنعوت دون النعت، ولا على الرافع دون المرفوع، ولا على المرفوع دون الرافع، ولا على الناصب دون المنصوب، وعلى المنصوب دون الناصب، ولا على المؤكد دون التأكيد. . . «().
ومن أمثلة اعتماد الرابط النحوي في الحكم، ما ذكره النحاس عند قوله تعالى:] قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إله واحداً ونحن له مسلمون [] البقرة: 133 [، قال:»] إبراهيم وإسماعيل وإسحاق [، حيث قال: ليس بتام ولا كاف؛ لأن] إله واحداً [] البقرة: 133 [منصوب على الحال، أو على البدل من الأول، فلا يجوز الوقف على ما دونه، والتمام:] ونحن له مسلمون [«().
ومن ذلك ما ذكره الداني في أسباب قبح الوقف، ومثل له بالرابط اللفظي؛ كالوقف على] بسم [من] بسم الله [] الفاتحة: 1 [، والوقف على] لقد كفر الذين قالوا [] آل عمران: 181 [، والابتداء بقوله تعالى:] إن الله فقير [، وغيرها ().
وبهذا يظهر أن المراد بالتعلق اللفظي التأثير الإعرابي. ولهذا قد يقع اختلاف في تحديد الوقف ونوعه بسبب الاختلاف في الحكم الإعرابي؛ كأن يختلف في (الواو) بين أن تكون استئنافية أو حالية. فعلى الأولى ينعدم التأثير، وعلى الثانية يكون التأثير الإعرابي موجوداً.
أما المعنى، فيظهر أنه نوعان:
الأول: المعنى المرتبط بالجملة القصيرة، فإذا رأوا أنه قد تم كلامٌ وانتقل بعده إلى غيره، فإنه تام، وإن كان السياق والحديث لا زال في موضوعٍ معين.
الثاني: المعنى المرتبط بالقصة أو جملة الآيات التي تتحدث في موضوع واحدٍ، وهذه يقع فيها التمام.
وبسبب النوع الأول يصعب تحديد المراد بالمعنى عند علماء الوقف والابتداء؛ لأنهم لم يبينوا مرادهم به، ولذا تجدهم يختلفون في الحكم على الموضع: تماماً وكفايةً، نظراً لاختلافهم في المعنى، قال محمود علي بسة:» ثم إن الفرق بين الوقف التام والكافي غير محدد تحديداً منضبطاً عند جميع القراء، كالفرق بين الحسن والقبيح؛ لأن وجه الاختلاف بين التامِّ والكافي تعلقه بما بعده بالمعنى، أو لا، وهو أمر نسبي يرجع في إلى الأذواق في فهم المعاني واعتبار ما وقف عليه متعلقاً بما بعده في المعنى،أو مستغنياً عنه. ولذا تجد منهم من يعدُّ بعض الوقوف الكافية في نظر غيره تامة، والعكس … «().
ومع هذا الوضوح الفرق بين التعلق اللفظي والتعلق المعنوي، تجد من يجعل شيئاً مما به تعلق لفظي من قسم الكافي الذي يكون التعلق فيه بالمعنى، وهذا يدلُّك على عدم وضوح المراد بالمعنى.
ومن الأمثلة التي وقع فيها الحكم بالتعلق بالمعنى، وفيه تعلق لفظي، ما ذكره الداني في تمثيله للوقف الكافي، قال:» وذلك نحو الوقف على قوله:] حرمت عليكم أمهاتكم [] النساء: 23 [، والابتداء بما بعد ذلك في الآيةِ كلها … «().
وقد انتُقد الداني في تمثيله للوقف الكافي، ومن ذلك ما قاله السخاوي في جمال القراء:» وهذا ليس بالوقف الكافي؛ لأن هذه المواقف يتعلق ما بعدها بما قبلها في اللفظ والمعنى، وإنما هي من الأوقاف الحسان «().
وقال ملا علي قاري في تعليقه على تمثيل ابنِ ابنِ الجزري بهذا المثالِ:» وفيه أن الظاهر أن ما بين المعطوف والمعطوف عليه تعلق لفظي، فهو من قبيل الوقف الحسن «().
وما ذكره السخاوي وملاَّ علي قاري هو الصواب؛ لأن العطف رابط لفظي إعرابي، ثم إن البدء يقوله تعالى:] وبناتكم وأخواتكم … [] النساء: 23 [لا يفيد معنى مستقلاًّ؛ لأنه متعلق بقوله:] حرمت عليكم أمهاتكم [] النساء: 23 [.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإنما يجوز البدء بأحد هذه المعطوفات للضرورة، وهي كثرة المعطوفات مع طول الآية، وعدم بلوغ النفَسِ نهايتها إلاَّ بتقطيعها. وقد نبَّه ابن الجزري أن مثل هذا الطول مما يتسامح الوقف فيه وإن كان من الوقف الحسن، قال:» يغتفر في طول الفواصل والقصص والجمل المعترضة ونحو ذلك، وفي حالة جمع القراءات، وقراءة التحقيق والترتيل، مالا يُغتفر في غير ذلك، فربما أُجيز الوقف والابتداء لبعض ما ذكر، ولو كان لغير ذلك لم يُبَحْ، وهذا الذي يسميه السجاوندي: المرخص ضرورة «().
ولما كان (المعنى) في النوع الأول غير محدد تحديدا دقيقًا، فإنك تجد كثيرًا مما حُكِيَ فيه التمام بينه وبين ما بعده علاقة في المعنى تمنع أن يكون من قسم التامِّ.
ومن أمثلة ذلك: حكمهم بالتمام على قوله تعالى:] وجعلوا أعزة أهلها أذلة [] النمل: 27 [، قال ملاَّ علي قاري:» وقد يوجد قبل انقضاء الفاصلة؛ كقوله تعالى:] وجعلوا أعزة أهلها أذلة [] النمل: 27 [، قال ابن المصنف: هذا الوقف تامٌّ؛ لأنه انقضاء كلام بلقيس، وهو رأس آيةٍ أ. هـ. يعني قوله تعالى:] وكذلك يفعلون [] النمل: 27 [ابتداء كلام من الله شهادة على ما ذَكَرَتْهُ.
وفيه أنَّ له تعلقاً معنوياً، فلا يكون وقفه تاماً، بل كافياً.
وقال بعض المفسرين:] وكذلك يفعلون [أيضاً من كلامها تأكيدًا لما قبلها، فالوقف على] أذلة [كافٍ، وعلى] يفعلون [تامٌّ.
وقد يقال: لأنه كافٍ أيضاً؛ لأن ما بعده من جملة مقولها، فله تعلق معنوي بما قبله.
ثمَّ قال ـ أي: ابن المصنف ـ: وقد يوجد بعد انقضاء الفاصلة بكلمة؛ كقوله تعالى:] وإنكم لتمرون عليهم مصبحين. وبالليل [] الصافات: 137 ـ 138 [؛ لأنه معطوف على المعنى؛ أي: في الصبح والليل؛ يعني: فيهما.
وفيه البحث السابق؛ إذ من جملة التعلق المعنوي قوله:] أفلا تعقلون [] الصافات: 138 [، فهو وقف تامٌّ، وما قبله كافٍ «().
ومن هذه النقول السابقة يتضح أن المراد بالمعنى غير واضح المعالم، وليس له تعريف محدد، مما يجعله عائماً غير منضبط، وبسبب ذلك يقع الخلاف في الحكم على بعض المواطن بالتمام أو الكفاية.
ولو تأملت كثيراً من أمثلة التامِّ لوجدت فيها رابطاً لفظياً غير إعرابيٍّ، وهي كثيرةٌ، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى:] فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون [] العنكبوت: 17 [، حكم ابن الأنباري والداني بالوقف التامِّ على قوله:] واشكروا له [()، ولو نظرت في قوله تعالى:] وإليه ترجعون [لوجدت فيه رابطاً لفظياً غير إعرابي، وهو الضمير في قوله:] وإليه ترجعون [، وهو يربط بين الجملتين في المعنى، ويدل على عدم تمام الكلام ِ، ولذا فالحكم على مثل هذا يكون بالكفاية، واللهُ أعلمُ.
وإذا عرف طالب علم الوقف والابتداء وأتقنه فإنه سيفهم كثيرًا مما في كتب الوقف والابتداء، ولا يوجد كتاب في الوقف يقال عنه: إنه سهل ما لم يُدرك ما ذكرته لك، والله الموفق.
قال السائل: ما أفضل كتاب في إعراب القرءان؟
الجواب: لا يوجد كتاب يمكن أن يقال: إنه أفضل كتاب، لكن هناك مجموعة من الكتب يمكن الاستفادة منها في إعراب القرآن، منها:
1 ـ إعراب القرآن، لأبي جعفر النحاس (ت: 338). ومن باب الفائدة، فإن كل كتب النحاس مفيدة جدًّا.
2 ـ الفريد في إعراب القرآن المجيد، للمنتجب الحسين بن أبي العز الهمداني (ت: 643).
3 ـ البحر المحيط ن لأبي حيان الأندلسي (ت: 745).
4 ـ الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، للسمين الحلبي (ت: 756)، وهو كتاب منظَّمٌ.
وقد كتبت في كتابي (أنواع التصنيف المتعلقة بالقرآن الكريم) بعض الفوائد المتعلقة بإعراب القرآن، والله الموفق. أ. هـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=8238
ـ[ freemanamor] ــــــــ[03 Mar 2005, 01:37 م]ـ
السلام عليكم و جزاكم الله كل الخير freemanamor
ـ[أبو حسن]ــــــــ[22 Sep 2005, 02:52 م]ـ
نسأل الله لكم التوفيق
ـ[طارق]ــــــــ[18 Feb 2006, 12:40 م]ـ
بارك الله فيكم
وجزاكم خيراً
ـ[يسري بن حمدان المحمدي]ــــــــ[12 Sep 2008, 10:31 ص]ـ
بارك الله فيك، ونفع بك الإسلام والمسلمين،وغفر لي ولك ولوالدينا ولجميع المسلمين. آمين.
ـ[طالبة المعالي]ــــــــ[12 Sep 2008, 10:48 م]ـ
شكر الله لكم
ـ[محمد الصاعدي]ــــــــ[13 Sep 2008, 02:29 م]ـ
الشيخ مساعد الطيار حفظكم الله.
في إجابة فضيلتكم حول تفسير الصحابي وهل يعتبر حجة خصوصا إذا لم يتابعه أحد ,ذكرتم حفظكم الله أن هذا افتراض عقلي.
فهل تختلف هذه المسألة عن مسألة إذا قال الصحابي قولا ولم يخالفه غيره فهو حجة, التي ذكرها ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله. ومايذكره الأصوليون في قول الصحابي إذا لم يظهر له مخالف مثاله:كقول عثمان رضي الله عنه في مسألة البراءة من العيوب: وهي أن البائع يبرأ مما لم يعلمه كما يبرأ مما علمه.
أفيدونا جزاكم الله خيرا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Sep 2008, 05:29 م]ـ
الأخ محمد
كلامي عن التفسير، وليس عن الفقه، وليس عن مطلق قول الصحابي أيضًا.
ـ[ابو عبدان]ــــــــ[27 Oct 2008, 11:57 ص]ـ
والله يا ابا عبدالملك انك وفرت علي من الزمن والجهد الشئ الكثير باجوبتك هذه فديت رجليك التي تمشي عليها.
ـ[محمد شلبي]ــــــــ[15 Feb 2009, 09:39 ص]ـ
جزى الله الدكتور مساعد خير الجزاء ووفقه لكل خير جزاء ما يقدم لأمة من علم
ـ[محمد زكريا مقبول أحمد]ــــــــ[15 Feb 2009, 08:16 م]ـ
لا نملك إلا أن نقول جزاك الله خيرا، ومن قال جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[15 Feb 2009, 09:30 م]ـ
وإني أتوجه إليهم وإلى كل أصحاب الطرح العلمي الجادِّ ممن يطرح رأيه في هذا الملتقى أو غيره أن يكون المراد من طرحه الوصول إلى الحقيقة العلمية، وليس الانتصار للأشخاص أو المشايخ، إذ كم تُحجبُ الأقوال الصحيحة بهذا السبب، وكم يمتنع قوم من طرح ما لديهم لأجل ألا يجابهوا بمثل هذا الردِّ الذي لا يعتمد الأسلوب العلمي، بل ينحى منحى التعصب للرأي، حتى ترى أنه يخرج في كثير من الأحيان إلى الأسلوب الخطابي المتهيج للرد على المخالفين، ويضمحلُّ الأسلوب العلمي بين الباحثين.
كما أن بعض الباحثين قد يرتجل في ردِّ مسألة، ثمّ يتبين له في قرارة نفسه خطؤها، وتراه بعد ذلك يُصرُّ على قوله المرتجل، ويصعب عليه النزوع عنه، وذلك مسلك غير حميد، وكما قيل: الرجوع إلى الحق فضيلة، ولا أشكُّ أن كثيرًا ممن في هذه الملتقيات الجادِّة قد اطَّلع على قصص رائعة من قصص السلف في التنازل عن الرأي الخطأ إذ نُبِّه عليه، إذ الإصرار غير المبرر على مسألة ظاهرٍ خطؤها مذمة للشخص من حيث لا يدري.
وأدعو الإخوة ونفسي إلى التثبت من نقل المعلومة، فكم ترى نسبة قولٍ إلى عالم من العلماء، ولا تكاد تراه قال به، لكن الباحث نقل ما فهم من كلامه، ونسبه إليه ظنًّا منه أنه قول له، فالحرص على نقل قول العالم بحذافيره أولى من تقويله القول بما فهمه الباحث.
وإنني أدعو إلى أن يكون بين أهل العلم اختلاف التغاير والتنوع، لا اختلاف التناقض والتضاد، وليعلم أنه لا يوجد أحد يستطيع أن يتسلط على فهم العباد، ويلزمهم بما لم يقتنعوا به، فإذا لم تقبل قولي أو لم أقبل قولك فليبق بيني وبينك الودُّ والصفاء، وإخاء الإيمان والولاء.
وأسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن اختارهم من بين خلقه، وجعلهم خيرته، وأن يرفعني وإياكم بالعلم والعمل، إنه سميع مجيب
صدقت فضيلة الشيخ فقد انتشرمثل هذاخاصة عبر وسائل الإعلام والإنترنت، تجده
يقلد جماعة أو حزب أو شيخ أو عالم يؤسس في نفسه هذا التقليد فيذهب ليستدله، هذا خطأ بل انحراف، بل يجب أن يكون رائدنا البحث عن مواطن الحق في ثنايا الدليل، وأن نتجرد تجردا كاملا عن أي فكرة سابقة إلا الثوابت لا نتجرد منها أما ما عدا ذلك فيجب أن يكون البحث عن الحق من خلال الدليل لا البحث عن الدليل الذي يؤيد الرأي فإن الإنسان يهلك في هذا، الله عز وجل يقول ? وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ? [ص: 26]، يضلك حتى ولو بحثنا عن الدليل لأن الله عز وجل يقول ? فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ? [آل عمران:7]، وهو القرآن قد يكون كما هو هدى وعصمة لمن وفقهم الله عز وجل لمن واتبعوا السبيل الرشيد كذلك هو عمل وهلاك لمن أخذه على غير وجهه.
وكما يقول الإمام الشافعي - رحمه الله - وهي قاعدة ذهبية عظيمة هي مقتضى الكتاب والسنة يقول: "والله ما جادلت أحدا إلا تمنيت أن يجرى الله الحق على لسانه"
شكر الله لكم وبارك فيكم فضيلة الشيخ على ما قدمتم لنا نفع ...
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[04 Dec 2009, 06:28 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وبارك الله في علم الشيخ مساعد وعمله.
ـ[عبير ال جعال]ــــــــ[18 May 2010, 11:15 م]ـ
نفع الله بعلمك الاسلام والمسلمين قد استفدت كثيرمما طرح وفقتم لكل خير دائما(/)
استفسار عن عبارة في مقدمة التفسير لابن تيمية رحمه الله
ـ[مرهف]ــــــــ[15 May 2003, 01:09 ص]ـ
بسم الله:
يقول ابن تيمية في المقدمة في أصول التفسير صـ61: (وأما التفسير فإن أعلم الناس به أهل مكة،لأنهم أصحاب ابن عباس، كمجاهد ت 104 هـ،وعطاء بن أبي رباح 114 هـ،وعكرمة مولى ابن عباس 104 هـ، وغيرهم من أصحاب ابن عباس،كطاووس 106 هـ،وأبي الشعثاء،وسعيد بن جبير 95 هـ، وأمثالهم.
وكذلك أهل الكوفة من أصحاب عبد الله بن مسعود ـ ومن ذلك ما تميزوا به على غيرهم ـ وعلماء أهل المدينة في التفسير مثل:زيد بن أسلم الذي أخذ عنه مالك 179 هـ التفسير، وأخذه عنه أيضاً ابنه عبد الرحمن،وعبد الله بن وهب 197 هـ).
ماذا تعني هذه العبارة في كلام الشيخ، ـ (ومن ذلك ما تميزوا به على غيرهم) وما مناسبة محلها هنا، أم هي من خطأ النساخ؟.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 May 2003, 01:59 م]ـ
بسم الله
هذه العبارة فيها غموض، وقد علق عليها عدنان زرزور في تعليقاته على مقدمة التفسير؛ فقال: (وقوله: {ومن ذلك ما تميزوا به على غيرهم} يراد بها فيما يبدو: أنهم تميزوا من أهل التفسير بكثرة الرأي والاجتهاد في تفسيرهم، على ما عرف من أهل العراق بعامة. وربما كان في العبارة سقط، أو أن العبارة مقحمة.) انتهى كلام زرزور.
ولعل الاحتمال الثالث الذي ذكره هو الأقرب - أي أنها مقحمة - فقد وجدت السيوطي قد نقل عبارة ابن تيمية في الإتقان 2/ 1233 - 1234 بتحقيق مصطفى البغا في [النوع الثمانون] ولم يذكر هذه العبارة، مع أن هذا يبقى احتمالاً أيضاً؛ لأن في نقل السيوطي عن ابن تيمية بعض التصرف مع أنه نص على قول ابن تيمية ثم أشار إلى نهاية النقل بقوله: انتهى.(/)
ما معنى قول علي رضي الله عنه: (ولا تلتبس به الألسنة)؟
ـ[المحرر]ــــــــ[15 May 2003, 02:09 ص]ـ
ما معنى قول علي - رضي الله عنه - في وصف القرآن الكريم: (ولا تلتبس به الألسن)؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 May 2003, 06:39 ص]ـ
بسم الله
جاء في شرح الشيخ ابن عثيمين لمقدمة التفسير لشيخ الإسلام ما نصه: (تلتبس، أي: تختلط. فلأنه بلسان عربي مبين لا يمكن أن تختلط به الألسن، ولهذا حث الإنسان الأعجمي إذا قرأه أن يقرأه بلسان عربي؛ ولهذا كان من غير الممكن أن يترجم القرآن ترجمة حرفية أبداً.) انتهى ص12.
ـ[المحرر]ــــــــ[17 May 2003, 05:05 ص]ـ
قد قرأت شرح الشيخ - رحمه الله - سابقاً، لكن ما زالت العبارة غير واضحة.
فلعلك يا شيخنا الكريم توضحها.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 May 2003, 01:16 م]ـ
المعنى - والله أعلم - أنه لا تجد الألسنة صعوبة ولا عسراً في النطق بالقرآن الكريم، ولا يختلط عليها القرآن بغيره مهما كانت عجمة هذه الألسنة.
فتجد الأعجمي يقرأ القرآن الكريم بدون مشقة، بل تعجب أحياناً من فصاحته، وإذا كلمته بالعربية وجدته لا يحسنها، وإنما هو يقرأ القرآن فقط.
وقد سمعت كثيراً من القراء من بنجلاديش ومن الفلبين ومن روسيا ومن البوسنة ومن كوسوفا وغيرهم فرأيت مصداق ذلك واضحاً لا لبس فيه. وفي المسابقة الدولية للقرآن تجد ذلك واضحاً كذلك.
وهذا المعنى وهو عدم التباس الألسنة به، يمكن الربط بينه وبين ما ذكره المفسرون عند تفسير قوله تعالى: (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر). وقوله تعالى: (فإنما يسرناه بلسانك).
حيث إن التيسير يشمل الألفاظ والمعاني، ويمكن مراجعة ما ذكره الطبري والطاهر بن عاشور عند تفسير هذه الآيات. ومراجعة ما ذكره المباركفوري في تحفة الأحوذي عند شرحه للحديث. في باب فضائل القرآن.
والله أعلم.
ـ[المحرر]ــــــــ[18 May 2003, 01:50 ص]ـ
جزاك الله خيراً، وغفر لك يا شيخنا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Feb 2005, 02:00 م]ـ
قال الشيخ عبدالله الجديع تعليقاً على عبارة (ولا تلتبس به الألسنة): هذا وصف عجيب، وسمة خاصة لهذا القرآن العظيم، فإنه تتلوه ألسنة لم تفتق بالعربية، بل ربما تعسر عليها قراءة سواه من الكلام العربي، أما هو فتنطلق به الألسنة مع عجمتها، (ولقد يسرنا القرآن للذكر). وهذا رأيناه وشهدناه. أ. هـ. انظر: المقدمات الأساسية في علوم القرآن 18
وهذا يؤيد ما تقدم والحمد لله.(/)
مسألة دعوى تكرار النزول هل تصح؟
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[16 May 2003, 02:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر العلماء – رحمهم الله - أنه إذا تعددت الروايات في سبب النزول فإنها لاتخلوا من ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن تكون جميع الروايات غير صريحة؛ فتحمل حينئذ على أنها من قبيل التفسير وليس المراد ذكر سبب النزول.
الحالة الثانية: أن يكون بعضها صريح وبعضها غير صريح؛ فالمعتمد حينئذ هو الصريح.
الحالة الثالثة: أن يكون الجميع صريحا، وهذه لها حالات:
1 - أن يكون أحد الروايات صحيحا والآخر غير صحيح؛ فالمعتمد حينئذ الصحيح.
2 - أن يكون الجميع صحيحاً، وهنا يكون الجمع إن أمكن، وإلا فالترجيح إن أمكن، وإلا حمل على تعدد النزول وتكراره. [انظر: مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان، ص: 92]
والسؤال هو: هل تصح دعوى تكرار النزول؟
يلاحظ أن دعوى تكرار النزول إنما لجأ إليها المتأخرون فراراً من ترجيح أحد الروايات على الأخرى.
والحقيقة أن هذه الدعوى لا تثبت أمام الدراسة والتحقيق، ومما يرد هذه الدعوى:
1 - أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة رضوان الله عليهم القول بتكرار نزول شيء من آي القرآن.
2 - أن في القرآن آيات تكرر نزولها وكتبت مكررة، إما في سورة واحدة، أو في عدة سور، وقد تتكر مع تغاير يسير في الللفظ.
مثال الأول: قوله تعالى:} تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ {[البقرة: 134، 141]
ومثال الثاني: قوله تعالى:} وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {[يونس: 48، الأنبياء: 38، النمل: 71]
ومثال الثالث: قوله تعالى:} يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ {[التوبة: 32] وقوله تعالى:} يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ {[الصف: 8]
وعليه فإن دعوى تكرار النزول دون تكرار اللفظ لا يعضدها دليل.
علماً بأن هذه الدعوى ليست محل اتفاق بين العلماء فهناك من توقف فيها مثل الشيخ مناع القطان رحمه الله، والدكتور فضل عباس وغيرهما.
وهذه المسألة لا زالت تحتاج إلى مزيد من التحقيق والدراسة، ولعل من له اطلاع حول هذه المسألة أن يفيدنا بما عنده.والله تعالى أعلم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 May 2003, 09:46 م]ـ
بسم الله
المسألة التي أشرت إليها أخي أحمد وفقك الله بحثها الأستاذ الشيخ محمد بن عبد الرحمن الشايع في كتابه نزول القرآن الكريم بتوسع، وذكر القولين في هذه المسألة، وأدلة كل قول، ثم درس بعض النماذج التي قيل بتكرار نزولها، وعرض بالتفصيل لأقوال المفسرين في تكرار نزول كل مثال، ثم قال في خاتمة بحثه لهذه المسألة: (ونتبين مما سبق أنه أمكن الترجيح بين ما ورد من روايات مختلفة في أسباب نزول بعض السور والآيات، تلك الروايات التي كانت الدافع الأقوى للقول بتكرار النزول لتوهم عدم إمكان الجمع بينها أو ترجيح أحدها. وبهذا الترجيح وما تقدم من أدلة يتبين ضعف القول بتكرار النزول، وعدم صحته، وسقوط حجته، وانتفاء حاجته. والله أعلم.) انتهى كلام الشيخ الشايع وفقه الله. ينظر كتابه المشار إليه اعلاه ص80 - 113
ـ[ناصر الصائغ]ــــــــ[17 May 2003, 06:55 م]ـ
بسم الله والحمد لله وبعد:
فإشارة إلى تساؤل زميلي الشيخ أحمد القصير حول مسألة تكرار النزول يسرني أن أبدأ مشاركتي في هذا الملتقى المبارك بالمشاركة في إجابة هذا التساؤل فأقول:
قد تأتي روايات مختلفة في سبب نزول آية معينة وهذا أمر معروف ووارد ومعرفة الموقف الصحيح تجاه هذه الروايات وكيفية التوفيق بينها من أنفع ما يكون للناظر في كتب أسباب النزول خاصة وكتب التفسير والحديث وغيرها. كثيرا ما تورد أسباب نزول مختلفة لنزول آية معينة.
وفي هذه الحال ينبغي النظر إلى تلك الروايات وتمحيص سبب النزول من غيره وذلك حسب المراحل التالية:
(يُتْبَعُ)
(/)
المرحلة الأولى: النظر في صحة وثبوت الروايات الواردة في سبب النزول فيعتمد الصحيح ويطرح ما سواه. ومثال على ذلك سبب نزول سورة الضحى فقد ورد فيها عدة روايات والصحيح في سبب نزولها ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث جندب بن سفيان رضي الله عنه (رقم 4950).
وأما ماورد من روايات أخرى فهي لاتصح مثال ما اخرجه الطبراني عن حفص بن سعيد القرشي عن أمه عن أمها (المعجم الكبير 24/ 249رقم 636) قال ابن حجر في الفتح بعد إيراده لهذا الحديث وذكر أيضا روايات أخرى في ذلك وعقبها بقوله وكل هذه الروايات لا تثبت (فتح الباري 8/ 710).
المرحلة الثانية: بعد التأكد من صحة الروايات ينظر في صيغة التعبير عن السبب فإما:
أ) أن تكون جميع الروايات غير صحيحة في السببية فلا منافاة إذ المراد التفسير وليس المراد ذكر السبب إلا إن قامت قرينة على واحدة بأن المراد بها السببية.
ب) أن تكون إحدى الروايات صريحة في السببية والأخرى غير صريحة فالمعتمد ما هو صريح فيكون هو السبب وغير الصريح يكون من قبيل التفسير وأنه داخل في حكم الآية.ومثاله سبب نزول (نساؤكم حرث لكم) ورد عن ابن عمر عمر قوله أنزلت في إتيان النساء في أدبارهن وورد عن جابر التصريح بسبب خلافه فالمعتمد رواية جابر (مجموع الفتاوى 13/ 340)
المرحلة الثالثة: إذا كانت الروايات مختلفة وكلها صريحة صحيحة فينظر إلى زمان حدوث تلك الوقائع فإن كانت متقاربة ويمكن نزول الآية عقيب تلك الأسباب فيتحمل الآية على أنها نزلت بعد تلك الأسباب جميعا قال ابن تيمية (وإذا ذكر أحدهم لها سببا نزلت لأجله وذكر الآخر سببا فقد يمكن صدقهما بأن تكون نزلت عقب تلك الأسباب) الفتاوى 13/ 340) قال الشنقيطي (المقرر في علوم القرآن أنه إذا ثبت نزول الآية في شيء معين ثم ثبت بسند آخر صحيح أنها نزلت في شيء معين غير الأول وجب حملها على أنها نزلت فيهما معا فيكون لنزولها سببان) أضواء البيان 6/ 529.
ومثال ذلك سبب نزول قوله تعالى (والذين يرمون أزواجهم) النور 6ـ9 فقد ورد أنها نزلت في هلال بن أمية وورد أنها نزلت في عويمر العجلاني والروايتان صحيحتان وصريحتان في السببية ومختلفتان لذا (جمع بينهما بأن أول ما وقع له ذلك هلال وصادف مجيء عويمر أيضا فنزلت في شأنهما في وقت واحد ... ولا مانع أن تتعدد القصص ويتحد النزول) فتح الباري 8/ 450.
المرحلة الرابعة: إذا لم يمكن الجمع بينهما وذلك لتباعد الزمن فيلجأ إلى القول بتكرار النزول قال ابن تيمية (وإذا ذكر أحدهم لها سببا نزلت لأجله وذكر الآخر سببا ... فقد تكون نزلت مرتين مرة لهذا السبب ومرة لهذا السبب) مجموع الفتاوى 13/ 340.
ومثاله سبب نزول قوله تعالى (ويسألونك عن الروح) فقد ورد عن ابن مسعود (البخاري ح 7297) وورد عن ابن عباس (الترمذي التفسير باب 18 ح 3140) وكلاهما سبببان صحيحان وصريحان لا يمكن الجمع بينهما للبعد الزمني فلا مجال إلا بالقول بأنها نزلت مرة بمكة ومرة نزلت بالمدينة.
قال ابن كثير ( .. وقد يجاب عن هذا بأنه قد تكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية، كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك) تفسيره 3/ 64) وقال ابن حجر (ويمكن الجمع بأن يتعدد النزول) الفتح 1/ 30. أما السيوطي (الإتقان 1/ 91) فإنه يجعل مرحلة قبل المرحلة الرابعة وهي الترجيح بين الروايات ولكن القول بالترجيح بين الروايات الصحيحة الصريحة مرجوح لما فيه من إهدار لبعض الروايات الصحيحة ومن المقرر أن إعمال الدليلين خير من إهمال أحدهما.
قال ابن حجر الفتح8/ 451 (الجمع مع إمكانه أولى من الترجيح).
ولا يحكم بتكرر النزول إلا بعد التدرج في المراحل الثلاث السابقة إذ الأصل عدمه فلا يلجأ إليه إلا اضطرارا جمعا بين الروايات.
وتكرار النزول أمر واقع شرعاً وممكن عقلا بل له فوائد وحكم منها:
1) تعظيم شأن هذا المنزَّل.
2) تذكير الله لعباده بالحكم خوف نسيانه.
3) التأكيد على الحكم السابق وبيان أن الآية داخلة فيه.
4) تنبيه الله لعباده ولفت نظرهم إلى ما في تلك الآيات المكررة من الوصايا النافعة. (البرهان للزركشي 1/ 29ومناهل العرفان 1/ 121) قال السيوطي (أنكر بعضهم كون الشيء من القرآن يتكرر نزوله كذا رأيته في كتاب الكفيل بمعاني التنزيل وعلله بأنه تحصيل ما هو حاصل لافائدة فيه وهو مردود بما تقدم من فوائده) الاتقان 1/ 103,
قال الزركشي (وقد ينزل الشيء مرتين تعظيما لشأنه وتذكيرا به عند حوث سببه خوف نسيانه) البرهان 1/ 29
بهذا يتضح أن تكرار النزول أمر وارد ولكن لايحكم به إلا بعد مراحل ثلاث سابقة.
والقول بتكرار النزول قال به عدد من المحققين كابن تيمية وابن حجر و الزركشي والسيوطي وغيرهم كما سبقت الإشارة إلى شيء من ذلك.
وأما قول القطان (والقول في تكرار النزول وتعدده فيه مقال وفي النفس منه شيء) مباحثص 91 فأقول إن إعتراضه ليس عليه دليل بل الحكمة ظاهرة كما سبق والله أعلم، ورحم الله علماء المسلمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[30 Aug 2008, 02:19 م]ـ
ما نقله الاخ ناصر الصائغ من كلام العلماء، والإشارة إلى الحكم من نزوله محل نقاش
أولا: لو كان من الحكم تعظيمه لكان الأولى بتكرار النزول أعظم آية في كتاب الله تعالى، وهي آية الكرسي، وليس بين الروايات من قال بهذا.
ثم ما أشير إليه، لم نجد بين الأمثلة ما تتوافرفيها المعاني المذكور
ثانيا: دافع العلماء للقول بهذا وجود أكثر من رواية في سبب النزول، وتعذر الجمع، ولم تكن الأمثلة كافية لهذا وبخاصة بعد المناقشة، فزوال السبب كاف للعدول عنه.
ثالثا: هناك من قام بدراسة الروايات دراة حديثية ولم يجد أي مثال صحيح ينطبق على القاعدة.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[30 Aug 2008, 03:07 م]ـ
انا لا اعلم احدا حرر المسالة على وجه يشفى غلة الباحثين مثل ما حررها شيخنا العلامة فضل عباس في كتابه اتقان البرهان في علوم القران
واعلموا اكرمكم الله انه كتب فصلا في اسباب النزول لم يسبقه الى كثير مما فيه احد
فلينظر فيه من يرغب في تحرير مسائل اسباب النزول
على ان هذا الكتاب سيصدر في طبعة جديدة بها تدارك لكثير من الاخطاء وفيه اضافات كثيرة
والكتاب الان في دار النفائس في صف جديد نسال الله تعالى ان يعجل بفرجه
ـ[محمد براء]ــــــــ[30 Aug 2008, 04:10 م]ـ
بيان شيخ الإسلام لمعنى تكرر النزول ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=12636)
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[31 Aug 2008, 02:24 م]ـ
بارك الله فيك أخي الدكتور جمال
فضيلته والله اعني، لكن كنت اود نقل بعض كلامه ولم يتسن لدي الوقت لذلك
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[17 Sep 2008, 12:54 ص]ـ
من الواضح أن مقصود العلماء من تكرار النزول ليس النزول الجديد للآية أو تكرار نزولها بالمعنى الحرفي للكلمة، ولذا أرى أن تكرار النزول المشار إليه المقصود به عدة أمور:-
1 - أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن ليبتدر أمرا في الدين من تلقاء نفسه "ولو تقول علينا بعض القاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين" (الحاقة:44 - 46) وهو بانتظاره الوحي الذي نزل منجما يدحض شبهة من يقول بأنه مؤلف القرآن ويثبت أن القرآن من عند الله لفظا ومعنى.
2 - نزول جبريل عليه السلام بالآية مرة ثانية على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعني نزولا منفصلا مستقلا وإلا لكان بالأحرى أن نقول عن المرات التي عرض جبريل عليه السلام القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم انها تعد تكرارا للنزول، وإنما اصطلح عليها علماء القرآن والتفسير والحديث بأنها "عرض القرآن" ومنها العرضة الأخيرة قبيل وفاته عليه الصلاة والسلام التي عرض فيها القرآن كله مرتين.
3 - ومن ثم يكون نزول جبريل عليه السلام بالآية على المصطفى صلى الله عليه وسلم بالآية في معرض الحادثة يكون تذكيرا للرسول صلى الله عليه وسلم بالحل من قبيل "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين" (الذاريات: 55) ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أول المؤمنين في أمته. كما أنها دعوة إلى عامة المؤمنين لأن يتدبروا القرآن ويبحثوا فيه عما يصلح به دينهم ودنياهم " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر" النساء:59. كما قال تعالى: "وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله" الشورى:10.
4 - بالإضافة إلى التذكرة للرسول الله صلى الله عليه وسلم، من شأن عرض الآية على المصفى عليه الصلاة وأزكى السلام تعليمه أبعادا وحيثيات أخرى لمعناها الشرعي والعقدي، ثم يُفَصِّلها المصطفى صلى الله عليه وسلم لأصحابة ويحكم بها فيما عرض لهم أو لأحدهم ويصير حكما ثابتا عندهم يعملون به فيما بعد، وهذا يدل بما لا يقبل الشك أن وحي القرآن لم يشمل اللفظ وحسب بل يضم المعنى كذلك، فالقرآن وحي من عند الله تعالى بلفظه وحكمه ومعناه.
والله أعلى وأعلم
والله الهادي إلى سبيل الرشاد(/)
أركان القراءة المقبولة (2)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[16 May 2003, 04:41 م]ـ
تقدمت الحلقة الأولى من هذا البحث وتجدها على هذا الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=186
الحلقة الثانية:
المبحث الأول: صحة السند
المطلب الأول:المراد بهذا الركن.
قال ابن الجزري:أن يروي القراءة العدل الضابط عن مثله كذا حتى تنتهي، وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمة هذا الشأن الضابطين له غير معدودة عندهم من الغلط أ و مما شذ به بعضهم. (!)
نفهم من هذا التعريف:أنه يضاف إلى صحة السند ما يلي:
1 - الشهرة
2 - أن لا تكون شاذه أو معدودة في الغلط
وقد قدمته على بقية الأركان لأنه ينبغي للبا حث أو القارئ أن ينظر إلى صحة السند فإن كان صحيحاً وإلا لا حاجة إلى النظر إلى بقية الأركان.
المطلب الثاني:هل يشترط التواتر في هذا الركن أم يكتفى فيه بصحة السند:
اختلف فيه على قولين:
القول الأول:يشترطون التواتر حيث نصوا على أن التواتر شرط في ثبوت القرآن، وممن اشترط ذلك الغزالي وابن قدامة وابن الحاجب وصدر الشريعة والنويري ,وقالو:عدم اشتراط التواتر في ثبوت القرآن، قول حادث لإجماع الفقهاء والمحدثين وغيرهم ولم يخالف من المتأخرين إلا مكي وتبعه بعض المتأخرين،وقالوا لا يقدح في ثبوت التواتر اختلاف القراءة فقد تتواتر القراءة
عند قوم دون قوم. (2)
القول الثاني:أنه لايشترط التواتر وإنما يكتفي بصحة السند.
وإليه ذهب ابن الجزري وأشار إلى أنه مذهب أئمة السلف والخلف وقال راداً على القول الأول: أنه إذا أثبت التواتر لايحتاج فيه إلى الركنين ا لسابقين من الرسم وغيره إذ ما ثبت من أحرف الخلاف متواتراً عن النبي صلى الله عليه وسلم وجب قبوله وقطع بكونه قرآناً سواء وافق الرسم أم خالفه وإذا أشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف أنتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء السبعة وغيرهم. (3)
وقال الطاهر بن عاشور:وهذه الشروط الثلاثة هي شروط قبول القراءة إذا كانت غير متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن كانت صحيحة السند إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولكنها لم تبلغ حد التواتر فهي بمنزلة الحديث الصحيح واما القراءة المتواترة فهي غنية عن هذه الشروط لأن تواترها يجعلها حجة في
العربية ويغنيها عن الاعتضاد بموافقة المصحف عليه (1).
قلت: وعند تأمل هذين القولين فإننا لانجد بينهما فرق في إفادة القراءة للعلم لأن من لم يشترط التواتر وإنما اشترط صحة السند لم يكتف به وإنما اشترط قرائن بمجموعها تفيد العلم وتقوم مقام التواتر ولذا قال مكي بن أبي طالب: فإذا اجتمعت هذه الخلال الثلاث قرئ به وقطع على مغيبه وصحته و صدقه لأنه أخذ عن إجماع من جهة موافقته لخط المصحف وكفر من جحده (2).
وقال الزرقاني:إن هذه الأركان الثلاثة تكاد تكون مساوية للتواتر في إفادة العلم القاطع بالقراءات المقبولة بيان هذه المساواة أن ما بين دفتي المصحف متواتر ومجمع عليه من هذه الأمة في أفضل عهودها وهو عهد الصحابة فإذا صح سند القراءة ووافقت عليه قواعد اللغة ثم جاء ت موافقة لخط المصحف المتواتر كانت هذه الموافقة قرينة على إفادة هذه الرواية للعلم القاطع وإن كانت آحاداً ..... فكأن التواتر كان يطلب تحصيله في الإسناد قبل أن يقوم المصحف وثيقة متواترة بالقرآن أما بعد وجودهذا المصحف المجمع عليه فيكفي في الرواية صحتها وشهرتها متى ماوافقت رسم هذا المصحف ولسان العرب ........ وهذا التوجيه الذي وجهنا به الضابط السالف يجعل الخلاف كأنه لفظي ويسير بجماعات القراء جدد الطريق في تواترالقرآن (3).
المطلب الثالث:تنبيهات تتعلق بهذا الضابط:
1 - هل من رد شيئا ًمن القراءات المتواترة يعد كافراً
الجواب:أن ذلك لايقتضي التكفير لأن التكفير إنما يكون بإنكار ما علم من الدين بالضرورة، والقراءات ليست كذلك ولذا وقع شئ من ذلك لبعض العلماء الأعلام
قاله الجزائري (4).
2 - قال بعض العلماء: إن القراءات السبع متواترة عن الأئمة السبعة أما تواترها عن النبي صلى الله عليه وسلم ففيه نظر فإن إسناد الأئمة السبعة بهذه القراءات
السبعة موجود في كتب القراءات وهي نقل الواحد عن الواحد.
والجواب: أن عدد التواتر موجود في كل طبقة إلا أنهم اقتصروا على ذكر بعضهم لتصديهم للاشتغال بالقراءة واشتهارهم بذلك (5).
4 - اشتراط التواتر في ثبوت القران إنما هو بالنظر لمجموع القران الكريم وإلا فلو اشترطنا التواتر في كل فرد من أحرف الخلاف انتفى كثير من القراءات الثابتة عن هؤلاء الأئمة السبعة وغيرهم (6).
5 - نقل عن محمد بن الحسن بن مقسم البغدادي المقرئ النحوي وكان بعد الثلاثمائه:أن ماوافق العربية ورسم المصحف ولم ينقل البتة أن القراءة به جائزة وقد ردّ عليه من جاء بعده قال أبو طاهر بن أبي هاشم في كتابه البيان .. وقد نبغ نابغ في عصرنا فزعم أن كل ما صح عنده وجه في العربية بحرف من القران يوافق المصحف فقراءته جائزة في الصلاة وغيرها فابتدع بدعة ضل بها قصد السبيل قلت: وقد عقد له بسبب ذلك مجلس ببغداد حضره الفقهاء والقراء وأجمعوا على منعه وأوقف للضرب ورجع وكتب عليه محضر بذلك كما ذكره الحافظ أبوبكر الخطيب في تاريخ بغداد وأشرنا إليه في الطبقات (1).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم الدوسري]ــــــــ[16 May 2003, 08:45 م]ـ
والمقصود بالسند: ثبوت الوجه من القراءة بالنقل الصحيح عن الثقات ([43])، وهو غير معدود عندهم من الغلط أو مما شذ به بعضهم ([44])، وقد اختلفت تعبيرات العلماء في ذلك اختلافا يوهم التناقض، فمنهم من نص على الآحاد ([45])، ومنهم من قيده بالشهرة والاستفاضة ([46])، ومنهم من صرح بالتواتر وهم الأكثرون ([47])، وقد استبان بعد النظر في أقوالهم أن الخلاف صوري، فمن نظر إلى أسانيد القراء من جهة نظرية على ما هو مذكور في أسانيد مصنفاتهم وجد كثيرا من أوجه الاختلاف تشتمل على أسانيد آحادية أو مشهورة، ومن نظر إليها من جهة الوقوع عدها متواترة وأجاب بأن انحصار الأسانيد ـ ولو كانت آحادية ـ في طائفة معينة لا يمنع مجيء القراءات عن غيرهم إذ مع كل واحد منهم في طبقته ما يبلغها حد التواتر، لأن القرآن قد تلقاه من أهل كل بلد الجم الغفير طبقة بعد طبقة وجيلا بعد جيل، ولو انفرد أحد بوجه دون أهل تلك البلد لم يوافقه على ذلك أحد ([48]) "، ومما يدل على هذا ما قاله ابن مجاهد: قال لي قُنبل: قال لي القوّاس: ـ في سنة سبع وثلاثين ومائتين ـ الق هذا الرجل ـ يعني البَزِّي ـ فقل له: هذا الحرف ليس من قراءتنا،يعني) وما هو بميت (([49]) مخففاً، وإنما يخفف من الميت من قد مات، ومن لم يمت فهو مشدد، فلقيت البَزِّي فأخبرته فقال: قد رجعت عنه " ([50]).
وحيث إن القراءات العشر المقروء بها في هذا العصر على هذا النحو فإنها هي المتواترة، وما عداها فهو الشاذّ، إذ انقطاع الإسناد من جهة المشافهة لأي وجه من القراء مسقط له، ولو تواتر الإسناد نظريا في الكتب، وذلك أن في القراءات وجوها لا تحكمها إلا المشافهة، بله إذا صح إسناده ولم يتصل مشافهة.
والتواتر المذكور يختص بأوجه القراءات بصفة عامة، وليس كل ما كان من قبيل الأداء متواتر، بل منه الصحيح المستفاض المتلقى بالقبول، كمقادير المد الزائدة على القدر المشترك بين أهل الأداء، غير أنه ملحق بالمتواترة حكما لأنه من القرآن المقطوع به، قال الحافظ ابن الجزري (ت833 هـ): " ونحن ما ندعي التواتر في كل فرْدٍ مما انفرد به بعض الرواة أو اختص ببعض الطرق، لا يدّعي ذلك إلا جاهل لا يعرف ما التواتر؟ وإنما المقروء به عن القراء العشرة على قسمين: متواتر، وصحيح مستفاض متلقى بالقبول، والقطع حاصل بهما " ([51]).
وقال أيضا: " فإنه إذا ثبت أن شيئا من القراءات من قبيل الأداء لم يكن متواترا عن النبي صلى الله عليه وسلم، كتقسيم وقف حمزة وهشام وأنواع تسهيله، فإنه وإن تواتر تخفيف الهمز في الوقف عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يتواتر أنه وقف على موضع بخمسين وجها ولا بعشرين وجها، ولا بنحو ذلك، وإنما إن صح شيء منها فوجه، والباقي لاشك أنه من قبيل الأداء " ([52]).
ولعل هذا النوع من الأوجه المختلف فيها بين القراء هو الذي جعل بعض العلماء لا يشترط التواتر.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[18 May 2003, 02:05 م]ـ
شكر الله لك يا شيخ إبراهيم هذه الدرر وأسأل الله ان يجعلها في موازين حسناتك
وهنا استفسار: هل مفهوم التواتر عند القراء هو مفهوم التواتر عند المحدثين وهل قال أحد بالفرق بينهما
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[18 May 2003, 10:27 م]ـ
الحمد لله وبعد
فأشكر أخي الشيخ / أحمد البريدي على هذا الاختيار لمثل هذه المسائل الدقيقة، وهنا تظهر فائدة مثل هذه المنتديات في مذاكرة العلم، في حسن تصور المسائل المشكلة التي يكون استشكالها أحيانا ناجما عن خلل في تصور المسألة، ومن ثم تجاذب الآراء في إزاحة الإشكال بأقوم سبيل وأوضح دليل.
ولقد ترددت في الكتابة على هذه المقالة – بعد الشيخين الفاضلين - متمثلا بقول العرب: لاعطر بعد عروس.
ولكن من باب المشاركة وإحياء الموضوع أقول:
يجب أن نستحضر في هذه المسألة مايلي:
1 - أن القراءن والقراءات حقيقتان متغايرتان، فالقرآن هو الوحي النازل على محمد صلى الله عليه وسلم، والقراءات: هي اختلاف ألفاظ الوحي المذكور.
2 - لاإشكال ولانزاع بين المسلمين في تواتر القرآن أما القراءات فوقع فيها النزاع والمشهور أنها متواترة.
3 - أن بعض من يقرر تواتر القراءات يستدل بما يفيد تواتر القرآن وهو أن القرآن قد انتشر في كل بلد وتلقاه من كل طبقة العدد الكثير عمن فوقهم وهكذا مما يتحقق به شرط التواتر، وفي هذا نظر لايخفى.
4 - أن تواتر القراءات عن الائمة السبعة مسلم، أما تواترها عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى هؤلاء السبعة فمحل نظر لأن أسانيدهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم نقل آحاد كما هو موثق مدون في كتب القراءات، ولقد كان هذا مما تتوافر الدواعي على نقله وإثباته، فإذا كان النقلة يدونون الطرق الكثيرة في حديث أو أثر في مسألة ليست من أصول العلم وكباره، فما الظن في نقل كلام الله تعالى؟!
ومما يشكل على القول بتواتر جميع مافي القراءات السبع مانقله الشيخ أحمد عن ابن الجزري بقوله: وإذا أشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء السبعة وغيرهم.أ. هـ
فمواضع الاختلاف بين القراء السبعة يعد من المشهور لاالمتواتر.
5 - من الأدلة على عدم تواتر القراءات في زمنه صلى الله عليه وسلم القصة المشهورة في مخاصمة عمر مع هشام بن حكيم رضي الله عنهما، ووجه الاستدلال واضح منها.
فهذه بعض المعالم حول هذه المسألة، ووراء ذلك أمر أحق بالتحقيق وهو – فيما يظهر لي – سبب الإشكال ومنبعه وهو: تنزيل المصطلحات الحادثة وتحكيمها في العلوم الشرعية، وأعني بذلك هنا مصطلح (التواتر) فإنه مصطلح كلامي لم يستعمله السلف المتقدمون لكنه صار أصلا لايكاد يخلو منه كتاب في مصطلح الحديث، ومايتبع ذلك من إفادة المتواتر والآحاد والتفريق بين العلم النظري والضروري .. إلخ.
وهذه مسألة طويلة لعل بعض إخواننا هنا يطرقها بالعرض والنقد.
والله أعلم
انظر: الإتقان – شرح مختصر الروضة – شرح الكوكب المنير – إرشاد الفحول
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم الدوسري]ــــــــ[19 May 2003, 10:16 م]ـ
شكر ياشيخ أحمد على هذه الموضوعات القيمة.
القراءات المتواترة:
ما اجتمعت فيها أركان صحة القراءة، وهي موافقة اللغة العربية ولو بوجه، وموافقة أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا، وثبوت سندها.
ويلحق بالقراءات المتواترة (القراءات المشهورة) و (القراءات الصحيحة)، وهي ما صح سندها بنقل العدل الضابط كذا إلى منتهاه، ولا يقرأ إلا بما استفاض نقله وتلقته الأئمة بالقبول، كمقادير المد الزائدة على القدر المشترك بين أهل الأداء، غير أنه ملحق بالمتواتر حكما لأنه من القرآن المقطوع
به.
والقراءات التي توفّر لها التواتر هي القراءات العشر التي عليها عمل القراء إلى وقتنا الحاضر.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 May 2004, 06:30 م]ـ
شكر الله للجميع هذه المناقشة العلمية الهادئة.
وأقترح على أخي الكريم الشيخ أحمد البريدي جمع هذه الحلقة مع بقية الحلقات في ملف واحد لوضع الموضوع كاملاً في مكتبة الشبكة للاستفادة منه بشكل أوسع.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[20 May 2004, 10:10 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا شيخ عبد الرحمن على حسن ظنك: وسأفعل ما طلبت ان شاء الله.(/)
من يعرف شيئا عن كتاب (أحكام القرآن) للقاضي إسماعيل بن إسحاق
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[16 May 2003, 06:41 م]ـ
للقاضي إسماعيل بن إسحاق (ت 282 هـ) كتاب عظيم في أحكام القرآن الكريم، وقد كان ابن حجر ينقل عنه كثيرا في الفتح، وكذا القرطبي في تفسيره.
ويعتبر القاضي من أئمة الحديث وله عناية بالتفسير، وهو من أئمة المذهب المالكي.
وكتابه في أحكام القرآن لم ير النور حتى الآن رغم أهميته، وقد ذكر فؤاد سزكين في تاريخ التراث أنه يوجد منه قطعة في القيروان بتونس. فمن يعرف شيئا عن هذا الكتاب؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 May 2003, 09:07 م]ـ
بسم الله
لعلك أخي أحمد تتصل بالشيخ ناصر الماجد، وهو من أعضاء الملتقى، فهو حسب علمي يقوم بتحقيق كتاب من مختصرات الكتاب الذي سألت عنه.
والكتاب كما ذكرت له أهمية كبيرة، وينقل عنه المتقدمون كثيراً.
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[17 May 2003, 11:11 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم:
ما ذكرته من وجود تفسير لآيات الأحكام ألفه الإمام إسماعيل بن إسحاق القاضي المالكي المتوفى سنة 282هـ صحيح، وهو كتاب قيم وكبير الحجم، يعد من جملة التفاسير المسندة، أثنى عليه أهل العلم، حتى قال الخطيب البغدادي في تاريخه عنه: " وهو كتاب لم يسبقه إليه أحد من أصحابه إلى مثله".
والكتاب مفقود، ولا أعرف أحدا ذكر عن موضعه شيئا، إلا قطعة صغيرة مصورة توجد بمتحف رقاده بتونس، وليس بالقيروان، وقد اطلعت عليها بنفسي، ويوجد منها صورة عند عدد من المهتمين منهم د. أبو الأجفان، الأستاذ في جامعة أم القرى بمكة المكرمة، وهي عبارة عن جزء صغير من سور النساء والنور والأحزاب.
وهذا التفسير الكبير قام القاضي بكر بن العلاء القشيري المالكي المتوفى سنة 334هـ باختصاره، ويوجد منه نسخه وحيدة ـ حتى الآن ـ بتركيا، وأشترك مناصفة مع أخي الكريم الشيخ ناصر الدوسري في تحقيق هذا المختصر، أسأل الله التوفيق والإعانة.
وبعد فأرجو أخي الكريم أن يكون فيما ذكرته ما يفيدك ببعض ما تسأل عنه، والله يتولانا جميعا بفضله ورحمته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[17 May 2003, 02:25 م]ـ
ما شاء الله بارك الله فيكما أخي أبو مجاهد، وناصر الماجد
وأشكرك أخي ناصر على ما أدليت به من معلومات قيمة حول الكتاب، وبقي سؤال حول المختصر الذي ذكرت أنك تقوم بتحقيقه وهو: هل فيه ذكر للأسانيد كما في الأصل؟ ومتى سيرى النور إن شاء الله؟ ارجو أن تزودني بنسخة منه بعد الانتهاء من تحقيقه إن لم تتمكنا من طباعته، وبارك الله في الجميع.
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[18 May 2003, 01:26 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم وأنت شكر الله لك
وأما سؤالك عن الأسانيد فالمؤلف قد يذكر الأثر بإسناد القاضي إسماعيل صاحب الأصل أو يذكره بسنده هو، والكتاب فيه عدد كبير من الآثار لكنها غير مسندة، ولعل ذلك لوجود الأصل ولأنه قد قصد بكتابه الاختصار، ولذا حذف أغلب الأسانيد
وأما متى يرى النور فهو ـ إن شاء الله ـ نور في ذاته حتى وإن لم يخرج، وبكل حال فمتى اكتمل تحقيقه فنسختك محفوظة، نسأل الله تعالى أن يعيننا على أنفسنا وأن يهب لنا من أمرنا رشدا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Oct 2005, 04:35 م]ـ
والآن (10 رمضان 1426هـ) قد طبع الجزء الموجود من كتاب القاضي إسماعيل بن إسحاق كما أشار إلى ذلك الدكتور ميكلوش موراني في الملتقى.
أحكام القرآن لاسماعيل بن اسحاق القاضي ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3747).
كما انتهى الباحثان الدكتور ناصر الماجد والدكتور ناصر العشوان من رسالتيهما ولله الحمد. ولعلهما يطبعان الكتاب معاً لينتفع به طلاب العلم.
ـ[موراني]ــــــــ[13 Oct 2005, 05:07 م]ـ
وتفضل هنا أيضا:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3935(/)
استفسار عن تفسير ابن المنذر
ـ[أم صهيب]ــــــــ[17 May 2003, 01:15 ص]ـ
بسم الله الرحمن اللرحيم
االمشايخ الأفاضل: أود الإجابة على هذا السؤال _ حفظكم الله _
قال السيوطي في الإكليل في استنباط التنزيل (1/ 424) عند قوله تعالى: (ولاتتخذوا آيات الله هزوا) (فيه وقوع طلاق الهازل وعتقه ونكاحه وجميع تصرفاته؛ لأن سبب نزول الآية ذلك كما أخرجه ابن المنذر وغيره).
السؤال: اطلعت على تفسير القران لابن المنذر الذي صدر حديثاً ولم أجد الآية المطلوبة (231) من سورة البقرة فهل ماخرج كامل أم لا؟ وهل هناك كتب لابن المنذر يحتمل أن يوجد فيها سبب النزول الذي أشار إليه السيوطي رحم الله الجميع أرجو أن لايتأخر الرد جزاكم الله خيراً.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 May 2003, 11:28 ص]ـ
كتاب تفسير القرآن لابن المنذر النيسابوري الذي حققه الدكتور سعد بن محمد السعد هو قطعة صغيرة من التفسير تبدأ من الآية 272 من سورة البقرة (ليس عليك هداهم ... )، وتنتهي عند الآية 92 من سورة النساء (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطئاً .. ). وقد بين المحقق ذلك في مقدمته ص 29
وأشار المحقق إلى أنه استعان في التحقيق بمنتخب كان قد انتخبه أحد نساخ تفسير ابن أبي حاتم على هامش تفسير ابن أبي حاتم المخطوط من تفسير ابن المنذر، وأثبت الزيادات بين معقوفين [] في المتن.
ولا يزال التفسير كاملاً في عداد المفقودات إلى اليوم حسب علمي. والآية التي سألت عنها ليست ضمن المطبوع بطبيعة الحال.
وابن المنذر لم ينفرد بإخراج سبب نزول الآية، بل أخرجه غيره كما صرح بذلك السيوطي هنا وكما ذكر الشوكاني في فتح القدير عند تفسير الآية. ويراجع تفسير الطبري الجزء الخامس بتحقيق محمود شاكر ص 13 الأثر رقم 4923 و 4924 وكلام أحمد شاكر على هذين الأثرين.
وربما يكون لدى المحقق بعض التفاصيل، ويمكن مراسلته على فاكس 012253981(/)
هل يوجد مذكرة او كتاب للمبتدئين في علم التفسير
ـ[ناصر السنة]ــــــــ[17 May 2003, 05:48 م]ـ
هل يوجد مذكرة او كتاب للمبتدئين في علم التفسير
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 May 2003, 07:16 م]ـ
أخي الحبيب ناصر السنة وفقه الله لما يحب ويرضى
سبق أن كتب في هذا الموضوع فراجعه في الملتقى على هذا الرابط ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=26)
وإن بقيت لك حاجة بعد ذلك فاكتبها وفقك الله.
ـ[عبد الرحمن الظاهري]ــــــــ[29 Sep 2008, 02:50 ص]ـ
يرفع للفائدة العظيمة في مشاركة شيخنا عبد الرحمن ...(/)
تحريم المراء في القرآن الكريم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 May 2003, 11:25 م]ـ
قال ابن عبدالبر في كتابه جامع بيان العلم وفضله: (باب: ما تكره فيه المناظرة والجدال والمراء: قال أبو عمر: الآثار كلها في هذا الباب المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم إنَّما وردت في النهي عن الجدال والمراء في القرآن.
وروى سعيد بن المسيب وأبو سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: {المراء في القرآن كفر} (1) ... والمعنى: أن يتمارى اثنان في آية، يجحدها أحدهما ويدفعها ويصير فيها إلى الشك، فذلك هو المراء الذي هو كفر.
وأمَّا التنازع في أحكام القرآن ومعانيه فقد تنازع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من ذلك، وهذا يبيّن لك أن المراء الذي هو الكفر هو الجحود والشك كما قال الله عزوجل: {وَلاَ يَزَالُ ا؟ لَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ} [الحج: 55].
والمراء والملاحاة غير جائز شيء منهما، وهما مذمومان بكل لسان، ونهى السلف - رضي الله عنهم - عن الجدال في الله جل ثناؤه وفي صفاته وأسمائه ... .
عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما ضلّ قوم بعد هدى إلاَّ لُقِّنُوا الجدل}، ثُمَّ قرأ: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاَ+ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} (2) [الزخرف: 58]) (3).
المراء والامتراء والمماراة: المحاجّة فيما فيه مرية.
والمرية: التردد في الأمر والشك فيه، قال تعالى: {وَلاَ يَزَالُ ا؟ لَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ} [الحج: 55]، وقال تعالى: {فَلاَ تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاَءِ} [هود: 109]، وقال سبحانه: {فَلاَ تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآئِهِ} [السجدة: 23]، وقال جل وعلا: {أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ} [فصلت: 54].
ومن ذلك قوله تعالى: {فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِرًا} [الكهف: 18] أي: لاتجادل وتحاجج.
وقوله سبحانه: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} [النجم: 53] أي: أفتجادلونه مجادلة الشاكين المتحيِّرين لا الكائنين على بصيرةٍ فيما تخاصمون فيه.
وقرئ: {أفَتَمْرُونَه} (4) وفُسِّرَت بالجحود، أي: أفتجحدونه؟) (5).
وقد اختلف العلماء في تأويل حديث: {المراء في القرآن كفر} على أقوال:
القول الأول: أن معنى المراء في القرآن: الشك فيه والجحود، وهذا ما عبّر عنه ابن عبدالبر بقوله: (والمعنى أن يتمارى اثنان في آية يجحدها أحدهما ويدفعها ويصير فيها إلى الشك، فذلك المراء الذي هو الكفر ... وهذا يبين لك أن المراء الذي هو الكفر هو الجحود والشك كما قال عز وجل: {وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ} [الحج: 55]) (6) ا هـ.
ويدخل في هذا الجدال المشكِّك؛ وذلك أنه إذا جادل في القرآن أدّاه إلى أن يرتاب في الآي المتشابهة منه، فيؤديه ذلك إلى الجحود، فسمّاه كفراً باسم ما يُخشى من عاقبته إلاَّ من عصمه الله (7).
القول الثاني: أن المراد المراءُ في قراءته دون تأويله ومعانيه، مثل أن يقول قائل: هذا قرآن أنزله الله تبارك وتعالى، ويقول الآخر: لم ينزله الله هكذا، فيكفر به من أنكره، وقد أنزل الله سبحانه كتابه على سبعة أحرف كلها شافٍ وكافٍ، فنهاهم صلى الله عليه وسلم عن إنكار القراءة التي يسمع بعضهم بعضاً يقرؤها، وتوعدهم بالكفر عليها لينتهوا عن المراء فيه والتكذيب به؛ إذ كان القرآن منزلاً على سبعة أحرف، وكلها قرآن منزل يجوز قراءته ويجب علينا الإيمان به (8).
ويؤيد هذا القول سبب ورود الحديث وهو ما رواه الإمام أحمد عن أبي جهيم الأنصاري أن رجلين اختلفا في آية من القرآن؛ قال هذا: تقليتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال هذا تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: {القرآن يقرأ على سبعة أحرف، فلاتماروا في القرآن فإن مراءً في القرآن كفر} (9).
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا ما اختاره الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام حيث قال: (وجه الحديث عندنا ليس على الاختلاف في التأويل ولكنه عندنا على الاختلاف في اللفظ، على أن يقرأ الرجل القراءة على حرف، فيقول له الآخر: ليس هكذا ولكنه كذا على خلافه.
وقد أنزلهما الله جميعاً ... فإذا جحد هذان الرجلان كل واحد منهما ما قرأ صاحبه لم يؤمن - أو قال: يَقْمَن - أن يكون ذلك قد أخرجه إلى الكفر لهذا المعنى) (10).
ثُمَّ ذكر بسنده عن أبي العالية الرياحي أنه كان إذا قرأ عنده إنسان لم يقل: ليس هو كذا، ولكن يقول: أمَّا أنا فاقرأ هكذا؛ فلما ذُكر ذلك لإبراهيم (11)، قال: أراه قد سمع أنه من كفر يحرف فقد كفر به كله.
القول الثالث: أن المراد الجدالُ بالقرآن في الآي التي فيها ذكر القدر والوعيد، وما كان في معناهما على مذهب أهل الكلام والجدل، وما يجري بينهم من الخوض في تلك المسائل التي مبناها على الاعتقاد والتسليم.
وأمَّا آيات الأحكام والحلال والحرام فلاتدخل في معنى الحديث؛ لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تنازعوها فيما بينهم، وتحاجُّوا بها عند اختلافهم في الأحكام، ولم يتحرجوا عن التناظر بها وفيها، وقد قال الله سبحانه وتعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}، فعُلم أن النهي منصرف إلى غير هذا الوجه، والله أعلم (12).
قال ابن عبدالبر - رحمه الله -: (وأمَّا التنازع في أحكام القرآن ومعانيه فقد تنازع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من ذلك) (13).
وقال: (وأمَّا الفقه فأجمعوا على الجدال فيه والتناظر؛ لأنه علم يُحتاج فيه إلى رد الفروع على الأصول للحاجة إلى ذلك، وليس الاعتقادات كذلك؛ لأن الله عز وجل لا يوصف عند الجماعة أهل السنة إلاَّ بما وصف به نفسه أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أجمعت الأمة عليه، وليس كمثله شيء فيدرك بقياس أو بإمعان نظر) (14).
وقال - رحمه الله -: (وقد أجمع أهل العلم بالسنن والفقه - وهم أهل السنة - على الكف عن الجدال والمناظرة فيما سبيله الاعتقاد مِمَّا ليس تحته عمل، وعلى الإيمان بمتشابه القرآن والتسليم له، ولما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث الصفات كلها وما كان في معناها، وإنَّما يبيحون المناظرة في الحلال والحرام ومسائل الأحكام) (15).
ومِمَّا سبق يعلم أن آيات العقائد - كآيات القدر والوعيد والأسماء والصفات - لايجوز المراء والجدال فيها لأمرين:
أحدهما: أن هذه الآيات سبيلها التسليم والاعتقاد.
الثاني: أن الجدال والمراء فيها يؤدي إلى الانسلاخ من الدين، بسبب الدخول في مباحث لا يدركها العقل، والخوض في ذات الله ووصفه بما لا يليق به تعالى.
قال ابن عبدالبر - رحمه الله -: (قال أبو عمر: وتناظر القوم وتجادلوا في الفقه ونهوا عن الجدال في الاعتقاد؛ لأنه يؤول إلى الانسلاخ من الدين، بسبب الدخول في مباحث لا يدركها العقل، والخوض في ذات الله ووصفه بما لا يليق به تعالى (16).
قال ابن عبد البر - رحمه الله -: (قال أبو عمر: وتناظر القوم وتجادلوا في الفقه ونهوا عن الجدال في الاعتقاد، لأنه يؤول إلى الانسلاخ من الدين، ألا ترى مناظرة بشر (17) في قول الله تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] قال: هو بذاته في كل مكان، فقال له خصمه: فهو في قلنسوتك وفي حشك وفي جوف حمارك - تعالى الله عما يقول - حكى ذلك وكيع (18)، وأنا - والله - أكره أن أحكي كلامهم قبحهم الله، فعن هذا وشبهه نهى العلماء، وأمَّا الفقه فلا يوصل إليه ولا ينال أبداً دون مناظرة فيه وتفهم له) (19).
(يُتْبَعُ)
(/)
أخرج الإمام أحمد في مسنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: لقد جلست أنا وأخي (20) مجلساً ما أحب أنّ لي به حُمْرَ النَّعَم، أقبلت أنا وأخي، وإذا مَشْيَخَةٌ من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوسٌ عند باب من أبوابه، فكرهنا أن نفرق بينهم، فجلسنا حَجْرَةً (21)، إذ ذكروا آية من القرآن، فتماروا فيها، حتى ارتفعت أصواتهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مُغْضَباً، قد احمرّ وجهه، يرميهم بالتراب، ويقول: {مهلاً يا قوم، بهذا أهلكت الأمم من قبلكم، باختلافهم على أنبيائهم، وضربِهم الكتب بعضها ببعض، إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضاً، بل يُصَدِّق بعضه بعضاً، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه} (22).
وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم يتنازعون في القدر، هذا يَنْزِعُ آية وهذا ينزعُ آية، ثُمَّ ذكر معنى الحديث (23).
وهناك قول رابع في معنى الحديث، وهو: أن المرادَ المراءُ والجدال في القرآن: هل هو خالق أو مخلوق؟.
فالخوض في هذه المسألة والمراء والجدال فيها من البدع المحدثة التي لم تكن موجودة عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان، حتى ظهرت البدع وانتشرت وكثُر أهل الكلام والجدال الذين لا همّ لهم إلاَّ الخوض في مثل هذه المسائل التي تشبه السؤال والبحث في مسألة الاسم والمسمى هل هما شيء واحد؟ أو أن الإسم غير المسمى؟!.
ذكر ابن عبد البر بسنده عن الشافعي أنه قال: إذا سمعت الرجل يقول: الإسم غير المسمى أو الاسم المسمّى فاشهد عليه أنه من أهل الكلام ولا دين له (24).
وذكر بسنده أيضاً عن سليم بن منصور بن عمّار (25) قال: كتب بشر المريسي إلى أبي - رحمه الله -: أخبرني عن القرآن أخالق أم مخلوق؟ فكتب إليه أبي: بسم الله الرحمن الرحيم: عافانا الله وإياك من كل فتنة، وجعلنا وإياك من أهل السنة، وممن لايرغب بدينه عن الجماعة، فإنه إن يفعل فأولى بها نعمة، وإلاَّ يفعل فهي الهلكة، وليس لأحد على الله بعد المرسلين حجة.
ونحن نرى أن الكلام في القرآن بدعة تشارك فيها السائل والمجيب، تعاطى السائل ما ليس له، وتكلّف المجيب ما ليس عليه، ولا أعلم خالقاً إلاَّ الله، والقرآن كلام الله، فانْتَهِ أنت والمختلفون فيه إلى ما سماه الله به تكن من المهتدين، ولاتسم القرآن باسم من عندك، فتكون من الهالكين، جعلنا الله وإياك من الذين يخشونه بالغيب، وهم من الساعة مشفقون (26). ا هـ.
قال الإمام الطحاوي - رحمه الله -: (ولا نجادل في القرآن، ونشهد أنه كلام رب العالمين، نزل به الروح الأمين، فعلّمه سيد المرسلين محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو كلام الله تعالى لا يساويه شيء من كلام المخلوقين ولا نقول بخلقه، ولا نخالف جماعة المسلمين) (27) ا هـ. ..
قال ابن عبد البر: (قال أبو عمر: ماجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من نقل الثقات وجاء عن الصحابة وصحّ عنهم فهو علم يدان به، وما أُحدث بعدهم ولم يكن له أصل فيما جاء عنهم فبدعة وضلالة، وما جاء في أسماء الله وصفاته عنهم سُلِّمَ له ولم يُناظر فيه كما لم يناظروا.
قال أبو عمر: رواها السلف وسكتوا عنها وهم كانوا أعمق الناس علماً وأوسعهم فهماً وأقلهم تكلفاً، ولم يكن سكوتهم عن عيّ، فمن لم يسعه ما وسعهم فقد خاب وخسر) (28) ا هـ.
فهذا مجموع ما وجدته من أقوال للعلماء في معنى حديث {المراء في القرآن كفر} وهي كلها صحيحة، ولفظ الحديث يحتملها جميعاً، ولا تعارض بينها، بل هي أقوال متفقة غير مختلفة، فالمراء في القرآن كفرٌ على كل قول من الأقوال السابقة.
ومن المراء في القرآن الذي هو كفرٌ أيضاً المراءُ في تنزيله، وذلك بأن يمتري أحدٌ ويشك في كون القرآن منزلاً من الله رب العالمين، فهذا كفرٌ أيضاً؛ لأنه شكٌّ فيما أخبر الله به كما قال سبحانه: {تَنزِيلُ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ} [السجدة: 2].
ومن المراء المحرم في القرآن أن يحمل الآية على معنى ضعيف يخالف الحق، ويناظر على ذلك مع ظهورها له في خلاف ما يقول.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال النووي في التبيان: (يحرم المراء في القرآن والجدالُ فيه بغير حق؛ ومن ذلك أن تظهر له دلالة الآية على شيء يخالف مذهبه، ويحتمل احتمالاً ضعيفاً موافقة مذهبه، فيحملها على مذهبه، ويناظر على ذلك مع ظهورها له في خلاف ما يقول، وأمَّا من لا يظهر له ذلك فهو معذور، وقد صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {المراء في القرآن كفر}) (29) ا هـ.
الحواشي السفلية
(1) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب: النهي عن الجدال في القرآن رقم [4603] 5/ 9، والحاكم في المستدرك رقم [2937] 2/ 595 بلفظ {مراءٌ في القرآن كفر} وهو عند الإمام أحمد أيضاً بلفظ: {جدالٌ في القرآن كفر} رقم [7499] 13/ 249 وقال أحمد شاكر في تعليقه عليه: إسناده صحيح، على بحث فيه.
والحديث حسن صحيح كما قال الألباني في صحيح سنن أبي داود رقم [3847] 3/ 870، وهو في صحيح الجامع رقم [6687].
(2) أخرجه الترمذي رقم [3253] 5/ 353 في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الزخرف، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجة في المقدمة، باب: اجتناب البدع والجدل رقم [48]. انظر: = =
= = صحيح سنن ابن ماجة رقم [45] 1/ 14، وأخرجه الحاكم في المستدرك رقم [3726] في كتاب التفسير 3/ 240 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
والحديث قال عنه الألباني في صحيح الجامع رقم [5633]: حسن. وانظر: صحيح الترغيب والترهيب رقم [136] ص 133.
(3) جامع بيان العلم وفضله 2/ 928 - 948 باختصار.
(4) قال في إتحاف فضلاء البشر: (واختُلف في {أفتمارونه} فحمزة والكسائي ويعقوب وخلف بفتح التاء، وسكون الميم بلا ألف من {مَرَيْتَه} إذا علمته وجحدته ... والباقون بضم التاء، وفتح الميم وألف بعدها من {ماراه يماريه مراء} جادله) ا هـ. إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر للعلامة الشيخ أحمد بن محمد البنا 2/ 500، 501.
(5) انظر: عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ للسمين الكلبي 4/ 97، 98، ومفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني ص 766.
(6) جامع بيان العلم وفضله 2/ 928.
(7) انظر: شرح السنة للبغوي 1/ 261.
(8) انظر: معالم السنن للخطابي مع سنن أبي داود 5/ 9.
(9) سبق تخريجه ص 180، وانظر: روايات هذا الحديث وما يؤخذ منه من فوائد في كتاب الأحرف السبعة للدكتور حسن ضياء الدين عتر ص 97 - 101.
(10) غريب الحديث لأبي عبيد 1/ 214 باختصار.
(11) هو: إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود، النَّخَعِيّ، أبو عمران، الكوفي الفقيه، كان مفتي أهل الكوفة، وكان رجلاً صالحاً فقيهاً، قال الشعبي: ما ترك أحداً أعلم منه، مات سنة 96 هـ. انظر: تهذيب التهذيب 1/ 92 - 93، وسير أعلام النبلاء 4/ 520 - 529.
(12) انظر: معالم السنن للخطابي مع سنن أبي داود 5/ 10.
(13) جامع بيان العلم وفضله 2/ 928.
(14) المرجع السابق 2/ 929.
(15) الاستذكار 8/ 118.
(16) انظر: عقيدة ابن عبد البر في التوحيد والإيمان للدكتور سليمان الغصن ص 95.
(17) هو: بشر بن غياث البغدادي المريسي، المتكلم المناظر، كان من كبار الفقهاء، ونظر في الكلام فغلب عليه وانسلخ من الورع والتقوى، ودعا إلى القول بخلق القرآن، فمقته أهل العلم وكفّره بعضهم، توفي سنة 218 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء 10/ 199 - 202.
(18) هو: وكيع بن الجراح بن مَلِيح الرُّؤَاسي، أبو سفيان الكوفي الحافظ، قال عبد البر بن أحمد، عن أبيه: ما رأيت أوعى للعلم من وكيع ولا أحفظ منه. وقال ابن سعد: كان ثقة مأموناً، عالياً، رفيع القدر، كثير الحديث، حُجّة. مات سنة 197 هـ، وقيل: 196 هـ. انظر: تهذيب التهذيب 4/ 311 - 314، وسير أعلام النبلاء 9/ 140 - 168.
(19) جامع بيان العلم وفضله 2/ 948.
(20) المتحدث: عبد الله بن عمرو بن العاص، وأخوه هو محمد بن عمرو بن العاص، ذكر ذلك أحمد شاكر في تعليقه على الحديث في المسند 10/ 175.
(21) حَجْرَةً: أي ناحية، قعد حَجْرَةً وحَجْراً أي ناحية. لسان العرب 3/ 258.
(23) أخرجه الإمام أحمد في المسند رقم [6700] 10/ 174، 175، بتحقيق: أحمد شاكر، وقال: إسناده صحيح.
وروى الإمام مسلم نحوه مختصراً في أول كتاب العلم، باب: النهي عن اتباع متشابه القرآن والتحذير من متبعيه والنهي عن الاختلاف في القرآن رقم [2666] ص 1070 (ط: بيت الأفكار الدولية).
(23) مسند الإمام أحمد رقم [6845]، [6846] 11/ 83، 78، وسنن ابن ماجة رقم [85]. انظر: صحيح سنن ابن ماجة 1/ 21 رقم [69].
(24) انظر: جامع بيان العلم وفضله 2/ 941.
(25) هو: سليم بن منصور بن عمّار بن كثير، وأبوه منصور بن عمَّار الواعظ، البليغ الصالح، أبو السَّرِيِّ السُّلَمي الخرساني، وقيل: البصري، كان عديم النظير في الموعظة والتذكير، وعظ بالعراق والشام ومصر، وبَعُدَ صيته، وتزاحم عليه الخلق، وكان لوعظه وقع وتأثير في النفوس، مات في حدود المائتين. انظر: سير أعلام النبلاء 9/ 93 - 98.
(26) أورد هذه الرسالة بسنده في التمهيد 9/ 233، وفي الاستذكار 8/ 119، وقد أوردها البيهقي في الأسماء والصفات 1/ 620 - 621، وقال محققه عبيد الحاشدي: إسناده حسن.
(27) العقيدة الطحاوية مع شرحها لابن أبي العز الحنفي 2/ 428.
(28) جامع بيان العلم وفضله 2/ 946.
(29) التبيان في آداب حملة القرآن للنووي ص 140.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Oct 2003, 07:28 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر محمد بن الحسين الآجري في كتابه الشريعة باباً في النهي عن المراء في القرآن، ومما قاله فيه:
(قال محمد بن الحسين: فإن قال قائل: عرفنا هذا المراء الذي هو كفر، ما هو؟
قيل له: نزل هذا القران على رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبعة أحرف، ومعناها: على سبع لغات، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقن كل قبيلة من العرب على حسب ما يحتمل من لغتهم، تخفيفاً من الله عز وجل ورحمة بأمة محمد صلى الله عليه وسلم، فكانوا ربما إذا التقوا، يقول بعضهم لبعض: ليس هكذا القرآن، وليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعيب بعضهم قراءة بعض، فنهوا عن هذا، وقيل لهم: اقرؤوا كما علمتم، ولا يجحد بعضكم قراءة بعض، واحذروا الجدال والمراء فيما قد تعلمتم.
والحجة فيما قلنا:
حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال: حدثنا أبو هشام محمد بن يزيد الرفاعي قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: حدئنا عاصم عن زر، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قلت لرجل: أقرئني من الأحقاف ثلاثين آية، فأقرأني خلاف ما أقرأني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وقلت لآخر أقرئني ثلاثين آية من الأحقاف فأقرأني خلاف ما أقرأني الأول، فأتيت بهما النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب، و علي بن أبي طالب رضي الله عنه جالس عنده، فقال علي رضي الله عنه: قال عليه الصلاة والسلام لكم: اقرؤوا كما علمتم.
و حدثنا أيضاً أبو محمد يحيي بن صاعد قال: حدثنا أحمد بن شعبان القطان قال: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا شريك، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة، فدخلت المسجد فقلت: أفيكم من قرأ؟ فقال رجل من القوم: أنا، فقرأ السورة التي أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يقرأ بخلاف ما أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والرجل، وإذا عنده علي رضي الله عنه، فقلنا: يا رسول الله، اختلفنا في قراءتنا، فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال علي رضي الله عنه: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما هلك من كان قبلكم بالأختلاف، فليقرأ كل رجل منكم ما أقرىء.
و حدثنا إبراهيم بن موسى الجوزقي قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب الدورقي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: أخبرنا مالك بن أنس، عن الزهري، عن عروة، عن عبد الرحمن عبد القاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت هشام بن حكيم رضي الله عنه يقرأ سورة الفرقان في الصلاة على خلاف ما أقرؤها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها، فأخذت بثوبه، فذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يارسول الله، إني سمعت هذا يقرأ الفرقان على غير ما أقرأتنيها، فقال عليه الصلاة والسلام: اقرأ، فقرأ القراءة التي سمعتها منه، فقال صلوات الله وسلامه عليه: هكذا أنزلت، إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه.
قال محمد بن الحسين: فصار المراء في القرآن كفراً بهذا المعنى، يقول هذا: قراءتي أفضل من قراءتك، ويقول الآخر: بل قراءتي أفضل من قراءتك، ويكذب بعضهم بعضاً، فقيل لهم: ليقرأ كل إنسان كما علم، ولا يعب بعضكم قراءة غيره، واتقوا الله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، واعتبروا بأمثاله، واحلوا حلاله، وحرموا حرامه.
وقد ذكرت في تأليف كتاب المصحف: مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه، الذي اجتمعت علبه الأمة، والصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم من التابعين، وأئمة المسلمين رحمة الله تعالى عليهم في كل بلد، وقول السبعة الأئمة في القرآن ما فيه كفاية، ولم أحب ترداده هاهنا، وإنما مرادي ههنا ترك الجدال والمراء في القرآن، فإنا قد نهينا عنه، ولا يقول إنسان في القران برأيه، ولا يفسر القرآن إلا بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن أحد من صحابته رضي الله عنهم، أو عن أحد من التابعين رحمة الله تعالى عليهم، أو عن إمام من أئمة المسلمين، ولا يماري ولا يجادل.
