" وليعلم أن تحسين المتأخرين، وتصحيحهم، لا يوازي تحسين المتقدمين فإنهم كانوا أعرف بحال الرواة لقرب عهدهم بهم، فكانوا يحكمون ما يحكمون به، بعد تثبت تام، ومعرفة جزئية، أما المتأخرون فليس عندهم من أمرهم غير الأثر بعد العين، فلا يحكمون إلا بعد مطالعة أحوالهم في الأوراق، وأنت تعلم أنه كم من فرق بين المجرب والحكيم، و ما يغني السواد الذي في البياض عند المتأخرين، عما عند المتقدمين من العلم على أحوالهم كالعيان، فإنهم أدركوا الرواة بأنفسهم، فاستغنوا عن التساؤل، والأخذ عن أفواه الناس، فهؤلاء أعرف الناس، فبهم العبرة، وحينئذ إن وجدت النووي مثلا يتكلم في حديث، والترمذي يحسنه، فعليك بما ذهب إليه الترمذي، ولم يحسن الحافظ في عدم قبول تحسين الترمذي، فإن مبناه على القواعد لا غير، وحكم الترمذي يبني على الذوق والوجدان الصحيح، وإن هذا هو العلم، وإنما الضوابط عصا الأعمى " 51.
هكذا تضافرت النصوص على استخدام مصطلحي " المتقدمون والمتأخرون " مؤكدة بأهمية التفريق بين المناهج المختلفة في قسمي علوم الحديث: النظري والتطبيقي، ونحن إذ نطرح ذلك من جديد فإننا نقصد بذلك بلورة هذه الفكرة، لضرورة العودة إلى منهج المتقدمين في معرفة صحة الحديث وضعفه، وتحديد معاني المصطلحات التي استخدموها في مجال النقد، أو الجرح و التعديل، مستعينا في ذلك بالتعريفات التي ذكرها المتأخرون في كتب المصطلح.
والذي أثار غرابتي وعجبي أن المناوئين لمسألة التفريق بين المتقدمين والمتأخرين كانوا يفرقون بينهم، ويستخدمون هذين المصطلحين بين حين وآخر عند تناولهم مسائل علوم الحديث، لقد سمعت من بعض الشيوخ يصف هذا المنهج بأنه محدث وبدعة في الدين، وفي الوقت ذاته يفرق بينهم عشرات المرات في تحرير معنى الحسن وغيره من مسائل علوم الحديث.
وفي ضوء ما تقدم من النصوص نستطيع أن نلخص ما يلي:
1 - ورد في بعض النصوص ما ينص على أن الحد الفاصل بين المتقدمين والمتأخرين هو الخمسمائة سنة الهجرية.
2 - وكان موقف العلماء موحداً حول وجود تباين جوهري بين المتقدمين والمتأخرين في التصحيح والتضعيف.
3 - الأسماء الواردة في قائمة المتقدمين هم: شعبة والقطان وابن مهدي ونجوهم، وأصحابهم مثل أحمد وابن المديني وابن معين وابن راهويه وطائفة، ثم أصحابهم مثل البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وهكذا إلى زمن الدارقطني والخليلي والبيهقي.
4 - فاتضح بذلك أن البيهقي هو خاتمة المتقدمين.
5 - وأن هذه الأسماء إنما ذكرت على سبيل المثال لا على سبيل الحصر.
6 - ويبرهن بذكر هذه الأسماء على أن قصدهم بالمتقدمين هم نقاد الحديث.
7 - وأدرج الذهبي الإسماعيلي (371هـ) في زمرة المتقدمين، رغم قول الذهبي بأن الحد الفاصل بينهم هو القرن الثالث الهجري.
8 - وأن الأسماء الواردة في قائمة المتأخرين هي: ابن المرابط، وعياض، وابن تيمية، وابن كثير، وعبد الغني صاحب الكمال، والذهبي، والحافظ ابن حجر، وابن الصلاح، وابن الحاجب، والنووي، وابن عبد الهادي، وابن القطان الفاسي، وضياء الدين المقدسي، وزكي الدين المنذري، وشرف الدين الدمياطي، وتقي الدين السبكي، وابن دقيق العيد، والمزي.
9 - و تضم هذه القائمة ـ كما ترى ـ أهل الحديث وأهل الفقه والأصول. وأطلق عليهم جميعاً مصطلح " المتأخرين ".
10 - صرح السيوطي بضعف نظر المتأخرين بالنسبة إلى المتقدمين، هذا بالطبع فيما يخص الحديث وعلومه فقط، ولم يكن (رحمه الله) شاذا في ذلك، بل يؤيده ما سبق ذكره من نصوص الأئمة، ولهذا قال الحافظ ابن حجر بوجوب تسليم الأمر للمتقدمين في مجال التصحيح و التضعيف وتنظير القواعد المتعلقة بهما.
وفي نهاية هذا التلخيص نعود ونقول مرة أخرى إن أئمتنا قد استخدموا مصطلحي المتقدمين والمتأخرين، لوجود تباين منهجي بينهم في التصحيح والتضعيف، وتنظير ما يتعلق بهما من المسائل والقواعد، ولتفاوتهم في التكوين العلمي في مجال الحديث وحفظه و نقده.
وبعد هذا يكون من المفيد أن ننظر في العوامل التاريخية التي أدت إلى وقوع ذلك التباين، وهذا ما أذكره في الفقرات التالية.
العوامل التاريخية التي أدت إلى وقوع ذلك التباين المنهجي بين المتقدمين والمتأخرين:
(يُتْبَعُ)
(/)
إذا نظرنا في المراحل الزمنية التي مرت عليها السنة النبوية وقمنا بتحليل ما يميزها بعضها عن بعض من أساليب التعلم والتعليم، وطبيعة الحركات العلمية العامة، نجد أنها تنقسم إلى مرحلتين متميزتين يكاد كل واحد منهما يستأثر بخصائص منهجية وسمات علمية، على الرغم من أن اللاحقة منهما ما هي إلا امتداد للسابقة.
*****************
الحواشي:
1 - الحافظ الذهبي، تذكرة الحفاظ ص: 726 - 826
2 - المصدر السابق، ص: 849
3 - ميزان الاعتدال 1/ 4
4 - الموقظ: ص 46 (تحقيق عبد الفتاح أبو غدة ط: 2، سنة 1412هـ، دار البشائر الإسلامية، بيروت)
5 - النكت على كتاب ابن الصلاح 2/ 726 (تحقيق الشيخ ربيع المدخلي، ط: 1، الجامعة الإسلامية)، وأما قول الحافظ ابن حجر في معرض تعقيبه على ابن الصلاح في مسألة التصحيح في العصور المتأخرة:" فيلزم على الأولِ (يعني قول ابن الصلاح: فأل الأمر إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة) تصحيح ما ليس بصحيح، لأن كثيراً من الأحاديث التي صححها المتقدمون اطلع غيرهم من الأئمة فيها على علل خطها عن رتبة الصحة، ولا سيما من كان لا يرى التفرقة بين الصحيح والحسن " (النكت 1/ 270) فيعني به تصحيح المتساهلين من المتقدمين، كابن خزيمة وابن حبان والحاكم، دون التعميم على جميع المتقدمين النقاد، ولذا عقبه بقوله " فكم في كتاب ابن خزيمة من حديث محكوم منه بصحته، وهو لا يرتقي عن ربتة الحسن ". ولذا فإن قول الحافظ ابن حجر هذا لا يتعارض مع الذي نقلناه عنه من ضرورة الرجوع إلى تصحيح المتقدمين وتعليلهم، وتسليم الأمر لهم فيهما. والله أعلم.
6 - الحافظ السخاوي، فتح المغيث 1/ 237 (الناشر المكتبة السلفية بالمدينة المنورة، ط2 سنة 1388هـ).
7 - نقله الحافظ ابن حجر العسقلاني في " النكت على كتاب ابن الصلاح " 2/ 604، والصنعاني في توضيح الأفكار 1/ 312.
8 - الحافظ ابن حجر، شرح نخبة الفكر ص:13، وانظر أيضاً كتابه " النكت على مقدمة ابن الصلاح " 2/ 692.
9 - علوم الحديث المشهور بـ" مقدمة ابن الصلاح " ص: 11 - 13 (تحقيق نور الدين عتر، ط: 3، سنة 1418هـ)
10 - الاقتراح في بيان الاصطلاح ص: 186 (تحقيق عامر حسن الصبر ي، ط: 1، سنة 1417، دار البشائر الإسلامية، بيروت)
11 - ـ توضيح الأفكار 1/ 23
12 - ـ نقله الحافظ في كتاب النكت على ابن الصلاح 2/ 128ـ 131 (مناهج المحدثين ص: 25)
13 - النكت على كتاب ابن الصلاح 2/ 726
14 - النكت 2/ 711. انظر اختصار علوم الحديث ص:64
15 - اختصار علوم الحديث مع الباعث الحثيث: 79
16 - فتح المغيث 1/ 237. وتوضيح الأفكار 1/ 344، والنكت 2/ 604ـ605
17 - طبقات الشافعية الكبرى 5/ 76ـ 77 للإمام السبكي (تحقيق محمود محمد الطناحي، ط: 1، سنة 1967م)
18 - طبقات الشافعية الكبرى، ص:81 - 82
19 - الموضوعات 1/ 3
20 - التحقيق في اختلاف الحديث 1/ 3
21 - شرح النووي لصحيح مسلم 1/ 126
22 - نقله الحافظ في كتاب النكت على ابن الصلاح 2/ 128 - 131 (مناهج المحدثين ص:25)
23 - هذا الموضوع مشروح بتفاصيل دقيقة في كتاب جديد للمؤلف عنوانه " كيف ندرس علوم الحديث ".
24 - نقله الحافظ في النكت على كتاب ابن الصلاح ـ النوع الثامن عشر: معرفة العلل ـ 2/ 712
25 - ـ المصدر السابق ـ في النوع السادس عشر: معرفة زيادات الثقات 2/ 688
26 - ـ نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد ص: 209 - 210 (تحقيق بدر بن عبدالله، ط: 1،سنة 1416هـ، دار ابن الجوزي)
27 - فتح المغيث 1/ 327، وتوضيح الأفكار 1/ 344، و النكت 2/ 604 - 605
28 - فتح الباري شرح صحيح البخاري 1/ 145
29 - المصدر السابق 5/ 400
30 - المصدر السابق 2/ 563
31 - المصدر السابق 3/ 155
32 - مقدمة ابن الصالح ص:130
33 - فتح المغيث 2/ 48
34 - المصدر السابق 2/ 58
35 - المصدر السابق 2/ 68
36 - ت المصدر السابق 2/ 73
37 - المصدر السابق 2/ 118
38 - فتح المغيث 3/ 323
39 - فتح المغيث 3/ 324
40 - المصدر السابق وفي 3/ 327
41 - فتح المغيث 1/ 44
42 - المصدر السابق 1/ 51
43 - المصدر السابق 1/ 136
44 - المصدر السابق 1/ 162
45 - تدريب الراوي، ص: 71 (دار الكتب العلمية، سنة 1417هـ، بيروت)
46 - المصدر السابق ص: 73
47 - المصدر السابق، ص: 114
48 - المصدر السابق، ص: 117
(يُتْبَعُ)
(/)
49 - النكت على كتاب ابن الصلاح ـ النوع الحادي عشر: المعضل 2/ 586
50 - المصدر السابق ـ النوع الثامن عشر: العلل ـ 2/ 746
51 - فيض الباري 4/ 414، 415
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[17 - Oct-2007, صباحاً 12:04]ـ
مقال الشيخ ناصر الفهد
قال في كتابه منهج المتقدمين في التدليس:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
فقد كان من نعم الله العظيمة على هذه الأمة أن سخر لها علماء جهابذة، دعوا من ضل إلى الهدى، وصبروا منه على الأذى، وأحيوا بكتاب الله الموتى، وبصروا بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لأبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس وما أٌبح أثر الناس عليهم، نفوا عن كتاب الله وعن سنة رسول الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، فحفظوا السنن، وجابوا البلدان، وميزا الأحاديث، وعرفوا الرجال، وخبروا العلل، وصنفوا المصنفات، حتى أظهروا الحق وأبانوا الطريق وأزلوا العوائق أمام كل من أراد أيعرف السنة، فهي أمامنا اليوم بيضاء نقية بفضل من الله تعالى ثم بجهود أولئك القوم رحمهم الله تعالى وجزاهم عن الإسلام وأهله خير الجزاء، والكلام في وصفهم يطول، وحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق.
قال ابن حبان رحمه الله تعالى في وصفهم (1): (أمعنوا في الحفظ وأكثروا في الكتابة، وأفرطوا في الرحلة، وواظبوا على السنة والمذاكرة والتصنيف والدراسة، حتى أن أحدهم لوسئل عن عدد الأحرف في السنن لكل سنة منها عدها عداً، ولو زيد فيها ألف أو واو لأخرجها طوعاً ولأظهرها ديانة، ولولاهم لدرست الآثار واضمحلت الأخبار، وعلا أهل الضلالة والهوى، وارتفع أهل البدع والعى) اهـ.
وكان لأولئك القوم منهج دقيق، وخبرة عظيمة في تمييز صحيح الأخبار وضعيفها، حتى كان عملهم هذا أشبه ما يكون بالإلهام ـ وليس به ـ قال ابن رجب رحمه الله تعالى (2):
(وإنما يحمل مثل هذه الأحاديث (3) على تقدير صحتها على معرفة أئمة أهل الحديث الجهابذة النقاد الذين كثرت دراستهم لكلام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولكرم غيره، ولحال رواة الحديث، ونقلة الأخبار، ومعرفتهم بصدقهم وكذبهم وضبطهم وحفظهم، فإن هؤلاء لهم نقد خاص في الحديث مختصون بمعرفته كما يختص الصيرفي الحاذق في معرفة النقود جيدها ورديئتها وخالصها ومشوبها والجوهري الحاذق في معرفة الجوهر بانتقاد الجواهر، وكل من هؤلاء لا يمكن أن يعبر عن سبب معرفته ولا يقيم عليه دليلاً لعغيره، وآية ذلك أنه يعرض الحديث الواحد على جماعة ممن يعلم هذا العلم فيتفقون على الجواب فيه من غير مواطأة، وقد امتحن هذا منهم غير مرة في زمن أبي زرعة وأبي حاتم فوجد الأمر على ذلك فقال السائل: (أشهد أن هذا العلم إلهام).
قال الأعمش: (كان إبراهيم النخعي صيرفياً في الحديث كنت أسمع من الرجال فأعرض عليه ما سمعته).
وقال عمرو بن قيس: (ينبغي لصاحب الحديث أن يكون مثل الصيرفي الذي ينقد الدرهم الزائف والبهرج وكذا الحديث).
وقال الأوزاعي: (كنا نسمع الحديث فنعرضه على أصحابنا كما نعرض الدرهم الزائف على الصيارفة فما عرفوا أخذنا وما أنكروا تركنا).
وقيل لعبد الرحمن بن مهدي: إنك تقول للشئ هذا يصح وهذا لم يثبت فعمن تقول ذلك،. فقال: (أرأيت لو أتيت الناقد فأريته دراهمك فقال هذا جيد وهذا بهرج أكنت تسأله عن ذلك أو تسلم الأمر إليه؟
قال: لا بل كنت أسلم الأمر إليه.
فقال: فهذا كذلك لطول المجادلة والمناظرة والخبرة.
وقد روي نحو هذا المعنى عن الإمام أحمد أيضاً، وأنه قيل له: يا أبا عبد الله تقول هذا الحديث منكر فكيف علمت ولم تكتب الحديث كله؟
قال: مثلنا كمثل ناقد العين لم تقع بيده العين كلها فإذا وقع بيده الدينار يعلم بأنه جيد أو أنه ردئ.
وقال ابن مهدي: (معرفة الحديث إلهام).
وقال: (إنكارنا الحديث عند الجهال كهانة).
وقال أبو حاتم الرازي: (مثل معرفة الحديث كمثل فص ثمنه مائة دينار وآخر مثله على لونه ثمنه عشرة دراهم، قال: وكما لا يتهيأ للناقد أن يخبر بسبب نقده فكذلك نحن رزقنا علماً لا يتهيأ لنا أن نخبر كيف علمنا بأن هذا حديث كذب وأن هذا حديث منكر إلا بما نعرفه).
(يُتْبَعُ)
(/)
وبكل حال: فالجهابذة النقاد العارفون بعلل الحديث أفراد قليل من أهل الحديث جداً وأول من اشتهر في الكلام في نقد الحديث ابن سيرين ثم خلفه أيوب السختياني وأخذ ذلك عنه شعبة وأخذ عن شعبة يحيى القطان وابن مهدي وأخذ عنهما أحمد وعلي بن المديني وابن معين وأخذ عنهم مثل البخاري وأبي داود وأبي زرعة وأبي حاتم، وجاء بعد هؤلاء جماعة منهم النسائي والعقيلي وابن عدي والدار قطني، وقل من جاء بعدهم من هو بارع في معرفة ذلك.
حتى قال أبو الفرج الجوزي في أول كتابه (الموضوعات): (قل من يفهم هذا بل عدم والله أعلم) اهـ.
ثم إن أهل العلم بعدهم ـ أعني بهم من تأخر زمنه عن أولئك الأئمة ـ وبعد انتهاء مراحل جمع الحديث وتدوينه بالأسانيد وتمييز صحيحه من ضعيفه اتجهوا إلى دراسة ما تركه أولئك من تراث عظيم.
وكان من ضمن تراثهم طريقتهم في دراسة الحديث والحكم عليه فدرسوا مناهجهم في ذلك وحاولوا استخلاص ضوابط كلية تيسر عليهم التعامل مع الأحاديث أسانيدها ومتونها.
فوضعت هذه الضوابط أول ما وضعت تقريباً لعلم أصول الحديث إلى أذهان الطلاب وتعريفاً لهم بطريقة السلف في التعامل مع الأحاديث تصحيحاً وتعليلاً (4).
ثم ما لبثت هذه القواعد والضوابط أن جعلها بعض المعاصرين سيفاً يبارز به الأئمة الفحول من المتقدمين (5) فيصحح ما ضعفوه أو يضعف ما صححوه بحجة أن كلام المتقدمين على هذا الحديث أو ذاك يخالف ما تقرر في 0 قواعد المصطلح) (6)!!!.
وهل (مصطلح الحديث) و (قواعده) إلا محاولة لتقريب علوم أولئك الجهابذة إلينا؟! فالواجب محاكمة (قواعد المصطلح) إلى عمل أولئك الأئمة لا محاكمة عملهم إلى (قواعد المصطلح).
وإن من أعظم الفوارق بين ما انتهجه المتقدمون في علم الحديث، وما النتهجه المتأخرون هو أن المتقدمين كانت أحكامهم تقوم على السبر والتتبع والاستقراء في التصحيح والتضعيف والتوثيق والتجريح والتعليل والحكم بالوهم والتدليس والنكارة ونحو ذلك، مع الحفظ والفهم وكثرة المدارسة والمذاكرة، وأما المتأخرون فغلب علة منهجهم الاعتماد على الضوابط التي سبق الإشارة إليها، وجعلها كثير من المعاصرين طريقاً سهلاً يختصر عليهم عناء الحفظ ويطوي عنهم بساط الاستقراء والتتبع والممارسة والمقارنة والنظر في القرائن وأحوال الأسانيد والمتون، فيكفي الطالب منهم ليقارع أكبر الأئمة في ذلك الزمن أن يقرأ كتاباً في (مصطلح الحديث)، ويخرّج بعض الأحاديث (7).
***************
الحواشي:
(1) (كتاب المجروحين) 1/ 58 ـ بتصرف يسير ـ.
(2) (جامع العلوم والحكم) ص256، بتصرف يسير.
(3) يعني حديث (إذا حدثتم عني حديثي تعرفونه ولا تنكرونه فصدقوه فإني أقول ما يعرف ولا ينكر وإذا حدثتم عني بحديث تنكرونه ولا تعرفونه فلا تصدقوا به فإني لا أقول ما ينكر ولا يعرف)، وقد ذكر علته وضعفه.
(4) ومما يدل على ذلك أن عمدة كتب المتأخرين في المصطلح هو كتاب (مقدمة ابن الصلاح)، وقد صرح ابن الصلاح بأن باب التصحيح والتضعيف قد أغلق ولا بد فيه من الاعتماد على أقوال المتقدمين فقط (المقدمة) ص16،17.
(5) بالنسبة لعمل فضلاء المتأخرين كالنووي والذهبي وابن حجر والعراقي والسخاوي ونحوهم فإنهم وإن قعدوا تلك القواعد إلا أنهم لم يبارزوا بها أولئك الأئمة، فيصححوا ما ضعفوه أو يضعفوا ما صححوه. فقد قال الحافظ بن حجر ـ وهو من واضعي قواعد المصطلح ـ في (النكت) 2/ 726ـ عند كلامه على تعليل للسلف لبعض الأحاديث ـ (وبهذا التقرير يتبين عظم موقع كلام الأئمة المتقدمين وشدة فحصهم وقوة بحثهم وصحة نظرهم وتقدمهم بما يوجب المصير إلى تقليدهم في ذلك والتسليم لهم فيه) اهـ، وقال في حديث ظاهر إسناده الصحة قال عنه أبو حاتم (باطل) (التلخيص) 2/ 131: (لكن أبو حاتم إمام لم يحكم عليه بالبطلان إلا بعد أن تبين له) اهـ، وقال الذهبي في (الموقظة) ص45 عند كلام له على بعض الرواة (وهذا في زماننا يعسر نقده على المحدث، فإن أولئك الأئمة كالبخاري وأبي حاتم وأبي داود عاينوا الأصول وعرفوا عللها وأما نحن فطالت علينا الأسانيد وفقدت العبارات المتيقنة) اهـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
(6) نحو قول بعض المعاصرين ردا على بعض الأحاديث التي أعلها السلف: (هذا إسناد رجاله ثقات فهو صحيح فلا التفات إلى قول من ضعفه)، (وذاك إٍناد وإن تفرد به فلان لكنه ثقة وتفرد الثقة مقبول)، (وتلك الزيادة زادها فلان وزيادة الثقة مقبولة) = ونحوه قولهم بفي بعض الأحاديث التي صححه السلف: (وهذا الإسناد وإن كان رجاله ثقات إلا أن فيه فلانا وهو مدلس وقد عنعن)، (وهذا الإسناد ضعيف لأن فيه فلاناً وهو سئ الحفظ)، (وهذا إسناد حسن لا صحيح لأن فيه فلاناً وهو (صدوق) كما في (التقريب)، وأعجب من هذا كله قول أحد أولئك على حديث أعله إمام العلل أبو الحسن علي بن المديني (وهو أعلم من الإمام أحمد بعلم العلل كما ذكره الإمام أحمد نفسه في رواية حنبل عنه ـ وهو الذي يقول فيه البخاري ـ أمير المؤمنين في الحديث ـ (ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني) فجاء هذا إلى الحديث الذي أعله ذلك الإمام قائلاً (ما هكذا تعلل الأحاديث يا ابن المديني)!!!! ول سألت هذا (المزاحم لأولئك الجهابذة) أن يروي لك حديثاً واحداً بالإسناد حفظاً ما استطاع، وربما لو قرأه نظراً لصحف في مواضع، ولو علم هؤلاء قدرهم لعلموا أن من أعظم النعم عليهم في هذا الباب أن لو فهموا تعليلات السلف للأحاديث على وجهها واستطاعةا شرحها ولكن (ساء فهم فساء جابه).
(7) لا أعني في هذا الكلام أن باب التصحيح والتضعيف أغلق، ولكن الفوائد من معرفة علوم الحديث على منهج المتقدمين متعددة أهمها ثلاثة أمور:
4 - الوقوف على مآخذهم في الحكم على الأحاديث، فإن هذا يحدث من الاطمئنان أكثر مما يحدثه التقليد المحض.
5 - الترجيح بين أقوالهم عند اختلافهم في التصحيح والتضعيف استناداً إلى طرقهم في ذلك.
6 - الحكم على الأحاديث التي لم يبلغنا حكمهم فيها.
أما مزاحمتهم في أحكامهم على الأحاديث فلا والله
***************
مقال الشيخ عبد العزيز الطريفي
نقلاً من الأخ (صلاح):
وهذا كلام جميل جدا في بيان منهج المتقدمين والطريقة المثلى في فهمه أنقله من مقدمة شرح الشيخ عبدالعزيز الطريفي لنخبة الفكر لابن حجر الشريط الاول الوجه الاول -مع شيء من الترتيب وحذف المكرر-:
إن المتأمل والناظر لكلام الائمة الحفاظ كشعبة وسفيان وأحمد وابن معين وابن المديني والبخاري ومسلم والدارقطني وابي حاتم وابي زرعة وغيرهم ويقارنها بما عليه أحكام كثير من أهل العلم من المتاخرين وجل أهل العصر بل وما جرى عليه أهل الاصطلاح في بعض التفاصيل يجد الضرورة ملحة ولازمة تماما في وجوب تدوين تلك الطريقة الفذة في النقد والتعليل وتقييدها من جديد، والتنبيه على وجوه الفرق والاختلاف التي نتج بسببها إختلاف واضح جلي في الحكم على كثير من الأحاديث، والحكم على الرواة وترجيح الروايات بعضها على بعض.
وقد أغتر الكثير بإطلاقات كتب الاصطلاح، وما جاء فيها من قواعد وضوابط وظنوها قواعد قطعية ومظطردة في كل مسأله ومن أعظم ما أراه أوقع في ذلك الخلل هو:
عدم النظر بين كلام الائمة الحفاظ وبين منهجهم وطريقتهم في الحكم على الاخبار، ويظهر جليا لكل مطالع أنه ما أوقع المتأخرين بالشذوذ والقول بأقوال لم يقلها أحد ممن تقدم إلا أنهم نظروا لأطلاقاتهم في الاحكام المطلقة على المرسل والمنقطع ورواية المدلس وزيادة الثقة والترجيح عند الاختلاف والاحكام المطلقة على الرواة، وغيرها، نظروا اليها فحسب وتركوا واهملوا طريقتهم التي تبين مرادهم في أقوالهم وتفسر الاشكال الطاريء على فهم المتاخر، وهذه هي عين المشكلة بذاتها، فمن صرح من الائمة برد المرسل لا يعني انه يضعف كل مرسل ومن صرح برد رواية المنقطع لا يعني انه يضعف كل خبر منقطع الاسناد، ومن أوجب النظر والحذر من تدليس الراوي لا يعني انه يضعف حديثا له، وانما اطلاقات الائمة الحفاظ المتقدمين رحمهم الله هي أغلبية وربما يعنون بالاطلاق في النادر القلة والاحوال النادرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذه لا يعرفها ويحسن التعامل معها الا من تعامل مع عبارات الحفاظ بالنظر لمناهجهم في التعليل والترجيح والرد والقبول، وبدون هذا يقع الخلط والتخبط بل وقع عند المتأخرين حتى تجرأ كثير من المعاصرين على الائمة الحفاظ بتخطأتهم وتوهيمهم وهذا غاية الجهل والبعد عن المنهج الحق والاكتفاء بالتمسك بالقواعد وترك النظر في منهاج الحفاظ وتعاملهم مع الروايات والرواة، حتى تجد منهم من يزعم أنه وجد طريقا لخبر أنكرة أحمد والبخاري ونحوهم، كما تسامح الكثير في باب الشواهد فصححوا حديث طلب العلم فريضة على كل مسلم وحديث التسمية عند الوضوء وحديث لا ضرر ولا ضرار وحديث فضل صاحب الوجه الحسن، وغيرها وصنفت فيها مصنفات لأثبات ذلك وأكثر الأئمة من رأيته تساهل في هذا الجانب من المتأخرين الحافظ السيوطي عليه رحمته الله، ومن تأمل كتبه رأى ذلك واضحا.!.
ومثل هذا يقع في باب الزيادات وقبولها وباب التدلس ورد رواية المدلس وذلك بالاستدلال باطلاقات عبارات من الحفاظ، لا يريدون بها ما يفهمه الكثير، وتوسعوا كثير من المتأخرين في هذه الأبواب حتى صنف الامام الحافظ ابن حجر كتابه طبقات المدلسين وهو من هو رحمه الله إلا أن الحق احق ان يتبع، ومع هذا فإنه رحمه الله في كثير من المواضع لا يعمل بأحكامه في كتابه هذا عند التطبيق هو ايضا، لكن المعاصرين توسعوا في ذلك أكثر وجعلوا ذلك أحكاما قطعيه، حتى ترى من يقف على تصحيح احمد وغيره لحيث فيقول: لا بل فيه فلان وهو مدلس، فقد قال فيه فلان كذا وكذا! وهذا غاية الجرأة على الائمة وتحكيم قواعد مطلقه على تعامل الحفاظ مع الاحاديث والرواة، ولهذا اقول ان قواعد الائمة الحفاظ بحاجه الى أخذها من تطبيقاتهم مع أقوالهم المجملة في الاحكام العامة على الرواة والاخبار فبهذا يسلم المنهج ويتضح الطريق.
ومن المهم هنا قوله أن كثر من أهل الكلام من أهل الاصول قد قعدوا قواعد أخذها أهل الاصطلاح منهم هي ليست من كلام الحفاظ في شيء كإطلاق قبول زيادة الثقة او ردها او اطلاق الجرح مقدم على التعديل والجرح لا يقبل الا مفسرا وغيرها مما اخذ حتى أشتهر ولزم الاذهان وهو بعيد كل البعد عن الصواب باطلاقه هذا.
وقد جرأت هذه الاطلاقات وهذه القواعد المأخوذه من كتب الاصطلاح والاصول كثير من المتأخرين وخاصة أهل العصر على أئمة الحديث، بالتخطأة تارة وبالتوهيم وبالترجيح عليهم! والله المستعان على هذا كله.
,وأسلم طريقة لمعرفة منهج الأئمة الحفاظ هي بأمرين:
1 - بالنظر الى كلامهم على الأحاديث في كتب العلل وغيرها، ومحاولة تقعيد كلامهم وضبطة، والنظر في كتب العلل يحتاج الى معرفة طريقة ذلك الامام في تعليله وحكمه على الرواة، فيجع مثلا كلام الدارقطني على الحديث في علله مع كلامه عليه ان وجد في سننه مع كلامه على رواة ذلك الخبر جرحا وتعديلا وبه تعرف طريقته.
2 - بالنظر الى تقعيدات الأئمة المحققين من المتأخرين وما دونوه في كلامهم عن مناهج الائمة الحفاظ أمثال تقعيدات الحافظ ابن رجب وابن القيم ولذهبي والمعلمي وغيرهم.
والنظر في كتب الاصطلاح مع عدم التعويل على ما ذكرناه يوقع في المحذور الذي وقع فيه أكثر المتأخرين
وقال في أجوبته على أسئلة أعضاء ملتقى أهل الحديث
السؤال السابع والعشرون: هل صحيح أن هناك خلاف بين المتقدمين والمعاصرين؟ وكيف نفهم منهج العلماء المتقدمين؟
الجواب: وقع عند المتأخرين شيء من التوسع في بعض الأبواب كالتدليس وكزيادة الثقة والتصحيح بالشواهد والوصل والانقطاع وغيرها مما يجب على الناظر في هذا العلم أن يتعلمه، وقد تكلمنا عن هذا في مواضع بتوسع، وبسط، والكلام على هذا يطول ذكره، ولنا فيه مصنف يسر الله نشره. وفهم منهج الحفاظ المتقدمين يكون بالنظر في ما يلي:
1) إدامة النظر في كتب العلل، والحديث مع حسن الفهم، كالاطلاع على علل الدارقطني مع طريقته في سننه وكلامه على الرواة في سؤلاته، فبهذا تعرف طريقة الدارقطني ومنهجه، ومثله النظر في علل الإمام أحمد مع كلامه على الرواة في مسائله وغيرها فبالجمع بينها يفهم منهجه ومثله ابن أبي حاتم ومسلم والنسائي وغيرهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
2) الفهم لقواعد المصطلح التي قررها العلماء فهماً جيداً، وأن ما يذكرونه من قواعد في المصطلح ليست مضطردة وعلى إطلاقها، بل هي أغلبية تقريبية، وليست محققة تحقيقاً دقيقاً، فمثلا التدليس والمنقطع والمرسل والمجهول يجعل في قسم الضعيف في المصطلح، فهذا ليس على اطلاقه بل المراد به التقريب، فليس كل منقطع ضعيف ولا كل من اتهم بالتدليس يرد خبره ولا كل مجهول يرد خبره، وهكذا ويفهم ذلك بإدامة النظر في كتب الحفاظ كالعلل والصحاح والسنن والمسانيد وغيرها.
3) العلم أن صيغ الجرح والتعديل تختلف بإختلاف اصطلاح الائمة وباختلاف طرقهم، فلا تنضبط بضابط معين فلفظ (ضعيف) تختلف في الجرح عند إمام عن الاخر، وكثيراً ما تطلق عبارات الجرح والتعديل في كتب المصطلح ويراد بها غير معانيها الدقيقة، ويعرف ذلك بطول الممارسة والنظر، أو بتصريح الائمة أنفسهم عن مناهجهم ومرادهم، أو بتصريح عالم عرف بالسبر وادامة النظر، وطول الممارسة.
4) وصف الائمة بالتساهل والتشدد والتوسط ليس على إطلاقه، فقد يكون الامام متساهلاً في موطن متشدداً في آخر، فابن حبان وصف بالتساهل لكن هذا ليس على إطلاقه، ويعرف ذلك بالممارسة لكلامهم مع حسن الفهم
****************
مقال الشيخ الدكتور: تركي الغميز
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإن علم السنة علم جليل الخطر، عظيم الأثر، وقد نهض بخدمته علماء أجلاء، ورجال فضلاء من أفذاذ هذه الأمة المحمدية المرحومة، كانت لهم بمعرفته يد طولى، حيث ذبو الكذب عن حديث المصطفى r ونفوا الخطاء والغلط، وبينوا الصحيح من السقيم، وعانوا في سبيل ذلك ما عانوا من نصب وعناء، وأجرهم على الله تعالى، ولقد كان لهم في معرفة ذلك وتمييزه قواعد عظيمة، ومسالك دقيقة، مبنية على سعة الحفظ وقوة الاطلاع، والمعرفة الدقيقة بأحوال الرواة والمرويات.
ولقد كان أئمة الحديث في عصور الازدهار من أمثال شعبة بن الحجاج، ويحي القطان، وابن مهدي، وأحمد بن حنبل، وابن معين، وابن المديني، والبخاري،ومسلم،وأبي داود،و الترمذي، والنسائي، وأبي زرعة،وأبي حاتم وغيرهم – على نهج واحد وطريق متحد في عمومه مبني على النظر الدقيق، والتفتيش العميق في أحوال الرواة والمقارنة بين المرويات لتمييز الخطأ من الصواب.
وكان هذا المنهج واضحاً لهم تمام الوضوح كما هو واضح لمن اطلع على كلامهم وتأمل في أحكامهم، وكتبهم بين أيدينا، وهي شاهدة وناطقة بذلك، وهذا لا يعني رفع الاختلاف بينهم، بل الاختلاف واقع، ولكن مع اتحاد الأصول العامة التي يسيرون عليها، وإنما ينتج الاختلاف في التطبيقات الجزئية لاختلاف النظر وتفاوت العلم بينهم في ذلك. فقد يطلع أحدهم على ما لم يطلع عليه الآخر، وقد ينقدح في ذهن أحدهم مالم ينقدح في ذهن الآخر، وقد يشدد أحدهم ويتسمح الآخر، إلا أن ذلك لا يخرج عن الأصل العام الذي يسيرون عليه.
ثم ضعف علم السنة بعد ذلك، وتكلم فيه من لم يتقنه، وكثر ذلك، حتى ظهرت قواعد جديدة، وآراء غريبة في تمييز الصحيح من السقيم، وقد قام بتطبيق هذه القواعد جملة من الفقهاء والأصوليين وغيرهم، ثم تبناها بعض متأخري المحدثين، وجعلوها قواعد في علم السنة امتلأت بها كتب المصطلح. ولازال كثير ممن عنى بخدمة السنة يطبق هذه القواعد المتأخرة في التمييز بين الصحيح و السقيم إلى هذا العصر، ومن هنا انقسم الكلام في هذا العلم إلى قسمين وانتسبت إلى مدرستين، وصار على منهجين:
الأول: منهج المتقدمين من أئمة الحديث، كمن سبق ذكرهم ومن أهم ما يتميز به هذا المنهج ما يلي:
1 ــ القاعدة عندهم في النظر عند الاختلاف بين الرواة -كاختلاف في وصل وإرسال أو رفع ووقف أو زيادة ونقص ونحو ذلك - مبنية على التأمل الدقيق في أحوال الرواة المختلفين والتأمل التام في المتن المروي، فلا يحكمون للواصل مطلقاً سواء كان ثقة أو غير ثقة، ولا يحكمون للمرسل – أيضاً – مطلقاً، وكذا الزائد والناقص الخ .. وإنما يتأملون في ذلك فإن دلت القرائن على صواب المُرسِل حكموا به، وإن دلت على صواب الواصل حكموا به، وهكذا بقية الاختلاف، وهذا أمر ليس بالهين، بل يستدعي بحثاً دقيقاً، ونظراً متكاملاً، وتأملاً قوياً، في الموازنة بين ذلك، وإنما ساعدهم على هذا سعة حفظهم وقوة فهمهم وقربهم
(يُتْبَعُ)
(/)
من عصر الرواية.
ولأجل هذا الأمر فإنهم لا يحكمون على إسنادٍ بمفرده إلا بعد أن يتبين أن هذا الإسناد سالم من العلل، كما قال ابن المديني "الحديث إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه".
2 ــ ومن أهم ما تميز به عمل الأئمة المتقدمين التفتيش في حديث الراوي، وتمييز القوي منه وغير القوي، وذلك أن الراوي قد يكون ثقة، إلا أن في حديثه شيئاً في بعض الأحوال، أو الأوقات، أو عن بعض الشيوخ، أو نحو ذلك، فهم يهتمون بتمييز ذلك والتنبيه عليه، وبناءً عليه فقد يكون الحديث خطاءً وإن كان راويه ثقة، ولأجل هذا فإنهم قد جعلوا أصحاب الرواة المشاهير على طبقات متفاوتة بعضهم أتقن من بعض وهكذا.
3 ــ ومن القضايا المهمة في هذا أن الأئمة المتقدمين كانت لهم عناية خاصة بنقد المتون، والتنبيه على ما وقع فيها من خطأ ووهم، وهذا كثير في كلامهم.
فهذه جملة من القضايا والميزات المهمة التي تميز بها عمل الأئمة المتقدمين في نقد السنة وتمييز صحيحها من سقيمها، وليس القصد من ذلك الحصر، فإن هناك قضايا أخرى متعلقة بإثبات السماع وعدمه والاتصال والانقطاع، وأخرى في التدليس وغير ذلك.
المنهج الثاني: منهج المتأخرين أو منهج الفقهاء والأصوليين ومن تبعهم من متأخري المحدثين وقد تميز هذا المنهج بميزات أيضاً، ومن أهمها ما يلي:
1 ــ أهم ما يتميز به هذا المنهج أنهم قعدوا قواعد نظرية ثم طردوها، مع أنهم قد يختلفون في بعض هذه القواعد، فمن قواعدهم أن زيادة الثقة مقبولة مطلقاً، دون تحرٍ في ذلك هل أصاب الثقة في هذه الزيادة أو أخطأ، فإذا اختلف في وصل حديث وإرساله أو وقفه ورفعه، وكان الواصل أو الرافع ثقة فقوله هو الصواب، ومنهم من يقول المرسل هو المصيب لأن هو المتيقن، فهذه قاعدة أخرى مقابلة للقاعدة السابقة، وكل هذا مجانب المنهج أئمة الحديث،ولهذا ذكر ابن رجب أن هذه الأقوال كلها لا تعرف عن أئمة الحديث المتقدمين. ويترتب على قاعدتهم في زيادة الثقة فروع كثيرة ليس المقصود حصرها.
2 ــ وتبعاً للقاعدة السابقة في زيادة الثقة – أيضاً – فقد برز بوضوح في عمل المتأخرين الحكم على الأسانيد مفردة دون النظر في بقية طرق الحديث التي قد تظهر علة قادحة في هذا الإسناد المفرد، وفي هذا المنهج هدم لجزء كبير مما اشتملت عليه كتب العلل، ولهذا قل اهتمامهم بهذه الكتب، حتى لا تكاد تذكر إلا قليلاً مع أهميتها البالغة وجلالة مؤلفيها.
3 ــ ومما يميز منهج المتأخرين أنهم لا يعتنون كثيراً بالتفريق بين أحاديث الراوي، لأنهم لما حكموا بأنه ثقة ألزموا أنفسهم بقبول كل ما روى، ولهذا ظهر في العصور المتأخرة الحرص على إبداء كلمة مختصرة في الحكم على الراوي لتكون عامة في جميع رواياته.
4 ــ ومن الأمور الظاهرة في منهج المتأخرين المبالغة الظاهرة في تقوية النصوص المعلولة بعضها ببعض، وقد أسرف بعض المعاصرين في هذا جداً، وحتى قُوِّيَّ الخطأ بالخطأ فصار صواباً،ولا شك أن تقوية النصوص بعضها ببعض أمر وارد عند أئمة الحديث المتقدمين ولكن ذلك على نطاق معين،وله شروط وضوابط، ولم يراعها كثير من المتأخرين.
وبناءاً على الاختلاف في المنهج بين المتقدمين والمتأخرين من خلال النقاط السابقة وغيرها مما لم أذكره، ظهر اختلاف شديد وتباين واضح في الحكم على الأحاديث، فوجدنا مئات الأحاديث التي نص الأئمة المتقدمون على ضعفها أو أنها خطأ ووهم،قد صححها بعض المتأخرون، وصار الأمر كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية من أن بعض المتأخرين عمدوا إلى أحاديث هي خطأ عند بعض الأئمة المتقدمين فصححها هؤلاء المتأخرون ثم عارضوا بها النصوص الثابتة فاحتاجوا إلى الجمع بينها فجاءوا بأوجهٍ مستنكرة في الجمع بين هذه النصوص. وما ذكره أمر واقع لا شك فيه، بل اضطر بعض المتأخرين إلى تبني أقوال مهجورة وآراء شاذة في بعض المسائل تبعاً لتصحيحه لبعض النصوص الساقطة والأوهام والأخطاء.
والنتائج المترتبة على الاختلاف بين المنهجين عظيمة جداً، وتمثل خطراً جسيماً على علم السنة إذ يُنسَب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يثبت عنه،بل ما يعلم أنه أخطئ عليه فيه، وهذه نتيجة طبيعية للفروق الكبيرة بين المنهجين.
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[17 - Oct-2007, صباحاً 12:07]ـ
يتبع غدا رفع الباقي والله المستعان
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[18 - Oct-2007, مساء 08:56]ـ
مقال الشيخ بشار عواد معروف
الجامع الكبير
للإمام الحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي
المتوفي سنة 279هـ
المجلد الأول
الطهارة – الصلاة
حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه
الدكتور / بشار عواد معروف
دار الغرب الإسلامي
قال الدكتور بشار معروف عواد:
وأرى من الواجب علي، وقد أنهيت تحقيق هذا الكتاب العظيم، أن أشرك إخوتي من طلبة العلم ببعض الفوائد والقواعد التي تحصلت عندي، لنتدبرها ونزيدها دراسة عسى أن نصل فيها إلى رأي ينهض بهذا العمل الشريف ويوضح مناهجه ويجلي أنظار علمائه الأعلام الجهابذة الأوائل.
أولاً: سلفية المنهج العلمي:
مثلما نحن نؤمن بأننا سلفيون في عقيدتنا لا نرضى بغير الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة وأسوة، وبغير أصحابه الكرام نموذجاً للهدي النبوي، فإننا نرى أن ننتهج هذه السلفية الحبيبة في أسلوب تفكيرنا ومنهجنا العلمي الذي نسير عليه، فتتبع المنهج العلمي الأقوم الذي انتهجه الجهابذة من العلماء الفهماء الأوائل ممن نذروا أنفسهم لهذا العلم، فأبدعوا فيه، وشرعوا لمن جاء بعدهم طريقاً واضحة معالمه في أصول البحث العلمي والتحقيق والنقد والتدقيق، يظهر في طريقة سردهم للحديث، وتعليلهم لطرقه ومتونه، لا سيما في الكتب التي صنفوها في العلل، كابن المديني، وأحمد، وابن أبي حاتم، والدار قطني، ونحوهم.
وقد جرت عادة بعض العلماء المتأخرين عند تصحيح حديث ما أو تضعيفه تطبيق القواعد المدونة في كتب المصطلح من غير اعتبار كبير لأقوال الجهابذة المتقدمين في الحكم على الأحاديث، غير مدركين أن كتب المصطلح إنما وضعت نتيجة لاستقراء أنظار الجهابذة المتقدمين في هذا العلم، فلا يجوز أن تكون حاكمة على أقوالهم، بل أقوالهم حاكمة على هذه القواعد في كثير من المواطن، فلا يجوز عندئذ التسوية بين أحكام العلماء الجهابذة الأوائل كابن المديني، وابن معين، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وابي زرعة، وأبي حاتم، والترمذي، وأبي داود، والنسائي وبين أقوال المتأخرين الأقل شأناً منهم كابن حبان والحاكم والبيهقي والمنذري والنووي والعراقي والهثيمي وابن حجر والسخاوي والسيوطي ونحوهم.
وآية ذلك أن مناهج المتقدمين الجهابذة في غير مناهج المتأخرين، فأولئك علماء قد سروا الطرق، وجمعوا أحاديث الرجال، وحكموا عليها بعد موازنات دقيقة، وعرضوها ما حفظوه من مئات ألوف الأسانيد وآلاف المتون حتى توصلوا إلى النتائج التي توصلوا إليها، فأصدروا الأحكام نتيجة لذلك، ولم يبينوا لنا دائماً أصول تلك الدراسات والأبحاث التي أوصلتهم إلى تلك النتائج إلا في حالات نادرة، أما المتأخرون كالحاكم ومن جاء بعده وإلى يوم الناس هذا فهم عيال على نتائج دراسات المتقدمين وسبرهم لأحوال الرجال ومروياتهم؛ ألا ترى أننا إذا اتفق الجهابذة الأول على توثيق رجل قبلنا حديثه عموماً، وإذا اتفقوا على تضعيفه طرحنا حديثه عموماً، نأخذ بأحكامهم من غير مساءلة لهم عن الدواعي التي دعتهم إلى ذاك التوثيق أو هذا التضعيف؟!
وكذلك كان فعل المتأخرين وهلم جرا إلى عصرنا، فإن عمدتهم على أحكام المتقدمين، يضعفون الحديث إذا وجدوا في إسناده رجلاً ضعفه المتقدمون.
فإذا كان الأمر كما بينا والحال كما وصفنا فالأولى أن تعتبر أقوال المتقدمين في تعليل الأحاديث أقصى حدود الاعتبار، والتحرز من مخالفتهم لا سيما عند اجتماع كبرائهم على أمر، وإنما يُصار إلى ذلك عند اختلافهم وتباينهم فتنظر الأدلة والأسباب، ويوازن بينها، ويرجع الباحث عندئذ بين رأي وآخر بمراجحات وأدلة من جنس أدلتهم ومرجحاتهم، مثلنا في ذلك مثل الموازنة في الجرح والتعديل حينما يُطالب الجارح المنفرد بالتفسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولو لم يكن إلا تتبع آراء المتقدمين وبيان اختلافهم وإيرادها في موضع التعليق لكان وحده غاية، فإن أقوال المتقدمين ثمينة لا ينبغي التفريط بها وإهمالها بحجة الاكتفاء باتباع القواعد، فمن أمثلة ذلك أن المصنف الترمذي حسن حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرفع إلا في أول مرة، فكان لابد من الإشارة إلى قول ابن المبارك بعدم ثبوت حديث ابن مسعود هذا، وقول أبي حاتم " "هذا خطأ، يقال: وهم الثوري"، وقول أبي داود: "ليس هو بصحيح على هذا اللفظ" ().
ثانياً: ثانياً: إعلال جهابذة المتقدمين لحديث ما، لا ينفعه تصحيح المتآخرين:
واستناداً إلى ما تقدم، ومع إيماننا بأن تصحيح الأحاديث وتضعيفها من الأمور الاجتهادية التي تتباين فيها القدرات العلمية والذهنية والمؤثرات المحيطة والاختلاف في تقويم الرواة، فإن اجتماع أكثر من واحد من الجهابذة على إعلال حديث ما ينبغي التنبه إليه وعدم تجاوزه بحيثيات بنيت قواعدها بعدهم.
ولا بد لي هنا من بعض أمثلة دالة مبينة لهذا الأمر، فقد روى الترمذي () حديث عيسى بن يونس، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سرين، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقضي"، ثم قال بعده: "وفي الباب عن أبي الدرداء، وثوبان، وفضالة بن عبيد. حديث أبي هريرة حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من حديث عيسى بن يونس. وقال محمد: لا أراه محفوظاً. وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح إسناده".
فهذا الحديث صححه الحاكم، ومن المحدثين: العلامة الألبان والعلامة شعيب الأرنؤوط، وكذلك فعلت في تعليقي على سنن ابن ماجه قبل نستين (1676). والحديث معلول، وإن كان ظاهره الصحة إذا رجاله ثقات رجال الصحيحين، فقد قال الإمام أحمد: "ليس من ذا شيء" يعني: أنه غير محفوظ، وإنما يروي هذا عن عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة رفعه، وخالفه يحيى بن صالح، قال: حدثنا معاوية، قال: حدثنا يحيى، عن عمر بن حكم بن ثوبان سمع أبا هريرة، وقال: إذا قال أحدكم فلا يفطر فإنما يخرج ولا يولج" () فكان يرى الصحيح فيه الوقف. وقال النسائي: "أوقفه عطاء على أبي هريرة ".
وقال منها عن أحمد: "حدث بن عيسى وليس هو في كتابه، غلط فيه، وليس هو من حديثه". وقال الدرامي: "قال عيسى – يعني ابن يونس – زعم أهل البصرة أن هشام أوهم فيه، فموضع الخلاف هاهنا".
قلت: فالوهم من هشام إذن، فإن عيسى بن يونس لم ينفرد به كما ذكر الترمذي، فقد تابعه حفص بن غياث عند ابن ماجة، وقال أبو داود: "رواه أيضاً حفص بن غياث عن هشام مثله".
وقد أخرجه النسائي من طريق عبد الله بن المبارك، عن الأوزاعي، عن عطاء، عن أبي هريرة موقوفاً، وإسناده صحيح. وأخرجه البخاري في تاريخه الكبير موقوفاً كما تقدم أيضاً، وإسناده حسن.
فحديث يعله الأئمة: أحمد، والبخاري، والدرامي، والنسائي، وغيرهم من الجهابذة لا ينفعه تصحيح الحاكم وغيره ().
ومن أمثلة ذلك قول المصنف عقب الحديث (1365): "وقد روى عن ابن عمر، وابن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "من ملك ذا رحم محرم فهو حر". رواه ضمرة بن ربيعة عن الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يتابع ضمرة على هذا الحديث، وهو حديث خطأ عند أهل الحديث".
وهذا الحديث قد استنكره من العلماء الفهماء الجهابذة المتقدمين إضافة إلى الترمذي: النسائي فقال: "حديث منكر" ()، والإمام المبجل أحمد بن حنبل، فقد قال أبو زرعة الدمشقي: "قلت لأحمد: فإن ضمرة يحدث عن الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: من ملك ذا رحم محرم فهو حر، فأنكره ورده رداً شديداً" ()، وقال البيهقي: "المحفوظ بهذا الإسناد حديث: نهى عن بيع الولاء وعن هبته ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد ورد المتأخرون هذا التضعيف لوثاقة ضمرة عندهم، وأن تفرد الثقة لا يضر، وأن زيادة مقبولة مطلقاً، فقال ابن حزم: "هذا خبر صحيح كل رواته ثقات تقوم به الحجة، وقد تعلل فيه الطوائف المذكورة بأن ضمرة أنفرد به وأخطأ فيه، فقلنا: فكان ماذا إذا انفرد به .. وأما دعوى أنه أخطأ فيه فباطل لأنها دعوى بلا برهان" ().وقال ابن التركماني: "ليس انفراد ضمرة به دليلاً على أنه غير محفوظ ولا يوجد ذلك علة فيه، لأنه من الثقات المأمونين، ولم يكن بالشام رجل يشبهه، كذا قال ابن حنبل، وقال ابن سعد: كان ثقة مأموناً لم يكن بالشام رجل يشبه، كذا قال ابن حنبل، وقال ابن سعد: كان ثقة مأموناً لم يكن هناك أفضل منه، وقال أبو سعيد بن يونس: كان فقيه أهل فلسطين في زمانه. والحديث إذا انفرد به مثل هذا كان صحيحاً ولا يضره تفرده، فلا أدري من أين وهم في هذا الحديث روايه كما زعم البيهقي" (). وأيده العلامة الألباني وأثنى على قوله هذا ()، وفي قول ابن التركماني مآخذ عدة نذكر منها:
الأول: أنه جعل ضمرة ثقة مأموناً، وليس هو كذلك، فجماع ترجمته تدل على أنه كان ثقة بينهم، بل قال الحافظ ابن حجر في "التقريب": "صدوق يهم قليلاً"، وأيضاً فإن الشيخين لم يخرجا له شيئاً في صحيحيهما.
الثاني: أنه أورد التوثيق وأهمل الجرح، وفي ضمرة جرح ليس بالقليل، كما في ترجمته من "تهذيب الكمال".
الثالث: أنه نقل قول أحمد في توثيقه ولم ينقل قوله في استنكاره الشديد ورده لحديثه هذا!.
الرابع: أنه زعم أن من غلط ضمرة في هذا الحديث لم يذكر السبب مع أن البيهقي ذكر وبين أنه متن آخر.
الخامس: أن الثقة يهم ويغلط، وهو أمر لم يسلم منه الجهابذة الذين هم أعلى وأغلى من ضمرة مرات، فكان ماذا؟
السادس: أنه لم يتدبر جيداً قول الترمذي: "وهو حديث خطأ عند أهل الحديث"، فهذا يشير إلى اتفاق الجهابذة من أهل الحديث في عصر الترمذي وقبله على رده.
وحديث ينكره النسائي وأحمد والترمذي وأضرابهم ويعدوه غلطاً لا ينفع فيه تصحيح أحد من المتأخرين كابن التركماني وغيره.
ومن ذلك أيضاً أن المصنف حينما ساق حديث معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وله عشر نسوة في الجاهلية .. الحديث، نقل عن البخاري قوله: "هذا حديث غير محفوظ"، ثم ذكر أن الصحيح هو المرسل (). وكذلك رجح المرسل أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان ()، ومسلم بن الحجاج في "التمييز" كما نقل الحافظ في تلخيص الحبير، ثم نقل عن الأثرم عن أحمد، قال: "هذا الحديث ليس بصحيح"، وقال ابن عبد البر: "طرقه كلها معلولة"، وتابعهم الحافظ ابن حجر في التلخيص.
وقد حاول بعض الحفاظ المتأخرين – منهم ابن القطان الفاسي وابن كثير – القول بتصحيح الحديث وأنه قد روي من وجه آخر مرفوعاً مثل رواية معمر من طريق سيف بن عبيد الله، عن سرار بن مجشر، عن أيوب، عن نافع وسالم، عن ابن عمر. وهو إسناد حسن في ظاهره أخرجه الطبراني ()، وأبو نعيم ()، والدار قطني ()، والبيهقي ().
على أن الذي يمعن النظر في طرق هذا الحديث يجد أن أصحاب الزهري قد اختلفوا في هذا الحديث عليه اختلافاً كبيراً فاضطربوا فيه مما يوجب طرحه.
ومثل هذا الحديث الذي يتفق على تضعيفه البخاري ومسلم وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان، وغيرهم، ويرجحون المرسل، ولا يخفى عليهم إسناد له متصل صحيح لا يعرفونه إن كان موجوداً!
ثالثاً: نظرة في زيادة الثقة:
مما تقدم يتبين لنا أن المتأخرين قد صححوا كثيراً من الأحاديث التي أعلها المتقدمون بالإرسال أو الوقوف بحجة أن زيادة الثقة مقبولة مطلقاً، قال النووي: "إذا روى بعض الثقات الضابطين ا لحديث مرسلاً وبعضهم متصلاً أو بعضهم موقوفاً أو بعضهم مرفوعاً أو صلة وهو أو رفعه في وقت أ وأرساله ووقفه في وقت فالصحيح أن الحكم لمن وصله أو رفعه سواء كان المخالف له مثله أو أكثر لأن ذلك زيادة ثقة وهي مقبولة" ()، وقال في موضع آخر: "الصحيح بل الصواب الذي عليه الفقهاء والأصوليون ومحققو المحدثين أنه إذا روي الحديث مرفوعاً وموقوفاً، أو موصولاً ومرسلاً، حكم بالرفع والوصل لأنه زيادة ثقة، وسواء كان الرفع والواصل أكثر أو أقل في الحفظ والعدد" ().
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا الكلام الذي ساقه النووي بهذه الصفة الجازمة لم يقل به جماهير السلف من المحدثين الأوائل من أهل المعرفة التامة بعلل الحديث، ومع ذلك صار هو مذهب جمهور المتأخرين من الفقهاء والمحدثين بقبول زيادة الثقة مطلقاً ()، منهم: ابن التركماني، والعراقي، وابن حجر , والسخاوي، والسيوطي، ومن العصريين: العلماء الأعلام؛ الشيخ أحمد شاكر، والشيخ ناصر الدين الألباني وكثير من تلامذتهم. والأخذ بمثل هذه القاعدة على هذا الاضطراد فيه تقليل من شأن كتب العلل الأولى، ذلك أن أكثر العلل في كتابي ابن أبي حاتم والدار قطني تدور على هذا النوع.
ومع أن المصنف ذكر في علله الصغير أنه: "إذا زاد حافظ ممن يعتمد على حفظه قبل ذلك منه" ()، إلا أن صنيع المؤلف في الأحاديث التي أعلها هو أو شيخه البخاري يبين أن الاختلاف في الوصل والإرسال والوقف والرفع والزيادة وعدمها ونحوها إنما مداره على قوة القرائن، ومنها اعتبار: الأوثق، والأحفظ، والأكثر، ونحو ذلك، وهو مذهب المتقدمين الصحيح.
وقد ساق الترمذي حديث محمد بن فضيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة في المواقيت، ونقل عن شيخه البخاري قوله: "وحديث محمد بن فضيل خطأ، أخطأ فيه محمد بن فضيل، وذكر أن الصحيح فيه حديث الأعمش، عن مجاهد، قوله" ()، ثم ساقه من قوله مجاهد ().
وهذه العلة ردها العلامة أحمد شاكر، وغلط من قال بها، وقال: إن الرواية المرسلة أو الموقوفة تؤيد الرواية المتصلة المرفوعة، ولا تكون تعليلاً لها أصلاً". وأيده في ذلك العلامة الكبير الشيخ ناصر الدين الألباني في السلسلة الصحيحة ().
وهذا الذي ذهب إليه العلامتان فيه نظر، فالموقف هنا علة للمرفوع إذا ثبت برواية الثقات الراجحة، والرفع شذوذ، وهو مبدأ العلماء الجهابذة الأوائل، قال أبو حاتم: "هذا خطأ، وهم فيه ابن فضيل، يرويه أصحاب الأعمش، عن الأعمش، عن مجاهد، قوله" (). وقال العباس بن محمد الدوري: "سمعت يحيى بن معين يضعف حديث يريد: إن للصلاة أولاً وآخراً، وقال: إنما يروى عن الأعمش، عن مجاهد" ()، وقال الدار قطني: "هذا لا يصح مسنداً، وهم في إسناده ابن فضيل". ومحمد بن فضيل ثقة، كما بيناه في "تحرير أحكام التقريب"، لكن هؤلاء أربعة من الجهابذة: البخاري، وأبو حاتم، وابن معين، والدار قطني إضافة إلى الترمذي قد أعلوا الحديث، فماذا بعدهم؟
وقد أعل المصنف حديث عبد الرزاق – وهو ثقة معروف – عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ، قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، بمن رواه عن سفيان مرسلاً، فقال: "روى بعضهم هذا الحديث عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن فأمره أن يأخذ، وهذا أصح () ".
وأعل المصنف حديث الفضل بن موسى السيناني – وهو ثقة – عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلحظ في الصلاة يمينا وشمالاً، ولا يلوي عنقه خلف ظهره، بحديث وكيع المرسل، فقال: "هذا حديث غريب"، وقد خالف وكيع الفضل بن موسى في روايته ". ثم ساق حديث وكيع، عن عبد الله، عن بعض أصحاب عكرمة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه (). وكذلك قال أبو داود.
وقد صحح الحاكم وبعض العلماء الفضلاء المعاصرين الرواية المتصلة واستعجبوا من صنيع الترمذي وأبي داود المرسل، مع أن القواعد الحديثية التي أصلها الجهابذة الأوائل ترجح المرسل، فعند الموازنة بين وكيع والفضل بن موسى لا يشك أحد من أهل العلم بأن وكيعاً أتقن وأحفظ، فضلاً عما عرف في بعض حديث الفضل بن موسى من المناكير كما قرره علامة الدنيا على ابن المديني ()، إضافة إلى أقوال العلماء الفهماء من الجهابذة المتقدمين: الترمذي وأبي داود الذي قال بعد أن ساق المرسل: " وهذا أصح – يعني من حديث عكرمة عن ابن عباس". وقال الدار قطني بعد أن ساقه متصلاً: وأرسله غيره ().وهو إعلال للرواية المتصلة.
ومن ذلك أن الترمذي أعل حديث عامر بن صالح الزبيري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة في تطييب المساجد ()، ثم ساقه مرسلاً من رواية سفيان بن عيينة عن هشام مثل رواية عبدة ووكيع ().
(يُتْبَعُ)
(/)
وما ذهب إليه الترمذي هو الصواب، وهو قول أبي حاتم الرازي ()، فاجتماع عبدة بن سليمان ووكيع بن الجراح وسفيان بن عيينة على روايته عن هشام مرسلاً أقوى من جميع من رواه عن هشام مرفوعاً وهم: عامر بن صالح الزبيري عند المصنف – وهو متروك – ومالك بن سعيد عند ابن ماجه – وهو ممن لا يرتقي حديثه إلى الصحة، وزائدة بن قدامة عند ابن ماجة.
ومع ذلك فقد صحح المسند ابن حبان، والعلماء الفضلاء: أحمد شاكر، والألباني، وشعيب الأرنؤوط باعتبار أن المسند لا يُعل بالمرسل وأن الوصل من الثقة زيادة مقبولة. قلت: إنما هذا حينما يكون الرواة في مستوى واحد من الدقة والضبط والاتقان، وهو ما لم يتحقق هنا، فأين عبدة ووكيع وسفيان وقد اجتمعوا على روايته مرسلاً ممن رواه موصولاً!
ولولا ضيق المقام لسقنا عشرات الأمثلة التي تدل على أن هذا الأمر لا يؤخذ على إطلاقه وأن العلماء المتقدمين راعوا فيه أمرواً أخرى، وفيما ذكرنا كفاية للفطن اللبيب.
رابعاً: التوثيق من تصحيح أحاديث المتأخرين:
من المعروف عند أهل العناية بالتاريخ والحديث أن العالم الإسلامي قد شهد في المئتين الثانية والثالثة نهضة لا مثيل لها في جمع السنة النبوية الشريفة وتتبعها وتدوينها وتبويبها على أنحاء شتى من التنظيم والتبويب، مما لم تعرفه أمة من الأمم فكان ذلك خصيصاً بهذه الأمة الإسلامية. وهيأ الله سبحانه مئات الحفاظ الجهابذة الذين حفظوا مئات ألوف من طرق الأحاديث ورحلوا من أجلها إلى البلدان النائية وطوفوا في البلدان شرقاً وغرباً ليصدروا عن خبرة وعيان، وسألوا عن الرواة واطلعوا على مروياتهم ومدوناتهم ومحفوظاتهم، فجمعت السنة في صدور الحفاظ، ودونت في الأجزاء والمصنفات والمسانيد والمعجمات والجوامع والسنن، وإن كان فات بعضهم الشيء منها فما كان ليخفي على مجموعهم وهم يتذاكرون المتون والأسانيد.
على أننا لا نشك في الوقت نفسه أن الحافظ قد أهملوا كثيراً من الطرق الواهية والتالفة والمعلولة لا سيما عند التصنيف، وإلا فأين مئات الألوف التي كان يحفظها من مثل أحمد بن حنبل، والبخاري، وأبي حاتم وأضرابهم؟!
من هنا يتعين على المشتغلين بالسنة النبوية الشريفة أن ينظروا بعين فاحصة ناقدة إلى كل حديث أو طريق يظهر في المصنفات التي جاءت بعد هذه العصور وليس له من أصل في المؤلفات السابقة، فيدرس دراسة نقدية متأنية متأتية للوقوف على السبب الذي جعله لا يظهر إلا بعد هذه المدة، وفيما إذا كان في مصنف مفقود لم يصل إلينا، أو أن يكون هذا الحديث أو الطريق معروفاً فترك عمداً لشدة ضعفه.
ونظراً لضيق المقام أكتفي بضرب مثل واحد حدث الوصاة بطلبة العلم الذي يرويه أبو هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري، وهو حديث رواه الترمذي ()، وقال: "هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث أبي هارون، عن أبي سعيد". قلت: وإسناده ضعيف جداً لأن أبا هارون هذا متروك.
ثم لا يلبث أن يظهر لهذا الحديث إسناد آخر في منتصف المئة الرابعة من طريق سعيد بن سليمان، عن عباد بن العوام، عن سعيد بن إياس الجريري، عن أبي نضرة العبدي، عن أبي سعيد، عند الرامهرمزي "ت 405هـ"، و"فوائد" تمام الرازي الدمشقي "ت 414هت" ومن معاصرهم، ويقول الحاكم بعد أن يسوقه من هذا الوجه: "هذا حديث صحيح ثابت لاتفاق الشيخين على الاحتجاج بسعيد ابن سليمان وعباد بن العوام بن الجريري، ثم احتجاج مسلم بحديث أبي نضرة فقد عددت له في المسند الصحيح أحد عشر أصلاً للجريري، ولم يخرجا هذا الحديث الذي هو أول حديث في فضل طلاب الحديث ولا يعلم له علة، ولهذا الحديث طرق يجمعها أهل الحديث عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد، وأبو هارون سكتوا عنه" ().
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد اعتد العلامة الكبير الشيخ ناصر الدين الألباني – حفظه الله ومتعنا بعلمه – بقول الحاكم، فساق هذا الحديث في صحيحته ()، وساق قول العلائي: "إسناده لا بأس به، لأن سعيد بن سلمان هذا هو النشيطي فيه لين يُحتمل، حدث عنه أبو زرعة وأبو حاتم الرازي وغيرهما". ورد عليه الشيخ العلامة وأثبت أن سعيد بن سليمان هذا هو الواسطي الثقة. ثم نقل من "المنتخب" لابن قدامة قول مهنا، صاحب الإمام أحمد: "سألت أحمد عن حديث حدثنا سعيد بن سليمان (فساقه بسنده) فقال أحمد: ما خلق الله من ذا شيئاً، هذا حديث أبي هارون عن أبي سعيد"! وقد علق الشيخ العلامة على كلام أحمد بقوله: "وجواب أحمد هذا يحتمل أحمد أمرين: إما أن يكون سعيد عنده هو الواسطي، وعندئذ فتوهيمه في إسناده إياه مما لا وجه له في نظري لثقته كما سبق، وإما أن يكون عني أنه النشيطي الضعيف، وهذا مما لا وجه له بعد ثبوت أنه الواسطي". ثم ساق له متابعاً مجهولاً رواه عن الجريري عن أبي نضرة أخرجه الرامهرمزي ومن طريقه العلائي. ثم ساق الشيخ العلامة طريقين آخرين عن أبي سعيد لا يصحان أيضاً، وشواهد ضعيفة، وإنما كان مدار تصحيحه للحديث على رواية عباد بن العوام، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد.
وقد غفل الشيخ العلامة – حفظه الله تعالى – عن علة هذا الحديث الحقيقية وهي اختلاط الجريري، إذ كان الجريري قد اختلط قبل موته بثلاث سنين. وقد بينا في كتابنا "التحرير" أن الذين سمعوا منه قبل اختلاطه هم: شعبة، والسفيانان، والحمادان، وإسماعيل بن علية، ومعمر بن راشد، وعبد الوارث بن سعيد، ويزيد بن زريع، ووهيب بن خالد، وعبد الوهاب بن المجيد الثقفي، وبشر بن المفضل، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي. أما الباقون فسمعوا منه بعد الاختلاط.
ومن سوء صنيع الحاكم في مستدركه أن يستدرك على الشيخين أحاديث رويت لرجال من رجالهما دون مراعاة منه لصنيعهما وطريقتهما في إخراج الحديث من رواية بعضهم عن بعض. نعم احتج الشيخان بسعيد بن سليمان الواسطي، واحتجا بعباد بن العوام، واحتجا بالجريري، ولكن هل احتجا برواية عباد بن العوام من الجريري؟ لا شك أنهما لا يفعلان ذلك، وكيف يفعلان، وهما من هما في العلم والمعرفة، فهل يفوتهما أن عباد بن العوام إنما سمع من الجريري بعد اختلاطه؟!
ثم لنتأمل عبارة الإمام المبجل أحمد بن حنبل جواباً عن سؤال تلميذه مهنا: "ما خلق الله من ذا شيئاً، هذا حديث أبي هارون عن أبي سعيد " ثم نضع بجانبها قول الترمذي: "هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث أبي هارون عن أبي سعيد "، فهذان الإمام العالمان الجهبذان الحافظان مئات ألوف الأسانيد استنكر أن يوجد هذا الحديث إلا من حديث أبي هارون.
وسؤال مهنا الإمام أحمد عن هذا الإساند يدل على أنه كان معروفاً في ذلك الوقت، لكن أحداً من المصنفين كأصحاب الكتب الستة أو المسانيد والمصنفات كأحمد والطيالسي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة لم يذكروه في كتبهم، فلماذا بقي مختفياً ليظهر في القرن الرابع الهجري؟! وجواب ذلك عندنا يسير إن شاء الله، وهو أن هذا الإسناد خطأ لا صحة له، وآفته عندنا الجريري فلعله رواه بعد اختلاطه عن " أبي نضرة " بدلاً من "أبي هارون" لا سيما وهو يروي عن كليهما.
خامسا ً: الذهبي ومستدرك الحاكم:
كتاب " المستدرك على الصحيحين " لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري المتوفي سنة 405هـ كتاب وسيع مشهور بين أهل العلم زعم مؤلفه أنه استدرك أحاديثه على الشيخين، وفيه بلايا، قال الذهبي في السير: "في المستدرك شيء كبير على شرطهما، وشيء كثير على شرط أحدهما، ولعل مجموع ذلك ثلث الكتاب، بل أقل، فإن في كثير من ذلك أحاديث في الظاهر على شرط أحدهما أو كليهما، وفي الباطن لها علل خفيفة مؤثرة، وقطعة من الكتاب إسنادها صالح وحسن وجيد، وذلك نحو ربعه، وباقي الكتاب مناكير وعجائب، وفي غضون ذلك أحاديث نحو المئة يشهد القلب ببطلانها، كنت قد أفردت منها جزءاً، وحديث الطير () بالنسبة إليها سماء () ".
وقد قام الذهبي في أول عنايته بطلب الحديث بتخليص مجموعة من الكتب كان "المستدرك" واحداً منها. ثم جرت عادة علماء العصر من المعنيين بالحديث النبوي الشريف وتخريجه والحكم عليه قولهم: "صحة الحاكم ووافقه الذهبي"، وهم يشيرون بذلك إلى تلخيص الذهبي لمستدرك الحاكم المطبوع بهامشة.
وهذا عندنا وهم كبير يتعين التنبيه إليه لا ندري من أين جاء ولا كيف بدأ، فالذهبي رحمه الله لخص الكتاب ولم يكن من وكده الكلام على أحاديثه تصحيحاً وتضعيفاً، وإنما تكلم على بعض أغلاط الحاكم الكثيرة الفاحشة في هذا الكتاب فذكرها في أثناء الاختصار على عادته عند اختصار أي كتاب، تدل على ذلك ثلاثة أمور:
الأول: قوله في سير أعلام النبلاء: "فهو كتاب مفيد قد اختصرته ويعوز علاً وتحريراً" ()، فهذه العبارة من أوضح دليل على أنه اختصر الكتاب ولم يحرر أحكامه، وإلا فما معنى قوله: "ويعوز عملاً وتحريراً"؟
الثاني: أن الذهبي كان ينص في كتبه الأخرى على مخالفه لأحكام الحاكم في "المستدرك"، في حين كان يردد عبارته في "المستدرك"، أو يسكت، فمن ذلك مثلاً قوله في معاوية بن صالح من "الميزان": "وهو ممن احتج به مسلم دون البخاري، وترى الحاكم يروي في مستدركه أحاديثه ويقول: هذا على شرط البخاري، فيهم في ذلك يكرره " ()، وحين جاءت مثل هذه العبارة عند الحاكم لم يعترض الذهبي عليه ()، ومن يوازن بين الأحكام في مختصر المتسدرك –التي هي أحكام الحاكم – وبين أحاكم الذهبي في كتبه الأخرى – يجد اختلافاً كبيراً.
الثالث: أن قول الذهبي في تلخيصه "على شرط خ" أو "على شرط م" أو "صحيح" إنما هو قول الحاكم، وليس قوله، ومن ثم لا يجوز نسبة هذا الأمر إليه. إلخ .....
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[18 - Oct-2007, مساء 09:05]ـ
مقال الدكتور ماهر الفحل
تباين منهج المتقدمين والمتأخرين في التصحيح والتعليل
كان لسلفنا الصالح من أصحاب القرون الثلاثة الأولى فضل كبير في خدمة السنة النبوية، ومن تلك الخدمة: نقلها إلينا بعد تنقيتها من الدخيل والزائد عليها؛ إنهم بذلوا أعلى غاية الجهد في خدمة السنة من أجل أن يدفعوا عنها كل دخيل؛ فأبطلوا جميع مخططات الأعداء الذين كانوا يريدون النيل من السنة وأعملوا أفكارهم وبذلوا جهدهم حتى بينوا أوهام الرواة وأخطاءهم، وحفظوا لنا السنة في صدورهم ودواوينهم حتى أوصلوها لنا نقية من تحريف كل مبطل.
ثم إن هذا الرعيل الأول من المتقدمين قد بلغوا في الحفظ والضبط والإتقان والقوة أقصى غاياته وحفظوا ونقبوا عن الطرق أشد التنقيب؛ حتى بذلوا في خدمة السنة كل غال ونفيس. ومادامت السنة في صدورهم وبين أحضانهم ولعصر الرواية انتماؤهم ووجودهم ولها ثبتت ملاحظتهم ومعايشتهم فقد تأكد وعلى ممر القرون وبالنظر والموازنة والمقارنة أن أحكامهم في هذا الشأن أعلى الأحكام وأصحها؛ لشدة قربهم ومعاصرتهم للرواية، وقوة قرائحهم وحفظهم مئات الألوف من الأسانيد حتى أصبح السند الذي يشذ عن أحدهم عزيزاً نادراً.
ومع هذا الاتصاف بالحفظ التام والنظر الثاقب امتازوا بالورع التام والديانة والمذاكرة بينهم في خدمة هذا الدين عن طريق تنقية السنة من تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.
إذن فإن أقوال المتقدمين وأحكامهم في هذا الشان ينبغي أن تعتبر أقصى حدود الاعتبار، وإن إعلال المتقدمين لحديث من الأحاديث لا ينفعه تصحيح المتأخرين.
بل إن المتأخرين لن يقفوا على مالم يقف عليه المتقدمون ولو وجد شيء على غرار هذا لكان علم المتقدمين به أولاً معلوماً، لكنهم أعلم بما لابس هذا المتن أو الإسناد من علل ظاهرة أوخفية.
وإن مما يؤسف له أن كثيراً ممن ينتحل صناعة الحديث ظن أن هذه الصناعة قواعد مطردة كقواعد الرياضيات؛ فأصبح يعمل القواعد على ظواهر الأسانيد، ويحكم على الأحاديث على حسب الظاهر، بل ربما كان قصارى جهد أحدهم الحكم على الإسناد من خلال تقريب الحافظ ابن حجر أو ما أشبه ذلك من غير مراعاة لما يلحق الرواية سنداً ومتناً من ملابسات وعلل وأخطاء واختلافات. وإننا لنلمح هذا كثيراً حينما نجد تصحيحات المتأخرين تخالف إعلال المتقدمين، وبعد النظر والتحليل وجمع طرق الحديث مع الموازنة والمقارنة وإعادة الفكرة نجد الصواب مع المتقدمين وإنما فات المتأخرين بسبب إهمالهم لجمع الطرق والفحص الشديد وإعمال للقواعد على ظاهرها لكونها عامة مطردة باعتقادهم.
وإن مما يفوت المتأخرين كثيراً قلة اهتمامهم بما يحف الرواية من اختلاف حال الثقة أو الصدوق أو الضعيف من حال إلى حال، ومن وقت إلى وقت، ومن مكان إلى مكان، وكما إن حديث الثقة ليس كله صحيحاً فكذلك حديث الضعيف ليس كله ضعيفاً بل منه ما يقوى، ومع أنا قد ابتلينا بكثرة تصحيح الأحاديث على مجرد النظر في الأسانيد أو إعمال قواعد كقواعد الرياضيات كذلك ابتلينا بالمبالغة في التصحيح بالشواهد والمتابعات من غير بحث ونظر من خشية أن تلك المتابعات والشواهد وهم وخطأ، ربما جاءنا طريق ضعيف من حديث أبي هريرة قويناه، لسند آخر من حديث ابن عباس، مع أن السند الثاني وهم ناتج عن السند الأول.
ومن الأمثلة التي من خلالها يظهر لنا جلياً تباين منهج المتقدمين والمتأخرين حديث عيسى بن يونس، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعاً: ((من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض)).
أخرجه أحمد 2/ 498، والدارمي (1736)، والبخاري في التاريخ الكبير 1/ 91، وأبو داود (2380)، وابن ماجه (1676)، والترمذي (720)، والنسائي في الكبرى (3130)، وابن الجارود في المنتقى (385)، وابن خزيمة (1960) و (1961)، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 97 وفي شرح المشكل، له (1680)، وابن حبان (3518)، والدارقطني 2/ 184، والحاكم 1/ 426، والبيهقي 4/ 219، والبغوي (1755) من طرق عن عيسى بن يونس به، وقد توبع عيسى بن يونس تابعه حفص بن غياث عند ابن ماجه (1676)، وابن خزيمة عقب (1961)، والحاكم 1/ 426، والبيهقي 4/ 219.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا الحديث صححه المتأخرون منهم ابن حبان (3518)، والحاكم في المستدرك 1/ 427 فقال: ((صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه))، والبغوي في شرح السنة (1755)، وصححه أيضاً العلامة الألباني في تعليقه على ابن خزيمة 3/ 226، والشيخ شعيب الأرناؤوط في تعليقه على المسند الأحمدي 16/ 284، والدكتور بشار في تعليقه على ابن ماجه 3/ 172، بينما نجد جهابذة المتقدمين أعلوا هذا الحديث بالوقف وعدوه من أوهام هشام بن حسان، وإن الصواب في الحديث الوقف. قال البخاري: ((لم يصح)) التأريخ الكبير 6/ 251، وقال أيضاً: ((لا أراه محفوظاً)) نقله عنه تلميذه الترمذي عقب (720)، وقال أبو داود: ((قلت له -يعني الإمام أحمد- حديث هشام، عن محمد، عن أبي هريرة؟ قال: ليس من هذا شيء)) سؤالات أبي داود: 292، وقال البيهقي: ((وبعض الحفاظ لا يراه محفوظاً)) السنن الكبرى 4/ 219، ونقل الزيلعي عن مسند إسحاق بن راهويه: ((قال عيسى بن يونس زعم أهل البصرة أن هشاماً وهم في هذا
الحديث)) نصب الراية 2/ 449، وقال الدارمي: ((زعم أهل البصرة أن هشاماً أوهم فيه، فموضع الخلاف ههنا)) سنن الدرامي 1/ 25، ووجه توهيم هشام بن حسان: أن الحديث محفوظ موقوفاً، ورفعه وهم توهم فيه هشام. قال البخاري: ((ولم يصح وإنما يروى هذا عن عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة رفعه، وخالفه يحبى بن صالح، قال: حدثنا يحيى، عن عمر بن حكيم بن ثوبان سمع أبا هريرة، قال: ((إذا قاء أحدكم فلا يفطر فإنما يخرج ولايولج)) التاريخ الكبير 1/ 251، وهذا نظر عميق من البخاري في إعلال الرواية المرفوعة بالرواية الموقوفة، وإن سبب الوهم الذي دخل على هشام إنما كان بسبب رواية عبد الله بن سعيد المتروك، وقد وافق البخاري على هذا الإعلال الإمام النسائي، فقد قال: ((وقفه عطاء))، ثم ذكر الرواية الموقوفة. السنن الكبرى عقب (3130)، وقد خالف الشيخ ناصر الدين الألباني ذلك فصحح الحديث في تعليقه على صحيح ابن خزيمة 3/ 229 معتمداً على متابعة حفص بن غياث - وهي عند ابن ماجه (1676)، والحاكم 1/ 426، والبيهقي 4/ 429 - لعيسى بن يونس قال: ((وإنما قال البخاري وغيره:بأنه غير محفوظ لظنهم أنه تفرد به عيسى بن يونس، عن هشام)) إرواء الغليل 3/ 53.
قلت: وهذا بعيد جداً؛ لأنه يستبعد عن الأئمة الحفاظ السابقين الذين حفظوا مئات ألوف من الأسانيد أنهم لم يطلعوا على هذه المتابعة، فأصدروا هذا الحكم، بل إن العلة عندهم هي وهم هشام لا تفرد عيسى بن يونس كما صرح به البخاري في تاريخه؛ فإنه قال: ((إن حديث هشام عندهم وهم لا يلتفت إليه)) التاريخ الكبير 1/ 19، وقد تقدم قول عيسى بن يونس في توهيم هشام ونقله عن أهل البصرة ذلك، وإقرار الدارمي ذلك، ومما يدل على أن المتابعة التي ذكرها الشيخ الألباني معروفة لديهم أن أبا داود الذي سأل الإمام أحمد بن حنبل عن حديث هشام قد أشار إلى متابعة حفص لعيسى، إذ قال: ((ورواه أيضاً حفص بن غياث، عن هشام مثله)) السنن عقب
(2380).
إذن فإعلال جهابذة المحدثين ومنهم: أحمد والبخاري والدارمي والنسائي -وَهُمْ مَنْ هُمْ في الحفظ والإتقان -لا ينفعه ولا يضره تصحيح المتأخرين.
ومن الأمثلة الأخرى التي من خلالها يظهر لنا جليا تباين منهج المتقدمين والمتأخرين في التصحيح والتعليل حديث رواه الترمذي الجامع الكبير (2651)، قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا نوح بن قيس، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((يأتيكم رجال من قبل المشرق يتعلمون، فإذا جاءوكم فاستوصوا بهم خيراً))، قال: فكان أبو سعيد إذا رآنا، قال: مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
مدار هذا الحديث على أبي هارون فقد رواه عنه معمر في جامعه (20466)، ومن طريقه البيهقي في المدخل (622)، ومحمد بن مهزم عند الطيالسي في مسنده (2191)، وسفيان عند ابن ماجه في سننه (2191)، والترمذي في الجامع الكبير (2650)، والصيداوي في معجم شيوخه: 358، والحكم بن عبدة عند ابن ماجه في سننه (247)، وعلي بن عاصم عند الرامهرمزي في المحدّث الفاصل (22)، والخطيب في شرف أصحاب الحديث (33)، ومحمد بن ذكوان عند البيهقي في شعب الإيمان (1741) وفي المدخل، له (624)، والخطيب في شرف أصحاب الحديث (35)، وحسن بن صالح عند الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (807)، وقد تفرد به أبو هارون، وأشار إلى ذلك الترمذي إذ قال: ((هذا حديث لا نعرفه إلاَّ من حديث أبي هارون، عن أبي سعيد)) الجامع الكبير عقب (2651)، وأبو هارون هو عمارة بن جوين متروك الحديث ومنهم من كذبه انظر ميزان الاعتدال 3/ 173، والتقريب (4840)، وعلى هذا فالحديث ضعيف.
إلاَّ أن بعض المصادر المتأخرة مثل المحدث الفاصل للرامهرمزي (21)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم في 2/ 12، والمستدرك للحاكم 1/ 18، والمدخل للبيهقي (621) أخرجوه من طريق سعيد بن سليمان، بالإسناد أعلاه.
وأخرجه الرامهرمزي في المحدّث الفاصل (20) من طريق بشر بن معاذ العقدي قال: حدثنا أبو عبد الله (شيخ ينزل وراء منزل حماد بن زيد)، قال: حدثنا الجريري.
وأوردت طريقاً آخر لهذا الحديث عن سعيد بن سليمان الواسطي، عن عباد بن وهو سعيد بن إياس -، عن أبي نضرة العبدي، عن أبي?العوام، عن الجريري سعيد به، واستدل بعض أئمة الحديث المتأخرين بهذا الطريق لتصحيح هذا الحديث إذ استشهد به الرامهرمزي في المحدث
الفاصل، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وصححه الحاكم، وقال: ((هذا حديث صحيح ثابت لاتفاق الشيخين على الاحتجاج بسعيد بن سلمان، وعباد بن العوام، والجريري ثم احتجاج مسلم بحديث أبي نضرة فقد عددت له في المسند الصحيح أحد عشر أصلاً للجريري، ولم يخرجا هذا الحديث الذي هو أول حديث في فضل طلاب الحديث، ولايعلم له علة فلهذا الحديث طرق يجمعها أهل الحديث عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد، وأبو هارون ممن سكتوا عنه)) المستدرك 1/ 88، وأشار البيهقي إلى أن رواية الجريري، عن أبي نضرة عاضدة لرواية أبي هارون إذ قال:
((هكذا رواه جماعة من الأئمة، عن أبي هارون العبدي. وأبو هارون، وإن كان ضعيفاً، فرواية أبي نضرة له شاهدة)) المدخل إلى السنن الكبرى: 369 فقرة (623)، وحسنه العلائي فقال:
((إسناده لا بأس به؛ لأن سعيد بن سليمان هذا هو النشيطي فيه لين يحتمل، حدّث عنه أبو زرعة، وأبو حاتم الرازي وغيرهما))، وصححه أيضاً العلامة الألباني حيث أورده في الصحيحة حديث رقم (280)، وأسهب الكلام في تصحيحه مستنداً في ذلك إلى ما ذهب إليه الحاكم، ورد على العلائي في أن سعيد بن سليمان هو الواسطي الثقة وليس النشيطي. وأورد بعد ذلك متابعات وشواهد أخرى للحديث.
إلاَّ أن الإمام أحمد كانت له نظرة أخرى لهذا السند دلت على دقة ملاحظة المتقدمين من أئمة الحديث وبعد نظرهم؛ إذ قال حينما سأله تلميذه مهنأ عن هذا الإسناد: ((ما خلق الله من ذا
شيئاً، هذا حديث أبي هارون، عن أبي سعيد))، وعلق على ذلك العلامة الألباني قائلاً:
((وجواب أحمد هذا يحتمل أحد أمرين: إما أن يكون سعيد عنده هو الواسطي، وحينئذ فتوهيمه في إسناده إياه مما لا وجه له في نظري لثقته كما سبق، وإما أن يكون عني أنه النشيطي الضعيف، وهذا مما لا وجه له بعد ثبوت أنه الواسطي)).
والواضح أن علة الحديث ليست بكون سعيد بن سليمان هو الواسطي أو النشيطي، بل إن علته التي تنبه لها الإمام أحمد والإمام الترمذي هي اختلاط الجريري حيث إنه اختلط قبل وفاته بثلاث سنين ومن سمع منه قبل الاختلاط هم (شعبة، وسفيان الثوري، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وإسماعيل بن علية، ومعمر بن راشد، وعبد الوارث بن سعيد، ويزيد بن زريع، ووهيب بن
(يُتْبَعُ)
(/)
خالد، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وبشر بن المفضل، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وسفيان بن عيينة)، ومن هذا يتضح أن عباد بن العوام سمع من الجريري بعد الاختلاط، وأن الجريري أخطأ في ذكر أبي نضرة بدلاً من أبي هارون، ومما يدل على اختلاط الجريري في هذا الحديث وخطئه أنه خالف من هم أكثر منه عدداً وحفظاً فكما سبق ذكره أن (محمد بن مهزم، ومعمر، وسفيان الثوري، والحكم بن عبدة، وعلي بن عاصم، ومحمد بن ذكوان، وحسن بن صالح) جميعهم رووا الحديث عن أبي هارون، عن أبي سعيد، ولم يذكر أحداً منهم أبا نضرة.
أما المتابعات التي ساقها العلامة الألباني فإنها ضعيفة، وإليك ما وقفنا عليهِ من المتابعات:
1. روي من طريق سفيان الثوري، عن أبي هريرة، عن أبي سعيد، به. عندَ أبي نعيم في
الحلية 9/ 253، وهذا إسناد ضعيف للانقطاع في سنده بين سفيان الثوري وأبي هريرة.
2. روي من طريق الليث بن أبي سليم، عن شهر حوشب، عن أبي سعيد، به عندَ الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (357)، والذهبي سير أعلام النبلاء 15/ 362، وهذا إسناد ضعيف أيضاً فيهِ الليث بن أبي سليم ضعيف فيهِ كلام ليس باليسير.
3. روي من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني، قالَ: حدثنا ابن الغسيل، عن أبي خالد مولى ابن الصباح الأسدي، عن أبي سعيد الخدري، به. عندَ الرامهرمزي المحدّث الفاصل (23)، وهذا أيضاً ضعيف فيهِ يحيى بن عبد الحميد الحماني أتهم بسرقة الحديث التقريب (7591)، ولعل هذا مما سرقه وجنته يداه.
بعد عرض هذا الحديث يبدو واضحاً الفرق بين إعلال المتقدمين لهذا الحديث وبين تسرع المتأخرين في تصحيحه، لا سيما وقد اتفق على تضعيفه عالمان جليلان من مدرستين مختلفتين:
أولاهما: الإمام المبجل العراقي أحمد بن حنبل، والإمام الجهبذ محمد بن عيسى الترمذي تلميذ البخاري وخريجه، وهذا الجزم منهما على أن الحديث حديث أبي هارون هوَ حكم ناتج عن استقراء تام للمرويات ولم يخف عليهم طريق عباد بن العوام، عن الجريري، وأنه إسناد خطأ مركب لذا كانَ جواب الإمام المبجل أحمد بن حنبل: ((ما خلق الله من ذا شيئاً)). نص صريح في الحكم على خطأ الحديث.
وهذا وأمثاله يقوي لنا الجزم بأن كثيراً من الأسانيد الغريبة التي لم تدون في المصنفات القديمة لا قيمة لها، وإلاَّ فكيف نفسر إهمالهم لها مع معرفتهم بها، بل وكيف نفسر حفظهم لمئات الألوف من الأسانيد ثم طرحها وعدم تصنيفها والاكتفاء بتصنيف عشر معشارها.
وهناك حديث وقفت به على علة، وهو أني نظرت إلى إعلال ابن المديني واستوقفني حكمه عليه بالنكارة، فأردت أن أفسر النكارة، وأعرف سبب هذا الإعلال مع أن ظاهر السند القوة، وهو حديث رواه ابن أبي شيبة (1723)، وأحمد 4/ 194، والبزار (3762)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 73، والطبراني في الكبير (5221) و (5222)، وابن عدي في الكامل 7/ 270، من طريق محمد بن إسحاق، قال: حدثني الزهري، عن عروة، عن زيد بن خالد الجهني، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَنْ مسَّ فَرجَهُ فليتوضأ)).
وظاهر إسناد هذا الحديث الصحة ومحمد بن إسحاق صرح بالسماع فانتفت شبهة تدليسه، وقد حسّن هذا الإسناد الشيخ شعيب الأرنؤوط في تعليقه على مسند الإمام أحمد 36/ 19 (21689) ط الرسالة إذ قال: ((إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وباقي رجاله ثقات رجال
الشيخين .. )).
ولكن أئمة علم الحديث من المتقدمين قد حكموا على هذا الإسناد بالوهم والنكارة، إذ قال الإمام زهير بن حرب: ((هذا عندي وهم، إنما رواه عروة، عن سبرة)) الكامل 7/ 270 وحكم عليه الإمام علي بن المديني بالنكارة المعرفة والتأريخ 2/ 16، وتأريخ بغداد 1/ 229.
وعلى هذا وافقهم من المتأخرين ابن عبد الهادي فقال في التنقيح 1/ 458: ((حديث زيد بن خالد غلط فيه ابن إسحاق، وصوابه عن بسرة بدل زيد)).
(يُتْبَعُ)
(/)
وبعد المتابعة والبحث وجدنا أن تضعيف الإمامين الجليلين لهذا السند كان مبنياً على أسس علمية رصينة إن دلت على شيء فإنها تدل على قوة ملاحظة أئمة الحديث من المتقدمين وبعد نظرهم وإحاطتهم بطرق الحديث كافة، مع مراعاة حالة الرواة ومدى ضبطهم للأحاديث؛ إذ إن الإمام الجهبذ علي بن المديني عدَّ هذا الإسناد من منكرات محمد بن إسحاق واتضح لنا أن محمد بن إسحاق قد خالف من هم أحفظ منه لرواية الزهري؛ إذ إن هذا الحديث روي من طريق شعيب بن أبي حمزة عند أحمد 6/ 407، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3222)، والنسائي 1/ 100 - 101، والطبراني 24/ (493)، والبيهقي في السنن 1/ 129 وفي الخلافيات، له (504)، وابن عبد البر في التمهيد 17/ 188، ويونس بن يزيد الأيلي عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3227)، والطبراني24/ (494)، وابن أبي ذئب عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3223)، والطبراني 24/ (495)، وعبد الرحمان بن خالد بن مسافر عند الطبراني 24/ (492)، وعقيل بن خالد عند البيهقي في السنن 1/ 132 وفي الخلافيات، له (505)، هؤلاء جميعهم رووه عن الزهري، عن
عبد الله بن أبي بكر بن حزم الأنصاري، أنه سمع عروة بن الزبير: ((ذكر مروان في إمارته على المدينة أنه يتوضأ من مسّ الذكر إذا أفضى إليه الرجل بيده فأنكرت ذلك عليه، فقلت: لا وضوء على من مسه، فقال مروان: أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ما يتوضأ منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وَيتوضأُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ)) .. )).
وهذا هو الصواب؛ لأن محمد بن إسحاق قد خالف في هذا الحديث من هم أوثق منه في الزهري ومن هؤلاء شعيب بن أبي حمزة الذي قال عنه ابن معين: ((شعيب أثبت الناس في
الزهري .. )) تهذيب الكمال 3/ 396، إضافةً إلى المتابعات الأخرى لشعيب، وقال البيهقي عن هذا الطريق عقب رواية عقيل بن خالد، عن الزهري: ((هذا هو الصحيح من حديث
الزهري)).
أما طريق ابن إسحاق فهو وهم منه ولم يتابعه عليه أحد إلاّ متابعة واهية عند ابن عدي في الكامل 1/ 318، من طريق أحمد بن هارون المصيصي، قال: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة وزيد بن خالد، به، وهذا إسناد معلول لسببين:
الأول: فيه أحمد بن هارون، قال ابن عدي عنه: ((يروي مناكير عن قوم ثقات لا يتابع عليه أحد))، وقال: ((وهذا الحديث يرويه محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن زيد بن خالد. ومن حديث ابن جريج، عن الزهري غير محفوظ))، وقال أيضاً بعد أن سرد حديثاً آخر له: ((ولم أجد لأحمد هذا أشنع من هذين الحديثين)) الكامل 1/ 318 - 319.
والثاني: تدليس ابن جريج.
ومن هذا يتضح أن الشيخ شعيباً –حفظه الله ومتعنا بعلمه- قد تابع ظاهر سند الحديث، وهذا ما درج عليه المعاصرون من الناقدين دون الدخول إلى تفريعات وطرق الأحاديث المتشعبة وهذا ما يؤدي بهم –وكما هو الحال في هذا المثال- إلى الوقوع في وهم في الحكم على الأحاديث. وهذا ما تنبه له أئمة الحديث الأفاضل من المتقدمين إذ إنهم لا يحكمون على الحديث لأول وهلة، لكن بعد متابعة طرقها ومعرفة حال رواتها ومتى تكون رواياتهم دقيقة؟ ومتى تكون مخالفة للصواب؟ والفضل في هذا يعود إلى الكم الهائل والخزين الوافر من حفظ الأسانيد والمتون الذي كانوا يتمتعون به فهم عاصروا الرواية وكانت السنة محفوظة لديهم بصدورهم وسطورهم وعاينوا أحوال الرواة ومراتبهم، وما تحيط الأحاديث من أمور وعلل، وأحوال فرحمهم الله وجزاهم عن الإسلام والمسلمين ألف
خير. وإن من واجب المتأخرين الآن أن يجدّوا ويجتهدوا في شرح إعلالات جهابذة المتقدمين ويحاولوا الوصول إلى شرح مرادهم وحلِّ عباراتهم ومعرفة سبب أحكامهم.
وإن من أسباب التباين بين منهج المتقدمين والمتأخرين، أن المتأخرين في نقدهم الحديث لا يحيطون بجميع أحوال الراوي؛ إذ إن الرواة ثقاتاً كانوا أو غير ذَلِكَ لهم حالات مخصوصة في
(يُتْبَعُ)
(/)
شيوخهم، فنجد الثقة في بعض الأحيان يكون ضعيفاً في شيخ معين أو في روايته عن أهل بلد معين وما أشبه ذَلِكَ، ونجد الضعيف في بعض الأحيان يكون ثقة في بعض شيوخه؛ لشدة ملازمته لهم أو مزيد عنايته بضبط أحاديثهم، وأُمثّلُ لهذا التنظير بما رواه ابن سعد في الطبقات 1/ 456، والترمذي في الشمائل (117)، والعقيلي في الضعفاء 3/ 21، وابن حبان (6397)، وأبو الشيخ في: 117، والخطيب في تأريخ بغداد 11/ 293، والبغوي في شرح?أخلاق النبي السنة (3109)
و (3110)، من طريق عبد العزيز بن محمد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه)).?عن ابن عمر قالَ: ((كانَ النبي
هذا الحديث قوّى إسناده العلامة الشيخ شعيب الأرناؤوط في تعليقه على صحيح ابن حبان
(6397)، وحسّن إسناده في تعليقه على شرح السنة للبغوي (3109) و (3110)، وصححه العلامة الألباني في الصحيحة (717)، بكثرة طرقه وشواهده، وعنوا بضعف من رواه عن الدراوردي، فذكروا المتابعات، وبعد البحث والنظر والتفتيش تبين أن العلامتين الأرناؤوط والألباني لم يتنبها إلى علته، فهوَ معلول بعبد العزيز بن محمد الدراوردي الثقة، وفيه من هذا الوجه علتان:
الأولى: إن الإمام أحمد أشار إلى ضعفه في روايته عن عبيد الله بن عمر العمري خاصة، فقالَ فيما نقله عنه أبو طالب: ((وربما قلب حديث عبد الله بن عمر -وهو ضعيف- يرويها عن عبيد الله ابن عمر)) الجرح والتعديل 5/ الترجمة (1833)، ولذلك قالَ النسائي: ((حديثه عن عبيد الله بن عمر منكر)) تهذيب الكمال 18/ 194، وقول النسائي هذا نقله الحافظ ابن حجر في التقريب.
الثانية: إن الصحيح في هذا الحديث أنه موقوف، قاله الإمام أحمد فيما نقله العقيلي، قالَ: ((حدثني الخضر بن داود، قالَ: حدثنا أحمد بن محمد، قالَ: قيل لأبي عبد الله: الدراوردي يروي عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كانَ يرخي عمامته من خلفه. فتبسم، وأنكر، وقال: إنما هوَ هذا موقوف)) الضعفاء الكبير 3/ 21، ونقله الذهبي في السير8/ 367، والرواية الموقوفة: أخرجها ابن سعد الطبقات 4/ 174، عن وكيع، عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر أنه اعتم.
ورواه ابن سعد الطبقات 4/ 175، عن غير العمري موقوفاً كذَلِكَ.
إذن لزمنا أن نتبع المنهج العلمي الذي سار عليهِ جهابذة هذا الفن من أهل الحديث من العلماء الأوائل أصحاب القرون الأولى الذين حفظوا لنا تراث سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، إذ إنهم حفظوا لنا السنة برمتها في صدورهم ودواوينهم.
ثم إن المتقدمين قد رسموا لمن جاء بعدهم طريقاً واضحاً بيناً سليما يمتاز بالدقة والنظر التام. فعلى المتأخرين أن يعتبروا أقوال المتقدمين أقصى حدود الاعتبار ليحصلوا على المنهج العلمي والمعيار البحثي الأصل، وذلك من طريقة سرد المتقدمين للأحكام ونقدهم لطرق الحديث ومتونه.
وإن مما يؤكد لنا صحة المنهج البحثي للمتقدمين، أنهم سبروا الطرق، وجمعوا أحاديث الرجال، وحكموا على المتون والرجال بعد معاودة النظر والمذاكرة والبحث والموازنة والمقارنة والنظر الثاقب بعين الإنصاف. ثم بعد كل هذا الجهد، عرضوا هذه الأحكام وتلكم النتائج على ما حفظوه من ثروة هائلة من تراث هذه الأمة. وهذه الثروة تتمثل بحفظ الجم الغفير من المتون والأسانيد المتكررة التي بلغت مئات ألوف من الأسانيد وعشرات الألوف من المتون حتى انتهوا إلى أحكامهم الصحيحة التي توصلوا إليها بعد إفراغ جهدهم فكانت أحكامهم صادرة نتيجة دراسات وأبحاث قل نظيرها مع دقة الميزان النقدي الذي تمتعوا به؛ لكثرة حفظهم للأحاديث واعتيادهم عليها واختلاطها بدمهم ولحمهم، بل إن ما يحكمون عليهِ من أحاديث لم يكونوا يعرضونه على ما حفظوه من أسانيد فحسب، بل يعرضونها كذلك على ما رزقهم الله به من معرفة واسعة في الفقه؛ إذ لم يكونوا محدّثين فحسب بل كانوا فقهاء محدّثين، والفقه عندهم ضروري؛ إذ كيف يحكمون على الحديث وعدم المخالفة القادحة شرط، والمخالفة ليست قاصرة على مخالفة الحديث لحديث آخر بل هوَ أوسع من ذَلِكَ، فمن ذَلِكَ المخالفة لآية أو إجماع أو سنة ثابتة أو قاعدة متفق عليها، وما أشبه ذَلِكَ من المخالفات.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإن من أوجب الواجب على المتأخرين أن يحاولوا فهم كلام المتقدمين بالتعليل، ومع هذا ليس كل أحد منا أو أي باحث يستطيع أن يعلل أحكامهم ويفهم سبب ما ذهبوا إليه، إلاَّ من رزقه الله فهما واسعاً واطلاعاً كبيراً، واعتاد على معاودة النظر في كلام الأئمة المجتهدين من أهل الحديث ثم أمعن النظر في كتب العلل والرجال والتخريج مع ممارسته النقد والتعليل.
ولما كانَ الأمر كذلك يجب تقديم منهج المتقدمين على المتأخرين. ويجب اعتبار أقوال الأئمة المتقدمين أيما اعتبار في تعليل الأحاديث أو تصحيحها ونقد متونها. ويجب أن يعتبر ذَلِكَ أقصى غاية الاعتبار مع التحرز من مخالفتهم في أحكامهم لا سيما عندَ اجتماع كبرائهم على أمر في التصحيح والتضعيف والتجريح. وأقوال المتقدمين ثمينة غالية لا ينبغي التفريط بها وإهمالها بحجة الاكتفاء باتباع القواعد التي في كتب المصطلح.
وربما نُسأل إذا كانَ الأمر كذلك فمتى يسعنا مخالفة المتقدمين؟
وجوابه:أننا يحق لنا ويسعنا أن نخالف بعض المتقدمين إذا اختلفوا وتباينت وجهات نظرهم، فعندها ننظر إلى الأدلة والأسباب والقرائن والمرجحات ونعمل الرأي والاجتهاد نحو طريقتهم بجنس مرجحاتهم وقرائنهم وقواعدهم التي ساروا عليها.
وما ذكرناه نقوله مع إيماننا العميق بأن التصحيح والتضعيف من الأمور الاجتهادية التي تباينت فيها القدرات العلمية والمكانة التي يتمثل بها الناقد مع المقدرات الذهنية وظهور المرجحات والقرائن لكل واحد.
ومن الأمور التي جعلت التباين واضحاً بين منهج المتقدمين والمتأخرين، وكون المتأخرين على أمور خالفوا فيها المتقدمين، ومن ذَلِكَ: قبول زيادة الثقة مطلقاً؛ فقد شاع وانتشر واشتهر عندَ المتأخرين قبول زيادة الثقة مطلقاً، وهذا المنهج اشتهر منذ القرن الخامس الهجري.
قالَ الخطيب في الكفاية (424 - 425 ه، 597 ت): ((قالَ الجمهور من الفقهاء وأصحاب الحديث: زيادة الثقة مقبولة إذا انفرد بها ولم يفرقوا بين زيادة يتعلق بها حكم شرعي أو لا يتعلق بها حكم وبين زيادة توجب نقصاناً من أحكام تثبت بخبر ليست فيهِ تلك الزيادة، وبين زيادة توجب تغيير الحكم الثابت أو زيادة لا توجب ذَلِكَ وسواء كانت الزيادة في خبر رواه راويه مرة ناقصاً ثم رواه بعد وفيه تلك الزيادة، أو كانت الزيادة قد رواها غيره ولم يروها هوَ)).
وقد قلده النووي تقليدا تاماً تنظيراً وتطبيقاً، قالَ السخاوي: وجرى عليهِ النووي في مصنفاته. فتح المغيث 1/ 234. بل قالَ النووي: ((زيادات الثقة مقبولة مطلقاً عندَ الجماهير من أهل الحديث والفقه والأصول)) شرح صحيح مسلم 1/ 25.
وهذه النقول الجازمة لم يقل بها الجماهير من المتقدمين مع كل هذا فقد اغتر بنقل الخطيب والنووي عدد غير قليل من العلماء، بل أصبح قبول زيادة الثقة منهج أغلب المتأخرين.
والأخذ بهذه القاعدة الشاذة المنكرة بهذا التوسع غير صحيح، بل هوَ مخالف ومباين لمنهج المتقدمين، ومن خلال بحثي العميق في كتب العلل والجرح والتعديل والتخريج والنظر في كلام المتقدمين، وجدت أن مدار ذَلِكَ على قوة القرائن والمرجحات، ومن تلك القرائن والمرجحات:
اعتبار الأوثق والأحفظ والأكثر والأشد ملازمة والأطول صحبة والأشد عناية بحديث ما وما إلى غير ذَلِكَ من المرجحات والقرائن.
ومعرفة المتقدمين للزيادات واسعة، ومعرفة صحيحها من سقيمها أمور ميسور عليهم؛ إذ حفظوا مئات من الألوف من طرق الأحاديث وطافوا في شتى أنحاء المعمورة من أجل التنقيب والتنقير عن الحديث النبوي الشريف، وفتشوا إيما تفتيشٍ عن أحوال الرواة والزيادات فكانت السنة النبوية في صدور أولئك الحفاظ من المتقدمين وتدوين السنة وأحوال الرواة، وقد واكبوا الرواية وتدوين السنة وأحوال الرواة وقد دونت الكتب الحديثية بشتى أنواعها في كتب الجوامع والسنن والمصنفات والمسانيد والمعاجم والأجزاء والفوائد؛ لذا لم يفت المتقدمين شيء من مورث سنة نبينا صلى الله عليه وسلم؛ بل إن المتقدمين لم يكتفوا بسماع الحديث مرة أو مرتين بل كانوا يرحلون من أجل العلو والتأكد من الحفظ وكانوا يتذاكرون المتون والأسانيد والعلل والزيادات وأوهام الرواة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن الأمور التي جعلت التباين كبيراً بين منهج المتقدمين والمتأخرين أن المتأخرين قد بالغوا في تصحيح الأحاديث وتقويتها بالشواهد والمتابعات، لكن كانَ علينا أن ندرك في الوقت نفسه أن أئمة هذا الفن من المصنفين في علم الحديث قد أهملوا كثيراً من الطرق الواهية والتالفة والمعلولة والمركبة التي كانوا يحفظونها لا سيما عندَ التصنيف، وإلا فكيف نفسر تركهم لمئات ألوف من الأحاديث التي كانوا يحفظونها من مثل الإمام أحمد الذي كانَ يحفظ ألف ألف إسناد ولم يستوعب كتابه ثلاثين ألف إسناد، ومن مثل الإمام البخاري الذي كانَ يحفظ ستمئة ألف سند ولم يتجاوز كتابه تسعة آلاف سند، وعلى غرارهما الإمام مسلم وأبو داود وأبو حاتم وأضرابهم من المحدثين.
إذن كثير من الأسانيد التي اغتر المتأخرون بتقوية بعضها ببعض إنما هي أسانيد لا قيمة لها ولا تصلح للمتابعة والتقوية، وهذا المنهج يظهر جلياً في تخريجات العلامتين الألباني وشعيب مع أن جهدهما مشكور في خدمة السنة، وعلى هذا يتعّين على الناقد أن ينظر بعين فاحصة بصيرة إلى سبب ترك المحدثين الأوائل لهذه الكمية من الأحاديث، وأن ينظروا إلى كل حديث أو طريق لم يوجد إلا في المصنفات المتأخرة وليس لها أصل في المؤلفات السابقة، فعلى الباحث أن يمعن النظر في دراسة هذه الأحاديث للوقوف على السبب الذي جعله لا يوجد إلاّ في هذه المصنفات المتأخرة، وممّا يقوي هذا أن حديث عبّاد بن العوام، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد في الوصية لطلبة العلم كانَ موجوداً في الأعصر المتقدمة يؤيده سؤال مُهنأ الإمام أحمد عنه وإجابته بقولِهِ: ((ما خلق الله من ذا شيئاً))، ومع هذا فإن أحداً من المصنفين المتقدمين كأصحاب المسانيد والجوامع والمصنفات والسنن لم يخرجوه في كتبهم فبقي هذا السند التالف متروكاً مختفياً حتى ظهر القرن الرابع، وإن مما يؤسف عليهِ أن المتأخرين لتقويتهم لبعض الأحاديث في المتابعات والشواهد، حينما ينقلون حديثاً من كتب التراجم لا يتنبهون إلى أن من وضعها في هذه الكتب، إنما مرادهم في الأعم الأغلب حرصهم أن تقع لهم هذه الأحاديث، من طرق من ترجموا لهُ بغض النظر عن قوة هذه الأحاديث وعما تمثله من قيمة حديثية، فيغفل المتأخر الذي يصحح بالمتابعات والشواهد، عن هذه الطريقة وهذا المقصود، وربما تكون هذه الأسانيد ضعيفة أو واهية، ومراد المخرّج لها سوق تلك الأحاديث في ترجمة المترجم لهُ، فعلى هذا يتعين على الباحث الناقد، أن يعلم أن إيراد الحديث بكتب التراجم عندَ الذين كتبوا في التراجم لهُ غايات وأسباب عديدة، ومن تلك الأسباب، أنها تهدف في الأعم الأغلب إلى تقويم هذا الراوي وبيان حاله من قوة أو ضعف، وأدل دليل على هذا أنهم لم يضعوا هذه الأحاديث في كثير من الأحيان في الكتب الخاصه بالمتون، وأحسن مثال على ذَلِكَ صنيع الإمام البخاري؛ إذ ألف كتابه الصحيح ليكون خاصاً بالأحاديث الصحيحة، وألف كتابه التاريخ ليكون حاكماً على الرجال، وأحوالهم ولم يكن هدفه في التأريخ كهدفه في الصحيح، وعلى طريقة الإمام البخاري، سار تلميذه وخريجه مسلم بن الحجاج فألف كتابه الصحيح، وخصّهُ بالأحاديث الصحيحة، وألف كتابه التمييز وخصّه لنقد الأحاديث المعلولة، أما أبو داود فقد أراد أن يورد في كتابه السنن
الصحيح، وما يشبهه عنده مما يمكن أن يستدل به الفقيهُ في استنباط الأحكام الشرعية، مع أنه يبين علل بعض الأحاديث، أما الترمذي في كتابه الجامع، فأراد نقد أدلة الفقهاء، وبيان صحيحها من سقيمها.
أما كتاب الضعفاء للعقيلي، والكامل لابن عدي فقد اشتملت على أحاديث ما أخطا فيهِ الراوي. إذا كان صنيع المتأخرين في اعتماد كثير من أحاديث كتب التراجم والمشيخات والفوائد، التي فيها تصريح المدلسين بالسماع، أو ما أشبه ذَلِكَ من رفع الموقوف، أو وصل المرسل، أو اتصال المنقطع هوَ أمر خطير، يؤدي إلى مخالفة المتقدمين كالإمام أحمد، والبخاري، وأبي حاتم،
والنسائي، والدارقطني، وغيرهم من حذاق هذا الفن.
إذن فحفظ المتقدمين لمئات ألوف من الأسانيد ثم تركها، وعدم تصنيفها يدلُ على أنها من تركيب الكذابين والهلكى والضعفاء والمتروكين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وما كانَ ذَلِكَ من صنع المتقدمين إلا من أجل الغربلة والفحص والتنقية للسنة، لذا يقول يحيى ابن معين: ((كتبنا عن الكذابين، وسجرنا به التنور، وأخرجنا به خبزاً نضيجاً)).
فعلى هذا يتضح لنا أن المتقدمين لم يتركوا حديثاً قوياً إلا ودونوه في دواوينهم، وأدخلوه في توالفيهم.
وهذا أحسن ما نفسر به كلام محمد بن يعقوب الأخرم: ((قلما يفوت البخاري، ومسلماً مما يثبت من الحديث)).
ومما يختلف فيهِ الحال بين منهج المتقدمين والمتأخرين ما أحدث موخراً من قولهم: صحيح على شرط الشيخين، أو على شرط الشيخين، أو على شرط البخاري، أو على شرط مسلم، وهذه البلية أول من أظهرها الحاكم في مستدركه ثم انتشرت قليلاً بين المتأخرين حتى شاعت عندَ بعض عصريينا. وعند استخدامهم لهذه الطريقة، أو المصطلح يشار به إلى أن شرط الشيخين معروف لكل من الناس. وهو أمر خلاف الواقع؛ لأن من حاول هذا لم يحاوله إلا عن طريق الاستقراء كما فعل بعض من كتب في شروط الأئمة الستة أو الخمسة، وإن الحق الذي نعتقدهُ، ولا يتخللهُ شك أنا لا نستطيع الجزم بالطريقة التي تم إنتقاء الشيخين البخاري ومسلم لها، فنحن لا نعلم كيف انتقى البخاري من حديث سفيان، أو الزهري، أو يزيد بن زريع، ولا ندري كيف انتقى من أحاديث سالم أو غيره من الثقات الأثبات، ثم إنا نجزم بأنهما لم يريدا استيعاب جميع مارواه الثقة، بل ليس كل مارواه الثقة صحيحاً.
إذن فصنيع الشيخين في أحاديث الثقات صنيع انتقائي وليس شمولياً، ونحن لا نعرف الأسس والموازين التي من خلالها انتقى الشيخان أحاديث هؤلاء الثقات.
وما دام الأمر كذلك: فإن قصورنا يكون أكثر وعجزنا يكون أكبر، أما طريقة انتقاء الشيخين من حديث من في حفظهم شيء مثال: إسماعيل بن أبي أويس، والحسن بن ذكوان، وخالد بن مخلد القطواني.
قالَ الحافظ ابن حجر: ((روينا في مناقب البخاري بسند صحيح أن إسماعيل أخرج لهُ أصوله، وأذن له أن ينتقي منها وأن يعلم لهُ ما يحدث به ليحدث به ويعرض عما سواه، وهو مشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه من صحيح حديثة لأنه كتب من أصوله. (هدي الساري: 391).
وقال الزيلعي في نصب الراية 1/ 341: ((خرج في الصحيح لخلق ممن تكلم فيهم، ومنهم جعفر بن سليمان الصبغي، والحارث بن عبد الإيادي، وأيمن بن نايل الحبسثي،، وخالد مخلد القطواني وسويد بن سعيد الحدثاني، ويونس بن أبي إسحاق السبيعي، وغيرهم، ولكن صاحبا الصحيح _ رحمهما الله _ إذا أخرجا لمن يتكلم فيهِ فانهم ينتقون من حديثه)).
وقال ابن القيم في زاد المعاد 1/ 364 مجيباً عما عيب على مسلم إخراج حديث من تكلم فيهِ: ((ولا عيب على مسلم في إخراج حديثه؛ لأنه ينتقي من أحاديث هذا الضرب ما يعلم أنه حفظه كما يطرح من أحاديث الثقة ما يعلم أنه غلط فيهِ)).
وإن من الأضرار والمفاسد التي تنجم من استخدام مصطلح: على شرط الشيخين، أو على شرط أحدهما، هوَ تصحيح جميع الأحاديث المروية عن الرجال الذين أخرج لهم مجتمعين أو منفردين وهو أمر خطير، إذ ليس جمع الأحاديث التي رجالها رجال الشيخين ترتقي إلى هذه المرتبة بل ربما كانَ منها ما هوَ معلول بعلل قادحة سواء كانت ظاهرة أو خفية وهذا مما لا يدركه إلا من رزقه الله فهماً واسعاً واطلاعاً غائصاً، ونظراً ثاقباً، ومعرفة تامة بأحوال الرواة والطرق والروايات أو حفظ جملة كثيرة من المتون حتى اختلطت بلحمه ودمه.
ومع كل ما ذكر: فإن بعضهم يتساهل في مجرد كون الرواة من رواة الشيخين، ولا يبالي في كيفية تخريج الشيخين للرواة أعني برواية الواحد عن الآخر، كمن خلط في رواية هشيم عن الزهري، وصحح على مقتضاها بأنها على شرط الشيخين، والصحيح أن البخاري ومسلماً لم يخرجا عن الزهري من طريق هشيم، وكذلك سماك عن عكرمة وأمثال ذَلِكَ كثيرة مما حصل فيهِ خطأ وخلط للمتأخرين غير قليل.
ومن أعظم المفاسد لاستخدام مصطلح على شرط الشيخين أننا سنقوم بإلغاء مبدأ الانتقاء، ثم نقوم بتصحيح أحاديث من في حفظهم شيء من رجال الصحيحين؛ لذا ربما أتى المتأخر فصحح أحاديث هؤلاء وغيرهم بحجة أنهم على شرط الشيخين، وهذا بلا شك مخالف لصنيع المتقدمين؛ بل هوَ نسف لقواعد المتقدمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأنا إذ أكتب هذا الكلمات مفرقاً بين منهج المتقدمين والمتأخرين، أنما هو رأي ورأي شيخي الدكتور بشار، وقد استفدت في بحثي هذا من كلامه في مقدمته النافعة لتأريخ مدينة السلام بغداد – حرسها الله-ومقدمته لجامع الترمذي.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[18 - Oct-2007, مساء 09:19]ـ
مقال الشيخ شعيب الأرناؤوط وبشار عواد
تحرير تقريب التهذيب
للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
المتوفي سنة 852هـ
تأليف
الدكتور بشار عواد معروف
والشيخ شعيب الأرنؤوط
الجزء الأول
مؤسسة الرسالة
قال بشار عواد وشعيب الأرناؤوط:
الأولى: ما تجمع لدينا من أحكام أثناء قيامنا بتحقيق "تهذيب الكمال" وما استدركناه عليه من أقوال في الجرح والتعديل مما لم يقف عليه هو أو المعنيون بكتابه من المختصرين والمستدركين.
الثانية: ما يسر الله سبحانه لنا من خبرة عملية بالرجال وأحاديثهم بعد قيامنا بتحقيق عدد من أمهات دواوين السنة النبوية، وتخرج أحاديثها والحكم على أسانيدها في مدة تزيد على ثلاثين عاماً.
ويتعين علينا قبل بيان منهجنا الذي انتهجناه في عملنا هذا أن نقرر بعض الحقائق والقواعد، ليكون القارئ العالم على بينة تامة من هذا النهج:
أولاً: النقد الحديثي بين المتقدمين والمتأخرين:
لقد شاع بين الناس أن النقد الحديثي يقوم على الإسناد والنظر فيما قرره النقاد الجهابذة من أحوال الرواة جرحاً أو تعديلاً، وهو أمر يحتاج إلى دراسة وإيضاح، فالنقد الحديثي فيما نرى مر بمراحل متعددة:
المرحلة الأولى: وتقوم على نقد المتون، وعلى أساسها تم الكلام في الرواة جرحاً أو تعديلاً، وهي مرحلة تمتد من عصر الصحابة حتى نهاية النصف الأول من القرن الثاني الهجري، فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يرد بعضهم على بعض حينما يستمعون إلى متون الأحاديث المروية، والأحكام المتصلة بها، فترد عائشة مثلاً على أبي هريرة وابن عمر وأبيه، ويرد عمر على عائشة وعلى فاطمة بنت قيس، وهلم جراً ويظهر ذلك في العديد من الأحاديث التي ساقها البخاري ومسلم في "صحيحهما".
المرحلة الثانية: وهو طور التبويب والتنظيم، وجمع أحاديث كل محدث والحكم عليه من خلال دراستها، ويتبدى ذلك في الأحكام التي أصدرها علي ابن المديني، ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وأضربهم.
غير أنه لا يخالجنا شك أن بعض العلماء المتقدمين قد تكلموا في الرجال جرحاً أو تعديلاً لمعاصرتهم لهم أو اجتماعهم بهم، مثل مالك بن أنس، والسفيانين، وشعبة بن الحجاج، وحماد بن زيد، والأوزاعي، ووكيع بن الجراح، وأن الطبقة التي تلت هؤلاء تكلموا في الرواة الذي أخذوا عنهم، واتصلوا بهم، لكن كيف نفسر كلام كبار علماء الجرح والتعديل ممن عاشوا في المئة الثالثة في رواة لم يحلقوهم من التابعين ومن بعدهم، ولم يؤثر للمتقدمين فيهم جرح أو تعديل، فندعي أنهم اعتمدوا أقوال من سبقهم في الحكم عليهم؟ بيان ذلك في الأمثلة الآتية الموضحة:
قال ابن أبي حاتم في ترجمة أحمد بن إبراهيم الحلبي، "سألت أبي عنه، وعرضت عليه حديثه، فقال: لا أعرفه، وأحاديثه باطلة موضوعة كلها ليس لها أصول، يدل حديثه على أنه كذاب" ().
وقال في ترجمة أحمد بن المنذر بن الجارود القزاز: "سألت أبي عنه، فقال: لا أعرفه، وعرضت عليه حديثه، فقال: حديث صحيح" ().
وقال أبو عبيد الأجري في مسلمة بن محمد الثقفي البصري: "سألت أبا داود عنه، قلت: قال يحيى (يعني ابن معين): ليس بشيء؟
قال: حدثنا عنه مسدد، أحاديثه مستقيمة: قلت: حدث عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: إياكم والزنج، فإنهم خلق مشوه. فقال: من حدث بهذا فاتهمه ()!.
فهذه الأمثلة الثلاثة واضحة الدلالة على أن أبا حاتم الرازي وأبا داود لم يعرفا هؤلاء الرواة إلا عن طريق تفتيش حديثهم المجموع، وأنهما أصدرا أحكامها استناداً إلى ذلك.
ومثل ذلك قول البخاري "ت256" في إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي المدني "83 - 165هـ": منكر الحديث، وقول أبي حاتم الرازي "ت 277هـ" فيه: شيخ ليس بقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به، منكر الحديث، وقول النسائي "ت303هـ" فيه: ضعيف ().
(يُتْبَعُ)
(/)
فهؤلاء العلماء الثلاثة لم يدركوه ولا عرفوه عن قرب ولا نقلوا عن شيوخهم أو آخرين ما يفيد ذلك، فكيف تم لهم الحصول على هذه النتائج والأقوال؟ واضح أنهم جمعوا حديثه ودرسوه، وأصدروا أحكامهم اعتماداً على هذه الدراسة.
وحينما يذكر المتقدمون أن النقد إنما يقوم على العلماء الجهابذة، فليس معنى ذلك أنه يقوم على دراسة الإسناد، يقول ابن أبي حاتم: "فإن قيل: فبماذا تعرف الآثار الصحيحة والقسيمة؟ قيل: بنقد العلماء الجهابذة الذين خصهم الله عز وجل بهذه الفضيلة، ورزقهم هذه المعرفة في كل دهر وزمانِ" ().ثم قال: "قيل لابن المبارك: وهذه الأحاديث المصنوعة؟ قال: يعيش لها الجهابذة " ().
ولعل الرواية الآتية أبين دليل على أن العلماء الذين تمرسوا بهذا العلم في هذه المرحلة إنما كانوا يتقدمون المتون أكثر من نقدهم الأسانيد، قال أبو حاتم الرازي: "جاءني رجل من جلة أصحاب الرأي، من أهل الفهم منهم، ومعه دفتر فعرضه علي، فقلت في بعضها: هذا حديث خطأ قد دخل لصاحبه حديث في حديث، وقلت في بعضه: هذا حديث باطل، وقلت في بعضه: هذا حديث منكر، وقلت في بعضه: هذا حديث كذب، وسائر ذلك أحاديث صحاح. فقال لي: من أين علمت أن هذا خطأ، وأن هذا باطل، وأن هذا كذب؟ أأخبرك راوي هذا الكتاب بأني علطت وأني كذبت في حديث كذا؟ فقلت: لا ما أدري هذا الجزء من رواية من هو؟ غير أني أعلم أن هذا خطأ، وأن هذا الحديث باطل، وأن هذا الحديث كذب. فقال: تدعي الغيب. قال: قلت: ما هذا ادعاءً الغيب. قال: فما الدليل على ما تقول؟ قلت: سل عما قلت من يحسن مثل ما أحسن، فإن اتفقنا علمت أنا لم نجازف ولم نقله إلا بفهم. قال: من هو الذي يحسن مثل ما تحسن؟ قلت: أبو زرعة. قال: ويقول أبو زرعة مثل ما قلت؟ قلت: نعم. قال: هذا عجب. فأخذ فكتب في كاغد ألفاظي في تلك الأحاديث، ثم رجع إلى وقد كتب ألفاظ ما تكلم به أبو زرعة في تلك الأحاديث فما قلت: إنه باطل، قال أبو زرعة: هو كذب، قلت: الكذب والباطل واحد، وما قلت: إنه كذب، قال أبو زرعة: هو باطل، وما قلت إنه منكر، قال: هو منكر، كما قلت، وما قلت: إنه صحاح، قال أبو زرعة: هو صحاح. فقال: ما أعجب هذا، تتفقان من غيره موطأة فيما بينكما. فقلت: فقد تبين لك أنا لم نجازف وإنما قلنا بعلم ومعرفة قد أوتينا.
والدليل على صحة ما نقوله بأن ديناراً نبهرجاً يُحمل إلى الناقد، فيقول: هذا دينار نبهرج، ويقول دينار: هو جيد. فإن قيل له: من أين قلت: أن هذا نبهرج، هل كنت حاضراً حين بهرج؟ قال: لا. فإن قيل له: فأخبرك الرجل الذي بهجره: أني بهرجت هذا الدينار؟ قال: لا. قيل: فمن أين قلت: إن هذا نبهرج؟ قال: علماً رزقت. وكذلك نحن رزقنا معرفة ذلك.
قلت له: فتحمل فص ياقوت إلى واحد من البصراء من الجوهريين، فيقول: هذا زجاج، ويقول لمثله: هذا ياقوت، فإن قيل له: من أين علمت أن هذا زجاج وأن هذا ياقوت؟ هل حضرت الموضع الذي صنع فيه هذا الزجاج؟ قال: لا، قيل له: فهل أعلمك الذي صاغه بأنه صاغ هذا زجاجاً، قال: لا. قال: فمن أين علمت؟ قال: هذا علم رزقت. وكذلك نحن رزقنا علماً لا يتهيأ لنا أن نخبرك كيف علمنا بأن هذا الحديث كذب، وهذا حديث منكر إلا بما نعرفه" ().
وهذه المرحلة هي المرحلة الأكثر أهمية في تاريخ الجرح والتعديل، وهي التي ينبغي أن تتبع اليوم، ولا سيما في المختلف فيهم، إذا يتعين جمع حديثهم، ودراسته من عدة أوجه:
أولها: أن ينظر في الراوي إن كان له متابع على روايته ممن هو بدرجته، أو أكثر إتقاناً منه.
والثاني: أن يعرض حديثه على المتون الصحيحة التي هي بمنزلة قواعد كلية، وهي القرآن الكريم وما ثبت من الحديث، فإن وافقها اعتبرت شواهد لها يتقوى بها، أما الشواهد الضعيفة فلا عبرة بها.
المرحلة الثالثة: الجمع بين أقوال المتقدمين في الرواة، وبين جمع حديث الراوي وسبره وإصدار الحكم عليه، كما نراه واضحاً عند علماء القرن الرابع الهجري مثل ابن حبان "ت354هـ" وابن عدي الجرجاني "ت 365هـ"، والدار قطني "ت 385هـ".
(يُتْبَعُ)
(/)
ولعل أبرز من يمثل هذه المرحلة هو ابن عدي في كتابه " الكامل في ضعفاء الرجال". كان ابن عدي يعتمد أقوال المتقدمين، فيوردها عادة في صدر الترجمة، ثم يفتش حديث الرجل –وهذا يقتضي أن يجمع حديثه، ويسوق منه أحاديثه المنكرة، أو ما أنكر عليه، أو الأحاديث التي ضعف من أجلها، فيدرسها ويبين طرقها – إن كانت لها طرق أخرى -، ويصدر حكماً في نهاية الترجمة يبين فيه نتيجة دراسته هذه، ويعبر عن ذلك بأقوال دالة نحو قوله: "لم أجد له حديثاً منكراً" ()، أو: "لا أعرف له من الحديث إلا دون عشرة"، أو: "هذه الأحاديث التي ذكرتها أنكر ما رأيت له" (). ونحو ذلك من الأقوال و الأحكام التي تشير إلى أن الأساس في الحكم على أي شخص جرحاً أو تعديلاً هي الأسانيد التي ساقها والمتون التي رواها، ولا ما قاله أهل الجرح والتعديل فقط. وقد دفعه هذا المنهج إلى إيراد رجال لم يتكلم فيهم أحد، لكنه وجد لهم أحاديث استنكرت عليهم لمخالفتهم ما هو معروف متداول من الأسانيد والمتون، وهو ما يُعبر عنه بعدم متابعة الناس له عليها، أو أنها غير محفوظة، نحو قوله في ترجمة سعد بن سعيد بن أبي سعيد المقبري بعد أن ساق له جملة أحاديث غير محفوظة: "ولسعد غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه غير محفوظ، ولم أر للمتقدمين فيه كلاماً، إلا أني ذكرته لأبين أن رواياته عن أخيه عن أبيه عن أبي هريرة عامتها لا يتابعه أحد عليها" ().
وقضية سعد هذا بينها ابن حبان في "المجروحين" بشكل أوضح، فقال: "يروي عن أخيه وأبيه عن جده بصحيفة لا تشبه حديث أبي هريرة يتخايل إلى المستمع لها أنها موضوعة أو مقلوبة أو موهومة، لا يحل الاحتجاج بخبره ".
المرحلة الرابعة: التأكيد على نقد السند استناداً إلى أقوال أئمة الجرح والتعديل بعد جمعهم لها والموازنة بينها، ووضع القواعد الخاصة بهذا الأمر مما ظهر في كتب المصطلح، فصححوا الأحاديث التي اتصل إسنادها برواية الثقات العدول، وخلت من الشذوذ والعلة، وحسنوا الأحاديث التي اتصلت أسانيدها، واختلف النقاد في واحد أو أكثر من رواتها، وضعفوا الأحاديث التي لم تتصل أسانيدها، أو ضعف واحد أو أكثر من رواتها، على اختلاف بينهم بين متشدد ومتساهل بحسب مناهجهم التي ارتضوها، وما أدري إليه اجتهادهم. وقد ظهر هذا الاتجاه منذ عصر أبي عبد الله الحاكم النيسابوري "ت 405هـ" وإلى عصور متأخرة.
المرحلة الخامسة: وهي المرحلة التي سادت بين أوساط المشتغلين بهذا العلم – على قلتهم- في العصور المتأخرة وإلى يوم الناس هذا، وهي التي تعتمد أقوال المتأخرين في نقد الرجال، ولا سيما الأحكام التي صاغها الحافظ ابن حجر في "التقريب" حيث صار دستوراً لمشتغلين في هذا العلم، فيحكمون على أسانيد الأحاديث استناداً إليه، ولا يرجعون – في الأغلب الأعم – إلى أقول المتقدمين، ولم يكتفوا بذلك بل راحوا يعتمدون تصحيح أو تضعيف المتأخرين للأحاديث مثل الحاكم، والمنذري، وابن الصلاح، والنووي، والذهبي، وابن كثير، والعراقي، وابن حجر، وغيرهم من أن هؤلاء لم ينهجوا منهج المتقدمين في معرفة حال الراوي من خلال مروياته، وإنما اعتمدوا أقوال المتقدمين في نقد الرجال مع تساهل غير قليل عند بعضهم مثل الحاكم وغيره.
ثانياً: قواعد المصطلح والحكم على الرواة اجتهادية:
إن القواعد التي وضعها مؤلفو كتب المصطلح اجتهادية، منها ما هو مبني على استقراء تام، ومنها – وهو أغلبها – ما هو مبني على استقراء غير تام.
وكذلك الحكم على الرواة في الغالب، لم يبين على الاستقراء التام؛ فالأحكام الصادرة عن الأئمة النقاد تختلف باختلاف ثقافاتهم، وقدراتهم العلمية والذهنية، والمؤثرات التي أحاطت بهم، وبحسب ما يتراءى لهم من حال الراوي تبعاً لمعرفتهم بأحاديثه ونقدهم مروياته، وتبينهم فيه قوة العدالة أو الضبط أو الضعف فيهما، وقد رأينا منهم من ضعف محدثاً بسبب غلط يسير وقع فيه لا وزن له بجانب العدد الكثير من الأحاديث الصحيحة التي رواها، ووجدنا منهم من يوثق محدثاً على الرغم من كثرة أوهامه وأخطائه، قال العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني صاحب "سبل السلام" في رسالته: "إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد": "قد يختلف كلام إمامين من أئمة الحديث في الراوي الواحد، وفي الحديث الواحد،
(يُتْبَعُ)
(/)
فيضعف هذا حديثاً، وهذا يصححها، ويرمي هذا رجلاً من الرواة بالجرح، وآخر يعدله، وذلك مما يشعر أن التصحيح ونحوه من مسائل الاجتهاد التي اختلفت فيها الآراء" () ... إلخ
المقالة ناقصة سأتمها فيما بعد إن تيسر ذلك
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[18 - Oct-2007, مساء 09:28]ـ
مقال الشيخ إبراهيم الصبيحي
النكت الجياد
المنتخبة من كلام شيخ النقاد
ذهبي العصر العلامة: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني
1312هـ - 1386هـ
القسم الأول " تراجم الرجال "
أعده وعلق عليه
أبو أنس إبراهيم بن سعيد الصبيحي
قال أبو أنس إبراهيم بن سعيد الصبيحي في مقدمة كتابه (النكت الجياد):
أصول السلف
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد في تعظيم قدر أئمة النقد
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. {يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [آل عمران آية: 102]، {يا أيها النسا اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساؤلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} [النساء آية: 1]، {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزراً عظيماً} [الأحزاب آية: 70، 71].
أما بعد:
فإن الله تعالى قد أحكم كتابه ,تكفل بحفظه، فامتلأت به الصدور قبل أن يدون في السطور، لا يسقط منه حرف، ولا يختلف فيه على شيء، يقرأ غضاً طريا، فلا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه. قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9].
وإن الله تعالى قد أوحى إلى عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بسنة ماضية، وهدي يقتدي به، وأمرنا الله بالتمسك بسنته واتباع هديه، وكل ما جاء به، قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} [النحل 44].
{وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} [الحشر 7]. وقال تعالى {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ... } [الأحزاب: 21].
وبين الله عز وجل أن النبي صلى الله عليه وسلم {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي} [النجم: 3،4].
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المبين عن الله عز وجل أمره، وعن كتابه معاني ما خوطب به الناس، وما أراد الله عز وجل به، وما شرع من معاني دينه وأحكامه وفرائضه، وموجباته، وآدابه، ومدوبه، وسننه التي سنها، وأحكامه التي حكم بها.
فلبث صلى الله عليه وسلم بمكة والمدينة ثلاثاً وعشرين سنة، يقيم للناس معالم الدين، يفرض الفرائض، ويسن السنن، ويمضي الأحكام، ويحرم الحرام، ويحل الحلال ويقيم الناس على منهاج الحق بالقول والفعل، صلوات الله عليه وعلى آله، أفضل صلاة وأزكاها وأكملها.
فثبت عليه الصلاة والسالم حجة الله عز وجل على خلقه، بما أدى عنه وبين من محكم كتابه ومتشابهه، وخاصة وعامه، وناسخه ومسوخه، وحو ذلك.
ولذا فقد أمر الله تعالى بطاعته فقال: {يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً} [النساء: 59] وحذر من مخالفته فقال: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنه أو يصيبهم عذاب أليم} [النور: 63].
وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم: في أتباع سنته؛ إذ هي النور البهي، والأمر الجلي، والحجة الواضحة والمحجة اللائحة، من تمسك بها اهتدى، ومن عدل عنها ضل وغوى.
وإذ أمرنا الله سبحانه باتباع سنته وهديه وكل ما جاء به، فقد كان من لازم ذلك أن يحفظ الله لنا تلك السنة – كما حفظ الكتاب – فتصل إلينا من طريق تقام بها علينا الحجة، {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} [النساء: 165].
(يُتْبَعُ)
(/)
ولذا فقد أمنا – ولله الحمد – أن تكون شريعة أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو ندب إليها، أو فعلها عليه السلام، فتضيع، ولم تبلغ إلى أحد من أمته. وأمنا أيضاً أن يكون الله تعالى يفرد بنقلها من لا تقوم بنقله الحجة. وكذا أن تكون شريعة يخطئ فيها راويها الثقة، ولا يأتي من الدلائل أو القرائن أو الشواهد ما يبين خطاه فيه.
ولذلك فإنه يتمنع أن يريد الله تعالى تشريع حكم، ثم يقطع على الأمة الطريق الموصلة إليه. وهذا القطع إما أن يكون بعدم وصوله إليهم وكتمانه عنهم أصلاً، وإما بإيصاله إليهم من طريق لا تقوم عليهم به حدة. فالأول ممنوع شرعاً وعقلاً، والثاني مردود لعدم فائدته.
(ولما كان ثابت السنن والآثار، وصحاح الأحاديث المنقولة والأخبار، ملجأ المسلمين في الأحوال، ومركز المؤمنين في الأعمال؛ إذ لا قوام للإسلام إلا باستعمالها، ولا ثبات للإيمان إلا بانتحالها، وجب الاجتهاد في علم أصولها، ولزم الحث على ما عاد بعمارة سبيلها) ().
فإذا قد أقام الله تعالى الحجة بحفظ دينه، وكان الكتاب لا يختلف في سبيل وصوله، وضمن الله تعالى لنا حفظ سنة نبيه، فقد وجب علينا معرفة السبيل الذي أرتضاه الله عز وجل ليكون حجة علينا في معرفة معاني كتابه، ومعالم دينه، وأحكام شرعيته.
وهذا السبيل هو: "النقل والرواية".
فقد اختار الله عز وجل لصحبة نبيه قوماً، شرفهم، وأعلى قدرهم، ورفع منزلتهم، ورضى عنهم، فحفظوا على الأمة أحكام الرسول، وأخبروا عن أنباء التنزيل، ونقلوا أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وضبطوا على اختلاف الأمور أحواله، في: يقظته ومنامه، وقعوده وقيامه، وملبسه ومركبه، ومأكله ومشربه، وهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل، وعرفوا التفسير والتأويل، ففقهوا في الدين، وعلموا أمر الله ونهيه ومراده، بمعاينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله، وتلقفهم منه واستنباطهم عنه، فشرفهم الله عز وجل بما من عليهم وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة، فنفى عنهم الشك والكذب والريبة، وسماهم عدول الأمة، فكانوا أئمة الهدى، وحجج الدين، ونقلة الكتاب والسنة.
فهذا هو أصل المحجة التي ارتضاها الله عز وجل لهذه الأمة في معرفة دينه، ألا وهو نقل الصحابة الكرام عن النبي صلى الله عليه وسلم بالمشاهدة والمعاينة للوحي والتنزيل.
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قد حض صحابته على التبليغ عنه في أخبار كثيرة، فقال: "بلغوا عني ولو آية". وقال في خطبته: "فليبلغ الشاهد منكم الغائب". ودعا لمن بلغ عنه فقال: "نصر الله امرءا سمع مقالتي فحفظها ووعاها حتى يبلغها غيره".
(ثم تفرقت الصحابة رضي الله عنهم في النواحي والأمصار والثغور، وفي فتوح البلدان والمغازي والإمارة والقضاء، فبث كل واحد منهم في ناحيته وبالبلد الذي هو به: ما وعاه وحفظه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكموا بحكم الله عز وجل، وأمضوا الأمور على ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وافتوا فيما سُئلوا عنه ما حضرهم من جواب رصول الله صلى الله عليه وسلم عن نظائرها من المسائل، وجردوا أنفسهم لتعليم الناس الفرائض والأحكام والسنن والحلال والحرام حتى قبضهم الله عز وجل، رضوان الله ومغفرته ورحمته عليهم أجمعين.
ثم خلف بعدهم التابعون الذي اختارهم الله عز وجل لإقامة دينه، وخصهم بحفظ فرائضه وحدوده وأمره ونهيه وأحكامه وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثاره، فحفظوا عن صحابته ما نشروه وبثوه من العلم، فأتقنوه وعلموه وفقهوا فيه، فكانوا من الإسلام والدين ومراعاة أمر الله عز وجل ونهيه بحيث وضعهم الله عز وجل، ونصبهم له، إذ يقول الله عز وجل: {والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه} [التوبة: 100].
فصاروا – برضوان الله عز وجل لهم وجميل ما أثنى عليهم – بالمنزلة التي نزههم الله بها عن أن يلحقهم مغمز أو تدركهم وصمة؛ لتيقظهم وتحرزهم وتثبتهم – رحمه الله ومغفرته عليهم أجمعين – إلا ما كان ممن الحق نفسه بهم، ودلسها بينهم ممن ليس يلحقهم، ولا هو في مثل حالهم، لا في فقه ولا علم ولا حفظ ولا إتقان، ممن بين أهل النقد حالهم، وميزوهم عن غيرهم من أقرانهم ليعرفوا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم خلفهم تابعو التابعين، وهم خلف الأخيار، وأعلام المصار في دين الله عز وجل، ونقل سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحفظه وإتقانه، والعلماء بالحلال والحرام، والفقهاء في أحكام الله عز وجل وفرضه وأمره ونهيه) ().
وهم على مراتب في الورع والضبط والإتقان، وقد جعل الله عز وجل لكل شيء قدراً. ومنهم أيضاً – وهم في هذه الطبقة أكثر من التي قبلها – من ألصق نفسه بهم، ودلسها بينهم، ممن ليس من أهل الصدق والأمانة، ومن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال منهم الكذب، فبينوا أمرهم.
هكذا حمل المتأخر عن المتقدم، واللاحق عن السابق، وتناقلت الرواة الأخبار والسنن، وزادت الوسائط المبلغة لدين الله عز وجل، وسميت هذه الوسائط بـ: "الإسناد".
ولما كان الله عز وجل قد أرتضى أن يكون "النقل" هو السبيل إلى تعرف هذه الأمة على دينه وشرعه، وقد ضمن الله لنا حفظ الدين، فقد دل ذلك أن السبيل إلى هذا التعرف – ألا وهو النقل الذي تقوم به الحجة – محفوظ أيضاً.
فكيف إذا حفظ الله عز وجل هذا "النقل"؟
والجواب: أن الله تعالى كما اختار لصحبه نبيه أعلاماً أكفاء، إئتمنهم على تبليغ دينه، فقد اختار أيضاً رجالاً صنعهم على عينه، وخصهم بهذه الفضيلة، ورزقهم هذه المعرفة، وهيأ لهم من الأحوال، ما جعلهم علماً للإسلام، وقدوة في الدين، ونقاداً لناقلة الأخبار، فاجتهدوا في حفظ هذا الدين، ونفي تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وبيان خطأ المخطئين، ولو كانوا من الثقات المتقنين.
وميز هؤلاء بين عدول النقلة والرواة وثقاتهم وأهل الحفظ والثبت والإتقان منهم، وبين أهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع الأحاديث الكاذبة.
(وقد جعلهم الله تعالى أركان الشريعة، وهدم بهم كل بدعة شنيعة، فهم أمناء الله من خليقته، والوساطة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأمته، والمجتهدون في حفظ ملته.
أنوارهم زاهرة، وفضائلهم سائرة، وآياتهم باهرة، ومذاهبهم ظاهرة، وحججهم قاهرة.
وكل فئة تتحيز إلى هوى ترجع إليه، أو تستحسن رأياً تعكف عليه – سواهم؛ فإن الكتاب عدتهم، والسنة حجتهم، والرسول فئتهم، وإليه نسبتهم، لا يعرجون على الأهواء، ولا يلتفتون إلى الآراء.
يقبل منهم ما رووا عن الرسول، وهم المأمونون عليه والعدول، حفظه الدين وخزنته، وأوعية العلم وحملته.
إذا اختلف في حديث، كان إليهم الرجوع، فما حكموا به فهو المقبول المسموع.
وهم الجمهور العظيم، وسبيلهم السبيل المستقيم، من كادهم قصمه الله، ومن عاندهم خذله الله، لا يضرهم من خذلهم، ولا يفلح من اعتزلهم.
المحتاط لدينه إلى إرشادهم فقير، وبصر الناظر بالسوء إليهم حسير، وإن الله على نصرهم لقدير.
قد جعلهم الله عز وجل حراس الدين، وصرف كيد المعاندين، لتمسكهم بالشرع المتين، واقتفائهم آثار الصحابة والتابعين.
فشأنهم حفظ الآثار، وقطع المفاوز والقفار، وركوب البراري والبحار، اقتفاء لحديث النبي المختار.
قبلوا شريعته قولاً وفعلاً، وحرسوا سنته حفظاً ونقلاً، حتى ثبتوا بذلك أصلها، وكانوا أحق بها وأهلها.
وكم من ملحد يروم أن يخلط بالشريعة ما ليس منها، والله تعالى يذب بهم عنها، فهم الحفاظ لأركان، والقوامون بأمرها وشأنها، {أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون} [المجادلة: 22] ().
ولولا هؤلاء الأئمة الجهابذة النقاد الذين اصطفاهم الله عز وجل لحفظ دينه، لا ندرس الإسلام، ولغابت شمس الشريعة عن الأنام، ولأصبح الناس في ظلمة دهماء، وحيرة عمياء، لا يميزون بين الحق والباطل، ولا الصحيح من السقيم، ولارتفع صوت الإلحاد، ولضاع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بين كيد كائد، وحقد حاقد.
فاللهم انفعنا بمحبتهم، واحشرنا في زمرتهم، ولا تفتنا بعدهم، ولا تحرمنا أجرهم، واجعلنا من اتباعهم، وحملة لوائهم، وبلغنا شرف منزلتهم، وحسن سيرتهم، وأمتنا على ملتهم، إنك بنا خبير بصير.
(يُتْبَعُ)
(/)
فهؤلاء النقاد – لما انتشرت رواية الأحاديث الضعيفة بحسن نية من الرواة الصالحين الموصوفين بكثرة الغلط وغلبة الوهم، وبسوء نية من أصحاب الأهواء وغيرهم – شمروا عن ساعد الجد، وتأهبوا للقيام بالمهمة التي أنيطت بهم، وعزموا على تنقية السنة الشريفة من كل ما خالطها من الأباطيل والأكاذيب.
وأرسى هؤلاء القواعد لحفظ الأسانيد والمتون من الوضع والتحريف والتصحيف والأوهام؛ كما اشترطوا شروطاً وضوابط لقبول الحديث أو رده، غاية في الإتقان.
فقد بلغ هؤلاء من البراعة في الدقة، والتثبت، والاحتياط ما يحير العقول، حتى لقد حدا ببعض من لم يعرف لهم قدرهم، ولم يطلع على قدراتهم، ولم يضبط قواعد فنهم، أن رأي أحكامهم على الأخبار تصحيحاً وتضعيفاً، بكلام مجمل، فظن أنهم يدعون الغيب، أو أنهم يتكهنون!
قال أبو حاتم الرازي (): "جاء من جلة أصحاب الرأي، من أهل الفهم منهم، ومعه دفتر، فعرضه على، فقلت في بعضها: هذا حديث خطأ؛ قد دخل لصحابه حديث في حديث. وقلت في بعضه: هذا حديث باطل وقلت في بعضه: هذا حديث منكر. وقلت في بعضه: هذا حديث كاذب، وسائر ذلك أحاديث صحاح.
فقال لي: من أين علمت أن هذا خطأ، وأن هذا باطل، وأن هذا كذب؟. أخبرك راوي هذا الكتاب بأني غلطت وأني كذبت في حديث كذا؟.
فقلت لا، وما أدري هذا الجزء من رواية من هو؟ غير أني أعلم أن هذا خطأ، وأن هذا الحديث باطل، وأن هذا الحديث كذب.
فقال: تدعي الغيب؟
قلت: ما هذا ادعاء الغيب.
قال: فما الدليل على ما تقول؟
قلت: سلْ عما قلتُ من يُحسنُ مثل ما أحسنُ، فإن اتفقنا، علمت أنا لم نجازف، ولم نقله إلا بفهم.
قال: من هو الذي يحسن مثل ما تحسن؟
قلت: أبو زرعة.
قال: ويقول أبو زرعة مثل ما قلت؟
قلت: نعم.
قال: هذا عجب. فأخذ، فكتب في كاغد ألفاطي في تلك الأحاديث، ثم رجع إلى، وقد كتب ألفاظ ما تكلم به أبو زرعة في تلك الأحاديث.
فما قلت إنه باطل، قال أبو زرعة: هو كذب. قلت: الكذب والباطل واحد. وما قلت إنه كذب قال أبو زرعة: هو باطل. وما قلت إنه منكر، قال: هو منكر، كما قلت: وما قلت إنه صحاح، قال أبو زرعة: هو صحاح.
فقال: ما أعجب هذا! تتفقان من غير مواطأة فيما بينكما؟ فقلت: فقد () ذلك أنا لم نجازف، وإنما قلناه بعلم ومعرفة قد أوتينا، والدليل على صحة ما نقوله بأن دينارا نبهرجا () يحمل إلى الناقد ()، فيقول: هذا دينار نبهرج، ويقول لدينار: هو جيد، فإن قيل له: من أين قلت أن هذا نبهرج؟ هل كنت حاضرا حين بهجر هذا الدينار؟ قال: لا. فإن قيل له: فأخبرك الرجل الذي بهرجه أني بهرجت هذا الدينار؟ قال: لا، قيل: فمن أين قلت إن هذا نبهرج؟ قال: علماً رزقت.
وكذلك نحن، رزقنا علما لا يتهيأ لنا أن نخبرك كيف علمنا بأن هذا الحديث كذب، وهذا حديث منكر إلا بما نعرفه " أهـ.
قلت: معنى كلام أبي حاتم رحمه الله تعالى أنه قد صارت له ولأبي زرعة وغيرهما من النقاد -وهم قليل كما سيأتي- "ملكة" قوية و "سجية" و "غريزة"، يكشفون بها زيف الزائف، ووهم الواهم وغير ذلك.
أسباب تحيل تلك "الملكة":
وهذه " الملكة لم يؤتوها من فراغ، وإنما هي حصاد رحلة طويلة من الطلب، والسماع، والكتابة، وإحصاء أحاديث الشيوخ، وحفظ أسماء الرجال، وكناهم، وألقابهم، وأنسابهم، وبلدانهم، وتواريخ ولادة الرواة ووفياتهم، وابتدائهم في الطب والسماع، وارتحالهم من بلد إلى آخر، وسماعهم من الشيوخ في البلدان، من سمع في كل بلد؟ ومتى سمع؟ وكيف سمع؟ ومع من سمع؟ وكيف كتابه، ثم معرفة أحوال الشيوخ الذين يحدث الراوي عنهم، وبلدانهم، ووفياتهم، وأوقات تحديثهم، وعادتهم في التحديث، ومعرفة مرويات الناس عن هؤلاء الشيوخ، وعرض مرويات هذا الراوي عليها، واعتبارها بها، إلى غير ذلك مما يطول شرحه.
هذا مع سعة الاطلاع على الأخبار المروية، ومعرفة سائر أحوال الرواة التفصيلية، والخبرة بعوائد الرواة ومقاصدهم وأغراضهم، وبالأسباب الداعية إلى التساهل والكذب، وبمظنات الخطأ والغلط، ومداخل الخلل.
هذا مع اليقظة التامة، والفهم الثاقب، ودقيق الفطنة، وامتلاك النفس عند الغضب، وعدم الميل مع الهوى، والإنصاف مع المواقف والمخالف، وغير ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذه المرتبة بعيدة المرام، عزيزة المنال، لم يبلغها إلا الأفذاد، وقد كانوا في القلة بحيث صاروا رؤوس أصحاب الحديث فضلاً عن غيرهم، وأضحت الكلمة إليهم دون سواهم.
ندرة أهل النقد ودقة منهجهم:
وليس ذاك الرجل الذي حكى أبو حاتم مجيئه إليه، وعرضه دفتره عليه – وقد كان من أهل الفهم من أصحاب الرأي – بأحسن حالاً من كثير من أهل بلده وعصره فضلاً عمن بعدهم.
قال أبو حاتم (): "جرى بيني وبين أبي زرعة يوماً تمييز الحديث ومعرفته، فجعل يذكر أحاديث ويذكر عللها، وكذلك كنت أذكر أحاديث خطأ وعللها، وخطأ الشيوخ، فقال لي: يا أبا حاتم، قل من يفهم هذا، ما أعز هذا، إذا رفعت هذا من واحد واثنين فما أقل من تجد من يحسن هذا. وربما أشك في شيء أو يتخالجني شيء في حديث، فإلي ألتقي معك لا أجد من يشفيني منه. قال أبو حاتم: وكذاك كان أمري.
فقال ابن أبي حاتم: قلت لأبي. محمد بن مسلم [يعني: ابن وارة]؟ قال: يحفظ أشياء عن محدثين يؤديها، ليس معرفته للحديث غريزة". أهـ.
وابن وارة حافظ ثبت، قال ابن أبي حاتم: ثقة صدوق، وجدت أبا زرعة يجله ويكرمه. وقال أبو بكر بن أبي شيبة: أحفظ من رأيت: ابن الفرات، وابن وآرة، وأبو زرعة. وقال النسائي: ثقة صاحب حديث. وقال الطحاوي: ثلاثة بالري لم يكن في الأرض مثلهم في وقتهم: أبو حاتم وأبو زرعة وابن وارة.
ومع ذلك يقول عنه أبو حاتم: ليس معرفته للحديث غريزة.
فأنت ترى عزة هؤلاء النفر وندرتهم بين أهل زمانهم، ووعورة طريقتهم على أكثر الخلق – وفيهم جملة من المشتغلين بالحديث وروايته – مع اطلاع الكثير على أحوالهم، وسعة حفظهم، وتوفر المقتضى الداعي لفهم منهجهم، من القرب منهم، وإمكانية الرجوع إليهم، مع مشاهدة ميدان الرواية، ومجالس التحديث، وأحوال الرواة تحملاً وأداءً، ودرجاتهم في التثبت والاحتياط، وغير ذلك من المجالات التي تدور عليها تعليلات هؤلاء النقاد.
فإذا كان الأمر على نحو ما ذكرت، فليس من عجب أن تزداد تلك الوعورة على من بعدهم، وتزداد الهوة بينهم، إلى سائر الأزمان المتأخرة، وهلهم جرا إلى زماننا هذا.
رأس مال الناقد:
فمما ينبغي أن يستحضره الناظر في كلام الناقد: هذا الاطلاع الواسع الذي سبق التنبيه عليه إجمالاً، ولكني ههنا أخص بالذكر "رأس مال الناقد" في هذا الشأن، ألا وهو:
"الإحصاء والحفظ"
فأقول: كان الناقد يستوعب أولاً ما عند شيوخ بلده من الحديث فيسمعه، ويكتبه على الوجه، محصيا أحاديث كل شيخ عن شيوخه، حافظاً لتلك الأسانيد برواتها ومتونها، وربما كان بعضهم يصنف أحاديث الشيوخ على: الأبواب، كالإيمان والطهارة والصلاة ونحوها، أو على المسانيد، كحديث أبي هريرة، وابن عمر، وابن عباس وهكذا. فيصير الحديث الواحد عنده مخرجاً في أكثر من باب. ولاشك أن في شيوخ هذا الناقد من أهل بلده من رحلوا، ورووا عن شيوخهم من هنا وهناك، فأصبح عند الناقد أحاديث بعض شيوخ البلدان والأمصار.
ثم يبدأ الناقد في سماع الحديث والأثر، ويصنع بأحاديث كل شيخ ممن سمعهم في الرحلة مثلما صنع في أحاديث شيوخ بلده، ولا شك أن في سماعه الجديد أشياء يسمعها من شيوخ شيوخ بلده، فيقارنها بما سمعه من شيوخ بلده عنهم، فمن النقاد من يكتبها مرة أخرى، ومنهم من ينتخب ما يجد فيها خلافاً عما سمعه من شيوخ بلده أو غيرهم – سواء كان هذا الاختلاف في الإسناد في المتن، وكان من أمثلة النوع ا لأول من هؤلاء النقاد: أبو زرعة، ومن النوع الثاني: أبو حاتم رحمهما الله تعالى.
قال ابن أبي حاتم (): سمعت أبي رحمة الله يقول: "كنا إذا اجتمعنا عند محدث أنا وأبو زرعة، كنت أتولى الانخاب، وكنت إذا كتبت حديثاً عن ثقة لم أعده، وكنت أكتب ما ليس عندي. وكان أبو زرعة إذا انختب يكثر الكتابة، كان إذا رأى حديثاً جيداً قد كتبه عن غيره أعاده" اهـ.
وكان الناقد ربما سمع من الشيخ الواحد عدة مرات، بينها فترات؛ التماسا لسماع ما لم يسمعه منه من قبل، وكان ينتخب أيضاً ما فاته سماعه فقط، فيكتبه، أما المعاد، فإنه يعرضه على كل ما كتبه عنه أولاً؛ لاختبار حال الشيخ في الضبط.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال أبي حاتم (): سمعت أبي رحمه الله يقول: "كنا إذا اجتمعنا عند محدث أنا وأبو زرعة، كنت أتولى الانتخاب، وكنت إذا كتبت حديث عن ثقة لم أعده، وكنت أكتب ما ليس عندي. وكان أبو زرعة إذا انتخب يكثر الكتابةى، كان إذا رأى حديثاً جيداً قد كتبه عن غيره أعاده"اهـ.
وكان الناقد ربما سمع من الشيخ الواحد عدة مرات، بينها فترات؛ التماساً لسماع ما لم يسمعه منه من قبل، وكان ينتخب أيضاً ما فاته سماعه فقط، فيكتبه، أما المعاد، فإنه يعرضه على ما كتبه عنه أولاً؛ لاختبار حال الشيخ في الضبط.
قال ابن أبي حاتم (): سمعت أبي يقول: "كنت أتولى الانتخاب على أبي الوليد ()، وكنت لا انتخب ما سمعت من أبي الوليد قديماً ... فلما تيسر لي الخروج من البصرة، قلت لأبي زرعة: تخرج؟ فقال: لا، إنك تركت أحاديث من حديث أبي الوليد مما كتبت عنه سمعت منه قديماً، فكرهت أن أسأل في شيء يكون عليك معاداً، فأنا أقيم بعدك حتى أسمع" اهـ.
وقال أبو الوليد الطيالسي (): قال حماد بن زيد: ما أبالي من خالفني إذا وافقني شعبة؛ لأن شعبة كان لا يرضى أن يسمع الحديث مرة، يعاد صاحبه مراراً، ونحن كنا إذا سمعناه مرة اجتزينا به"اهـ.
وقال أبو داود الطيالسي (): سمعت شعبة يقول: سمعتُ من طلحة بن مصرف حديثاً واحداً، وكنت كما مررت به سألته عنه، فقيل له: لم يا أبا بسطام؟ قال: أردت أن أنظر إلى
حفظه، فإن غير فيه شيئاً تركته". اهـ.
أمثلة لما "يحصيه" الناقد:
فالناقد يدأب في التراحل، والسماع، والكتابة، والتصنيف، والانتخاب، على نحو ما سبق، ويولي عنايته أثناء ذلك لأمور: منها:
1 - حصر أحاديث من تدور عليهم الأسانيد في البلدان. وذلك بأن يجمع الناقد أحاديث على واحد منهم، مبوباً ذلك على شيوخه وتلاميذه.
قال علي بن المديني (): "نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة: الزهري، وعمرو بن دينار، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير، وأبي إسحاق – يعني الهمداني – وسليمان الأعمش.
ثم صار علم هؤلاء الستة إلى أصحاب الأصناف، فممن صنف من أهل الحجاز: مالك بن أنس، وابن جريح، ومحمد بن إسحاق، وسفيان بن عيينة.
ومن أهل البصرة: شعبة، وسعيد بن أبي عروبة، وحماد بن سلمة، ومعمر، وأبو عوانة.
ومن أهل الكوفة: سفيان الثوري.
ومن أهل الشام: الأوزاعي.
ومن أهل واسط: هشيم.
ثم صار علم هؤلاء الأثنى عشر إلى ستة: إلى يحيى بن سعيد – يعني القطان – وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بن الجرح، ويحيى بن أبي زائدة، ويحيى بن آدم، وعبد الله بن المبارك" اهـ.
فكان الناقد يحفظ أحاديث كل من هؤلاء، من طريق تلامذتهم الملازمين لهم، المعروفين بهم، وكان لبعض هؤلاء نسخ وصحائف بأحاديثهم التي حدثوا بها، بحيث يستطيع الناقد عن طريق هذا "الإحصاء" الدقيق لحديث كل منهم أن يقول فيما يعرض عليه: هذا ليس من حديث فلان – أو هو غريب من حديث فلان – أو لا يجيء من حديث فلان.
أو هو من حديث فلان لكن بإسناد آخر، أو بهذا الإسناد لكن بمتن آخر، وهكذا.
ويحكم الناقد بهذا على راوي ذاك الحديث بالوهم في روايته، وقد يكون هذا الراوي ثقة، ولكن حفظ الناقد – وهو فوق الثقة بلا شك – أولى من حفظ غيره، لأنه يعتمد على "الحصر" و "الإحصاء".
قال أبو حاتم (): "صليت بجنب يحيى بن معين فرأيت بين يديه جزءاً .. فطالعته، فإذا: "ما روى الأعمش عن يحيى بن وثاب أو عن خيثمة – شك أبو حاتم – فظننت أنه صنف حديث الأعمش " اهـ.
معنى ذلك أن ابن معين كانت عنده أحاديث الأعمش مصنفة بحسب مشايخه، وهذا "حصر" لأحاديث الأعمش بصورة دقيقة متقنة، وقص على ذلك أحاديث غيره، وكذا صنيع غالب النقاد.
وقال علي بن الحسين بن الجنيد (): ما رأيت أحداً أحفظ لحديث مالك بن أنس لمسنده ومنقطعة من أبي زرعة. فقال له ابن أبي حاتم: ما في الموطأ والزيادات التي ليست في الموطأ؟ فقال: نعم" اهـ.
وقال أبو زرعة (): " نظرت في نحو من ثمانين ألف حديث من حديث ابن وهب بمصر وفي غير مصر ما أعلم أني رأيت له حديثاً لا أصل له" اهـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال أبو زرعة أيضاً (): "خرجت من الري المرة الثانية سنة سبع وعشرين ومائتين، ورجعت إلىمصر، فأقمت بمصر خمسة عشر شهراً، وكنت عزمت في بدو قدومي مصر أني أقل المقام بها، لما رأيت كثرة العلم بها وكثرة الاستفادة، عزمت على المقام، ولم أكن عزمت على سماع كتب الشافعي، فلما عزمت على المقام وجهت إلى أعرف رجل بمصر بكتب الشافعي، فقبلتها منه بثمانين درهماً أن يكتبها كلها، وأعطيته الكاغد، وكنت حملت معي ثوبين .. لأقطعهما لنفسي، فلما عزمت على كتابتها، أمرت بيعهما، فبيعا بستين درهما، واشتريت مائة ورقة كاغد بعشرة دراهم، كتبت فيها كتب الشافعي .. ".
فانظر إلى نفقته في "إحصاء" كتب الشافعي.
وقال أبن أبي حاتم (): "سمعنا من محمد بن عزيز الأيلي الجزء السادس من مشايخ عقيل، فنظر أبي في كتابه، فأخذ القلم فعلم على أربعة وعشرين حديثاً؛ خمسة عشر حديثاً منها متصلة بعضها ببعض، وتسعة أحاديث في آخر الجزء متصلة، فسمعته يقول: ليست هذه الأحاديث من حديث عقيل عن هؤلاء المشيخة، إنما ذلك من حديث محمد بن إسحاق عن هؤلاء المسيخة.
ونظر إلى أحاديث عن عقيل عن الزهري، وعقيل عن يحيى بن أبي كثير، وعقيل عن عمرو بن شعيب ومكحول، وعقيل عن أسامة بن زيد الليثي فقال: هذه الأحاديث كلها من حديث الأوزعي عن يحيى بن أبي كثير، والأوزاعي عن نافع، والأوزاعي عن أسامة بن زيد، والأوزاعي عن مكحول، وإن عقيلاً لم يسمع من هؤلاء المشيخة هذه الأحاديث"اهـ.
فتدبر قول أبي حاتم: "ليست هذه الأحاديث من حديث عقيل عن هؤلاء المشيخة" من أين كان يتأتى له أن يجزم بذلك إن لم تكن أحاديث عقيل مجموعة عنده، مصنفة على أسماء شيوخه، فلم يجد فيها ما رآه في كتاب ابن أبي حاتم المشار إليه، وكانت تلك الأحاديث فيما أحصاه أبو حاتم من حديث محمد ابن إسحاق عن هؤلاء الشيوخ، فعلم أن خطئاً طرأ على ذاك الكتاب لعله من التحويل أو غير ذلك من أسباب الخلل، فأبدل اسم ابن إسحاق بعقيل، وكذلك أبدل اسم الأوزاعي به في سائر الأحاديث؛ لأن أمثال هؤلاء: عقيل، وابن إسحاق، والأوزاعي ممن "يحصر" النقاد أحاديثهم فلا يغيب عنهم منا شيء.
وقيل لأبي حاتم (): إن عبد الجبار بن العلاء روى عن مروان الفزاري عن ابن أبي ئنب، فقال: قد نظرت في حديث مروان بالشام الكثير، فما رأيتُ عن ابن أبي ذئب أصلاً".
وكذلك استنكر أبو زرعة هذه الرواية، فاتفقا من غير تواطؤ بينهما؛ لمعرفتهما بهذا الشأن، كما قال ابن أبي حاتم.
فمن أين لهما الجزم بذلك إن لم تكن أحاديث مروان نصب أعينهما، يعدانها عدا، ويحصيانها إحصاء؟
فقس على هذا "حصر" النقاد أحاديث من تدور عليهم الأسانيد في البلدان.
2 - ومنها: معرفة طبقات الرواة عن أولئك الحفاظ، ودرجاتهم في الثقة، والضبط، والتثبت، والصحبة، والملازمة، والإكثار وغير ذلك، وهذا النوع من المعرفة يتوقف عليه تقديم الناقد رواية بعض الرواة على بعض ().
3 - ومنها: حصر أحاديث الضعفاء ونسخهم وصحفهم، حتى لا تختلط بأحاديث الثقات، فإذا أبدل اسم الضعيف بثقة، لم يرج ذلك عليهم.
قال الأثرم (): رأى أحمد بن حنبل يحيى بن معين بصنعاء في زاوية، وهو يكتب صحيفة معمر عن أبان () عن أنس، فإذا طلع عليه إنسان كتمه. فقال له أحمد بن حنبل: تكتب صحيفة معمر عن أبان عن أنس، وتعلم أنها موضوعة، فلو قال لك قائل: إنك تتكلم في أبان ثم تكتب حديثه على الوجه؟ فقال: رحمك الله يا أبا عبد الله، أكتب هذه الصحيفة عن عبد الرزاق عن معمر على الوجه فأحفظها كلها، وأعلم أنها موضوعة، حتى لا يجيء بعده إنسان فيجعل بدل: "أبان" "ثابتاً" ()، ويرويها عن معمر عن ثابت عن أنس بن مالك، فأقول له: كذبت، إنما هي عن معمر عن أبان، لا عن ثابت" اهـ.
وانظر كتاب "الجامع" للخطيب (2/ 192)، فقد بوب على هذا المعنى وذكر لهذه الحكاية نظائر عن بعض الأئمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
4 - السؤال عن أحوال من لم يعرفهم من رجال الأسانيد التي يسمعها، وجمع أحاديث المقلين منهم، ومعرفة المجاهيل من الرواة، ومن لم يرو عنهم إلا القليل، والوقوف على الأحاديث التي لا ترد إلا من طريقهم، وكشف الشواذ والمناكير من الآثار بعرضها على أصول الكتاب والسنة، وعلى سائر ما صح من الأخبار، ويكون ذلك وغيره باستعمال "ملكته" الخاصة، وبالمذاكرة بينه وبين سائر النقاد الأحبار.
والناقد يحفظ تلك الغرائب للمعرفة، لا لروايتها ولا للاحتجاج بها، وإنما يهجرها الأئمة ولا يعولون عليها، لثبوت الوهم تفيها خطأ أو عمداً، وللأسف يأتي من بعدهم فيقفون عليها، فيظنون بأنفسهم خيرا، ولا يدركون ما فيها من الشذوذ والغربة – سنداً أو متناً -، فلا يقنعون بهجر الأوائل لها، ولا بتركهم لروايتها، ولا بتنبيه بعضهم على نكارتها، فتجدهم يقوون بها أحاديث ضعيفة، ويضمدون بها أخبار جريحة، ويتباري القاصرون في تصحيح تلك المناكير، غير ملتفتين إلى أن الناقد خبير.
وقد كان للنقاد عناية خاصة بالتعرف على غرائب الحديث، وأوهام الرواة، وكانت جل مذاكراتهم إنما تدور حول هذا النوع من الحديث، فيتذاكرون علل الأحاديث، وأخطاء الرواة، ويقومون بالفحص عنها والتفيش عن مظانها، حتى إنهم ليتنافسون في معرفتها والوقوف عليها.
وقد سبق إيراد قول أبي حاتم: "جرى بيني وبين أبي زرعة يوماً تمييز الحديث ومعرفته، فجعل يذكر أحاديث ويذكر عللها، وكذلك كنت أذكر أحاديث خطأ وعللها وخطأ الشيوخ ... ".
وكان لأصحاب الحديث لغة يعبرون بها عن تلك الغرائب، قال الإمام أحمد: "إذا سمعت أصحاب الحديث يقولون: هذا الحديث غريب أو فائدة، فأعلم أنه خطأ، أو دخل في حديث، أو خطأ من المحدث، أو حديث ليس له إسناد، وإن كان قد روى شعبة وسفيان. فإذا سمعتهم يقولون: لا شيء فاعلم أنه حديث صحيح" ().
وقوله " لا شيء " أي ليس هو من جنس ما يعتنون بتحصيله ومعرفته، وإنما هو حديث صحيح مشهور.
وقد كان النقاد – مع معرفتهم بتلك الغرائب – يمدحون المشهور من الحديث، ويذمون الغريب منه، خشية أن يتتبعها من لا علم له، فيسقط فيها.
قال عبد الله بن المبارك: "العلم هو الذي يجيئك من ههنا ومن ههنا" يعني المشهور. وقال الإمام مالك: "شر العلم الغريب"، وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس". وقال الإمام أحمد: "شر الحديث الغرائب التي لا يعمل بها ولا يعتمد عليها". وقال أيضاً: "تركوا الحديث وأقبلوا على الغرائب، ما أقل الفقه فيهم؟! ".
وقال شعبة: "لا يجيئك الحديث الشاذ إلا من الرجل الشاذ" ().
يقول الخطيب البغدادي (): "أكثر طالبي الحديث في هذا الزمان يغلب على إرادتهم كتب الغريب دون المشهور، وسماع المنكر دون المعروف، والاشتغال بما وقع فيه السهو والخطأ من روايات المجروحين الضعفاء، حتى لقد صار الصحيح عند أكثرهم مجتنبا، والثابت مصدوفا عنه مطروحاً، وذلك كله لعدم معرفتهم بأحوال الرواة ومحلهم، ونقصان علمهم بالتمييز، وزهدهم في تعلمه، وهذا خلاف ما كان عليه الأئمة من المحدثين، والأعلام من سلفنا الماضين".
نقل ذلك ابن رجب في "شرح العلل" (1/ 409)، ثم قال: "وهذا الذي ذكره الخطيب حق، ونجد كثيراً ممن ينتسب إلى الحديث لا يعتني بالأصول الصحاح كالكتب الستة ونحوها، ويعتني بالأجزاء الغريبة، وبمثل مسند البزار، ومعاجم الطبراني، أو أفراد الدار قطني، وهي مجمع الغرائب والمناكير" اهـ.
ويلتحق بما ذكره ابن رجب: كتب الضعفاء، ككتاب العقيلي، وابن حبان، وابن عدي، وكتاب "الحلية" لأبي نعيم، و "مسند الفردوس" للديلمي، وأغلب ما يساق في تراجم الرواة في كتب التواريخ مثل: تاريخ الخطيب، والحاكم، وابن عساكر، وغيرها، وكتابي أبي الشيخ وأبي نعيم في "الأصبهانين" وغيرها من كتب تواريخ البلدان، وطبقات الرواة، وكتب "الفوائد"، والأجزاء الحديثية.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهؤلاء وغيرهم إنما قصدوا جمع غرائب الأحاديث، وأوهام الرواة، وراموا جمع ما لم يكن مخرجاً في كتب الصحاح والأصول المعروفة، وإنما كانت تلك الأحاديث متداولة على ألسنة من لم يكتب حديثه المحدثون، فهجروها عمداً ولم يخرجوها في كتبهم، وقد كانت تدور تارة بين الوعاظ المتشدقين، وتارة بين المتفقهين، وتارة بين أهل الأهواء والبدع في الدين، وتارة بين الضعفاء والمجروحين، وربما كان أصل تلك الأحاديث: آثاراً لبعض الصحابة والتابعين، أو كلاماً لبعض الحكماء الواعظين، أو قواعد مستنبطات من الفقه في الدين، أو أخبارً لبني إسرائيل، أو معاني محتملات أو مفهومات من بعض أدلة الكتاب والسنة، فرواها قوم لا يعرفون غوامض الرواية، فجعلوها أحاديث مستقلة برأسها عمداً أو خطأ، وربما كانت جملاً شتى في أحاديث مختلفة، جعلوها حديثاً واحداً بنسق واحد.
وهذه الأحاديث لا تخلو عن أمرين:
إما أن المتقدمين تفحصوا عنها ولم يجدوا لها أصولاً حتى يشتغلوا بروايتها.
وإما أنهم وجدوا لها أصولاً ولكن صادفوا فيها قدحاً أو علة موجبة لترك روايتها فتركوها ().
وعلى كل حال فليست تلك الأحاديث صالحة للاعتماد عليها، حتى يتمسك بها في عقيدة أو عمل.
وقد أضل هذا القسم قوماً ممن لم يتدبروا ما سلف من مناهج الأئمة والمصنفين، فأغتروا بكثرة الطرق الورادة في تلك المصنفات، وحسبوا أنهم وقفوا على ما لم يقف عليه المتقدمون، فسموا تلك الطرق "متابعات" و "شواهد" فجعلوا الغرائب والمناكير عواضد يشدون بها ما تسقر أهل النقد على طرحه ووهنه.
ولم يفطن هؤلاء القوم إلى أن عصور الرواية قد انقضت وتلك الأحاديث في عيون النقاد غريبة منكرة مهجورة.
فلم ينصف هؤلاء أسلافهم ولم يقدروهم قدرهم، بل دل صنيعهم على اعتقاد أنهم قصروا في تحصيل تلك الطرق، ولم يفطنوا إلى منهج أولئك المصنفين في أنهم ما أخرجوا تلك الطرق للاحتجاج ولا للاعتبار.
وهذا المبحث يحتاج إلى بسط، ليس هذا موضوعه، ولعل فيما ذكرت إشارة إلى ما أردناه. ولعلنا في قسم القواعد، ومناهج الأئمة والمصنفين، نتناوله بشيء من التوسع إن شاء الله تعالى.
والأئمة لا يقفون عند نقدهم لغرائب الضعفاء والمجاهيل فحسب، بل كان البارعون منهم ينتخبون الأحاديث الغريبة والروايات المنكرة من أصول شيوخ ثقات لهم أو لغيرهم، وحرصاً منهم على تمييز تلك الأحاديث، كان يرسم كل منهم أمام الأحاديث علامة خاصة به ليتميز بها عن علامات أصحابه.
وقد عقد أبو بكر الخطيب في كتابه " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" بابا خاصا بعنوان: "رسم الحافظ العلامة على ما ينتخبه" ().
ومن ا لواضح مما هناك أن أكثر النقاد لا ينتخبون من الأصول إلا الأحاديث الغريبة والروايات المنكرة، وذلك أنهم يريدون به لفت انتباه من ينظر فيها إلى غرابتها ونكارتها، وهذا الصنيع لا يقدر عليه إلا فحول النقاد وفرسانهم.
وقد أورد الخطيب هناك أمثلة، منها حديث قتيبة بن سعيد عن الليث عن يزيد ابن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل مرفوعاً، وفيه جمع التقديم في غزوة تبوك. هذا الحديث قد أعله أئمة النقد قائلين بأن قتيبة تفرد به عن الليث بهذا الإسناد، وأن هذا الحديث قد أعله أئمة النقد قائلين بأن قتيبة تفرد به عن الليث بهذا الإسناد، وأن هذا الحديث لا يعرف عن الليث، ولم يروه عنه أهل مصر، ولا هو عند أصحابه، ولا في أصوله المعروفة، من هؤلاء النقاد ممن صرحوا بإعلاله: الإمام البخاري، وأبو حاتم، وأبو داود، والترمذي، وابن يونس، والحاكم والبيهقي وغيرهم، كما سيأتي. قال الحاكم في "معرفة علوم الحديث" ص: 120 "هذا حديث رواته أئمة ثقات، وهو شاذ الإسناد والمتن .. وقد حدثونا عن أبي العباس الثقفي قال: كان قتيبة بن سعيد يقول لنا: على هذا الحديث علامة أحمد بن حنبل، وعلى بن المديني، ويحيى بن معين، وأبي بكر ابن أبي شيبة، وأبي خيثمة، حتى عد قتيبة أسامي سبعة من أئمة الحديث، كتبوا عنه هذا الحديث. وقد أخبرناه أحمد بن جعفر القطيعي قال: ثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال: ثنا قتيبة فذكره.
