ـ[أرشيف منتدى الفصيح - 3]ـ
تم تحميله في: المحرم 1432 هـ = ديسمبر 2010 م
هذا الجزء يضم:
• النَّقْد والأَدَب المُقارن
• الأَدَب
• العَرُوض وعُلُوم الشِّعْرِ
• المُنْتَدى اللُّغَويُّ
• الترجمة إلى العربية
• الإبْداعِ
• دورة كتابة أشهر فنون النثر الأدبي
• منتدى هِتاف والمَواد الصَّوْتِيَّةِ
• الاقْتِراحات والتَّطْوِير
• ملف اللغة العربية لبرنامج المنتديات
ملاحظة: [تجد رابط الموضوع الذي تتصفحه، أسفل يسار شاشة عرض الكتاب، إذا ضغطت على الرابط ينقلك للموضوع على الإنترنت لتطالع ما قد يكون جد فيه من مشاركات بعد تاريخ تحميل الأرشيف .. ويمكنك إضافة ما تختاره منها لخانة التعليق في هذا الكتاب الإلكتروني إن أردت]
رابط الموقع: http://www.alfaseeh.com(/)
النَّقْد والأَدَب المُقارن(/)
الرأي الآخر .. (مداخلة نقدية على شعر حفيظ الدوسري)
ـ[سعد النفيسة]ــــــــ[14 - 09 - 2002, 12:56 م]ـ
لم أكن مندفعا للكتابة عن الشاعر حفيظ بن عجب الدوسري، إلا أني وجدت نفسي أكتب حين علمت أنَّ هذا الشاعر يمثل شعراءنا في المحافل خارج المملكة، وله ستة عشر ديوانا مهاجرا اطلعت على أغلبها، وعلى بعض الكتب التي ألفها عنه بعض المعجبين به، وما دام أنَّ هؤلاء أظهروا احتفاءهم بإبداع الشاعر حفيظ فإنَّ لغيرهم الحق في إظهار ملاحظاتهم والتي لا تخدم إلا لغة الضاد، والرقي بآدابها إلى المأمول، ولن أطيل فما سيأتي كفيل بإيصال ما أريد؛ ففي أحد دواوين الشاعر الحديثة والذي يحمل عنوان: (سدرة الحرف) يقول متعللا بأن الشاعر يتطور:
((بين طين الماء من ماء وطينْ
نبتت سدرة حرفي
شمخت سدرة حرفي
أثمرت صدق اليقين
وهي من ماء وطينْ)) هذه قصيدة كاملة!! والسطر الأول منها محاولة هشة لخلق نوع من المفارقة والتضاد، وهذا الكلام بريء من المعنى الذي هو لب القصيدة،
وإليك من أمثاله قوله:
((الحرف والسدرة والأوراق
والقلم المعاق
والماء والحبر الذي تشربه الأوراق
وحسرة الساق الذي ينمو بلا رفاق))، والشاعر بهذا الرمز يجعلني أذكره بأن الكلام الذي لا يفهم ليس بشعر؛ لأنَّ شاعرنا الحبيب حفيظ هو من قال:
غرابة الشعر ليست كل غايته"=" ففي الوضوح جمال زانه السفر
أما كلمة (المعاق) فخطأ لغوي، والصحيح (معوق) بفتح ثم ضم.
قارئي الكريم وتأمل معي هذا الخطأ المعنوي:
مواسم الفرْح في أشعارنا غبرَت "=" فالوزن يجلد في أعماقنا السأما
فهو يقصد بالوزن أفاعيل الخليل العمودية وهو قد سئمها؛ لذلك كان ينبغي أن يستبدل (يبعث) بـ (يجلد)،وفي قصيدة أخرى يقول:
((ومهما كادنا الأحباب والأغراب لا نخشى من الغرق)) أما الأحباب فلن يكيدوا، و (الأغراب) لا تعني الأعداء.
واقرأ هذه المقطوعة معي بقليل من التأمل حيث يقول:
((زمن البسيط إلى المديد صدى نغم
ومن الطويل إلى الطويل نبا نغم
ومن الخليل إلى الخليل شفى نغم
أواه يا لحن العدم
أواه يا لحن العدم)) وأنا أدعو شاعرنا حفيظ لشيء من الروية في نشر مثل هذه الكلام.
والطباق ذلك اللون البلاغي الجميل لا يكون كذلك إلا إذا أضاف جمالا ولم يؤثر على المعنى على الأقل إذا لم يخدمه؛ ولهذا ليس جميلا قوله:
وأغرب في شمس الشروق فتختفي "="ينابيع حبي في مقاصير غربتي
وأسأل ريح الأمس عن فرحها غدا "=" فتلمع في نفسي بقايا مسرتي
والسريالية تعطي إيحاء صعبا تفسيره وتذهب بالنفس كل مذهب، لكنها إن استخدمت لذاتها لا لشيء آخر فذلك يعني أنها فقدت جمالها الخليق بها، كما أني لم أجد في اللسان (فرح) -بسكون الراء - ومع هذا فقد وردت عند حفيظ غير مرة، ومثلها كلمة (القهر) في البيت الآتي حيث حرك القاف وليست في لسان العرب:
أمامها كل ما في الأرض من متع "=" وخلفها النار والأخطار والقهر
ولو أننا تتبعنا شعره وقرأناه كما هو مكتوب؛ لوجدنا أخطاء لغوية وأخرى عروضية وإملائية، ولن نقول: إنها كلها أخطاء مطبعية، لأن على الشاعر أو الكاتب أن ينظر إلى إنتاجه قبل انتشاره لأن " من ألف فقد استهدف "، أو ينوه إلى ذلك بكل سبيل متاح والشاعر يملك أفضل السبل أفضلها وأوسعها انتشارا، ألا وهو موقعه على الشبكة العنكبوتية، فمن هذه الأخطاء قوله:
((وتصيح ناركم
تحور إلى رماد
فأوقدها بالسداد)) هكذا كتبت!! ومهما فعلنا من تحريك وتسكين فلن يستقيم الوزن إلا بتنوين (رماد) وحذف الفاء التي في (فأوقدوها)، وفي قوله:
((نمنا بأخبية الأرانب ميتين
أو مرهقين ومتعبين
مكممين محجبين)) أيضاً .. هكذا كتبت!! ولست أشير إلى الوزن، ولكن هذا خلل في البناء، إذ كيف يستبدل الإرهاق بالموت وهو أقل منه؟!.
كما أنه خليق بالمرء أن يكون ممحصا، لا يلقي الكلام على عواهنه، فقد قال شاعرنا دون تمحيص لما قال:
((وعاد البرامكة المترفونَ
وهارون عاد
وعاد الرشيدُ
وعاد الإماء)) عن أي شيء أتحدث؟ أعن البرامكة المظلومين، وهم من هم في الكرم؟! أم عن هارون؟ أم عن الرشيد؟ وجميعنا يعرف أن الرشيد لقب لهارون وهو الخليفة الذي كان يلقب عصره بالذهبي، وكان يحج سنة ويغزو سنة!!
(يُتْبَعُ)
(/)
لن أتحدث عن كل ما أراه في هذا الديوان، ولكن لا بد مما ليس منه بد، وسأستعرض على عجل قوله متغزلا:
تختال، تختال، أو تنهال غاضبةً "=" علي بالسوط أحيانا وتستتر
هل يتغزل بالحجاج، أم بصدام حسين، أم بشارون؟! لا أعلم لكن الذي أعلمه أن الغزل لا يحتمل هذه القسوة.
تعتز تهتز أو تحتز في صلف "=" رأس الشموخ فتعلو ثم تنتحر
هذا جناس متكلف!! وأما (تعلو ثم تنتحر)!! فلا يستساغ في شعر الرقة والجمال!!
وهذه القصيدة التي أوردت بعضا من أبياتها وعنوانها (الفاتنة) لم تتحقق فيها الوحدة الموضوعية قيد أنملة ولن أعلق على هذا المقطع:
((واختفى النصر
فقلنا: هل لنصر القوم يوماً
من حقيقة
أو شقيق أو شقيقة
أو له حتى ولو
بعض رفيقة؟))
وأما قوله:
((سقط الناس حبالى في وجوه الأحجياتْ
فرحوا تسعة أشهرْ
غضبوا تسعة أشهرْ
فكروا تسعة أشهرْ
وضعوا بعض البنات
وأعادوا الأحجيات))
فقد حمل الشاعر عناء التفسير عنا وشرحه هو بنفسه في قوله:
تمرّ غمامة موت المعاني على حرفنا كبقاء القدر
وفي قصيدة (الثور البريء) نجد أن تشكيلها بكاملها كشف لنا من الديوان ما يجعلنا نعتب ونستغرب من نشر الشاعر هذا الديوان.
والأعجب من ذلك أن ناقدا ما كتب عن هذا الديوان قراءة نقدية في ثلاثين صفحة بعنوان (افتتان بين يدي ديوان سدرة الحرف) جعل من الشاعر حفيظ الدوسري أسطورة ينحني عندها (أبولو) وحمل النصوص ما لا تحتمل، واستشهد بقول لوتشي (شاعر صيني)، وحشد كما مفزعا من المصطلحات؛ ليوهم القارئ أنه أمام ناقد يُحسب له ألف حساب، فالناقد يقول: ((هكذا عزيزي القارئ تبدأ قصائد ديوان سدرة الحرف وتسلمك إحداها إلى الأخرى في انسيابية ساحرة))!! هذا من إيهامه ثم كتب هذا الناقد عن شاعرنا: ((أما عن الإيقاع عنده فإنك تلاحظه من خلال وحدات تذبذب بانتظام في الجملة الشعرية، مما يجعل الأذن تتلقى انطباعا بانتظام صوتي يكفي لكي تهتز طربا له واسمع مثلا قوله: تختال تختال أو تنهال غاضبة)) كما قال " وأنا أنقلها بعلاتها " (1): ((إلا أن القافية الغالبة عند شاعرنا غالبا ما تقنع بوظيفتها الصوتية وبتقوية البحر خصوصا في قصائده العمودية والتي هي جل أعماله " مع أنه ليس في هذا الديوان إلا ثلاث عموديات والباقي من التفعيلة " وذلك أمر طبيعي حيث شاعرنا من هؤلاء الشعراء ... وهي سمة الشعراء المنشدون " برفع المنشدون ")) ا. هـ ..
وما يدل على الاضطراب في فهم الشاعرية ما ورد في كتاب (المناهل الأثيرة في شعر نابغة الجزيرة) وهو كتاب ألف عن الشاعر حفيظ: ((ومن الألقاب التي وسم بها الشاعر الخطيب؛ لأنه جمع بين قرض الشعر وفن الخطابة، إلا أنه حينما يسأل عن أيهما أحب إلى نفسه فإنه يفضل (الخطيب الشاعر) ... ))!!
والشاعر الكريم حفيظ له قصائد جميلة كغيره لكن الأجمل منها أن يجد مثل هذا الرأي المعاكس متسعا في صدر الشاعر ليسهم هو وإخوانه من الشعراء في دفع مسيرة الأدب الإسلامي.
والله من وراء القصد.
ـ[أديب]ــــــــ[19 - 09 - 2002, 12:18 ص]ـ
أوافق كل حرف سطرته يمينك .. ولي عودة قريبة على هذا الموضوع.
ـ[سعد النفيسة]ــــــــ[19 - 09 - 2002, 02:50 م]ـ
شكرا لك يا أديب ..
مع رجائي بأن تكون عودتك قريبة ..
ـ[سعد النفيسة]ــــــــ[21 - 09 - 2002, 10:55 م]ـ
قد يكون في هذا النقد قسوة، لكننا نحمل للشاعر من الود وصدق المحبة ما يجعله يتقبل هذا النقد القاسي بصدر رحب وهذا من ثقته بشاعريته أولا وبضرورة النقد ثانيا؛ إذ لا يمكن أن يكون هذا النقد خاطئا كله ..
ومثل هذا النقد الذي بدت قسوته يتيح للشاعر ولغيره المجال في الرد بنفس الأسلوب داخل إطار الأدب العام - ما دام مقتنعا بما كتب - ..
بكل اختصار ..
يجب أن نتعامل مع النص بعيدا عن قائله، لأن الاسم والشهرة قد تحجب كثيرا من الحقائق ..
(أظن القارئ الكريم يعي ما أقصده ولا يفهم سوءا أني أؤمن بنظرية موت المؤلف)
والله من وراء القصد.
ـ[أديب]ــــــــ[27 - 09 - 2002, 07:26 م]ـ
أعتذر عن تأخري فقد صرفتني صوارف ...
أقول وبالله التوفيق:
لقد قرأت دواوين حفيظ فلم أجد شعراً، ربما سقط الشعر سهواً، فأدوات الشعر غير مكتملة، فلا تخلو صفحة من خطأ نحوي أو أسلوبي، أما أخطاء الوزن والخروج على قوافي الخليل فحدث ولا حرج ..
انظر إلى قوله:
سل عن جدودي الكرم .... تجدهموا هل الكرم
وسلهم عن المجد الحمى .... يجبك في الإسلام تم
هل هذا شعر أم شعير؟
وانظر إلى قوله:
حتى الغراب بصبحاء صار يعجبني .... فصرت أحلم يقظانا وفي حلمِ
ما هذا الترابط العجيب؟
وهناك من رفع المنصوب وجر المرفوع ما يهتز لها الرواسي، ولا أريد أن أفسد أذواقكم بسرد ذلك الغثاء.
إن المشكلة ليست في نشر مثل هذه الدواوين، فالشاعر له أن يقول ما يشاء وينشر ما يشاء، ولا يحق لأحد ن يحجر على أحد مشاعره وخواطره حتى لو كانت خواطر حمار، لكن المشكلة الكبرى أن يحسب هذا الشاعر على الأدب الإسلامي، وأن يُعدَّ أنموذجا من الأباء الإسلاميين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سعد النفيسة]ــــــــ[28 - 09 - 2002, 11:41 م]ـ
شكرا على التعقيب ..
ومزيدا من التواصل المثمر ..
ـ[ربيعة الرأي]ــــــــ[27 - 10 - 2002, 12:30 ص]ـ
عن النقد «النفعي» ومسائل أخرى
دراسة اصطناعية عن شعر الحميدين .. و «نابغة الجزيرة» ضحية «نصب نقدي» سكندري
عبدالله السمطي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هذا عنوان مقال الكاتب في جريدة الجزيرة .... وإليك كامل المقال ...
نابغة الجزيرة
من مواليد مدينة الخرج بمنطقة الرياض سنة 1392هـ اي ان عمره بالتقويم الهجري 31 سنة، وبالميلادي 30 عاماً تقريبا.
ربما يكون شاعرا مغمورا، غير معروف للمتابعين والمهتمين بحركة الشعر الراهن. انه شاعر يُدعى «حفيظ الدوسري».
ومع ان الشاعر الموهوب، يفرض شاعريته عبر نصوصه، وتتبدى هذه الشاعرية من قصيدة لأخرى، ومن ديوان لديوان، فان «حفيظ الدوسري» يمثِّل ظاهرة سلبية على ولادة شاعر وقع في براثن كتابات غير حقيقية، وفي أفخاخ نفوس مريضة نقديا ومعنويا.
إنها ظاهرة يعاني منها الأدب السعودي في السنوات الاخيرة، وهي تطفُّل المدَّعين، والموهومين بأنهم نقاد، ودارسون، فيقيمون هذا الأدب لا بما فيه فنيا وجماليا، بل بما يمكن ان ينجم عنه ماديا ونفعياً.
ان الشاعر - وللتذكير هو من مواليد 1392هـ - أُلِّفت عن تجربته الشعرية «غير المعروفة» ستة كتب نقدية، كتبها نقاد من مدينة الاسكندرية في مصر، والكتب تحمل العناوين التالية:
1 - قراءة غير عادية في تجربة حفيظ الدوسري الابداعية من تأليف: محمود عبدالصمد زكريا.
2 - براءة الضد الجميل «قراءة في ديوان أغاريد العذاب للشاعر حفيظ الدوسري» من تأليف: محمود عبدالصمد زكريا إيضا.
3 - إطلالة على الملامح الفكرية في شعر حفيظ الدوسري. من تأليف: إبراهيم عباس غانم.
4 - المناهل الأثيرة في شعر نابغة الجزيرة. للدكتور. عبدالحق مبسط.
5 - النزارية المعكوسة من تأليف د. عبدالحق مبسط.
6 - أسلبة الرؤية من تأليف د. عبدالحق مبسط ايضا.
ولعل شاعراً يثير هذا الاهتمام النقدي ويؤلَّف عنه «6» كتب مرة واحدة، يجعل من لقب «نابغة الجزيرة» اسما على مسمى. ويجعل الساحة الأدبية السعودية مشغولة بأعماله الشعرية البالغة 15 ديوانا شعريا منها: شوارد البيان، لحظات ندم، انا وليلى، سرطان العصر، ليل الغربة، ضياع دار، أغاريد العذاب، سدرة الحرف وغيرها من الدواوين التي انتجها الشاعر في فترة وجيزة لا تتعدى السنوات الخمس.
الشاعر مكثر شعريا، (اصدر اعماله الشعرية الكاملة مؤخراً) وبالتالي لا نستغرب هذه الكتب الستة المؤلفة عنه ولا نستغرب وسمه ب «نابغة الجزيرة» ولا نندهش لتأسيسه داراً للنشر بالاسكندرية بعنوان «منشورات حفيظ الدوسري» ولا نعجب لتقليده للشاعر نزار قباني.
الشاعر «نابغة الجزيرة» ربما كتب شعراً بحسن نية، وربما فتح المجال واسعاً لكي يكتب له آخرون شعراً ونثراً، كما نجد في ديوانه الصادر في العام 2001م بعنوان «مياه الرهبة» فمن يقرأ قصائده لا يصدق ان من كتبه هو حفيظ الدوسري الذي كان ينشر شعره منذ سنوات قلائل في «بريد القراء» بالصحف والمجلات.
ان الدوسري الذي أُلِّف عنه «6» كتب، وهو ما لم يحدث مع اكبر الشعراء المعاصرين بالسعودية، وقع ضحية عملية «نصب نقدي»، فالكتب الستة لنقاد غير معروفين، وتحمل الكثير من الدجل النقدي. والكتاب الذي بين ايدينا «المناهل الاثيرة في شعر نابغة الجزيرة» هو نموذج فادح على هذا «النصب النقدي».
لن نتعرض لما جاء في الكتاب الآن، او لشعر حفيظ الدوسري المتواضع .. ونرجىء ذلك لمناسبات قادمة .. وحسبنا أننا وضعنا حيال القارئ هذه المعلومات التي تشكِّل إطاراً ما لنقد نفعي اخذ يستشري حول حركة الأدب السعودي في السنوات الاخيرة.
وهذا رابط الموضوع في جريدة الجزيرة ...
http://search.suhuf.net.sa/cgi-bin/search/open_doc.cgi?dt=2002-10-24&action=view&doit=1&split=true&pics=1&svalue=100&page=d:\archive\2002jaz\oct\24\cu6.htm&keyword= حفيظ%20الدوسري& dt=2002-10-24&action=view&doit=1&split=true&pics=1&svalue=100
ـ[ابن هشام]ــــــــ[16 - 01 - 2003, 01:08 م]ـ
أخي الكريم سعد النفيسة وفقه الله وبقية الإخوة
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد أثرت لدي شجناً!! وهجتَ لي حزناً. ذات يوم كنت في مجلس أدبي مع بعض الإخوة وكنت أروي لهم بعضاً من الشعر القديم والحديث - وأنا ولله الحمد من المحبين لحفظ الشعر على ركاكة ذهني - فسألني أحدهم عن الشاعر حفيظ الدوسري ولم أكن قد سمعت به من قبل، والكلام هذا قبل أقل من سنة تقريباً. فقلت: لا أعرفه. فسخر مني وقال: الناس يقولون أنك الأصمعي ولا تعرفه وهو نابغة الجزيرة!! فضحكت منه بقولي: أنا لا أعرف إلا علامة الجزيرة حمد الجاسر. ثم قلت: يا أخي الكريم عدم معرفتي له لا تضره وأنا نكرة لا يعرفني أحد وما في جهلي به عيب عليه ولا علي. ولكن حدثنا عنه أنت وأرو لنا من شعره ما يحملنا على البحث عن المزيد. فقال: إن لهذا الشاعر أكثر من عشرة دواوين، وقد كتبت عنه كتب منه كتاب بعنوان نابغة الجزيرة. قلت: سأبحث عنه إن شاء الله وأعدك أن أنتقي عيون شعره وأرويها لكم في المرات القادمة إن شاء الله.
انصرفت من ذلك اللقاء وأنا في غاية السعادة لمعرفتي لهذا الشاعر النابغة، وهو دوسري من ابناء عمومتي فنحن نلتقي في جدنا الأعلى الأزد. وما لمت ذلك الشاب الذي لامني لعلملي بحسن نيته.
فلما ابتعت دواوينه والكتب التي كتبت حوله أصبت بخيبة أمل، وأخذت في العجب من حفيظ بن عجب!!
واتصلت فوراً بأحد أصحابي الأدباء الحفاظ المولعين بتتبع الأدب الجميل وسالته عنه، فضحك ضحكة طويلة ثم قال: ماذا عنه؟!
فقلت له: قد حدث كذا وكذا. فقال: قد حدث مثل ما حدث لك، ولما قرأت شعره علمت أنه إما أنه يريد هذه الشهرة المفتعلة ولم يقم بحقها من الإبداع وإما أنه قد ضحك عليه هؤلاء النقاد وأخذو مقابل ذلك مالاً.
قلت له يا شيخي الكريم، الشاعر القديم يقول:
الناس أكيس من أن يمدحوا رجلاً = ما لم يروا عنده آثار إحسان
وأنا الأمر هنا ليس كذلك.
قال: وما يدريك لعلهم وجدوا عنده آثار إحسان من نوع آخر! والله المستعان على ما آل إليه الحال.
أسأل الله أن يوفق الأخ حفيظ بن عجب الدوسري وأن ينور بصيرته وأن يرزقه الصدق والإخلاص والإبداع، ونحن نقول له ولأمثاله: لن يلومك الناس إذا سكتت عن قول الشعر. ولكن سيلومونك إذا قلت مثل هذا الشعر
شكر الله لكم يا أخي سعد
ـ[الإقليد]ــــــــ[15 - 07 - 2003, 01:35 ص]ـ
أخي
الشاعر حفيظ يقول ليس للخليل أن يحصر بحور الشعر
فبإمكاني أن أخترع بحرا ..
ما رأيكم؟!!!
ـ[د. خالد الشبل]ــــــــ[24 - 07 - 2003, 01:53 م]ـ
لا بأس
ـ[أسماء الزهراني]ــــــــ[25 - 07 - 2003, 09:53 م]ـ
يا اخوتي
لو وجد حفيظ مثل هذا النقد قبل ان يسبق اليه صناع يتخذون من النقد حرفة ما حصل كل هذا
الرجل شاعر ما اختلفنا
لكن هذه الهالة المفتعلة حجمت نموه الشعري و شجعته على ان ينشر كل ما يخطه قلمه من دون ادنى تمحيص
و انا اقول لاخوتي هنا: تواجدوا في الساحة الادبية ليخجل الأدعياء و يتواروا منها.
كم من شاعر غرر به الادعياء
و كم من شاعر تجاهلوا موهبته
ألا يستحق هذا أن تكثفوا حضور النقد الهادف المحايد المطعم بخبرات جميلة مثل ما تنم عنه تحليلات الاخ النفيسة هنا؟
بلى
بلى نحن بحاجة ليس فقط لتمييز الضعيف المنتشر، بل لإظهار الجميل المغمور، بل لإسكات وقاحة الحداثة التي ما إن تخبو إلا لتنهض من جديد في صور متعددة لها حراسها و نساكها المخلصون.
مغتبطة انا لهذا الحوار الجميل
و اتمنى ان يمتد الى منتديات اخرى بحثا عن المواهب و اخمادا لصوت المنكر و كشفا للكفر المتلبس بالشعر و القصص و الخواطر. و لن يؤثر هذا على حضوركم هنا اخوتي، بل سيمرن اقلامكم و يزيد من تألقها هنا و هناك، زكاةً للعلم و شكرا لنعمة الفهم.
ـ[نسمات الوجدان]ــــــــ[16 - 12 - 2003, 03:02 ص]ـ
رويت لي حادثة تدل على بداهة الشاعر
قيل أنه سُئل سؤالاً في أحد الأمسيات (لا أذكر السؤال) فأجاب على ذلك السؤال بقصيدة وهي من أجمل قصائده مع أنها (بدلالة الموقف) كانت ارتجالية
وهي قصيدته:
شعري حُشاشات نفسي ..... الخ
لست في موضع الدفاع هنا
بل أنا أؤيد ما قيل في بداية هذه المشاركة
ولكن فقط أحببت أن أبين أنه كغيره
عليه مآخذ ــ يسيرة ــ وله محاسن كثيرة
نسأل الله له التوفيق
ـ[السلفي]ــــــــ[16 - 12 - 2003, 03:53 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
أخي الفاضل نقدك في محله ولم تكن منك زله وإنما الشعر للنقد أو للفقد ووالله لكم تمنيت من ينقد قصيدي
ـ[انكسار]ــــــــ[19 - 12 - 2003, 09:46 م]ـ
اخي النفيسة
ها قد وضعت لكم ثلاثة نصوص هنا
فهل تشرفونا بتعليق عليها؟
حتى لا يسبق الينا غانم او عبد الرزاق فتتحول انكسار الى نابغة الشرق الاوسط
و ساعتها يكون قد سبق السيف العذل
و الدعوة مفتوحة لكل من يتذوق الشعر
ـ[عازف الشجن]ــــــــ[04 - 11 - 2009, 08:39 ص]ـ
Re: الخفافيش / حفيظ بن عجب الدوسري (التقييم: 0)
بواسطة زائر في 20 - 8 - 1423 هـ
يقول الشاعر العربي القديم:
لولا اشتعال النار في ما جاورت ... ما كان يعرف طيب نفح العودِ
لقد كنت أعرف الشيخ الشاعر حفيظ الدوسري سلمه الله خطيبا مفوها وداعية من الدعاة إلى الله تعالى المخلصين في دعوتهم و في النصح للأمة , ولم أكن أعرف أنه من الشعراء الكبار حتى قرأت بعض المقالات المغرضة التي بدأت في هذه الأيام تهاجمه وتكيل له التهم والمكائد وتصفه بالصفات التي نعلم والله براءته منها وهي تتركز في الغالب على شخصه شاعرا وتنقم عليه كتابة أهل النقد عنه وتستكثر عليه ما وصفه به النقاد من خارج البلاد وداخلها وتحسده على هذا القبول الذي أتاه الله إياه وحباه به.
بحثت عن دواوين الشاعر حتى حصلت عليها ووجدتها عند أحد الإخوة الذين حصلوا عليها من المعارض الدولية وشرعت من فوري أقرأها وأستمتع بما فيها وبدأت بديوان الشاعر الأول شوا رد البيان ثم أين ذاك العهد منا؟! ثم أنا وليلى ثم نجوم السماء ثم ليل الغربة وكان إعجابي يزداد بالشاعر من ديوان لآخر ومن قصيدة لأخرى حتى وصل الشاعر إلى قمة التحليق في ديوان أغاريد العذاب وديوان سدرة الحرف والديوان الرائع بكل ما تعنيه الكلمة من معنى قحط المحبة الذي على سعة قراءتي للأدب والشعر لم أقرأ له مثيلا في العذوبة والسلاسة والصورة المركبة وغير المركبة أو البسيطة والجمال الموسيقي في داخل القصيدة وفي أطرافها.
وزاد تعلقي بشعر الشاعر أسلوبه المتفرد عندما قرأت بل التهمت ديوانه المعاصر الأصيل مياه الرهبة والذي بدأه الشاعر بضربته القاضية في العلاقة بين المقامات الموسيقية والأوزان الشعرية أو أوزان الخليل ودخلت في الديوان من خلال القصيدة الرائعة الأم في الديوان مياه الرهبة وحلقت مع الشاعر في حلم جميل قطعه غلاف نهاية الديوان الجميل.
ولما أوشكت على إنهاء دواوين الشاعر وقع في يدي ديوان الشاعر الأقصى والشرف ورأيت فيه صدق الشاعر الإسلامي حفيظ ومدى تعلقه بهموم الأمة وقضاياها الكبرى ومدى تطوره ومعاصرته وأصالته في طرح القضية وكونه ينطلق في شاعر يته من ذاته المسلمة التي تعيش قضايا الأمة بتفاصيلها وتستشعرها في داخلها لتظهر على لسانه شعرا حزينا يحفل بهموم الأمة الإسلامية ويتقطع لحالها.
وحين قرأت قصة الشاعر الشاعرية النثرية حكاية ضياع دار أيقنت أنه مسلم أصيل مشبع بالتراث من رأسه إلى أخمص قدميه ورأيت أنه لا ينفك عن قضية الأمة الكبرى فلسطين القدس الشريف ورأيت أنه يعش هم الأمة في كل حركاته وسكناته وفي شأنه كله فشعره ونثره كله لله وإن ظهرت عنده الأنا في شعره فإنها أنا الشاعر المسلم المحمل بهموم الأمة.
و والله ما حملت القلم وكتبت هذا الذي كتبت إلا دفاعا عن هذا الشاعر الشيخ الحافظ لكتاب الله تعالى و الخطيب الإسلامي الصادق في خطبه وشعره ونثره نحسبه والله حسيبه والله من وراء القصد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فالح بن عبد لله العجمي
ـ[عازف الشجن]ــــــــ[04 - 11 - 2009, 08:40 ص]ـ
Re: الخفافيش / حفيظ بن عجب الدوسري (التقييم: 0)
بواسطة زائر في 16 - 8 - 1423 هـ
لماذا يكرهون
الشيخ الشاعر حفيظ الدوسري؟!
لماذا يدندنون حوله وحول
شعره؟! ولماذا يتهمونه بالنرجسية تارة وبالغرور أخرى؟
أليس في الساحة غيره حفظه الله؟
أين هؤلاء من العلمانيين والمنافقين وأهل الحداثة؟!!!
وأين هم من أعداء الله المتربصين؟؟!!
سلم منهم هؤلاء ولم يسلم منهم الشيخ الشاعر حفيظ المجاهد بشعره وقلمه وعلمه!!!
لقد جالسنا الشيخ حفيظ الدوسري فوجدناه مثالا للتواضع ولين الجانب ‘وحب الخير للناس جميعا ‘
وعاشرناه فعرفنا أنه لا يداهن ولا يرضى الدنية في دين الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
و والله إن بيته لمن أوسط البيوت ‘وإن ثوبه لمن أوسط الثياب ‘وما رأيناه إلا هاشا باشا في وجوه الصالحين ‘
وأسدا في محاربة الظالمين ‘ ومن أراد أن يعرف حقيقة الشيخ حفيظ فليحضر خطبه أو ليقرأ كتبه ودواوينه أو ليستمع لأشرطة المحاضرات والخطب ليرى علمه وفصاحته في ارتجاله وخشيته وتأثره بكتاب الله تعالى عند قراءته وبكاءه من خشية الله تعالى نحسبه والله حسيبه.
يقول الشيخ الشاعر حفيظ الدوسري في قصيدته هموم على ضفاف النيل:
مالي أرى كلَ السماسرة اشتروا **** زيف الحقير ومزقوا صفحاتي
ألأنَه لا زور فيه ولا زنى **** ألأنَه خالٍ من الشطحاتِ
و الله لا أدعو لغير فضيلة **** في الناس مهما كان من شهواتي
و الله لا أحيا بغير عبادةٍ **** لله في شعري وفي سكناتي
و الله لا أرضى لصوتي ذلةً **** مهما تناتفني كلاب طغاتي
وإذا يميني قصرت عن بذلها **** بذلت يساري كلَ محظياتي
ليت في الشعراء الإسلاميين مثلك كثير ولكن أهل الصدق والثبات وبذل النفس في سبيل الحق قليل فلا نامت أعين الجبناء يا شيخنا حفيظ.
والشاعر في موضع آخر من قصيدة أخرى يقول:
شعري حشاشة نفسي لا أضمنه ***** إلا الجميل إذا ما خانه الأشر
شعري تراتيل قلبي لا أرتله ***** إلا إذا ما دعته الآي والسور
ومن كان هذا طريقه وهذا منهجه وفكره لابد أن يحسده الحساد ويطعن فيه الأقران وتثور عليه الأحقاد وله في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة فقد قيل عنه ساحر وشاعر وكاهن وله في الصحابة والتابعين أسوة وقدوة وله في الأئمة من أمثال ابن تيمية وأحمد ابن حنبل وابن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى العبرة والمثال وهو الشيخ الذي درسنا الصبر وعلمنا إنكار المنكر والصبر على الأذى فاصبر يا شيخ ولا تحزن فالزبد يذهب جفاء وما ينفع الناس يمكث في الأرض (وسيعلم الذين ظلموا أيَ منقلبٍ يتقلبون)
وختاما أقول لهؤلاء الذين يتسلقون على أكتاف الشيخ الشاعر حفيظ الدوسري اتقوا الله ولا تغامروا فإنه من عباد الله الأتقياء نحسبه والله حسيبه وهو من أهل العلم والفقه في الدين ولن يغير في قول الحق ولن يهادن الطغاة ولا الظالمين
وهو يقول:
ما أجبن الأشعار إن هي صانعت **** ظلم الظلوم وخسة الكلمات
فهد ابن عبد الرحمن
ـ[عازف الشجن]ــــــــ[04 - 11 - 2009, 08:45 ص]ـ
أليس لحفيظ الدوسري من القصائد ما يستحق الثناء والاشاده النقد المتجرد البناء هو المطلوب والشاعر حفيظ لا يحمل اوزار غيره ممن كتب عنه اما ارتجاله للشعر في وقت قصير وسريع فهذا معروف عنه
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[04 - 11 - 2009, 02:52 م]ـ
النقد الأدبي يا عازف الشجن لا يفرق بين أديب حداثي أو إسلامي.
ونقد شاعر ما لا يعني كراهيته!
و للشاعر حفيظ سقطات شعرية لا تخفى.
الشعر شعر و الخطابة خطابة و المشيخة -مع تحفظي على اللقب- مشيخة!
ـ[معالي]ــــــــ[04 - 11 - 2009, 05:09 م]ـ
أعجب ما في حديثك يا أستاذ عازف الشجن قولك:
والديوان الرائع بكل ما تعنيه الكلمة من معنى قحط المحبة الذي على سعة قراءتي للأدب والشعر لم أقرأ له مثيلا في العذوبة والسلاسة والصورة المركبة وغير المركبة أو البسيطة والجمال الموسيقي في داخل القصيدة وفي أطرافها
هذه مبالغة مرفوضة لا يقبلها العقل ولا الذوق! إلا إن كان الشيخ -حفظه الله- من قوم نزل القرآن في زمانهم!
أوافق العزيزة وضحاء في أن النقد الأدبي لا يفرق بين أديب إسلامي وغيره، ولكن مع ملاحظة أن الأمر لا يعني إلغاء الجانب المعنوي الذي قد يتصادم مع القيم والمثل الإسلامية.
ـ[عازف الشجن]ــــــــ[05 - 11 - 2009, 08:31 ص]ـ
من اراد ان يركب سفينة النقد يجب ان يرفع شراع الصدق والتجرد ولا ادري هل قرأتم ما كتبه الشاعر حفيظ الدوسري ام ماذا!؟
الحكم على الشيء فرع من تصوره ولا يكن قائدكم رأي النفيسه فهو يقرأ بعين واحدة لا تريد ان تقع الا على ماتريد
ليس حفيظ الدوسري اشعر العرب ولكنه يملك من الموهبة ولابداع مالا يملكه غيره ممن على الساحة فأين قلم النفيسة أو غيره منهم
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[05 - 11 - 2009, 09:30 ص]ـ
يا أخي الكريم
أن تحكم على من خالفك بعدم التجرد و عدم القراءة فهذا أمر عجيب!! و أن تحكم على الأخ النفيسة بهذا الحكم أعجب! مع العلم أن الموضوع قديم جدا.
أعرف حفيظ من سنوات، و آخر ما قرأت له كان مصورا مهدى منه للوالد حفظه الله. و رأيي في شعره لم يتغير و لن يتغير إلا بعد قراءتي لنصوص جديدة ربما تكون مختلفة عن سابقها.
و إذا انتقد قارئ كاتبا ما .. من الجهل أن نتنطع و نطالب القارئ بإبداع يفوق إبداع الكاتب!
أتمنى أن تكون موضوعيا؛ فمن أراد أن يركب سفينة النقد، يجب أن يرفع شعار الموضوعية و التجرد من العاطفة و الحميّة!
ـ[جاردينيا]ــــــــ[07 - 11 - 2009, 08:59 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركات
أخي الفاضل سعد النفيسة
لست من المتخصصين في نقد الشعر لكنني اتذوقه و أحب كثيرا ان أتذوق نقده, و لقد أعجبتني كثيرا ملاحظاتكم النقدية على شعر الشيخ الدوسري وكما أعتقد انك ناقد متمكن من أدواته النقدية بشكل جيد و جميل.ولا نشك أبدا في قصدكم في التقويم و التصويب.
ولكن أخي الفاضل ألستم معي في انكم قد ذكرتم معايب شعر الشيخ دون أن تذكروا محاسنه إلا في ملاحظة خجلى في أخرالمداخلة وهذا نوع من التعميم
و التعميم يكسر عنق العلمية و الموضوعية.
كما أن بعض الأخوة و لستم أنتم ,لم يفرقوا بين كلمة نقد و كلمة نميمة و أعتقد ان بينهما فرق شاسع رغم ان كلا منهما يبدء بحرف النون.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جاردينيا]ــــــــ[07 - 11 - 2009, 09:52 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
اخي الفاضل عازف الشجن
أفهم غيرتكم على الأدب الإسلامي و أعلامه و أنا أفتخر وأتشرف بأنني أنضوي تحت لوائه.
ولكن أخي الفاضل ألست معي أننا يجب أن نبتعد عن الحماسة الزائدة في دفاعنا عن أعلام الأدب الإسلامي و أن نفرق بين أدبهم و دعوتهم فالنقد لا يكون بالنوايا و الفكر فقط ولكن هناك أيضا جمال و فنية الأسلوب.
فيجب على نقادنا أن يتابعوا النتاج الأدبي الإسلامي و أن يقوموا و يصوبوا دون مجاملة أومحباة بحجة إشهار الأدب الإسلامي و المساعدة على انتشاره فهم بذلك يكونوا كمن يقتل أولاده بدافع الحنان والتدليل ,فهم ينشروه من جهة و يقللون قراءه و مريديه من جهة أخرى.
فعلى الأديب الإسلامي أن يمحص و يسبك نتاجه الأدبي قبل نشره و يستبعد الخديج منه و يستشير و يستخير ألف مرة قبل أخراجه.
فنحن لا نرضى للأديب الأسلامي إلا أن يكون شهابا ساطعا يبهر بجمال أدبه و فنيته معارضيه قبل مؤيديه.
ـ[عازف الشجن]ــــــــ[14 - 11 - 2009, 10:50 ص]ـ
جريدة الاسبوع الادبي العدد 669 تاريخ 24/ 7/1999
فهرس العدد صفحة جريدة الاسبوع الادبي
الموهبة، والعادة ـــ حفيظ بن عجب الدوسري
فكرتُ أنسى الشعرَ ..
لكني بليتُ به،
وكان عليَّ أن أحيا ...
لأحملهُ،
وأن أبقى أرتلهُ.
فكرتُ أهجرهُ.
وأكفرهُ،
ولكني رأيتُ الشعرَ ...
يبقى دائماً حيَّاً،
ولو بالسيفِ نقتلهُ.
فكرتُ أنسى الشعرَ ..
أتركُه،
وأرفضهُ،
ولكني رأيتُ ممارسَ الأشعارِ ...
يبقى رهنَ عادتِه ..
ويبقى ناشراً للشعرِ ..
رغماً عن إرادتهِ ..
برغمِ الشاعرِ الموهوبِ ...
يبقى شاعراً أبداً .. ،
ومهما حاولَ النكران،
والهجران ..
يبقى شاعراً أبداً ..
فلا تعجب لماذا ينشد الموهوبُ ..
أشعاراً بلا سببٍ،
فهذي يا أخَ الأشعارِ هذي ..
قصة العجب.
ـ[عازف الشجن]ــــــــ[14 - 11 - 2009, 10:57 ص]ـ
في زحمة العابرين
وأسلبُ نارَ الأماني
انحناء السجودِ
على صفحةِ الماءِ
بين البياضِ،
وبين السحرْ
وأبحثُ عن غابرٍ
تاه في زحمةِ العابرين
الذين أناخو المرايا
ببابِ الصورْ
وأقرأ
في لهفةٍ الشوقِ
"طه" و"يس" و"النور"
أقرأ
في حيرة القلب،
والروحِ
حادي السورْ
وأشربُ شهدَ
الحقيقةِ ترياقها المرّ
أمضي .. وأمضي
على وثباتِ النظرْ
وأسألُ عن
سالب العمرِ
في موجبِ
القادم المنتظرْ
متى يا ترى
يجمعُ اللهُ
شملَ الشتيتينِ
طالَ السفرْ
* * * *
شعر حفيظ عجب الدوسري
-------------------------------------------------------------------------------
مُشرَّدٌ عفيف
مشردٌ ..
عندَ الإشاراتِ
وفي جوانبِ الرصيفْ.
يبحثُ عن
رغيفْ
في وحشةِ الخريفْ ..
وكل .. ما
رآه شخصٌ
قادهُ ..
كأنَّه
كفيفْ.
ودارتْ الأيَّامْ
واختُصِرَ الكلامْ
وجاءَ عِلْجٌ
ظنَّه المسكينُ
كالكِرَامْ.
يقولُ:
ماذا تشتهي
يا طِفْلي الظريفْ؟
ويسألُ الطِفلُ
عن الرغيفْ ..
لأنَّه
لا يسمعُ الحفيفْ ..
وجهزَ السِكينَ
كي يذبحهُ
خوفاً على الرغيف.
وحين تَلْهُ
للأرضِ ..
صاحَ باكياً
وشاكياً:
ماذا جرى
يا عميّ الشريفْ؟
لستُ أريدُ منكَ
حتى
قِطْعةَ الرغيفْ ..
فاتركني
يا عمُّ
أعُدْ
كي أكنسَ
الرصيفْ
بدمعي العفيفْ.
يا عمي الشريفْ.
يا عمي الشريفْ.
* * * * شعر حفيظ الدوسري
--------------------------------------------------------------------------------
أمام صورة المسجد الأقصى
مساء النور يا أقصى ..
مساء النور يا مسرى ..
رسول الله ..
صلى الله ..
يا مهد الرسالات.
مساء النور يا روح ….
البطولات ….
مساء النور ….
من قلبي، ومن ذاتي ..
مساء النور يا بوابة
التاريخ ..
والمجد …
ويا إشراقة الإسلام ..
فى أيامنا الرُّبد ..
مساء الخير سلمناك ..
واحترنَا؛
لماذا لا يرى الأعداء إلاّ …
المسجد الأقصى؟!
وقدَّرنا ..
وفكَّرنا ..
وقرَّرنا ..
وبعد سنينٍ أدركنا ..
بأنك مصدر العزة ..
وأنَّا حين سلمناك كنا
نجهل المفهوم ..
والمنطوق، والقصة ..
وسرنا نسأل الأعداء ..
نسترضي،
ونستجدي،
ونستهدي،
وحسب إرادة الأعداء …
حذو القذة القذه.
إذا قالوا لنا شيئاً …
سمعناهم ..
تبعناهم ..
أطعناهم …
وقلنا: القذة القذه.
ولو دخلوا لجحر الضبِّ
كنا خلفهم نجري،
ونستجدي،
ونسترضي،
ونستهدي،
فهذا منطق التفكير،
والتقدير، والحكمه.
مساء النور، والخيرات يا أقصى.
مساء الذل …
قد بعناك، واخترنا مزايانا.
وحين يزمجر الأعداء …
ننسى كل دعوانا.
لأنا في سلام الذل …
قد بعنا قضايانا.
مساء الخير يا أقصى …
أجاءك آخر الأخبار.
أتدرى أننا فزنا "بغزة"
دون باقى الدارْ؛
وصرنا فى أراضينا.
نقاسم دولة الكفار.
أتدرى أننا أحرار …
تحت ولاية الكفارْ.
أتدرى أنه قد صار …
فى أرض الهدى سمسار
يبيع بأبخس الأثمان …
للكفار…
حتى يأخذ الأمتارْ .. !
أتدرى أنه قد صار …
بين المسلمين مطار.
مساء الخير، والحسرات، والعبرات يا أقصى.
مساء الخير ..
إنا سوف نرقبهم.
ونبغضهم،
ونحسدهم،
وفي وقت الرضى منهم ..
سنشجبهم،
وننكرهم،
فإن غضبوا سنسترضى،
ونستجدى،
ونستهدى،
لأنا تحت قبضتهم.
* * * *
شعر حفيظ الدوسري
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عازف الشجن]ــــــــ[14 - 11 - 2009, 11:06 ص]ـ
فقيد البيان
رحم الله فقيد الأمة الأديب الرباني علي الطنطاوي
مات البيان فأين أين بياني
يا ليتها تجري به ألحاني
الشيخ مات فودعي يا أمتي
شيخ البيان العالم الرباني
ماذا سأكتب والقصيدة ودعت
تبكي زمان الذل والإذعان
ماذا سأكتب هل يطاوعني فمي
والقلب شل بسرعة الخفقان
ماذا سأكتب والحروف تآكلت
والشعر مل مرارة الأحزان
بالأمس مات فقيهنا في عصره
واليوم غاب بليغنا المتفاني
عاش الحياة مجاهدا في نثره
وبدينه قد هام في الأوطان
باع الحياة مطلقا لذاتها
وهوى الممات بطاعة الرحمان
قد كان يدعو للجهاد بقوله
وبفعله ويصيح يا إخواني
قوموا نعيد المجد في أوطاننا
وندك كل معاقل الشيطان
ما ذل من كان الجهاد قرينه
يا رب نصر في صدى الفرسان
قد كان يدعو للفضيلة دائما
وببره قد كان كالطوفان
قد كان كالأسد الهصور على العدا
يرمي صروح معابد الصلبان
قد كان كالصقر المحلق فوقنا
يا ضيعة الغربان والعقبان
قد كان يرفع بالحديث رؤوسنا
ويحارب الأعداء بالقرآن
قد كان يسحر بالبيان وربما
سحر الأديب بريشة الفنان
قد كان مثل النهر يجري سلسلا
عذبا يفوق النهر في الجريان
قد كانت الأقلام تعشق نثره
وتقول لا أحيا بلا وجداني
يا حسرة الأوراق ترثي نورها
وتبث شكواها على الأكوان
وتقول ماذا هل سنحيا بعده
أم هل نموت بنقمة الكتمان
فُجعت به الكلمات وهو حبيبها
كم عاش يرقيها من الهذيان
قل للذي يبغي بديلا غيره
ختم البيان بسيد الميدان
هذي هي الذكرى تلوح بخاطري
والذكريات طغت على أوزاني
ما زلت تكتب ذكرياتك مسعفا
بالخير من صدق ومن إحسان
حتى قرأناها فأعجبنا الذي
قد كان يجري منك في الريعان
ولكم غنمنا حين كنت تزيدنا
علما وترفدنا بغير تواني
أمطرتنا فأفدتنا يا شيخنا
وكسوتنا حللا من الإيمان
عملتنا الإخلاص في كلماتنا
وسقيتنا نبعا عزيز الشان
يا شيخ كنت معلما ومهذبا
تحنو على الدنيا بفيض حناني
قد كنت تبكي القدس وهي جريحة
وتقول أين كتيبة الشجعان
قد كنت تحرص أن تكون كوحدة
أو مثلها البنيان للبنيان
قد كنت تروي سيرة الأصحاب في
تاريخك المملوء بالريحان
قد كنت تسبقنا إلى ركب العلا
سيان أشياخي مع الشبان
الموت حق غير أن وفاتكم
وقعت علي كصاعق أضناني
وذهلت حين سمعت أخبار الورى
ذكرتك مثل بقية الإنسان
أأبا البلاغة يا معيد بريقها
فقدتك وهي مهيضة الأركان
إن كان للآداب ركن شامخ
فلقد ثبت وكنت أنت الباني
يا رب حيٍّ ميت في عيشه
ولرب ميت عاش طول زماني
ما مات من كانت روائع علمه
في الناس ملء العين والآذان
أبو عبدالرحمن حفيظ بن عجب آل حفيظ الدوسري
عضو راب
ـ[عازف الشجن]ــــــــ[14 - 11 - 2009, 11:16 ص]ـ
خطّاب الشهادة.
دارت على شهدائنا الأسباب
ومضى بنا في ركبه الدولاب
وتراجعت لغة البطولة وانبرى
للنصر في أيامنا الكذاب
وتقهقرت ريح الرسالة في الورى
وتنافست في ظلمها الأنصاب
وتعالت الضحكات في أنحائنا
وتثاقلت في سكرها الأكواب
وتآمر الأوغاد فيما بيننا
ودعوا إلى غدر الهدى فأجابوا
سلمت يمين العز يا خطاب
وفداك في ساح الردى المرتاب
ياسيد الأبطال في زمن الردى
وإمامهم حين اعتلى الأذناب
يا أيها البطل الذي بجهاده
يحكي لنا أن العلا أسلاب
مرت بطولات الورى فتقاصرت
خوفا وأنت إلى العلا وثاب
ما عشت بين الناس عيشة عاجز
أو خائف بدموعه هراب
علمتنا الإخلاص في أقوالنا
فقصيدنا في وصفكم معشاب
علمتنا معنى البطولة والفدى
فجميعنا في درسكم طلاب
لك جنة الفردوس طاب نعيمها
والله جل جلاله الوهاب
شعر حفيظ الدوسري
ـ[عازف الشجن]ــــــــ[14 - 11 - 2009, 11:21 ص]ـ
قالت وفي عينها من رمشها كحل 0 0 0 0 0 قف وانتظرني فقد أودى بي الحول
أنا الغريبة يا عمري وكم نظرت 0 0 0 0 إليك عيني بقلب ملؤه الوجل
أنا المحبة والولهى على مضض 0 0 0 0 0 فكن رحيما وقف يا أيها الرجل
لاتتركني فإني بت مغرمة 0 0 0 0 0 بحسن وجهك لما اختاره الخجل
صددت عني فكاد الصد يقتلني 0 0 0 0 0 وغبت عني فكاد العقل يختبل
فكرت أن، ساك لكني كواهمة 0 0 0 0 0 ظنت بأن قلوب الغيد تنتقل
فرحت أرسل طرفي في الوجوه فما 0 0 0 0 0 علمت قلبي إلا فيك يشتغل
ينام كل الورى حولي ولا أحد 0 0 0 0 0 يدري بأن فؤادي منك يشتعل
فكن شفوقا وجد لي بالوصال فما 0 0 0 0 0 أريد غيرك أنت الحب والأمل
جـ، د لي ولا تك مغرورا فما أحد 0 0 0 0 0 رأى جمالي إلا إغتاله الغزل
ألا ترى قدي المياس لو نظرت 0 0 0 0 0 إليه أجمل من في الأرض تختجل
ووجهي الشمس هل للشمس بارقة 0 0 0 0 0 إذا شخصت إليها فهي ترتحل
فقلت والحزن مرسوم على شفتي 0 0 0 0 0 وفي فؤادي من أقوالها دخل
أختاه لا تهتكي ستر الحياء ولا 0 0 0 0 0 تضيعي الدين بالدنيا كمن جهلوا
والله لو كنت من حور الجنان لما 0 0 0 0 0 نظرت نحوك مهما غرني الهدل
أختاه إني أخاف الله فاستتري 0 0 0 0 0 ولتعلمي أنني بالدين مشتمل
تمسكي بكتاب الله واعتصمي 0 0 0 0 0 ولا تكوني كمن أغراهم الأجل
أختاه كوني كأسماء التي صبرت 0 0 0 0 0 وأم ياسر لما ضامها الجهل
كوني كفاطمة الزهراء مؤمنة 0 0 0 0 0 ولتعلمي أنها الدنيا لها بدل
كوني كزوجات خير الخلق كلهمو 0 0 0 0 0 من علم الناس أن الآفة الزلل
من صانت العرض تحيا وهي شامخة 0 0 0 0 0 ومن أضاعته ماتت وهي تنتعل
كل الجراحات تشفى وهي نافذة 0 0 0 0 0 ونافذ العرض لا تجدي له الحيل
من أحصنت فرجها كانت مجاهدة 0 0 0 0 0 كمريم ابنت عمران التي سألوا
ومن أضاعته عاشت مثل جاهلة 0 0 0 0 0 تريد تسير من قد عاقه الشلل
أختاه من كانت العلياء غايته 0 0 0 0 0 فليس ينظر إلا حيث تحتمل
أختاه من همه الدنيا سيخسرها 0 0 0 0 0 ومن إلى الله يسعى سوف يتصل
أختاه إنا إلى الرحمان مرجعنا 0 0 0 0 0 وسوف نسأل عما خانة المقل
أختاه عودي إلى الرحمان واحتمي 0 0 0 0 0 ولا يغرنك الإطراء والدجل
توبي إلى الله من ذنب وقعت به 0 0 0 0 0 وراجعي النفس إن الجرح يندمل
رائعة للشاعر المبدع حفيظ بن عجب الدوسري تحت عنوان (حكايتي مع العذراء)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جاردينيا]ــــــــ[14 - 11 - 2009, 11:28 ص]ـ
أمطرتنا فأفدتنا يا شيخنا
و كسوتنا حللا من الإيمان
و لكم غنمنا حين كنت تزيدنا
علما و ترفدنا بغير تواني
ـ[بقايا اديبه]ــــــــ[15 - 11 - 2009, 02:54 ص]ـ
وإليك من أمثاله قوله:
((الحرف والسدرة والأوراق
والقلم المعاق
والماء والحبر الذي تشربه الأوراق
وحسرة الساق الذي ينمو بلا رفاق))، والشاعر بهذا الرمز يجعلني أذكره بأن الكلام الذي لا يفهم ليس بشعر؛ لأنَّ شاعرنا الحبيب حفيظ هو من قال:
غرابة الشعر ليست كل غايته"=" ففي الوضوح جمال زانه السفر
أما كلمة (المعاق) فخطأ لغوي، والصحيح (معوق) بفتح ثم ضم.
" الابيات مفهومه مع انني لم اقرأ القصيدة بالكامل:)
اما كلمة معاق،، فكما هو معروف ان الشاعر له حق اللعب بالالفاظ مالم يغير المعنى،، و نجد شعراء العرب القدماء صرفوا بعض الكلمات التى لا تصرف
قارئي الكريم وتأمل معي هذا الخطأ المعنوي:
مواسم الفرْح في أشعارنا غبرَت "=" فالوزن يجلد في أعماقنا السأما
فهو يقصد بالوزن أفاعيل الخليل العمودية وهو قد سئمها؛ لذلك كان ينبغي أن يستبدل (يبعث) بـ (يجلد)
بالعكس اخي الكلمة اعطت معني بليغ للبيت وهو ان الملل يحس بالالم و الكبت
فهو مجلود و مكبوت بالاعماق فكأن الوزن يجلد الملل بالاعماق
،وفي قصيدة أخرى يقول:
((ومهما كادنا الأحباب والأغراب لا نخشى من الغرق)) أما الأحباب فلن يكيدوا، و (الأغراب) لا تعني الأعداء
اخي اين انت من الامثال العربية التي تحذر من غدر الصديق بل اين انت من القصائد التي تبين لوعه و حسرة غدر و خيانة الاحباب
بالاضافة ان الشاعر هنا يقصد القريب المحبوب عنده و البعيد عن قلبه
و قد يحمل البيت معنى آخر غير ما فهمت و فهمته انا
لإن عبقرية الشاعر لا ساحل لها
وما يدل على الاضطراب في فهم الشاعرية ما ورد في كتاب (المناهل الأثيرة في شعر نابغة الجزيرة) وهو كتاب ألف عن الشاعر حفيظ: ((ومن الألقاب التي وسم بها الشاعر الخطيب؛ لأنه جمع بين قرض الشعر وفن الخطابة، إلا أنه حينما يسأل عن أيهما أحب إلى نفسه فإنه يفضل (الخطيب الشاعر) ... ))!!
اخي هداك الله كل اديب له فن نثري يكون اقرب إلي قلبه
و لا يعني انه لا يجيد غيره او انه مضطرب تجاهه
و الشاعر حفيظ شاعر غيور على امته يحاول جاهداً ان يحي ضمائرنا تجاه امتنا التى يخدرها قصائد الغزل و الخنا،، و الفراق و الحزن،، حتى بات اهل الادب وعشاقه انطوائين بعدما كانوا يتصدرون المجالس،، فلا تجد اديباً بين اهله و جيرانه بل دائماً ما يحتضن اوراقه و يستعد لإمسياته
قد وفقت في بعض النقد اما في بعض فلا و عجباً لدعاة النقد اين هم من ذلك
ـ[بقايا اديبه]ــــــــ[15 - 11 - 2009, 03:03 ص]ـ
اريد ان اضيف ان الشاعر غني عن التعريف و لكنه من نجوم الادب الإسلامي
و قد لا يعرف إلا في اوساط المستقيمين و من يحب الادب بحق فلا يرى
الاديب إلا من زواية حب الادب و اللغة
و مثله مثل من دفنتهم ابواق العلمانية و رمت بجميل قصائدهم صحفنا المحلية
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[15 - 11 - 2009, 04:02 م]ـ
أريد أن أضيف أن الشاعر غني عن التعريف و لكنه من نجوم الأدب الإسلامي
و قد لا يعرف إلا في أوساط المستقيمين و من يحب الأدب بحق فلا يرى
الأديب إلا من زواية حب الأدب و اللغة
و مثله مثل من دفنتهم أبواق العلمانية و رمت بجميل قصائدهم صحفنا المحلية
عزيزتي بقايا أديبة
أريد منك أن تتفضلي و تبيني كيف حكمتِ على الشاعر بأنه من نجوم الأدب الإسلامي؟! هل يمكن وضعه بجانب شاعرية العشماوي و حبيب بن معلا على سبيل المثال؟!!
صدقيني لو كان شعره يستحق النجومية لظهر وبان .. فهذا العشماوي -على سبيل المثال- يخط زاوية له في إحدى الصحف المحلية .. لم لم تحاول العلمانية دفنه إذن؟!
أتمنى أن تزين الموضوعية حوارنا.
مع احترامي الشديد لك و لعازف شجن، فإنكما تسيئا للأدب الإسلامي:) أكثر من الفائدة.
ـ[بقايا اديبه]ــــــــ[15 - 11 - 2009, 06:02 م]ـ
اختي وضحاء،،، لماذا لا تعلقي على ردي الاسبق؟؟
ام كما الذباب لا تسقط إلا ...........
اين الموضوعية لما تزين ردوك ياغالية
و تكفي قصيدته "الدهر يومان " التي انشدها المنشد ابو عبدالملك في شريط قضاء وقدر
ان تمنحه النجومية،،، فالشاعر ليس نجماً بكثر اعماله و لكن بما تحمله هذه الاعمال
،،،،،،
اما العشماوي مثله كمثل الشيخ سلمان العودة
،،،،
اما اننا نسئ للأدب الاسلامي ,,,,:) يمكن، لكن من الموضوعية ان لا يحكم على الشخص من رد واحد:)،، لكن التاريخ يكتب و الايام تجري
ـ[عازف الشجن]ــــــــ[15 - 11 - 2009, 06:12 م]ـ
الشيخ الشاعر حفيظ الدوسري ليس مثل هؤلاء فهو يصدع بكلمة الحق دون خوف ووجل لا يخاف في الله لومة لائم؟!!! وهو يملك من الأبداع وفن الارتجال ما لا يملكه غيره وقد شهد بذلك البعيد والقريب ومن الأمثلة قصيدة يا نيل جئتك زائغ النظراتي ... ابكي ولا احد يرى دمعاتي وكذلك قصيدة سرطان العصر والتي ارتجلها في مهرجان القاهرة للأدب الاسلامي (فاض الحنين بخاطري فشجاني ... وشكى الهوى من لوعتي
فرثاني ومع ذلك لم يهاجم غيره مثلما هوجم وقد هاجموا العشماوي والمعلا لما كانا على المنهج فلما لانا كف الهجوم المغرض
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عازف الشجن]ــــــــ[15 - 11 - 2009, 06:16 م]ـ
بقايا ادبية الصدق واضح والزبد يذهب جفاء وانت من الصادقات فلا تذهب نفسك عليهم حسرات هؤلاء ينطلقون من منطلق الحسد والغيره والا فأين الانصاف والموضوعيه
ـ[جاردينيا]ــــــــ[15 - 11 - 2009, 07:57 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
الأخت بقايا أدبية و الأخ عازف الشجن
ما هكذا تورد الإبل، سامحكا الله
فالأدب الإسلامي ليس بحاجة إلى هيئة دفاع كتلك التي تتخيلون أنكم تمثلوها فهو أقدر أن يعبر عن نفسه، أما ما هو بحاجة إليه فعلاً هو أن يكون من يمثله أقل اندفاعاً و تشنجا و أكثر مرونة و هدوءً و أرقى لهجةً في النقاش والطرح، هذه روح الأدب الإسلامي، و أبرز صفاته، وهو يرتفع بسمو و نقاء فكره وليس بهمة أي أديب مهما علا شأنه و انتشر ذكره و لن يخفضه كائن من كان فهو خالد بخلود هذه الدعوة.
أخت وضحاء أوافقك بشدة.
ـ[بقايا اديبه]ــــــــ[16 - 11 - 2009, 12:41 ص]ـ
اولاً يا اخت جاردينيا
نحن لم نتكلم عن الادب الإسلامي نحن نتكلم عن الشاعر حفيظ الدوسري
و نحن نقول انه نجم من شعراء الادب الإسلامي
و من الجميع من يقول ان الشاعر اساء إليه << يقصدون الادب الإسلامي
و الاخت وضحاء متعصبة لرأيها و تنفي نجومية الشاعر
"" أعرف حفيظ من سنوات، و آخر ما قرأت له كان مصورا مهدى منه للوالد حفظه الله. و رأيي في شعره لم يتغير و لن يتغير إلا بعد قراءتي لنصوص جديدة ربما تكون مختلفة عن سابقها ""
هذا رد الاخت وهي تتعصب لرأيها و هل الادب يتوقف على فهمها:) او بالاحرى هل رأيها يصنف الشعراء
نحن نحترم و جهة نظرها،، فعليها إن تحترم وجهة نظري و نظر الاخرين
و نحن لم نعقب عليها و انا قلت رايي في الشاعر نجم و الشاعر منئذ كنت طفلة و انا اردد قصائده،، بالرغم من المسافة التي بين منطقته و منطقتي:)
و انتشرت الكتب عنه و وصلت شهرته الافآق
و الشاعر حبيب و العشماوي لإنه يدرسون بالجامعة اصبحوا من نجومها: d
اما عن الدفاع لولا لم يدافع الإنجليز عن مسرح شكسبير لما وصل الادب الإنجليزي هذا المستوى من النضج
و لكن نحن للأسف،، نعيب الشعراء و نحجب اعيننا عن ابداعهم بسبب زلة في احد قصائده و نعمم الحكم عليها
كل ما اخشاه ان يصبحوا الادباء مصنفين منهم الارهابي و منهم المتشدد و منهم المعتدل و " الداشر ":)
اخي عازف الشجن اشكرك على التذكير و لن اذهب نفسي حسرات عليهم
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[16 - 11 - 2009, 06:46 م]ـ
عازف الشجن
نحن نموت غيرة و كمدا و حسرة على نجومية حفيظ و استطاعته الوصول لتجار النقد الأدبي، بينما نحن نعيش في الظل لا يعرفنا أحد.
أما أنت يا بقايا فأضحك الله سنك كما أضحكتني.
تدّعين الموضوعية و الاحترام و أنت بعيدة عنهما، فما أسلوبك و حسن حوارك و إيرادك لمثل الذباب إلا دليل على ذلك:)
وما ذكرته عن حفيظ ليس اعتباطا أو هوى و إنما بعد دراسة لمرحلة البكالوريوس و الماجستير بتخصص البلاغة و النقد الأدبي، و لازلت مستمرة أنهل من هذا التخصص الذي ينحو للموضوعية بعيدا عن المجاملة و الهوى.
و للأسف تقعين أيتها البقايا فيما خشيت من تصنيف، حينما ذكرت في السابق أن أبواق العلمانية و الصحف المحلية دفنت الإبداع الذي ترين.
ثم لتعلمي بأني ما تجاوزت ردك الأول كما تجاوزت هذا إلا بعد إرهاقي بتصحيح ما جاء في رد واحد فقط من أخطاء. و أنا لا أستطيع اقتباس رد يحوي خطأ دونما تصحيحه فكيف بمجموعة كبيرة؟
بُحّ صوتي و أنا أنادي بأن الأدب أدب دونما اعتبارات أخرى، فما دخل تميز شاعر كونه من أساتذة جامعة ما؟: rolleyes: فلا ترجعي شهرة المطيري و العشماوي كونهما في الجامعة، فهناك شعراء كذلك و أساتذة لم يظهرا كالشاعرين.
ـ[بقايا اديبه]ــــــــ[17 - 11 - 2009, 01:28 ص]ـ
أما أنت يا بقايا فأضحك الله سنك كما أضحكتني.
" دوووم هالضحكة ماهي يوم"
تدّعين الموضوعية و الاحترام و أنت بعيدة عنهما، فما أسلوبك و حسن حوارك و إيرادك لمثل الذباب إلا دليل على ذلك:)
انا لم ادعي الموضوعية و لم اتكلم عنها،، اما الاحترم لم اكتب كلمة عنك او عن رأيك،، و انتي من قل أدبه: d
وما ذكرته عن حفيظ ليس اعتباطا أو هوى و إنما بعد دراسة لمرحلة
اي دراسة و أنتي لم تردي على الأمثلة التي قام الكاتب بالأستشهاد بها
(يُتْبَعُ)
(/)
البكالوريوس و الماجستير بتخصص البلاغة و النقد الأدبي، و لازلت مستمرة أنهل من هذا التخصص الذي ينحو للموضوعية بعيدا عن المجاملة و الهوى
الادب يدرس في ايام الثانوية وفي كلية التربية تدرس جميع فنون العرب ويشدد على طلاب الانجليزية و الشهادة ليست دليل،، فن الكتابة بكلا نوعيها موهبة ربنيه و ليست دارسة و علم وما لا يمتلك هذه الموهبة لن يحسن استخدامها فكيف بنقدها
.
و للأسف تقعين أيتها البقايا فيما خشيت من تصنيف، حينما ذكرت في السابق أن أبواق العلمانية و الصحف المحلية دفنت الإبداع الذي ترين.
انا صنفت الصحف ومن يدير إعلامنا
و لم اصنف الادباء: d ،، و الكثير اعلنوا ان الصحف تمنع نشر كتاباتهم و صرح بها البعض امام الشاشات
اوما تتساءلين لما الجميع يطالب بحرية التعبير: rolleyes:
ثم لتعلمي بأني ما تجاوزت ردك الأول كما تجاوزت هذا إلا بعد إرهاقي
آسفة ان سببت لكِ بعض الارهاق،، فلا ارى سواء تعديل الهمزات: d
بتصحيح ما جاء في رد واحد فقط من أخطاء. و أنا لا أستطيع اقتباس رد يحوي خطأ دونما تصحيحه فكيف بمجموعة كبيرة؟
اذن لاداعي ان تردي،، اذا لم تستطيعي ان تردي على جميع الردود
فمن المنطق عدم اخذ نصف الكلام و ترك بعضه
و تذكري،، ان وضحاء ليس معصومه من الخطأ و الكمال لله
و غضي البصر عن عيوب الناس حتى تغض الناس عن عيوبك
و تأملي بردك فهناك خطأ بتركيب الجملة وليس بسبب همزة يا ماجستر نقد
بُحّ صوتي و أنا أنادي بأن الأدب أدب دونما اعتبارات أخرى، فما دخل تميز شاعر كونه من أساتذة جامعة ما؟: rolleyes: فلا ترجعي شهرة المطيري و العشماوي كونهما في الجامعة، فهناك شعراء كذلك و أساتذة لم يظهرا كالشاعرين.
ماذا يفرق الشاعر حفيظ عن العمشاوي و المطيري
اليس الجميع لهم جمهور و لهم قصائد على نطاق واسع
الشاعر،، شاعر بمعنى الكلمة ,, و اذا تحسني النقد انا مستعدة اعطيك مقطوعه من كتاباتي و ليست من قصائد الشاعر حفيظ فمستواك النقدي لا يسمح بنقد هذا العلم، كلمة الاديب تحمل مئات المعاني
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[17 - 11 - 2009, 07:34 م]ـ
ماذا يفرق الشاعر حفيظ عن العمشاوي و المطيري
اليس الجميع لهم جمهور و لهم قصائد على نطاق واسع
الشاعر،، شاعر بمعنى الكلمة ,, و اذا تحسني النقد انا مستعدة اعطيك مقطوعه من كتاباتي و ليست من قصائد الشاعر حفيظ فمستواك النقدي لا يسمح بنقد هذا العلم، كلمة الاديب تحمل مئات المعاني
ليس أنت من يقيمني:)
و إن كنت تجهلين ما قمت بنقده ودراسته فهذا لن يُنقص من قدري بل ربما يزيده. أنا لم أفكر بنقد شيء من شعر حفيظ فكيف بنقد كتابات تصف كاتبتها نفسها بأنها بقايا؟!
للأسف لا أضيع وقتي بدراسة مثل هذا:)
إذا كان توضيح رأي في شعر شاعر ما قلة أدب برأيك فهذا ميزانك المائل، المعتمد على العاطفة. رغم تجاوزك علي بأكثر من عبارة إلا أني صامتة دون التبليغ عن ذلك حتى أرى إلى أين ستنتهين بعدما بدأت بالدفاع أولا دفاعا عاطفيا حتى قلبت الحوار لخلاف شخصي.