فإن قال قائل: فإنا قد نرى الفقهاء يتناظرون في الفقه، فيقول أحدهم: قال الله عز وجل كذا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، فهل يكون هذا من المراء؟
قيل: معاذ الله، ليس هذا مراء، ولكن الفقيه ربما ناظره الرجل في مسألة، فيقول له، على جهة البيان والنصيحة: حجتنا فيه: قال الله عز وجل كذا،وقال النبي صلى الله عليه وسلم كذا، على جهة النصيحة والبيان، لا على جهة المماراة، فمن كان هكذا، ولم يرد المغالبة، ولا أن يخطىء خصمه ويستظهر عليه سلم، وقبل إن شاء الله تعالى كما ذكرنا في هذا الباب والذي قبله.
قال الحسن: المؤمن لا يداري ولا يماري، ينشر حكمة الله عز وجل، فإن قبلت حمد الله عز وجل وإن ردت حمد الله عز وجل وعلا.
وبعد هذا فأكره الجدال والمراء ورفع الصوت في المناظرة في الفقه إلا على الوقار والسكينة الحسنة.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تعلموا العلم، وتعلموا للعلم السكينة والحلم، وتواضعوا لمن تتعلمون منه، وليتواضع لكم من تعلمونه، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم علمكم بجهلكم.)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Nov 2003, 11:04 م]ـ
سمعت من أحد العلماء [لا يحضرني اسمه] وهو يعلق على معنى حديث الباب ما ملخصه:
المراد بالمراء: المجادلة؛ فإن جادل في آيات الله على وجه التعنت والعناد والإنكار لما دلت عليه فهو كفر أكبر.
وإن كان الجدال مع الإيمان بالقرآن، وكان فيما لا يجوز الجدال فيه فهو كفر دون كفر (كفر أصغر). انتهى
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 May 2004, 06:31 م]ـ
ومما له صلة بهذا الموضوع: ما أورده ابن بطة في كتابه الإبانة الكبرى في باب:النهي عن المراء في القرآن؛ فقد ذكر روايات حديث الباب، ثم قال:
(قَالَ الشَّيْخُ: فَالْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ الْمَكْرُوهُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَيَتَخَوَّفُ عَلَى صَاحِبِهِ الْكُفْرَ وَالْمُرُوقَ عَنِ الدِّينِ يَنْصَرِفُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا قَدْ كَانَ , وَزَالَ وَكَفَى الْمُؤْمِنِينَ مَئُونَتَهُ , وَذَلِكَ بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ , ثُمَّ بِجَمْعِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ بِاللُّغَاتِ الْمَشْهُورَةِ الْمَعْرُوفَةِ , وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ لَهُ: " أَقْرِئْ أُمَّتَكَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ , وَكُلُّهَا سِيَّانِ , يَعْنِي عَلَى سَبْعِ لُغَاتِ الْعَرَبِ , كُلُّهَا صَحِيحَةٌ وَفَصِيحَةٌ , إِنِ اخْتَلَفَ لَفْظُهَا اتَّفَقَتْ مَعَانِيهَا , فَكَانَ يُقْرِئُ كُلَّ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بِحَرْفٍ يُوَافِقُ لُغَتَهُ , وَبِلِسَانِ قَوْمِهِ الَّذِي يَعْرِفُونَهُ , فَكَانَ إِذَا الْتَقَى الرَّجُلَانِ فَسَمِعَ أَحَدُهُمَا يَقْرَأُ بِحَرْفٍ لَا يَعْرِفُهُ , وَقَدْ قَرَأَ هُوَ ذَلِكَ الْحَرْفَ بِغَيْرِ تِلْكِ اللُّغَةِ أَنْكَرَ عَلَى صَاحِبِهِ , وَرُبَّمَا قَالَ لَهُ: حَرْفِي خَيْرٌ مِنْ حَرْفِكَ , وَلُغَتِي أَفْصَحُ مِنْ لُغَتِكَ , وَقِرَاءَتِي خَيْرٌ مِنْ قِرَاءَتِكَ , فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ وَقِيلَ لَهُمْ: لِيَقْرَأْ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ كَمَا عَلِمَ , وَلَا تَمَارَوْا فِي الْقُرْآنِ , فَيَقُولُ بَعْضُكُمْ: حَرْفِي خَيْرٌ مِنْ حَرْفِكَ , وَلَا قِرَاءَتِي صَوَابٌ وَقِرَاءَتُكَ خَطَأٌ , فَإِنَّ كُلًّا صَوَابٌ , وَكَلَامُ اللَّهِ فَلَا تُنْكِرُوهُ , وَلَا يَرُدُّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ , فَيُكَذِّبُ بِالْحَقِّ , وَيَرُدُّ الصَّوَابَ الَّذِي جَاءَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , فَإِنَّ رَدَّ كِتَابِ اللَّهِ وَالتَّكْذِيبَ بِحَرْفٍ مِنْهُ كُفْرٌ , فَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ مِنَ الْمِرَاءِ الَّذِي هُوَ كُفْرٌ قَدِ ارْتَفَعَ ذَلِكَ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَجَمَعَ اللَّهُ الْكَرِيمُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْإِمَامِ الَّذِي جَمَعَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى صِحَّتِهِ وَفَصَاحَةِ لُغَاتِهِ , وَهُوَ الْمُصْحَفُ الَّذِي جَمَعَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ , وَتَرَكَ مَا خَالَفَهُ , وَذَلِكَ بِاتِّفَاقٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ , وَأَهْلُ بَدْرٍ وَالْحُدَيْبِيَةِ الَّذِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , وَرَضُوا عَنْهُ , وَسَأَذْكُرُ الْحُجَّةَ فِيمَا قُلْتُ , وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ *) ثم ذكر بعضاً من روايات حديث نزول القرآن على الأحرف السبعة، والتي فيها النهي عن المراء في القرآن.
ثم قال: (قَالَ الشَّيْخُ: فَهَذَا بَيَانُ الْمِرَاءِ فِي الْقُرْآنِ الَّذِي يُخَافُ عَلَى صَاحِبِهِ الْكُفْرُ , وَقَدْ كُفِيَ الْمُسْلِمُونَ بِحَمْدِ اللَّهِ الْمِرَاءَ فِي هَذَا الْوَجْهِ بِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى الْمُصْحَفِ الَّذِي مَنْ خَالَفَهُ نَدَّ وَشَرَدَ وَشَذَّ , فَلَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيْهِ , وَلَمْ يَعْبَأِ اللَّهُ بِشُذُوذِهِ , وَقَدْ بَقِيَ الْمِرَاءُ الَّذِي يَحْذَرُهُ الْمُؤْمِنُونَ , وَيَتَوَقَّاهُ الْعَاقِلُونَ , وَهُوَ الْمِرَاءُ الَّذِي بَيْنَ أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ وَأَهْلِ الْمَذَاهِبِ , وَالْبِدَعِ , وَهُمُ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ , وَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ , وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ , يَتَأَوَّلُونَهُ بِأَهْوَائِهِمْ , وَيُفَسِّرُونَهُ بِأَهْوَائِهِمْ , وَيَحْمِلُونَهُ عَلَى مَا تَحْمِلُهُ عُقُولُهُمْ فَيَضِلُّونَ بِذَلِكَ , وَيُضِلُّونَ مَنِ اتَّبَعَهُمْ عَلَيْهِمْ *
ـ[موراني]ــــــــ[19 May 2004, 07:41 م]ـ
لقد عثرت قبل مدة على عدة أوراق (رق) من كتاب ربما يعود الى الكتاب في البدعة ليحيى بن عمر بن يوسف الكناني صاحب سحنون بالقيروان ومن علماء افريقيا.
وبين هذه الأوراق المتفرقة وغير المنظمة ابواب فيها:
القرآن بالألحان وكراهية الجلوس اليهم
باب ما جاْ فيمن يصعق عند قراءة القرآن ويرعد ويغشى عليه اذا سمع القرآن ومن يبكي في مجالس الدعائين والقصاص
ما جاء في المرائين من هذه الأمة في الكتاب والسنة
وتنتهي هذه القطعة بالحديث التالي:
حدثني نصر بن مرزوق عن أسد (وهو بن فرات) قال حدثنا أبو بكر (؟) قال حدثنا سفيان عن أبي اسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعوذوا بالله من جبّ الحزن أو وادي الحزن , فقيل: يا رسول الله , وما جب الحزن , قال: واد في جهنم نتعوذ منه كل يوم سبعين مرة , أعده الله للقراء المرائين , وان من شرّ القراء من يزور الأمراء!
(راجع أيضا سنن ابن ماجة , ج 1 , الرقم 256 وسنن الترمذي , ج 4 , الرقم 2883.
ودمت جميعا بالخير
موراني
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المنهوم]ــــــــ[19 May 2004, 08:30 م]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ محمد
على هذا البحث الجميل وقد قرأته كله وعرفت الخلاف في حكم المراء والجدال في القران والراجح في شرح الحديث
ولعل الأخوة المشرفين يثبتون هذا الموضوع ولو لفترة معينة
ـ[موراني]ــــــــ[19 May 2004, 10:54 م]ـ
لقد كان يحيي بن عمر الكناني المشار اليه في ملحوظاتي السابقة من أهل السنة بمدينة القيروان ومن كبار العلماء في المدرسة المالكية فيها فهاجم الانحرافات بين ابناء أهلها ونهى في رسالة له عن زيارة مسجد السبت في هذه المدينة حيث اجتمع
دوائر أهل القيروان لترتيل القرآن أيام السبت ونهى عن ذلك أشد النهي.
ويقول في كتابه البدعة المذكور أعلاه كما يلي:
ولقد بلغني عن كثير ممن لا علم لهم أنهم بالوا (بفتح اللام) في هذه الأصوات المحدثة التي جاء النهي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه رضي الله عنهم والتابعين وتابعيهم بما قد اقتصصناه عنهم في كتابنا هذا الحديث الذي جاء:
ْزينوا القرآن بأصواتكم ,
فأخطؤوا في تفسيره , والحديث كما أحدثك به.
فتأوّل من لا علم له في هذه الأحاديث على غير تأويلها وظنوا أن تفسيرها ما أحدثوا
في القرآن من أصوات الغناء والحداء حتى صاروا من فتنتهم في ذلك , يزنوا أصواتهم تلك وزنا ويعلم ذلك بعضهم بعضا كتعليم المغنيات أصوات الغناء وحتى صاروا يسمون لآي القرآن أصوات مختلفة: لآية كذا صوت كذا , ولآية كذا صوت كذا.
وهذا حدث عظيم في الاسلام.
وانما تفسير (زينوا القرآن بأصواتكم) أن يرتل القاريء قراءته
(وقد حكينا قراءته في اول هذا الكتاب) , حرفا حرفا كما كان النبي عليه السلام يقرأ بالترتيل كما أمره الله جل ذكره.
وقد حكينا قراءته في أول هذا الكتاب , ثم فسر ذلك أصحابه من بعده.
.........................
هذا , الا ترى أن ناسخ المخطوط الذي قمت ببحثه بالقيروان قبل أعوام قد كتب الجملة:
وقد حكينا قراءته في اول هذا الكتاب
سهوا مرتين! ومعناه أنه وقع في خطأ عند نسخ الكتاب الذي بين يدينا اليوم , وهو الخطأ الذي أشار اليه القدماء (العبور من سطر الى سطر) في القراءة ونسخ المخطوط , منهم ابن خلكان في وفيات الأعيان , ج 4 , ص 183.
وعلى احدى الأوراق المتفرقة يقول الناسخ أنه درس هذا الكتاب في حلقة شيخه يحيى بن عمر الكناني قائلا:
قال أحمد بن محمد بن عبد الرحمان: سمعته من يحيي بن عمر سنة احدى وسبعين ومائتين وقابلته بكتابه وصح ان شا الله ونسخت أنا كتابي هذا من كتاب يحيى وقابلته به وصح ان شاء الله
وسمعته من أبي بكر محمد بن محمد وقابلته بكتابه مرتين وصح عليه وقال: سمعته من يحيى في شوال سنة احدى وسبعين ومائتين.
وخلاصة القول انّ المخطوط الذي بين يدينا اليوم نسخة من اصل المؤلف نسخها أحمد بن محمد بن عبد الرحمان (ت 321 رياض النفوس لابي بكر المالكي , ج2 , 197) لنفسه , وسمعه معه محمد بن محمد بن وشاح , ابن اللباد (ت 333) في التاريخ المذكور.
أما نسخة ابن اللباد فهي لم تزل في حكم المفقود الى الآن الا أن ما لدينا يرجع الى اواخر القرن الثالث الهجري وأصله هو الأم , أي كتاب يحيى بن عمر الذي جمع فيه بعض الانحرافات في قراءة القرآن بالقيروان ورفضها رفضا ونهى عنه.
موراني
ـ[ضياء الرحمن بن صغير أحمد]ــــــــ[05 Apr 2009, 02:23 ص]ـ
هذه الكلمات من المفروض أن تعطى لكل طالب علم بل يهتم بها كل طالب لما في ذلك الجدال والمراء من المفاسد اللتي نراها صباح مساء ....
وجزاكم الله خيرا
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[05 Apr 2009, 06:32 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على رفع الموضوع.
ورغم جمع الأقوال في موضوع المراء، إلا أن هذه الكلمة تبقى من الكلمات الغامضة والمحيّرة لدي.
فما هو الحد الفاصل بين المراء والحوار ومقارعة الحجة؟ كيف يمكن أن نقيسه في حوار بين اثنين؟ وهل هو حالة شعورية متعلقة بلحظة التشنج في الحوار أم ماذا؟
وهل يمكن لاثنين أن يسترسلا في مقارعة الحجة بالحجة إلى مدى بعيد دون الوقوع في المراء؟
وهل الأمر المنهي عنه هو المراء في القرآن فقط؟ أم المراء بصفة عامة (حديث: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وكان محقا)؟
وهذا الموضوع يجرني للقول بأن المراء في القرآن لعله لم يعد أكبر ساحة للمراء بين المسلمين .. وأن الساحة الكبرى للمراء بين المسلمين في عصرنا هي ساحة السنة والبدعة، والإكثار من نهي الناس عن البدع (رغم عدم إقناعهم) .. أفلا يصبح تركه أو الإقلال منه نوعا من الفضائل إن لم يكن أكثر درجة؟
فما رأيكم يا أفاضل؟
===
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تعلموا العلم، وتعلموا للعلم السكينة والحلم، وتواضعوا لمن تتعلمون منه، وليتواضع لكم من تعلمونه، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم علمكم بجهلكم.)
أعجبتني هذه العبارة، وقد بحثت عنها في بعض المراجع الأخرى فوجدتها منسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم، رواها البخاري في الأدب المفرد (كما ذكر الموقع التالي:
http://www.3llamteen.com/index.php?Itemid=2&id=3&option=com_content&task=view)
ونسبها موقع شيعي لعلي بن أبي طالب (وإن كنت أشك كثيرا في هذه النسبة، لأن كتب الشيعة يكثر فيها نسبة أحاديث نبوية وأقوال مأثورة عن بعض الصحابة لعلي بن أبي طالب)
وقد أشكلت علي العبارة التالية: (فلا يقوم علمكم بجهلكم)، أهي (فَلاَ يَقُومَ) أم (فَلاَ يُقَوَّمَ)؟ وما معناها؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مصطفى فوضيل]ــــــــ[05 Apr 2009, 10:32 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الظاهر أن الجهل المذكور في العبارة المستشكلة هو المقابل للحِلم، وهذا المعنى معروف في اللغة وفي القرآن الكريم، فيصير المعنى - والله تعالى أعلم-: "فلا يقوم علمُ العلماء ويكون له سلطان على القلوب وتأثير في النفوس إذا صحبته غلظةٌ وفظاظةٌ". قال الله تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ... } الآية. (آل عمران 159).
فالحِلمُ قوامُ العِلم، ولذلك عطف فقال: "تعلموا العلم، وتعلموا للعلم السكينة والحلم".
والله تعالى أعلم بالصواب.
ـ[الغزالي]ــــــــ[05 Apr 2009, 11:22 ص]ـ
كان من ضمن ما كتبته من تعليق شيخنا صالح بن عبدالله العصيمي على هذا الحديث من كتاب (المعتمد من المنقول) للعلامة حيدر القاشي:
المراء كفر أكبر إذا كان على وجه الشك، ومحرم إذا كان على وجه التنازع والاختلاف.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Apr 2009, 01:10 م]ـ
كان من ضمن ما كتبته من تعليق شيخنا صالح بن عبدالله العصيمي على هذا الحديث من كتاب (المعتمد من المنقول) للعلامة حيدر القاشي:
المراء كفر أكبر إذا كان على وجه الشك، ومحرم إذا كان على وجه التنازع والاختلاف.
بارك الله فيك أخي الحبيب
وما ذكرتَه هنا هو ما ذكرتُه سابقاً بقولي: (سمعت من أحد العلماء [لا يحضرني اسمه] وهو يعلق على معنى حديث الباب ما ملخصه:
المراد بالمراء: المجادلة؛ فإن جادل في آيات الله على وجه التعنت والعناد والإنكار لما دلت عليه فهو كفر أكبر.
وإن كان الجدال مع الإيمان بالقرآن، وكان فيما لا يجوز الجدال فيه فهو كفر دون كفر (كفر أصغر). انتهى
ولكنك ذكرت اسم الشيخ، وأما أنا فقد نسيته
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[05 Apr 2009, 07:22 م]ـ
فيصير المعنى - والله تعالى أعلم-: "فلا يقوم علمُ العلماء ويكون له سلطان على القلوب وتأثير في النفوس إذا صحبته غلظةٌ وفظاظةٌ".
جزاكم الله خيرا. ولعل هذا هو المراد، لأنني وجدت في رواية أخرى لنفس العبارة: (فَيُذْهِبَ بَاطِلُكُمْ حَقَّكُمْ)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Nov 2009, 11:34 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على رفع الموضوع.
ورغم جمع الأقوال في موضوع المراء، إلا أن هذه الكلمة تبقى من الكلمات الغامضة والمحيّرة لدي.
فما هو الحد الفاصل بين المراء والحوار ومقارعة الحجة؟ كيف يمكن أن نقيسه في حوار بين اثنين؟ وهل هو حالة شعورية متعلقة بلحظة التشنج في الحوار أم ماذا؟
وهل يمكن لاثنين أن يسترسلا في مقارعة الحجة بالحجة إلى مدى بعيد دون الوقوع في المراء؟
وهل الأمر المنهي عنه هو المراء في القرآن فقط؟ أم المراء بصفة عامة (حديث: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وكان محقا)؟
وهذا الموضوع يجرني للقول بأن المراء في القرآن لعله لم يعد أكبر ساحة للمراء بين المسلمين .. وأن الساحة الكبرى للمراء بين المسلمين في عصرنا هي ساحة السنة والبدعة، والإكثار من نهي الناس عن البدع (رغم عدم إقناعهم) .. أفلا يصبح تركه أو الإقلال منه نوعا من الفضائل إن لم يكن أكثر درجة؟
فما رأيكم يا أفاضل؟
لعل في هذا الرابط ما يفيد في هذه المسألة:
الفرق بين المراء والجدال ( http://www.islamtoday.net/fatawa/quesshow-60-25588.htm)(/)
شكر وسؤال عن كيفية نزول جبريل بالوحي؟
ـ[أبو عبد الله]ــــــــ[18 May 2003, 06:03 ص]ـ
في البداية أشكر الاخوة القائمين على هذا الموقع، فكم احتجنا له كثيراً!
أما السؤال:فهناك عدة اشكالات أريد توضيحها، أبدأ بأولها:
مسألة كيفية النزول.
ذكر العلماء عدة أقوال، لكن ما رجحه أكثرهم أن للقرآن نزولين:
الأول: جملةً من اللوح المحفوظ الى السماء الدنيا في بيت العزة.
الثاني: من السماء الدنيا في بيت العزة الى النبي صلى الله عليه وسلم لحديث ابن عباس.
لكن يُشكل نزول جبريل عليه السلام الى النبي صلى الله عليه وسلم بالآية كيف؟
وجزاكم الله خيراً.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 May 2003, 06:30 ص]ـ
جزاك الله خيراً أنت كذلك أخي أبا عبدالله.
جواب سؤالك قد سبق في هذه المشاركة، أرجو التكرم بقراءتها كاملة وفقك الله.
مسائل علوم القرآن دراسة تأصيلية لأبي مجاهد العبيدي وفقه الله - موضوع نزول القرآن ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=25)
وفق الله الجميع لكل خير
ـ[أبو عبد الله]ــــــــ[18 May 2003, 07:25 ص]ـ
جزاك الله خيراً على هذا الجواب.
لكن ورد في بعض الروايات عن ابن عباس في ما أخرجه ابن أبي شيبة في (فضائل القرآن) قال ابن عباس: دُفع إلى جبريل في ليلة القدر جملة واحدة، فوضعه في بيت العزة، ثم جعل ينزله تنزيلا. رواه ابن أبي شيبة.
ألا يفهم منه أن النزول الثاني من بيت العزة؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 May 2003, 09:00 ص]ـ
أخي الكريم أبا عبدالله وفقه الله
الفهم الذي ذهبت إليه - وفقك الله - محتمل، وقد ذهب إليه البعض في حقيقة الأمر، وليس هناك مانع شرعي ولا عقلي من القول بهذا القول - في رأيي - حيث إن بيت العزة علمه عند الله، كاللوح المحفوظ تماماً. فلا يستطيع أحد أن يصفه لنا. فما الفرق بين وجود القرآن في اللوح المحفوظ ووجوده في بيت العزة في السماء الدنيا من الناحية العملية؟ كلاهما أمر غيبي لا نعلمه.
فما دام الله قد أنزله إلى بيت العزة في السماء الدنيا في ليلة القدر، فمعنى هذا أنه قد نزل كاملاً، وهذا ما جعل العلامة محمد عبدالله دراز يقول عند حديثه عن جمع القرآن: إن القرآن الكريم كما أنه جمع في عهد أبي بكر من متفرق فهو قد نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من مجتمع. أ. هـ يشير إلى كونه قد نزل كاملاً إلى بيت العزة في السماء الدنيا في ليلة القدر أول مرة، ثم نزل منجماً بعد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم.
والقول بهذا لا يتنافى مع علم الله سبحانه وتعالى، وليس قدحاً في صفة الكلام، ولا تأييداً لقول المعتزلة الذين يقولون بخلق القرآن، بل نحن نؤمن بأن الله قد كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة.
وأنا أريد أن أطرح سؤالاً هنا: هل في القول بأن جبريل كان ينزل بالوحي مباشرة من اللوح المحفوظ، أو من بيت العزة في السماء الدنيا دون الأخذ كل مرة عن الله سبحانه وتعالى محذور شرعي؟ أنتظر الإجابة على ذلك.
ولكن كل هذه الأدلة التي أوردها العلماء في نزول القرآن إلى بيت العزة في السماء الدنيا مع صحتها لا تعني بالضرورة أن جبريل لم يكن يتلقى الوحي من الله سبحانه وتعالى في كل مرة ينزل به على النبي صلى الله عليه وسلم. فإنزاله إلى بيت العزة في السماء الدنيا، كوجوده في اللوح المحفوظ. أمر غيبي لا نعرف تفاصيله. ولا يعني وجوده فيهما عدم أخذ جبريل للوحي مباشرة من الله كل مرة.
وهناك أدلة تؤيد أخذ جبريل للوحي من الله مباشرة في كل مرة، دون الاكتفاء بأخذه من بيت العزة في السماء الدنيا أو حتى من اللوح المحفوظ.
ذكر البيهقي في تفسير قوله تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) قال: يريد -والله أعلم -إنا أسمعناه الملك، وأفهمناه إياه. وأنزلناه بما سمع.
ويشهد لهذا التفسير ما رواه الطبراني من حديث النواس بن سمعان مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا تكلم الله بالوحي أخذت السماء رجفة شديدة من خوف الله.
فإذا سمع بذلك أهل السماء صعقوا، وخرجوا سجداً فيكون أولهم يرفع رأسه جبريل. فيكلمه الله بوحيه بما أراد.
فينتهي به إلى الملائكة فكلما مر بسماء سأله أهلها. ماذا قال ربنا؟
قال: الحق. فينتهى به حيث أمر).
والحديث وإن لم يكن نصاً في القرآن إلا أن الوحي يشمل القرآن وغيره.
وفي تلقي جبريل عليه السلام القرآن من الله سبحانه وتعالى دون واسطة حكم منها:
- تعظيم شأن القرآن الكريم، وتفخيم أمره بين الكتب السماوية.
- الجمع للقرآن الكريم بين نزوله جملة واحدة إلى السماء الدنيا، وبين نزوله منجماً.
- حث الأمة على العناية بكلام الله، وحفظه بكل الصور.
- مبالغة في صيانته عن التحريف والتبديل، والبلوغ به أقصى درجات الطمأنينة.
- تكريم الأمة المحمدية بعلو سند أخذها للقرآن عن الله سبحانه وتعالى. وغير ذلك من الحكم.
ثم إن تكريم الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة وللنبي صلى الله عليه وسلم ولهذا القرآن كل هذا يؤيد القول بأن جبريل كان يتلقى الوحي من الله مباشرة دون واسطة في كل مرة، فهذا أليق بفضل الله سبحانه وتعالى، وبمكانة النبي صلى الله عليه وسلم، وليس إنزاله إلى بيت العزة في السماء الدنيا إلا تفخيماً لأمره عند أهل الأرض، وبياناً لمكانته، وتشريفاً لهذا النبي الخاتم عليه الصلاة والسلام، ولهذه الأمة المرحومة.
وأختم بإشارة إلى الأسانيد المشهورة في القرآءات حيث تنتهي دائماً بقولهم: عن جبريل الآخذ عن اللوح المحفوظ عن الله سبحانه وتعالى.
وهذا الأمر فيه نظر، ويحتاج إلى مناقشة. وإجابتي هذه سؤال أكثر منها إجابة. ولكن أحببت إثارة مثل هذه النقطة ولبحثها بالتفصيل وقت آخر إن شاء الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد الله]ــــــــ[18 May 2003, 09:17 م]ـ
جزاك الله خيرا وبالمناقشة يتضح الأمر.
للتوسع أكثر هل هناك من بحث هذه المسألة ورد على الاشكالات؟ ارجو تبيين ذلك.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 May 2003, 12:45 ص]ـ
بسم الله
أخي أبا عبدالله؛ حياك الله = هذا أولاً
وثانياً - سألت عن بحث حول المسألة التي دار الحوار حولها؛ فأقول لك - بعد إذن أخي عبدالرحمن -: كتب الأستاذ الدكتور محمد بن عبدالرحمن الشايع بحثأ خصصه لمسائل نزول القرآن الكريم بعنوان نزول القرآن الكريم وقد فصل فيه القول في المسألة التي سألت عنها؛ فعليك بهذا الكتاب فستجد فيه - إن شاء الله - بغيتك. وهو مطبوع.
ـ[راجية الهدى]ــــــــ[18 Sep 2010, 09:13 م]ـ
جزاك الله خيرًا شيخنا عبدالرحمن ونفعنابعلمك هذه مسألة حيرتني وإحدى زميلاتي هي التي أثارت هذا الإشكال فوجدته هنا شافيًا.(/)
نظرات في علوم القرآن (1) العموم والخصوص
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[18 May 2003, 01:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
علوم القرآن من العلوم التي لم تنضج بعد، ولا زالت بحاجة إلى إعادة نظر، وإضافة ونقد وتحرير. وسأذكر في هذه السلسلة المباركة إن شاء الله طروحات تتعلق بهذا الموضوع، وستكون موضوعات متفرقة غير مرتبة، وسأطرح منها حسب ما يتيسر لي من الوقت في الكتابة فيه، وقد كنت أتمنى لو أسير على تصنيف السيوطي في الإتقان، وأذكر تحت كل موضوع يطرحه تلخيصًا لما يطرحه، ثم أطرح ما في جعبتي من تتميم واستدراك ونقد، لكن هذا يتطلَّب وقتًا لا أراه بين يدي الآن، وعسى الله أن ييسِّر لي ذلك مستقبًلا، إنه سميع مجيب.
وقبل الحديث عن هذه الموضوعات أذكر أنَّ من أبرز ما يحتاج إلى تجديد في هذا العلم:
[ line]
الأولى: تحرير تأثر الكتابة في هذا العلم بما تحررت كتابته في العلوم الأخرى.
الثانية: حاجة هذا العلم إلى التجديد من جهة تحرير مصطلحاته بناءً على استقراء أمثلة الموضوعات في كلام السلف وتفاسيرهم.
الثالثة: وضع كشاف للنصوص الواردة عن السلف يكون مفهرسًا فهرسة موضوعية، بحيث يورد فيه كل الجزئيات المذكورة في كلام السلف حسب الموضوعات الدقيقة الجزئية الواردة في نصوصهم، وهذا العمل ـ لو تَمَّ ـ فإنه نفيسٌ جدًّا، وهو مما يفيد الباحثين في موضوعات علوم القرآن.
[ line]
وسأطرح أمثلة تتعلق بالنقطة الأولى والثانية في الموضوعات التي ألقيها في هذه السلسلة، أما المسألة الثالثة، فأطرح فكرتها هنا؛ لأنها لن تمرَّ في هذه الموضوعات المطروحة:مثال:
روى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:» لما نزلت: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) قلنا: يا رسول الله، أينا لا يظلم نفسه؟.
قال: ليس كما تقولون: (لم يلبسوا إيمانهم بظلم): بشرك، أو لم تسمعوا إلى قول لقمان لابنه: (يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) «.
يمكن فهرسة الموضوعات الموجودة في هذا الأثر على شكل الفوائد الآتية:
1 ـ أن الصحابة إذا أشكل عليهم شيء من القرآن سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم. (مشكل التفسير عند الصحابة).
2 ـ أن الصحابة كانوا يجتهدون في فهم المعنى، فإذا أشكل عليهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهاهم عن سلوك هذا السبيل، بل أرشدهم إلى معنى الآية. (اجتهاد الصحابة في التفسير في زمن النبي صلى الله عليه وسلم).
3 ـ أن الصحابة كانوا يرجعون إلى المعروف من لغتهم العربية، ففسروا الظلم بما يعرفون. (الأخذ بلغة العرب عند الصحابة)
4 ـ أنهم أخذوا بعموم الظلم، وهذا دليل على أنهم يرون أن ألفاظ القرآن علة العموم. (الأخذ بعموم اللفظ عند الصحابة)
5 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المرجع في بيان القرآن. (التفسير النبوي للقرآن)
6 ـ أن تفسير القرآن بالقرآن منهج صحيح لوروده عن النبي صلى الله عليه وسلم. (تفسير القرآن بالقرآن).
[ line]
أولاً: موضوع العموم والخصوص.
لم يخرج من كَتَبَ في موضوع العموم والخصوص في الدراسات القرآنية من ربقة علم أصول الفقه، فصار الحديث في هذا الموضوع نسخة مكررة عما هو موجود في كتب أصول الفقه إلا في القليل النادر.
ويلاحظ على موضوع العموم والخصوص المطروح في علوم القرآن:
1 ـ أنه ـ في الغالب ـ يتعلق بعلم الأحكام الشرعية، وهذا في حقيقته جزء من مسألة العموم، وليس كل ما يتعلق بالعموم في القرآن.
2 ـ أنه لا يبعد أن يكون الموضوع المتعلق بالعموم والخصوص من جهة تعلقه بالأحكام الشرعية = أقلَّ من غيره مما ستراه منسيًا في بحث هذا الموضوع في علوم القرآن.
* ملخص مبحث العموم والخصوص في كتاب الإتقان:
طرق السيوطي هذا الموضوع في النوع الخامس والأربعين من أنوع علوم القرآن (3: 43 ـ 51)، وبيَّن فيه تعريف العام، وألفاظ العموم وصيغه، وأقسام العام (العام الباقي على عمومه، والعام المراد به الخصوص، والعام المخصوص) وقد ذكر ستة فروق بين القسمين الأخيرين، ثم أورد مخصص العام المتصل ومخصص العام المنفصل، ثم ذكر تخصيص القرآن بالسنة في فصل، ثم ذكر خمسة مسائل منثورة فيه تتعلق بالعموم والخصوص.
(يُتْبَعُ)
(/)
وجُلُّ ما ذكره في هذا النوع مأخوذ من كتب أصول الفقه، وقد أشار إلى هذه المسألة الدكتور حازم سعيد حيدر في كتابه النافع (علوم القرآن بين البرهان والإتقان)، قال:» وهذا النوع له ارتباط وثيق بأصول الفقه، لذلك قلَّ كتاب من كتب الأصول يخلو منه، لذا نقل السيوطي فيه عن البرهان في أصول الفقه لإمام الحرمين، وعن المستصفى للغزالي، والإبهاج في شرح المنهاج للسبكي، دون أن يسمِّيَها، ولكن سمَّى أصحابها ... «. (ص: 428 ـ 429).
[ line]
ومن المباحث المرتبطة بالعموم ـ وهي غير موجودة في كتب علوم القرآن التي كتبت في هذا الموضوع ـ ما يأتي:
المسألة الأولى: الأصل في الأحكام الشرعية المذكورة في القرآن أنها على العموم، ويلحق بها الأخبار.
أما الأحكام الشرعية، فقد نصَّ الطبري (ت: 310) على أن السلف كانوا يرون أن حكم الله فيما أمر ونهى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم على العموم الظاهر دون الخصوص الباطن، قال ف تعليقه على قصة البقرة من سورة البقرة:» وهذه الأقوال التي ذكرناها عمن ذكرناها عنه من الصحابة والتابعين والخالفين بعدهم من قولهم إن بني إسرائيل لو كانوا أخذوا أدنى بقرة فذبحوها أجزأت عنهم ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم من أوضح الدلالة على أن القوم كانوا يرون أن حكم الله فيما أمر ونهى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم على العموم الظاهر دون الخصوص الباطن إلا أن يخص بعض ما عمه ظاهر التنزيل كتاب من الله أو رسول الله وأن التنزيل أو الرسول إن خص بعض ما عمه ظاهر التنزيل بحكم خلاف ما دل عليه الظاهر فالمخصوص من ذلك خارج من حكم الآية التي عمت ذلك الجنس خاصة وسائر حكم الآية على العموم على نحو ما قد بيناه في كتابنا كتاب الرسالة من لطيف القول في البيان عن أصول الأحكام في قولنا في العموم والخصوص وموافقة قولهم في ذلك قولنا ومذهبهم مذهبنا وتخطئتهم قول القائلين بالخصوص في الأحكام وشهادتهم على فساد قول من قال: حكم الآية الجائية مجيء العموم على العموم ما لم يختص منها بعض ما عمته الآية فإن خص منها بعض فحكم الآية حينئذ على الخصوص فيما خص منها وسائر ذلك على العموم
وذلك أن جميع من ذكرنا قوله آنفا ممن عاب على بني إسرائيل مسألتهم نبيهم صلى الله عليه وسلم عن صفة البقرة التي أمروا بذبحها وسنها وحليتها رأوا أنهم كانوا في مسألتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم موسى ذلك مخطئين، وأنهم لو كانوا استعرضوا أدنى بقرة من البقر إذ أمروا بذبحها بقوله: {أن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} فذبحوها كانوا للواجب عليهم من أمر الله في ذلك مؤدين وللحق مطيعين إذ لم يكن القوم حصروا على نوع من البقر دون نوع وسن دون سن ورأوا مع ذلك أنهم إذا سألوا موسى عن سنها فأخبرهم عنها وحصرهم منها على سن دون سن ونوع دون نوع وخص من جميع أنواع البقر نوعا منها كانوا في مسألتهم إياه في المسألة الثانية بعد الذي خص لهم من أنواع البقر من الخطأ على مثل الذي كانوا عليه من الخطأ في مسألتهم إياه المسألة الأولى وكذلك رأوا أنهم في المسألة الثالثة على مثل الذي كانوا عليه من ذلك في الأولى والثانية وأن اللازم كان لهم في الحالة الأولى استعمال ظاهر الأمر وذبح أي بهيمة شاءوا مما وقع عليها اسم بقرة وكذلك رأوا أن اللازم كان لهم في الحال الثانية استعمال ظاهر الأمر وذبح أي بهيمة شاءوا مما وقع عليها اسم بقرة عوان لا فارض ولا بكر ولم يروا أن حكمهم إذ خص لهم بعض البقر دون البعض في الحالة الثانية انتقل عن اللازم الذي كان لهم في الحالة الأولى من استعمال ظاهر الأمر إلى الخصوص ففي إجماع جميعهم على ما روينا عنهم من ذلك مع الرواية التي رويناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموافقة لقولهم دليل واضح على صحة قولنا في العموم والخصوص وأن أحكام الله جل ثناؤه في آي كتابه فيما أمر ونهى على العموم ما لم يخص ذلك ما يجب التسليم له وأنه إذا خص منه شيء فالمخصوص منه خارج حكمه من حكم الآية العامة الظاهر وسائر حكم الآية على ظاهرها العام ويؤيد حقيقة ما قلنا في ذلك وشاهد عدل على فساد قول من خالف قولنا فيه وقد زعم بعض من عظمت جهالته واشتدت حيرته أن القوم إنما سألوا موسى ما سألوا بعد أمر الله إياهم بذبح بقرة من البقر لأنهم ظنوا أنهم
(يُتْبَعُ)
(/)
أمروا بذبح بقرة بعينها خصت بذلك كما خصت عصا موسى في معناها فسألوه أن يحليها لهم ليعرفوها ولو كان الجاهل تدبر قوله هذا لسهل عليه ما استصعب من القول وذلك أنه استعظم من القوم مسألتهم نبيهم ما سألوه تشددا منهم في دينهم ثم أضاف إليهم من الأمر ما هو أعظم مما استنكره أن يكون كان منهم فزعم أنهم كانوا يرون أنه جائز أن يفرض الله عليهم فرضا ويتعبدهم بعبادة ثم لا يبين لهم ما يفرض عليهم ويتعبدهم به حتى يسألوا بيان ذلك لهم فأضاف إلى الله تعالى ذكره ما لا يجوز إضافته إليه ونسب القوم من الجهل إلى ما لا ينسب المجانين إليه فزعم أنهم كانوا يسألون ربهم أن يفرض عليهم الفرائض فتعوذ بالله من الحيرة ونسأله التوفيق والهداية «.
وأما الأخبار، فالظاهر أنها كالأحكام في العموم، لذا نشأ عند ابن جرير الطبري (ت: 310) قاعدة: الخبر على عمومه حتى يأتي ما يخصصه، وهذه القاعدة من أكثر القواعد التي اعتمدها الطبري (ت: 310) في ترجيحاته بين الأقوال.
ومن أمثلة ترجيحاته المعتمدة على العموم:
في قوله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}] الذاريات: 22 [.
ذكر في معنى» وما توعدون «قولين عن السلف:
الأول: الخير والشر.
والثاني: الجنة والنار.
ثمَّ قال:» وأولى القولين بالصواب في ذلك عندي القول الذي قاله مجاهد لأن الله عَمَّ الخَبَرَ بقوله: {وما توعدون} عن كل ما وعدنا من خير أو شر، ولم يخصص بذلك بعضا دون بعض، فهو على عمومه كما عمَّه الله جل ثناؤه «. تفسير الطبري، ط: الحلبي (26: 206).
ومبحث العموم في أخبار الله، وترجيحات الطبري (ت: 310) من المباحث التي تصلح للترقية، وفيه فوائد لطيفة، منها:
- معرفة الكمية التي حكم الطبري (ت: 310) فيها بالعموم.
- معرفة العلل الموجبة للخصوص عند الطبري (ت: 310).
- تطبيقات بعض العلل التي توجب التخصيص عند الطبري (ت: 310). إلى غير ذلك.
[ line]
فائدة: لم يرد عن السلف مصطلح العموم والإطلاق المقابلان للتخصيص والتقييد، وهذان المصطلحان من تقييدات المتأخرين، بل كانت عباراتهم على عادتهم مؤدية للمعنى المراد دون التحديد بهذه المصطلحات، ولذا ورد عنهم في تفسير قصة البقرة عبارات متقاربة في أنهم لو أخذوا بقرة ما كانت لأجزأت عنهم.
[ line]
المسألة الثانية: أن الأسباب لا تُخصِّص الألفاظ العامة، بل العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وهذه مسألة مشهورة مذكورة عند الأصوليين وغيرهم، لكن تطبيقاتها الكثيرة متناثرة في كتب التفسير، وهي صالحة بمفردها لأن تكون بحثًا مستقلاً، يُحرَّر فيها ما يتعلق بهذه القاعدة وما فيها من تطبيقات، ويناقش فيها ـ كذلك ـ القول القائل: العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ، والبحث في من قال به من العلماء، وثمرة الخلاف وأثره على التفسير، كل ذلك يكون من خلال التطبيقات الموجودة في التفسير.
ومن المفسرين الذين نصَّوا على قاعدة (العبرة بعموم اللفظ) الطبري (ت: 310):، قال:» ... مع أن الآية تنْزل في معنى فَتَعُمُّ ما نزلت به فيه وغيره فيلزم حكمها جميع ما عمته لما قد بينا من القول في العموم والخصوص في كتابنا كتاب البيان عن أصول الأحكام «. تفسير الطبري، ط: الحلبي (5: 9).
ويدخل في هذا المعنى ما يشمل المراد بالمعنى الذي قد يعبر عنه بعض السلف بالنُّزول، كالوارد في تفسير قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ}] الزمر: 30 ـ 31 [.
فقد ورد أنها في اختصام المؤمنين والكافرين والمظلوم والظالم.
وورد عن ابن عمر قال: نزلت علينا هذه الآية وما ندري ما تفسيرها حتى وقعت الفتنة فقلنا هذا الذي وعدنا ربنا أن نختصم فيه.
قال الطبري (ت: 310):» وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: عني بذلك: إنك يا محمد ستموت، وإنكم أيها الناس ستموتون، ثم إن جميعكم أيها الناس تختصمون عند ربكم: مؤمنكم وكافركم، ومحقوكم ومبطلوكم، وظالموكم ومظلوموكم حتى يؤخذ لكل منكم ممن لصاحبه قبله حق حقه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإنما قلنا: هذا القول أولى بالصواب؛ لأن الله عَمَّ بقوله: {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} خطاب جميع عباده، فلم يخصص بذلك منهم بعضا دون بعض، فذلك على عمومه على ما عمَّه الله به.
وقد تنْزل الآية في معنًى ثم يكون داخلا في حكمها كل ما كان في معنى ما نزلت به «. تفسير الطبري، ط: الحلبي (24: 2).
ويدخل في هذا ما يحكونه من نزول بعض الآيات في عدد من الأشخاص، فإنه لا يلزم أن تكون نزلت فيهم، ولا أن تكون نزلت في أحدهم، والنظر ـ من جهة التفسير ـ في هذا الحال إلى صحة انطباق المذكورين على معنى الآية، ومن ذلك ما ورد في تفسير قوله تعالى: {إن شانئك هو الأبتر}] الكوثر: 3 [.
فقد ورد أن الأبتر: العاص بن وائل، وقيل: عقبة بن أبي معيط.
وقد يكون أحدهما هو المعنيُّ بنُزول الآية، وقد يكونان معًا، وقد لا يكونان المعنيين قصدًا بنُزولها.
وفي جميع هذه الأحوال، فإنَّ هذان الشخصان ممن ينطبق عليهم وصف الشانئ للرسول صلى الله عليه وسلم، فهم ممن أبغضه، فجعله الله منقطعًا عن كل خير، والله أعلم.
ولأجل هذا، فإن الآية تعمُّ كل من كان مبغضًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من لدن أعدائه الأُوَلِ من قريش والعرب إلى يوم الدين.
قال الطبري (ت: 310):» وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله ـ تعالى ذكره ـ أخبر أن مبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأقل الأذل المنقطع عقبه، فذلك صفة كل من أبغضه من الناس، وإن كانت الآية نزلت في شخص بعينه «. تفسير الطبري، ط: الحلبي (30: 330).
ملاحظة: في تحقيق السبب الذي نزلت الآية من أجله فائدة لا تدخل في مجال التفسير، بل في مجالات علمية أخرى، ولعلي أطرح هذه الفكرة في مقالة مستقلة، أذكر فيها متى تقع الحاجة إلى تحرير أسباب النُّزول، والله الموفق.
[ line]
المسألة الثالثة: أنه يكثر في تفسير السلف للعمومات التمثيل لها.
وهذا الأسلوب التفسيري عندهم يعتبر من أكثر تفسيراتهم كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728) في رسالته في أصول التفسير، حيث قال في نوعي اختلاف التنوع:» ... وهذان الصنفان اللذان ذكرناهما في تنوع التفسير ـ تارة لتنوع الأسماء والصفات، وتارة لذكر بعض أنواع المسمى وأقسامه؛ كالتمثيلات ـ هما الغالب في تفسير سلف الأمة، الذي يُظنُّ أنه مختلف «. مقدمة في أصول التفسير، تحقيق عدنان زرزور (ص: 49).
وإذا كان التمثيل للعموم كثير في تفسير سلف الأمة فأين هو في مباحث العموم التي تُدرس في علوم القرآن؟!
إنَّ هذا الموضوع مما لا تكاد تجده في من بحث في العموم والخصوص؛ لأنَّ البحث فيه منتخب مما كُتِبَ في علم أصول الفقه، فغاب هذا المبحث المهم عن من كتب العموم والخصوص في علوم القرآن.
وفي هذا الموضوع بحثان مهمَّان:
الأول: كيف حُكِمَ على تفسيرات السلف للعموم بالتمثيلات أنها من قبيل المثال لا التخصيص؟
الثاني: إذا ثبت أنَّ تفسير السلف للعموم بالتمثيلات إنما هو على سبيل المثال لا على سبيل التخصيص، فهل يخالف ذلك قاعدة: الخبر على عمومه حتى يأتي ما يخصصه؟
أما الجواب عن الأول، فإن ذلك ظاهر بالاستقراء في تفاسيرهم، وبتنوع عبارة المفسر عن المعنى العام أحيانًا، فترد عنه عبارة على سبيل المثال، وترد عنه عبارة أخرى على سبيل المثال للعامِّ.
ومن أمثلة ما ورد من تنوع عبارة المفسر عن المعنى العام ما ورد عن ابن عباس (ت: 68) في تفسير قوله تعالى: {وشاهد ومشهود}] البروج: 3 [، فقد ورد عنه العبارات الآتية:
1 ـ من طريق عطية العوفي: الشاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم عرفة.
2 ـ من طريق يوسف المكي عنه: الشاهد: محمد، والمشهود: يوم القيامة، وقرأ: {ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود}.
3 ـ من طريق على بن أبي طلحة: الشاهد: الله، والمشهود: يوم القيامة.
4 ـ من طريق مجاهد: الشاهد: يوم عرفة، والمشهود: يوم القيامة.
وإنما تنوعت العبارات عن ابن عباس (ت: 68) رضي الله عنهما؛ لأنه نحى إلى التمثيل لذلك الاسم العام، وهو الشاهد والمشهود، وإذا تأملت أقواله التفسيرية في الشاهد وجدتها مما ينطبق عليه وصف الشاهد وكذا أقواله في المشهود ينطبق عليها وصف المشهود.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولو حملت عبارته على التخصيص لذهبت إلى تناقض الرواية عنه، كما يظن من جَهِلَ طريقة السلف في التفسير فحكم على هذا التنوع وأمثاله بالتناقض، وهو في الحقيقة ليس كذلك.
كما أنه قد ورد عن بعضهم الإشارة إلى هذا، قال الطبري:» حدثني يعقوب قال ثني هشيم قال أخبرنا أبو بشر وعطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال في الكوثر: هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه.
قال أبو بشر: فقلت لسعيد بن جبير فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة قال فقال سعيد النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه «. تفسير الطبري، ط: الحلبي (30: 321).
وأما الجواب عن الثاني، فإنه يقال: لا اختلاف بين الترجيح بقاعدة العموم والقول بالتمثيل، وإنما تُذكر القاعدة لئلا يُفهم أن هذه التمثيلات على سبيل التخصيص، وهذا يعني أن عباراتهم في التمثيل ليست حجة في تخصيص العامِّ إلا أن يَرِدَ في سياق العبارة ما يدلُّ على إرادة المفسر من السلف التخصيصَ.
وإذا ورد التخصيص للَّفظ العامِّ، وظهر ضعف التخصيص، فإنَّ القاعدة تكون من باب ردِّ التخصيص.
أما إذا حملتَ الأقوال على التمثيل، فإنَّ القول بالقاعدة يكون للتنبيه على العموم، والله أعلم.
[ line]
المسألة الرابعة: تعميم اللفظ على عمومه الأعم دون تقييده بسياق الآية.
إن هذه المسألة من المسائل المهمة في هذا الموضوع، وهي مما يدخل ضمن موضوع الاستنباط؛ لأنَّ فيها العبور عما سيق اللفظ أو الجملة فيه إلى معانٍ تدخل فيهما بتجريدهما عن سياقهما الذي هما فيه.
ويظهر أن القياس هو الذي يمثِّل هذه المسألة؛ لأنَّ الخروج باللفظ أو الجملة عن سياقهما إدخالٌ لصور لم يدل عليها ظاهر اللفظة أو الجملة في السياق.
ويدخل في هذا المهيع من الصور:
1 ـ إدخال ما ليس في حكم الآية بها.
2 ـ الاستشهاد بالآية على ما لم تنْزل فيه.
3 ـ تنْزيل الآية على واقعة حدثت بعد نزول القرآن.
ومن أمثلة إدخال ما ليس في حكم الآية بها: ما ورد في تفسير قوله تعالى: {الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون}] البقرة: 3 [، قال الراغب الأصفهاني (ت: بعد: 400):» فالإنفاق من الرزق ـ بالنظر العامي ـ: من المال؛ كما تقدَّم.
وأما بالنظر الخاصي: فقد يكون الإنفاق من جميع المعاون التي آتانا الله ـ عز وجل ـ من النعم الباطنة والظاهرة؛ كالعلم والقوة والجاه والمال. ألا ترى إلى قوله عليه السلام: إن علمًا لا يقال به، ككنْز لا يُنفق منه.
وبهذا النظر عدَّ الشجاعة وبذل الجاه وبذل العلم من الجود حتى قال الشاعر:
....................... والجود بالنفس أقصى غاية الجود
وقال آخر:
بحر يجود بماله وبجاهه * والجود كل الجود بذل الجاه
وقال حكيم: الجود التامُّ: بذل العلم.
فمتاع الدنيا عرض زائل ينقصه الإنفاق. وإذا تزاحم عليه قوم ثَلَمَ بعضهم حال بعضٍ، والعلم بالضدِّ، فهو باق دائم، ويزكو على النفقة، ولا يثلم تناول البعض حال الباقين.
وإلى هذا ذهب بعض المحققين، فقال: {ومما رزقناهم ينفقون}؛ أي: مما خصصناهم من أنوار المعرفة يفيضون. فعلى هذا [هو] عام في كل ذلك «. مقدمة جامع التفاسير، تحقيق أحمد حسن فرحات (ص: 158 ـ 159).
وهذا المثال ظاهر جدًّا، فسياق الآية كما هو ظاهر في الإنفاق المالي، بدلالة قرن النفقة بالصلاة، والذي يقرن بها غالبًا هو الزكاة، وبدلالة أن مصطلح النفقة في القرآن يغلب على النفقة المالية.
وعلى هذا جاء تفسير السلف مع اختلافهم في نوع النفقة المالية، هل هي النفقة الواجبة؛ أي الزكاة وما يجب من النفقة على الأهل، أم هي ما دون ذلك من النفقة المستحبة؟ وأقوالهم لم تخرج عن أن المراد بها الإنفاق المالي، وعلى هذا فالصواب أنَّ الآية في الإنفاق المالي قطعًا، لكن ما ذكره الراغب (ت: بعد:400) من أنه يدخل فيها جميع أنواع الإنفاق التي يبذلها المسلم من العلم والجاه والقوة وغيرها = غير مرادٍ إرادة أولية، وإدخاله إنما هو من باب تعميم اللفظ على عمومه الأعمِّ، وإخراجه من مدلول سياقه المالي، إلى غيره، فجعل الرزق يشمل جميع ما يعطيه الله العبد من النعم المعنوية والحسية، وتكون النفقة من هذه النعم كل بحسبها، والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن أمثلة الاستشهاد بالآية على ما لم تنْزل فيه، ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: (وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً)] الكهف: 54 [، فقد روى البخاري (ت: 256) في صحيحه، عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فقال: ألا تُصليان؟
فقلت: يا رسول الله، إنما أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا.
فأنصرف حين قلت ذلك ولم يرجع إلي شيئا، ثم سمعته وهو مُوَلٍّ يضرب فخذه، ويقول: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً} «.
وهذه الآية نازلة في سياق الكفار، واستشهد بها الرسول صلى الله عليه وسلم على حالِ علي رضي الله عنه، لصدق هذا المقطع على حاله، والله أعلم.
ومن أمثلة تنْزيل الآية على واقعة حدثت بعد نزول القرآن، ما ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}] الكهف: 103 ـ 104 [. فقد سأله عبد الله بن الكواء، فقال:» أنتم يا أهل حروراء «. وقال في رواية أخرى:» أنت وأصحابك منهم «. تفسير الطبري، ط: الحلبي (16: 34).
وتنْزيل السلف بعض الآيات على أهل البدع الذي حدثوا في عصرهم شهير ومتوافر، ويظهر التعميم في هذا الجملة في أنها تدلُّ على قوم يعملون، ويحسبون أنهم بهذا العمل من الصالحين المرضين لربهم، وهم في حقيقة الأمر من أهل الضلال الذين خسروا سعيهم، والخوارج مثال من أمثلة هؤلاء القوم، والله أعلم.
ملاحظة: قد سبق طرح موضوع الاستشهاد بالآيات التي نزلت في الكفار وتنْزيلها على المؤمنين في مقالة سابقة في هذا الملتقى. هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=46)
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[19 May 2003, 10:54 م]ـ
فضيلة الشيخ شكر الله سعيك وجهدك فيما تبذله في تحرير وتنقية هذا العلم الشريف.
وبهذه المناسبة أجدها فرصة لطرح سؤال كان يدور في خلدي من زمن لذلك أستميحك عذرا في طرحه وهو:
هل هناك ما يمنع من اشتراك الموضوع الواحد بين علمين أو أكثر إذا تعددت فيه الحيثيات بتعدد العلوم؟
بمعنى أن العموم والخصوص مثلا في هذا العلم يبحث فيه كذا وفي علم آخر يكون موضوعه كذا.
لكن ألا تلاحظ أن هذا قد يعسر في بعض الموضوعات كالنسخ مثلا بين علمي الأصول وعلوم القران فلا بد عندئذ من النقل المحض لكثير من المسائل من علم إلى علم والفرق حينها يعود إلى العالم في تحريره لمسائل العلم لا إلى الموضوعات وكونها متداخلة في بعض العلوم.
شيخنا الفاضل هل مر بك ما يمكن أن يكون ضوابط في هذه المسألة؟
دمت بخير وعافية
والسؤال عام لجميع المشايخ والفضلاء في هذا الموقع العامر .......
تحياتي للجميع ..
ـ[الكشاف]ــــــــ[17 Feb 2006, 02:32 م]ـ
هذا الموضوع من أطرف الموضوعات في هذا الملتقى العلمي الدقيق. وقد انتفعت به أيما انتفاع، فجزى الله كاتبه الدكتور مساعد الطيار خيراً، ولقَّاه براً وفتحاً من لدنه. وقد أثار فيه الباحث الكريم عدداً من المسائل العلمية البحثية الدقيقة، التي تستوجب الوقوف من الباحثين والقراء. وفيه لمن رام البحث العلمي آفاق جديدة جادة. وأؤكد على تتبع مسائل علوم القرآن بهذه الطريقة العلمية التي أوصل الباحثَ إلى نتائجها كثرةُ اطلاعه على كتب التفسير وعلوم القرآن، وتقييدُ الأمثلة وأساليب التفسير عند السلف، من خلال تفسير الطبري على وجه الخصوص، وبقية كتب الدراسات القرآنية عموماً. وهذا الاستقراء الواسع للكتب شرطٌ لا بد منه للخروج بمثل هذه النتائج في هذه المسائل، فإنه لا يمكن لباحث لا يقرأ أن يعرف ثغرةً تحتاج إلى سِداد، ولا مسألة فيها قصور، ففاقد الشيء لا يعطيه. وإني لأعجب أشد العجب من طلاب الدراسات العليا الذين يتكففون موضوعات بحوثهم تكففاً، وتراهم في غمرة البحث عن موضوع للبحث، لا يفكرون في قراءة كتاب من كتب التفسير المطولة حتى يجدوا بعد قراءته موضوعاً أو موضوعات تكون مدخلاً للانطلاق إلى موضوع، أو فكرة بحثية جديرة بالبحث والنقاش. وإننا لنؤمل إن شاء الله في الباحثين في الدراسات القرآنية بفروعها الشريفة أن يكونوا
(يُتْبَعُ)
(/)
قدوة صالحة للباحثين في الجدية والدقة والمسئولية العلمية أمام الأمة، فإنهم يمثلون - شاؤوا ذلك أم أبوا - هذا التخصص بكل ما يتبادر إلى ذهن السامع من جلالة القرآن الكريم، وسعة علومه، وبركة الاشتغال به. فليكونوا قدوات صالحة رحمهم الله.
وأما مسألة المسائل العلمية المشتركة بين العلوم التي أثارها الدكتور مساعد الطيار والأخ أبو حاتم في تعقيبه فهي مسألة مهمة لا تخلو منها ثقافة، ولا يسلم منها علم من العلوم، وإنما يبني بعض الباحثين على بناء بعض، ومن الذي يفترع العلوم افتراعاً ثم لا يترك لغيره موضعاً للاستدراك؟ الجواب: لا أحد. ولا تقل: فعلمُ العروض؟ لأنني سأقول: حتى علم العروض فيه مجال للاستدراك وقد كان.
لكن دعنا في المسائل المشتركة بين الأصول وعلوم القرآن.
هذه المسألة مهمة، وينبغي النظر إلى الأمر نظرة أوسع، وذلك من خلال اعتبار النقاط التالية:
- أن علم أصول الفقه ليس خاصاً بالأحكام الفقهية الشرعية فحسب، وإنما هو قواعد نافعة لضبط العلوم والفهوم. وبالتالي لا يقصر اعتبار أصول الفقه على الفقه، ويعد دخولها في علوم القرآن مقبولا سائغاً وهذا ما صنعه العلماء قديماً وحديثاً، وتأمل مصادر الباحثين المعاصرين في علوم القرآن في مباحث (العموم والخصوص) والمطلق والمقيد، والأمر والنهي وغيرها تجدها كلها كتب أصول الفقه. وهذا ما فصله الدكتور مساعد في مقاله البديع أعلاه.
- أن هناك دوائر تقاطع واسعة بين العلوم الشرعية لا يمكن إغفالها، ولا ادعاء أن هذا العلم أولى بها من ذاك، فميدان البحث الشرعي واللغوي مشترك.
- أن التخصص بمعناه الضيق المعاصر لم يظهر إلا متأخراً، وبالتالي فإن الحديث عن مناهج الأصوليين، ومناهج المفسرين في كثير من مواضعه، حديث عن شخص واحد كتب في التفسير وفي الأصول وفي غيرها من العلوم، وثقافته واحدة لا تتجزأ، فقد كان يوظف علومه في كل مصنف يكتبه.
وبالتالي فإن الجانب المهم الذي أشار إليه العالم الجليل الدكتور مساعد الطيار في بحثه السابق عن الجوانب التي أغفلها الباحثون في مبحث العموم والخصوص في القرآن الكريم وهي جديرة بالبحث والتأمل لوفرتها وغزارتها هي التي ينبغي إن ينبه عليها، ويتجه الباحثون إلى إبرازها وإظهارها، ولم يمنع الدكتور مساعد الطيار الاستفادة مما كتبه الأصوليون، وإنما نبه إلى أنهم لم يتعرضوا لبعض المسائل المهمة التي ينبغي إن تذكر في كتب علوم القرآن، ولانشغال المؤلفين في علوم القرآن بنقل هذه المسائل من كتب الأصوليين، وربما لثقتهم في عقول أهل الأصول ودقتها- كما يشيعون عنهم دائماً، وهذا صحيح في بعضهم دون بعض - لم يتعقبوهم في شيء مما ذكروه في هذه المباحث. وقد تنبه الدكتور محمد العروسي عبدالقادر في كتابه (المسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين) إلى طرف من هذا، غير أنه لم يزد في كتابه على تتبع العناوين المشتركة بين العلمين، ثم أعاد تكرار ما قالوه فيها، ولم ينبه على ما نبه إليه الدكتور مساعد الطيار في بحثه هذا، ولو فعل لأتى بجديد مفيد.
أتوقف عند هذا لضيق الوقت الآن، وأدعو بقية الإخوة الباحثين في الملتقى العلمي إلى العناية بهذه المقالة، وإعطائها حقها وحظها من التدبر والدرس، فهي مليئة بالفوائد أحسن الله إلى كاتبها، كما أحسن إلينا معشر القراء الصغار (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان).
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Feb 2006, 08:21 ص]ـ
هذا بحث ممتع ليت أحد الباحثين يتجرد لبيانه وتتبع مسائله بطريقة تحليلية دقيقة. وأحب أن أشير إلى أن العلوم الشرعية وعلوم الآلة متداخلة في كثير من مباحثها، ولذلك يقول الزكشي في مقدمته لكتابه البحر المحيط في أصول الفقه:
(فإن قيل: هل أصول الفقه إلا نبذ جمعت من علوم متفرقة؟ نبذة من النحو كالكلام على معاني الحروف التي يحتاج الفقيه إليها، والكلام في الاستثناء، وعود الضمير للبعض، وعطف الخاص على العام ونحوه، ونبذة من علم الكلام كالكلام في الحسن والقبح، وكون الحكم قديماً، والكلام على إثبات النسخ، وعلى الأفعال ونحوه، ونبذة من اللغة كالكلام في موضوع الأمر والنهي، وصيغ العموم والمجمل والمبين، والمطلق والمقيد، ونبذة من علم الحديث كالكلام في الأخبار.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالعارف بهذه العلوم لا يحتاج إلى أصول الفقه في شيء من ذلك، وغير العارف بها لا يغنيه أصول الفقه في الإحاطة بها، فلم يبق من أصول الفقه إلا الكلام في الإجماع والقياس والتعارض والاجتهاد، وبعض الكلام في الإجماع من أصول الدين أيضاً، وبعض الكلام في القياس والتعارض مما يستقل به الفقيه، ففائدة أصول الفقه بالذات حينئذٍ قليلة.
فالجواب: منع ذلك، فإن الأصوليين دققوا النظر في فهم أشياء من كلام العرب لم تصل إليها النحاة ولا اللغويون، فإن كلام العرب متسع والنظر فيه متشعب، فكتب اللغة تضبط الألفاظ ومعانيها الظاهرة دون المعاني الدقيقة التي تحتاج إلى نظر الأصولي باستقراء زائد على استقراء اللغوي.
مثاله: دلالة صيغة (افعل) على الوجوب، و (لا تفعل) على التحريم، وكون (كل) وأخواتها للعموم، ونحوه مما نص هذا السؤال على كونه من اللغة لو فتشت لم تجد فيها شيئاً من ذلك غالباً، وكذلك في كتب النحاة في الاستثناء من أن الإخراج قبل الحكم أوبعده، وغير ذلك من الدقائق التي تعرَّضَ لها الأصوليون وأخذوها، من كلام العرب باستقراء خاص، وأدلة خاصة لا تقتضيها صناعة النحو، وسيمر بك منه في هذا الكتاب العجب العجاب). [البحر المحيط للزركشي 1/ 13 - 14]
والإمام الزركشي له كتابان مهمان، أحدهما (البحر المحيط) في أصول الفقه، والثاني (البرهان في علوم القرآن)، وقد تعرض في كتابيه لموضوعات مشتركة بين العلمين. والزركشي في أصول الفقه أمكن منه في علوم القرآن، وقد صنف كتابه البرهان بعد تصنيف كتبه الثلاثة في أصول الفقه وأوسعها البحر المحيط. ولذلك ظهر تميزه في المباحث ذات الصلة الأقوى بأصول الفقه منها بعلوم القرآن كأنواع الخطاب في القرآن الكريم. [انظر: علوم القرآن بين البرهان والإتقان 305]
وكلام الزركشي في كون الأصوليين لهم عناية زائدة ببعض مسائل اللغة والنحو، لم يحتج إليها اللغويون والنحويون فلم يلتفتوا إليها بخلاف أهل الأصول لحاجتهم إلى الاستنباط، فزاد الأصوليون عليهم في هذا. وهنا يجب على أهل الأصول إبراز هذا الجانب الزائد الذي زاوا به على النحويين. وكلام الدكتور مساعد الطيار من هذا الباب، فلعلماء القرآن حاجة خاصة في المسائل المشتركة لم يتعرض لها الأصوليون، فيجب على الباحثين في الدراسات القرآنية إبرازها كما صنع الدكتور مساعد وفقه الله.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[30 Jun 2008, 03:57 ص]ـ
هذا بحث ممتع ليت أحد الباحثين يتجرد لبيانه وتتبع مسائله بطريقة تحليلية دقيقة.
أبشرك يا دكتور عبد الرحمن أنني الآن في بحر هذا الموضوع (المسائل المشتركة بين علوم القرآن وأصول الفقه وأثرها على التفسير) وعسى أن ينتهي قريباً والله المعين ..
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[30 Jun 2008, 01:46 م]ـ
الدكتور مساعد وفقه الله
سمعت كلمة في الملتقى الأول للتدبر من أستاذنا الدكتور سعود الفنسيان يصفك أنك المجدد لهذا العلم فكنت أظنه مبالغاً، فحين رأيت عرضك لهذا الموضوع وسعيك للتجديد فيه وقولك (حاجة هذا العلم إلى التجديد من جهة تحرير مصطلحاته بناءً على استقراء أمثلة الموضوعات في كلام السلف وتفاسيرهم).
، علمت صدق ماوصفك به، وأظن أن ماتسعى إليه مطلب ملح لهذا التخصص الذي تداخل مع علم أصول الفقه، وهذا الملتقى المبارك أرض خصبة لطرحك المبارك بما يتبعه من تعقيبات وإضافات، فسر على بركة الله وتوفيقه
ونحسبك رائد هذا التخصص.
وجميل أن تجعل للموضوع الذي تطرحه في هذه السلسلة المباركة خلاصة مهمة لما حررتموه، تجمع شتاته وتركز نظر القارئ في جانب التجديد فيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما ماعرضتم من اقتراح بديع في وضع كشاف للموضوعات المستخلصة من الآثار فهو عمل عظيم، ويقترح أن يوكل ذلك لفريق علمي من الباحثين المتخصصين ويمكن عمل ذلك بإشرافكم في إحدى مراكز البحث في مصر أو غيرها.
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[14 Nov 2009, 12:00 ص]ـ
جزاك الله خيرا د. مساعد الطيار وبارك في علمك وعملك
وكم نتمنى أن تواصل هذه المسيرة في هذا الملتقى بأن تكون هناك صفحة لك اسبوعية تحرر فيها هذه المسائل لنستفيد منها.
.......... أنني الآن في بحر هذا الموضوع (المسائل المشتركة بين علوم القرآن وأصول الفقه وأثرها على التفسير) وعسى أن ينتهي قريباً والله المعين ..
وإنا في إنتظار صدور هذه الرسالة التي قرب وقت مناقشتها لنستفيد منها.
وفق الله الجميع وجزاكم خيرا
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[14 Nov 2009, 01:33 ص]ـ
جزاك الله خيرا د. مساعد الطيار وبارك في علمك وعملك
وكم نتمنى أن تواصل هذه المسيرة في هذا الملتقى بأن تكون هناك صفحة لك اسبوعية تحرر فيها هذه المسائل لنستفيد منها.
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فهد الوهبي
.......... أنني الآن في بحر هذا الموضوع (المسائل المشتركة بين علوم القرآن وأصول الفقه وأثرها على التفسير) وعسى أن ينتهي قريباً والله المعين ..
وإنا في إنتظار صدور هذه الرسالة التي قرب وقت مناقشتها لنستفيد منها.
وفق الله الجميع وجزاكم خيرا
أختي الكريمة أفنان أسأل الله التيسير والمشاعر قرب مناقشة الرسالة جياشة وعسى أن يكون ختامها مسكاً بإذن الله تعالى ...(/)
ابن عادل وتفسيره اللباب من علوم الكتاب (1)
ـ[مرهف]ــــــــ[18 May 2003, 01:07 م]ـ
التعريف بابن عادل
ـ اسمه ونسبه ولقبه وكنيته (1):
هو أبو حفص سراج الدين عمر بن علي بن عادل الحنبلي الدمشقي النعماني.
وقد تفرد صاحب السحب الوابلة وكناه بأبي الحسن،ولم يذكر غيرها؛ وهي خلاف ما تعارف عليه الناس في من اسمه عمر؛ خاصة في عصر المماليك؛ فعلى فرض صحة هذه الكنية يمكننا القول: ربما كانت له كنيتان: الأولى هي أبو حفص،والثانية: أبو الحسن، ولكن ابن عادل يشتهر بالأولى أكثر.
والمشهور في لقبه:سراج الدين،غيرأنه ورد بلقب زين الدين في معجم الدراسات القرآنية وعند محقق نفحة الريحانة،ونسب ذلك إلى معجم المؤلفين، ولكن الذي في معجم المؤلفين أنه سراج الدين، ولقبه بزين الدين خلاف المشهور،والله أعلم.
وأما نسبه النعماني، فهي نسبة إلى (نعمان)،وتضبط: إما بضم النون وسكون العين، أو بفتح النون وسكون العين، فعلى الاحتمال الأول ـ وهو بضم النون وسكون العين ـ فإنها اسم مشترك لثلاث مدن وهي (2):
ـ النُّعمانية: وهي بلدة عل شط دجلة بين بغداد وواسط في نصف الطريق، وأهلها شيعة غالية.
ـ النُّعمانية: وهي قرية بمصر.
ـ نُعمان،وهي معرّة النعمان، وهي مدينة كبيرة من بلاد الشام بين حلب وحماة، ولكن المشهور والمعروف في النسبة إليها بـ (المعري)،ولم أجد من نسب إليها بالنعماني.
أقول: وقد تكون نسبة النُّعماني ـ بضم النون ـ إلى النعمان بن بشير الصحابي الجليل ـ وستأتي ترجمته ـ،فتكون من قبيل بيان نسبه الذي يرجع إليه، كما تقول:عمري وبكري، لا إلى بلدٍ ولد فيه، أو رحل إليه والله أعلم
أو بفتح النون وسكون العين،فنسبة أيضاً إلى عدة مدن ومواضع في الحجاز وبلاد الشام (3):
ـ نَعمان، بلد في بلاد الحجاز.
ـ نعمان:واد يسمى نعمان الأراك، وهو بين مكة والطائف.
ـ واد لهذيل على ليلتين من عرفات.
ـ واد يسكنه بنو عمرو بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل،بين أدناه ومكة نصف ليلة.
ـ واد قرب الكوفة من ناحية البادية.
ـ واد قريب من الفرات على أرض الشام قريب من الرحبة.
وكذلك إلى عدة مواضع كثيرة في اليمن (4)، ولا أرى داعياً لذكرها لاستبعاد كونه منها.
فذهب محققو اللباب المطبوع إلى أنه منسوب إلى النعمانية ـ بضم النون ـ وهي البلدة بين بغداد وواسط وأنه دخل إليها واستوطن فيها فنسب إليها (5).
و استبعد هذا الكلام؛ لكون هذه البلدة قد عرف أهلها بأنهم شيعة غالية؛ولايظهر التشيع هذا في ابن عادل من خلال تفسيره، ثم إن ابن عادل مذهبه حنبلي،ويقرر المسائل العقدية والأصولية على مذهب أهل السنة والجماعة، والله أعلم.
وذهب الدكتور محمد بن عبد الرحمن الشايع إلى أنها نسبة إلى نعمان ـ دون أن يضبطها ـ البلدة الشامية وجعل نسبة الدمشقي قرينة على ذلك، وظاهر كلامه أن البلدة هي معرة النعمان؛ إذ لم يشر إلى موضع البلدة الشامية التي ابن عادل منها،ولايشتهر في بلاد الشام بلدة بهذا الاسم سواها.
والذي أراه ـ إن كانت نسبة النعماني لبلدة ـ أن يكون ضبطها بفتح النون وسكون العين،نسبة إلى واد قريب من الفرات على أرض الشام قريب من الرحبة (6)،وأن ابن عادل ينسب إليها أصالة، وأستبعد أن يكون من مصر لأن شيوخه من بلاد الشام كما سيأتي، هذا مع العلم أن عصره كان فيه فحول العلماء والمحدثين في مصر؛فلو كان من مصر لقدمت نسبة النعماني على الدمشقي كما هي عادة المؤرخين في تقديم النسب الأصلي ثم نسب البلد التي نزل بها، ولو رحل إلى مصر لذُكر لنا شيخ من شيوخه على الأقل، فيتعين أن يكون من بلاد الشام؛ولا ينسب بالنعماني في بلاد الشام إلا لموضعين:معرة النعمان،ونعمان الواد القريب من الفرات، ثم إن النسبة إلى معرة النعمان هي المعري،ولم نر من نسب إليها بالنعماني، وعلى فرض ترجيح كون نعمان الشامية؛فهو من الوادي المذكور،ثم إن نسبة (الدمشقي) قرينة قوية في ذلك، ترجح ما قلته والله أعلم.
هذا كله إذا قلنا بأنه منسوب إلى بلدة، استنادا لما نقل أنه ورد في آخر الجزء الأول من تفسيره الموجود في المكتبة الأحمدية بحلب: (جمعه وعلقه لنفسه عمر بن علي بن عادل النعماني منشأً، الحنبلي مذهباً) (7).
(يُتْبَعُ)
(/)
ولكن الذي في النسخة الأحمدية في الصفحة الأخيرة من الجزء الأول [الورقة297/آ] أنه: (النعماني نسباً،الحنبلي مذهباً)،وكذلك أيضا جاء في غلاف الجزء الثالث من نسخة تشستربتي [الورقة 1/ب] أنه: (النعماني نسباً، الحنبلي مذهباً).
وعليه فتكون هذه النسبة إلى النعمان بن بشير،فيكون ضبطها بضم النون وسكون العين.
أقول: والذي أميل إليه أنه النعماني نسباً، فيكون ابن عادل منسوباً إلى الصحابي الجليل النعمان بن بشير رضي الله عنه،وهذا مايرجح أن ولادته كانت بدمشق،وأصله خزرجي من بلاد الحجاز والله أعلم.
.................................................. .......
ـ انظر: ذيل التقييد للفاسي 2/ 248،السحب الوابلة لابن حميد 2/ 793،نيل السائرين في طبقات المفسرين صـ243،مجلة المجمع العلمي العربي المجلد 20/ 831، مقال بعنوان:ترجمة مفقودة،للأستاذ راغب الطباخ،معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 2/ 568، تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 6/ 466،كشف الظنون 2/ 1543،هدية العارفين 1/ 794،الأعلام للزركلي 5/ 58، نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة للمحبي ت: الحلو 6/ 347،مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية صـ15 العدد 17 رجب 1417 بعنوان:ابن عادل وتفسيره اللباب في علوم القرآن،للدكتور محمد عبد الرحمن الشايع،ومنه عن معجم الدراسات القرآنية لابتسام الصفار ص332،طبقات المفسرين لأحمد بن محمد الأدنه وي ص 418
2 ـ معجم البلدان لياقوت الحموي 5/ 339،ت عبد العزيز الجندي، ط دار الكتب العلمية، الأنساب للسمعاني 5/ 509،ت عبد الله عمر البارودي،ط دار جنان، لب اللباب في تحرير الأنساب للسيوطي 2/ 299، ت محمد أحمد وأشرف عبد العزيز، ط دار الكتب العلمية
3 ـ انظر معجم البلدان 5/ 339، معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع،عبد الله البكري 4/ 1316 ت مصطفى السقا طـ عالم الكتب بيروت (د، ت)
4 ـ انظرها في معجم البلدان 5/ 339، معجم المدن والقبائل اليمنية،إبراهيم أحمد القحفي ص 435،436، ط منشورات دار الحكمة، صنعاء 1985،وانظر فتح رب الأرباب 2/ 388.
5 ـ اللباب 1/ 21 المقدمة ط دار الكتب العلمية، ولم يذكروا دليلاً لما ذهبوا إليه.
6ـ وهي رحبة مالك بن طوق،بينها وبين دمشق ثمانية أيام،ومن حلب خمسة أيام،وإلى بغداد مئة فرسخ، وإلى الرقة نيف وعشرون فرسخاً، وهي بين الرقة وبغداد على شاطئ الفرات أسفل من قرقيسيا، قال البلاذري:لم يكن لها أثر قديم وإنما أحدثها مالك بن طوق التغلبي في خلافة المأمون. انظر معجم البلدان 3/ 34 ط دار الفكر ونهاية الأرب في معرفة أنساب العرب،أحمد بن علي القلقشندي ص 177 ط دار الكتب العامية أولى 1405، 1984.
7 ـ كما نقل ذلك الأستاذ راغب الطباخ رحمه الله في مقاله في مجمع العلمي العربي 20/ 381،وتبعه عليه الدكتور محمد الشايع في مجلة الإمام محمد بن سعود ص 16.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 May 2003, 11:36 ص]ـ
بمناسبة ذكر تفسير ابن عادل رحمه الله، أود أن أشير إلى أنه تم دراسة منهج ابن عادل في التفسير مع تحقيق سورة الفاتحة منه في قسم القرآن بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.
والذي قام بذلك هو الدكتور مناع بن محمد القرني الأستاذ المساعد بكلية الشريعة بجامعة الملك خالد. وأشرف عليه الأستاذ الدكتور زاهر الألمعي وفقه الله. وقد نوقشت الرسالة عام 1415هـ
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 May 2003, 01:45 م]ـ
بسم الله
وللفائدة؛ فقد طبع الكتاب كاملاً في عشرين مجلداً عن دار الكتب العلمية بتحقيق كل من عادل أحمد عبدالموجود وعلي محمد معوّض، وشارك في تحقيقه برسائل علمية كل من الدكتور محمد سعد رمضان حسن، والدكتور محمد المتولي الدسوقي.
وهو كتاب ضخم حافل بنقولات كثيرة؛ إلا أني لا حظت بعد مطالعتي له، وقراءة مواضع منه أنه يعتمد كثيراً على تفسير الرازي، والدر المصون للسمين الحلبي. فهل توافقني على هذا الرأي يا أخي مرهف؟
ـ[مرهف]ــــــــ[20 May 2003, 06:08 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه:
(يُتْبَعُ)
(/)
أما لتحقيق سورة الفاتحة وبيان منهج ابن عادل في تفسيره فقد سمعت به وحاولت الحصول عليه أثناء إعدادي لبحث الماجستير في تحقيق جزء من تفسيرابن عادل ودراسته لكني لم أستطع وحبذا لو أدتموني في النتائج التي توصل إليها صاحب الرسالة في الأمور الآتية:
نسبة النعماني التي ينسب إليها ابن عادل.
مولده ووفاته وشيوخه.
هل كتابالمحرر في الفقه الحنبلي صحيح النسبة إليه.
إذ أن هذه الأمور مازال الغموض يسحوذ عليها وتحتاج إلى بيان وبحث ز
وأنا أوافق الأخ أبا مجاهد في أن ابن عادل يعتمد كثيراً على تفسير الرازي والدر للسمين الحلبي وأضف لذلك اعتماده على تفسير البغوي وتفسير القرطبي أيضاً وسأوضح ذلك إن شاء الله في ذكر مصادر ابن عادل في السلسلة الثانية إن شاء الله تعالى.
أما بالنسبة لتحقيق تفسير ابن عادل في دار الكتب العلمية فإني أذكر أننا عندما بدأنا بتحقيق تفسير ابن عادل مع مجموعة من زملائي في قسم التفسير وعلوم القرآن (جامعة أم درمان) لنيل درجة الماجستير لم يكن الكتاب مطبوعاً، ونفاجأ عندما نعلم ونحن في بداية عملنا أن دار الكتب العلمية بدأت بطبعه محققاً فانتابنا الخوف من أمرين:
الأول: أن الموافقة جاءت على أساس أن الكتاب غير مطبوع، فتخوفنا من رفض الرسائل بسبب طباعته.
الثاني: السرعة التي أخرج فيها الكتاب مع صعوبة التحقيق فيه للأخطاء الكثيرة من فروق النسخ والسقط وغير ذلك من عيوب المخطوطات خاصة بعدما علمنا أن دار الكتب العلمية سرقت الموضوع وعلمت أننا نقوم بتحقيقه على شكل رسائل علمية لتقوم الكلية بطبعه كاملاً بتحقيق علمي، فأخرجت دارالكتب العلمية الكتاب بتحقيق نجاري.
ولكن المشرفين على الرسائل وهم: شيخنا الدكتور نور الدين عتر والدكتور بديع السيد اللحام أشاروا علينا بأن نرفق مع الرسائل الأخطاء العلمية التي وقعت في طبعة دار الكتب العلمية لبيان أهمية استمرار هذا المشروع.وبالفعل قام عدد من الزملاء بذلك فخرجوا بطامات من الأخطاء العلمية من سقط كلمات وجمل وغير ذلك.