قال الحاكم: فأئمة الحديث إنما سمعوه من قتيبة تعجباً من إسناده ومتنه ... ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد اتفق أصحاب "الملكة" من النقاد على إعلال هذا الحديث، وأنه خطأ ولا أصل له، مع اختلافهم في تحديد المخطئ فيه، وهذا لا يؤثر في الاتفاق المذكور ().
ولم يجر على ظاهر إسناد هذا الحديث فصححه إلا نفر من المتأخرين والمعاصرين، وهذا مظهر من مظاهر تلك الهوة التي لا تبرح في زيادة بين النقاد ومن بعدهم، والتي أشرنا إليها آنفاً.
ولم يسع الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بعد عرض مذاهب النقاد في إعلال هذا الحديث إلا أن يسجل شهادته الخالدة، فيقول (): "وبهذا التقرير يتبين عظم موقع كلام المتقدمين، وشدة فحصهم، وقوة بحثهم، وصحة نظرهم، وتقدمهم بما يوجب المصير إلى تقليدهم في ذلك، والتسليم لهم فيه، وكل من حكم بصحة الحديث مع ذلك إنما مشى على ظاهر الإسناد" اهـ.
5 - ومنها: معرفة من ضعف حديثه من الثقات في بعض الأوقات دون بعض، وهم من اختلطوا أو تغيروا أو ذهب بصرهم، أو كتابهم، في آخر عمرهم ().
6 - ومنها: معرفة من ضعف حديثه في بعض الأمكنة دون بعض ().
7 - ومنها: معرفة من ضعف حديثه عن بعض الشيوخ دون بعض ().
8 - ومنها: المعرفة الناشئة عن كثرة الممارسة لأحاديث الرواة، بحيث يصير للناقد فهم خاص يدرك به أن هذا الحديث يشبه حديث فلان، ولا يشبه حديث فلان، فيعلل الأحاديث بذلك، وهذا إنما يكون لأهل الحذق من صيارفه النقاد ().
ملكة "الحفظ":
ولم يكن الأمر متوقفاً عند مجرد "الحصر"، وإنما كانوا يحفظون ما حصروه عن ظهر قلب، يمثل أمام أعينهم متى احتاجوا إليه.
قال أبو زرعة (): "سمعت من بعض المشايخ أحاديث، فسألني رجل من أصحاب الحديث فأعطيته كتابي، فرد علي الكتاب بعد ستة أشهر، فأنظر إلى الكتاب، فإذا إنه قد غير في سبعة مواضع. فأخذت الكتاب وصرت إلى عنده، فقلت: ألا تتقي الله، تفعل مثل هذا؟ فأوقفته على موضع موضع، وأخبرته، وقلت له: أما هذا الذي غيرت فإنه هذا الذي جعلت عن ابن أبي فديك، فإنه عن أبي ضمرة مشهور، وليس هذا من حديث ابن أبي فديك، وأما هذا فإنه كذا وكذا، فإنه لا يجيء عن فلان، وإنما هذا كذا، فلم أزل أخبره حتى أوقفته على كله، ثم قلت له: فإني حفظت جميع ما فيه في الوقت الذي انتخبت على الشيخ، ولو لم أحفظه لكان لا يخفى على مثل هذا، فاتق الله عز وجل يا رجل" اهـ.
فانظر إلى هذا الحفظ العجيب، يحفظ ما انتخبه على الشيخ ساعة انتخابه له، ثم يفارقه الكتاب قبل أن يعاود النظر فيه، إلى ستة أشهر، ثم هو لا يخرم منه حرفاً!
وتدبر قوله: "ليس هذا من حديث ابن أبي فديك ... فإنه لا يجيء عن فلان " وتذكر ما أشرنا إليه من حقيقة "الإحصاء".
وأدق من ذلك " أن رجلاً دفع إلى أبي زرعة حديثاً فقال اقرأ، فلما نظر أبو زرعة في الحديث قال: من أين لك هذا؟ قال: وجدته على ظهر كتاب ليوسف الوراق. قال أبو زرعة: هذا الحديث من حديثي، غير أني لم أحدث به. قيل له: وأنت تحفظ ما حدثت به مما لم تحدث به؟ قال بلى، ما في بيتي حديث إلا وأنا أفهم موضعه" ().
فكم من حديث سمعه الناقد أو كتبه، ثم أعرض عنه ولم يحدث به، لما علم من شذوذه، أو خطأ روايه، ولذا فإن عدم تداول أهل النقد لحديث بالرواية ليسير إلى حالة واستحقاقه للترك والهجر.
وأكثر بيان في "الحفظ" ما ذكره ابن أبي حاتم () قال: حضر عند أبي زرعة: محمد بن مسلم (بن وارة) والفضل بن العباس المعروف بالصائغ، فجرى بينهم مذاكرة، فذكر محمد بن مسلم حديثاً فأنكر فضل الصائغ ... فقال محمد بن مسلم لأبي زرعة: أيش تقول: أينا المخطئ؟ فسكت أبو زرعة ... وجعل يتغافل – فألح عليه محمد بن مسلم – فقال أبو زرعة: هاتوا أبا القاسم ابن أخي فدعى به، فقال: أذهب وأدخل بيت الكتب، فدع القمطر الأول، والقمطر الثاني، والقمطر الثالث، وعد ستة عشر جزءاً، وأئتني بالجزء السابع عشر، فذهب فجاء بالدفتر فدفعه إليه، فأخذ أبو زرعة فتصفح الأوراق وأخرج الحديث، ودفعه إلى محمد بن مسلم، فقرأه محمد بن مسلم، فقال: نعم غلطنا فكان ماذا؟ " اهـ.
واستقصاء هذا وشرح عجائبه يطول جداً، وإنما هذا غيض من فيض.
ولم يقف الأمر عند مجرد "الإحصاء" و "الحفظ للأحاديث"، بل كانوا يحصون على الرواة – لا سيما المدلسين – صيغ الأداء في الرواية.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال شعبة (): "نصصت على قتادة سبعين حديثاً كلها يقول: سمعت من أنس، إلا أربعة" اهـ.
بل كانتوا يحصون ما أخذه الراوي عن شيخه سماعاً، وما أخذه عنه من كتاب بغير سماع.
قال أبي المديني (): سمعت يحيى بن سعيد قال: كان شعبة يقول: أحاديث الحكم عن مقسم كتاب إلا خمسة أحاديث. قلت ليحيى: عدها شعبة؟ قال: نعم: حديث الوتر، وحديث القنوت، وحديث عزمة الطلاق، وحديث جزاء مثل ما قتل ما النعم، والرجل يأتي امرأته وهي حائض" اهـ.
ولذا فلا تعجب إذا حكم الأئمة الجهابذة على رواية فيها تصريح بالسماع أو ما يدل عليه بالخطأ والوهم، ولو كان الإسناد ظاهره الصحة، لأن الأئمة ليسوا كما يظن البعض "حملة أسفار" بل هم "نقدة أخبار".
والنقاد يضبط حال السماع والكتابة صيغ الأداء، بل ويوقف عليها الشيوخ، فيكشف بعد ذلك عن أوهام الرواة وأخطائهم.
قال أبو داود () – وهو الطياليسي -: نا شعبة عن الأعمش عن إبراهيم أن عليا كان يجعل للإخوة من الأم – يعني في المشتركة. قلت للأعمش: سمعته من إبراهيم؟ فقال برأسه أي: نعم " اهـ.
فانظر إلى توقيف شعبة للأعمش في سماعه هذا من إبراهيم وهو ابن يزيد النخعي، مع أن إبراهيم من شيوخ الأعمش الذين أكثر عنهم، حتى قال بعض الحفاظ المتأخرين – وهو الذهبي رحمه الله – أنه لا يقبل من الأعمش – لتدليسه – إلا ما صرح فيه بالسماع، إلا في شيوخ قد أكثر عنهم، كإبراهيم، وأبي وائل – شقيق بن سلمة، وأبي صالح السمان، قال (): "فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال".
فبان بإيقاف شعبة للأعمش أن ا لأمر ليس بهذا الإطلاق، وإنما هو للغالب، والله تعالى أعلم ().
وهذا حجاج بن أرطاة أحد المكثرين من التدليس، قال غير واحد من النقاد أنه لم يسمع من الزهري شيئاً. قال الترمذي (): فقلت له يعني للبخاري -: فإنهم يرون عن الحجاج قال: سألت الزهري.
قال: لا شيء، يروي عن هشيم قال: قال لي الحجاج: صف لي الزهري " اهـ.
وقال أبو زعرة (): لم يسمع الحسن البصري من أبي هريرة ولم يره، قيل له: فمن قال: ثنا أبو هريرة؟ قال: يخطئ " اهـ.
وقال ابن أبي حاتم (): سألت أبي: سمع الحسن من جابر؟ قال: ما رأي، ولكن هشام بن حسان يقول عن الحسن: ثنا جابر بن عبد الله، وأنا أنكر هذا، إنما الحسن عن جابر كتاب، مع أنه أدرك جابرا" اهـ.
وقال ابن المديني (): سمعت يحيى – يعني القطان – وقيل له: كان الحسن يقول: سمعت عمران بن حصين؟ فقال: أما عن ثقة فلا " اهـ.
بل ترك يحيى بن سعيد القطان أسامة بن زيد الليثي، لما روى عن الزهري قال: سمعت سعيد بن المسيب، مع اتفاق أصحاب الزهري على روايته عن سعيد بالعنعنة ().
وأمثلة هذا الضرب من النقد أكثر من أن تحصى.
وبالجملة فهذا الباب يحتمل كتاباً مستقلاً، وقد أجمعت العزم على إفراده بالذكر إن شاء الله تعالى، في رسالة مستقلة.
والمقصود ههنا التذكير بعظم قدر أئمة النقد، والتقريب لما كانوا يتمتعون به من ملكات فذة، وغرائز حديثية متميزة، وحافظ ثاقبة، وأفهام دقيقة، ويقظة عالية، وهمة سامقة، وصبر على شظف العيش لا يوصف، وتحمل لمشقات الرحلة لا يباري.
هذا مع اعتقاد أن الكمال لله وحده، وأن لا عصمة إلا لمن عصمه الله تعالى، ولكن الحق لايغيب عن جماعة أهل النقد، فمن الناس بعدهم؟
ولعل فيما ذكرته ههنا مقنع لمن درجوا على الاستقلال بنقد الأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً، اغتراراً بظواهر الأسانيد، دون الاستبصار بنقد أصحاب "الملكة" ومهم أهل "التخصص"، ومن حباهم الله عز وجل – مما سبق الإشارة إليه – ما أهلهم للقيام على هذا الصغر العظيم من ثغور الإسلام، ألا وهو حفظ الآثار أن يداخلها ما ليس منها، وتنقيتها مما التصق بها خطئاً أو عمداً.
وكم ممن غلبته سكرة "التعالم" ونشوته، فرد تحقيقات النقاد من طرف القلم، بأمور بديهية لم تكن خافية على المبتدئين، وإنما أخذها هؤلاء "التعالمون" من أوليات أولئك الجهابذة، فانتهى هؤلاء إلى حيث يبدأ الناقد السبق، فكيف بالقاعد أن يزاحم الفرسان، أم كيف بالخالف أن يبلغ العنان.
وكأن لسان حال الناقد يقول للمتعلم:
أأبيت سهران الدجى وتبيته نوما وتبغي بعد ذاك لحاقي
(يُتْبَعُ)
(/)
وأرجو إذا يسر الله تعالى إتمام هذا الكتاب – بأقسامه – كما أحب، أن يتضح لقارئه سبيل القوم في نقد الرواة والأخبار، وعسى أن يكون ذلك داعياً لي ولأولي الهمم إلى الاستعداد لسلوكه، فيكون منهم أئمة مجتهدون في ذلك إن شاء الله تعالى ().
هذا، والله تعالى الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[18 - Oct-2007, مساء 09:50]ـ
مقال الشيخ علي الصياح
قال في كتابه من قصص أئمة الحديث المتقدمين
.... ولكن مما يسر أنّ هناك عودة قوية لدراسة مناهج النقاد من خلال أقوالهم وتطبيقاتهم، وفهم مصطلحاتهم من خلال السبر والتتبع الطويل مع التحليل والنظر، وفي ظني أنّ هذه الدراسات ستقلص من الاعتراضات على النقاد، وتقلل من الاختلاف بين أحكام المعاصرين على الأحاديث وأحكام المتقدمين، وكذلك المعاصرين بعضهم مع بعض.
وهذه العودة لدراسة مناهج النقاد .. الخ= هي روح ولُبّ مسألة "منهج المتقدمين في الحديث" والتي -في رأيي- حُمّلتْ ما لا تحتمل، وصُورت على غير حقيقتها التي يدعو إليها الفضلاء، فليس هناك تقليلٌ من قدر المحدثين المتأخرين، وليس هناك تفريقٌ للأمّة، وليس هناك بدعة، بل إنَّ الكلام في هذه المسألة هو بحثٌ في مسائل علمية حديثية دقيقة تتعلق بمصطلحات وقواعد ومناهج سار عليها أئمة الحديث المتقدمين وروّاد هذا الفن ومن يرجع إليه في هذا العلم، وغالب الخلاف الواقع بين الفضلاء في هذه المسألة من نوع الخلاف اللفظيّ، وطلبةُ العلم فيها بين أجر وأجرين -إنْ شاء الله تعالى-، والمسألة من مطارح الاجتهاد، ومسارح النظر.
ومما ينبغي التفطن له أنّ هذه الدعوة ليست من التقليد في شيء، بل هي دعوةٌ لأخذ العلم من مصدره، إذ من المعلوم أنّ قوانين وقواعد معرفة حال الراوي والمروي إنّما أُخذت عن هؤلاء الأئمة فهم الحكم في هذه المسائل، وإليهم الرجوع عند التنازع كما تقدم في كلام العلائي وغيره.
ورَحِمَ اللهُ علماءَ المسلمين-المتقدمين منهم والمتأخرين- فقد ورثوا للأمة علماً زاخراً يخدم كتاب الله وسنة رسوله ? ، وإنَّ من حقهم على الأمّة الدعاء لهم، والترحم عليهم، والاستفادة من علومهم، وهذا هو منهج مَنْ تَبِعَهُم بإحسان قال تعالى {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (الحشر: 10).
وقال أيضا:
و أسبابُ هذا التفاوت (يعني في الحكم على الأحاديث بين المعاصرين وأئمة النقد المتقدمين) - في الغالب - ترجع إلى أمور ثلاثة-مرتبة حسب الأهمية-:
1 - القصور في "علم علل الحديث" وعدم التفطن لدقائقه، ولذا تجد بعض الباحثين - وفقهم الله - ينقل شواهد للحديث ومتابعات من كتب العلل مما استنكره الأئمة على الرواة، ولم يقف وقفةَ نَظَرٍ لماذا ذُكِرَ هذا الحديث أو الطريق في كتب العلل؟، ولربما كان هذا الحديث المذكور في كتب العلل يُعل حديثه كأن يكون موقوفاً وحديثه مرفوعاً ونحو ذلك.
وعلاجه في أمرين:
أ - كثرة القراءة في كتب العلل النظرية والتطبيقية، فإنْ غلبت عن قراءتها فلا تغلب على كتابين: الأوَّل: التمييز للإمام مسلم بن الحجاج، والثاني: كتاب"شرح علل الترمذي"لابن رجب، وأرى أنَّ الكتابين –من أولهما إلى آخرهما- من أحسن ما يقرر على طلاب الحديث لفهم العلل ومعرفة طريقة النقاد فيها.
ب - تتبع أقوال كبار نقاد الحديث على الحديث المراد بحثه، والاستفادة من كل كلمة يقولونها عن الحديث- لأنَّ تعاليل الأئمة للأخبار مبنيةٌ في الغالب على الاختصار، والإجمال، والإشارة فيقولون مثلاً " الصواب رواية فلان"، أو "وَهِمَ فلان" أو "حديث فلان يشبه حديث فلان" أو "دَخَلَ حديثٌ في حديث" ولا يذكرون الأدلة والأسباب التي دعتهم إلى ذلك القول لأنّ كلامهم في الغالب موجه إلى أناسٍ يفهمون الصناعة الحديثية والعلل والإشارة فيدركون المراد بمجرد إشارة الإمام للعلة وذكرها- ومِنْ ثمّ دراسة أسباب هذا الحكم من الناقد، ومدى موافقة بقية النقاد له، ومع كثرة الممارسة لكلام النقاد تكون عند الباحث ملكة تؤدي -بتوفيق من الله وإعانة- إلى موافقتهم قبل أنْ يطلعَ على كلامهم المعين في الحديث المراد بحثه.
2 - عدم تحقيق الكلام على الرجال الذين تدور عليهم علة الحديث والاكتفاء بالمختصرات كتقريب التهذيب خصوصاً، وتقدم التنبيه على هذا وكيفية علاجه، وأضيف هنا أهمية أن يقرأ طالب الحديث كتاب "الميزان" للذهبيّ كاملاً من أوله إلى آخره، متلمساً المناهج، مقيداً الفوائد.
3 - التوسع في قبول الشواهد والمتابعات، وهذا الأمر ناتجٌ عن الخطأ في الأمرين السابقين فعدم التفطن لعلل الأخبار وعدم تحقيق مرتبة الراوي بدقة يترتب عليه قبول " الشواهد والمتابعات"، أو عدم قبولها، وفرقٌ بين أن نحكم على راوٍ ما بأنه ضعيف لسوء الحفظ، وبين الحكم عليه بالترك فالأول يقبل " الشواهد والمتابعات" -إنْ سلم من العلل الأخرى كالتفرد، والشذوذ- والثاني لا يقبل، وقد وُفق الشيخ طارق عوض الله فكتب في هذا الأمر كتابة رائعة في كتابه " الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات" عالج فيها جانباً من القصور في هذا المسألة.
ولقد كان المعلميّ دقيقاً عندما قال: ((وتحسين المتأخرين فيه نظر)) الأنوار الكاشفة (ص30).
وكذلك في قوله: ((عندما أقرن نظري بنظر المتأخرين: أجدني أرى كثيراً منهم متساهلين)) الفوائد المجموعة (ص2).
وقال في ختام كتابه جهود المحدثين
التوصيات:
هذه بعض التوصيات التي لمستُ أهميتها أثناء كتابة البحث فمن ذلك:
1 - ضرورةُ العنايةِ بعلم علل الحديث بالنسبة للمشتغلين بالحديث وعلومه، ووضعُ مقرر خاص لطلبة الدراسات العليا في هذا الفن والبحث فيه نظرياً وعملياً، فكثير من الخلل الواقع في كلام المعاصرين على الأحاديث نتيجة للقصور في علم العلل وعدم التفطن لدقائقه، وهذا من أكبر أسباب التنافر والاختلاف في الحكم على الأحاديث بين المعاصرين وكبار النقاد المتقدمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[18 - Oct-2007, مساء 10:07]ـ
مقال الشيخ محمد بن عبدالله القناص
السؤال
بعض الأخوة يقولون
أن كل حديث ضعفه الألباني فهو ضعيف
وكل حديث صححه الألباني بعض منها ضعيف،
هل هذا الكلام صحيح؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
هذا الكلام نقل عن بعض أهل العلم، وهو أن العلامة الشيخ الألباني – رحمه الله – قوي فيما ضعف، وليس كذلك فيما صحح أو حسن، ومعنى ذلك أنه صحح أحاديث أو حسنها، وعند التدقيق يظهر أنها ضعيفة، وقد تراجع الشيخ – رحمه الله – عن أحاديث صححها ثم تبين له ضعفها فيما بعد،
ولكن لا يناسب أخذ هذا الكلام على إطلاقه،
فهناك أحاديث ضعفها الشيخ – رحمه الله -، وقد تراجع عن تضعيفها، أو يكون ضعفها في مكان وصححها في مكان آخر، أو ضعفها باعتبار إسناد معين، وهي بمجموع الطرق والشواهد تكون صحيحة، أو ضعفها واستُدِركَ عليه في تضعيفها من قبل بعض أهل العلم والباحثين لاسيما ما كان في الصحيحين أو أحدهما.
وأود في هذه المناسبة أن أشير إلى بعض الأمور المتعلقة بتصحيح نصوص السنة، أوجزها فيما يأتي:
1 - أن التصحيح ليس من الأمور السهلة، والخوض فيه مزلة أقدام، وهو يحتاج إلى طول ممارسة ومطالعة واسعة لكلام أئمة هذا الشأن، وتوفر ملكة راسخة في هذا الفن، وفهم دقيق لأصوله وقواعده، ومن ثم تطبيق ذلك على الأسانيد والطرق، والتدقيق في المتون، والتأكد من سلامتها من الشذوذ والعلل، وهل فيها معارضة لنصوص أخرى من الكتاب والسنة، ومعنى هذا أنه لا يتأهل للتصحيح والتضعيف إلا القلة على مر الدهور والعصور، قال ابن رجب - رحمه الله - وهو في معرض حديثه عن البخاري ومسلم وصحيحيهما: " فقلَّ حديثٌ تركاه إلا وله علةٌ خفيّة؛ لكن لعزة من يَعرف العلل كمعرفتهما وينقده، وكونه لا يتهيأ الواحد منهم إلا في الأعصار المتباعدة: صار الأمر في ذلك إلى الاعتماد على كتابيهما، والوثوق بهما والرجوع إليهما، ثم بعدهما إلى بقية الكتب المشار إليها. ولم يُقبل من أحد بعد ذلك الصحيح والضعيف إلا عمَّن اشتُهر حِذقه ومعرفته بهذا الفن واطلاعُه عليه، وهم قليل جداً.
" [مجموع رسائل ابن رجب (2/ 622)].
2 - أن المتأمل في الأحكام على الأحاديث يجد كثرة الأحاديث التي صححها من جاء بعد الأئمة المتقدمين وقد حكم عليها الأئمة المتقدمون بالضعف والنكارة وربما بالبطلان أو الوضع، ومن المعلوم أن الأئمة المتقدمين هم أهل هذا الشأن، فهم أرسخ في فهم قواعد هذا العلم وأصوله، وهم المرجع في التصحيح والتضعيف، حيث توفر لهم من الأسباب والعوامل المعينة على تمييز الصحيح من الضعيف والمحفوظ من المنكر مالم يتوفر لغيرهم، وهذا يجعل كلامهم أقرب إلى الصواب.
قال الذهبي - وهو يتحدث عن العنعنة والتدليس -: " وهذا في زماننا يَعْسُرُ نقدُه على المحدَّث، فإن أولئك الأئمة، كالبخاري وأبي حاتم وأبي داود عاينوا الأصول وَعَرَفوا عِلَلَها، وأما نحن فطالت الأسانيدُ وَفُقِدَتْ العباراتُ المتيقَّنة، وبمثل هذا ونحوه دخل الدَّخَلُ على الحاكم في تَصَرُّفِه في المستدرك "
[الموقظة ص: 46]،
وقال الحافظ ابن حجر - بعد أن ذكر كلام بعض الأئمة في نقد حديث-:
" وبهذا التقرير يتبين عظم موقع كلام الأئمة المتقدمين، وشدة فحصهم، وقوة بحثهم، وصحة نظرهم، وتقدمهم بما يوجب المصير إلى تقليدهم في ذلك والتسليم لهم فيه."
[ينظر: النكت على ابن الصلاح (2/ 726)]
وقال السخاوي وهو يتحدث عن التفرد: " ولذا كان الحكم به من المتأخرين عسراً جداً، وللنظر فيه مجال، بخلاف الأئمة المتقدمين الذين منحهم الله التبحر في علم الحديث والتوسع في حفظه كشعبة والقطان وابن مهدي ونحوهم وأصحابهم مثل أحمد وابن المديني وابن معين وابن راهوية، وطائفة، ثم أصحابهم مثل البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي، وهكذا إلى زمن الدارقطني والبيهقي، ولم يجيء بعدهم مساو لهم ولا مقارب أفاده العلائي، وقال: فمتى وجدنا في كلام أحد المتقدمين الحكم به كان معتمداً لما أعطاهم الله من الحفظ الغزير وإن اختلف النقل عنهم عدل إلى الترجيح. "
[فتح المغيث (1/ 237)]
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - إذا تقرر هذا فمن المهم معرفة منهج الأئمة المتقدمين في دراسة الأسانيد والمرويات، وهذا يحتاج إلى بسط لا يتسع له المقام، ولكن من المناسب الإشارة إلى أبرز معالم المنهج النقدي الذي سلكه الأئمة، ومن ذلك:
- العناية التامة بسلامة الحديث من العلة والشذوذ
- الترجيح بالقرائن في زيادات الثقات وتعارض الوصل والإرسال والوقف والرفع.
- مراعاة أحوال الرواة الثقات في شيوخهم، إذ أن هناك من الرواة الثقات من ضعف في بعض شيوخه، أو في روايته عن أهل بلد معين، أو إذا حدث من حفظه.
- حرصهم على النص على ما يوجد في الأسانيد من تفرد وغرابة ونكارة، وأن وجود التفرد مظنة قوية على خطأ الراوي وإن كان ثقة.
- التحقق من وجود الاتصال بين الرواة ولا يحكم للراوي أنه سمع مِنْ مَنْ روى عنه حتى يثبت هذا بطريق راجح.
- تقوية الحديث بالمتابعات والشواهد له ضوابط ومن أبرزها التأكد من كونها محفوظة وسالمة من الخطأ والوهم، إذا أن تعدد الطرق من راوي قد يكون سببه اضطرابه أو اضطراب من روى عنه، وأن كثرة الطرق قد لا تفيد الحديث قوة إذ أنها ترجع إلى طريق واحد، وما يظن أنه شاهد قد يكون خطأ من بعض الرواة.
هذه إشارات موجزة وعبارات مقتضبة عن منهج الأئمة المتقدمين في دراسة المرويات، وقد حصل الإخلال بهذا المنهج في الجملة في تصحيح كثير من المتأخرين، إما عن قصور في فهمه أو تركه على سبيل القصد والتعمد، ولذا ينبغي عرض ما نجده من تصحيح المتأخرين على كلام الأئمة المتقدمين، وإذ لم نجد لهم كلاماً خاصاً في الحديث، فنعرضه على منهجهم والقواعد التي ساروا عليها.
قال السخاوي: " فالله تعالى بلطيف عنايته أقام لعلم الحديث رجالاً نقاداً تفرغوا له، وأفنوا أعمارهم في تحصيله، والبحث عن غوامضه، وعلله، ورجاله، ومعرفة مراتبهم في القوة واللين، فتقليدهم والمشي وراءهم، وإمعان النظر في تواليفهم .... وملازمة التقوى والتواضع يوجب لك إن شاء الله معرفة السنن النبوية ولا قوة إلا بالله. "
[فتح المغيث (1/ 274)]،
وهذا والله أعلم.
د. محمد بن عبدالله القناص
27/ 7/1428 هـ
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[18 - Oct-2007, مساء 10:17]ـ
كلام الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله
س/ هل هناك فرق بين منهج المتقدمين والمتأخرين في تصحيح الأحاديث وتضعيفها مع التفصيل إن كان هناك تفصيل؟
الجواب: نعم يوجد فرق.
فالمتقدمون أحدهم يعرف المحدث، وما روى عن شيخه، وما روى عن طلبته، ويحفظون كتاب فلان، فإذا حدث بحديث يقولون: هذا ليس بحديث فلان. - إلى أن قال - والمعاصرون لا يعدو أحدهم أن يكون باحثاً أما كتب (العلل) فالمعاصرون لا يتحرون في هذا، وكذلك زيادة الثقة، والشاذ، فربما أخذ أحدهم بظاهر السند ويحكم على الحديث بظاهر السند وقد سبقه المتقدمون وحكموا عليه بأنه حديثٌ معل.
فينبغي أن تعرض كتب الحديث على كتب العلل حتى تعرف أخطاؤهم فإن لهم أخطاء كثيرة بالنسبة إلى العلماء المتقدمين، ولا يُقال: كم ترك الأول للآخر في غلم الحديث!
أروني شخصاً يحفظ مثل ما يحفظ البخاري، أو أحمد بن حنبل، أو تكون له معرفة بعلم الرجال مثل يحيى بن معين، أو له معرفة بالعلل مثل علي بن المديني والدارقطني، بل مثل معشار الواحد من هؤلاء، ففرق كبير بن المتقدمين والمتأخرين.
((تحفة المجيب)) للشيخ المحدّث / مقبل الوادعي ـ رحمه الله ـ، ص 97.
س/ إن كان الأئمه قد ضَعّفوا حديثاً بعينه ثم جاء المتأخرون فصححوه، وقد ذكر الأئمة في السابق أن له طريق بعضها ضعيفه وبعضها كذا إلا أن الرجل المتأ خر رد هذه العلة، مرة يرد هذه العلة ومرة يقول: أنا بحثت عن الحديث فوجدت له سنداً لم يطلع عليه الحفاظ الأولون، فماذا تقول؟
ج / سؤال حسن ومهم جداً ـ جزاكم الله خيرا ـ.
والعلماء المتقدمون مُقَدَّمون فى هذا، لأنهم ـ كما قلنا ـ قد عرفوا هذه الطرق.
ومن الأمثلة على هذا: ما جاء أن الحافظ ـ رحمه الله تعالى ـ يقول في حديث المسح على الوجه بعدالدعاء أنه بمجموع طرقة حسن، والأمام أحمد يقول: أنه حديث لا يثبت.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهكذا إذا حصل من الشيخ ناصر الدين الألباني ـ حفظه الله تعالى ـ هذا نحن نأخذ بقول المتقدمين، ونتوقف في كلام الشيخ ناصر الدين الألباني، فهناك كتب ما وضعت للتصحيح والتوضعيف، وضعت لبيان أحوال الرجال، مثل: ((الكامل)) لابن عدي ((والضعفاء)) للعقيلي، هم وإن تعرضوا للتضعيف فى هذا فهى موضوعة لبيان أحوال الرجال وليست بكتب علل، فنحن الذى تطمئن إليه نفوسنا أننا نأخذ بكلام المتقدمين، لأن الشيخ ناصر الدين الألباني ـ حفظه الله تعالى ـ ما بلغ فى الحديث مبلغ الإمام أحمد بن حنبل، ولا مبلغ البخاري ومن جرى مجراهما. ونحن مانظن أن المتأخرين يعثرون على ما لم يعثر عليه المتقدمون، اللهم إلافى النادر.
القصد أن هذا الحديث إذا ضعفه العلماء المتقدمون الذين هم حفاظ ويعرفون كم لكل حديث طريق، أحسن واحد فى هذا الزمن هو الشيخ ناصر الدين الألباني ـ حفظه الله تعالى ـ وهو يعتبر باحثا ولا يعتبر حافظا، وقد أعطاه الله من البصيرة فى هذا الزمن مالم يعط غيره، حسبه أن يكون الوحيد فى هذا المجال، لكن ما بلغ مبلغ المتقدمين.
س / إذا قال أحد من أئمة الحديث: إن الحديث معلول. فهل لا بد من أن يبين السبب ويظهره لنا كطلبة علم، أو لا يقبل منه هذا القول، أو يقبل منه من غير بيان؟
الجواب:
أنا وأنت في هذا الأمر ننظر إلى القائل، فإذا قاله أبوحاتم، أو أبوزرعة، أو البخاري، أو أحمد بن حنبل، أو علي بن المديني، ومن جرى مجراهم، نقبل منه هذا القول.
وقد قال أبوزرعة كما في ((علوم الحديث للحاكم)) ص (113) عند جاء إليه رجل وقال: ما الحجة في تعليلكم الحديث؟ قال: الحجة ـ إذا أردت أن تعرف صدقنا من عدمه، أنحن نقول بتثبت أم نقول بمجرد الظن والتخمين؟ ـ أن تسألني عن حديث له علة فأذكر علته، ثم تقصد ابن وارة ـ يعني محمد بن مسلم بن وارة ـ وتسأله عنه ولا تخبره بأنك قد سألتني عنه فيذكر علته، ثم تقصد أبا حاتم فيعلله، ثم تميز كلام كل منا على ذلك الحديث، فإن وجدت بيننا خلاف فاعلم أن كلاً منا تكلم على مراده، وإن وجدت الكلمة متفقة فاعلم حقيقة هذا العلم. ففعل الرجل فاتفقت كلمتهم عليه فقال أشهد أن هذا العلم إلهام.
وقد قال عبدالرحمن بن مهدي كما في ((العلل)) لابن أبي حاتم (ج1 ص10): إن كلامنا في هذا الفن يعتبر كهانة عند الجهال.
وإذا صدر من حافظ من المتأخرين، حتى من الحافظ ابن حجر ففي النفس شيء، لكننا لا نستطيع أن نخطّئه، وقد مرّ بي حديث في ((بلوغ المرام)) قال الحافظ: إنه معلول. ونظرت في كلام المتقدمين، فما وجدت كلامًا في تصحيح الحديث ولا تضعيفه، ولا وجدت علةً، فتوقفت فيه.
ففهمنا من هذا، أنه إذا قاله العلماء المتقدمون ولم يختلفوا، أخذنا به عن طيبة نفس واقتناع، وإذا قاله حافظ من معاصري الحافظ ابن حجر نتوقف فيه
وينظر كتاب الشيخ غارة الِفصَل
وكتابه أحاديث معلة ظاهرها الصحة
وينظر هنا:
http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=6226
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[18 - Oct-2007, مساء 10:26]ـ
مقال الشيخ عبد الكريم الخضير:
قال في أجوبته على أسئلة أعضاء ملتقى أهل الحديث
س4/ ما رأيكم بمنهج من يرى التفريق بين المتقدمين والمتأخرين؟
ج4/ التفريق بين المتقدمين والمتأخرين لا شك أن المتأخرين عالة على المتقدمين في هذا العلم وغيره لكن ليس بمقدور كل أحد من طلاب العلم لا سيما المبتدئين أن يتطاول حتى يسامي المتقدمين فدون ذلك خرط القتاد لابد من أن يتمرن على ما كتبه أهل العلم في علوم الحديث على الجادة المعروفة ويقرن القواعد النظرية بالتطبيق العملي ملاحظاً مواقع استعمال الأئمة للأحكام وإذا تكونت لديه الأهلية بعد الإكثار من التخريج ودراسة الأسانيد ومذاكرة الشيوخ والأقران وعرض ما كتبه وما توصل إليه من نتائج عليهم فإذا تأهل لا مانع من أن يحكم بالقرائن بعد الاطلاع على ما يمكنه الاطلاع عليه من طرق الأحاديث. فالباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه.
ولا خلاف بيننا وبين الأخوان الذين يدعون إلى قفو أثر المتقدمين إلا في أن مثل هذا الكلام لا يلقى على المبتدئين لأني أرى أن مثل هذا الكلام قد يكون سبباً في ضياع طالب العلم نظير مطالبته المبتدئ في الطلب بالاجتهاد وترك أقوال العلماء في الأحكام قبل التأهل والله المستعان
(يُتْبَعُ)
(/)
س9/ ما رأيكم بمنهج من يرى التفريق بين المتقدمين والمتأخرين؟ رأي الشيخ في تحسينات الألباني؟ ونود من المشرف لو يدلني على كلام لأهل الملتقى في المسألة مشكوراً ومأجوراً؟
سبق الحديث عن منهج المتقدمين وأن المتقدمين هم الأصل وعليهم المعَّول لكن ينبغي أن يكون المخاطب بذلك بعد التأهل لمحاكاتهم ولا ينبغي أن يخاطب بذلك طالب العلم المبتدئ.
أحكام الشيخ الألباني رحمه الله معتبرة وهو إمام من أئمة هذا الشأن وليس بالمعصوم فهو كغيره قد يخطئ ويكون الصواب مع غيره ممن ضعف ما صححه الشيخ والعكس وكل يؤخذ من كلامه ويرد إلا المعصوم وقد يتساهل الشيخ رحمه الله في التحسين فيجبر الضعيف الذي لا يقبل الانجبار بالطرق المماثلة وسبقه لذلك السيوطي كما قررة في ألفيته ومشى عليه في أحكامه والله المستعان
وله كلام آخر في شرحه على النخبة لا يفهم منه مخالفته لكلامه الأول وقد تقدم النقاش حوله هنا:
http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=6226
وهذا نص كلامه:
"هناك دعوةٌ تُرَدَّدٌ على ألسنة بعض طلبة العلم، وهي الدعوة إلى نبذ قواعد المتأخرين في مصطلح الحديث والأخذ مباشرة من كتب المتقدمين، وذلك لأن قواعد المتأخرين قد تختلف أحياناً عن مناهج المتقدمين، فمثلاً: زيادة الثقة أو تعارض الوصل والإرسال أو الوقف والرفع عند المتأخرين في كتبهم النظرية يحكمون بحكم عام مطرد، فيرجحون قبول الزيادة مطلقاً والحكم للوصل مطلقاً والرفع دائماً، ومنهم من يرجح ضد ذلك لأنه المتيقن.
وإذا راجعنا أحكام المتقدمين كالبخاري وأبي حاتم وأحمد وغيرهم كالدارقطني، وجدناهم لا يحكمون بحكم عام مطرد بل ينظرون إلى كل حديث على حدة، تارة يحكمون بالزيادة وقبولها، وتارة يحكمون بردها لأنها شاذة، وتارة يحكمون للوصل، وتارة يحكمون للإرسال، وهكذا في الرفع والوقف تبعاً لما ترجحه القرائن.
وهي دعوة في جملتها وظاهرها مقبولة، لكنها لا تصلح أن يخاطب بها جميع الطلبة، فالمبتدئ في حكم العامي عليه أن يقلد أهل العلم، وتقليد المتقدمين يجعل الطالب في حيرة لصعوبة محاكاتهم ممن هو في البداية لأنه يلزم عليه أن يقلدهم في كل حديث على حدة، وهذا يلزم عليه قطع باب التصحيح والتضعيف من قِبَل المتأخرين، وهذا ما دعى إليه ابن الصلاح - رحمه الله -، لكنه قول رده أهل العلم عيه وفنَّدوه وقوَّضوا دعائمه.
وأما طالب العلم المتمكّن من جمع الطرق واستيعابها، وإدامة النظر في أحكام المتقدمين بعد أن تخرّج على قواعد المتأخرين وطبقها في حياته العلمية مدة طويلة، وحصل عنده مَلَكة تؤهله للحكم بالقرائن، فهذا هو المطلوب بالنسبة لهذا النوع، وهذا هو مسلك المتأخرين أنفسهم كالذهبي، وابن حجر لا تجد لهم أحكاماً مطردة في التطبيق وإن اطرد قولهم في التقعيد للتمرين.
وإذا كان كبار الأئمة في عصرنا وقبله كسماحة شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز، ومحدث العصر الشيخ ناصر الدين الألباني رحمهما الله، قد اعتمدا كثيراً على قواعد المتأخرين، فكيف بمن دونهما بمراحل.
وليست قواعد المتأخرين قواعد كلية لا يخرج عنها أي فرع من فروعها، بل هي قواعد أغلبية يخرج عنها بعض الفروع كغير هذا العلم من العلوم الأخرى.
ونظير هذه الدعوى دعوى سبقتها، وهي الدعوة إلى نبذ كتب الفقه، وطرح كلام الفقهاء وعدم اعتبارها، والتفقه مباشرة من الكتاب والسنة، وهي دعوة كسابقتها لا يمكن أن يخاطب بها جميع فئات الطلبة بل يخاطب بها طالب العلم المتمكن الذي لديه أهلية النظر في الأدلة وما يتعلق بها، فليست كتب الفقه وأقوال الفقهاء دساتير لا يحاد عنها بل ينظر فيها، فما وافق الدليل عمل به، وما خالف الدليل ضرب به عُرض الحائط كما أوصى به الأئمة أنفسهم. أهـ المقصود
[أنظر تحقيق الرغبة ص12]
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[30 - Oct-2007, مساء 01:58]ـ
أجزل الله لك الثواب على هذا الاستيعاب
ـ[أبو أفنان]ــــــــ[30 - Dec-2008, صباحاً 03:13]ـ
بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك
ـ[السَّلفي الفلسطيني]ــــــــ[10 - Dec-2009, مساء 08:55]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً
وأنصحك بقراءة هذا الكتاب
http://www.bazmool.co.cc/files/mustalah.rar(/)
أين أجد زوائد البخاري على مسلم
ـ[وادي ريم]ــــــــ[16 - Oct-2007, مساء 10:42]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أين أجد زوائد البخاري على مسلم
وهل طبعت في كتاب مستقل
ملاحظة: أريد الزوائد فقط ولا أريد كتابا في الجمع بين الصحيحين(/)
اثبات الامام ابن تيمية صحة احاديث لعن زائرات القبور
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[17 - Oct-2007, صباحاً 06:37]ـ
الوجه الرابع: أن يقال:
قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريقين
: أنه لعن زوارات القبور،
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ: أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور.
رواه الإمام أحمد، وابن ماجه، والترمذي وصححه.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج. رواه الإمام أحمد؛ وأبو داود والنسائي، والترمذي وحسنه، وفي نسخ تصحيحه. ورواه ابن ماجه من ذكر الزيارة.
/فإن قيل: الحديث الأول رواه عمر بن أبي سلمة، وقد قال فيه على بن المديني: تركه شعبة، وليس بذاك. وقال ابن سعد: كان كثير الحديث، وليس يحتج بحديثه. وقال السعدي والنسائي: ليس بقوي الحديث. والثاني فيه أبو صالح باذام، مولي أم هانئ، وقد ضعفوه. قال أحمد: كان ابن مهدي ترك حديث أبي صالح، وكان أبو حاتم يكتب حديثه، ولا يحتج به. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه تفسير، وما أقل ما له في المسند، ولم أعلم أحدًا من المتقدمين رضيه.
قلت: الجواب على هذا من وجوه:
أحدها: أن يقال: كل من الرجلين قد عدله طائفة من العلماء، كما جرحه آخرون. أما عمر فقد قال فيه أحمد بن عبد الله العجلي: ليس به بأس، وكذلك قال يحيي بن معين: ليس به بأس. وابن معين وأبو حاتم من أصعب الناس تزكية.
وأما قول من قال: تركه شعبة، فمعناه أنه لم يرو عنه. كما قال أحمد بن حنبل: لم يسمع شعبة من عمر بن أبي سلمة شيئًا، وشعبة، ويحيي بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، ومالك، ونحوهم قد كانوا يتركون الحديث عن أناس لنوع شبهة بلغتهم، لا توجب رد / أخبارهم. فهم إذا رووا عن شخص، كانت روايتهم تعديلاً له. وأما ترك الرواية فقد يكون لشبهة لا توجب الجرح، وهذا معروف في غير واحد قد خرج له في الصحيح.
وكذلك قول من قال: ليس بقوي في الحديث. عبارة لينة، تقتضي أنه ربما كان في حفظه بعض التغير، ومثل هذه العبارة لا تقتضي عندهم تعمد الكذب، ولا مبالغة في الغلط.
وأما أبو صالح: فقد قال يحيي بن سعيد القطان: لم أر أحدًا من أصحابنا ترك أبا صالح مولي أم هانئ، وما سمعت أحدًا من الناس يقول فيه شيئًا، ولم يتركه شعبة ولا زائدة، فهذه رواية شعبة عنه تعديل له، كما عرف من عادة شعبة. وترك ابن مهدي له لا يعارض ذلك، فإن يحيي بن سعيد أعلم بالعلل والرجال من ابن مهدي، فإن أهل الحديث متفقون على أن شعبة ويحيي بن سعيد أعلم بالرجال من ابن مهدي، وأمثاله.
وأما قول أبي حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به، فأبو حاتم يقول مثل هذا في كثير من رجال الصحيحين، وذلك أن شرطه في التعديل صعب، والحجة في اصطلاحه ليس هو الحجة في جمهور أهل العلم.
/وهذا كقول من قال: لا أعلم أنهم رضوه. وهذا يقتضي أنه ليس عندهم من الطبقة العالية، ولهذا لم يخرج البخاري ومسلم له، ولأمثاله. لكن مجرد عدم تخريجهما للشخص لا يوجب رد حديثه. وإذا كان كذلك، فيقال: إذا كان الجارح والمعدل من الأئمة، لم يقبل الجرح إلا مفسرًا، فيكون التعديل مقدمًا على الجرح المطلق.
الوجه الثاني: أن حديث مثل هؤلاء يدخل في الحسن الذي يحتج به جمهور العلماء، فإذا صححه من صححه كالترمذي وغيره، ولم يكن فيه من الجرح إلا ما ذكر، كان أقل أحواله أن يكون من الحسن.
الوجه الثالث: أن يقال: قد روي من وجهين مختلفين: أحدهما عن ابن عباس، والآخر عن أبي هريرة، ورجال هذا ليس رجال هذا، فلم يأخذه أحدهما عن الآخر، وليس في الإسنادين من يتهم بالكذب، وإنما التضعيف من جهة سوء الحفظ، ومثل هذا حجة بلا ريب. وهذا من أجود الحسن الذي شرطه الترمذي، فإنه جعل الحسن ما تعددت طرقه، ولم يكن فيها متهم، ولم يكن شاذًا: أي مخالفا لما ثبت بنقل الثقات. وهذا الحديث تعددت طرقه، وليس فيه متهم، ولا خالفه أحد من الثقات، وذلك أن الحديث إنما يخاف فيه من شيئين: إما تعمد الكذب، وإما خطأ الراوي، فإذا كان من وجهين، لم يأخذه أحدهما / عن الآخر، وليس مما جرت العادة بأن يتفق تساوي الكذب فيه، علم أنه ليس بكذب، لا سيما إذا كان الرواة ليسوا من أهل الكذب.
وأما الخطأ، فإنه مع التعدد يضعف، ولهذا كان أبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ يطلبان مع المحدث الواحد من يوافقه خشية الغلط، ولهذا قال تعالى في المرأتين: {أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: 282]. هذا لو كانا عن صاحب واحد، فكيف وهذا قد رواه عن صاحب، وذلك عن آخر، وفي لفظ أحدهما زيادة على لفظ الآخر، فهذا كله ونحوه مما يبين أن الحديث في الأصل معروف.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 03:01]ـ
يرفع للفائدة
ـ[ابو عبدالعزيز]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 03:42]ـ
جزاك الله خير يا شيخنا ..
أين أجد هذا الكلام في كتبه رحمه الله ... هل من الممكن أن تضع الإحالة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 01:24]ـ
وانت جزاك الله خيرا
هذا الكلام في مجموع فتاوى ابن تيمية
المجلد الرابع والعشرون كتاب الجنائز ( http://www.al-eman.com/feqh/viewchp.asp?BID=252&CID=478#s8)(/)
الصالحين في ميزان النقد عند المحدثين
ـ[بشير محمود سليمان]ــــــــ[18 - Oct-2007, صباحاً 10:37]ـ
الصالحين:
الوصف بالصلاح أمر تطمئن له النفس، ويطرب له الفؤاد، وتسكن له الجوارح، فهو علامة التسليم والخضوع والانقياد لله رب العالمين، ويُوصف به من حرص على سلامة دنياه وأخراه، بل كان أحق الناس بهذا الوصف هم الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين ?وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنْ الصَّالِحِينَ? ()، وقال?:إِنَّ وَلِيِّي اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ? ()، بل إن الصلاح يصح أن يوصف به الملائكة عليهم السلام
قَالَ عَبْدُ اللَّه: ِ كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ، فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمُوهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" ().
ثم كان الصالحين من الناس هم صحب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم من بعدهم من السلف المرضيين والأئمة المهتدين، فحيث كان الصلاح كان العلم والهدى. وحيث كان الصلاح تجد السعي في طلب العلم.
ثم جاء قوم سموا بالصالحين ولا علم عندهم، كأنهم أرادوا أن يختصروا الطريق، ويدخروا الوقت لصرفه في العبادة، دون العناية بالرواية، ويعظم بهم الأمر حتى يجلسوا يحدثوا الناس بما عندهم من العلم الذي لم يحظ بعناية تامة.
ثم جاء قوم نسبوا أنفسهم للزهد والصلاح وهم ليسوا من أهله، بل ويجرؤون على الجلوس للتحديث ليضلوا الناس بما يفترون من الكذب.
ويأتي انزعاج العلماء النقاد مما يقوم به الصالحين، فمنهم من يحذر من مجالستهم، ومنهم من يحذر من الرواية عنهم، ومنهم من يحذر منهم جملة وتفصيلا.
فكأن الصالحين اسم لا يستوي أفراده، ومدلوله شيء ليس بعينه، فحسن التفريق بين كل ما يدل عليه، وتوضيح الأمر في ذلك حتى لا يشتبه على العاقل، الذي يريد السير على منهج الصالحين المتبوعين.
المقصود بالصالحين:
قال الزَّجَّاجُ: الصالحُ: الذي يؤدي إلى الله عز وجل ما افترض عليه، ويؤدي إلى الناس حقوقهم ()
قال الحافظ ابن حجر: الأشهر في تفسير الصالح أنه القائم بما يجب عليه من حقوق الله وحقوق عباده وتتفاوت درجاته قال الترمذي الحكيم من أراد أن يحظى بهذا السلام الذي يسلمه الخلق في الصلاة فليكن عبدا صالحا وإلا حرم هذا الفضل العظيم ().
قال المُناوي: الصالح؛ الخالص من كل فساد، وعرفا؛ القائم بما وجب عليه من حقوق الحق والخلق ().
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الصالحين أرباب السياسة الكاملة؛ هم الذين قاموا بالواجبات، وتركوا المحرمات، وهم الذين يعطون ما يصلح الدين بعطائه، ولا يأخذون إلا ما أبيح لهم، ويغضبون لربهم إذا انتهكت محارمه، ويعفون عن حقوقهم، وهذه أخلاق رسول الله في بذله ودفعة، وهي أكمل الأمور ().
أقسام الصالحين:
قال شيخ الإسلام: ويميزون في أهل الخير والزهد والعبادة بين ثابت البُنَاني والفضيل بن عياض، ونحوهما، وبين مالك بن دينار وفرقد السبخي وحبيب العجمي وطبقتهم وكل هؤلاء أهل خير وفضل ودين والطبقة الأولى يدخل حديثها في الصحيح.
وقال مالك بن أنس رحمه الله: أدركت في هذا المسجد ثمانين رجلا لهم خير وفضل وصلاح، كلٌ يقول حدثني أبي عن جدي عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم نأخذ عن أحد منهم شيئا، وكان ابن شهاب يأتينا وهو شاب فنزدحم على بابه، لأنه كان يعرف هذا الشأن، هذا وابن شهاب كان فيه من مداخلة الملوك وقبول جوائزهم ما لا يحبه أهل الزهد والنسك والله يختص كل قوم بما يختاره ().
(يُتْبَعُ)
(/)
فلا يرتاب عاقل بعد ذلك أن الصالحين ومن قيل عنه أنه من الصالحين؛ ليسوا في درجة واحدة، ومرتبة واحدة، وأمر واحد، فاحتاج الأمر أن نجعلهم أقساما، ليحسن الاقتداء، على المحجة البيضاء، لا كدر ولا عماء، على المريد سيرة الأنبياء والأصفياء الصلحاء.
1. رأس الصالحين:
رأس الصالحين والعباد والزاهدين هو محمد سيد المرسلين، فلا صلاح يعلو على صلاحه، ولا هدي يعلو على هديه، كيف وقد قال: "إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا" ().
قال ابن حزم: من أراد خير الآخرة، وحكمة الدنيا، وعدل السيرة، والاحتواء على محاسن الأخلاق كلها، واستحقاق الفضائل بأسرها، فليقتد بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليستعمل أخلاقه وسيره ما أمكنه، أعاننا الله على الاتساء به، بمنّه آمين ().
قال ابن الصلاح: روينا عن أبي عمرو إسماعيل بن نجيد: أنه سأل أبا جعفر أحمد بن حمدان -وكانا عبدين صالحين- فقال له: بأي نية أكتب الحديث؟ فقال: ألستم تروون أنه عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة؟ قال: نعم، قال: فرسول الله -صلى الله عليه و سلم- رأس الصالحين ().
والأنبياء هم سادة الصالحين، وقدوة الدعاة المصلحين، فقد ذكر الله لنا شيء من سيرتهم في القرآن الكريم ثم قال ?أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ ? ().
قال الزبيدي: الصَّلاَح: ضِدُّ الفَسَادِ، وقد يُوصف به آحادُ الأُمّةِ، ولا يُوصَف به الأَنبياءُ والرُّسلُ عليهم السّلامُ. قال شيخُنَا: وخالَفَ في ذلك السُّبْكيّ، وصَحَّحَ أَنهم يُوصَفون به، وهو الّذِي صَحَّحَه جَماعةٌ ونَقَلَه الشِّهَابُ في مَواضِعَ من شَرْحِ الشِّفَاءِ ().
كيف وهم من بذلوا جهدهم في إصلاح الناس، وإرشادهم، فليس أحد أحق أن يوصف بالصلاح منهم، ولم يبلغ أحد من الصلاح ما بلغوه، قال الله عنهم: ?وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنْ الصَّالِحِينَ? ().
2. أتباع الأنبياء من السادة العلماء:
وهم الصحابة والتابعون لهم بإحسان ومن تبعهم من الأئمة الأعلام.
فالصالحون بالصالحين يقتدون، وعلى نهجهم ينهجون، وبسيرتهم يستأنسون، قال الإمام أبو عبد الله الحاكم: لقد أحسن أحمد بن حنبل في تفسير خبر"الطائفة المنصورة"التي يرفع الخذلان عنهم إلى قيام الساعة "هم أصحاب الحديث" ومن أحق بهذا التأويل من قوم سلكوا محجة الصالحين، واتبعوا آثار السلف من الماضين، ودمغوا أهل البدع والمخالفين، بسنن رسول الله صلى الله عليه و سلم ().
فحيث كان العلم كان الصلاح، ولا سبيل إلي التفوق في الصلاح إلا بالتفوق في العلم، لأن أكثر الناس علما، أكثرهم خشية وتقوى ? إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ? ()،
ولا بأس أن نذكر نموذجا منهم، حيث كان العلم والدين والجهاد وكل أبواب الخير، لم يمنعه التصدر في باب أن يتصدر في الأبواب الأخرى. عبد الله بن المبارك:
قال الذهبي: عبد الله بن المبارك بن واضح الإمام الحافظ العلامة، شيخ الإسلام، فخر المجاهدين، قدوة الزاهدين، التاجر السفّار، صاحب التصانيف النافعة، والرحلات الشاسعة، أفنى عمره في الأسفار حاجا ومجاهدا وتاجر ().
وقال أبو أسامة: ما رأيت رجلا أطلب للعلم من ابن المبارك، وهو في المحدثين مثل أمير المؤمنين في الناس.
قال الحسن بن عيسى بن ماسرجس مولى ابن المبارك: اجتمع جماعة مثل الفضل بن موسى، ومخلد بن الحسين، فقالوا: تعالوا نعد خصال ابن المبارك من أبواب الخير، فقالوا: العلم، والفقه، والادب، والنحو، واللغة، والزهد، والفصاحة، والشعر، وقيام الليل، والعبادة، والحج، والغزو، والشجاعة، والفروسية، والقوة، وترك الكلام فيما لا يعنيه، والإنصاف، وقلة الخلاف على أصحابه ().
قال نعيم بن حماد: قال رجل لابن المبارك: قرأت البارحة القرآن في ركعة، فقال: لكني أعرف رجلا لم يزل البارحة يكرر"ألهاكم التكاثر" إلى الصبح، ما قدر أن يتجاوزها يعني نفسه.
قال العباس بن مصعب: عن إبراهيم بن إسحاق البناني، عن ابن المبارك، قال: حملت العلم عن أربعة آلاف شيخ، فرويت عن ألف شيخ، ثم قال العباس: فتتبعتهم حتى وقع لي ثمان مئة شيخ له (). لله دره، ما ألذ خبره، وما أروع سيرته، يحبب النفوس في العلم، ويشوقها للزهد، ويرغبها في الجهاد، ويحدوها إلى محبة الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
فنعم الرجل الصالح، ونعم الصالحين أمثله.
قال الذهبي في ترجمة الحجري: الشيخ الإمام، العلامة المعمر، المقرئ المجود، المحدث الحافظ، الحجة، شيخ الإسلام، أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبيد الله بن سعيد بن محمد بن ذي النون، الرعيني، الحجري، الأندلسي، المريي، المالكي، الزاهد، نزيل سبتة، وهو رأس الصالحين، ورئيس الأثبات الصادقين، حالف عمره الورع، وسمع من العلم الكثير، وأسمع، وكان ابن حبيش شيخنا كثيرا ما يقول: لم تخرج المرية أفضل منه، مات في المحرم، سنة إحدى وتسعين وخمس مئة، وكانت جنازته مشهودة بسبتة ().
3. ذكر الصالحين الضعفاء:
وهم ناس لهم عبادة وفضل، وتقوى وزهد، فقد جمعوا شروط العدالة التي يجب أن تكون في الراوي، لكن الحفظ لم يستقم عندهم، لذلك وقع الخطأ في حديثهم، فلا يحتج بهم إذا تفردوا، ولكن يُعتبر حديثهم، ويذكر في الشواهد والمتابعات، والاقتداء بسيرهم في الزهد والصلاح مقبول.
ونماذج هذا الصنف من الصالحين كثيرة، حتى ربما تحتاج إلي جزء لحصرها ().
منهم الربيع بن صبيح، قال ابن حبان: الربيع بن صبيح مولى بني سعد من أهل البصرة، مات بالسند سنة ستين ومائة، وكان من عباد أهل البصرة وزهادهم، وكان يشبه بيته بالليل ببيت النحل من كثرة التهجد، إلا أن الحديث لم يكن من صناعته، فكان يهم فيما يروي كثيرا، حتى وقع في حديثه المناكير من حيث لا يشعر, فلا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد، وفيما يوافق الثقات، فإن اعتبر به معتبر لم أر بذلك بأسا ().
ومنهم أبو بكر بن عبد الله بن أبي العطاف النهشلي.
قال ابن حبان في ترجمته: كان شيخا صالحا فاضلا، غلب عليه التقشف حتى صار يهم ولا يعلم، ويخطيء ولا يفهم، فبطل الاحتجاج به، وإن كان ظاهره الصلاح، لأن قبول الأخبار توافق الشهادات في معان وتخالفها في معان، فكما لا يجوز قبول شهادة الشاهد إذا كان فاضلا دينا وهو لا يعقل كيفية الشهادة، ولا يدري كيف يؤديها، كذلك لا يجوز قبول الأخبار من الدَّيِّن الفاضل إذا كان لا يعلم ما يؤدي، ولا يعقل ما يحيل المعنى إذا حدث من حفظه، فأما إذا حدث من كتابته وضبط في الكتابة، فحينئذ يجوز قبول روايته إذا كان عدلا عاقلا.
وأبو بكر النهشلي وإن كان فاضلا فهو ممن كثر خطؤه، فبطل الاحتجاج به إذا انفرد وإن اعتبر معتبر بما وافق الثقات لم يجرح في فعله ذلك.
سمعت محمد بن محمود يقول: سمعت عثمان بن سعيد يقول: سمعت أحمد بن يونس يقول: كان أبو بكر النهشلي شيخا صالحا، وكان في مرضه حين مات يثب للصلاة وهو لا يقدر، فيقال: إنك في عذر، فيقول: أبادر طي الصحيفة ().
ومنهم خصيف بن عبد الرحمن الجزري، قال ابن حبان: تركه جماعة من أئمتنا واحتج به جماعة آخرون، وكان خصيف شيخنا صالحا فقيها عابدا، إلا أنه كان يخطىء كثيرا فيما يروي، وينفرد عن المشاهير بما لا يتابع عليه، وهو صدوق في روايته، إلا أن الإنصاف في أمره؛ قبول ما وافق الثقات من الروايات، وترك ما لم يتابع عليه، وإن كان له مدخل في الثقات وهو ممن أستخير الله فيه ()
4. ذكر الصالحين المتروكين:
وهم قوم حملهم صلاحهم المزعوم على عدم الاحتياط في الرواية، فيأخذون عن كل من هب ودب، وينسبون إلي النبي صلى الله عليه وسلم الكلام الحسن، ظنا منهم أنه قاله، فكان تعقب النقاد لهم شديدا، فقتضى المقام ترك الرواية عنهم، والأمر يقتضي ترك الاقتداء بهم.
وكأن مسلما عناهم بقوله: يَجْرِي الْكَذِبُ عَلَى لِسَانِهِمْ وَلَا يَتَعَمَّدُونَ الْكَذِبَ.
منهم بكر بن الأسود أبو عبيدة الناجي، قال ابن حبان: كان يحيى بن كثير العنبري يروي عنه ويقول: هو كذاب. وضعفه يحيى بن معين. وكان أبو عبيدة رجلا صالحا وهو من الجنس الذي ذكرت ممن غلب عليه التقشف، حتى غفل عن تعاهد الحديث فصار الغالب على حديثه المعضلات ().
ومنهم سليمان بن عمرو أبو داود النخعي قال ابن حبان: كان رجلا صالحا في الظاهر، إلا أنه كان يضع الحديث وضعا، وكان قدريا، لا تحل كتابة حديثه إلى على جهة الاختبار، ولا ذكره إلا من طريق الاعتبار. قال عبد الجبار بن محمد وسئل عن أبي داود النخعي وما يذكر من فضله، قال: كان أطول الناس قياما بليل، وأكثرهم صياما بنهار، وكان يضع الحديث وضعا ().
وهذا الصنف من المصالحين، ليسوا في محل الاقتداء والاتساء، لأن فعلهم شين غير محمود، وصنيعهم مع الصلاح مرود، وهل يليق بعاقل أن يكون صالحا ولا يفعل أهم مقتضيات الصلاح إلا وهو الحمية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته.
فمن كان مريدا طريق الصلاح بلا طلاح، فعليه بسيرة رأس الصالحين وسداتهم، ومن اقتفي أثرهم من السادة العلماء المتقين.
?وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا? ().
عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ "فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ" ().
ويكون الصلاح أساس البقاء، فلولاه لزالت الأرض والسماء، وتكون دعوة الأنبياء: ?رَبِّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ? ()، الصالحين ?فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ? ()،
?رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ? ()
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبوالبراء الفلسطيني]ــــــــ[19 - Oct-2007, مساء 03:42]ـ
جزاك الله خيرا
مشكور يا أستاذ بشير على هذا الجهد ..... نفع الله بكم(/)
اشكال حول حديث: (من كان اخر كلامه لااله الا الله دخل الجنة) ..
ـ[مطيع الرحمن]ــــــــ[18 - Oct-2007, مساء 02:13]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حدث نقاش بيني انا واحد الاخوان
حول حديث الرسول (ص) من كان اخر كلامه لااله الا الله دخل الجنة اي عند الموت
فذكرت ان هذا الحديث عام ويخصصه حديث رسول الله في مسند الامام احمد من قال لا اله الا الله موقنا دخل الجنة كما تعلمت عند شيخي
وذكر صاحبي بل يكفي مجرد التلفظ ولو كان صاحب معتقد فاسد وكفري
واستشهد بقصة هلاك ابو طالب
واتفقنا في الاخير على سؤال بعض طلبة العلم
سألت شيخي حفظه الله فقال لي القول الاول ولايعلم خلافا عند اهل السنة بذلك
اما القول الثاني وهو اخذ الحديث بظاهره
فقال به أكثر من شيخ ...
السؤال ماهو القول الصحيح في هذه المسألة؟؟
وهل وقع الخلاف بهذه المسالة عند اهل السنة؟
ارجو ممن عنده علم بهذه المسألة ان يفيدني
ولكم جزيل الشكر ..
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[18 - Oct-2007, مساء 03:42]ـ
الجواب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله تبارك وتعالى يقبل توبة العبد ما لم يُغرغر ".
فلابد من " التوبة ". ولايكفي من المرتد ترديد الشهادتين دون توبة مما كفر به. (مع أن سنة الله قد جرت بالحيلولة بين هذا الصنف وكلمة التوحيد إلا بعد التوبة).
أما الكافر: فيُكتفى منه بالشهادتين للدخول في الإسلام. ثم يُطالب بالأمور الأخرى. فإن مات مباشرة بعد تشهده فقد نجح وأفلح.
ـ[مطيع الرحمن]ــــــــ[18 - Oct-2007, مساء 04:49]ـ
اشكرك ياشيخ على الاجابة
لقد استفدت من الرد مسائل
تتعلق بنفس المسألة
منها واهمها التفريق بين الكافر والمرتد
لكن ياشيخ وفقك الله
الاشكال الذي عندي حول مسالة الكافر
الذي قال لا اله الا الله بلسانه دون الاعتقاد بمقتضاها في قلبه عند موته
هل يدخل في الحديث من كان اخر كلامه لا اله الا الله دخل الجنة ...
المعذرة ياأخوة أريد أن أفهم
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[18 - Oct-2007, مساء 05:04]ـ
عن سهل بن سعد الساعدي فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك
: (إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، الأعمال بالخواتيم).
:الحديث في صحيح البخاري
ومن نطق بها عند موته فلنا الظاهر وهوموته على الاسلام وهل قالها خوفا اورياء اوغير موقن هذه امور محلها قلبه ولم نشق عن قلبه فنكل باطن امره الى الله
عن أسامة بن زيد قال: (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلا فقال لا إله إلا الله فطعنته فوقع في نفسي من ذلك فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقال لا إله إلا الله وقتلته قال قلت يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح قال أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ
رواه مسلم
ومن مات محرما يبعث يوم القيامة ملبيا
عن بن عباس رضي الله عنهم قال: (بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته أو قال فأوقصته قال النبي صلى الله عليه وسلم اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا).
رواه البخاري
ـ[مطيع الرحمن]ــــــــ[18 - Oct-2007, مساء 05:28]ـ
ابو محمد الغامدي
وفقك الله سؤالي كان حول
هل يكفي قول لفظ لا اله الا الله
دون الاعتقاد بمقتضاها عند الموت؟؟
اما من قالها عند موته
فالامر لله سبحانه وتعالى
هو اعلم بحاله ....
ونحن لنا الظاهر كما قلت
جزاك الله خير
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[18 - Oct-2007, مساء 10:48]ـ
بارك الله في الأخ أبي محمد ..
أخي مطيع: تقول: (هل يكفي قول لفظ لا اله الا الله دون الاعتقاد بمقتضاها عند الموت؟؟). وضح، يكفي في ماذا؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[18 - Oct-2007, مساء 10:58]ـ
اخي مطيع الرحمن
تقول وفقك الله سؤالي كان حول
هل يكفي قول لفظ لا اله الا الله
دون الاعتقاد بمقتضاها عند الموت؟؟
مامرادك بانه لم يكن يعتقد معناها هل شققت عن قلبه وعرفت انه قالها باللسان فقط غير معتقد لها الاعتقاد محله القلب الله وحده هو يعلم انه قالها باللسان معتقدا لها وهذا المؤمن اوقالها غير معتقد كما لو كان منافقامثل اللذين حكم الله عليهم في سورة المنافقين بالكذب قال تعالى ((إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون))
اومرادك انه لم يعمل بمقتضاها فلم يقم يصلي عند موته فهذا عمل وليس اعتقاد
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[19 - Oct-2007, صباحاً 10:22]ـ
وفقك الله يا أخي الفاضل
هناك فرق بين الحكم الدنيوي والحكم الأخروي، فمن نطق بـ (لا إله إلا الله) في الدنيا، فنحن نحكم عليه بمقتضى الظاهر أنه مسلم ويجري عليه أحكام المسلمين، ما لم يظهر منه فعل من أفعال الكفر.
أما أنه قد يكون قال هذه الكلمة غيرَ معتقد معناها، وغير مقتنع بها، فلا نزاع بين أهل العلم في أنه لا يصير بذلك مسلما في الباطن، ولا تنجيه من النار، وإنما يصير مسلما في الظاهر فقط، قال تعالى: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم}.
وليست صفة المنافق إلا ذلك؛ أن يظهر خلاف ما يبطن، والنفاق الاعتقادي أشد من الكفر؛ لأن الكافر يظهر الكفر الذي يعتقده، أما المنافق فهو يعتقد الكفر ولكنه يظهر الإيمان، فهو في الدرك الأسفل من النار كما أخبر سبحانه وتعالى.
وأما الاحتجاج بحديث أبي طالب فلا يصلح؛ لأن أبا طالب لو كان يفهم من سؤال النبي إياه أن يقولها (أن المطلوب منه مجرد لفظ لا معنى تحته) لما تخلف عن النطق بذلك، بل لما تخلف مشرك واحد عن النطق بذلك، ولكنهم كانوا أفهم لعبارة (لا إله إلا الله) من كثير ممن ينتسبون إلى الإسلام اليوم، فيظنون أن (لا إله إلا الله) قول مفرغ من المعنى، ولعل هذا القول يناسب مذهب المفوضة الذين يفرغون الألفاظ الشرعية في الصفات من معانيها، وإن كانوا لا يقولون به.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مطيع الرحمن]ــــــــ[19 - Oct-2007, مساء 06:03]ـ
المقصود ياشيخ رعاك الله
هل يكفى مجرد قول لا اله الا الله عند الموت دون الاعتقاد بها
لدخول الجنة كما هو ظاهر الحديث؟؟
-------------------------------
ابو محمد الغامدي
جزاك الله خير
انت وفقك الله ذكرت ثلاث حالات
اقربها الحال الثانية وسؤالي هل هذا يدخل في معني الحديث من كان آخر كلامه ...
وليس مقصدي من معرفة الحكم هو تنزيله على الاشخاص
لا والله
---------------------
هذا الاقتباس من رد ابو مالك العوضي
أما أنه قد يكون قال هذه الكلمة غيرَ معتقد معناها، وغير مقتنع بها، فلا نزاع بين أهل العلم في أنه لا يصير بذلك مسلما في الباطن، ولا تنجيه من النار، وإنما يصير مسلما في الظاهر فقط، قال تعالى: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم}.
ماذا ياشيخ لو مات وهو على هذا المعتقد
وقد نطق بـ لا اله الا الله عند موته
هل يختلف الحكم؟؟
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[19 - Oct-2007, مساء 06:12]ـ
جزى اللهُ شيخنَا أبا مالك العوضي خيرا، فقد أوضح المقصود من الحديث، وإن كان لم يصل إلى فهمك أخي الحبيب.
المقصود من الحديث - حديث أبي طالب - أنه كان يفهم معنى لا إله إلا الله ولذلك لم يقلها بلسانه لأنها - في هذه الحال - لابد وأن توافق ما في قلبه من اعتقاد بها، فإذا نطق بها - والحال هكذا - كان من أهل الجنة إذ هو نطق عن اعتقاد صحيح.
أما من قالها بدون اعتقاد صحيح - غير موقنٍ بها قلبه - فلنا في أحكام الدنيا أن نحكم له بالإسلام وما يترتب عليه من أحكام، وأما في الآخرة فهو منافق من أهل الخلود في النار.
أعتقد هذا مراد أخينا الشيخ العوضي، فليُصَحح لنا المعلومة إن كنتُ أخطأت.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[19 - Oct-2007, مساء 06:16]ـ
نعم يا أخي هذا ما أقصده.
وأقول للأخ مطيع الرحمن:
أخي الفاضل من قال إن هذا هو ظاهر الحديث؟!
أخبرتك من قبل أن ظاهر الحديث أنه طلب منه اللفظ والمعنى، وليس اللفظ فقط، فهذا هو الظاهر من الحديث.
كما أنه صلى الله عليه وسلم لما طلب منهم أن يشهدوا أنه رسول الله، لم يفهم أحد أن المقصود النطق بهذه العبارة مع الإصرار على قتاله وشتمه وتشريد أتباعه وقتلهم والإعراض عما جاء به.
فكذلك إذا قلت لك: (قل لا إله إلا الله)، فليس معنى ذلك أن تنطق بلفظ لا معنى تحته؛ لأنه حينئذ لا فرق بين أن تقول هذه العبارة وأن تقول (ح ت ج ش م ن ي ب ت ن ا ث ق ن ل م س ا ي ا ل ي ن ت).
ـ[مطيع الرحمن]ــــــــ[19 - Oct-2007, مساء 06:42]ـ
الحمد لله وضحت لي المسألة الان
وهذا ماكنت اقول به
حتي نقاشت بعض الاخوة
وسالت بعض المشايخ الذين اخبروني بأن الحديث من كان اخر كلامه
يؤخذ بظاهره مطلقا
جزاك الله خير اخي الحبيب العراقي الاصيل
وأسال الله ان يجزيك خير الجزاء
ابو مالك العوضي
اسال الله أن يرفع قدرك
ولكن سؤال اخير
هل هناك قول آخر لاهل السنة
في نفس هذه المسألة؟
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[19 - Oct-2007, مساء 06:44]ـ
لأنه حينئذ لا فرق بين أن تقول هذه العبارة وأن تقول (ح ت ج ش م ن ي ب ت ن ا ث ق ن ل م س ا ي ا ل ي ن ت).
أضحك اللهُ سنَّك أبا مالك، فلم أتمالك من الضحك، كيف كتبتَها؟ (ابتسامة)
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[20 - Oct-2007, صباحاً 12:13]ـ
الناس مع كلمة التوحيد ثلاثة اصناف
1 - يقولها بلسانه ويعتقد معناها بقلبه ويعمل بمقتضاها بجوارحه وهذا هو المسلم
2 - لايقولها بلسانه ولايعتقد معناها بقلبه ولايعمل بمقتضاها بجوارحه وهذا هو الكافر
3 - يقولها بلسانه ولايعتقد معناها بقلبه وقديعمل ببعض مقتضيا تها بجوارحه وهذا هو المنافق قال تعالى ((إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون)) فهولاء قالوها باللسان وتظاهروا بالاسلام وفد كذبهم الله لانهم يقولون بالسنتهم ماليس في قلوبهم والله اعلم
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[20 - Oct-2007, مساء 04:00]ـ
جزاكم الله خيرا، ولكن هذا ليس محل سؤال أخينا لو تدبرتَ سؤاله مرة أخرى
ـ[أسامة]ــــــــ[20 - Oct-2007, مساء 05:50]ـ
أرأيت حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم:
إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ
وهذا الحديث ذكره الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب: لا يقول فلان شهيد
قد يبدو لك أن فلان مات شهيدًا أو قال: لا إله إلا الله. فقد تكون بشرى وليس حكمًا.
وأما الاستشهاد بحديث عم رسول الله (ص) في غير محله.
وانظر، قالها المنافقون ... ما نفعتهم بشيء بل هم في الدرك الأسفل من النار ... فما أغنى عنهم النطق بها والتلفظ بها.
بل الذي ينفع إن شاء الله، صدق قائلها وإيمانه بها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[20 - Oct-2007, مساء 05:57]ـ
ماوجه الارتباط اخي اسامة بين باب: لا يقول فلان شهيد
وبين حديث الرسول صلى الله عليه وسلم من كان اخر كلامه لااله الا الله دخل الجنة
ـ[أسامة]ــــــــ[20 - Oct-2007, مساء 06:04]ـ
سؤال جيد ... بارك الله فيك
وجه الارتباط:
علم الناس أن من مات شهيدًا ... فهو في الجنة
علم الناس أن من مات وآخر قوله: لا إله إلا الله ... فهو في الجنة
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[20 - Oct-2007, مساء 07:11]ـ
المعنى برجى للجميع خيرا ولايجزم بذلك فمن عقبدة اهل السنة انه لايشهداعلى أحد من أهل القبلة بعمل يعمله بجنة
ولا نار بل نرجو للصالح ونخاف عليه ونخاف على المسيء المذنب ونرجو له رحمة الله. كما قال الاما م احمد رحمه الله(/)
من دقائق الحديث الشاذ
ـ[مالك بن أنس]ــــــــ[19 - Oct-2007, صباحاً 06:13]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لما ذكر الشيخ العلامة الالباني حديث (ليس منا من لم يتغن بالقران) عزاه إلى أبي داود.
فقال بعضهم: أبعد الالباني النجعة حين عزاه الى ابي داود. أشاروا إلى أنه ليس من صنيع أهل العلم أن يعزى الحديث إلى غير الصحيحين وقد أخرجه أحدهما. هذا الكلام صحيح لكن انظر من أبعد النجعة:
يقول الشيخ ردا عليهم:
((إني كنت على علم أن أحد رواته -وهو أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل وهو ثقة - أخطأ في روايته الحديث عن أبي هريرة؛ فإنه رواه عن ابن جريج عن ابن شهاب عن أبي سلمة عنه مرفوعا به , وبيان ذلك: أن جماعة من الثقات قد رووه عن ابن جريج أيضا بالسند المذكور عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ ((ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقران) وتابع ابن جريج على هذا اللفظ جمع أكثر من الثقات , كلهم رووه مثله عن الزهري به , وتابع الزهري عليه يحيى بن أبي كثير ومحمد بن عمرو ومحمد بن إبراهيم التيمي وعمرو بن دينار - وكلهم ثقات أيضا - قالوا جميعا: عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.
فاتفاق هؤلاء الثقات الأثبات بهذا الإسناد الواحد عن أبي هريرة على رواية الحديث عنه باللفظ الثاني لأكبر دليل على أن تفرد أبي عاصم بروايته باللفظ الأول إنما هو خطأ بين منه , وهذا هو (الحديث الشاذ) المعروف وصفه عند العلماء؛ ولذلك جزم أبو بكر النيسابوري على أن أبا عاصم قد وهم في هذا اللفظ قال: (لكثرة من رواه عن ابن جريج باللفظ الثاني).
قلت: ولكثرة من رواه عن الزهري به وكثرة من تابعه عليه عن أبي سلمة كما ذكرت؛ ولذلك تابع الخطيب البغدادي أبا بكر النيسابوري على ما نقلته عنه , وأشار ابن الأثير في جامعه ثم الحافظ ابن حجر في الفتح إلى توهيم هذا اللفظ أيضا إشارة لطيفة قد لا ينتبه لها البعض ولو تنبه فلربما لم يكن عنده من الجرأة العلمية ما يشجعه على أن يخطئ راويا من رواة الصحيح)) آه كلامه رحمه الله
ـ[سعد بن عبدالله الحميد]ــــــــ[19 - Oct-2007, صباحاً 07:19]ـ
أخي مالك
مادام البخاري قد روى الحديث من طريق أبي عاصم، عن ابن جريج، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به بلفظ: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن))، فلماذا لم يعزه الشيخ للبخاري، ثم يبين شذوذ أبي عاصم مادام يرى ذلك، ولا أرى مسوِّغًا للذهاب لعزوه لأبي داود وهو في البخاري بهذه الحجة، فهل لك أن توضح شيئًا مافهمته أنا؟!
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[19 - Oct-2007, مساء 02:16]ـ
للفائدة هذه روايات حديث: ليس منا من لم يتغن بالقرآن في كتب السنة
حديث رقم: 7089
صحيح البخاري > كتاب التوحيد > باب قول الله وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه ـ ـ
حدثنا إسحاق حدثنا أبو عاصم أخبرنا بن جريج أخبرنا بن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن وزاد غيره يجهر به).
رواه البخاري
حديث رقم: 1469
سنن أبي داود > كتاب الصلاة > باب استحباب الترتيل في القراءة
حدثنا أبو الوليد الطيالسي وقتيبة بن سعيد ويزيد بن خالد بن موهب الرملي بمعناه أن الليث حدثهم عن عبد الله بن أبي مليكة عن عبيد الله بن أبي نهيك عن سعد بن أبي وقاص وقال يزيد عن بن أبي مليكة عن سعيد بن أبي سعيد وقال قتيبة هو في كتابي عن سعيد بن أبي سعيد قال: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن).
حديث رقم: 1471
سنن أبي داود > كتاب الصلاة > باب استحباب الترتيل في القراءة
حدثنا عبد الأعلى بن حماد ثنا عبد الجبار بن الورد قال سمعت بن أبي مليكة يقول قال عبيد الله بن أبي يزيد: (مر بنا أبو لبابة فاتبعناه حتى دخل بيته فدخلنا عليه فإذا رجل رث البيت رث الهيئة فسمعته يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس منا من لم يتغن بالقرآن قال فقلت لابن أبي مليكة يا أبا محمد أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت قال يحسنه ما استطاع).
حديث رقم: 1479
مسند أحمد > مسند أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه > مسند أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
(يُتْبَعُ)
(/)
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سعيد بن حسان المخزومي عن ابن أبي مليكة عن عبيد الله بن أبي نهيك عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يتغن بالقرآن. قال وكيع: يعني يستغني به.).
حديث رقم: 1552
مسند أحمد > مسند أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه > مسند أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عمرو سمعت ابن أبي مليكة عن عبيد الله بن أبي نهيك عن سعد بن أبي وقاص قال:: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يتغن بالقرآن.). حديث رقم: 1461
حديث رقم: 1515
مسند أحمد > مسند أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه > مسند أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج أنبأنا ليث و أبو النضر ثنا ليث حدثني عبد الله بن أبي مليكة القرشي ثم التيمي عن عبد الله بن أبي نهيك عن سعد بن أبي وقاص: (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس منا من لم يتغن بالقرآن.).
سنن الدارمي > كتاب الصلاة > باب: التغني بالقرآن
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي خلف: ثنا سفيان، عن عمرو يعني ابن دينار، عن ابن أبي مليكة، عن عبيد الله بن أبي نهيك، عن سعد:: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من لم يتغن بالقرآن
حديث رقم: 3361
سنن الدارمي > ومن كتاب فضائل القرآن > باب: التغني بالقرآن
حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا ليث بن سعد: ثنا ابن أبي مليكة، عن ابن أبي نهيك، عن سعد بن أبي وقاص:: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من لم يتغن بالقرآن.
قال ابن عيينة: يستغني.
قال أبو محمد: الناس يقولون عبيد الله بن أبي نهيك.).
الزجر عن كتبة المرء السّنن مخافة أن يتَّكل عليها دون الح
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة، قال: حدثنا يزيد بن موهب، قال: حدثنا الليث، عن ابن أبي مليكة، عن عبيد الله بن أبي نهيك، عن سعد بن أبي وقاص، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن). قال أبو حاتم: معنى قوله صلى الله عليه وسلم (ليس منا) في هذا الأخبار يريد به: ليس مثلنا في إستعمال هذا الفعل، لأنا لا نفعله، فمن فعل ذلك، فليس مثلنا.).
حديث رقم: 2091
مستدرك الحاكم > كتاب فضائل القرآن > ذكر فضائل سور و آي متفرقة
أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، و علي بن حمشاد العدل قالا: ثنا بشر بن موسى، ثنا الحميدي، ثنا سفيان، ثنا عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن أبي نهيك، عن سعد رضي الله عنه قال: أتيته فسألني من أن: (سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ليس منا من لم يتغن بالقرآن.
قال: يعني يستغني به.
و عند سفيان بن عيينة فيه إسناد آخر.).
حديث رقم: 2095
مستدرك الحاكم > كتاب فضائل القرآن > ذكر فضائل سور و آي متفرقة
فحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا عبد الرحمن بن غزوان أبو نوح، ثنا عبيد الله بن الأخنس، ثنا عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:: (قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ليس منا من لم يتغن بالقرآن.
و رواه الحارث بن مرة الثقفي البصري،عن عسل بن سفيان، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه و سلم.
و روى بهذا السند عن ابن عباس.).
حديث رقم: 2096
مستدرك الحاكم > كتاب فضائل القرآن > ذكر فضائل سور و آي متفرقة
حدثناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أنبأ عبدان الأهوازي، ثنا نصر بن علي الجهضمي، ثنا الحارث بن مرة، ثنا عسل بن سفيان، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:: (قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ليس منا من لم يتغن بالقرآن.
ليس مستبدع من عسل بن سفيان الوهم و الحديث راجع إلى حديث سعد بن أبي وقاص، و الله أعلم.
فأما الحديث الذي اتفق على إخراجه في الصحيحين فغير هذا المتن اتفقا على إخراج حديث الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن.).
حديث رقم: 2092
(يُتْبَعُ)
(/)
مستدرك الحاكم > كتاب فضائل القرآن > ذكر فضائل سور و آي متفرقة
حدثناه أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا الربيع بن سليمان، أنبأ الشافعي، ثنا سفيان بن عيينة.
و حدثني علي بن عيسى، ثنا إبراهيم بن أبي طالب، ثنا ابن أبي عمر ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله: (سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ليس منا من لم يتغن بالقرآن.).
هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه بهذا الإسناد. و رواه عن سعيد بن حسان المخزومي عن عبد الله بن أبي مليكة عن عبد الله بن أبي نهيك، و قد خالفهما الليث بن سعد فقال عبد الله بن أبي مليكة عن عبد الله بن أبي نهيك عن سعد رضي الله عنه. و قد اتفقت رواية عمرو بن دينار و ابن جريج و سعيد بن حسان عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن أبي نهيك. و قد خالفهما الليث بن سعد فقال عن عبد الله بن أبي مليكة عن عبد الله
حديث رقم: 2093
مستدرك الحاكم > كتاب فضائل القرآن > ذكر فضائل سور و آي متفرقة
أخبرناه علي بن حمشاد العدل، ثنا عبيد بن شريك، ثنا يحيى بن بكير.
و أخبرنا أحمد بن سهل الفقيه ببخارى، ثنا قيس بن أنيف، ثنا قتيبة بن سعيد قالا: ثنا الليث بن سعد، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن أبي نهيك، عن سعد: (قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ليس منا من لم يتغن بالقرآن.
ليس يدفع رواية الليث تلك الروايات عن عبد الله بن أبي نهيك فإنهما أخوان تابعيان و الدليل على صحة الروايتين رواية عمرو بن الحارث و هو أحد الحفاظ الأثبات عن ابن أبي مليكة.).
حديث رقم: 2094
مستدرك الحاكم > كتاب فضائل القرآن > ذكر فضائل سور و آي متفرقة
حدثناه محمد بن صالح بن هانىء، ثنا محمد بن إسماعيل بن مهران، ثنا سليمان بن داود المهري، و أحمد بن عمرو بن السراج قالا: ثنا عبد الله بن وهب، أنبأ عمرو بن الحارث، عن ابن أبي مليكة أنه حدثه، عن ناس دخلوا على سعد بن أبي وقاص: (أما أني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ليس منا من لم يتغن بالقرآن.
فهذه الرواية تدل على أن ابن أبي مليكة لم يسمعه من راو واحد إنما سمعه من رواة لسعد و قد ترك عبيد الله بن الأخنس و عسل بن سفيان الطريق عن ابن أبي مليكة و أتيا به فيه بإسنادين شاذين.
أما حديث عبيد الله بن الأخنس.).
نتائج البحث عن: ليس منا من لم يتغن بالقرآن
حديث رقم: 120
صحيح ابن حبان > كتاب العلم > باب الزجر عن كتبة المرء السّنن مخافة أن يتَّكل عليها دون الح
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة، قال: حدثنا يزيد بن موهب، قال: حدثنا الليث، عن ابن أبي مليكة، عن عبيد الله بن أبي نهيك، عن سعد بن أبي وقاص، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن). قال أبو حاتم: معنى قوله صلى الله عليه وسلم (ليس منا) في هذا الأخبار يريد به: ليس مثلنا في إستعمال هذا الفعل، لأنا لا نفعله، فمن فعل ذلك، فليس مثلنا.).
حديث رقم: 748
مسند أبي يعلى الموصلي > مسند سعد بن أبي وقاص > مسند سعد بن أبي وقاص
حدثنا أبو خيثمة، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن ابن أبي مليكة، عن عبيد الله بن أبي نهيك،: (عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من لم يتغن بالقرآن. قال سفيان: يعني يستغني به.).
حديث رقم: 4170
مصنف عبد الرزاق > كتاب الصلاة > با النائم والسكران، والقراءة على الغناء
عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال:: (دخل عبد الله ابن عمر القاري و المتوكل بن أبي نهيك على سعد ابن أبي وقاص، فقال سعد لعبد الله: من هذا؟ قال: المتوكل بن أبي نهيك، قال: نعم، تجار كسبة، تجار كسبة يؤخرون، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس منا من لم يتغن بالقرآن.).
حديث رقم: 4171
مصنف عبد الرزاق > كتاب الصلاة > با النائم والسكران، والقراءة على الغناء
عبد الرزاق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة عن عبيد الله بن أبي نهيك عن سعد بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن.).
حديث رقم: 2192
البحر الزخار - مسند البزار > مسند عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما > عبد الله بن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير
(يُتْبَعُ)
(/)
حدثنا محمد بن عبد الملك الواسطي قال: نا محمد بن ماهان الواسطي قال: نا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:: (((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)).
وهذا الحديث اختلف فيه عن ابن أبي مليكة فقال عمرو بن دينار و الليث عن ابن أبي مليكة عن ابن أبي نهيك عن سعد.
وقال عبد الجبار بن الورد عن ابن أبي مليكة عن ابن أبي يزدي عن أبي لبابة.
وقال عسل بن سفيان عن ابن أبي مليكة عن عائشة.
وقال عبيد الله بن الأخخنس عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس.).
حديث رقم: 1234
البحر الزخار - مسند البزار > مسند سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه > ومما روى الشيوخ عن سعد
وحدثنا أحمد بن عبدة قال: أنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبد الله بن أبي ملكية عن عبيد الله بن أبي نهيك عن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن)).
وهذا الحديث عن سعد لا نعلم له إسناداً أحسن من هذا الإسناد.
سنن البيهقي الكبرى > كتاب الصلاة > باب كيف قراءة المصلي
أخبرنا أبو علي الروذباري أنبأ أبو بكر بن داسة ثنا أبو داود ثنا عبد الأعلى بن حماد ثنا عبد الجبار بن الورد قال سمعت ابن أبي مليكة يقول: قال عبيد الله بن أبي يزيد:: (مر بنا أبو لبابة فاتبعناه حتى دخل بيته فدخلنا عليه، فإذا رجل رث البيت رث الهيئة فسمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ليس منا من لم يتغن بالقرآن. قال فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد، أرأيت إن لم يكن حسن الصوت قال: يحسنه ما استطاع.).
حديث رقم: 21649
سنن البيهقي الكبرى > كتاب الشهادات > باب تحسين الصوت بالقرآن و الذكر
أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق المزكي أنبأ أبو [الحسين] عبد الباقي بن قانع الحافظ ثنا محمد بن يحيى بن المنذر ثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:: (قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ليس منا من لم يتغن بالقرآن. رواه البخاري في الصحيح عن اسحاق عن أبي عاصم بهذا اللفظ.
و الجماعة عن الزهري إنما رووه باللفظ الذي نقلناه في أول هذا الباب، و بذلك اللفظ رواه يحيى بن أبي كثير و محمد بن ابراهيم التيمي و محمد بن عمرو عن أبي سلمة، و هذا اللفظ إنما يعرف من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه و غيره، إلا أن الذي رواه عن الزهري بهذا اللفظ حافظ إمام، فيحتمل أن يكونا جميعا محفوظين. و الله أعلم.).
حديث رقم: 21650
سنن البيهقي الكبرى > كتاب الشهادات > باب تحسين الصوت بالقرآن و الذكر
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان أنبأ أحمد بن عبيد الصفار ثنا عباس بن الفضل و الفضل بن عمرو قالا ثنا أبو الوليد ثنا ليث ثنا عبد الله بن أبي مليكة عن عبيد الله بن أبي نهيك عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:: (أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ليس منا من لم يتغن بالقرآن.).
حديث رقم: 21651
سنن البيهقي الكبرى > كتاب الشهادات > باب تحسين الصوت بالقرآن و الذكر
و أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنبأ أبو بكر بن اسحاق الفقيه و علي بن حمشاذ قالا أنبأ بشر بن موسى ثنا الحميدي ثنا سفيان ثنا عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة عن عبيد الله بن أبي نهيك عن سعد قال:: (أتيته فسألني: من أنت، فأخبرته عن كسبي، فقال سعد: تجار كسبة، سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ليس منا من لم يتغن بالقرآن، قال سفيان يعني: يستغني به.).
حديث رقم: 21652
سنن البيهقي الكبرى > كتاب الشهادات > باب تحسين الصوت بالقرآن و الذكر
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي يقول:: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن، فقال له رجل: ليستغني به، فقال: لا، ليس هذا معناه، معناه يقرؤه حدرا و تحزينا.).
ليس منا من لم يتغن بالقرآن
حديث رقم: 21653
سنن البيهقي الكبرى > كتاب الشهادات > باب تحسين الصوت بالقرآن و الذكر
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرىء أنبأ الحسن بن محمد بن اسحاق ثنا يوسف بن يعقوب ثنا عبد الأعلى بن حماد ثنا عبد الجبار بن ورد قال: سمعت ابن أبي مليكة يقول: قال عبيد الله بن أبي يزيد سمعت أبا لبابة يقول:: (سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول: ليس منا من لم يتغن بالقرآن، قلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت، قال: يحسنه ما استطاع.
هذا حديث مختلف في إسناده علي ابن أبي مليكة، فروي عنه من هذين الوجهين، و قيل: عنه عن ابن عباس، و قيل: عنه عن عائشة، و قيل عنه غير ذلك، و قول ابن أبي مليكة في هذا الحديث، يؤكد صحة تأويل الشافعي رحمه الله.).
حديث رقم: 2613
شعب الايمان > التاسع عشر من شعب الإيمان هو باب في تعظيم القرآن > فصل في رفع الصوت بالقرآن إذا لم يتأذى به أصحابه أو كان وحده
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا علي بن حمشاذ ثنا بشر بن موسى ثنا الحميدي ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكه عن عبد الله بن أبي نهيك عن سعد قال:: (أتيته فسألني من أنت فأخبرته عن نسبي فقال: سعد تجار كسبة سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ليس منا من لم يتغن بالقرآن.
قال سفيان يغني يستغني به.
قال البيهقي رحمه الله:
و قد ذهب بعض أهل العلم أي أن المراد به تحسين الصوت بالقرآن و ذلك بأن يقرأه حدراً و تحزيناً و استدلوا على ذلك برواية عبد الجبار بن الورد عن ابن أبي مليكة هذا الحديث بإسناد ثم قال: قلت لابن أبي مليكة يا أبا محمد أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت قال: يحسنه ما استطاع قالوا: و قوله ليس منا يريد ليس على سنتنا فإن السنة في قراءة القرآن الحدر و التحزين فإذا ترك ذلك كان تاركاً لسنته و الله أعلم.
و ذكر جماعاً من الأئمة إن المراد بهذا الخبر الإستغناء بالقرآن و التكثير و الاكتفاء به قال: الله عز و جل
أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم.).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مالك بن أنس]ــــــــ[19 - Oct-2007, مساء 02:21]ـ
حياك الله يا شيخ سعد منكم نستفيد , لكن فهمت من الشيخ رحمه الله أنه أرادها كالنكتة الدقيقة ولعلي أشبه صنيعه هذا بالبخاري حينما يترجم بتراجم تحتاج إلى إعمال ذهن وتنشط طالب العلم , فلو أن شيخنا الألباني عزاه إلى البخاري ثم شرح وبين وفصل في حينها لكان هذا الأمر وغيره سواء.
ولعل هذا الموضوع يكون فرصة للاستفادة منك يا شيخنا سعد.
ـ[مالك بن أنس]ــــــــ[19 - Oct-2007, مساء 02:24]ـ
جزيت خيرا أخي العزيز (أبو محمد الغامدي) ولا حرمك الله الأجر.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[19 - Oct-2007, مساء 02:38]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[مالك بن أنس]ــــــــ[20 - Oct-2007, صباحاً 04:04]ـ
مما يدل على أن كثيرا من الذين قالوا: أبعد الألباني النجعة , كان إخراجا لما يكن في صدورهم حسدا -وهم معروفون- حتى إنهم طاروا بهذه اعتقادا أنها غلطة شنيعة ففرحوا بها حتى أنستهم أن الألباني خرج أحاديث كانت في بواطن مخطوطات قابعة في الظاهرية لما تعرف للنور دربا فكيف به سينسى ما أتى به كتاب هو أصح الكتب بعد كتاب الله عزو جل.
ولا يقال: إن الأئمة وهموا قبل الألباني ألا يكون هذا من قبله؟ فهذا لاشك جائز إذا قلنا إن الألباني خرج الحديث ومن ثم اخترمته المنية ولم يمهل حتى يبيض كتابه ولكن الكتاب طبع مرة ومرتين وثلاثة وأربعة وخمسة ... وفي هذا ما يكفي ليتنبه فيها الساهي ... والله من وراء القصد.
ـ[الحمادي]ــــــــ[20 - Oct-2007, صباحاً 04:23]ـ
لم أطلع على هذا العزو من قبلُ عند الشيخ الألباني -رحمه الله وأعلى منزلته- ولا علمَ لي بمن انتقده في هذا العزو، والوهم لا يسلم منه أحد
لكن إذا ذكرَ الشيخ الألباني أنه على علمٍ برواية البخاري فهو مصدَّق، ولا حاجةَ إلى البيِّنة لتصديقه رحمه الله
ولعلنا أيضاً نحسن الظنَّ بمن انتقد الشيخ
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[20 - Oct-2007, صباحاً 06:30]ـ
الجواب عن دعوى العلامة الالباني رحمه الله بالشذوذ هو في كلام البيهقي رحمه الله هنا بعد روايتة للحديث
سنن البيهقي الكبرى > كتاب الشهادات > باب تحسين الصوت بالقرآن و الذكر حديث رقم 21643:أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان أنبأ أحمد بن عبيد الصفار ثنا عباس بن الفضل ثنا ابراهيم يعني ابن حمزة ثنا ابن أبي حازم عن يزيد يعني ابن الهاد عن محمد بن ابراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه:: (سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول: ما أذن الله لشىء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن، يجهر به. رواه البخاري في الصحيح عن ابراهيم بن حمزة. و أخرجه مسلم من وجه آخر عن يزيد بن الهاد.).
حديث رقم 21642 أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان أنبأ أحمد بن عبيد الصفار ثنا عبيد بن شريك ثنا يحيى ثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أنه أخبره أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول:: (قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ما أذن الله لشىء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن، و قال صاحب له: أراد: يجهر به. رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير. و أخرجه مسلم من وجه آخر عن ابن شهاب.
و قال يونس بن يزيد في روايته عن ابن شهاب: ما أذن الله لشىء كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن.).
أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق المزكي أنبأ أبو [الحسين] عبد الباقي بن قانع الحافظ ثنا محمد بن يحيى بن المنذر ثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:: (قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ليس منا من لم يتغن بالقرآن. رواه البخاري في الصحيح عن اسحاق عن أبي عاصم بهذا اللفظ.
و الجماعة عن الزهري إنما رووه باللفظ الذي نقلناه في أول هذا الباب، و بذلك اللفظ رواه يحيى بن أبي كثير و محمد بن ابراهيم التيمي و محمد بن عمرو عن أبي سلمة، و هذا اللفظ إنما يعرف من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه و غيره،
إلا أن الذي رواه عن الزهري بهذا اللفظ حافظ إمام، فيحتمل أن يكونا جميعا محفوظين. و الله أعلم.).
ـ[مالك بن أنس]ــــــــ[20 - Oct-2007, صباحاً 08:17]ـ
صدقت أخي الحمادي الأصل حسن الظن , لكن من انتقده معروف بتصرفات تجاه الألباني لاتليق بأهل العلم.
وضمني ذات يوم مجلس مع طالب علم ومن خلال تباحثنا في مسائل لاحظ علي محبة هذا العالم الجليل فقال: إني أراه شيخا غريبا وكأن لسان حاله يقول: لا يستحق منك إعجابا. فوالذي نفسي بيده أني أناقش آراء الألباني وأخالفه في أشياء كثيرة لكن لو علم من أين أتى هذا التقدير لتوقف عن اللوم. وهذا الشخص - أي طالب العلم - تغلب عليه النظرة الفقهية واستطيع أن أقول: إنه بعيد عن علم الحديث وعلله .. ولهذا قلت في نفسي: لن تدرك إذاً سر المحبة.
والله الموفق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سعد بن عبدالله الحميد]ــــــــ[20 - Oct-2007, مساء 12:40]ـ
بارك الله فيك أخي مالك
قد نظرت في الحديث فرأيت أن الشيخ الألباني رحمه الله ذكره في "صفة الصلاة" بلفظه _ ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)) _ ولم يذكر الصحابي الذي رواه، وعزاه لأبي داود والحاكم، وذكر أن الحاكم صححه، ووافقه الذهبي.
فتعقبه الشيخ عبد القادر الأرناؤوط رحمه الله في تحقيقه لـ"جامع الأصول" لابن الأثير: بأن الحديث في البخاري، فبيَّن الشيخ رحمه الله في طبعة لاحقة من "صفة الصلاة" أنه لم يكن خافيًا عليه ذلك ... إلخ الكلام الذي نقلته أنت، وذكر أنه بيَّن ذلك في الأصل المطوَّل لكتاب "صفة الصلاة"، واختصره في المطبوع كعادته.
وبالرجوع للحديث الذي أخرجه أبو داود والحاكم نجد أنه من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وأما الحديث الذي أخرجه البخاري فهو من حديث أبي هريرة، لكن من رواية أبي عاصم الضحاك بن مخلد التي يرى الشيخ أنها شاذة، ولهذا تجنب عزوه للبخاري، ولم يكن الموضع موضع تطويل لبيان هذا كله، وترك البيان للأصل الذي اضطر لنقل مافيه مما يوضح سبب تركه لرواية البخاري؛ كما نقلته أنت بارك الله فيك.
ولو أن الشيخ أشار في "صفة الصلاة" ولو بعبارة قصيرة إلى أن في الأصل تفصيلاً لسبب تركه لرواية البخاري، لكان أبعد عن نقده من قبل الآخرين، والأمر هيِّن، ونسأل الله أن يغفر له وللشيخ عبدالقادر، وأن يجعلهما إخوانًا على سرر متقابلين.
ـ[مالك بن أنس]ــــــــ[20 - Oct-2007, مساء 10:34]ـ
لكن يا شيخ سعد ألا ترى أن مثل هذه التنبيهات لا يحتاجها طلبة العلم فضلا عن محدثين كشعيب وعبدالقادر وخصوصا أن في الأصل -الذي يكون عمدة للناقد البصير لا المختصر الذي جعل لمن أراد الاستفادة فقط- قوله رحمه الله (هو من حديث سعد بن أبي وقاص) , وباعتبار أن الشيخ رحمه الله أرادها نكتة فلو بيّن في المختصر لما استفاد القارئ العادي ولا أمعن النظر وتأمل طالب العلم.
واللهَ أسأل أن يغفر لهؤلاء المشايخ إنه عزيز حكيم.
ـ[أبو أيوب]ــــــــ[21 - Oct-2007, صباحاً 09:22]ـ
الأمر هين كما قال الشيخ سعد الحميد، ثم أفلا تسعنا جميعا إجازة الحافظ البيهقي للحديثين فيما نقله الأخ أبو محمد الغامدي، بقوله: ((والجماعة عن الزهري إنما رووه باللفظ الذي نقلناه في أول هذا الباب، و بذلك اللفظ رواه: يحيى بن أبي كثير، ومحمد بن إبراهيم التيمي، ومحمد بن عمرو؛ عن أبي سلمة، وهذا اللفظ إنما يعرف من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وغيره،
إلا أن الذي رواه عن الزهري بهذا اللفظ حافظ إمام، فيحتمل أن يكونا جميعا محفوظين. والله أعلم.)).اهـ. خاصة وأن لفظ أبي عاصم النبيل من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قد روي عن صحابة آخرين غير سعد رضي الله عنه كما قال الحافظ البيهقي؟!!! أم أن الحافظ البيهقي لم تكن له الجسارة المطلوبة لتخطئة أحد رواة الصحيح؟!!
ثم إنني حاولت أن أفهم الإشارة الخفية في كلام الحافظ ابن حجر والتي ذكرها الشيخ الألباني، فلم أتبينها، وأرجو ممن تبينها أن يذكرها لنا، وأخيرا: لماذا لقب أبا عاصم بالنبيل؟!! لعل هذا أحد أهم أسباب تريث الحافظ البيهقي رحمه الله. والله أعلم.
ـ[سعد بن عبدالله الحميد]ــــــــ[21 - Oct-2007, صباحاً 11:25]ـ
أخي مالك حفظه الله
قد قال صلى الله عليه وسلم للرجلين من الأنصار: ((على رسلكما إنها صفية))، ومن يكون الشيخ الألباني عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ومن يكون الشيخ الأرناؤوط عند الأنصاريين؟
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 12:31]ـ
لستُ من طلبة علم الحديث ولكني شاركتُ لأقدم الشكر لفضيلة الدكتور سعد على توجيهاته التربوية، وحقا العالِم من أفادنا لحظُه قبل أن يفيدنا لفظُه.
وبارك الله في جميع الإخوة، ورحم الله مشايخنا جميعا.
ـ[مالك بن أنس]ــــــــ[22 - Oct-2007, صباحاً 06:48]ـ
لدينا محوران:
الأول: عزو الألباني الحديث إلى أبي داود مع وجوده في البخاري ومناقشة سبب هذا العزو.
الثاني: تخطئة الشيخ ووصفه بأنه أبعد النجعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما الأول: فإذا وجدت شيخا محدثا عزا حديثا إلى غير البخاري وقد أخرجه أنظر إلى سبب هذا ولا أتكلف العناء - مع أن البخاري له تراجم تحير وفيها إعمال ذهن وشحذ لهمم أولي العلم - بالبحث عن أسباب غامضة بل عن قرائن ظاهرة فأول ما أفعل أنظر الأصل فأجد المحدث الألباني يقول: (هو من حديث سعد بن أبي وقاص) وقال بعدها ((((في الأصل))) الذي هو عمدة الناقد [/ U] ....... ( ولكن أخطأ بعض الرواة في لفظه وإنما رواه أبو هريرة باللفظ المذكور بعد هذا .. ) ثم قال .... (وأما المتن الذي ذكره أبو عاصم فإنما يروى عن ابن أبي مليكة عن ابن نهيك غن سعد .. ) فيعني هذا عدم رجوع هذين المحدثين إلى الأصل إنما اكتفوا بالمختصر الذي لم يعمل لأجل أن يفصل به ((وهو المحور الثاني)) فمن باب التريث بوصف أحد المحدثين بأنه أبعد النجعة .. ويرى أنه ليس لديه وقت للرجوع إلى الأصل فخير له أن يسكت حتى ينظر في الأمر ثم إن لدينا أمر آخر هو أن هذين المحدثين إما أنهما لا يعلمان عن هذا الشذوذ شيئا من قبل أو أنهما يعلمان ولكن فَرِحا ... فإن كان الأول فينطبق عليه كلامي في المحور الثاني , وإن كان الثاني فقد كشفا عما يخبئانه والله المستعان. ونحن هنا ولله الحمد اعتبرناه الأمر الأول لإحسان الظن ولهذا طبقت عليه ما طبقت , ويعلم الله أني كلما أردت أن أخطئ أحدا-[ u] أيا كان - أتريث وأنظر في حين أني لا أطلعه إلى الناس فكيف لو أردت أن أظهر إلى الناس خطأ وقع فيه العلامة ابن باز مثلا فلا شك أني سأعيد النظر وأنظر لم قال كذا حتى يتبين لي أن الشيخ ابن باز أخطأ .. هنا أقول للناس بكل أدب: أنا أخالف الشيخ والشيخ أخطأ في كذا وكذا ... وعندي ياشيخ سعد إن قياس هذا بعمل الرسول عليه الصلاة والسلام مع الأنصاريين قياس مع الفارق أولا: تلك مسألة متعلقة بالأعراض تحتاج إلى إبعاد أي خاطر سيخطر .. وثانيا: الصحابيان قالا: سبحان الله .. بعد أن قال عليه الصلاة والسلام: على رسلكما إنها صفية. يعني: لم يفعلا إلا أن أسرعا ابتعادا فهل الشيخان فعلا مثل ذلك؟! وثالثا: ما فعل الالباني شيئا يجعل في خاطره أن من له باع في علم الحديث يقول شيئا كهذا وإلا لخطأه أكثر من اثنين ... ولو كان الذي خطأه فقيها وحسب مثلا لهان الأمر.
مع العلم أن الشيخ الألباني صرح وقال: ((سامح الله من كان السبب إلى إطالة هذا التعليق خلافا لما جريت عليه في هذا الكتاب ... والله المستعان)).
وجزاك الله خيرا.
ـ[أبو أيوب]ــــــــ[30 - Oct-2007, صباحاً 08:57]ـ
ما زلت في انتظار بيان الإشارة اللطيفة إلى إعلال رواية أبي عاصم النبيل التي نسبت للحافظ ابن حجر رحمه الله، فقد خفيت علي في تعليق الحافظ على هذا الحديث في فتح الباري، إذ لم أفهم بأنه قد أعل الرواية، وأرجو ألا أكون من أصحاب الأفهام الرديئة، أفيدوني أفادكم الله.
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 07:22]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لعل العهد قديم بالموضوع فهو بتاريخ 30/ 10/2007 لكن لعله يشفع لي قرب اشتراكي بهذا المنتدى المبارك.
لعل في هذا ما يقرب الفهم أخانا أبا أيوب حفظه الله:
قال ابن حجر في فتح الباري: (13/ 502):
وفي باب قول الله تعالى ولا تنفع الشفاعة عنده الا لمن أذن له من طريق عقيل عن بن شهاب بلفظ ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن
وقال صاحب له يجهر به وسيأتي قريبا من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة بلفظ ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به فيستفاد منه ان الغير المبهم في حديث الباب وهو الصاحب المبهم في رواية عقيل هو محمد بن إبراهيم التيمي والحديث واحد الا ان بعضهم رواه بلفظ ما أذن الله وبعضهم رواه بلفظ ليس منا وإسحاق شيخه فيه هو بن منصور وقال الحاكم بن نصر ورجح الأول أبو علي الجياني وأبو عاصم هو النبيل وهو من شيوخ البخاري قد أكثر عنه بلا واسطة. اهـ
فما أفهمه أن ابن حجر رحمه الله أومأ إلى خطأ أبي عاصم النبيل بنقله لترجيح اللفظ الأول " ما أذن الله" عن أبي علي الجياني .. ولعل في هذا إشارة إلى أنه يرى مثل ذلك وإلا فلم نقله وسكت عنه؟.والله تعالى أعلم.
وأما قولك أخي:
وأخيرا: لماذا لقب أبا عاصم بالنبيل؟!! لعل هذا أحد أهم أسباب تريث الحافظ البيهقي رحمه الله
فأقول:
(يُتْبَعُ)
(/)
اختلفوا في تلقيبه على أقوال:
1 - إنما قيل له النبيل، لأن الفيل قدم البصرة، فذهب الناس ينظرون إليه، فقال له ابن جريج: مالك لا تنظر، فقال: لا أجد منك عوضا، فقال: أنت نبيل.
2 - و قيل: لأنه كان لا يلبس الخزور و جيد الثياب، و كان إذا أقبل قال ابن جريج: جاء النبيل.
3 - و قيل: لأن شعبة حلف أن لا يحدث أصحاب الحديث شهرا، فبلغ ذلك أبا عاصم، فقصده فدخل مجلسه، فلما سمع منه هذا الكلام، قال: حدث و غلامى العطار حر لوجه الله كفارة عن يمينك، فأعجبه ذلك.
4 - و قيل: لأنه كان كبير الأنف.
5 - و قيل: إنه تزوج امرأة، فلما دخل عليها، دنا منها ليقبلها فقالت: نح ركبتك عن وجهي!! فقال: ليس هذا ركبة، إنما هو أنف.
فإن كان مرادك أنه سمي النبيل إشارة لجلالة قدره:
فجوابي لا ينازع في جلالته ووثاقته أحد، أما أنه يهم ويخطئ فهذا كذلك لا نزاع فيه.
هذا على الرغم من كوني لا أرى للقبه صلة بتوثيقه.
وحكم الشيخ ناصر بالشذوذ دال على كونه ثقة إذ الشاذ عنده كما هو عند الشافعي.
ثم إن المخالفين له بالإضافة إلى كثرتهم ثقات أثبات.
وقد رواه:" عبد الرزاق بن همام وحجاج بن محمد عن ابن جريج عن الزهري عن أبي سلمة.
والأوزاعي وعمرو بن الحارث ومحمد بن الوليد الزبيدي وشعيب بن أبي حمزة ومعمر بن راشد ومعاوية بن يحيى الصدفي والوليد بن محمد الموقري عن الزهري.
وكلهم اتفقوا –وابن جريج منهم- على أن لفظه: " ما أذن الله".
وأما المتن الذي ذكره أبو عاصم فإنما يروى عن ابن مليكة عن ابن نهيك عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه." اهـ أصل صفة الصلاة للألباني ص586.
والشيخ ناصر مسبوق بقول أبي بكر النيسابوري الذي نقله عنه الخطيب بعد أن ساق الحديث قال:
"قال ابو بكر النيسابوري: وقول أبي عاصم فيه "ليس منا من لم يتغن بالقرآن" وهم من أبي عاصم لكثرة الرواة عنه هكذا" يعني بلفظ "ما أذن الله. اهـ نفس المصدر ص586.
وقول أخينا مالك حفظه الله ورعاه:
فإذا وجدت شيخا محدثا عزا حديثا إلى غير البخاري وقد أخرجه أنظر إلى سبب هذا ولا أتكلف العناء
أقول صدقت وهذا من باب الإنصاف وإنزال الناس منازلهم والإنصاف عزيز.
وأخيرا:
شيخنا سعد أدام الله نفعك وبارك الله فيك على ما تبذله لخدمة سنة نبينا صلى الله عليه وسلم ...
وما التقيت بكم قط ورغم ذلك فكم تعلمت منكم وانتفعت بعلمكم. وإن منتكم في عنقي لا يقدر أن يوفيك حقها إلا الله رب العالمين.
أسأل الله تعالى أن يجزيك عنا خير الجزاء.
ودمتم موفقين إخوتي الأكارم وشيخنا الفاضل.
والسلام عليكم و رحمة الله.
ـ[سعد بن عبدالله الحميد]ــــــــ[17 - May-2008, مساء 10:34]ـ
أهلاً وسهلاً بك ياأبا جهاد بين إخوانك، وكما أنك تواضعت وقلت إنك استفدت، فلا تبخل على إخوانك في هذا المجلس بحصاد الفوائد التي نظنها وافرة عند مثلك، نفع الله بك.
ـ[عيد فهمي]ــــــــ[17 - May-2008, مساء 11:35]ـ
والحديث واحد الا ان بعضهم رواه بلفظ ما أذن الله وبعضهم رواه بلفظ ليس منا وإسحاق شيخه فيه هو بن منصور وقال الحاكم بن نصرورجح الأول أبو علي الجياني وأبو عاصم هو النبيل وهو من شيوخ البخاري قد أكثر عنه بلا واسطة. اهـ
فما أفهمه أن ابن حجر رحمه الله أومأ إلى خطأ أبي عاصم النبيل بنقله لترجيح اللفظ الأول " ما أذن الله" عن أبي علي الجياني .. ولعل في هذا إشارة إلى أنه يرى مثل ذلك وإلا فلم نقله وسكت عنه؟.والله تعالى أعلم. وفقك الله
ترجيح أبي علي الجياني لا يرجع إلى لفظ الحديث كما توهمتَ
وإنما الترجيح يرجع إلى اسم شيخ البخاري في هذا الحديث وهو (إسحاق) مهملا
فقيل هو ابن منصور وقيل هو ابن نصر كما ذكر ابن حجر
فالأول (أي كونه ابن إسحاق) هو الذي رجحه أبو علي الجياني في كتابه ((تقييد المهمل)) الذي ضبط فيه كل ما يقع فيه اللبس من رجال الصحيحين.
والثاني (أي كونه ابن نصر) قاله الحاكم كما ذكر الحافظ
والله الموفق
ـ[عيد فهمي]ــــــــ[17 - May-2008, مساء 11:41]ـ
وأما إشارة الحافظ ابن حجر في الفتح إلى توهيم هذا اللفظ التي قصدها الشيخ الألباني فهي موجودة لكنها بالفعل: إشارة لطيفة قد لا ينتبه لها البعض كما قال الشيخ الألباني رحمه الله
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[18 - May-2008, صباحاً 09:51]ـ
قال أبوعليّ الجيَّاني الغسَّاني في "تقييد المهمل": (([إسحاق] نسبه الحاكم (): "إسحاق بن نصر". وذكر أبو نصر () في كتابه (): "أن البخاري يروي عن: إسحاق - غير منسوب -، عن أبي عاصم النبيل". ولم يزد () على هذا، وقد حدَّث مسلم بن الحجاج، عن: إسحاق بن منصور ()، عن أبي عاصم النبيل. في مواضع من كتابه (). وهو به أشبه)).اهـ.
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=15251
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[18 - May-2008, صباحاً 10:22]ـ
قول الأخ عيد: فالأول (أي كونه ابن إسحاق).اهـ.
سبق قلم منه، وهو يريد: (ابن منصور). والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عيد فهمي]ــــــــ[18 - May-2008, صباحاً 11:18]ـ
قول الأخ عيد: فالأول (أي كونه ابن إسحاق).اهـ.
سبق قلم منه، وهو يريد: (ابن منصور). والله أعلم. نعم هو كذلك
ولا يوجد إسحاق بن إسحاق في كلام الحافظ أصلا
وهو واضح من كلامي
فقد ذكرته أول مرة على الصواب وفي الثانية سبق القلم بها:
وإنما الترجيح يرجع إلى اسم شيخ البخاري في هذا الحديث وهو (إسحاق) مهملا
فقيل هو ابن منصور وقيل هو ابن نصر كما ذكر ابن حجر
فالأول (أي كونه ابن إسحاق) هو الذي .... والله الموفق
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 03:54]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا سعد رفع الله تعالى قدرك.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
أخانا عيدفهمي: سلمت يراعك التي سطرت.
هو كما قلت، وعلى العموم أنا قيدت بقولي:
فما أفهمه أن ابن حجر رحمه الله أومأ إلى خطأ أبي عاصم النبيل بنقله لترجيح اللفظ الأول " ما أذن الله" عن أبي علي الجياني .. ولعل في هذا إشارة إلى أنه يرى مثل ذلك وإلا فلم نقله وسكت عنه؟.والله تعالى أعلم
ولكن يبدو أنه كما قال أخونا أبو أيوب:
وأرجو ألا أكون من أصحاب الأفهام الرديئة،
(ابتسامة). والله المستعان.
ولكن كان الأولى أخي ما دمت نبهت للخطأ أن تبين الصواب، وتظهر النكتة أحسن الله إليك.
ودمت نافعا.
ـ[عيد فهمي]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 04:18]ـ
ها هو: والحديث واحد إلا أن بعضهم رواه بلفظ «ما أذن الله» وبعضهم رواه بلفظ «ليس منا» أعمل ما تعلم من قواعد علوم الحديث تظهر لك الإشارة اللطيفة
والله الموفق
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 04:59]ـ
جزاك الله خيرا.
ظننت ذلك فلم أشأ أن أخطئ مرتين في موضوع واحد (ابتسامة).
ورحم الله من قال:
وتمايلي طربا لحل عويصة ... أشهى وأحلى من مدامة ساقي.
استفدت منك شيئين أخي الحبيب:
الأولى: النكتة التي نحن بصددها.
الثانية: قد يكون الأنفع أحيانا تقريب الإجابة لا تقريرها - كما فعلت فيما سبق -.
أحسن الله إليك أخي الحبيب ونفع بك.(/)
ما صِحَّة حديث: (أن المشركين قالوا للنبي يا محمد انسب لنا ربك)؟
ـ[أم عاصم]ــــــــ[19 - Oct-2007, مساء 02:22]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: تقبل الله طاعتكم وكل عام وأنتم جميعاً بخير
بحثت عن سبب نزول سورة الإخلاص (قل هو الله أحد .. ) فوجدت الحديث التالي: روى أبو العالية عن أبي بن كعب: (أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم يا محمد انسب لنا ربك. فأنزل الله تعالى {قل هو الله أحد ... }.)
أن اليهود أتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: صِف لنا ربك الذي تعبد فأنزل الله تبارك (قل هو الله أحد) إلى آخرها فقال هذه صفة ربي عز وجل)
ووبحثت عن صحة الحديثين فلم أجد لهما رواية صحيحة كل ما وجدته أنه ضعيف فهل تعرفون رواية صحيحة لسبب نزول هذه السورة العظيمة؟
وجدت الرواية الثانية في فتح الباري ولكنه لا يصلح لأن يكون تخريجاً للحديث ليوضع في بحث.
جزاكم الله خيراً
ـ[أسامة]ــــــــ[19 - Oct-2007, مساء 03:46]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قال الشيخ المحدث المفسر الفقيه / مصطفى بن العدوي، في تفسيره القيم
(سلسلة التسهيل لتأويل التنزيل - التفسير في سؤال وجواب)
ص / 677
س/ هل صح لهذه السورة سبب نزول؟
ج/ قد ورد لهذه السورة عدة أسباب للنزول، ولا يصح منها شيء.
قلتُ: وهذا القول المعتمد، وكتب التفاسير فيها من الأحاديث الضعيفة الشيء الكثير وكذا بعض الصحف المنسوبة إلى ابن عباس -رضي الله عنهما- وحكم أهل الحديث عليها بالوضع، وروايات إسرائيلية.
وتفسير الشيخ / مصطفى في التفسير نافع جدًا لأنه من أئمة الحديث - حفظه الله - وإياكم.
وأيضًا لسهولة عبارته لأنه من العلماء المعاصرين.
بارك الله فيكم.
ـ[الحمادي]ــــــــ[19 - Oct-2007, مساء 04:50]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أخرجه أحمد والترمذي والعقيلي وغيرهم، وأعله غير واحد من الأئمة
بالإرسال، مع ضعفٍ في إسناده
وجاء نحوه من حديث جابر بن عبدالله عند أبي يعلى وغيره، وهو ضعيفٌ أيضاً
ـ[أم عاصم]ــــــــ[22 - Oct-2007, مساء 09:15]ـ
جزاكم الله خيراً على ردكم المفيد نفعكم الله ونفع بكم(/)
من روى هذا الحديث ومامدى صحته ((ألا ولا تؤمن امرأة رجلا
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[20 - Oct-2007, صباحاً 01:28]ـ
الاخوة الكرام ((
من روى هذا الحديث ومامدى صحته ((ألا ولا تؤمن امرأة رجلا، ولا يؤمن أعرابي مهاجرا، ألا ولا يؤمن فاجر مؤمنا، إلا أن يقهره بسلطان يخاف سيفه وسوطه.))
وهل هوعمدة من لم يصحح الصلاة خلف الفاسق الاان يكون حاكما يخاف سوطه
ـ[الحمادي]ــــــــ[20 - Oct-2007, صباحاً 03:34]ـ
هذا الحديث له أكثر من طريق، ولعل أشهرها ما أخرجه ابن ماجه في سننه من طريق عبدالله بن محمد
العدوي عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه باللفظ المذكور
وعبدالله العدوي ضعيفٌ جداً، وعلي بن زيد ضعيف، والحمل على الأول كما أشار العقيلي وابن عدي وغيرهما
وله طرق أخرى عند ابن حبان في المجروحين وغيره، وكلها ضعيفة
ولاستكمال البحث عن حكم الصلاة خلف الفاسق ينظر:
- التحقيق لابن الجوزي مع التنقيح لابن عبدالهادي، فقد نص على هذه المسألة
- وفتح الباري لابن رجب عند (باب إمامة المفتون والمبتدع)
وغيرهما من كتب الفقه وشروح الأحاديث
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[20 - Oct-2007, صباحاً 04:52]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أخي الكريم أبو محمد وفقني الله وإياك
نعم هذا الحديث عمدة من لم يصحح الصلاة خلف الفاسق في غير الجمعة والعيدين وهو رواية عن مالك اختارها خليل في مختصره وهو رواية عن أحمد اختارها أكثر أصحابه.
والجمهور على صحة الصلاة وهو قول أبي حنيفة والشافعي ورواية عن مالك ورواية عن أحمد.
أما في الجمعة والعيدين فقد نقل ابن حزم الإجماع على صحة الصلاة خلفه وقد نص العلماء في كتبهم في العقيدة على ذلك واعتبروه من عقائد أهل السنة والجماعة.
ولكن الحديث المذكور لا يثبت كما ذكر الشيخ الكريم الحمادي وفقه الله، وقد أخرجه أبو يعلى في مسنده وابن ماجه في سننه والطبراني في الأوسط والبيهقي في السنن الكبرى وشعب الإيمان وابن حبان في المجروحين وابن عدي في الكامل والعقيلي في الضعفاء وابن عساكر في تاريخ دمشق.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[20 - Oct-2007, صباحاً 06:22]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المشايخ الافاضل الحمادي أبو حازم الكاتب
جزاكما الله خيرا على ماتكرمتم به من الاجابة وجعله في ميزان حسناتكم آمين
ـ[مالك بن أنس]ــــــــ[20 - Oct-2007, صباحاً 08:37]ـ
لا يؤمَنَّ فاجر مؤمناً إلا أن يقهره بسوط أو عصا "
هو في سنن ابن ماجه وفي اسناده مقال.
[مجموع الفتاوى (1/ 129)]
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[20 - Oct-2007, مساء 03:23]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك ...(/)
هل حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض أزواجه ثم صلى ولم يتوضأ وهل هو صحيح أم لا
ـ[مجدي فياض]ــــــــ[21 - Oct-2007, صباحاً 09:50]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل أحد من الإخوة الفضلاء عمل دراسة لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض أزواجه ثم صلى ولم يتوضأ وهل هو صحيح أم لا؟؟
أنا أعلم أن الشيخ الألباني رحمه الله صحح الحديث في صحيح أبي داود وخرجه تخريجا مفصلا لكن بعض الإخوة لم يصحح ذلك الحديث كما في ذلك الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=17255&highlight=%CA%CE%D1%ED%CC+%CD% CF%ED%CB+%ED%DE%C8%E1+%ED%CA%E 6%D6%C3+%C7%E1%E3%D2%E4%ED
فهل من بيان للراجح في هذه المسئلة هل الحديث يصح أم لا يصح؟؟
وهل هو عروة هو المزني أم ابن الزبير؟؟
وهل حبيب بن ثابت مدلس حقا أم لا؟؟
وهل الروايات التي أوردها الشيخ الألباني بخلاف رواية حبيب كما في صحيح أبي داود تصلح لأن تكون متابعة قوية وشاهدا للحديث أم لا؟؟
بارك الله فيكم
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 01:44]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
الحديث مداره على الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة.
ورواه عن الأعمش جماعة، منهم: وكيع -وروايته أشهر روايات الحديث-، وأبو بكر بن عياش، وزائدة، وعبد الحميد الحماني، وأبو معاوية الضرير.
وخالفهم عبد الرحمن بن مغراء، فقال: ثنا الأعمش، أخبرنا أصحاب لنا عن عروة المزني، عن عائشة، بهذا الحديث. وابن مغراء منكر الحديث عن الأعمش، ونكارة روايته هذه عن الأعمش ظاهرة، فقد خالف أصحاب الأعمش الكبار الثقات.
ولم يُعيَّن عروةُ في سائر روايات أصحاب الأعمش، إلا في روايتين عن وكيع، جاء فيهما أنه: (عروة بن الزبير):
إحداهما: رواية أحمد بن حنبل في مسنده عنه،
والثانية: رواية ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، كلاهما عن وكيع. مع أن ابن أبي شيبة نفسه رواه في مصنفه فلم يعين عروة.
وتعيينه بعروة بن الزبير قوي، ويدل له أن بعض الأئمة -كالقطان والبخاري والدارقطني- قرن تضعيف هذا الحديث بنفي سماع حبيب بن أبي ثابت من عروة، وعروة هذا الذي لم يسمع منه حبيب؛ هو ابن الزبير.
كما أن إطلاق (عروة، عن عائشة) منصرفٌ إلى عروة بن الزبير، ابن أختها -رضي الله عنهما-.
وحبيب لم يسمع من عروة شيئًا، ونقل الإمام أبو حاتم الرازي الإجماع على ذلك، وهذا مغنٍ عن سرد من قال بالانقطاع، وهو دالٌّ على غرابة قول من قال بالاتصال، وأنه قول خطأ مخالف لإجماع أهل الحديث، قال أبو حاتم: " كما أن حبيب بن أبي ثابت لا يثبت له السماع من عروة بن الزبير، وهو قد سمع ممن هو أكبر منه، غير أن أهل الحديث قد اتفقوا على ذلك، واتفاق أهل الحديث على شيءٍ يكون حجة "، وفي ذكره أن حبيبًا سمع ممن هو أكبر من عروة= ردٌّ على من ردَّ كلام نفاة السماع بأن حبيبًا عاصر عروة، فمن نفى السماع يعلم بوقوع المعاصرة، إلا أنه لا يثبت له سماعًا منه.
وقد قوّى بعض المتأخرين رواية حبيب المنقطعة هذه بما جاء عن هشام بن عروة عن أبيه:
1 - فقد جاء الحديث من طريق حاجب بن سليمان، عن وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
وهذه المتابعة خطأ من حاجب، والخطأ أحد اثنين:
الأول: في المتن، وهو ما ذكره الدارقطني بعقبها، قال: " والصواب عن وكيع بهذا الإسناد: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقبل وهو صائم "، ورواية وكيع التي أشار إليها الدارقطني رواها عنه أحمد في مسنده (6/ 207).
الثاني: اضطراب وخطأ في الإسناد، فإن أصحاب وكيع (واجتمع لي منهم خمسة عشر راويًا وزيادة، فيهم أحمد بن حنبل وابن راهويه ... ) رووه عن وكيع، عن الأعمش، عن حبيب، عن عروة،
وقد وافقهم حاجب بن سليمان في إحدى الروايتين عنه -أخرجها الدارقطني (1/ 137) -، ثم خالفهم، فجاء بالإسناد الآخر في الرواية الثانية عنه -أخرجها الدارقطني (1/ 136) -، فقال: عن وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، فاضطرب فيه.
وحاجب له أوهام، وذكر الدارقطني بعقب هذا الحديث أنه لم يكن له كتاب، وأنه كان يحدث من حفظه، وهذا -مع انعدام قوة الضبط- مدعاةٌ للخطأ والوهم والتخليط.
فهذه المتابعة خطأ على الحالين كلتيهما، ولا يصح الاعتداد بها.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - وجاء الحديث عن علي بن عبد العزيز، عن عاصم بن علي، عن أبي أويس، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبل وهو صائم، ثم لا يتوضأ "، قال الدارقطني عقبه: " لا أعلم حدث به عن عاصم بن علي هكذا غير علي بن عبد العزيز "، وبيّن في العلل (15/ 64) أن ذلك وهم، وأن الصواب: عن هشام، عن أبيه، عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقبل وهو صائم.
ووجه ذلك هنا: أن أبا أويس -عبد الله بن عبد الله بن أويس المدني- رواه عن هشام بن عروة، فذكر القبلة في الصيام، وزاد: " ثم لا يتوضأ "، وقد رواه عن هشام جماعة من أئمة الحفاظ لم يذكروا هذه الزيادة؛ كمالك وابن عيينة ووكيع ويحيى بن سعيد القطان وأبو معاوية الضرير وحماد بن سلمة، ووافقهم غير واحد؛ كعمر بن علي المقدمي وأنس بن عياض والجراح بن الضحاك وشريك. كل أولاء رووه عن هشام بن عروة به، فلم يذكروا ترك الوضوء من القبلة، واقتصروا على ذكر القبلة في الصيام.
وأبو أويس الذي انفرد بالزيادة ضعَّفه غير واحد، وهو صالح عند آخرين، وانفراده بهذه الزيادة عن هشام بن عروة دون أصحابه الحفاظ لا يحتمل منه، وهي خطأ منكرة.
3 - كما روى الحديث بقية، عن عبد الملك بن محمد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبلها وهو صائم، وقال: " إن القبلة لا تنقض الوضوء، ولا تفطر الصائم "، وقال: " يا حميراء، إن في ديننا لسعة ".
وعبد الملك شيخ بقية قال فيه الدارقطني بعد ذكر هذا الإسناد في العلل (15/ 64): " شيخ له -أي: لبقية- مجهول "، وقد نقل قول الدارقطني الذهبيُّ في الميزان (2/ 663)، فقال: " قال الدارقطني: (عبد الملك ضعيف) "، وأشار الذهبي إلى إعلال هذا الإسناد، فقال: " وعنه -أي: عن عبد الملك- بقيةُ بـ (عن) ".
وتفرد هذا المجهول -أو الضعيف- عن هشام بن عروة بهذا الحديث بتمامه منكر، فغيره لا يرويه عن هشام.
فهذه علة هذا الإسناد، وأعله ابن راهويه بعد إخراجه في مسنده (2/ 172)، قال: " أخشى أن يكون غلط ".
4 - وجاء الحديث عن هشام بن عبيد الله الرازي، عن محمد عن جابر، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة به. علّقه الدارقطني في العلل (15/ 64)، ومحمد بن جابر هذا -وهو السحيمي الحنفي- ضعيف، قال بعض الأئمة: " ساقط "، وقيل: " ليس بشيء "، ولم يشتد ضعفه عند بعض الأئمة، إلا أن روايته -وهذه حالُهُ- عن ثقة جبل مكثر كهشام بن عروة لا تعد شيئًا.
5 - وجاء الحديث عن نوح بن ذكوان، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة به. علّقه الدارقطني في العلل (15/ 64)، ونوح بن ذكوان هذا واهٍ، ضعيفٌ جدًّا. وذكر الدارقطني أنه " زاد فيه زيادة كبيرة تفرد بها، كلها وهم ". فروايته هذه واهية منكرة.
فهذا الحديث برواية عروة عن عائشة، وهذه متابعاته، وظهر أنه منقطع، وأن متابعاته مناكير، فلا تفيدُهُ تقويةً.
والحديث ذاتُهُ -بإسناده هذا: حبيب، عن عروة، عن عائشة- أنكره غير واحد من أجلة أهل الحديث المتقدمين:
- فذكر ابن المديني أن يحيى القطان ضعّفه جدًّا وقال: " شبه لا شيء "،
- وأنكره يحيى بن معين،
- ونقل الترمذي أن البخاريَّ ضعّفه وضعّف كل أحاديث الباب،
- وقال أبو حاتم: " لم يصح "،
- وقال الترمذي: " لا يصح عندهم -يعني: أصحابه أهل الحديث- لحال الإسناد ".
وتصحيحُهُ وقبولُ تصحيحه صعبٌ مع تظافر هذه الأقوال عن هؤلاء الأجلة، وهو دليل على قوة نظر المتقدمين من الأئمة ودقتهم في هذا العلم.
/// تنبيه: لم أتكلم هنا إلا عن رواية عروة عن عائشة -رضي الله عنها-، وهناك روايات أخرى عنها، ولربما فاتني شيء من روايات عروة أيضًا، فليُسدّ النقص إن كان ثم نقص، ورحم الله من نبهني على خطأ أخطأتُه.
والله أعلم.
ـ[مجدي فياض]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 02:58]ـ
بارك الله فيك شيخنا الفاضل محمد بن عبد الله
لكن هلا أكملت بحثك الماتع لتتبع باقي روايات الحديث عن عائشة من غير طريق عروة لكي يتسنى لنا الحكم على الحديث بمجموع الطرق والشواهد والمتابعات هل يصح حديث في ذلك المعنى أم لا؟؟ لأن هذا يترتب عليه خلاف فقهي قوي وهو هل لمس المرأة بلا شهوة ناقض للوضوء أم لا؟؟
عموما ليتك أخي الفاضل تكمل المسيرة
وجزاكم الله خيرا
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 03:26]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
اخي الكريم تقول لأن هذا يترتب عليه خلاف فقهي قوي وهو هل لمس المرأة بلا شهوة ناقض للوضوء أم لا؟؟
قلت الصواب أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقاً وبالذات مع غير الشهوة الااذا امذى. وهذا مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله.
وذلك لان الأصل بقاء الطهارة وعدم نقضها حتى يأتي دليل صحيح يدل على أن هذا الشيء ناقض للوضوء، ولا يوجد هذا الدليل هنا، وأما الآية فالمراد بها الجماع، وليس مطلق الملامسة روى ابن جرير عن سعيد بن جبير قال: اختلفت أنا و عطاء و عبيد بن عمير في قوله: أو لامستم النساء، فقال عبيد بن عمير: هو الجماع. وقلت أنا وعطاء: هو اللمس. قال: فدخلنا على ابن عباس فسألناه فقال: غلب فريق الموالي، وأصابت العرب، هو الجماع، ولكن الله يعف ويكني.
.ويشهد لقول ابن عباس رضي الله عنه واته ليس مجرد اللمس النصوص الاتية
1 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا) رواه البخاري (382) وفي رواية للنسائي (166) بإسناد صحيح: (حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ مَسَّنِي بِرِجْلِهِ) صححه الألباني في سنن النسائي.
2 - وعنها رضي الله عنها قالت: (فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنْ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ) رواه مسلم (486)، وفي رواية للبيهقي بإسناد صحيح: (فَجَعَلْتُ أَطْلُبُهُ بِيَدِي فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى قَدَمَيْهِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ سَاجِدٌ .. ) وهي عند النسائي أيضاً (169).
وظاهر هذه الأحاديث بلا شك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مس عائشة رضي الله عنها وهو يصلي، ولو كان مس المرأة ناقضاً للوضوء لبطل الوضوء والصلاة.
وأجاب الشافعية عن هذه الأحاديث جواباً ضعيفاً، فقالوا: لعله كان من فوق حائل!!
قال الشوكاني: وهذا التأويل فيه تكلُّف ومخالفة للظاهر.
3 - وعنها رضي الله عنها (أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ) رواه أبو داود (179) وصححه ابن جرير وابن عبد البر والزيلعي، والألباني في صحيح أبي داود.
وضعفه كثيرون: منهم سفيان الثوري ويحيى بن سعيد القطان، وأحمد بن حنبل والدارقطني والبيهقي والنووي.
فإن صح هذا الحديث فهو ظاهر جداً في الدلالة على هذا القول، وإن لم يصح فإنه يغني عنه الأحاديث الصحيحة السابقة، مع التمسك بالأصل وهو صحة الطهارة، وعدم الدليل على نقض الوضوء بمس المرأة
ـ[مجدي فياض]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 03:50]ـ
أخي الفاضل
بارك الله فيك
دعك من الخلاف الفقهي المترتب على هذا الحديث لأنه ما من دليل يستدل به على عدم النقض إلا وفيه رد عليه أبسطها قلت أخي الفاضل أن المراد باللمس في الآية الجماع وهو محل خلاف بين المفسرين وهذا قد يتمشى معك أخي الفاضل على قراءة أو "لامستم " لكن ما التفسير على قراءة " لمستم " فهي ظاهرة في مطلق اللمس - لكن ما المراد بالنساء هل جنس الإناث أم الزوجات فيكون المراد اللمس بشهوة - فهذا الحديث إن صح كان هو العمدة في عدم نقض الوضوء من لمس المرأة بلا شهوة أما إن لم يصح كان هناك محل نظر ومحل خلاف في ما المراد بالآية؟؟ هل مطلق اللمس أم اللمس بشهوة أم المراد به كناية عن الجماع؟؟
عموما بغض النظر ما هو المذهب الفقهي الراجح في هذه المسئلة فأنا أريد من الإخوة الفضلاء عموما الذين عندهم علم في هذا الحديث وخصوصا - شيخنا محمد بن عبد الله وأخينا أبي حازم الكاتب - أن يشاركا في هذا الموضوع هل يصح حديث بمجموع الطرق والشواهد والمتابعات عن عائشة أن النبي قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ أم لا؟؟ سواء من طريق عروة عن عائشة أو من طريق غيرها؟؟
بارك الله في الجميع ونأمل المشاركة للوصول للحكم على هذا الحديث
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 04:17]ـ
عجبا لامرك اخي الكريم مجدي فياض وفقك الله
تعتمد على حديث ضعفه الائمة الكبار المتقدمون هذا ان ثبتت صحته عند المتاخرين وتغفل عن مافي صحيح البخاري
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا) رواه البخاري (382)
ثم ما معنى قولها رضي الله عنها ((فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ))
اليس هذاهو اللمس باليد والا فماالمرادمنه افدنا بارك الله فيك؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجدي فياض]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 04:39]ـ
أخي الفاضل لو قال إنسان أنا ضربت فلان هل يستلزم ذلك أن يكون الضرب ملامسة اليد للجسد أم لو ضربه من فوق ثيابه صح أن يقال أيضا قد وقع الضرب أيضا؟؟
فالضرب وكذلك الغمز قد يكونان من فوق الثياب وهذا أمر مشاهد عيانا فهو ليس احتمالا بعيدا بل احتمالا مساويا وهذه واقعة فعل تحتمل للأمرين
عموما أخي الفاضل كما قلت لك دعك من الخلاف الفقهي في هذه المسئلة فلنجعل هذا موضوعا حديثيا وليس فقهيا فأنا أريد من الإخوة الفضلاء عموما الذين عندهم علم في هذا الحديث وخصوصا - شيخنا محمد بن عبد الله وأخينا أبي حازم الكاتب - أن يشاركا في هذا الموضوع هل يصح حديث بمجموع الطرق والشواهد والمتابعات عن عائشة أن النبي قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ أم لا؟؟ سواء من طريق عروة عن عائشة أو من طريق غيرها؟؟
بارك الله في الجميع
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 04:54]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[آل عامر]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 10:47]ـ
جزى الله الجميع كل خير
هذا بحث لشيخنا الشيخ مفلح بن سليمان .. وفقه الله وبارك في علمه وعمره
عنوانه (توضيح المخبوء فيما روي في القبلة بعد الوضوءِ)
الباب الثاني:
في ذكر الدليل بأن القبلة لا توجب الوضوء و بيان طرق حديث عائشة في ذلك و الجواب عن بعض علله.
الطريق الأول: قال الإمام النسائي رحمه الله:
(1) -أخبرنا محمد بن المثنى () عن يحي بن سعيد () عن سفيان () قال: أخبرني أبو روق () عن إبراهيم التيمي () عن عائشة () رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ((كان يقبل بعض أزواجه ثم يصلي ولا يتوضأ)) ()
-و قال أبو داود رحمه الله:
(2) حدثنا محمد بن بشار () حدثنا يحي و عبد الرحمن () قالا: حدثنا سفيان عن أبي روق عن إبراهيم التيمي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ((قبلها، ولم تتوضأ)) ().
و كذلك رواه أحمد و أبو بكر بن شيبة عن وكيع () عن سفيان بهذا الإسناد ().
-و قال الدارقطني رحمه اله:
(3) حدثنا الحسين بن إسماعيل () حدثنا أبو هشام الرفاعي () حدثنا وكيع /ح/ و حدثنا الحسين بن إسماعيل حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي () حدثنا عبد الرحمن بن مهدي /ح/ و حدثنا الحسين بن إسماعيل عن زيد بن أخرم () حدثنا أبو عاصم () كلهم عن سفيان الثوري /ح/ و حدثنا الحسين بن إسماعيل و عمر بن أحمد بن علي القطان () قالا: حدثنا محمد بن الوليد البسري () حدثنا محمد بن جعفر (غندر) () حدثنا سفيان الثوري عن أبي روق عن إبراهيم التيمي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ((يتوَضأ، ثم يقبل بعدما توضأ، ثم يصلي و لا يتوضأ))، هذا حديث غندر، و قال وكيع: أن النبي صلى الله عليه وسلم ((قبل بعض نسائه ثم صلى و لم يتوضأ)) و قال بن مهدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم ((قبلها ولم يتوضأ))، و قال أبو عاصم: كان النبي صلى الله عليه وسلم ((يقبل ثم يصلي و لا يتوضأ)) ().
-وقال الدارقطني أيضا:
(4) حدثنا أبو بكر النيسابوري () حدثنا الجرجاني () حدثنل عبد الرزاق () عن الثوري عن أبي روق عن إبراهيم التيمي عن عائشة (رضي الله عنها) أن النبي صلى الله عليه وسلم ((كان يقبل بعد الوضوء ثم لا يعيد الوضوء –أو قالت –يصلي)) ().
(5) حدثنا جعفر بن أحمد المؤذن () حدثنا السري بن يحي () حدثنا قبيصة () حدثنا سفيان، بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم ((كان يقبل بعد الوضوء ثم يصلي)) مثله ().
كذلك رواه البيهقي من طريق عبد الرزاق عن سفيان ().
و كذا رواه أبو نعيم في ((الحلية)) من طريق قبيصة عن سفيان الثوري بهذا الإسناد. ()
((رواية أبي حنيفة لهذا الحديث))
-قال الدارقطني رحمه الله: و أما حديث أبي حنيفة ()
(6) فحدثنا محمد بن مخلد ()
حدثنا محمد بن الجارود القطان () حدثنا يحي بن نصر بن حاجب () عن أبي حنيفة عن أبي روق الهمداني عن إبراهيم ابن أبي يزيد عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم (رضي الله عنها) () عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أنه كان يتوضأ للصلاة ثم يقبل و لا يحدث وضؤا)) ().
((الإسناد و أقوال العلماء فيه))
(يُتْبَعُ)
(/)
(1) قال النسائي – بعد أن رواه من الطريق المتقدم -:
((ليس في هذا الباب حديث أحسن من هذا الحديث و إن كان مرسلا)) ().
(2) و قال أبو داود – بعد روايته له -:
((هو مرسل، إبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة)) ().
(3) و قال الترمذي:
((و لا نعرف لإبراهيم التيمي سماعا عن عائشة)) ().
(4) و قال الدارقطني:
((لم يرويه عن إبراهيم غير أبي روق عطية بن الحارث، و لا أعلم حدث به عنه إلا الثوري و أبي حنيفة، و اختلف فيه، فأسنده الثوري عن عائشة و أسنده أبو حنيفة عن حفصة و كلاهما أرسله و إبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة و لا من حفصة و لا أدرك زمانهما، وقد روى هذا الحديث معاوية ابن هشام () عن الثوري عن أبي روق عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عائشة، فوصل إسناده و اختلف عنه في لفظه، فقال عثمان بن أبي شيبة () عنه بهذا الإسناد: أن النبي صلى الله عليه وسلم ((كان يقبل وهو صائم))، و قال عنه غير عثمان: أن النبي صلى الله عليه وسلم ((كان يقبل ولا يتوضأ)) و الله أعلم)) ().
(5) وقال البيهقي:
(( ... أبو روق ليس بقوي ضعفه يحي بن معين و غيره .. و الحديث الصحيح عن عائشة في ((قبلة الصائم)) فحمله الضعفاء من الرواة على ترك الوضوء منها و لو صح إسناده لقلنا به إن شاء الله تعالى)) ().
(6) و قال ابن حزم:
((و هذا الحديث لا يصح، لأن راويه * أبو روق وهو ضعيف)) ().
(7) و قال بن عبد البر:
((وهو مرسل لا خلاف فيه، لأنه لم يسمع إبراهيم التيمي عن عائشة ولم يروه أيضا غير أبي روق و ليس فيما انفرد به حجة و قال الكوفيين: أبو روق ثقة، ولم يذكره أحد بجرحة , و مراسل الثقات عندهم حجة , و إبراهيم التيمي أحد العباد و الفضلاء)) ().
((مناقشة هذه الأقوال و الجواب على بعضها))
-و بعد أن ذكرت أقوال هؤلاء الأئمة الحفاظ و آرائهم في هذا الإسناد , أذكر ما يستخلص من هذه الأقوال مع ذكر تلخيص الجواب على بعضها و بالله التوفيق.
- (1) لقد أجمع كل من النسائي و الترمذي و أبي داود و الدارقطني على أن هذا الحديث مرسل (أي منقطع الإسناد) لأن إبراهيم التيمي لم يدرك عائشة رضي الله عنها و لم يسمع منها , و هذا إجماع قوي لا مناقض له , و قد أقره البيهقي و ابن عبد البر.
- (2) و لم يتعرض أحد من هؤلاء الأئمة الستة لذكر دليل صريح لصحة ما ذهبوا إليه , إلا أن أبا داود قال: ((و مات إبراهيم التيمي و لم يبلغ أربعين سنة)) (). و قول الترمذي صريح في أنه لا يعرف له سماع منها , و لم تذكر لنا المصادر التي اطلعنا عليها متى ولد إبراهيم من الاتفاق فيها على أنه تابعي كوفي عابد , و قد وثقه ابن معين و أبو زرعة و رماه بالإرجاء كما سبق ذكره في الحاشية.
و أما وفاته فكانت سنة اثنتين و تسعين , و قيل مات في حبس الحجاج بواسط سنة ثلاث و تسعين و قيل: أربع و تسعين , هذا كل ما ذكرته المصادر عن وفاته. ()
- (3) و لقد توفيت عائشة رضي الله عنها سنة سبع و خمسين كما جزم به الحافظ في " التقريب " و قيل في رمضان سنة ثمان و خمسين ().
- (4) و استنادا لما ذكرنا من وقت وفاة إبراهيم التيمي و لقول أبي داود ((مات .. و لم يبلغ أربعين سنة)) و لما ذكرنا من تاريخ وفاة عائشة رضي الله عنها و لما ذكره غير واحد من الحفاظ , فإن الإسناد منقطع لعدم ثبوت سماع إبراهيم من عائشة , ولكن قد ذكر الدارقطني أن معاوية بن هشام رواه عن الثوري عن أبي روق عن إبراهيم عن أبيه عن عائشة , و هذا إسناد متصل , و معاوية بن هشام استشهد به مسلم في "صحيحه " () و لا مناص من القول بأن رواية من رواه عن الثوري منقطعا أولى بالصواب , و ذلك لأنهم جمع من الثقات الأثبات () , و معاوية بن هشام لم يتابعه أحد على وصله لهذا الإسناد , لا سيما و هو صدوق له أوهام ().
(يُتْبَعُ)
(/)
- (5) و لقد قال الدارقطني: ((لم يرويه عن إبراهيم التيمي غير أبي روق عطية بن الحارث)) وقال البيهقي: ((و أبو روق ليس بقوي، ضعفه يحي بن معين و غيره)) و قال ابن حزم: ((ضعيف)). فأما تفرد أبي روق عن إبراهيم بهذا الحديث،فهو تفرد لا يضر، لأن أبا روق صدوق لا بأس به كما تقدم في ترجمته، و قد وثقه يعقوب بن سفيان ووقه الكوفيون فيما قاله بن عبد البر عنهم، و لم يتكلم فيه الدارقطني مع شدة رأيه في تعليل هذا الحديث من جميع طرقه بجرح. و أما تضعيف بن معين له فلم أقف عليه عند البيهقي، وهو معارض بقول بن معين فيه: ((صالح)). و أما قول البيهقي ((ليس بقوي))، فهو أيضا معارض بأقوال أئمة الجرح و التعديل المتقدمة في ترجمته حيث لم يضعفه أحد ممن يعتمد قوله في الرجال فيما علمت. و أما تضعيف بن حزم له، فهو غير معتبر، لما عرف منه من شذوذه و مخالفته للجمهور في مواضع كثيرة و منها هذا الموضع.
فتفرد أبي روق هنا كتفرد غيره من الرواة في كثير من الأحاديث , و هو تفرد مقبول في نظري , لأنه لا مخالف له عن سيخه و لا مطعن له في عدالته.
- (6) قال الدارقطني: (و لا أعلم حدث به عنه غير الثوري و أبي حنيفة , و اختلف فيه , فأسنده الثوري عن عائشة , و أسنده أبو حنيفة عن حفصة, و كلاهما أرسله)). و الجواب عن هذا الاختلاف من وجهين:
- (الأول): أن سفيان الثوري إمام حافظ حجة و هو أوثق من أبي حنيفة و أضبط منه للإسناد , فهو مقدم عليه عند الاختلاف. و قال الدارقطني في حديث ((من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة)): ((لم يسنده عن موسى بن أبي عائشة غير أبي حنيفة و الحسن بن عمارة و هما ضعيفان)) ().
- ((الثاني)) ثم إنه لا مانع من رواية هذا الحديث عن عائشة و عن حفصة جميعا عن النبي صلى الله عليه و سلم كما صح عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم ((كان يقبل و هو صائم)) ().
- (7) قال الدارقطني: ((و قد روى هذا الحديث معاوية بن هشام عن الثوري عن أبي روق عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عائشة فوصل إسناده , و اختلف عنه في لفظه , فقال عثمان بن أبي شيبة عنه بهذا الإسناد: أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقبل و هو صائم , و قال عنه غير عثمان: أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقبل و لا يتوضأ)).
فأما الاختلاف عن الثوري في الإسناد فقد سبق الجواب عنه , و خلاصته هنا: أن الاختلاف لا قيمة له على مذهب الدارقطني و غيره من حفاظ الحديث و نقاده , و ذلك أن معاوية ابن هشام خالف من هو أوثق منه و أحفظ , و هو جماعة و هو فرد , و قد قال فيه أحمد: هو كثير الخطأ , و قال ابن حبان: ربما أخطأ , فلا شك الصواب رواية الجماعة.
و أما الاختلاف على معاوية في لفظ الحديث فالجواب عته هو نفس الجواب السابق , و هو رد رواية معاوية و الأخذ برواية الجماعة , أضف إلى ذلك أن عثمان بن أبي شيبة قد خولف في لفظه عن معاوية فروى عنه مثل رواية الجماعة كما قال الدارقطني.
(8) قال البيهقي: ((و الحديث الصحيح عن عائشة في " قبلة الصائم" فحمله الضعفاء من الرواة على "ترك الوضوء منها ")) و قد سبقه إلى تعليل هذا الحديث بحديث عائشة في"قبلة الصائم " شيخ مشايخه الإمام الدارقطني فقد أعل حديث الباب من حيث المتن بحديث "قبلة الصائم" في ثلاث مواضع تقدم أحدها و الجواب عنه , و يأتي فيما بعد ذكر الموضعين الثاني و الثالث مع تحقيق القول فيهما إن شاء الله.
و قبل الجواب على كلام البيهقي هذه طرق حديث عائشة في "قبلة الصائم" نذكر تخريجها باختصار:
- (أ) (( ... عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقبل بعض أزواجه و هو صائم , ثم ضحكت)) ().
- (ب) و (( ... عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه و سلم يقبل و يباشر و هو صائم و كان أملككم لإربه)) ().
- (ج) و (( ... عن عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقبلني و هو صائم , و أيكم يملك إربه () كما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يملك إربه)) ().
(يُتْبَعُ)
(/)
- (د) و (( ... عن زياد بن علاقة عن عمرو بن ميمون عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقبل في شهر الصوم)) ().
- (هـ) و (( ... عن أبي الزناد عن علي بن الحسين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقبل و هو صائم)) ().
- (و) و (( ... عن سعد بن إبراهيم عن طلحة بن عبد الله _ يعني ابن عثمان _ عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقبلني و هو صائم و أنا صائمة)) ().
- (ز) و (( ... عن مسلم عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقبل و هو صائم و يباشر و هو صائم , ولكنه أملككم لإربه)) ().
- (ح) و (( ... عن إبراهيم عم الأسود قال: انطلقت أنا و مسروق إلى عائشة رضي الله عنها فقلنا لها: أ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يباشر و هو صائم؟ قالت نعم , ولكنه كان أملككم لإربه أو من أملككم لإربه ... )) ().
- (ط) و (( ... عن أبي سلمة أن عمر ابن عبد العزيز أخبره أن عروة بن الزبير أخبره أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقبلها و هو صائم)) ().
- (9) و لما انتهيت من تلخيص طرق حديث عائشة رضي الله عنها في" قبلة الصائم" و تخريجها تخريجا مختصرا , رأيت أن المناسب أ ن أذكر هنا في هذه الفقرة (التاسعة) تلخيصا و تخريجا لطرق حديثها الثاني (و هو الذي نحن في صدد الكلام عليه) ثم نتكلم بعد ذلك على طرقه بالتفصيل , و الغرض من ذكرها ملخصة في هذه الفقرة هو: الوقوف و الاطلاع على طرق الحديثين مجتمعة ة التحقق من صحة كلام البيهقي و من ثم موافقته أو مخالفته.
- (أ) (( ... عن أبي روق الهمداني عن إبراهيم التيمي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قبل ثم صلى و لم يتوضأ)) ().
- (ب) و (( ... عن حبيب ابن أبي ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل بعض نساءه ثم خرج إلى الصلاة و لم يتوضأ .. قلت لها من هي إلا أنت؟ فضحكت)) ().
- (ج) و (( ... ثنا عمرو بن شعيب ن زينب أنها سألت عائشة رضي الله عنها عن الرجل يقبل امرأته و يلمسها أ يجب عليه الوضوء؟ فقالت لربما توضأ النبي صلى الله عليه و سلم فقباني ثم يمضي فيصلي و لا يتوضأ)) ().
- (د) و (( ... عن عبد الكريم الجزري عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله علي و سلم كان يقبل ثم يصلي و لا يتوضأ)) ().
- (هـ) و (( ... عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قلت: قبل رسول الله صلى الله عليه و سلم بعض نساءه ثم صلى و لم يتوضأ)) ().
- (و) و من طريق هشام بن عروة أيضا ((عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها بلغها قول بن عمر "في القبلة الوضوء " فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقبل و هو صائم ثم لا يتوضأ)) ().
- (ز) و من طريقه أيضا ((عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ليس في القبلة وضوء)) ().
- (ح) و من طريقه أيضا ((عن أبيه ... أن رجلا قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن الرجل يقلب امرأته بعد الوضوء فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقبل بعض نساءه و لا يعيد الوضوء)) ().
- (ط) و (( ... عن ابن أخي الزهري (عن الزهري) عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: لا تعاد الصلاة من القبلة , كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقبل بعض نساءه و يصلي و لا يتوضأ)) ().
- (ي) و (( ... عن الزهري أيضا عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت:لقد كان نبي الله صلى الله عليه و سلم يقبلني إذا خرج إلى الصلاة و ما يتوضأ)) ().
- (10) و بعد أن خرجت الحديثين و أشرت إلى طرق كل واحد منهما باختصار ليكون الجواب عن كلام البيهقي واضحا لمن تأمله , أذكر بعون الله و حسن توفيقه ما يظهر لي من تفاوت طرق الحديثين و اختلاف مخارجهما مع الجوال على كلام البيهقي السابق.
- (أ) لم يصب البيهقي و من قبله الدارقطني قي تعليل حديث عائشة الضعيف _ على زعمهما _ بأنه وهم من بعض الرواة الضعفاء و أن الصواب هو حديثها الصحيح الذي جاء في " قبلة الصائم " و ذلك لاختلاف طرق الحديثين و تعدد رواة كل واحد منها عن عائشة , و على تقدير صحة قول البيهقي فقد روى هذا الحديث الضعيف من طريق إبراهيم التيمي و من طريق عطاء بن أبي رباح و من طريق زينب السهمية عن عائشة و لم يرو واحد منهم حديثها في "قبلة الصائم " , أضف إلى ذلك أن الأعمش قد رواه عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة , و هذا الطريق و إن اشترك أحد رواته و هو عروة في رواية الحديث الصحيح في "قبلة الصائم " عن عائشة فإنه لم يتكلم أحد من الأئمة في ضبط واحد من رواته و لا في حفظهم و لم يذكر له الدارقطني علة سوى الانقطاع بين حبيب بن أبي ثابت و عروة بن الزبير فهذه الطرق الأربعة لا ينطبق عليها قول البيهقي.
- (ب) إذا كان النبي صلى اله عليه و سلم يقبل عائشة رضي الله عنها و هو صائم فما الذي يمنعه أن يقبلها و هو مفطر؟ و قد قالت: ((و أيكم يملك إربه كما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يملك إربه)).
و مع ذلك فقد روى عبد الله بن كعب الحميري ((عن عمر بن أبي سلمة أنه سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم أ يقبل الصائم؟ فقال له رسول الله صلى عليه و سلم:"سل هذه " لأم سلمة , فأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه و سلم يصنع ذلك , فقال يا رسول الله: قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر , فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم " أما والله إني لأتقاكم لله و أخشاكم له ")) ().
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[آل عامر]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 10:51]ـ
((الطريق الثاني))
-قال الإمام أحمد رحمه الله:
(7) حدثنا وكيع () حدثنا الأعمش () عن حبيب بن أبي ثابت ()
عن عروة بن الزبير () عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ((قبل بعض نساءه , ثم خرج إلى الصلاة , و لم يتوضأ)) قال عروة: قلت لها: من هي إلا أنت؟ فضحكت. ()
و كذلك رواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة و علي بن محمد عن وكيع و رواه أبو داود عن عثمان بن أبي شيبة , و رواه الترمذي عن قتيبة و هناد و أبي كريب أحمد بن منيع و محمود بن غيلان و أبي عمار الحسين بن حريث و رواه ابن جرير عن أبي كريب كلهم عن وكيع عن الأعمش بهذا الإسناد () و عند ابن ماجة: " حدثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة " , و أما الباقون فقالوا: " عن عروة عن عائشة " ().
-و قال الإمام الدارقطني رحمه الله:
(8) حدثنا محمد بن موسى بن سهل البربهاري ()
حدثنا محمد بن معاوية بن مالج () حدثنا علي بن هشام () عن الأعمش /ح/ وحدثنا الحسين بن إسماعيل حدثنا أبو هشام الرفاعي /ح/ وحدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا حاجب بن سليمان () /ح/ و حدثنا سعيد بن محمد الحناط () حدثنا يوسف بن موسى () قالوا: حدثنا وكيع بن الجراح عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قبل بعض نسائه ثم خرج و لم يتوضأ)) قال: عروة: فقلت لها: هي أنت؟ فضحكت.
قال ابن مالج: ((يقبل بعض أزواجه ثم يصلي ولا يتوضأ)) قلت من هي إلا أنت؟ فضحكت ().
- (9) حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا علي بن حرب () و أحمد بن منصور () و محمد أشكاب () و عباس بن محمد () قالوا حدثنا أبو يحي الحماني
() حدثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثلبت عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله يصبح صائما، ثم يتوضأ للصلاة فتلقاه المرأة من نسائه فيقبلها ثم يصلي)) قال عروة: قلت لها: من ترينه غيرك؟ فضحكت ().
- (10) حدثنا عثمان بن جعفر بن أحمد بن اللبان () حدثنا محمد بن الحجاج () حدثنا أبو بكر بن عياش () /ح/و حدثنا الحسين بن أحمد بن صالح () حدثنا علي بن إسماعيل بن أبي النجم () بالرافقة حدثنا إسماعيل بن موسى () حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن حبيب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ثم يقبل ثم يصلي ولا يتوضأ)) لفظها واحد ().
((طريق آخر يخالف ما قبله))
-و قال أبو داود بعد روايته له من طريق الأعمش ():
(11) حدثنا إبراهيم بن مخلد الطالقاني () حدثنا عبد الرحمن بن مغراء () حدثنا الأعمش أخبرنا أصحاب لنا () عن عروة المزني () عن عائشة رضي الله عنها بهذا الحديث ().
((أقوال الأئمة الحفاظ في هذا الإسناد))
الإسناد رجاله ثقات ,رجال الشيخين و إنما أعل بالانقطاع بين حبيب و عروة.
- (1) قال الدارقطني: حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا عبد الرحمن ابن بشر () قال:سمعت يحيى بن سعيد يقول –و ذكر له حديث الأعمش عن حبيب عن عروة –فقال: ((أما إن سفيان الثوري كان أعلم الناس بهذا زعم أن حبيبا لم يسمع من عروة شيئا)).
- (2) حدثنا محمد بن مخلد حدثنا صالح بن أحمد () حدثنا علي بن المديني () قال سمعت يحيى و ذكر عنده حديثا الأعمش عن حبيب عن عروة عن عائشة ((تصلي و إن قطر الدم على الحصير)) و قي ((القبلة)) قال يحيى: ((احك عني أنهما شبه لا شيء)) ().
- (3) و قال الترمذي: ((و إنما ترك أصحابنا () حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم في هذا لأنه لا يصح عندهم لحال الإسناد)).
- (4) قال: و سمعت أبا بكر العطار البصري () يذكر على علي بن المديني قال: ((ضعف يحيى بن سعيد القطان هذا الحديث جدا و قال: هو شبه لا شيء)).
- (5) قال: سمعت محمد بن إسماعيل () يضعف هذا الحديث و قال: ((حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة)).
- (6) ثم أشار الترمذي إلى رواية إبراهيم التيمي عن عائشة ثم قال: ((و ليس يصح عن النبي صلى الله عليه و سلم في هذا الباب شيء)) ().
(يُتْبَعُ)
(/)
- (7) و أما أبو داود فقد حكى قول القطان المتقدم عند الدارقطني ثم قال: ((وروى عن الثوري قال: ما حدثنا حبيب إلا عن عروة المزني، يعني لم يحدثهم عن عروة بن الزبير بشيء)).
- (8) قال أبو داود: ((وقد روى حمزة الزيات () عن حبيب عن عروة بن الزبير عن عائشة حديثا صحيحا)) ().
- (9) قال ابن عبد البر: ((و هذا الحديث عندهم معلول (يعني عند الحجازيين)؛ فمنهم من قال لم يسمع حبيب من عروة و منهم من قال ليس هو عروة بن الزبير؛ و ضعفوا هذا الحديث و دفعوه؛ و صححه الكوفيون و ثبتوه لرواية الثقات أئمة الحديث له؛ و حبيب ابن أبي ثابت، لا ينكر لقاؤه عروة , لروايته عمن هو أكبر من عروة , و أجل , و أقدم موتا و هو إمام من أئمة العلماء الجلة)) ().
- (10) و قال الحافظ جمال الدين المزي , ما ملخصه:
((روى حبيب بن أبي ثابت, عن عروة, عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه و سلم قبل امرأة من نساءه , ثم خرج إلى الصلاة , و لم يتوضأ. و كان النبي صلى الله عليه و سلم يقول: ((اللهم عافني في جسدي ... )) () و عن عروة , عن فاطمة بنت لأبي حبيش في الاستحاضة () و عن ابن عمر في اعتمار النبي صلى الله عليه و سلم في رجب و إنكار عائشة لذلك (). وقع في رواية أبي داود و الترمذي , غير منسوب , و نسب في رواية ابن ماجه: عروة بن الزبير)).
- (11) و تعقبه الحافظ ابن حجر , في زياداته على الأصل , فقال:
((فعروة المزني على هذا شيخ لا يدرى من هو , و لم أره في كتب من صنف في الرجال إلا هكذا , يعللون به هذه الأحاديث , و لا يعرفون من حاله بشيء)) ()
- (12) و قال الحافظ في ((الدراية)):
((وقع في رواية ابن ماجه و الدارقطني في حديث الباب: عن عروة بن الزبير أيضا فالسؤال الذي في رواية أبي داود ظاهر في أنه ابن الزبير؛ لأن المزني لا يجسر أن يقول ذلك الكلام لعائشة)) ()
- (قلت): و لذلك لم يلتت الإمام الدارقطني لهذا القول الذي رده ابن حجر لا في (السنن) ولا في (العلل) مع شدة رأيه في تعليل الحديث , بل اكتفى بأن حبيبا لم يسمع من عروة.
- (13) و قال العلامة أحمد محمد شاكر –بعد أن خرج الحديث و نبه على اتفاق الرواة في قولهم: عن عروة , و زيادة نسبته إلى ابن الزبير عند بعضهم: ((و هذا حديث صحيح لا علة له؛ و قد علله بعضهم بما لا يطعن في صحته)).
ثم أشار إلى تعليل الحديث على نحو ما سبق , ثم قال: ((و هذا يدل أولا على أن عروة في هذا الإسناد هو عروة بن الزبير ((يعني كلام البخاري الذي حكاه عن الترمذي)) ... و يدل كلام أبي داود ثانيا على أنه يرى صحة رواية حبيب عن عروة؛ و يؤيده أن حبيب بت أبي ثابت لم يعرف بالتدليس , بل هو ثقة حجة و قد أدرك كثير من الصحابة و سمع منهم , كابن عمر و ابن عباس و أنس؛ و ابن عمر مات سنة أربع و سبعين , و ابن عباس سنة ثمان و ستين؛ و هما أقدم وفاة من عروة فقد توفي بعد التسعين؛ و حبيب مات سنة تسع عشرة و مئة , و عمره ثلاث و سبعين سنة أو أكثر ... و إنما صرح من صرح من العلماء بأنه لم يسمع هذا الحديث من عروة , تقليدا لسفيان الثوري و موافقة للبخاري في مذهبه؛ وقد تبين مما مضى أن سفيان أرسل الكلمة إرسالا , من غير دليل يؤيدها؛ و إن أبا داود خالفه , وأثبت صحة رواية حبيب عن عروة؛ و البخاري شرطه في الرواية معروف , و هو شرط شديد خالفه فيه أكثر أهل العلم)) ().
- (قلت): و مما يستدرك عليه –عفا الله عنا و عنه – قوله: ((إن حبيب ابن أبي ثابت لم يعرف بالتدليس))؛و أما قوله: ((بل هو ثقة حجة)) فهو كما قال؛ وفي ((التقريب)): ((ثقة فقيه جليل , كان كثير الإرسال و التدليس)) و قد وصفه بالتدليس: ابن خزيمة و ابن حبان و الدارقطني؛ و ذكره في المدلسين:الذهبي و العلائي و المقدسي و الحلبي و ابن حجر ().
- (14) و ممن صحح الحديث و دافع عنه دفاعا قويا: أبو الفيض الغماري في كتابه ((الهداية في تخريج أحاديث البداية))؛ فقد ذكر الحديث ثم ذكر بعده قول ابن رشد: ((و إلى تصحيحه مال أبو عمر و ابن عبد البر)) ثم قال: ((و هو الواقع؛ و إن أعله البخاري و أبو داود والترمذي و النسائي و الدارقطني و البيهقي و ابن حزم و جماعة؛ و زعموا أنه لا يصح في هذا الباب شيء)).
(يُتْبَعُ)
(/)
- (قلت) و هذا القول فيف نظر؛ فإن هؤلاء الأئمة المذكورين لو أجمعوا على تعليله؛ لما كان لأحد من بعدهم كلاما مقبولا يخالف قولهم؛ و قد قال نحو هذا الإمام النووي –عفا الله عنا و عنه – كما سيأتي في الفقرة (15) و الواقع أن الإمام البخاري أعل رواية حبيب ابن أبي ثابت وحدها بالانقطاع وكذا الترمذي و النسائي؛ و أما أبو داود فقد حكى عن الثوري و القطان ما يدل على الانقطاع , ثم عقب بما يدل على الاتصال و أعله الترمذي و النسائي جميعا من رواية إبراهيم التيمي عن عائشة بأنه لم يسمع منها؛ ولكن النسائي ارتضاه و خرجه في ((المجتبى)) و قال: ((ليس في هذا الباب حديث أحسن من هذا الحديث , و إن كان مرسلا)) و لم يخرجه من حديث حبيب؛و معلوم أن للحديث غير هذين الوجهين ما جاء من رواية عطاء عن عائشة , و من رواية زينب السهمية عنها؛ و لم يتكلم فيها البخاري و لا غيره من الأئمة المذكورين بعده إلا الدارقطني و البيهقي, فقد أعلاه من جميع الوجوه و الله أعلم.
-قال أبو الفيض: ((و الحديث صحيح مقطوع به , إن شاء الله , و إنما يحملهم على التتابع في الطعن و التعليل بدون دليل " عدم إدراكهم المخرج من معارضة النصوص التي هي أقوى و أصح في نظرهم , أو في الواقع كظاهر القرآن؛و لو أدركوا المخرج من ذلك لما احتاجوا إلى مخالفة الأصول , و مناقضة القواعد التي يثبت بمثلها الحديث فإنها قاضية بصحة هذا الحديث ,لمن التزم الإنصاف؛و ذلك أن الحديث رجاله ثقات متفق عليهم: رواه وكيع , عن الأعمش , عن حبيب بن أبي ثابت , عن عروة , عن عائشة؛ و هؤلاء كلهم رجال الصحيحين , فالحديث على شرطهما؛ ثم إنه رواه عن وكيع: قتيبة و هناد و أبو كريب و أحمد بن منيع و محمود بن غيلان و أبو عمار كما عند الترمذي؛ و عثمان بن أبي شيبة؛ كما عند أبي داود , و أبو هشام الرفاعي و حاجب بن سليمان و يوسف بن موسى؛ كما عند الدارقطني؛ و إبراهيم بن عبد الله العبسي؛ كما عند البيهقي)).
((كلهم قالوا: عن وكيع , عن الأعمش , عن حبيب ,عن عروة؛ مطلقا , غير منسوب؛و تابعهم على ذلك: زائدة , كما ذكره أبو داود , وعبد الحميد الحماني و علي بن هشام و أبو بكر بن عياش؛ كما خرجه الدارقطني؛ أربعتهم عن الأعمش به مثله.
- ((قلت)): و تابعهم كذلك أبو معاوية , محمد بن خازم الضرير , فرواه عن الأعمش كما رواه الجماعة , و هو ثقة من أحفظ الناس لحديث الأعمش؛ كما في التقريب؛ خرج حديثه البيهقي في المعرفة ())).
-قال أبو الفيض: ((وغير جائز و لا معقول أن يكون شيخ حبيب بن أبي ثابت هو عروة المزني المجهول , ثم يتفق جمهور الأئمة الحفاظ الثقات الأعلام , و هو من سمينا من أصحاب وكيع , و من أصحاب الأعمش , على إطلاقه الموهم الموقع في الخطأ و تصحيح الضعيف؛ فإن عروة عند الإطلاق لا ينصرف إلا عروة بت الزبير الثقة المعروف المشهور , لا إلى عروة الذي لا يعرف؛ فلو كان هذا وحده الدليل على كونه عروة بن الزبير , لكان قاطعا أو كالقطع على ذلك؛ فكيف وقد صرح جماعة من كبار الحفاظ بأنه عروة بن الزبير , و هو: أحمد بن حنبل؛ كما في مسنده؛ و أبو بكر بن أبي شيبة و علي بن محمد , كما في سنن ابن ماجه؛ فإنهم رووه عن وكيع عن الأعمش , عن حبيب بن أبي ثابت , عن عروة بن الزبير , عن عائشة؛ فلم يبق مع هذا شك , على أنه عروة بن الزبير , و أن الجماعة السابقة ما أطلقوه فلم يقيدوه إلا اعتمادا على كونه الذي تنصرف إليه الأذهان)).
- ((قلت)): و هذا كلام جيد , بل هو صحيح في غاية الصحة إلا قوله –عفا الله عنا و عنه – ((و إنما يحملهم على التتابع في الطعن و التعليل بدون دليل: عدم إدراكهم المخرج من معارضة النصوص التي هي أقوى و أصح في نظرهم , أو في الواقع كظاهر القرآن ... )) فهذا اتهام باطل لا شك في بطلانه , فإنهم أعلم منه و أجل و أكمل علما من أن ينسب إليهم نقصان العلم و يتهمون بالعجز عن التوفيق بين المتعارض من النصوص و لا سبيل إلى المعارضة أصلا بين حديث عائشة و غيره فيما نعلم , بل هو موافق لظاهر القرآن كما جزم به الإمام الطبري , و اعتبره الإمام الشافعي حجة إذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم و كذا ابن المنذر و غيره.
(يُتْبَعُ)
(/)
-ثم قال في آخر كلامه على الحديث: ((تنبيه: ليس المراد من تصحيح الحديث القول بمضمونه , و أن اللمس لا ينقض , بل المراد إظهار الحقيقة و إبطال الباطل من زعم ضعف الحديث , و هو صحيح , ولكنه مع ذلك منسوخ بالآية الكريمة)) ().
- ((قلت)): و هذا هو المخرج الذي عناه أبو الفيض في عبارته الآنفة الذكر و ادعى قصور أئمة العلم و الهدى عن إدراكه؛ و لست أدري ما الذي حمله على ذلك بعد أن بدل غاية الجهد في تصحيح الحديث و الدفاع عنه؟ هل كان حنفيا ثم انقلب شافعيا؟ أو كان عالما في أول أمره ثم انقلب علمه عليه وبالا؟ أو اعتل عقله بعد أن كان صحيحا؟ و لله در من قال:
((" إذا لم تكن للمرء عين صحيحة فلا غرو أن يرتاب و الصبح مسفر ")).
- (15) و ممن ضعف الحديث و ادعى الاتفاق على تضعيفه أبو زكريا النووي فقد قال: ((و أما الجواب على احتجاجهم بحديث حبيب بن أبي ثابت؛ فمن وجهين , أحسنها و أشهرها: أنه حديث ضعيف باتفاق الحفاظ , ممن ضعفه سفيان الثوري و يحيى بن سعيد القطان , و أحمد بن حنبل وأبو داود و أبو بكر النيسابوري و أبو الحسن الدارقطني و أبو بكر البيهقي و آخرون من المتقدمين و المتأخرين؛ قال أحمد بن حنبل و أبو بكر النيسابوري و غيرهما: غلط حبيب من قبلة الصائم إلى القبلة في الوضوء؛ و قال أبو داود روي عن سفيان الثوري أنه قال: ما حدثنا حبيب إلا عن عروة المزني؛ يعني لا عن عروة بن الزبير؛ و عروة المزني مجهول؛ و إنما صح من حديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقبل و هو صائم.
-و الجواب الثاني: لو صح ,لحمل على القبلة فوق حائل؛ جمعا بين الأدلة)) ()
- ((قلت)): وليته اكتفى بالجواب الأول دون الثاني؛ فأن فيه تكلف لا يخفى , و الذي دعاه إليه: التعصب المذهبي؛ و سأجيب –بعون الله تعالى – عن الأول , ه هو دعوى الاتفاق على تضعيف الحديث , فأقول: هذا الكلام الذي قاله الإمام النووي ليس على إطلاقه , عند التحقيق الصحيح و النظر الثاقب في أقوال الأئمة المتقدم ذكرها , بل هو كلام مطلق من غير تثبت و لا تأمل في تمييز قول بعضهم من بعض؛ بل لا شك أنه غير صحيح عن بعض ما نسب إليه: كالإمام أحمد و أبي بكر النيسابوري.
فهذه مراجع السنن و المسانيد و العلل و التواريخ بين أيدينا شاهدة ناقطة بآثار المحدثين ليس فيها قول يذكر عن أحمد بن حنبل و لا عن أبي بكر النيسابوري و لو كان فيها أدنى رواية عن واحد منهما لما خفيت على الدارقطني و لا على البيهقي من بعده و هما المتعصبان حقا لمذهب الشافعي و الناصران له , لا سيما و أبو بكر النيسابوري من شيوخ الدارقطني؛ فكيف علم الإمام النووي قولهما دون غيره؟؟
و أما قول يحيى القطان عن سفيان: بأن حبيبا لم يسمع من عروة؛ فقد صح هذا القول عن يحيى , و أخذ بقولهما البخاري ثم الترمذي , فأعلوه بالانقطاع من هذا الوجه و مع ذلك فقد جنح أبو داود إلى عدم الانقطاع , كما يتضح من عبارته الآنفة الذكر فأثبت صحة رواية حبيب عن عروة بن الزبير عن عائشة؛ و مع ذلك كله؛ فقد روى يحيى القطان هذا الحديث عن سفيان من وجه آخر عن عائشة و سكت عليه فدل ذلك أنه إنما أعل رواية حبيب وحدها؛ و نحن نعلم أن حبيبا لم يتفرد به عن عروة؛ فقد تابعه وكيع عم هشام بن عروة عن أبيه؛ فدلت هذه المتابعة على أنه عروة بن الزبير من غير شك؛ و الله أعلم.
- ((استدراك)): قال ابن قدامة في المغني: قال أحمد: ((المدنيون و الكوفيون ما زالوا يرون أن القبلة من اللمس , تنقض الوضوء حتى كان بأخرة و صار فيهم أبو حنيفة, فقالوا لا تنقض الوضوء؛ و يأخذون بحديث عروة؛ و نرى أنه غلط)) ().