تجولي قليلا في منتدى النقد و اقرأي وتعلمي من نقاشاتنا السابقة أن اختلاف الرأي يبقى اختلافا للرأي دونما تجاوز لاختلاف مع صاحبه.
و هذا أول درس في النقد لا تعرفيه للأسف.
الدرس الثاني الذي أتمنى أن تستوعبيه .. الإعجاب الانطباعي أو المضموني بشعر ما لا يعني بالضرورة أنه شعر عظيم.(/)
طلب يسير ..
ـ[سعد النفيسة]ــــــــ[28 - 09 - 2002, 11:46 م]ـ
د. عبد الله العريني ناقدا بحث لمجموعة من الزملاء وأتمنى ممن لديه أي معلومة عن الدكتور وطريقته النقدية أن لا يبخل بها، ولكم خالص تحياتي.
ـ[الجهني]ــــــــ[29 - 09 - 2002, 12:08 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
أخي الغالي: سعد النفيسه حفظه الله ورعاه.
أرجو أن يكون الرابط التالي مفيدا:
http://www.lahaonline.com/Feature/Dialogues/a2-08-04-2002.doc_cvt.htm
والله من وراء القصد
ـ[أديب]ــــــــ[02 - 10 - 2002, 11:08 م]ـ
تتلمذت على يد الدكتور عبدالله في السنة المهجية للماجستير، ولم أجد في شخصه الكريم ناقداً أدبياً، بل هو أستاذ فاضل يحمل هماً عظيماً، وله جهود في تبني قضية الأدب الإسلامي، له روايتان ضعيفتان من الناحية الفنية - وهذا رأي كبار نقاد القصة وليس رأيي - تحمل قيماً أخلاقية، أما ما سألت عنه أيها الأخ الكريم فليس له وجود على أرض الواقع، فليس للعريني دراسات نقدية سوى رسالتيه الماجستير والدكتوراه وهما في جانب القصة ...
أظن والله أعلم أنَّ موضوع البحث من قبيل المجاملة للدكتور من قبل زملائه.(/)
د/ عبدالله الحامد .... ناقدا
ـ[سعد النفيسة]ــــــــ[26 - 11 - 2002, 06:34 م]ـ
= ومن كان منكم يعرف عنوان الدكتور، فلا يبخل به علينا.
هل هناك مرجع أو مقال أو دراسة يخدم الموضوع أعلاه .. حيث إنه بحث لندوة في كلية اللغة العربية، والمعدون للندوة يرجون منكم أيها الفصحاء التوجيه والإعانة(/)
نقد لقصيدة أظنها جميلة
ـ[أمل]ــــــــ[11 - 02 - 2003, 06:12 م]ـ
هي قصيدة للشاعرة الجزائرية زهرة بالعالية، وجدتها في أحد المنتديات، وأحببتها جداً، ولأني مشغوفة بالنقد خربشت على أطرافها قليلاً، وأردت أن تستمتعوا معي بها، ولأنه ليس ثمة ركن مخصص هنا للنقد، اجتهدت فوضعتها هنا على أساس أن أقرب فروع العربية للنقد هو البلاغة، وقتاً ممتعاً أرجوه لكم مع النص، ورجاء آخر بأن يروقكم تحليلي له ..
والنص بعنوان قصيدة:
" ماذا لو ......
أتيتِ يا قصيدة
و كنت أصنع الطعام مثلما يريد آدم
و تشتهي أمعاؤه العنيدة
او كنت آخذ
برفقة النساء الصالحات القانتات
درس مكر
او مكيدة؟؟
ماذا لو
أتيت يا قصيدة
و رغوة الصابون في يدي
و جيش من ثياب ظالم
علي أن أبيده
أو كنت حينها ...
أصب الشاي للضيوف
و أسمع برفقة الاصحاب
ما تقوله الجريدة؟
هل كنت أهرب
من زرقة الجدران - في الصالون.
من جرائدي
و من عوائدي
لالبس انتكاسة جديدة؟
أم كنت أغسل الحروف كالثياب
و أغلق بوجهك القميء ألف باب
و أخنق مشاعري البليدة؟؟؟؟ "
" قصيدة "
هي قصيدة رائعة حقاً، هذه اللغة البسيطة حد استحالة نظمها إبداعاً أبهرتني جداً،
اقتنعت دوماً أن " الشكل الأدبي عملية اختيار مستمرة "، واتكاءً على هذه العبارة سأقرأ النص.
من بين اختيارات عدة لتسمية العمل الإبداعي (شعر، نص،عمل، إنتاج .. ) اختارت الكاتبة كلمة " قصيدة " عنواناً لعملها، وهو اختيار لم يكن بريئاً أبداً، إذ وحدها الأنثى تفهم إشكالية خاصة بالأنثى لذا أرادت الشاعرة عبر إبراز الوجه المؤنث للإبداع تجريد هذا الذي تحاوره من حياده بجره لدائرتها (التأنيث)
ثم هي تبدي بعد ذلك قدراً من الاحترام لهذه القصيدة إذ تتجه لها بالخطاب عوضاً عن أن تخاطب قارئاً آخر فنجدها تقول: " ماذا لو أتيتِ يا قصيدة "
وفي " لو " مجال لنظرات متعددة، فـ" لو " حرف امتناع لامتناع، والشاعرة عبرها تخبرنا أن ما تحكيه لم يحصل، لكنه الهاجس المؤرق لها على ما يبدو.
(أن تأتي الحالة الإبداعية حين تكون الكاتبة في زحمة لعب دور أنثوي خالص:
" و كنت أصنع الطعام مثلما يريد آدم
و تشتهي أمعاؤه العنيدة
أو كنت آخذ
برفقة النساء الصالحات القانتات
درس مكر
أو مكيدة؟؟
ماذا لو
أتيت يا قصيدة
و رغوة الصابون في يدي
و جيش من ثياب ظالم
علي أن أبيده
أو كنت حينها ...
أصب الشاي للضيوف
و أسمع برفقة الأصحاب
ما تقوله الجريدة؟ "
وهنا تضع الشاعرة لنفسها مع القصيدة فيما " لو أتت " اختيارين اثنين:
1/
" هل كنت أهرب
من زرقة الجدران - في الصالون.
من جرائدي
و من عوائدي
لالبس انتكاسة جديدة؟ "
2/
" أم كنت أغسل الحروف كالثياب
و أغلق بوجهك القميء ألف باب
و أخنق مشاعري البليدة؟؟؟؟ "
وهما خياران يبدوان للوهلة الأولى متعادلين، إلا أن انحياز الشاعرة لإبداعها تسرب عبر القصيدة التي أرادت بها أنسنة قلقها أو استئناسه، فهي تضع الخيار الأول " أهرب من زرقة الجدران .. فتدس كلمة " جرائدي " في المقطع موحية لنا بأنها حتى حين تلعب دورها الأنثوي لا تكون فيه خالصة من تهمة الهم الثقافي فهي تمارس فعل المتابعة عبر قراءة الجرائد، وهي لازمة غير أنثوية في مجتمعاتنا العربية.
وثمة انحياز آخر نجده في تقديم خيار الكتابة (وفي الثقافة العربية التقديم للأهم)
ثم أن المقطع ينسرد في خمسة أسطر بينما تبتسر الكاتبة الخيار الثاني في ثلاثة.
ولعل أجمل ما في القصيدة هو أن الشاعرة لا تخبرنا بشكل قاطع عن اختيارها النهائي تاركة لنا المجال واسعاً لنعيد طرح السؤال على أنفسنا؛ لنعيش هذا القلق مثلها، متسائلين: " ماذا لو أتيت يا قصيدة " ماذا سنفعل؟
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[12 - 02 - 2003, 06:09 ص]ـ
تنبيه بسيط
منتدى البلاغة والنقد والإعجاز القرآني
ـ[أمل]ــــــــ[12 - 02 - 2003, 07:51 ص]ـ
الأستاذ الفاضل القاسم
ألف شكر لتنبيهك بخصوص اسم المنتدى ..
فعلاً لم أنتبه لكلمة " النقد " ربما لأني أجد فيه كثيراً الكلام عن البلاغة الكلاسيكية، والبلاغة القرآنية، فلم تحتفظ ذاكرتي بكلمة نقد.
بانتظار رأيك والأساتذة الأفاضل في تحليلي للقصيدة.
دمتم بخير
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[14 - 02 - 2003, 11:47 ص]ـ
شكرا لتشريفك جناح النقد والبلاغة والإعجاز
للناقد الذوقي انطباعات يسجلها من وحي تأثره بالعمل الأدبي
قد يستعين فيها بأدوات تساعده .. ولكن ذوقه الخاص هو العامل الأول
ومن هنا يأتي جمال هذا النوع من النقد لأنه نابع من التأثر الإنساني
كانت وقفات سريعة وجميلة مع خيارات الشاعرة
في انتظار انطباعاتك النقدية الأخرى
تحياتي،،
ـ[عيد شكر]ــــــــ[23 - 05 - 2005, 03:42 م]ـ
شكرا على هذا التحليل ا لرائع للقصيدة لاسيما من ناحية الشكل والمضمون.(/)
سؤال نقدي
ـ[أبوهمام]ــــــــ[08 - 03 - 2003, 03:31 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
أرغب في تعلم طريقة التحليل البنيوي للنص بسهولة ويسر فهل من متقن لذلك؟؟؟ وجزاكم الله خيراً
ـ[أبوهمام]ــــــــ[11 - 03 - 2003, 04:39 م]ـ
الأخ أبا محمد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك شكراً جزيلاً على تقديمك هذا العرض التفصيلي عن البنيوية ولكني أردت بطرحي لهذه المسألة أن أفك بعضاً من الطلاسم الموجودة في البنيوية والتي كانت يوماً ما
(صرعة) العصر كي أحاول الربط بينها وبين بعض المذاهب النقدية في محاولة للمّ شمل النص نقدياً بحيث يتم تناوله وفق معطيات عديدة ليتم فهمه في إطاره البنيوي والنفسي والتفكيكي و ........
مرة أخرى .. بارك الله بك ونفع بك الإسلام والمسلمين وطلاب العلم
ـ[أمل]ــــــــ[11 - 03 - 2003, 09:34 م]ـ
كتب الغذامي في كتابه " الخطيئة والتكفير " فصلاً عن البنيوية قد يكون مفيداً، وهو في القصيدة والنص المضاد كان بنيوياً نوعاً ما ..
وفي كتاب المصطلحات الأدبية الحديثة أيضاً للدكتور محمد عناني فيه فصل جميل عن البنيوية ..
أرجو أن تكون مفيدة
ـ[أبوهمام]ــــــــ[13 - 03 - 2003, 10:46 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت أمل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
جزاك الله خيراً على هذه الإحالة إلى هذين المرجعين وبارك الله فيك
ـ[مهى]ــــــــ[12 - 10 - 2004, 01:58 م]ـ
هل أنت مضطر لتعلم النقد البنيوي؟؟ هل اخترته طريقا أم ماذا؟؟
ولما يحذو كل منكم حذو أخيه وينهج نهج الاخرين؟؟ لم لا يكون لك منهج خاص بك في قراءة النص الشعري؟ بعيدا عن المناهج؟؟ فلكل نص مفاتيحه وأبوابه الخاصة!!! اختر مفاتيحا من عندك .........
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[13 - 03 - 2005, 10:58 م]ـ
شكر الله لكم ..
وبالمناسبة ماذا عن التفكيكية؟!
ـ[ذو شجون]ــــــــ[14 - 03 - 2005, 01:07 م]ـ
أنظريني يا ابنة السياب لأعطيك نبذة عنها وافية كافية بإذن الله ..(/)
تحليل القصيدة
ـ[455]ــــــــ[11 - 03 - 2003, 12:31 ص]ـ
من يدلني على تحليل القصيدة
او موقع يهتم بذلك
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[13 - 03 - 2003, 06:29 م]ـ
الأخ الكريم .. الصابر
إليك هذه المواقع لعلها تكون مفيدة
http://www.geocities.com/farraj17/index.html
http://www.uaepages.com/leo/content_analysis.htm
http://www.adabihail.gov.sa/03_02_02.htm
ـ[سامح]ــــــــ[18 - 03 - 2003, 05:05 م]ـ
أختي: أنوار الأمل
أشكرك على هذه الروابط المفيدة
وجزيت خيراً , وبارك الله فيك , فأنت دائماً سباقة للخير
في هذا المنتدى الذي طاب بوجودكم فيه.
أقول ذلك , لأني كنت أبحث عن مواقع كهذه فوجدتها على يديك
فلاحرمك الله أجر الدلالة عليها.
والسلام.
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[20 - 03 - 2003, 09:18 م]ـ
السلام عليكم
شكرا لانوار الامل على هذه الروابط
واحب ان اشير الى ان القصيدة لم تكن يوما مادة للتحليل قبل كونها مادة للتذوق
مع محبتي
محمد
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[31 - 03 - 2003, 08:06 م]ـ
لا جدال في أن القصيدة تذوق وإحساس
لكن التحليل والتجزيء (والتشريح) الذي يحدث للقصيدة هو لأغراض دراسية
لا شك أن الموضوع بحاجة إلى مراجعة من أساسه .. ولكن ماذا نفعل مادام هذا هو الواقع وهوما نراه في مناهج الدراسة؟
الأمل فيك يا أخي وفي أمثالك ممن لا زال يعتمد الذوق مع استكمال أدوات الناقد
ـ[الفاروقي]ــــــــ[17 - 04 - 2009, 03:06 م]ـ
الخلاف قديم في مرجعية النقد وأساسه
هل (التذوق) فهو حينئذ (فن)
أم (القواعد والمبادئ والأسس) فهو (علم)
وربما يبدأ تذوقا وينتهي علما
أو هو مزيج بديع بينهما
لكنه يبقى التذوق المساحة الأرحب والأعمق
ـ[أبوزيد الهلالي]ــــــــ[17 - 04 - 2009, 03:11 م]ـ
بل هو علم مشوب بفن ..
ولي عودة بهذا الشأن ...
ـ[أنوار]ــــــــ[17 - 04 - 2009, 03:48 م]ـ
قد تكون التقسيمات جيدة لدراسة قصيدة بأكملها وتمييز فصولها ..
أما التقسيمات الحاصلة في المناهج الدراسية واقتطاع أبيات من القصيدة فهذا هو الذي أفسد الذوق والإحساس بالشعر ..
ومما أذكر في المرحلة الثانوية .. كنا ندرس المعلقات والمقتطع من القصيدة بأكملها حوالي عشر أبيات منتقاه .. ومما كنا نتعلمه أن أهم مايميز الشعر الجاهلي أن لكل بيت وحدة مستقلة .. وهذا من الأخطاء الفادحة في التعليم ..
ـ[الفاروقي]ــــــــ[18 - 04 - 2009, 05:06 م]ـ
بل هو علم مشوب بفن ..
ولي عودة بهذا الشأن ...
أنتظرك بشغف سيدي
لأتعلم
ـ[الفاروقي]ــــــــ[18 - 04 - 2009, 05:09 م]ـ
قد تكون التقسيمات جيدة لدراسة قصيدة بأكملها وتمييز فصولها ..
أما التقسيمات الحاصلة في المناهج الدراسية واقتطاع أبيات من القصيدة فهذا هو الذي أفسد الذوق والإحساس بالشعر ..
ومما أذكر في المرحلة الثانوية .. كنا ندرس المعلقات والمقتطع من القصيدة بأكملها حوالي عشر أبيات منتقاه .. ومما كنا نتعلمه أن أهم مايميز الشعر الجاهلي أن لكل بيت وحدة مستقلة .. وهذا من الأخطاء الفادحة في التعليم ..
هم يثبتون ذلك عمليا باقتطاع أبيات أو قطعة كاملة (كذكر الأطلال أو حديث الخليلين ووصف الناقة) ثم الإبقاء على سائر القصيدة فلا تتأثر الوحدة العضوية لها ولا ينهار من بنائها المعنوي العضوي شئ
وعلى غرار ذلك شعر المتنبي إذا استقطع منه أبيات الحكمة
هذا قولهم
فما رأيكم؟؟
ـ[محمد أبو النصر]ــــــــ[19 - 04 - 2009, 09:14 م]ـ
العمل الأدبي (علم وفن) علمٌ حيث لأبد له من قواعد يسير عليها ومقاييس نقدية يستند إليها النقاد في تعاملهم مع النص وفنٌ يقصد به المتعة هذه واحدة
أما الثانية فهى أن المبدع في إبداعه يترك نفسَه أولا لخلجات نفسِه تبوح بكل ما تكنه من مشاعر أو أحاسيس تدفقت لديه حتى وصلت زروتها المعهودة وقت الإبداع ثم يقوم بعد ذلك بمراجعة النص بعقله ويستند لأدواته الشعرية و النقدية.
ـ[أبوزيد الهلالي]ــــــــ[20 - 04 - 2009, 08:09 م]ـ
النقد بين العلم والفن (1)
أولاً: أدلة القائلين بأن النقد (فن):
1.إن النقد اعتماده على الذوق، والذوق لايستند إلى أصول علمية؛ إذن فهو فن وليس علمًا.
2.الاختلاف الكبير بين المتخصصين في الحكم على الآثار الفنية وهذا يدل على استحالة وجود حلول علمية. (لو لم يتفاتوا لوجدوا حلاً واحدًا).
3.إن الأدب غير محدود؛ ويستحيل أن نضع لغير المحدود قواعد محددة.
4.الأدب يصدر عن نبوغ وعبقرية خاصة بصاحبها، وبالتالي يستحيل أن نضع خصائص لكل أديب؛ لأن الأدب يتلون بتلون صاحبه.
5.إن الناقد يعالج أفكاره بطريقة فنية.
ثانيًا: أدلة القائلين بأن النقد (علم):
1.صحيح أن الذوق متباين في الخلق، وأنه قابل للتحسن والنزول، ولكن مع ذلك فإن الذوق خاضع لقوانين ونظم يمكن دراستها، وهناك مقاييس للذوق الهابط والراقي يمكن تصنيفها.
2.إن الاختلاف بين المتخصصين أمر معروف، ولكن ما اتفقوا عليه أكثر مما اختلفوا فيه وهذا يدل على أن في نفوسهم وعقولهم أسسًا علمية متشابهة بالإضافة إلى أن الاختلاف بين النقاد في الفروع لا في الأصول.
3. وراء التنوع والتعدد في الأدب أسس يجتهد الناقد في أن يضبطها فيضع خصائص عامة في كل جنس تختلف عن الآخر كخصائص للغزل تختلف عن المديح.
4.إن صدور الأدب عن عبقرية خاصة لصاحبها يدل على صعوبة النقد لا استحالته، بالإضافة إلى الناقد ليس مطالبًا بوضع خصائص لكل أديب بل يجعل لكل عصر سمات خاصة به.
السؤال: النقد أعلم هو أم فن؟
الجواب: النقد علم مشوب بفن.
يقول قدامة بن جعفر: (إن من العلوم الخمسة التي تدرس الشعر علم يعنى أو يتناول الشعر ويعنى بتلخيص الجيد من الرديء)
يقول أحمد أمين: (إن النقد مبني على ذوق خاضع للبحث العلمي) فهو علم محفوف بصعاب كثيرة.
يقول الدكتور خالد اليوسف: (النقد وليد العلم، وفيه موضوعية العالم وذاتية الفنان).
____________________________________
(1) نقلاً عن دفتر محاضراتي الجامعية في مادة النقد الأدبي، يوم كنت طالبًا.(/)
ماوجدناه عن الأدب المقارن
ـ[الجهني]ــــــــ[13 - 03 - 2003, 06:11 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
تحية طيبة إلى الإخوة الأفاضل في منتدانا العزيز.
هذا ماوجدناه عن الأدب المقارن من خلال بحث سريع.
http://www.awu-dam.org/book/99/study99/239-1-a/ind-book99-sd001.htm
وهذا
http://www.awu-dam.org/book/00/study00/101-m-h/ind-book00-sd001.htm
وهذا
http://www.albayan.co.ae/albayan/2002/06/10/mnw/9.htm
وهذا
http://www.bab.com/articles/full_article.cfm?id=8225
وهذا
http://www.alriyadh.com.sa/Contents/30-12-2002/Mainpage/Thkafa_3489.php
وهذا
http://www.alwatan.com/graphics/2002/12dec/28.12/heads/ct3.htm
وهذا
http://www.islamonline.net/arabic/arts/2001/04/article22.shtml
وهذا
http://www.china.org.cn/arabic/57473.htm
وهذا
http://208.185.82.137/archive00/oct00/akhbar2.htm
والله من وراء القصد
ـ[الزبرقان]ــــــــ[26 - 11 - 2003, 04:07 م]ـ
بارك الله فيك(/)
مفهوم: الأدب المقارن
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[13 - 03 - 2003, 08:58 م]ـ
الأدب المقارن
مدلول تاريخي يدرس مواطن التلاقي بين الآداب في لغاتها المختلفة، وصلاتها الكثيرة المعقدة، في حاضرها أو في ماضيها، وما لهذه الصلات التاريخية من تأثير أو تأثر
أيا كانت مظاهر ذلك التأثير أو التأثر:
سواء تعلقت بالأصول الفنية العامة للأجناس والمذاهب الأدبية أو التيارات الفكرية
أو اتصلت بطبيعة الموضوعات والمواقف والأشخاص التي تعالج أو تحاكى في الأدب
أو كانت تمس مسائل الصياغة الفنية والأفكار الجزئية في العمل الأدبي
أو كانت خاصة بصور البلاد المختلفة كما تنعكس في آداب الأمم الأخرى بوصفها صلات فنية تربط ما بين الشعوب والدول بروابط إنسانية تختلف باختلاف الصور والكتاب: ثم ما يمت إلى ذلك بصلة من عوامل التأثير والتأثر في أدب الرحالة من الكتاب
0000000000000000000000000000000000000
من كتاب الأدب المقارن للدكتور محمد غنيمي هلال
ـ[أبو سارة]ــــــــ[04 - 05 - 2003, 01:04 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخت الفاضلة / أنوار الأمل حفظها الله
هل هناك علاقة بين مفهوم العولمة ومفهوم الأدب المقارن؟
وهل يندرج الأدب المقارن ضمن تقسيمات العولمة أو توابعها أم العكس؟
هذه الأسئلة دارت في مخيلتي عندما قرأت موضوعك فربما يكون بينهما تقارب بالمفهوم،أرجو التوضيح إن وجد0
ولك خالص شكري وتقديري، ولا يفوتني أن أشكرك على هذا الموضوع النافع0
والسلام
ـ[ديوان]ــــــــ[24 - 06 - 2003, 08:17 م]ـ
الأستاذة الفاضلة / أنوار الأمل
شكراً لك على محاولتك تقريب مفهوم الأدب المقارن
إلا أن الأدب المقارن له مدلولان: تاريخي و لغوي
ولقد تحدثت رعاك الله عن التاريخي دون اللغوي
فنرجوا توضيح ذلك حفظك الله
ـ[يوسف شليخ]ــــــــ[13 - 12 - 2007, 09:38 م]ـ
:::::::::::::) اريد تعريفا كليا للادب المقارن
ـ[نجمة سوف]ــــــــ[26 - 01 - 2008, 09:38 م]ـ
شكرا جزيلا للأستاذة الفاضلةعلى التعريف بالأدب المقارن وأريد منك المنابر الدراسية للأدب المقارن لو أمكن ذلك ولك منك جزيل التقدير والاحترام
ـ[$النبيل$]ــــــــ[02 - 02 - 2008, 11:37 ص]ـ
شكرا لك على هذه التوضيحات
ياحبذا لو تتوسعي كثيرا في طرح الموضوع كي تعم الفائدة
التحايا لكم مني
النبيل
ـ[أحمد الشمري]ــــــــ[27 - 02 - 2008, 12:14 م]ـ
للأدب المقارن تعريفات عديدة منها:
أنه وصف تحليلي،ومقارنة منهجية تفاضلية، وتفسير مركب للظاهرة اللغوية الثقافية من خلال التاريخ والنقد والفلسفة، وذلك من أجل فهم أفضل للأدب.
وأيضاً هو: الفن المنهجي الذي يتم عبر بحث علاقات التشابه والقرابة والتأثير والتأثر، وعبر تقريب الأدب من باقي ميادين التعبير أو المعرفة أو الأحداث أو النصوص الأدبية فيما بينها سواء أكانت متباعدة أم لا في الزمن أو المكان أو فيهما جميعاً. بشرط أن تنتمي إلى لغات متعددة أو ثقافات مختلفة.
(كلود بي شوا)
وأيضاً:
هو فن تقريب الأدب من ميادين التعبير والمعرفة الأخرى بطريقة منهجية عن طريق البحث بين روابط التشابه والقرابة والتأثير، أو تقريب الوقائع والنصوص الأدبية فيما بينها (متباعدة أو غير متباعدة في الزمان أو المكان أو فيهما جميعا) بشرط: أن تنتمي إلى عدة لغات أو عدة ثقافات، وان تؤلف جزءا من مدار واحد؛ وذلك من أجل وصفها وتذوقها بطريقة أفضل.
(اندريه روسو)
من محاضرات الأدب المقارن للدكتور الصادق قسومه.
ـ[ناني]ــــــــ[10 - 03 - 2008, 04:01 م]ـ
ممكن تعريفات للادب المقارن واعرف مصدرها ولكم مني كل الشكر
ـ[أحمد القرني]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 12:54 ص]ـ
شكرا لهذه الفوائد
ـ[عبدالله الظفيري]ــــــــ[05 - 04 - 2008, 01:26 ص]ـ
شكراً لك أختي على التعريف بالأدب المقارن
وهناك تعريف آخر للأدب المقارن
وهو: دراسة الأدب القومي في علاقته التاريخية بغيره من الآداب الخارجية عن نطاق اللغة القومية التي كتب بها.
وبالنسبة للمدلول اللغوي: لابد أن يكون في المقارنة لغتين مختلفتين.
ـ[الهمام2003]ــــــــ[21 - 04 - 2008, 05:07 م]ـ
الدكتور محمد غنيمي هلال متخصص في الأدب المقارن وهو غني عن التعريف ومن كتبه (الأدب المقارن) كما أن الدكتور محمد التونجي بسط معنى الأدب المقارن وعرضه بشكل شيق ورائع في كتابه (الآداب المقارنة).
ـ[المحفوظ]ــــــــ[13 - 05 - 2010, 08:06 م]ـ
لقد استفدت كثيرا من هذه التعريفات المختلفة اسأل الله لكم الأجر
ـ[منتظر]ــــــــ[14 - 05 - 2010, 05:45 م]ـ
السلام عليكم
هل للادب المقارن علاقة بالتناص ام لا؟
ام هناك اختلاف وتداخل؟
ارجوكم افيدنا(/)
تحليل النص الأدبي
ـ[سامح]ــــــــ[22 - 03 - 2003, 03:33 م]ـ
الهدف من دراسة النص الأدبي:
الوقوف على إبداعات الأديب في نصه وماتجلى فيه
من جماليات جعلت القارئ ينفعل بها ويتأثر
مثلما انفعل بها الأديب من قبل وتأثر؛ انفعالاً وتأثراً يجعلانه
مشدوداً إلى مافي النص من سمات فنية ترقى بالأدب , ومن
قيم موضوعية تسمو بالإنسان إلى مراقي التقدم والكمال.
صفات الناقد الجيد
-سلامة الذوق؛ لأن المتنبي يقول:
ومن يك ذا فم مريض ,,, يجد مراً به الماء الزلالا.
-دقة الحس , فلابد من أن يتجاوب الناقد والأثر الأدبي
وينفعل به انفعالاً عميقاً , فينتقل بكل حواسه إلى الجو
الذي عاش فيه الأديب ويتقمص شخصيته.
- التجرد , فلايكون لهواه منفذاً إلى حكمه , فقد أنصف
النقاد المسلمون قبلاً الأخطل النصراني , فينبغي أن لايكون
للهوا سلطان على حكم الناقد.
قبل تحليل النص:
- معرفة الأديب (فالأدب يفسر الأديب ,
وحياة الأديب تفسر الأدب)
فبعض النصوص الخالدة لانستطيع فهمها إلا بمعرفة قائليها ,
ولانستطيع أن نعلل بعض الظواهر الأدبية إلا بذلك
(لم أجاد الحطيئة الهجاء ولم يجد الفخر؟!!!)
علماً بأن من الباحثين من يرى إبعاد الآثار الأدبية عن أجوائها.
-المناسبة:
وهي السبب المباشر لإنشاء النص , فالقصيدة
كالبركان يعتمل بالتوتر تحت سطح الأرض وساعة انفجاره تأتي متأخرة عن ساعة تكوينه , وهناك فئة من النقاد ترى
إبعاد النص عن مناسبته , وعن صاحبه لكي يحلل النص دون
نظر إلى الظروف المحيطة به , وهذا صحيح , ولكن المناسبة كالضوء الذي يساعدنا على رؤية ماتحت النص , وعلى الدارس
أن لايغرق في دراسة مناسبة النص وقائله , فتكون دراسة نفسية.
- الزمان والمكان:
فمعرفة الزمان مهمة لمعرفة تطور الأجناس , والظواهر الأدبية
ولمعرفة فضل من تقدم ومزية من تأخر , ومعرفة المكان
تساعد على وصف الظواهر الأدبية وتفسيرها , فأدب الصحراء
يختلف عن أدب المدينة , وأدب الريف يمتاز عن أدبي المدينة
والصحراء.
- قراءة النص:
على دارس النص أن يخلص إلى قراءة النص قراءة صحيحة
واعية , تفحص عن فهمه له , وإحساسه به , ووقوفه على
مضمونه.
# تحليل النص:
وهنا يتناول الشكل والمضمون كل على
حدة , دون أن ينسى أنهما مرتبطان بلا انفصال.
عناصر النص الأدبي:
الشكل:
1 - بناء القصيدة:
- المطلع.
-الخاتمة.
-الطول.
-الوحدة.
2 - اللغة (الأسلوب).
3 - الصورة الأدبية.
4 - الموسيقا.
المضمون:
1 - الأفكار.
2 - العاطفة.
يتبع
ـ[سامح]ــــــــ[05 - 04 - 2003, 04:45 م]ـ
أولاً: الشكل /
المطلع:
البيت الأول فاتحة القصيدة متى ماعثر عليها الشاعر انصب على موضوعه لأنه المفتاح الذي يدخل به المتلقي إلى فضاء النص.
# من الشروط التي حددت لجودة المطلع:
1 - أن يكون خالياً من المآخذ النحوية.
2 - أن يكون معبراً عن مضمون النص وأن تراعى فيه جودة اللفظ
والمعنى معاً, ومن المطالع التي توحي بموضوعها قول أبي تمام:
السيف أصدق أنباء من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب
فموضوعها هنا (الحرب والحماسة).
كذلك لابد أن لا يكون مما يتشاءم منه أو يتطير به , بل حسن الوقع على النفس بعيداً عن التعقيد , واضحاً سلس النغم والجرس.
3 - إن لم يكن رائعاً فينبغي أن لايكون بارداً كقول أبي العتاهية:
ألا مالسيدتي مالها ... أدلاًّ فأحمل إدلالها
فمثل هذا الكلام لايناسب في بداية قصيدة تلقى بمناسبة اجتماعيةكبيرة يبايع فيها المهدي بالخلافة.
4 - أن يكون نادراً انفرد الشاعر باختراعه كقول المتنبي:
الرأي قبل شجاعة الشجعان ... هو أول وهي المحل الثاني
ب الخاتمة:
استحسن نقادنا الأقدمون أن يكون البيت الأخير مختاراً رائعاً
لأنه آخر ما يرتسم في النفس ويعيه السمع.
وأحسن الانتهاء ماجمع الجودة والإشعار بتمام الكلام.
ومن ذلك قول علي السنوسي في قصيدته (كيف أصبحت)
كيف أصبحت وماذا تصنعين ... وإلى أي مكان تنظرين
ينعي على الأمة الإسلامية ماوصلت إليه من ذلة وهوان أمام أعدائها
ويثير الحماسة لاسترداد الحقوق المسلوبة , فيختم القصيدة
بهذا البيت المليء حماسة:
أفما آن لنا ياأمتي ... أن نرد الصاع للمستهترين
الطول /
لم يحدد القدماء طولاً معيناً للقصيدة ,
وكان شعراء العرب يميلون إلى القصائد القصيرة لأسباب فنية
واجتماعية ونفسية
منها: الرغبة في التنقيح , والاكتفاء بماقل ودل.
ومنها:أن القصيدة القصيرة أروج وأسير عند الحفاظ والرواة.
ومنها: حرصهم على تجنيب السامع السآمة والملل.
والمعدل المألوف الذي اتفق عليها شعراء المعلقات
ومن بعدهم حتى العصر الأموي يراوح بين (20 - -> 50 بيتاً).
فالطول يحدد باعتبار المتلقي وباعتبار الوقت وكذا القائل
ويحدد بالتجربة الشعرية والثروة اللغوية.
وبالغرض من القصيدة , وبالوزن والقافية , وكان ابن الرومي
يميل إلى الأوزان والقوافي التي تساعد على إطالة القصيدة.
الوحدة:
وهي إما موضوعية أو عضوية
1 - الوحدة الموضوعية:
إذا كان النص في موضوع واحد , فهو ذو وحدة موضوعية
فتكون القصيدة مدحاً أو وصفاً أو رثاءاً ....... , وأغلب
الشعراء القدماء لم يلتزموا بوحدة الموضوع.
وليست وحدة الموضوع أن يكون النص مديحاً أو غزلاً
أو رثاءاً فحسب بل أن يكون النص مراعياً مقتضى الحال
أي (الغرض الأساس من القصيدة).
2 - الوحدة العضوية:
فلابد أن تكون عملاً فنياً تاماً , فهي كالجسم الحي يقوم
كل قسم منها مقام جهاز من أجهزته , ولايغني عنه غيره
في موضعه إلا كما تغني الأذن عن العين أو القدم عن الكف
أو القلب عن المعدة.
ومن علامات الوحدة العضوية براعة الأسلوب القصصي الذي
يساعد على الترابط والتلاحم في القصيدة.
والوحدة العضوية في الأدب القصصي أصل من أصوله
ولايجوز إهماله ولايمكن أن يسمى العمل الأدبي قصة بدونه
لأن القصة مبنية على تلاحم الأجزاء مرتبة تعتمد على توالي
الأحداث وتأثيرها في نفوس المتلقين.
يتبع.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سامح]ــــــــ[01 - 05 - 2003, 07:31 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وطاوي ثلاث عاصبِ البطنِ مُرْْمَلٍ "=" بتيهاءَ لم يعرِفْ بها ساكنٌ رسما
أخي جفوةٍ فيه من الأنسِ وحشةٌ "=" يرى البؤسَ فيها من شراسته نُعْمى
وأفرد في شِعْبٍ عجوزاً إزاءَها "=" ثلاثةُ أشباحٍ تخالهُمُ بَهْمَا
حفاةٌ عراةٌ مااغتذَوا خُبْزَ مَلَةٍ "=" ولاعَرفوا للُبِّر مُذْ خُلِقُوا َطعْمَا
رأى شبحاً وسْط َالظلامِ فراعَهُ "=" فلما بدا ضيفاً تسورَ واهْتَمَا
فقال ابنهُ لما رآه بِحَيْرَةٍ "=" أيا أبتِ اذبحْنِي ويَسِرْ لهُ طُعْمَا
ولاتعتذر بالعُدْمِ علَّ الذي طَرَا "=" يظُنُ لنَا مَالاً فيُوسِعُنَا ذَمَا
فرَوَّى قليلاً , ثم أحجمَ بُرْهَةً "=" وإن هوَ لمْ يذبحْ فتاهُ فقدْ هَمَّا
وقال هَيَََا رباهُ ضيفٌ ولاقِرَى "=" بحَقِكَ لاتَحْرِمْهُ تالليْلَةَ اللَحْمَا
فبيناهُمَا عَنَّتْ على البُعْدِ عَانَةٌ "=" قَدِ انْتَظَمَتْ مِنْ خَلْفِ مِسْحَلِهَا نَظْمَا
عِطَاشاً تُرِيْدُ الماءَ فانسابَ نحوها "=" على أنه منها إلى دمها أظما
فأمهلها حتى تَرَوَّت عِطاشها "=" فأرسل فيها من كِنَانتِهِ سَهْما
فخرت نَخُوْصٌ ذاتُ جَحْشٍ سَمِيْنَةٌ "=" قد اكتنزت لحماً وقد طبَّقَتْ شَحْما
فيا بِشْرَهُ إذ جرها نحو قومه "="ويابشرهم لمَّا رأوا كَلْمَهَا يَدْمَى
فباتوا كراماً قد قضوا حق ضيفهم "=" فلم يغرموا غَرْماً وقد غَنِمُوا غَنْمَا
وبات أبوهُمْ مِنْ بشاشتهِ أباً "=" لضيفهمُ والأمُّ مِن بِشرها أما
معرفة الأديب:
اسمه جرول بن مليكة العبسي
شاعر مخضرم ممن عنوا بتنقيح قصائدهم قبل عرضها
كان دعياً في نسبه وكان سفيهاً حاقداً على المجتمع حتى لم
يترك أحداً دون أن يهجوه حتى هجا نفسه وأمه وأباه وزوجته
كان من الذين يمتهنون التكسب بالشعر.
.. المناسبة:
لم أحصل على مناسبة تروى عن الحطيئة لتكون سبباً لهذه القصيدة
وربما نسجت القصة في خيال الشاعر دون أن تقع على أرض واقعه.
.. الزمان:
في عصر الحطيئة , والذي عاش فيه بين ظلام الجاهلية ونور الإسلام.
.. المكان:
في أرض جزيرة العرب الصحراوية الجافة , والتي طبعت الناس بطبيعتها.
.. المطلع:
مناسب , فهو ينبئ عن غرض القصيدة , ويثير فضول القارئ حينما يسمع
(وطاوي .. ) فيتساءل .. ما قصة هذا الطاوي .. ؟
.. الخاتمة:
أحسن الشاعر الخاتمة لإشعاره بنهاية القصيدة , وكذا جودة معناها إذ
أوحى الختام بالبشر الذي أعقب الحل.
.. الطول:
استطاع الشاعر أن يروي لنا هذه القصة الشعرية المتكاملة في أبيات قليلة
وهي قصة متكاملة حبكها الشاعر مقتصراً على الأحداث الضرورية فكان هذا
القدر من الأبيات كافياً لاستيعاب هذه التجربة , وهذا دليل تميز الشاعر.
.. الوحدة:
الموضوعية متحققة , فهو يتحدث عن الكرم , والعضوية متحققة ,
إذ جاءت أجزاء القصيدة مترابطة , ومبنية بناءاً عضوياً دقيقاً.
ـ[سامح]ــــــــ[15 - 05 - 2003, 12:15 م]ـ
الأسلوب (اللغة):
يظهر الرسام عواطفه من خلال اللوحة , والأديب رسام يرسم بالكلمات
واللغة هي المعدن الذي يصهر من خلاله أوانيه , فاللغة إناء يصب فيه
سائل هو (المضمون) , والأديب يقدم هذا المشروب أياً كان طعمه من
خلال هذا الإناء , فقد يكون متيناً , جميلاً , رديئاً , قبيحاً .. واللغة
هي المفردات والتراكيب .. ننظر إليها من خلال:
1 - الغرابة والألفة والابتذال:
ينبغي أن تكون لغة الأدب مأنوسة أليفة , على علوها وشرفها بأن
تكون لغته وسطاً بين لغة المتقعرين من الرواة ولغة العامة الركيكة.
يقول أبو هلال العسكري " وأما المختار من الكلام فهو الذي تعرفه
العامة إذا سمعته ولاتستعمله في محاوراتها ".
فالغرابة: أن تكون الكلمة وحشية لايظهر معناها , فيحتاج في معرفتها
إلى أن ينقر عنها في كتب اللغة.
معيار الغرابة:
- عصر الأديب
ليس المقصود بالكلمة الغريبة أنها التي لايعرف معناها إلا في المعجم فكم
كلمة لانعرف معناها عندما نسأل عنها ولكننا نفهمها من خلال السياق.
كلفظة (السميدع) في قول الشاعر:
ومن ضاق ذرعاً بالحياة فإنها:: تضيق به وهو الكريم السميدع
فكلمة (السميدع) وهي تعني الشريف في قومه فهمناها من السياق
فأذهب ذلك غرابتها.
- الموضوع:
فالأديب يغرب إذا وصف مالانألف كالصحراء والناقة والوحوش ....
(يُتْبَعُ)
(/)
- الغريب لايذم إلا إن كان متكلفاً كثيراً , ولذلك وجدنا في كتاب الله
- عزوجل- كلمات غريبة , ولاسيما في الجزء الأخير منه اختلف
الصحابة - رضي الله عنهم- في معناها.
ومن الأمثلة على الغريب المذموم ماشاع في مقامات الحريري.
- الغرابة في القافية يمكن التساهل فيها وقبولها. والغريب في الشعر
أكثر من النثر.
الابتذال:
الكلمة المبتذلة هي التي لاكتها العامة حتى عطلت إشعاعها , فصارت
باهتة منطفئة , ولغة الأدب ينبغي أن تمتاز عن لغة العلم ولغة الحياة
اليومية بسموها ورقيها.
وليس شيوع اللفظة بذاته هو المقياس للحكم على الكلمة بالابتذال بل
يعتمد مقياس الابتذال على صفة كامنة في اللفظة وهي (إيحاؤها ,
إشعاعها , إشراقها) فإذا فقدت هذه الصفات عدت مبتذلة.
ففي اللغة كلمات شائعة لم يفقدها استعمالها بريقها , وهي أيضاً ضرورية
لابديل عنها مثل: الإنسان , الزمان ,الجار , الأخ ,الأخت , الجوع ....
ثمة كلمات شائعة في اللغة ولكنها لاتصلح للشعر , كما أنها إذا كثرت
في النثر هجنته؛ لأن النثر لغة الحياة الواقعية , لايستطيع أن يتجاوز
مادتها ولذلك حسن فيه مالايحسن في الشعر .. مثل: البصل والباذنجان
والطماطم والفجل والشاي ...
نعيب على صلاح عبد الصبور قوله في قصيدة (الحزن):
ورجعت بعد الظهر في جيبي قروش
فشربت شاياً في الطريق
ورتقت نعلي
أو قول محمود درويش في قصيدة (الموعد الأول):
حلقت ذقني مرتين
مسحت نعلي مرتين
أخذت ثوب صاحبي وليرتين
لأشتري حلوى لها وقهوةً مع الحليب
هناك كلمات يبعدها عن النمط الأدبي احتقار الناس لمعانيها مثل
(الخنفساء , الجعل)
كلمات يكره الناس المجاهرة بمعانيها ويستترون عند قضائها كالألفاظ
الدالة على قضاء الحاجة والمتصلة بالنظافة كالتقيؤ والبصاق والألفاظ
الجنسية.
لذلك نعيب على بعض الشعراء الحدثاء كنزار قباني وصلاح عبد الصبور
تصريحهم بما لايجب التصريح به.
- والكلمات الأعجمية مبتذلة مستكرهة في النثر والشعر, ولكن ورودها
في النثر قد يكون ضرورة معرفية أما في الشعر فينبغي الإقلال منها.
- المصطلحات الشائعة في اللغة العلمية كمصطلحات أهل اللغة
والشريعة والمنطق واللغة اليومية (الإعلان , التصريح , البيان)
وتجد ذلك في شعر العلماء.
- للزمان أثر في ابتذال اللفظة , فكم كلمة بدأت مشعة حسنة , توحي
بالمعنى , ثم أصبحت مع الاستعمال عادية أو رديئة؛لأنها فقدت
إشعاعها , أو أصبحت مباشرة.
من ذلك كلمة (تكاليف) في قول زهير:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش:: ثمانين حولاً لاأبا لك يسأم
فقد جاءت مقبولة مشرقة في عصره , ولكن التكاليف في عصرنا
أصبحت من معجم المحاسبة.
للابتذال علاقة بالغرض وبالمقام فالذي يصف مرضاً أصاب عزيزاً
لابد أن يستعمل حقله الدلالي فتجد (الحشا) (الدواء) (الحمى)
ومن يصف قبراً أو زهد في الدنيا غير من يصف قصراً فخماً ,
فالأول يورد الدود والبلى , ولكن هذه الكلمات لاتصلح لوصف فاكهة
بستان.
من يخاطب عامياً خطاباً عاماً يقبل منه أن يأتي بأسلوب أقل سمواً
من أسلوب آخر يخاطب به آخر في مقام آخر.
على أن الأديب قد يأتي بكلمة عامية الدلالة فيمنحها فيضاً من حسه
فتتوهج وتلمع بين يديه كما تتوهج الجوهرة بين يدي الصائغ الماهر.
خذ كلمة (بابا) العامية وانظر كيف وهبها الأميري فيضاً من شعور
الأب العطوف , وذوق الأديب المرهف
فنشيدهم (بابا) إذا فرحوا:: ووعيدهم (بابا) إذا غضبوا
يتبع ..
ـ[سامح]ــــــــ[27 - 06 - 2003, 12:21 ص]ـ
2 - الطول والقصر:
لأن مبنى الشعر على الإيجاز حسن أن تكون كلماته قصيرة
(قليلة الحروف) .. لأن الكلمات القصيرة أوجز وأخف على
السمع وعلى اللسان .. وأجود موسيقى خفية.
فناسب الشعر قصر الكلمات وقصر الجمل أيضاً
ولذلك عاب النقاد على المتنبي استعماله (سويداواتها)
حين قال:
إن الكرام بلا كرام منهم ُ ... مثل القلوب بلا سويداواتها
فالكلمات الكثيرة الحروف أصعب لأنها تتطلب جهداً عضلياً
أكثر من غيرها.
ولاريب أن الكلمات الطويلة عيب في الشعر .. وأن كثرة الكلمات
الطويلة عيب في النثر .. ولذلك جعل ابن سنان الخفاجي اعتدال
الكلمة (عدم طولها) من شروط فصاحتها.
على أن طول الكلمة لايخل بفصاحتها إلا إذا صعب النطق بها.
(يُتْبَعُ)
(/)
والكلمة التي تطول قد تكون مقبولة إذا خفت بسبب نوع الحروف
وترتيبها وشيوع المدود والإدغام وحروف الوصل (الحرف الذي
بعد قافية البيت) .. اقرأ كلمة (اسبكرت) تجدها خفيفة في قول
امرئ القيس:
(إذا مااسبكرت بين درع ومجول).
وإذا كان مبنى الشعر على الكلمات القصيرة فإن مبناه أيضاً
على الكلمات القصير فإن مبناه أيضاً على الجمل القصيرة
لأن الجمل القصيرة أكثر موسيقى خفية , ولأنها أنسب لطبيعة
الشعر (الإيجاز) .. وقد تطول الجملة في القصيدة .. ولكنها لاتتجاوز بيتاً واحداً .. ومن أجل هذا الاختصار كره علماء النقد
والبلاغة التضمين .. وهوأن يرتبط البيت ببيت لاحق وسابق
وعدوه من عيوب القصيدة على أن طول الكلمات والجمل يجيء
في النثر ذا ارتباط بالمعنى وكلما كان النص أوجز وأبلغ كان أقصر .. ويجب تقسيم الجملة الطويلة في دلالتها لتكون قصيرة في موسيقاها كما تجد في علامات الوقف في القرآن الكريم
كما في سورة النبأ .. وإذا طالت الجملة في معناها قسمها البليغ إلى أشباه جمل يحسن الوقوف عليها لالتقاط النفس.
3 - التقديم والتأخير:
الأصل في التركيب النحوي الشائع أن يأتي على نمطين:
أ. الجملة الفعلية: الفعل=> الفاعل => المفعول به أو الصفة أو الحال أو التمييز.
ب. الجملة الأسمية: المبتدأ => فالخبر.
غير أن الأسلوب الأدبي يغير هذا الأصل لأسباب عديدة:
منها تنويع الأسلوب , ومنها مراعاة موسيقى اللفظ , أو مراعاة المعنى.
-تأمل قول أبي الطيب:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم ... وتأتي على قدر الكرام المكارم
الأصل:
تأتي العزائم على قدر أهل العزم وتأتي المكارم على قدر الكرام
ولكنه خالف هذا الأصل مراعاة للموسيقى , وهذه الظاهرة موجودة في أساليب القرآن الكريم .. كقوله تعالى ((إياك نعبد وإياك نستعين)) .. فالأصل: نعبدك ونستعينك .. وقد عدل عن الأصل مراعاة لموسيقى اللفظ لتمام السجع .. ولغاية أخر معنوية هي الاختصاص.
ومن أغراض التقديم تعجيل المسرة أو المساءة والتفاؤل , ومن أجل ذلك استحسنوا أن تكون أول كلمة في قصائد المحافل موحية عذبة كقول شوقي:
هنيئاً أمير المؤمنين فإنما ... نجاتك للدين الحنيف نجاة
تعجيل المساءة: راسبٌ أنت في الامتحان.
ومن أغراض التقديم التشويق:
ثلاثة يذهبن الحزن ... الماء والخضرة والوجه الحسن
يتبع ,,
ـ[سامح]ــــــــ[30 - 06 - 2003, 03:14 م]ـ
4 - الإنشاء والخبر:
فالخبر: إخبار عن شيء , ولذلك أمكن أن يقال لقائله:
صدقت ,إذا وافق الحقيقة ,وإن خالف الحقيقة .. قيل:كذبت
أما الإنشاء: فهو تعبير عن الإحساس الذاتي بطلب أو غير
طلب .. ولذلك لايمكن لمن تمنى شيئاً أن يقال له: كذبت أو صدقت. وهو قسمان:
الطلبي: مايطلب المتكلم به شيئاً من المتلقي كالأمر والنهي والاستفهام والنداء.
غير الطلبي: وهو مايبدي المتكلم شعوراً بالارتياح أو الكراهية
أو الثناء أوالذم .. كالتمني والترجي والتعجب والقسم والمدح والذم
[عسى , لعل , كاد , شك , جعل .. ]
صيغ العقود: وهي الاتفاقات التي تجري بين الناس في البيع والشراء والرهن
والوصية وماإلى ذلك.
[بعت , اشتريت , زوجت ,ووهبت ... ]
وقد تكون بالماضي أوغيره كقولك: أنا الموقع أدناه.
والكلام بطبيعته يتراوح بين الخبروالإنشاء والكلام العادي تكثر
فيه الجمل الخبرية سواء كان نصاً أدبياً ,أوعلمياً أوشفوياً أو مكتوباً.
ولكن قد تزيد نسبة الإنشاء , وقد تزيد نسبة الخبر لمقاصد أدبية
فالخبر يشيع في مواقف الوصف والتقرير والإخبار , وتزداد نسبة
الإنشاء في مواقف الحماسة والتحريض والإثارة.
وأسلوب الإنشاء أكثر إثارة للذهن؛ لأنه أكثر حركة واندفاعاً وهذا مايجعل الصورة الأدبية تهز الذهن لتشخيصها وحركتها؛ لإن
الإنشاء طلب والطلب يقتحم ذهن المتلقي والسامع.
ولأثر الإنشاء تجد الخطاب في القرآن الكريم
يبدأ أحياناً كثيرة:
(ياأيها الذين ءامنوا ... ) وهو إشارة للمؤمن: أن أنصت واستمع فثمة خير تدعى إليه , أو ر تنهى عنه.
ومن أجل ذلك استفتح الشعراء القدامى والحدثاء قصائدهم
بالإنشاء يدعون أصحابهم أو بناجون قلوبهم , وتأمل
مطالعهم تجد ذلك بيناً.
فالإنشاء: إذاً يثير الذهن , وهذا يذكرنا بأنه أكثر حيوية واندفاعاً , ومن أجل ذلك يكثر في مواطن الحماسة والتحريض والتهديد والوعيد وفي مواطن الوعظ والتذكير , وهو من شوافع الجزالة.
يتبع ,,
ـ[سامح]ــــــــ[20 - 08 - 2003, 08:45 ص]ـ
اعتذر أحبتي حيث قمت بحذف جميع الردود
حفاظاً على تسلسل الموضوع.
سأبدأ بإذن الله التطبيق
على قصيدة المتنبي التي اختارها شاعرنا الحاضر الغائب
أبو خالد لنطبق عليها ماذكرنا ..
أتمنى أن يُستفاد من الموضوع:)
جزاكم الله خيراً على المتابعة.
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[08 - 04 - 2005, 08:24 ص]ـ
شكراً لك سامح ..
بالمناسبة سمعتُ أن قصيدة (طاوي ثلاث) منحولة للحطيئة؟!
هل لديك توثيق بأنها بالفعل للحطيئة؟!
وما جعلني أميل إلى هذا الرأي أيضاً قولك:"
المناسبة:
لم أحصل على مناسبة تروى عن الحطيئة لتكون سبباً لهذه القصيدة
وربما نسجت القصة في خيال الشاعر دون أن تقع على أرض واقعه."
وفقنا الله وإياك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[] [~عاشقة الضاد~] []ــــــــ[15 - 04 - 2005, 09:05 م]ـ
لا والله ارووع من الرووعة موضوووعك شااااامل وكاااااامل
وساستفيد منة في تحلييل نصووصي
اشكرك اخي وجزااك الله الف خير
ـ[سامح]ــــــــ[16 - 04 - 2005, 05:50 م]ـ
أنشودة المطر
شكراً لك على الملحوظة ..
فعلاً هناك من ذهب إلى هذا الرأي .. وليس لديَّ توثيق
لهذا حالياً ..
أرى بأنه مادام قد بلغنا النص .. وأعجبنا .. وبلغ هذا الحظ
من الدراسة والمطالعة فقد بلغ منزلة ..
حتى لو لم يكن قائله الحطيئة
أو أنه نسب إليه ليشتهر ويذيع صيته .. وهذا ذهب إليه كثير
من الشعراء في عصور متقدمة كان النقاد يقدمون نصوص
الأقدمين على الأحدثين حتى لو سبق الثاني الأول.!!
والقصيدة فعلاً .. لاتتماشى مع نَفَس الحطيئة الساخر
والناقم على الدنيا بما فيها ..
يبقى النص معنا .. وأرانا لو سبرناه لن نقدر على وصله
بالحطيئة .. أو قراءته بانسيابية على أنه نص للحطئية!!
رأي مستفرد
لعل هناك مايعضده في لاحق الأيام ..
الدلوعة ..
حياك الله
وشكراً لك .. يهمنا فعلاً أن نبعث لكم تراتيل معرفة
حتى لو كانت يسيرة.
لكما التحية .. والتقدير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[04 - 12 - 2008, 03:32 ص]ـ
حفظك الله يا سامح أينما وجهت وجهك.
ـ[ايام العمر]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 08:15 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا الموضوع الجميل
ـ[سامح]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 09:11 م]ـ
شكر الله لكم هذا التواصل ..
اعتذر الموضوع قديم جداً ..
لكني ربما غفلت عن الإبانة عن مراجع الموضوع
حيث كانت تلك في الأصل محاضرات جامعية
للدكتور: محمد القسومي
مع بعض الإضافات من كتاب التحرير الأدبي: د. حسين علي محمد
وكتاب بناء القصيدة العربية:د. يوسف حسين بكار
طبعا هذه مفاتيح ..
ولكم بعض الكتب يمكن الاستزادة منها:
1 - عن بناء القصيدة العربية: د. علي عشري زايد
2 - الكلمة والكلام والجمل: د. منير سلطان
3 - موسيقى الشعر: د. إبراهيم أنيس
4 - المرشد إلى فهم أشعار العرب: عبد الله الطيب
ـ[زهرة الزيزفون]ــــــــ[16 - 12 - 2008, 08:31 ص]ـ
نفع الله بك أستاذ سامح.
ـ[الأديب الحقيقي]ــــــــ[26 - 12 - 2008, 11:14 ص]ـ
شكراً أخي سامح
استفدت كثيراً واستبيحك عذراً في نسخها وإفادة الآخرين منها مع حفظ الحقوق لك بالتذييل باسمك حين انسخها
تحياتي مصحوبة بدعواتي
ـ[ابن آدم]ــــــــ[29 - 12 - 2008, 02:31 م]ـ
بارك الله فيك ونفع بك
ـ[سامح]ــــــــ[29 - 12 - 2008, 05:49 م]ـ
شكراً للجميع
الأديب الحقيقي
انشرها , ولكن انسبها لأهل الفضل د/ محمد القسومي
فما أنا سوى ناقلٍ , ومضيف
ـ[فلورفلور]ــــــــ[30 - 12 - 2008, 03:56 م]ـ
جهد طيب،،،
لك جزيل الشكر ....
ـ[شكرا]ــــــــ[02 - 01 - 2009, 05:20 م]ـ
موضوع جميل
كم انا محظوظ لقراءتي له
جزاك الله كل خيرا استاذ سامح
ـ[الحصماني]ــــــــ[04 - 01 - 2009, 10:48 م]ـ
شكرا ياسيد سامح
القواعد التي ذكرتها تندرج ضمن مانسميه بخطاب التعليم او النقد المدرسي والا فثمة نظريات تسقط من اعتبارها كثير من القواعد المذكورة انفا فالبنيوية او النقد البنيوي على سبيل المثال لايلتف الى ماذكرت من الالمام بالاديب وعصره وكما تعلم فهذا النوع من النقد قائما اساسا على مبدأ موت المؤلف اليس كذلك
تحياتي
ـ[سامح]ــــــــ[09 - 01 - 2009, 06:57 م]ـ
.
صدقت أستاذ الحمصاني
هذه إضاءات يُمْكِنُ أن تُنير للدارسين بداية الطريق
ولكن على الدارسِ تطوير مهاراته , والتعرف على
المناهج النقدية المتعددة , كي يختطَّ لهُ الطريق الذي
يُجِيْدُهُ , ويرى فيهِ الصواب.
شكر الله لك.
ـ[أمية الله]ــــــــ[06 - 04 - 2009, 04:02 م]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[رياض خنفوف]ــــــــ[10 - 04 - 2009, 03:16 م]ـ
هذا ما كنت ومازلت أبحث عنه، فشكرا ألف شكر لك أستاذنا الكريم، وبارك الله فيك وزادك من علمه ..
ـ[دفء الشتاء]ــــــــ[10 - 04 - 2009, 08:47 م]ـ
سلمت اناملك
ـ[الأستاذ: ناعوس]ــــــــ[22 - 04 - 2009, 09:20 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الأنبياء والمرسلين سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
ـ[رياض خنفوف]ــــــــ[20 - 05 - 2009, 09:09 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
لقد قمت بطبع هذه المشاركة وعممت الاستفادة منها لأكثر من صديق
جزاك الله خيرا .. ا
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[06 - 07 - 2009, 07:05 ص]ـ
المشاركة الأصلية بواسطة سامح
22 - 03 - 2003, 03:33 pm
المشاركة الأصلية بواسطة رياض خنفوف
20 - 05 - 2009, 09:09 pm
يظل العظام عظاما يا سامح
ـ[الباز]ــــــــ[06 - 07 - 2009, 03:42 م]ـ
بارك الله فيك
موضوع متكامل ومفيد ..
جزاك الله خيرا.
بالنسبة لقصيدة طاوي ثلاث:
القصيدة -في رأيي- تنضح بنفَس الحطيئة لما فيها من تنقيح
بلغ بها أقصى درجات الفصاحة و الجمال؛ وهي ميزة له بتنقيح قصائده
حتى أنه قال: أفضل الشعر الحوليّ المنقح المحكك ..
ولو نظرنا إليها نظرة فاحصة لوجدنا فيها ما تميز به
الحطيئة من هجاء للبخلاء ومدح و إشادة بالكرم و أهله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. ايسر الدبو]ــــــــ[22 - 07 - 2009, 10:35 م]ـ
لم يكن من السهل ان نحصل على اتفاق في معرفة تحليل النص الادبي وغاياته بل ان الامر يزداد صعوبة كلما فتح النقاش ودخلت وجهات النظر ومن هنا لايمكن ان نطلق في تحليل النص الادبي للوقوف على ابداعات الاديب لان هذا يمثل جزء من النقد وهي تلك المناهج التي تدور في فلك ما قبل النص (الاجتماعي والتاريخي والنفسي) او مع النص الذي يمثل المناهج النصية كاللسانيات وجومسكي وغيرها وصولا الى الغايات في فلسفة ما بعد النص المتمثل بدريدا والتفكيك او ياوس /التلقي ان دراسة النص الادبي يمثل الغاية من الدراسة او لنقل المنهج المتبع لنصل به الى الغاية من التحليل وانني اتفق بانه من الصعب ان نحصر التحليل بجهة دون اخرى بل واتفق تمتم مع الراي الذي يدعو الى التحليل التكاملي (المبدع - النص -القارئ).
د. ايسر الدبو
جامعة الانبار/كلية الاداب -قسم اللغة العربية
dr_aldbow***********
ـ[نوفل الحافظ]ــــــــ[16 - 11 - 2009, 08:06 م]ـ
بارك الله فيك ....... اما الرأي عن قتل المؤلف فلا أتفق كليا معه .. لأن المنجز نتاج تجربة شعورية وثقافية خاصة للمؤلف، فكيف يتم فصل اللحم عن العظم ... ؟؟؟
تحياااتي
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[26 - 03 - 2010, 09:51 ص]ـ
حفظك الله يا سامح أينما وجهت وجهك.
اللهم آمين
ـ[درعمية وأفتخر]ــــــــ[25 - 04 - 2010, 12:22 ص]ـ
ليجزيك ربي كل خير
والله الموضوع مهم جداً
واستفدت منة الكثير
وكنت في أمس الحاجة إليه
بارك الله فيك أخي سامحاً
ولا حرمك ربي الأجر
ـ[عصام محمود]ــــــــ[28 - 04 - 2010, 08:50 ص]ـ
الموضوع طيب وهو منهج تعلميي مفيد وبخاصة للمبتدئ في مجال تحليل النصوص الأدبية، ولاشك أن الباحث المحدث بحاجة لفهم هذه القواعد أولا ثم الاستفادة منها وتجاوزها للمناهج الجديدة لكي يصبح ناقدًا مبدعاً متفاعلاً وفي ظني أن النقد لا يقل في الإبداع عن المبدع الأصلي ولذا فالقيود التي وضعتها المناهج التقليدية تحد من تحليق المبدع(/)
---- الحداثة ---- بين معارض و مؤيد .. (1).
ـ[السمو]ــــــــ[28 - 03 - 2003, 04:54 م]ـ
-- لقد غابت عن المجتمعات الإسلامية في هذا العصر الحديث الرؤية الصحيحة والاختيارالبصير .. فخلال قرن واحد استطاعت أن تلج مجتمعنا الكثير من الأفكار و المعتقدات الباطلة الهدامة .. و هي من بين فلسفية و فكرية و أدبية .. إلا أن محصلتها واحدة تهدف إلى زعزعة الإيمان .. و لو كان للأمة اختيارها الحر و قوة إرداتها و نباهة و فطنة أبنائها لما وقع ما وقع من فتنة و شر حل بعقل ثلة لا بأس بها من المثقفين و الأدباء ..
هناك الكثير من الاتجاهات التي تسللت إلى ثقافتنا .. فأصبحت تعيث في أرضها فساداً .. تهتك حرمتها و تشكك في طهارتها و عفتها .. فهي مهما قال القائلون و زايد المزايدون .. هي مفسدة قبل أن تكون تجديداً و تحديثا .. --
كل ما سبق هو مجتزأ من كلام المعارضين للحداثة و المناوئين لوجودها المحادين أهلها و من عمل بها ..
أما قول أهلها .. فهو و إن كان كمثل شهادة الابن لأبيه .. ..
-- الحداثة هي التجديد و التحديث .. تحديث للفكر .. و للأدب و الثقافة ..
الحداثة فكر منهجي أعطى الحضارة جذوة من النور .. فهو عبارة عن زبدة أفكار الأمم .. و خلاصة تجربتها .. لذلك نراه خليطاً من الأفكار و المذاهب ..
.. ثم نحن لا نريد تلك الأقوال التي عفى عليها الزمن و داس على ثراها الدهر .. إن الرجوع إلى الخلف رجعية .. و التقدم إلى الأمام تقدم .. و هكذا .. ما العلاقة بين الماضي و بين حاضرنا! .. بل و ماذا استفدنا من الماضي .. و ما ضر أولئك القوم حينما ابتعدوا عن ماضيهم و جعلوا صوب أعينهم الأمام .. و خطت أقدامهم قدام ..
إذن فالمشكلة تكمن في تراثنا ....... -- و هنا خلاصة قولهم ..
----------
----------
يتبع الموضوع .. و لكن .. ((الحداثة بطرح محايد)) ..
ـ[الجهني]ــــــــ[28 - 03 - 2003, 09:41 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
هذا حديث يسير منقول عن الحداثة لعل فيه توضيحا مبسطا للحداثة.
الحداثة:
هي صبيانية المضمون وعبثية في شكلها الفني، وتمثل نزعة الشر والفساد في عداء مستمر للماضي والقديم، وهي إفراز طبيعي لعزل الدين عن الدولة في المجتمع الأوروبي ولظهور الشك والقلق في حياة الناس مما جعل للمخدرات والجنس دورهما الكبير.
التأسيس وأبرز الشخصيات:
بدأ مذهب الحداثة منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي تقريا في باريس على يد كثير من الأدباء السريالين والرمزيين والماركسيين والفوضويين والعبثيين، ولقي استجابة لدى الأدباء الماديين والعلمانين والملحدين في الشرق والغرب حتى وصل إلى شرقنا الإسلامي والعربي.
ومن أبرز رموز مذهب الحداثة من الغربيين:
- شارل بودلير 1821 - 1867م وهو أديب فرنسي أيضا نادى بالفوضى الجنسية والفكرية والأخلاقية، ووصفها بالسادية أي التلذذ بتعذيب الآخرين. له ديوان شعر مترجم بالعربية من قبل الشاعرإبراهيم ناجي، ويعد شارل بودلير مؤسس الحداثة في العالم الغربي.
الأديب الفرنسي غوستاف فلوبير 1821 - 1880م.
- مالارامية 1842 - 1898م وهو شاعر فرنسي، ويعد أيضا من رموز المذهب الرمزي.
الأديب الروسي مايكوفوسكي، الذي نادى بنبذ الماضي والاندفاع نحو المستقبل.
ومن رموز مذهب الحداثة في البلاد العربية:
- يوسف الخال- الشاعر النصراني، وهو سوري الأصل رئيس تحرير مجلة الحداثية. وقد مات منتحراً أثناء الحرب الأهلية اللبنانية.
- أدونيس (علي أحمد سعيد) نصراني سوري، ويعد المروج الأول لمذهب الحداثة في البلاد العربية، وقد هاجم التاريخ الإسلامي والدين والأخلاق في رسالتة الجامعية التي قدمها لنيل درجة الدكتوراة في جامعة (القديس يوسف) في لبنان وهي بعنوان الثابت والمتحول، ودعا بصراحة إلى محاربة الله - عز وجل -، وسبب شهرته فساد الإعلام بتسليط الأضوءعلى كل غريب.
-د. عبد العزيز المقالح - وهو كاتب وشاعر يماني، وهو الآن مدير لجامعة صنعاء وذو فكر يساري.
- عبد الله العروي - ماركسي مغربي.
- محمد عابد الجابري مغربي.
الشاعرالعراقي الماركسي عبد الوهاب البياتي.
-الشاعر الفلسطيني محمود درويش- عضو الحزب الشيوعي الإسرائيلي: أثناء إقامته بفلسطين المحتلة , وهو الآن يعيش خارج فلسطين.
-كاتب ياسين ماركسي جزائري.
(يُتْبَعُ)
(/)
- محمد أركون جزائري يعيش فى فرنسا.
- الشاعر المصري صلاح عبدالصبور - مؤلف مسرحية الحلاج.
الأفكار والمعتقدات:
- نجمل أفكار ومعتقدات مذهب الحداثة، وذلك من خلال كتاباتهم وشعرهم فيما يلي:
- رفض مصادر الدين الكتاب والسنة والإجماع وما صدر عنها من عقيدة إما صراحة أوضمنا.
- رفض الشريعة وأحكامها كموجه للحياة البشرية.
- الدعوة إلى نقد النصوص الشرعية والمناداة بتأويل جديد لها يتناسب والأفكار الحداثية.
- الدعوة الى إنشاء فلسفات حديثة على أنقاض الدين.
- الثورة على الأنظمة السياسية الحاكمة؛ لأنها فى منظورها رجعية متخلفة أي غير حداثية , وربما استثنوا الحكم البعثي.
- تبني أفكار ماركس المادية الملحدة , ونظريات فرويد في النفس الإنسانية وأوهامه , ونظريات دارون فى أصل الأنواع وأفكار نيتشة،وهلوسته والتي سموها فلسفة في الإنسان على (السوبر بان).
- تحطيم الأطر التقليدية والشخصية الفردية وتبني رغبات الانسان الفوضوية والغريزية.
- الثورة على جميع القيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية والإنسانية وحتى الاقتصادية والسياسية.
- رفض كل ما يمت الى المنطق والعقل.
- -اللغة- في رأيهم - قوى ضخمة من قوى الفكر المتخلف التراكمي السلطوي لذا يجب أن تموت ولغة الحداثة هي اللغة النقيض لهذه اللغة الموروثة بعد أن أضحت اللغة والكلمات بضاعة عهد قديم يجب التخلص منها.
- الغموض والإبهام والرمز معالم بارزة في الأدب والشعر الحداثي.
- ولا يقف الهجوم على اللغة وحدها، ولكنه يمتد إلى الأرحام والوشائح حتى تتحلل الأسرة، وتزيل روابطها، وتنتهي سلطة الأدب وتنتصر إرادة الانسان وجهده على الطبيعة والكون.
ومن الغريب أن كل حركة جديدة للحداثة تعارض سابقتها في بعض نواحي شذوذها، وتتابع في الوقت نفسه مسيرتها في الخصائص الرئيسة للحداثة.