ثم ماذا تفسر خروج أربع كتب محققة لعادل عبد الموجود وشركاه في سنة واحدة وكل كتاب في أكثر من سبع مجلدات؟ هذا مع علمنا بقيمة الكتب التي تطبعها دار الكتب العلمية إذ تتميز بأنها تجارية لا يوثق فيها كثيراً إلا أن يكون الكتاب مصوراً من نسخ قدية نسأل الله السلامة وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 May 2003, 10:35 م]ـ
بسم الله
أنا أوافق الأخ مرهف فيما ذكر عن طبعات دار الكتب العلمية ببيروت، فطبعاتها رديئة، كثيرة الأخطاء المطبعية بشكل يصعب وصفه؛ ولذلك فإني أحرص ألا أشتري طبعاتها إلا عندما يتعذر الحصول على طبعات أخرى لما نشرته.
وقد تقرر ذلك عندي منذ زمن، وطبعاتهم في الأعم الأغلب تجارية. إلا ما ذكره الأخ مرهف من الطبعات القديمة المصورة عن طبعات أخرى.
ولا نقصد بتعليقنا السابق التقليل من شأن ما يقوم به الباحثون الجادون من تحقيق لكتب حققت بتحقيقات تجارية تشوه الكتاب وتسيء إليه أكثر من خدمته.
ومن الكتب التي أرى أنها لا زالت بحاجة إلى تحقيق علمي رصين كتاب الشوكاني في التفسير: فتح القدير؛ فمع تعدد طبعاته وتنوعها إلا أن كل الطبعات التي رأيتها مليئة بالتصحيفات والأخطاء، ولم تخدم الكتاب الخدمة المطلوبة.
ولا أدري هل حقق الكتاب تحقيقاً جيداً، أم لا؟
ـ[خلف الجبوري]ــــــــ[19 Jul 2008, 01:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الأفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قبل أيام عند مراجعتي لبعض المكتبات وجدت كتاب (إعراب القراءات السبع وعللها) طبعة دار الكتب العلمية لسنة (2005 م)، و لم أتصفح الكتاب في حينه لانشغالي ببعض الأعمال، بعدها تصفحت الكتاب فوجدت أن مؤلفه هو (أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر بن خالويه الأصبهاني المتوفى سنة (603 هـ)، بضبط وتعليق أبي محمد الأسيوطي، وقلت: لعل هذا العالم قد ألف كتاباً يحمل الاسم نفسه لكتاب (إعراب القراءات السبع وعللها لأبي عبدالله أحمد بن الحسين ابن خالويه المتوفى سنة 370 هـ)، ففي الصفحتين الثالثة والرابعة ترجم المحقق للمصنف ابن خالويه الأصبهاني وذكر شيوخه وتلاميذه ووفاته، وفي الصفحتين الخامسة والسادسة ذكر مقدمة التحقيق، ولكنه لم يذكر المخطوطات التي اعتمد عليها، ولم يذكر منهجه في التحقيق إلا نقطتين هما: تشكيل النص للفائدة، والتعليق على بعض المواضع التي تحتاج إلى تعليق، ولكن الطامة الكبرى هي ما وجدته في مقدمة المصنف في قوله: (قال أبو عبدالله ـ رحمه الله: وحدثني أبو بكر بن مجاهد ـ رحمه الله. . . وقوله أيضاً: سمعت ابن مجاهد يقول:).
أما في الأسانيد فوجدت المصنف يقول: (أما قراءة ابن كثير فإني قرأت بها غير مرة على ابن مجاهد).
بعد كل هذا نقول: أين التحقيق؟ وأين منهجه العلمي؟ وكيف حقق اسم الكتاب واسم مؤلفه؟
فمؤلف الكتاب على الغلاف (أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر بن خالويه الأصبهاني المتوفى سنة 603 هـ)، وفي مقدمته (أبو عبدالله) يروي عن ابن مجاهد (ت 324 هـ)، كيف يحدث هذا؟ ثلاثة قرون بين المؤلف وبين شيخه!!!!
أقول: إن هذا مسخ لتراثنا العربي الإسلامي، بل ربما يكون هذا العمل متعمداً، وإلا كيف يكون الحال مع كتاب لم يحقق ولم يطبع بعد؟ بل كيف يكون متن الكتاب؟ الله المستعان، فكتاب (إعراب القراءات السبع وعللها لابن خالويه) حققه الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العثيمين وطبع في مكتبة الخانجي بالقاهرة سنة 1413 هـ ــ 1992 م.
فدار الكتب العلمية معروفة بطبعاتها السيئة المشوهة لتراثنا، ومن ذلك طبعتها الثانية لكتاب (إعراب القرآن للنحاس) لسنة 1425 هـ ــ 2004 م، وضع حواشيه وعلق عليه (عبد المنعم خليل إبراهيم)، وجدت فيه أكثر من موضعين قد حذفت منه آيات وإعرابها كاملة، عرفت ذلك من خلال رجوعي إليه لإشارات في بعض الرسائل العلمية، فلم أجد تلك النصوص المقتبسة، ولما رجعت إلى طبعات غيرها وجدت هذه الآيات مع إعرابها، وربما عشرات الآيات قد حذفت، والله المستعان.(/)
تفسير القرآن بالقرآن (1)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[18 May 2003, 05:41 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذا بحث في تفسير القرآن بالقرآن وقد تناولته من خلال تسعة محاورٍ هي كالتالي:
1 - أهميته.
2 - تعريفه.
3 - طريقة الوصول إليه.
4 - حجيته.
5 - مصادره.
6 - ما يطلب من المفسر في تفسير القرآن بالقرآن.
7 - معتمد الربط بين الآيات.
8 - أقسام القرآن من جهة البيان.
9 - أوجه تفسير القرآن بالقرآن.
وهذا أوان الشروع بالمقصود والله الموفق.
المحور الأول: أهميته:
لقد تكفل الله سبحانه وتعالى ببيان القران وتفصيله وإيضاحه قال تعالى "وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون " وقال سبحانه " قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون "، ومن بيان القران ماجاء في القران نفسه إذ أن تفسير القرآن بالقرآن من أصح طرق التفسير كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وقال ابن القيم " وتفسير القرآن بالقرآن من أبلغ التفاسير " ولا عجب في ذلك لأن قائل الكلام هو أدرى بمعانيه وأهدافه ومقاصده من غيره وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم بعض الآيات بآيات أخرى إشارة منه صلى الله عليه وسلم إلى أهمية هذا العلم ونقل عن الصحابة والتابعين وأتباعهم من ذلك الشيء الكثير وفي ذلك دليل على أهمية هذا الطريق من طرق التفسير ولذا لا يجوز الانتقال من هذه المرحلة إلى غيرها إذا صح شيء من ذلك، فالناظر في القرآن يشاهد أن فيه الإيجاز والإطناب وفيه الإطلاق والتقييد والعام والخاص ولذا كان لزاماً على من أراد أن يخوض غمار التفسير أن يبدأ قبل كل شيء في جمع كل ما تكرر من ذكر الحادثة أو القصة ويقابل الآيات بعضها ببعض ليستعين بما جاء مسهباً على معرفة ما جاء موجزاً ويفهم ما جاء مبهماً بواسطة ما جاء مبيناً وهكذا وبهذا يكون قد فسر القرآن بالقرآن.
2 - تعريفه:
لم يعرف هذا المصطلح تعريفاً دقيقاً وكل من عرفه إنما يعرفه بذكر بعض أنواعه كشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله والذي أراه أن تفسير القرآن بالقرآن يمكن تعريفه بتعريف التفسير إذ إنه جزء منه يقيد فيه فقط وبما أ ننا نعرف التفسير بالبيان فتعريف تفسير القرآن بالقرآن.
هو: بيان القرآن بالقرآن.
ثم أنه ينبغي ألا نحصر البيان بالبيان اللفظي فقط فهذا نوع من أنواع البيان بل ينبغي أن نقول إن مقصدنا هو مطلق البيان فمتى استفدنا بيان آيه من آيه أخرى فهو داخل في هذا النوع من التفسير ويدل عليه صنيع من استخدم هذا الطريق كما سيأتي في مبحث معتمد الربط بين الآيات.
3 - طريقة الوصول إليه: له طريقان:
الأول:الوحي وله صورتان: 1 - ما جاء صريحاً وواضحاً في القرآن نفسه كمثل: " وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب ".
2 - ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب. الثاني: الرأي والاجتهاد فقول المفسر هذه الآية تفسرها هذه الآية هو من قبيل الاجتهاد ثم يخضع هذا الاجتهاد للنظر والمناقشة ولا يشكل على ما قلت نقل تفاسيرهم فهذا باب آخر وإنما أقصد أن معتمد ربط المفسر بين الآيتين إنما هو عن طريق الفهم وإعمال الذهن والله أعلم.
4 - حجية تفسير القرآن بالقرآن:
أقصد بهذا المبحث أنه هل يعني قولنا إنه أصح طرق التفسير أنه يقبل مطلقاً فربما يفهم أحد من هذه العبارة ذلك والواقع خلاف ذلك إذ لا نقول بحجيته مطلقاً ولا نرده مطلقاً بل له أحوال ترجع إلى من قام بالتفسير:
فإن كان المفسر هو النبي صلى الله عليه وسلم وصح ذلك عنه فهو حجة لأنه وحي قال تعالى "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم "
وإن كان المفسر هو الصحابي فيجري عليه ما يجري في حكم تفسير الصحابي وكذا التابعي لأن تفسير القرآن بالقرآن نوع من التفسير وجزء منه ولذا نجد ابن جرير رحمه الله يخالف مجاهداً عندما فسر قوله تعالى "ثم السبيل يسره " بقوله تعالى "إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً " إذ قال وأولى التأويلين بالصواب قول من قال ثم الطريق وهو الخروج من بطن أمه يسره ..... لأنه أشبهها بظاهر الآية (1).
5 - مصادر تفسير القرآن بالقرآن:
عند التأمل يظهر أن لتفسير القرآن بالقرآن أربعة مصادر:
الأول: التفسير النبوي: وهو أعلى مصادر تفسير القرآن بالقرآن ومن أمثلته:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - ما رواه البخاري في كتاب تفسير القرآن (5/ 193) ورواه مسلم (1/ 114) برقم (197) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: لما نزلت: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " [الأنعام:82] شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه: يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم " [لقمان:13]
قال الزركشي: فحمل النبي صلى الله عليه وسلم الظلم ههنا على الشرك لمقابلته بالأيمان واستأنس عليه بقول لقمان. (1)
2 - ما رواه البخاري في كتاب تفسير القران (5/ 146) من حديث أبي سعيد بن المعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقران العظيم الذي اوتيته ".
وفيه إشارة إلى آية الحجر المكية " ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقران العظيم ".
3 - ما رواه الإمام البخاري في مواضع أخرجها في كتاب التفسير (6/ 21) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"مفاتح الغيب خمس ثم قرأ: إن الله عنده علم الساعة ....
في هذا الحديث تفسير لآية الأنعام " وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو " بآية لقمان " إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي ارض تموت "
4 - ما رواه ابن جرير في تفسيره (30/ 69) من حديث النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم "وإذا النفوس زوجت " قال: الغرباء كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون عمله وذلك أن الله يقول " وكنتم أزواجاً ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون ".
وبهذا يكتسب تفسير القرآن بالقرآن التأصيل العلمي وأنه من أهم مصادر تفسير القرآن بالقرآن.
الثاني: ما ذكر عن الصحابة من ذلك وهم في المرتبة الثانية ومن أمثلته:
1 - ما رواه ابن جرير بإسناده (30/ 69) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه " وإذا النفوس زوجت " قال هم الرجلان يعملان العمل فيدخلان به الجنة وقال: "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم " قال: ضرباءهم
وفي رواية فسرها بآية " وكنتم أزواجاً ثلاثة .......
قال ابن جرير بعد ذكره للقولين في المسألة: وأولى التأويلين في ذلك بالصحة الذي تأوله عمر بن الخطاب رضي الله عنه للعلة التي أعتل بها ...... وذلك لاشك الأمثال والأشكال في الخير والشر وكذلك قوله " وإذا النفوس زوجت " بالقرناء والأمثال في الخير والشر.
2 - ما رواه ابن جرير بإسناده (30/ 130) عن الحسن بن علي رضي الله عنه أنه سئل عن قوله تعالى " وشاهد ومشهود " فقال: الشاهد محمد ثم قرأ "فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً "
والمشهود يوم القيامة ثم قرأ " ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ".
3 - ما رواه ابن جرير بإسناده عن ابن عباس (30/ 41) في تفسير قوله تعالى " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " قال: أما الأولى فحين قال: " ما علمت لكم من إله غيري " وأما الآخرة فحين قال:" أنا ربكم الأعلى "
وابن عباس رضي الله عنه هو أشهر من استعمل هذا الطريق من الصحابة ونقل عنه من ذلك كثير انظر على سبيل المثال في تفسير ابن جرير الجزء الأول الصفحات التالية 68 - 154 - 186 - 276 - 282 – 354 - 490 –524 - 526 –
وفي الجزء الثلاثين الصفحات التالية: 130 - 178 - 259 - 286 - 308
4 - ما رواه ابن جرير بإسناده عن سعد بن أبي وقاص (1/ 476) عن القاسم قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: " ما ننسخ من آية أو تنسها " قلت له: فإن سعيد بن المسيب يقرؤها " أو ننسها " فقال سعد: إن القرآن لم ينزل على المسيب ولا على آل المسيب، قال الله: " سنقرئك فلا تنسى " " واذكر ربك إذا نسيت "
5 - مارواه ابن جرير بإسناده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (1/ 186) في قوله تعالى: " أمتنا اثنتين واحييتنا اثنتين " قال: هي كالتي في البقرة: " كنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم "
ولعلي أدع ذكر الرابط بين الآيات في هذه الأمثلة ليعمل فيها القارئ ذهنه والله أعلم.
الثالث: التابعون وأتباعهم وهم في المرتبة الثالثة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد ورد عنهم من ذلك شئ كثير وأكتفي بذكر مثال واحد عن الإمام مجاهد رواه ابن جرير في تفسيره (30/ 100) في قوله " كلا بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون " قال الرجل يذنب الذنب فيحيط الذنب بقلبه، حتى تغشى الذنوب عليه قال مجاهد: مثل الآية التي في سورة البقرة " بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئة فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "
1 - وانظر عن مجاهد كذلك: تفسير ابن جرير 1/ 186 – 244 – 525 - 526 - 571
2 - قتادة انظر:30/ 3 – 34 – 111 – 597
3 - عكرمة انظر: 30/ 131 - 521 – 525
4 - الضحاك: 30/ 186
5 - الحسن البصري: 1/ 48 – 245 - وفي 30/ 31 - 248
6 - الربيع بن أنس: 1/ 115 – 177 – 241 – 526
7 - محمد بن إسحاق: 1/ 225
8 - السدي: 1/ 227 – 235 - 277 – 286 - 331
9 - ابو العالية: 1/ 241 – 244
10 - ابن جريج: 1/ 250 - 276
11 - قيس بن سعد: 1/ 520
12 - عطاء: 1/ 387
13 - محمد بن كعب القرظي: 30/ 350
14 - عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: 1/ 122 - 187 - 243 - 249 – 251 - 261 - 265 – 278 - 285 – 288 – 371 – 404 – 407 – 557 – 569 - وفي 30/ 5 - 21 – 23 – 34 – 39 – 47 – 55 – 60 – 116 - 149 – 166 – 174 – 201 – 279 – 283 – 309.
وهو أشهر من نقل عنه هذا النوع من المتقدمين.
15 - الكلبي: 30/ 68
16 - شمر بن عطية: 30/ 68
17 - سفيان الثوري انظر تفسيره في الصفحات التالية: 43 - 78 - 99 – 147 – 226 – 239 – 248
18 - سفيان ابن عيينة انظر تفسيره في الصفحات التالية: 253 - 293 - 307 – 314 – 320.
19 - ابو صالح: انظر تفسير ابن جرير: 1/ 525
الرابع: المدونون في التفسير الذين اعتمدوا هذا الطريق:
أكثر من كتب في التفسير اعتمد هذا الطريق فمن مقل ومستكثر لكن أشهر من اعتمده من المتقدمين ابن جرير الطبري رحمه الله.
وكذلك ابن كثير رحمه الله وهذا يتبين للناظر في تفسيره من أول وهلة حتى قل أن تجد صفحة ليس فيها عبارة: وهو كقوله تعالى
ولذا قال أحمد شاكر في مقدمة عمدة التفسير: حافظت كل المحافظة على الميزة الأولى لتفسير ابن كثير الميزة التي انفرد بها عن جميع التفاسير التي رأيناها وهي تفسير القرآن بالقرآن فلم أحذف شيئاً مما قاله المؤلف الإمام في ذلك.
وقد خصه بعضهم بالتأليف كالأمير الصنعاني واسم كتابه: مفاتيح الرضوان في تفسير القرآن بالقرآن.
والشنقيطي في كتابه: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن وقد وضع مقدمة نافعة في هذا الباب.
وعبد الكريم الخطيب في كتابه: التفسير القرآني للقرآن.
يتبع ان شاء الله بقية البحث.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[03 Jun 2003, 03:17 ص]ـ
ذكرت في المشاركة أمثلة لتفسير القرآن بالقرآن وقلت: ولعلي أدع ذكر الرابط بين الآيات في هذه الأمثلة ليعمل فيها القارئ ذهنه.
فهلا ذكرتم وجه الربط ويمكن الاستفادة ببيان ذلك في الحلقة الثانية من هذا البحث على هذا الرابط: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=266
بارك الله في الجميع
ـ[حمد]ــــــــ[19 Jul 2009, 07:29 ص]ـ
جزاك الله خيراً
فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة
للفائدة:
والميمنة: مفعلة من اليمن، وهو الخير والبركة أو من اليمن. وقد يكون معناها جهة اليمين التي تقابل الميسرة وهي الجهة التي فيها السعداء. وقد يكون معناها أصحاب اليمين أي: الذين يؤتون صحائفهم بأيمانهم. وقد يكون معناها: أصحاب اليمن والخير على أنفسهم وعلى غيرهم [78].
والذين كفروا هم أصحاب المشأمة، والمشأمة مفعلة من الشأم، وهي جهة الشمال، أو من الشؤم، وهو ضد اليمن [79].
ومعنى أصحاب المشأمة أصحاب جهة الشمال التي فيها الأشقياء أو الذين يؤتون صحائفهم بشمائلهم أو أصحاب الشؤم على أنفسهم وعلى غيرهم.
وقد تقول: ولم لم يقل أصحاب اليمين، وأصحاب الشمال كما قال في مواطن أخرى من القرآن الكريم؟
والجواب أن اختيار هذين اللفظين له عدة فوائد:
منها: أن الميمنة والمشأمة جمعت عدة معان، وهي كلها مرادة مطلوبة في آن واحد، ولو قال: أصحاب اليمين أو أصحاب الشمال لأعطى معنى واحداً.
فأصحاب الميمنة هم أصحاب جهة اليمين التي فيها السعداء، وهم الذين يؤتون صحائفهم بأيمانهم، فيذهبون إلى الجنة، وهم أصحاب اليمن والخير والبركة على أنفسهم وعلى غيرهم في الدنيا والآخرة.
http://209.85.135.132/search?q=cache:KvH9iNwCYZwJ:www.55a.net/firas/arabic/%3Fpage%3Dshow_det%26id%3D583%26select_page%3D9+%D 8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%85%D9%86%D8%A9+%D8%A7%D9 %84%D9%8A%D9%85%D9%86&cd=26&hl=ar&ct=clnk&gl=sa(/)
الارجوزة المتضمنةمعرفة المكي و المدني
ـ[أبو الجود]ــــــــ[19 May 2003, 03:00 م]ـ
الأخوة الكرام
ذكر الشيخ / عبد الرزاق حسين أحمد في كتابه الرائع " المكي و المدني في القرآن " طبع دار ابن عفان في صفحة 78 عن وجود أرجوزة " الأرجوزة المتضمنة معرفة المكي و المدني في سور القرآن " نظم بدر الدين محمد بن أيوب التاذفي الحنفي المتوفي سنة 705هـ
و ذكر أنها توجد في الظاهرية برقم 7659، و في دار الكتب المصرية برقم 12101 ثم قال وفقه الله
و قد أودع هذه المنظومة الإمام الذهبي في آخر ذلك الكتاب النفيس " أي كتاب معرفة القراء الكبار
و قد ذكرت في طيعة القاهرة في صفحة 2/ 628 - 632 و لم ترد في طبعة بشار و عدد أبياتها 39 بيتا.
قلت أرجو من الأخوة ممن يملك الطبعة المصرية من كتاب معرفة القراء الكبار أن يتحفنا بهذه المنظومة الفريدة و الله يجزي كل من يقدم العلم النافع في هذا المنتدى خيرا.
ـ[باسل أبو سعيد]ــــــــ[25 Jul 2007, 05:59 م]ـ
[ size=3] إلى الأخ الكريم الذي سأل عن أرجوزة التاذفي ها أنا أرفقها لك على ملف وورد، وقد نقلتها كما هي في المخطوط وأعانني أحد الإخوة ممن يتقن الوزن على ضبطها وتشكيلها، وقد كتبت هنا الأبيات الخمسة الأولى منها، وهي 41 بيتا، وهي كما ذكر جاءت بعد كتاب معرفة كبار القراء للذهبي، ومن أراد صورة عن المخطوط فليراسلني على العنوان: meccaquds@maktoob.com وأسأل الله تعالى أن ينفع الجميع بها.
بسم الله الرحمن الرحيم
1 – قال الفقير الخاضعُ الضَّعيفُ محمدٌ يرحمُهُ اللّطيفُ
2 – الحمد لله الذي أَنْشا الفِطَرْ وأنزل الذِّكر على خير البشرْ
3 – صلّى عليه اللهُ من مختارِ وآلِهِ وصَحْبِهِ الأبرارِ
4 – وبعْدَ هذا فاستمعْ ما أُنْزِلا بمكةٍ وطيبةٍ لِتَفْضُلا
5 – أمُّ القرانِ بالمدينهْ نَزَلَتْ وقيلَ في مكّةََ فاسمعْ ما ثبتْ(/)
المسائل المشتركة بين علوم القرآن وبين أصول الفقه تخصص من؟
ـ[السلطان]ــــــــ[20 May 2003, 12:31 ص]ـ
الإخوة الأفاضل وطلبة العلم في هذا المنتدى الرائع:
نجد أن بين أصول الفقه وبين علوم القرآن اشتركاً كبيراً فنجد مثلاً من العلوم:
العام والخاص، المطلق والمقيد، الناسخ والمنسوخ ..
وغيرها ..
وقد بحث هذه الفنون كل من علماء علوم القرآن وعلماء أصول الفقه.
فهل هذه العلوم من علوم القرآن أم من علوم أصول الفقه.
ونتيجة هذا السؤال أن تسجيل هذه المواضيع وبحثها لمن يكون لطلبة الأصول أم لطلبة القرآن وعلومه.
إضافة إلى غير ذلك من النتائج الإخرى التي لا تخفى.
وفقكم الله.
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[20 May 2003, 01:12 م]ـ
.......
لعلي ابحث لك عن جواب فيما بعد .....
ـ[خالد]ــــــــ[22 May 2003, 12:28 ص]ـ
الإخوة الأفاضل
يوجد كتاب في هذا الموضوع المسائل المشتركة بين علوم القران وعلم أصول الفقه
وقد رايت صورة منه في مكتبة المسجد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام
وقد حاولات تصويره ولم أستطع فلعل أحد الاخوة من أهل المدينة يلخص لنا افكار الكتاب او يكتب لنا الفهرس ع
والكتاب موجود في قسم أصول الفقه بالمكتبة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 May 2009, 06:04 ص]ـ
هذا سؤال قديم.
وهذا الموضوع سجله أخونا الشيخ فهد بن مبارك الوهبي في رسالته للدكتوراه، وهو يعمل على إنجاز هذا البحث قريباً بإذن الله.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[07 May 2009, 03:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حتى لايضيع سؤال أخينا السلطان على أهميته، شيخنا الفاضل عبد الرحمن هل بإمكانكم إعطاءنا ولو ومضات على هذا الموضوع. أو تلتمسوا لنا طلب التوضيح والتوجيه من طرف شيخنا فهد لما عودنا من بحوث نافعة ماتعة في التخصص في انتظار إنجاز هذا البحث المبارك.
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 May 2009, 05:01 م]ـ
علم أصول الفقه:
علم يبحث في الأدلة الكلية للفقه وكيفية استنباط الأحكام من هذه الأدلة.
المؤلفات في هذا العلم غالباً ما تبدأ بـ:
أولاً: تعريف " أصول الفقه".
ثانياً: شرح التعريف:
ثالثاً: أقسام الحكم الشرعي:
تكليفي وأقسامه: إيجاب، وندب، وتحريم، وكراهة، وإباحة.
وضعي: وهي أمارات وعلامات يظهر بها الحكم أو يظهر عنده مثل: الشرط والسبب والمانع والعلة والصحة والفساد.
رابعاً: الكلام على أدلة الفقه الكلية: الكتاب، السنة، الإجماع، القياس ..... إلخ على خلاف في ما هو مجمع عليه وما هو مختلف فيه. وتحت كل أصل من هذه الأصول مباحث كثيرة.
خامساً: الكلام على أقسام اللفظ ودلالته مثل: العام والخاص، والمجمل والمفسر أو المبين، والمطلق والمقيد، والأمر والنهي ......... ثم الكلام على الدلالة وأنواعها مثل: المنطوق والمفهوم والمطابقة والتضمن واللزوم والاقتضاء والفحوى والإشارة والإيماء والتنبيه .... إلخ
إن علم أصول الفقه يبحث أولاً في تقرير القواعد الأصولية ثم في كيفية استخدامها.
بينما علوم القرآن تتحدث عن الجانب التطبيقي العملي فقط كقول السيوطي في الإتقان:
"فصل العام على ثلاثة أقسام. الأول: الباقي على عمومه. قال القاضي جلال الدين البلقيني ومثاله عزيز، إذ ما من عام إلا ويتخيل فيه التخصيص، فقوله (يا أيها الناس اتقوا ربكم قد يخص منه غير المكلف وحرمت عليكم الميتة خص منه حالة الاضطرار ومنه السمك والجراد وحرم الربا خص منه العرايا. وذكر الزركشي في البرهان أنه كثير في القرآن وأورد منه والله بكل شيء عليم إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولا يظلم ربك أحداً الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحيكم الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة الله الذي جعل لكم الأرض قراراً قل: هذه الآيات كلها في غير الأحكام الفرعية، فالظاهر أن مراد البلقيني أنه عزيز في الأحكام الفرعية وقد استخرجت من القرآن بعد الفكر آية فيها وهي قوله (حرمت عليكم أمهاتكم) الآية، فإنه لا خصوص فيها."
وقد يتطرق بعضهم إلى ما وقع بين الأصوليين من خلاف في تقرير قاعدة ما ..
هذه نبذة مختصرة جداً أرجو أن ينفع الله بها.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[10 May 2009, 03:23 م]ـ
ولنأخذ السيوطي في الإتقان والرازي في المحصول على سبيل المثال:
السيوطي:
نجد أولاً أنه عرف العام فقال:
(يُتْبَعُ)
(/)
العام لفظ يستغرق الصالح له من غير حصر.
ثم ذكر صيغه وضرب مثالا لكل صيغة فقال:
وصيغة كل مبتدأه نحو: كل من عليها فان.
أو تابعة نحو: فسجد الملائكة كلهم أجمعون.
والذي والتي وتثنيتهما وجمعهما نحو:" والذي قال لوالديه أف لكما" فإن المراد به كل من صدر منه هذا القول بدليل قوله بعد: "أولئك الذين حق عليهم القول" " والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة" " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" " للذين اتقوا عند ربهم جنات" " واللائي يئسن من المحيض" الآية "واللاتي يأتين الفاحشة من نساؤكم فاستشهدوا" الآية " واللذان يأتيانها منكم فادوهما ".
وأي ومن شرطاً واستفهاماً وموصولاً نحو:
" أياماً تدعوا فله الأسماء الحسنى" " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم" " من يعمل سوءاً يجزى به"
والجمع المضاف نحو:
" يوصيكم الله في أولادكم "
والمعرف بأل نحو:
"قد أفلح المؤمنون" " واقتلوا المشركين"
واسم الجنس المضاف نحو:
"فليحذر الذين يخالفون عن أمره" أي كل أمر الله.
والمعرف بأل نحو:
" وأحل الله البيع" أي كل بيع "إن الإنسان لفي خسر" أي كل إنسان بدليل إلا الذين آمنوا.
أو النكرة في سياق النفي والنهي نحو:
"فلا تقل لهما أف" " وإن من شيء إلا عندنا خزائنه" " ذلك الكتاب لا ريب فيه" " فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج "
وفي سياق الشرط نحو: "وإن أحد المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله"
وفي سياق الامتنان نحو: "وأنزلنا من السماء ماء طهوراً".
ثم بعد ذلك ذكر السيوطي أقسام العام وذكر أمثلة لكل قسم مع الإشارة إلى بعض الخلافات.
بينما الرازي الأصولي حين تناول مبحث العام يبدأ بالتعريف كما بدأ السيوطي في علوم القرآن، ولكنه أخذ بعد ذلك في شرح التعريف وذكر محترازته، فقال:
الكلام في العموم والخصوص وهو مرتب على أقسام القسم الأول في العموم وهو مرتب على شطرين:
الشطر الأول في ألفاظ العموم وفيه مسائل:
المسألة الأولى في العام:
هو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بحسب وضع واحد.
كقولنا الرجال فإنه مستغرق لجميع ما يصلح له، ولا يدخل عليه النكرات كقولهم: رجل لأنه يصلح لكل واحد من رجال الدنيا ولا يستغرقهم. ولا التثنية و لا الجمع لأن لفظ رجلان ورجال يصلحان لكل اثنين وثلاثة ولا يفيدان الاستغراق.
ولا ألفاظ العدد كقولنا خمسة لأنه صالح لكل خمسة ولا يستغرقه.
وقولنا بحسب وضع واحد احتراز عن اللفظ المشترك أو الذي له حقيقة ومجاز فإن عمومه لا يقتضي أن يتناول مفهوميه معا.
تعريف آخر للعام:
وقيل في حده أيضا: إنه اللفظة الدالة على شيئين فصاعدا من غير حصر.
واحترزنا باللفظة عن المعاني العامة وعن الألفاظ المركبة.
وبقولنا الدالة عن الجمع المنكر فإنه يتناول جميع الأعداد لكن على وجه الصلاحية لا على وجه الدلالة
وبقولنا على شيئين عن النكرة في الإثبات.
وبقولنا من غير حصر عن أسماء الأعداد والله أعلم.
المسألة الثانية:
المفيد للعموم إما أن يفيد لغة أو عرفا أو عقلا.
أما الذي يفيده لغة فإما أن يفيده على الجمع أو على البدل.
والذي يفيده على الجمع فإما أن يفيده كونه اسما موضوعا للعموم أو لأنه اقترن به ما أوجب عمومه.
وأما الموضوع للعموم فعلى ثلاثة أقسام:
الأول:ما يتناول العالمين وغيرهم وهو:
لفظ أي في الاستفهام والمجازاة، تقول: أي رجل، وأي ثوب، وأي جسم، في الاستفهام والمجازاة. وكذا لفظ كل وجميع.
الثاني: ما يتناول العالمين فقط وهو: من في المجازاة والاستفهام
الثالث: ما يتناول غير العالمين وهو قسمان:
أحدهما: ما يتناول كل ما ليس من العالمين وهو صيغة ما.وقيل إنه يتناول العالمين أيضا كقوله تعالى:" ولا أنتم عابدون ما أعبد".
وثانيهما: ما يتناول بعض ما ليس من العالمين وهو صيغة: متى فإنها مختصة بالزمان. وأنى وحيث فإنهما مختصان بالمكان.
وأما الاسم الذي يفيد العموم لأجل أنه دخل عليه ما جعله كذلك فهو إما في الثبوت أو في العدم.
أما الثبوت فضربان: لام الجنس الداخلة على الجمع كقولك الرجال، والإضافة كقولك ضربت عبيدي.
وأما العدم فكالنكرة في النفي.
وأما الاسم الذي يفيد العموم على البدل: فأسماء النكرات على اختلاف مراتبها في العموم والخصوص.
وأما القسم الثاني وهو الذي يفيد العموم عرفا كقوله تعالى: " حرمت عليكم أمهاتكم" فإنه يفيد في العرف تحريم جميع وجوه الاستمتاع.
وأما القسم الثالث وهو الذي يفيد العموم عقلا فأمور ثلاثة:
أحدها: أن يكون اللفظ مفيدا للحكم ولعلته فيقتضي ثبوت الحكم أينما وجدت العلة.
والثاني: أن يكون المفيد للعموم ما يرجع إلى سؤال السائل كما إذا سئل النبي عليه الصلاة والسلام عمن أفطر. فيقول: عليه الكفارة. فنعلم أنه يعم كل مفطر.
والثالث: دليل الخطاب عند من يقول به كقوله عليه الصلاة والسلام في سائمة الغنم زكاة فإنه يدل على أنه لا زكاة في كل ما ليس بسائمة والله أعلم.
ثم إن الرازي أخذ بعد ذلك في الكلام على الخلاف فيما ذكر من صيغ العموم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Nov 2009, 08:30 م]ـ
الشيخ فهد الوهبي وفقه الله سوف يناقش يوم الإثنين القادم 28/ 11/1430هـ رسالته للدكتوراه في هذا الموضوع، ولعله يفيدنا بشكل مفصل حول هذه المسألة.
ومن باب الفائدة، هذه عبارة لها صلة بالموضوع أحببت طرحها هنا.
يقول الشيخ طاهر الجزائري رحمه الله:
(قلما يخلو كتاب ألف في فن من الفنون من ذكر مسائل ليست منه على سبيل الاستطراد، وقد اختلفت أحوال المؤلفين فيه، فمنهم من كان يؤثر الإقلال منه، ومنهم من كان يرى الإكثار منه، ومن المقلين منه المؤلفون في أصول الأثر، لما أنَّ لهم فيه عما سواه شغلا شاغلا.
وأما ترك بعض مباحث من الفن اعتماداً على أنها قد ذكرت في فن آخر فهو قليل، وقد وقع ذلك لهم ... )
توجيه النظر 2/ 880
ـ[العيدان]ــــــــ[13 Nov 2009, 06:17 م]ـ
وقدسجلت أختنا الباحثة: أسماء بنت حمود الخضيري بهذا العنوان رسالة الماجستير في قسم أصول الفقه في كلية الشريعة بالرياض بإشراف: أ. د. أحمد الضويحي(/)
ما هي الطريقة الصحيحة للتدرج في قراءة كتب التفسير؟
ـ[هلال بن بلال]ــــــــ[20 May 2003, 03:11 م]ـ
بسم الله والحمد لله
ما هي الطريقة الصحيحة في قراءة كتب التفسير بالتدرج؟
هل أبدأ مثلاً بمفردات الراغب ثم بعده بتفسير السعدي ثم بابن كثير أم ماذا؟
أفتونا مأجورين.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 May 2003, 09:58 م]ـ
أخي الكريم هلال وفقه الله
تجد الجواب في هذه المشاركة. ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=26)
وإن بقي لك سؤال بعد ذلك فلا بأس. وفقك الله.(/)
تصنيف العلوم المتعلقة بعلوم القرآن
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[20 May 2003, 06:29 م]ـ
تصنيف المتلقة المتعلقة بعلوم القرآن
إن موضوع تصنيف العلوم وترتيبها في كتابةِ علوم القرآن من البحوث المهمة، وهو يحتاج إلى نظر بعد نظرٍ، وتقويمٍ إثر تقويم، وهو مجال واسع لإبداء الملاحظة، ولتنوُّع الرأي.
ولقد سبق أن فتحت باب هذا الموضوع في كتاب (أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن) ثمَّ بدا لي ـ بعد النظر والتقليب في هذا الأمر ـ ما أنا عارضه عليك في هذه الأسطر القادمة، مع يقيني أنه ما زال يمثل رأيًا من الآراء التي قد تتغير مع زيادة البحث أو الملاحظات التي ترد عليه.
وقبل الدخول في تصنيف علوم القرآن وترتيبها أذكر مسألتين متعلقتين بهذا الموضوع، وهما:
الأولى: متى يُعدُّ علم ما أنه من علوم القرآن؟
الثانية: ما الفرق بين علوم القرآن والموضوعات التي تطرَّق إليها القرآن؟
وبعد تحرير هاتين المسألتين سأنطلق إلى الحديث عن ترتيب علوم القرآن.
أولاً: متى يُصنف علم ما في علوم القرآن؟
مما يلاحظ أنَّه لا يوجد ميزان دقيق يُعرف به ما هو من علوم القرآن مما ليس من علومه، لذا أدخل بعض الناس علوم الفلسفة في علوم القرآن، كما أدخل آخرون علوم الطب والكون وغيرها في علوم القرآن.
إن بعض علوم القرآن واضحة الدخول فيه، لكن في بعض ما يُنسبُ إليه من العلوم نظرٌ، والأمر يحتاج إلى ضوابط لمعرفة ما يدخل في علوم القرآن مما لا يدخل.
وقد أشار الشاطبي (ت: 790) إلى بعض الضوابط، فقال:» ... فإذًا تفسير قوله:?أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها? الآية] ق: 6 [بعلم الهيئة الذي ليس تحته عمل = غير سائغ.
ولأن ذلك من قبيل مالا تعرفه العرب، والقرآن إنما نزل بلسانها وعلى معهودها، وهذا المعنى مشروح في كتاب المقاصد بحول الله.
وكذلك القول في كل علم يعزى إلى الشريعة لا يؤدى فائدة عمل ولا هو مما تعرفه العرب فقد تكلف أهل العلوم الطبيعية وغيرها الاحتجاج على صحة الأخذ في علومهم بآيات من القرآن وأحاديث عن النبي ?، كما استدل أهل العدد بقوله تعالى: ?فاسأل العادين?] المؤمنون 113 [.
وأهل الهندسة بقوله تعالى: ?أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها? الآية] الرعد 17 [.
وأهل التعديل النجومي بقوله: ?الشمس والقمر بحسبان?] الرحمن: 5 [.
وأهل المنطق في أن نقيض الكلية السالبة جزئية جزئية موجبة بقوله: ?إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ?] الأنعام: 91 [ ... «(الموافقات، للشاطبي، تحقيق: مشهور حسن آل سلمان (1: 59 ـ 60)).
وقال:» العلوم المضافة إلى القرآن تنقسم على أقسام:
قسم هو كالأداة لفهمه واستخراج ما فيه من الفوائد، والمعين على معرفة مراد الله تعالى منه؛ كعلوم اللغة العربية التي لا بد منها، وعلم والقراءات، والناسخ والمنسوخ، وقواعد أصول الفقه، وما أشبه ذلك، فهذا لا نظر فيه هنا.
ولكن قد يدعى فيما ليس بوسيلة أنه وسيلة إلى فهم القرآن، وأنه مطلوب كطلب ما هو وسيلة بالحقيقة، فإن علم العربية، أو علم الناسخ والمنسوخ، وعلم الأسباب، وعلم المكي والمدني، وعلم القراءات، وعلم أصول الفقه = معلوم عند جميع العلماء أنها معينة على فهم القرآن.
وأما غير ذلك، فقد يعدُّه بعض الناس وسيلة أيضا ولا يكون كذلك، كما تقدم في حكاية الرازي في جعل علم الهيئة وسيلة إلى فهم قوله تعالى: ?أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج?] ق: 6 [.
وزعم ابن رشد الحكيم في كتابه الذي سماه بـ» فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال «أن علوم الفلسفة مطلوبة؛ إذ لا يفهم المقصود من الشريعة على الحقيقة إلا بها.
ولو قال قائل: إن الأمر بالضِّدِّ مما قال لما بَعُدَ في المعارضة.
وشاهد ما بين الخصمين شأن السلف الصالح في تلك العلوم؛ هل كانوا آخذين فيها أم كانوا تاركين لها أو غافلين عنها؟ مع القطع بتحققهم بفهم القرآن يشهد لهم بذلك النبي ? والجَمُّ الغفير، فلينظر امرؤ اين يضع قدمَه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وثَمَّ أنواع أُخَرُ يعرفها من زوال هذه الأمور، ولا ينبئك مثل خبير، فأبو حامد ممن قتل هذه الأمور خبرة، وصرَّح فيها بالبيان الشافي في مواضع من كتبه «. (الموافقات، للشاطبي، تحقيق: مشهور بن حسن آل سلمان (4: 198 ـ 199)، وينظر: (1: 59)، (2: 109 ـ 131)).
ويمكن تلخيص هذه الضوابط التي ذكرها الشاطبي (ت: 790) فيما يأتي:
الأول: أن يكون العلم مما يعرفه العرب.
وقد أخرج بهذا الضابط العلوم التي لم تنشأ عند العرب ولا عرفتها؛ كعلم الفلسفة. ويلحق به علم المنطق وغيرهما من العلوم التي لم يكن للعرب بصرٌ بها، فإن مثل هذه العلوم لا يمكن أن تكون من علوم القرآن على الإطلاق. وهي تخرج ـ كذلك ـ بالضابطين الآتيين أيضًا.
الثاني: أن يكون للسلف فيها اعتناء.
وهذا يظهر في جملة من علوم القرآن، كعلم أسباب النُّزول، وعلم المكي والمدني، وعلم الناسخ والمنسوخ.
ولو زيد في هذا الضابط قيد يكون بمثابة الدرجة الثانية، وهو أن يكون لها أصل في كلام السلف، فالعلم إن لم يكن مما اعتنى به السلف، فلا أقلَّ من أن يكون له ذكرٌ في علومهم؛ كعلم مبهمات القرآن.
الثالث: أن يكون وسيلة لفهم القرآن.
وقد عدَّ منها علم العربية أو علم الناسخ والمنسوخ وعلم الأسباب وعلم المكي والمدني وعلم القراءات وعلم أصول الفقه، وغالب هذه العلوم من وسائل فهم القرآن؛ أي: تفسيره.
ويمكن أن يضاف إلى ذلك معرفة ما يتعلق به من أحوال؛ لأنَّ بعض علومه قد تكون مقدمات نظرية له، كعلم الوحي، وقد تكون معلومات نظرية منبثقة منه؛ كعدِّ الآي مثلاً.
وهذه العلوم لا أثر لها على فهمه إذا كان بمعنى التفسير؛ لأن جهلها لا يؤثر على التفسير، لكنها من علوم القرآن التي لا تنفكُّ عنه ولا توجد في غيره.
وهذا يعني أن يضاف قيد رابع، وهو:
رابعًا: أن يكون منبثقًا منه، لا ينتسب إلى غيره.
وهذا يدخل فيه جملة من العلوم المتعلقة به من جهته هو ولا تتعلق بغيره من العلوم؛ كرسم المصحف، ونقطه وضبطه، وأسماء سوره، وتجزئاته، وغير ذلك من العلوم التي لا توجد في غيره.
ثانيًا: ما الفرق بين علوم القرآن وموضوعاته؟
للعلم إطلاق واسع بحيث يشمل كل معلوم، لكن المراد هنا العلوم التي صار لها مسمَّى خاصًّا؛ كما يقال: علم النحو، وعلم اللغة ...
ويطلق العلم في الاصطلاح على المسائل المضبوطة ضبطًا خاصًّا، وهو يشمل جملة من الأصول والمسائل التي تجتمع في موضوع كليٍّ واحد.
أما الموضوعات، فإنها جملة المسائل التي تُطرَح في هذا العلم، كموضوع المبتدأ والخبر في علم النحو.
وقد يتكوَّن من موضوع منها علمًا، إذا اتسعت مسائله وصار له مبادئ وأصول تجمع هذه المسائل.
ويرجع ذلك إلى أمرين:
الأول: تنوع المسائل المطروحة في الموضوع.
الثاني: اصطلاح المصطلحين على تسمية هذه المسائل المعينة بالعلم الفلاني.
ولعله من الواضح أنه لا يلزم أن يكون كل موضوع تحدث فيه القرآن داخلاً في علوم القرآن، فورود بعض الآيات في بعض العلوم لا يعني أنَّ هذه العلوم من علوم القرآن، ومن أمثلة ذلك:
ورود عدد من الآيات في النجوم؛ لا يجعل علم النجوم من علوم القرآن.
وورود عدد من الآيات في البحار؛ لا يجعل علم البحار من علوم القرآن.
فهذه الآيات الورادة في هذين المثالين وغيرهما من أمثلة الموضوعات التي تطرق إليها القرآن؛ لم يتطرق إليها القرآن على أنها علوم تجريبية بحته، التي سبيلها الفرض والتخمين، ثم الوصول إلى الحقيقة بعد ذلك. كلا، لقد تحدث عنها القرآن على أنها من أدلة التوحيد أو غيره، وجاءت لإثبات قضايا عقدية، ولا يمكن أن تخالف هذه الحقيقةُ الكلاميةُ (أي: آيات القرآن) الحقيقةَ الكونيةَ؛ لأن الخالق للكون هو المخبرُ عنه بأنه كذا وكذا؛ فلاتحاد المصدر الذي ينبعان منه، لم يكن بين هذه الحقائق المقروءة والحقائق المشاهدة تفاوت ولا تناقض.
لقد طرق القرآن موضوعات كثيرة، واستُنبط منه عدَدًا من العلوم التي نُسِبت إليه، فمتى يمكن أن يُعدَّ الموضوع الذي تطرق إليه علمًا لا موضوعًا قرءانيًا؟
لأضرب لك مثلاً وضح المراد بهذا التساؤل:
(يُتْبَعُ)
(/)
يكثر الحديث في القرآن عن إهلاك الأمم المخالفة لشريعة، وقد يستنبط الباحث موضوعًا في ذلك، ويعنونه بـ» هلاك الأمم في القرآن أسبابه ونتائجه «، فهل يمكن أن يقال: علم هلاك الأمم، على أنه من علوم القرآن.
لا شكَّ أنك ستقف أمام هذا وترفضُه، وستكون غير مقتنعٍ بدخول مثل هذا الموضوع في علوم القرآن العامَّة، وإنك لو سِرْتَ على هذا المنهج لَغَدَت علوم القرآن كثيرةً كثرةً لا يمكن ضبطها ولا عدُّها، فأي بحث في موضوعات القرآن التي طرقها، فهي على هذا الأسلوب من علومه.
لكن لو قيل لك: علم قصص القرآن، فإنك ستجد لذلك قبولاً في نفسك أكثر من الموضوع الأول، فما الضابط في الأمر في مثل هذا؟
يظهر أنَّ الأمر نسبيٌّ، فمثلُ قصصِ القرآن، وأمثال القرآن، وأقسام القرآن، وجدل القرآن يمكن أن تكون موضوعاتٍ قرآنية، ويمكن أن تكون علومًا مستقلة ضمن علوم القرآن.
ومن خلال تتبع بعض علوم القرآن التي جمعها الزركشي (ت: 794) في كتاب (البرهان في علوم القرآن)، والسيوطي (ت: 911) في كتاب (الإتقان في علوم القرآن)، وما أحدثه الباحثون المعاصرون من علوم مستقلة طرحوها في كتبهم = لم أجد ضابطًا واضحًا في إدخال علم من العلوم الجزئية في علوم القرآن.
ولو أَخَذْتَ ـ على سبيل المثال ـ علوم القرآن المطروحة في كتابي الزركشي (ت: 794) والسيوطي (ت: 911)، وفهرستها؛ لظهر تباين الكتابين في نوع العلوم التي كتبوا فيها.
وهذا التباين إنما كان بسبب الاجتهاد في تصنيف هذه العلوم وعدِّها من علوم القرآن، مع ملاحظة أن الحرص على تكثير هذه العلوم ـ مع أن بعضها قد يدخل في بعض ـ كان سببًا آخر من أسباب هذا التباين.
ويلاحظ أنَّ المراد بالعلم الموصوف به جملة علوم القرآن ليس العلم المذكور بحدوده عند المناطقة، لذا لا يقال فيه هل هو من قبيل التصديقات أو من قبيل التصورات؟
وتعريف العلم عند المناطقة لا يتمشى مع علوم الشريعة البتة، ومن أخذ بحدودهم في ذلك فإنه قد يخرج بعض العلوم الإسلامية عن مسمى العلم، كما فعل الطاهر بن عاشور (ت: 1393)، قال:» هذا، وفي عَدِّ التفسير علمًا تسامح؛ إذ العلم إذا أُطلِق، إما أن يراد به نفس الإدراك ... وإما أن يراد به الملكة المسماة بالعقل، وغما أن يراد به التصديق الجازم، وهو مقابل الجهل ... «(التحرير والتنوير (1: 12)).
ويمكن أن يوجَّه النظر إلى اعتبار علم من العلوم التي هي خارجة عما ذكرت سابقًا إلى كون هذا العلم المذكور من مقاصد القرآن، وأنه مقصود لذاته، فإذا ظهر أنه مقصد من مقاصد القرآن ومقصود لذاته جاز أن يُفردَ عِلْمًا مستقلاً؛ كعلم قصص القرآن الذي ينتشر انتشارًا واضحًا في سورٍ كثيرة من سورِ القرآن، وهو أسلوب من الأساليب التي يُتوصَّل بها إلى غايات وعظية وتقريرات عقدية، وهدايات تربوية.
وإذا وازنت بين طرح القرآن للقصص وبين طرحه لجملة من مسائل العلم التجريبي المنتشرة في القرآن من عالم البحار والفلك والحيوان والنبات، وغيرها = فإنه سيظهر لك جليًّا مَيْزُ الموضوعات وافتراقها في الغايات.
تصنيف علوم القرآن وترتيبها:
كما لم يكن هناك ضابط في إدخال علم من العلوم في علوم القرآن، فإنه لم يوجد كذلك تصنيف لهذه العلوم ولا ترتيب منطقيٌّ لها، بحيث يجمع أشباهها ونظائرها، ويرتب أولها على آخرها.
ومن الاجتهادات في ترتيب علوم القرآن وتصنيفها ما قام به البُلْقِيني (ت: 824) في كتابه مواقع العلوم من مواقع النجوم، قال:» ... وأنواع القرآن شاملة، وعلومه كاملة، فأردت أن أذكر في هذا التصنيف ما وصل إلى علمي مما حواه القرآن الشريف من أنواع علمه المنيف، وينحصر في أمور:
الأمر الأول: مواطن النُّزول وأوقاته ووقائعه، وفي ذلك اثنا عشر نوعًا:
المكي، المدني، السفري، الحضري، الليلي، النهاري، الصيفي، الشتائي، الفراشي، النومي، أسباب النُّزول، أول ما نزل، آخر ما نزل.
الأمر الثاني: السند، وهو ستة أنواع:
المتواتر، الآحاد، الشاذ، قراءات النبي، الرواة، الحفاظ.
الأمر الثالث: الأداء، وهو ستة أنواع:
الوقف، الابتداء، الإمالة، المد، تخفيف الهمزة، الإدغام.
الأمر الرابع: الألفاظ، وهو سبعة أنواع:
(يُتْبَعُ)
(/)
الغريب، المعرب، المجاز، المشترك، المترادف، الاستعارة، التشبيه.
الأمر الخامس: المعاني المتعلقة بالأحكام، وهو أربعة عشر نوعًا:
العام الباقي على عمومه، العام المخصوص، العام الذي أريد به الخصوص، ما خص فيه الكتاب السنة، ما خصصت فيه السنة الكتاب، المجمل، المبين، المؤول، المفهوم، المطلق، المقيد، الناسخ، والمنسوخ، نوع من الناسخ والمنسوخ وهو ما عمل به من الأحكام مدة معينة والعامل به واحد من المكلفين.
الأمر السادس: المعاني المتعلقة بالألفاظ، وهو خمسة أنواع:
الفصل، الوصل الإيجاز، الإطناب، القصر.
وبذلك تَكَمَّلت الأنواع الخمسين.
ومن الأنواع ما لا يدخل تحت الحصر الأسماء الكنى الألقاب المبهمات «(الإتقان (1: 5 ـ 6)).
وهذا الترتيب من أجمع ما وقع في تصنيف علوم القرآن وترتيب نظائرها تحت علم عامٍّ يجمعها، وإن لم يسمِّ هذه العلوم بمسمًّى واضح، كما هو ظاهر من الأمور الستة التي جعلها أصلا يرجع إليها خمسون علمًا من علوم القرآن.
وعلوم القرآن بحاجة إلى أمرين:
الأول: تصنيف المتناظرات في العلم تحت مسمى علم واحد، فيجمع ما بتعلق بنُزول القرآن تحت (علم نزول القرآن)، وما يتعلق بأداء القرآن يجمع تحت (علم أداء القرآن)، وما يتعلق بأحكام القرآن يجمع تحت (علم أحكام القرآن).
الثاني: ترتيب العلوم في الصنف الواحد، ثم ترتيب هذه الأصناف في علوم القرآن بحيث لا تؤخذ معلومة تحتاج إلى علم لم يؤخذ قبلها، بل تتناسق المعلومات الواحد تلو الآخر، فيردُّ إلى ما سبق دون الحاجة إلى شرحٍ مستطرد لمعلومة ستأتي فيما بعد.
ومن أمثلة ذلك أن يُدرس موضوع (الأحرف السبعة) قبل موضوع (القراءات القرآنية)، كما أنه يُدرس أيضًا قبل موضوع (جمع القرآن)؛ لأنه إذا درس هذين الموضوعين قبل موضوع (الأحرف السبعة)، فإن سيُضطر إلى الاستطراد في معرفتها لاحتياج هذين الموضوعين لها، وإلا لبقيت (الأحرف السبعة) طلاسم يحال إليها لا يعرف منها سوى المصطلح شيئًا.
ولقد نظرت بتأمُّلٍ إلى العلوم التي يشتملها عِلْمُ علوم القرآن، فظهر لي أنه يمكن تقسيمها إلى قسمين:
القسم الأول: العلوم الناشئةُ منه، وهي ما كانت متعلقةً به تعلقًا مباشرًا، ولا تخرج إلا منه، ومن هذه العلوم:
1 ـ علم نزول القرآن، وأحواله.
2 ـ علم القراءات، وما يرجع إلى كيفية أدائه، وآداب تلاوته وأحكامها.
3 ـ علم جمع القرآن وتدوينه.
4 ـ علم الرسم والضبط.
5 ـ علم عدِّ الآي.
6 ـ علم فضائل القرآن.
7 ـ علم خصائص القرآن.
8 ـ علم مبهمات القرآن.
9 ـ علم سوره وآياته.
10 ـ علم الوقف والابتداء.
11 ـ علم المكي والمدني.
12 ـ علم أسباب النُّزول.
13 ـ علم التفسير، ويدخل فيه جملة من العوم المرتبطة بالتفسير؛ كأصول التفسير، وطبقات المفسرين ومناهج المفسرين وغيرها.
14 ـ علم أمثال القرآن.
15 ـ علم أقسام القرآن.
16 ـ علم الوجوه والنظائر.
القسم الثاني: العلوم المشتركة مع غيره من العلوم، وهي على قسمين:
الأول: العلوم المرتبطة به كنصِّ شرعيٍّ تؤخذُ منه الأحكامُ التشريعية، ويشاركه فيها الحديث النبويُّ؛ لأجل هذه الحيثيةِ، وقد نشأ عن دراستهما من هذه الجهة علم الفقه وعلم أصول الفقه، فما كان في هذين العلمين من موضوعات مشتركة مع علوم القرآن؛ فإنها ترجع إلى كونه نصٌّ تشريعيٌّ، والله أعلم.
ومن هذه العلوم:
1 ـ علم الأحكام الفقهية.
2 ـ علم الناسخ والمنسوخ.
3 ـ علم العام والخاص.
4 ـ علم المطلق والمقيد.
5 ـ علم المجمل والمبين.
6 ـ علم المحكم والمتشابه.
وهذه العلوم ترتبط بعلم الفقه وأصوله، وبعلم الحديث كذلك، ولا يعني هذا أنَّ هذه العلوم أصلٌ في هذا العلم وفرعٌ في ذاك، وإنما هي متعلقة بالنصِّ الشرعي سواءً أكان قرءانًا أم سنة، وبحثها في هذه العلوم يتفق في مسائل ويختلف في أخرى تبعًا لمنهج كلِّ علمٍ، والله أعلم.
ومن ثَمَّ فإنه يمكن أن تُدرس بعض علومه فيما طُرِح في كتب العلوم الأخرى، ثُمَّ الموازنة بين هذا العلم في علوم القرآن وفي كتب العلوم الأخرى؛ كعلم الناسخ والمنسوخ في كتب علوم القرآن وكتب أصول الفقه، أو علم أحكام القرآن في كتب أحكام القرآن وكتب الفقهاء، وهكذا.
الثاني: العلوم المرتبطة به باعتباره نصًّا عربيًّا، وهذه العلوم تعتبر من العلوم الخادمة له: ويدخل في ذلك جملة من علوم الآلةِ؛ كعلم النحو، وعلم البلاغة، وعلم الصرف.
ويدخل فيه:
1 ـ علم معاني القرآن.
2 ـ علم متشابه القرآن.
3 ـ علم إعراب القرآن.
4 ـ علم أساليب القرآن.
5 ـ علم لغات القرآن، ويشمل ما نزل بغير لغة الحجاز، وما نزل بغير لغة العرب، وهو ما يسمى بالمعرَّب.
6 ـ علم غريب القرآن.
ويشاركه في ذلك أي نصٍّ عربيٍّ من نثرٍ أو شعرٍ، مع مراعاة قدسيَّةِ القرآن وإعجازه، وأنه ـ مع كونه نصًّا عربيًّا ـ لا يلزم أن يرد فيه كل ما ورد عن العرب، ولا أن يُحمل على غرائب ألفاظهم وأساليبهم.
وتقسيم هذه العلوم ضمن مجموعات متجانسة تحت أمر كليٍّ مما يمكن أن تتعدَّد فيه الاجتهادات، وليس في ذلك مشاحَّة، بل في الأمر سعة ظاهرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 May 2003, 01:41 م]ـ
جزاك الله خيراً يا أبا عبدالملك على هذا الترتيب المنطقي، الذي يمثل رؤية واضحة ومترابطة للعلوم المتعلقة بالقرآن الكريم.
وأرجو ممن يتمكن من الأعضاء الكرام إن كان لديه وقت أن يقوم بعمل شجرة تبين كيفية تقسيم علوم القرآن بحيث يسهل على طالب العلم تصورها تصوراً ذهنياً صحيحاً.
وأرجو أن تتضح الفكرة أكثر للجميع مع كثرة المناقشات حول هذه المسألة. لأن التصور الصحيح والواضح يعين على هذه الفهم والاستيعاب لمسائل العلم، وقد قمت بعمل مشابه لعلم النحو وأصول الفقه من قبل فاستفدت فائدة كبيرة.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وللحديث بقية إن شاء الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jan 2005, 11:39 ص]ـ
يرفع الموضوع لقيمته العلمية، ورغبة في مدراسته من الأعضاء الكرام. ولا تزال الرغبة في تصميم شجرة تبين كيفية تقسيم علوم القرآن بحيث يسهل على طالب العلم تصورها تصوراً ذهنياً صحيحاً. كما ذكره الدكتور مساعد في مقالته هذه وفي مقدمة الطبعة الثانية من كتابه (أنوا ع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن) 11 - 30
ـ[طاهر]ــــــــ[30 Jan 2005, 04:19 م]ـ
هل علم الصحابه والتابعين كل هذه العلوم فكان فهمهم اكثر لكتاب الله
ام ان علماؤنا يفهمونا كلام الله بالطريقه الصعبه؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jan 2005, 04:34 م]ـ
الصحابة والتابعون كانت لهم هذه العلوم سليقة وطبعاً، ونحن نحتاج إلى تعلمها لأننا مستعربون، ولو كنا من تميم أو أزد شنوءة أو بني أسد، ولو تركنا على السليقة في وقتنا الراهن لأتينا بالعجائب في الفهم، ولكن الله سلَّم، وحفظ كتابه بهذه العلوم، وأولئك العلماء رحمهم الله، وجزاك الله خيراً أخي طاهر.
ـ[المحب الكبير]ــــــــ[20 Feb 2005, 01:57 ص]ـ
للمناقشة
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[31 Oct 2005, 03:46 م]ـ
كالعادة مشاركات قيمة وتعقيبات مفيدة من د. مساعد, ود. عبد الرحمن.
زادكما الله فهماً على فهم .. وكتب لكما القبول في الأرض (وهذا مما أتمناه لكما .. وأنتما جديران به)
ـ[محمد صفاء حقي]ــــــــ[06 Jan 2006, 06:06 م]ـ
بارك الله في جهودك أيها الشيخ المجتهد ويسرني أن أبدي إعجابي في طرحك وجرأتك أيضا، وبالنسبة للموضوع فقد سبق أن ذكرت في رسالتي أن علوم القرآن تنقسم إلى ثلاثة فروع:
1) قسم يتعلق بتاريخ القرآن الكريم. مثل المكي والمدني وأول ما نزل وآخر ما نزل .... الخ
2) قسم يتعلق بأداء القرآن الكريم، مثل القراءات والتجويد والتغني .... الخ
3) قسم يتعلق بفهم النص القرآني، وهي بقية العلوم ..
وأعتقد اننا بهذا التقسيم نستطيع إخراج تلك العلوم التي تتصل بالقرآن من بعيد .. هذا باختصار شديد. وبارك الله فيك أيها الفاضل وبالملتقى والقائمين عليه.
ـ[الراية]ــــــــ[24 Mar 2006, 07:00 م]ـ
بحثت عن كتاب الدكتور مساعد الطيار في مكتبة الملتقى فلم اجده.
لا ادري هل الكتاب موجود ام لا
ـ[نورة]ــــــــ[13 May 2007, 05:10 ص]ـ
موضوعٌ قيم
جزاكم الله خيرا
ـ[مصطفى فوضيل]ــــــــ[31 May 2007, 12:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه
جزى الله كافة الإخوة الفضلاء على مشاركاتهم في هذا الموضوع، وأود أن أسهم فيه بشيء حفظته عن شيخي وأستاذي الدكتور الشاهد البوشيخي حفظه الله عز وجل في تصنيف علوم القرآن الكريم، فهو يصنفها إلى ثلاثة أصناف:
1 - نزول القرآن الكريم وما يتعلق به.
2 - تدوين القرآن الكريم وما يتعلق به.
3 - بيان القرآن الكريم وما يتعلق به.
فهذا تصنيف أضعه بين أيدي الإخوة للتأمل فيه. وأسأل الله تعالى أن ييسر لي الظروف للتوسع فيه بما يجلي جامعيته ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 May 2007, 02:56 م]ـ
أرحب بالأخ الكريم الدكتور مصطفى فوضيل في ملتقى أهل التفسير، وليته يدعو الأستاذ الجليل الشاهد البوشيخي للمشاكة معنا في الملتقى فله مشروعات علمية مشكورة ومثمرة، وطلابه كثيرون في الآفاق ولا سيما في المغرب الإسلامي.
كما إن للزميل الأستاذ محمد بن جماعة عناية بهذا الموضوع، ومشاركة فيه أرجو أن يتحفنا بها، وبعرضه الجميل حولها.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[31 May 2007, 04:39 م]ـ
كنت قد جمعت مختلف تصنيفات علوم القرآن الموجودة (أو التي اطلعت عليها)، وأضفت إليها تقسيما مقترحا من عندي.
وقد أضفت إلى هذا الملف تقسيمي محمد صفا حقي ودالشاهد البوشيخي وإن كانا غير مكتملين، على أن أعيد تحديث الملف عند توفرهما في المنتدى بإذن الله.
1 - تقسيم البلقيني
2 - تقسيم الزركشي
3 - تقسيم السيوطي
4 - تقسيم ابن عقيلة
5 - تقسيم مساعد الطيار
6 - تقسيم محمد صفا حقي (غير مكتمل)
7 - تقسيم الشاهد البوشيخي
8 - تقسيم محمد بن جماعة
وجميع التصنيفات موضوعة في ملف باور بوينت تجدونه في المرفقات.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 May 2007, 06:22 م]ـ
بارك الله فيكم أخي محمد على هذه الاستجابة، ولعل هذا العرض يكتمل للاستفادة منه مستقبلاً في الدورات العلمية.
ولدي فكرة للدروس الالكترونية في الدراسات القرآنية كنت طرحتها قديماً، وسأعيد طرحها في موضوع جديد لننتفع بها جميعاً بارك الله فيكم وخلاصتها أن نقوم في ملتقى أهل التفسير بإفراد زاوية نضع بها الدروس المتخصصة في الدراسات القرآنية المصممة على باوربوينت، بحيث تكون متقنة ولها طابع تصميمي مميز ملائم لتصميم الملتقى، لينتفع بها الجميع في إلقاء الدورس والدورات العلمية. ولدي منها الكثير صممتها بنفسي، وأنت لديك منها الكثير، ولعل لدى الزملاء مثلها. وبهذا يتكامل المشروع بإذن الله، وتكون منهلاً للشيوخ في إلقاء الدروس.
ـ[مصطفى فوضيل]ــــــــ[01 Jun 2007, 11:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه
أود أن أتقدم بالشكر الجزيل إلى فضيلة الدكتور عبد الرحمن الشهري وسائر الإخوة الفضلاء في ملتقى التفسير على قبولي عضوا في هذا الملتقى العامر، أسأل الله تعالى أن يبارك جهود الجميع لخدمة كتاب الله عز وجل.
ودمتم في رعاية الله تعالى وحفظه
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[01 Jun 2007, 06:26 م]ـ
جهد مبارك من الأخ الفاضل محمد، وهذا يدعو إلى إعادة التفكير في تصنيف علوم القرآن وترتيبها ترتيبًا منطقيًّا، ولعل دراسة (تحديد أنواع علوم القرآن وتصنيفها وترتيبها) تحظى بدراسة مستقلة، فهي تستحق ذلك.
ـ[أبو تيمية محمد بن علي خرب]ــــــــ[09 Aug 2007, 01:45 ص]ـ
فوائد قيمة من شيخنا أبي عبد الملك حفظه الله ولعل الله ييسر فتجمع هذه الفوائد والقواعد في كتاب منتظم فينفع به الناس
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[09 Aug 2007, 05:51 م]ـ
هذه صورة أخرى رسمتها لتقسيم آخر لعلوم القرآن، ذكر في كتاب (نصوص في علوم القرآن) الذي سبق نشره هنا في المنتدى ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=8584).
والتقسيم على بساطته، يعطي جانبا آخر من جوانب النظر لعلوم القرآن.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Aug 2007, 07:41 م]ـ
جزاك الله خيراً يا أستاذ محمد على هذه الأفكار الإبداعية المميزة.
ـ[العاصمي النجدي]ــــــــ[13 Aug 2007, 04:27 ص]ـ
كتب الله لكم الأجر
ـ[أبو عبدالبر السوسي]ــــــــ[13 Aug 2007, 05:52 م]ـ
رفع الله قدركم وجزاكم الله خيرا
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[25 Aug 2008, 04:17 ص]ـ
جهد مبارك من الدكتور مساعد وفقه الله ...
وكذلك ما تفضل به الأخ محمد بن جماعة بارك الله فيه، وأصل المسألة هي في عد هذه العلوم من علوم القرآن أو لا؟، ثم ينبني عليه تلك التقسيمات المفيدة في كل علم، فتحرير معنى إضافة العلم إلى القرآن هو المهم.
والعلوم المرتبطة بالقرآن ينبغي أن تكون إحدى هذه العلوم:
1 - علوم منبثقة من القرآن بطريق صحيح.
2 - علوم أدوات المفسر وهي العلوم المساعدة له على فهم القرآن والاستنباط منه.
ثم بعد ذلك يمكن تقسيمها بما تفضل به المشائخ الكرام. وأما العلوم التي تم ربطها بالقرآن بطريق غير صحيح فليست من علوم القرآن كما ذكر الشاطبي رحمه الله. وكذلك العلوم التي يُزعم اشتراطها للمفسر وهي لا تساعده على فهم القرآن والاستنباط منه؛ فهي كذلك ليست من علوم القرآن. والله أعلم ..
22/ 8/1429هـ
ـ[جمال الدين جنيدي]ــــــــ[09 Oct 2010, 10:45 م]ـ
شكرا جزيلا على هذه الإفادة
إلا أنها أوجست فى نفسي سؤالا: هل يحتاج نزول القرأن إلى فن خاص يسمي علم نزول القرأن؟ أو ندخله في علم أخر مثل أسباب النزول؟
أخوكم أبو شفاء ( jam_amal@yahoo.com )(/)
التفسير الكبير للفخر الرازي المسمى (مفاتيح الغيب)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[20 May 2003, 06:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
التفسير الكبير للفخر الرازي من أوسع كتب التفسير، وقد حشاه مؤلفه بمباحث كثيرة جدًا تخرج به عن التفسير، حتى قيل فيه: فيه كل شيء إلا التفسير، وهذا من باب المبالغة لكثرة ما فيه من المباحث التي هي خارجة عن صلب التفسير، بل قد تكون ليست من علوم الشريعة.
والكتاب يُعدُّ من مراجع التفسير الكبيرة، وفيه فوائد كثيرة، ومسائل علمية نادرة، لكن لا يصلح أن يقرأ فيه إلا من كان عارفًا بعلم الاعتقاد، وضابطًا لعلم التفسير ليعرف كيف يستفيد منه.
وقد استفاد الرازي من كتب التفسير التي قبله، خصوصًا كتب المعتزلة، وقد يذكرها لينقدها، لكنه كما قيل: يورد الشبهة نقدًا، ويردها نسيئة. فهو قويٌّ في عرض الشبه، ضعيف في ردِّها.
ومن أعلام المعتزلة الذين نقل عنهم: قطرب (ت: 206)، وأبو بكر الأصم، والجبائي (ت: 303)، والكعبي (ت: 319)، وأبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني (ت: 322)، والزمخشري (ت: 538).
وقد جعل العقل حجة عنده، فتراه يقدمه على النقل بدعوى التعارض بينهما، بل تراه يستخدمه في مجالات لا يُقبلُ فيها نقد العقل، كبعض الأحاديث الصحيحة الواردة في حق بعض الأنبياء، فهو يفندها من جهة العقل فحسب.
وقد استفاد في الوجوه البلاغية من تفسير الزمخشري على وجه الخصوص، لذا تراه يشقِّق سطرًا مضغوطًا بالمعلومات عند الزمخشري فيجعله في مسائل يبسط فيها البحث.
ومما ظهر في كتابه غير الأمور العقلية والفلسفية وبحوث العلوم التجريبية ما يأتي:
1 ـ الاعتناء بعلم المناسبات.
2 ـ الاستنباط في جميع المجالات.
3 ـ ذكر الملح واللطائف التفسيرية.
4 ـ العناية بجانب البلاغة القرآنية.
وهذا الكتاب من الكتب التي تحتاج إلى الاختصار الذي يقرِّبها للقارئ، ويبعد ما فيها من الاستطرادات العلمية التي لا تفيد جمهور القراء، والتي قد تكون مخالفة للاعتقاد. والله الموفق.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 May 2003, 11:03 م]ـ
بسم الله
ما ذكره شيخنا أبو عبدالملك من حاجة تفسير الرازي إلى اختصار صحيح، وله أهمية عند المتخصصين.
وقد رأيت اختصاراً له في مكتبة الملك عبدالعزيز بالرياض بعنوان:تهذيب مفاتيح الغيب للرازي لحسن بركة الشامي.ويظهر أن هذا المهذب من الشيعة -أو من المتعاطفين معهم - والله أعلم.
قال في مقدمة تهذيبه:
(منهجنا في التهذيب
ان منهجية الامام فخر الدين الرازي في كتابة تفسيره، جعلت عملية اختصاره مسألة غير يسيرة. فهو يُقسم الآية الى قطع صغيرة او كلمات مفردة، ثم يشرع في تفسيرها بطريقة الابحاث المستقلة، حيث يجعل لكل بحث او موضوع مسألة او عدة مسائل. ثم يبدأ في التفريع لكل مسألة، وقد يذكر وجوهاً ويرد عليها بعدة اقوال وآراء، وهكذا يتشعب حديثه عن جملة واحدة من الآية القرآنية واحياناً عن كلمة واحدة منها الى شعب عديدة.
ورغم اننا تحدثنا سابقاً عن هذه المنهجية، الا اننا نرى من الضروري ان نرسم للقارىء الكريم صورة توضيحية لمخطط المعالجة التفسيرية عند الرازي، وذلك باختيار النموذج التالي: في قوله تعالى: (وعلم آدم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني ... ) (البقرة: 31).
الآية فيها مسائل:
المسألة الاولى: فيها ثلاثة امور.
المسألة الثانية: فيها وجهان:
الوجه الثاني: فيه قولان.
المسألة الثالثة:
المسألة الرابعة: فيها وجهان:
الوجه الثاني: فيه ثلاثة وجوه.
المسألة الخامسة: فيها اربعة وجوه.
المسألة السادسة: فيها ثلاثة اقسام: الكتاب والسنة والمنقول:
اما الكتاب: ففيه وجوه:
الاول: فيه اربعة اوجه.
الثاني:
الثالث:
الرابع: فيه اربعة اصناف.
الخامس: فيه خمس مناقب.
اما الاخبار: ففيها (13) وجهاً. ثم يلحق بها الآثار ويقسمها الى (24) وجهاً. يتفرع بعضها الى فروع.
وقد شغلت المسألة السادسة لوحدها عشرين صفحة من تفسيره، كانت حافلة بالتفريعات والتقسيمات الرئيسية والثانوية، بحيث يجد القارىء صعوبة في استيعاب العناوين الاصلية للبحث.
(يُتْبَعُ)
(/)
المسألة السابعة: يناقش فيها الفخر الرازي تعريف العلم، فيورد تعريف العلم على اقوال بعض العلماء، ثم يناقشها بوجوه، ويورد الخلل في امور عديدة، ويفرع على ذلك وجوه.
وقول آخر: فيه ثلاثة وجوه ايضاً.
وقول ثالث: فيه اربعة وجوه.
الوجه الرابع منه: فيه ثلاثة وجوه.
المسألة الثامنة: فيها ثلاثون فرعاً. بعضها يتفرع الى فروع ثانوية من الوجوه والاقوال.
المسألة التاسعة: خالية من التفريعات.
* * *
ان هذه التقسيمات يلتقي بها القارىء كثيراً في تفسير الرازي، ويحتاج الى التركيز المكثف من اجل الاحاطة بها، ولعل هذا النموذج يعطي صورة تقريبية لصعوبة مشروع اختصار وتهذيب التفسير، لان في بعض التفريعات افكاراً هامة وملاحظات علمية يثيرها الرازي. غير ان وقوعها في تسلسل التقسيم يجعل من انتقائها دون غيرها عملية مشوشة للتقسيم العام مما يربك القارىء.
وفي احيان عديدة يورد الفخر الرازي اسئلة غير متصلة بجو الآية ـ موضوع التفسير ـ. لكن بعض اجاباته تخدم الجو التفسيري للآية. مما يخلق صعوبة في عملية انتقاء الجواب المطلوب لانه يندرج في تسلسل يصعب تجزئته.
وبصورة عامة ان منهج الرازي التفريعي صعب الاختصار، خلافاً للمناهج الاخرى لكتب التفسير او كتب التاريخ التي تتناول عنواناً رئيسياً ثم تبحثه بطريقة سردية او تحليلية او مفاهيمية، بحيث يحتاج صاحب مشروع الاختصار الى مجرد ضغط الافكار وتلخيص العرض المطول لها.
وقد انطلقنا في اختصار تفسير مفاتيح الغيب للامام فخر الدين الرازي من الاسس والدوافع التالية:
1 ـ ان سعة التفسير الكبير وضخامة حجمه جعلت الاستفادة منه في حدود المختصين بالتفسير وعلوم القرآن فقط في حين حُرم جمهور المثقفين من الاستفادة منه بالشكل المطلوب، رغم اهميته وصدارة موقعه في التراث التفسيري. ومن هنا شعرنا بضرورة اختصاره وتقديمه لابناء الامة بشكل يسهل الاستفادة منه والرجوع اليه كتفسير كامل للقرآن الكريم، الى جانب الاعمال التفسيرية الاخرى لعلماء الاسلام.
2 ـ ان منهجية الفخر الرازي في التفصيل والتفريع والاطالة والاستغراق في المناقشات وعرض الموضوعات البعيدة عن جو التفسير، جعلت كتابه يُقيم من قبل العديد من القدماء والمحدثين على انه دائرة معارف قبل ان يكون كتاب تفسير حتى قيل فيه: (فيه كل شيء الا التفسير). ونحن نشعر ان في هذه التقييمات تجني على عمل الرازي، وان كانت بعض هذه التقييمات لها ما يبررها. لذلك رأينا ضرورة ان يحظى عمل الرازي الكبير بجهد علمي جديد من اجل تهذيبه واعادة تقديمه للمكتبة الاسلامية كنتاج تفسيري متخصص. وفي ذلك مساهمة في اعادة احياء نتاج ضخم من التراث الاسلامي.
3 ـ رغم الجهد الكبير الذي بذله الفخر الرازي في عرض الآراء المختلفة لعلماء الاسلام وللمذاهب الاسلامية وللاتجاهات الفكرية، الا اننا نجد انه اهمل ذكر الرأي الشيعي الامامي في الكثير من الموارد، كما انه ذكر رأي الشيعة الامامية في عدد من الموارد بصورة خاطئة، لذلك رأينا ضرورة اضافة الرأي الاسلامي الشيعي كلما كان ذلك مناسباً من خلال كتابة التعليقات في الهامش، وذلك من اجل ان يتكامل هذا التفسير الكبير في تغطية الآراء الاسلامية على اختلاف اصولها الثقافية.
وهنا نود الاشارة الى ان الفخر الرازي لم يكن منغلقاً في حدود الرأي الذي يطرحه، انما فتح باب الحوار والمناقشة مع ما كتبه بل انه اشار بصراحة في وصيته الى امكانية حذف الآراء التي ثبتها في كتبه فيما لو وجد فيها القارىء خطأً وقال ما نصه:
«واما الكتب العلمية التي صنفتها او استكثرت من ايراد السؤالات على المتقدمين فيها فمن نظر في شيء منها فان طابت له تلك السؤالات فليذكرني في صالح دعائه على سبيل التفضل والانعام والا فليحذف القول السيء فاني ما اردت الا تكثير البحث وتشحيذ الخاطر والاعتماد في الكل على الله تعالى».
ان الفخر الرازي في هذا النص يفسح المجال للاجيال لتهذيب تراثه وهي دعوة موضوعية صريحة لمراجعة افكاره وآرائه في مختلف المجالات العلمية التي صنف بها.
وهذا ما قمنا به في تفسيره الكبير، حيث نشعر اننا قدمنا خدمة لهذه الموسوعة الشهيرة في التفسير.
وهو عمل ينسجم مع وصيته في تهذيب تراثه وحذف الاقوال الغريبة عن دائرة التفسير وسياقه العام.
(يُتْبَعُ)
(/)
اما منهجنا في الاختصار فقد سار على الخطوط العامة التالية:
1 ـ الابقاء على النص الاصلي للرازي حفاظاً على القيمة العلمية للكتاب. حيث سيجد القارىء الكريم اسلوب الفخر الرازي في الكتابة. ولم نتدخل في الاسلوب الا باضافة كلمات الربط بين الفقرات او الجمل المحذوفة.
2 ـ التركيز على الابحاث المتصلة بتفسير الآية، وحذف الموضوعات والمناقشات والآراء التي لا ترتبط بتفسيرها، من قبيل الابحاث الكلامية والفقهية والفلسفية واللغوية التي تعتبر غريبة على السياق العام لتفسير الآية القرآنية.
3 ـ الابقاء على منهجية الفخر الرازي في التقسيم والتفريع، بعد الحذف والاختصار. فالمسائل ستأخذ ارقاماً متسلسلة تختلف عن التسلسل الاصلي، لكن القارىء سيجد المنهجية كما هي التي اعتمدها الرازي، انما هناك تقليص في التفريعات.
4 ـ اورد الفخر الرازي في تفسيره الكثير من الآراء الضعيفة والشاذة، وقد صرح هو بضعفها وشذوذها، لذلك آثرنا حذف هذه الآراء وما يتبعها من مناقشات، لانها لا تمتلك قيمة علمية في مجال التفسير، وهي غير معتمدة من قبل ائمة التفسير.
5 ـ اعتمدنا في الاختصار على طبعات مختلفة للتفسير الكبير، ووجدنا وقوع الكثير من الاخطاء المطبعية فيها، لذلك بذلنا جهدنا في تصحيح هذه الاخطاء.
المصادر المعتمدة
ذكرنا سابقاً اننا في عملية اختصار تفسير مفاتيح الغيب، ثبتنا آراءً وتعليقات في الهامش. بعضها كان رأياً تفسيرياً وبعضها الآخر كان رأي الشيعة الامامية الذي اغفله الامام الرازي او اورده بصورة خاطئة.
لقد اعتمدنا في هذه الهوامش على المصادر المعتبرة التي يعتمدها السنة والشيعة والتي تحتل مكانتها المرموقة في التراث الاسلامي.
وفيما يتعلق بالرأي الشيعي فقد جهدنا على صياغته بشكل يمثل مدرسة اهل البيت عليهم السلام من خلال المصادر المعتمدة عند الشيعة الامامية، بحيث يمكن الاطمئنان ان ما اوردناه يمثل الرأي الشيعي الصحيح. بل اننا سعينا الى تأكيد هذا الرأي من خلال مصادر اهل السنة في العديد من الموارد، عندما نجد ان الرأي الشيعي له ما يؤيده في المصادر السنية مثل (الاتقان في علوم القرآن) و (الدر المنثور) لجلال الدين السيوطي.
لقد وجدت من خلال مراجعتي لمشاريع اختصار كتب التفسير، ان بعض هذه المحاولات لم تهتم في التعليق وفي ايراد بعض الآراء الهامة، وانما اكتفت بعملية الاختصار فقط. ومع ان هذه العملية لها قيمتها العلمية وهي تمثل خدمة كبيرة للتراث الاسلامي، الا ان المناقشة وابداء الرأي والملاحظة في موارد الضرورة يزيد من اهمية العمل ويوسع دائرة الفائدة.