- ((قلت)) و في ثبوت هذا عن الإمام أحمد نظر , لأن بن قدامة نقله عنه هكذا بغير إسناد , و من غير عزو إلى مصدر معين على الأقل؛ و قد فتشت عنه في عدة مصادر من أهمها: كتاب العلل و معرفة الرجال؛ من رواية ابنه عبد الله عنه () و كتاب العلل و معرفة الرجال؛ من رواية المروذي و الميموني و صالح بن أحمد جميعا عنه () و مسائل أبي داود؛ ومسائل ابن هانيء و مسائل عبد الله بن أحمد فلم أظفر على شيء يذكر عن الإمام أحمد من تعليل الحديث المذكور؛ و مع ذلك فقد أخرجه في ثلاث مواضع من مسنده و لم يتعقبه بشيء يذكر؛ و على تقدير ثبوت هذا القول فالجواب عنه من وجهين:
- ((أولا)): إن يحيى القطان حدث عن سفيان الثوري فقال:أما سفيان كان أعلم الناس بهذا , زعم أن حبيبا لم يسمع من عروة؛ و معلوم أن القطان هو شيخ الإمام أحمد و هو من أعلم شيوخه , فلا مانع أن يتلقى ذلك عنه كما تلقاه غيره؛ و قد علمت مما سبق أن يحيى بن سعيد القطان ضعف الحديث من رواية حبيب عن عروة عن عائشة , وارتضاه من وجه آخر من رواية الثوري عن أبي روق عن إبراهيم التيمي عنها.
- ((ثانيا)): أن هشام بن عروة قد تابع حبيبا على روايته إياه عن أبيه عن عائشة كما رواه عنه وكيع وأبو أويس المدني؛ و قد خفيت هذه المتابعة على كثير من حفاظ الحديث؛ و لا غرابة في ذلك؛ فهذا الإمام مالك إمام دار الهجرة و قدوة الحفاظ في وقته يذكر عنه تلميذه عبد الله بن وهب فيقول: ((سمعت مالكا سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء؟ فقال: ليس ذلك على الناس , فقال و ما هي فقلت: حدثنا الليث بن سعد و ابن لهيعة و عمرو بن الحارث , عن يزيد بن عمرو المعافري ,عن أبي عبد الرحمن الحبلي , عن المستورد بن شداد القرشي , فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه. فقال: إن هذا الحديث حسن , و ما سمعت به قط إلا الساعة. ثم سمعته بعد ذلك يسأل , فيأمر بتخليل الأصابع)) ().
- و خلاصة القول: أنه لا يثبت عن الإمام أحمد تعليله لحديث حبيب عن عروة عن عائشة؛ وإن ثبت ذلك عنه؛ فهو محمول عن المتابعة لقول يحيى القطان عن سفيان كما تابعه على ذلك البخاري و غيره؛ و قد سبق الجواب عنه غير مرة؛ و ثمت كلمة أخرى. و هي: أن الحديث صحيح من غير هذا الوجه الذي أعله أحمد و البخاري و غيرهما كما سوف تعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[آل عامر]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 10:54]ـ
- ((الطريق الثالث)):
-قال الإمام الدارقطني رحمه الله:
- (12) حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا حاجب بن سليمان () حدثا وكيع عن هشام بن عروة () عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت:
((قبل رسول اله صلى الله عليه و سلم بعض نسائه ثم صلى و لم يتوضأ)) ثم ضحكت. ()
- ((رأي الدارقطني هي هذا الإسناد)):
-قال الدارقطني: ((تفرد به حاجب عن وكيع و وهم فيه , و الصواب عن وكيع بهذا الإسناد: " أن النبي صلى اله عليه و سلم كان يقبل و هو صائم " , و حاجب لم يكن له كتاب , إنما كان يحدث من حفظه)).
- ((قلت)): هذا هو الموضع الثاني من المواضع الثالثة المشار إليها فيما سبق حيث أعل الدارقطني حديث عائشة هذا بحديثها الآخر في "قبلة الصائم" و زعم أن حاجبا قد وهم في متنه على وكيع و أن الصواب عنه عن هشام عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم "كان يقلب ه هو صائم ". و الجواب عنه من ثلاثة أوجه:
- ((أولا)):أن الحديثين ثابتان عن عائشة من طرق مختلفة كما سبق , و رواية حاجب رواية صحيحة عن وكيع , و مما يدل على صحتها أن وكيعا قد توبع عن هشام عن أبيه عن عائشة أكثر من متابعة كما سنذكره قريبا , و هذه المتابعات أو بعضها صالح للاعتبار , و هي تنفي عن حاجب نسبة الوهم إليه في لفظ الحديث.
- ((ثانيا)):ثم إن حاجبا قد روى عنه النسائي و وثقه ,و هو غير متساهل في التوثيق كما قد عرف , و حاجب شيخه فهو أعلم من غيره , و إن كان الأمر كذلك فتحديثه من حفظه لا يضر و إن لم يكن من كتاب و إلا فلا يكون ثقة.
- ((ثالثا)) و لقد وصف الدارقطني شيخه أبا بكر النيسابوري بأنه عالم بزيادات الألفاظ في المتون و حافظ للأسانيد كما سبق في ترجمته () ,و هذا يدل أيضا أن حاجبا لم يهم في هذا الإسناد و المتن لأنه من رواية النيسابوري عنه و لم يقل قد وهم حاجب فيه عن وكيع.
ـ[آل عامر]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 10:54]ـ
- ((الطريق الرابع)):
-قال الإمام الدارقطني رحمه الله:
حدثنا الحسين بن إسماعيل حدثنا علي بن عبد العزيز الوراق () حدثنا عاصم بن علي () حدثنا أبو أويس () حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها بلغها قول ابن عمر "في القبلة الوضوء " فقالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقبل و هو صائم ثم لا يتوضأ)) ().
- ((رأيه فيه)): قال:
((و لا أعلم حدث به عاصم بن علي هكذا غير علي ابن عبد العزيز)).
ـ[آل عامر]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 10:55]ـ
- ((الطريق الخامس)):
-قال الدارقطني:
- (14) و ذكره ابن أبي داود () قال حدثنا ابن المصفي ()
حدثنا بقية () عن عبد الملك بن محمد () عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ((ليس في القبلة وضوء)). ()
و رواه الإمام إسحاق بن راهويه () في مسنده , فقال –رحمه الله تعالى -:
- (15) أخبرنا بقية بن الوليد , حدثنا عبد الملك بن محمد , عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها؛أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قبلها و هو صائم , و قال: ((إن القبلة لا تنقض الوضوء و لا تفطر الصائم)) و قال ((يا حميراء إن في ديننا لسعة)) قال أبو إسحاق: ((أخشى أن يكون غلطا)) ().
- ((قلت)): و هكذا ذكره الإمام الزيلعي في نصب الراية؛ و الحافظ في الدراية نقلا عن هذا الموضع من المسند , دون قول إسحاق ((أخشى أن يكون غلطا)) و لم يتعقبا بشيء ().
و هذا الإسناد و كذا الذي قبله رجاله ثقات , غير عبد الملك بن محمد الراوي عن هشام , فقد ترجم له الذهبي في الميزان و ذكر له هذا الحديث , و أشار إلى أن الراوي عنه هو بقية بالعنعنة و ذكر قول الدارقطني فيه: عبد الملك ضعيف؛ و كأنه وقف على رواية الدارقطني و لم يقف على رواية إسحاق التي صرح فيها بقية بالتحديث و كأن الحافظ استدرك ذلك عليه , فلم يرمز إلى رواية بقية عن عبد الملك (بعن) كما فعل الذهبي ولكنه لم يزد في اللسان على ما في الميزان بشيء كعادته في زياداته على الأصل.
و بناءا على ما سبق , فعبد الملك مجهول لا يعرف؛ و هذا اللفظ الذي أتى به عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة؛ لفظ منكر , لا يثبت من قول النبي صلى الله عليه و سلم؛ و إنما الثابت أنه كان يقبل و هو صائم؛ و كان يقبل ثم يصلي و لا يحدث وضوءا؛ و لذلك قال إسحاق: ((أخشى أن يكون غلطا)) يعني _و الله أعلم _ أنه لا يثبت من قول النبي صلى الله عليه و سلم , وإنما هو ثابت من فعله.
ـ[آل عامر]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 10:56]ـ
- ((الطريق السادس)):
-قال الدارقطني رحمه الله:
- (16) حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا العباس بن الوليد نب مزيد () أخبرني محمد بن شعيب () حدثنا شيبان بن عبد الرحمن () عن الحسن بن دينار () عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير أن رجلا قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن الرجل يقبل امرأته بعد الوضوء؟ فقالت: ((كان رسول الله صلى عليه و سلم يقبل بعض نساءه و لا يعيد الوضوء ((. فقلت لها: لئن كان ذلك , ما كان إلا منك؟ فسكتت. ()
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[آل عامر]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 11:00]ـ
- ((الطريق السابع)):
-قال الدارقطني: هكذا قال فيه " أن رجلا قال سألت عائشة "
- (17) و ذكره ابن أبي داود قال: حدثنا جعفر بن محمد بن المرزبان () حدثنا هشام بن عبيد الله () حدثنا محمد بن جابر () عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه و سلم بهذا ().
- ((قلت)): قول الرازي: أن رجلا قال كذا و كذا , أو أن امرأة قالت كذا و كذا , و هو يريد نفسه؛ كثير في السنة المطهرة؛ و ليس هو بعلة عند أهل الحديث قاطبة , فقد عبر واحد من الصحابة بنحو هذا التعبير؛ ثم إن قوله _في آخر المتن _ ((قلت لها:لئن كان ذلك , ما كان إلا منك؟)) دال على أنه هو السائل من غير شك؛ و الله أعلم.
ـ[آل عامر]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 11:01]ـ
- ((الطريق الثامن)):
-قال الدارقطني رحمه الله:
- (18) حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق () حدثنا محمد بن الحسين الحنيني () حدثنا جندل بن والق () حدثنا عبيد الله بن عمرو () عن غالب () عن عطاء () عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((ربما قبلني رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم يصلي , و لا يتوضأ)) ().
-قال الدارقطني: "غالب هو ابن عبيد الله: متروك ".
-قال رحمه الله تعالى:
- (19) حدثنا أبو احمد الدقاق حدثنا محمد بن غالب () حدثنا الوليد بن صالح () حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم الجزري () عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ((كان يقبل ثم يصلي و لا يتوضأ)) ().
((رأيه في هذا الإسناد))
-قال الدارقطني:
((يقال: أن الوليد بن صالح وهم في قوله عن عبد الكريم و إنما هو حديث غالب، ورواه الثوري عن عبد الكريم عن عطاء من قوله و هو الصواب و إنما هو حديث غالب و الله أعلم.))
- (قلت): و هذا الإسناد الذي انتقده الدارقطني؛ إسناد حسن رجاله ثقات؛ لا مطعن لأحد في عدالتهم –فيما أعلم-؛ فتعليل الدارقطني له تعليل غير مقبول لأن حديث الثقة لا يحكم عليه الوهم لمخالفة الضعيف له، فكيف إذا كان المخالف له متروكا كما هو قول الدارقطني في غالب ابن عبيد الله؛ و إنما الصواب ترجيح حديث الثقة، و لاسيما إذا تابعه ثقة مثله؛ و الوليد بن صالح الضبي أبو محمد الجزري نزيل بغداد ثقة كما قال الحافظ في التقريب؛ و قد توبع عند البزار؛ فدلت هذه المتابعة على أنه حفظ و لم يهم.
و خلاصة القول:
أنه لا يلتفت إلى تعليل الدارقطني لهذا الإسناد برواية غالب ابن عبيد الله فإنها رواية واهية ثم شاذة أما كونها واهية فمن جهة غالب بن عبيد الله نفسه فهو متروك كما قال الدارقطني؛ و اما كونها شاذة فمن جهة جندل بن والق؛ فقد خالف في روايته لهذا الحديث من هو أوثق منه وهو صدوق يغلط ويصحف؛ كما قال الحافظ في التقريب؛ و توضيح ذلك أن جندل بن والق رواه عن عبيد بن عمرو الرقي فقال فيه: ((عن غالب بن عبيد الله عن عائشة)) بينما رواه الوليد بن صالح و هو ثقة كما أسلفت عن عبيد الله بن عمرو فقال فيه: ((عن عبد الكريم عن عطاء عن عائشة)) و تابعه محمد بن موسى بن أعين عن أبيه عن عبد الكريم كما سيأتي عند البزار؛ ورواه سفيان الثوري عن عبد الكريم عن عطاء من قوله؛ كما سيأتي عند الدارقطني فدل ذلك على أن حديث جندل بن والق وهم منه على عبيد الله بن عمرو؛ فانظر و تأمل كيف تناقض قول الدارقطني، حيث قال: ((يقال: إن الوليد بن صالح وهم في قوله: عن عبد الكريم و إنما هو حديث غالب، و رواه الثوري عن عبد الكريم عن عطاء من قوله وهو الصواب، و إنما هو حديث غالب)) فإن كان الدارقطني يرى حديث الثوري هو الصواب؛ قلنا: حبا و كرامة و زيادة الثقة مقبولة و الراوي قد يفتي من حفظه دون الإحتجاج إلى إثبات الحجة؛ و إن كان الصواب في نظر الدارقطني حديث جندل عن عبيد الله عن غالب؛ قلنا: كلا و ألف كلا فإن منهج أهل الحديث واضح جلي لمن تأمله؛ و الحق أحق أن يتبع و الله أعلم.
((رواية الثوري لهذا الحديث))
-قال الدارقطني:
(20) حدثنا ابن مبشر () حدثنا أحمد بن سنان () حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن عبد الكريم الجزي عن عطاء قال: ((ليس في القبلة وضوء)) ().
((متابعة جيدة للوليد بن صالح))
-حدثنا إسماعيل بن يعقوب بن صبيح () حدثنا محمد بن موسى ابن أعين () حدثنا أبي () عن عبد لكريم الجزري عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ((كان يقبل بعض نسائه، ثم يصلي ولا يتوضأ)) ().
((أقوال العلماء في هذا الإسناد))
- (1) قال الحافظ ابن حجر: ((و رجاله ثقات)) ().
- (2) و قال ابن التركماني: ((وعبد الكريم روى عنه مالك في الموطأ و أخرج له الشيخان و غيرهما و وثقه ابن معين و أبو حاتم و أبو زرعة و غيرهم، و موسى بن أعين مشهور وثقه أبو زرعة و أبو حاتم و أخرج له مسلم ()، و ابنه مشهور روى له البخاري ()، و إسماعيل روى عنه النسائي و وثقه و أبو عوانة الإسفرائيني و أخرج له ابن خزيمة في صحيحه و ذكره ابن حبان في الثقات ()،و أخرج الدا رقطني من وجه آخر عن عبد الكريم ())) قال:
- (3) و قال عبد الحق بعد ذكره لهذا الحديث من جهة البزار: ((لا أعلم له علة توجب تركه، و لا أعلم فيه مع ما تقدم أكثر من قول ابن معين: حديث عبد الكريم عن عطاء حديث ردئ، لأنه غير محفوظ.و انفراد الثقة بالحديث لا يضره، فإما يكون قبل نزول الآية الكريمة،أو تكون الملامسة الجماع كما قال ابن عباس رضي الله عنه)) ().
((متابعة أخرى))
-و قال الدارقطني أيضا:
(22) حدثنا أبو بكر النيسابوري و أبو بكر بن مجاهد المقرئ () قلا: حدثنا سعدان بن نصر () حدثنا أبو بدر () عن أبي سلمة الجهني () عن عبد الله بن غالب () عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ((كان يقبل بعض نسائه ثم لا يحدث وضوءا)) ().
(تعليله لهذا الإسناد)
-قال الدارقطني: ((قوله: عبد الله بن غالب، وهم، و إنما أراد غالب ابن عبيد الله، وهو متروك و أبو سلمة الجهني: هو خالد بن سلمة، ضعيف، و ليس بالذي يروى عنه زكريا بن زائدة)).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[آل عامر]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 11:01]ـ
((الطريق التاسع))
-قال الدارقطني رحمه الله:
(23) حدثنا عبد الباقي بن قانع () حدثنا إسماعيل بن الفضل () حدثنا محمد بن عيسىبن يزيد الطرسوسي () حدثنا سليمان بن عمر بن يسار * مديني () حدثنا أبي () عن ابن أخي الزهري ()
عن الزهري * () عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((لا تعاد الصلاة من القبلة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نسائه و يصلي ولا يتوضأ)) ().
((رأي الدارقطني في الحديث))
-قال الدارقطني: ((خالفه منصور بن زاذان في إسناده)) ().
-و قال التركماني: و ذكر البيهقي في الخلافيات ((أن أكثر رواته إلى ابن أخي الزهري مجهولون)) و ليس كذلك بل كلهم معروفون ().
(قلت) و الحق أن فيهم من لا يعرف، و فيهم من هو متهم، و فيهم من تغير حفظه وفيهم من لا يتابع على حديثه، و ابن أخي الزهري ربما وهم، فالإسناد ضعيف جدا و الذي بعده أصح منه و أقوم و الله أعلم.
ـ[آل عامر]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 11:03]ـ
((الطريق العاشر))
-قال الإمام الدارقطني رحمه الله:
(24) حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد أخبرني محمد بن شعيب حدثنا سعيد بن بشير ()، و حدثنا الحسين بن إسماعيل حدثنا الحسن بن عبد العزيز الجروي () حدثنا أبو حفص التنيسي () حدثنا سعيد بن بشير حدثني منصور عن الزهري عن أبي سلمة () عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((لقد كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يقبلني إذا خرج إلى الصلاة، و ما يتوضأ)). ()
(25) حدثني أبو بكر النيسابوري و الحسين بن إسماعيل و علي بن سلم ابن مهرا () قالوا: حدثنا إبراهيم بن هانئ () حدثنا محمد بن بكار () حدثنا سعيد بن بشير عن منصور بن زاذان عن الزهري بهذا الإسناد، نحوه ().
((رأي الدارقطني فيه))
-قال الدارقطني:
((تفرد به سعيد بن بشير عن منصور عن الزهري و لم يتابع عليه، و ليس بقوي في الحديث و المحفوظ عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم ((كان يقبل وهو صائم)) و كذلك رواه الحفاظ الثقات عن الزهري، منهم معمر و عقيل وابن أبي ذئب، و قال مالك عن الزهري: ((في القبلة الوضوء)). ولو كان ما رواه سعيد ابن بشير عن منصور عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة صحيحا لما كان الزهري يفتي بخلافه، و الله أعلم)).
ـ[آل عامر]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 11:06]ـ
((الطريق الحادي عشر))
-قال الإمام الدارقطني رحمه الله:
(26) حدثنا أحمد بن شعيب بن صالح البخاري () حدثنا حماد بن سهل البخاري () حدثنا إسماعيل بن موسى () حدثنا عيسى بن يونس () عن معمر () عن الزهري عن أبي سلمة عن عروة عن عائشة قالت: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل وهوة صائم، ثم يصلي ولا يتوضأ)) ().
قال الدارقطني: ((هذا خطأ من وجوه)).
ـ[آل عامر]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 11:07]ـ
((الطريق الثاني عشر))
-قال الإمام أحمد رحمه الله:
(27) حدثنا محمد بن فضيل () حدثنا الحجاج () عن عمرو ابن شعيب () عن زينب السهمية () عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ثم يقبل و يصلي و لا يتوضأ)) ().
و كذلك رواه ابن ماجة عن أبي بك بن أبي شيبة () عن محمد بن فضيل بهذا الإسناد ().
-و قال الدارقطني رحمه الله:
(28) حدثني الحسين بن إسماعيل حدثنا أبو بكر الجوهري () حدثنا معلى بن منصور () حدثنا عباد بن العوام () عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن زينب السهمية عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ((كان يقبلها ثم يصلي ولا يتوضأ)) قال: ((و كان عطاء لا يرى في القبلة وضوء ا)).
حدثنا أبو بكر الشافعي ()
حدثنا محمد بن شاذان () حدثنا معلى، مثله ().
((متابعة جيدة للحجاج))
-و كان الإمام الدارقطني قد رواه قبل ذلك من غير طريق الحجاج فقال:
(يُتْبَعُ)
(/)
(29) حدثنا الحسين بن إسماعيل حدثنا أبو طاهر الدمشقي أحمد بن بشير بن عبد الوهاب () حدثنا هشام () حدثنا عبد الحميد () حدثنا الأوزاعي () حدثنا عمرو بن شعيب عن زينب أنها سألت عائشة رضي الله عنها: عن الرجل يقبل امرأته و يلمسها أيجب عليه الوضوء؟ فقالت: ((لربما توضأ النبي صلى الله عليه وسلم فقبلني ثم يمضي فيصلي و لا يتوضأ)) ().
-و كذلك رواه عبد الرزاق فقال:
عن الأوزاعي قال: أخبرني عمرو بن شعيب عن امرأة سماها أنها سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: ((كان رسول الله صلى اله عليه وسلم يتوضأ و كان يخرج إلى الصلاة فيقبلني ثم يصلي فما يحدث وضوءا)) ()
-تعليل الدارقطني لهذا الحديث:
قال الدارقطني: ((زينب هذه مجهولة و لا تقوم بها الحجة)).
- (قلت): و قد أعله غير واحد من أهل العلم بأن في سنده الحجاج بن أرطأة حتى لقد أعله بهذه العلة صاحب التعليق المغني على سنن الدارقطني فقال: ((و فيه زينب السهمية هي بنت محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص عن عائشة و عنها ابن أخيها عمرو بن شعيب تفرد بحديثها حجاج بن أرطاة ..... و العجيب من الحافظ جمال الدين الزيلعي أنه كيف قال: (هذا سند جيد).
- (قلت): بل العجيب منه هو كيف لم يتنبه للمتابعة التي ساقها الدارقطني قبل حديث الحجاج و هي بين يديه و لذلك لم يلتفت الدارقطني لتعليل الحديث بتفرد الحجاج كما زعم صاحب التعليق و الجواب عن تعليل الدارقطني له من وجهين:
-الأول: قال الحافظ المزي رحمه الله (رواه القاضي أبو يوسف عن الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن زينب بنت محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص السهمية) ().
-وقال الحافظ ابن حجر: (ذكرها ابن حبان في الثقات) ()
-و قال الحافظ الذهبي في آخر الميزان: (فصل في النسوة المجهولات و ما علمت من النساء من اتهمن و لا من تركوها) ().
-قال الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله معلقا على قول الذهبي: كأنه يذهب إلى أن الجهالة بهن تجعلهن من المستورات و المقبولات إذا روى عنهن ثقة) ().
-الثاني: إن زينب السهمية قد توبعت عن عائشة أكثر من متابعة فقد تابعها عطاء بن أبي رباح و عروة بن الزبير و أبو سلمة و جهالة زينب جهالة حال لا جهالة عين فلا شك أنه يعتضد حديثها بالمتابعة و الله أعلم.
ـ[آل عامر]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 11:13]ـ
الخلاصة:
-و خلاصة القول: أن حديث عائشة رضي الله عنها لا يقدح في صحته تعليل لكبار من أئمة الشافعية، أمثال الدارقطني و البيهقي، له بأنواع العلل المختلفة؛ لأنه قد جاء عن عائشة رضي الله عنها من عدة طرق متعاضدة يبلغ بها رتبة الصحيح عند من أنصف في استعمال القواعد الحديثية و لم يتعصب لمذهب دون مذهب و حسبك أن جماعة من أهل العلم الذين يوثق بقولهم و يعتمد على تصحيحهم قد حكموا له بالصحة، إما تصريحا، و إما تلميحا، كل حسب اجتهاده و مبلغ علمه، فممن حكم له بالصحة صراحة الإمام أبو جعفر الطبري في تفسيره، فقد قال بعد أن حكى القولين في المسألة: ((و أولى القولين بالصواب قول من قال: عنى الله بقوله: (أو لامستم النساء): الجماع، دون غيره من معاني اللمس؛ لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قبل بعض نسائه ثم صلى و لم يتوضأ)) و قال أيضا: ((ففي صحة الخبر فيما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدلالة الواضحة على أن اللمس في هذا الموضع: لمس الجماع؛ لا جميع معاني اللمس)).
-و قال الحافظ عبد الحق الإشبيلي في أحكامه الوسطى بعد أن ذكر الحديث من طريق عبد الكريم الجزري عن عطاء عن عائشة: ((لا أعلم له علة توجب تركه)) و قال الحافظ ابن حجر في الدراية لما ذكره من هذا الوجه: ((و رجاله ثقات)) و قال أيضا لما ذكره من طريق وكيع عن هشام عن أبيه عن عائشة: ((ورجاله أثبات)) و قال الأمير الصنعاني: ((إذا عرفت هذا،فالحديث دليل على أن لمس المرأة و تقبيلها لا ينقض الوضوء، و هذا هو الأصل، و الحديث مقرر للأصل ... وهو و إن قدح فيه بما سمعت فطرقه يقوي بعضها بعضا)) ().
(يُتْبَعُ)
(/)
-وممن صحح الحديث و دافع عنه جمال الدين الزيلعي و العلامة علاء الدين ابن التركماني و الشيخ أحمد محمد شاكر و الشيخ محمد ناصر الدين الألباني؛ و قد تراجع عن تضعيفه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي؛ فقد قلت له: حديث عائشة في القبلة بعد الوضوء، هل هو صحيح؟ فقال: ((سئلت عنه من قبل، فأفتيت بضعفه، وليتني ما أفتيت)).
- (قلت): و ممن صرح بتصحيح الحديث واحتج به على المخالفين له الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله ووقاه من كل مكروه فقد قال:
((و الحق أن لمس المرأة، و كذا تقبيلها لا ينقض الوضوء سواء كان بشهوة أو بغير شهوة؛ و ذلك لعدم قيام دليل صحيح على ذلك؛ بل ثبت انه صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض أزواجه ثم يصلي و لا يتوضأ. أخرجه أبو داود و غيره؛ وله عشرة طرق بعضها صحيح؛ كما بينته في صحيح أبي داود (رقم 170 - 173).
- (قلت): و فيما يلي تلخيص مجمل لتلك الطرق المشار إليها، بعد تفصيل لها فيما سبق.
- الأول: من رواية سفيان الثوري عن أبي روق عن إبراهيم التيمي عن عائشة و هذا الإسناد مرسل رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي روق عطية بن الحارث، وهو ثقة كما قال يعقوب بن سفيان و غيره؛ و قال الحافظ في التقريب: صدوق. فهو حسن الحديث؛ لولا أن روايته هذه مرسلة، فإن إبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة بالاتفاق.
-و قد وصله بعض الرواة فقال: عن الثوري عن أبي روق عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عائشة؛ كما قاله الدارقطني؛ و لا مناص من القول: بأن المحفوظ عن سفيان المرسل.
-الثاني: من رواية الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عائشة؛ و رجاله ثقات رجال الشيخين، و لكنه أعل بالانقطاع أيضا؛ فقد قيل: إن حبيبا لم يسمع من عروة؛ قال ذلك البخاري ويحي القطان؛ و أجاب عن ذلك ابن عبد البر فقال: ((و حبيب بن أبي ثابت لا ينكر لقائه عروة، لروايته عمن هو أكبر من عروة و أجل و أقدم موتا، و هو إمام ثقة من أئمة العلماء الجلة)) وقال أبو داود: ((وقد روى حمزة الزيات عن حبيب عن عروة بن الزبير عن عائشة حديثا صحيحا)). و قال ابن التركماني: ((و هذا يدل ظاهرا على أن حبيب سمع من عروة، و هو مثبت فيقدم على النافي)) ().
- (قلت): و قد أعله بعضهم بعلة أخرى، فزعم أن عروة هذا الذي روى عنه حبيب ابن أبي ثابت ليس هو ابن الزبير، و إنما هو عروة المزني، و هو مجهول؛ و هذا التعليل ليس بشيء؛ و لم يلتفت إليه الدارقطني، و إنما تمسك بالقول الأول، و هو دعوى الانقطاع و هذا من كمال علمه رحمه الله.
-و الحق: أن الإسناد على شرط مسلم، إن لم يكن على شرط الشيخين جميعا، فإن إمكان اللقاء بين حبيب و عروة بن الزبير محتمل جدا مع ثبوت المعاصرة بينهما لروايته على من هو أكبر من عروة، كابن عمر و بن عباس و غيرهما من الصحابة؛ و قد جزم ابن عبد البر بذلك فقال: ((لا شك أنه أدرك عروة)). و أما قول بعضهم: إن عروة هذا هو المزني فهذا قول ضعيف جدا، و هو مبني على رواية واهية أوهى من بيت العنكبوت؛ فلا تغتر به.
-الثالثة: من رواية حاجب بن سليمان عن وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. و هذا الإسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، غير حاجب و هو ثقة كما قال الذهبي في الكاشف؛ و لا يقدح في صحته تعليل الدارقطني له بأن حاجبا وهم في لفظه على وكيع؛ و حجة الدارقطني في نسبة الوهم إليه قوله: ((و حاجب لم يكن له كتاب، إنما كان يحدث من حفظه)). واعلم أن تحديث الثقة من حفظه لا يؤثر في حديثه، و إن لم يكن له كتاب، و إلا فلا يسمى ثقة؛ أما إذا كان له كتابا و كان كتابه أوثق من حفظه، فهذا الذي يكون محل نظر عند الحفاظ؛ إذا علمت هذا فاعلم أن توهيم الثقة لا يكون مقبولا إلا إذا قام عليه دليل قاطع، و هو مخالفة ذلك الثقة الواهم لمن هو اوثق منه و أضبط؛ أو لجمع من الثقات؛ و حاجب لم يخالف غيره فيما رواه عن وكيع –فيما اعلم – و لو كان عند الدارقطني ما يدل على ذلك لذكره كما فعل في حدبث سعيد بن بشير عن منصور بن زاذان عن الزهري؛ بل الدليل قائم على نفي الوهم عما حدث به الحاجب عن وكيع كما واضح من متابعة أبي أويس له عن هشام.
(يُتْبَعُ)
(/)
-الرابع: من رواية أبي أويس المدني عن هشام عن عروة عن أبيه عن عائشة و هذا إسناد حسن في الشواهد و المتابعات، رجاله ثقات، غير أبي أويس عبد الله ابن عبد الله بن أويس، فهو مدني ليس بالقوي و هو صالح الحديث، و قد احتج به الحافظ في التقريب: صدوق يهم.
-الخامس: من رواية الحسن بن دينار عن هشام عن عروة عن أبيه عروة بن الزبير عن عائشة. و هذا إسناد ضعيف، رجاله موثقون غير الحسن بن دينار فهو مجمع على ضعفه.
-السادس: من رواية محمد بن جابر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة و هذا الإسناد أصلح من الذي قبله، وهو ضعيف أيضا لسوء حفظ محمد بن جابر الحنفي اليمامي؛ فقد قال الذهبي في الكاشف: ((سيء الحفظ؛ قال أبو حاتم: هو أحب إلي من أبي لهيعة.)).
- السابع: من رواية عبد الكريم الجزري عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة و هذا إسناد صحيح، و هو و هو محفوظ عن عبد الكريم من وجهين ثابتين عنه؛ و رواه الثوري من وجه ثابت عن عبد الكريم عن عطاء موقوفا من قوله: ((ليس في القبلة وضوء)) و الذي رواه عن عبد الكريم مرفوعا هو عبيد الله بن عمرو، وهو ثقة، و تابعه على رفعه موسى بن أعين، وهو ثقة أيضا، و الزيادة من الثقة مقبولة؛ و الراوي قد يفتي من حفظه دون الاحتجاج إلى إثبات الحجة.
-الثامن: من رواية سعيد بن بشير بن منصور بن زاذان عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة. و منصور بن زاذان ثقة، و سعيد بن بشير ليس بالقوي كما قال الدارقطني؛ و قد وثقه دحيم، و قال البخاري: يتكلمون في حفظه، و هو محتمل.
- (قلت) و الإسناد إله صحيح؛ و قد صح عن الزهري أنه أفتى بخلافه. و قال الزيلعي و ابن التركماني: ((و أقل أحوال مثل هذا أن يستشهد به)) ().
-التاسع: من رواية عيسى بن يونس عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن عروة عن عائشة قالت: ((كان النبي صلى اله عليه وسلم يقبل وهو صائم؛ ثم يصلي ولا يتوضأ)). كذا قال فيه: عن أبي سلمة عن عروة عن عائشة؛ ورجاله ثقات غير الروي عنه عن عيسى بن يونس، و هو إسماعيل بن موسى الفزازي؛ فهو صدوق شيعي كما قال الذهبي في الكاشف؛ و لولاه لصح الإسناد؛ و لكن لعله يعتضد بالذي قبله فيعتبر بما روى الزهري، لا بما أفتى به؛ و قد ذكرنا في المقدمة كلام ابن القيم فيما يختص بعدول الراوي عن روايته إلى رأيه أو إىل رأي غيره؛ فقد بين ابن القيم رحمه الله هذه المسألة بيانا شافيا.
-العاشر: من رواية عمرو بن شعيب عن عمته زينب السهمية عن عائشة و هذا إسناد جيد، كما قال الزيلعي؛ و أعله الدارقطني بأن زينب هذه مجهولة و لا تقوم بها حجة؛ و أعله غيره بأن في سنده الحجاج بن أرطاة، وهو مدلس و خفي عليه أن الأوزاعي تابع الحجاج عن عمرو؛ و لذلك لم يلتفت أبو الحسن الدارقطني لمثل هذا التعليل، و إنما اكتفى بالأول؛ و الجواب عنه: أن زينب هذه معروفة، فهي بنت محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، عمة عمرو بن شعيب؛ فتكون جهالتها حال، لا جهالة العين؛ و على كل حال: فهي من بيت علم وفضل؛ وحديثها يعتضد بالمتابعة كما تقرر في النخبة؛ و قد قال الذهبي: ما علمت من النساء من اتهمت و لا من تركوها.
-يستخلص مما سبق: أن الحديث صحيح في غاية الصحة، فقد جاء عن عائشة رضي الله عنها من عشرة طرق، منها ما هو صحيح لذاته، و منها ما هو حسن لذاته، و منها المرسل الذي يعتضد بغيره، و منها الموقوف الذي لا نزاع في صحته،و رفعه زيادة من ثقة يجب قبولها، و منها الحديث المستور الذي يتقوى بالمتابعة، و منها حديث السيء الحفظ الذي ينجبر بمجيئه من وجه آخر و منها الحديث الضعيف الذي يعتبر بمثله إذا انضم إلى غيره؛ فالحديث صحيح غاية الصحة؛ و قد صححه جمع من أهل العلم، و الله أعلم.
ـ[مجدي فياض]ــــــــ[21 - Oct-2007, مساء 11:26]ـ
جزاكم الله خيرا كثيرا أخانا الفاضل آل عامر
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[22 - Oct-2007, صباحاً 04:19]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
بارك الله في الشيخ الكريم آل عامر ووفقه على نقل هذا التخريج الموسع للحديث إلا أن لي رأي فيما ذكره صاحب التخريج أوضحه باختصار فيما يلي:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - نص الأئمة المعتبرون المتقدمون كالبخاري وغيره على أنه لا يصح في الباب شيء وهم أعلم بطرق الحديث وحكمهم عن تتبع واستقراء وسبر للروايات وهم أهل لشأن وصدقوا كما سيأتي.
2 - جل هذه الطرق ذكرها الدارقطني في سننه وحكم عليها وأعلها وكتابه في السنن هو مظنة الأفراد والغرائب.
3 - هذه الطرق مابين شديد الضعف والمنقطع وبعض الطرق يرجع إلى بعض وبيان ذلك باختصار:
1 / طريق إبراهيم التيمي وفيه علتان:
أ - الانقطاع بين إبراهيم التيمي وعائشة إذ لم يسمع منها كما قال ابو داود والترمذي والنسائي والدارقطني وابن الجوزي وابن عبد الهادي وابن عبد البر بل نقل الاتفاق على إرساله.
ب - أنه مضطرب سنداً ومتناً:
فبعضهم رواه عن التيمي عن عائشة رضي الله عنها به كما في رواية الأكثر عن الثوري عن ابي روق به وبعضهم رواه عن التيمي عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها كما في رواية معاوية بن هشام عن الثوري عن أبي روق به وبعضهم رواه عن التيمي عن حفصة رضي الله عنها كما في رواية أبي حنيفة عن أبي روق به.
واختلف في متنه فبعضهم يرويه في قبلة الصائم وبعضهم يرويه في الوضوء.
ولذا رجح الدارقطني والبيهقي أن الصواب أنه في قبلة الصائم.
وأعله بعضهم بأبي روق عطية بن الحارث ونقل البيهقي تضعيفه عن ابن معين لكن الجمهور على توثيقه.
2 / طريق عروة ورواه عنه:
أ - حبيب بن أبي ثابت وقد أعل بالانقطاع فحبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة كما قال الثوري والبخاري ونقله العلائي عن أحمد وابن معين ونقله الحافظ في التلخيص عن ابن المديني، بل قال ابن ابي حاتم في المراسيل عن أبيه: (أهل الحديث اتفقوا على ذلك)
وأعله بعضهم _ كالبيهقي وابن حزم _ بأن عروة هذا ليس ابن الزبير بل هو عروة المزني كما في بعض الروايات وهو مجهول، ومشى على هذا المزي في تحفة الشراف فجعله من رواية المزني، وقد اختلفت الرواية في تسميته ففي سنن ابن ماجه والدارقطني التصريح بانه ابن الزبير
ولذا ضعفه يحيى القطان والثوري والبخاري وأبو حاتم وابو زرعة كما في العلل (1/ 48) برقم (110) والبيهقي وغيرهم.
ب - الزهري ورواه عنه ابن أخيه وهذا الإسناد معلول فيه مجاهيل، ورواه معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن عروة عن عائشة به.
ج - هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها فرواه عنه:
1 - حاجب بن سليمان عن وكيع عن هشام به وأعل بعلتين:
- حاجب بن سليمان وثقه النسائي وابن حبان لكنه يروي المناكير كما قال مسلمة بن القاسم وذكر هذا الدارقطني من أوهامه.
- أن الصواب في الحديث أنه في قبلة الصائم كما ذكر الدارقطني.
2 - محمد بن جابر عن هشام به ومحمد بن جابر تركه بن مهدي وضعفه البخاري والنسائي وأبو داود وأبو زرعة.
3 - عبد الملك بن محمد فيما رواه عنه بقية بن الوليد و عبد الملك بن محمد وهو مجهول لا يعرف وإذا حدث بقية عن المجهولين ازداد ضعفا لكونه مشهوراً بالتدليس بجميع أنواعه، ويروي المناكير كما قال أحمد.
4 - الحسن بن دينار عن هشام به والحسن قال فيه ابن عدي: أجمع من تكلم في الرجال على ضعفه، وقال ابو حاتم متروك كذاب، وقال النسائي متروك، وتركه وكيع وابن المبارك، وكذبه أبو خيثمة.
5 - أبو أويس عبد الله بن عبد الله بن ابي اويس، وقد تُكلم في حفظه، وضعفه ابن معين والفلاس وأبو حاتم وأبو زرعة والنسائي وغيرهم وقال ابن المديني كان عند أصحابنا ضعيفاً، ووثقه أحمد، وروايته بزيادة القبلة في الوضوء على قبلة الصائم مخالفة لرواية الثقات فالرواية المحفوظة في الصحيحين وغيرهما بدون الزيادة وهي رواية مالك وسفيان ويحيى القطانووكيع وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وأبي معاوية الضرير وغيرهم عن هشام به.
د / من طريق إبراهيم بن محمد عن معبد بن بنانة عن محمد بن عمرو عن عروة بن الزبير عن عائشة به عند عبد الرزاق لكن فيه علتان:
- معبد بن نباته مجهول كما قال ابن عبد البر.
- إبراهيم بن محمد هو ابن أبي يحيى متروك واتهم بالكذب.
3 / طريق عطاء عن عائشة رضي الله عنها وقد روي عنه من طريقين:
أ - من رواية غالب بن عبيد الله عنه به، وغالب تركه وكيع وقال أبو حاتم والدارقطني متروك وضعفه ابن معين وابن المديني، ولم يرو عنه يحيى القطان وابن مهدي، ثم إنه اضطرب في روايته فروي عنه عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما.
ب- من رواية عبد الكريم الجزري عن عطاء به رواه الوليد بن صالح عن عبيد الله بن عمرو عنه به، والوليد بن صالح تركه أحمد ووثقه ابو حاتم وابو عوانة وابن حبان، وحكم الدراقطني على هذه الرواية بالوهم وان الصواب الرواية السابقة، ثم إن الثوري رواه عن عبد الكريم الجزري عن عطاء من قوله وهذا مما يعل هذا الطريق.
4 / من طريق سعيد بن بشير عن منصور بن زاذان عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة به وهذا الطريق خطأ من وجوه كما قال الدارقطني وقال فيه أبو حاتم حديث منكر لا أصل له كما في العلل لابنه (1/ 47 - 48) برقم (108) وبين وجه الخطأ فيه بأن الصواب أنه " قبل وهو صائم " وليس في الوضوء وقال لا أعلم منصور بن زاذان سمع من الزهري ولا روى عنه، ثم إن سعيد بن بشير ضعفه أحمد وابن المديني وابن معين والنسائي وابن نمير وغيرهم، ثم إن الزهري يفتي بخلافه وهذا مما يؤيد شذوذ هذه الرواية.
5 / من طريق عمرو بن شعيب عن زينب السهمية عن عائشة رضي الله عنها به ورواه عن عمرو بن شعيب:
أ - الحجاج بن ارطأة.
ب - الأوزاعي.
وهذا الطريق ضعيف زينب مجهولة كما قال الدارقطني والبيهقي وابن عبد البر وابن عبد الهادي والبوصيري، وطريق الحجاج فيه علة أخرى وهي ضعف الحجاج وتدليسه وبها أعل أبو حاتم وأبو زرعة الحديث كما في العلل (1/ 48) برقم (109)، وقد ذكر أبو نعيم الفضل بن دكين أنه لم يسمع من عمرو بن شعيب إلا أربعة أحاديث كما ذكر الحافظ ابن رجب في شرح علل الترمذي.
وعموما فقد أطال الدارقطني في سننه والبيهقي في كتابه الخلافيات النفس حول هذا الحديث والأظهر أنه لا يثبت من هذه الطرق شيء، وهذا ما جزم به البخاري وغيره من الحفاظ والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[آل عامر]ــــــــ[22 - Oct-2007, صباحاً 05:51]ـ
جزاكم الله خيرا كثيرا أخانا الفاضل آل عامر
وجزاك أخي الكريم
ـ[آل عامر]ــــــــ[22 - Oct-2007, صباحاً 05:55]ـ
الشيخ المفضال أبو حازم ... زاده الله من فضله وإحسانه
شكر الله إضافتك ونفعنا جميعا بأدبك، وعلمك
ولعلي بعد العودة من العمل أقرأ ردكم، دفع الله عن كل شر
ـ[آل عامر]ــــــــ[23 - Oct-2007, مساء 05:54]ـ
هذا البحث كامل(/)
من يخرج هذا الأثر؟
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[23 - Oct-2007, مساء 04:07]ـ
وقف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يودع أحد نوابه على بعض أقاليم الدولة فقال له: "ماذا تفعل إذا جاءك سارق؟ " قال النائب: "أقطع يده". قال عمر: "وإذن فإن جاءني منهم جائع أو عاطل فسوف يقطع عمر يدك، إن الله استخلفنا على عباده لنسد جوعهم، ونستر عورتهم، ونوفر لهم حرفتهم، فإذا أعطيناهم هذه النعم تقاضيناهم شكرها. يا هذا، إن الله خلق الأيدي لتعمل، فإذا لم تجد في الطاعة عملاً، التمست في المعصية أعمالاً، فأشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية".
وفقكم الله.
ـ[أبو عبد الرحمن بن حسين]ــــــــ[14 - Dec-2008, مساء 08:52]ـ
من أين أتيت بهذا الأثر يا شيخنا
أظنك أردت أن تستشهد به على عدم جواز إلغاء التوظيف
و لكن يبدو أن هذا الأثر ليس له أصل لأنه ظل عاماً كاملاً بغير تخريج
تلميذك أبو عبد الرحمن(/)
ما التوفيق بين قول الله (كل من عليها فان) وبين قول النبي (ما من شئ من الانسان إلا .. )؟
ـ[سعد الحسيني]ــــــــ[23 - Oct-2007, مساء 06:40]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إخواني في الله سؤالي ما التوفيق بين قول الله تعالى (كل من عليها فان, ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الذي في صحيح مسلم قال النبي عليه الصلاة والسلام (ما من شئ من الانسان إلا يبلى (يفنى) إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب) ودمتم سالمين في رعاية الله
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[23 - Oct-2007, مساء 06:45]ـ
مختصر مفيد
(من) غير (ما) وبالتالي:
(من عليها) غير (ما عليها)، فلم يقل الله تعالى أن كل (ما عليها) فانٍ، بل كل (من عليها) فانٍ، تأمل!
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[23 - Oct-2007, مساء 07:09]ـ
اخي الكريم
معنى الفناء في لغة العرب كماقال في اللسان
الفَناء: نَقِيض البقاء، وتَفانى القومُ قتلاً: أَفنى بعضهم بعضاً،
فالمراد بالاية موت من بقي من الاحياء على وجه الارض
وليس المراد ان لايبقى من جسد الانسان شي
ففى الايات الكثيرة قول الله عن المشركين انهم قالوا ((اءذا كنا ترابا وعظاما))
فلاتعارض بحمد الله بين الايات هذا والله اعلم
ـ[عبدالله الخليفي]ــــــــ[23 - Oct-2007, مساء 09:41]ـ
لا إشكال يا سعد فذاك عام وهذا مخصص
ـ[سعد الحسيني]ــــــــ[23 - Oct-2007, مساء 11:22]ـ
شكرا لكم ... بارك الله فيكم ... وتتميما للفائدة إخوتي في الله ذكر الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله في كتابه (تقييد الشوارد) طبع مكتبة الرشد الطبعة الاولى لعام 1426ص327 (بأن الحديث خاص والآية عامة ,فيكون عجب الذنب مستثنى من الفناء والعدم كما يستثنى عرش الرحمن والجنة والنار بإتفاق السلف وأهل السنة خلافا للجهم قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ج18:وكذا الروح والكرسي واللوح المحفوظ والقلم, كما نظم السيوطي رحمه الله ذلك في بيتين فقال: ثمانية حكم البقاء يعمها من الخلق والباقون في حيز العدم هي العرش والكرسي نار وجنة وعجب وأرواح كذا اللوح والقلم) وبارك الله فيكم وأحسنت الإجابة أخي عبدالله الخليفي ,ودمتم سالمين في رعاية الله.(/)
موقف الصحابة من رواية الحديث::: لشيخنا الدكتور محمد سعيد رسلان حفظه الله تعالى
ـ[- أبو عبد الرحمن -]ــــــــ[24 - Oct-2007, صباحاً 12:26]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
موقف الصحابة من رواية الحديث
(محاضرتان بالصوت والصورة)
http://www.rslan.com/vad/items.php?chain_id=108 ( http://www.rslan.com/vad/items.php?chain_id=108)
http://www.rslan.com/images/index/maw9if.jpg (http://www.rslan.com/vad/items.php?chain_id=108)
نبذة عن السلسلة: فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد زَكَّاهم الله تبارك وتعالى وعَدَّلَهُم في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم, وهم حَمَلَة الشريعة المُؤتَمَنُون على حَملِها وتأدِيَتها إلى الأمَّة؛ ولذلك ثبَتت العدالة لجميعهم رضوان الله تعالى عليهم, فهذا مَبحَث في بيان «تَحَرُّز الصحابة من الرواية, وبيان الترهيب من الكذب في حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم».
انظر عناصر كل محاضرة لمزيد من البيان
(المحاضرات متوفرة صوتيًا rm & mp3 ومرئيًا wmv )
أشرطة السلسلة:
م عنوان المحاضرة
1 منهج الأصحاب في الرواية
2 الفرق بين المعصية والبدعة
******* http://www.rslan.com/vad/items.php?chain_id=108[/ ... ](/)
لماذا لقب خليفة بن خياط بـ (شباب)؟
ـ[مسلم بن عبدالله]ــــــــ[24 - Oct-2007, صباحاً 09:48]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتي الكرام
لماذا لقب خليفة بن خياط بـ (شباب)؟
وهل هو من بني شيبان؟؟
ـ[مسلم بن عبدالله]ــــــــ[29 - Oct-2007, صباحاً 07:53]ـ
الاخوة المحدثين ألا نجد عند أحدكم إرشاداً بهذه الفائدة؟؟؟؟؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[02 - Nov-2007, مساء 04:49]ـ
اخي الكريم
بحثت عن ترجمته في اكثرمن موقع ولم اجد تعليلا لتسميته بذلك
وربما يفيدنا احد الاخوة في ذلك
ـ[علي أحمد عبد الباقي]ــــــــ[03 - Nov-2007, صباحاً 01:25]ـ
قال الدكتور أكرم ضياء العمري في مقدمة تحقيقه لـ ((تاريخ خليفة بن خياط)):
((الملقب بـ (شباب) ولا نعلم سبب تلقيبه بهذا اللقب)).
والدكتور العمري له تخصص بخليفة بن خياط فقد حقق له كتاب التاريخ وكتاب الطبقات وجمع مسنده.
ـ[ابن عدي]ــــــــ[17 - Apr-2010, صباحاً 11:05]ـ
قال الدكتور أكرم ضياء العمري في مقدمة تحقيقه لـ ((تاريخ خليفة بن خياط)):
((الملقب بـ (شباب) ولا نعلم سبب تلقيبه بهذا اللقب)).
والدكتور العمري له تخصص بخليفة بن خياط فقد حقق له كتاب التاريخ وكتاب الطبقات وجمع مسنده.
بلى يا شيخنا الجليل!!
بل لها سبب واضح؛ وهو تمييزه من جده لأنه سميه؛ قال في التقريب:
"خليفة بن خياط بالتحتانية المثقلة بن خليفة بن خياط العصفري بضم العين المهملة وسكون الصاد المهملة وضم الفاء أبو عمر البصري لقبه شباب بفتح المعجمة وموحدتين الأولى".
ـ[القارئ المليجي]ــــــــ[17 - Apr-2010, صباحاً 11:13]ـ
إذا كان هذا التعليل منقولا فهو حسن.
وإذا كان استنباطا فهو .... ...
.....
... أحسن.
ـ[مسلم بن عبدالله]ــــــــ[17 - Apr-2010, مساء 10:38]ـ
بلى يا شيخنا الجليل!!
بل لها سبب واضح؛ وهو تمييزه من جده لأنه سميه؛ قال في التقريب:
"خليفة بن خياط بالتحتانية المثقلة بن خليفة بن خياط العصفري بضم العين المهملة وسكون الصاد المهملة وضم الفاء أبو عمر البصري لقبه شباب بفتح المعجمة وموحدتين الأولى".
ليسَ يبين لي هذا الذي قلتَ، وهو محتاج إلى نقل يثبت كونه السبب في هذا اللقب. فبَيّنْ لنا أمرَه جزاك الله خيراً.(/)
تخريج حديث: " شيبتني هود ... "، ودراسة أسانيده
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[24 - Oct-2007, صباحاً 11:11]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فهذه دراسة موسَّعة للحديث المشهور: " شيبتني هود وأخواتها "، وله ألفاظ مختلفة، وقد وقع في أسانيده اختلافٌ كبير، وتعددت أوجهُه وطرقُه، حتى توقف بعض كبار الأئمة في الحكم عليه.
وقد وقفتُ على بعض الدراسات السابقة للحديث، وهي مفيدة وقيّمة، وإن كان في بعضها بعض المؤاخذات، وما وقفتُ عليه:
1 - دراسة للشيخ: سعيد الرقيب، منشورة في ملتقى أهل التفسير ( http://www.tafsir.net/books/open.php?cat=97&book=909).
2- دراسة للشيخ: طارق بن عوض الله، نشرها في حاشية كتاب " تدريب الراوي "، للسيوطي، بتحقيقه ( http://www.alukah.net/majles/showpost.php?p=53303&postcount=122)، وسأنشرها هنا -إن شاء الله تعالى- مفرّغة، وأبين بعض الملحوظات فيها.
3 - دراسة للشيخ: أحمد بن محمد بن حميد، نشرها في تحقيقه للمجلد الرابع عشر من كتاب " المطالب العالية "، لابن حجر ( http://www.waqfeya.com/open.php?cat=33&book=547) ( ص724 - 736).
4 - دراسة للشيخ: خالد العيد، نشرها في ملتقى أهل الحديث ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=18520)، ثم في المجلس العلمي في موقع الألوكة ( http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=5690).
5- دراسة مختصرة للشيخ: حاتم العوني، منشورة في موقع الإسلام اليوم ( http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=1 06387).
ولما كان في تحرير أوجه الاختلاف فائدة للكاتب والمتلقي، فقد أحببتُ أن أحرّر ذلك وأدرسه؛ للخروج بحكم واضح على الحديث.
وسأنشر بحثي هنا على دفعات؛ لطوله، وأرجو ممن رأى ما يستدعي الملاحظة أو التنبيه أن يحسن بذلك فيطرحه، وله الدعاء والشكر الجزيل.
والله الموفق والميسر والمعين.
أولاً: تخريج الحديث
جاء الحديث من طرق عديدة، وعن جمعٍ من الصحابة، وفيما يلي تخريج كل رواية من رواياته:
1 - تخريج رواية أبي إسحاق السبيعي:
وهذه أشهر روايات الحديث، وقد اختُلف فيها عنه على أوجه:
الوجه الأول عن أبي إسحاق: عن عكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، بذكر أبي بكر - رضي الله عنهم-:
أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 435)،
والدارقطني في العلل (1/ 200) وابن مردويه - ومن طريقه الضياء في المختارة (12/ 201، 202) - وأبو نعيم في الحلية (4/ 350) والشجري في أماليه (2/ 240، 241) من طريق محمد بن الفرج،
والدارقطني في العلل (1/ 200) وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 169) من طريق يوسف بن سعيد،
ثلاثتهم - ابن سعد ومحمد بن الفرج ويوسف بن سعيد - عن عبيد الله بن موسى،
وأحمد بن علي المروزي في مسند أبي بكر (30) - ومن طريقه الدارقطني في العلل (1/ 200)،
والترمذي في سننه (3297) وفي العلل الكبير (ص357 - ترتيبه) وفي الشمائل (41) - ومن طريقه البغوي في شرح السنة (14/ 372) وفي الأنوار في شمائل النبي المختار (451) -،
والدارقطني في العلل (1/ 200) من طريق محمد بن القاسم بن زكريا، وعبد الله بن أحمد بن حنبل،
والحاكم (2/ 343) والبيهقي في دلائل النبوة (1/ 357) من طريق جعفر بن أحمد بن نصر الحصيري،
والبيهقي في الدلائل (1/ 357) من طريق دعلج بن أحمد عن أبي جعفر ابن حيان التمار (1)،
والشجري في أماليه (2/ 241) من طريق أحمد بن يحيى بن زهير التستري،
وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 170) من طريق الروياني، والسرّاج،
تسعتهم - المروزي والترمذي ومحمد بن القاسم وعبد الله بن أحمد والحصيري والتمار وأحمد بن زهير التستري والروياني والسراج - عن أبي كريب محمد بن العلاء، عن معاوية بن هشام،
كلاهما - عبيد الله بن موسى ومعاوية بن هشام - عن شيبان بن عبد الرحمن،
وأخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 435) عن عبيد الله بن موسى،
والدارقطني في العلل (1/ 201) من طريق سعيد بن عثمان الخزاز، وإسماعيل بن صبيح،
وفي العلل (1/ 202) عن عبد الله بن محمد بن ناجية عن خلاد بن أسلم عن النضر بن شميل،
أربعتهم - عبيد الله وسعيد وإسماعيل والنضر - عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق،
وأخرجه ابن أبي حاتم في العلل (2/ 110) - تعليقًا -، والدارقطني في العلل (1/ 203) - تعليقًا - من طريق بقية بن الوليد،
(يُتْبَعُ)
(/)
والحاكم (2/ 476) - وعنه البيهقي في شعب الإيمان (776) - من طريق مسدد بن مسرهد (2)،
كلاهما - بقية ومسدد - عن أبي الأحوص سلام بن سليم،
وأخرجه الدارقطني في العلل (1/ 202) من طريق خلاد بن أسلم عن النضر بن شميل عن يونس بن أبي إسحاق،
وفي العلل (1/ 202، 203) من طريق الحسن بن محمد بن أعين عن زهير بن معاوية،
وفي العلل (1/ 203) من طريق عبد الكريم بن الهيثم عن طاهر بن أبي أحمد الزبيري عن أبي بكر بن عياش،
وفي العلل (1/ 203) من طريق أحمد بن الحسين بن عبد الملك الأودي عن أبي نعيم الفضل بن دكين عن مسعود بن سعد الجعفي،
سبعتهم - شيبان وإسرائيل بن يونس وأبوه وأبو الأحوص وزهير وأبو بكر بن عياش ومسعود بن سعد - عن أبي إسحاق السبيعي به، قال ابن عباس: قال أبو بكر - رضي الله عنه -: يا رسول الله قد شبت، قال: " شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت ". هذا لفظ الترمذي من طريق شيبان عن أبي إسحاق.
وقد أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 171) من طريق سيف بن عمر عن محمد بن عون عن عكرمة به، متابعًا لأبي إسحاق على هذا الوجه.
الوجه الثاني عن أبي إسحاق: عن عكرمة مولى ابن عباس، بذكر أبي بكر - رضي الله عنه - بإسقاط ابن عباس:
أخرجه سعيد بن منصور في التفسير من سننه (1110)،
وابن سعد في الطبقات (1/ 436) عن عفان بن مسلم، وإسحاق بن عيسى،
وابن أبي شيبة في المصنف (30268)،
والمروزي في مسند أبي بكر (31) عن عثمان بن أبي شيبة،
وأبو يعلى (107)، والشجري في أماليه (2/ 241) من طريق إدريس بن عبد الكريم الحداد، وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 172) من طريق عبد الله بن محمد، ثلاثتهم - أبو يعلى وإدريس وعبد الله - عن خلف بن هشام،
وأبو يعلى (108) عن العباس بن الوليد النرسي - ومن طريق أبي يعلى في الإسنادين السابقين ابنُ عساكر في تاريخ دمشق (4/ 172) -،
والدارقطني في العلل (1/ 205) من طريق عمرو بن عون،
وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 172) من طريق عبد الله بن الجراح،
تسعتهم - سعيد بن منصور وعفان وإسحاق بن عيسى وأبو بكر ابن أبي شيبة وأخوه عثمان وخلف بن هشام والعباس بن الوليد وعمرو بن عون وعبد الله بن الجراح - عن أبي الأحوص سلام بن سليم،
وأخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 435)،
والدارقطني في العلل (1/ 205، 206) من طريق علي بن عبد العزيز، ومحمد بن الحسين الحنيني، والسري بن يحيى، والهيثم بن خالد،
خمستهم - ابن سعد وعلي والحنيني والسري والهيثم - عن أبي نعيم الفضل بن دكين عن مسعود بن سعد،
وأخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة (2/ 626) عن أبي أحمد الزبيري،
والدارقطني في العلل (1/ 203) من طريق أحمد بن محمد بن المغلس عن خلاد بن أسلم عن النضر بن شميل،
وفي العلل (1/ 203، 204) من طريق وكيع، وعبد الله بن رجاء، ومخول بن إبراهيم،
خمستهم - أبو أحمد والنضر ووكيع وابن رجاء ومخول - عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق،
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد لأبيه (ص9) عن أحمد بن محمد بن أيوب،
والدارقطني في العلل (1/ 205) من طريق إبراهيم بن إسحاق الصواف عن طاهر بن أبي أحمد الزبيري،
وفي العلل (1/ 205) من طريق أبي هشام الرفاعي، (3)
ثلاثتهم - أحمد بن محمد وطاهر وأبو هشام - عن أبي بكر بن عياش،
وأخرجه الدارقطني في العلل (1/ 205) من طريق القاسم بن الحكم العرني عن يونس بن أبي إسحاق،
وفي العلل (1/ 204) من طريق أحمد بن عبد الملك بن واقد عن زهير بن معاوية،
والمستغفري في فضائل القرآن (980) من طريق أبي بلال الأشعري عن جده عن معاوية الجعفي،
والخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1620) من طريق بكر بن بكار عن حمزة الزيات،
والدارقطني في العلل (1/ 196) - تعليقًا - عن عبد الملك بن سعيد بن أبجر،
تسعتهم - أبو الأحوص ومسعود بن سعد وإسرائيل وأبوه يونس وأبو بكر بن عياش وزهير ومعاوية الجعفي وحمزة الزيات وعبد الملك - عن أبي إسحاق السبيعي به، قال عكرمة: قال أبو بكر - رضي الله عنه -: يا رسول الله ... ، هذا لفظ الأكثر، وجاء في رواية مسعود بن سعد عند ابن سعد عن عكرمة قال: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - ....
الوجه الثالث عن أبي إسحاق: عنه عن علقمة، بذكر أبي بكر - رضي الله عنه -:
(يُتْبَعُ)
(/)
أخرجه الدارقطني في العلل (1/ 209) من طريق الحسن بن قتيبة عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه أبي إسحاق به.
الوجه الرابع عن أبي إسحاق: عنه عن أبي جحيفة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:
أخرجه الترمذي في الشمائل (42) - ومن طريقه البغوي في شرح السنة (14/ 372، 373) وفي الأنوار في شمائل النبي المختار (282) -، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (2/ 3أ أزهرية، 218ب مصورة جامعة الإمام - الأصل الثامن والثمانون والمئة (4))، وأبو الفضل الزهري في حديثه (256) عن أحمد بن عبد الله بن سابور،
ثلاثتهم - الترمذي والحكيم الترمذي وابن سابور - عن سفيان بن وكيع،
وإسماعيل بن عبد الله سمويه في الثالث من فوائده (30) - ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (4/ 350) -، وأبو يعلى (880) - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 173) -، والطبراني في الكبير (22/ 123) عن محمد بن عبدوس بن كامل، وفي الكبير (22/ 123) والدارقطني في العلل (1/ 207) من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة، والدارقطني في العلل (1/ 207) من طريق الفريابي، وأحمد بن أبي عوف، وأبو نعيم في الحلية (4/ 350) من طريق عبيد بن غنام،
سبعتهم - سمويه وأبو يعلى ومحمد بن عبدوس وابن أبي شيبة والفريابي وابن أبي عوف وعبيد - عن محمد بن عبد الله بن نمير،
والدارقطني في العلل (1/ 206) من طريق حميد بن الربيع،
وفي العلل (1/ 207، 208) من طريق محمد بن مهاجر، وشهاب بن عباد،
خمستهم - سفيان بن وكيع ومحمد بن عبد الله بن نمير وحميد بن الربيع ومحمد بن مهاجر وشهاب - عن محمد بن بشر العبدي،
وأخرجه الدارقطني في العلل (1/ 206) من طريق حميد بن الربيع عن عبد الله بن نمير،
وفي العلل (1/ 208) - تعليقًا - عن عباد بن ثابت القطواني،
ثلاثتهم - محمد بن بشر وابن نمير وعباد - عن علي بن صالح بن حي، عن أبي إسحاق به، قال أبو جحيفة: قالوا: يا رسول الله ... ، وفي ألفاظ: قيل: يا رسول الله ...
إلا أن رواية محمد بن مهاجر وشهاب بن عباد عن محمد بن بشر، ورواية عباد بن ثابت عن علي بن صالح= جاءت بزيادة أبي بكر - رضي الله عنه - في الإسناد.
الوجه الخامس عن أبي إسحاق: عنه عن البراء، عن أبي بكر - رضي الله عنه -:
أخرجه الدارقطني في العلل (1/ 197) - تعليقًا - عن محمد بن محمد الباغندي عن محمد بن عبد الله بن نمير عن محمد بن بشر عن العلاء بن صالح عن أبي إسحاق به.
الوجه السادس عن أبي إسحاق: عنه عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل، عن أبي بكر - رضي الله عنه -:
أخرجه المروزي في مسند أبي بكر (32) - ومن طريقه الدارقطني في العلل (1/ 208) - عن عبد الرحمن بن صالح،
وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 175) من طريق الروياني عن أبي كريب،
كلاهما - عبد الرحمن بن صالح وأبو كريب - عن عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق به.
الوجه السابع عن أبي إسحاق: عنه عن مسروق، عن أبي بكر - رضي الله عنه -:
أخرجه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات (108) - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 172) - عن الحسين بن عبد الله القطان، والطبراني في الأوسط (8269) عن موسى بن جمهور، وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 173) من طريق ابن المقرئ عن أبي يوسف يعقوب بن إسحاق، ثلاثتهم - القطان وموسى وأبو يوسف - عن هشام بن عمار، عن أبي معاوية محمد بن خازم،
والدارقطني في العلل (1/ 197، 198) - تعليقًا - عن إبراهيم بن سعيد الجوهري عن أبي أسامة حماد بن أسامة، وعن نصر بن علي عن أشعث بن عبد الله الخراساني،
ثلاثتهم - أبو معاوية وأبو أسامة وأشعث - عن زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق به.
إلا أن أبا يوسف يعقوب بن إسحاق جعل في روايته عن هشام بن عمار الشعبيَّ بدل أبي إسحاق.
الوجه الثامن عن أبي إسحاق: عنه عن مسروق، عن عائشة بنت أبي بكر - رضي الله عنهما -، عن أبيها:
أخرجه الدارقطني في العلل (1/ 208، 209) من طريق محمد بن سلمة النصيبي عن أبي إسحاق به. وشك في أن شيخ أبي إسحاق: مسروق.
الوجه التاسع عن أبي إسحاق: عنه عن عامر بن سعد البجلي، عن أبي بكر - رضي الله عنه -:
أخرجه الدارقطني في العلل (1/ 210) والطيوري في الطيوريات بانتخاب السلفي (865) من طريق محمد بن محمد بن عقبة عن جبارة بن المغلس عن عبد الكريم بن عبد الرحمن الخراز عن أبي إسحاق به.
(يُتْبَعُ)
(/)
الوجه العاشر عن أبي إسحاق: عنه عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه - رضي الله عنه -:
أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في جزء من حديثه بانتقاء ابن مردويه (74) - ومن طريقه الشجري في أماليه (2/ 241) - عن محمد بن الليث،
والدارقطني في العلل (1/ 209) من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وعلي بن سعيد،
ثلاثتهم عن جبارة بن المغلس عن عبد الكريم بن عبد الرحمن عن أبي إسحاق به.
الوجه الحادي عشر عن أبي إسحاق: عنه عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، عن أبي بكر - رضي الله عنهما - (5):
أخرجه الدارقطني في العلل (1/ 210) من طريق جبارة بن المغلس عن أبي شيبة يزيد بن معاوية عن أبي إسحاق به.
الوجه الثاني عشر عن أبي إسحاق: عنه عن أبي الأحوص عوف بن مالك، عن ابن مسعود، بذكر أبي بكر - رضي الله عنهما -:
أخرجه الطبراني في الكبير (10091) - ومن طريقه الشجري في أماليه (2/ 241) - والدارقطني في العلل (1/ 210) من طريق أحمد بن طارق عن عمرو بن ثابت أبي المقدام عن أبي إسحاق به.
الوجه الثالث عشر عن أبي إسحاق: عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - معضلاً:
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (5997) عن معمر عن أبي إسحاق به.
2 - تخريج رواية أنس بن مالك بذكر أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما -:
أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 436) - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 174) - عن خالد بن خداش،
وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 174) من طريق يونس بن عبد الأعلى،
كلاهما - خالد ويونس - عن عبد الله بن وهب،
ومحمد بن نصر المروزي في قيام الليل - كما في مختصره للمقريزي (ص144) - عن محمد بن يحيى،
وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 173) من طريق الجوزجاني،
كلاهما - محمد بن يحيى والجوزجاني - عن ابن أبي مريم، عن نافع بن يزيد،
كلاهما - ابن وهب ونافع - عن أبي صخر حميد بن زياد،
وسعيد بن منصور في التفسير من سننه (1109)،
وابن عدي في الكامل (2/ 247) من طريق أحمد بن إبراهيم الموصلي،
والمستغفري في فضائل القرآن (809) من طريق قتيبة،
وفيه (979) من طريق أبي بلال الأشعري،
وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 175) من طريق الروياني عن أبي كريب عن جعفر بن بشير الأسدي،
خمستهم - سعيد بن منصور والموصلي وقتيبة وأبو بلال وجعفر بن بشير - عن حماد بن يحيى الأبح،
والخطيب البغدادي في المتفق والمفترق (3/ 1665) من طريق عمرو بن أبي عمرو العبدي،
ثلاثتهم - أبو صخر والأبح وعمرو العبدي - عن يزيد بن أبان الرقاشي،
وأخرجه الدارقطني في العلل (1/ 210، 211) وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 163، 175) من طريق الحسن بن محمد الطنافسي عن أبي بكر بن عياش عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن،
وأخرجه البزار في مسنده (1/ 169) - تعليقًا - عن زائدة بن أبي الرقاد عن زياد النميري،
ثلاثتهم - يزيد الرقاشي وربيعة الرأي وزياد النميري - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - به.
إلا أنه لم يُذكر أبو بكر في رواية الأبح، بل قال: عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال له أصحابه: قد أسرع إليك الشيب ....
3 - حديث عطاء بن رباح عن ابن عباس - رضي الله عنهما -:
أخرجه أبو الطاهر المخلص في أماليه (16) (ق 32أ، ب) - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 171) - من طريق عبد الله بن وهب،
وابن سعد في الطبقات (1/ 435) عن أبي نعيم الفضل بن دكين، وعبد الوهاب بن عطاء،
ثلاثتهم - ابن وهب وأبو نعيم وعبد الوهاب - عن طلحة بن عمرو، عن عطاء به.
إلا أنه أُسقط ابنُ عباس في رواية أبي نعيم وعبد الوهاب، فصار من مراسيل عطاء.
4 - حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه -:
أخرجه الطبراني في الكبير (5804) والدارقطني في الأفراد (2158 - أطرافه) من طريق سعيد بن سلام عن عمر بن محمد بن صهبان عن أبي حازم عن سهل به.
5 - حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه -:
أخرجه الطبراني في الكبير (17/ 286) عن محمد بن محمد بن حيان التمار عن أبي الوليد الطيالسي عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة به.
6 - حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -:
(يُتْبَعُ)
(/)
أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (1/ 358) من طريق الحسن بن أحمد الزعفراني عن أبي كريب محمد بن العلاء عن معاوية بن هشام عن شيبان بن عبد الرحمن عن فراس بن يحيى المكتب عن عطية العوفي عن أبي سعيد قال: قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، أسرع إليك الشيب ...
7 - حديث عمران بن الحصين - رضي الله عنه -:
أخرجه ابن مردويه في تفسيره - كما في تخريج الكشاف للزيلعي (2/ 149، 150) - عن أحمد بن محمد بن زياد،
والخطيب في تاريخ بغداد (3/ 145) وتلخيص المتشابه (1/ 554) من طريق محمد بن عبد الله الشافعي،
وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 175) من طريق أحمد بن إسحاق،
ثلاثتهم عن محمد بن غالب تمتام عن محمد بن جعفر الوركاني عن حماد بن يحيى الأبح عن ابن عون عن ابن سيرين عن عمران بن الحصين به.
8 - مرسل الزهري:
أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (458) عن عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن يونس بن يزيد عن الزهري به.
9 - مرسل محمد بن واسع:
أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 435) عن يعلى بن عبيد عن حجاج بن دينار عن محمد بن واسع به.
10 - مرسل أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف:
أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 435) عن عثمان بن عمر العبدي عن يونس بن يزيد عن الزهري عن أبي سلمة به.
11 - مرسل محمد بن علي بن الحسين:
أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 435) - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 175) - عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن علي بن أبي علي عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه به.
12 - مرسل قتادة:
أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 436) عن عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.
______________________________ _
الهوامش:
(1) هو محمد بن محمد، والمصادر تختلف بين " حيان " و " حبان " في اسم جده، والأظهر الأول، وهو كذلك في النسخ المتقنة من معرفة علوم الحديث للحاكم، وتاريخ بغداد، وتهذيب الكمال، وسير أعلام النبلاء، وفي النسخة الخطية لسؤالات الحاكم للدارقطني (ق272أ)؛ خلاف مطبوعتها، وفي مطبوعة معجم الصحابة لابن قانع، والأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم، وفتح الباب لابن منده، ودلائل النبوة للبيهقي، والعزو إلى كل ذلك يطول. وقد رجحه بعض الفضلاء العارفين ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=177414&postcount=51)، والله أعلم.
(2) هكذا جاءت هذه الرواية عن مسدد على هذا الوجه بإثبات ابن عباس، وقد ذكر البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (6/ 219) أن مسددًا رواه في مسنده عن أبي الأحوص به ولم يذكر ابن عباس، وقد وقع اختلاف في نسخ المطالب العالية في هذا الحديث، حيث جاء في بعضها أن إسحاق بن راهويه رواه - أي: في مسنده - عن أبي الأحوص، ونبه المحقق (14/ 723) إلى أن ذلك خطأ، لأن إسحاق لم يدرك أبا الأحوص، ثم أثبت في النص من نسختين متأخرتين للمطالب: " أبو بكر "، وهو ابن أبي شيبة، ولأبي بكر روايةٌ في المصنف عن أبي الأحوص كذلك، وليس الذي في المطالب عن ابن أبي شيبة المصنفُ، بل هو المسند، ولم أجد الرواية في مسنده المطبوع، فالله أعلم. وكون الرواية في مسند مسدد بإسقاط ابن عباس - كما جاء في إتحاف الخيرة - قوي، ويأتي في آخر الترجيح بين أوجه الخلاف على أبي إسحاق ما يؤيد ذلك.
(3) جاء في كلام الترمذي بعقب الحديث (3297) في مطبوعة كمال الحوت: " وروى أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن عكرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو حديث شيبان عن أبي إسحاق، ولم يذكر فيه عن ابن عباس، حدثنا بذلك هاشم بن الوليد الهروي، حدثنا أبو بكر بن عياش "، ولم أجد هذا الكلام في نسخة الكروخي المخطوطة (222ب)، ولا في تحفة الأشراف (5/ 157)، ولا نقله الضياء في المختارة (12/ 202) ولا ابن كثير في جامع المسانيد (31/ 548) لما نقلا كلام الترمذي، ولم أجد هذا الإسناد في غير هذا الموضع في كتب الحديث، ولا جُعل هاشم بن الوليد في رجال الكتب الستة في تهذيب الكمال وملحقاته، ونبه إلى ذلك الدكتور بشار في تحقيقه الترمذي (5/ 326). والله أعلم.
(4) ونقله القرطبي في تفسيره (11/ 62، 63).
(5) لم يذكر الدارقطني في سياق الإسناد في الموضع الآتية الإشارة إليه= أبا بكر في الإسناد، لكنه ذكره في سياق الطرق مجردة عن الأسانيد (1/ 199).
يتبع ..
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[24 - Oct-2007, صباحاً 11:19]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانيًا: دراسة الأسانيد1 - دراسة أسانيد رواية أبي إسحاق السبيعي:
وقد سبق في التخريج أنه اختُلف عليه على ثلاثة عشر وجهًا، وفيما يلي دراسة أسانيد ما احتاج دراسةً من تلك الأوجه، وتحرير الراجح عن الرواة عن أبي إسحاق:
أولاً: دراسة أسانيد روايته عن عكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، عن أبي بكر - رضي الله عنهم -:
وقد روى هذا الوجه عن أبي إسحاق جماعة، واختُلف على بعضهم، وفيما يلي البيان:
أ- شيبان بن عبد الرحمن النحوي، وهو من الثقات (6)، وصحت روايته عنه، ولم أجده اختُلف عليه، إلا أن أبا حاتم الرازي قال: " ورواه شيبان عن أبي إسحاق عن عكرمة أن أبا بكر قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- ... " (7)، فجعل رواية شيبان مرسلة بإسقاط ابن عباس، ولم أجد هذا الوجه عن شيبان، بل إن ابن أبي حاتم سأل أباه في موضع آخر من العلل (8) فذكر رواية شيبان موصولةً - على الصواب -.
وقد كان رواه أبو كريب محمد بن العلاء عن معاوية بن هشام عن شيبان، وعن أبي كريب على هذا الوجه تسعة (أحمد بن علي المروزي، والإمام الترمذي، ومحمد بن القاسم بن زكريا، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وجعفر بن أحمد بن نصر الحصيري، وأبو جعفر ابن حيان التمار (9)، وأحمد بن يحيى بن زهير التستري، والروياني، والسرّاج)، وقد خالفهم الحسن بن أحمد بن بسطام الزعفراني، فرواه عن أبي كريب عن معاوية بن هشام عن شيبان عن فراس المكتب عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري. وهذه الرواية منكرة، ولم أعرف راويها الحسن بن أحمد الزعفراني، ومخالفوه فيهم الأئمة الأثبات، وروايتهم أرجح، وذلك ظاهر جدًّا. ومن رأيته تكلم على رواية أبي سعيد أعلها بعطية العوفي، والخطأ فيما يظهر من دونه، والله أعلم.
ب- إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وهو من أوثق الناس في جده أبي إسحاق (10)، وقد اختُلف عليه:
- فرواه عنه على هذا الوجه:
* عبيد الله بن موسى - فيما رواه ابن سعد عنه، مقرونةً روايته عنده برواية شيبان -، وعبيد الله من الثقات، وذُكر أنه أثبت الرواة عن إسرائيل (11)،
* وسعيد بن عثمان، ولم أعرفه، وفي إسناد روايته من لم أعرفه،
* وإسماعيل بن صبيح، وهو صدوق (12)،
- ورواه خلاد بن أسلم عن النضر بن شميل عن إسرائيل، واختُلف عنه:
* فرواه عبد الله بن محمد بن ناجية عن خلاد به على هذا الوجه، وقرن بإسرائيل أباه يونس، وابن ناجية من الثقات الحفاظ (13)،
* ورواه أبو عبد الله أحمد بن محمد بن المغلس عن خلاد به بإسقاط ابن عباس (على الوجه الثاني عن أبي إسحاق)، وابن المغلس ثقة (14)،
ولعل الرواية الثانية أرجح، إذ يُحتمل في الرواية الأولى أن راويها حمل رواية يونس على رواية إسرائيل، وهكذا الحال في الروايات المقرونة، حيث لا يضبط بعض الرواة الاختلاف بين الروايات؛ فيقرنها، وهي مختلفة في حقيقتها، وقد تُكُلِّم في بعض الرواة الحفاظ من أجل هذا، كحماد بن سلمة وغيره.
والرواية الأولى هي الجادة المسلوكة، حيث إثبات ابن عباس بعد عكرمة، فمخالفتها أقرب إلى التثبت والحفظ.
- وقد رواه عن إسرائيل على الوجه الثاني (بإسقاط ابن عباس):
* أبو أحمد الزبيري، وهو من الثقات الأثبات (15)، ورواه عنه ابن شبة في تاريخ المدينة، وابن شبة من الحفاظ (16)،
* ووكيع، وشهرته تغني عن ذكر ثقته، والإسناد إليه حسن (17)،
* وعبد الله بن رجاء، وهو من الصدوقين، ونصَّ أبو زرعة الرازي على أنه " حسن الحديث عن إسرائيل " (18)، والإسناد إليه صحيح،
* ومخول بن إبراهيم، وهو رافضي، وله اختصاص بإسرائيل، وقال عنه أبو حاتم الرازي: " صدوق " (19)،
* والنضر بن شميل على الراجح عنه - كما سبق قريبًا -.
فاجتمع هؤلاء الحفاظ على رواية الحديث عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عكرمة عن أبي بكر بإسقاط ابن عباس، وروايتهم أقوى - كما هو ظاهر - من رواية من رواه بإثبات ابن عباس، وقد سبق أن أحدهم غير معروف، والآخر صدوق (20).
وأما رواية عبيد الله بن موسى عن إسرائيل، فالظاهر أنها خطأ سببه نحوُ ما سبق من قرن الروايات بعضها ببعض، فحُملت رواية إسرائيل على رواية شيبان إذ قرنت بها، فجعلتا سواء، وليستا كذلك، ويدل عليه أنه لم يَقْرِن إسرائيل بشيبان عن عبيد الله بن موسى سوى ابن سعد.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالراجح عن إسرائيل: روايته بإسقاط ابن عباس، وهو ما رجحه الدارقطني، قال: " ... لم يذكر فيه ابنَ عباس، وهو الصواب عن إسرائيل " (21).
ج- أبو الأحوص سلام بن سليم، وهو من الثقات المتقنين (22)، وقد اختُلف عليه:
- فرواه عنه عن أبي إسحاق على هذا الوجه (بذكر ابن عباس):
* بقية بن الوليد، وعنه ابن مصفى، وكلاهما مدلسان (23)، والرواية عنهما معلقة، علقها ابن أبي حاتم، وقال الدارقطني: " ذكر أبو محمد بن صاعد ولم أسمعه منه عن محمد بن عوف عن محمد بن مصفى عن بقية ... " (24) فذكره.
* ومسدد بن مسرهد، وهو من الأئمة الحفاظ، والإسناد إليه صحيح (25).
- ورواه عن أبي الأحوص على الوجه الثاني (بإسقاط ابن عباس):
* سعيد بن منصور، وسعيد من الثقات الأثبات (26)،
* وعفان بن مسلم، وهو من الثقات الأثبات أيضًا (27)،
* وإسحاق بن عيسى الطباع، وهو ثقة (28)،
* وأبو بكر بن أبي شيبة،
* وأخوه عثمان بن أبي شيبة،
* وخلف بن هشام، وهو ثقة (29)،
* والعباس بن الوليد النرسي، وهو ثقة (30)،
وكل من سبق رواياتهم في مصنفاتهم أو رواها عنهم أئمة مصنفون،
* وعمرو بن عون، وهو من الثقات الأثبات (31)، والإسناد إليه صحيح،
* وعبد الله بن الجراح، وهو من الصدوقين (32)، وعنه أبو العباس السراج، وهو من الحفاظ المصنفين، وأخرجه من طريقه ابن عساكر، ولعله في أحد مصنفات السراج، ولم أجده في مسنده.
فاجتمع هؤلاء ما بين ثقة حافظ وثقة ثبت وثقة وصدوق على رواية الحديث عن أبي الأحوص بإسقاط ابن عباس.
وروايتهم أقوى من رواية بقية ومسدد - إن صحت عنهما -، فإن في تلك مخالفة الأكثر من الأثبات، وسلوك الجادة.
ولذا فقد رجّح روايةَ الجماعة أبو حاتم الرازي، قال له ابنه: روى بقية عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس عن أبي بكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: " هذا خطأ، ليس فيه ابن عباس " (33).
د- يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو صدوق يهم قليلاً (34)، وقد اختُلف عليه:
- فرواه عنه على هذا الوجه (بإثبات ابن عباس): النضر بن شميل، وهو ثقة ثبت (35)،
- ورواه عنه بإسقاط ابن عباس: القاسم بن الحكم العرني، وهو صدوق له أخطاء (36)،
- ورواه عنه الحسن بن قتيبة بإسقاط ابن عباس أيضًا، إلا أنه جعل علقمة بدل عكرمة، والحسن هذا متروك (37)، ولا اعتداد بروايته.
وقد ذكر الدارقطني رواية النضر ومن رواه عن إسرائيل وزهير كذلك (بإثبات ابن عباس)، ثم قال: " وخالفهم أصحاب إسرائيل عن إسرائيل، وأصحاب زهير عن زهير، والقاسم بن الحكم العرني عن يونس بن أبي إسحاق ... " (38).
ولا يبعد أن يكون هذا الاختلاف من يونس نفسه، لأن الإمام أحمد ذكر أن حديثه مضطرب (39)، ويؤيده ما يأتي من كلام الترمذي على الرواية عن أبي إسحاق بإثبات ابن عباس.
هـ- زهير بن معاوية، وهو ثقة ثبت، إلا أن سماعه من أبي إسحاق بأخرة (40)، وقد اختُلف عليه:
- فرواه عنه الحسن بن محمد بن أعين على هذا الوجه (بإثبات ابن عباس)، والحسن صدوق (41)، وعنه أبان بن عبد الله بن كردوس الحراني، ولم أجد لأبان هذا ترجمة، وقد علق الدارقطني بعقب روايته متابعةً له، فقال: " تابعه حسين بن أبي السري عن الحسن بن محمد بن أعين " (42)، وابن أبي السري هذا - فيما لو صحت الرواية عنه - متهم بالكذب (43).
- ورواه أحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني عن زهير بإسقاط ابن عباس، وأحمد ثقة حافظ (44)، والإسناد إليه صحيح.
فالرواية بإسقاط ابن عباس هي الراجحة عن زهير.
و- أبو بكر بن عياش، وهو صدوق، وفيه خلاف كثير (45)، وقد اختُلف عليه:
- فرواه عنه طاهر بن أبي أحمد الزبيري، وهذا ترجمه ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً (46)، وترجمه ابن حبان في الثقات وقال: " مستقيم الحديث " (47)، وقد اختُلف عن طاهر:
* فرواه عنه عبد الكريم بن الهيثم على هذا الوجه (بإثبات ابن عباس)، وعبد الكريم ثقة حافظ (48)، والإسناد عنه صحيح،
* ورواه عنه إبراهيم بن إسحاق الصواف، وهذا ذكره ابن حبان في الثقات (49)، ولم أجد له ترجمة في مكان آخر،
- ورواه عن أبي بكر بن عياش أحمد بن محمد بن أيوب على الوجه الثاني (بإسقاط ابن عباس)، وأحمد بن محمد بن أيوب صدوق، وتُكُلّم فيه، خاصةً روايته عن أبي بكر بن عياش (50)،
(يُتْبَعُ)
(/)
- ورواه عن أبي بكر أيضًا أبو هشام الرفاعي، وهو محمد بن يزيد بن محمد، وهو ضعيف (51)،
ورواية الصواف عن طاهر بن أبي أحمد الزبيري متأيدة برواية محمد بن أحمد بن أيوب وأبي هشام الرفاعي، ولعل هذا الوجه هو الصواب عن أبي بكر بن عياش (52). وكأن الدارقطني يشير إلى ذلك، حيث ذكر من روى الوجه الأول (بذكر ابن عباس) عن إسرائيل ويونس وأبي الأحوص وزهير وأبي بكر بن عياش، ثم قال: " وخالفهم أصحاب إسرائيل عن إسرائيل ... وأصحاب أبي بكر بن عياش عن أبي بكر ... اتفقوا كلهم فرووه عن أبي إسحاق عن عكرمة مرسلاً عن أبي بكر لم يذكروا فيه ابن عباس " (53).
ز- مسعود بن سعد الجعفي، وهو من الثقات (54)، وقد رواه عنه أبو نعيم الفضل بن دكين، واختُلف عليه:
- فرواه عنه على هذا الوجه (بإثبات ابن عباس): أحمد بن الحسين بن عبد الملك الأودي، ولم أجد لأحمد هذا ترجمة،
- ورواه عن أبي نعيم على الوجه الآخر (بإسقاط ابن عباس):
* ابن سعد،
* وعلي بن عبد العزيز، وهو من الثقات الحفاظ (55)، والإسناد إليه صحيح،
* ومحمد بن الحسين الحنيني، وهو ثقة (56)،
* والسري بن يحيى، وهو صدوق (57)،
* والهيثم بن خالد، وهو ثقة، وله اختصاص بأبي نعيم، إذ كان وراقه، وروى عنه كثيرًا (58)،
وقد رواه عن هؤلاء الثلاثة أبو العباس بن سعيد المعروف بابن عقدة، وهو حافظ مشهور (59).
وظاهرٌ أن رواية هؤلاء الخمسة وفيهم الثقات الحفاظ أرجح عن أبي نعيم، فالراجح عن مسعود بن سعد روايته على الوجه الثاني (بإسقاط ابن عباس).
فهذه الروايات عن أبي إسحاق على هذا الوجه (بإثبات ابن عباس)، وقد تبين أنه لا يصح منها إلا رواية شيبان بن عبد الرحمن، وهذا ما حكم به الإمام أبو عيسى الترمذي - رحمه الله -، حيث قال عقب رواية شيبان: " هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه ".
وأما متابعة أبي إسحاق التي أخرجها ابن عساكر، فراويها محمد بن عون متروك (60)، والراوي عنه سيف بن عمر ضعيف جدًّا (61)، فهي في غاية السقوط.
______________________________ _
الهوامش:
(6) انظر: تهذيب التهذيب (4/ 327).
(7) العلل لابنه (2/ 134).
(8) العلل (2/ 110).
(9) روي الحديث عن التمار بوجه آخر؛ من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه -، ويأتي في موضعه - إن شاء الله -.
(10) تأتي إشارة أوسع في هذا - إن شاء الله -.
(11) انظر: تهذيب الكمال (19/ 168).
(12) كما في التقريب (453)، واعتبره الذهبي ثقة - كما في الكاشف (383) -.
(13) انظر: تاريخ بغداد (10/ 104).
(14) انظر: تاريخ بغداد (5/ 104).
(15) انظر: تهذيب التهذيب (9/ 227).
(16) انظر: تهذيب التهذيب (7/ 405).
(17) فيه أبو السائب سلم بن جنادة، وهو من الثقات، إلا أنه يخالف، انظر: تهذيب التهذيب (4/ 113).
(18) انظر: الجرح والتعديل (5/ 55)، تهذيب التهذيب (5/ 184).
(19) انظر: الجرح والتعديل (8/ 399)، لسان الميزان (6/ 11).
(20) ذكر البزار في مسنده (1/ 169) أن إسرائيل رواه عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة، ثم أشار إلى روايته هذه، ولم أجد أثرًا للرواية الأولى التي ذكرها البزار فيما وقع بين يدي من مصادر، والرواية عن أبي ميسرة إنما رواها زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق، وتأتي.
(21) العلل (1/ 203)، وانظر (1/ 194 - 196).
(22) انظر: الكاشف (2205)، تقريب التهذيب (2703).
(23) تقريب التهذيب (734، 6304).
(24) العلل (1/ 203).
(25) ويُنظر التخريج، حيث يُحتمل أن لمسدد رواية في مسنده بإسقاط ابن عباس، فإن صح؛ فالتي في المسند أقوى من هذه الرواية، وهو أولى بمسدد أن لا يخالف الأئمة الثقات الآتي ذكرهم وهو إمام حافظ متقن.
(26) انظر: تهذيب التهذيب (4/ 79).
(27) انظر: تهذيب التهذيب (7/ 206).
(28) انظر: تهذيب التهذيب (1/ 214).
(29) انظر: تهذيب التهذيب (3/ 134).
(30) انظر: تهذيب التهذيب (5/ 116).
(31) انظر: تهذيب الكمال (22/ 179).
(32) انظر: تهذيب الكمال (14/ 362).
(33) العلل (2/ 110).
(34) كما في التقريب (7899)، وفيه خلاف كثير.
(35) كما في التقريب (7135).
(36) انظر: تهذيب التهذيب (8/ 279).
(37) انظر: لسان الميزان (2/ 246).
(38) العلل (1/ 196).
(39) العلل ومعرفة الرجال برواية عبد الله (2/ 519).
(40) تقريب التهذيب (2051).
(41) تقريب التهذيب (1280).
(42) العلل (1/ 202).
(43) تهذيب الكمال (6/ 469).
(44) انظر: تهذيب التهذيب (1/ 49).
(45) انظر: تهذيب التهذيب (12/ 37 - 39).
(46) الجرح والتعديل (4/ 499).
(47) (8/ 328).
(48) انظر: تاريخ بغداد (11/ 78).
(49) (8/ 85).
(50) انظر: تهذيب التهذيب (1/ 61).
(51) انظر: تهذيب التهذيب (9/ 464).
(52) وإن ثبتت رواية الترمذي عن هاشم بن الوليد عن أبي بكر بن عياش - وسبق الكلام عن إثباتها في السنن -؛ فهي مؤيد لهذا الوجه، حيث إنها جاءت بإسقاط ابن عباس، وإن كان أُسقط فيها أبو بكر الصديق أيضًا.
(53) العلل (1/ 196).
(54) انظر: تهذيب التهذيب (10/ 106).
(55) انظر: تذكرة الحفاظ (2/ 622، 623).
(56) انظر: تاريخ بغداد (2/ 225، 226).
(57) انظر: الجرح والتعديل (4/ 285).
(58) انظر: تهذيب التهذيب (11/ 84).
(59) ترجمته في تاريخ بغداد (5/ 14).
(60) انظر: تهذيب التهذيب (9/ 341).
(61) انظر: تهذيب التهذيب (4/ 259).
يتبع -إن شاء الله- ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[24 - Oct-2007, صباحاً 11:36]ـ
ثانيًا: دراسة أسانيد رواية أبي إسحاق عن عكرمة، عن أبي بكر - رضي الله عنه - مباشرة:
وقد رواها عن أبي إسحاق تسعة:
أ- أبو الأحوص سلام بن سليم، وسبق الخلاف عليه، وأن هذا الوجه هو الراجح عنه.
ب- مسعود بن سعد، وسبق أن هذا الوجه هو الراجح عنه،
ج- إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وسبق أن هذا الوجه هو الراجح عنه،
د- أبو بكر بن عياش، وسبق أن هذا الوجه هو الراجح عنه،
هـ- يونس بن أبي إسحاق، وسبق الكلام في روايته، وأنها كالمضطربة،
و- زهير بن معاوية، وسبق أن هذا الوجه هو الراجح عنه،
ز- معاوية الجعفي، ولعله والد زهير، ترجمه البخاري (62) وابن أبي حاتم (63)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في الثقات (64). وفي الإسناد إليه أبو بلال الأشعري، تُكُلِّم فيه (65)، وجدُّه، ولم أعرفه.
ح- حمزة الزيات، وهو صدوق ربما وهم (66)، وفي الإسناد إليه بكر بن بكار أبو عمرو القيسي، تُكُلِّم فيه (67).
ط- عبد الملك بن سعيد بن أبجر، وعبد الملك ثقة، وقد فُضّل على إسرائيل (68)، لكن روايته معلقة لا يُدرَى إسنادها.
ثالثًا: دراسة أسانيد رواية أبي إسحاق عن أبي جحيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:
وقد رواها عن أبي إسحاق: علي بن صالح بن حي، وهو ثقة (69)، وعنه ثلاثة:
أ- محمد بن بشر العبدي، وهو من الثقات الحفاظ (70)، ورواه عنه:
- سفيان بن وكيع، وهو ضعيف مشهور الضعف (71)، لكنه مُتابَعٌ هنا،
- ومحمد بن عبد الله بن نمير، واتفق سبعة فيهم ثقات وحفاظ كبار (سمويه وأبو يعلى ومحمد بن عبدوس بن كامل ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة والفريابي وأحمد بن أبي عوف وعبيد بن غنام) = على الرواية عنه على هذا الوجه، وخالفهم محمد بن محمد الباغندي - إن صحت روايته عنه -، فرواه عن ابن نمير عن محمد بن بشر عن العلاء بن صالح عن أبي إسحاق عن البراء عن أبي بكر، فجعل عليَّ بنَ صالح: العلاء بن صالح، وأبا جحيفة: البراء، وزاد ذكر أبي بكر. وروايته هذه خطأ، وهي إحدى أخطاء الباغندي الكثيرة (72)، قال الدارقطني: " وحدث به محمد بن محمد الباغندي عن محمد بن عبد الله بن نمير عن محمد بن بشر فوهم في إسناده في موضعين:
* فقال عن العلاء بن صالح، وإنما هو علي بن صالح بن حي،
* وقال عن أبي إسحاق عن البراء عن أبي بكر، وإنما هو عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة عن أبي بكر " (73).
- وعن محمد بن بشر أيضًا: حميد بن الربيع، وتُكُلّم في حميد كثيرًا، وهو في أقل أحواله ضعيف (74)، وله رواية أخرى تأتي قريبًا،
- ورواه عن محمد بن بشر: محمد بن مهاجر، وهو ضعيف جدًّا، واتُّهم بالوضع (75)،
- وشهاب بن عباد، وعنه القاسم بن محمد بن حماد، والقاسم مضعَّف (76)،
وقد زيد في الأخيرتين: " أبو بكر " في الإسناد، وهما ضعيفتان، والزيادة هذه منكرة. قال أبو داود
السجستاني: سمعت أحمد - هو الإمام ابن حنبل - يقول: " محمد بن بشر كان صحيح الكتاب، وربما حدث من حفظه "، قال أبو داود: فذكرت له أنه حُدِّث عنه بحديث علي بن صالح، عن أبي بكر، أعني: حديث علي بن صالح عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة، قال أبو بكر: أراك قد شبت يا رسول الله، فقال: «شيبتني هود وأخواتها»؟ فقال: " قد كتبته - يعني: عن ابن بشر عن علي بن صالح عن أبي جحيفة - وليس فيه: عن أبي بكر " (77).
ب- والثاني عن علي بن صالح: عبدُ الله بن نمير، وعنه حميد بن الربيع؛ قرن رواية محمد بن بشر بهذه الرواية، وسبق ضعفه، وقرن الروايات عن الثقات لا يُقبل من بعض الثقات، فكيف بالضعفاء؟!
ج- عباد بن ثابت القطواني - إن صحت روايته عنه -، ولم أعرف عبادًا هذا، وقد خالف ابن بشر؛ فزاد أبا بكر، وزيادته هذه خطأ، للمخالفة.
رابعًا: دراسة أسانيد روايتي أبي ميسرة ومسروق عن أبي بكر - رضي الله عنه -:
وقد جاءتا من طريق زكريا بن أبي زائدة، وهو الحافظ المشهور، إلا أن سماعه من أبي إسحاق بأخرة (78)، وقد اختُلف عنه:
- فرواه عنه من طريق أبي ميسرة: عبد الرحيم بن سليمان، وهو من الثقات الحفاظ (79)، والرواية عنه صحيحة،
- ورواه هشام بن عمار عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير عن زكريا، واختُلف عن هشام:
(يُتْبَعُ)
(/)
* فرواه الحسين بن عبد الله القطان - وهو ثقة (80) -، وموسى بن جمهور - وهو ثقة (81) -، كلاهما عن هشام عن أبي معاوية عن زكريا عن أبي إسحاق عن مسروق به،
* ورواه أبو يوسف يعقوب بن إسحاق عن هشام به، فجعل الشعبيَّ بدل أبي إسحاق، لم أعرف يعقوب هذا، وروايته خطأ، قال الدارقطني: " واختُلف عن هشام، فقيل عنه عن أبي معاوية عن زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي عن مسروق عن أبي بكر، وذكر الشعبي وهم، وإنما هو أبو إسحاق السبيعي " (82)، فالراجح عن أبي معاوية: الوجه الأول.
- ورواه أبو أسامة حماد بن أسامة، وهو ثقة حافظ (83)،
- وأشعث بن عبد الله الخراساني، وهو ثقة (84) - إن صحت روايتاهما -، فاتفقا على متابعة أبي معاوية الضرير في الوجه الراجح عن هشام عنه.
وقد حكم الطبراني بتفرد أبي معاوية بهذا الوجه، قال: " لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق عن مسروق عن أبي بكر إلا زكريا بن أبي زائدة، تفرد به أبو معاوية " (85)، وإن صحت روايتا أبي أسامة وأشعث؛ فهما مما يستدرك على كلام الطبراني هذا، لكنّ حكمه بالتفرد يحدث الشك في صحتهما، خاصة أنهما معلقتان لا يُدرى إسنادهما.
وأبو معاوية ثقة حافظ لحديث الأعمش، لكنه يخطئ ويضطرب في غيره، قال الإمام أحمد بن حنبل: " أبو معاوية الضرير في غير حديث الأعمش مضطرب، لا يحفظها حفظًا جيدًا " (86)، وقال ابن خراش فيه: " صدوق، وهو في الأعمش ثقة، وفي غيره فيه اضطراب " (87).
ولعل روايته هذه خطأ، إذ هي عن غير الأعمش: أبي إسحاق، ويؤيده قول الإمام أحمد: " حديث أبي بكر في الشيب ليس هو من حديث مسروق " (88).
هذا، وقد قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه هشام بن عمار عن أبي معاوية الضرير عن زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عن مسروق عن أبي بكر الصديق قال: قلت: يا رسول الله، لقد أسرع الشيب إليك، فقال: «شيبتني هود والواقعة ... » الحديث، قال أبي: " يُروى عن زكريا عن أبي إسحاق عن مسروق أن أبا بكر " (89). وكأن أبا حاتم يشير إلى اختلاف صيغة الرواية بين مسروق وأبي بكر، حيث إن الرواية التي سأل عنها ابن أبي حاتم (بالعنعنة) تفيد حكاية أبي بكر ما حصل له مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقوله له، والرواية التي ذكرها أبو حاتم (بالأنأنة) تفيد حكاية مسروق ما حصل لهما. إلا أني لم أجد الرواية التي ذكرها أبو حاتم.
وقد جاءت رواية عن أبي إسحاق عن مسروق عن عائشة عن أبيها أبي بكر - رضي الله عنهما -، رواها عنه محمد بن سلمة النصيبي، ولم أعرفه، إلا أن يكون الشامي الذي تركه ابن حبان (90)، والراوي عنه عبد الملك بن زياد النصيبي تُكُلِّم فيه (91)، وعنه إبراهيم بن إسماعيل بن زرارة تُكُلِّم فيه أيضًا (92).
فهذه الرواية على غرابتها وسلوكها الجادة= منكرة.
خامسًا: دراسة أسانيد رواية عامر بن سعد عن أبيه وعن أبي بكر ومصعب بن سعد عن أبيه عن أبي بكر:
وقد جاءت هذه الروايات الثلاث من طريق جبارة بن المغلس، واختُلف عنه:
- فرواه محمد بن محمد بن عقبة عنه عن عبد الكريم بن عبد الرحمن عن أبي إسحاق عن عامر بن سعد البجلي عن أبي بكر،
- ورواه محمد بن الليث الجوهري ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة وعلي بن سعيد عنه عن عبد الكريم بن عبد الرحمن عن أبي إسحاق عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه،
- وجاء عن جبارة عن أبي شيبة يزيد بن معاوية عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه، ولم أستبن راوي هذا الوجه عن جبارة، إذ قد قال الدارقطني: " حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، ثنا رجل ذكره جبارة، ثنا أبو شيبة ... " (93)، وأشار المحقق إلى بياض في إحدى النسخ بعد قوله: (ذكره)، فالله أعلم.
وهذه الأوجه الثلاثة كلها اضطراب ومناكير من جبارة، فإنه قد كذّبه بعض الأئمة، وتركه بعضهم، وذكر آخرون أن حديثه مضطرب (94). قال الدارقطني: " حدث به جبارة بن المغلس عن عبد الكريم بن عبد الرحمن الخزاز عن أبي إسحاق، فقال مرة: عن عامر بن سعد عن أبيه، ووهم، وقال مرة: عن عامر بن سعد عن أبي بكر الصديق، وعامر بن سعد هذا هو البجلي وليس بابن أبي وقاص، وليس هذا من حديث سعد بن أبي وقاص، وإنما هو من حديث أبي بكر الصديق ... " (95).
فلا يصح عن أبي إسحاق من هذه الأوجه شيء.
سادسًا: دراسة إسناد رواية أبي الأحوص عن ابن مسعود عن أبي بكر - رضي الله عنهما -:
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد جاءت هذه من طريق عمرو بن أبي المقدام ثابت عن أبي إسحاق، وعمرو هذا ضعيف جدًّا، تركه بعض الأئمة، ورماه بعضهم بالرفض (96).
فهذه الرواية عن أبي إسحاق واهية.
سابعًا: خلاصة الخلاف على أبي إسحاق مما صح عن الرواة غير الهلكى والمتروكين عنه:
صحَّ أنه اختُلف على أبي إسحاق في هذا الحديث على أوجه:
الوجه الأول: رواه شيبان بن عبد الرحمن عن أبي إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس عن أبي بكر - رضي الله عنه-.
الوجه الثاني: رواه أبو الأحوص سلام بن سليم، ومسعود بن سعد، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وأبو بكر بن عياش، وزهير بن معاوية، وعبد الملك بن سعيد بن أبجر= كلهم عن أبي إسحاق عن عكرمة عن أبي بكر - رضي الله عنه - مباشرة، بإسقاط ابن عباس.
الوجه الثالث: رواه علي بن صالح بن حي عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الوجه الرابع: رواه زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل عن أبي بكر - رضي الله عنه -.
الوجه الخامس: رواه معمر عن أبي إسحاق عن النبي - صلى الله عليه وسلم - معضلاً.
والوجه الأخير يظهر أنه تقصير من أبي إسحاق أو معمر، حيث لم يورد كامل الإسناد، خروجًا من الخلاف إن كان المقصِّر معمرًا، وخوفًا من الخطأ أو نسيانًا إن كان المقصِّر أبا إسحاق، والله أعلم.
والخلاف في الحديث قوي، وذلك ما دعى البخاري أن يتوقف فيه حتى ينظر، حيث قال للترمذي بعد أن سأله عنه: " دعني أنظر فيه "، قال الترمذي: " ولم يقضِ فيه بشيء " (97).
وقد استظهر بعض العلماء من الأوجه الأربعة الأولى أن أبا إسحاق مضطرب في هذا الحديث، وأنه لا يصح من ذلك شيء:
أ- فقال البزار بعد أن ذكر بعض أوجه الخلاف: " والأخبار مضطربةٌ أسانيدها عن أبي إسحاق " (98)،
ب- وقال الدارقطني: " «شيبتني هود والواقعة» معتلةٌ كلها " (99)،
ج- وذكره ابن حجر مثالاً على المضطرب، ونقل الأوجه فيه من علل الدارقطني (100)، وقال عنه: " موصوف بالاضطراب " (101)، وتبعه على ذلك المؤلفون في المصطلح بعده،
د- وقال الألباني: " ثم بدا لي أن هذا الاختلاف على أبي إسحاق إنما هو من أبي إسحاق نفسه - وهو السبيعي -، فإنه كان قد اختلط، فهذا من اختلاطه " (102).
والحق أن اختلاط أبي إسحاق لم يكن فاحشًا، حتى إن بعض العلماء نفى عنه الاختلاط (103)، وإنما هو التغير والنسيان، حيث صار يحدث من حفظه، فيخطئ في الأسانيد، ويدخل بعضها في بعض.
والناظر إلى أوجه الخلاف في هذا الحديث يجد اتفاق جماعة عن أبي إسحاق على أحدها، وهو الثاني (الرواية عن عكرمة بإسقاط ابن عباس)، وفيهم إسرائيل حفيده، وهو أثبت الناس فيه في قول غير واحد من الأئمة، وكان يكتب حديث جده، وذَكَر هو أنه كان يحفظه كما يحفظ السورة من القرآن (104)، وقد توبع إسرائيل؛ تابعه جماعة من كبار أصحاب أبي إسحاق، الذين يُختلف فيهم أيهم أقوى فيه، كأبي الأحوص، وأبي بكر بن عياش، وزهير بن معاوية.
وقد ذُكر عن بعض هؤلاء أن سماعهم من أبي إسحاق بأخرة، لكن اتفاقهم على هذا الوجه يحدث له قوة، ويدل على أن أبا إسحاق كان يضبطه، فيحدث به كل هؤلاء.
ولهذا فقد رجّحه الإمام أبو حاتم الرازي، قال ابنه: سئل أبي عن حديث أبي إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس: قال أبو بكر للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ما شيبك؟ قال: «شيبتني هود ... » الحديث: متصلاً أصح؛ كما رواه شيبان؟ أو مرسلاً؛ كما رواه أبو الأحوص مرسلاً؟ قال: " مرسل أصح " (105).
وللإمام أحمد كلمة قد يُستفاد منها ترجيحه لهذا الوجه، حيث قال - بعد أن ذكر رواية علي بن صالح بذكر أبي جحيفة وخطَّأ ذكرَ أبي بكر فيها -: " وهو عندي وهم، إنما هو أبو إسحاق عن عكرمة " (106)، فكأن في وقوفه في ترجيحه بين أوجه هذا الحديث على عكرمة (دون ذكر ابن عباس) إشارةً إلى أنه يرجح المرسل.
وترجيح هذين الإمامين الحافظين ذو قوة ووجاهة، إلا أن الأوجه الأخرى عن أبي إسحاق تحتاج نظرًا.
والذي يظهر أن مَنْ حكم مِن الأئمة على الحديث بالاضطراب نظر إلى كثرة الأوجه وتضاربها واختلافها؛ فرآه اضطرابًا، وهذه جادة مطروقة للأئمة - خاصة المتقدمين -، حيث يطلقون الاضطراب على الاختلاف الشديد، وتكاثر الأوجه والطرق المختلفة، ومن ذلك حديث ابن مسعود: " إنها ركس "، وغيره.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولما كان في ثبوت كثير من تلك الروايات (التي حُكم بسببها على الحديث بالاضطراب) = نظر، إذ لم يثبت عن أبي إسحاق إلا خمسة أوجه منها - كما سبق -، فإنه يُنظر إلى هذه الأوجه على أنها اختلاف على أبي إسحاق، يُرجَّح فيه ما هو راجح، ويُخطَّأ ما كان خطأً.
والذي يظهر - والله أعلم -: أن الأرجح في الرواية: الوجه الذي رجحه أحمد وأبو حاتم، لأن أكثر الرواة عن أبي إسحاق عليه، وبعضهم من أقوى الناس فيه. والله أعلم.
النظر في مدار الوجه الراجح:
رواه أبو إسحاق السبيعي عن عكرمة مولى ابن عباس بذكر أبي بكر، ووقع في صيغة الرواية بين عكرمة وأبي بكر اختلاف، بيانه فيما يلي:
- فقد اختُلف على أبي الأحوص:
* فرواه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد الله بن الجراح عنه بلفظ: ... عن عكرمة قال: قال أبو بكر: يا رسول الله ... ،
* ورواه عفان وإسحاق بن عيسى وعثمان بن أبي شيبة وخلف بن هشام والعباس بن الوليد النرسي وعمرو بن عون= عنه بلفظ: ... عن عكرمة قال: قال أبو بكر: سألت رسول الله ... .
والفرق بين الصيغتين: أن عكرمة يحكي في الأولى ما حصل بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر، ويحكي في الثانية حكاية أبي بكر ما حصل بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم -.
- ورواه أبو نعيم الفضل بن دكين عن مسعود بن سعد، واختُلف عنه:
* فرواه ابن سعد عنه بلفظ: ... عن عكرمة قال: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - ... ،
* ورواه علي بن عبد العزيز ومحمد بن الحسين الحنيني والسري بن يحيى والهيثم بن خالد عنه بلفظ: ... عن عكرمة قال: قال أبو بكر: يا رسول الله ... ،
ولعل هذا الاختلاف عن أبي نعيم غير مؤثر، فابن سعد لم يسمِّ أبا بكر، والباقون سموه، وعكرمة في الحالين يحكي ما حدث بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر.
- واتفق الباقون عن أبي إسحاق (إسرائيل وأبو بكر بن عياش وزهير بن معاوية) على الرواية بلفظ: ... عن عكرمة قال: قال أبو بكر: يا رسول الله ... .
ولعل أبا الأحوص رواه بمعنى الصيغة - إن كان الأصح عنه الرواية بلفظ: قال أبو بكر: سألت رسول الله -، أو لعل هذا الاختلاف ممن دونه.
والمؤدَّى في ذلك واحد حكمًا، فإن كان اللفظ عن عكرمة: قال أبو بكر: يا رسول الله ... ؛ فالحديث من مراسيل عكرمة، وإن كان عن عكرمة: قال أبو بكر: سألت رسول الله ... ؛ فالحديث منقطع، لأن عكرمة لم يسمع أبا بكر - رضي الله عنه - (107).
والله أعلم.
تنبيه: أخذ الشيخ محمد بن رزق بن طرهوني صاحب موسوعة فضائل سور وآيات القرآن على الدارقطني وغيره أنه لا يفرق بين ما سبق بيانه من أوجه الخلاف في الصيغة بين عكرمة وأبي بكر، حيث ذكر الشيخ أربعة أسانيد:
1 - عن عكرمة عن ابن عباس عن أبي بكر قال: سألت رسول الله ... ،
2 - عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال أبو بكر: يا رسول الله،
3 - عن عكرمة قال: قال أبو بكر: سألت رسول الله ... ،
4 - عن عكرمة قال: قال أبو بكر: يا رسول الله.
ثم قال: " وهذه الأسانيد الأربعة المذكورة أسانيد صحيحة، وكثيرًا ما يخلط الرواة وحتى الحفاظ كالدارقطني وغيره وكذا محققي الكتب بين الطريق الأول والثاني، وكذا بين الطريق الثالث والرابع، فلا يفرقون بين كونه من مسند ابن عباس أم من مسند أبي بكر، ولا يفرقون بين كونه مرسلاً من مراسيل عكرمة أو أنه منقطعًا - كذا - أي: سقط ما بين عكرمة وأبي بكر " (108).
وفي كلامه مؤاخذات، فقوله أولاً: هذه الأسانيد أسانيد صحيحة= ينقضه قوله: مرسلاً من مراسيل عكرمة أو منقطعًا بين عكرمة وأبي بكر.
والإسناد الأول مما ذكره لم أجد الدارقطني ذكره أو تطرق إليه أبدًا!
بل لم أجده فيما بين يدي من مرويات إلا في رواية الحاكم من طريق مسدد عن أبي الأحوص، وهذه فيها نظر عن مسدد، فإن صحت عنه فهي معلولة بمخالفة الجمع من أصحاب أبي الأحوص.
بل ذِكْرُ قول أبي بكر: " سألت رسول الله " مع ذِكْرِ ابن عباس= يؤيد خطأها عن مسدد، إذ هذه الصيغة مشهورة عن أبي الأحوص في الوجه الثاني عنه بإسقاط ابن عباس، فالظاهر أن مسددًا رواه عنه كذلك.
وليس في روايات ابن عباس عن أبي بكر إلا قوله: " يا رسول الله "، سوى هذه الرواية عن مسدد؛ جاءت بلفظ: " سألت رسول الله "!
فدعوى خلط الدارقطني بين الإسنادين الأول والثاني مما ذكره الشيخ الطرهوني باطلة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما الإسنادان الثالث والرابع، فالذي يظهر أن الشيخ اعتمد على كلام الدارقطني في سياقه الخلاف، حيث كرر قول: " عن أبي بكر " في سياق روايات أبي إسحاق عن عكرمة على الوجهين: بإثبات ابن عباس وبإسقاطه. والذي يظهر أنه يعني بقوله: " عن أبي بكر ": بذكر أبي بكر، أو بالرواية التي فيها أبو بكر، أو التي فيها قول أبي بكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - ... ، والدليل أنه أسند ما ذكر من الروايات، وليس في واحدة منها رواية ابن عباس عن أبي بكر إلا في رواية أبي الأحوص (حيث وقع الخلاف عليه كما سبق)، ويبعد جدًّا أن يخفى على الدارقطني أن قول عكرمة: قال أبو بكر: يا رسول الله ... = من رواية عكرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً، لا عن أبي بكر (109).
والأئمة - خاصة المتقدمين منهم - قد يتجوزون في سياق مثل هذه المواضع الدقيقة إذا كان ذلك من كلامهم، وأما إذا ساقوا الأسانيد عن مشايخهم، فإنهم يأتون بها على الصواب كما رويت.
والدارقطني كان اهتمامه منصبًّا على بيان الخلاف بين أصحاب أبي إسحاق في إثبات ابن عباس وإسقاطه، وأما كونه مرسلاً عن عكرمة أو منقطعًا بينه وبين أبي بكر؛ فأمرٌ آخر، قد لا يؤثر كثيرًا في الحكم النهائي.
والله أعلم.
______________________________ _
الهوامش:
(62) التاريخ الكبير (7/ 333).
(63) الجرح والتعديل (8/ 387).
(64) (7/ 467).
(65) انظر: لسان الميزان (7/ 22).
(66) تقريب التهذيب (1518).
(67) انظر: لسان الميزان (2/ 48).
(68) انظر: تهذيب التهذيب (6/ 351).
(69) انظر: تهذيب التهذيب (7/ 292).
(70) تقريب التهذيب (5756).
(71) انظر: تهذيب التهذيب (4/ 109).
(72) انظر: لسان الميزان (5/ 360).
(73) العلل (1/ 197)، وقول الدارقطني في الصواب في الرواية: " عن أبي جحيفة عن أبي بكر " لم أجده، ويأتي كلام حول هذه المسألة وشبهها في كلام الدارقطني.
(74) انظر: لسان الميزان (2/ 363).
(75) انظر: لسان الميزان (5/ 396).
(76) انظر: لسان الميزان (4/ 465).
(77) مسائل أحمد برواية أبي داود (ص393).
(78) انظر: تهذيب التهذيب (3/ 284).
(79) انظر: تهذيب التهذيب (6/ 274)، الكاشف (3356).
(80) سؤالات حمزة السهمي للدارقطني (ص207).
(81) انظر: إرشاد القاصي والداني إلى تراجم شيوخ الطبراني، للمنصوري (ص654).
(82) العلل (1/ 198).
(83) انظر: تهذيب التهذيب (3/ 3).
(84) انظر: تهذيب التهذيب (1/ 311).
(85) الأوسط (8/ 160).
(86) العلل ومعرفة الرجال برواية عبد الله (1/ 378).
(87) تهذيب الكمال (25/ 132).
(88) مسائل ابن هانئ (2/ 212، رقم: 2154).
(89) العلل (2/ 134).
(90) انظر: لسان الميزان (5/ 183).
(91) انظر: لسان الميزان (4/ 63).
(92) انظر: لسان الميزان (1/ 34).
(93) العلل (1/ 210).
(94) انظر: تهذيب التهذيب (2/ 50).
(95) العلل (4/ 347، 348).
(96) انظر: تهذيب التهذيب (8/ 9).
(97) علله الكبير (ص357 - ترتيبه).
(98) مسنده (1/ 169).
(99) سؤالات حمزة بن يوسف السهمي (ص76).
(100) النكت على ابن الصلاح (2/ 774 - 776).
(101) المطالب العالية (14/ 723).
(102) الصحيحة (2/ 641 ط الجديدة).
(103) ميزان الاعتدال (3/ 270)، تذكرة الحفاظ (1/ 233)، المختلطون للعلائي (ص94).
(104) انظر: تهذيب التهذيب (1/ 229 - 230)، وانظر الدراسة الموسعة في حال إسرائيل للشيخ عبد العزيز العبد اللطيف - رحمه الله -، ألحقت بكتابه " ضوابط الجرح والتعديل " ط. العبيكان.
(105) العلل (2/ 110).
(106) مسائله برواية أبي داود (ض393).
(107) انظر: المراسيل لابن أبي حاتم (ص158).
(108) (1/ 296، 297 - الصحيح).
(109) قال الدارقطني في الجزء فيه بيان علل أحاديث أودعها البخاري كتابه الصحيح (ص96، 97): " وأخرج البخاري - رحمه الله - عن سليمان بن حرب عن محمد بن طلحة عن طلحة عن مصعب بن سعد: رأى سعد أن له فضلاً على من دونه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما ينصر الله هذه الأمة بالضعفاء»، قلت - الدارقطني -: وقول مصعب: (رأى سعد) ليس فيه رواية عن أبيه، وهو مرسل؛ لأن مصعبًا لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا ولد في عهده، والله أعلم ".
يتبع -بإذن الله- ..
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[24 - Oct-2007, صباحاً 11:48]ـ
2 - دراسة أسانيد رواية أنس بن مالك - رضي الله عنه -:
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد جاءت الرواية عن أنس - رضي الله عنه - من ثلاث طرق:
أولاً: دراسة أسانيد رواية يزيد الرقاشي:
رواه عنه ثلاثة:
* أبو صخر حميد بن زياد، وقد تُكُلِّم فيه (110)، والرواية عنه صحيحة،
* وعمرو بن أبي عمرو العبدي، ولم أعرفه، وفي الإسناد إليه متكلم فيهم ومتهمون، قال الألباني - رحمه الله -: " وهذا إسناد هالك، محمد بن يونس الكديمي وضاع، وحاتم بن سالم القزاز ليِّن أيضًا، وعمرو بن أبي عمرو العبدي لم أعرفه، ويحتمل أن يكون عمرو بن شمر، وهو متروك، راجع «الميزان» " (111).
* حماد ين يحيى الأبح، وهو صدوق يخطئ (112)، والرواية عنه صحيحة.
وقد ذُكر أبو بكر في الروايتين الأوليين، ولم يُذكر في رواية الأبح، بل قال: عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال له أصحابه: قد أسرع إليك الشيب ....
ويزيد الرقاشي ضعيف، وتركه بعض الأئمة، ونص الأئمة على تضعيف روايته عن أنس خاصة، قال أبو حاتم: " كثير الرواية عن أنس بما فيه نظر " (113).
فهذا الوجه عن أنس منكر.
ثانيًا: دراسة إسناد رواية ربيعة بن أبي عبد الرحمن (ربيعة الرأي):
وقد جاءت روايته من طريق الحسن بن محمد الطنافسي عن أبي بكر بن عياش عنه، وقد ترجم البخاري (114) وابن أبي حاتم (115) الحسن هذا، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في الثقات (116). وقد خالف غير واحد من أصحاب أبي بكر بن عياش رووه عنه عن أبي إسحاق عن عكرمة عن أبي بكر الصديق، وهي الرواية التي سبق ترجيحها عن أبي إسحاق، وتلك أرجح من هذه عن أبي بكر بن عياش.
فالرواية عن ربيعة الرأي من هذا الوجه معلولة.
تنبيه: وقع اسم الراوي عن الحسن بن محمد الطنافسي في المطبوع من علل الدارقطني: محمد بن أيوب الراوي، ولذا لم يعرفه المحقق (117)، وصوابه: الرازي، وهو محمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس الرازي - كما نُسب في إسناد هذا الحديث في تاريخ دمشق (118) -، وهو من الحفاظ، قال فيه ابن أبي حاتم: " كتبنا عنه، وكان ثقة صدوقًا " (119)، وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ (120)، وهو صاحب فضائل القرآن.
ثالثًا: دراسة إسناد رواية زياد النميري:
وهي معلقة لا يدرَى إسنادها، ورواها عنه زائدة بن أبي الرقاد، قال البزار: " حديث رواه زائدة بن أبي الرقاد عن زياد النميري عن أنس عن أبي بكر أنه قال: يا رسول الله قد شبت ... قال: «شيبتني هود وأخواتها»، وهذا الحديث فيه علتان:
إحداهما: أن زائدة منكر الحديث،
والعلة الأخرى: فقد رواه غير واحد عن زائدة عن زياد عن أنس أن أبا بكر قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - ... ، فصار عن أنس، فلذلك لن نذكره " (121).
وزائدة منكر الحديث خاصة عن زياد عن أنس، قال أبو حاتم: " يحدث عن زياد النميري عن أنس أحاديث مرفوعة منكرة الحديث، فلا ندري منه أو من زياد " (122).
فهذه الرواية منكرة.
الخلاصة في رواية أنس بن مالك - رضي الله عنه -:
تبيّن أن الطرق الثلاثة كلها مناكير، ولا يصح الاعتداد بشيء منها، فالمنكر أبدًا منكر.
3 - دراسة أسانيد رواية عطاء بن أبي رباح:
وهذه الرواية جاءت من طريق طلحة بن عمرو، واختُلف عنه:
- فرواه ابن وهب عنه عن عطاء عن ابن عباس به،
- ورواه أبو نعيم الفضل بن دكين وعبد الوهاب بن عطاء عنه عن عطاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً.
وطلحة بن عمرو متروك (123)، وهذا الاضطراب منه يفيد شدة نكارة هذا الوجه.
4 - دراسة إسناد رواية سهل بن سعد - رضي الله عنه -:
قال الدارقطني عن هذه الرواية: " تفرد به عمر بن صهبان عنه - أي: عن أبي حازم عن سهل -، وتفرد به عنه سعيد بن سلام " (124).
وعمر بن صهبان، وهو ابن محمد بن صهبان متروك (125)، وسعيد بن سلام متهم بوضع الحديث (126).
5 - دراسة إسناد رواية عقبة بن عامر - رضي الله عنه -:
وهذه الرواية أخرجها الطبراني عن محمد بن محمد بن حيان أبي جعفر التمار البصري عن أبي الوليد الطيالسي عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني عن عقبة به.
ومحمد بن محمد التمار قال فيه الدارقطني: " لا بأس به " (127)، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: " ربما أخطأ " (128).
وهذا الإسناد ربما تمسك به من صحح الحديث أو حسنه أو مشاه؛ لحُسْنِهِ في ظاهره، إلا أن في ذلك نظرًا؛ لأمور تؤيد خطأ هذه الرواية وعلتها:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأول: ما سبق من ذكرِ ابن حبان أن للتمار أخطاءً، فلا يبعد أن يكون هذا الحديث خطأً من أخطائه.
الثاني: أن للتمار أخطاءً عن أبي الوليد الطيالسي (شيخه في هذا الحديث) خاصةً، وقد وقفتُ على اثنين من ذلك:
أحدهما: ما ذكره الحاكم قال: " حدثنا الإمام أبو بكر ابن إسحاق، قال: حدثنا محمد بن محمد بن حيان التمار، قال: حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما عاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإلا تركه ".
قال الحاكم: " هذا إسناد تداوله الأئمة والثقات، وهو باطل من حديث مالك، وإنما أريد بهذا الإسناد: ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده امرأة قط، وما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه إلا أن تنتهك محارم الله فينتقم لله بها ".
قال: " ولقد جهدت جهدي أن أقف على الواهم فيه من هو، فلم أقف عليه، اللهم إلا أن أكبر الظن على ابن حبان البصري، على أنه صدوق مقبول " (129).
فهذا حديث أنكره الإمام الحاكم، وحمل نكارته ابن حيان التمار البصري، وهو من روايته عن أبي الوليد الطيالسي.
ثانيهما: ما ذكره الخطيب من إنكار الحاكم والأئمة لحديث شعبة عن الزبير بن عدي عن أنس قال: " لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه، سمعنا ذلك من نبيكم - صلى الله عليه وسلم - "، وأنهم ذكروا أن لا أصل له عن شعبة، ثم قال: " قلت: قد روى حديث شعبة هذا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني عن علي بن عبد العزيز عن مسلم بن إبراهيم، وحدث به أيضًا محمد بن محمد بن حيان التمار البصري عن أبي الوليد الطيالسي عن شعبة، ثم تركه بآخرة، وقد أُنكر عليه " (130).
فهذا الحديث أنكره الأئمة على محمد بن محمد التمار حيث رواه عن أبي الوليد الطيالسي، حتى تركه.
وذلك يدل على أن التمار قد يتوهم الحديث عن أبي الوليد مع أنه لا أصل له عن شيوخ أبي الوليد، فيغلط في ذلك ويخطئ.
الثالث - من مؤيدات خطأ هذه الرواية -: أن احتمال اضطراب التمار في هذا الحديث قائم وقوي، فإنه قد رواه الطبراني عنه على هذا الوجه، ورواه الحافظ دعلج بن أحمد - وهو من الحفاظ الثقات الأثبات (131) - عن التمار عن أبي كريب محمد بن العلاء عن معاوية بن هشام عن شيبان عن أبي إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس بذكر أبي بكر - رضي الله عنه -، وقد سبقت روايته هذه في ذلك الوجه، وهذا الاختلاف مما لا يحتمل عنه مع كونه يخطئ ويهم، خاصة عن شيخه أبي الوليد.
الرابع: أن الرواة عن أبي الوليد أئمة أجلاء، وحفاظ كبار (كابن راهويه والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم والذهلي ويعقوب بن شيبة)، وهذا الحديث - لو كان يصح عن أبي الوليد - مما يحرص عليه العارف بالحديث، فلو كان صحيحًا لجاءت روايات الأئمة الكبار متكاثرة عن أبي الوليد به، ولم ينفرد به هذا الراوي الذي تُنكَر عليه بعض الأحاديث، خاصة عن أبي الوليد.
الخامس: أن إسناد هذه الرواية كالشمس في أسانيد المصريين، ولو كانت تصح لتسابق الرواة إلى روايتها؛ إما عن الليث، أو عن أبي الوليد.
السادس: أن الأئمة لم يذكروها أو يشيروا إليها في كلامهم على هذا الحديث، ولا اعتمدها أحدهم، ولا صححوا الحديث بها، فغيابها عنهم مع شهرة هذا الحديث عندهم= قرينة على أنها حادثةٌ بعدهم وهمًا، أو أنهم لم يعتمدوها.
السابع: أن كتاب الطبراني من كتب الغرائب والمناكير، قال ابن رجب: " ونجد كثيرًا ممن ينتسب إلى الحديث لا يعتني بالأصول الصحاح كالكتب الستة ونحوها، ويعتني بالأجزاء الغريبة، وبمثل مسند البزار ومعاجم الطبراني وأفراد الدارقطني، وهي مجمع الغرائب والمناكير " (132)، والإسناد الذي تفرد به كتابٌ هذه حاله، ولم يوجد في غيره= مستحقٌّ للنظر فيه، وعدم الاعتماد والركون إليه، خاصة إذا ضم إلى ذلك ما سبق من القرائن.
الثامن: أن الدارقطني قال - وقد سبق -: " «شيبتني هود» معتلة كلها "، وقد يُخصّ هذا بالأسانيد التي توسع الدارقطني في تخريجها في العلل، وهي طريق أبي إسحاق السبيعي والخلاف عليه، إلا أنه قد يُستفاد من عموم قول الدارقطني أنه لم يجد للحديث طريقًا تصح، فدل على أنه لم يعتمد رواية التمار عن أبي الوليد. والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
تنبيه: قال الشيخ محمد بن رزق بن طرهوني في موسوعة فضائل القرآن بعد أن حسّن هذا الإسناد: " هذا الطريق قد فات الدارقطني في علله عند استقرائه لطرق هذا الحديث " (133).
ويبدو أن الدارقطني لم يقصد الإحاطة بطرق هذا الحديث، بل الظاهر أنه استقرأ الخلاف على أبي إسحاق السبيعي، وذكر رواية ربيعة الرأي عن أنس لأنها وجهٌ عن أبي بكر بن عياش، وهو أحد الرواة عن أبي إسحاق.
6 - دراسة إسناد رواية أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -:
سبق في دراسة الوجه الأول عن أبي إسحاق أن هذه الرواية منكرة.
7 - دراسة أسانيد رواية عمران بن الحصين - رضي الله عنه -:
وهذا الوجه خطأ من محمد بن غالب تمتام - على ثقته -، بيّن ذلك الدارقطني قال: " حدث - يعني: تمتاماً - عن محمد بن جعفر الوركاني عن حماد بن يحيى الأبح عن ابن عون عن ابن سيرين عن عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «شيبتني هود وأخواتها»، فأنكر عليه هذا الحديث موسى بن هارون وغيره، فجاءه بأصله إلى إسماعيل بن إسحاق القاضي، فأوقفه عليه، فقال إسماعيل القاضي: ربما وقع الخطأ للناس في الحداثة، فلو تركته لم يضرك، فقال تمتام: لا أرجع عما في أصل كتابي "، قال الدارقطني: " والصواب أن الوركاني حدث بهذا الإسناد عن عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»، وحدث على أثره عن حماد بن يحيى الأبح عن يزيد الرقاشي عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «شيبتني هود»، فيشبه أن يكون التمتام كتب إسناد الأول ومتن الأخير، وقرأه على الوركاني فلم يتنبه عليه، وأما لزوم تمتام كتابه وتثبته فلا يُنكر، ولا يُنكر طلبه وحرصه على الكتابة " (134).
8 - دراسة أسانيد المراسيل:
أولاً: مرسل محمد بن واسع:
إسناده حسن إن كان حجاج بن دينار سمع من محمد بن واسع.
ويُحتمل أن تكون رواية محمد بن واسع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - معضلة، إذ إنه من صغار التابعين، وغالب روايته عنهم.
ثانيًا: مرسل الزهري وأبي سلمة بن عبد الرحمن:
وهما اختلاف على يونس بن يزيد:
- فرواه الليث بن سعد عنه عن الزهري فلم يذكر أبا سلمة، وعن الليث: كاتبه عبد الله بن صالح، وعنه أبو عبيد القاسم بن سلام، وفي كاتب الليث كلام كثير، لخصه ابن حجر في قوله: " ظاهر كلام هؤلاء الأئمة أن حديثه في الأول كان مستقيمًا، ثم طرأ عليه فيه تخليط، فمقتضى ذلك أن ما يجيء من روايته عن أهل الحذق، كيحيى بن معين والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم، فهو من صحيح حديثه، وما يجيء من رواية الشيوخ عنه فيُتوقف فيه " (135)، وأبو عبيد - الراوي هنا عن أبي صالح - قديم، وطبقته طبقة أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، بل إن قدمته مصر - وأغلب الظن أنه سمع كاتب الليث فيها - كانت مع يحيى بن معين، قال أبو سعيد بن يونس: " قدم مصر مع يحيى بن معين سنة ثلاث عشرة ومئتين، وكتب بمصر ... " (136)، فروايته عن أبي صالح - إذن - كرواية ابن معين، وهي مقبولة صحيحة.
- ورواه عثمان بن عمر العبدي عن يونس عن الزهري، فزاد أبا سلمة، وعثمان ثقة (137)،
وظاهرٌ أن الوجه الأول أرجح، فالليث أوثق بمراحل من عثمان.
وبين الوجهين فرق مؤثر في الحكم، إذ لو كان من مراسيل أبي سلمة، فهو مرسل لأحد التابعين القدماء ممن أدرك جمعًا من الصحابة، وقد يكون محتملاً قويًّا، وأما لو كان من مراسيل الزهري، فإن مراسيله ضعيفة جدًّا (138).
ثالثًا: مرسل محمد بن علي بن الحسين:
فيه علي بن أبي علي اللهبي (139)، منكر الحديث (140)، قال ابن عساكر: " هذا مرسل، وعلي بن أبي علي اللهبي ليس بقوي في الحديث " (141).
رابعًا: مرسل قتادة:
إسناده صحيح.
* الحكم النهائي على الحديث:
تبين أن الحديث لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا،
ولم يصح إلا مرسلاً عن أربعة من التابعين: عكرمة مولى ابن عباس، ومحمد بن واسع، والزهري، وقتادة بن دعامة.
تم - بحمد الله - يوم الجمعة، الثامن والعشرين من جمادى الآخرة، عام ثمانية وعشرين وأربعمئة وألف.
______________________________ _
الهوامش:
(110) انظر: تهذيب التهذيب (3/ 36).
(111) الضعيفة (4/ 403، 404).
(112) انظر: تقريب التهذيب (1509).
(113) انظر: تهذيب التهذيب (11/ 271).
(114) التاريخ الكبير (2/ 306).
(115) الجرح والتعديل (3/ 35).
(يُتْبَعُ)
(/)
(116) (8/ 173).
(117) ولم يعرفه محقق المطالب العالية (14/ 732، 733)، على أنه قد ذكر احتمال أن الصواب في " الراوي ": الرازي.
(118) (4/ 175).
(119) الجرح والتعديل (7/ 198).
(120) (2/ 643).
(121) مسنده (1/ 169).
(122) الجرح والتعديل (3/ 613).
(123) انظر: تهذيب التهذيب (5/ 21).
(124) أطراف الغرائب والأفراد (1/ 398).
(125) انظر: تهذيب التهذيب (7/ 408).
(126) انظر: لسان الميزان (3/ 31).
(127) سؤالات الحاكم (ص145).
(128) (9/ 153).
(129) معرفة علوم الحديث (ص236، 237).
(130) تاريخ بغداد (8/ 172).
(131) انظر: تاريخ بغداد (8/ 388) وترجمته فيه طويلة، تذكرة الحفاظ (3/ 881، 882).
(132) شرح علل الترمذي (2/ 624 ط. همام).
(133) (1/ 294 - الصحيح).
(134) سؤالات السلمي للدارقطني (ص290 - 292)، سؤالات حمزة السهمي للدارقطني (ص74 - 76).
(135) هدي الساري (ص14)، وهو من أعدل الأقوال في الرجل، لأنه لا بد من تمييز صحيح حديثه من سقيمه، وأولاء أهل التمييز والمعرفة والانتقاء.
(136) تهذيب الكمال (23/ 356، 357).
(137) انظر: تهذيب التهذيب (7/ 129).
(138) انظر: شرح العلل لابن رجب (1/ 535).
(139) لم يعين في المصادر، ورأيت الشيخ الألباني - رحمه الله - في الضعيفة (1930) عينه بالقرشي، وأحال إلى ترجمته في لسان الميزان، وقد فرّق ابنُ عدي في الكامل (5/ 183، 184) والذهبي في الميزان (3/ 147) بين القرشي واللهبي هذا. واللهبي نسبة إلى أبي لهب، وأبو لهب قرشي؛ فإن كانا واحدًا فالأمر قريب، وإن كانا اثنين؛ فإن تعيينه باللهبي أولى، لأن أبا حاتم ذكر - كما في الجرح لابنه (6/ 197) - أنه يروي عن جعفر بن محمد، وأنه يروي عنه ابن أبي فديك، والرواية التي بين أيدينا كذلك، وأما القرشي؛ فيذكرون في ترجمته أنه شيخ لبقية، وروى عن ابن جريج. وباللهبي عينه ابن عساكر، ويأتي قريبًا.
(140) الجرح والتعديل (6/ 197).
(141) تاريخ دمشق (4/ 176).
ـ[عبد الله المزروع]ــــــــ[24 - Oct-2007, مساء 01:29]ـ
جزاك الله خيراً، ونفع بك ... دراسة نافعة .. ونتيجة موفقة.
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[24 - Oct-2007, مساء 03:01]ـ
رفع الله قدركم وزادكم الله علماً وفضلاً
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[24 - Oct-2007, مساء 05:53]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ محمد ونفع بك
ومما يُضعَّف به الحديث كون متنه مُعارض بما هو مخرج في الصحيحين وغيرهما من حديث أنس
"أن النبي صلى الله عليه وسلم قبض وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء" والله أعلم
والمقصود من الحديث قلة الشيب في رأس النبي صلى الله عليه وسلم
...................
تنبيه: الجمع يكون بين الأحاديث الثابتة فلا يجمع بين الحديث الصحيح والضعيف بل يرجح الصحيح على الضعيف
فالجمع فرع التصحيح
فيصار إلى الجمع إذا لم يتجه الطعن في سند أحد الحديثين المتعارضين ولم يمكن دفع صحته من الناحية الإسنادية فهنا يصار إلى الجمع كما وقع من العلماء الجمع بين بعض الأحاديث المتعارضة في الصحيحين ونحوها
بخلاف ما نحن بصدده
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[25 - Oct-2007, صباحاً 09:10]ـ
/// كلام الشيخ طارق بن عوض الله على حديث شيبتني هود:
وسأعقب كلامه بتعليقات يسيرة على بعض المواضع منه، قال -رعاه الله- في حاشية تدريب الراوي (1/ 435 - 445):
هذا الحديث يرويه أبو إسحاق السبيعي، واختلف عليه:
فرواه شيبان بن عبد الرحمن عنه، فقال: " عن أبي إسحاق، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن أبي بكر الصديق ".
حدث به عنه هكذا: عبيد الله بن موسى، ومعاوية بن هشام.
أخرجه الترمذي في " الجامع:" (3297)، وفي " العلل الكبير " (ص357 - 358)، وابن سعد في " الطبقات " (1/ 2/138)، وأبو بكر المروزي في " مسند أبي بكر " (30)، والحاكم في المستدرك (2/ 343 - 344)، والدارقطني في " العلل " (1/ 200 - 201)، وأبو نعيم في " الحلية " (4/ 350)، والبيهقي في " دلائل النبوة " (1/ 357 - 358)، والضياء في المختارة.
وقيل مثل ذلك عن: إسرائيل بن يونس، وزهير بن معاوية، ويونس بن أبي إسحاق، وأبي الأحوص سلام بن سليم، وأبي بكر بن عياش، ومسعود بن سعد الجعفي.
ولا يصح ذلك عنهم؛ إنما الصحيح عنهم: عن أبي إسحاق، عن عكرمة، أن أبا بكر - مرسلٌ، بدون ذكر " ابن عباس " في الإسناد.
فأما إسرائيل:
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد رواه عنه هكذاك سعيد بن عثمان الخزاز وإسماعيل بن صبيح.
أخرجه الدارقطني في " العلل " (1/ 201 - 202) وكذلك رواه عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل.
أخرجه ابن سعد (1/ 2/138) عن عبيد الله، عن شيبان وإسرائيل، عن أبي إسحاق، به.
وكذلك رواه النضر بن شميل، عن إسرائيل، من رواية عبد الله بن محمد بن ناجية، عن خلاد بن أسلم، عن النضر بن شميل، عن إسرائيل ويونس، عن أبي إسحاق، به.
أخرجه الدارقطني (1/ 202).
واختلف فيه على خلاد.
فرواه أحمد بن محمد بن المغلس، عن خلاد، عن النضر، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عكرمة، قال: قال أبو بكر - فذكره مرسلاً.
أخرجه الدارقطني (1/ 203).
وقال: " لم يذكر فيه «ابن عباس»، وهو الصواب عن إسرائيل ".
وخالفهم - أعني: من رواه عن إسرائيل بذكر " ابن عباس " - أصحاب إسرائيل، عن إسرائيل، فرووه عن أبي إسحاق، عن عكرمة - مرسلاً، عن أبي بكر، لم يذكروا فيه: " ابن عباس ".
قاله الدارقطني (1/ 196).
ثم أسنده (1/ 203 - 204) عن وكيع، وعبد الله بن رجاء، ومخول بن إبراهيم، عن إسرائيل، كذلك مرسلاً.
وأما يونس:
فقد رواه عنه هكذا موصولاً: النضر بن شميل.
وقد تقدمت روايته في حديث إسرائيل، مع الاختلاف في ذكر " يونس ".
وخالفه القاسم بن الحكم العرني، فقال: عن يونس، عن أبي إسحاق، عن عكرمة، قال: قال أبو بكر - فذكره مرسلاً، كمثل ما رجحه الدارقطني عن إسرائيل.
أخرجه الدارقطني (1/ 205).
وهو الصواب أيضًا عن يونس.
وقال ابن سعد في الطبقات (1/ 2/138): أخبرنا يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، قال: قيل: يا رسول الله - فذكر نحوه.
وهذا؛ ليس من الخلاف الذي يضر، بل هو مما يؤكد الإرسال (1).
وقيل: عنه، عن أبي إسحاق، عن علقمة، قال: قال أبو بكر.
يرويه محمد بن عيسى بن حيان، عن الحسن بن قتيبة، عن يونس.
أخرجه الدارقطني (1/ 209).
ولا معنى لذكر " علقمة " هنا، وهو تصحيف ظاهر، ولعله من ابن حيان هذا؛ فإنه ضعيف جدًّا.
وأما زهير:
فقد رواه عنه هكذا موصولاً: الحسن بن محمد بن أعين.
أخرجه الدارقطني (1/ 202).
وخالفه أحمد بن عبد الملك الحراني، فرواه عن زهير، بدون ذكر " ابن عباس ".
أخرجه الدارقطني (1/ 204).
وذكر (1/ 196) أن أصحاب زهير رووه هكذا مرسلاً عن زهير.
وأما أبو الأحوص:
فقد رواه عنه هكذا موصولاً: بقية، ومسدد بن مسرهد، والعباس بن الوليد النرسي (2).
أخرجه الدارقطني في " العلل " (1/ 203)، والحاكم (2/ 476)، وأبو يعلى (1/ 102 - 103).
وخالفهم: عمرو بن عون، وعفان بن مسلم، وإسحاق بن عيسى، وخلف بن هشام، فرووه عن زهير، بدون ذكر " ابن عباس ".
أخرجه ابن سعد (1/ 2/138)، وأبو يعلى (1/ 102)، والدارقطني (1/ 205)، والشجري في " الأمالي " (2/ 241).
وذكر الدارقطني (1/ 196) أن أصحاب أبي الأحوص هكذا رووه عنه، مرسلاً.
وأما أبو بكر بن عياش:
فقد رواه عنه هكذا موصولاً: طاهر بن أبي أحمد الزبيري، من رواية عبد الكريم بن الهيثم، عنه.
أخرجه الدارقطني (1/ 203).
وخالفه إبراهيم بن إسحاق الصواف، فرواه عن طاهر بن [أبي] أحمد، عن أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن عكرمة مرسلاً.
أخرجه الدارقطني (1/ 205).
ثم قال: " وكذلك رواه أبو هشام الرفاعي وغيره، عن أبي بكر بن عياش - مرسلاً ".
ثم أسند رواية أبي هشام.
قلت: وكذلك رواه هاشم بن الوليد الهروي، عن أبي بكر بن عياش مرسلاً.
أخرجه الترمذي عقب (3297) (3).
وقد ذكر الدارقطني أيضًا (1/ 196) أن أصحاب أبي بكر بن عياش، هكذا رووه عنه، مرسلاً.
وأما مسعود بن سعد الجعفي:
فقد رواه عنه هكذا موصولاً: أبو نعيم الفضل بن دكين، من رواية أحمد بن الحسين بن عبد الملك الأودي عنه، عنه.
أخرجه الدارقطني (1/ 203).
وخالفه أصحاب أبي نعم، عنه، فرووه عن أبي نعيم، مرسلاً.
قاله الدارقطني (1/ 196).
ثم أسنده (1/ 206) من طريق محمد بن الحسين الحنيني، والسري بن يحيى، والهيثم بن خالد أبي صالح، عن أبي نعيم، عن مسعود بن سعد - مرسلاً.
قلت: وتابعهم ابن سعد في " الطبقات " (1/ 2/138).
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم رواه ابن سعد عن أبي نعيم وعبد الوهاب بن عطاء، قالا: حدثنا طلحة بن عمرو، عن عطاء، قال: قال بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكر نحوه.
وهذا أيضًا يقوي الإرسال.
فقد تبين بهذا كله أن الصواب من رواية هؤلاء الستة الإرسال، وأن من روى الحديث عنهم موصولاً فقد أخطأ.
فروايتهم مقدمة على رواية شيبان الموصولة، من دون شك؛ لأنهم أكثر وأثبت. على أن شيبان أيضًا، قد ذكر أبو حاتم الرازي ما يدل على أن روايته رويت عنه أيضًا بالإرسال، كما سيأتي في كلامه.
وأيضًا؛ مما يقوي الإرسال - بخلاف ما سبق ذكره:
أن عبد الملك بن سعيد بن أبجر رواه أيضًا عن أبي إسحاق مرسلاً.
ذكره الدارقطني (1/ 196).
ورواه عبد الرزاق في " مصنفه " (3/ 368)، عن معمر، عن أبي إسحاق، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكره.
بدون ذكر " ابن عباس "، ولا " عكرمة ".
وأيضًا؛ مما يقوي الإرسال: أنه روي مرسلاً من أوجه أخرى، وقد ذكرت وجهين في غضون الكلام على حديث يونس وكذا حديث مسعود بن سعد.
وممن روي عنه أيضًا مرسلاً: محمد بن واسع ومحمد بن الحنفية (4).
أخرج حديثهما ابن سعد (1/ 2/138).
هذا؛ وقد قيل عن أبي إسحاق غير ذلك، وكلها أوهام.
فقيل: عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قاله محمد بن بشر، عن علي بن صالح، عن أبي إسحاق.
أخرجه الترمذي في " الشمائل " (41)، وأبو يعلى (2/ 184)، وأبو نعيم في " الحلية " (4/ 350)، والدارقطني في العلل (1/ 206 - 207).
من طريق محمد بن عبد الله بن نمير وحميد بن الربيع وسفيان بن وكيع، عن محمد بن بشر.
وقرن حميد بن الربيع في روايته مع محمد بن بشر، عبد الله بن نمير.
ورواه شهاب بن عباد ومحمد بن مهاجر، عن محمد بن بشر، عن علي بن صالح، فذكرا فيه: " أبا بكر الصديق "، فقالا: " عن أبي جحيفة، قال: قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله ... " الحديث.
أخرجه الدارقطني (2/ 207 - 208).
وقال الدارقطني (1/ 197): " وحدث به محمد بن محمد الباغندي، عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن محمد بن بشر، فوهم في إسناده في موضعين:
فقال: " عن العلاء بن صالح "، وإنما هو: علي بن صالح بن حي،
وقال: " عن أبي إسحاق، عن البراء، عن أبي بكر "، وإنما هو: عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة، عن أبي بكر ".
وفي " مسائل أحمد " لأبي داود (1878):
" سمعت أحمد يقول: محمد بن بشر كان صحيح الكتاب وربما حدث من حفظه، فذكرت له: أنه حدث عنه بحديث علي بن صالح، عن أبي بكر، أعني: حديث علي بن صالح عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة: قال أبو بكر: أراك قد شبت يا رسول الله، فقال: «شيبتني هود وأخواتها»؟ فقال: قد كتبته، يعني: عن ابن بشر، عن علي بن صالح، عن أبي جحيفة، وليس فيه: عن أبي بكر، وهو عندي وهمٌ، إنما هو أبو إسحاق عن عكرمة ".
وقيل: عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل، عن أبي بكر.
قاله: زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق.
أخرجه أبو بكر المروزي في " مسند أبي بكر " (32)، والدارقطني (1/ 208).
من طريق عبد الرحيم بن سليمان، عن زكريا.
وخالفه أبو معاوية، فرواه عن زكريا، عن أبي إسحاق، عن مسروق بن الأجدع، عن أبي بكر.
قال ذلك هشام بن عمار، عن أبي معاوية.
أخرجه الطبراني في " الأوسط " (8269)، والدارقطني (1/ 208)، وأبو بكر الشافعي في " فوائده " كما في هامش " العلل " (1/ 198).
وقال الطبراني: " لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق عن مسروق عن أبي بكر، إلا زكريا بن أبي زائدة، تفرد به أبو معاوية ".
قلت: سيأتي ذكر من تابعه.
لكن؛ ذكر الدارقطني (1/ 198) أن هشامًا اختلف عليه؛ فقيل: عنه، عن أبي معاوية، عن زكريا، عن الشعبي، عن مسروق، عن أبي بكر.
قال الدارقطني: " ذكر الشعبي وهمٌ؛ إنما هو: أبو إسحاق السبيعي ".
فرجع الحديث إلى السبيعي.
قلت: وذكر الدراقطني لأبي معاوية متابعين (1/ 197 - 198) وهما: أبو أسماة، وأشعث بن عبد الله الخراساني.
ثم قال: " قال ذلك إبراهيم بن سعيد الجوهري عن أبي أسامة عن زكريا، وقاله نصر بن علي عن أشعث بن عبد الله عن زكريا ".
وخالفهم محمد بن سلمة النصيبي، فرواه عن أبي إسحاق السبيعي، عن مسروق، عن عائشة، عن أبي بكر.
(يُتْبَعُ)
(/)
أخرجه الدارقطني (1/ 208 - 209).
قلت: وقال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ في " مسائل أحمد " (2154):
" سمعت أبا عبد الله يقول: حديث أبي بكر في الشيب، ليس هو من حديث مسروق ".
وفي " العلل " لابن أبي حاتم (1894):
" سألت أبي عن حديث رواه هشام بن عمار، عن أبي معاوية الضرير، عن زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن مسروق، عن أبي بكر الصديق، قال: قلت: يا رسول الله، لقد أسرع الشيب إليك؟ فقال: «شيبتني هود والواقعة» الحديث.
قال أبي: يروى عن زكريا، عن أبي إسحاق، عن مسروق، أن أبا بكر.
ورواه محمد بن بشر، عن علي بن صالح، عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة.
ورواه شيبان، عن أبي إسحاق، عن عكرمة، أن أبا بكر قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - ... ؛ وهذا أشبهها بالصواب. والله أعلم ".
ورواه عبد الكريم بن عبد الرحمن الخزاز، عن أبي إسحاق، واختلف عنه.
فرواه جبارة بن المغلس، عنه، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد البجلي، عن أبي بكر.
أخرجه الدارقطني (1/ 210).
ورواه محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن جبارة، عن عبد الكريم، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، عن أبيه.
أخرجه الدارقطني (1/ 209) وابن مردويه فيه " منتقى من حديث أبي محمد عبد الله بن محمد بن حيان " (13/ 1).
ورواه محمد بن الليث الجوهري، عن عبد الكريم، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، عن أبيه، مثل رواية ابن أبي شيبة، عن جبارة.
أخرجه الشجري في الأمالي (2/ 241).
وقيل: عن أبي إسحاق، عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، عن أبي بكر.
قاله أبو شيبة يزيد بن معاوية النخعي، عن أبي إسحاق.
أخرجه الدارقطني (1/ 210).
وقيل: عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود.
قاله عمرو بن ثابت ابن أبي المقدام (5)، عنه.
أخرجه الطبراني (10/ 125 - 126)، والدارقطني (1/ 210)، والشجري (2/ 241).
قال محمد بن محمد التمار: ثنا أبو الوليد - هو: الطيالسي -: ثنا ليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، به.
أخرجه الطبراني في " الكبير " (17/ 286 - 287)، عنه.
والتمار هذا؛ ذكره ابن حبان في " الثقات " (9/ 153)، وقال: " ربما أخطأ "، فأخشى أن يكون هذا من أخطائه.
وقال سعيد بن سلام: حدثنا عمر بن محمد، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، به، وزاد: " الواقعة، والحاقة، وإذا الشمس كورت ".
أخرجه الطبراني - كما في " التفسير " لابن كثير (4/ 236).
وسعيد بن سلام هذا، هو العطار، وهو كذاب.
وروي عن معاوية بن هشام: حدثنا شيبان، عن فراس، عن عطية، عن أبي سعيد: قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله - الحديث.
أخرجه البيهقي في " الدلائل " (1/ 358).
ومعاوية بن هشام عنده أوهام، على أني لم أتحقق من بعض الرواة دونه.
والمحفوظ: عن شيبان مرسلاً كما تقدم.
ورواه الحسن بن محمد الطنافسي ابن أخت يعلى بن عبيد، عن أبي بكر بن عياش، عن ربيعة الرأي، عن أنس، قال: قال أبو بكر: يا رسول الله - الحديث.
أخرجه الدارقطني في " العلل " (1/ 211).
وهذا وهم، والمحفوظ عن أبي بكر بن عياش مرسلاً، كما تقدم أيضًا.
وقال البزار في " مسنده " (29):
" رواه زائدة بن أبي الرقاد، عن زياد النميري، عن أنس، عن أبي بكر، أنه قال: يا رسول الله قد شبت، قال: «شيبتني هود وأخواتها» ".
قال: " وهذا الحديث فيه علتان: إحداهما: أن زائدة منكر الحديث. والعلة الأخرى: فقد رواه غير واحد عن زائدة، عن زياد، عن أنس، أن أبا بكر قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - ... ؛ فصار الخبر عن أنس ".
ورواه يزيد الرقاشي، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
أخرجه ابن سعد (1/ 2/138 - 139)، وابن عدي (2/ 664).
والرقاشي متروك.
ورواه محمد بن غالب تمتام: حدثنا محمد بن جعفر الوركاني: حدثنا حماد بن يحيى الأبح، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن عمران بن حصين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
أخرجه الخطيب في " التاريخ " (3/ 145).
وهو خطأ، أخطأ فيه تمتام، وقد ساق الخطيب حكاية عن الدارقطني من طريق السهمي عنه تتضمن شرح علة هذا الحديث، وأنه هو هو حديث الرقاشي السابق عن أنس، إلا أن تمتامًا دخل عليه حديث في حديث.
(يُتْبَعُ)
(/)
والقصة بتمامها في " سؤالات السهمي للدارقطني " (9)، أذكرها لما احتوته من فوائد مهمة:
قال السهمي: سئل الدارقطني عن محمد بن غالب تمتام؟ فقال: ثقة مأمون إلا أنه كان يخطئ، وكان وهم في أحاديث، منها: أنه حدث عن محمد بن جعفر الوركاني عن حماد بن يحيى الأبح، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «شيبتني هود وأخواتها»، فأنكر عليه هذا الحديث موسى بن هارون وغيره، فجاءه بأصله إلى إسماعيل بن إسحاق القاضي فأوقفه عليه، فقال إسماعيل القاضي: ربما وقع الخطأ للناس في الحداثة، فلو تركته لم يضرك. فقال تمتام: لا أرجع عما في أصل كتابي.
قال السهمي: وسمعت أبا الحسن الدارقطني يقول: كان يتقى لسان تمتام.
قال: قال لنا أبو الحسن الدارقطني: والصواب أن الوركاني حدث بهذا الإسناد عن عمران بن حصين، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»، وحدث على أثره عن حماد بن يحيى الأبح، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «شيبتني هود»، فيشبه أن يكون التمتام كتب إسناد الأول ومتن الأخير، وقرأه على الوركاني فلم يتنبه عليه. وأما لزوم تمتام كتابه وتثبته فلا ينكر، ولا ينكر طلبه وحرصه على الكتابة.
قال السهمي: وسمعت أبا الحسن يقول: «شيبتني هود والواقعة» مُعتلَّةٌ كلها.
قلت: وقفال الدارقطني في موضع آخر: " إنه حديث موضوع "، وكذلك قال موسى بن هارون.
قال الذهبي في " السير " (13/ 391 - 392):
" يريد: موضوع السند، لا المتن ". وراجع: كتابي " الإرشادات " (ص351 - 352).
وقال البزار (92):
" وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه ... والأخبار مضطربة أسانيدها عن أبي إسحاق، وأكثرها: «أن أبا بكر قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -»؛ فصارت عن الناقلين، لا عن أبي بكر، إذ كان أبو بكر هو المخاطب ".
يعني: أنها مرسلة.
فهذا هو الراجح في هذا الحديث، وهو الذي يدل عليه كلام أهل العلم كأحمد بن حنبل وأبي حاتم والدارقطني وغيرهم. والله أعلم.
انتهى كلام الشيخ طارق -وفقه الله-.
التعليقات:
(1) وقع سقطٌ في نقل الشيخ عن الطبقات، فابن سعد يروي عن عثمان بن عمر عن يونس، لا عن يونس مباشرة.
وظاهر كلام الشيخ -رعاه الله- أنه يعتبر يونس في الأسانيد السابقة واحدًا (يونس بن أبي إسحاق السبيعي)، وهو كذلك في الإسنادين الأولين، أما الثالث (إسناد ابن سعد)؛ فالأظهر أنه يونس بن يزيد الأيلي، فهو الراوي المشهور عن الزهري، وعثمان بن عمر العبدي يروي عنه، وروايته عنه في البخاري وغيره.
ولو كان يونس هنا هو ابن أبي إسحاق، لما فاتت هذه الرواية الدارقطني في ذكرِهِ طرق الحديث في العلل.
(2) ليست رواية العباس بن الوليد كما ذكر الشيخ -وفقه الله-، بل هي بإسقاط ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(3) ويُنتبه لما سبق التنبيه عليه في البحث الأصلي (هامش رقم: 3).
(4) جاء إسناد ابن سعد لهذا المرسل هكذا: محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن علي بن أبي علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه. ولم أقف على ابنٍ لابن الحنفية يروي عنه اسمه جعفر، وقد جاء في ترجمة علي بن أبي علي اللهبي (الراوي عن جعفر هنا) في ميزان الاعتدال (3/ 148): عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، عن علي بن أبي علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي ...
ولو كان جعفر بن محمد شيخ علي بن أبي علي= هو جعفر بن محمد بن علي بن أبي طالب (ابن ابن الحنفية)، لما ذُكر عليٌّ -رضي الله عنه- في الإسناد.
فالأقوى: أن جعفر بن محمد المذكور في الإسناد هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، والمرسِلُ هو أبوه، المسمى: محمد بن علي الباقر.
(5) أبو المقدام كنية ثابت والد عمرو، لا كنية أبيه.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[25 - Oct-2007, صباحاً 09:19]ـ
الشيخ أبا معاذ: وإياك، بارك الله فيك.
شيخنا الفاضل أبا الحارث: وإياكم، جزاكم الله خيرًا.
الشيخ أمجد: وإياك، وتعليقك مهم، أحسن الله إليك.
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Oct-2007, صباحاً 09:28]ـ
جزاك الله خيرا، وزادك من فضله وإحسانه
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[26 - Oct-2007, صباحاً 12:54]ـ
الشّيخ الكريم / مُحمَّد بن عبد اللَّه ـ المحترم ـ:
شكر اللَّه لكم،ونفع بكم، وجعلكم مباركين أينما كنتم.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[28 - Oct-2007, صباحاً 11:50]ـ
الفاضل آل عامر: وإياكم، نفع الله بكم.
الفاضل سلمان: وإياكم، أحسن الله إليكم.
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[27 - Nov-2007, مساء 05:08]ـ
أخي الكريم محمد - زاد الله محامدك - لعلك ترتب البحث في ملف وورد.
وجزاكم الله خيراً
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[27 - Nov-2007, مساء 11:57]ـ
الأخ الحبيب محمد بن عبد الله أسأل الله أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتك يوم تلقاه
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[28 - Nov-2007, صباحاً 06:23]ـ
شيخنا ماهرًا: آمين، أحسن الله إليكم.
http://www.kabah.info/uploaders/mohmsor/shhod.rar
الشيخ أبا رحمة: آمين، بارك الله فيك، ونفع بك.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[28 - Apr-2008, مساء 01:12]ـ
فائدة: إلى جانب مخالفة الليث بن سعد في روايته عن يونس، فإن في بعض حديث عثمان بن عمر عن يونس كلامًا، قال أبو داود -في مسائله عن أحمد (ص441) -: سمعت أحمد يقول: " عثمان بن عمر سمع من يونس، وفيها أحاديث مضطربة ".
وزيادة أبي سلمة في رواية يونس عن الزهري فيها سلوك للجادة.
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[28 - Apr-2008, مساء 03:49]ـ
تبين أن الحديث لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا،
ولم يصح إلا مرسلاً عن أربعة من التابعين: عكرمة مولى ابن عباس، ومحمد بن واسع، والزهري، وقتادة بن دعامة.
سؤال للمشايخ
محمد بن عبد الله و الدكتور ماهر الفحل
هل يقال:
يصح هذا الحديث متنا عن النبي صلى الله عليه وسلم على مذهب الإمام الشافعي بالإعتداد بالمرسل المشروط بالإعتضاد بغيره كما هو موضح في كتابه الرسالة؟
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[29 - Apr-2008, مساء 02:36]ـ
؟؟؟
ـ[الحمادي]ــــــــ[29 - Apr-2008, مساء 03:28]ـ
بارك الله فيكم أبا عبدالله وشكر لكم هذا التحقيق
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[01 - May-2008, صباحاً 01:51]ـ
* الحكم النهائي على الحديث:
تبين أن الحديث لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا،
ولم يصح إلا مرسلاً عن أربعة من التابعين: عكرمة مولى ابن عباس، ومحمد بن واسع، والزهري، وقتادة بن دعامة.
.
جزم الشيخ محمد وفقه الله بعدم صحة هذا المتن عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه نظر.
فلو جزم بضعف الأسانيد لكان أحسن وأبعد عن المجازفة.
وفي ظني لم يحكم أحد من الائمة على المتن بالرد, وإنما كلامهم على آحاد الأسانيد.
وتأمل قول الذهبي كما نقله الشيخ طارق عوض الله من " السير " (13/ 391 - 392):
قال رحمه الله معلقا على قول الدارقطني " إنه حديث موضوع "!!
قال الذهبي: " يريد: موضوع السند، لا المتن ". اهـ
قال الإمام الشافعي رحمه الله في الرسالة (ص235 ط دار النفائس):
(1264) - فمن شاهد أصحاب رسول الله من التابعين فحدث حديثا منقطعا عن النبي اعتبر عليه بأمور:
(1265) - منها أن ينظر إلى ما أرسل من الحديث فإن شركه فيه الحفاظ المأمونون فأسندوه إلى رسول الله بمثل معنى ما روى كانت هذه دلالة على صحة من قبل عنه وحفظه.
(1266) - وأن انفرد بإرسال حديث لم يشركه فيه من يسنده قبل ما يفرد به من ذلك.
(1267) - ويعتبر عليه بأن ينظر هل يوافقه مرسل غيره ممن قبل العلم عنه من غير رجاله الذين قبل عنهم.
(1268) - فإن وجد ذلك كانت دلالة يقوي به مرسله وهي أضعف من الاولى.
ثم قال رحمه الله:
وإذا وجدت الدلائل بصحة حديث بما وصفت أحببنا أن نقبل مرسله.اهـ
قلت: وثناء الائمة على كتاب الرسالة للشافعي رحمه الله معلوم منثور في كتاب المصطلح والتراجم والسير وذلك مستلزم القبول لما تقدم من تقوية المرسل بمثله.
قال الدكتور اللاحم في (شرحه لاختصار علوم الحديث ص132):
اعتضاد القوة هو أن ما جاء بالمرسل اعتضد فصح أو قوي أن ننسبه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل أن يأتي مرسل ويأتي معه مرسل آخر، وهو الذي مر بنا في الحديث الحسن لغيره، وهو الذي تكلم عليه الشافعي وأطال في شروط قبول المرسل، ذكر أشياء، وقد تأتي مراسيل ومراسيل ومراسيل، مرسل ومرسل فيدل مجموعها على أن لهذا الحديث أصلا.اهـ
والله اعلم بالصواب
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[01 - May-2008, صباحاً 02:09]ـ
ومما يُضعَّف به الحديث كون متنه مُعارض بما هو مخرج في الصحيحين وغيرهما من حديث أنس
"أن النبي صلى الله عليه وسلم قبض وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء" والله أعلم
والمقصود من الحديث قلة الشيب في رأس النبي صلى الله عليه وسلم
بل هذا الحديث فيه قرينة على ثبوت حديث " شيبتني هود .... الحديث ".
وذلك لأن العشرون شعرة كافية لطرح السؤال المنسوب لأبي بكر رضي الله عنه.
لاسيما أنه قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لم يخضب ولو صح ذلك لكان قرينة على ما ذكره الأخ أمجد وهو مردود بحديث أم سلمة رضي الله عنها الذي جاء فيه احتفاظها بشعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم كانت مخضوبة , والله اعلم
ـ[أبو حازم البصري]ــــــــ[01 - May-2008, صباحاً 02:27]ـ
طيب حتى نعرف أين تكمن المجازفة؛ أنت ما تقول يا أبا عمر السلفي؟
هل يصح الحديث مرفوعاً؟
نموذج للإجابة المرجوة منك:
1 - نعم، صحيح مرفوعاً ...
2 - لا، غير صحيح مرفوعاً.
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[02 - May-2008, صباحاً 12:45]ـ
الحديث صححه الحاكم ولم يتعقبه الذهبي بل أقره وأورده الألباني في الصحيحة يا أبا حازم.
وأما أنا فلو اتبعت طريقة الائمة وقلت أن للحديث أصلا لم أكن مجازفا لاسيما أن الحديث من باب الرقاق والائمة كانوا لا يشددون في هذا الباب كيف وقد اعتضد.
فالحديث ثابت وهو حسن لغيره , والله اعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[04 - May-2008, صباحاً 09:16]ـ
يرفع للفائدة
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 12:48]ـ
يرفع للفائدة
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 01:48]ـ
جزاك الله خيرا على هذا الجهد الكبير والعمل النافع بإذن الله.
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 04:09]ـ
أحسن الله إليكم ونفع بكم ... بحث قيم ونفس نفيس و حكم محكم.
بورك فيك يا شيخ محمد ولا زلت نافعا مسددا.
ـ[أبوبكر الذيب]ــــــــ[20 - Mar-2010, مساء 04:02]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ أمجد الفلسطينيوأقول: تخريج الشيخ محمد بن عبد الله للحديث ولغيره من الأحاديث يعجز لساني عن وصفهولا أقول سوى ما شاء الله لاقوة إلا بالله اللهم زد وباركوكثر في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من أمثاله وأرجوا أن لا يغضب منى فإني ما قلت ذلك طلبا لرضاه وإنما حتى يُعلم مقام الرجل ويُستفاد من ما أعطاه اللهأسأل الله أن يستمر في نشاطه وخدمة سنة نبينا فهي والله في أشد الحاجة لأمثالهوأسأله بالله أن لا يحذف هذا الكلام ........................ .. هذه المشاركة كتبت بواسطة الشيخ عبد الرحمن بن شيخنا في موضوع آخر ونقلتها هنا تقريرا لكلامه حفظه الله ......
ـ[أبوبكر الذيب]ــــــــ[20 - Mar-2010, مساء 05:02]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ أمجد الفلسطيني وأقول:
تخريج الشيخ محمد بن عبد الله للحديث ولغيره من الأحاديث
يعجز لساني عن وصفه ولا أقول سوى
ما شاء الله لاقوة إلا بالله
اللهم زد وبارك وكثر في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من أمثاله
وأرجوا أن لا يغضب منى فإني ما قلت ذلك طلبا لرضاه
وإنما حتى يُعلم مقام الرجل ويُستفاد من ما أعطاه الله
أسأل الله أن يستمر في نشاطه وخدمة سنة نبينا
فهي والله في أشد الحاجة لأمثاله
وأسأله بالله أن لا يحذف هذا الكلام ........................ ..
هذه المشاركة كتبت بواسطة الشيخ عبد الرحمن بن شيخنا في موضوع آخر ونقلتها هنا تقريرا لكلامه ـ حفظه الله ـ ......
......
حصل خلل في المشاركة الأولى ...
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[15 - Apr-2010, مساء 12:45]ـ
شيخنا الكريم الفاضل / محمد بن عبد الله.
بارك الله فيك , وجعل هذا العمل في ميزان حسناتك.
وسامحنا إن بدر منا شيء.(/)
(وفي نجدنا) المقصود هنا العراق وليست نجد اليوم
ـ[أبوعبيدة الأثري الليبي]ــــــــ[24 - Oct-2007, مساء 08:12]ـ
(وفي نجدنا) المقصود هنا العراق وليست نجد اليوم
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله
حياكم الله إخوتي الكرام وبارك الله فيكم كثير من أهل البدع يطعنون في الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله لأنه من نجد إستنادا على حديث النبي صلى الله عليه وسلم
وفهموا أن نجد اليوم هي نجد التي في الحديث المذكور.
ولكم هذا الحديث الذي ذكره الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة وعلق عليه تعليق رائع:
[اللهم بارك لنا في مكتنا، اللهم بارك لنا في مدينتنا، اللهم بارك لنا في شامنا، وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدنا. فقال رجل: يا رسول الله! وفي عراقنا. فأعرض عنه، فرددها ثلاثا، كل ذلك يقول الرجل: وفي عراقنا، فيعرض عنه، فقال: بها الزلازل والفتن، وفيها يطلع قرن الشيطان]. (صحيح). وروي بلفظ: نجدنا، مكان عراقنا والمعنى واحد. أخرجه البخاري وغيره، وروي أيضا بلفظ: مشرقنا، مكان عراقنا، وزاد في آخره: وبها تسعة أعشار الشر.
ووردت الزيادة بلفظ آخر: وبه تسعة أعشار الكفر، وبه الداء العضال.
انظر الكتاب فيه فوائد كثيرة تتعلق بهذا الحديث ومنها أن بلاد نجد المعروفة اليوم بهذا الإسم ليست هي المقصودة بهذا الحديث وإنما هو العراق، وأن الطعن في الإمام محمد بن عبد الوهاب مجدد دعوة التوحيد في الجزيرة العربية، لأنه من بلاد نجد، وما أحكم قول سلمان الفارسي لأبي الدرداء حينما دعاه أن يهاجر من العراق إلى الشام: أما بعد؛ فإن الأرض المقدسة لا تقدس أحدا، وإنما يقدس الإنسان عمله.
(سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الخامس رقم الحديث 2246 الصفحة 302)
نقله لكم أبوعبيدة الهواري الشرقاوي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين.
السلام عليكم ورحمة الله.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[24 - Oct-2007, مساء 08:19]ـ
جزاكم الله خيرا أخي أبا عبيدة، وجعله الله تعالى في ميزان حسناتكم.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[24 - Oct-2007, مساء 08:26]ـ
وبذلك فسره الإمام الخطابي، الحافظ ابن حجر العسقلاني - رحمهما الله تعالى -، وتجد كلامهما في شرح كتاب الفتن من " فتح الباري ". وهذا من تمام كلام الشيخ الذي أشار له أخونا أبو عبيدة - حفظه الله تعالى -.
ـ[أبو رهام]ــــــــ[24 - Oct-2007, مساء 08:28]ـ
بارك الله فيك
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 01:46]ـ
لا شك بأن المقصود بنجد جهة المشرق عموماً، ولا يزال أهل الحجاز يسمّون الشمال والجنوب شاماً ويمناً
ـ[أبوعبيدة الأثري الليبي]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 05:59]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم أخي علي الفضلي على الإضافة الرائعة
ونشكر جميع الإخوة على المرور.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[عبدالله ابورغد]ــــــــ[01 - Apr-2009, مساء 12:44]ـ
قال سماحة عبدالعزيزبن باز رحمه الله تعالى:
((نجد)) في حديث ظهور قرن الشيطان يشمل نجد اليمامة ونجد العراق وكذلك الحال في المقصود بالمشرق فإنه يشمل ذلك
ويؤيد ذلك ذكر (ربيعة ومضر) فإن موطنهم الاصلي نجد اليمامة 0
المصدر: فوائد من دروس سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله
جمع وتحقيق: د. صالح الغامدي(/)
هل يصح هذا الحديث: "والذي بعثني بالحق لم يعلمني حقيقة غير ربي"؟
ـ[خليل المخطوطات]ــــــــ[24 - Oct-2007, مساء 08:28]ـ
يا أبا بكر، والذي بعثني بالحق لم يعلمني حقيقة غير ربي(/)
حديث من سنن أبي داود لايوجد في جميع الطبعات ..
ـ[ابن رجب]ــــــــ[24 - Oct-2007, مساء 08:37]ـ
قال المزي في تهذيب الكمال (24\ 147) (كثير بن قليب0000روى له أبو داود حديثا واحدا أخبرنا به أبو الحسن بن البخاري وأبو الغنائم بن علان وأحمد بن شيبان قالوا أخبرنا حنبل بن الحصين قال أخبرنا بن المذهب قال أخبرنا القطيعي قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا حسن بن موسى قال حدثنا بن لهيعة قال حدثنا الحارث بن يزيد عن كثير الأعرج الصدفي قال سمعت أبا فاطمة بذي الصواري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا فاطمة أكثر من السجود فإنه ليس من مسلم يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة
رواه عن قتيبة بن سعيد عن بن لهيعة مثله إلا أنه لم يذكر بذي الصواري فوقع لنا بدلا
وهذا الحديث لم نجده إلا في رواية أبي الطيب بن الأشناني وحده عن أبي داود ولم يقع لنا عنه مسموعا) انتهى
منقول .....
ـ[شلاش]ــــــــ[24 - Oct-2007, مساء 10:49]ـ
جزاك الله خيرا أخي
وهناك حديث آخر , من رواية أبي الطيب بن الأُشْنَاني
قال الحافظ العراقي في ((المستخرج على المستدرك للحاكم)) (97)
:ثم رواه عن محمود بن غيلان عن وكيع عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن بعض أصحاب عكرمة
أنّ النبي (ص) كان يَلْحَظُ في الصلاة , قال: فذكر نحوه , ولم يقل فيه عن عكرمة , فهو معضل , وأخرجه أبو داود في رواية أبي الطيب الأشناني , عن أبي داود , عن أحمد بن محمد بن ثابت المروزي , عن الفضل بن موسى , فيما ذكره المزِّي في الأطراف , وليس في رواية اللؤلؤي ولا رواية ابن داسة. ...... انتهى المقصود
وقد ذكر المزِّي زوائد الأشناني في عشرة مواضع من التحفة حسب البحث الاكتروني
والله أعلم
ـ[ابن رجب]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 01:36]ـ
جزاكم الله خيرا أخي المبارك.
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 01:44]ـ
سلامٌ عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد
فيا أخي الكريم - بارك الله فيك:
هل لك أن تحمع لنا هذه الأحاديث كلها هاهنا؟
مع بيان سماع ابن الأشناني من أبي داود متى كان؟
فإن اللؤلؤي على ما أذكر سمع السنن من أبي داود في المحرم من سنة خمس وسبعين ومائتين
وليت بعض إخواننا ممن وقف على رواية ابن داسة يبين لنا متى سمع ابن داسة،
والبيهقي في السنن الكبرى والخطابي في معالم السنن، يرويان عن أبي بكر بن داسة عن أبي داود،
وأظن البيهقي يروي عن أبي داود من طرق أخرى أيضا
جزاك الله خيرا أخي
وهناك حديث آخر , من رواية أبي الطيب بن الأُشْنَاني
قال الحافظ العراقي في ((المستخرج على المستدرك للحاكم)) (97)
:ثم رواه عن محمود بن غيلان عن وكيع عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن بعض أصحاب عكرمة
أنّ النبي (ص) كان يَلْحَظُ في الصلاة , قال: فذكر نحوه , ولم يقل فيه عن عكرمة , فهو معضل , وأخرجه أبو داود في رواية أبي الطيب الأشناني , عن أبي داود , عن أحمد بن محمد بن ثابت المروزي , عن الفضل بن موسى , فيما ذكره المزِّي في الأطراف , وليس في رواية اللؤلؤي ولا رواية ابن داسة. ...... انتهى المقصود
وقد ذكر المزِّي زوائد الأشناني في عشرة مواضع من التحفة حسب البحث الاكتروني
والله أعلم
ـ[ابن رجب]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 01:48]ـ
نامل ,, الافادة أكثر.
ـ[شلاش]ــــــــ[26 - Oct-2007, صباحاً 07:45]ـ
أرجو الرجوع الى هذه الروابط
وهناك زيادات قليلة وقفت عليها سأُضيفها عندما تكتمل
http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?p=21011
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=345
ـ[ابن رجب]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 03:51]ـ
أرجو الرجوع الى هذه الروابط
وهناك زيادات قليلة وقفت عليها سأُضيفها عندما تكتمل
http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?p=21011
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=345
بارك الله فيكم(/)
حكم رواية أحاديث الصفات بالمعنى
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Oct-2007, صباحاً 04:42]ـ
حكم رواية أحاديث الصفات بالمعنى
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
رواية أحاديث الصفات بالمعنى أخشى أن يكون الراوي من أهل التعطيل، فيروي الحديث بالمعنى الذي هو يعتقده، مثل أن يتحدث عن نزول الله عز وجل إلى السماء الدنيا والحديث (ينزل ربنا إلى سماء الدنيا في ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟) فيقول هذا الراوي بالمعنى معتقداً أن معنى الحديث: ينزل ملك من الملائكة فيقول: كذا وكذا، ثم يروي هذا الحديث على ما يعتقد هو من معنى، فيحصل بهذا ضلال كبير. فرواية الحديث بالمعنى من أهل البدع لا تجوز بالنسبة لأحاديث الصفات؛ لأنهم ربما يروونها على ما يعتقدون من البدع، فيحرفون الكلم عن مواضعه لفظاً ومعنىً.