إن الحداثة هي خلاصة سموم الفكر البشري كله من الفكر الماركسي إلى العلمانية الرافضة للدين إلى الشعوبية إلى هدم عمود الشعر، إلى شجب تاريخ أهل السنة كاملاً إلى إحياء الوثنيات والأساطير.
ويتخفى الحداثيون وراء مظاهر تقتصرعلى الشعر والتفعيلة والتحليل بينما هي تقصد رأساً هدم اللغة العربية، ومايتصل بها ممن يتصل بها من مستوى بلاغي وبياني عربي مستمد من القرآن الكريم، وهذا هو السر في الحملة على القديم وعلى التراث وعلى السلفية.
تطورمذهب الحداثة في الغرب وفي البلاد العربية:
إن حركة الحداثة الأوروبية بدأت قبل قرن من الزمن في باريس بظهور الحركة البوهيمية فيها بين الفنانين في الأحياء الفقيرة.
ونتيجة للمؤثرات الفكرية والصراع السياسي والمذهبي والاجتماعي شهدت نهاية القرن التاسع عشر الميلادي في أوروبا اضمحلال العلاقات بين الطبقات، ووجود فوضى حضارية انعكست آثارها على النصوص الأدبية.
وقد تبنت الحداثة كثير من الطبقات ووجود فوضى حضارية انعكست آثارها على النصوص الأدبية، وبلغت التفاعلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في أوروبا ذروتها في أعقاب الحرب العالمية الأولى.وبقيت باريس مركز تيار الحداثة الذي يمثل الفوضى الأدبية.
وقد تبنت الحداثة كثير من المعتقدات والمذاهب الفلسفية والأدبية والنفسية أهمها:
1 - الدادائية: وهي دعوة ظهرت عام1916م، غالت في الشعور الفردي ومهاجمة المعتقدات، وطالبت بالعودة للبدائية والفوضى الفنية الاجتماعية.
2 - السريالية: واعتمادها على التنويم المغناطيسي والأحلام الفرويدية بحجة أن هذا هو الوعي الثوري للذات، ولهذا ترفض التحليل المنطقي، وتعتمد بدلاً عنه الهوس والعاطفة.
3 - الرمزية: وما تتضمنه من ابتعاد عن الواقع والسباحة في عالم الخيال والأوهام فضلاً عن التحرر من الأوزان الشعرية واستخدام التعبيرات الغامضة والألفاظ الموحية برأي روادها. وقد واجهت الحداثة معارضة شديدة في جميع أنحاء أوروبا،
ثم ظهرت مجلة شعر التي رأس تحريرها في لبنان يوسف الخال عام 1957م تمهيد لظهور حركة الحداثة بصفتها حركة فكرية لخدمة التغريب وصرف العرب عن عقيدتهم ولغتهم الفصحى ... لغة القرآن الكريم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبدأت تجربتها خلف ستار تحديث الأدب، فاستخدمت مصطلح الحداثة عن طريق ترجمة شعر رواد الحداثة الغربيين أمثال:بودلير ورامبو ومالا رامية، وبدأ رئيس تحريرها -أي مجلة شعر - بكشف ما تروج له الحداثة الغربية حين دعا إلى تطوير الإيقاع الشعري،وقال: بأنه ليس لللأوزان التقليدية أي قداسة، ويجب أن يعتمد في القصيدة على وحدة التجربة والجو العاطفي العام لا على التتابع العقلي والتسلسل المنطقي كما أنه قرر في مجلته أن الحداثة موقف حديث في الله والإنسان والوجود.
كان لعلي أحمد (أدونيس) دور مرسوم في حركة الحداثة وتمكينها على أساس:
ما دعاه من الثبات والتحول فقال: (لايمكن أن تنهض الحياة العربية، ويبدع الإنسان العربي إذا لم تتهدم البنية التقليدية السائدة في الفكر العربي والتخلص من المبنى الديني التقليدي (الاتباع). استخدم أدونيس مصطلح الحداثة الصريح ابتداءً من نهاية السبعينات عندما:صدمة الحداثة عام 1978م، وفيه لايعترف بالتحول إلا من خلال الحركات الثورية السياسية والمذهبية، وكل مامن شأنه أن يكون تمردًا على الدين والنظام و تجاوزًا للشريعة.
لقد أسقط أدونيس مفهوم الحداثة على الشعر الجاهلي وشعراء الصعاليك وشعر عمر بن أبي ربيعة، وأبي نواس وبشار بن برد وديك الجن الحمصي كما أسقط مصطلح الحداثة على المواقف الإلحادية لدى ابن الرواندي وعلى الحركات الشعوبية والباطنية والإلحادية المعادية للإسلام أمثال:ثورة الزنج والقرامطة.
ويعترف أدونيس بنقل الحداثة الغربية حيث يقول في كتابه الثابت والمتحول: (لانقدر أن نفصل بين الحداثه العربية والحداثة في العالم).
أهم خصائص الحداثة:
- محاربة الدين بالفكر والنشاط.
- الحيرة والشك والاضطراب.
- تمجيد الرذيلة والفساد والإلحاد.الهروب من الواقع إلى الشهوات والمخدرات والخمور.
- ا لثورة على القديم كله وتحطيم جميع أطر الماضي إلى الحركات الشعوبية والباطنية.
- الثورة على اللغة بصورها التقليدية المتعددة.
- امتدت الحداثة في الأدب إلى مختلف نواحي الفكر الإنساني ونشاطه.
- قلب موازين المجتمع والمطالبة بدفع المرأة إلى ميادين الحياة بكل فتنها، والدعوة إلى تحريرها من أحكام الشريعة.
- عزل الدين ورجاله واستغلاله في حروب عدوانية.
- تبني المصادفة والحظ والهوس والخبال لمعالجة الحالات النفسية والفكرية بعد فشل العقل في مجابهة الواقع.
- امتداد الثورة على الطبيعة والكون ونظامه وإظهار الإنسان بمظهر الذي يقهر الطبيعة.
- ولذا نلمس في الحداثة قدحاً في التراث الإسلامي وإبرازًا لشخصيات عُرفت بجنوحها العقدي كالحلاج والأسود العنسي ومهيار الديلمي وميمون القداح وغيرهم.وهذا المنهج يعبر به الأدباء المتحللون من قيم الدين والأمانة عن خلجات نفوسهم وانتماءاتهم الفكرية.
ويتضح ما سبق:
أن الحداثة تصور إلحادي جديد - تماما - للكون والإنسان والحياة،وليست تجديد في فنيات الشعر والنثر وشكلياتها.وأقوال سدنة الحداثة تكشف عن انحرافهم بإعتبار أن مذهبهم يشكل حركة مضللة ساقطة لا يمكن أن تنمو إلا لتصبح هشيما تذرة الرياح، وصدق الله العظيم إذ يقول: (ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً).
حسبنا في التدليل على سعيهم لهدم الثوابت أن نسوق قول أدونيس وهو أحد رموز الحداثة في العالم العربي في كتابه فن الشعر ص76: (إن فن القصيدة أو المسرحية أو القصة التي يحتاج إليها الجمهور العربي ليست تلك التي تسلية أو تقدم له مادة استهلاكية، وليست تلك التي تسايره في حياتة الجادة، وإنما هي التي تعارض هذه الحياة.أي تصدمه، وتخرجه من سباته تفرغه من موروثه، وتقذفه خارج نفسه. إنها التي تجابه السياسة ومؤسساتها الدين ومؤسساته العائلة ومؤسساتها التراث ومؤسساته، وبنية المجتمع القائم كلها بجميع مظاهرها ومؤسساتها،وذلك من أجل تهديمها كلها أي من أجل خلق الإنسان العربي الجديد يلزمنا تحطيم الموروث الثابت، فهنا يكمن العدو الأول للثروة والإنسان) ولا يعني التمرد على ما هو سابق وشائع في مجتمعنا إلا التمرد على الإسلام وإباحة كل شئ باسم الحرية.
فالحداثة إذاً هي مذهب فكري عقدي يسعى لتغيير الحياة ورفض الواقع والردة عن الإسلام بمفهومه الشمولي والانسياق وراء الأهواء والنزعات الغامضة والتغريب المضلل.وليس الإنسان المسلم في هذه الحياة في صراع وتحد كما تقول الكتابات لأهل الحداثة وإنما هم الذي يتنصلون من مسؤلية الكلمة عند الضرورة، ويريدون وأد الشعر العربي، ويسعون إلى القضاء على الأخلاق والسلوك باسم التجريد وتجاوز كل ما هو قديم وقطع صلتهم به.
- ونستطيع أن نقرر أن الحداثين فقدوا الانتماء لماضيهم، وأصبحوا بلا هوية ولا شخصية. ويكفي هراء قول قائلهم حين عبر عن مكنونة نفسه بقوله:
لا الله أختار ولا الشيطان
كلاهما جدار
كلاهما يغلق لي عيني
هل أبدل الجدار بالجدار
تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
والله من وراء القصد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. ايسر الدبو]ــــــــ[08 - 08 - 2009, 11:30 م]ـ
بداية بارك الله فيكم.
ولكن يبدو أن الحماس يدب في عروقكم مع ذلك إنني أوجه دعوة بسيطة تتلخص بأن ننظر إلى التراث بعين الحداثة، وأن ننظر إلى الحداثة بعين التراث. أتمنى أن ندخل في حوار إذا أمكن، وترين نتاجك لا سيما أنني في مشارف على الانتهاء من بحثي (أدونيس -هموم الحداثة وشطحات الإبداع).
د. ايسر الدبو
dr_aldbow***********
ـ[علي جابر الفيفي]ــــــــ[01 - 09 - 2009, 10:50 م]ـ
ربما:
الحداثة مفهوم واسع يخضعه كل واحدٍ لتفسيره الخاص , ولا يجوز نفيه بالكلية ومعاداته , ومتى لم يتجاوز الخطوط الحمراء فلا ضير فيه.
أما شطحات بعض الحداثيين فذلك يشبه ما كان عليه الشعر الجاهلي من حداثة جاهلية حين يتمدح الشاعر بالفاحشة في قوله:
فمِثلِكِ حُبْلى قد طَرَقْتُ ومُرْضعٍ. فألهيتُها عن ذي تمائمَ محول
... ويمكن أن نسمي بعض نصوص الحداثة اليوم أو نصنفها تحت: جاهلية الحداثة.
ـ[السامية للمعالي]ــــــــ[06 - 09 - 2009, 02:09 ص]ـ
السمو، الجهني
أشكركما فقد وجدت ضالتي
كنت قبل أيام عدة أبحث في مصطلح الحداثة
قرأت وقرأت وكأني اليوم قد رتيت أفكاري شيئاً فشيئا.
دكتور: أيسر
الموضوع المطروح للنقاش جداً رائع
وأنا أنتظره بفارغ الصبر.
وسأكون متابعة بصمت لأني متعطشة للأخذ
فإن قدرت على الإعطاء كان ذلك.
الأخ: علي جابر
جميلة وصائبة تلك التسمية (جاهلية الحداثة)
لمست هذه الجاهلية حقاً في نصوص بعض شعراء الحداثة، فأحسست بأني أقرأ كلمات مقطعة خالية من المعنى
ضعيفة البناء، بل لا بناء لها كلمات متطايرة في ذهن أحدهم، فوضعها كما هي بدون تفكير وتحليل وتدقيق
بجانب ذلك بل الجانب الأهم الذي أثارني
هي التعديات على الله - سبحانه وتعالى -
والهجوم على الدين ورفض رموز الشريعة.
فما كانت ولا الحداثة ولا الفن والأدب؟
بل هو هذيان
بل هذيان المريض بالحمى وهذيان المجانين وهذيان الأطفال أفضل منه بكثير.
جزاكم الله خيراً.
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[06 - 09 - 2009, 06:51 م]ـ
السؤال القائم ..
من انتقد الحداثة و شنّع بها و أقر بفسادها .. من أين عرف بأصولها و اتجاهاتها وآثارها؟
سؤال للنقاش
ـ[أبو عاصم]ــــــــ[15 - 09 - 2009, 11:04 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
أختي الكريمة / وضحاء ...
يكفيكِ من (الحداثة) اسمها. فهي - كما يزعمون - نقيض: القديم البالي.
لا أدري: كيف اشتقّ هذا المصطلح (الحداثة)!!
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[16 - 09 - 2009, 07:18 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
أختي الكريمة / وضحاء ...
يكفيكِ من (الحداثة) اسمها. فهي - كما يزعمون - نقيض: القديم البالي.
لا أدري: كيف اشتقّ هذا المصطلح (الحداثة)!!
وكيف نحكم على مصطلح من خلال اسمه؟!
ـ[الحامدي]ــــــــ[21 - 09 - 2009, 10:33 ص]ـ
أذكر أن لدي بحثا قديما عن الموضوع بعنوان: "الحداثة في الشعرالعربي بين القبول والرفض".
وقد تعرضت فيه لأهم آراء الفريقين مع بحثها واستجلاء بعض غوامض الموضوع.
المشكلة أن البحث كان قبل عشر سنوات تقريبا، وما زال مرقونا، وربما يحتاج إلى إعادة ترتيب.
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[21 - 09 - 2009, 12:40 م]ـ
علينا أولا أن نعرف ما هي الحداثة التي نتكلم عنها .. فاليوم كل من لا يجيد العمل الأدبي يلجأ إلى الحداثة
إن كنا نعني بها سهولة اللفظ والتركيب وقرب مأخذ المعنى مع الحفاظ على الإطار التكويني المتعارف عليه للون الأدبي فحيا وأهلا ولا بأس من تطوير لا يخرجه من هذا الإطار فهذا أمر حتمي من باب تطور الألفاظ والمعاني والأوزان الشعرية
وأما ما يراه الذين جعلوا من مذهب أدونيس مدرسة أدبية , رغم أن تكوين مدرسة أدبية يحتاج أجيالا من تراكم الخبرات ليقف على ساقه. فهم قد كونوا المدرسة الأدونيسية في سنوات قليلة وصاحبه مات - إن كان قد مات - وهو ما يزال يضرب هنا وهناك ليحجز لأسلوبه موضع قدم بين ألوان الأدب .. فلم يجد إلا طريقا واحدا وهو طريق خالف تعرف الذي دائما ما يكون مسدودا
ما يراه هؤلاء من إغراق رمزي بدأ مقبولا ثم تحول إلى سطحية اللفظ وخواء المعنى وما قالوا به من تفجير اللغة -الذي لا أعلم ماذا يقصدون به - وطلسمة النص
((فهذا يتزلج على رماد الخرائط ويشرب من أتون ثلج الصحراء المالحة وينهض مستندا على ظل تمثالك العاجي , لتبعثره سحائب الموت الهاطلة إلى السماء وبالمناسبة قد أكثروا البعثرة و من تماثيل العاج حتى صار طن العاج بدرهمين:))) وما إلى ذلك فليس هذا الكلام من الأدب في شيء
(ويسمونها قصائد أيضا) وعندما حوصروا من أرباب الشعر قالوا (قصيدة نثر) فلما حوصروا مرة أخرى قالوا (شعر مثنور)
والحقيقة هي أن الشعر هو الشعر والنثر هو النثر فلا يوجد شعر منثور ولا يوجد نثر مشعور:)
وحوصروا فهربوا إلى فساد المعتقد
ولو كنت قرأت كلام الفيفي لالتزمت الصمت فقد أجاد وأوجز
** النص المقتبس ليس لأحد كتبته الآن على غرار من يفجرون اللغة:)
والمعذرة فلم أقرأ ما كتبتموه
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أنوار]ــــــــ[27 - 09 - 2009, 06:22 ص]ـ
بداية بارك الله فيكم.
ولكن يبدو أن الحماس يدب في عروقكم مع ذلك إنني أوجه دعوة بسيطة تتلخص بأن ننظر إلى التراث بعين الحداثة، وأن ننظر إلى الحداثة بعين التراث. أتمنى أن ندخل في حوار إذا أمكن، وترين نتاجك لا سيما أنني في مشارف على الانتهاء من بحثي (أدونيس -هموم الحداثة وشطحات الإبداع).
د. ايسر الدبو
dr_aldbow***********
أستاذنا الكريم .. بارك الله فيكم ..
لم أفهم ما سطر تحته .. ألا أوضحتم لي مشكورين مأجورين .. بمثال بسيط يسير قصير ..
جزاكم الله خيراً ..(/)
من هو الناقد الأدبي؟
ـ[عابر سبيل]ــــــــ[30 - 04 - 2003, 09:25 ص]ـ
إخوتي الكرام
نرى بين الحين والآخر نصا أو نصوصا أدبية، لا نعيرها اهتماما، أو نتناولها
من جانب واحد.
لو أخذنا أي نص، شعرا كان أو نثرا، فأبرزنا مافيه من جمال وروعة أسلوب، فهل هذا نقد؟ ولماذا لا نشير إلى سلبيات النص من حيث ركاكة المعنى أو هزاله، وعدم ترابط الجمل؟
قد أكون مخطئا، لكني أرى النقاد، يتجنبون نصوصا كثيرة، إما مجاملة لأصحابها، أو خوفا من مهاترات أدبية تقوم عليها، أليس كذلك.
كيف نقوي الصلة بين الكاتب والناقد؟ وهل يجب أن يكون الناقد أديبا؟
غفر الله لي ولكم.
ـ[سامح]ــــــــ[30 - 04 - 2003, 05:03 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لو أخذنا أي نص، شعرا كان أو نثرا، فأبرزنا مافيه من جمال وروعة
أسلوب، فهل هذا نقد؟
لو رجعنا إلى لفظة (نقد) في أي قاموس لوجدنا أن (انتقدها) أخرج
منها الزيف , و (ناقده) ناقشه في الأمر.
فإذا كان المعنى هكذا فلماذا نظن أن (النقد) هو إبراز العيوب فقط
للأسف مشكلتنا أننا عقدنا علاقة مشاركة بين النقد والعيب , ولم ندرك
أن هناك نصوص لاتملك أن تخرج عليها أي عيب؛ لأنها استكملت الجمال
كله , فهل نقف أمام كمال هذه النصوص دون أن نشيد بها , ونبحث عن
مواطن الجمال فيها , هنا يتحتم على أي ناقد متقن أن يكون قادراً على
الوقوف على هذه المواطن وإبرازها ليبحر بالقارئ في أعماق النص
وربما بعض النقاد أخرجوا هذا الفعل من مصطلح (النقد) إلى (التحليل
الأدبي) درءاً لما توحي به كلمة النقد.
ولماذا لا نشير إلى سلبيات النص من حيث ركاكة المعنى أو هزاله،
وعدم ترابط الجمل؟
هذا مايتحتم على الناقد , كي يخرج مبدع النص إلى آفاق الكمال والتميز
وربما رأينا بعض النقاد قد أغرقوا في تتبع مواطن العيوب في الإبداعات
الأدبية فبالغوا في ذم النص , وراحوا يحللون ويفسرون النص إلى تحليلات
وأفكار ربما لم ترد أصلاً في ذهن القارئ .. ولن ننسى ذاك الناقد الذي
راح يحكك في كلمة (تمت) وهل وفق الكاتب في استعمالها أم لا .. ثم
رأينا الكاتب يقول وبكل بساطة (تمت) كانت كلمة تدل على نهاية النص
ولم تكن ركناً فيه!!
قد أكون مخطئا، لكني أرى النقاد، يتجنبون نصوصا كثيرة، إما مجاملة
لأصحابها، أو خوفا من مهاترات أدبية تقوم عليها، أليس كذلك؟!
ربما بعضهم , ولكن للأسف الكثير منهم امتهن النقد وراح يجرح ويعدل
حتى إنهم يجعلون المبدعين مقيدين , وربما كرهوا الأدب من جناية النقاد
وإن أردت فزر موقع (صوت العربية) وطالع دراسات أستاذنا الجليل
الدكتور حسين علي محمد في بعض النصوص , وستجد أنه يبتعد تماماً
عن المجاملة , مع أنه ينتقد زملائه , والذي يبرز منهم الناقد د. عبد الله
العريني.
هل يجب أن يكون الناقد أديبا؟
لا , ولو تتبعت إنتاج عباس العقاد لوجدت أنه أخرج (8) دواوين دون ومع
ذلك لم يستطع البروز على الساحة الشعرية .. مع بروزه في النقد.
ولعلني أنقل إليك كلام مندوروهو ينقد (وسيلة) الشيخ المرصفي
" وأما ماأغفل الشيخ حسين ذكره بحقفهو تضييع الأديب الشاب وقته
في دراسة دقائق اللغة والعروض العويصةفمثل هذه الدراسات مهما
عمقت قلما تخلق أديباً , وإن كانت عظيمة النفعفي النقد سواء أقام
بهذا النقد الأديب نفسه , أما الناقد المحترف ....... "
أتمنى أن يكون في كلامي قليل فائدة , وإن قصر عقلي عن ماتريد فأعد
علي الإفهام.
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[30 - 04 - 2003, 05:33 م]ـ
أهلا بك أخي الكريم عابر سبيل
النقد يا أخي هو تمييز الجيد من الردي في معناه اللغوي
وكذلك في المعنى الاصطلاحي لا بد أن يقوم على بيان الحسن والرديء
وتبيين مواضع الأول والتأكيد عليه
والتحذير من مواطن الثاني ببيان الأسباب التي تؤدي إليه وعرض البديل
وتبقى بعض المواطن مختلفة بين ناقد وآخر حسب نظرته وثقافته وتقبله لبعض الأمور أو رفضه لها
ولكن تبقى عملية النقد ذات شقين متكاملين
قد يعمد الناقد أحيانا إلى تجاهل السلبيات إن كان العمل ذا مستوى عال على أساس أن بعض السيئات تذوب في بحار الحسنات
وإن كنت أنا شخصيا أفضل التشديد على الجيد أكثر ليتنبه ويحاول أن يتخطى تلك العيوب ساعيا للأفضل دوما
أما هل يجب أن يكون الناقد أديبا فالجواب: لا
ولكن إن وجد فهو الأفضل، فالأديب الناقد أكثر قربا من صاحب العمل الأدبي وإدراكا لمشاعره وحالات ولادة العمل
وهذا قد يكون واحدا من الأسباب التي تزيد القرب بين الكاتب والناقد
بشرط أن يحاول قدر الإمكان التخلي عن الهوى والحكم على حسب ما يميل إليه ذوقه الشخصي باعتبارده أديبا كهذا الذي ينقد عمله
ـ[عابر سبيل]ــــــــ[04 - 06 - 2003, 08:26 ص]ـ
إخوتي سامح، أنوار الأمل
شكر الله لكما، حسن عرضكما، ولكن!
كيف يستطيع النقد من لم يكن أديبا؟ كيف تكون ذائقة الناقد هنا؟
أرى أن يكون الناقد أديبا أريبا حاذقا، مبتعدا عن أهوائه، كيما يكون نقده صافيا عذبا زلالا.
إذا سلمنا أن هذه القطعة الأدبية خالية من العيوب، فليس أمامنا أن نقول إن هذه القطعة الأدبية بحاجو لإبراز للقاريء، لأنها لاتحتاج لنقدنا.
أرجو ألا أكون جانبت الصواب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضوء]ــــــــ[09 - 10 - 2004, 08:35 م]ـ
بالفعل كثيراً من النقاد من هم على تلك الشاكلة , متخذين المجاملة في إخفاء عيوب النصوص الأدبية, فتخرج لنا على الساحة نصوص هزيلة تضعف اللغة فضلاً عن قارئ تلك اللغة .. !
أنا معك أخي في كون الناقد لابد أن يكون أديباً أولاً, فكما نعلم أن الأدب هم من ولد لنا النقاد , وهو سابق له .... فلا أعتقد أن هناك أديباً يقيم إنتاجه عن ناقد لا خبرة له في مجال الأدب و الإبداع , وليس عنده ذائقة أدبية وحس مرهف شفيف .. !
وإن كان العقاد هكذا فلا يشترط علينا أن نسلم به ... وبكل ما تتبعه في حياته ,, أم ترِ كيف كان النابغة ناقد عصره , وعلى هذا كان شاعراً مرهف الحس عالماص ببواطن أسرار اللغة و خافيها , ومع ذلك يصر على رأيه ولا يقبل النقد إلا إذا كان مقتنعاص بالذي أمامه .. !
وأضم صوتي إلى الأخ سامح عندما قال:
(لو رجعنا إلى لفظة (نقد) في أي قاموس لوجدنا أن (انتقدها) أخرج
منها الزيف , و (ناقده) ناقشه في الأمر.
فإذا كان المعنى هكذا فلماذا نظن أن (النقد) هو إبراز العيوب فقط
للأسف مشكلتنا أننا عقدنا علاقة مشاركة بين النقد والعيب , ولم ندرك
أن هناك نصوص لاتملك أن تخرج عليها أي عيب؛ لأنها استكملت الجمال
كله , فهل نقف أمام كمال هذه النصوص دون أن نشيد بها , ونبحث عن
مواطن الجمال فيها , هنا يتحتم على أي ناقد متقن أن يكون قادراً على
الوقوف على هذه المواطن وإبرازها ليبحر بالقارئ في أعماق النص
وربما بعض النقاد أخرجوا هذا الفعل من مصطلح (النقد) إلى (التحليل
الأدبي) درءاً لما توحي به كلمة النقد.)
تحياتي ...(/)
النقد والميتافيزيقيا!
ـ[أبو سارة]ــــــــ[04 - 05 - 2003, 12:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يتحدث الكثير من النقاد عن النقد وكأنهم يتحدثون عن علم ميتافيزيقي لا تصله العقول ولا تدركه الأفهام 00 ولا أظن الأمر كذلك
ويمكن تبسيط مفهوم النقد بأنه: إشادة وإصلاح 0
وعندما يقف الناقد أمام النص الأدبي، فهو ليس قاضي يحكم على النص، وهذا أمر مهم، لأننا لو سلمنا بأنه سيحكم على النص لابد أن نضع افتراض بأن هناك ناقدا آخرا ربما سيخالف هذا الناقد بحكمه، وسنكون حينها بحاجة إلى ناقد ثالث ليميز الحكم، وربما سيتسع نطاق الخلاف الى طلب حَكَم غيرهم مما سيربك قراء ذلك النص0
والناقد عندما يقف على النص الأدبي مثلا،فلابد أن يدرك أنه أمام ثلاثة محاور نقدية، أو ثلاث سلطات نقدية وهي:
- سلطة الكاتب (كاتب النص الأدبي والمتمثلة في سيرته ككل)
- سلطة النص (النص الأدبي)
- سلطة الجمهور (قراء ذلك النص الأدبي)
لو كان النص نصا تاريخيا فإننا سنقول أن سلطة النص هي مدار الحُكم،ولاعبرة بسلطة الكاتب أو سلطة الجمهور،لأن التاريخ مقيد بمصادر توقيفية نقلها المؤرخون ووثقوها0
ولكن النص هنا نص أدبي،فأي سلطة هي الأقوى من تلك السلطات الثلاث؟
لست بناقد وليس لي بالنقد ناقة ولا جمل،ولكن أحب أن أستفيد من علم الأخوة حول هذه المسألة فنطلع على جانب من هذا العلم المفيد وكم أتمنى التوضيح والتصويب من الإخوة والأخوات حول هذا الأمر، فأنا بحاجة الى ذلك 0
ولي عودة إن شاء الله تعالى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[سامح]ــــــــ[08 - 05 - 2003, 11:23 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي أبو سارة
طالما أبدعت في طرحك للمحاور , ولكننا نعجز عن مناقشتها لأننا
لانملك علماً واسعاً فيها.
ولكن لأن النقد بالذت يهمني كثيراً لم أشأ لهذا الموضوع أن يذهب
دون ردود , ولعلني أفيد ولو بالقليل علماً بأن هذا الرد سيكون أولياً وسيتبعه ردود - بإذن الله - مدعمة باطلاع على كتب النقاد ومقالاتهم.
يقول المحدثون " الأدب مرسل ورسالة ومتلقي "
ولذلك حينما يدرس النقاد قصيدة فإنهم يدرسون حياة الأديب
ومناسبة القصيدة وكذلك ألفاظ القصيدة ومعانيها ووزنها وقافيتها
ويدرسون قوة العاطفة والتي تحدد أثر النص لدى المتلقي.
ولكني أظن أن المتلقي هو الذي يغلب؛ لأن العقاد لم يملك
التأثير على قراءقصائده , بينما يحيى حقي أستطاع أن يصل
إلى القراء بقنديل أم هاشم لأنه كما يقول (خرجت من قلبي كالرصاصة) فاستطاعت أن تخترق قلوب المتلقين ..
وكذلك كتاب (لاتحزن) لعائض القرني كان من أكثر الكتب مبيعاً
وانتشاراً لقوة عاطفة كاتبه والتي كان لبروزها أثراً في إبراز عاطفة المتلقي.
من هنا تستطيع أن تحدد أي السلطات أقوى.
ـ[د. ايسر الدبو]ــــــــ[08 - 08 - 2009, 11:14 م]ـ
أخي العزيز
تحية طيبة:
بداية لا تتوقع ان النقد المعاصر خاصة سيمارس سلطة العصا والجزرة لان عمل الناقد الان هو وسيط بين الكاتب / المبدع والقارئ/ الجمهور ولكن تبقى هذه الوساطة مختلفة من منهج الى آخر، دعني اكن صادقا معك ان الفلسفة أساس النقد والذي لا يملك فلسفة قام عليه النقد فهو لايمتلك نقدا وعليه اختلفت سلطات المبدع والنص والمتلقي باختلاف المناهج النقدية بين التاريخي والنفسي والاجتماعي ومرورا بالبنيوي والاسلوبي واللساني والسيمولوجي وصولا الى القراءة والمتلقي التى حصرت الامر بالقارئ فالذي يمنح النص الخلود هو القارئ ومن هنا يقبل الامر اكثر من رأي.
د. ايسر الدبو
dr_aldbow***********
ـ[جاردينيا]ــــــــ[16 - 10 - 2009, 10:48 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
اخي أبو سارة
أتفق معك على أن الناقد ليس قاضيا ولا ينبغي له أن يصدر أحكاما قطعية على النصوص
ولكن يجب عليه أن يمتلك حس القاضي و نظرته العادلة المترفعة عن الأهواء الشخصية, و أن لا يضع في اعتباره أي أحكام سابقة أصدرت على النصوص سواء أكانت من النقاد أو من القراء, لأن درجة مقبولية النص قد لا تكون في كثيرمن الأحيان معيارا جيدا للحكم على تميز النصوص, خاصة في عصرنا الحالي مع تنوع مصادر الثقافات و كثرة الأحكام الدعائية التي أحدثت خرابا واضحا في الذوق الفنى والجمالي لدى المتلقي العادي, و هنا يأتي دور الناقد في تهذيب و تشذيب الذوق العام و إرجاعه إلى المسار الصحيح.
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[17 - 12 - 2009, 05:04 م]ـ
- سلطة الجمهور (قراء ذلك النص الأدبي)
هذه هي أقوى سلطة ترفع المبدع أو تهوي به بغض النظر عن جودة أدبه أو ردائته, تؤيد الناقد أو تلحق هذيانه بهرطقات الميتافزيقيا دون اعتبار لحسه النقدي أو نقده الحسي
هي ببساطة فوق الشاعر والناقد معا(/)
حول الشاعر= زاهر عواض الألمعي
ـ[المستعار]ــــــــ[06 - 05 - 2003, 06:18 م]ـ
أخواني الأعزاء بارك الله فيكم
وددت لو تساعدوني
بغيت نظرة نقدية لشاعرية هذا الشاعر المعاصر
زاهر بن عواض الألمعي
ولكم جزيل الشكر
أخوكم
المستعار
ـ[عابر سبيل]ــــــــ[13 - 05 - 2003, 12:33 م]ـ
أخي الكريم المستعار
لم أجد لزاهر الألمعي ديوانا، فهل هو شاعر مُقلّ؟ سأحاول البحث عن ذلك وأخبرك قريبا بإذن الله.(/)
المسرحية ..... أين أجدها؟
ـ[الصدر]ــــــــ[12 - 05 - 2003, 08:27 م]ـ
فضلا لا أمرا أريد موقع أجد فيه ضالتي ألا وهي المسرحية تعريف - خصائص - أنواع ... إلخ
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[12 - 05 - 2003, 09:15 م]ـ
http://www.geocities.com/farraj17/a6.htm
ـ[الصدر]ــــــــ[16 - 05 - 2003, 11:02 ص]ـ
أشكر الأخت أنوار الأمل , فعلا أنتِ الأمل. .
ـ[سامح]ــــــــ[24 - 06 - 2003, 02:04 م]ـ
أضف هذا إلى ماأتت به أستاذتنا أنوار
هذا اختصار أخذته من كتاب د. حسين علي محمد (التحرير الأدبي)
عناصر المسرحية:
1 - الحادثة:
وهي الوقائع والأحداث التي تتضمنها المسرحية , وطبعي أن تكون الوقائع
والتفصيلات الجزئية في المسرحية أقل منها في القصة , لأن المسرحية تقوم
أساساً على الحوار فلا سبيل لاستقصاء التفصيلات اكتفاء بالوقائع المهمة
فمثلاً مشهد محاكمة متهمين بالقيام بتمرد لاتقدم فيه وقائع التمرد نفسها
اعتماداً على ذكاء المشاهد الذي يدركها من أقول الشهود والنيابة في القضية.
2 - الشخصيات:
وهم في المسرحية قسمان:
أ, شخوص رئيسة: ومن بينهم تبرز شخصية أو أكثر يطلق عليها اسم البطل , وهي
الشخصية المحورية , وتتعلق بها الأحداث منذ البداية حتى النهاية , وينبغي أن تكون
نامية متطورة.
ب, شخوص ثانوية: أدوارهم مكملة للدور الرئيس الذي يقوم به الأبطال
ويلاحظ أن الكاتب في القصة ينبغي أن يرسم لنا صورة للشخصية من جانبيها
الظاهري والباطني , حتى نتعرف أبعادها ,أما في المسرحية فإن الشخصية
تظهر أمامنا ونحن نتعرف عليه من خلال حركاتها وكلامها , وتقاس مهارة
الكاتب المسرحي بمدى نجاحه في تحريك شخوص أمامنا , وخلق مجالات
لها يبرز فيها سلوكها أما إذا قدم لنا الشخصيات في صورة ثابتة , غير
نامية , فهذا عيب يجعل الشخصية "شخصية مسطحة " لاعمق فيها.
3 - الفكرة:
وهي الحقيقة أو الحقائق التي يريد الكاتب أن يؤكدها عن طريق تجسيمها
على المسرح من خلال الأحداث والأشخاص.
4 - الزمان والمكان:
5 - البناء:
وهو يقوم على التصاعد بالصراع إلى غايته في خط متنام نحوقمة
مشحونة بالتوتر , ثم يتجه الخط نحو القرار الحاسم في النهاية.
6 - الحوار:
تقوم المسرحية على الحوار , وهناك وسائل إضافية تساعد النص
المسرحي عندما يضاء كالإضاءة والموسيقا التصويرية , وغيرهما.
لكن النص نفسه لايجري فيه من فنون القول سوى الحوار , وقد يكون
بين شخصين ,أو مناجاة بين الشخص ونفسه , يكشف به الكاتب
أغوار الشخصية وهمومها الكامنة ودوافعها الخفية , وأحياناً يكون
الحديث من طرف واحد ظاهر , ندرك من خلاله الطرف الآخر
وهدفه إبراز أفكار المتحدث ونواياه للمشاهدين.
ولابد أن يتحقق في الحوار المقومات التالية:
أ, أن يكون حياً نابضاً مركزاً حتى لايمله المشاهدون.
ب, أن يعبر دائماً عن انفعالات الأشخاص في حالاتها المختلفة
من الرضا والغضب والذكاء والغباء , وغير ذلك.
ج, أن يكون ملائماً لمستوى الشخصيات عقلياً واجتماعياً
وثقافياً.
7 - الصراع:
هو عقدة المسرحية , وهو عنصر قائم بين الخير والشر , سواء
أكان بين أشخاص حول مبدأ , أو فكرة , أو نزعة أو هدف ,أم
بين الشخص ونفسه.
و (المسرحية) مرتبطة بحياة الناس , وفي كل شخص جوانب
ضعف وجوانب قوة وأعماله موزعة بين الخير والشر. ويظهر
الصراع في المسرحية في أكثر من مستوى , ويوشك كل شخص
فيها أن تكون له مشكلة خاصة ولكن إلى جانب ذلك هناك صراع
عام رئيس , ومحوري , يؤدي إلى تأزم الموقف , حتى يكون الحل
نهاية لتلك العقدة.
ـ[القعيب]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 04:44 م]ـ
1 - الحادثة
هل توجد روايات دونما حادثة؟
3 - الفكرة
أرجو التوضيح ماالمقصود بالفكرة؟
وجزاكم الله خيرا(/)
فلسفة الحب ((محاولة نقدية))
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[21 - 05 - 2003, 10:08 م]ـ
وإني لأرضى من بثينة بالذي
لو ادركه الواشي لقرت بلابله
بلا وبألا أستطيع وبالمنى
وبالأمل المرجو قد خاب آمله
وبالنظرة العجلى وبالحول ينقضي
أواخره لا نلتقي وأوائله
ما الذي يريده العاشق من معشوقته؟
وما هي الدوافع الى العشق؟
أهو اللقاء؟ أم الزواج؟ أم امضاء بقية العمر معا بغض النظر عن الطريقة , كما يرى اصحاب الغزل الحديث, أو الغزل القديم المسمى بالصريح -، الذين يباهون بوصف من يدعون أنها معشوقة وصفا دقيقا، ويصورونها تصويرا مفصلا , ليأخذ القاريء فكرة عن مغامراتهم , الغرامية، وكيف أنهم استطاعوا إغراء النساء حتى سمحن لهم برؤية مالا ينبغي أن يرى من أجسادهن, فأي عاشق هذا الذي يرضى لمن يحبها التشهير؟
إن الحب يجعل العاشق خائفا من مجرد النظر إلى وجه محبوبته , فأي جرأة تبقى لديه ليشاهد أجزاء جسمها الأخرى؟
أما جميل فرأيه مختلف ,فما الذي أراده جميل من بثينة ,؟
يقول إنه راض من بثينة بأشياء لو علمها الواشون لهدأوا فما الذي سيجعلهم يقلعون عن إدمانهم الوشاية،؟
إذ كان يرضى من محبوبته بالرفض لمطالبه تارة. رفضا صريحا دون اعتذار او تلميح (بلا) , وبالاعتذار تارة أخرى (لا أستطيع) وبالوعود والآمال وهومتأكد من عدم جدواها , فالأمل قد خاب آمله ...
صاحب الأمل قد خاب وما زال الأمل مرجوا!!!!!
وبالنظرة العجلى , انظر الى لفظة العجلى كيف جعلت النظرة خاطفة , مسترقة , وبالسنين تترى لا لقاء في أولها ولا آخرها ,
إنه الحب , الحب الحقيقي الذي يرقى بصاحبه إلى درجة تجعله لا يهتم بما يطلبه العشاق , تجعله يضع محبوبته موضعا فوق الخيال، يجعله يتفادى التغزل بها لأنه يحبها , ولأنه يحبها فلا ينبغي لأحد أن يعرف ما الذي يخفيه من مشاعر عنها ..
لذلك لا نلمس في شعره الشكوى بقدر ما نلمس الرضا , ولأنه يحبها فلا ينبغي لأحد أن يستنتج من شعره أنها تظلمه , أو أنه يجرح لمجرد أنها أخلفت له موعدا , أو أملته بالمواعيد , فمجرد الوعد عنده اجمل من اللقاء , إنه الحب الذي يجعلك تبحث عن المعاناة , وتتلذذ بالألم وفي هذا المعنى أحفظ بيتين لا أثق من تذكري قائلهما , وإن كنت أظنه جحظة ((وهو شاعر عباسي أظن أنه من البرامكة)) حيث يقول:-
((فقلتُ لها بخِلْتِ عليَّ يَقْظى فجودي في المنامِ لمُسْتَهامِ
فقالتْ لي وصرتَ تنامُ أيضاً وتطمعُ أنْ أزورَكَ في المنامِ))
لقد طلب منها مجرد الزيارة في الحلم عندما تعذر عليه السلام صاحيا , فما كان منها إلا أن غضبت لأنه أصبح ينام ليلا ويطمع في زيارتها طيفا في الحلم ,, وفي ذلك أبدع جرير حين قال:-
بنفسي من تجنبه عزيز = عليّ ومن زيارته لمام
ومن أمسي وأصبح لا أراه = ويطرقني إذا هجع النيام
وما دمنا قد تطرقنا إلى الغزل العذري فلن يكتمل الكلام إلا بذكر المجنون العامري، إنه قيس بن الملوح، أو قيس ليلى، أومجنون ليلى تعددت الأسماء، والوجد واحد , والعناء نفسه، لنرحل مع نفسه الشفافة في قصيدته الحائية لنعرف إلى أي مدى يجعل الحب الصادق صاحبه عفيفا , قنوعا مما يعتلج في صدور العشاق من انفعالات وغرائر ...
وحدها انفعالات الاسى هي التي تبقى. يقول:-
رعاة الليل ما فعل الصباح وما فعلت أوائله الملاح
وما بال الذين سبوا فؤادي أقاموا أم أجد بهم رواح
وما بال النجوم معلقات بقلب الصب ليس لها براح
كأن القلب ليلة قيل يغدى بليلى العامرية أو يراح
قطاة غرها شرك فباتت تجاذبه وقد علق الجناح
لها فرخان قد تركا بقفر وعشهما تصفقه الرياح
إذا سمعا هبوب الريح هبا وقالا أمنا تأتي الرواح
فلا بالليل نالت ما ترجى ولا في الصبح كان لها براح
رعاة الليل كونوا كيف شئتم فقد أودي بي الحب المناح
انظر إلى المطلع لتعرف انه استحق لقب المجنون لا لجنونه الذي اختلف الرواة فيه بل لعدم وجوده بين البشر إلا جسما , إنه يتساءل ما الذي غيره الصباح في الدنيا؟ وكأنه ليس موجودا , ويسال من؟ يسأل رعاة الليل الذين يبيتون يرعون الليل في انتظار الكئيب انتظارا للصباح وكأنه سيغير واقعهم ولكن هيهات كما يقول امرؤ القيس
الا ايها الليل الطويل الا انجلي = بصبح وما الاصباح منك بأمثل
فلم إذن يطلب الصباح وهو ليس بأحسن من الليل؟
فهو لن يكون أحسن حالا في الصباح منه ليلا , ومع ذلك يطلب من الليل الانجلاء ليس حبا في الصباح بقدر ما هو كره في الليل
ونعود إلى مجنوننا الذي يسأل رعاة الليل كأنه لم يكن أولهم وقائدهم في ذلك، لأنه لا يشعر بوجوده
وما بال الذين سبوا فؤادي أقاموا أم أجد بهم رواح
وما بال النجوم معلقات بقلب الصب ليس لها براح
نفس معنى امريء القيس عندما قال
فيا لك من ليل كأن نجومه = بكل مغار الفتل شدت بيذبل
إلا أن نجوم امريء القيس مربوطة إلى جبل، بينما نجوم المجنون ربطت في قلبه , لأن قلبه ما زال يكتوي بعذاب الليل
كأن القلب ليلة قيل يغدى بليلى العامرية أو يراح
قطاة غرها شرك فباتت تجاذبه وقد علق الجناح
يغدى بليلاه أو يراح ليس متاكدا , الشيء الوحيد الذي كان يعرفه جيدا هو عذابه، فهو عذاب يجعل قلبه في شدة خفقنه وخوفه وفزعه، كقطاة كانت تمشي غافلة في أمان فغرها شرك فباتت ليلها تجاذبه , ولنقف على هذه المجاذبة التي أعطت معنى رائعا , تشد وترخي أملا في النجاة وليس هذا فقط
بل:-
لها فرخان قد تركا بقفر وعشهما تصفقه الرياح
إذا سمعا هبوب الريح هبا وقالا أمنا تأتي الرواح
قفر، فيه عش تصفقه الرياح،ولها فرخان فيه , فكيف ستكون حالها؟
ثم يصور حال الفرخين مع كل هبة ريح , تأتي لتجدد الأمل لديهما بقدوم أمهما , ولا تلبث الريح أن تولي حاملة معها كل خيط أمل كان يسليهما , ويصبرهما، وتاركة لهما الألم فقط ...
والنتيجة النهائية
فلا بالليل نالت ما ترجى ولا في الصبح كان لها براح
مع محبتي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جلمود]ــــــــ[29 - 06 - 2009, 06:49 م]ـ
للرفع ...
ـ[قطرالندى]ــــــــ[30 - 06 - 2009, 12:11 ص]ـ
رحم الله حبك يا جميل ترضى بالقليل ولو لم يكن موجودا.
فالتنظر إلى زماننا هذا كيف غدا الحب فيه شيطانيا.
فلسفة رائعة أستاذنا الجبلي.
ـ[السامية للمعالي]ــــــــ[11 - 09 - 2009, 03:53 ص]ـ
أخي الكريم:
بارك الله فيك ونفع بك
استمعت بما طرحت واستعذبته إلى نقطة النهاية
ليت كلماتك ما انتهت
جميلة هذهـ الموازنة البسيطة أو المقارنة
بين قيس وامريء القيس في البيتن:
وما بال النجوم معلقات ... بقلب الصب ليس لها براح
فيا لك من ليل كأن نجومه ... بكل مغار الفتل شدت بيذبل
جزاك الله خيراً.
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[12 - 09 - 2009, 10:09 ص]ـ
رحم الله حبك يا جميل ترضى بالقليل ولو لم يكن موجودا.
فالتنظر إلى زماننا هذا كيف غدا الحب فيه شيطانيا.
فلسفة رائعة أستاذنا الجبلي.
أهلا بك أستاذنا
البشر تحولوا إلى شياطين
ـ[النابغة الحضرمي]ــــــــ[08 - 10 - 2009, 10:20 م]ـ
تالله إنّك مفخرةٌ للفصيح .. بارك الله فيك وأدام مدادَك أستاذنا محمد الجبلي.
أعجبتني سطورُك أيّما إعجاب ..
والشكر موصولٌ للأستاذ جلمود -رفع الله قدره- على رفعه لهذا الموضوع الجميل.
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[11 - 10 - 2009, 03:53 ص]ـ
أخي الكريم:
بارك الله فيك ونفع بك
استمعت بما طرحت واستعذبته إلى نقطة النهاية
ليت كلماتك ما انتهت
جميلة هذهـ الموازنة البسيطة أو المقارنة
بين قيس وامريء القيس في البيتن:
وما بال النجوم معلقات ... بقلب الصب ليس لها براح
فيا لك من ليل كأن نجومه ... بكل مغار الفتل شدت بيذبل
جزاك الله خيراً.
جزاكم الله خيرا
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[06 - 01 - 2010, 05:05 م]ـ
تالله إنّك مفخرةٌ للفصيح .. بارك الله فيك وأدام مدادَك أستاذنا محمد الجبلي.
أعجبتني سطورُك أيّما إعجاب ..
والشكر موصولٌ للأستاذ جلمود -رفع الله قدره- على رفعه لهذا الموضوع الجميل.
شرف لي مرور النابغة
فكيف باستحسانه؟
ـ[د. أحمد صالح]ــــــــ[29 - 04 - 2010, 11:10 م]ـ
أستاذنا الجبلي ..
لا زال الإعجاب موصولا بما تخطه يمينك
حفظك الله لنا وبارك لنا فيك
دمت بكل ود
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[02 - 05 - 2010, 12:50 م]ـ
أستاذنا الجبلي ..
لا زال الإعجاب موصولا بما تخطه يمينك
حفظك الله لنا وبارك لنا فيك
دمت بكل ود
أهلا بك أيها الشاعر الطبيب والآسي الأديب
مالك تزور غبا؟؟
بل خمسا(/)
الى محبي النقد
ـ[أسماء الزهراني]ــــــــ[17 - 07 - 2003, 06:07 م]ـ
إلى محبي النقد
المنتدى لا يستحق الركود
النقد اليوم اهم سلاح تحتاجه الامة
لان المعركة الاخطر بيننا و بين اعدائنا تجري في ميدان الادب
نظرة إلى منتديات الحداثة و منتديات الفراغ الفكري التي احتوت شبابنا
و تعرفون عمق الخطر
هل تقبلون التحدي
نحن في مواجهة و الادوار كثيرة:
ننكر على ادب الكفر و لو بكلمة تنبيء عن صاحبها بأن هناك من يرفض هذا الادب و لا يعترف به ادبا
نبحث في الادب / حتى النصوص الفاسدة / عن مواطن جمال لعل أصحابها يكتشفون أن الجمال الادبي لا يشترط له الجرأة على حرمات الله
نقدم قراءات جميلة لنصوص الشباب فنسبق اليهم دعاة الحداثة و الاستهتار الذين يوجهونهم الى اتجاهات توظف الادب للافساد و الجرأة على محارم الدين.
هذه بعض النوافذ التي يمكن أن نطل منها
و غيرها كثير
فهل يعود المنتدى الى سابق عهده لنتفق على خطوات عملية؟
ملاحظة:
نريد أن نوسع نشاطنا و نغزو معاقل الفساد نحقنها بالجمال النقي لنجذب الاقلام الجديدة
يعني أن نزور المنتديات الاخرى نحمل إليهم فكرنا عمليا بالنقد و القراءة لللاعمال الجميلة و التشجيع و الانكار على المنكر.
ملاحظة اصغر:
قد سجلت هنا باسم مستعار هو: انكسار / ثم رأيت أن أسجل باسمي الصريح ليكون دافعا لي على تقديم الافضل، و لأغراض عملية تخص دراستي. فاقبلوني بينكم اخوتي.
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[18 - 07 - 2003, 12:20 ص]ـ
أهلا بك يا أخت انكسار (سابقا) وددت في تلك المرة أن أقول لك ليتك تغيرين اسمك
ثم قلت في نفسي: هذا زمن الانكسار فعلا كما قال أستاذنا العشماوي
أخيتي .... إطلالتك مميزة وكلماتتك قوية واثقة
وأطروحتك تحتاج عملا حقيقيا
فأكثر ما يغيظني في هذه الأيام أن أرى في كل منتدى من يصفف كلاما إلى بعضه بعضا
ويقول هذا شعر
وانظري إلى مقدار ما يوجه له من مديح
أما ما أشرت إليه من احتمال توجيه بعض أصحاب المواهب التوجيه الخاطئ من قبل المغرضين فهو أمر خطير لا شك في ذلك
حددي لنا ما ترينه مناسبا فلا شك أن عندك خبرة بهذه الأمور ورأيت بعض تلك المنتديات
وبعده نناقش ما تتفضلين به
ونأمل أن نجد في ربوع الفصيح من يعينك في هذه المهمة
لتكون مهمة متكاملة يخرج بها أهل الفصيح إلى عوالم أخرى
ومثل هذه المهمات نراها في كثير من المنتديات ونتمنى أن يكون الفصيح منها
فابدئي العرض ولك أجر السابقين زنسأل الله أن يهيئ من هو أهل لهذا ويكون عنده ما يناسب الأمر من الوقت والجهد
ـ[عهد]ــــــــ[08 - 12 - 2006, 08:19 ص]ـ
شكرتك قبل الخير إن كنت واثقا
بأني بعد الخير لاشك شاكر
لك أختي كل الشكر وجزاك الله خيرا.
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[08 - 12 - 2006, 09:44 ص]ـ
الأخت أسماء
تبارك الله إطلالة وبقوة 00
ضعي مقترحك هنا
فالأفكار مطروحة على الطريق، وأظنك تجيدين الإلتقاط
وأما عن:
المنتدى لا يستحق الركود
فلست واثقا من كونه راكدا وفيه ثلة من الأعضاء المنفعلين كوضحاء التي تمتطي صهوة النقد بجدارة، وأبي حاتم، والغامدي وغيرهم كثير 00
وننتظر أفكارك
تحياتي
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[08 - 12 - 2006, 11:42 ص]ـ
أستاذ مغربي ..
انظر إلى تاريخ الموضوع -حفظك الله-.
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[08 - 12 - 2006, 03:27 م]ـ
شكرا(/)
قراءة نقدية للمناقشة
ـ[أسماء الزهراني]ــــــــ[21 - 07 - 2003, 08:48 م]ـ
دارين!
اخوتي في منتدى النقد
هذه قصيدة قدمت لها قراءة بسيطة في منتدى ازاهير للشاعر الحسن المكرمي
و هو شاعر خلوق محافظ تفيض اشعاره رقة و عذوبة عفة، تذكرنا ببانت سعاد التي استحق عليها ابن زهير: لا فض فوك من اكرم الناس خلقا و ذوقا و ادبا صلى الله عليه و سلم
اعرضها هنا لكم لتشاركوني القراءة
اعتبروه تمرينا لاقلامنا سوية
هل اجد منكم حوارا مع قراءتي هنا؟
***********************************************
باللهِ .. بالمصطفى الهادي وبالدين
آمنتُ حقاً .. وبالآيات تهديني
بالشرعِ بالملة الغرا .. بما سطعتْ
به شموسُ الهدى من نورِ تبيينِ
لكنني رغم إيماني يحفزني
شعري .. ويدفعني دفعَ الشياطينِ
لأنْ أصدقَ عن رأيٍ ومعتقدٍ
أنْ ثَمّ " إنسانة ٌ" ليستْ من الطينِ
وأنها إن تكنْ لابدّ كائنة ً
فطينةٌ ظُلّلتْ دهراً بـ " نسرين ِ"
وموزجت " ياسميناً " ثم ما لبثت
من بعدِ ذاك عليها أُنِزلت " كوني "
كوني " ملاكاً " برغم الطين وانتفضي
" خريدةً " من عِدادِ الخُرّد العينِ
جاوزت؟! أدري .. ولكن رُبّ ذي رشَدٍ
يجاوز الحدَ حدَ العقلِ والدينِ
يزل عن دربه .. تعمي بصيرتُه
إلا عن الحُسن ِ .. يسعى سعيَ مجنون ِ
**
يارب والشعرُ ذنبٌ حين يقذفنا
خلف الحقائقِ من حينٍ إلى حينِ
عذَّبْ حروفي وعذِّبْ عينَ قافيتي
أما أنا .. فعذابي عينُ " دارين ِ "!!
باللهِ .. بالمصطفى الهادي وبالدين
آمنتُ حقاً .. وبالآيات تهديني
بالشرعِ بالملة الغرا .. بما سطعتْ
به شموسُ الهدى من نورِ تبيينِ
لكنني رغم إيماني يحفزني
شعري .. ويدفعني دفعَ الشياطينِ
لأنْ أصدقَ عن رأيٍ ومعتقدٍ
أنْ ثَمّ " إنسانة ٌ" ليستْ من الطينِ
وأنها إن تكنْ لابدّ كائنة ً
فطينةٌ ظُلّلتْ دهراً ب " نسرين ِ"
وموزجت " ياسميناً " ثم ما لبثت
من بعدِ ذاك عليها أُنِزلت " كوني "
كوني " ملاكاً " برغم الطين وانتفضي
" خريدةً " من عِدادِ الخُرّد العينِ
جاوزت؟! أدري .. ولكن رُبّ ذي رشَدٍ
يجاوز الحدَ حدَ العقلِ والدينِ
يزل عن دربه .. تعمي بصيرتُه
إلا عن الحُسن ِ .. يسعى سعيَ مجنون ِ
**
يارب والشعرُ ذنبٌ حين يقذفنا
خلف الحقائقِ من حينٍ إلى حينِ
عذَّبْ حروفي وعذِّبْ عينَ قافيتي
أما أنا .. فعذابي عينُ " دارين ِ "!!
قراءة لقصيدة " دارين " للشاعر الحسن المكرمي
يطرح النقد الحديث مداخل عديدة لتناول النص الشعري بالتحليل الفني. تتعامل مع عناصر العمل الشعري كافة، من لغة، و صورة، و موسيقى، أما المعنى فهو مفهوم نسبي يختلف في تعريفه النقاد بحسب اختلاف المنهج التحليلي الذي ينطلقون منه. فتارة هو ما يحيل اليه النص من الحالة النفسية لكاتب النص، و تارةً هو مغزى اجتماعي وعظي يشير اليه النص، و تارة ياتي في صورة محمول تاريخي يضفي على النص طابعا وثائقيا.
مثل كل مدخل من المداخل السابقة منهجا مستقلا في تحليل النص الادبي، إلا أن كل منهج من تلك المناهج على حدة لم يمكن النقاد من استيعاب الطاقة الجمالية للعمل الادبي. و من هنا جاء مفهوم القراءة و نظريات القراءة، التي تجعل من نقاط تفاعل القاريء مع النص هي محور التحليل النقدي الجيد. و تمثلت مرونة تحليل استجابة القاريء للنص في أنها تستوعب المداخل السابقة و تضيف اليها أبعاداً أشمل، حيث يتم مزج تلك المناهج في تفاعل جمالي مركب ينسجم مع طبيعة التفاعل بين القارئ و النص، و هي طبيعة تتبع بنية النص الفنية، و هذا هو الشرط الوحيد لجدوى القراءة الجمالية.
*****************
و " دارين " للشاعر الحسن المكرمي من النصوص القادرة على الحضور بقوة في قراءتها. و يتبدى ذلك الحضور في تفاعل القارئ معها بمنطق الدهشة التي ظهرت في تعابير من علق عليها هنا من القراء في تلقائية التعليق و انفعاليته الجمالية. و هكذا كانت قراءتي الاولى للنص، و زمن الدهشة هو مرحلة ضرورية في تلقي أي نص ادبي، و لا يمكن للتحليل الجمالي ان يخرج للوجود قبل أن يتخمر جيدا في دهشة جمالية، فيكون عمق التحليل بقدر زمن تعتقه في ذلك الانبهار بالنص، و لذلك تجد بعض النصوص يجبرك على العودة اليه في قراءات متتالية كل قراءة هي بنت زمنها الخاص، و تصنع عالمها الخاص.
(يُتْبَعُ)
(/)
قلنا إن القراءة الجيدة ليست مفهوما معياريا أبدا، و لا يوجد مصداقية لأي قراءة، و التاريخ الادبي يثبت ذلك، ففي شروح الشعر _ بوصفها نموذجا موثقاً ـ نجد عدد من المعاني يتجدد للبيت الواحد و مع كل معنى مبرراته المقنعة لدى الشارح. إذن للقراءة بعد جمالي فحسب، و هي تكتسب ذلك البعد الجمالي من عمق تفاعل القارئ الفاعل مع النص المقروء. و قلنا أيضا إن النص الأدبي يطرح مداخل متعددة للقراءة، و قد كانت هذه الخاصية فيه سببا لاختلاف توجهات التحليل النقدي في تاريخ النقد القديم و الحديث، و لكل من تلك التوجهات ما يبرره من طبيعة النص الادبي نفسه. فالتحليل النفسي مثلا يتخذ مبرراته من الطابع الايحائي النفسي لبعض لنصوص، و التحليل الواقعي كذلك، و كذلك غير تلك التوجهات التي مثلتها مناهج النقد و مدارسه المختلفة. و ذلك الطابع للنص الادبي يطرح امكانية تعدد قراءات النص و نجاح كل القراءات ما دامت تبرر مداخلها من بنية النص الفنية.
من هذا المنطلق تتوسل قراءتنا المبدئية ل" دارين " بطابع فني ظاهر في النص بوضوح، ذلك الطابع يتبدى في توظيف العنصر اللغوي من ضمن عناصر بنية النص الفنية. و هو بطبيعة الحال ليس العنصر الوحيد الذي نجح في توظيفه الشاعر لشحن النص بروعته الخاصة، الا اننا من خلال هذا المدخل نفتح الباب لقراءات أخرى، تضيف الينا او تصنع عالمها الخاص.
يتخذ توظيف العنصر اللغوي في " دارين " عدة مظاهر نبدأ هنا بالوقوف على اثنين منها، هما: التكرار، و الترادف. و لكل من هذين المظهرين جمالياته التي عرفها الشعراء من قديم و أحسنوا توظيفها في ابداعاتهم. نجد الترتدف على مستوى المفردة، و التكرار على مستوى الاسلوب، و التركيب.
فمن التكرار نجد الشاعر يكرر اسلوب الخبر في الأبيات الاولى: بالله، بالمصطفى، بالدين، بالايات = آمنت ... بالشرع، بالملة الغرا، بما سطعت به شموس الهدى.و يكرر الشاعر تركيب شبه الجملة _ جار و مجرور، و اضافة _ في الابيات عامة: بالله، بالملة الغرا .... الخ، و هناك تكرار لتوظيف الحال: موزجت ياسمينا، كوني ملاكاً، انتفضي خريدةً.
و هو يصنع ابنية من التكار على مستوى المقاطع، فهو يمزج مثلا بين شبه الجملة و الجملة الحالية، و يكون منهما مقطعا يكرره صانعا نوع من التناغم الموسيقي مصدره التركيب النحوي، و ذلك في البيتين:
و موزجت ياسمينا، ثم ما لبثت
من بعد ذاك عليها أنزلت كوني
كوني ملاكا برغم الطين و انتفضي
خريدة من عداد الخرد العين
اذن تتبدى لنا الفاعلية الجمالية للتكرار في مضاعفة الموسيقى الداخلية للنص. و هي موسيقى يمكن ان تنبعث من أي عنصر يستطيع القارئ تحسس تناغم موسيقي بواسطته. و من هذه النقطة ننتقل الى الترادف على مستوى المفردة، فالترادف هنا هو أيضا رافد من روافد الموسيقى الداخلية للنص. على سبيل المثال نذكر ترادفات مصدرها الجناس: يدفعني -دفع، الحد - حد، يسعى سعي، عين - عين. و هناك تردفات معنوية:نور - تبيين - شموس، رأي - معتقد. و من الترادفات يصنع الشاعر حقولا دلالية تضفي مزيدا من التعقيد الفني مثل: الله - الشرع - الملة الغرا - الهدى = كلها مفردات تنتمي الى حقل دلالي واحد يمثله جانب الاستقامة الدينية. و هناك: الشياطين - يزل -عذاب تعمى بصيرته = و هذه مجموعة مقابلة للمجموعة السابقة بانتمائها الى حقل الانحراف الديني.
هنا يمكن أن نشير الى بنية التضاد و هي بنية لغوية أيضا يوظفها النص، لكن أتركها لمن يبحر معها من الاخوة القراء.
و هكذا نلاحظ أن الشاعر يوظف البنية اللغوية هنا بكثافة، و لعل كثافتها تلك أعطت للنص بعدا من كثافة الفعالية الجمالية و عمقها مع قصر النص و تركيزه، فالفعالية الجمالية لنص ما تقاس بمدى استمرار بث الوقع الجمالي في نفس القارئ و ذهنه. و هكذا كان الوضع في هذا النص عبر بنى لغوية استطاع بها الشاعر أن يضاعف الفعالية الجمالية من خلال مضاعفة زمن استيعاب بنية الجملة عنده بما تطرحه من مظاهر فنية متعددة في القراءة الواحدة. و هذه وظيفة اخرى للترادف و التكرار بالاضافة الى بعدهما الموسيقي.
(يُتْبَعُ)
(/)
هنا أتوقف لأترك المجال لقراءات أخرى من المدخل اللغوي او غيره. على أنه ينبغي أن أشير الى أن هذه القراءة لا تزعم أنها شملت البعد اللغوي للنص بكامل تمظهراته، بل إنني حاولت في عجالة أن أبرر الجاذبية الفنية لهذا النص و لو في كلمات موجزة، أتمنى أن أجد الوقت للاضافة اليها بما يستحقه نص مترف كهذا النص.
ـ[سامح]ــــــــ[23 - 07 - 2003, 09:30 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأستاذة الفاضلة: أسماء الزهراني
أحيييكِ على لفتاتك الطيبة .. وأطروحاتك القيمة .. التي نحن بأمس الحاجة
إليه .. وأعلم أن خدمة هذا المنتدى الطيب لهو من الخير الذي يؤجر عليه
صاحبه-بإذن الله-.
و " دارين " للشاعر الحسن المكرمي من النصوص القادرة على الحضور بقوة في قراءتها. و يتبدى ذلك الحضور في تفاعل القارئ معها بمنطق الدهشة التي ظهرت في تعابير من علق عليها هنا من القراء في تلقائية التعليق و انفعاليته الجمالية. و هكذا كانت قراءتي الاولى للنص، و زمن الدهشة هو مرحلة ضرورية في تلقي أي نص ادبي، و لا يمكن للتحليل الجمالي ان يخرج للوجود قبل أن يتخمر جيدا في دهشة جمالية، فيكون عمق التحليل بقدر زمن تعتقه في ذلك الانبهار بالنص، و لذلك تجد بعض النصوص يجبرك على العودة اليه في قراءات متتالية كل قراءة هي بنت زمنها الخاص، و تصنع عالمها الخاص.
رائعة هي تلك الكلمات .. فهي تلج إلى النفس لتجبرها
على الوقوف احتراماً لها .. على أن هذه القصيدة لم تصل إلى
مرتبة عالية من الجمال الذي نفتقده في زماننا .. ولكن لازال
الخير موجود .. والباحث عن الجمال لايعدم أن يجده.
قدمتِ قراءة سريعة للقصيدة .. ولكنها تنم عن استيعاب لجماليات
النص .. وكنت أتمنى لو أسبهت في تبيين القيمة الجمالية لتوظيف
العنصر اللغوي.
دعيني أأذن لقلمي المتواضع بالتطفل على القصيدة .. محاولة لقراءتها
كما أثرت فيّ ..
لعلني أركز على المطلع الذي يبدو مفتاح القصيدة .. التي به يلج القارئ
إليها ..
بالله .. بالمصطفى الهادي .. وبالدين
مطلع يشدك .. يجذبك بقوة .. يجعلك تتساءل مالذي يريد الوصول إليه
ماذا سيقول عن الإله
والرسول والدين
فتأتي:
آمنت حقاً .. وبالآيات تهديني
فتطمئن النفس وترتاح إلى غرض الأديب .. وماذا لديه
ثم يوثق هذا الاطمئنان في النفس بتوثيق إيمانه بالله ورسوله ودينه
فيقول:
بالشرعِ بالملة الغرا .. بما سطعتْ
به شموسُ الهدى من نورِ تبيينِ
لكنني .. حرف استدارك وتوكيد
فتنشده النفس إليه وتتساءل
ماذا ياتراه استدرك؟؟!!
لكنني رغم إيماني يحفزني
شعري .. ويدفعني دفعَ الشياطينِ
لأنْ أصدقَ عن رأيٍ ومعتقدٍ
أنْ ثَمّ " إنسانة ٌ" ليستْ من الطينِ
أنْ ثَمّ " إنسانة ٌ" ليستْ من الطينِ
فنتساءل .. ماذا تكون إذن؟؟
ولكنه للأسف ينقض ماقاله سريعاً
فيقول:
وأنها إن تكنْ لابدّ كائنة ً
فطينةٌ ظُلّلتْ دهراً ب " نسرين ِ"
وفي رأيي القاصر .. أنه كان من الأولى أن يبين ماذا تصورها
خلقت منه .. إن لم تكن خلقت من الطين .. ثم إن شاء قال:
وإنها إن تكن ......
وأنها إن تكنْ لابدّ كائنة ً
فطينةٌ ظُلّلتْ دهراً ب " نسرين ِ"
وموزجت " ياسميناً " ثم ما لبثت
من بعدِ ذاك عليها أُنِزلت " كوني "
كوني " ملاكاً " برغم الطين وانتفضي
" خريدةً " من عِدادِ الخُرّد العينِ
" كوني " .. كأنه يشير إلى قوله تعالى (كن فيكون)
يارب والشعرُ ذنبٌ حين يقذفنا
خلف الحقائقِ من حينٍ إلى حينِ
جميل هذا البيت .. وهو يبين فيه حقيقة الشعراء حينما يسافروا
بخيالهم بعيداً بعيداً حتى تزل أقدامهم في " رب كلمة لاتلقي لها بالاً"
كما أنه حينما يسمي الشعر ذنباً .. وقول الشعر لايكون خطيئة
وإنما هو سبب .. فاستعمل المجاز ليبين عن قوة سبب الشعر
في إيقاع المرء في الذنوب.
أتمنى أن لاأكون أغرقت حتى حولت القراءة مضمونية .. ربما لأن
المضمون كان له نصيب الأسد من جمال النص.
تحياتي لكِ
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[انكسار]ــــــــ[19 - 12 - 2003, 09:54 م]ـ
مرورك السريع على النص يضيف اليه
لا يهم كثر الكلام في القراءة
المهم ان تثير جوا و تنقل لنا هذا الجو
سلمت اخي سامح(/)
مداخلات حول نص " انقسام " للشاعر احمد الحربي
ـ[أسماء الزهراني]ــــــــ[24 - 07 - 2003, 12:25 م]ـ
و هذا نص آخر مع مداخلات حوله نشرت في ازاهير اتمنى ان تشاركوني قراءتها:
انقسام
وتقولين من أنا؟ أنا حلم مشرئب .. وبعض حلمي جراح
أنا ليل من العذاب .. وفجر سرمديّ .. يعيش فيه السماح
أنا وجه مع النهار مطلّ يتوارى على رؤاه الصّباح
أنا حقل من الزهور تردّى رغم أنفي .. ومات فيه الأ قاح
لي عمر يصول فيه انقسامي وانقسامي يحار فيه الصحاح
في فؤادي مشاتل الحب جذلى داهمتها على وريدي الرماح
في عيوني مظلة للحيارى بعثرتها على جفوني الرياح
في غنائي حمامة الأيك .. لولا إن تغنّت يهيض منها الجناح
في حروفي سنابل العشق تذري للمحبين .. لو ينام الجراح
*****
تسأليني .. وأنت يا (مي) أدرى أن همّي يطول فيه النّواح
كان قلبي مع العصافير يشدو (يوم كنا) .. يطيب فينا المراح
جف نبضا .. وكان بين الحنايا نهر حب .. رشفن منه الملاح
لو أغنّي زنابق الشوق نجوى للسهارى .. لعاث فيها الصياح ..
فاتركيني .. منابت الشوك تنمو في دروبي .. إذا دعاني الرواح.