ومن هذا المنطلق وجدت من الضروري التعليق وايراد الهوامش على النص الاصلي لتفسير الفخر الرازي، من اجل المساهمة في ابقاء هذا الاثر الكبير حياً ونافعاً لجمهور المهتمين بتفسير كتاب الله المجيد، من ابناء الامة الاسلامية سنةً وشيعةً.
واود التأكيد هنا ان تفسير الامام فخر الدين الرازي يستحق بذل جهود كبيرة عليه لانه يمثل موسوعة تفسيرية ضخمة في التراث الاسلامي. وان احساسي بأهمية هذا التفسير هو الذي دفعني الى القيام بهذا المشروع الذي استغرق عملي فيه اكثر من اربع سنوات حتى تم انجازه بهذا الشكل. ارجو ان اكون قد وفقني الله تعالى في هذا العمل، وما توفيقي الا بالله العلي العظيم فهو حسبي ونعم الوكيل.) المرجع انظره هنا ( http://www.darislam.com/home/alfekr/data/feker1314/12.htm)
وأخيراً؛ أسأل الله تعالى أن يهيأ لهذا التفسير من يخدمه ويهذبه من أهل السنة. مع العلم بأن شيخنا عبدالرحيم الطحان قد درس منهجه في رسالته للدكتوراه بالأزهر بعنوان: منهج الرازي في تفسيره. أو قريباً من هذا العنوان.
ـ[مرهف]ــــــــ[22 May 2003, 04:56 ص]ـ
وأذكر أيضاً أن الدكتور محسن عبد الحميد له رسالة بعنوان (الرازي مفسراً طبعت في دار الحرية ببغداد أعادها الله وحماها.
ويمكنني القول أننا لو استخلصنا من تفسير ابن عادل اللباب من علوم الكتاب ما كتبه نفلاً عن الرازي في تفسيره لخرجنا بمختصر جيد والله أعلم
ـ[حسن العسوس]ــــــــ[21 Jan 2006, 01:36 ص]ـ
السلام عليكم
الحمد لله
لي سؤال
هل من الممكن الحصول على موقع لتنزيل التفسير الكبير للرازي
و جزاكم الله خير جزاء
أخوكم
حسن العسوس
ـ[ابن رشد]ــــــــ[21 Jan 2006, 11:59 ص]ـ
الأخان الفاضلان: د. مساعد الطيار، و د. " العبيدي "
بارك الله فيكما و أكرمكما،
ذكر أن ذلك التفسير لم يكمله الإمام الرازي، و إنما تعاقب على إتمامه عالمان هما: شهاب الدين الخوبي الدمشقي و نجم الدين القمولي، على ما جاء في التعريف به في موقع " مكتبة مشكاة الإسلامية "،
و للأخ السائل و لبقية الإخوة أنقل بيان ذلك الكتاب من الموقع المذكور آنفا:
العنوان: تفسير الفخر الرازي (مفاتيح الغيب)
المؤلف: الفخر الرازي
نبذه عن الكتاب: الكتاب يقع في 32 جزءا وفهرس
وهو أكبر تفسير بالرأي والمعقول، ويذكر فيه المؤلف مناسبة السورة مع غيرها، ويذكر المناسبات بين الآيات، ويستطرد في العلوم الكونية، ويتوسع بها، كما يذكر المسائل الأصولية والنحوية والبلاغية، والاستنباطات العقلية.
ويبين الرازي في تفسيره معاني القرآن الكريم، وإشاراته، وفيه أبحاث مطولة في شتى العلوم الإسلامية، كعلم الكلام، وأقوال الفلاسفة والحكماء، ويذكر فيه مذاهب الفقهاء وأدلتهم في آيات الأحكام، وينتصر لمذهب أهل السنة في العقيدة، ويرد على المعتزلة، وأقوال الفرق الضالة، ويفند مذاهبهم، كما يرد على الفلاسفة.
ويعتبر هذا الكتاب من أجل كتب التفسير وأعظمها، وأوسعها، وأغزرها مادة.
... لكن الرازي لم يكمله، فجاء شهاب الدين الخوبي الدمشقي (639هـ) وأكمل قسما منه، ثم جاء بعده نجم الدين القمولي (727هـ) فأتمه إلى الأخير، دون أن يتميز الأصل من التكملة
ويوجد بالدخل بحث حول تفسير الرازي للشيخ العلامة عبدالرحمن المعلمي.
انتهى النقل.
**************
و أما تحميله - أي " تفسير مفاتيح الغيب " للرازي، فهذا رابط الموقع " مكتبة مشكاة الإسلامية ":
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=6&book=1523
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Jan 2006, 03:08 م]ـ
اختصار تفسير الرازي (مفاتيح الغيب) ليس كاختصار غيره من التفاسير كتفسير الطبري مثلاً، وذلك بسبب تعدد مسائل تفسيرالرازي وتشعبها، وكثرة أبحاثه واستطراداته، ودخوله في جدل منطقي، مما يقتضي المختصر جهداً علمياً وذهنياً، ولزوم إجادته لكثير من أدوات علم المنطق والعلوم العقلية التي برع فيها الرازي.
وقد قام محمد بن محمد بن برهان الدين النسفي المتوفى سنة (687هـ) بتهذيب تفسير الرازي في كتابه (كشف الحقائق وشرح الدقائق من كلام رب العالمين)، ويقوم الآن بتحقيقه الدكتور عيادة الكبيسي، وقد أخرج تحقيقه لتفسير سورة الناس، وتعرض فيه للعلاقة بين تفسير النسفي هذا وتفسير الرازي، فتبين له بأن (الاكتفاء بوصف تفسير (كشف الحقائق) بأنه مختصر من التفسير الكبير للرازي فيه غمط لجهود مفسره المتنوعة، وإغفال لكثير من خصائصه ومزاياه، فهو لم يكن مجرد مختصر، ولم يقتصر على ما أفاده الأصل، بل له تصرف بين، وإفادات جديدة، وشخصيته في ذلك ظاهرة، وجهوده العلمية واضحة).
وظهر للمحقق أن أعتماد النسفي على تفسير الرازي، وتلخيصه لكثير من عباراته عند التعقيب أو الترتيب أو الإضافة، أو ما إلى ذلك من الإفادات، وقوله عن تفسيره أنه مختصر، هو الذي حدا بأولئك العلماء الذين ترجموا للنسفي أو للرازي إلى وصف تفسير النسفي أنه مختصر لتفسير الرازي.
وقد بين المحقق طريقة النسفي في تفسيره فقال: (وإنا نرى أن البرهان النسفي - رحمه الله تعالى - قد سلك في تفسيره طريقة متميزة، فهو يتابع الرازي من أول التفسير إلى آخره، حتى إن الناظر فيه لأول وهلة لا يشك في أنه اختصار له، ولكن لدى التأمل والمقارنة، ظهر أنه قد يرح ويختار، ويحذف ويضيف، ويرتب ويعقب، ويعلل ويوضح، وسواء في ذلك المنقول والمعقول، مما يجعل عبارته - في بعض المواضع - أطول من الأصل، وقد يأتي أحياناً على غاية من الجودة، لا سيما فيما يدفع به شبهة أو يزيل إشكالاً، وقد يفرط في الاختصار والحذف فيقع الخلل، وقد يحذف أسماء أصحاب الأقوال، وقد تغمض عبارته حتى يدق فهمها، فإذا روجع الأصل كان كالشرح لها، وقد يأخذ المعنى ثم يصوغه بعبارته المستقلة، وقد ينقل عن غير الرازي ويصرح بذلك).
وبذلك يظهر أنه حين يختصر فليس لأن الاختصار هدفه الأصلي، وإنما هو من لوازم بحثه، ولذا فهو إلى التهذيب أقرب منه إلى الاختصار.
انظر: تفسير سورة الناس للإمام محمد بن محمد النسفي، تحقيق د. عيادة الكبيسي 46 - 48
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[30 Jan 2006, 06:24 ص]ـ
أريد من الدكتور مساعد والأخوة الإفادة إن كان هناك طبعة محققة لتفسير الفخر الرازي
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Mar 2006, 01:23 ص]ـ
لا أعرف نشرة محققة تحقيقاً علمياً لهذا التفسير الكبير والله أعلم.
1 - كتب الدكتور عارف مفضي المسعر رسالة علمية بعنوان (المنقول والمعقول في التفسير الكبير لفخر الدين الرازي) وقد نشرها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية عام 1426هـ.
2 - وكتب الدكتور إيهاب النجمي رسالة علمية بعنوان (تعدد المعنى في النص القرآني , دراسة دلالية في تفسير مفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي). قال في مقدمتها:
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف المرسلين , وسيد الخلق أجمعين , سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ..
وبعد: فلقد كان من عظيم توفيق الله سبحانه وتعالى إياي , وجليل إنعامه عليّ أن هداني إلي درس متصل بسبب كبير بالقرآن الكريم، وبحث دائر في فلك تفسير من تفاسيره ذات القيمة العالية والفوائد العميمة الجليلة , وهو تفسير (مفاتيح الغيب) للإمام فخر الدين الرازي (ت. 606 هـ).
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا يخفى على ذي لُبّ ما يحويه مفاتيح الغيب من كنوز ثمينة وعيون معرفية ثرة، توزعت شتى مجالات المعرفة والثقافة , فكان حقيقا بما قيل فيه من أنه تفسير حوى كل شيء بين دفتيه. وكان على رأس تلك المعارف والعلوم علوم اللغة بمختلف مباحثها وقضاياها ومستوياتها , ابتداءً بالمستوى الصوتي ومرورا بقضايا البنية والاشتقاق , والمباحث التركيبية المختلفة. ولما كانت المهمة الأولى لتفسير أي نص أو لحاشيته هي الكشف عن معنى ذلك النص وتوضيح ما غمُض منه , وفتْح ما استُغلِق على أفهام متلقيه؛ نقول لما كانت تلك هي المهمة الأولى للتفاسير، فقد كان للدلالة بقضاياها المتعددة وإشكالاتها المتنوعة منزلتها , وخصوصيتها في (مفاتيح الغيب).
وكان من أهم تلك القضايا الدلالية وأبرزها في (مفاتيح الغيب) قضية (تعدد المعنى)؛ إذ ظهرت بكثرة في تفسير الإمام الرازي للعديد من الآيات القرآنية وتحليله لها , وكان لهذا الظهور الفِجّ والجلاء البين دوره في جذبي , واستنفار عزمي لأن أتتبع تلك الظاهرة بالدرس والتحليل , في محاولة للكشف عن مظاهرها المختلفة وأثرها في تفسير النص القرآني، والسَّبْح في فضاءات معناه الرحيبة.
وما كان منى ـــ لحبِّّ في القلب كبير لكتاب الله الكريم ـــ إلا الاستجابةُ لهذا الاستنفار , والاستسلامُ لذلك الجذب , فكان هذا البحث الذي وفقنى الله إليه:
(تعدد المعنى في النص القرآني , دراسة دلالية في تفسير مفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي).
الدراسات السابقة:
وعلى الرغم من أهمية ظاهرة تعدد المعني وجلائها في (مفاتيح الغيب) خاصة، وغيره من تفاسير القرآن عامة؛ فإنها لم تأخذ كِفْلها من البحث والدرس المستقل، اللهم إلا دراسة وحيدةً جاءت تحت عنوان (ثراء المعنى في القرآن الكريم) للباحث التركي / محمد خليل جيجك , الأستاذ المساعد بكلية الإلهيات بجامعة يوزنجويل بتركيا , وتلك الدراسة على الرغم من إخلاصها للظاهرة، فإنها جاءت غير عميقة لغويا , وتعتمد في جانب كبير منها على عاطفة المؤلف الجياشة تجاه القرآن الكريم أكثر من اعتمادها على المعطيات اللغوية , والحقائق العلمية.
هذا وقد حمل عمل علمي آخر عنوان بحثنا ذاته، وهو (تعدد المعنى في القرآن .. دراسة دلالية) وهو رسالة دكتوراه للباحث / عبد الرحمن أمين رواش، حصل عليها عام 1979 بكلية دار العلوم، وعلى الرغم من أن عنوان الدراسة هو هو عنوان بحثنا؛ فإنها بعيدة كل البعد عن ظاهرة تعدد المعنى، ولم تمسها من قريب أو بعيد، وإنما اهتمت بالوجوه والنظائر في القرآن الكريم، من خلال مؤلفات ذلك الفن، ومن ثَمَّ فليس بينها وبين بحثنا مشابهة، إلا في بعض ألفاظ العنوان.
خطة البحث:
وقد توزعت الدراسة على مقدمة وتمهيد وأربعة فصول وخاتمة، بيانها كالتالي:
أما المقدمة فقد عرضت فيها أهمية الموضوع وأسباب اختياره والدراسات السابقة , وبيانا لخطة البحث.
وأما التمهيد فقد انتظم مبحثين:
أولهما: تحرير المصطلح، وعالجت فيه اضطراب المصطلحات وتداخلها في محاولتها الدلالة على ظاهرة (تعدد المعنى)، وبيان علاقة كل منها بالظاهرة ومدى صدق إطلاقه عليها.
وثانيهما: تأصيل الظاهرة، وعالجت فيه تأصيل ظاهرة (تعدد المعنى) من خلال مسارين اثنين، كان أولهما تأصيل الظاهرة في مقولات عدد من القدماء والمحدثين وتطبيقاتهم على بعض النصوص، وكان ثانيهما تأصيلاً لها من خلال عقد مقارنة بين تفسير الرازي باعتباره منتهجا منهج التفسير بالرأي، وتفسير الدر المنثور للإمام السيوطي باعتباره معتمدا على منهج التفسير بالمأثور، وهدفت تلك المقارنة إلى إثبات أن تعدد المعنى قائم في المنهجين على السواء، ولم يكن أحدهما يبتدع القول به من دون المنهج الآخر.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[01 Mar 2006, 02:05 ص]ـ
يحتوي تفسير الرازي موضوعاتٍ نفيسة متناثرة في مجلداته الضخام، ولو أن أحد أساتذة التفسير اختار من طلاب الدراسات العليا مجموعة من النابهين ذوي الجَلد ووجههم إلى استخراج هذه الموضوعات وتحقيق نصوصها - لكل طالب موضوع واحد - لأثمر المشروع ثمرة تفوق التلخيص، لأن تلخيص هذا التفسير ليس من السهولة بحيث يستطيعه جماعة من الباحثين مهما نشطوا، والسبب أن كل باحث يرى الأمر حسب اتساع أفقه العلمي، فما يراه هذا ضروريا يراه غيره ثانويا، فلا يأتي العمل متسقا في المنهج والاختيار، وهذا أمر مُشاهَد في الموسوعات التي تولى تهذيبها أو تحقيقها جماعة من العلماء فما بالك بالطلاب؟ أما فكرة تقسيم الكتاب إلى موضوعات فإنها تعطي الكتاب قيمة كبيرة حيث تجتمع المادة المتفرقة المسائل المتباعدة المباحث في مكان واحد مما يمكن القارئ من الإلمام بها والإحاطة بأركانها من أيسر طريق، ويضفي عليها التحقيق قيمة علمية أخرى بالتنبيه على الخلل وبالاستدراك على مواطن القصور وبتخريج الشواهد والنصوص ونحو ذلك، وبعد، فهذه فكرة من الأفكار ليتبادل الناس النظر فيها لعل الله يهيء لها من يعيد صياغتها بوجه أجمل وأفضل فتؤتي نفعها ولو بعد حين، وبالله التوفيق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[رأفت بلعاوي]ــــــــ[01 Mar 2006, 10:17 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ما هو سر اهتمام اخواننا في المذهب الجعفري بهذا الكتاب من التفسير؟
والدليل على ذلك ان بعضهم اعاد تهذيبه اكثر من مرة؟
ولماذا هنالك بعض المتفيقهين , والمتشنجين يحاربون هذا التفسير ويكتبون مقالات غير لائقة عنه؟
ثم حتى عندما كنا في المرحلة الجامعية الأولى كانت مادة مناهج المفسرين لا تعطيه القدر الكافي وفق المنهجية اللائقة به؟ لماذا؟
هل هنالك رسالة جامعية تحدثت عن منهج الإمام الرازي في التفسير؟ ماهي لو سمحتم وكيف يمكن الحصول عليها؟
انا كطالب علم تخرجت من قسم اصول الدين , ومن ثم تابعت دراساتي العليا في مجال علم النفس والسلوك عندما رجعت للتفسير وجدت فيه نظريات سلوكية مستخلصة , منذ زمن قريب جدا اهتدوا اليها بمنهج البحث التجريبي وقد توصل لها الامام الرازي؟ فلم التطاول عليه في قولنا فيه كل شيء الا التفسير؟ وكيف ندعي ان ديننا فيه المنهج السليم ونحن نحاول ان نطمس اجتهادات علماء افاضل امثال الامام الرازي , اذا اردنا ان نثبت اسلامية المعرفة علينا ان نحترم كثيرا ماجتهد اليه علماءنا اليس كذلك؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[الكشاف]ــــــــ[02 Mar 2006, 12:37 م]ـ
(ولماذا هنالك بعض المتفيقهين , والمتشنجين يحاربون هذا التفسير ويكتبون مقالات غير لائقة عنه؟)
وهذه أول مشاركة لك يا أستاذ رأفت، فكيف بالثانية؟ يا ساتر. ترفق بنا فأنت متخصص في علم النفس، ولو قرأتَ ما كُتبَ عن الرازي لما قلتَ هذا الكلام. لكن لعلك سمعت بشيء فقلته. الرازي قد كتب عنه كثيراً، وما قيل في تفسيره فهم خطأ ممن قاله. ومعنى قولهم: (فيه كل شيء إلا التفسير) أنه قد ملأ كتابه بعلوم كثيرة بعيدة قليلاً عن صلب التفسير، حتى قيل هذا القول على سبيل المبالغة.
ـ[رأفت بلعاوي]ــــــــ[19 Mar 2006, 01:19 م]ـ
جزاك الله كل خيرا ولكني احمل درجة البكالوريس من كلية الدعوة وأصول الدين, ولي في علم النفس دراسة الماجستير كانت في علم النفس ,,, وقد قرأت بعض الذي قيل عمه وبعض الشطحات في تفسيره
وقد وقف استاذنا الفاضل فضل عباس عنده وقفات عده هو واستاذنا صلاح الخالدي وسواهم
ولكن لم اجد اجوبة لباقي الإسئلة وجزاكم الله كل خير
ـ[روضة]ــــــــ[20 Mar 2006, 08:32 م]ـ
هل هنالك رسالة جامعية تحدثت عن منهج الإمام الرازي في التفسير؟
هناك رسائل جامعية تناولت الجانب اللغوي في تفسير الإمام الرازي:
- التصور اللغوي عند الامام فخرالدين الرازي، أمان سليمان حمدان ابوصالح، رسالة ماجستير قدمت في الجامعة الأردنية، بإشراف د. إسماعيل العمايرة، سنة 1995.
- التفسير الكبير للفخر الرازي لغويا ونحوياً، محمود احمد السويد، رسالة دكتوراة قدمت في جامعة دمشق، سنة 1996.
ومن الكتب:
الرازي النحوي من خلال تفسيره، طلال يحيى ابراهيم الطوبجي، كاصد ياسر الزيدي.
ـ[محمدفاضل]ــــــــ[05 May 2007, 09:16 ص]ـ
هذا التفسير موسوعة عظيمة حوى درر من شتى العلوم كما أنه يذكر الحكم الشرعي في آيات الأحكام.
والنقاش العقدي في مسائل العقيدة حتى يتم البحث في غاية الروعة والبيان.
ويناقش مسائل اللغة من جهة الإعراب والبلاغة وغيرها.
فحق والله للباحثين في زماننا أن يقفوا عاجزين أمام هذا البحر المتلاطم من العلم.
فهذا التفسير إنما هو لأهل العلم الذين تمرسوا في شتى العلوم سواء كانت من علوم الغاية أو الآلة.
رحم الله علماء قرون أمة الإسلام السالفة فلقد أعجزوا من خلفهم عن بلوغ بعض معارفهم وجهودهم.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[05 May 2007, 11:38 ص]ـ
جزى الله الجميع خيرا وأحب أن أضيف إن تفسير الفخر فخر التفاسير، كفاه أستاذيته لأبي حيان، ولنا أن نتأمل ما يصفه به وقت رضاه عنه، وأستاذيته للمحقق الآلوسي الذي يسمه بالإمام، وبالفعل لديه استطرادات كثيرة إلا أنه حوى دررا علمية نفعت مَن بعده، وأنا شخصياً أجد فيه من الفوائد وحل المشكلات ما لا أجده في غيره، وقد تناول منهجه تفسيريا بعض العلماء كما أشار الإخوة، كما تناول منهجه في جانب من جوانب اللغة {اللهجات} الدكتور أحمد الشناوي الأستاذ بجامعة الأزهر.
ولا أوافق أبدا على العبارة القديمة "فيه كل شيء إلا التفسير، أو قول بعضهم:" قاله الفخر ولا فخر" ... فقد تصدر هذه العبارات من المكافيء فحسب، أما نحن فعالة وتلاميذ على هؤلاء المحققين فلله درهم.
وأضم صوتي لصوت كل من يحجب عبارات التجريح عموما في هذا الملتقى المبارك خاصة {كالمتفيقهين , والمتشنجين} وفي كل مناحي العلم عامة. والله الموفق.
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[05 May 2007, 02:51 م]ـ
الحمد لله تعالى
لقد أورد الأخ مساعد الطيار قول بعضهم في حق فخر الدين الرازي أنه: "يورد الشبهة نقدًا، ويردها نسيئة. فهو قويٌّ في عرض الشبه، ضعيف في ردِّها. انتهي
هل من أمثلة على هذه الدعوى؟! سواء مما ورد في تفسيره أو كتبه الكلامية؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجكني]ــــــــ[05 May 2007, 08:10 م]ـ
أولاً:
الفخر الرازي "فخر " المفسرين " بكل فخر، وتفسيره "فخر " التفاسير 0
ثانياً:
ماذكره أخي الأستاذ الدكتور خضر عن "أستاذيته " لأبي حيان كلام صحيح 100/ 100، وما على المخالف إلا أن يرجع إلى "البحر " فسيجد "الفخر " هناك سابحاً بين أمواجه وعلى شواطئه،ولا أبالغ إذا قلت:لو حذفنا بعض ما يناقش فيه أبو حيان الزمخشريَّ وابن َعطية ,بعض أسباب النزول فسيجد كلام الرازي بحرفه ونصه 0
ثالثاً:
كتب الطالب "عبد الله نمنكاني " رسالته للدكتوراة بعنوان:
"القراءات في تفسير الفخر الرازي عرضاً ودراسة
"دراسة نظرية تطبيقية "
في كلية الدعوة وأصول الدين:قسم الكتاب والسنة،بجامعة أم القرى بمكة المكرمة
تحت إشراف الأستاذ الدكتور:شعبان محمد إسماعيل
وهي في انتظار المناقشة قريباً إن شاء الله 0
ـ[محمد بن زايد المطيري]ــــــــ[05 May 2007, 11:59 م]ـ
من الأوجه التي تظهر فيها عبقرية الفخر الرازي رحمه الله , وهو وجه أحسبُ أنه جديرٌ بالتأمل:
هو أن الرازي يعتمد على تفسيرات السلف المبثوثة , ويقتنص ما تتضمنه من التعليلات أو المعاني. فتجده يبني الكثير من التفريعات التفسيرية خصوصاً , على ما استخرجه بفكره من ثنايا تلك الآثار المنقولة.
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[06 May 2007, 08:48 ص]ـ
جزى الله شيخنا الأستاذ مساعد كل خير على فتح هذا الموضوع، لكن لي تعقيب بسيط على قوله: ((((لكنه كما قيل: يورد الشبهة نقدًا، ويردها نسيئة. فهو قويٌّ في عرض الشبه، ضعيف في ردِّها.)))))
فمن تتبع طريقة الرازي في نقض شبه المعتزلة والفلاسفة وغيرهم يجد هذا الكلام بعيداً كل البعد عن الحقيقة، فهدم البناء الكبير أسهل ما يكون إذا نقضت أساسه خر متصدعاً متهدماً وليس شرطاً أن تهدمه حجراً حجراً، وهذا ما فعله الرازي في تفسيره، فهو يأتي بالشبهة وأدلة أصحابها بل ويأتي بأدلة لها لم ينتبه إليها أصحابها حتى تظهر كأقوى ما يكون ثم يضرب منها الأساس ضربة
واحدة فإذا هي قد أصبحت هباء منثورا.
ومن جرب السباحة في هذا البحر عرف قد يتقي أمواجه، والله أعلم.
ـ[النجدية]ــــــــ[12 Dec 2007, 11:13 ص]ـ
ذكر أن ذلك التفسير لم يكمله الإمام الرازي، و إنما تعاقب على إتمامه عالمان هما: شهاب الدين الخوبي الدمشقي و نجم الدين القمولي، على ما جاء في التعريف به في موقع " مكتبة مشكاة الإسلامية "،
و للأخ السائل و لبقية الإخوة أنقل بيان ذلك الكتاب من الموقع المذكور آنفا:
العنوان: تفسير الفخر الرازي (مفاتيح الغيب)
المؤلف: الفخر الرازي
نبذه عن الكتاب: الكتاب يقع في 32 جزءا وفهرس
وهو أكبر تفسير بالرأي والمعقول، ويذكر فيه المؤلف مناسبة السورة مع غيرها، ويذكر المناسبات بين الآيات، ويستطرد في العلوم الكونية، ويتوسع بها، كما يذكر المسائل الأصولية والنحوية والبلاغية، والاستنباطات العقلية.
ويبين الرازي في تفسيره معاني القرآن الكريم، وإشاراته، وفيه أبحاث مطولة في شتى العلوم الإسلامية، كعلم الكلام، وأقوال الفلاسفة والحكماء، ويذكر فيه مذاهب الفقهاء وأدلتهم في آيات الأحكام، وينتصر لمذهب أهل السنة في العقيدة، ويرد على المعتزلة، وأقوال الفرق الضالة، ويفند مذاهبهم، كما يرد على الفلاسفة.
ويعتبر هذا الكتاب من أجل كتب التفسير وأعظمها، وأوسعها، وأغزرها مادة.
... لكن الرازي لم يكمله، فجاء شهاب الدين الخوبي الدمشقي (639هـ) وأكمل قسما منه، ثم جاء بعده نجم الدين القمولي (727هـ) فأتمه إلى الأخير، دون أن يتميز الأصل من التكملة
ويوجد بالدخل بحث حول تفسير الرازي للشيخ العلامة عبدالرحمن المعلمي.
انتهى النقل.
**************
و أما تحميله - أي " تفسير مفاتيح الغيب " للرازي، فهذا رابط الموقع " مكتبة مشكاة الإسلامية ":
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=6&book=1523
بسم الله ...
ما رأي أهل الملتقى الأفاضل، بما أورده الفاضل بن عاشور في كتابه (التفسير و رجاله) في مبحث: (تصحيح نسبة التفسير -مفاتيح الغيب-إلى الإمام الرازي)
فهو يقول: "و الذي يبدو في نظرنا فيصلا بين ذلك كله أن الرازي لما انتصب في آخر حياته لتصنيف التفسير تمكن من إخراج شيء منه في تحريره النهائي و بقي شيء في الأمالي و المسودات بيد بعض تلاميذه، فأقبل على تصنيفه و تحريره، و ألحق في ذلك الفرع بالأصل. فالكتاب بروحه هو للرازي كله و بتحريره هو من وضعه في الأول و وضع تلميذه الخوبي في الآخر ... "
فأنا أفهم أن الرازي هو المصنف الوحيد له كله، و هناك زيادات بسيطة من تلميذه الجوبي فقط
هل من تعليق حول هذه المسألة؟
و جزيتم خيرا ...
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[12 Dec 2007, 01:41 م]ـ
أشكر الإخوة على تعليقاتهم على هذا الموضوع الوجيز، وأما ما لاحظه بعض الإخوة من قولي عن الرازي ـ رحمه الله ـ: (لكنه كما قيل: يورد الشبهة نقدًا، ويردها نسيئة)، فأنا ناقل، ولست محقِّقًا في هذه الفكرة، ولعلي أرجع النقل إلى صاحبه إن شاء الله تعالى، وإن كنت أرى أن الإخوة إن كانوا اطلعوا على خلاف هذا فإن هذا مما للبحث فيه مجال لتصحيح المعلومة، وأسأل الله أن يوفقني الله وإياكم للسداد في القول والعمل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الميموني]ــــــــ[13 Dec 2007, 11:41 ص]ـ
البحر لأبي حيان بحر وإن ترك منه ما قد ينقله أحيانا من التفسير الكبير للفخر الرازي و هو في باب النحو و اللغة أعلى بدرجات من الفخر وأضرابه
وأما في علم الكلام فأبعد عن الشطط و الإغراق وأولى بالمذهب الصحيح و أدق مسلكا في أبواب الترجيح.
و أما التفسير الكبير للرازي فممن نقده في إكثاره من نقل الشبه الحافظ الذهبي والحافظ ابن حجر وجماعة من جلة العلماء .....
ومن مزايا التفسير الكبير للرازي نقله عن تفاسير لبعض أئمة الشافعية لم تصلنا مثل تفسير القفال الشاشي: (ت: 365)
ومن مزاياه التفصيل في مسائل دقيقة .... لكن يخشى على من لم يكن أهلا من متابعته أو التأثر ببعض شبهه ...
ـ[محمد براء]ــــــــ[20 Dec 2008, 06:39 م]ـ
أشكر الإخوة على تعليقاتهم على هذا الموضوع الوجيز، وأما ما لاحظه بعض الإخوة من قولي عن الرازي ـ رحمه الله ـ: (لكنه كما قيل: يورد الشبهة نقدًا، ويردها نسيئة)، فأنا ناقل، ولست محقِّقًا في هذه الفكرة، ولعلي أرجع النقل إلى صاحبه إن شاء الله تعالى، وإن كنت أرى أن الإخوة إن كانوا اطلعوا على خلاف هذا فإن هذا مما للبحث فيه مجال لتصحيح المعلومة، وأسأل الله أن يوفقني الله وإياكم للسداد في القول والعمل.
قال الإمامُ محمَّد بن الحسين السنوسي في «شرح الكبرى» في الكلام على معنى ما رويَ عن الفخر الرازي أنه قال عند موته: " اللهم إيمان العجائز "، وفي رواية عنه: " من لزم مذهب العجائز كان هو الفائزُ " ما نصُّه: " يحتملُ أن يكون سبب دعائهِ بهذا ما عُلم من حاله من الولوعِ بحفظ آراء الفلاسفة وأصحابِ الأهواءِ، وتكثيرِ الشُّبَه لهُم، وتقويةِ إيرادها مع ضعفِهِ عن تحقيق الجواب عن كثيرٍ منها، على ما يظهرُ من تأليفِه.
ولقد استرقُّوه في بعض العقائد فخرج إلى قريب من شنيعِ أهوائِهم، ولهذا يحذر الشيوخ من النظر في كثيرٍ من تأليفه.
قال الشيخ أبو عبد الله المَقَّرِي التلمساني رحمه الله تعالى: من تحقَّق كلام ابن الخطيب وجده في تقرير الشبهة أشد منه في الانفصال عنها، وفي هذا ما لا يخفى.
أنشدني شيخي أبو عبد الله الأيلي قال: أنشدني عبد الله بن إبراهيم الزَّمُوري قال: أنشدني تقيُّ الدين ابنُ تيمية لنفسه:
محصّلٌ في أصول الدين حاصله =من بعد تحصيلهِ علمٌ بلا دين
أصل الضلالة في الإفك المبين فما = فيه فأكثره وحي الشياطين
قال: وكان بيده قضيبٌ فقال: لو أدركتُ فَخر الدين لضربته بقضيبي على رأسه. ا. هـ كلام السنوسي بلفظه. انظر حاشية اليُوسي على «شرح الكبرى»، وحاشية الأمير على «شرح الجوهرة».
قلت: «محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من الحكماء والمتكلمين» للإمام فخر الدين محمد بن عمر بن الخطيب الرازي.
قال شارحهُ العلامة علي بن عمر القزويني المتوفى سنة خمس وسبعين وستمائة رحمه الله تعالى ما نصه: " وفي هذا الزمان لم يبق من الكتب التي يتداولونَهَا في علم الأصُول سوى «المحصل»، والذي اسمه غيرُ مطابق لمعناه، وفيه من الغثِّ والسَّمين ما لا يحصى " ا. هـ كلامه بلفظه.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Feb 2010, 05:01 م]ـ
هذا بحث أعد الدكتور: عياد بن أيوب الكبيسي أستاذ التفسير وعلوم القراآن المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي.
وقد تضمن الجواب عن ثلاث شبه، حول تفسير الإمام الرازي -رحمه الله-؛ وهي:
1 - قضية إكمال التفسير.
2 - الرد على مقولة: "في التفسير كل شيء إلا التفسير".
3 - الرد على مقولة: "أنه أورد حجج المخالفين بتحقيق ورد عليها بضعف ووهاء".
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[05 Feb 2010, 05:08 م]ـ
بارك الله فيكم من يعرف مكان بيع كتاب (مختصر تفسير الرازي) للشيخ خالد العك - رحمه الله -؟(/)
تقسيم علوم القرآن
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[20 May 2003, 10:26 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كنت دائما أفكر في وجه تقسيم العلوم المتعلقة بالقرآن، فهذا مصطلح (علوم القرآن) أجده يتكلم عن كل ما يتعلق بالقران، و التفسير هو أحد مباحثه، و هذا مصطلح (أصول التفسير) أجده يتكلم مثلا فيما اذا لو حدث تعاض بين تفسيرين للصحابة أو التابعين مثلا، وهذا مصطلح (قواعد التفسير) …… فأحاول في نفسي أن أرتب هذه العلوم في نسبتها للقرآن على وفق نسبة بعض العلوم الأخرى الى الفقه (أصول الفقه) .. (القواعد الفقهية) لأن ذلك ييسر لي كيفية الدراسة و كيفية ترتيب الأولويات و معرفة توقيت كل من المدروسات، الى غير ذلك فضلا عن معرفة نوع الفن الذي سأفتح كتابه لتوي، فهذا يختلف عما إذا بدات في كتاب ما و لا أدري ما يقابلني و لا نوعيته
و لكن حين حاولت التصنيف قابلتني بعض المشكلات مما جعلني أتخبط في هذا التقسيم، والمراد واضح وبارك الله في جهودكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 May 2003, 01:36 م]ـ
أخي محمد يوسف وفقه الله
أشكرك على مشاركاتك، وأرجو منك التدقيق في الأسئلة بحيث لا تكرر السؤال عن ما كتب حوله، والرفق بنا في عدم السؤال عن كل شيء، فالوقت أضيق مما تتصور يا أخي الحبيب. وإنما يسأل عن المشكلات.
وبالنسبة لسؤالك فلعلك قرأت ما كتبه أخي الدكتور مساعد الطيار وفقه الله وإياك على هذا الرابط. هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=242)(/)
حول التفسير الإشاري
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[20 May 2003, 10:27 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته، ما هو قولكم في التفسير الاشاري الذي تتبناه الصوفية؟ فقد ذكر الزرقاني ـ رحمه الله ـ أنه يختلف عن التفسير الباطني الذي تبناه الشيعة بأن أهل التصوف لا ينكرون ظاهر القرآن وأنه هو الذي يفسر به القرآن أولا و لابد من اعتقاده، و لكن هناك تفسير أيضا ـ على قولهم ـ مبني على هذا الظاهر ولكنه أكثر تعمقا و لا يناله إلا أصحاب الولاية والقرب من الله، أما الشيعة فمذهبهم الباطل أن للقرآن ظاهر وباطن وأن المراد منه هو باطنه لا ظاهره، ولا يعرف هذا الباطن الا خواصهم.
هذا الكلام أفهم من ظاهره إقرار الزرقاني للتفسير الاشاري أو دفاعه عنه، إلا أنه قال في موضع آخر ما نصه ((والأدهى من ذلك أنهم يتخيّلون ويخيلون الى الناس، أنهم هم أهل الحقيقة الذين أدركوا الغاية، واتصلوا بالله اتصالا أسقط عنهم التكاليف، وسمل بهم عن حضيض الأخذ بالأسباب))
فكيف الجمع بين الكلامين؟
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[21 May 2003, 05:31 م]ـ
شروط قبول التفسير الإشاري
ذكر العلماء رحمهم الله تعالى عدة شروط لقبول التفسير الإشاري وهي:
1 - «أن يصح على مقتضى الظاهر المقرر في لسان العرب ويجري على المقاصد العربية، وهذا ظاهر من قاعدة كون القرآن عربيا؛ فإنه لو كان له فهم لا يقتضيه كلام العرب لم يوصف بكونه عربيا بإطلاق؛ ولأنه مفهوم يلصق بالقرآن ليس في ألفاظه ولا في معانيه ما يدل عليه وما كان كذلك فلا يصح أن ينسب إليه أصلا إذ ليست نسبته إليه على أن مدلوله أولى من نسبة ضده إليه ولا مرجح يدل على أحدهما فإثبات أحدهما تحكم وتقول على القرآن ظاهر وعند ذلك يدخل قائله تحت إثم من قال في كتاب الله بغير علم». [الموافقات (3/ 394).و انظر: التبيان في أقسام القرآن (1/ 50)]
2 - «أن يكون له شاهد نصا أو ظاهرا في محل آخر يشهد لصحته من غير معارض؛ لأنه إن لم يكن له شاهد في محل آخر أو كان له معارض صار من جملة الدعاوى التي تدعى على القرآن والدعوى المجردة غير مقبولة باتفاق العلماء». [الموافقات (3/ 394).و انظر: التبيان في أقسام القرآن (1/ 50). مناهل العرفان (1/ 549)]
3 - أن لا يكون تأويلاً سخيفاً بعيداً عن معنى الآية، كتفسير بعضهم قوله تعالى:} وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {[العنكبوت: 69] حيث فسر (لمع) على أنها فعلاً ماضياً بمعنى أضاء، وكلمة
(المحسنين) مفعولاً له. [انظر: مناهل العرفان (1/ 549)، ومباحث في علوم القرآن، للقطان (309)]
4 - أن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم. [التبيان في أقسام القرآن (1/ 50)]
5 - أن لا يدعى أنه المراد وحده دون الظاهر؛ لكي يتميز عن التفسير الباطني الملحد الذي يمنع إرادة المعنى الظاهر، ويتمسك بالمعنى الباطن وحده. [مناهل العرفان (1/ 549)]
تلك هي الشروط التي ذكرها العلماء لقبول التفسير الإشاري، وقد أجملها ابن القيم فقال:
«وتفسير الناس يدور على ثلاثة أصول:
تفسير على اللفظ: وهو الذي ينحو إليه المتأخر ون.
وتفسير على المعنى: وهو الذي يذكره السلف.
وتفسير على الإشارة والقياس: وهو الذي ينحو إليه كثير من الصوفية وغيرهم.
وهذا لا بأس به بأربعة شرائط:
1 - أن لا يناقض معنى الآية.
2 - وأن يكون معنى صحيحا في نفسه.
3 - وأن يكون في اللفظ إشعار به.
4 - وأن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم.
فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطا حسنا». [التبيان في أقسام القرآن (1/ 50)]
(راجع: التفسير الإشاري، دراسة وتقويماً، لعمر سالم الخطيب، رسالة ماجستير، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية).
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[25 May 2003, 03:37 م]ـ
شيخنا (القصير)
أولا: بارك الله فيك على ما أفدتني به، مما يمكن أن يطلق عليه (بحث مختصر) ومفيد حول ما سألتك عنه.
ثانيا: ما هو موقف الزرقاني ـ الشخصي ـ من تفسير الصوفية، حيث نقلت لكم ما قد يوهم التعارض.
ثالثا: أين أجد دراسة / عمر سالم الخطيب، أي أين طبعت، وهل لها ـ أي الدار ـ فرعا في مصر؟
بارك الله في علمكم وحرصكم، وزادكم منهما
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[27 May 2003, 02:36 م]ـ
أخي الكريم محمد يوسف:
أولا: كلام الزرقاني في هذه المسألة ليس فيه تعارض فهو يذكر أن التفسير الإشاري عند الصوفية فيه ما هو حق يجوز قبوله وهو ما تحققت فيه الشروط التي ذكرتها سابقا، وفيه ماهو باطل يجب رده وعدم قبوله.
ويجب التفريق بين تفسير الصوفية والباطنية، فالصوفية يعتقدون بالظاهر ويؤمنون به، بخلاف الباطنية فإنهم لا يؤمنون بالظاهر، ولذا أجمع العلماء على بطلان تفسير الباطنية وعدوه من الزندقة والتحريف لكلام الله تعالى بخلاف تفسير الصوفيه.
علماً بأن هذه المسألة أعني قبول التفسير الإشاري من عدمة للعلماء فيها أقوال ليس هذا موضع بسطه، لكن الذي عليه الجمهور أنه يقبل بالشروط السابق ذكرها.
ثانيا: دراسة عمر سالم الخطيب لم تنشر، وإنما هي عبارة عن رسالة مطبوعة في جامعة الإمام فقط ومحفوظة في مكتبة الملك فهد الوطنية ويمكن تصويرها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العبيدي]ــــــــ[28 May 2003, 02:23 م]ـ
بارك الله فيكم على هذا الموضوع
لكن ثمة إشكال وهو ما ذكرته من الشرط الثاني لقبول التفسير الإشاري
«أن يكون له شاهد نصا أو ظاهرا في محل آخر يشهد لصحته من غير معارض؛ لأنه إن لم يكن له شاهد في محل آخر أو كان له معارض صار من جملة الدعاوى التي تدعى على القرآن والدعوى المجردة غير مقبولة باتفاق العلماء»
و الإشكال هو: إذا كان التفسير الإشاري لا بد له من أن يكون له شاهد، نصاً أو ظاهراً لم يعط معنى بذاته و إذا كان الأمر كذلك فلا يمكن أن يؤخذ منه معنى جديد، إلا إذا كان له شاهد.
و جزاكم الله خيرا.
ـ[العبيدي]ــــــــ[30 May 2003, 01:45 م]ـ
وبناء على هذا الإشكال لا يكون التفسير الإشاري حجة وجزاكم الله خيرا
ـ[العبيدي]ــــــــ[31 May 2003, 02:26 م]ـ
جزى الله خيرا من يجيب عن هذا الإشكال
ـ[خضر عثمان]ــــــــ[01 Jun 2007, 02:32 م]ـ
جزى الله الجميع كل خير. هل من الممكن تزويدنا بدراسة مقارنة أو موضوعية عن التفسير الإشاري مع التفسير بالرأي أو المأثور وبيان مدى توافق هذا التفسير أو تعارضه مع الأنواع الأخرى (المأثور والرأي المحمود) وخصوصا التفسير الإشاري عند الالوسي. وبارك الله فيكم.
خضر مصطفى عثمان
ماجستير في التفسير وعلوم القرآن
عمان ــ الأردن(/)
حكم تفسير التابعي الذي صرح بكون كل ما معه من التفسير قد تلقّاه عن الصحابي
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[20 May 2003, 10:35 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ذكر الزرقاني ـ رحمه الله ـ في (المناهل) أن العلماء رحمهم الله اختلفوا في تفسير التابعي، أهو في حكم المرفوع أو ليس في حكمه، و أن العلة في كونه في حكم المرفوع ـ عند من يقول بذلك ـ هو أن التابعي جل ما معه من التفسير إنما هو من الصحابي …… و لكن هل يطرد هذا في كل التابعين؟
لأن من التابعين من صرح بأن كل ما معه من التفسير إنما أخذه كله من الصحابي، فمجاهد مثلا يقول (عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات أستوقفه عند كل اية و أسأله عنها) أو ما في معناه.
و هذا عكرمة مولى ابن عباس يقول ما معناه (كل ما علمتكم من تفسير ما بين اللوحين إنما أخذته من ابن عباس)
فهل يؤخذ من ذلك أن تفسيري مجاهد وعكرمة هما في الحقيقة تفسير لابن عباس، وبالتالي يكون لهما حكم الرفع عند بعض العلماء كما ذهب الى ذلك الحاكم كما في مستدركه؟
وهنا أمر اخر مبني على الأمر الأول: قال الامام الشافعي ـ رضي الله عنه ـ (لم يصح عن ابن عباس في التفسير الا مائة حديث فقط) أو ما في معناه.
فهل ننسب الى ابن عباس تفسير كل من مجاهد و عكرمة، لأنهما صرحا بأن كل ما معهما من التفسير إنما هو من ابن عباس فنكون قد نسبنا الى ابن عباس تفسير ولكن ليس من طريقه مباشرة؟
سؤال اخر: ما المراد من قول الامام أحمد (ثلاثة لا أصل لها التفسير و المغازي و الملاحم)؟
هل هذا على سبيل الغالب في التفسير المأثور كما أشار الى ذلك الزرقاني
هل (مسلمة أهل الكتاب) هم من أسلموا وكانوا من قبل من أهل الكتاب ككعب الأحبار ووهب بن منبه؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[09 Jul 2004, 12:57 ص]ـ
حول القول المنسوب للإمام أحمد: قال الميموني: سمعت الإمام أحمد يقول: ثلاثة كتب ليس لها أصول: المغازي , الملاحم , التفسير.
الجامع لأخلاق الراوي (2/ 162)
قال الخطيب البغدادي: وهذا الكلام من أحمد محمول على وجه وهو أن المراد به كتب مخصوصة في هذه المعاني غير معتمد عليها ولا موثوق بصحتها لسوء أحوال مصنفيها وعدم عدالة ناقليها وزيادات القصاص فيها. اه
وذكر الألباني رحمه الله أن مراده أن أغلبها مراسيل، وليست متصلة الأسانيد.
وقد رجعت إلى رسالة: تفسير التابعين للدكتور محمد بن عبدالله الخضيري، وكنت أظنه سيحسم الخلاف في مسألة حكم تفسير التابعي، إلا أنه لم يفعل ذلك، وذكر كلاماً عاماً يبدو لي أنه لم يحرره التحرير المطلوب.
وكأني به قد أخر بحث هذه المسألة حتى ضاقت به المدة فكتبها على عجل. مع أن رسالته هذه تعتبر من الرسائل المتميزة.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[09 Jul 2004, 05:06 م]ـ
أخي الكريم
مثل هذه التعميمات التي تصدر عن بعض التابعين في أن كل ما عندهم قد تلقوه عن الصحابة، أو عن واحد منهم مما لا يؤخذ على إطلاقه، لكن يُستأنس به، كما أن موافقته لتفسير الصحابي يُستأنس بكونه أخذ عنه، ولا يُجزم بأخذه بسبب هذه الموافقة فقط؛ لأن احنمالأن يتفقا من غير توالف أو نقل التابعي عن الصحابي واردٌ.
والصحيح في هذا أن ما لم ينسبه إلى غيره فهو له، إلا إذا قامت شواهد دالة على أنه نقله عن الصحابي.
وقد ورد هذا المذهب عن قتادة، فقد زعم أن ما قاله في التفسير مما سمعه، فكانه ليس له رأي مستقل في تفسيره.
وأما قول مجاهد فليس فيه أنه لم يقل برأيه، وإنما فيه أنه أخذ التفسير عن ابن عباس، وليس من لازم ذلك أنه لم يقل برأيه.
وأما رأي الإمام أحمد فقد فسره غير ما واحد، ومن أقربها إلى الصواب ما ذكره شيخ الإسلام في غير ما موضع من كتبه كمقدمة في أصول التفسير ومنهاج السنة النبوية، وقد بين أن المراد بهذه االعبارة أن هذه الكتب يغلب عليها المراسيل.
أما عبارة الحاكم، فالظاهر انها مخصوصة بأسباب النزول وما في حكمها، كما قد بين ذلك في كتابه معرفة علوم الحديث.
وعلى كلٍ فهذه الموضوعات جديرة بالدراسة والتأمل، وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[09 Jul 2004, 06:25 م]ـ
وممَّا فُسِّرَت به عبارة الإمام أحمد:
أنه أراد تفسيراً بعينه؛ هو تفسير مقاتل بن سليمان (ت:150) ,
ويُقّوِّيه ما قاله ابن المبارك (ت:181) رحمه الله عن تفسير مقاتل:
(ما أحسنه من تفسير لو كان فيه "حدثنا").
ولعل هذا يرجع إلى المعنى الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية (ت:728) رحمه الله , فيما ساقه شيخنا الطيار وفقه الله.(/)
نظرات ... في موقف المعاصرين من الإسرائيليات (2)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[21 May 2003, 03:32 ص]ـ
سبق الجزء الأول من هذا الموضوع على هذا الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=209
موقف المراغي رحمه الله من الإسرائيليات من خلال تفسيره:
1) قال في مقدمة تفسيره: (أشار الكتاب الكريم إلي كثير من تاريخ الأمم الغابرة ... ولم يكن لدى العرب من المعرفة ما يستطيعون به شرح هذه المجملات التي أشار إليها الكتاب ... فألجأتهم الحاجة إلى الاستفسار من أهل الكتاب من اليهود والنصارى ولا سيما مسلمتهم كعبد الله بن سلام وكعب الأحبار ووهب بن منبه فقصوا عليهم من القصص ما ظنوه تفسيراً لما خفي عليهم فهمه من كتابهم، ولكنهم كانوا في ذلك كحاطب ليل يجمع بين الشذرة والبعرة ... فساقوا إلى المسلمين من الآراء في تفسير كتابهم ما ينبذه العقل وينافيه الدين وتكذبه المشاهدة ويبعده كل البعد ما أثبت العلم في العصور اللاحقة)
ويظهر من هذا الكلام عدم رضاه عن دخول الإسرائيليات في التفسير.
2) وقد ذم المراغي كعب الأحبار ووهب بن منبه في كلام قريب مما سبق عن الشيخ رشيد رضا.
3) وهو مع ذلك وقع في رواية الإسرائيليات كما قال: (وللعلماء في الطعام الذي نزل في المائدة آراء) ثم ساقها ثم قال: (كما رواه ابن جرير عن ابن عباس) ولم يعلق.
ونقل في قوله {ألم يروا إلي الطير مسخرات في جو السماء .... } [النحل: 79] قال: (وقد كان العلماء قديماً يعلمون تخلخل الهواء في الطبقات العالية في الجو وهي نظرية لم تدرس في العلوم الطبيعية إلا حديثاً فقد أثر عن كعب الأحبار أنه قال إن الطير يرتفع في الجو اثني عشر ميلاً ولا يرتفع فوق ذلك).
وقال في قوله {فلما توفيتني كنت ... }: (وجاء في إنجيل يوحنا .... ) وقال في تفسير {عسى ربكم أن يهلك عدوكم ... ): وقد جاء في الفصل السادس من سفر الخروج من التوراة ... ).
موقف الشيخ محمود شلتوت كما في كتابه (تفسير القرآن الكريم):
قال: (فإنه لما حدثت بدعة الفرق والتطاحن المذهبي والتشاحن الطائفي ... وظهرت في أثناء ذلك ظاهرة خطيرة هي تفسير القرآن بالروايات الغريبة والإسرائيليات الموضوعة التي تلقفها الرواة من أهل الكتاب وجعلوها بياناً لمجمل القرآن وتفصيلاً لآياته) ثم قال: (قيّد هذا التراث العقول والأفكار بقيود جنت على الفكر الإسلامي فيما يختص بفهم القرآن والانتفاع بهداية القرآن).
موقف الشيخ عبدالقادر المغربي من خلال كتابه (تفسير جزء تبارك):
1) أثبت الشيخ الإسرائيليات في كتابه:
حيث قال: (وجاء في كتب الأوائل أنه في زمن أنوش بن شيث بن آدم ابتدأ في عبادة الأوثان وجعل الناس يسمون المخلوقات آلهة ... )
وقد روى بعض الإسرائيليات من غير رد عليها أو إبطال لها قال: (وذكر في الأسفار القديمة أن نوحاً ولد سنة 128من عمر أبيه لامك ... )
وقد علقت مراقبة الثقافة بالأزهر على هذا النقل وردته.
وقال في قوله {وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ... }: (ويكفي في الاستشهاد على ذلك ما جاء في (رؤى دانيال) من أسفار العهد القديم و (رؤيا يوحنا) من أسفار العهد الجديد ... )
وقال في قوله {وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة) [الحاقة: 9]: (ولا حاجة إلى ذكر ما جاء به قوم فرعون وقوم لوط من الخطايا والآثام ... غير أنا نذكر موجزاً من تاريخ حياة لوط حسبما ورد في الأسفار القديمة ... ).
2) قال الشيخ بعد إيراده لرواية تخالف القرآن وهي ما ردته مراقبة الثقافة في الأزهر من أن عمر نوح لما حصل الطوفان كان (600 سنة) قال بعد إيراده لها: (هذا منخول ما جاء في الكتب القديمة عن خبر نوح عليه السلام ونحن معشر المسلمين لا نصدقها ولا نكذبها بل نكل أمرها إلى العلم الحديث فهو الذي يمحصها ويميز غثها من سمينها).
قال الدكتور فهد الرومي: (أقول ليس هذا منهج المسلمين بل منهجهم تكذيب ما خالف النص القرآني لا التوقف أو تفويض أمره إلى العلم الحديث).
موقف الشيخ عبد العزيز الشاويش:
قال عن الإسرائيليات في كتاب أسرار القرآن: (هذا وليحذر المسلمون قراءة ما جاء في تفاسير القرآن في هذا الموضوع من الإسرائيليات وما ابتدعه أصحابها من التأويلات وغريب الروايات فإنها مضلة للعقول مبعدة لها عما قصده كتاب الله الحكيم).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال أيضاً في كتاب الإسلام دين الفطرة والحرية: (لنرجع إلى ما ذكره أولئك المفسرون في شرح آية " إرم ذات العماد " ... وإلى ما قالوه في الزلازل والثور الحامل للأرض ووصف يأجوج ومأجوج ... هذا بعض ما أتى به أولئك المفسرون ليتمموا به كلام الله تعالى فأضحكوا منهم الصبية والبله فضلاً عن العقلاء من الناس كما أنهم حملوا غير المسلمين على الاستهزاء بالدين والسخرية بالقرآن الكريم)
فالذي يظهر أن موقفه منها هو:
1 - عدم روايتها وإدخالها في كتب التفسير.
2 - أنها مضلة للعقول ومبعدة عما قصده القرآن.
3 - أنها تحمل على الاستهزاء من الدين.
موقف الشيخ أحمد شاكر رحمه الله من الإسرائيليات:
يقول رحمه الله في (عمدة التفسير): (إن إباحة التحدث عنهم فيما ليس عندنا دليل على صدقه ولا كذبه شيء، وذكر ذلك في تفسير القرآن وجعله قولاً أو رواية في معنى الآيات أو في تعيين ما لم يعين فيها، أو في تفصيل ما أجمل فيها شيء آخر، لأن في إثبات مثل ذلك بجوار كلام الله ما يوهم أن هذا الذي لا نعرف صدقه ولا كذبه مُبَيِّن لمعنى قول الله سبحانه ومفصل لما أجمل فيه وحاشا لله ولكتابه من ذلك. وإن رسول الله e إذ أذن بالتحدث عنهم أمرنا أن لا نصدقهم ولا نكذبهم فأي تصديق لرواياتهم وأقاويلهم أقوى من أن نقرنها بكتاب الله ونضعها منه موضع التفسير والبيان ... ) ثم قال: (ومن أعظم الكلم في الدلالة على تنزيه القرآن العظيم عن هذه الأخبار الإسرائيلية كلمة لابن عباس رواها البخاري في صحيحه ونقلها عنه الحافظ ابن كثير عند تفسير الآية (79) من سورة البقرة قال ابن عباس: "يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل الله على نبيه أحدث أخبار الله تقرؤونه محضاً لم يُشب وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب قد بدلوا كتاب الله وغيروه وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسائلتهم ولا والله ما رأينا منهم أحداً قط سألكم عن الذي أنزل إليكم" قال وهذه الموعظة القوية الرائعة رواها البخاري في ثلاثة مواضع من صحيحه)
موقف الشيخ صديق حسن خان كما في كتابه (فتح البيان في مقاصد القرآن):
1) قال المقدم للكتاب: (أما الكتاب فهو نادرة بين كتب التفسير لأنه خلا من الإسرائيليات).أ. هـ.
وفي هذا إشارة إلى خلو الكتاب منها.
2) إلا أن الشيخ رحمه الله قد أدخل الإسرائيليات في كتابه كما في قصة الملكيين من سورة البقرة، وكما في وصف عصا موسى وطولها واسمها وأنها كانت مع آدم ثم توارثها الأنبياء ثم علق بعد ذلك بقوله (كذا قيل والله أعلم) أ.هـ.
فالذي يظهر أنه أوردها من باب الاستنئاس بها أو نقلاً عمن سبقه.
وللحديث بقية.(/)
تفسير الشيخ عبدالرحمن الدوسري، ماذا تعرف عنه؟
ـ[هلال بن بلال]ــــــــ[21 May 2003, 05:07 ص]ـ
بسم الله والحمد لله
تفسير الشيخ عبدالرحمن الدوسري ت (1399هـ) المسمى بـ (صفوة الآثار والمفاهيم من تفسير القرآن العظيم) هذا تفسير رائع جداً، خصوصاً لزماننا هذا، وعندي من هذا التفسير مجلدان:
الأول: يقع في 304 صفحات، ويحتوي على تفسير سورة الفاتحة فقط. وقد صُبع عام 1401هـ في مكتبة دار الأرقم بالكويت.
المجلد الثاني: يقع في 512 صفحة، ويحتوي على تفسير سورة البقرة إلى آية (176).وطُبع في نفس العام وفي نفس الدار.
ورأيت المجلد الثالث والرابع من هذا التفسير في مكتبة ابن القيم بجامع شيخ الإسلام ابن تيمية بالرياض، وقد انتهى في الجزء الرابع من تفسير سورة آل عمرن.
ولا أدري هل هذا التفسير القيم طُبع كاملاً أم لا.
من كانت لديه معلومات أخرى فليضفها حتى نستفيد جميعاً.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 May 2003, 05:47 ص]ـ
بسم الله
تفسير الشيخ الدوسري رحمه الله تعالى من التفاسير القيمة التي لها عناية بمعالجة مشاكل الأمة من خلال القرآن الكريم، وفيه شبه من تفسير سيد قطب من عدة نواحي. وقد توقفت طباعة الكتاب منذ فترة.
وقد درس أخونا الشيخ محمد الربيعة منهج الدوسري في تفسيره في رسالته للماجستير قبل سنوات ‘ وأخبرني أن الكتاب قد أعد للطباعة من جديد، ووصلت مجلداته إلى قريب من العشرة [أو تزيد]، ولعله يخبرنا عن آخر أخبار هذه الطبعة فهو من أعضاء هذا الملتقى. والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 May 2003, 01:29 م]ـ
سألت صاحب دار المغني قبل أمس عن هذا التفسير. حيث تقوم دار المغني بالرياض بطباعته فأخبرني أنه لا يزال تحت مراجعة الطباعة، وقد تأخر بعض المراجعين في إعادته لهم. وسيصدر قريباً إن شاء الله.
ـ[هلال بن بلال]ــــــــ[23 May 2003, 02:43 م]ـ
بسم الله والحمد لله
جزاكما الله كل خير ..
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[25 May 2003, 01:19 م]ـ
أحب أن أزيد توضيحاً على ماذكره الأخوين محمد وعبد الرحمن بورك فيهما عن موضوع تفسير الدوسري رحمه الله، وهو أن التفسير كما ذكر ألأخوين تحت الطبع وقد تولى طباعته دار المغني ولكن تعسرت ولادته عندهم بسبب التصحيح والتدقيق، وقد اتصل عدة مرات على ابن الشيخ للتأكيد عليه، كما اتصلت على صاحب المكتبة وأفاد بأن سبب التأخر هو التصحيح، ووعد بأنه خلال ستت أشهر سيخرج التفسير كاملاً في تسعة أو عشرة مجلدات، وفيما يتعلق بمنهج الشيخ في التفسير، فقد قمت بتوفيق الله بدراسة التفسير ومنهج المؤلف فيه في بحث رسالة الماجستير، وسيطبع قريباً بإذن الله تعالى.
ـ[الراية]ــــــــ[22 Jan 2004, 08:20 م]ـ
شيخنا الكريم/محمد الربيعة .. حفظه الله
هل من جديد عن هذا السفر العظيم ...
وفقكم الله لكل خير ونفع الله بعلمكم
ـ[ابو الحسن]ــــــــ[04 May 2004, 01:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والله الذي لااله الا هو لم يجعلني أسجل بهذا المنتدى الا هذا التفسير للعلامه عبدالرحمن الدوسري رحمه الله
يا أخوان انا بحثت عليه لمده اكثر من 7 شهور وانا من اهل الكويت ولم احصل الا على مجلد واحد فقط الا وهو الفاتحه ...
ولكن اريد من اهل السعودية ان يوضحولنا الامر هل هو موجود في المملكة العربيه السعودية .. ؟ وفي اي مكتبه او اي دار نشر؟
ثم هل تستطيعون مساعدتي بتوفير رقم جوال احد ابناء العلامه رحمه الله لكي احاول ان احصل على مؤلفات الشيخ من قبل ابناءه؟
وهل توجد اي مؤلفات تباع للشيخ في مكاتب المملكه؟
انا حصلت على 11 شريط صوتي في الكويت وعلى كتاب واحد فقط الى الان ولازال البحث جاري
وبالنسبه للتفسير فهل من جديد يا اخوه؟
ـ[ابو الحسن]ــــــــ[09 May 2004, 05:22 م]ـ
للرفع
هل من جديد يا اخوان ........ ؟
ـ[ابو الحسن]ــــــــ[21 May 2004, 12:50 ص]ـ
يا اخوه احد يرد علي كيف احصل على هذا التفسير العظيم؟
ـ[ابوبنان]ــــــــ[18 Aug 2004, 02:49 م]ـ
امنية نتمنى ان نراها تحققت وشكرا للشيخ الربيعة على هذا الاهتمام بسفر الشيخ العظيم
وجزيتم خيرا
ـ[سلطان الدين]ــــــــ[18 Aug 2004, 03:10 م]ـ
نود من الشيخ محمد الربيعة أن يعطينا نبذة يسيرة عن تفسير الشيخ الدوسري , ولو كان ذلك رؤوس أقلام.
وحتى يشجعنا على شراء كتابه أيضاً (وجه مبتسم).
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Aug 2004, 07:54 م]ـ
أخي الكريم سلطان الدين وفقه الله وجميع الإخوة الكرام.
سبق أن عرض الشيخ محمد الربيعة طرفاً من تفسير الدوسري في حلقات في هذا الملتقى ومنها:
صفوة القول في تفسيرالدوسري (صفوة الآثار والمفاهيم) (1) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?1- s=&threadid=1309).
2- صفوة القول في تفسير الدوسري (صفوة الآثار والمفاهيم) (2) [المميزات] مهم ... ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=1354).
وفقكم الله لكل خير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلطان الدين]ــــــــ[18 Aug 2004, 11:15 م]ـ
جزاك الله خيراً ياشيخ عبدالرحمن.
ولكن عندي استشكال!!
فقد قال الشيخ الربيعة في مقاله الذي قد وضعت رابطه:
(وبعد هذا البيان المختصر لمكانة تفسير الدوسري وما تميّز به أستطيع القول وبكل ثقة أن هذا التفسير يعد من أفضل التفاسير المتأخرة ولو قدّر الله له التمام لكن أزكى وأتم، ولكن حسبنا أنه جاء على أعظم سور القرآن وأطولها)
فهذا يدل على أن التفسير لم يتم ...
ولكنه قال فوق:
(كما اتصلت على صاحب المكتبة وأفاد بأن سبب التأخر هو التصحيح، ووعد بأنه خلال ستت أشهر سيخرج التفسير كاملاً في تسعة أو عشرة مجلدات)
فكيف هذا؟
هل تم التفسير أم لا؟
أم يقصد بـ (كاملاً) أي الذي وجد للشيخ منه!
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Aug 2004, 10:25 ص]ـ
نعم يقصد الأخ محمد الربيعة بقوله (كاملاً) أي الذي فسره الشيخ من القرآن. لأن الشيخ الدوسري لم يتم تفسير القرآن كاملاً.
ـ[أويس القرني]ــــــــ[22 Aug 2004, 02:48 ص]ـ
أين وصل الشيخ الدوسري رحمه الله في تفسيره نفع الله بكم
ـ[الراية]ــــــــ[26 Nov 2004, 01:09 م]ـ
بشرى
صدر حديثاً
صفوة الآثار والمفاهيم من تفسير القران العظيم
تأليف: الشيخ عبد الرحمن بن محمد الدوسري - رحمه الله -
الناشر: دار المغني
في سبع مجلدات
من الفاتحة الى النساء آية 176
غير أن تجليد الكتاب والاخراج الفني ليس بالوضع المناسب لمكانة الكتاب ومؤلفه!
السؤال /
هل هذا القدر من التفسير الى النساء آية 176 هو آخر ما فسره الشيخ - رحمه الله - من تفسير للقران الكريم؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[26 Nov 2004, 03:56 م]ـ
السلام عليكم
أرغب من اي اخ أن ينقل لنا تفسير آية أو آيتين من تفسير الشيخ الدوسري حتى نشارككم في إنتظار طباعته
ـ[ابو الحسن]ــــــــ[14 Mar 2005, 03:04 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخ الغالي الراية:
انا اخوك ابو الحسن من دولة الكويت هل لك اخي الفاضل ان تخبرني على كيفيه الحصول لهذا التفسير العظيم ... !
انت تقول انه صدر حديثا والناشر دار المغني .. !
طيب اين تقع دار المغني؟
وهل لها فرع بالكويت
وهل استطيع ان اشتري منهم المجلدات عبر الانترنت؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Mar 2005, 07:57 ص]ـ
هذا رقم دار المغني 0096614257019 فيمكنك الاتصال بهم، ودار المغني في مدينة الرياض
ـ[محمد الحوري]ــــــــ[27 Apr 2006, 12:26 م]ـ
أعلمكم أن الكتاب طبع منه تسعة مجلدات أصدرته دار المغني ونقوم الآن بدراسة نقدية لهذا الكتاب الرائع بتوجيه الشيخ فضل عباس لنا في مادة (مناهج المفسرين) وأنا أدرس المجلدين الثالث والرابع يبدأ المجلد الثالث من الآية 177إلى نهاية سورة البقرة والمجلد الرابع خصصه لسورة آل عمران
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[29 Apr 2006, 01:03 م]ـ
وأضيف أنَّ رسالة الشيخ سليمان الطيار - والد الدكتور مساعد الطيار - للماجستير كانت عن الشيخ عبدالرحمن الدوسري، ونحن منذ مناقشته قبل 27 عاماً نلح عليه في طبعها، وأظنها الآن تحت الطبع، وهي رسالة قيمة وافية.
ـ[الراية]ــــــــ[02 May 2006, 01:00 م]ـ
بارك الله في الوالد والابن
ونفع بعلمهم
عائلة علم ما شاء الله
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[19 Nov 2009, 02:08 ص]ـ
وأضيف أنَّ رسالة الشيخ سليمان الطيار - والد الدكتور مساعد الطيار - للماجستير كانت عن الشيخ عبدالرحمن الدوسري، ونحن منذ مناقشته قبل 27 عاماً نلح عليه في طبعها، وأظنها الآن تحت الطبع، وهي رسالة قيمة وافية.
بشرونا هل تمت طباعتها؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 Nov 2009, 03:32 م]ـ
وأضيف أنَّ رسالة الشيخ سليمان الطيار - والد الدكتور مساعد الطيار - للماجستير كانت عن الشيخ عبدالرحمن الدوسري، ونحن منذ مناقشته قبل 27 عاماً نلح عليه في طبعها، وأظنها الآن تحت الطبع، وهي رسالة قيمة وافية.
عنوان الرسالة: حياه الداعية عبدالرحمن بن محمد الدوسري، وهي رسالة ماجستير في كلية الدعوة - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[19 Nov 2009, 03:35 م]ـ
عنوان الرسالة: حياه الداعية عبدالرحمن بن محمد الدوسري، وهي رسالة ماجستير في كلية الدعوة - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
هل تم طباعتها أحسن الله إليكم؟!
وهل من نسخة مصورة؟(/)
ركن الاستنباط، وذكر فوائد الآيات
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 May 2003, 06:21 م]ـ
بسم الله
يسرني أن أطرح على إخواني الكرام أعضاء هذا الملتقى هذه الفكرة حتى نتشاور في الطريقة المناسبة لعرضها، وهي فكرة استخراج الفوائد، واستنباط الأحكام من الآيات الكريمة؛ لأن الاستفادة من القرآن الكريم بهذه الطريقة يحصل بها علم كثير كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه: أحكام من القرآن الكريم.
ولا شك أن استنباط الفوائد من الآيات له شروط وضوابط، ولعل الشيخ الكريم مساعد الطيار يذكرها لنا في بداية هذا المشروع الذي نرجو من جميع الإخوة الأعضاء أن يتفاعلوا معه، ويشاركوا فيه بجدية، حتى تعم الفائدة، وتجتمع الاستنباطات والفوائد والأحكام في ركن واحد حتى يسهل الرجوع إليها ‘ والاستفادة منها.
ولنبدأ مستعينين بالله تعالى، بعد معرفة آرائكم حول هذه الفكرة، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
ـ[السلطان]ــــــــ[23 May 2003, 12:40 ص]ـ
أخي الكريم أبا مجاهد أشد عضدك وأساندك في هذه الفكرة الجميلة وهذا الاقتراح البديع ولعلي أضع تصوراً عما يمكن الكلام فيه في هذا الموضوع القيم:
يمكن جعل الكلام في موضوع الاستنباطات القرآنية فيما يلي:
1 - تعريف الاستنباطات القرآنية.
2 - تأصيل هذه الاستنباطات من حيث الشروط والطرق وغير ذلك.
3 - بيان عناية العلماء والمفسرين خاصة بهذه الاستنباطات وذكر أشهر الكتب في ذلك.
4 - ذكر الأمثلة مع التحليل والتدقيق.
والله يرعاكم ويوفقكم لكل خير ...
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[24 May 2003, 05:53 ص]ـ
الأخ الفاضل أبو مجاهد العَبيدي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فاستجابة لطلبك المشاركة؛ أتقدم بهذه المشاركة، وهي جزء من أفكار كنت قد دوَّنتها في كتابي (مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر)، وإني لأرجو أن ينفع الله بها قائلها وقارئها وسامعها.
أقول:
إن موضوع الاستنباط من القرآن من الموضوعات المهمة التي يحسن بالمتخصصين العناية بها، وقد قُدِّمت في كلية أصول الدين رسالة في هذا الموضوع، قدمها الأخ الفاضل فهد الوهبي، وهي بإشراف الأستاذ الكبير الدكتور محمد بن عبد الرحمن الشايع ـ حفظه الله ـ، وإني إذ أقدِّم هذا الموضوع، فإني سأقسم الحديث فيه إلى وحدات، فأبد أولاً بمفهوم التفسير؛ لأنه الأساس الذي يبنى عليه الاستنباط والفوائد المرتبة على الآيات، ثُمَّ أتابع ما بعده من الموضوعات.
أولاً: مفهوم التفسير:
التفسير: بيان معاني القرآن الكريم.
وما كان فيه بيان للمعنى، فهو من التفسير، وما لم يكن فيه بيان للمعنى فهو خارج عن حدِّ التفسير.
ويدخل في التفسير أي معلومة يكون فيها بيان للمعنى، سواءً أكانت سبب نزول، أو غريب لفظة، أو قصة لا يتبين معنى الآية إلا بها، أو أثر نبوي في تفسير آية، أو آية مفسرة لآية، أو غير ذلك مما لا يفهم المعنى إلا به.
أما إذا فُهِمَ المعنى وبان بأحد هذه الأمور أو ببعضها معنى، فإنا ما بعده من المعلومات لا يكون من صلب التفسير، وإن كان له علاقة بالآية من جهة أخرى، فهو يكون من علوم الآية، كما أن تفسير الآية من عومها.
والذي قد يُلبِسَ على هذا صنيع بعض العلماء المتأخرين الذين أدخلوا في كتبهم ما ليس من التفسير، وحشوها بكثير مما عرفوه من معارف ففي علومٍ شتَّى، فالفقيه ينحو بكتابه نحو علم الفقه ـ كالقرطبي ـ والبلاغي ينحو بكتابه نحو علم البلاغة ـ كالزمخشري ـ والنحوي ينحو بكتابه نحو علم النحو ـ كأبي حيان ـ والمتفنن في بعض العلوم يحشوا كتابه بما لديه من معلومات هذه العلوم ـ كالرازي ـ ... الخ.
وهؤلاء قد رسموا لأنفسهم هذا المنهج في كتبهم، ولا يعني هذا أن كل ما قالوه فإنه من علم التفسير، لذا لا يصحُّ الاحتجاج بمناهجهم في التأليف على تحرير المراد بالتفسير؛ لأنهم ـ بلا خلاف ـ قد توسعوا في عرض المعلومات، وزادوا عن حدِّ التفسير، واستدرك بعضهم على بعض في إدخال هذه المعلومات في كتبهم التي هي في التفسير، بل قد يقع بعضهم فيما استدركه على الآخرين، فيذكر ما يزيد عن حدَّ التفسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا رجعت إلى ما رُوي عن السلف الكرام (الصحابة والتابعين وأتباعهم) واستقرأته، فإنك ستجده في أغلبه يُعنى ببيان المعاني المرادة بالتنْزيل، ولا تجد كثرة الاستطرادات التي ظهرت عند المتأخرين من علماء التفسير.
وهذا أصل تنطلق منه لتحديد مفهوم التفسير، فضلاً عن الأصل اللغوي للكلمة، وهو مأخوذ من مادة (فسر) التي تدل على كشف وإيضاح وبيان.
ثانيًا: الاستنباط:
الاستنباط استخراج ما كان خفيًّا، ليظهر للعيان، ومنه استنباط الماء؛ أي: إخراجه من باطن الأرض.
والاستنباط خلاف التفسير، وبينهما مغايرة ظاهرة، لكن قد تخفى هذه المغاير بسبب وجود الاستنباطات في كتب المفسرين، وبسبب قرب بعض الاستنباطات من الذهن، فيحسبها الناظر لها من التفسير، والحقيقة أنها مما يأتي بعد التفسير، فالتفسير شيء، والاستنباط شيء آخر.
وقد أشار السيوطي (ت: 911) إلى هذا في مؤلفه الممتع النفيس (الإكليل في استنباط التنْزيل (1: 282) تحقيق: د/ عامر العربي)، فقال:» ... فعزمت على وضع كتاب في ذلك، مهذب المقاصد، محرر المسالك، أُوِرد فيه كل ما يستنبط منه، أو استدل عليه به على مسألة فقهية أو أصلية أو اعتقادية، وبعضًا مما سوى ذلك، مقرونًا بتفسير الآية حيث توقف فهم الاستنباط عليه، معزوًّا إلى قائله من الصحابة والتابعين، مخرجًا منن كتاب ناقله من الأئمة المعتبرين ... «.
فتراه هنا فرَّق بين الاستنباط والتفسير، وجعل الاستنباط قد يتوقف على التفسير، وهذا صحيح؛ لأنَّ الاستنباط قد يكون من نصٍّ ظاهرٍ يغني تنْزيله عن تأويله، وقد يكون من نصٍّ يحتاج إلى تفسير، فلا يكون الاستنباط إلا بعد فهم المعنى.
ولا أحسب أن من تأمل الفرق بين التفسير والاستنباط يخفى عليه ما بينهما من التغاير في المادة العلمية، لكن لا يُفهم هنا أن الاستنباط غير مراد في كتب التفسير؛ كلاَّ، لكن الأمر هنا بيان مصطلحات، وذكر فروق بين متشابهات.
ثالثًا: صور الاستنباط:
سبقت الإشارة إلى أنَّ الاستنباط قد يكون من ظاهر تُغني تلاوته عن تفسيره لأنه لا حاجة له إلى أن يُفسَّر لظهوره ووضوحه، وأنَّه قد يكون الاستنباط من كلام يحتاج إلى تفسير، ثمَّ يأتي الاستنباط بعد ذلك.
وفي كلا الأمرين، فإنَّ أول ما يُنظر فيه في الأمر المستنبَطِ، والفائدة المعلَّقة بالآية؛ ينظر في صحة الفائدة أو الأمر المستنبط في ذاته، هل هو صحيح معتبر في الشرع، أو لا؟
فإذا كان المعنى المستنبط صحيحًا في ذاته، لا يخالف الشريعة، فإنه ينظر بعدَ ذلك إلى صحة ارتباطه بالآية، وصحة دلالتها عليه، إذ ليس كل استنباط مذكور ولا فوائد مرتبة على الآيات يكون صحيحًا من جهة دلالة الآية عليه.
أما ما يكون الاستنباط فيه بعد فهم المعنى (أي: التفسير) فإنه يزيد أمرًا، وهو صحةُ التفسير؛ لأنَّ التفسير إذا كان خطأً أو باطلاً، فإن ما يُستنبط منه، وما يرتب عليه من الفوائد سيكون خطأً محضًا، أو باطلاً صرفًا، على حسب التفسير المذكور.
ويمكن القول إن ضوابط الاستنباط الصحيح:
1 ـ أن يكون المعنى المستنَبطِ صحيحًا في ذاته، فلا يخالف أمرًا مقررًا في الشريعة؛ لأنه سيعتبر مردودًا.
2 ـ أن تكون الدلالة عليه صحيحة معتبرة، سواءً أكانت الدلالة على الوجه المستنبط ظاهرة، أم كانت خفية، ويدخل فيها أي نوع من أنواع الدلالات المعروفة عند الأصوليين؛ كدلالة الاقتضاء والإشارة والإيماء وغيرها من الدلالات التي تستخدم في الاستنباط.
3 ـ أن يكون التفسير المستنبط منه صحيحًا، فإن كان ضعيفًا أو باطلاً، فإن نتيجة الاستنباط ستنعكس عليه، وما بُني على باطل، فهو باطل.
رابعًا: أمثلة من الاستنباطات من كتاب (الإكليل في استنباط التنْزيل، للسيوطي)
1 ـ ذكر السيوطي (1: 295) عن الكرماني في قوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً) (البقرة: 22)، قال:» واستدل أكثر المفسرين بالآية على أن شكل الأرض بسيطة، وليس بكروي «. (ينظر: غرائب التفسير وعجائب التأويل (1: 125)).
وهذا الاستنباط فيه نظر؛ لأنَّ المعلومة المستنبطة بذاتها فيها خطأ، مع التحفظ أيضًا على قوله:» أكثر المفسرين «.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 ـ قوله تعالى: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) (البقرة: 49)، قال السيوطي (1: 302):» في العجائب للكرماني (1: 303): استدلَّ بها بعض من يقول بالتناسخ، وقال: إن القوم كانوا هم بأعيانهم، فلما تطاولت مدة التلاشي والبِلَى نسوا، فذُكِّرُوا.
قال] أي: الكرماني [: وهذا محال، وجهل بكلام العرب، فإن العرب تخاطب بمثل هذا، وتعني الجدَّ الأعلى، والأب الأبعد «.
وهذا الاستنباط خطأ محض؛ لأن المعلومة المستنبطة باطلة بذاتها، فالقول بالتناسخ باطل بذاته، وربطه بالقرآن باطل أيضًا.
3 ـ قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعا) (البقرة: 29)، قال السيوطي (1: 296):» استدل به على أن الأصل في الأشياء الإباحة، إلا ما ورد الشرع بتحريمه «.
4 ـ قوله تعالى: (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ)] النجم: 23 [، قال السيوطي (ت: 911):» استدل به على أن اللغات توقيفية، ووجْهُه: أن الله تعالى ذمَّهم على تسمية بعض الأشياء بما سموها به، ولولا أن تسمية غيرها من الله توقيف؛ لما صحَّ هذا الذمُّ؛ لكون الكلِّ اصطلاحًا منهم «. (3: 1220)
وهذا الاستدلال ضعيف، وقد نبَّه المحقق الدكتور عامر العربي على هذا الضعف، فقال:» لأن الذم غير منصب على مجرد التسمية، وإنما على تسمية الأصنام آلهة، ونفهم من هذا أن التسمية إذا خلت مما يتعارض مع الشرع تكون جائزة «.
وفي هذا المثال تجد أن المسألة المستدل لها، وهي (توقيف اللغات) مختلف فيها، وهذه من صور الاستنباطات التي يقع التنازع في صحة أصلها، وهي راجعة إلى الاجتهاد، وليست كما في سابقاتها مما دلَّ الشرع على بطلانه، والله أعلم.
5 ـ قوله تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ)] الحشر: 2 [، قال السيوطي (ت: 911):» استدل به على حجية القياس، وأنه فرض كفاية على المجتهدين؛ لأن الاعتبار قياس الشيء بالشيء «. (3: 1241).
6 ـ قوله تعالى (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)] الحشر: 10 [، قال السيوطي:» قال مالك: من كان له في أحد من الصحابة قول سَيِّئٌ أو بغض، فلا حظَّ له في الفيء «. (3: 1243).
7 ـ قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)] الجمعة: 9 [، قال السيوطي:» أبح الانتشار عقب الصلاة، فيستفاد منه تقديم الخطبة عليها «. (3: 1251).
8 ـ قوله تعالى: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)] التحريم: 3 [، قال السيوطي:» فيها: أنه لا بأس بإسرار الحديث إلى من يركن إليه من زوجة أو صديق.
وأنه يلزمه كتمه.
وفيها حسن العشرة مع الزوجات.
والتلطف في العتب.
والإعراض عن استقصاء الذنب «. (3: 1269).
9 ـ قوله تعالى: (وامرأته حمالة الحطب)، قال السيوطي:» واستدل به الشافعي على صحة أنكحة الكفار «(3: 1353).