لقاء الباب المفتوح [29] ابن عثيمين -رحمه الله-
ـ[ابن رجب]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 01:24]ـ
بارك الله في جهودكم ,, ورحمه الله الشيخ العثيمين
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, صباحاً 01:09]ـ
وفيكم بارك الله أخي الكريم
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[26 - Oct-2007, صباحاً 10:22]ـ
/// بارك الله فيكم على الإفادة، ومراد الشيخ رواية (الألفاظ المختصَّة بالصِّفات) دون سائر الحديث ممَّا لا يؤثِّر في معناه.(/)
قال الامام شعبة عن هذا الحديث: هذا ثلث رأس مالي
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 02:29]ـ
قال الامام ابن خزيمة في صحيحه
أخبرنا أبو طاهر نا أبو بكر نا بندار نا محمد بن جعفر نا شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت عبد الله بن سلمة قال: دخلت على علي بن أبي طالب أنا ورجلان رجل منا ورجل من بني أسد أحسب فبعثهما وجها وقال: إنكما علجان فعالجا عن دينكما ثم دخل المخرج ثم خرج فأخذ حفنة من ماء فتمسح بها ثم جاء فقرأ القرآن قراءة فأنكرنا ذلك فقال علي: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأتي الخلاء فيقضي الحاجة ثم يخرج فيأكل معنا الخبز واللحم ويقرأ القرآن ولا يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة أو إلا الجنابة
أخبرنا أبو طاهر نا أبو بكر قال: سمعت أحمد بن المقدام العجلي يقول: حدثنا سعيد بن الربيع عن شعبة بهذا الحديث
قال شعبة: هذا ثلث رأس مالي
ـ[ابن رجب]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 02:43]ـ
بارك الله فيكم
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 02:51]ـ
أخي العزيز
قد اخترتَ عدم تلقي الرسائل الخاصة
__
قلتَ: (قال الامام ابن خزيمة في صحيحه
أخبرنا أبو طاهر نا أبو بكر)
وهذا خطأ
ويبدو أنك استعجلت في النسخ دون مراجعة الإسناد ..
أبوطاهر محمد بن الفضل بن أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يروي الصحيح عن جده ابن خزيمة ..
ـ[وليد الدلبحي]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 03:06]ـ
أخي العزيز
قد اخترتَ عدم تلقي الرسائل الخاصة
__
قلتَ: (قال الامام ابن خزيمة في صحيحه
أخبرنا أبو طاهر نا أبو بكر)
وهذا خطأ
ويبدو أنك استعجلت في النسخ دون مراجعة الإسناد ..
أبوطاهر محمد بن الفضل بن أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يروي الصحيح عن جده ابن خزيمة ..
بارك الله فيك يا شيخ أشرف.
ذكر العبارة "قال ابن خزيمة .. " في البداية توحي إلى الكتاب المحال إليه، ولو كان السند يبدأ بمحمد بن الفضل، فلا مشكلة -من وجهة نظري- في هذا الأمر مع التنبيه أن محمد بن الفضل يروي الصحيح عن جده.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 04:19]ـ
الاخ ابن رجب جزاك الله خيرا
وبالنسبة لتعليقات الاخوة الكرام
فاقول المقصودالنقل من الكتاب كما قال الشيخ الفاضل وليد جزاه الله خيرا ولم ادقق في الاسناد
وجزى الله الشيخ أشرف بن محمدخيرا على الملاحظة القيمة وهي تنطبق على النقل من مسند الامام احمد رحمه الله فيبدا الحديث في المسند حدثنا عبدالله حدثني ابي
واقول للاخ اشرف تم استقبال الرسائل الخاصة
وشكرا لكم .. و. بارك الله فيكم ...
ـ[المسندي]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 05:06]ـ
المشكلة ان هذا الحديث ضعيف!
فقد قال الشافعي كان اهل الحديث لا يثبتونه ونقل الخطابي عن الامام احمد تضعيفة وضعفة الالباني انظر ارواء الغليل.
والعلة ان عبدالله بن سلمة تغير بأخره وكان سماع عمرو بن مرة في التغير.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 06:57]ـ
اخرج الحديث غيرابن خزيمة أبو داود والنسائي وابن ماجه و الترمذي و ابن حبان والحاكم والبزار والدارقطني والبيهقي ,
قال الترمذي ,: حديث حسن صحيح وصححه أيضاابن خزيمة وابن حبان وابن السكن وعبد الحق ,
والبغوي في شرح السنة.وقواه الحافظ في الفتح وَحَسَّنَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
قا ل الصنعاني في سبل السلام
ذكرالْمُصَنِّفُ يعني ابن حجر فِي التَّلْخِيصِ أَنَّهُ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ السَّكَنِ، وَعَبْدُ الْحَقِّ، وَالْبَغَوِيُّ، وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ شُعْبَةَ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ ثُلُثُ رَأْسِ مَالِي، وَمَا أُحَدِّثُ بِحَدِيثٍ أَحْسَنَ مِنْهُ؛ وَأَمَّا قَوْلُ النَّوَوِيِّ: خَالَفَ التِّرْمِذِيَّ الْأَكْثَرُونَ فَضَعَّفُوا هَذَا الْحَدِيثَ
؛ فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّ تَخْصِيصَهُ لِلتِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ صَحَّحَهُ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ تَصْحِيحَهُ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا مَنْ صَحَّحَهُ غَيْرَ التِّرْمِذِيِّ
ـ[ابن رجب]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 03:49]ـ
المشكلة ان هذا الحديث ضعيف!
فقد قال الشافعي كان اهل الحديث لا يثبتونه ونقل الخطابي عن الامام احمد تضعيفة وضعفة الالباني انظر ارواء الغليل.
والعلة ان عبدالله بن سلمة تغير بأخره وكان سماع عمرو بن مرة في التغير.
أحسنت ايها لمسندي ,,
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 05:47]ـ
جزاك الله خيرا، أخي أبا محمد الغامدي
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 05:49]ـ
شيخنا المحبوب أشرف .. شرفه الله بالإيمان وطاعة الرحمن
جزاك الله خيرا، ولا حرمنا الله منك ولا من فوائدك الطيبة
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 06:26]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لكم ... بارك الله فيكم ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المسندي]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 11:55]ـ
وَحَكَى البُخَارِيّ عَن عَمْرو بن مرّة (قَالَ): كَانَ عبد الله بن سَلمَة يحدثنا فنعرف وننكر وَقَالَ ابْن الْجَارُود - بَعْدَمَا أخرجه -: قَالَ يَحْيَى بن سعيد: وَكَانَ شُعْبَة يَقُول فِي هَذَا الحَدِيث: نَعْرِف وننكر - يَعْنِي: عبد الله بن سَلمَة - كَانَ (كبر حَيْثُ) أدْركهُ عَمْرو
قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «الْمعرفَة»: إِنَّمَا توقف الشَّافِعِي فِي ثُبُوته؛ لِأَن مَدَاره عَلَى عبد الله بن سَلمَة، وَكَانَ قد كبر وَأنكر من (عقله وَفِي حَدِيثه) بعض (النكرَة) وَإِنَّمَا رَوَى هَذَا الحَدِيث بَعْدَمَا كبر، قَالَه شُعْبَة.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: (قَالَ سُفْيَان): مَا أحدث بِحَدِيث أحسن مِنْهُ.
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال عن هذا الحديث: فيه عبدالله بن سلمة الهمداني تكلموا فيه.
ـ[ابن رجب]ــــــــ[27 - Oct-2007, صباحاً 06:01]ـ
وَحَكَى البُخَارِيّ عَن عَمْرو بن مرّة (قَالَ): كَانَ عبد الله بن سَلمَة يحدثنا فنعرف وننكر وَقَالَ ابْن الْجَارُود - بَعْدَمَا أخرجه -: قَالَ يَحْيَى بن سعيد: وَكَانَ شُعْبَة يَقُول فِي هَذَا الحَدِيث: نَعْرِف وننكر - يَعْنِي: عبد الله بن سَلمَة - كَانَ (كبر حَيْثُ) أدْركهُ عَمْرو
قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «الْمعرفَة»: إِنَّمَا توقف الشَّافِعِي فِي ثُبُوته؛ لِأَن مَدَاره عَلَى عبد الله بن سَلمَة، وَكَانَ قد كبر وَأنكر من (عقله وَفِي حَدِيثه) بعض (النكرَة) وَإِنَّمَا رَوَى هَذَا الحَدِيث بَعْدَمَا كبر، قَالَه شُعْبَة.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: (قَالَ سُفْيَان): مَا أحدث بِحَدِيث أحسن مِنْهُ.
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال عن هذا الحديث: فيه عبدالله بن سلمة الهمداني تكلموا فيه.
جزاكم الله خيرا
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[27 - Oct-2007, صباحاً 06:23]ـ
يقول الذهبي رحمه الله الانصاف عزيزوبما انك ذكرت من تكلم في الرجل لانه كبر وتغير حفظه
فيكفينا رواية امير المؤمنين شعبة في الحديث له وافتخاره بانه ثلث راس ماله شعبه الذي كان الثوري يقول عنه شعبة أمير المؤمنين في الحديث وقال الثوري لسلم بن قتيبة ما فعل استأذنا شعبة وقال الشافعي لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق
وتصحيح الحفاظ السابقين اللذين ذكرتهم للحديث ومن المعاصرين سماحة العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله
واليك اقوال من وثق الراوي
يعد عبدالله بن سلمة في الطبقة الأولى من فقهاء الكوفة بعد الصحابة
* أقوال العلماء فيه:
وقال العجلي كوفي تابعي ثقة وقال يعقوب بن شيبة ثقة وقال أبو أحمد بن عدي أرجو أنه لا بأس به
قال عنه ابن حجر فى التقريب صدوق تغير حفظه وقال عنه الذهبى فى الكاشف صويلح.
ـ[ابن رجب]ــــــــ[27 - Oct-2007, صباحاً 06:37]ـ
[ quote= ابو محمد الغامدي;59796] [ size="6"] يقول الذهبي رحمه الله الانصاف عزيزوبما انك ذكرت من تكلم في الرجل لانه كبر وتغير حفظه
فيكفينا رواية امير المؤمنين شعبة في الحديث له وافتخاره بانه ثلث راس ماله شعبه الذي كان الثوري يقول عنه شعبة أمير المؤمنين في الحديث وقال الثوري لسلم بن قتيبة ما فعل استأذنا شعبة
[ CENTER] لدي سؤال ياابا محمد بعد أذنك.
هل كلام شعبة هذا يعتبر توثيق له؟
ان اجبت بنعم فهل كلام شعبة يكون في اول امره واخره ام لا؟
وجزاكم الله خيرا.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[29 - Oct-2007, مساء 06:26]ـ
لوسمحت اخي ابن رجب وفقك الله
حقق لنا الجواب عن سؤالك وابحث لنا في مسالتين وهما
هل رواية شيخ شعبة عَمْرو بن مرّة عن شيخه كما في مسالتناهذه تعديل له ام لا؟؟
وهل شيخ شعبة عَمْرو بن مرّة روى الحديث بعدما تغير حفظ عبد الله بن سلمة ام قبله؟؟
طلب بسيط ولاول مرةوجزاك الله خيرا
ـ[ابن رجب]ــــــــ[29 - Oct-2007, مساء 06:36]ـ
لوسمحت اخي ابن رجب وفقك الله
حقق لنا الجواب عن سؤالك وابحث لنا في مسالتين وهما
هل رواية شيخ شعبة عَمْرو بن مرّة عن شيخه كما في مسالتناهذه تعديل له ام لا؟؟
وهل شيخ شعبة عَمْرو بن مرّة روى الحديث بعدما تغير حفظ عبد الله بن سلمة ام قبله؟؟
طلب بسيط ولاول مرةوجزاك الله خيرا
اهلا بابي محمد ,, لكن جوابك يحب على ماسالت تأمل.
ـ[إبراهام الأبياري]ــــــــ[29 - Oct-2007, مساء 07:49]ـ
للحديث علة أخرى هي الوقف.
قال العلامة الألباني في حديث " هكذا لمن ليس بجنب فأما الجنب فلا ولا آية ":
إن لهذه الطريق علتين: الضعف والوقف
أما الضعف فسببه أن في سنده عامر بن السمط أبا الغريف ولم يوثقه غير ابن حبان وهو مشهور بالتساهل في التوثيق كما بينته في " المقدمة " وقد خالفه من هو أعرف بالرجال منه وهو أبو حاتم الرازي فقال في أبي الغريف هذا: " ليس بالمشهور. . قد تكلموا فيه من نظراء أصبغ بن نباتة "
وأصبغ هذا لين الحديث عند أبي حاتم ومتروك عند غيره ومنهم الحافظ ابن حجر فثبت ضعفه
وأما الوقف فقد أخرجه الدارقطني وغيره عن أبي الغريف عن علي موقوفا عليه كما بينت ذلك في " ضعيف سنن أبي داود " (رقم 131)
فقد عاد الحديث إلى أنه موقوف مع ضعف إسناده فلا يصلح شاهدا للمرفوع الذي قبله (وهو حديث مسألتنا) بل لعل هذا أصله موقوف أيضا أخطأ في رفعه ولفظه عبد الله بن سلمة حين رواه في حالة التغير وهذا محتمل فسقط الاستدلال بالحديث على التحريم ووجب الرجوع إلى الأصل وهو الإباحة. اهـ تمام المنة ص 117.(/)
التحقيق الجلي لحديث ((لا نكاح إلا بولي))
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 07:01]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سبق وأن كانت هناك مشاركة لأخي أبي منصور -وفقه الله- حول تزويج المرأة لنفسها بدون إذن وليها وتطرق الإخوان إلى حديث لا نكاح إلا بولي، وإتماما للفائدة أنقل لكم تخريج الحديث ...
قال شيخنا الشيخ مفلح -حفظه الله- في بحث له بعنوان (التحقيق الجلي لحديث لا نكاح إلا بولي):
ولقد روى حديث "لانكاح إلا بولي" عن جماعة من الصحابة ذكر أسماءهم الحاكم في المستدرك، فقد أخرجه من حديث عائشة وأبي موسى ثم قال: وفي الباب عن علي بن أبي طالب وعبد اللّه بن عباس ومعاذ بن جبل وعبد اللّه بن عمر وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الأسود وعبد اللّه بن مسعود وجابر بن عبد اللّه وأبي هريرة وعمران بن حصين وعبد اللّه بن عمرو والمسور بن مخرمة وأنس بن مالك رضي اللّه عنهم، وأكثرها صحيحة ().
وقد صحّت الروايات فيه عن أزواج النبي ?، عائشة وأم سلمة وزينب بنت جحش ـ رضي اللّه عنهم أجمعين ـ اهـ ().
قلت: وفي الباب أيضاً عن أبي أمامة مرفوعاً، وعن أبي سعيد، وعمر بن الخطاب موقوفاً، وعن الحسن البصري مرسلاً ().
وقد أحصيت عدة هؤلاء فبلغوا عشرين صحابياً، لكن لا بد من حذف أحاديث بعضهم، فحديث أم سلمة الظاهر أن الحاكم يقصد به قولها: "قم يا عمر فزوج النبي ?"، وحديث زينب الظاهر أنه يقصد به قولها "زوجكن آباؤكن، وزوجني اللّه من فوق سبع سموات"، ولو كان مقصده غير ذلك لذكرهما مع الصحابة المذكورين في الباب، ولكنه لما علم أن هذين الحديثين يختلف لفظهما عن لفظ أحاديث الباب أشار إليهما مستشهداً بهما.
هذا ما يظهر لي من صنيعه وإلا فقد يكون عنده علم خلاف ما علمت واللّه أعلم.
وحديث عمران بن حصين وابن مسعود حديث واحد، فقد قيل: عن عمران بن حصين، عن النبي ? وقيل: عنه عن ابن مسعود، عن النبي ?.
والأول أولى وإن كان الحديث ضعيف الإسناد أصلاً، وقد روي من طريق آخر عن الحسن البصري مرسلاً ورجاله ثقات، فلذلك يكون عدد الصحابة الذين روي عنهم هذا الحديث سبعة عشر صحابياً، على ما في أسانيد بعض هذه الروايات من الضعف الشديد، وقد اقتصر الحافظ السيوطي في "الأزهار المتناثرة" على ذكره عن سبعة من الصحابة كما حكاه عنه صاحب نظر المتناثرة فقال: أورده في الأزهار منحديث أبي موسى وابن عباس وجابر وأبي هريرة وأبي أمامة وعائشة وعمران بن حصين سبعة أنفس ().
ثم تعقبه بما سنذكره فيما بعد مع التنبيه عليه.
وأصح ما روي في هذا الباب حديث أبي موسى وأبي هريرة وعائشة وابن عباس وجابر بن عبد اللّه، ثم ما روي عن علي وعمر موقوفاً من قولهما، ثم ما روي عن الحسن البصري مرسلاً.
فأما حديث عائشة وأبي موسى فقد صححهما غير واحد من أهل العلم وعليهما الاعتماد في إبطال النكاح بغير ولي.
وأما حديث أبي هريرة وابن عباس فقد اختلف في رفعهما ووقفهما، وقد قواهما جماعة من أهل العلم أيضاً.
وأما حديث جابر فهو أيضاً حديث قويّ لمجموع طرقه.
وأما حديث علي فالصحيح عنه موقوفاً.
وأما حديث عمر فقد روي عنه من طرق كثيرة وكلها موقوفة ولا يخلو واحد منها عن الانقطاع.
وأما مرسل الحسن فقد سبق وصفه.
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 07:08]ـ
1ـ حديث أبي موسى رضي الله عنه.
أما حديث أبي موسى فقال الترمذي رحمه اللّه: حدثنا علي بن حجر، أخبرنا شريك بن عبد اللّه، عن أبي إسحاق (ح) وحدثنا قتيبة، حدثنا أبو عوانة، عن أبي إسحاق (ح) وحدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق (ح) وحدثنا عبد اللّه بن أبي زياد، حدثنا زيد بن حباب، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن أ [ي بردة، عن أبي موسى قال: قال رسول اللّه ?: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
قال الترمذي: وحديث أبي موسى حديث فيه اختلاف.
ثم بين هذا الاختلاف وأطال في الكلام عليه، وسأذكر كلامه مفصلاً في مواضع من هذا البحث، وأختصر منه ما يتم به بيان هذا الاختلاف فأقول: لقد روى هذا الحديث عن أبي بردة عن أبيه من ثلاثة طرق.
أحدها: طريق أبي إسحاق وقد اشتهر عنه، واختلف عليه في وصلخ وإرساله.
فرواه إسرائيل ومن تابعه عن أ [ي إسحاق عن أ [ي بردة عن أ [يه متصلاً.
ورواه شعبة والثوري عن أ [ي إسحاق عن أ [ي بردة مرسلاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانيها: طريق يونس بن أبي إسحاق وقد اختلف فيه على يونس، فرواه أبو عبيدة عبد الواحد الحداد عن يونس عن أبي بردة عن أبيه، وتابعه أسباط بن محمد وقبيصة بن عقبة.
ورواه زيد بن حباب عن يونس عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه، وتابعه عيسى بن يونس والحسن بن قتيبة على ذكر إبي إسحاق، واختلافهم على يونس لا يضر، لأنه لقي أبا بردة وسمع منه، فلا مانع من روايته له على الوجهين.
وثالثها: طريق أبي حصين عن أبي بردة عن أبيه.
ونحن نذكر بعون اللّه وحسن توفيقه هذه الطرق والمتابعات مفصلة، ونذكر ما وقفنا عليه من أقوال العلماء في هذا الحديث.
الطريق الأول:
أما طريق أبي إسحاق فقال الإمام أحمد رحمه اللّه:
حدثنا وكيع وعبد الرحمن عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه قال: قال رسول اللّه ?: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
وقال الدارمي: أخبرنا مالك بن إسماعيل ثنا إسرائيل به ().
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، وما علمت على إسرائيل خلافاً في وصله لهذا الحديث، وقد رواه عنه غير واحد من الثقات.
قال أبو عبد اللّه الحاكم: فأما إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق الثقة الحجة في حديث جده أبي إسحاق فلم يختلف عنه في وصل هذا الحديث.
ثم أخرجه من طرق عن النضر بن شميل وهاشم () بن القاسم وعبيد اللّه بن موسى ومالك بن إسماعيل وأحمد بن خالد الوهبي وطلق بن غنام كلهم عن إسرائيل، به.
وقال: هذه الأسانيد كلها صحيحة ().
قلت: وقد رواه عن إسرائيل جماعة غير هؤلاء منهم محمد بن قدامة بن أعين وعبد اللّه بن رجاء ويزيد بن هارون وغيرهم ().
وقد تابع إسرائيل عن أبي إسحاق على وصله شريك بن عبد اللّه وقيس بن الربيع وزهير بن معاوية وأبو عوانة ويونس بن أبي إسحاق فيما رواه عنه بعض أصحابه، ونحن نذكر هذه المتابعات بأسانيدها.
المتابعات:
1ـ أما متابعة شريك بن عبد اللّه فقال الدارمي رحمه اللّه:
حدثنا علي بن حجر، أخبرنا شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي ? قال: ((لانكاح إلا بولي)) ().
قلت: وشريك سمع من أبي إسحاق قديماً كما قال الإمام أحمد.
وقال عثمان الدارمي: قلت ليحيى بن معين: شريك أحب إليك في أبي إسحاق أو إسرائيل قال: شريك أحب إليّ وهو أقدم، وإسرائيل صدوق، قلت: يونس بن أبي إسحاق أحب إليك أو إسرائيل قال: كل ثقة ().
2ـ وأما متابعة قيس بن الربيع فقال الطحاوي رحمه اللّه:
حدثنا فهد قال: حدثنا محمد بن الصلت الكوفي (ح) وحدثنا أحمد بن داود قال: حدثنا أبو الوليد قالا: حدثنا قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى أن النبي ? قال: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
وكذلك أخرجه البيهقي من طريق شبابة ومن طريق أبي الوليد كلاهما عن قيس بن الربيع به ().
3ـ وأما متابعة زهير بن معاوية فقال ابن الجارود رحمه اللّه:
حدثنا محمد بن سهل بن عسكر قال: حدثنا عمرو بن عثمان الرقي قال: حدثنا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى ? قال: قال رسول اللّه ?: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
وكذلك أخرجه البيهقي من طريق أبي الأزهر أحمد بن الأزهر، عن عمرو بن عثمان عن زهير به ().
قال البيهقي: تفرد به عمرو.
قلت: يعني عن زهير وهو ضعيف، لكن له عنه أحاديث صالحة كما قال ابن عدي.
4ـ وأما متابعة أبي عوانة فقال ابن ماجة رحمه اللّه:
حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب حدثنا أبو عوانة حدثنا أبو إسحاق الهمداني، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: قال رسول اللّه ?: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
قلت: ورجاله رجال الشيخين غير محمد بن عبد الملك فهو من رجال مسلم، وقد تابعه أبو داود وأبو الوليد الطيالسيان وقتيبة بن عسيد وسعيد بن منصور وغير واحد من الثقات عن أبي عوانة، عن أبي إسحاق ().
وخالفهم مُعلّى بن منصور فقال: عن أبي عوانة عن إسرائيل، عن أبي إسحاق.
ورواه مرة فقال: عن أبي عوانة عن أبي إسحاق، فذكر الحديث.
وفي آخره قال مُعلّى: ثم قال لي أبو عوانة بعد ذلك: لم أسمعه من أبي إسحاق بيني وبينه إسرائيل ().
قلت: قد صرح أبو عوانة أن أبا إسحاق حدثه به كما رواه ابن ماجة عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب عنه ().
وقد تابعه جماعة من الثقات فلم يذكر أحد منهم هذا القول غير مُعلّى وحده.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومُعلّى وإن كان ثقة فقد تكلم فيه الإمام أحمد قال الميموني عنه: ما كتبت عن مُعلّى شيئاً قط، وكذا قال الأثرم عنه، وقال أبو طالب عن أحمد: كان يحدث بما وافق الرأي وكان كل يوم يخطئ في حديثين وثلاثة، وقال أبو حاتم الرازي: قلت لأحمد: كيف لم تكتب عن مُعلّى قال: كان يكتب الشروط، ومن كتبها لم يخل من أن يكذب ().
5ـ وأما متابعة يونس بن أبي إسحاق، فقد تقدم أن الترمذي رواه عن عبد اللّه بن أبي زياد، عن زيد بن حباب، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق.
وكذلك رواه عيسى بن يونس عن أبيه، عن جده أبي إسحاق، وكذا رواه الحسن بن قتيبة عن يونس عن أبي إسحاق، كذا أخرجه الحاكم من طريق قتيبة.
وأخرجه البيهقي عن شيخه أبي عبد اللّه الحاكم كذلك، ثم أخرجه عن شيخه أبي زكريا بن أبي إسحاق بهذا الإسناد فأسقط منه أبا إسحاق، وسيأتي تفصيل هذا الاختلاف وبيانه فيما بعد.
قال البيهقي بعد ما رواه من رواية الحاكم الآنفة الذكر: كذا قال "عن أبي إسحاق"، وكذلك رواه حجاج بن محمد وزيد بن الحباب عن يونس، وكذلك قاله عيسى بن يونس، عن أبيه، عن أبي إسحاق.
ثم قال: أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنبأنا مكرم بن أحمد بن مكرم القاضي ببغداد أنبأنا أبو الوليد محمد بن أحمد بن برد الأنطاكي، ثنا الهيثم بن جميل الأنطاكي، ثنا عيسى بن يونس، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى ? قال: قال رسول اللّه ?: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
قلت: وممّا تقدم يتبين لنا أن أكثر أصحاب إسحاق وصلوا هذا الحديث عنه عن أبي بردة، عن أبيه، كما وصله غير هؤلاء ممّن رواه عن أبي إسحاق فقد قال الحاكم:
وقد وصل هذا الحديث عن أبي إسحاق جماعة من أئمة المسلمين غير من ذكرناهم منهم أبو حنيفة النعمان بن ثابت ورَقْبَةُ بن مصقلة العبدي ومطرف بن طريف الحارثي وعبد الحميد بن الحسن الهلالي وزكريا بن أبي زائدة وغيرهم قد ذكرناهم في الباب ().
قلت: وقد أطلت البحث عن هذه الروايات فلم أقف على شيء منها إلا رواية أبي حنيفة فقد رواه عن أبي إسحاق عن أبي بردة، عن أبيه بمثل رواية الجماعة ().
مرسل شعبة والثوري:
وأما مرسل شعبة والثوري فقال الطحاوي رحمه اللّه:
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن النبي ? أنه قال: ((لا نكاح إلا بولي)).
حدثنا ابن مرزوق قال: حدثنا أبو عامر ـ هو العقدي ـ قال: حدثنا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن النبي ? مثله ().
وكذلك رواه عبد الرزاق، عن الثوري به ().
وستأتي رواية أبي داود الطيالسي، عن شعبة ().
قلت: وقد رُوي عنهما موصولاً، قال ابن الجارود رحمه اللّه:
حدثنا أبو بكر حمدان بن محمد بن رجاء بن السعدي ومحمد بن زكريا الجوهري قالا: حدثنا أبو كامل الفضيل () بن الحسين قال: حدثنا بشر بن منصور قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه، عن النبي ? قال: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
وكذلك رواه الطحاوي عن يزيد بن سنان، عن أبي كامل به ().
قلت: وهذا إسناد لا مطعن في رجاله ()، ولكن المحفوظ عن سفيان المرسل.
وأخرجه ابن حزم من طريق البزار قال: حدثنا محمد بنموسى الحرشي ()، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا شعبة بن الحجاج، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه، عن النبي ? قال: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
قلت: ومحمد بن موسى الحرشي ليّن كما قال الحافظ في التقريب.
وأخرجه الحاكم والبيهقي من طريق سليمان بن داود ـ هو الشاذكوني ـ حدثنا النعمان بن عبد السلام، عن شعبة وسفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى ? أن رسول اللّه ? قال: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
قال الحاكم: قد جمع النعمان بن عبد السلام بين الثوري وشعبة في إسناد هذا الحديث ووصله عنهما، والنعمان بن عبد السلام ثقة مأمون، وقد رواه جماعة من الثقات عن الثوري على حدة، وعن شعبة على حدة فوصلوه، وكل ذلك مخرج في الباب الذي سمعه مني أصحابي، فأغني ذلك عن إعادتهما.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال البيهقي: تفرد به سليمان بن داود الشاذكوني عن النعمان بن عبد السلام، وقد روي عن مؤمل بن إسماعيل وبشر بن منصور عن الثوري موصولاً، وعن يزيد بن زريع عن شعبة موصولاً، والمحفوظ عنهما غير موصول، والاعتماد على ما مضى من رواية إسرائيل ومن تابعه في وصل الحديث واللّه أعلم.
قلت: أما رواية بشر بن منصور فتقدمت، وكذلك رواية يزيد بن زريع، وأما رواية مؤمل فلم أقف عليها، وهذا يدل على أنه تابع بشراً عن سفيان على وصله.
وقد أخرجه الخطيب في تاريخه من طريق إسماعيل بن عمر القطريلي، حدثنا خالد بن عمرو الأموي قال: حدثنا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه فذكره ().
قلت: وخالد بن عمرو رماه ابن معين بالكذب، ونسبه صالح جزرة وغيره إلى الوضع، كذا قال الحافظ في التقريب.
وأخرجه الخطيب أيضاً في موضعين آخرين من تاريخه كلاهما من طريق الفضل بن عبد اللّه الهروي، حدثنا مالك بن سليمان، حدثنا شعبة وإسرائيل، فذكره موصولاً ().
قال الذهبي: الفضل بن عبد اللّه بن مسعود اليشكري الهروي عن مالك بن سليمان روى العجائب.
وقال أيضاً: مالك بن سليمان الهروي قاضي هراة عن إسرائيل وشعبة وغيرهما، قال العقيلي: فيه نظر، وكذا قال السليماني وضعفه الدارقطني ().
رأي الإمام الطحاوي:
قال الإمام الطحاوي بعد أن ذكر حديث عائشة "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها ... " من طريق عن الزهري، عن عروة عنها وأطال في تعليله وتأويله قال: واتحج أهل المقالة الأولى أيضاً لقولهم ـ يعني من احتج بحديث عائشة ـ بما حدثنا ... ثم ساقه من طريق إسرائيل موصولاً ثم قال: فكان من الحجة عليهم في ذلك أن هذا الحديث على أصلهم أيضاً لا تقوم حجة، وذلك أن من هو أثبت من إسرائيل وأحفظ منه ـ مثل سفيان وشعبة ـ وقد رواه عن أبي إسحاق منقطعاً ثم ساقه من طريق شعبة وسفيان عن أبي إسحاق عن أبي بردة مرسلاً ثم قال: فصار أصل هذا الحديث عن أبي بردة عن النبي ? برواية شعبة وسفيان وكل واحد منهما عندهم حجة على إسرائيل فكيف إذا اجتمعا جميعاً.
قال الطحاوي: فإن قالوا: فإن أبا عوانة قد رواه مرفوعاً كما رواه إسرائيل وذكروا في ذلك ما حدثنا فهد ... ثم ساقه من طريق أبي عوانة عن أبي إسحاق موصولاً ثم قال: قيل لهم: قد روي عن أبي عوانة هذا كما ذكرتم ولكنا نظرنا في أصل ذلك فإذا هو عن أبي عوانة عن إسرائيل عن أبي إسحاق فرجع حديث أبي عوانة أيضاً إلى حديث إسرائيل، ثم ساقه من طريق مُعلّى بن منصور الرازي عن أبي عوانة كذلك، ثم قال: فانتفى أن يكون عند أبي عوانة في هذا عن أ [ي إسحاق شيء.
قال الطحاوي: فإن قالوا: فإنه قد رواه قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق أيضاً كما رواه إسرائيل وذكروا في ذلك ما حدثنا فهد ... ثم أخرجه من طريق قيس بن الربيع عن أبي إسحاق موصولاً ثم قال: قيل لهم: صدقتم قد رواه قيس كما ذكرتم وقيس عندهم دون إسرائيل فإذا انتفى أن يكون إسرائيل مضاداً لسفيان وشعبة كان قيس أحرى أن لا يكون مضاداً لهما.
قال: فإن قالوا: فإن بعض أصحاب سفيان قد رواه عن سفيان مرفوعاً كما رواه إسرائيل وقيس وذكروا في ذلك ما حدثنا يزيد بن سنان ... ثم ذكره من طريق بشر بن منصور، عن سفيان موصولاً كما تقدم ثم قال: قيل لهم: قد صدقتم قد روى هذا بشر بن منصور عن سفيان كما ذكرتم ولكنكم لا ترضون من خصمكم بمثل هذا أن تحتجوا () عليه بما رواه بعض أصحاب سفيان أو أكثرهم عنه على معنى ويحتج هو عليكم بما رواه بشر بن منصور عن سفيان بما يخالف ذلك المعنى وتعدون المحتج عليكم بمثل هذا جاهلاً بالحديث، فكيف تسوغون أنفسكم على مخالفكم ما لا () يسوغونه عليكم؟ إن هذا لجور بيّن ().اهـ
وقبل الجواب عن هذا التعليل ينبغي أن يلاحظ عليه ما يأتي:
أولاً: لم يذكر رواية شريك ولا رواية زهير ولا رواية يونس، ولم يجب على هذه الروايات كما أجاب عن روايات إسرائيل وأبي عوانة وقيس وبشر بن منصور عن سفيان، وهذا يوهم أنه لم يروه متصلاً غير هؤلاء فكان يلزمه الجواب عنها.
ثانياً: وقد ذكر أن من هو أثبت من إسرائيل وأحفظ منه مثل سفيان وشعبة وقد رواه عن أبي إسحاق منقطعاً، وهذا يوهم أنه قد رواه غيرهما فأرسله، وليس الأمر كذلك.
مناقشة الإمام الطحاوي:
وبعد أن ذكرت كلام الطحاوي بتمامه على هذا البحث اتضح لي أن أناقشه في أربع فقرات:
(يُتْبَعُ)
(/)
الفقرة الأولى: قوله فكان من الحجة عليهم أن هذا الحديث على أصلهم لا تقوم به حجة وذلك أن من هو أحفظ من إسرائيل وأثبت منه قد رواه عن أبي إسحاق منقطعاً ـ إلى قوله ـ فصار أصل هذا الحديث عن أبي بردة عن النبي ? برواية شعبة وسفيان وكل واحد منهما عندهم حجة على إسرائيل فكيف إذا اجتمعا ().
والجواب عن هذا من ثلاثة أوجه:
1ـ زيادة الثقة مقبولة، وإسرائيل ثقة بل هو ثبت في أبي إسحاق.
2ـ وتابعه غير واحد من الثقات كما تقدم منهم الإمام أبو حنيفة، فهل له أن يرد رواية إمامه أو ينتقص من قدره.
3ـ ومع ذلك فقد روي هذا الحديث من غير طريق أبي إسحاق وهو طريق متصل كما سيأتي.
الفقرة الثانية:
قوله ((قد روى عن أبي عوانة هذا كما ذكرتم ولكنا نظرنا في أصل ذلك فإذا هو عن أبي عوانة عن إسرائيل عن أبي إسحاق ... )).
أقول: قد تقدم أنه لم يروه عن أبي عوانة هكذا غير مُعلّى بن منصور الرازي وأن الثقات خالفوه في ذلك فلم يذكروا أنه رواه عن إسرائيل وأن أبا عوانة صرح بسماعه من أبي إسحاق وأن الإمام أحمد ترك الرواية عن معلى لكثرة خطئه في الحديث.
الفقرةالثالثة:
قوله: ((قد رواه قيس كما ذكرتم وقيس عندهم دون إسرائيل فإذا انتفى أن يكون إسرائيل مضاداً لسفيان ولشعبة كان قيس أحرى أن لا يكون مضاداً لهما)).
الجواب عن هذه الفقرة هو:
1ـ نحن لا ننكر أن قيساً عندنا دون إسرائيل وأن إسرائيل أيضاً عندنا دون شعبة وسفيان، ولكن إسرائيل أثبت عندنا في أبي إسحاق من جميعا أصحابه.
قال محمد بن مخلد: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: إسرائيل في أبي إسحاق أثبت من شعبة والثوري.
وقال حجاج (بن محمد): قلنا لشعبة حدثنا حديث أبي إسحاق قال: سلوا عنها إسرائيل فإنه أثبت فيها مني ().
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: إسرائيل ثقة متقن من أتقن أصحاب أبي إسحاق ().
2ـ وقد ذكرنا في الجواب على الفقرة الأولى أن أكثر أصحاب أبي إسحاق قد رواه موصولاً، وسنذكر فيما بعد عدة أمور معتبرة لترجيح الوصل على الإرسال.
الفقرة الرابعة:
قوله: ((فإن قالوا: فإن بعض أصحاب سفيان قد رواه عن سفيان مرفوعاً كما رواه إسرائيل وقيس ـ إلى قوله ـ قيل لهم: قد صدقتم قد روى هذا بشر بن منصور عن سفيان كما ذكرتم، إلى آخر كلامه.
فالجواب عنه من وجوه:
1ـ ليست حجتنا ما رواه بشر بن منصور عن سفيان، ولكن ما رواه إسرائيل وغير واحد عن أبي إسحاق.
2ـ ورواية بشر إنما هي موافقة لروايات كثيرة موصولة فهي أيضاً صالحة للاحتجاج بها، وقد توبع بشر عن سفيان كما تقدم.
3ـ وكما أسلفت فإن الاعتماد في هذا الحديث على طرقه وشواهده الكثيرة وعلى تصحيح من صححه من أئمة الحديث وحفاظه كالبخاري والترمذي والذّهلي وابن المديني وغيرهم.
هل الراجح الوصل أو الإرسال؟
والذي يراه البخاري والترمذي ترجيح الوصل، فقد سئل البخاري عن حديث إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة، عن أبيه، عن النبي ? قال: ((لا نكاح إلا بولي)) فقال: الزيادة من الثقة مقبولة، وإسرائيل بن يونس ثقة، وإن كان شعبة والثوري أرسلاه فإن ذلك لا يضر الحديث ().
وقال الترمذي: رواية هؤلاء الذي رووا عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي ? ((لا نكاح إلا بولي)) عندي أصح، لأن سماعهم من أبي إسحاق في أوقات مختلفة وإن كان شعبة والثوري أحفظ وأثبت من جميع هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق هذا الحديث، فإن رواية هؤلاء عندي أشبه لأن شعبة والثوري سمعا هذا الحديث من أبي إسحاق في مجلس واحد ومما يدل على ذلك ما حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو داود قال: أنبأنا شعبة قال: سمعت سفيان الثوري يسأل أبا إسحاق: أسمعت أبا بردة يقول قال رسول اللّه ? ((لا نكاح إلا بولي)) فقال: نعم، فدل هذا الحديث على أن سماع شعبة والثوري عن أبي إسحاق () هذا الحديث في وقت واحد، وإسرائيل هو ثبت في أبي إسحاق سمعت محمد بن المثنى يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ما فاتني من حديث الثوري عن أبي إسحاق الذي فاتني إلا لما اتكلت به على إسرائيل لأنه كان يأتي به أتم ().اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: وحديث شعبة الذي استدل به الترمذي على أن سماعهما من أبي إسحاق وقع في مجلس واحد أخرجه البيهقي من طريق الحسن بن سفيان قال: سمعت أبا كامل الفضيل بن الحسين يقول: حدثنا أبو داود، عن شعبة فذكره وزاد في آخره: قال الحسن: ولو قال عن أبيه لقال نعم ().
قلت: ويستخلص مما تقدم أمور:
الأول: أن البخاري والترمذي يرجحان الوصل على الإرسال.
الثاني: أن ابن مهدي يقدم إسرائيل في أبي إسحاق على سفيان الثوري.
الثالث: أن الذين وصلوه جماعة وقد سمعوه من أبي إسحاق من لفظه في أوقات مختلفة.
الرابع: أن سماع شعبة وسفيان لهذا الحديث من أبي إسحاق كان في مجلس واحد، وهذا السماع ليس من لفظ أبي إسحاق وإنما كان عرضا عليه من سفيان وشعبة يسمع بخلاف رواية الجماعة فإنها محمولة على السماع من لفظه كما صرح به أبو عوانة قال: حدثنا أبو إسحاق، فلا شك أن رواية الجماعة أولى بالترجيح.
الخامس: أن هذا الحديث رواه يونس بن أبي إسحاق عن أبيه ويونس قديم السماع من أبي إسحاق، ورواه إسرائيل كذلك عن جده أبي إسحاق وهو من أثبت الناس في حديثه حتى قال ابن مهدي: إنه يحفظ كما يحفظ الحمد، ولا شك أن آل الرجل أعلم بحديثه من غيرهم.
ولذلك فإن الراجح في نظري هو الوصل، كما ذهب إليه البخاري والترمذي.
الطريق الثاني:
وأما طريق يونس بن أبي إسحاق فقال الإمام أحمد رحمه اللّه: حدثنا عبد الواحد الحداد قال: حدثنا يونس، عن أبي بردة، عن أبي موسى أن النبي ? قال: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
وقال الإمام أحمد: حدثنا أسباط بن محمد، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه (ح) () ويزيد بن هارون قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه قال: قال رسول اللّه ?: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
قلت: وهذا إسناد صحيح، لأن يونس تابع أباه على روايته، عن أبي بردة، عن أبيه كما ترى، ولأن أبا عبيدة ـ وهو عبد الواحد بن واصل الحداد ـ قد رواه عن يونس، وتابعه عليه أسباط بن محمد وهما ثقتان.
ثم وجدت لهما متابعاً ثالثاً قال ابن الجارود رحمه اللّه: حدثنا محمد بن سهل بن عسكر قال: حدثنا قبيصة ـ وهو ابن عقبة ـ قال: حدثنالا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري ? قال: قال رسول اله ?: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
وكذلك أخرجه الحاكم منطريق محمد بن سهل بن عسكر به وزاد قال ابن عسكر: فقال لي قبيصة بن عقبة: جاءني علي بن المديني فسألني عن هذا الحديث فحدثته به فقال علي بن المديني: قد استرحنا من خلاف أبي إسحاق ().
قال الحاكم: لست أعلم بين أئمة هذا العلم خلافاً على عدالة يونس بن أبي إسحاق وأن سماعه من أ [ي بردة مع أبيه صحيح، ثم لم يختلف على يونس في وصل هذا الحديث، ففيه الدليل الواضح أن الخلاف الذي وقع على أبيه فيه من جهة أصحابه لا من جهة أبي إسحاق واللّه أعلم.
قلت: لكن قد ذكر الترمذي أنه قد روي عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي ? () يعني مرسلاً.
ولكن لم أقف على من رواه عنه هكذا، ولا على من ذكر ذلك غير الترمذي.
وقد رواه أبو عبيدة وأسباط بن محمد وقبيصة بن عقبة عن يونس عن أبي بردة عن أبيه متصلاً، ورواه عيسى بن يونس وزيد بن حباب وحجاج بن محمد عن يونس عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه متصلاً، وقد ذكرنا روايتهم مفصلة إلا رواية حجاج فلم أقف عليها وإنما أشار إليها البيهقي كما تقدم، وقد اختلف فيه على الحسن بن قتيبة كما سأذكره قريباً.
وقد ذكر الترمذي أمراً آخر وهو قوله: ورواه أسباط بن محمد وزيد بن حباب عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي ?.
قلت: أما رواية زيد بن حباب فهي كذلك، وقد أخرجها الترمذي نفسه كما سبق، وأما رواية أسباط بن محمد فليس فيها ذكر أبي إسحاق فقد رواها أحمد عنه عن يونس عن أبي بردة عن أبيه وقد تقدمت، وكذلك أخرجها الحاكم وعنه البيهقي من طريق الحسن بن محمد بن الصباح عن أسباط وسأذكر هذه الرواية بسندها.
قال الحاكم رحمه اللّه: أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه، قال: حدثنا الحارث بن محمد قال: حدثنا الحسن بن قتيبة قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأخبرني أبو قتيبة سلم () بن الفضل الآدمي بمكة قال: حدثنا القاسم بن زكريا المقرئ قال: حدثنا الحسن بن محمد بن الصبّاح قال: حدثنا أسباط بن محمد () قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى ? قال: قال رسول اللّه ?: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
وكذلك رواه البيهقي عن الحاكم به قوال: وهذا بخلاف رواية أبي زكريا عن أحمد بن سلمان، وكأن شيخنا أبا عبد اللّه حمل حديث ابن قتيبة على حديث أسباط، فحديث أسباط كذلك رواه أبو بكر بن زياد عن الحسن بن محمد الصبّاح دون ذكر أبي إسحاق فيه.
قلت: ورواية أبي زكريا التي قال البيهقي أنها تخالف رواية أبي عبد اللّه الحاكم أخرجها البيهقي قبلها بأسطر فقال:
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال: أنبأنا أحمد بن سلمان الفقيه قال: حدثنا الحارث بن محمد قال: حدثنا الحسن بن قتيبة قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى ? قال: قال رسول اللّه ?: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
ويستخلص مما تقدم أن البيهقي روى هذا الحديث عن شيخيه أبي زكريا وأبي عبد اللّه كلاهما عن أحمد بن سلمان عن الحارث بن محمد عن الحسن بن قتيبة عن يونس، فأبو زكريا قال: عن أبي إسحاق والحاكم لم يذكره ثم اتفقا عن أبي بردة عن أبيه.
وكأن البيهقي يرجح رواية أبي زكريا على رواية أبي عبد اللّه، ولذلك اعتذر عن شيخه أبي عبد اللّه بقوله: وكأنّ شيخنا أبا عبد اللّه حمل حديث ابن قتيبة على حديث أسباط يعني أن الحاكم أسند حديث الحسن عن يونس ثم أسند حديث أسباط عن يونس عن أبي بردة عن أبيه فذكره ولم يميز حديث الحسن بذكر أبي إسحاق فيه وإنما أدرجه مع حديث أسباط.
أما أبو زكريا فرواه عن شيخ الحاكم بنفس الإسناد عن الحسن بن قتيبة عن يونس عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه ولم يتعرض لحديث أسباط فلعله حفظه هذا ما يستفاد من قول البيهقي.
ولست أرى أن الترجيح لإحدى الروايتين على الأخرى إلا إذا وجدت من رواه عن الحسن من غير هذا الطريق، وقد أطلت البحث فلم أجده من طريق آخر وعلى كل حال فالحديث محفوظ عن يونس على الوجهين كما تقدم ذكره.
ولا شك أن يونس بن أبي إسحاق لقي أبا بردة وسمع منه، وممّا يدل على ذلك ما رواه الدارمي بسند صحيح قال رحمه اللّه: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق قال: حدثني أبو بردة بن أبي موسى عن أبي موسى قال: قال رسول اللّه ?: ((تستأمر اليتيمة في نفسها فإن سكتت فقد أذنت وإن أبت لم تكره)) ().
قلت: فقد صرح يونس بسماعه من أبي بردة كما ترى فلا مانع من روايته لحديث "لا نكاح إلا بولي" تارة عن أ [ي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه، وتارة عن أبي بردة عن أبيه ().
الطريق الثالث:
قال الحاكم رحمه اللّه:
وممّن وصل هذا الحديث عن أبي بردة نفسه أبو حَصِين () عثمان بن عاصم الثقفي، حدثناه أبو علي الحافظ قال: أنبأنا أبو يوسف يعقوب بن خليفة بن حسان الأيلي بالأيلة، وصالح بن أحمد بن يونس وأبو العباس الأزهري قالوا: حدثنا أبو شيبة () بن أبي بكر بن أبي شيبة قال حدثنا خالد بن يزيد الطبيب قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي بردة عن أبي موسى قال: قال رسول اللّه ?: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
قلت: وهذا إسناد حسن رجاله كلهم موثقون، أبو شيبة إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة قال أبو حاتم: صدوق، وقال الخليلي: كان ثقة روى عنه الحفاظ، وقال مسلمة بن قاسم: كوفي ثقة، وأغرب بن القطان فزعم أنه ضعيف، وكأنّه اشتبه عليه بجده، وذكر البيهقي في السنن حديثاً من طريقه وقال: الحمل فيه على أبي شيبة فيما أظن، ووهم في ذلك وكأنه ظنّه جده إبراهيم بن عثمان فهو المعروف بأبي شيبة أكثر ممّا يعرف بها هذا وهو الضعيف ().
وخالد بن يزيد الطبيب أبو الهيثم المقرئ قال أبو حاتم: صدوق، وقال يعقوب بن سفيان: كان ثقة، وقال الحاكمعن الدارقطني: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطئ ويخالف ().
وأبو بكر بن عياش مشهور بكنيته والأصح أنها اسمه، ثقة عابد إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح وروايته في مقدمة مسلم ().
وأبو حصين عثمان بن عاصم بن حصين ثقة ثبت سني وربما دلس ().
أقوال العلماء في هذا الحديث
قال الترمذي في العلل:
(يُتْبَعُ)
(/)
حديث أبي بردة عن أبي موسى عندي واللّه أعلم أصح، وإن كان سفيان الثوري وشعبة لا يذكران فيه عن أبي موسى، لأنه قد دل في حديث شعبة أن سماعهما جميعاً في وقت واحد، وهؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى سمعوا في أوقات مختلفة.
وقال: يونس بن أبي إسحاق قد روى هذا عن أبيه، وقد أدرك يونس بعض مشايخ أبيه فهو قديم السماع وإسرائيل قد رواه وهو أثبت أصحاب أبي إسحاق بعد شعبة والثوري ().
وقال الحاكم في المستدرك:
سمعت أبا نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى يقول: سمعت صالح بن محمد بن حبيب الحافظ يقول: سمعت علي بن عبد اللّه المديني يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: كان إسرائيل يحفظ حديث أبي إسحاق كما يحفظ الحمد.
سمعت أب الحسن بن منصور يقول: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق يقول: سمعت أبا موسى ـ هو ابن المثنى ـ يقول: كان عبد الرحمن بن مهدي يثبت حديث إسرائيل عن أبي إسحاق ـ يعني في النكاح بغير ولي ـ.
حدثني محمد بن عبد اللّه الشيباني، ثنا أحمد بن محمد بن الحسن ثنا حاتم بن يونس الجرجاني قال: قلت لأبي الوليد الطيالسي: ما تقول في النكاح بغير ولي؟ فقال: لا يجوز، قلت: ما الحجة في ذلك؟ فقال: حدثنا قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه، قلت: فإن الثوري وشعبة يرسلان؟ قال: فإن إسرائيل قد تابع قيساً.
حدثني محمد بن صالح بن هانيء ثنا محمد بن المنذر بن سعيد ثنا إسحاق بن إبراهيم بن جبلة سمعت علي بن المديني يقول: حديث إسرائيل صحيح في "لا نكاح إلا بولي".
سمعت أبا الحسن بن منصور يقول: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق الإمام يقول: سألت محمد بن يحيى عن هذا الباب فقال: حديث إسرائيل صحيح عندي فقلت له: رواه شريك أيضاً فقال: من رواه؟ فقلت: حدثنا به علي بن حجر وذكرت له حديث يونس عن أبي إسحاق وقلت له: رواه شعبة والثوري عن أبي إسحاق عن أ [ي بردة عن النبي ? قال: نعم هكذا روياه، ولكنهم كانوا يحدثون بالحديث فيرسلونه حتى يقال لهم: عمن؟ فيسندونه ().اهـ
الخلاصة:
وخلاصة القول أن حديث أبي موسى حديث صحيح متصل لا يقدح في صحته الإرسال لأمور أذكر منها:
1ـ لقد رواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه متصلاً وهو ثبت في أبي إسحاق بل هو أثبت فيه من شعبة والثوري كما قال ابن مهدي وقال أيضاً: كان يحفظ حديث أبي إسحاق كما يحفظ الحمد.
2ـ وقد وثقه البخاري وقبل زيادته فقال: زيادة الثقة مقبولة، وإسرائيل بن يونس ثقة وإن كان شعبةوالثوري أرسلاه فإن ذلك لا يضر الحديث والبخاري مقدم على غيره في معرفة هذا الفن.
3ـ ولقد تابع إسرائيل على وصله لهذا الحديث جماعة من الثقات فتابعه شريك بن عبد اللّه وقد سمع من أبي إسحاق قديماً كما قال الإمام أحمد، وتابعه كذلك أبو عوانة وهو ثقة، وقد صرح بسماعه من أبي إسحاق فلا يضره ما أعله به الطحاوي من أنه لم يسمعه منه.
4ـ ولقد سمع هؤلاء وغيرهم هذا الحديث من أبي إسحاق في مجالس متعددة، بينما سمعه منه شعبة وسفيان في مجلس واحد، فدل ذلك على أن سماعهم أولى بالترجيح كما أشار إليه الترمذي.
5ـ ولقد رواه يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى متصلاً وسماعه من أبي بردة صحيح، وقد قال ابن المديني لما بلغه حديث يونس عن أبي بردة عن أبيه: قد استرحنا من خلاف أبي إسحاق.
فإن قيل: يونس قد رواه عن أبي إسحاق أيضاً؟.
قلنا: نعم قد صح عندنا عن يونس على الوجهين، وذلك لا يضر.
6ـ ولقد وصله أبو حصين عن أبي بردة عن أبيه فهذا طريق ليس فيه اختلاف وسنده حسن.
7ـ ولقد حكم لهذا الحديث بالصحة غير واحد من الأئمة الحفاظ فقد صححه الذهلي وابن المديني وأثبته ابنمهدي واحتج به أبو الوليد الطيالسي ورجّح البخاري والترمذي تصحيحه، وصححه بعد هؤلاء ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم.
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 07:10]ـ
2ـ حديث أبي هريرة
وأما حديث أبي هريرة ? فقال ابن ماجة رحمه اللّه: حدثنا جميل بنالحسن العتكي، حدثنا محمد بن مروان العقيلي، حدثنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه ?: ((لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها)) ().
وكذلك أخرجه البيهقي والدارقطني من طريق جميل بن الحسن به ().
قلت: وتابعه مخلد بن حسين، عن هشام بن حسان على رفعه.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال البيهقي: أخبرنا أبو سعيد عثمان بن عبدوس بن محفوظ الفقيه، حدثنا أبو محمد يحيى بن منصور القاضي، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا مسلم بن عبد الرحمن الجرمي، حدثنا مخلد بن حسين، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة ? عن النبي ? قال: ((لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها، إن البغية التي تزوج نفسها)) ().
قال الحسن: وسألت يحيى بن معين عن رواية مخلد بن حسين عن هشام بن حسان فقال: ثقة، فذكرت له هذا الحديث قال: نعم قد كان شيخ عندنا يرفعه عن مخلد.
قلت: وتابعهما عن هشام على رفعه عبد السلام بن حرب دون الجملة الأخيرة ().
قال البيهقي: حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي إملاء، حدثنا القاضي أبو محمد يحيى بن منصور، حدثنا أبو عمرو أحمد بن المبارك المستملي، حدثنا يحيى بن موسى ختّ ()، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة ? قال: قال رسول اللّه ?: ((لا تنكح المرأة المرأة، ولا تنكح المرأة نفسهها))، قال أبو هريرة ?: كنّا نعدّ التي تنكح نفسها هي الزانية ().
قال البيهقي: وكذلك رواه هنّاد بن السري وعبيد بن يعيش عن المحاربي.
قلت: وخالفه الأوزاعي عن ابن سيرين فلم يرفعه.
قال البيهقي: أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ وأبو عبد اللّه إسحاق بن محمد بن يوسف السدوسي وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو سعيد بن أبي عمرو وأبو صادق بن أبي الفوارس قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نصر، حدثنا بشر بن بكر، أنبأنا الأوزاعي، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة ? قال: ((لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها)) ().
قال البيهقي: هذا موقوف، وكذلك قاله ابن عيينة عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، وعبد السلام بن حرب قد ميّز المسند من الموقوف، فيشبه أن يكون قد حفظه.
قلت: وأخرجه الدارقطني من طريق محمد بن الصباح، حدثنا حفص بن غياث، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: كنّا نتحدث أن التي تنكح نفسها هي الزانية ().
حديث آخر لأبي هريرة
وقد روي عنه من طرق أخرى بلفظ: "لا نكاح إلا بولي" وفي بعضها "وشاهدي عدل".
قال ابن حبان رحمه اللّه: أخبرنا عبد اللّه بن أحمد بن موسى، حدثنا هلال بن بشر، حدثنا أبو عتّاب الدلال، حدثنا أبو عامر الخزّاز ()، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه ?: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
قلت: ورجاله ثقات غير أبي عامر هذا، وهو صالح بن رستم، وقد وثقه غير واحد، وليس بالقوي ().
وأخرجه الخطيب والبيهقي من طرق عن يعقوب بن الجراح، حدثنا المغيرة بن موسى المزني البصري، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة ? عن النبي ? قال: ((لا نكاح إلا بولي وخاطب وشاهدي عدل)) ().
قال أبو أحمد ـ هو ابن عدي ـ: حدثنا الجنيدي، حدثنا البخاري قال: مغيرة بن موسى بصري منكر الحديث، قال أبو أحمد: المغيرة بن موسى في نفسه ثقة.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: منكر الحديث، شيخ مجهول ().
وأخرجه الخطيب في تاريخه وابن عدي في الكامل والطبراني في الأوسط من طريق سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه ?: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، والسلطان ولي من لاولي له)) ().
وسليمان بن أرقم متروك.
وأخرجه الطبراني أيضاً من طريق عمر بن قيس وهو المكي، عن الزهري به بلفظ ((لا تنكح المرأة إلا بإذن ولي)).
وعمر متروك أيضاً.
الخلاصة:
قلت: ويستخلص مما تقدم أن حديث أبي هريرة الأول اختلف في رفعه ووقفه على ابن سيرين.
فرواه محمد بن مروان العقيلي ومخلد بن حسين، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعاً.
ورواه بشر بن بكر، عن الأوزاعي، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة موقوفاً.
ويقول البيهقي: إن ابن عيينة رواه عن هشام فلم يرفعه.
ورواه عبد السلام بن حرب، عن هشام فرفعه دون قوله "فإن الزانية هي التي تزوّج نفسها".
ورواه حفص بن غياث عن هشام فذكر هذه الجملة موقوفة دون أن يذكر أول الحديث.
والظاهر أن البيهقي يرجّح الرفع لأن عبد السلام قد ميّز المسند من الموقوف.
(يُتْبَعُ)
(/)
والراجح في نظري هو الرفع لأن عبد السلام ثقة ولم يتفرد برفعه عن هشام وإنما ميّز الجملة المدرجة في آخره.
أما حديثه الثاني بلفظ "لا نكاح إلا بولي" فقد روي من طريقين يعضد أحدهما الآخر، فالحديث حسن بهذا اللفظ.
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 07:57]ـ
3ـ حديث عائشة
وأما حديث عائشة رضي اللّه عنها فقال الحاكم رحمه اللّه: أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو، حدثنا محمد بن معاذ، وأخبرنا عبد الرحمن حمدان الجلاب بهمدان، حدثنا محمد بن الجهم السمري قالا: حدثنا أبو عاضم الضحاك بن مخلد، حدثنا ابن جريج قال: سمعت سليمان بن موسى يقول: حدثنا الزهري قال: سمعت عروة يقول: سمعت عائشة رضي اللّه عنها تقول: سمعت رسول اللّه ? يقول: ((أيما امرأة نكحت () بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن أصابها فلها مهرها بما أصابها، وإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له)) ().
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
قلت: أما كونه حديث صحيح فهو كما قال، وأما كونه على شرط الشيخين فليس كذلك، لأن سليمان بن موسى لم يحتج به البخاري، وإنما احتج به مسلم في المقدمة، وهو ثقة كما سأذكره إن شاء اللّه.
وقد حكم له الحاكم بالصحة لتصريح رواته بسماع بعضهم من بعض، على أنه لا يعرف فيهم من يتهم بالتدليس سوى ابن جريج وقد صرح بسماعه من سليمان بن موسى، وسليمان بن موسى صرح بسماعه من الزهري وهو غير مدلس ولكن قال ابن علية عن ابن جريج أنه لقي الزهري بعد ذلك فسأله عنه فلم يعرفه وأثنى على سليمان.
وإنما وافقت الحاكم على تصحيحه لهذا الحديث لأن الزهري لم يجزم بإنكاره له، ولأن سليمان بن موسى ثقة وقد توبع عن الزهري فيجب قبول خبره وإن نسي من أخبره به على ما هو المشهور عند المحدثين.
قال الحاكم: وقد تابع أبا عاصم على ذكر سماع ابن جريج من سليمان بن موسى وسماع سليمان بن موسى من الزهري عبدُ الرزاق بن الهمام ويحيى بن أيوب وعبد اللّه بن لهيعه وحجاج بن محمد المصيصي.
قلت: ثم أخرجه من طرق عنهم غير أنه لم يخرجه من طريق ابن لهيعة فقال:
أما حديث عبد الرزاق فحدثناه محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أحمد بن سلمة ومحمد بن شاذان، وحدثنا أبو علي الحافظ، حدثنا عبد اللّه بن محمد قالوا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأنا عبد الرزاق، أنبأن ابن جريج، أخبرني سليمان بن موسى أن الزهري أخبره أن عروة بن الزبير أخبره أن عائشة رضي اللّه عنها أخبرته عن رسول اللّه ? نحوه ().
وأما حديث يحيى بن أيوب فحدثناه أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد قال: قرا عليّ محمد بن إسماعيل السلمي وأنا أسمع حدثنا سعيد بن أبي مريم، أنبأنا يحيى بن أيوب، حدثني ابن جريج أن سليمان بن موسى الدمشقي حدثه، أخبرني ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: قال رسول اللّه ?: ((لا تنكح المرأة بغير إذن وليها، فإن نكحت فنكاحها باطل)) ثلاث مرات ((فإن أصابها فلها مهرها بما أصاب منها، فغن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له)) ().
وأما حديث حجاج بن محمد فحدثناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنبأنا إسماعيل بن قتيبة، وأخبرني أبو يحيى أحمد بن محمد السمرقندي، حدثنا أبو عبداللّه محمد بن نصر، وأخبرني أبو عمرو بن جعفر العدل، حدثنا إبراهيم بن علي الذهلي قالوا: حدثنا يحيى بن يحيى، أنبأنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، أخبرني سليمان بن موسى أن ابن شهاب أخبره أن عروة أخبره أن عائشة رضي اللّه عنها أخبرته أن النبي ? قال: ((أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ولها مهرها بما أصاب منها فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له)) ().
قال الحاكم: فقد صحّ وثبت بروايات الأئمة الأثبات سماع الرواة بعضهم من بعض فلا تعلّل هذه الروايات بحديث ابن علية وسؤاله ابن جريج عنه وقوله: إني سألت الزهري عنه فلم يعرفه فقد ينسى الثقة الحافظ الحديث بعد أن حدّث به، وقد فعله غير واحد من حفاظ الحديث.
قلت: لقد ساق الحاكم هذا الحديث بأسانيد صحيحة عن ابن جريج ليس فيها ما ينبغي أن نتعقبه عليه بكلام، غير أن يحيى بن أيوب الغافقي فيه كلام من قبل حفظه وهو صدوق استشهد به البخاري ووثقه احتج به مسلم ().
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا الإسناد الذي ساقه الحاكم من طريقه إسناد صحيح، لأنه تابع غيره عن ابن جريج بمثل روايتهم عنه فوجب تصحيح حديثه.
روالية ابن علية لهذا الحديث
وحديث ابن علية الذي أشار إليه الحاكم رواه الإمام أحمد في مسنده فقال رحمه اللّه:
حدثنا إسماعيل ـ هو ابن علية () ـ حدثنا ابن جريج قال: أخبرني سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: قال رسول اللّه ?: ((إذا نكحت المرأة بغير أمر مولاها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن أصابها فلها مهرها بما أصاب منها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له)).
قال ابن جريج: فلقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه، قال: وكان سليمان بن موسى وكان فأثنى عليه ().
قال عبد اللّه ـ هو ابن أحمد ـ قال أبي: السلطان، القاضي، لأن إليه أمر الفروج والأحكام.
قلت: والمولى هو الولي، قال أبو عبيد: المولى عند كثير من الناس هو ابن العم خاصة، وليس هو كذلك، ولكنه الولي، فكل ولي للإنسان فهو مولاه/ مثل الأب والأخ وابن الأخ والعم وابن العم وما وراء ذلك من العصبة كلهم، ومنه قوله تعالى {وإنّي خفت الموالي من ورائي}، قال: وممّا يبين لك أن المولى كل ولي، حديث النبي ?: ((أيما امرأة نكحت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل)) أراد بالمولى الولي، وقال اللّه تعالى {يوم لا يغني مولى عن مولى شيئاً}، أفتر إنما عنى ابن العم خاصة دون سائر أهل بيته ().
تخريج طرق هذا الحديث
ولهذا الحديث طرق عديدة عن ابن جريج، فهو مشهور عنه.
قال الحافظ في التلخيص: وعدّ أبو القاسم بن مندة عدّة من رواه عن ابن جريج فبلغوا عشرين رجلاً ().
قلت: بل هم أكثر من ذلك، وأكثرهم حفاظ كبار، ولعل من المناسب هنا أن نذكر أسماء الذين وقفت على روايتهم عن ابن جريج، وكذلك لم أقف على روايتهم وإنما وقفت على قول من أثبت لهم الرواية عنه من الحفاظ مرتباً أسماءهم على حروف المعجم مع الإشارة إلى موضع كل رواية وقفت عليها، وهذا بحق يعتبر تخريجاً للحديث وتحقيقاً له.
1. إسماعيل بن علية، روايته عند أحمد في مسنده (6/ 47).
2. بشر بن المفضل، روايته عند ابن عدي في الكامل ().
3. حجاج بن محمد، روايته عند البيهقي (7/ 105)،والحاكم (2/ 168).
4. حفص بن غياث، روايته عند ابن حبان، انظر الموارد (1247).
5. خالد بن الحارث، أشار إلى روايته ابن حبان ().
6. سعيد بن سالم، روايته عند الشافعي في مسنده (ص275).
7. سفيان الثوري، روايته عند أبي داود في سننه (2083).
8. سفيان بن عيينة، روايته عند الحميدي (328)، والترمذي (1102).
9. الضحاك بن مخلد، روايته عند الدارمي (2190)،والحاكم (2/ 168).
10. عبد اللّه بن رجاء، روايته في مسند الحميدي أيضاً (328).
11. عبد اللّه بن المبارك، أشار إلى روايته أبو نعيم في الحلية (6/ 88).
12. عبد اللّه بن وهب، روايته عند الطحاوي (3/ 7)، والبيهقي (7/ 105).
13. عبد الرزاق بن همام، روايته عند أحمد (6/ 165ـ166).
14. عبد المجيد بن عبد العزيز، روايته عند الشافعي (ص220).
15. عبيد اللّه بن موسى، روايته عند البيهقي (7/ 113).
16. عيسى بن يونس، روايته عند البيهقي أيضاً (7/ 125).
17. الليث بن سعد، أشار إلى روايته ابن عدي ().
18. مسلم بن خالد، روايته عند الشافعي أيضاً (ص220).
19. معاذ بن معاذ، روايته عند ابن ماجة في سننه (1879).
20. همام بن يحيى، روايته عند أبي داود الطيالسي (1553).
21. يحيى بن أيوب، روايته في المستدرك (2/ 168).
22. يحيى بن سعيد الأموي، روايته في السنن الكبرى (7/ 125).
23. يحيى بن سعيد الأنصاري، روايته عند الطحاوي (3/ 7).
وبعد أن خرّجت هذا الحديث باختصار وذكرت أسماء الرواة الذين رووه عن ابن جريج، أذكر ما يستفاد من هذا التخريج وما يستخلص منه فأقول:
1ـ لقد تبين لي أنه لم يتابع ابن علية عن ابن جريج على قوله "فلقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه" أحد ممّن روى هذا الحديث عن ابن جريج مع كثرة من رواه عنه، اللّهم إلا متابعاً واحداً هو بشر بن المفضل، وهو ثقة ثبت، ولكن في السند إليه سليمان بن داود الشاذكوني، وهو أضعف من كلّ ضعيف كما قال البخاري، فلا تعتبر هذه المتابعة لضعف سندها، وهي عند ابن عدي في الكامل كما سبق ذكره.
(يُتْبَعُ)
(/)
2ـ لقد نق الترمذي في أثناء كلامه على هذا الحديث قول ابن جريج هذا فقال: قال ابن جريج: ثم لقيت الزهري فسألته فأنكره ().
ولقد روى هذا القول عن ابن علية، عن ابن جريج الإمام أحمد وابن معين وأبو عبيد وزياد بن أيوب وإبراهيم بن موسى فلم يقل واحد منهم "فأنكره" وإنما قالوا: "فلم يعرفه" ().
وفي لفظ "لست أحفظه" ().
والظاهر أن الترمذي رحمه اللّه أخذ هذا اللفظ من رواية جعفر الطيالسي عن ابن معين فهي أقرب الروايات لفظاً لما نقله الترمذي ولكنها مروية بالمعنى كما يظهر من سياقها، وهذا طرف منها:
روى البيهقي من طريق جعفر الطيالسي قال: سمعت يحيى بن معين يوهن رواية ابن علية عن ابن جريج أنه أنكر معرفة حديث سليمان بن موسى، ثم ذكر الرواية بتمامها ().
وممّا يدلّ على أن هذه الرواية مرويّة بالمعنى أن أبا جعفر الطحاوي رواه عن أبي عمران، عن ابن معين فوافق فيه لفظ الجماعة كما تقدم الإشارة إليه في الحاشية، وكذلك رواه الدوري عن ابن معين وقد تقدم لفظه.
ويستخلص ممّا تقدم أن لفظ "فأنكره" غير محفوظ وإنما المحفوظ "فلم يعرفه".
3ـ وقع في موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان سقط فاحش في سند هذا الحديث ولم يستدرك في جدول تصويب الأخطاء المطبعية فيحتمل أن يكون خطأً مطبعياً، ويحتمل أن يكون وقع كذلك في أصله فقد وقع فيه هكذا: "يعلى بن عبيد، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سليمان بن موسى، عن عروة ... " ليس فيه ذكر ابن جريج ولا الزهري، وهذا سقط لا شك فيه، لأن أبا نعيم والطحاوي أخرجاه من طريق زهير بن معاوية، عن يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، قال أبو نعيم بعد أن أخرجه من هذا الطريق: ورواه يعلى بن عبيد وشجاع بن الوليد، عن يحيى بن سعيد، يعني كذلك ().
وقال الترمذي بعد أن أخرجه من طريق ابن عيينة، عن ابن جريج بهذا الإسناد: وقد روى يحيى بن سعيد الأنصاري ويحيى بن أيوب وسفيان الثوري وغير واحد من الحفّاظ عن ابن جريج نحو هذا ().
قلت: ولذلك جزمت بأنّه سقط من سنده "عن ابن جريج"، وكذلك سقط منه "عن الزهري" ().
أقوال العلماء في هذا الحديث
قال الحاكم رحمه اللّه: أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: وذكر عند ابن علية يذكر حديث ابن جريج في "لا نكاح إلا بولي" قال ابن جريج: فلقيت الزهري فسألته عنه فلم يعرفه، وأثنى على سليمان بن موسى، قال أحمد بن حنبل: إن ابن جريج له كتب مدونة وليس هذا في كتبه، يعني حكاية ابن علية عن ابن جريج ().
ثم قال الحاكم: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين يقول في حديث "لا نكاح إلا بولي" الذي يرويه ابن جريج فقلت له: إن ابن علية يقول: قال ابن جريج: فسألت عنه الزهري فقال: لست أحفظه فقال يحيى بن معين: ليس يقول هذا إلا ابن علية، وإنما عرض ابنعلية كتب ابن جريج على عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد فأصلحها له، (فقلت ليحيى: ما كنت أظن أن عبد المجيد هكذا فقال: كان أعلم الناس بحديث ابن جريج) ()، ولكن لم يبذل نفسه للحديث ().
وقال البيهقي بعد أن ذكر عن شيخه أبي عبد اللّه الحاكم ما تقدم: وأخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ قال: سمعت أبا إسحاق المزكي يقول: سمعت أبا سعيد محمد بن هارون يقول: سمعت جعفر الطيالسي يقول: سمعت يحيى بن معين يوهن رواية ابن علية عن ابن جريج أنه أنكر معرفة حديث سليمان بن موسى وقال: لم يذكره عن ابن جريج غير ابن علية وإنما سمع ابنعلية من ابن جريج سماعاً ليس بذاك، غنما صحح كتبه على كتب عبد المجيد بن عبد العزيز، وضعّف يحيى بن معين رواية إسماعيل عن ابن جريج جداً ().
وروى الخطيب البغدادي بسنده عن أبي بكر الأثرم قال: قلت لأبي عبد اللّه أحمد بن حنبل: يضعف الحديث عندك بمثل هذا أن يحدث الرجل الثقة بالحديث عن الرجل فيسأله عنه فينكره ولا يعرفه؟ فقال: لا، ما يضعف عندي بم**، فقلت: مثل حديث الولي، ومثل حديث اليمين مع الشهد، فقال: قد كان معتمر يروي عن أبيه، عن نفسه، (عن) عبد اللّه بن عمر، قلت لأبي عبد اللّه: من روى هذا عن معتمر؟ قال: بعض أصحابنا بلغني عنه ().
وروي من طريق الدارقطني قال: حدثنا محمد بن مخلد قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن سام قال: قلت لأبي عبد اللّه حبيش بن مبشّر الفقيه: حديث عائشة عن النبي ? "لا نكاح إلا بولي"؟ قال: يحيى بن معين يصححه، فإن اشتجروا فإن السلطان ولي من لا ولي له فقلت: هذا من كلام عائشة؟ فقال: لا، هذا من كلام النبي ? ولو لم يكن هذا الحديث ما كان السلطان ولي من لا ولي له عند الناس كلهم، فقلت: فابن جريج يقول: سألت الزهري عنه فلم يعرفه، فقال: نسي الزهري هذا الحديث كما نسي ابن عمر حديث صلاة القنوت، وكما نسي سمرة حديث العقيقة، ولم يقل هذا عن الزهري غير ابن علية عن ابن جريج كذا قال يحيى بن معين ().
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبوعبد اللّه محمد بن يعقوب، حدثنا أبو بكر بن رجاء، حدثنا محمد بن المصفى، حدثنا بقية، حدثنا شعيب بن أبي حمزة قال: قال لي الزهري: إن مكحول لا يأتينا وسليمان بن موسى وأيم الله إن سليمان بن موسى لأحفظ الرجلين ().
وروى من طريق أبي الحسن بن عبدوس قال: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قلت ليحيى بن معين: فما حال سليمان بن موسى في الزهري؟ فقال: ثقة ().
الإسناد
الإسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين غير سليمان بن موسى، وهو ثقة كما قال ابن معين وابن سعد والدارقطني وغيرهم، وقد أثنى عليه الزهري وابن جريج وعطاء وسعيد بن عبد العزيز، وستأتي ترجمته مفصّلة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 07:57]ـ
وقد أعلّ هذا الإسناد بما لا يقدح في صحته، وذلك أن ابن جريج قال: "فلقيت الزهري فسالته عن هذا الحديث فلم يعرفه" والجواب عن هذه العلّة هو:
أولاً: لم يذكر هذا القول عن ابن جريج غير ابن علية وحده، وفي سماعه منه ضعف كما قال ابن معين، وقال أحمد: إن ابن جريج له كتب مدونة وليس هذا في كتبه.
ثانياً: لقد رواه عن ابن جريج ما يزيد على عشرين رجلاً فلم يذكر أحد منهم هذا القول، وكلهم ثقات، وفيهم من هو أثبت في حديث ابن جريج من غيره، كحجاج بن محمد وعبد الرزاق ويحيى بن سعيد الأنصاري.
ثاثاً: على تقدير صحة هذا القول عن ابن جريج، فالجواب: أن الزهري قد نسي هذا الحديث بعد أن حدّث به، ولذلك لم يجزم بإنكاره له، وإنما قال: لست أعرفه، أو لست أحفظه أو نحو هذا، وهذا بخلاف ما إذا قال: ما رويت لك هذا، وما حدّثتك به وما أشبه ذلك فإنه حينئذ يكون جازماً بنفيه وإنكاره، وسيأتي تفصيل القول في هذه المسألة فيما بعد.
والذي يستخلص من أقوال المحدثين والفقهاء أن هذه العلة غير قادحة في صحة الحديث وأن العمل به واجب ().
رابعاً: وقد صرّح سليمان بن موسى بسماعه من الزهري كما صرح ابن جريج بسماعه من سليمان فيجب القول وهذه الحال أن الفرع جازم بروايته وأن الأصل غير جازم بنفيه.
خامساً: لم يتفرّد به سليمان بن موسى عن الزهري، فقد تابعه حجّاج بن أرطأة وجعفر بن ربيعة كما سيأتي ذكره على أن المتابعتين فيهما مقال، ولكن لا شك أنه يرتفع بهما الوهم عن سليمان بن موسى ويثبت بهما حديثه عن الزهري لا سيما متابعة جعفر.
نبذة من ترجمة سليمان بن موسى.
هو سليمان بن موسى الأموي مولاهم أبو أيوب ويقال أبو الربيع ويقال أبو هشام الدمشقي الأشدق فقيه أهل الشام في زمانه، أرسل عن جابر ومالك بن يخامر وأبي سيارة، وروى عن واثلة بن الأسقع وأبي أمامة وطاوس والزهري ةمكحول وعطاء وغيرهم.
وعنه ابن جريج وسعيد بن عبد العزيز والأوزاعي وجماعة.
قال سعيد بن عبد العزيز: سليمان بن موسى كان أعلم أهل الشام بعد مكحول.
وقال عطاء بن أبي رباح: سيد شباب أهل الشام سليمان بن موسى.
وقال الزهري: سليمان بن موسى أحفظ من مكحول.
وقال عثمان الدارمي عن دحيم: ثقة، وعن ابن معين: ثقة في الزهري.
وقال أبو حاتم: محله الصدق، وفي حديثه بعض الاضطراب، ولا أعلم أحداً من أصحاب مكحول أفقه منه ولا أثبت منه.
وقال البخاري: عنده مناكير.
وقال النسائي: أحدالفقهاء وليس بالقوي في الحديث، وقال في موضع آخر: في حديثه شيء.
وقال الدارقطني في العلل: من الثقات، أثنى عليه عطاء والزهري.
وقال ابن سعد: كان ثقة، أثنى عليه ابن جريج.
وقال ابن عدي: وسليمان بن موسى فقيه راو حدّث عنه الثقات، وهو أحد علماء أهل الشام، وقد روى أحاديث يتفرد بها لا يرويها غيره وهو عندي ثبت صدوق.
وقال يحيى بن معين ليحيى بن أكثم: سليمان بن موسى ثقة وحديثه صحيح عندنا.
وذكر العقيلي عن ابن المديني: كان من كبار أصحاب مكحول، وكان خولط قبل موته بيسير.
قال خليفة وغير واحد: مات سنة تسع عشر ومائة ().
قلت: وقد أخرج له مسلم في مقدمة صحيحه ().
حكم من روى حديثاً ثم نسيه.
قال ابو عمرو بن الصلاح رحمه الله: إذا روى ثقة عن ثقة حديثاً وروجع المروي عنه فنفاه فالمختار أنه إن كان جازماً بنفيه بأن قال: ما رويته، أو كذب عليّ أو نحو ذلك فقد تعارض الجزمان والجاحد هو الأصل، فوجد رد حديث فرعه ذلك، ثم لا يكون ذلك جرحاً له يوجب رد باقي حديثه، لأنه مكذب لشيخه أيضاً في ذلك، وليس قبول جرح شيخه له بأولى من قبول جرحه لشيخه فتساقطا.
أما إذا قال المروي عنه: لا أعرفه، أو لا أذكره أو نحو ذلك، فذلك لا يوجب رد رواية الراوي عنه.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال أبو عمرو: ومن روى حديثاً ثم نسيه لم يكن ذلك مسقطاً للعمل به عند جمهور أهل الحديث وجمهور الفقهاء والمتكلمين خلافاً لقوم من أصحاب أبي حنيفة صاروا إلى إسقاطه بذلك وبنوا عليه ردّهم حديث سليمان بن موسى عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي ? ((إذا نكحت المرأة بغير إذن وليها فنكاحها باطل ... )) الحديث، من أجل أن ابن جريج قال: لقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه، وكذا حديث ربيعة الرأي عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة أن النبي ? ((قضى بشاهد ويمين)) ()، فإن عبد العزيز بن محمد الداروردي قال: لقيت سهيلاً فسألته عنه فلم يعرفه.
قال ابن الصلاح: والصحيح ما عليه الجمهور، لأن المروي عنه بصدد السهو والنسيان، والراوي عنه ثقة جازم فلا يردّ بالاحتمال روايته، ولهذا كان سهيل بعد ذلك يقول: حدثني ربيعة عني عن أبي ويسوق الحديث.
وقد روى كثير من الأكابر أحاديث نسوها بعد ما حدثوا بها عن من سمعها منهم فكان أحدهم يقول: حدثني فلان عني عن فلان بكذا وكذا.
وجمع الحافظ الخطيب ذلك في كتاب أخبار من حدث ونسي ().اهـ
قلت: وقد حقق هذه المسألة أيضاً وأطال في تحقيقها في الكفاية فقد مثّل لها بما أخرجه من طريق الشافعي قال: أنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي معبد، عن ابن عباس قال: كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله ? بالتكبير.
قال عمرو بن دينار: ثم ذكرته لأبي معبد بعد فقال: لم أحدثكه، قال عمرو: قد حدثنيه، قال: وكان من أصدق موالي ابن عباس.
قال الشافعي: كأنه نسيه بعد ما قد حدثه إياه.
ومن طريق وهب بن جرير قال: أخبرنا شعبة قال: سمعت عبد الرحمن بن القاسم قال: كان زوج بريرة عبداً، قال شعبة: لقيته بواسط فسألته عنه فلم يعرفه.
ثم قال: وقد اختلف الناس في العمل بمثل هذا وشبهه، فقال أهل الحديث وعامّة الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وغيرهما وجمهور المتكلمين أن العمل به واجب إذا كان سامعه حافظ والنسي له بعد روايته عدل، وهو القول الصحيح.
وزعم المتأخرون من أصحاب أبي حنيفة أنه لا يجب قبول الخبر على هذا السبيل ولا العمل به، قالوا: ولهذا لزم إطراح حديث الزهري في المرأة تنكح بغير إذن وليها، وحديث سهيل بن أبي صالح في القضاء باليمين مع الشاهد، لأنهما لم يعترفا به لما ذكراه.
ثم أخرج هذين الحديثين ثم قال: والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه أنه إذا كان راوي الخبر الذي نسيه عدلاً والذي حفظه عنه عدلاً فإنهما لم يحدثا إلا بما سمعاه ولو احتملت حالهما غير ذلك لخرجا عن حكمالعدالة، (وكان السهو) () والنسيان غير مأمون على الإنسان، ولا يستحيل أن يحدثه وينسى أنه قد حدثه وذلك غير قادح في أمانته ولا تكذيب لمن روى عنه ().
وقال ابن حبّان:
وقد أوهم هذا الخبر من لم يحكم صناعة الحديث أنه منقطع بحكاية حكاها ابن علية، عن ابن جريج أنه قال: ثم لقيت الزهري فسألته عن ذلك فلم يعرفه، وليس هذا ممّا يقدح في صحة الخبر، لأن الضابط من أهل العلم قد يحدّث بالحديث ثم ينساه، فإذا سئل عنه لم يعرفه، فلا يكون نسيانه دالاً على بطلان الخبر، وهذا المصطفى ? خير البشرصلّى فسهى، فقيل له: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال: كل ذلك لم يكن، فلما جاز على ما اصطفاه الله لرسالته في أهم أمور المسلمين الذي هو الصلاة حين نسي، فما سألوه أنكر ذلك ولم يكن نسيانه دالاً على بطلان الحكم الذي نسيه، كان جواز النسيان على من دونه من أمّته الذين لم يكونوا بمعصومين أولى ().اهـ
قلت: وممّا يقوي حجة ابن حبّان هذه ما احتج به ابن حزم في المحلّى فقد قال بعد لأأن ذكر حكاية ابنعلية وجواب ابن معين عنها: فقد روينا من طريق مسلم بن الحجاج، حدثنا ابن نمير قال: قال لي عبدة وأبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أم المؤمنين رضي اللّه عنها قالت: كان النبي ? يسمع قراءة رجل في المسجد فقال: ((رحمه الله، لقد أذكرني آية كنت أنسيتها)).
ثم روى من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنالا وكيع، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن ذر بن عبد الله المرهبي، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، أن النبي ? صلّى الفجر فأغفل آية فلما صلى قال: ((أفي القوم أبي بن كعب؟)) فقال له أبي بن كعب: يا رسول الله أغفلت آية كذا أو نسخت؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ((بل أنسيتها)).
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن حزم: فإذا صح عن رسول الله أنه نسي آية من القرآن، فمن الزهري ومن سليمان ومن يحيى حتى لا ينسى، وقد قال ?: {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي} ().
تنبيه:
قوله "فمن الزهري ومن سليمان ومن يحيى حتى لا ينسى".
أما نسيان الزهري فهو المقصود بالبحث والتحقيق، وأما نسيان سليمان بن موسى ففيه بحث، واما نسيان يحيىفمن يحيى هذا الذي أراده ابن حزم؟ وما مناسبة ذكره هنا؟ وكيف تطرق النسيان إليه؟ ولعل الكلام يعود في ذلك كله إلى ما أخرجه ابن حزم قبل ذلك بأسطر من طريق عباس ـ هو الدوري ـ حدثنا يحيى بن معين: حديث ابن جريج هذا قال عباس: فقلت له: إن ابن علية يقول: قال ابن جريج (لسليمان بن موسى) () فقال: (نسيت بعد) () فقال ابن معين: ليس يقول هذا إلا ابن علية، وابن علية عرض كتب ابن جريج على عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد فأصلحها له، قال ابن معين: لا يصح في هذا إلا حديث سليمان بن موسى ().اهـ
ثم رجعت إلى تاريخ ابن معين فوجدت فيه كما في المحلى، وهذا بخلاف ما أخرجه الحاكم وعنه البيهقي عن أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم، عن الدوري، عن ابن معين، والظاهر أن العبارة فيها سقط وخلل فاحش، بل لا أشك أنها عبارة محرّفة ()، وأن ابن حزم توهّم فظنّ أن سليمان بن موسى نسيه أيضاً وليس الأمر كذلك:
لأن قو ابن علية هذا رواه عنه غير واحد كما مضى، وقد خرّجته في موضعه وذكرت عدّة من رواه عنه فراجعه ().
ولأن كلمة ابن معين التي وردت في آخر العبارة وهي قوله "لا يصح في هذا إلا حديث سليمان بن موسى" دالة على أن ابن معين إنما استثنى حديثه وصححه، لأنه يعلم أن سليمان هو المثبت للحديث وأن النسيان إنما وقع من غيره، وقد سئل ابن معين عن هذا الحديث وقول ابن علية فيه وعن حال سليمان بن موسى وروايته عن الزهري أكثر من سؤال فأجاب بأجوبة متّفقة لم تختلف إجابته ولم يتناقض رأيه في تصحيح هذا الحديث وتوثيق سليمان بن موسى والجواب عن قول ابن علية بما تقدّم، فدلّ ذلك على أن هذا الحرف الذي وقع لابن حزم من روايته عن إحدى نسخ التاريخ لابن معين إنما هو حرف محرّف لا شك فيه، وأن الصواب ما رواه الحاكم وعنه البيهقي من طريق أصل تلك النسخة، لأن كلتا الروايتين من طريق عباس بن محمد الدوري عن ابن معين، فرواية ابن حزم من طريق عباس بن أصبغ، حدثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن، حدثنا غيلان، حدثنا عباس، حدثنا يحيى بن معين فذكره، ورواية الحاكم عن أبي العباس الأصم، عن الدوري كما أسلفت، فهي أصحّ وأثبت عندي من التي قبلها، والله أعلم ().
رأي البيهقي وابن معين.
قال البيهقي رحمه الله: وأما الذي روى عن يحيى بن معين أنه أنكر حديث "لا نكاح إلا بولي" فإنه لا ينكر رواية سليمان بن موسى، إنما أنكر ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في تاريخ يحيى بن معين حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: قيل ليحيى بن معين في حديث عائشة رضي الله عنها "لا نكاح إلا بولي" فقال يحيى: ليس يصح في هذا شيء إلا حديث سليمان بن موسى، فأما حديث هشام بن سعد فهم يختلفون فيه، وحدّث به الخيّاط ـ يعني حماد الخياط ـ وابن مهدي وبعضهم برفعه وبعضهم لا يرفعه ().
قال: وسمعت يحيى يقول: روى مندل عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ? قال: ((لا نكاح إلا بولي)) قال يحيى: وهذا حديث ليس بشيء.
قال البيهقي: فيحيى بنمعين إنما أنكر ما بيّنه في رواية الدوري عنه، واستثنى حديث سليمان بن موسى وحكم له بالصحة، وأنكر حكاية ابن علية، عن ابن جريج في روايته، ثم في رواية جعفر الطيالسي عنه كما مضى ذكره، ووثّق سليمان بن موسى في رواية الدارمي عنه، فحديث سليمان بن موسى صحيح، وسائر الروايات عن عائشة رضي الله عنها إن ثبت منها شيء لحديثه شاهد وبالله التوفيق ().
رأي ابن التركماني
وقال ابن الترمكاني في الجوهر النقي: ثم ذكر البيهقي حديث "أيما امرأة أنكحت نفسها" () من طريق ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، ثم ذكر بسنده عن محخمد بن مصفى، حدثنا بقية، حدثنا شعيب بن أبي حمزة قال لي الزهري: إن مكحولاً يأتينا وسليمان بن موسى وأيم الله إن سليمان لأحفظ الرجلين.
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: ابن مصفى سئل عنه صالح بن محمد فقال: كان مخلطاً وأرجو أن يكون صدوقاً وقد حدث بأحاديث مناكير، ذكره صاحب الكمال.
وبقية معروف الحال، والزهري معدود من أصحاب مكحول وممن روى عنه، فكيف يقول إن مكحولاً يأتيه، هذا بعيد.
وسليمان بن موسى متكلم فيه، قال ابن جريج والبخاري: عنده مناكير، وقال ابن المديني: مطعون عليه، وقال العقيلي: خولط قبل موته بيسير، وقل أبو حاتم: في حديثه بعض الاضطراب فكيف يكون مثل هذا أحفظ من مكحول مع جلالته وسعة علمه وأنه لم يدع بمصر ثم العراق ثم المدينة علماً إلا حواه، وأنه أتى الشام فغربلها، والعجب من البيهقي كيف يذكر توثيق سليمان بمثل هذا الإسناد ولا يذكر من تكلم فيه، مث ذكر حكاية ابن علية عن ابن جريج أنه قال: فلقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه وأن ابن معين قال: لم يذكر هذا عن ابن جريج غير ابن علية.
قلت: على تقدير صحة هذا عن ابن معين، أي شيء يلزم من انفراد ابن علية بهذا وقد كان من الأئمة الحفاظ.
قال ابن حنبل: إليه المنتهى في التثبت بالبصرة، وقال شعبة: ابن علية سيد المحدثين، وقال غندر: نشأت يوم نشأت وليس أحد يقدم في الحديث على ابن علية، على أنه لم ينفرد بذلك، بل تابعه عليه بشربن المفضل، قال ابن عدي في الكامل: قال الشاذكوني: حدثنا بشر بن المفضل عن ابن جريج أنه سأل الزهري فلم يعرفه، وذكر صاحب الكمال بسنده عن أبي داود السجستاني قال: ما أحد من المحدثين إلا قد أخطأ إلا ابن علية وبشر بن المفضل.
قال ابن التركماني:
ثم قل البيهقي: وقد روى ذلك عن الزهري من وجهين آخرين وإن كان الاعتماد على رواية سليمان بن موسى، قلت: في سند الوجه الأول ابن لهيعة، عن جعفر بن ربيعة، عن الزهري، وابن لهيعة معروف الحال، وابن ربيعة قال ابن معين: ضعيف ليس بشيء حكاه الساجي، وأخرجه أبو داود في سننه من هذا الوجه وقال: جعفر لم يسمع من الزهري كتب إليه، وقال صاحب الاستذكار: لا أحفظه إلا من حديث ابن لهيعة عن جعفر.
والوجه الثاني من طريق الحجاج ـ هو ابن أرطأة ـ عن الزهري، والحجاج فيه كلام كثير ومع ذلك لم يسمع من الزهري كذا ذكر أحمد وأبو حاتم، وذكر العقيلي بسنده عن هشيم قال: قال الحجاج: صف لي الزهري فإني لم أره فظهر بهذا أن الوجهين واهيان، ولهذا قال البيهقي: الاعتماد على رواية سليمان ثم ذكر عن ابن معين أنه سئل عن حديث عائشة هذا فقال: ليس يصح في هذا شيء إلا حديث سليمان بن موسى.
قلت: قد تقدم الكلام على سليمان بن موسى وعدم معرفة الزهري للحديث، ثم إن عائشة الراوية للحديث خالفته على ما سيذكره البيهقي في هذا الباب، وكذلك الزهري أيضاً روى الحديث ثم خالفه، قال صاحب الاستذكار: كان الزهري يقول: إذا تزوجت المرأة بغير إذن وليها جاز، وهو قول الشعبي وأبي حنيفة وزفر ()، هذا آخر كلامه.
وبعد أن ذكرنا كلام ابن التركماني بتمامه على حديث عائشة نذكر الجواب عليه ملخصاً ومهذباً وبالله التوفيق.
يمكن تلخيص كلام ابن التركماني والجواب عليه في أ {بع مقامات.
المقام الأول:
لقد أعلّ ابن التركماني ما أسنده البيهقي عن الزهري من قوله إن مكحولاً يأتينا وسليمان بن موسى وأيم الله إن سليمان لأحفظ الرجلين بأمور:
1ـ بأن في سنده محمد بن مصفى وقد سئل عنه صالح بن محمد فقال كان مخلطاً وأرجو أن يكون صدوقاً وقد حدث بأحاديث مناكير.
2ـ وفيه بقية وبقية معروف الحال ولم يذكر فثيه جرحاً ولا تعديلاً.
3ـ ولقد قال: والزهري معدود من أصحاب مكحول وممن روى عنه فكيف يقول إن مكحولاً يأتيه هذا بعيد.
وبعد أن أعل هذا الإسناد بما ذكرنا قال: وسليمان بن موسى متكلم فيه، ثم ذكر بعض أقوال أئمة الجرح والتعديل ممن تكلم فيه دون قول من وثقه وأثنى عليه، ثم تعجب من قول البيهقي كيف يذكر توثيق سليمان بمثل هذا الإسناد ولا يذكر من تكلم فيه.
هذه خلاصة ما اعترض به على البيهقي في هذا المقام.
وجواباً عليه أقول:
1ـ أما محمد بن المصفى فقال أبو حاتم: صدوق، وقال النسائي: صالح، وقال في أسماء شيوخه: صدوق، وقال مسلمة بن قاسم: ثقة مشهور حدث عنه ابن وضاح وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطيء ().
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال الذهبي في الكاشف: ثقة يغرب، وقال في الميزان: كان ابن مصفى ثقة صاحب سنة من علماء الحديث لحق سفيان بن عيينة وآخر أصحابه موتاً عبد الغفار بن سلامة، وقع لنا من عواليه وحج في آخر عمره فأدركه الأجل بمنى سنة ست وأربعين ومائتين ().
2ـ وأما قوله "وبقية معروف الحال" فهذا يوهم أنه ضعيف أو ساقط أو نحو هذا، وليس الأمر كذلك، ونحن نذكر نبذة من ترجمته ليكون القارئ لهذا البحث على بينة من حاله، وهو بقية بن الوليد بن صائد بن كعب الكلاعي أبو يحمد الحمصي، قال ابن المبارك: كان صدوقاً ولكنه كان يكتب عمن أقبل وأدبر.
وقال ابن سعد: كان ثقة في روايته عن الثقات، ضعيفاً في روايته عن غير الثقات.
وقال أبو زرعة: بقية عجب، إذا روى عن الثقات فهو ثقة وذكر قول ابن المبارك الذي تقدم ثم قال: وقد أصاب ابن المبارك في ذلك، ثم قال: هذا في الثقات فأما في المجهولين فيحدث عن قوم لا يعرفون ولا يضبطون.
وقال النسائي: إذا قال حدثنا وأخبرنا فهو ثقة، وإذا قال عن فلان فلا يؤخذ عنه لأنه لا يدري عمن أخذه.
وقال ابن عدي: يخالف في بعض رواياته عن الثقات، وإذا روى عن أهل الشام فهو ثبت وإذا روى عن غيرهم خلط، وإذا روى عن المجهولين فالعهدة منهم لا منه، وبقية صاحب حديث ويروي عن الصغار والكبار، ويروي عنه الكبار من الناس، وهذه صفة بقية ().
قلت: ويستخلص ممّا تقدم أن بقية إذا صرح بالسماع عن الثقات وخصوصاً عن أهل بلده فحديثه صحيح، وإلا فلا يحتج بحديثه، وقد صرح في هذا الإسناد بالسماع فأمنّا من تدليسه، وشيخه شعيب بن أبي حمزة حمصي من أثبت الناس في الزهري، وكذلك الراوي عنه محمد بن مصفى حمصي أيضاً وقد صرح بالسماع من بقية، فالإسناد حسن على أقل أحواله.
وقد ورد ما يدل على أن الزهري أثنى على سليمان بن موسى من غير هذا الطريق.
قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل ـ هو ابن علية ـ حدثنا ابن جريج قال: أخبرني سليمان بن موسى عن الزهري فذكر الحديث بتمامه وزاد في آخره: قال ابن جريج: فلقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه قال: وكان سليمان بن موسى وكان فأثنى عليه ().
قلت: لكن رجح الشيخ محمد ناصر الدّين الألباني أن الثناء المذكور على سليمان إنما هو من ابن جريج لا من الزهري، واستدل بما أخرجه العقيلي في ترجمة سليمان بن موسى ولفظه: قال ابن جريج: وكان سليمان وكان يعني في الفضل، قال: وهو ظاهر عبارة أحمد في مسنده، بخلاف ما رواه عنه الحاكم منطريق أبي حاتم الرازي قال: سمعت أحمدبن حنبل يقول وذكر عنده أن ابن علية يذكر ابنجريج في "لا نكاح إلا بولي" قال ابنجريج: فلقيت الزهري فسألته عنه فلم يعرفه، وأثنى على سليمان بن موسى ثم ذكر قول أحمد () ثم قال: فظاهر قوله "أثنى" إنما هو الزهري، لأنه أقرب مذكور، وقد صار هذا الظاهر نصاً في نقل الحافظ في التلخيص () لهذه العبارة عن الحاكم فزاد فيها: وسألته عن سليمان بن موسى فأثنى عليه.
فكأن الحافظ رحمه الله رواه بالمعنى الظاهر من عبارة المستدرك غير أن هذا الظاهر غير مراد لما تقدم من رواية العقيلي التي هي نص على خلاف ما فهم.
نعم قد رواه ابن عدي على نحو ما عزاه الحافظ للحاكم، فروى من طريق الشاذكوني، حدثنا بشر بن المفضل، عن ابن جريج فذكر الحديث قال ابن جريج: فلقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه فقلت له: إن سليمان بن موسى حدثنا به عنك قال: فعرف سليمان وذكر خيراً وقال: أخاف أن يكون وهم عليّ.
قال الشيخ الألباني: لكن الشاذكوني هذا متّهم بالكذب، فلا يعارض بروايته رواية ابن علية عن ابن جريج ().اهـ
قلت: ولست أوافقه على ما ذهب إليه لأمرين:
الأول: لقد ثبت أن الزهري أثنى على سليمان بن موسى كما رواه البيهقي بإسناد حسن عنه، وهو الإسناد الذي نحن في صدد الكلام عليه.
الثاني: ولقد ثبت في رواية الحاكم المتقدمة ما يدل على أن الثناء المذكور إنما هو من الزهري لا من ابن جريج كما ذهب إليه الحافظ في التلخيص.
وهناك أمر آخر وهو من المحتمل أن يكون ابن جريج قد أثنى على سليمان بن موسى كما أثنى عليه الزهري، وقد وقع عند البخاري في تاريخه كما وقع للعقيلي في روايته الآنفة الذكر ().
3ـ وأما قول ابن التركماني: "والزهري معدود من أصحاب مكحول وممّن روى عنه فكيف يقول: إن مكحول يأتيه، هذا بعيد".
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: وهذا قول غريب جداً وما علمت عليه دليل ولا اصطلاح عند أهل العلم، بل المعروف عندهم خلاف ذلك، فقد روى الأكابر عن الأصاغر والأقران عن أقرانهم وذهب بعضهم إلى بعض حتى لقد طافوا الأرض في طلب الحديث الواحد، ومكحول من الرحالين في طلب الحديث قال ابن إسحاق: سمعت مكحول يقول: طفت الأرض في طلب العلم، وروى أبو وهب عن مكحول قال: عتقت بمصر فلم أدع بها علماً إلا حويته فيما أرى، ثم أتيت العراق ثم المدينة فلم أدع بهما علماً إلا حويت عليه فيما أرى ثم أتيت الشام فغربلتها ().
والزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب القرشي الفقيه أبو بكر الحافظ المدني أحد الأئمة الأعلام وعالم الحجاز والشام متفق على جلالته وإتقانه.
قال أبو داود: حديثه ألفان ومائتان، النصف منها مسند.
وقال مالك: بقي ابن شهاب وما له في الدنيا نظير.
وقال أيوب السختياني: ما رأيت أعلم منه.
وقال بقية: حدث شعيب بن أبي حمزة قال: قيل لمكحول: من أعلم من لقيت؟ قال: ابن شهاب، قال: ثم من؟ قال: ابن شهاب ().
قلت: فإذا كان ابن شهاب بهذه المنزلة فكيف لا يأتي مكحول إليه وهو من أشد الناس حرصاً على طلب الحديث ومجالسة أهله، لا سيما وقد نزل الزهري بالشام واجتمع عليه الكثير من أهلها، وقد سئل مكحول من أعلم من لقيت فقال: ابن شهاب، فهذا دليل صريح على لقائهما وسماع كل منهما لحديث الآخر.
وأما قوله: "وسليمان بن موسى متكلم فيه" ثم ذكره بعض أقوال أئمة الجرح والتعديل فيد دون أن يذكر قول من وثقه، ثم تعجبه من البيهقي كيف يذكر توثيق سليمان بمثل هذا الإسناد ولا يذكر من تكلم فيه.
فالجواب عنه من ثلاثة أوجه:
الأول: أن سليمان بن موسى قد تقدمت ترجمته، ومن تأملها وأنصف القول فيه تبين له أنه صدوق فقيه يتفرد بأحاديث لا يرويها غيره، ولكن لم يتفرد بهذا الحديث، فقد روي من وجهين آخرين عن الزهري، ومن وجه ثالث عن هشام بن عروة، عن أبيه كما سيأتي.
الثاني: أن تعجب ابن التركماني من البيهقي مردود عليه، لأنه ذكر قول من تكلم في سليمان ولم يذكر قول من وثقه، وقد اختصر قول أبي حاتم فلم يذكره كاملاً وإنما قال: وقال أبو حاتم: في حديثه بعض الاضطراب.
وقد قال أبو حاتم: محله الصدق وفي حديثه بعض الاضطراب ولا أعلم أحداً من أصحاب مكحول أفقه منه ولا أثبت منه.
الثالث: أن الإسناد الذي انتقده ابن التركماني إسناد حسن فلا مؤاخذة على البيهقي في ذكره توثيق سليمان بهذا الإسناد.
المقام الثاني:
لقد اعترض ابن التركماني على البيهقي فيما أسنده عن ابنمعين أنه قال: لم يذكر هذا عن ابن جريج غير ابن علية ـ يعني قول ابن جريج: فلقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه ـ ولقد قال: على تقدير صحة هذا عن ابن معين أي شيء يلزم من انفراد ابن علية بهذا وقد كان من الأئمة الحفاظ، ثم ذكر قول أحمد "إليه المنتهى في التثبت بالبصرة، وقول شعبة "ابن علية سيد المحدثين" وقول غندر "نشأت يوم نشأت وليس أحد يقدم في الحديث على ابنعلية، ثم قال: على أنه لم ينفرد بذلك بل تابعه عليه بشر بن المفضل، ثم ذكر ما رواه ابن عدي في الكامل عن الشاذكوني عن بشر وهو ما أشار إليه الشيخ الألباني آنفاً، ثم ذكر قول أبي داود "ما أحد من المحدثين إلا قد أخطأ إلا ابن علية وبشر بن المفضل.
وقبل الجواب عن هذا الاعتراض ينبغي أن يلاحظ عليه ما يأتي:
أولا: أنه لم يذكر قول ابن معين بتمامه، بل اقتصر على الكلمة الأولى منه، وهي لا تفيد العلة التي من أجلها قال ابن معين هذا القول.
وثانياً: كان يلزمه أن يعترض على البيهقي فيما أسنده عن الإمام أحمد من إنكار حكاية ابن علية الآنفة الذكر، لأن سكةتع عن ذلك يوهم أن ابن معين تفرد بالطعن في حكاية ابن علية وليس الأمر كذلك، فقد أنكرها أحمد كما تقدم.
ونحن نجيب عن اعتراضه على البيهقي بالجواب الآتي:
قوله "على تقدير صحة هذا عن ابن معين" وهذا يوهم أن في سنده ضعف أو مقال، وقد أخرجه البيهقي من طريقين صحيحين عنه.
وقوله "أي شيء يلزم من انفراد ابن علية وقد كان من الأئمة الحفاظ" وهو كما قال ولكن في سماعه من ابن جريج ضعف كما بينه ابن معين.
وقوله "على أنه لم ينفرد بذلك تابعه عليه بشر بن المفضل" وفي سنده سليمان الشاذكوني وهو متهم بالكذب كما تقدم.
ولما كان ابن التركماني قد ذكر سليمان بن داود الشاذكوني في غير هذا الموضع واستدل على جرحه بما نقله عن أئمة الجرح والتعديل وأفسد الإسناد المروي من طريقه هناك كان لزاماً عليه أن لا يحتجّ به هنا وحاله كما عرف، ولكنه إذا رأى الحديث موافقاً لمذهبه دافع عنه، وإن لم يكن كذلك طعن فيه، ومن تتبع أقواله في الجوهر النقي واعتراضاته على البيهقي تبين له ذلك، وهذا هو نص كلامه في الموضع المشار إليه قال: والشاذكوني قال الرازي: ليس بشيء، متروك الحديث، وقال البخاري: هو عندي أضعف من كل ضعيف، وقال ابنمعين: ليس بشيء، وقال مرة: كان يكذب ويضع الحديث ().
قلت: فقد سقط كما ترى الاعتبار بهذه الرواية التي زعم ابن التركماني أنها تصلح متابعة لابن علية لسوء حال الشاذكوني كما ذكره ابن التركماني نفسه عن البخاري وابن معين وغيرهما.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 07:59]ـ
المقام الثالث
لقد ذكر ابن التركماني قول البيهقي "وقد روى ذلك عن الزهري من وجهين آخرين وإن كان الاعتماد على رواية سليمان بن موسى" ثم تعقبه بقوله "في سند الوجه الأول ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن الزهري وابن لهيعة معروف الحال، وابن ربيعة قال ابن معين: ضعيف ليس بشيء حكاه الساجي وأخرج هأبو داود في سننه من هذا الوجه وقال: جعفر لم يسمع من الزهري والحجاج فيه كلامكثير ومع ذلك لم يسمع من الزهري كذا ذكر أحمد وأبو حاتم، وذكر العقيلي بسنده عن هشيم قال: قال الحجاج: صف لي الزهري فإني لم أره.
فظهر بهذا أن الوجهين واهيان ولهذا قال البيهقي: الاعتماد على رواية سليمان.
وجواباً عليه أقول:
أما ابن لهيعة فهو وإن كان ضعيفاً لسوء حفظه فإنه صدوق يعتبر بحديثه، والبيهقي إنما أخرج حديثه للإعتبار به، وقد رواه عن ابن لهيعة جماعة من الثقات، وقد صرح بسماعه من جعفر فمن المحتمل أنه حفظه منه.
وأما جعفر بن ربيعة فهو ثقة من رجال الشيخين، ولم أر من ضعفه سوى ما نقله ابن التركماني وفي صحته نظر ().
وهو جعفر بن ربيعة بن شرحبيل بن حسنة () الكندي أبو شرحبيل المصري، وثقه أحمد والنسائي وابن سعد وقال أبو زرعة: صدوق ().
وأما قوله "والوجه الثاني من طريق الحجاج ... إلى آخره" فهو كما قال، ولكن طريق الحجاج وطريق ابن لهيعة يعضد أحدهما الآخر فإن طريق الحجاج طريق مشهور رواه ابن المبارك وغير واحد عنه فهو صالح الإعتبار أيضاً.
ولذا قال الترمذي: وحديث عائشة رضي الله عنها هذا عندي حديث حسن صحيح، وقد رواه الحجاج بن أرطأة وجعفر بن ربيعة عن الزهري عن عروة عن عائشة، ورواه هشام بنعروة أيضاً ().
يعني عن أبيه عن عائشة كذلك ().
فقد اعتبر الترمذي كما ترى بطريق الحجاج وطريق ابن لهيعة كما اعتبر بهما البيهقي، وكذلك قد اعتبر بهما غير واحد من أهل العلم ().
وقوله "فظهر بهذا أن الوجهين واهيان" قول غير صحيح، لأن الطريق الواهي لا يكون واهياً إلا إذا كان أحد رجاله كذاباً أو متروكاً أو نحو ذلك.
وقد استشهد ابن التركماني بحديث الحجاج في عدة مواضع () فكيف يستشهد بأحاديث واهية لمذهبه ويردها هنا وهي مخرجة على سبيل المتابعة والاعتبار.
المقام الرابع
لقد اعترض ابن التركماني علىالبيهقي فيما أسنده عن ابن معين أنه سئل عن حديث عائشة هذا فقال: ليس يصح في هذا شيء إلا حديث سليمان بن موسى فقال: قد تقدم الكلام على سليمان وعدم معرفة الزهري للحديث ثم إن عائشة الراوية للحديث خالفته على ما سيذكره البيهقي في هذا الباب، وكذلك الزهري أيضاً روى الحديث ثم خالفه، ثم ذكر قول صاحب الاستذكار "كان الزهري يقول: إذا تزوجت المرأة بغير إذن وليها جاز وهو قول الشعبي وأبي حنيفة وزفر".
وسنناقش كلامه من ثلاثة وجوه:
الأول: أنه لا يلزم من عدم معرفة الزهري للحديث أن يكون سليمان بن موسى وهم عليه في ذلك، لن الثقة قد يحدّث بالحديث ثم يسأل عنه بعد ذلك فلا يعرفه، فلا يكون ذلك قادحاً في صحة حديثه إذا كان الراوي عنه ثقة كما هو قول جمهور المحدثين والفقهاء، وقد تقدم كلام الخطيب وابن الصلاح في هذه المسألة، وقد أجاب ابن التركماني نفسه بهذا الجواب محتجاً لمذهبه ومعترضاً على البيهقي فقال في باب الأمة تعتق وزوجها عبد: ذكر فيه ـ يعني البيهقي ـ حديث شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة وكان زوجها حراً ـ يعني بريرة ـ قال شعبة: ثم سألته بعد فقال: لا أدري أحر هو أم عبد، قال البيهقي: قد رواه سماك بن حرب، عن عبد الرحمن، فأثبت كونه عبداً، قال ابن التركماني: شعبة إمام جليل حافظ، وقد روىى عن عبد الرحمن أنه كان حراً، فلا يضره نسيان عبد الرحمن وتوقفه على ما هو معروف عند أهل هذا العلم، وقد ذكر البيهقي في كتاب المعرفة في باب لا نكاح إلا بولي أن مذهب أهل العلم بالحديث وجوب قبول خبر الصادق وإن نسيه من أخبر () عنه ().اهـ
الوجه الثاني
عمل الراوي بخلاف روايته لا يلزم منه الأخذ برأيه وترك ما رواه عن رسول الله ? لأن المعتبر ما روى لا ما رأى.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الحافظ في الفتح في باب الخلع بعد أن ذكر أن ابن عباس خالف روايته التي رواها أن الخلع طلاق، ثم أفتى بأن الخلع فسخ قال: وفي الحديث أن الصحابي إذا أفتى بخلاف ما روى أن المعتبر ما رواه لا ما رآه، لأن ابن عباس روى قصة امرأة ثابت بن قيس الدالّة على أن الخلع طلاق، وكان يفتي بأن الخلع ليس بطلاق ().
قلت: وقد أخذ الجمهور بجملة من الأحاديث التي رويت عن رسول الله ? وروي عن أصحابها أنهم عملوا أو أفتوا بخلافها، وقد استوعب ابن القيم في إعلام الموقعين سرد هذه الأحاديث ثم قال: والذي ندين الله به ولا يسعنا غيره أن الحديث إذا صح عن رسول الله ? ولم يصح عنه حديث آخر ينسخه أن الفرض علينا وعلى الأمة الأخذ بحديثه وترك كل ما خالفه، ولا نتركه لخلاف أحد من الناس كائناً من كان، لا راويه ولا غيره إذ من الممكن أن ينسى الراوي الحديث أو لا يحضره وقت الفتيا أو لا يتفطن لدلالته على تلك المسألة أو يتأول فيه تأويلاً مرجوحاً ويقوم في ظنّه ما يعارضه ولا يكون معارضاً في نفس الأمر أو يقلّد غيره في فتواه بخلافه لاعتقاده أنه أعلم منه وأنه إنما خالفه لما هو أوقى منه.
ولو قدّر انتفاء ذلك كلّه ولا سبيل إلى العلم بانتفائه ولا ظنّه لم يكن الراوي معصوماً ولم توجب مخالفته لما رواه سقوط عدالته حتى تغلب سيئاته حسناته وبخلاف هذا الحديث الواحد لا يحصل له ذلك ().
وقال الخطيب في الفقيه والمتفقه:
إذا روى الصحابي عن رسول الله ? حديثاً ثم روي عن ذلك الصحابي خلاف لما روى فإنه ينبغي الأخذ بروايته وترك ما روي عنه من فعله أو فتياه، لأن الواجب علينا قبول نقله وروايته عن النبي ? لا قبول رأيه.
ثم روى بسنده عن أبي شعيب البناني عن ابن سيرين قال: حدثني أفلح أن أبا أيوب الأنصاري ? كان يفتيهم بالمسح ويخلع، فقيل له فقال: رأيت رسول الله ? يمسح ولكن حبّب إليّ الغسل.
وروى بسنده عن الشعبي، عن مسروق بن الأجدع قال: ركب عمر بن الخطاب منبر رسول الله ? فخطب الناس فقال: أيها الناس ما إكثاركم في صدقات النساء؟ فقد كان رسول الله ? فيما بين أربعمائة درهم فما دون ذلك، ولو كان الإكثار في ذلك تقوى أو مكرمة لم تسبقوهم إليه فلأعرفنّ ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم، قال: ثم نزل فاعترضته امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين أنهيت الناس أن يزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم؟ قال: وما ذاك؟ قالت: أو ما سمعت ما أنزل الله في القرآن؟ قال: وأي ذاك؟ قال: قالت: أو ما سمعت الله تعالى يقول {وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً} قال: فقال: اللهم غفراً كل إنسان أفقه من عمر، ثم رجع فركب المنبر ثم قال: أيها الناس إني كنت قد نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحبّ وطابت به نفسه فليفعل ().
قلت: ويستخلص ممّا تقدم أن الاحتمالات المسوغة لترك الراوي روايته والعمل بخلافها كثيرة، ومن الأمثلة الدالّة على صحة ما ذكره ابنالقيم من هذه الاحتمالات ما رواه الخطيب في كتابه الآنف الذكر عن أصحاب رسول الله ? فقد روى ثلاثة آثار وقد اكتفينا بذكر اثنين منها فمن شاء فليراجع ذلك في موضعه.
الوجه الثالث
أن قول الزهري "إذا تزوجت المرأة بغير إذن وليها جاز" لا يلزم منه ترك ما رواه عن رسول الله ? ومن ثم الأخذ بفتواه، لأن المعتبر ما رواه لا وما أفتى به كما قدمنا، لا سيما وقد نسي الزهري هذا الحديث كما قال ابن علية فلذلك أفتى بخلاف روايته.
وقد أخذ بهذا الحديث جماعة من السلف وتركوا ما روي عن عائشة والزهري من مخالفتهما له.
قال ابنحزم رحمه الله: وممّن قال بمثل قولنا جماعة من السلف، ثم حكاه عن عمر بن الخطاب وأبي هريرة وابنعباس وحفصة أم المؤمنين، ثم قال: وروينا نحو هذا عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها () وابن عمر وعمر بن عبد العزيز وإبراهيم النخعي، وروينا عن الحجاج بن المنهال حدثنا أبو هلال قال: سألت الحسن فقلت: أبا سعيد امرأة خطبها رجل ووليها غائب بسجستان ولوليها ههنا ولي أيزوجها ولي وليها قال: لا ولكن اكتبوا إليه قلت له: إن الخاطب لا يصبر قال: فليصبر، قال له رجل: إلى متى يصبر قال الحسن: يصبر كما صبر أهل الكهف.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن حزم: وهو قول جابر بن زيد ومكحول وهو قول ابن شبرمة وابن أبي ليلى وسفيان الثوري والحسن بن حي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وابن المبارك وفي ذلك خلاف قديم وحديث ().
قلت: وممن قال بهذا القول من الصحابة علي بن أبي طالب وابنمسعود، ومن التابعين شريح ومسروق وسعيد بن المسيب وعكرمة بن خالد كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
رأي الإمام الطحاوي
وممّن تكلم على هذا الحديث وأطال النفس في الكلام عليه وأعله من جميع طرقه وبالغ في تأويل متنه الإمام المحدث الكبير أبو جعفر الطحاوي رحمه الله، فقد أخرجه من طريق ابن وهب عن ابن جريج، ومن طريق يحيى بن سعيد عن ابن جريج أيضاً، ثم من طرق عن الحجاج عن الزهري، وعن ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن الزهري، وعن ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن الزهري ()، ثم قال:
فذهب إلى هذا قوم فقالوا: لا يجوز تزويج المرأة نفسها إلا بإذن وليها، ومّن قال ذلك أبو يوسف ومحمد بن الحسن رحمة الله عليهما واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: لمرأة أن تزوج نفسها ممّن شاءت وليس لوليها أن يعترض عليها في ذلك إذا وضعت نفسها حيث كان ينبغي لها أن تضعها.
قلت: وهو قول الشعبي وأبي حنيفة وزفر.
قال: وكان من الحجة لهم أن حديث ابن جريج الذي ذكرناه عن سليمان بن موسى قد ذكر ابن جريج أنه سأل عنه ابن شهاب فلم يعرفه، حدثنا بذلك ابن أبي عمران قال: أخبرنا يحيى بن معين، عن ابن علية، عن ابن جريج بذلك.
قلت: قد تقدم الجواب عن حكاية ابن علية في أكثر من موضع.
قال أبو جعفر: وهم يسقطون الحديث بأقل من هذا، وحجاج بن أرطأة فلا يثبتون له سماعاً عن الزهري، وحديثه عنه عندهم مرسل، وهم لا يحتجون بالمرسل، وابن لهيعة فهم ينكرون على خصمهم الاحتجاج عليهم بحديثه فكيف يحتجون به عليه في مثل هذا؟.
قلت: للحديث ثلاث طرق عن الزهري، وله طريق رابع عن هشام بن عروة عن أبيه، وابن لهيعة وحجاج بن أرطأة قد تابعهما سليمان بن موسى عن الزهري وهو ثقة، وللحديث شواهد قوية من حديث أبي موسى وأبي هريرة وابن عباس فلا مرية في صحته.
قال الطحاوي: ثم لو ثبت ما رووا من ذلك عن الزهري لكن قد روي عن عائشة رضي الله عنها ما يخالف ذلك.
حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب أن مالكاً أخبره عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة زوج النبي ? أنها زوّجت حفصة بنت عبد الرحمن بن المنذر بن الزبير وعبد الرحمن غائب بالشام فلما قدم عبد الرحمن قال: أمثلي يصنع به هذا ويفتات عليه؟ فكلمت عائشة (عن) () المنذر فقال المنذر: إن ذلك بيد عبد الرحمن فقال عبد الرحمن: ما كنت أرد أمراً قضيتيه () فقرت حفصة عنده ولم يكن ذلك طلاقاً ().
قال: وحدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني الليث، عن عبد الرحمن بن القاسم فذكر بإسناده مثله.
حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني حنظلة وأفلح، عن القاسم بن محمد في حفصة بمثل ذلك.
قال الطحاوي: فلما كانت عائشة رضي الله عنها قد رأت أن تزويجها بنت عبد الرحمن بغير () أمره جائز، ورأت ذلك العقد مستقيماً حتى أجازت فيه التمليك الذي لا يكون إلا عن صحة النكاح وثبوته استحال عندنا أن يكون ترى ذلك وقد علمت أن رسول الله ? قال: ((لا نكاح إلا بولي)) فثبت بذلك فساد ما روي عن الزهري في ذلك.
قلت: وقد أجاب البيهقي في المعرفة على كلام الطحاوي هذا فقال: وقد أعلّ بعض من يسوّي الأخبار على مذهبه هذا الحديث بشيئين.
أحدهما: ما رواه بإسناده عن ابن علية أن ابن جريج سأل الزهري عنه فأنكره ـ ثم أسند البيهقي عن أحمد وابن معين أنهما ضعّفا رواية ابن علية هذه ـ ثم قال: فهذان إمامان قد وهّنا هذه الرواية مع وجوب قبول خبر الصادق وإن نسي من أخبر عنه.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني: أن عائشة رضي الله عنها روي عنها ما يخالفه ـ ثم ذكر روايته المتقدمة وهي قصة تزويج حفصة من المنذر ـ ثم قال: ونحن نحمل قوله زوجت أن مهدت أسباب التزويج، وأضيف النكاح إليها لاختيارها ذلك وإذنها فيه، ثم أشارت على من ولي أمرها عند غيبة أبيها حتى عقد النكاح، ويدل على صحةهذا التأويل ما أخبرنا ـ ثم أسند ما سنذكره فيما بعد من روايته له في السنن ـ ثم قال: فإذا كان مذهبها ما روي من حديث عبد الرحمن بن القاسم علمنا أن المراد بقوله "زوّجت" ما ذكرناه، فلا يخالف ما روته عن النبي ?، قال: والعجب من هذا المحتجّ بحكاية ابن علية في ردّ هذه السنة وهو يحتجّ برواية الحجاج بن أرطأة في غير موضع، وهو يردّها ههنا عن الحجاج عن الزهري بمثله، ويحتج أيضاً برواية ابن لهيعة في غير موضع، ويردّها ههنا عن ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن الزهري بمثله، فيقبل رواية كلّ واحد منهما منفردة إذا وافقت مذهبه، ولا يقبل روايتهما مجتمعة إذا خالفت مذهبه، ومعهما رواية ثقة ().
وقال في السنن: أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأنا الربيع أنبأنا الشافعي رحمه الله أنبأنا الثقة عن ابن جريج عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال: كانت عائشة رضي الله عنها تخطب إليها المرأة من أهلها فنشهد فإذا بقيت عقدة النكاح قالت لبعض أهلها: زوج فإن المرأة لا تلي عقد النكاح ().
قال البيهقي: هذا الأثر يدلّ على أن الذي أخبرنا ـ ثم ذكر حديث مالك ـ ثم قال: إنما أريد به أنها مهّدت تزويجها ثم تولى عقد النكاح غيرها فأضيف التزويج إليها لإذنها في ذلك وتمهيدها أسبابه.
قلت: أما الأمر الأول فلم أقف عليه، وأما الثاني فليس كما ذكر، لأن الطحاوي نفسه قد رواه من طريقين عن ابن إدريس متصلاً كما سيأتي بيانه فيما بعد.
قال الطحاوي رحمه الله بعد أن أطال في كلامه على حديث عائشة وأبي موسى وأعلهما من جميع الطرق المتقدمة، وقد ذكرنا كلامه بتمامه في موضعين من هذا الكتاب وأجبنا قدر طاقتنا العلمية عن بعض ما أعلّهما به قال:
وما كلامي في هذا إرادة الإزراء على أحد ممّن ذكرت ولا أعدّ مثل هذا طعناً، ولكنّي أردت بيان ظلم هذا المحتجّ وإلزامه من حجة نفسه ما ذكرت، ولكنّي أقول: إنه لو ثبت عن النبي ? أنه قال: ((لا نكاح إلا بولي)) لم يكن فيه حجة لما قال الذين احتجّوا به لقولهم في هذا الباب، ولأنه قد يحتمل معاني:
فيحتمل ما قال هذا المخالف لنا إن ذلك الولي هو أقرب العصبة إلى المرأة، ويحتمل أن يكون ذلك الولي من تولية المرأة من الرجال قريباً كان منها أو بعيداً، وهذا المذهب يصح به قول من يقول: لا يجوز للمرأة أن تتولّى عقد نكاح نفسها وإن أمرها وليها بذلك، ولا عقد نكاح غيرها ولا يجوزأن يتولى ذلك إلا الرجال.
وقد روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها مثل ذلك:
حدثنا محمد بن خزيمة () قال: حدثنا يوسف بن عديّ قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن ابن جريج، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها أنها أنكحت رجلاً من بني أخيها () جارية من بني () أخيها فضربت بينهما بستر ثم تكلمت حت لم يبق إلا النكاح أمرت رجلاً فأنكح ثم قالت: ((ليس إلى النساء النكاح)) ().
قلت: وذكر الطحاوي احتمالاً ثالثاً سنذكره بعد الكلام على سند هذا الحديث الذي أورده مستشهداً به لصحة الاحتمال الثاني.
وهذا الحديث قد أخرجه ابن حزم من طريق الطحاوي أيضاً قال: حدثنا الحسن بن غليب، حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي، حدثنا عبد الله بن إدريس الأودي، عن ابن جريج فذكره ().
وابن جريج مدلّس وقدرواه بالعنعنة، وقد سبق أن البيهقي أخرجه من طريق الشافعي عن الثقة عن ابن جريج، وفيه جهالة الثقة وعنعنة ابن جريج أيضاً، لكن للحديث أصلوهو ما رواه مالك عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، فإن القصةواحدة غير أن بعض الرواة اختصرها وبعضهمرواها بلفظ أتم، وفي آخر الحديث من هذا الطريق زيادة لم يذكرها مالك في روايته وهي قوله "حتى إذا لم يبق إلا النكاح أمرت رجلاً فأنكح ثم قالت: ليس إلى النساء نكاح" وفي رواية الشافعي عن الثقة عن ابن جريج ما يقارب هذا اللفظ وهو قوله " فإذا بقيت عقدة النكاح قالت لبعض أهلها: زوّج فإن المرأة لا تلي عقد النكاح" ولذلك فقد استدلا البيهقي بهذا اللفظ على تأويل لفظ حديث مالك بأن
(يُتْبَعُ)
(/)
معنى قوله "زوّجت" أي مهدت أسباب التزويج ولم تتول العقد، وهو استدلال ظاهر، لكن الاستدلال بحديث ابن إدريس عن ابن جريج أظهر منه، لأ، ه ذكر القصة بعينها مختصرة وزاد هذه الزيادة المبيّنة لحقيقة الأمر والموافقة لما صح عن عائشة عن النبي ? والله أعلم.
قال الطحاوي:
ويحتمل أيضاً قوله ((لا نكاح إلا بولي)) أن يكون الولي هو الذي إليه ولاية البضع من والد الصغيرة أومولى الأمة أو بالغة حرّة لنفسها، فيكون ذلك على أنه ليس لأحد أن يعقد نكاحاً على بضع الأولى (إلا ولي) () ذلك البضع، وهذا جائز في اللغة قال اله تعالى {فليملل وليّه بالعدل} فقال قوم: ولي الحق هو الذي له الحق، فإذا كان من له الحق يسمّى ولياً كان من له البضع أيضاً يسمّى ولياً له.
فلما احتمل ما روينا عن رسول الله ? من قوله ((لا نكاح إلا بولي)) هذه التأويلات انتفى أن ينصرف إلى بعضها دون بعض إلا بدلالة تدل على ذلك إما من كتاب وإما من سنة وإما من إجماع ().
هذا آخر كلامه علة هذا الحديث.
لقد ذكر الطحاوي ـ رحمه الله ـ ثلاث احتمالات لمعنى قوله ? ((لا نكاح إلا بولي)) فقال: فيحتمل ... إن ذلك الولي هو أقرب العصبة إلى المرأة، ويحتمل أن يكون ذلك الولي من تولية المرأة من الرجال قريباً كان منها أو بعيداً.
قلت: أما الاحتمال الأول فهو المعنى الصحيح المفهوم من جملة ألفاظ هذا الحديث وممّا يدل على صحته ما ذكره أبو عبيد في غريب الحديث قال: حديث عليّ رحمه الله ((إذا بلغ النساء نص الحقائق ـ وبعضهم يقول: الحقاق ـ فالعصبة أولى)) قال: حدثنيه ابن مهدي، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن معاوية بن سويد بن مقرن قال: وجدت في كتاب أبي عن علي ذلك ().
قلت: وقد شرح أبو عبيد معناه شرحاً وافياً وقال في آخره: يقول فإذا بلغ النساء ذلك ـ أي مبلغ السن المناسب للزواج ـ فالعصبة أولى بالمرأة من أمها إذا كانوا محرماً مثل الأخوة والأعمام بتزويجها إن أرادوا، وهذا ممّا يبين لك أن العصبة والأولياء ليس لهم أن يزوجوا اليتيمة حتى تدرك، لو كان لهم ذلك لم ينتظر بها نصّ الحقاق، وليس يجوزالتزويج على الصغيرة إلا لأبيها خاصة، ولو جاز لغيره ما احتاج إلى ذكر الوقت.
وأما الاحتمال الثاني فهو مردود بنص هذا الحديث، وذلك أنه قد ورد بلفظ ((لا نكاح إلا بولي، وأيما امرأة نكحت بغير ولي فنكاحها باطل، باطل، باطل، فإن لميكن لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي لها)).
قال أبو داود الطيالسي: حدثنا همّام قال: حدثنا عبد الملك بن جريج ()، عن سليمان بن موسى، عن الزهرين عن عروة، عن عائشة أن النبي ? قال: فذكره ().
قلت: وقوله ((فإن لم يكن لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي لها)) فيه دلالة واضحة على بطلان هذا الاحتمال، فلو أن امرأة جعلت أمرها إلى رجل ليس هو من أوليائها فزوجها من رجل آخر لم يصح العقد، ألا ترى أن عمر ? جلد الناكح والمنكح وفرّق بينهما ().
وأما ما رواه الطحاوي بسنده عن عائشة رضي الله عنها أنها أنكحت رجلاً من بني أختها جارية من بنات أخيها فضربت بينهما بستر، ثم تكلّمت حتى إذا لم يبق إلا النكاح أمرت رجلا فأمكح ().
قلت: كيف تكون البالغة ولية بضعها وقد قال: ((أيما امرأة لم ينكحها الولي فنكاحها باطل ... )) ().
فهذا القول عامّ في جميع النساء في سلب الولاية عنهنّ من غير تخصيص ببعض دون بعض، فيدخل فيه البكر والثيّب والشريفة والوضيعة وقد ختم الإمام الطحاوي كلامه على هذا الحديث بقوله: فلمّا احتمل ما روينا عن رسول الله ? من قوله ((لا نكاح إلا بولي)) هذه التأويلات انتفى أن يصرف إلى بعضها دون بعض إلا بدلالة تدلّ على ذلك، إما من كتاب وإما من سنة وإما من إجماع.
قلت: الحديث ظاهر المعنى صريح الدلالة غير قابل للتأويل، وهذه التأويلات التي ذكره الطحاوي فيها مبالغة وتكلّف في صرف الحديث عن معناه اللفظي ومفهومه الحقيقي، وقد اقتصر الطحاوي في كلامه على بيان معنى قوله ? ((لا نكاح إلا بولي)) ولم يبين لنا معنى قوله ((أيما امرأة لم ينكحها الولي فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل، فإن أصابها فلها مهرها بما أصاب منها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له)).
قال ابن ماجة: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا معاذ، حدثنا ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: قال رسول الله ? فذكره ().
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا الحديث أتمّ متناً وأكمل معنى من قوله ((لا نكاح إلا بولي))، وقد خرجه الطحاوي منطرق عن الزهري، عن عروة، عن عائشة كما تقدم ذكره، ومع ذلك لم يتعرض لبيان معناه، فلا أدري ما وجه اقتصاره على هذه الجملة القصيرة اللهم إلا أن يكون متعصباً لمذهبه كما قال البيهقي عنه فيما مضى من كلامه ()، وقد شرح الخطابي معنى هذا الحديث وذكر ما دلّ عليه من أحكام وكذلك البغوي رحمهما الله تعالى، وقد ذكرنا كلامهما بتمامه فيما بعد فراجعه ().
وبعد أن انتهيت من ذكر كلام ابن التركماني وكذلك الإمام الطحاوي على هذا الحديث وحاولت الإجابة الملخّصة من أقوال الأئمة المحققين أذكر بعون الله ما وعدت بذكره من أن سليمان بن موسى لم يتفرّد برواية هذا الحديث عن الزهري، ثم أذكر رواية هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، ثم أذكر بعد ذلك زيادة وردت في متنه، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
المتابعات
وقد توبع سليمان بن موسى عن الزهري، تابعه حجاج بن أرطأة وجعفر بن ربيعة وعبيد الله بن أبي جعفر.
فأما متابعة حجاج فقال البيهقي رحمه الله:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا الأسود بن عامر، أنبأنا ابن المبارك، عن حجاج، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ?: ((لا نكاح إلا بولي، والسلطان ولي من لا ولي له)) ().
قلت: والحجاج صدوق ولكنه يدلس عن الضعفاء، وقد قيل إنه لم يسمع من الزهري ().
وأما متابعة جعفر بن ربيعة، فقال الإمام أحمد رحمه الله:
حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا جعفر بن ربيعة، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: قال رسول الله ?: ((أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فإن أصابها فلها مهرها بما أصاب من فرجها، وإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له)) ().
وكذلك رواه أبو داود عن القعنبي، عن ابن لهيعة بهذا الإسناد ()، وأحال لفظه على لفظ حديث سليمان بن موسى فقال: بمعناه.
ثم قال: جعفر لم يسمع من الزهري كتب إليه.
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن لهيعة فهو ضعيف ()، ولكن يعنبر بحديثه لا سيما وقد صرّح بسماعه من جعفر، ورواه عنه غير واحد من الثقات فلم يختلفوا عليه في هذا الحديث، إلا ما سنذكره في المتابعة الآتية.
وأما متابعة عبيد الله بن أبي جعفر فقال الطحاوي رحمه الله:
حدثنا ربيع الجيزي قال: حدثنا أبو الأسود قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن ابن شهاب فذكر بإسناده مثله ().
قلت: لم يذكر لفظه وإنما أحاله على لفظ حديث سليمان بن موسى ورجاله ثقات غير ابن لهيعة، ولم أجد من تابع أبا الأسود ـ وهو النضر بن عبد الجبار ـ على روايته عن ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، وقد رواه القعنبي وابن أبي مريم ومعلى بن عبد الرحمن وحسن بن موسى الأشيب وأسد بن موسى كلهم عن ابن لهيعة، عن جعفر بن ربيعة، عن الزهري، والراجح في نظري رواية الجماعة.
فائدتان
الأولى: نقل الحافظ في التلخيص عن أبي القاسم بن مندة أنه ذكر أن معمراً وعبيد الله بن زحر تابعا ابن جريج على روايته إياه عن سليمان بن موسى، وأن قرة وموسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأيوب بن موسى وهشام بن سعد وجماعة تابعوا سليمان بن موسى عن الزهري قال: ورواه أبو مالك الجنبي ونوح بن درّاج ومندل وجعفر بن برقان وجماعة عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة ().
الثانية: نقل الذهبي في الميزان عن ابن عدي أنه قال: قد رواه مع سليمان بن موسى حجاج بن أرطأة ويزيد بن أبي حبيب وقرّة بن حيوئيل وأيوب بن موسى وسفيان بن عيينة وإبراهيم بن سعد فكل هؤلاء طرقهم طرق غريبة إلا حجاج فطريقه مشهور ().
قلت: وكذلك ابن لهيعة فطريقه مشهور أيضاً.
طريق آخر لهذا الحديث
وقد روي هذا الحديث من طريق آخر غير طريق الزهري، قال الدارقطني رحمه الله:
حدثنا أبو ذرّ أحمد بن محمد بن أبي بكر، حدثنا أحمد بن الحسين بن عباد النسائي، حدثنا محمد بن يزيد بن سنان، حدثنا أبي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله ?: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)) ().
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: ويزيد بن سنان وابنه محمد ضعيفان، ولكن رواه الخطيب في تاريخه من طريق محمد بن المظفر الحافظ، حدثنا أبو الفضل العباس بن محمد بن معاذ النيسابوري قدم الحج حدثنا سهل بن عمار، حدثنا البيغ بن سعدان، حدثنا نوح بن دراج، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أمّ المؤمنين قالت: قال رسول الله ?: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)) ().
ونوح بن دراج متروك وقد كذّبه ابن معين ().
ورواه الخطيب في موضع آخر من تاريخه من طريق عباس بن محمد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: روى مندل عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي ? قال: ((لا نكاح إلا بولي)).
قال يحيى: وهذا حديث ليس بشيء.
قال الخطيب: وقال عباس في موضع آخر: سمعت يحيى يقول: مندل وحبان فيهما ضعف وهما أحبّ إليّ من قيس بن الربيع ().
زيادة في متن هذا الحديث
وقد رواه عيسى بن يونس عن ابن جريج فزاد فيه "وشاهدي عدل"، وتابعه حفص بن غياث وخالد بن الحارث.
قال ابن حبان: لم يقل فيه "وشاهدي عدل" إلا ثلاثة أنفس: سعيد بن يحيى الأموي عن حفص بن غياث، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبي، عن خالد بن الحارث، وعبد الرحمن بن يونس الرقي، عن عيسى بن يونس ولا يصح في ذكر الشاهدين غير هذا الخبر ().
قلت: كذا قال، وقد وجدت لهم متابعاً رابعاً وهو سليمان بن عمر، عن يحيى بن سعيد الأموي، فقد اتفق هؤلاء الأربعة عن ابن جريج على ذكر هذه الزيادة، ولم يذكرها بقية أصحاب ابن جريج وهم يزيدون على ستة عشر نفساً أكثرهم حفاظ.
1ـ فأما رواية عيسى بن يونس فقال البيهقي:
حدثنا أبو عبد الله الحافظ، حدثني أبو علي الحافظ، حدثنا إسحاق بن أحمد بن إسحاق الرقّي، حدثنا أبو يوسف محمد بن أحمد بن الحجاج الرقّي، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ?: ((أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها وشاهدي عدل فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر، وإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له)) ().
قال أبو علي الحافظ ـ وهو النيسابوري ـ: أبو يوسف الرقّي هذا من حفاظ أهل الجزيرة ومتقنيهم.
وقال الدارقطني: حدثنا أبو حامد محمد بنهارون الحضرمي، حدثنا سليمان بن عمر بن خالد الرقّي، حدثنا عيسى بن يونس، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: قال رسول الله ?: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له)) ().
قال الدارقطني: تابعه عبد الرحمن بن يونس، عن يونس، عن عيسى بن يونس، مثله سواء.
وكذلك رواه سعيد بن خالد أن () عبد الله بن عمرو بن عثمان ويزيد بن سنان ونو ح بن درّاج وعبد الله بن حكيم أبو بكر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالوا فيه: شاهدي عدل، وكذلك رواه ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها.
2ـ وأما رواية حفص بن غياث فقال ابنحبان رحمه الله:
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني من أصل كتابه ()، حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، حدثنا حفص بن غياث، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن النبي ? قال: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له)) ().
3ـ وأما روايةخالد بن الحارث فلم أقف عليها ولكن من المحتمل جداً أن ابن حبان أخرجها في صحيحه ().
4ـ وأما رواية يحيى بن سعيد الأموي فقال البيهقي:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثني أبوالعباس عصم بن العباس الصبي، حدثنا محمد بن هارون الحضرمي، حدثنا سليمان بن عمر الرقّي، حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، حدثنا ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ?: ((لا نكاح إلابولي وشاهدي عدل)) ().
خلاصة القول في هذه الزيادة
وخلاصة القول في هذه الزيادة أنها زيادة مقبولة، فقدلا صححها ابن حبان كما تقدم وكذلك صححها ابن حزم فقال: لا يصح في هذا الباب شيء غير هذا السند ـ يعني ذكر شاهدي عدل ـ وفي هذا كفاية لصحته ().
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: وقد أخرجه ابنحزم قبل هذا القول من طريق أبي عبد الله الحاكم قال: سمعت أبا بكر بن إسحاق الإمام يقول: حدثني أبو علي الحافظ، قال الحاكم: ثم سألت أبا علي فحدثني قال: حدثنا إسحاق بن أحمد بن إسحاق الرقّي، حدثنا أبو يوسف محمد بن أحمد بن الحجاج الرقي، حدثنا غيسى بن يونس فذكره ().
وقد سبق أن البيهقي رواه عن الحاكم بهذا الإسناد غير أنه لم يذكر روالية الحاكم له عن أبي بكر بن إسحاق ().
وتقدمت رواية الدارقطني له من طريق سليمان بن عمر الرقي، عن عيسى بن يونس وقوله: تابعه عبد الرحمن بن يونس، عن عيسى بن يونس مثله سواء، وتقدم قول ابن حبان وعبد الرحمن بن يونس عن عيسى بن يونس وهذا يفيد اتفاق الثلاثة عن عيسى بن يونس على ذكر هذه الزيادة، لكن خالفهم إسحاق بن إبراهيم الحنظلي فرواه عن عيسى بن يونس، عن ابن جريج فلم يذكرها ()، وهو أوثق منهم جميعاً ولكن رواية الجماعة أولى بالترجيح، لأنه قد يحتمل أنه ترك ذكرها عمداً، أو أنه لم يسمعها منه، ولأن عيسى بن يونس لم يتفرد بذكرها حتى يحكم لرواية إسحاق عنه بالترجيح، ولا شك أن الراوي قد يذكر الحديث بلفظه المشهور ثم إذا سئل عن حكم شرعي وعنده فيه علم حدّث بما علم.
فأما يوسف الرقي، فقد وثقه أبو علي النيسابوري فقال: من حفّاظ أهل الجزيرة ومتقنيهم.
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه فقال: صدوق ().
وأما عبد الرحمن بن يونس بنمحمد الرقي أبو محمد السرّاج، فقال أحمد: ما علمت منه إلا خيراً.
وقال الدارقطني: لا بأس به.
وذكره ابن حبان في الثقات,
وقال مسلمة بن قاسم: ثقة ().
وأما سليمان بن عمر بن خالد الرقي فذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ().
وخلاصة القول أن رواية عيسى بن يونس لهذه الزيادة محفوظة عنه، وأما رواية حفص بن غياث فإن رجالها ثقات، فأما شيخ ابن حبان فهو الحافظ الكبير صاحب الصحيح والتفسير أبو حفص عمر بن محمد بن بجير الهمداني، قال أبو سعد الإدريسي: كان فاضلاً خيّراً ثيتاً في الحديث له العناية التامة في كلب الآثار والرحلة ().
وأما شيخه فهو سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان الأموي أبو عثمان البغدادي، قال علي بن المديني: هو أثبت من أبيه، وقال يعقوب بن سفيان: هما ثبتان الأب والابن، وقال النسائي: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق ().
وأما رواية خالد بن الحارث فلم أقف على سندها كما أسلفت، ولكن قد ذكر ابن حبان أن الاروي عنه هو عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي، وهو ثقة روى عنه البخاري حديثاً ().
وأما رواية يحيى بن سعيد الأموي فهي من طريق أبي العباس عصم بن العباس الضبي، عن محمد بن هارون الحضرمي، عن سليمان بن عمر، عنه، كذا رواه البيهقي عن الحاكم، عن أبي العباس بهذا الإسناد.
ورواه الدارقطني عن أبي أحمد محمد بن هارون الحضرمي، عن سليمان بن عمر الرقّي فقال: عن عيسى بن يونس.
وهذا بخلاف ما رواه البيهقي إلا أن يكون سليمان بن عمر قد سمعه منهما جميعاً فذلك محتمل، وإلا فإن روايته عن عيسى بن يونس أولى بالترجيح لمتابعة الثقات له عليها، على أني لم أقف على ترجمة أبي العباس الضبي شيخ الحاكم، ولا على ترجمة أبي حامد الحضرمي شيخ الدارقطني.
ويستخلص ممّا تقدم أن حديث ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)) رواه ثلاثة من الثقات، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي ? وهم:
1ـ عيسى بن يونس، وهو ثقة مأمون، كما في التقريب.
2ـ خالد بن الحارث، وهو ثقة ثبت، كما في التقريب.
3ـ حفص بن غياث، وهو ثقة فقيه تغير حفظه قليلاً في الآخر كما في التقريب.
وهناك رابعة هي رواية يحيى بن سعيد الأموي، وهو صدوق يغرب كما في التقريب.
فإن كانت هذه الرواية محفوظة وإلا فالاعتماد على ما قبلها.
وقد جاء بهذا اللفظ منطريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً رواه عنه جماعة من الضعفاء ذكرهم الدارقطني فيما تقدم، ولا شك أنه ذكر روايتهم للاعتبار بها، فقد ذكر هذه الرواية بعد أن رواه من طريق عيسى بن يونس، عن ابن جريج.
ولهذا الحديث بهذا اللفظ شواهد يعضد بعضها بعضاً منها:
1ـ ما أخرجه الخطيب والبيهقي من طريق المغيرة بن موسى، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: ((لا نكاح إلا بولي وخاطب وشاهدي عدل)) وقد تقدم تخريجه.
(يُتْبَعُ)
(/)
2ـ وروى البيهقي بسنده عن ابن وهب أنبأنا الضحاك بن عثمان، عن عبد الجبار، عن الحسن أن رسول الله ? قال: ((لا يحل نكاح إلا بولي وصداق وشاهدي عدل)).
وروى البيهقي والدارقطني من طريق عدي بن الفضل بن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ?: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ... )).
فتبين من ذلك أن ما زاده عيسى بن يونس ومن تابعه عن ابن جريج في متن هذا الحديث زيادة صحيحة مقبولة.
الخلاصة
وخلاصة القول في حديث عائشة أنه حديث صحيح متصل لا يقدح في صحته ما ذكره ابن علية عن ابن جريج أنه لقي الزهري فسأله عن هذا الحديث فلم يعرفه، لأن ابن علية لم يتابعه على هذا القول أحد ممّن روى هذا الحديث عن ابن جريج، وقد رواه عنه نحو عشؤين رجلاً كما قال أبو القاسم بن مندة، وفيهم من يقدم في إتقان حديث ابن جريج وحفظه على غيره، كيحيى بن سعيد الأنصاري وحجاج بن محمد المصيصي وغيرهما، بخلاف سماع ابن علية منه فإنه سماع مدخول كما صرح بذلك ابن معين، وعلى تقدير صحة قول ابن علية هذا فإنه يجب قبول خبر الصادق وإن نسي من أخبره به، وسليمان بن موسى ثقة، وثقه ابن معين وابن سعد والدارقطني وغيرهم، وأثنى عليه الزهري وقال: إنه أحفظ من مكحول، وكذلك أثنى عليه عطاء وابن جريج وسعيد بن عبد العزيز ومع ذلك لم يتفرد به عن الزهري فقد تابعه حجاج بن أرطأة وجعفر بن ربيعة كلاهما عن الزهري كما سبق ذكره.
وكذلك روى هذا الحديث منطريق آخر عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة كما سبق.
وأما ما روي عن عائشة رضي الله عنها من تزويجها لحفصة منالمنذر بن الزبير فهو محمول على أنها مهدت أسباب التزويج ولم تتولّ العقد، وهو احتمال صحيح لما روي عنها من وجه آخر تقدم ذكره وفي آخره أنها قالت: ((إن المرأة لا تلي عقد النكاح)) وفي لفظ: ((إن النساء لا ينكحن)) فهذا موافق لروايتها المرفوعة وهو صريح في تأويل روايتها الموقوفة وحملها على ما ذكرنا.
ثم إن المعتبر عند أهل العلم ما رواه الراوي لا ما رآه كما حققه ابن القيم في إعلام الموقعين والخطيب في الفقيه والمتفقه وغيرهما.
وقد حكم لهذا الحديث بالصحة غير واحدمنن حفاظ الحديث، فقد صححه البيهقي والحاكم وابن حبان وابن الجوزي وابن حزم، وقال الترمذي: حديث حسن، وقال ابن عدي: وهذا حديث جليل وعليه الاعتماد في إبطال النكاح بغير ولي ().
وقد سبقهم إلى تصحيحه ابن معين فقد سئل عنه فقال: سليمان بن موسى ثقة وحديثه صحيح عندنا ().
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 08:06]ـ
4 - حديث ابن عباس
وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فروي عنه من ثلاث طرق
الطريق الأول:
قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا معمر بن سليما الرقي، عن الحجاج، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي ? قال: ((لا نكاح إلا بولي، والسلطان ولي منلا ولي له)) ().
وكذلكأخرجه البيهقي منطريق سهل بن عثمان، حدثنا ابن المبارك، عن حجاج به دون الجملة الأخيرة ().
وأخرجه البيهقي أيضاً من طريق أبي كريب، حدثنا ابن المبارك، عن الحجاج، عن الزهري، عن عائشة رضي الله عنها، وعن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله ?: ((لا نكاح إلا بولي)) وفي حديث الزهري ((والسلطان ولي من لا ولي له)) ().
وكذلك رواه ابن ماجة عنأبي كريب به ().
ففي رواية أبي كريب عن ابن المبارك أن هذه الجملة الأخيرة وهي قوله ((والسلطان ولي من لا ولي له)) من حديث عائشة لا من حديث ابن عباس، ثم وجدت لأبي كريب متابعاً عن ابن المبارك في كون هذه الجملة من حديث عائشة.
فقد أخرجه البيهقي من طريق الأسود بن عامر، عن ابن المبارك به، دون أن يذكر حديث عكرمة عن ابن عباس ().
قلت: ومداره على الحجاج وهو ابن أرطأة وهو مدلس، ومع ذلك لم يسمع من عكرمة ولا من الزهري شيئاً كذا قال البخاري وأحمد ().
قال الحافظ في التلخيص: وغلط بعض الرواة فرواه عن ابن المبارك، عن خالد الحدّاء، عن عكرمة، والصواب الحجاج بدل خالد ().
قلت: وهذه الرواية التي أشار إليها الحافظ رواها الطبراني في معجمه الكبير فقال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا سهل بن عثمان، حدثنا ابن المبارك، عن خالد الحدّاء، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ?: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: وسهل بن عثمان ثقة، والحسين بن إسحاق لم أقف على ترجمته فالظاهر أن الوهم منه.
وممّا يؤكد ما قلت أن البيهقي قد أخرجه من طريق سعيد بن عثمان الأهوازي، حدثنا سهل بن عثمان، حدثنا ابن المبارك، عن حجاج فذكره ().
ولعلّ الحافظ قد وقف على رواية البيهقي الآنفة الذكر، فلذلك جزم بأن قوله "عن خالد الحداء" غلط وأن الصواب "عن حجاج”.
وقد توبع سهل بن عثمان، عن ابن المبارك على قوله "عن حجاج"، تابعه أبو كريب كما تقدم ذكره.
ثم إن الراوي عن سهل بن عثمان ـ وهو سعيد بن عثمان ـ ثقة أيضاً ()، فلا شك أن قوله "عن خالد الحداء" وهم كما قال الحافظ في التلخيص.
وقد وقع وهم آخر في رواية أخرى عند الطبراني أيضاً وهذا سياقها:
قال رحمه الله: حدثنا حميد بن أبي مخلد الواسطي، حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي ()، حدثنا معمر بن سليمان الرقّي، عن حجاج، عن عطاء، عن ابن عباس أن النبي ? قال: ((لا نكاح إلا بولي، والسلطان ولي من لا ولي له)) ().
قلت: وقوله "عن عطاء" وهم، والصواب "عن عكرمة" كما رواه الإمام أحمد وقد تقدمت روايته.
الطريق الثاني
قال الطبراني في معجمه الكبير: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وبشر بن المفضل قالا: حدثنا سفيان، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن النبي ? قال: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات، لكنه قد أعل بالوقف كما سنذكره.
وقال في الأوسط: حدثنا أحمد بن القاسم، حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا عبد الله بن داود وبشر بن المفضل وعبد الرحمن بن مهدي كلهم عن سفيان بلفظ ((لا نكاح إلا بإذن ولي مرشد أو سلطان)) ().
وقال لم يوره مسنداً عن سفيان إلا هؤلاء الثلاثة، تفرد به القواريري.
قلت: وهو ثقة ثبت كما قال الحافظ في التقريب.
وأخرجه البيهقي من طريق معاذ بن المثنى، حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا عبد الله بن داود سمعه من سفيان ذكره عن ابن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال عبيد الله: وحدثنا بشر بن منصور وعبد الرحمن بن مهدي جميعاً قالا: حدثنا سفيان، عن ابن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي ? إن شاء الله فذكره ().
قال البيهقي: كذا قال أبو المثنى معاذ بن المثنى، ورواه غيره عن عبيد الله القواريري فقال: قال رسول الله ? من غير استثناء.
قال البيهقي: تفرد به القواريري مرفوعاً والقواريري ثقة، إلا أن المشهور بهذا الإسناد موقوف على ابن عباس رضي الله عنهما.
ثم روي منطريق عبدالرزاق، عن الثوري، عن ابن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما ولم يرفعه.
ومن طريق سعيد بن منصور، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن جعفر بن الحارث، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((لا نكاح إلا بولي أو سلطان، فإن أنكحها سفيه أو مسخوط عليه فلا نكاح له)).
ثم رواه من طريق عدي بن المفضل، أنبأنا عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ?: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، فإن أنكحها ولي مسخوط عليه فنكاحها باطل)) ().
ثم قال: كذا رواه عدي بن المفضل وهو ضعيف، والصحيح موقوف.
وقال الدارقطني بعد أن رواه من هذا الطريق: رفعه عدي بن المفضل ولم يرفعه غيره ().
قلت: ورواه الشافعي عن مسلم، عن ابن خثيم به ولم يرفعه ().
ورواه أبو بكر بن أبي شيبة، عن وكيع، عن سفيان، عن ابن خثيم كذلك ().
ولذلك رجح البيهقي وقفه.
فأما ما رفعه القواريري عن سفيان، عن ابن خثيم فقد ذكر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني أنه وجدله متابعاً فقال: أخرجه أبو الحسن في الفوائد المنتقاة من طريق مؤمل بن إسماعيل، عن سفيان الثوري به بلفظ القواريري، وقال أبو الفتح بن أبي الفوارس في منتقى الفوائد: حديث غريب من حديث الثوري، تفرد به مؤمل بن إسماعيل عن سفيان والمحفوظ عن سفيان موقوف ().
قلت: وكأنّ ابن أبي الفوارس لم يقف على رواية القواريري ولذلك قال: غريب من حديث الثوري ... إلى آخر كلامه.
الطريق الثالث
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الطبراني في الكبير: حدثنا العباس بن الفضل الأسقاطي ()، حدثنا عبد الرحمن بن المبارك، حدثنا الربيع بن بدر، حدثنا النهّاس بن قهم ()، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ?: ((لا يكون نكاح إلا بولي، وشاهدين، ومهر ما كان قلّ أو كثر)) ().
وكذلك رواه ابن الجوزي في العلل المتناهية من طريق قتيبة بن سعيد، عن الربيع بن بدر بهذا الإسناد، ولفظه: ((البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن لا يجوزالنكاح إلا بولي ... )) والباقي سواء، وقال: هذا حديث لا يصح عن رسول الله ? والمتهم به النهاس قال يحيى: النهاس ضعيف، كان يروي عن عطاء، عن ابن عباس أشياء منكرة، وكان ابن مهدي يقول: لا يساوي النهاس شيئاً ().اهـ
قلت: والرواي عنه وهو الربيع بن بدر متروك كما في التقريب، لكن قد روي عن عطاء من طريق آخر بغير هذا اللفظ، فقال الطبراني: حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني، حدثنا سعيد بن سليمان، عن منصور بن أبي الأسود، عن أبي يعقوب، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن ابنعباس قال: قال رسول الله ? ((أيما امرأة تزوجت بغير ولي فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، وإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له)) ().
قال الهيثمي: وفيه أبو يعقوب غير مسمى فإن كان هو التوأم فقد وثقه ابن حبان وضعفه ابن معين، وإن كان غيره فلم أعرفه وبقية رجاله ثقات ().
أقول: وسعيد بن سليمان هو الواسطي المعروف بسعدويه، وهو ثقة ()، ومنصور بن أبي الأسود وثقه ابنمعين وابن حبان ().
الخلاصة
وخلاصة القول أن حديث ابن عباس روي عنه من ثلاث طرق.
فأما الطريق الأول: فرواه ابن المبارك وغيره عن حجاج بن أرطأة، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ ((لا نكاح إلا بولي))، وفي رواية معمّر ((والسلطان ولي من لا ولي له))، والأصح أن هذه الزيادة من حديث عائشة لا من حديث ابن عباس، وهذا الطريق مداره على الحجاج وهو يدلس عن الضعفاء ()، ومع ذلك فإنه لم يسمع من عكرمة كما قال البخاري وأحمد فهذا الطرثق فيه ضعف.
وأما الثاني: فرواه سفيان الثوري، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، واختلف في رفعه ووقفه على الثوري.
فرواه عبيد الله بن عمر القواريري عن ابن مهدي وغيره عن سفيان بهذا الإسناد مرفوعاً، والقواريري ثقة، وتابعه مؤمل بن إسماعيل عن سفيان على رفعه.
ورواه عبد الرزاق، عن سفيان فلم يرفعه، وتابعه غير واحد عن سفيان على وقفه.
واختلف فيه كذلك على ابن خثيم فروي عنه كما تقدم، ورواه مسلم بن خالد وجعفر بن الحارث عن ابن خثيم موقوفاً.
ورواه عدي بن الفضل عنه مرفوعاً، ولكنه ضعيف، وقد رجح البيهقي الوقف، ولا مناص من القول بترجيح الوقف على الرفع، لأن أكثر أصحاب سفيان رووه عنه موقوفاً، ورواه جماعة عن ابن خثيم كذلك، فالوقف في نظري أولى بالترجيح والله أعلم ().
وأما الطريق الثالث: فروي عن عطاء، عن ابن عباس من وجهين:
أحدهما: ما رواه الربيع بن بدر، عن النهاس، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً، وهذا ضعيف جداً.
والثاني: ما رواه سعدويه، عن منصور بن أ [ي الأسود، عن أبي يعقوب، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً ورجاله ثقات كما قال الهيثمي غير أبي يعقوب فقد تقدم قوله فيه ().
فأما عن ابن عباس فهو في غاية الصحة، وأما عن النبي ? فإن صحته ممكنة لرواية القواريري له عن سفيان ومتابعة مؤمل له، ورواية عدي عن ابن خثيم، ورواية الحجاج له من وجه آخر.
فائدة:
ثم وجدت لحديث ابن عباس طريقاً رابعاً لكنه موقوف.
فقد أخرجه البيهقي منطريق يعقوب بن سفيان، حدثنا ابن بشار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن محمد بن خالد، عن رجل يقال له الحكم، عن ابن عباس قال: ((لا نكاخ إلا بأربعة: ولي وشاهدين وخاطب)) ().
قال البيهقي: وله شاهد عن ابنعباس بإسناد منقطع، ثم أخرجه من طريق ابن المبارك، عن همّام، عن قتادة، عن ابن عباس قال: ((لا نكاح إلا بأربع: خاطب وولي وشاهدين)) ().
ثم قال: هذا إسناد صحيح، إلا أن قتادة لم يدرك ابن عباس () وروي من وجه آخر ضعيف عن ابنعباس مرفوعاً والمشهور عنه موقوف.
قال: وروي ذلك عن النبي ? من وجه آخر.
قلت: ثم ساقه من طريق المغيرة بن موسى، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعاً ()، وقد تقدم ذكره، وهو شاهد قوي لهذا الموقوف.
ثم تعقبه بقوله: وروي ذلك أيضاً من وجه آخر ضعيف عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً، ومن وجه آخر ضعيف عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً.
قلت: أما طريق أبي سلمة عن أبي هريرة فلم أقف عليه.
وأما طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فأخرجه الدارقطني منطريق الزبير بن بكار، حدثنا خالد بن الوضاح، عن أبي الخصيب ()، عن هشام بن () عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله ?: ((لا بدّ في النكاح من أربعة: الولي والزوج والشاهدين)) ().
قال الدارقطني: أبو الخصيب مجهول، واسمه نافع بن ميسرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 08:08]ـ
5ـ حديث ابن عمر
وأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال الدارقطني رحمه الله:
حدثنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا أبو خرسان محمد بن أحمد بن السكن (ح) وحدثنا محمد بن مخلد ومحمد بن عبد الله بن الحسين العلاف وعثمان بن أحمد بن السماك قالوا: حدثنا عبد الله بن أبي سعد قالا: حدثنا إسحاق بن هشام التمار، حدثنا ثابت بن زهير، حدثنا نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله ?: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)) ().
قلت: وفي سنده ثابت بن زهير، قال البخاري: منكر الحديث.
وقال ابن عدي: يخالف الثقات في المتن والسند.
وقال النسائي: ليس بثقة ().
وإسحاق بن هشام لم أقف على ترجمته ().
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 08:09]ـ
6ـ حديث عمران بن حصين
وأما حديث عمران بن حصين ? فرواه عبد الرزاق عن عبد الله بن محرر ()، عن قتادة، عن الحسن، عن عمران بن الحصين قال: قال رسول الله ?: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)) ().
وكذلك أخرجه البيهقي منطريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن عبد الله بن محرّر بهذا الإسناد ().
وقال: عبد الله بن محرر متروك لا يحتج به.
قلت: وأخرجه الدارقطني من طريق بكر بن بكار، حدثنا عبد الله بن محرّر، عن قتادة، عن الحسن، عن عمران بن حصين، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ? فذكره ().
قلت: وبكر بن بكار ضعيف، ولذلك أشار إليه البيهقي بقوله: وقد قيل عنه ـ يعني عبد الله بنمحرر ـ عن قتادة، عن الحسن، عن عمران، عن ابن مسعود ? عن النبي ? وليس بشيء.
قلت: وإنما قال البيهقي ذلك، لأن أبا نعيم وعبد الرزاق اتفقا على روايته عن عبد اله بن محرر، عن قتادة، عن الحسن، عن عمران بن حصين، وخالفهما بكر بن بكار فزاد فيه "عن عبد الله بن مسعود" وعلى كل حال فالإسناد ضعيف لضعف عبد الله بن محرر ().
وقد رواه البيهقي بإسناد أصلح من هذا وإن كان مرسلاً فقال:
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق الزكي وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا ابن وهب، أنبأنا الضحاك بن عثمان، عن عبد الجبار، عن الحسن أن رسول اله ? قال: ((لا يحلّ نكاح إلا بولي، وصداق، وشاهدي عدل)) ().
قلت: وهذا مرسل رجاله ثقات، والضحاك بن عثمان وثقه غير واحد ()، وعبد الجبار الظاهر أنه ابن وائل بن حجر.
قال الشافعي رحمه الله: وهذا وإن كان منقطعاً دون النبي ? فإن أكثر أهل العلم يقول به، ويقول: الفرق بين النكاح والسفاح الشهود ().
ـ[ابن رجب]ــــــــ[25 - Oct-2007, مساء 08:22]ـ
بارك الله فيكم ياشيخ محمد
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 10:58]ـ
وفيك بارك الله أخي الكريم ...
7ـ حديث أبي أمامة
وأما حديث أبي أمامة رضي الله عنه فقال الطبراني:
حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا الحسين بن عمرو العنقري ()، حدثنا محمد بن الصلت، حدثنا عمر بن صهبان، عن أبي الزناد، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله ?: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
قلت: وهذا إسناد ضعيف، لضعف عمر بن صهبان هذا ()، وكذا الحسين بن عمرو العنقزي ().
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 11:00]ـ
8ـ حديث معاذ بن جبل
وأما حديث معاذ بن جبل ? فقال الخطيب في تاريخه:
أخبرنا محمد بن إسماعيل الداودي، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدثنا محمد بن الحسين بن محمد بن حاتم، حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطبري، حدثنا الحسين بن إسماعيل بن خالد الطبري، حدثنا يوسف بن سعيد () أبو المثنى، عن أبي عصمة، عن مقاتل بن حيان، عن قبيصة بن ذؤيب، عن معاذ بنجبل، عن النبي ? قال: ((أيما امرأة زوجت نفسها من غير ولي فهي زانية)) ().
قلت: وكذا رواه ابن الجوزي في العلل المتناهية () من طريق الخطيب بهذا الإسناد ثم قال: وهذا لا يصح، أبو عصمة اسمه نوح بن أبي مريم قال يحيى: ليس بشيء، ولا يكتب حديثه، وقال السعدي: سقط حديثه، وقال مسلم بن الحجاج والرازي والدارقطني: متروك، وقال أبو عبد الله الحاكم: نوح وضع حديث فضائل القرآن. اهـ
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 11:02]ـ
9ـ حديث جابر بن عبد الله
وأما حديث جابر ? فقال أبو بكر الخطيب في تاريخخ:
(يُتْبَعُ)
(/)
أخبرنا محمد بن عمر الداودي، حدثنا عبد الله بن محمد الشاهد، حدثنا العباس بن أحمد المذكر، حدثنا داود بن علي بن خلف، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، حدثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله ?: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
قال أبو بكر: وبإسناده عن الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ?: ((من آذى ذمياً فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة، قال أبو بكر: هذان الحديثان منكران بهذا الإسناد، والحمل فيهما عندي على المذكر، فإنه غير ثقة.
قلت: أما حديث جابر فليس بمنكر، فقد قال الطبراني في معجمه الوسط: حدثنا علي بن سعيد الرازي، حدثنا محمد بن عباس بن الوليد الريبوني، حدثنا عمرو بن عثمان الرقي، حدثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله ?: ((لا نكاح إلا بولي، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له)) ().
قلت: وعمرو بن عثمان الرقي ضعيف ().
ومحمد بن عباس بن الوليد الزيتوني لم أقف على ترجمته.
ومع ذلك فإن أبا سفيان واسمه طلحة بن نافع في سماعه من جابر مقال.
قال أبو خيثمة عن ابن عيينة: حديث أبي سفيان عن جابر إنما هي صحيفة، وكذا قال وكيع عن شعبة.
وفي العلل الكبير لعلي بنالمديني: أبو سفيان لم يسمع من جابر إلا أربعة أحاديث، وفيها: أبو سفيان يكتب حديثه وليس بالقوي.
وعند البخاري: قال مسدد، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان جاورت جابرا بمكة ستة أشهر.
وقال ابن عدي: لا بأس به روى عنه الأعمش أحاديث مستقيمة ().
قلت: وقوله "جاورت جابراً بمكة ستة أشهر" يدل على أنه سمع منه سماعاً صحيحاً ولذلك قال البخاري: كان يزيد أبو خالد الدالاني يقول: أبو سفيان لم يسمع من جابر إلا أربعة أحاديث، وما يدريه أولا يرضي أن ينجو رأساً برأس حتى يقول مثل هذا ().
قلت: وللحديث طريقان آخران
فقد أخرجه الطبراني في الأوسط منطريق عبد الله بن بزيع، عن هشام القردوسي، عن عطاء، عن جابر به ().
وعبد الله بن بزيع قال الذهبي في الضعفاء: لينه الدارقطني.
وأخرجه الطبراني أيضاً من طريق قطن بن نسير الذراع، حدثنا عمرو بن النعمان الباهلي، حدثنا محمد بن عبد الملك، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً بلفظ ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)) ().
قلت: وسنده ضعيف، قطن بن نسير الذراع قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عنه فرأيته يحمل عليه، وذكر أنه روى أحاديث عن جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس ممّا أنكر عليه.
وقال ابن عدي: كان يسرق الحديث ويوصله.
قال ابن عدي: حدثنا البغوي، حدثنا القواريري، حدثنا جعفر، عن ثابت بحديث ((ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها)) () فقال رجل للقواريري: إن شيخنا يحدث به عن جعفر، عن ثابت، عن أنس، فقال القواريري: باطل.
قال ابن عدي: وهو كما قال.
وذكره ابن حبان في الثقات، وروى له مسلم حديثاً واحداً في فضل ثابت بن قيس بن شماس ().
وعمرو بن النعمان الباهلي، قال أبو حاتم: ليس به بأس صدوق.
وقال ابن عدي: روى عن جماعة من الضعفاء أحاديث منكرة، ولا أدري البلاء منه أو من الضعيف الذي روى هو عنه.
وذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه البزار ().
وأما محمد بن عبد الملك فتوقف في معرفته الهيثمي ثم الألباني.
قال الهيثمي: فإن كان هو الواسطي الكبير فهو ثقة، وإلا فلم أعرفه وبقية رجاله ثقات.
وتعقبه الألباني بقوله: الواسطي هذا لم يوثقه غير ابن حبان، ومع ذلك فقد رماه بالتدليس، فقال في الثقات: يءعتبر حديثه إذا بين السماع، فإنه كان مدلساً ().
قلت: وكذلك أبو الزبير المكي، فإنه مدلس أيضاً.
ـ[أبو ريان المدني]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 11:02]ـ
ما شاء الله بارك الله فيك جهد مبارك
وفقك الله
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 11:03]ـ
10ـ حديث عبد الله بن عمرو
وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فقال إسحاق بن راهويه في مسنده:
حدثنا عبد الله بن عصمة النصبي، حدثنا حمزة بن أبي حمزة، عن عطاء، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ? قال: ((أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فإن كان دخل بها فلها صداقها بما استحل من فرجها ويفرق بينهما، وإن كان لم يدخل بها فرق بينهما والسلطان ولي من لا ولي له)) ().
وكذلك أخرجه أبو نعيم في الحلية من طريق إسحاق به ().
(يُتْبَعُ)
(/)
وزاد في آخره: قال إسحاق: قد أدرك حمزة عطاء ومكحولاً.
قال أبو نعيم: هذا حديث غريب من حديث عطاء، عن عبد الله، تفرد بلفظة التفريق، وروي عن عروة، عن عائشة مثله في إبطال النكاح من دون لفظة التفريق.
قلت: وعبد الله بن عصمة هذا قال في ابن عدي: رأيت له مناكير، ولم أر للمتقدمين فيه كلاماً ().
وحمزة بن أبي حمزة أسوأ منه حالاً، قال ابن عدي: عامّة ما يرويه مناكير موضوعة، وقال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث ().
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 11:06]ـ
11ـ حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه
وأما حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقد روي عنه مرفوعاً وموقوفاً.
فأما المرفوع فله عنه طرق:
الأول: ما رواه الخطيب في تاريخه بسنده عن الدارقكني قال: نبأنا محمد بن مخلد قال: نبأنا محمد بن الحسين البندار أبو جعفر قال: نبأنا أبو الربيع قال: نبأنا عباد بن العوام قال: نبأنا الحجاج، عن حصين، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي قال: قال رسول الله ?: ((لا نكاح إلا بولي، ولا نكاح إلا بشهود)) ().
قال علي بن عمر ـ يعني الدارقطني ـ: هكذا حدثناه ابنمخلد مرفوعاً.
قال الشيخ أبو بكر الخطيب: رواه معلى بن منصور، عن عباد بن العوام موقوفاً من قول علي، وكذلك رواه أبو خالد الأحمر ويزيد بن هارون عن حجاج موقوفاً.
قلت: أخرجه البيهقي من طريق أبي كريب، حدثنا أبو خالد الأحمر وعبيد بن زياد الفراء عن حجاج، عن حصين، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي ? قال: فذكره ().
ثم قال: رواه يزيد بن هارون عن حجاج وقال: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)).
قلت: وأيما كان مرفوعاً أو موقوفاً ففي سنده الحارث الأعور وقد كذبه الشعبي.
الثاني: وروى الخطيب في تاريخه في ترجمة الحسين بن أحمد () بسنده عنه حدثنا أبي أحمد الناصر وإسماعيل بن إبراهيم الفقيه قالا: حدثنا يحيى الهادي بن الحسين، حدثني أبي () الحسين، عن أبيه القاسم، عن أبي بكر بن أبي أويس، عن حسين بن عبد الله بن ضميرة ()، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب ? قال: قال رسول الله ?: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدين)) ().
قلت: وفي سنده حسين بن عبد الله بن ضميرة، كذبه مالك، وقال أبو حاتم: متروك الحديث كذّاب، وقال البخاري: منكر الحديث ضعيف ().
الثالث: قال الزيلعي: وأخرجه ابن عدي في الكامل عن عمر بن صبيح بن عمران التميمي، عن مقاتل بن حيان، عن الأصبغ بن ثعلبة، عن علي، عن النبي ? قال: ((أيما امرأة تزوجت بغير إذن ولي فنكاحها باطل، فإن لم يكن لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي له)) وضعفه بعمر بن صبيح قال: وقد اضطرب فيه، فمرة رواه هكذا ومرة رواه عن مقاتل، عن قبيصة، عن معاذ ().اهـ
الرابع: عن أبي حنيفة، عن خصيف، عن () جابر بن عقيل، عن علي ? أن النبي ? قال: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدين، من نكح بغير ولي وشاهدين فنكاحه باطل)) ().
قلت: وخصيف ضعيف، وجابر بنعقيل لم أعرفه.
ويستخلص ممّا تقدم أن هذه الطرق كلها ضعيفة ولا يعضد بعضها بعضاً لشدة ضعفها، فالحديث لا يثبت مرفوعاً عنعلي ?.
وأما الموقوف فقال البيهقي رحمه الله:
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا أحمد بن عبد الحميد، حدثنا أبو أسامة، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن معاوية بن سويد ـ يعني ابن مقرن ـ عن أبيه، عن علي ? قال: ((أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل لا نكاح إلا بإذن ولي)) ().
قال البيهقي: هذا إسناد صحيح، وقد روي عن علي ? بأسانيد أخر وإن كان الاعتماد على هذا دونها.
ثم أخرجه من طريق عمرو بن علي ـ الفلاس ـ حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن هشيم، عن مجالد، عن الشعبي أن عمر وعلياً رضي الله عنهما وشريحاً ومسروقاً رحمهما الله قالوا: ((لا نكاح إلا بولي)) ().
وأخرجه من طريق محمد بن إسحاق ـ الصاغاني ـ حدثنا عفان، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا مجالد، عن الشعبي قال: قال علي وعبد الله ـ يعني ابن مسعود ـ وشريح: ((لا نكاح إلا بولي)).
ثم قال: وروي من وجه آخر عن مجالد، عن الشعبي أنه قال: ما كان أحد من أصحاب النبي ? أشدّ في النكاح بغير ولي من علي بن أبي طالب ? حتى كان يضرب فيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو الوليد، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو خالد، حدثنا مجالد، عن الشعبي فذكره.
وكذلك أخرجه الدارقطني من طريق أبي بكر بن أبي شيبة به ().
قلت: والشعبي هو عامر بن شراحيل وهو تابعي جليل قال مكحول: ما رأيت أفقه منه، وقال ابن عيينة: كانت الناس تقول بعد الصحابة: ابن عباس في زمانه والشعبي في زمانه، وقال ابن معين: إذا حدث عن رجل فسماه فهو ثقة يحتج بحديثه، وقال ابن معين وأبو زرعة وغير واحد: الشعبي ثقة، وقال الآجري عن أبي داود: مرسل الشعبي أحبّ إليّ من مرسل النخعي ().
قلت: لكن مجالد بن سعيد ليس بالقوي كما قال الحافظ في التقريب.
وقال الدارقطني: حدثنا أبو بكر النيسابوري، حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا يزيد بن أبي حكيم، حدثنا سفيان، عن جويبر، عن الضحاك، عن النزال بن سبرة، عن علي عليه السلام قال: ((لا نكاح إلا بإذن ولي، فمن نكح أو أنكح بغير إذن ولي فنكاحه باطل)) ().
قلت: وجويبر هو ابن سعيد وهو ضعيف جداً كما في التقريب.
وقال عبد الرزاق: عن قيس بن الربيع، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ، عن علي قال: ((لا نكاح إلا بولي يأذن)) ().
قال البيهقي رحمه الله: وروينا عن علي ? أنه أجاز إنكاح الخال أو الأم.
ثم روى بإسناده عن قبيصة، عن سفيان، عن أبي قيس، عن هزيل أن علياً ? أجاز نكاح الخال ().
قلت: ورواه عبد الرزاق، عن الثوري، عن أبي قيس، عن هزيل أن امرأة زوّجتها أمها وخالها فأجاز علي نكاحها ().
قال البيهقي: وقد روي عن أبي قيس الأودي عمّن أخبره عن علي ? أنه أجاز نكاح امرأة زوّجتها أمها رضا منها، ثم أسنده عن سعيد بن منصور، حدثنا أبو معاوية، حدثنا أبو إسحاق الشيباني، عن أبي قيس الأودي فذكره.
قال البيهقي: وقد قيل عن الشيباني، عن أبي قيس الأودي أن امرأة من عائذ الله يقال لها سلمة زوّجتها أمها وأهلها فرفع ذلك إلى علي ? فقال: أليس دخل بها؟ فالنكاح جائز، ثم أسنده عن سعيد بن منصور، حدثنا هشيم، أنبأنا الشيباني فذكره.
قال البيهقي: رواه أبو عوانة وابن إدريس عن الشيباني، عن بحرية بنت هانئ بن قبيصة أنها زوجت نفسها بالقعقاع بن شور وبات عندها ليلة وجاء أبوها فاستهدى علياً ? فقال: أدخلت بها؟ قال: نعم فأجاز النكاح.
قال البيهقي: وهذا الأثر مختلف في إسناده متنه، ومداره على أبي قيس الأودي، وهو مختلف في عدالته، وبحرية مجهولة، واشتراط الدخول في تصحيح النكاح إن كان ثابتاً، والدخول لا يبيح الحرام.
والإسناد الأول عن علي ? في اشتراط الولي إسناد صحيح، فالاعتماد عليه وبالله التوفيق.
الخلاصة:
وخلاصة القول أن حديث علي ? قد روي من طرق كثيرة مرفوعاً وموقوفاً، أما المرفوع فهو ضعيف من جميع طرقه، ولا يرتقي إلى درجة الحسن، لأن أسانيده لا تخلو عن مجروح شديد الجرح أو مجهول لا تعرف عدالته فلذلك لا يصح رفعه.
وأما الموقوف فقد صح عن علي ? من الطريق الذي صححه البيهقي، وهو ما رواه سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن معاوية بن سويد، عن أبيه، عن علي وهو شاهد قوي لحديث عائشة الذي رواه ابن جريج وإن كان موقوفاً.
وقد جاء من وجه آخر وهو ما رواه عبد الرزاق عن قيس بن الربيع، عن عاصم، عن زر بن جبيش، عن علي، وسنده جيد.
ثم إن رواية مجالد عن الشعبي ـ وإن كانت مرسلة ـ يعضدها ما روي عن علي من الوجهين السابقين، وكذلك رواية جويبر، عن الضحاك بن مزاحم، عن النزّال بن سبرة، عن علي، فجميع هذه الروايات يشدّ بعضها بعضاً.
أما ما روي عن علي أنه أجاز نكاح امرأة زوجتها أمها وخالها فهو مختلف في سنده ومتنه اختلافاً كثيراً، ومع ذلك فالأحاديث الصحيحة على خلافه، بل هو معارض بما صح عن علي نفسه كما تقدم والله أعلم.
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 11:08]ـ
12ـ حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه
وأما حديث عمر بن الخطاب ? فقد روي عنه موقوفاً من طرق.