********
المداخلة الاولى للاخ " مشخفو ":
تحية للأستاذ احمد الحربي
بدايةً أرحب بك من جديد في ازاهير العامرة بالإخاء والحب والصفاء ويسرني لو تقبل بمداخلتي هذه على نصك الشعري بعنوان (انقسام)
أولاً:
وتقولين من أنا؟ أنا حلم مشرئب .. وبعض حلمي جراح
وهذا هو مطلع النص المنظوم
اقف عند (بعض حلمي جراح) فاجد ان الكاتب ذهب بالمعنى بعيداً حين جعل الجراح جمعاً بعضاً من حلمه فالقارئ يجهد كثيراً وهو يحاول استجماع الصورة مع انه يمكن للكاتب أن يصورها باسلوب أسهل ولا أدري هل امتنع عليه ذلك ابتكاراً أم انه فضل ان يتفلسف على حساب عقلية المتلقي
(أنا وجه مع النهار مطلّ يتوارى على رؤاه الصّباح)
يقول (مع النهار) والأصح ان يقول (من النهار) وهذا ابلغ وأكثر ربطاً للمعنى المنشود من قبل الكاتب
(أنا حقل من الزهور تردّى رغم أنفي .. ومات فيه الأ قاح)
كلمة (تردى) جاءت عصبية بالنسبة لـ (حقل من الزهور) اقحمها الكاتب بينما الأولى أن يستقطب كلمة تكون أقرب لمعنى الذبول
(فاتركيني .. منابت الشوك تنمو في دروبي .. إذا دعاني الرواح.)
عطفاً على (الرواح) وحملاً على معاناة الكاتب من تقدم العمر أرى أنه كان الأولى به أن يبدل (الشوك) بـ (الشيب) فتصبح العبارة أكثر ترابطاً حيث ان كلمة (منابت) تاتي دائماً مصاحبة لكلمة (الشيب)
المنظومة بشكل عام فيها جمال من نوع خاص كما عهدنا كاتبها الكبير الكبير
وتحمل رؤية متقدمة و (فلسفة جراح) خاصة بالحربي
نشكره عليها ونتمنى ان نرى المزيد
وسنكون بالجوار
****************
مداخلة لي:
مداخلتي تتعلق بقراءة الاخ " " للنص، التي أثارت لدي بعض الملاحظ، بخصوص طابع التفاعل الجمالي التي تمثله هذه القراءة بين النص و المتلقي. و بدايةً أكرر أنني أنطلق من مفهوم للتفاعل الجمالي مع أي نص ادبي يتمثل في احترام حضور كل من طرفي التفاعل: النص و قارؤه. غير أن قراءة الاخ " " تأسست على إقصاء الطرفين كليهما من ذلك التفاعل. و ذلك في سبيل الحفاظ على مفهوم جامد لحضور السياقات النصية في صورة معايير مطلوب من النص ان يكون تمثيلا مكرورا لمنظومتها. و سنعرض لهذا الإقصاء في نقاط نرتبها على معطيات القراءة المعنية هنا.
من جهة تهميش النص قامت القراءة على أساس معياري ينطلق من السلب، أي أنه يتوقف عند نقاط تقاطع النص مع منظومة المعايير اللغوية و العرفية الاجتماعية و المنطقية التي ينتمي اليها النص، و تمثل سياقاته و حقولا مرجعية تؤطر بنيته التركيبية. و يتنافى هذا التوجه مع الطابع الايجابي للتفاعل الجمالي مع النص الادبي، حيث يفترض أن ما يدفع المتلقي للتعبير عن التفاعل مع النص هو غنى ذلك التفاعل بوقع جمالي في صور و مظاهر متعددة، عبر اللغة و الايقاع و الشكل البلاغي. و قد أدى ذلك التصور المعياري للتفاعل مع النص الادبي الى ان تكون القراءة جزئية انتقائية، تقتصر التفاعل مع النص في تلك المواضع حيث يتعارض النص مع ذخيرة المتلقي من منظومة المعايير التي تحكم سياقات النص المختلفة.
(يُتْبَعُ)
(/)
و فيما يخص تهميش المتلقي مثلت القراءة المعطاة تحجيما لشريحة قراء النص المفترضة في شخص قارئ واحد، و ذلك عبر اختصار الممكنات الدلالية و التاويلية للنص في ما فهمه القارئ من النص وفق ذخيرته المعرفية الخاصة، و التي لا تمثل أبدا ما تتضمنه ذخيرة كل من القراء المحتملين للنص عبر زمن ممتد امتداد توثيق النص و بقائه مطروحا للقراءة. فاختلاف القراء بمكونات خلفياتهم المعرفية يضمن تعددا في التاويلات بعدد القراءات. حتى ان القارئ الواحد قد يختلف مع نفسه حين يكرر القراءة للنص نفسه في ظروف مختلفة.
و هنا يمكننا ان نناقش معطيات القراءة المعنية كلا على حدة:
أولاً:
وتقولين من أنا؟ أنا حلم مشرئب .. وبعض حلمي جراح
وهذا هو مطلع النص المنظوم
اقف عند (بعض حلمي جراح) فاجد ان الكاتب ذهب بالمعنى بعيداً حين جعل الجراح جمعاً بعضاً من حلمه فالقارئ يجهد كثيراً وهو يحاول استجماع الصورة مع انه يمكن للكاتب أن يصورها باسلوب أسهل ولا أدري هل امتنع عليه ذلك ابتكاراً أم انه فضل ان يتفلسف على حساب عقلية المتلقي.
هنا تفرض القراءة المعيارية على النص معايير منطقية تحاكم الصورة في اطارها، حيث تقضي البنية المنطقية لمنظومة اللغة بتطابق المبتدأ و الخبر دلاليا، و عليه ف"بعض " التي تتضمن معنى الجزئية هنا لا تستوعب بنية الجمع التي تمثلها " جراح ". و بذلك الاختلاف مع المعيار اللغوي يصطدم النص مع مألوف المتلقي فتشكل صعوبة في فهم النص و بالتالي التفاعل مع الصورة. و هنا تقع القراءة في خطأين: احدهما هو فرض البنية المعيارية المنطقية لسياق النص اللغوي على النص، و ذلك يتنافى مع الطابع الجمالي لبنية النص الادبي اللغوية، و التي تقوم على اثارة وعي المتلقي عن طريق الاصطدام بمألوفه من صور الواقع اليومي و العلاقات المنطقية التي تحكم هذا الواقع، و التي تمثلها البنية الدلالية لمنظومة اللغة. و ثاني الخطأين يتمثل في تحجيم الممكنات التاويلية للنص في ما تسمح به خلفية قارئ واحد تمثله القراءة المعطاة هنا.
ثانيا ً: أنا وجه مع النهار مطلّ يتوارى على رؤاه الصّباح)
يقول (مع النهار) والأصح ان يقول (من النهار) وهذا ابلغ وأكثر ربطاً للمعنى المنشود من قبل الكاتب.
هنا يفترض القارئ معنى مقصود للشاعر و يحاكم الممكنات التاويلية في ضوء معيار جمالي يحصر وظيفة النص في الجانب التوصيلي، أي أن النص هو وثيقة لا يجوز فهمها بمعزل عن مقاصد كاتبها. و ذلك يتنافى مع الطابع الجمالي للتفاعل مع النص الادبي، و الذي يقضي بانه _ ضمن ما تسمح به بنية النص من ممكنات تاويلية _ كلما زادت تاويلات النص و تعددت كانت القراءة مثمرة جماليا. ثم إن القراءة وقعت مرة اخرى في تضييق نطاق ممكنات النص الدلالية في حدود طاقة قارئ واحد.
ثالثاً: أنا حقل من الزهور تردّى رغم أنفي .. ومات فيه الأ قاح)
كلمة (تردى) جاءت عصبية بالنسبة لـ (حقل من الزهور) اقحمها الكاتب بينما الأولى أن يستقطب كلمة تكون أقرب لمعنى الذبول
هنا نكرر الشيء نفسه بالنسبة لفرض معيار دلالي على النص في انتقاء الالفاظ لخدمة التناسب و القرب من مألوف المتلقي.
رابعاً: فاتركيني .. منابت الشوك تنمو في دروبي .. إذا دعاني الرواح.)
عطفاً على (الرواح) وحملاً على معاناة الكاتب من تقدم العمر أرى أنه كان الأولى به أن يبدل (الشوك) بـ (الشيب) فتصبح العبارة أكثر ترابطاً حيث ان كلمة (منابت) تاتي دائماً مصاحبة لكلمة (الشيب)
و هنا يؤدي التعامل الاحادي الضيق مع النص الى تجاهل لفظة الدروب التي يناسبها الشوك، على حساب لفظة منابت التي يرى القارئ ان السيب يناسبها اكثر. و ذلك يتنافى حتى مع السياق اللغوي المعياري الذيتتحرك ضمنه القراءة المعنية، حيث المضاف هو تابع للمضاف اليه و ليس العكس فشبه الجملة: منابت الشوك / المسند اليه فيها هو الشوك، و عليه فكلمة: منابت لا ينبغي ان تحكم اختيار ما تضاف اليه.
و في النهاية تبقى القراءة المطروحة هنا مثمرة من جهة فتح منافذ لرؤية النص، و تدخل في تشكيل افق معرفي جمالي للقراءات التي تليها.
خالص شكري للمبدع الحربي و لمقدم القراءة الاخ " "
ـ[الحسين الشنقيطي]ــــــــ[14 - 11 - 2008, 08:19 م]ـ
أيتها الفضلة أسماء، القراءة التي صدرت بها قراءتك اقتصرت على الشكل وأغفلت المضمون الرحب للنص فعلا فمزقته أشلاء ولم يستبطن الناقد فيها الشاعر.
وما تفضلت به هو عمل الناقد الواعي الذي يضع نصب عينيه النص (شكلا ومضمونا) يتعامل مع الشكل من حيث سلامة اللغة ومع المضمون هل وفق الأديب في إعطاء
كل نفس ما يناسبها لتختلف القراءات حول النص في إسقاطات يبررها دائما رغم تبايناها كلما عدنا
إليه، وفقنا الله وإياك أيتها الناقدة الفاضلة أسماء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(/)
أسئلة تنتظر إجابتكم (محاولة لتحريك القسم)
ـ[سامح]ــــــــ[05 - 08 - 2003, 06:30 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ولد هذا القسم لينمو ويكبر .. ولكني رأيته يقف عند
مرحلة معينة .. وحيث إن المشرف في مقام الوالد:)
فهذا جهد المقل محاولة لبعث روح الحياة في هذا
القسم الوليد ..
كثيرون إذا جاءت سيرة التعليم .. بادروا إلى (مشكلة التلقين)
وكيف أن الأستاذ يصب في ذهن التلميذ المعلومات ثم يذهب
ثم يستشهدون بقدوتهم وسادتهم (الأمريكان) وكيف أن
الأستاذ يكتب الموضوع ويطلب من التلاميذ التعبير عن تصورهم له.
من هنا .. ورغم أني لاأصل إلى قدر الأستاذ بينكم - ولكنه مثال
للتقريب - أردت وضع بعض الأسئلة .. ومنكم ننتظر الإجابة
التصورية .. لاالتعليمية .. محاولة لرصد الانطباعات وتحريك القسم
قليلاً.
بسم الله
س1 - ماهو النقد بالنسبة لك؟
س2 - حينما افتتح قسم النقد ماذا كنت تنتظر أن يقدم فيه؟
س3 - متى يمكنك أن تلبس أحدهم اسم (الناقد) ومتى
تخلعه منه؟
س4 - لماذا يرى البعض أنه يتعين على الناقد أن يكون أديباً أولاً؟
س5 - هل النقد كالشعر موهبة فطرية .. أم أنه مكتسب؟
س6 - هل الأديب لايرتقي أدبه إلا بالناقد؟
س7 - لماذا يرفض بعض الأدباء النقد .. ومتى يمكننا أن نقول
على الأديب أن لايقبل نقد الناقد؟
السؤال الثامن مجاني ,,
والتاسع .. قدم أسطراً في نقد هذا الموضوع .. :)
أتمنى أن لايغط هذا الموضوع أيضاً في سبات عميق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[سامح]ــــــــ[20 - 08 - 2003, 09:18 ص]ـ
ومانيل الأماني بالتمني
دخلت هنا فأاصابني الزكام .. الغبار ملأ المكان فالقسم بات مهجور
لاهو لم يبت فقط .. هو أصبح وأمسى وبات واستيقظ وهو مهجور
ونائم ..
خمسة وثلاثون قارئاً .. ولاإجابة
طيب على أقل تقدير .. قولوا لي ماهو سبب عزوفكم عن الموضوع؟؟
لعل مقدمته أزعجتكم
تريدون أن أحذفها لامشكلة ..
لعل الأسئلة كثيرة
طيب يكفيني السؤال الثاني
ماذا تريد من قسم النقد؟؟
أظن أن النقد حتى لو كان مزعجاً .. فهو أقل مرارة من الهجر ..
تحياتي وتعازي لهذا الموضوع
بوركتم على القراءة
واعتذر إن لم تكن قدمت لكم شيئاً ..
سلام عليكم ,,
ـ[ثابت قطنة]ــــــــ[21 - 08 - 2003, 04:25 ص]ـ
آآآه ما أقسانا ... ! سامحنا يا سامح.
ما أقسانا حين نسمع صراخ السائل ولا نلتفت .. نعم نسمعه ينادي
بأعلى صوته و لكن وجوهنا تشيح عنه , لا أحد يجيبه .. حتى الصدى
ضل طريق العودة إليه.
سامحنا يا سامح
كل يوم تدلف إلى المنتدى وعيناك تسابق يديك. تنظر إلى الأرقام
من حولك , كلها نمت وتطورت عدا الصفر القابع في مقالك لم يبثَّ
أحدٌ فيه الحياة فيقيمه ويشد عوده.
سامحنا يا سامح
أخجلتنا حين اعتذرت , وحين تنازلت عن كثير من آمالك واختزلتها
بإجابة على أحد أسئلتك. علّك تسمع من أحدهم ردا.
فلمَ لم يجيبوا؟
لمَ لم يجيبوا؟
ما أقساهم!
# حتى (ثابت) لم يجب على سؤالك!! ما أقساه!!
ولكن عزاءه أنه ألين من تلك القلوب التي لم تسمعك صوتا
ولم تنبس لك بكلمة!.
ـ[سامح]ــــــــ[21 - 08 - 2003, 06:39 م]ـ
ماأجمل تعزيتك ياثابت
تغسل درن الألم .. فتبدله إلى ابتسامة رضا
يكفيني أنك هنا ياعزيزي
المشكلة ليست فقط في هذا الموضوع
بل في القسم كله
حاولت وسأضل أحاول لتنشيط هذا القسم
أتمنى أن يقدم فيه ماينفع
ولكن اليد الواحدة لاتصفق.
كنت أتمنى أن يطلب ثابت
ويأمر
ويوجه
ماذا علينا أن نقدم في هذا القسم؟؟
ولكنه اختار أن لايفعل ..
يكفيني أنك أتيت هنا
يكفيني أن أقول بأنك رائع
وعضو ذا فكر سامق
أعتز بوجوده في نفس المكان الذي أنا فيه ..
بارك الله فيك ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[المثنى]ــــــــ[22 - 08 - 2003, 08:56 م]ـ
احسنتما ايها البارعان
ـ[سامح]ــــــــ[17 - 09 - 2003, 03:32 م]ـ
أخي النحوي الصغير
حياك الله وجهاً طيباً سعدت كثيراً بما قدم هنا
ليس تقليلاً من شأنك هو تأخري في التعقيب .. ولكن خطأَ فنياً
جعل التعقيب الذي كتبته لايرى في هذه الصفحة ..
أصبت وقتها بالإحباط
لأن الإعجاب والإحساس العميق كان أبهى وقت تشرف صفحتي
بآرائك المتميزة .. والتي -وبلا مبالغة - استفدت منها وشعرت بأنها
أضافت لي الكثير ..
((لا بل يرتقي الأديب بأدبه إذا كان جيدا، ولكن للأسف قد يرتقي
أدب ما لايستحق بسبب تبجيل ناقد.))
صدقت .. ولازلت لاأدري متى سيدرك النقاد أن معركتهم صعبة
ولكنهم من اختاروا الخوض فيها .. لذا كان عليهم أن لاينسحبوا
بعد اختيار الخوض في هذه المعركة ..
أما قولك
((أنا لست ناقدا ولا أديبا كما تعلمون لذاآمل أن يكون لي نصيب في اسمك
في هذا السؤال ولو سألتني عن النحو لكان من الممكن ذلك.))
فأقول
كفاك تواضعاً
ومن ثم فإن" معاني النحو هي البناء الأساسي لمعاني البلاغة "
والبلاغة هي أم الأدب والنقد .. فلا أدب بلا قيم بلاغية
ولاشي يثير الناقد كهذه القيم ..
يبقى عليكم معشر النحويين أن تدركوا ذلك وتعملوا على ترسيخ
القواعد النحوية في نفوس الدارسين بمنهجية تضمن لهم تطبيق
هذا المبدأ .. والاستفادة من معاني النحو في صنع الأدب ودراسة
النصوص ..
تحياتي وتقديري لشخصك الرائع
بورك حضورك ,,
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سامح]ــــــــ[17 - 09 - 2003, 03:33 م]ـ
المثنى
حسنت الكلمات بوجودك
ولكن لماذا بخلت علينا برائع كلماتك؟؟:)
ـ[الكاتب1]ــــــــ[18 - 09 - 2003, 12:49 م]ـ
أستاذي " سامح "
أشكر لك لك هذا التشجيع و تلك الكلمات التي ستكون لي دافعا لأن
أبحر معكم في هذا المنتدى أعني " منتدى النقد و الأدب المقارن "
وإن كنت أعلم أنني لن أستطيع مقارعتكم ولكن هي محاولة لأن لدي
قناعة في أن الإنسان متى ما حاول واجتهد وصل لمبتغاه بإذن الله.
أما قولك:
يبقى عليكم معشر النحويين أن تدركوا ذلك وتعملوا على ترسيخ
القواعد النحوية في نفوس الدارسين بمنهجية تضمن لهم تطبيق
هذا المبدأ .. والاستفادة من معاني النحو في صنع الأدب ودراسة
النصوص ..
فأشكرك جزيل الشكر على تلك الوصية الغالية وأعدك بإذن الله أننا
سنعمل بها نحن معشر النحويين. وإن كنت ما زلت أراني نحوياصغيرا
أمام عمالقة هذا المنتدى
ـ[علي العمر]ــــــــ[08 - 12 - 2003, 01:48 ص]ـ
النقد من منظور بسيط:
هو تقييم ينتج عن تجربة سابقة بالموجود وقياس حسي لما هو حاضر حسب المعلوم سابقاً
بمعنى أن النقد لا بد أن يكون لديه عدة مقومات منها مثلا
1 - الخبرة في مجال النقد والمنقود
2 - الذوق السليم الخالي من التبعية والخروج عن ما يوافق الذوق العام
3 - الحياد في النقد وعدم التحيز
4 - المصداقية في النقد والخروج عن النرجسية وحب الظهور في المخالفة
5 - متابعة ودراسة النص وصاحب النص
هذا والله أعلم
ـ[ضوء]ــــــــ[09 - 10 - 2004, 08:22 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله و بركاته
س1 - ما هو النقد بالنسبة لك؟
النقد هو أن يحكم الناقد على النص الأدبي لمعرفة مواطن الجمال و الإخفاق فيه…
س2 - حينما افتتح قسم النقد ماذا كنت تنتظر أن يقدم فيه؟
حقيقة يا أخي لا أدري متى فتح القسم ... فكوني عضواً جديداً يشفع لي الإجابة على هذا السؤال ..
بيد أني آمل أن يكون هناك نصوص أدبية لأعضاء الموقع ينقدها ناقد حاذق ..
س3 - متى يمكنك أن تلبس أحدهم اسم (الناقد) ومتى
تخلعه منه؟
الناقد في رأيي هو الشخص الذي تشبع بالقراءة في بطون اللغة وعرف أسرارها وخباياها ... وهو الشخص ذو الحس المرهف و الذائقة الراقية ..
أما غيره فهم النقاد المبتدئين في هذا الحقل الواسع ... فسنابلهم لم تزل تحت الثرى بحاجة إلى الري وبحاجة إلى الاهتمام ..
س4 - لماذا يرى البعض أنه يتعين على الناقد أن يكون أديباً أولاً؟
لأن الناقد الذي نعنيه هنا هو الناقد الأدبي ... فإذا لم يكن أديباً لم يستطع أن يستشعر أو أن يحكم على النص سواء كان جيد أم رديء.!
س5 - هل النقد كالشعر موهبة فطرية .. أم أنه مكتسب؟
رأيي الشخصي حقيقة أن أي موهبة لا تستطيع أن تبرز على أرض الواقع إلا بعد أن تصقل ... سواء كان هذا الشخص موهوباً في الشعر أو القصة أو ما إلى ذلك ..
النقد أمر آخر غير هذه القضية ... فكل شخص في حياته العامة يستطيع أن ينقد الذي أمامه .. (هذا بالمفهوم العام الدارج)
أما الناقد الأدبي فبالخبرة و الاكتساب و الممارسة المكثفة يستطيع أن يكون ناقداً بارعاً.
س6 - هل الأديب لا يرتقي أدبه إلا بالناقد؟
سؤال جميل ..
الأديب بحاجة ماسة إلى ناقد ..
فإذا ظل هذا الأديب متقوقع في دائرته الشخصية , ومعتمداً على آراءه الذاتية حتماً سيجد الآلاف الذين سينتقدون أدبه ... فالأديب أينما سار فمصيره إلى النقاد .. !
س7 - لماذا يرفض بعض الأدباء النقد .. ومتى يمكننا أن نقول
على الأديب أن لا يقبل نقد الناقد؟
أتوقع هؤلاء هم المبتدئون , فلا أتوقع أن يكون هناك أديباً كبيراً يرفض قضية النقد.
ولعل السبب في رفض هؤلاء المبتدئون لهذا النقد هو الخوف من النقد ذاته , وخوف تثبيط الهمة التي يشعرون بها ,,, فيحاولون أن يتجنبوا النقاد في الفترة الأولى قدر المستطاع ..
*
ومتى يمكننا أن نقول
على الأديب أن لا يقبل نقد الناقد؟
أرى أن الأديب عليه أن يتقبل النقد سواء كان إيجابي أو سلبي , ومن جهته بعد ذلك يعلل و يوضح و يعارض إذا لم يعجبه النقد .. !
أما إذا كان يرفض النقد لذاته فأرى أن يعيش كما عاش أبو العلاء خاوياً في بيته ... !
*
*
*
قدم أسطراً في نقد هذا الموضوع ..
أتأسف وبشدة على هذا الموقع ... أبهرني مواضيعه وأعضاءه وهذا الحشد الرائع من المعلومات و الفوائد التي محكها الأساسي لغتنا العربية السامية ..
لكن أين الحماس؟!
أين التشجيع؟.!
أين وجهات النظر؟!
لمَ لا نعطي لآرائنا مكاناً خصباً ترتقي فيه؟!
لمَ تظل آرائنا مكبلة بآراء الآخرين؟!
المسلمون بحاجة إلى هذه الأقلام الشامخة ..
بحاجة إلى من يعلو بها فوق هامات السحب ..
فلنشمر عن سواعدنا , ولنملئ محابرنا ... و لنبحر بآرائنا في شتى المجالات ..
دمتم بخير وعافية ...........
والله يحفظكم ..
ـ[سامح]ــــــــ[06 - 11 - 2004, 01:47 ص]ـ
الأستاذ / علي العمر
حياك الله معنا هنا
أقدر لك هذا الحضور المركز العميق
وأشدد معك على قولك " المصداقية في النقد والخروج عن النرجسية
وحب الظهور في المخالفة "
ونحن بين مشكلتين عظيمتين في النقد:
الغلو في الثناء والغض عن العيوب
أو الغلو في المخالفة وإبراز العيوب
والوسطية مفقودة بين هذين
والأدب يضيع بينهما
ويضل على حاله لايتقدم الجيد .. ولايقمع الرديء ..
أعان الله كلاًَ على تحمل مسؤوليته .. ورعاية
الأمانة الملقاة على عاتقه.
شكر الله هذا الحضور الفياض وبورك فيك
كن هنا دائماً ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(/)
السعوديون .. جيراني الذين أحببتهم
ـ[د. محمد الرحيلي]ــــــــ[07 - 08 - 2003, 09:57 ص]ـ
أنا أمريكية. فخورة بأني ولدت ونشأت وتعلمت في مدينة صغيرة وآمنة في ولاية نيو إنغلاند. وفخورة ايضا، كون أبنائي نشأوا وتعلموا ـ لمدة خمس سنوات ـ في المملكة العربية السعودية. أحب أمريكا، وأحب السعودية أيضا، لأني عشت فيها. ولو طلب مني أن أتذكر شيئا سيئا فيها لما تذكرت شيئا بالفعل.
ومن وحي اقامتي في الظهران كتبت:
أحببت الأرض
أحببت الجو
أحببت كون أطفالي في أمان
أحببت نداء الصلاة خمس مرات في اليوم
أحببت الخليج، مالح جدا، يطفوا عليه الجميع
أحببت الصحراء، قاحلة لكنها جميلة. تنبت فيها زهور ذهبية وأرجوانية، بأمر إلهي، من لا شيء سوى التراب.
أحببت الجو، حار ورطب. أحببت شواطيء الخليج، عذراء وطويلة. أحببت أسراب الطيور الشتوية فوق الخليج جنوب شرقي الظهران. أحببت العصافير المغردة خارج نافذة مطبخي.
أحببت الأمان، خاصة بالنسبة لأطفالي، الذين لم أكن بحاجة إلى تعليمهم عدم التحدث مع الغرباء وقبول الحلوى والهدايا منهم. أحببت أن أخرج دون ان اغلق ابواب منزلي، وذات مرة تركت محفظتي في عربة التسوق، وذهبت إلى آخر "السوبر ماركت" لأحضر علب الحليب الذي نسيته.
أحببت النداء للصلاة خمس مرات في اليوم، وإقفال المحلات، وظهور شارة التوقف على شاشات التلفزيونات. أحببت الجلوس على الدرج الرخامي لمحل مغلق بسبب الصلاة، عيناي مغلقتان، وأنفي يشم رائحة الشاورما، والخبز الطازج، والقهوة اليمنية، والعطورات الشرقية من المحلات المجاورة. أحببت بالذات نداء الصلاة الأخيرة مساء، حين يأتي من مسجد جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، يصلني وأنا أتنزه مشيا على الأقدام.
أحببت الخليج، مالح جدا بحيث يستطيع أي شخص أن يطفو عليه. أحببت غروب الشمس، ضخمة وحمراء، في شاطئ نصف القمر. أحببت قافلة الإبل عائدة لمأواها. أحببت الحدائق التي أشاهد فيها العائلات العربية مع أطفالها.
أحببت الصبر اللامتناهي لأصحاب محلات الذهب، حين تقوم ابنتي ذات الثلاثة عشرة عاما بإضاعة أوقاتهم وهي تساومهم لشراء حُلية بمبلغ من مدخراتها. رأيتهم يُقدرون جرأتها حين تشتري منهم بسعر أقل من سعر الذهب في الأسواق العالمية.
أحببت روائح التوابل والسمك، سمك صيد للتو من الخليج، طازج لدرجة أن عيونه لم تفقد بريقها بعد.
أحببت رمال الربع الخالي الحمراء، والسماء الزرقاء الصافية. أحببت سوق الخميس في الهفوف، وأواني القهوة النحاسية الصفراء، والسجاد المنسوج من صوف الماعز، والخزّاف الجالس قرب عجلته.
أحببت الواحات وسط تلال الرمال. أحببت رياح الشمال، تجلب روائح الزهور المنعشة من حديقتي.
أحببت الضحكات الخجولة للنساء في العباءات، وفضول أطفالهن وفضولي. أحببت امرأة رأيتها في العيادة الطبية تضحك بمودة وتعانق طفلتي ذات الثلاثة أعوام، عندما دخلت تحت عباءتها. أحببت ان يكون حديثي بلغة عربية مُكَسَّرة موضع تقدير، مع أن الكثيرين يتحدثون الإنجليزية.
أحببت قدوم الرجل العجوز إلى منزلي بشاحنته الحمراء الصغيرة، وطرقه باب منزلي ليبيع السمك والربيان.
هكذا أستطيع أن أواصل وأواصل كثيرا، كما تفعل أي إنسانة عند الحديث عن مكان تحبه، مكان منسوج في عقلها وروحها.
إن المُعاملة التي يلقاها المسلمون عموما، والسعوديون خصوصا، في الولايات المتحدة مؤخرا، ليست عادلة إطلاقا، وتجعلني أشعر بالخجل. من المحرج والمخيف أن يُطلق على الأمريكيين المحتجين على هذه المُعاملة ألقاب مثل "غير أمريكيين"، أو "مناهضين لأمريكا"، أو أسوأ من ذلك. من الخطورة الشديدة أن يعلن رئيس الدولة العظمى الوحيدة في العالم قائلا "من ليس معنا فهو ضدنا"، كما لو كان هذان هما الخياران الوحيدان، وكما لو كان عدم الموافقة على موقف سياسي يعتبر هرطقة، في مثل هذه الحالة، أي عندما لا توافق على سياسة معينة وتصبح داعما للإرهاب.
لقد مضى أكثر من سنة على حادث 11 سبتمبر الإرهابي. أكثر السعوديين يشعرون بالإحراج لمشاركة 15 سعوديا في الحادث. يشعر السعوديون أنه أسيء فهمهم عمدا ودون قصد ايضا، من خلال بعض الصحافيين والساسة الأمريكيين الذين يُدينون كل السعوديون وشعائرهم الدينية.
أدعو الشعب الأمريكي إلى مراجعة تعصبنا الأعمى المبني على الخوف. تخيلوا لو استعمل العالم معنا المعيار نفسه! سوف يروننا قساوسة شاذين، ومديري لصوص (أنرون، وورلد كوم)، وأشباه تيموثي ماكفي! أمر مضحك، أليس كذلك؟ ليس أكثر من وضع مسؤولية الإرهاب على الإسلام والسعودية.
التعصب الأعمى يشجع على الإرهاب. تحميل الإسلام أو السعودية مسؤولية الإرهاب هو محاولة متهورة وخطيرة لإعطاء العدو وجها واسما. الإرهاب ليس له وجه ولا اسم ولا بلد. لا ينبغي تسويق وهم الأمن باتهام الأبرياء.
الخوف ليس مبررا لعدم النزاهة الإنسانية والظلم. قد نكون في خطر من نرجسيتنا الأمريكية المتنكرة كوطنية متعصبة كالخطر من الإرهاب، لأن النرجسية تهتم بنفسها وتشجع أسلوب التفكير الذي يعتبر كل من هم غيرنا أعداء.
الرجال والنساء والأطفال السعوديون كانوا جيراني. العالم اليوم صغير جدا ومن الممكن أن أسافر وأصل إليهم خلال ساعات، لذلك هم ما زالوا جيراني الذين أحترمهم جدا. أريد أن يعرف السعوديون ذلك، وأريد أن يعرف جيراني الامريكيون ذلك أيضا.
بت مينوسك باينغر*
* شاعرة وكاتبة أمريكية
ترجمة: حمد عبد العزيز حمد العيسى
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سامح]ــــــــ[09 - 08 - 2003, 05:08 م]ـ
أثرت الشجن ياعاشق الفصحى
بوركت ,,
ـ[كاتم الصوت]ــــــــ[28 - 05 - 2006, 04:57 ص]ـ
هذا حال الكثير ممن ذاق حلاوة الأمن والأمان في المملكة
لا عدمناك يا عاشق الفصحى
ـ[وارش بن ريطة]ــــــــ[28 - 05 - 2006, 06:00 م]ـ
أنا أمريكية. فخورة بأني ولدت ونشأت وتعلمت في مدينة صغيرة وآمنة في ولاية نيو إنغلاند. وفخورة ايضا، كون أبنائي نشأوا وتعلموا ـ لمدة خمس سنوات ـ في المملكة العربية السعودية. أحب أمريكا، وأحب السعودية أيضا، لأني عشت فيها.
لقد مضى أكثر من سنة على حادث 11 سبتمبر الإرهابي. أكثر السعوديين يشعرون بالإحراج لمشاركة 15 سعوديا في الحادث. يشعر السعوديون أنه أسيء فهمهم عمدا ودون قصد ايضا، من خلال بعض الصحافيين والساسة الأمريكيين الذين يُدينون كل السعوديون وشعائرهم الدينية.
أنظل نخجل، والحادث كله من تدبير المخابرات الصهيونية وعملائها الأمريكان المتصهينين؟. أين ذهبت أحاديت الدكتور أحمد التويجري؟. أين ذهبت تصريحات وزيري الداخلية والخارجية السعوديين اللذين ما يزالان على رأسي عملهما؟ حيث صرحا واستمر ذلك شهرا كاملا بأن يعض الأسماء غير معروفة، وبعضها لأطفال صغار، وبعضها لأموات، وبعضها لطلاب لم يمض على مغادرتهم السعودية للدراسة في امريكا بضعة أشهر، وبعضها لمسجونين في السعودية، وبعضها لمن أضاع جواز سفره وقدم بلاغا رسميا .. وبعد شهر صمتا صمتاً مطبقاً .. فأين ذهبت كل تلك التصريحات؟. ثم ألا تكفي أكذوبة أنهم وجدوا جواز سفر محمد عطا تحت البرج!!! ... لقد انهار كل شيء واحترق كل شيء وذابت الحجارة والصندوق الأسود والأحمر ولم يعثروا على أثر إلا جواز محمد عطا؟. ما هذه الأكذوبة؟. أتريدوننا أن نصدق؟. والله لو لم يبق في الكون غير شخص واحد لم يصدق فهو أنا .. إنه حادث إرهابي .. إرهابي بكل المقاييس، ولكنه إرهاب أمريكي صهيوني .. والدليل أنهم يعدون حجر الطفل الفلسطيني إرهابا، وقصف طيران العدو ودباباته دفاعا عن النفس!. فبأي مقياس يجوز هذا؟. وللحديث صلة إن شاء الله ..
ـ[معالي]ــــــــ[28 - 05 - 2006, 06:47 م]ـ
السلام عليكم
بارك الله فيكم أستاذ وارش.
ما يهمنا أن القيادة السعودية تعلم حقيقة ذلك، بلا شك.
وإن كنتُ أتمنى أن نجنب المنتدى مثل هذا النقاش؛ فقد يخرج بعض المنتدين بالموضوع إلى مسالك لا نرتضيها تتصادم مع قوانين الكتابة هنا.
لا أعني شخصكم بذلك، وفقكم الله، ولكن المنتدين يحملون أفكارًا مختلفة، مما قد يثير حدة النزاع والنقاش في مسألة هي بعيدة عن اهتمام موقعنا اللغوي.
جزيتم خيرا.
ـ[وارش بن ريطة]ــــــــ[29 - 05 - 2006, 08:04 ص]ـ
السلام عليكم. بارك الله فيكم أستاذ وارش. ما يهمنا أن القيادة السعودية تعلم حقيقة ذلك، بلا شك. وإن كنتُ أتمنى أن نجنب المنتدى مثل هذا النقاش. جزيتم خيرا.
أشكر الأخت معالي .. وما أردت إلا إنصاف الإخوة في المملكة، فلا يجوز أن يظل هذا السيف الكاذب مسلطا على رقابهم.وما هدفت إلى الدخول في السياسة، فأنا أبعد الناس عنها. وعلى كل حال فقد صمت الدكتور أحمد هو الآخر، ولكن بعد تعرية الحقيقة وتوضيحها تماما، والحمد لله. يقول المثل: إن الحقيقة قد تغيب عن بعض الناس كل الوقت، وقد تغيب عن كل الناس بعض الوقت، ولكنها لا يمكن أن تغيب عن كل الناس كل الوقت ..
ـ[معالي]ــــــــ[29 - 05 - 2006, 02:45 م]ـ
هذا مما يُمنّ لكم.
أحسن الله إليكم وشكر لكم.(/)
(المذهب الرومانسي (الرومانتيكي) ..... نبذة مختصرة .. )
ـ[السمو]ــــــــ[05 - 09 - 2003, 12:45 ص]ـ
المذهب الرومانسي ( Romanticism )
و يقصد به حكاية المغامرة شعرًا كانت أم نثرا ..
ثم اطلقت على مجموعة الصفات التي تتصف بها بعض الاعمال الأدبية كالعاطفية الشديدة و الغرابة ..
إلى أن وصلت مرحلة المذهب الأدبي ..
بدأ المذهب الرومانسي أو الرومانتيكي في الظهور أوائل القرن التاسع عشر ميلادي ..
و بظهوره اكتسح ثقافة أوربا السائدة آنذاك و استطاع أن يطيح بعرش الكلاسيكية و أن يحل محلها ..
لم يكد يبرز هذا المذهب لولا تململ الكثير من الأدباء من قيود الكلاسيكية و نظامها الصارم و ربما طبقيتها التي كانت الأساس الأول في تكوينها ..
و لا نتجاهل الفوضى السياسية الناتجة عن الحروب التي تفجرت آنذاك كحروب نابليون و التصارع على المستعمرات و الحروب بين الدول المتجاورة في أوربا ..
وكذلك الحالة النفسية المضطربة الناجمة عن الخواء الروحي و الإلحاد و النظرة المادية البحتة .. مما أدى إلى العزلة و الانطوائية و التعبير عن ما يحرق الذات و يعذب الروح ..
أسس هذا المذهب و مبادئه:
- محاربة الكلاسيكية في أساسها الأول الذي تقوم عليه و هو تبجيل الأدبين الروماني و اليوناني .. فالرومانسية ترفض هذا و تدعو إلى خلافه ..
- الحرية المطلقة في أغراض و اتجاهات و مناسبات الأدب .. فلا قيود تحده و لا قوانين تفرض عليه ..
- الذاتية الموغلة في التشاؤم المنبثق عن الاضطراب النفسي الشديد .. لذلك فهذا الأدب يقوم على الفردية الغامضة الحزينة ..
- عدم الاهتمام بالألفاظ و موافقتها أو جمال عبارتها .. فالهدف الذي يلحظ من هذه الرومانسية الثورة و الانطلاق في اللامحدود .. (الانعتاق من الكلاسيكية و التعبير عن ما في النفس من هموم و بؤس) ..
- الرفض القاطع للأخلاق أو اعتبارها أساساً في الأدب .. بل لا بد من الفصل بين الأخلاق و الأدب و أن كلاً منهما لا يمت بصلة مع الآخر ..
- الحزن و الكآبة و التشاؤم هو الطابع الملموس في هذا المذهب ..
- الطيران في عالم الأحلام و الهوس بالطبيعة الغريبة المتداخلة الألوان ..
- الاهتمام بالآداب القومية و الشعبية ..
أول ما بدأ هذا المذهب انطلاقاً من فرنسا على يد أحد الباحثين الفرنسيين الذي قام بترجمة لمسرحيات شكبير إلى الفرنسية و استخدام الرومانسية كمصطلح في النقد الأدبي (الموسوعة الميسرة) ..
و قد دعا إلى هذا المذهب و هيأ لنشره عدد من الفلاسفة الذين قادوا حملات على المذهب الكلاسيكي و من أبرز أولئك 0 جان جاك روسو و هو رائد الرومانسية الحديثة
و شليك وبودلير و هيجل ..
الرومانسية أقرب ما تكون إلى الثورة التي تسعى إلى جرف كل ما يجابهها في طريقها .. فلقد أثارت الكثير في وجه الكلاسيكية و أبرزت نفسها نداً استطاع الإطاحة بها ..
الفكر في الرومانسية
الرومانسية تدعو إلى التحرر من العبودية ..
و الحرية الكاملة للفرد .. الحرية من القيود العقلية و الفكرية و الاجتماعية و الدينية ..
((و قد رأيت توافقاً بين الليبرالية و الرومانسية في ظهروها و جوهر فكرها الذي يقوم على الثورة ضد كل ما هو محافظ .. ضد كل ما يقف حائلاً ضد شهوات الإنسان و نزواته سواءً في الفكر أو الدين أو العقل أو الآخلاق .. ))
لذا فهذا المذهب أبعد ما يكون عن الإسلام في كل شيء ..
و كما علق أحد الأدباء .. (يكفي أنها قائمة على التشاؤم و الحزن و الكآبة .. و الإسلام من ذلك كله براء .. بل يدعو إلى التفاؤل و النظرة المشرقة المبتسمة .. ) ..
(المذهب الكلاسيكي .. نبذة مختصرة):
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?threadid=1974
......
.......(/)
في النقد .. الاختلاف يفسد الود كله ,,
ـ[سامح]ــــــــ[17 - 09 - 2003, 03:08 م]ـ
الحوار الهادئ مرآة الشخصية , والتسليم بالخطأ آية النضج والثقة
بالنفس. واحترام الرأي الآخر سلوك إنساني متحضر ,فهل تحقق
ذلك كله في ساحتنا الثقافية؟
لاأظن؛لأن سياسة " إن لم تكن معي فأنت ضدي " قد بسطت
أجنحتها في فضاء الساحة ,نطالعها في بعض صحفنا ومجلاتنا
ماثلة في تصارع بعض الأعلام البارزين.
فقد نسعد بطرح فكري متميز من أحد أعلامنا , ونتابع ردود
الفعل لدى الآخرين ,لكننا مانفتأ نعود بخيبة الأمل حينما
يحتدم النقاش وتزداد سخونة الحوار بين أرباب الفكر فتتحول
إلى معركة كلامية يمضي فيها المنهزم إلى الصفوف الخلفية
مردداً مهاترات شخصية تنبئ عن ضعف حجته , وتكشف
الوجه الآخر لشخصيته , وربما أحجم كثر من النقاد عن إبداء
آرائهم في المواد الإبداعية المنشورة , وفي بعض قضايا
الساحة , وفقدنا أساتذة النقد في بعض جامعاتنا؛لأنهم
آثروا السلامة من هذا الجو المكفهر مادام اختلاف الرأي
يفسد للود ألف قضية.
إن اختلاف الرأي ظاهرة صحية نتاجها تلاقح الأفكار والانتهاء
إلى نتائج مثمرة ترتقي بفكرنا ,متى ماتخلصنا من حساسيتنا
المفرطة تجاه النقد , وأخذنا بمبدأ " الحق ضالة المؤمن ".
إنها دعوة لأرباب الفكر وحملة الأقلام لاطراح التناحر
الشخصي , والفراغ لقضايا أمتنا فالقلم ثروة ينبغي أن
نحسن استغلالها.
ورُبَّ ذي قلمٍ أعطى لأمته ..
ماليس يعطيه فيها نهرها الجاري ...
محمد بن سليمان القسومي
مجلة الدعوة
العدد1753 –جمادى أولى 1421ه
ـ[الكاتب1]ــــــــ[18 - 09 - 2003, 12:06 م]ـ
أستاذي " سامح
مشكور على اختيارك لهذا الموضوع الهام وطرحه في هذا المنتدى
الرائع بوجودكم.
ولقد صدق الأستاذ " محمد بن سليمان القسومي " في كلماته
ولكن متى نعي خطورة هذا الخلاف؟
وأضم صوتي له في قوله:
(إنها دعوة لأرباب الفكر وحملة الأقلام لاطراح التناحرالشخصي , والفراغ
لقضايا أمتنا فالقلم ثروة ينبغي أن نحسن استغلالها).
وأتمنى ألاّ ينطبق عليهم قول الشاعر:
لقد أسمعت لو ناديت حيّا ... ولكن لاحياة لمن تنادي
ـ[سامح]ــــــــ[22 - 09 - 2003, 03:35 م]ـ
ونحن معك نتمنى:)
بورك حضورك المتألق أخي الحبيب ,,
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[02 - 10 - 2005, 10:23 م]ـ
ذكرني هذا الموضوع بمقولة أعجبتني لإحدى الفاضلات ..
تقول: إن النقد يخدم فئة لن تتفق حتى قيام الساعة.
أعتقد أن في مقولتها نوعاً من الصحة ..
ـ[سامح]ــــــــ[13 - 10 - 2005, 02:16 ص]ـ
أخرجت مادفنته أروقة الفصيح ..
بورك حضورك المشع:)
تحية
والسلام عليكم ورحمةالله وبركاته(/)
هل أجد المساعدة في تحليل ونقد قصيدة سرنديب للبارودي
ـ[سلامة الطفشان]ــــــــ[23 - 10 - 2003, 10:57 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
أريد مساعدتي في نقد وتحليل قصيدة " سرنديب " لمحمود سامي البارودي.
يقول فيها.
كفى بمقام في سرنديب غربة * نزعت بها عني ثياب العلائق
ومن رام نيل العز فليصطبر على * لقاء المنايا واقتحام المضايق
فان نكن الايام رنقن مشربي * وثلمن حدي بالخطوب الطوارق
فما غيرتني محنة عن خليقتي * ولا حولتني خدعة عن طوارق
اذا المرء لم ينهض بما فيه مجده * قضى وهو كل في خدور العواتق
وأي حياة لامرى ان تنكرت * له الحال لم يعقد سيور المناطق
فما قذفات العز الا لماجد * اذا هم جلى عزمه كل غاسق
يقول اناس انني ثرت خالعا * وتلك صفات لم تكن من خلائقي
ولكنني ناديت بالعدل طالبا * رضا الله واستنهضت أهل الحقائق
أمرت بمعروف وأنكرت منكرا * وذلك حكم في رقاب الخلائق.
ـ[*حديث القمر*]ــــــــ[24 - 10 - 2003, 12:43 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ...
اخي سوف ابذل مجهودي لتوضيح هذه القصيده لك ... ولكن العذر ان لم استطع نقدها النقد والتحليل الصحيح ...
1_يرفض البارودي في تلك الجزيره النائيه
2_ من يطلب العز والرفعه فليصطبر على الحروب والضيق (لقاء المنايا كنايه عن الشجاعه)
3_شبه مصائب الدهر بالشي الذي يكدر نقاء الماء (استعاره مكنيه) اذا كانت الايام قد كدرت قوتي وعزيمتي ..
شبه الايام بالشراب المر (استعاره تصريحيه)
4_انه مهما حصل له من محن لن تغيره عن أخلاقه ولا عن طريقته ..
5_هنا أكد البارودي انه لا يزال باقي على مارسخه في نفسه من أخلاق جميله .. تسر أصدقائه وتغضب أعدائه ..
6_وصف لنا حسرته على بعده عن اصدقائه, واحبابه .. وانها تساوي فرحته ببعده عن عدوه المنافق ..
7_ان كان الانسان ضعيفا لم يبحث عن مجده قضى عمره دون ان يجد مخرج له
وهنا شبه الرجل الضعيف بالفتاه البكر في خدرها (تشبيه بليغ)
اسلوب استفهام يفيد الحسره ..
8_؟؟؟!!! لست متاكده من معناه؟؟
9_لن يصل الى عالي العز والمجد الا الانسان الماجد اذا هم بعزيمه واصرار ..
وبذلك ينجلي الظلام فيخرج نور ساطع وهنا شبه العزيمه بالنور الذي يغير الظلام ..
10_وهنا يقول الناس عنه انه ثار مستغني عن قيمه ..
وهو يرد عليهم:انها سقطات ضعيفه ليست من اخلاقه
11_وضح البارودي طالبا رضاء الله لانه لم يخطى بمجرد طلبه للعداله ..
12_وقد امرت بالمعروف ورفضت المنكر وهذا واجبي ...
واكرر اسفي لك ان لم استطع التوضيح لك
مع خالص تحياتي ...
اختك حديث القمر
ـ[سلامة الطفشان]ــــــــ[24 - 10 - 2003, 03:40 م]ـ
السلام عليكم
شكرا لك أختي العزيزة حديث القمر لقد أبدع فكرك النير بالعكس انت ما قصرت أبدا
الله يعطيك العافية.
ـ[سامح]ــــــــ[14 - 11 - 2003, 03:02 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلاً بك أخي الحبيب
واعذرنا إذ لم نرَ طلبك وقت نزوله .. وإلا لأعناك في وقته
لعلك استغنيت عن التحليل .. وإلا أعنتك بالقليل الذي أملك.
لكن عليك بتعويد نفسك على تحليل القصائد وسيعينك على ذلك
الكتب التي عرضت نصوصاً وحللتها
من هذه الكتب
-قراءة في الأدب القديم د. محمد أبوموسى
-مدخل إلى علم الأسلوب شكري محمد عياد
-في الأدب العربي القديم محمد الشنطي
-قراءة الشعر وبناء الدلالة شفيع السيد
واحصل على كتب د.علي عشري زايد
وقراءته فهو من أعاظم نقاد الشعر إن لم يكن الأفضل.
تحياتي لك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أمل]ــــــــ[24 - 11 - 2003, 01:19 م]ـ
في هذه القصيدة يبدو الباردوي البعيد عن بلاده جداً يستعيدها مستعيداً عروبته الغريبة في المكان بالتقاطع مع نصوص عربية قديمة يستلهمها في قصيدته، وليس ذلك بمستغرب ممن تشبع بالتراث العربي (شعراً بالتحديد)
يبدأ القصيدة ببيته الجميل " كفى بمقامي في سرنديب غربة " فيعيد إلينا المتنبي العظيم في قصيدته: " كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً " في موقف وجع مشابه؛ إذ لا هل ولا خلان، والكثير الكثير من الخذلان ي الموقفين، ونحن كقراء إذ تعيد لنا القصيدة الحديثة قصيدة المتنبي فإنها تلقي بنا في قاع وجع يليق بالموقف، ويختصر الكثير من تفاصيله بتأجيجها داخلنا بصمت ..
ثم في البيت الثاني، وحيث الحكمة تالية للألم دوماً، ونابعة منه، يحاول الشاعر تهذيب الألم ليهدأ، فيستعين بحكمة زهير بن أبي سلمى، وهي هنا استعانة ذكية، فالموقف يتشابه أيضاً، لأن هنا، وهناك بذل (بذل للنفس والمكانة عند البارودي، وبذل للمال عند ممدوحي زهير في معلقته) هو موقف الحكمة من أجل نصرة قضية، وفهم وحشية البشر، يقول فيه البارودي:
ومن رام نيل العز فليصطبر على * لقاء المنايا واقتحام المضايق
وقد قال فيه زهير من قبل: " ومن لم يصانع في أمور كثيرة، ومن ... ، ومن ... "
والقصيدة مليئة بمثل هذه الجمل الشرطية ..
هي مشاغبة أولى إن سركم منها شيء فسيسعدني أن أكمل ..
تحيتي لصاحب الموضوع
وللفاضل سامح الذي وعدته ذات زمان بعيد بالتواجد ثم كانت مواعيد عرقوب لي مثلاً ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نبراس المعالي]ــــــــ[08 - 12 - 2009, 07:15 م]ـ
يتحسر الشاعر على نفسه في بقاءه بعيدا عن وطنه، وما أقسى غربة الأوطان،وقد قال في أحد الأبيات أنه يشاركه هذه الغربة الهم والحزن والشرود
(سوى همي واطراقي ... )
وقد قطعت عنه جميع الوشائج، والقرابات، فشبه البارودي الصلات مع بني قومه بثياب نزعت عنه قصرا.
كفى بمقام في سرنديب غربة * نزعت بها عني ثياب العلائق
هذا ما تيسر يتبع بإذن الله(/)
ماهو النقد .. للمناقشة!!
ـ[خالد العسكر]ــــــــ[04 - 11 - 2003, 05:27 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
في اول مشاركاتي
مررت في بعض المشاركات عن النقد وما قدم وماشرح من قبل الاعضاء
الكرام وفعلا كان هناك المعقول والغير معقول
فوضعت هذا الموضوع .. الذي اتمنى ان اجد صدى له
وتواجد عدد لا بأس منه من الاعضاء القادرين على النقد
ومناقشة ماهو النقد؟؟؟
لنقل ان هالموضوع مناقشة .. النقد
ماهو النقد؟؟
عيوب النقد وسلبياته؟؟
ايجابيات النقد؟؟
هل يمس النقد الشخص او النص؟؟
لماذا يعتقد البعض بأن النقد يسئ للشخص؟؟
لماذا لا ننظر للنقد بأنه معالج .. وبناء وليس هدام؟؟
هناك اسأله كثيره فعلا
تدور في ظهني تبحث عن الاجابه
كتبت الكثير .. وانتقد الكثير .. والكثير انتقدني في بعض كتاباتي
ولكن ايضا هناك تساؤل أخر
من هو الناقد .. ومتى نقول هذا ناقد؟؟
هل يجب ان يكون الناقد .. شاعر ام كاتب؟؟
إليكم أخوتي اترك هذي التساؤلات
واتمنى التواجد منكم ..
لنتركها حرية للرأي
ومناقشة يستفيد منها الجميع؟؟
لكم كل التوفيق
بأنتظاركم
اخوكم
خالد العسكر
ـ[سامح]ــــــــ[14 - 11 - 2003, 03:18 م]ـ
حياك الله أخي خالد
أشكرك على موضوعك هذا .. ولكن أظنه سيخلد للنوم كما خلد
قبله موضوع محدثك
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2156
ولكن يبقى الموضوع قيماً .. ولعلي أحيلك إليه وقد نوقش
في موقع د. سمير العمري وأحيط من كل جوانبه.
http://iris.dr2.net/~alomary/moltaqa/showthread.php?threadid=1556
لك سلامي وتحياتي ,,:)(/)
استخراج صور فنية.
ـ[عابر سبيل]ــــــــ[10 - 11 - 2003, 05:16 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
هذه القصيدة النونية لإبن عثيمين في مدح الملك عبدالعزيز
عج بي على الربع حيث الرند والبان "=" وإن نأى أحباب وجيران
فللمنازل في شرع الهوى سنن "=" يدري بها من له في الحب عرفان
وقل ذاك لمغنى قد سحبن به "=" ذيل التصابي برسم الشجو غزلان
القاتلات بلا عقل ِ ولاقودِ "=" سلطانهن على الأملاك سلطان
لله أحور ساجي الطرف مقتبل "=" عذب اللمى لؤلؤي الثغر فتّان
عبل الروادف يندى جسمه ترقا "=" ظامي الوشاح لطيف الروح جذلان
كأنما البدر في لألاء غرته "=" ياليت يصحب ذاك الحسن إحسان
يهتز مثل إهتزاز الغصن رنحه "=" سكر الصبا فهو صاحي القد نشوان
لوكان يمكن قلنا اليوم أبرزه "=" لينظر الناس كنه الحسن رضوان
قد كنت أحسب أن الشمل ملتئم "=" والحبل متصل والحي خلطان
فاليوم لاوصل أرجوه فيطعمني "=" ولايطيف بهذا القلب سلوان
في ذمة الله جيران إذا ذكروا "=" هاجت لذكرهم في القلب أشجان
فارقتهم أمتري أخلاف سائمةً "=" يسوقها واسع المعروف منّان
السؤال هو /
استخرج الصور البيانية والبديعية في النص:
استخرج التشبيهات وشرح الصورة للتشبيه، والإستعارات والكنايات والطباق والجناس؟
أتمنى ممن يستطيع الإفادة
أخوكم (عابر سبيل)
ـ[سامح]ــــــــ[14 - 11 - 2003, 03:08 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لاأدري أخي عابر سبيل
هل لازلت تريد استخراج الصور الفنية فنعينك
أم أن وقت التكليف انتهى؟؟
ـ[عابر سبيل]ــــــــ[15 - 11 - 2003, 04:00 ص]ـ
أهلا وسهلاً
لقد استغربت هذه الغيبة من أعضاء الفصيح ...
أتمنى منكم مشكورين حلّها للفائدة إن أمكن ..
تحياتي وتقديري
ـ[سامح]ــــــــ[17 - 11 - 2003, 02:25 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المعذرة أخي عابر .. لعل لأعضاء الفصيح عذراً وأنت تلوم
وإلا فجميعنا خدم لهذه اللغة.
لعلني أغامر في محاولة إيجاد الصور والمحسنات في النص
لأنني من أجهل الجاهلين بشعر ابن عثيمين
ولكنها محاولة .. ستجد من يتصدى لأخطائها حتماً.
*سلطانهن +سلطان =جناس تام
*لؤلؤي الثغر = تشبيه بليغ .. شبه ثغر هذا الأحور باللؤلؤ في نظارته وجمال رسمه .. تعبيراً عن حسن هذا الثغر.
*عبل الروادف =قد تكون كناية عن امتلاء الجسم الذي كان يعد منقبة للممدوح.
*كأنما البدر في لألأء غرته =شبه بياض غرته بالبدر ,ولم يقل كأن غرته البدر .. بل قال (كأنما البدر في لألأء غرته) مبالغة وإخراجاً لهذا التشبيه من الابتذال إلى الغرابة.
*الحسن+إحسان =جناس ساهم في خلق نوع من الإيقاع الموسيقي للنص.
*يهتز مثل اهتزاز الغصن =تشبيه تمثيلي حيث شبه حال اهتزاز جسمه بحال اهتزاز الغصن تعبيراً عن رشاقة قده وسهولة حركته.
*هاجت ... أشجان = استعارة مكنية تبعية .. شبه الأشجان بالموج وحذف المشبه به وأتى بشيء من لوازمه (هاج) .. ليعبر عن شدة أثر هذه الذكرى في تأليب الأشجان على قلبه فكأنه تهوج هيجاناً ولايخفى مافي الهيجان من شدة وأذى.
واعذرني ياصاحبي إن جانبت الصواب
فهو اجتهاد يكثر فيه الخطأ.(/)
قراءة ناقدة
ـ[زهرة الفصحى]ــــــــ[15 - 11 - 2003, 06:00 م]ـ
قراءة ناقدة
فيما يلي بعض التوجيهات التي يمكن أن تساعدنا في نقد مقال ما بشكل صحيح: أمور فنية: ما هو عنوان المقال، وما هي المواضيع الأساسية التي يعالجها، ومن مؤلف هذا المقال؟ لماذا اخترت هذا المقال بالذات؟ كيف حصلت على هذا المقال؟ هل المعلومات المطروحة في المقال جديدة بالنسبة لك؟ كيف يمكن توظيف المعلومات في الحقل؟ أمور متعلقة في مضمون المقال: ما هي الفكرة المركزية التي يطرحها المؤلف؟ لمن موجهة حسب رأيك قراءة هذا المقال؟ هل يعتمد الكاتب بادعائه على مراجع أكاديمية وأبحاث علمية؟ تقييم ونقد للمقال: ما هو تقييمك لأسلوب الكتابة (أسلوب موضوعي، ذاتي، ناقد، موضوعي الخ؟ هل تتفق مع كل ما عرض في المقال؟ أي الأمور التي تعارضها وضح ذلك؟ ما هي الانتقادات التي تراها للمقال؟ ما هي اقتراحاتك؟ إذا أردت التعمق في هذا الموضوع، ما هي الأسئلة التي تود أن تحصل على إجابات عليها؟
هل أجاب المقال على تساؤلاتك؟(/)
الأدب المقارن ..... والمدلول التاريخي؟
ـ[علي العمر]ــــــــ[08 - 12 - 2003, 01:14 ص]ـ
مدلول الأدب المقارن تاريخي. ذلك أنه يدرس مواطن التلاقي بين الآداب في لغاتها المختلفة وصلاتها المعقدة
في الحاضر والماضي لهذه الآداب ومدى التأتير والتأثر بينها أياً كان هذا التأثير أو التأثر.
سواء تعلقت مظاهر التغيير من تأثير وتأثر بالأجناس الأدبية أو المذاهب الأدبية أو التيارات الفكرية , أو أي كان ذلك التغيير وفي أي مجال (ونحن يعنينا الآداب)
ووتشترط المدرسة الفرنسية أن يكون الرابط تاريخي كما هو الحال لدى الدكتور غنيمي هلال ولا يعتبر ذلك التأثير أو التأتر من ضمن اهتمامات الأدب المقارن إلا إذا كان الرابط تاريخي بخلاف المدرسة الأمريكية التي لا تشترط وجود الراببط التاريخي ويكفي أن يكون هناك تأثير أو تأثر
ويقول الدكتور غنيمي هلال نلحظ أن تسميته بالأدب المقارن فيها إضمار إذ كان الأولى تسميته ((التاريخ المقارن للآداب)) أو ((تاريخ الأدب المقارن)) ولكنه اشتهر بهذا الاسم وهي تسمية ناقصة في دلالتها ولسهولتها غلبت هذه التسمية
والأدب المقارن جوهري لتاريخ الأدب والنقد في معناه الحديث لأنه يكشف عن مصادر التيارات الفنية والفكرية للأدب القومي (والأدب القومي يقصد به أدب اللغة الواحدة) ولا تقف أهمية الأدب المقارن عند حدود دراسة التيارات الفكرية والأجناس الأدبية والقضايا الإنسانية في الفن بل أنه يكشف عن جوانب تأثر الكتاب في الأدب القومي بالآداب العالمية.
ـ[علي العمر]ــــــــ[25 - 11 - 2006, 12:07 ص]ـ
الأدب المقارن من الآداب التي لم تصل إلى عالمنا إلا في العصر الحديث
رغم أن الترجمة والتأثر والتأثير حصل من عصر الترجمة في نهاية العصر الأموي وعلى امتداد العباسي
لذا من العجب أن لا أجد من يشاركني في هذا الفن من فنون الأدب(/)
الأدب المقارن والمعنى التاريخي للأدب والنقد .... ؟
ـ[علي العمر]ــــــــ[11 - 12 - 2003, 12:07 ص]ـ
الأدب المقارن جوهري لتاريخ الأدب والنقد في معناهما الحديث , لأنه يكشف عن مصادر
التيارات الفنية والفكرية للأدب القومي.وكل أدب قومي يلتقي حتما في عصور نهضا ته بالآداب
العالمية، ويتعاون معها في توجيه الوعي الإنساني أو القومي، ويكمل وينهض بهذا الالتقاء , وكل
مناهج الأدب المقارن ومجالات بحثه مستقلة عن مناهج تاريخ الأدب والنقد , لأنة يستلزم ثقافة خاصة, بها يستطاع التعمق في مواطن تلاقى العالمية. وإنما يستعين النقد وتاريخ الأدب بنتائج بحوثه التي تأتى ثمرة التعمق في دراسة الصلات الأدبية العالمية في ذاتها. ولاتقف أهمية الأدب المقارن عند حدود دراسة التيارات الفكرية والأجناس الأدبية ,والقضايا الإنسانية في الفن , بل أنه يكشف عن جوانب تأثر الكتاب في الأدب القومي بالآداب العالمية. وما اغزر جوانب هذا التأثر, وما أعمق معناها لدى كبار الكتاب في كل دولة. وهذا هو ما عبر عنة الناقد الفرنسي فيلمان في محاضراته في السربون عام1828م بأن السرقات الأدبية التي تتبادلها كل الدول على الأدب المقارن أرحب أفقا وأعمق نظرا وأصدق نتائج في دراسته للصلات الأدبية الدولية من الدراسات القديمة الضيقة الأفق والقليلة الجدوى لما كانوا يسمونه: السرقات الأدبية , كما سيتضح ذلك من شرحنا للأدب المقارن ومناهجه فيما بعد. وقد كان الباحث الفرنسي جون جاك أمبير من أوائل من نبهوا إلى الأهمية التاريخية لدراسة الأدب المقارن ,حين قال في محاضراته في السربون عام 1832م سنقوم أيها السادة بتلك الدراسات المقارنة التي بدونها لا يكمل تاريخ الأدب وقصدا إلى توضيح معنى الأدب المقارن توضيحا لا لبس فيه ,نقف عند مفهومة, لنخرج ماأقحمه فيه خطأ بعض من تصدوا لهذا النوع من الدراسة ,ثم نحدد ذلك المفهوم في أوسع معانية ,فندخل فيه ما يتوهم أنة خارج عن نطاقه.
ـ[أبو سارة]ــــــــ[12 - 12 - 2003, 12:55 ص]ـ
أخي الكريم علي للعمر
أعجبني هذا المقال جدا0
ولدى تساؤلات في بعض ماجاء به حبذا لو سلطت الضوء عليها لتتضح الصورة أكثر0
وحسب فهمي البسيط،فالتاريخ مختص بالأخبار،والمقارنة مختصة بالتفاضل بين أمرين،أما الأدب فهو مختص بفنون أجمع شعب من الشعوب على انتخابها من قول وشعرثم حصروها بهذا الإسم،ولا أعلم اسما جامعا مانعا للأدب عند الأدباء أنفسهم!
ماتفضلت بنقله مختص بالأدب الغربي كما هو ظاهر الأعلام التي ذكرتها،فهل لقائل أن يقول أننا لانملك أدبا ونقاد حتى نستشهد بأدب الغربيين أو تجاربهم الأديبة؟
أرجو التوضيح، ودمتم سالمين0
ـ[علي العمر]ــــــــ[12 - 12 - 2003, 01:44 م]ـ
الأخ أبو سارة السلام عليكم ورحمة الله
أشكركم على هذا الإهتمام الأدب المقارن ببساطة متناهية هو دراسة تقارن بين أدبين أو أكثر في لغتين مختلفتين أو أكثر
مثلاً مجال الأدب المقارن هو دراسة للأدب الأوربي ومدى تأثره بالأدب العربي حيث أن الأدب الأوربي أثر وتأثر بالادب العربي من خلال الأدب الأندلسي الذي وجد دراسة في أوروبا
أما العلاقة بالتاريخ فهو أن الأدب المقارن لا يعد أدباً يدرس التأثير والتأثر بين الآداب المختلفة في لغاتها المختلفة إلا إذا كان هناك إتصال تاريخي فقد أتصل الأدب الأوربي بالأدب العربي من خلال الأندلس.
هذا مثال فمثلاً إذا قارنا بين شعر معروف الرصافي وحافظ إبراهيم فإن هذا لا يعد من الأدب المقارن لأن لغة الشاعرين واحدة وإنما تعد موازنة فقط
وكلمة مقارن هي تعني مقارنة بين الأدبين ومعرفة التأثير والتأثر ولكي تتوسع أكثر ارجع لكتاب الدكتور / محمد عنيمي هلال - الأدب المقارن _
وهناك مدررستين للأدب المقارن هي المدرسة الفرنسية والتي ترى أن من أهم عوامل الأدب المقارن الصلة التاريخية بين الآداب
والمدرسة الأمريكية تقول ليس من الضرورة الإتصال التاريخي
و د/ محمد غنيمي هلال يؤيد المدرسة الفرنسية
أرجو أن يكون قد وضح والله أعلم وأعتذر لأني أكتب وأنا في عجلة من أمري
ـ[علي العمر]ــــــــ[19 - 12 - 2005, 12:01 ص]ـ
المدلول للأدب المقارن
هي الصلة بين الأدبين
ـ[علي العمر]ــــــــ[19 - 12 - 2005, 12:02 ص]ـ
ولا تكون الصلة إلا عبر التأثير والتأثر عبر زمن معين وهذا ما يمثله المدلول التاريخي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم ريناد]ــــــــ[25 - 12 - 2005, 05:54 م]ـ
مشكور أخ علي العمر على هذه المقالة الجميلة , وأنا أضيف عليها شيئا إذا
سمحت ..
من ناحية أخرى .. نستطيع أن نقول هل هناك علاقة بين الأدب المقارن وتاريخ الأدب والنقد الأدبي؟؟ ..
فأجيب قائلة: أولا الصحيح اسمه (الأداب المقارن) لأن المقارنة لاتقع في الأدب نفسه إذ لابد له أن تكون المقارنة بين أدبين فأكثر ,ومع ذلك يسمى بـ
(الأدب المقارن) لشيوعه وانتشاره بهذا الاسم ... المهم نقول من الوهلة الأولى نرى أنها لاتوجد علاقة بين الفنون الثلاثة ,
لأن (الأدب المقارن) عبارة عن دراسة تاريخية للوقوف على علاقات آداب الأمم المختلفة وربط حاضرها بماضيها وتأصيل هذا التاريخ وللوقوف على التيارات المختلفة والاتجاهات الأدبية المتعددة والصياغات الفنية وللوقوف على عوامل التأثير والتأثر من الناحية السلبية والإيجابية.
أما (تاريخ الأدب) فهو المرآة التي تعكس الوقائع التاريخية لتتبع مراحل تطورالأدب في شتى العصور.
وأما (النقد الأدبي) فهو الوقوف على القيم الجمالية والإبداعات الفنية لتمييزالجيد من الرديء.
ولكن بعد التحليل والتوضيح والتفسير ندرك أن هناك علاقة تربط بينهم وتكمن هذه العلاقة في:
1/ علاقة شكلية: من حيث اشتراك كلمة "الادب " في مسميات الفنون الثلاث (الأدب المقارن) (تاريخ الأدب) (النقد الأدبي).
2/ علاقة جوهرية: من حيث:
* إن الأدب المقارن وتاريخ الأدب يقوما على تتبع مراحل تطور في شتى العصور.
* بينما الأدب المقارن والنقد الأدبي يقوما على دراسة القيم الجمالية والابداعات الفنية لتمييز الجيد من الرديء.
ويتضح هذا كله من خلال تعريف (الأدب المقارن) فهو دراسة تاريخية للوقوف على علاقات آداب الأمم المختلفة وربط حاضرها بماضيها (تاريخ الأدب).
أما الوقوف على التيارات الفكرية والاتجاهات الأدبية والصياغات الفنية وعوامل التأثير والتأثر فهو (النقد الأدبي) ...
وأرجو أن أكون قد وفقت لتوضيح العلاقة بين هذه الفنون الثلاثة المهمة.