10 ـ قوله تعالى: (فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالجُنُودِ قَالِ إنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيسَ مِنِّي وَمَنْ لم يَطْعَمْهُ فَإنِّهُ مِنِّي إلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غَرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إلاَّ قَلِيلاً. .)] البقرة: 249 [، قال بعضهم:» هذه الآية مثل ضربَه الله للدُّنيا، فشبَّهها الله بالنهرِ، والشَّاربِ منه بالمائلِ إليها المستكثرِ منها، والتَّاركِ لشربِهِ بالمنحرفِ عنها والزاهدِ فيها، والمغترفِ بيدِه بالآخذِ منها قدرَ الحاجةِ، وأحوالٌ الثَّلاثةِ عندَ اللهِ مختلفةٌ «تفسير القرطبي 1: 251.
قال القُرْطُبِيُّ (ت: 671):» ما أحسن هذا الكلام لولا ما فيه من التَّحريفِ في التَّأويلِ، والخروجِ عن الظَّاهرِ، ولكن معناه صحيحٌ في غير هذا «.
وهذا من النوع الذي تكون الفائدة المستنبطة صحيحة في ذاتها، لكن حملها على معنى الآية غير صحيح.
وهذا غيض من فيض من الاستدلالات والاستنباطات والفوائد المعتبرات، وإنما ذكرته تذكرة ومثالاً يُحتذى، وأسأل الله لي ولكم التوفيق.
محبكم أبو عبد الملك،،،،
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[25 May 2003, 11:23 م]ـ
أخي أبا مجاهد
السلام عليكم وبعد
هل مرادك نقل دقائق الاستنباطات من كلام السابقين - متقدمين أو متأخرين - وجمعها في مكان واحد، أم تريد من الأعضاء ذكر استنباطاتهم هم التي يفتح الله بها على من شاء من عباده.
وكلا الأمرين مفيد
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 May 2003, 11:30 م]ـ
الأمر كما قلت أخي خالد: كلا الأمرين مفيد
نريد ذكر الاستنباطات المقتبسة من كلام العلماء، مع الحرص على بيان المرجع ما أمكن.
ولا نرد ما يفتح الله به على أحد من الفوائد والاستنباطات، مع الحرص على بيان مأخذها من الآية.
والفوائد المستنبطة من القرآن بحر لا ساحل الله، وكل يأخذ منه حسب ما عنده من عدة، و (قد علم كل أناس مشربهم).
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 May 2003, 10:48 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهنا استنباط لطيف، من قوله تعالى: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين) التوبة 122
وهي أن القوة والعلم أمران متلازمان، وأن السيف والرمح والقرطاس والقلم باب واحد - كما عبر المتنبي في أبياته الشهيرة، وأن المعرفة قوة كما في المثل.
ووجه الاستنباط هنا:
- أن الله سبحانه وتعالى في هذه الآية ذكر الخروج في طلب العلم بلفظ (النفر)، وكلمة النفر في هذه السورة تكررت لبيان الخروج للجهاد، كما في قوله: (انفروا خفافاً وثقالاً)، وقوله: (إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً)، وقوله: (مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله ... ).
والنفر في اللغة - كما يقول الأصفهاني: الانزعاج عن الشيء وإلى الشيء. المفردات 817
- أن هذه الآية الحاثة على الخروج في طلب العلم جاءت بين الآيات الحاثة على الخروج للجهاد.
فدل ذلك على أن طلب العلم جهاد، وأن حماية الفكر والحضارة والعلوم الإسلامية، هو ذاته حماية الأرض والعرض وتراب الأوطان الإسلامية من كيد الأعداء المتربصين. وتأملوا ماذا صنعت أمريكا بالعراق الآن بعدما احتلته، وكيف ركزت التدمير على المؤسسات العلمية والعلماء العراقيين، لأنهم طليعة الجيوش، وعقوله المفكرة.
وفي هذا تثبيت للعلماء وطلاب العلم في أماكنهم، وحث لهم على الجد والإخلاص فيما فرغوا أنفسهم لخدمة الأمة فيه، فكلٌ على ثغر. والتولي يوم الزحف من الكبائر!
وقد استنبط العلماء من هذه الآية فوائد أخرى مثل:
- أن الجهاد في سبيل الله فرض كفاية، وأن التفقه في الدين وتعليم الجهال كذلك كما ذكر السيوطي في الإكليل، وذلك مأخوذ من قوله: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة).
- مشروعية الرحلة في طلب العلم.
- استدل بها قوم قبول خبر الواحد، لأن الطائفة نفر يسير، بل قال مجاهد: إنها تطلق على الواحد.
-استدل بها قوم على جواز التقليد في الفقه للعامي.
الاكليل للسيوطي 2/ 837 - 838
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 May 2003, 10:18 م]ـ
هناك كتاب لم نشر إليه وهو من أنفع الكتب التي عنيت بالاستنباط من الآيات القرآنية، ولا أظن الأخ الكريم فهد الوهبي إلا قد اتخذه مرجعاً اساسياً في بحثه لموضوع الاستنباط، وهو كتاب:
الإشارات الإلهية إلى المباحث الأصولية.
لنجم الدين أبي الربيع سليمان بن عبدالقوي الطوفي رحمه الله.
وقد طبع في ثلاثة مجلدات بدار الفاروق الحديثة للطباعة والنشر.
وفقكم الله.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[30 May 2003, 02:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام، على قائد الغر المحجلين، نبينا محمد، وآله، وصحبه، ومن تبعه إلى يوم الدين، أما بعد:
في قوله تعالى في آية (34) سورة النمل {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}
في الآية قبول الحق حتى من الكافر.
وهي مأخوذة من تصديق الله لقولها بقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) على رأي ابن عباس، و الزجاج أنه ليس من تمام كلامها. تفسير الطبري 11/ 155 وزاد المسير 6/ 70.
(يُتْبَعُ)
(/)
في قوله تعالى في آية (28) سورة الأعراف {وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}
صدقهم الله في الأولى وهي (وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا) لما كانت حقا، وأكذبهم في الأخرى بقوله عز وجل (قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء).
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[30 May 2003, 10:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام، على قائد الغر المحجلين، نبينا محمد، وآله، وصحبه، ومن تبعه إلى يوم الدين، أما بعد:
فقال الله تعالى {لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ .. } (108) سورة التوبة.
وقال عز وجل {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ .. } (37) سورة النور.
وقال سبحانه {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ .. } (23) سورة الأحزاب.
استنبط بعض الناس من هذه الآيات أن الرجولة صفة حميدة يوصف بها من كان ذو دين، وخلق، ومرؤة، من الذكور، ومن كان سافلا، أو ناقص المرؤة، أو الدين؛ قالوا: لا تقل رجلا بل هو ذكر!
وهذا الاستنباط مع شهرته، وتلقي كثير من الناس له إلا أنه استنباط باطل!
وهذا الدليل: قال الرب تبارك وتعالى {وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ} (48) سورة الأعراف.
فسماهم رجالا وهم في النار.
وقال تعالى: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء} (81) سورة الأعراف.
وقال عز وجل: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء} (55) سورة النمل.
وقال تعالى: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ} (29) سورة العنكبوت.
فسماهم رجالا وهم يُفعل بهم ما يفعل.
وقال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (6) سورة الجن.
فسمى كفرة الإنس، والجن رجالا.
وفي لسان العرب 11/ 265: الرجل: معروف: الذكر من نوع الإنسان خلاف المرأة.
ـ[عبد الله]ــــــــ[31 May 2003, 09:48 م]ـ
قوله تعالى: ((وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى! الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى .. )) [الليل: 17 - 21] نزلت في أبي بكر رضي الله عنه بإجماع المفسرين، والأتقى: أفعل تفضيل مقرون بأل العهدية فيختص بمن نزل فيه، وقد استدل بها الفخر الرازي، مع قوله تعالى: ((إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ .. )) [الحجرات: 13] على أن أبا بكر أفضل الخلق بعد رسول الله r . انظر: التفسير الكبير للرازي 31/ 204.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[01 Jun 2003, 09:48 م]ـ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسيره:
قوله تعالى: {فما أصبرهم على النار}؛ «ما» تعجبية مبتدأ؛ وجملة {أصبرهم} خبرها؛ والمعنى: شيء عظيم أصبرهم؛ أو ما أعظم صبرهم على النار؛ وهذا التعجب يتوجه عليه سؤالان:
السؤال الأول: أهو تعجب من الله أم تعجيب منه؛ بمعنى: أيرشدنا إلى أن نتعجب ــــ وليس هو موصوفاً بالعجب؛ أو أنه من الله ــــ؟
السؤال الثاني: أن قوله: {فما أصبرهم} يقتضي أنهم يصبرون، ويتحملون مع أنهم لا يتحملون، ولا يطيقون؛ ولهذا يقولون لخزنة جهنم: {ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب} [غافر: 49]؛ وينادون: {يا مالك ليقض علينا ربك} [الزخرف: 77] أي ليهلكنا؛ ومن قال هكذا فليس بصابر؟
(يُتْبَعُ)
(/)
والجواب عن السؤال الأول: ــــ وهو أهو تعجب، أو تعجيب ــــ: فقد اختلف فيه المفسرون؛ فمنهم من رأى أنه تعجب من الله عز وجل؛ لأنه المتكلم به هو الله؛ والكلام ينسب إلى من تكلم به؛ ولا مانع من ذلك لا عقلاً، ولا سمعاً ــــ أي لا مانع يمنع من أن الله سبحانه وتعالى يعجب؛ وقد ثبت لله العجب بالكتاب، والسنة؛ فقال الله تعالى في القرآن: {بل عجبتُ ويسخرون} [الصافات: 12] بضم التاء؛ وهذه القراءة سبعية ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ والتاء فاعل يعود على الله سبحانه وتعالى المتكلم؛ وأما السنة ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَرِه» (2)؛ وعلى هذا فالعجب لله ثابت بالكتاب، والسنة؛ فلا مانع من أن الله يعجب من صبرهم؛ فإذا قال قائل: العجب يدل على أن المتعجب مباغَت بما تعجب منه؛ وهذا يستلزم أن لا يكون عالماً بالأمر من قبل ــــ وهو محال على الله ــــ؟
فالجواب: أن سبب العجب لا يختص بما ذكر؛ بل ربما يكون سببه الإنكار على الفاعل، حيث خرج عن نظائره، كما تقول: «عجبت من قوم جحدوا بآيات الله مع بيانها، وظهورها»؛ وهو بهذا المعنى قريب من معنى التوبيخ، واللوم؛ ومن المفسرين من قال: إن المراد بالعجب: التعجيب؛ كأنه قال: اعجب أيها المخاطب من صبرهم على النار؛ وهذا وإن كان له وجه لكنه خلاف ظاهر الآية.
وأما الجواب عن السؤال الثاني:- وهو كيف يتعجب من صبرهم مع أنهم لم يصبروا على النار – فقال أهل العلم: إنهم لما صبروا على ما كان سبباً لها من كتمان العلم صاروا كأنهم صبروا عليها، مثلما يقال للرجل الذي يفعل أشياء ينتقد فيها: ما أصبرك على لوم الناس لك مع أنه ربما لم يلوموه أصلاً؛ لكن فعل ما يقتضي اللوم؛ يصير معنى: {ما أصبرهم على النار} أنهم لما كانوا يفعلون هذه الأفعال الموجبة للنار صاروا كأنهم يصبرون على النار؛ لأن الجزاء من جنس العمل، كما تفيده الآيات الكثيرة، فيعبر بالعمل عن الجزاء؛ لأنه سببه المترتب عليه؛ و {النار} هي الدار التي أعدها الله سبحانه وتعالى للكافرين والظالمين؛ لكن الظلم إن كان ظلم الكفر فهم مخلدون فيها؛ وإن كان ظلماً دون الكفر فإنهم مستحقون للعذاب بحسب حالهم.
وذكر من فوائدها: إثبات العجب لله سبحانه وتعالى؛ لقوله تعالى: {فما أصبرهم على النار} ــــ على أحد الاحتمالين ــــ؛ وهو من الصفات الفعلية؛ لأنه يتعلق بمشيئته؛ وكل صفة من صفات الله تتعلق بمشيئته فهي من الصفات الفعلية.
فإذا قال قائل: ما دليلكم على أن العجب يتعلق بمشيئته؟
فالجواب: أن له سبباً؛ وكل ما له سبب فإنه متعلق بالمشيئة؛ لأن وقوع السبب بمشيئة الله؛ فيكون ما يتفرع عنه كذلك بمشيئة الله.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Jun 2003, 12:58 ص]ـ
بسم الله
هذه بعض الاستنباطات من آيات القرآن الحكيم:
- يؤخذ من خبر أصحاب القرية التي كانت خاضرة البحر التي وردت في سورة الأعراف = أن الداعية الذي يريد الإصلاح لا يكتفي بإقامة الحجة على المدعويين فقط؛ بل إن السعي لإصلاح المجتمع وتغيير المنكر يستهدف مصلحتين: أولاهما: مصلحة الداعي نفسه، وهي الإعذار إلى الله تعالى من خلال القيام بمسؤليته الشرعية في النصح والإبلاغ.
والثانية: مصلحة للمدعو، وهي الرجوع عن الباطل إلى الحق. وقد جمع الصالحون من أهل القرية هذين المعنيين في ردهم على الذين أرادوا تثبيط هممهم، فقالوا: (معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون).
ومن هنا يتبين لنا قصور الذين يكتفون في الإصلاح والنصيحة بهدف واحد وهو: الإعذار إلى الله تعالى، ولا يحرصون على بذل الوسع في تحقيق الأمر الثاني، وهو الحرص على رجوع العاصي إلى الحق.
فقد يكون هناك من يقع في المنكر، ويأتي إليه أحدنا وينصحه ويدعوه إلى الخير، ويكتفي بذلك؛ لأن هدفه إبراء الذمة والإعذار إلى الله تعالى. وهذا لا يكفي. فكل واحد يمكنه أن يقوم بهذا الإعذار بأي وسيلة. ولكن العبرة بالحرص على هداية الناس ببذل الوسائل الممكنة والمناسبة لتحقيق هذا الهدف. [مقتبسة من مقال في مجلة المنار الجديد العدد22 ص 27 لمحمد بن المختار الشنقيطي.]
- ومن لطائف الاستنباطات ودقيقها ما أورده السهيلي في كتاب الإعلام بما أبهم من الأسماء والأعلام في القرآن الكريم بقوله: (في قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام (وناديناه من جانب الطور الأيمن) وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: (وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر) والمكان المشار إليه واحد = قال ملخصه: (ووجه الفرق بين الخطابين أن الأيمن مشتق من اليمن، وهو البركة؛ فلما حكاه عن موسى في سياق الإثبات أتى بلفظه، ولما خاطب محمداً صلى الله عليه وسلم في سياق النفي عدل إلى لفظ الغربي لئلا يخاطبه فيسلب عنه لفظاً مشتقاً من اليمن،رفقاً بهما في الخطاب، وإكراماً لهما.) هذا حاصل ما ذكره وهو أصل عظيم في الأدب في الخطاب. انظر البرهان للزركشي 4/ 55 بتحقيق المرعشلي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[08 Jun 2003, 06:04 ص]ـ
الأخ الشيخ أبو مجاهد العبيدي .. رعاه الله .. الحقيقة ما طرحتَه هنا موضوع قيم وجميل (علماً بأن شهادتي في هذا الموضوع مجروحة) ..
وأشكر فضيلة الدكتور المحرر الشيخ مساعد الطيار على مشاركته في هذا الموضع ..
ومن باب الإضافة: فسوف أضيف قاعدة في معرفة الصحيح والباطل من الاستنباطات: وهو ما استطعت المشاركة به إذ أنني متوقف في المشاركة في هذا الموضوع حتى يبلغ الكتاب أجله.
قاعدة مختصرة في معرفة صحة الاستنباط من بطلانه:
وصحة الاستنباط متوقفة على أمرين:
الأول: صحة دلالة الآية على هذا المعنى المُسْتَنْبَط.
الثاني: صحة المعنى المستَنْبَط في ذاته. ويكون ذلك عند ثبوت صحة الدلالة بعدم وجود دليل آخر يدل على عدم صحتها ().
فالأول يعرف به صحة ارتباط هذا المعنى بالآية، فإن صح هذا الارتباط () نُظر بعد ذلك في المعنى المستنبط هل هو صحيح في العلم الذي استنبط فيه إذ قد تدل الآية على حكم يدل على بطلانه أدلة أخرى.
وعند تأمل حالات الصحة وعدمها يتبين أن الحالات أربع:
الأولى: صحة الدلالة والمعنى المستنبط.
الثانية: بطلانهما.
الثالثة: صحة الدلالة وبطلان المستنبط.
الرابعة: بطلان الدلالة وصحة المستنبط.
ولا يحكم على الاستنباط بأنه صحيح إلا في الحالة الأولى، أما في الثانية والثالثة فظاهر، وأما في الرابعة فلأن المقصود هو الحكم على صحة استنباط هذا المعنى من هذه الآية، وليس المقصود الحكم على صحة المعنى فقط، ولو لم نقيد الأمر بذلك لكان كل معنى صحيح يصح استنباطه من كل نصٍّ قرآني ولو لم يدل عليه ولا يقول بهذا أحد. كما أننا حين نحكم ببطلان هذا الاستنباط من هذه الآية فلا يعني ذلك دائماً عدم صحة المعنى المستنبط لكننا نفي دلالة الآية عليه. ومثال ذلك حتى يتضح الأمر:
استنبط السبكي من قوله تعالى: (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً) [الفرقان:] مسألة أصولية وهي أن الكف عن الفعل فعلٌ. قال:" فإن الأخذ التناول والمهجور المتروك، فصار المعنى تناولوه متروكاً. أي: فعلوا تركه" ().
فهذا الاستنباط عند تأمله نجد أنه لا دلالة في الآية عليه مع صحته في ذاته قال الشيخ الأمين: " استنباط السبكي من هذه الآية أن الكف فعل وتفسيره لها بما يدل على ذلك، لم يظهر لي كل الظهور" ().
لكنه مع ذلك أثبت صحة هذا المعنى المستنبط فقال: " ولكن هذا المعنى الذي زعم أن هذه الآية الكريمة دلت عليه، وهو كون الكف فلاً دلت عليه آيتان كريمتان من سورة المائدة، دلالة واضحة لا لبس فيها، ولا نزاع ... أما الأولى منهما فهي قوله تعالى: (لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون) فترك الربانيين والأحبار نهيهم عن قول الإثم وأكل السحت سماه الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة صنعاً في قوله: (لبئس ما كانوا يصنعون). أي: وهو تركهم النهي المذكور، والصنع أخص من مطلق الفعل، فصراحة دلالة هذه الآية الكريمة على أن الترك فعلٌ في غاية الوضوح كما ترى.
وأما الآية الثانية: فهي قوله تعالى: (كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون) فقد سمى جل وعلا في هذه الآية الكريمة تركهم التناهي عن المنكر فعلاً، وأنشأ له الذم بلفظة بئس التي هي فعل جامد لإنشاء الذم في قوله: (لبئس ما كانوا يفعلون) أي: وهو تركهم التناهي، عن كل منكر فعلوه، وصراحة دلالة هذه الآية أيضاً على ما ذكروه واضحة كما ترى" ().
ومن هذا المثال يتبين أن استنباط السبكي من آية الفرقان استنباط غير صحيح لعدم دلالة الآية عليه وأما استنباط ذات المعنى من الآيتين من سورة المائدة فاستنباط صحيح لدلالة الآية عليه دلالة صحيحة.
والله أعلم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Jun 2003, 06:35 ص]ـ
من نفائس النقول حول موضوع الاستنباط ما أورده الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه العُجاب: إعلام الموقعين [2/ 397 - 400 بتحقيق مشهور آل سلمان] حيث قال:
(يُتْبَعُ)
(/)
(والمقصود أن الواجب فيما علق عليه الشارع الأحكام من الألفاظ والمعاني أن لا يتجاوز بألفاظها ومعانيها، ولا يقصر بها، ويعطي اللفظ حقه والمعنى حقه، وقد مدح الله تعالى أهل الاستنباط في كتابه وأخبر أنهم أهل العلم، ومعلوم أن الاستنباط إنما هو استنباط المعاني والعلل ونسبة بعضها إلى بعض، فيعتبر ما يصح منها بصحة مثله ومشبهه ونظيره، ويلغى ما لا يصح، هذا الذي يعقله الناس من الاستنباط، قال الجوهري: الاستنباط كالاستخراج، ومعلوم أن ذلك قدر زائد على مجرد فهم اللفظ، فإن ذلك ليس طريقة الاستنباط، إذ موضوعات الألفاظ لا تنال بالاستنباط، وإنما تنال به العلل والمعاني والأشباه والنظائر ومقاصد المتكلم، والله سبحانه ذم من سمع ظاهراً مجرداً فأذاعه وأفشاه، وحمد من استنبط من أولي العلم حقيقته ومعناه.
ويوضحه أن الاستنباط استخراج الأمر الذي من شأنه أن يخفي على غير مستنبطه، ومنه استنباط الماء من أرض البئر والعين، ومن هذا قول علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وقد سئل: هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء دون الناس؟ فقال: لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه.
ومعلوم أن هذا الفهم قدر زائد على معرفة موضوع اللفظ وعمومه أو خصوصه، فإن هذا قدر مشترك بين سائر من يعرف لغة العرب، وإنما هذا فهم لوازم المعنى ونظائره ومراد المتكلم بكلامه ومعرفة حدود كلامه، بحيث لا يدخل فيها غير المراد، ولا يخرج منها شيء من المراد.
وأنت إذا تأملت قوله تعالى: " إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون " وجدت الآية من أظهر الأدلة على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وأن هذا القرآن جاء من عند الله، وأن الذي جاء به روح مطهر، فما للأرواح الخبيثة عليه سبيل، ووجدت الآية أخت قوله: " وما تنزلت به الشياطين * وما ينبغي لهم وما يستطيعون " ووجدتها دالة بأحسن الدلالة على أنه لا يمس المصحف إلا طاهر، ووجدتها دالة أيضاً بألطف الدلالة على أنه لا يجد حلاوته وطعمه إلا من آمن به وعمل به، كما فهمه البخاري من الآية فقال في صحيحه في باب: " قل فاتوا بالتوراة فاتلوها ". "لا يمسه" لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن بالقرآن ولا يحمله بحقه إلا المؤمن لقوله تعالى: "مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً" وتجد تحته أيضاً أنه لا ينال معانيه ويفهمه كما ينبغي إلا القلوب الطاهرة، وأن القلوب النجسة ممنوعة من فهمه مصروفة عنه، فتأمل هذا النسب القريب وعقد هذه الأخوة بين هذه المعاني وبين المعنى الظاهر من الآية واستنباط هذه المعاني كلها من الآية بأحسن وجه وأبينه.
فهذا من الفهم الذي أشار إليه علي رضي الله عنه.
وتأمل قوله تعالى لنبيه: "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم" كيف يفهم منه أنه إذا كان وجود بدنه وذاته فيهم دفع عنهم العذاب وهم أعداؤه، فكيف وجود سره والإيمان به ومحبته ووجود ما جاء به إذا كان في قوم أو كان في شخص؟ أفليس دفعه العذاب عنهم بطريق الأولى والأحرى؟.
وتأمل قوله تعالى: " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ". كيف تجد تحته بألطف دلالة وأدقها وأحسنها أنه من اجتنب الشرك جميعه كفرت عنه كبائره، وأن نسبه الكبائر إلى الشرك كنسبة الصغائر إلى الكبائر فإذا وقعت الصغائر مكفرة باجتناب الكبائر فالكبائر تقع مكفرة باجتناب الشرك، وتجد الحديث الصحيح كأنه مشتق من هذا المعنى، وهو قوله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى: "ابن آدم إنك لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لقيتك بقرابها مغفرةً" وقوله: "إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه" بل محو التوحيد الذي هو توحيد الكبائر أعظم من محو اجتناب الكبائر للصغائر.
وتأمل قوله تعالى:" وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون * لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين * وإنا إلى ربنا لمنقلبون " كيف: نبههم بالسفر الحسي على السفر إليه؟ وجمع له بين السفرين كما جمع لهم الزادين في قوله: "وتزودوا فإن خير الزاد التقوى" فجمع لهم بين زاد سفرهم وزاد معادهم؟ وكما جمع بين اللباسين في قوله: " يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون " فذكر سبحانه زينة ظواهرهم وبواطنهم ونبههم بالحسي على المعنوي، وفهم هذا القدر زائد على فهم مجرد اللفظ ووضعه في أصل اللسان، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.) انتهى.
وهنا سؤال: ما قولكم في الاستناط الذي استنبطه ابن القيم من آية النساء: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم) وهل هو صحيح على اطلاقه، خاصة أن ابن القيم أكد ذلك المعنى المستنبط بعدة قرائن؟!
أرجو من الإخوة إبداء الرأي حول هذا الاستنباط؛ فقد أشكل عليّ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Jun 2003, 05:50 ص]ـ
ومن استباطات ابن القيم رحمه الله:
(وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) فإذا كان رفع أصواتهم فوق صوته سبباً لحبوط أعمالهم؛ فكيف تقديم آرائهم وعقولهم وأذواقهم وسياساتهم ومعارفهم على ما جاء به ورفعها عليه؟ أليس هذا أولى أن يكون محبطاً لأعمالهم؟.) انتهى من إعلام الموقعين 2/ 94 بتحقيق مشهور آل سلمان.).
ومنها: أن شهادة الابن على أبيه مقبولة والعكس كذلك مع انتفاء التهمة، قال رحمه الله:، وقد دل عليه القرآن في قوله تعالى: (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله، ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين).
وقد قال قبل ذلك بقليل: (والصحيح أنه تقبل شهادة الابن لأبيه والأب لابنه فيما لا تهمة فيه، ونص عليه أحمد، ... )
وقال بعد ذلك: (((فشهادة الولد لوالده وعكسه بحيث لا تهمة هناك أولى بالقبول، وهذا هو القول الذي ندين الله به، وبالله التوفيق.) انظر المرجع السابق 2/ 226 - 227
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Jun 2003, 05:17 ص]ـ
فائدة عجيبة نفيسة
ذكر الزمخشري بعد تفسيره لقوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [المائدة: 4] هذه الفائدة
قال: والمكلب: مؤدب الجوارح ومضريها بالصيد لصاحبها، ورائضها لذلك بما علم من الحيل وطرق التأديب والتثقيف، واشتقاقه من الكلب، لأن التأديب أكثر ما يكون في الكلاب فاشتق من لفظه لكثرته من جنسه. أو لأن السبع يسمى كلبا ....
وانتصاب {مكلبين} على الحال من علمتم.
فإن قلت: ما فائدة هذه الحال وقد استغنى عنها بعلمتم؟
قلت: فائدتها أن يكون من يعلم الجوارح نحريراً في علمه مدربا فيه، موصوفا بالتكليب. و {تعلمونهن} حال ثانية أو استئناف.
وفيه فائدة جليلة، وهي أن على كل آخذٍ علماً أن لا يأخذه إلا من أقتل أهله علماً، وأنحرهم دراية، وأغوصهم على لطائفه وحقائقه، وإن احتاج إلى أن يضرب إليه أكباد الإبل، فكم من آخذ عن غير متقن قد ضيع أيامه، وعض عند لقاء النحارير أنامله) انتهى
وقد استنبط السعدي رحمه الله من هذه الآية عشر فوائد؛ فقال:
(دلت هذه الآية على أمور:
أحدها: لطف الله بعباده ورحمته لهم، حيث وسع عليهم طرق الحلال، وأباح لهم ما لم يذكوه مما صادته الجوارح، والمراد بالجوارح: الكلاب، والفهود، والصقر، ونحو ذلك، مما يصيد بنابه أو بمخلبه.
الثاني: أنه يشترط أن تكون معلمة، بما يعد في العرف تعليما، بأن يسترسل إذا أرسل، وينزجر إذا زجر، وإذا أمسك لم يأكل، ولهذا قال: تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ أي: أمسكن من الصيد لأجلكم.
وما أكل منه الجارح فإنه لا يعلم أنه أمسكه على صاحبه، ولعله أن يكون أمسكه على نفسه.
الثالث: اشتراط أن يجرحه الكلب أو الطير ونحوهما، لقوله: مِنَ الْجَوَارِحِ مع ما تقدم من تحريم المنخنقة. فلو خنقه الكلب أو غيره، أو قتله بثقله لم يبح [هذا بناء على أن الجوارح اللاتي يجرحن الصيد بأنيابها أو مخالبها، والمشهور أن الجوارح بمعنى الكواسب أي: المحصلات للصيد والمدركات لها فلا يكون فيها على هذا دلالة - والله أعلم-]
الرابع: جواز اقتناء كلب الصيد، كما ورد في الحديث الصحيح، مع أن اقتناء الكلب محرم، لأن من لازم إباحة صيده وتعليمه جواز اقتنائه.
الخامس: طهارة ما أصابه فم الكلب من الصيد، لأن الله أباحه ولم يذكر له غسلا فدل على طهارته.
السادس: فيه فضيلة العلم، وأن الجارح المعلم -بسبب العلم- يباح صيده، والجاهل بالتعليم لا يباح صيده.
السابع: أن الاشتغال بتعليم الكلب أو الطير أو نحوهما، ليس مذموما، وليس من العبث والباطل. بل هو أمر مقصود، لأنه وسيلة لحل صيده والانتفاع به.
الثامن: فيه حجة لمن أباح بيع كلب الصيد، قال: لأنه قد لا يحصل له إلا بذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
التاسع: فيه اشتراط التسمية عند إرسال الجارح، وأنه إن لم يسم الله متعمدا، لم يبح ما قتل الجارح.
العاشر: أنه يجوز أكل ما صاده الجارح، سواء قتله الجارح أم لا. وأنه إن أدركه صاحبه، وفيه حياة مستقرة فإنه لا يباح إلا بها.) انتهى
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[09 Jul 2003, 12:07 ص]ـ
بسم الله
ومن الاستنباطات اللطيفة التي لها صلة بالمعنى الذي استنبطه الزمخشري من آية المائدة - كما في المشاركة السابقة - ما استنبطه السعدي رحمه الله من قوله تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) النساء: 83
حيث قال ما ملخصه: · وفي هذا دليل لقاعدة أدبية، وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولى من هو أهل لذلك، ويجعل إلى أهله ولا يتقدم بين أيديهم؛ فإنه أقرب إلى الصواب، وأحرى للسلامة من الخطأ. انتهى من تفسير السعدي بتصرف.
ومن جميل ما قاله المفسرون عن هذه الآية ما ذكره الرازي في تفسيره لها بقوله:
دلت هذه الآية على أن القياس حجة في الشرع، وذلك لأن قوله: {الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} صفة لأولي الأمر، وقد أوجب الله تعالى على الذين يجيئهم أمر من الأمن أو الخوف أن يرجعوا في معرفته إليهم، ولا يخلو إما أن يرجعوا اليهم في معرفة هذه الوقائع مع حصول النص فيها، أولا مع حصول النص فيها، والأول باطل، لأن على هذا التقدير لا يبقى الاستنباط لأن من روى النص في واقعة لا يقال: إنه استنبط الحكم، فثبت أن الله أمر المكلف برد الواقعة إلى من يستنبط الحكم فيها، ولولا أن الاستنباط حجة لما أمر المكلف بذلك، فثبت أن الاستنباط حجة، والقياس إما استنباط أو داخل فيه، فوجب أن يكون حجة.
إذا ثبت هذا فنقول: الآية دالة على أمور:
أحدها: أن في أحكام الحوادث ما لا يعرف بالنص بل بالاستنباط.
وثانيها: أن الاستنباط حجة:
وثالثها: أن العامي يجب عليه تقليد العلماء في أحكام الحوادث.
ورابعها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مكلفا باستنباط الأحكام لأنه تعالى أمر بالرد إلى الرسول وإلى أولي الأمر. انتهى كلام الرازي من تفسيره الكبير
وقد ذكر البغوي قريباً من هذا المعنى المستنبط، حيث قال في تفسيره معالم التنزيل: وفي الآية دليل على جواز القياس، فإن من العلم ما يُدرك بالتلاوة والرواية وهو النّص، ومنه ما يدرك بالاستنباط و (هو) القياس على المعاني المودعة في النصوص. انتهى
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 Jul 2003, 07:41 ص]ـ
بسم الله
قال تعالى في سورة البقرة: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ. فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [36 - 39].
هل الأمر بالهبوط في الآية رقم 38 تكرار للأمر به في الآية 36؟
خلاف بين المفسرين ليس هذا محل بسطه، وإنما أردت هنا أن أذكر استنباطا رائعاً للطاهر ابن عاشور من تكرار هذا الأمر، فقال رحمه الله:
وفيه إشارة أخرى وهي أن العفو يكون من التائب في الزواجر والعقوبات. وأما تحقيق آثار المخالفة وهو العقوبة التأديبية فإن العفوعنها فساد في العالم لأن الفاعل للمخالفة إذا لم ير أثر فعله لم يتأدب في المستقبل فالتسامح معه في ذلك تفويت لمقتضى الحكمة، فإن الصبي إذا لوث موضعاً وغضب عليه مربيه ثم تاب فعفا عنه فالعفو يتعلق بالعقاب وأما تكليفه بأن يزيل بيده التلويث الذي لوث به الموضع فذلك لا يحسن التسامح فيه ولذا لما تاب الله على آدم رضي عنه ولم يؤاخذه بعقوبة ولا بزاجر في الدنيا ولكنه لم يصفح عنه في تحقق أثر مخالفته وهو الهبوط من الجنة ليرى أثر حرصه وسوء ظنه، هكذا ينبغي أن يكون التوجيه إذا كان المراد من {اهبطوا} الثاني حكاية أمر ثان بالهبوط خوطب به آدم.
ومعنى كلامه هذا أن الله سبحانه لما أخبر أنه تاب على آدم بعد أن عصى ةأمر بالهبوط مع زوجه عقوبة على معصيته، كرر الله الأمر بالهبوط حتى لا يُتوهم أن آدم بعد توبة الله عليه قد سلم من أثر معصيته.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Aug 2003, 07:27 ص]ـ
ومن جميل الاستباطات ما ذكره الشيخ محمد العثيمين رحمه الله في تفسيره لسورة البقرة، حيث استنبط من قوله تعالى: (ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) أنه لا يمكن العيش إلا في الأرض لبني آدم لهذه الآية، ولقوله تعالى: (فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون) [الأعراف: 25].
قال الشيخ رحمه الله: وبناء على ذلك نعلم أن محاولة الكفار أن يعيشوا في غير الأرض إما في بعض الكواكب أو في بعض المراكب محاولة يائسة؛ لأنه لا بد أن يكون مستقرهم الأرض. انتهى
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[29 Sep 2003, 09:30 ص]ـ
ومن الاستنباطات المفيدة لطالب العلم ما ذكره السعدي رحمه الله عند تفسيره لقوله تعالى: (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) بقوله:
ويؤخذ من هذه الآية الكريمة، الأدب في تلقي العلم، وأن المستمع للعلم ينبغي له أن يتأنى ويصبر حتى يفرغ المملي والمعلم من كلامه المتصل بعضه ببعض، فإذا فرغ منه سأل إن كان عنده سؤال، ولا يبادر بالسؤال وقطع كلام ملقي العلم، فإنه سبب للحرمان، وكذلك المسئول، ينبغي له أن يستملي سؤال السائل، ويعرف المقصود منه قبل الجواب، فإن ذلك سبب لإصابة الصواب.
ـ[عبد الحكيم]ــــــــ[29 Sep 2003, 09:47 م]ـ
جزاكم الله خيرا, هذا الموضوع هو سبب اشتراكي في هذا اللتقي الطيب و لكن افيدونا بمزيد من الكتب التى اعتنت بهذه الاستنباطات غير الاكليل [
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[30 Sep 2003, 03:43 ص]ـ
استنباط حسن من الإمام مالك رحمه الله!
قال الله نعالى:
((وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)) الحشر: 10
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: " وما أحسن ما استنبط الإمام مالك رحمه الله من هذه الآية الكريمة: أن الرافضي الذي يسبُّ الصحابة ليس له في مال الفيء نصيب؛ لعدم اتصافه بما مَدَحَ الله به هؤلاء في قولهم: " رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ "
وقال ابن أبي حاتم حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي حدثنا محمد بن بشر حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن أبيه عن عائشة أنها قالت أمروا أن يستغفروا لهم فسبوهم ثم قرأت هذه الآية والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان الآية .. " إلخ
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 Sep 2003, 07:21 ص]ـ
قال تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:105] قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(وإنما يتم الاهتداء إذا أطيع الله وأدي الواجب من الأمر والنهي وغيرهما، ولكن في الآية فوائد عظيمة:
أحدها: أن لا يخافَ المؤمنُ من الكفار والمنافقين، فإنهم لن يضروه إذا كان مهتدياً.
الثاني: أن لا يحزنَ عليهم ولا يجزعَ عليهم، فإن معاصيَهم لا تضره إذا اهتدى، والحزنُ على ما لا يضر عبث، وهذان المعنيان مذكوران في قوله: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ}.
الثالث: أن لا يركن إليهم، ولا يمد عينه إلى ما أوتوه من السلطان والمال والشهوات، كقوله: {لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ}، فنهاه عن الحزن عليهم والرغبة فيما عندهم في آية، ونهاه عن الحزن عليهم والرهبة منهم في آية، فإن الإنسان قد يتألمُ عليهم ومنهم، إما راغباً وإما راهباً.
الرابع: أن لا يعتدي على أهل المعاصي بزيادة على المشروع في بغضهم أو ذمهم، أو نهيهم أو هجرهم، أو عقوبتهم، بل يقال لمن اعتدى عليهم: عليك نفسك لا يضرُّك من ضل إذا اهتديت، كما قال: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} الآية، وقال: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ}، وقال: {فَإِنِ انْتهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ}، فإن كثيراً من الآمرين الناهين قد يعتدون حدود الله إما بجهل وإما بظلم، وهذا باب يجب التثبت فيه، وسواء في ذلك الإنكارُ على الكفار والمنافقين الفاسقين والعاصين.
الخامس: أن يقوم بالأمر والنهي على الوجه المشروع، من العلم والرفق، والصبر، وحسن القصد، وسلوك السبيل القصد، فإن ذلك داخلٌ في قوله: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}، وفي قوله: {إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}.
فهذه خمسة أوجه تستفاد من الآية لمن هو مأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفيها المعنى الآخر، وهو:
(السادس): إقبال المرء على مصلحة نفسه علماً وعملاً، وإعراضه عما لا يعنيه، كما قال صاحب الشريعة: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ولا سيما كثرة الفضول فيما ليس بالمرء إليه حاجة من أمر دين غيره ودنياه، ولاسيما إن كان التكلم لحسد أو رئاسة.
وكذلك العمل فصاحبه إما معتدٍ ظالمٌ، وإما سفيهٌ عابثٌ، وما أكثر ما يصور الشيطان ذلك بصورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله ويكون من باب الظلم والعدوان.
فتأملُ الآية في هذه الأمور من أنفع الأشياء للمرء، وأنت إذا تأملت ما يقع من الاختلاف بين هذه الأمة: علماؤها وعبادها وأمراؤها ورؤساؤها وجدت أكثره من هذا الضرب الذي هو البغي بتأويل أو بغير تأويل، كما بغت الجهمية على المستنة في محنة الصفات والقرآن، محنة أحمد وغيره، وكما بغت الرافضة على المستنة مرات متعددة، وكما بغت الناصبة على علي وأهل بيته، وكما قد تبغي المشبهة على المنزهة، وكما يبغي بعض المستنة إما على بعضهم وإما على نوع من المبتدعة بزيادة على ما أمر الله به، وهو الإسراف المذكور في قولهم: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا}.
وإزاء هذا العدوان تقصير آخرين فيما أمروا به من الحق، أو فيما أمروا به من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر في هذه الأمور كلها، فما أحسن ما قال بعض السلف: ما أمر الله بأمر إلا اعترض الشيطان فيه بأمرين لا يبالي بأيهما ظفر: غلوٍّ أو تقصيرٍّ.
فالمعين على الإثم والعدوان بإزائه تاركُ الإعانة على البر والتقوى، وفاعل المأمور به وزيادةٍ منهيٍّ عنها بإزائه تاركُ المنهي عنه وبعضِ المأمور به، والله يهدينا الصراط المستقيم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
انظر مجموع الفتاوي14/ 480 - 483
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Oct 2003, 04:34 م]ـ
ومن جميل الاستنباطات ما قاله الإمام البيهقي في كتابه الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد:
(وقد دل كتاب الله عز وجل على إمامة أبي بكر ومن بعده من الخلفاء، وقال الله عز وجل: ? وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ? (النور: من الآية55) وقال: ? الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ? (الحج: من الآية41)
فلما وجدت هذه الصفة من الاستخلاف والتمكين في أمر أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي = دل على أن خلافتهم حق.)
ثم ذكر كلاماً نفيساً يدل على قدرة فائقة على الاستنباط من القرآن بجمع الآيات التي ترتبط ببعضها، فقال:
(ودل أيضاً على إمامة الصديق قول الله عز وجل في سورة براءة للقاعدين عن نصرة نبيه صلى الله عليه وسلم والمتخلفين عن الخروج معه في غزوة الحديبية: ? فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوّاً ? (التوبة: من الآية83) وقال في سورة أخرى: ? سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ ? (الفتح: من الآية15) يعني قوله: ? فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً ? ثم قال: ? كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً ? (الفتح: من الآية15) وقال: ? قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا ? يعني تطيعوا الداعي لكم إلى قتالهم: ? يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا ? يعني تعرضوا عن إجابة الداعي لكم إلى قتالهم:? كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً ? (الفتح:16)
والداعي لهم إلى ذلك غير النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال الله له: ? فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوّاً ? (التوبة: من الآية83) وقال في سورة الفتح: ? يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ ? فمنعهم الخروج مع نبيه صلى الله عليه وسلم، وجعل خروجهم معه تبديلاً لكلامه، فوجب بذلك أن الداعي الذي يدعوهم إلى القتال داع يدعوهم بعد نبيه صلى الله عليه وسلم.
وقد قال مجاهد في قوله: ? أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ? هم فارس والروم، وكذلك قال الحسن البصري، وقال عطاء: هم فارس.
وفي رواية علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: فارس، وفي رواية الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: هم بنو حنيفة يوم اليمامة.
فإن كانوا أهل اليمامة فقد قوتلوا في أيام أبي بكر الصديق، وهو الداعي إلى قتال مسيلمة وبني حنيفة من أهل اليمامة.
وإن كانوا أهل فارس فقد قوتلوا في أيام عمر، وهو الداعي إلى قتال كسرى وأهل فارس.
وإن كانوا أهل فارس والروم ... وقد قوتلوا في أيام أبي بكر، ثم تم قتالهم وتنحيتهم عن الشام في أيام عمر مع قتال فارس؛ فوجب بذلك إمامة أبي بكر وعمر، وفي وجوب إمامة أحدهما وجوب إمامة الآخر.
وقد احتج بما ذكرنا من الآيات علي بن إسماعيل رحمه الله، وغيره من علمائنا في إثبات إمامة الصديق رضي الله عنه.)
وهذا كلام يستحق التأمل؛ فقل أن تجده في كتاب.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Oct 2003, 09:02 م]ـ
ومن الاستنباطات السعدية اللطيفة، استنباطه رحمه الله قاعدة إذا تزاحمت المصالح, قدم أهمها من قوله تعالى في سورة البقرة: (وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) حيث قال:
.
ويستدل بهذه الآية على القاعدة المشهورة, أنه " إذا تزاحمت المصالح, قدم أهمها "فهنا تتميم اليمين مصلحة, وامتثال أوامر الله في هذه الأشياء, مصلحة أكبر من ذلك, فقدمت لذلك.
من تفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Nov 2003, 11:46 م]ـ
بسم الله
قول الله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)
قال الشنقيطي في أضواء البيان:
(يؤخذ من هذه الآية الكريمة صحة إمامة أبي بكر الصدّيق رضي اللَّه عنه؛ لأنَّه داخل فيمن أمرنا اللَّه في السبع المثاني والقرءان العظيم ــ أعني الفاتحة ــ بأن نسأله أن يهدينا صراطهم. فدلّ ذلك على أن صراطهم هو الصراط المستقيم.
وذلك في قوله: {اهْدِنَا لصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّآلِّينَ} وقد بيّن الذين أنعم عليهم فعد منهم الصديقين. وقد بيّن صلى الله عليه وسلم أن أبا بكر رضي الله عنه من الصديقين، فاتضح أنه داخل في الذين أنعم اللَّه عليهم، الذين أمرنا اللَّه أن نسأله الهداية إلى صراطهم فلم يبق لبس في أن أبا بكر الصديق رضي اللَّه عنه على الصراط المستقيم، وأن إمامته حق.) انتهى
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Nov 2003, 09:53 م]ـ
قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التوبة:91)
دلت هذه الآية الكريمة على أن هناك طائفة من المسلمين الصادقين قد عذرهم الله، ورفع عنهم الحرج إذا تخلفوا عن الجهاد في سبيله؛ لأنهم أهل أعذار، ولكنه شرط رفع الحرج عنهم بشرط مهم وهو قوله: (إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) وكانوا من المحسنين.
قال ابن كثير رحمه الله: ((فليس على هؤلاء حرج إذا قعدوا ونصحوا في حال قعودهم،ولم يرجفوا بالناس،ولم يثبطوهم وهم محسنون في حالهم،ولهذا قال:] ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم [ ... )).
و قال ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية: ((وإن كان العبد عاجزاً عن معرفة بعض ذلك أو العمل به فلا ينهى عما عجز عنه مما جاء به الرسول r ، بل حسبه أن يسقط عنه اللوم لعجزه، ولكن عليه أن يفرح بقيام غيره به ويرضى بذلك ويود أن يكون قائماً به)).
قلت: وفي هذا تنبيه للذين لم يستطيعوا القيام بالجهاد في سبيل الله، وهم صادقون في حبه والشوق إليه، ولكن حال بينهم وبينه العذر وعدم الاستطاعة = فعليهم أن لا يكونوا من المثبطين لإخوانهم المجاهدين، المقللين من شأن جهادهم، بل يجب عليهم أن يكونوا ناصحين لهم، محسنين إليهم بالقول والفعل والمال. والله أعلم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Dec 2003, 09:05 م]ـ
قال الشنقيطي رحمه الله في تفسيره لسورة هود:
(قوله تعالى: {وَي?قَوْمِ لا? أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى ?للَّهِ}. ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة عن نبيه نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: أنه أخبر قومه أنه لا يسألهم مالاً في مقابلة ما جاءهم به من الوحي والهدى، بل يبذل لهم ذلك الخير العظيم مجاناً من غير أخذ أجرة في مقابله.
وبين في آيات كثيرة: أن ذلك هو شأن الرسل عليهم صلوات الله وسلامه، كقوله في سبأ عن نبينا صلى الله عليه وسلم: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى ?للَّهِ}.
وقوله فيه أيضاً في آخر سورة ص?: {قُلْ مَآ أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ ?لْمُتَكَلِّفِينَ}.
وقوله في الطور والقلم {أَمْ تَسْألُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ}.
وقوله في الفرقان {قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَى? رَبِّهِ سَبِيلاً}.
وقوله في الأنعام: {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى? لِلْعَـ?لَمِينَ}.
وقوله عن هود في سورة هود: {ي?قَوْمِ لا? أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى ?لَّذِى فَطَرَنِى?}.
وقوله في الشعراء عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام: {وَمَآ أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى? رَبِّ ?لْعَـ?لَمِينَ}.
وقوله تعالى عن رسل القرية المذكورة في يس {?تَّبِعُواْ ?لْمُرْسَلِينَ?تَّبِعُواْ مَن لاَّ يَسْألُكُمْ أَجْراً}.
وقد بينا وجه الجمع بين هذه الآيات المذكورة وبين قوله تعالى: {قُل لاَّ أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ?لْمَوَدَّةَ فِى ?لْقُرْبَى?} في كتابنا «دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب» في سورة سبأ في الكلام على قوله تعالى {قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ}.
ويؤخذ من هذه الآيات الكريمة: أن الواجب على أتباع الرسل من العلماء وغيرهم أن يبذلوا ما عندهم من العلم مجاناً من غير أخذ عوض على ذلك، وأنه لا ينبغي أخذ الأجرة على تعليم كتاب الله تعالى، ولا على تعليم العقائد والحلال والحرام.
ويعتضد ذلك بأحاديث تدل على نحوه، فمن ذلك ما رواه ابن ماجه والبيهقي والروياني في مسنده عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: علمت رجلاً القرآن، فأهدى لي قوساً، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إن أخذتها أخذت قوساً من نار» فرددتها.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال البيهقي وابن عبد البر في هذا الحديث: هو منقطع، أي بين عطية الكلاعي وأبي بن كعب، وكذلك قال المزي.
وتعقبه ابن حجر بأن عطية ولد في زمن النَّبي صلى الله عليه وسلم.
وأعله ابن القطان بأن راويه عن عطية المذكور هو عبد الرحمن بن سَلْم وهو مجهول.
وقال فيه ابن حجر في التقريب. شامي مجهول.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: وله طرق عن أبي. قال ابن القطان: لا يثبت منها شيء قال الحافظ وفيما قاله نظر.
وذكر المزي في الأطراف له طرقاً منها: أن الذي أقرأه أبي هو الطفيل بن عمرو، ويشهد له ما أخرجه الطبراني في الأوسط عن الطفيل بن عمرو الدوسي قال. أقرأني أبي بن كعب القرآن فأهديت له قوساً فغدا إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم وقد تقلدها فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «تقلدها من جهنم» الحديث. وقال الشوكاني أيضاً: وفي الباب عن معاذ عند الحاكم والبزار بنحو حديث أبي. وعن أبي الدرداء عند الدارمي بإسناد على شرط مسلم بنحوه أيضاً.
ومن ذلك ما رواه أبو داود وابن ماجه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال. علمت ناساً من أهل الصفة الكتاب والقرآن، فأهدى إلى رجل منهم قوساً فقلت ليست بمال أرمي بها في سبيل الله عز وجل، لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه، فأتيته فقلت. يا رسول الله، أهدى إلي رجل قوساً ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست بمال أرمى عليها في سبيل الله؟ فقال: «إن كنت تحب أن تطوق طوقاً من نار فاقبلها» وفي إسناده المغيرة بن زياد الموصلي قال الشوكاني: وثقه وكيع ويحيى بن معين وتكلم فيه جماعة.
وقال الإمام أحمد: ضعيف الحديث، حدث بأحاديث مناكير، وكل حديث رفعه فهو منكر. وقال أبو زرعة الرازي. لا يحتج بحديثه اهـ. وقال فيه ابن حجر في التقريب. المغيرة بن زياد البجلي أبو هشام أو هاشم الموصلي صدوق له أوهام. وهذا الحديث رواه أبو داود من طريق أخرى ليس فيها المغيرة المذكور. حدثنا عمرو بن عثمان وكثير بن عبيد قالا: ثنا بقية حدثني بشر بن عبد الله بن بشار قال عمرو: وحدثني عبادة بن نسي عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت نحو هذا الخبر، والأول أتم، فقلت: ما ترى فيها يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: «جمرة بين كتفيك تقلدتها أو تعلقتها» اهـ منه بلفظه. وفي سند هذه الرواية بقية بن الوليد وقد تكلم فيه جماعة، ووثقه آخرون إذا روي عن الثقات، وهو من رجال مسلم. وأخرج له البخاري تعليقاً.
وقال فيه ابن حجر في التقريب: صدوق، كثير التدليس عن الضعفاء، والظاهر أن أعدل الأقوال فيه أنه إن صرح بالسماع عن الثقات فلا بأس به، مع أن حديثه هذا معتضد بما تقدم وبما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ومن ذلك ما رواه الإمام أحمد والترمذي عن عمران بن حصين رضي الله عنهما عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اقرؤوا القرآن واسألوا الله به، فإن من بعدكم قوماً يقرؤون القرآن يسألون به الناس» قال الترمذي في هذا الحديث: ليس إسناده بذلك.
ومنها ما رواه أبو داود في سننه: حدثنا وهب بن بقية، أخبرنا خالد عن حميد الأعرج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ القرآن، وفينا الأعرابي والأعجمي: فقال: «اقرؤوا فكل حسن، وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقام القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه» حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو وابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن وفاء بن شريح الصدفي، عن سهل بن سعد الساعدي قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نفتري فقال: «الحمد لله، كتاب الله واحد، وفيكم الأحمر وفيكم الأبيض وفيكم الأسود، اقرؤوا قبل أن يقرأه أقوام يقيمونه كما يقوم السهم يتعجل أجره ولا يتأجله» اهـ.
ومنها ما رواه الإمام أحمد، عن عبد الرحمن بن شبل، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «اقرؤوا القرآن ولا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به». قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار في هذا الحديث: قال في مجمع الزوائد رجال أحمد ثقات.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومنها ما أخرجه الأثرم في سننه عن أُبي رضي الله عنه قال: كنت أختلف إلى رجل مسن قد أصابته علة، قد احتبس في بيته أقرئه القرآن، فيؤتي بطعام لا آكل مثله بالمدينة، فحاك في نفسي شيء فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إن كان ذلك الطعام طعامه وطعام أهله فكل منه، وإن كان يتحفك به فلا تأكله» ا هـ بواسطة نقل ابن قدامة في المغني والشوكاني في نيل الأوطار.
فهذه الأدلة ونحوها تدل على أن تعليم القرآن والمسائل الدينية لا يجوز أخذ الأجرة عليه.
وممن قال بهذا: الإمام أحمد في إحدى الروايتين، وأبو حنيفة والضحاك بن قيس وعطاء.
وكره الزهري وإسحاق تعليم القرآن بأجر.
وقال عبد الله بن شقيق: هذه الرغف التي يأخذها المعلمون من السحت.
وممن كره أجرة التعليم مع الشرط: الحسن وابن سيرين، وطاوس، والشعبي، والنخعي. قاله في المغني. وقال: إن ظاهر كلام الإمام أحمد جواز أخذ العلم ما أعطيه من غير شرط.
وذهب أكثر أهل العلم إلى جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وهو مذهب مالك، والشافعي.
وممن رخص في أجور المعلمين: أبو قلابة، وأبو ثور، وابن المنذر.
ونقل أبو طالب عن أحمد أنه قال: التعليم أحب إلي من أن يتوكل لهؤلاء السلاطين، ومن أن يتوكل لرجل من عامة الناس في ضيعة، ومن أن يستدين ويتجر لعله لا يقدر على الوفاء فيلقى الله تعالى بأمانات الناس، التعليم أحب إلي.
وهذا يدل على أن منعه منه في موضع منعه للكراهة لا للتحريم. قاله ابن قدامة في المغني.
واحتج أهل هذا القول بأدلة منها ما رواه الشيخان وغيرهما من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله، إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياماً طويلاً، فقام رجل فقال: يا رسول الله، زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة؟ فقال صلى الله عليه وسلم «هل عندك من شيء تصدقها إياه؟» فقال. ما عندي إلا إزاري. فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم:
«إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك»، فالتمس شيئاً فقال: ما أجد شيئاً، فقال: «التمس ولا خاتماً من حديد» فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال له النَّبي صلى الله عليه وسلم: «هل معك من القرآن شيء؟» قال نعم، سورة كذا وكذا يسميها، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «قد زوجتكها بما معك من القرآن» وفي رواية «قد ملكتكها بما معك من القرآن» فقالوا: هذا الرجل أباح له النَّبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل تعليمه بعض القرآن لهذه المرأة عوضاً عن صداقها. وهو صريح في أن العوض على تعليم القرآن جائز. وما رد به بعض العلماء الاستدلال بهذا الحديث من أنه صلى الله عليه وسلم زوجه إياها بغير صداق إكراماً له لحفظه ذلك المقدار من القرآن، ولم يجعل التعليم صداقاً لها ـ مردود بما ثبت في بعض الروايات في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: «انطلق فقد زوجتكها فعلمها من القرآن» وفي رواية لأبي داود «علمها عشرين آية وهي امرأتك».
واحتجوا أيضاً بعموم قوله صلى الله عليه وسلم الثابت في صحيح البخاري من حديث ابن عباس: «إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله» قالوا: الحديث وإن كان وارداً في الجعل على الرقيا بكتاب الله فالعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب. واحتمال الفرق بين الجعل على الرقية وبين الأجرة على التعليم ظاهر.)
ثم ختم رحمه الله بقوله:
قال مقيده ـ عفا الله عنه ـ: الذي يظهر لي والله تعالى أعلم، أن الإنسان إذا لم تدعه الحاجة الضرورية فالأولى له ألا يأخذ عوضاً على تعليم القرآن، والعقائد، والحلال والحرام للأدلة الماضية. وإن دعته الحاجة أخذ بقدر الضرورة من بيت مال المسلمين. لأن الظاهر أن المأخوذ من بيت المال من قبيل الإعانة على القيام بالتعليم لا من قبيل الأجرة.
والأولى لمن أغناه الله أن يتعفف عن أخذ شيء في مقابل التعليم للقرآن والعقائد والحلال والحرام. والعلم عند الله تعالى
انتهى كلامه بنصه.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Dec 2003, 12:15 ص]ـ
قال تعالى: (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (غافر:2 - 3)
علق ابن القيم على هاتين الآيتين بكلام نفيس، اشتمل على عشر فوائد مستنبطة منهما فقال:
(يُتْبَعُ)
(/)
(تأمل كيف وقع الوصف بشديد العقاب بين صفتي رحمة قبله وصفة رحمة بعده. فقبله " غافر الذنب وقابل التوب " وبعده " ذي الطول " [غافر: 3]، ففي هذا تصديق الحديث الصحيح وشاهد له وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله كتب كتاباً فهو موضوع عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي "، وفي لفظ: " سبقت غضبي "، وقد سبقت صفتا الرحمة هنا وغلبت.
وتأمل كيف افتتح الآية بقوله: " تنزيل الكتاب " [غافر: 2] والتنزيل يستلزم علو المنزل من عنده لا تعقل العرب من لغتها - بل ولا غيرها من الأمم السليمة الفطرة - إلا ذلك.
وقد أخبر أن تنزيل الكتاب منه. فهذا يدل على شيئين: أحدهما: علوه تعالى على خلقه. والثاني: أنه هو المتكلم بالكتاب المنزل من عنده لا غيره. فإنه أخبر أنه منه. وهذا يقتضي أن يكون منه قولاً كما أنه منه تنزيلاً فإن غيره - لو كان هو ا لمتكلم به - لكان الكتاب من ذلك الغير فإن الكلام، إنما يضاف إلى المتكلم به. ومثل هذا: " ولكن حق القول مني " [السجدة: 13]، ومثله: " قل نزله روح القدس من ربك " [النحل: 102]، ومثله: " تنزيل من حكيم حميد " [فصلت: 42] فاستمسك بحرف من في هذه المواضع فإنه يقطع حجج شعب المعتزلة والجهمية.
وتأمل كيف قال " تنزيل من " ولم يقل تنزيله فتضمنت الآية إثبات علوه وكلامه وثبوت الرسالة.
ثم قال: " العزيز العليم " فتضمن هذان الإسمان صفتي القدرة والعلم وخلق أعمال العباد وحدوث كل ما سوى الله لأن القدرة هي قدرة الله كما قال أحمد بن حنبل فتضمنمت إثبات القدر، ولأن عزته تمنع أن يكون في ملكه ما لا يشاؤه، أو أن يشاء ما لا يكون فكان عزته تبطل ذلك، وكذلك كمال قدرته توجب أن يكون خالق كل شيء. وذلك ينفي أن يكون في العالم شيء قديم لا يتعلق به خلقه، لأن كمال قدرته وعزته يبطل ذلك.
ثم قال: (غافر الذنب وقابل التوب) والذنب مخالفة شرعه وأمره، فتضمن هذان الإسمان إثبات شرعه وإحسانه وفضله.
ثم قال: (شديد العقاب) وهذا جزاؤه للمذنبين، وذو الطول جزاؤه للمحسنين فتضمنت الثواب والعقاب،
ثم قال: " لا إله إلا هو إليه المصير " فتضمن ذلك التوحيد والمعاد.
فتضمنت الآيتان إثبات صفة العلو والكلام والقدرة والعلم والقدر وحدوث العالم والثواب والعقاب والتوحيد والمعاد. وتنزيل الكتاب منه على لسان رسوله يتضمن الرسالة والنبوة.
فهذه عشرة قواعد الإسلام والإيمان تجلي على سمعك في هذه الآية العظيمة، [ولكن خود تزف إلى ضرير مقعد]
فهل خطر ببالك قط أن هذه الآية تتضمن هذه العلوم والمعارف مع كثرة قراءتك لها، وسماعك إياها؟!!. وهكذا سائر آيات القرآن، فما أشدها من حسرة وأعظمها من غبنة على من أفنى أوقاته في طلب العلم، ثم يخرج من الدنيا، وما فهم حقائق القرآن، ولا باشر قلبه أسراره ومعانيه. فالله المستعان.)
تنبيه: قوله بين المعكوفين: [ولكن خود تزف إلى ضرير مقعد] يعني نساء جميلات غاية الجمال تزف إلى رجل ضرير مقعد، فهذه الدرر إذا زفت إلى جاهل لا يعرف قدرها بمنزلة من زف خوداً وهي المرأة البيضاء الناعمة إلى ضرير مقعد أو زف أجمل النساء التي هي كالشمس الى عنين عاجز.
ـ[الباحث7]ــــــــ[11 Dec 2003, 02:50 م]ـ
قال الله تعالى: {مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاواتِ وَالاٌّرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً}.
قال الشنقيطي في أضواء البيان بعد تفسيره لهذه الآية:
(وفي هذه الآية الكريمة التنبيه على أن الضالين المضلين لا تنبغي الاستعانة بهم، والعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب.
والمعنى المذكور أشير له في مواضع أخر؛ كقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَآ أَنْعَمْتَ عَلَىَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ} والظهير: المعين. والمضلون: الذين يضلون أتباعهم عن طريق الحق.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 Dec 2003, 06:42 م]ـ
استنباط من قوله: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)
ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه القيم: الفوائد فصلاً عظيم النفع بين فيه أن ترك الأمر أخطر وأعظم قبحاً من ارتكاب النهي من وجوه كثيرة.
وقد قرر هذا من وجوه كثيرة، ومن الوجوه التي ذكرها: ((الوجه الثاني والعشرون) أن فعل المأمور يقتضي ترك المنهي عنه إذا فعل على وجهه من الإخلاص والمتابعة والنصح لله فيه، قال تعالى: " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " ومجرد ترك المنهي لا يقتضي فعل المأمور ولا يستلزمه.)
ثم رأيت الزركشي قد ذكر فائدة في كتاب البحر المحيط تؤكد ما قرره ابن القيم، واستدل بالآية، ولكن بطريقة أخرى فقال: (قيل: ترك الواجب في الشريعة بل وفي العقل أعظم من فعل الحرام لوجوه. الأول: أن أداء الواجب مقصود لنفسه , وترك المحرم مقصود لغيره , ولهذا قال تعالى {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر} فبين أن ما في الصلاة من ذكر الله أكبر مما فيها من النهي عن الفحشاء. .... ).
وبذلك تكون الآية قد دلت على هذه المسألة من جهتين:
الأولى: ذكرها ابن القيم، وهي ظاهرة.
الثانية: ذكرها الزركشي. وهي من لطيف استنباطاته رحمه الله.
ومما يستدل به أيضاً لهذه المسألة قوله U : ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (الأنعام:160)
قال ابن القيم رحمه الله في بيان ذلك: ((الوجه الخامس عشر): أن الله سبحانه جعل جزاء المأمورات عشرة أمثال فعلها وجزاء المنهيات مثل واحد. وهذا يدل على أن فعل ما أمر به أحب إليه من ترك ما نهى عنه. ولو كان الأمر بالعكس لكانت السيئة بعشرة. والحسنة بواحدة أو تساويا.).
ومن دلائل هذه المسألة أيضاً من القرآن ما جاء في قصة آدم وإبليس، قال سهل بن عبد الله: ترك الأمر عند الله أعظم من ارتكاب النهي، لأن آدم نهي عن أكل الشجرة فأكل منها فتاب عليه، وإبليس أمر أن يسجد لآدم فلم يسجد فلم يتب عليه.اهـ وهو أول الوجوه التي ذكرها ابن القيم في كلامه عن هذه المسألة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 Dec 2003, 06:45 م]ـ
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوي 8/ ... : (وفي قوله: {فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79] من الفوائد: ان العبد لا يطمئن الى نفسه، فان الشر لا يجيء الا منها، ولا يشتغل بملام الناس وذمهم، ولكن يرجع الى الذنوب فيتوب منها، ويستعيذ بالله من شر نفسه وسيئات عمله، ويسال الله ان يعينه على طاعته، فبذلك يحصل له الخير ويدفع عنه الشر؛ ولهذا كان انفع/ الدعاء واعظمه واحكمه دعاء الفاتحة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ اَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 6، 7].
فانه اذا هداه هذا الصراط، اعانه على طاعته وترك معصيته فلم يصبه شر لا في الدنيا ولا في الاخرة، والذنوب من لوازم النفس، وهو محتاج الى الهدى كل لحظة، وهو الى الهدى احوج منه الى الاكل والشرب، ويدخل في ذلك من انواع الحاجات ما لا يمكن احصاؤه؛ ولهذا امر به في كل صلاة لفرط الحاجة اليه، وانما يعرف بعض قدره من اعتبر احوال نفسه ونفوس الانس والجن المامورين بهذا الدعاء، وراى ما فيها من الجهل والظلم الذي يقتضى شقاءها في الدنيا، والاخرة، فيعلم ان الله تعالى بفضله ورحمته جعل هذا الدعاء من اعظم الاسباب المقتضية للخير المانعة من الشر.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Jan 2004, 01:59 م]ـ
(ومن فوائد ابن العربي رحمه الله تعالى أنه قال: كنت بمجلس الوزير العادل أبي منصور ابن جهير على رتبة بيناها في كتاب الرحلة، للترغيب في الملة فقرأ القارئ تحيتهم يوم يلقونه سلام [الأحزاب: 44] وكنت في الصف الثاني من الحلقة بظهر أبي الوفاء علي بن عقيل إمام الحنبلية بمدينة السلام، وكان معتزلي الأصول، فلما سمعت الآية قلت لصاحب لي كان يجلس على يساري: هذه الآية دليل على رؤية الله في الآخرة: فإن العرب لا تقول: لقيت فلانا إلا إذا رأته، فصرف وجهه أبو الوفاء مسرعاً إلينا، وقال ينتصر لمذهب الاعتزال في أن الله تعالى لا يرى في الآخرة: فقد قال الله تعالى: فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه [التوبة: 77] وعندك أن المنافقين لا يرون الله تعالى في الآخرة، وقد شرحنا وجه الآية في المشكلين، وتقدير الآية: فأعقبهم هو نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه، فيحتمل ضمير يلقونه أن يعود إلى ضمير الفاعل في (أعقبهم) المقدر بقولنا هو، ويحتمل أن يعود إلى النفاق مجازاً على تقدير الجزاء، انتهى.
ومنها ما نقله عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لا يقل أحدكم انصرفنا من الصلاة فإن قوماً قيل فيهم ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم [التوبة: 127] وقد أنبأنا محمد بن عبد الملك القيسي الواعظ، أنبأنا أبو الفضل الجوهري سماعاً منه: كنا في جنازة فقال المنذر بها: انصرفوا رحمكم الله تعالى، فقال: لا يقل أحدكم انصرفوا فإن الله تعالى قال في قوم ذمهم: ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم [التوبة: 127] ولكن قولوا: انقلبوا رحمكم الله، فإن الله تعالى قال في قوم مدحهم: فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء [آل عمران: 174] انتهى.
ومنها، وقد ذكر الخلاف في شاهد يوسف، ما صورته: فإذا قلنا إنه القميص، فكان يصح من جهة اللغة أن يخبر عن حاله بتقدم مقاله، فإن لسان الحال أبلغ من لسان المقال في بعض الأمور، وقد تضيف العرب الكلام إلى الجمادات بما تخبر عنه بما عليها من الصفات، ومن أحلاه قول بعضهم: قال الحائط للوتد: لم تشقني؟ قال: سل من يدقني، ما يتركني ورائي، هذا الذي ورائي، لكن قوله تعالى بعد ذلك: من أهلها [يوسف: 26] في صفة الشاهد يبطل أن يكون القميص، وأما من قال إنه ابن عمها أو رجل من أصحاب العزيز فإنه يحتمل، لكن قوله: من أهلها [يوسف: 26] يعطي اختصاصها من جهة القرابة، انتهى.
ومنها قوله: إنه كان بمدينة السلام إمام من الصوفية وأي إمام، يعرف بابن عطاء، فتكلم يوماً على يوسف وأخباره، حتى ذكر تبرئته مما نسب إليه من مكروه، فقام رجل من آخر مجلسه وهو مشحون بالخليقة من كل طائفة فقال: يا شيخ، يا سيدنا، فإذن يوسف هم وما تم، فقال: نعم، لأن العناية من ثم، فانظروا إلى حلاوة العالم والمتعلم وفطنة العامي في سؤاله، والعالم في اختصاره واستيفائه، ولذا قال علماؤنا الصوفية: إن فائدة قوله تعالى: ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما [يوسف: 22] إن الله تعالى أعطاه العلم والحكمة أيام غلبة الشهوة لتكون له سبباً للعصمة. انتهى.)
منقول من
هنا ( http://www.muslimphilosophy.com/ip/abubkaribnalarabi-bio.htm)
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[05 Jan 2004, 01:10 ص]ـ
وما دمت ـ أبا مجاهد ـ ذكرت ابن عقيل في مداخلتك الأخيرة، فهذا رابط للطيفة من لطائف ابن عقيل في الاستنباط، لعلها تخفف وطأ هذه القصة على نفوسنا، فوالله ما نحب لابن عقيل هذا المسلك في تحريف الصفات، عفا الله عن الجميع:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=1254
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Apr 2004, 10:59 م]ـ
يرفع لطلب المشاركة، وخاصة من الإخوة الذين انضموا إلى الملتقى قريباً.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 Jul 2005, 06:25 ص]ـ
{لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْأِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (المائدة:63)
قال ابن جرير في تفسيره لهذه الآية: (وكان العلماء يقولون: ما في القرآن آية أشدّ توبيخا للعلماء من هذه الآية ولا أخوف عليهم منها.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الله بن داود، قال: ثنا سلمة بن نُبَيط، عن الضحاك بن مزاحم في قوله: لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ والأحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإثْمَ قال: ما في القرآن آية أخوف عندي منها أنّا لا ننهى.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابو عطية، قال: ثنا قيس، عن العلاء بن المسيب، عن خالد بن دينار، عن ابن عباس، قال: ما في القرآن آية أشدّ توبيخا من هذه الآية ... )
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[26 Jul 2005, 04:44 م]ـ
قال العلامة السعدي رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى: (وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ) أي: إذا أعطوا الناس حقهم، الذي للناس عليهم بكيل أو وزن، (يُخْسِرُونَ) أي: ينقصونهم ذلك، إما بمكيال وميزان ناقصين، أو بعدم ملء المكيال والميزان، أو نحو ذلك. فهذا سرقة لأموال الناس، وعدم إنصاف لهم منهم.
وإذا كان هذا الوعيد على الذين يبخسون الناس بالمكيال والميزان، فالذي يأخذ أموالهم قهرًا أو سرقة، أولى بهذا الوعيد من المطففين.
ودلت الآية الكريمة على أن الإنسان كما يأخذ من الناس الذي له، يجب عليه أن يعطيهم كل ما لهم من الأموال والمعاملات، بل يدخل في عموم هذا الحجج والمقالات، فإنه كما أن المتناظرين قد جرت العادة أن كل واحد منهما يحرص على ماله من الحجج، فيجب عليه أيضًا أن يبين ما لخصمه من الحجج التي لا يعلمها، وأن ينظر في أدلة خصمه كما ينظر في أدلته هو، وفي هذا الموضع يعرف إنصاف الإنسان من تعصبه واعتسافه، وتواضعه من كبره، وعقله من سفهه، نسأل الله التوفيق لكل خير.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Jul 2005, 05:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أورد الشنقيطي في تفسيره لقول الله تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً ... ) (النحل: من الآية72) مسألة، فقال:
(مسألة
اختلف العلماء في جواز المناكحة بين بني آدم والجن. فمنعها جماعة من أهل العلم، وأباحها بعضهم .... ) وذكر بعض أقوال العلماء في ذلك، ثم قال: (قال مقيده عفا الله عنه: لا أعلم في كتاب الله ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم نصاً يدل على جواز مناكحة الإنس الجن، بل الذي يستروح من ظواهر الآيات عدم جوازه. فقوله في هذه الآية الكريمة: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا). ممتناً على بني آدم بأن أزواجهم من نوعهم وجنسهم ـ يفهم منه أنه ما جعل لهم أزواجاً تباينهم كمباينة الإنس للجن، وهو ظاهر. ويؤيده قوله تعالى: (وَمِنْ ءايَـ?تِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَ?جاً لِّتَسْكُنُو?اْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)؛ فقوله: (أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَ?جاً) في معرض الامتنان ـ يدل على أنه ما خلق لهم أزواجاً من غير أنفسهم. ويؤيد ذلك ما تقرر في الأصول من «أن النكرة في سياق الامتنان تعم» فقوله: (جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا) جمع منكر في سياق الامتنان فهو يعم، وإذا عم دل ذلك على حصر الأزواج المخلوقة لنا فيما هو من أنفسنا، أي من نوعنا وشكلنا ...
ويستأنس لهذا بقوله: (وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَ?جِكُمْ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ) فإنه يدل في الجملة على أن تركهم ما خلق الله لهم من أزواجهم، وتعديه إلى غيره يستوجب الملام، وإن كان أصل التوبيخ والتقريع على فاحشة اللواط. لأن أول الكلام (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَـ?لَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَ?جِكُمْ) فإنه وبخهم على أمرين: أحدهما ـ إتيان الذكور. والثاني ـ ترك ما خلق لهم ربهم من أزواجهم.
وقد دلت الآيات المتقدمة على أن ما خلق لهم من أزواجهم، هو الكائن من أنفسهم. أي من نوعهم وشكلهم. كقوله: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا)، وقوله: (وَمِنْ ءايَـ?تِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَ?جاً)، فيفيد أنه لم يجعل لهم أزواجاً من غير أنفسهم. والعلم عند الله تعالى.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Jun 2006, 06:07 ص]ـ
قال الله تعالى: ? وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ?
قال القرطبي رحمه الله: مسألة: في الآية دليل على منع الاستهزاء بدين الله ودين المسلمين ومن يجب تعظيمه، وأن ذلك جهل وصاحبه مستحق للوعيد.
وليس المزاح من الاستهزاء بسبيل،
ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمزح والائمة بعده.
قال ابن خويز منداد: وقد بلغنا أن رجلا تقدم إلى عبيدالله بن الحسن وهو قاضي الكوفة فمازحه عبيد الله فقال: جبتك هذه من صوف نعجة أو صوف كبش؟ فقال له: لا تجهل أيها القاضي! فقال له عبيدالله: وأين وجدت المزاج جهلا! فتلا عليه هذه الآية، فأعرض عنه عبيد الله، لانه رأه جاهلا لا يعرف المزح من الاستهزاء، وليس أحدهما من الآخر بسبيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[17 Jun 2006, 01:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ومن المعاني الدقيقة التي ذكرها البقاعي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: " وَآمِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ "
قال رحمه الله: "أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ " معنى دقيق في تبكيتهم وأمر جليل من تعنيفهم وذلك أنه ليس المراد من {أول} ظاهر معناه المتبادر إلى الذهن فإن العرب كثيراً ما تطلق الأول ولا تريد حقيقته بل المبالغة في السبق، كما قال مقيس بن صبابة وقد قتل شخصاً من الصحابة رضوان الله عليهم كان قتل أخاه خطأ ورجع إلى مكة مرتداً.
حللت به وتري وأدركت ثؤرتي **** وكنت إلى الأوثان أول راجع
هذا في جانب الإثبات، فإذا نفيت ناهياً فقلت: لا تكن أول فاعل لكذا، فمعناه إنك إن فعلت ذلك لم تكن صفتك إلا كذلك، فهو خارج مخرج المبالغة في الذم بما هو صفة المنهي فلا مفهوم له، وعبر به تنبيهاً على أنهم لما تركوا اتباع هذا الكتاب كانوا لما عندهم من العلم بصحته في غاية اللجاجة فكان عملهم في كفرهم وإن تأخر عمل من يسابق شخصاً إلى شيء، أو يكون المعنى أنهم لم يمنعهم من الإيمان به جهل بالنظر ولا عدم إطلاع على ما أتى به أنبياؤهم من البشر بل مجرد الحسد للعرب أن يكون منهم نبي المستلزم لحسد هذا النبي بعينه، لأن الحكم على الأعم يستلزم الحكم على الأخص بما هو من أفراد الأعم. فصارت رتبة كفرهم قبل رتبة كفر العرب الجاهلين به أو الحاسدين له صلى الله عليه وسلم بخصوصه لا لعموم العرب، فكان أهل الكتاب أول كافر به لا يمكن أن يقع كفرهم إلا على هذا الوجه الذي هو أقبح الوجوه، فالمعنى لا تكفروا به، فإنه إن وقع منكم كفر به كان أول كفر، لأن رتبته أول رتب الكفر الواقع ممن سواكم فكنتم أول كافر فوقعتم في أقبح وجوه الكفر، ولذا أفرد ولم يقل: كافرين - والله أعلم." نظم الدرر (1/ 47)(/)
سؤالان في تفسير (الحمد)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[21 May 2003, 11:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في تفسير الحمد يقولون / هو الثناء على الله تعالى بالجميل، فيعترض عليه البعض ـ أي على هذا التعريف ـ بعدة اعتراضات …. منها: أن قوله (بالجميل) تقييد لا حاجة اليه، لأن الثناء لا يكون الا بالجميل ـ على ما ذهب اليه الجمهور ـ خلافا للعز بن عبد السلام الذي ذهب الى أن الثناء يكون بالشر كما يكون بالخير، واستدل على ذلك بالحديث الذي فيه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مرت عليه جنازة، وفي الحديث أنه مرت عليه جنازة أخرى، فأثنى عليها شرا، فيمكن أن يأتي الثناء بالشر فلزم التقييد بالجميل في حق الله تعالى.
وجه السؤال / ما قولكم في إفادة الثناء بذاته؟
سؤال آخر / قالوا بأن للحمد خمسة أركان: المحمود ـ الحامد ـ المحمود عليه ـ المحمود به ـ صيغة الحمد
وقالوا أيضا: ذهب الجمهور الى أن المحمود عليه لابد وان يكون اختياريا، فما معنى هذا الكلام؟ و هم يعتبرون ضابط الاختيار في المحمود عليه ما لم يكن اضطراريا، سواء كان المحمود عليه اختياريا حقيقة أو حكما.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 May 2003, 12:58 ص]ـ
بسم الله
لعل الأقرب في تعريف الحمد لله أن يقال إنه: الإخبار عن الله بصفات كماله سبحانه وتعالى، مع محبته والرضى به، فإذا كُررالحمد شيئاً بعد شيء كان ثناء، فإذا كان المدح بصفات الجلال والعظمة والكبرياء والملك كان تمجيداً.
فهي ثلاث مراتب: الحمد، ثم الثناء، ثم التمجيد.
وقد جمع الله تعالى لعبده الأنواع الثلاثة في أول الفاتحة: فإذا قال العبد: (الحمد لله رب العالمين) قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: (الرحمن الرحيم) قال الله: أثنى عليّ عبدي، وإذا قال: (مالك يوم الدين) قال الله: مجدني عبدي. [ثبت هذا الحديث القدسي، وهو في صحيح مسلم].
فدل هذا الحديث على أن الحمد غير الثناء؛ لأن الثناء تكرار للمدح.
ينظر الوابل الصيب لابن القيم رحمه الله ص164 بتحقيق إياد القيسي.
وقد ذكر الشيخ محمد العثيمين كلاماً قريباً من هذا في مقدمة شرحه لأصول التفسير.
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[23 May 2003, 12:57 ص]ـ
إلى الأخ الكريم: محمد يوسف وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بسم الله، والحمد لله وصلى الله على رسول الله أمابعد:
أما السؤال الأول:
فالذي يظهر والله أعلم صحة مذهب الجمهور من إفادة الثناء بذاته في الخير عند الإطلاق، وأشباهه في القرآن:
فبشرهم بعذاب أليم
فإن البشارة من البشرة، والإخبار بالخبر السار،
لكنها لماقيدت بالعذاب الأليم صار معناها الإخبار
على أن في المسألة قولا آخر وهو أنه أتي بلفظ البشارة للتهكم والاستهزاء
فمعناها واحد في الحالين،
والقول الآخر أن البشارة تأتي بمعنى الإخبار بالشر والخير كالثناء،
ومما يقوى هذا المذهب (الجمهور)
أولا: أن المستقرئ لألفاظ الشرع يجد أن الثناء إذا أطلق قصد به الخير
وأن الثناء لا يأتي بالشر إلا مقيدا،
ولا أعلم نصا في الكتاب أو السنة فيه الثناء بالشر مطلقا
وأما الثناء بالخير فيأتي مطلقا غالبا:
فمنها قوله صلى الله عليه وسلم
1 ــ إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله تعالى و الثناء عليه ثم ليصل على النبي ثم ليدع بعد بما شاء.
2 ــ إذا قال الرجل لأخيه: جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء.
3 ــ اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك و بمعافاتك من عقوبتك و أعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
وأما الثناء بالشر فيأتي مقيدا في كل نص (في حدود علمي):
كقوله صلى الله عليه وسلم
ــ من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة و من أثنيتم عليه شرا وجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض.