1ـ قال البيهقي رحمه الله:
أخبرنا أبوالحسين بن بشران ببغداد، أنبأنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا معاذ بن معاذ، عن عمران القصير، عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب ?: ((أيما امرأة لم ينكحها الولي أو الولاة فنكاحها باطل)) ().
قلت: وهو منقطع، الحسن لم يدرك عمر.
(يُتْبَعُ)
(/)
2ـ قال البيهقي: وأخبرنا أبو زكريا، حدثنا أبو العباس، أنبأنا الربيع، أنبأنا الشافعي، أنبأنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عبد الرحمن بن معبد بن عمير أن عمر ? ردّ نكاح امرأة نكحت بغير ولي ().
قلت: ورجاله ثقات رجال الصحيح غير ابن معبد هذا فقد ترجمه البخاري وابن أبي حاتم فقالا: عبد الرحمن بن معبد بن عمير ـ زاد البخاري ـ ابن أخي عبيد بن عمير الليثي، روى عن عمر وعلي رضي الله عنهما، روى عنه عمرو بن دينار المكي، منقطع ().
وكذلك ذكره ابن حبان في ثقات التابعين ولم يذكر قولهما "منقطع" ().
والذي يظهر لي أن البخاري يريد بذلك أن حديثه عن عمر وعلي منقطع.
3ـ قال الدارقطني رحمه الله: حدثنا أبو بكر النيسابوري، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا روح، حدثنا ابن جريج، أخبرني عبد الحميد بن جبير بن شيبة، عن عكرمة بن خالد قال: جمعت الطريق ركباً فجعلت امرأة منهم ثيّب أمرها بيد رجل غير ولي فأنكحها فبلغ ذلك عمر فجلد الناكح والمنكح، ورد نكاحها ().
وكذلك رواه البيهقي عن أبي بكر بن الحارث عن الدارقطني بهذا الإسناد ().
قلت: وهو منقطع أيضاً، قال أحمد بن حنبل: عكرمة بن خالد لم يسمع من عمر وسمع من ابنه ().
4ـ قال الدارقطني رحمه الله: حدثنا أبو بكر النيسابوري، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشجّ أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: عن عمر بن الخطاب ? قال: ((لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذي الرأي من أهلها أو السلطان)) ().
وكذلك رواه البيهقي عن أبي بكر بن الحارث عن الدارقطني بهذا الإسناد ().
قلت: ورجاله ثقات، لكنه منقطع أيضاً، سعيد بن المسيب لم يسمع من عمر كما سيأتي.
5ـ قال البيهقي رحمه الله: أخبرنا أبو حامد أحمد بن علي الحافظ، أنبأنا زاهر بن أحمد، أنبأنا أبو بكر بن زياد النيسابوري، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن وسعيد بن المسيب أن عمر ? قال: ((لا نكاح إلا بولي، وشاهدي عدل)) ().
ثم قال: هذا إسناد صحيح، وابن المسيب كان يقال له راوية عمر، وكان ابن عمر يرسل إليه يسأله عن بعض شأن عمر وأمره.
قلت: وسعيد بن المسيب أحد الأئمة الكبار المحتج بمراسيلهم، ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر ? قال أبو حاتم: لا يصح له سماع منه إلا رؤية رآه على المنبر ينعى النعمان بن مقرن ?.
وقال يحيى القطان: سعيد بن المسيب عن عمر مرسل يدخل في المسند على المجاز.
وقال أبو طالب: قلت لأحمد: سعيد بن المسيب؟ فقال: ومن مثل سعيد، ثقة من أهل الخير، فقلت له: سعيد عن عمر حجة؟ قال: هو عندنا حجة قد رأى عمر وسمع منه، وإذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يقبل؟!.
قلت: وقوله "قد رأى عمر وسمع منه" ليس معناه أنه سمع منه جميع مروياته، وإنما يعني أنه سمع منه شيئاً يسيراً وهو صغير، لأنه قد أدرك ثمان سنين من خلافة عمر ? وممّا يدل على ذلك ما رواه ابن سعد في الطبقات:
قال رحمه الله: أخبرنا سعيد بن منصور قال: حدثنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: ولدت لسنتين مضتا من خلافة عمر بن الخطاب، وكانت خلافته عشر سنين وأربعة أشهر ().
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات أثبات.
وأما تصحيح البيهقي لحديث سعيد بن المسيب عن عمر فهو من باب تصحيح مراسيله فإنها صحيحة عندهم، لا سيما وهذا مسند عن عمر وهو من أحفظ الناس لأخباره كما أشار إليه البيهقي.
وقال الليث عن يحيى بن سعيد: كان ابن المسيب يسمى راوية عمر، كان أحفظ الناس لأحكامه وأقضيته.
وقال الميموني وحنبل عن أحمد: مرسلات سعيد صحاح، لا نرى أصح من مرسلاته.
وقال الربيع عن الشافعي: إرسال ابن المسيب عندنا حسن.
وروى ابن مندة في الوصية عن يزيد بن أبي مالك قال: كنت عند سعيد بن المسيب فحدثني بحديث فقلت له: من حدثك يا أبا محمد بهذا؟ فقال: يا أخا أهل الشام خذ ولا تسأل، فإنا لا نأخذ إلا عن الثقات.
وروى مسدد في مسنده عن ابن أبي عدي، حدثنا داود ـ وهو ابن أبي هند ـ عن سعيد بن المسيب قال: سمعت عمر بن الخطاب على هذا المنبر يقول: فذكر حديثاً في الرجم، قال الحافظ: هذا الإسناد على شرط مسلم.
قلت: قد صرح فيه بسماعه من عمر كما ترى، وهذا معنى ما أشار إليه أحمد كما تقدم ذكره.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال البخاري: قال لي علي عن أبي داود، عن شعبة، عن إياس بن معاوية قال لي سعيد بن المسيب: ممّن أنت؟ قلت: من مزينة، قال: إني لأذكر يوم نعى عمر بن الخطاب النعمان بن مقرن على المنبر ().
6ـ قال عبد الله بن أحمد رحمه الله: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا حصين، عن بكر بن عبد الله قال: كتب عمر بن الخطاب إلى الأمصار: ((أيما امرأة تزوجت عبدها، أو تزوجت بغير بينة ولا ولي فاضربوها وفرقوا بينهما ().
قلت: وهذا مرسل صحيح الإسناد، رجاله ثقات رجال الشيخين، بكر بن عبد الله المزني تابعي فقيه أدرك جماعة من الصحابة، ولم يدرك عمر، قال ابن سعد: كان ثقة ثبتاً مأموناً حجة، وكان فقيهاً ().
وحصين هو ابن عبد الرحمن السلمي، وهو تابعي أيضاً، وقد قيل إنه تغير حفظه في آخره، لكن هشيم من أثبت الناس في حديثه.
قال أسلم بن سهل في تاريخ واسط: حدثنا أحمد بن سنان، سمعت عبدالرحمن يقول: هشيم عن حصين أحب إليّ من سفيان، وهشيم أعلم الناس بحديث حصين ().
الخلاصة
وخلاصة القول أن هذه الآثار التي رويت عن عمر ? آثار متعاضدة يشدّ بعضها بعضاً، وإن كانت أسانيدها لا تخلو عن إرسال فإن مراسيل ابن المسيب صحيحة عندهم، لا سيما ومرسله هذا مسند عن عمر وهو من أعلم الناس بأحكامه وأقضيته، ولذا صححه البيهقي كما تقدم، ثم إن له شواهد مرفوعة ومنها:
مرسل الحسن البصري الذي قال الشافعي فيه: إن أكثر أهل العلم يقول به.
ومنها: حديث المغيرة بن موسى عن هشام عن ابن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعاً وكلها بلفظ ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)).
هذا من حيث إثبات اشتراط الشهادة في عقد النكاح، وأما اشتراط الولي فإن الأحاديث الصحيحة المسندة عن رسول الله ? والآثار الثابتة عن الصحابة صريحة الدلالة على إثباته، فقد ثبت مسنداً عن خمسة من الصحابة وهم:
أبو موسى وأبو هريرة وعائشة وجابر وابن عباس.
وثبت موقوفاً عن عمر وعلي وعن أبي هريرة وابن عباس على تقدير وقفه عنهما () رضي الله عنهم أجمعين.
كما ثبت ذلك عن جماعة من كبار التابعين وهم: شريح ومسروق وعكرمة بن خالد وعبد الرحمن بن معبد والحسن البصري وابن المسيب وبكر بن عبد الله المزني وغيرهم، وقد ذكرنا ذلك في مواضعه والحمد لله رب العالمين.
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 11:11]ـ
13ـ حديث أبي سعيدالخدري رضي الله عنه
وأما حديث أبي سعيد الخدري ? فقال البيهقي رحمه الله:
أخبرنا أبو طاهر الفقيه وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق ـ هو الصاغاني ـ أنبأنا ابن الأصبهاني، حدثنا شريك، عن أبي هارون، عن أبي سعيد قال: ((لا نكاح إلا بولي وشهود ومهر، إلا ماكان من النبي)) ().
قلت: وأبو هارون هذا هو العبدي، واسمه عمارة بن جوين، قال ابن حبان: يروي عن أبي سعيد الخدري، روى عنه الثوري، كان رافضياً يروي عن أبي سعيد ما ليس من حديثه، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب ().
تنبيه:
ثم رأيت الحديث في سنن الدارقطني () قال: حدثنا ابن أبي داود، حدثني عمّي، حدثنا ابن الأصبهاني، حدثنا شريك، عن الزهري، عن أبي سعيد فذكره ().
والذي يظهر لي أن قوله "عن الزهري" خطأ، إما تحريف من الناسخين، وإما وهم من بعض الرواة، وأن الصواب "عن أبي هارون" لأنه معروف بروايته عن أبي سعيد والله أعلم.
ـ[مجدي فياض]ــــــــ[16 - Apr-2009, مساء 08:39]ـ
بارك الله فيكم(/)
أحاديث في صفات الباري سبحانه .. لابد من فهمها (منقول)
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 06:46]ـ
أولا ً / ما أثر عن ابن عباس -رضي الله عنهما - قال:"الحجر الأسود يمين الله في الأرض ,فمن صافحه فكأنما صافح الله، ومن قبله فكأنما قبل يمين الله"
أول إشكالية تقع أن البعض يظنه حديث عن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم - وهذا غير صحيح بل هو أثر عن -ابن عباس -رضي الله عنهما- ..
الإشكال الثاني / يأخذ البعض الجزء الأول من الحديث:" الحجر الأسود يمين الله في الأرض " ويترك الباقي ويحاول عندها تأول الحديث وفهمه .. فيقع حينها في المزلق الخطير ..
التوضيح.لمعنى كلام ابن عباس -رضي الله عنهما -
(جملة "الحجر الأسود يمين الله في الأرض" ليس ظاهرها أن الحجر صفة لله وأنه يمينه حتى يصرف عنه، بل معناه الظاهر منه أنه كيمينه بدليل بقية الأثر ... وهو جملة: "فمن صافحه فكأنما صافح الله، ومن قبله فكأنما قبل يمين الله" فمن ضم أول الأثر إلى آخره تبين له أن ظاهره مراد لم يصرف عنه وأنه حق، وهذا ما يقوله أئمة السلف كالإمام أحمد وغيره منهم، .... )
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ..
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى:
فتاوى ابن عثيمين المجلد الأول
(4 من 380)
وأما حديث: (الحجر الأسود يمين الله في الأرض).
فقد قال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوي ص 397 ج 6 من مجموع ابن قاسم: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد لا يثبت، والمشهور إنما هو عن ابن عباس. قال: (الحجر الأسود يمين الله في الأرض فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه). وفي ص 44 ج 3 من المجموع المذكور: " صريح في أن الحجر الأسود ليس هو صفة الله ولا نفس يمينه، لأنه قال: (يمين الله في الأرض) فقيده في الأرض ولم يطلق فيقل: يمين الله، وحكم اللفظ المقيد يخالف المطلق. وقال: (فمن قبله وصافحه فكأنما صافح الله وقبل يمينه)، ومعلوم أن المشبه غير المشبه به ". ا. هـ.
قلت: وعلى هذا فلا يكون الحديث من صفات الله تعالى التي أولت إلى معنى يخالف الظاهر فلا تأويل فيه أصلاً)) ... إنتهى كلام الشيخ رحمه الله
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 06:49]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 06:53]ـ
الحديث الثاني /
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفس محمد بيده لو دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السابعة لقدم على ربه، ثم تلا {هو الأول والآخر والظاهر والباطن هو بكل شيء عليم} "
أخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي وأبو الشيخ في العظمة عن أبي هريرة قال: " بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: " هل تدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، ................. إلى أن قال ...... ثم قال: هل تدرون ما الذي تحتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنها الأرض ثم قال: هل تدرون ما تحت ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: فإن تحتها الأرض الأخرى بينهما مسيرة خمسمائة عام، حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة ثم قال: والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السابعة السفلى لهبط على الله، ثم قرأ {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم} .....
.. سئل الشيخ ابن عثيمين عن هذا الحديث فأجاب .. -رحمه الله -
هذا الحديث اختلف العلماء في تصحيحه، والذين قالوا: إنه صحيح يقولون:
إن معنى الحديث لو أدليتم بحبل لوقع على الله عز وجل لأن الله تعالى محيط بكل شيء، فكل شيء هو في قبضة الله سبحانه وتعالى وكل شيء فإنه لا يغيب عن الله تعالى، حتى إن السماوات السبع والأرضين السبع في كف الرحمن عز وجل كخردلة في يد أحدنا يقول: الله تعالى في القرآن الكريم (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون).
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون دالاً على أن الله سبحانه وتعالى في كل مكان، أو على أن الله تعالى في أسفل الأرض السابعة فإن هذا ممتنع شرعاً، وعقلاً، وفطرة، لأن علو الله سبحانه وتعالى قد دل عليه كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والإجماع، والعقل، والفطرة.
فمن الكتاب: قوله تعالى (وهو القاهر فوق عباده). وقوله: (سبح اسم ربك الأعلى)
والآيات في هذه كثيرة جداً في كتاب الله فكل آية تدل على صعود الشيء إلى الله، أو رفع الشيء إلى الله، أو نزول الشيء من الله فإنها تدل على علو الله عز وجل.
وأما السنة: فإنها متواترة على علو الله عز وجل والسنة دلت على علو الله عز وجل من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله وإقراره. قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ". فهذا قول منه صلى الله عليه وسلم يدل على علو الله عز وجل وخطب النبيصلى الله عليه وسلم في أمته يوم عرفة فقال لهم: " ألا هل بلغت"؟ قالوا: نعم. فرفع إصبعه إلى السماء يقول:: " اللهم اشهد". فهذا فعل منه صلى الله عليه وسلم يدل على علو الله عز وجل وإقراره حين سأل الجارية "أين الله " قالت: في السماء. قال: " أعتقها فإنها مؤمنة ".
وأما الإجماع: فقد أجمع الصحابة والتابعون لهم بإحسان من أئمة هذه الأمة وعلمائها على أن الله سبحانه وتعالى فوق كل شيء، ولم ينقل عنهم حرف واحد أن الله ليس في السماء، أو أنه مختلط بالخلق أو أنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا متصل، ولا منفصل، ولا مباين، ولا محاذٍ، بل النصوص عنهم كلها متفقة على أن الله تعالى في العلو وفوق كل شيء.
أما العقل: فقد دل على علو الله بأن نقول: هل العلو صفة كمال أو السفل؟ الجواب بالعلو والله عز وجل قد قال في كتابه: (ولله المثل الأعلى) فكل وصف أكمل فهو الله عز وجل وإذا كان العقل يدل على أن العلو كمال وجب أن يثبت العلو لله عز وجل وتقرير ذلك أن يقال:: إن الله عز وجل إما أن يكون في الأعلى، أو في الأسفل، أو في المحاذي ففي الأسفل مستحيل لنقصه، وفي المحاذي مستحيل أيضاً لنقصه، لأنه يلزم أن يكون مساوياً للمخلوق، فلم يبق إلا العلو فالله عال فوق كل شيء.
أما الفطرة: فإن كل إنسان مفطور على أن الله تعالى في السماء تجد الإنسان يقول:: يا الله ويتجه إلى السماء فما يجد في قلبه ضرورة إلا إلى العلو. إذاً فنحن نقول: إن الله تعالى فوق كل شيء، وإذا كان فوق كل شيء فإنه لا يمكن أن يكون المراد بهذا الحديث "لو دليتم بحبل إلى الأرض السابعة لوقع على الله" أن الله في الأرض فإن قيل: هل قوله تعالى (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم) يقتضي أن الله في الأرض كما هو في السماء؟
فالجواب: لا لأن الله تعالى يخبر عن الألوهية، ولا يخبر عن مكانه أنه في السماء والأرض، لكن يخبر أنه إله في السماء وإله في الأرض، كما تقول: فلان أمير في مكة وأمير في المدينة، فالمعنى أن إمارته ثابتة في مكة وفي المدينة وإن كان هو قطعاً في أحد البلدين وليس فيهما جميعاً. فهذه الآية تدل على أن ألوهية الله ثابتة في الأرض وفي السماء، وإن كان هو سبحانه وتعالى في السماء .....
مصدر الفتوى:مجموع رسائل وفتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 06:55]ـ
الحديث الثالث/
الحنّا ن هل هو من أسماء الله تعالى .. ؟؟؟
ما جاء في الترغيب والترهيب عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بأبي عياش وهو يصلي ويقول: " اللهم إني أسالك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت يا حنان، يا منان، يا بديع السماوات والأرض .. " رواه الإمام أحمد، واللفظ له، ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، فهل الحنان من أسماء الله تعالى؟
عرض هذا السؤال على الشيخ ابن عثيميين-رحمه الله تعالى -
فأجاب فضيلته بقوله: لقد راجعت الأصول مسند أحمد، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجه، فقد أورده الإمام أحمد في المسند في عدة مواضع من الجزء الثالث، ص 120 - 158 - 245 - 265، وأورده أبو داود في الجزء الأول باب الدعاء ص 343، وأورده النسائي في الجزء الثالث باب الدعاء بعد الذكر ص 44، وأورده ابن ماجه في الجزء الثاني كتاب الدعاء باب اسم الله الأعظم ص 1268، وليس فيهن ذكر الحنان سوى طريق واحدة عند الإمام أحمد فيها الحنان دون المنان وهي التي في ص 158، وليست باللفظ المذكور في الترغيب، واللفظ المذكور في الترغيب ليس فيه عند أحمد سوى ذكر المنان وقد رأيت كلاماً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنكر فيه أن يكون الحنان من أسماء الله تعالى فإذا كانت الروايات أكثرها بعدم إثباته، فالذي أرى أن يتوقف فيه. والله أعلم.
... مجموع رسائل وفتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 06:56]ـ
الحديث الرابع /
(القديم والأَزلي) هل هو من أسماء الله
سئل الشيخ العلامة / محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله - فأ جاب ":
الصحيح أَن القديم ليس من أَسماء الله، وجاءَ في حديث اظنه ضعيفًا في سنن ابن ماجه () وجاءَ ما هو أَكمل منه وأَثبت وهو (الأَوَّلُ) فقوله ((القديم)) بناءً على الحديث المذكور، فلا يثبت به فرع من الفروع، فضلاً عن اثبات أَصل من الأًصول وهو أَسماءُ الله.
والأَزلي هذا يكفي عنه اسمه تعالى (الآخِرُ).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 06:59]ـ
الحديث الخامس/
جاء في صحيح مسلم (كتاب الزهد والرقائق) ..
(2968) حدثنا محمد بن ابي عمر. حدثنا سفيان عن سهيل بن ابي صالح، عن ابيه، عن ابي هريرة قال:
قالوا: يا رسول الله! هل نرى ربنا يوم القيامة؟ " قال: هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة، ليست في سحابة؟ " قالوا: لا. قال " فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر، ليس في سحابة؟ " قالوا: لا. قال " فوالذي نفسي بيده! لا تضارون في رؤية ربكم الا كما تضارون في رؤية احدهما. قال فيلقى العبد فيقول: اي فل! الم اكرمك، واسودك، وازوجك، واسخر لك الخيل والابل، واذرك تراس وتربع؟ فيقول: بلى. قال فيقول: افظننت انك ملاقي؟ فيقول: لا. فيقول: فاني انساك كما نسيتني. ثم يلقى الثاني فيقول: اي فل! الم اكرمك، واسودك، وازوجك، واسخر لك الخيل والابل، واذرك تراس وتربع؟ فيقول: بلى. اي رب! فيقول: افظننت انك ملاقي؟ فيقول: لا. فيقول: فاني انساك كما نسيتني. ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك. فيقول: يا رب! امنت بك وبكتابك وبرسلك وصليت وصمت وتصدقت. ويثني بخير ما استطاع. فيقول: ههنا اذا.
..... الحديث
السؤال ; هل يوصف الله سبحانه وتعالى بالنسيان؟؟؟
الجواب /
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في مجموع الفتاوى الجزء 13مانصه:" قال: (فاليوم أنساك كما نسيتني)، فهذا يقتضي أنه لا يذكره كما يذكر أهل طاعته، هو متعلق بمشيئته وقدرته أيضًا، وهو ـ سبحانه ـ قد خلق هذا العبد وعلم ما سيعمله قبل أن يعمله، ولما عمل علم ما عمل ورأى عمله، فهذا النسيان لا يناقض ما علمه ـ سبحانه ـ من حال هذا.
وسئل الشيخ العلامة محمد العثيمين -رحمه الله فأجاب:"
للنسيان معنيان:
أحدهما: الذهول عن شيء معلوم مثل قوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}. ومثل قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}. على أحد القولين، ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا بشر كما تنسون فإذا نسيت فذكروني). وقوله صلى الله عليه وسلم: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها). وهذا المعنى للنسيان منتف عن الله عز وجل بالدليلين السمعي، والعقلي.
أما السمعي: فقوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} وقوله عن موسى: {قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى}. فقوله: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} أي مستقبلهم يدل على انتفاء الجهل عن الله تعالى، وقوله: {وَمَا خَلْفَهُمْ} أي ماضيهم يدل على انتفاء النسيان عنه. والآية الثانية دلالتها على ذلك ظاهرة.
وأما العقلي: فإن النسيان نقص، والله تعالى منزه عن النقص، موصوف بالكمال، كما قال الله تعالى: {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. وعلى هذا فلا يجوز وصف الله بالنسيان بهذا المعنى على كل حال.
والمعنى الثاني للنسيان: الترك عن علم وعمد، مثل قوله تعالى: {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ}. الآية، ومثل قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}. على أحد القولين. ومثل قوله صلى الله عليه وسلم في أقسام أهل الخيل: (ورجل ربطها تغنياً وتعففاً، ولم ينس حق الله في رقابها وظهورها فهي له كذلك ستر). وهذا المعنى من النسيان ثابت لله تعالى عز وجل قال الله تعالى: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ}. وقال تعالى في المنافقين: {نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. وفي صحيح مسلم في كتاب الزهد والرقائق عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟
فذكر الحديث، وفيه (أن الله تعالى يلقى العبد فيقول أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول لا. فيقول: فإني أنساك كما نسيتني).
وتركه سبحانه للشيء صفة من صفاته الفعلية الواقعة بمشيئته التابعة لحكمته، قال الله تعالى: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ}. وقال تعالى: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ}. وقال: {وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً}. والنصوص في ثبوت الترك وغيره من أفعاله المتعلقة بمشيئته كثيرة، معلومة، وهي دالة على كمال قدرته وسلطانه. وقيام هذه الأفعال به سبحانه لا يماثل قيامها بالمخلوقين، وإن شاركه في أصل المعنى، كما هو معلوم عند أهل السنة.
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 07:01]ـ
الحديث السادس/
قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم -:"" إن الله لا يمل حتى تملوا" المتفق عليه
قال الشيخ العلامة / ابن عثيمين -رحمه الله -
من المعلوم أن القاعدة عند أهل السنة والجماعة أننا نصف الله تبارك وتعالى بما وصف به نفسه من غير تمثيل، ولا تكييف.
فإذا كان هذا الحديث يدل على أن لله مللاً فإن ملل الله ليس كمثل مللنا نحن بل هو ملل ليس فيه شيء من النقص، أما ملل الإنسان فإن فيه أشياء من النقص لأنه يتعب نفسياً وجسمياً مما نزل بعد لعدم قوة تحمله، وأما ملل الله إن كان هذا الحديث يدل عليه فإنه ملل يليق به عز وجل ولا يتضمن نقصاً بوجه من الوجه.
إنتهى كلامه -رحمه الله- ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 07:03]ـ
الحديث السابع /
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ" رواه البخاري
قال شيخ الإسلام-رحمه الله -في مجموع الفتاوى 18/ 129
:" قالت طائفة: إن الله لا يوصف بالتردد، وإنما يتردد من لايعلم عواقب الأمور، والله أعلم بالعواقب. والتحقيق أن كلام رسوله حق، وليس أحد أعلم بالله من رسوله ولا أنصح للأمة منه ولا أفصح ولا أحسن بياناً منه. ولكن المتردد منا وإن كان تردده في الأمر لأجل كونه ما يعلم عاقبة الأمور، لا يكون ما وصف الله به نفسه بمنزله ما يوصف به الواحد منا، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، ثم هذا باطل فإن الواحد منا يتردد تارة لعدم العلم بالعواقب، وتارة لما في الفعلين من المصالح والمفاسد، فيريد الفعل لما فيه من المصلحة، ويكرهه لما فيه من المفسدة، لا لجهل منه بالشيء الواحد الذي يُحب من وجه ويكره من وجه، ومثل هذا إرادة المريض لدوائه الكريه، بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة التي تكرهها النفس هو من هذا الباب، وفي الصحيح (حفت الجنة بالمكاره) وقال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ، ومن هذا الباب يظهر معنى التردد المذكور في الحديث. فإنه قال: لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه. فإن العبد الذي هذا حاله صار محبوباً للحق محباً له يتقرب إليه أولاً بالفرائض وهو يحبها، ثم اجتهد في النوافل التي يحبها ويحب فاعلها، فأتى بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق فأحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين بقصد اتفاق الإرادة بحيث يحب ما يحب محبوبه، ويكره ما يكره محبوبه، والرب يكره أن يسيء عبده ومحبوبه، فلزم من هذا أن يكره الموت ليزداد من محاب محبوبه، والله سبحانه وتعالى قضى بالموت، فكل ما قضى به فهو يريده ولا بد منه، فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه وهو مع هذا كاره لمساءة عبده، وهي المساءة التي تحصل له بالموت، فصار الموت مرادا للحق من وجه، مكروها له من وجه. وهذا حقيقة التردد) إنتهى بتصرف
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-
إثبات التردد لله عَزَّ وجَلَّ على وجه الإطلاق لا يجوز، لأن الله تعالى ذكر التردد في هذه المسألة: ((ما ترددت عن شيء أنا فاعله كترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن))، وليس هذا التردد من أجل الشك في المصلحة، ولا من أجل الشك في القدرة على فعل الشيء، بل هو من أجل رحمة هذا العبد المؤمن، ولهذا قال في نفس الحديث: ((يكره الموت، وأكره إساءته، ولابد له منه)). وهذا لا يعني أنَّ الله عَزَّ وجَلَّ موصوف بالتردد في قدرته أو في علمه، بخلاف الآدمي فهو إذا أراد أن يفعل الشيء يتردد، إما لشكه في نتائجه ومصلحته، وإما لشكه في قدرته عليه: هل يقدر أو لا يقدر. أما الرب عَزَّ وجَلَّ فلا)
وقال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله:
أما صفة التردد فهي تُثبت لله جلّ وعلا على ما جاء، لكن تردده بحق، وتردده ليس تعارضاً بين علم وجهل أو بين علم بالعاقبة وعدم علم بالعاقبة، وإنما هو تردّد فيما فيه مصلحة العبد، هل يقبض نفس العبد أم لا يقبض نفسه، وهذا تردّدٌ فيه رحمة العبد، وفيه إحسان إليه ومحبة لعبده المؤمن وليس من جهة التردد المذموم الذي هو عدم الحكمة أو عدم العلم بالعواقب، يعني تردد فلان في كذا، صفة مذمومة أنه يتردّد، إذا كان تردده أنه ما يعلم، أتردد والله أفعل كذا أو أروح ولا ما أروح، لأنه إما عنده ضعف في نفسه أو أنه يجهل العاقبة، فتردد أتزوج ولا ما أتزوج، أشتري أم لا أشتري لأنه ما يدري هل فيه مصلحة، مصلحة له، أم ليس فيه مصلحة، هذا هو التردد الذي هو صفة نقص في من اتصف بها، ترددٌ ناتجٌ عن عدم العلم بالعاقبة، أما تردد الذي ورد في هذا الحديث هو تردد بين إرادتين لأجل محبة العبد: «ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نفس عبدٍ مؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولابد له من ذلك»، وهو تردد لا لأجل عدم العلم ولكن لأجل إكرام العبد المؤمن ومحبة الرب جلّ جلاله لعبده المؤمن
فهو إذاً تردد بحق وصفة كمال لا صفة نقص فيُثبت على ما جاء في هذا الحديث مقيدة لا مطلقة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 07:05]ـ
الحديث الثامن /
في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار).وفي رواية لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر
...
المراد بالدهر / (هو الزمان اليوم والليلة، أسابيع الأشهر، السنون، العقود، هذا هو الدهر، وهذه الأزمنة مفعولة، مفعول بها لا فاعلة، فهي لا تفعل شيئا، وإنما هي مسخرة يسخرها الله -جل جلاله-).شرح كتاب التوحيد للشيخ صالح آل الشيخ.
معنى الحديث / (أي إنه سبحانه يتأذى بما ذكر في الحديث، لكن ليست الأذية التي أثبتها الله لنفسه كأذية المخلوق، بدليل قوله تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)
فقدم نفي المماثلة على الإثبات، لأجل أن يرد الإثبات على قلب خال من توهم المماثلة، ويكون الإثبات حينئذ على الوجه اللائق به تعالى، وأنه لا يماثل في صفاته، كما لا يماثل في ذاته، وكل ما وصف الله به نفسه ليس فيه احتمال للتمثيل، إذ لو أجزت احتمال التمثيل في كلامه سبحانه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم في صفات الله، لأجزت احتمال الكفر في كلام الله سبحانه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم لأن تمثيل صفات الله تعالى بصفات المخلوقين كفر لأنه تكذيب لقوله تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) ...
وقوله: أنا الدهر أي مدبر الدهر ومصرفه. كما قال الله تعالى (وتلك الأيام نداولها بين الناس). كما قال في هذا الحديث: " أقلب الليل والنهار" والليل والنهار هما الدهر.
ولا يقال: بأن الله نفسه هو الدهر، ومن قال ذلك فقد جعل المخلوق خالقاً، والمقلَّب مقلِّباً.
فإن قيل: أليس المجاز ممنوعاً في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وفي اللغة؟
أجيب: بلى، ولكن الكلمة حقيقة في معناها الذي دل عليه السياق والقرائن، وهنا في الكلام محذوف تقديره " وأنا مقلب الدهر " لأنه فسره بقوله: " أقلب الليل والنهار" ولأن العقل لا يمكن أن يجعل الخالق الفاعل هو المخلوق المفعول .. )
ابن عثيمين مجموع فتاوى الشيخ -رحمه الله-
هل الدهر من أسماء الله تعالى:
وأنا الدهر لا يعني: أن الدهر من أسماء الله -جل وعلا- ولكنه رتبه على ما قبله، فقال يسب الدهر، وأنا الدهر؛ لأن حقيقة الأمر أن الدهر لا يملك شيئا، ولا يفعل شيئا، فسب الدهر سب لله؛ لأن الدهر يفعل الله -جل وعلا- فيه، الزمان ظرف للأفعال، وليس مستقلا؛ فلهذا لا يفعل، ولا يحرم، ولا يعطي، ولا يكرم، ولا يهلك، وإنما الذي يفعل هذه الأشياء مالك الملك، المتفرد بالملكوت وتدبير الأمر الذي يجير، ولا يجار عليه.
إذا فقوله: وأنا الدهر هذا فيه نفي نسبة الأشياء إلى الدهر، وأن هذه الأشياء تنسب إلى الله -جل وعلا- فيرجع مسبة الدهر إلى مسبة الله -جل وعلا-؛ لأن الدهر لا ملك له، والله هو الفاعل قال: "أقلب الليل والنهار" والليل والنهار هما الدهر، فالله -جل وعلا- هو الذي يقلبهما، فليس لهما من الأمر شيء. شرح كتاب التوحيد صالح آل الشيخ
سب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام.
القسم الأول: أن يقصد الخبر المحض دون اللوم: فهذا جائز مثل أن يقول " تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده " وما أشبه ذلك لأن الأعمال بالنيات واللفظ صالح لمجرد الخبر.
القسم الثاني: أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل كأن يقصد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلِّب الأمور إلى الخير أو الشر: فهذا شرك أكبر لأنه اعتقد أن مع الله خالقا حيث نسب الحوادث إلى غير الله.
القسم الثالث: أن يسب الدهر ويعتقد أن الفاعل هو الله ولكن يسبه لأجل هذه الأمور المكروهة: فهذا محرم لأنه مناف للصبر الواجب وليس بكفر؛ لأنه ما سب الله مباشرة، ولو سب الله مباشرة لكان كافراً.
ابن عثيمين فتاوى العقيدة
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 07:07]ـ
الحديث التاسع
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:قال رسول الله =صلى الله عليه وسلم-
" يقول الله تبارك وتعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة."
أخرجه البخاري ومسلم
صفة الهرولة ثابتة لله تعالى كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي) فذكر الحديث وفيه (وإن أتاني يمشي أتيته هرولة)،
وهذه الهرولة صفة من صفات أفعاله التي يجب علينا الإيمان بها من غير تكييف ولا تمثيل، لأنه أخبر بها عن نفسه وهو أعلم بنفسه فوجب علينا قبولها بدون تكييف، لأن التكييف قول على الله بغير علم وهو حرام، وبدون تمثيل لأن الله يقول {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}.
(فتاوى ابن عثيمين -رحمه الله)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 07:09]ـ
يتبع إن شاء الله
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 07:12]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ولك الشكر موصول أخي الفاضل
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 11:16]ـ
الحديث العاشر
روى البخاري في صحيحه بإسناده في تفسير سورة (ن) عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه يقول: يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياءً وسمعة، فيذهب ليسجد، فيعود ظهره طبقا واحدا
وفي رواية لمسلم: " عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تحاجت النار والجنة فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم وعجزهم؟
فقال الله للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ولكل واحدة منكم ملؤها.
فأما النار فلا تمتلئ فيضع قدمه عليها فتقول قط قط فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض ".
قال تعالى:"يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ "
قال الشيخ عبد العزيز الراحجي:"
هذه الآية اختلف العلماء هل هي من آيات الصفات أو ليست من آيات الصفات؟
وذلك أنه ليس فيها الضمير، ليس فيها ضمير إلى الله "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ"
قال بعض العلماء: إنها من آيات الصفات، والذين قالوا: إنها من آيات الصفات إثبات الساق لله ضموا إليها الحديث قالوا: والدليل الحديث. يضمون إليها الحديث، فلو ضممت إليها الحديث صارت من آيات الصفات، وإذا فصلت عن الحديث ليس فيها دليل على إثبات الساق لله؛ لأنه ما فيها إثبات الضمير "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ "؛ ولهذا قال بعضهم: المراد بكشف الساق الشدة، تقول العرب: "كشفت الحرب عن ساقها" إذا اشتدت الحرب، والمراد شدة الهول يوم القيامة.
والذين قالوا: إنها ليست من آيات الصفات والمراد شدة الهول قالوا: الدليل أنها ليس فيها إضافة إلى الله ما أضيف الساق إلى الله. والذين أثبتوا قالوا: إنها من آيات الصفات ضموا إليها الحديث قالوا: الحديث يفسرها فهي من آيات الصفات بدليل الحديث يوم يكشف عن ساقه أما الحديث فهو صريح في إثبات الساق لله، وأهل السنة والجماعة أثبتوا الساق لله عز وجل من الحديث، والآية إذا بضمامة الحديث، ومن لم يضم الآية إلى الحديث لم يثبت الصفة.
وعلى كل حال فصفة الساق ثابتة لله، وهي من الصفات في هذا الحديث، والحديث صريح في هذا رواه الشيخان وغيرهما، والآية إذا ضم إليها الحديث دلت على إثبات الصفة
شرح كتاب الإعتقاد
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Oct-2007, مساء 11:18]ـ
الحديث الحادي عشر ..
روى البخاري ومسلم - وهذا لفظ البخاري -:
عن أنس بن مالك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تزال جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فتقول قط قط وعزتك ويزوى بعضها إلى بعض ".
في رواية لمسلم: " عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تحاجت النار والجنة فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم وعجزهم؟
فقال الله للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ولكل واحدة منكم ملؤها.
فأما النار فلا تمتلئ فيضع قدمه عليها فتقول قط قط فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض "
وفي رواية لمسلم: " ملؤها فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع الله تبارك وتعالى رجله تقول قط قط قط فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض "
قال يحيى بن معين: شهدت زكريا بن عدي سأل وكيعا فقال: يا أبا سفيان! هذه الأحاديث – يعني مثل الكرسي موضع القدمين ونحو هذا؟
(يُتْبَعُ)
(/)
فقال وكيع: أدركنا إسماعيل بن أبي خالد وسفيان ومسعرا يحدثون بهذه الأحاديث ولا يفسرون شيئا.- وقال أبو عبيد أيضا: هذه الأحاديث التي يقول فيها: ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب وغيره، وأن جهنم لا تمتليء حتى يضع ربك قدمه فيها، والكرسي موضع القدمين، وهذه الأحاديث في الرواية هي عندنا حق، حملها الثقات بعضهم عن بعض، غير أنا إذا سئلنا عن تفسيرها لا نفسرها وما أدركنا أحدا يفسرها ".نقله عنهما البيهقي في الأسماء والصفات 2/ 197،198
- وقال شيخ الإسلام 5/ 55
"وقال أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي زمنين الإمام المشهور من أئمة المالكية في كتابه الذي صنفه في " أصول السنة " قال فيه: باب الإيمان بالعرش ......
باب الإيمان بالكرسي:
قال " ومن قول أهل السنة أن الكرسي بين يدي العرش وأنه موضع القدمين ". انتهى.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في مختصر الفتاوى المصرية ص 647
" وقد غلط في هذا الحديث المعطلة الذين أولوا قوله " قدمه " بنوع من الخلق، كما قالوا: الذين تقدم في علمه أنهم أهل النار، حتى قالوا في قوله " رجله ": كما يقال: رجل من جراد، وغلطهم من وجوه:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال " حتى يضع " ولم يقل: " حتى يلقي "، كما في قوله " لا يزال يلقى فيها ".
الثاني: أن قوله " قدمه " لا يفهم منه هذا، لا حقيقة ولا مجازا، كما تدل عليه الإضافة.
الثالث: أن أولئك المؤخرين – بفتح الخاء – إن كانوا من أصاغر المعذبين فلا وجه لانزوائها واكتفائها بهم، فإن ذلك إنما يكون بأمر عظيم.
وإن كانوا من أكابر المجرمين فهم في الدرك الأسفل، وفي أول المعذبين لا في أواخرهم.
الرابع: أن قوله " فينزوي بعضها إلى بعض " دليل على أنها تنضم على من فيها، فتضيق بهم من غير أن يلقى فيها شيء.
الخامس: أن قوله " لا يزال يلقى فيها وتقول: هل من مزيد؟ حتى يضع فيها قدمه " جعل الوضع الغاية التي إليها ينتهي الإلقاء ويكون عندها الانزواء، فيقتضي أن تكون الغاية أعظم مما قبلها، وليس في قول المعطلة معنى للفظ " قدمه " إلا وقد اشترك فيه الأول والآخر، والأول أحق به من الآخر." انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح الواسطية 2/ 452
" وخالف الأشاعرة وأهل التحريف أهل السنة فقالوا: " يضع عليها رجله " يعني طائفة من عباده مستحقين للدخول.
والرجل تأتي بمعنى الطائفة كما في حديث أيوب عليه الصلاة والسلام: أرسل الله إليه رجل جراد، يعني طائفة من جراد.
وهذا غير صحيح؛ لأن اللفظ " عليها " يمنع ذلك.
وأيضا: لا يمكن أن يضيف الله عز وجل أهل النار إلى نفسه؛ لأن إضافة الشيء إلى الله تكريم وتشريف.
قالوا في القدم: قدم بمعنى مقدم، أي يضع الله تعالى عليها مقدمه، أي من يقدمهم إلى النار.
فنقول: أهل النار لا يقدمهم الباري عز وجل ولكنهم " يدعّون إلى نار جهنم دعا" ويلقون فيها إلقاء، فهؤلاء المحرفون فروا من شيء ووقعوا في شر منه، فروا من تنزيه الله عن القدم والرجل لكنهم وقعوا في السفه ومجانبة الحكمة في أفعال الله عز وجل.
والحاصل: أنه يجب علينا أن نؤمن بأن لله تعالى قدما وإن شئنا قلنا رجلا على سبيل الحقيقة مع عدم المماثلة ولا نكيف الرجل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن لله تعالى رجلا أو قدما، ولم يخبرنا كيف هذه الرجل أو القدم " انتهى.(/)
مامعنى هذه العبارة في شرح ألفية السيوطي لأحمد شاكر-رحمه الله-؟
ـ[أمل*]ــــــــ[27 - Oct-2007, مساء 02:10]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
مامعنى هذه العبارة في شرح السيوطي لأحمد شاكر-رحمه الله-:
والحق الذي نذهب إليه أن الصحابي اذا روى حديثاوقال التابعي الذي رواه عنه (يرفعه أوينميه
أو رواية أو يبلغ به او يرويه)
مالمقصود بالكلمات التي حددت باللون الأحمر؟
هل يقصد رواية: أي أن يقول التابعي: رواية عن الصحابي كذا
يبلغ به: أي يقول أبلغني الصحابي كذا
يرويه: أي يقول روى الصحابي كذا
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[27 - Oct-2007, مساء 02:46]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يعني أن يقول التابعي مثلا:
- عن ابن عباس رضي الله عنه، يرفعُه (يقصد أن الصحابي يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم)
- عن ابن عباس رضي الله عنه يَنْمِيه (بفتح الياء وكسر الميم والنون ساكنة وهي بمعنى ينسبه)
- عن ابن عباس رضي الله عنه روايةً (بالنصب، وهي مصدر ينوب عن فعله: أي يرويه)
- عن ابن عباس رضي الله عنه يَبلُغُ به (بمعنى يرفعه)
قال الحافظ العراقي:
وقولهم (يرفعه) (يبلغ به) ............. (رواية) (ينميه) رفع فانتبه
ـ[أمل*]ــــــــ[27 - Oct-2007, مساء 03:19]ـ
بارك الله فيكم شيخنا الكريم، وزادكم علما وفضلا(/)
أريد روابط في مناهج المحدثين
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[27 - Oct-2007, مساء 04:12]ـ
إخواني أعضاء هذا المبارك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من المواد التي أوكل اليَّ تدريسها هذا العام مادة " مناهج المحدثين " للمرحلة الثالثة من كلية العلوم الإسلامية في جامعة الأنبار - حرسها الله -
فأود منكم مساعدتي بذكر روابط تعينني في تدريس المادة.
وهذه المفردات:
تمهيد - منهج الرسول (ص) في تعليم الصحابة - منهج الصحابة في رواية الحديث - منهج التابعين في رواية الحديث.
مناهج الأئمة:
مالك: حياته ومنهجه.
البخاري: حياته ومنهجه.
مسلم: حياته ومنهجه.
أبو داود: حياته ومنهجه.
الترمذي: حياته ومنهجه.
ابن ماجه: حياته ومنهجه.
النسائي: حياته ومنهجه.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[27 - Oct-2007, مساء 04:59]ـ
الشيخ الفاضل ماهر الفحل وفقه الله
اليك هذ1ا الرابط عن منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في تعليم الصحابة
http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=58&ArticleID=58
وهذا موضوع منقول عن السنة في العهد النبوي: وطريقته صلى الله عليه و سلم واصحابه في التربية و التعليم
1) شخصية الرسول صلى الله عليه و سلم: إن النبي صلى الله عليه و سلم كان الأنموذج الأعلى في التربية و التعليم, و ذلك بأنه عليه الصلاة و السلام كان يعلم بالرفق و اللين و يبتعد عن الشدة و التعنيف, و كان يعلم بالتيسير و التبشير و يتجنب التنفير و التعسير. و كان أيضا متجاوبا تجاوبا كاملا مع دعوته, فقد كان يعيش لدعوته و معها و لا يشغله شاغل غيرها, و كان يقضي كل وقته في خدمتها. و قد تحمل عليه الصلاة و السلام كل أنواع الأذى و المعاناة بكل صبر و شموخ و عزة. و كان صلى الله عليه و سلم يحض على طلب العلم, و من ذلك قوله "طلب العلم فريضة على كل مسلم" (أخرجه ابن ماجة 1/ 80 ح 244).
و قد بين النبي صلى الله عليه و سلم منزلة المعلمين و المتعلمين, ذلك بأن العلم يحيي الله به القلوب و أنه يحرسك و يحميك بإذن الله. و قد أوصى صلى الله عليه و سلم بطالب العلم خيرا, و أمر بمساعدته على ما هو بصدده من الرغبة في التفقه في الدين. و أما منهجه صلى الله عليه و سلم في نشر سنته, فيمكن أن يلخص في الأمور التالية:
أ- اتخاذ مقر للدعوة و التعليم
ب – التدرج في الدعوة و تبليغ الشرع
ج – عدم المداومة على التعليم خشية الملل
د – مخاطبة الناس على قدر عقولهم
هـ - مخاطبة الناس بلهجاتهم
و – تكرار الحديث ليتأكد من بلوغه للسامع و فهمه له
ز – استخدام جواب الحكيم, و ذلك بالإجابة على السائل بأكثر من مرمى سؤاله لزيادة الفائدة
ح – توخي منهج التيسير و الرحمة و البعد عن التعسير و الشدة
ط – الرحمة و التواضع
ي – الحض على سماع حديثه
ك – تخصيص دروس للنساء
2) مادة السنة المطهرة: بعد أن كان الناس في عهد الرسول صلى الله عليه و سلم يعيشون في ظلمة الجاهلية, جاء الإسلام و السنة المطهرة بما فيهما من العدل و الحق و الإحسان, فأدرك الناس حقيقة هذه النعمة و قدروها و تسابقوا في الالتزام بهذا الدين. و كانت مادة السنة المطهرة شاملة لكل جوانب الحياة, فأصبحت بديلا حقيقيا للصحابة في كل أمور حياتهم.
3) منهج الصحابة في تلقي السنة: نستطيع أن نلخص هذا المنهج في العناوين التالية:
أ – اعتقاد الصحابة أن السنة هي سبيل النجاة.
ب – ملازمة النبي صلى الله عليه و سلم في مجالسه العلمية و سائر أحواله.
ج – التكافل العلمي بين الصحابة.
د – مذاكرة الحديث لتثبيت حفظه.
هـ - الوفود على النبي صلى الله عليه و سلم بغرض التعلم.
و – الموازنة بين العلم و العمل.
ز – حفظ السنة عن طريق كتابتها.
4) عوامل انتشار السنة في العهد النبوي:
أ – التوفيق الإلهي و الإرادة الربانية.
ب – نشاط النبي صلى الله عليه و سلم في تشر سنته.
ج – طبيعة الإسلام من حيث هو نظام جديد, و بديل كامل لما كان عليه الناس في الجاهلية.
د – نشاط الصحابة في تشر السنة.
هـ - دور أمهات المؤمنين في نشر السنة.
و – رسل النبي صلى الله عليه و سلم و بعوثه و ولاته في الآفاق.
ز – فتح مكة.
ح – حجة الوداع.
ط – الوفود آخر حياة النبي صلى الله عليه و سلم.
السنة في عصر الصحابة و التابعين:
لقد كان الصحابة و التابعين متمسكين بالسنة, حيث كانوا المثل الأعلى في حسن الإقتداء بالنبي صلى الله عليه و سلم, و كان هذا الإقتداء في السراء و الضراء و في السلم و الحرب و في جميع أمور حياتهم. و أما بالنسبة للمنهج الذي اتبعه الصحابة و التابعين في رواية السنة و حمايتها, فيلخص في الأمور التالية:
أ – الاحتياط في رواية الحديث حرصا على صيانته.
ب – الإقلال من الرواية حماية للسنة.
ج – الإكثار من الرواية للمتقن المحتاج إلى علمه.
د – التثبت في قبول الحديث.
هـ - نقد المرويات.
و - الاحتياط في أداء الحديث بلفظه.
ز – و أما بالنسبة للتابعين, فقد اتبعوا منهج الصحابة في محبة السنة و طلبها و حمايتها و مذاكرتها, و وضعوا ضوابط لصيانة السنة عندما ظهرت الفتن.
منهج الصحابة و التابعين في التعليم:
1) العناية بالناشئة.
2) مراعاة أحوال المحدثين.
3) تحري أهلية السامع.
4) طلب القرآن أولا ثم السنة.
5) البعد عن الغريب و المنكر من الحديث.
6) التنويع و الاختصار دفعا للملل.
7) توقير الحديث بالاستعداد لمجالسه.
8) الانضباط في حضور مجالس التحديث.
9) مذاكرة الحديث.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهام الأبياري]ــــــــ[28 - Oct-2007, صباحاً 04:09]ـ
أخي ماهر
لفضيلة الشيخ سعد الحميد المشرف على هذا الموقع كتاب مناهج المحدثين، وهذا رابطه:
http://www.alukah.net/Books/BookDetails.aspx?CategoryID=21&BookID=32
ـ[إبراهام الأبياري]ــــــــ[28 - Oct-2007, صباحاً 04:21]ـ
وهذا رابط كتاب مصادر السنة ومناهج مصنفيها للشيخ الشريف حاتم بن عارف العوني:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=37 878&d=1143849798
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[28 - Oct-2007, مساء 06:31]ـ
شيخنا الفاضل / ماهر الفحل
هل مررتم بهذا؟:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=688996&postcount=2
وأرجوكم أرجوكم أرجوكم مراجعة الخاص هناك.
ـ[إبراهام الأبياري]ــــــــ[28 - Oct-2007, مساء 07:43]ـ
فضيلة الأخ المكرم ماهر الفحل
إليك رابط كتاب: "السنة قبل التدوين" للدكتور: محمد عجاج الخطيب:
http://www.waqfeya.com/open.php?cat=31&book=583
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[28 - Oct-2007, مساء 10:04]ـ
أجزل الله لكم الثواب جميعاً وأدخلكم الجنة بغير حساب وجمعنا ووالدينا وإياكم في الفردوس الأعلى.
ـ[بن عبد الغنى]ــــــــ[28 - Oct-2007, مساء 10:16]ـ
والله انها لطمة لطمنى اياها شيخنا ماهر الفحل
سبحان الله
الهذه الدرجة من التواضع
الشيخ الفاضل والاستاذ الكريم يطلب معاونة طلاب العلم فى امر ما وهو من هو
ليس العجب فى هذا فهذا حال اهل العلم سلفا وخلفا
انما العجب من الصغار من امثالى فقد يجد احدنا حرجا ان يطلب هذا ممن يظنونه اعلم وافقه
زادك الله علما وادبا وتواضعا شيخنا الجليل ورزقنا هذا النهج القويم
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[29 - Oct-2007, صباحاً 10:14]ـ
سلامٌ عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
قال أبو الحارث حفظه الله تعالى:
{من المواد التي أوكل اليَّ تدريسها هذا العام مادة " مناهج المحدثين " للمرحلة الثالثة من كلية العلوم الإسلامية في جامعة الأنبار - حرسها الله -}
سؤالي الأول: ما مدة الدراسة؟ إن الفصل الدراسي عندنا لا يعدو خمسة عشر أسبوعا، فإذا استثنينا أسبوعا للمراجعة النهائية، وآخر لامتحان نصف الفصل الدراسي، لم يبق إلا ثلاثة عشر أسبوعا، أم أن الدراسة عندكم على مدار فصلين؟
وقال أبو الحارث:
{مالك: حياته ومنهجه.
البخاري: حياته ومنهجه.
مسلم: حياته ومنهجه.
أبو داود: حياته ومنهجه.
الترمذي: حياته ومنهجه.
ابن ماجه: حياته ومنهجه.
النسائي: حياته ومنهجه}
ففيما يخص منهج الإمام البخاري، هل المقصود بيان منهجه في تصنيف الصحيح؟
ومبلغ علمي أن الحافظ ابن حجر قد بين ذلك في هدي الساري، فالمخطوطة هاهنا ( http://www.archive.org/details/HadyEssaari) والكتاب نفسه هاهنا ( http://www.waqfeya.com/open.php?cat=33&book=539) ولا أشك أن غير الحافظ ابن حجر قد تناولوا منهج البخاري بالاستقراء أيضا، وكلٌّ يجتهد
وفيما يخص منهج البخاري في انتقاء أحاديث من تكلم فيه من الرجال، فلعلك أبا الحارث قد صنفت في التفريق بين منهج المتقدمين والمتأخرين رسالة تناولت فيه ذلك الأمر،
فأما منهج البخاري في التاريخ الكبير فقد تناوله الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في مقدمته للتاريخ الكبير، وقد رأيت بعض الدراسات التي خدم بها أصحابها التاريخ، إلا أن منهج البخاري في التاريخ أظنه ما زال يحتاج إلى دراسات متأنية وجهود كبيرة
وأما منهج البخاري في التعليل، فيحتاج إلى دراسة التاريخ الكبير بالإضافة إلى العلل المفرد للإمام الترمذي، ورأيت إشارة مرة إلى رسالة دكتوراة جمع فيها الباحث الأحاديث التي أعلها البخاري إلى ترجمة بعض من اسمه سعيد (وأسأل الله تعالى نسخة من تلك الرسالة)
وأما منهج الإمام مسلم في صحيحه فقد بينه في المقدمة، وشروح صحيح مسلم أكثر من تحصى،
ومنهجه في التعليل قد بينه في كتاب التمييز، وهو مطبوع مع منهج النقد للدكتور الأعظمي حفظه الله وهو بالمكتبة الوقفية هاهنا ( http://www.waqfeya.com/open.php?cat=12&book=911)
وأما منهج الإمام أبي داود في تصنيف السنن فقد بينه رحمه الله تعالى في كتابه إلى أهل مكة، وقد طبع بعناية عبد الفتاح بن أبي غدة، وطبعه مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب مع شروط الأئمة الخمسة للحازمي وشروط الأئمة الستة (ولا يحضرني اسم المصنف)
وأما منهج الترمذي في الجامع فأظنه بينه في كتاب العلل، وهو آخر كتاب في الجامع، وقد تناوله بالشرح الحافظ ابن رجب الحنبلي
أما منهج الإمام النسائي في الجرح والتعديل فقد تناوله باحث في رسالة دكتوراة من كلية أصول الدين - بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض فاضغط هاهنا ( http://www.waqfeya.com/open.php?cat=12&book=615)
وأما منهجه في التعليل فلم أقف على من وفى المجتبى والسنن الكبرى حقهما من دراسة ما أورده النسائي فيهما من العلل
فسؤالي الأخيرهو:
ما هو نطاق هذا المنهج المطلوب منكم تدريسه؟ وما هي التفاصيل؟ هل المطلوب مجرد إطلالة على منهج كل إمام أم المطلوب الخوض في بعض التفاصيل؟
وهل لك أن تبين لنا هاهنا خطتك في تدريس هذه المادة، لما أرجوه من الله تعالى من الفائدة من ذلك؟
وأخيرا، أود أن أوضح أنني مجرد سائل يسأل!
إخواني أعضاء هذا المبارك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فأود منكم مساعدتي بذكر روابط تعينني في تدريس المادة.
وهذه المفردات:
تمهيد - منهج الرسول (ص) في تعليم الصحابة - منهج الصحابة في رواية الحديث - منهج التابعين في رواية الحديث.
مناهج الأئمة:
مالك: حياته ومنهجه.
البخاري: حياته ومنهجه.
مسلم: حياته ومنهجه.
أبو داود: حياته ومنهجه.
الترمذي: حياته ومنهجه.
ابن ماجه: حياته ومنهجه.
النسائي: حياته ومنهجه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[29 - Oct-2007, مساء 05:12]ـ
أجزل الله لكم الثواب جميعاً، وبارك الله فيكم.
وفيما يتعلق بطلبك الذي راسلتني به على الخاص أبا مريم فسيتحقق إن شاء الله تعالى.
وفيما يتعلق بالكتب فغالبها متوفر عندي بفضل الله تعالى فمكتبتي تضم 3300كتاباً بفضل الله تعالى.
ولدي كتاب الشيخ سعد الحميد " مناهج المحدثين " لكني أطلب الزيادة؛ فإني أحرص في التدريس أن أعطي المادة حقها؛ فالقضية أمانة كبيرة.
وعموماً الفصل الدراسي 15 إسبوعاً والدراسة في فصلين وكل أسبوع 4 ساعات.
وأنا أريد أن أتكلم عن كل إمام وعن منهج إمامه مع دراسة 10 أحاديث من أول كل كتاب.
وفقكم الله وزادكم من فضله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[10 - Nov-2007, صباحاً 10:51]ـ
سلامٌ عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد
فقد وجدت بموقع الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها قسما لعرض مناهج المحدثين بصورة مختصرة ( http://www.sunnah.org.sa/index.php?view=pages&page_id=8)
ولعل فيه فائدة للطالب ...........
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[10 - Nov-2007, مساء 08:22]ـ
جزاك الله كل خير، لقد انتفعت منه
أكرر شكري لشخصكم الكريم(/)
لماذا سمي هذا المحدث الحافظ صاعقة؟؟؟؟؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[27 - Oct-2007, مساء 07:00]ـ
صاعقة (خ , د , ت , س)
الإمام الحافظ المتقن أبو يحيى , محمد بن عبد الرحيم بن أبي زهير , العدوي العمري مولاهم , الفارسي ثم البغدادي , صاعقة.
سمع يزيد بن هارون , وشبابة بن سوار , وأبا أحمد الزبيري , وروح بن عبادة , ويعقوب بن إبراهيم بن سعد , ومعلى بن منصور , وأبا النضر , وطبقتهم.
وعنه: البخاري , وأبو داود , والترمذي , والنسائي , وزكريا خياط السنة , وأبو بكر بن أبي داود , ويحيى بن صاعد , والقاضي أبو عبد الله المحاملي , وخلق. وثقه النسائي وغيره.
قال الخطيب: كان متقنا ضابطا عالما حافظا.
وقال محمد بن محمد بن داود الكرجي سمي صاعقة لأنه كان جيد الحفظ , وكان بزازا.
قال السراج: قال لي: إنه وُلِدَ سنة خمس وثمانين ومائة وتُوفِّيَ في شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[27 - Oct-2007, مساء 07:26]ـ
قال الحافظ في "تهذيب التهذيب": (وقيل له صاعقة: لجودة حفظه، وقيل لغير ذلك).اهـ
وفي طبقات الحنابلة "لابن أبي يعلى" 2/ 322: (وقيل: إنما سمي "صاعقة" لجودة حفظه. وقيل - وهو المشهور -: إنما لُقِّبَ بهذا لأنه كان كلَّما قَدِمَ بلدة للقاء شيخ إذا به قد مات بالقُرب).اهـ
قلت: والسبب المشهور كما في الطبقات، وجهه ظاهر
أما السبب الذي ذكره الكرجي رحمه الله، فقد خفي عليَّ وجهه .. والله أعلم.
ـ[وليد الدلبحي]ــــــــ[27 - Oct-2007, مساء 07:41]ـ
صاعقة (خ , د , ت , س)
الإمام الحافظ المتقن أبو يحيى , محمد بن عبد الرحيم بن أبي زهير , العدوي العمري مولاهم , الفارسي ثم البغدادي , صاعقة.
سمع يزيد بن هارون , وشبابة بن سوار , وأبا أحمد الزبيري , وروح بن عبادة , ويعقوب بن إبراهيم بن سعد , ومعلى بن منصور , وأبا النضر , وطبقتهم.
وعنه: البخاري , وأبو داود , والترمذي , والنسائي , وزكريا خياط السنة , وأبو بكر بن أبي داود , ويحيى بن صاعد , والقاضي أبو عبد الله المحاملي , وخلق. وثقه النسائي وغيره.
قال الخطيب: كان متقنا ضابطا عالما حافظا.
وقال محمد بن محمد بن داود الكرجي سمي صاعقة لأنه كان جيد الحفظ , وكان بزازا.
قال السراج: قال لي: إنه وُلِدَ سنة خمس وثمانين ومائة وتُوفِّيَ في شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين.
بارك الله فيك أخي الكريم، ونفع بك وبعلمك.
ما معنى "بزازا"؟
بحثت عنها في لسان العرب فخرج معي:
البزاز بائع البز وحرفته البزازة.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[27 - Oct-2007, مساء 07:45]ـ
وقد يُقال بأن الوجه أنه يَفجأ غيره بالإجابة لجودة حفظه، كما تَفجأ الصاعقة من تنزل به فتهلكه
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[27 - Oct-2007, مساء 08:21]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لكم ... و بارك الله فيكم.على الاضافات القيمة
.اخي الكريم. أشرف بن محمد تقول أما السبب الذي ذكره الكرجي رحمه الله، فقد خفي عليَّ وجهه
اقول وجهه انه يموت شخص في البلدة التي يقدم اليها ذلك الحافظ عند قرب وصوله اليها .. والله أعلم
اخي الكريم وليد الدلبحي تقول ما معنى "بزازا"؟ بحثت عنها في لسان العرب
فخرج معي: البزاز بائع البز وحرفته البزازة.
اقول هذا هو المعنى الصحيح والله أعلم
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[27 - Oct-2007, مساء 08:23]ـ
الذي أذكره أن معنى بزازا يعني يعمل ببيع الثياب
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[27 - Oct-2007, مساء 08:25]ـ
أخي الفاضل ابا محمد الغامدي
لعلك أخي الفاضل تتفضل وتنعم النظر في المشاركات رقم 1و2و4 مع مراعاة الترتيب ..
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[27 - Oct-2007, مساء 08:30]ـ
اخي الكريم وليد الدلبحي تقول ما معنى "بزازا"؟ بحثت عنها في لسان العرب
فخرج معي: البزاز بائع البز وحرفته البزازة.
اقول هذا هو المعنى الصحيح والله أعلم
الشيخ أبومالك حفظه الله قد ذكر فيما أذكر في مقدمة شرحه الصوتي للمصباح المنير أنه من مساوي المعاجم بيان اللفظ بحروف جنسه ..
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[27 - Oct-2007, مساء 08:56]ـ
اخي اشرف قلت الذي أذكره أن معنى بزازا يعني يعمل ببيع الثياب
اقول هوصحيح ببيع الثياب والاقمشة كماقال في القاموس المحيط البَزَّازُ: بائع الثياب والأقمشة بعامة
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[27 - Oct-2007, مساء 09:01]ـ
توجيهك لماذكرت انا في ترجمته عن الكرجي بانه جيد الحفظ
بقولك بأن الوجه أنه يَفجأ غيره بالإجابة لجودة حفظه، كما تَفجأ الصاعقة من تنزل به فتهلكه لاباس به وجزاك الله خيرا
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[27 - Oct-2007, مساء 09:04]ـ
وإياك أخي الفاضل .. مع التنبّه إلى أنني قلت: (وقد يُقال .. ) إلخ
نعم الوجه خرج من رأسي .. إلا أنه لا يخلو من تكلف فيما يظهر والله اعلم
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[27 - Oct-2007, مساء 09:10]ـ
وأنا أميل إلى السبب المشهور المذكور في الطبقات .. وعلى كلّ فتحقيق وجه تلقيب محمد بن عبدالرحيم بن أبي زهير بـ "صاعقة" يحتاج إلى مزيد بحث وتحرير ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[07 - May-2008, صباحاً 12:07]ـ
قال الحافظ في "تهذيب التهذيب": (وقيل له صاعقة: لجودة حفظه، وقيل لغير ذلك).اهـ
وفي طبقات الحنابلة "لابن أبي يعلى" 2/ 322: (وقيل: إنما سمي "صاعقة" لجودة حفظه. وقيل - وهو المشهور -: إنما لُقِّبَ بهذا لأنه كان كلَّما قَدِمَ بلدة للقاء شيخ إذا به قد مات بالقُرب).اهـ
[تصحيح واجب]
ابن حجر، وابن أبي يعلى، إنما ينقلان عن أبي بكر الخلال، فقولي: (قال ابن حجر). خطأ. والصواب: أنه من قول الخلال، أما قولي: (وفي طبقات الحنابلة "لابن أبي يعلى"). فلا غبار عليه، إلا أن غير دقيق؛ لأن ابن أبي يعلى نصَّ على القائل، وهو: الخلال ..
ثم قول ابن حجر رحمه الله: (وقيل لغير ذلك). اختصار مخل ..
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[07 - May-2008, صباحاً 12:16]ـ
وللفائدة المؤقتة، ينظر:
"طبقات الحنابلة" 2/ 323/حاشية/ = س 7 - 9، ت: العثيمين.
"المدخل المفصل" 2/ 639 - 640.(/)
معنى "الماهر بالقرآن"هل إتقان الحفظ أم إتقان التلاوة
ـ[أبوالبراء الفلسطيني]ــــــــ[28 - Oct-2007, صباحاً 03:29]ـ
اختلف أهل العلم في تحديد معنى "الماهر بالقرآن" هل تطلق على الحافظ المتقن لحفظه فلا يكادُ يخطئ في سَرْده الغيبي أم تطلق على متقن التلاوة وإن لم يكن حافظا للقرآن كله؟
بمعنى أخر:
هل المراد إتقان التلاوة بالأحكام أو إتقان الحفظ للقرآن؟
وقبل بيان القول الراجح الذي أراه صوابا في هذه المسألة, نطوف بكم على أقوال العلماء المختلفة, في هذه المسألة ,وفي الإطلاع عليه مزيد فوائد:
قال النووي رحمه الله:
"وَأَمَّا الَّذِي يَتَتَعْتَع فِيهِ, فَهُوَ الَّذِي يَتَرَدَّد فِي تِلاوَته, لِضَعْفِ حِفْظه ,فَلَهُ أَجْرَانِ: أَجْر
بِالْقِرَاءَةِ , وَأَجْر بِتَتَعْتُعِهِ فِي تِلاوَته وَمَشَقَّته اهـ.
ويقول الحافظ ابن حجر في فتح الباري:
قَوْله (بَاب قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاهِر)
"أَيْ الْحَاذِق وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا جَوْدَة التِّلَاوَة مَعَ حُسْنِ الْحِفْظ.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ الْمَاهِر: الْحَاذِق وَأَصْله الْحِذْق بِالسِّبَاحَةِ، قَالَهُ الْهَرَوِيُّ وَالْمُرَاد بِالْمَهَارَةِ بِالْقُرْآنِ جَوْدَة الْحِفْظ وَجَوْدَة التِّلَاوَة مِنْ غَيْر تَرَدُّد فِيهِ لِكَوْنِهِ يَسَّرَهُ اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ كَمَا يَسَّرَهُ عَلَى الْمَلَائِكَة فَكَانَ مِثْلهَا فِي الْحِفْظ وَالدَّرَجَة".
وفي شرح ابن بطال لصحيح البخاري -وهو شرح مفيدٌ فيه فوائد غير مذكورة في الفتح -:
"قال المهلب: المهارة بالقرآن: جودة التلاوة له بجودة الحفظ، فلا يتلعثم فى قراءته، ولا يتغير لسانه بتشكك في حرف أو قصة مختلفةِ النصِ، وتكون قراءته سمحة بتيسير الله له كما يسره على الملائكة الكرام البررة، فهو معها في مثل حالها من الحفظ، وتيسير التلاوة، وفى درجة الأجر إن شاء الله، فيكون بالمهارة عنده كريمًا برًا، وكأن البخاري أشار بهذه الترجمة وما ضَمَّنها من الأحاديث في حُسن الصوت، إلى أنَّ الماهر بالقرآن هو الحافظ له مع حسن الصوت به، ألا تراه أدخل بأثر ذِكر الماهر قوله - صلى الله عليه وسلم - «زينوا القرآن بأصواتكم» فأحال - صلى الله عليه وسلم - على الأصوات التي تتزين بها التلاوة في الأسماع، لا الأصوات التي تمجها الأسماع لإنكارها، وجفائها على حاسة السمع، وتألمها بقرع الصوت المنكر وقد قال تعالى: {إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان: 19] لجهارته والله أعلم وشدة قرعه للسمع، وفى إتباعه أيضًا لهذا المعنى بقوله: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن» ما يقوى قولنا ويشهد له، وقد تقدم في فضائل القرآن، ونزيده هاهنا وضوحًا، فنقول: إن الجهر المراد في قوله: «يجهر به» هو إخراج الحروف فى التلاوة عن مساق المحادثة بالأخبار، بإلذاذ أسماعهم بحسن الصوت وترجيعه لا الجهر المنهي عنه الجافي على السامع، كما قال عز وجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [الإسراء: 110]، وكما قال تعالى في النبي: {وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} [الحجرات: 2]، وقوله: {أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2]، دليل أن رفع الصوت على المتكلم بأكثر من صوته من الأذى له، والأذى خطيئة. .......... فيضاعف الأجر لمن يشتد عليه حفظ القرآن فيعطى بكل حرف عشرون حسنة، ولأجر الماهر أضعاف هذا إلى ما لا يعلم مقداره؛ لأنه مساوٍ للسفرة الكرام البررة، وهم الملائكة» وفى هذا تفضيل الملائكة على بني آدم، وقد تقدم.
............ قال المهلب: وأما حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ القرآن ورأسه في حجرها وهى حائض، ففيه معنى ما ترجم به من معنى المهارة بالقرآن؛ لأنه كان قد يسرّ الله عليه قراءته حتى كان يقرأه على كل أحواله لا يحتاج أن يتهيأ له بقعود، ولا بإحضار حفظه؛ لاستحكامه فيه، فلا يخاف عليه توقفًا؛ فلذلك كان يقرؤه راكبًا وماشيًا وقاعدًا وقائمًا ولا يتأهب لقوة حفظه ومهارته - صلى الله عليه وسلم –"
ويقول ابن الجوزي في "غريب الحديث" له
(يُتْبَعُ)
(/)
"الماهِر بالقرآنِ وهو الحاذِقُ بالقراءةِ "
ويقول السيوطي في "الديباج على صحيح مسلم" 2/ 396
"الماهر بالقرآن المراد به هو الحاذق الكامل الحفظ الذي لا يتوقف ولا يشق عليه القراءة لجودة حفظه .... والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه هو الذي يتردد في تلاوته لضعف حفظه له أجران أجر بالقراءة وأجر بمشقته"
ويقول صاحب "فيض القدير"6/ 336
" (الماهر بالقرآن) أي الحاذق به الذي لا يتوقف ولا يشق عليه قراءته لجودة حفظه وإتقانه ورعاية مخارجه بسهولة من المهارة وهي الحذق"
ويقول العيني في "عمدة القاري":
"والماهر الحاذق المراد به هنا جودة التلاوة مع حسن الحفظ"
ويقول صاحب "مرقاة المفاتيح":ملا علي قاري
"الماهر بالقرآن أي الحاذق من المهارة وهي الحذق جاز أن يريد به جودة الحفظ أو جودة اللفظ وأن يريد به كليهما وأن يريد به ما هو أعم منهما.وقال الطيبي: هو الكامل الحفظ الذي لا يتوقف في القراءة ولا يشق عليه. قال الجعبري في وصف أئمة القراءة:كل من أتقن حفظ القرآن ,وأدمن درسه, وأحكم تجويد ألفاظه ,وعلم مباديه ,ومقاطعه, وضبط رواية قراءته ,وفهم وجوه إعرابه, ولغاته ,ووقف على حقيقة اشتقاقه, وتصريفه ,ورسخ في ناسخه, و منسوخه وأخذ حظا وافرا من تفسيره وتأويله وصان نقله عن الرأي وتحافى عن مقايس العربية ووسعته السنة ,وجلله الوقار ,وغمره الحياء ,وكان عدلا, متيقظا, ورعا, معرضا عن الدنيا, مقبلا على الآخرة, قريبا من الله ,فهو الإمام الذي يُرجع إليه ويُعوَّلُ عليه ويُقتدى بأقواله ويُهتدى بأفعاله: مع السفرة"
ويقول صاحب "التيسير شرح الجامع الصغير" للمناوي
"الماهر بالقرآن) أي الحاذق به الذي لا تشق عليه قراءته لجودة حفظه واتقانه"
ويقول العراقي في "طرح التثريب"
بعد شرحه لحديث هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {خُفِّفَ عَلَى دَاوُد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِرَاءَةُ فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَابَّتِهِ تُسْرَجُ فَكَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُسْرَجَ دَابَّتُهُ وَكَانَ لَا يَأْكُلُ إلَّا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
الْمُرَادُ بِتَخْفِيفِ الْقِرَاءَةِ عَلَى دَاوُد عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَيْسِيرُهَا وَتَسْهِيلُهَا وَخِفَّةُ لِسَانِهِ بِهَا حَتَّى يَقْرَأَ فِي الزَّمَنِ الْيَسِيرِ مَا لَا يَقْرَؤُهُ غَيْرُهُ فِي الزَّمَنِ الْكَثِيرِ مَعَ التَّرَسُّلِ، وَإِعْطَاءِ كُلِّ حَرْفٍ وَمِنْ تَخْفِيفِ الْقِرَاءَةِ وَتَسْهِيلِهَا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مَا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ}، وَاَلَّذِي يَقْرَؤُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ، وَبِسَبَبِ تَخْفِيفِ الْقِرَاءَةِ تَيَسَّرَ لِكَثِيرٍ مِنْ صَالِحِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ كَثْرَةِ التِّلَاوَةِ مَا عَسِرَ عَلَى أَكْثَرِهِمْ
ويقول الشوكاني في "تحفة الذاكرين"
"قوله ماهر به أي حاذق في حفظه وتلاوته لا يتوقف ولا يتردد عند التلاوة ولا يشق عليه قراءته لجودة حفظه وحسن أدائه"
وفي حاشية السندي على ابن ماجه7/ 171
قَوْله (الْمَاهِر بِالْقُرْآنِ)
"أَيْ الْحَاذِق بِقِرَاءَتِهِ"
ومن الأسئلة الموجهة للجنة الدائمة:
الفتوى رقم 6292
السؤال: أقرأ القرآن ولا أستطيع حفظه هل لي أجر على هذا؟
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:
الجواب: الذي يقرأ القرآن ويتدبره ويعمل به يثاب عليه وإن لم يحفظه، ففي الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري تفسير القرآن (4653) ,صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (798) ,سنن الترمذي فضائل القرآن (2904) ,سنن أبو داود الصلاة (1454) ,سنن ابن ماجه الأدب (3779) ,مسند أحمد بن حنبل (6/ 98) ,سنن الدارمي فضائل القرآن (3368). الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ ويتعتع فيه، وهو عليه شاق له أجران.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
(يُتْبَعُ)
(/)
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
"مجلة البحوث الإسلامية"
ويقول الشيخ محمد بن عثيمين:
"فإذا كان الإنسان باستطاعته أن يقرأ القرآن من هذه الصحف المعرّبة المشكولة ولو شقَّ عليه ذلك ولو تتعتع فيه فإنه يجوز له أن يفعل وإن لم يكن له قارئ يُقرئه وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران) فأنت أخي السائل اقرأ القرآن وتهجه حرفا حرفا وكلمة كلمة مع إتقان الحركات والسكنات وهذا كافٍ وفيه خير عظيم ولك مع المشقة أجران كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم "
والراجح – والله تعالى أعلم-أن المراد الحافظ المتقن لحفظه الذي سهل عليه استذكار القرآن والدليل صريح ونص في المسألة ففي صحيح البخاري برقم 4937 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى يُحَدِّثُ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَثَلُ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهْوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ، وَمَثَلُ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهْوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهْوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ، فَلَهُ أَجْرَانِ».
والشاهد منه زيادة: "وَهْوَ حَافِظٌ لَهُ"
وقد ورد الحديث عند أحمد وفي مسند أحمد (6/ 110)
ثنا أسود بن عامر قال ثنا شعبة عن قتادة قال سمعت زرارة بن أوفى يحدث عن سعد بن هشام عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (مثل الذي يقرا القرآن ويتعاهده وهو عليه شديد فله أجران قال ومثل الذي يقرا القرآن وهو حافظ مثل السفرة الكرام البررة).
وفي التفسير من "سنن سعيد بن منصور"
ثنا عبدالرحمن بن زياد عن شعبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام الأنصاري عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" مثل الذي يقرأ القرآن وهو له حافظ مثل السفرة الكرام البررة ومثل الذي يقرؤه وليس بحافظ وهو عليه شديد وهو يتعاهده فله أجران."
ومما زادني فرحا أني وقفت على كلام للشيخ الألباني رحمه الله في هذه المسألة يؤيد ما ذكرت, حيث قال بعد تخريجه لحديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها " والحديث في السلسلة الصحيحة (5/ 281) برقم 2240،
قال بعده:
(واعلم أن المراد بقوله: " صاحب القرآن " حافظه عن ظهر قلب على حد قوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. . أي
أحفظهم، فالتفاضل في درجات الجنة إنما هو على حسب الحفظ في الدنيا، وليس على حسب قراءته يومئذ واستكثاره منها كما توهم بعضهم، ففيه فضيلة ظاهرة لحافظ
القرآن، لكن بشرط أن يكون حفظه لوجه الله تبارك وتعالى، وليس للدنيا والدرهم والدينار، وإلا فقد قال صلى الله عليه وسلم: أكثر منافقي أمتي قراؤها)
انتهى.
فيا حفظةَ كتابِ الله , ليست المسألة في أنكم تُتقنون التلاوةَ, المسألة أيضا في إتقان الحفظ ..... كثيرا ما أسألُ الشبابَ الحفظةَ
هل أنت حافظٌ للقرآن؟ أم حفظتَ؟
حافظ: يعني يقرأ من أيِّ موضعٍ بلا مراجعة الآن!
أمَّا حفظتَ: كنتَ حافظا في زمانِ ووقتِ حفظك القديم, والآن لا تستطيع القراءةَ إلا بعد المراجعة ولو اليسيرة من المصحف!!
تنبيه: لا يفهمنَّ أحدٌ من كلامي أنني أزهد في تعلم أحكام التجويد, لا, لا, أحكام التجويد مهمة وتعلُّمها واجبٌ كما يقول الشيخ الألباني ونقل كلامه الشيخ الدكتور: محمد موسى نصر في رسالة عن هذا الموضوع سماها"القول المفيد في وجوب التجويد" ص26
هذا كتبته على عجالة, عندما أحببتُ معرفة كلام أهل العلم على هذا الحديث
وجزاكم الله خيرا
ـ[الرغيد]ــــــــ[25 - Dec-2009, مساء 07:46]ـ
موضوع طيب
بارك الله فيكم وجعلنا وإيّاكم من أهل القرآن
ـ[أحمد السكندرى]ــــــــ[25 - Dec-2009, مساء 10:13]ـ
جزاكم الله خيرا، و نفع بعلمك، و بارك فيك.
ـ[أبوبكر الذيب]ــــــــ[26 - Dec-2009, مساء 03:41]ـ
أحسنت أحسن الله إليك.(/)
ما هَكذا يُطْلبُ (علمُ الحديث) ........ !
ـ[مهند المعتبي]ــــــــ[28 - Oct-2007, صباحاً 04:00]ـ
الحمدُ للهِ وحدَه، والصلاةُ والسلامُ على من لا نبي بعده ..
أمَّا بعد ..
فمِن المتقرر ـ عند أهل العلم ـ أن (علمَ الحديث) من أدقِّ العلومِ وأعمقها، وأشرف الفنونِ وأسمقها .. لهُ المنزلةُ الشريفة، والرُّتبةُ المنيفة ..
فلا لومَ على طالبٍ علتْ همَّتُه لدراسته؛ حفظاً وتفقُّهاً ..
ولا عَتَبَ على مُعْتَنٍ به وجمَّاعٍ لأسفاره؛ حِرصاً على الفوائدِ لا تكثُّراً أو تفكُّهاً ..
بلْ طالبُه محمودٌ مُطلقاً بشرطِ الإطلاق، ومن أخلصَ فيه للهِ حلَّق في الآفاق ..
إذ فيه (أصولُ السُنَّة)، و (تمام المنَّة) ..
وثمَّة خللٌ منهجي بدأ يستشري بين طلاب الحديثِ، بسعْيٍ حثيث ..
لمْ أرَ من نبَّه عليه من فضلاء الأعضاء المُتخصصين إلاَّ شاراتٍ مغمورةٍ في بطون المشاركات ..
فأحببتُ النُّصح؛ تطفلاً على موائدِ الكبار، فواللهُ لستُ من القوم، ولكني أرجو .. فـ (همُ القوم لا يشقى بهم جليسهم)!
والخللَ يمكن أن يُصاغ في النِّقاط التالية:
/// أولاً: التخصصُ الحديثيُّ المُبكِّر.
وأعني بذلك: البَدءَ في طلب (علم الحديث) بدايةً جادَّة قبلَ التأصيل والتأسيس الفُنُونيّ، مما يُفرِزُ تصرّفاتٍ علميةٍ مشينة.
فيبدأ بعضُ الطلاب بدراسة المصطلحِ، وبحفظ المتون وبعض الأسانيد .... قبل البدء بالضروريِّ من الفنون؛ كالاعتقاد، وما لا يسعُ المسلمَ جهله، وأصول الفقه، واللغة العربية ...
ولستُ أنسى ذلك الطالبَ المتحمس في الطلب يومَ بدأ في قراءةِ (علوم الحديث) لابن الصلاح، وقرأ أن التعبير بـ (معلول) مرذول في اللغة، فبدأ ينقّبُ ويبحثُ ويتصلُ على الشيوخ طالباً اللفظَ الصحيحَ لهذا المعنى .. فذهبَ وقتُه في البحثِ عن هذه الجزئية .. ففترت همته، ولانت عزيمته ..
إنَّ (علمَ الحديث) لا يمكنُ لمُدَّعٍ أن يقول: إنه يمكنُ الاجتهاد فيه روايةً ودرايةً قبل التأصيل العلمي في الضروريّ من الفنون، ولا أعني بذلك التحقيقُ لها.
فلابد لطالب علم الحديث أن يتأصل علمياً قبل البدء في التخصص الحديثي.
/// ثانياً: الجُرْأةُ المبكِّرةُ في نقدِ الأحاديثِ (سنداً ومتناً) ..
وهذا ـ غالباً ـ نتيجةٌ للأوَّل ..
حتى أصبح ـ واللهُ المستعان ـ من الكلماتِ المَلُوكَةِ في الألسن: [هذا الحديثُ ضعيف السند، منكر المتن]!!
لأدنى مخالفةٍ يعلمُ بها ـ لا سيما القول بنكارةِ المتن ـ ..
فهذه الإطلاقاتُ ينبغي أن لا يعانيها إلاَّ العلماءُ الراسخون .. فبعض الطلبة ينكرُ متناً ـ مدعياً ـ أنه يخالف اللغة، أو مقاصد الشرع، ......
وعند التحقيق يظهر أنَّ هذا تعالمٌ لا مستند له.
/// ثالثاً: التقصيرُ في الاطلاع على أقاويل العلماء (سلفاً وخلفاً):
فيأتي بالفُهُومِ المُحدثة، والاستنباطات الغريبة، وإذا ناظرتَه مبيناً له مُرادَ أهل العلم في فهمِ هذا الحديث، قال: سُبحان اللهِ!
أأدعُ قول رسول الله (ص) لفهمِ فلانٍ أو علان؟!
والحقُ أنه احتج بفهمه المتأخر لا بالحديث نفسه! ..
ينتجُ عن هذا:
/// رابعاً: قِصَرُ النظر في التعامل مع ما تتضمنه الأحاديث الضعيفة.
فالضعيفُ ضعيفٌ؛ لكنَّ أهل العلمِ قدْ يردُّون الحديثَ روايةً ويقبلونه دراية .. ولهذا شواهدُ كثيرةٌ الاعتمادُ فيها على أصولٍ أُخرى. وبعضها مُجمعٌ عليه.
والمهمُ في هذا الصدد إنكارُ بعضِ الطلاب بعضَ الأعمالِ؛ محتجاً بضعف الحديث ..
حتى سمعنا ـ وللأسف ـ من يقول لبعض المحسنين: حديث (من فطَّر صائماً فله مثل أجره .... ) حديثٌ ضعيف!!
نعم؛ قد يكون الراجحُ فيه الضعف، لكن أين الاعتباراتُ الأخرى؟!
أينَ المتون المُشرقة: (وكان أجودَ ما يكون في رمضان) .. ؟
أين نصوص الإحسان المتواترة .. ؟
أين مقاصد الشريعة؟
إنَّ الظنَّ بالله أن الأجر قد يكون أعظمَ من كونه مثلَ أجر الصائم فحسب.
كلُّ هذا بسبب الخلل المنهجي الناقص.
والمنهجُ السليمُ لبناءِ منهجٍ متكاملٍ هو التأصيل العلمي على أهل العلم الراسخين، والتأمل والتحري والتريث، وعدم تشبع الإنسان بما لم يعطه، وترك الحوم حول الكلمات الرنَّانة لمن لم ترسخ قدمه في هذا العلم الجليل:
" حديث منكر "، " غلط من صححه "، " لم يصححه إلا من لم يعرف مناهج الأئمة " ...
واللهُ أعلم .. وصلى الله وسلم على نبينا وحبيبنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[أبو القاسم]ــــــــ[28 - Oct-2007, صباحاً 04:24]ـ
يطيب لي أن أكون أول معلّق .. بالثناء الجميل .. على مقالك ..
أيها الأخ النبيل
وإذا كان الطنطاوي يسمى أديب الفقهاء ..
فهل نستشرف أنك في قابل الزمان: أديب المحدثين؟
ـ[عبدالرحمن الحجري]ــــــــ[28 - Oct-2007, صباحاً 04:28]ـ
جزاك الله خيرا على هذه التنبيهات المهمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[علي أحمد عبد الباقي]ــــــــ[28 - Oct-2007, صباحاً 09:55]ـ
بارك الله فيك أخانا مهندًا ونفع بك، لكن للفائدة قولك:
/// أولاً: التخصصُ الحديثيُّ المُبكِّر.
وأعني بذلك: البَدءَ في طلب (علم الحديث) بدايةً جادَّة قبلَ التأصيل والتأسيس الفُنُونيّ، مما يُفرِزُ تصرّفاتٍ علميةٍ مشينة.
فيبدأ بعضُ الطلاب بدراسة المصطلحِ، وبحفظ المتون وبعض الأسانيد .... قبل البدء بالضروريِّ من الفنون؛ كالاعتقاد، وما لا يسعُ المسلمَ جهله، وأصول الفقه، واللغة العربية ...
....
فلابد لطالب علم الحديث أن يتأصل علمياً قبل البدء في التخصص الحديثي.
هذا ليس خاصًا بطالب علم الحديث وحسب بل هو عام في كل طالب علم لا يحسن بطالب العلم أن يتخصص منذ البداية في فرع من فروع العلم قبل أن يتأصل علميًا فيعرف أساسيات كل علم من العلوم الشرعية قبل التخصص في علم بعينه. والله أعلم
ـ[محمد بن مسلمة]ــــــــ[28 - Oct-2007, مساء 01:44]ـ
جزاك الله خيرا ..
أخي الكريم نصائح قيمة ..
لاحرمك ربي الأجرورفع قدرك ..
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[28 - Oct-2007, مساء 04:56]ـ
جزى الله صاحب الموضوع خير الجزاء على هذه النصائح الطيبة.
هذه الكلمات تذكرنا بوصية أم الإمام مالك 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: "اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل أن تتعلم من علمه".
وتعليق بسيط لهذه الجزئية من كلام الأخ الفاضل:
بلْ طالبُه محمودٌ مُطلقاً بشرطِ الإطلاق
لعله قصد: (بلْ طالبُه محمودٌ مُطلقاً بغير شرطِ الإطلاق). فإن الحمد والمدح قد يتعين وقد يتفاضل في كثير من الأحيان.
ـ[أبو عمر القصيمي]ــــــــ[28 - Oct-2007, مساء 09:51]ـ
تنبيهات نفيسة جداً، بارك الله فيك ونفع بك.
وأعتقد أن السبب في بعض هذه الأمور هي أن الطالب قد يسير وحده ويجتهد هو بالطريقة والمنهج الذي يسير عليه وهذا خطأ فملازمة أهل العلم وأخذ العلم من أصوله هي أهم أسباب نجاح الطالب في هذا الطريق منهجياً.
ـ[مهند المعتبي]ــــــــ[29 - Oct-2007, صباحاً 12:04]ـ
الأفاضلَ: أبا القاسم، عبدالرحمن الحجري، نضال مشهود، محمد بن مسلمة، أبا عمر القصيمي ..
جزاكم اللهُ خيرَ الجزاء ..
بارك الله فيك أخانا مهندًا ونفع بك، لكن للفائدة قولك:
هذا ليس خاصًا بطالب علم الحديث وحسب بل هو عام في كل طالب علم لا يحسن بطالب العلم أن يتخصص منذ البداية في فرع من فروع العلم قبل أن يتأصل علميًا فيعرف أساسيات كل علم من العلوم الشرعية قبل التخصص في علم بعينه. والله أعلم
الشيخَ الفاضلَ علي عبد الباقي ..
أوافقُك على ما تفضَّلتم به، غيرَ أنَّه ليس لازماً من كلامي اختصاصُ طلاب الحديث به، بل هي آفة مُشترَكةٌ .. غيرَ أنَّ طالبَ الحديث، وطالبَ التفسير أشدُّ حاجةً من غيره للتنبه لهذا الأمرِ؛ لتعلقه المُباشر بالنصوص ..
دمتَ مسدَّداً مُفيداً ..
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[29 - Oct-2007, صباحاً 12:09]ـ
جَزَاكُم اللَّهُ خَيرًا،ونَفَعَ بِكُم ـ أيُّهَا الأَخ الفَاضِل (مهند المعتبي) ـ.
ـ[مهند المعتبي]ــــــــ[29 - Oct-2007, صباحاً 02:45]ـ
جَزَاكُم اللَّهُ خَيرًا،ونَفَعَ بِكُم ـ أيُّهَا الأَخ الفَاضِل (مهند المعتبي) ـ.
وإيَّاكَ أخي الفاضلَ (سلمان بن عبد القادر أبو زيد) ..
__________
أخطاء في المقال لم أتنبَّه لها:
(والخللَ يمكن أن يُصاغ في .... ) صوابه: والخللُ .....
(مما يُفرِزُ تصرّفاتٍ علميةٍ مشينة ... ) صوابه: مما يُفرز تصرفاتٍ علميَّةً ...
ـ[جبل العلم]ــــــــ[29 - Oct-2007, صباحاً 06:49]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على هذه الخاطرة ذات الصلة بموضوع خطير غفل عنه الكثيرون ويعاني من سلبياته الأكثرون حتى وقع الناس في الكثير من الاضطراب والفوضى بسبب بعض الممارسات الكثيرة ممن يخوضون في موضوع دراسة الأحاديث.
(يُتْبَعُ)
(/)
وللأسف فإن المشكلة تكمن أصلا في غياب المنهج والتأصيل للمناهج في دراسة الأحاديث وتناول نصوص العلماء ممن لا يجيدون التعامل معها. فهب أن أحدهم قرأ شيئا عن حديث ما في كتاب ما فنجده يرجع اليه ويحعل الحكم عاما علما ان الكتاب المرجع قد يكون اعتنى ببيان ضعف طريق بعينها او لفظة ما؟؟ فالناقل نقل العموم في ما هو مخصوص والمشكلة هي عدم نضوج ذلك الشخص علميا وعدم قدرته على تتناول المصادر بالشكل الصحيح!!
ان الجرأة على العلم الشرعي والنصوص الشرعية باتت آفة خطيرة من آفات هذا الزمن
لا بد للأنسان المؤمن أن يتأنى في الدراسة ويتمعن فيما ينقل ويكتب ولا بتعجل لسبب او آخر فيقع في المحظور ويقول على الله ورسوله ما لم يرد عنهما او يرد عنهما ما ورد عنهما.
الحديث مجال شائك ولا يصلح للاهل العَجل وطالبي الشهرة.
هناك امور ينبغي مراعاتها كالاختلاف في الروايات والاسانيد والعلاقة بين ضعف السند وصحة المتن او العكس وهذا هو العلم الموسوعي الذي يربط النصوص ببعضها من خلال الطرق التي وردت منها ويربطها بالنصوص الواردة في الموضوع نفسه فيعطيها الحكم العام الموضوعي عندما يكون الكلام موجها لعموم الناس ويفصّل بالحكم والقول عندما يكون الكلام للمتخصصين والعلماء
هذه هي الموضوعية في الدراسة والنقد
فالحديث الضعيف الذي له شواهد او يتفق مع المقاصد والاصول العامة لا يصلح ان نطلق الكلام على ضعفه لان المتبادر الى الذهن انه مما لا يعمل به او ان عكسه صحيح!!! والامر على خلاف ذلك
كما ان الخلاف بين العلماء حول الروايات والاحاديث مما لا يجوز كتمه عند نقل احد الاراء في ذلك الحديث او الرواية
وسامح الله بعض المحققين والمخربين ممن لا يشيرون في حواشي كتب الحديث الى الاراء حول ويكتفون بدراسة السند الوارد في تلك الصفحة مما يوقع القاري في حيرة وارتباك
ثم ان مسألة الحكم بنكارة المتن مما لا ضابط له في هذا الزمان لا كل مجتريء يتمسك بهذه الحجة الواهية مغلقا عقله وعيننيه وآذانه عما ما من شأنه ازالة النكارة المزعومة او المفتراه, والعلوم التي ينبغي الرجوع اليها من عقيدة وتفسير واصول وخاصة الناسخ والمنسوخ, وفقه ولغة كثيرة في ذلك.
واذكر ان احد الناس يعمل بائعا للكتب الاسلامية, كنت ذهبت اليه لاشتري كتبا, وعلم وقتها اني كنت احضّر للدكتوراة في الحديث, فاخبرني انه وجد في احد كتب الحديث الاصول اكثر من 300 رواية يردها العقل!! والكتاب من الاصول الستة.ولكن هل تعلمون متى وجد هذه الروايات كلها؟ قال لي انه عثر عليها في الليلة الماضية وهو يقلب صفحات ذلك الكتاب!! المحفوظ بحفظ الله. بالله عليكم عندما يأتي شخص لا أصل له في هذا العلم ويعثر على ذلك الرقم في ليلة واحدة فماذا نقول له؟؟ وكيف نحكم على عمله؟ والوقت الذي صرفه في الهبوط الى ما هبط اليه لا يكفي لقراءة هذه الاحاديث قراءة مجردة فقط!!
فلنتق الله في هذا العلم
ـ[مهند المعتبي]ــــــــ[29 - Oct-2007, مساء 05:18]ـ
جزاكمُ اللهُ خيراً شيخنا د / جبل العلم .. على هذه الإضافات، والتنبيهات ..
وللعلم؛ فقد فهمني أحد الأفاضل على غير ما أردتُ حيثُ فهم أنني لا أردُّ الحديث الضعيف لوجود شواهدَ أو معانٍ تشهدُ له ..
لكنني أردتُ وقصدتُ بعض المتعلمين الذين لم يفقه المنهجيَّة الصحيحة لدائرة العلوم، كما مثَّلتُ به لمُزَهِّد ذلك المُحسن في التبرعات قائلاً له: حديث التفضير ضعيف!
واللهُ أعلم.
ـ[جبل العلم]ــــــــ[29 - Oct-2007, مساء 05:47]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا اخي مهند
ه
ـ[جبل العلم]ــــــــ[29 - Oct-2007, مساء 05:55]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا, مع انني لم افهم من عبارتك ما فهمه الاخ الذي ذكرت ولكن سوء الفهم وارد في مثل هذه المناسبات لذلك الافضل الحرص على وضوح العبارات قدر الامكان.
الضعيف المردود هو ما لا يمكن قبوله باي حال من الاحوال, أما الضعيف الذي له اصل و غيره مما بتقوى, فلا يسمى مردودا اصلا , وهذا ما اوضحته في المشاركة السابقة. فنتعامل مع النص على انه جمله مجردة ونرى هل هذه الجملة مقبوله شرعا ام لا, ولا نقول ان النبي صلى الله عليه وسلم تلفظ بها وهذا منهج السابقين الذين كلنوا يشيرون لذلك بما يسمى صيغة التمريض.
وكما نبهت سابقا المشكلة في بيان الضعف فقط هي مل يرد للذهن من عدم صحة العبارة ككلام او ان عكسه هو الصحيح وهذا هو الخلط والخطر عند عد تناول النص بدراسة موضوعية.
بارك الله في الجميع
ـ[مهند المعتبي]ــــــــ[30 - Oct-2007, صباحاً 01:17]ـ
باركَ اللهُ فيكم شيخنا د/ جبل العلم .....
ـ[جبل العلم]ــــــــ[30 - Oct-2007, صباحاً 02:23]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا, مع انني لم افهم من عبارتك ما فهمه الاخ الذي ذكرت ولكن سوء الفهم وارد في مثل هذه المناسبات لذلك الافضل الحرص على وضوح العبارات قدر الامكان.
الضعيف المردود هو ما لا يمكن قبوله باي حال من الاحوال, أما الضعيف الذي له اصل و غيره مما به يتقوى, فلا يسمى ذلك مردودا اصلا , وهذا ما اوضحته في المشاركة السابقة. فنتعامل مع هذا النص على انه جمله مجردة ونرى هل هذه الجملة مقبوله شرعا ام لا, ولا نقطع بان النبي صلى الله عليه وسلم تلفظ بها أو لا, وهذا منهج السابقين الذين كانوا يشيرون لذلك ومثله بما يسمى صيغة التمريض.
وكما نبهت سابقا المشكلة في بيان الضعف فقط هي ما قد يرد لذهن القارئ من عدم صحة العبارة ككلام او بان عكسه هو الصحيح وهذا هو الخلط والخطر عند عد تناول النص بدراسة موضوعية.
بارك الله في الجميع
بارك الله في الجميع
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهند المعتبي]ــــــــ[04 - Feb-2008, صباحاً 11:35]ـ
وفيك بارك الله أخي الدكتور / جبل العلم.
ـ[أبو عبدالله السعيدي]ــــــــ[04 - Feb-2008, مساء 12:25]ـ
فتح الله عليك أخي الفاضل أبا ريّان مقال ماتع، وأسلوب راقي جدا في الطرح.
نفع الله بكم وزادكم علما وتواضعا، وجعل ما ترشدون به إخوانكم في موازين حسنلتكم.
دائما أقول بعد كل مقال أقرأه لأخي أبي ريان المعتبي.
انتظر الجديد
ـ[أمل*]ــــــــ[04 - Feb-2008, مساء 12:42]ـ
جزاكم الله خيرا(/)
من يخرج لنا هذه الاحاديث ويبين حكمها؟؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[28 - Oct-2007, مساء 01:14]ـ
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: "إن الأرواح يعرج بها في منامها إلى السماء، فتؤمر بالسجود عند العرش، فمن بات طاهرًا سجد عند العرش، ومن كان ليس بطاهر سجد بعيدًا من العرش"، رواه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 292، رقم 2439)، والبيهقي في شعب الإيمان (3/ 29، رقم 2781) وقال: "هكذا جاء موقوفًا"
. قال العراقي في طرح التثريب (2/ 60): "وهذا وإن كان موقوفًا فقد ثبت أن من نام طاهرًا نام في شعار ملك، وصفة الملائكة العلو، فكان فيه مناسبة لعلو روحه وصعودها إلى الجنان,
وذلك فيما رواه ابن حبان في صحيحه من رواية ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من بات طاهرًا بات في شعار ملك، فلم يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فلان؛ فإنه نام طاهرًا))، أورده في النوع الثاني من القسم الأول,
وقد رواه الطبراني في الأوسط فجعله من حديث ابن عباس، ورواه البيهقي في الشعب فجعله من حديث أبي هريرة".
3 - عن أبي الدرداء قال: "إذا نام العبد على طهارة رفع روحه إلى العرش"، رواه ابن المبارك في الزهد، ورواه الحكيم الترمذي بلفظ: "إن النفس تعرج إلى الله - تعالى - في منامها, فما كان طاهرًا سجد تحت العرش, وما كان غير طاهر تباعد في سجوده, وما كان جنبًا لم يؤذن لها في السجود".
وخلاصة ذلك والله أعلم أن روح المؤمن تصعد في العلو، وأنها ربما سجدت تحت العرش، وربما بقيت مع أرواح المؤمنين الموتى، ومنها ما يكون دون ذلك، والله أعلم.
قال ابومحمد تحتاج الى بحث في اسانيدها والله اعلممنقووول]
ـ[المسندي]ــــــــ[28 - Oct-2007, مساء 10:48]ـ
هذا الاثر جاء من طريق علي بن غالب قال ابن حبان في المجروحين: كان يدلس كثيرا ويأتي بالمناكير وقال البخاري لا اراه الا صدوقا.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[29 - Oct-2007, صباحاً 12:48]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[30 - Oct-2007, مساء 06:21]ـ
من يخرج لنا هذه الاحاديث ويبين حكمها؟؟
افيدونا افادكم الله
ـ[المسندي]ــــــــ[31 - Oct-2007, صباحاً 10:12]ـ
وحديث ابن عمر الذي اخرجه ابن حبان اخرجه ايضا الطبراني في الكبير وغيره كلهم من طريق عبدالله بن المبارك عن الحسن بن ذكوان عن سليمان الاحول عن عطاء بن ابي رباح عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وكما قلت اخي رواه البيهقي من حديث عبدالله بن المبارك عن الحسن بن ذكوان ايضا عن سليمان عن عطاء عن ابي هريرة رضي الله عنه. واظن ان هذا وهم حيث ان الحديث في مسند عبدالله عن ابن عمر ولم اجده عن ابي هريرة فلعله وهم من احد الرواة.
والحسن بن ذكوان ذكره صاحب التهذيب بقول: ذكره يحيى ابن معين فقال صاحب الاوابد منكر الحديث وضعفه , وقال عنه النسائي وابو حاتم ليس بالقوي. وحديث ابن عمرله علة اخرى وهي ان عطاء لم يسمع من ابن عمر كما قال الائمة ومنهم يحيى واحمد ابن المديني وانما ذكروا انه رأه.
واما حديث ابن عباس فرواه الطبراني من حديث اسماعيل بن عياش عن العباس بن عتبة عن عطاء عن ابن عباس. والعباس بن عتبة ذكره الذهبي في الميزان وذكر انه يروي عن عطاء وعنه اسماعيل بن عياش ثم قال ولا يصح حديثه وذكرهذا الحديث.
فجميع هذه الطرق لا يصح منها شيء والله اعلم.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[31 - Oct-2007, مساء 03:13]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي الفاضل المسندي
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[ابن رجب]ــــــــ[31 - Oct-2007, مساء 03:59]ـ
أحسن الله اليكم اخانا المسندي ,,,
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[31 - Oct-2007, مساء 04:30]ـ
حبذا اخي المسندي اوغيره من الاخوة اهل الحديث وفقكم الله جميعا
التوضح اكثر بهذه الطريقة بحيث يذكر كل حديث لوحده وعلته
حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه رواه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 292، رقم 2439)،
والبيهقي في شعب الإيمان (3/ 29، رقم 2781) وقال: "هكذا جاء موقوفًا"عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه
هل هوصحيح ام لا؟؟
حدبث ابن عمر المرفوع رواه ابن حبان في صحيحه هل هوصحيح ام لا؟؟
و رواه الطبراني في الأوسط فجعله من حديث ابن عباس، هل هوصحيح ام لا؟؟
ورواه البيهقي في الشعب فجعله من حديث أبي هريرة". هل هوصحيح ام لا.؟؟
حديث أبي الدرداءالموقوف رواه ابن المبارك في الزهد، ورواه الحكيم الترمذي هل هوصحيح ام لا؟؟(/)
«شرح الرّسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السّنّةِ المشرفة» للمحدِّث د. حاتم الشّريف
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[29 - Oct-2007, مساء 12:12]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، أسعد الله أوقاتكم بكل خير.
«شَرحُ الرَّسَالَةِ المسْتَطْرفَةِ لبَيانِ مَشْهُور كُتُب السُّنُّةِ المُشرِفَةِ،
للمحدِّث محمّد بن جعفر بن إدريس بن الطّائع بن إدريس الكتّاني الحسني الفاسي ثم الدّمشقي،
شَرح فَضِيلَةِ الشَّيْخِ د. الشَّرِيْف حَاتِمِ بنِ عَارِفٍ العَونِيّ
ـ حفظهُ اللَّهُ تعالى ورعاهُ ـ.»
الدَّرْسُ الأَوَّلُ (14 - 10 - 1428 هـ):
http://liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=43463
« يتبع ـ إن شاء اللَّهُ تعالى ـ».
ـ[عبدالعزيز بن عبدالله]ــــــــ[29 - Oct-2007, مساء 02:58]ـ
جهد مشكور
ـ[ابن رجب]ــــــــ[29 - Oct-2007, مساء 05:02]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[11 - Nov-2007, مساء 01:41]ـ
الدَّرْسُ الثَّانِيّ (28 - 10 - 1428 هـ):
http://liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=43982
« يتبع ـ إن شاء اللَّهُ تعالى ـ».
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[11 - Nov-2007, مساء 01:44]ـ
الأخ المكرّم / عبد العزيز بن عبد اللَّه:
جزاكم اللَّهُ خيرًا،وباركَ فيكم.
ـ[ابومحمد البكرى]ــــــــ[13 - Nov-2007, صباحاً 02:36]ـ
جزاكم اللَّهُ خيرًا،وباركَ فيكم.
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[14 - Nov-2007, مساء 08:21]ـ
الأخ الغالي / أبا حاتِمٍ (ابن رجبٍ):
جزاكم اللَّهُ خيرًا،وأحسن إليكم.
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[14 - Nov-2007, مساء 08:24]ـ
الموقر العزيز / أبا مُحمَّدٍ البكرى:
شكر اللَّهُ لكم مروركم،وتشريفكم.
ـ[ابن رجب]ــــــــ[14 - Nov-2007, مساء 10:06]ـ
الأخ الغالي / أبا حاتِمٍ (ابن رجبٍ):
جزاكم اللَّهُ خيرًا،وأحسن إليكم.
واياكم ,, اخي الحبيب ,,
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[17 - Nov-2007, مساء 09:50]ـ
الدَّرْسُ الثَّالِثُ (6 - 11 - 1428 هـ):
http://liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=44258
ـ[ابن رجب]ــــــــ[17 - Nov-2007, مساء 10:14]ـ
بارك الله في جهودكم ,
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[24 - Nov-2007, مساء 11:26]ـ
الدَّرْسُ الرَّابِعُ (13 - 11 - 1428 هـ):
http://liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=44537
« يتبع ـ إن شاء اللَّهُ تعالى ـ».
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[24 - Nov-2007, مساء 11:41]ـ
شكر اللَّهُ لكم مروركم،وتشريفكم يا أبا حاتِمٍ (ابن رجبٍ).
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[25 - Nov-2007, صباحاً 08:59]ـ
جزاك الله خيرا سلمان
اود ان اعرف موضوع الرسالة
ـ[ابن رجب]ــــــــ[25 - Nov-2007, صباحاً 09:22]ـ
واياكم ياشيخ سلمان ,,
أكمل نحن بانتظارك(/)
«شَرحُ التَّذكرةِ في عُلُومِ الحديث لابنِ المُلَقِّن، لشيخنا المحدِّث سعد الحُمَيِّد»
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[31 - Oct-2007, مساء 12:34]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته،،، أسعد اللَّه أوقاتكم بكل خير:
«شَرْحُ التَّذْكِرَةِ فِي عُلُوْمِ الحَدِيْثِ لابنِ الْمُلَقِّن،
لِصَاحِبِ الفَضِيْلِةِ شَيْخِنَا الدُّكْتُوْرِ المُحَدِّثِ سَعْدِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ آل حُمَيِّد
ـ حَفِظَهُ اللَّهُ وَرَعَاهُ ـ،آمين.»
وصلة الدُّروسِ:
http://www.alukah.net/Lectures/Sheikh.aspx?SheikhID=8
جزى اللَّهُ شيخَنا سَعْدًا خَيرَ الجزاء، باركَ في جُهوده،ونفعَ به.
أخوكم المحبّ
سَلمان بن عبد القَادر أبُو زَيْدٍ
سَدَّدَهُ اللَّهُ فِيْمَا يخْفِي ويبْدِي إنَّهُ بِكُلِّ خَيْرٍ كَفِيلٌ وَعَلَى كُلِّ شَئٍ وَكِيل.
ـ[ابن رجب]ــــــــ[31 - Oct-2007, مساء 12:43]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[05 - Nov-2007, مساء 11:26]ـ
الموقر العزيز / أبا حَاتِمٍ (ابنَ رَجَبٍ):
جزاكم اللَّهُ خيرًا،وباركَ فيكم.
ـ[أمل*]ــــــــ[06 - Nov-2007, صباحاً 12:08]ـ
جزاكم الله خيرا، ولو يستطيع أحد طلبة الشيخ أن يفرغ الأشرطة لعمت الفائدة، فتكون المادة متوفرة مسموعة ومقروءة
بارك الله فيكم جميعا
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[12 - Nov-2007, مساء 11:25]ـ
جزاكنَّ اللَّهُ خيرًا،بارك فيكنّ.
ـ[تابع السلف]ــــــــ[15 - Nov-2007, مساء 08:58]ـ
الشريط السادس الصوت فيه تالف
ومن الدرس العاشر حتى آخر الدروس الروابط لا تعمل(/)
الإنكار على من يعمل بالحديث الضعيف
ـ[ابن رجب]ــــــــ[01 - Nov-2007, مساء 05:02]ـ
الإنكار على من يعمل بالحديث الضعيف
السؤال
.هل ينكر على من يعمل بالحديث الضعيف إذا وجد من صححه؟
الإجابة
ليس كل تصحيح معتبر، ولا كل تصحيح يؤخذ به، ووجود من يصحح الحديث من أهل العلم ليس مسوغاً للعمل به، ما لم يحمل العالم نفسه (بتجرد وسلامة قلب) على النظر والحكم على الاحاديث إذا كان يملك القدرة على ذلك، وإذا لم يكن يملك ذلك فله التقليد لأهل العلم الذين يثق بهم وبعلمهم ودينهم، لا عن هوى وتشهي، وإذا عمل بذلك فلغيره من أهل العلم أن ينكروا عليه ما خالفهم به بالحجج البينه من غير تعنيف فربما يكون على خطأ في حكمه أو في تقليده ويتبصر، وهذا مسلك معروف عند أهل العلم فلا يزالون ينكرون على بعض ويتعقبون بعضا، والعلماء قد صرحوا بنقض حكم الحاكم إذا خالف كتاباً او سنةً وإن وافق فيه بعض العلماء، وأما إذا لم يكن في المسالة سنة ظاهرة ولا إجماع صحيح وللاجتهاد فيها مساغ لم تنكر هذه المسالة على من عمل بها معتقداً لها مجتهداً أو مقلداً، ولهذا تجد في كتب أهل العلم في أنواع العلوم من عقيدة وتفسير وفقه وحديث مناظرات وردود، وبيان من يرد قوله ومن لا يرد، والله أعلم.
منقول من الموقع الرسمي
المجيب الشيخ الطريفي(/)
صحة حديث (كفر دون كفر)
ـ[ابن رجب]ــــــــ[01 - Nov-2007, مساء 05:05]ـ
صحة حديث (كفر دون كفر)
السؤال
ما صحة حديث (كفر دون كفر) لابن عباس في قوله تبارك وتعالى: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة: 44]).؟
الإجابة
هو من الموقوف على ابن عباس، ولا يثبت بهذا اللفظ، فقد أخرجه ابن أبي حاتم والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن والمروزي في تعظيم قدر الصلاة وابن عبدالبر في التمهيد عن هشام بن حجير عن طاووس عن ابن عباس في قوله تعالى: (ومن لم يحكم بنا أنزل الله فأولئك هم الكافرون) قال: كفر دون كفر. وهشام بن حجير ضعفه أحمد وضعفه ابن معين جداً وقال ابن عيينة: لم نكن نأخذ عن هشام بن حجير ما لا نجده عند غيره، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وذكره العقيلي في الضعفاء، ووثقه العجلي وابن سعد. وقد خولف في لفظه فقد رواه المروزي في تعظيم قدر الصلاة وابن جرير وعبدالرزاق في المصنف من حديث معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال: سئل ابن عباس عن قوله: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) قال: هي به كفر. وهذا هو الصحيح.
منقوول من الموقع الرسمي
المجيب الشيخ الطريفي
ـ[أبو الفضل أحمد عبد العظيم]ــــــــ[11 - Jan-2010, صباحاً 12:51]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أرجوا من كل أخ حريص على دينه ان يرجع إلى مصادر هذه النصوص حتى يكون على بينه ولا يكون .....
اسئال الله ان يهدينا إلى إتباع الحق و يجنبنا إتباع الباطل و يوفق بين قلوبنا و يوحد صفنا وكلمتنا ويرزقنا الجهاد في سبيله (اللهم أمين).
عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:
" يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ، لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا، بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ، الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ " صحيح الترغيب والترهيب للألباني
شبهات والجواب عليها
الشبه الاولى
طريق طاووس عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وتفصيل الطرق عنه
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قال: «ليس بالكفر الذي تذهبون إليه» وفي رواية «إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه إنه ليس كفراً ينقل عن الملة {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} كفر دون كفر»
أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (4/ 1482/749 - تكملة) وأحمد في «الإيمان» (11) (4/ 160/1419) ومن طريقه ابن بطة في «الإبانة» (2/ 736/1010) ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (2/ 521/569) وابن أبي حاتم في «تفسيره» (4/ 1143/6434 - ط الباز) وابن عبد البر في «التمهيد» (4/ 237) والحاكم (2/ 313) وعنه البيهقي (8/ 20) عن سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاوس عن ابن عباس به
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي
قال شيخنا أسد السنة العلامة الألباني رحمه الله في «الصحيحة» (6/ 113): «وحقِّهما أن يقولا على شرط الشيخين فإنَّ إسناده كذلك ثم رأيت الحافظ ابن كثير نقل في «تفسيره» (6/ 163) عن الحاكم أنه قال «صحيح على شرط الشيخين» فالظاهر أن في نسخة «المستدرك» المطبوعة سقطاً وعزاه ابن كثير لابن أبي حاتم أيضاً ببعض اختصار»
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: وهوكذلك إلا أن هشام بن حجير راويه عن طاووس فيه كلام لا ينزل حديثه عن رتبةالحسن
قال ابن شبرمة: «ليس بمكة مثله» وقال العجلي: «ثقة صاحب سنة» وقال ابن معين: «صالح» وقال أبو حاتم الرازي: «يكتب حديثه» وقال ابن سعد: «ثقة له أحاديث» وقال ابن شاهين: «ثقة» ووثقه ابن حبان، وقال الساجي: «صدوق» وقال الذهبي: «ثقة» ولخصه الحافظ بقوله: «صدوق له أوهام». وضعفه يحيى القطان، والإمام أحمد، وابن معين - في رواية-.
قلت: فرجل حاله هكذا لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن ما لم يخالف وقد روى الشيخان له واحتجا به ومع ذلك لم يتفرد به بل توبع كما سيأتي (ص59).
ثم وقفت على رسالة صغيرة الحجم ضحلة العلم
لكاتبها المدعو (حسان عبد المنان) (قدّم لها: محمد إبراهيم شقرة!)
ذهب فيها إلى تضعيف هذا الأثر السلفي عن ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس-رضي الله عنهما-
مع العلم أن هذا الأثر السلفي متفق على صحته بين العلماء الحفاظ والأئمة النقاد المشهود لهم بالعلم ورسوخ قدمهم فيه سلفاً وخلفاً.
ورأيت ثمت أن أدون ملاحظاتي على ذاك (الغمر) الذي تصدّى لما لا يحسن وهدماً لما بناه هذا (المتعالم)
الذي تطاول برأسه بين هؤلاء الكبراء وعليهم فحقَّق زعم كتباً! وخرَّج كذب أحاديث! وسوّد تعليقات! وأخرج ردوداً تنبىء عن حداثته وتكلم بجرأة بالغة فيما لا قِبَلَ له به من دقائق علم المصطلح وأصول الجرح والتعديل!!
فجاء منه فساد كبير عريض وصدر عنه قول كثير مريض لا يعلم حقيقة منتهاه إلا ربه ومولاه- جل في علاه- فهو يتعدى على الأحاديث الصحيحة بالظن والجهل والإفساد والتخريب بما يوافق هواه ويلقي ما يراه بدعوى التحقيق والتخريج والرد والتعقيب!
فلو كان عند هذا (الهدام) شيء من الإنصاف لكان منه ولو قليلاً تطبيق وامتثال لما قاله بعض كبار أهل العلم نصحاً وتوجيهاً:
«لا ينبغي لرجل أن يرى نفسه أهلاً لشيء؛ حتى يسأل من كان أعلم منه»
فوجدته قد تكلف في رد هذا الأثر السلفي تكلفاً عجيباً غريباً؛
ذكرني بصنيع أهل التعطيل في نفي أسماء الله الحسنى وصفاته العلى فهو بحقّ رجل (مَلِصٌ) كلّما جوبه بدليل لا مردّ له تملَّص بتأويل له من عنده فالله حسيبه.
فقد ضعف هذا (الهدام) هذه الطريق بتكلّف بارد في جملة ما ضعف من الأحاديث الصحيحة الكثيرة عن رسولنا صلى الله عليه وسلم.
من يريد ان يتابع عليه ان يحمل هذا الملف ففيه كل التفاصيل والردود والشبهات واقوال العلماء السنه والمصادر
وهذا الجزء من الرد السابق لست انا من قام به بل هو لواحد من علماء المسلمين السنه وستجد الرد كامل ان شاء الله فى الملف المحمل مع اسم العالم
تحقيق حديث ابن عباس كفر دون كفر و أقوال العلماء السنة
حمل من هنااختار رابط
http://www.4shared.com/file/19345616...___online.html (http://www.4shared.com/file/193456165/bcd11e61/___online.html)
http://www.megaupload.com/?d=6LUDRJS5 (http://www.megaupload.com/?d=6LUDRJS5)
ـ[أبو الفضل أحمد عبد العظيم]ــــــــ[11 - Jan-2010, صباحاً 12:55]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
نصائح علمية؛ لتكون ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد
أرجوا من كل أخ حريص على دينه ان يرجع إلى مصادر هذه النصوص حتى يكون على بينه ولا يكون .....
اسئال الله ان يهدينا إلى إتباع الحق و يجنبنا إتباع الباطل و يوفق بين قلوبنا و يوحد صفنا وكلمتنا ويرزقنا الجهاد في سبيله (اللهم أمين).
قال العلامة الامام ابن القيم فى رسالة الصلاة وحكم تاركها
(وهذا التفصيل هو قول الصحابة الذين هم أعلم الامة بكتاب الله وبالاسلام والكفر ولوازمهما فلا تتلقى هذه المسائل الا عنهم فان المتاخرين لم يفهموا مرادهم فانقسموا فريقين فريقا اخرجوا من الملة بالكبائر وقضوا على اصحابها بالخلود فى النار وفريقا جعلوهم مؤمنين كاملى الايمان فهؤلاء غلوا وهؤلاء جفو وهدى الله أهل السنة للطريقة المثلى والقول الوسط الذى هو فى المذاهب كالاسلام فى الملل فها هنا كفر دون كفر ونفاق دون نفاق وفسوق دون فسوق وظلم دون ظلم).
وقال في (الروح)
(يُتْبَعُ)
(/)
سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام بل هو أصل كل خطأ في الأصول والفروع ولا سيما إن أضيف إليه سوء القصد فيتفق سوء الفهم في بعض الأشياء من المتبوع مع حسن قصده وسوء القصد من التابع فيا محنة الدين وأهله والله المستعان وهل أوقع القدرية والمرجئة والخوارج و .... وسائر الطوائف أهل البدع إلا سوء الفهم عن الله ورسوله حتى صار الدين بأيدي أكثر الناس هو موجب هذه الأفهام والذي فهمه الصحابة ومن تبعهم عن الله ورسوله فمهجور لا يلتفت إليه ولا يرفع هؤلاء به رأسا .... وهذا إنما يعرفه من عرف ما عند الناس وعرضه على ما جاء به الرسول وأما من عكس الأمر بعرض ما جاء به الرسول على ما أعتقده وانتحله وقلد فيه من أحسن به الظن فليس يجدي الكلام معه شيئا فدعه وما اختاره لنفسه ووله ما تولى واحمد الذي عافاك مما ابتلاه به.
ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية القائل في "مقدمته في أصول التفسير"
" فإن الصحابة والتابعين والأئمة إذا كان لهم في تفسير الآية قول وجاء قوم فسروا الآية بقول آخر- لأجل مذهب اعتقدوه- وذلك المذهب ليس من مذاهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان: صاروا مشاركين للمعتزلة وغيرهم من أهل البدع في مثل هذا وفي الجملة؛ من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك: كان مخطئاً في ذلك، بل مبتدعاً، وإن كان مجتهداً مغفورا له خطؤه فالمقصود بيان طرق العلم وأدلته وطرق الصواب ونحن نعلم أن القرآن قرأه الصحابة والتابعون وتابعوهم، وأنهم كانوا أعلم بتفسيره ومعانيه؛ كما أنهم أعلم بالحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم؛ فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعاً "
ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية القائل في "كتاب الايمان الكبير"
"ومن آتاه الله علماً وإيماناً علم أنه لا يكون عند المتأخرين من التحقيق إلا ما هو دون تحقيق السلف لا في العلم ولا في العمل ومن كان له خبرة بالنظريات والعقليات وبالعمليات علم أن مذهب الصحابة دائماً أرجح من قول من بعدهم وأنه لا يبتدع أحد قولاً في الإسلام إلا كان خطأ وكان الصواب قد سبق إليه من قبله" اللهم اغفر لنا وله ولعلماء المسلمين اجمعين واهدنا الى الحق وادخلنا الجنة (اللهم امين)
قال الحافظ الذهبي -رحمه الله- في "المقدمة الموقظة:
"والكلام في الرّواة يحتاج إلى ورع تامّ، وبراءة من الهوى والميل، وخبرة كاملة بالحديث، وعلله، ورجاله. ثم نحن نفتقر إلى تحرير عبارات التعديل والجرح، وما بين ذلك من العبارات المتجاذبة. ثم أهمّ من ذلك أن نعلم بالاستقراء التّامّ: عرف ذلك الإمام الجهبذ، واصطلاحه، ومقاصده بعباراته الكثيرة".
وقال -أيضاً- في "تذكرة الحفاظ" (1/ 4):
"ولا سبيل إلى أن يصير العارف يزكي نقلة الأخبار ويحرجهم جهبذاً إلا بإدمان الطلب، والفحص عن هذا الشأن، وكثرة المذاكرة والسهر والتيقظ والفهم، مع التقوى والدين المتين، والإنصاف، والتردد إلى مجالس العلماء، والتحري والإتقان. وإلا تفعل:
فدع عنك الكتابة لست منها ولو سودت وجهك بالمداد
قال الله تعالى: {فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}. فإن آنست يا هذا من نفسك فهماً وصدقاً وديناً وورعاً، وإلاّ فلا تتعنَّ. وإن غلب عليك الهوى والعصبية لرأي ولمذهب فبالله لا تتعب. وإن عرفت أنك مخلط مخبط مهمل لحدود الله فأرحنا منك، فبعد قليل ينكشف البهرج، وينكب الزغل، ولا يحيق المكر السَّيِّء إلا بأهله، فقد نصحتك. فعلم الحديث صلف، فأين علم الحديث؟ وأين أهله؟ كدت لا أراهم إلا في كتاب، أو تحت التراب".
وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في "نزهة النظر" (ص73):
"وليحذر المتكلم في هذا الفن من التساهل في الجرح والتعديل؛ فإنه إن عدّل أحداً بغير تثبُّت، كان كالمثبت حكماً ليس بثابت؛ فيخشى عليه أن يدخل في زمرة من روى حديثاً وهو يظن أنه كذب. وإن جرّح بغير تحرُّز أقدم على الطعن من مسلم بريء من ذلك، ووسمه بميسم سوء يبقى عليه عاره أبداً".
قال الامام الذهبى فى مقدمة كتابه (ذكر من يعتمد قوله فى الجرح والتعديل) 0
بسم الله الرحمن الرحيم
اعلم هداك الله ان الذين قبل الناس قولهم في الجرح و التعديل على ثلاث اقسام
1.قسم تكلموا في اكثر الرواة كابن معين وابي حاتم الرازي
2.وقسم تكلموا في كثير من الرواة كمالك و شعبة
3.وقسم تكلموا في الرجل بعد الرجل كابن عيينة والشافعي
والكل ايضا على ثلاث اقسام
1.قسم منهم متعنت في الجرح متثبت في التعديل يغمز الراوي بالغلطتين والثلاث ويلين بذلك حديثه فهذا اذا وثق شخصا فعض على قوله بناجذيك وتمسك بتوثيقه واذا ضعف رجلا فانظر هل وافقه غيره على تضعيفه فان وافقه ولم يوثق ذاك أحد من الحذاق فهو ضعيف وان وثقه احد فهذا الذي قالوا فيه لا يقبل تجريحه الا مفسرا يعني لا يكفي ان يقول فيه ابن معين مثلا هو ضعيف ولم يوضح سبب ضعفه و غيره قد وثقه فمثل هذا يتوقف في تصحيح حديثه وهو الى الحسن اقرب وابن معين وابو حاتم والجوزجاني متعنتون
2.وقسم في مقابلة هؤلاء كابي عيسى الترمذي وابي عبد الله الحاكم وابي بكر البيهقي متساهلون
3.وقسم كالبخاري واحمد بن حنبل وابي زرعة وابن عدي معتدلون ومنصفون
وقال فى (سير أعلام النبلاء) فى ترجمة الامام يحيى القطان
( .. قلت كان يحيى بن سعيد متعنتا في نقد الرجال فإذا رأيته قد وثق شيخا فاعتمد عليه أما إذا لين أحدا فتأن في أمره حتى ترى قول غيره فيه فقد لين مثل إسرائيل وهمام وجماعة احتج بهم الشيخان .. )
هذه النصائح مفيده فى قرائتنا للبحث
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الفضل أحمد عبد العظيم]ــــــــ[11 - Jan-2010, صباحاً 01:42]ـ
(1) - إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بن حنبل (المتوفى سنة:241)
3قال إسماعيل بن سعد في "سؤالات ابن هاني" (2/ 192) "سألت أحمد: ? وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ? قلت: فما هذا الكفر؟ قال: "كفر لا يخرج من الملة"
3ولما سأله أبو داود السجستاني في سؤالاته (ص 114) عن هذه الآية؛ أجابه بقول طاووس وعطاء المتقدمين.
3وذكر شيخ الإسلام بن تيمية في "مجموع الفتاوى" (7/ 254)، وتلميذه ابن القيم في "حكم تارك الصلاة" (ص 59 - 60): أن الإمام أحمد –رحمه الله- سئل عن الكفر المذكور في آية الحكم؛ فقال: "كفر لا ينقل عن الملة؛ مثل الإيمان بعضه دون بعض، فكذلك الكفر، حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه".
3وذكر شيخ الإسلام بن تيمية في "مجموع الفتاوى" (7/ 254)، ذكر الشالنجى انه سأل أحمد بن حنبل عن المصر على الكبائر يطلبها بجهدهأي يطلب الذنب بجهده إلا أنه لم يترك الصلاة والزكاة والصوم؛ هل يكون مصرا من كانت هذه حاله؟ قال: هو مصر مثل قوله: {لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن} يخرج من الإيمان ويقع في الإسلام ومن نحو قوله: {ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن و لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن}. ومن نحو قول ابن عباس فى قوله ? وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ? فقلت له ما هذا الكفر قال: "كفر لا ينقل عن الملة؛ مثل الإيمان بعضه دون بعض، فكذلك الكفر، حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه".
(2) - شيخ الإسلام ابن تيمية (المتوفى سنة:728)
3قال في "مجموع الفتاوى" (3/ 267): والإنسان متى حلّل الحرام المجمع عليه أو حرم الحرام المجمع عليه أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء، وفي مثل هذا نزل قوله على أحد القولين: ? وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ? [المائدة:44]؛أي: المستحل للحكم بغير ما أنزل الله".
ولفظ الشرع يقال فى عرف الناس على ثلاث معان
(الشرع المنزل) وهو ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا يجب اتباعه ومن خالفه وجبت عقوبته.
والثانى (الشرع المؤول) وهو اراء العلماء المجتهدين فيها كمذهب مالك ونحوه فهذا يسوغ اتباعه ولا يجب ولا يحرم وليس لاحد ان يلزم عموم الناس به ولا يمنع عموم الناس منه.
والثالث (الشرع المبدل) وهو (الكذب) على الله ورسوله او على الناس بشهادات الزور ونحوها والظلم البين فمن قال (ان هذا من شرع الله) فقد كفر (بلا نزاع) كمن قال ان الدم والميتة (حلال) ولو قال هذا مذهبى ونحو ذالك.
قَالَ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ: قُلْتُ لِحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَان: كُنْتَ رَأْسًا، وَكُنْتَ إِمَامًا فِي أَصْحَابِكَ، فَخَالَفْتَهُمْ؛ فَصِرْتَ تَابِعًا؟! قَالَ: إِنِّي أَنْ أَكُونَ تَابِعًا فِي الحَقِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ أَكُونَ رَأْسًا فِي البَاطِلِ (1)؟!
(1) "سِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ" (5/ 233).
وَهُمُ القَوْمُ لا يَشْقَى مُتَّبِعُهُم، وَلا الآخِذُ بِقَوْلِهِمْ ...
http://majles.alukah.net/showthread.php?p=316185&posted=1#post316185
ـ[أبوالبراء التوحيدي]ــــــــ[11 - Jan-2010, صباحاً 01:50]ـ
الشيخ / سليمان العلوان
ما قيل عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال ((كفر دون كفر)) لا يثبت عنه.
فقد رواه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/ 521) والحاكم في مستدركه (2/ 313)
من طريق هشام بن حُجَير عن طاووس عن ابن عباس به.
وهشام ضعفه الإمام أحمد ويحي بن معين والعقيلي وجماعة
انظر الضعفاء للعقيلي [4/ 337 – 338] والكامل [7/ 2569] لابن عدي وتهذيب الكمال [30/ 179 – 180] وهدي الساري [447 – 448].
وقال علي بن المديني قرأت على يحي بن سعيد حدثنا ابن جريج عن هشام ابن حجير فقال يحي بن سعيد خليق أن أدعه قلت أضربُ على حديثه؟ قال نعم.
وقال ابن عيينة لم نكن نأخذ عن هشام بن حجير ما لا نجده عند غيره.
وهذا تفرد به هشام وزيادة على ذلك فقد خالف غيره من الثقات
فذكره عبد الله بن طاووس عن أبيه قال سئل ابن عباس عن قوله تعالى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ (44)}
قال هي كفر وفي لفظ ((هي به كفر)) وآخر ((كفى به كُفْره))
رواه عبد الرزاق في تفسيره (1/ 191) وابن جرير (6/ 256)
ووكيع في أخبار القضاة (1/ 41) وغيرهم بسند صحيح
وهذا هو الثابت عن ابن عباس رضي الله عنه، فقد أطلق اللفظ ولم يقيّد.
وطريق هشام بن حجير منكر من وجهين:-
الوجه الأول: تفرد هشام به.
الوجه الثاني: مخالفته من هو أوثق منه.
انظر: كتاب الا ان نصر الله قريب للشيخ العلوان صفحة 7
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبوالبراء التوحيدي]ــــــــ[11 - Jan-2010, صباحاً 02:06]ـ
تفضّل كلام الشيخ المحدّث سليمان العلوان:
وما قيل عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "كفر دون كفر" لا يثبت عنه.
فقد رواه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/ 521) والحاكم في مستدركه (2/ 313) من طريق هشام بن حُجَير عن طاووس عن ابن عباس به.
وهشام ضعفه الإمام أحمد ويحي بن معين والعقيلي (1) وجماعة، وقال علي بن المديني قرأت على يحي بن سعيد حدثنا ابن جريج عن هشام ابن حجير فقال يحي بن سعيد: خليق أن أدعه، قلت: أضربُ على حديثه؟ قال: نعم. وقال ابن عيينة: لم نكن نأخذ عن هشام بن حجير ما لا نجده عند غيره.
وهذا تفرد به هشام وزيادة على ذلك فقد خالف غيره من الثقات: فذكره عبد الله بن طاووس عن أبيه قال: سئل ابن عباس عن قوله تعالى: "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ" قال: "هي كفر"، وفي لفظ: "هي به كفر"، وآخر: "كفى به كُفْره"، رواه عبدالرزاق في تفسيره (1/ 191) وابن جرير (6/ 256) ووكيع في أخبار القضاة (1/ 41) وغيرهم بسند صحيح.
وهذا هو الثابت عن ابن عباس رضي الله عنه، فقد أطلق اللفظ ولم يقيّد.
وطريق هشام بن حجير منكر من وجهين:
الوجه الأول: تفرد هشام به.
الوجه الثاني: مخالفته من هو أوثق منه.
وقوله: "هي كفر" واللفظ الآخر: "هي به كفر" يريد أن الآية على إطلاقها والأصل في الكفر إذا عُرّف باللام أنه الكفر الأكبر كما قرر هذا شيخ الإسلام رحمه الله في الاقتضاء [1/ 208] إلا إذا قيد أو جاءت قرينة تصرفه عن ذلك". اهـ.(/)
احاديث مهمه مع الشرح
ـ[ام خبيب السلفية]ــــــــ[01 - Nov-2007, مساء 05:45]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا فَلْيَتَحَرَّهَا لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَقَالَ تَحَرَّوْهَا لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ". أخرجه الطيالسى (ص 257، رقم 1888)، وأحمد (2/ 27، رقم 4808). وأخرجه أيضًا: البيهقى (4/ 311، رقم 8331). وصححه الألباني (صحيح الجامع، رقم: 2920). قال المناوي في "فيض القدير شرح الجامع الصغير": (تحروا ليلة القدر فمن كان متحريها) أي مجتهداً في طلبها منكم لينال فضلها (فليتحرها ليلة سبع وعشرين) أي فإن كونها ليلتها أقرب من كونها غيرها.
--------------------------------------------------------------------------------
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي قَتَادَةَ وَجَابِرٍ رَضِيَ الله عَنْهُمْ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ". حديث أبى هريرة: أخرجه مسلم (4/ 1763، رقم 2246). وأخرجه أيضًا: أحمد (2/ 395، رقم 9126)، وابن عساكر (7/ 267). حديث أبى قتادة: أخرجه أحمد (5/ 299، رقم 22605)، وعبد بن حميد (ص 97، رقم 197). وأخرجه أيضًا: الحارث كما فى بغية الباحث (2/ 830، رقم 871). حديث جابر: أخرجه ابن عساكر (7/ 268). وأخرجه أيضًا: الطبرانى فى الشاميين (1/ 166، رقم 277). سُئِلَ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم سب الدهر فأجاب قائلا في "فتاوى العقيدة " (1/ 197): سب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام. القسم الأول: أن يقصد الخبر المحض دون اللوم: فهذا جائز مثل أن يقول "تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده" وما أشبه ذلك لأن الأعمال بالنيات واللفظ صالح لمجرد الخبر. القسم الثاني: أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل كأن يقصد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلِّب الأمور إلى الخير أو الشر: فهذا شرك أكبر لأنه اعتقد أن مع الله خالقا حيث نسب الحوادث إلى غير الله. القسم الثالث: أن يسب الدهر ويعتقد أن الفاعل هو الله ولكن يسبه لأجل هذه الأمور المكروهة: فهذا محرم لأنه مناف للصبر الواجب وليس بكفر، لأنه ما سب الله مباشرة، ولو سب الله مباشرة لكان كافراً. انتهى كلامه رحمه الله، ومن ذلك قولهم في هذه الأيام: يلعن الساعة التي فعلت فيها كذا، أو اليوم التي عرفت فيها فلان، وكل ذلك لا يجوز كما ورد في هذا الحديث غيره.
--------------------------------------------------------------------------------
عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا قَالَتْ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَخِّصُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكَذِبِ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا أَعُدُّهُ كَاذِبًا الرَّجُلُ يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ يَقُولُ الْقَوْلَ وَلَا يُرِيدُ بِهِ إِلَّا الْإِصْلَاحَ وَالرَّجُلُ يَقُولُ فِي الْحَرْبِ وَالرَّجُلُ يُحَدِّثُ امْرَأَتَهُ وَالْمَرْأَةُ تُحَدِّثُ زَوْجَهَا". خرجه أبو داود (4/ 281، رقم 4921)، والبيهقى (10/ 197، رقم 20622). وأخرجه أيضًا: ابن أبى عاصم فى الآحاد والمثانى (5/ 479، رقم 3175)، والنسائى فى الكبرى (5/ 351، رقم 9124)، والقضاعى (2/ 210، رقم 1205)، والطبراني في " الصغير " (ص 37). وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2/ 74). قال العلامة شمس الحق العظيم أبادي في "عون المعبود شرح سنن أبي داود": (وَالرَّجُل يَقُول فِي الْحَرْب): قِيلَ الْكَذِب فِي الْحَرْب كَأَنْ يَقُول فِي جَيْش الْمُسْلِمِينَ كَثْرَة وَجَاءَهُمْ مَدَد كَثِير, أَوْ يَقُول اُنْظُرْ إِلَى خَلْفك فَإِنَّ فُلَانًا قَدْ أَتَاك مِنْ وَرَائِك لِيَضْرِبك. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْكَذِب فِي الْحَرْب أَنْ يُظْهِر مِنْ نَفْسه قُوَّة وَيَتَحَدَّث بِمَا يُقَوِّي بِهِ أَصْحَابه وَيَكِيد بِهِ عَدُوّهُ. (وَالرَّجُل يُحَدِّث إِلَخْ): أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّق بِأَمْرِ الْمُعَاشَرَة وَحُصُول الْأُلْفَة بَيْنهمَا. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: كَذَبَ الرَّجُل زَوْجَته أَنْ يَعِدهَا وَيُمَنِّيهَا وَيُظْهِر لَهَا مِنْ الْمَحَبَّة أَكْثَر مِمَّا فِي نَفْسه يَسْتَدِيم بِذَلِكَ صُحْبَتهَا وَيُصْلِح بِهِ خُلُقهَا. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا.
ـ[ام خبيب السلفية]ــــــــ[01 - Nov-2007, مساء 05:46]ـ
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "احْضُرُوا الْجُمُعَةَ وَادْنُوا مِنَ الْإِمَامِ فَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَخَلَّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَخَلَّفُ عَنِ الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِهَا". أخرجه أحمد (5/ 10، رقم 20124)، والبيهقى (3/ 238، رقم 5724). وأخرجه أيضًا: الطبرانى فى الصغير (1/ 216، رقم 346)، والبيهقى فى شعب الإيمان (3/ 106، رقم 3018)، والديلمى (1/ 107، رقم 361) وصححه الألباني (صحيح الجامع، رقم 200). قالَ العلَّامَةُ شَمْسُ الحَقِّ العَظِيمِ أَبَادِي فِي "عَوْنُ المَعْبُود شَرْحُ سُنَن أَبِي دَاوُد": قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ حُضُورِ الْخُطْبَةِ وَالدُّنُوِّ مِنَ الْإِمَامِ لِمَا فِي الْأَحَادِيثِ مِنَ الْحَضِّ عَلَى ذَلِكَ وَالتَّرْغِيبِ إِلَيْهِ، وَفِيهِ أَنَّ التَّأَخُّرَ عَنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَسْبَابِ التَّأَخُّرِ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ. جَعَلَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي دُخُولِهَا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ام خبيب السلفية]ــــــــ[01 - Nov-2007, مساء 05:47]ـ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ جُرْعَةٍ أَعْظَمُ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ جُرْعَةِ غَيْظٍ كَظَمَهَا عَبْدٌ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ". أخرجه ابن ماجه (2/ 1401، رقم 4189) وصححه الألباني في "التعليق الرغيب" (3/ 279).
ـ[ام خبيب السلفية]ــــــــ[01 - Nov-2007, مساء 05:48]ـ
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إِنَّ صَاحِبَ الشِّمَالِ لَيَرْفَعُ الْقَلَمَ سِتَّ سَاعَاتٍ عَنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ الْمُخْطِئِ أَوِ الْمُسِيءِ، فَإِنْ نَدِمَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهَا أَلْقَاهَا، وَإِلا كُتِبَتْ وَاحِدَةً". أخرجه الطبرانى (8/ 185، رقم 7765)، وأبو نعيم فى الحلية (6/ 124). وأخرجه أيضًا: الطبرانى فى مسند الشاميين (1/ 301، رقم 526)، والبيهقى فى شعب الإيمان (5/ 391، رقم 7051) وحسَّنه الألباني (صحيح الجامع، رقم 2097). قال المناوي في فيض القدير: يحتمل أن تكون الساعة الفلكية المعروفة، أو هي المدة اليسيرة من الليل أو النهار. انتهى كلامه رحمه الله، فلذلك ينبغي على المسلم أن لا يزال لسانه رطبا بالاستغفار كل ساعة، فلعله أصاب ذنبا لم يُلْقِ له بالا فيطرحه صاحب القلم وإلا كتبت له سيئة وحسبت عليه
ـ[أمل*]ــــــــ[01 - Nov-2007, مساء 07:16]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أختي الفاضلة
ـ[ام خبيب السلفية]ــــــــ[01 - Nov-2007, مساء 09:31]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أختي الفاضلة
واياكِ جزى الله(/)
قول الائمة إذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد،
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[01 - Nov-2007, مساء 06:55]ـ
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله:
فصل
قول أحمد بن حنبل: إذا جاء الحلال والحرام شددنا في الأسانيد، وإذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد، وكذلك ما عليه العلماء من العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال: ليس معناه إثبات الاستحباب بالحديث الذي لا يحتج به؛ فإن الاستحباب حكم شرعي فلا يثبت إلا بدليل شرعي، ومن أخبر عن الله أنه يحب عملًا من الأعمال من غير دليل شرعي فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله، كما لو أثبت الإيجاب أو التحريم؛ ولهذا يختلف العلماء في الاستحباب كما يختلفون في غيره، بل هو أصل الدين المشروع.
وإنما مرادهم بذلك: أن يكون العمل مما قد ثبت أنه مما يحبه الله أو مما يكرهه الله بنص أو إجماع؛ كتلاوة القرآن، والتسبيح، والدعاء، والصدقة، والعتق، والإحسان إلى الناس، وكراهة الكذب والخيانة، ونحو ذلك، فإذا روي حديث في فضل بعض الأعمال/المستحبة وثوابها وكراهة بعض الأعمال وعقابها - فمقادير الثواب والعقاب وأنواعه إذا روي فيها حديث لا نعلم أنه موضوع جازت روايته والعمل به، بمعني: أن النفس ترجو ذلك الثواب أو تخاف ذلك العقاب، كرجل يعلم أن التجارة تربح، لكن بلغه أنها تربح ربحًا كثيرًا، فهذا إن صدق نفعه وإن كذب لم يضره، ومثال ذلك الترغيب والترهيب بالإسرائيليات، والمنامات، وكلمات السلف والعلماء، ووقائع العلماء، ونحو ذلك، مما لا يجوز بمجرده إثبات حكم شرعي، لا استحباب ولا غيره، ولكن يجوز أن يذكر في الترغيب والترهيب، والترجية والتخويف.
فما علم حسنه أو قبحه بأدلة الشرع فإن ذلك ينفع ولا يضر، وسواء كان في نفس الأمر حقًا أو باطلًا، فما علم أنه باطل موضوع لم يجز الالتفات إليه؛ فإن الكذب لا يفيد شيئًا، وإذا ثبت أنه صحيح أثبتت به الأحكام، وإذا احتمل الأمرين روي لإمكان صدقه ولعدم المضرة في كذبه، وأحمد إنما قال: إذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد، ومعناه: أنا نروي في ذلك بالأسانيد، وإن لم يكن محدثوها من الثقات الذين يحتج بهم. وكذلك قول من قال: يعمل بها في فضائل الأعمال، إنما العمل بها العمل بما فيها من /الأعمال الصالحة، مثل: التلاوة والذكر والاجتناب لما كره فيها من الأعمال السيئة.
ونظير هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو: (بَلِّغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب على متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار) مع قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم)، فإنه رَخَّصَ في الحديث عنهم، ومع هذا نهى عن تصديقهم وتكذيبهم، فلو لم يكن في التحديث المطلق عنهم فائدة لما رخص فيه وأمر به، ولو جاز تصديقهم بمجرد الإخبار لما نهى عن تصديقهم، فالنفوس تنتفع بما تظن صدقه في مواضع.
فإذا تضمنت أحاديث الفضائل الضعيفة تقديرًا وتحديدًا مثل صلاة في وقت معين بقراءة معينة أو على صفة معينة لم يجز ذلك؛ لأن استحباب هذا الوصف المعين لم يثبت بدليل شرعي، بخلاف ما لو روي فيه من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله كان له كذا وكذا! فإن ذكر الله في السوق مستحب لما فيه من ذكر الله بين الغافلين كما جاء في الحديث المعروف: (ذاكر الله في الغافلين كالشجرة الخضراء بين الشجر اليابس).
/فأما تقدير الثواب المروي فيه فلا يضر ثبوته ولا عدم ثبوته، وفي مثله جاء الحديث الذي رواه الترمذي: (من بَلَغه عن الله شيء فيه فضل فعمل به رجاء ذلك الفضل أعطاه الله ذلك وإن لم يكن ذلك كذلك).
فالحاصل أن هذا الباب يروي ويعمل به في الترغيب والترهيب لا في الاستحباب، ثم اعتقاد موجبه وهو مقادير الثواب والعقاب يتوقف على الدليل الشرعي))) انتهى كلامه رحمه الله.
الحديث الذي اورده شيخ الاسلام هنا وجدت الكلام عنه في فيض القدير رواه ابونعيم في الحلية وحكم السيوطي بضعفه
4311 - ذاكر الله في الغافلين مثل الذي يقاتل عن الفارين، وذاكر الله في الغافلين كالمصباح في البيت المظلم، وذاكر الله في الغافلين كمثل الشجرة الخضراء في وسط الشجر الذي قد تحات من الصريد، وذاكر الله في الغافلين يعرفه الله مقعده من الجنة، وذاكر الله في الغافلين يغفر الله له بعدد كل فصيح وأعجم [في شرح المناوي: " وأعجمي "]ـ
(حل) عن ابن عمرو - (ض)
[(" الفارين ": أي من القتال).
" تحات ": تتساقط.
قال المناوي: " تحات من الصريد الضريب " أي تتساقط من شدة البرد، و " الضريب " الصقيع. (وكلمة " الضريب " لم ترد في متن الجامع الصغير ولا في الفتح الكبير للنبهاني. دار الحديث)]ـ
-
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[07 - Jan-2008, مساء 11:08]ـ
قول أحمد بن حنبل: إذا جاء الحلال والحرام شددنا في الأسانيد، وإذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد، وكذلك ما عليه العلماء من العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال: ليس معناه إثبات الاستحباب بالحديث الذي لا يحتج به؛ فإن الاستحباب حكم شرعي فلا يثبت إلا بدليل شرعي،
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[25 - Sep-2009, مساء 01:52]ـ
يرفع للفائدة(/)
زيادة الثقة هل تقبل دوما؟
ـ[أمل*]ــــــــ[02 - Nov-2007, مساء 08:16]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
ذكر الشيخ احمد شاكر -في شرح ألفية السيوطي مايلي:
قد يروي الثقات الحديث الواحد عن طريق واحد، ثم يختلفون فيه فبعضهم يرويه مرسلا، وبعضم موصولا، أويرويه بعضهم مرفوعا وبعضهم موقوفا، فالقول الراجح في هذا -وهو الصحيح عند المحدثين والفقهاء والأصوليين - ان تقدم الرواية التي فيها الزيادة من الوصل والرفع، لان الزيادة من الثقة واجب قبولها) إلى أن قال (وذهب بعضهم إلى تقديم الوقف والإرسال، وذهب بعضهم إلى تقديم رواية الأكثر)
قلت: الإشكال الحاصل عندي هو قبول الزيادة مطلقا
ولكني وجدت بحثا للشيخ حمزة المليباري يتحدث فيه عن زيادة الثقة فقال:
الحديث الذي رواه بعض الثقات مرسلا وبعضهم متصلا، اختلف أهل الحديث في أنه ملحق بقبيل الموصول، أوبقبيل المرسل، مثاله: "لا نكاح إلا بولي".
أولاً: نص ابن الصلاح في مسألة التعارض:
قال ابن الصلاح (رحمه الله تعالى) في مبحث الانقطاع: الخامس من فروع الانقطاع:
الحديث الذي رواه بعض الثقات مرسلا وبعضهم متصلا، اختلف أهل الحديث في أنه ملحق بقبيل الموصول، أوبقبيل المرسل، مثاله: "لا نكاح إلا بولي".
رواه إسرائيل بن يونس في آخرين عن جده أبي إسحاق السبيعي عن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مسنداً هكذا متصلاً، ورواه سفيان الثوري وشعبة عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) مرسلاً هكذا، فحكى الخطيب الحافظ: أن أكثر أصحاب الحديث يرون الحكم في هذا وأشباهه للمرسل، وعن بعضهم أن الحكم للأكثر، وعن بعضهم أن الحكم للأحفظ.
فإذا كان من أرسله أحفظ ممن وصله فالحكم لمن أرسله، ثم لا يقدح ذلك في عدالة من وصله وأهليته، ومنهم من قال: من أسند حديثا قد أرسله الحفاظ، فإرسالهم له يقدح في مسنده وفي عدالته وأهليته، ومنهم من قال الحكم لمن أسنده، إذا كان عدلاً ضابطاً، فيقبل خبره، وإن خالفه غيره، سواء كان المخالف له واحدا أو جماعة، قال الخطيب: هذا القول هو الصحيح.
قلت -يعني ابن الصلاح-: "وما صححه هو الصحيح في الفقه وأصوله، وسئل البخاري عن حديث: "لا نكاح إلا بولي" المذكور فحَكمَ لمن وصله وقال: الزيادة من الثقة مقبولة، فقال البخاري هذا مع أن من أرسله شعبة وسفيان، وهما جبلان، لهما من الحفظ والإتقان الدرجة العالية.
ويلتحق بهذا ما إذا كان الذي وصله هو الذي أرسله؛ وصله في وقت وأرسله في وقت، وهكذا إذا رفع بعضهم الحديث إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ووقفه بعضهم على الصحابي أو رفعه واحد في وقت ووقفه هو أيضا في وقت آخر فالحكم على الأصح في كل ذلك لما زاده الثقة من الوصل والرفع، لأنه مثبت وغيره ساكت، ولو كان نافيا فالمثبت مقدم عليه، لأنه علم ما خفي عليه، ولهذا الفصل تعلق بفصل زيادة الثقة في الحديث.
وتبعه في ذلك اللاحقون. لكن نجد فيهم من يستدرك على ابن الصلاح كما سيأتي تفصيله إن شاء الله (تعالى).
ثانياً: تحليل النص والتعقيب عليه:
إن مسألة تعارض الوصل والإرسال، وتعارض الوقف والرفع، كثيرا ما ترد في كتب العلل كنماذج واقعية لأخطاء الرواة الثقات أو الضعفاء غير المتروكين، وقد أشار إلى ذلك ابن الصلاح رحمه الله تعالى بقوله في مبحث العلة، "وكثيراً ما يعللون الموصول بالمرسل".
كما أن هذه المسألة قائمة على زيادة الثقة بقدر كبير؛ ذلك أنه إذا كان الثقة هو الذي وصل الإسناد المرسل فإن وصله يعدّ زيادة في السند حيث رواه غيره مرسلاً، وكذلك إذا روى الحديث الموقوف مرفوعاً فيكون رفعه زيادة في السند إذ رواه غيره موقوفاً على الصحابي.
إلى ان قال:
يقول الحافظ ابن حجر في هذا الصدد: "وهنا شيء يتعين التنبيه عليه وهو: أنهم شرطوا في الصحيح أن لا يكون شاذاً، وفسروا الشاذ بأنه ما رواه الثقة فخالفه من هو أضبط منه أو أكثر عدداً، ثم قالوا: تقبل الزيادة من الثقة مطلقاً فلو اتفق أن يكون من أرسل أكثر عددا أو أضبط حفظاً أو كتاباً على من وصل أيقبلونه أم لا؟ أم هل يسمونه شاذا أم لا؟ لا بد من الإتيان بالفرق أو الاعتراف بالتناقض".
ويقول تلميذه البقاعي: "إن ابن الصلاح خلط هنا طريقة المحدثين بطريقة الأصوليين، فإن للحذاق من المحدثين في هذه المسألة نظراً لم يحكه، وهو الذي لا ينبغي أن يعدل عنه، وذلك أنهم لا يحكمون منها بحكم مطرد، وإنما يديرون ذلك على القرائن".
وسبقهما في ذلك الإمامان ابن دقيق العيد والعلائي، أما ابن دقيق العيد فيقول: "من حكى عن أهل الحديث أو أكثرهم أنهم إذا تعارض رواية مسنِد ومرسِل أو رافع وواقف أو ناقص وزائد إن الحكم للزائد لم يصب في هذا الإطلاق فإن ذلك ليس قانوناً مطرداً، والمراجعة لأحكامهم الجزئية تعرف صواب ما نقول".وهذا نص العلائي: "كلام الأئمة (المتقدمين) في هذا الفن كعبدالرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل والبخاري وأمثالهم يقتضي أنهم لا يحكمون في هذه المسألة بحكم كلي بل عملهم في ذلك دائر مع الترجيح بالنسبة إلى ما يقوى عند أحدهم في كل حديث حديث".
ويقول ابن الوزير مستفيداً من هذه النصوص جميعا:"وعندي أن الحكم في هذا لا يستمر، بل يختلف باختلاف قرائن الأحوال، وهو موضع اجتهاد".
وقد أجاد الحافظ ابن حجر حين عقب على الحافظ العلائي كتتمة لقوله السابق نقله، وأنا أذكره هنا كخلاصة في هذه المسألة، يقول (رحمه الله تعالى): "
وهذا العمل الذي حكاه عنهم إنما هو فيما يظهر لهم فيه الترجيح، وأما ما لا يظهر فيه الترجيح فالظاهر أنه المفروض في أصل المسألة، وعلى هذا فيكون في كلام ابن الصلاح إطلاق في موضع التقييد".
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ام خبيب السلفية]ــــــــ[03 - Nov-2007, صباحاً 12:51]ـ
بارك الله فيكِ ونفع بكِ
ـ[أمل*]ــــــــ[03 - Nov-2007, صباحاً 08:43]ـ
بارك الله فيكِ ونفع بكِ
وفيك بارك الله أختي أم خبيب(/)
المرادمن قول الإمام احمد: صح من الحديث سبع مائة الف حديث.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[04 - Nov-2007, صباحاً 12:15]ـ
قال الامام ابن الجوزي رحمه الله
فصل عدد الأحاديث
جرى بيني وبين احد اصحاب الحديث كلام في قول الإمام احمد: صح من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع مائة الف حديث.
فقلت له: انما يعني به الطرق فقال: لا بل المتون فقلت: هذا بعيد التصور.
ثم رايت لابي عبد الله الحاكم كلاماً ينصر ما قال ذلك الشخص وهو انه قال في كتاب المدخل الى كتاب الإكليل: كيف يجوز ان يقال: ان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبلغ عشرة الاف حديث وقد روى عنه من اصحابه اربعة الاف رجل وامراة صحبوه نيفاً وعشرين سنة بمكة ثم بالمدينة حفظوا اقواله وافعاله ونومه ويقظته وحركاته وغير ذلك سوى ما حفظوا من احكام الشريعة.
واحتج بقول احمد: صح من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع مائة الف حديث وكسر وان اسحاق بن راهويه كان يملي سبعين الف حديث حفظاً وان ابا العباس بن عقدة قال: احفظ لاهل البيت ثلاث مائة الف حديث.
قال ابن عقدة: وظهر لابن كريب بالكوفة ثلاثمائة الف حديث.
قلت: ولا يحسن ان يشار بهذا الى المتون.
وقد عجبت كيف خفي هذا على الحاكم وهو يعلم ان اجمع المسانيد الظاهرة مسند احمد بن حنبل وقد طاف الدنيا مرتين حتى حصله وهو اربعون الف حديث منها عشرة الاف مكررة.
قال حنبل بن اسحاق: جمعنا احمد بن حنبل انا وصالح وعبد الله وقرا علينا المسند وقال لنا: هذا كتاب جمعته من اكثر من سبع مائة الف وخمسين الفاً.
فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فارجعوا اليه فان وجدتموه والا فليس بحجة.
افترى يخفى على متيقظ انه اراد بكونه جمعه من سبعمائة الف انه اراد الطرق.
لان السبع مائة الألف ان كانت من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف اهملها.
فان قيل: فقد اخرج في مسنده اشياء ضعيفة.
ثم اعوذ بالله ان يكون سبع مائة الف ما تحقق منها سوى ثلاثين الفاً.
وكيف ضاعت هذه الجملة ولم اهملت وقد وصلت كلها الى زمن احمد فانتقى منها ورمى الباقي.
واصحاب الحديث قد كتبوا كل شيء من الموضوع والكذب.
وكذلك قال ابو داود: جمعت كتاب السنن من ستمائة الف حديث.
ولا يحسن ان يقال: ان الصحابة الذين رووها ماتوا ولم يحدثوا بها التابعين.
فان الأمر قد وصل الى احمد فاحصى سبع مائة الف حديث وما كان الأمر ليذهب هكذا عاجلاً.
ومعلوم انه لو جمع الصحيح والمحال الموضوع وكل منقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاين الباقي.
ولا يجوز ان يقال تلك الأحاديث كلام التابعين فان الفقهاء نقلوا مذاهب القوم ودونوها واخذوا بها ولا وجه لتركها ففهم كل ذي لب ان الإشارة الى الطرق وان ما توهمه الحاكم فاسد.
ولو عرض هذا الاعتراض عليه وقيل له: فاين الباقي لم يكن له جواب.
لكن الفهم عزيز.
والله المنعم بالتوفيق.
ـ[المقدادي]ــــــــ[04 - Nov-2007, صباحاً 12:27]ـ
جزاكم الله خيرا
فائدة نفيسة
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[04 - Nov-2007, صباحاً 06:15]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك ...(/)
أسانيد التفسير للشيخ الطريفي .. مكتوب ومنسق كاملا
ـ[العرب]ــــــــ[05 - Nov-2007, صباحاً 12:40]ـ
http://www.islamlight.net//templates/islamlight/images/Islamlight2_06.gif
http://www.islamlight.net//images/banners/asaneed_tafseer.gif
http://www.islamlight.net/attarefe/images/banners/asanid.jpg
http://www.islamlight.net/index.php?...&filecatid=323
أسانيد التفسير
لفضيلة الشيخ
عبدالعزيز بن مرزوق الطريفي
محاضرة مفرغة ألقيت عام 1427
مراجعة
تم تنسيقها ووضع العناوين بنوع خط مغاير وتحتها خط لتسهيل الاستفادة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدَ الشاكرين، نحمدُه على عظيمِ نعمائِه، وجميلِ بلائهِ، ونرغبُ إليه في التوفيقِ والعصمةِ، ونبرأُ إليه من الحَولِ والقوة، ونسأله يقيناً يملأُ الصدرَ ويعمرُ القلبَ ويستولي على النَّفس، والصلاة على خيرِ خلقهِ والمصطفى من بريَّته محمدٍ سيد المرسلينَ وعلى أصحابهِ وآلهِ الأخيارِ وسلم، وبعد:
فالتفسير والبيان رسالة خير الخلق، قال تعالى: (لتبين للناس ما نزل إليهم)، وهو خير ما يُتعلَّم ويُعلم، وقد أنزل الله كتابه بيناً واضحاً لأهل اللسان العربي، فقال: (بلسان عربي مبين) والتفسير مردُّه إلى لغة العرب، فيها بيانُه، وجلاؤه.
واللسان العربي يتفاوت مِن جيل إلى جيل، وما كُل من تكلم العربية استطاع معرفةَ مقاصد الكتاب، ما لم يقرِن ذلك بفهم الصدر الأول وخير القرون.
روى الخطيب البغدادي في "جامع بيان العلم" عن إبراهيم التيمي قال: خلا عمرُ بن الخطاب ذات يوم، فجعل يحدِّث نفسه، فأرسل إلى ابن عباس، قال: كيف تختلف هذه الأمة وكتابها واحد، ونبيها واحد وقبلتها واحدة؟ قال ابن عباس: يا أميرَ المؤمنين، إنما أُنزل علينا القرآنُ فقرأناه، وعلِمنا فيم نزل، وإنه يكون بعدَنا أقوامٌ يقرؤن القرآن ولا يعرفون فيم نزل، فيكون لكلّ قومٍ فيه رأي، فإذا كان لكل قوم فيه رأي اختلفوا فإذا اختلفوا اقتتلوا. فزَبَرَه عمر وانتهره، فانصرف ابن عباس، ثم دعاه بعدُ، فعرف الذي قال، ثم قال: إيهٍ، أعِدْ عليّ.
أنواع التفسير
روى ابن جرير في "تفسيره" عن ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب مِن كلامها، وتفسير لا يعذر أحدٌ بجهالتِه، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله.
فجعل ابن عباس أنواع التفسير أربعة:
الأول وهو الأصل: ما يعرفه أصحاب اللسان العربي الصحيح؛ لأن القرآن بلسانهم نزل، فيُلتمس تفسير القرآن في الشعر العربي الجاهلي، وما بعدَه بقليل قبل دخول العُجْمَة، ويأتي مزيد كلام على هذا النوع.
الثاني: ما لا يُعذر أحد بجهله مِن أهل العربية، لظهوره ووضوحه عند أهل السَّليقة، وهذا أصلُ النوع الأول، وذاك فرعٌ منه.
الثالث: ما يعلمه العلماء العارفون بالوحي، وكلّما كان العالم بصيراً بالسُّنة ووجوه اللغة، وأسباب النزول، وعمل الصحابة، كان للتفسير أبصرَ، وما لا يعرفه بعد ذلك فهو المتشابه. ويتفاوت العلماء في ذلك؛ فقد يكون الموضع متشابهاً عند عالِمٍ، محكماً بيناً واضحاً عند غيره، ومَن عرف السنة والعربية وعمل السلف وقرائن الحال عند نزول الآي قل المتشابه عنده، وظهر المحكم.
الرابع: ما لا يعلمه إلا الله، ونصَّ بعض العلماء أن ثمَّة شيئاً مِن التفسير ما يحرُم الخوض فيه، وهو ما لا يعلمه إلا الله.
ومِن أحسن ما يمثَّل لذلك هو الحروفُ المقطَّعة في أوائل السور، ولم يثبُت فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصحابة رضي الله عنهم شيء يعتمد عليه، وقد جاء في ذلك جملةٌ مِن المرويّات عن الصحابة، وجُلُّها ضعيف أو منكر.
التفسير وأسانيده من المهمات التي ينبغي لطالب العلم أن يعتني بها، ويتبصر فيها، ويعرف الصحيح منها والضعيف، ويجهل كثير من طلبة العلم هذا العلم، ولا يعتنون به.
التفسير المرفوع قليل
ومسالك العلماء في قبول الأسانيد - في هذا الباب - أو رَدِّهَا، تختلف عن غيرها، وإن كان بالجملة التفسير هو مما يقِلُّ فيه المرفوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك يقول السيوطي رحمه الله في أوائل كتابه " الإتقان ": " والمرفوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التفسير هو فِي غاية القلة ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وساقها في أواخر كتابه " الإتقان " مما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحيح والضعيف.
وإذا كان عبد الله بن عباس، وهو من اشتهر بمعرفة التأويل والتفسير والإكثار فيه، يقول فيه الإمام الشافعي كما ذكر البيهقي في " مناقب الشافعي " في (بابٌ ما يدل على معرفته بصحيح الحديث): ليس شيء يصح عن عبد الله بن عباس في التفسير إلا شبيه مائة حديث ".
فإذا كان هذا الحال فيما يروى عن عبد الله بن عباس في الموقوف فالمرويُّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقلّ.
وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن تفسير كلام الله ما هو صحيحٌ بأسانيدَ كالشمس، ومنها جاء جملة منها في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما.
ومن ذلك: تفسير الظلم بالشرك، وكذلك تفسير الحساب بسؤال الله ومناقشته للعبد يوم القيامة، كما جاء في حديث عائشة في الصحيح وغيره، وغير ذلك مِن التأويل.
وما جاء شيء من التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو حُجَّة قاطعة، وهو مِن الوحي، وهو أولى ما يُؤْخَذ ويُعمل به، وهو مقدَّم على قول كل أحدٍ؛ لأن الله ما جعل الحُجة في قول أحدٍ إلا في قول نبيه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) [النجم 3: 4].
معنى قول أحمد: ثلاثة لا أصل لها ..
ومِن أقل المروياتُ في الأبواب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المرويات في باب التفسير، وأكثرها معلولٌ، يقول الإمام أحمد رحمه الله: " ثلاثةٌ ليس لهَا إِسْنِاد: التفسير والملاحم والمغازي ".
وقد جاء في رواية عنه: " ثلاثةٌ لا أصل لها .. ".
ومرادُه بذلك: أن الضعيف أكثرُ مِن الصحيح، والصحيحُ عنه مقارنة بما جاء في هذا الباب من المرفوع والموقوف لا يكاد يُذكر، وإنما هو عشرات المواضع فقط.
وهكذا فسره المحققون من أصحاب أحمد، كما حكاه الزركشي في "البرهان" بقوله: «قال المحققون من أصحابه: مُراده: أن الغالبَ أنه ليس لها أسانيدُ صِحاحٌ متصلةٌ، وإلا فقد صحّ من ذلك كثيرٌ؛ كتفسير الظلم بالشرك في آية الأنعام، والحساب اليسير بالعرض، والقوة بالرمي، وغيره».
وكثير من المرفوع هو في عِدَاد الضعيف، والمنكر، والموضوع، ولذلك قال: "ثلاثة ليس لها إسناد، أو لا أصل لها"، يعني: " ليس لها إسناد يُعتمد عليه، وإن وُجِدَ فوجودُه كعدمه"، بخلاف ما يفهمُه بعضُهم من ظاهر لفظه بأنها تُروى بغير إسناد، وهذا غير صحيح؛ فإن الإمام أحمد قد أخرج جملة مِن الأحاديث في "مسنده". وقال في موضع آخر من "سؤالاته" وغيرها: "إنها ليس لها إسناد أو ليس لها أصل"، وهو أعلمُ الناس بما يروي، والأمثلة على ذلك كثيرة ..
من ذلك: ما رواه في "مسنده" مِن حديث ابن عمر مرفوعاً: ((مَنِ اشترى ثوباً بعشرة دراهم وفيه درهمٌ حرامٌ لم تُقْبل له صلاةٌ ما دام عليه))، قال فيه في رواية أبي طالب: (هذا ليس بشيءٍ ليس له إسناد).
ومنها: ما رواه عن أبي مِجْلَزٍ عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في الركعة الأولى من صلاة الظهر، فرأى أصحابُه أنه قرأ (تنزيل) السجدة، وقد قال أحمد: (ليس له إسناد).
ومنها حديث "كنّا نَعُدُّ الاجتماع إلى أهل الميت وصَنْعَةَ الطعام مِن النياحة". رواه في "مسنده"، ونقل عنه أبو داود في "سؤالاته" قوله فيه: (لا أصل له).
وغير ذلك كثير ..
تساهل السلف في التفسير
ولما كان الرواة الثقات يعتنون بأمور الديانة، ومسائل الأحكام الظاهرة التي يُخَاطب بها الناس في حياتهم، وحرصوا عليها، ونقلوها، وشدَّدوا بالنقل، تساهلوا- لما كان العمر يضيق بالكل – بغيرها، فاعتَنوا بالأهم. ولَمَّا حُفظت الشريعة وبُدئ بتدوينها، ظهرت العناية بعلوم التفسير والسِّير والتاريخ والفتن والمغازي وغيرها، وهي في التابعين أظهرُ من الصحابة وفي أتباع التابعين أظهرُ من التابعين وفي أتباع أتباع التابعين أظهرُ من أتباع التابعين وهكذا، حتى توسَّعت العلوم.
وفي الغالب فالمبرزون في التفسير والسير والمغازي لا يصلون لمتوسطي الثقات من رواة أحاديث الأحكام، ولهذا كثُر في أسانيد التفسير الضعيفُ والواهي والمنكَرُ والموضوع، فلم يحملْه الكبار ولم يعتنوا به؛ كشعبةَ وسفيانَ ومالكٍ وابن مهدي، وغيرهم من الأئمة الحفَّاظ الكبار الأثبات، وإن كانوا قد روَوْا جملةً مِن ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
والأئمة يتساهلون في التفسير، ولا يتساهلون في أمور الأحكام.
يقول عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله: "إذا روينا في الثواب والعقاب وفضائل الأعمال، تساهلنا في الأسانيد، وتسامحنا في الرجال، وإذا روينا في الحلال والحرام والأحكام، تشدَّدنا في الأسانيد، وانتقدنا الرجال".
ويقول يحيى بن سعيد: " تساهلوا في أخذ التفسير عن قوم لا يوثِّقونهم في الحديث - ثم ذكر ليثَ بن أبي سُلَيْم وجُوَيْبِرَ بن سعيدٍ والضَّحَّاك، ومحمد بن السائب. وقال: - هؤلاء لا يُحْمَدُ أمرُهم، ويكتب التفسيرُ عنهم". رواه الخطيب عنه في "الجامع".
والكتابة عنهم في التفسير تُحتمل؛ لأنهم قد اعتَنوا بذلك، فصاروا مِن أئمة التفسير، وكذلك مِن أئمة اللغة.
ويُحَّدث عن هؤلاء الضعفاء، وإن كان بعضهم لا يُعْتَمدُ عليه.
سبب عدم عناية الأوائل بالتفسير
وسبب عدم عناية الحفاظ الأوائل بالتفسير يرجع إلى أمور:
أولاً: الانشغال بالأحكام والمسائل الأصول وفروع الأحكام التعبُّديِّة كما تقدم بيانه.
ثانياً: وهو الأهم، ومبيِّن للسبب الأول: أن القرآن نزل بلسانٍ عربي مبين، يفهمه عامَّة الناس في الصدر الأول، وتفسير ألفاظه وبيانه مِن فضول العلم عند كثيرٍ منهم، بل إن فهم الأعرابي منهم لألفاظه ومقاصده يفوق فهم كثيرٍ مِن كبار المفسرين مِن المتأخِّرين، وما نزل القرآن إلا ليفهمه الناس بلا تكلُّفٍ وبيانٍ، وهذا مقتضى التكليف بمجرد السماع وبلوغ الحُجَجِ للأسماع، كما قال تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله)، لأن الأصل أن القرآن مفهوم بمجرد سماعه عند جمهور الخلْق، ولكن لمَّا توسَّعت بلدان المسلمين، وكثُرت الفتوحات، واختلط العرب بالعجم، دخلت العُجْمة على اللسان العربي، فاحتاج للتفسير، وهذا سبب قلَّة التفسير المرفوع؛ لأنه لا حاجةَ إليه عندهم، فلو فسَّروا القرآن لفسَّروه بما يرادِفه فهماً، واستوى المفسَّر والمفسَّر به من جميع الوجوه أو أكثرها، ولأصبَحَ التفسير حَشْواً، يزهد الناس في النظر فيه، مع استحالة حصول ذلك منهم؛ فالعرب تكره الحَشْوَ والتِّكرار وتُنَزِه نفسَها عنه، والنفوس تأبى أن تفسَّر لها الواضحاتُ، ولذلك كلِّه يعرفُ قلَّة التفسير للقرآن عندهم، بل إذا كان العربي يُنَزِه نفسَه والمخاطَبَ عن سماع المترادفات في كلامهم، فذلك في كلام الله أولى؛ لأن جُلَّ كلامه واضحٌ بيِّنٌ لا يُحتاجُ معه إِلى قَلبٍ ولا تَعَسُّفٍ.
مع أنهم عربٌ يُعربون الكلام سليقةً، ولا يحتاجون إلى قواعدَ وضوابطَ نحويَّةٍ، بل لا يعرفونها، لذا يقول الشاعر:
ولَستُ بِنَحْويٍّ يَلُوكُ لِسَانَهُ ** ولكن سَلِيْقيٌّ أَقولُ فأُعْرِبُ
قال الشافعي: كان مالكُ بن أنسٍ يقرأ بالسَّليقية.
لهذا امتاز لسان البصريين عن لسان الكوفيين؛ لأنهم أخذوه من منبعِه الأصلي، وهو لسان الأعراب الأقحاح، يقول الرِّياشي أبو الفضل البصري، وهو يلمز الكوفيين: إنما أخذنا اللغة من حَرَشَةَ الضِّباب وأكَلَة اليرابيع، وهؤلاء أخذوا اللغة من أهل السواد أكَلَة الكواميخ والشَّواريز.
ويقول أبو محمد اليزيدي البصري:
كنَّا نَقِيسُ النحوَ فيما مَضى ** على لسانِ العَرَبِ الأوَّلِ
فجاءَ أقوامٌ يقيسُونَهُ ** على لُغَى أشياخ قُطْرُبُلِ
الاحتراز في تأويل القرآن
ثم إنه يجب الاحترازُ في تأويل القرآن ما لا يجب في غيره؛ لأن تأويل كلام المتكلم مما يُنسب إليه معنىً، وإن لم ينسب إليه لفظاً، ولهذا جوّز جماعةٌ من المحدِّثين روايةَ الحديث بالمعنى بشروطه.
والعرب وغيرُهم قديماً وحديثاً يعتنون بنقل نصوص العظماء والملوك كما قالوها مِن غير زيادة أو تأويلٍ لمن يفهمُها، كما أنهم يحترزون عند الحديث معهم؛ لأن التَّبعَة في ذلك أكبرُ من غيرهم، وهذا في حقِّ الله وكلامه أعظم وأجلُّ.
ميل العرب إلى الاختصار
وكذلك الأولى في كلِّ معنى أن يُبَلَّغ بأقصرِ عبارة، ولهذا كان كلام السلف فيه من الاختصار مَعَ كمال المعنى ما ليس في كلام المتأخرين مَعَ كثرة عباراتِهِم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا كما أنه في الألفاظ، كذلك في المعاني؛ فالقرآن لا يذكُر فيه مخاطبة كلِّ مُبْطِل بكل طريق وكل حجة، ولا ذكر كل الشُّبهات الواردة على الأذهان وجوابَها، فإن هذا لا حدَّ له ولا نهايةَ، بل ولا يَنضبط بضابطٍ، وإنما يذكر الحق والأدلة الموصلة إليه لذوي الفِطَرِ السليمة؛ لأن هذا هو الأصلُ في الخلق، ثم إذا اتفق مُعَاندٌ ومكابرٌ أو جاهل، كان مَنْ يخاطبه مخاطباً ومحاججاً له بحسب ما تقتضيه المصلحة، وقد يكون مقامهُ كمقام المترجِم لمعاني القرآن.
وما يُعرف بالمشاهدة، أو ما يُسلَّم دخوله تحت لفظ عام يشمل جملة من الأفراد؛ كالكواكب مثلاً معروفة بالمشاهدة ويدخل تحتَها ما لا يحصى من الأفراد، بيانُه حَشْوٌ، فببيان أن الشمس موجودةٌ والقمر موجود والكواكب موجودة، والإنسان يعلم هذا بالمشاهدة، هذا مما يُسْتقبَح ذكره، ويستثقلُهُ جمهورُ العقلاء، فضلاً عن البُلغاء؛ لأن هذا عندهم معلومٌ مستقرٌّ في عقولهم، لا يحتاجون فيه إلى خطابٍ وتفسيرِ عالمٍ من العلماء فضلاً عن كتاب مُنَزلٍ من السماء.
الأصل في القرآن أنه واضح عند السلف لا يحتاج إلى تفسير
وكثيرٌ من تفاسير المتأخرين التي يحفَلُ بها الخاصة، لو عُرِضتْ على العرب عند نزول القرآن لزَهدوا فيه، فكثيرٌ مما فيها يعدُّونه لُكْنةًَ وعَيَّاً لا يحتاج إليه، ويروْنه من باب إيضاح الواضحات.
وإذا قُدر أن بعض الناس فيهم احتاج إلى بيان وتوضيح ما عُرض عليه من القرآن، كان هذا من الأعراض النادرة التي لا تعرِض لجمهورهم، ولعُدَّ هذا مِن العَيِّ والقصور، وما تزال مثل هذه الأعراض تزداد حتى غلبت في الناس، فاستثقلوا القرآن بلا تفسيرٍ لألفاظه، كما استثقله الأوائل بالتفسير.
والتفسير ليس مقصوداً لذاته ..
وأساليب القرآن معلومةٌ لدى العرب الفصحاء غير خافيةٍ، وإن كان قد يخفى على بعضهم شيء منها؛ وذلك لغرابتها على مسمعه، وعدم اعتياده عليها في لغة قومه، ومن حولهم، كما خفي على ابن عباس بعض معاني مفرداته؛ كلفظ "فاطر"؛ فقد روى الطبري في "تفسيره"، وأبو عبيد عن مجاهد، قال: سمعت ابن عباس يقول: كنت لا أدري ما (فاطر السموات والأرض)؛ حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: لصاحبه: أنا فطرتها؛ يقول: أنا ابتدأتها.
ومثل ذلك أيضاً: ما أخرجه ابن جرير عن سعيد بن جُبير أنه سئل عن قوله: (وحنانا من لدنا) فقال: سألت عنها ابن عباس فلم يُجِب فيها شيئاً.
وأخرج من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: لا والله ما أدري ما (وحناناً).
وهذا نادر فيهم، وإن جَهِلَه فردٌ منهم عَلِمَه جمهورهم.
بلاغة السلف سليقةً
وأساليب القرآن لما كانت على طريقتهم في كلامهم في يومهم وليلتهم، لم يَخْفَ عليهم المراد بها، فيعلمون من قوله تعالى: (ذُقْ إِنَّكَ أَنْت الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) أنّ هذا الخطابَ خطابُ امتهان وتهكَّم، وإن كانت ألفاظُه مما يُستعمل في المدح، عرفوا ذلك من السياق لا من اختصاص اللفظ.
ونظير هذه الآية وصف شعيب عليه الصلاة والسلام بالحلم والرشد من قومه المعاندين: (قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) [هود: 87] قد يتبادر إلى ذهن القارىء أن المراد بذلك: إنك حليم رشيد؛ والصواب لست بحليم ولا برشيد. قاله ابن عباس وغيره.
وهذا ونظائره لم يكن منهم بجُهدٍ ولا تكلُّفٍ؛ فهي لغتُهم التي يتحدثون بها، ولأنها كذلك لم ينصُّوا في كلِّ موضع على المقصود منه في القرآن، ولو قيل لأعجمي يعرف معاني الألفاظ: فسر الآية، لفسَّرها على غير وجهها؛ لأن الأمر مُتعلِّق بالسياق لا بذاتِ اللفظ.
ولما تقادم العهد، ودخلت العُجْمَة على العرب بالاختلاط بالعجم، ظهر لهذه الأساليب الفنُّ المدوَّنُ بعدُ باسم (علم البلاغة) لمعرفة طرائق العرب وتفنُّنها في أساليب خطابها، فوضعوا المصطلحات والقواعد لتقريب هذا العلم، لا لإتقانه؛ إذ لا يتقنُه إلا من تحدث بلغتهم وحَفِظ أشعارهم ومنثورهم، وهذا يعز وجوده في المتأخرين.