ـ[علي العمر]ــــــــ[27 - 12 - 2005, 12:51 ص]ـ
عفوفا أم ريناد
فالأدب المقارن يدرس التأثير والتأثر
يدرس مدى تأثر أدب في لغة بأدب آخر أو بعدة آداب مختلفة في اللغة وبعض علماء الأدب المقارن يشترطون العلاقة التاريخية في هذا التأثير أو التأثر
أما ما يحصل من تأثير أدب بأدب آخر أو عدة آداب ولكن تجمعهم لغة واحدة فهذا يسمى موازنة وليست مقارنة
مثال على الأدب المقارن
تأثر الأدب الأوربي بالأدب الأندلسي من خلال شعر التروبادور والذي تأثر بالموشحات الأندلسية
وروية حي بن يقضان بمقامات الحريري وغيرها من الأمثلة
أما مثال على الموازنة فدراستة الفرق بين الأدب الأندلسي مثلا والعباسي
أو الموازنة بين شاعرين من عصرين مختلفين في الأدب العربي
ـ[علي العمر]ــــــــ[25 - 11 - 2006, 12:01 ص]ـ
كيف تتم معرفة مدى تأثر أدب بآخر
هل يشترط المدلول التاريخي
كأن يكونا في زمن واحد مثلا
بالطبع لا يشترط ذلك
فقد تتم دراسة أدب وتتم عملية التأثر
كما تأثر في العصر الحاضر الكثير من أدباء العربية بالثقافة الفرنسية من خلال دراسة بعض آدابها(/)
تأثير الأدب الإسلامي على هوية الغرب الثقافية
ـ[علي العمر]ــــــــ[12 - 12 - 2003, 08:51 م]ـ
تأثير الأدب الإسلامي على هوية الغرب الثقافية تتجلى في دراسات الأدب المقارن التي تدرس مواطن التلاقي بين الآداب المختلفة ومدى التأثير والتأثر فيها من حيث الأصول والفروع الفنية والتقنية، وكذلك بواسطة دراسات المستشرقين، وهنا يجب توضيح معلومة هامة وهي أن الأدب الإسلامي تسمية مجازية للفنون والآداب التي ظهرت في الدول الشرقية الهند وفارس وتركيا والدول العربية، وكذلك كل الدول التي ازدهرت ونمت آدابها في ظل الحكم الإسلامي، كما كان الحال في الأندلس وحضاراتها الرائدة. هذا .. وإن على الإنسان الواعي إدراك أن الأدب هو نتاج الفكر والإبداع الإنساني، وهو ليس حكراً على فئة معينة تملك حقوق استغلاله. ومن ثم فإن إمكانيات النقل والتأثير والتأثر بين الآداب الخاصة بأي شعب من الشعوب متاحة، فهي لا تنكر أصالة الأدب القومي بل إمكانياته للتفاعل مع الآخر. والآداب الشرقية والعربية لا تنكر التأثر بالأدب الغربي في أوجه عديدة كان له فيها الريادة والسبق مثال القصة القصيرة والرواية الحديثة والمسرح؛ فهذه جوانب لم يعرفها العرب إلا عن طريق الاتصال بالغرب. لذا، فإن التأثر سواء الإيجابي أو السلبي بأي أدب من قبل أي شعب يتوقف على قدراته على التفاعل الناضج للحفاظ على الأصالة القومية، وليس هذا مدعاة للانكسار بل الإنصاف بحق كل شعب في الاعتراف بفضله وريادته في أي مجال. وللتأكد على وجهه النظر الإسلامية في دورها وأثرها على الأدب الغربي يلوح لنا طريقان: كيفية الإنتقالانتشر الإسلام في شبه الجزيرة العربية ومنه إلي العالم أجمع، ثم أصبح يحتل المساحة من المحيط الهندي إلى المحيط الأطلنطي جغرافيًا وتاريخيًا. وكانت الحضارة الإسلامية قد تفاعلت وصارت فاعلة في هذا المحيط الإنساني الشاسع، فقد استمر حكم المسلمين منذ القرن العاشر الميلادي ولمدة تزيد عن ثمانية قرون بعد ذلك أثرت فيها الحياة الأندلسية والأوروبية في كافة فروع الحضارة الإنسانية حتى صارت الأندلس كعبة يحج إليها طلاب المعارف من كل أنحاء أوروبا ومن الأندلس وجنوب أسبانيا، انتقل هذا التفاعل الإنساني إلى بقية مجتمعات أوروبا، فقد استمر حكم المسلمين في صقلية مدة قرنين، وصارت دول مثل فرنسا وإيطاليا مجتمعاً متمدينا على غرار الحضارة والثقافة الإسلامية. وفي الشرق الإسلامي انتقلت الحضارة منه إلى أوروبا عبر تركيا الإسلامية، ومن مصر والشام كانت للحملات الصليبية أكبر الأثر في جعل الحضارة الإسلامية رافداً رئيسياً مؤثراً في الحضارة الغربية بما حملوه معهم من فنون وآداب الشرق. الأشكال الأدبيةإن مجرد التشابه أو التقارب بين نص أدبي عربي أو غربي لا يعتبر دليلا على التأثير والتأثر بينهما، ولكن الموازنة بين أوجه هذا التشابه على أساس تاريخي وتقني لعناصر أي جنس أدبي هو الذي يؤكد على وجهة النظر الإسلامية سواء لصالحها أو ضدها. وسنقسم الظواهر الأدبية المتأثرة من حيث نوعية الجنس الأدبي إلى: النثر ومنها "الفابولا" أحد الأجناس الأدبية الأولى للقصة، وقد ظهرت في فرنسا منذ منتصف القرن الثاني عشر الميلادي وحتى أوائل القرن الرابع عشر، وهي أقصوصة شعرية تحمل روح ومعنى الهجاء الاجتماعي. ويقول "جاستون بارى" أحد أعمدة الأدب المقارن الأوائل عن الفابولا: إنها استمدت عناصرها وروحها من كتاب "كليلة ودمنة" الفارسي الأصل، والذي ترجمه ابن المقفع، وكانت فكرته الأساسية هي الحكم والفلسفات التي تقال على ألسنة الحيوان، وتعتبر الترجمة العربية لـ"ابن المقفع" أساسا مباشرا أخذت عنه الفابولا. ومن أمثلة الفابولا الغربية أقصوصة تسمى "اللص الذي اعتنق ضوء القمر" تحكي عن لص يخدعه أحد الأشخاص بأن للقمر سحرا خاصا في نقل الأشخاص دون صوت من مكان إلى آخر، ويصدق اللص الخدعة، ويقع في يد الشرطة، ونجد هذه الأقصوصة نفسها بالكيفية والفكرة والتفاصيل الدقيقة نفسها في كتاب "كليلة ودمنة" لابن المقفع. وأكثر من برع في هذا الفن الشاعر "لافونيتن" الذي تأثر كثيرًا بترجمة "كليلة ودمنة" الترجمة الفارسية، وأخذ منها في كتاباته الفكرة والموضوع نفسه، وهو الحكمة على لسان الحيوان، كما يعترف "لافونتين" نفسه في مقدمة بعض كتبه. ذلك ما نجدة أيضًا في أقصوصة
(يُتْبَعُ)
(/)
أرسطو الذي ألفها "هنرى دانديلي" في النصف الأول من القرن الثالث عشر الميلادي؛ حيث نجدها بتفاصيلها الدقيقة نفسها في كتاب "المجلس والمساوئ" المترجم عن الفارسية. ألوان التأثروفي العصور الوسطى كما يتضح الأثر العربي في قصص الفابولا نجده في قصص الفروسية والحب، الذي انتشر بشكل لم يكن معروفًا في الأدب الأوروبي في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الميلادي، وقدم منه البطل الفارس في حب محبوبته يغني ويذوب ويقدم أشكال الوفاء والتضحية من أجل هذا الحب النبيل. هذا الشكل كان منتشراً في الأدب العربي متمثلاً في أعمال مثل كتاب "الزهرة" للأصفهاني، و"طوق الحمامة" لابن حزم، وهما في ذات الوقت سابقان خصوصا الأخير بأكثر من قرن على كتاب "فن الحب العفيف" لـ "أندريه لوشابلان" في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الميلادي، وظهرت في هذا الكتاب أشكال فنية وموضوعات ليست لها سابقة في الأدب الغربي، وهي ذلك الحب العفيف واحترام المرأة وتجميلها. ومن ثم يتضح أن معظم قصص الفروسية والحب قد سبقت رقي المرأة اجتماعياً في ذلك العصر، وجاوزت التقاليد السائدة التي لم تصل فيها المرأة إلى تلك المكانة التي يشاد بها في القصة، تلك المكانة المعروفة في الأدب العربي بتأثير روح الإسلام الذي كان قد نشأ في الغرب إما عن طريق الحروب الصليبية أو عن طريق العرب في الأندلس، وقد استمر هذا التأثير في أدب الحب والفروسية طوال العصور الوسطى وفي عصر النهضة. التأمل والمجتمعاتومن أشهر القصص العربي التي تأثر بها الأدب الغربي هي قصة "حي بن يقظان" التي كتبها الفيلسوف "ابن طفيل" في القرن الثالث عشر الميلادي في أسلوب قصصي رمزي في شكل صوفي يدعو فيها إلى معرفة الله عن طريق العقل والتأمل الواعي، وهي قصة طفل ولد بلا أب أو أم في جزيرة منعزلة وربته أنثى الظبي، ولكنه استطاع أن يتوصل إلى حقائق الحياة ووجود الله بواسطة عالم متصوف يأتي إلى الجزيرة المنعزلة للتعبد. وقد ترجمت حي بن يقظان إلى العبرية واللاتينية والإنجليزية في القرنين الرابع عشر والسابع عشر، وقد تأثر بهذه القصة الكاتب الأسباني "بلتاسار حراثيان" حتى إنه كتب قصتة "النقاد" على نفس خط حي بن يقظان لابن طفيل الأندلسي، وهذا التأثير يأتي طبيعياً في فترة حكم المسلمين للأندلس. والبعض يعتبر أن قصة "روبنسون كروزو" لدانيال ديفو التي ظهرت في عام 1719 ترجع إلى نفس التأثر بقصة حي بن يقظان، ولكن الشبه ضئيل بينهما، وكذلك القصة قد كتبت بتأثير من رحلة حقيقية حدثت لأحد التجار. وإذا تحدثنا عن جنس أدبي آخر وهو المقامات وهو جنس أشتهر كثيراً في الأدب العربي في القرن الثالث عشر الميلادي، وهو عبارة عن حكاية يسودها شبه حوار درامي ويقوم موضوعها على هجاء ونقد المجتمع، ونجد أن الأدلة التاريخية تشير إلى تشابه قوي بين قصص الشطار والرعاة التي انتشرت في أوروبا في القرنين السادس والسابع عشر، وهي ذات صيغة هجائية للمجتمع والتاريخ الأدبي يشير إلى أن أشهر المقامات التي عرفت في الأدب العربي، وهي مقامات الحريري (القاسم بن علي) ومقامات بديع الزمان الهمذاني عرفت في أسبانيا، وترجمت إلى عدة لغات، وسار الكتاب الأسبان على نمط مقامات الحريري خاصة في روايات الشطار. وكان لكتاب ألف ليلة وليلة (المجهول المؤلف) والذي كان معروفا لدى المسلمين قبل منتصف القرن العاشر الميلادي ومترجم عن أصله الفارسي كما يقول "المسعودي" في "مروج الذهب "قد أثرى العديد من المسرحيات والقصص الأوروبي، وخاصة بعد ترجمتها إلى عدة لغات أوروبية وخاصة في أواخر القرن الثامن عشر وخاصة في فرنسا. التراجم والملاحمأما عن الشعر نجد العرب قد برعوا فيه وأبدعوا قصائد خلّدت شكل الأدب العربي القديم، ولم يكن للعرب إبداع في مجال الملاحم إلا في مرحلة متأخرة من تاريخ آدابهم، ولكنها وجدت بعد ذلك، وتعتبر الملحمة الإيطالية الكوميديا الإلهية "للشاعر "دانتي إليجيرى " التي كتبت في القرن الرابع عشر الميلادي والتي تندرج تحت قائمة الأدب الغربي المتأثر بالأدب العربي واضحة التأثر بالتيار الإسلامي المتأجج قبل فترة كتابتها، ويبدو فيها التأثر الشديد بقصة الإسراء والمعراج. فالملحمة مقسمة إلى ثلاثة أجزاء هي الجحيم – والمطهر – والفردوس، وتتضمن قصة المعراج الإسلامي بحذافيرها، وهي وإن كانت
(يُتْبَعُ)
(/)
ترى العالم الآخر بشكل ديني رمزي إلا أنها تحمل إسقاطات على العالم الغربي في نفس وقت كتابتها في العصور الوسطى. والمستشرق الأسباني "ميجيل آسين بالاثيوس" في كتبه لشرح الكوميديا الإلهية يظهر مدى تأثر دانتي بحكاية الإسراء والمعراج، وكذلك اقتباسه موضوع قصة المعراج من كتاب "الفتوحات العربية" لابن عربي، والذي اطلع عليه دانتي في أيامه. وكذلك تقضي أقوال المستشرق الإيطالي "تشيرولي" والأسباني "مونيوس سندينو" على الاعتراض القائل بأن دانتي لم يكن يعرف العربية عن طريق معرفة المصدر الرئيسي لدانتي في مؤلفه، وهو عبارة عن مخطوطتين مترجمتين تحكيان قصة المعراج أتيح لدانتي الاطلاع عليهما في إيطاليا. وإن تشابهت كوميديا دانتي مع "رسالة الغفران" لأبي العلاء المعري والتي تحكي نفس قصة المعراج ولكن برؤيا درامية مختلفة، وتتشابه معها كذلك في نفس نوع الرحلة وأقسامها وكثير من مواقفها، ولكن ليس هناك دليل يؤكد اطّلاع دانتي على رسالة أبي العلاء إلا أن يكون النصان العربي والإيطالي قد تأثرا بقصة المعراج فحسب. الحب والموشحاتوفي مجال آخر من مجالات الشعر عرف شعراء جنوب فرنسا باسم "التروبادور" في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي، وأثروا الشعر الأوروبي حتى القرن الرابع عشر الميلادي بشعر لم يكن معروفاً في أوروبا قبل ذلك، وهو شعر الغزل والحب بشكل راق بعيد عن الابتذال. ويبدو أن هؤلاء الشعراء قد تأثروا كثيرًا بالموشحات والأزجال التي نشأت في أدب الأندلس في أواخر القرن التاسع الميلادي في شكل شعبي لأغراض الغزل، وكان لهذه الموشحات نظام خاص؛ حيث إنها متحررة من القافية، كما أن بحورها ووزنها لم يكن معروفًا قبل ذلك في الشعر العربي. وتتشابه أشعار التروبادور مع الموشحات والأزجال الأندلسية من حيث الوزن والتحرر من القوافي، وكذلك المضمون الذي يسمو بعلاقة المرأة بالرجل. ويقول المستشرق "جوستاف فون جرنباوم": إن شعر" التروبادور" في أصوله يرجع إلى شعر العرب في الأندلس. وهذه العلاقة أكدها العديد من المفكرين والمستشرقين المنصفين.
هذا مقال / لحنان عثمان
ـ[أبو سارة]ــــــــ[18 - 12 - 2003, 02:39 م]ـ
شكرا لك أخ يالكريم على هذا النقل المفيد، ويبدو أنك مطلع بتوسع في هذه الموضوعات الجميلة، فحبذا لو علقت عليها بما تراه مناسبا لكي تعم الفائدة لأمثالي من البسطاء، فمثلا رغم قراءاتي البسيطة فلم أر إشارات إلى تأثير البيئة في هذه الآداب، والبيئة عامل مؤثر في إنتاج المبدع كما تعلم0
ولايفوتني أن أشكرك على ماتسطره أناملك من مشاركات جميلة رغم أني في بعض الأحيان لا أفهم الكثير من العبارات التي ترد بها0
ولك خالص شكري0
ـ[علي العمر]ــــــــ[19 - 12 - 2003, 01:07 م]ـ
أخي الكريم أبوسارة الأدب المقارن هوكما تعلم دراسة لمواطن تلاقي الثقافات في اللغات المختلفة والبيئة أحدى العوامل التي لها تأثير مباشر في الأدب القومي في بيئة معينة. ولكن علاقة البيئة هنا علاقة مقارنة بين أدبين مختلفين كل أدب قد خضع لثأثير بيته التي نشأ فيها , فيتم المقارنة بين الأدبين والبيئة تكون أحدى العوامل التي يتم دلراستها من قبل المتخصص في دراسة الأدب المقارن وبذلك تكون البيئة لها دور غير مباشر بخلاف الأدب القومي الذي يكون للبيئة الدور الكبير والمؤثر في هذا الأدب. أرجو أن يكون قد وضح
ـ[خالد الفقي]ــــــــ[11 - 10 - 2005, 10:39 م]ـ
تحية تقدير للجميع
وأتمنى ما دمنا في مدار الأدب المقارن، فلي أن أسأل عن كتاب يوناني سبق كليلة ودمنه، ويقال أن مؤلف كليلة ودمنه أخذ عنه، فهل هذا صحيح؟
ثم لماذا لا يكون عبد الله بن المقفع مؤلفا لكليلة ودمنه وهو ضليع في شئون السياسة؟
أفيدونا من علمكم أفادكم الله
خالد الفقي
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[13 - 10 - 2005, 07:02 م]ـ
ما دام الأستاذ خالد قد أخرج لنا هذا الموضوع مرة أخرى ..
هل لي أن أسأل الأستاذ علي العمر ..
هل من تعريف حادّ للأدب الإسلامي؟!
فلا زلنا نلحظ التوسع والهلامية لتعريف الأدب الإسلامي ..
إن كان حقيقة هناك ما يسمّى حقيقة بـ (الأدب الإسلامي)!!
ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[15 - 10 - 2005, 08:58 م]ـ
في حال اعترافنا ضمنياً بمسمى الادب الاسلامي فنحن نشير تلقائيا الى وجود أدب مسيحي وأدب يهودي وآخر بوذي وهو اعتراف ضمني ...
مصطلح الادب الاسلامي يضيق المساحة ع الاديب الذي يرنو الى الانطلاق والتوسع وفتح الافاق الواسعة امامه وتحديد الأدب بهذه التسمية يؤطر ويحدد ويؤدلج المفهوم ...
من ناحية أكثر عملية لو قلتَ أن فلان من الناس أديب إسلامي ... فإنك تنفي عن الاخرين هذه السمة ...
لذا ومن أجل هذه النقاط أرى أنه لايوجد شيء اسمه أدب اسلامي ...
الادب هو الادب .. فناً وشعراً وجمالاً وانساناً
تحياتي للجميع وهذه وجهة نظري الخاصة.
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 09:08 م]ـ
من ناحية أكثر عملية لو قلتَ أن فلان من الناس أديب إسلامي ... فإنك تنفي عن الاخرين هذه السمة ...
لذا ومن أجل هذه النقاط أرى أنه لايوجد شيء اسمه أدب اسلامي ...
الادب هو الادب .. فناً وشعراً وجمالاً وانساناً
تحياتي للجميع وهذه وجهة نظري الخاصة.
مسألة أن هناك أديب إسلامي قد تنفي الإسلامية عن آخرين .. وهذا هو الخطأ ..
أما أن تلغي بجرة قلمك الأدب الإسلامي!! أنا أؤمن بوجوده .. وأختلف مع أصحابه على المسمى ..
أرى أن الأدب الإسلامي هو الأدب الذي له صلة مباشرة ومتمركزة بالوعظ والإرشاد، ودعوة الناس، إضافة إلى تجربة الأديب -أي أديب- أحيانا وفق التصور الإسلامي ..
أما أن يقال أن فلان أديب إسلامي! هو مسلم صحيح ولكن؛ هل كل ما كتبه هذا الأديب يصب في ذلك؟
كما أن هناك قصائد تحمل هذا الطابع لأناس ليسوا مسلمين بالأصل .. هل ندرجها مع الأدب الإسلامي؟
أكرر: المشكلة تكمن في التأطير هلامي وبه ثغرات مزعجة ..
أما ما أراه فإن (الالتزام الإسلامي) هو التعبير الذي يمكن أن يُطلق على بعض النصوص التي تحمل هذه الصفة ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 10:15 م]ـ
مسألة أن هناك أديب إسلامي قد تنفي الإسلامية عن آخرين .. وهذا هو الخطأ ..
أما أن تلغي بجرة قلمك الأدب الإسلامي!! أنا أؤمن بوجوده .. وأختلف مع أصحابه على المسمى ..
أرى أن الأدب الإسلامي هو الأدب الذي له صلة مباشرة ومتمركزة بالوعظ والإرشاد، ودعوة الناس، إضافة إلى تجربة الأديب -أي أديب- أحيانا وفق التصور الإسلامي ..
أما أن يقال أن فلان أديب إسلامي! هو مسلم صحيح ولكن؛ هل كل ما كتبه هذا الأديب يصب في ذلك؟
كما أن هناك قصائد تحمل هذا الطابع لأناس ليسوا مسلمين بالأصل .. هل ندرجها مع الأدب الإسلامي؟
أكرر: المشكلة تكمن في التأطير هلامي وبه ثغرات مزعجة ..
أما ما أراه فإن (الالتزام الإسلامي) هو التعبير الذي يمكن أن يُطلق على بعض النصوص التي تحمل هذه الصفة ..
وضحاء
شكرا لحوارك الانيق
سيدتي
اعتراضي انا على المسمى وليس ع المضمون
اذا كان هذا الوعظ والارشاد هو سمته فقط اذن لنقول كتابات اسلامية
بعيدا عن مسمى الادب
لان الادب كلمة انسانيه تشمل الاسلام وغيره
مارأيك أنت؟
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[24 - 10 - 2005, 01:09 ص]ـ
وضحاء
شكرا لحوارك الانيق
سيدتي
اعتراضي انا على المسمى وليس ع المضمون
اذا كان هذا الوعظ والارشاد هو سمته فقط اذن لنقول كتابات اسلامية
بعيدا عن مسمى الادب
لان الادب كلمة انسانيه تشمل الاسلام وغيره
مارأيك أنت؟
كيف تقول أن الأدب كلمة إنسانية وهي تشمل الإسلام وغيره ..
ثم تعارض كلامك بقولك .. كتابات إسلامية .. !!
الأدب قد يحوي غير الوعظ .. فهناك تجارب تحمل تصوراً إسلامياً جديراً بالتوثيق .. بعيدا عن أن نلغي ذلك ..
وسبق أن قلت لك .. الالتزام الإسلامي في الأدب يُخرج لنا أدباً رفيعاً راقياً .. يستحق التخليد ..
ولكن الواضح في ردّك الأخير .. أن اعتراضك من أجل المسمى فقط! بينما تقول أن الوعظ والإرشاد ليس أدبا!
أرجو أن تكون أكثر دقّة أخي الفاضل ..
بانتظارك.
ـ[معالي]ــــــــ[28 - 10 - 2005, 03:07 ص]ـ
الأخ الكريم محمد
الأخت الفاضلة وضحاء
لم أفهم حيثيات رفضكما لمصطلح (الأدب الإسلامي)!
ولم أستطع فهم استبدال الأخ محمد لهذا المصطلح بـ (الكتابات الإسلامية) والأخت وضحاء بـ (الالتزام الإسلامي في الأدب)!
على كل
ما بوسعي هو أن أبدي رأيًا خاصًا متواضعًا، فأقول:
ماالذي يضير في تسمية هذا النوع من الأدب_والذي يصدر عن التصور الإسلامي للكون والحياة والإنسان_ بـ (الأدب الإسلامي)؟؟!!
صحيح أن التسمية حديثة ولم نقف عليها لدى أسلافنا الأوائل من نقاد وأدباء ..
ولكن
أليست الدلالة التي يرمي إليها صحيحة؟ أقصد: أليس هذا النوع من الأدب يسير وفق المنهج الإسلامي ويصدر الأديب فيه عن منطلقات وقيم ورؤى وأخلاق إسلامية، ولايتصادم مع قيمنا الإسلامية الأصيلة بل يعبر عنها خير تعبير وأسماه؟؟؟!!!
(وإن كان الأدب الإسلامي شأنه شأن أي أدب، فيه الراقي فنيًأ .. وفيه مادون ذلك)
إذًا .. ماالعيب في وسمه بـ_ (الإسلامي)؟
ونحن حين نصمه بذلك إنما أردنا تمييز ذلك النتاج السامي مضمونًا وغايةً عن ذلك الذي يتصادم مع قيمنا وأخلاقنا بل في أحيان كثيرة مع ديننا ومعتقدنا!!
أما إن كان الداعي إلى الرفض هذا أن وسمه بـ (الإسلامي) يعني أن مايخالفه في المنهج غير إسلامي .. فهذا صحيح إذ أن الأدب الذي يتصادم مع قيمنا وأخلاقنا وديننا ليس بإسلامي ولا ينتمي إلى ديننا في شيء!
لاحظ .. أنا أتحدث عن النتاج الأدبي وليس عن الأديب نفسه!
إذْ هناك فرق_في رأيي المتواضع_بين (الأديب المسلم) و (الأديب الإسلامي) ...
فالأول منهما هو من ينتسب إلى هذا الدين العظيم (بغض النظر عن طبيعة نتاجه الأدبي) ..
أما الثاني .. فهو الأديب (1 - المسلم) (2 - الذي يصدر عن التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة)
وعليه ..
فـ (غازي القصيبي) أديب مسلم وليس بإسلامي
و (العشماوي) أديب إسلامي
فكل أديب إسلامي هو مسلم .. وليس العكس صحيحًا دائمًا!
عزيزتي وضحاء
لا أرى أن هناك ثغرات مزعجة _كما تفضلت_ في تعريفنا للأدب الإسلامي
بل هو واضح وضوح المحجة البيضاء ليلها كنهارها .. ألم يميز القرآن الكريم بين نوعين من الشعراء .. ذم أحدهما وامتدح الآخر؟!! .... وكأنه يحصر الأدب كله في نوعين ... (أدب موافق ... وأدب مخالف) .. فقط
هذه نظرتي الخاصة ..
لا أزعم أنها الصواب .. ولكن تبقى نظرة خاصة
لكما
فيض تحية
ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[30 - 10 - 2005, 02:11 ص]ـ
سأبدا بوضحاء واعود لمعالي
وضحاء ليس ثمة تناقض في كلامي
حسنا هذه صياغه أخرى علك ان تصلي لما اردت
قلت لنبعد التسمية عن الادب
لاننا ضمنيا نعترف بوجود عنصريات ادبية
** مادام ادب اسلامي فاي موضوع ياوضحاء غير الوعظ ... قولي؟
** انا اقول كتابة اسلاميه لانه هناك كتابات اخرى غير مشروطه بالادب
المقال الاقتصادي ليس ادبا والاجتماعي ايضا وهكذا
اتمنى ان اكون وصلت الان
تحياتي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[30 - 10 - 2005, 07:51 م]ـ
سأبدا بوضحاء واعود لمعالي
وضحاء ليس ثمة تناقض في كلامي
حسنا هذه صياغه أخرى علك ان تصلي لما اردت
قلت لنبعد التسمية عن الادب
لاننا ضمنيا نعترف بوجود عنصريات ادبية
** مادام ادب اسلامي فاي موضوع ياوضحاء غير الوعظ ... قولي؟
** انا اقول كتابة اسلاميه لانه هناك كتابات اخرى غير مشروطه بالادب
المقال الاقتصادي ليس ادبا والاجتماعي ايضا وهكذا
اتمنى ان اكون وصلت الان
تحياتي
أرجو أن تعذرني عزيزتي معالي، فأنا على عجلة .. وسأرجي نقاشنا لحين ..
تقول رعاك الله: ما دام أدب إسلامي فأي موضوع غير الوعظ!!!!!!!!!!!
سأقول: هناك مواضيع جدّ كثيرة، يستطيع الأديب الملتزم أن يبدع فيها، دونما وعظ! يستطيع أن يوصل معاني إسلامية رائعة دون أن يتجرّأ أحدهم ليقول: هذا وعظ .. حينما يكون الأديب ملتزما، ويعبّر عن مشاعر محبته لجيرانه، هل هذا من الوعظ!!! والأمثلة جدّ كثيرة، تدبّرها، وستكتشف بنفسك. وإن شئت استفضت لك، ولكن أمهلني.
أريد أن تخبرني كيف نقول: كتابة إٍسلامية؟! المقالة لا دخل لها هنا، ولكن هناك مقالات أدبية أيضا .. وقلت لك أعلاه أن الأدب باختلاف أشكاله تجد فيه أنواعا رائعة من التصور الإسلامي!
إن لم تصل إلى ما أريد لا مانع لدي من الشرح .. بالأمثلة!
ـ[زيد الخيل]ــــــــ[31 - 10 - 2005, 04:03 م]ـ
السلام عليكم
اخوة الاعزاء تحية طيبة وبعد
هذه مقالة لها صلة بالموضوع أرجو أن نستفاد منها وهى بعنوان:
الموشح الأندلسي واثَرُ الأدَبِ العَرَبّي في تَكَوُّن الشِعْرِ الأورُوبّي
مسألة تأثير الشعر العربي الأندلسي في نشأة الشعر الأوروبي الحديث في أسبانيا وجنوبي فرنسا من المسائل التي تشغل كثيراً بال الباحثين المعاصرين، خصوصاً ومواد عديدة جديدة تنضاف كل يوم لتؤكد هذا التأثير، بل ولتثبت أن الشعر العربي الأندلسي في الموشحات والزجل قد انطوى على المرحلة الأولى لنشأة الشعر الأسباني نفسه، وذلك في الخرجة التي تكتب عادة بلغة أجنبية، وكانت في الزجل الأندلسي تكتب باللغة الأسبانية الدراجة الرومانسية1. فإذا جعلنا من الخرجة أبياتاً أسبانية كانت بمثابة النموذج الأول للشعر الأسباني، وبهذا يكسب الشعر الأسباني أكثر من قرنين من الزمان.
والراجح أن أول من ابتكر "الموشح" هو مقدم ابن معافي القبري الضرير الذي عاش بين سنة 225ه/ 840م ـ وسنة 299ه/912م، ولم يبق لنا من موشحاته شئ. وتلاه شعراء كثيرون آثروا هذا اللون من النظم "لسهولة تناوله وقرب طريقته" كما يقول "ابن خلدون" ("المقدمة" ص305 طبعة بولاق سنة 1247ه) حتى استظرفه الناس جملة: الخاصة والكافة ومنهم أي من الشعراء المجيدين فيه، "أحمد بن عبد ربه" صاحب كتاب "العقد الفريد"، و"ابن عبادة القزاز" شاعر"المعتصم بن صمادح". و"أبو بكر بن اللبانة الداني" و"أبو بكر محمد بن أرفع رأسه" شاعر "المأمون بن ذي النون" صاحب طليطلة و"الأعمى التطيلى" و"ابن زهر الطبيب" و"ابن سهل الإسرائيلي" و"لسان الدين بن الخطيب".
و"الموشح نظم تكون فيه القوافي اثنتين اثنتين، كما هي الحال في الوشاح وهو العقد يكون من سلكين من اللالئ كل منهما لون. فالتسمية هنا تشير إلى طريقة تأليف القوافي. وهو يشبه الزجل فيما عدا ذلك، أي أن الموشح يتألف من فقرات تسمى الأبيات، كل فقرة ـ أي بيت ـ منها يتكون من عدد معين من أشطار الأبيات في قافية واحدة، وتعقب كل فقرة خرجة في بحر أشطار الغصن، ولكن في قافية أخرى. ويلتزم الوشاح قافية هذه الخرجة في كل خرجات موشحه، أما الأغصان فقد ركزت كل منها على قافية، ولكن من بحر واحد.
"والزجل والموشح في واقع الأمر فن شعري واحد، ولكن الزجل يطلق على السوقي الدارج منهما، إذ لا بد للزجل أن يكون باللغة الدارجة، إذ كان يتغنى به في الطرقات. أما الموشح فلا يكون إلا باللغة العربية الفصيحة"2.
والوزن الذي يكتب به الموشح يختلف، ويجوز أن يخلط فيه الكامل مع المجزوء، من البحر الواحد. والأشطار الثلاثة المتحدة القافية قد يقع فيها أن تكون قافية متوسطة، وفي قليل من الأحيان يوجد أربعة أشطار متحدة القافية3.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهكذا نرى أن الموشح يمكن أن ينظم على ستة أو سبعة أنماط. وقد انتشر هذا اللون من النظم بعد ذلك في الشرق، ومن أشهر من برعوا فيه من المشارقة "ابن سناء الملك المصري" الذي اشتهر بموشحته التي يقول في مطلعها:
حببى ارفَعْ حجابَ النور
عن العِذار
تنظرْ المسك على الكافور
في جُلَّنار
كَلِّى يا سُحْبُ تيجانَ الرُّبى بالحُلِى
واجعلى سوارها مُنْعَطف الجدول
وإلى جانب الموشح نشأ الزجل باللغة المستعملة في بلاد الأندلس، مع مزجها باللغة الأسبانية الدارجة. ومن أوائل من نظموا الأزجال "سعيد بن عبد ربه" (المتوفى سنة 341ه) ابن عم صاحب "العقد"، وكان من المشتغلين بعلوم الأوائل من الفلسفة وسائر العلوم. ومن بعده "أبو يوسف هارون الرمادي" شاعر المنصور، الذي كان يسمى "أبا جنيس" (المتوفى سنة 412) وكان أول من أكثر من التضمين في المراكز4، ثم "عبادة ابن ماء السماء" (المتوفى سنة 415ه) الذي ابتكر التضفير أو التضمين بأن مواضع الوقف في الأغصان فضمنها، كما اعتقد "الرمادي" مواضع الوقف في المركز. أما أبرز الزجالين جميعاً فهو "أبو بكر محمد بن عبد الملك بن قزمان" الذي ولد في قرطبة بعد سنة 460 وتوفى سنة554ه.
هذان النوعان من النظم، اللذان ابتكرهما أهل الأندلس، هما اللذان أثرا في نشأة الشعر الأوروبي. وأول من قال بهذه النظرية هو "خليان ريبيرا" Gulian Ribe المستشرق الأسباني الكبير الذي عكف على دراسة موسيقى الأغاني Ls Cantigas الإسبانية ودواوين الشعراء "التروبادور" و"التروفير" وهم الشعراء الجوالة في العصر الوسيط في أوروبا والمنيسنجر Minnesanger وهم شعراء الغرام، فانتهى من دراساته المستفيضة هذه إلى أن الموشح والزجل هما "المفتاح العجيب الذي يكشف لنا عن سر تكوين القوالب التي صبت فيها الطرز الشعرية التي ظهرت في العالم المتحضر أبان العصر الوسيط" وأثبت انتقال بحور الشعر الأندلسي فضلاً عن الموسيقى العربية، إلى أوروبا "عن نفس الطريق الذي انتقل به الكثير من علوم القدماء وفنونهم ـ لا يُدرَى كيف ـ من بلاد الإغريق إلى روما، ومن روما إلى بيزنطة، ومن هذه إلى فارس وبغداد والأندلس، ومن ثم إلى بقية أوروبا"5.
ذلك أن الشعراء التروبادور البروفنساليين الأوائل استخدموا أقدم قوالب الزجل الأندلسي، كما يظهر في شعر أول شاعر تروبادور بروفنسالي، وهو "جيوم التاسع" دوق اكيتانيا، ويعد أيضاً أول شاعر في اللغات الأوروبية الحديثة، وقد بقي من شعره إحدى عشرة قصيدة، من بينها خمس كتبت بعد سنة 1102، وتتألف القصيدة منها من فقرات تشبه في قالبها فقرات الزجل، من حيث تأليفها من ثلاثة أشطار أبيات متحدة القافية، يتلوها أشطار من قافية واحدة في كل الفقرات، كما نجد هذا النمط من النظم أيضاً عند شاعرين تروبادوريين قديمين آخرين هما "ثركامون" Cercamon و"مركبرو" Marcabru اللذان عاشا في النصف الأول من القرن الثاني عشر، ثم انتشر هذا النمط من النظم في الشعر الشعبي في أوروبا، وفي الشعر الديني الذي ألفه الأدباء الفرنسيسكان في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، وفي أغاني الكرنفالات في فيرنتسه في القرن الخامس عشر.
وفي أسبانيا نفسها ظلت نماذج وأنماط النظم على طريقة الأزجال العربية يستخدمها الشعراء المتعلمون، مثل "الفونس الحكيم" في القرن الثالث عشر، ورئيس القساوسة في هيتا Arcipreste del Hita في القرن الرابع عشر، و"فياسندينو" و"خوان دل انثينا" Villasandinoy Guan del Eneina في القرن الخامس عشر وأوائل السادس عشر.
ولم يقتصر الأمر على طريقة النظم، بل وأيضاً امتد التأثير العربي في نشأة الشعر الأوروبي إلى طريقة علاج الموضوعات. ففكرة الحب النبيل Amorcortes التي تسود الغزل في الشعر البرفنصالي، نجد أصلها في الشعر الأندلسي بل وفي أزجال "ابن قزمان"، كما يؤكد هذا "منندث بيدال" أشد الباحثين حماسة في توكيد تأثير الشعر العربي، الموشح والزجل، في نشأة الشعر الأوروبي في نهاية العصر الوسيط.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذن فلا يقتصر التأثير على بعض موضوعات: مثل المغامرات الغرامية الشائكة أو الفاضحة، والإهداء إلى حام، وافتخار الشاعر بنفسه، كما اقتصر على ذلك "الفرد جانروا" في بيانه لتأثير الشعر الأندلسي العربي في شعر الشعراء التروبادور الأوائل، بل امتد في نظر "بيدال" Pidal إلى جوهر هذا الشعر التروبادوري، أعنى فكرته في الحب النبيل Amor cortes إذ يرى بيدال أن هذه الفكرة قد عرضها "ابن حزم" في "طوق الحمامة" وأنها كانت فكرة سائدة عند أهل الظاهر في نظرتهم إلى الحب، إذ نجدها قبل ذلك في كتاب "الزهرة" لمحمد بن داود بن خلف الظاهري المتوفى سنة 297ه الذي دعا إلى فكرة الحب الأفلاطوني، وسماه الحب العذري. وكذلك نجد فكرة الحب العذري في شعر "الحكم الأول" (المتوفى سنة 206ه). كما نجده في شعر "ابن زيدون" حين يقول في "ولادة":
تِه: أحتَمِلْ، واستطِلْ: أصبِرْ، وعِزَّ: أُهنْ، ووَلِّ: أُقْبِلْ، وقُلْ: أسمَعْ، ومُرْ: أطِعِ.
وإذا انتقلنا من تأثير الشعر إلى تأثير القصص وجدنا للقصص العربية تأثيراً ظاهراً في تطوير بل ونشأة الأدب القصصي في أوروبا. لقد قام "بدرو الفونسو" بترجمة ثلاثين أقصوصة من العربية إلى اللاتينية تحت عنوان غريب وهو "تعليم العلماء" Disciplina clericalis فيه أورد هذه القصص نقلاً عن العربية، ومن بينها قصة امرأة خانت زوجها الغائب الذي عاد فجأة وكانت مع عاشقها وأمها؛ فأخفت العاشق في المخدع. ولكن الزوج أراد الراحة في السرير، فأنفذت الأم الموقف بأن قالت: لا بد لك أن ترى الملاءة التي نسجناها، وبسطت الملاءة أمام الزوج الساذج، وغطت بذلك نظرة عن رؤية العاشق الذي تسلل مختفياً من وراء الملاءة! وهي قصة قد انتشرت في الأدب الأوروبي. ومن أخرى أثرت "كليلة ودمنة" في الأدب بعد أن ترجمت في عصر "الفونسو الحكيم" حوالي سنة 1250إلى الأسبانية، كما ترجمت بعض القصص التي تسربت من "ألف ليلة وليلة" إلى الأندلس، ومنها "حكاية الجارية تودد" التي ترجمت إلى الأسبانية في القرن الثالث عشر وأثرت بعد ذلك حتى في "لوب دى فيجا" أكبر كتاب المسرح الأسباني.
---------------------------------
عن (دور العرب في تكوين الفكر الأوروبي)
1 وهاك مثالاً لخرجة:
أَلْبِ ديا أشْتِ ديا ديا دلْ عنصره حقا
بِشْتيِرى مو المُدَبَّجْ ونشقّ الرمح شقّا
Albe dia, este dia dia del عنصره حقاً Vestire mu al-mudabbag.
2 أنخل جنثالث بالنثيا: "تاريخ الفكر الأندلسي"، نقله عن الأسبانية الدكتور حسين مؤنس، ص143 القاهرة سنة 1955.
3 مينندث بيدال: "أسبانيا حلقة الاتصال بين المسيحية والإسلام"، ص13، مدريد سنة 1956.
4 لاحظ المصطلحات التالية:
مركز=سمط=قفل؛ التضفير= أن تكون القوافي على التبادل؛ بيت=أغصان=أشطار أبيات.
5 راجع الاقتباس في "تاريخ الفكر الأندلسي" لانخل بالنثيا، ترجمة الدكتور حسين مؤنس، القاهرة سنة 1955 ص613 ص614.
بقلم / عبدالرحمن بدوي
فارس العربية الخـ زيد ـــــــــيل
ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[03 - 11 - 2005, 02:27 ص]ـ
فـ (غازي القصيبي) أديب مسلم وليس بإسلامي
و (العشماوي) أديب إسلامي
فكل أديب إسلامي هو مسلم .. وليس العكس صحيحًا دائمًا!
معالي & وضحاء
اظنكم ادركتم الان ان الموضوع نحن من نعقده , وأنه لاوجود لهذا المسمى الا من فئات تريد الترويج لمنطلقات خارجه عن فنيه الادب و مضامينه ,
ياسادة ياسيدات:
أن حصر الادب في بوتقه معينه فنية أو شكلية ينافي روح الادب الذي يقوم على الانطلاق والتحرر من التراكمات المعرفية , وتعالوا لما قالته معالي في مثالها الذي تركته هنا (القصيبي / العشماوي) لنرى كيف جاء بنا التصنيف الى تعاسه الطرح , (لااقصد معالي ولاغيرها) وضيق الروية , فكلا الشاعرين قدم رويته واعماله وهما ليسوا فارغين لمساله التصنيف ,
اذن وبكلام معالي + كلام وضحاء = ان بودلير اديب مسلم وليس اسلامي وويتمان الشاعر الامريكي ايضا مسلم و اراغون و لوركا لات كلام معالي يدل على هذا بشكل واضح
الى جميع من يطرح هذه الاطروحه
كفى اشغالنا بتصنيفات وقضايا ليست ذات اهمية حتى في الشان النقدي الجديد
وعلينا تذكر دائما أننا بصدد البحث عن جوهر الاشياء وان الشعر هو ملاذ المتعبين في الحياة , وليس له شأن بهذه الايدلوجيا التي تطرحونها
دمتم وارفين مديدن ..
:)
ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[03 - 11 - 2005, 02:35 ص]ـ
يستطيع أن يوصل معاني إسلامية رائعة دون أن يتجرّأ أحدهم ليقول: هذا وعظ .. حينما يكون الأديب ملتزما، ويعبّر عن مشاعر محبته لجيرانه، هل هذا من الوعظ!!!
!
هلا بالاستاذه وضحاء ..
** المسألة ليست مسألة مضمون بقدر ماهي مسألة مافائدة هذا التصنيف
" أعدك أني حين اقتنع بكلامك أو هذا المصطلح سأقول واعترف ولكن الان لابد من أن انبه لشيء في ماكتبت "
** تقولين لو قال الشاعر عن محبته لجيرانه = سيكون شعر او أدب!
حسنا .. هذا صحيح , لكن هذا الموضوع لاعلاقه له بالادب الاسلامي (على اعتبار اني وافقت على المصطلح) فشاعر يهودي ايضا يستطيع الكتابه عن كل القيم الاسلاميه دون ان يكون قاصدا ان يصنف , هل يعقل ان يكون هذا مثالك
عموما انا اتمنى ان نصل الى وضع عده نقاط على الموضوع ..
او محاور يتركها لنا أحد حتى لا نتفره أكثر وندخل في معنى كلمتي (اسلامي) و (أدب) كما يفعل اصحاب هذا التوجه عندما يريدون أن يطيلوا الموضوع!
تحية وسلام
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[معالي]ــــــــ[03 - 11 - 2005, 03:00 م]ـ
أخي الفاضل
تحدثت عن (انطلاق) و (تحرر)!!
لا أخي الكريم أنت هنا_ولتسمح لي_ تتجاوز الخط الأحمر!!
ياأخي
نحن لسنا أحرارًا ... بل لنا دين يقيدنا .. نعود إليه في شأننا كله وإن كان ذاك الشأن هو الأدب!!
هذا أولا
ثانيًا .. تقول إن الموضوع معقد .. فأي تعقيد تعني؟؟!!
المسألة_في رأيي_واضحة وضوح الشمس في رابعة النهارولا تحتاج إلى دليل!!
(أدب مخالف ... وآخر موافق) >هذا كل الموضوع .. فأين التعقيد؟؟!!
ثالثًا .. تقول_بارك الله فيك_: (إن بودلير أديب مسلم وليس إسلامي وويتمان الشاعر الأمريكي أيضا مسلم و اراغون و لوركا لأن كلام معالي يدل على هذا بشكل واضح)
وأنا أقول: أتمنى أن أعرف كيف فهمت ما لم أقصده ولم أهدف إليه في تلك الرؤية التي سقتها!!!
قلت أنا: (إذْ هناك فرق_في رأيي المتواضع_بين (الأديب المسلم) و (الأديب الإسلامي) ...
فالأول منهما هو من ينتسب إلى هذا الدين العظيم (بغض النظر عن طبيعة نتاجه الأدبي) ..
أما الثاني .. فهو الأديب (1 - المسلم) (2 - الذي يصدر عن التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة)
وعليه ..
فـ (غازي القصيبي) أديب مسلم وليس بإسلامي
و (العشماوي) أديب إسلامي
فكل أديب إسلامي هو مسلم .. وليس العكس صحيحًا دائمًا!)
قارن بين ما قلتُهُ وما فهمتَ أخي الكريم لترى أن البون شاسع!!!
(هنا أدعوكـ لإعادة النظرفي رؤيتي التي ليست بملزمة لك!)
رابعًا .. أنت_أيها الكريم_ تجمع بين كلامي وكلام العزيزة وضحاء!!
رغم أننا نختلف في الرأي!
فهي وإن كانت تؤمن بوجود مايسمى بالأدب الإسلامي إلا أنها تختلف مع أصحابه في المصطلح وترى استبداله بـ (الالتزام الإسلامي في الأدب)
وأختك الفقيرة إلى عفو ربها ترى أن التسمية لاضير فيها طالما أنها تعبر عن حقيقة الأدب الذي سمي بها ..
خامسًا .. تقول: (وأنه لاوجود لهذا المسمى إلا من فئات تريد الترويج لمنطلقات خارجة عن فنية الأدب و مضامينه ,)
أخي الفاضل
شئنا أم أبينا .. المصطلح موجود موجود!
ومادة (الأدب الإسلامي) مادة دراسية يدرسها كل من تخصص في اللغة العربية في معظم جامعاتنا وكلياتنا!
وهناك رابطة عالمية باسم (رابطة الأدب الإسلامي)!
وهذا النوع من الأدب بهذا المصطلح ينتمي إليه فئة كبيرة من الأساتذة وحملة الماجستير والدكتوراة!
والشمس لا تحجب بغربال_وفقك الله_
مضطرة للخروج الآن
على أمل أن أعود قريبًا بإذن الله!
فيض تحية
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[14 - 11 - 2005, 06:47 م]ـ
الأستاذ الفاضل محمد الغامدي:
تقول في بداية ردك: (** المسألة ليست مسألة مضمون بقدر ماهي مسألة مافائدة هذا التصنيف)
لو أعدمنا التصنيف كما تريد يا أخ محمد لوجدنا خلطا عجيبا ..
بينما التصنيف سيخرج لنا بعض ما ينتمي للأدب العربي، لكنه يخالف التصور الإسلامي، أو التعاليم الدينية بشكل عام، وهناك مخالفات عقدية لا تخفى على من هو مثلك، ملمّ بالشعر العربي. ألا تتفقّ معي في ذلك؟! أين نضع هذا الشعر؟ مادام الانحراف العقدي والفكري والفني منتشر في الأدب العربي الحديث؟ لا بدّ من وجود من يصحح مسار الأدب العربي، ويعيده إلى دوره الفاعل في البناء.
هذا بشار بن برد يقول:
إبليس أفضل من أبيكم آدم ** فتبينوا يا معشر الفجارِ
النار عنصره، وآدم طينة ** والطين لا يسمو سموَّ النارِ
والمتنبي في إحدى شطحاته يحقّر كل ما خلقه الله في بيتين لا يحضراني الآن، وقال فيه الثعالبي: (قبيح بمن أوله نطفة مذرة، وآخره جيفة قذرة .. أن يقول مثل هذا الكلام الذي لا تسعه معذرة .. ).
وقال ابن وكيع:
(هذه أبيات فيها قلة ورع)
وتقول: (حسنا .. هذا صحيح , لكن هذا الموضوع لاعلاقه له بالادب الاسلامي (على اعتبار اني وافقت على المصطلح) فشاعر يهودي ايضا يستطيع الكتابه عن كل القيم الاسلاميه دون ان يكون قاصدا ان يصنف , هل يعقل ان يكون هذا مثالك).
إذن تقول لو كتب أحد عن محبته لجيرانه كيف يكون أدبا إسلاميا؟ لتعلم –حفظك الله- أن الأصل هو التزام الأدب و موافقته للتعاليم الإسلامية، أياً كان موضوعه، والمواضيع كثيرة جدا لا يمكن أن تضيق على المبدع، ولكن مع ظهور الأدب المنحرف، وقد كثر هذا الانحراف في أدب الحداثة، وليس في جلّه. (لا أُنكر أن هناك أدباء حداثيون يستحق شعرهم أن يحفظ، ويعلّق في الصدور).
لقد كثر هذا الانحراف مما استوجب تمييز هذا الغثاء،
يقول أ. د.عبد الله العريني: (إن الأدب الإسلامي لا ينظر إلى القائل بل إلى المقول، وهذا قضية في غاية الأهمية، فالأدب الإسلامي لا يكفِّر أحداً، ولا يبدِّع، ولا يفسِّق، كما يُفترى عليه، ولكنه يتعامل مع النص وحده بصرف النظر عن قائله، فإذا ما كان النص متفقاً مع التصور الإسلامي فهو من الأدب الإسلامي كائناً ما كان توجه صاحبه، ولذلك قد يوجد الأدب الإسلامي عند جميع الكتاب المسلمين
مهما كانت انتماءاتهم، ولكن هذا لا يعني في المقابل أن كل مسلم يصدر عنه بالضرورة أدب إسلامي، بل قد يصدر عن الأديب المسلم ما هو أدب إسلامي وما هو غير إسلامي، كما يصدر عنه في سلوكه العادي الحسنات والسيئات من دون أن يخرجه ذلك عن جادة الإسلام، فالإسلامية منصرفة إلى النص لا إلى الشخص.
لأن الأدب الديني لا يحدّد ديناً أولاً، وهو إذ يعني الدين الإسلامي قد ينصرف إلى موضوعات معينة: دينية، أو عبادية فقط، وأما مفهوم الأدب الإسلامي فهو مفهوم شامل واسع، يتصل بأي موضوع من الموضوعات: دينية، واجتماعية، وعاطفية، وذاتية، وغير ذلك، فهذا الأدب يعالج كل صغيرة وكبيرة من شؤون الكون والإنسان والحياة مهما كان نوعها من منظور إسلامي).
وتختم نقاشك بـ: (حتى لا نتفره أكثر وندخل في معنى كلمتي (اسلامي) و (أدب) كما يفعل اصحاب هذا التوجه عندما يريدون أن يطيلوا الموضوع)
هنا –رعاك الله- خرجت عن الخط العادل في مناقشة المخالفين لك .. كن كسابق حديثك محايدا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[معالي]ــــــــ[15 - 11 - 2005, 07:24 ص]ـ
الفاضلة وضحاء
رأي الدكتورعبدالله محل احترام وإجلال وله حظه من النظر!
ولكني
أميل إلى التقسيم الذي أوردته في ردي أعلاه:
هناك فرق_في رأيي المتواضع_بين (الأديب المسلم) و (الأديب الإسلامي) ...
فالأول منهما هو من ينتسب إلى هذا الدين العظيم (بغض النظر عن طبيعة نتاجه الأدبي) ..
أما الثاني .. فهو الأديب (1 - المسلم) (2 - الذي يصدر عن التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة)
وعليه ..
فـ (غازي القصيبي) أديب مسلم وليس بإسلامي
و (العشماوي) أديب إسلامي
فكل أديب إسلامي هو مسلم .. وليس العكس صحيحًا دائمًا!)
ما رأيك؟!!
(لك)
فيض تحية
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[15 - 11 - 2005, 07:31 ص]ـ
لم أقتنع بمسألة التسمية بإسلامي حتى هذه اللحظة (:
بعيدا عن التفريعات المنهِكة .. لم لا تقولي .. كلاهما مسلم؛ ولكن هذا أديب ملتزم، والآخر ليس كذلك .. أليس أفضل؟!
ـ[معالي]ــــــــ[15 - 11 - 2005, 07:42 ص]ـ
لم أقتنع بمسألة التسمية بإسلامي حتى هذه اللحظة
رأيك وله عندي حق التقدير والاحترام!
لم لا تقولي .. كلاهما مسلم؛ ولكن هذا أديب ملتزم، والآخر ليس كذلك
لأني_غاليتي_ببساطة متناهية_
لم أقتنع بحيثيات رفض هذا المصطلح!
ألستِ غير مقتنعة به؟!
هكذا أنا ..
(غير مقتنعة)
ولكن
برفضه!
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[15 - 11 - 2005, 08:05 م]ـ
لأني_غاليتي_ببساطة متناهية_
لم أقتنع بحيثيات رفض هذا المصطلح!
ألستِ غير مقتنعة به؟!
هكذا أنا ..
(غير مقتنعة)
ولكن
برفضه!
سيكون لنا حديث حول ذاك .. لن ننهيه إلا باقتناع إحدانا ..
أعدك ..
ـ[معالي]ــــــــ[16 - 11 - 2005, 12:03 ص]ـ
سيكون لنا حديث حول ذاك .. لن ننهيه إلا باقتناع إحدانا ..
أعدك ..
بانتظارك غاليتي ..
ولكن
أرى أن الأمر فيه سعة!! فرأيي ليس بملزم ورأيك كذلك!
طالما أن المسألة ليست شرعية ..
واختلاف وجهات النظر لايفسد للود قضية!
أليس كذلك عزيزتي؟!
ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[19 - 11 - 2005, 07:49 م]ـ
وضحاء ومعالي
سأعود لكما
لي عذري في تأخري
ـ[علي العمر]ــــــــ[03 - 12 - 2005, 04:37 م]ـ
ما شاء الله الحمد لله هذا النقاش هو التلاقح المثمر للأفكار
ولي عودة بإذن الله
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[03 - 12 - 2005, 05:20 م]ـ
الأستاذ الفاضل .. علي العمر ..
لك الفضل بعد الله في هذه الحديث الجميل ..
فقد كنت صاحب الموضوع ..
بانتظارك ..
أنت، والأستاذ محمد الغامدي.
ـ[الهذلي]ــــــــ[04 - 12 - 2005, 09:28 م]ـ
"ملتزم، ة" مصطلح "إخواني أتى ليستبدل
مطوع
درويش
ملا
السلف كانوا يقولون (ناسك)
أُريد مثال للأدب "الإسلامي" لا يكون ورعاً ولا سياسة
إذا أصررتم فسموه أدب النُسّاك!
ـ[الهذلي]ــــــــ[04 - 12 - 2005, 09:33 م]ـ
أبو العتاهية
مسلم ولا مسلم ملتزم؟؟؟
أخاف يطلع واحد يقول جامي: rolleyes:
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[04 - 12 - 2005, 09:42 م]ـ
عفوا أخ الهذلي ..
حديثي عن الالتزام لم يكن منطلقا من هذه التفرقة المذهبية إن صح التعبير
وإنما من مسألة الالتزام في الأدب الإسلامي، والتي تبناها أصحابه.
اذهب إلى كتبهم الكثيرة ذات التأصيل للمنهج، وستجد ذلك
ومن أبرزها كتاب د. ناصر الخنين (الالتزام الإسلامي في الشعر).
ـ[الهذلي]ــــــــ[05 - 12 - 2005, 12:09 ص]ـ
مذهبية؟!
أي مذهبية تتحدثين عنها يا أخت وضحاء؟!
ما خطر ببالك مما أكل عليه الدهر وشرب
أُريها السها وتريني القمر!
ـ[معالي]ــــــــ[08 - 12 - 2005, 01:37 ص]ـ
"ملتزم، ة" مصطلح "إخواني أتى ليستبدل
مطوع
درويش
ملا
السلف كانوا يقولون (ناسك)
أوافقك الرأي أخي الفاضل الهذلي إذا ما أطلقنا هذا الوصف على رجل (أوامرأة) عليه سيماء الصلاح!!
ورأي شيخنا ابن عثيمين رحمه الله أن تُستبدل كلمة (ملتزم) بـ (مستقيم) ..
ولكن أختنا الفاضلة وضحاء أرادت بـ (الملتزم) الأدب وليس (الرجل الصالح)!!
أما عن طلبك:
أُريد مثال للأدب "الإسلامي" لا يكون ورعاً ولا سياسة
فهاك سؤلك:
http://www.awfaz.com/awfaz.com/show/id@_405.php
إذا أصررتم فسموه أدب النُسّاك
سؤال تعملق أمامي هنا:
هل أنت مختلف معنا حول التسمية (إسلامي)؟ أم حول وجود هذا النوع من الأدب أصلا؟!!
بانتظارك أيها الفاضل ..
ـ[الهذلي]ــــــــ[09 - 12 - 2005, 08:07 ص]ـ
سؤال الذكية يحمل الجواب ... !
ـ[معالي]ــــــــ[10 - 12 - 2005, 12:27 ص]ـ
سؤال الذكية يحمل الجواب ... !
!!!!
سؤال الذكية يحمل إجابتين:
1_مختلف معنا حول التسمية (إسلامي)
2_حول وجود هذا النوع من الأدب أصلا
اختر الإجابة الصحيحة ..
ـ[علي العمر]ــــــــ[18 - 12 - 2005, 11:41 م]ـ
عندما نتحدث عن الأدب الإسلامي
يعني أن هناك أدب آخر غير إسلامي
وكوننا نقول أدب إسلامي فهذا أيضا ليس بالخطأ
لأن هناك آداب أخرى كالأدب الحديث والذي خرج من دبر الشيطان أكرمكم الله وغيره من الآداب التي خرجت بأصحابها عن دائرة الإسلام
وعندها نقول لا أجد مبرر لمن لا يرى تسمية الأدب بالأدب الإسلامي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المعتمد بن عباد]ــــــــ[22 - 12 - 2005, 01:12 ص]ـ
رأيت هذا الجدال والأخد والرد بين الأخت وضحاء ولأخ محمد , وللأسف لم تكن الرؤية في ذهن كلٍ منهما واضحة حول حقيقة مفهوم الأدب الإسلامي ... لذلك سوف أكتب في ما يأتي من وقت إن شاء الله حول هذه القضية لأني كنت أعاني من نفس المشكلة.
ـ[علي العمر]ــــــــ[27 - 12 - 2005, 01:08 ص]ـ
فما مضى كنت بالأعيادي مسرورا .............. فساءك العيد في أغمات مأسورا
نحن في انتظار توضيحك
ـ[ابن الصباغ خالد]ــــــــ[08 - 01 - 2006, 10:55 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان الإسلام عقيدة و عمل و لغة و سلوك ألا تدخل هذه التسميات في تكوين ما يسمى أدبا، لا بد أن يكون كذلك فكر إسلامي و فلسفة إسلامية، الغرب يعتمد هذه الردود علينا .. فلما نتضايق إذا من مصطلح إسلامي .... شكرا للكاتبة بوركت.
ابن الصباغ خالد
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[09 - 01 - 2006, 12:40 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان الإسلام عقيدة و عمل و لغة و سلوك ألا تدخل هذه التسميات في تكوين ما يسمى أدبا، لا بد أن يكون كذلك فكر إسلامي و فلسفة إسلامية، الغرب يعتمد هذه الردود علينا .. فلما نتضايق إذا من مصطلح إسلامي .... شكرا للكاتبة بوركت.
ابن الصباغ خالد
بالعكس أيها الفاضل ..
من المفترض ألا يكون هناك تمييز من الأساس، كل ما حولنا إسلامي دون الاضطرار لتسميته، وتمييزه، وإن كنت أعذر أصحاب هذا المنهج لكثرة ما سيق لنا من الغثاء، مما اضطرهم لهذه التسمية؛ وإن ذل ذلك على شيء، فهو حرصهم، وغيرتهم.
ـ[ابن الصباغ خالد]ــــــــ[14 - 01 - 2006, 12:40 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
أختي الغالية و ضحاء من الممتع و الجميل أن نرى في صفحتك كلاما مختصرا عن التناص وهذا التناص أصله في العموم من كلام و إجتهادات العرب فيا حبذا لو تنوري عقلي بقليل او كثير من التناص،،، الحاصل اليوم في الكتابة التي تعدت حد البيع و الشراء للإبداع ....
تقبلي سيدتي كل الود
ابن الصباغ خالد
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[15 - 01 - 2006, 06:23 م]ـ
شكرا على حسن ظنك أخي الفاضل ..
هنا قد تجد ما يروي ظمأك ..
http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?t=6880
http://www.alfaseeh.net/vb/showpost.php?p=24399&postcount=3
وإن كان هناك من سؤال معين أرجو إدراجه في موضوع التناص؛ كي لا ينحرف هذا الموضوع عن أصله.
ـ[علي العمر]ــــــــ[15 - 01 - 2006, 11:29 م]ـ
أشكر كل من أثرى هذا الموضوع
ولكم مني خالص الشكر والعرفان
ـ[علي العمر]ــــــــ[25 - 11 - 2006, 12:23 ص]ـ
ومع هذا تظل لنا هويتنا التي نفخر بها
ولنا أدبنا كمسلمين
ـ[المرشد]ــــــــ[25 - 11 - 2006, 08:18 ص]ـ
تعقيب:
تسمية الكتابات المتقيدة بأحكام الإسلام ب (الأدب الإسلامي) تسمية دخيلة طارئة!! وقد نقده وردها جماعة من فحول اللغة وكبارها، ومنهم: الأستاذ محمود شاكر رحمه الله.
ولايستريب الناقد في كون اللغة بعلومها غير خاضعة لأحكام الدين، بل مكتسبة من (اللسان العربي) وهو قبل مجيء الإسلام، ومن العرب من ظل على كفره بعد الرسالة المحمدية، ومع ذلك يستشهد بكلامه.
والسلام(/)
الأدب المقارن ...... دراسة موضوعية
ـ[علي العمر]ــــــــ[13 - 12 - 2003, 10:57 م]ـ
بيان الكتب: الدكتور نجم عبدالله كاظم استاذ الادب المقارن في جامعة الحسين بن طلال في الاردن باحث جاد له بحوثه المتعددة في هذا اللون من الادب بدءا بالرواية العراقية وتأثيرات الرواية الامريكية عليها عام 1985 وانتهاء بكتابه التطبيقي الجديد الذي اصدره نهاية عام 2001 بعنوان (في الادب المقارن ـ مقدمات للتطبيق).
واذا كان نقاد كتاب الادب المقارن يختلفون حتى الآن حول مفهومه وطبيعته وميادينه وحدوده رغم نشأته كفرع من الاداب النقدية في العقود الثلاثة الاولى من القرن التاسع عشر فان الدارس ينبغي له ان يلم بهذه الاختلافات التي نشأت عنها مدارس الادب المقارن المستندة الى تعريفاته الاساسية ففان تيغم يقول بدراسة التأثيرات والتأثرات وهو يتناول النتائج التي ينتهي اليها تاريخ الادب القومي ويضمها الى النتائج التي انتهى اليها مؤرخو الاداب الاخرى ليضمها الى بعضها ضمن تاريخ ادبي اشمل. اما غويار فيعرف الادب المقارن بانه تاريخ العلائق الادبية الدولية بما يعني ان العلاقة يمكن ان تكون بين اكثر من ادبين قوميين وهذا ما يراه شيلبي الذي يعرفه بانه دراسة العلاقات المتبادلة بين اداب شعوب واخرى وهو امر دفع الناقد عبدالجبار داود البصري الى اعتبار الادب المقارن عملية بحث في العلاقات الدولية ادبيا وبذلك فهو ليس ادبا بل بحثا في تاريخ الادب وقد جاء ذلك في كتابه (خرافات ادبية) 2001، لكن الناقد الكبير د. محمد غنيمي هلال يعرفه بانه يدرس مواطن التلاقي والصلات ومالها من تأثير وتأثر.
وفي رأي مؤلف (في الادب المقارن) اننا ينبغي ان نحتوي كل هذه الرؤى ونحن نكتب في الادب المقارن لكن هذه العناية لم تقده الى تقديم دراسات تطبيقية شاملة الا في بعض فصول الكتاب بل هي مقدمات للتطبيق تسعى لفتح ابواب الدراسة التطبيقية للآخرين.
لقد سعى المؤلف في موضوعه الاول مقدمة في التأثير العربي في الادب الاسباني الحديث ـ خوان غويتسلو نموذجا، الى دفع الدارسين الى الالتفات اكثر الى العلاقات والصلات ما بين العربية وادابها من جهة والادب الاسباني الحديث في وقت انصبت فيه دراسات النقاد العرب والاسبان في دراسة التأثيرات الاولى القديمة مما صار مكرورا وكلاسيكيا ومعروفا تماما.
أما دراسته التالية التي يسميها مقدمة فقد جاءت تحت عنوان (كافكا في الرواية العربية مقدمة في تأثيراته) ورغم ان المؤلف لايقف عند المؤلفات العربية التي تناولت هوية كافكا وتأثيراتها على اتجاهات ادبه مثل دراسة بديعة امين المهمة التي صدرت تحت عنوان (هل ينبغي احراق كافكا؟) ذلك ان اعمال كافكا «متعددة الرؤى والمضامين والمعاني والايحاءات» كما يقول د. كاظم ولكن يبقى ممكنا ان نجد في أدبه موضوعات تعد انعكاسات لشخصية صاحبها ونفسيته وتداخلاتها وقد درس الكاتب أعمال كافكا الأساسية مثل «القصر» و «القضية» و «أمريكا» و «المسخ» وبعض قصصه القصيرة ليجد فيها ما قاله روجيه جارودي ان كافكا نجح في خلق عالم اسطوري لا ينفصل عن عالمنا وانه «خلق هذا العالم بمواد عالمنا هذا مع اعادة ترتيبها وفقا لقوانين اخرى تماما كما فعل الرسامون التكعيبيون في الفترة نفسها» وبذلك فهو العالم منظورا اليه بشكل منحرف قليلا كأنما ينظر المرء اليه من بين ساقيه أو يقف على رأسه أو ينظر اليه في مرآة مشوهة.
إن الضغوط والمؤثرات المختلفة التي أحاطت ببطل كافكا جعلت منه الفرد الخائف والمغترب المستلب الذي ينتابه الشعور دوما بأنه يعيش عالما معاديا له ومطاردا من قبل قوى اخرى نراها وتخطر أمامنا كل يوم ولكننا لا نرى أفعالها كما هي في أعمال كافكا، وإذ يشير الدارس الى تأثيرات ما بعد الحرب الأولى على التيارات الفكرية والادبية وبروز الوجودية كفلسفة اختيار للانسان يجد في كافكا ـ ربما ـ اعظم الكتاب الوجوديين، واذا كانت الوجودية ترتكز على الحرية والمسئولية والالتزام كأعمدة فكرية فان من الطبيعي ان يشعر الفرد المحاصر عبر حياته القلقة بالقلق ذاته والهجران واليأس وهي مفاهيم تمظهرت دراميا في أعمال كافكا التي وصلت الى العالم العربي ثمرة جهود فردية لمترجم مثل منير بعلبكي ونقاد مثل سهيل ادريس ونهاد التكرلي، وقد ظهر تأثير أعمال كافكا في ادب القصة العربية
(يُتْبَعُ)
(/)
المعاصرة ـ كما يقول الدارس ـ في أعمال غادة السمان وزكريا تامر وجورج سالم ووليد اخلاصي وياسين رفاعية وجليل القيسي وجمعة اللامي وعبدالرحمن الربيعي وسواهم وهو يشير الى تأثيرات ادب الوجوديين الآخرين مثل البير كامو وسارتر وبيكيت وتأثيراتها على الاعمال الروائية لجبرا ابراهيم جبرا وسهيل ادريس وليلى بعلبكي وجورج سالم وصدقي اسماعيل ويوسف الصائغ ومحيي الدين زنكنة وهاني الراهب، لكن الذي يبدو غريبا ألا يشير د. كاظم الى تأثيرات الوجودية عامة على ادب فؤاد التكرلي القصصي وهو امر درسناه في كتابنا «رحلة مع القصة الواقعية» الصادر عام 1980 في فصل خاص تحت عنوان «تأثير الوجودية على القصة الواقعية القصيرة».
إن الدارس الشامل لأدب كافكا وتأثيره على الأدب القصصي العربي يجد في رواية (خاتم الرمل) للتكرلي فؤاد بنية شديدة التأثر بالأدب الوجودي عموما والكافكوي منه بوجه خاص كما ان رواية خسرو الجاف (الكلب) تحمل مضامينها الوجودية المعاصرة وكذلك (مجنون الأمل) لعبداللطيف اللعبي و (الاغتيال والغضب) لموفق خضر وقل ذلك عن روايات عربية كثيرة لكن الدارس اختار نماذج محددة ليطبق عليها برهافة حس وعلمية ونحسب انه لو ادار بحثا متكاملا عن تأثيرات الوجودية على الادب الروائي العربي لنتج عنه عمل مثمر وكبير نتمنى ان يتصدى له الدارس ذاته أو غيره.
مقدمة الدارس الثالثة كانت تحت عنوان «القصة القصيرة جدا من ساروت الى الادب العربي والبحث عن نوع أدبي جديد» يتناول في بدايته مصطلح القصة القصيرة جدا short short story و (اختلافه) عن مصطلح القصة القصيرة short story حيث يعرف جوزيف شيلبي القصة story بمعنى «عرض لصراع يشتمل على قوتين متعارضتين في حالة نزاع وغاية».