ــ أهل الجنة من ملأ الله تعالى أذنيه من ثناء الناس خيرا و هو يسمع و أهل النار من ملأ الله تعالى أذنيه من ثناء الناس شرا و هو يسمع.
ثانيا: صحيح أن المسالة لغوية، والمستقرئ ولو جزئيا يجد أن العرب كذلك تعرف الثناء بأنه للخير عند الإطلاق، ومن تتبع المعاجم علم،
مع أن ابن منظور عرف الثناء بأنه يطلق على المدح بالخير والشر،
لكنه يحمل علىأن المراد عن التقييد بالشر،
(يُتْبَعُ)
(/)
وعند التحقيق نجد أن الخلاف بين الجمهور وابن عبدالسلام خلاف يشبه أن يكون لفظيا،
فالجمهور يرون الثناء عند الإطلاق هو الثناء بالخير
ويرى ابن عبدالسلام أن الثناء يكون للخير والشر،
وليس هذا محل النزاع، فالجمهور لا يقولون بخلافه
وقصارى الأمر أن الثناء
من الألفاظ المشتركة، عند من يقولون بالاشتراك، ويترجح القول بالخير للقرأئن التي سبق طرف منها
ومن لا يقول به (أعني الاشتراك) يرده إلى التواطؤ أو الحقيقة والمجاز
وهذا يقودنا إلى مسألة أخرى، لا نفتح بابها،
أما السؤال الثاني:
فقد قيد العلماء الجميل بالاختياري، لأن الجميل في المخلوق ينقسم إلى قسمين
اختياري مكتسب منه، كالعلم، والعمل الصالح
وغير اختياري كجماله، ونسبه،
ولا يمنع كون صفات الله كلها اختيارية وليست قي حق الرب قسيمة الاضطرارية أن يوصف يقيد الجميل بذلك لأنه من باب دفع الوهم،
ودفع الإيهام سائغ في باب الصفات، ألا ترى إلى قوله تعالى لا تأخذه سنة ولا نوم، مع أنه تعالى لاينام ولا ينبغي له أن ينام،
وقوله تعالى، ولقد خلقنا السموات والأرض في ستة أيام وما مسنا من لغوب،
فنفى التعب عنه تعالى عند خلق السموات مع التعب منفي عنه مطلقا،
لدفع الإيهام،
وأمثاله في القرآن كقوله: وما الله بغافل عما تعملون
فليس تعالى بغافل مطلقا، لا عنهم ولا عن غيرهم
لكن جاء هنا لدفع التوهم
قال الشوكاني (فتح القدير ج: 1 ص: 19)
الحمد لله الحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري وبقيد الاختيار فارق المدح فإنه يكون على الجميل وإن لم يكن الممدوح مختارا كمدح الرجل على جماله وقوته وشجاعته
وفي الإقناع للشربيني ج: 1 ص: 7
بالاختياري (يعني خرج بالاختياري) المدح فإنه يعم الاختياري وغيره تقول مدحت اللؤلؤة على حسنها دون حمدتها
وفي قواعد الفقه ج: 1 ص: 474
المدح هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري قصدا قاله السيد و في المصباح مدحته إذا أثنيت عليه بما فيه من (الصفات) الجميلة خلقة كانت أو اختيارية ولهذا كان المدح أعم من الحمد
انتهى
هذه مباحثة أرجو أن يكون فيها فائدة، إن كنت فهمت السؤال،
كتبه عبدالله بن بلقاسم بن عبدالله
النماص،
ـ[المشارك7]ــــــــ[23 May 2003, 09:04 ص]ـ
قال الشيخ زيد بن عبد العزيز بن فياض في كتابه الروضة الندية شرح الواسطية ص5:
(والحمد اخبار عن محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه واجلاله [انظر بدائع الفوائد 2/ 93]
وقال العلامة بن القيم رحمه الله (مدارج السالكين 1/ 64):واثبات الحمد الكامل له يقتضي ثبوت كل ما يحمد عليه من صفات كماله ونعوت جلاله اذ من عدم صفات الكمال فليس بمحمود على الاطلاق وغايته انه محمود من وجه دون وجه ولايكون محمودا من كل وجه وبكل اعتبار بجميع انواع المحامد الا من استولى على صفات الكمال جميعها فلو عدم منها صفة واحدة لنقص من حمده بحسبها.
وقال الشيخ -اي ابن تيمية - (في رسالته تفصيل الاجمال فيما يجب لله تعالى من صفات الكمال 5/ 49 مجموعة الرسائل والمسائل):والحمد نوعان: حمد على احسانه الى عباده وهو من الشكر وحمد لما يستحقه هو بنفسه من نعوت كماله.وهذا الحمد لا يكون الا على ما هو في نفسه مستحق للحمد وانما يستحق ذلك من هو متصف بصفات الكمال وهي امور وجودية فان الامور العدمية المحضة لا حمد فيها ولا خير ولاكمال) اهـ.
وفي معنى الحمد خلاف وقد ذكر الخلاف المفسرون فلتراجع كتب التفسير.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 May 2003, 12:58 م]ـ
جزاكم الله خيراً جميعاً على هذه النفائس. وأخص بالشكر الشيخ الكريم عبدالله بن بلقاسم وفقه الله، فما أحرصنا على التدقيق في المسائل بهذه الطريقة.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[25 May 2003, 03:36 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا (محمد بن جابر) و قد أفدتني كلاما جديدا في معنى الحمد، بارك الله فيك.
جزاك الله خيرا شيخنا (بلقاسم) وقد أجبتني على سؤالي، وبالفعل قد أشكل عليّ هذا الأمر وأنا أدرس في [حاشية البيجوري على فتح القريب المجيب في شرح متن التقريب] في المذهب الشافعي، فهل لك دراسة في المذهب الشافعي؟(/)
ألغاز ولطائف ومسائل علمية
ـ[إبراهيم الدوسري]ــــــــ[22 May 2003, 01:22 م]ـ
ما سورتان اتفق الكل على،،، أن يثبتوا بينهما البسملة
وأجمعوا أيضا على أنهم،،، لم يثبتوا بينهما بسملة
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[22 May 2003, 02:32 م]ـ
بارك الله فيكم يا شيخ ونفع بعلمكم
واما جواب اللغز فلعلهما سورتا الناس والفاتحة
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 May 2003, 04:29 م]ـ
بسم الله
بمناسبة اللغز الذي ذكره شيخنا الشيخ إبراهيم الدوسري؛ أذكر نفسي وإخواني بأن للألغاز العلمية فوائد معروفة عند أهل العلم عندما تكون جادة ولها غرض نافع.
ولعلنا نذكر هنا بعض اللألغار العلمية المتعلقة بالتفسير وعلوم القرآن والقراءات، مع الرجاء لمن أورد لغزاً أن يذكر بعد الجواب عليه المرجع الذي نقله منه، أو العالم الذي أورده.
وهذا لغز لطيف: أيّ شيء إذا عددته زاد على المائة، وإذا عددت نصفه كان دون العشرين؟
وهذا سؤال آخر: ما الآية التي دلت دلالة صريحة على أن الله تعالى يعجب؟
ـ[إبراهيم الدوسري]ــــــــ[22 May 2003, 07:42 م]ـ
الحمد لله
أولاـ أهنئ الأخ الشيخ أحمد القصير على إصابته الجواب، وقد أجاب على ذلك نظما بعضهم بقوله:
سألتنا عن مبهم واضح،،،،، هما هديت الناس والفاتحة.
ثانيا ـ أثنّي على ماذكره أخي الشيخ محمد من أن الألغاز كانت محل عناية العلماء، وهي منهج تربوي أسلامي رصين عمل به المسلمون تأسيا بنبينا عليه الصلاة والسلام.
ثالثا ـ أوافق على ما ذكره أخي الشيخ محمد من ضرورة ذكر المصدر، وقد كان هذا مأخوذا به في عين الاعتبار عند طرح هذا اللغز، ولكني أنسأت ذكره لحين ورود الإجابة، أما وقد وردت فإن المرجع هو شرح الشاطبية لملا علي القارئ، حيث ذكر اللغز وإجابته في شرح باب البسملة.
رابعا ـ الجواب على صفة العجب قوله تعالى: (بل عجبتُ) بضم التاء على قراءة الأخوين.
والله ولي التوفيق.
ـ[أمين نورشريف]ــــــــ[22 May 2003, 08:40 م]ـ
بارك الله فيكم و زادكم الله علما
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[23 May 2003, 10:29 م]ـ
ويدل على صفة العجب غير ماذكر الشيخ إبراهيم قول الحق تبارك وتعالى:
{وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ} (5) سورة الرعد
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 May 2003, 11:09 م]ـ
أخي حفيد ابن رجب وفقك الله
وأيّ دلالة صريحة في الآية التي ذكرت على صفة العجب لله تعالى؟!
.....
والجواب هو ما ذكره الشيخ إبراهيم نفع الله بعلمه.
ويبقى اللغز الأول الذي أورته سابقاً، فهل من مجيب؟ علماً أن جوابه متعلق بالقرآن الكريم تعلقاً قوياً.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[23 May 2003, 11:31 م]ـ
يا أبا مجاهد
الدلالة واضحة، وهي قوله تعالى (فعجب قولهم).
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 May 2003, 11:44 م]ـ
ولكن يا أخي الكريم: لست معك في هذا الفهم.
ثم؛ هل ذكر أحد من المفسرين أن العجب في قوله (فعجب قولهم) مسند إلى الله؟
لقد قرأت تفسير الآية في كثير من التفاسير، فلم أرَ أحداً منهم ذكر ما ذهبت إليه وفقك الله. فلعلك تراجع تفسير الآية وتفيدنا بما توصلت إليه من نتيجة، وأنا لك من الشاكرين.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[24 May 2003, 12:11 ص]ـ
إلى أخي أبي مجاهد
اولا: أرجو منك أن تكتب اسمي: عبدالرحمن بن صالح السديس، مكان حفيد ...
ثانيا: أنا وفقك الله لم آت بها من كيسي، وإنما استفتدتها من شيخنا عبدالرحمن البراك حفظه الله، ولعلي أنقل لك بعض النقول فمنها:
قال ابن القيم في بدائع الفوائد4/ 814:
فائدة دلالات التعجب: التعجب كما يدل على محبة الله لفعل نحو (عجب ربك من شاب ليست له صبوة) و (يعجب ربك من رجل ثار من فراشه ووطائه إلى الصلاة)، ونحو ذلك، وقد يدل على بغض الفعل نحو قوله (وإن تعجب فعجب قولهم)، وقوله (بل عجبت ويسخرون) (كيف تكفرون بالله) ...
وقال ابن القيم في مدارج السالكين ج: 1/ 126
قال تعالى: (وإن تعجب فعجب قولهم) الآية
وفي الآية قولان: أحدهما: إن تعجب من قولهم أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد، فعجب قولهم كيف ينكرون هذا وقد خلقوا من تراب ولم يكونوا شيئا، والثاني: إن تعجب من شركهم مع الله غيره وعدم انقيادهم لتوحيده وعبادته وحده لا شريك له فإنكارهم للبعث وقولهم أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد أعجب، وعلى التقديرين فإنكار المعاد عجب من الإنسان وهو محض إنكار الرب والكفر به والجحد لإلهيته وقدرته وحكمته وعدله وسلطانه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ مجموع الفتاوى 16/ 290
قوله: فما يكذبك ليس نفيا للتكذيب، فقد و قع، بل قد يقال: إنه تعجب منه كما، قال (و إن تعجب فعجب قولهم) الآية
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 May 2003, 10:15 ص]ـ
جزاكم الله خيراً.
أخي الكريم: أبا مجاهد وفقه الله.
بالنسبة للآية التي تدل على تعجب الله سبحانه وتعالى دلالة صريحة فهي (بل عجبتُ ويسخرون).
والتي تدل على تعجب الله كذلك دلالة شبه صريحة (فعجب قولهم) كما ذكر الأخ الكريم عبدالرحمن السديس. ويبدو أنك لم توافقه لكونك اشترطت الدلالة الصريحة، والأمر فيه سعة، وقد ذكر كثير من العلماء ما ذكره الأخ السديس غير من نقل عنهم. وفقكم الله جميعاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم الدوسري]ــــــــ[24 May 2003, 05:03 م]ـ
جواب اللغز الذي لم يجب عليه بعد، هو ـ والله أعلم ـ عدد سور القرآن الكريم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 May 2003, 05:38 م]ـ
قال الزركشي في كتابه البرهان:
النوع السابع:في أسرار الفواتح في السور وضابطها
اعلم أن سور القرآن العظيم مائة وأربع عشرة سورة؛ وفيها يلغز فيقال: أيّ شيء إذا عددته زاد على المائة، وإذا عددت نصفه كان دون العشرين؟
بارك الله في علمك يا شيخنا الكريم.
ـ[إبراهيم الدوسري]ــــــــ[24 May 2003, 09:47 م]ـ
شكر الله لفضيلتك، ولك بمثل.
ونرجو أن تكثر مثل هذه المشاركات الخفيفة في إيجازمفرداتها ورشاقة مقصدها.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[24 May 2003, 10:31 م]ـ
شكرا للشيخ عبدالرحمن الشهري على محاولته تقريب وجهات النظر، وإزالة الخلاف في المسألة، وذلك في قوله:
ويبدو أنك لم توافقه لكونك اشترطت الدلالة الصريحة.
وليس هذا هو السبب لقول أبي مجاهد: وأيّ دلالة في الآية التي ذكرت على صفة العجب لله تعالى؟!
أقول: الآية لا تدل على أن الله يعجب، فضلاً عن كونها صريحة في ذلك.
وأظن أن قصد الجميع الوصول إلى الحق، ولا يضر النقاش، ولا التخطئة.
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 May 2003, 12:41 ص]ـ
بسم الله
أولاً _ أشكر أخي عبد الرحمن بن صالح السديس على حواره الجاد، ومناقشته المثمرة التي أفدت منها، والأمر كما قال وفقه الله:وأظن أن قصد الجميع الوصول إلى الحق، ولا يضر النقاش، ولا التخطئة.
وثانياً - ها أنا أعلن تراجعي عن معارضتي السابقة، وأقول: إن الأمر كما ذكرت أخي عبدالرحمن، وقد وجدت نقلاً صريحاً يدل على ما نبهتَ عليه ذكره ابن جرير رحمه الله تعالى، وهو ما أخرجه بسنده عن قتادة، قال ابن جرير: (حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {وَإنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ} إن عجبت يا محمد فعجب {قَوْلُهُمْ أئِذَاكُنَّا تُرَاباً أئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} عجب الرحمن تبارك وتعالى من تكذيبهم بالبعث بعد الموت.)
ورحم الله من أعاننا على أنفسنا، وكان سبباً في البحث عن الحقيقة، وصدق من قال: حياة العلم بالمذاكرة.
وهذا سؤال يحتاج إلى تأمل وجواب: يقال: إن أحداً لا يستحق اسم الصلاح حتى يكون موصوفا بالحلم؛ فمن أين أخذوا ذلك من كتاب الله تعالى؟
فهل من مجيب؟
ـ[وائل]ــــــــ[25 May 2003, 02:07 م]ـ
الجواب والله أعلم
الآيتين 100 و 101 من سورة الصافات
رب هب لي من الصالحين
فبشرناه بغلام حليم
تحياتي
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 May 2003, 04:47 م]ـ
بسم الله
وفقك الله أخي وائل، والجواب كما ذكرت، وهذا هو نص الكلام الذي أخذته منه:
- (يقال:لم يصف الله سبحانه أحداً من خلقه بصفة أعزّ من الحلم، وذلك حين وصف اسماعيل به. ويقال: إن أحداً لا يستحق اسم الصلاح حتى يكون موصوفاً بالحلم؛ وذلك أن إبراهيم صلوات الله عليه دعا ربه فقال: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) (الصافات:100) فأجيب بقوله: (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) (الصافات:101) فدلّ على أن الحلم أعلى مآثر الصلاح، والله أعلم.)
[من كتاب: شأن الدعاء للخطابي ص64 بتحقيق أحمد يوسف الدقاق].
وهذا سؤال آخر: أين في كتاب الله أن الحبيب لا يعذب حبيبه؟
ـ[وائل]ــــــــ[25 May 2003, 05:10 م]ـ
هذا المعنى كثير في آي القرآن الكريم
ولكن أكثرها التصاقا بهذا المعنى
الآية 31 من سورة آل عمران
{قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم}
فالمغفرة والرحمة ضد العذاب
والله أعلم
تحياتي
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 May 2003, 06:07 م]ـ
هناك آية صريحة في هذا المعنى غير ما ذكرت أخي وائل، فتأمل السؤال. وفقك الله
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[26 May 2003, 01:03 ص]ـ
هو في هذه الآية:
وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) المائدة
جاء في تفسير ابن كثير لهذه الآية الكريمة:
وَقَدْ قَالَ بَعْض شُيُوخ الصُّوفِيَّة لِبَعْضِ الْفُقَهَاء: أَيْنَ تَجِد فِي الْقُرْآن أَنَّ الْحَبِيب لَا يُعَذِّب حَبِيبه؟ فَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِ فَتَلَا عَلَيْهِ الصُّوفِيّ هَذِهِ الْآيَة " قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبكُمْ بِذُنُوبِكُمْ " وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ حَسَن وَلَهُ شَاهِد فِي الْمُسْنَد لِلْإِمَامِ أَحْمَد حَيْثُ قَالَ: حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي عَدِيّ عَنْ حُمَيْد عَنْ أَنَس قَالَ: مَرَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَر مِنْ أَصْحَابه وَصَبِيّ فِي الطَّرِيق فَلَمَّا رَأَتْ أُمُّهُ الْقَوْمَ خَشِيَتْ عَلَى وَلَدِهَا أَنْ يُوطَأَ فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى وَتَقُول اِبْنِي اِبْنِي وَسَعَتْ فَأَخَذَتْهُ فَقَالَ الْقَوْم: يَا رَسُول اللَّه مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُلْقِيَ وَلَدهَا فِي النَّار قَالَ فَخَفَّضَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " لَا وَاَللَّه مَا يُلْقِي حَبِيبه فِي النَّار "اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Jun 2003, 12:45 ص]ـ
بسم الله
يقول المفسرون في قوله تعالى: (ومن الناس من يقول ... ) ونظائرها: إن (مَن) هنا إمّا موصولة أو موصوفة.
ومعنى كونها موصولة واضح؛ فما معنى كونها موصوفة؟ وكيف يكون التقدير في الآية على هذا المعنى؟ مع العلم بأن القول بأنها موصوفة أقوى من القول بأنها موصولة.
ـ[وائل]ــــــــ[02 Jun 2003, 01:07 م]ـ
تفسير أبي السعود:
ومن في قوله تعالى [من الناس] موصولة أو موصوفة ومحلها الرفع على الخبرية والمعنى وبعض الناس أو وبعض من الناس الذي يقول كقوله تعالى ومنهم الذين يؤذون النبي الآية أو فريق يقول كقوله تعالى من المؤمنين رجال الخ
فتح القدير للشوكاني:
ومن تبعضية أي بعض الناس ومن موصوفة أي ومن الناس ناس يقول
تفسير النسفي:
ومن موصوفة ويقول صفة لها كأنه قيل ومن الناس ناس يقولون كذا
التبيان في إعراب القرآن:
قوله [من يقول] من في موضع رفع بالابتداء وما قبله الخبر أو هو مرتفع بالجار قبله على ما تقدم ومن هنا نكرة موصوفة ويقول صفة لها ويضعف أن تكون بمعنى الذي لأن الذي يتنأول قوما بأعيانهم والمعنى ها هنا على الايهام والتقدير ومن الناس فريق يقول ومن موحدة للفظ وتستعمل في التثنية والجمع والتأنيث بلفظ واحد والضمير الراجع إليها يجوز أن يفرد حملا على لفظها وأن يثني ويجمع ويؤنث حملا على معناها وقد جاء في هذه الاية على الوجهين فالضمير في يقول مفرد وفي آمنا وما هم جمع
روح المعاني للألوسي:
عن سلمة بن عاصم أنه جزم بأن كلا من ناس وأناس مادة مستقلة واللام فيه إما للجنس أو للعهد الخارجي فإن كان الأول فمن نكرة موصوفة وإن كان الثاني فهي موصولة مرادا بها عبدالله بن أبي وأشياعه وجوز ابن هشام وجماعة أن تكون موصولة على تقدير الجنس وموصوفة على تقدير العهد لأن بعض الجنس قد يتعين بوجه ما وبعض المعينين قد يجهل باعتبار حال من أحواله كأهل محلة محصورين فيهم قاتل لم يعرف بعينه كونه قاتلا وإن عرف شخصه فلا وجه للتخصيص عند هؤلاء وقيل إن التخصيص هو الأنسب لأن المعرف بلام الجنس لعدم التوقيت فيه قريب من النكرة وبعض النكرة نكرة فناسب من الموصوفة للطباق والأمر بخلافه في العهد
تفسير الكشاف للزمخشري:
ومن في " مَن يَقُول " موصوفة كأنه قيل: ومن الناس ناس يقولون كذا كقوله: " من المؤمنين رجال " الفتح: إن جعلت اللام للجنس.
وإن جعلتها للعهد فموصولة كقوله: " ومنهم الذين يؤذون النبي " التوبة: فإن قلت: كيف يجعلون بعض أولئك والمنافقون غير المختوم على قلوبهم قلت: الكفر جمع الفريقين معأ وصيرهم جنسأ واحداً.
وكون المنافقين نوعاً من نوعي هذا الجنس - مغايرأ للنوع الاخر بزيادة زادوها على الكفر الجامع بينهما من الخديعة والاستهزاء - لا يخرجهم من أن يكونوا بعضاَ من الجنس فإن الأجناس إنما تنوعت لمغايرات وقعت بين بعضها وبعض.
وتلك المغايرات إنما تأتي بالنوعية ولا تأبى الدخول تحت الجنسية
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[02 Jun 2003, 01:29 م]ـ
الأخ إبراهيم الدوسري أرجو شرح الجواب على اللغز الأول الذي جوابه سورة الفاتحةوالناس
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Jun 2003, 02:10 م]ـ
بسم الله
أخي وائل وفقك الله
ليس المقصد من السؤال هو ذكر النقول التي أوردتها؛ فهي معلومة.
ولكن المقصد: ماذا يفهم السائل من تعبير المفسرين عن (مَن) بأنها موصوفة؟ أي: شرح عبارة المفسرين الذين نقلت عن بعضهم.
ـ[وائل]ــــــــ[02 Jun 2003, 02:21 م]ـ
أخي الفاضل
النقول التي ذكرتها لا تحتاج إلى شرح
وان كان عندك إضافة أرجو ذكرها لتعم الفائدة
تحياتي
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Jun 2003, 04:09 م]ـ
أخي الكريم أبا مجاهد وفقه الله
بناء على أنك تقصد (مَنْ) الثانية التي بعد كلمة الناس وليست التي قبلها كما قد يظن بعض الإخوة.
(ومِن الناس مَنْ يقول .. )، أقول:
أولاً: معنى كون (مَنْ) نكرة موصوفة، أن يكون ما بعدها صفة لها، والتقدير على هذا: ومن الناس فريقٌ أو ناسٌ يقولون.
(يُتْبَعُ)
(/)
وذلك بأن تفيد معنى مبهماً غير معين، وهذا من خصائص (مَن) من بين حروف المعاني، فهي تطلق على المفرد والمثنى والجمع المذكر والمؤنث. فتعود على المفرد المذكر باعتبار لفظها، وعلى المؤنث باعتبار معناها. ومن علامات كونها نكرة موصوفة، جواز دخول (رُبَّ) عليها، ومن أشهر شواهد النحويين والمفسرين على ذلك بيت سائر لسويد بن أبي كاهل اليشكري في قصيدته اليتيمة:
رُبَّ مَنْ أنضجت حقداً قلبه ... قد تمنى لي موتاً لم يُطَعْ
والشاهد في البيت دخول (رُبَّ) على (مَنْ)؛ لأن (مَنْ) نكرة موصوفة بجملة (أنضجتُ) بعدها، أي: رُبَّ رجلٍ أنضجتُ ..
ثانياً: أن هناك عدداً من كبار النحويين استبعدوا كونها موصوفة هنا في مثل هذه الآية.
فمن النحويين الذين استبعدوا كونها موصوفة الإمام الكسائي رحمه الله، وهو إمام الكوفيين في القراءة والنحو، وقال بأن هذا الموضع ليس من المواضع التي تختص بها النكرات، ويمكنك مراجعة قوله في همع الهوامع للسيوطي وشرحه 1/ 316 - 317
ومن النحويين الكبار الذين استبعدوا كونها موصوفة كذلك ابن هشام الأنصاري رحمه الله في كتابه العجيب (مغني اللبيب)، حيث قال: (وقال تعالى: (ومن الناس من يقول آمنا بالله) فجزم جماعة بأنها موصوفة، وهو بعيد، لقلة استعمالها) 1/ 359 طبعة محي الدين عبدالحميد رحمه الله. ويقصد بمن جزم بكونها موصوفة العكبري وغيره.
ومن النحويين الكبار والمفسرين الكبار أيضاً السمين الحلبي رحمه الله، حيث تعقب قول العكبري عندما قال بأنها موصوفة، وقال إن (المعنى ههنا على الإيهام) قال الحلبي: إن هذا غير مُسلَّم – بتشديد اللام وفتحها -، لأن المنقول أن الآية نزلت في قوم بأعيانهم كعبدالله بن أبي ورهطه. الدر المصون للسمين 1/ 110
ثالثاً: أن قول الزمخشري أن الأمر فيه تفصيل:
- فإن قدرت (أل) في الناس للعهد فـ (من) موصولة، مثل: (ومنهم الذين يؤذون النبي).
- وإن قدرت (أل) في الناس للجنس، فـ (من) موصوفة، مثل: (من المؤمنين رجال صدقوا).
فهذا أمر (يحتاج إلى تأمل) كما قال ابن هشام رحمه الله.
والذي يبدو لي أن معنى قول الزمخشري هذا أنه يرى أن اللام إذا كانت للجنس في كلمة (الناس) ناسب أن تكون (مَنْ) موصوفة؛ لكون الجنس شائع في الأفراد فيناسبه القول بأنها نكرة موصوفة لأن النكرة شائعة كذلك في أفرادها.
وإن كانت (أل) في (الناس) للعهد، ناسب القول بأن (مَنْ) موصولة لكون العهد أقل شيوعاً من الجنس.
ولكن الذي يبدو أنه نوع من التكلف في تعليل الحكم،وهذا مهيع معروف عند أهل النحو رحمهم الله، والعرب قد ورد عنها عدد كبير من الشواهد الشعرية جاءت فيها لام الجنس وبعدها الموصول لا النكرة الموصوفة.
فهذا رأي مستحسن، وقد وافقه عليه كما في النقول السابقة الألوسي، ولكنه لا يصلح أن يكون قاعدة نحوية في رأيي لورود لغة العرب بخلافه كثيراً، ولا أظن أبا حيان يترك التعقيب على كلام الزمخشري، فلعلي أراجع تفسير البحر المحيط، وأرى قول أبي حيان إن شاء الله في مشاركة قادمة.
وجزاك الله خيراً أخي أبا مجاهد على مثل هذه المشاركات.
ـ[إبراهيم الدوسري]ــــــــ[02 Jun 2003, 04:22 م]ـ
معنى اللغز: أن القراء اتفقوا على الإتيان بالبسملة بين سورتي الناس والفاتحة، مع أنهم اتفقوا أيضا على عدم كتابتها فيما بينهما، فهي مثبتة لفظا محذوفة رسما
وشكرا
ـ[وائل]ــــــــ[02 Jun 2003, 04:30 م]ـ
الأخ عبدالرحمن جزاك الله خير الجزاء
ـ[سابر الأغوار]ــــــــ[04 Jun 2003, 06:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد سررت جدًا عند دخولي في هذا المنتدى؛ لما رأيت فيه من الكلام الجميل وصدق العبارة؛ وإظهار روح المحاورة البريئة الرائعة.
بخلاف المنتديات الأخرى التي تشم بمجرد دخولك نتن المعاصي والبعد عن الكلام الطيب؛ ناهيك عن الكلام المفيد والنافع.
وبما أن المجال مفتوح للألغاز فإليكم إخواني هذا اللغز الفقهي والذي يتعلق بالمواريث:
(ما تقول في هالك هلك وترك:
خال ابن عمته ولا خال لإبن العمة غيره.
وعمة ابن خاله ولا عمة له غيرها أيضا.
فما يكونان من هذا الميت؟؟
ــــــــــــــــ:
ملاحظة: سوف أذكر المصدر ان شاء الله تعالى بعد ورود الحلول؛ حتى نجعل مساحة واسعة للتفكير
وجزاكم الله خير الجزاء
...........................................
أخوكم / عبد الله علي القحطاني ................ معلم تربية إسلامية.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Jun 2003, 06:50 م]ـ
أخي الكريم عبدالله القحطاني وفقه الله ورزقنا وإياه العلم النافع والعمل الصالح
اشكرك على حسن ظنك بإخوانك، واشكرك على مشاركتك الجميلة.
وأما جواب سؤالك وفقك الله فهو حسب ما يبدو لي بادي الرأي أن المقصود بخال ابن العمة هو أب الميت، وعمة ابن خاله هي أمه. نسأل أن يرحم آباءنا وأمهاتنا أجمعين وأن يغفر لنا ولهم.
وأرجو يا أستاذي الكريم أن يكون اللغز في المرة القادمة في التفسير والدراسات القرآنية إن أمكن، وإن كنت قد أسعدتني كثيراً بأخذنا إلى علم المواريث. وفقك الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[وائل]ــــــــ[05 Jun 2003, 10:32 ص]ـ
الأخ الكريم سابر الأغوار
في البداية أرحب بك ونفعنا الله جميعا بهذا المنتدى المبارك
ثانيا بالنسبة لحل اللغز الفقهي الذي أوردته فالحل هو:
خال ابن عمته ولا خال لإبن العمة غيره: هو أب الميت وله الثلثان
وعمة ابن خاله ولا عمة له غيرها: هي أم الميت ولها الثلث
ولك تحياتي
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Jun 2003, 10:45 ص]ـ
بسم الله
هذا سؤال في التفسير، وله صلة بتفسير القرآن بالقرآن:
أورد البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب التفسير -سورة الكافرون - ما ذكره أبو عبيدة في مجاز القرآن: ((لا أعبد ما تعبدون) الآن، ولا أجيبكم فيما بقي من عمري. (ولا أنتم عابدون ما أعبد)) انتهى كلام أبي عبيدة الذي أورده البخاري، ثم علق عليه بقوله: (وهم الذين قال: (وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل إليك من ربك طغياناً وكفراً)).
فما مقصد البخاري بتعليقه هذا، وما وجه الربط بين الآية التي ذكرها وكلام أبي عبيدة؟؟
ـ[سابر الأغوار]ــــــــ[05 Jun 2003, 11:48 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر كلا من المشرف العام / عبد الرحمن الشهري / والعضو: وائل؛ على الترحيب بنا؛ وأيضا على الإجابة الصحيحة والموفقة على الإجابة على اللغز الفقهي الذي طرحناه.
نعم إن إجابة اللغز: (أنهما أب وام الميت).
وأما المصدر كما وعدت عند إعداد اللغز ومن باب الأمانة العلمية للنقل هو كتاب:
{{الدرر البهية في الألغاز الفقهية}}
جمع وصياغة وترتيب فضيلة الشيخ الدكتور / محمد بن عبد الرحمن العريفي.
وتقديم الشيخ العلامة الدكتور: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله.
والسلام عليكم.
ـ[الظافر]ــــــــ[05 Jun 2003, 03:00 م]ـ
الأخ الفاضل وائل كيف أعطيت الأب الثلثان؟
علما أن الأب ليس من ميراثه الثلثين وله ثلاث حالات في الإرث:
1 - إما بالفرض فقط مع الفرع الوارث الذكر وإرثه السدس.
2 - إما بالفرض والتعصيب معا مع الفرع الوارث الأنثى ويرث السدس والباقي لأنه أولى رجل ذكر.
3 - وإما بالتعصيب فقط مع عدم الفرع الوارث ويرث الباقي عصبة.
أما حل المسألة السابقة فإن مات الميت عن أب وأم، فيكون الميراث كالتالي: الأم تأخذ الثلث، والأب يأخذ الباقي عصبة، لعدم وجود الفرع الوارث.والله ـ تعالى ـ أعلم.
ـ[وائل]ــــــــ[05 Jun 2003, 05:16 م]ـ
الأخ الفاضل عبدالله القحطاني
جزاك الله خيرا على هذا الإيضاح
وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه
ـ[وائل]ــــــــ[05 Jun 2003, 05:47 م]ـ
الأخ الفاضل أبو مجاهد
أظن أن مقصد البخاري من ذكره هذه الآية هو التأكيد على المعنى الذي أورده أبوعبيدة بمعنى أن المراد لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد في الماضي ولا أنا عابد ما عبدتم ولا انتم عابدون ما أعبد في المستقبل.
ووجه الربط في الآية أن الكفار وما شابههم من يهود ومنافقين سيظلوا على عنادهم وكفرهم في المستقبل، والله أعلم.
وقد أورد ابن كثير في تفسيره لهذه الآيات من سورة الكافرون أن لها أربعة أوجه كما يلي:
"فقال لا أعبد ما تعبدون يعني من الأصنام والأنداد، ولا أنتم عابدون ما أعبد وهو الله وحده لاشريك له فـ (ما) ههنا بمعنى من قال ولا انا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد أي ولا أعبد عبادتكم أي لا أسلكها ولا أقتدي بها وإنما اعبد الله على الوجه الذي يحبه ويرضاه.
ولهذا قال ولا أنتم عابدون ما أعبد أي لا تقتدرون بأوامر الله وشرعه في عبادته بل قد اخترعتم شيئا من تلقاء أنفسكم كما قال إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى فتبرأ منهم في جميع ماهم فيه فإن العابد لابد له من معبود يعبده وعبادة يسلكها إليه فالرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه يعبدون الله بما شرعه ولهذا كان كلمة الإسلام لاإله إلا الله محمد رسول الله أي لا معبود إلا الله ولا طريق إليه إلا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم والمشركون يعبدون غير الله عبادة لم يأذن بها الله ولهذا قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم لكم دينكم ولي دين كما قال تعالى وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون وقال لنا أعمالنا ولكم أعمالكم
وقال البخاري بعد4966 يقال لكم دينكم الكفر ولي دين الإسلام ولم يقل ديني لأن الآيات بالنون فحذف الياء كما قال فهو يهدين و يشفين. وقال غيره لا أعبد ما تعبدون الآن ولا أجيبكم فيما بقي من عمري ولا أنتم عابدون ما أعبد وهم الذين قالوا وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا انتهى ما ذكره.
ونقل ابن جرير عن بعض أهل العربية أن ذلك من باب التأكيد كقوله فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا وكقوله لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين وحكاه بعضهم كابن الجوزي وغيره عن ابن قتيبة فالله أعلم.
فهذه ثلاثة أقوال:
- أولها: ما ذكرناه أولاَ.
- الثاني: ما حكاه البخاري وغيره من المفسرين أن المراد لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد في الماضي ولا أنا عابد ما عبدتم ولا انتم عابدون ما أعبد في المستقبل.
- الثالث: أن ذلك تاكيد محض.
- وثم قول رابع نصره أبو العباس ابن تيمية في بعض كتبه، وهو أن المراد بقوله لا أعبد ما تعبدون نفي الفعل لآنها جملة فعلية، ولا أنا عابد ما عبدتم نفى قبوله لذلك بالكلية؛ لأن النفي بالجملة الإسمية آكد فكأنه نفى الفعل وكونه قابلا لذلك ومعناه نفي الوقوع ونفي الإمكان الشرعي أيضا وهو قول حسن أيضا والله أعلم" انتهى كلامه رحمه الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سابر الأغوار]ــــــــ[06 Jun 2003, 10:40 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إليكم إخوتي فائدة جديدة.
(نعلم ان المسح على الخفين إنما وردت به السنة المطهرة في الأحاديث الصحيحة الثابتة؛ كما في غزوة تبوك ونحوها كثير جدا؛ ونعلم الخلاف بين أهل السنة ومخالفيهم حول هذا الأمر؛ وكذلك السر في إيراد هذا الباب بالذات في كتب العقيدة دون غيره من أبواب الفقه الأخرى).
ولكن البعض يرى أن القرآن الكريم: أشار الى المسح على الخفين في آية من كتاب الله عز وجل؟؟
س/ فما هي تلك الآية؟ ومن أيّ سورة؟
من يعرف الحل يجيب على السؤال؟ والجائزة ندعو له بالجنة!!
والسلام عليكم؛؛؛؛؛؛
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Jun 2003, 02:21 م]ـ
الذي يبدو لي أن البخاري يميل إلى عدم التكرار في الآية فحمل الآية الأولى على الحال، والثانية على الاستقبال. وهذا وجه الربط بين الآية التي ذكرها والكلام الذي ذكره أبو عبيدة. إضافة إلى ما ذكره الأخ وائل أعلاه. حيث يفهم من كلام أبي عبيدة حمله الآية الأولى على الحال والاستقبال معاً. والقول بعدم التكرار في الآيات هنا، وأنها شملت جميع أقسام النفي في الماضي والحال والمستقبل قول وجيه، أشار إليه عدد من المفسرين.
وأنتظر تصويبك يا أبا مجاهد وفقك الله.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[06 Jun 2003, 04:15 م]ـ
الأخ سابر الأغوار: دليل المسح على الخفين من القرآن
آية الطهارة من سورة المائدة على قراءة الجر في قوله: وأرجلكم " وهي قراءة متواترة فيكون للرجل حالتان:
ان تكون مكشوفة فالواجب فيها الغسل على قراءة الفتح.
ان تكون مغطاة فالواجب فيها المسح على قراءة الجر.
وقد أشار إلى هذا شيخ الإسلام
وهو من أمثلة حمل القراءتين على بعض في تفسير القرآن بالقرآن
وفقك الله لكل خير.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[06 Jun 2003, 04:35 م]ـ
بسم الله
أشكر الأخوين وائل وأباخالد على مشاركتهما في الجواب عن السؤال المتعلق بما ذكره البخاري رحمه الله تعليقاً على كلام أبي عبيدة.
وقد كانت إجابة الأخ وائل جيدة إلا أنها تحتاج إلى إيضاح.
وبيان ذلك: أن أباعبيدة يرى أن الآيتين الأوليين (لا أعبد ما تعبدون. ولا أنتم عابدون ما أعبد) في الحال، والآيتين الأخيرتين (ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد) في المستقبل.
ولما كان يرد على هذا القول إشكال، وهو أن بعض المخاطبين من الكفار أسلم أو قد يسلم في المستقبل = أراد البخاري أن يبين أن المراد بالكافرين هنا من كان مكتوباً عليه الاستمرار على الكفر، وهم الذين أخبر الله عنهم وعن أمثالهم بأنه لا يزيدهم ما أنزل الله على رسوله إلا طغياناً وكفراً كما في آية المائدة التي أوردها البخاري رحمه الله. وهذا من دقيق فهمه.
وللفائدة: لم أرَ ابن حجر رحمه الله شرح مقصد البخاري هذا في الفتح.
ثم إني أحول السؤال لأخي الكريم أبي خالد البريدي: ماذا يمكن أن نعتبر هذا الوجه من تفسير القرآن بالقرآن؟
ـ[سابر الأغوار]ــــــــ[06 Jun 2003, 05:22 م]ـ
بسم الله
لقد أجاد وأفاد الأخ / البريدي وفقه الله وزاده من العلم.
نعم هو كذلك ولا مزيد.
والسلام عليكم.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[06 Jun 2003, 10:45 م]ـ
الأخ الفاضل: ابا مجاهد وفقه الله
لقد اعتبر النحاس وابن عطية هذه الآية من علامات النبوة، لأن كل من خوطب بهذه الآية لم يسلم منهم أ حد , وزاد النحاس: وكذا الذين خاطبهم بقوله " سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون "
وقال الثعلبي في تفسيره: وهذا خطاب لمن سبق في علم الله تعالى أنهم لا يؤمنون
وما ذكره النحاس مشابه لما ذكره البخاري وهو داخل في وجه: جمع الآيات التي تتحدث عن موضوع واحد
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Jun 2003, 08:17 م]ـ
بسم الله
هذه سؤال عن استنباط لطيف:
آية كريمة يؤخذ منها أهمية معرفة التأريخ في معرفة الصواب من الأقوال، ورد الباطل منها؛ فما هذه الآية؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Jun 2003, 10:58 م]ـ
كأنك تشير إلى قوله تعالى في سورة آل عمران: (يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون).
فهي تحاكمهم إلى التأريخ.
وقد ذكر ذلك السعدي عند تفسيره للآية كما أفاد ذلك أخي أبو مجاهد وفقه الله.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 Jun 2003, 06:31 م]ـ
بسم الله
هذا سؤال يحتاج إلى مجيب لبيب، له قدرة على الربط بين الآيات والسور، فخذوه وتأملوه:
ذكر الله تعالى في سورة الأنعام أنه قد فصل على الناس ما حرّم عليهم فقال: (وما لكم ألا ئأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ... ) الآية رقم 119
والسؤال: أين جاء هذا التفصيل؟
ـ[ barsoom] ــــــــ[20 Jun 2003, 08:49 ص]ـ
السلام عليكم
الجواب في الآية الخامسة من سورة المائدة في قوله تعالى:
(حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم)
ولقد وضح الإمام الطبري هذا في التفسير بقوله:
(وذلك أن الله تعالى ذكره تقدم إلى المؤمنين بتحليل ما ذكر اسم الله عليه وإباحة أكل ما ذبح بدينه أو دين من كان يدين ببعض شرائع كتبه المعروفة , وتحريم ما أهل به لغيره من الحيوان , وزجرهم عن الإصغاء لما يوحي الشياطين بعضهم إلى بعض من زخرف القول في الميتة , والمنخنقة , والمتردية , وسائر ما حرم الله من المطاعم. ثم قال: وما يمنعكم من أكل ما ذبح بديني الذي ارتضيته , وقد فصلت لكم الحلال من الحرام فيما تطعمون , وبينته لكم بقوله: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به}. . . إلى قوله: {فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم} 5 3 فلا لبس عليكم في حرام ذلك من حلاله , فتمتنعوا من أكل حلاله حذرا من مواقعة حرامه)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Jun 2003, 12:55 م]ـ
بسم الله
هذا الجواب - وإن ذكره بعض المفسرين - يشكل عليه أن سورة الأنعام مكية، وسورة المائدة مدنية، بل هي من آخر ما نزل، فكيف يكون التفصيل الذي ذكر الله أنه قد وقع، والسورة لم تنزل بعد.
إذن؛ نحتاج إلى جواب آخر، وشكراً للأخ برسوم على محاولته.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Jun 2003, 02:53 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر بعض العلماء أن التفصيل المذكور ورد في الآية التي في آخر سورة الأنعام وهي قوله تعالى: (قل لا أجد فيما أوحي إليَّ محرماً ... ) الآية. ولا يصح ذلك لأن سورة الأنعام نزلت جملة واحدة على الصحيح، ويستبعد نزول المتأخر تلاوة قبل المتقدم. وإن كان القاسمي رحمه الله في تفسيره يميل إلى هذا القول ويرى أن الفاصل اليسير بين الآيتين لا يؤثر، ولا يمنع أن يكون هو المراد.
وبعضهم ذكر الآية التي ذكرها الأخ برسوم في سورة المائدة، ويشكل على ذلك ما ذكره الأخ أبو مجاهد من كون سورة المائدة مدنية بالاتفاق، والأنعام مكية بالاتفاق.
فلم يبق إلا القول بأن التفصيل المذكور قد نزل بوحي آخر غير القرآن، والله أعلم.
وقد ذكر هذا الطاهر بن عاشور رحمه الله في التحرير والتنوير عند تفسيره للآية. والقاسمي كذلك.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Jun 2003, 03:02 م]ـ
ويبقى السؤال: هل يمكن ان يقال: إن هذا التفصيل هو ما ورد في آية النحل 115: (إنما حرم عليكم الميتة والدم ... ) الآية.
وأما ما ذكره أخي عبدالرحمن من كون ما ورد في نفس السورة [الأنعام] لا يصح أن يكون هو المراد فله توجيه، ويحتاج إلى تعليق بعد مناقشة السؤال السابق.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Jun 2003, 04:52 ص]ـ
بسم الله
هل من مجيب؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Jun 2003, 02:20 ص]ـ
سيكون الجواب غداً الجمعة - إن شاء الله -
فهل من محاولة أخيرة للجواب عن هذه المسألة؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Jun 2003, 02:57 م]ـ
إذا أمكن التحقق من أن سورة النحل قد نزلت قبل سورة الأنعام فالجواب الذي ذكرته صحيح إن شاء الله. وننتظر إجابتك وفقك الله.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Jun 2003, 07:47 م]ـ
بسم الله
سبق أن تقرر بأن الآيات الواردة في البقرة والمائدة لا يصح أن تكون هي المفصلة لما حرم الله تعالى المشار إليه في آية الأنعام المسؤول عنها لأن السورتين مدنيتان، والأنعام مكية.
وإذا كان الأمر كذلك؛ فيبقى آيتان ذكر الله فيهما تفصيل ما حرم، وهما:
آية الأنعام: (قل لا أجد فيما أوحي إلى محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة ... ) الآية 145
وآية النحل 115: (إنما حرم عليكم الميتة والدم ... ) الآية.
وآية النحل لا يصح كونها مرادة إلا إذا علم نزولها قبل سورة الأنعام، وقد دلت قرينتان على أنها نزلت بعد الأنعام لا قبلها:
القرينة الأولى: قوله تعالى في الآية 118 سورة النحل: (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) وهذا الذي قصه الله من قبل مذكور في الأنعام في الآية رقم 146 فدل ذلك على أن الأنعام نزلت قبل النحل.
القرينة الثانية: قال الله تعالى في سورة الأنعام: (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ... ) الآية 148، فأخبر أنهم سيقولون ذلك في المستقبل، وقد ذكر في النحل أنهم قالوه في قوله: (وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ ... ) الآية 35
وعليه فإن الآية المبينة لقوله: (وما لكم ألا ئأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه .. ) هي آية الأنعام نفسها رقم 145، ولا يؤثر كون الآية المفسِّرة متأخرة عن الآية المفسَّرة؛ لأن السورة نزلت دفعة واحدة.
هذا هو تفصيل هذه المسألة، وهو مقتبس من شرح الإمام الشنقيطي لهذه الآية من أشرطة التفسير لسورة الأنعام.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[09 Jul 2003, 07:11 ص]ـ
بسم الله
ما الموضع الوحيد الذي خالف فيه حفص شيخه عاصم؟ وما سبب مخالفته له؟
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[10 Jul 2003, 11:45 م]ـ
س1. ماهي المشقشقتان والمقشقشتان من سور القرآن؟
س2. ورد في سورة هود ذكر نوح وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب وموسى، فلم خصت باسم هود وحده، مع أن قصة نوح فيها أوعب وأطول؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 Jul 2003, 05:51 ص]ـ
بسم الله
جواب السؤال الثاني ذكره الزركشي في البرهان بقوله: (فإن قيل قد ورد فى سورة هود ذكر نوح وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب وموسى عليهم السلام فلم تختص باسم هود وحده وما وجه تسميتها به وقصة نوح فيها أطول وأوعب؟
قيل تكررت هذه القصص فى سورة الأعراف وسورة هود والشعراء بأوعب مما وردت فى غيرها ولم يتكرر فى واحدة من هذه السور الثلاث اسم هود عليه السلام كتكرره فى هذه السورة فإنه تكرر فيها عند ذكر قصته فى أربعة مواضع والتكرار من أقوى الأسباب التى ذكرنا.
وإن قيل فقد تكرر اسم نوح فى هذه السورة فى ستة مواضع فيها وذلك أكثر من تكرار اسم هود قيل لما جردت لذكر نوح وقصته مع قومه سورة برأسها فلم يقع فيها غير ذلك كانت أولى بأن تسمى باسمه عليه السلام من سورة تضمنت قصته وقصة غيره وأن تكرر اسمه فيها أما هود فكانت أولى السور بأن تسمى باسمه عليه السلام.) 1/ 368 بتحقيق المرعشلي
وذكر الطاهر ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير أنها سميت بذلك لتكرر اسم هود فيها خمس مرات، ولأنه جاءت مبسوطة في هذه السورة أكثر من غيرها من السور التي وردت فيها.
وأما السؤال الأول فقد يكون جوابه: هما سورتا التوبة والمنافقون.
ويبقى السؤال الذي قبله في انتظار مجيب:
ما الموضع الوحيد الذي خالف فيه حفص شيخه عاصم؟ وما سبب مخالفته له؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[15 Jul 2003, 01:52 ص]ـ
كتاب السبعة في القراءات ج: 1 ص: 309
وخالف حفص عاصما فقرأ عن نفسه لا عن عاصم فى الروم من ضعف ضعفا بالضم جميعا اهـ
السبب: قراءته عن نفسه لا عن شيخه، والمقصود عن نفسه عن شيخ آخر
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Jul 2003, 02:15 م]ـ
بسم الله
نعم؛ الجواب كما ذكر الأخ الكريم عبدالله بلقاسم.
وإتماماً للفائدة أنقل نصاً حول هذه المسألة:
(روي عن حفص قوله: ما خالفت عاصماً في شيء من القرآن إلا في هذا الحرف لما روي عن عطية العوفي أنه قال: قرأت على ابن عمر رضي الله عنه: {الذي خلقكم من ضُعف ثم جعل من بعد ضٌعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضُعف وشيبة} فقرأها ابن عمر {خلقكم من ضُعف} و {من بعد ضٌعف} بالضم فيها. ثم قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما قرأت عليّ فأخذها عليّ كما أخذتها عليك.) انتهى من المبسوط في القراءات العشر 191 نقلاً عن تعليق لمحققي معاني القراءات للأزهري 2/ 267.
قال الأزهري في الموضع المشار إليه: هما لغتان: ضُعف، وضَعف. والضم أحب إلى أهل الآثار لما روي فيه عن النبي _ صلى الله عليه _. انتهى
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Aug 2003, 08:32 ص]ـ
قال تعالى في سورة آل عمران: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ 133 الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ 134 وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ 135 أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ 136)
والسؤال: دلت هذه الآيات على أن الأعمال تدخل في الإيمان.
فما وجه دلالتها على ذلك؟
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[02 Aug 2003, 02:17 م]ـ
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي (رحمه الله برحمته الواسعة):
وهذه الآيات الكريمات من أدلة أهل السنة والجماعة، على أن الأعمال تدخل في الإيمان، خلافا للمرجئة. وجه الدلالة إنما يتم بذكر الآية التي في سورة الحديد نظير هذه الآيات وهي قوله:
(سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله) فلم يذكر فيها إلا لفظ الإيمان بالله ورسله، وهناك قال: (أعدت للمتقين) ثم وصف المتقين، بهذه الأعمال المالية والبدنية. فدل على أن هولاء المتقين الموصفين بهذه الصفات، هم إولئك المؤمنون. اهـ
(تيسير الكريم الرحمن، مجـ 1 ص 273)
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[04 Aug 2003, 03:15 ص]ـ
إجابة على السؤال:
قال تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين}
وقال في سورة الحديد {سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله}
* وجه الدلالة: أن الله جل وعلا في سورة الحديد لم يذكر إلا لفظ الإيمان بالله ورسله، وفي سورة آل عمران قال: " أعدت للمتقين " ثم وصفهم بالأعمال المالية والبدنية، فدل على أن المتقين الموصوفين بهذه الصفات هم أولئك المؤمنون.
والعلم عند الله. - ابن سعدي -
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[04 Aug 2003, 05:19 م]ـ
قال تعالى (وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها)
وقال عن أهل الجنة (وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً حتى إذا جاءوها "و" فتحت أبوبها)
# فما سر الإتيان بالواو في هذه الآية؟ وجزيتم خيرا.
ـ[أخوكم]ــــــــ[15 Aug 2003, 10:46 م]ـ
معذرة إن لم أسند القول لقائليه، لعدم وجود المصادر بقربي الآن وإن كنت أذكر أن من ضمن القائلين بذلك الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله.
إن زيد في اللفظ زيد في المعنى.
فالواو لم تأت في الكلام عن أهل النار لأنهم سيدخلوها مباشرة (اللهم أجرنا من عذابك)
بينما جاءت في الكلام عن أهل الجنة لتشير إلى أنهم لن يدخلوها مباشرة إلا بعد أن حصول أمور.
ومن ضمن تلك الأمور القصاص من بعضهم (القنطرة)، ومن ضمن تلك الأمور شفاعة الرسول صلىالله عليه وآله وسلم عند الله لأهل الجنة في دخولها
والله أعلم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 May 2004, 04:34 م]ـ
دلت آية في كتاب الله محكمة غير منسوخة التلاوة على حكم الرجم؛ فما هي؟ مع ذكر المرجع.
ـ[وائل]ــــــــ[27 May 2004, 03:36 م]ـ
الآية هي:
{ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين} [النور: 8]
وهذه الآية لها دلالة مجملة على أنه بدون هذه الشهادات يوجد عذاب ونوع هذا العذاب مفصل في سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالرجم
وللمزيد يرجع إلى البرهان في علوم القرآن ج 2 ص 129
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 May 2004, 04:37 م]ـ
شكراً للأخ وائل على مشاركته
وهذا جواب آخر:
قال الشنقيطي في أضواء البيان عند تفسيره لقول الله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} (النساء:15):
(وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن حكم الرجم مأخوذ أيضا من آية أخرى محكمة غير منسوخة التلاوة وهي قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون} فإنها نزلت في اليهودي واليهودية اللذين زنيا وهما محصنان ورجمهما النبي صلى الله عليه وسلم.
فذمُه تعالى في هذا الكتاب للمعرض عما في التوراة من رجم الزاني المحصن دليل قرءاني واضح على بقاء حكم الرجم.) انتهى كلامه
ـ[المنهوم]ــــــــ[28 May 2004, 03:12 م]ـ
س: ما هي السورة التي في كل آياتها ورد اسم ((الله))
ـ[المعتز بالإسلام]ــــــــ[29 May 2004, 10:06 ص]ـ
- يشكل على أن المراد بإجابة الآية المحكمة التي دلت على الرجم وهي قول الله (ويدرؤا عنها العذاب) أنه قد يقول قائل المقصود بالعذاب هو الجلد. فما الإجابة؟
- إجابة السؤال الأخير هي سورة المجادلة.
- السؤال: تقول الحكمة (ما لايدرك جله لا يترك كله). ما الآية التي فيها معنى هذه الحكمة؟
ـ[المنهوم]ــــــــ[29 May 2004, 01:48 م]ـ
لقد اصبت يا أخي المعتز بالاسلام وفقك الله للصواب
[ line]
وهذا سؤال اخر [ما هي الآية التي جمعت حروف الهجاء]
ـ[المعتز بالإسلام]ــــــــ[29 May 2004, 02:03 م]ـ
- الفتح (29)، آل عمران (154).
- ما الآية التي فيها معنى الحكمة التالية (ما لا يدرك جله لا يترك كله)؟
ـ[وائل]ــــــــ[30 May 2004, 12:29 م]ـ
الأخ الكريم المعتز بالإسلام
ذكرتُ في مشاركتي أن الآية مجملة وتفصيلها في السنة وحيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالرجم فليس هناك مجال أن يقول قائل أن هذا العذاب له أن يكون الجلد مثلا فالدين توقيفي وليس مرتعا لكل قائل
وتحياتي لك
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Jun 2004, 01:31 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إتماماً للفائدة حول سؤال: إسناد التعجب إلى الله في سؤال سابق هنا، هذه مقالة محررة للأستاذ محمد إسماعيل عتوك وفقه الله بعث بها إلي مشكوراً.
إسناد التعجب إلى الله جل جلاله ووصفه بأنه متعجب
قال الله جل جلاله مخاطبًا نبيه صلى الله عليه وسلم: {فإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابًا أإنا لفي خلق جديد} [الرعد:5] 0 وقوله تعالى: {بل عجبتُ ويسخرون} [الصافات:12]، على قراءة من قرأ بضم التاء.
ولسائل أن يسال- هنا-: هل يجوز إسناد العجب إلى الله جل جلاله، ووصفه بأنه متعجب، كما يدل على ذلك قوله تعالى في الآيتين الكريمتين السابقتين؟
وللإجابة عن هذا السؤال لا بد من الوقوف على معنى التعجب، أو العجب عند علماء اللغة والتفسير، ومعرفة أساليبه في النحو والبلاغة، والقرآن الكريم0 ولهذا نقول وبالله المستعان:
أولاً- التعجب- في اللغة والقرآن- مصدر: تعجَّب0 يقال: تعجب من الأمر تعجبًا، فهو متعجِّب، والأمر متعجَّب منه00 ويقال: عجب عجبًا، وعجَّب غيره تعجيبًا0 ويقال: أعجبني الشيء، بمعنى: راقني، وعظم في نفسي وقلبي00 ومنه قوله تعالى: {ومن الناس من يعجبك قوله} [البقرة:204] 0 أي: يروقك، ويعظم في قلبك.
ويوصف الأمر المتعجَّب منه بأنه: عجَبٌ، وعجيبٌ، وعُجَابٌ، وعُجَّابٌ0 والمراد من ذلك كله المبالغة في الصفة0 وبينها فروق دقيقة في المعنى00 قال الفخر الرازي:"العجَب أبلغ من العجيب "0 وقال الفيروز آبادي:" العُجَاب ما جاوز حدَّ العجَب ".
ومن (العجَب) قوله تعالى: {قل أوحي أنه استمع إلي نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنًا عجبًا} [الجن:1] 0 أي: بديعًا مباينًا لسائر الكتب في حسن نظمه، وصحة معانيه، ودلائل إعجازه0
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن ذلك قوله تعالى: {أكان للناس عجبًا أن أوحينا إلى رجل منهم} [يونس:2] 0 أي: جعلوا ذلك أعجوبة لهم، يتعجبون منها، ونصبوه علمًا لهم، يوجهون نحوه استهزاءهم، وإنكارهم0 ولهذا أنكر الله تعالى عليهم ذلك، فجاء بصيغة الاستفهام الإنكاري، التي تفيد التقرير: {أكان للناس عجبًا؟!}.
ومن (العجيب) قوله تعالى حكاية عن سارة امرأة إبراهيم- عليه السلام-: {قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخًا إن هذا لشيء عجيب} [هود:72] 0 أي: أن يولد ولد من شيخين هرمين خلافًا للعادة، التي أجراها الله تعالى في العباد؛ فهذا شيء يدعو إلى العجب والدهشة0 ولهذا تعجبت سارة مستبعدة حدوث ذلك0
ومن (العُجاب) قوله تعالى: {وعجبوا أن جاءهم منذر وقال الكافرون هذا ساحر كذاب* أ جعل الآلهة إلهًا واحدًا إن هذا لشيء عجاب} [ص:4 - 5] 0 أي: بليغٌ في العجب0 وقرأالسُّلَمِيُّ: {لشيءٌ عُجَّاب}، بالتشديد؛ وهو- كما قال الزمخشري- أبلغ من المخفف.
وقال قتادة: هي لغة لأزد شنوءة00 والعرب تقول: هذا رجل كريم، وكرَّام، وكُرَام0
ويعرف علماء البلاغة التعجب بأنه تعبير عن شعور داخلي، تنفعل به النفس حين تستعظم أمرًا نادر الحدوث0 أو: لا مثيل له0 أو: خارقًا للعادة، خفيُّ السبب، مجهول الحقيقة0 فهو (استعظام الشيء مع خفاء السبب) 0 وما لم يجتمع هذان الشرطان، لا يكون تعجبًا عندهم0
ثانيًا- وللتعجب أساليب كثيرة: منها ما يقتصر معناه على التعجب0 ومنها ما يتضمن مع التعجب معنى آخر؛ كالتنزيه، والمدح، والذم00 وغير ذلك من المعاني التي تفهم من السياق0 وتنحصر هذه الأساليب في نوعين: أحدهما سماعي0 والآخر قياسي0 والقياسي له صيغتان: ما أفعله0 وأفعل به0
ومن الصيغة الأولى قولهم: ما أحسن زيدًا، وأكرمه00 وجعل بعضهم من ذلك قوله تعالى: {فما أصبرهم على النار} [البقرة:175]، وقوله تعالى: {قتل الإنسان ما أكفره} [عبس:17] 0
ومن الصيغة الثانية قولهم: أحسن بزيد، وأكرم به0 وجعل بعضهم من ذلك قوله تعالى: {أبصر به وأسمع} [الكهف:26]، وقوله تعالى: {أسمع بهم وأبصر} [مريم:38] 0
واختلف النحاة والمفسرون في تأويل هاتين الصيغتين على أقوال؛ أشهرها: قول جمهور البصريين0 وهو أن معنى: ما أحسن زيدًا، وأكرمه: شيء جعل زيدًا حسنًا، وكريمًا. وهذا الشيء الذي جعله حسنًا، وكريمًا موجود فيه، لا يمكن تحديده، أو تخصيصه؛ لأنه مجهول الحقيقة0 ولهذا تعُجِّب منه0 هذا رأي الخليل وسيبويه، وقد علَّل له ابن
السراج بقوله:" لأنك، لو خصصت شيئًا، لزال التعجب؛ لأنه إنما يراد به أن شيئًا قد فعل فيه هذا، وخالطه، لا يمكن تحديده، ولا يعلم تلخيصه0 والتعجب كله؛ إنما هو مما لا يعرف سببه0 فأما ما عرف سببه فليس من شأن الناس أن يتعجبوا منه0 فكلما أبهم السبب، كان أفخم، وفي النفوس أعظم "0
وأما- أحسن بزيد، وأكرم به- فأصله عندهم: حسُن زيد0 ثم أدخلت عليه همزة الصيرورة، فصار: أحسنَ زيدٌ0 ثم نقلت صيغة الماضي إلى الأمر لإنشاء التعجب، فصار: أحسنْ زيدٌ0 ثم أدخلت الباء زائدة في الفاعل إصلاحًا للفظ، فصار: أحسنْ بزيد0 ولزمت الباء الفاعل لمعنى التعجب0
فإذا قلت: ما أحسن زيدًا، وأحسن بزيد، فأنت تتعجب من شيء، جعل زيدًا حسنًا0 وهذا الشيء مجهول السبب0 ولهذا ذهب أكثر العلماء إلى أنه لا يجوز إسناد العجب إلى الله تعالى، ووصفه سبحانه بأنه يعجب0 وكان هذا سببًا في اختلافهم في تأويل ما ورد في القرآن الكريم، والحديث الشريف من أقوال ظاهرها إسناد التعجب إلى الله تعالى، ووصفه سبحانه بأنه متعجب0
فمن ذلك قوله تعالى: {فإن تعجب فعجب قولهم} 0 قيل في تفسيره:" إن تعجب يا محمد من قولهم فهو أيضًا عجب عندي "0 وقال الزمخشري:" إن تعجب يا محمد من قولهم في إنكار البعث، فقولهم عجيب حقيق بأن يتعجب منه "0 ثم وصف قولهم بأنه أعجوبة من الأعاجيب. وحكى الرازي عن المتكلمين قولهم:" العجب هو الذي لا يعرف سببه؛ وذلك في حق الله محال0 فكأن المراد: إن تعجب يا محمد فعجب عندك "0
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن ذلك قوله تعالى: {بل عجبتُ ويسخرون}، في قراءة من قرأ بضم التاء0 أي: عجب ربنا0 قال الزمخشري:" فإن قلت: كيف يجوز العجب على الله تعالى؛ وإنما هو روْعة تعتري الإنسان عند استعظام الشيء0 والله تعالى لا يجوز عليه الروعة؟ قلت: فيه وجهان: أحدهما: أن يجرَّد العجب لمجرَّد الاستعظام0 والثاني: أن يتخيَّل، فيفرض ".
وقال الرازي:" معناه: أنه صدر من الله تعالى فعل، لو صدر مثله عن الخلق، لدلَّ على حصول التعجب في قلوبهم0 وبهذا التأويل يضاف المكر، والاستهزاء إلى الله تعالى "0
وقال أبو حيَّان:" الظاهر أن ضمير المتكلم لله تعالى0 والعجب لا يجوز على الله تعالى؛ لأته روعة تعتري المتعجب من الشيء0 وقد جاء في الحديث إسناد العجب إلى الله تعالى، وتؤوِّل على أنه صفة فعل، يظهرها الله تعالى في صفة المتعجب منه من تعظيم، أو تحقير، حتى يصير الناس متعجبين منه "0
ومن ذلك قوله تعالى: {فما أصبرهم على النار} 0 أي: ما أجرأهم على عذاب النار! فهذا تعجب من شدة صبرهم على النار0 ومثله ما روي عن الكسائي من أنه قال: " قال لي قاضي اليمن بمكة: اختصم إليَّ رجلان من العرب، فحلف أحدهما على حق صاحبه، فقال له: ما أصبرك على الله0 أي: ما أجرأك على عذاب الله0 وأصبر بمعنى: أجرأ لغة يمانية0
ومع هذا فقد ذهب أبو حيان في تأويل الآية الكريمة إلى القول:" إذا قلنا: إن الكلام هو تعجب، فالتعجب هو استعظام الشيء، وخفاء حصول السبب0 وهذا مستحيل في حق الله تعالى؛ فهو راجع لمن يصح ذلك منه0 أي: هم ممن يقول فيهم من رآهم: ما أصبرهم على النار! "0
ومن ذلك قوله تعالى: {قتل الإنسان ما أكفره} 0 قال الزمخشري:" تعجَّبَ من إفراطه في كفران نعمة الله "0 وقال أبو حيان:" الظاهر أنه تعجب من إفراط كفره0 ثم قال: والتعجب بالنسبة للمخلوقين؛ إذ هو مستحيل في حق الله تعالى0 أي: هم ممن يقال فيه: ما أكفره! "0
ومن ذلك قوله تعالى: {أسمع بهم وأبصر} 0 قال الزجاج:" هو تعجب من قوة إبصارهم، وشدة سماعهم يوم القيامة، بعدما كانوا في الدنيا صمًّا لا يسمعون، وعميًا لا يبصرون "0
وخالفه في ذلك المبرد، والزمخشري0 أما المبرد فقال:" لا يقال لله عز وجل متعجب؛ ولكنه خرج على كلام العباد0 أي: هؤلاء ممن يجب أن يقال فيهم: ما أسمعهم، وأبصرهم في ذلك الوقت "0 وأما الزمخشري فقال:" لا يوصف الله تعالى بالتعجب؛ وإنما المراد أن أسماعهم، وأبصارهم يومئذ جدير بأن يتعجب منهما بعدما كانوا صمًّا، وعميًا في الدنيا "0
وليت شعري ما الذي يمكن أن يقولوا في تأويل قوله تعالى: {أبصر به وأسمع}، وقد أجمعوا على أن الضمير في (به) يعود على الله تعالى "؟
أيمكن أن يقال فيه: إنه خرج على كلام العباد؟ أم أنه ممن يصح أن يقال فيه: كذا وكذا؟ سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا! وقد قال الفخر الرازي في تفسيره:" هي كلمة تذكر في التعجب0 أي: ما أبصره، وما أسمعه "0
ثم ما الذي يمكن أن يقال في قوله تعالى: {سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون} [يس:36] 0 وفي قوله تعالى: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتًا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون} [البقرة:28]؟ أليس هذا تعجب من الله تعالى، وفي حقه سبحانه، ومثله كثير في كتاب الله تعالى، وفي حديث رسوله صلى الله عليه وسلم؟
وأما قوله تعالى: {بل عجبتُ ويسخرون} فكان شريح يقرأ: (عجبتّ) بالفتح، ويقول:" إن الله لا يعجب من شيء؛ وإنما يعجب من لا يعلم "0 فقال إبراهيم النخعي:" إن شريحًا شاعر يعجبه علمه، وعبد الله أعلم "0 يريد: عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- وكان يقرأ بضم التاء0
وكان الفراء يقول:" العجب، وإن أسند إلى الله تعالى، فليس معناه من الله كمعناه من العباد "0 وكان يجيز في (عجبت) قراءة الرفع، و قراءة النصب، وكان يقول:" والرفع أحب إليَّ؛ لأنها قراءة علي، وابن مسعود، وعبد الله بن عباس "0
أما الطبري فقد حكى قراءة الرفع عن عامة قراء الكوفة، وقراءة النصب عن عامة قراء المدينة والبصرة، وبعض قراء الكوفة، وكان يقول فيهما:" إنهما قراءتان مشهورتان، فبأيهما قرأ القارىء فمصيب "0
نخلص من ذلك كله إلى أن إسناد التعجب إلى الله تعالى جائز، وأن وصفه سبحانه بالمتعجب ثابت في القرآن، والسنة، ولكن على أن يحمل على مجرد الاستعظام، وأن معناه من الله تعالى ليس كمعناه من العباد؛ كما نصَّ على ذلك الفراء0
وخلاصة القول في معنى التعجب ما ذكره الفخر الرازي بعد قوله:" قالوا: التعجب هو استعظام الشيء مع الجهل بسبب عظمه "، قال:" ثم يجوز استعمال التعجب عند مجرد الاستعظام من غير خفاء السبب0 أو من غير أن يكون للعظم سبب حصول"0
فالتعجب- على هذا- ليس كله مما خفي سببه0 بل أكثره مما علم سببه، بدليل أن سبب العظم لا يخفى إلا على الكافر0 أما المؤمن فسبب ذلك عنده معروف0 فإن تعجَّب- في كثير من الأمور- فإنما يتعجَّب لمجرد الاستعظام0 ومن هنا قيل: التعجُّب من قدرة الله تعالى يوجب الكفر؛ لأنه دليل على الجهل0 ولا يجهل قدرة الله تعالى إلا الكافر0
ولهذا حمل تعجب سارة امرأة إبراهيم عليه السلام على أنه تعجب بحسب العرف والعادة، التي أجراها الله تعالى في عباده، لا بحسب قدرته سبحانه على الخلق والإبداع.
وإنما أنكرت الملائكة عليها تعجبها في قولهم: {أتعجبين من أمر الله}؛ لأنها كانت في بيت الآيات، ومهبط المعجزات، والأمور الخارقة للعادات0 فكان عليها أن تتوقَّر، ولا يزدهيها ما يزدهي سائر النساء الناشئات في غير بيوت النبوة، وأن تسبح الله، وتمجده مكان التعجب0 وإلى ذلك أشار الملائكة صلوات الله تعالى عليهم بقولهم: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت} 0 وهو كلام مستأنف لتعليل إنكار تعجبها0 كأنه قيل لها: إياك والتعجب!
فعلى مجرد الاستعظام ينبغي أن يحمل التعجب، إذا صدر من العبد المؤمن، وعليه ينبغي أن يحمل إذا صدر من الله تعالى؛ لأن تأويله على الوجه الذي ذكره المفسرون- كما قدمنا- يصرف الكلام عن وجهه الصحيح، ويخرجه عن حدِّ الفصاحة، والبلاغة التي يمتاز بها أسلوب القرآن الكريم0 والحمد لله الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان!!
محمد إسماعيل عتوك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سليمان داود]ــــــــ[10 Jun 2004, 12:53 م]ـ
تأكيدًا على ما جاء في مقال الأستاذ محمد إسماعيل عتوك، من جواز إضافة التعجب
إلى الله تعالى، ووصفه بأنه تعالى متعجب، أذكر قول الله تعالى في سورة
الانفطار: {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم} (الانفطار/6) 0
قرأ الجمهور: (ما غرَّك؟) على الاستفهام، وقرأ سعيد ابن جبير، والأعمش: (ما
أغرَّك!؟) 0 وخرجَّت قراءتهما على التعجب، والاستفهام0
وعلى التعجب يكون المعنى: أيُّ شيء غرَّك! وعلى الاستفهام يكون المعنى: ما
أدخلك في الغَرَّة؟ من الغرور0 وهو استفهام يتضمَّن معنى التعجب0 (عن البحر
المحيط لأبي حيان: 8/ 436) 0
وعلى المعنيين يكون التعجب مسندًا إلى الله سبحانه وتعالى0
وأريد هنا أن أضيف لغزا جديدا
من هو؟؟
أعظم واحد دينه الاسلام؟؟؟؟؟
ـ[سليمان داود]ــــــــ[11 Jun 2004, 01:04 م]ـ
صحيح اللغز صعب شوي
بس ما في مشكله
رح أعطيكم مهلة يومين كمان
وبعدها أضع لكم الجواب
مع تحياتي
أخوكم
سليمان داود
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Jun 2004, 12:48 ص]ـ
أولاً: أين جواب سؤال: ما الآية التي فيها معنى الحكمة التالية (ما لا يدرك جله لا يترك كله)؟
ثانياً: الأخ سليمان بن داود وفقك الله!!
لقد صارت اليومان أسبوعين!!!
أين جواب سؤالك مع الرجاء أن تكون الألغاز حول تخصص الموقع متعلقة بالدراسات القرآنية.
ـ[وائل]ــــــــ[25 Jun 2004, 01:55 ص]ـ
================
من هو؟؟
أعظم واحد دينه الاسلام؟؟؟؟؟
================
بسم الله الرحمن الرحيم
{إن الدين عند الله الإسلام} [آل عمران: 19]
ـ[سليمان داود]ــــــــ[25 Jun 2004, 12:09 م]ـ
شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18آل عمران)
هذا يدلنا أن الله سبحانه وتعالى أعظم الشاهدين بدين الاسلام
وأضيف الآية التالية
إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ
وأشكرك أخي وائل على الاجابة الصحيحة
أما سؤالك أستاذنا العبيدي فامهلني يومين لأفكر فيه
فان لم أهتدي على الاجابة
فليس لنا غيرك أستاذنا العزيز
فما نحن الا تلاميذك
مع تحياتي
ـ[سليمان داود]ــــــــ[25 Jun 2004, 03:54 م]ـ
الآية الكريمة التي فيها معنى الحكمة الآتية: (ما لا يدرك جله، لا يترك كله)
هي قوله تعالى:
(وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ
فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن
تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً) (النساء:
129)
قال البيضاوي:" وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء؛ لأن
العدل أن لا يقع ميل البتة، وهو متعذر. فلذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقسم بين نسائه، فيعدل، ويقول: (هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما تملك،
ولا أملك).
ولو حرصتم- أي: على تحري ذلك، وبالغتم فيه، فلا تميلوا كل الميل بترك المستطاع،
والجور على المرغوب عنها؛ (فإن ما لا يدرك كله لا يترك جله)، فتذروها
كالمعلقة، التي ليست ذات بعل، ولا مطلقة.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم: (من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما، جاء يوم
القيامة وأحد شقيه مائل).
تفسير البيضاوي
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[29 Jun 2004, 01:41 م]ـ
قال أحد العلماء: (هذا المثال فيه المنسوخ غير متلو والناسخ أيضًا غير متلو ولا أعلم له نظيرًا.)
من القائل؟ وما هو المثال الذي يريده؟ مع ذكر المرجع.
ـ[سليمان داود]ــــــــ[30 Jun 2004, 10:03 ص]ـ
قال أحد العلماء):هذا المثال فيه المنسوخ غير متلو والناسخ أيضًا غير متلو ولا أعلم له نظيرًا:
من القائل؟ وما هو المثال الذي يريده؟ مع ذكر المرجع.
القائل: مكي بن أبي طالب القيسي رحمه الله.
والمثال هو: قالت عائشة: (كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات فنسخن بخمس معلومات فتوفي رسول
الله وهن مما يقرأ من القرآن رواه الشيخان).
والمرجع هو كتاب: (الإتقان في علوم القرآن) للسيوطي
(قال مكي هذا المثال فيه المنسوخ غير متلو والناسخ أيضا غير متلو ولا أعلم له نظيرا)، ويعني المثال السابق؛ وهو قول عائشة رضي الله عنها
مع تحياتي
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 Jun 2004, 02:14 م]ـ
وفقك الله أخي سليمان؛ فقد وفقت في الجواب.
وأنبهك على طريقة تتخلص بها من الوجوه التي تأتي بدلاً من الأقواس في كثير من مشاركاتك، التي أقوم بتحريرها لك.
فإذا كتبت القوس فاضغط على مفتاح المسافة حتى يكتب القوس كما هو هكذا: ( ..
أو اختر خيار: تعطيل الابتسامات في هذه المشاركة من ضمن الخيارات الموجودة أسفل مربع الكتابة.
[ line]
- تحويل اوتوماتيكي لعنوان المواقع: إحاطة عنوان الموقع بالرموز و لتحويلها لعناوين انترنت ..
- إعلام بريدي: ستصلك رسالة بريدية عندما يقوم أي عضو بالرد عليك.
-تعطيل الإبتسامات في هذه المشاركة
-عرض التوقيع: إضافة توقيعك بنهاية الرسالة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[11 Aug 2004, 05:29 م]ـ
" واو" في كتاب الله قال فيها بعض العلماء حُق لها أن تكتب بماء العينين؟
والمقصود بـ " واو" الحرف: و.
ـ[صالح الفويه]ــــــــ[12 Aug 2004, 01:23 ص]ـ
هي الواو في يدخلونها الواردة في قول الله تعالى قوله تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ. جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ)
ذكر ذلك الشنقيطي في أضواء البيان عند تفسيره لقوله تعالى: {وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ?لْفَضْلِ مِنكُمْ وَ?لسَّعَةِ أَن يُؤْتُو?اْ أُوْلِي ?لْقُرْبَى? وَ?لْمَسَاكِينَ وَ?لْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ?للَّهِ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُو?اْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ?للَّهُ لَكُمْ وَ?للَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
حيث قال خلال استطراد له عن أرجى آية في كتاب الله: (والواو في يدخلونها شاملة للظالم، والمقتصد والسابق على التحقيق. ولذا قال بعض أهل العلم: حق لهذه الواو أن تكتب بماء العينين، فوعده الصادق بجنات عدن لجميع أقسام هذه الأمة، وأولهم الظالم لنفسه يدل على أن هذه الاية من أرجى آيات القرآن، ولم يبق من المسلمين أحد خارج عن الأقسام الثلاثة، فالوعد الصادق بالجنة في الآية من أرجى آيات القرآن، ولم يبق من المسلمين أحد خارج عن الأقسام الثلاثة، فالوعد الصادق بالجنة في الآية شامل لجميع المسلمين.)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[12 Aug 2004, 04:30 م]ـ
أحسنت بارك الله فيك،
وذكر هذا أيضا في أضواء البيان عند تفسير آية فاطر
قال: من أرجى آيات القرآن العظيم قوله تعالى: {{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} (32) سورة فاطر}.
فقد بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن إيراث هذه الأمة لهذا الكتاب، دليل على أن الله اصطفاها في قوله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} وبين أنهم ثلاثة أقسام:
الأول: الظالم لنفسه وهو الذي يطيع الله، ولكنه يعصيه أيضاً فهو الذي قال الله فيه {خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} (102) سورة التوبة}.
والثاني: المقتصد وهو الذي يطيع الله، ولا يعصيه، ولكنه لا يتقرب بالنوافل من الطاعات.
والثالث: السابق بالخيرات: وهو الذي يأتي بالواجبات ويجتنب المحرمات ويتقرب إلى الله بالطاعات والقربات التي هي غير واجبة، وهذا على أصح الأقوال في تفسير الظالم لنفسه، والمقتصد والسابق، ثم إنه تعالى بين أن إيراثهم الكتاب هو الفضل الكبير منه عليهم، ثم وعد الجميع بجنات عدن وهو لا يخلف الميعاد في قوله: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} إلى قوله: {وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} والواو في يدخلونها شاملة للظالم، والمقتصد والسابق على التحقيق. ولذا قال بعض أهل العلم: حق لهذه الواو أن تكتب بماء العينين، فوعده الصادق بجنات عدن لجميع أقسام هذه الأمة، وأولهم الظالم لنفسه يدل على أن هذه الآية من أرجى آيات القرآن، ولم يبق من المسلمين أخد خارج عن الأقسام الثلاثة، فالوعد الصادق بالجنة في الآية شامل لجميع المسلمين ولذا قال بعدها متصلاً بها {وَ?لَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِى كُلَّ كَفُورٍ} إلى قوله: {فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ}.
وذكره في العذب النمير في مجالس الشنقيطي في التفسير 1/ 64 و 4/ 1635
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Aug 2004, 04:38 م]ـ
تنبيه: ما ذكره الشيخ عبدالرحمن السديس بقوله: (وذكر هذا أيضا في أضواء البيان عند تفسير آية فاطر) ليس كذلك، فليس في أضواء البيان ما نقلته، وإنما هو في المرجع الأخير الذي أشرت إليه، وهو العذب النمير
وهو يذكر ما ليس في أضواء البيان مما فسره في دروسه المسجلة.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[14 Aug 2004, 05:03 م]ـ
صدقت ـ بارك الله فيك ـ ليس في الأضواء في سورة فاطر، لكنه في موضع آخر من الأضواء وهذا سبب الخطأ:
كنت قد سمعت شرح الشيخ قبل مدة قبل طبعه، ثم وقفت عليه لما طبع في: العذب النمير .. وأشار جامعه الشيخ خالد السبت في الحاشية بأنه في الأضواء .. ففرحت لأنه عندي على صيغة وورد؛ فنسلم من تعب الكتابة فنقلته لكي يكون جاهز للجواب.
وكان التفسير (الوورد) قد قسم سبعة أقسام:
1 - الفاتحة – النساء 2 - المائدة- يونس 3 - هود - بني إسرائيل 4 - الكهف- الأنبياء 5 - الحج والمؤمنون 6 - النور – الصافات 7 - ص – المجادلة.