نشأة علم البلاغة
(يُتْبَعُ)
(/)
وعُرفت البلاغة في عصر متأخري التابعين، ثم اشتهرت بعد ذلك، وحُكي الإجماع على أن البلاغة ما نشأت إلا تحت تفسير القرآن، وقد اعتنى بها كثير مِن الأئمة باستخراج البديع والإعجاز من كلام الله. وصنف معمر بن المثنى كتابه فيها، وقيل: إنه قد أخذ من نافع بن الأزرق عن عبد الله بن عباس. ويحتمل أنه أخذه من غيره؛ وهو إمامٌ في لغة العرب، ونافع عرض ألفاظاً من غريب القرآن أشكلت عليه على عبدالله بن عباس؛ إذ جاءه بمكة يسأله عنها، واشترط على ابن عباس؛ أن يأتيه على كل مسألة وتفسير بشواهد من أشعار العرب، وذلك حينما خرج ونَجْدَة بنُ عويمر وآخرون من الخوارج إلى مكه فلقوا ابن عباس، فسأله نافع عن مسائل من القرآن.
ومسائل ابن الأزرق أخرجها أبو بكر بن الأنباري في (الوقف والابتداء)، وهي منثورةٌ في عدة من كتب التفسير، رواها محمد بن زياد اليشكُري عن ميمون بن مهران، واليشكري هذا كذاب، وروى جملة منها الطبراني في "معجمه الكبير" عن جُويبر - وهو ضعيف جداً - عن الضحاك. ورويت من وجوه أخرى لا تخلو من ضعف.
نص القرآن قطعي الثبوت وتأويله في اللغة
والأئمة النقاد جوزوا الرواية في التفسير عن بعض من لا تُقبل روايته في الأحكام؛ لأن مَرَدَّ التفسير إلى اللغة، ومرد الأحكام إلى النص، والنص لا يثبت إلا بصحة الإسناد، واللغة تثبت بوجوه عدَّةٍ، ونص القرآن قطعي الثبوت.
يقول يحيى بن معين: " اكتبوا عن أبي مَعْشَرٍ حديث محمد بن كعب خاصَّة "، وذلك أن رواية أبي معشر عن محمد بن كعب هي في التفسير خاصة، لا يكاد يكون له حديث في غيره.
والمنكر في باب التفسير بيِّن واضحٌ أظهَرُ من غيره، للاشتراك في مخالفته لوجوه اللغة مَعَ أصول الشرع، أو لا يكون له نظائرُ في القرآن.
الإجماع في التفسير
ومن ثمرة ذلك ونتيجته: قلةُ حكاية الإجماع في التفسير، فهو من أقلِّ أبواب العلم، ولا يلزم من ذلك كثرة الخلاف وغَلَبَتُه، بل لأن القرآن جاء ليُحمَلَ على وجوه تتَّفق في الأصل والمقصد، تختلف في اللفظ، فاختلاف ألفاظ المفسرين للقرآن هي من اختلاف التنوُّع، لا من اختلاف التَّضَادِّ على الأغلب.
وأكثر القرآن مجمع على تفسيره بمعاني منصوصة، لكن لا ينصون على الإجماع في الواضح البين متمحض الوضوح.
وإذا علم أن في المسألة إجماعاً في تأويلِ آيةٍ، أو الاتفاق على أنها نزلت في كذا ونحو ذلك، فلا يُعتمَدُ على ما يخالفها.
وقد أكثر بعض الأئمة مِنْ حِكَايَات الإجماع؛ كابن جرير الطبري، وكذلك ابن عطية. وهو يعتمد على ابن جرير كثيراً، والقرطبي، ويعتمد كثيراً على ابن عطية، والواحدي له إجماعات في تفسيره، وفي بعضها نظر فهو من المتساهلين في هذا الباب. والإجماع المنصوص عليه عندهم في التفسير دون المائتين، ولا يزيد عليها قطعاً، وأكثرها عند ابن جرير الطبري.
ومنهج ابن جرير الطبري في حكاية الإجماع أنه لا يعتدُّ بمخالفة الواحد ولا الاثنين، مع علمه ومعرفته بخلافهم؛ لذلك قد روى في كثيرٍ من المواضع ما يخالِف ما يحكيه من الإجماع.
ومن أكثر الأئمة نقلاً من المفسرين المتأخرين: الإمام القرطبي، وقد اعتمد على غيره في حكاية الإجماع - سواء في مسائل الأحكام أو غيرها - كابن جرير الطبري وابن المنذر، وابن عبد البر، وابن العربي، وابن عطية، ممن كان معروفاً بالعناية بحكاية الإجماع، وإن كان هو ممن لا يحكي الإجماعَ جُزافاً؛ فإنه يُمَحِّصُه في كثيرٍ من المواضع، ولا يسلَّم له في كثير من المواضع؛ فإنَّ أقلَّ من ربعها لا يثبت فيه إجماع، والخلاف فيها مُعْتَبَرٌ.
تفسير الضعفاء موافق لوجوه اللغة في الغالب
وبالسبر لمرويات الضعفاء في التفسير؛ فإنها - في الغالب - لا تخالف وجهًا من وجوه العربية؛ فإن خالفت وجهًا فإنها تُحْمَل على الوجه الآخر، الذي لا يخالف نصاً ولا حكماً ولا أصلاً، والنبي ? كلامه مبيِّن للقرآن موضِّح له، ومع ذلك فهو يجمع المعاني الكثيرة باللفظ القليل، وهو ما يُسَمَّى بجوامعِ الكلمِ؛ قال النبي ?: ?? إِنَّمَا بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ ?? رواه البخاري. وجَوامِعُ الكَلِم - كما فسرها الزهري عند البخاري في "الصحيح" - قال: " هي جمع المعاني لأمورٍ كثيرة بألفاظٍ قليلة "؛ فإذا كان هذا لكلام النبي ? المبيِّنِ الموضِّحِ للقرآن؛ فهو لكلام الله جل وعلا من باب أَوْلَى، فكلام الله له
(يُتْبَعُ)
(/)
وجوهٌ عدةٌ، كما أخرج ابن سعد من طريق عكرمة عن ابن عباس: أن علي بن أبي طالب أرسله إلى الخوارج، فقال: "اذهب إليهم فخاصمهم ولا تحاجَّهم بالقرآن؛ فإنه ذو وجوه، ولكن خاصمهم بالسنة". وأخرج من وجه آخر أن ابن عباس قال له: يا أمير المؤمنين، فأنا أعلَمُ بكتاب الله منهم؛ في بيوتنا نزل. قال: صدقت، ولكن القرآن حَمَّال ذو وجوهٍ، تقول ويقولون، ولكن خاصمهم بالسُّنن؛ فإنهم لن يجدوا عنها مَحِيصاً. فخرج إليهم فخاصمهم بالسنن، فلم تبق بأيديهم حجَّة".
وقد جعل بعضُ العلماء ذلك من أنواع معجزات القرآن، حيث كانت الكلمةُ الواحدةُ تنصرف إلى عشرة أوجه وأكثر وأقلَّ، ولا يوجد ذلك في كلام البشر؛ فقد يشتبه على الإنسان اختلافُ بعض الصحابة بحَمْلِ بعض الألفاظ على تأويل آيةٍ ويخالفه الآخر ونحو ذلك، وهذا كلُّه يُحْمَل على باب التنوُّع، ولا يُحْمَل على المخالفة.
اختلاف المفسرين
والخلاف في التفسير على نوعين: خلاف تنوُّع – و – خلاف تضاد
والخلاف المروي عن المفسرين جُلُّه هو من خلاف التنوع، لا من خلاف التَّضادَّ، كما نصَّ عليه سفيان الثوري، وابن قتيبة في "تأويل مشكل القرآن" والشاطبي في "الموافقات"، وابن تيمية في مواضع.
والخلاف في التفسير قليل جداً في الصحابة، كثيرٌ في التابعين، وفي أتباعهم أكثرُ؛ لأنه كُلَّما قلَّ التمكُّن من لغة القرآن وفهم معنى ألفاظه المنزَّل بها، احتيج لتفسيره بالمرادف أو القريب منه، وكلَّما توسع المفسِّر في هذا، ظهر معه الخطأ.
واختلاف التنوع هو أن يكون لفظ الآية محتمِلاً لجميع المعاني المفسِّرة، والاختلاف في العبارة مع اتفاق في المعنى.
وخلاف التنوُّع ينبغي ألا يحكى خلافاً هكذا؛ بل يقال: إن هذا من اختلاف التنوُّع والوجوه التي جاء المعنى فيها بكلام الله، ولذلك يَسْهُل على الإنسان إِنْ تَبَصَّر بهِذا الأصل أن يجمع ويُوَفِّق، وألا يُضَعِّف بعض الوجوه من النوع الواحد، أو يرجح بعضها على بعض؛ لأن كلها تحمل على الحق المقصود من كلام الله.
ولما كان كثير من التفسير من اختلاف التنوع، تساهل العلماءُ بالرواية عَنْ الضعفاء؛ لأن الأصل الأصيل والمقصِدَ العليَّ من النقد والتعليل خَوْفَ ورود شيءٍ من المعاني المنكرة، والتي تخالف الأصول الثابتة، ولأنَّ تفاسيرهم لا تخرج عن الوجوه المشروعة، واعتمادهم كلَّه على لغة العرب.
وإعمال منهج النُقَّاد في أحاديث الأحكام بقواعده وأصوله وتشدده، على أحاديث التفسير قصورٌ، إذ إن المقصود من نقد الحديث سلامته من الدخيل فيه، والقرآن ليس كذلك، فهو محفوظ لقوله: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).
أسباب التسامح بالرواية عن الضعفاء في التفسير
وفي أبواب التفسير ثمة قرائنُ عِدَّة تسامحوا لأجلها في رواية التفسير وكتابته:
القرينة الأولى: أن المصنفات أو المرويات عن الصحابة والتابعين إنما هي كتبٌ يروونها عن بعض، وليست محفوظات تُحْفَظ في الصدور، ولذلك فإن أقلَّ المحفوظات في الأبواب في الشرع هي في التفسير، فكان ثمة نُسَخٌ تُروى، واشتهرت؛ كتفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وتفسير عطيةَ العوفي عنه، وتفسير السُّدي عن أشياخه، وتفسير قتادة الذي يرويه عنه معمر بن راشد وسعيد بن أبي عروبة، وتفسير الضَّحاك بن مُزاحم، وكذلك تفسير مجاهد بن جَبْر الذي يرويه عنه القاسم بن أبي بَزَّة وغيرهم. وهذه الصحف تُروى وتُحْمل إن كان الراوي لها ليس متهمًا بالكذب؛ لأنه يحمل على أنه يُحدِّث من هذه الصحف؛ فالأئمة يُطلقون القول بتضعيف الراوي، ويريدون بذلك - غالباً - رواياتِه في الأحكام في الحلال والحرام، وعند العمل والاحتجاج يفرِّقون؛ لأن الأحكام هي المقصودة من الجرح والتعديل، لذا روى الخطيب في "الجامع" عن يحيى بن سعيد قال: تساهلوا في أخذ التفسير عن قوم لا يوثِّقونهم في الحديث، ثم ذكر ليثَ بن أبي سُلَيْم وجُوَيبِر بن سعيد والضَّحاك ومحمد بن السائب، وقال: هؤلاء لا يُحْمَد أمرُهم، ويكتب التفسيرُ عنهم.
وقد يَلْتَبِس على الناظر هذا الأمر، ويختلط عليه من وجهين:
(يُتْبَعُ)
(/)
الوجه الأول: أن الأئمة يُطلقون ألفاظ الجرح على الراوي كالتضعيف، فيُشْكِل على الناظر في كتب الرجال والجرح والتعديل والعِلَل كيف تُصَحَّحُ له روايةٌ وقد ضعَّفه الأئمة. ومن المشكل أيضاً حينما يقف على تضعيف إمامٍ ناقدٍ لحديثٍ في الأحكام بسبب راوٍ من رواة التفسير وينصُّ عليه.
وبيان ذلك: أن كلام العلماء على هذا الراوي بعينه كلام مُجْمَل، يفصِّله طريقةُ العلماء مَعَ أسانيد التفسير عملاً، وكذلك نصاً في بعض الأحيان؛ لأنها من صُحفٍ ونُسَخ تُروى. وتفسير مجاهد بن جبر المشهور - الذي هو من أصحِّ روايات التفسير- لو أعمل النقاد منهجهم المتشدِّد في نقد الأحكام، لَضُعِّف جُل تفسيره، وذلك أنها منقطعة بكتاب يرويه القاسم بن أبي بَزَّة عن مجاهد بن جبر، سواء كان عن عبد الله بن عباس، أو من قول مجاهد بن جبر نفسه.
ومثله رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس المشهورة التي لم يسمعْها منه.
الوجه الآخر مما يلتبس فيه على الناظر: أن هؤلاء الذين يروون التفسير يقع لهم من المرويات في باب الأحكام مما يشترك مع التفسير، أو تكون تلك الرواية تتضمن حكمًا شرعيًا بنفسها.
وجواب ذلك: أنه إذا تضمَّنت حكمًا شرعيًا في الحلال والحرام؛ فإنه يُشَدَّدُ في ذلك، وإلا فالأصل أنَّها لا تتضمَّن، وإنما طريقُها هو تفسير ذلك المعنى الواردِ في كلام الله. وفي الغالب فإن مرويات الأحكام في التفسير إذا كانت مرفوعةً لا تخلو كتبُ الأحكام منها وبيان حكمها، وكذلك الموقوفات والمقطوعات إذا كانت فرداً في الباب.
القرينة الثانية: التي يتساهل لأجلها العلماء في مرويات المفسرين: أن المتخصص في فنٍّ من الفنون يُقدَّمُ على غيره، وإن كان من كبار الثقات أو الحفاظ الأثبات يُقدم من هو دونه عليه في الغالب، إذا كان مختصًّا بما يرويه، ولذلك قد اشتهر وعُرف عن كثيرً من الأئمة والرواة أنه قد اختصَّ بباب من الأبواب، وامتاز به، وقُدِّم على من هو أثبتُ منه بالحفظ والرواية، وأظهر في باب الديانة والصلاح؛ فعِلْم القراءات الأئمةُ فيه من الكبار، ومنهم من لا تُقْبَل روايتُه في أحاديث الأحكام، وإن كان هو من الأئمة الثقات في غير هذا الباب، كعاصم بن أبي النَّجود، وحفصِ بن عمر، وحفص بن سليمان.
يقول الحافظ ابن حجر في حفص بن سليمان: "متروك الحديث، وهو إمام في القراءات".
وكذلك نافع بن أبي نُعيم المدني، وعيسى بن ميناء المدني المعروف بقالون، وهو أحد الرواة عن نافع، روايته ضعيفة.
والاختصاص معروف، وعناية بعض الرواة بعلمٍ دون غيره مشهورةٌ، بل قد يُعرف بعض الرواة في باب ولا يعرف بآخر مطلقاً، كعثمانَ بن سعيدٍ المعروف بوَرْشٍ، وهو أحد الرُّواة عن نافع في القراءات، ليس بمعروف برواية الحديث مطلقاً.
وقد يختص بعضهم في باب من الأبواب، ويعتني به، ويستفرغ وُسْعه، فيقدَّم على غيره فيه، وإن كان أوسع علماً وأكبر فضلاً منه؛ فمجاهد بن جبر يُقدَّم في التفسير على غيره من كبار التابعين، وليس هو بأجلِّهم ولا بأعلَمِهم في الدين؛ لأنه مختصٌّ بالتفسير، ولذلك يقول عن نفسه: " القرآن قد استفرغَ علمي "؛ أي كلَّ علمي قد وضعتُه في القرآن. ولتخصُّصه قدَّمه الأئمة على غيره؛ فهذا ابن جرير الطبري قد اعتمد في التفسير على مرويات مجاهد، بل لو قيل: إن المرويات عن التابعين في تفسير ابن جرير الطبري ثلثاها عن مجاهد بن جبر ما كان ذلك بعيدًا، ولذلك قد حوى تفسير ابن جرير الطبري عِلْم مجاهدِ بن جبر بالجملة، ولا يكاد يَنِدُّ عنه إلا القليلُ؛ ولأجل هذا الاختصاص فاق غيره وقُدِّم عليه.
يقول يحيى بن سعيد: " تساهلوا بالرواية عن بعض الضعفاء كليث بن أبي سُليم، وجُويبر، والضحاك، والكلبي وقال: " ولا يحمد مذهبك ويكتب عنهم التفسير "؛ لأنهم أئمة اختصوا بذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن يطبق مناهج الأئمة النقاد في الأحكام على روايات التفسير قد أخطأ في ذلك، وقد اشتهر عند من لا عناية له من المتأخرين تطبيق تلك القواعد الحديثية التي نصَّ عليها العلماءُ فيما يسمى بعلوم الحديث ومصطلح الحديث على أسانيد التفسير، وهذا مخالف لمناهج الأئمة، وقد بلغ ببعضهم التشدد في هذا الباب، فردَّ مروياتِ كثيرٍ من المفسرين مطلقاً؛ كمرويات السُّدي إسماعيل بن عبد الرحمن، ومرويات محمد بن كعب، ومرويات ليث بن أبي سليم في روايته عن مجاهد بن جبر، وغيرها باعتبار أن الأسانيد ضعيفة، وهذا إفراط.
وينبغي أن يُعلم أن النقل والحكاية شيءٌ، والاعتماد شيء آخر، ولا يلزم من الأول الآخر.
القرينة الثالثة: أن أصل الاحتجاج والاعتماد في التفسير هو على لغة العرب، وإليها يجب أن يُرجع، قال تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) وقال: (بلسان عربي مبين). وأكثر المفسرين ورواة التفسير هم من العرب، وقد نص البيهقي على هذا فقال: (وإنما تساهلوا في أخذ التفسير عنهم، لأنَّ ما فسَّروا به؛ ألفاظُه تشهد لهم به لغاتُ العرب، وإنما عملهم في ذلك الجمعُ والتقريبُ فقط)
القرينة الرابعة: أنَّ جُلَّ مرويات التفسير هي من الموقوفات والمقطوعات، والنُّقاد يتساهلون في الموقوف والمقطوع ما لا يتساهلون في المرفوع.
الموقوفات على الصحابة وحكمها
وإن كان بعض الأئمة يجعل الموقوفَ في التفسير على الصحابة في حُكم المرفوع معنىً، قال الحاكم في كتابه المستدرك: «تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين –البخاري ومسلم- حديثٌ مُسند».
وقال في موضع آخر من كتابه: «هو عندنا في حكم المرفوع"، وَمُراده: أنه في حُكمهِ في الِاستدلالِ بِهِ والاحتجَاج، لا أنَّه يُنْسَبُ مرفوعاً، وذلك من وجهين:
الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم مأمورٌ بالبيان لهم، لذا قال تعالى: (لتبين للناس ما نزل إليهم). والمقطوع به أنه بيَّن ما يحتاج إلى بيان، لذا كان آخر ما نزل من القرآن (اليوم أكملت دينكم وأتممت عليكم نعمتي)، ومن تمامُ الدين تمام بيانه المذكور في الآية.
الثاني: أن القرآن إذا نزل يكون مفهوماً، وما نَدَّ عن الفهم يُسأل عنه، وما لم يُسْأَلْ عنه، موكول إلى لغتهم التي نزل بها القرآن وفهموه عليها، فكان سكوتُهم مع علم النبي صلى الله عليه وسلم عن فهمهم، شبيهٌ بالإقرار. هذا ما أراده الحاكم. والأصل أنهم يَسألون عما ينزل ويَنِدُّ عن أفهامهم، فإذا أَشكل على أَحدٍ منهم سأله، فقد سأله أبو بكر الصديق عن قوله تعالى: (من يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ)، وسأله عمرُ عن آية الكلالة، فذكر له آية الصفِّ. ولمَّا نزل: (الَّذِينَ آمَنُوا ولم يَلْبِسُوا إيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) سأله الصحابة عن معنى الظلم في الآية، وسألتْه أم سلمه عن الحساب في قوله تعالى: (فسوف يحاسب حسابا عسيراً) فبيَّن أن المراد به العرْض.
تفسير الراوي الضعيف
وينبغي التنبه إلى أمرين:
أولاً: أن الراوي إن كان ممن يُضَعَّف، أو كان واهيَ الحديث، أو منكراً، فإنه في باب التفسير إِنْ قال بقوله، فإن هذا قولاً له؛ فلا يقال بردِّه بوجه من الوجوه، وبعض المعتنين يَحْكُم بضعف روايةٍ من الروايات؛ لأن قائلها ضعيف، فكيف تكون ضعيفةً وهي صحيحة إليه وهو قائلها؛ فالسُّديُّ أو الكلبيُّ واهي الحديث جدًا، إلا أنه من أئمة التفسير، ومن المتبصِّرين بلغة العرب؛ فإذا قال قولاً، فينظر إسناده إليه فحسب، وإن كان قال عن غيره، فيفرَّق بين نقله عن غيره وبين قوله هو؛ فقوله هو يعني أنه قد فسر كلام الله تعالى على ما فَهِمَه من لغة العرب، وما يضعف به هو ما ينقله عن غيره؛ لذلك يقال: إن الضعفاء في التفسير ما يفسِّرون من قولهم هو أقوى مما ينقلونه عن غيرهم، ويدخل الضعف في نقلهم ولا يدخل في قولهم؛ لأنهم لا يتكلمون بجهل، وإنما يتكلمون بمعرفةٍ وعلمٍ، والخطأ والغلط يدخل في حفظهم، لا يدخل في معرفتهم، لأن معتمدَهُمُ العربية.
وفي قول يحيى القطان السابق: "هؤلاء لا يحمد حديثهم ويكتب التفسير عنهم": أن كلامهم في التفسير يُكتب ويُعتنى به ما لا يُعتنى بمرويِّهم، فقد يكون فيما يكتب عنهم من البيان للقرآن ما يزيل اللبس عنه، ويكون المُفَسِّرُ عمدةً في فهمه، كما تُعتَمدُ مفردات اللغويين في بيان معانيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانيًا: أن بعض الرواة ممن يُضَعَّفُ في الحفظ والرواية قد يقع له ما يُستنكر من المرويات، وهذا لا يُرَدُّ به تفسيرُه، بل يقال: إنه لو وُجِدَ شيء من المنكر - كبعض الحكاية عن بني إسرائيل، أو حُمِلَ بعض معاني القرآن على وجوه شاذَّة - فإن هذا لا يعني اطِّراح قول ذلك المفسر على وجه العموم؛ بل يُقَارَن ذلك بمروياته، فإن كان من المكثرين من المرويات؛ فإنه لا يُعَد ذلك شيئاً يرد حديثه؛ بل يعد ذلك من ضبطه إن وجد له خطأ قليل؛ فمجاهد بن جبر مروياته بالآلاف في التفسير، ولديه من الأقوال ما هو شاذ، ولديه من الأقوال ما لم يُوَافَق عليه، ومع ذلك فقوله هو المعتمد، وقد أخرج ابن جرير الطبري عن أبي بكر الحنفي قال: سمعت سفيان الثوري يقول: اذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبُك" أي تمسَّك به ويكفيك، وقال قتادة: "أعلَمُ من بقي بالتفسير مجاهد". لذلك اعتمد العلماء على تفسيره، كالشافعي والبخاري وغيرهم كثير، ولم يردَّه أحدٌ من أهل العلم، لا متقدم ولا متأخر، وقد أخذ عنه جمع غفير من أصحابه: عكرمة مولى ابن عباس، والفُضيل بن عمرو، وقتادة بن دعامة السَّدوسي، وعطاء ابن أبي رباح، وعمرو بن دينار، ومحمد بن مسلم، وعمرو بن عبد الله بن عبيد، وأيوب بن كيسان، وفِطْرُ بن خليفة، وعبد الله بن عوْن البصري، وغيرهم.
أنواع التفسير المسند
والتفسير المروي بالأسانيد على ثلاثة أنواع:
النوع الأول: المرفوع:
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا قليلٌ، بل قال الإمام السيوطي رحمه الله في كتابه "الإتقان": (أصل المرفوع منه في غاية القِلَّة).
وقد جُمعت هذه المروياتُ مؤخراً، وقد توسَّع الجامع في هذا الباب، فوقع في جمعه شيءٌ من الخلط وعدم التحرير والتدقيق. وَجُل هذه المرويات تأتي بأسانيدَ ضعيفةٍ، وبعضها يأتي بأسانيدَ صحيحةٍ؛ منها ما هو مشهور في التفسير ومنها ما لا يعرف في التفسير.
وقد يأتي التفسير بعض كلام الله بالأسانيد المشهورة في الأحكام؛ كالأسود وعلقمةَ والنَّخعي عن عبد الله بن مسعود، وسعيد بن جبير عن ابن عباس، ونافع عن ابن عمر، ومن التفاسير ما هو دون ذلك شهرةً.
التفاسير الموقوفة
والنوع الثاني: الموقوف: وأشهر هذه التفاسير:
تفسير عبد الله بن عباس رضي الله عنه:
وهو مَنْ دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (اللهَّم عَلَّمْهُ التَأْوِيْل)، وهو الفيصل عند الصحابة، وأكثرُهم تفسيراً، وقد كان يعتمد على قوله عمر بن الخطاب، وكان يرجع إليه كثيرٌ من الصحابة إن استشكل عليهم شيءٌ من كلام الله.
كثرة الرواية لا تعني تفضيل العالم على غيره
وابن مسعود أبصر منه، مع كونه دونَه في التفسير كثرةً، وذلك لتقدُّم وفاته، وقلَّة المعتنين من أصحابه بالتفسير مقارنةً بابن عباس.
وكثرةُ الأثر المروي عن العالم لا تعني تميزه عن المُقِلِّ، وقد يشتهر عالم عند الناس في باب، ولا يشتهر آخر، فيظنُّ أن شهرتَه وكثرةَ قوله تُقدِّمه على غيره، وقد قال الشافعي - كما أسنده عنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" -: الليث أفقهُ من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به.
وبنحوه قال يحيى بن بكير: الليث أفقه من مالك، لكن الحَظْوَةَ كانت لمالك.
ومن ذلك قول الشعبي لإبراهيم النخعي: إني أفقه منك حياً، وأنت أفقه مِني ميتاً، وذاك أن لك أصحاباً يلزمونك، فيُحْيُون علمك.
وينبغي أن يُعْلَم أن العلماء يعرفون بالنظر إلى معاني قولهم وحقائقه، لا بالكثرة ولا بالشهرة، فقد يُوفَّق الإنسان إلى أحد أصحابه لينقل قوله ويشْهِره، وقد لا يوفق الإنسان إلى أحد يرفع قوله. وثمة اعتبارات لهذا الأمر منها ما يكون ظاهرًا، ومنها ما يكون باطناً أمرًا غيبيًا أمره إلى الله، وقد يتعلق بقرائن الحال، وأمور الزمان، وما يحيط بالإنسان في وقته.
يقول ابن مسعود عن نفسه كما رواه البخاري ومسلم من حديث الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عبد الله، قال: ((والذي لا إله غيره، ما من كتاب الله سورةٌ إلا أنا أعلم حيث نزلت, وما من آية إلا أنا أعلم فيما أنزلت, ولو أعلم أحداً هو أعلمُ بكتاب الله مني تبلغُه الإبل لركِبْتُ إليه)).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال مجاهد بن جبر عنه، وهو قد عرض القرآن على ابن عباس ثلاث –وقيل ثلاثين- مرة، كما روى الترمذي بسند صحيح عن سفيان بن عيينة عن الأعمش، قال: قال مجاهد: لو كنتُ قرأت قراءة ابن مسعود لم أحتج إلى أن أسأل ابن عباس عن كثيرٍ من القرآن مما سألت.
ولتأخُّر وفاة ابن عباس، ولحاجة الناس إليه، انتشر قوله وكثُر تلاميذه، والمروي عن ابن عباس كثير، يقرب من ستة آلاف أثر، ولكثرة المروي عنه، وقع الغلط في نسبة بعض أقواله، وضبط بعض ألفاظه، ولذا قال ابن تيمية: ما أكثر ما يحرف قول ابن عباس ويَغلَط عليه.
تفسير ابن عباس وعنايته بلغة العرب وأشعارهم
وأكثر تفسيره احتجاج بلغة العرب، وأقوال الفصحاء من الشعراء وغيرهم، بخلاف ابن مسعود؛ فهو يعتني بالقراءات وأسباب النزول.
وجُل تفسير ابن عباس صحيح، وأما ما نقله البيهقي ومحمد بن أحمد بن شاكر القطَّان في "مناقب الشافعي" من طريق ابن عبد الحكم، قال: سمعت الشافعي يقول: لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيهٌ بمائة حديث، فيظهر أنه قصد ما قصده أحمد بقوله المتقدم: "ثلاثة ليس لها إسناد التفسير والملاحم والمغازي"؛ أي: لا يكاد يوجد فيها ما يسلم من علةٍ على طريقة التشديد، ولعله قصد المرفوع من حديثه.
* وأصحُّ المرويات عن عبد الله بن عباس:
- رواية مجاهد بن جبر عن ابن عباس:
وهي مُقَدَّمْة عند عامة العلماء، إلا ابن المديني، فَإِنَّه يُقَدِّم رواية سعيد بن جبير على مجاهد بن جبر، بل يقدمها على روايات سائر أصحاب عبد الله بن عباس، والأظهر أن رواية مجاهد بن جبر هي أصح الروايات عن عبد الله بن عباس، وتقدم على غيرها عند التضادِّ في الأغلب، إلا في الأحكام؛ فسعيد بن جبير لا يقدم عليه أحد فيها، ولعل هذا ما قصده ابن المديني رحمه الله.
ومجاهد بن جبر قد عرض التفسير على عبد الله بن عباس عرضًا واسعًا، وكرَّره عليه مرارًا، يقول الفضل بن ميمون: قال لي مجاهد بن جبر: " عرضت التفسير على عبد الله بن عباس ثلاثين مرة أُوقفه عند كل آيه "، ولذلك قد استفرغ علمه تفسير القرآن، وكان علمُه جُلُّه فيه.
وقد غلب على حال أصحاب عبد الله بن عباس العنايةُ بشيءٍ من أبواب التفسير على غيره؛ فقد اعتنى مجاهد بن جبر بالمفردات وغريب القرآن وأشعار العرب، وغيره من أصحاب عبد الله بن عباس قد اعتنوا ببعض الأبواب؛ كَعِكْرِمَة مولى عبد الله بن عباس قد اعتنى بأسباب النزول، واعتنى سعيد بن جبير بالأحكام والغيبيات وأكثر من الرواية في الإسرائيليات وغيره مما يأتي الكلام عليه.
قلة رواية مجاهد عن ابن عباس
ثمة أمر ينبغي أن يتنبه له:
أَنَّ مجاهد بن جبر، وإن كان مختصًا بعبد الله بن عباس وعرض عليه التفسير مراراً، إلا أن كثيراً من تفسيره لا ينقله عن ابن عباس، بل هو أقل أصحابه روايةً عنه، يفسر القرآن ولا يعزوه؛ ومع وَفْرة تفسير ابن عباس، إلا أن ما يرويه عنه مجاهد لا يزيد عن المائتين، والعلة في ذلك - فيما يظهر - أن التفسيرَ علم تحصَّل لديه وفَهِمَه على وجهه، فكان من الاحتياط والورع ألا ينسُبَه بلفظه إليه، فربما غايَرَ في اللفظ، ولذلك حينما يعرض الإنسان شيئًا من الألفاظ والمعاني على عالمٍ أكثر من مرةٍ، ويُكثر الأخذ عن عالم من العلماء يخلط قوله بعضه ببعض، وإن كانت المعاني حقيقةً على وجهها، لكن في نسبة اللفظ شيءٌ.
الغلط على ابن عباس
ولكثرة تفسير ابن عباس يقول ابن تيمية: " وما أكثر ما يقع التحريف والغلط على عبد الله بن عباس "؛ أي: فيما يُروى عنه من التفسير، وهذا ما حمل مجاهد بن جبر أن يُقِلَّ الرواية عن عبد الله بن عباس وإن كان علمه جله بل كله في التفسير عن عبد الله بن عباس. وقد رُوي عن مجاهد بن جبر في التفسير ما يقرب من ستة آلاف مروية، إلا أنه ما روى عن ابن عباس إلا نحو مائتي رواية، وهذا قليلٌ جدًا، وذلك لكثرة عرضه عليه؛ فربما في العَرْضة الأولى غاير في اللفظ واتفق في المعنى، وفي العرضة الثانية غاير في اللفظ واتفق في المعنى؛ فلم ينسُب القول إليه لتَحَقُّق اللفظ والمعنى في نفسه أكثر من تحقُّق اللفظ والمعنى عند عبد الله بن عباس؛ فنسب إليه ما تيقن منه ولم ينسب إليه ما لم يتيقن، وهذا من باب الاحتياط.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم إن ما أخذه عن ابن عباس أصله لغة العرب، وما أخذه عنه كثير، فنسبة كلِّ قول إلى ابن عباس، ثقيل على السامع والمتكلم.
ومجاهد بن جبر إمام التفسير من التابعين على الإطلاق، لا يوازيه في ذلك أحد، ولا يقاربه، وإن كان من أصحاب عبد الله بن عباس من هو أكثر منه؛ كسعيد بن جبير أكثر منه رواية عن عبد الله بن عباس لكن في الحقيقة من جهة أخذ الأقوال، فمجاهد بن جبر أكثر التابعين على الإطلاق أخذاً عنه في التفسير، وروايته أصح المرويات، ولا ريب في ذلك.
وقد استفرغ علمه القرآن، كما قاله عن نفسه، ولذا يعتمد تفسيره الأئمة؛ كالشافعي وأحمد والبخاري وغيرهم؛ قال الثوري: "إذا جاءك التفسير عن مجاهد، فحسبُكَ به".
تفسير مجاهد كتاب صحيح غير مسموع
وتفسير مجاهد بن جبر كتاب يرويه عنه القاسم بن أبي بَزَّة، وكل من يروي التفسير عن مجاهد هو من طريقه وكتابه، كما قال ابن حبان: (لم يسمع التفسير من مجاهد أحد غير القاسم بن أبي بزة، وأخذ الحكم وليث بن أبي سُليم وابن أبي نَجيح وابن جريج وابن عيينة من كتابه، ولم يسمعوا من مجاهد).
الروايات عن مجاهد وأصحها
وجاء التفسير عن مجاهد من وجوه عِدة، أصحها ما يرويه ابن أبي نَجيح عنه، وإن لم يسمعه من مجاهد، كما قاله يحيى القطان وابن حبان، فهو كتاب صحيح، نص على صحة تفسيره الثوري كما حكاه عنه وكيع، وصححه ابن المديني أيضاً.
وعدم السماع ليس علة مطلقاً، بل هناك مما لم يسمع ما هو أصح مما سمع، لقرينةٍ قوية دفعت تلك العلة، كاحتراز الناقل وشدة تحريه؛ كسعيد عن عمر، أو لكونه من كتاب صحيح، كرواية التفسير عن مجاهد، أو لمعرفة الواسطة ولم تذكر، كالنخعي عن ابن مسعود، وابن سيرين عن ابن عباس.
وقد يُشْكِل على البعض أن من يروي عن مجاهد بن جبر لم يسمع التفسير منه، وإنما هو من كتاب؛ فيقال: إن القاسم بن أبي بَزَّه هو من الثقات الكبار، وكتابه صحيح، وقد اعتنى بكتابه؛ فكل من روى عنه ذلك الكتاب على أخذٍ صحيح؛ فالرواية عنه صحيحةٌ معتبرةٌ.
يقول ابن تيمية: " ليس بأيدي أهل التفسير تفسير أصح من تفسير ابن أبي نجيح عن مجاهد بن جبر".
وأكثر تفسير مجاهد هو من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه، بل هو ناشر تفسيره، وأخص الناس به، ويرويه عنه أيضاً شبل بن عباد وعيسى بن ميمون. ويأتي بعد ذلك رواية ابن جريج عن مجاهد.
ومن الرواة عن مجاهد بن جبر:- ليث بن أبي سُليم، وهو ضعيف بالاتِّفاق، لضعف حفظه، لكنه في التفسير يَروي من كتابٍ، كما قال ذلك ابن حبان - وقد تقدَّم قوله - وقال يحيى بن سعيد: " تساهلوا في أخذ التفسير عن قوم لا يوثقونهم في الحديث - ثم ذكر ليث بن أبي سُليم .. ".
وحديثه عنه محمول على الصحة؛ لأن ضعف ليثٍ من جهة حفظه وضبطه، وقد أخذ التفسير من كتاب القاسم. وكتابه صحيح، ولا أرى ما يوجب رَدَّه، وقد سَبَرْت حديثه عن مجاهد في التفسير، فلم أر ما ينفرد به مما يوجب رده، ولا ما يستنكر إلا شيئاً قليلاً، لا يضره مع كثرة حديثه، روى عنه تفسيره جماعة من الثقات وغيرهم منهم سفيان، وابن فضيل، وإسماعيل بن إبراهيم.
وعلق له البخاري في "صحيحه" في الطب عن مجاهد عن ابن عباس حديثاً مجزوماً به.
وما استُنْكِرَ من حديثه، فهو قليل، وبعضُه قد توبع عليه؛ من ذلك ما رواه عن مجاهد في تفسير قوله تعالى: (مقاماً محموداً) قال: يُجلسه معه على عرشه؛ فقد تُوبع عليه، فقد أخرجه الخلال في السنة من طريق عبد الرحمن بن شريك، عن أبيه عن عطاء بن السائب، وليث بن أبي سليم، وجابر بن يزيد، كلهم عن مجاهد، به.
- ومن الرواة عن مجاهد: عطاء بن السائب ويرويه عن عطاء بن السائب جماعة؛ منهم محمد بن فضيل؛ وعمران بن عُيينة، وشريك.
وعطاء ثقة اختلط بآخر، روى عنه السفيانان وشعبة وزهير بن معاوية وزائدة وأيوب والأعمش وهشام الدَّسْتَُوائي وهمام بن يحيى قبل الاختلاط والباقون بعده إلا حماد بن سلمة، روى عنه في الحالين.
- ومن الرواة عن مجاهد: ابن عيينة، وربما ذكر الواسطة.
- وكذلك الحكم، وحديثهما قليل جداً، وهو صحيح محمول على الاتصال لما تقدم.
ومنهم خُصيف بن عبدالرحمن، وهو مُقِلٌّ، وعنه سفيان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولسفيان الثوري عنايةٌ بتفسير مجاهد وتعظيم له، وله رواية عنه قليلة جداً، ولم يدركه، ولا أعرف واسطته، ولا من نص عليها، ويغلب على ظني أنه يأخذ ممن أخذ عن القاسم بن أبي بزة، فهو يسميهم في الأكثر، والله أعلم.
ويروي عن مجاهد شيئاً من التفسير منصور وعبدالله بن أبي المغيث.
ـ[العرب]ــــــــ[05 - Nov-2007, صباحاً 12:43]ـ
رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس* ومن أصح الروايات عن عبد الله بن عباس:
رواية سعيد بن جبير: وكان مكِّيِّاً مقدَّماً، فهذا علي بن المديني يقدمه على سائر أصحاب عبد الله بن عباس، وهو أكثر الرواة عنه رواية، وأكثرُ التابعين من المكيين عناية بالإسرائيليات، وجل ما جاء عن ابن عباس من الإسرائيليات من طريقه، وقد أكثر من حكاية الغيبيات من أخبار السابقين والقيامة عن عبد الله بن عباس.
ومقامه رفيعٌ ومنزلته عليه عند ابن عباس، وقد روى مجاهد أن ابن عباس كان يأمره أن يتحدث وهو شاهد، ويحيل إليه في الفتوى هو وابن عمر، وهو المقدَّم في الأحكام عن ابن عباس عند الخلاف بإطلاق، لعنايته بذلك، ورجع مجاهد وطاووس عن قولهما إلى قوله في الأحكام، ومن ذلك في تفسير قوله تعالى: (الذي بيده عقدة النكاح) قالا: هو الولي، وقال سعيد: هو الزوج، فرجعا إلى قوله لما علما به.
وكان من أعلم الناس بالحلال والحرام، بل قيل: إنه أعلم أهل زمانه في بلده.
وروى عنه خلقٌ؛ منهم جعفر وعبدالأعلى وعمرو بن مرة والمنهال وعطاء بن دينار وعطاء بن السائب والأعمش، وجل الأسانيد عنه في التفسير صحيحة.
وله رواية عن ابن مسعود، وابن عمر، في التفسير، وهي قليلةٌ، لكنه يقدِّمُ ابن عباس على غيره، فإذا روى وقال: عن عبدالله، فمراده ابن عباس، كما قاله عمرو بن مُرَّة. أسنده ابن حنبل، كما في "العلل".
والغالب إذا قال البصري: "عن عبدالله"، فمراده ابن عباس، وكذلك في مكة على الأغلب، وإذا قال ذلك المدنيُّ، فمراده ابن عمر، وإذا قال المصري: "عبدالله"، فهو ابن عمرو، وفي الكوفة ابن مسعود، حاشا سعيد بن جبير؛ فهو ممن ارتحل إلى الكوفة واستوطنها، فإذا قال "عبدالله"، فهو ابن عباس.
وتفسير عطاء بن دينار عنه لم يسمعه منه، بل لم يسمع منه شيئاً مطلقاً، وهو صحيفة كما قاله أحمد بن صالح وأبو حاتم، وقال أبو حاتم أن سعيد بن جبير كتب التفسير لعبدالملك بن مروان فوجده عطاء في الديوان فحدَّث به، وهو ثقة معروف، والذي يروي عنه التفسير من هذه الصحيفة عبدالله بن لهيعة، وهي صحيفة صحيحة، لا تُعَلُّ بالانقطاع ولا بابن لهيعة، والله أعلم.
وحديث عطاء بن السائب عنه يرويه محمد بن فضيل وغيره.
رواية عكرمة عن ابن عباس
ومن الرواة عن ابن عباس عكرمة مولى عبد الله بن عباس:
وعكرمة قريب من سعيد بن جبير؛ فقد تزوج أم سعيد بن جبير، وهو إمام في التفسير، قال الشعبي وقتادة: إنه أعلم الناس فيه، وقال أبو حاتم: أصحاب ابن عباس عيال عليه في التفسير.
وهو مقدَّم في أسباب النزول، ومناسبات السور، لعنايته بذلك، حافظٌ لأشعار العرب، وَجُل أقواله عن ابن عباس وإن لم ينسبها له.
أخرج ابن أبي حاتم عن سماكٍ، قال: قال عكرمة: كل شيء أحدثكم في القرآن، فهو عن ابن عباس.
وله تفسيرٌ من قوله يجتهد فيه، وهو قليل، ويظهر ذلك في مخالفته لقول ابن عباس، كما في قصة أصحاب السبت.
سبب قلة الرواية عن عكرمة
ومع عنايته بالتفسير، إلا أن النقل عنه قليل، وذلك لانتحاله رأي الخوارج، كما نص عليه عطاء وأحمد وابن المديني وابن معين، وهذه عادة الأئمة فيمن عرف بالابتداع أن لا يُكْثر الأخذُ عنه، لكي لا يرتفع شأنُه بأخذ الأجلة عنه، فيتأثر ببدعته تبعاً من يجهلهُ، وإن كان إماماً في نفسه، كل هذا صيانة للدين وحماية لجنابه، ولأجل هذا كان مالك يروي عن عكرمة في موطئه ولا يسميه.
ومع هذا، فهو إمام جليل القدر، وإن كان وقع في شيء من التكفير بالكبيرة، - وقد بَرَّأه من ذلك بعض العلماء كالعجلي وابن عبدالبر - فينبغي العناية بقوله وجمعه واعتباره وتأمُّله، وهو من المكثرين عن ابن عباس، بل هو أكثر رواية عنه من مجاهد في التفسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتفسيره بالجملة صحيح، وأجوده وأمثله ما يعتني فيه بأسباب النزول، فله معرفة فيه، وهو مقدم على غيره في هذا النوع، وقد علق البخاري عنه في الصحيح مجزوماً به في التفسير، وأشهر الطرق عن عكرمة ما يرويه عنه ابن جريج، وهو أكثرهم، وعكرمة قليل التلاميذ.
ومن الطرق عنه ما يرويه يزيد النحوي، ومحمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، وهذه الطرق أشهرها، وكذلك أيوب وعطاء وداود بن أبي هند وعمرو بن دينار وعثمان بن غِياث وسماك بن حرب وداود بن الحصين والحكم بن أبان وغيرهم، وأكثر المرويات عنه أو جُلّها هي دائرة بين الصحة والحسن، وقليل منها ما يتوقف فيه خاصة منه ما في الأحكام المروية عن ابن عباس التي ينفرد بها سِماك وداود بن الحصين.
ويشكُّ محمد بن أبي محمد في روايته كثيراً، فيقول: عن عكرمة أو سعيد، وقد سمع منهما جميعاً، ولا يضره ذلك.
والحكم بن أبان يروي عنه ابنه إبراهيم، وهو مضعَّف؛ لأنه يصل الأسانيد بذكر ابن عباس.
رواية محمد بن سيرين عن ابن عباس
ومن الرواة عن ابن عباس:
محمد بن سيرين، ولم يسمع منه، لكن حديثه عنه صحيح، وقد رأيت مَن يضعِّفه لانقطاعه، وهذا من التهوُّك، فالواسطة معروفة، فهو قد أخذ التفسير عن ابن عباس بواسطة عكرمة، ولا يسميه لسوء رأيه فيه، قال خالد الحذاء: كل ما قال محمد بن سيرين: نُبِّئتُ عن ابن عباس، فإنما أخذَه عن عكرمة، لَقِيَه أيام المختار.
وكذلك قال شعبة: أحاديث محمد بن سيرين عن ابن عباس قال شعبة: إنما سمعها من عكرمة.
رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
ومن الرواة عن ابن عباس: علي بن أبي طلحة.
وقد روى عن علي بن أبي طلحة إسناده عن عبد الله بن عباس معاوية بن صالح، وقد رواه عن معاوية بن صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث أبو صالح، وقد اشتهر هذا الإسناد، وهو صحيفة لم يسمعها علي بن أبي طلحة من عبد الله بن عباس، وقد وقع في هذه الرواية خوضٌ وخلافٌ كثيرٌ عند المتأخرين، وخلاصة القول:
أنه قد اتفق الحفاظ على أن علياً لم يسمع من عبد الله بن عباس شيئًا، وإن كان قد يستشكل على البعض ما روى البلاذري في "أنساب الأشراف" عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة قال: كان عبد الله بن عباس مديدَ القامة جيد الهامة، مستدير الوجه، جميلَه أبيضَه، وليس بالمفرط البياض، سبط اللحية، في أنفه قنى، معتدل الجسم، وكان أحسن الناس عيناً قبل أن يكف بصره.
قيل: في ذلك ما يشعر بأنه رآه، فيقال: إن هذا لا يعني أنه قد رآه، بل يكون قد حكى عمن رآه، وهذا شك لا يثبت مع يقين عدم سماعه.
ومثل هذه الحكاية مليئة كتب التاريخ والسير منها، يحكيها من بينه وبين الموصوف قرون، ولا خلاف في علي أنه لم يسمع من ابن عباس شيئًا، جزم به أبو حاتم ودُحيم وابن معين وابن حبان، بل قال الخليلي في "الإرشاد": أجمع الحفاظ على ذلك.
وقيل: إنما سمعه من مجاهد بن جبر، أو عكرمة، وقيل أيضًا: إنه سمعه من سعيد بن جبير، جزم المِزِّي والذهبي أنه بواسطة مجاهد، وجزم ابن حجر في "الأمالي المطلقة" أنه بواسطة مجاهد وسعيد بن جبير، وهي صحيحة بلا ريب عند عامة النقاد، وصححها جمع من النقاد؛ منهم:
أحمد بن حنبل، قال: (بمصر صحيفة في التفسير، رواها علي بن أبي طلحة لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصداً ما كان كثيراً)، أسنده عنه أبو جعفر النحَّاس في "الناسخ والمنسوخ".
ومنهم النحاس تلميذ النسائي فقد قال في "الناسخ": (والذي يطعن في إسناده يقول: ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس، وإنما أخذ التفسير عن مجاهد وعكرمة، وهذا القول لا يوجب طعناً؛ لأنه أخذه عن رجلين ثقتين، وهو في نفسه ثقة صدوق).
قال أبو حاتم: " علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس مرسلٌ؛ سمعه من مجاهد، والقاسم بن محمد، وراشد بن سعد، ومحمد بن زيد ".
وقد قال الطحاوي في شرح معاني الآثار: (وإن كان خبراً منقطعاً لا يثبت مثله، غير أن قوماً من أهل العلم بالآثار يقولون: إنه صحيح، وإن علي بن أبي طلحة، وإن كان لم يكن رأى ابن عباس رضي الله عنهما، فإنما أخذ ذلك عن مجاهد وعكرمة مولى ابن عباس).
وجزم بذلك في "بيان مشكل الآثار"، فقال: وحَمَلنا على قبول رواية علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، وإن كان لم يلقه؛ لأنها - في الحقيقة - عنه عن مجاهد وعكرمة. أ. هـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وحديثه صحيفةٌ وكتابٌ، وهو في نفسه فيه ضَعْف يسير، قال أحمد فيه: "له منكرات"، وهذه العبارة منه ليست بتضعيف له، وقد قالها في عدد من الثقات والحفاظ، ويقصد بها التفرد.
وضعَّف علياً يعقوب بن سفيان، وتفرد بتضعيفه، فقد وثقه العجلي وابن حبان، وقال النسائي: لا بأس به، وقد روى له مسلم في "الصحيح"، وحديثه في التفسير صحيح، اعتمد عليه البخاري في مواضع من صحيحه، وليس له ما يُستنكر بعد النظر في حديثه إلا شيء قليل تفرد به، وقِلَّتُه تدل على صحة حديثه مع كثرة مروياته عن ابن عباس.
فإذا عُلمت الواسطة؛ فإنه لا ملجأ لإعلالها، وإن كان قد نص صالح بن محمد جَزَرَة على الانقطاع، فقد سئل عمن سمع منه عن عبد الله بن عباس قال: " لا أحد "؛ فلعل مراده أن روايته كتاب، وليست بسماع، وهذا يوافق قول أحمد السابق أنها صحيفةٌ، ثم إن من علم حجة على من لم يعلم، والواسطة علمت وهي: مجاهد بن جبر وسعيد بن جبير وعكرمة مولى عبد الله بن عباس. إذاً، فرواية علي بن أبي طلحة هي من رواية مجاهد بن جبر، أومن طريق سعيد بن جبير، أو من طريق عكرمة، وتقدم الكلام عليها.
وعلي بن أبي طلحة، مُقِل بالرواية في غير التفسير، ولا يكاد يوجد له رواية في الأحكام، وجُلُّ روايته في التفسير، وهي كتاب يرويه عنه معاوية بن صالح وعنه عبدالله بن صالح، وقد يصحُّ الإسناد في موضع ولا يصح في موضع، وهذا الطريق لو جاء مثله في الأحكام عند التفرد لا يُعتمد عليه مالم يُعضد، وفي التفسير حجة، لا وجه لإعلاله، إلا ما يستنكر من حديثه، مما لا يوافق عليه، ومثل هذا يوجد عند الثقات، ومنهج النقاد في ذلك معروف.
ما يستنكر من حديث علي بن أبي طلحة
وبالسبر والنظر في تفسير علي عن ابن عباس لم أر فيه ما يستنكر إلا شيئاً قليلاً؛ من ذلك ما رواه البيهقي في كتابه "الأسماء والصفات"، وابن جرير الطبري من حديث عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة، عن عبد الله بن عباس في الحروف المقطَّعة، قال: " هذا قَسَمٌ أقسم الله به وهي من أسماء الله ".
وهذا منكرٌ لم يروِه أحدٌ غيره. وهذه من منكراته، التي تُرَد وأمثالها، وهذا ما يعنيه أحمد بقوله: "له منكرات"، مع قوله بنفاسة صحيفة علي، والرحلة إليها.
وقوعه في البدعة، وحكم الرواية عن المبتدع
ولعلي مذهب على طريقة الخوارج، ولذلك يقول أبو داود - كما في "سؤالات الآجري " - لما سأله عن علي بن أبي طلحة، قال: " إن شاء الله هو مستقيم الحديث وكان يرى السيف".
لعلَّه من هذا الوجه قد طعن فيه يعقوبُ الفسوي. وللعلم فَإِنَّ رأي العلماء في الرواية عن المبتدع إذا كان من الثقات الضابطين أنه لا يُرد حديثه، خاصة إذا كان متقدماً.
يقول أحمد: لو تركنا الرواية عن القدرية، لتركنا أكثر أهل البصرة.
ويقول علي بن المديني: " لو تركت رواية الراوي لأجل القدر، لتركت الرواية عن أهل البصرة، ولو تركت الرواية لأجل التشيع، لتركت الرواية عن أهل الكوفة ولخربت الكتب ".
والعلماء يروون عن المبتدعة إذا كانوا من أهل الثقة والديانة والضبط؛ لأن البدعة لا تجعل الإنسان يكذب في الحديث إذا كان ثقةً، فإن كذب فليس بثقةٍ، فإذا عُرِفَ أنه من الثقات، وممن يُؤخذ منهم الحديث، فإنه يُقبل، وقد يوجد من أهل البدع من هو أضبط في الرواية والتحرِّي والصدق من أهل السنة والجماعة، كالخوارج؛ فالخوارج يَروْن أن من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم كفر. ومن يعتقد أن من كذب على النبي ? يكفر هو أقرب للاحتياط ممن لا يرى أن الراوي يَكْفُر بذلك!
الغلو في البدع لا يوجد في متقدمي التابعين
والغلوُّ في البدع لم يوجد في عصر التابعين، فالتابعون الرواة لا يوجد فيهم سَبَئية ولا رافضة، وإنما هو تشيع يسير بتقديم علي بن أبي طالب على عثمان بن عفان رضي الله عنهما، وهذا غاية ما يوصفون به من التشيع، فإذا وُجد نص عن راوٍ من الرواة أنه يتشيع من تلك الطبقة، فمرادُهم ذلك، فأهلُ الكوفة كلهم شيعة على هذا المذهب، إلا نَزْرٌ يسير. قال أحمد بن حنبل: أهل الكوفة يفضِّلون علياً على عثمان، إلا رجلين طلحة بن مُصِّرف وعبدالله بن إدريس.
والتشيع في تلك الطبقة لم يخرُجْ عن الكوفة إلى الشام واليمن والحجاز ومصر، إلا شيئاً يسيراً، كطاووس بن كيسان فيه تشيعاً على تلك الطريقة، وهو يمانيٌّ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وما نقله ابن تيمية رحمه الله في كتابه "في الرد على البكري" أن أحمد قال في علي بن أبي طلحة: ضعيفٌ، فهذا النقل لا أعلمه في المسائل عن أحمد، ولا في مروياته سوى في هذا الموضع، ولعله أراد قوله: "يروي المنكرات". وإلا فالمعروف عن الإمام أحمد أنه حَمِدَ صحيفة علي بن أبي طلحة عن عبد الله بن عباس.
ولا يُوجد شيء يكاد يُذكر من التفسير من قول علي بن أبي طلحة، وإنما هو عن عبد الله بن عباس، أو عن رسول الله ? وهو قليل، فعليٌّ ناقل فقه ليس بفقيه.
رواية عطاء عن ابن عباس
ومن الرواة عن ابن عباس: عطاء:
ومن يروي عن ابن عباس ممن اسمه عطاء: ابن أبي رباح، وهو أجلُّهم وأعلمهم، وابن أبي مسلم الخراساني، ولم يسمع من ابن عباس إلا ابن أبي رباح، والخراساني بواسطة، والذي يرد في التفسير كثيراً هو عطاء بن أبي مسلم الخراساني، ويُنسب في الغالب في الأسانيد.
وقد روى أكثر تفسيره ابن جريج، ويروي عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس في التفسير وأكثر مروياته يرويها عنه ابن جريج أيضاً، وما جاء في التفسير في سورة البقرة وآل عمران فليس هو الخراساني، وإنما هو ابن أبي رباح؛ لأن الخراساني امتنع عن تفسير السورتين لابن جريج.
وكلُّ مالم يُسَمِّه ابن جريج في التفسير عن عطاء، فهو الخراساني، ولم يسمع ابن عباس.
وعطاء الخراساني صدوق حسن الحديث، وله رواية عن ابن عباس ولم يسمع من أحد من الصحابة، وفي الغالب يُسمى، وقد لا يُسمى فيلتبس على البعض، وقد روى له البخاري في "صحيحه" ولم ينسبه في تفسير سورة نوح وفي الطلاق، قال ابن حجر: إن البخاري يظنُّه ابنَ أبي رباح، ويظهر لي أن البخاري لا يخفى عليه ذلك، وقد قصد الإخراج للخراساني عن ابن عباس، وحديثه الذي أخرجه رواه عبدالرزاق عن ابن جريج وسمى عطاءً بالخراساني، ويظهر أن الخراساني أخذ التفسير من كتابٍ عن ابن عباس، فله رواية عن سعيد بن جبير وعكرمة وعلي بن أبي طلحة وهم من نَقَلَةِ التفسير.
ويروي عثمان بن عطاء - وهو ضعيف الحديث جداً - عن أبيه عطاء الخراساني عن ابن عباس، ولكن حديثه من كتاب، ورواية ابن جريج أشهر بكثيرٍ وأصحُّ، وقد أخرج البخاري لعطاء عن ابن عباس في الصحيح في غير الأصول، في تفسير سورة الكوثر.
ورواية ابن جريج هي من طريق عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه، عن عبد الله بن عباس، كما قاله الحافظ أبو مسعود الدمشقي في "الأطراف"، ومن نظر في سيرة عثمان بن عطاء وَجَدَ أنه ضعيفٌ، ولكن العلماء يذكرون أن لديه كتاباً في التفسير عن أبيه، ويظهر أن ابن جريج قد أخذ التفسير من عثمان بن عطاء، فأسنده عن ابن عباس؛ وعليه يقال أن التفسير عن ابن جريج عن عطاء صحيح، وإن كان منقطعاً في موضعين.
ولابن جريج أقوالٌ في التفسير من رأيه، وله أيضاً عن ابن عباس، أخذها بالجملة بواسطة صحف، إما من تفسير مجاهد بن جبر، أو من غيره، ونسبة التفسير إليه وارد وصحيح ولا إشكال فيه، فهو من أئمة التفسير في الرواية، وكذلك له معرفة بلغة العرب وبكلام المفسرين ممن كان يروي عنهم.
ويَرْوي عن ابن جريج عن عطاء الخراساني جماعةٌ؛ منهم: حجَّاج بن محمد ومحمد بن ثور، ويروي موسى بن عبدالرحمن الثقفي عنه، وهو متَّهم في حديث.
رواية أبي صالح وأبي مالك عن ابن عباس
ومن الرواة عن عبد الله بن عباس:
أبو صالح باذام مولى أم هانئ بنت أبي طالب.
وأبو مالك غزوان بن مالك الغفاري.
ورواية أبي مالك عن ابن عباس في التفسير هي من طريق أبي الشعثاء جابر بن زيد.
ويَرْوي عن أبي مالك وأبي صالح إسماعيلُ بن عبد الرحمن السُّدِّي الكبير، والسدي هذا وثقه أحمد، وأخذ عليه تكلُّفه في وصله الأسانيد، ويظهر أن مرادَ أحمد أنه يتكلف بالوصل حتى لو لم يتحصل عليه إلا بنزول، لا أنه يختلق الأسانيد، وهو لم يسمع من ابن عباس.
تفسير السُّدي
راوية تفسير السدي: أسباطُ بنُ نصر، بل تفرغ لتفسير السدي ونقله، وعليه المُعَوَّل فيه، ويوجد شيء يسير من غير طريق أسباط بن نصر.
والسُّدي أكثر التابعين بإطلاق حكاية للإسرائيليات، بل فاق الإخباريين عن بني إسرائيل؛ ككعب الأحبار ووهب بن منبه وأمثالهم.
وله اجتهاداتٌ ونظرٌ، وهو غير حجة فيما ينفرد فيه من دعاوى النسخ، فهو جسر في هذا الباب جداً.
وتفسير السُّدي جله عن ابن عباس وابن مسعود، ولم يلق من الصحابة إلا أنس بن مالك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويرويه عن ابن مسعود من طريق مُرَّة الهمداني عن ابن مسعود.
وتفسير السُّدي ساقه منثوراً ابنُ جَرير الطبري، ولم يورِد منه ابن أبي حاتم شيئاً في تفسيره؛ لأنه التزم أن يخرج أصحَّ ما ورد، وأبو عبدالله الحاكم في "المستدرك" يخرج منه ويصححه لكن من طريق مُرَّة عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة فقط، دون الطريق الأول.
تفسير الكلبي
وأبو صالح يروي عنه أيضاً الكلبي محمد بن السائب، وعن الكلبي السُّدي الصغير محمد بن مروان، ورواه عن محمد بن مروان، صالح بن محمد الترمذي وهم ضعفاء، ومحمد بن السائب الكلبي متهم بالكذب، وإن كان عالماً بالتفسير.
وأمثلُ وأصح تفسير الكلبي ما يرويه الثقات عنه؛ كسفيان الثوري ومحمد بن فضيل بن غزوان، ومن الضعفاء من قِبَل الحفظ حِبَّان بن علي العنزي، لكنه أحسن حالاً من محمد بن مروان وصالح بن محمد.
وتفسير الكلبي على نوعين:
النوع الأول: ما يرويه وينقله عن أئمة التفسير، فهذا يطرح، ولذلك سئل الإمام أحمد عن تفسير الكلبي؛ فقال: "من أوله إلى آخره كذبٌ ". فقيل: " أيحل النظر فيه "؟ قال: " لا ". وَسُئِلَ يحيى بن معين عنه فقال: " حقُّه أن يُدفن ".
النوع الثاني: التفسير من قوله مما لا يرويه عن غيره، فهذا يؤخذ ويُكتب عنه؛ لأنه عالم بالتفسير، وإمام فيه، ومن أهل العربية؛ فيستفاد منه في التفسير وبمعرفة الوجه المقصود في الآية من قوله، لا مما يحكيه.
ما يرسله ابن جريج عن ابن عباس
ومن الرواة أيضًا عن عبد الله بن عباس:
ما يرويه " ابن جريج " عنه ولا يُسنِدُه؛ ولم يسمع منه، إلا أنه سمع من جملة من أصحاب ابن عباس المفسرين، وتقدم الكلام على ذكرهم، وكثير من الرواة ربما لا ينشط في إسناد الحديث، ولا يعتمد على ذكر إسناد لوضوح اللفظ؛ وإنما يجعله من قوله، كابن جريج، وكذلك - كما تقدم - مجاهد بن جبر يجعل التفسير من قوله لمثل هذه العلة. ومثلهم: قتادة، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وإن كان جُلُّ تفسيره عن أبيه زيد بن أسلم، وقتادة فَإِنَّه يروي عن أنس بن مالك، ويروي عن غيره من الصحابة، لكنه يجعل التفسير من قوله ولا يُسنده إلى من سمع منه في كثير من المواضع؛ إمَّا لظهور المعنى، فلا يحتاج إلى أن يعزى لبيانه وجلاؤه، ولعل هذا من العلل الظاهرة والأسباب التي تجعل هؤلاء الرواة لا يسندون الأسانيد عمن أخذوا القول عنه؛ لأن المعنى المحكيَّ عنهم محل تسليمٍ عند السامع.
رواية العوفي عن ابن عباس
ومن الأسانيد عن عبد الله بن عباس:
رواية " عطية العوفي ". وهذا الإسناد إليه يُرْوى من طريق واحدة، قد أسنده ابن جرير الطبري في تفسيره وغيره، وهو من حديث محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي يقول: حدثنا أبي، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا أبي عن أبيه عطية العوفي، عن عبد الله بن عباس.
وهذا الإسناد صحيح، ما لم ينفرد بحكم وأصل، وإن كان الرواة ممن ضعفهم الأئمة، وعلى رأسهم عطية، ولكنهم في التفسير عن عبد الله بن عباس حديثهم من كتاب، وتسمى صحيفة عطية العوفي في التفسير، وفيها أحاديث مسندةٌ كثيرة في التفسير عنه، بل فيها نحو ربع ما يروى عن ابن عباس في باب التفسير.
ومن المهم جدًا العناية بالنُّسَخ والأجزاء والصحف التي تروى في التفسير، ولو اعتنى وانبرى لها من يجيد النظر في الأسانيد على منهاج الأئمة النقاد، وميز المنكر من الأقوال من غيرها حتى يحكم على أمثال هذه الأجزاء، لكان في ذلك نفع كبير، ويعطي معرفة بالرواة الذين يقع لديهم الوهم والغلط عن غيرهم من الحفاظ الأثبات. وقد اعتنى الأئمة بالأجزاء الحديثية، ولم يعتنوا بالأجزاء والنسخ في التفسير كما اعتنوا بها، بل يحكُونها هكذا من غير جمع، فلو جُمِعَت وأُخْرِجَ ما يتعارض مَعَ ظواهر الأدلة من الكتاب والسنة، وما يُحْمَل على الشاذ، لبان فضلُ كثيرٍ منها مما يطَّرِحُه المتأخرون، ولا يعتنون به، ويُعلُّونه بعلل مدفوعة.
وما ينفرد فيه العوفيُّ ويخالف ثقات أصحاب عبدالله بن عباس، فإنه يُرَد، وهذا ما بينه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"، فقال عمَّا رُوي عن ابن عباس من أن الفداء منسوخ بقوله: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم)، قال: فإنه لم يبلغْني عنه بإسناد صحيح، إنما هو عندي في تفسير عطية العوفي برواية أولاده عنه، وهو إسناد ضعيف أ. هـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
التفسير عن عبدالله بن مسعود
ومن أئمة التفسير من الصحابة:
عبد الله بن مسعود:
وهو من العلماء في التفسير، ويكفينا ما جاء في صحيح البخاري من فضله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:استقرؤوا القرآن من أربعة: من عبدِ الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حُذيفَة، وأُبيِّ بن كعب، ومُعاذِ بن جَبَل».
وروى الإمام مسلم من حديث أبي الأحوص قَالَ: كنا في دار أبي موسى مع نفر من أصحاب عبدالله. وهم ينظرون في مصحف، فقام عبدالله، فقال أبو مسعود: ما أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك بعده أعلم بما أنزل الله من هذا القائم. فقال أبو موسى: أما لئن قلت ذاك، لقد كان يشهد إذا غبنا، ويؤذن له إذا حجبنا. أي: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك كان من أعلم الناس بالتأويل، ومن أقلِّ الصحابة نقلاً عن أهل الكتاب الإسرائيليات.
وثمة مرويات كثيرة عنه في التفسير، منها: ما يشترك مع عبد الله بن عباس، ومنها ما ينفرد بها.
ما يشترك فيه ابن مسعود مع ابن عباس في أسانيد التفسير
وقد تقدم الإشارة إلى إسنادٍ يشترك فيه عبد الله بن مسعود مع عبد الله بن عباس، وهو رواية عطاء بن السائب عن سعيد عنهما، وكذلك السدي يروي عنهما بواسطة مختلفة، عن ابن مسعود بواسطة مُرة بن شراحيل الهمداني، وعن ابن عباس بواسطة أبي مالك وأبي صالح.
ومن طريق السُّدي عن مرة عن ابن مسعود أكثر تفسير ابن مسعود، وفيها غرائبُ ومنكراتٌ.
أصح أسانيد التفسير عن ابن مسعود
وأصح الأسانيد عن عبد الله بن مسعود: ما يرويه أبو الضُّحى عن مسروق عن عبد الله بن مسعود. وهذا أصح على الإطلاق، ومنها وهو صحيح وقد أخرجها البخاري في الصحيح عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود، ويأتي بعدها ما تقدم ذكره من الأسانيد، وجملةٌ منها في عِداد الواهي والمنكر.
ومن يعتني بفقهه من أصحاب ابن مسعود، كعلقمة والأسود وأبي الأحوص والشعبي وعَبيدة بن عمرو السَّلماني والربيع بن خُثيم، وغيرهم لهم مرويات عنه في التفسير، وهي في غاية الصحة، ومثلهم النخعي، وإن لم يدرك ابن مسعود، وبين هؤلاء الكبار: علقمة والأسود والنخعي قرابةٌ وصلةٌ، تزيد قوة لأسانيدهم ومتانةً لها، فعلقمة عمّ أم النخعي، والأسود خال إبراهيم، وعلقمة عم الأسود، والقرابة في الأسانيد قرينة لشدة الضبط، ومعرفة مقاصد المتحدث، وأشد سبراً لحاله من غيره.
تفسير علي بن أبي طالب
ومن أئمة الرواية في التفسير من الصحابة:
علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
وهو أكثر الخلفاء الراشدين رواية في التفسير، لا لقلةٍ في معرفتهم به، بل لتقدُّم وفاتهم، وسلامة لسان أهل عصرهم، وقد تأخر الأمر بعلي حتى احتاج الناس للتفسير.
وأصح الأسانيد عنه في التفسير: هو ما يرويه هشام بن عروة عن محمد بن سيرين عن عَبيدة السلماني عن علي بن أبي طالب.
وكذلك من الصحيح أيضًا ما يروية ابن أبي الحسين عن أبي الطفيل، عن علي بن أبي طالب، وما عدا ذلك، فهو بين الضعيف والمنكر في الغالب، وبعضها ما يستقيم معناه وَيُمَشَّى حاله.
تفسير أبي بن كعب
ومن الأئمة في التفسير:
أُبي بن كعب: وهو من الأئمة في علوم القرآن ومعرفتها، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اسْتَقْرِؤوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ ... ) وذكر منهم (أُبَيّ بْنِ كَعْبٍ .. ) وقد أبلغه الله جل وعلا بواسطة نبيه عليه الصلاة والسلام، كما روى الترمذي، فقال: ?? أَسْمَانِي الله جَل وَعَلا؟ قَالَ: نَعَمْ. فبكى رضي الله عنه.
وأمثل الأسانيد إلى أُبَيِّ بن كعب: ما يرويه أبو جعفر عن الربيع بن أنس عن أبي العالية رُفيْع بن مِهران، عن أُبي بن كعب، وإن كان فيها ضعفٌ، لكنها في التفسير صحيحةٌ، لأنها نسخة كبيرة منقولة، أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم منها كثيراً، وكذا أخرج الحاكم في مستدركه وأحمد في مسنده منها شيئاً.
أختصاص بعض الرواة بمفسِّرٍ واحد
(يُتْبَعُ)
(/)
وينبغي على المتعلم لهذا الباب أن يعلم أن بعض الرواة في التفسير لا يكون له عنايةٌ إلا بشخص واحد، فعليه المدار؛ سواء ممَّا لا ينسبه من التفسير، أو ما ينسبه لذلك الشخص؛ فالربيع بن أنس لم يرو في التفسير إلا عن أبي العالية فقط ليس له رواية عن غيره، وليس له عناية بغيره، كذلك السُّدِّي ليس له رواية - على الإطلاق - في التفسير إلا عن عبد الله بن عباس، وعن ابن مسعود شيئاً يسيراً، وإن لم ينسبه فهو عنهما في الأغلب؛ فإن نفسه هو نفس عبد الله بن عباس، وكذلك فإن جل تفسيره من طريق أسباط بن نصر.
التمييز بين السدي الكبير والصغير
وثمَّ سُّدِّيان: الكبير والصغير.
أما الكبير: فهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي، أبو محمد القرشي الكوفي الأعور، أصله حجازيٌّ سكن الكوفة، وكان يقعد في سُدَّةِ باب الجامع بالكوفة؛ فسُمِّي السُّدي، وهو إمام في التفسير، وفد وثقه الإمام أحمد في رواية أبي طالب، وكذلك العجلي وابن حبان، وَعَدَّلَه جماعة؛ كالنسائي وابن عدي في كتابه "الكامل" وغيره.
وأما الصغير: فمحمد بن مراون، وهو الراوي عن الكلبي تفسيره وهو ضعيف.
وإذا أطلق السُّدي في التفسير، فهو الكبير، وأما الصغير فهو راوٍ وليس مفسراً.
والسدي الكبير له أصحاب يروي عنهم التفسير؛ وهم:
أبو مالك غزوان بن مالك.
وأبو صالح باذام مولى أم هانئ.
ومُرَّة الهمداني.
يروي عن الأولَيْن تفسيرَ ابن عباس، وعن الثالث تفسير ابن مسعود.
ويروي عنه أسباط بن نصر.
الصحابة المفسرون
ومن الصحابة المفسرين: زيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري وعبد الله بن الزبير، وهم في المرتبة دون من سبق ذكرهم، والتفسير عنهم قليل، وجاء عن عائشة وابن عمر وغيرهم شيء يسير.
طبقات المفسرين التابعين
النوع الثالث: التفسير عن التابعين وأتباعهم:
وهم على طبقات: طبقة المكيين، وطبقة المدنيين وطبقة العراقيين. وأعلم أهل التفسير أهلُ مكة، خاصة أصحاب ابن عباس منهم؛ كسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وعطاء بن أبي رباح؛ لسلامة لسانهم وتأخر ورود العُجْمَة إليهم، ثم أصحاب ابن مسعود في الكوفة، وأهل المدينة.
يقول سفيان الثوري: خذوا التفسير عن أربعة: سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة وعطاء. وهم مَكِّيُّون.
المفسرون المكيون كمجاهد وابن جبير وعكرمة وعطاء
وأعلم المكيين مجاهد، وتقدم الإشارة إلى الطرق عنه، وإلى حديثه عن ابن عباس.
وأكثر تفسيره عناية بالمفردات، وله اجتهاداتٌ في التفسير يخالف فيها، بل شذَّ في مواضعَ، وهي - مع كثرة ما يروى عنه - قليلة.
وأُخذ عليه النقل عن بني إسرائيل ما يُستنكَر، كما في قصة يوسف مَعَ امرأة العزيز، قال: حلَّ السروايل حتى إليتيه واستلقت له.
وكان في بعض تفسيره مُستمسَك لبعض أهل البدع، كالمعتزلة وغيرهم.
قال الذهبي في "السير": لمجاهد أقوالٌ وغرائبُ في العلم والتفسير تُستنكر.
وقال في "الميزان": ومن أنكر ما جاء عن مجاهد في التفسير في قوله: (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا)، قال: يجلسه معه على العرش.
وما أنكره الذهبي قال به غير واحد من أئمة السنة، وصححوا الأثر واعتمدوا عليه كأبي داود وأحمد بن أصرم ويحيى بن أبي طالب، وإسحاق بن راهويه وعبد الوهاب الوراق، وإبراهيم الحربي، وعبد الله ابن الإمام أحمد، والمروزي وبشر الحافي وابن جرير الطبري، وأبي الحسن الدارقطني، بل قال أحمد بن حنبل: قد تلقته العلماء بالقبول نسلِّمُ الخبر كما جاء.
ومن المكيين: سعيد بن جبير:
وتقدم الكلام على ذكر الرواة عنه وبيان جلالته وإمامته.
ومن المكيين: عكرمة مولى ابن عباس:
وتقدم الكلام عليه أيضاً، في حديثه عن ابن عباس.
ومنهم أيضاً: عطاء بن أبي رباح، وقد تقدم.
المفسرون المدنيون كزيد بن أسلم وأبي العالية ومحمد بن كعب
ويليهم في التفسير طبقة المدنيين، منهم:
زيد بن أسلم تابعي كبير القدر، وعنه ابنه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ويروي تفسيرَ عبدالرحمن: عبد الله بن وهب وغيرُه، وأخذ تفسيرَه عن أبيه " زيد بن أسلم "، لكنه لا يعزوه إلى أبيه إلا في القليل، وإذا قال المفسرون: " قال: ابن زيد "، فالمراد به عبد الرحمن.
وعبد الرحمن، وإن كان ضعيف الحديث، إلا أنه إمامٌ في التفسير.
وممن أخذ التفسير عن زيد: مالك بن أنس.
ومن المدنيين: أبو العالية رُفيع بن مِهْران:
(يُتْبَعُ)
(/)
وهو مدنيٌّ، ثمَّ بصري، وقد أخذ التفسير عن ابن عباس، وهو من رواة أبي بن كعب، وراوية تفسيره الربيع بن أنس، وعن الربيع أبو جعفر، وتقدم الكلام حول هذا الإسناد.
ثم إن الربيع ليس من المفسرين، بل من النَّقَلَة، والرُّواة، وجل ما يرويه هو عن أبي العالية.
ومن المدنيين: محمد بن كعب القرظي، وأكثر تفسيره هو من طريق أبي مَعْشَر، ومن طريق موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب، وكلاهما – موسى وأبو معشر – ضعيف، ونحو شطر تفسير القُرظي من طريقهما.
لكن يقول يحيى بن معين: " اكتبوا عن أبي مَعشر عن محمد بن كعب خاصة "؛ لأنه يروي عنه التفسير، وهي نسخة، ويُغتفر في التفسير ما لا يُغتفر في غيره، ثم إن أبا معشر مختصٌّ بمحمد بن كعب، والاختصاص قرينةٌ على المعرفة والضبط، هذا مع أن أبا معشر ضعيف الحديث.
المفسرون العراقيون كمسروق وقتادة والحسن وعطاء الخراساني ومرة
ويليهم طبقة المفسرين العراقيين:
منهم: مسروق بن الأجدع، روى عنه الشعبي وأبو وائل، وهو من الرواة عن ابن مسعود.
ومنهم: قتادة بن دِعامة السَّدوسي: أكثر التابعين تفسيراً بعد مجاهد، بل أكثر من نصف تفسير التابعين بالإطلاق عنهما، وتفسيره جُلُّه صحيح، أكثره يرويه عنه سعيد بن أبي عروبة، والبقية يرويه عنه معمر بن راشد الأزدي، وهم ثقات حُفَّاظ.
وثمة شيء آخر يسير جدًّا يرويه غير سعيد ومعمر، وهو صحيح بالجملة أيضًا، ولا يحمل قولي: إن قوله صحيح كله، فيقف الإنسان على بعض المرويات من غير طريق معمر، وغير طريق سعيد بن أبي عروبة، فيجد فيه ضعفاً، ولكن بالسَّبْر فإن جميع تفسير قتادة صحيح، ولا يوجد لديه قولٌ شاذٌ.
وقتادة لم يرو عن أحد من الصحابة إلا عن أنس سماعاً، كما قاله أحمد، وصحَّحَ سماعه من ابن سَرْجَس أبو زرعة، وصحَّحَ سَماعه من أبي الطفيل ابن المديني.
وقد أخذ عن الحسن البصري التفسير والفقه والوعظ وغيره، وهو من أكبر شيوخه، وقد أكثر في تفسيره من الوعظ كالحسن، وأكثرُ تفسيره لا يعزوه لأحد، بل يفسِّرُ القرآن بما يعلمه.
وله معرفة بالناسخ والمنسوخ أكثر من كثير من التابعين من أهل طبقته.
تفسير الحسن البصري
ومنهم الحسن البصري:
من كبار أئمة السلف، متساهل بالنقل، والإرسال، ويميل في التفسير إلى الوعظ، وما يروى عنه في التفسير في آيات العذاب والوعد والوعيد أكثر من غيره، وتفسيره يكاد يخلو من الأحكام، وهو أكثر المفسرين من التابعين شذوذًا - والله أعلم -، والسبب في ذلك: أن الحسن البصري قد تشبَّث به المعتزلة ونسبوه إليهم، وأكثروا من النقل عنه، ولقِلَّة عناية المعتزلة بالأسانيد والرواية؛ لأنهم لا يعتدُّون بها مجردةً، وإنما بالعقل، فلذلك لم يعتنوا بها ولم ينقوا الأسانيد عن الحسن، وإنما تشَبَّثوا بالحكايات التي تُوافق أصولهم، ولذلك يُنسب في كتب المعتزلة في التفسير إلى الحسن ما لا ينسب إلى غيره من الغرائب والمفردات، ولذلك يجب أن يحذر الإنسان مما يُحكى عن الحسن البصري من شذوذات في التفسير مما لا يوافق غيره، ولا بد من النظر إلى الأسانيد، ويشدِّد في مرويات الحسن ما لا يشدَّد في غيرها، سيَّما وهو يرى الرواية بالمعنى ويكثر منها.
وراوية تفسيره: قتادة، فقد روى عنه نحو ثلث تفسيره، ورواه عنه مَعمَر بن راشد، وبقية تفسيره متفرِّق في الرواة.
ومنهم: عطاء الخراساني:
وهو بصريٌّ أقام بخراسان، وإليها نُسب، صدوقٌ، في حفظه سوء، وقد تقدم الكلام على طرق التفسير إليه في حديث ابن عباس رضي الله عنه.
ومنهم: مُرَّة بن شراحيل الهمداني:
كان عابداً صالحاً لكثرة عبادته. قيل له: مُرَّة الطيب، ومُرَّة الخير، أخذ عن أبي كعب وعمر بن الخطاب وروى عن ابن مسعود، وغيره، وروى عنه الشعبي والسدي وغيرهم، وقد تقدم الإشارة إليه.
من يشابه المكيين قوة في التفسير
وثَمَّة جملةٌ من المفسرين من غير المكيين من يقاربهم في التفسير؛ كطاووس بن كيسان اليماني، وقد روى عنه ابنه عبدالله وروى عنه شيئاً مجاهد بن جبر، وكذلك عمرو.
وكذلك عامر الشعبي، وله تفسيرٌ يسيرٌ حسنٌ، وأجودُ تفسيره: ما يعتمد فيه على أشعار العرب، فقد كان أحفظ التابعين للشعر.
من يلي تلك الطبقات كالنخعي والضحاك والسدي ومقاتل وأبي صالح
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن المفسرين ممن هم بعد أولئك: إبراهيم النخعي، وهو جليل القدر، لم يسمع من أحدٍ من الصحابة، وإنما عدَّه بعض الأئمة من جملة التابعين؛ لرؤيته عائشة رضي الله عنها، وله في التفسير يدٌ، وخاصةً في تفسير آيات الأحكام، وهو أكثر التابعين في ذلك على الإطلاق.
راوية حديثه مُغيرة بن مِقْسَم فقد روى نحو شطرِ تفسيرِه، وروى كذلك منصور بن المعتمر شيئاً ليس بالقليل عنه.
وتفسيره المنقول عن ابن مسعود صحيحٌ، إذا صح إليه السند، وغالبه صحيح، وأما تفسيره من تلقاء نفسه فيما يوافق اللسان العربي، فهو دون أقرانه مرتبةً، وقد كان يلحَنُ في كلامه.
ومن المفسرين: السُّدي الكبير: وتفسيره جَمْعٌ، كما جمع ابن إسحاق السيرة، وهو ثقة في نفسه، إلا أنه لم يسمع من ابن عباس ولا ابن مسعود.
وتقدم الكلام على من روى عنه وأسانيده إلى ابن عباس وابن مسعود.
ومنهم: الضَّحاك بن مُزاحِم الهلالي:
وهو من كبار مفسري التابعين، وجُل تفسيره من طريق جُويبر بن سعيد عنه، وجويبر ضعيف جداً، لكن روايته من كتاب، وحديث الضحاك عن ابن عباس مرسل، أخذه من سعيد بن جبير، وتفسير الضحاك - ما لم يخالف - مقبول حسن.
ويروي عبيدالله بن سليمان عن الضحاك التفسير أيضاً، وهو ضعيف أيضاً.
ومنهم: مقاتل بن سليمان:
وهو في نفسه ضعيف واه، وقد أدرك الكبار من التابعين، وهو فصيح اللسان سيء المذهب، يؤخذ من تفسيره ما وافق اللسان العربي، وله شذوذات في التفسير كثيرة.
وروى تفسير مقاتل هذا عنه أبو عِصْمَة نُوحُ ابن أبي مريم الجامع، وقد نسبوه إلى الكذب، ورواه أيضاً عن مقاتل هذيلُ بن حبيب، وهو ضعيف لكنه أصلح حالاً من أبي عصمة.
ومنهم: مقاتل بن حيان:
من طريق محمد بن مزاحم عن بكير بن معروف عنه، ومقاتل هذا صدوق.
وأبو صالح باذام: لا يعتد بقوله في التفسير، وليس له معرفة فيه، وكان مجاهدٌ ينهى عن تفسيره، وزجره الشعبي حينما فسَّر القرآن؛ إذ كيف يفسره وهو لا يحفظه.
وهذه التفاسير: تدور عليها أسانيد كتب التفسير المسندة، ولم أُرد الاستقصاءَ والاستيعابَ، وإنما قصدتُ الكلام على أصول التفسير عن الصحابة والتابعين، وبيان منهج النقاد في الحكم على هذه الأسانيد، ومراتب تلك الأسانيد من جهة القوة والضعف، وتفاوتها في وجوه التفسير بتفاوت أصحابها في الرُّسوخ في العلم، ومعرفة لغة العرب.
وتلك الأسانيد منثورةٌ في كتب التفسير المسنَدَة، يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه " أسباب النزول": " ومدار أسانيد التفسير عن الصحابة وعن التابعين تُوجَد في الكتب الأربعة: ابن جرير الطبري وعبد بن حُميد وابن المنذر وابن أبي حاتم ". قال: " وقليلٌ ما يُشذُّ عنها ". وهذا صحيح؛ فمن تأمل الكتب المصنفة في الأسانيد، وجد أنه لا يكاد يوجد من ألفاظ التفسير مما لا يوجد في هذه الكتب، وإن وقع التغاير في بعض الألفاظ قد يكون دخله بعض الغلط والتصحيف، كما قال الحافظ الذهبي رحمه الله عن أمثال صُحف التفسير: «وهذه الأشياء يدخلها التصحيف، ولا سيَّما في ذلك العصر، لم يكن حدث في الخطِّ بعد شَكْلٌ ولا نَقْطٌ".
وقد يُروى بعض التفسير عن عبد الله بن عباس، أو مجاهد بن جبر، بلفظٍ مشابهٍ رسماً مغايرٍ معنى، وهذا بسبب عدم نقط الكتب، فسبق لفظ في ذهن الناسخ على لفظ؛ وينبغي أن يتنبَّه لأمثال هذه المسائل.
وكتب التفسير التي قد اعتنت بالأسانيد كثيرة، كـ: " تفسير ابن جرير الطبري "، و" عبد بن حميد "، و"تفسير ابن أبي حاتم" و"ابن أبي المنذر"، و"تفسير الإمام أحمد" و" تفسير أسحاق ابن راهوية "، و" آدم بن أبي إياس "، و" تفسير ابن شاهين"، و"تفسير ابن مردويه" و"تفسير سعيد بن منصور" و"تفسير عبدالرزاق" و" تفسير ابن ماجة " وغيرهم من الأئمة، وثمة عشرات التفاسير المسندة؛ تقرُب من خمسين تفسيرًا، أكثرُها مفقود.
مسائل مهمة
وقبل الختام هنا مسائل عدة يحتاج إليها، وهي:
الأولى: هل للإنسان أن يفسر القرآن على وجه لم يُسبق إليه أم لا؟
(يُتْبَعُ)
(/)
جوابه: نعم، له ذلك. وقد تكلم على هذه المسألة الشنقيطي رحمه الله في تفسيره، وأورد فيه ما رواه البخاري من حديث علي بن أبي طالب أنه قال: " إن مما تركه النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إلا فَهْمًَا يُؤْتِيِهِ الله عَزَّ وَجَلَّ عَبْدًَا فِي كِتَابِهِ)، وهذا دليل على أن الإنسان له أن يفسر القرآن على وجه لا يعارض شيئًا صريحًا من الكتاب والسنة، أو ما أُجمع على تأويله.
الثانية: الإسرائيليات، وهي نسبة إلى نبي الله "إسرائيل" وفي العبرية معناها: عبد الله, أو صَفوة الله, والمعني بذلك نبي الله يعقوب، وقد سماه الله بذلك فقال: {كل الطعام كان حلاًّ لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه .. الآية).
والاسرائيليات عند المكيين أكثر من غيرهم.
وهي في التفسير كثيرة، وقد عُرف عن بعض الصحابة من له عناية برواية الإسرائيليات، كعبد الله بن عباس، وأُبَي بن كعب أخذوها عن أهل الكتاب.
وبالجملة. فمن اشتهر عنه القرب من أهل الكتاب ثم دخل الإسلام - وهم عبد الله بن سلام وكعب الأحبار ووهب بن منبِّه - هؤلاء كانوا يهوداً ثم أسلموا؛ فاعتنوا بحكاية ما لديهم من علم من أهل الكتاب مما يوافق كلام الله سبحانه وتعالى، ونقل عنهم الكثير من الأئمة من الصحابة والتابعين، وممن جاء بعدهم، فهؤلاء أجودُ سياقاً وضبطاً لمعرفتهم بدينهم وعقيدتهم.
المكثرون من رواية الإسرائيليات من التابعين
ومن أكثر التابعين روايةً للإسرائيليات: السُّدي، ومحمد بن كعب القرظي، وسعيد بن جبير وأبو العالية رفيع بن مهران؛ فإنهم من المكثرين في الرواية عن أهل الكتاب، ويوجد شيئٌ يسير عند مجاهد بن جبر كما قال أبو بكر بن عياش:" قلت للأعمش: قال ما هذه المخالفة في تفسير مجاهد بن جبر؟ فقال: إنه يأخذ شيئاً من أهل الكتاب ".
فما هو الموقف من هذه المرويات؟
يقال: إن من الغلط طرح هذه الروايات؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يطرحها، وقد جاء عند ابن ماجة أن النبي صلى الله عليه وسلم استمع لبعض أقوال عبد الله بن سلام رضي الله عنه في ما يجده في التوراة منها ساعة الجمعة، ومنها بعض القصص مما قد اعتمد عليه بعض الصحابة، كما جاء في تأويل قصة سليمان مع الجن، وغيره مما لم يأتِ فيه نص في كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا حَرَجَ).
أقسام الإسرائيليات
والإسرائيليات على ثلاثة أنواع:
1 - ما وافق كلام الله أو كلام نبيه، فهذا صحيح، ويصدق، ولا حرج من نقله على الإطلاق والاحتجاج به، وكان الصحابة عليهم رضوان الله تعالى يقبلون ما وافق كلام الله منه، وإن كان وجهاً من الوجوه، فقد روى ابن جرير الطبري من حديث سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قابل علي بن أبي طالب رجلاً من اليهود، فقال له علي بن أبي طالب: أين النار؟ فقال: في البحر، فقال علي بن أبي طالب: ما أراه إلا صادقًا فإن الله جلا وعلا يقول: (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ) [التكوير:6]؛ فهو قد صدَّقه؛ لأنه قد وافق كلام الله تعالى من وجه، فَقَبِلَهُ وإن كان اللفظ عامًا في البحار أنها تُسَجَّر يوم القيامة؛ فالبحار أين تكون؟ وهل المقصود هذه البحار.
2 - ما عارض شيئًا من النصوص، أو كان شاذًا مُنْكرًا لا يستقيم مع الأصول الثابتة، والمقاصد الكلية؛ فإنه يُرَد وهذا فيه شيء ليس بالقليل من الإسرائيليات.
وقد ذكر كثير من المفسرين في تفسير كثير من الآيات ما لا يليق ذكره ولا نقله، ومن ذلك ما جاء في قصة سليمان عليه السلام:َأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ [ص:34] جاء في تفسيره من الإسرائيليات أن سليمان قد وضع خاتمه وأعطاه الجرادة، وكانت زوجته جرادة فأُعطيها ثم دخل الحمام، فَتَلَبَّس إبليس بصورة سليمان، وأخذ الخاتم من الجرادة، فتَحَكم في الناس، فخرج سليمان إلى الجرادة، وقال: أين خاتمي؟ أنا سليمان. قالت له: لستَ سليمانَ. فتحكَّم الشيطان في الناس حتى كان يأتي نساءَ سليمان! وأخذ سليمانُ يعرِض نفسه على الناس فترة حتى رُمي بالحجارة؛ فعمل على البحر يصيد الأسماك حتى لما شكُّوا بصنيع سليمان والشيطان ذهبوا إلى أزواجه، وقالوا: ما تُنكرون من سليمان؟ قالوا: نستنكرُ منه أنه كان لا يأتينا ونحن حُيَّض وإنه يأتينا الآن ...
(يُتْبَعُ)
(/)
إلى آخر القصة بطولها. وهذا مما يستنكر.
والاستنكار ينبغي أن يكون بالنظر إلى الأصول والنصوص صريحة، لا بمجرَّد الذوق؛ لأن العقل لا يعارَضُ بالنصوص لقصوره وضعفه، وإن كان تصديق تلك المرويات من جهة الواقع محالٌ، لكنها قد تكون من باب المعجزات، فقد يثبت من أخبار الأمم السابقة والأنبياء ما يستغربه العقل المجرد لقصوره، فربما تجاسر على مثل هذه النصوص فردها وأنكرها من غير تثبت ونظر؛ ومن ذلك ما رواه البخاري في قصة موسى عليه الصلاة والسلام عند قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا) [الأحزاب:69] وذلك أنهم قد اتَّهموا في جسده فكان موسى عليه الصلاة والسلام حييًا ستيرًا، فلا يخرج من جسده، شيء عند غسله وذلك لشدة حيائه، فقالوا: ما يستَتِر هذا التستُّر إلا من عيب بجلده: إما برصٌ، وإما أُدْرَةٌ، وإما آفةٌ.
ثم ذهب ليغتسل، فوضع ثيابه على حجر؛ فلما فرغ من غسله ذهب إلى لباسه فهرب الحجر بلِبِاَسِهِ؛ فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر، ويقول: ثوبي حجر ثوبي حجر ثوبي حجر، حتى رآه بنوا إسرائيل على أجمل هيئة؛ فبرَّأه الله عز وجل مما قالوا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فأخذ يضرب موسى الحجر وإِنَّ بِالْحَجَرِ لَنَدَبًا مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ ثَلاثًا أَوْ أَرْبَعًا ". وهذا مما قد يستنكره الإنسان في الظاهر، ولكن يقال: إن هذا مِن باب الإعجاز الذي أجراه الله عز وجل لنبيِّه موسى عليه الصلاة والسلام.
ومع ذلك، فلا ينبغي التساهلُ في الإسرائيليات والحكايات، منها؛ فعمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لأُبي بن كعب وقد كان يحدث عنهم: " لتتركن الأحاديث أو لألحقنك بأرض القردة "؛ ومقصد عمر عدمُ التوسُّع لا مطلق الحكاية، وإلا فعمرُ ممن يسأل عن أخبار بني إسرائيل، فقد سأل أبيّاً، فقال: ما أول شيءٍ ابتدأه مِنْ خلقه؟
3 - ما لم يأت في مخالفته نصٌّ، ولا يعارض نصًا في كلام الله تعالى، وكلام النبي ?، ولا يخالف إجماعًا؛ فهذا لا حرج في حكايته على أيِّ وجهٍ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (حدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج).
والله أعلم، وصلى اللهم وسلم وبارك على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[05 - Nov-2007, صباحاً 12:57]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[أبو القاسم]ــــــــ[05 - Nov-2007, صباحاً 01:07]ـ
رفع الله قدركم أخي العزيز (العرب)
محاضرة قيّمة جدا
ـ[ابومحمد البكرى]ــــــــ[05 - Nov-2007, صباحاً 04:34]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[محمد بن مسلمة]ــــــــ[05 - Nov-2007, مساء 03:59]ـ
جزكم الله خيرا ..
ممكن تضعها على وورد لكي تكون
الفائدة أكثر ..
ـ[عبدالله الجنوبي]ــــــــ[11 - Nov-2007, مساء 01:17]ـ
يا ليت جزاك الله خيرا(/)
فوائد حديثية من كتاب " الأنوار الكاشفة " للمعلمي
ـ[أحمد العراقي]ــــــــ[08 - Nov-2007, صباحاً 11:28]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
فهذا الموضوع تلبية لطلب أخينا الشيخ الحمادي - نفع الله به - في إعادة نشر هذه الفوائد و التي سبق أن نشرتها في ملف (وورد) فهاهي مفرغة من الملف المذكور:
مجموعةُ فوائد حديثية
من كتاب
" الأنوار الكاشفة لما في كتاب (أضواء على السُّنة) من الزلل و التضليل و المجازفة "
للعلامة المحقق الناقد عبد الرحمن بن يحيى المُعَلِّمي اليماني
رحمه الله تعالى
جمع و ترتيب
أحمد العراقي
عفا الله تعالى عنه
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين، أما بعد:
فقد وفقني اللهُ تعالى لقراءة كتاب " الأنوار الكاشفة لما في كتاب (أضواء على السنة) من الزلل و التضليل و المجازفة " للشيخ العلامة المحقق عبد الرحمن بن يحيى المُعَلِّمي اليماني – رحمه الله تعالى -، فوجدتُه كتابًا قيّمًا حوى دُرَرًا نفيسة جدًا، و حوى تقريراتٍ و تأصيلاتٍ فريدة في علم الحديث، و هذا هو شأن كلِّ كتب العلامة المعلمي، و كنتُ قيدتُ كثيرًا من تلك الفوائد في بعضِ كُناشاتي فرأيتُ الآن أن أنفع إخواني بها، و أنا أدعو نفسي و إياهم إلى الإهتمام بكتب العلامة المعلمي فإنه إمام من أئمة هذا الشأن رزقه الله تعالى فهمًا ثاقبًا و ذهنًا وقادًا و إخلاصًا فيما يظهر لنا فترى كتبَه سهلةَ العبارة خاليةً من الحشو غزيرةَ الفوائد لا يمل الناظر فيها فرحمه الله رحمة واسعة.
و هذه الفوائد التي بين يديك – أخي القاريء – فوائد لا ينبغي أن يجهلها المتصدر للعناية بهذا الفن، لكن عمت البلوى هذه الأيام فتجد كثيرًا من طلاب العلم يستدرك على أئمة الحديث أمورًا بدهية يعرفها حفاظ البيقونية، و سبب ذلك هو الجهل بطريقتهم في التعليل، بل الجهل بعلم العلل من أساسه، فصار الأمر كما قيل:
و كم مِنْ عائبٍ قولا صحيحًا و آفتُه من الفهم السقيمِ
فالله المستعان.
و نصيحة العبد الفقير لإخوانه طلاب العلم أن يعرفوا لأولئك القوم مكانتهم، و أن يسيروا على سَنَنهم، و أن يطالعوا كتبَ العلامة المعلمي و كتبَ العلامة المجاهد الزاهد مقبل بن هادي الوادعي – رحمه الله تعالى -.
و ها هي ذي الفوائد بين يديك - أخي القاريء - وضعتُ لكل فائدة عنوانًا لتتم الفائدة، و قد كتبت بين يديها تعريفا موجزًا بكتاب " الأنوار الكاشفة "، أسأل اللهَ تعالى أن يرحم العلامة المعلميَّ و أن يسكنه فسيح جناته، إنه ولي التوفيق.
1 - نقدُ المتون عند أئمة الحديث:
قال ص 6 – 7: ((و لكن هل راعوا – يعني أئمة الحديث – العقلَ في قبول الحديث و تصحيحه؟
أقول: نعم، راعوا ذلك في أربعة مواطن:
- عند السماع.
- و عند التحديث.
- و عند الحكم على الرواة.
- و عند الحكم على الأحاديث.
فالمُتثبتون إذا سمعوا خبرًا تمتنع صحتُه أو تبعد لم يكتبوه و لم يحفظوه، فإن حفظوه لم يحدثوا به، فإن ظهرت مصلحةٌ لذكره ذكروه مع القدح فيه و في الراوي الذي عليه تبعته.
قال الإمام الشافعيُّ في " الرسالة " ص 399: (و ذلك أن يستدل على الصدق و الكذب فيه بأن يحدث المحدث ما لا يجوز أن يكون مثله أو ما يخالفه ما هو أثبت و أكثر دلالات بالصدق منه).
و قال الخطيب في " الكفاية في علم الرواية " ص 429: (باب وجوب إخراج المنكر و المستحيل من الأحاديث).
و في الرواة جماعة يتسامحون عند السماع و عند التحديث، لكن الأئمة بالمرصاد للرواة؛ فلا تكاد تجد حديثا بيّن البطلان إلا وجدتَ في سنده واحدًا أو اثنين أو جماعة قد جرحهم الأئمة.)).
2 - معنى قول الأئمة " منكر" أو " باطل ":
قال ص 7: ((و الأئمة كثيرًا ما يجرحون الراوي بخبرٍ واحد منكر جاء به فضلا عن خبرين أو أكثر، و يقولون للخبر الذي تمتنع صحته أو تبعد: " منكر " أو " باطل "، و تجد ذلك كثيرًا في تراجم الضعفاء، و كتب العلل، و الموضوعات)).
و انظر الفائدة رقم (26) مما يأتي.
3 - تحسين المتأخرين:
قال ص 29: ((و تحسين المتأخرين فيه نظر)).
4 - إطلاق كلمة (حديث) على ما كان عن النبي (ص) اصطلاحٌ متأخر عن عصر الصحابة:
قال ص 39: ((و كلمةُ (حديث) بمعنى: كلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
و اشتهارها فيما كان عن النبي (ص) اصطلاح متأخر)).
5 - ما رواه الشعبي عن جابر إنما أخذه من صحيفة سليمان بن قيس اليشكري عنه:
قال ص 57: (( ... و الشعبي لم يُذكر في طبقات المدلسين، لكنْ ذكر أبو حاتِم في ترجمة (سليمان بن قيس اليشكري) أن أكثر ما يرويه الشعبي عن جابر إنما أخذه الشعبي من صحيفة سليمان بن قيس اليشكري عن جابر، و هذا تدليس)).
6 - توثيق الحافظ أبي حاتم ابن حبان و الحافظ العِجْلي:
قال ص 68: ((و توثيقُ العِجْليِّ وجدتُه بالاستقراء كتوثيق ابنِ حبانَ أو أوسع)).
و قال ص 108: ((عبيد هذا لم يذكر له راو إلا أبو سنان، و أبو سنان ضعفه الإمام أحمد نفسه و ابنُ معين و غيرهما، و قال أبو زُرْعة: (مخلط، ضعيف الحديث)، و لا ينفعه ذِكْرُ ابنِ حبانَ في " الثقات " لما عرف من تساهل ابنِ حبان، و لا قول العجلي: (لا بأس به) فإن العجليَّ قريبٌ من ابنِ حبانَ أو أشدُّ، عرفتُ ذلك بالاستقراء)).
7 - المُعَلِّمي و الاستقراء:
الفائدة السابقة.
8 - فصلٌ نفيس يتعلق بنقد الأئمة للرواة:
قال ص 79 – 81: ((قال أبو رية: (ثم سار على سبيلهم كلُّ من جاء من الرواة بعدهم، فيتلقى المتأخر عن المتقدم ما يرويه عن الرسول بالمعنى، ثم يؤديه إلى غيره بما استطاع أن يمسكه ذهنُه منه).
أقول: هذه حكاية من يأخذ الكلمات من هنا و هناك و يقيس بذهنه بدون خبرة بالواقع، فإن كثيرًا من الأحاديث الصحيحة – إن لم نقُلْ غالبها – يأتي الحديث منها عن صحابيَّيْنِ فأكثر، و كثيرًا ما يتعدد الرواة عن الصحابي ثم عن التابعي و هلم جرًا.
فأما الصحابة فقد تقدم حالهم.
و أما التابعون فقد يتحفظون الحديث كما يتحفظون القرآن كما جاء عن قتادة أنه كان إذا سمع الحديث أخذه العويل و الزويل حتى يحفظه، هذا مع قوة حفظه، ذكروا أن صحيفة جابر – على كبرها – قُرأتْ عليه مرة واحدة و كان أعمى فحفظها بحروفها، حتى قرأ مرة سورة البقرة فلم يخطيء حرفًا، ثم قال: لأنا لصحيفة جابر أحفظ مني لسورة البقرة.
و كان غالبهم يكتبون ثم يتحفظون ما كتبوه، ثم منهم من يُبقي كتبَه، و منهم من إذا أتقن المكتوب حفظًا محا الكتاب، و هؤلاء و نفر لم يكونوا يكتبون، غالبهم ممن رُزقوا جودة الحفظ و قوة الذاكرة كالشعبي و الزهري و قتادة، و قد عرف منهم جماعة بالتزام رواية الحديث بتمام لفظه كالقاسم بن محمد بن أبي بكر، و محمد بن سيرين و رجاء بن حيوة.
أما أتباع التابعين فلم يكن فيهم راو مكثر إلا كان عنده كتب بمسموعاته يراجعها و يتعاهدها و يتحفظ حديثه منها، ثم منهم من لم يكن يحفظ، و إنما يحدث من كتابه،
و منهم من جرب عليه الأئمةُ أنه يحدث من حفظه فيخطيء، فاشترطوا لصحة روايته أن يكون السماع منه من كتابه، و منهم من عرف الأئمة أنه حافظ، غير أنه قد يقدم كلمة أو يؤخرها و نحو ذلك مما عرفوا أنه لا يغير المعنى، فيوثقونه و يبينون أن السماع منه من كتابه أثبت،
فأما من بعدهم فكان المتثبتون لا يكادون يسمعون من الرجل إلا من أصل كتابه، كان عبد الرزاق الصنعاني ثقة حافظا، و مع ذلك لم يسمع منه أحمد بن حنبل و يحيى بن معين إلا من أصل كتابه.
هذا و كان الأئمة يعتبرون حديثَ كل راو فينظرون كيف حدث به في الأوقات المتفاوتة، فإذا وجدوه يحدث مرة كذا و مرة كذا بخلافٍ لا يحتمل: ضعفوه.
و ربما سمعوا الحديث من الرجل ثم يدعونه مدة طويلة ثم يسألونه عنه، ثم يعتبر حرف مروياته برواية من روى عن شيوخه و عن شيوخ شيوخه، فإذا رأوا في روايته ما يخالف رواية الثقات حكموا عليه بحسبها، و ليسوا يوثقون الرجل لظهور صلاحه في دينه فقط، بل معظم اعتمادهم على حاله في حديثه كما مر. و تجدهم يجرحون الرجل بأنه يخطيء و يغلط و باضطرابه في حديثه، و بمخالفته الثقات و بتفرده، و هلم جرًا، و نظرهم عند تصحيح الحديث أدق من هذا.
نعم إن هناك من المحدثين من يسهل و يخفف، لكن العارف لا يخفى عليه هؤلاء من هؤلاء.)).
(يُتْبَعُ)
(/)
قلتُ: قال ص 7 مشيرًا إلى أنَّ العارف الممارس هو من يميز بين المتثبت و بين المتساهل: ((و المتثبتون لا يوثقون الراوي حتى يستعرضوا حديثَه و ينقدوه حديثًا حديثًا، فأما تصحيح الأحاديث فهم به أعنى و أشدُّ احتياطًا، نعم ليس كل من حُكي عنه توثيق أو تصحيح متثبِّتًا، و لكن العارف الممارس يميز هؤلاء من أولئك)).
9 - قال ص 90: ((و كثيرًا ما كانوا – يعني أئمة الحديث – يكذبون الرجل و يتركون حديثه لخبر واحد يتهمونه فيه، و تجد من هذا كثيرًا في ميزان الذهبي و غيره، و كذلك إذا سمعوه حدَّث بحديثٍ ثم حدَّث به بعد مدة على وجه ينافي الوجه الأول)).
و انظر الفائدة (2) مما سبق.
10 - عجيبتان:
قال ص 91: ((و من تتبع أخبارَهم و أحوالَهم لم يعجب من غلبة الصدق على الرواة في تلك القرون، بل يعجب من وجود كذابين منهم، و من تتبع تشدد الأئمة في النقد لم يعجب من كثرة من جرحوه و أسقطوا حديثه، بل يعجب من سلامة كثيرٍ من الرواة و توثيقهم لهم مع ذلك التشدد)).
11 - طريقة متقدمي الأئمة في التوثيق، و طريقة ابنِ حبانَ و الدارَقُطنيِّ في التوثيق:
قال ص 113 - 114: ((و في مقدمة صحيح مسلم: (الذي نعرف من مذهبهم في قبول ما يتفرد به المحدث من الحديث أن يكون قد شارك الثقات من أهل العلم و الحفظ في بعض ما رووا و أمعن في ذلك على الموافقة لهم، فإذا وجد كذلك ثم زاد بعد ذلك شيئًا ليس عند أصحابه قُبل منه ... )، و هذا الرجل – يعني المُتَكَلَّمَ فيه – لم يمعن في المشاركة فضلا عن أن يكونَ ذلك على الموافقة.
لكن هذا الشرط لا يتقيد به بعضُ المتأخرين كابنِ حبانَ و الدارقطني، و من ثَمَّ – و الله أعلم – وَثَّق الدارقطنيُّ عبدَ الوهاب هذا و زعم أن الخبرَ صحيحٌ عن مالكٍ)).
12 - كتابُ " العظمة " لأبي الشيخ ابنِ حيان و حالُه: قال ص 116: ((أقول: كتاب " العظمة " تكثر فيه الرواية عن الكذابين و الساقطين و المجاهيل)).
13 - " منكر الحديث فيه نظر " عند البخاري:
قال ص 116: ((في سنده سعيد بن مسلمة بن هشام، قال فيه البخاريُّ: (منكر الحديث فيه نظر)، و هذا من أشدِّ الجَرْح في اصطلاح البخاريِّ)).
14 - حال شيخ الإسلام ابنِ تيمية عند إيراده الأحاديث في كتبه:
قال ص 127: ((و صاحبُ " الإقتضاء " – يعني ابنَ تيمية – يورد في مؤلفاتِه الأحاديثَ من حفظِهِ)).
15 - حالُ سبطِ ابنِ الجوزي صاحبِ " مرآة الزمان ":
قال ص 128: ((أقول: لم يسند السبطُ هذه الحكاية، و هو معروفٌ بالمجازفة)).
16 - رموز السيوطي في " الجامع الصغير ":
قال ص 131: ((قال – يعني أبا رية –: (و من أحاديث الجامع الصغير للسيوطي التي أشير عليها بالصحة).
أقول: ليستْ تلك الإشارة معتمدة دائمًا)).
17 - حشره أبا عبد الله الحاكم مع المتأخرين في التصحيح و غيره:
قال ص 132: ((و ذكر – يعني أبا رية – حديث (طوبى للشام) الخ، و هذا جاء من حديث زيد بن ثابت و صححه الحاكم و غيره من المتأخرين، و في صحته نظرٌ)).
18 - حال الثعالبي صاحب " خاص الخاص ":
قال ص 150: ((قال – يعني أبا رية -: (و في خاص الخاص للثعالبي .. ) الخ.
أقول: و من هو الثعالبي حتى يقبل قوله بغير سند؟)).
19 - عادة للقصاص في أحاديث المعجزات و ما أشبهها:
قال ص 208: ((و من يؤمن بقدرة الله – عز و جل – و إجابته دعاء نبيه و خرق العادة لا يستنكر ذلك.
نعم يُتوقف عما يرويه الضعفاء و المجهولون لأن من شأن القصاص و أضرابهم أن يطولوا القضايا التي من هذا القبيل و يزيدوا فيها و يغيروا في أسانيدها، و الله المستعان)).
20 - حال صاحب " الأغاني " و غيره من الأدباء مع المرويات:
قال ص 210: ((أقول: عزاه – يعني خبرًا – إلى " العقد الفريد " و الحكاية فيه بلا سند.
و حاول صاحب " الأغاني " إسنادها على عادته فلم يجاوز بها المدائني، و بين المدائني و أبي هريرة نحو قرن و نصف.
و هؤلاء سَمَريون إذا ظفروا بالنكتة لم يهمهم أصِدْقًا كانت أم كذبًا، و العلم وراء ذلك)).
21 - العلماء الذين نفوا وجود المتواتر إنما أرادوا اللفظي:
قال ص255: ((ثم قال أبو رية: (ليس في الحديث متواتر)!.
أقول: من نفى هذا إنما نفى التواتر اللفظي، فأما المعنوي فكثيرٌ)).
(يُتْبَعُ)
(/)
22 - ضوابط في تقوية الخبر بتعدد طرقه:
قال ص 255: ((ثم ذكر – يعني أبا رية – شيئًا من تقسيم العلماء للحديث إلى أن قال ص 267: (تعدد طرق الحديث لا يقويها، قال العلامة السيد رشيد رضا: يقول المحدثون في بعض الأحاديث حتى التي لم يصح لها سند: إن تعدد طرقها يقويها، و هي قاعدة للمحدثين لم يشر إليها الله في كتابه و لا ثبتت في سنته عن رسوله، و إنما هي مسألة نظرية غير مطردة.).
أقول أما إطلاق أبي رية في العنوان فباطلٌ قطعًا كما ترى، و أما إشارة القرآن فيمكن إثباتها باشتراط القرآن العدد في الشهود، و قوله تعالى: (إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ) (يّس: من الآية14)، و من السنة حديث ذي اليدين، و المعقول واضح.
نعم قوله (غير مطردة) حقٌّ لا ريبَ فيه، بل أزيد على ذلك أنَّ بعض الأخبار يزيده تعدّدُ الطرق وهنًا، كأنْ يكون الخبرُ في فضل رجلٍ، و في كلِّ طريقٍ من طرقه كذابٌ أو متهم ممن يتعصبُ له أو مغفل أو مجهول)).
ثم قال المعلمي ص 256: ((بل يبعد جدًا أن تتعدد طرقه – يعني الخبر المقطوع ببطلانه – تعددًا يفيده قوة قوية)).
23 - ليس من شأن يحيى بن معين النظر في الفقه:
قال ص 256: ((و ليس من شأن ابنِ معين النظرُ في الفقه)).
24 - فصل نفيس يتعلق بالاختلاف و الاضطراب و تنبيه على طريقةٍ للبخاريِّ و مسلم في صحيحيهما:
قال ص 262: ((أقول: الاختلاف في المتن على أضرب:
- الأول: ما لا يختلف به المعنى، و هذا ليس باضطراب.
- الثاني: ما يختلف به معنى غير المعنى المقصود، و هذا قريب من سابقه، و منه القضية التي استدل بها أبو رية في عدة مواضع يحسب أنه قد ظفر بقاسمة الظهر للحديث النبوي! و هي الاختلاف و الشك في الصلاة الرباعية التي سها فيها النبي (ص) فسلم من ركعتين فنبهه ذو اليدين، فوقع في رواية: (إحدى صلاتي العشي)، و في رواية: (الظهر)، و في أخرى: (العصر)، فالأخريان مختلفان، لكن ذلك لا يوجب اختلافا في المعنى المقصود؛ فإن حكم الصلوات في السهو واحدٌ.
- الثالث: ما يختلف به معنى مقصود، لكن في الحديث معنى آخر مقصود لا يختلف، كقصة المرأة التي زوجها النبيُّ (ص) رجلا بأن يعلمها ما معه من القرآن، و قد تقدمت ص 59.
- الرابع: ما يختلف به المعنى المقصود كله، فهذا إن صح السند بالوجهين و أمكن الترجيح فالراجح هو الصحيح، و إلا فالوقف.
و الغالب أن البخاريَّ و مسلمًا ينبهان على الترجيح بطرق يعرفها من مارس الصحيحين، و كذلك كتب السنن يكثر فيها بيان الراجح، لكن قد لا يتبين لأحدهم الرجحان فيرى أن عليه إثبات الوجهين يحفظهما لمن بعده، فربَّ مُبَلَّغٍ أوعى من سامع)).
قلتُ: و انظر لبيان طريقة لمسلم في الترجيح – لزامًا – الفائدة رقم (25) و (37) مما يأتي.
25 - فائدة متعلقة بصحيح الإمام مسلم:
قال ص 263: ((و ذكر – يعني أبا رية – عن السيد رشيد رضا: أن علماء الحديث قلما يعنون بغلط المتون فيما يخص معانيها و أحكامها .... و إنما يظهر معاني غلط المتون للعلماء و الباحثين في شروحها من أصول الدين و فروعها و غير ذلك.
أقول: أما الكتب التي لم تلتزم الصحة و لا الاحتجاج فنعم، و قد يقع يسير من ذلك في صحيح مسلم، فأما صحيح البخاري و ما يصححه الإمام أحمد و نظراؤه فإنهم يعنون بذلك)).
26 - نقد المتون عند أئمة الحديث، و معنى (منكر) و (باطل) و (شبه موضوع) و (موضوع) و مواضع إطلاقها:
قال ص 263 - 264: ((أقول: من تتبع كتب تواريخ رجال الحديث و تراجمهم و كتب العلل وجد كثيرًا من الأحاديث يطلق الأئمة عليها: (حديث منكر. باطل. شبه موضوع. موضوع)، و كثيرًا ما يقولون في الراوي: (يحدث بالمناكير. صاحب مناكير. عنده مناكير. منكر الحديث)، و من أنعم النظر وجد أكثرَ ذلك من جهة المعنى.
(يُتْبَعُ)
(/)
و لما كان الأئمة قد راعوا في توثيق الرواة النظر في أحاديثهم و الطعن فيمن جاء بمنكر صار الغالب أن لا يوجد حديث منكر إلا و في سنده مجروح، أو خلل، فلذلك صاروا إذا استنكروا الحديث نظروا في سنده فوجدوا ما يبين وهنه فيذكرونه، و كثيرًا ما يستغنون بذلك عن التصريح بحال المتن، انظر موضوعات ابن الجوزي و تدبر تجده إنما يعمد إلى المتون التي يرى فيها ما ينكره، و لكنه قلما يصرح بذلك، بل يكتفي – غالبا – بالطعن في السند، و كذلك كتب " العلل " و ما يعل من الأحاديث في التراجم تجد غالبَ ذلك مما ينكر متنه، و لكن الأئمة يستغنون عن بيان ذلك بقولهم: (منكر) أو نحوه، أو الكلام في الراوي أو التنبيه على خلل في السند كقولهم: (فلان لم يلق فلانا) (لم يسمع منه) (لم يذكر سماعا) (اضطرب فيه) (لم يتابع عليه) (خالفه غيره) (يروى هذا موقوفا و هو أصح) و نحو ذلك)).
27 - أكثر ما أعله الأئمة و أنكروه في كتب " العلل " و " التواريخ " إنما هو من جهة المعنى.
الفائدة السابقة.
28 - الأئمة إنما يحكمون على الراوي بعد سبر حديثه و استقراءه:
الفائدة السابقة.
29 - إذا استنكر الأئمة متنًا تطلبوا في إسناده ما يعلونه به، و يكتفون بذكره عن التصريح بنكارة المتن.
الفائدة السابقة.
30 - ليس مقصود الأئمة بقولهم: (لم يذكر سماعا) أو (لم يتابع عليه) الإخبار، بل مقصودهم الإعلال:
الفائدة السابقة.
31 - قد يعل الأئمة ما يستنكرون متنه بعلة غير قادحة مطلقا، لكنهم يرونها كافية للقدح في ذلك المنكر، كقولهم: (لم يذكر سماعًا)، (لم يتابع عليه).
الفائدة السابقة، مع مراجعة مقدمة العلامة المعلمي على كتاب " الفوائد المجموعة " للعلامة الشوكاني.
32 - لا تبلغ كلمتان في رجلٍ بحيث أن يقال فيه: (أمير المؤمنين في الحديث)، و يقال فيه: (أكذب الناس) و لا ما يقاربهما:
قال ص 265: ((و قال – يعني أبا رية – ص 309: (و قال صاحب " العلم الشامخ ": اختلفت آراء الناس و اجتهاداتهم في التعديل و التجريح، فترى الرجلَ الواحدَ تختلف فيه الأقوال حتى يوصف بأنه: (أمير المؤمنين) و بأنه: (أكذب الناس) أو قريب من هاتين العبارتين).
أقول: قد تقدم ص 189 أنَّ المختلف فيهم قليل، و لا تبلغ كلمتان في رجلٍ واحدٍ هذا التفاوت الذي ذكره و لا ما يقاربه إلا قليلا حيث يكون في إحداهما خلل، و للخلل أسباب و علامات بسطت القول فيها بعض البسط في " التنكيل ")).
33 - الناظرون في العلم ثلاثة:
قال ص 265 – 266: ((و الناظرون في العلم ثلاثة:
مخلص مستعجل يجأر بالشكوى،
و متبع لهواه فأنى يهديه الله،
و مخلص دائب فهذا ممن قال الله تعالى فيهم: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69). و سنة الله عز و جل في المطالب العالية و الدرجات الرفيعة أن يكون في نيلها مشقة ليتم الابتلاء و يستحق البالغُ إلى تلك الدرجة شرفَها و ثوابَها، قال الله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) (محمد:31))).
34 - الرد على كلمة للحافظ الذهبي في الإمام يحيى بن معين:
قال ص 278 – 279: ((و ذكر أبو رية كلامًا للذهبي ذكر فيه ما حكى ابنُ وضاحٍ قال: (سألتُ يحيى بنَ معين عن الشافعي فقال: ليس بثقة)، ثم قال الذهبي: (و كلام ابنِ معين في الشافعي إنما كان من فلتات اللسان بالهوى و العصبية، فإنَّ ابنَ معين كان من الحنفية و إنْ كانَ محدثًا).
أقول: هذه من فلتات القلم، و قد برّأ اللهُ ابنَ معين من اتباع الهوى و العصبية، و إنما كان يأخذ بقول أبي حنيفة فيما لم يتضح له الدليل بخلافه، و عدم ميله إلى الشافعي كان لسبب آخر.
و ثَمَّ علل تقدح في صحة هذه الكلمة (ليس بثقة) عنه، و قد أوضحتُ ذلك في " التنكيل ")).
35 - كيف يتعامل أهل النقد مع روايات أهل التهمة أو الغفلة أو الجهالة:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ص 285: ((و علماء السنة لا يستندون في التصديق و التكذيب إلى أن ذاك يروقهم و هذا لا يعجبهم، و لكنهم ينظرون إلى الرواة فمن كان من أهل الصدق و الأمانة و الثقة لا يكذبونه، غير أنهم إذا قام الدليل على خطأه خطّأوه، سواء كان ذلك فيما يسوءهم أم فيما يعجبهم.
و أما من كان كذابًا أو متهمًا أو مغفلا أو مجهولا أو نحو ذلك، فإنهم لا يحتجون بروايته، و من هؤلاء جماعة كثير قد رووا عنهم في كتب التفسير و كثير من كتب الحديث والسير و المناقب و الفضائل و التاريخ و الأدب، و ليست روايتُهم عنهم تصديقًا لهم، و إنما هي على سبيل التقييد و الاعتبار، فإذا جاء دورُ النقد جروا على ما عرفوه، فما ثبت عما رواه هؤلاء برواية غيرهم من أهل الصدق قبلوه، و ما لم يثبت فإن كان مما يقرب وقوعه لم يروا بذكره بأسًا و إن لم يكن حجةً، و إن كان مما يستبعد أنكروه، فإن اشتد البعد كذبوه.
و هذا التفصيل هو الحق المعقول، و معلوم أن الكذوب قد يصدق، فإذا صدقناه حيث عرفنا صدقه و استأنسنا بخبره حيث يقرب صدقه لم يكن علينا – بل لم يكن لنا – أن نصدقَه حيث لم يتبين لنا صدقه، فكيف إذا تبين لنا كذبه؟)).
36 - فصل نفيس يتعلق برواية من تلبس بنوع هوى:
قال ص 289 – 290: ((فأقول: قد عرف المحدثون هذا – يعني الكذب تشيعًا للمذاهب و تزلفاً لأصحاب المراتب – و عدةَ أسباب أخرى أشاروا إليها في البواعث على الوضع.
و إنما الفرق بينهم و بين بعض من يتعاطى النقد في عصرنا أنَّ المحدثينَ علموا أن هذين الداعيين – مثلا – لا يدعوان إلى الكذب لأنه كذب، و إنما يدعو الأول إلى ذكر ما يؤيد المذهب، و الثاني إلى ذكر ما يرضي ذا المرتبة، و إنَّ كلا من التأييد و الإرضاء ليس وقفًا على الكذب، بل يمكن أن يقع بما هو صدق، إذن فالمخبر بما يؤيد مذهبه أو يرضي رئيسه يجوز مع صرف النظر عن الأمور الأخرى أنْ يكون صادقًا و أنْ يكون كاذبًا، فالحكم بأحدهما لوجود الداعي غير سائغ، بل يجب النظر في الأمور الأخرى و منها الموانع، فإذا وجد داع و مانع و انحصر النظر فيهما تعين الأخذ بالأقوى، و كل من الدواعي و الموانع تتفاوت قوته في الأفراد تفاوتًا عظيمًا، فلا بد من مراعاة ذلك، و من تدبرَ هذا علمَ أنه الحق لا ريب فيه، و أنه يرى شواهده في نفسه و في من حواليه، و علم أنَّ ما يسلكه بعض متعاطي النقد من أهل العصر في اتهام بعض أفاضل المتقدمين بالكذب لوجود بعض الدواعي عندهم في الجملة تهورٌ مؤسفٌ.
أما أئمة الحديث فقد عرفوا الرواة و خبروهم و عرفوا أحوالهم و أخبارهم و اعتبروا مروياتهم كما تقدم في مواضع ... فمن وثقه المتثبتون منهم فمحاولة بعض العصريين اتهامه لأنه كان – مثلا – يتشيع أو يخالط بني أمية أو نحو ذلك لغوٌ لا يرتضيه العارفُ البتة.
هذا حكم يقبله علماء السنة لهم و عليهم، ألا ترى أنَّ مسلمًا صحح حديث أبي معاوية عن الأعمش عن عدي بن ثابت عن زِرٍّ قال: قال عليٌّ: (و الذي فلق الحبة و برأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي (ص) إليّ أنْ لا يحبني إلا مؤمن و لا يبغضني إلا منافق)، و لا أعلم أحدًا طعن فيه، مع أنََّ عدي بن ثابت معروف بالتشيع، بل وصفه بعضهم بالغلو فيه، و كان إمام مسجد الشيعة و قاصهم، و البخاري و إن لم يخرج هذا الحديث فقد احتج بعدي بن ثابت في عدة أحاديث، و لو كان يتهمه بكذب ما في الرواية لما احتج به البتة)).
37 - عادة مسلم في ترتيب روايات الحديث في صحيحه:
قال 28 – 29: ((و ذكر – يعني أبا رية - قصة التأبير، فدونك تحقيقها:
أخرج مسلمٌ في " صحيحه " من حديث طلحة قال: ((مررتُ مع رسول الله (ص) بقوم على رؤوس النخل فقال: (ما يصنع هؤلاء؟) فقالوا: يلقحونه، يجعلون الذكر في الأنثى فيلقح، فقال رسول الله (ص): (ما أظن يغني ذلك شيئًا). قال: فأخبروا بذلك فتركوه، فأخبر رسول الله (ص) بذلك فقال: (إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه، فإني إنما ظننت ظنًّا فلا تؤاخذوني بالظن، و لكن إذا حدثتكم عن الله شيئًا فخذوا به فإني لنْ أكذب على اللهِ – عز و جل -).
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم أخرجه عن رافع بن خديج و فيه: فقال: (لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرًا)، فتركوه فنقضت .. فقال: (إنما أنا بشر، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به و إذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر) قال عكرمة: أو نحو هذا.
ثم أخرجه عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، و عن ثابت عن أنس، و فيه: فقال: (لو لم تفعلوا لصلح)، و قال في آخره: (أنتم أعلم بأمر دنياكم).
عادة مسلم أنْ يرتبَ روايات الحديث بحسب قوتها: يقدم الأصح فالأصح.
قوله (ص) في حديث طلحة: (ما أظن يغني ذلك شيئًا) إخبار عن ظنه، و كذلك كان ظنُّه، فالخبر صدق قطعًا، و خطأُ الظنِّ ليس كذبًا.
و في معناه قوله في حديث رافع: (لعلكم ... ) و ذلك كما أشار إليه مسلم أصح مما في رواية حماد، لأنَّ حمادًا كانَ يخطيء)).
و قال ص 230 – 231: ((قال – يعني أبا رية -: (و روى مسلمٌ عن أنس بن مالك أنَّ رجلا سأل النبيَّ (ص) قال: متى تقوم الساعة؟ قال فسكت رسول الله ? هنيهة، ثم نظر إلى غلام بين يديه من أزْد شنوءة فقال: (إنْ عمَّر هذا لم يدركه الهرم حتى تقوم الساعة)، قال أنسٌ: ذاك الغلام منْ أترابي يومئذٍ ....... ).
أقول: من عادة مسلمٍ في " صحيحه " أنه عند سياق الروايات المتفقة في الجملة يقدم الأصح فالأصح [1]، فقد يقع في الرواية المؤخرة إجمالٌ أو خطأ تبينه الرواية المقدمة.
ففي ذاك الموضع قدَّم حديثَ عائشة: كان الأعراب إذا قدموا على رسول الله (ص) سألوه عن الساعة متى الساعة؟ فنظر إلى أحدث إنسان منهم فقال: (إنْ يعش هذا لم يدركه الهرم قامت عليكم ساعتكم).
و هذا في " صحيح البخاري " بلفظ: كان رجال من الأعراب جفاة يأتون النبيَّ (ص) فيسألونه: متى الساعة؟ فكان ينظر إلى أصغرهم فيقول: (إنْ يعش هذا لا يدركه الهرم حتى تقوم عليكم ساعتكم) قال هشامٌ: يعني موتهم.
ثم ذكر مسلمٌ حديثَ أنسٍ بلفظ: (إنْ يعش هذا الغلام فعسى أنْ لا يدركه الهرم حتى تقوم الساعة)، ثم ذكره باللفظ الذي حكاه أبو رية، و راجع " فتح الباري " 11\ 313)).
و قد تمت هذه الفوائد النفيسة، فليتذكر قراؤها العلامة المعلمي – رحمه الله تعالى - و جامعها العبد الفقير بالدعاء.
هذا و الله تعالى أعلم، و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم، و الحمد لله رب العالمين.
--------------------------------
الحاشية [1]: علق العلامة المعلمي على هذا الموضع بقوله في الحاشية: ((قد مرَّ مثال لهذا ص 18))، يعني ص 29 من المطبوع و هو المثال الأول هنا.
ـ[أبو رقية الذهبي]ــــــــ[25 - Nov-2007, صباحاً 08:25]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرًا أخي الكريم على حرصك على إفادتنا
وزادك الله من فضله
وعلمنا وإياك من فيوض علمه
آمين آمين آمين آمين آمين آمين آمين آمين
:) (ابتسامة):)
ـ[القرشي]ــــــــ[11 - Jan-2008, مساء 04:55]ـ
أسأل الله العظيم رب العرش لكريم أن يحفظكم ويزيدكم من فضله، وأن يبارك في أوقاتكم وأن يكفيكم الله شر ما خلق وذرأ وبرأ ونشر.(/)
منهج المتقدمين أم المتأخرين؟ جديد شيخنا العلوان
ـ[ابن رجب]ــــــــ[08 - Nov-2007, مساء 04:10]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ جرت في هذه السنة تقريبا نقاشات في مسائل حديثية نظرية وتطبيقية, فبعض العلماء بالحديث اتخذوا منهجا حديثيا وصفوه بـ (منهج المتقدمين) ولم يتفقوا بينهم في تحديد تاريخ معين
لأصحاب هذا المنهج, وتجوز بعضهم في أنه ينتهي عند الثلاث مائة إلى الثلاث مائة وخمسين من
الهجرة, ولكنه لا يجزم بتاريخ معين, ويقول أنه بعد تلك القرون ظهر منهج وصفه بـ (المتأخرين)
وذكر أن سبب التمييز هو ما وقع فيه المتأخرون بسبب الخلط الواقع في تعريف بعض المصطلحات
بين المحدثين وبين الفقهاء والأصوليين من المتأخرين, مثل قبول زيادة الثقة مطلقا عند المتأخرين بينما المتقدمون لا يقبلونها مطلقا بل بحسب حال الراوي الثقة وما تحفه من القرائن التي يترتب عليها قبول الزيادة من عدمها وغير ذلك من المصطلحات التي لا تخفى على أمثالكم حفظكم الله , ويقولون أن هذا الخلاف كأي خلاف آخر في مسائل العلوم الآلية وتعريف مصطلحاتها , وذكروا نقولات عن ابن حجر
والسخاوي وابن دقيق العيد تؤيد ماذهبوا إليه بأن هنالك فرق بين هؤلاء وهؤلاء في المنهج.
لذلك أرجوا من فضيلتكم إبداء رأيكم في ذلك , فأن لم تكن في رسالة موسعة لكي يستفيد منها طلبة
العلم فلا أقل من أن تتكرموا بالرد علي حفظكم الله ونفع بعلمكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم .......... حفظه الله ورعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منهج المتقدمين من أئمة الحديث كأحمد والبخاري والنسائي وأبي داود والترمذي وغيرهم لا حدد بالسنين ولا ينتهي بحدود الثلاثمائة ولا أقل ولا أكثر فهذا الدار قطني أحد ابرز أصحاب هذا المنهج وهو بعد القرن الثالث، فهذا المنهج تعرف حدوده وتظهر ملامحه بالتطبيق العملي والأصول المتبعة في طريقة التعليل عند أهل هذا الشأن وفيه يعرف منهج أئمة السلف ومنهج كثير من المتأخرين والخلاف بين المنهجين ليس كأي خلاف فهذا يترتب عليه تصحيح الأحاديث وتضعيفها وهذه المسألة بحاجة إلى مؤلف مستقل لعله يتيسر في المستقبل الكتابة في هذا الموضوع، واشير في هذه العجالة إلى أبرز المسائل المتباينة بين منهج المتقدمين وطريقة المتأخرين
1 - زيادة الثقة، وأكثر المتأخرين على منهج الفقهاء والأصوليين يقبلون كل زيادة.
2 - رواية المجهول فأئمة السلف يفصلون فيه ولا يقبلونه مطلقاً ولا يردونه مطلقاً ولا يجعلون مجرد الجهالة علة للحديث بخلاف المتأخرين يردون مجهول العين ويقبلون مجهول الحال ولهم حول ذلك تفصيلات وتفريعات ليس لها أصل.
3 - التحسين بالشواهد فقد توسع فيه المتأخرون حتى أصبحت أكثر الأحاديث رواجاً وصحة هي من هذا القبيل، وقد جرى تحسينهم لأحاديث مناقضه للأصول ومخالفة للأحاديث الصحيحة في حين كان تعامل السلف في هذا الباب محدوداً وضيقاً ومضبوطاً بضوابط دقيقة.
4 - رواية المبتدع فأكثر أئمة الحديث يقبلون رواية المبتدع مطلقاً سواء كان داعية أم لا وسواء روى ما يؤيد بدعته أم لا وهذا قول عامتهم في التطبيق العملي وإن كان قد جاء عن بعضهم خلاف هذا في الأمور النظرية وأما المتأخرون وكثير من المعاصرين فيقولون لا نقبل رواية الداعية ولا نقبله إذا روى ما يؤيد بدعته.
5 - الانقطاع فقد كان أئمة السلف يولونه عناية كبيرة ويعتنون به وهم مع هذا لا يجعلونه تلازماًَ بين الانقطاع وضعف الحديث بخلاف المتأخرين فلا يولون هذا الباب غير عناية ويحكمون على كل حديث منقطع بالضعف مطلقاً كما صنعوا في أحاديث أبي عبيدة عن أبيه.
6 - التدليس ذهب أكثر المتأخرين إلى أن التدليس هو العنعنة وبالتالي يحكمون على عنعنة المدلس بالضعف وهذا غلط ومخالف لمنهج الأئمة فهم يفرقون بين التدليس والعنعنة ولذلك لا تراهم يضعفون رواية المدلس الثقة بمجرد العنعنة بل لا بد أن يثبت تدليسه، وفيه غير ذلك من المخالفات بين المنهجين والوقت يضيق عن تفصيلها وأفعل ذلك إن شاء الله في المستقبل
أسأل الله أن يوفقك ويعلمك العلم النافع.
أخوك
سليمان بن ناصر العلوان
27/ 9/1423
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[08 - Nov-2007, مساء 04:23]ـ
جزاكم الله خيرا، وحفظ الله الشيخ وفك أسره وجميع إخوانه.
ـ[يوسف بن عبدالله]ــــــــ[08 - Nov-2007, مساء 07:56]ـ
هل يعدّ هذا جديد الشيخ - حفظ الله - .. ؟
فإنّ التاريخ المذيّل بآخر الموضوع ينافي ذلك: [27/ 9/1423] .. ؟!!
ـ[ابن رجب]ــــــــ[08 - Nov-2007, مساء 09:57]ـ
جزاكم الله خيرا، وحفظ الله الشيخ وفك أسره وجميع إخوانه.
الله يحفظك ياشيخ محمد ,, وبارك الله في مروركم الطيب.
ـ[ابن رجب]ــــــــ[08 - Nov-2007, مساء 09:59]ـ
هل يعدّ هذا جديد الشيخ - حفظ الله - .. ؟
فإنّ التاريخ المذيّل بآخر الموضوع ينافي ذلك: [27/ 9/1423] .. ؟!!
الموضوع وجدته ومعنون هكذا ونسيت أن أكتب منقوول كعادتي.
شكرا على هذا التنبيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن مسلمة]ــــــــ[09 - Nov-2007, مساء 04:10]ـ
جزاك الله خيرا ..
والله أسأل أن يرزقك علماً كعلم الشيخ .. وزيادة ..
وأن يفرج هم الشيخ ويفك آسره ..
بارك الله فيك أخي الحبيب ابن رجب.
ـ[الحلم والأناة]ــــــــ[09 - Nov-2007, مساء 05:13]ـ
هذا هو عين ما يقوله المليباري
فهل سيصنف أصحاب التصنيف المعاصر الشيخ العلوان ضمن فرقة المليبارية -كما يزعمون-
ـ[ابن رجب]ــــــــ[15 - Mar-2009, مساء 12:49]ـ
جزاك الله خيرا ..
والله أسأل أن يرزقك علماً كعلم الشيخ .. وزيادة ..
وأن يفرج هم الشيخ ويفك آسره ..
بارك الله فيك أخي الحبيب ابن رجب.
بارك الله فيكم ..
ولكم مثل ذلك وزيادة.
ـ[ابن رجب]ــــــــ[15 - Mar-2009, مساء 12:50]ـ
هذا هو عين ما يقوله المليباري
فهل سيصنف أصحاب التصنيف المعاصر الشيخ العلوان ضمن فرقة المليبارية -كما يزعمون-
دعهم يصنفون الاشياخ كما يريدون.
ـ[أبوإسماعيل الهروي]ــــــــ[16 - Mar-2009, مساء 05:46]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً ...
يوجد جواب صوتي مطول عن هذا المسألة للشيخ سليمان وهو في محاضرة المحبة في الله الدقيقة17:00
موجود على موقع طريق الإسلام
http://www.islamway.com/?iw_s=outdoor&iw_a=outlessons&lesson_id=51955" frameborder="0" allowtransparency="1" scrolling="no" width="330" height="155
والسلام
ـ[محمد الجروان]ــــــــ[17 - Mar-2009, مساء 12:29]ـ
هذا هو عين ما يقوله المليباري
فهل سيصنف أصحاب التصنيف المعاصر الشيخ العلوان ضمن فرقة المليبارية -كما يزعمون-
تم تصنيفه و انتهوا و لم يبقوا محدثا في السعودية الا ضموه في القائمة
مثل الشيخ عبدالله السعد و الشيخ عبدالعزيز الطريفي و العوني و غيرهم
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[17 - Mar-2009, مساء 12:40]ـ
سلامٌ عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
تم تصنيفه و انتهوا و لم يبقوا محدثا في السعودية الا ضموه في القائمة مثل الشيخ عبدالله السعد و الشيخ عبدالعزيز الطريفي و العوني و غيرهم
لا ضيرَ،
فقد قال أبو عبد الله البخاري في كتاب العلم، باب 13
71 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ خَطِيباً يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِى، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ». أطرافه 3116، 3641، 7312، 7460 - تحفة 11409 - 28/ 1
وقال في كتاب المناقب، باب 28:
3640 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لاَ يَزَالُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ». طرفاه 7311، 7459 - تحفة 11524
وقال مسلمٌ في كتاب الإمارة، باب 53:
5060 - وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَعَبْدَةُ كِلاَهُمَا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا مَرْوَانُ - يَعْنِى الْفَزَارِىَّ - عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «لَنْ يَزَالَ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ». تحفة 11524 - 1921/ 171
وقال أيضًا:
5064 - حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِى مُزَاحِمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ أَنَّ عُمَيْرَ بْنَ هَانِئٍ حَدَّثَهُ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ». تحفة 11432 - 1037/ 174(/)
مجلس سماع جامع الترمذي من أوله إلى آخره (دعوة للحضور)
ـ[أبو عثمان_1]ــــــــ[09 - Nov-2007, صباحاً 09:26]ـ
http://masajed.gov.kw/ftpImage/04/2007/11/07/tormozy.jpg
فبادر أخي بالتسجيل والحضور، فوالله فرصة لا تعوض ثلاثة مشايخ من بلاد شتى مجتمعين
ـ[حمدان]ــــــــ[09 - Nov-2007, مساء 11:53]ـ
باي دولة امل التوضيح مع التاريخ الهجري واتمنى من علمائنا احياء هذه السنة بكل مدينة لان فيها احياء لسنة النبي
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[10 - Nov-2007, صباحاً 07:03]ـ
هذه إن شاء الله بمدينة الكويت
وتبدأ في 17 ذي القعدة 1428 (حسب التقويم) لمدة أسبوع
ومن ميزة المشايخ الثلاثة (وهم من السلفيين أهل الحديث) أن الكتاب اتصل لهم مسلسلا بالسماع في جميع طبقات الإسناد إلى الترمذي إلا طبقة واحدة أو ثنتين بالإجازة.
والشيخ ثناء الله له شرح قيّم على الترمذي اسمه جائزة الأحوذي، وهو من كبار العلماء، بل هو مفتي أهل الحديث في عموم باكستان.
والشيخ محمد إسرائيل أحد القلة الذين يروون عن الإمام السلفي نذير حسين بواسطة واحدة.
ـ[أبو عثمان_1]ــــــــ[10 - Nov-2007, مساء 03:46]ـ
باي دولة امل التوضيح مع التاريخ الهجري واتمنى من علمائنا احياء هذه السنة بكل مدينة لان فيها احياء لسنة النبي
جزا الله الشيخ محمد خير الجزاء فلم يبق لنا ما نقوله.
يا أخي الكريم هذه فرصة لا تضيع ثلاثة مشايخ من بلدان شتى اجتمعوا في مكان واحد ومجلس واحد، وحتى تتصور هذه الفرصة لو أنك تريد القراءة عليهم تضطر أن تذهب إلى كل شيخ في بلده ولما تسافر إليه ربما لا يعطيك وقت للقراءة عليه إلا الوقت اليسير لانشغاله أو أي أمر آخر، فيا أخي الكريم توكل على الله ولا تفوت عليك هذه الفرصة.
ـ[بن طاهر]ــــــــ[26 - Nov-2007, مساء 07:15]ـ
السّلام عليكم ورحمة الله
جزاكم الله خيرًا
وبمناسبة اقتراب الموعد فإنّي أذكّر الإخوة الّذين سيحضرون المجالس المباركة وأطلب منهم تسجيل المجالس تسجيلاً حسنًا، وليتَ القائمين على هذه المجالس يتولّونَ ذلك - بارك الله فيهم.
ـ[جعفر محمد]ــــــــ[12 - Oct-2009, مساء 02:52]ـ
هل هناك أي روابط صوتية أو مرئية للمجلس؟ اأو أي مجلس سماع آخر؟(/)
فائدة في تحرير التراجم
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[09 - Nov-2007, مساء 02:39]ـ
هذا الحديث ذكره ابن حجر في بلوغ المرام (307) فقال: ((وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إلَّا الْمَوْتُ)). ثم قال: رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
وَزَادَ فِيهِ الطَّبَرَانِيُّ وَ ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)).
أقول:
ذكر الصنعاني في سبل السلام أنَّ أبا أمامه راوي هذا الحديث ليس أبا أمامه الباهلي صدي بن عجلان، وإنما هو إياس بن ثعلبة الأنصاري الحارثي وعزى ذلك لابن عبد البر، ثم علّم للتفريق بأن أبا أمامة الباهلي لا يأتي إلا مقيداً بـ الباهلي.
هكذا قال، وهذا من أخطائه – رحمه الله تعالى -، وقد تابعه على هذا الخطأ وقلده في ذلك الشيخ عبد القادر شيبة الحمد في كتابه فقه الإسلام شرح بلوغ المرام 1/ 282 ومن قبله حفيد صديق حسن خان في فتح العلام شرح بلوغ المرام 1/ 288
وهذا محض خطأ لأربعة أمور:
الأول: عزى هذا الأمر لابن عبد البر، ولم نجده في مظانه.
الثاني: إن الحديث ذكره الطبراني في معجمه الكبير (7532) في مسند أبي أمامه الباهلي.
الثالث: إن الحديث ساقه الطبراني في مسند الشاميين (824) وصرّح به بالباهلي، ومن طريقه أخرجه ابن حجر في نتائج الأفكار 2/ 278 - 279. وكذلك جاء التصريح به بالباهلي في مسند الروياني (1268).
الرابع: أورده المزي في تحفة الأشراف 4/ 33 (4927) في مسند أبي أمامة الباهلي.
ومن الفوائد:
أورده ابن عبد الهادي في المحرر (280) و عزاه للنسائي الروياني وابن حبان و الدارقطني في الأفراد والطبراني. ثم قال: ((ولم يصب من ذكره في الموضوعات فإنه حديث صحيح)).
وقال ابن حجر في نتائج الأفكار 2/ 280: ((وقد أخرجه ابن حبان في كتاب الصلاة المفرد من رواية يمان بن سعيد عن محمد بن حمير ولم يخرجه في كتابه الصحيح)).
ومما يذكر هنا أن كتاب الصلاة لابن حبان أشار إليه ابن حبان في صحيحه فقد قال 5/ 184 عقيب (1867) فقال: ((في أربع ركعات يصليها الإنسان ست مئة سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجناها بفصولها في كتاب " صفة الصلاة " فأغنى ذلك نظمها في هذا النوع من هذا الكتاب)).
تنبيه: إياس بن ثعلبة أبو أمامة الأنصاري الحارثي له عدد يسير من الحديث ذكر شيئاً منها ابن عبد البر في الاستيعاب، ومجموع تلك الأحاديث ستة أحاديث.
"التحفة" 1/ 749 (1744): ((من أقتطع مال امرئ مسلم بيمينه)).
"التحفة" 1/ 751 (1745): ((ألا تسمعون إن البذاذة من الأيمان))
"الإتحاف" 2/ 440 (2042): ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرهم بمسيره إلى بدر، وأجمع الخروج، فقال ابو برده نيار ..... ))
"الإتحاف"2/ 440 (2043): ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتوضأ من الغمر ولا يؤذ بعضنا بعضا).
"الإتحاف " 2/ 440 (2044): ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس القرفصاء))
"الإتحاف" 2/ 441 (2045): ((من تولى غير مواليه فعليه لعنة الله ...... )).
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[09 - Nov-2007, مساء 02:57]ـ
د. ماهر وفقه الله
قولك: (ذكر الصنعاني في سبل السلام أنَّ أبا أمامه راوي هذا الحديث ليس أبا أمامه الباهلي صدي بن عجلان، وإنما هو إياس بن ثعلبة الأنصاري الحارثي وعزى ذلك لابن عبد البر).اهـ
لعلك أخطأت وفقك الله
الصنعاني في سبل السلام لم يعز ما ذكرت لابن عبد البر
إنما عزا إليه القول الراجح " أو الأصح" في اسم أبي أمامة وهو: "إياس بن ثعلبة" لا "ثعلبة بن بن سهل"
انظر الاستيعاب لابن عبدالبر، ترجمة أبي أمامة إياس بن ثعلبة، وقارن ما ذكرت لك بما في "سبل السلام"(/)
تخريج الأخبار الواردة في نزول القرآن جملة إلى السماء الدنيا د/ عبد الله ن علي المطيري
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[11 - Nov-2007, مساء 01:39]ـ
تخريج الأخبار الواردة في نزول القرآن جملة إلى السماء الدنيا د/ عبد الله بن علي الميموني المطيري
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[13 - Nov-2007, مساء 12:37]ـ
الأخبار المروية في ذلك ليس شئء منها مرفوعاً - على حد علمي - وإنما هي آثار عن ابن عباس وقتادة وغيرهما، وهي أمور غيبية لا تقبل الا بسند صحيح عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، ولا يقال أن مثلها لا يقال بالرأي فلو كان مصدرها الوحي لجاءنا السند الى النبي بها - ولصرح من رويت عنهم بنسبتها الى النبي على الأقل لتكون أقرب للقبول لمن يتلقالها.
وقد ذكر ابن حزم في الإحكام تقرير ذلك (لا ينسب الى النبي إلا ما صُرح بنسبته اليه) وأسهب في إثباته - والله أعلم
ـ[عبد الله الميموني]ــــــــ[13 - Nov-2007, مساء 08:16]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
فضيلة الشيخ الفقيه أبي عبد الله محمد مصطفى أثابكم الله و رفع قدركم
بالنسبة للهذه الرسالة فقد اشتملت على تخريج الآثار عن ابن عباس رضي الله عنه وعمن قال بمثل قوله في معنى الآية كسعيد بن جبير و عكرمة والشعبي في رواية صحيحة عنه والسدي و ابن زيد والربيع بن أنس.
واشتملت أيضا على بيان كلام العلماء في معنى الآيات المتعلقة بذلك و بيان اختلافهم في معناها ثم الإشارة لبعض ما استنبطه بعض العلماء اجتهادا من الحكمة في نزول القرآن جملة إلى السماء الدنيا. مما اشتملت عليه تخريج الحديث الوارد في المسند للإمام أحمد وغيره عن واثلة بن الأسقع رضي الله عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: (نزلت صُحُف إبراهيم أَوّلَ ليلة من شهر رمضان، وأُنزلت التوراةُ لست مَضَين من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاثَ عَشرة خلت، وأنزل القرآن لأربع وعشرين من رمضان). لأن كثيراً من المفسّرين وغيرهم استدلوا به على تقوية الخبر المذكور عن ابن عباس في نزول القرآن جملة، و سأذكر مع ذلك نبذة مما ذكره العلماء حول بيان الحكمة من نزول القرآن جملة.
وكان من دواعي ذلك ما سمعته من بعض أهل العلم في المدينة المنورة في الحرم المدني في رمضان في هذا العام عام 1428هـ من إنكار صحة الخبر المذكور عن ابن عباس رضي الله عنه و الإنكار على من قال به و غير ذلك مما لا داعي لذكره. فأشار علي بعض أهل العلم بكتابة بحث في هذا في آخر شهر رمضان المبارك من هذا العام فكان هذا البحث الوجيز. وطلب مني فضيلة الشيخ الفقيه أبي عبد الله محمد مصطفى أن أنشره في الانترنت فشغلت عنه فتكرم هو بنشره.
و قد نقل القرطبي الإجماع على نزول القرآن جملة ولكن في حكاية الإجماع نظر و إن كان ذلك هو قول جماهير العلماء ..... والكلام في المسألة طويل موجود في هذه الرسالة
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[14 - Nov-2007, صباحاً 08:30]ـ
الأخ شريف شلبي حفظك الله قولك: وهي أمور غيبية لا تقبل الا بسند صحيح عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، ولا يقال أن مثلها لا يقال بالرأي فلو كان مصدرها الوحي لجاءنا السند الى النبي بها - ولصرح من رويت عنهم بنسبتها الى النبي على الأقل لتكون أقرب للقبول لمن يتلقالها ...
لاشك أن أفضل ما يفسر به القرآن هو القرآن ثم السنة ثم أقوال الصحابة، وكيفية إنزال القرآن جاءت مجملة في القرآن وقد صح عن ابن عباس حبر هذه الأمة رضي الله عنه تفصيل ذلك الإجمال في قوله نزل جملة واحدة لسماء الدنيا ولم نجد مخالفاً له من الصحابة ومثل هذا لا مجال فيه للرأي وهو محل القدوة وهو قول جمهور العلماء بل حكى البعض عليه الإجماع كما ذكره القرطبي والسيوطي وإن كان فيه نظر وقد فصل ذلك الشيخ الدكتور عبد الله الميموني جزاه الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[14 - Nov-2007, صباحاً 10:57]ـ
وإليك أقوال بعض العلماء في تفسير الصحابي وأنه في حكم المرفوع إذا تعلق بسبب النزول قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: " والمقرر في علوم الحديث أن تفسير الصحابي الذي له تعلق بسبب النزول له حكم الرفع كما عقده صاحب طلعة الأنوار بقوله:
الرجز تفسير صاحب له تعلق ** بالسبب الرفع له محقق.
أضواء البيان ج1/ص92
وقال العراقي في ألفيته:
وعد ما فسره الصحابي ** رفعاً فمحمول على الأسباب
وقال الحاكم ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند. المستدرك على الصحيحين رقم (3021) 2/ 283.
وقال ابن حجر في النكت على ابن الصلاح: ما يعد مسندا من تفسير الصحابي قوله ص ما قيل من أن تفسير الصحابي رضي الله عنه مسند إنما هو في تفسير يتعلق بسبب نزول آية أو نحو ذلك قلت تبع المصنف في ذلك الخطيب وكذا قال الأستاذ أبو منصور البغدادي إذا أخبر الصحابي رضي الله عنه عن سبب وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو أخبر عن نزول آية له بذلك مسند لكن أطلق الحاكم النقل عن البخاري ومسلم أن تفسير الصحابي رضي الله عنه الذي شهد الوحي والتنزيل حديث مسند، والحق أن ضابط ما يفسره الصحابي رضي الله عنه إن كان مما لا مجال للاجتهاد فيه ولا منقولا عن لسان العرب فحكمه الرفع وإلا فلا كالاخبار عن الأمور الماضية من بدء الخلق وقصص الأنبياء وعن الأمور الآتية
كالملاحم والفتن والبعث وصفة الجنة والنار والاخبار عن عمل يحصل به ثواب مخصوص أو عقاب مخصوص فهذه الأشياء لا مجال للاجتهاد فيها فيحكم لها بالرفع، قال أبو عمرو الداني: قد يحكي الصحابي رضي الله عنه قولا يوقفه فيخرجه أهل الحديث في المسند لامتناع أن يكون الصحابي رضي الله عنه قاله إلا بتوقيف كما روى أبو صالح السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات لا يجدن عرف الجنة الحديث لأن مثل هذا لا يقال بالرأي فيكون من جملة المسند.
النكت على ابن الصلاح ج2/ص530
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[15 - Nov-2007, مساء 02:41]ـ
هل القول بأن القرآن نزل جملة واحدة الى السماء الدنيا يمكن اعتباره من تفسير الصحابي الذي له تعلق بسبب النزول الذي تحدث عنه العلماء؟
ما دخل سبب النزول في موضوعنا؟ وهل هناك سبب أصلاً لنزول الآيات التي تحدثت عن نزول القرآن؟
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[16 - Nov-2007, مساء 01:46]ـ
الأخ شريف شلبي حفظك الله المسألة لا تحتاج إلى إطالة ولا يخفاك أن تفسير الصحابي الذي ليس له مخالف من الصحابة معتبر سواء فيما هو متعلق بأسباب النزول أو غيره، قال البهوتي: " يلزم الرجوع إلى تفسير الصحابي لأنهم شاهدوا التنزيل وحضروا التأويل. كشاف القناع للبهوتي 1/ 434.
وقال الحاكم ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند. المستدرك على الصحيحين رقم (3021) 2/ 283، وقد سبق هذا في المشاركة السابقة.
وقال الزركشي: " اعلم أن القرآن قسمان احدهما ورد تفسيره بالنقل عمن يعتبر تفسيره وقسم لم يرد والأول ثلاثة أنواع أما أن يرد التفسير عن النبي صلى الله عيه وسلم أو عن الصحابة أو عن رءوس التابعين فالأول يبحث في عن صحة السند والثاني ينظر في تفسير الصحابي فإن فسره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك في اعتمادهم وإن فسره بما شاهده من الأسباب والقرائن فلا شك فيه وحينئذ إن تعارضت أقوال جماعة من الصحابة فإن أمكن الجمع فذاك وإن تعذر قدم ابن عباس لأن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بذلك حيث قال اللهم علمه التأويل.
البرهان في علوم القرآن للزركشي 2/ 172، وانظر: الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 2/ 483.
ـ[عبد الله الميموني]ــــــــ[16 - Nov-2007, مساء 02:04]ـ
مما يقوي الخبر الذي صح عن ابن عباس رضي الله عنه و عن جماعة من التابعين و غيرهم أن القرآن نزل جملة إلى السماء الدنيا أن هذا خبر غيبي لا مدخل للاجتهاد و الرأي فيه.
ثم إنه التفسير الذي صح واشتهر عن صحابي وجمع من التابعين في بيان معنى الخبر الوارد في القرآن بأنزال الله تعالى القرآن في ليلة القدر. ويقويه تتابع كثير من الأئمة على نقله موافقين له فهو لهذا أقوى من غيره مع احتمال اللفظ القرآني له ولغيره.
و المقصود أنا لاننكر على من لم يقل بها مالم يضعفه سنداً لثبوته ثبوتا بينا أو يطعن في معناه طعنا يفضي للتثريب على من قال به ... و فيما سوى ذلك ففي الأمر نوع سعة.
رزقنا الله جميعا العلم الذي نساق به لمرضاة ربنا.
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[18 - Nov-2007, مساء 12:17]ـ
لي أسئلة أود الاجابة عليها إجابات محددة مختصرة واضحة:
أولاً: هل فسر النبي القرآن آية آية؟ ولماذا لم ينقل الينا؟
ثانياً: أم أن ما فسره النبي صلى الله عليه وسلم من الآيات قليل جداً؟
ثالثاً: هل خص النبي أحداً بإخباره بتفسير القرآن كابن عباس مثلاً دون باقي الصحابة أم أن ما روي من تفسيره إنا هو برأيه ونظره وتدبره في كتاب الله؟
رابعاً: كم هي عدد الروايات التي ثبتت في الصحيحين أو كتب السنة المعتمدة عن ابن عباس من تفسيره مقارنة بآلاف المرويات عنه مما لا يصح أكثرها؟
خامساً: لو كان ما يرويه ابن عباس وغيره مصدره النبي صلى الله عليه وسلم كما يدعى، فلماذا لا يصرح بذلك فيقول سمعت النبي أو عن النبي، حتى يكون ذلك أولى في قبول قوله.
إذا تدبرنا ما سبق من أسئلة - وضح ما أريد أن أثبته - والله أعلم.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[19 - Nov-2007, صباحاً 11:40]ـ
ينبغي الاقتصار على الموضوع الذي حوله النقاش لأن التوسع يؤدي إلى الخروج عن الموضوع فلنبق الآن في موضوعنا وبقية الأسئلة تخصص لها مواضيع وتناقش في وقت آخر أما سؤالك الثالث في قولك: هل خص النبي أحداً بإخباره بتفسير القرآن كابن عباس مثلاً دون باقي الصحابة أم أن ما روي من تفسيره إنا هو برأيه ونظره وتدبره في كتاب الله الجواب عنه أن العلم بالتعلم ومن حفظ حجة على من لم يحفظ والنبي صلى الله عليه وسلم علم الصحابة رضي الله عنهم ونقلوا عنه العلم كل بما سمع وحفظ وخص ابن عباس بالدعاء له بالفقه في الدين وعلم التأويل وقد استجاب الله دعاءه صلى الله عليه وسلم وفيما يخص مسألتنا نزول القرآن جملة واحدة يكفي ما سبق ذكره في المشاركات السابقة، وأوجه إليك سؤالاً
(يُتْبَعُ)
(/)
هلى خالف أحد من الصحابة ابن عباس في هذه المسألة هل يوجد نص من كتاب أو سنة يخالف ما قاله ابن عباس فلعلك توازن بين القولين بهذا الميزان أسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[عبد الله الميموني]ــــــــ[20 - Nov-2007, مساء 11:01]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رغب بعض الإخوان في وضع البحث هنا للفائدة فتفضلوا:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله علّم القرآن و خلق الإنسان و علّمه البيان والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للإنس والجان وعلى آله و أصحابه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمّا بعد فإنّ من الأخبار المشتهرة عند أهل العلم قول ابن عباس رضي الله عنهما: (أُنزِلَ القرآن جملةً واحدة في ليلة القدر إلى السماء الدّنيا و كان بمواقع النُّجوم و كان الله ينزّله على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضه في أثر بعض) اهـ. وقد أردتُ أن أخرّجه وأذكر طرقه لتتجلى صحته عن ترجمان القرآن وحبر الأمة و أبين من وافق ابن عباس رضي الله عنهما في نقله نزول القرآن جملة إلى السماء الدنيا من علماء التابعين وأتباعهم.
وأضيف إلى ذلك تخريج الحديث الوارد في المسند للإمام أحمد وغيره عن واثلة بن الأسقع رضي الله عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: (نزلت صُحُف إبراهيم أَوّلَ ليلة من شهر رمضان، وأُنزلت التوراةُ لست مَضَين من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاثَ عَشرة خلت، وأنزل القرآن لأربع وعشرين من رمضان). لأن كثيراً من المفسّرين وغيرهم استدلوا به على تقوية الخبر المذكور عن ابن عباس في نزول القرآن جملة، و سأذكر مع ذلك نبذة مما ذكره العلماء حول بيان الحكمة من نزول القرآن جملة.
وبالله أستعين و أستهدي و عليه تعالى أتّكل لا حول ولا قوة إلا به.
فصل
هذا الخبر مرويٌّ عن حبر الأمة و ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما من طريق سعيد بن جبير و عكرمة ومِقسم وقد صح ذلك عنهم جميعاً -كما سيتبين عند تخريجه و بيان طرقه- و ممن صحح الرواية بذلك عن ابن عباس رضي الله عنه من العلماء المشهورين أبو جعفر أحمد بن النحاس (ت: 338هـ) في معاني القرآن و الحافظ أبو شامة المقدسي و الحافظ ابن كثير والحافظ ابن حجر والسيوطي.
ومن طرقه المشهورة طريق جرير عن منصور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
ورواه جماعة من الثقات منهم يزيد بن هارون و يزيد بن زريع وغيرهما عن داود بن أبي هند الإمام المتفق على توثيقه عن عكرمة عن ابن عباس، و من طرقه عن عكرمة أيضا طريق الإمام حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس. و ثبت مثل ذلك أيضاً عن جماعة من علماء التابعين ومفسِّريهم منهم الشعبي في رواية صحيحة عنه و سعيد بن جبير ثم عن ابن جريج و عن عبد الرحمن بن زيد و السدّي الكبير، ورُوي أيضا عن إبراهيم النخعي.
وذكره بلا نكير أئمة التفسير من أهل السّنة كالطبري وابن أبي حاتم وغيرهم ممن يطول تعدادهم ولا نحتاج إلى سرد أسمائهم لشهرة هذا في كتب التفاسير قاطبة لأهل السنة و لغيرهم. وكذلك ذكروه في كتب علوم القرآن واعتمدوه و في كثير من التصانيف في الحديث وغيره و قد حكى الإمام القرطبي في تفسيره إجماع العلماء على نزول القرآن على الصفة التي ذكرها ابن عباس فإنه قال: (ولا خلاف أن القرآن أنزل من اللوح المحفوظ ليلة القدر - على ما بيناه جملة واحدة، فوضع في بيت العزة في سماء الدنيا، ثم كان جبريل صلى الله عليه وسلم ينزل به نجماً نجماً في الأوامر والنواهي والأسباب) اهـ. (1)
ثم ذكر القرطبي قول مقاتل في قوله تعالى: " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن " قال أنزل من اللوح المحفوظ كل عام في ليلة القدر إلى سماء الدنيا، ثم نزل إلى السفرة من اللوح المحفوظ في عشرين شهرا، ونزل به جبريل في عشرين سنة) اهـ. وقال: (قول مقاتل هذا خلاف ما نقل من الإجماع " أن القرآن أنزل جملة واحدة " والله أعلم) اهـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا الذي صحّ عن ابن عباس رضي الله عنهما و عن جماعة من التابعين و أتباعهم يقويه أنه الظاهر من قوله تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) (الدخان- 3) وقوله جل وعلا: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [سورة القدر: 1] و من قوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ). (البقرة- 185) وهذا أشهر التفسيرين الواردين عن السلف في تفسير قوله تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة القدر" (1 - القدر)، وقوله: "إنا أنزلناه في ليلة مباركة" (3 - الدخان) وقوله: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن) فإنّ المراد بقوله تعالى: (أنزلناه) لا يخلو في ظاهره من أحد احتمالين الأوّل أنْ يكونَ المراد بذلك الخبر عن نزول القرآن كلّه أو الخبر عن نزول بعضه و على القول بأنّ المراد الإخبار عن نزول بعضه فيكون المراد بذلك الإخبار عن ابتداء نزوله في شهر رمضان في ليلة القدر منه وأكثر المفسرين من السلف على القول المروي عن ابن عباس من أنّ الله تعالى أنزل القرآن جملة في ليلة القَدْر إلى السماء الدّنيا ثم نزل مفرّقا بعد ذلك على النبي صلى الله عليه و سلم. وممن قال به في معنى الآية سعيد بن جبير و عكرمة والشعبي في رواية صحيحة عنه والسدي و ابن زيد والربيع بن أنس وسيأتي تخريجها.
وأما القول بأن معنى الآية أنه ابتدأ نزول القرآن في شهر رمضان فقول مروي عن الشعبي و هو ظاهر كلام ابن إسحاق في السيرة له و في تهذيبها لابن هشام (1/ 257). و نسبه ابن الجوزي (1/ 187) إلى ابن إسحاق وأبي سليمان الدمشقي و لم ينسبه للشعبي وهذا من دقة الإمام ابن الجوزي في كتابه زاد المسير فإنه من أدقّ كتب التفسير عزواً للأقوال وتصنيفاً لها وحصراً وتعديدا (2) فإن القول الأول أصح سنداً عن الشعبي وهو الموافق للرواية عن ابن عباس وغيره قال الطبري (حدثنا يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن داود، عن الشعبي قال: بلغنا أن القرآن نزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا) اهـ. رواه في موضعين (3) وهذا سند متفق على ثقة رجاله. وأما القول الآخر المروي عنه أن المقصود ابتداء نزول القرآن في شهر رمضان ففي سنده مقال و لا يقاوم هذا فقد رواه الطبري من طريق عمران أبي العوام ثنا داود بن أبي هند، عن الشعبيّ، أنه قال في قول الله: (إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) قال: (نزل أول القرآن في ليلة القدر) اهـ. (4) وعمران القطان أبو العوّام في روايته ضعفٌ فقد ضعفه يحيى و النسائي،وفي التقريب صدوق يَهِم ورمي برأي الخوارج (5154). وسيرد تفصيل أقوالهم في تعديله و تجريحه عند تخريج حديث واثلة قريباً.
وقد خالفه اسماعيل بن عليّه وهو أحفظ منه بدرجات فرواه عن داود بن أبي هند باللفظ المتقدم الموافق لقول ابن عباس و غيره. واسماعيل بن عليه ثقة ثبت. و على هذا فمعنى الإنزال هنا هو على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون القرآن مما عبر بكله عن بعضه، والمعنى بدئ بإنزاله فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم (5).
فهذان هما القولان المشهوران الأقرب حظّاً من ظاهر ألفاظ الكتاب العزيز وقد حكى جماعة من المفسرين مع هذين القولين أقوالاً في بعضها غرابة فذكر بعضهم قول من قال إن معناه أُنزِل في فضله القرآن هدى للناس نقله القشيري (465هـ) في التفسير الكبير – ولم يطبع بعد (6) – و الواحدي (ت: 468هـ) في البسيط (7) والرازي في تفسيره: 5/ 85و أبو حيان في البحر:2/ 39 قال الواحدي في البسيط: (قال سفيان بن عيينة: {أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} معناه: أنزل في فضله القرآن. وهذا اختيار الحسين بن الفضل (8)، قال: ومثله: أن تقول: أنزل في الصديق كذا آية، تريد في فضله) اهـ.
وقيل في الآية أيضا قول آخر وهو أن معناه أنه أنزل القرآن بفرض صيامه و يعزى لمجاهد و الضحاك و ابن الأنباري (ت: 328هـ) فقد نقله الماوردي: 1/ 240 وعزاه لمجاهد وحده وعزاه الواحدي في البسيط لابن الأنباري و عزاه ابن الجوزي: 1/ 187 وأبو حيان: 2/ 39 لمجاهد والضحاك (9). وذكره أبو المظفر السمعاني في تفسيره ولم يعزُه: 1/ 183 وقول الضحاك رواه ابن أبي حاتم: 1/ 311 في تفسيره.
(يُتْبَعُ)
(/)
لكنّ هذين القولين فيهما خروج عن الظاهر و لم يذكرهما الإمام الطبري في تفسيره وليعلم أن هذا القول الأخير وهو أن المراد أنزل في فرض صومه لا يتأتى القول به في آية سورة الدخان ولا سورة القدر فهو صالح فقط في آية سورة البقرة وحدها هذا مع كونه مرجوحاً، و أما القول الآخر وهو أن المراد أنزل في فضله القرآن فقد ذكر ابن عطية في المحرر الوجيز: أنّ جماعة من المتأوّلين قالوا: (إن المعنى إنا أنزلنا هذه السورة في شأن ليلة القدر وفي فضلها) اهـ.
وقال أبو جعفر بن النحاس: (في معنى هذه الآية ثلاثة أقوال: أ - فمن أصحها ما رواه حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: أنزل القرآن في ليلة القدر إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم نزل به جبرائيل في عشرين سنة. وهذا إسناد لا يدفع.
ب - وقيل المعنى إنا أنزلناه قرآنا في تفضيل ليلة القدر وهو قوله تعالى (ليلة القدر خير من ألف شهر) فهذان قولان.
ج - وقيل المعنى إنّا ابتدأنا إنزاله في ليلة القدر كما تقول أنا أخرج إلى مكة غدا أي أنا ابتدأ الخروج) اهـ. معاني القرآن: 6/ 395
ومن الواضح لمن تدبّر أننا لو رجحنا أن المراد بالآيات بيان ابتداء نزول القرآن لأنه نزل أول ما نزل في هذا الشهر الكريم في ليلة القدر منه فلا يمكن إنكار القول الآخر ولا دفعه لأن له حظاً من اللفظ و لجلالة و شهرة القائلين به، ثم لا يلزم من القول بأن المراد بالآيات بيان ابتداء نزول القرآن القدحَ في خبر ابن عباس وغيره لأنه خبرٌ مستقل بنفسه يخبر عن نزول القرآن إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم نزوله مفرقاً.
و المقصود أنّ أصحّ التفاسير للآيات وأشهرها هما القولان المتقدِّم ذكرُهما وأرجحهما رواية و نظراً القول المروي عن ابن عباس وأئمة التفسير من تلاميذه و غيرهم و لذا قال الحافظ أبو شامة: (إن تفسير الآية بذلك – يعني بالقول بأن المراد ابتداء نزول القرآن – بعيد مع ما قد صح من الآثار عن ابن عباس: أنه نزل جملة إلى السماء الدنيا) اهـ. صـ 20.
وبعض المفسرين يستدلُّ على ترجيح القول الأول بأنه لا يحتاج إلى تقدير محذوف. فيقول إننا إذا قلنا إن معنى قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} ابتدأنا إنزاله. فلابدّ من تقدير محذوف وهو ابتدأنا، قال: وهو يقتضي حمل القرآن على أن المراد به بعض أجزائه وأقسامه فقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} أي أنزلنا بعضه. (التفسير الكبير للرازي (5/ 85).
تنبيه:
للقائلين بأن القرآن نزل جملة إلى السماء الدنيا قولان:
فالقول أنه نزل إلى السماء الدنيا في ثلاث وعشرين ليلة قدر ينزل في كل ليلة ما يقدّر الله إنزاله في كل السنة قاله مقاتل و تقدم ردّه وأصح منه القول الأول بأنه نزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا كما هو مروي عن ابن عباس و غيره و هو الصحيح المعتمد كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: 9/ 4. قال الزركشي: (والقول الأول أشهر وأصح وإليه ذهب الأكثرون) اهـ. البرهان: 1/ 228
تنبيه آخر:
والليلة المباركة هي ليلة القدر بلا تردّد وهو قول جمهور العلماء، وأما القول بأن المراد بالليلة المباركة في سورة الدخان ليلة النصف من شعبان فهو قول ضعيف لقوله تعالى (إنا أنزلناه في ليلة القدر) مع قوله (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) و ممن أبطله ودفعه الإمام أبو بكر ابن العربي في أحكام القرآن عند سورة الدخان: 4/ 1690و الإمام أبو شامة في المرشد الوجيز: صـ 9 والإمام الشوكاني في تفسيره وغيرهم.
فصل
و كل محذورٍ يُدّعَى على هذا القول المشهور عند السلف و العلماء فليس بصحيح لأن أهل السنة والاتباع يؤمنون أنّ جبريل عليه السلام تلقّاه من الله تعالى وحياً سمعه من رب الأرباب و نؤمن بحمد الله بذلك و نصدّق أيضاً أنه أنزله إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ثم أنزله بعد ذلك مفرقًا بحسب الحوادث وكذلك نؤمن أنه مكتوب في اللوح المحفوظ قبل نزوله، كما قال تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ} [البروج: 21،22] وقال تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 77، 87]، وقال تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ
(يُتْبَعُ)
(/)
مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: 11ـ 16] وقال تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: 4] ولا تنافي بين ذلك فإذا كان مشكلا علينا أن نتخيل إنزاله مجموعاً إلى بيت العزة قبل وقوع أسباب تنزّله البشرية من وقعة أحد و ما فيها أو سماع محاورة المجادلة لزوجها أو قصة زينب أو غير ذلك فكذلك يمكن أن نستشكِل كونه مكتوباً في الذكر الحكيم قبل وقوع تلك الأحداث و الوقائع التي بسببها نزلت الآيات و إنما ينفع في مثل هذا التسليم للنصوص والأخبار الصحيحة ما لم يعارضها ما خبر هو أصح منها، فإن قدرة ربنا تعالى مما نعجز عن إدراكه وهذا كما نقول في المشكل من مسائل القدر فنقطع أن الله تعالى لم يظلم أحداً فالنصوص قد دلت على ذلك بكثرة و دلت على أنه تعالى يجازي كلاّ بعمله و يعفو تفضلا إذا شاء وأنه تعالى لا يُسأل عما يفعل و هم يسألون وأنّ له الأمر كلَّه وهو تعالى يختار ما يشاء بحكمة بالغة تقصر دونها الأفهام وتحار فيها العقول كما قال تعالى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (القصص: آية:68).
و نعلم أن العلم قد أحاط بأهل الجنة قبل خلقهم وبأهل النار قبل خلقهم فسيعودون جميعا إلى سابق علمه و تقديره تعالى كما قال: (وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ) قال أبو العالية: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} رُدُّوا إلى علمه فيهم. يعني إلى سابق علمه و هذا على أحدِ الأقوال في معنى الآية. و المقصود أن التسليم و الإيمان والخضوع هو المنجاة للمسلم مما يشكل عليه من ذلك مما صحت به الأخبار فالقدر سر الله أخفاه عن عباده و بين لهم أنه لا يظلمهم كما قال سليمان التيمي التابعي -فيما صح عنه- لو كشف الحجاب لعلمت القدرية أن الله لم يظلم أحداً. رواه الفريابي في القدر و غيره. وذكر ابن عبد البر في التمهيد قول وهب بن منبه: (نظرت في القدر فتحيرت ثم نظرت فيه فتحيرت ووجدت أعلم الناس بالقدر أكفهم عنه وأجهل الناس به أنطقهم فيه) اهـ. 6/ 67
و للإمام البيهقي كلام حسن حول دفع بعض الاستشكالات في الخبر فإنه قال: (وقوله عز وجل: {بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ} فأخبر أن القرآن كان في اللوح المحفوظ يريد مكتوبا فيه، وذلك قبل الحاجة إليه، وفيه ما فيه من الأمر والنهي والوعد والوعيد، والخبر والاستخبار) اهـ. ثم قال أيضا (وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} يريد به- والله أعلم- إنا أسمعناه الملك وأفهمناه إياه وأنزلناه بما سمع فيكون الملك منتقلا به من علو إلى سفل) اهـ. الأسماء والصفات: 1/ 561
فصل
تخريج الأخبار و بيان طرقها بإيجاز
تخريج حديث واثلة رضي الله عنه المرفوع في نزول القرآن في رمضان:
وليعلم أنه ورد في الباب حديث مرفوع استدل به جمع من المفسرين و من العلماء على ما تضمنه خبر ابن عباس المتقدّم ولكن في سنده ضعفاً.
فقد روى عمران أبو العوام القطان عن قتادة، عن أبي المليح، عن واثلة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"نزلت صُحُف إبراهيم أَوّلَ ليلة من شهر رمضان، وأُنزلت التوراةُ لست مَضَين من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاثَ عَشرة خَلت، وأنزل القرآن لأربع وعشرين من رمضان). رواه الإمام أحمد 28/ 191 و الطبري: 3/ 189 و ابن أبي حاتم في مواضع من تفسيره منها عند آية سورة البقرة: 1/ 310 و الطبراني في الكبير:22/ 75 و البيهقي في شعب الإيمان (2248) وقد صححه الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه للطبري: 3/ 446 وذكره الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (1575) و حسن سنده. وذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري و سكت عليه: 9/ 5 و ذكره الهيثمي وقال: (رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط وفيه عمران بن داود القطان ضعفه يحيى، ووثقه ابن حبان وقال أحمد: أرجو أن يكون صالح الحديث. وبقية رجاله ثقات) اهـ. مجمع الزوائد:1/ 465ولكن عِمران بن داور - بفتح الدال والواو وبعدها راء - أبو العوام القطّان فيه ضعف وتفرده بمثل هذا عن مثل قتادة غير مقبول. وقد اختلفوا فيه فضعفه يحيى والنسائي و قال الإمامُ أحمد بن حنبل:
(يُتْبَعُ)
(/)
أرجو أن يكون صالح الحديث، وقال ابن عدي: يكتب حديثه وقال عمرو بن على الفلاس: كان عبد الرحمن بن مهدى يحدث عنه، و كان يحيى لا يحدث عنه. و يحيى وعبد الرحمن بن مهدي إمامي أهل زمانهما في معرفة الحديث وهما شيخا علي بن المديني و أحمد وابن معين و غيرهما و تحديث عبد الرحمن بن مهدي عنه مما يقوي أمره ولذا قوى أمره الإمام أحمد وقال ابن عدي هو ممن يكتب حديثه.
و ترجمته في الكامل في الضعفاء لابن عدي: 5/ 88 تهذيب الكمال: 22/ 328 وسير أعلام النبلاء:7/ 280 وفي التقريب صدوق يَهِم ورمي برأي الخوارج (5154). ولكن ورد ما يشهد له فذكر له الحافظ ابن كثير شاهدا من حديث جابر بن عبد الله وفيه: أن الزبور أنزل لثنتَي عشرة [ليلة] خلت من رمضان، والإنجيل لثماني عشرة، والباقي كما في حديث واثلة. وعزاه لابن مردويه وحديث جابر هذا رواه أبو يعلى:4/ 135 وفيه سفيان بن وكيع وهو ضعيف. وبه ضعفه البوصيري في اتحاف الخيرة: 1/ 68 والهيثمي:1/ 465 وفيه علة أخرى وهي أن راويه عن أبي المليح هو عبيد الله بن أبي حميد وهو متروك. و ليعلم أن حديث جابر موقوف عليه عند أبي يعلى كما أن مخرجه عن أبي المليح من طريق قتادة أصحّ و يخشى أن عبيد الله هذا وهم فيه فجعله عن جابر. و عليه فقد عاد الحديث إلى طريق قتادة وفيها ما تقدم.