واذا كان هذا التعريف ـ في مفهومنا ـ مبهماً تماماً، فإن القصة القصيرة ـ تكون ابرامز في كتابه M. H. Abrams: Aglossaryof liteary terms - pi 76 والذي اعتمد عليه د. كاظم هو «قصة تتسم بالقصر بما يعني اختلافها عن الرواية ـ Novel في البعد الذي اسماه ارسطو الحجم، وان كان القصر ليس عاملاً اساسياً في تحديد هذا المصطلح اذ ان مجدي وهبة في معجمه يقول ان «القصة القصيرة ليست مجرد قصة تقع في صفحات قلائل بل هي لون من الوان الادب الجديد له خصائص ومميزات شكلية معينة منها القصر وتناولها حدثاً او جزءا من حدث والتركيز والتكثيف» وهذا التعريف اقرب الى الرضا والوضوح ولكنه لا يستجيب لمصطلح القصة القصيرة جداً الذي اطلقه ارنست همنجواي اول مرة على احدى قصصه عام 1925 ولم يكن القاص العربي يوسف الشاروني قد فهم مدى اهمية ما يفعل عندما اطلق على بعض قصصه تعبير «قصص في دقائق» بمعنى ان قصصه هذه اكثر قصراً من القصص القصيرة الاعتيادية وبالتالي فهي لا تحتاج الا لذلك الوقت القصير لقراءتها وهو ذات ما ذهبنا اليه في بحثنا المنشور في مجلة الافلام ـ والذي اعتمد عليه د. كاظم ـ بعنوان (القصة الواقعية القصيرة جداً .. عن المصطلح والصورة التاريخية) في مجلة الافلام ـ بغداد ـ العدد 10/ 11/1988 حيث ذهبنا الى ان اول قاص عربي اطلق مصطلح القصة القصيرة جداً على بعض قصصه هو المحامي العراقي نوئيل رسام عام 1928 ـ 1932 دون ان يقرأ ساروت التي اشتهرت بهذا اللون ولم نجد باحثاً واحداً حتى الان يثبت عكس الذي ذهبنا اليه وان كان الكثير منهم لا يشير الى هذه الحقيقة.
المهم ان الباحث يقف عند كتابات ساروت التي ظهرت عام 1938 في كتاب ترجم الى العربية سنة 1971 تحت عنوان (انفعالات) Tropisms لفتحي العشري الذي اضاف اليها عنواناً ثانوياً هو (قصص قصيرة جداً) و (انفعالات) كلمة لا توجد لها ترجمة في غير اللغات اللاتينية ولا يوجد لها تفسير في اي من هذه اللغات وبالتالي فإن الناقد ازاء هذه المجموعة التي كتبتها ساروت يكتشف صوراً قد تبدو مقتطعة من مجرى حياة ما وحياة مجموعة بشرية غالباً، ليس لها بدايات بل انك تحس وانت تقرأ اول كلمة او جملة فيها انك قد بدأتها قبل ذلك، واذ لا تمتلك الواحدة منها بداية فانها لاتنتهي ايضاً مع اخر كلمة منها .. بمعنى انها تفتقد اي صراع او حبكة او تطور درامي وبذلك فهي تنفصل عموماً عن (القصة) كما نعرفها اصطلاحاً ونماذج.
(يُتْبَعُ)
(/)
ان اوضح مميزات القصة القصيرة جداً هي القصر الشديد اذ ان عموم الجيد منها يتراوح بين 002 ـ 500 كلمة ثم التكثيف حيث تعوض الكلمة عن جملة والجملة عن عبارة دون اخلال ثم محدودية الصراع وبهذا المعنى تشتمل القصة القصيرة على شخصية او اثنتين وتكون النهاية متفجرة ذات ضربة فعلية ـ في رأينا.
واذ يطرح الكاتب في نهاية هذا الفصل سؤاله المهم «هل هناك نوع ادبي اسمه القصة القصيرة جداً؟ يقول ما يطابق رأينا الذي ذكره بموضوعية وهو «ان القصة القصيرة جداً ليست جسداً مفصولاً عن فن القصة القصيرة ولكنها تراعي التكثيف والجو الخاص وضربة النهاية وتراعي التركيز والاقتصاد بالكلمات» فيما رأى ان ميزات التكثيف والقصر والصراع المحدود تتخذ سمات خاصة بها لكنها لا تفرقها عن فن القصة القصيرة بعامة.
عبدالخالق الركابي وماركيز وآخرون .. وقفة عند العلاقات الادبية والتأثير والتأثر، حيث يبرر الكاتب حديثه عن الركابي باعتباره قد احتل مكانة متميزة في الأدب الروائي العربي وان تجربته الروائية قد استخفت ان تدخل مختبرات النقاد «وذلك بما اشتملت عليه من تدرج فني متصاعد بثبات» وقناعة د. كاظم بالمقدرة المتنامية التي يمتلكها الركابي في الخلق والابداع، أما المبرر المباشر لدراسة تأثيرات ماركيز وآخرين على الركابي فهو الضجة النقدية التي أثارها القاص جهاد مجيد والناقد عباس ثابت حمدو حول اقتباس الركابي من اجواء وشخصيات ماركيز وهو أمر رد عليه ياسين النصير وباسم حمودي في الصحافة المحلية وبينا (في شهر اكتوبر 1988) الفرق بين التأثير والتأثر والاقتباس رغم ان مصطلح التناص مصطلح مفتوح الابواب يبرر للكاتب هضم التجارب السابقة واعادة تمثيلها بلغة الكاتب الجديد الخاصة.
ويقيم د. كاظم دراساته ومقارناته على أساس رواية «الراووق» المعتمدة على مخطوطة لعشيرة البواشق ويدرس المرحلة التاريخية التي يحاكيها. ويدرس الباحث في فصل تال الرواية العراقية دراسة مقارنة فيشير الى اهتمام القاص والروائي بما يقرأ في الآداب الاخرى وسبق اللبنانيين والمصريين العرب الآخرين بالتعرف على فن القصة الحديثة والاهتمام به طارحا صورة تاريخية لتأثر الروائي العراقي بفن الرواية الاوروبية وهذه مسألة طرحتها دراسات متعددة لكن جديد الدارس انه يوثق لآراء الروائيين في تأثيرات الكتابة الروائية الغربية عليهم حيث يعتبر غائب فرمان مكسيم جوركي معلمه الأول بعد نجيب محفوظ، ويعلن تأثره بكولدويل وشتاينبك دون ان يستطيع هضم تجربة فيرجينيا وولف وبروست فيما يؤكد فؤاد التكرلي انه قرأ الرواية الغربية بالعربية والفرنسية مثل فوكنر وهمنجواي ومارك توين وكولدويل ودستوفيسكي وسيمون دي بوفوار في وقت كان فيه جبرا قارئا في سنوات مبكرة من حياته للرواية الاوروبية الحديثة وإذا كان عبدالرحمن الربيعي وعبدالرزاق المطلبي ومحيي الدين زنكنة قد قرأوا الرواية الغربية باللغة العربية، فإن هؤلاء الكتاب جميعا ومعهم موفق خضر وموسى كريدي قد مظهروا ذلك التأثير في أعمالهم الروائية المتعددة وهو أمر يخصص له المؤلف دراسة تطبيقية واضحة المعالم في فصل تال تحت عنوان «الركابي حلماً روائياً» حيث يجد الباحث نوعا من التأثير من قبل أوران ملكيادس لدى ماركيز على مخطوطة الراووق ثم «يمتد الالتقاء بين روايات الركابي ورواية ماركيز ليصل الى السعي لربط الوطن بالعالم» وهو امر تشارك به معهما قيم روائية أخرى لدى دوس باسوس ونجيب محفوظ وغائب فرمان وهوثورون وغيرهم.
ويقدم الكاتب في الفصل الأخير دراسة تطبيقية في الأدب المقارن (بين الصخب والعنف والرجع البعيد) مقرا بداية ان بناء (الرجع البعيد) وتقنيتها يختلفان عن (الصخب والعنف) لكن التكرلي اختار عائلة بغدادية وقسم روايته الى فصول يرويها افراد العائلة بصيغة المتكلم او الغائب في وقت قسم فيه فوكنر روايته الى اربعة اقسام وزع ثلاثة منها على عائلة كومون معتمدا صيغة ضمير المتكلم بينما تولى هو الفصل الاخير، ويجد الدارس ان الاحساس بالزمن كان واضحا في العملين واستخدام التداعي الحر والحوار الداخلي واحساس (مدحت) احد ابطال (الرجع) بالعزلة عن المجتمع بشكل متشابه وشخصية (كوينتس) رغم ان فؤاد التكرلي ينوع في (مدحت) على بطله السابق في روايته المبكرة (الوجه الآخر) كانسان صاحب موقف وجودي من الحياة، كما انه يشير الى تكرار رحلة كوينتس في رحلة مدحت وهو امر لا يستدعي التأكيد على الاقتباس او التأثير ففؤاد التكرلي قد بنى تجربته الضخمة على احداث وشخوص مختلفة ولكن دراسة الناقد د. كاظم ترى في تجربته بعض ظلال الصخب والعنف وهو امر لا نقره تماما لاختلاف التجربتين.
ـ[علي العمر]ــــــــ[19 - 12 - 2005, 12:17 ص]ـ
الأدب المقارن ليس معروفا في عالمنا العربي إلا من فترة ليست بالطويلة(/)
ندوة حول الأدب المقارن.
ـ[علي العمر]ــــــــ[13 - 12 - 2003, 11:01 م]ـ
ندوة حول الأدب المقارن
القاهرة ـ أ. ش.أ: أكد الدكتور أحمد حسن ابراهيم عميد كلية الآداب بجامعة القاهرة أن دراسة الادب المقارن هي احدى الوسائل الهامة للتواصل بين الشرق والغرب والشمال والجنوب وهو يساعد على التفاعل والتأثير والتأثر.
كما أوضح أن الدكتور طه حسين كان له اسهام كبير فى هذا المجال عندما انشأ قسما للغات الحية مما يوجد التواصل التاريخى وليس الجغرافى فقط وهذا يساعد على تعميق وحدة الفكر الانسانى فى عالم
يزداد ترابطه يوما بعد يوم.
جاء هذا فى الندوة التى نظمها قسم اللغة الانجليزية بكلية آداب جامعة القاهرة مؤخرا وشارك فيها حوالى 500 من اساتذة الادب المقارن بالجامعات المصرية والعربية والاميركية والاوروبية والافريقية والآسيوية وطرحت خلالها حوالى مائة ورقة بحثية.
وكان من ابرز الاوراق البحثية المطروحة الورقة التى قدمها اسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الاسكندرية وموضوعها شكسبير عبر الزمان والمكان حول جرائم الحرب والقصص القبلى وقد اختار أن يتحدث عن
مسرحية شكسبير هنرى الخامس حيث يرى اننا نشاهد اليوم هلع الحروب من حولنا ونسمع عن جرائم الحرب والمحاكمات التى تتم فى المحاكم الدولية لمجرمى الحرب والاهوال التى نسمع عنها فان مسرحية شكسبير تتناول موضوعا مشابها لاوضاعنا الراهنة حيث امر الملك هنرى الخامس بقتل الاسرى الفرنسيين وهنا تكمن عظمة شكسبير فى انه يتجنب هذه الحادثة وعالجها فى عمله المسرحى.
وقد قدم معتز السروجى من كلية آداب جامعة طنطا دراسة خلال الندوة مقارنة بين الفردوس المفقود للشاعر الانجليزى ملتون ورسالة الغفران للشاعر العربى ابى العلاء المعرى وقد عقد المقارنة حول مسائل العدالة الالهية والملائكة والشياطين والصراع بين الخير والشر والجنة والنار وغواية آدم وحواء والخطيئة والخلاص.
وقد فضلت ايمان عدوى من كلية آداب جامعة الزقازيق أن تعقد مقارنة بين مايعرف بالنزعة الواقعية السحرية عند بورخيس ونجيب محفوظ وهذه النزعة تمزج الاحداث السحرية بالواقع على نحو يطمس الحدود بين الابداعات الثقافية للانسان فى مجال التاريخ أو الادب ويصوران عبثية الحياة وعملية البحث عن معنى العالم فيما وراء الواقع الملموس.
كما اختارت امانى ابو الفضل من جامعة القاهرة فرع بنى سويف أن تعقد مقارنة بين شعر الانتفاضة الايرلندى والفلسطينى وذلك باعتبار الادب اداة للمقاومة ورغم تباعد فلسطين وايرلندا ان هناك عناصر مشتركة هى التركيز فى الشعر على العنصر الانسانى والروح الوطنية بقصد حماية الهوية الثقافية وتمجيد الابطال والشهداء وقوة الوعى الدينى مع استلهام التراث فى كلا التجربتين وظهور نبرة الامل وبصيص النور ومن جامعة جورجيا باميركا تناول كارول وينكلى خلال مشاركته طريقة اعتماد اميركا على شكل معين من السرد مألوف للشعب الاميركي وغير مقبول من المجتمع الدولى 0000حيث أظهر الباحث الاميركي ان خطاب بوش استلهم هذه الطريقة وهى التى سبق استخدامها للحرب على السكان الاصليين لاميركا والمعروفين بالهنود الاميركيين مع نشأة الدولة الاميركية وتستهدف طريقة السرد بسط الرؤية الاميركية على الساحة العالمية ونفى الهوية الفردية والوطنية والدينية لمن يكافحون تحقيق اهدافهم السياسية.
ومن جامعة بنسلفانيا اختار جيرهارد شتراوس ان يتحدث عن رؤية اوروبية لمصر فى القرن السابع عشر باعتبارها مهدا للثقافة واللغة الصينية.
وقد تحدث الباحث عن ارتباط اللغة القبطية باللغة المصرية القديمة المنطوقة وذلك من خلال ما قام به اثناسيوس كيرتشر (1602 ـ 1680) وهو عالم ألمانى كشفت عن وجود تشابه مذهل بين الحضارة والديانة المصرية القديمة وحضارة الازنتك فى اميركا الوسطى والصين فى الشرق الاقصى حتى أن الصينيين كانوا يؤمنون بنفس الالهة التى كان المصريون القدماء يعبدونها.
واختار مصطفى رياض من كلية آداب جامعة عين شمس خلال مداخلته فى الندوة أن يعقد مقارنة بين مسرحية السير بونتيلا وتابعة ماتى للكاتب المسرحى الالمانى بريخت وعلى جناح التبريزى للكاتب المسرحى المصرى الفريد فرج وأوضح الفروق بين الكاتبين من ناحية اهمية مسرح الشعب ودور المتفرج فيه واستخدام الثقافة الشعبية ومسرحية المصادر التراثية.
ومن الاردن تناول عبد الحفيظ على حريسات موضوع مفاهيم ثقافية المسلمون الافارقة وحكايات العبيد العرب والدراسات تتناول حياة العبيد الذين جيئ بهم من القارة الافريقية ومعتقداتهم الثقافية وتأثير ثقافتهم الاسلامية على كافة جوانب حياة العبيد المسلمين فى اميركا قبل الحرب الاهلية الاميركية وكيف تمسك هولاء العبيد بعقيدتهم رغم كل الظروف والمعاناة.
وابرز شادن تاج الدين من جامعة كاليفورنيا زاوية جديدة عند رفاعة رافع الطهطاوى وكتابه (تخليص الابريز فى تلخيص باريز) فقد تنبه من خلال الترجمة الادبية والحساسية الجمالية الى امكانية السيطرة الاوروبية على الثقافة العربية الاسلامية.
ومن مركز نورثروب فراى للادب المقارن بجامعة تورنتو بأميركا تناول نزار فاروق خلال مداخلته اسطورة الملك ارثر وتأثيرها على العالم العربى والاسلامى ويأتى فهم هذه الاسطورة على نحو أعمق بعد أحداث 11 سبتمبر نظرا للمجابهات الدينية والاقتصادية والايديولوجية التى تميز اللقاء بين الشرق والغرب.
ويبرز البحث موضوعات الفروسية والحب القدرى لابراز العناصر الثقافية التى تجذب جمهور القراء العرب الى النص (موت الملك ارثر) لتوماس مالورى.(/)
نزار قباني أم أحمد مطر
ـ[جرير 2003]ــــــــ[15 - 12 - 2003, 10:02 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
دعوة للمناقشة في هؤلاء الشعراء وهل يستحقون تمجيدهم كما نرى
نزار قباني
نازك الملائكة
أدونيس
إليا أبو ماضي
والأدباء
توفيق الحكيم
نجيب محفوظ
طه حسين
ورجاء الآ يكون الحديث من منطلق الفن للفن
ـ[ناصر الكاتب]ــــــــ[28 - 10 - 2004, 11:17 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي، أحب أن أسألك عن هؤلاء:
امرؤ القيس، زهير بن أبي سلمى، المتنبي، الجاحظ ....
ـ[ناصر الكاتب]ــــــــ[28 - 10 - 2004, 11:25 م]ـ
وجوابا عن استفسارك:
لا يستحق التمجيد إلا من سلك سبيل المؤمنين؛ وهذا لا يمنعنا من أن نقول للمحسن -في مجال- أحسنت.
وفرق بين الثناء على إبداع شاعر ملحد، وبين الثناء على شخصه؛ على أن نتنبه فلا نروج لشعرٍ يدعو إلى الإلحاد أو الفجور؛ لكننا نستفيد من الإبداع الذي لا خطر فيه على ديننا.
ـ[عاشقة لغة الضاد]ــــــــ[09 - 05 - 2005, 08:48 م]ـ
للرفع .. و لي عودة.
ـ[الطائي]ــــــــ[11 - 05 - 2005, 03:49 ص]ـ
السلام عليكم
نشكر لك يا أخانا الكريم (جرير) دعوتك هذه ...
القول ما قال أخونا (ناصر)، دع عنك الأشخاص واحكم على الشعر، إن كان جميلاً يحترم ديننا ولا يتطاول على إلهنا قبلنا، وقلنا إنه جميل، وإن لا فلا.
والملاحظ على أكثر الذين ذكرتهم تطاولهم على الدين بل على الذات الإلهية - تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا - مما يجعل المرء يشعر ببغض تجاه أشخاصهم. ولكن لو عرض لنا نص من نصوصهم ووجدناه غاية في الشاعرية والإتقان والأدب مع الله والدين؛ فلا ما نع من دراسته والاستفادة منه. والأمر أشبه بسلعة تستجيدها وتثني عليها وأنت تعلم أن صانعها لا يمت إلى الدين بصلة.
أما ما يحز في النفس فهو ما نرى من أبناء جلدتنا ممن تسموا بالإسلام، حين يتتبع سنن المغضوب عليهم والضالين ويدخل معهم جحر الضب، فيتطاول على دينه ظناً منه أنه لا يكون مبدعاً حتى يأخذ عنهم كلّ شئ صالحاً كان أو طالحاً.
لعلي أطلت، وأعود لأقول إن أخانا (ناصر) جاء بقول فصل، ولم يكثر كما فعلتُ، وخير الكلام ما قل ودل ...
لكم التحية جميعاً ...
ـ[عاشق النحو]ــــــــ[15 - 06 - 2005, 01:45 م]ـ
نزار قباني شاعر ولكنه ملحد
وله اشعار جميله وفي نفس الوقت له اشعار ماجنه
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 08:13 م]ـ
قلت في مشاركة سابقة: أنني معترض -وعلى طول الخط-على دراسة شعر نزار وحزبه، وكان مما قلت:أن أهل العلم بالشعر قد أجمعوا على هجر الشعر الذي هجت به قريش النبي =:وقد احتوى شعر نزار على سب الله وملائكته وكتبه ورسله، فبالله عليكم أين حيائنا مع الله، أيشتم ربنا ونشتغل بشعره إننا إذا لعبيد سؤ، وقياس الأخ (ناصر) قياس فاسد مدخول وإن شاء البيان أبنت له.
ودمتم للمحب/أبو فهر
ـ[معالي]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 01:51 ص]ـ
في برنامج (أسئلة في اللغة والأدب) وفي حلقة الأربعاء9/ 8/1426هـ
استضاف د. عبدالله الحيدري الشاعر الرائع د. عبدالرحمن العشماوي
وكان أن تعرض د. العشماوي لهذه القضية فجاء في قوله مامعناه:
(نزار شاعر مجيد وله شعر رائع .. لكنني أختلف معه تمامًا في المنهج،
لذلك أرد مالايتفق مع منهجي من شعره وآخذ ما يناسبني)
وأنا أوافق الدكتور فيما ذهب إليه!
ـ[الهذلي]ــــــــ[08 - 11 - 2005, 10:34 م]ـ
لولا رجاؤءك لاستفضنا، ولكن أقول:
"ومن عبيد لولا هبيد" ...
ما أحمد مطر إلا ضمير نزار السياسي الذي كان لا يفيق إلا نادرا.
الشعر لنزار
والمعاناة لمطر
ولا نقر قول من كفر
"لا ريب كلا لا وزر
ليس من الموت مفر
يا ربنا لا،،،،، الميت في أوطاننا إذا انتحر
فكل شئ عندنا،،،،، حتى القضاء والقدر"
هذا مطر.(/)
المدرسة .....
ـ[المرعب]ــــــــ[30 - 12 - 2003, 07:15 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني الاعزاء:
لقد كُلفت بعمل بحث عن (خصائص المدرسة الواقعية) وكذلك نشأتها وشعرائها
فمن عنده اي شي يخص هذا البحث فليمدني به (اما مقالات اوكتب وغير ذلك مما يتعلق بالموضوع.
وجزاكم الله كل خير(/)
قضايا نقدية (مختصرات)
ـ[قضايا نقدية (مختصرات) [الأرشيف]- شَبَكةُ الفَصِيحِ لِعُلُومِ اللُّغةِ العَرَبِيّةِ شَبَكةُ الفَصِيحِ لِعُلُومِ اللُّغةِ العَرَبِيّةِ > قِسْمُ عُلُومِ اللُّغة العَرَبِيّة > مُنْتَديات البَلاغةِ والنَّقْدِ > النَّقْد والأَدَب المُقارن > قضايا نقدية (مختصرات)
المساعد الشخصي الرقمي
اعرض النسخة الكاملة: قضايا نقدية (مختصرات)]ــــــــ[قضايا نقدية (مختصرات) [الأرشيف]- شَبَكةُ الفَصِيحِ لِعُلُومِ اللُّغةِ العَرَبِيّةِ شَبَكةُ الفَصِيحِ لِعُلُومِ اللُّغةِ العَرَبِيّةِ > قِسْمُ عُلُومِ اللُّغة العَرَبِيّة > مُنْتَديات البَلاغةِ والنَّقْدِ > النَّقْد والأَدَب المُقارن > قضايا نقدية (مختصرات)
المساعد الشخصي الرقمي
اعرض النسخة الكاملة: قضايا نقدية (مختصرات)]ـ
قضايا نقدية (مختصرات) [الأرشيف]- شَبَكةُ الفَصِيحِ لِعُلُومِ اللُّغةِ العَرَبِيّةِ شَبَكةُ الفَصِيحِ لِعُلُومِ اللُّغةِ العَرَبِيّةِ > قِسْمُ عُلُومِ اللُّغة العَرَبِيّة > مُنْتَديات البَلاغةِ والنَّقْدِ > النَّقْد والأَدَب المُقارن > قضايا نقدية (مختصرات)
المساعد الشخصي الرقمي
اعرض النسخة الكاملة: قضايا نقدية (مختصرات)(/)
إلى متى الوحشة
ـ[إلى متى الوحشة [الأرشيف]- شَبَكةُ الفَصِيحِ لِعُلُومِ اللُّغةِ العَرَبِيّةِ شَبَكةُ الفَصِيحِ لِعُلُومِ اللُّغةِ العَرَبِيّةِ > قِسْمُ عُلُومِ اللُّغة العَرَبِيّة > مُنْتَديات البَلاغةِ والنَّقْدِ > النَّقْد والأَدَب المُقارن > إلى متى الوحشة
المساعد الشخصي الرقمي
اعرض النسخة الكاملة: إلى متى الوحشة]ــــــــ[إلى متى الوحشة [الأرشيف]- شَبَكةُ الفَصِيحِ لِعُلُومِ اللُّغةِ العَرَبِيّةِ شَبَكةُ الفَصِيحِ لِعُلُومِ اللُّغةِ العَرَبِيّةِ > قِسْمُ عُلُومِ اللُّغة العَرَبِيّة > مُنْتَديات البَلاغةِ والنَّقْدِ > النَّقْد والأَدَب المُقارن > إلى متى الوحشة
المساعد الشخصي الرقمي
اعرض النسخة الكاملة: إلى متى الوحشة]ـ
إلى متى الوحشة [الأرشيف]- شَبَكةُ الفَصِيحِ لِعُلُومِ اللُّغةِ العَرَبِيّةِ شَبَكةُ الفَصِيحِ لِعُلُومِ اللُّغةِ العَرَبِيّةِ > قِسْمُ عُلُومِ اللُّغة العَرَبِيّة > مُنْتَديات البَلاغةِ والنَّقْدِ > النَّقْد والأَدَب المُقارن > إلى متى الوحشة
المساعد الشخصي الرقمي
اعرض النسخة الكاملة: إلى متى الوحشة(/)
تحليل هذه الوصية
ـ[أميرة الحزن]ــــــــ[24 - 01 - 2004, 05:25 م]ـ
لو سمحتوا أرجو مساعدتي في تحليل هذه الوصية تحليلاً دقبقاً قبل بداية الدراسة والوصية تقول
قال بعض الحكماء لابنه: يابنى،أقبل وصيتي وعهدى،إن سرعة ائتلاف قلوب الأبرار،كسرعة اختلاط قطر الماء بماء الأنهار،وبعد قلوب الفجار من الائتلاف كبعد البهائم من التعاطف وإن طال اعتلافها على على آرى واحد،كن يابنى بصالح الوزراء أغنى منك بكثرة عدتهم،فإن اللؤلؤة خفيف محملها كثير ثمنها،والحجر فادح حمله قليل غناؤه.
وجزاكم الله خيراً ...... ;)(/)
مفهوم المعنى و فعاليات قراءة النص الأدبي
ـ[انكسار]ــــــــ[27 - 01 - 2004, 06:36 م]ـ
نتناول تحت هذا العنوان مفهوم المعنى كقاعدة تتمحور حولها أي تجربة في القراءة. حيث تتشكل تجربة القراءة من خلال بحث القارئ عن معنى للنص، و لذلك تقوم أي تجربة للقراءة على مفهوم محدد للمعنى، و تؤسس إجراءاتها من خلال استراتيجيات عامة لتكوينه.
ويمثل المستوى الدلالي أحد أهم مفاهيم المعنى لدى القاريء العادي، إلا أن المعنى بهذا الوصف لا يعبر عن تجربة متكاملة في القراءة، فالتعامل مع المعنى كمحتوى دلالي للنص هو جزء من التجربة، يتعلق بالمرجع الواقعي الذي يشير إليه تركيب النص.
و ينتج أثناء تكوين القارئ للمعنى أشكال مختلفة من التفاعل بين القارئ و النص، تعبر عن مظاهر متنوعة لتجربة القراءة، تعتمد في مجملها على التعامل مع المعنى كأثر نصي و يتطلب تكوين القارئ للمعنى تعامل القارئ مع معطيات التركيب النصي، فالمظهر التركيبي للنص هو معطى حاضر ثابت، بينما المظهر المعنوي يكتسب وجوده من خلال وجود قارئ يجسده بواسطة تفاعل متبادل مع المعطى التركيبي للنص، و يتعامل القارئ مع تركيب النص بواسطة استراتيجيات معينة فاستراتيجيات القراءة إذاً هي وسائل بواسطتها يوظف القارئ معطيات التركيب النصي من أجل تكوين المعنى.
وبحسب منهج القارئ المخبر يتحقق معنى النص من خلال فعاليات التجربة الكاملة، و ذلك باعتبار أن معنى النص هو كل رد فعل يثيره النص في ذهن القارئ، و بذلك يشتمل معنى النص على عناصر تجربة القراءة الكاملة، فكل شئ يحدثه القارئ في تفاعله مع النص هو جزء من معناه. و تنطلق إجراءات القراءة لدى القارئ المخبر كمخطط نظري من مفهوم معين للمعنى، حيث يرى صاحب المشروع (ستانلي فش) أن المعنى ليس موضوعاً كامناً في النص، بل هو أثر على القارئ (تحرير: جين. ب. تومبكنز: نقد استجابة القاريء)
وبذلك يشتمل مفهوم المعنى على مختلف عناصر تجربة القراءة، حيث تتكون تلك التجربة أثناء بحث القارئ عن المعنى، وهذا هو التفسير الأولي الذي يقدمه منهج القارئ المخبر لاختلاف القراءات على النص الواحد، فإذا كان معنى النص هو ردود فعل القارئ التي يثيرها النص بتركيبه اللغوي فلا يمكن أن تتكرر ردود الفعل التي يثيرها النص عبر أكثر من قراءة له.
ويتضمن المعنى في منهج القارئ المخبر الخاصية الزمنية للحدث، حيث تتطور تجربة القارئ للنص عبر تطور ردود فعله باتجاه بنية النص اللغوية، فمع تقدم القراءة يتفاعل كل جزء من النص مع ما يسبقه فيؤيد تماسك التجربة أو يقوض ذلك التماسك موجهاً التجربة باتجاه جديد.
ونتيجة للخاصية الزمنية في القراءة لا يمكن إغفال أي جزء من بنية النص اللغوية، فالمعنى يأتي من تجاور الاجزاء بحيث تسهم كل مفردة في تجربة القراءة لا بمعناها المعجمي بل بما يثيره من رد فعل ناتج عن موقعها في النص وعلاقتها بما قبلها وما بعدها. ((فالمعنى قد ينتج من اللامعنى))
ووفق هذا المفهوم للمعنى بوصفه حدثاً تأتي إجراءات القراءة في منهج القارئ المخبر، حيث ينطلق المنهج من محاولة تقديم وصف لما يحدث فعلياً في أي تجربة للقراءة، و يعتمد ذلك على تتبع خطوات القراءة انطلاقاً من مفهومه للمعنى، على أساس أن تجربة القراءة تحدث أثناء بحث القارئ عن معنى النص، و محاولة تجميع عناصره عبر التفاعل مع معطيات البنية التركيبية للنص، و ذلك وفق تتابع زمني يتبع ظهور وحدات النص على الصفحة.
و من هنا تأتي أهمية وعي القارئ بتجربته حيث يراقب القارئ ردود فعله تجاه النص من خلال التزامه بكل أجزاء النص ومتتالياته، وفق تتابعها الزمني، وهنا تأتي المرحلة الأولى من إجراءات القراءة في منهج القارئ المخبر، وتتمثل في توظيف التركيب اللغوي للنص بشكل وحدات متتالية، تتكون كل وحدة من طبقات متراتبة (يقصد بهذه الطبقات مستويات الجملة: الصوتي، الصرفي، التركيبي، المعجمي، الدلالي)، ويمكّن هذا التقسيم القارئ من أن يختبر ردود فعله تجاه النص، وذلك بمراعاة الخاصية الزمنية التي يكتسب النص معناه بواسطتها من خلال تجاور مكوناته اللغوية وموقع تلك المكونات من التجربة حسب ترتيب ظهورها على الصفحة، و تتضمن هذه المرحلة إبطاء التجربة لملاحظة خطواتها الفعلية كما تحدث
(يُتْبَعُ)
(/)
أثناء تكوين القارئ للمعنى ..
و تستوعب إجراءات تكوين المعنى جميع أشكال التفاعل بين القارئ والنص في أي قراءة حقيقية، حيث تحدث تلك الفعاليات أثناء تكوين المعنى بواسطة إجراءات المعنى التي تمثل المرحلة الأولى من التجربة، و بذلك تترتب مراحل القراءة التالية على تلك المرحلة و توظف إجراءاتها بطرق متنوعة لتحقيق أنواع متعددة من التفاعل مع النص. فقد تكون الدلالات التي يحدثها النص ببنيته التركيبية لغوية، او تكون ذات طابع نفسي، او رمزي، او فلسفي. كما ان وجهة الناقد الجمالية تحكم نوع المنهج الذي سيختاره و يختبر من خلاله ردود فعله تجاه بنية النص.
وهنا تأتي المرحلة الثانية من إجراءات القراءة في منهج القارئ المخبر حيث يتضمن المعنى بوصفه كل ما يحدثه القارئ في تفاعله مع النص أخطاء التجربة، وذلك لأن مراجعة القارئ لهذه الأخطاء و تصحيحه لها عبر اجراءات أخرى هو جزء من التجربة (نقد استجابة القاريء) * وبذلك تكون المرحلة الثانية من القراءة هي مراجعة أخطاء التجربة لإعادة بناء تماسكها، حيث يدل تماسك التجربة على صحة خطوات القراءة، ويعتمد القارئ في هذه المرحلة على خبرته اللغوية والادبية التي تشكل منها منظوراته الخاصة للنص.
من جهة أخرى يستوعب منهج القارئ المخبر القيمة الجمالية للنص، فلايمكن إغفال القيمة الجمالية إذا كانت جزءاً من اهتمامات القارئ التي تدخل في خطوات القراءة الفعلية، و يتمثل ذلك في بحث القارئ عن وقع جمالي للنص وفق إجراءات خاصة، حيث لاتتعارض تلك الإجراءات مهما كانت مع منهج القارئ المخبر مادامت تدخل في نطاق التجربة كأثر للنص، و ذلك باعتبار أن كل ما يحدث في أي قراءة فعلية هو جزء من تجربة القارئ للمعنى.
و فعاليات القراءة الأساسية والقضايا التي تتمحور حولها تعتمد في الأساس على اختيارات القراء و خبراتهم الذاتية السابقة على لحظة القراءة، و التي تكونت من خلال علاقة معينة بالبيئة الثقافية المحيطة و شكلت آفاقاً للتواصل مع النص، في حين أن إجراءات القراءة أو استراتيجياتها هي توظيف للنص من خلال علاقة تفاعليه معنية مع بنيته التركيبية
و لابد من مراعاة تعدد القراء واختلافات القراءة الناشئة عن العوامل الذاتية لدى كل قارئ. فكل شارح ينطلق من اهتماماته الخاصة وخبراته الشخصية في تكوين أفق توقعاته للنص، و ذلك حين يختار القضايا والمنظورات التي يتعامل من خلالها مع موضوعه و يعد مفهوم الأفق عند ياوس مفيداً في هذا المجال. و ينطلق القاريء من البنية اللغوية للنص، و من خلال هذه البنية يتحكم النص في استراتيجيات القراءة، عبر استراتيجيات نصّية يشكل النص بواسطتها بنيته الفنية في تركيبه اللغوي الخاص. وفي هذا المجال يمكن أن نستفيد من نظريات القراءة التي تتناول دور النص في القراءة وتضع منطلقات نظرية لوصفه
وتساهم المفردات كوحدة معنوية أساسية في تجربة الشراح لسقط الزند من خلال الاتجاه الزمني لتجربة القراءة. و وفق الاتجاه الزمني للتجربة تتجه القراءة فعلياً باتجاه مكونات النص اللغوية من اليمين إلى اليسار * (نقد استجابة القاريء)، و بذلك يتضح أثر الاتجاه الزمني للمعنى حيث تساهم كل مفردة في تكوين القارئ للمعنى من خلال تدعيم اتجاه التجربة أو تعديله أو تغيير مساره باتجاه آخر جديد.
و لا يسمح لي المجال هنا بضرب أمثلة على قراءات تعتمد مناهج النقد الحديثة لضيق الوقت فقط، لكنني سأقتص من ذاكرة حاسوبي بعض الأمثلة الناجزة من تطبيقات النقد العربي القديم. و مثالاً على ذلك نورد شرح الخوارزمي لبيت أبي العلاء (شروح سقط الزند:1/ 184):-
إذا شربت رأيت الماء فيها أزيرق ليس يستره الجران
حيث تدعم مفردة (أزيرق) عبر صياغتها اللغوية الشرح الجمالي للبيت كما يشرحه الخوارزمي فيقول: ((و لقد طبق المفصل بالتصغير، لأنه لما جعل رقابهن دقيقة كالخيزران حسن أن يجعل ما يمر فيها من الماء مويهاً)) فتصغير صفة الماء (أزيرق) يقوّي تشبيه رقاب الإبل بالخيزران بجامع الدقة.
و هناك مثال آخر من الكتاب نفسه أكثر عمقاً في وصف الاتجاه الزمني للتجربة، و هو شرح البطليوسي للبيت 1/ 232:
إن يكن عيدهم بغير هلال فالهلال المضيء وجه الأمير
(يُتْبَعُ)
(/)
حيث يشرح البطليوسي هذا البيت جمالياً بربطه ببيت سابق، مع وجود فاصل من خمسة أبيات بينهما، فيقول: ((هذا البيت معيب عند أهل النقد لأنه قال قبل هذا " أنت شمس الضحى " ثم شبّهه ههنا بالهلال فحطّه مراتب كثيرة عما أعطاه أولاً)). وهنا نجد مفردة (الهلال) تعدل اتجاه المعنى من حيث هو هنا أثر جمالي، فتسبب خللاً في التذوق الجمالي للمعنى من منظور نقدي معين يتمثل هنا في تلاؤم المعنى مع السياق الاجتماعي له. * (يشير البطليوسي بـ " شمس الضحى " إلى البيت1/ 229:
أنت شمس الضحى فمنك يفيد الـ ............... صبح ما فيه من ضياء ونور
و عبر مفهوم المعنى يمكن وصف القراءة من خلال وصف خطوات التفاعل بين القارئ و النص، و مدى إسهام كل من طرفي القراءة في ذلك التفاعل، و تعتبر استراتيجيات القراءة مجالاً أساسياً للتفاعل، حيث يتضح فيها كيفية استجابة القراء لمعطيات النص التركيبية، من حيث إخضاع النص لمنظورات القراءة، أو تكييف تلك المنظورات لمعطيات النص.
انظر: المختارات 280 شروط التفاعل قائمة في النص
281 تعريف القارئ الخبير و القدرة
دور النص عند ايزر 284
************
فيما يلي سأضرب مثالا موجزا على تطبيق معطيات منهج القاريء المخبر على الشرح الشعري القديم كما تمثله شروح السقط الآنفة الذكر، و هو وصف سريع لطريقة من طرق تطبيق المنهج على قراءة تعتمد مناهج النقد قديم، على أن النقد الحديث هو مجال اكثر سهولة و حيوية لتطبيق نموذج القاريء المخبر. و يجدر الاشارة ان هذا مجال بكر للبحث النقدي العربي، حيث تندر بل تكاد تنعدم الدراسات في هذا الحيز.
استراتيجيات القراءة في شروح سقط الزند:
1 - الاستراتيجيات الدلالية:
يمثل هذا النوع من الاستراتيجيات المرحلة الأولى من استراتيجيات القراءة في شروح سقط الزند، و في هذه المرحلة ينظر الشراح للمعنى على أنه المحتوى الدلالي للنص، و يتم تكوين المعنى في هذه الاستراتيجيات من خلال علاقة النص بالواقع، و ذلك عبر تجميع عناصر المكون الواقعي للتركيب النصي، و من ثمّ اعتبار الصورة الواقعية التي يثيرها هذا المكون الواقعي أثراً دلالياً للنص، يتمثل فيه أحد مظاهر المعنى في شروح السقط كأثر لمعطياته التركيبية.
و يعتبر التعامل مع النص من خلال دلالته الواقعية مرحلة ضرورية للفهم تسبق التفاعل الجمالي مع النص في أي قراءة * (ايزر: نظرية التلقي، المختارات الشعرية282: القراءة المرجعية)، فالبنية الجمالية للنص الأدبي تقوم على أساس أسلوب النص في صياغة علاقته بسياقه الواقعي، من خلال استثمار مكونات الواقع من القيم الاجتماعية و التاريخية و الادبية لصنع التأثير الجمالي للنص، يمكن شرح ذلك من خلال مفهوم الذخيرة عند ايزر، حيث تضمن الذخيرة انشاء قناة للتواصل مع النص بواسطة احتوائها على عناصر مألوفة عند القارئ في واقع الحياة اليومية، فالنص " يمتص عناصر سابقة عليه و معروفة بشكل أو بآخر، وهي عناصر لا توجد في النصوص المشابهة له فقط، و إنما ترجع أيضا إلى قيم تاريخية واجتماعية تشكل سياقه الثقافي بالمعنى العام لهذا المصطلح، ........ وهي ذخيرة تمثل بالنسبة للقارئ درجات مختلفة من التأثير في عملية تفاعله مع النص، فإدماج القيم الاجتماعية و الثقافية ضمن نص معين، ثم تكرار العناصر الأدبية السابقة عليه يحددان بدقة درجات ردود الفعل لدى لقارئ، إنهما يكونان الإطار السياقي للحوار الذي ينبثق بين النص و المتلقي أثناء عملية القراءة " المختارات 283
" لكن هذا لا يجب أن ينسينا أن العلاقة بين النص و القارئ علاقة إيجابية و منتجة، أي أن المتلقي لا يخضع بشكل سلبي لفعالية الخطاطة التي تؤثر فيه من حيث وقعها الجمالي الذي يتضمن مكوناتها الأدبية و الدلالية، و إنما تتحدد لعلاقة التفاعلية بين النص و المتلقي عند ايزر في كون التلقي سننا ثانيا ينتجه القارئ على أساس تفاعلي بينه وبين السنن الأولي الذي تتكون منه الخطاطة، و معنى هذا أن الموضوع الجمالي أو الفني يتشكل في استقلال عن النص، و لكنهفي الوقت نفسه لا يكاد ينفصل عن هذا النص " المختارات 284
(يُتْبَعُ)
(/)
ونحاول عبر متابعة هذه الاستراتيجيات الإجابة على سؤالين هما: كيف وظف الشراح المظهر الدلالي للمعنى لصالح منظوراتهم في القراءة؟ و هل تجاوز الشراح مرحلة الفهم الى التفاعل الجمالي مع النص من خلال علاقته بمرجعه الواقعي؟
و سنتناول أثر هذه الاستراتيجيات في التفاعل من خلال مفهوم المعنى بوصفه محوراً لتجربة القراءة كما في منهج القارئ المخبر، حيث ينتج المعنى وفق العلاقات التركيبية بين وحدات النص اللغوية الصغرى، و بمراعاة الاتجاه السطري لتلك الوحدات عبر الاتجاه الزمني للمعنى كخطوة منهجية.
و من نظرة عامة يمكن استنتاج ان المفهوم الدلالي للمعنى في حدود مرجعه الواقعي قد ضيق حدود القراءة الجمالية لدى الشراح، لا سيما ان أحد معايير القراءة الجيدة في النقد التقليدي القديم هو عدم مخالفة المعايير الموضوعة المتضمنة في عمود الشعر. بل عدم الخروج عن معطيات العالم الواقعي عبر صور خيالية بعيدة عن المألوف. القراءة المرجعية " قراءة تنفتح عن أفق انتظار جاهز يسعى بكل مكوناته إلى ربط النص باللغة اليومية و التقاليد الأدبية المتداولة، ثم إلى اعتبار هذا النص محيلا إلى جزئيات الوقع و معطياته " المختارات 341
" إن الاعتقاد الراسخ لدى القراءة المرجعية بأن لغة الشعر لغة تمثيلية و أمينة، يجعلها قراءة متفاعلة مع البعد الحرفي و المعجمي للوحدات التركيبية، و مع ما قد يوجد في الدلالة الفنية من سمات واقعية وقيم متداولة، فيصبح هذا البعد الحرفي تراكما لغويا نفسر في ضوئه كل انتاج فني، و تصبح سمات الواقع وقيمه تقاليد متوارثة يجب الحفاظ عليها و إعادة صياغتها في أمانة. و لذلك فإن الموروث اللغوي، و الواقعي هما المكونان الأساسيان لأفق انتظار القراءة المرجعية، أي أنها قراءة تتفاعل بالموروث اليومي في مستوى اللغة وفي مستوى الواقع ". (المختارات الشعرية 360)
3 - بناء التآلف:-
يعد تماسك التجربة و تآلف أجزائها دلالة جمالية مهمة على فعالية القراءة، ويعتمد منهج الشرح الشعري على مفهوم المعنى لمراقبة هذا التآلف، حيث وضعت استراتيجيات المعنى في الشرح بحيث تتيح للشارح مراقبة تجربته ليقدم تجربة متماسكة مقنعة، وذلك عن طريق تقسيم النص إلى وحدات تركيبية صغيرة هي الأبيات، وبذلك يسهل مراقبة خطوات تجربة القراءة التي تسير باتجاه وحدات النص وتتطور مع كل وحدة تضاف إلى تجربة القراءة.
و في شروح سقط الزند يمثل التفاعل الجمالي المثالي مع أسلوب أبي العلاء هدفاً للقراءة و محوراً لها، ويرجع ذلك إلى خصوصية المشكلات الجمالية التي يثيرها شعره، و لذلك يبحث الشراح عن تماسك التجربة من خلال علاقة التوافق بين أسلوب أبي العلاء و بين مرجعياتهم من معايير النظام الجمالي للنصوص الشعرية كما يرسخها الإطار النقدي المحيط بلحظة القراءة، و التي تتشكل منها منظورات القراءة في الشروح.
حيث تعتبر هذه المعايير وسيلة لتنظيم التجربة في منهج القارئ المخبر، تجعل التجربة قابلة للوصف، ((فإذا ما كان متكلموا لغة معينة يشتركون في نظام من القوانين يستبطنها كل واحد منهم، ويفهمها بطريقةأو بأخرى، فسوف تكون بمعنى معين منتظمة، أي سوف تسير بموجب نظام من القوانين يشترك فيه جميع المتكلمين، وبقدر ما تكون تلك القوانين تقييدات على الانتاج، ...... فسوف تكون أيضاً تقييدات لنظام الاستجابة وحتى لاتجاهها، بمعنى أنها ستجعل من الاستجابة قابلة - إلى حد معين – لأن يتنبّأ بها وتجعلها معيارية)). [نقد استجابة القارئ – 163]
و يتطلب تماسك التجربة التفاعل المتبادل بين القارئ و النص، ((حيث يقوم النص بمجموعة من التوجيهات تقود القارئ نحو تجميعه للمعنى من أجل نفسه، وبهذا العمل فإنه يبلغ قدرا من المعلومات، ولكنه يستدعي ايضا التجارب المختزنه من قبل في ذهن القارئ الخاص)) * (من قضايا التلقي والتأويل –223)
و قد يحدث تعارض بين توجيهات النص و منظورات القارئ، و هنا يحدث الخلل في تماسك تجربة القراءة، و يحاول القارئ مواجهة ذلك الخلل في سبيل بناء تجربة مقنعة من خلال تآلف النص مع منظوراته للقراءة، و ذلك عبر استراتيجيات متعددة.
(يُتْبَعُ)
(/)
يكتشف القارئ بواسطة الخلل في تماسك التجربة أخطائه في إجراءات القراءة، ويعتبر تلك الأخطاء جزءاً من التجربة، لأنها ناشئة عن استراتيجيات خاطئة تشكل جزءاً من تفاعله مع النص، حيث ((يكون التبني الوقتي لتلك الاستراتيجيات غير الملائمة هو ذاته – على أية حال – استجابة لاستراتيجية مؤلفٍ مّا، وإن الأخطاء المتمخضة هي جزء من التجربة التي تقدمها لغة المؤلف، وبالتالي هي جزء من معناها)) * (نقد استجابة القارئ – 166). ويرتبط هذا التوجه المنهجي بكون المنهج يقوم على مراقبة خطوات التجربة الكلية كنموذج لما يحدث فعلياً أثناء القراءة.
وفي شروح السقط يورد الشراح مواضع الخلل في التجربة في صورة استراتيجيات خاطئة، و يواجه الشراح مواضع الخلل في التجربة بواسطة استراتيجيات تعيد صياغة العلاقة بين النص و منظورات القراءة بصورة متوافقة، بحيث يتوصلون إلى تقديم تجربة متماسكة في التفاعل الجمالي مع أسلوب أبي العلاء، كهدف فعلي للقراءة في الشروح، و ذلك عبر تجريب أنواع من التفاعل مع معطيات التركيب النصي، فالشارح كقارئ يقدم تجربة في القراءة ((يجرب بما فيه الكفاية ليستنبط خصائص الخطابات الأدبية التي تشتمل على كل شيء بدءاً من اكثر الرسائل محلية (مجازات الخطاب .... الخ)، وفي هذه النظريات إذن تصبح اهتمامات مدارس النقد الأدبية الأخرى مثل خواص النوع الأدبي والمواضعات والخلفية الفكرية .... الخ معادة التحديد بمقتضى الاستجابة الممكنة والمحتملة)) [نقد استجابة القارئ – 167]
وهكذا تمثل مراجعة الشراح لتجاربهم بوجه ٍ من الوجوه ذلك القارئ المخبر عند فش، وهو القارئ الهجين فهو ((ليس نتاج عملية تجريد، ولا قارئاً حياً فعلياً، إنما هو قارئ حقيقي يفعل كل شيء ضمن حدود قدرته كما يجعل من نفسه مخبراً)) [نقد استجابة القارئ – 167]
أرجو ملاحظة ان هذه الورقات هي جهد شخصي و اجتهادات تحتمل وجهات النظر كافة، و يسعدني الحوار البناء ممن يتفاعل مع ما أكتب.(/)
العشماوي .. والنص ابن غير شرعي للنص .. !!
ـ[ابن الشمس]ــــــــ[03 - 02 - 2004, 02:42 ص]ـ
.. و مازال عبدالرحمن العشماوي (الشاعر لا الإنسان) موطن جدل و نقاش و اختلاف و اختلاق بين متعصب له مفرط و ناقم عليه مفرّط!
و مع أن هذا الموضوع استهلك كثيرا، و كثر فيه الأخذ و الرد؛ إلا أنني أجدني مشدودا إلى الخوض فيه؛ وفاء بوعد قطعته لصديقين عزيزين هنا و كان لابد أن أفي، كما أن انتماءنا جميعا إلى أدب واحد؛ جميل مؤثر، و نظيف هادف يجعلنا مطالبين أن نبحث عنه و نناقشه فيما بيننا، دون أن نترك المجال للآخرين أن يحاكمونا و يشنقونا ظلما و عدوانا .. !
ابتداء يجب أن أؤكد أن هذا الطرح يمثل وجهة نظر شخصية جدا ترحب بالاختلاف و التقاطع وربما التصادم أحيانا مادام محكوما بما يعرف بأدب الحوار، و مادام الهدف منه الوصول إلى كلمة سواء فيما بيننا.
لا ينفي الشاعرية (المجردة) عن العشماوي إلا جاهل بالشعر أو حاقد على الرجل نفسه، و لا يثبت للعشماوي الشاعرية (الفذة المطلقة) إلا جاهل بالشعر أيضا يعاني من سذاجة في التعاطي .. !
و مع أن التعميمات داء منهجي قاتل إلا أنني وجدتُني مضطرا إليها هنا؛ لتكون مفتتحا و منطلقا لمناقشة علمية جادة يتسع صدرها للرأي و الرأي الآخر بغية الوصول إلى رأي ليس بالضرورة أن يرضي جميع الأطراف .. المهم أن يعطي القضية حقها .. !
إن تتبعا تأريخيا لمسيرة هذا الشاعر التي ابتدأت منذ التسعينات الهجرية، و مازالت تلد الديوان تلو الديوان تعطي الباحث صورة شبه واضحة عن شعرية الرجل، و فنيته، و رؤيته، و مدى توفيقه من عدمه، على أنه من الإنصاف أن نحاول جاهدين تتبع الظروف الأخرى (التي لا علاقة لها بالعشماوي و شعره) و نفض غبارها من جديد؛ ذلك أن لها أثرا عظيما جدا في مسيرة الشاعر و إعطائه أكثر/أقل مما يستحق كما سيحاول هذا الطرح أن يكشف .. !
كانت بداية العشماوي مثيرة و جميلة بما يكفي لأن ينال أسهما مرتفعة الثمن جدا في قلوب الناس الذين أحبوا توجهه و توظيفه شعره في خدمة قضايا يرونها جديرة بذلك، كما أن الرجل كان موهوبا بما يكفي ليقدم شعرا مرتفع الفنية كما نلمح ذلك في كثير من دواوينه الأولى، منذ ذلك الوقت و شاعرنا ينتشر بسرعة و ينال شهرة (كان) يستحقها نسبيا بفضل منجزاته الإبداعية الجيدة التي تنطق بها دواوينه الأولى كما أسلفت، و ما أروع قوله مثلا لا حصرا:
صهيله نغم يصغي الزمان له// و نقعه لحجاب الشمس يخترق
تشدو حوافره لحنا يهش له// قلب التراب وتسترخي له الطرق
و إذا كنت زعمتُ أن استحقاق العشماوي للشهرة و الانتشار كان نسبيا؛ فمن الإنصاف أن أعلل لهذه النسبية؛ إذ لم تكن موهبة العشماوي وحدها هي السبب، ثمة ظروف أخرى ساعدته على الوصول، ربما تجاهلها الكثيرون ذلك الوقت لكنها ظهرت جلية مع الزمن .. ذلك أن الزمن وحده هو الكفيل بكشف كل شيء .. !
لقد أسهم الإعلام (الإسلامي) في ضخّ مزيد من شهرة و صيت و تلميع لاسم العشماوي أكثر بكثير مما ناله الرجل بشعره أو بالأحرى مما يستحق أن يناله، و تعاضدت جميع فروع ذلك الإعلام؛ صحفا و مجلات و أشرطة مرئية و مسموعة- بحسن نية طبعا - من أجل دفع الرجل إلى الواجهات دائما، و أغرقته بالثقة متناسية (و ربما غير متوقعة) أن السحر ربما انقلب على الساحر .. !
كان خطأ تاريخيا عندما تعامل هذا الإعلام مع العشماوي على أنه (داعية) لا على أنه (شاعر) و لأن جميع طرحه يخدم الدعوة - كما يرون - فقد احتفلوا به و بجلوه .. يومها أصبح العشماوي شاعرا منزها عن النقد، و أصبح أي متعرض لشعره - بغير كيل المدائح طبعا - مدسوسا على الدين، و محاربا للدعوة، وربما تجاوزوا ذلك إلى ماهو أدهى .. و التارخ يحتفظ ببعض الشواهد .. !
(يُتْبَعُ)
(/)
و لم يكن هذا الإعلام و أهله الطيبون هم السبب الوحيد في إسقاط شعرية العشماوي، بل كان هو نفسه سببا رئيسا في ذلك؛ ذلك أنه لم يحترم فنه و قراءه، و لم يقدر ثقتهم به، و لم يحاول تطوير أدواته الفنية و مواكبة اجتياحات الشعرية الحديثة، بل ظل مراهنا على المضامين المكررة التي ضمنت له الشهرة قديما، فاستمرأ الأضواء و اعتاد عليها دون أن يعبأ بشيء آخر، وواصل مسيرته الشعرية كما أرادت الشهرة لا كما أراد الفن، و أصبحت المطابع تقذف بالديوان تلو الديوان دون أن يقدم واحد منها جديدا يذكر؛ فالطرح هو الطرح، و اللغة هي اللغة، و الرؤية هي الرؤية، والمأساة أن الاحتفالية هي الاحتفالية .. !!
إن كون العشماوي يكتب في مضامين غالبها خير لا يعني هذا أنه يحق له أن يسمي ما يطرحه أدبا و ما هو بالأدب لمجرد أنه هادف و خيّر، فالأدب الإسلامي يتكون من كلمتين أولاهما (و أؤكد على أنها الأولى) هي كلمة (أدب) .. تجاهل العشماوي هذا القيد و راح يستغل عواطف الناس بالوعظ المباشر زاعما أنه شعر .. !
إن الحديث عن أزمة الشكل و المضمون مستهلك منذ زمن بعيد؛ منذ الجاحظ و معانيه المطروحة في الطريق، و مرورا بحشد كبير من النقاد القدامى و المحدثين، و انتهاء بالنقلة المعرفية التي طرأت على النقد أخيرا مع بزوغ شمس كثير من المناهج الحديثة التي تناولت الرؤية/المضمون و الجسد/ الشكل، ومن نافلة القول إن ارتباط الرؤية الشعرية بجسد النص ثراء و عمقا هو وحده الذي يكفل للقصيدة الخلود و يسبغ عليها الجمال، و هذا مالم يعه العشماوي - بقصد أو دون قصد- فلم يطور رؤيته و لا جسد نصه، و ظل واقفا في مكانه الأول و الدنيا تتقدم بسرعة مذهلة؛ ولذا كان من الموضوعي أن أقول: إن العشماوي كان شاعرا في أواخر التسعينات و بدايات القرن الجديد، لكنه انتهى بعد ذلك .. !
إن إصرار العشماوي على طرق موضوعات محددة ليس عيبا للوهلة الأولى، بل إن تبني الشاعر لقضية ما أو مبدأ ما لهو دليل على وعيه و إيمانه برسالته، و لكن المصيبة أن شاعرنا - مع إصراره على مضامين محددة لم يرتق برؤيته و طريقة معالجه، و لا حتى بلغته و أدواته الفنية، فجاء شعره التالي صورة ممسوخة باردة عن شعره السابق، و من هنا كان نصه التالي ابنا غير شرعي لنصه السابق .. !
إن إفادة الشاعر من تجاربه و نصوصه الأولى أمر محمود و حسن مالم يكرر نفسه فيها، و يبقى على مستوى الرؤية و اللغة نفسها كما فعل العشماوي، و لنأخذ القضية الفلسطينية مثلا، و لنقارن بين ظهورها في شعره وظهورها في شعر درويش - بوصفه متبنيا لها كالعشماوي - سنجد فرقا مذهلا و مخجلا و محزنا أيضا .. !
إن الشاعر الجدير بالبقاء هو الذي يتقدم، و يتطور، و يفيد من تجاربه، و ينمي موهبته، ويثريها بكل جديد؛ ذلك أن المتلقي أيضا يتطور ذوقيا، فليس بالضرورة أن ما كان يهزه بالأمس ظل كذلك اليوم، بل ربما لم يحرك فيه شيئا، و لنتأمل هذه الشواهد التي كانت تعجبنا قبل زمن:
هذي الحجارة يا أبي لغة لنا **** لما رأينا أننا لا ننصف
لما رأينا أن حاخاماتهم **** يتلاعبون بنا فيرضى الأسقف
لما رأينا أن أمتنا على **** أرض الخلاف قطارها متوقف
ماذا نؤمل يا أبي من فاسق **** يلهو ومن متدين يتطرف؟
جيش الحجارة يا أبي متقدم **** والمعتدي بسلاحه متخلف
و قوله:
إن التطرف أن يسافر مسلم **** في لهوه سفرا طويلا مرهقا
إن التطرف أن نرى من قومنا **** من صانع الكفر اللئيم وأبرقا
إن التطرف أن نبادل كافرا **** حبا ونمنحه الولاء محققا
إن التطرف أن نذم محمدا **** والمقتدين به ونمدح عفلقا
إن التطرف أن نؤمن بطرسا **** وهو الذي من كأس والده استقى
إن التطرف وصمة في وجه من **** جعلوا صليبهم الرصاص المحرقا
و قوله:
يا قُدسُ صبراً فانتصاركِ قادمٌ **** واللِّصُّ يا بَلَدَ الفداءِ جَبَانُ
حَجَرُ الصغير رسالةٌ نُقِلَتْ على **** ثغر الشُّموخ فأصغت الأكوانُ
ياقدسُ، وانبثق الضياء وغرَّدتْ **** أَطيارُها وتأنَّقَ البستان
يا قدس، والتفتتْ إِليَّ وأقسمتْ **** وبربنا لا تحنَثُ الأَيمانُ
واللّهِ لن يجتازَ بي بحرَ الأسى **** إلاَّ قلوبٌ زادُها القرآنُ
لكننا اليوم لا نراها سوى نظم هزيل لا يمت للشعر بقربى و لا بغير قربى .. !
و ماذا بعد .. ؟
لكي يكون كلامنا ذا ثمرة يجب التأكيد على أن العشماوي إنما يمثل لبنة من لبنات الأدب الإسلامي، و يهمنا أن يظل أدبنا بخير بغض النظر عن الأشخاص الذين لا قدسية لهم.
إن الأدب الإسلامي قوي تاريخا و حضورا و إبداعا، لكن بعضا من المتحمسين له يظنونه من الضعف إلى حد أن تضره أي نسمة هواء، و لو كانت مرسلة لدفع الأشرعة .. !
لقد ولد الأدب الإسلامي رشيدا، و لكنهم مازالوا يعدونه طفلا غريرا لا يستطيع أن يمشي وحده في طريق دون أن يزيلوا عنه ما يظنونه أحجارا و أشواكا.
إن بعض أنصاره يظنون كل صيحة عليهم، و يؤمنون بنظرية المؤامرةإلى حد مَرَضَيّ؛ فكل من تكلم أو أبدى نقدا فهو غاز لنا في عقر دارنا .. ! و هؤلاء يحسبون أنهم ينفعون الأدب الإسلامي و هم في الحقيقة يضرونه، و كل ما يحتاجه أدبنا تنقيته من نصوص تنسب إليه و هو منها براء، و لو أسكتنا أصوات الغيورين عليه عن طريق القدح في انتماءاتهم أو عقائدهم فلن نستطيع حتما إسكات التاريخ.
لقد تغير الزمان، و انحسر مد الحداثة، و هي أبرز خصوم الأدب الإسلامي، فهل نتخذ هذا زمانا مناسبا لمراجعة أنفسنا و عواطفنا، و تحديد ماالذي يحتاجه منا أدبنا و ما الذي هو في غنى عنه، و لا سبيل لنا من أجل هذا إلا بإمعان البصر و البصيرة في مثل هذه الأمور، و ألا نسقط في حمأة تقديس الأشخاص؛ فإننا عرفنا العشماوي بالأدب و لم نعرف الأدب به، أتمنى أن نفعل و ألا تأخذنا بنيات الطريق؛ فنفيق و قد ضيعنا في الصيف القضية .. !
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سامح]ــــــــ[13 - 02 - 2004, 08:35 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت أتأمل هذا الموضوع من بعد .. وانظر إلى عنوانه فأجده مثيراً
ثم أعود إلى الردود فأجدها واحداً .. ثم أرجع لأتعجب .. !!
لعل الكثير من زوار الموضوع رأوا اكتماله .. وقوة طرحه
فلم يجدوا مايضيفوا ..
كثير من المحاور .. حقيقة بالتوقف والتأمل والتمحيص
"
انتماءنا جميعا إلى أدب واحد؛ جميل مؤثر، و نظيف هادف يجعلنا مطالبين أن نبحث عنه و نناقشه فيما بيننا، دون أن نترك المجال للآخرين أن يحاكمونا و يشنقونا ظلما و عدوانا .. ! "
صدقت .. ولكن المشكلة هي التغاضي والتعامي عن عيوب آدابنا
والتزلف والمجاملة لكل مايكتبه ذوو الفكر الذي نشترك فيه
ويبقى الأدب هو الضحية .. التي تموت .. ويحتمي ذووها
بالآخرين دونها .. !!
"ابتداء يجب أن أؤكد أن هذا الطرح يمثل وجهة نظر شخصية جدا ترحب بالاختلاف و التقاطع وربما التصادم أحيانا مادام محكوما بما يعرف بأدب الحوار، و مادام الهدف منه الوصول إلى كلمة سواء فيما بيننا."
ولكن إن حضر المناقشون وفندوا .. !!
بالتأكيد سنصل إلى كلمة سواء:)
"لا ينفي الشاعرية (المجردة) عن العشماوي إلا جاهل بالشعر أو حاقد على الرجل نفسه، و لا يثبت للعشماوي الشاعرية (الفذة المطلقة) إلا جاهل بالشعر أيضا يعاني من سذاجة في التعاطي .. ! "
لابد أن يبرز هذين السطرين كي لاتقع في حبال المتعصبين
ثم كيف النجاة .. ؟: (
ويبقى العشماوي شاعر الأمة .. وإنسانها .. الذي لاتخلو أعماله من أخطاء
نحاول الوقوف عليها ليتجنبها .. ويرتفع أدبه .. دون أن يبقى واقفاً في نقطة
معينة ..
"كانت بداية العشماوي مثيرة و جميلة بما يكفي لأن ينال أسهما مرتفعة الثمن جدا في قلوب الناس الذين أحبوا توجهه "
السهام مميتة قاتلة .. هل كان شعر العشماوي كذا .. ؟
"و توظيفه شعره في خدمة قضايا يرونها جديرة بذلك "
وهي جديرة فعلاً بذلك ..
"لقد أسهم الإعلام (الإسلامي) في ضخّ مزيد من شهرة و صيت و تلميع لاسم العشماوي أكثر بكثير مما ناله الرجل بشعره أو بالأحرى مما يستحق أن يناله، و تعاضدت جميع فروع ذلك الإعلام؛ صحفا و مجلات و أشرطة مرئية و مسموعة- بحسن نية طبعا - من أجل دفع الرجل إلى الواجهات دائما، و أغرقته بالثقة متناسية (و ربما غير متوقعة) أن السحر ربما انقلب على الساحر .. ! "
جميل .. وأتمنى أن يضل الإعلام الإسلامي واقفاً في وجه نده الآخر ليبرز
أهله .. من مفكرين وعلماء وأدباء .. وليغرقهم بالتبجيل .. ولكن ليس لدرجة
المبالغة والإسراف التي تقتل وتميت وتبعث الملل.
"كان خطأ تاريخيا عندما تعامل هذا الإعلام مع العشماوي على أنه (داعية) لا على أنه (شاعر) و لأن جميع طرحه يخدم الدعوة - كما يرون - فقد احتفلوا به و بجلوه .. يومها أصبح العشماوي شاعرا منزها عن النقد، و أصبح أي متعرض لشعره - بغير كيل المدائح طبعا - مدسوسا على الدين، و محاربا للدعوة، وربما تجاوزوا ذلك إلى ماهو أدهى .. و التارخ يحتفظ ببعض الشواهد .. ! "
ربما لأن غالب الشعراء دعاة ضلال
فكان العشماوي معجزة .. وشيئاً غريباً استحق الاحتفاء ..
ولهم العذر .. ولكن يبقى التعقل وعدم الانجراف للعاطفة ضرورياً
لحفظ سمو ماندافع عنه.
"و لم يكن هذا الإعلام و أهله الطيبون هم السبب الوحيد في إسقاط شعرية العشماوي، بل كان هو نفسه سببا رئيسا في ذلك؛ ذلك أنه لم يحترم فنه و قراءه، و لم يقدر ثقتهم به، و لم يحاول تطوير أدواته الفنية و مواكبة اجتياحات الشعرية الحديثة، بل ظل مراهنا على المضامين المكررة التي ضمنت له الشهرة قديما، فاستمرأ الأضواء و اعتاد عليها دون أن يعبأ بشيء آخر، وواصل مسيرته الشعرية كما أرادت الشهرة لا كما أراد الفن، و أصبحت المطابع تقذف بالديوان تلو الديوان دون أن يقدم واحد منها جديدا يذكر؛ فالطرح هو الطرح، و اللغة هي اللغة، و الرؤية هي الرؤية، والمأساة أن الاحتفالية هي الاحتفالية .. !! "
ربما أن الأحداث هي هي .. لاتتغير
فلسطين لازالت تحت وطء الاحتلال
الدم المثعب .. الجراح الداثرة .. عرب منغمسون في الوحل ......
.. لايرى حدثاً جديداً يعبر عنه ..
لذلك أراني لاأجد حماساً للحصول على دواوينه واقتنائها .. فإن وقع
تحت نظري نص له قرأته .. وإن لم أجد .. لاأكلف نفسي عناء البحث
والجلب والقراءة ..
(يُتْبَعُ)
(/)
لكن أظن أن هناك قصائد احتوت روحاً جديدة له في السني الأخيرة بعيداً
عن قضية فلسطين ..
ألا ترى هذه الروح في مرثيته لابن باز -رحمه الله -
خفقان قلب الشعر أم خفقاني ..
وغيرها .. ؟
"
إن إفادة الشاعر من تجاربه و نصوصه الأولى أمر محمود و حسن مالم يكرر نفسه فيها، و يبقى على مستوى الرؤية و اللغة نفسها كما فعل العشماوي، و لنأخذ القضية الفلسطينية مثلا، و لنقارن بين ظهورها في شعره وظهورها في شعر درويش - بوصفه متبنيا لها كالعشماوي - سنجد فرقا مذهلا و مخجلا و محزنا أيضا .. !
إن الشاعر الجدير بالبقاء هو الذي يتقدم، و يتطور، و يفيد من تجاربه، و ينمي موهبته، ويثريها بكل جديد؛ ذلك أن المتلقي أيضا يتطور ذوقيا، فليس بالضرورة أن ما كان يهزه بالأمس ظل كذلك اليوم، بل ربما لم يحرك فيه شيئا، "
صحيح .. وللأسف كل مجدد محارب
ويُنْسَى أن التكرار والسير في طريق واحدة يبعث الملل والتذمر
"لكي يكون كلامنا ذا ثمرة يجب التأكيد على أن العشماوي إنما يمثل لبنة من لبنات الأدب الإسلامي، و يهمنا أن يظل أدبنا بخير بغض النظر عن الأشخاص الذين لا قدسية لهم. "
ونحن نقدس هذا الحوار .. ونحفل به .. لاشتراكنا جميعاً في هذا الهدف وهذا الاهتمام.
"لقد تغير الزمان، و انحسر مد الحداثة، و هي أبرز خصوم الأدب الإسلامي، فهل نتخذ هذا زمانا مناسبا لمراجعة أنفسنا و عواطفنا، و تحديد ماالذي يحتاجه منا أدبنا و ما الذي هو في غنى عنه، و لا سبيل لنا من أجل هذا إلا بإمعان البصر و البصيرة في مثل هذه الأمور، و ألا نسقط في حمأة تقديس الأشخاص؛ فإننا عرفنا العشماوي بالأدب و لم نعرف الأدب به، أتمنى أن نفعل و ألا تأخذنا بنيات الطريق؛ فنفيق و قد ضيعنا في الصيف القضية .. ! "
صدقت ..