فتبادر لذهني أنه يورده في موضعه من سورة فاطر ففتحت الملف (6) الذي هو من: النور – الصافات، فأعطيته بحث فخرج لي الموضع فنقلته منه ظنا مني أنه في فاطر، وحين وجدت تنبيهك تبين أن النقل المذكور من سورة النور في الموضع الذي أشار إليه الأخ صالح.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 Aug 2004, 01:55 م]ـ
سورة سماها أحد العلماء بسورة المواهب؛ فما هي؟ ولم سميت بهذا الاسم؟ مع ذكر المرجع.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Aug 2004, 09:10 ص]ـ
مضى أسبوع، ولم يجب أحد!!
عسى أن يكون خيراً.
الجواب تجدونه في هذا النص لشيخ الإسلام ابن تيمية:
((سورة مريم) مضمونها: تحقيق عبادة الله وحده، وأن خواص الخلق هم عباده، فكل كرامة ودرجة رفيعة في هذه الإضافة، وتضمنت الرد علي الغالين الذين زادوا في النسبة إلي الله حتي نسبوا إليه عيسي بطريق الولادة، والرد علي المفرطين في تحقيق العبادة وما فيها من الكرامة، وجحدوا نعم الله التي أنعم بها علي عباده المصطفين.
افتتحها بقوله: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا} [مريم: 2]،وندائه ربه نداء خفيا، وموهبته له يحيي، ثم قصة مريم وابنها، وقوله: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}. . . إلخ [مريم: 30]، بين فيها الرد علي الغلاة في المسيح، وعلي الجفاة النافين عنه ما أنعم الله به عليه، ثم أمر نبيه بذكر إبراهيم وما دعا إليه من عبادة الله وحده، ونهيه أباه عن عبادة الشيطان، وموهبته / له إسحاق ويعقوب، وأنه جعل له لسان صدق عليا، وهو الثناء الحسن، وأخبر عن يحيي وعيسي وإبراهيم ببر الوالدين مع التوحيد، وذكر موسي ومن هبته له أخاه هارون نبيا، كما وهب يحيي لزكريا وعيسي لمريم وإسحاق لإبراهيم.
فهذه السورة (سورة المواهب)، وهي ما وهبه الله لأنبيائه من الذرية الطيبة، والعمل الصالح، والعلم النافع، ثم ذكر ذرية آدم لأجل إدريس، {وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} [مريم: 58] وهو إبراهيم، ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل إلي آخر القصة.)
المرجع: هنا ( http://www.al-eman.com/feqh/viewchp.asp?BID=252&CID=302)
وهذا سؤال قريب: آية سماها ابن القيم آية الفصل؛ فما هي؟
ـ[الأمين]ــــــــ[26 Aug 2004, 09:05 م]ـ
الآية هي قوله تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (الحج: 17).
قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره الأديان ستة: واحد للرحمن، وخمسة للشيطان. قال ابن قيم الجوزية: وهذه الأديان الستة مذكورة في آية الفصل في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (الحج: 17)
هداية الحيارى: 1/ 12
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Aug 2004, 11:00 ص]ـ
سؤال: في القرآن ثلاث آيات جمعت بين عذرين ونسخين وأمرين ونهيين ورخصتين وكرامتين. فما هي هذه الآيات الثلاث؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Feb 2005, 09:10 ص]ـ
جواب السؤال الذي أورده الأخ عبدالرحمن هو:
الآيات التي جمعت ما ذُكر في السؤال هي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} البقرة: 183 - 185.
قال ابن العربي في كتابه قانون التأويل ص664 - 665: (وقد قال أهل الإشارة: في القرآن ثلاث آيات جمعت بين عذرين ونسخين وأمرين ونهيين ورخصتين وكرامتين:
فأما العذران فقوله: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} ...
وأما النسخان: فنسخ قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}، ونسخ تحريم الوطء بعد النوم في أثناء الليل.
وأما الأمران: فالتكبير، وإكمال العدة ...
وأما النهيان: فالأكل والجماع، وهو حقيقة الصوم.
وأما الرخصتان: فالفدية للشيخ، والفطر في السفر.
وأما الكرامتان: فإنزال القرآن، وليلة القدر.) انتهى باختصار.
أقول: وبي بعض ما ذكر ابن العربي نظر، والله أعلم.
سؤال آخر: في القرآن إشارة إلى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستغناء عن المال والدنيا بالقرآن؛ فأين توجد هذه الإشارة؟
ولا ننس شرط الإجابة، وهو ذكر المرجع.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلسبيل]ــــــــ[02 Feb 2005, 11:00 م]ـ
أعتذر عن إجابتي السابقة لأنها كانت دون الرجوع لمصدر كما هو مشروط في هذا الموضوع ولذا حاولت حذفها -ولكن بعد فوا ت الأوان فلم أجد بدا من البحث عن مصدر أدعم به إجابتي
وعند البحث تبينت خطأ الإجابة السابقة و عثرت على هذه الإجابة وستكون هذه الإجابة الثانية لي والأخيرة
واعذروني على " تطفلي " عليكم
الآية هي " ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم. لا تمدن عينيك إلي ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين " سورة الحجر
قال ابن أبي حاتم: ذكر وكيع بن الجراح , حدثنا موسى بن عبيدة عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي رافع صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال: ضاف النبي صلى الله عليه وسلم ضيف ولم يكن عند النبي صلى الله عليه وسلم شئ يصلحه فأرسل إلى رجل من اليهود " يقول لك محمد رسول الله: أسلفني دقيقا إلى هلال رجب " قال:لا إلا برهن فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: " أما إني لأمين من في السماء وأمين من في الأرض، ولئن أسلفني أو باعني لأؤدين إليه " فلما خرجت من عنده نزلت " لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا " إلى آخر الآية، كأنه يعزيه عن الدنيا
تفسير ابن كثير الجزء الثالث ص 735
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Feb 2005, 11:16 م]ـ
نعم؛ لقد أحسنت الجواب يا سلسبيل2
وهذه تتمة له:
قال ابن جرير في تفسيره لقول الله تعالى: {لا تمدن عينيك إلي ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين}:
(وذُكر عن ابن عيينة أنه كان يتأوّل هذه الآية قولَ النبيّ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بالقُرآنِ»: أي من لم يستغن به، ويقول: ألا تَرَاهُ يَقُولُ: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعا مِنَ المَثانِي والقُرآنَ العَظِيمَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أزْوَاجا مِنْهُمْ؟ فأمره بالاستغناء بالقرآن عن المال. قال: ومنه قول الآخر: من أوتي القرآن فرأى أن أحدا أعطي أفضل مما أعطي فقد عظَّم صغيرا وصغَّر عظيما.)
وأما سؤالك فإجابته يسيرة، وسأترك مجالاً للأعضاء الآخرين حتى يشاركوا في الإجابة ....
ـ[سلسبيل]ــــــــ[05 Feb 2005, 03:55 م]ـ
أمر الله تعالى نبيه بالحلف في ثلاثة مواضع من كتابه الكريم وهي
1 - " ويستنبئونك أحق هو قل أي وربي " سورة يونس
2 - " وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم " سورة سبأ
3 - " زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن " سورة التغابن
وهذا سؤال آخر:-
قال تعالى " فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما انزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لاحجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير "
اشتملت هذه الآية الكريمة على عشر كلمات مستقلات كل منها منفصلة عن التي قبلها حكم برأسها كالتالي:-
1 - فلذلك فادع
2 - واستقم كما أمرت
3 - ولا تتبع أهواءهم
4 - وقل آمنت بما انزل الله من كتاب
5 - وأمرت لأعدل بينكم
6 - الله ربنا وربكم
7 - لنا أعمالنا ولكم أعمالكم
8 - لاحجة بيننا وبينكم
9 - الله يجمع بيننا
10 - وإليه المصير
ولا نظير لهذه الآية إلا آية واحدة في القرآن الكريم (بها أيضا عشرة فصول كهذه)
والسؤال: ما هي الآية الأخرى؟؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Feb 2005, 09:15 م]ـ
هي آية الكرسي كما في تفسير ابن كثير
ـ[سلسبيل]ــــــــ[08 Feb 2005, 10:30 م]ـ
ربا يعتبر حلالا رغم كراهته ... فأي ربا هو؟ وما هي الآية الدالة عليه في كتاب الله تعالى؟
ـ[نصرمنصور]ــــــــ[21 Mar 2005, 10:42 م]ـ
هو الربا المذكور في قول الله تعالى: {وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ ?لنَّاسِ فَلاَ يَرْبُو عِندَ ?للَّهِ وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ ?للَّهِ فَأُوْلَـ?ئِكَ هُمُ ?لْمُضْعِفُونَ}.
لأن المراد بالربا هنا: الهدية والعطية التي يراد منه جزاء عاجل في الدنيا
جاء في تفسير الطبري: (حُدثت عن عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة، قال: قال ابن عباس، قوله وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِبا لِيَرْبُوَ فِي أمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللّهِ قال: هي الهبة، يهب الشيء يريد أن يُثاب عليه أفضل منه، فذلك الذي لا يربو عند الله، لا يؤجر فيه صاحبه، ولا إثم عليه وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ قال: هي الصدقة تريدون وجه الله فَأُولَئِكَ هُمُ المُضْعِفونَ.
قال معمر، قال ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثل ذلك.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Mar 2005, 03:35 ص]ـ
آية في كتاب الله عز وجل جمعت أنواع التوحيد الثلاثة: الربوبية، والألوهية، والأسماء والصمات. فما هي؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلسبيل]ــــــــ[09 Jul 2005, 03:32 م]ـ
هي قوله تعالى في سورة مريم
" رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا "
رب السماوات والأرض وما بينهما ............. توحيد ربوبيه
فاعبده واصطبر لعبادته ....................... توحيد الوهية
هل تعلم له سميا .............................. توحيد أسماء وصفات
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[09 Jul 2005, 06:02 م]ـ
جواب موفق.
وهذا سؤال آخر؛ ذكرت المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، والنبوي، والأقصى في آية واحدة. فما هي؟ علماً بأن أحده دلت عليه الآية من باب الإشارة.
ـ[حامل القرآن]ــــــــ[19 Feb 2006, 01:39 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هل الآية هي؟
(وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا)؟؟؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 Feb 2006, 01:42 م]ـ
الآية هي قول الله تعالى: {سُبْحَانَ ?لَّذِي أَسْرَى? بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ?لْمَسْجِدِ ?لْحَرَامِ إِلَى? ?لْمَسْجِدِ ?لأَقْصَى ?لَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ إِنَّهُ هُوَ ?لسَّمِيعُ ?لبَصِيرُ}
قال الطاهر ابن عاشور في تفسيره لهذه الآية: (والأقصى، أي الأبعد. والمراد بعده عن مكة، بقرينة جعله نهاية الإسراء من المسجد الحرام، وهو وصف كاشف اقتضاه هنا زيادة التنبيه على معجزة هذا الإسراء وكونه خارقاً للعادة لكونه قطْعَ مسافة طويلة في بعض ليلة.
وبهذا الوصف الوارد له في القرآن صار مجموع الوصف والموصوف علماً بالغلبة على مسجد بيت المقدس كما كان المسجد الحرام علماً بالغلبة على مسجد مكة. وأحسب أن هذا العلم له من مبتكرات القرآن فلم يكن العرب يصفونه بهذا الوصف ولكنهم لما سمعوا هذه الآية فهموا المراد منه أنه مسجد إيلياء. ولم يكن مسجد لدين إلهي غيرهما يومئذٍ.
وفي هذا الوصف بصيغة التفضيل باعتبار أصل وضعها معجزةٌ خفية من معجزات القرآن إيماء إلى أنه سيكون بين المسجدين مسجد عظيم هو مسجد طيبة الذي هو قَصِيٌ عن المسجد الحرام، فيكون مسجد بيت المقدس أقصى منه حينئذٍ.
فتكون الآية مشيرة إلى جميع المساجد الثلاثة المفضلة في الإسلام على جميع المساجد الإسلامية، والتي بينها قول النبي:» " لا تُشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي ")
ـ[حامل القرآن]ــــــــ[19 Feb 2006, 02:07 م]ـ
سؤال:
ذكر في القرآن الكريم اسمين لنبيين ليس بينهما أي حرف أو كلمة؟
ـ[الباحث7]ــــــــ[20 Feb 2006, 08:59 ص]ـ
{وامراته قائمة فضحكت فبشرناها باسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} هود - 71
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[22 Feb 2006, 05:21 م]ـ
في سورة الأحزاب آيات كثيرة اشتملت على الإعجاز بالغيب بوجوهه، ولكن هل تستطيع اكتشاف الإعجاز بالغيب في قوله تعالى: " وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37) "؟
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[04 Mar 2006, 11:11 ص]ـ
المَوضع:
في قوله تعالى: " وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37) "
وجه الدلالة:
" فأما المعجزة فهي من باب إخباره بالغيوب، فتقع كما أخبر عنها؛ وذلك أن الإنعام ـ هاهنا ـ إنما هو في أنْ وَهَبَه الله تعالى إيماناً لا يُفارقه إلى الممات، إذ لو كان في معلوم الله تعالى أن يسلبه إياه عند الوفاة، لم يسمِّه نعمة؛ فإن ثمرة الإيمان إنما تُجتنى في الآخرة، وإيمانٌ زائلٌ لا ثمرة له في الآخرة، ولا يُسمى نعمة .. فخرج من فحوى ذِكر هذه النعمة، أن زيداً يموت مؤمناً، فكان ذلك وزيادة: إنه مات أميراً شهيداً ".
انظر: تنزيه الأنبياء، أبو الحسن السبتي، ص 54.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[06 Mar 2006, 03:53 م]ـ
قال الله تعالى: " وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ الله ".
ثم قال الإمام الشافعي:
شَكَوتُ إِلى وَكيعٍ سوءَ حِفظي ### فَأَرشَدَني إِلى تَركِ المَعاصي
وَأَخبَرَني بِأَنَّ العِلمَ نورٌ ### وَنورُ اللَهِ لا يُهدى لِعاصي
اذكر آية كريمة بيَّنت أن علاج سوء الحفظ: ترك المعاصي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[07 Mar 2006, 09:51 م]ـ
لم أقرأ جميع ما كتب = فعذرا إن كانت طرحت من قبل.
سؤال:
آية اشتملت على معجزة، وتسلية، وتطمين قلوب المؤمنين، واعتراض وجوابه، من ثلاثة أوجه، وصفة المعترض، وصفة المسلّم لحكم الله ودينه.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[07 Mar 2006, 09:56 م]ـ
آية في كتاب الله عز وجل جمعت أنواع التوحيد الثلاثة: الربوبية، والألوهية، والأسماء والصمات. فما هي؟
في تفسير السعدي ـ رحمه الله ـ عند قوله تعالى {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (136) سورة البقرة.
قال بعد تفسيرها:
فقد اشتملت هذه الآية الكريمة - على إيجازها واختصارها - على أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، واشتملت على الإيمان بجميع الرسل، وجميع الكتب، وعلى التخصيص الدال على الفضل بعد التعميم، وعلى التصديق بالقلب واللسان والجوارح والإخلاص لله في ذلك، وعلى الفرق بين الرسل الصادقين، ومن ادعى النبوة من الكاذبين، وعلى تعليم الباري عباده كيف يقولون، ورحمته وإحسانه عليهم بالنعم الدينية المتصلة بسعادة الدنيا والآخرة، فسبحان من جعل كتابه تبيانا لكل شيء، وهدى ورحمة لقوم يؤمنون.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[11 Mar 2006, 08:54 م]ـ
قال الله تعالى: " وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ الله ".
ثم قال الإمام الشافعي:
شَكَوتُ إِلى وَكيعٍ سوءَ حِفظي ### فَأَرشَدَني إِلى تَركِ المَعاصي
وَأَخبَرَني بِأَنَّ العِلمَ نورٌ ### وَنورُ اللَهِ لا يُهدى لِعاصي
اذكر آية كريمة بيَّنت أن علاج سوء الحفظ: ترك المعاصي
للتيسير ..
الآية الكريمة في النصف الأول من سورة المائدة.
ـ[أبو عبد الرحمن العتيبي]ــــــــ[11 Mar 2006, 10:41 م]ـ
آية في كتاب الله تعالى تسمّى آية العز. ما هي هذه الآية؟
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[17 Mar 2006, 09:28 م]ـ
قال الله تعالى: " وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ الله ".
ثم قال الإمام الشافعي:
شَكَوتُ إِلى وَكيعٍ سوءَ حِفظي ### فَأَرشَدَني إِلى تَركِ المَعاصي
وَأَخبَرَني بِأَنَّ العِلمَ نورٌ ### وَنورُ اللَهِ لا يُهدى لِعاصي
اذكر آية كريمة بيَّنت أن علاج سوء الحفظ: ترك المعاصي
الجواب:
قال تعالى: " فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظَّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظَّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14) ".
قال أبو السعود في تفسيره:
" " وَنَسُواْ حَظَّاً " أي تركوا نصيباً وافراً .. وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: " قد ينسى المرءُ بعضَ العلم بالمعصية " وتلا هذه الآية ".
ـ[سلطان الفقيه]ــــــــ[18 Mar 2006, 09:03 م]ـ
الأخ/أبو عبد الرحمن المدني سؤالك عن (الواو) في قوله تعالى: ((وسيق ........ وفتحت أبوابها)) الجواب: قيل:انها واو الثمانية.فأبواب الجنة ثمانية، وكذلك في سورة الكهف: (( ... ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم)) فجاء بالواو في الثمانية،ولم يأت بها في الأربعة،أو الخمسة في هذه السورة، وكذلك في سورة المائدة: ((التائبون ... والناهون عن المنكر)) فجاء بها في الكلمة الثامنة. هذا ما ذكره شيخنا الدكتور: ياسين الجاسم ــ حفظه الله ــ في كتابه: (دراسات في القرءان الكريم) الاأني اطلعت أخيراَ على كلام لابن هشام في كتابه: (مغني اللبيب) يتطرق لهذا الكلام ويرجح غيره فمن أراد معرفة ذلك فليرجع اليه. لان لي من هذا الكلام مدة ليست بالهينة.
ـ[سيف الدين]ــــــــ[21 Mar 2006, 07:31 م]ـ
اقتباس
------------------
اذكر آية كريمة بيَّنت أن علاج سوء الحفظ: ترك المعاصي
الجواب:
قال تعالى: " فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظَّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظَّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14) ".
------------------------
اعتقد , والله اعلم, ان النسيان في هذه الاية محمول على الترك العمد لما انزله الله كقوله تعالى:
{قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} (126) سورة طه
لذا لست متأكدا ما اذا كان الاستشهاد هنا صحيحا ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[21 Mar 2006, 07:50 م]ـ
نعم أخي سيف معنى النسيان هو الترك في هذه الاية.
ـ[سلسبيل]ــــــــ[19 Jul 2007, 11:21 ص]ـ
اذكر آية كريمة بيَّنت أن علاج سوء الحفظ: ترك المعاصي
قال تعالى (واتقوا الله ويعلمكم الله)
آية في كتاب الله تعالى تسمّى آية العز. ما هي هذه الآية؟
قال تعالى (ولله العزه ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون)
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[19 Jul 2007, 01:56 م]ـ
الأخ/أبو عبد الرحمن المدني سؤالك عن (الواو) في قوله تعالى: ((وسيق ........ وفتحت أبوابها)) الجواب: قيل:انها واو الثمانية.فأبواب الجنة ثمانية، وكذلك في سورة الكهف: (( ... ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم)) فجاء بالواو في الثمانية،ولم يأت بها في الأربعة،أو الخمسة في هذه السورة، وكذلك في سورة المائدة: ((التائبون ... والناهون عن المنكر)) فجاء بها في الكلمة الثامنة. هذا ما ذكره شيخنا الدكتور: ياسين الجاسم ــ حفظه الله ــ في كتابه: (دراسات في القرءان الكريم).
تكلم الشيخ صالح المغامسي حفظه الله عنها بعض الشيء في برنامج (معالم بيانية) الذي عُرض في إذاعة القرآن الكريم بشهر رمضان المنصرم (الحلقة الأولى أو الثانية)
وكان مما قاله:
((مُسلِمَاتٍ مُّؤمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَآئِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَآئِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبكَاراً) ونلاحظ أن حرف (الواو) لم يأتي إلا بين قوله (ثَيِّبَاتٍ وَأَبكَاراً) أما ما سلف من الصفات وما ذكر من النعوت سابقة فلم يفصل ربنا جل وعلا بينهن في كتابه بفاصل، ذهب بعض العلماء إلى أن هذه (الواو) تسمى (واو الثمانية) ومن حججهم على إثباتها أن صفات الأول سبع وصفة أبكار ثامنة، وقالوا إن هذه الواو كثيراً ما تقترن في العدد الثامن، ومن أدلتهم على ذلك قول الله جل وعلا في سورة الزمر: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوا رَبَّهُم إلىَ الجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَت أَبوَابُهَا) قالوا هذه (الواو) التي في قوله سبحانه (وَفُتِحَت أَبوَابُهَا) هي الواو التي في قوله جلّ ذكره (ثَيِّبَاتٍ وَأَبكَاراً)، ومن أدلتهم كذلك أن الله جل وعلا ذكرا عدد أصحاب الكهف فقال سبحانه: (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُم كَلبُهًم وَيَقُولُونَ خَمسَةٌ سَادِسُهُم كَلبُهُم رَجمَاً بِالغَيبِ وَيَقُولُونَ سَبعَةٌ وَثَامِنُهُم كَلبُهُم) فذكر الله هنا فقال إن الله ذكر الواو هنا لأنها دلت على الثمانية، والحق أننا لا نجد في ذلك قوة من حيث الدليل، أما آية الكهف فإن الله تبارك وتعالى لم يغير صفة الإسناد فعلى هذا لا يمكن أن يحتج بأن هذه الواو (واو الثمانية)، وأما في آية الزمر فإن الراجح أنها واو الحال وأن ثمت شأناً سيحدث وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم يكون شفيعاً لأهل الموقف من المؤمنين في أن يدخلوا الجنة، أما النار فإن أهلها يدخلونها ابتدءاً كما قال الله: (حَتَّى إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَت أَبوَابُهَا)، أما الجنة فقد دل الحديث الشريف على أن النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح باب الجنة بعد أن يكون الناس قد ذهبوا إلى آدم فيقول وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم.
بقي التعليل وتوضيح الآية التي نحن بصدد ذكرها في هذا المقام، فنقول هذه الواو (واو عطف) والعطف يقتضي المغايرة في الأصل وإنما جيء بها هنا لبيان أن المرأة قد تكون مؤمنة و مسلمة من قبل وقانتة وتائبة وعابدة وسائحة في وقت واحد فلا تعارض أن تجمع المرأة بين هذه الصفات، ولهذا لم تقع واو العطف بينهنّ، أما (الثيبات والأبكار) فإنه محال عقلا أن تكون المرأة ثيب وبكر في وقت واحد محال عقلا وواقعا أن تكون المرأة ثيباً وبكرا في وقت واحد ولهذا فصل بينهما بالواو فهذه الواو (واو عطف) ولا علاقة لها بواو الثمانية)
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أما عن آية العز فهي آخر آية من سورة الإسراء وهي قوله تعالى: (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا)
ـ[المتخصصة]ــــــــ[19 Jul 2007, 10:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بالنسبة للغز المواريث:
قرابة الأول هو: أبو الهالك.
قرابة الثانية هي: خالة الهالك. والله أعلم
ـ[محمد عامر]ــــــــ[19 Jul 2007, 11:54 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
الظاهر انهما الأبوان
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Jan 2009, 12:39 م]ـ
لم أقرأ جميع ما كتب = فعذرا إن كانت طرحت من قبل.
سؤال:
آية اشتملت على معجزة، وتسلية، وتطمين قلوب المؤمنين، واعتراض وجوابه، من ثلاثة أوجه، وصفة المعترض، وصفة المسلّم لحكم الله ودينه.
الجواب: هي قول الله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}
جاء في تفسير السعدي لهذه الآية:
(قد اشتملت الآية الأولى [يقصد هذه الآية] على معجزة، وتسلية، وتطمين قلوب المؤمنين، واعتراض وجوابه، من ثلاثة أوجه، وصفة المعترض، وصفة المسلم لحكم الله دينه. فأخبر تعالى أنه سيعترض السفهاء من الناس، وهم الذين لا يعرفون مصالح أنفسهم، بل يضيعونها ويبيعونها بأبخس ثمن، وهم اليهود والنصارى، ومن أشبههم من المعترضين على أحكام الله وشرائعه، وذلك أن المسلمين كانوا مأمورين باستقبال بيت المقدس، مدة مقامهم بمكة، ثم بعد الهجرة إلى المدينة، نحو سنة ونصف - لما لله تعالى في ذلك من الحكم التي سيشير إلى بعضها، وكانت حكمته تقتضي أمرهم باستقبال الكعبة، فأخبرهم أنه لا بد أن يقول السفهاء من الناس: {مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} وهي استقبال بيت المقدس، أي: أيُّ شيء صرفهم عنه؟ وفي ذلك الاعتراض على حكم الله وشرعه، وفضله وإحسانه، فسلاهم، وأخبر بوقوعه، وأنه إنما يقع ممن اتصف بالسفه، قليل العقل، والحلم، والديانة، فلا تبالوا بهم، إذ قد علم مصدر هذا الكلام، فالعاقل لا يبالي باعتراض السفيه، ولا يلقي له ذهنه. ودلت الآية على أنه لا يعترض على أحكام الله، إلا سفيه جاهل معاند، وأما الرشيد المؤمن العاقل، فيتلقى أحكام ربه بالقبول، والانقياد، والتسليم كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية، {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} وقد كان في قوله {السفهاء} ما يغني عن رد قولهم، وعدم المبالاة به.
ولكنه تعالى مع هذا لم يترك هذه الشبهة، حتى أزالها وكشفها مما سيعرض لبعض القلوب من الاعتراض، فقال تعالى: {قُلْ} لهم مجيبا: {لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي: فإذا كان المشرق والمغرب ملكا لله، ليس جهة من الجهات خارجة عن ملكه، ومع هذا يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، ومنه هدايتكم إلى هذه القبلة التي هي من ملة أبيكم إبراهيم، فلأي شيء يعترض المعترض بتوليتكم قبلة داخلة تحت ملك الله، لم تستقبلوا جهة ليست ملكا له؟ فهذا يوجب التسليم لأمره، بمجرد ذلك، فكيف وهو من فضل الله عليكم، وهدايته وإحسانه، أن هداكم لذلك فالمعترض عليكم، معترض على فضل الله، حسدا لكم وبغيا.)
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[19 Jan 2009, 05:55 م]ـ
الميت ابن وترك أباه وأمه
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[26 Jan 2009, 11:43 م]ـ
السلام عليكم
اطلعت حديثا - عن طريق الشاملة - على هذا الموضوع اللطيف، فشدني، فأحببت التعليق على بعض المواضع، فليوجهني الإخوة لما يرونه من خطأ.
الأخ سابر الأغوار: دليل المسح على الخفين من القرآن
آية الطهارة من سورة المائدة على قراءة الجر في قوله: وأرجلكم " وهي قراءة متواترة فيكون للرجل حالتان:
ان تكون مكشوفة فالواجب فيها الغسل على قراءة الفتح.
ان تكون مغطاة فالواجب فيها المسح على قراءة الجر.
وقد أشار إلى هذا شيخ الإسلام
وهو من أمثلة حمل القراءتين على بعض في تفسير القرآن بالقرآن
وفقك الله لكل خير.
وليسمح لي الشيخ أحمد، فهذا الأمر مع اشتهاره لا يبدو لي صحيحا؛ فإن في الآية قوله تعالى بعد قوله {وأرجلكم}: {إلى الكعبين} وهما العظمتان الناتئتان في القدم، فكيف يكون معنى الآية المسح على الخفين، وفيها قوله {إلى الكعبين}؟؟!!
ومعلوم أن المسح على الخفين يكون على ظاهر القدمين، ولا علاقة للكعبين في المسألة أصلاً.
وعليه: فيكون معنى الآية:
أ. أن المقصود بالمسح هو: الإسالة، وهو الغسل اليسير، لأن غسل القدمين مظنة الإسراف.
ب. أو: أنها جرت للمجاورة.
قال شيخ الإسلام رحمه الله:
ولفظ الآية لا يخالف ما تواتر من السنة؛ فإن المسح جنس تحته نوعان: الإسالة وغير الإسالة، كما تقول العرب: " تمسحت للصلاة "، فما كان بالإسالة فهو الغسل، وإذا خص أحد النوعين باسم الغسل فقد يخص النوع الآخر باسم المسح، فالمسح يقال على المسح العام الذي يندرج فيه الغسل ويقال على الخاص الذي لا يندرج فيه الغسل. " منهاج السنة " (4/ 172).
وقال:
وفي القران ما يدل على أنه لم يرد بمسح الرجلين المسح الذي هو قسيم الغسل بل المسح الذي الغسل قسم منه فإنه قال {إلى الكعبين} ولم يقل إلى الكعاب كما قال {إلى المرافق} فدل على أنه ليس في كل رِجل كعب واحد كما في كل يد مرفق واحد بل في كل رجل كعبان فيكون تعالى قد أمر بالمسح إلى العظمين الناتئين وهذا هو الغسل. " منهاج السنة " (4/ 173).
وقال:
وفي ذِكر المسح على الرجلين تنبيه على قلة الصب في الرجل فإن السرف يعتاد فيهما كثيراً.
" منهاج السنة " (4/ 1745).
والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[27 Jan 2009, 12:09 ص]ـ
الأخ الكريم المعتز بالإسلام
ذكرتُ في مشاركتي أن الآية مجملة وتفصيلها في السنة وحيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالرجم فليس هناك مجال أن يقول قائل أن هذا العذاب له أن يكون الجلد مثلا فالدين توقيفي وليس مرتعا لكل قائل
وتحياتي لك
يمكن أن يكون المراد بالعذاب: الجلد؛ وذلك إن وقع زناها وهي معقود عليها، قبل الدخول، فتلاعَن، وإن نكلت: جلدت! لأنها غير محصنة.
فالأدق أن يقال:
" إن العذاب في الآية هو " الحد "،ويكون الرجم في حال كونه دخل بها، والجلد إن كانت زنت قبل الدخول.
وللفائدة:
فليس في حال اعتراف الزوج بكذبه عليها أنه يُجلد دائماً!؛ وذلك كأن تكون زوجته المقذوفة كتابية! فلا حدَّ عليه، بل يعزَّر.
ومثله يقال - على خلاف مشتهر - إن كانت زوجته صغيرة، أو مجنونة.
والله أعلم
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[27 Jan 2009, 12:15 ص]ـ
قال البيضاوي:" وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء؛ لأن
العدل أن لا يقع ميل البتة، وهو متعذر. فلذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقسم بين نسائه، فيعدل، ويقول: (هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما تملك،
ولا أملك).
الحديث ضعيف:
رواه الترمذي، وصحح إرساله، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وضعفه شيخنا الألباني، ونقل تضعيفه عن أبي زرعة وابن ابي حاتم والنسائي.
"الإرواء" (7/ 82).
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[27 Jan 2009, 12:18 ص]ـ
سؤال: في القرآن ثلاث آيات جمعت بين عذرين ونسخين وأمرين ونهيين ورخصتين وكرامتين. فما هي هذه الآيات الثلاث؟
لو يقال " آيات " أدق؛ لأن ما ذكر في الجواب يشمل ما بعد الآيات الثلاث، ومنه:
" ونسخ تحريم الوطء بعد النوم في أثناء الليل " وهذا في الآية الخامسة!
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[27 Jan 2009, 12:25 ص]ـ
{وامراته قائمة فضحكت فبشرناها باسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} هود - 71
ويوجد غيرها:
1. (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ) النمل: من الآية16.
2. (وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) صّ:30.
وهاتان عرفتهما من أبنائي! وليستا مني!
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[27 Jan 2009, 12:28 ص]ـ
قال الله تعالى: " وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ الله ".
ثم قال الإمام الشافعي:
شَكَوتُ إِلى وَكيعٍ سوءَ حِفظي ### فَأَرشَدَني إِلى تَركِ المَعاصي
وَأَخبَرَني بِأَنَّ العِلمَ نورٌ ### وَنورُ اللَهِ لا يُهدى لِعاصي
اذكر آية كريمة بيَّنت أن علاج سوء الحفظ: ترك المعاصي
الظاهر عدم ثبوت ذلك عن الشافعي، والله أعلم
ـ[حكيم بن منصور]ــــــــ[10 Mar 2009, 06:08 م]ـ
لغز في أحكام التجويد:
سألتكم يا مقرئي الغرب كله =وما لسؤال الحبر عن علمه بد
بحرفين مدوا ذا وما المد أصله =وذا لم يمدوه ومن أصله المد
وقد جمعا في كلمة مستبينة =على مثلكم تخفى ومن مثلكم تبدو
هل من مجيب؟
ـ[ابوزيادالفقاعي]ــــــــ[16 Mar 2009, 12:06 م]ـ
جزاك الله خيرا يا قحطاني على سؤالك والجواب هو
الاب والام
ـ[حكمت العلي]ــــــــ[26 Mar 2009, 01:51 م]ـ
المقصود أبوه وأمه.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[07 Sep 2009, 01:16 ص]ـ
لغز في أحكام التجويد:
سألتكم يا مقرئي الغرب كله =وما لسؤال الحبر عن علمه بد
بحرفين مدوا ذا وما المد أصله =وذا لم يمدوه ومن أصله المد
وقد جمعا في كلمة مستبينة =على مثلكم تخفى ومن مثلكم تبدو
هل من مجيب؟
وجدت في مقال بعنوان: الإمام أبو الحسن الحصري- رائد الاتجاه القيرواني في الأداء في المغرب،وقصيدته الرائية في قراءة نافع ما نصه:
(قال السلفي: قال أبو عبد الله ـ يعني ابن غلام الفرس ـ: هما قوله ـ عز وجل ـ: "سوءاتهما" و"سوءاتكم" ([1]).
قال السخاوي مفسرا لغزه: "الحرف الذي مد ولا أصل له في المد في قوله الألف، والذي لم يمد ومن أصله المد الواو، وأشار إلى "سوءاتكم" بقوله: "على بعضكم تخفى ومن بعضكم تبدو" ([2]).
ويعني السخاوي أنه استعمل ههنا التورية باللفظ المقصود الذي هو "سوءات"، إلا أنه عرض بهذه التورية بعامة قراء الغرب تعريضا غير محمود تعرض فيه للائمة من قبل عدد من الأئمة الذين أجابوه.)
الحاشية
--------------------------------------------------------------------------------
[1]- كتاب "أخبار وتراجم أندلسية مستخرجة من معجم السفر للحافظ السلفي" 112. والأبيات بهذا اللفظ في عامة شروح الدرر اللوامع وفي الذيل والتكملة السفر 5 القسم 2/ 548ـ557 في ترجمة الشاطبي رقم 1088.
[2]- فتح الوصيد في شرح القصيد للإمام علم الدين السخاوي لوحة 86 (مخطوط خاص).
ـ[حكيم بن منصور]ــــــــ[07 Sep 2009, 02:36 ص]ـ
بارك الله فيك على الإجابة الصحيحة
ـ[فاروق الكردي]ــــــــ[23 Dec 2009, 10:32 م]ـ
حلف خليفة من الخلافاء على أن ينفق مالا كثيرا، ثم لم يستطع تفسير الكثير كم هو، فجمع العلماء وسألهم، فقال الإمام زين العابدين: في القرآن دلالة على أن الثمانين هو الكثير، فما هي هذه الآية التي تدل على ذلك؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ايهاب محمد]ــــــــ[04 Nov 2010, 04:33 م]ـ
السلام عليكم ...... اخي الكريم السديس انا لا اوفقك الرأي علي هذا الفهم واري مع كامل احترامي لشخصك الكريم ان هذا تجاسر في جانب الباري عز وجل فقل وانت في ضفة الامان ما قاله علماؤنا الكرام في تفسيرها وشكرا ............(/)
ذكريات تربوية وعلمية .. مع العلامة الأمين (صاحب أضواء البيان) لا تجدها في كتاب ...
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[22 May 2003, 04:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد ..
فالعلماء الربانيون نور يهتدى بهم في الطريق إلى الله تعالى .. ونبراس يستضاء به في السير إلى الدار الآخرة .. وهم ورثة الأنبياء، وفضلهم معلوم لكل مخلوق حتى الحيتان في البحر والنملة في جحرها ..
ومن بين أولئك الأعلام ذلك الإمام الفذ، والعلامة المحرر، المتفنن في علوم الشريعة محمد الأمين الشنقيطي الجكني، وقد أحببت التعرف على شخصية هذا العَلم فقرأت عنه ما قاله تلميذه الشيخ عطية سالم وسألت عن سيرته للتعرف أكثر (وسير العلماء من ألذ ما اشتغل به طلبة العلم) فكانت هذه المذكرات القصيرة:
(من سيرة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله)
فإنه في يوم الثلاثاء الموافق 19/ 1 / 1423 هـ وبعد صلاة العصر التقيت بأحد طلبة الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان ـ رحمه الله رحمة واسعة ـ وكان أحد كتبة هذا الكتاب في فترة من الفترات وساكناً معه في بيته، وهذا الشيخ هو:
محمد بن محمود بن محمد الإمام اليعقوبي الجكني نسباً المدني وطناً وكان من أول دفعة فتحت بهم الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية عام 1381 هـ وتخرج في كلية الشريعة عام 1387/ 1388 هـ والتحق بوزارة المعارف بالمملكة في المدينة المنورة في الحقل المتوسط لتدريس المواد الدينية نيفاً وعشرين سنة وله عدد من الكتب المخطوطة والمطبوعة وقد قرأ علي رسالته المخطوطة (المختصر المفيد في معرفة قطر شنقيط) وذكر فيه عدداً من علماء ذلك البلد الذين رحلوا من بلادهم وذكر منهم:
(من ذلك العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: محمد الأمين بن محمد المختار وكان معروفاً بالزهد والورع وسعة العلم المزدوج، كان معلماً في إدارة المعاهد والكليات بالرياض وبعد ذلك نُقل للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ومعلماً في الحرم النبوي يفسر القرآن الكريم وكان من هيئة كبار العلماء بالرياض وكان عضواً في رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، وكان بيته عبارة عن مدرسة لعامة العلوم، هذا بالإضافة إلى كثرة من يزوره من فطاحل العلماء من جميع أقطار البلاد لحل المشاكل، فانتشر علمه وكثر طلابه واستفاد الناس من كتبه منها أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن هو في حد ذاته كتاب واحد ولكنه عبارة عن مكتبة مكتملة منوعة في جميع العلوم منهل للبسطاء والعلماء كل يرى مستواه) أ. هـ.
وقد سألته عدداً من الأسئلة حول الشيخ رحمه الله تعالى ومؤلفه أضواء البيان فأجابني حفظه الله بمعلومات مفيدة والتي أجملها فيما يلي:
ملازمته للشيخ:
ذكر الشيخ أنه حج في عام 1378هـ وأن جدته لأمه عمة الشيخ الأمين وأنه عندما أتى البلاد سكن معه في البيت ولازمه بالرياض حيث كان الشيخ مدرساً بالكلية قال: وأنا في معهد إمام الدعوة ومضيت سنة ونصف ثم فتح المعهد العلمي ونقلت إليه ولما فتحت الجامعة دخلت المسابقة ونجحت فيها في سنة 1381 هـ وتخرجت من الثانوية ثم الجامعة في عام 1387/ 1388 هـ، وذكر أنه سكن مع الشيخ في بيته وكان ملازماً للشيخ في جميع عُمَرِه وحجاته، وكان يعرف الشيخ من هناك من البلاد حيث كان تربطه به محبة كاملة ومعرفة كاملة وقرابة نسبية.
وأخبر بأنه كان أحد كتبة الشيخ لأضواء البيان هو وزميل له اسمه محمد الأمين بن الحسين كانا من الكتاب في فترة من الزمن وهناك من كتب قبلهم ومن كتب بعدهم.
وسألته كم عدد الكتاب في المرحلة التي كنتم تكتبون فيها؟ فقال: اثنين يكتبان وقبلنا جماعة وبعدنا جماعة.
وسألته هل الشيخ هو الذي يغير الكتاب فقال: لا وأخبر أن التغير بسبب الظروف للكاتب.
طريقة كتابة أضواء البيان:
ذكر الشيخ أن للشيخ في كتابة أضواء البيان حالتين:
1 - الحالة الأولى: كان هو يكتب بطريقة وكانت الكتابة بعضها على بعض ثم يعطيها الكتاب فيكتبونها بطريقة منظمة للطباعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - الحالة الثانية: أنه لما ضعف بصره رحمه الله أصبح يجمع أمامه مجموعة من كتب التفسير ستة أو سبعة ثم يأمر بقراءة الآية من هذه التفاسير ثم يملي هو على الكتاب من ذهنه بعد سماع تلك التفاسير.
من خصائصه في الإلقاء:
قال من خصائص الشيخ أنه إذا تكلم كأنه يقرأ من كتاب أو هومكتوب أمامه قال حتى بلغني أن الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله قال: أنتم تقولون إنه ما عنده كتاب يقرأه؟!!.
قال: ومعروف أنه إذا تكلم كأنه يريد أن يضربك حيث ينفعل انفعالاً كثيراً حتى إن الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله قال للشيخ ـ على سبيل الفكاهة ـ: يا شيخ إذا جيت تعلمنا أمّنّا بأنك ما تضربنا. وقال له: أنا أعرف أن هذا الانفعال تأتيك معه المعلومات.
وسألته هل الشيخ محمد بن إبراهيم درس على الشيخ؟
تدارسوا هناك وكان الشيخ الأمين قد جعل درساً في المسجد والناس تأتيه وإذا كانت مناسبة يتكلم كأنه تعليم.
قال: أما الشيخ ابن باز رحمه الله فكان يقرأ عليه المنطق في البيت في أيام مخصصة وكان يحضر الشيخ عطية سالم رحمه الله وغيرهم.وذكر أنه كان يحضر بعض تلك المجالس.
حلم الشيخ:
قال: كان الشيخ معروف بالحلم لم يره أحد غضبان قال: لما أتيت البلاد هنا أوصاني فقال: (لو ترى أحد يزل عليّ لا ترد عني).
إنكار الشيخ:
قال جاء ملك المغرب في زمن الملك فيصل رحمه الله إلى الرياض وأراد أن يعتمر وطلب من الشيخ أن يذهب معه فقال: أنا تحت بيعة ملك ولا نمشي مع أحد إلا بإذنه واستشره فإن أذن ذهبنا معك وإن منع لا نمشي معك، فطلب ملك المغرب من الملك فيصل رحمه الله فأذن له ولما جاء لمكة جاء المصورون فاشتد غضب الشيخ عليهم حتى نهاهم الملك فيصل رحمه الله.
حرمة مجلس الشيخ:
ذكر أن الشيخ لا يرضى أن يجرح أحد في مجلسه وإذا فعل أحد ذلك يغضب غضباً ليس بمقيس ويرى أن هذا انتقاص له هو، وإذا كان المتكلم كبير ومعتبر قال له: لا تعطِ الناس حسناتك، وإذا كان دون ذلك تكلم الشيخ عليه فما يستطيع أحد أن يتكلم على أحد في مجلسه.
وسألته عن ما عرف أن الشيخ لا يدخل المذياع في بيته؟
فأجاب بأنه كذلك يمنع مثل ذلك إلا في الحروب فكان يؤتى إليه فيستمع الأخبار ثم يخرجه.
وسألته عن حضور الملك فيصل لمحاضرة للشيخ؟
فأجاب بأن الملك فيصل حضر للشيخ محاضرتين وحضر الأمير عبد المحسن محاضرة، ولما جاء الملك فيصل للمحاضرة جاؤوا له بكنب فقال الملك: هاتوا مثل الكرسي الذي جالس عليه الشيخ، قال وفي تلك المحاضرة تعطلت علينا المروحة واشتعلت فيها النار ولم يتغير في المحاضرة شيء فجاءوا وأصلحوها والملك موجود وطالت المحاضرة عن موعدها وتركه الملك حتى انتهى من كلامه.
حفظ الشيخ للمتون:
قال: قال الشيخ: جئت للبلاد هذه وكنا نتعاهد المتون كما نتعاهد القرآن.
قصة في التفسير:
قال لما ذكر الشيخ سبب فتح مكة ومجيء الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول القصيدة الطويلة المؤثرة والتي فيها: قتلونا ركعاً وسجداً. قال بكى الناس كلهم في ذلك الدرس.
قصة عند التوظيف:
لما توظف الشيخ قالوا ما عندك من الشهادات؟ قال عندي شهادة لا إله إلا الله فذكروا ذلك للملك فأمر أن يعطوه راتب أعلى شهادة.
تفسير الشيخ للرؤى:
قال: كان الشيخ معروفاً بتفسير المرائي وتجيء كما هي. ومن الأمثلة التي ذكرها:
1 - كان الشيخ لما ذهب للرياض قد واعدوه بأنه بعد عشر سنين ينقلوه للمدينة، فجاء أحد الشناقطة في العطلة الصيفية في المدينة للشيخ في بيته فذكر أنه رأى فيما يرى النائم النبي صلى الله عليه وسلم داخل المسجد النبوي وأن الناس تهيأت له فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين الشيخ محمد الأمين الشنقيطي فأصبح الناس تسأل عن الشناقطة من يدل عليه فرأوا صاحب الرؤيا وطلبوا منه أن يذهب ويحضر الشيخ فلما أراد الخروج من المسجد لمناداة الشيخ قابله الشيخ وهو داخل للمسجد فأتى به للنبي صلى الله عليه وسلم فضمه إليه. انتهت الرؤيا. فقال الشيخ: إن صدقت رؤياك سننقل من الرياض للمدينة. وفي تلك الأيام جاءت برقية باعتماده في الجامعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - وقبل وفاته جاءه أحد طلاب العلم وذكر له بأنه رأى أنه يغسل نبياً وليس بنبي ومعنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال الشيخ وما يدريك أنه نبي؟ قال: رأيت وجهه وعرفته فأعاد عليه السؤال أكثر من مرة وكان إذا انتهى قال: خير إن شاء الله وتغير وجهه وما بقي بعدها إلا قليلاً وتوفي.
3 - كان الشيخ يكره تبادل الذهب بالورَق وكان عنده خادم من جماعته فأعطاه ذهباً عند بداية حلول الشتاء عند فتح المدارس وأمره بشراء بعض الحاجات وقال ما بقي اتركه عند البائع فجاء الخادم وقد أخذ الباقي ووضعه في مكان عند مدخل الباب، فرأى الشيخ فيما يرى النائم أن النار تشتعل في ذلك المكان فلما استيقظ سال الخادم عما أعطاه من النقود فأخبره بالحقيقة فأمره برد المال والبضاعة لصاحبها ولا يأتي منها بشيء.
وسألته عن الشيخ عطية سالم؟
فقال قصة الشيخ عطية سالم شيء عجيب: أصله مصري وجاء هنا طفل صغير لا علاقة له بأحد ثم التحق بطبيبة يخدمها ويتعلم منها وفي يوم من الأيام حدث أن لم يرتح معها فضاقت به الحال فذهب للحرم فوجد الشيخ يدرس فتركه حتى انتهى فجاءه فقال يا شيخ أنا أريد انقطع عندك في البيت أقرأ عليك وقص عليه خبره فرضي الشيخ ذلك فأصبح معه في البيت يخدمه خدمة الولد ويطعم معه ويقرأ عليه وبعد ذلك لما ذهب للرياض دخل المعهد ثم الكلية ثم أصبح مدرساً في القصيم ثم بعد ذلك لما فتحت الجامعة كان من المجموعة التي فتحت بها الجامعة فعين مدير إدارة أول ما فتحت الجامعة .. ورب ضارة نافعة.
وفاة الشيخ:
قال هو معه تضايق في الصدر وربو وعند الطواف في الحج تعب ولم يكن معه نقود ولم يرد أن يتأخر عن الطواف فأكمل الطواف محمولاً وأرسل أحدهم لبيته في مكة ليأتيه وتعب تعباً شديداً فأرسل إلى رابطة العالم الإسلامي ليرسلوا له طبيباً وأنبوبة أكسجين فجاءه الطبيب فقال له الشيخ: البنسلين وما يعمل عمله وما يكون فيها نسبة لا تضعوها لي لما عنده من الحساسية فأخطأ الطبيب فجاء طبيب آخر فوجد الحساسية منتشرة في الكبد وغيرها ثم بعدها توفي ودفن بالمعلاة في مكة. وكان ذلك بعد أن حج عام 1393 هـ.
رحمه الله رحمة واسعة.
انتهى مختصراً
تمت كتابته وقرأ على الشيخ وصححه بعد صلاة العشاء في يوم الأربعاء 20/ 1 / 1423هـ
والله تعالى أعلم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 May 2003, 06:44 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم فهد الوهبي على مشاركاتك الثمينة، والتي تنادي على ما وراءها من العلم والأدب. وأسأل الله لك التوفيق والسداد.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[22 May 2003, 09:29 م]ـ
حدثني الشيخ أ. د محمد ولد سيدي الحبيب الشنقيطي - حفظه الله ورعاه وهو من أبرز وأكبر طلبة الشيخ الأمين رحمه الله - مشافهةً , قال عن شيخه:
- ظهر نبوغه من صغره.
- لم يطلب العلم في بلده على غير علماء قبيلته - الجكني -.
- الفرنسيون كانوا إذا استعصت عليهم قضية أحالوها إلى الشيخ رحمه الله.
- كان الشيخ رحمه الله ورعاً زاهداً , وأكثر ما أعجبني فيه عفته رحمه الله؛ فلم يأخذ من أحد شيئاً.
- وليس بصحيح أنه لا يُفرق بين العملات الورقية.
- وقربه الملك عبد العزيز ثم الملك فيصل رحمهما الله , وكان الأمير عبد الله بن عبد العزيز صديقه , ويأتي إلى الشيخ دائماً ويدعوه إليه , وكان يطلب من الشيخ رحمه الله تعالى زيارة الملك فيصل , فيقول الشيخ:
(لقد أعطاني الله تعالى أعظم شيء يُعطاه إنسان: القرآن في صدري , وأموت وأنا لم تحملني رجلي إلى ملك أو رئيس , ومن كان القرآن في صدره فقد أغناه الله) - ودمعت عينا الشيخ الحبيب -.
وكان الأمير عبد الله حفظه الله يقول: ما يلفت النظر في المدينة - أي المنورة - إلا درس الشنقيطي , وهذا الطريق في الجبل - الذي عملته شركة بن لادن في المدينة قديماً -.
- ولا أظنه يصح عن الشيخ رحمه الله أنه كان يُجيب الطلاب في الاختبارات حذراً من كتم العلم.
- كتبت عنه أضواء البيان إملاءً , وكان الشيخ يرجع ويكتب بنفسه فيما يتعلق بالحديث.
- الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى حاول أن يقرأ المنطق على الشيخ الأمين رحمه الله لكنه عَسُرَ عليه ولم يستطعه , فتركه بإذن الشيخ , رحمة الله عليهما , ولم يتركه زهداً فيه ولا رغبةً عنه.
- الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله ما كان يفوته شيء من دروس الشيخ في رمضان.أ. هـ.
* وبعد:
فكل موقف من هذه المواقف ينطق بما فيه من عبر وهداية لأهل العلم والإيمان , ورحمة الله على شيخنا.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 May 2003, 09:40 م]ـ
شكر الله للأخوين الكريمين فهد الوهبي، وأبي بيان هذه المعلومات، وقد صححت بعض المعلومات القديمة عندي وكانت غير موثقة.
وأرجو بهذه المناسبة ممن كان عنده معلومات ذات بال عن أئمتنا المفسرين وغيرهم أن يتحفونا بها، وخاصة عندما تكون موثقة.
نسأل الله أن يلحقنا بالصالحين، وأن يرزقنا حسن الإقتداء بهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالسلام]ــــــــ[23 May 2003, 06:09 ص]ـ
ذكر الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله في كتابه حلية طالب العلم ص (17) مانصه:" وقد كان شيخنا محمد الأمين الشنقيطي المتوفى في 17/ 12/1393هـ رحمه الله متقللاً من الدنيا، وقد شاهدته لايعرف فئات العملة الورقية ... ".
فما تعليقكم ياأخانا أبا بيان؟
جدير بالذكر أن هنالك شريط ماتع لابن الشيخ الدكتور عبد الله بعنوان"الدر الثمين في سيرة الأمين" ومن طريف ما ذكر أن الشيخ حبب له الصيد، وكان له يوم-أظنه يوم الخميس- يخرج فيه إلى البر
وذكر ابنه الشيخ محمد أنه نادراً ما يرى أباه بدون كتاب حتى أنه يدعى إلى مناسبة فيجيب الدعوة ومعه كتابه يقرأ فيه
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[24 May 2003, 10:57 ص]ـ
الأخ الفاضل عبد السلام:
- كلاهما صادق ,
- والشيخ الحبيب ألزم لشيخه من الشيخ بكر حفظهما الله ,
- ولعل الشيخ بكر أبو زيد أخبر عمّا رآه من شيخه في موقف لم يميز فيه الشيخ الأمين بين العملات لعارض.
- وكان كلام الشيخ الحبيب جواباً على سؤال عما أورده الشيخ بكر , وهو: هل صحيح أن الشيخ رحمه الله لم يكن يفرق بين العملات الورقية؟ فجاء جواب الشيخ صريحاً على هذا السؤال , والله الموفق.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[24 May 2003, 01:32 م]ـ
للدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس إمام جامع الفرقان بمكة ترجمة للإمام محمد الأمين الشنقيطي
طبعة بالدارالشامية، وهي موجودة في الأسواق.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[25 May 2003, 01:23 م]ـ
فضيلة الشيخ الفاضل عبد الرحمن الشهري حفظه الله أشكر لك هذا الرد، وهذه سمة أهل العلم والفضل من أمثالكم .. والشيء لا يستغرب من معدنه. وأهل القرآن أهل فضل وعلم.
وبالنسبة لما ذكر من أن الشيخ لا يعرف العملات الورقية فهو مدون عندي من ضمن الأسئلة وهو كالتالي:
(وسألته عما اشتهر من أن الشيخ لا يعرف النقود ولا يفرق بين فئاتها؟ فنفى ذلك بشدة وقال الشيخ بعيد عن التغفيل ما فيه من التغفيل شيء من أي جهة وقال: بعيد من هذا.
وذكر أن الشيخ لا تبقى عنده الفلوس.)
وربما مقصود من نفى؛ إبعادُ الشيخ عن التغفيل وهو أمر لا يحتاج إلى دليل فهو ألمعي ذكي تنطق عينيه بالعلم والنباهة.
ومقصود من أثبت ذلك إثباتُ زهد الشيخ وورعه وهو أمر معلوم لكل من عرف الشيخ أو قرأ عنه.
وكل قد روى ما رأى. والمقصد معلوم معروف والخلاف في هذا سهل.
وأما ذكر من حب الشيخ للصيد فقد سمعت من المشائخ الذين رأوه أن الشيخ كان رامياً ماهراً رحمه الله.
أسأل الله تعالى أن يسلك بنا سبيل أهل الفلاح.
ـ[أحمد أبوعبدالرحمن]ــــــــ[26 May 2003, 05:09 م]ـ
رحم الله الإمام محمد الامين ولوكمل تفسيره لرأينا العجائب
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[26 May 2003, 07:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
للشيخ رحمه الله دروس في التفسير في المسجد النبوي، يختلف فيها عرضه عن أضواء البيان، فقد فسّر كل الآيات ولم يلتزم بتفسير القرآن بالقرآن، وهي موجودة في تسجيلات المجمع، وسمعت أن الشيخ السبت منذ زمن وهو يفرغ الأشرطة، وينسخ ما فيها، وسيخرجها في كتاب.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[27 May 2003, 02:11 ص]ـ
كان الشيخ رحمه الله له دروس في المسجد النبوي وكان آية في العلم والأدب والتفسير والفقه والأصول وغيرها من العلوم ...
وكان الشيخ يفسر تفسيراً تحليلياً ـ كما يسمى الآن ـ فيتكلم على الكلمة ومعناها اللغوي والاصطلاحي ثم يذهب مع التفسير والفقه وغيرها من العلوم ..
وقد استمعت لكثير من الأشرطة كسورة التوبة وبعض الأعراف فرأيت عجباً وعلماً غزيراً.
وبالنسبة للدكتور خالد السبت فهو مشتغل من فترة بإخراجها وقد اتصلت عليه وسألته عنها في بداية السنة الماضية فأخبرني أنه على وشك الانتهاء أسأل الله تعالى له التوفيق لإخراجها.
والدكتور معتني بموروث الشيخ الأمين رحمه الله على وجه العموم ومنه التفسير.
والله أعلم.
ـ[نصرمنصور]ــــــــ[26 May 2005, 02:47 ص]ـ
موضوع حافل بالفوائد، يستحق القراءة والاطلاع. رحم الله علماءنا، وأسكنهم جنات النعيم
ـ[ابو يزيد]ــــــــ[09 Jan 2006, 01:52 ص]ـ
الأخ الفاضل: فهد الوهبي - حفظه الله -
(يُتْبَعُ)
(/)
الشيخ: محمد عمر إمام المسجد الأثري في الجادة بتبوك أحد تلامذة الشيخ محمد الأمين رحمه الله، وقد ذكر لي شيئا من سيرته، أثناء زيارتي له عندما كنت في تبوك قبل خمسة أعوام، أتمنى أن تلتقي بالشيخ محمد عمر ليفيدك ثم تنقل لنا ذلك هنا .. وفقك الله لرضاه.
اخوك: ابو يزيد - جده
ـ[عبدالعزيز الضامر]ــــــــ[12 Jan 2006, 06:27 م]ـ
أشكر الأخوين (فهد الوهبي , أبا بيان) على ما تفضلاَّ به , وأُحِبُّ أن أُشارك بالأمور الآتية:
(1) إنَّ المتأمل في كتب التأريخ والتراجم والرجال يُلاحظ أن نسبةً غير قليلة من المعلومات فيها قائمة على ما يُسمى "التدوين الشفاهي" وهو أن يقوم المصنف بكتابة ما رآه من تلك الشخصية التي عاصرها أو من خلال ما سمع عنها ونحو ذلك , وبهذه الطريقة حُفظ لنا الكثير من تراثنا الإسلامي والعربي , وكُلَّما تخلت الأمة عن تدوين ما تراه وتسمعه فلن تترك شيئاً لجيلها القادم يذكرها به , فيحدث ما يُسمى بالقطيعة بين الجيلين لاسيما ونحن نعيش فوضى العولمة.
ونحن لانريد أن يقوم الدارسون بكتابة تراجم معاصريهم بذكر اسمه وولادته ومصنفاته ووفاته فحسب , بل يهمنا بالدرجة الأولى ذكر شيء من حياتهم ومواقفهم , إذ أنَّ الرجال يُعرفون بالمواقف.
وبهذه المناسبة فإني أُحب أن أقترح على الأخوة في هذا الملتقى المبارك بتبني مثل هذا المشروع واقتصاره على رجالات الدراسات القرآنية الذين كان لهم شُهرةٌ ودورٌ في إثراء المكتبة القرآنية , فأغلبنا قد حصل له شرف التتلمذ على بعض هؤلاء سواءً كانت دراسةً أكاديمية أو غير ذلك , فيقوم بكتابة معلومةٍ سريعةٍ عنه ثُمَّ يفيض علينا بذكر مواقفه وأحواله ونحو ذلك.
وأنا دائماً أُشبه هؤلاء بالدلو الذي يستخرج لنا الماء والخير ولكن لا نعرف قيمته إلاَّ إذا افتقدناه!!
وعلى سبيل المثال أذكر بعض الشخصيات:
- الأستاذ الدكتور: أحمد حسن فرحات.
- الأستاذ الدكتور: مصطفى مسلم.
- الأستاذ الدكتور: مناع القطان.
- الأستاذ الدكتور: عدنان زرزور.
- الأستاذ الدكتور: فهد الرومي.
- الأستاذ الدكتور: زاهر عوَّاض الألمعي.
- الأستاذ الدكتور: فضل عباس.
- الأستاذ الدكتور: صلاح الخالدي.
- الدكتورة: عائشة عبد الرحمن.
- الدكتورة: هند شلبي. وغيرهم كثير.
(2) وأمَّا عن مسألة حب الشيخ الشنقيطي بالصيد فهذا صحيح ومما يدل على ذلك ما أخبرني به الشيخ الدكتور: عبد الرحيم الهاشم أُستاذ الفقه المقارن في جامعة الإمام (فرع الأحساء) من أنَّ الشيخ محمد عطية سالم رحمه الله (ت:1420هـ) أخبره بهذه الحادثة فقال: سافرت مع شيخنا محمد الأمين إلى مالي , وفي ذات يوم خرج المشايخ إلى القنص وآثرت البقاء فجلست أُفكر حتى خطرت ببالي فائدة علمية في شرف العلم ... وعندما جاء الشيخ الأمين قلت له: أيهما أشرف الأسد أم الكلب؟
فقال: الأسد.
فقلت: أيهما تأخذ صيده الأسد أم الكلب المُعَلَّم؟
فقال: الكلب المُعَلَّم.
فقلت: بالعلم شَرُف الكلب على غيره!!
(2) وأخيراً أُحبُّ أنَّ أُبشِّر السادة الفضلاء في هذا الملتقى من أنَّ دروس الشيخ الشنقيطي التي قام الدكتور خالد السبت بجمعها قد تّمَّ طبعها سنة (1424هـ-2003م) في خمس مجلدات نشر دار ابن القيم – الدمام وسماه "العذب النمير في مجالس الشنقيطي في التفسير ".
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[25 Mar 2008, 12:30 ص]ـ
يرفع للفائدة
ـ[مها]ــــــــ[25 Mar 2008, 03:29 ص]ـ
* أ. فهد الوهبي - شكر الله لك و وهبك كل خير - ورفع قدر من رفع الموضوع.
وكان معروفاً بالزهد والورع
- من شواهد ذلك أنه ألف في أنساب العرب نظما قبل البلوغ يقول في أوله: (سميته بخالص الجمان في ذكر أنساب بني عدنان) وبعد البلوغ دفنه وقال: لأنه كان على نية التفوق على الأقران. وقد لامه مشايخه على دفنه وقالوا: كان من الممكن تحويل النية و تحسينها.
ذكر أن الشيخ لا يرضى أن يجرح أحد في مجلسه
- و كثيرا ما يقول لإخوانه: (تكايسوا) أي من الكياسة و التحفظ من الغيبة. (1)
- من مواقفه -رحمه الله- أنه بقي يبكي ما بين المغرب و العشاء لما بدأ بتفسير قوله تعالى: (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) و أخذ يردد: الأرض أصلحها الله فأفسدها الناس!!.
________________________________
(1) مع صاحب الفضيلة بقلم: الشيخ عطية محمد سالم (في مقدمة أضواء البيان).
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[25 Mar 2008, 02:35 م]ـ
جزاك الله خيرا دكتور/ فهد على طرح هذا الجانب المشرق من سيرة الشيخ الأمين -رحمه الله وأسنكه الفردوس الأعلى بصحبة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين- وأشكر كل من شارك الدكتور فهد وأضاف فائدة في هذة السير العطرة، وكل التقدير لمقترح العزيز /عبد العزيز الضامر، وأملي من الجميع الاهتمام به وتفعيله، فسيرة علمائنا الأفاضل نبراس هدى، ومجال علم واسع، علّنا نقتدي فنهتدي، ونتعلم، ووفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[النورس]ــــــــ[31 Mar 2008, 02:18 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم
والله فوائد ودرر
ـ[يزيد الصالح]ــــــــ[31 Mar 2008, 11:14 ص]ـ
شكر الله لك ياشيخ فهد،،
والشكر موصول لكل من أمتعنا بسيرة الشيخ،،
غفر الله له وأسكنه في عليين،،
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[04 May 2008, 05:14 م]ـ
وأخيراً أُحبُّ أنَّ أُبشِّر السادة الفضلاء في هذا الملتقى من أنَّ دروس الشيخ الشنقيطي التي قام الدكتور خالد السبت بجمعها قد تّمَّ طبعها سنة (1424هـ-2003م) في خمس مجلدات نشر دار ابن القيم – الدمام وسماه "العذب النمير في مجالس الشنقيطي في التفسير ".
الكتاب يوزع توزيعا خيريا على طلبة العلم عن طريق مؤسسة الشيخ سليمان بن عبد العزيز الراجحي وفقه الله وأمدّ في عمره على طاعته.
وكان معروفاً بالزهد والورع
من المواقف التي تدل على هذا مايلي:
1. كان يقول رحمه الله: " والله لو عندي قوت يومي ما أخذت راتبا من الجامعة، ولكنني مضطر، لا أعرف أشتغل بيدي، وأنا شايب ضعيف ".
2. وقال رحمه الله: " لقد جئت من البلاد ومعي كنز قلّ أن يوجد عند أحد، وهو القناعة، ولو أردت المناصب لعرفت الطريق إليها، فإني لا أوثر الدنيا على الآخرة، ولا أبذل العلم لنيل المآرب الدنيوية ".
3. يقول الشيخ محمد العثيمين رحمه الله: " كنا طلابا في المعهد العلمي في الرياض، وكنا جالسين في الفصل، فإذا بشيخ يدخل علينا إذا رأيته قلت: هذا بدويٌ من الأعراب، ليس عنده بضاعة من علم!! رث الثياب، ليس عليه آثار الهيبة، لايهتم بمظهره، فسقط من أعيننا، فتذكرت الشيخ عبد الرحمن السعدي، وقلت: في نفسي: أترك الشيخ عبد الرحمن السعدي وأجلس أمام هذا البدوي؟! فلما ابتدأ الشنقيطي درسه انهالت علينا الدرر من الفوائد العلمية من بحر علمه الزاخر، فعلمنا أننا أمام جهبذ من العلماء، وفحل من فحولها، فاستفدنا من علمه، وسمته، وخلقه، وزهده، وورعه ".
4. قدم رحمه الله إلى الرياض في بعض زياراته لمعهد القضاء، وعليه ثوب مبتذل، فلما كلمه أحد تلامذته في ذلك، أجابه بقوله: " يافلان القضية ليست بالثياب، وإنما ماتحت الثياب من العلم ".
5. لما حاول أحد تلامذته ثنيه عن الحج في العام الذي توفي فيه لضعف صحته، أجابه بقوله: " دع عنك المحاولة، سفري إلى لندن أريد الشفاء بها لابد أن أكفر عنه بحج ".
وقد مات رحمه الله ولم يخلف شيئا من حطام الدنيا.
رحمه الله وجمعنا به ووالدينا في مستقر رحمته.
العذب النمير 1/ 48.
من خصائصه في الإلقاء:
قال من خصائص الشيخ أنه إذا تكلم كأنه يقرأ من كتاب أو هومكتوب أمامه.
مما يصدق هذا الخبر: أنه حينما عرض عليه درس متعلق بالرد على الإمام ابن حزم في إنكار القياس في قوله تعالى: " مامنعك ألا تسجد إذ أمرتك " (الأعراف:12)، - مفرغا من الشريط المسجل بعد سنة من إلقائه- وسمعه الشيخ بصوته، قال: " لولا أني أسمع صوتي بأذني وأنت - يعني تلميذه الشيخ عطية - أتيتني بها مكتوبة؛ ماصدقت أن شخصا يقول هذا ارتجالا ".
العذب النمير 1/ 21.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 Feb 2009, 08:27 ص]ـ
وله مواقف ممتعة، وأخبار ماتعة في كتابيه: رحلة الحج إلى بيت الله الحرام، والرحلة إلى أفريقيا.
فلعل أحد الباحثين يفيدنا بها، ويجمعها لنا في هذا الملتقى.
وفي الكتابين كذلك مباحث تفسيرية قيمة تستحق الجمع.
رحم الله الشيخ وجميع علمائنا رحمة واسعة
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[17 Feb 2009, 11:21 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
حدثني شيخي أبو عطاء الله عبد الله بن المدني الذي جالس شيخنا محمد الأمين رحمه الله رحمة واسعة. عن أحد تلامذة الشيخ الأمين رحمه الله المخلصين له منهجا وخدمة لمدرسته بموريتانيا. أن الشيخ محمد الأمين رحمه الله رحمة واسعة كان يحفظ الجامع لأحكام القرآن عن ظهر قلب.
فهل لأحد الإخوة طريق آخر لإثبات هذه المنقبة للشيخ رحمه الله.
ـ[أبو صهيب الجزائري]ــــــــ[18 Feb 2009, 02:13 ص]ـ
جزى الله القائمين على هذا المنتدى خيرا
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[19 Jul 2010, 01:40 ص]ـ
وله مواقف ممتعة، وأخبار ماتعة في كتابيه: رحلة الحج إلى بيت الله الحرام، والرحلة إلى أفريقيا.
فلعل أحد الباحثين يفيدنا بها، ويجمعها لنا في هذا الملتقى.
وفي الكتابين كذلك مباحث تفسيرية قيمة تستحق الجمع.
رحم الله الشيخ وجميع علمائنا رحمة واسعة(/)
هل يمكن القول بأن في القرآن بياناً لكل شيء
ـ[السلطان]ــــــــ[23 May 2003, 02:00 م]ـ
الإخوة الأفاضل ..
يقول جل وعلا: (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء) [النحل: 89]
فهل معنى ذلك أن القرآن يدل على كل شيء وهل هناك قائل بالعموم المطلق لهذه الآية.
أرجو أن يكون هذا السؤال مدار بحث بين الإخوة الكرام في هذا المنتدى المتميز.
ـ[المشارك7]ــــــــ[23 May 2003, 03:19 م]ـ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الفتاوى المخطوطة 3/ 53:
التبيان نوعان: 1/ أن يبين الشئ بعينه وهذه مثل الأمور التي
يحتاج إليها الناس كالصلا ة والزكاة والحج ونحوها.
2/ أن يرشد إلي طريق معرفته كقول (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا
تعلمون) أما قوله (مافرطنا في الكتاب من شئ) وقول وكل شئ أحصيناه في
إمام مبين) فالمقصود فيهما اللوح المحفوظ أهـ
http://www.4quran.net/vb/viewtopic.php?t=132
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 May 2003, 07:58 م]ـ
بسم الله
قال الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير:
(و «كلّ شيء» يفيد العموم؛ إلا أنه عموم عرفي في دائرة ما لمثله تجيء الأديان والشّرائع: من إصلاح النفوس، وإكمال الأخلاق، وتقويم المجتمع المدنيّ، وتبيّن الحقوق، وما تتوقّف عليه الدعوة من الاستدلال على الوحدانية، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم وما يأتي في خلال ذلك من الحقائق العلمية والدقائق الكونية، ووصف أحوال الأمم، وأسباب فلاحها وخسارها، والموعظة بآثارها بشواهد التاريخ، وما يتخلّل ذلك من قوانينهم وحضاراتهم وصنائعهم.
وفي خلال ذلك كلّه أسرار ونكت من أصول العلوم والمعارف صالحة لأن تكون بياناً لكل شيء على وجه العموم الحقيقي إن سلك في بيانها طريق التفصيل واستنير فيها بما شرح الرسول صلى الله عليه وسلم وما قفّاه به أصحابه وعلماء أمّته، ثم ما يعود إلى الترغيب والترهيب من وصف ما أعدّ للطائعين وما أعدّ للمعرضين، ووصف عالم الغيب والحياة الآخرة. ففي كل ذلك بيان لكل شيء يقصد بيانه للتبصّر في هذا الغرض الجليل، فيؤول ذلك العموم العرفي بصريحه إلى عموم حقيقي بضمنه ولوازمه. وهذا من أبدع الإعجاز.) انتهى.
المرجع: اضغط هنا ( http://www.altafsir.com/Tafasir.asp)
قلت: العموم المستفاد من من الآية عموم نسبي متعلق بالسياق الذي ورد فيه، فالقرآن الكريم فيه تبيان لكل شيء يحتاج إلى تبيان، لما فيه من المصلحة الدينية والدنيوية للعباد.
وهذا مثل العموم في قوله تعالى: (وأوتيت من كل شيء) عن ملكة سبأ، أي من كل شيء يؤتاه الملوك.
وكذلك العموم في قوله تعالى: (تدمر كل شيء بأمر ربها) أي كل شيء يستحق التدمير، وهكذا.
وقد ذكر السيوطي في مقدمة كتابه: الإكليل في استنباط التنزيل هذه الآية، وذكر آثاراً كثيرة عن السلف يفهم منها أن القرآن فيه تبيان لكل شيء، وذكر كلاماً طويلاً في هذه المسألة [1/ 235 - 282] وقد تعقبه محقق الكتاب عامر علي العرابي، وذكر بأن عموم الآية من العموم المراد به الخصوص، ومعنى الآية كما في زاد المسير لابن الجوزي:لكل سيء يحتاج إليه في أمر الدين.
ـ[مرهف]ــــــــ[24 May 2003, 02:39 ص]ـ
التبيان قد يكون على أنواع:
ـ قد يكون بالنص الصريح
ـ وقد يكون بدلالة النص.
ـ وقد يكون بمفهوم الخطاب
ـ وقد يكون بمفهوم المخالفة.
وهذا يتأتى من قبيل إعمال الفكر بالعلم وهي وظيفة المجتهدين والله أعلم.(/)
هل يصح الاستدلال بهذه الآية
ـ[عبد العزيز]ــــــــ[23 May 2003, 10:02 م]ـ
هنك من يقول إ ن جزاءفعل السيئة فعل سيئة بعدها ويستدل بقوله تعالى: (وجزاء سيئة سيئة مثلها) فهل هذا الاستدلال صحيح؟ وهل قال به احد من السلف؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 May 2003, 11:39 م]ـ
أخي عبد العزيز وفقك الله
سؤالك غير واضح.
ويبدو أنك لم تطلع على تفسير السيئة هنا!
فلعلك تقرأ أقوال المفسرين التالية،وأنا على يقين بأن الإشكال الذي أوردته سيزول.
قال ابن جرير في تفسيره لهذه الآية: (وقوله: {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها} وقد بيَّنا فيما مضى معنى ذلك، وأن معناه: وجزاء سيئة المسيء عقوبته بما أوجبه الله عليه، فهي وإن كانت عقوبة من الله أوجبها عليه، فهي مَساءة له. والسيئة: إنما هي الفعلة من السوء، وذلك نظير قول الله عزّ وجلّ {وَمَنْ جاءَ بالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إلاَّ مِثْلَها}
وقد قيل: إن معنى ذلك: أن يجاب القائل الكلمة القزعة بمثلها. ذكر من قال ذلك: حدثني يعقوب، قال: قال لي أبو بشر: سمعت ابن أبي نجيح يقول في قوله: {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها} قال: يقول أخزاه الله، فيقول: أخزاه الله. حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها} قال: إذا شتمك بشتيمة فاشتمه مثلها من غير أن تعتدي.)
وفي زاد المسير لابن الجوزي: (قوله تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} قال مجاهد، والسدي: هو جواب القبيح إذا قال له كلمة أجابه بمثلها من غير أن يعتدي. وقال مقاتل: هذا في القصاص في الجراحات والدماء.)
وقال القرطبي: (قوله تعالى: {وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} قال العلماء: جعل الله المؤمنين صِنفين؛ صنف يعفون عن الظالم فبدأ بذكرهم في قوله: {وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ}. وصنف ينتصرون من ظالمهم. ثم بين حدّ الانتصار بقوله: {وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} فينتصر ممن ظلمه من غير أن يعتدي. قال مقاتل وهشام بن حُجَير: هذا في المجروح ينتقم من الجارح بالقصاص دون غيره من سب أو شتم. وقاله الشافعي وأبو حنيفة وسفيان. قال سفيان: وكان ابن شُبْرُمَة يقول: ليس بمكة مثل هشام. وتأوّل الشافعي في هذه الآية أن للإنسان أن يأخذ من مال من خانه مثل ما خانه من غير علمه؛ واستشهد في ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند زوج أبي سفيان: "خذي من ماله ما يكفيك وولدك" فأجاز لها أخذ ذلك بغير إذنه .... وقال ?بن أبي نجيح: إنه محمول على المقابلة في الجراح. وإذا قال: أخزاه الله أو لعنه الله أن يقول مثله. ولا يقابل القذف بقذف ولا الكذب بكذب. وقال السُّدِّي: إنما مدح الله من انتصر ممن بغى عليه من غير اعتداء بالزيادة على مقدار ما فعل به؛ يعني كما كانت العرب تفعله. وسُمي الجزاء سيئةً لأنه في مقابلتها؛ فالأوّل ساء هذا في مال أو بدن، وهذا الاقتصاص يسوءه بمثل ذلك أيضاً.)
وجاء في تفسير التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور: ( .. أي أن المُجازيء يجازيء من فَعَل معه فَعلةً تسوءه بفعلة سيئة مثل فعلتِه في السوء، وليس المراد بالسيئة هنا المعصية التي لا يرضاها الله، فلا إشكال في إطلاق السيئة على الأذَى الذي يُلحق بالظالم.
ومعنى {مثلها} أنها تكون بمقدارها في متعارف الناس، فقد تكون المماثلة في الغرض والصورة وهي المماثلة التامة وتلك حقيقةُ المماثلة مثل القصاص من القاتل ظلماً بمثل ما قَتَل به، ومن المعتدي بجراح عمد، وقد تتعذر المماثلة التامة فيصار إلى المشابهة في الغرض، أي مقدار الضرّ وتلك هي المقاربة مثل تعذر المشابهة التامة في جزاء الحروب مع عدوّ الدين إذ قد يلحق الضر بأشخاص لم يصيبوا أحداً بضرّ ويَسْلَمُ أشخاص أصابوا الناس بضرّ، فالمماثلة في الحَرب هي انتقام جماعة من جماعة بمقدار ما يُشفي نفوس الغالبين حسبما اصطلح عليه الناس.).
ـ[عبد العزيز]ــــــــ[24 May 2003, 12:00 ص]ـ
أخي أبو مجاهد وفقه الله
جزاك الله خيرا صحيح أني لم أبين السؤال حق البيان ولكني أردت أن أقول هل هذه الاية تصلح للاستدلال على تتابع السيئات لدى المرء أي إذا فعل سيئة فإن الله يجازيه بأن يفعل هو سيئة بعدها.
كما قال بعض السلف إن علامة قبول الحسنة الحسنة بعدها
لعل سؤالي الآن أصبح واضحا.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 May 2003, 12:39 ص]ـ
بسم الله
أقول أخي الكريم بعد أن بينت سؤالك:
الآية بعد معرفة تفسيرها لا تدل على أن فعل معصية يجر إلى فعل معصية أخرى؛ إذ هي خارج محل السؤال.
وما ذكره السلف في هذا المعنى يمكن أن يستدل له بأدلة أخرى:
منها قول الله تعالى: (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) وقوله تعالى: (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة).ونحو ذلك من الآيات في هذا المعنى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Jun 2004, 01:30 ص]ـ
فائدة لها صلة بما سبق:
قال ابن القيم رحمه الله في شفاء العليل: (فصل: وأما الصّرْف
وأما الصرف فقال تعالى:
"وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون"
فأخبر سبحانه عن فعلهم وهو الانصراف، وعن فعله فيهم وهو صرف قلوبهم عن القرآن وتدبره لأنهم ليسوا أهلاً له، فالمحل غير صالح ولا قابل، فإن صلاحية المحل بشيئين حسن فهم، وحسن قصد، وهؤلاء قلوبهم لا تفقه، وقصودهم سيئة. وقد صرح سبحانه بهذا في قوله: " ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون "
فأخبر سبحانه عن عدم قابلية الإيمان فيهم، وأنهم لا خير فيهم يدخل بسببه إلى قلوبهم فلم يسمعهم سماع إفهام ينتفعون به وإن سمعوا سماعاً تقوم به عليهم حجته، فسماع الفهم الذي سمعه به المؤمنون لم يحصل لهم.
ثم أخبر سبحانه عن مانع آخر قام بقلوبهم يمنعهم من الإيمان لو اسمعهم هذا السماع الخاص، وهو: الكبر والتولي والإعراض.
فالأول: مانع من الفهم، والثاني: مانع من الانقياد والإذعان، فأفهام سيئة وقصود رديئة، وهذه نسخة الضلال وعلم الشقاء، كما أن نسخة الهدى وعلم السعادة فهم صحيح وقصد صالح. والله المستعان.
وتأمل قوله سبحانه: "ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم"
كيف جعل هذه الجملة الثانية سواء كانت خبراً أو إعادة عقوبة لانصرافهم فعاقبه عليه بصرف آخر غير الصرف الأول، فإن انصرافهم كان لعدم إرادته سبحانه ومشيئته لإقبالهم، لأنه لا صلاحية فيهم ولا قبول، فلم ينلهم الإقبال والإذعان فانصرفت قلوبهم بما فيها من الجهل والظلم عن القرآن، فجازاهم على ذلك صرفاً آخر غير الصرف الأول كما جازاهم على زيغ قلوبهم عن الهدى إزاغة غير الزيغ الأول.
كما قال: " فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم "
وهكذا إذ أعرض العبد عن ربه سبحانه جازاه بأن يعرض عنه، فلا يمكنه من الإقبال عليه. ولتكن قصة إبليس منك على ذكر تنتفع بها أتم انتفاع، فإنه لما عصى ربه تعالى ولم ينقد لأمره وأصر على ذلك، عاقبه بأن جعله داعياً إلى كل معصية، فعاقبه على معصيته الأولى بأن جعله داعياً إلى كل معصية وفروعها صغيرها وكبيرها.
وصار هذا الإعراض والكفر منه عقوبة لذلك الإعراض والكفر السابق. فمن عقاب السيئة السيئة بعدها كما أن من عقاب الحسنة الحسنة بعدها.)
و قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في تفسيره:
"وفي قوله عن المنافقين: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً) بيانٌ لحكمته تعالى في تقدير المعاصي على العاصين؛ وأنه بسبب ذنوبهم السابقة, يبتليهم بالمعاصي اللاحقة الموجبة لعقوباتها، كما قال: (ونقلّب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة)، وقال تعالى: (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم)، وقال تعالى: (وأما الذين في قلوبهم مرضٌ فزادتهم رجساً إلى رجسهم)؛ فعقوبة المعصية المعصيةُ بعدها, كما أنّ من ثواب الحسنة الحسنة بعدها, قال تعالى: (ويزيد الذين اهتدوا هدى) " [ص 42].(/)
تفسير القرآن بالقرآن (2)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[24 May 2003, 06:27 م]ـ
تقدمت الحلقة الأولى على هذا الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=235
وإليك بقية البحث:
(6) ما يطلب من المفسر في تفسير القرآن بالقرآن:
من أراد أن يتعرض لتفسير القرآن الكريم فإن لذلك شروطه العامة لكن هناك شروط خاصة فيمن يفسر القرآن بالقرآن ذكر د. علي العبيد (1) أهمها أجملها هنا.
1 - أن يكون المفسر ملماً بالقرآن كله في نظرة شاملة حتى يتسنى له مايلي:
أ-جمع ما تكرر منه في موضوع واحد ومحور واحد لمقابلة الآيات بعضها ببعض حتى يتكون لديه التفسير الصحيح.
ب- استنباط مصطلحات القرآن وعاداته من كلمه ونظمه ويسمى ذلك عند بعض العلماء بـ كليات القرآن , وعند بعضهم بـ عادات القرآن.
2 - أن يكون عارفاً بالوجوه والنظائر في القرآن وفائدة ذلك حتى لا يخطئ المفسر بالتعميم أو التنظير.
3 - أن يكون عارفاً بالقراءات المتواترة إذ ربما يكون تفسيرها وإيضاحها هو في القراءة الأخرى إذ كل قراءة بمثابة آية مستقلة وبه يستطيع أن يحيط بمعاني الآيات وأحكامها.
(7) معتمد الربط بين الآيات:
هذا المبحث هو كالتوطئة لمبحث أوجه تفسير القرآن بالقرآن إذ من خلال التأمل فيما نقل عن المفسرين من السلف وغيرهم نجد أن معتمدهم في جعل هذه الآية مفسرة ومبينتة للآية الأخرى إما أن يكون:
1 - تشابه في المعنى.
2 - أو تشابه في اللفظ.
3 - أو تشابه في الموضوع.
4 - أو تشابه في الحكم.
5 - أو أن المعتمد وجه نحوي أوبلاغي أوغير ذلك.
وسيأتي مزيد بيان عند الحديث عن أوجه تفسير القرآن بالقرآن.
(8) أقسام القرآن من جهة البيان:
ينقسم القرآن من جهة البيان إلى قسمين:
الأول: ما هو بين في نفسه بلفظ لا يحتاج إلى بيان منه ولا من غيره.
الثاني: ما ليس ببين في نفسه فيحتاج إلى بيان وبيانه إما: في آية أخرى – وهو موضوع البحث – أو في السنة لأنها موضوعة للبيان.
وبيان القرآن للقرآن إما أن يكون:
1 - مضمراً فيه: كقوله تعالى " حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها " فهذا يحتاج إلى بيان لأن " حتى " لا بد لها من تمام وتأويله حتى إذا جاءوها جاءوها وفتحت أبوابها.
2 - وقد يومئ إلى محذوف وهو إما:
أ – متأخر: كقوله تعالى " أ فمن شرح الله صدره للإسلام " فإنه لم يجئ له جواب في اللفظ لكن أومأ إليه قوله:" فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله " تقديره: أ فمن شرح الله صدره للإسلام " كمن قسى قلبه
ب- وإما متقدم: كقوله تعالى " أمن هو قانت آ ناء الليل " فإنه أومأ إلى ما قبله " وإذا مس الأنسان ضر دعا ربه منيباً إليه " كأنه قال أهذا الذي هو هكذا خير أم من هو قانت؟ فأضمر المبتدأ
3 - وقد يكون بيانه واضحاً وهو أقسام:
أ-أن يكون عقبه: كقوله تعالى " الله الصمد " قال محمد بن كعب القرظي: تفسيره: لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد "
وكقوله " وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب "
وكقوله " إن الإنسان خلق هلوعاً " قال أبو العالية تفسيره: إذا مسه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير منوعاً ".
ب- أن يكون بيانه منفصلاً عنه في السورة معه أو في غيره (1)
وانظر أمثلته في البرهان للزركشي (2/ 205) وسيأتي ذكر لشئ
منها في أوجه تفسير القرآن بالقرآن.
(9) أوجه تفسير القرآن بالقرآن:
توطئة: ليس من السهل بيان معتمد الربط بين الآيات بل يحتاج إلى دقة وطول نظر خاصة فيما يروى عن السلف إذ قد يتجاذب ذلك أكثر من وجه لكن ينبغي التأمل كثيراً فكم من وجه من هذه الأوجه يبدو عند أول وهلة وعند التأمل يتبين لك معنى آخر هو ألصق وأ وضح وأبين للمراد والله أعلم.
الوجه لأول: تفسير ما جاء موجزاً في موضع بما جاء مبسوطاً في موضع آخر:
أكثر ما ينطبق ذلك على قصص القرآن كقصة موسى وفرعون وقصة
آدم وإبليس وقصة بني إسرائيل ومن أمثلة ما ورد عن السلف ما رواه ابن
جرير بإسناده إلى السدي رحمه الله في قصة الذين اعتدوا في السبت 1/ 331
وقد تركته لطوله.
الوجه الثاني: حمل العام على الخاص
مثاله:تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم الظلم بالشرك كما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (2). ومن الأمثلة مايلي:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الله تعالى " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً " [البقرة: 234] فهي عامة في الحامل والحائل وخصت بقوله " وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن " [سورة الطلاق: 4]
وقد روى ذلك عن ابن عباس وابن شهاب انظر تفسير ابن جرير 2/ 512
قال الزركشي: وقد يأتي التخصيص في آخر الآية: كقوله تعالى " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة " فهذا عام في البالغة والصغيرة عاقلة أو مجنونة ثم خص في آخرها بقوله " فإن طبن لكم عن شيئ منه نفساً " فخصها بالعاقلة البالغة لأن من عداها عباراتها ملغاة من العفو.
وتارة في أولها كقوله تعالى " ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً " فإن هذا خاص في الذي أعطاها الزوج ثم قال بعد ذلك " فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به" فهذا عام فيما أعطاها الزوج أو غيره إذا كان ملكاً لها.
وقد يؤخذ التخصيص من آية أخرى كقوله " حرمت عليكم الميتة " وهذا عام في جميع الميتات ثم خصه بقوله " فكلوا مما امسكن عليكم " فأباح الصيد الذي يموت في فم الجارح المعلم " (1).
الوجه الثالث: حمل المجمل على المبين:
مثاله " مالك يوم الدين " بيانها في سورة الإنفطار " وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً ولأمر يومئذ لله " ومثاله ما رواه ابن جرير في جامع البيان (1/ 245) في تفسير " فتلقى آدم من ربه كلمات " قال مجاهد وقتادة وابن زيد: هو قوله " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين "
وللإجمال أسباب كثيرة ذكر منها الزركشي تسعة أسباب (2) فليراجعها من شاء.
ولبقية الأمثلة يراجع البرهان (2/ 234).
الوجه الرابع: حمل المطلق على المقيد:
مثاله: قال تعالى " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ..... الآية فلفظ الدم في هذه الآية مطلق وقيد بالمسفوح في قوله تعالى " قل لاأجد في فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً ".
الوجه الخامس: تفسير الألفاظ الغريبة وله صورتان:
الأولى: تفسير اللفظة بلفظة أشهر منها في آية أخرى
مثاله: " وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل " فسر السجيل بالطين في قوله " لنرسل عليهم حجارة من طين " وكلاهما في قصة قوم لوط.
الثانية: أن تفسر اللفظه ثم يذكر ما يؤيد ذلك من القرآن
مثاله ما رواه ابن جرير في تفسيره (1/ 520) عن قيس بن سعد وفي (1/ 521)
عن عكرمة في تفسير قوله تعالى " يتلونه حق تلاوته " قالا: يتبعونه حق اتباعه أما سمعت قول الله عزوجل " والقمر إذا تلاها " قال: إذا تبعها.
الوجه السادس: أن تكون الكلمة لها أكثر من استعمال فتذكر الآيات التي فيها الكلمة ليدل على أن أحد هذه الاستعمالات هو المراد في القرآن لا غيره
مثاله: ما رواه ابن جرير في تفسيره (30/ 39) في تفسير قوله تعالى " هل لك إلى أن تزكى " قال ابن زيد: إلى تسلم قال: والتزكي في القرآن كله الإسلام وقرأ قول الله تعالى " وذلك جزاء من تزكى " قال: من أسلم، وقرأ " وما يدريك لعله يزكى " قال: يسلم، وقرأ " و ما عليك الا يزكى " أن لا يسلم.
الوجه السابع: الجمع بين ما يتوهم أنه مختلف.
مثاله: ما رواه ابن جرير في تفسيره (30/ 259) عن ابن عباس في قوله تعالى " إنا أنزلناه في ليلة القدر " قال أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى السماء الدنيا فكان بموقع النجوم فكان الله ينزله على رسوله، بعضه في إثر بعض، ثم قرأ: " وقالوا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً "
فدفع بهذا الكلام بين ما يتوهم تعارضه واختلافه إذا دلت الآية الأولى على أنه أنزل القرآن جمله والآية الثانية دلت على إنزاله مفرقاً. (1)
الوجه الثامن: حمل المبهم على الواضح.
مثاله: قوله تعالى " وآخرون مرجون لأمر الله الآية " حيث أبهمت المرجون لأمر الله ووضحتها الآية الأخرى بقوله " وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت بهم الأرض بما رحبت ....... الآية فوضحت هذه الآية بأنهم الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك (2).
الوجه التاسع: حمل القراءات بعضها على بعض.
مثاله: " ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن " في يطهرن قراءتان:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأولى: بتخفيف الطاء وضم الهاء ومعناها: حتى ينقطع عنهن الدم
الثانية: بتشديد الطاء والهاء وفتحها والمعنى: حتى يتطهرن بأن يغتسلن بالماء
فيلا حظ أن كل قراءة أفادت معنى يختلف عن الآخر وقد رجح الطبري قراءة التشديد
والأولى حمل المعنى على مجموع القرآء تين (3).
الوجه العاشر: نسخ آية بآية أخرى.
مثاله: ما رواه ابن جرير (1/ 490) عن قتادة في تفسير قوله تعالى " فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره " قال: أتى الله بأمره فقال: " قاتلوا الذين لايؤمنون بالله ولا باليوم الآخر " حتى بلغ " وهم صاغرون " أي صغاراً ونقمة منهم فنسخت هذه الآية ما كان قبلها.
وفي رواية عنه: قال: نسختها " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ".
الوجه الحادي عشر: تأكيد معنى في آية قد يفهم منه خلافه.
مثاله: ما رواه ابن جرير في تفسيره (30/ 116) عن ابن زيد في قوله " فسوف يحاسب حساباً يسيراً" قال: الحساب اليسير: الذي يغفر ذنوبه ويتقبل حسناته، ويسر الحساب:الذي يعفى عنه وقرأ " ويخافون سوء الحساب " وقرأ " أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة "
ولذا فهمت عائشة رضي الله عنها خلاف ما في الآية عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم " من نوقش الحساب عذب فقالت: أليس الله يقول " فسوف يحاسب حسابا
يسيراً" قال ذلك العرض يا عائشة من نوقش الحساب عذب. رواه ابن جرير في الموضع المتقدم وقد رواه البخاري في صحيحه في كتاب تفسير القرآن (6/ 81)
وانظر كذلك تفسير ابن جرير (1/ 285).
الوجه الثاني عشر:تفسير معنى آية بآية أخرى.
مثاله: ما رواه ابن جرير في تفسيره (30/ 201) عن ابن زيد في تفسير " إنا هديناه النجدين " قال قاطع طريق الخير والشر، وقرأ قول الله " إناهديناه السبيل " وانظر كذلك (30/ 69) عن عمر وفي (30/ 248) عن الحسن البصري.
الوجه الثالث عشر: جمع تفاصيل القصة القرآنية.
مثاله: انظر ما رواه ابن جرير في تفسيره (1/ 276) عن ابن عباس وفي (1/ 277)
عن السدي وفي (1/ 286) عن السدي وفي (1/ 288) عن ابن زيد.
الوجه الرابع عشر: معرفة كليات القرآن.
والمقصود بها الألفاظ أو الأساليب الواردة في القرآن على معنى مطرد.
مثاله: ما رواه ابن جرير في تفسيره (1/ 354) عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى " فذبحوها وما كادوا يفعلون " يقول: كادوا لايفعلون ولم يكن الذي أرادوا لأنهم أرادوا أن يذبحوها وكل شئ في القرآن كاد أو كادوا أو لو فإنه لايكون وهو مثل قوله "أكاد أخفيها ".
الوجه الخامس عشر: جمع الآيات التي تتحدث عن موضوع واحد
والفرق بينه وبين وجه الثالث عشر أن ذاك خاص في القصة القرآنية وهذا عام في القصة وغيرها.
مثاله: ما رواه ابن جرير في تفسيره (30/ 186) عن الضحاك يقول: إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا بأهلها ونزل من فيها من الملائكة ......... فذلك قوله " وجاء ربك والملك صفا صفا وجيئ يومئذ بجهنم " وقوله:" يامعشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض .... " وذلك قول الله " وانشقت السماء فهي يومئذ واهيه والملك على أرجائها" وانظر (1/ 154) عن ابن عباس
و (30/ 111) عن قتادة.
الوجه السادس عشر: أن يذكر في القرآن أمر ثم يذكر في مكان آخر وقوعه أو كيفيته أوزمانه أومكانه.
مثاله: ما رواه ابن جرير في تفسيره (30/ 308) عن ابن عباس قال:" وآمنهم من خوف " حيث قال إبراهيم عليه السلام " رب أجعل هذا البلد آمناً " وانظر
(30/ 309) عن ابن زيد.
الوجه السابع عشر: التفسير بالسياق:
مثاله: ما رواه ابن جرير (30/ 203) عن قتادة في تفسير " وما أدراك ما العقبة " ثم أخبر عن اقتحامها فقال " فك رقبة أوإطعام "
قال ابن جرير معلقاً: وإذا وجه الكلام إلى هذا الوجه كان قوله " فك رقبة أو إطعام " تفسيراً لقوله " وما أدراك ما العقبة" كما قال جل ثناؤه " وما أدراك ماهيه " ثم قال: " نار حامية " مفسراً قوله " وأمه هاويه "
وأمثلة هذا الوجه كثيرة جداً أشرنا إلى شيء منها في المبحث الثامن وبقيتها في البرهان للزركشي (2/ 203).
الوجه الثامن عشر: أن يختار المفسر قولاً في الآية سواء كان نحوياً أو بلاغياً أو فقيهاً إستناداً على آية أخرى.
ومن أمثلته: ما ذكره ابن جرير (1/ 181) عند تفسيره لقوله تعالى في سورة البقرة " يضل به كثيراً ويهدي به كثيراً" فقال: وقد زعم بعضهم أن ذلك خبر عن المنافقين كأنهم قالوا: ماذا أراد الله بمثل لا يعرفه كل أحد يضل به هذا ويهدي به هذا ثم أستؤنف الكلام والخبر عن الله فقال الله " وما يضل به إلا الفاسقين " وفيما في سورة المدثر من قول الله " وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلاً كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء " ما ينبئ عن أنه في سورة البقرة كذلك مبتدأ.
وانظركذلك: (30/ 209) – (30/ 332)
وفي الختام أسأل الله أن يرزقني وإياكم تدبر كتابه والعمل بما فيه ومن نظر وتأمل في القرآن وكلام السلف والمفسرين رأى من ذلك شيئاً كثيراً إلا أنه ليس ذلك بالأمر السهل قال الذهبي: ليس حمل المجمل على المبين أو المطلق على المقيد أو العام على الخاص أو إحدى القراء تين على الأخرى بالأمر الهين الذي يدخل تحت مقدور كل إنسان وإنما هو أمر يعرفه أهل العلم والنظر خاصة. (التفسير والمفسرون 1/ 41
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[29 May 2003, 12:32 ص]ـ
أيها الأخوة ارجو إضافة ما ترون حول هذا الموضوع او مناقشة ماورد فيه خاصة وان الموضوع مازال يحتاج إلى مزيد تحرير
اسأل الله ان ينبري له أحد المتخصصين برسالة مستقلة.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[29 May 2003, 04:55 ص]ـ
بسم الله
شكر الله سعيك أخي أباخالد؛ وقد قرأت ما سطرته يمينك هنا، وأشكل علي مسائل:
منهما: المثال الذي ذكرته لحمل القراءات بعضها على بعض، هل يدل على المراد؛ فقد ذكرت أن الأولى حمل المعنى على مجموع القراءتين. فأين تفسير القرآن بالقرآن هنا؟
ومنها: مثال النسخ الذي ذكرته؛ فمن المعلوم عند أهل التحقيق أن الحكم الموقت بزمن معين لا نسخ فيه. [انظر مباحث في علوم القرآن للقطان عندما ذكر شروط النسخ، ونقل قول مكي في ذلك ص238 طبعة دار المعارف]
إلا إذا كان المراد بالنسخ المعنى العام له، فعندئد يكون هذا المثال داخلاً تحت وجه: بيان المجمل أو الخفي.
ومنها: لم يظهر لي وجه الربط بين الوجه السادس عشر ومثاله. فأين المفسِّر من المفسَّر؟ وما وجه الربط بين المثال والوجه بالتحديد؟
وبعد؛ أرجو أن يتسع وقتك وصدرك للإجابة عن هذه التساؤلات.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[29 May 2003, 07:15 ص]ـ
حياك الله ابا مجاهد وصدري متسع لما أوردت بل مسرور غاية السرور فحلاوة العلم مدارسته
واما جوابك فكالتالي:
المسألة الأولى:قولك:المثال الذي ذكرته لحمل القراءات بعضها على بعض، هل يدل على المراد؛ فقد ذكرت أن الأولى حمل المعنى على مجموع القراءتين. فأين تفسير القرآن بالقرآن هنا؟
فجواب وجه حمل القراءتين في الآية يجيب عن ذلك الشوكاني رحمه الله ودونك كلامه في كتابه فتح القدير:
قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن كثير، وابن عامر، وعاصم في رواية حفص عنه بسكون الطاء، وضم الهاء. وقرأ حمزة، والكسائي، وعاصم في رواية أبي بكر: «يطهرن» بتشديد الطاء، وفتحها، وفتح الهاء، وتشديدها. وفي مصحف أبيّ، وابن مسعود: «ويتطهرن» والطهر انقطاع الحيض، والتطهر: الاغتسال. وبسبب اختلاف القراء اختلف أهل العلم، فذهب الجمهور إلى أن الحائض لا يحل وطؤها لزوجها حتى تتطهر بالماء. وقال محمد بن كعب القرظي، ويحيى بن بكير: إذا طهرت الحائض، وتيمّمت حيث لا ماء حلت لزوجها، وإن لم تغتسل. وقال مجاهد، وعكرمة: إن انقطاع الدم يحلها لزوجها، ولكن تتوضأ. وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد: إن انقطع دمها بعد مضي عشرة أيام جاز له أن يطأها قبل الغسل، وإن كان انقطاعه قبل العشر لم يجز حتى تغتسل، أو يدخل عليها، وقت الصلاة. وقد رجح ابن جرير الطبري قراءة التشديد. والأولى أن يقال: إن الله سبحانه جعل للحلّ غايتين كما تقتضيه القراءتان: إحداهما انقطاع الدم، والأخرى التطهر منه، والغاية الأخرى مشتملة على زيادة على الغاية الأولى، فيجب المصير إليها. وقد دلّ أن الغاية الأخرى هي المعتبرة. قوله تعالى بعد ذلك: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} فإن ذلك يفيد أن المعتبر التطهر، لا مجرد انقطاع الدم. وقد تقرر أن القراءتين بمنزلة الآيتين، فكما أنه يجب الجمع بين الآيتين المشتملة إحداهما على زيادة بالعمل بتلك الزيادة، كذلك يجب الجمع بين القراءتين.
اما المسألة الثانية:قولك: مثال النسخ الذي ذكرته؛ فمن المعلوم عند أهل التحقيق أن الحكم الموقت بزمن معين لا نسخ فيه. [انظر مباحث في علوم القرآن للقطان عندما ذكر شروط النسخ، ونقل قول مكي في ذلك ص238 طبعة دار المعارف]
إلا إذا كان المراد بالنسخ المعنى العام له، فعندئد يكون هذا المثال داخلاً تحت وجه: بيان المجمل أو الخفي.
فجوابي ما يلي:
صرح المفسرون من السلف وغيرهم بالنسخ قال ابن جرير:
فنسخ الله جل ثناؤه العفو عنهم والصفح بفرض قتالهم على المؤمنين حتى تصير كلمتهم وكلمة المؤمنين واحدة، أو يؤدّوا الجزية عن يد صَغَاراً. كما: حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: {فاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتى يَأْتِيَ اللَّهُ بأمْرِهِ إنَّ اللَّهَ على كلِّ شَيْءٍ قَدِير} ونسخ ذلك قوله:
{فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}
(يُتْبَعُ)
(/)
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حتى يأتِي اللَّهُ بأمْرِهِ} فأتى الله بأمره فقال:
{قَاتِلُوا الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بالْيَوْمِ الآخِرِ}
حتى بلغ:
{وهُمْ صَاغِرُونَ}
أي صَغَاراً ونقمة لهم فنسخت هذه الآية ما كان قبلها: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حتى يَأْتِيَ اللَّهُ بأمْرِهِ}. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: {فاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتى يَأْتِيَ اللَّهُ بأمْرِهِ} قال: اعفوا عن أهل الكتاب حتى يحدث الله أمرا. فأحدث الله بعد فقال:
{قَاتِلُوا الّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ باللَّهِ وَلا بالْيَوْمِ الآخِرِ}
إلى:
{وهُمْ صَاغِرُونَ}
. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن قتادة في قوله: {فاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأمْرِهِ} قال: نسختها: «اقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ». حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حتى يَأتِيَ اللَّهُ بأمْرِهِ} قال: هذا منسوخ، نَسَخَه:
{قاتِلُوا الذين لا يُؤمِنُونَ باللَّهِ وَلا بالْيَوْمِ الآخِرِ" ا. هـ
وذهب بعض المفسرين إلى ما ذكرت قال ابن الجوزي في زاد المسير:
فصل وقد روي عن ابن مسعود، و ابن عباس، و أبي العالية، وقتادة، رضي الله عنهم: ان العفو والصفح منسوخ بقوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله} التوبة: 29. وأبى هذا القول جماعة من المفسرين والفقهاء، واحتجوا بأن الله لم يأمر بالصفح والعفو مطلقا، وإنما أمر به الى غاية، وما بعد الغاية يخالف حكم ما قبلها، وما هذا سبيله لا يكون من باب المنسوخ، بل يكون الأول قد انقضت مدته بغايته، والآخر يحتاج الى حكم آخر. ا. هـ
ولعل فيما ذكره ابن عطية ما يزيل الإشكال حيث قال بعد ذكره للقول بالنسخ:
وقال قوم: ليس هذا حد المنسوخ , لأن هذا في نفس الأمر كان التوقيف على مدته.
وعقب بقوله: وهذا على من يجعل الأمر المنتظر أوامر الشرع أو قتل قريظة واجلاء النضير , وأما من يجعله آجال بني آدم فيترتب النسخ في هذه الآية بعينها , لأنه لا يختلف أن آية الموادعة المطلقة قد نسخت كلها, والنسخ هو مجيئ الأمر في هذه المقيدة , وقيل مجيئ الأمر هو فرض القتال , وقيل قتل بني قريظة واجلاء بني النضير.
وأما المسألة الثالثة: قولك:لم يظهر لي وجه الربط بين الوجه السادس عشر ومثاله. فأين المفسِّر من المفسَّر؟ وما وجه الربط بين المثال والوجه بالتحديد؟
فجوابي عنه ما يلي:
ابن عباس يشير إلى أن الله تعالى استجاب دعوة إبراهيم عليه السلام في جعل البيت آمنا فآية البقرة دعاء وآية قريش تبين حصول هذا الدعاء زمانا ومكانا وهو بين كما ترى
وشكر الله لك ابا مجاهد مرة أخرى.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[19 Aug 2003, 02:37 ص]ـ
أخي الكريم أبا خالد:
شكر الله لك على هذا البحث القيم، ولكن:
هلا قمت بتنزيله في ملف وورد خاصة وأن أرقام الحواشي لم تظهر أسفل الصفحة، وحتى نستطيع حفظه منسقاً لنستفيد منه.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[31 Aug 2003, 11:46 م]ـ
شكر الله لك ابا خالد حسن ظنك بأخيك , وسأنفذ طلبك قريباً ان شاء الله.
ـ[محمد بن عبدالعزيز الخضيري]ــــــــ[20 Sep 2003, 05:15 م]ـ
كنت كتبت في هذا الموضوع شيئا قديا غالبه ترتيب وتهذيب لما كتبه الشنقيطي في مقدمة أضواء البيان أحببت به إثراء ما طرحه الأخ أبو خالد وفقه الله هنا فأقول مستعينا بالله في بيان الطريق الأولى من طرق تفسير القرآن
الطريق الأولى: تفسير القرآن بالقرآن:
وهو أبلغ الطرق وأدلها على المقصود، لأنه لا أحد أعلم بكلام الله من الله-جلّ وعلا-،وقد فعله رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عندما فسّر الظلم في قوله تعالى:"الذين آمنوا وَلمَ يلبِسُوا إِيمَانهُم بِظُلمٍ أُولئِك لهَمُ الأَمنُ وَهُم مُهتدون"، بقوله تعالى:"ِإنَّ الشِّركَ لظُلمٌ عَظِيم". وسار عليه السلف الصالح وممن شهر به عبدالرحمن بن زيد بن أسلم.
واعتنى به ابن كثير في تفسيره،
(يُتْبَعُ)
(/)
وأفرده الأمير الصنعاني محمد بن ا سماعيل [ت1181] بمؤلف سماه "مفاتيح (مفتاح) الرضوان في تفسير الذكر بالآثار والقرآن"، وهو مخطوط. ثم جاء الإمام محمد الأمين الشنقيطي [ت1393] فكتب فيه تفسيره العظيم:"أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن".ويعد خير كتاب ألف فيه إلى اليوم زيّنه بمقدمة متينة في "أنواع بيان القرآن بالقرآن".
وتفسير القرآن بالقرآن نوعان:
الأول: صريح قطعي: وهو أن يكون سياق الآية واضحا في الدلالة على التفسير. ومن أمثلته: قوله تعالى:"ويلٌ للمُطَفِّفين" ثم بين المراد بهم بقوله"الذينَ إِذا اكْتالُوا عَلى النّاسِ يَستوفُون - وَإذا كَالُوهُم أو وَزنُوهُم يُخسِرُون"، وقوله تعالى:" ألا إِنّ أولِياءَ اللهِ لا خَوفٌ عَليهِم وَلا هُم يحزَنونْ" ثم بين المراد بهم بقوله:"الذين آمنُوا وكَانُوا يَتقُون".
وهذا النوع يجب قبوله والأخذ به ولايجوز العدول عنه.
الثاني: اجتهادي ظني: وهو أن يجتهد المفسر في بيان آية بأخرى يرى أنها موضحة لها دون أن يكون في النص مايقطع المراد.
ومن أمثلته: قوله تعالى:"والنّجمُ والشّجرُ يَسجُدَان". حيث قال جماعة: النجم مالا ساق له من النبات بخلاف الشجر، ودليل هذا التفسير اقترانه بالشجر، وقال آخرون: بل المراد النجم المعروف في السماء لأنه الغالب في الاستعمال، ولورود مايدل على ذلك في القرآن حيث قرن الله بين النجوم والشجر في قوله تعالى:"ألم ترَ أنَّ الله يَسجُدُ لَه مَن فِي السّماوَاتِ وَمَن فِي الأرضِ والشّمسُ والقَمرُ والنّجُومُ والجِبَالُ والشّجرُ والدَّوابُّ وكَثيرٌ مِن النَّاسِ وكَثيرٌ حَق عَلَيهِ العَذَاب…الآية".
ومنه قوله تعالى:"ثلاثةَ قُرُوء" حيث فسره بعضهم بالحيض، وفسره آخرون بالطهر لقوله تعالى:"فطَلّقُوهُنّ لِعِدَّتهِن" فاللام للتوقيت ووقت الطلاق المأمور به في الآية الطهر لا الحيض.
وهذا النوع يختلف الحكم فيه باختلاف قوة الاجتهاد وقربه من الصواب، ومقابلته بالأقوال الأخرى.
أنواع بيان القرآن للقرآن:
ألوان بيان القرآن للقرآن كثيرة من أهمها مايلي:
1 - بيان الإجمال الواقع بسبب اشتراك في اسم أو فعل أو حرف.
المشترك: هو اللفظ الدال على أكثر من معنى.
فمثال الأول: (الاشتراك في اسم) قوله تعالى:"وليطوفوا بالبيت العتيق". فالعتيق يطلق بالاشتراك على: القديم، وعلى المعتق من الجبارة، وعلى الكريم. ويدل للأول قوله تعالى:" إِنَّ أوَّلَ بيتٍ وُضِعَ للنّاسِ لَلذِي بِبَكّةَ مُبارَكاً".
ومثال الثاني: (الاشتراك في فعل) قوله تعالى:" ثمَّ الذِينَ كفَرُوا بِرَبهِم يَعدِلُون" فعدل تأتي بمعنى (سوّى) وتأتي بمعنى: (مال وصدّ) ويدل للأول قوله تعالى:"تاللهِ إن كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ- إِذ نُسَويكُم بِرَبّ العَالمَين "،وقوله تعالى:"وَمِن النّاسِ مَن يتّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أندَاداً يحِبَّونَهُم كَحُبّ الله".
ومثال الثالث: (الاشتراك في حرف) قوله تعالى:"خَتمَ اللهُ عَلَى قلُوبِهِم وَعلَى سَمعِهم وَعلَى أبْصَارِهِم غِشَاوَة" فإن الواو في قوله: (وَعلَى أبْصَارهِم) محتملة للاستئناف وللعطف وقد بينت آية الجاثية أنها للاستئناف وهي قوله تعالى:"أفَرأيتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأضَلَّهُ الله عَلَى عِلمٍ وَخَتمَ عَلَى سَمعِهِ وَقَلبِهِ وَجَعَل عَلَى بَصرِه غِشَاوَة".
وكقوله:" فَامْسَحُوا بوجُوهِكُم وَأيدِيكُم مِنْه". فقيل (من) للتبعيض، ولذا اشترطوا صعيدا له غبار يعلق باليد، وقيل: هي لابتداء الغاية ولذا لم يشترطوا ماله غبار بل يجوز التيمم على الرمل والحجارة، وهذا أنسب لما بعده وهو قوله"مَا يُرِيدُ الله لِيَجعَلَ عَليكُم مِن حَرَج". أي: أيّ حرج. والتكليف بما له غبار فيه نوع من الحرج، لأن كثيرا من بلاد الله لايوجد فيها إلا الجبال والرمال.
2 - بيان الإجمال الواقع بسبب إبهام في اسم جنس جمعا كان أو مفردا أو اسم جمع أو صلة موصول أو معنى حرف:
مثال الأول: (اسم الجنس الجمعي-وهو الذي يفرق بينه وبين مفرده بالتاء-) قوله تعالى:"فَتلقَّى آدمُ مِن رَبهِ كَلِمَاتٍ فَتابَ عَلَيه "فأبهم الكلمات وذكرها في قوله"قَالا رَبنَا ظَلمنَا أنفُسَنَا وَإِن َلم تغفِر لَنَا وَترحَمنا لَنكُو نَنّ مِن الخَاسِرِين".
(يُتْبَعُ)
(/)
ومثال الثاني: (اسم الجنس المفرد) قوله تعالى:"وَتمّت كَلِمةُ رَبكَ الحُسنَى عَلَى بَني إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا"فأبهم الكلمة هنا وبينها بقوله"وَنرِيدُ أن نمُنَّ عَلَى الذِينَ استُضْعِفُوا في الأرضِ وَنجعَلَهُم أئِمّةً وَنجَعلَهُم الوَارثِين- وَُنمكّنَ لَهُم في الأرض .. ".
ومثال الثالث: (اسم الجمع-وهو ماليس له واحد في لفظه-) قوله تعالى:"وَنعَمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِين -كَذَلِك وَأوْرَثنَاهَا قَوماً آخرِين" فالقوم: اسم جمع وقد بينه في الشعراء بقوله"كَذَلِكَ وَأورَثنَاهَا بَني إِسْرَائِيل".
ومثال الرابع: (صلة الموصول) قوله تعالى:"صِرَاطَ الذينَ أنعَمتَ عَليهِم" بينه بقوله"أولَئِكَ الذِينَ أنعَمَ الله عَليهِم مِن النَّبيّينَ والصّدِيقِين…".
ومثال الخامس: (معنى حرف) قوله تعالى:"وَأنفَقُوا ممّا رَزَقنَاكُم" فإن لفظة (من) للتبعيض والبعض مبهم هنا مبين بقوله"وَيَسألُونَكَ مَاذا يُنفِقُون قُلِ العَفْو" والعفو الزائد عن الحاجة الضرورية.
ومثال السادس: (اللفظ الذي يطلق على المذكر والمؤنث) قوله تعالى:"وَإِذ قَتلتمُ نفساً" فإن النفس تُطلق على الذكر والأنثى وقد أشار تعالى هنا على أنها هنا "ذكر" حيث ذكر الضمير العائد إليها في قوله:"فَقُلنا اضْرِبُوهُ ببَعضِها".
3 - بيان الإجمال الواقع بسبب احتمال في مُفسر الضمير:
مثاله: قوله تعالى:"وَإِنهُ عَلَى ذَلِكَ لَشهِيد" فيُحتمل عود الضمير على الرّب-سبحانه-وعلى الإنسان المذكور في قوله: (إِنّ الإنسَانَ لِرَبهِ لَكَنُود) والسّياق يدل على عوده على الإنسان لأنه قال بعده:"وَإِنه لحُبِّ الخيرِ لَشَدِيد"ولا خلاف بأن المراد به هنا هو الانسان.
4 - صرف اللّفظ عن ظاهره لدليل:
يكون الظاهر المتبادر للأذهان من الآية غير مُراد بدليل قرآني على أن المراد غيره.
مثاله: قوله تعالى:"الطّلاقُ مَرّتان" فإن ظاهره المتبادر منه أن الطلاق كله محصور في المرّتين، ولكن بيّنت الآية بعدها أن المراد بالمحصور هنا هو الطّلاق الرّجعي. قال تعالى:"فِإنّ طَلقَهَا فَلا تحِلُّ لَهُ مَن بَعد حَتى تنكِحَ زَوجاً غَيرِه".
5 - أن يذكر أمر ما في القرآن ثم يُبيّن في موضع آخر شيء يتعلق به (كالمقصود منه أو سببه أو مفعوله أو صفته أو مكانه أو زمانه أو متعلقه أو كيفية وقوعه أو يأتي سؤال وجواب عنه أو حكمته أو هل تم الامتثال به أو يخبر بوقوع شيء ثم يُبيّن وقوعه):
فمثال الأول: (ذكر المقصود) قوله تعالى:"وَقَالُوا لَولا أٌنزِلَ عَلَيهِ مَلكٌ وَلو أَنزَلنَا مَلكَاً لَقُضِيَ الأَمر"فإنه بيّن في سورة الفرقان أن مرادهم بالمَلَك المقترح إنزاله أن يكون نذيرا آخر مع الرسول-صلى الله عليه وسلم-وذلك في قوله تعالى:"وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يأكُلُ الطَّعَامَ وَيمَشِي فِي الأسْوَاقِ لَولا اُنزِلَ إِليهِ مَلَكٌ فَيكُونَ مَعَهُ نَذِيرَا".
ومثال الثاني: (وهو السّبب) قوله تعالى:"يَومَ تَبيَضُّ وُجُوهٌ وَتسْوَدُّ وُجُوه" فإنه أشار إلى سبب اسودادها بعدها بقوله:"فَأمَّا الذِين اسوَدَّت وُجُوهُهُم اكَفر تُم .. الآية". وبقوله:"وَيومَ القِيَامَةِ تَرَى الذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُم مُسْوَدَّة" وغيرها.
ومثال الثالث: (وهو ذكر المفعول الواحد) قوله تعالى:"إِنَّ في ذَلِكَ لَعِبَرةً لِمَن يخشَى". فإنه لم يذكر مفعول"يخشى". وذكره في سورة هود بقوله:"إِن في ذلِكَ لآيةً لمَن خَافَ عَذَابَ الآخِرَة" فالآية الأولى في قصة فرعون وموسى، والثانية كذلك وردت بعد قصة فرعون وموسى. ومثلها أيضا ما ورد في سورة الذاريات.
ومثال (المفعول الثاني) قوله تعالى:"ثُمّ اتخَذتُم العِجل" فإن المفعول الثاني لِ"اتخذ" محذوف في جميع الآيات التي ورد فيها ذكر اتخاذ العجل إلهاً، وتقديره: (اتخذتم العجل إلها). ونكتة حذفه: التنبيه على أنه لا ينبغي أن يُتلفظ بأن عجلاً مصطنعاً إله. وقد أشار إلى هذا المفعول في سورة طه بقوله:"فَكَذلِكَ ألقَى السَّامِرِيّ _ فّاخْرَجَ لَهُم عِجلاً جَسَداً لُه خُوَار، فَقَالُوا هَذَا إِلهُكُم وِإلَهُ مُوسَى فَنَسِي".
(يُتْبَعُ)
(/)
ومثال الرابع: (وهو ذكر الصفة) قوله تعالى:"وَندْخِلُهُم ظِلاً ظَلِيلا" فقد بيّن بعض أوصاف الظلّ في قوله تعالى:" أُكُلهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا" وقوله:"وَظِلٍّ مَمدُود" وقد يذكر نقيض ذلك الوصف لضد ذلك الشيء كقوله في وصف ظل أهل النار:"انطَلِقُوا إلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَب – لاظَلِيلَ وَلايُغني مِنَ اللَّهَب".
ومثال الخامس: (وهو ذكر المكان) قوله تعالى:"الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالمِين" حيث بيّن في سورة الروم أن السّماوات والأرض مكانٌ لحمده، قال تعالى:"وَلَهُ الحَمدُ في السَّمَاوَاتِ وَالأرض".
ومثال السادس: (وهو ذكر الزمان) قوله تعالى:"لَهُ الحَمدُ في الأُولَى وَالآخِرَة" وقوله" وَلَهُ الحَمدُ في الآخِرَة" فبيّن أن الدنيا والآخرة زمان لحمده.
ومثال السابع: (وهو ذكر المتعلق) قوله تعالى:"وَحَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أن يَكُفَّ بَأسَ الذِينَ كَفَرُوا .. الآية". فإنه لم يبيّن هنا مُتعلق التحريض، ولكنه بيّنه في الأنفال بقوله:"وَحَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتال".
ومثال الثامن: (وهو كيفية الوقوع) قوله تعالى:"وِإِذ وَاعَدنا مُوسَى أربَعِينَ لَيلَةً ثُمَّ اتخَذتُم العِجلَ مِن بَعدِه". فإنه لم يبين هنا كيفية الوعد بالليالي، هل كانت مجتمعة أم مُفرقة؟ وبيّنها في الأعراف بقوله:"وَوَاعَدناَ مُوسَى ثلاثِينَ لَيلَةً ثُمَّ أتمَمنَاهَا بِعَشرٍ فَتمَّ مِيقَاتُ رَبهِ أربَعِينَ لَيلَة".
ومثال التاسع: (وهو إتيان سؤال وجواب عنه) قوله تعالى:"مَالِكِ يَومِ الدِّين".فإنه لم يبيّن هنا. ووقع عنه سؤال وجواب في موضع آخر وهو قوله تعالى:"وَمَا أدرَاكَ مَايَومُ الدِّينِ- ثُمَّ مَا أدرَاكَ مَايَومُ الدِّين .. "
وقوله:"الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين". فإن"العالمين"وقع عنه سؤال وجواب في موضع آخر وهو قوله:"قَالَ فِرعَونُ وَمَارَبُّ العَالمِينَ- قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرضِ وَمَابَينَهُمَا إِن كُنتُم مُوقِنِين". وسؤال فرعون وإن كان في الأصل سؤالاً عن الرب سبحانه فقد دخل فيه الجواب عن المراد بالعالمين.
ومثال العاشر: (وهو ذكر الحكمة) قوله تعالى:"وَهُوَ الذِي جَعَلَ النُّجُومَ لِتهتدُوا بهَا". فإن من حِكم خلق النجوم تزيين السّماء الدّنيا ورجم الشّياطين بها كما قال تعالى:"وَلَقَد زَيَّنَا السَّماءَ الدُّنيَا ِبمَصَابِيحَ وَجَعَلنَاهَا رُجُومَاً لِلشَّياطِين". وقال:"وَلَقَد زَيَّنا السَّماءَ الدُّنيَا بِزِينَةِ الكَواكِبِ وَحِفظاً مِن كُلِّ شَيطَانٍ مَارِد".
ومثال الحادي عشر: (وهو هل تم امتثال الأمر والنهي أو حصل الشّرط) قوله تعالى لنبيّه –صلى الله عليه وسلم-والمؤمنين:"قُولُوا آمنَّا بِاللهِ وَمَا أنزِلَ إلينَا .. ".فقد بين في آخر السورة أنهم امتثلوا فقال:"آمَن الرَّسُولُ ِبما أنزِلَ إِلَيهِ مِن رَبِّهِ وَالمُؤمِنُون .. ".
ومثله أيضًا لكنه في النهي قوله تعالى:"وَقُلنَا لَهُم لاتعدُوا ِفي السَّبت" فقد بين أنهم لم يمتثلوا في قوله:"وَلَقَد عَلِمتُم الذِينَ اعتدَوا مِنكُم ِفي السَّبت .. " وقوله:"وَاسأَلهُم عَنِ القَريةِ الّتِي كَانت حَاضِرَةَ البَحرِ إِذ يَعدُونَ ِفي السَّبت ". والمراد بعضهم.
ومثله أيضًا لكنه في حصول الشرط قوله تعالى:"وَلا يَزالُونَ يُقَاتِلُونكُم حَتَّى يَرُدُّوكُم عَن دِينكُم إِنِ استطَاعُوا" فقد بين في أول المائدة أنهم لم يستطيعوا بقوله:"اليَومَ يَئِسَ الذِين كَفَرُوا مِن دِينكُم قَلا تخشَوهُم وَاخشَون".
ومثال الثاني عشر: (وهو أن يذكر أن شيئاً سيقع ثم يبيّن وقوعه بالفعل) قوله تعالى:"سَيَقُولُ الذِينَ أَشرَكُوا لَو شَاءَ اللهُ مَا أشرَكنَا" وصرّح في النحل بأنهم قالوا ذلك بالفعل بقوله:"وَقَالَ الذِينَ أشرَكُوا لَو شَاءَ اللهُ مَاعَبدنَا مِن دُونِه مِن شَيء".
6 - أن يكون للفظٍ في الآية معنى غالب في القرآن فيجب تفسيره به وعدم إخراجه من معناه:
(يُتْبَعُ)
(/)
مثاله: قوله تعالى:"لأَغْلِبَنَّ أناَ وَرُسُلِي". فإن الغالب في القرآن استعمال (الغلبة) مرادا بها الغلبة بالسّيف والسّنان كما في قوله:"غُلِبَتِ الرُّوم". وقوله:"قُل لِلذِينَ كَفَرُوا سَتُغلَبُون .. ". وقوله:"وَإِن تكُن مِنكُم مائةٌ يَغلِبُوا ألفاً مِنَ الذِينَ كَفَرُوا". وعليه فيجب تفسير الغلبة في الآية الأولى بذلك، ومن قال: إنما المراد الغلبة بالحجّة والبرهان فهو صحيح لكن لا يجوز إخراج المعنى الغالب عن مراد الآية لأنه مما ورد به القرآن.
فإن كان المعنى المذكور متكرراً قصْده في القرآن إلا انه ليس أغلب من قصد سواه، فإنه دون الأول في الرتبة،والاستدلال به استئناس، كإطلاق (الظلم) على الشّرك في قوله:"وَلمَ يَلبِسُوا إِيمَانهَم بظُلم"وقوله:"إِنَّ الشِّركَ لظُلمٌ عَظِيم".وقوله:"وَالكَافِرُونَ هُمُ الظا لمُون".وورد مراداً به غير الشرك كقوله تعالى:"ثُمَّ أَورَثنا الكِتابَ الذِينَ اصطَفَينَا مِن عِبَادِنا فَمِنهُم ظَالِمٌ لِنَفسِه .. "
7 - أن يحيل في آية على شيء ذُكر في آية أخرى وهذا من صريح تفسير القرآن بالقرآن
مثاله: قوله تعالى:"وَ قَد نزَّلَ عَلَيكُم ِفي الكِتابِ أن إِذا سَمِعتُم آياتِ اللهِ يُكفَرُ بهَا وَيُستهزَأ بهَا فَلاَ تقعُدُوا مَعَهُم". والمراد بما نزّل هو قوله في سورة الأنعام:"وَإِذا رَأيتَ الذِينَ يخُوضُونَ ِفي آياتِنَا فَأعرِض عَنهُم حَتى يخُوضُوا ِفي حَدِيثٍ غَيرِه".
ومثله: قوله تعالى:"وَعَلَى الذِينَ هَادُوا حَرَّمنَا مَا قَصَصنَا عَلَيكَ مِن قَبل"والمراد به ما في سورة الأنعام:"وَعَلَى الذِينَ هَادُوا حَرَّمنَا كُلَّ ذِي ظُفْر".
ومثله: قوله تعالى:"فِإذا تطَهَّرنَ فآتوُهُنَّ مِن حَيثُ أمَرَكُمُ الله". فإن محل الإتيان المحال عليه مذكور في موضعين. الأول: قوله بعد الآية:"نِسَاؤُكُم حَرثٌ لَكُم فَأتوُا حَرثكَم أنى شِئتم". فقد بين أن موضع الإتيان هو مكان حرث الأولاد. وهو القبل دون الدبر. والثاني: قوله تعالى:"فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابتغُوا مَا كَتبَ الله لَكُم" أي جامعوهن وابتغوا ماكتب الله لكم أي ولتكن تلك المجامعة في محل ابتغاء الولد. وهو القُبل دون الدبر.
8 - تفسير اللفظ إما بلفظٍ أشهر منه و أوضح عند السامع أو بذكر مقابلة الموضح له:
مثال الأول: قوله تعالى:"وَأمطَرنا عَلَيهِم حِجَارَة مِن سِجِّيل". فإنه بين في موضع آخر في القصة نفسها معنى السّجيل وذلك في قوله:"قَالُوا إِنَّا أُرسِلنَا إِلَى قَومٍ مجُرِمينَ- لِنُرسِلَ عَلَيهِم حِجَارَةٍ مِن طِين".
ومثال الثاني قوله تعالى:"اللهُ يَعلَمُ مَاتحَمِلُ كُل أنثى وَمَا تغِيضُ الأَرحَامُ وَمَا تزدَادُ وَكُل شَيءٍ عِندَهُِبمقدَار". فقد بان معنى"تغِيض" وهو تنقص لما ذكر مقابله وهو"تزدَاد".
9 - أن يكون في الآية قرينة تدل على منع أحد المعاني أو ردِّ بعض الأقوال:
ومن أمثلته: قوله تعالى:"وَكَتبنَا عَلَيهِم فِيهَا أنَّ النَّفسَ بالنَّفس" فيرى أبو حنيفة-رحمه الله-أن عموم الآية يفيد أن المسلم يُقتل بالكافر، ويمنع منه قوله في آخر الآية"فَمَن تصَدَّق بهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَه". فإنها قرينة على عدم دخول الكافر، لأن صدقته لا تكفر عنه شيئا، إذ لاتنفع الأعمال الصالحة مع الكفر.
ومثله أيضاً: قوله تعالى:"وَاتلُ عَليهِم نبأَ ابنَيْ آدمَ بالحَق .. "قال الحسن: المراد بابني آدم رجلان من بني إسرائيل، ويمنع منه قوله في القصة:"فَبَعَثَ الله غُرَاباً يَبحَثُ فِي الأرضِ ليُريَهُ كَيفَ يُوَاريَ سَوءَةَ أخِيه". إذ فيها أن ذلك وقع في مبدأ الأمر قبل أن يعرف الناس كيفية دفن الموتى، أما في زمن بني إسرائيل فقد عُرف الدفن فلا يخفى على أحد.
ومثله أيضاً: قول بعضهم أن آية الحجاب:"وَإِذا سَألتُمُوهُنَّ مَتاعَاً فَاسأَلوُهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب". خاصّة بأزواج النبي-صلى الله عليه وسلم-. فإن تعليله لهذا الحكم بقوله:"ذلِكُم أطْهُرُ لِقُلُوبكُم وَقُلُوبهِن". قرينة واضحة على قصد تعميم الحكم، إذ لم يقل أحد أن غير أزواج النبي-صلى الله عليه وسلم-لاحاجة إلى طهارة قلوبهن ولا إلى طهارة قلوب الرجال من الريبة منهن.
ومثله: قول بعضهم أن ازواجه-صلى الله عليه وسلم-غير داخلات في أهل بيته المذكورين في قوله"إِنمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُم الرِّجسَ أهَلَ البَيت". ويمنع منه: أن السّياق مصرِّح بدخولهن، لأنه ورد قبلها قوله"قُل ِلأزوَاجِكَ إِن كُنتنَّ ترِدن .. ". وبعدها قوله:"وَاذكُرنَ ما يتلى ِفي ِبيُوتِكُن .. ".
10 - أن يذكر لفظ عام ثم يخصصه أو يصرح في بعض المواضع بدخول بعض أفراد ذلك العام في حكمه:
مثال الأول: قوله تعالى:"وَ المُطَلَّقاتُ يَترَبصنَ ِبأنفُسِهِنَّ ثلاَثةَ قُرُوء". فهذا حكم عام في جميع المطلقات، ثم أتى ما يخصص من هذا العام الحوامل وهو قوله تعالى:"وَأولاَتُ الأَحمَالِ أجَلُهنَّ أن يَضَعنَ حَملَهُن". فخصص من عموم المطلقات أولات الأحمال.
ومثال الثاني: قوله تعالى:"ذلِكَ وَمِن يُعَظِم شَعَائِرَ اللهِ فَإِنهَا مِن تقَوَى القُلوُب". فقد صرح بدخول"البُدْن " في هذا العموم بقوله بعده:"وَالبُدنَ جَعلنَاهَا لَكُم مِن شَعَائِرِالله".بلغ 25 جمادى الثانية،
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن عبدالعزيز الخضيري]ــــــــ[20 Sep 2003, 05:19 م]ـ
لأخي وحبيبي الشيخ مساعد الطيار رأي في موضوع تفسير القرآن بالقرآن سبق أن نشره في مجلة البيان أتمنى أن يقدمه هاهنا
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[21 Sep 2003, 06:17 ص]ـ
اإخوة الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، اما بعد:
فأشكر لأخي الكريم المفضال أبي عبد الله محمد الخضيري حرصه على طرح ما كتبت، وها أنذا أطرحه كما هو، فأقول:
تفسير القرآن بالقرآن:
يعتبر القرآن أول مصدر لبيان تفسيره؛ لأن المتكلم به هو أولى من يوضّح مراده بكلامه؛ فإذا تبيّن مراده به منه، فإنه لا يُعدل عنه إلى غيره.
ولذا عدّه بعض العلماء أول طريق من طرق تفسير القرآن (3)، وقال آخر: إنه من أبلغ التفاسير (4)، وإنما يُرْجَع إلى القرآن لبيان القرآن؛ لأنه قد يَرِدُ إجمال في آية تبيّنه آية أخرى، وإبهام في آية توضّحه آية أخرى، وهكذا.
وسأطرح في هذا الموضوع قضيتين:
الأولى: بيان المصطلح.
الثانية: طريقة الوصول إلى تفسير القرآن بالقرآن.
بيان المصطلح:
التفسير: كشفٌ وبيانٌ لأمر يحتاج إلى الإيضاح، والمفَسّر حينما يُجْري عملية التفسير، فإنه يبيّن المعنى المراد ويوضّحه.
فتفسير المفسر لمعنى» عُطّلت «في قوله (تعالى): ((وَإذَا العِشَارُ عُطِّلَتْ)) [التكوير: 4] بأنها: أُهمِلت، هو بيان وتوضيح لمعنى هذه اللفظة القرآنية.
وفي هذا المثال يُقَال: تفسير القرآن بقول فلان؛ لأنه هو الذي قام ببيان معنى اللفظة في الآية.
ومن هنا، فهل كل ما قيل فيه: (تفسير القرآن بالقرآن) يعني أن البيان عن شيء في الآية وقع بآية أخرى فسّرتها، أم أن هذا المصطلح أوسع من البيان؟
ولكي يتضح المراد بهذا الاستفسار استعرض معي هذه الأمثلة:
المثال الأول: عن ابن مسعود (رضي الله عنه) قال: لما نزلت ((الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ)) [الأنعام: 82].
قلنا: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أيّنا لم يظلم نفسه؟ قال: ليس كما تقولون، ((لم يلبسوا إيمانهم بظلم)): بشرك، أو لم تسمعوا إلى قول لقمان لابنه: ((يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)) [لقمان: 13] «(5).
المثال الثاني: قال الشيخ الشنقيطي (ت: 1393هـ):» ومن أنواع البيان المذكورة أن يكون الله خلق شيئاً لحِكَمٍ متعددة، فيذكر بعضها في موضع، فإننا نُبيّن البقية المذكورة في المواضع الأُخر.
ومثاله: قوله تعالى: ((وَهُوَ الَذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا)) [الأنعام: 97].
فإن من حِكَمِ خلق النجوم تزيين السماء الدنيا، ورجم الشياطين أيضاً، كما بينّه (تعالى) بقوله: ((وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ)) [الملك: 5] وقوله: ((إنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الكَوَاكِب * وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ)) [الصافات: 6، 7] (6).
المثال الثالث: قال الشيخ محمد حسين الذهبي:» ومن تفسير القرآن بالقرآن: الجمع بين ما يُتَوهم أنه مختلف؛ كخلق آدم من تراب في بعضٍ، ومن طينٍ في غيرها، ومن حمأ مسنون، ومن صلصالٍ، فإن هذا ذِكْرٌ للأطوار التي مرّ بها آدم من مبدأ خلقه إلى نفخ الروح فيه «(7).
نقد الأمثلة:
إذا فحصت هذه الأمثلة فإنه سيظهر لك من خلال الفحص ما يلي:
ستجد أن المثال الأول وقع فيه البيان عن المراد بالظلم بآية أخرى، أي: إن القرآن وضّح القرآن.
لكنك هل تجد في المثالين الآخرين وقوع بيان عن آية بآية أخرى؟
ففي المثال الثاني: تجد أن المفَسّر جمع عدة آيات يربطها موضوع واحد، وهو حكمة خلق النجوم، فهل وقع بيان لآية بآية أخرى في هذا الجمع؟
لاشك أنه لم يقع هذا البيان، لأن الأية الأولى التي جمع المفسر معها ما يوافقها في الموضوع لم يكن فيها ما يحتاج إلى بيان قرآني آخر.
وفي المثال الثالث: تجد أن المفَسّر جمع بين عدّة آيات تُوهم بالاختلاف، لكن هل وقع في جمع هذه الآيات تفسير بعضها ببعض؟ أم أن تفسيرها جاء من مصدر آخر خارج عن الآيات؟
(يُتْبَعُ)
(/)
الذي يبدو أن جمع هذه الآيات أثار الإشكال؛ إذ التراب لا يُُفسّّر بالطين، ولا بالحمأ المسنون ... إلخ، كما أن كل واحدٍ من الآخرين لا يُفسّر بالآخر؛ لأنه مختلف عنه. ولما كان الخبر عن خلق آدم والإخبار عنه مختلف احتاج المفسر إلى الربط بين الآيات ومحاولة حلّ الإشكال الوارد فيها، ولكن الحلّ لم يكن بآية أخرى تزيل هذا الإشكال، بل كان حلّه بالنظر العقلي المعتمد على دلالة هذه المتغايرات وترتيبها في الوجود، مما جعل المفسر لهذه الآيات ينتهي إلى أنها مراحل خلق آدم عليه السلام، وأن كل آية تتحدث عن مرحلة من هذه المراحل، حيث كان آدم تراباً، ثم طيناً، ثم ... إلخ.
وبهذا يظهر جليّاً أنّ جمع الآيات لم يكن فيه بيان آية بآية أخرى، وإن كان في هذا الجمع إفادة في التفسير.
وبعد .. فإن النتيجة التي تظهر من هذه الأمثلة: أن كل ما قيل فيه: إنه تفسير قرآن بقرآن، إذا لم يتحقق فيه معنى البيان عن شيء في الآية بآية أخرى، فإنه ليس تعبيراً مطابقاً لهذا المصطلح، بل هو من التوسع الذي يكون في تطبيقات المصطلح.
تفسير القرآن بالقرآن عند المفسرين:
ظهر مما سبق أن مصطلح (تفسير القرآن بالقرآن) قد استُعمل بتوسع في تطبيقاته، ويبرز هذا من استقراء تفاسير المفسرين، خاصة من نصّ على هذا المصطلح أو إشار إليه في تفسيره؛ كابن كثير (ت: 774هـ)، والأمير الصنعاني (ت: 1182هـ)، والشنقيطي (ت: 1393هـ).
ويبدو أن كل استفادة من آيات القرآن؛ كالاستشهاد أو الاستدلال بها يكون داخلاً ضمن تفسير القرآن بالقرآن.
ومن أمثلة ذلك ما ذكره الصنعاني في تفسير قوله تعالى: ((لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)) [الشعراء: 3] حيث قال:» أي قاتلها لعدم إيمان قومك.
» تكرر هذا المعنى في القرآن في مواضع: ((وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ)) [الحجر: 88] وفي الكهف: ((فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفاً)) [الكهف: 6]. وفي فاطر: ((فَلاتَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ)) [فاطر: 8]. ونحوه: ((إن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَن يُضِلّ)) [النحل: 37]. ونحو ذلك مما هو دليل على شفقته على الأمة، ومحبته لإسلامهم، وشدة حرصه على هدايتهم مع تصريح الله له بأنه ليس عليه إلا البلاغ «(8).
ويمكن القول: إنه ليس هناك ضابط يضبط المصطلح المتوسع بحيث يمكن أن يقال: هذا يدخل في تفسير القرآن بالقرآن، وهذا لا يدخل فيه؛ ولذا يمكن اعتبار كتب (متشابه القرآن) (9)، وكتب (الوجوه والنظائر) من كتب تفسير القرآن بالقرآن بسبب التوسع في المصطلح.
فكتب (متشابه القرآن) توازن بين آيتين متشابهتين أو أكثر، وقد يقع الخلاف بينهما في حرف أو كلمة، فيبين المفسر سبب ذلك الاختلاف.
وكتب (الوجوه والنظائر) تبيّن معنى اللفظ في عدة آيات، وتذكر وجه الفرق فيها في كل موضع.
* المفسرون المعتنون بهذا المصدر:
إن مراجعة روايات التفسير المروية عن السلف تدل على أن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (ت: 182هـ) كان من أكثر السلف اعتناءً بتفسير القرآن بالقرآن.
ومن أمثلة ذلك ما رواه عنه الطبري (ت: 310هـ) بسنده في تفسير قوله تعالى: ((وَالْبَحْرِ المَسْجُورِ)) [الطور: 6] قال:» الموقَد، وقرأ قول الله تعالى: ((وَإذَا البِحَارُ سُجِّرَتْ)) [التكوير: 6] قال: أُوقِدَتْ «(10).
أما كتب التفسير، فإن من أبرز من اعتنى به ثلاثة من المفسرين هم:
(1) الحافظ ابن كثير (ت: 774هـ) في كتابه (تفسير القرآن العظيم).
(2) الأمير الصنعاني (ت: 1182هـ) في كتابه: (مفاتح الرضوان في تفسير الذكر بالآثار والقرآن).
(3) الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (ت1393هـ) في كتابه: (أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن) (11).
* بيان بعض الأمثلة التي تدخل في المصطلَحَين:
سبق البيان عن مصطلح (تفسير القرآن بالقرآن)، وأنه ينقسم إلى نوعين:
الأول: ما يعتمد على البيان، والمراد أن وقوع البيان عن آية بآية أخرى يُعَدّ تعبيراً دقيقاً عن هذا المصطلح.
الثاني: ما لم يكن فيه بيان عن آية بآية أخرى، وهو بهذا مصطلح مفتوح، يشمل أمثلة كثيرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد مضى أن هذا التوسع هو الموجود في كتب التفسير، وأنها قد سارت عليه، وفي هذه الفِقْرة سأطرح محاولة اجتهادية لفرز بعض أمثلة هذا المصطلح.
أولاً: الأمثلة التي يَصْدُقُ إدخالها في المصطلح المطابق:
يمكن أن يدخل في هذا المصطلح ما يلي:
1 - الآية المخصصة لآية عامة:
ورد لفظ الظلم عاماً في قوله تعالى: ((الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ)) [الأنعام: 82]. وقد خصّه الرسول صلى الله عليه وسلم بالشرك، واستدل له بقوله تعالى: ((إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)) [لقمان: 13].
ـ وفي قوله تعالى: ((وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا)) [الإسراء: 24].عموم يشمل كل أبٍ: مسلم وكافر، وهو مخصوص بقوله تعالى: ((مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى)) [التوبة: 113].فخرج بهذا الاستغفار للأبوين الكافرين، وظهر أن المراد بها الأبوان المؤمنان (12).
2 - الآية المبيّنة لآية مجملة:
ـ أجمل الله القدر الذي ينبغي إنْفَاقُهُ في قوله تعالى: ((وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)) [البقرة: 3]، وبين في مواضع أخر: أن القدر الذي ينبغي إنفاقه هو الزائد عن الحاجة وسدّ حاجة الخَلّة التي لابد منها، وذلك كقوله: ((وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العَفْوَ)) [البقرة: 219] والمراد بالعفو: الزائد على قدر الحاجة التي لابدّ منها، على أصحّ التفسيرات، وهو مذهب الجمهور ... (13).
ـ وفي قوله تعالى: ((أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ)) [المائدة: 1]، إجمال في المتلو، وقد بيّنه قوله تعالى: ((حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ)) [المائدة: 3].
3 - الآية المقيدة لآية مطلقة:
ـ أطلق الله استغفار الملائكة لمن في الأرض، كما في قوله تعالى: ((وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُون لِمَن فِي الأَرْضِ)) [الشورى: 5]، وقد قيّد هذا الإطلاق بالمؤمنين في قوله تعالى: ((الَّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا)) [غافر: 7].
ـ وفي قوله تعالى: ((إنَّ الَذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ)) [آل عمران: 90]، إطلاق في عدم قبول التوبة، وهو مقيّد في قول بعض العلماء بأنه إذا أخّروا التوبة إلى حضور الموت، ودليل التقييد قوله تعالى: ((وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ)) [النساء: 14].
4 - تفسير لفظة غريبة في آية بلفظة أشهر منها في آية أخرى:
ورد لفظ» سِجّيل «في قوله تعالى: ((وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ)) [هود: 82]، والممطر عليهم هم قوم لوط (عليه الصلاة والسلام)، وقد وردت القصة في الذاريات وبان أن المراد بالسجيل: الطين، في قوله تعالى: ((قَالُوا إنَّا أُرْسِلْنَا إلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ*لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ)) [الذاريات: 32، 33] (15).
5 - تفسير معنى آية بآية أخرى:
التسوية في قوله تعالى: ((يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ)) [النساء: 42]، يراد بها: أن يكونوا كالتراب، والمعنى: يودّون لو جُعِلوا والأرض سواءً، ويوضح هذا المعنى قوله تعالى: ((وَيَقُولُ الكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً)) [النبأ: 40] (16).
ثانياً: أمثلة للمصطلح المتوسع:
يمكن أن يدخل في هذا النوع كل آية قرنت بأخرى على سبيل التفسير، وإن لم يكن في الآية ما يشكل فتُبَيّنُهُ الآية الأخرى، ومن أمثلته ما يلي:
1 - الجمع بين ما يُتوهم أنه مختلف:
(يُتْبَعُ)
(/)
سبق مثال في ذلك، وهو: مراحل خلق آدم (17)، ومن أمثلته عصا موسى (عليه الصلاة والسلام)؛ حيث وصفها مرة بأنها ((حَيَّةٌ تَسْعَى)) [طه: 20]، ومرة بأنها ((تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانّ)) [النمل: 10]، ومرة بأنها ((ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ)) [الأعراف: 107]، فاختلف الوصف والحدث واحد، وقد جمع المفسرون بين هذه الآيات: أن الله (سبحانه) جعل عصا موسى كالحية في سعيها، وكالثعبان في عِظَمها، وكالجان (وهو: صغار الحيّات) في خِفّتِها (18).
2 - تتميم أحداث القصة:
إذا تكرر عرض قصة ما في القرآن فإنها لا تتكرر بنفس أحداثها، بل قد يزاد فيها أو ينقص في الموضع الآخر، ويَعْمَدُ بعض المفسرين إلى ذكر أحداث القصة متكاملة كما عرضها القرآن في المواضع المختلفة، ومثال ذلك:
قوله (تعالى): ((إذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ)) [طه: 40]، حيث ورد في سورة القصص ثلاثة أمور غير واردة في هذه الآية، وهي:
1 - أنها مرسلة من قبل أمها.
2 - أنها أبصرته من بُعدٍ وهم لا يشعرون.
3 - أن الله حرّم عليه المراضع.
وذلك في قوله (تعالى): ((وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (11) وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ المَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ)) [القصص: 11، 12] (19).
3 - جمع الآيات المتشابهة في موضوعها:
قال الشنقيطي في قوله (تعالى): ((قَدْ نَعْلَمُ إنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَذِي يَقُولُونَ)) [الأنعام: 33].
قال:» صرح (تعالى) في هذه الآية الكريمة بأنه يعلم أن رسوله يَحْزُنُه ما يقوله الكفار في تكذيبه، وقد نهاه عن هذا الحزن المفرط في مواضع أخرى كقوله: ((فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَات)) [فاطر: 8]، وقوله: ((فَلا تَأْسَ عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ)) [المائدة: 68]، وقوله: ((فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفاً)) [الكهف: 6]، وقوله: ((لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)) [الشعراء: 3].
والباخع: المهلك نفسه ... إلخ (21).
4 - جمع موارد اللفظة القرآنية:
قد يورد المفَسّر» وصفاً «وُصف به شيء، ثم يذكر الأشياء الأخرى التي وصفت به، أو يعمد إلى لفظة فيذكر أماكن ورودها، ومن أمثلة الأول:
* قال: الأمير الصنعاني» والبقعة مباركة (لما) (21) وصفها الله لما أفاض (تعالى) (فيه) (22) من بركة الوحي وكلام الكليم فيها.
كما وصف أرض الشام بالبركة، حيث قال: ((وَنَجَّيْنَاهُ)) أي: إبراهيم ((وَلُوطاً إلَى الأَرْضِ الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ)) [الأنبياء: 71]
ووصف بيته العتيق بالبركة في قوله: ((إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ)) [ال عمران: 96].
ووصف شجرة الزيت بالبركة في قوله: ((شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ)) [النور: 35] (23).
* ومن أمثلة الثاني قوله:» وسمّى الله كتابه هدى في آيات: ((ذَلِكَ الكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ)) [البقرة: 2]، ((إنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)) [الإسراء: 9]، ((قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ)) [فصلت: 44]، وفي لقمان: ((هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ)) [لقمان: 3]، وفي النحل: ((تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)) [النحل: 89]، فهو هدى وبشرى للمسلمين والمحسنين، وفي يونس: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ)) [يونس: 57] (24).
طريقة الوصول إلى تفسير القرآن بالقرآن:
التفسير إما أن يكون طريقه النقل، وإما أن يكون طريقه الاستدلال، والأول: يطلق عليه (التفسير المأثور)، والثاني: يطلق عليه (التفسير بالرأي).
ومن هنا فإن تصنيف (تفسير القرآن بالقرآن)، في أحدهما يكون بالنظر إلى القائل به أولاً، لا إلى طريقة وصوله إلى ما بعد القائل؛ لأن ذلك طريقهُ الأثر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتفسير القرآن بالقرآن ينسب إلى الذي فسّر به، فالمفَسّر هو الذي عَمَدَ ـ اجتهاداً منه ـ إلى الربط بين آية وآية، وجعل إحداهما تفسر الآخرى.
وبهذا فإن طريق الوصول إليه هو الرأي والاستنباط، وعليه فإنه لا يلزم قبول كل قول يرى أن هذه الآية تفسر هذه الآية؛ لأن هذا الاجتهاد قد يكون غير صواب.
كما أنه إذا ورد تفسير القرآن بالقرآن عن مفسر مشهور معتمد عليه فإنه يدلّ على علو ذلك الاجتهاد؛ لأنه من ذلك المفسر.
فورود التفسير به عن عمر بن الخطاب أقوى من وروده عن من بعده من التابعين وغيرهم، وهكذا.
حُجّيّةُ تَفْسير القرآن بالقرآن:
كلما كان تفسير القرآن بالقرآن صحيحاً، فإنه يكون أبلغ التفاسير، ولذا: فإن ورُود تفسير القرآن بالقرآن عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أبلغ من وروده عن غيره؛ لأن ما صح مما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مَحَلّهُ القبول.
بيد أن قبوله لم يكن لأنه تفسير قرآن بقرآن، بل لأن المفسّر به هو النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ومن أمثلة تفسيره القرآن بالقرآن ما رواه ابن مسعود: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:» مفاتح الغيب (26) خمسٌ، ((إنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) [لقمان: 34] (26).
أما ورود تفسير القرآن بالقرآن عن غير الرسول فإنه قد قيل باجتهاد المفسر، والاجتهاد معرض للخطأ.
وبهذا لا يمكن القول بحجيّة تفسير القرآن بالقرآن مطلقاً، بحيث يجب قبوله ممن هو دون النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل هو مقيد بأن يكون ضمن الأنواع التي يجب الأخذ بها في التفسير (27).
هذا .. وقد سبق البيان أن تفسير القرآن بالقرآن يكون أبلغ التفاسير إذا كان المفسّرُ به من كبار المفسرين من الصحابة ومن بعدهم من التابعين.
وأخيراً:
فإن كون تفسير القرآن بالقرآن من التفسير بالرأي، لا يعني صعوبة الوصول إليه في كل حالٍ، بل قد يوجد من الآيات ما تفسّر غيرها ـ ولا يكاد يختلف في تفسيرها اثنان، مثل تفسير» الطارق «في قوله (تعالى): ((وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ)) [الطارق: 1] بأنه يُفسر بقوله (تعالى): ((النَّجْمُ الثَّاقِبُ)) [الطارق: 3]، ومثل هذا كثيرٌ في القرآن، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1) مقدمة في أصول التفسير، (ت: د. عدنان زرزور)، ص93 وما بعدها.
(2) انظر: البرهان في علوم القرآن، جـ2، ص156 - 164.
(3) شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمته في (أصول التفسير)، (ت: عدنان زرزور)، ص93.
(4) ابن القيم في (التبيان في أقسام القرآن)، (ت: طه شاهين)، ص116.
(5) رواه الإمام البخاري، انظر: فتح الباري (ط: الريان)، جـ6، ص448، ح3360.
(6) أضواء البيان، جـ1، ص87.
(7) التفسير والمفسرون، جـ1، ص42.
(8) مفاتح الرضوان في تفسير الذكر بالآثار والقرآن، للأمير الصنعاني، تحقيق عبد الله بن سوفان الزهراني (رسالة ماجستير، على الآلة الكاتبة) ص71،72، وانظر: الأمثلة التي سبق نقلها عن الشنقيطي ومحمد حسين الذهبي.
(9) تنقسم الكتابة في متشابه القرآن إلى قسمين:
الأول: ما يتعلق بالمواضع التي يقع فيها الخطأ في الحفظ لتشابهها، وهذه الكتب تخص القراء.
الثاني: ما يتعلق بالخلاف في التفسير بين الآيات المتشابهة، وهذا المقصود هنا، ككتاب (البرهان في متشابه القرآن) للكرماني وغيره.
(10) تفسير الطبري، جـ27، ص19، وانظر له في الجزء نفسه ص22، 37، 38، 61، 69، 74، 76، 92، 113، 120، وفي الجزء نفسه عن علي ص18، وابن عباس، ص55، 72، وعكرمة، ص72.
(11) يمكن أن يستنبط من هذا الموضوع دراسات علمية مقترحة، وهي كالتالي:
1 - جمع مرويات السلف في (تفسير القرآن بالقرآن) ودراستها؛ لإبراز طرق استفادة السلف من القرآن ومنهجهم في ذلك.
2 - دراسة منهج تفسير القرآن بالقرآن عند ابن كثير والصنعاني والشنقيطي، وطرق إفادتهم من القرآن في التفسير، مع بيان الفرق بينهم في هذا الموضوع.
(12) انظر: تفسير الطبري، جـ15، ص6768، والتحرير والتنوير، جـ15، ص72.
(13) انظر: أضواء البيان، جـ1، ص107،108.
أضواء البيان جـ1 ص 343.
(14) انظر: أضواء البيان، جـ1، ص343.
(15) انظر: أضواء البيان، جـ1، ص86.
(16) انظر: تفسير الطبري، جـ5، ص93، والحجة للقراءات السبعة لأبي علي الفارسي، جـ1، ص246.
(17) انظر: ص4 من المجلة نفسها.
(18) انظر: أنموذج جليل في أسئلة وأجوبة من غرائب آي التنزيل، للرازي ص327، وكشف المعاني في المتشابه من المثاني، ص282،283، وتيجان البيان في مشكلات القرآن، للخطيب العمري، ص173.
(19) انظر: أضواء البيان، جـ4، ص408.
(20) أضواء البيان، جـ2، ص189، وانظر: مفاتح الرضوان للأمير الصنعاني، ص71،72.
(21) كذا في الأصل وانظر: حاشية 2، ص194 من التحقيق، حيث قال المحقق: والصواب (كما).
(22) الصواب (فيها) انظر: حاشية 7، ص194، من التحقيق.
(23) مفاتح الرضوان في تفسير الذكر بالآثار والقرآن، ص194.
(24) المصدر السابق، ص188،189.
(25) وردت في قوله (تعالى): ((وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إلاَّ هُوَ)) [الأنعام: 59].
(26) رواه البخاري، انظر: فتح الباري، جـ8، ص141.
(27) سبق أن طرحتها في مجلة البيان، ع76، ص15.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[30 Sep 2003, 05:19 م]ـ
اشكر للشيخين الفاضلين ابي عبد الله وابي عبد الملك اضافتهيما المتميزتين , وبمثل هذه الاضافات والزيادات على موضوع ما تتكامل فكرته , وتتبين مواطن قوته وضعفه.
ارجو ان يكون ذلك ديدننا في هذا الملتقى المبارك.
بارك الله في الجهود.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Apr 2007, 10:04 م]ـ
ومما يطلب ممن يفسر القرآن بالقرآن أن يرجع إلى السنة؛ ففيها أمثلة لهذا النوع المهم من أنواع التفسير.
ومن الأمثلة التي قل من نبّه إليها في هذا الباب ما ذكره الشيخ ابن عثيمين في تفسيره للشكر في قول الله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ? (البقرة:172)، حيث قال:
(قوله تعالى: {واشكروا لله}؛ «الشكر» في اللغة: الثناء؛ وفي الشرع: القيام بطاعة المنعم؛ وإنما فسرناها بذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً}، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله}»؛ فالشكر الذي أُمر به المؤمنون بإزاء العمل الصالح الذي أُمر به المرسلون؛ والقرآن يفسر بعضه بعضاً.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Aug 2007, 02:58 م]ـ
الوجه الثامن عشر: أن يختار المفسر قولاً في الآية سواء كان نحوياً أو بلاغياً أو فقيهاً إستناداً على آية أخرى.
هذا الوجه له أهمية كبيرة في الترجيح بين الأقوال الواردة في التفسير، وقد ذكر ابن هشام في كتابه القيّم مغني اللبيب باباً في ذكر الجهات التي يدخل الاعتراض على المعرب من جهتها
ومن هذه الجهات:
الجهة السابعة: أن يحمل كلاماً على شيء، ويشهد استعمال آخر في نظير ذلك الموضع بخلافه، وله أمثلة:
أحدها: قول الزمخشري في (مخْرِج الميِّتِ منَ الحيّ) إنه عطف على (فالق الحبِّ والنّوى) ولم يجعله معطوفاً على (يخرج الحي من الميت) لأن عطف الاسم على الاسم أولى، ولكن مجيء قوله تعالى (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي) بالفعل فيهما يدلّ على خلاف ذلك.
الثاني: قول مكي وغيره في قوله تعالى (ماذا أراد اللهُ بهذا مثَلاً يُضِلُّ به كثيراً): إن جملة يضل صفة لمثلاً أو مستأنفة، والصواب الثاني، لقوله تعالى في سورة المدثر (ماذا أرادَ اللهُ بهذا مَثلاً؟ كذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يشاءُ).
الثالث: قول بعضهم في (ذلكَ الكتابُ لا ريبَ): إن الوقف هنا على ريب ويبتدئ فيه هدًى ويدل على خلاف ذلك قوله تعالى في سورة السجدة (ألم تنزيل الكتابِ لا ريْبَ فيه منْ ربِّ العالمين).
الرابع: قول بعضهم في (ولمنْ صبرَ وغفرَ إن ذلكَ لمنْ عزمِ الأمور): إن الرابط الإشارة، وإن الصابر والغافر جُعلا من عزْم الأمور مبالغةً، والصوابُ أن الإشارة للصبر والغفران، بدليل (وإن تصبِروا وتتّقوا فإنّ ذلك منْ عزْمِ الأمور) ولم يقل إنكم.
الخامس: قولهم في (أينَ شُركائيَ الذين كُنتم تزْعمون): إن التقدير تزعمونهم شركاء، والأولى أنْ يقدر تزعمون أنهم شركاء، بدليل (وما نرى معَكمْ شُفعاءَكم الذين زعمْتم أنّهُمْ فيكم شُركاء) ولأن الغالب على زعم ألاّ يقع على المفعولين صريحاً، بل على أنّ وصلتها، ولم يقع في التنزيل إلا كذلك.
ومثله في هذا الحكم تعلّم كقوله:
تعلّمْ رسولَ اللهِ أنّكَ مدرِكي
ومن القليل فيهما قوله:
زعمتْني شيْخاً ولسْتُ بشيخٍ
وقوله:
تعلّمْ شفاءَ النفْسِ قهْر عدُوِّها
وعكسهما في ذلك هَبْ بمعنى ظُنَّ، فالغالب تعدّيه الى صريح المفعولين كقوله:
فقلتُ: أجرْني أبا خالدٍ ... وإلا فهَبْني امْرأً هالِكا
ووقوعه على أنّ وصلتها نادر، حتى زعم الحريري أن قول الخواص هَبْ أنّ زيداً قائم لحنٌ، وذهل عن قول القائل هبْ أنّ أبانا كانَ حِماراً ونحوه.
السادس: قولهم في (سواءٌ عليهمْ أأنذرْتهمْ أم لم تُنذِرْهم لا يؤمنون) إن لا يؤمنون مستأنف، أو خبر لإنّ، وما بينهما اعتراض، والأولى الأول، بدليل (وسَواءٌ عليهمْ أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون).
السابع: قولهم في نحو (وما ربُّكَ بظلامٍ)، (وما الله بغافلٍ): إن المجرور في موضع نصب أو رفع على الحجازية والتميمية، والصواب الأول، لأن الخبر ما بعد ما لم يجئ في التنزيل مجرداً من الباء إلا وهو منصوب نحو (ما هنّ أمهاتِهمْ) (ما هذا بشراً).
الثامن: قولُ بعضهم في (ولئن سألتَهمْ من خَلقهُمْ ليقولُنّ: الله): إن اسم الله سبحانه وتعالى مبتدأ أو فاعل، أي الله خلقهم أو خلقهم الله. والصوابُ الحمل على الثاني، بدليل (ولئنْ سألتُهمْ منْ خلقَ السمواتِ والأرضَ ليقولُنَّ خلقَهُنَّ العزيزُ العليم).
التاسع: قول أبي ابقاء في (أفمنْ أسّسَ بُنيانَهُ على تقوى): إن الظرف حال أي على قصد تقوى، أو مفعول أسس، وهذا الوجه هو المعتمد عليه عندي، لتعينه في (لمسجدٌ أسِّسَ على التقوى).
تنبيه
وقد يحتمل الموضع أكثر من وجه، ويوجد ما يرجح كلاً منها، فينظر في أولاها كقوله تعالى (فاجْعلْ بيْننا وبيْنكَ موعِداً) فإنّ الموعد محتمل للمصدر، ويشهد له (لا نخلِفهُ نحْنُ ولا أنتَ) وللزمان ويشهد له (قال موعدُكمْ يومُ الزّينةِ) وللمكان ويشهد له (مكاناً سُوًى) وإذا أعرب مكاناً بدلاً منه لا ظرفاً لنخلفه تعين ذلك.)
ثم ذكر جهة ثامنة، وفيها أمثلة مهمة له صلة مباشرة بتفسير القرآن بالقرآن من جهة الوجه الثامن عشر من الوجوه التي ذكره أخي الشيخ أحمد البريدي.
وما أورده ابن هشام في مغني اللبيب يستحق الدراسة والبحث.
(يُتْبَعُ)
(/)