وله طريق أخرى فقد روى أبو عبيد في فضائل القرآن: صـ 368 من طريق نعيم عن بقية عن عتبة بن أبي حكيم قال حدثنا شيخ منا عن واثلة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره. وزاد أن الزبور أنزلت في اثنتي عشرة من شهر رمضان. وفيه علل منها جهالة الراوي عن الصحابي وتدليس بقية.
وثبت معناه عن قتادة عند الطبري: 21/ 6 في تفسير سورة الدخان. و روى ابن الضريس في فضائل القرآن: صـ 129 بسنده عن يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة حدثنا صاحب لنا عن أبي الجلد: فذكر نحوه. فالحديث ضعيف لما في عمران من الكلام و لتفرده به.
وثبت بعضه عن أبي قلابة التابعي الجليل فقد روى ابن أبي شيبة في المصنف: (حدثنا الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة قال: نزلت التوراة لست خلون من رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين) اهـ.7/ 191 وهذا سند صحيح
تخريج خبر ابن عباس رضي الله عنه
ثبت عن داود بن أبي هند الإمام الثقة الزاهد (10) عن عكرمة عن ابن عبّاس قال: (أُنزِلَ الله القرآن إلى السّماءِ الدُّنيا في ليلة القَدَرِ، فكانَ الله إذا أراد أنْ يُوحِيَ منه شيئًا أوحاه، فهو قوله: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [سورة القدر: 1].
و في لفظ: «نزل القرآن جملة إلى السماء الدنيا، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة وقال عز وجل: (ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا)) قال: (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا») اهـ. وله طرق صحيحة عن داود بن أبي هند منها طريق يزيد بن هارون رواها أبو عبيد: في فضائل القرآن صـ368 و النسائي في الكبرى:6/ 421 و الحاكم: 2/ 222 وصححه وابن منده في كتاب الإيمان:2/ 704 و البيهقي في الأسماء و الصفات: (ح 497) جميعهم من طريق الإمام يزيد بن هارون به قال ابن كثير هذا إسناد صحيح: 1/ 17. وتابع يزيد بن هارون عن داود جماعة آخرين منهم محمد بن إبراهيم بن أبى عدى من رجال الشيخين رواه من طريقه النسائي في الكبرى: (ح 7989) و الطبري: 3/ 190 وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف عند ابن الضريس في فضائل القرآن:ص 125 والطبري:3/ 477 و الحاكم:2/ 222 وقال: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ووافقه الذهبي.
وعبد الوهاب الخفاف حسن الحديث روى له مسلم و أصحاب السنن و قد وثقه ابن معين وقال البخارى: ليس بالقوى عندهم، و هو يحتمل.و قال النسائى: ليس بالقوى. و رواه أيضا يزيد بن زريع الإمام ذكر روايته ابن منده في كتاب الإيمان (برقم: (713) وله طرق أخرى عن داود بن أبي هند عند ابن الضريس والطبري و البيهقي وغيرهم تركتها اختصاراً.
و لم يتفرد به داود عن عكرمة بل تابعه أيوب فذكر ابن النحاس طريق حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس: (قال أنزل القرآن في ليلة القدر إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم نزل به جبرائيل في عشرين سنة) ثم قال ابن النحاس: (وهذا إسناد لا يدفع) اهـ.:6/ 395
و رواه عن ابن عباس أيضا سعيد بن جبير:
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد روى ابن الضريس: صـ 125 و النسائي في الكبرى: (11689) و من طريقه ابن عبد البر في التمهيد: 17/ 50 والطبري: 24/ 543 - 544 والحاكم في المستدرك:2/ 242 و البيهقي في دلائل النبوة: 4/ 172 بالسند الصحيح من طريق أبي بكر بن أبي شيبة و عثمان بن أبي شيبة و قتيبة وغيرهم قالوا حدثنا جرير عن منصور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: ـ {إنا أنزلناه في ليلة القدر} قال: أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى السماء الدنيا وكان بموقع النجوم و كان الله ينزله على رسول الله صلى الله عليه و سلم بعضه في أثر بعض قال: و قالوا: {لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك و رتلناه ترتيلا} قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرطهما و لم يخرجاه ووافقه الذهبي. قلت:وهذا سند على شرط الشيخين. ورواية قتيبة عند الواحدي في الوسيط: 5/ 533
وله طريق أخرى أيضا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس من طريق الأعمش عن حسان بن أبي الأشرس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس:عند ابن أبي شيبة: 10/ 533 و ابن الضريس: صـ 126، 127 والنسائي: (7991) والطبري: 3/ 189 و الحاكم: 1/ 223. و له طرق أخرى عن سعيد بن جبير عند ابن الضريس و الطبري و الحاكم لا أطيل بسردها فبعض ما تقدم كاف.
وورد من طريق مقسم أيضا عن ابن عباس فقد روى الطبري: 3/ 191 – 192 و ابن أبي حاتم: 1/ 310 و البيهقي في الأسماء و الصفات (501) جميعهم من طريق عبيد الله بن موسى – وهو من رجال الشيخين المعروفين، عن إسرائيل –ثقة مشهور من رجال الشيخين فيه كلام يسير-، عن السدي الكبير وهو اسماعيل بن عبد الرحمن وهو ثقة، عن محمد بن أبي المجالد وهو ثقة، عن مقسم، عن ابن عباس، قال له رجل: إنه قد وقع في قلبي الشك من قوله:"شهرُ رَمضان الذي أنزل فيه القرآن"، وقوله: (إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) وقوله (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)، وقد أنزل الله في شوّال وذي القعدة وغيره! قال: إنما أنزل في رمضان في ليلة القدر وليلة مباركة جملة واحدةً، ثم أنزل على مَواقع النجوم رَسَلا في الشهور والأيام) اهـ. و رواه الواحدي في الوسيط: 1/ 280 - 281 من طريق يحي بن أبي زائدة عن إسرائيل به. وزاد ابن كثير عزوه لابن مردويه: 1/ 501 و ينظر: الدر: 1/ 189
ومعنى: رَسَلا: أي فِرَقا متقطّعة يتبع بعضهم بعضا (النهاية: 2/ 222)
وروى الطبري: 3/ 190 عن السدي الكبير أيضا أن ابن عباس قال ذلك. وهو منقطع لكن الطريق الماضية تعضده و يعضدها فإن السدي معروف بالتفسير و يرسل كثيراً.
ورواه من المتروكين الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: رواه من طريقه يحيى بن سلام كما في مختصره لابن أبي زمينين: 4/ 198. وممن ذكر أن خبر ابن عباس ثابت عنه الحافظ ابن حجر:فتح الباري في كتاب بدء الوحي (1/ 31). و ذكر جملة من هذه الأخبار عن ابن عباس السيوطي في الإتقان:1/ 131 وقال كلها صحيحة.
وممن ذكر مثل الذي ذكره ابن عباس رضي الله عنهما من السلف الشعبي و سعيد بن جبير وابن جريج وابن زيد و الربيع بن أنس:
أما الشعبي فقد تقدم تخريج قوله و بيان صحته في أول هذه الرسالة عند ذكر الأقوال.
وأما الرواية عن سعيد بن جبير فقد روى الطبري: 24/ 532 حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن مسلم، عن سعيد بن جُبير: أنزل القرآن جملة واحدة، ثم أنزل ربنا في ليلة القدر: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ).
و تقدم أن الطبري: 3/ 190 روى عن السدي الكبير أن ابن عباس قال ذلك. ومعنى ذلك أن السدي يقول به و إلا لم يقتصر عليه.
و أما قول قول عبد الرحمن بن زيد فرواه الطبري: بسنده المعروف عنه قال حدثني يونس أخبرنا عبد الله بن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله عزّ وجلّ (إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) قال: تلك الليلة ليلة القدر، أنزل الله هذا القرآن من أمّ الكتاب في ليلة القدر، ثم أنزله على نبيه في الليالي والأيام، وفي غير ليلة القدر) اهـ.21/ 6وهذا سند معلوم صحته عن ابن زيد.
و أما الرواية عن ابن جريج فهي عند الطبري: 3/ 190 وابن عبد البر في التمهيد: 17/ 50
(يُتْبَعُ)
(/)
وذكر السيوطي في الدر: (أن عبد بن حميد أخرج عن الربيع بن أنس {إنا أنزلناه في ليلة القدر} قال: أنزل الله القرآن جملة في ليلة القدر كله {ليلة القدر خير من ألف شهر}) اهـ.8/ 567
الحكمة من نزوله جملة
تلمس العلماء حكمة لنزول القرآن جملة إلى السماء الدّنيا فذكروا أموراً منها ما ذكره الإمام أبو الحسن السخاوي: (ت: 64هـ) في (جمال القرآن): 1/ 20.
فإنه قال (في نزول القرآن إلى السماء جملة تكريم بني آدم وتعظيم شأنهم عند الملائكة وتعريفهم عناية الله بهم ورحمته لهم ... وزاد سبحانه في هذا المعنى بأن أمر جبريل بإملائه على السفرة الكرام البررة وإنساخهم إياه وتلاوتهم له.
قال: وفيه أيضا إعلام عباده من الملائكة أنه علام الغيوب إذ كان في هذا الكتاب ذكر الأشياء قبل وقوعها.
و فيه أيضا التسوية بين نبينا وبين موسى في إنزال كتابه جملة، والتفضيل لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم في إنزاله عليه منجما ليحفظه. و فيه أيضا ما يوقع في النفس تعظيم شأن الربوبية) اهـ. بنوع اختصار يسير. و نقله عنه الصالحي في سبيل الهدى و الرشاد: 2/ 252
و ذكر الحافظ أبو شامة المقدسي بعض ما ذكره شيخه السخاوي و مما قاله: (إن فيه تفخيم شأن المنزل وهو القرآن الكريم، وتعظيم قدر من سوف ينزل عليه وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، وتكريم من سوف ينزل إليهم وهم المسلمون. وذلك بإعلام سكان السماوات بأن هذا القرآن آخر الكتب المنزلة على خاتم الرسل لأشرف الأمم) اهـ. المرشد الوجيز: صـ24
قال الزركشي: (فإن قيل ما السر في إنزاله جملة إلى السماء قيل فيه تفخيم لأمره وأمر من نزل عليه وذلك بإعلان سكان السموات السبع أن هذا آخر الكتب المنزلة على خاتم الرسل لأشرف الأمم) 1/ 230
ــــــــــــــــــ
حواشي:
(1) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 2/ 297
(2) استفاد ابن الجوزي من تفسير الثعلبي ومن الماوردي وغيرهما ما يتعلق بنسبة الأقوال وزاد عليهما فهو من جهة حصر الأقوال في الآية و نسبتها لقائليها من أحسن التفاسير.
(3) تفسير الطبري: 3/ 191 و 24/ 543
(4) الطبري: 24/ 543
(5) البحر: 2/ 39
(6) من أوله إلى نهاية سورة البقرة كان رسالة علمية تقدمت بها لدرجة– الدكتوراه - و قد انتهيت – ولله الحمد -من تحقيق أكثر ما بقي منه مما عثر عليه. وهو إلى أوائل سورة الأنعام.
(7) مخطوط وهو محقق رسائل علمية و لم يطبع بعد ذكر ذلك عند (الآية- 185) من سورة البقرة.
(8) الحسين بن الفضل بن عُمير البجلي النيسابوري: (176 - 282هـ) إمام جليل ومفسر مشهور وواعظ معمَّر، قال الذهبي في العبر: (وكان آية في معاني القرآن، صاحب فنون وتعبد، قيل إنه كان يصلي في اليوم والليلة ستمائة ركعة، وعاش مائة وأربع سنين، روى عن يزيد بن هارون والكبار) اهـ. و نقل الذهبي في السير قول الحاكم في تاريخ نيسابور: (إمام عصره في معاني القرآن) اهـ. ترجمته في: الأنساب للسمعاني: (في البجلي): 1/ 285 مختصراً،=
= و سير النبلاء: 13/ 414 و العبر للذهبي: 2/ 406 و لسان الميزان: 2/ 307 ذكره ليدافع عنه لقول الذهبي المتقدّم و طبقات المفسرين للسيوطي: ترجمة: (33): 1/ 156 و شذرات الذهب: 2/ 178 و الأعلام للزركلي: 2/ 251
(9) ذكر ابن عطية في المحرر: 1/ 254 قول الضحاك.
(10) دواد هو ابن أبي هند وقع مصرحا به مرارا في الروايات و ليس هو بداود بن الحصين فذاك راو آخر في روايته عن عكرمة مقال.
ـ[عبد الله الميموني]ــــــــ[25 - Nov-2007, مساء 09:17]ـ
فائدة تتعلق بهذا:
وبيان قول الإمام الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله.
القائلون من العلماء بقول ابن عباس أن القرآن نزل جملة إلى السماء الدنيا ثم نزل مفرقا بحسب الوقاع لا يكاد يحصرهم عد لكثرتهم ما بين مصرح بترجيحه و ما بين ناقل له مقر ساكت ومن القائلين بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية
و من القائلين بذلك في العصر الحاضر الإمام الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي البلاد السعودية في عصره في رسالته التي نقد بها القول الذي ذكره السيوطي في الإتقان من أن جبريل أخذ القرآن من اللوح المحفوظ ولم يسمعه من الله. وجاء به إلى محمد صلى الله عليه و سلم ومما جاء فيها رسالة الشيخ محمد بن إبراهيم:
(يُتْبَعُ)
(/)
(أَما بعد: فقد سأَلني من تعينت إجابته عن ما وقع في ((كتاب الاتقان للسيوطي)) في بحث كيفية إنزال القرآن الكريم حاكيًا له في جملة أَقوال من غير رد له ولا إنكار من أَن جبريل عليه السلام أَخذه من اللوح المحفوظ وجاءَ به إلى محمد صلى الله عليه وسلم: هل هذا من أَقوال أَهل السنة والجماعة، ومما ثبت عن سلف هذه الأُمة وأَئمتها، أَو هو من أَقوال أَهل البدع، وما حقيقة ذلك، وأَي شيء ترجع إليه هذه المقالة. فأقول ومن الله أَستمد الصواب، وهو حسبي ونعم الوكيل:
هذه ((المقالة)) اغتر بها كثير من الجهلة وراجت عليهم. والسيوطي رحمه الله مع طول باعه وسعة اطلاعه وكثرة مؤلفاته ليس ممن يعتمد عليه في مثل هذه الأصول العظيمة. وهذه ((المقالة)) مبنية على أَصل فاسد، وهو القول بخلق القرآن، وهذه هي مقالة الجهمية والمعتزلة ومن نحى نحوهم. وهذه المقالة الخاطئة حقيقتها إنكار أَن يكون الله متكلمًا حقيقة ... ) اهـ.
ثم ذكر في الرسالة بعد ذلك قول شيخ الإسلام ابن تيمة مقرا بما فيه ونصه: (وهذا لا ينافي ما جاءَ عن ابن عباس وغيره من السلف في تفسير قوله تعالى: (. إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) أنه أَنزله إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم أَنزله بعد ذلك منجمًا مفرقًا بحسب الحوادث. ولا ينافي أَنه مكتوب في اللوح المحفوظ قبل نزوله، كما قال تعالى: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ) الآية وقال: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) الآية وقال (إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ) الآية (261) وقال (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ) الآية (262). وكونه مكتوبًا في اللوح المحفوظ وفي صحف مطهرة بأيدي الملائكة لا ينافي أَن يكون جبريل نزل به من الله، سواء كتبه الله قبل أَن يرسل به جبريل وغير ذلك، وإذا كان قد أَنزله مكتوبًا إلى بيت العزة جملة واحدة في ليلة القدر فقد كتبه كله قبل أَن ينزله، والله تعالى يعلم ما كان وما لا يكون أَن لو كان كيف كان يكون .. ) اهـ.
ينظر: رسالة الشيخ الجواب الواضح المستقيم في التحقيق في كيفية إنزال القرآن الكريم. موجودة ضمن فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم.
وإنما أوضحت هذا لئلا يتوهم أحد أن الشيخ ابن إبراهيم ينكر القول المروي عن ابن عباس و غيره من السلف.
وقد قلت سابقاً: (كل محذورٍ يُدّعَى على هذا القول المشهور عند السلف و العلماء فليس بصحيح لأن أهل السنة والاتباع يؤمنون أنّ جبريل عليه السلام تلقّاه من الله تعالى وحياً سمعه من رب الأرباب و نؤمن بحمد الله بذلك و نصدّق أيضاً أنه أنزله إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ثم أنزله بعد ذلك مفرقًا بحسب الحوادث وكذلك نؤمن أنه مكتوب في اللوح المحفوظ قبل نزوله، كما قال تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ} [البروج: 21،22] وقال تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 77، 87]، وقال تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: 11ـ 16] وقال تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: 4] ولا تنافي بين ذلك فإذا كان مشكلا علينا أن نتخيل إنزاله مجموعاً إلى بيت العزة قبل وقوع أسباب تنزّله البشرية من وقعة أحد و ما فيها أو سماع محاورة المجادلة لزوجها أو قصة زينب أو غير ذلك فكذلك يمكن أن نستشكِل كونه مكتوباً في الذكر الحكيم قبل وقوع تلك الأحداث و الوقائع التي بسببها نزلت الآيات و إنما ينفع في مثل هذا التسليم للنصوص والأخبار الصحيحة ما لم يعارضها ما خبر هو أصح منها، فإن قدرة ربنا تعالى مما نعجز عن إدراكه) اهـ
ـ[عبد الله الميموني]ــــــــ[01 - Dec-2007, مساء 02:41]ـ
القول الذي ذكره الواحدي عن سفيان بن عيينة هل وقف أحد على سنده فإن سفيان بن عيينة من أعلم أهل زمانه بالتفسير
مع إمامته في الحديث وهو من أجل شيوخ الإمام أحمد و ابن معين و علي بن المديني ولا أظن الواحدي أطلق العزو إليه إلا وقد صح سنده إليه. و لسفيان بن عيينة كلام في التفسير وروايات
ـ[عبد الله الميموني]ــــــــ[06 - Dec-2007, مساء 02:21]ـ
ولم يثبت عن صحابي أو تابعي ما يخالف هذا القول في تفسير الآيات التي تخبر بنزول القرآن.
بل فسروها على أن المراد نزوله جملة إلى السماء الدنيا. و أما القول المروي عن الشعبي أنه فسر الآية بأن المراد ابتداء نزول القرآن ففيه علة و في سنده ضعف وقد بينت العلة وأنها بسبب مخالفة رواية أصح عن الشعبي من نفس الطريق إليه و بينت أيضا سبب ضعف سندها.
فلم أجد عن تابعي قولا صحيحا فضلا عن صحابي أنه فسر الآيات بغير المروي عن ابن عباس و غيره و من وجده بسند لم نذكره فليفدنا مشكوراً.
(وقد قلت سابقا: (قال الطبري (حدثنا يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن داود، عن الشعبي قال: بلغنا أن القرآن نزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا) اهـ. رواه في موضعين (3) وهذا سند متفق على ثقة رجاله. وأما القول الآخر المروي عنه أن المقصود ابتداء نزول القرآن في شهر رمضان ففي سنده مقال و لا يقاوم هذا فقد رواه الطبري من طريق عمران أبي العوام ثنا داود بن أبي هند، عن الشعبيّ، أنه قال في قول الله: (إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) قال: (نزل أول القرآن في ليلة القدر) اهـ. (4) وعمران القطان أبو العوّام في روايته ضعفٌ فقد ضعفه يحيى و النسائي،وفي التقريب صدوق يَهِم ورمي برأي الخوارج (5154). وسيرد تفصيل أقوالهم في تعديله و تجريحه عند تخريج حديث واثلة قريباً.
وقد خالفه اسماعيل بن عليّه وهو أحفظ منه بدرجات فرواه عن داود بن أبي هند باللفظ المتقدم الموافق لقول ابن عباس و غيره. واسماعيل بن عليه ثقة ثبت) اهـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الله الميموني]ــــــــ[13 - Dec-2007, مساء 12:35]ـ
للفائدة(/)
مَن وقف على هذا اللفظ في مسند أحمد: «أنَّ النبي كان إذا صلَّى ركعتين رفع يديه يدعو .. »
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[11 - Nov-2007, مساء 04:53]ـ
بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مَن وقف على هذا اللفظ في "مسند أحمد":
«أنَّ النبي (ص) كان إذا صلَّى ركعتين رفع يديه يدعو يُقَنِّع بهما وجهه»؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[11 - Nov-2007, مساء 06:50]ـ
حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ، رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ يَدْعُو هَكَذَا وَأَشَارَ بِبَاطِنِ كَفَّيْهِ نَحْوَ وَجْهِهِ.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[11 - Nov-2007, مساء 07:20]ـ
جزاكم الله خيرا أخي العزيز أبا محمد على حرصكم
الحديث باللفظ الذي أوردته، نسبه الشيخ بكر بن عبدالله أبوزيد في "حراسة الفضيلة" ص30، ط6، إلى "مسند أحمد"
ولم أقف عليه في "المسند"، أو عند أحد من أصحاب التخاريج
ووقع عند أحمد والترمذي "مقنع بكفيه يدعو" وتفسير "مقنع" كما عند أبي داود: "رافعا يديه قِبَل وجهه" وعند أحمد "رافعا كفيه لا يجاوز بهما رأسه مقبل بباطن كفيه إلى وجهه" ... "قِبَل وجهه" = "إلى وجهه"
وسياق الحديث في الاستسقاء
أما اللفظ الذي حكاه الشيخ بكر، ففيه عموم ومداومة
والشيخ يريد أن يستدل بهذا اللفظ على أن معنى "يقنِّع" = يعني: يستر
وليس هذا المراد في الحديث كما سبق، إلا بشيء من التكلف
والله أعلم وجزاكم خيرا
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[11 - Nov-2007, مساء 08:34]ـ
قال في لسان العرب
والقِناعُ: أَوْسَعُ من المِقْنعةِ، وقد تَقَنَّعَتْ به وقَنَّعَتْ
رأْسَها. وقَنَّعْتُها: أَلبستها القِناعَ فتَقنَّعَتْ به؛ قال عنترة:
إِنْ تُغْدفي دُوني القِناعَ، فإِنَّني
طَبٌّ بأَخْذِ الفارِسِ المُسْتَلْئِمِ
والقِناعُ والمِقْنَعةُ: ما تتَقَنَّعُ به المرأَةُ من ثوب تُغَطِّي
رأْسَها ومحاسِنَها. وأَلقى عن وجْهه قِناعَ الحياءِ، على المثل. وقَنَّعه
الشيبُ خِمارَه إِذا علاه الشيبُ؛ وقال الأَعشى:
وقَنَّعَه الشيبُ منه خِمارا
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[11 - Nov-2007, مساء 08:40]ـ
أخي أبا محمد
هل "مقنع بكفيه يدعو" معناه: يستر وجهه بكفيه حال الدعاء؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[11 - Nov-2007, مساء 08:43]ـ
اذارفعها مقابل وجهه فهي كالقناع تستر وجهه عن الاخرين ولذا يقال كشف القناع وكشف النقاب والله اعلم
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[11 - Nov-2007, مساء 08:48]ـ
أنا أقف عند حد الحديث "قِبَل وجهه"
أما الستر أو التغطية
فقد يَفهَم منه البعض إلصاق الكف بالوجه
وهذا يفتقر إلى دليل إضافي
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[11 - Nov-2007, مساء 09:55]ـ
ويبدو أن الشيخ بكر وفقه الله قد أثبت الحديث بالمعنى، وأقرب ما وقفت عليه، ما ذُكِر في "المسند": (الصلاة مثنى مثنى، تشهَّد في كل ركعتين، وتضرَّع، وتخشَّع، وتمسْكَن، ثم تُقَنِّع يديك - يقول: ترفعهما - إلى ربك مستقبلا ببطونهما وجهك ... ).
وفي "اللسان": (أَقْنَعَ الرجلُ بيديه في القُنوتِ: مدّهما، واسْتَرْحَم رَبَّه مستقبِلاً ببطونهما وجهَه ليدعو. وفي الحديث: "تُقْنِعُ يديك في الدعاء" أَي: ترفعهُما. وأَقْنَعَ يديه في الصلاة: إِذا رفعَهما في القنوت).اهـ(/)
شيء من فوائد كتاب " النكت الوفية " للبقاعي
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[11 - Nov-2007, مساء 09:41]ـ
لا شك أن من أحسن كتب مصطلح الحديث كِتابَ الحافظ أبي عَمْرو عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَانِ الشهرزوري (ت 643 ه) المسمى "مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيث"، قَالَ الحافظ ابن حَجَر: ((هذب فنونه وأملاه شيئاً بعد شيء، فلهذا لَمْ يحصل ترتيبه عَلَى الوضع المتناسب، واعتنى بتصانيف الخَطِيب المتفرقة فجمع شتات مقاصدها وضم إليها من غيرها نخب فوائدها، فاجتمع فِي كتابه مَا تفرق فِي غيره، فلهذا عكف النَّاس عَلَيْهِ، وساروا بسيره، فلا يحصى كم ناظم لَهُ ومُخْتَصَر ومستدرك عَلَيْهِ ومقتصر ومعارض لَهُ ومنتصر)) ((نزهة النَّظَرِ: 46 - 51)).
وكَانَ من أحسن تِلْكَ الكتب التي اعتنت بكتاب ابن الصلاح كِتَابُ الحافظ العراقي " شرح التبصرة والتذكرة "، إذ نظم الحافظ العراقي كِتَاب ابن الصلاح بألفية من الشعر سماها: " التبصرة والتذكرة " ثُمَّ شَرح الألفية بكتابه: " شَرْح التبصرة والتذكرة ". ومنذ ظهور ذَلِكَ الكتاب النفيس اهتم العلماء بهذَا النظم والشرح.
ومن أولئك الذين اعتنوا بـ"شرح التبصرة والتذكرة " الحافظ ابن حَجَر العسقلاني، وكتاب النكت الوفية، إنما هُوَ من نتاج ابن حَجَر، جمعه ورتبه تلميذه النجيب البقاعي وأضاف عَلَيْهِ؛ حَتَّى خرج بحلة طيبة نافعة؛ إذ صرّح البقاعيُّ نفسُهُ فِي أول مقدمته فَقَالَ: ((قيّدتُ فِيهَا مَا استفدته من تحقيق تلميذه، شيخنا شيخ الإسلام حافظ العصر أبي الفضل شِهَابِ الدِّين أحمد بن عَلَيِّ بن حَجَر الكناني العسقلاني، ثُمَّ المصري الشَّافِعِيّ قاضي القضاة بالديار المصرية أيام سماعي لبحثها عَلَيْهِ، بارك الله فِي حياته وأدام عموم النفع ببركاته سميتها "النكت الوفية بما فِي شَرْح الألفية"، واعلم أنَّ مَا كَانَ فيها من بحثي صدرته فِي الغالب بقلت، وختمته بقولي: والله أعلم …)) (ويظهر لمن يطالع الكتاب أن ما صدره بـ (قلت)، وختمه بـ (الله أعلم) لا يمثل عُشر الكتاب). ومن يطالع الكتاب لأول وهلة يجد أن مَا لَمْ يصدره بـ: ((قُلْتُ)) أكثر بكثير مِمَّا صدره بـ ((قلت)). مِمَّا يدلنا عَلَى أنَّ غالب الكتاب منقولٌ عَنْ لسان الحافظ ابن حَجَر زيادة عَلَى النصوص الكثيرة التي صرح فِيهَا بالنقل عَنْهُ.
ولأهمية هَذَا الكتاب ونفاسته ومعرفتي بقيمته العلمية من خلال تحقيقينا
" لشرح التبصرة والتذكرة " أردت إخراج هَذَا الكتاب من حيز المخطوط إِلىَ
عالم المطبوعات، وقد منّ الله عَلَيَّ بأن وقفت عَلَى أربع نسخ خطيّة من الكتاب. إحداهما نسخة نفيسة مقروءة عَلَى المؤلف، وعليها خطه فِي مواضع كثيرة من حواشي المخطوط، وقد كتبها الشيخ العالم شِهَاب الدِّين أحمد بن مُحَمَّد بن عُمَرَ الحمصي سنة (880ه) وغيرها من النسخ الخطية التي تم الحديث عنها في مقدمة الكتاب، وفي هذه العجالة نماذج من فوائد الكتاب تفصح عن مضمونه، والله ولي التوفيق.
1 - تضمن الكتاب تعاريف مهمة مثل تعريف الحديث الحسن لغيره: 1/ 76: ((فإنَّ الحسنَ لغيرهِ هو مالهُ سندانِ فأكثرُ، كلُ ضعيفٍ متماسكٍ فهوَ موصوفٌ بالضعفِ قبلَ معرفةِ ما يعضدهُ مطلقاً، وبعد ذَلِكَ باعتبارِ كل سَندٍ على انفرادهِ، وبالحسنِ باعتبارِ المجموعِ)).
2 - التحرير لمسائل شائكة 1/ 94 - 96: ((قولهُ: (الأستاذ أبو منصورٍ التميمي) (شرح التبصرة والتذكرة 1/ 107) أنهُ أجلُّ الأسانيدِ هذا مُسَلَّمٌ، لكنْ لا ينهضُ دليلاً على الأصحيةِ؛ لأنها أخصُّ، والأجليةُ تكونُ مِنْ / 15ب / جهاتٍ عديدةٍ، والشافعيُّ -رحمهُ اللهُ-–وإنْ كانَ قد حازَ الكمالَ في شروطِ الصحةِ، وزادَ على ذَلِكَ بما آتاهُ اللهُ تعالى منَ العلمِ الذي لا يجارى فيهِ، والفطنةِ التي كأنها الكشفُ، لكنْ غيرهُ يشاركهُ في الضبطِ الذي هوَ محطُّ الصحةِ، ويزيدُ بكثرةِ ممارسةِ حديثِ مالكٍ، فقالَ يحيى بنُ معينٍ: ((أثبتُ الناسِ في مالكٍ
(يُتْبَعُ)
(/)
القعنبيُّ)) (تقريب التهذيب 3620)، أي: باعتبارِ قدرٍ زائدٍ على كمالِ الضبطِ وهو طولُ الملازمة لهُ، وكثرةُ الممارسةِ لحديثهِ، فالشافعيُّ –-رحمهُ اللهُ- أخذَ عن مالكٍ في أوائلِ عمرهِ، وكانتْ قراءتهُ عليهِ مِنْ أوائلِ قراءتهِ للحديثِ، ولمْ يلازمهُ ملازمةَ القعنبيِّ وابنِ
وهبٍ، ولا قريباً منها.
قلتُ: فقولُ البلقينيِّ في كتابهِ " محاسنِ الاصطلاحِ ": ((لا يقالُ: فالقعنبيُّ –وابنُ وهبٍ لهما القعددُ في الروايةِ عن مالكٍ؛ لأنا نقولُ: وأينَ تقعُ رتبتهما مِنْ رتبة الإمام الشافعيِّ))، فيهِ نظرٌ؛ لما علمتَ من أَنَّ الترجيحَ فيهما إنما هوَ باعتبارِ طولِ الملازمةِ، وكثرةِ الممارسةِ، وهذا لا ينقصُ مِنْ مقدارِ الشافعيِّ. وأما زيادةُ إتقانِ الشافعيِّ فلا يشك فيها مَنْ لهُ علمٌ بأخبارِ الناسِ، فقدْ كانَ أكابرُ المحدّثينَ يأتونهُ، فيذاكرونهُ بأحاديثَ أشكلتْ عليهم، فيبينُ لهم ما أشكلَ، ويوقفهم على عللٍ غامضةٍ، فيقومونَ وهم يتعجبونَ منهُ، كما هوَ مشهورٌ في ترجمتهِ، وقالَ الإمامُ أحمدُ: ((سمعتُ " الموطأَ " منَ الشّافعيِّ))، وذَلِكَ بعدَ سماعهِ لهُ مِنْ عبدِ الرحمانِ بنِ مهدي، ووجود الرواةِ لهُ عنْ مالكٍ بكثرةٍ، وقالَ: ((سمعتهُ منهُ لأنيِّ رأيتهُ فيهِ ثبتاً، فعللَ إعادتهُ لسماعهِ وتخصيصها بالشافعي بأمرٍ يرجعُ إلى الثبتِ)) فتعليله بذلكَ أقلُ ما يفهمُ منهُ: أَنَّ الشّافعيَّ مساوٍ لابنِ مهديٍّ في الثبتِ في حديثِ مالكٍ إنْ لم نقلْ: إنَّهُ يقتضي زيادتهُ عليهِ في الثبتِ، إذ لو كانَ مساوياً
/ 16 أ / لكانتِ الإعادةُ تحصيلاً للحاصلِ، وقولُ أحمدَ: ((رأيتهُ فيهِ ثبتاً)) وَرَدَ على سؤالٍ، فلا يكونُ لتقييدهِ بقيد مفهوماً.
قالَ البلقينيُّ: ((وأبو حنيفةَ وإنْ روى عنْ –مالكٍ -كما ذكرهُ الدارقطني- فلمْ تشتهرْ روايتهُ عنهُ، كاشتهارِ روايةِ الشافعيِّ)) (محاسن الاصطلاح: 86) انتهى.
وأبو منصورٍ التميميُّ البغداديُّ القائلُ هذا كانَ منَ الجامعينَ لفنونِ العلمِ منَ الفقهِ، والأصولِ، والأدبِ، والنحو، والحسابِ، وغيرها، ماتَ سنة سبعٍ وعشرينَ وأربعِ مئةٍ.
3 – تضمن الكتاب تنبيهات مهمة 1/ 99: ((قولهُ: (بالحديثِ) أهلُ الحديثِ يطلقونَ على السندِ وحدهُ حديثاً)).
4 - تضمن الكتاب إحصائيات مهمة 1/ 108: ((إنَّ مَنْ أفردَ الصحيحَ بالتصنيفِ قومٌ قليلٌ، كالشيخينِ، ومنِ استخرجَ على كتابيهما، أو استدركَ، وكابنِ خزيمةَ؛ إذْ صَنفَ في الصحيحِ، وابنِ حبانَ وأبي عوانةَ، فالجميعُ لا يبلغونَ عشرينَ، فمصنفاتهمْ يسيرةٌ بالنسبةِ إلى أسانيدِ صحابي ممنْ ذكرَ، فإنَّ الأسانيدَ إلى كلٍّ منهمْ كثيرةٌ، فلأجلِ حسنِ هذا الترتيبِ خالفَ ترتيب ابنِ
الصلاحِ، وقدمَ هذا على مسألةِ إمكانِ التصحيحِ في /20أ / هذهِ الأعصارِ)).
5 - إشارته إلى أحاديث ضعيفة مع عدم تعليله إياها، من ذلك قوله في 1/ 125: ((قالَ بعضُ أصحابنا: منها حديثُ المرأةِ التي شربتْ بولَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهي أم أيمنَ -رضي الله عنها-)).
6 - نقله درر ونفائس كنقله عن الشافعي 1/ 126: ((حتى ذُكِرَ عنِ الشافعيِّ أنَّهُ قالَ: مَن ادّعى أَنَّ السُنّةَ اجتمعتْ كلها عندَ رجلٍ واحدٍ فسقَ، ومن قالَ: إنَّ شيئاً منها فاتَ الأمةَ فَسَقَ)).
7 - بيانه فوائد المستخرجات كقوله في 1/ 150 - 151: (( ........ كما قدَّمنا عن أبي عوانةَ. قالَ: وقد أبلغتُ الفوائدَ إلى عشرٍ أو أكثرَ، فمنها: أنْ يكونَ مصنِّفُ الصحيحِ رَوَى عن مختلطٍ ولم يُبَيّنْ هل سماعُ ذلكَ الحديثِ منه في هذهِ الروايةِ قبلَ الاختلاط، أو بعده؟ فيبينهُ المستخرجُ، إما تصريحاً، أو بأنْ يرويهُ عنهُ مِنْ طريقِ منْ لم يسمعْ منهُ إلا قبلَ الاختلاطِ، ومنها: أَن يُروَى في "الصحيحِ" عن مدلسٍ بالعنعنةِ، فيرويهِ المستخرِجُ بالتصريحِ بالسماعِ فهاتانِ فائدتانِ جليلتانِ، وإنْ كنا لا نتوقفُ في صحةِ ما رُوِيَ في الصحيحِ مِنْ ذلكَ، غيرَ مبينٍ، ونقولُ: لو لم يطّلعْ مصنِّفهُ مِن البخاريِّ، أو مسلمٍ أنهُ روى عنهُ قبلَ الاختلاطِ، وأَنَّ المدلسَ سمعَ، لم يخرجاهَ، فقد سألَ السبكيُّ المزيَّ: هل وُجِدَ لكلِ ما روياهُ بالعنعنةِ
(يُتْبَعُ)
(/)
طرقٌ مصرحٌ فيها بالتحديثِ؟ فقالَ: كثير مِنْ ذلكَ لم يوجدْ، وما يسعنا إلا تحسينُ الظنِ. ومنها: أَنْ يروى عن مبهمٍ كأن يقولا: حدثنا فلانٌ، أو رجلٌ، أو فلانٌ وغيرهُ، أو غيرُ واحدٍ، أو نحو ذلكَ، فيعينهُ المستخرجُ.
ومنها: أَن يرويَ عن مهملٍ نحوَ حدثنا محمدٌ / 35 ب / مِنْ غيرِ ذكرِ ما يميزهُ عن غيرهِ منَ المحمدينَ، ويكونُ في مشايخِ مَنْ رواهُ كذلكَ، مَن يشاركهُ في الاسمِ، فيميزهُ المستخرجُ.
ثم نَقلَ شيخُنا عن الحافظِ شمسِ الدينِ بنِ ناصرِ الدينِ أنَّهُ نيّفَ بالفوائدِ عن الخمسَ عشرَةَ، فأفكرَ ملياً، ثم قالَ: عندي ما يزيدُ على ذلكَ بكثيرٍ، وهوَ أَنَّ كلَّ علةٍ أُعلَ بها حديثٌ في أحدِ الصحيحينِ، جاءت روايةُ المستخرجِ سالمةً
منها، فهي مِنْ فوائدِ المستخرجِ، وذَلِكَ كثيرٌ جداً، واللهُ الموفقُ.
8 - بيانه طبقات أصحاب الزهري 1/ 158 - 159: ((قالَ شيخنا: / 38ب/ ((كلامهُ أبسطُ مِنْ هذا، وهوَ أنَّهُ عمد إلى الزهري لكثرةِ أصحابه، فجعلهم خمسَ طبقاتٍ:
الأُولى: مَنْ طالت ملازمتهُ لهُ، بل ما انفكَّ عنهُ حتى كانَ يُزَامله على الراحلةِ في السفرِ، وَيلازمهُ في الحضر مع الإتقانِ التامِّ.
الثانيةُ: مَنْ هم دونَ هؤلاءِ في الإتقانِ، وَالملازمةِ.
الثالثة: مَنْ لم يلازم أَصلاً، أَو إلا يسيراً مع إتقانٍ، وَلكنهُ دونَ إتقانِ منْ قبلهُ.
الرابعةُ: مَنْ يطلقُ عليهِ اسمُ الصدقِ، ولم يَسلمْ مِنْ غوائلِ الجرحِ.
الخامسةُ: الضعفاءُ.
فالبخاريُّ يخرجُ حديثَ الطبقةِ الأولى، وعن أعيانِ الطبقةِ الثانيةِ، وإنْ أخرجَ عنِ الثالثةِ فيقلُّ جداً، ويتلابقُ فيهِ بحيثُ إنَّهُ لا يسوقهُ مساقَ الكتابِ بحدثنا، وأخبرَنا، بل يقولُ: روى فلانٌ، وقالَ فلانٌ، وتابعهُ فلانٌ، ونحوَ ذَلِكَ، قالَ: وهذا مما رُجِّحَ بهِ البخاريُّ على مسلمٍ؛ فإنَّ مسلماً يخرجُ حديثَ الطبقةِ الأولى إنْ وجدَ، ثمَّ حديث الثانيةِ كاملاً، ثمَّ عن أعيانِ الثالثةِ، ثمَّ يقلُّ جداً عن الرابعةِ، ويؤخرُ حديثهمْ، فيجعلهُ على وجهِ المتابعةِ، لكنهُ يسوقُ الكلَّ مساقاً واحداً بحدّثنا وأخبرنا، فلا يميزه إلا عارفٌ بالفنِ بأمورٍ خارجيةٍ. قالَ: وأيضاً فإنَّ البخاريَّ إذا أخرجَ عن منْ تكلمَ في حديثهِ أقلّ جداً مما يخرجُ عنهُ، وأكثرهم منْ مشايخهِ، أو مَن قَرُبَ منهم، فيغلبُ على الظنِّ أنَّهُ أطلعَ على صحةِ ذَلِكَ الخبرِ الذي يخرجهُ عن أحدهم بأمورٍ خارجيةٍ / 39 أ / ومسلمٌ بخلافِ ذَلِكَ، قالَ: ويأتي في كلامِ الحازميِّ أيضاً ما تقدمَ في كلامِ ابنِ طاهرٍ مِنْ أَنَّ هذا الذي قررهُ هوَ الأصلُ، وقد يخرجانِ عنهُ لمصلحةٍ يرَيانها)).
9 - 1/ 165: ((إنَّ الراوي قد يكونُ ضعيفاً في راوٍ ثقة في غيرهِ)).
9م- النقل عن الشرح الكبير نصوص نفيسة 1/ 166 - 167: ((قلتُ: قوله: (وقد بينتُ المثليةَ في " الشرحِ الكبيرِ ") عبارتهُ فيهِ:
((ثمَّ ما المرادُ بالمثلية عندهما، أو عندَ غيرهما، فقد يكونُ بعضُ منْ لم يخرج عنهُ في
" الصحيحِ" مثل منْ خرجَ عنهُ فيهِ، أو أعلى منهُ عند غيرِ الشيخينِ، ولا يكونُ الأمرُ عندهما على ذلكَ، فالظاهرُ أنَّ المعتبرَ وجودُ المثليةِ عندهما، ثم المثليةُ عندهما تعرفُ إمّا بتنصيصِهما على أَنَّ فلاناً مثلُ فلانٍ، أو أرفعُ منهُ، وقَلَّ ما يوجدُ
ذلكَ، وإمّا بالألفاظِ الدالةِ على مراتبِ التعديلِ، كأنْ يقولا في بعضِ مَنِ احتجا بهِ: ثقةٌ، أو ثبتٌ، أو صدوقٌ، أو لا بأسَ بهِ، أو غير ذلكَ مِنْ ألفاظِ التوثيقِ، ثمَّ وجدنا عنهما أنهما قالا ذلكَ أو أعلى منهُ في بعضِ منْ لم يحتجا بهِ في كتابيهما، فيستدلُ بذلكَ على أنَّهُ عندهما في رتبةِ من احتجا بهِ؛ لأنَّ مراتبَ الرواةِ معيارُ معرفتها ألفاظُ التعديلِ والجرحِ. ولكنْ هنا أمرٌ فيهِ غموضٌ لا بدَّ مِنَ الإشارةِ إليهِ، وذلكَ أنهم لا يكتفونَ في التصحيحِ بمجردِ حالِ الراوي في العدالةِ والاتصالِ، مِنْ غيرِ نظرٍ إلى غيرهِ، بل ينظرونَ في حاله معَ منْ رَوَى عنه، في كثرةِ ملازمتهِ له، أو قلتها، أو كونه مِنْ بلدهِ ممارساً لحديثهِ، أو غريباً منْ بلدِ منْ أخذَ عنهُ، وهذهِ أمورٌ تظهرُ بتصفّحِ كلامهم، وعملهم في ذلكَ
(يُتْبَعُ)
(/)
، واللهُ تعالى أعلمُ)).
10 - تنبيهات مهمة 1/ 169: ((وتختصُ الكتبُ الستةُ المشهورةُ كأبي داودَ مثلاً بأنا لا نحتاجُ فيها إلى إسنادٍ خاصٍ منا إلى مصنفيها، فإنّهُ تواترَ عندنا أنَّ هذا الكتابَ تصنيفُ أبي داودَ مثلاً حتى لو أنكرَ ذلكَ منكرٌ، حصلَ لطلابِ هذا الفنِ منَ الاستخفافِ بعقلهِ، ما يحصلُ لو قالَ: لم يكنْ في الأرضِ بلدٌ تسمى بغداد، وعنِ الإمامِ نجمِ الدينِ الزاهديِّ من أئمةِ الحنفيةِ - أنّهُ قالَ في " القِنيةِ ": ((إنّ الكتبَ المشهورة لا يُحتاجُ فيها إلى إسنادٍ خاصٍ، بل يقطعُ بنسبتها إلى من اشتهرت /43ب/ عنهُ)).
11 - تفسيره مصطلحات مهمة كتفسير صالح لأبي داود قال في 1/ 188: (( ........ وخفيَ عليهم أنَّهُ يريدُ بـ (صالحٍ) أعمَّ منَ الصلاحيةِ للاعتبارِ، أو الاحتجاجِ، وأشدُّ من هذا أنْ يكونَ إنما سكتَ عليهِ في الموضعِ الذي نقلوهُ منهُ؛ لتبيينهِ حاله في موضعٍ آخرَ، ووراءَ ذلكَ كله أنَّهُ يحتجُ بالضعيفِ إذا لم يجد في البابِ غيرَهُ على طريقةِ الإمامِ أحمدَ، فإنَّ ذلكَ عندهُ أولى من رأي الرجالِ.)). وأعاد نحوه في 257 من الجزء المذكور.
12 - 1فرائد الفوائد والعوائد / 237: ((أَنَّ العَدالةَ تَثبت إمَّا بالتَنصيصِ عَليهَا، كالمصَرحِ بتوثِيقهِم، وهم كَثيرونَ، أو بتَخرِيجِ / 65ب / مَن التَزمَ الصَحةَ في كتَابٍ لَه، فَالعدالةُ أيضَاً تَثبتُ بذلِكَ، وَكذلكَ الضَبطُ والإتقَانُ دَرجاتُه متَفاوتةٌ، فلا يُشتَرطُ أعلى وُجوهِ الضَبطِ كَمالكٍ وَشعبةَ، بلِ المرادُ بالضَبطِ أَنْ لا يكونَ مُغفَلاً كثِيرَ الغَلطِ، وذلِكَ بأنْ يعتبرَ حَديثُه بحَديثِ أَهلِ الضَبطِ والإتقَانِ، فَإنْ وافقَهم غَالباً فَهوَ ضَابطٌ)).
13 - قواعد في العلل1/ 251: ((ومنَ القواعدِ أَنَّ الراويينِ إذا اختلفا قُدّمَ الذي ذكرَ قصةً في حديثهِ؛ لأنَّ ذِكرَها مظنةٌ لزيادةِ ضبطهِ)).
14 - مناهج المحدثين 1/ 277: ((إنَّ إسحاقَ بنَ راهويهِ يخرجُّ أمثلَ ما وردَ عن ذلكَ الصحابيِّ)).
15 - كلامه عن بعض المصنفات فيما يتعلق بتصنيفها 1/ 281:/ ((قوله: (ويقالُ: إنهُ أولُ مسندٍ صنِّفَ) الذي حمل قائلَ هذا القولِ عليهِ تقدّمُ عصر أبي / 80 ب / داودَ على أعصارِ منْ صنَّفَ المسانيدَ، وظَنَّ أنَّهُ هوَ الذي صنَّفهُ، وليسَ كذلكَ، فإنَّهُ ليسَ مِنْ تصنيفِ أبي داودَ، وإنَّما هوَ جمعُ بعض الحفّاظِ الخراسانيينَ، جمعَ فيهِ ما رواهُ يونسُ بنُ حبيبَ خاصةً عنْ أبي داودَ، ولأبي داودَ منَ الأحاديثِ التي لم تدخلْ هذا المسندَ قدره أو أكثر، بلْ قدْ شذَّ عنهُ كثيرٌ منْ روايةِ يونسَ، عنْ أبي داودَ، قالَ: وشبيهٌ بهذا " مسندُ الشافعيِّ " فإنَّهُ ليسَ تصنيفهُ، وإنما لَقَطَهُ بعضُ الحفّاظِ النيسابوريينَ منْ مسموعِ الأصمِّ منَ " الأمِّ " وسمعهُ عليهِ، فإنَّهُ كانَ سمعَ " الأمَّ "، أو غالبها على الربيعِ، عن الشافعيِّ،
وعَمَّرَ، فكانَ آخرُ مَنْ رَوَى عنهُ، وحصلَ لهُ صممٌ، فكانَ في السماعِ عليهِ
مشقةٌ.)).
16 - نكت نادرة 1/ 298: ((إنَّ الضبطَ / 87 ب / الذي في راوي الحسنِ مشترطٌ فيهِ القصورُ، والذي في راوي الصحيحِ مشترطٌ فيهِ التمامُ)).
17 - احتوائه على أشعار كثير.
18 - 1/ 355 اجتهاده في قضايا مهمة كقوله في 1/ 355: ((إنَّ القولَ السَديدَ في أصلِ المسألةِ: أنَّ ما يأتي عن الصَحابةِ مِمّا لا مجالَ للرأي فيهِ، إنْ كانَ حُكماً مِنَ الأحكامِ فهوَ مرفوعٌ؛ لأنَّ الأحكامَ لا تؤخذُ إلا بالاجتهادِ، أو بقولِ مَن لهُ الشرعُ، وقد فَرضنا أنَّهُ ممَّا لا يُجتهدُ فيهِ، فانحصر في أنَّهُ مِن قولهِ صلى الله عليه وسلم.
وإنْ لم يَكنْ مِن الأحكامِ، فَإنْ كانَ ذلِكَ الصَحابي لم يأخذ عنِ الإسرائيلياتِ فكذلك؛ لأنَّ ما لا مجالَ للرأي فيهِ، لا بدَّ للصحابي فيهِ مِن مُوقِّفٍ، فيكونُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، إذ / 108 ب / المسألةُ مفروضةٌ فيمَن لم يأخذ عن أهلِ الكِتابِ، وإلا فموقوفٌ؛ لاحتمال أنْ يكونَ سَمعهُ مِن أهلِ الكتابِ، وما يَرِد عن أهلِ الكتابِ ينحصِرُ في ثلاثةِ أقسامِ:
(يُتْبَعُ)
(/)
أنْ يكونَ شرعُنا قَد جَاءَ بتصديقهِ، فالعمل بشَرعِنا حينئذٍ، أو بتكذيبهِ، فلا يَحلُّ نقلهُ مَسكوتاً عنهُ، أو يكونَ شَرعُنا سَاكتاً عنهُ، فهذا هوَ الذِي نقلهُ بعضُ الصَحابةِ عن أهلِ الكِتابِ؛ لاحتمالِ أنْ يكونَ صِدقاً، وَيحتملُ أيضاً أنْ يكونَ قَد بدّلَ، فيكذبُ)).
19 - مرويات الصحابة عن التابعين قال في 1/ 366: (( ........ كمراسِيلِ الصَحابةِ؛ لأنَّ روايةَ الصَحابةِ إمَّا أنْ تكونَ عَن النَبي صلى الله عليه وسلم، أو عَن صَحابيٍّ آخرَ، وَالكلُّ مقبولٌ، واحتمالُ كونِ الصَحابيِ الذي أدركَ وَسَمعَ، يروي عَن التابعينَ بَعيدٌ جِداً، على أنَّ ذلِكَ استُقرئ فَلم يَبلُغ
/ 113 أ / عشرةَ أحاديثَ)).
وأعاد نحوه في 1/ 390فقال: ((قولُهُ: (إذ قَد سَمعَ جماعةٌ مِن الصَحابةِ مِن بعضِ التَابعينَ) استقرئ ما وقعَ مِن روايةِ الصَحابةِ عَن التابعينَ، فلَم يوجدْ فيهِ حكمٌ مِن الأحكامِ، وإنما ذَلِكَ مجردُ قَصصٍ وأخبارٍ، هَكذا حَفظتُ مِن شيخِنا، وقالَ شيخُهُ المصنِّفُ: إنَّ ذَلِكَ إنَّما / 121ب / هوَ بحسبِ الأكثرِ)).
20 - حده لقضايا مهمة كحده للصحابي الكبير والصغير؛ إذ قال في 1/ 370: ((والكَبيرُ مَن رأى أكابِرَ الصَحابةِ، والصَغيرُ مَن لَم ير إلاّ أصاغرَهُم، لا كَما يُفهمُهُ كَلامُهُ)).
21 - الأصالة في الاجتهاد والترجيح كقوله في السند الذي فيه مبهم كما في 1/ 386: ((وَهَذا هُوَ التحقيقُ، أنَّ هَذا ليسَ مُرسلاً ولا منقطعاً؛ لأنهُ لا ينطبقُ عليهِ تَعريفُ واحدٍ منهما، بل هوَ مُتصِلٌ، في إسنادهِ راوٍ مبهمٌ)).
22 - النقل من كتب عزيزة كنقله من شرح الرسالة للشافعي كما قال في 1/ 410: ((قالَ الإمامُ أبو بكرٍ الصيرفي في شرحهِ: ((لأنَّ فلاناً، عن فلانٍ إذا لقيهُ فهوَ على السماعِ حتى يُعرفَ خلافهُ، وليسَ الناسُ على أنَّ عليهم ديوناً حتى يُعلمَ خلافه، فالشهادةُ تختصُ بأنْ يحتاطَ فيها من هذا الوجهِ)).
23 - ذكره لقواعد مهمة كقوله في 1/ 413: ((إنَّ الشخصَ قد يُكثِرُ النقلَ عن شخصٍ، فيُعرفُ بالروايةِ عنهُ، ولا يكونُ اجتمعَ بهِ أصلاً، أو يكونُ اجتمعَ بهِ، ولم يسمعْ منهُ شيئاً)).
23 - تعريف لقضايا لطيفة كما عرف اختلاف الرفع والوقف فقال في 1/ 426: ((مثلَ أنْ يرويَ مالكٌ، عن نافعٍ، عنِ ابنِ عمرَ، عن عمرَ حديثاً موقوفاً عليهِ، فيرويهِ غيرُ مالكٍ، عن نافعٍ، عنِ ابنِ عمرَ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم / 134ب / فيرفعَهُ، ولا يذكرُ عمرَ)).
24 - ذكره دقائق مهمة كما قال في 1/ 428: ((أنَّ ابنَ القطانِ أولُ من اخترعَ اسمَ التسويةِ، ولم يسمِّها تدليساً، ولا أدخلها في أنواعهِ)).
ثم قال في 1/ 453: ((قولُهُ): (وقد سماهُ ابنُ القطانِ تدليسَ التسويةِ) قالَ شيخُنا: ((ليسَ كذلكَ، فإنَّ ابنَ القطانِ إنما سمّاهُ ((تسويةً)) لَم يذكرْ معهُ لفظةَ ((التدليسِ))، وإنما يقولُ: ((سواهُ فلانٌ))، و ((هذهِ تسويةٌ)) ونحو هَذا.
والتحقيقُ في هَذا القسمِ، أنْ يقالَ: متى قيل: ((تدليسُ التسويةِ)) فلا بدَّ أنْ يكونَ كلٌّ منَ الثقاتِ الذينَ حُذفتْ بينهمُ الوسائطُ في ذلِكَ الإسنادِ قَد اجتمعَ الشخصُ منهمُ بشيخِ شيخهِ في ذلِكَ الحديثِ، وإنْ قيلَ: ((تسويةٌ)) من غيرِ أنْ يُذكرَ تدليسٌ، فلا يحتاجُ إلى اجتماعِ أحدٍ مِنهُم بمن فوقه، كَما فعلَ مالكٌ
رحمهُ اللهُ، فإنَّهُ لَم يقعْ في التدليسِ أصلاً، ووقعَ في هَذا، فإنَّهُ يروي عَن ثورٍ، عنِ ابنِ عباسٍ، وثورٌ لَم يلقَ ابنَ عباسٍ، وإنما رَوَى عَن عكرمةَ عنهُ، فأسقطَ مالكٌ عكرمةَ؛ لأنَّهُ غيرُ حجةٍ عندهُ. فإنْ قيلَ: ما الفرقُ بين هَذا القسمِ، وبينَ المنقطعِ؟ قيلَ: هَذا شرطُهُ أنْ يكونَ الساقطُ ضعيفاً، فهوَ منقطعٌ خاصٌ)).
وكقوله في 1/ 436: ((قالَ شيخُنا: ((وأما قولهُ: ((قالَ لنا)) فحكمهُ الاتصالُ، لكنْ إنما يعدلُ
/ 138 أ / عن قولهِ: ((حدثنا)) ونحوهِ لنكتةٍ بديعةٍ، فتارةً يكونُ الحديثُ ظاهرهُ الوقفُ، وهو لم يضع كتابهُ إلا للحديثِ المسندِ، لكن يكونُ فيهِ شائبة الرفعِ إذا دققَ النظر)).
25 - دفاعه النفيس عن من نبز الخطيب بالتدليس إذ قال في 1/ 449: ((قولُهُ: (وممن يفعلُ ذلِكَ كثيراً الخطيبُ) قالَ: ينبغي أنْ يكونَ الخطيبُ قدوةً في ذلكَ، وأنْ يستدلَّ بفعلهِ على جوازهِ، فإنهُ إنَّما يُعمّي على غيرِ أهل الفنِّ،
وأمّا أهلُهُ فلا يخفَى ذلِكَ عليهم لمعرفتِهم بالتراجمِ، ولم يكنِ الخطيبُ يفعلُهُ إيهاماً للكثرةِ، فإنهُ مكثرٌ منَ الشيوخِ والمروياتِ، والناسُ بعدهُ عيالٌ عليهِ، وإنما يفعلُ ذلِكَ تفنناً في العبارةِ، وربما أدتْ ضرورةُ التصنيفِ إلى تكرارِ الشيخِ الواحدِ عَن قربٍ، فينوعُ أوصافهُ لئلا يصيرَ مبتذلاً ينفرُ السمعُ منهُ؛للتكرارِ المحضِ، واللهُ
أعلمُ)).
25 - بيانه لحدود مهمة كشرحه تدليس الشيوخ إذ قال في 1/ 450: ((وصورته: أنْ يكونَ شيخُهُ ضعيفاً عند الناسِ، ثقةً عندهُ، فيصفهُ بوصفٍ
لا يعرفُ بهِ، /143ب/ ثُمَّ يقولُ: وَهوَ ثقةٌ، أو ثبتٌ، أو نحو ذلِكَ، ويكونُ مِن أهلِ الجرحِ والتعديلِ، فيقلّدهُ مَن لَم يطّلعْ على حقيقةِ ذلكَ)).
قوله الفصل في قضايا سكت عنها بعضهم كقوله في 1/ 453: ((وسألتُ / 144 ب / شيخنا: هل تدليسُ التسويةِ جرحٌ؟،
فقالَ: لا شكَّ أنَّهُ جرحٌ؛ فإنَّهُ خيانةٌ لمن ينقلُ إليهم وغرورٌ، قلتُ: فكيفَ
يوصفُ بهِ الثوريُّ والأعمشُ معَ جلالتِهما؟ فقالَ: أحسنُ ما يعتذرُ بهِ في هَذا البابِ أنَّ مثلَهما لا يفعلُ ذلِكَ إلا في حقِّ مَن يكونُ ثقةً عندهُ، ضعيفاً عندَ
غيرهِ)).
26 - تعريفه ببعض الكتب كقوله في 1/ 471: ((قولُهُ: (وذكرَ مسلمٌ في "التمييزِ") هوَ كتابٌ وضعهُ مسلمٌ في العللِ)).
27 - وغيرها كثير اقتصرنا على ما ذكر اقتصاداً في الوقت.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[12 - Nov-2007, مساء 11:20]ـ
شكر اللَّهُ لكم،وبارك فيكم يا شيخ ماهر الفحل.
ـ[أبو القاسم]ــــــــ[13 - Nov-2007, صباحاً 12:21]ـ
أحسن الله إليكم شيخنا .. وجعله في موازينكم
لقد تقصيت عن الكتاب في مكتبة الرشد
فلم أجده!
يبدو أنهم يبعثوه بعد لعامة الفروع خارج الرياض
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[13 - Nov-2007, صباحاً 06:49]ـ
سلامٌ عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
فالحمد لله على توفيقه، وقد شوَّقتنا، أبا الحارث، إلى هذا الكتاب النفيس،
فهل لك أن تذكر إلى من عهدت بطبعه؟ أإلى دار غراس كمسند الشافعي، أم إلى دار الغرب الإسلامي ككتاب الشمائل للترمذي، أم إلى الشركة العربية لتقنية المعلومات ( http://arabia-it.com/books1.aspx?sectionID=1) ككتاب كشف الإيهام لما في تحرير التقريب من الأوهام، وكتاب اختصار علوم الحديث لابن كثير، وتحقيقك لكتاب مختصر المختصر لابن خزيمة (تحت الطبع)؟
أم إلى دار الرشد؟
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[13 - Nov-2007, مساء 12:06]ـ
فهل لك أن تذكر إلى من عهدت بطبعه؟ أإلى دار غراس كمسند الشافعي، أم إلى دار الغرب الإسلامي ككتاب الشمائل للترمذي، أم إلى الشركة العربية لتقنية المعلومات ( http://arabia-it.com/books1.aspx?sectionID=1) ككتاب كشف الإيهام لما في تحرير التقريب من الأوهام، وكتاب اختصار علوم الحديث لابن كثير، وتحقيقك لكتاب مختصر المختصر لابن خزيمة (تحت الطبع)؟
أم إلى دار الرشد؟
الأخ المكرّم / أبا مريم هشام بن محمَّد فتحي:
جوابًا على سؤالك أنقل لك مشاركة للشّيخ ماهر (من أخبار الكُتُبِ):
النكت الوفية بما في شرح الألفية للبقاعي
بتحقيق العبد الفقير (ماهر الفحل)، في مجلدين فاخرين ورق أصفر
نزل في مكتبة الرشد، يباع بـ 60ريالاً
على أني لم أر الكتاب بعد إنما هو وصف الأخوة
نسأل الله السلامة لنا ولكم ولجميع المسلمين
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[13 - Nov-2007, مساء 02:08]ـ
سلامٌ عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
فقد أحسنت، بارك الله فيك، وجزاك الله تعالى كلَّ خير، أسأل الله تعالى نسخة منه، ولي ولك السلامة والعافية ولسائر إخواننا أعضاء الملتقى، ولأهل الإسلام كلهم أجمعين
الأخ المكرّم / أبا مريم هشام بن محمَّد فتحي:
جوابًا على سؤالك أنقل لك مشاركة للشّيخ ماهر (من أخبار الكُتُبِ):
النكت الوفية بما في شرح الألفية للبقاعي
بتحقيق العبد الفقير (ماهر الفحل)، في مجلدين فاخرين ورق أصفر
نزل في مكتبة الرشد، يباع بـ 60ريالاً
على أني لم أر الكتاب بعد إنما هو وصف الأخوة
نسأل الله السلامة لنا ولكم ولجميع المسلمين
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[13 - Nov-2007, مساء 03:03]ـ
أجزل الله لكم الثواب جميعاً، وأدخلكم الجنة بغير حساب وجمعنا ووالدينا وإياكم في الفردوس الأعلى.
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[13 - Nov-2007, مساء 03:15]ـ
http://www.stooop.com/Month/10/d5e2fcfc8f.jpg[/img] (http://www.stooop.com/)]
ـ[طالب علوم الحديث]ــــــــ[28 - Nov-2007, صباحاً 02:30]ـ
ذكر شيخنا الحبيب الفاضل ماهر الفحل حفظه الله و رعاه ..
أن الإخوة هنا في منتدى الألوكة سيضعون الكتاب (النكت الوفية) مصورا هنا في الموقع، فهل تم ذلك أو هل تم البدء في ذلك؟ و أين سيتم وضعه؟
جزاكم الله خيرا
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[28 - Nov-2007, مساء 12:18]ـ
الحقيقة إني رأيت ذلك ضمن الطلبات للمصورات، فلعل الأمر سيتم لأهميته الكتاب.
ـ[الفاروق]ــــــــ[28 - Nov-2007, مساء 12:44]ـ
جزاكم الله خيرا يا شيخ ماهر، وبارك فيكم وفي علمكم، ونفع بكم، وتقبل منكم.
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[04 - Dec-2007, مساء 05:15]ـ
http://www3.0zz0.com/2007/12/04/14/69381710.jpg
ـ[القرشي]ــــــــ[23 - Mar-2008, مساء 03:20]ـ
قصيدة ابن الفلوجة أحمد سلمان عبيد المحمدي المدرس في كلية العلوم الإسلامية – جامعة الأنبار مهداة إلى الدكتور ماهر ياسين الفحل المولى تقديراً لجهوده المباركة في تحقيق كتاب النكت الوفية.
نكتٌ أضاء بريقها وجمالها
وتألقت بين النجوم سماءها
وتجمعت فيها الفوائد كونها
حوت العلوم اريجها وسناءها
اكرم بتحقيق تضاعف جهده
أنعم به وبالبقاعي لواءها
وكيف لا (والفحل) كاتبها
تحقيقه فاق الورى ببهاءها
وفقت ماهر بالذي بلغ الذرى
في مصر أو نجدٍ كذا شهباءها
حلبٌ وشامُ دمشقها
قد طاف فيها نفعه وضياءها
وسفينة العلم الخضم يقودها
ليث الوغى (المولى) فذاك إناءها
أبحر فيا شيخي وراك جحافل
طلاب علمٍ تبتغي علياءها
بدماءها تفديك يارمز العُلى
فلوجتي جعلتك في أحشاءها
ـ[أبومروة]ــــــــ[05 - Apr-2008, مساء 04:54]ـ
بارك الله فيك ياشيخنا ماهر
لكن مانريده هو ما بداخل الكتاب (ابتسامة)
نفع الله بكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[05 - Apr-2008, مساء 06:25]ـ
أنت تستحق ما هو أغلى مما بداخل الكتاب(/)
تخريج حديث البراء بن عازب في قتل من نكح امرأة أبيه
ـ[عبد الله المزروع]ــــــــ[12 - Nov-2007, مساء 11:44]ـ
تخريج حديث البراء بن عازب في قتل من نكح امرأة أبيه
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد:
فهذا جزء في تخريج حديث البراء بن عازب – رضي الله عنه – في قتل من نكح امرأة أبيه، وقد جاء بعدة ألفاظ منها: لقيت خالي – وفي بعض الروايات: عمي– ومعه راية، فقلت له؟. فقال: بعثني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى رجل تزوج امرأة أبيه أن أقتله أو أضرب عنقه. وأشكر أخي الفاضل الشيخ محمد بن عبد الله – وفقه الله – على ما أضافه من دراسة لهذا الحديث وإفادةٍ بملحوظاته القيمة؛ ولنشرع الآن في بيان المقصود:
فحديث البراء رواه عنه اثنان هما:
1 – عدي بن ثابت، واختلف عليه فرواه:
أ – الربيع بن ركين: أخرجه الإمام أحمد في المسند (18601) – ومن طريقه الحاكم في المستدرك (2777)، وابن الجوزي في التحقيق (1818) –، والنسائي في سننه الكبرى (7221) [1] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn1) ، والروياني في مسنده (376)، وابن حزم في المحلى (11/ 253)، كلهم من طريق الربيع، عن عدي، عن البراء بن عازب به.
ب – السدي، ورواه عنه اثنان:
1 - سفيان الثوري: أخرجه البزار (3795).
2 - الحسن بن صالح، وعنه جماعة:
يحيى بن آدم: أخرجه البزار (3795).
أبو غسان – واسمه مالك بن إسماعيل –: أخرجه الطبراني في الكبير (3407، 22/ 194)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 334)، والحاكم في المستدرك (6654) [2] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn2) .
ويحيى بن فضيل: أخرجه الحاكم في المستدرك (2776) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.
وعبيد الله بن موسى: أخرجه الحاكم في المستدرك (6654).
ووكيع: أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (28867 وَ 33607 وَ 36149) – ومن طريقه ابن حبان في صحيحه (4112)، والبيهقي في السنن الكبير (5488 وَ 7222) –، والإمام أحمد في مسنده (18580) – ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق (1820) –.
وأبو نعيم: أخرجه النسائي في المجتبى (3331) وفي الكبرى (5488 وَ 7222) وفي جزء من إملائه (35) – ومن طريقه ابن الأثير في أُسْدِ الغابة (1/ 1273) – والطحاوي في معاني الآثار (4515)،
أحمد بن يونس: أخرجه ابن قانع في معجم الصحابة (1/ 88).
كلهم من طريق الحسن بن صالح، عن السدي، عن عدي بن ثابت به.
ج – أشعث بن سوار، واختلف عليه:
فرواه حفص بن غياث: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (28866 وَ 33613 وَ 36148)، وأبو يعلى في مسنده (1667)، وابن خزيمة في جزئه (73) – ومن طريقه الترمذي في الجامع (1362) وقال: حديث البراء حديث حسن غريب، والبزار (3794) –، وابن ماجه (2607)، والبغوي في تفسيره (1/ 187) وشرح السنة (2592)، والدارقطني في سننه (3/ 196) وفي العلل (6/ 20)، والطبراني في المعجم الكبير (510)، والطحاوي في معاني الآثار (4516) ومشكل الآثار (2958 وَ 2959)، وابن أبي حاتم في العلل (3/ 718 ط الحميد)، والخطابي في معالم السنن (3/ 329).
وهشيم: أخرجه الإمام أحمد في مسنده (18602) – ومن طريقه ابن الأثير في أسد الغابة (1/ 215) – وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2010)، وسعيد بن منصور في سننه (942)، وأبو يعلى في مسنده (1666)، وابن ماجه (2607)، والطحاوي في معاني الآثار (4517)، والدارقطني في سننه (3/ 196)، وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 174)، وابن عبد البر في الاستيعاب (1/ 88)، والطبراني في المعجم الكبير (3405) [3] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn3) – ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (5/ 265) –، وابن حزم في المحلى (11/ 252).
كلهم من طريق أشعث بن سوار، عن عدي بن ثابت، عن البراء به.
ورواه وكيع، عن سفيان، عن أشعث، عن عدي، عن البراء، عن الحارث بن عمرو به: أخرجه أبو نعيم في الحلية (7/ 116) وقال: تفرد به وكيع عن سفيان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ورواه معمر: أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (10804) – ومن طريقه الإمام أحمد في مسنده (18649)، والنسائي في سننه الكبرى (7223)، والطبراني في المعجم الكبير (3404) –،
وأبو خالد الأحمر: أخرجه ابن أبي حاتم في العلل (3/ 718 ت. الحميد)، وابن خزيمة في جزئه (72)، والبيهقي في سننه الكبير (16832) [4] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn4) ، ولفظه: تزوج امرأة أبيه أو امرأة ابنه.
والفضل بن العلاء: علقه عنه أبو زرعة – كما في العلل (1/ 424) –.
ثلاثتهم عن أشعث، عن عدي بن ثابت، عن يزيد بن البراء، عن البراء.
د - ورواه الحجاج بن أرطاة: أخرجه الروياني في مسنده (381) من طريقه عن عدي بن ثابت، عن البراء به.
هـ – ورواه عبد الغفار بن القاسم: أخرجه الإمام أحمد في مسنده (18633) [5] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn5) .
و - ورواه زيد بن أبي أنيسة، واختلف عليه:
فرواه عبد الله بن جعفر: أخرجه الدارمي (2239)، والنسائي في المجتبى (3332) والكبرى (5489)، والطبراني في الأوسط (1119 و 6652) وقال: لم يروه هذين الحديثين عن زيد إلا عبيد الله بن عمرو.
وعمرو بن قسيط: أخرجه أبو داود (4457)، - ومن طريقه البيهقي في سننه الكبير (12239)، وابن الأثير في أسد الغابة (1/ 1274) –.
عبيد بن جناد: أخرجه ابن الجارود في المنتقى (681)، والطبراني في المعجم الكبير (3406) والحاكم في المستدرك (8056 [6] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn6) ) – ومن طريقه البيهقي في السنن الكبير (13696) –، وابن حزم في المحلى (11/ 252)، والبيهقي في سننه الكبير (16670 وَ 12239 [7] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn7) ) .
ثلاثتهم – عبد الله و عمرو و عبيد - عن عبيد الله بن عمرو الرقي، عن زيد، عن عدي، عن يزيد، عن البراء.
ورواه يوسف بن عدي، عن عبيد الله الرقي، عن زيد، عن جابر، عن يزيد، عن البراء، عن خاله: أخرجه الطحاوي في معاني الآثار (4522).
وقد رواه يحيى بن يزيد أبو شيبة الرهاوي عن زيد بن أبي أنيسة عن عدي بن ثابت عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: علقه ابن أبي حاتم في العلل (1/ 424) والدارقطني في العلل (12/ 127) والمزي في تحفة الأشراف (11/ 129).
2 – أبو الجهم:
رواه عنه مطرف: أخرجه سعيد بن منصور سننه (943)، والإمام أحمد في مسنده (18631 وَ 18643)، وأبو داود في سننه (4456) – ومن طريقه البيهقي في سننه الكبير (16831) –، والنسائي في الكبرى (5490، 7220) [8] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn8) ، والحاكم في المستدرك (2778 [9] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn9) وَ 8055 [10] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn10) ) ، والبيهقي في سننه الكبير (16831) وفي معرفة السنن والآثار (16853)، والدارقطني في سننه (3/ 196) والطحاوي في معاني الآثار (4519).
وجاء عن أبي بكر بن عياش عن مطرفٍ معضلاً، وفيه أن الرجل دخل بأمِّ امرأته: أخرجه الإمام أحمد في مسنده (18632).
تحرير الأسانيد:
1 - تحرير أسانيد رواية عدي بن ثابت:
- اتفق الربيع بن ركين والسدي والحجاج بن أرطاة، رووه عن عدي عن البراء بن عازب به،
- ورواه أشعث بن سوار عن عدي، واختُلف عنه على أوجه ثلاثة:
* فرواه حفص بن غياث وهشيم بن بشير عنه عن عدي بن ثابت عن البراء - كرواية الجماعة عن عدي -،
* ورواه وكيع عن سفيان عن أشعث عن عدي عن البراء عن الحارث بن عمرو به،
* ورواه معمر وأبو خالد الأحمر عن عدي عن يزيد بن البراء عن البراء به،
- ورواه عبد الغفار بن القاسم وزيد بن أبي أنيسة عن عدي عن يزيد بن البراء عن البراء - كالوجه الثالث عن أشعث -.
(يُتْبَعُ)
(/)
فأما رواية أشعث، فالوجه الثاني فيها أضعف ما جاء عنه، فالراوي عن وكيع: صالح بن عبد الصمد بن أبي خداش، ذكره ابن حبان في الثقات (8/ 319)، ولم أجد من تكلم فيه بجرح ولا تعديل، وخالفه أحمد بن حنبل وابن أبي شيبة؛ روياه عن وكيع عن الحسن بن صالح عن السدي عن عدي بن ثابت عن البراء.
والوجهان الآخران يشبه أن يكونا اضطرابًا من أشعث، والأقوى منهما الأول؛ لموافقة أشعث فيه الجماعة عن عدي.
وأما رواية عبد الغفار بن القاسم أبي مريم، فقد أشار عبد الله بن أحمد بن حنبل بعقبها إلى أنها معلولة، فقال: " ما حدَّث أبي عن أبي مريم عبد الغفار إلا هذا الحديث لعلته "، وعبد الغفار هذا ضعيف جدًّا، وذكر بعض العلماء أنه يضع الحديث، ولا يبعد أنه أخذ هذه الرواية سرقةً من زيد بن أبي أنيسة، فإنها مشهورة به.
وزيد حافظ ثقة، وله أفراد، وذكر الإمام أحمد بن حنبل أن في حديثه بعض النكرة،، وقد رجَّح أبو حاتم الرازي روايته هذه، حيث ذكر - كما في العلل (1/ 403) - وجهي الاختلاف على أشعث بن سوار، ووهَّم راوييه، ثم قال: " إنما هو كما رواه زيد بن أبي أنيسة عن عدي عن يزيد بن البراء عن البراء عن خاله أبي بردة، ومنهم من يقول: عن عمه أبي بردة "، ولعل ترجيحه هذا لأن زيدًا أحفظ من أشعث وأوثق.
إلا أنه بالتأمل قد يظهر خلاف ذلك، فزيد رهاوي كوفي الأصل، وخالفه الربيع بن ركين؛ وهو كوفي، والسدي؛ وهو صدوق كوفي، وحجاج بن أرطاة؛ وهو ضعيف كوفي، وأشعث بن سوار - في الأقوى عنه -؛ وهو ضعيف كوفي= كلهم رووه عن عدي بن ثابت - وهو ثقة كوفي -، فلم يدخلوا يزيد بن البراء بينه وبين البراء - كما أدخل زيد بن أبي أنيسة -.
ولم يُتفق على زيد في هذا الحديث، فقد روي عنه عن جابر الجعفي عن يزيد بن البراء عن أبيه، ورواه أبو شيبة الرهاوي عنه عن عدي بن ثابت عن أنس، وهذا الوجه الأخير أعله أبو زرعة الرازي؛ قال - كما في العلل (1/ 424) -: " هذا خطأ "، والدارقطني؛ قال في العلل (12/ 127): " وليس هذا من حديث أنس ... "، والمزي؛ قال في التحفة (11/ 129): " وهذا ليس بمحفوظ ".
وعدد الرواة الآخرين عن عدي، واتفاق بلادهم وبلاد شيخهم، وما ذكر لمخالفهم من أفراد، والاختلاف عليه في هذا الحديث= قرائن ترجح روايتهم على روايته، وكذا؛ ففي رواية زيد من الزيادة في المتن ما ليس في روايتهم - ويأتي -.
وقد رجّح هذا أبو زرعة الرازي، قال - كما في العلل (1/ 424، 425) -: " رواه الحسن بن صالح عن السدي عن عدي بن ثابت عن البراء قال: لقيت خالي ومعه الراية،
ورواه حفص بن غياث عن أشعث بن سوار عن عدي بن ثابت عن البراء،
ورواه الفضل بن العلاء وأبو خالد الأحمر ومعمر عن أشعث عن عدي بن ثابت عن يزيد بن البراء عن البراء قال: رأيت خالي،
ورواه شعبة عن الربيع بن الركين عن عدي بن ثابت عن البراء،
ورواه عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عدي بن ثابت عن يزيد بن البراء عن أبيه قال: لقيت عمي ومعه الراية ".
قال أبو زرعة: " الصحيح: خاله، هو أبو بردة بن نيار، واسمه هانئ ".
فرجح أبو زرعة الرواية التي فيها قول البراء: لقيت خالي، وهي رواية السدي وحفص بن غياث عن أشعث بن سوار.
فرواية الجماعة هي الأقوى عن عدي بن ثابت، والله أعلم.
ومع هذا كله فقد قال أبو حاتم – كما في العلل لابنه (3/ 719) – عندما ذكر له ابنه رواية أبي خالد الأحمر وحفص، عن أشعث واختلافهم عليه قال: وهما جميعاً؛ إنما هو: كما رواه زيد بن أبي أنيسة، عن عدي، عن يزيد بن البراء، عن خاله أبي بردة، ومنهم من يقول: عن عمه أبي بردة.
2 - تحرير أسانيد رواية أبي الجهم:
رواه عنه مطرف، واختُلف عنه:
- فاتفق خالد بن عبد الله وجرير وأسباط بن محمد على روايته عنه عن أبي الجهم عن البراء،
- ورواه أبو بكر بن عياش عن مطرف، واختُلف عنه:
* فرواه أحمد بن يونس عنه عن البراء كرواية الجماعة إسنادًا ومتنًا،
* ورواه أسود بن عامر عن أبي بكر عن مطرف معضلاً، وجعل الرجل دخل بأم امرأته، لا بزوجة أبيه،
ولعل أسود قصر به، وهو مخطئ في المتن، وأحمد بن يونس حافظ ثقة، أوثق من أسود.
تحرير المتون:
1 - رواية عدي بن ثابت:
(يُتْبَعُ)
(/)
- اتفق الربيع بن ركين وأشعث بن سوار والحجاج بن أرطاة على روايته بحكاية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى رجل أتى امرأة أبيه ليُقتل، هذا مضمون روايتهم، وعُيّن المبعوث بأنه خال (أو عم) البراء، قال: بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى رجل نكح امرأة أبيه فأمرني أن أضرب عنقه.
- ورواه الحسن بن صالح عن السدي، واختُلف عنه:
* فاتفق يحيى بن آدم يحيى بن فضيل وأبو نعيم الفضل بن دكين وأحمد بن يونس على روايته كرواية الجماعة،
* ورواه عبيد الله بن موسى عن الحسن به، وزاد: " وآخذ ماله "،
* ورواه أبو غسان مالك بن إسماعيل، واختُلف عنه:
** فرواه علي بن عبد العزيز وإسماعيل الصائغ عنه كما رواه الجماعة عن عدي،
** ورواه إبراهيم بن إسحاق الحربي عنه به، وزاد: " وآخذ ماله "،
والظاهر أن الزيادة عن أبي غسان خطأ؛ سببه أن الحربي جمع بين رواية أبي غسان وعبيد الله بن موسى عن الحسن بن صالح، وساق لفظ الأخير.
* ورواه وكيع واختُلف عنه:
** فرواه ابن أبي شيبة كرواية الجماعة،
** ورواه أحمد بن حنبل به وزاد: " وآخذ ماله "،
ولعل هذه الزيادة محفوظة عن وكيع.
فاتفق الحفاظ أحمد بن يونس وأبو نعيم وأبو غسان على عدم ذكر الزيادة، ووافقهم يحيى بن فضيل، ولم أجد فيه جرحًا أو تعديلاً، وله ترجمه في الجرح والتعديل (9/ 181)، وانفرد عنهم وكيع وعبيد الله بن موسى. ولعل رواية الجماعة أولى بالصواب، ويؤيده أن سفيان رواه متابعًا للحسن بن صالح، ولم يذكر الزيادة.
- وقد جاءت روايات زيد بن أبي أنيسة جميعها بذكر الزيادة، إلا أنه سبق أن روايته معلولة، وهو مخالَفٌ في هذا الحديث إسنادًا - كما سبق -، ومتنًا؛ إذ ذكر هذه الزيادة وتركها الآخرون غيره (وهم الربيع بن ركين والسدي وأشعث بن سوار والحجاج بن أرطاة)، وروايتهم أقوى من روايته، فهذه الزيادة في هذه الرواية خطأ.
- ورواه عبد الغفار بن القاسم أبو مريم فذكر الزيادة، وسبق أن عبد الغفار ضعيف جدًّا، متهم بالوضع، ولا يبعد أنه سرق هذا الحديث من زيد بن أبي أنيسة؛ إذ قد اتفقت روايتاهما إسنادًا ومتنًا.
فالخلاصة: أنه لا تظهر صحة زيادة: " وآخذ ماله " في رواية عدي بن ثابت، ويدل عليه ما يلي:
2 - رواية أبي الجهم:
ولم يُختلف عليه في المتن، ولم تأتِ عنه زيادة: " وآخذ ماله " في أي رواية عنه.
أقوال الأئمة في هذا الحديث:
وقال أبو عيسى الترمذي: حديث البراء حديث حسن غريب.
وقال العقيلي في الضعفاء (2/ 201): وقد روي عن البراء، عن عمه أبي بردة بن نيار قال: بعثني النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى رجلٍ عَرَّسَ بامرأة أبيه أن يضرب عنقه. بإسنادٍ صالح.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.
وقال أبو عمر ابن عبد البر في الاستيعاب (1/ 88): وفيه اضطراب يطول ذكره؛ فإن كان الحارث هذا هو: الحارث بن عمرو بن غزية – كما زعم بعضهم – فعمرو بن غزية ممن شهد العقبة، وكان له فيما يقول أهل النسب: أربعة من الولد كلهم صحب النبي – صلى الله عليه وسلم – وهم: الحارث، وعبد الرحمن، وزيد، وسعد بنو عمرو ابن غزية؛ وليس لواحد منهم رواية إلا الحارث؛ هكذا زعم بعض مَنْ أَلَّفَ في الصحابة؛ وفيما قال من ذلك نظر!
وقد روى عن النبي – صلى الله عليه وسلم – الحجاج بن عمرو بن غزية لا يختلفون في ذلك، وما أظن الحارث هذا هو ابن عمرو بن غزية، والله أعلم.
وقال ابن حزم في المحلى (مسألة 2220): وهذا الخبر من طريق الرقين صحيحٌ، نقيُّ الإسناد، وأما من طرق خشيم فليست بشيء، لأن أشعث بن سوار ضعيف.
وقال أيضاً: هذه آثارٌ صحاح تجب بها الحجة، ولا يضرها أن يكون عدي بن ثابت حدَّثَ به مرةً عن البراء،
ومرةً عن يزيد بن البراء، عن أبيه،
فقد يسمعه من البراء، ويسمعه من يزيد بن البراء فيحدث به مرةً عن هذا، ومرةً عن هذا؛ فهذا سفيان بن عيينة يفعل ذلك، يروي الحديث عن الزهري مرةً، وعن معمر عن الزهري مرة.
وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (4/ 529): وفي إسناده اختلاف.
وقال ابن القيم في تعليقه على مختصر المنذري بعد أن ساق – رحمه الله – كلام المنذري إلى آخر الباب ثم قال: وهذا كله يدل على أن الحديث محفوظ ولا يوجب هذا تركه بوجه.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن البراء بن عازب حدث به عن أبي بردة بن نيار واسمه الحارث بن عمرو، وأبو بردة كنيته، وهو عمه وخاله، وهذا واقع في النسب، وكان معه رهط؛ فاقتصر على ذكر الرهط مرة، وعين من بينهم أبا بردة بن نيار باسمه مرة وبكنيته أخرى، وبالعمومة تارة وبالخؤولة أخرى؛
فأي علة في هذا توجب ترك الحديث، والله الموفق للصواب.
والحديث له طرق حسان يؤيد بعضها بعضاً،
منها: مطرف، عن أبي الجهم، عن البراء.
ومنها: شعبة، عن الركين بن الربيع، عن عدي بن ثابت، عن البراء.
ومنها: الحسن بن صالح، عن السدي، عن عدي، عن البراء.
ومنها: معمر، عن أشعث، عن عدي، عن يزيد بن البراء، عن أبيه.
وذكر النسائي في سننه من حديث عبد الله بن إدريس: حدثنا خالد بن أبي كريمة، عن معاوية بن قرة، عن أبيه: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعث أباه جد معاوية إلى رجل عرس بامرأة أبيه فضرب عنقه وخمس ماله.
قال ابن حجر في الفتح (12/ 118): وفي سنده اختلاف كثير.
وصححه الشيخ محمد بن عبد الوهاب؛ كما في مجموع مؤلفاته (1/ 219).
وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود والترمذي، وكذلك في الإرواء (ح 2351).
وقال محققو المسند: إسناده ضعيف لاضطرابه.
وقد سبق في ثنايا الكلام على الحديث نقل أقوال جمعٍ من أهل العلم على هذا الحديث.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين
[1] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref1) اختلف في اسمه عنده، فجاء في نسخة الأصل لطبعة الرسالة ونسخة أخرى: الربيع بن الركين بن الربيع - وهو الربيع الذي في الروايات الأخرى -، وجاء في تحفة الأشراف: الركين بن الربيع، وصوب محقق السنن ما في التحفة، وما في النسخ أولى؛ لموافقته سائر الروايات عن الربيع.
[2] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref2) ولعل سبب ذكر الزيادة في رواية الحاكم أنه جمع بين رواية أبي غسان وعبد الله بن موسى، وساق لفظ الأخير.
[3] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref3) وقع في المطبوع إضافة (يزيد بن البراء) بين (عدي) و (البراء)؛ والصواب: أن رواية هشيم ليس فيها ذكر يزيد بن البراء؛ وذلك لأمرين:
1 – أن جميع مصادر التخريج اتفقت على إسقاط يزيد بن البراء.
2 – أنَّ المزي في تهذيب الكمال ساق إسناده إلى الطبراني ولم يذكر يزيداً، والله أعلم.
[4] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref4) ولكنه قال: عن البراء، عن خاله: أنَّ رجلاً تزوج امرأة أبيه ... ، وفي العلل: عن عدي، عن يزيد، عن خاله.
[5] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref5) وفيه: أنَّ الرجل من بني تميم.
وبعد أن ساق الحديث: قال أبو عبد الرحمن: ما حدَّث أبي عن أبي مريم عبد الغفار إلا هذا الحديث لعلته.
[6] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref6) وقد سقط أول إسناده.
[7] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref7) بإسنادٍ غير إسناد أبي داود.
[8] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref8) وقد تحرف في المطبوع (أبو زبيد) الراوي عن مطرف إلى (أبو زيد) وسقط منه اسم مطرف!
[9] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref9) وقال الذهبي: إسناده مليح.
[10] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref10) وقال الذهبي: صحيح.
ـ[وليد الدلبحي]ــــــــ[13 - Nov-2007, صباحاً 12:04]ـ
بارك الله فيك ياشيخ عبدالله، ونفع بك، بحث متكامل، وجهد طيب بذل فيه، فنسأل الله أن يجزل لك المثوبة والعطاء، ولا أنسى أن أقول للشيخ محمد بن عبدالله بارك الله فيك وأحسن إليك، ورد الفضل إلى أهل الفضل هي شيمت أهل الفضل، كما رأينا من أخينا الفاضل الشيخ عبدالله المزروع.
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[13 - Nov-2007, صباحاً 12:33]ـ
شكر اللَّهُ لكم، ونفع بكم يا شيخ عبد اللَّه.
ـ[عبد الله المزروع]ــــــــ[18 - Nov-2007, صباحاً 12:03]ـ
بارك الله فيكما، ونفع بكما.
ـ[ابن رجب]ــــــــ[18 - Nov-2007, صباحاً 10:24]ـ
بارك فيكم ياشيخ عبدالله ,, بحث موفق.
ـ[عبد الله المزروع]ــــــــ[01 - Dec-2007, مساء 05:05]ـ
بارك فيكم ياشيخ عبدالله ,, بحث موفق.
وفيك بارك ..
ـ[غالب بن محمد المزروع]ــــــــ[01 - Dec-2007, مساء 08:13]ـ
أحسن الله إليك يا شيخ عبد الله على اتحافنا بهذا التخريج لبحثكم المتعلق بحكم من أتى ذات محرمٍ
ـ[عبد الله المزروع]ــــــــ[02 - Dec-2007, صباحاً 06:39]ـ
أحسن الله إليك يا شيخ عبد الله على اتحافنا بهذا التخريج لبحثكم المتعلق بحكم من أتى ذات محرمٍ
وأحسن إليك، وحفظك الله يا ابن العم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الله المزروع]ــــــــ[24 - May-2008, مساء 05:10]ـ
قال الطبري في تهذيب الآثار (1/ 571): ... قالوا: وأما حديث البراء: فإنه رواه أشعث النقاش، عن عدي بن ثابت، وأشعث وعدي ممن لا يحتج في الدين بنقالهما.
وأما أبو الجهم: الذي روى عنه مطرف، فإنه شيخ مجهول.
قالوا: وحديث معاوية بن قرة أوهى وأضعف، لأنه خبر لا يعرف له مخرج إلا من حديث خالد بن أبي كريمة / ومثل خالد بن أبي كريمة لا يحبج به في الدين.
قالوا: ويزيد حديث خالد وهاءً ما فيه من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يخمس مال من عرَّس بامرأة أبيه بعد قتله ....(/)
هل روى البخاري في صحيحه عن الإمام أحمد? الجواب:
ـ[مبارك بن جديع]ــــــــ[13 - Nov-2007, مساء 09:21]ـ
" " " هل روى البخاري في صحيحه عن الإمام أحمد بن حنبل " " "
الجواب: نعم , والذي وقفت عليه من ذلك ثلاثة مواضع , مرة بواسطة, ومرتان بدون واسطة , واليك _ أخي القارئ _ بيان ذلك:
أولا: في كتاب المغازي , باب كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم؟
(حديث رقم 4473 , 7/ 760 مع الفتح) قال حدثني أحمد بن الحسن حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال حدثنا معتمر بن سليمان عن كهمس عن ابن بريدة عن ابيه قال غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست عشرة غزوة "
ثانيا: في كتاب النكاح , باب ما يحل من النساء وما يحرم
(حديث رقم 5105 , 9/ 57 مع الفتح) وقال لنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثني حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس " حرم من النسب سبع ومن الصهر سبع ثم قرأ (حرمت عليكم أمهاتكم) الآية
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: " (وقال لنا أحمد بن حنبل): هذا فيما قيل أخذه المصنف عن الإمام أحمد في المذاكرة أو الإجازة , والذي ظهر لي بالاستقراء أنه إنما استعمل هذه الصيغة في الموقوفات وربما استعملها فيما فيه قصور ما عن شرطه والذي هنا من الشق الأول وليس للمصنف في هذا الكتاب رواية عن أحمد إلا في هذا الموضع , وأخرج عنه في آخر المغازي حديثا بواسطة وكأنه لم يكثر عنه لأنه في رحلته القديمة لقى كثيرا من مشايخ أحمد فاستغنى بهم , وفي رحلته الأخيرة كان أحمد قد قطع التحديث فكان لا يحدث إلا نادرا , فمن ثم أكثر البخاري عن علي بن المديني دون أحمد ".
ثالثا: في كتاب اللباس , باب هل يجعل نقش الخاتم ثلاثة أسطر؟
(حديث رقم 5879 , 10/ 328 مع الفتح) قال أبو عبدالله وزادني أحمد: حدثنا الانصاري قال حدثني أبي عن ثمامة عن أنس قال " كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في يده , وفي يد أبي بكر بعده , وفي يد عمر بعد أبي بكر , فلما كان عثمان جلس على بئر أريس قال فأخرج الخاتم فجعل يعبث به فسقط , قال فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان فننزح البئر فلم نجده "
قال الحافظ ابن حجر: (قوله " وزادني أحمد حدثنا الانصاري الى آخره) هذه الزيادة موصولة , وأحمد المذكور جزم المزي في الأطراف أنه أحمد بن حنبل , لكن لم أر هذا الحديث في مسند أحمد من هذا الوجه أصلا ".
وقال العيني في عمدة القاري (11/ 39): وأحمد هو ابن محمد بن حنبل الإمام قاله الحافظ المزي وكذا قاله الكرماني , وقال بعضهم هذه الزيادة موصولة , قلت ظاهره التعليق.
قلت الذي في تحفة الأشراف 1/ 158: " وزادني أحمد قال حدثنا الانصاري " كما هو موجود في البخاري بدون نسبة , والله أعلم.
ـ[الحلم والأناة]ــــــــ[14 - Nov-2007, مساء 10:40]ـ
" " "
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: " (وقال لنا أحمد بن حنبل): هذا فيما قيل أخذه المصنف عن الإمام أحمد في المذاكرة أو الإجازة , والذي ظهر لي بالاستقراء أنه إنما استعمل هذه الصيغة في الموقوفات وربما استعملها فيما فيه قصور ما عن شرطه والذي هنا من الشق الأول.
فائدة تضاف في موضوع حديث المعازف
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[15 - Nov-2007, صباحاً 11:36]ـ
سلامٌ عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
فقد قال الإمامُ البخاري في كتاب الشهادات، باب 15 (نسخة المكنز):
2661 - حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَأَفْهَمَنِى بَعْضَهُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِىِّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ، قَالَ الزُّهْرِىُّ، وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ، وَأَثْبَتُ لَهُ اقْتِصَاصاً، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِى حَدَّثَنِى عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضاً. زَعَمُوا
(يُتْبَعُ)
(/)
أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَراً أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِى غَزَاةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِى، فَخَرَجْتُ مَعَهُ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَأَنَا أُحْمَلُ فِى هَوْدَجٍ وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِى أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ، فَلَمَسْتُ صَدْرِى، فَإِذَا عِقْدٌ لِى مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِى، فَحَبَسَنِى ابْتِغَاؤُهُ، فَأَقْبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِى، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِى فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِى الَّذِى كُنْتُ أَرْكَبُ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّى فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافاً لَمْ يَثْقُلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، وَإِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ فَاحْتَمَلُوهُ وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِى بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، فَأَمَمْتُ مَنْزِلِى الَّذِى كُنْتُ بِهِ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِى فَيَرْجِعُونَ إِلَىَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِى عَيْنَاىَ فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِىُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِىُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِى فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِى، وَكَانَ يَرَانِى قَبْلَ الْحِجَابِ فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ يَدَهَا فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِى الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ فِى نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِى تَوَلَّى الإِفْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ بِهَا شَهْراً، يُفِيضُونَ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، وَيَرِيبُنِى فِى وَجَعِى أَنِّى لاَ أَرَى مِنَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم اللُّطْفَ الَّذِى كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَمْرَضُ، إِنَّمَا يَدْخُلُ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ «كَيْفَ تِيكُمْ». لاَ أَشْعُرُ بِشَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ مُتَبَرَّزُنَا، لاَ نَخْرُجُ إِلاَّ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيباً مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِى الْبَرِّيَّةِ أَوْ فِى التَّنَزُّهِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أَبِى رُهْمٍ نَمْشِى، فَعَثُرَتْ فِى مِرْطِهَا فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْراً فَقَالَتْ يَا هَنْتَاهْ أَلَمْ تَسْمَعِى مَا قَالُوا فَأَخْبَرَتْنِى بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، فَازْدَدْتُ مَرَضاً إِلَى مَرَضِى، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِى دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ فَقَالَ «كَيْفَ تِيكُمْ». فَقُلْتُ ائْذَنْ لِى إِلَى أَبَوَىَّ. قَالَتْ وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، فَأَذِنَ لِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْتُ أَبَوَىَّ فَقُلْتُ لأُمِّى مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ فَقَالَتْ يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِى عَلَى نَفْسِكِ الشَّأْنَ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلاَّ أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا. فَقُلْتُ
(يُتْبَعُ)
(/)
سُبْحَانَ اللَّهِ وَلَقَدْ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهَذَا قَالَتْ فَبِتُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ، يَسْتَشِيرُهُمَا فِى فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالَّذِى يَعْلَمُ فِى نَفْسِهِ مِنَ الْوُدِّ لَهُمْ، فَقَالَ أُسَامَةُ أَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ نَعْلَمُ وَاللَّهِ إِلاَّ خَيْراً، وَأَمَّا عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَرِيرَةَ فَقَالَ «يَا بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ فِيهَا شَيْئاً يَرِيبُكِ». فَقَالَتْ بَرِيرَةُ لاَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ مِنْهَا أَمْراً أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنِ الْعَجِينَ فَتَأْتِى الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ ابْنِ سَلُولَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ يَعْذِرُنِى مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِى أَذَاهُ فِى أَهْلِى، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ خَيْراً، وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْراً، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ مَعِى». فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا وَاللَّهِ أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمْرَكَ. فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلاً صَالِحاً وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، لاَ تَقْتُلُهُ وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ فَقَالَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ. فَثَارَ الْحَيَّانِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَلَ فَخَفَّضَهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، وَبَكَيْتُ يَوْمِى لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، فَأَصْبَحَ عِنْدِى أَبَوَاىَ، قَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْماً حَتَّى أَظُنُّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِى - قَالَتْ - فَبَيْنَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِى وَأَنَا أَبْكِى إِذِ اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِى مَعِى، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَلَسَ، وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِى مِنْ يَوْمِ قِيلَ فِىَّ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ مَكُثَ شَهْراً لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِى شَأْنِى شَىْءٌ - قَالَتْ - فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ «يَا عَائِشَةُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِى عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ فَاسْتَغْفِرِى اللَّهَ وَتُوبِى إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ». فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِى حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً وَقُلْتُ لأَبِى أَجِبْ عَنِّى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ لأُمِّى أَجِيبِى عَنِّى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا قَالَ. قَالَتْ وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ
(يُتْبَعُ)
(/)
لاَ أَقْرَأُ كَثِيراً مِنَ الْقُرْآنِ فَقُلْتُ إِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ سَمِعْتُمْ مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ، وَوَقَرَ فِى أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّى بَرِيئَةٌ. وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّى لَبَرِيئَةٌ لاَ تُصَدِّقُونِى بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّى وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِى وَلَكُمْ مَثَلاً إِلاَّ أَبَا يُوسُفَ إِذْ قَالَ (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) ثُمَّ تَحَوَّلْتُ عَلَى فِرَاشِى، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُبَرِّئَنِى اللَّهُ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنْ يُنْزِلَ فِى شَأْنِى وَحْياً، وَلأَنَا أَحْقَرُ فِى نَفْسِى مِنْ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ فِى أَمْرِى، وَلَكِنِّى كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِى اللَّهُ، فَوَاللَّهِ مَا رَامَ مَجْلِسَهُ وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ فِى يَوْمٍ شَاتٍ، فَلَمَّا سُرِّىَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ لِى «يَا عَائِشَةُ، احْمَدِى اللَّهَ فَقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ». فَقَالَتْ لِى أُمِّى قُومِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ لاَ وَاللَّهِ، لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلاَ أَحْمَدُ إِلاَّ اللَّهَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) الآيَاتِ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِى بَرَاءَتِى قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رضى الله عنه - وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئاً أَبَداً بَعْدَ مَا قَالَ لِعَائِشَةَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ) إِلَى قَوْلِهِ (غَفُورٌ رَحِيمٌ) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بَلَى، وَاللَّهِ إِنِّى لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِى، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ الَّذِى كَانَ يُجْرِى عَلَيْهِ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِى، فَقَالَ «يَا زَيْنَبُ، مَا عَلِمْتِ مَا رَأَيْتِ». فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحْمِى سَمْعِى وَبَصَرِى، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلاَّ خَيْراً، قَالَتْ وَهْىَ الَّتِى كَانَتْ تُسَامِينِى، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ. أطرافه 2593، 2637، 2688، 2879، 4025، 4141، 4690، 4749، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545 - تحفة 17409، 16126، 16576، 16311 - 228/ 3 - 229/ 3 - 230/ 3 - 231/ 3
والله تعالى أجل وأعلم
ـ[مبارك بن جديع]ــــــــ[17 - Nov-2007, مساء 04:59]ـ
اختلف شراح صحيح البخاري في تحديد قول البخاري في حديث الإفك (وأفهمني بعضه أحمد) على أقوال:
1 - أحمد هو رفيقا لأبي الربيع في الرواية عن فليح , وأن يكون البخاري حمله عنهما جميعا على الكيفية المذكورة , ويحتمل أن يكون رفيقا للبخاري في الرواية عن أبي الربيع , احتمله الحافظ ابن حجر في الفتح , وقال في الثاني وهو الأقرب.
2 - أحمد بن يونس , ذكره الحافظ احتمالا كما وقع في أطراف خلف , وجزم بذلك ايضا الدمياطي , وقال الكرماني: وفي بعض النسخ: أحمد بن يونس , واما المزي فوهم خلف في ذلك , وقال الحافظ ابن حجر وليس هذا الجزم بواضح.
3 - وزعم ابن خلفون أن أحمد هذا هو ابن حنبل.
4 - أحمد بن النضر النيسابوري جزم به الذهبي في طبقات القراء وجزم به غيره.
5 - قال ابن حجر: وقد حدث به عن ابي الربيع الزهراني ممن يسمى أحمد أيضا أبو بكر أحمد بن عمرو بن ابي عاصم وابويعلى أحمد بن علي بن المثنى وغيرهما , وقد ذكرت في المقدمة طائفة ممن روى هذا الحديث عن فليح ممن تسمى أحمد وكذلك من رواه عن أبي الربيع ممن يسمى أحمد أيضا , فالله أعلم , انتهى كلام الحافظ ابن حجر (الفتح 5/ 322 - 323) , وينظر هدي الساري (224) وينظر عمدة القاري للعيني (13/ 227).
وقال الحافظ ابن حجرفي هدي الساري: ورأيته في نسخةابي الحسين اليونيني وقد أهمله في جميع الروايات التي وقعت له إلا رواية واحدة فإنه كتب عليها علامة ق ونسبه فقال أحمد بن يونس.
وقال السخاوي في فتح المغيث (2/ 272) في مبحث إصلاح اللحن والخطأ: وأفهمني بعضه أحمد بن يونس , ثم ذكر الخلاف.
وقد استخدم البخاري هذه اللفظة (وأفهمني بعضه) في خارج الصحيح , فاستخدمها في الأدب المفرد (1/ 371) فقال:
حدثنا أبو عاصم وأفهمني بعضه عنه أبو حفص بن علي , وكذا في التاريخ الكبير (7/ 241).(/)
سؤال حول حديث بسرة من مس فرجه فليتوضأ
ـ[ابن الحصائري]ــــــــ[14 - Nov-2007, صباحاً 01:50]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخواة الكرام أريد أن استفسر عن حديث بسرة بنت صفوان (من مس فرجه فليتوضأ)
فقد وقفت على كلام للطحاوي يعل به الحديث مفاده أن الحديث في إسناده مروان بن الحكم وقد جرحه جرحا شديدا فقال هو فاسق وعليه فالحديث ضعيف؟
فما الجواب عن هذا الإشكال، وكيف صحح الأئمة الحديث وفي إسناده مروان بن الحكم وقد قيل فيه ما قيل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابن الحصائري .... ليبيا ..... طرابلس
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[14 - Nov-2007, مساء 09:42]ـ
عن بسرة بنت صفوان: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: من مس ذكره فلا يصلي حتى يتوضأ).
رواه الخمسة وصححه الامام احمد ويحيى بن معين والترمذي وقال البخاري: هو أصح شيء في هذا الباب. وصححه الدارقطني
الحديث أخرجه أيضًا مالك والشافعي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن الجارود
قال أبو داود: قلت لأحمد حديث بسرة ليس بصحيح قال: بل هو صحيح
قال البيهقي: هذا الحديث وإن لم يخرجه الشيخان لاختلاف وقع في سماع عروة منها أو من مروان فقد احتجا بجميع رواته.
وقال الإسماعيلي: يلزم البخاري إخراجه فقد أخرج نظيره.
وغاية ما قدح به من طعن في صحة الحديث كالطحاوي أنه حدث به مروان عروة فاستراب بذلك عروة فأرسل مروان إلى بسرة رجلًا من حرسه فعاد إليه بأنها ذكرت ذلك والواسطة بين عروة وبسرة أما مروان وهو مطعون في عدالته أو حرسيه وهو مجهول. والجواب أنه قد جزم ابن خزيمة وغير واحد من الأئمة بأن عروة سمعه من بسرة
وفي صحيح ابن خزيمة وابن حبان قال عروة: فذهبت إلى بسرة فسألتها فصدقته وبمثل هذا أجاب الدارقطني وابن حبان.
يضاف الى ذلك انه مروي عن جماعة من الصحابة اذوردفي الباب عن أم حبيبة، وأبي أيوب. وأبي هريرة. وأروى بنت أنيس. وعائشة. وجابر. وزيد بن خالد. وعبد اللّه بن عمر
،واصحها حدبث بسرة قال محمد بن إسماعيل البخاري هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب
وصححه من العلماء المعاصرين الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
في صحيح سنن الترمذي وفي (صحيح) سنن ابن ماجه.
ـ[أبو الفضل الجزائري]ــــــــ[22 - Nov-2007, مساء 10:58]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن حديث بسرة رواه مالك والزهري و ابن عيينة وشعبة وغيرهم من الأئمة عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عروة قال تذاكرت مع مروان ما يكون منه الوضوء فقال: ومن مس الذكر، فقال عروة: ما علمت هذا، قال مروان حدثتني بسرة بنت صفوان عن رسول الله قال: من مس ذكره فليتوضأ، قال عروة فلم أقنع حتى أرسل إلى بسرة شرطيا فصدقته بما قال.
وقد رواه هشام عن عروة فاختلف عنه: فقال تارة عن بسرة وتارة قال عن مروان عن بسرة، ووقع في بعض الطرق عن هشام عن عروة قال فسألت بسرة.
فصححه الأئمة لهذا ولم يلتفتوا إلى رواية مروان كابن حبان والدارقطني وغيرهما، ومنهم من توقف وقال القصة هي هي والسائل لبسرة إنما هو شرطي مروان لا غير، وقول من قال فسألت بسرة أنه عروة قد يكون وهما، وقد صحح حديث مروان عن بسرة يحيى بن معين البخاري فيما أتوهم وخرجه النسائي في المجتبى (وهو ما صح عنده من الحديث)، وفصل ابن حزم والحافظ في ر وايته فقالا ما ملخصه: أنه مارواه عنه عروة وعلي بن الحسين وسهل بن سعد وغيرهما أثناء الإمارة على المدينة فهو صحيح وذلك قبل أن يخرج بالسيف على عبد الله بن الزبير، وإنما قتل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه تأولا. اهـ
وللحديث شواهد عديدة كما ذكر الأخ منها حديث مكحول عن عنبسة عن أم حبيبة وقد صححه أحمد ودحيم وضعفه البخاري وأبو زرعة والنسائي لاحتمال الانقطاع بين مكحول وعنبسة.
وحديث بسرة قد رواه عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن بسرة مرسلا، ومنهم من جعله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
وشاهد من حديث أبي هريرة وشاهد من حديث محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان مرسلا، والله أعلم.(/)
ما درجة هذا الحديث: "إن اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن .. "؟
ـ[طالبة علم]ــــــــ[14 - Nov-2007, صباحاً 01:56]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,
أقرأ كثيرا في فضل تربية اليتيم والوعيد الشديد من الإساءة لليتيم،قرأت في تفسير قوله تعالى: (فأما اليتيم فلا تقهر) كثيرا ولم أجد ضالتي!
وقرأت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن، فيقول اللّه تعالى لملائكته: يا ملائكتي، من ذا الذي أبكى هذا اليتيم الذي غيبت أباه في التراب، فتقول الملائكة ربنا أنت أعلم، فيقول اللّه تعالى لملائكته: يا ملائكتي، اشهدوا أن من أسكته وأرضاه؟ أنا أرضيه يوم القيامة)!
بداية، مامدى صحة هذا الحديث؟
ثانيا ماهي حدودي في تربية اليتيم من الناحية الشرعية. فعند التربية لابد من الحزم في بعض الأمور، مما يترتب عليه قهر اليتيم، فأشعر بتأنيب ضمير أخشى أني أكون قد أسأت لليتيم إذا مانهرته ..
أحتاج إلى الإجابة من ناحية شرعية، لا من ناحية تربوية فأنا باحثة تربوية، ولكني أريد معرفة الحدود الشرعية في تربية اليتيم!
أرجو التفاعل مع موضوعي فأنا والله في أمس الحاجة لمعرفة هذه الأمور
وفقك الله و جزاكم الله خير الجزاء
ـ[طالبة علم]ــــــــ[14 - Nov-2007, مساء 03:37]ـ
أما لتساؤلي من إجابة!
ـ[ابن رشد]ــــــــ[14 - Nov-2007, مساء 04:47]ـ
جاء في روضة المحبين أن إسناده ضعيف
وله شاهد من حديث انس مرفوعا قال عنه الخطيب:منكراجدا لم أكتبه إلا بهذا الاسناد ورجاله ثقات الا موسى وهو مجهول وحديثه عندنا غير مقبول.
اللآلئ المصنوعة:ج2ص:71
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[14 - Nov-2007, مساء 05:20]ـ
فتوى العلامة ابن جبرين حفظه الله
هل من قهر اليتيم، تأديبه وضربه لما في ذلك مصلحته؟
الجواب: قال الله تعالى: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ والمراد لا تذله ولا تضره وتضيق عليه وتنهره وتزجره زجرا يتأثر به نفسيا، ولا يدخل في ذلك تأديبه وتعليمه سيما إذا احتاج إلى ضرب وتهديد وتخويف كما يفعل حاضنه مع أولاده، فإن ذلك من مصلحتهم.
ـ[طالبة علم]ــــــــ[16 - Nov-2007, صباحاً 01:04]ـ
جزاكم الله خير وأجزل لكم المثوبة والأجر
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[16 - Nov-2007, صباحاً 06:43]ـ
إن اليتيم إذا بكى؛ اهتز عرش الرحمن لبكائه، فيقول الله عز وجل لملائكته: من أبكى عبدي؛ وأنا قبضت أباه وواريته في التراب؟! فيقولون: ربنا! لا علم لنا. فيقول الرب تعالى: اشهدوا: لمن أرضاه؛ أرضيه يوم القيامة
الراوي: عمر بن الخطاب - خلاصة الدرجة: منكر جدا - المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الضعيفة - الصفحة أو الرقم: 5852
ـ[طالبة علم]ــــــــ[17 - Nov-2007, مساء 12:44]ـ
الله يجزاك خير(/)
«هل وُلِدَ علي بن أبي طالب (رضي اللَّه عنه) في جوف الكعبة؟»
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[15 - Nov-2007, مساء 11:26]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُئلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ د. الشَّرِيْف حَاتِمِ بنِ عَارِفٍ العَونِيّ:
هل صحيح أن سيدنا علياً رضي الله عنه وُلِد داخل الكعبة، وإذا كان الجواب نعم فهل في هذا ميزة له رضي الله عنه؟
فَأَجَابَ ـ سَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ـ:
الحمد لله ذي الجلال، والصلاة والسلام على رسوله وأزواجه والآل.
أما بعد: فجوابًا على السؤال أقول (وبالله التوفيق):
لم يرد حديثٌ صحيحٌ بذلك، ولم يرد بذلك شيءٌ في المصادر الموثوقة من مصادر السنة؛ إلا ما جاء في كلامٍ لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري، وما ورد في مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) لابن المغازلي.
أما الحاكم فأورد ما جاء عن بعض نسّابي قريشٍ، من أن حكيم بن حِزام (رضي الله عنه) وُلد في جوف الكعبة، فلم يُنكر ذلك، لكنه لما أورد قول مصعب بن عبد الله الزُّبيري عن حكيم: "وأمه فاختة بنت زهير بن أسد بن عبد العزى، وكانت ولدت حكيمًا في الكعبة، وهي حامل، فضربها المخاض وهي في جوف الكعبة، فولدت فيها، فحُمِلت في نِطْعٍ، وغُسل ما كان تحتها من الثياب عند حوض زمزم. (قال مصعب:) ولم يُولد قبلَه، ولا بعده، في الكعبة أحدٌ".
فتعقّبه الحاكم قائلًا: "وَهِمَ مصعبٌ في الحرف الأخير، فقد تواترت الأخبار: أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في جوف الكعبة". (المستدرك 3/ 482،483).
وأما ما جاء عند ابن المغازلي، فإنه أسند خبرًا فيه قصة مولد علي (رضي الله عنه) في جوف الكعبة (مناقب علي رقم 3)؛ لكن إسناده شديد الضعف، لتتابع المجهولين في إسناده، مع نكارة القصة التي تفرّدوا بها. وهذا أحد أكبر عيوب كتاب ابن المغازلي في المناقب، حتى قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن كتابه هذا: "قد جمع في كتابه من الأحاديث الموضوعات ما لا يخفى أنه كذبٌ على من له أدنى معرفةٍ بالحديث". كما في منهاج السنة النبوية (7/ 15).
فأما قول الحاكم: "فقد تواترت الأخبار: أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في جوف الكعبة"،
فـ (المتواتر) عند الحاكم ليس هو المتواتر عند الأصوليين، والذي يعنون به الخبر الذي يفيد العلم اليقيني الضروري لكثرة المخبرين به.
كما نبّه على ذلك البلقيني في محاسن الاصطلاح (453)، والعراقي في التقييد والإيضاح (1/ 776)،
وكما كنت قد بينته في كتابي المنهج المقترح لفهم المصطلح (93). فلا يتجاوز كلام الحاكم أن يكون إخبارًا عن أن هذا الأمر في زمنه كان من الأمور المشهورة بين الناس، ولا يدل على أكثر من ذلك؛ لما بيّنّاه من أن المتواتر عنده ليس هو المتواتر عند الأصوليين.
وإذا تبيّنَ ذلك: فإن مجرّد الشهرة في زمن الحاكم المتوفَّى سنة (405هـ)، لا تُغني شيئًا؛ خاصةً إذا خالفت مقالةً لمن هو أقرب زمنًا منه من زمن الحادثة التي اشتهرت في زمنه، وهو مصعب الزبيري المتوفَّى سنة (236هـ)، وهو علّامةٌ في نسب قريشٍ وأخبارها، حيث نفى أن يكون أحدٌ قد وُلد في جوف الكعبة غير حكيم بن حزامٍ كما سبق.
أما سبب شهرة هذا الأمر في زمن الحاكم:
فهو لأنه مما تدّعيه الشيعةُ لعلي (رضي الله عنه)، وهو عندهم يكاد يكون من المسلّمات، دون أن يكون لديهم برهانٌ صحيحٌ عليه. حتى قال شاعرهم (وهو السيد الحميري، كما في ديوانه 64) عن فاطمة بنت أسد أمِّ علي بن أبي طالب (رضي الله عنه):
ولدتْهُ في حرم الإله وأمنِه ... والبيتِ حيثُ فناؤه والمسجدُ
بيضاءُ طاهرةُ الثيابِ كريمةٌ ... طابت وطاب وليدُها والمولدُ
وتناقلت ذلك المصادرُ الشيعيةُ، كأمالي الشيخ الصدوق وأمالي الطوسي وغيرها.
وفي الإمام الحاكم تشيّعٌ يسير، نص عليه أهل العلم. فلعل مصدره هو شهرة هذا الخبر في زمنه بين عموم الناس، والناس أخذوها من الشيعة ومن مثل هذه الأخبار غير المعتمدة. ولمّا كانت مناقب علي (رضي الله عنه) عند أهل السنة كثيرةً وعظيمةً، لم يكن هذا الخبر بالمستنكر عندهم من جهة أن عليًّا أهلٌ لمثله ولأكثر منه، فلم يُحاكموه إلى الأسانيد التي هي معتمَدُ المنقولات. فاشتهر بينهم لذلك، وفرح به الحاكم، للتشيع الذي فيه.
وقد قال سراج الدين ابن الملقِّن: "وأما ما رُويَ عن علي (رضي الله عنه) أنه وُلِدَ فيها: فهو ضعيفٌ، وخالف الحاكم في ذلك ... ". البدر المنير لابن الملقن (6/ 489).
وبهذا يتبيّن أن هذا الخبر ليس صحيحًا، ولا يدل عليه خبرٌ يمكن الاعتماد عليه.
ولو ثبت هذا الخبر فليس فيه أكثر مما ثبت في علي (رضي الله عنه) من الفضائل الجمة، والمناقب الجليلة. بل قد صحَّ في علي (رضي الله عنه) ما هو أعظم من هذا الخبر بكثير، كما هو معروفٌ في صحيحي البخاري ومسلم، وفي خصائص علي (رضي الله عنه) للنسائي، وفي كتاب فضائل الصحابة للإمام أحمد، وأمثالها من المصادر الموثوقة.
ولا أدري ماذا سوف يُرتِّبُ غُلاة الشيعة على هذا الخبر (فيما لو صحّ) من الدلائل والأحكام؛ فإن الغلوّ لا يتقيّدُ بعقل، ولا ينضبط بالقواعد الصحيحة للفهم والاستنباط.
وهؤلاء أهل السنة قد ذكروا أن حكيمَ بنَ حزامٍ (رضي الله عنه) وُلد في جوف الكعبة، كما سبق عن مصعب الزبيري، وكما قال الإمام مسلم في صحيحه (3/ 1164عقب الحديث رقم (1532)، وابن حبان في الثقات (3/ 70 - 71)، والحاكم أيضًا (كما سبق)،
فما رتّبوا على ذلك شيئًا، أكثر من أن ذلك حَدَثٌ غريبٌ، ربما كانت فيه دلائلُ شرفٍ ومكانة لحكيم (رضي الله عنه). وهكذا لو صحَّ مثلُه في علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، فإننا سنقول أيضًا:
إنها حادثةٌ غريبةٌ، تشهدُ لما ثبت واشتهر وتَيَقَنّاهُ لعلي (رضي الله عنه) من عظيم الشرف وجليل المكانة، ضمن أربعةٍ هم أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، وهم الخلفاء الراشدون، وعليٌّ (رضي الله عنه) رابعهم في الخلافة والفضل. وينتهي أمر هذا الخبر عند هذا الحد، بلا جفاء ولا غُلُوّ. هذا .. والله أعلم.
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى أزواجه وذريته ومن والاه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[15 - Nov-2007, مساء 11:29]ـ
المصدر: موقع الإسلام اليوم.
ـ[ابن رجب]ــــــــ[15 - Nov-2007, مساء 11:31]ـ
رفع الله من قدرك ,, وغفر ذنبك ,, وستر عيبك ,,
اللهم آمين
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[17 - Nov-2007, مساء 09:41]ـ
الأخ المكرَّم / أبا حَاتِمٍ (ابن رجبٍ) ـ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى ـ:
شكر اللَّهُ لكم مروركم،وتشريفكم،ودعائكم.
ـ[ابن رجب]ــــــــ[17 - Nov-2007, مساء 10:13]ـ
وأياكم أخانا الحبيب.
ـ[حواري الرسول]ــــــــ[22 - Nov-2007, مساء 10:14]ـ
الحمد لله.
جزاكم الله خيراً.
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[26 - Nov-2007, مساء 12:40]ـ
الموقر العزيز / حواري الرّسول:
جزاكم اللَّهُ خيرًا،وأحسن إليكم.(/)
ما صحة حديث (إن من عبادي من لو اغنيته أفسده الغنى) ?
ـ[العوضي]ــــــــ[16 - Nov-2007, صباحاً 06:10]ـ
فقد ذكره الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في شرحه لكتاب التوحيد , وذكر في الهامش (من حديث أنس رواه الطبراني , وبحثت عنه فلم أجده.
فأرجو الإفادة حفظكم الله ...
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[16 - Nov-2007, صباحاً 06:29]ـ
يقول الله تعالى من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وإني لأسرع شيء إلى نصرة أوليائي إني لأغضب لهم كما يغضب الليث الحرب وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض روحي عبدي المؤمن وهو يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه وما تعبدني عبدي المؤمن بمثل الزهد في الدنيا ولا تقرب إلي عبدي المؤمن بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت له سمعا وبصر ويدا ومؤيدا إن سألني أعطيته وإن دعاني استجبت له وإن من عبادي المؤمنين لمن سألني من العبادة فأكفه عنه ولو أعطيته إياه لدخله العجب وأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا السقم ولو أصححته لأفسده ذلك وإني أدبر لعبادي بعلمي بقلوبهم إني عليم خبير.
(ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء والحكيم وابن مردويه حل في الأسماء وابن عساكر عن أنس).
أتاني جبريل، فقال: يا محمد! ربك يقرأ عليك السلام و يقول: إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالغنى، و لو أفقرته لكفر، و إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالفقر، و لو أغنيته لكفر، و إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالسقم، و لو أصححته لكفر، و إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالصحة، و لو أسقمته لكفر
الراوي: عمر بن الخطاب - خلاصة الدرجة: ضعيف - المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الضعيفة - الصفحة أو الرقم: 1774
ـ[العوضي]ــــــــ[16 - Nov-2007, مساء 12:53]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم , ولكن باللفظ الذي ذكرته سابقاً هل رواه الطبراني؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[22 - Nov-2007, مساء 06:32]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بحثت عنه في الموسوعة الشاملة في معاجم الطبراني الئلاثة
ولم اجدالاالشطر الاول ما تقرب إلي عبدي المؤمن بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه
والله اعلم
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[22 - Nov-2007, مساء 10:53]ـ
سلامٌ عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
فقد قال البغوي في شرح السنة (بتحقيق شعيب الأرناؤوط وزهير الشاويش، المكتب الإسلامي - عن موسوعة جوامع الكلم)
1249 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أنا أَبُو عُمَرَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ، نا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَفِيدُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَمْزَةَ، نا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ، نا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ، نا صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نا هِشَامٌ الْكَتَّانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنْ جِبْرِيلَ، عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، قَالَ: " يَقُولُ اللَّهُ.: مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيًّا، فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ، وَإِنِّي لأَغْضَبُ لأَوْلِيَائِي، كَمَا يَغْضَبُ اللَّيْثُ الْحَرِدُ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي الْمُؤْمِنُ بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا زَالَ عَبْدِي الْمُؤْمِنُ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ، كُنْتُ لَهُ سَمْعًا وَبَصَرًا وَيَدًا، وَمُؤَيِّدًا، إِنْ دَعَانِي أَجَبْتُهُ، وَإِنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي فِي قَبْضِ رُوحِ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ، وَلا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ يَسْأَلُنِي الْبَابَ مِنَ
(يُتْبَعُ)
(/)
الْعِبَادَةِ، فَأَكُفُّهُ عَلَّهُ أَلا يَدْخُلَهُ عُجْبٌ، فَيُفْسِدَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنَ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ لا يُصْلِحُ إِيمَانَهُ إِلا الْغِنَى، وَلَوْ أَفْقَرْتُهُ لأَفْسَدَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ لا يُصلِحُ إِيمَانَهُ إِلا الْفَقْرُ، وَلَوْ أَغْنَيْتُهُ لأَفْسَدَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ لا يُصلِحُ إِيمَانَهُ إِلا الصِّحَةُ، وَلَوْ أَسْقَمْتُهُ لأَفْسَدَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ لا يُصلِحُ إِيمَانَهُ إِلا السَّقَمُ، وَلَوْ أَصْحَحْتُهُ لأَفْسَدَهُ ذَلِكَ، إِنِّي أُدَبِّرُ أَمَرَ عِبَادِي بِعِلْمِي بِقُلُوبِهِمْ، إِنِّي عَلِيمٌ خَبِيرٌ " وَأَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمُؤَذِّنُ، أنا أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمْدَانَ الْمُعَدِّلُ، نا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، نا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، نا أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْخُشْنِيُّ، عَنْ صَدَقَةَ بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَ مَعْنَاهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ: " وَإِنِّي لأَغْضَبُ لأَوْلِيَائِي كَمَا يَغْضَبُ اللَّيْثُ الْحَرِدُ "
ورواه بإسناده ومتنه في معالم التنزيل ج4 ص 84، ط دار المعرفة 1407
وقال ابن عساكر (ج7 ص95 طدار الفكر):
: أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْأَكْفَانِيِّ، قَالَا: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ، أنا تَمَّامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَذْلَمٍ، نا يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ، نا سَلَامَةُ بْنُ بِشْرٍ، نا صَدَقَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنْ هِشَامٍ الْكَتَّانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عَنْ جِبْرِيلَ، عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ أَخَافَ لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي الْمُؤْمِنُ بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي الْمُؤْمِنُ يَتَنَفَّلُ إِلَيَّ حَتَّى أُحِبَّهُ، وَمَنْ أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ لَهُ سَمْعًا وَبَصَرًا وَيَدًا وَمُؤَيِّدًا، إِنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ، وَإِنْ دَعَانِي أَجَبْتُهُ وَمَا رَدَّدْتُ أَمْرًا أَنَا فَاعِلُهُ مَا رَدَّدْتُ أَمْرَ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، وَإِنَّ مِنْ عَبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ يَشْتَهِي الْبَابَ مِنَ الْعِبَادَةِ فَأَكُفُّهُ عَنْهُ لِئَلَّا يَدْخُلُهُ عَجَبٌ فَيُفْسِدُهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا الْغِنَي وَلَوْ أَفْقَرْتُهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عَبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا الْفَقْرُ وَلَوْ بَسَطْتُ لَهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عَبَادِي لَمَنْ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا السَّقَمُ وَلَوْ أَصْحَحْتُهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي لَمَنْ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا الصِّحَّةُ وَلَوْ أَسْقَمْتُهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ، إِنِّي أُدَبِّرُ عِبَادِي بِعِلْمِي بِقُلُوبِهِمْ إِنِّي عَلِيمٌ خَبِيرٌ
وقال البيهقي في الأسماء والصفات (مكتبة السوادي بتحقيق عبد الله بن محمد الحاشدي 1413هـ، عن جوامع الكلم):
(يُتْبَعُ)
(/)
231 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ، أنا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، أنا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْخُشَنِيُّ، عَنْ صَدَقَةَ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ هِشَامٍ الْكِنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنْ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ فِيهِ: " وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لا يَصْلُحُ لَهُ إِلا الْغِنَى، وَلَوْ أَفْقَرْتُهُ أَفْسَدَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لا يَصْلُحُ لَهُ إِلا الْفَقْرُ، وَلَوْ بَسَطْتُ لَهُ أَفْسَدَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ يُرِيدُ الْبَابَ مِنَ الْعِبَادَةِ، فَأَكُفَّهُ عَنْهُ لِئَلا يَدْخُلَهُ الْعُجْبُ، فَيُفْسِدُهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لا يُصْلِحُ إِيمَانَهُ إِلا الصِّحَّةُ وَلَوْ أَسْقَمْتُهُ لأَفْسَدَهُ ذَلِكَ "، أَظُنُّهُ قَالَ: " وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ لا يُصْلِحُ إِيمَانَهُ إِلا السَّقَمُ، وَلَوْ صَحَّحْتُهُ لأَفْسَدَهُ ذَلِكَ، إِنِّي أُدَبِّرُ عِبَادِي بِعِلْمِي بِقُلُوبِهِمْ، إِنِّي بِهِمْ عَلِيمٌ خَبِيرٌ "
وقال المرشد بالله الشجري في الأمالي الخميسية (ط دار الكتب العلمية 1422هـ)
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حِبَّانَ -، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ -، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُثْمَانَ -، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَنِيُّ -، قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، عَنْ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: " مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيًّا، فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ، مَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ مثِلْ تَرَدُّدِي فِي قَبْضِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ، وَأَكْرَهُ مَمَاتَهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَلَا يَزَالُ عَبْدِي الْمُؤْمِنُ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ لَهُ سَمْعًا، وَبَصَرًا وَمُؤَيِّدًا، إِنْ دَعَانِي أَجَبْتُهُ، وَإِنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ لَا يُصْلِحُ إِيمَانُهُ إِلَّا الْغِنَى وَلَوْ أَفْقَرْتُهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ لَا يَصْلُحُ إِيمَانُهُ إِلَّا بِالْفَقْرِ وَلَوْ أَغْنَيْتُهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لَا يَصْلُحُ إِيمَانُهُ، لا بِالسَّقَمِ وَلَوْ أَصْحَحْتُهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لَا يَصِحُّ إِيمَانُهُ، إلا بِالصِّحَّةِ، وَلَوْ أَسْقَمْتُهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ "
ويبدو لي أن في هذا الحديث تصحيفاً وأن الحسن بن يحيى هو الخشني، وقد ضعفه جماعة من أهل العلم، وإن ذهب الحافظ إلى أنه صدوق كثير الغلط، واستدرك عليه صاحبا التحرير، ويظهر لي من كلام أهل العلم، أنه أقرب إلى الضعف
فأمَّا أن الحديث من حديث أنسٍ، فنعم، وأمَّا أنه رواه الطبراني فلم أجده عنده، على الأقل باللفظ الذي ذكرته أنت.
ويبدو لي أن مدار الحديث على صدقة بن عبد الله الدمشقي وهو ضعيفٌ عند أهل العلم، إن لم يكن منكر الحديث، ضعفه عامَّة من تكلَّم في الرجال،
فإن أردت تفصيل أقوال أهل العلم فيه، أو زيادةً في التخريج، فأخبرني، آتك به إن شاء الله تعالى.
والله تعالى أجلُّ وأعلم.(/)
مسألة مهمة للمذاكرة (تلحين الحديث) أثناء القراءة في المجالس الحديثية
ـ[أبو عبدالله السعيدي]ــــــــ[16 - Nov-2007, صباحاً 11:47]ـ
اعتاد بعض المحدثين على طريقةٍ تكاد تكون منشرة كثيرا في بعض البلدان، وهي تلحين الحديث أثناء القراءة على الشيخ في المجالس الحديثية، وقد سمعت فضيلة الشيخ مصطفى العدوي يقول أن هذا مماهو مخالف لماكان عليه السلف، لكن رأينا أن كثيرا من المشايخ السلفيين يُقرأ عليهم في مجالسهم بهذه الطريقة، فهل هذا فيه سنة عن السلف أو أمر وجد فقط عند المتأخرين، وهل ممكن معرفة متى بدأ هذا الأمر عند أهل الحديث أثناء قراءة الحديث.
ـ[صحابة وبس]ــــــــ[16 - Nov-2007, مساء 02:15]ـ
ينبغي على إخواننا في المنتدى بارك الله فيهم عدم ذكر أسماء لأي من طلبة العلم ذاع صيتهم أم لم يذع لأننا نناقش هنا المسائل العلمية ولا نحب أن يفهم من حديثنا أننا نهاجم أحدا من طلاب العلم إذا ما دار الحوار بخلاف رأيهم أو أننا نؤيدهم إذا دار الحوار مرجحا لكفتهم وإنما نحن نناقش المسألة بذاتها وافقت زيد أو عارضت عبيد ..
ثم أقول والله سبحانه المستعان، ذكر الذهبي عن مالك رحمه الله في الموقظة أنه كان يرتل الحديث ومالك أول السلف بل من أصحاب القرون الخيرية، وبوب البيهقي في المدخل: باب تبيين الحديث وترتيله ليفهم عنه.
وفي حديث التشهد لابن مسعود وقوله رضي الله عنه "كان يعلمنا (ص) التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن"، وجه لمن احتج به في ذلك، لأنه يفهم من ظاهر الحديث، وكذا أن تشتبه المعوذتين على ابن مسعود هل هي من الرقى أم لا فلو كان الفارق بينهما في القراءة كبيرا ما اشتبه الأمر عليه ولا يفهم منه المماثلة بل المقاربة، والله أعلم.
والأصل في مثل هذه الأمور الإباحة، خاصة وأن تلحينها يأخذ طابعا خاصا لا يشابه طابع قراءة القرآن بالترتيل وكذا ينبه ويعتنى ألا يكون شبيها للغناء، وقد سمعت بنفسي شيخنا محمد المختار الشنقيطي حفظه الله وهو يقرأ علينا شرح عمدة الأحكام بهذه الطريقة، ولا حجة للمخالف مطلقا إلا الاشتباه بالألحان الشبيهة بالغناء وهو ممنوع ولا يقر أبدا ..
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
ـ[شلاش]ــــــــ[16 - Nov-2007, مساء 08:04]ـ
ويستدل شيوخنا بقوله تعالى {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} (34) سورة الأحزاب
واكثر المفسرين يقول: أن الحكمة هي السنة
ولشيخ الإسلام كلام على هذه الآية يفهم منه ذلك , في مجموع الفتاوى لا يحضرني مكانه.
وكذلك لابن عبدالبر كلام نحوه.
وننتظر من عنده فضل علم يرشدنا.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[18 - Nov-2007, صباحاً 07:11]ـ
اخي الكريم
قال في لسان العرب ورَتَّلَ الكلامَ: أَحسن تأْليفه وأَبانَه وتمَهَّلَ فيه.
والترتيلُ في القراءة: التَّرَسُّلُ فيها والتبيين من غير بَغْيٍ. وفي التنزيل العزيز: ورَتِّل القرآن ترتيلاً؛ قال أَبو العباس: ما أَعلم الترتيل إِلاَّالتحقيق والتبيين والتمكين، أَراد في قراءة القرآن؛ وقال مجاهد: الترتيل: الترسل، قال: ورَتَّلته ترتيلاً بعضه على أَثر بعض؛ قال أَبو منصور: ذهب به إِلى قولهم ثغر رَتَلٌ إِذا كان حسن التنضيد، وقال ابن عباس في قوله:
ورتل القرآن ترتيلاً؛ قال: بَيِّنْه تبييناً؛ وقال أَبو إسحق: والتبيين
(*
قوله «وقال أبو إسحق والتبيين إلخ» عبارة التهذيب: وقال أبو إسحق ورتل القرآن ترتيلاً بينه تبييناً، والتبيين إلخ) لا يتم بأَن يَعْجَل في القراءة، وإِنما يتم التبيين بأَن يُبَيِّن جميع الحروف ويُوفِّيها حقها من الإِشباع؛ وقال الضحاك: انْبِذْه حرفاً حرفاً. وفي صفة قراءة النبي، صلى الله عليه وسلم: كان يُرَتِّل آية آية؛ ترتيلُ القراءة: التأَني فيها
فاذا لس المراد اخي الكريم بالترتيل التلحين والله اعلم
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[18 - Nov-2007, صباحاً 11:29]ـ
المسألة تحتاج للبحث إذا عدت من العبادات والسنن، أما إن كانت من العادات فالأمر واسع، وكانت هي العادة السائدة في نجد وغيرها، بل كانت خطبة الجمعة تُلقى كذلك، وهناك شريط للشيخ محمد بن إبراهيم يخطب فيه على هذا النمط.
وبالتجربة فالقراءة باللحن (ولا سيما في الحديث) لها عدة فوائد، منها: زيادة السرعة، وتنشيط القارئ والشيخ والمستمع، وإبعاد الملل (اعتمادا على صوت القارئ!) مع طول الوقت.
يذكر شيخنا ابن عقيل حفظه الله أن درس الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في تفسير ابن كثير كان يطول بقراءة الشيخ ابن شلهوب، وكانت قراءته جميلة، ويتقصد بعض الناس حضورها، ويقول إن القراءة ربما أخذت ساعة ونصف، مع أنها بعد أذان العشاء!
ـ[أبو عبدالله السعيدي]ــــــــ[18 - Nov-2007, مساء 09:36]ـ
جزاكم الله خيرا جميعا
الأخ " صحابة وبس" لا أري أنه يوجد مانع في ذكر اجتهاد شيخ معين أو نسبة رأي لطالب علم معروف، بشرط أن تكون الفتوى أو الرأي صحيح عنه، ولا يلزم من تعقبه أو مخالفته تنقصه والكلام فيه.
الأخ " شلاش"
الأخ أبو محمد الغامدي
الأخ زياد
شكرا على المرور والتعليق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الحسيني القادم]ــــــــ[18 - Nov-2007, مساء 09:51]ـ
حري بالذكر أن الأخ صحابة وبس قد أجاد بارك الله فيه وفي علمه، وكذلك الأخ شلاش والأخ محمد زياد التكلة نفع الله بهم، والأمر في ذلك أراه كما قالوا والله أعلم ..
ـ[صحابة وبس]ــــــــ[18 - Nov-2007, مساء 10:01]ـ
جزى الله الحسيني خيرا وما نرى أنفسنا أهلا للثناء، وأقول للأخ محمد السعيدي إنما قلت ينبغي ولم أقل يجب وإنما قصدت سلامة القلوب وتجنب ذرائع التحيز .. فقط. جزاكم الله خيرا
ـ[رجل التوحيد]ــــــــ[19 - Nov-2007, مساء 09:17]ـ
أفاد الله الإخوة كما أفادونا .. موضوع طيب
ـ[عالي الهمة]ــــــــ[19 - Nov-2007, مساء 10:53]ـ
شكر الله لكم موضوع قيم
ـ[ابي حفص المسندي]ــــــــ[25 - Nov-2007, مساء 11:10]ـ
بارك الله فيكم على الموضوع(/)
تعريف السنة عند علماء الحديث والاصول والفقه والعقيدة
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[16 - Nov-2007, مساء 11:56]ـ
س عرف السنة عند المحدثين؟
هي ما نُسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من1 - قول 2 - أو فعل3 - أو تقرير4 - أو صفة خَلْقية5 - أو خُلقية.
س" أذكر معني السنة عند الفقهاء؟
أنها حكم تكليفي، فالأحكام التكليفية إما واجب، وإما سنة الذي هو المستحب، أو مباح أو مكروه، أو محرم،، ليس لأنها أُثرت عن النبي صلى الله عليه وسلم،.
س" أذكر معني السنة عند علماء الأصول؟
مصدر تشريع من مصادر التشريع الإسلامي، فلما نقول المصدر، فالأساس هو الكتاب والسنة؛ ولذلك لا يدخلون معها الصفات، إنما يقولون ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير مما يصلح أن يكون دليلا شرعيًّا، لأنهم نظروا إلى أن السنة مصدرًا من مصارد التشريع
س"أذكر معني السنة عند علماء العقيدة؟
فليست السنة مجرد ما أُثر عن لنبي صلى الله عليه وسلم، بل السنة أيضًا ما دل عليه الدليل من قرآن أو من سنة أو قاعدة شرعية، أو نحو ذلك، فالعلماء يعتبرون السنة مقابل البدعة مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ) حتى قال (وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة)،
فائدة منقولة
ـ[ام خبيب السلفية]ــــــــ[17 - Nov-2007, صباحاً 12:50]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[17 - Nov-2007, صباحاً 06:12]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[الخود]ــــــــ[26 - Oct-2008, صباحاً 05:36]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
بارك الله فيك أخي، أين وجدت هذه الفائدة؟ أريد توثيقها حيث أنه لدي بحث يتعلق بهذا الموضوع ...
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[26 - Oct-2008, مساء 10:51]ـ
اظنه من موقع السنة وعلومها والعهد بعيد
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[بنت الخير]ــــــــ[29 - Oct-2008, صباحاً 12:30]ـ
وقفت على كلام نفيس عن هذا الموضوع في مقدمة تحقيق يحيى بن محمد سوس الأزهري لكتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد، فراجعه، وإن شئتَ نسختُ لك هذا الفصل، إن لم يكن الكتاب بتحقيقه عندك.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[30 - Oct-2008, صباحاً 06:04]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[مصطفى ولد ادوم أحمد غالي]ــــــــ[30 - Oct-2008, مساء 09:50]ـ
ما شاء الله نفع الله بنا و بكم المسلمين بالعلم النافع و جعلنا و اياكم من الهداة المهتدين الا أنني عندي ملاحظات تكميلية و هي أن الأصوليين يعرفون السنة بأنها كل ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم من قول و فعل و تقرير قصد التشريع فما ثبت عنه جبلية لا يعتبرونه من السنة كما أن هناك ما هو متنازع فيه هل هو للجبلية أم للتشريع اذن هناك ما هو جبلي محض و هناك ما هو متنازع فيه هل هو للجبلة أم للتشريع أما الفقهاء فقد اختلفوا في تعريف السنة فالقاضي عياض مثلا يعطيها مفهوما مخالفا عن مفهوم فقهاء المالكية الآخرين و جل المالكية لا يجعلونها للوجوب بل هي مرادفة عندهم للمندوب و ان كانوا محجوجين بأحاديث جاءت للوجوب اتفاقا ليس لها دليل الا السنة من ذلك الأصل في وجوب زكاة الفطر و غيرها و على كل فان اثارة الموضوع مسألة مهمة قد يستفيد الكثير ممن يتابعون الموقع وفق الله القائمين عليه للخير و تعليم المسلمين أمور دينهم مؤصلة بالكتاب و السنة و جعل الجنة مثواهم و ايانا
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[31 - Oct-2008, صباحاً 01:20]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...(/)
شرح حديث (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)
ـ[عالي الهمة]ــــــــ[17 - Nov-2007, مساء 05:20]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
:::من شرح كتاب العلم من صحيح البخاري
للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظهٌ الله:::
:::باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين:::
:::::::
قال: حدثنا سعيد بن عفير قال: حدثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال: قال حميد بن عبد الرحمن سمعت معاوية خطيبا يقول: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله).
الشرح:
في هذا الحديث ثلاث جمل، الشاهد فيها الجملة الأولى قوله" من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين "الفقه هو: الفهم أي: يرزقه فهما ويرزقه ذكاء ومعرفة؛ بحيث إنه يستنبط الأحكام من الأدلة، وبحيث إنه يكون معه قوة إدراك وقوة فهم واستنباط من الأدلة، وهذا ما وهبه الله -تعالى- لكثير من الصحابة ومن بعدهم، دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس بقوله:" اللهم فقهه في الدين" وفي رواية:" وعلمه التأويل"فكان كذلك، حتى ذكروا أنه فسر مرة سورة النور تفسيرا بليغا لو سمعه اليهود والنصارى والترك والروم لأسلموا، وهذا مما رزقه الله ومما فتح عليه.
وكذلك كثير من الأئمة، تذكرون الحديث الذي فيه قوله -صلى الله عليه وسلم- " مثل ما بعثتي الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكان منها طائفة قبلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء؛ فسقى الناس وزرعوا، وأصاب طائفة منها إنما هي قيعان لا تنبت كلأ ولا تمسك ماء؛ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثتي الله به من الهدى والعلم؛ فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به"
فهذا الحديث يبين أن الناس ثلاثة أقسام:
قسم رزقهم الله -تعالى- الحفظ والفقه،
وقسم رزقهم الله الفقه والفهم،
وقسم حرموا من ذلك كله،
فمن أراد الله-تعالى - به خيرا فتح الله على قلبه وفقهه، وجعل في قلبه فهما للنصوص؛ بحيث إنه يستنبط من الآية عشرة أحكام أو أكثر، وكذا يستنبط من الأحاديث، وتجدون هذا في الشروح بحيث إن بعضهم إذا شرح الحديث استنبط منه عشرة أحكام، عشرين حكما قد تصل إلى مائة حكم وإلى مائة فائدة من فوائد الحديث، فهذا من الفهم ومن الفقه.
أما الجملة الثانية قوله: وإنما أنا قاسم أقسم بينكم، كنيته -صلى الله عليه وسلم- أبو القاسم وكان في أول أمره ينهى أن يسمي أحد نفسه محمدا ويتكنى بأبي القاسم، يعني يجمع بين اسمه وكنيته ويقول:" إنما بعثت قاسما أقسم بينكم" كان إذا قسم بينهم شيئا يقسمه بالسوية، ويعدل بينهم، فهكذا جاء بعد موته، استباحوا ذلك فكثير منهم يسمي أحدهم القاسم، ويكنى بأبي القاسم ورأوا أن ذلك إنما خاص بحياته.
أما الجملة الثالثة:ففيها إخباره -صلى الله عليه وسلم- بأنه لا يزال من أمته طائفة منصورة، عاملة بالسنة، عاملة بالحق يظهرهم الله -تعالى- على غيرهم، ويمكنهم من إظهار الدين، ومن العمل به ومن الدعوة إليه، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تعالى، وهم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية التي أخبر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يلزم أن يكونوا في طائفة محددة، ولا أن يكونوا في مكان معين، بل قد يكونون متفرقين في شرق وغرب ونحو ذلك؛ فمتى كانوا عاملين بالسنة متمسكين بها، مظهرين لها ولو كادهم من كادهم ولو لقبوا بألقاب شنيعة؛ فإنهم والحال هذه يكونون هم أهل السنة ويكونون هم الفرقة الناجية.
:::والله اسأل ان ينفعنى واياكم به:::
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[29 - Sep-2008, صباحاً 12:50]ـ
رحمك الله حبيبي عالي الهمة (أبا الهيثم) .. لكم اشتقت إليك ... وإلى ابتسامتك وروحك المرحة ... وحبك للجهاد والمجاهدين ..
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[03 - Oct-2008, صباحاً 06:00]ـ
رحم الله اخانا عالي الهمة وغفرله
ـ[لامية العرب]ــــــــ[03 - Oct-2008, صباحاً 11:48]ـ
رحمك الله يا أخي رحمة واسعة
ألا وإن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال:" و عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ما تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا: يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أمتي إذاً لقليل! قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، و من مات في سبيل الله فهو شهيد، و من مات في الطاعون فهو شهيد، و من مات في البطن فهو شهيد، و الغريق شهيد ـ و في رواية ـ وصاحب الهدم شهيد ".
وكانت في حياتك لي عظات ........... فأنت اليوم أوعظ منك حيا
ـ[أبو القاسم]ــــــــ[27 - Jan-2009, صباحاً 03:08]ـ
رحمك الله رحمة واسعة
وأسبغ عليك من فيض فضله
وواسع كرمه .. وجعل مثواك في عليين
وجزى الله خيرا من أحيى الموضوع
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ايمان نور]ــــــــ[16 - Jun-2009, مساء 10:01]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أرجو التوسع فى تلك النقطة وشرح سبب الحرمان بارك الله فيكم لأنها نقطة هامة فى الرد على الجبرية
وقسم حرموا من ذلك كله،
ـ[عبد الرحمان المغربي]ــــــــ[16 - Jun-2009, مساء 10:14]ـ
قد مات صاحب الموضوع فادعوا له حفظكم الله ...
ـ[حارث البديع]ــــــــ[16 - Jun-2009, مساء 10:17]ـ
أكتب كلامي ودمعي متحجر
لاأعرفه لكني احبه
في أوقات نحس فيها بمرارة الذل
وحملنا للأثام
وندمنا على ذنوبنا
نتمنى لو لحقنا ركبهم
والله سبحانه يصطفي من يشاء
اللهم لاتحرمنا موتة في سبيلك
ننصر بها دينك.
ـ[طالبة العلم]ــــــــ[17 - Jun-2009, صباحاً 10:41]ـ
رحمك الله ياعلي الهمة وجمعنا بك في جنات النعيم ....
اللهم لاتحرمنا موتة في سبيلك
ننصر بها دينك.
آمين. يارب ...
ـ[ايمان نور]ــــــــ[17 - Jun-2009, مساء 09:44]ـ
لا إله إلا الله
اسأل الله ان يعفر لى وله ويرزقه الفردوس الأعلى آمين.
ـ[إيحاء]ــــــــ[21 - Jun-2009, مساء 02:00]ـ
قد مات صاحب الموضوع فادعوا له حفظكم الله ...
رحمة الله عليه
ـ[ابومحمد البكرى]ــــــــ[26 - Jun-2009, صباحاً 08:14]ـ
رحمه الله وغفرله
ـ[نبض الإيمان]ــــــــ[22 - Jul-2009, صباحاً 03:13]ـ
رحمة الله رحمة واسعة
ـ[أحمد الصوابي]ــــــــ[27 - Sep-2009, صباحاً 03:39]ـ
رحمه الله وغفرله(/)
تعليقات على " كشف المخبوء بثبوت حديث التسمية عند الوضوء "، للشيخ الحويني
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[18 - Nov-2007, مساء 12:59]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد قرأتُ رسالة الشيخ الفاضل أبي إسحاق الحويني، التي سماها: " كشف المخبوء بثبوت حديث التسمية عند الوضوء "، وطُبعت في مكتبة التوعية الإسلامية بالقاهرة، عام 1408.
والشيخ أبو إسحاق من الباحثين العاملين، وله جهود مشكورة، وبحوث محررة في علم الحديث، ولا ينكر فضله إلا جاحد.
وقد عنّت لي بعض الملحوظات والتعليقات على هذه الرسالة، ذلك أنه خالف فيها جمعًا من أئمة الحديث المتقدمين الذين ضعّفوا أحاديث الباب، وسيأتي ذكرهم وذكر أقوالهم.
وأحببت أن أنشر هذه التعليقات، راجيًا أن يفيدني المشايخ الكرام بتعليقاتهم ومناقشاتهم؛ ليخرج الجميع بالفائدة المرجوة. والله المسدد والمعين.
وإلى الشيخ أشير بقولي: " المؤلف "، وقد ألخّص كلامه اختصارًا، وقد أزيد أشياء مهمةً فاتته، أو عزوًا أو تخريجًا، أشرتُ إلى ذلك أم لم أشر.
تنبيه:
ذكر الشيخ -رعاه الله- أنه يعيد كل مصنفاته التي صنفها في بداية حياته العلمية، وأنه غيَّر رأيه في كثير من القضايا التي تكلم فيها, سواء كان تصحيح أحاديث أو تضعيفها، أو سماع راوٍ من آخر ... (انظر هنا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=26554))
فلا أدري هل حديث التسمية فيما تراجع عنه الشيخ -وفقه الله- أم لا، وليُفدنا القريبون منه من طلابه ومحبيه.
والكتاب منشور، ويحيل إليه من يصحح الحديث، فلعل الداعي لنشر التعليقات موجود.
والكتاب على هذا الرابط لمن أراده للمقارنة وفهم السياقات:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=51 640&d=1195350848
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[18 - Nov-2007, مساء 01:00]ـ
1 - أعلّ (ص13) حديث أبي بكر بليث بن أبي سليم، ولم يذكر أن شيخه حسين بن عمارة مجهول، قال ابن أبي حاتم -في الجرح (3/ 61) -: " سألت أبا زرعة عنه، فقال: «ما أدري» ".
ثم إن غالب رواية ليث بن أبي سليم عن صغار التابعين، وأولاء لم يلحقوا أبا بكر -رضي الله عنه-، ولم يرووا عنه، فالانقطاع وارد في رواية حسين بن عمارة عن أبي بكر.
ويدل لذلك: أن حسين بن عمارة هذا يروي عن بكر بن عبد الله المزني -كما ذكر ابن أبي حاتم-، وبكر من الوسطى من التابعين -حسب تقسيم ابن حجر-.
فاجتمع في هذا الوقف والضعف والجهالة والإرسال.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[18 - Nov-2007, مساء 01:01]ـ
2 - ذكر (ص 13، 14) في حديث أبي سعيد الخدري: كثيرَ بن زيد الأسلمي، وخلص إلى أنه إلى القوة أقرب منه إلى الضعف.
وذكر في أقوال الأئمة: أن الطبري ضعفه.
والطبري إنما نقل ذلك عن جماعة من المحدثين -كعادته في نقل إعلال الأحاديث في تهذيب الآثار-، قال -كما في تهذيب التهذيب (8/ 370) -: " وكثير بن زيد عندهم ممن لا يحتج بنقله ".
وكلمات الأئمة تليّن كثيرًا؛ لعدم بلوغه مرتبة الثقة، وهو أقل أيضًا من درجة الصدوق حسن الحديث، فمن قوَّى حاله قرن ذلك بتليين -سوى أحمد-، فابن معين كان يقول: " ليس بشيء "، ثم قال فيه: " ليس بذاك القوي "، وقال: " صالح "، وقال: " ليس به بأس "، وقال أبو زرعة: " صدوق، فيه لين "، وقال أبو حاتم: " صالح، ليس بالقوي، يكتب حديثه "، وقال يعقوب بن شيبة: " ليس بذاك الساقط، وإلى الضعف ما هو "، وكأن كلمةَ يعقوب هذه تفسيرٌ لكلام الأئمة السابق، حيث إن مفاد تقويتهم أمره: أنه ليس بالساقط المتروك، لكنه ضعيف.
وابن حبان -وإن ذكره في الثقات-، فقد ذكره في المجروحين أيضًا، وقال (2/ 222): " كان كثير الخطأ على قلة روايته، لا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد ".
فكثير -فيما يظهر- ضعيفٌ صالح للاعتبار، وليس صدوقًا حسنَ الحديث ولا ثقة.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[18 - Nov-2007, مساء 01:02]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - ذكر المؤلف (ص14) ربيح بن عبد الرحمن، وذكر قول ابن عدي فيه: " أرجو أنه لا بأس به "، وكلمة ابن عدي هذه يستعملها كثير من الباحثين في إثبات أن من قيلت فيه صدوق، وليست هذه الكلمة مفيدة ذلك دائمًا، ونبّه إلى ذلك الشيخ المعلمي (يُنظر: حاشية الفوائد المجموعة، ص35، 459)، والشيخ الألباني، قال -في الضعيفة (3/ 112) -: " ثم إن قول ابن عدي: (أرجو أنه لا بأس به) ليس نصًّا في التوثيق، ولئن سُلِّم؛ فهو أدنى درجة في مراتب التعديل، أو أول مرتبة من مراتب التجريح، مثل قوله: (ما أعلم به بأسًا)، كما في «التدريب» (ص234) " ا. هـ.
وأما قول أبي زرعة: " شيخ "، فلا تدل على التضعيف المطلق، إلا أنها ليست دالة على العدالة، وهي إلى وصفِهِ بالتحمل والرواية مع عدم معرفة الحال أقرب، قال ابن القطان -في بيان الوهم (4/ 627) -: " فأما قول أبي حاتم: «شيخ»، فليس بتعريف بشيء من حاله، إلا أنه مُقلّ، ليس من أهل العلم، وإنما وقعت له رواية أُخذت عنه "، وقد توصل بعض أفاضل الباحثين (وهو الشيخ أبو تيمية إبراهيم الميلي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=4921)) إلى هذه النتيجة، بتتبع من قيلت فيه هذه الكلمة من الرواة.
فأبو زرعة لم يحكم على ربيح؛ لأنه علم أن له رواية، إلا أنه لا يدري حالَهُ في الضبط.
وتفسير ابن أبي حاتم موافق لهذا، فغير معروف الحال يُكتب حديثه، ويُنظر فيه: فإن وافق الثقات قُبل، وإلا أو تفرد؛ رُدّ.
ولم يعرف الإمام أحمد ربيحًا، قال: " ربيح رجل ليس بمعروف "، وأعلّ به هذا الحديث، وقال -في رواية خطاب بن بشر، كما في شرح ابن ماجه لمغلطاي (1/ 249) -: " ليس الخبر بصحيح، روي عن رجل ليس بالمشهور ".
وأسند أبو عبيد القاسم بن سلام -في كتاب الطهور- حديثًا، ثم أسند هذا الحديث، ثم عقب عليهما بقوله - (ص66) -: " فأما الحديثان الأولان، فقد كان بعض أهل الحديث يطعن في إسنادهما ... ، ولِمَا في الآخر من ذكرٍ لرجلٍ ليس يُروى عنه كثيرُ علم "، ويظهر أنه يشير بكلامه هذا إلى ربيح، وقوله فيه كالحكم بجهالته وقلة روايته، ونَقَلَ عن أئمة الحديث أنهم كانوا يطعنون في إسناد الحديث بسببه.
وقد قال المؤلف (ص15) تعليقًا على كلام الإمام أحمد: " فمن عرف حجة على من لم يعرف، وقد عرفه غيره "، وفي قوله هذا نظر بالنظر إلى كلمتي ابن عدي وأبي زرعة، لما سبق من عدم إفادتهما شيئًا في حال الرجل في عدالته وضبطه.
إلا أن تعليقه السابق صحيحٌ بالنظر إلى كلام الإمام البخاري في ربيح، فقد قال فيه -كما في ترتيب علل الترمذي الكبير (ص33) -: " منكر الحديث "، ولم يُجِبِ المؤلف عن قول البخاري هذا إلا بأن قال: " ويغلب على ظني -والله أعلم- أن حكم البخاري -رحمه الله- له اعتبار آخر، بخلاف حال ربيح في نفسه، فقد يكون روى شيئًا رآه البخاري منكرًا، فألصق التبعة بربيح، أو نحو ذلك "!
وهذا غريب من المؤلف -وفقه الله-، فكلمة هذا الإمام هي أصرح ما قيل في الرجل.
والجواب عن جوابه جوابان:
أحدهما: بعدم التسليم بما ذكر، فإن عموم إطلاق البخاريِّ النكارةَ على حديث ربيح لا ينبغي أن يُخصَّ إلا بدليل ظاهر، وليس ثَمَّ شيءٌ من ذلك،
والآخر: على التسليم به، فدلالة الكلمة على الضعف باقية -خاصة في هذا الحديث-، من وجهين:
الأول: أن ألصَقَ روايةٍ من روايات ربيحٍ بحكم البخاري على ربيح: هي هذا الحديث، فقد عقّب الترمذيُّ هذا الحديثَ بنقل كلام البخاري، فأولى الأحاديث بتحميل ربيحٍ نكارتها: هذا الحديث.
الثاني: أن ربيحًا قليل الحديث -كما سبق في تفسير كلمة أبي زرعة وفي نص كلام أبي عبيد، وكما قال ابن عدي بعد أن أسند لربيح نحو ثمانية أحاديث في ترجمته في الكامل (3/ 173، 174): " ولربيح غيرُ ما ذكرت شيءٌ يسير من الحديث، وعامةُ حديثه ما ذكرتُه "-، ولو كان روى شيئًا ألصَقَ البخاري به التبعةَ في نكارته فَوَصَفَهُ بأنه " منكر الحديث "، فإن ربيحًا إذن ضعيفٌ أو ضعيفٌ جدًّا، إذ هو -على قلة حديثه- يروي ما يستحق أن يصفه البخاري بسببه بأنه " منكر الحديث "، والبخاري وصفه بنكارة الحديث، ولم يقتصر على الضعف أو اللين. ومن روى المنكرات وحديثُهُ قليل؛ فأولى به أن يكون عامة حديثه منكرًا، خاصة إذا تفرّد أو خالف.
وقد دلَّ صنيعُ ابن عدي لما أدخل عامة أحاديث ربيح في ترجمته في الكامل= على أنها من مناكيره، إذ من عادة ابن عدي أن يذكر في ترجمة الراوي ما أُنكر عليه، ولحقه بروايته وصف الضعف، واستحق به أن يُدخل في الضعفاء، وقد نصَّ على ذلك ابن عدي نفسُه، وغير واحد من أئمة الاستقراء. وهذا الصنيع من ابن عدي موافقٌ لحكم البخاري في نكارة حديث ربيح.
وقد كرر ابن عدي هذا الحديث مرتين في كتابه الكامل: في ترجمة كثير بن زيد، وترجمة ربيح، وسبق منهجه في إيراد الأحاديث في كتابه، بل وأعلّه بتفرد كثير به، قال (3/ 173): " ولا أعلم يروي هذا الحديث عن ربيح غير كثير بن زيد ".
وقد تفرد بالحديث كثير وربيح -على ضعفهما-، قال البزار -كما في البدر المنير (2/ 78) -: " لا نعلمه يُروى عن أبي سعيد إلا بالإسناد المذكور ".
فهذا الحديث منكر، تفرد به ضعيفان، أحدهما منكر الحديث. وإنما اعتبره الإمام أحمد بن حنبل أحسن أحاديث الباب؛ لخفاء حال ربيح عليه، إذ لم يعرفه، وقد عرفه البخاري فأنكر حديثه، ووافقه ابن عدي.
تنبيه: ظهر ما في قول الذهبي -في تنقيح التحقيق له (1/ 44) -: " وربيح صويلح ما ضُعِّف "= من نظر.
وقد ذكر الذهبي هناك أنه تابع كثيرًا عن ربيح أربعة، ولم أجد ذلك، والظاهر أنه أراد أنه توبع زيد بن الحباب عن كثير، ردًّا على حكم ابن عدي بتفرد زيد عنه. والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[18 - Nov-2007, مساء 01:04]ـ
4 - ذكر المؤلف (ص16) حديث يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة، ونقل عن الشوكاني أنه ليس في إسناده ما يسقطه عن درجة الاعتبار. وفي هذا نظر؛ ففي الحديث علل، وقد شرحها ابن الملقن بكلام جيد، قال -في البدر المنير (2/ 70) -: " وحاصل ما يُعلل به هذا الحديث الضعف والانقطاع:
- أمّا الضعف؛
* فيعقوب بن سلمة لا أعرف حاله، وقال الذهبي في الميزان: «شيخ ليس بعمدة»،
* وأمّا أبوه سلمة؛ فلم يعرف حاله المزي ولا الذهبي، وإنما قال في الميزان: «لم يروِ عنه غير ولده»، وقد ذكره أبو حاتم ابن حبان في ثقاته، وقال: «ربما أخطأ».
- وأمّا الانقطاع؛ فقال الترمذي في علله: سألت محمدًا -يعني: البخاري- عن هذا الحديث، فقال: «محمد بن موسى المخزومي لا بأس به، مقارب الحديث، ويعقوب بن سلمة مدنيٌّ، لا يُعرف له سماع من أبيه، ولا يعرف لأبيه سماع من أبي هريرة» " ا. هـ كلام ابن الملقن.
وأعلّه بهذه العلل الحافظ مغلطاي -في شرح ابن ماجه (1/ 253) -.
وقد علّق ابن حجر على كلمة ابن حبان في سلمة، فقال -في التلخيص الحبير (1/ 72) -: " وهذه عبارةٌ عن ضعفه، فإنه قليل الحديث جدًّا، ولم يروِ عنه سوى ولده، فإذا كان يخطئ مع قلة ما روى، فكيف يوصف بكونه ثقة؟! ".
فالحديث فيه جهالة، وضعف، وانقطاع في موضعين، فسقوطه عن درجة الاعتبار فيه ظهور.
ثم ذكر المؤلف الروايات الأخرى عن أبي هريرة:
أ- رواية محمد بن سيرين:
وقد بيَّن أن راويها إبراهيم بن محمد بن ثابت الأنصاري ضعيف، ويروي المناكير، وشيخه علي بن ثابت مجهول.
وقد تفرد علي بن ثابت هذا -فيما وجدتُ- بهذا الحديث عن محمد بن سيرين، وتفرُّد هذا المجهول ومثلِهِ عن هذا الإمام ومثلِهِ منكر.
واجتماع الضعف وتفرد المجهول نكارة شديدة، ونقل المؤلف أنه أنكر هذه الروايةَ ابنُ الجوزي في الموضوعات -بل قال: " حديث ليس له أصل "- وابن حجر في اللسان.
ب- رواية أبي سلمة:
وقد بيَّن المؤلف عللها:
- ففيها محمود بن محمد الظفري، قال فيه الدارقطني -في العلل (14/ 295) -: " لم يكن بالقوي "، ونقل كلمةَ الدارقطني الذهبيُّ، فقال -في تنقيح التحقيق (1/ 45) -: " قال الدارقطني: «ليس بالقوي، فيه نظر» "،
- وشيخه أيوب بن النجار لم يسمع -كما ذكر هو نفسه- من شيخه في هذه الرواية (يحيى بن أبي كثير) إلا حديثًا واحدًا، ليس هو هذا الحديث.
واجتماع هاتين العلتين يؤكد النكارة، حيث إن ضعف الظفري أدى به إلى التحديث بهذا الحديث الذي لا أصل له عن يحيى بن أبي كثير.
وقد أعلّه الدارقطني -في الأفراد، كما في أطرافه (2/ 364) - بتفرد محمود عن أيوب عن يحيى بن أبي كثير.
ولذا؛ فقد قال الذهبي -في تنقيح التحقيق له (1/ 45) -: " قلت: هذا منكر، وقال الدارقطني: «محمود بن محمد ليس بالقوي، فيه نظر». قلت: أيوب من رجال الصحيحين، صدوق، لا يحتمل مثل هذا أصلاً، فالآفة من محمود " ا. هـ.
ج- رواية مجاهد عن أبي هريرة:
وذكر المؤلف -نقلاً عن ابن حجر- أن فيها مرداس بن محمد، وهو من ولد أبي موسى الأشعري، ضعفه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: " يغرب وينفرد "، وبقية رجاله ثقات.
ومرداس هذا هو أبو بلال الأشعري، عينه به الحافظ ابن حجر -كما في اللسان (6/ 14) -، وهو مشهور بكنيته، ضعفه الدارقطني، وليّنه الحاكم، وذكر ابن حبان -كما سبق- أنه يغرب وينفرد.
وتوثيق ابن حجر لبقية رجال الحديث فيه نظر، فشيخ أبي بلال: محمد بن أبان غير معروف، قال الحافظ عبد الحق الإشبيلي -في الأحكام الوسطى (1/ 163) -: " محمد بن أبان لا أعرفه الآن ".
وقد غلّب ابن القطان -في بيان الوهم (3/ 227) - أنه محمد بن أبان الجعفي جدُّ مشكدانه، وهو محتمل، فإن يكنه؛ فإنه ضعيف، ضعفه أحمد وابن معين والبخاري وأبو داود والنسائي وأبو حاتم وابن حبان -كما في ترجمته في الجرح والتعديل (7/ 199) والمجروحين (2/ 260) وتعجيل المنفعة (ص357) -.
وشيخُهُ أيوب بن عائذ وثّقه الأكثر، وذكر ابن المديني أن له نحو عشرة أحاديث، ومع ذلك قال ابن حبان فيه: " يخطئ ".
ويُنظر في إمكان سماع ابن عائذ من مجاهد.
وقد انتقد ابنُ القطان إعلالَ عبد الحق الحديثَ بمحمد بن أبان، فقال -في بيان الوهم (5/ 661) -: " وقد ترك في الإسناد من يعتلّ الخبر به، لم يعرض له، وهو الراوي له عن محمد بن أبان، وهو مرداس بن محمد "، وكان ابن القطان لم يعرف مرداس هذا، قال -في بيان الوهم (3/ 227) -: " ... في إسناده من لا يُعرف البتة، وهو راويه عن محمد بن أبان، وهو مرداس بن محمد بن عبد الله بن أبي بردة، فاعلم ذلك "، فتعقبه ابن حجر -في لسان الميزان (6/ 14) -، قال: " هو مشهور بكنيته، أبو بلال ... وقول القطان: «لا يُعرف البتة» وهم في ذلك؛ فإنه معروف ".
وقد قال الذهبي -في الميزان (4/ 88) -: " مرداس بن محمد بن عبدالله، عن أبان الواسطي. لا أعرفه، وخبره منكر في التسمية على الوضوء "، ولعل صواب قوله: " أبان الواسطي ": محمد بن أبان -كما في التعليق المغني بحاشية الدارقطني (1/ 74) -، وتعيينه بالواسطي لم أجده إلا هنا، ومحمد بن أبان الواسطي متأخر عن طبقة أيوب بن عائذ، فهو يروي عن طبقة تلاميذ أيوب.
وبالعموم، فهذا حديث من تفردات وإغراب أبي بلال الأشعري، وهو ضعيف، وتفردات الضعفاء منكرة، ومجاهد إمام حافظ كبير، فلا يُقبل الحديث عنه وقد جاء من هذه الطريق الضعيفة المنظور فيها، التي تفرد بها ضعيف، وفيها من يحتمل أنه ضعيف. ولذا أنكر هذا الحديث الحافظ الذهبي -كما سبق-.
فقول المؤلف (ص20) بعد هذا الحديث: " فمثله يصلح للاعتبار " فيه نظر، فهذه حال أبي بلال، وهذه حال السند الذي تفرد به -على ضعفه-، وهو مما يحرص عليه الثقات لو صح؛ فانقطاع الروايات عن مجاهد إلا من هذه الطريق مع ما له من أصحاب ثقات= دليل على نكارتها وضعفها.
هذه الروايات التي ذكرها المؤلف عن أبي هريرة، وتبيَّن أنها تدور بين المنكرة والمنكرة جدًّا، وتعضيدها ببعضها تساهلٌ لا يجري على طريقة أئمة الحديث النقاد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[18 - Nov-2007, مساء 01:05]ـ
5 - ذكر (ص20) رواة الوجه الأول عن عبد الرحمن بن حرملة في حديث سعيد بن زيد، وأشار إلى الاختلاف على بعضهم. وقد اختلف على وهيب بن خالد -بما لم يذكره المؤلف-، فقد رواه عنه عفان والعباس بن الوليد النرسي، واختُلف عن النرسي:
- فرواه عبد الله بن أحمد بن حنبل -وعنه الطبراني في الدعاء (375) -، وأبو يعلى -في معجم شيوخه (255) -، كلاهما عن العباس عن وهيب عن ابن حرملة عن أبي ثفال عن رباح بن عبد الرحمن عن جدته عن أبيها،
- وخالفهما أبو القاسم البغوي -وعنه ابن شاهين في الترغيب (97) -، فرواه عن العباس به، ولم يذكر: " عن أبيها "، فجعله من مسند جدة رباح.
والرواية بذكر أبيها أصح.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[18 - Nov-2007, مساء 01:06]ـ
6 - ذكر (ص21) يزيد بن عياض، وسليمان بن بلال، والحسن بن أبي جعفر= في الرواة عن عبد الرحمن بن حرملة، وهذه عجيبة من المؤلف، ولعله لم يدقق النظر!
أما يزيد والحسن، فروايتهما عن أبي ثفال شيخ ابن حرملة، لا عن ابن حرملة نفسه،
وأما سليمان بن بلال، فروايته في الموضعين اللذين عزا إليهما المؤلف إنما هي عن أبي ثفال أيضًا!
وكذلك لم يُذكر فيهما والدُ جدة رباح، وهو سعيد بن زيد، فحق هذه الرواية أن يذكرها المؤلف في اللون الثاني متابعةً لابن حرملة عليه، لا الأول!
لكن قد اختُلف على سليمان بن بلال -ولم يشر إلى هذا الاختلاف المؤلف-:
- فرواه سعيد بن كثير بن عفير عنه عن أبي ثفال عن رباح عن جدته عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، لم يذكر أباها، أخرجه من طريق سعيد: الطحاوي (1/ 27)، والحاكم (4/ 60)، وابن شاهين في الترغيب (95)،
- ورواه سعيد بن أبي مريم عن سليمان بن بلال عن عبد الرحمن بن حرملة عن أبي ثفال عن رباح عن جدته عن أبيها عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال سليمان: وقد سمعته من أبي ثفال، أخرجه عن سعيد: أبو عبيد القاسم بن سلام في الطهور (54) -ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (18/ 26) -.
وسعيد بن أبي مريم أوثق من سعيد بن عفير، فهو حافظ ثبت، وروايته أرجح. وهي متابعة صحيحة لعبد الرحمن بن حرملة عن أبي ثفال.
تنبيه: ضعّف الشيخ الألباني -رحمه الله- رواية سعيد بن عفير التي أخرجها الحاكم من طريق ابنه عبيد الله، فقال -في الضعيفة (10/ 348) -: " قلت: وهذا إسناد واهٍ جدًّا، آفته عبيد الله بن سعيد، قال ابن حبان: «لا يشبه حديثه حديث الثقات»، وغمزه ابن عدي ".
ولكن عبيد الله هذا متابَعٌ عن أبيه، تابعه عبد الرحمن بن الجارود -وله ترجمة في تاريخ بغداد (10/ 272) - عند الطحاوي، وعثمان بن خرزاذ -وهو ثقة حافظ كما في ترجمته في تهذيب التهذيب (7/ 120) - عند ابن شاهين.
وإنما علة الرواية: ما سبق بيانه من مخالفة سعيد بن أبي مريم.
وقد اختُلف عن الحسن بن أبي جعفر المذكور أيضًا:
- فرواه أبو داود الطيالسي -في مسنده (ص33) - كما وُصف أولاً،
- ورواه خلاد بن قرة بن خالد -كما عند أبي الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (2/ 98) - عن الحسن عن أبي ثفال عن أبي هريرة به،
وخلاد هذا ترجمه أبو الشيخ في الموضع المذكور وأخرج روايته، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وأبو داود حافظ أوثق منه، وروايته الراجحة.
والحسن بن أبي جعفر ضعيفٌ على كل حال، وبعض الأئمة تركه، وبعضهم أنكر حديثه، فربما كان هذا اضطرابًا منه.
وهذا الاختلاف مما فات المؤلف أيضًا.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[18 - Nov-2007, مساء 01:07]ـ
7 - ذكر (ص22) رواية أبي معشر، ثم نقل إسنادها من كتاب الدعاء للطبراني، وفيه: " محمد بن أبي بكر المقدمي، ثنا أبو معشر البراء ... "، ثم قال: " ولكن اختُلف في سنده، فأخرجه أحمد (6/ 382) قال: حدثنا يونس، ثنا أبو معشر، عن عبد الرحمن بن حرملة ... فذكره بمثله مع تقديم وتأخير.
فسقط ذكر سعيد بن زيد.
قلت -المؤلف-: ويظهر أن هذا الاختلاف من أبي معشر، واسمه يوسف بن يزيد ... " ا. هـ.
وقد رواه جبارة بن المغلس عن أبي معشر أيضًا كما رواه يونس شيخ الإمام أحمد، أخرجه أبو بكر الدقاق في حديثه (41/ 2) -كما أفاده محقق علل الدارقطني (4/ 434) -.
والرواية التي أسندها أحمد في مسنده أشار إليها الدارقطني في العلل (4/ 434) فقال: " وخالفهم حفص بن ميسرة وأبو معشر نجيح وإسحاق بن حازم، فرووه عن ابن حرملة عن أبي ثفال عن رباح عن جدته أنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم يذكروا أباها في الإسناد ".
وقد نقل المؤلف كلام الدارقطني هذا بواسطة ابن حجر في التلخيص، وقد اختصره ابن حجر، فلم ينقل قوله: " نجيح "، والمؤلف قد اطلع على هذا الموضع من العلل ونقل منه -كما في (ص22) قبل رواية أبي معشر مباشرة-.
وأبو معشر نجيح هو نجيح بن عبد الرحمن السندي،
وأبو معشر البراء هو يوسف بن يزيد البصري،
وهما اثنان من طبقة واحدة، ولم يُذكر في تهذيب الكمال يونس وجبارة بن المغلس في الرواة عن أبي معشر البراء، وذُكرا في الرواة عن أبي معشر نجيح، ولم يُذكر محمد بن أبي بكر المقدمي في الرواة عن أبي معشر نجيح، وذُكر في الرواة عن أبي معشر البراء.
فالأظهر أن رواية يونس وجبارة إنما هي عن نجيح لا عن البراء، وهذا ما عيّن به الدارقطنيُّ أبا معشر.
وبه؛ تكون الروايتان مختلفتين، وكلٌّ روى وجهًا عن عبد الرحمن بن حرملة، فوافق أبو معشر البراء الجماعة، وخالفهم أبو معشر نجيح. والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[18 - Nov-2007, مساء 01:08]ـ
8 - قال (ص23): " وأما رواية إسحاق بن حازم فلم أقف عليها ".
وهي في علل ابن أبي حاتم (2/ 357)، قال: " وسألت أبي عن حديث رواه أسد بن موسى، قال: حدثنا سعيد بن سالم، عن إسحاق بن حازم -أو: خازم، شك أسد-، قال: أخبرني عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي، عن ثفال بن أبي ثفال، عن رباح بن عبد الرحمن بن شيبان، عن أمه بنت زيد بن نفيل، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لم يحبب الله من لم يحببني، ولم يحبني من لم يحبب الأنصار، ولا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» ... ".
وفي هذا الإسناد أخطاء، لذا قال أبو حاتم: " هذا خطأٌ في مواضع "،
فقوله: " ثفال بن أبي ثفال " صوابه: أبو ثفال، وقوله: " رباح بن عبد الرحمن بن شيبان " صوابه: رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان، وقوله: " عن أمه " صوابه: عن جدته، وقوله: " بنت زيد بن نفيل " صوابه: بنت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، ويحتمل في الأخير هذا النسبة إلى الجد الأعلى.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[18 - Nov-2007, مساء 01:09]ـ
9 - رجح المؤلف (ص23) الوجه الأول عن عبد الرحمن بن حرملة، ونقل ترجيحه عن الدارقطني، وقد سبق أبو حاتم إلى ذلك -كما في العلل لابنه (2/ 357)، وفات المؤلف فلم يذكره-، فقال: " والصحيح: عبد الرحمن بن حرملة، عن أبي ثفال المري، عن رباح بن عبد الرحمن بن حويطب، عن جدته، عن أبيها سعيد بن زيد، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ".
وهذا الترجيح إنما هو لكثرة الثقات الذين رووا هذا الوجه عن عبد الرحمن بن حرملة، ولأنه توبع عليه من جمع، إلا أنه ليس فيهم ثقة إلا سليمان بن بلال.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[18 - Nov-2007, مساء 01:10]ـ
10 - ثم نظر المؤلف (ص25) في حال أبي ثفال، وذكر تجهيل أبي حاتم والبيهقي له.
وقد جهّله الإمام أحمد بن حنبل أيضًا، فنقل ابن قدامة -في المغني (1/ 146) - عن الحسن بن محمد قال: (ضعّف أبو عبد الله الحديثَ في التسمية، وقال: " أقوى شيءٍ فيه: حديثُ كثير بن زيد عن ربيح -يعني: حديث أبي سعيد- "، ثم ذكر ربيحًا، أي: " مَنْ هو؟! ومَنْ أبو ثفال -يعني: الذي يروي حديث سعيد بن زيد-؟! "، يعني: أنهم مجهولون، وضعَّف إسناده) ا. هـ، ووقع في مطبوعة هجر: " من هو؟ ومن أبوه؟ فقال: يعني الذي يروي ... "، وهو خطأ، ونقل النصَّ ابنُ تيمية في شرح العمدة (1/ 169 - الطهارة) فجاء على الصواب، ونقل الجزءَ المتعلقَ بأبي ثفال ابنُ الجوزي في التحقيق (1/ 143)، ثم ابنُ عبد الهادي في تعليقته على علل ابن أبي حاتم (ص142)، فنقلا: " مَنْ أبو ثفال؟! ".