سيكون أدبنا بخير إن تعاضدنا على تحديد مايحتاج وماهو في غنى عنه
وعملنا من أجل ذلك .. وكنا أكثر عقلانية وتبصراً في تعاملاتنا ونقاشاتنا
لكي نجتمع على تحقيق الأهداف .. ونعمل لما يرضي الخالق عنا .. لاعن
مايرضي الناس عنا .. ,,
قد أكون تبجحت بالرد حين فعلت
فلم أقدم شيئاً .. ولكنني أردت للحوار أن يمتد
ويستمر وأتمنى أن لاأكون ممن يحسبون أنهم يحسنون صنعاً وهم غير ذلك .. ,,
شكراً لك
و (اسمح لي أن أقول لك بأن طرحك يملأ العين كما تملأ الشمس العين)
:)
تحياتي لكما
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[العاطفي]ــــــــ[12 - 02 - 2005, 07:58 ص]ـ
;) ;) ;) ... غفر الله لك يا ابن الشمس!!!
خمسة عشر شهرا .. ولم تجد علينا بسوى تسع مشاركات؟!!
وددت والله أني أجد لك كل يوم مشاركة بمثل هذا الطرح المتماسك والذي لا يخلو من الحِدة والقسوة - أحيانا - ..
حقا كما ذكر أساتيذنا سلفا: طرح (يملأ العين) .. وإن كنت أمارس حقي المشروع في المخالفة أحيانا ولكن هذا لا ينقص من إعجابي بهذا الطرح الجميل ..
أيها الكرام ألا تظنون أنه يتوجب علينا إعادة النظر في تحديد مفهوم الأدب الإسلامي لأني أجدني غير مقتنع بمفهومه المتداول الى حد كبير .. بل إنني أظن أننا نخنق أنفسنا ببعض المفاهيم التي تصاغ كردة فعل للاتجاه الآخر دون عودة لما كانت عليه نظرية الشعر في عهد النبوة والصدر الأول من الإسلام والتي تمثل إسلامية الأدب في أجلى صوره ..
حقا!! ألسنا بحاجة إلى إعادة صياغة نظرية الشعر الإسلامي أو أسلمة الشعر؟
عذرا فقد أقحمت نفسي جزافا في مكان ليس لي، ومن الإخوة الكرام انتظر التوجيه والتعليق ..
ودمتم سالمين ... العاطفي
ـ[ابن الشمس]ــــــــ[16 - 02 - 2005, 07:22 م]ـ
أخي العاطفي ..
أشكر لك حسن ظنك .. و أرحب كثيرا باختلافك و اتفاقك و تقاطعك و جميع مستويات تداخلك ..
أعترف أنني مقصر مع الفصيح .. و عذري ألا عذر لديّ .. !!
بيد أني أحمل أهل المكان مسؤولية - و لو جزئية- ذلك أن تجاوبهم مخيب و محبط .. و لولا بقية من أبي محمد و سامح و منك و من بعض المميزين هنا لماتت موضوعاتي ظمأ و سغبا
و مع ذلك كله ..
فلست أخفيك تفاؤلا يغمر روحي بقادم أجمل ..
دمت و دام قلمك ..
ـ[ذو شجون]ــــــــ[07 - 03 - 2005, 02:41 م]ـ
سأكتب أول ردودي التي أرجو أن لا تُغضب أحدا إن كان مختلفا معي في الرأي ....
أعتقد ان الحماس الكبير والجماهيرية التي التفّت حول شاعرنا العشماوي كانت لقلّة المتوجهين توجهه .. خاصة في بداياته ..
لنعد إلى الوراء ونتذكّر ..
ولنلقي نظرة على الدواوين ذات التوجه الخيّر (الإسلامي) على أرفف المكتبات، ونقارن!!
هذا من جهة ..
الجهة الأخرى أحيانا ألحظ أن قصائده ميتة عاطفيا .. التفاعل من القراء يكون من أجل قضية قلّ من يكتب عنها ..
الشيء الذي أريد أن أتحدث عنه قبل ختامي هو حديث أخي (أبو محمد) عندما تساءل -وحق له- عن الأدب الإسلامي، وما هي حدوده ..
للأسف أن بعض القائمين على هذا الأدب يريدون جعله منافساً للمذاهب الأدبية السابقة .. رافضا كل ماعداه من آداب ..
لوكان أساتذتنا يحاولون الاستفادة من هذه التوجهات وجعل الأدب محددا من ناحية المضمون لكان ذلك أخير، ولجعل الأدب أكثر انتشارا وتمددا مما هو عليه .. أما من ناحية الشكل .. فلا مانع من تنوّع الأجناس الأدبية، والقوالب الشعرية بلا تزمت ينفّر من هرا الأدب الملتزم؛ الذي من المفروض أن يكون هو أدبنا كلنا بعيداً عمّا يسمم أفكارنا نحن وأبناءنا ..
يبقى مجرد رأي قابل للخطأ والإصابة ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ذو شجون]ــــــــ[10 - 03 - 2005, 07:57 م]ـ
الوساطة بين العشماوي وخصومه .. :):):):):):)
http://alsaha.fares.net/sahat?128@146.EQ0PqbxBkJk.40@.1dd62c4c
ـ[السوسني]ــــــــ[22 - 04 - 2005, 10:33 م]ـ
ابن الشمس
أعجبني نقدك المتوازن:
(((لا ينفي الشاعرية (المجردة) عن العشماوي إلا جاهل بالشعر أو حاقد على الرجل نفسه، و لا يثبت للعشماوي الشاعرية (الفذة المطلقة) إلا جاهل بالشعر أيضا يعاني من سذاجة في التعاطي .. !)))
صدقت، ولقد قرأت مقالك فأعجبت به، ولا زلت أرى أنَّ الرجل أُعطي أكبر من حجمِه،بل لقد لُمِّع وارتقى هو في ضوء التلميع، ليس لأنه الأحسن مطلقًا، لكن ...
لقد سمعت لشعراء مغمورين ممن هم على نهج العشماوي فيما يُسمى بالأدب الإسلامي، ورأيت شعرًا عجبًا في اختيار الكلمة، وجودة النظم، وعفوية الإلقاء، وحلاوته على المسامع.
أما الأستاذ الشاعر العشماوي فلا ينفك من التكلُّف والتصنُّع حتى في الإلقاء.
ولقد كنت حضرت محاضرة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، فأُلقيت قصيدتان:
القصيدة الأولى للدكتور احمد التويجري رئيس قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الملك سعود آنذاك، وكان إلقاءً عفويًّا، وكلمات تنبض بالحيوية والصور الحية، والبلاغة المثيرة، بدأها بقوله:
دم المصلين في المحراب ينهمر،** والمسلمون لا رجع ولا أثر.
والقصيدة الثانية للعشماوي، وكانت بعنوان هارون الرشيد، وقد بدا في الإلقاء التكلُّف، والقصيدة كانت ضعيفة ليس فيها روح تدبُّ.
ومنذ تلك اللحظة سمعت أنَّ هناك من يقول الشعر غير العشماوي، ولا زلت بعدها أتتبع شعر التويجري، فإذا به خفة وملاحة لا أجدها في شعر العشماوي.
والموضوع ذو شجون، وللنقد فنون وفنون.
هذا رأيي الذي أرتضيه لنفسي، ولست بملزم به غيري، فأنا أقول ما أراه صوابًا، وليس على أن تقتنع به، سلمت براجمك يابن الشمس، ولا عدمنا النقد الهادف المتوازن.(/)
سؤال عن شعر النثر ..
ـ[الجمال الباكي]ــــــــ[07 - 02 - 2004, 03:55 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوتي وأخواتي لي سؤال عن الشعر النثر!
ما هو الشعر النثر ... للأن حين اقرأ هذا النوع من الشعر لا أستوعبة: rolleyes:
هو لا يتحدد بقافية وذلك ما لاحظتة لكن هل يلتزم بوزن أو لا؟
أشعر أن هذا النوع من الشعر ليس له انتماء رغم قله خبرتي: confused:
اختكم
ـ[زكي النصر]ــــــــ[09 - 02 - 2004, 06:16 ص]ـ
أختي الفاضلة / الجمال الباكي
تحية طيبة معطرة بعبير المودة والإخاء والمحبة والوفاء .. أما بعد:
الشعر المنثور أو شعر النثر هو أحد أقسام (الشعر الحر)
والشعر الحر ينقسم إلى قسمين:
- شعر التفعيلة:
وهو شعر يتقيد بالوزن دون القافية، وهو ليس على بحور الخليل، وإنما يلتزم تفغيلة واحدة متكررة في كافة مقاطعه.
- شعر النثر أو الشعر المنثور:
وهو شعر لا يتقيد لا بالوزن ولا بالقافية، وإنما يميزه عن النثر (كما يدعي أصحابه) وجود الصور والأساليب البلاغية.
وأنا حسب رأيي المتواضع قد أقبل بشعر التفعيلة أما الشعر المنثور فلا أقبله، فالشعر شعر والنثر نثر، وليس هناك وسط بينهما، ويمكن أن نطلق على ما يسمونه شعر النثر مسمى (خواطر) فهي أقرب له من مسمى الشعر.
ولك مني أجمل تحية.
أخوك / زكي
ـ[الجواد]ــــــــ[28 - 04 - 2004, 01:23 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
الشعر المنثور هو أحد جوانب التيار الحداثي وهو أقواها .......
وقد كتبت موضوعًا في منتدى النقد تحت عنوان
(اللغة وهجوم الحداثة)
أتمنى أن تجد فيه الإجابة على تساؤلك ....
كما أنني أنتظر رأي بقية الأعضاء حول هذا الموضوع ... وأرحب بكل من يخالفني أو يوافقني ...
إذ أن هذا المنتدى مليئ بالمتبحرين الذين هم مراجعنا وملجؤنا في في علوم اللغة
فإلى
منتدى النقد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الجواد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالجواد
ـ[ابوعبدالله الهذلي]ــــــــ[19 - 03 - 2007, 06:47 ص]ـ
السلام عليكم وبعد يبدو لي أن السؤال عن قصيدة النثر وليس الشعر المنثور لكن لابأس سأتحدث عن الأشكال الحديثة بصورة عامة.منذ مطلع الستينيات من القرن الماضي والشعر العربي يخوض تجارب جديدة علي صعيد الشكل والمضمون متأثرا بالادب الغربي حيث ظهرشعر التفعيلة اومايسمى بالشعر الحر علي يد مجموعة من الشعراء علي خلاف في مسألة الريادة فيما بينهم والصحيح لعدم الاطالة ان الريادة في هذا الشكل كانت لشعراء العراق وعلي وجه التحديد لبدر شاكر السياب الذي نشر لأول مره ديوان أزهار ذابلة سنة 1947م والشاعرة نازك الملائكة التى نشرت قصيدتها الكليرا في نفس العام ومن الشعراء الرواد ايضا بلند الحيدري وأدونيس وغيرهم كثير, وهذا النمط من الشعر عرف أولا بغرابة شكله حيث خرج علي قواعد العروض العربي التى وضعها الخليل والتى تحافظ علي ترتيب الأوزان داخل القصيدة علي سبل المثال لونظرنا الى اي قصيدة عامودية>تسمية اكتسبتها القصيدة القديمة بعدظهور الشعر الحر< ولتكن معلقتة طرفة تجد انها تسير علي سنن العروض فهي من بجر الطويل واوزان هذا البحر فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن ............ تسير القصيدة من أولها الى اخرها على هذا. أما الشعر الحر فلا لانه يخرج علي هذا النظام وليس له ميزان محدد لان كل قصيدة لها عروضها الخاص أن صح التعبير.قلت انها تخرج عن انظام المعهود في الشعر القديم وتكتفي من عروض الخليل بالتفعيلات ولا تلتزم بالترتيب فقد تتكررمثلا تفعيلة مستفعلن في قصيدة مرتين في السطر الاول وثلاث في الثاني وسبع في الثالث, اما في القصيدة القديمة فأن هذه التفعيلة أذا كانت منفردة اي جاءت وحدها فأن البحر يكون من الرجز وتتكررالتفعيلة في الرجز التام أربع مرات في الشطر اي ثمان مرات في البيت ولا تخرج في التام عن هذا <يمكن لمن أرد ان يطبق هذا علي قصيدة انشودة المطر للسياب من الشعر الحر ليقف علي الاختلاف فأنها جاءت على التفعيلتين التاليتين مستفعلن فاعلن ,لكن الشاعر لايلتزم بنظام البحر القديم وهو البسيط الذي تتكررفيه التفعيلتان مرتين في الشطر بل تجد قصيدته تكرر التفاعيل حسب ماذكرت سابقا اي بدون نطام>.والفرق بين الشكلين واضح بعد هذا العرض القصيدة القديمة تقوم علي نظام البيت وعدد مايتكرر فيه من تفعيل أما الاخرى فتقوم علي نظام السطر وليس البيت والذي يتحكم في عدد التفعيلات هنا هو التدفق العاطفي أو الشعوري .. وأذا انتهينا من الشعر الحر ندخل فضاء قصيدة النثر وهي أحد الأشكال المستحدثة في أدبنا العربي جاءت مع موجة الحداثة الغربية من أهم روادها بدون حصر أدونيس أنسي الحاج له فيها ديوان اسمه >لن> تقوم على التخلي عن الوزن والقافية ولاتفسح مجال للموسيقى الخارجية علي وجه العموم وتكتفي بالموسيقى الداخلية الناتجة عن ترابط الكلمات والحروف. تعتمد بالدرجة الأولى علي تكثيف اللغة بدرجة عالية جدا حتي يصل الايحاء فيها احيانا الي حد الغموض ولاشك أن اصحابها ينظرون الي الغموض بوصفة سمة جمالية وربما كان أجمل جوانبها الرؤية الشعرية العميقةالتى تعد روح هذا الشكل. ولكن للأسف أغلب هذه الرؤى تحمل توجهات معادية للاسلام وكل مايمت له بصله هدى الله الجميع للصواب. واخيرا أسف علي الاطالة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبوعمار الأزهري]ــــــــ[06 - 05 - 2007, 11:06 م]ـ
......................................
ـ[حسن الغالبي]ــــــــ[14 - 06 - 2007, 08:56 م]ـ
الجمال الباكي
تحدث من تحدث قبلي
فيما ورد السؤال عنه وبما أنني
شاعر عربي كتبت الشعر على طريقة
الخليل بن أحمد التي تلتزم بالبحر الواحد والقافية
الواحدة وهذا تراثنا الرائع الذي لا يمكن أن نقبل التعدي
عليه بأي صفة كانت إلا أن أغراض الشعر الحديث
قد فرضت على كثير من المهمومين بقضايا
الحيوية والتي لا تقبل التجزئة وقد يكون
البحر الواحد عائقا دون الولوج إلى
تفعيل التأثير النفسي وكذلك
القافية الواحدة وقد نجد
الكثير من الإقواء
والخروج غير المبرر عن لزومية الفعل
وتشتت القصد بسبب القافية أو البحر الواحد
وشعر التفعيلة يعطيك الحرية في السباحة في بحور
الشعر كما يطيب لك مع الإلتزام بموسيقى الشعر والانعتاق من
قيد القافية الواحدة على جمالها إلا أن الهدف والصورة الشعرية
في تصوري أهم من الشكل ولعلمكم أنا لست ناقدا ولم يكن لي فيه
مراس أي النقد ولكنني أعجبت بالقصيدة الحديثة التي تجعلني أتنقل بين
بحور الشعر وأنا أبوح بهمي وما أعاني دون عقبات ليست ضرورية
ـ[حسن الغالبي]ــــــــ[14 - 06 - 2007, 09:18 م]ـ
الجمال الباكي
تحدث من تحدث قبلي
فيما ورد السؤال عنه وبما أنني
شاعر عربي كتبت الشعر على طريقة
الخليل بن أحمد التي تلتزم بالبحر الواحد والقافية
الواحدة وهذا تراثنا الرائع الذي لا يمكن أن نقبل التعدي
عليه بأي صفة كانت إلا أن أغراض الشعر الحديث
قد فرضت على كثير من المهمومين بقضايا
حيوية والتي لا تقبل التجزئة وقد يكون
البحر الواحد عائقا دون الولوج إلى
تفعيل التأثير النفسي والشعوري
وكذلك القافية الواحدة وقد
نجد الكثير من الإقواء
والخروج غير المبرر عن لزومية الفعل
وتشتت القصد بسبب القافية أو البحر الواحد
وشعر التفعيلة يعطيك الحرية في السباحة في بحور
الشعر كما يطيب لك مع الإلتزام بموسيقى الشعر والانعتاق من
قيد القافية الواحدة على جمالها إلا أن الهدف والصورة الشعرية
في تصوري أهم من الشكل ولعلمكم أنا لست ناقدا ولم يكن لي فيه
مراس أي النقد ولكنني أعجبت بالقصيدة الحديثة التي تجعلني أتنقل بين
بحور الشعر وأنا أبوح بهمي وما أعاني دون عقبات ليست ضرورية
ـ[داوود أبازيد]ــــــــ[18 - 06 - 2007, 09:14 ص]ـ
الحقيقة أنكم تكبرون الأمر بالمصطلحات الضخمة (الحداثة .. الحداثية الشعر المنثور النثر الشعري ... إلخ .. ) والأمر كله كما اختصر الأعرابي كتاب الحيوان للجاحظ (كل أذون ولود وكل صموخ بيوض)
ألا ترون معي أن الذي يفرق بين قصيدة النثر والشعر المنثور كمن يفرق بين أرض السماء وسماء الأرض .. فمن حيث المبدأ تقوم هذه المدرسة على تناقض فاضح، يخلع عنها اسم المدرسة، وهو التناقض بين الشعر والنثر وجمعهما في بوتقة واحدة .. فلا يمكن للنثر أن يكون شعرا، ولا الشعر يكون نثرا .. هذا غير معقول ولا مقبول .. عدا عن أن مصطلح الحداثة والحدثنة والمعاصرة والعصرنة وما يتوالد منها، فوق أنه أجوف لا قيمة له، فهو مصطلح يحمل في طياته بذور موته؛ لأنه كما قال ابن قتيبة من ألف عام أو يزيد، وقد كررت هذا مرارا (كل قديم كان جديدا في زمنه، وكل جديد سيصير قديما) فلنعد إلى نبع الشعر والأدب والنقد الصافي، بعيدا عن هذه الفلسفات والخزعبلات الحديثة (والبعككات العصرية)
ولقد كان نقاد العصر الحديث من الكلاسيكية إلى العصرنة يعيبون على النقاد والشعراء القدماء كالمتنبي والمعري أنهم أدخلوا الفلسفة في أدبهم، فإذا بهؤلاء المعصرنين يأتون بما هو أدهى فيدخلون في النقد أبشع تعقيدات وغموض الفلسفة الحديثة والأساطير القديمة .. وبهذا يصدق فيهم المثل العربي الفصيح الصريح (رمتني بدائها وانسلت) ولكنهم لسوء حظهم لم يستطيعوا الانسلال، فكان أمرهم فرطا .. والله أعلم ..
ـ[حسن الغالبي]ــــــــ[30 - 06 - 2007, 05:31 م]ـ
داود أبا زيد
الشعر يعرفه الشعراء
والنقاد الفنيون اختلفوا على
جماليات القصيدة التي تستطيع
تصوير الأحاسيس والمشاعر الإنسانية
أجمل تصوير، والتحديث في أي فن من
الفنون ليس عيبا، ولا حراما، فقط القرآن الكريم
والأحاديث الشريفة هي التي يحرم التعديل والتحريف فيها،
أما القوانين التي وضعها أناس مثلنا، فمن حقنا أن ندخل عليها
ما يخدم توجهاتنا، وتطلعاتنا، ومقاصدنا، وانفعالاتنا، وقضايانا
لأن القضايا الحديثة تحتاج الشعر الحديث بقوة لأنه الوحيد الذي
يستطيع تشريح القضايا، وخدمة الفكرة، والهدف، أما
القصائد الكلاسيكية، فهي محدودة المعالجة، وكثير
ما كان يلوى عنق النص لكي يستقيم الوزن،
أو لكي لا يحدث إقواء بالقافية، على
حساب الفكرة والهدف، والتذوق
الشعري ليس وقفا على أحد
أو فئة، ولكل رأيه بأدب، والذي يقول
أن الشعر الحديث يخدم المتشاعرين فإنه على خطأ
لأن من ألم بقواعد الشعر التي وضعها الخليل بن أحمد
الفراهيدي للشعر العربي القديم يستطيع أن ينظم نظما ليس
للشعر فيه ناقة ولا جمل، كالمديح، والهجاء، والمتحذلقون
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[قطرة ندى]ــــــــ[01 - 07 - 2007, 05:27 ص]ـ
التحديث أخي الفاضل لا يكون بفقد هوية المادة المحدثة.
فلو انت مثلا قمت بتحديثات لمنزلك فإنه لا يزال منزلك القديم فالأساس لم يتغير
إنما لو أنت هدمت الأساسات وقمت ببناءه مرة أخرى فلن نستطيع القول أنه منزلك القديم بل هو بناء جديد اختلف تماما عن القديم لأنك استخدمت مواد جديدة وأزلت كل ما يتعلق بالقديم.
ولو أخطأت في أساساته سرعان ماتجده يخر أمام عينيك.
فهذا فن أدبي جديد له من الميزات ما يفرق بينه وبين الشعر.
فقد وجد هذا الفن صداما مع الذائقة العربية من حيث إطلاق مسمى الشعر عليه.
لكن يبقى أن نقول: (لولا اختلاف الأذواق لكسدت البضاعة في الأسواق)
ولاننسى فالذوق حق لكل إنسان.
ـ[حسن الغالبي]ــــــــ[04 - 07 - 2007, 01:01 ص]ـ
قطرة ندى
نفسي أقرأ نقدا
فنيا يريح هنا، لأننا
خرجنا عن الأحاسيس
والمشاعر إلى البناء والتعمير
ولا مقارنة هنا بين ترميم منزل
وتعبير شعوري يقوله شاعر عرف
الشعر القديم ونظمه وطاب له التعبير
بما يستحسن فأين المشكلة.؟، فقواعد
الشعر العربي الكلاسيكي نحترمها ولا شك
أنه من تراثنا الذي نعتز به، ولكن المعالجات
الشعرية الحديثة ومعاناة الناس اختلفت عن اهتمامات
أسلافنا يرحمهم الله، فالقضايا التي تعالج الآن غير تلك
ـ[قطرة ندى]ــــــــ[18 - 07 - 2007, 03:58 م]ـ
اخي الكريم لو تمعنت قليلا في كلامي لما وجدت رفض التجديد لكن المطلوب أن يكون مما يفهم ويتناسب مع الذائقة العربية التي تأبى العبث فلو كان له فكره وهدف وكُتب بطريقة جميلة فلا ضير:: فلا نريد المخالفة لمجرد المخالفة ولا التجديد من أجل الشهرة، إنما نريد ماهو أرقى وأسمى فكرة ومضمونا، قلبا وقالبا::
هذا مجرد رأي وللجميع حرية القبول والرفض::
ـ[محمد أبو النصر]ــــــــ[20 - 07 - 2007, 08:07 م]ـ
أيها الأدباء رفقًا بنا
فليس كل من يقرأ يكتب!(/)
الازدواج والتوازن
ـ[بنت الضاد]ــــــــ[13 - 02 - 2004, 12:23 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل عام وأنتم بخير ..
كل الكلمات تعجزعن وصق هذا المتندى الرائع، الذي يعد من أفضل المراجع التي أعود إليها حين أحتار في أمر ما ..
ولدي تساؤل مهم ..
ما المقصود بالتوازن؟
وما المقصود بالازدواج؟؟
وما المقصود أيضاً بالترادف الصوتي؟؟
مع الشكر الجزيل لكل من يساعدني في ذلك ..
آملة ذكر بعد المراجع البلاغية التي تفصل في إيضاح الإيقاع الموسيقي ومصادره.
;) ;) ;) ;)
ـ[سامح]ــــــــ[13 - 02 - 2004, 07:00 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً بكِ أختي الكريمة
التوازن أو الموازنة هي أن تكون كلمات الشطر الأول أو أكثرها متوازنة
مع مايقابلها في الشطر الأول.
وهي نوع من أنواع السجع .. في علم البديع من البلاغة العربية
عرض له الخطيب القزويني في كتابه الإيضاح.
مثاله قول ابن خفاجة:
ولاطم من نكب الرياح معاطفي .. وزاحم من خضرِ البحار جوانبي
وقول أبي تمام:
مها / الوحشِ / إلا / أن / هاتا / أوانس
قنا / الخط / إلا / أن / تلك / ذوابل
........
الازدواج ..
لاأعرفه .. لكن ربما يكون كالموازنة والتوازن
ففي البديع (المزاوجة) وهي:أن يزاوج بين معنيين في الشرط والجزاء
كقول البحتري:
إذا مانهى الناهي فلجّ بيَ الهوى / أصاخت إلى الواشي فلجّ بها الهجرُ
وقوله أيضاً:
إذا احتربت يوماً ففاضت دماؤها / تذكَّرَت القربى ففاضت دموعها
******
الترادف الصوتي .. سأحاول البحث عنه.
أنصحكِ بمعجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب .. لمجدي وهبة +كامل المهندس
سيفيدكِ حتماً .. للأسف أنني الآن لاأملكه .. وإلا كان بإمكاني إفادتكِ ..
طيب المراجع البلاغية منها:
موسيقى الشعر لإبراهيم أنيس .. أظنه أهم مرجع يعني بالإيقاع الموسيقي
وهناك:
التمثيل الصوتي للمعاني .. للدكتور حسني عبد الجليل يوسف
جيد .. ويعتمد كثيراً على موسيقى الشعر .. لكن فيه تطبيقات جميلة.
الأسس الجمالية للإيقاع البلاغي للدكتورة ابتسام حمدان
كتاب قيّم .. فيهِ عرض متكامل وشيق للإيقاع الموسيقي وتطبيقات جيدة
عضوية الموسيقى في النص الشعري للدكتور عبد الفتاح صالح نافع
أيضاً من أروع الكتب التي تعرضت للإيقاع الموسيقي .. وطرحته بطريقة
مبتكرة ومفيدة.
* هذه أبرز الكتب التي قرأتها .. واعتمدت عليها في بحث سابق
هناك الكثير .. ولكنني لاأستطيع إدراجها وأنا لم أقرأها وأطلع عليها
وأيضاً غالبها منحسر في المكتبات التجارية هنا في السعودية .. !!
أتمنى أن أكون أفدتكِ ولو بالقليل ..
تحياتي لكِ
سعيدون جداً بانضمامكِ لنا
بوركِ فيكِ
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[بنت الضاد]ــــــــ[13 - 02 - 2004, 11:47 م]ـ
لك مني جزيل الشكر أيها الأخ الكريم
نفع الله بك وبعلمك.(/)
الله يجزاكم خير ابي مسااعده!!
ـ[ريم 2004]ــــــــ[18 - 02 - 2004, 06:39 م]ـ
هلا فيكم،،
أنا ععندي موضوع بحث،،
يعني بعطيكم مقاله وياليت تنقدونها لي،، ابيها ضروري ابي النقد يكون في اسلوب الكاتب،،
تكفون لاتردوني،،
وهذا المقال،،
اليتيم هو من فقد حب من يحبهم وتخلوا عنه،،هو الذي أتى إلى هذه الدنياوهو وحيد، لجأ منذ طفولته البريئه إلى صدر حنون يختبئ به من خشونة القدر،فوجد الإهانه تلزم دربه،،
اليتيم كذلك من سقط في بئر من الظلم فحاول أن ينشر البسمه والفرحة لمن حوله لكنهم قدموا له الدمعه المتساقطه كشلال بحري في الطرقاات ..
اليتيم هو الذي أعطى الحب والإخلاص فوجد الكراهيه والخيانه في المقاابل ..
هذا هو اليتيم هو الإنسان الذي تسد في وجهه كل أبواب الحب والمودة،،
اابي ضروري،،
تحياتي
ـ[أوراق شاعر]ــــــــ[02 - 05 - 2005, 11:25 م]ـ
المستوى اللفظي لهذه المقالة بسيط جداً وأن كان يعبر عن المقصود وهذا لايخفى وكذلك نرى تكرار كلمة يتيم وهذا يعد من الصور البديعية لاثبات الاثر النفسي لهذه اللفظة البسيطة ومدى تاثر الانسان بها نلحظ التعبير بهاءالغائب وهذه دلالاة اكيدة على مستوىالشعور داخل هذا الغائب بالاسى نجد التشبيه وهذا يجسد لنا شيء ويستنطقه ويجعله حاضرا لدينا بكل معانيه بصراحة عبرت بالفاظ موجزة ولكنها لم تصل لمستوى ذاك اليتيم ... المقالة موجزة جدا ولا تعد مقالة بقدر انها تعد خاطرة سريعة لشخص جاشت عاطفته بتلك المعاني ومعذرة لتلك القسوة تقبلو فائق تحياتي(/)
اللغة وهجوم الحداثة
ـ[الجواد]ــــــــ[27 - 04 - 2004, 02:45 م]ـ
اللغة وهجوم الحداثة
كتبت هذه الكُليمات بعد طول تردد وعمق تفكير؛ فما بين آونة وحين, تراودني نفسي بالكتابة, ويقفز القلم بين أناملي, وتستلقي الأوراق على طاولتي, وما إن يقبل اليراع خد الأوراق إلا ويقشعر جلدي ,ويؤنبني ضميري؛فلست ملمًا بتفاصيل هذا الموضوع ـ اللغة وهجوم الحداثة ـ ولا مستوعبًا لكل ما قرأت عنه. فهو موضوع ضخم كبير.لا يستهان به في الأهمية والعمق والاتساع ......
على كلٍ فقد تجرأت ودونت ما توصلت إليه .... وقسمت الموضوع إلى ثلاثة أقسام:
1 - اللغة: وتناولت فيه أهمية اللغة ومكانتها وفضل القرآن عليها, وتعداد لبعض المحاولات الاستعمارية اهدمها وأتباعهم من العرب ....
2 - الحداثة: وتناولت فيه مفهوم الحداثة وغربية مولدها وفكرها, والهدف منها , ونبذها لكل ماهو قديم بما في ذلك اللغة والدين .....
3 - اللغة وهجوم الحداثة: وهو جزء يتضمن بعض المقولات والاعترافات لأصحاب الحداثة ومن أفواه أبنائها, وتصريحهم الصارخ, وحربهم للغة وتطرفهم في ذلك.حتى غضب عليهم بعض الغربيين وأنكروا عليهم!! وطالبوهم بالاستقلال في الفكر, وخلق شخصية منتجة للفكر لا مستهلكة لكل فضلات الفكر الغربي.
اللغة
للغة العربية مكانة سامية ومنزلة رفيعة في نفوس أبنائها, وفي نفوس المسلمين في شتى أنحاء المعمورة ,فهي بالإضافة إلى كونها اللغة الأم لما يربو على مئة وستين مليونًا من المسلمين العرب؛فإنها لغة القرآن الكريم الذي تشرفت به, وكان سببًا في نمائها وانتشارها وحمايتها (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وقد اختار الله عز وجل هذه اللغة العربية لتحتوي كتابه الكريم لما تتميز به من مرونة واتساع واشتقاق ونحت وتصريف وترادف ..... بالإضافة إلى الغنى في المفردات والصيغ والأوزان. يقول العقاد " فإذا قيس اللسان العربي بمقاييس الألسن فليس في اللغات لغة أوفى منه بشروط اللغة في ألفاظها وقواعدها .... "
لقد لفتت هذه العلاقة المتينة بين اللغة العربية والإسلام أنظار الأعداء ففكروا الهجوم على اللغة وبالتالي إبعاد الناس عن القرآن الكريم والدين الإسلامي حيث يستغلق عليهم فهم الآيات وينعدم تأثيرها عليهم , فلا يطبقون مالا يفهمون وتضعف شوكتهم ويسهل غزوهم الفكري والعسكري ..... بدؤا بالمصريين فدعوهم إلى العامية وحاولوا إقناعهم فكان لهم أتباع مثل: سلامة موسى. أحمد لطفي السيد ... ودعوا إلى إلغاء الحرف العربي في الكتابة وإبداله باللاتيني فكان لهم أتباع مثل: فريد أبو حديد, أمين الخولي .... ودعوا إلى تطوير اللغة وجعلوه شعارًا لهم فكان لهم أتباع مثل: طه حسين وغيره .... (1)
ولعل أخطر الدعوات وآخرها هي الدعوة إلى الحداثة والإيهام بجمالها وأنها خاصة بأهل اللغة والعلم ,والذين يستطيعون فهمها لوحدهم, إنها دعوة لصفوة الأدباء والمثقفين واستقطاب لأهل العقل والعلم ......
الحداثة
"الحداثة في اللغة: مصدر حدث. وهي تعني نقيض القديم.وتعني أول الأمر وابتداؤه, وتعني كذلك الشباب وأول العمر" (2)
ومن هذا الضلال أخذت جاذبيتها وجمال لفظها, فهو لفظٌ يوحي بطلاوة الجديد والرغبة الملحة في التطوير والتجديد, ولكن رفع الشعار وترديده لا يعني صحته, فالحكم على صحته وجودته يتضح من مسلك كتاباتهم وتوجهاتهم العامة, وا لحداثيون يحاولون الهرب من المصارحة بأفكارهم فيتجهون إلى الغموض واستخدام الرموز واستلهام الألفاظ الضبابية لكن سقطات اللسان أو العناد وربما الملل من الانتظار يجعلهم يصرحون ......
من الملاحظ مؤخرًا أنهم أصبحوا يعلنون عن أفكارهم ويكشفون عن نواياهم من منطلق أن الهروب كان في البداية ,وأما الآن فلا مانع من الإعلان المعمم داخل القوالب الأدبية وخاصة الشعرية .....
بيد أن المتأمل لكتابات أهل الحداثة يستطيع أن يشخص الحداثة ويعرفها ,ومن تعريفات الحداثة أنها تعني:
"الانسلاخ من التقليدي في حياة الفرد والمجتمع فكرًا ونظمًا وعلاقات وأنماط حياة متنوعة ,والتحلي بدلاً منها بجديد مغاير" (3). وغالبًا ما يكون هذا الجديد ـ عندهم ـ هو ما عند الغرب ,وهذا ما اعترفوا به ودعوا إليه وتفاخروا به.
(يُتْبَعُ)
(/)
إذن فالحداثة ثورة ضد القديم وضد التراث وضد الأخلاق وضد اللغة, وسوف يتضح ذلك للقارئ العادي عندما يتتبع مقولاتهم وتصريحاتهم ,فأشعارهم وأقوالهم مليئة بسب التراث ككل والنيل من اللغة والدين بالذات, وأما الأخلاق فقصائدهم تضج بالعهر والعري والخطيئة والخمر وغيرها ,وأما اللغة فقد حرصوا على إهانتها وإفساد روعتها والتلاعب بقواعدها ومعانيها وإليك توضيح ذلك:
اللغة وهجوم الحداثة
كثيرًا ما يردد الحداثيون شعاراتهم المعروفة والمعلنة, وأنهم جاؤا في الأدب واللغة والشعر, وأنهم يريدون الوصول بالعرب إلى ساحة الأدب العالمي, وقالو كذلك أنه لابد من سماع الرأي الآخر والأخذ من ولابد من المثاقفة والأخذ من عباقرة الغرب ,ولعله من نافلة القول دعوتهم إلى نبذ التراث ونبذ الجمود وأنهم ضد الأشكال والأساليب المحنطة, والتعابير المبسطة الممجوجة, والتشبيهات المفهومة حتى لدى الأطفال.ولعل أبرز سمات هذا الأدب الجديد الدعوة إلى الغموض وإلغاء المعاني والربط اللفظي للنص دون المعنى واستخدام الرموز والإيحاءات (4) ,ولعلي أورد بعض مقولاتهم في ذلك.
يقول أدونيس:"فإن القصيدة الجديدة ... تركيب جدلي لانهائي بين هدم الأشكال وبنائها " ويقول:"الشاعر يطمح أن يكون وأن يبقى ضد التقليد الثابت"
"تجاوز الماضي ... الأشكال والمقاييس والمفاهيم التي نشأت عن أوضاع وحالات مرتبطة بزمانها ومكانها وبات من الضروري أن يزول فعلها"
"لقد انتهى عهد الكلمة الغاية ... فتفرغ الكلمات من معانيها الموضوعة والموجودة مسبقًا في المعاجم أو على الألسن .. "
ويقول د. عبد الله الغذامي " وهذه النظرة المتكاملة في تصور الوحدة تخدم في تقديم العمل الأدبي لا على أنه ناقل للمعنى ولكن على أنه قيمة جوهرية التولد ذاتية التحول"
"إن الشاعر يحرر الكلمة من معانيها ومما علق ها من غبار السنين فيطهرها ويغسلها " ويقول كمال أبوذيب "هي تثوير جذري للفكر " ويقول أحمد كمال زكي " الشعر الذي يفهم ليس بشعر" ويقول سعيد السريحي"إن هذه الأبواب الإبداعية ذات طبيعة تجعل من الغموض ضربة لازب" (5)
وعلى كلٍ فإن هذه المقولات والدعوات ما تزال تتواجد وتنتشر في الصحف والجرائد والملاحق الأدبية .....
إنهم بغموضهم البغيض وإقصاء المعاني عن الألفاظ يخالفون مقاصد اللغة العربية, بل إن جميع اللغات نشأت من أجل الإبلاغ والإيضاح ليسهل التفاعل والتعامل والتحدث بين الناس ,فالإبلاغ وظيفة اللغة الأساسية بإجماع علماء اللغات وبلا استثناء.
والناضر إلى آيات الله والقارئ لكتابه يعرف قوله تعالى "نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين" وقوله تعالى " وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءًا يصدقني إني أخاف أن يكذبون"
فالحداثة إذن تخالف القرآن الكريم مخالفة صريحة ودعوتها إلى إغفال المعاني دعوة ضالة قائمة على أفكار البشر الضعفاء الذين قال الله سبحانه وتعالى فيهم "ألم يرى الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين" الآية. فدعوتهم إلى إغفال المعاني وعزلها عن الألفاظ وإفراغ الكلمات من مضامينها فيه تناقض صارخ مع ما ورد في الكتاب والسنة من الحرص على صون اللسان وأن الإنسان محاسب على كل ما ينطق به ويقوله, فلابد من حفظه من الزلل , وما الحداثة إلا وكر عظيم من أوكار الزلل ومنبع للضلال والزيغ (6).
لقد تطرف الحداثيون تطرفًا جارفًا عندما دعوا إلى تفكيك اللغة وعدم الالتزام بالإعراب والتثنية والجمع والدعوة إلى الثورة على اللغة لفظًا ومعنى فهي دعوة فوضوية بحجة التجديد في اللغة!!
يقول سعيد السريحي:" حيث أصبح من خصائص القصيدة الجديدة ذلك التركيب غير العادي للعبارة من حيث التقديم والتأخير ,والفصل والوصل, وأصبحنا نجد الألفاظ تتناثر تناثرا عجيبًا ,لا تربطها رابطة, إذ اختفت كثيراً من لأدوات النحوية التي اعتدنا وصل الجمل بها ,وكذلك استعمالها حروف كثيرة في غير معانيها التي وضعت لها , وتوالت الضمائر من غير أن يكون هناك ذكر لمن تعود له ,ومن شأن ذلك أن يزيد من غموض القصيدة الجديدة فصالها عن القارئ وقد حرص الشاعر المحدث على كسر الإطار العام للتركيب اللغوي خلال ثورته على الاتجاه العقلي الذي هيمن على القصيدة "
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول" ولنجرؤ قليلاً ونقول أنه ضد النحو" ويقول د. عبد الله الغذامي"ولذا فإن الكلمة في البنية لا تكتسب قيمتها إلا من بروزها كمعارض لكل ما هو سابق لها أو لاحق لها ... وهذا يلغي الوجود الجوهري للكلمة ويؤسس العلاقة كقيمة أولى لنشؤ وظيفة" ويقول .... ويقول .... ويقول ...
لقد تطرف الحداثيون العرب لحداثتهم تطرفًا قمعيًا فظهروا بعباراتٍ همجيةٍ كقول د. عبد الله الغذامي"إما أن يكون المثقف حداثيًا أو لا يكون مثقفًا" ولعبد الله نور "الشعر الذي يفهم ليس بشعر" وأنس الحاج "إن الشاعر الحقيقي لا يكون محافظًا" (7)
وانظر إلى حزن هذا الحداثي حينما يعلن خجله الشديد من استمرارية الشعر العربي عبر القرون الماضية وهو محافظ على شكله حيث يقول " ترى! ماذا يقول أليوت لو سمع أن في ركن من أركان المعمورة شكلاً شعريًا استمر عليه أهله ألفًا وأربع مئة من السنين.ولا يزال الكثيرون يتشبثون به" (8)
الغريب أن هذا التطرف الحداثي لم يثر حفيظة شعراء الأصالة فقط بل أثار حتى بعض الأدباء الغربيين الذين أبدوا اعتراضات عليهم مثل الناقد البريطاني ستيفن سندر الذي أنكر على أدونيس دعوته إلى هدم القديم ,بل ووصفه بالتطرف ,وأخبره أن كبار شعراء الحداثة الغربيين مثل: أليوت. مانيوا اونولد وغيرهما استفادا من القديم. وسئل المستشرق الفرنسي شاربيلا:ماذا تقرأ الأدب العربي القديم أم الحديث؟ فأجاب: بل أقرأ الأدب العربي القديم وحده!! فسأله المحاور: لماذا لا تقرأ الأدب العربي الحديث؟ فأجاب لأنه أدب أوروبي مكتوب بحروف عربية. ولقد اعترف جبران خليل جبرا في لحظة صدق فقال: الشرق اليوم إنما يقلد الغرب ,فيتناول ما يطبخه الغرب ويبتلعه دون أن يحوله إلى كيانه بل إنه على العكس يحول كيانه إلى كيان غربي.
ولعله من المناسب الآن ,إيراد النصيحة الغربية التي وجهها الأديب الإيطالي إيجنازيو سيلوني الأدباء العرب والتي قال فيها " إن الطبيعة تأبى أن تعترف بأدب عام, لأقوام اختلفت أمزجتهم وعقلياتهم ,وتفاوت ميراثهم النفسي والحضاري, ولهذه نود أن نقرأ أدبكم أدبًا عربيًا متميزًا؛ لأنه إنما يأخذ مكانته أدبًا عالميًا بتفرده وأصالته ... " (9)
وحتى لا يُفهم مقصدي من هذه الأسطر خطأ؛ أوضح الموقف المناسب تجاه تيارات التجديد بلسان ناصر الدين الأسد حيث يقول " لابد أن نفتح النوافذ كلها؛ لنستقبل النور والهواء على أن نرى النور بأعيننا لا بأعين غيرنا, وأن نتنفس الهواء برئاتنا لا بالرئات التي تصنع لنا ,وأن نفتح النوافذ حين نريد لاحين يراد لنا ,وعلى الصورة التي نختارها ,لا على الصورة التي تفرض علينا " (10)
الجواد ـــــــــــــ الجواد ــــــــــــــــ الجواد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) د. أبوعباة إبراهيم بن محمد: لغة القرآن (الأولى.1413هـ. الرياض. دار الوطن)
(2) د. الزنيدي عبد الرحمن: العصرانية في حياتنا الاجتماعية (الأولى.1415هـ. دار المسلم. الرياض)
(3) المصدر السابق
(4) د. الهويمل حسن بن فهد: الحداثة بين التعمير والتدمير (الأولى.1413هـ. دار المسلم. الرياض)
(5) د. النحوي عدنان: الحداثة من منظور إيماني (الثالثة.1410هـ. دار النحوي. الرياض)
(6) د. عريف محمد خضر: الحداثة (الأولى.1412هـ. دار القبلة. جدة)
(7) القرني محمد عوض: الحداثة في ميزان الإسلام (الأولى.1408.مصر. هجر)
(8) جمال سلطان: أدب الردة (الأولى.1412.مركز الدراسات الإسلامية. بريطانيا)
(9) (10) المصدر السابق
ـ[سامح]ــــــــ[14 - 06 - 2004, 03:18 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع قيم ومفيد لاأدري لماذا غفلنا عن قراءته كل هذه المدة
جزاك الله خيراً على مابذلت من جهد , وإن كنت أظن أن الموضوع
متشعب ممتد ويحتاج إلى بحوث وبحوث لنصل إلى كلمة سواء.
ولكنّ ختامك كان مطرباً موجزاً مكملا:
"وحتى لا يُفهم مقصدي من هذه الأسطر خطأ؛ أوضح الموقف المناسب تجاه تيارات التجديد بلسان ناصر الدين الأسد حيث يقول " لابد أن نفتح النوافذ كلها؛ لنستقبل النور والهواء على أن نرى النور بأعيننا لا بأعين غيرنا, وأن نتنفس الهواء برئاتنا لا بالرئات التي تصنع لنا ,وأن نفتح النوافذ حين نريد لاحين يراد لنا ,وعلى الصورة التي نختارها ,لا على الصورة التي تفرض علينا "
الحداثيون وإن ذموا اللغة فهم مرغمين عليها إذ حديثهم وخطابهم
وإبداعهم (الحداثي) إنما صيغ بمفردات وحروف عربية فحجتهم
واهية وحربهم المعلنة خاسرة ..
ولكن تبقى الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها .. فلنجدد
ولنبدع أساليب جديدة في الدعوة إلى أفكارنا النبيلة كي لايستوهي
الأجيال القادمة لذة الحديث القائم على مضمون فاسد فينسون ماخلقوا له
وينشأوا بلا دين ولامذهب ..
دمت بخير ..
وأتمنى أن تنتبه لما ورد في مقالك من أخطاء تحول بين القارئ
وبين ماورد فيه من كلام ثمين:)
تحياتي لك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السمو]ــــــــ[14 - 07 - 2004, 06:48 م]ـ
أهلاً بك أخي الجواد ..
الكلام حول الحداثة كمصطلح فكري , أو مذهب أدبي أمر ليس باليسير .. فالأسس التي تقوم عليها الحداثة متباينة ,, و قد يناقض حداثي حداثياً آخر , بل يصل الأمر إلى أبعد من ذلك فيناقض الحداثي نفسه .. ليس في أهداف الحداثة فحسب ,, بل في تعريفها .. و هنا المحور الأهم الذي كان عليك التعريج عليه , و التركيز فيه ..
ثم إني أعتب عليك حينما اقتصرت في مصادر هذا المقال على ردود و كتب (المناوئين) ,, و لم تتعب نفسك في قراءة كتب الحداثيين قراءة ممعنة لا انحياز فيها لتكون من المقسطين ..
فبات مقالك كله نقولا و اقتباسات تعتمد فيها على غيرك في تحليل النصوص و قراءة الأفكار و مناهضة هذه الفكرة من أسمى أهداف الحداثة ..
الحداثة عند عبدالله الغذامي تنحصر في كلمتين جامعتين مانعتين (التجديد الواعي) .. و أعتقد أن من الوعي عدم تقليد الغرب تقليداً أعمى , و أن التجديد ليس بدعاً من العمل أو زوراً من القول .. إذن فهذا التعريف هو منطلق الحداثة في العربية السعودية بخصوصيتها الثقافية ..
أمر الحداثة صار مريباً و خطيراً كونه جاء من الغرب , و كون الفكرة الغربية تقوم على أسس علمانية متحررة من كل شيء .. و مفكرونا و أدباؤنا انطلقوا من هذا الأساس في محاربة الحداثة , و لم ينظروا إلى النسخة العربية الإسلامية التي تعد (كما يرى الغذامي) أن كل نقلة حضارية هي حركة حداثية ,, و قد سرد في كتابه (حكاية الحداثة في المملكة العربية السعودية) مراحل الحداثة التي قامت في العربية السعودية فعدَّ توطين البدو (حداثة) , و تعليم البنات (حداثة) و افتتاح الجامعات (حداثة) ..
إذن فالحداثة ليست نطاقاً فكرياً أو ثقافياً محدداً و إنما هي (حالة فكرية كلية , تشمل الأفكار و الوعي مثلما تشمل أنماط المعاش و الإدارة و لكل بيئة اجتماعية أو فكرية تعريفها الخاص بها .. ) 35 - حكاية الحداثة -.
و لك أن تفهم الحداثة بمفهومها (اللغوي) فهي ذاتها التي يطالب بها كل أحد .. و إن شئت , فلدي أن الحداثة لفظ رديف للحضارة , للتمدن , للمظاهر الثقافية و الاجتماعية الراقية التي تقوم على احترام الأنظمة و القوانين العرفية و السياسية و الدينية ..
نعم , هناك مشكلة كبرى ,, و هي التبعية الواضحة للغرب عند كثير من الحداثيين , و دعوة إلى إقصاء الدين عند عدد منهم ,,
إلا أن الأمر ليس عاماً و الظاهرة غير مستشرية حتى يصح وصف الحداثة بهذا الوصف المبتذل ..
و ارجع إلى قول (رسول الحداثة -كما يراه أحد المناوئين -) الغذامي في تحديده للحداثة (و لكل بيئة اجتماعية أو فكرية تعريفها الخاص) .. فنحن كمثال في العربية السعودية نعيش بيئة اجتماعية محافظة شديدة المحافظة , و فكرية إسلامية شديدة السلفية .. و إن كان من تعريف للحداثة في هذه البيئة فهي تلك المناسبة لها , الموائمة للأهداف العامة للحداثة التي تتفق فيها كل رسالة حضارية نهضوية ..
فعند أدونيس أن أهداف الحداثة السامية لن تتحقق إلا بنبذ التراث الثقافي و الإسلامي العربي القديم كله ..
أما في العربية السعودية فالحداثة هي الانطلاق المتوازي مع الثقافة الاجتماعية و النسق الديني العام .. حيث يكون الازدواج و الإنتاج ..
فالحداثة تمثل الجانب (التقني , و الفكري المنفتح , و العين على الثقافات الأخرى) .. و الدين يمثل (الركن الأهم الذي يهذب المجتمع و يعين الحداثة على تحقيق أهدافها السامية ,, و يقف فلتراً صلباً في وجه استقبال الثقافات الأخرى .. حتى يصل إلى المجتمع أحسنه , و أنقاه) ..
أما حداثة (الوسائل) و الأدوات التي نراها متمثلة في الأدب و فنه فهذا أمر بسيط لا يحتاج إلى حجة قوية , أو مظاهرة حاشدة .. و إنما يدخل في باب التنويع في الأساليب و الدعوة إلى تعدد أغراض و فنون الأدب .. و أن لا نقتصر على الشعر العمودي المقفى الموزون , بل إن عبدالله الغذامي و هو رأس من رؤوس الحداثة يأنف أن تذكر الحداثة كرمز للأدب ,, و صرح مراراً و تكرارا خاصة في كتابه الأخير الحكاية ..
علينا أن نرتقي قليلاً بتفكيرنا ,, فلا نحسب كل صيحة علينا , و أن أية دعوة إلى تجديد هي من قبيل المؤامرات التي يسعى دعاتها إلى قلب مجتمعنا إباحياً ملحداً لاهيا , ,
لا ليس الامر كذلك يا صديقي ,, و أنت من ذيل مقالته بكلام لطيف و قاعدة ملهمة ,, إلا أنك كمن يذبح الحمامة بيده و عينه تدمع حزناً عليها ..
يجب أن لا نتوجس خيفة من كل شيء , و أن لا نجابهه بالرفض ,,فإننا إن انتهجنا ذلك ,, فلن يوصلنا الأمر إلا إلى (الانعزال و الانطوائية) ..
فتكون مجتمعاتنا متكورة متحجرة تعد من سقط المتاع , و هذا يخالف النهج النبوي الذي يدعو إلى البحث عن الحكمة , و يعدها ضالة أينما وجدها فهي له .. !!
ـ[أبو سارة]ــــــــ[15 - 07 - 2004, 02:48 م]ـ
السلام عليكم
كل الشكر لصاحب الموضوع على هذه الفوائد الجميلة،والشكر موصول لأستاذنا سامح المشهور بـ (سياسته الأدبية:)) كما لايفوتني أن أقدم الشكر الأجزل للأستاذ السمو على درره الغالية وحججه الواقعية0
لا أخفيكم،استمتعت بقراءة الموضوع جدا، فشكرا لكم جميعا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجواد]ــــــــ[17 - 07 - 2004, 12:41 ص]ـ
أخي سامح:
عندما كتبت هذا الموضوع كنت في شوق لسماع ملحوظاتك الدقيقة ونقدك الوافي لا مجرد ثناء عام وإشارة إلى رأي مخالف مبهم ........
سامحك الله يا سامح: إذ بخلت علي بتوجيهاتك الثاقبة وإرشاداتك الموفقة .....
ها أنا أستجديك أن توضح ما ألمحت إليه بين السطور في تعقيبك ......... فهل تفعل؟؟؟ أتمنى ذلك .....
صاحبي اللدود: السمو
لقد أثلجت صدري بتعقيبك الوافي وأعجبتني صراحتك ووضوحك
أيها الصاحب اللدود: تقول أن الحداثيين متباينون في حداثاتهم وتعريفاتهم لها ..............
وتحدثت عن النسخة العربية الإسلامية!!!!! لمفهوم الحداثة (التجديد الواعي) ...............
تحدثت عن المصطلح اللغوي للحداثة ..... والحداثة الشاملة .... حداثة توطين البادية ..... حداثة تعليم البنات ....
ثم وجهت إلي كلامًا خطابيًا جميلاً أكدت فيه على ضرورة الارتقاء بالفكر ..... وأن دعوات التجديد لاتعني المؤامرة ضد أدبنا وتراثنا ..... وخشيت علينا من التحجر المكرور حتى لا تعد من سقط المتاع .......
وشبهتني بمن يذبح الحمامة بيد وعينه تدمع حزنًا عليها .....
صديقي اللدود: السمو
أعجبني ردك كثيراً ـ أي والله ـ رغم أنك ذبحتني بيدك وعينك تدمع حزنًا علي ....
هل تسمح لي بطرح شيئ مما لدي؟
أما حديثك عن المفهوم الشامل للحداثة وأنه يتضمن حداثة توطين البادية ... وحداثة تعليم البنات ....
فهذا أمر أتفق معك فيه , إلا أنه عموم خارج عن طرحي (اللغة وهجوم الحداثة) .... فلا خلاف بيننا هنا
وأما ذكرك للمدلول اللفظي اللغوي فهذا أمر أتفق معك فيه , إلا أنني ذكرت أن دعاة الحداثة استغلوا هذا اللفظ
ومدلوله اللغوي لإقناع الآخرين بحداثتهم ...... فلا خلاف أيضًا ......
تحدثت ـ يا صاحبي ـ عن نسخة سعودية إسلامية!!!! لمفهوم الحداثة .... واستشهدت بمقولات للغذامي ....
أخي الأكبر السمو:
لو كانت هذه النسخة موجودة ــ كما يزعم الغذامي ــ حقيقة فصدقني بأنه لن يعارضها أحد .......
الحقيقة أنها ليست موجودة أصلاً لدى الحداثيين السعوديين بدليل قولك أنهم متباينون في الأسس وأنهم قد يتناقضون بل قد يناقض الحداثي نفسه .... وجاء في تعقيبك أن منهم المتأثر بالغرب ويدعو إلى إقصاء الدين ..... الخ
معلمي الفاضل: السمو
إن الغذامي نفسه ليس لديه منهج محدد , ففي كل يوم له راية ..... كان شاعرًا عموديًا .... ثم تحول إلى شاعر تفعيلي ....... ثم أديب حداثي ........... فناقد ومنظر للحداثة ....... بعدها تحول إلى النقد الثقافي .........
دعني أسألك سؤالا في أي هذه المراحل وجدت النسخة العربية الإسلامية للحداثة (التجديد الواعي) ..........
أعتقد أنها لم توجد إلا مؤخرًا فقط ...... ومصطلحًا فقط ...... ولدى الغذامي فقط ...... بعد أن هجر الحداثة!!!!!
فهل سمعت بهذه النسخة عند غير الغذامي؟؟؟؟
أبي المربي: السمو
نبهتني مشكورًا إلى أن الحكم العام على أهل الحداثة فيه جور وظلم ........ أشكرك على تنبيهك المقنع
أتمنى أن توجه هذه النصيحة الثمينة إلى الغذامي الذي مارس الإقصاء لكل من خالف الحداثة
فهاهو الغذامي يلخص موقف المناوئين للحداثة في كتابه الموقف من الحداثة ـــ لاحظ الكتاب للغذامي ـــ
يقول: " وأخيرًا يتضح لنا أن مناوأة الحداثة نابعة من قصور معرفي لدى المناوئين ....... " ص 56
أبي الفاضل: السمو
أعتذر إن كنت قد أطلت عليك .... وأرجو أن تنير لي الدرب بما لديك من علم غزير ........
أبا سارة:
أما آن لك بالمشاركة العلمية فبمشاركتك تتضح الرؤى وتتلاقح الآراء ........
ـ[أبو سارة]ــــــــ[18 - 07 - 2004, 12:13 ص]ـ
السلام عليكم
الأستاذ الجواد سلّمه الله
كلامك أكثر من رائع،أشعر أنه مشاعر صادقة مكتوبة بماء العلم والإطلاع، ومؤطرة بسياج التمكن، وجزى الله الأستاذ السمو عنا خيرا، فقد استطاع أن يستخرج ماتكنه من خفايا هذه المعرفة0
أخي الكريم000
لا استطيع الخوض في غمار هذا المفهوم (الحداثة) لقلة بضاعتي فيه، ورحم الله امرئ عرف قدر نفسه، ولكني أعلم أن ثلة من مدعي (الحداثة) يبهروننا بآراء لانعلم سيرة قائليها مثل أدموند وولسن ومن شاكلهم،بينما نجد هؤلاء المدعين قاصرون عن الوعي بأبسط المفهومات لابن رشيق وابن الأثير مثلا!
ونتيجة لهذا المفهوم، أصبح من عقائد هؤلاء أن عدم (التبعية) للغربيين تعني عدم (التأهيل) للوعي و (فهم الحداثة) فصحب هذا المفهوم تنكر لكل مايمت لغير الغرببين،أي أنه لا فهم، إلا عن طريق الغربيين!
وإن صح ما قلتَه عن الغذامي هذا، رغم أني لا أعرفه ولم يسبق أن قرأت له شيئا من قبل، فليس بغريب،لأنها شهرة كرجع الصدى ولا حقيقة لها على أرض الواقع، وحسب أحد من هؤلاء أن يقف في مصاف ابن رشد تاريخيا! ولكن بينهم وبين ذلك خرط القتاد! وقد يكون في مقدورهم أن يبلغوا مقاما كمقام (فريد شوقي)! من جهة الشهرة الزمنية!
أخي الكريم
يجب أن يكون الميزان لكل فن من الفنون هو الميزان الشرعي الإسلامي، فالمنطق على عقلانية أكثر قواعده، فهو لايتوافق مع الشرع، وإن كانت قوانين المنطق صيغت بأبعد صورة لعقل الإنسان،فإن عقل الإنسان مهما أبدع فهو محدود التصور،ولايصح مع هذا أن نخلق قواعد ومن ثم نطبقها على الخالق!
لدينا ذخائر وكنوز (خام) لو أُستعملت من (صناع) المفاهيم، لخرجنا بشيء يميزنا ويحفظ لنا هويتنا بين الأمم، وربما يكون ذلك خير من تقليدنا (الممسوخ) للغرب،وبما أن تركيب الكلام عمل عقلي لا نقلي،فالخلل إذن في العقول لا في النقول، وما أجمل النقول التي نملكها، ولكن، نعود فنقول: أين صناع المفاهيم؟
هذا رأي مقتضب لا أجزم بموافقة الغير له،وربما أكون مخطئا ببعض ماجاء به، فمن لم يعجبه هذا الرأي،فلا ضير أن يلقيه في (سلة المهملات) غير مأسوف عليه! 0
أرجو أن تقبلوني كقارئ لكتاباتكم، فأنا معجب بما تكتبه أناملكم، ومنكم نستفيد0
والسلام عليكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السمو]ــــــــ[19 - 07 - 2004, 10:13 م]ـ
أيها الجواد ..
إن أعجب فعجب من عدِّك التصاعدي .. (صاحبي اللدود ---)) أبي الفاضل) ..
ملحوظة:
حتى لا يظن الغرُّ بي الظنونا .. فأنا لست حداثياً و لا أسعى إلى ذلك ,
فالحداثة أتركها لأصحابها من زمرة محمد بن رويشد السحيمي و معلمه الأكبر ..
إلا أني رجل أفتح بابي لكل والج ,, فأنظر في أمره , فإذا رأيت فيه ما ينفعني أدخلته و أكرمته , و إن بدا لي سوؤه جررته برأسه ثم ألقيت به خارجا ..
لا أن آخذ الناس على جهالة ,,
ـ[السمو]ــــــــ[19 - 07 - 2004, 10:27 م]ـ
أيها الجواد ..
إن أعجب فعجب من عدِّك التصاعدي .. (صاحبي اللدود ---)) أبي الفاضل) ..
ملحوظة:
حتى لا يظن غرُّ بي الظنونا .. فأنا لست حداثياً و لا أسعى إلى ذلك ,
فالحداثة أتركها لأصحابها من زمرة محمد بن رويشد السحيمي و معلمه الأكبر ..
إلا أني رجل أفتح بابي لكل والج ,, فأنظر في أمره , فإذا رأيت فيه ما ينفعني أدخلته و أكرمته , و إن بدا لي سوؤه جررته برأسه ثم ألقيته خارجاً ..
لا أن آخذ الناس على جهالة ,,(/)
يا أهل النقد
ـ[أسير الهوى]ــــــــ[19 - 06 - 2004, 02:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد منكم - أعزكم الله - أن تنتقدوا هذه القصيدة
يا ضاد يا لغة الكتاب المنزل ... يا فخر كل مسبح ومهلل
لا زلت أفخر أنني أحببتك ... حبا فحبك خالد لا ينجلي
لغتي سأنشد حبك وجمالك ... للناس في صوت كصوت البلبل
صوت إذا سمع الورود جماله ... رقصت لحسن جماله المتغزل
لغتي وهذا شأنك وفعالك ... أوليس شأنك في الورى أن تعتلي؟؟؟
ألحانك مثل الطيور بصوتها ... وسواك في صوت الجرا يتمثل
ميدانك للعلم متسع فما ... في العلم شيء نافع لم تحملي
أنت الثريا في السماء مكانك ... وسواكِ يخلد في الحضيض الأسفل
وجزيتم خيرا
ـ[سامح]ــــــــ[20 - 06 - 2004, 01:25 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً بك ياأسير الهوى ..
وهنيئاً للغة بمحبة أبنائها لها .. وليتها تزداد ألقاً بسعيهم
من أجلها .. والصعود بها نحو العلى .. ,,
يا ضاد يا لغة الكتاب المنزل ... يا فخر كل مسبح ومهلل
لا زلت أفخر أنني أحببتك ... حبا فحبك خالد لا ينجلي
لغتي سأنشد حبك وجمالك ... للناس في صوت كصوت البلبل
صوت إذا سمع الورود جماله ... رقصت لحسن جماله المتغزل
لغتي وهذا شأنك وفعالك ... أوليس شأنك في الورى أن تعتلي؟؟؟
ألحانك مثل الطيور بصوتها ... وسواك في صوت الجرا يتمثل
ميدانك للعلم متسع فما ... في العلم شيء نافع لم تحملي
أنت الثريا في السماء مكانك ... وسواكِ يخلد في الحضيض الأسفل
نص جميل زاهي فخرت فيه باللغة .. وعبرت عن حب دفين تجاهها
تماسك في التراكيب
مزاوجة بين الإنشاء والخبر أعطت النص حركة وحيوية
قدرة على التصوير .. وخلق التشبيهات
(صوت كصوت البلبل) , (الورود - رقصت) (ألحانك مثل الطيور)
(أنت الثريا) ..
بالإضافة إلى التركيب الصوتي ..
الموسيقى (بحر الكامل) الذي يعطي للتعبير
مساحة واسعة .. وفياض بالتعابير عن عواطف الشعراء المكنونة
قافية الام المكسوة بانسيابيتها واطراحها ..
تكرر بعض الأصوات كالصاد .. وكأنه تعبير صارخ يصفر
طرباً بالغناء للغة.
نص لايفتقد العاطفة لكن لغته عادية .. لم يخلق فيها نوع من التجديد
سواء في الصور أو طريقة التعبير ..
وجهة نظر .. ورأي على عجل
لست من أهل النقد .. ولكني قارئ متذوق
فليستمر اللقاء والحوار ..
دمت مبدعاً .. ومحباً للغة:)
شكراً لك ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أسير الهوى]ــــــــ[24 - 06 - 2004, 09:50 ص]ـ
أشكرك أخي العزيز سامح على هذا الرد الجميل
وأقول للأصدقاء لا تبخلو علي بنقدكم
ـ[عبدالهادي]ــــــــ[13 - 08 - 2005, 12:08 ص]ـ
لست ناقد ولكن زيارتي للموضوع للإستفادة
أشكرك من اعماق قلبي لمحبتك للغة القرآن
ولك مني أيها الأسير أجمل وأرق تحية(/)
ساعدوني الله يساعدكم
ـ[بنت الاسلام]ــــــــ[06 - 07 - 2004, 06:35 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابي احلل هالقصيده بس مب عارفه ومادري تحليلي صح ولا غلط من يساعدني ويحلل هالقصيده تكفوون محتاجه مساعده من اى حد ضروري اليوم تكفون ساعدوني عسى الله يفرج عنكم كل ضيق
القصيده للشاعره فدوى طوقان شاعره فلسطينيه اظن ان هي تتكلم عن الشهداء وارض فلسطين بس مب عارفه طريقه التحليل
كان حمزهْ
واحداً من بلدتي كالآخرين
طيّباً يأكل خبزهْ
بيد الكدح كقومي البسطاء الطيبين.
* * *
قال لي حين التقينا ذات يومٍ
وأنا أخبط في تيه الهزيمهْ:
اصمدي, لا تضعفي يا ابنة عمي
هذه الأرض التي تحصدها,
نار الجريمهْ
والتي تنكمش اليوم بحزنٍ وسكوتْ
هذه الأرض سيبقى
قلبها المغدور حياً لا يموتْ.
* * *
هذه الأرض امرأة
في الأخاديد وفي الأرحام,
سر الخصب واحد
قوَّةُ السرِّ التي تُنبتُ نخلاً,
وسنابل
تُنبتُ الشعب المقاتلْ.
* * *
دارت الأيام لم ألتق فيها,
بابن عمّي
غير أنّي كنتُ أدري
أَنَّ بطن الأرض تعلو وتميدْ
بمخاضٍ وبميلادٍ جديدْ.
(2)
كانت الخمسة والستُّون عامْ
صخرةً صمّاءَ تستوطن ظهرهْ
حين ألقى حاكمُ البلدة أمرهْ:
(انسفوا الدار وشدّوا
ابنه في غرفة التعذيب!) ألقى
حاكم البلدة أمرهْ
ثم قام
يتغنّى بمعاني الحبَّ والأمنِ,
وإحلال السلام!
* * *
طوَّق الجندُ حواشي الدار,
والأفعى تلوَّتْ
وأتمّت ببراعهْ
اكتمال الدائرهْ
وتعالت طرقاتٌ آمرهْ:
(اتركوا الدار)! وجادوا بعطاء
ساعةٍ أو بعض ساعهْ.
* * *
فتّح الشرفات حمزهْ
تحت عين الجند للشمس وكبّر
ثم نادى:
(يا فلسطين اطمئني
أنا والدار وأولادي قرابين خلاصكْ,
نحن من أجلك نحيا ونموت)
وسرت في عصب البلدة هزَّهْ
حينما ردَّ الصدى صرخة حمزهْ
وطوى الدارَ خشوعٌ وسكوت.
* * *
ساعةٌ, وارتفعت ثم هوت
غرفُ الدار الشهيدهْ
وانحنى فيها ركام الحجرات
يحضنُ الأحلام والدفء الذي كان,
ويطوي
في ثناياه حصاد العمر, ذكرى
سنوات
عمرت بالكدح, بالإصرار; بالدمعِ,
بضحكات سعيدهْ
أمس أبصرتُ ابنَ عمي في الطريقْ
يدفَعُ الخطو على الدرب بعزمٍ ويقينْ!
لم يزل حمزَةُ مرفوعَ الجبينْ
كفاني أظل بحضنها
كفاني أموت على أرضها
وأُدفنُ فيها
وتحت ثراها أذوب وأفنَى
وأبعثُ عشباً على أرضها
وأبعثُ زهرهْ
تعيثُ بها كف طفلٍ نمتْهُ بلادي
كفاني أظل بحضن بلادي
تراباً
وعشباً
وزهرهْ.
* * *
واذا اي حد يعرف طريقه التحليل علموني تكفون والله محتاجه حد يساعدني
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[09 - 07 - 2004, 03:45 م]ـ
http://www.geocities.com/farraj17/(/)
قضايا للكتاب!!
ـ[تيمة]ــــــــ[17 - 07 - 2004, 11:40 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
عضوة جديدة وسعيدة بانضمامها لشعب العربية الحبيبة ..
أحببت أن أدخل بمشاركة فورية مدفوعة بحماس اكتسبته
من جراء تصفحي للمنتدى
.. فاليكم القضايا التي شغلتني كثيراً ..
قبل فترة تناقشت مع شقيقتي حول الكتابة عن أمور
ليست من واقعنا ..
فقالت انها تستاء جداً من الذين يظنون أن كل ما يكتبه الانسان
ما هو إلا انعكاس لواقعه ..