وذكر المؤلف قول البخاري فيه: " في حديثه نظر "، وفسَّره بأنه يطعن في صحة حديثه لا في صدقه.
ثم ذكر قول ابن حبان: " ليس بالمعتمد على ما تفرد به "، ومن المفيد سياق كلام ابن حبان كله، قال -في الثقات (5/ 594) - في ترجمة جدة رباح: " ابنة سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، جدة رباح بن عبد الرحمن، لا أدري ما اسمها، تروي عن أبيها، روى عنها رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب، إلا أني لست بالمعتمد على ما انفرد به أبو ثفال المري ".
وهذه إشارة من ابن حبان إلى حديثنا هذا، وهي تقتضي أنه لا يصحح الحديث؛ لتفرد أبي ثفال به، وقد زاد في ترجمة أبي ثفال في الثقات (8/ 157، 158) أن في قلبه من هذا الحديث، لأنه قد اختُلف على أبي ثفال فيه.
وعلة الاختلاف مُجابٌ عنها، إلا أن علة التفرد باقية.
وبها أعلّه البزار قبلُ -ونقله المؤلف (ص26) مختصرًا، وهو بتمامه عند ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 449)، ومنه أنقل-، قال: " ورباح بن عبد الرحمن وجدَّتُهُ لا نعلمهما رويا إلا هذا الحديث، ولا حدَّث عن رباح إلا أبو ثفال، فالخبر من جهة النقل لا يثبت؛ للعلة التي وصفنا ".
وذكر العقيليُّ أبا ثفال في الضعفاء، وذكر كلمة البخاري فيه، وأسند حديثه هذا.
فأبو ثفال مجهولٌ إذن، وقد تفرد بهذا الحديث، فأعلّه الأئمة لذلك.
قال الذهبي -في الميزان (4/ 508) - في أبي ثفال: " ما هو بقوي، ولا إسناده يمضي ".
ورباح مجهول أيضًا -كما قال أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان، ونقله المؤلف-.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد أعلّه بجهالة أبي ثفال ورباح: ابنُ القطان -في بيان الوهم (3/ 314) -، وزاد إعلاله بجهالة جدة رباح، قال: " وفي إسناد هذا الكلام ثلاثة مجاهيل الأحوال:
أوَّلهم: جدة رباح، فإنها لا تعرف بغير هذا، ولا يُعرف لها اسم ولا حال، وغاية ما تعرفنا بهذا أنها ابنةٌ لسعيد بن زيد -رضي الله عنه-،
والثاني: رباح المذكور، فإنه مجهول الحال كذلك، ولم يعرف ابن أبي حاتم من حاله بأكثر مما أخذ من هذا الإسناد: من روايته عن جدته، ورواية أبي ثفال عنه،
والثالث: أبو ثفال المذكور، فإنه أيضًا مجهول الحال كذلك، وهو أشهرهم؛ لرواية جماعةٍ عنه، منهم: عبد الرحمن بن حرملة وسليمان بن بلال وصدقة مولى الزبير والدراوردي والحسن بن أبي جعفر وعبد الله بن عبد العزيز، قاله أبو حاتم، فاعلم ذلك " ا. هـ.
وقد سُبِقَ ابنُ القطان إلى تجهيل جدة رباح، فقال أبو عبيد القاسم بن سلام -في الطهور (ص66)، وسبق نقل طرف من كلامه-: " فأما الحديثان الأولان، فقد كان بعض أهل الحديث يطعن في إسنادهما؛ لوجود المرأة المجهولة في الأول ... "، ولم يُشر المؤلف إلى كلام أبي عبيد هذا.
وقد ردَّ الحافظ ابن حجر -فيما نقله المؤلف- تجهيل جدة رباح، بأن اسمها معروف، وأنها مذكورة في الصحابة.
إلا أن ذِكْرها في الصحابة هو اعتمادٌ على الوجه الثاني من هذا الحديث، وسبق أنه مرجوح عن عبد الرحمن بن حرملة.
وأما قول ابن حجر -بعد ذلك-: " وإن لم يثبت لها صحبة، فمثلها لا يُسأل عن حالها "، فلا أدري ما وجهه!
وتجهيل أبي عبيد لها -بيانًا لسبب تضعيف بعض أهل الحديث لهذا الحديث- دليلٌ على أن تجهيلها قديم عند الأئمة.
فالراجح أنها تابعية مجهولة أيضًا -كما قال أبو عبيد وابن القطان-.
وقد حاول الحافظ مغلطاي -في شرح ابن ماجه (1/ 251، 252) - نفي جهالة الحال عن رباح وجدّته، إلا أنه لم يأتِ بما يرتفع به ذلك.
فالحديث اجتمع فيه ثلاثة مجاهيل، وأنكره العلماء على أبي ثفال -على جهالته- بتفرده به عن رباح، فإلى الضعف الشديد ما هو، ونصَّ ابن القطان على أنه " ضعيف جدًّا ".
ويؤيده ما ذكره الحافظ مغلطاي في تفسير قول البخاري: " في حديثه نظر "، قال -في شرح ابن ماجه (1/ 252)، بعد أن نقل ذلك-: " والبخاري إذا قال ذلك يكون غير محتمل عنده ".
لذا، فقد قال الإمام أحمد لما سئل عن الحديث -كما في ضعفاء العقيلي (1/ 177) -: " لا يثبت "، وسبق نقل كلمة البخاري في أن في هذا الحديث -حديث أبي ثفال- نظرًا عنده، وقال أبو حاتم وأبو زرعة: " ليس عندنا بذاك الصحيح "، وقال البزار -وسبق-: " هذا الخبر من جهة النقل لا يثبت "، وضعفه ابن حبان -كما سبق أيضًا-.
وما هذه حاله من الأحاديث لا يعتبر به، خاصة أن أحمد والبزار والعقيلي وغيرهم ضعفوا أحاديث الباب جميعها مع وقوفهم عليه -ويأتي ذلك قريبًا-.
وأما اعتبار البخاري هذا الحديث أحسن أحاديث الباب، فله اعتباره، وهو أحسن عنده من حديث أبي سعيد الخدري، لأنه أنكر أحاديث ربيح بن عبد الرحمن راويه، وأما هنا؛ فلم يعرف اسم أبي ثفال -كما نقل عنه الترمذي في العلل الكبير (ص32 - ترتيبه) -، وذكر أن في حديثه عن رباح نظرًا.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[18 - Nov-2007, مساء 01:11]ـ
11 - ذكر المؤلف (ص28) حديث سهل بن سعد، فذكر رواية عبد المهيمن بن عباس بن سهل عن أبيه عن جده، وبيَّن ضعفها الشديد، ثم ذكر أن أخاه أبيًّا تابعه عن أبيهما عباس، وذكر أن أبيًّا أخف ضعفًا من أخيه عبد المهيمن، ونقل في ذلك عن الأئمة.
إلا أن رواية أبيّ معلولة لا تصح، وعلّتها رواية عبد المهيمن ذاتها!
فالحديث رواه الحافظ دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم عن ابن أبي فديك عن عبد المهيمن به، أخرجه من طريقه ابن ماجه (400) والطبراني في الكبير (5698)،
ورواية أبيّ أخرجها الطبراني في الكبير (5699) وفي الدعاء (382) قال: حدثنا عبد الرحمن بن معاوية العتبي المصري، ثنا عبيد الله بن محمد المنكدري، ثنا ابن أبي فديك، عن أبيّ ... به.
وعبد الرحمن بن معاوية شيخ الطبراني مجهول الحال (وانظر: الضعيفة: 5/ 356، 12/ 501).
(يُتْبَعُ)
(/)
وشيخه عبيد الله بن محمد المنكدري لم أعرفه، ووقع في مطبوعة الكبير: عبيد الله بن محمد بن المنكدري، ونقل الإسنادَ ابنُ عبد الهادي -في التنقيح (2/ 276) - فجاء فيه: عبيد الله بن محمد الكندي، ونقله ابن القيم -في جلاء الأفهام (ص47) - فجاء فيه: عبيد الله بن محمد بن المنكدر، وأسنده ابن حجر -في نتائج الأفكار (1/ 232) - فجاء فيه: عبيد الله بن المنكدري.
وروايته هذه عن ابن أبي فديك منكرة، إذ خالف الحافظ دحيمًا، فأبدل عبد المهيمن بأبيّ، وإنما هو حديث عبد المهيمن.
وبهذا أعلّه ابن عبد الهادي وابن القيم وابن كثير والسخاوي:
قال ابن عبد الهادي -في التنقيح (2/ 276)، بعد أن نقل إسناد رواية أبيّ-: " وقد روي عن ابن أبي فديك عن عبد المهيمن بن عباس، وهو أشبه بالصواب "،
وقال ابن القيم -في جلاء الأفهام (ص47) -: " فإن كان عبد المهيمن قد سرقه من أخيه؛ فلا يضر الحديث شيء، ولا ينزل عن درجة الحديث الحسن، وإن كان ابن أبي فديك أو من دونه غلط من عبد المهيمن إلى أخيه أبيّ، وهو الأشبه -والله أعلم-؛ لأن الحديث معروف بعبد المهيمن= فتلك علّة قوية فيه "،
وقال ابن كثير -في تفسيره (6/ 461)، بعد أن ذكر رواية عبد المهيمن وضعفها-: " وقد رواه الطبراني من رواية أخيه أبيّ بن عباس، ولكن في ذلك نظر، وإنما يُعرف من رواية عبد المهيمن "،
وقال السخاوي -في القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع (ص256، 257)، بعد أن ذكر رواية عبد المهيمن-: " وقد أخرجه الطبراني وأبو موسى المديني من رواية أخيه أبيّ بن عباس بن سهل عن أبيه عن جده، وصححه المجد الشيرازي، وفي ذلك نظر، لأنه إنما يُعرف من رواية عبد المهيمن ".
فالرواية المُتابِعةُ هنا معلولةٌ بالرواية المُتابَعَة، ولا يصح تقويتها بها، أو اعتبارها إسنادًا معتبرًا به لهذا الحديث.
ثم وجدتُ المؤلف نقل كلام السخاوي المذكور -في النافلة (126)، ولم ينقله في كشف المخبوء-، ثم قال: " فيرى السخاوي -رحمه الله تعالى- أن رواية أبيّ لا تشهد لرواية عبد المهيمن، وهذا رأيٌ سديد، فإن أبيّ بن العباس إنما وافق أخاه في الفقرتين الأوليين فقط، ولم يروِ الفقرتين الثالثة والرابعة، وفيهما النكارة، أما الفقرتان الأوليان، فلهما شواهد صحيحة ... ".
والسخاوي إنما يُعلّ إحدى الروايتين بالثانية، فهو يرد على تصحيح رواية أبيّ، ويقول: " إنما يُعرف من رواية عبد المهيمن "، ومعناه: أن رواية أبيّ ضعيفةٌ غير معروفة، وأن المعروف في هذا الحديث: رواية عبد المهيمن.
وليس مقصوده: أن رواية أبيّ " لا تشهد لرواية عبد المهيمن "؛ لأنه لا يُنظر في كون الرواية المتابِعة تشهد للرواية المتابَعة أو لا= إلا بعد ثبوتهما جميعًا، فإذا ثبتت الرواية المتابِعة؛ نُظر في متنها ومدى صلاحيته لتقوية الرواية المتابَعة والشهادة لها.
ولم تثبت الرواية المتابِعة هنا، حيث لم يصح أن أُبيًّا روى الحديث عن أبيه متابعًا لأخيه، فذِكْرُ أبيٍّ في الإسناد خطأٌ من رجلٍ مجهول، خالفه حافظٌ إمام -كما سبق بيانه-، وهذا الذي يشير إليه السخاوي، ومن ثَمّ فلا يُفهم من كلامه أنه يرى قصور متن رواية أبيّ عن الشهادة لمتن رواية عبد المهيمن؛ لعدم تحقق المقدمة المذكورة.
هذا فضلاً عن أن رواية أبيّ التي في معجم الطبراني والدعاء له= فيها الفقرات الأربع جميعًا، ولا أدري ما وجه قول المؤلف: إن أُبيًّا لم يروِ الفقرتين الثالثة والرابعة!
إلا إن كان اعتمد على اختصار ابن حجر في نتائج الأفكار، فإنه أسند رواية أبيّ من طريق الطبراني، واختصر متنه، فلم يذكر إلا الفقرتين الأوليين!
فإن صح؛ فغريبٌ من المؤلف ذلك، والرواية الأصلية بين يديه في المعجم والدعاء، وقد خرجها منهما!
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[18 - Nov-2007, مساء 01:12]ـ
12 - نبّه المؤلف (ص37) إلى أن الحديث حسن على أقل أحواله بمثل هذه الشواهد، وهي حديث أبي سعيد، وبعض طرق حديث أبي هريرة، وسعيد بن زيد، وسهل بن سعد، وما عدا ذلك فضعفه لا يحتمل.
وقد بان في هذه التعليقات أن هذه الشواهد لا ترقى إلى أن تتقوى فيحسن الحديث بها:
أ- فحديث أبي سعيد الخدري فيه رجلان، أحدهما ضعيف، والآخر منكر الحديث على قلّتِهِ،
ب- وحديث أبي هريرة جاء من طرق:
* إحداها (رواية يعقوب بن سلمة عن أبيه) فيها جهالة، وضعف، وانقطاع في موضعين،
(يُتْبَعُ)
(/)
* والأخرى (رواية محمد بن سيرين) تفرد بها مجهولٌ عن محمد بن سيرين، وأنكرها من الأئمة ابن الجوزي وابن حجر،
* والثالثة (رواية أبي سلمة) فيها ضعيف أتى بما لا يحتمله شيخه، وأنكرها الحافظ الذهبي،
* والرابعة (رواية مجاهد) تفرد بها ضعيف، وفيها جهالة، ولو صحت عن مجاهد لرواها عنه كبار أصحابه، ولَمَا انفردت بها هذه الطريق الضعيفة، وأنكرها الحافظ الذهبي،
ج- وأما حديث سعيد بن زيد، ففيه ثلاثة مجاهيل، وأنكر الأئمة تفرد أحدهم (وهو أبو ثفال) بالحديث، وذكروا أن في حديثه نظرًا، فضعفوه لذلك،
د- وأما حديث سهل بن سعد، فالإسناد الذي أحسب المؤلفَ يجعله صالحًا للاستشهاد: هو إسناد أبيّ بن عباس بن سهل، وقد بان أنه منكر من أحد المجاهيل، خالفه أحد الحفاظ؛ فعاد به إلى رواية عبد المهيمن بن عباس، وهي ضعيفة جدًّا.
فهذه طرق الحديث التي قوّاه بها المؤلف.
وقد وقف على أقوى ما فيها الأئمة فلم يقوّوها ببعضها:
فوقف أحمد بن حنبل على حديث أبي سعيد وحديث سعيد بن زيد،
ووقف البزار عليهما أيضًا،
ووقف العقيلي عليهما أيضًا،
ووقف ابن المنذر على حديث سعيد بن زيد،
ووقف البيهقي على الحديثين وغيرهما،
وهذا الذي نعرفه عن هؤلاء بيقين، حيث ذكروا هذه الأحاديث في كلامهم، ولا يبعد على مثلهم البتة الوقوف على أحاديث الباب كلها.
ومع ذلك، نجد أحمدَ يقول -كما في مسائل أبي داود (ص11) -: " ليس فيه إسناد "، ويقول -كما في مسائل ابن هانئ (1/ 3) -: " لا يثبت حديث للنبي -صلى الله عليه وسلم- فيه "، ويقول -كما في تاريخ أبي زرعة الدمشقي (رقم: 1828) -: " فيه أحاديث ليست بذاك ... ولم تثبت سنة "، ويقول -في رواية الأثرم كما في التحقيق لابن الجوزي (1/ 143) -: " ليس في هذا حديث يثبت ... ليس في هذا حديث أحكم به "، ويقول -كما في مسائل الكوسج (2/ 263) -: " لا أعلم فيه حديثًا له إسناد جيد "، ويقول -في موضع آخر من مسائل الكوسج (2/ 381) وفي رواية أحمد بن حفص كما في الكامل (6/ 67) -: " لا أعلم فيه حديثًا يثبت "،
والبزارَ يقول -كما في الإمام لابن دقيق (1/ 449) -: " وكل ما روي في ذلك فليس بقوي الإسناد، وإن تأيّدت هذه الأسانيد "،
والعقيليَّ يقول -في الضعفاء (1/ 177): " الأسانيد في هذا الباب فيها لين "،
وابنَ المنذر يقول -في الأوسط (1/ 368) -: " ليس في هذا الباب خبرٌ ثابت يوجب إبطال وضوء من لم يذكر اسم الله عليه "،
والبيهقيَّ يقول -في معرفة السنن (1/ 266) -: " وأما ما روي عن أبي هريرة وغيره عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا وضوء إن لم يذكر اسم الله عليه»؛ فأسانيده غير قوية ".
وقد قال البخاريُّ في حديث أبي ثفال عن رباح عن جدته عن أبيها سعيد بن زيد -كما في ترتيب علل الترمذي الكبير (ص31، 32) -: " ليس في هذا الباب حديثٌ أحسن عندي من هذا "، وهو الذي قال في أبي ثفال: " في حديثه نظر "، فالظاهر أنه يضعف جميع أحاديث الباب، وأحسنها عنده هذا الحديث، وهو ضعيف عنده أيضًا.
فلم يقوِّ أحد هؤلاء الأئمة الكبار -وهم أهل الأقدام الراسخة والقامات السامقة في نقد الحديث وتصحيحه وتضعيفه-= هذه الأحاديث ببعضها، ولا حكموا بحسنها لشواهدها، لا لعدم صحة أساس التحسين بالشواهد عندهم، بل لعدم صلاح هذه الأحاديث للاستشهاد، ومن ثم تحسينها أو تصحيحها بذلك.
وكلمة البزار كالصريحة في أن أسانيد هذا الحديث وإن كثرت وتعددت واختلفت مخارجها، فإنها لا تقبل التعاضد والتقوِّي.
وهذا ظاهر عند النظر والتدقيق في أسانيد الحديث، وهو ما تبيَّن في هذه التعليقات.
ومما يضعَّف به الحديث:
- ما أشار إليه الإمام أحمد، قال أبو زرعة الدمشقي -في تاريخه (رقم: 1828) -: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: فما وجه قوله: " لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه "? قال: " فيه أحاديث ليست بذاك، وقال الله -تبارك وتعالى-: ?يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق?، فلا أوجب عليه، وهذا التنزيل، ولم تثبت سنة " ا. هـ.
فهذه صفة الوضوء في الآية، لم تذكر فيها التسمية،
- والأحاديث الصحيحة الواصفة وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- لم تذكر التسمية أيضًا.
آخر ما كتبت، فما كان فيه من صواب؛ فمن الله، وما كان فيه من خطأ؛ فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله، وأرجو أن ينبّهني الإخوة إلى ذلك، ويقوّموه ويصوّبوه.
والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا به.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[عبد الله المزروع]ــــــــ[18 - Nov-2007, مساء 11:43]ـ
تعليقات نافعة مباركة ... بارك الله فيك
ـ[الحسيني القادم]ــــــــ[19 - Nov-2007, صباحاً 08:08]ـ
تعليقات مفيدة .. جزاك الله خيرا، والشيخ الحويني وقد اطلع له أخونا / سمير بن سعيد السلفى الأثرى على بعض الأوهام والتخليط وأقره فضيلة الشيخ على رضا حفظه الله، وكذا أورد تخليطا له أخونا / أبو أحمد محمد بن عبد الجواد المنصوري في قصيدته الهائية، ومفاد الأمر أن جهودات الشيخ مشكورة ولكنه عندنا في أحسن أحواله كالحاكم صاحب المستدرك ينبغي أن تراجع تحقيقاته قبل إقراره عليها .. والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن رجب]ــــــــ[19 - Nov-2007, صباحاً 10:00]ـ
جزيت خيرا ,, بحث قيم.
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[19 - Nov-2007, صباحاً 10:19]ـ
سلامٌ عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
فجزى الله أخانا محمد بن عبد الله خيرا:
فقد قلت:
{وأما قول أبي زرعة: " شيخ "، فلا تدل على التضعيف المطلق، إلا أنها ليست دالة على العدالة، وهي إلى وصفِهِ بالتحمل والرواية مع عدم معرفة الحال أقرب، قال ابن القطان -في بيان الوهم (4/ 627) -: " فأما قول أبي حاتم: «شيخ»، فليس بتعريف بشيء من حاله، إلا أنه مُقلّ، ليس من أهل العلم، وإنما وقعت له رواية أُخذت عنه "، وقد توصل بعض أفاضل الباحثين (وهو الشيخ أبو تيمية إبراهيم الميلي) إلى هذه النتيجة، بتتبع من قيلت فيه هذه الكلمة من الرواة.}
لعلك كنت تريد أن تقول: {وأما قول أبي زرعة: " شيخ "، فلا تدل على التضعيف المطلق، إلا أنها ليست دالة على الضبط}
قال أبومحمد عبد الرحمن بن أبي حاتم في باب باب بيان درجات رواة الآثار من كتاب تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل:
{فقد أخبر أن الناقله للآثار والمقبولين على منازل وإن أهل المنزلة الأعلى الثقات وان أهل المنزلة الثانية أهل الصدق والامانه ووجدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى
1 - وإذا قيل للواحد انه ثقة أو متقن ثبت فهو ممن يحتج بحديثه
2 - وإذا قيل له انه صدوق أو محله الصدق أولا بأس به فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه وهي المنزلة الثانية
3 - وإذا قيل شيخ فهو بالمنزلة الثالثه يكتب حديثه وينظر فيه إلا أنه دون الثانية
4 - وإذا قيل صالح الحديث فإنه يكتب حديثه للاعتبار
5 - وإذا أجابوا في الرجل بلين الحديث فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه اعتبارا
6 - وإذا قالوا ليس بقوي فهو بمنزلة الأولى في كتبه حديثه إلا انه دونه
7 - وإذا قالوا ضعيف الحديث فهو دون الثاني لا يطرح حديثه يعتبر به
8 - وإذا قالوا متروك الحديث أو ذاهب الحديث أو كذاب فهو ساقط الحديث لا يكتب حديثه وهي المنزلة الرابعه}
فكلمة شيخ تدل على العدالة دون الضبط، فمن كان بهذه المنزلة فهو من أهل العدالة، إلا أنه لا يحتج به حتى ينظر في حديثه ويُعلم أنه ضبطه، بطرق الاعتبار المعروفة، والله تعالى أجل وأعلم
ـ[أبو أيوب]ــــــــ[19 - Nov-2007, صباحاً 10:37]ـ
تعليقات راقية، أسأل الله أن ينفع بها الكاتب والقارئ والناشر.
ـ[السكري]ــــــــ[19 - Nov-2007, صباحاً 10:48]ـ
بارك الله في الأخ محمد عبد الله فيما بين وتعقب وجزى الله الشيخ الحويني فيما سطر
وليس الشيخ حفظه الله من صحح أو حسن الحديث وانفرد بذلك
فقد حسن الحديث جماعة من المتأخرين منهم
ابن الصلاح
وابن كثير
والعراقي
والمنذري
وابن حجر
وأحمد شاكر
والألباني كما في الارواء (81)
وما أحسن ماقاله أبو الفتح اليعمري: أحاديث الباب إما صريح غير صحيح وإما صحيح غير صريح "نتائج الأفكار 1/ 237"
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[19 - Nov-2007, مساء 01:34]ـ
الشيخ أبا معاذ:
وفيك بارك الله.
الأخ الحسيني القادم:
وإياك، ولا أعرف ما ذكرتَ والاثنين اللذين ذكرتَ.
والخلاصة التي ذيّلتَ بها كلامك فيها نظر، ومراجعةُ التحقيقات قبل الإقرار عليها= سبيلُ كل باحثٍ متحررٍ من التعصب والتقليد مع كلِّ محققٍ وباحثٍ ومؤلف، فليس يسلم بشرٌ من الخطأ بعد المعصوم -صلى الله عليه وسلم-.
الأخ ابن رجب:
وإياك، بارك الله فيك.
الأخ الكريم أبا مريم:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وإياكم، وشكر الله لكم ملحوظتكم، والأمر كما ذكرتم.
الأخ الفاضل أبا أيوب:
آمين، بارك الله فيكم ونفع بكم.
الأخ السكري:
وفيك بارك الله.
والمتأخرون الذين ذكرتَهم ذكرهم الشيخ أبو إسحاق في رسالته، وهم مخالفون في تصحيحهم الحديث أو تحسينهم إياه من ذُكر من أئمة النقد المتقدمين، وقد تبيّن بالدليل والحجة أن حكم المتقدمين أصحّ وأدقّ، وأن المتأخرين تساهلوا في حكمهم ذلك.
وللفائدة، فقول ابن سيد الناس هو في شرحه على الترمذي (1/ 290 ط. الصميعي)، ونصُّه: " وقد ذكرنا من الأحاديث ما يستدل الفقهاء بمثله، ويستند العلماء في الأحكام إليه، فليس من شأنهم أن لا يحتجوا إلا بالصحيح، بل أكثر احتجاجهم بالحسن، ولا يخلو هذا الباب عن ذلك؛ من حسن صريح، وصحيح غير صريح، والله أعلم " ا. هـ.
وقد سبق قول الإمام أحمد: " ليس في هذا حديثٌ أحكم به ".
والله أعلم.
ـ[رجل التوحيد]ــــــــ[19 - Nov-2007, مساء 02:04]ـ
جزاكم الله خيرا، موضوعكم رائع ونافع حقا ..
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[19 - Nov-2007, مساء 09:18]ـ
ما شاء الله لا قوة إلا بالله
زادك الله علماً وفضلاً وخيراً
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[19 - Nov-2007, مساء 11:09]ـ
تعليقات مفيدة،
فجزاكم اللَّهُ خيرًا،وبارك فيكم يا شَيخ مُحمَّد بن عبد اللَّه!.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[20 - Nov-2007, صباحاً 10:39]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل على هذه الفوائد والنفائس التي قل من يعنى بها.
وأما قول ابن حجر -بعد ذلك-: " وإن لم يثبت لها صحبة، فمثلها لا يُسأل عن حالها "، فلا أدري ما وجهه!
وجهه أنها من كبار التابعين الذين هم أقرب لزمن الصحبة، حيث لم يفشُ الكذب ولم يعرف إلا نادرا، وهؤلاء قد جرى الأئمة كثيرا على تمشية حالهم، والاعتبار بهم.
وهذه العبارة التي ذكرها ابن حجر يستعملها أبو حاتم وغيره في التابعين فيقول: هذا من التابعين لا يسأل عن مثله، أو نحو ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[21 - Nov-2007, صباحاً 10:12]ـ
الأخ رجل التوحيد:
وإياك.
شيخنا ماهرًا:
آمين، أحسن الله إليكم وحفظكم.
الأخ الكريم سلمان:
وإياكم، وفيكم بارك.
الشيخ أبا مالك:
وإياكم، وأنتم أهل الفوائد، غفر الله لكم.
وتوجيه كلام ابن حجر الذي ذكرتموه وارد، وحضر في بالي، إلا أنه قد يكون في قاعدة التخفّف في جهالة كبار التابعين نظرٌ مع إيراد بعض الأئمة هذا الحديث في الأحاديث المناكير، وتضعيف الأئمة له، بل وتعليل بعضِهم إياه بجهالة هذه التابعية نفسها.
أحسن الله إليكم ونفع بكم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[07 - Dec-2007, صباحاً 08:18]ـ
للفائدة:
قال ابن رشد في بداية المجتهد: (وهذا الحديث لم يصح عند أهل النقل).
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[19 - Jun-2008, مساء 06:05]ـ
بارك الله فيكم.
وقفتُ لاحقًا على كلام الشيخ أبي إسحاق على حديث التسمية في الجزء الثاني من بذل الإحسان (2/ 340 - 371)، وقد كتب الشيخُ مقدمة هذا الجزء في رجب 1411، أي: بعد طباعة كتاب (كشف المخبوء) بثلاث سنوات تقريبًا.
وكلامه على الحديث في (بذل الإحسان) في غالبه ملخّصٌ من (كشف المخبوء)، مع بعض الإضافات والتصويبات.
وكان لزامًا أن أذكر ما استدركه الشيخُ على نفسه وقد استدركتُهُ عليه قبل علمي بذلك، لئلا يُلزم الشيخ بما لا يلزمه.
مع أن غالب ذلك مما لا تأثير له قويًّا في الحكم النهائي على الحديث، ولم يكن في القضايا المنهجية التي خلص بها الشيخُ إلى تقوية الحديث.
كما أن في بعض ما أضافه الشيخ في (بذل الإحسان) ما ينتقد عليه، وسأبينه -إن شاء الله-.
فأول ذلك:
أن الشيخ وقف على رواية أبي عبيد في الطهور من طريق سليمان بن بلال -حديث سعيد بن زيد-، لكنه لم يشر إلى الخلاف عليه، وألحق رواية أبي عبيد برواية الطحاوي والحاكم، وجعلهم (2/ 350) جميعًا يروون الحديث من طريق سليمان بن بلال عن عبد الرحمن بن حرملة! مع أن في الأمر تفصيلاً على النحو المشروح في التعليقة السادسة مما سبق:
لكن قد اختُلف على سليمان بن بلال -ولم يشر إلى هذا الاختلاف المؤلف-:
- فرواه سعيد بن كثير بن عفير عنه عن أبي ثفال عن رباح عن جدته عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، لم يذكر أباها، أخرجه من طريق سعيد: الطحاوي (1/ 27)، والحاكم (4/ 60)، وابن شاهين في الترغيب (95)،
- ورواه سعيد بن أبي مريم عن سليمان بن بلال عن عبد الرحمن بن حرملة عن أبي ثفال عن رباح عن جدته عن أبيها عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال سليمان: وقد سمعته من أبي ثفال، أخرجه عن سعيد: أبو عبيد القاسم بن سلام في الطهور (54) -ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (18/ 26) -.
وسعيد بن أبي مريم أوثق من سعيد بن عفير، فهو حافظ ثبت، وروايته أرجح. وهي متابعة صحيحة لعبد الرحمن بن حرملة عن أبي ثفال.
ثانيًا:
وقف الشيخ أبو إسحاق على الخلاف على الحسن بن أبي جعفر، وأثبته (2/ 350).
وقد اختُلف عن الحسن بن أبي جعفر المذكور أيضًا:
- فرواه أبو داود الطيالسي -في مسنده (ص33) - كما وُصف أولاً،
- ورواه خلاد بن قرة بن خالد -كما عند أبي الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (2/ 98) - عن الحسن عن أبي ثفال عن أبي هريرة به،
وخلاد هذا ترجمه أبو الشيخ في الموضع المذكور وأخرج روايته، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وأبو داود حافظ أوثق منه، وروايته الراجحة.
والحسن بن أبي جعفر ضعيفٌ على كل حال، وبعض الأئمة تركه، وبعضهم أنكر حديثه، فربما كان هذا اضطرابًا منه.
وهذا الاختلاف مما فات المؤلف أيضًا.
ثالثًا:
وقف الشيخ على رواية إسحاق بن حازم في علل ابن أبي حاتم، وأثبتها (2/ 353).
8 - قال (ص23): " وأما رواية إسحاق بن حازم فلم أقف عليها ".
وهي في علل ابن أبي حاتم (2/ 357)، قال: " وسألت أبي عن حديث رواه أسد بن موسى، قال: حدثنا سعيد بن سالم، عن إسحاق بن حازم -أو: خازم، شك أسد-، قال: أخبرني عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي، عن ثفال بن أبي ثفال، عن رباح بن عبد الرحمن بن شيبان، عن أمه بنت زيد بن نفيل، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لم يحبب الله من لم يحببني، ولم يحبني من لم يحبب الأنصار، ولا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» ... ".
رابعًا:
مع وقوف الشيخ على ترجيح أبي حاتم الرازي ونقله في الكلام على رواية إسحاق بن حازم، إلا أنه لم يثبته في ترجيحه النهائي، وأبقى على ذكر ترجيح الدارقطني فقط.
9 - رجح المؤلف (ص23) الوجه الأول عن عبد الرحمن بن حرملة، ونقل ترجيحه عن الدارقطني، وقد سبق أبو حاتم إلى ذلك -كما في العلل لابنه (2/ 357)، وفات المؤلف فلم يذكره-، فقال: " والصحيح: عبد الرحمن بن حرملة، عن أبي ثفال المري، عن رباح بن عبد الرحمن بن حويطب، عن جدته، عن أبيها سعيد بن زيد، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ".
هذا ما لزم ذكره، والتعليقات الأخرى متوجهةٌ إلى كلام الشيخ في (البذل) و (الكشف)، إلا أن يكون فاتني شيءٌ استدركه الشيخ في (البذل) أو غيره؛ فلينبهني الإخوة عليه. والله الهادي والموفق للصواب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله]ــــــــ[30 - Jul-2009, مساء 08:18]ـ
لماذا الإمام أحمد قال بسنية التسمية مع أنه يرى تضعيف الحديث
ـ[فواز الحر]ــــــــ[01 - Aug-2009, مساء 02:52]ـ
لماذا الإمام أحمد قال بسنية التسمية مع أنه يرى تضعيف الحديث
راجع ما كتبه الشيخ المحقق طارق بن عوض الله - حفظه الله - في تعليقه على "مقدمة ابن الصلاح وشرحيْه" (1/ 297 - 306)، وبعض ما ذكره مبثوثٌ في كتبه الأخرى كـ "الإرشادات" (ص30 وما بعدها). فإنه مهمٌ جدًا في حلِّ هذا الإشكال الذي ذكرتَه.
وفقك الله.
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[14 - Apr-2010, صباحاً 11:53]ـ
528_ يسأل عن كتاب " كشف المخبوء في أحاديث التسمية في الوضوء "
ج: ذكرنا فيما سبقَ أن هذا الحديث َ باطل ٌ , ومؤلَّفات هذا الأخ صاحب كتاب " كشف المخبوء " مؤلفاته ما فيها .. جزاه الله خيرا هو مجتهد , لكنَّ كثيرا ً من كلامِه ليس بجيِّد , ولا ينبغي المبالغة في مثل هذ الأشياء و تأليف أجزاء في" النزول على الركبة لأهل الصحبة" وتقدم الكلام على هذه المسألة , وأن مذهب " أهل السنة والجماعة " أنه يعطى كلُّ شيء أهمّيته ومكانته , ولا يبالغ في أهمية بعض الأشياء , ورفعها دون مكانتها اللائقة بها , فينبغي الاهتمام بالعقيدة والتوحيد وبأركان الإسلام ثانيا وهكذا!.
أما الاهتمام بهذه المسائل وتأليف الكتب فيها والمبالغة في الرد على من خالف في هذه المسألة , فهو خلاف منهج أهل السنة والجماعة , وخلاف طريقتهم في ذلك.
وكما ذكرنا في مسألة " النزول على اليدين أو الركبتين " فقد كثُر الكلام عليها من خلال سؤال الإخوان وكذلك مسألة " الإشارة بالأصبع " كأنه لا يوجد إلا هاتين المسألتين , وألفت كتب عديدة في هذا , وإن رجعت إلى كتب أهل السلف في هاتين المسألتين فلن ترى! وإنما ألفت الرسائل في هذا العصر من قبل -20 - سنة ً , والإشارة بالأصبع نعم هناك جزء لعلي الملا القاري رحمه الله , فالمبالغة في تآليف هذه الأجزاء خطأ! والرد على من خالف فيها! –هي مهمة- لكن ننكر المبالغة َ فيها!.
من سلسلة الفتاوى الحديثية السعدية.
فتوى رقم (528).
ـ[محمد بن حجاج]ــــــــ[20 - Apr-2010, مساء 08:40]ـ
مذهب " أهل السنة والجماعة " أنه يعطى كلُّ شيء أهمّيته ومكانته، ولا يبالغ في أهمية بعض الأشياء، ورفعها دون مكانتها اللائقة بها، فينبغي الاهتمام بالعقيدة والتوحيد وبأركان الإسلام ثانيا وهكذا!، أما الاهتمام بهذه المسائل وتأليف الكتب فيها والمبالغة في الرد على من خالف في هذه المسألة , فهو خلاف منهج أهل السنة والجماعة، وخلاف طريقتهم في ذلك.
من سلسلة الفتاوى الحديثية السعدية.فتوى رقم (528).
بارك الله فى الشيخ السعد، وجزاك الله خيرا على النقل، لكن لست مع الشيخ فى أن تأليف الكتب فى المسائل الفقهية الصغيرة خلاف منهج اهل السنة والجماعة، فقد الف البخارى رحمه الله كتاباً وسماه " رفع اليدين فى الصلاة " والله اعلم.
ـ[حنفى شعبان]ــــــــ[15 - Sep-2010, مساء 11:00]ـ
قولكم ان الشيخ مثله كالحاكم فى تساهله (شكاة ظاهر عنه عارها) نفس ما قيل فى الالبانى رحمه الله يا عباد الله علم التصحيح والتضعيف بين الشد والجذب كل يوم فيه طرق جديدة ومخطوطات لم تطبع ولا يضر العاقل أن يتغير قوله فى المسألة لادلة ظهرت له والله كلنا كذلك لا يسلم من ذلك أحد فالادب الادب جعلنى الله واياكم من الطيبين الطاهرين
ـ[ابو عبد الحق المصرى السلف]ــــــــ[19 - Sep-2010, مساء 07:13]ـ
احاديث التسمية من المعروف انها غير صحيحة وضعفها الائمة الكبار المتقدمين والشيخ ابى اسحاق جزاه الله خير له جهد مشكور وانا اعتقد انه رجع عن تصحيح احاديث كثيرة كان قد صححها ولهذا جل كتب الشيخ لم تطبع لكثرة مراجعة الشيخ لها وهي نفس المشكلة التى قابلت الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف فى تغير منهجه ورجوعه الى مذهب المتقدمين من اهل العلم ,ولكن لا ينبغي اطلاقا القدح فى العلماء بل يجب الذب عنهم ورحم الله الشافعي حين قال قولى صواب يحتمل الخطا وقول غيري خطا يحتمل الصواب
ـ[إسلام شاهين]ــــــــ[19 - Sep-2010, مساء 07:49]ـ
إخواني الكرام .. الله الله في علمائنا
هذه الرسالة كانت منذ ما يقرب من 20 سنة،
فهلا تبينتم من الشيخ حفظه الله، فهو بين أيدينا اليوم.
إحفظوهم يحفظكم الله ..
و لا شك في مجهود أخونا في البحث و هو جهد مشكور و لابد أن يكون قد استفاد منه، إلا أن الشيخ أبا إسحاق -حفظه الله- لم يتوفى عنا، فارجع إليه و لا تتأول عنه مقالته الأخيرة، و أعتقد أن هذا الأولى.
جزاكم الله خيراً
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[19 - Sep-2010, مساء 09:05]ـ
بارك الله فيكم.
قولكم ان الشيخ مثله كالحاكم فى تساهله ...
ليس هو "قولنا"، بل قول رجل واحد، وقد نوقش، فدقِّق -سدَّدك الله-.
إخواني الكرام .. الله الله في علمائنا
هذه الرسالة كانت منذ ما يقرب من 20 سنة،
فهلا تبينتم من الشيخ حفظه الله، فهو بين أيدينا اليوم.
إحفظوهم يحفظكم الله ..
و لا شك في مجهود أخونا في البحث و هو جهد مشكور و لابد أن يكون قد استفاد منه، إلا أن الشيخ أبا إسحاق -حفظه الله- لم يتوفى عنا، فارجع إليه و لا تتأول عنه مقالته الأخيرة، و أعتقد أن هذا الأولى.
جزاكم الله خيراً
وإياك.
قال الشيخ عبدالله المزروع:
جزاك الله خيراً يا أبا عبد الله (محمد بن عبد الله) على هذه التعليقات المفيدة - جعلها لله في موازين حسناتك -.
الأخ الكريم: عبد الرحيم - وفقه الله - لا أرى مانعاً من نشر الشيخ محمد تعليقاته هنا، ومن ثم يقوم طلاب الشيخ الحويني - وفقه الله - بإيصالها له، وخاصةً قد لا يتيسر للشيخ محمد إيصالها مباشرةً - هذا أولاً -،
أما ثانياً: فالكتاب نشر علانيةً، واقتناه القاضي والداني، فالتعليقات هذه والتنبيهات تكون علانيةً = لئلا ينتشر الخطأ ولا يوجد من ينبه عليه؛ خاصةً إذا كان في مقام مثل الشيخ الحويني - وفقه الله - وكان هذا بأدبٍ جمٍ؛ كما فعلل الشيخ محمد - سلمه الله -.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=709748#post70 9748
فبارك الله فيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إسلام شاهين]ــــــــ[20 - Sep-2010, صباحاً 09:18]ـ
بارك الله فيك و في الشيخ عبدالله المزروع،
أنا لم أقل غير هذا، و أعتقد أن ابن الشيخ أبي إسحاق مشترك هنا بمسمى أبي يحيى الحويني، فهو أولى بالتصدر لهذا الأمر،
هذا ليس تعصباً للشيخ، فكلٌ معرض للخطأ،
و أنا و للعلم مشترك في منتدى أهل الحديث بمسمى كنيتي،
جزاكم الله خيراً فيما قدمت، و جعله في ميزان حسناتكم.
أبوالبراء(/)
عجبا: الحافظ ابن عبد البر يضعف حديث في الصحيحين ويقول: لاأصل له ..
ـ[ابن رشد]ــــــــ[19 - Nov-2007, صباحاً 01:30]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
كنت أبحث في مسألة معينة .. فوجدت الحافظ ابن عبد البر _رحمه الله _يضعف حديثا في الصحيحين وهو مارواه عمران ابن حصين _ رضي الله عنه _قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم
"خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم _قال عمران:لاأدري أذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعد قرنين أوثلاثة _ثم قال: إن بعدكم قوما يخونون ولا يؤتمنون, ويشهدون ولايستشهدون ,وينذرون ولايفون, ويظهر السمن"
هذا الحديث له روايات متعددة ,وهو من قبيل المتفق عليه عند البخاري ومسلم ,وقد رواه غيرهم
وقد اطلعت على هذا الكلام _الآتي_في التمهيد ,عندشرحه لحديث "ألا أخبركم بخيرالشهداء الذي يأتي بالشهادة قبل ان يسألها" رواه زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه
وهو في ظاهره يخالف حديث عمران بن حصين المتقدم
ولأجل هذا التعارض ,انظر ماذا قال الحافظ ابن عبد البر _رحمه الله_حول حديث عمران بن حصين
"وقد روى ابن إدريس عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبدالله بن عمرو بن عثمان عن زيد بن خالد الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ألا أنبئكم بخير الشهداء هم الذين يبدرون بشهادتهم قبل أن يسألوا عنها هكذا قال في إسناده لم يذكر أبا عمرة ولا ابن أبي عمرة ذكره ابن أبي شيبة عن ابن إدريس ورواه حاتم بن إسماعيل عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن محمد عن زيد بن خالد فأفسد إسناده وأما لفظه فل يختلف في معناه وهو معنى صحيح لأن أداء الشهادة فعل خير ومعلوم أن من بدر إلى فعل الخير حمد له ذلك ومدح له وفضل والله يوفق من يشاء لا شريك له
وقد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم من حديث العراقيين حديث يعارض ظاهر هذا الحديث وليس كذلك حدثنا عبدالوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا أبي حدثنا وكيع حدثنا الأعمش حدثنا هلال بن يساف عن عمران بن حصين قال, قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم يتسمنون ويحيون يعطون الشهادة قبل أن يسألوها حدثنا عبدالوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثنا ابن فضيل عن الأعمش عن علي بن مدرك عن هلال بن يساف عن عمران عن النبي صلى الله عليه و سلم (بنحوه) قال أبو عمر: أدخل ابن فضيل بين الأعمش وبين هلال في هذا الحديث علي بن مدرك وتابعه على ذلك عبدالله بن إدريس ومنصور بن أبي الأسود وهو الصواب وهذا عندي والله أعلم إنما جاء من قبل الأعمش لأنه كان يدلس أحيانا وقد يمكن أن يكون من قبل حفظ وكيع لذلك وإن كان حافظا أو من قبل أبي خيثمة لأن فيه حدثنا هلال بن يساف وليس بشيء وإنما الحديث للأعمش عن علي بن مدرك عن هلال والله أعلم وقد روى الأعمش عن هلال بن يساف غير ما حديث وقد روى هذا الحديث شعبة عن علي بن مدرك عن هلال بن يساف عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم لم يقل عن عمران بن حصين أخبرناه محمد ابن إبراهيم أخبرنا محمد بن معاوية أخبرنا أحمد بن شعيب حدثنا محمد بن بشار حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن علي بن مدرك عن هلال بن يساف قال قدمت البصرة فإذا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم ليس أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم سمان يعطون الشهادة ولا يسألوها قال أبو عمر: هذا الحديث في إسناده اضطراب وليس مثله يعارض به حديث مالك لأنه من نقل ثقات أهل المدينة وهذا حديث كوفي لا أصل له ولو صح كان معناه كمعنى حديث ابن مسعود على ما فسره إبراهيم النخعي فقيه الكوفة حدثنا عبدالوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا أبي حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة السلماني عن عبدالله قال سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم أي الناس خير قال قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تبدر شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته قال إبراهيم كانوا ينهوننا ونحن صبيان عن العهد والشهادات
قال أبو عمر: معنى هذا عندهم النهي عن قول الرجل أشهد بالله وعلي عهد الله ونحو ذلك والبدار إلى ذلك وإلى اليمين في كل ما لا يصلح وما يصلح والله أعلم وليس هذا الحديث من باب أداء الشهادة في شيء وقد سمى الله عز و جل أيمان اللعان شهادات فقال فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله وهذا واضح يغني عن الإكثار فيه وحديث أهل المدينة في هذا الباب حديث صحيح مستعمل لا يدفعه نظر ولا خبر والله المستعان وذكر عبدالرزاق قال أخبرنا محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال إذا كان عندك لأحد شهادة فسألك عنها فأخبره بها ولا تقل لا أخبرك إلا عند الأمير أخبره بها لعله أن يرجع أو يرعوي قال وأخبرنا محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال خير الشهداء من أدى شهادته قبل أن يسأل عنها قال أبو عمر أبو عمرة الأنصاري والد عبدالرحمن بن أبي عمرة هذا اسمه ثعلبة بن عمرو بن محصن .. "التمهيد (ج17_ص298إلى301)
قال الحافظ ابن حجر _رحمه الله_عند شرحه حديث عمران بن حصين المتقدم:
" .. ويعارضه مارواه مسلم من حديث من حديث زيد بن خالد مرفوعا (ألاأخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بالشهادة قبل ان يسألها) واختلف العلماء في ترجيحها ,فجنح ابن عبد البر إلى ترجيح حديث زيد بن خالد لكونه من رواية اهل المدينة, فقدمه على رواية أهل العراق وبالغ فزعم أن حديث عمران هذا لا أصل له .. "فتح الباري (5ج_320ص)
نريد مشاركة الأخوة الكرام
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شتا العربي]ــــــــ[19 - Nov-2007, صباحاً 01:52]ـ
أولا: ابن عبد البر لم أر له عبارة تفيد عزوه للحديث في الصحيحين فهو إذن لم يضعف حديثًا في الصحيحين وإنما تكلم على حديث صادف أن أخرجه الصحيحان فالواجب التقييد في الكلام فابن عبد البر ضعف حديثًا مخرجًا في الصحيحين لكنه ربما لم يكن يعلم بهذا لأني لم أر في النص المنقول شيئًا يفيد علمه بهذا ومن رأى فليفدني مشكورا له مقدما.
ثانيًا: بعض الحفاظ قد يتكلم على بعض طرق الحديث وكلمة (لا أصل له) قد يكون المراد بها لا أصل له مطلقا أو لا أصل له بالنسبة للكوفيين أو للمدنيين أو نحو هذا وقد يراد لا أصل له عن إمام معين.
ثالثًا: الحفاظ قديما كانوا يحفظون هذه الأحاديث ويعتمدون في إخراج الحديث على الحفظ بالدرجة الأولى فربما فاتهم الشيء بعد الشيء بخلاف أيامنا هذه التي يستطع كل الناس معرفة الحديث في لحظة بضغطة زر على الجهاز فلا عجب إذن أن يفوتهم شيء ولكن العجب أن نجهل نحن أشياء كما هو حالنا للأسف الشديد!.
وهذا جواب عام عن كل ما يشبه هذا الحديث والله أعلم
وأما الجواب الخاص عن هذا الحديث والكلام على طرقه فيفيدنا فيه المشايخ الأفاضل حفظهم الله وبارك فيهم
وجزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم وأورثكم الفردوس الأعلى
ـ[ابن رجب]ــــــــ[19 - Nov-2007, صباحاً 09:48]ـ
أولا: ابن عبد البر لم أر له عبارة تفيد عزوه للحديث في الصحيحين فهو إذن لم يضعف حديثًا في الصحيحين وإنما تكلم على حديث صادف أن أخرجه الصحيحان فالواجب التقييد في الكلام فابن عبد البر ضعف حديثًا مخرجًا في الصحيحين لكنه ربما لم يكن يعلم بهذا لأني لم أر في النص المنقول شيئًا يفيد علمه بهذا ومن رأى فليفدني مشكورا له مقدما.
ثانيًا: بعض الحفاظ قد يتكلم على بعض طرق الحديث وكلمة (لا أصل له) قد يكون المراد بها لا أصل له مطلقا أو لا أصل له بالنسبة للكوفيين أو للمدنيين أو نحو هذا وقد يراد لا أصل له عن إمام معين.
ثالثًا: الحفاظ قديما كانوا يحفظون هذه الأحاديث ويعتمدون في إخراج الحديث على الحفظ بالدرجة الأولى فربما فاتهم الشيء بعد الشيء بخلاف أيامنا هذه التي يستطع كل الناس معرفة الحديث في لحظة بضغطة زر على الجهاز فلا عجب إذن أن يفوتهم شيء ولكن العجب أن نجهل نحن أشياء كما هو حالنا للأسف الشديد!.
وهذا جواب عام عن كل ما يشبه هذا الحديث والله أعلم
وأما الجواب الخاص عن هذا الحديث والكلام على طرقه فيفيدنا فيه المشايخ الأفاضل حفظهم الله وبارك فيهم
وجزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم وأورثكم الفردوس الأعلى
أحسنت أخي المبارك ,,
أضف إلة ماذكرته من أن كتب العلل ملئية بمثل هذا تجد ان الائمة يحكمون على كثير من الاحاديث بالنكارة مع ان لها أصولا في الصحيحين ,, والاعظم من هذا تجدهم يضعفون احاديث موافقة لاسانيد الصحيحين ,, فالائمة لهم مقاصد لايدركها كل أحد ,, ولايفهما كل عقل.
ومن هنا جاءت عبارة ابن مهدي ((معرفتنا الحديث إلهام .... )) الجرح والتعديل.
ـ[شتا العربي]ــــــــ[19 - Nov-2007, صباحاً 11:47]ـ
أحسنت أخي المبارك ,,
أضف إلى ماذكرته من أن كتب العلل ملئية بمثل هذا تجد ان الائمة يحكمون على كثير من الاحاديث بالنكارة مع ان لها أصولا في الصحيحين ,, والاعظم من هذا تجدهم يضعفون احاديث موافقة لاسانيد الصحيحين ,, فالائمة لهم مقاصد لايدركها كل أحد ,, ولايفهما كل عقل.
ومن هنا جاءت عبارة ابن مهدي ((معرفتنا الحديث إلهام .... )) الجرح والتعديل.
وأحسن الله إليك أخي الحبيب ابن رجب حفظك الله وأورثك الفردوس الأعلى
وجزاكم الله خيرا على الإفادة
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[ابن رجب]ــــــــ[19 - Nov-2007, صباحاً 11:52]ـ
وأياكم ,, اخي المبارك.
ـ[الحمادي]ــــــــ[20 - Nov-2007, مساء 01:24]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الإمام ابن عبدالبر يضعف جملة من الأحاديث التي خرَّجها الشيخان أو أحدهما
وسبق ذكر نحو عشرة أحاديث في موضوع مستقل من موضوعات المجلس
ـ[آلبوصيلي]ــــــــ[20 - Nov-2007, مساء 01:28]ـ
عبارة ابن رشد تعني: "فوجدت الحافظ ابن عبد البر _ رحمه الله _ يضعف حديثا (وهو موجود) في الصحيحين وهو مارواه عمران ابن حصين ... الخ "
ولاتعني أن ابن عبد البر يعزو الحديث للصحيحين ثم يضعفه كما فهمت أنت أخي المحترم شتا العربي.
إذن فالأخ ابن رشد يتعجب من شيئين, الأول: كيف يضعف ابن عبد البر حديث اتفق البخاري ومسلم عليه في صحيحيهما؟
والثاني: كيف يقول لاأصل له وهو في الصحيحين والسنن؟
أقول بالنسبة للنقطة الأولى: ابن عبد البر يقدم حديث في صحيح مسلم (زيد الجهني) على حديث آخر من الصحيحين (عمران بن حصين) ... فكان ماذا؟ لقد فعل أكبر من هذا من هو تحت الإمام ابن عبد البر. ألم يعزو الشيخ الألباني حديثا للصحيح ثم ضعفه؟ ولم يكن هذا مثار تعجب.
ولي سؤال طبقا لعزوك, ابن حجر اكتفى بالقول أن ابن عبد البر بالغ في القول ولم يتعجب كيف يضعف حديث موجود في الصحيحين. فلم لم ينبه ابن حجر مثل تنبيهك وهو اولى وأوجه.
عرفنا من نقلك عن ابن عبد البر أن هذا الإسناد مضطرب فهل يوجد في الصحيحين اسناد مضطرب؟ أم أن الموجود في الصحيحين طرق أخرى؟ هلا اتعبت نفسك قليلا أخي ونقلتها لنا؟
جزاكم الله خيرا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن رشد]ــــــــ[21 - Nov-2007, صباحاً 12:20]ـ
أولا: ابن عبد البر لم أر له عبارة تفيد عزوه للحديث في الصحيحين فهو إذن لم يضعف حديثًا في الصحيحين وإنما تكلم على حديث صادف أن أخرجه الصحيحان فالواجب التقييد في الكلام فابن عبد البر ضعف حديثًا مخرجًا في الصحيحين لكنه ربما لم يكن يعلم بهذا لأني لم أر في النص المنقول شيئًا يفيد علمه بهذا ومن رأى فليفدني مشكورا له مقدما.
ثانيًا: بعض الحفاظ قد يتكلم على بعض طرق الحديث وكلمة (لا أصل له) قد يكون المراد بها لا أصل له مطلقا أو لا أصل له بالنسبة للكوفيين أو للمدنيين أو نحو هذا وقد يراد لا أصل له عن إمام معين.
ثالثًا: الحفاظ قديما كانوا يحفظون هذه الأحاديث ويعتمدون في إخراج الحديث على الحفظ بالدرجة الأولى فربما فاتهم الشيء بعد الشيء بخلاف أيامنا هذه التي يستطع كل الناس معرفة الحديث في لحظة بضغطة زر على الجهاز فلا عجب إذن أن يفوتهم شيء ولكن العجب أن نجهل نحن أشياء كما هو حالنا للأسف الشديد!.
وهذا جواب عام عن كل ما يشبه هذا الحديث والله أعلم
وأما الجواب الخاص عن هذا الحديث والكلام على طرقه فيفيدنا فيه المشايخ الأفاضل حفظهم الله وبارك فيهم
وجزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم وأورثكم الفردوس الأعلى
أشكرك على ابداء رأيك الذي هو محل تقدير الجميع ,,
والذي أفهمه من كلامك انك تعذر الحافظ ابن عبدالبر على ما قال وتتأول له.
وانا معك في هذا وليس قصدي انا ,هل يعذر أم لا؟
فهو من الحفاظ الذين لايشق لهم غبار.ولكني اوردت هذا الامر لأنه ربما له كلام آخر في موضع آخر لم أطلع عليه ,فيفيدنا فيه الاخوان, خصوصا المتخصصين في الحديث,_وفقهم الله_
ولأني أرى الحافظ ابن عبد البر _رحمه الله_يدافع عن رأيه ,وذكر أدلته التي توجب رد حديث عمران المتفق على صحته,
والسؤال هنا: هل حجته معتبرة أم زلة ام لها وجه أم ماذا؟
وقوله "لا أصل له "تحمل على ظاهرها حتى يأتي الصارف ,وظاهرها انه لاأصل له في كتب السنة
وتقبل الله دعاءك .. ووفقك الله لكل خير
ـ[ابن رشد]ــــــــ[21 - Nov-2007, صباحاً 12:28]ـ
أحسنت أخي المبارك ,,
أضف إلة ماذكرته من أن كتب العلل ملئية بمثل هذا تجد ان الائمة يحكمون على كثير من الاحاديث بالنكارة مع ان لها أصولا في الصحيحين ,, والاعظم من هذا تجدهم يضعفون احاديث موافقة لاسانيد الصحيحين ,, فالائمة لهم مقاصد لايدركها كل أحد ,, ولايفهما كل عقل.
ومن هنا جاءت عبارة ابن مهدي ((معرفتنا الحديث إلهام .... )) الجرح والتعديل
شكرا على الافادة .. وعلى المشاركة القيمة
وجزاك الله خيرا
ـ[ابن رشد]ــــــــ[21 - Nov-2007, صباحاً 12:30]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الإمام ابن عبدالبر يضعف جملة من الأحاديث التي خرَّجها الشيخان أو أحدهما
وسبق ذكر نحو عشرة أحاديث في موضوع مستقل من موضوعات المجلس
اهلا بالشيخ الحمادي ... وسرني تعليقك .. واتمنى أن تضع لنا الرابط للموضوع الذي ذكرت
وجزاك الله خيرا
ـ[شتا العربي]ــــــــ[22 - Nov-2007, مساء 09:53]ـ
أشكرك على ابداء رأيك الذي هو محل تقدير الجميع ,,
والذي أفهمه من كلامك انك تعذر الحافظ ابن عبدالبر على ما قال وتتأول له.
وانا معك في هذا وليس قصدي انا ,هل يعذر أم لا؟
فهو من الحفاظ الذين لايشق لهم غبار.ولكني اوردت هذا الامر لأنه ربما له كلام آخر في موضع آخر لم أطلع عليه ,فيفيدنا فيه الاخوان, خصوصا المتخصصين في الحديث,_وفقهم الله_
ولأني أرى الحافظ ابن عبد البر _رحمه الله_يدافع عن رأيه ,وذكر أدلته التي توجب رد حديث عمران المتفق على صحته,
والسؤال هنا: هل حجته معتبرة أم زلة ام لها وجه أم ماذا؟
وقوله "لا أصل له "تحمل على ظاهرها حتى يأتي الصارف ,وظاهرها انه لاأصل له في كتب السنة
وتقبل الله دعاءك .. ووفقك الله لكل خير
وتقبل الله دعاءك وحفظك وبارك فيك ورزقك خيري الدنيا والآخرة وزادك رفعة وقدرًا
وجزاكم الله خيرا على حسن الخلق والأدب جعلهما الله لك زينة وبهاء على الدوام ونفع الله بك الإسلام والمسلمين
ـ[الحمادي]ــــــــ[23 - Nov-2007, مساء 01:32]ـ
اهلا بالشيخ الحمادي ... وسرني تعليقك .. واتمنى أن تضع لنا الرابط للموضوع الذي ذكرت
وجزاك الله خيرا
بارك الله فيكم
هذا هو الرابط الذي أشرت إليه:
http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=2412
ـ[ابو عمر القرشي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 07:06]ـ
-
مقولة:
(معرفتنا بعلوم الحديث الهام) ولكن بعد الدراسة لأن الدراسة والتمكن تورث صاحبها القدرة على النظر و التمييز
وكلام النبوة له نسق يعرفه من مارس هذه العلوم الشريفة كما نقل عن بعضهم فاذا اتى ما يخالف هذا النسق عرفوا انه ليس من كلام النبوة،
ولحساسية موقع الألوكة وحتى لا يظن أن الإلهام هو الإلهام الصوفي نبهت على المقولة
وعلم الحديث علم واسع من دراسة الأسانيد وعلم الرجال واحوالهم و انواع الحديث و طرق وصوله
رحم الله علماء السنة اهل الحديث ونفعنا الله بعلمهم
حفظكم الله
،
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن رشد]ــــــــ[09 - Dec-2007, صباحاً 01:33]ـ
مقولة:
(معرفتنا بعلوم الحديث الهام) ولكن بعد الدراسة لأن الدراسة والتمكن تورث صاحبها القدرة على النظر و التمييز
وكلام النبوة له نسق يعرفه من مارس هذه العلوم الشريفة كما نقل عن بعضهم فاذا اتى ما يخالف هذا النسق عرفوا انه ليس من كلام النبوة،
ولحساسية موقع الألوكة وحتى لا يظن أن الإلهام هو الإلهام الصوفي نبهت على المقولة
وعلم الحديث علم واسع من دراسة الأسانيد وعلم الرجال واحوالهم و انواع الحديث و طرق وصوله
رحم الله علماء السنة اهل الحديث ونفعنا الله بعلمهم
حفظكم الله
شكر الله لك على تعليقك ,,وربما يقصد أخونا ابن رجب أن علم الحديث فيه جانب من الفراسة الحديثية التي تجعل بعض الائمة يحكمون على الحديث من اول مرة ,وهذابسبب التمرس الممارسة لهذا العلم الشريف
وهذا خلافا للإلهام الصوفي الذي يكون بلامسببات ولامقدمات ,وتصل لدرجة إدعاء الغيب
وتنبيهك على هذا محل إجلال وتقدير ,بل وجدير بالتنبه لمثل ذلك
وبالله التوفيق
ـ[ابن رجب]ــــــــ[09 - Dec-2007, صباحاً 09:32]ـ
بارك الله فيكم
هذا هو الرابط الذي أشرت إليه:
http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=2412
جزيت خيرا ابا محمد.(/)
من ((إبراهيم)) في كلام ابن قيم الجوزية في تهذيب سنن أبي داود؟
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[20 - Nov-2007, مساء 03:00]ـ
قال الحافظ ابن قيم الجوزية في " تهذيب سنن أبي داود " 1/ 97 (157) ط. دار الكتب العلمية: ((قال إبراهيم: حديث المغيرة هذا ذكر له أربع علل:
إحداها: أن ثور بن يزيد لم يسمعه من رجاء بن حيوة، بل قال: حدثت عن رجاء قال عبد الله بن أحمد في كتاب " العلل: حدثنا أبي قال: وقال عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن ثور بن يزيد، قال: حدثت عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح أعلى الخف وأسفلها.
العلة الثانية: أنه مرسل، قال الترمذي: سألت أبا زرعة ومحمداً عن هذا الحديث، فقالا: ليس بصحيح .................
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[20 - Nov-2007, مساء 03:46]ـ
الأظهر أنه من تلاميذ المزي كما يظهر من السياق، والله أعلم.
ـ[ابوسفيان المقدشى]ــــــــ[20 - Nov-2007, مساء 03:58]ـ
لعله ابراهيم التيمى
ـ[الباحث المستفيد]ــــــــ[20 - Nov-2007, مساء 10:15]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الا يكون ابن ديزيل ....
ـ[إبراهام الأبياري]ــــــــ[23 - Nov-2007, صباحاً 05:05]ـ
الظاهر أن قوله " قال إبراهيم " لا أصل له من كلام ابن القيم، والتفصيل المذكور في تعليل الحديث لابن القيم نفسه، ولعل الناسخ أو الطابع انتقل بصره فاشتبه عليه " بن القيم " بـ " إبراهيم "، لأنه لم يعهد من ابن القيم أن يذكر اسما مهملا.
ويمكن التأكد من ذلك بالرجوع إلى نسخ خطية.
هذا، والله أعلم.
ـ[إبراهام الأبياري]ــــــــ[23 - Nov-2007, صباحاً 06:03]ـ
الرجاء من أخينا الرايه أن يفيدنا، لأنه يملك الطبعة الجديدة للكتاب. انظر هذا الرابط:
http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=8809
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[23 - Nov-2007, صباحاً 10:08]ـ
سلامٌ عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
فقد رجعت إلى موسوعة حرف (2,1) للنظر في كلام ابن القيم،
فجاء التعليق هكذا
{قَالَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْقَيِّمِ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: حَدِيث الْمُغِيرَةِ هَذَا قَدْ ذُكِرَ لَهُ أَرْبَع عِلَل:
إِحْدَاهَا: أَنَّ ثَوْرَ بْنَ يَزِيدَ لَمْ يَسْمَعهُ مِنْ رَجَاءَ بْنَ حَيْوَةَ , بَلْ قَالَ: حُدِّثْت عَنْ رَجَاءٍ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي كِتَاب الْعِلَل: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: حُدِّثْت عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ , عَنْ كَاتِب الْمُغِيرَةِ " أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ أَعْلَى الْخُفَّيْنِ وَأَسْفَلهمَا ".
الْعِلَّة الثَّانِيَة: أَنَّهُ مُرْسَل , قَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَأَلْت أَبَا زُرْعَةَ وَمُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيث فَقَالا: لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ اِبْنَ الْمُبَارَكِ رَوَى هَذَا عَنْ ثَوْرٍ عَنْ رَجَاءَ , قَالَ: حُدِّثْت عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الْعِلَّة الثَّالِثَة: أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ لَمْ يُصَرِّح فِيهِ بِالسَّمَاعِ مِنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ , بَلْ قَالَ فِيهِ عَنْ ثَوْرٍ , وَالْوَلِيدُ مُدَلِّس , فَلَا يُحْتَجّ بِعَنْعَنَتِهِ , مَا لَمْ يُصَرِّح بِالسَّمَاعِ.
الْعِلَّة الرَّابِعَة: أَنَّ كَاتِب الْمُغِيرَةِ: لَمْ يُسَمَّ فِيهِ , فَهُوَ مَجْهُول. ذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ هَذِهِ الْعِلَّة.
وَفِي هَذِهِ الْعِلَل نَظَر.
(يُتْبَعُ)
(/)
أَمَّا الْعِلَّتَانِ الْأُولَى وَالثَّانِيَة: وَهُمَا أَنَّ ثَوْرًا لَمْ يَسْمَعهُ مِنْ رَجَاءٍ , وَأَنَّهُ مُرْسَل: فَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنه: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ عَنْ كَاتِب الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ - فَذَكَرَهُ. فَقَدْ صَرَّحَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة بِالتَّحْدِيثِ وَبِالِاتِّصَالِ فَانْتَفَى الْإِرْسَال عَنْهُ.
وَأَمَّا الْعِلَّة الثَّالِثَة: وَهِيَ تَدْلِيس الْوَلِيدِ , وَأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّح بِسَمَاعِهِ: فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيِّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ. فَقَدْ أُمِنَ تَدْلِيس الْوَلِيدِ فِي هَذَا.
وَأَمَّا الْعِلَّة الرَّابِعَة: وَهِيَ جَهَالَة كَاتِب الْمُغِيرَة فَقَدْ رَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ فِي سُنَنه , وَقَالَ: عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ وَرَادٍّ , كَاتِب الْمُغِيرَةِ عَنْ الْمُغِيرَةِ.
وَقَالَ شَيْخنَا أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِيُّ: رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ وَرَادٍّ عَنْ الْمُغِيرَةِ. تَمَّ كَلَامه. وَأَيْضًا فَالْمَعْرُوف بِكِتَابَةِ " بِكَاتِبِ " الْمُغِيرَةِ هُوَ مَوْلَاهُ وَرَادٌّ. وَقَدْ خَرَّجَ لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ , وَإِنَّمَا تَرَكَ ذِكْر اِسْمه فِي هَذِهِ الرِّوَايَة لِشُهْرَتِهِ وَعَدَم اِلْتِبَاسه بِغَيْرِهِ , وَمَنْ لَهُ خِبْرَة بِالْحَدِيثِ وَرُوَاته لَا يَتَمَارَى فِي أَنَّهُ وَرَادٌّ كَاتِبه.
وَبَعْد: فَهَذَا حَدِيث قَدْ ضَعَّفَهُ الْأَئِمَّة الْكِبَار: الْبُخَارِيُّ , وَأَبُو زُرْعَةَ , وَالتِّرْمِذِيُّ , وَأَبُو دَاوُدَ , وَالشَّافِعِيُّ , وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ. وَهُوَ الصَّوَاب , لِأَنَّ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة كُلّهَا تُخَالِفهُ.
وَهَذِهِ الْعِلَل - وَإِنْ كَانَ بَعْضهَا غَيْر مُؤَثِّر - فَمِنْهَا مَا هُوَ مُؤَثِّر مَانِع مِنْ صِحَّة الْحَدِيث وَقَدْ تَفَرَّدَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ بِإِسْنَادِهِ وَوَصْله وَخَالَفَهُ مَنْ هُوَ أَحْفَظ مِنْهُ وَأَجَلّ وَهُوَ الْإِمَام الثَّبْت عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ , فَرَوَاهُ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ رَجَاءٍ قَالَ: حُدِّثْت عَنْ كَاتِب الْمُغِيرَةِ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا اِخْتَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ فَالْقَوْل مَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ.
وَقَدْ قَالَ بَعْض الْحُفَّاظ: أَخْطَأَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَدِيث فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدهمَا: أَنَّ رَجَاءَ لَمْ يَسْمَعهُ مِنْ كَاتِب الْمُغِيرَةِ , وَإِنَّمَا قَالَ: حُدِّثْت عَنْهُ. وَالثَّانِي: أَنَّ ثَوْرًا لَمْ يَسْمَعهُ مِنْ رَجَاءٍ. وَخَطَأ ثَالِث أَنَّ الصَّوَاب إِرْسَاله. فَمَيَّزَ الْحُفَّاظ ذَلِكَ كُلّه فِي الْحَدِيث وَبَيَّنُوهُ , وَرَوَاهُ الْوَلِيد مُعَنْعَنًا مِنْ غَيْر تَبْيِينٍ وَاللَّهُ أَعْلَم.}
فلا أظن أنه يصح أن نقول:
الظاهر أن قوله " قال إبراهيم " لا أصل له من كلام ابن القيم، والتفصيل المذكور في تعليل الحديث لابن القيم نفسه، ولعل الناسخ أو الطابع انتقل بصره فاشتبه عليه " بن القيم " بـ " إبراهيم "،
وأما القول
لأنه لم يعهد من ابن القيم أن يذكر اسما مهملا.
ويمكن التأكد من ذلك بالرجوع إلى نسخ خطية.
هذا، والله أعلم.
فلعله صواب:
والذي أراه أليق أن يكون ذكره قبل ذلك، ذاكرا لقبه أو كنيته، ولكني لم أجده، بعد البحث، ولم أجد عبارة (قال إبراهيم) مجتمعة ولا مفرقة إلا وحدد ابنُ القيم من هو، والسياق يدل على أنه من تلامذة الإمام المزي رحمه الله كما ذكر أخونا الفاضل أشرف بن محمد، حفظه الله،
فأرى النظر في شيوخ ابن القيم الذين أطال صحبتهم، ممن تتلمذ على أبي الحجَّاج المزي،
ولعلي قرأت إسنادا من أسانيد الحافظ ابن حجر في المعجم المفهرس يروي كتابا (لا يحضرني الآن، وأسأل الله تعالى ألا أكون وهمتُ) عن الحافظ ابن القيم عن الحافظ ابن تيمية عن الحافظ أبي الحجاج المزي رحمهم الله جميعا رحمة واسعة
والله تعالى أجل وأعلم
ـ[الرايه]ــــــــ[23 - Nov-2007, مساء 03:28]ـ
في الطبعة الحديثة المحققة - مكتبة المعارف
كما في الطبعة القديمة.
ولم يذكر المحقق شيئاً.
موضعها فيه
1/ 254
ـ[إبراهام الأبياري]ــــــــ[23 - Nov-2007, مساء 05:59]ـ
جزاك الله خيرا أخي الحبيب الرايه.
وجدت مخطوطة تهذيب السنن في هذا الرابط:
http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=6157
وفي الصورة رقم 25: قال ابن القيم.
وفي الصورة رقم 27: قال ابن القيم.
فيغلب على الظن أن الصواب في الصورة رقم 26 - وهي محل السؤال -: قال ابن القيم.
ولو كان الصواب: قال إبراهيم، لكان عليه أن يكتب قال ابن القيم: قال إبراهيم.
هذا ما ظهر لي، والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[25 - Nov-2007, صباحاً 11:48]ـ
سلامٌ عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
فقد توفي الحافظ شمس الدين ابن القيم سنة: 751هـ كما هو مثبت على كتاب إعلام الموقعين
وتوفي الحافظ جمال الدين المزي سنة 742هـ كما هو مثبت على كتاب تحفة الأشراف
فلا يَبعُد أن يكون قائل عبارة: (وَقَالَ شَيْخنَا أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِيُّ) هو ابن القيم نفسه،
وقد قلت في مشاركة سابقة:
{والذي أراه أليق أن يكون ذكره قبل ذلك، ذاكرا لقبه أو كنيته، ولكني لم أجده، بعد البحث، ولم أجد عبارة (قال إبراهيم) مجتمعة ولا مفرقة إلا وحدد ابنُ القيم من هو، والسياق يدل على أنه من تلامذة الإمام المزي رحمه الله كما ذكر أخونا الفاضل أشرف بن محمد، حفظه الله،}
فما دامت العبارة غير موجودة في مواضع سابقة من الكتاب، ولا يبدو أن الحافظ ابن القيم قد سبق له التعريف به فيما سبق من الكتاب،
فيبدو لي أن ما ذهب إليه أخونا الفاضل إبراهام الأبياري له وجاهته، ولعله أصوب، وجزاه الله تعالى كل خير.
ويذكر أيضا أن سوء الخط قد يؤدي فعلا إلى اشتباه إبراهيم ب (ابن القيم)
والله تعالى أجل وأعلم،
جزاك الله خيرا أخي الحبيب الرايه.
وجدت مخطوطة تهذيب السنن في هذا الرابط:
http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=6157
وفي الصورة رقم 25: قال ابن القيم.
وفي الصورة رقم 27: قال ابن القيم.
فيغلب على الظن أن الصواب في الصورة رقم 26 - وهي محل السؤال -: قال ابن القيم.
ولو كان الصواب: قال إبراهيم، لكان عليه أن يكتب قال ابن القيم: قال إبراهيم.
هذا ما ظهر لي، والله أعلم.
ـ[الأنصاري المديني]ــــــــ[26 - Nov-2008, مساء 01:16]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
آمل توجيه سؤالكم هنا للشيخ العلامة المحدث سالم آل عبدالرحمن فهو حافظ الرجال في هذا العصر وان قل من يعرفه من الأكابر، وسيجيبكم بالتأكيد فما سأله أحد عن مبهم الا وأجاب عليه وكأنه .... ولا نزكي على الله أحدا
ـ[فيصل الخالدي]ــــــــ[26 - Nov-2008, مساء 02:55]ـ
السلام عليكم شيخنا ماهر أسأل الله ان يحفظك من كل شر ...
يعلم الله اني احبك في الله واتمنا مجالستك والاستفاده منك ايها الشيخ الكريم
واسأل الله ان يجمعنا في دار كرامته ...
تقبل مروري
أخيك الصغير وابنك البار ...
فيصل الخالدي من الكويت المحروسه
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[28 - Nov-2008, مساء 06:49]ـ
السلام عليكم شيخنا ماهر أسأل الله ان يحفظك من كل شر ...
يعلم الله اني احبك في الله واتمنا مجالستك والاستفاده منك ايها الشيخ الكريم
واسأل الله ان يجمعنا في دار كرامته ...
تقبل مروري
أخيك الصغير وابنك البار ...
فيصل الخالدي من الكويت المحروسه
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أحبك الله الذي أحببتنا فيه، أسأل الله أن يحفظكم وينفع بكم ويزيدكم من فضله.
زادك الله علماً وخيراً، وبارك الله فيك وفي علمك وأهلك وولدك.
أسأل الله العظيم لي ولك ولجميع المسلمين من خيري الدنيا والآخرة.
أسأل الله أن يحسن عاقبتنا وإياكم في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
أجزل الله لكم الثواب وأدخلكم الجنة بغير حساب وجمعنا ووالدينا وإياكم في الفردوس الأعلى.
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[28 - Nov-2008, مساء 07:21]ـ
/// يظهر لي أنَّ ما ذكره الإخوة من غلبة احتمال وقوع التَّصحيف في الخطِّ بين "إبراهيم" و"ابن القيِّم" له قوَّة ووجاهة، "ابر اهيم" مثل " ابن القيم". ومن له قليل نظر في المخطوطات يدرك أنَّ مثل هذا كثير الورود.
ـ[أبوهلا]ــــــــ[28 - Nov-2008, مساء 08:07]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يبدو لي والله أعلم أنه ليس هناك تصحيف لأنه قال قبله:
(قَالَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْقَيِّمِ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ)
مع التنبيه بأني بعيد جدا عن عالم المخطوطات ومشكلاتها.
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[28 - Nov-2008, مساء 08:36]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الظاهر أنه تصحيف والقال هو ابن القيم والقرينة على ذلك أنه لا يوجد في كتب التخريج أحدا اسمه إبراهيم قال هذه العلل الاربع.
ـ[إبراهام الأبياري]ــــــــ[28 - Nov-2008, مساء 10:33]ـ
قرينة أخرى من "غاية المقصود في حل سنن أبي داود" (2/ 57):
http://majles.alukah.net/attachment.php?attachmentid=23 53&stc=1&d=1227900702
ـ[أبوهلا]ــــــــ[28 - Nov-2008, مساء 11:20]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الأبياري لم يتبين لي موضع القرينة في غاية المقصود، لطفا اشرح لي أين هي القرينة واربطها بمحل السؤال في أول الصفحة؟؟
ـ[إبراهام الأبياري]ــــــــ[28 - Nov-2008, مساء 11:54]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
قال الحافظ ابن قيم الجوزية في " تهذيب سنن أبي داود " 1/ 97 (157) ط. دار الكتب العلمية: ((قال إبراهيم: ... قال عبد الله بن أحمد في كتاب " العلل: حدثنا أبي قال: وقال عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن ثور بن يزيد، قال: حدثت عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح أعلى الخف وأسفلها.
الكلام المعزو في مطبوع "تهذيب سنن أبي داود" إلى إبراهيم عزاه صاحب "غاية المقصود" إلى الإمام ابن القيم، ولم يعزه إلى إبراهيم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[29 - Nov-2008, صباحاً 12:44]ـ
سلامٌ عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
فأرى النظر في شيوخ ابن القيم الذين أطال صحبتهم، ممن تتلمذ على أبي الحجَّاج المزي،
الحافظ المزي من أشهر شيوخ ابن القيم.
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[29 - Nov-2008, مساء 12:52]ـ
سلامٌ عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
ولعلي قرأت إسنادا من أسانيد الحافظ ابن حجر في المعجم المفهرس يروي كتابا (لا يحضرني الآن، وأسأل الله تعالى ألا أكون وهمتُ) عن الحافظ ابن القيم عن الحافظ ابن تيمية عن الحافظ أبي الحجاج المزي رحمهم الله جميعا رحمة واسعة
والله تعالى أجل وأعلم
الحافظ المزي من تلاميذ شيخ الاسلام ابن تيمية.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[29 - Nov-2008, مساء 08:37]ـ
هذه ليست أول تصحيفات دار الكتب العلمية وهي بالمئات ويحتاج من يقتني كتبها حال الضرورة أن يقرأ ويدقق ويحذر.(/)
تخريج حديث (فإذا قبلوا عقد الذمة فأعلمهم أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين)
ـ[العوضي]ــــــــ[23 - Nov-2007, مساء 03:21]ـ
ذكره الكاساني في بدائع الصنائع كتاب الشهادة , وبحثت عنه في الموسوعة الشاملة ولم أجده
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[24 - Nov-2007, صباحاً 07:50]ـ
- " لهم ما لنا، و عليهم ما علينا. يعني أهل الذمة ".
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " (3/ 222):
باطل لا أصل له.
و قد اشتهر في هذه الأزمنة المتأخرة، على ألسنة كثير من الخطباء و الدعاة و المرشدين، مغترين ببعض الكتب الفقهية، مثل " الهداية " في المذهب الحنفي،
فقد جاء فيه، في آخر " البيوع ":" و أهل الذمة في المبايعات كالمسلمين، لقوله عليه السلام في ذلك الحديث،
فأعلمهم أن لهم ما للمسلمين، و عليهم ما عليهم ".فقال الحافظ الزيلعي في " تخريجه ": نصب الراية " (4/ 55):" لم أعرف الحديث الذي أشار إليه المصنف، و لم يتقدم في هذا المعنى إلا حديث معاذ، و هو في " كتاب الزكاة "، و حديث بريدة و هو في " كتاب السير "، و ليس فيهما ذلك ".
و وافقه الحافظ في " الدراية " (ص 289).
قلت: فقد أشار الحافظان إلى أن الحديث لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، و أن صاحب " الهداية " قد وهم في زعمه ورود ذلك في الحديث. و هو يعني -
والله أعلم - حديث ابن عباس ; و هو الذي إليه الزيلعي:" أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن فقال: إنك تأتي قوما أهل كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، و أني رسول الله، فإن هم أطاعوك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم .. " الحديث. و هو متفق عليه.
فليس فيه - و لا في غيره - ما عزاه إليه صاحب " الهداية ".بل قد جاء ما يدل على بطلان ذلك، و هو قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:
" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله .. فإذا فعلوا ذلك فقد حرمت علينا دماؤهم و أموالهم إلا بحقها، لهم ما للمسلمين، و عليهم ما على المسلمين ".
و إسناده صحيح على شرط الشيخين كما بينته في " الأحاديث الصحيحة " (299)
.فهذا نص صريح على أن الذين قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الجملة:" لهم ما لنا، و عليهم ما علينا ".
ليس هم أهل الذمة الباقين على دينهم، و إنما هم الذين أسلموا منهم، و من غيرهم من المشركين! و هذا هو المعروف عند السلف، فقد حدث أبو البختري:
" أن جيشا من جيوش المسلمين - كان أميرهم سلمان الفارسي - حاصروا قصرا من قصورفارس، فقالوا: يا أبا عبد الله ألا تنهد إليهم؟ قال: دعوني أدعهم كما سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو، فأتاهم سلمان، فقال لهم: إنما أنا رجل منكم فارسي، ترون العرب يطيعونني، فإن أسلمتم فلكم مثل الذي لنا، و عليكم
مثل الذي علينا، و إن أبيتم إلا دينكم، تركناكم عليه، و أعطونا الجزية عن يد، و أنتم صاغرون .. ".
أخرجه الترمذي و قال: " حديث حسن " و أحمد (5/ 440 و 441 و 444) من طرق عن عطاء بن السائب عنه.
و لقد كان هذا الحديث و نحوه من الأحاديث الموضوعة و الواهية سببا لتبني بعض الفقهاء من المتقدمين، و غير واحد من العلماء المعاصرين، أحكاما مخالفة
للأحاديث الصحيحة، فالمذهب الحنفي مثلا يرى أن دم المسلمين كدم الذميين،فيقتل المسلم بالذمي، و ديته كديته مع ثبوت نقيض ذلك في السنة على ما بينته في
حديث سبق برقم (458)، و ذكرت هناك من تبناه من العلماء المعاصرين! و هذا الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه اليوم طالما سمعناه من كثير من
الخطباء و المرشدين يرددونه في خطبهم، يتبجحون به، و يزعمون أن الإسلام سوى بين الذميين و المسلمين في الحقوق، و هم لا يعلمون أنه حديث باطل لا أصل له عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم! فأحببت بيان ذلك، حتى لا ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقل!
و نحوه ما روى أبو الجنوب قال: قال علي رضي الله عنه:" من كانت له ذمتنا، فدمه كدمنا، و ديته كديتنا ".
أخرجه الشافعي (1429) و الدارقطني (350) و قال:" و أبو الجنوب ضعيف ".
و أورده صاحب " الهداية " بلفظ:" إنما بذلوا الجزية، لتكون دماؤهم كدمائنا، و أموالهم كأموالنا ".
و هو مما لا أصل له، كما ذكرته في " إرواء الغليل " (1251(/)
من ياتيني بنص الحديث ودرجته وله الدعاء
ـ[محمد بن صالح]ــــــــ[24 - Nov-2007, مساء 07:38]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مع الشكر مقدما
الحديث سمعته في احد القنوات
ومعنى الحديث ان من ابتلي بولده فصبر فهو امان له يوم القيامه ويدخل الجنه بغير حساب
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[24 - Nov-2007, مساء 08:08]ـ
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من الناس مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم).
رواه البخاري
عن أبي سعيد رضي الله عنه: (أن النساء قلن للنبي صلى الله عليه وسلم اجعل لنا يوما فوعظهن وقال أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد كانوا لها حجابا من النار قالت امرأة واثنان قال واثنان
وقال شريك عن بن الأصبهاني حدثني أبو صالح عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو هريرة لم يبلغوا الحنث).
رواه البخاري
عن أبي حسان قال قلت لأبي هريرة إنه قد مات لي ابنان فما أنت محدثي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بحديث تطيب به أنفسنا عن موتانا قال قال نعم صغارهم دعاميص الجنة يتلقى أحدهم أباه أو قال أبويه فيأخذ بثوبه أو قال بيده كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا فلا يتناهى أو قال فلا ينتهى حتى يدخله الله وأباه الجنة
رواه مسلم
ـ[محمد بن صالح]ــــــــ[24 - Nov-2007, مساء 09:18]ـ
غفر الله لك اخي العزيز ابامحمد
لكن ليس فيما ذكرت مرادي
النص الذي سمعته فيه لفظ .. دخل الجنة بغير حساب او هكذا سمعته
تقبل تقديري
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[24 - Nov-2007, مساء 11:09]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...(/)
تخريج المجلد الثاني من السنن الكبرى للبيهقي كاملاً
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[25 - Nov-2007, صباحاً 01:23]ـ
http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?t=117350
ـ[علي أحمد عبد الباقي]ــــــــ[25 - Nov-2007, صباحاً 04:59]ـ
جزاك الله خيرًا، ونفع بك يا أخ إسلام.
ـ[ابن رجب]ــــــــ[25 - Nov-2007, صباحاً 09:12]ـ
بارك الله فيك ياشيخ إسلام ,, وانا أعتذر اليك على التقصير ,,
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[05 - Dec-2007, صباحاً 03:24]ـ
بارك الله فيك ياشيخ إسلام ,, وانا أعتذر اليك على التقصير ,,
وفيك بارك إن شاء الله، ولكن عن أي تقصير تتحدث؟!!(/)
ما صحَّة حديث: "إأن المساجد لاتبنى بالقوارير ولاتزين بالصور"?
ـ[طالب النصح2]ــــــــ[27 - Nov-2007, مساء 05:25]ـ
الاخوة الافاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يرجى التكرم من لديه علم بدرجة الحديث الاتي أن يفيدنا مشكورا:
اورد الالوسي في تفسيره روح المعاني عند تفسير آية (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ... الاية) اورد حديث: (أن المساجد لاتبنى بالقوارير ولاتزين بالصور).
ارجو من لديه علم عن درجة الحديث ومن تكلم فيه من العلماء أن يفيدنا وجزاكم الله خيرا.
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[28 - Nov-2007, مساء 02:30]ـ
عن جبير بن مطعم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسل السيوف ولا تثير النبل في المساجد ولا يحلف بالله في المساجد ولا يمنع القائلة في المساجد مقيما ولا ضيفا و لا تبني بالتصاوير ولا تزين بالقوارير فإنما بنيت بالأمانة وشرفت بالكرامة. رواه الطبراني في الكبير وفيه بشر بن جبلة وهو ضعيف - مجمع الزوائد للهيثمي
ـ[طالب النصح2]ــــــــ[28 - Nov-2007, مساء 09:38]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا يا شيخ شريف شلبي ونفع الله بك
ـ[طالب النصح2]ــــــــ[28 - Nov-2007, مساء 09:39]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا يا شيخ شريف شلبي ونفع الله بك
ـ[طالب النصح2]ــــــــ[28 - Nov-2007, مساء 09:41]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا يا شيخ شريف شلبي ونفع الله بك شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[02 - Dec-2007, صباحاً 10:59]ـ
وجزاك خيراً - ولكن أرجو عدم ذكر كلمة شيخ لمن هم مثلي، واستبدال كلمة " أخي " بها.
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 03:14]ـ
سلامٌ عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
فجزى الله تعالى أخانا الفاضل شريفا كل خير،
وإتماما للفائدة، فهذا نص الحديث:
قال الطبراني في المعجم الكبير (بتحقيق حمدي عبد المجيد السلفي- عن موسوعة جوامع الكلم)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ النَّضْرِ الْعَسْكَرِيُّ، ثنا عِيسَى بْنُ هِلالٍ الْحِمْصِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لا تُسَلُّ السُّيُوفُ، وَلا تُنْثَرُ النَّبْلُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَلا يُحْلَفُ بِاللَّهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَلا يُمْنَعُ الْقَائِلَةُ فِي الْمَسَاجِدِ مُقِيمًا، وَلا ضَيْفًا، وَلا تُبْنَى بِالتَّصَاوِيرِ، وَلا تُزَيَّنُ بِالْقَوَارِيرِ، فَإِنَّمَا بُنِيَتْ بِالأَمَانَةِ، وشُرِّفَتْ بِالْكَرَامَةِ "
بشر بن جبلة، قال أبو محمد ابن أبي حاتم: سألتُ أبي عنه فقال: مجهولٌ ضعيف الحديث (راجع الجرح والتعديل 2/ 1340)
عن جبير بن مطعم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسل السيوف ولا تثير النبل في المساجد ولا يحلف بالله في المساجد ولا يمنع القائلة في المساجد مقيما ولا ضيفا و لا تبني بالتصاوير ولا تزين بالقوارير فإنما بنيت بالأمانة وشرفت بالكرامة. رواه الطبراني في الكبير وفيه بشر بن جبلة وهو ضعيف - مجمع الزوائد للهيثمي(/)
حديث (لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي)
ـ[أبو معاذ الجابري]ــــــــ[29 - Nov-2007, مساء 05:18]ـ
من الأحاديث الموضوعة:
(لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا على)
جاء في جامع الأحاديث للسيوطي- مسند علي-:
( ... ثم قال على أناشدكم بالله هل تعلمون معاشر المهاجرين والأنصار إن جبريل أتى النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال يا محمد لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا على فهل تعلمون هذا كان لغيرى؟ ....
قال السيوطي في "اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة1/ 333":
(ابن عدي) حدثنا إسحاق بن إبراهيم المنجنيقي حدثنا ابن مهران حدثنا مكحول حدثنا عبد الرحمن بن الأسود عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده قال كانت راية رسول الله يوم أحد مع علي وراية المشركين مع طلحة بن أبي طلحة فذكر خبرا طويلا وفيه وحمل راية المشركين سبعة ويقتلهم علي فقال جبريل يا محمد ما هذه المواساة فقال النبي أنا منه وهو مني ثم سمعنا صائحا في السماء يقول لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي عبيد رافضي يحدث بالموضوعات (قلت) قال ابن طاهر في تذكرة الحفاظ هذه القصة في كتاب النسب للزبير بن بكار بخلاف هذا والله أعلم
(يحيى) بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال صاح صائح يوم أحد لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي يحيى متروك (عمار) ابن أخت سفيان عن طريف الحنظلي عن أبي جعفر محمد بن علي قال نادى مناد من السماء يوم بدر يقال له رضوان لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي عمار متروك (قلت) كلا بل ثقة ثبت حجة من رجال مسلم وأحد الأولياء الأبدال والمصنف تبع ابن حبان في تجريحه وقد رد عليه والله أعلم)
قال ابن الجوزي في "الموضوعات:1/ 382":
(الحديث الثاني والثلاثون في ذكر الهاتف، لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا على: أنبأنا أبو منصور بن خيرون أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس حدثنا عيسى بن مهران حدثنا محول حدثنا عبدالرحمن بن الاسود عن محمد بن عبيدالله ابن أبى رافع عن أبيه عن جده أبى رافع قال: " كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد مع على بن أبى طالب، وكانت راية المشركين مع طلحة بن أبى طلحة فذكر الحديث. وذكر فيه أن كل من كان يحمل راية المشركين يقتله على رضى الله عنه حتى عد تسعة أنفس حملوها وقتلهم على وقتل جماعة من رؤسائهم يحمل عليهم، فقال جبريل: يا محمد هذه المواساة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا منه وهو منى. ثم سمعنا صائحا يصيح في السماء وهو يقول: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا على بن أبى طالب ". هذا حديث لا يصح، والمتهم به عيسى بن مهران. قال ابن عدى: حدث بأحاديث موضوعة وهو محترق في الرفض. وقد روى أبو بكر مردويه من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال: صاح صائح يوم أحد من السماء: " لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا على بن أبى طالب " قال ابن بجير [حبان]: يحيى بن سلمة ليس ممن يكتب حديثه. وقال يحيى بن معين: ليس بشئ. وقال النسائي: متروك الحديث.
وروى ابن مردويه من حديث عمار ابن أخت سفيان عن طريق الحنظلي عن أبى جعفر محمد بن على قال: " نادى مناد من السماء يوم بدر يقال له رضوان: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا على بن أبى طالب ". قال الدارقطني: عمار متروك.)
جاء في (لسان الميزان لابن حجر:2/ 279)
عيسى بن مهران المستعطف أبو موسى: كان ببغداد رافضي كذاب جبل قال ابن عدي: حدث بأحاديث موضوعةمحترق في الرفض
حدثنا المنجنيقى حدثنا عيسى بن مهران حدثنا مخول حدثنا عبد الرحمن بن الأسود عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده: " كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد مع علي ". فذكر خبراً طويلاً فيه وحمل رأية المشركين سبعة وقتلهم علي فقال جبرائيل: يا محمد ما هذه المواساة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا منه وهو مني ثم سمعنا صائحاً في السماء يقول: " لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي ". قلت: وثقه محمد بن جرير وقال أبو حاتم: كذاب وقال الدارقطني: رجل سوء وقال الخطيب: كان من شياطين الرافضة ومردتهم وقع الي كتاب من تصنيفه في الطعن على الصحابة وتكفيرهم فلقد قف شعرى وعظم تعجبى مما فيه من الموضوعات
(يُتْبَعُ)
(/)
والبلايا. وفي الفوائد المجموعة للشوكاني بتحقيق المعلمي 1/ 174:
(حديث: كانت راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد مع علي وراية المشركين مع طلحة بن أبي طلحة، وفيه: أنه حمل راية المشركين سبعة فقتلهم علي. فقال جبريل: يا محمد: ما هذه المواساة؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنا منه وهو مني، ثم سمعنا صائحاً في السماء يقول: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي. رواه ابن عدي عن أبي رافع مرفوعا ً، وفي إسناده: عيسى بن مهران، وهو رافضي، يحدث بالموضعات، وقد أدخل هذا الحديث ابن الجوزي في الموضوعات، وتبع ابن حبان في ذلك.)
وقال الحافظ السخاوي في "المقاصد الحسنة" 1/ 292 - حرف لام ألف:
(حديث: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي، هو في أثرٍ واهٍ عند الحسن بن عرفة في جزئه الشهير قال حدثني عمار بن محمد عن سعد بن طريف الحنظلي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر أنه قال: نادى ملك من السماء يوم بدر يقال له رضوان: لا سيف ... ، وذكره. وترجم عليه المحب الطبري في مناقب علي من الرياض النضرة اختصاصه بتنويه الملك باسمه يوم بدر، وذو الفقار اسم سيف النبي صلى الله عليه وسلم وهو أشهر أسيافه تنفله يوم بدر وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد وكان لمنبه ابن وهب وقيل لنبيه أو منبه بن الحجاج وقيل للعاص بن منبه بن الحجاج بل قيل إن الحجاج بن علاط أهداه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كان عند الخلفاء العباسيين ويقال إن أصله من حديدة وجدت مدفونة عند الكعبة فصنع منها، وقال مرزوق الصيقل إنه صقله فكانت قبضته من فضة وحلق في قيده وبكر في وسطه من فضة قال أبو العباس: سمي بذلك لأنه كان فيه حفر صغار، والفقرة الحفرة التي فيها الودية وعن أبي عبيد قال الفقر من السيوف الذي فيه حزوز، وقال الأصمعي: دخلت على الرشيد فقال أريكم سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا الفقار؟ قلنا: نعم فجاء به فما رأيت سيفاً قط أحسن منه إذا نصب لم ير فيه شيء وإذا بطح عد فيه سبع فقار وإذا صفيحة يمانية يحار الطرف فيه من حسنه، ولذا قال قاسم في الدلائل إن ذلك كان يرى في رونقه شبيهاً بفقار الحية فإذا التمس لم يوجد، وفي رواية عن الأصمعي قال: أحضر الرشيد ذا الفقار يوماً بين يديه فاستأذنته في تقليبه فأذن لي، فقلبته فاختلفت أنا ومن حضر في عدة فقاره هل هي سبع عشرة أو ثماني عشرة.)
قال ابن كثير في "البداية7/ 250":
(وقال الحسن بن عرفة: حدثني عمار بن محمد عن سعيد بن محمد الحنظلي عن أبي جعفر محمد بن علي قال: نادى مناد في السماء يوم بدر يقال له رضوان لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي. قال ابن عساكر وهذا مرسل وإنما تنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار يوم بدر ثم وهبه لعلي بعد ذلك)
وقال أيضا في البداية 7/ 293:
(وقال إبراهيم بن الحسين بن ديزيل: ثنا يحيى ثنا نصر ثنا عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن نمير الانصاري قال: والله لكأني أسمع عليا وهو يقول لاصحابه يوم صفين أما تخافون مقت الله حتى متى، ثم انفتل إلى القبلة يدعو ثم قال: والله ما سمعنا برئيس أصاب بيده ما أصاب علي يومئذ إنه قتل فيما ذكر العادون زيادة على خمسمائة رجل، يخرج فيضرب بالسيف حتى ينحني ثم يجئ فيقول معذرة إلى الله وإليكم والله لقد هممت أن أقلعه ولكن يحجزني عنه أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي " قال: فيأخذه فيصلحه ثم يرجع به. وهذا إسناد ضعيف وحديث منكر.)(/)
فوائد منتقاة من (الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات) للشيخ طارق عوض الله
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 08:56]ـ
فوائد ونبذ مختارة من كتاب
(الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات)
للشيخ
طارق عوض الله
.......................
وأعتذر من بعض الأخطاء في عزو الصفحات ونحو ذلك؛ لأني قرأته قديما
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 08:57]ـ
17
قيل للإمام شعبة بن الحجاج: من الذي يتركُ الرواية عنه؟
قال: إذا تمادى في غلط مجمع عليه، ولم يتهم نفسه عند اجتماعهم على خلافه، أو رجل يتهم بالكذب.
(ص 35)
فإن آفة الآفات في هذا الباب ومنشأ الخلل الحاصل فيه من قبل بعض الباحثين هو ممارسة الجانب العملي فيه استقلالا من دون الرجوع إلى أئمة العلم لمعرفة كيفية ممارساتهم العملية.
فكما أن القواعد النظرية لهذا العلم تؤخذ من أهله المتخصصين فيه فكذلك ينبغي أن يؤخذ الجانب العملي منهم، لا أن تؤخذ منهم فقط القواعد النظرية، ثم يتم إعمالها عمليا من غير معرفة بطرائقهم في إعمالها وتطبيقها وتنزيلها على الأحاديث والروايات.
فإن أهل مكة أعلم بشعابها، وأهل الدار أدرى بما فيه، وإن أفضل من يطبق القاعدة هو من وضعها وحررها، ونظم شرائطها وحدد حدودها.
.........
ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 664):
((ولا بد في هذا العلم من طول الممارسة، وكثرة المذاكرة، فإذا عدم المذاكرة به فليكثر طالبُه المطالعة في كلام الأئمة العارفين، كيحيى القطان ومن تلقى عنه كأحمد وابن المديني وغيرهما، فمن رزق مطالعة ذلك وفهمه وفقهت نفسه فيه وصارت له فيه قوة نفس وملكة صلح له أن يتكلم فيه)).
(ص 37)
وإن علامة صحة الاجتهاد وعلامة أهلية المجتهد هو أن تكون أغلب اجتهاداته وأحكامه وأقواله موافقة لاجتهادات وأحكام وأقوال أهل العلم المتخصصين والذين إليهم المرجع في هذا الباب.
وإن علامة صحة القاعدة التي يعتمد عليها الباحث في بحثه هو أن تكون أكثر النتائج والأحكام المتمخضة عنها على وفق أقوال أهل العلم وأحكامهم.
فكما أن الراوي لا يكون ثقة محتجا به وبحديثه إلا إذا كانت أكثر أحاديثه موافقة لأحاديث الثقات المفروغ من ثقتهم، والمسلم بحفظهم وإتقانهم فكذلك الباحث لا يكون حكمه على الأحاديث ذا قيمة إلا إذا جاءت أكثر أحكامه على الأحاديث موافقة لأحكام أهل العلم عليها.
وبقدر مخالفته لأهل العلم في أحكامه على الأحاديث بقدر ما يعلم قدر الخلل في القاعدة التي اعتمد عليها، أو في تطبيقه هو للقاعدة وتنزيلها على الأحاديث.
فمن وجد من نفسه مخالفة كثيرة لأهل العلم في الحكم على الأحاديث فليعلم أن هذا إنما أتي من أمرين قد يجتمعان وقد ينفردان:
أحدهما: عدم ضبط القاعدة التي بنى عليها حكمه على وفق ضبط أهل العلم لها.
ثانيهما: ضبط القاعدة نظريا فقط، وعدم التفقه في كيفية تطبيقها كما كان أهل العلم من الفقه والفهم والخبرة بالقدر الذي يؤهلهم لمعرفة متى وأين تنزل القاعدة أو لا تنزل.
(ص 42 - 43)
والحق وسط بين الجفاء والغلو يخرج من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين.
فهو إثبات للاعتبار وإعمال للشواهد والمتابعات وانتفاع بها في تقوية الأحاديث من غير اغترار بأخطاء الرواة في الأسانيد والمتون، ولا التفات للمناكير والشواذ.
وهو إعمال لما أعمله أئمة الحديث ونقاده من الروايات احتجاجا أو استشهادا، وإهمال لما أهملوه وإبطال لما أبطلوه.
فما قبلوه يقبل وما أبطلوه يبطل، وما اعتبروه يعتبر وما أنكروه ينكر.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 08:58]ـ
(ص 45)
لا سيما إذا انضاف إلى ذلك بعضُ القرائن التي تؤكد عدم حفظ الراوي لما تفرد به كأن يكون المتفرد مقلا من الحديث، لا يعرف بكثرة الطلب، ولا بالرحلة أو يكون إنما تفرد بالحديث عن بعض الحفاظ المكثرين المعروفين بكثرة الحديث والأصحاب، فإن من عرف بسوء الحفظ إذا تفرد وانضاف إلى تفرده مثلُ هذه القرائن لا يتردد فاهم في نكارة ما تفرد به.
(ص 54)
ومعرفة نكارة الإسناد مما يختص به المحدثون الحفاظ الناقدون، فلا يعرج على قول غيرهم فيه، بخلاف نكارة المتن، فقد يتكلم فيه المحدثون وغيرهم من الفقهاء، أما هذا الباب فهو من أخص علوم الحديث وأدق مباحث الأسانيد.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن أئمة الحديث ونقاده حيث يحكمون على الإسناد بالصحة والاستقامة وعدم النكارة والسقامة لا يكتفون بالظاهر من اتصاله وثقة رواته، بل لهم نظر ثاقب وفهم راجح ورأي صادق مبني على اعتبار معانٍ في الإسناد حيث وجدت فيه أو وجد بعضُها دعاهم ذلك إلى إنكاره والحكم عليه بعدم الاستقامة وإن كان متصلا برجال ثقات.
وحيث افتقدت أو وجد فيه من المعاني ما يدل على عكس ما تدل عليه المعاني السابقة من حفظ الحديث وصحته دعاهم ذلك إلى تصحيحه والحكم عليه بالاستقامة وحفظ الراوي له.
وهذه المعاني هي التي يعبر عنها بعضُ أهل العلم كالحافظ ابن حجر والعلائي وابن رجب وغيرهم بالقرائن.
ويقولون: للحفاظ طريق معروفة في الرجوع إلى القرائن في مثل هذا، وإنما يعول في ذلك على النقاد المطلعين منهم.
ويقولون: والقرائن كثيرة لا تنحصر ولا ضابط لها بالنسبة إلى جميع الروايات، بل كل رواية يقوم بها ترجيح خاص، لا يخفى على العالم المتخصص الممارس الفطن، الذي أكثر من النظر في العلل والرجال.
55
وفي معرض ذلك يقول الحافظ ابن حجر (النكت 2/ 726):
وبهذا التقرير يتبين عظم موقع كلام الأئمة المتقدمين، وشدة فحصهم، وقوة بحثهم، وصحة نظرهم، وتقدمهم بما يوجب المصير إلى تقليدهم في ذلك والتسليم لهم فيه.
.........
ويقول الحافظ السخاوي (فتح المغيث 1/ 274):
وهو أمر يهجم على قلوبهم لا يمكنهم رده وهيئة نفسانية لا معدِل لهم عنها، ولهذا ترى الجامع بين الفقه والحديث كابن خزيمة والإسماعيلي والبيهقي وابن عبد البر لا ينكر عليهم بل يشاركهم ويحذو حذوهم، وربما يطالبهم الفقيه أو الأصولي العاري عن الحديث بالأدلة.
هذا مع اتفاق الفقهاء على الرجوع إليهم في التعديل والترجيح، كما اتفقوا على الرجوع في كل فن إلى أهله، ومن تعاطى تحرير فن غير فنه فهو متعنى.
فالله تعالى بلطيف عنايته أقام لعلم الحديث رجالا نقادا تفرغوا له وأفنوا أعمارهم في تحصيله والبحث عن غوامضه وعلله ورجاله ومعرفة مراتبهم في القوة واللين.
فتقليدهم والمشي وراءهم وإمعان النظر في تواليفهم وكثرة مجالسة حفاظ الوقت مع الفهم وجودة التصور ومداومة الاشتغال وملازمة التقوى والتواضح يوجب لك إن شاء الله معرفة السنن النبوية ولا قوة إلا بالله.
(59)
فالرجل الضعيف يحفظ المتن غالبا، وقد يكون فقيها فاضلا يحفظ المتن، إلا أنه ليس بالحافظ للأسانيد، فإذا به يجيء بالمتن المعروف على وجهه، بيد أنه يخطئ في إسناده، أو يجيء له بإسناد آخر غير إسناده الذي يعرف به.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 08:59]ـ
(67)
قال الخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 5 - 6)
((ولعل بعض من ينظر فيما سطرناه ويقف على ما لكتابنا هذا ضمناه يحلق سيء الظن بنا ويرى أنا عمدنا إلى الطعن على من تقدمنا وإظهار العيب لكبراء شيوخنا وعلماء سلفنا، وأنى يكون ذلك وبهم ذكرنا وبشعاع ضيائهم تبصرنا وباقتفائنا واضح رسومهم تميزنا وبسلوك سبيلهم عن الهمج تحيزنا وما مثلهم ومثلنا إلا ما ذكر أبو عمرو بن العلاء قال: ما نحن فيمن مضى إلا كبقل في أصول نخل طوال.
ولما جعل الله تعالى في الخلق أعلاما، ونصب لكل قوم إماما، لزم المهتدين بمبين أنوارهم والقائمين بالحق في اقتفاء آثارهم ممن رزق البحث والفهم وإنعام النظر في العلم بيانُ ما أهملوا وتسديد ما أغفلوا.
إذ لم يكونوا معصومين من الزلل ولا آمنين من مقارفة الخطأ والخطل وذلك حق العالم على المتعلم، وواجب على التالي للمتقدم)).
.........
قال عبد الله بن المبارك (الجامع للخطيب 2/ 296):
إذا أردت أن يصح لك الحديث، فاضرب بعضه ببعض.
.........
وقال علي بن المديني (مقدمة ابن الصلاح ص 117):
الباب إذا لم تجتمع طرقه لم يتبين خطؤه
.........
وقال الخطيب البغدادي (الجامع 2/ 295)
والسبيل إلى معرفة علة الحديث أن يجمع بين طرقه وينظر في اختلاف رواته ويعتبر بمكانهم من الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضبط
.........
وقال الحاكم أبو عبد الله (معرفة علوم الحديث 59 - 60)
إن الصحيح لا يعرف بروايته فقط، وإنما يعرف بالفهم والحفظ وكثرة السماع، وليس لهذا النوع من العلم عونٌ أكثر من مذاكرة أهل العلم والمعرفة ليظهر ما يخفى من علة الحديث.
(71)
(يُتْبَعُ)
(/)
وبهذا ندرك القصور البالغ في الفهارس المتداولة للأحاديث النبوية والتي كثرت جدا في الآونة الأخيرة، حيث إن أكثر صانعي هذه الفهارس لا يعتنون إلا بفهرسة المرفوعات فحسب، وهي المنسوبة إلى رسول الله ? صراحة وبهذا يفوتون على الباحث الموقوف على المرفوعات التي ربما يعل بها المرفوع.
وبعض هذه الموقوفات مما هو في حكم الرفع؛ لأنه مما لا يقال بالرأي، فلا تسعف تلك الفهارس أو أكثرها في الوقوف على مثل هذا، أو ما كان بسبيله.
فلا ينبغي لطالب العلم أن يعتمد على هذه الفهارس اعتمادا كليا، بل عليه أن يفتش بنفسه عن الحديث في مظانه من كتب العلم، حتى يتسنى له معرفة طرقه وأسانيده وأقوال أهل العلم عليه.
.........
الخطيب البغدادي في الكفاية (224):
((أكثر طالبي الحديث في هذا الزمان يغلب على إرادتهم كتب الغريب دون المشهور، وسماع المنكر دون المعروف، والاشتغال بما وقع فيه السهو والخطأ من روايات المجروحين والضعفاء، حتى لقد صار الصحيح عند أكثرهم مجتنبا، والثابت مصدوفا عنه مطرحا، وذلك كله لعدم معرفتهم بأحوال الرواة ومحلهم، ونقصان علمهم بالتمييز وزهدهم في تعلمه، وهذا خلاف ما كان عليه الأئمة من المحدثين والأعلام من أسلافنا الماضين)).
.........
وقول أحمد: تركوا الحديث وأقبلوا على الغرائب، ما أقل الفقه فيهم
.........
الثوري: أكثروا من الأحاديث؛ فإنها سلاح
(87)
عادة الإمام أحمد أنه يذكر الرواية المسندة ويتبعها بالرواية المرسلة ليبين علتها
(91)
أبو زرعة: ابن أبي زائدة قلما يخطئ، فإذا أخطأ أتى بالعظائم
(92)
فمن يظن أن أي إسناد سالم من كذاب أو متهم أو متروك يصلح للاستشهاد فهو من أجهل الناس بالعلم الموروث عن الأئمة والنقاد
(93 - 94)
سئل ابن معين عن حديث لنعيم بن حماد فقال: ليس له أصل، فقيل له نعيم بن حماد؟ قال: نعيم ثقة، فقيل: كيف يحدث ثقة بباطل؟ قال: شبه له
(96)
وقوله (لم أدخله في التصنيف) يدل على أن الحديث عنده لا يصلح للاستشهاد؛ لأن الحديث إنما يدخل في التصنيف إما للاحتجاج أو للاستشهاد، وما لا يصلح لذلك لا يدخل في التصنيف.
(97)
وسأله [يعني الدارقطني] الحاكم أبو عبد الله عن الربيع بن يحيى صاحب هذا الحديث، فقال: ليس بالقوي يروي عن الثوري عن ابن المنكدر عن جابر في الجمع بين الصلاتين، هذا يسقط مائة ألف حديث
(98)
وعلى الرغم من أن أصل الحديث صحيح ثابت إلا أن الإمام لم يمنعه ذلك من إنكار هذا الإسناد الآخر والحكم عليه بالضعف الشديد، فكيف إذا لم يكن المتن له أصل صحيح بل كل طرقه تدور على الرواة الضعفاء؟!
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 09:02]ـ
(101 - 102)
قال ابن الجنيد: قلت ليحيى: محمد بن كثير الكوفي؟ قال: ما كان به بأس قلت: إنه روى أحاديث منكرات؟ قال: ما هي؟ قلت: عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن النعمان بن بشير يرفعه: نضر الله امرءا سمع مقالتي فبلغ بها، وبهذا الإسناد مرفوعٌ: اقرأ القرآن ما نهاك، فإذا لم ينهك فلست تقرؤه
فقال: إن كان الشيخُ روى هذا فهو كذاب، وإلا فإني رأيتُ حديث الشيخ مستقيما
(103)
كما كان ابن لهيعة يسمع الحديث من إسحاق بن أبي فروة والمثنى بن الصباح وهما متروكان ثم يسقطهما من الإسناد خطأ وغفلة
(113)
قال الإمام أحمد: لو حلف يعني يزيد – عندي خمسين يمينا قسامة، ما صدقته! أهذا مذهب إبراهيم؟ أهذا مذهب علقمة؟ أهذا مذهب عبد الله؟
[قلت: استدل الإمام أحمد هنا بالقرائن على كذب هذا الراوي]
(118)
العقيلي: وللموقري عن الزهري مناكير لا يتابع عليها، ولا تعرف إلا به
(124)
ومعلوم أن الخطأ في الأسانيد أكثر من الخطأ في المتون، فإن الأسانيد كثيرة ومتشعبة بخلاف المتون، ولذا تجد الرواة كثيرا ما يتفقون على المتن وإن اختلفوا في إسناده، بل كثيرا ما يجيء الضعفاء بأسانيد متعددة لمتن واحد فيتفقون في المتن وإن تفرد كل منهم بإسناد له.
فما ثبت في متنه نكارة لا ينفع إسناده في باب الشواهد إذا كان راويه قد تفرد بالإسناد والمتن معا
(129)
تحسين الناقد للحديث أو تصحيحه له لا يكفي بمفرده للدلالة على أن الراوي المتفرد به صدوق في الحفظ أو ثقة فيه عند أهل النقد.
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد يكون لكل حديث من حديث هذا الراوي حكم يخصه، فيطلع فيه الناقد على ما يفهم منه حفظ الراوي له، ويثير ظنا خاصا في حسن ذلك الحديث أو صحته، فيحسنه الناقد أو يصححه اعتمادا على ما احتف به من القرائن لا على مجرد صدق الراوي أو ثقته.
وكذلك فقد يضعف الناقد حديثا تفرد بروايته بعضُ الثقات، فتضعيف هذا الناقد لهذا الحديث لا يكفي بمفرده للدلالة على ضعف ذاك المتفرد به عند هذا الناقد، فقد يكون ثقة عنده، بل قد ينص هو على ذلك، لكنه يرى لضميمة أن هذه الرواية ضعيفة فقد أخطأ فيها هذا الراوي الثقة.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 09:04]ـ
134 - 135
لأن الرواية إذا استدل بها على خطإ لفظة وردت في رواية أخرى، فمن باب أولى أن يستدل بها على خطإ هذه اللفظة إذا زادها راوٍ في الرواية نفسها، وهذا واضح.
والحاصل: أن تحسين الإمام الدارقطني لحديث سعيد بن بشير، ليس من باب التحسين المصطلح عليه، والذي جرى عليه عرفُ الأئمةِ المتأخرين، والذي يقتضي أن الراوي المتفرد بالحديث صدوق في الحفظ، وأن الحديث حجة وثابت عن رسول الله؛ وإنما هو تحسين جار على اصطلاح العلماء المتقدمين، حيث يطلقون الحسن أحيانا ويريدون به الحسن المعنوي، وأحيانا أخرى يريدون به الغرابة والنكارة.
وكلا المعنيين لا يدل على ثبوت الحديث الذي وصفوه بهذا الوصف (الحسن)، ولا على صدق الراوي الذي تفرد به في حفظه وضبطه.
(138)
قال ابن عبد البر [جامع بيان العلم ص 94 - 95]
((حديث حسن جدا! ولكن ليس له إسناد قوي))
(155)
وتفرد ضعيف عن ضعيف عن مثل هشام بن عروة، بهذا الإسناد المشهور، مما يستنكر، إذ يستبعد أن يخفى مثلُ هذا على أصحاب هشام، ولا يحفظه إلا الضعفاء.
(163)
وممن يرجع إليه الفضل بعد الله عز وجل في بيان علة هذا الحديث شيخنا الشيخ محمد عمرو بن عبد اللطيف في كتابه (حديث قلب القرآن يس في الميزان) فقد فصل القول في طرق هذا الحديث ثم قال (ص 36):
معلوم بداهة أن الصدوق بل الثقة الحافظ يهم، ويخطئ ويخالف، فإن لم يكن الوهم في تسمية شيخ زيد بن الحباب من الحاكم نفسه أو شيخه الأصم، فهو من أحمد بن يحيى الحجري.
يؤيد ذلك قرائنُ شتى؛ منها:
أن الحديث معدود في مناكير حميد المكي، وبه يعرف؛ ولذلك ساقه في ترجمته: البخاري، وابن عدي، والذهبي نفسه.
أن المتن منكر – لا محالة – فلا يتناسب، بل لا يستحق أن يرد بهذا الإسناد النظيف.
أن حميد بن مهران – وهو الكندي البصري الخياط – لم يذكر أحد علمته روايته عن عطاء بن أبي رباح، أو رواية زيد بن الحباب عنه، وإن كان من نفس طبقة الآخر)) أهـ.
(165 - 166)
فالظاهر أن من نسبه أخطأ، ظنه ابن زيد، ثم نسبه اجتهادا، وإنما هو ابن سلمة، ولعل ذلك من ابن حزم.
وبذلك جزم الشيخ أحمد شاكر عليه رحمة الله تعالى في تعليقه على المحلى.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 09:06]ـ
(166)
أن حماد بن زيد ليست له رواية عن قتادة أصلا، ولم يذكروا ذلك في ترجمته، ولو كان يروي عنه لما أغفلوا ذكره؛ فإنهما إمامان مشهوران – أعني قتادة وحماد بن زيد – فلو كان ابن زيد يروي عن قتادة لما أهملوا ذلك.
ثم أوقفني بعض إخواني على ما يؤكد هذا ويقطع به:
وذلك ما رواه المقدمي في تاريخه (1017) عن سليمان بن حرب قال: سمعت حماد بن زيد يقول: ((كنت هيأت الصحف لقدوم قتادة من واسط، من عند خالد بن عبد الله القسري؛ لأكتب عنه، فمات بواسط، وذلك في سنة سبع عشرة ومائة))
قلت: وهذا من أدل دليل على أن حماد بن زيد لم يسمع من قتادة، ولم يلتق به أصلا.
(171)
وقال البخاري في جزئه [124 - 125]
((إنما كان هذا في التشهد لا في القيام [يعني النهي عن رفع اليدين]، كان يسلم بعضهم على بعض، فنهى النبي ? عن رفع الأيدي في التشهد، ولا يحتج بهذا من له حظ من العلم، هذا معروف مشهور، لا اختلاف فيه، ولو كان كما ذهب إليه لكان رفع الأيدي في أول التكبيرة، وأيضا تكبيرات العيد منهيا عنها؛ لأنه لم يستثن رفعا دون رفع))
(182)
وأبو نعامة اسمه قيس بن عباية. وأبو قلابة، اسمه لاحق بن حميد.
[كذا قال وهو خطأ، والصواب أبو قلابة الجرمي عبد الله بن زيد، وأما لاحق بن حميد فهو أبو مجلز]
(188)
وليس في رواية يحيى بن سعيد (وإن كنت قائما فاجلس) ولا أدري أهي في رواية ابن المبارك أم لا، فإن روايته في (سنن النسائي الكبرى) ولا تطولها يدي الآن.
[راجعتها فوجدتها فيه]
(193)
وقد تورط في هذا جماعة من أهل العلم؛ منهم المنذري والهيثمي والسيوطي والمناوي، وقلدهم في ذلك الغماري؛ فحكموا على إسناد الأوسط بغير ما حكموا به على إسناد الكبير؛ مع أنه هو هو من شيخ الطبراني فصاعدا!
(194)
قلت: ويشبه والله أعلم أن يكون محمد بن أبان البلخي كان في كتابه (عن ياسين) فصحف فقال: عن سفيان، ثم نسبه اجتهادا منه.
لا سيما؛ وأن (سفيان) تكتب في الكتب القديمة بغير الألف، هكذا (سفين)، فهي - حينئذ – يسهل أن تشتبه بـ (ياسين) إذا ما كتبت هي الأخرى بغير ألف.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 09:07]ـ
(200)
ومما يؤكد أن الحديث حديث ابن بريدةَ عن أبيه وليس هو من حديث أبي بردة بن نيار: ما جاء عن شعبة من إنكاره لهذا الحديث عن ابن بريدة وقوله:
(لم يجئ بالرخصة في نبيذ الجر ابنُ عمر وابنُ عباسن اللذان بحثا حديث رسول الله ? ولكن جاء به ابنُ بريدةَ من خراسان!!)
ذكره أبو داود في (المسائل)
(201)
وخالفهم عبد الله بن وهب؛ فرواه عن سليمان بن بلال فجعله من مسند عبد الله بن عباس
أخرج حديثه ابن حبان (861) وتابعه سعيد بن أبي مريم عن سليمان بن بلال
أخرج حديثه الطبراني في الدعاء (306)
ولم يثبت ابن وهب على ذلك؛ فقد رواه مرة أخرى على الصواب (عن ابن غنام) لا (عن ابن عباس)
أخرج حديثه: ابن السني في (اليوم والليلة) (41) والطبراني (307)
والصواب قول من قال: ابن غنام، ومن قال: ابن عباس فقد صحف.
قاله غير واحد من أهل العلم، منهم أبو نعيم وابن عساكر وغيرهما.
(202)
قال الإمام ابن رجب ... [شرح البخاري 2/ 646 - 647]
(والشاميون كانوا يسمون المقدامَ بن معديكرب: (المقداد) ولا ينسبونه أحيانا، فيظن من سمعه غير منسوب أنه ابن الأسود، وإنما هو ابن معديكرب، وقد وقع هذا الاختلاف لهم في غير حديث من رواياتهم) أهـ
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 09:07]ـ
(207)
قال الشيخ المعلمي: [في تعليقه على التاريخ الكبير]
(كأن جريرا روى هذا فقال: سفيان بن عبد الله بن محمد عن جابر، فتحرفت على عثمان كلمة (بن) الأولى، فصارت (عن) فصار (سفيان عن عبد الله بن محمد)، فظن عثمان أن (سفيان) هو الثوري؛ لأن جريرا إذا روى عن سفيان وأطلق فهو الثوري، وظن أن (عبد الله بن محمد) هو ابن عقيل؛ لأنه المشهور بعبد الله بن محمد في شيوخ الثوري)
[قال المؤلف في الهامش:] وقد وقع مثل هذا في حديث آخر لبعض أهل العلم، وقد بينه الشيخ الألباني حفظه الله تعالى في السلسلة الصحيحة (6/ 2/1103)
قلت: برقم (2953)، وهذا نصه:
((و الحديث قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/ 251 - 252): " رواه البزار، و فيه يحيى بن عثمان القرشي البصري و لم أعرفه، روى عن أنس ن و بقية رجاله رجال الصحيح. قلت: ذكر ابن حبان في " الثقات " يحيى بن عثمان القرشي، و لكنه ذكره في الطبقة الثالثة ". و أقول: هذه لخبطة عجيبة - كما يقال في دمشق - من الهيثمي، فقد عرفت من إسناد الحديث أنه ليس فيه يحيى بن عثمان، لأنه من رواية يحيى بن [عباد أبو عباد: حدثنا محمد بن] عثمان [عن ثابت] عن أنس، كما تقدم. هكذا أورده هو نفسه في الموضع المشار إليه من " كشف الأستار "، فلما نقل الحديث إلى " المجمع " سقط من بصره كل ما حصرته بين الأقواس فنتج منه أن قام في ذهنه ما لا وجود له في الإسناد " يحيى بن عثمان القرشي البصري "! و هذا أعجب ما مر بي من السقط من مثل هذا الحافظ! و إن من تمام (اللخبطة!) وصفه ليحيى بن عثمان بـ " القرشي البصري "، فإن هذا الوصف لم يذكر في إسناد البزار أو غيره، و إنما هو وصف " محمد بن عثمان بن سيار القرشي البصري " الذي هو من طبقة محمد بن عثمان الواسطي كما ذكرته احتمالا آنفا. فكأنه دار في ذهن الهيثمي هذا الاحتمال، فسجله في كتابه على أنه حقيقة واقعة في هذا الإسناد، و هو خيال في خيال. و سبحان الله. و من ذلك قوله بعد
أن صرح بأنه لم يعرفه: " قلت: ذكره ابن حبان في " الثقات " .. " إلخ، فإن هذا لا يلتقي مع ما قبله. و أنا أظن أنه استدراك عليه من بعض العلماء - و لعله ابن حجر - كتبه على الحاشية، فظن الطابع أنه من كلام الهيثمي فطبعه فيه غير ملاحظ تدافعه مع الذي قبله، و كذلك لم يلاحظ ذلك الشيخ الأعظمي في تعليقه على هذا المكان من " الكشف "!))
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 09:08]ـ
(226)
قال عباس الدوري [1671]
سمعت يحيى وسألته عن حديث حكيم بن جبير، حديث ابن مسعود (لا تحل الصدقة لمن كان عنده خمسون درهما): يرويه أحد غير حكيم؟ فقال يحيى بن معين: نعم يرويه يحيى بن آدم عن سفيان عن زبيد، ولا نعلم أحدا يرويه إلا يحيى بن آدم، وهذا وهم؛ لو كان هذا هكذا لحدَّث به الناسُ جميعا عن سفيانَ، ولكنه حديث منكر – هذا الكلام قاله يحيى أو نحوه)
(228)
قال الحافظ ابن حجر [في جزئه في الحديث ص 25]
(( ... وقد جرت عادة كثير من الحفاظ إطلاق التفرد مع أن مرادهم فيه تفرد الثقة)
(231)
قال أبو حاتم الرازي:
نافع أخذ هذا الحديث عن عبد الله بن دينار
... وقال الخليلي:
وهذا مما نُقِم على أبي حاتم، فليس هذا من حديث نافع عن ابن عمر؛ إنما هو عند سفيان: عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر
(237)
ثم وجدت الإمام ابن أبي عاصم قال في كتاب (الآحاد والمثاني) (1846):
(وليس يصح عن معاذ – رضي الله عنه – إلا ما روى عنه أصحاب النبي ? أو قدماء تابعي الشام وأجلتهم)
249
ولهذه العلة [أن القران بين الرواة يوهم اتفاقهم في الألفاظ] لم يقبل الأئمة من كل أحد الجمعَ بين الرواة في الأسانيد، اللهم إلا أن يكون الراوي ممن اشتهر بالحفظ وبرز فيه، بحيث لا يختلط عليه حديث شيخ بحديث آخر، بل يميز بين ذلك.
........
وقال أبو يعلى الخليلي [الإرشاد 1/ 417 - 418]: ذاكرت يوما بعض الحفاظ فقلت: البخاري لم يخرج حماد بن سلمة في الصحيح وهو زاهد ثقة؟! / فقال: لأنه جمع بين جماعة من أصحاب أنس، فيقول: حدثنا قتادة وثابت وعبد العزيز بن صهيب، وربما يخالف في بعض ذلك!
فقلت: أليس ابنُ وهب اتفقوا عليه، وهو يجمع بين أسانيد فيقول: حدثنا مالك وعمرو بن الحارث والليث بن سعد والأوزاعي، ويجمع بين جماعة غيرهم؟!
فقال: ابن وهب أتقن لما يرويه وأحفظ له)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 09:08]ـ
257
ومما يُتعجب له:
صنيع المعلق على (المشكل) للطحاوي، فإنه ذكر إنكار ابن حبان لرواية أبي عوانة على هلال الرأي، وساق كلامه من المجروحين ثم أهمله واتخذه وراءه ظهريا، فجعل أبا عوانة متابعا لجرير بن حازم معتمدا على رواية هلال الرأي، وهذا من أعجب ما نراه في حواشي المطبوعات!!
264
حديث يحيى بن سعيد القطان عن سفيان الثوري وشعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن / عثمان بن عفان عن النبي ? خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
فهذا الحديث هكذا رواه يحيى القطان عن شعبة وسفيان على الاتفاق.
وهذا مما خطأ فيه الأئمة يحيى القطان، وحكموا بأنه حمل رواية الثوري على رواية شعبة، وهو إنما يخالفه في هذا الحديث، فإن أصحاب الثوري لا يذكرون في هذا الحديث سعد بن عبيدة في إسناده عن الثوري وإنما يذكره فقط أصحاب شعبة عن شعبة.
قال ابن عدي (3/ 1234):
يقال: لا يعرف ليحيى بن سعيد خطأ غيرُه
287
الحافظ المكثر الثبتُ كالزهري وأمثاله إذا روى حديثا بأكثر من إسناد حُمل ذلك على سعة روايته وكثرة محفوظاته، أما إذا وقع ذلك ممن لم يبلغ في الحفظ والإتقان هذه المنزلة فإنه حينئذ يحمل على اضطرابه وعدم حفظه لإسناد الحديث، لا سيما إذا كان ضعيفا سيء الحفظ بل إنه حينئذ يكون دليلا على ضعفه وسوء حفظه.
وعليه فإذا جاء راوٍ ضعيفٌ بعدة أسانيد لمتن واحد فإن هذه الأسانيد لا يقوي بعضها بعضا بل يعل بعضها بعضا، وإن كان راويها في الأصل ممن يصلح حديثه للاعتبار، لكن لما اضطرب في إسناد الحديث عرفنا أنه لم يحفظه كما ينبغي.
296
قد يتتابع بعضُ الرواة على رواية حديث إسنادا ومتنا، ويخالفهم من هم أولى بالحفظ منهم فيرجح الأئمة رواية الحفاظ، وإن كان الأولون جماعة يبعُد على مثلهم الخطأ عادة.
إلا أن الأئمة يرون أن هؤلاء الجماعة وإن اتفقوا إلا أن ما اتفقوا عليه مما يسهل أن تتوارد عليه الأذهان وأن يتفق على الخطأ فيه الجماعة كأن تكون روايتهم جارية على الجادة المعهودة ورواية الحفاظ على خلاف الجادة.
302
الفريابي وهو معروف بأخطائه في حديث الثوري
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 09:09]ـ
302
سئل الدارقطني
عن حديث أبي إدريس الخولاني عن معاذ بن جبل عن النبي ?: قال الله: وجبت محبتي للمتحابين في والمتزاورين في – الحديث.
/ فقال الدارقطني:
يرويه جماعة من أهل الحجاز والشام عن أبي إدريس منهم أبو حازم سلمة بن دينار، والوليد بن عبد الرحمن ابن الزجاج ومحمد بن قيس القاص وشهر بن حوشب ... وعطاء الخراساني ويزيد بن أبي مريم ويونس بن ميسرة بن حلبس كلهم عن أبي إدريس عن معاذ بن جبل، وكلهم ذكروا أن أبا إدريس سمعه من معاذ
قال: وخالفهم محمد بن مسلم الزهري – وهو أحفظ من جميعهم – فرواه عن أبي إدريس الخولاني، قال: أدركت عبادة بن الصامت ووعيتُ عنه وأدركت شداد بن أوس ووعيت عنه – وعد نفرا من أصحاب رسول الله ? - قال: وفاتني معاذ بن جبل وأُخبرت عنه
قال: والقول قول الزهري لأنه أحفظ الجماعة
313
وإذا كانت التسمية محفوظة وأن هذا المبهم هو ذاك المسمى في الرواية الأخرى فلا يصح بداهة أن تقوى الرواية المبهمة بالرواية المبينة، أو العكس؛ لأنه والحالة هذه يكون من باب تقوية الحديث بنفسه.
وهذا أمر واضح لا خفاء به، غير أني رأيتُ بعض من أقحم نفسه في العلم، ممن لا يفرق بين البقرة والبعرة، جاء إلى رواية فيها راوٍ ضعيف فقواها برواية أخرى أُبهم فيها ذلك الضعيف فأتى بشاردة عجيبة وشاذة غريبة!
وذلك هو المدعو محمود سعيد ممدوح
320
ولا يقال: إن الذي لم يش معه من العلم ما ليس مع من شك، ومن علم حجة على من لم يعلم، فهذا ليس موضعه، وإنما يقال هذا حيثُ تتساوى الروايات في القوة
...........
وأكثر أهل العلم على أن الذي وقت ذات عرق لأهل العراق هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم يكن ذلك في عهد النبي ? (الفتح 3/ 389)
322
ومعلوم أن عبد الرزاق كان يخطئ إذا حدث من حفظه
324
قال البخاري: ما أعجب حديثَ معمر عن غير الزهري، فإنه لا يكاد يوجد فيه حديث صحيح.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 09:09]ـ
330
ومن هنا ندرك خطأ من يتتبع هذه الأسانيد من هذه الكتب وأمثالها ثم يجعلها في صعيد واحد ويقوي بعضها ببعض فإنه بذلك إنما يقوي المنكر بالمنكر من حيث لا يدري
331
وقد بين حماد بن زيد سبب وقوع هذا الخطأ لجرير بن حازم فقال فيما رواه عنه أبو داود في المراسيل بإسناد صحيح عنه قال:
كنت أنا وجرير بن حازم عند ثابت البناني فحدث حجاج بن أبي عثمان عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن النبي ? قال إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني، فظن جرير أنه إنما حدث به ثابت عن أنس
335
وهذا من أدل دليل على أنه ليس كل متابعة تجيء يحتج بها أو يعتمد عليها، لا سيما فيما صرح أهل العلم بتفرد الراوي به.
335
فقال أحمد [بن حنبل] يطلبون حديثا من ثلاثين وجها أحاديث ضعيفة! وجعل ينكر طلب الطرق نحو هذا، قال: هذا شيء لا تنتفعون به أو نحو هذا الكلام
336
[ابن رجب] والمذاكرة يحصل فيها تسامح بخلاف حال السماع والإملاء
338
[ابن المديني] ولا ينكر لرجل سمع من رجل ألفا أو ألفين أن يجيء بحديث غريب
347
ولذا قال البيهقي:
والحديث إذا انفرد به حماد بن سلمة ثم يشك فيه ثم يخالفه فيه من هو أحفظ منه وجب التوقف فيه
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 09:10]ـ
356
وقد حكى أبو يعلى الخليلي عن أبي عروبة الحراني أنه قال: (لو كان هذا الحديث عند أيوب عن نافع لاحتج به الناس منذ مائتي سنة، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده)
يعني: لو كان هذا الحديث ثابتا بهذا الإسناد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر، لما تركه الناس واحتجوا في هذا الباب بما هو دونه في الصحة أي بإسناد عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
357
فانظر إلى دقة نقد أئمة الحديث ومدى أهمية الكتاب لمعرفة ما إذا كان الحديث محفوظا أم خطأ، وهذا مما يسلم لهم فيه؛ لأن الكتب والأصول ليست في حوزتنا كما كانت في حوزتهم
361
وهكذا شأن الضعفاء حيث يخطئون يأتون بأسانيد غريبة لمتون قد تكون ثابتة بغير هذه الأسانيد، وقد لا تكون معروفة أصلا إلا من أحاديث الضعفاء، ولهذا نجد أهل العلم يضعفونهم مستدلين على ضعفهم بمثل هذه الغرائب والمنكير الإسنادية أو المتنية أو الإسنادية والمتنية معا
402
قال أحمد بن حنبل: ما أراه – يعني الزهري – سمع من عبد الرحمن بن أزهر، إنما يقول الزهري: كان عبد الرحمن بن أزهر يحدث، فيقول معمر وأسامة عنه: سمعت عبد الرحمن!! ولم يصنعا عندي شيئا
405
قال أحمد بن حنبل: كان مبارك بن فضالة يقول في غير حديث عن الحسن: (قال حدثنا عمران، وقال حدثنا ابن مغفل)، وأصحاب الحسن / لا يقولون ذلك
409
حكى ابن أبي حاتم في المراسيل عن أبيه أنه قال:
الزهري لم يسمع من أبان بن عثمان شيئا، لا أنه لم يدركه، قد أدركه وأدرك من هو أكبر منه، ولكن لا يثبت له السماع منه، كما أن حبيب بن أبي ثابت لا يثبت له السماع من عروة بن الزبير، وهو قد سمع ممن هو أكبر منه، غير أن أهل الحديث قد اتفقوا على ذلك، واتفاق أهل الحديث على شيء يكون حجة
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 09:11]ـ
413
كأن يكون ممن يرى جواز إطلاق لفظ التحديث في الإجازة أو الوجادة، كما ذكر ذلك عن أبي نعيم الأصبهاني، أو ممن يرى التسامح في هذه الألفاظ بإطلاقها في موضع السماع وغيره، كما ذكر الإمام أبو بكر الإسماعيلي أن المصريين والشاميين يتسامحون في قولهم (حدثنا) من غير صحة السماع، منهم: يحيى بن / أيوب المصري.
ونقل عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه أنه قال: كان سجيةً في جرير بن حازم يقولك حدثنا الحسن، قال: حدثنا عمرو بن تغلب، وأبو الأشهب يقول: عن الحسن، قال: بلغني أن النبي ? قال لعمرو بن تغلب.
416
وقال البزار: سمع الحسن البصري من جماعة، وروى عن آخرين لم يدركهم، وكان يتأول فيقول: حدثنا وخطبنا، يعني قومه الذين حدثوا وخطبوا بالبصرة.
426
كثرة الرواة للحديث مشعرة بشهرته، فكيف يشتهر الحديث عن سفيان ولا يجيء من رواية أصحابه الثقات الملازمين له والعارفين بحديثه؟!
430
الأئمة عليهم رحمة الله قد يطلقون على باب من الأبواب أو حكم من الأحكام أو أمر من الأمور بأنه متواتر عن رسول الله ? بناء على كثرة الأخبار الصحيحة التي تضمنت هذا الحكم أو ذاك الأمر.
فيأتي بعضُ من لم يحسن تصور هذا الباب، فيحكم على كل حديث جاء فيه هذا الأمر أو تضمن هذا الحكم بالصحة بل بالتواتر بناء على ثبوت تواتر هذا الحكم أو ذاك الأمر الذي تضمنه هذا الحديث.
وهذا ليس بشيء! لأن تواتر هذا الحكم أو ذاك الأمر لكثرة ما جاء فيه من روايات لا يستلزم تواتر كل أفراد هذه الروايات؛ لأن الحكم بالتواتر إنما هو حكم للقاسم المشترك بين هذه الروايات فقط، دون ما تفردت به كل رواية من هذه الروايات.
433
من عرف بسرقة الحديث وادعاء سماع ما لم يسمع لا يصلح حديثُه في باب الاعتبار، ومتابعتُه لغيره لا تنفعه بقدر ما تضره، فإنها تؤكد سرقته لحديث غيره وروايته من غير سماع.
فإن السارق للحديث غالبا لا يختلق متنا ولا يركب إسنادا حتى يبرأ من تهمة الحديث حيث يتابعه عليه غيره.
وإنما السارق يأتي إلى أحاديث يرويها غيره بالفعل عن شيخ من الشيوخ فيسمعها هو من بعض أصحاب ذلك الشيخ، ثم يسقط الواسطة ويرتقي بالحديث إلى الشيخ نفسه مصرحا بالسماع منه، وهو لم يسمعه منه فيدعي سماع ما لم يسمع.
والفرق بين السرقة والتدليس واضح، فإن المدلس لا يصرح بالسماع، بل يأتي بصيغة محتملة بخلاف السارق فإنه يصرح بالسماع ويكذب في ذلك.
441
مصعب بن سلام معروف بهذا النوع من القلب في الأسانيد
قال الإمام أحمد: انقلبت عليه أحاديث يوسف بن صهيب جعلها عن الزبرقان السراج، وقدم ابن أبي شيبة مرة فجعل يذاكر عنه أحاديث عن شعبة هي أحاديث الحسن بن عمارة انقلبت عليه أيضا.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 09:12]ـ
447
قال أبو حاتم الرازي:
كان في بعض قرى حمص [يعني أبا التقي] فلم أخرج إليه، وكان ذكر أنه سمع كتب عبد الله بن سالم عن الزبيدي، إلا أنها ذهبت كتبه، فقال: لا أحفظها، فأرادوا أن يعرضوا عليه، فقال: لا أحفظ، فلم يزالوا به حتى لان، ثم قدمت حمص بعد ذلك بأكثر من ثلاثين سنة، فإذا قوم يروون عنه هذا الكتاب، وقالوا: عرض عليه كتاب ابن زبريق ولقنوه، فحدثهم بهذا، وليس هذا عندي بشيء، رجل لا يحفظ وليس عنده كتاب!!
448
وهذه عادة جماعة من متأخري المحدثين: إذا كان الحديث قد اختلف في إثبات زيادة رجل في إسناده وإسقاطه، وكان الحديث بإسقاطه منقطعا، ذهب إلى ترجيح إثبات الزيادة، ليسلم الحديث من الانقطاع، أو لأن الزيادة حينئذ تكون بمنزلة تفسير المبهم، حيث قد تحققنا من وجود واسطة لم تذكر في الرواية الناقصة.
وصنيع من تقدم من الحفاظ يدل على خلاف ذلك، وأن ذلك ليس قاعدة مطردة، لا سيما مع اتحاد المخرج، فمع اتحاده يُلجأ إلى الترجيح، لا إلى الجمع، فالتحقق من سقوط واسطة شيء وتعيينها شيء آخر.
453
وبعض الرواة كان يتساهل في تحمل الحديث، يجلس في مجلس السماع، لا يكتب ولا يحفظ، ثم بعد انقضاء المجلس يأخذ كتاب غيره فيروي منه متكلا على سماع غيره معتمدا على كتابه.
وبطبيعة الحال فإنه إذا كان ذلك الغير قد أخطأ في حديث ما فإنه سيصادف موافقة ذلك المتساهل له، فيظهر وكأنهما قد اتفقا على ذلك / الحديث، فيستبعد في مثله وقوع الخطإ؛ لاتفاق هذين عليه، وليس الأمر كذلك، بل رواية أحدهما راجعة إلى رواية الآخر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 09:12]ـ
[بعض الأخطاء المطبعية]
(ص 11) كنا نتناوب رعيَّة الإبل [الصواب رِعْيَة الإبل]
(ص 13) لا ترُدَّهُ [الصواب (لا تُرِدْهُ)]
(ص 13) دَمَّرَ عَلَيَّ هذا الحديث [الصواب (دَمِّرْ عَلَى)]
(ص 17) لا يتكلمون بالمجازفة أو بالحَدَس [الصواب (بالحدْس)]
(ص 28) وبعضٌ أُشْكِلَ، وقد كان ينبغي فيما أشكِلَ [الصواب (أشْكَلَ)]
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Dec-2007, مساء 09:13]ـ
انتهت الفوائد المنتقاة بحمد الله تعالى.
ـ[ابومحمد البكرى]ــــــــ[03 - Dec-2007, صباحاً 05:50]ـ
بارك الله فيك ...
ـ[ابن رجب]ــــــــ[03 - Dec-2007, صباحاً 09:55]ـ
جزاكم الله خيرا ,, ماهي الطبعة التي أعتمدتها للكتاب ,,؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[03 - Dec-2007, مساء 01:54]ـ
الطبعة الأولى 1998 - مكتبة ابن تيمية
ـ[سالم السمعاني]ــــــــ[01 - Feb-2010, مساء 11:29]ـ
جزاكم الله كل خير
ـ[ابو سفيان الحنبلى]ــــــــ[02 - Feb-2010, مساء 12:06]ـ
ابعدك الله عن المهالك يا ابا مالك
ـ[د/ألفا]ــــــــ[02 - Feb-2010, مساء 01:41]ـ
جزاكم الله خيرا على تلكم الفوائد الطيبة
وجزي الله شيخنا الحبيب طارق بن عوض الله
ـ[المبتدئ في الطلب]ــــــــ[09 - Feb-2010, مساء 12:13]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا الموضوع النافع ...
ما ترون فيما كتبه الشيخ ابن أبي العينين تعليقا على كتاب "الارشادات" في بداية كتابه "القول الحسن"، حيث ذكر أن منهج الشيخ طارق في التقوية غير واضح، و أنه يشترط المتابعة التامة للتقوية؟
ـ[المبتدئ في الطلب]ــــــــ[20 - Feb-2010, مساء 01:28]ـ
المسألة مهمة، فهل من متكرم؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[20 - Feb-2010, مساء 01:29]ـ
لعلك تفرد سؤالك بموضوع خاص يا أخي الكريم(/)
هل هذي احاديث صحيحة؟
ـ[الورد الجوري]ــــــــ[03 - Dec-2007, صباحاً 06:49]ـ
مقتطفات دينيه:
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه ..
.............................. .................... ......
لماذا نهى النبي صلى الله وعليه وسلم عن الشرب واقفا؟؟
و عن أنس وقتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم " أنه نهى أن يشرب
الرجل قائماً "، قال قتادة: فقلنا فالأكل؟ فقال: ذاك أشر و أخبث "رواه مسلم و الترمذي
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
لا يشربن أحدكم قائماً فمن نسي فليستقي " رواه مسلم.
و عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:"
نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الشرب قائماً و عن الأكل قائماً و عن المجثمة
و الجلالة و الشرب من فيّ السقاء ".
الإعجاز الطبي:
يقول الدكتور عبد الرزاق الكيلاني * أن الشرب و تناول الطعام جالساً أصح و أسلم
وأهنأ و أمرأ حيث يجري ما يتناول الآكل والشارب على جدران المعدة بتؤدة و لطف
أما الشرب واقفاً فيؤدي إلى تساقط السائل بعنف إلى قعر المعدة و يصدمها صدماً،
و إن تكرار هذه العملية يؤدي مع طول الزمن إلى استرخاء المعدة و هبوطها و ما يلي
ذلك من عسر هضم.
و إنما شرب النبي واقفاً لسبب اضطراري منعه من الجلوس مثل الزحام المعهود في
المشاعر المقدسة، و ليس على سبيل العادة و الدوام.
كما أن الأكل ماشياً ليس من الصحة في شيء و ما عرف عند العرب و المسلمين.
و يرى الدكتور إبراهيم الراوي **
أن الإنسان في حالة الوقوف يكون متوتراً و يكون جهاز التوازن في مراكزه العصبية
في حالة فعالة شديدة حتى يتمكن من السيطرة على جميع عضلات الجسم لتقوم بعملية
التوازن و الوقوف منتصباً. و هي عملية دقيقة يشترك فيها الجهاز العصبي العضلي في
آن واحد مما يجعل الإنسان غير قادر للحصول على الطمأنينة العضوية التي تعتبر من أهم
الشروط الموجودة عند الطعام و الشراب، هذه الطمأنينة يحصل عليها الإنسان في حالة
الجلوس حيث تكون الجملة العصبية و العضلية في حالة من الهدوء و الاسترخاء و حيث
تنشط الأحاسيس و تزداد قابلية الجهاز الهضمي لتقبل الطعام و الشراب و تمثله بشكل
صحيح.
و يؤكد د. الراوي أن الطعام و الشراب قد يؤدي تناوله في حالة الوقوف (القيام)
إلى إحداث انعكاسات عصبية شديدة تقوم بها نهايات العصب المبهم المنتشرة في
بطانة المعدة، و إن هذه الإنعكاسات إذا حصلت بشكل شديد و مفاجىء فقد تؤدي
إلى انطلاق شرارة النهي العصبي الخطيرة Vagal Inhibation لتوجيه ضربتها القاضية
للقلب، فيتوقف محدثاً الإغماء أو الموت المفاجىء.
كما أن الإستمرار على عادة الأكل و الشرب واقفاً تعتبر خطيرة على سلامة جدران
المعدة و إمكانية حدوث تقرحات فيها حيث يلاحظ الأطباء الشعاعيون أن قرحات المعدة
تكثر في المناطق التي تكون عرضة لصدمات اللقم الطعامية و جرعات الأشربة بنسبة
تبلغ 95% من حالات الإصابة بالقرحة.
كما أن حالة عملية التوازن أثناء الوقوف ترافقها تشنجات عضلية في المريء تعيق
مرور الطعام بسهولة إلى المعدة و محدثة في بعض الأحيان آلاماً شديدة تضطرب
معها وظيفة الجهاز الهضمي و تفقد صاحبها البهجة عند تناوله الطعام و شرابه ..(/)
لإخوتي الاْحناف وعموم طلاب علم الحديث.فقد أعياني حديث عند الاْحناف.
ـ[سالم سليم أبوسليم]ــــــــ[03 - Dec-2007, مساء 07:05]ـ
مر بي حديث لم أجده إلا في المبسوط, وبدائع الصنائع من كتب الحنفية.
وبحثت عنه في عموم كتب الحديث ولم أجده مطلقاً, بل وحتى كتب الفقهاء -وذلك بحدود بحثي القاصر- فأرجوا من عموم الإخوة وخصصت الاحناف لكونه من مذهب إمامهم وهم أولى به وعموم المحدثين لاْن الحديث أينما ذكر فهو بضاعتهم.
(جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فقال: إني جاوزت الميقات من غير إحرام، فقال: ارجع إلى الميقات ولب وإلا فلا حج لك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {لا يجاوز الميقات أحد إلا محرما}).
وهو في المبسوط في باب المواقيت. وفي بدائع الصنائع في باب مكان الإحرام.
والمطلوب هو تخريج أثر ابن عباس فقط لاْنه عمدة أبي حنيفة بالمسألة وخالفه الصاحبان والكلام بالمسألة فقهاً ووجه استدلال ليس هذا بابه
شكر الله سعي الجميع
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[03 - Dec-2007, مساء 09:48]ـ
فائدة:
الحنفية لا الأحناف
ـ[أبو عبيد]ــــــــ[03 - Dec-2007, مساء 10:25]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
والله أخي عجيب هذا الاثر والجبيب فيه أن ليس لة أثر في كتب أهل العلم
وقد بحثت كثير ولم أجد لة تخريج .. الا في كتاب البسوط الجزء الرابع .. الصفحة27
قال كوفي جاوز الميقات نحو " مكة " ثم أحرم بالحج ووقف " بعرفة " جاز حجه وعليه دم لترك
الوقت لأنه لما انتهى إلى الميقات وجب عليه الإحرام بالحج من الميقات لما " روي عن " ابن عباس " - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لا
يجاوز الميقات أحد إلا محرما " فإذا جاوزه حلالا فقد ارتكب المنهي وأخر الإحرام
عن الميقات فتمكن نقصان في حجه ونقصان الحج يجبر بالدم فإن رجع إلى الميقات ولبى إن رجع قبل
أن يحرم وأحرم بالحج من الميقات فلا شيء عليه بالاتفاق لأنه تلافي المتروك في وقته ومكانه فصار في
الحكم كأنه لم يجاوز الميقات إلا محرما فإن الواجب عليه أداء الحج بإحرام يباشره من الميقات وقد
أتى بذلك وإن كان أحرم بعد ما جاوز الميقات ثم عاد إلى الميقات فعلى قول " أبي حنيفة " - رحمه
الله تعالى
ما أظن ألا أنهو ضعيف والله أعلم ..
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[04 - Dec-2007, صباحاً 12:03]ـ
الحديث عند البيهقي في السنن9940:حديث رقم
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني أنبأ أبو سعيد ابن الأعرابي ثنا سعدان بن نصر ثنا إسحاق الأزرق عن عبد الملك عن عطاء
عن ابن عباس أنه قال:: (ما يدخل مكة أحد من أهلها و لا من غير أهلها إلا بإحرام.).
ـ[سالم سليم أبوسليم]ــــــــ[04 - Dec-2007, مساء 10:18]ـ
أشكر إخوتي ولكن أؤكد: ( .. والمطلوب هو تخريج أثر ابن عباس فقط لاْنه عمدة أبي حنيفة بالمسألة)
واقصد به قوله: (ارجع إلى الميقات ولب وإلا فلا حج لك).
لاْنه هو عمدة ابي حنيفة في مسألة: من جاوز الميقات بلا إحرام وقد نوى النسك.
فقال فيه إن عاد إلى الميقات ولبى صح وإلا لزمه دم. لقول ابن عباس. . . . . الخ
والمسألة بنصها موجودة بالمبسوط وبدائع الصنائع وغيرها. وليست هي المرادة كما أسلفت بل الاْثر هو المقصود.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[04 - Dec-2007, مساء 11:00]ـ
فائدة:
الحنفية لا الأحناف
قال الزبيدي رحمه الله في "التاج":
(الحَنَفِيَّةُ: المَنْسُوبُون إِلى الإِمامِ أَبي حَنِيفَةَ. ويقال لهم أَيضًا: الأَحْنَاف).اهـ
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[05 - Dec-2007, صباحاً 01:19]ـ
والشيء بالشيء ..
مِن لطيف الكلم، قول سبط ابن الجوزي في "الانتصار والترجيح" ت: الكوثري، ص: 5:
(الحمد لله الذي فضَّلنا على كثير ممَّن خلق تفضيلا، وميَّزنا بالعقل والعلم وكمَّلنا تكميلا، وهدانا للدِّين الحنيفي والمذهب الحنفي أوضح المناهج وأقومها سبيلا ... ).اهـ
ـ[أبو زيد الشيباني]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 05:11]ـ
أخي سالم وأبا عبيد:
خذ القطرة الأولى من الغيث، قال الزيلعي في نصب الراية: - الحديث السابع: قال عليه السلام:
- " لا يتجاوز أحد الميقات إلا محرما "
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا عبد السلام بن حرب عن خصيف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي عليه السلام قال: " لا تجاوزوا الوقت إلا بإحرام " انتهى (1). وكذلك رواه الطبراني في " معجمه " وروى الشافعي في " مسنده " أخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن أبي الشعثاء أنه رأى ابن عباس يرد من جاوز الميقات غير محرم انتهى. ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في " المعرفة " (2) ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس فذكره: حدثنا ابن علية عن أيوب عن عمرو بن دينار عن جابر نحوه وكان جابر هذا هو أبو الشعثاء وروى إسحاق بن راهويه في " مسنده " أخبرنا فضيل بن عياض عن ليث ابن أبي سليم عن عطاء عن ابن عباس قال: إذا جاوز الوقت فلم يحرم حتى دخل مكة رجع إلى الوقت فأحرم فإن خشي إن رجع إلى الوقت فإنه يحرم ويهريق لذلك دما انتهى
- حديث يشكل على المذهب: أخرجه البخاري ومسلم (3) عن مالك عن ابن شهاب عن أنس أن النبي عليه السلام دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال: يا رسول الله ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال عليه السلام: اقتلوه انتهى. زاد البخاري: قال مالك: ولم يكن النبي عليه السلام يومئذ فيما نرى - والله أعلم - محرما انتهى. والذي وجدته في " الموطأ " (4) قال مالك: قال ابن شهاب: ولم يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم يومئذ محرما انتهى. وأخرجه مسلم (5) عن أبي الزبير عن جابر أن النبي عليه السلام دخل يوم فتح مكة - وعليه عمامة سوداء - بغير إحرام. انتهى. وبوب له " باب دخول مكة بغير إحرام " انتهى. وكذلك في " الموطأ "
قوله: روى عن علي وابن مسعود في قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} قال: وإتمامهما أن يحرم بهما من دويرة أهله قلت: حديث علي رواه الحاكم في " المستدرك - في التفسير " (6) من حديث آدم بن أبي إياس ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة المرادي قال: سئل علي عن قول الله عزوجل: {وأتموا الحج والعمرة لله} فقال: أن تحرم من دويرة أهلك انتهى. وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى. ورواه البيهقي في " سننه " (7) وقال: وروى من حديث أبي هريرة مرفوعا وفيه نظر انتهى كلامه. وحديث مسعود غريب
_________
(1) رواه الشافعي أيضا موقوفا على ابن عباس من غير هذا الطريق كذا في كتاب " الأم " ص 118 - ج 2 في " باب تفريع المواقيت "
(2) ورواه البيهقي في " السنن الكبرى " من طريق الشافعي في " باب من مر بالميقات يريد حجا " الخ: ص 29 - ج 5، والشافعي في " الأم " ص 118 - ج 2 في " باب تفريع المواقيت "
(3) رواه البخاري: ص 614 - ج 2 في " باب أين ركز النبي صلى الله عليه و سلم الراية يوم الفتح " ومسلم ص 439 - ج 1 في " باب دخول مكة بغير إحرام " والنسائي في " باب دخول مكة بغير إحرام "
(4) رواه مالك في " الموطأ في جامع الحج " وفي الطحاوي: ص 195 - ج 2
(5) مسلم: ص 439 - ج 1، والنسائي: ص 299 - ج 2 في " باب لبس العمائم والسواد " وأيضا في " باب دخول مكة بغير إحرام " والطحاوي في " معاني الآثار - في باب دخول الحرم هل يصلح بغير إحرام "
(6) رواه في " التفسير " ص 276 - ج 2
(7) رواه في " السنن الكبرى - في باب من استحب الاحرام من دويرة أهله "
انتهى من نصب الراية.
أقول إن اتسع الوقت نقلت لك من إعلاء السنن , ومن شرح العيني على معاني الآثار المسمى بنخب الأفكار.
والأثر روي من عدة طرق وأظن أن في بعضها تصرفا من الرواة تقديما وتأخيرا، على كل حال الأثر ثابت وصححه جمع من أهل العلم ......
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[23 - Aug-2008, صباحاً 07:39]ـ
قول الحبيب المصطفى في المواقيت: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهل الحج والعمرة) صريح في أن الأمر مخصوص بمن قصد الحج أو العمرة.
والله اعلم
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[23 - Aug-2008, صباحاً 08:05]ـ
الأثر ثابت وصححه جمع من أهل العلم ......
مثل من؟
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[23 - Aug-2008, صباحاً 08:09]ـ
[ما أظن ألا أنهو ضعيف والله أعلم ..
وما الدليل على هذا الظن بارك الله فيك؟
ـ[محمد طلحة مكي]ــــــــ[23 - Aug-2008, صباحاً 11:51]ـ
للدكتور محمد رواس القلعجي جزاه الله خيرا، كتاب (موسوعة فقه ابن عباس رضي الله عنهما) ينبغي لمن عنده مراجعته.
ـ[أبو زيد الشيباني]ــــــــ[31 - Aug-2008, مساء 02:03]ـ
رجعت إلى مسند الإمام الشافعي بترتيب السندي فوجدت فيه أثرا بالمعنى الذي ذكرت:
852 - أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو، عن أبي الشعثاء أنه رأى ابن عباس رضي الله عنهما: يرد من جاوز الميقات غير محرم.
1/ 287
وفي معرفة السنن والآثار للبيهقي - كتاب المناسك
باب من أمر بالميقات من أهله أو كان دونه - حديث: 2872
وبهذا الإسناد قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار قال: قال عمرو ولم يسم القائل، إلا أنا نراه عن ابن عباس، " الرجل يهل من أهله، ومن بعد ما يجاوز إن شاء، ولا يجاوز الميقات إلا محرما "
ولا زال البحث جاريا ونرجو ممن لديه كتاب (موسوعة فقه ابن عباس رضي الله عنهما) للدكتور محمد رواس القلعجي جزاه الله خيرا، أن يسعفنا.(/)
هل هذا الاثر صحيح: "سأل موسى عليه السلام ربه لماذا لا تنام يارب ... "؟
ـ[أبو عبيد]ــــــــ[04 - Dec-2007, مساء 04:17]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
ممكن أتساعدوني في هذا الاثر هل هو ثابت عن بني أسرائيل
سئل موسى عليه السلام ربه لماذا لا تنام يارب؟؟
فقال الرب جل وعلا
امسك قدحاً بيدك يا موسى واسكب بداخله ماء
وضعه في يديك وحذاري ان تنام!
ففعل موسى ما طلب منه.فظل واقفاً عليه السلام
والقدح في يده وفيه ماء فغلبه النعاس
فسقط القدح من يدي موسى عليه السلام
وانكسر وانسكب منه الماء فقال الرب جلا وعلى
وعزتي وجلالي لو غفلت عن عبادي لحظه يا موسى
لسقطت السماء على الارض ..
ـ[المالكي]ــــــــ[04 - Dec-2007, مساء 04:21]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الشوكاني في فتح القدير: أخرج أبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والدارقطني في الإفراد وابن مردوية والبيهقي في الأسماء والصفات والخطيب في تاريخه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: قال وقع في نفس موسى هل ينام الله عز وجل: فأرسل الله إليه ملكاً فأرقه ثلاثا وأعطاه قارورتين في كل يد قارورة وأمره أن يحتفظ بهما فجعل ينام وتكاد يداه تلتقيان ثم يستيقظ فيحبس إحداهما على الأخرى حتى نام نومة فاصطفقت يداه وانكسرت القارورتان قال: ضرب الله له مثلاً إن الله تبارك وتعالى لو كان ينام لم تستمسك السماء والأرض.
وذكره ابن كثير وقال: حديث غريب بل منكر. ليس بمرفوع بل من الإسرائيليات المنكرة، فإن موسى أجل من أن يجوز على الله سبحانه وتعالى النوم، وقال لا يصح هذا الحديث ضعفه غير واحد منهم البيهقي.
وأورده الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة وقال: منكر.
والله أعلم.
http://www.islam ... .net/ver2/Fatwa/S...Option=FatwaId
ـ[أبو عبيد]ــــــــ[05 - Dec-2007, مساء 01:28]ـ
بارك الله فيك أخي الملكي
وجزاك ربي خير ..
فقد رايت كذا طريق لة وهو ضعيف كما نقلت أخي قال الألباني / هذا الحديث مُنكر
سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة المجلد الثالث
.............................. ........ وأما الطرق التي وجدتها فية ,,فهي ,,,,,,,,,
قال ابن جرير حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل حدثنا هشام بن يوسف عن أمية بن شبل عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي عن موسى عليه السلام على المنبر، قال: وقع في نفس موسى عليه السلام هل ينام الله عز وجل؟ فأرسل الله إليه ملكا فأرقه ثلاثا، ثم أعطاه قارورتين، في كل يد قارورة، وأمره أن يحتفظ بهما، قال: فجعل ينام وكادت يداه تلتقيان فيستيقظ فيحبس إحداهما على الأخرى حتى نام نومة فاصطفقت يداه فانكسرت القارورتان قال: ضرب الله له مثلا أن لو كان ينام لم تستمسك السماء والأرض. وهذا حديث غريب رفعه والأشبه أن يكون موقوفا، وأن يكون أصله إسرائيليا.
ورد فى تفسير الطبرى:
حدثنا الحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, قال: وأخبرني الحكم بن أبان, عن عكرمة مولى ابن عباس في قوله: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} أن موسى سأل الملائكة: هل ينام الله؟ فأوحى الله إلى الملائكة, وأمرهم أن يؤرّقوه ثلاثا فلا يتركوه ينام. ففعلوا, ثم أعطوه قارورتين فأمسكوه, ثم تركوه وحذروه أن يكسرهما. قال: فجعل ينعس وهما في يديه, في كل يد واحدة. قال: فجعل ينعس وينتبه, وينعس وينتبه, حتى نعس نعسة, فضرب بإحداهما الأخرى فكسرهما. قال معمر: إنما هو مثل ضربه الله, يقول: فكذلك السموات والأرض في يديه.
حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل, قال: حدثنا هشام بن يوسف, عن أمية بن شبل, عن الحكم بن أبان, عن عكرمة, عن أبي هريرة, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي عن موسى صلى الله عليه وسلم على المنبر, قال: «وَقَعَ فِي نَفْسِ مُوسَى هَلْ يَنامُ اللّهُ تَعالى ذِكْرُهُ؟ فأرْسَلَ اللّهُ إلَيْهِ مَلَكا فَأرّقَهُ ثَلاثا, ثُمّ أعْطَاهُ قارُورَتَيْنِ, فِي كُلّ يَدٍ قارُورَةٌ, وأمَرَهُ أنْ يَحْتَفِظَ بِهما» قال: «فَجَعَلَ يَنامُ وَتَكادُ يَدَاهُ تَلْتَقِيَانِ, ثُمّ يَسْتَيْقِظُ فَيَحْبِسُ إحْدَاهُمَا عَنِ الأُخْرَى,
(يُتْبَعُ)
(/)
ثُمّ نَامَ نَوْمَةً فَاصْطَفَقَتْ يَدَاهُ وَانْكَسَرَتِ القارُورَتَانِ». قال: ضرب الله مثلاً له, أن الله لو كان ينام لم تستمسك السماء والأرض
ورد فى الدر المنثور للسيوطى:
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس. أن بني إسرائيل قالوا: يا موسى هل ينام ربك؟ قال: اتقوا لله. فناداه ربه: يا موسى سألوك هل ينام ربك، فخذ زجاجتين في يديك فقم الليل، ففعل موسى فلما ذهب من الليل ثلث نعس فوقع لركبتيه ثم انتعش فضبطهما، حتى إذا كان آخر الليل نعس فسقطت الزجاجتان فانكسرتا، فقال: يا موسى لو كنت أنام لسقطت السموات والأرض فهلكن كما هلكت الزجاجتان في يديك، وأنزل الله على نبيه آية الكرسي.
ورد فى تفسير ابن كثير:
وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر, أخبرني الحكم بن أبان, عن عكرمة مولى ابن عباس في قوله {لا تأخذه سنة ولا نوم} أن موسى عليه السلام سأل الملائكة: هل ينام الله عز وجل؟ فأوحى الله تعالى إلى الملائكة وأمرهم أن يؤرقوه ثلاثاً, فلا يتركوه ينام, ففعلوا, ثم أعطوه قارورتين فأمسكهما, ثم تركوه وحذروه أن يكسرهما, قال: فجعل ينعس وهما في يده, وفي كل يد واحدة, قال: فجعل ينعس وينبه, وينعس وينبه, حتى نعس نعسة, فضرب إحداهما بالأخرى فكسرهما, قال معمر: إنما هو مثل ضربه الله عز وجل, يقول فكذلك السموات والأرض في يده, وهكذا رواه ابن جرير, عن الحسن بن يحيى, عن عبد الرزاق فذكره, وهو من أخبار بني إسرائيل,
وهو مما يعلم أن موسى عليه السلام لا يخفى عليه مثل هذا من أمر الله عز وجل, وأنه منزه عنه
وأغرب من هذا كله الحديث الذي رواه ابن جرير: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل. حدثنا هشام بن يوسف, عن أمية بن شبل, عن الحكم بن أبان, عن عكرمة, عن أبي عكرمة عن أبي هريرة, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي عن موسى عليه السلام على المنبر, قال «وقع في نفس موسى: هل ينام الله؟ فأرسل إليه ملكاً فأرقه ثلاثاً, ثم أعطاه قارورتين في كل يد قارورة, وأمره أن يحتفظ بهما قال: فجعل ينام, وكادت يداه تلتقيان, فيستيقظ فيحبس إحداهما على الأخرى, حتى نام نومة, فاصطفقت يداه, فانكسرت القارورتان, ـ قال ـ ضرب الله عز وجل مثلاً, أن الله لو كان ينام لم تستمسك السماء والأرض»
وهذا حديث غريب جداً, والأظهر أنه إسرائيلي لا مرفوع, والله أعلم.
ورد فى تفسير القرطبى:
قلت: والناس يذكرون في هذا الباب عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي عن موسى على المنبر قال: (وقع في نفس موسى هل ينام الله جل ثناؤه فأرسل الله إليه ملكا فأرقه ثلاثا ثم أعطاه قارورتين في كله يد قارورة وأمره أن يحتفظ بهما قال فجعل ينام وتكاد يداه تلتقيان ثم يستيقظ فينحي أحديهما عن الأخرى حتى نام نومة فاصطفقت يداه فانكسرت القارورتان - قال - ضرب الله له مثلا أن لو كان ينام لم تمتسك السماء والأرض)
ولا يصح هذا الحديث، ضعفه غير واحد منهم البيهقي ...
لهلها فائدة لي وللقارء ... شكراً على التعاون ...(/)
سماع الحسن من ابي هريرة
ـ[ابن رجب]ــــــــ[05 - Dec-2007, صباحاً 11:08]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل سمع الحسن من أبي هريرة؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[05 - Dec-2007, مساء 01:14]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي الكريم ابن رجب بارك الله فيك ...
نفى جماعة من الائمه سماعه منه قال الحافظ ابن حجر في التهذيب بعد ان ذكر ذلك
ووقع في سنن النسائي من طريق أيوب عن الحسن عن أبي هريرة في المختلعات قال الحسن لم أسمع من أبي هريرة غير هذا الحديث أخرجه عن إسحاق بن راهويه عن المغيرة ابن سلمة عن وهيب عن أيوب وهذا إسناد لا مطعن من احد في رواته وهو يؤيد انه سمع من أبي هريرة في الجملة وقصته في هذا شبيهة بقصته في سمرة سواء والله اعلم ...
ـ[أبو معاذ اليمني]ــــــــ[05 - Dec-2007, مساء 01:42]ـ
الأخ الكريم ابن رجب وفقه الله ويسر أمره
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته
سماع الحسن - رحمه الله تعالى - من أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - مختلف فيه؛ ولذا قال الحاكم بعد روايته: " قد اختلف أئمتنا في سماع الحسن عن أبي هريرة، فإن صح سماعه منه فهذا الحديث الصحيح " اهـ حديث [أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليأتين على الناس زمان لا يبقى فيه أحد إلا أكل الربا، فإن لم يأكله أصابه من غباره)]،
والذهبي يرى سماع الحسن لهذا الحديث من أبي هريرة، حيث قال: " سماع الحسن من أبي هريرة بهذا صحيح " انظر التخليص (2162) وتبع الذهبي في تصحيح الحديث السيوطي في الجامع الصغير فرمز له بالصحة 2/ 444 والظاهر أن الألباني - رحمه الله - لا يرى سماع الحسن هذا الحديث من أبي هريرة ولذا ضعفه في ضعيف الجامع.
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[05 - Dec-2007, مساء 01:48]ـ
سلامٌ عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أمَّا بعد،
فإن كنت أقصرت الخطبة، فقد أعرضت المسألة:
وإليك هذه المراجع:
1 - التابعون الثقات المتكلم في سماعهم من الصحابة (جمع ودراسة: مبارك بن سيف الهاجري، وهي رسالته المقدمة لنيل درجة الماجستير) مكتبة ابن القيم بالكويت 1425هـ، باب24/ 33 الكلام في سماع الحسن من أبي هريرة رضي الله عنه، ص 363 - ص387
2 - جامع التحصيل في أحكام المراسيل للحافظ صلاح الدين العلائي، بتحقيق / حمدي عبد المجيد السلفي، عالم الكتب 1426هـ، الطبعة 3، ترجمة الحسن بن أبي الحسن البصري (ت135)، ص162 - 166
3 - تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل (صنفه ولي الدين أبو زرعة العراقي، ط دار الخانجي 1420هـ، بتحقيق د/ رفعت فوزي وآخرين) الترجمة 178، ص 82 - 84
قال الشيخ مبارك، حفظه الله تعالى: (ص387)
{والخلاصة .. أن الحسن البصري أدرك أبا هريرة رضي الله عنه، ولكن جماعة - خاصةً أصحاب الحسن الثقات - نفوا سماعهم منه وجزم بعضهم أنه لم يره، وتبعهم على هذا أكثر الحفَّاظ النقاد، وخالفهم بعض أهل العلم فأثبتوا سماع الحسن من أبي هريرة، وقول من نفاه أشبه، لأنَّ معتمدهم في ذلك على أصحاب الحسن الثقات، وهم أعرفُ به من غيرهم، والله أعلم بالصواب}
وجديرٌ بالذكر أن الشيخ مباركاً - حفظه الله - قد أشار إلى اختلاف نسخ النسائي التي ورد فيها كلامُ الحسن (أعني الذي ذكره أخونا الفاضل أبو محمد الغامدي) ص378 - 379
ومما ذكر أن نسخة علاء الدين مغلطاي قال: وفي بعض نسخ النسائي، قال الحسن: لم أسمعه من أبي هريرة (وعزاه إلى إكمال تهذيب الكمال (2/ق 153أ))
وذكر أيضا أن ابن حزم ساقه في المحلى (11/ 586 بتحقيق زيدان أبو المكارم حسن، مكتبة الجمهورية العربية 1387هـ)، لكن جاء في آخره: (قال الحسن: لم أسمعه من أبي هريرة) وذكر أن ابن حزم قال: فسقط بقول الحسن أن نحتج بذلك الخبر
قال الشيخ مبارك، حفظه الله، ص379
{فإن كانت هذه النسخة هي أصح النسخ [قلت: الضمير عائد على النسخة التي وقعت لابن حجر] فهذا نصٌ صريحٌ من الحسن نفسه تفيدُ أن روايته عن أبي هريرة مرسلة، فلا يلتفتُ إلى من ذكر فيها السماع، سوى في هذا الحديث فحسب،
وإن كانت النسخة السابقة هي الأصح، ففيها نصٌّ من الحسن أنه لم يسمع هذا الحديث من أبي هريرة، ولا يلزم من هذا أن رواياته الأخرى على السماع}
وأنا أذهب إلى ما ذهب إليه الشيخ مبارك الهاجري حفظه الله تعالى، ولا يفوتَنَّك كتابه هذا،
والله تعالى أجلُّ وأعلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل سمع الحسن من أبي هريرة؟
ـ[إبراهام الأبياري]ــــــــ[05 - Dec-2007, مساء 04:34]ـ
جزى الله خيرا أخانا أبا مريم، وبارك فيه.
أظهر كذبة على النبي صلى الله عليه وسلم:
نقل الذهبي في ترجمة أحمد بن عبدالله بن خالد الجويباري قول الحاكم:
اختلف الناس في سماع الحسن من أبى هريرة، فحكي لنا أنه ذكر ذلك بين يدي الجويباري، فروى حديثا مسندا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
سمع الحسن من أبى هريرة!!!
ميزان الاعتدال (1/ 108).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن رجب]ــــــــ[05 - Dec-2007, مساء 08:27]ـ
أقول وبالله التوفيق: نعم إن هذا يؤيد عدم سماع الحسن من أبي هريرة؛ لأن النقاد عرفوا الأسانيد وعاينوا الأصول وعرفوا مرويات الرجال، فكم من أسانيد ظاهرها الصحة بالنسبة لنا قد أعلوها وبينوا الإنقطاع فيها لما خصهم الله تعالى بهذا العلم.قال الحافظ ابن رجب: (حذاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم للحديث،ومعرفتهم بالرجال وأحاديث كل واحد منهم لهم فهم خاص يفهمون به) 2/ 756 شرح العلل
واعلم بارك الله تعالى فيك أن التصريح بالسماع شرط في اتصال السند
بل إن كثرة كلام النقاد فيه تشعر بالإجماع، وفي هذا يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي في سياق ذكر اشتراط السماع في الحديث: (واعتبار السماع لاتصال الحديث هو الذي ذكره ابن عبد البر وحكاه عن العلماء، وقوة كلامه تشعر بأنه إجماع منهم. (1/ 368) شرح العلل
ولكن هذا الشرط ليس على إطلاقه؛ لأنك تجد أحياناالنقاد يردون بعض الروايات التي صرح فيها الراوي بالسماع؛ وذلك لملكتهم النقدية، قال ابن رجب: كان أحمد يستنكر دخول التحديث في كثير من الأسانيد ويقول: هو خطأ، يعني ذكر السماع). (1/ 369) شرح العلل
وقال ابن عبد البر: (إنه لا اعتبار بالحروف والألفاظ وإنما هو باللقاء والمجالسة والسماع) مقدمة التمهيد
وقال ابن رجب: (فينبغي التفطن لهذه الأمور ولايغتر بمجرد ذكر السماع والتحديث في الأسانيد، فقد ذكر ابن المديني أن شعبة وجدوا له غير
شيئ يذكر فيه الإخبار عن شيوخه ويكون منقطعا) 1/ 370 شرح العلل
فتعليل أبي زرعة واحمد وايوب واضح في عدم سماع الحسن، ولا غرابة من رواية أيوب لهذه الرواية، فكم من روايات فيها أخطاء رواها النقاد لأغراض علمية.
والله أعلم
جمهور النقاد مجمعون على عدم سماع الحسن من أبي هريرة، حتى النسائي نفسه لم يعتد بالرواية المتقدمة،
وجدت في السنن الكبرى للنسائي:
(والحسن لم يسمع من أبي هريرة أو لم يسمعه من أبي هريرة. قال أبو عبدالرحمن أنا أشك).
طبعة: مؤسسة الرسالة 1/ 152 - رقم الحديث 196 - باب وجوب الغسل إذا التقى الختانان- طرف الحديث للبحث في الفهارس: إذا قعد بين شعبها الأربع ....
وقد نفى جماعة سماع الحسن البصري من أبي هريرة مطلقا، وهم أصحاب: يونس بن عبيد وعلي بن زيد بن جدعان وأيوب السختياني، وزياد الأعلم.
وكذلك: بهز بن أسد ويحيى بن معين وعلي بن المديني وأحمد بن حنبل وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان ومحمد بن يحيى الذهلي والترمذي والنسائي وأبو حاتم بن حبان والدارقطني.
لم يرو البخاري للحسن عن أبي هريرة إلا ماتبعة. ولم يرو مسلم له عنه شيئاً.
قال الترمذي بعد الأحاديث 2305 و 2425 و 2703 و 2889: أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة. وعزاه: لأيوب السختياني ويونس بن عبيد وعلي بن زيد
منقول.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[05 - Dec-2007, مساء 09:17]ـ
بارك الله فيكم.
للشيخ د. إبراهيم اللاحم كلامٌ نفيسٌ في هذه المسألة، في الاتصال والانقطاع (ص89 - 92)، وفيه تنبيهاتٌ مهمة.
وكأن الشيخ مال إلى أن الكلمة المنسوبة إلى الحسن إنما هي للنسائي، وهذا ظاهرٌ جدًّا في نقل المزي إياها -في التحفة (9/ 319) -، قال: (قال النسائي: " الحسن لم يسمع من أبي هريرة شيئًا، ومع هذا إنّي لم أسمع هذا إلا من حديث أبي هريرة ").
قال الشيخ إبراهيم: " وقد روى هذا الحديث عفان بن مسلم، وعبد الأعلى بن حماد، عن وهيب به، وليس في روايتهما قول الحسن أصلاً، مما يرجح أن العبارة كلها من كلام النسائي ".
هذا،
وقد وقع خلافٌ عن الحسن في هذا الحديث:
1 - فإنه رواه أيوب عن الحسن عن أبي هريرة، ولم أجد من رواه كذلك غير أيوب، إلا ما أخرجه الدارقطني في العلل (10/ 267) من طريق الحسن بن محمد الزعفراني، عن عفان، عن وهيب، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أبي هريرة.
وهذا فيه إشكالان:
فإن الدارقطني حكى رواية عفان قبل إسنادها، فذكر: عفان، عن وهيب، عن أيوب.
فيحتمل أن الإسناد موافقٌ لحكاية الدارقطني، وأن الذي فيه: أيوب، لا: يونس.
وإن لم يصح هذا، فهذه الرواية معلولة، فإن أحمد أخرجه في المسند عن عفان، عن وهيب، عن أيوب به، وأحمد أقوى من الحسن الزعفراني، وروايته أرجح.
وقد علّق الدارقطني في العلل (10/ 267) رواية حماد بن سلمة عن يونس، فجعلها عنه عن الحسن مرسلاً.
(يُتْبَعُ)
(/)