فهل هذا صحيح .. ؟؟
إن الكاتب يبدع أكثر عندما يكتب عن تجربة واقعية عايشها
وأحس بها .. لكن هل معنى هذا أنه لا يستطيع تخيل مشاعر
ومواقف ليس له عهد بها؟؟
ألا يستطيع أن يكتب عن بيئة ليست كبيئته؟؟ ألا يكتب الرجل
عن المرأة والشاب عن العجوز؟؟
وهل على الكاتب أن يتجنب الكتابة عن تجاربه حتى لا يعرف
أقرباؤه أسراره؟؟
وهل عليه أن يتجنب الكتابة عن أمور محرجة حتى لا يظن
الآخرون أنها تجربة شخصية حصلت له؟؟
هذه بعض الهموم التي تواجه بعض الكتاب الذي يحسبون للقراء
بأصنافهم ألف حساب ويتركونهم يتحكمون في نوعية وطريقة الكتابة ..
فهل من حل لكل ذلك؟؟؟
القضية مطروحة للنقاش ..
×××××××××××××××××××
أما القضية الثانية ..
حين يريد الكاتب أن يكتب قصة رومانسية أو قضية حساسة فما هي
الحدود التي عليه ألا يتجاوزها لكي يبقى كاتباً محافظاً وملتزماً؟؟
خصوصاً اذا فكرنا في مدى اجتذاب هذه الموضوعات لأهواء شريحة
ضخمة من القراء .. الجمهور الذي يأنف قراءة كل ماهو محافظ واسلامي ..
ان التأثير على هذه الفئة التي تجد ضالتها في الروايات المتفسخة
مما يزيدها ضلالا .. أقول ان التأثير عليها عن طريق كتابة قصص
رومانسية واسلامية في الوقت ذاته مع الاقتراب مما نسميه
تخدير القاريء أمر مهم أليس كذلك؟؟
فهل للكاتب أن يتعمق في وصف العلاقة بين الرجل والمرأة
حتى لو كانت علاقة شرعية؟؟
وهل له أن يكتب عن دقائق أسرار الانسان والمشكلات العاطفية
والجنسية التي قد يواجهها؟؟
نحتاج الى طرح قيم وحكيم لنصل الى بر الأمان ونضع خطوطاً
عريضة لأنفسنا نسير عليها في كل كتاباتنا ..
أنتظر آراءكم النيرة وكلي ثقة بأنكم ستضعون أيديكم على الحل
الأسلم والأصوب ان شاء الله ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
برأيي أن الكتابة عن شيء لم أعايشه قد تكون ممكنة .. وبقليل من الخيال
يمكنني الغوص فيه أكثر .. لكنني بصراحة حين أقرأ قصة تناقش
تفاصيلا دقيقة جداً جداً ينتابني شعور بأن الكاتب ما كان ليصف
هذا الوصف الدقيق لولا معاينته له .. أليس شعوري في محله؟؟
مثلاً .. حين تجد كاتباً يصف بيت البطل .. وحجرته ومكتبه ..
وهل الخزانة أمام النافذة أم في الزاوية .. و ..
ان الكاتب يبصر بعين البطل هنا .. فاذا نظر الى السقف وصفه لنا ..
واذا فتح النافذة وصف المشهد الخارجي .. واذا جلس للقراءة كتب
لنا بعضاً مما قرأه ..
ان كل ذلك بحاجة الى وقت طويل كي ينسجه الخيال .. وهذا ممكن ..
لكن المعاينة تجعل من الوصف أمراً في غاية السهولة ..
النقطة التالية قصدت بها الكتابة عن شيء لم نجربه قط .. فهل جرب
الشاب مرحلة الشيخوخة وشعور الشيخ بانقضاء العمر ورحيل معظم
أقرانه عن الحياة .. وانشغال أولاده عنه .. ؟؟
هل جرب هذا الشعور القاتل بالوحشة؟؟ هل جرب الرجل احساس
المرأة المرهف .. وسرعة تأثرها .. تعاطفها الشديد مع كل شيء؟؟
هل جرب العربي حياة الغربي؟؟ هل يستطيع وصف طريقة تفكيره
المختلفة؟؟ هل يستطيع تقمص شخصيته الرومانية؟؟ ويبتعد عن
فورة العربي وحرارته؟؟
هذا ما قصدته بالضبط .. هل يمكن للكاتب الخوض في هذه المجالات؟؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعن التجارب الشخصية .. أظن أنه .. يلزمنا شيء من الشجاعة
لنواجه ضغط المجتمع .. مع شيء من التمويه لنخلط الحقيقة بالخيال
ونفوت الفرصة على من يريد اتهامنا بتجربة كل ما نكتب ..
اذن القضية الأولى حلها الأعظم .. الشجاعة الأدبية ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما القضية الثانية .. فانني أتمنى طرحاً عميقاً لها .. وضرب أمثلة
تقريبية .. لنعرف ماهية الحدود المقصودة.
أنتظركم ..
ـ[السمو]ــــــــ[19 - 07 - 2004, 10:29 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
طرح جميل , و تساؤل يستحق النظر ..
(تيمة) ..
يكاد ينحصر جواب التساؤل الأول في مدلول لفظة (شعر) , (شاعر) ..
فنحن أمام مصطلح مفعم بالكثير من المشاعر و الأحاسيس ,,
و ليس الشعر سوى (شاعرية) .. و الشعر الذي تنزع منه العواطف ليس شعراً بإجماع علماء اللغة .. و إنما يسمى نظما .. و من ذلك الألفيات التي تستذكر بها العلوم ..
,, حينما يروي القاص قصةً , أو ينظم الشاعر قصيدةً .. فهي لا تخرج عن إطار الأغراض الشعرية و الأدبية التي حصرت في الكتب النقدية ..
و للشاعر الحق في وصف أي شيء ,, كائناً ما كان ,, و لكن ليس لنا أن نصدق كل ما يقول ,, و الشاعر تاجر بضاعته الكلام ..
و لأن مدار الأدب هو (الإحساس المرهف و الشعور المفعم) .. فإن شعور الإنسان يكون لأمور تعتلج في صدره , جراء ألم يحصل له , أو موقف وقع فيه , أو صورة شاهدها ,, أو (حدس) يرجوه ,, فتبعاً لذلك ينتج أدباً شعراً كان أم نثرا ..
و لقب (شاعر) ليس مجانياً؛ يطلق على كل من وزن كلمات أو وحَّد قوافٍ ,, و إنما هو مشتق من الشعور ,, و ليس أي شعور و إنما هو الشعور الفائض عن الحد , فيكون ما نضح من ذلك الشعور متساقطاً على شكل كلمات حرّى أو أسجاع متدفقة متدافعة , أو قصيدة حية متوقدة ...
بسبب هذه القضية تعددت المذاهب الأدبية و تعاقبت ,, فهناك من يريد أدباً واقعياً يحكي الحياة كما هي , و يدعو إلى المثالية في العيش ,, و هذا هو الكلاسيكي ,
و من ثم عاقبه الرومانسي (الرومانتيكي) الذي يدعو إلى الجنوح نحو الخيال , مغرقاً في الذاتية ,, يرى العالم بصورة سوداء قاتمة , و لذا فترى الشعر (الوجداني الحديث) مليء بالآهات و الآلام , و تلمح فيه الوجه المسود الكئيب ,
و من ثم ظهر المذهب الذي يدعو إلى الفن لذاته (الفن للفن) أو البرناسي .. و الواقعي و العبثي ,, إلى آخر هذه المذاهب التي ارتابت في فهم الأدب و وظيفته ..
لكن الشاعرية وحدها كفيلة برسم لوحات فنية إبداعية سواء عايشتها من قبل أم لم تعايشها ..
و لك أن تنظر إلى الشعراء الأقدمين , كبشار بن برد الذي أدهش النقاد بدقة وصفه , و روعة تصويره ,, حتى إنه يصف أموراً لا يدرك كنهها إلا المبصرون , فيبدع في ذلك و يفوق المبصرين جميعاً ,, و هو أعمى لا يرى من سبيله شيئا ..
إنها الشاعرية ,
ـ[السمو]ــــــــ[19 - 07 - 2004, 10:30 م]ـ
----------------------
-----------------
----------------------
أما القضية الأخرى , التي يدور رحاها على الحدود التي تؤطر الأدب و تنظمه ..
فهي بصورة عامة و في كل مجتمع و عصر تخضع للمعايير الاجتماعية و الثقافية و الفكرية و الدينية و السياسية ,, و إن جاوزت شيئاً من ذلك فقد استحقت الرد ..
لكن طبيعة الشعر و جوهره الذي ينبع من شيء خفي هو الشعور , لا يستطيع أحد السيطرة عليه أو فرض حدود له , و من هنا نرى أن للشاعر جناحان يطير بهما حيثما أراد ,, حتى و إن كان في السجن ..
ثلاثة أمور تثير القارئ , هي التي تحفز الكاتب في الكتابة سواء بحثاً عن الشهرة , أو رغبة في تغيير فكر , أو تجديد فكرة ,.
(الدين , السياسة , الجنس) ..
و غالباً يكتب الكاتب فيها مستعيناً بثقافة (أجنبية) تلهمه أفكاراً يواجه بها المجتمع بصورة مباشرة أو غير مباشرة ,
و من كتب فقد استهدف ,
الأدب السياسي بوجه عام يثير كوامن النفوس و يؤجج الصراع بين الأحزاب السياسية المختلفة , و هو وسيلة للمساجلات السياسية ..
كما أنه وصف للحالة المتردية التي يعيشها الشعب المعني و يكون عادة بصورة ساخرة , و لا يستطيعه إلا الجريء فيواجه ملاحقات , و يلقى اضطهاداً و عذاباً أليما , مما يحرص الجمهور على متابعة أعماله , و قراءة أدبه ,, و من ذلك الشعراء قديماً و حديثا , و من أشهر العصور (الأموي) الذي تعددت فيه الفرق و ازدادت الفرقة بينها ,,
و من الشعراء الذين لا زال يحرص الناس متابعة إنتاجهم أحمد مطر , و ذلك حسب وصف الكثير (يلمس بيده الجراح) ..
ومن الروائيين عبدالرحمن منيف ,
أما الدين فهو الحمى الحرام , إلا أنه استبيح هذه الأيام فلا يكاد ينصرم يوم إلا و مقالة هنا أو هناك في صحفنا ترميه بشتى التهم و المساوئ ,
الغرض من مهاجمة الدين إما جهل , أو خبث ,, و كلاهما خطأ مشنع ,
(يُتْبَعُ)
(/)
لا حد في مناقشة القضايا الدينية , إلا أن يثبت الخصم في النقاش , فإن هو ثبت و قاوم , و ناظر بكل صراحة و احترام و نزاهة , فهو لا شك عائد , أما سيء النية فلا ريب متبرم , متهرب ,, و إذا لوحظ ذلك عرفت حقيقته و هدفه , فتولت الجهات المسؤولة شأنه.
فالعلماء المسلمون الأقدمون ناقشوا و ناظروا و ساجلوا الشيعة و الصوفية , و الزنادقة (العلمانيين) , و الشعوبيين , و الخوارج , و اليزيدية , و الصابئة , و اليهود , و النصارى ,, مع كل ما يحمل هؤلاء من فحش و قبح في حق الذات الإلهية ,,!
و لكننا نرى في عصرنا هذا قوماً مرتابين , يتعرضون للإسلام بشتى التهم , و قبيح القدح ,,
و غالب هؤلاء هم من رواد حمأة الرذيلة أو دعاة الأدب الإباحي الذي يتقلبون في المذاهب الأدبية الساذجة ,
فتركي الحمد جعل في رواياته التعرض للدين و الصراحة بالجنس , فجمع في روايته سيئتين جعلتهما في مصاف الروايات المطلوبة الممنوعة ,
و هناك من الشعراء: نزار القباني , و أدونيس ,
و من الكتاب (حمزة قبلان المزيني) , عبدالله الغذامي , عثمان العمير , عبدالرحمن الراشد , منصور النقيدان , و عدد لا يحصر ,
و التعرض لقضية الجنس بوصفه محوراً هاماً أو جعله مدار الرواية هو الإباحية بعينها , فهذه أمور حددتها الشريعة بصورة مباشرة في تحريمها ,
و من ذلك حديث (إفضاء الرجل إلى الرجال بأمره مع امراته , و المرأة إلى النساء بأمرها مع زوجها) .. و الوعيد الشديد في ذلك ,
و لا يوجد في الأدب الإسلامي حديث عن الجنس مباشرة من حيث وصف واقعة جنسية , لأن هذا المجال من الأدب يثير الغرائز , و ربما يؤدي إلى المنكر , و هنا يوأد الهدف السامي للأدب الإسلامي ..
نعم قد يذكر شيء من ذلك في كتابات إسلاميين من قصص حب و عشق , إلا أنه إن تجاوز ذلك الحد فقد طغى صاحبه , و أخرجه عن الأدب الإسلامي بمفهومه الشمولي ,
و هناك كتَّاب قصة أمثال الدكتور محمد الحضيف الذي يحكي قصص حب ملتهبة العواطف , غارقة في الرومانسية , إلا أن القارئ يحس بعمق تربوي , و جو طاهر يسود الحكاية كلها ,
آسف على الإطالة , و أعلم أني أسهبت في الحديث و أطلت بغير ما فائدة!!
و أتمنى إثراء هذا الموضوع من الأدباء و النقاد ,,
و لك شكري و تقديري.
ـ[سامح]ــــــــ[30 - 07 - 2004, 02:16 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً بكِ أختي الكريمة: تيمة
وزادكِ الله حماساً ونشاطاً لخدمة العربية من أجل دين الله
وأعتذر منك على تعديل المشاركة حيث وجدت تصفحها
متعباً فحاولت تقريب الكلمات حتى لايتعب القارئ أثناء
القراءة .. ولكي يكمل له الاستماع بهذا الطرح الرائق الجميل
والذي أثنى عليه من هو أعلم وأرفع قدراً الأستاذ الكريم / السمو
الذي أطنب وأكمل وأوفى الموضوع .. وطرح طرحاً قيماً
استفدنا منه جميعاً واستمتعنا به.
وأتمنى أن يزداد الخير هنا ويكمل .. بتعدد الرؤى والنظرات
من قبل الفصحاء والذي أعلم أن فيهم أهل العلم والفضل
الذين لو تكلموا لما أردت لحديثهم انتهاءاً .. وظللت
تقرأ في شغف وحبور ,وطرحك الرائق أتى بأحدهم ولعله
يتم بالمزيد منهم لذلك ثبت الموضوع
واستحق أن يعتلي القائمة.
وفقك الله لكل خير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[سامح]ــــــــ[30 - 07 - 2004, 07:25 ص]ـ
أعجبني الموضوع فأردت المشاركة برأيي مع علمي بقلة
زادي من العلم ولكن نشارك ولو باليسير الذي نملك ..
" العواطف والمشاعر والأحاسيس يقصد بها مايشعر
به الإنسان تجاه العالم من حوله من حب أوكره
أو خوف ... وعاطفة الإنسان تؤثرفي تفكيره وفي
عمله فالإنسان يقدم إذا غضب ويهرب إذا خاف ,
فالحالة النفسية هي الدافع لعمل ما.
وأفكار الإنسان هي صدى لعواطفه وعواطفه هي
صدى خبراته وحياته وصفاته النفسية.
وكل نص أدبي قبل أن يكون موضوعاًَ وغرضاً
كانت مشاعر وأحاسيس
وعاطفة كالحب تولد الغزل , والإعجاب ينتج
المديح والوصف , والخوف يقود إلى الاعتذار , والحزن
يلجئ إلى الشكوى والبكاء والتشاؤم , والذل يعود
على التملق والنفاق.
والعاطفة هي التي تمنح الأدب الخلود
والعاطفة هي جواز سفر للأدب كي يصل إلى القلوب ,
قد نمل الكتاب العلمي ولكننا لانمل الأدب. ونعيد قراءة
القصائد الجيدة دون أن نسأم لأننا ندفن فيها آلامنا
(يُتْبَعُ)
(/)
ونغرز فيها توترنا , ولأنه عواطف لايغير من قيمتها
تغير الزمان أو المكان. ومن أجل ذلك فإن كل أدب
لايصدر عن عاطفة ولايثير عاطفة لايسمى أدباً.
والعاطفة القوية تجعل النص الذي تقل فيه الحقائق
والصور رائعاً خالداً والعاطفة الضعيفة تجعل النص
العميق الأفكار القوي الصور رديئاً.
شاعر المناسبة الجاهز يحاول أن يصنع موقداً
يحمي به عواطفه الباردة , وهذا صانع غير ملهم
يملك اللغة ولايملك العاطفة , والأدب هوالعاطفة
كما قال يحيى حقي يعلل سبب شهرة قصته (قنديل أم هشام)
:" خرجت من قلبي كالرصاصة ولهذا استقرت في قلوب القراء ".
إنشاء الأدب عمل ينبثق من العاطفة , وإنما الكلمات
والصور والأفكار والموسيقا ثياب وأجنحة تكسو
هذه الروح , والروح هي العاطفة.
والعاطفة هي التي تصهر المادة اللغوية وتقيم منها
عملاً مرئياً. وإنما اللغة والصور والأفكار كامنة
خفية لابد أن ينبجس الصخر حتى يخرج عذبها
ولاينبجس الصخر إلا بقوة الإحساس.
قد يتساوى الرجلان بعلمهما وقدرتهما ولكننا
نقول عن أحدهما مؤثر وعن الآخر غير مؤثر.
المؤثر هو ذو الإحساس القوي الذي تمتد
حرارته إلى الأخرين ... " (1)
من هنا لاأظن أن من رأى ولامس واحترق ..
ليس كمن روي له وسمع دون أن يعايش ويكتوي.
ولايبدع الأديب إلا حينما يسيل دمه دونما تحفيز
له بأن يهمع وينبعث .. وإنما هي الغيبوبة الواعية
التي يظن صاحبها أنه فقد فيها الوعي .. وغاب غياباً
تاماً عن التفكير .. وصار في حالة مخاض
شديدة تنبت معها بذرة تنمو مع كل نزف وكل ألم
حتى تكبر فتصبح منظومة أدبية خالدة.
لاأظن أن أي عمل أدبي خالد إلا كان ألماً دفيناً وجرحاً
غائراً آذى صاحبه توجعاً وألماً.
ومامدائح أبي الطيب التي خلدها التاريخ إلا شعور
صادق شفيف تجاه سيف الدوله الذي شاهده ولصق
به وخاض معه الحروب وشيد معه الانتصارات
وذاق معه علاقم الهزيمة حتى اكتمل بناؤه في قلبه
وأحبه بكل مافيه وأجله وقدره ورأى فيه ماكان يطمح
إليه ويؤمل .. فشهد من بعده أن السيفيات كانت أجمل
ماضمه ديوان المتنبي لاالمدائح التي خرجت زوراً
ونفاقاَ وطمعاً في غير سيف الدولة.
وقديماً قالوا "كل مؤلف يتمثل في سطوره " .. وترى الموضوع
نفسه يطرق من أفراد متعددين فترى لكل منهم شرعة ومنهاجاً
يختلف عن صاحبه .. وكأن لكل منهم موضوع مختص به.
إن الكاتب يبدع أكثر عندما يكتب عن تجربة
واقعية عايشها وأحس بها .. لكن هل معنى
هذا أنه لا يستطيع تخيل مشاعر ومواقف
ليس له عهد بها؟؟
لاأظنه .. ولو فعل لجنى على أدبه .. وماهلكة أدبنا الآن إلا
بسبب إجبار القلم على صنع الفكرة وتخيل الموضوع وإجبار
القلمعلى الكتابة فأجهد عقله ومراه بكثرة الإعادة والصنع
والترجيع ولو جعل قلبه يكتب لخلد أدبه ولأمتع قراءه ..
على أننا لاننكرأهمية اللغة في صنع الأدب .. والعاطفة
والخيال هما الجناحان اللذان يحلق بهما الأديب
إلى أبعد أفق وأوسع مدى ..
ومن ثم فإن الأدب إنما كان ناشئاً " ثمرة لحاجة الإنسان
إلى التعبير عن عقله وشعوره " (2)
ولذلك عرفوه بأنه " تعبير عن حالة شعورية
ألا يستطيع أن يكتب عن بيئة ليست كبيئته؟؟
ألا يكتب الرجل عن المرأة والشاب
عن العجوز؟؟
قد يكتب ويبدع .. ولكنه لايبحث ولايكد قريحته .. وإنما
يحس ويتعاطف .. ويدخل في العمق حتى يتلبس بمن
يكتب عنه فيصيربقلب امرأة وهو رجل .. وبفؤاد عجوز
وهو مازال يافعاً فالأديب يملك قلباً رفرافاً ومشاعر
تسع من على الأرض أجمعين.
فهاهو نزار قباني يبدع كاتباً عن المرأة .. وساكباً مدامعها
وعواطفها المستفيضة في أراجيز منغمة بأحلى وأصدق
المشاعر العذبة:
ويوم أجيء إليك
لكي أستعير كتاب
لأزعم أني أتيت لكي أستعير كتاب
تمد أصابعك المتعبة
إلى المكتبة
وأبقى أنا .. في ضباب الضباب
كأني سؤال بغير جواب
أحدق فيك وفي المكتبة
كما تفعل القطة الطيبة
تراك اكتشفت؟
تراك عرفت؟
بأنيَ جئت لغير الكتاب
وأني لست سوى كاذبة ..
وأمضي سريعاً إلى مخدعي
أضم الكتاب إلى أضلعي
كأني حملت الوجود معي
وأشعل ضوئي .. وأسدل حولي الستور
وأنبش بين السطور .. وخلف السطور
وأعدو وراء الفواصل .. أعدو
وراء نقاط تدور
ورأسي يدور
كأني عصفورة جائعة
تفتش عن فضلات البذور
لعلك .. يا .. ياصديقي الأثير
تركت بإحدى الزوايا ..
عبارة حب قصيرة ..
جنينة شوق صغيرة
لعلك بين الصحائف خبأت شيا
سلاماً صغيراً يعيد السلام إليا
لاأدري شعرت بتلاحق النبضات هنا
ففي كل صوت نبض يمثل الموقف
ويرسم سرعته وهدوءه وكأنه الفتاة لارجل يكتب عنها ..
---------------
(1) د. محمد بن سليمان القسومي.
(2) أصول النقد الأدبي:أحمد الشايب
ـ[تيمة]ــــــــ[03 - 08 - 2004, 02:58 ص]ـ
السلام عليكم ..
أخي السمو: آسفة لتأخري في الرد .. في الحقيقة أسفت جداً عندما ختمت الحديث واعتذرت عن الاطالة .. فقد كان حديثاً ممتعاً ومفيداً .. وتمنيت لو أسهبت أكثر .. على العموم أشكرك كثيراً لاستيفاء الأسئلة تقريباً ..
أعجبتني فكرة المحاور الثلاثة والأمثلة عليها .. وتمنيت لو وجدت أمثلة على سؤالي الأخير أيضاً .. أو احالة الى قصص أو قصائد أو مقالات أجد فيها مثالا للحدود المقصودة ..
وما زلت عطشى للمزيد من هذا الطرح القيم فلست الا طالبة في الصفوف التمهيدية ..
.......................................
الأخ سامح: انني فعلاً ممتنة لهذا التقدير لموضوعي المتواضع الذي نشأ من مجرد تساؤلات دارت بخلدي أثناء كتابتي لاحدى القصص ..
أمنيتك برؤية وجهات النظر المختلفة هنا موضع رجاء عندي .. ولن أقطع رجائي باذن الله لأنني واثقة بأن هذا المنتدى يضم نخبة تستحق الاستماع لآراءها والاستفادة منها بشكل كبير ..
عودتك محط اهتمام .. الا أنك ركزت على التساؤل الأول .. وجعلت العاطفة هي الدافع الوحيد لجعل الأدب خالداً وقيماً .. ولم تنتقل الى القضايا الأخرى .. فرجائي أن أرى يوماً وجهة نظرك فيها والحل الذي تطرحه لها ..
سعيدة باثراء الموضوع .. وان تغيبت في الرد كثيراً فمنكم العذر مقدماً ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سامح]ــــــــ[09 - 08 - 2004, 12:12 م]ـ
تيمة
عدت لأضع مايكتب المبدع المصلح د, الحضيف
بين يديكِ .. ستجدين فيها بعض الإجابات لأسئلتك
http://www.alhodaif.com/stories.php
أتمنى أن أعود لاحقاً(/)
سؤال عن تخصص الأدب المقارن
ـ[زازوم]ــــــــ[17 - 08 - 2004, 10:51 م]ـ
السلام عليكم
ما الجامعات العربية والغربية الي تقدم الماجستير في الأدب المقارن؟
وما المطلوب مني لأدرس هذا التخصص في الماجستير؟
علماً أن لدي بكالوريوس لغة عربية ودبلوم لغة انجليزية
ـ[نصير خضر]ــــــــ[20 - 01 - 2005, 10:17 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم
نعم يمكن أن أوجهك إلى جامعة عربية قيمة بهذا التخصص ألا وهي الجامعة الإسلامية في بغداد وبالخصوص كلية اللغة العربية وعلوم القرآن ويمكنني أن أعطيك كافة التفاصيل بخصوص القبول بالماجستير فيها
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[21 - 01 - 2005, 03:32 ص]ـ
مرحبا بك يا أستاذ نصير
أشرقت الأنوار
ـ[زازوم]ــــــــ[21 - 01 - 2005, 03:48 ص]ـ
شكرا يا أخ نصير على تفاعلك معي ولكن يبدو أن الأوضاع الأمنية لا تسمح بالدراسة في بغداد
ـ[نصير خضر]ــــــــ[21 - 01 - 2005, 02:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
بخصوص القبول في الجامعة فأنا مستعد وأما بخصوص الأمان فنحن نتمتع بشيء من الأمان ولا تسمع التهويل الذين ينقل عن العراق
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
ـ[الدكتور برهان أبو عسلي]ــــــــ[17 - 01 - 2006, 09:29 م]ـ
الأخ العزيز زازوم المحترم
الأدب المقارن تخصص غني جداً، وواسع الآفاق، والمتخصص فيه يجب أن يكون على دراية ووعي كافيين بأدبه القومي أولاً، وبالأدب الآخر الذي يقارن فيه، موضوعات، أدباء، أو غير ذلك. ناهيك عن الاطلاع على آداب الأمم الأخرى قديمها وحديثها.
هناك جامعات غربية كثيرة تمنح هذا التخصص: فرنسا، أمريكا، ألمانيا، روسيا، وغيرها من البلدان التي تدرس جامعاتها هذا التخصص.
وفي البلاد العربية هناك جامعات تُدرس هذا التخصص، ولكن المشكلة تكمن في وجود المصادر والمراجع المتعلقة بالموضوع الذي سيتناوله الدارس بالدراسة في الماجستير أو الدكتوراة.
وبما أنك تتقن اللغتين العربية والإنكليزية فلا مشكلة تعترضك من حيث اللغة، الأداة الرئيسية في تخصص الأدب المقارن.
أنصح بدراسة هذا التخصص في إحدى الجامعات الغربية، وأفضل أن تكون في أمريكا، لأن الدراسات المقارنية هناك متطورة عن غيرها، بل في تطور مستمر، أنصحك كذلك بالاطلاع أولاً على كتب الأدب المقارن العربي، وكذلك الكتب الأجنبية في هذا التخصص، كي تتعرف على مناهج الدراسات المقارنة في العالم. كما أنصحك بقراءة الأعمال الأدبية كالرواية، والقصة والمسرحية في الأدب العربي والأدب الإنكليزي أو الأمريكي مادمت تتقن تلك اللغة، لأن هذا يساعدك على اختيار موضوع جدير بالدراسة، ومن ثمَّ تكون متميزاً في دراستك.
أتمنى لك التوفيق في دراستك
وإن كنت بحاجة للمزيد من المعلومات فلا تتأخر عن الاستفسار
والسلام
ـ[معالي]ــــــــ[23 - 01 - 2006, 01:20 ص]ـ
الأدب المقارن تخصص غني جداً، وواسع الآفاق، والمتخصص فيه يجب أن يكون على دراية ووعي كافيين بأدبه القومي أولاً، وبالأدب الآخر الذي يقارن فيه، موضوعات، أدباء، أو غير ذلك. ناهيك عن الاطلاع على آداب الأمم الأخرى قديمها وحديثها.
هناك جامعات غربية كثيرة تمنح هذا التخصص: فرنسا، أمريكا، ألمانيا، روسيا، وغيرها من البلدان التي تدرس جامعاتها هذا التخصص.
وفي البلاد العربية هناك جامعات تُدرس هذا التخصص، ولكن المشكلة تكمن في وجود المصادر والمراجع المتعلقة بالموضوع الذي سيتناوله الدارس بالدراسة في الماجستير أو الدكتوراة.
وبما أنك تتقن اللغتين العربية والإنكليزية فلا مشكلة تعترضك من حيث اللغة، الأداة الرئيسية في تخصص الأدب المقارن.
أنصح بدراسة هذا التخصص في إحدى الجامعات الغربية، وأفضل أن تكون في أمريكا، لأن الدراسات المقارنية هناك متطورة عن غيرها، بل في تطور مستمر، أنصحك كذلك بالاطلاع أولاً على كتب الأدب المقارن العربي، وكذلك الكتب الأجنبية في هذا التخصص، كي تتعرف على مناهج الدراسات المقارنة في العالم. كما أنصحك بقراءة الأعمال الأدبية كالرواية، والقصة والمسرحية في الأدب العربي والأدب الإنكليزي أو الأمريكي مادمت تتقن تلك اللغة، لأن هذا يساعدك على اختيار موضوع جدير بالدراسة، ومن ثمَّ تكون متميزاً في دراستك.
كلامٌ رائع من أستاذ متخصص!!
دكتور برهان ..
حياك الله بيننا
وهنيئًا للفصيح وأعضائه انضمامك إليه
ولعل انتسابك أستاذنا إلى الفصيح يكون فاتحة خير لموضوعات ثرية في الأدب المقارن الذي يشكو فقرًا وعوزًا شديدين في هذا المنتدى، لاسيما وأنك المتخصص في الأدب المقارن مما يبشر بحضور علمي رائع ننتظره بشغف ..
أستاذنا
نحن بالانتظار
بارك الله فيك
وجزاك خيرا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الدكتور برهان أبو عسلي]ــــــــ[26 - 01 - 2006, 02:02 م]ـ
أشكرك أخت معالي على كلماتك اللطيفة
وإنني سعيد جداً بوجود هذا الموقع على الإنترنيت، وكنت أفكر بمثله، ولكن وجوده يكفي في الوقت الحاضر. وأشكر القائمين عليه. وإني أتمنى أن نسعى جميعاً لتطويره وإغنائه بما فيه من فائدة للمتخصصين والمهتمين في هذا الميدان الثري بالثقافة والمعرفة.
وبادئ ذي بدء أود أن أشير إلى أمر لفت انتباهي وأنا اقلب صفحات هذا الموقع وأقسامه أنَّ الأخوة الأعضاء والمشاركين - مع احترامي للجميع - قد استخدموا أسماء مستعارة، ومبهمة، وكان الأولى - مادام هذا الموقع يبحث في أمور علمية - أن يستخدموا أسماءهم الحقيقية، فذلك أفضل لنا ولهم. ومن هنا فإنني دخلت باسمي الحقيقي.
على كل حال أرجو أن ينتبه الأخوة الأعضاء إلى هذا الأمر ويعدِّلوا ملفاتهم الشخصية.
أكرر مرة أخرى سعادتي بهذا الموقع وبمن يكتب فيه، وإنني لن أتوانى عن الإسهام بما هو مفيد، ولن أبخل في الإجابة عن أي سؤال لدي معرفة به.
مع خالص تحياتي لك أخت معالي ولجميع الأخوة في هذا الموقع.
ـ[الدكتور برهان أبو عسلي]ــــــــ[01 - 02 - 2006, 10:07 م]ـ
أشكرك أخي أبا محمد على ما تفضلتم به
قصدت من كلامي أنَّ هناك أبحاثاً قيمة كتبها بعض الأخوة والزملاء، وهذه الأبحاث أو الآراء يمكن أن يستفيد منها بعض الباحثين في دراساتهم. فإذا كان صاحب الرأي أو البحث مجهولاً بالنسبة إلى الباحث، فكيف سيوثق كتابات الآخرين في مراجعه؟ هذا ما رميت إليه من ملاحظتي على كتابة الأسماء الحقيقة. مثال ذلك الأخ الكاتب زيد الخيل، له بعض الأعمال القيمة، فإذا أردت أن أستشهد بكلامه في دراساتي، فماذا أقول وأكتب؟؟ هل أكتب: انظر زيد الخيل؟؟؟ فمن يكون صاحب هذا الاسم (مع احترامي له وللجميع) وهل يُعتد به في التوثيق المرجعي؟؟؟؟
وقد لفت انتباهي كذلك أنَّ مثل هذه الأبحاث والدراسات التي يكتبها الأخوة في موقعكم مجهولة الهوية. فما صفتها العلمية؟؟؟ وهل هي منشورة من قبل؟ أم أنها تُنشر لأول مرة في هذا الموقع؟؟ وإذا كانت تُنشر لأول مرة ما مكانتها العلمية، وهل بإمكان الدارسين، الذين يجدون فيها فائدة، أن يعتمدوها في دراساتهم ويستندوا إليها فيما يكتبون؟؟
أليست هذه الأسئلة وغيرها جديرة بالاهتمام من قبل من يكتبون بأسماء مستعارة؟ ومن قبل المشرفين والقائمين على هذا الموقع الرائع، الذي يتوق إليه كلُّ باحث ودارس ومثقف؟؟
جزيتم الخير كله على ما تقومون به في عملكم النبيل
وأرجو الله أن أكون عوناً لكم فيما ترون بشأن تطوير هذا المنتدى وتوسيع مداه، علمياً وفكرياً وثقافياً، لتعمَّ الفائدة الجميع.
ودمتم
مع خالص المودة والتقدير
أخوكم برهان(/)
الشاعرية و التشاعر
ـ[العَرف]ــــــــ[26 - 08 - 2004, 08:27 م]ـ
:::
وبه نستعين
" شاعرية " و" تشاعر" والفرق بينهما جسيم يُلخص في الفرق بين "الانفعال الصادق"و"الافتعال المتصنَّع" .. لست ضليعة في بحور الأدب العربي ولا أملك زمام نقده لكنني أتذوقه: شعره ونثره .. وببساطة - أرجو قبولها – أطرح بواكير حروفي في منتداكم ..
الشعر لا يكون شعرا إلا إذا عبّر عن شعور صادق غير مفتعل ولا مبالغ فيه، بشرط أن يصادف ثراءً لُغويًّا يمكّن الشاعر من التعبير عن ذلك الشعور الصادق، على أن يقدم عطاءه في قالب شعري صحيح تتوافر فيه كل مقومات القصيدة الناجحة من وزن وقافية وتسلسل صحيح وترابط قوي بين الأبيات وصولا لأفضل سُبل التواصل بين الشاعر والمتلقي.
فمن لم تتوافر في شعره هذه المقومات جميعها كان له من الشاعرية نصيبٌ بقدر ما توافر لديه منها، وخطيرٌ أن يؤمن الفرد بنفسه على أنه شاعر ويغرق في هذا الإحساس الذي دفعه إليه حب الظهور أو التشجيع الهدام - شبيه إلى حد كبير بالنقد الهدام- دون النظر إلى إمكانات نفسه ... ومثل ذلك يهدم من جهتين هدماً مزدوجاً، يهدم في نفسه أولا القدرة على تطوير نفسه عندما أوهمها بأنه شاعر مُجيد، و يهدم الشعر ويسيء إليه ثانيا عندما أضاف إليه ما ليس منه.
ثم تأتي القاصمة على المتلقي إذ تنتج لديه رغبة في اعتزال القراءة لما أثقلت به الدواوين والصحف والجرائد والمنتديات من تفاهات التشاعر المُدَّعى؛ لأنه يرى في ذلك استهانة واستخفافاً بذوقه.
وما ينطبق على الشعر"الفصيح" يماثله لدى قرينه " النبطي " و مخطئ من يقول بأن الفصيح أجود أو العكس لأن الأمر تتحكم فيه الذائقة والميول لدى القارئ .. المهم أن يرتقي بالفكرة ويسمو بالهدف ويضيف لأمته ومجتمعه ونفسه ما يستحق .. فالإنسان يعبر عن ذاته بأقرب الكلمات إلى نفسه .. مع أن ميلنا عن الفصحى إلى اللهجات الدارجة هو في حد ذاته قصور فينا، لكن ليس هذا مجال حديثنا الآن.
ومع مناصرتي الشديدة للفصحى إلا أنها كلمة حق تقال: فمن شعراء النبطي من فاق غيره من الشعراء ويشهد له صدق الشعور و جزالة اللفظ وقوة التركيب وعمق الفكرة.
والأمر الأخطر .. والذي يشكل تهديدا حقيقيا على الشعر الحديث بشكل خاص .. هو المجاملة على حساب الشعر .. فما أكثر الألسن التي تلهج بعبارات الثناء المزيف والمجاملات السافرة .. ولا أدري لحساب من تنتهك حرمة الشعر .. وهي مجاملة تصدر سيئة من كل أحد ومن المتمكنين أسوأ وأفدح.
كان ذلك مجرد عبور أو إن شئتم فقولوا مدخلا للشروع في بسبر أغوار لجة بحركم العميق - منتدى الفصيح - فما أشد سعادتي بتواجدي بين من يدرك من الحرف مبناه و معناه ومن المعنى عمقه وفحواه .. فأرجو أن تجد أقزام حروفي مكانا بين عمالقة عباراتكم وسطوركم .. وأن أكون قد أضفتُ ما يستحق وإن لم يكن بجديد.
ولكم من الاحترام عظيمه
أختكم
العَرف
ـ[قريع دهره]ــــــــ[29 - 08 - 2004, 06:04 م]ـ
تحية كبيرة اختي الكريمة على الطرح الأكثر من رائع
ولكن لدي بعض النقاط
وأتمنى أن أجد لها جواباً
أنتي طرحتي أنه عندما طرحتي الموضوع وكتبتي أنه يوجد شعر وتشاعر
والشاعر لا يقول الشعر الا بوجود عاطفة
وصدقتي بهذا الكلام
ولكن لا يسمى هذا تشاعر يسمى ((نظم)) أو ((قرض الشعر))
حيث بعض البلغاء ليسوا بشعراء ولكن قوة اللغة والثروة للغوية جعلتهم يزنوا بعض الأبيات
ومنها تكون حكم أو نصائح أو تدليل لبعض المعاني
هذا من نقطة
النقطة الأخرى
قلتي لا يجب أن يغتر الشخص ينفسه حتى يصبح شاعرا.وأنه يؤمن أن يكون شاعرا ويغرق في الوهم؟؟
طيب
ألم تقرأي في الكتب أن المتنبي مغرور ويقول أنا أشعر العرب وكان يترفع عن المدح
وكان ابن حجه الحموي صاحب كتاب خزانة الأدب وغاية الأرب
كان يفتخر بنفسه ويصفق ويعجب بنفسه إذا قال قصيدة ويقول أنا أشعركم أنا أشعركم
وهذه غير الأبيات التي تقال في القصائد التي يمدح الشاعر قصيدته
كأبي تمام والمتنبي وغيرهم من الشعراء
هذه الملاحضات التي رأيتها على الموضوع
وغالب الموضوع ممتاز وجيد وبداية ناجحة وجميلة يالعرف
تحياتيـ
ـ[العَرف]ــــــــ[29 - 08 - 2004, 10:37 م]ـ
مرحبا بتواجدك أخي الكريم قريع دهره
ونرحب باعتراضك؛ بشرط أن لا يكون مبنيا على تسرع في الأخذ؛ فإني أستغرب أن تأخذ من السطور بداياتها وتترك الباقي ثم تعترض على فكرة بترتها بنفسك.
نعود إلى ما ذكرتُه أعلاه:
الشعر لا يكون شعرا إلا إذا عبّر عن شعور صادق بشرط أن يصادف ثراءً لغويا على أن يقدم عطاءه في قالب شعري صحيح تتوافر فيه كل مقومات القصيدة الناجحة من وزن وقافية وتسلسل صحيح وترابط. فمن لم تتوافر في شعره هذه المقومات جميعها كان له من الشاعرية نصيبٌ بقدر ما توافر لديه منها.
إذن لم أقصر الشعر على صدق العاطفة بل هي عوامل عدة، و لا يخرج عن كونه شاعرا من فقد جزءا من تلك المقومات، و لكن يتفوق شاعر على آخر بقدر ما اجتمع له منها.
قال قريع دهره: قلتي لا يجب أن يغتر الشخص ينفسه حتى يصبح شاعرا.وأنه يؤمن أن يكون شاعرا ويغرق في الوهم؟؟
والعَرف تقول: أرجّح أنك قرأت الموضوع على عجالة. فما قلت ذلك!!! ;) بل ذكرتُ خطورة إيمانه بكونه شاعر وإغراقه في ذلك الشعور بدافع حب الظهور والتشجيع الهدّام من البعض دون النظر إلى إمكانات نفسه.
فلا رابط بين هذا المتشاعر والمتنبي وفخره والحموي وإعجابه.
إذا كان التساؤل لا يزال قائما وجب التوضيح:)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[قريع دهره]ــــــــ[30 - 08 - 2004, 09:47 ص]ـ
طيب
احتمال يكون سوء بالفهم
ماهو التشاعر
ـ[العَرف]ــــــــ[31 - 08 - 2004, 12:49 م]ـ
باختصار شديد
إذا جاءت الكلمة على وزن " تفاعل " فمما تدل عليه ادّعاء الفعل.
التباكي = ادّعاء البكاء .. يتباكى = يدّعي أنه يبكي
التناسي = ادّعاء النسيان .. يتناسى = يدّعي أنه ناسٍ
تشاعر = ادعاء الشعر .. يتشاعر = يدّعي أنه شاعر
إذن التشاعر: هو أن يدعي الفرد أنه شاعر .. وفي الواقع لا يملك أقل مقومات الشعر الجيد .. فإما أن يختل لديه الوزن أو القافية، أو أن يكون شعره خالٍ من فكرة حقيقية ويفتقر للترابط.
ولا بأس في أن يبدأ الفرد منا بدايات يسيرة، وإن اختلّ في شعره الوزن أو تزعزعت القافية، أو تهلهلت الفكرة؛ فبداية الغيث قطرة، بشرط أن لا يظن في نفسه التميز والإجادة، ويؤمن بذلك، وكذلك على المتمرسين ضرورة التوجيه الدقيق والتشجيع المعقول دون إغفال لتوضيح ما يجب أن يتنبّه إليه في بداية مشواره من القصور وصولا للجودة.
أرجو التصويب من المختصين إن جانبنا الصواب
دمتم على الخير والرضى من الرحمن
ـ[أبو سارة]ــــــــ[31 - 08 - 2004, 03:10 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي سؤال ربما تكون له علاقة بما تفضلتما بذكره، وهو:
هل الشاعر يأتي بالقصيدة، أم القصيدة هي التي تأتي بالشاعر؟
قلت هذاالسؤال لأني اعتقد أن المتبحر بعلم العروض ليس من الضروري أن يكون شاعرا، وقد تقودنا هذه المعلومة إلى افتراض آخر، وهو أن الشاعر ربما يغفل الوزن مع الجهل، ولكن هذا لايخرجه عن دائرة الشاعرية، أعني في البداية واحتمالات التعثر0
ولكم مني أطيب التحايا0
ـ[ابن الرومي]ــــــــ[17 - 01 - 2005, 05:08 م]ـ
أشكركم على تفاعلكم
ـ[البحتري]ــــــــ[10 - 09 - 2005, 05:05 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي سؤال ربما تكون له علاقة بما تفضلتما بذكره، وهو:
هل الشاعر يأتي بالقصيدة، أم القصيدة هي التي تأتي بالشاعر؟
قلت هذاالسؤال لأني اعتقد أن المتبحر بعلم العروض ليس من الضروري أن يكون شاعرا، وقد تقودنا هذه المعلومة إلى افتراض آخر، وهو أن الشاعر ربما يغفل الوزن مع الجهل، ولكن هذا لايخرجه عن دائرة الشاعرية، أعني في البداية واحتمالات التعثر0
ولكم مني أطيب التحايا0
الأخ (أبو سارة).
لا أدري ولكن من وجهة نظري أن القصيدة هي التي تأتي بالشاعر ...
دليل ذلك ... أن الشاعر إذا همّ بكتابة قصيدة في موضوع ما وطُلبَ منه ذلك الأمر لم ترَ للقصيدة جودة تذكر ولم ترى تفاعل نفسي في أعماق هذه القصيدة.
على العكس حينما تثور خلجات النفس دون تأثير خارجي أي عندما تأتي القصيدة للشاعر أو بالشاعر تجدها مفعمه بالمشاعر سواء كانت فرح أو ترح وتجد هذه المشاعر صادقة .. مما تدفع الشاعر أو الأديب إلى الإبداع.
هذه وجهة نظري ربما تكون صائبة وربما تكون خاطئة.
وتحياتي لكم.(/)
كلام نفيس للآمدى
ـ[ابراهيم]ــــــــ[26 - 09 - 2004, 08:11 م]ـ
وقفت على بعض هذه الكلمه فى كتاب"تحت راية القرآن"لمصطفى صادق الرافعى فقمت بالرجوع الى كتاب الموازنة فوجدته فيه فأحببت أن أنقلها إليكم لما فيها من الفائدة.
وبعد؛ فلم لا تصدق نفسك أيها المدعي، وتعرفنا من أين طرأ عليك العلم بالشعر، أمن أجل أن عندك خزانة كتب تستمل على عدة من دواوين الشعراء وأنك ربما قلبت ذلك أو تصفحته أو حفظت القصيدة أو الخمسين منه? فإن كان ذلك هو الذي قوى ظنك، ومكن ثقتك بمعرفتك، فلم لا تدعي المعرفة بثياب بدنك ورحل بيتك ونفقاتك? فإنك دأباً تستعمل ذلك وتستمتع به، ولا تخلو من ملابسته كما تخلو في كثير من الأوقات من ملابسة الشعر ودراسته وإنشاده حتى إذا رمت تصريف دينار بدراهم أو تصريف دراهم بدينار أو ابتياع ثوبٍ أو شيء من الآلة لم تثق بفهمك ولا علمك حتى ترجع إلى من يعرف ذلك دونك فتستعين به على حاجتك? ولم لما خفت الغبينة في مالك فأذعنت وسلمت وأقررت بقلة المعرفة، ولم تخش الغبينة والوكس (1) في عقلك فتسلم العلم بالشعر إلى أهله? فإن الضرر في غبن العقل أعظم من الضرر في غبن المال.
فإن قلت: وما العلم بالخيل والبز والرقيق والذهب والفضة التي لم يطبع الإنسان على المعرفة بها والعلم بجيدها ورديئها كما طبع على الكلام؛ فكان كل أحد يكون متكلما، وليس كل أحد صيرفيا ولا بزازاً ولا نخاساً?.
قيل: ولا كل أحد يكون شاعراً، ولا خطيباً، ولا منطيقا بليغا، ولا بارعا، ولو كان ذلك كذلك لما رأيت أحداً يتكلم فيستحسن كلامه، وآخر يتكلم فيضحك منه؛ فالإنسان المتكلم يعلم معاني ألفاظ لغته، ولا يعلم جيدها من رديئها، ومتخيرها من مرذولها، كما أنه يعلم أيضاً أنواع الثياب والجواهر والخيل والرقيق، ويميز بين أجناسها، ولا يعلم جيد كل جنس من رديئه، وأرفعه من أدونه، فكما أن المعرفة بكل جنس من هذه صناعة، فكذلك المعرفة بكل جنس من أجناس الكلام والشعر والخطابة صناعة، فإذا رجعت في المعرفة بتلك إلى أهلها فارجع أيضاً في المعرفة بهذه إلى أهلها.
وبعد؛ فإني أدلك على ما ينتهي بك إلى البصيرة والعلم بأمر نفسك في معرفتك بأمر هذه الصناعة أو الجهل بها، وهو أن تنظر ما أجمع عليه الأئمة في علم الشعر من تفضيل بعض الشعراء على بعض، فإن عرفت علة ذلك فقد علمت، وإن لم تعرفها فقد جهلت، وذلك بأن تتأمل شعري أوس بن حجر والنابغة الجعدي؛ فتنظر من أين فضلوا أوساً، وتنظر في شعري بشر بن أبي خازم وتميم ابن أبي بن مقبل، فتنظر من أين فضلوا بشرا. وأخبرني بعض الشيوخ عن أبي العباس ثعلب عن ابن الأعرابي عن المفضل أن سائلا سأله عن الراعي وذى الرمة أيهما أشعر، فصاح عليه صيحة منكرة: أي لا يقاس ذو الرمة بالراعي، وكذلك غير المفضل لا يقيسه به ولا يقارب بينهما، فتأمل أيضاً شعري هذين فانظر من أين وقع التفضيل؛ فهذا الباب أقرب الأشياء لك إلى أن تعلم حالك في العلم بالشعر ونقده. فإن علمت من ذلك ما علموه، ولاح لك الطريق التي بها قدموا من قدموه وأخروا من أخروه؛ فثق حينئذ بنفسك، واحكم يستمع حكمك وإن لم ينته بك التأمل إلى علم ذلك فاعلم أنك بمعزل عن الصناعة، ثم إن كنت شاعرا فلا تظهر شعرك، واكتمه كما تكتم سرك، فإن قلت إنك قد انتهى بك التأمل إلى علم ما علموه لم يقبل ذلك منك حتى تذكر العلل والأسباب، فإن لم تقدر على تلخيص العبارة عن ذلك حتى تعلم شواهد ذلك من فهمك ودلائله من اختياراتك وتمييزك بين الجيد والردئ.
ثم إني أقول بعد ذلك: لعلك - أكرمك الله - اغتررت بأن شارفت شيئاً من تقسيمات المنطق، وجملا من الكلام والجدال، أو علمت أبواباً من الحلال والحرام (*)، أو حفظت صدراً من اللغة، أو اطلعت على بعض مقاييس العربية، وأنك لما أخذت بطرف نوع من هذه الأنواع معاناة ومزاولة ومتصل عناية فتوحدت فيه وميزت - ظننت أن كل ما لم تلابسه من العلوم ولم تزاوله يجري ذلك المجرى، وأنك متى تعرضت له وأمررت قريحتك عليه نفذت فيه، وكشفت لك عن معانيه، وهيهات! لقد ظننت باطلا، ورمت عسيراً؛ لأن العلم - أي نوع كان - لا يدركه طالبه إلا بالانقطاع إليه، والإكباب عليه، والجد فيه، والحرص على معرفة أسراره وغوامضه، ثم قد يتأتى جنسٌ من العلوم لطالبه وبتسهيل عليه، ويمتنع عليه جنس آخر ويتعذر؛ لأن كل امرئ إنما يتيسر له ما في طبعه قبوله، وما في طاقته تعلمه؛ فينبغي - أصلحك الله - أن تقف حيث وقف بك، وتقنع بما قسم لك، ولا تتعدى إلى ما ليس من شأنك ولا من صناعتك.
--------------------------------------------------------------------
(1) الوكس: النقص
(*) قال الرافعى هنا"هذه نسيها طه"(/)
مالفرق .. ؟؟
ـ[سمر]ــــــــ[02 - 10 - 2004, 09:39 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كثير مانسمع في النقد والأدب مصطلحي "الخيال و التخييل" فهل هناك فرق بينهما؟ وإن كان هناك فرق فماهو؟
وجزيتم خير الجزاء ....
ـ[فهد آل الخليفة]ــــــــ[03 - 10 - 2004, 01:03 ص]ـ
الخيال:
هو قدرة العقل على تشكيل الأشياء والأشخاص، ويعد الخيال همزة وصل بين المعادلات الذهنية والظواهر المحسوسة في الواقع المحيط.
التخييل:
هو القدرة على تأليف صور ذهنية تحاكي ظواهر الطبيعة أو تختلف عنها ثم التصرف بها بالتركيب والتحليل والزيادة والنقص.
إضاءة:
لا أعتقد أن هناك فرق شاسع بين ما ذكرت فكلاهما يسبحان في فلكٍ واحد.(/)
هل يشترط ... ؟؟
ـ[سمر]ــــــــ[04 - 10 - 2004, 12:24 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعرف أن الدرس الأدبي المقارن يعتمد على المقارنة بين الآداب المختلفة، لكن ... ؟!!
هل يشترط أن يكون الأدبين من لغتين مختلفتين؟
وهل نسمي المقارنة بين الأدباء في لغة واحدة أدبا مقارنا؟؟
وهل نعتبر مظاهر التأثر والتأثير بين أدبين داخل لغة واحدة من قبيل الأدب المقارن؟؟
ــــــــــــــــــ
ولكم تحياتي
ـ[فهد آل الخليفة]ــــــــ[04 - 10 - 2004, 01:59 ص]ـ
السلام عليكم
كما ذكرتِ أخت سمر فالأدب المقارن يتوخى البحث في الصلات التي تنشأ بين الآداب العلمية بغية الكشف عن عوامل التأثر والتأثير المتبادلين.
أما عن الأسئلة المطروحة من قبلك فلعلي أجيب وأصيب في آن ٍ واحد!!!!
س/ هل يشترط أن يكون الأدبين من لغتين مختلفتين؟
لا أعتقد ذلك .. بل يعتبر ركنًا من أركان الأدب المقارن لتعدد نطاق الأنواع الذي يستند إليه الأدب في مقارنته وتعدد الاتجاهات والأفكار والأساليب التعبيرية المختلفة وفيما بين الأدباء والمبدعين من أهل القلم عبر القارات والأوطان واللغات في العصور السابقة والمعاصرة فهناك الكثير والكثير غير اللغة يعتمد عليها الأدب في مقارنته مثل ما ذكرت سابقًا.
وهل نسمي المقارنة بين الأدباء في لغة واحدة أدبا مقارنا؟؟
هناك من يعتقد أن المقارنة بين الأدباء في لغة واحدة يعد من باب التأثر وليس مقارنة لكونهم أبناء لغة واحدة، وهناك من قال بعكس ذلك .. لأن منهجية الأدب المقارن دراسة المؤثرات استنادًا إلى ثبوت علاقات تفاعل بين أدبين مختلفين وإغفال الظاهرات المتشابهة أو المتقاربة ولم يشترط اختلاف اللغتين.
وهل نعتبر مظاهر التأثر والتأثير بين أدبين داخل لغة واحدة من قبيل الأدب المقارن؟؟
نعم .. ولكن بشرط أن تكون اللغة الموحدة من بلدين مختلفين لاختلاف العادات والظواهر والمضامين.
هذا ما لدي!!
.... وفوق كل ذي علمٍ عليم ....
ـ[أبو غازي]ــــــــ[21 - 10 - 2004, 05:07 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأستاذ فهد آل خليفة.
جزاك الله خيراً على ما أوردت
ولقد أعجبني بيتي الشعر اللذين في توقيعك
ولكن ما إعراب "إعصار"؟؟ لماذا رفعتها؟ أليست منصوبة؟
ـ[فهد آل الخليفة]ــــــــ[23 - 10 - 2004, 03:46 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الأخ الكريم: أبو غازي
البيتان من محاولاتي الشعرية .. وها أنا أقوم بتعديل البيت للأفضل شاكرًا لك حسن النقد والمتابعة .. ويبدو أن منتدانا يحتفي بقدوم ناقد ونحوي في آنٍ واحد ... (أبو غازي) لن أنسى هذا الاسم فيبدو أن له شأنٌ كبير.
لي ملاحظة:
هل نقول:
ولقد أعجبني بيتي الشعر.
أم
ولقد أعجبني بيتا الشعر.
تقبل من أخيك عاطر التحايا.
ـ[أبو غازي]ــــــــ[25 - 07 - 2005, 02:49 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعتذر عن تأخري في الرد, فقد انقطعت عن المنتدى فترة طويلة.
وأشكرك على الإطراء, مع أني لا أستحقه.
يبدو أن الصواب: لقد أعجبني بيتا الشعر
فنطبق قاعدة يسر الفعل ثم المفعول ثم الفاعل.
فما تقول يا أستاذ فهد؟
ـ[علي العمر]ــــــــ[09 - 09 - 2005, 10:19 م]ـ
الإجابة على الأسئلة هو كما يلي
1 - هل يشترط أن يكون الأدبين من لغتين مختلفتين؟
ج - نعم لا بد أن يكون الأدبين من لغتين مختلفتين حيث أن الأدب المقارن يدرس الثأثير والتأثر بين الآداب المختلفة في اللغات المختلفة
2 - وهل نسمي المقارنة بين الأدباء في لغة واحدة أدبا مقارنا؟؟
أما ما يكون بين أدبين من نفس اللغة فيسمى موازنة كلموازنة بين المعري والبحتري
3 - وهل نعتبر مظاهر التأثر والتأثير بين أدبين داخل لغة واحدة من قبيل الأدب المقارن؟؟
لا تعتبر من مظاهر التأثر والتأثير بين أدبين داخل لغة واحدة من قبيل الأدب المقارن لأن من شروط الأدب المقارن إختلاف اللغة(/)
الكلاسيكية
ـ[اسامة]ــــــــ[16 - 10 - 2004, 10:08 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اريد ان اعرف كل لاشى عن الكلاسيكية وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ـ[فهد آل الخليفة]ــــــــ[16 - 10 - 2004, 11:36 م]ـ
الكلاسيكية:
مذهب فني يشار به في صورة مطلقة إلى الاتجاهات الأصولية المأثورة في آداب الأمم وفنونها، وهي أولى المدارس المعروفة في النشوء التاريخي لحضارة كل أمة وفي لغتها القومية وآدابها وفنونها.
وهي تعني الاتجاه الذي سلكه الأدباء والفنانون ابتداء من عصر النهضة الأوربية والإحياء في القرن السادس عشر وما تلاه متتبعين في آثارهم الأدبية والفنية خطى أسلافهم من عباقرة الحضارتين الإغريقية والرومانية، يستوحونها الأغراض والأنواع وأساليب البيان وأشكال التعبير ويتخذون من تقليدها ومحاكاتها دستورًا لإبداعهم في الشعر كما في سائر الفنون وتعتبر إيطاليا هي الموطن الأوروبي الأول لبعث الكلاسيكية اليونانية والرومانية.
السمات العامة التي تميزت بها الكلاسيكية العالمية:
1 - العقلانية: وهي تعني الاحتكام إلى العقل وجعله القاعدة الأساس في المعادلة التي يقوم عليها العمل الأدبي والفني، بحيث ينشط الخيال فلا ينشط خارج الحدود ويتيه في اللاممكن واللامألوف وتثور العاطفة فلا تطغى على الفكر ولا تتجاوز حدود الاتزان والمنطق.
2 - التقليد والمحكاة: ونعني بها تقليد الطبيعة ومحاكاتها فالطبيعة سواء منها الطبيعة الخارجية والداخلية النفسية، هي التي ينبغي على الفنان أن يغترف من ينبوعها ليبلغ مراتب الجمال.
3 - جودة الصياغة وحسن السبك: ومعنى ذلك الاهتمام الكلي بفصاحة الألفاظ وبلاغة المعاني فابتعدوا عن الإبهام والغموض وتحاشوا في المقابل الوقوع في السهولة والابتذال وتوخوا الطبيعة والسلاسة والوضوح ودقة الدلالة وتهذيب الألفاظ وصقلها.
4 - الالتزام الأخلاقي: هو مبدأ متلازم مع غاية الجمال الفني، فالجمال وحده الناجم عن الفن لا يكفي لإحداث الفائدة العقلية المتوخاة.وإن يكن يكفي لإثارة الإمتاع والبهجة.
عذرا على التقصير
ـ[سمر]ــــــــ[25 - 10 - 2004, 09:59 م]ـ
أخي العزيز
لقد وجدت بعض المعلومات عن المذاهب النقدية على هذا الرابط
http://www.aliman.org/la12/la6.htm
أتمنى أن تجد فيه ماتريد ..
:)(/)
طلب نقد ونصيحة
ـ[أمين]ــــــــ[17 - 10 - 2004, 02:12 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
إخوتي الكرام في منتدى النقد أرجو منكم تقديم النصيحة وعدم المجاملة أبداً في نقد هذه القصيدة وجزاكم الله خيراً
توبةٌ وندم
ألاعودي لِرشدكِ واستشيري
أو انصرفي لربِكِ واستخيري
أو ابتعدي فإني ذو اصطِبارٍ
وطيري كالفراشةِ أو فَثوري
فلا قلبي تحطمهُ الرزايا
ولا ذا اللبِّ يُبهَرُ بالقُشُورِ
أنا مَنْ بِالرزايا زادَ صبري
وبردُ الظل عندي كالحرورِ
شُغِلّتُ عنِ الغرامِ بحبِّ ربٍ
جميلٍ كاملٍ هادٍ قديرِ
فيا قدمي رويدكِ لا تسيري
ويا عيني مكانَكِ لا تدوري
ويا نفسي الدنيَّةُ ما كفاكي
سنيناً من تغافلِكِ الخطيرِ
أحقاً أنني أغضَبتُ ربي.؟
أحقَّاً.؟. يا لَهولكِ من أمورِ
فكيفَ تطيبُ للعاني حياةٌ
بذكرٍ للمقابرِ والمصيرِ
وكيفَ بحالِ أرضٌ سرتُ فيها
أُقارِفُ ما يكبكبُ في السعيرِ
وكيفَ بِحالِ شِعرٌ هِمْتُ فيهِ
بوديانِ التفاهةِ والشرورِ
أهيمُ بوصفِ وادٍ بعدَ وادٍ
فَيَجري الغيُّ من بينِ السطورِ
وأَنْهَلُ من أبي تمامَ بعثاً
وفلسفةً وأغْرِفُ معْ جريرِ
وأحياناً أُ مَحْوَرُ حولَ ذاتي
كَرَبٍّ للخوَرْنَق والسديرِ
وأحياناً أُجَردُ من شعوري
فلا شعري يَسُرُّ ولا بحوري
فوا أَسفي على عُمُرٍ تَقَضَّى
كَفِرْيَةِ شيعةٍ حولَ الغديرِ
ويا أسفي على إعلانِ ذنبٍ
بِكُلِ بجاحةٍ مثلُ الزميرِ ..
صَحوتُ الأنَ يا ربي وإني
أتوبُ إليكَ عن ماضي مسيري
مَريرٌ طعمُ عِصْياني إلهي
كملمَسِ حيَّةٍ تحتَ الستورِ
تُغِيرُ عليَّ غربانُ الخَطايا
وتَغْمِزُني على الذنبِ الصغيرِ
وتُنْسيني مَهابةَ مَنْ سأَعصي
وبعضُ الذنْبِ يُودِي للشفيرِ
صَغِيرٌ ثُمَّ يتْبَعُهُ كبيرٌ
فَغَرَّتني .. كذاكَ تَغُرُ غَيري
فيا رباه عجل لي بِعَفوٍ
وَدَمعٍ سلسلٍ عذب النميرِ
يُضِيءُ الدربَ للعاصي فيَحيا
وينبِضُ قلبُهُ القاسي بِنورِ
غَرورٌ كانَ شيطاني وإني
لجأتُ إليكَ ربي من غَروري
أُغالِبُ شقوتي وألومُ نفسي
فَتَعْضُم حسرتي ويعي شُعوري
وأطلُبُ دمعَتي الحَرَّى رجاءً
لِعَفْوِ اللهِ ذو الفَضْلِ الكبيرِ
فَيَرْزُقُني الكريمُ بفيض دمعٍ
وأبكي خائفاً رغم السرورِ
فيا سُبْحانَ منْ بِيَدَيهِ قَلبي
يُقَلِّبُهُ على شرٍّ و خيرِ
وَجَلَّ الله مِن رَبٍ عَظيمٍ
لَهُ حَمدي وشُكري من جدير
يُجيبُ العَبدَ عِندَ حُلولِ كربٍ
ويجبُرُ عثرةَ الباكي الضرير
وصلى خالقي ما لاحَ برقٌ
على طه المُشَفَّعِ في النشورِ
ينامُ على الحَصيرِ ويأبَ عِزاً
ومنْ مِنَّا ينامُ على الحصيرِ(/)
استفسار ....
ـ[سمر]ــــــــ[24 - 10 - 2004, 11:32 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواني الأعزاء
مما لاشك فيه أن للفلسفة مكانة كبيرة في بعض فروع العربية خاصة بعدأن أخذ بعض العرب تلك الفلسفات وبعض المصطلحات واستخدموها في أشعارهم .. وهذا يحوجنا عند نقدها أو دراستها كنص أدبي أن يكون لدينا الإطلاع الكافي على بعض المصطلحات حتى نوظفها ..
سؤالي هل استطيع أن أعرف بعض المعاجم التي تهتم بالمصطلحات الفلسفية؟ أو كان هناك موقع على الشبكة العنكبوتية استطيع من خلاله التوصل إلى ماأريد أرجو منكم المساعدة؟؟
لكم خالص احترامي.:)(/)
تمهيدٌ في النَّقد
ـ[ناصر الكاتب]ــــــــ[28 - 10 - 2004, 11:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيدٌ في النَّقد
أحمد بن محمد الشامي
نقدُ الكلام في اللغة؛ معرفةُ جيّده من رديئه، وذكر محاسنه أو عيوبه؛ سواء كان شعراً أو نثراً، وله أصولٌ معتبرة طالما تحدَّث عنها المتقدّمون والمتأخرون في كُتبهم ورسائلهم، ومقالاتهم؛ وقد قسَّموه أنواعاً؛ فمنها ما يرجع إلى المعاني، ومنها ما يتعلق بالصّور الذهنيّة، والخيالات الشعريّة، ومنها ما يعود إلى الأوزان والمقاطع، ومنها ما يعود إلى ائتلاف بعض ذلك ببعض؛ وإذا كان المتقدّمون قد أبدعوا وأجادوا في نقد الألفاظ وتعلّقها بمعانيها، والأوزان، والقوافي، والقوافي والأسجاع، وائتلاف بعضها ببعض، وألفوا في ذلك الكتب المطوّلة والموجزة حَسَب معارفهم وقُدراتهم اللّغوية والبيانيَّة؛ فإنَّ المتأخرين قد تفنَّنوا، وتوسَّعوا في نقد الصور الذهنيَّة والدوافع الوجدانيَّة، ونقدوا النثر الفنيّ، والشِّعْر على مختلف أشكاله كفنّ من الفنون الجميلة.
وما كلّ ذِي ملَكَةٍ بيانيَّة يستطيع أنْ يكون «ناقداً» ولا سيَّما إذا كان المنقود «شعراً»؛ فهناك شروطٌ لا بدّ من توفّرها في «ناقدِ الشعر» وبحسبِ قوّتِها، أَو ضعفِها فيه تكونُ قوة «النقد» وضعفِه؛ «فالناقد» يجب أَنْ يكونَ واسعَ الاطّلاع، قويّ العارضة، ثاقب الذهن، بصيراً بأساليب البيان، فيلسوفاً شاعراً، مُتَبحّراً في علوم اللغة وآدابها؛ فإن عَرِيَ عن بعضِ هذه الشروط جاء نقدُهُ –إنْ تجرَّأ على النَّقد- وليسَ إلاّ موضوعاً إنشائياً؛ استوحاه من قصيدة شاعر، أو أدارَهُ على مقالة كاتب؛ واقفاً هنا وقفة استحسان، وهناك وقفة استهجان؛ مقتنعاً بالحديثِ عن الأشكال الظاهرة غير متعمّق إلى ما وراءها من صورٍ ذهنيَّة، ودوافع وجدانيَّة وملابسات نفسيَّة؛ كان لها أعظم الأثر في إبداع شعر الشاعر أو مقالة الكاتب البياني وما أبرع وأحكم الذي اشترط في «ناقد الشعر» أن يكون شاعراً؛ لأنَّ خوالج نفس «الشاعر» أكبر من أن تحدّها الكلمات؛ وإنَّه ليحسَّ بها في «ساعاته الشعريَّة» كغَشْيَةِ الوحي، وقد ركدت بشريَّتُه، وتحوَّل روحاً يطير في سماوات رائعة؛ وهنا الفرق بين القوي والضعيف؛ والمحلّق والعاثر، وبين مَنْ يجيد التعبير عن بعض تلك المعاني بِحَسَبِ ثَرْوَتِهِ اللّغويَّة؛ وبين مَنْ يتلَعْثَمُ ويقِفُ دون ما يرده الفن والجمال الشعري؛ لأنه محدود القدرة لغةً، واطّلاعاً، وذوقاً .... فإذا كان «ناقد الشّعر» شاعراً واسعَ الاطّلاع، مُتمكِّناً من آداب لغتِه، قويّ النَّفس، استطاع أن يتصوَّر الجوَّ الخاص الذي أحاطَ بالشاعر المنقود، وتمثَّل تلك «الغشية» السَّماويَّة، وعرض له ما عرض لصاحبه من قبله، وبذلك يَفْهَم تفوّقَه من قُصورِهِ، وقُوَّتَه من ضعْفِه، وكيف عثر، ومِنْ أينَ أدركه الضعف؟ وما الذي كان عليه أن يقول؟
فيأتي نقدُه محكماً.
وإذنْ؛ فمن أراد أن يَنقُدَ شعر شاعرٍ؛ فعليه أن يبحث أوَّلاً عن موهبة الشَّاعر فيتناول نفْسَهُ وطَبيعته الشاعرة ونصيبَه أو حظَّه منها؛ ثم يتكلَّم عن فنّه البياني، وما يتعلَّق بالألفاظ وعيوبها ومحاسِنِها، والسَّبك والأسلوب، وجودة التعبير أو رداءته.
ويقولُ الأستاذ مصطفى صادق الرافعي:
«ولا يُرادُ مِنَ النَّقدِ أن يكونَ الشاعر وشعره مادةَ إنشآء، بل مادة حساب مقدَّر بحقائق معيّنة لا بدَّ منها؛ فَنَقدُ الشِّعر هو في الحقيقة علمُ حساب الشعر، وقواعده الأربع التي تقابل الجمعَ، والطرح والضَّربَ، والقِسْمَةَ؛ هي الاطّلاع، والذَّوق، والخيالُ، والقريحة الملهمة».
وبالنَّقْدِ الصَّحيح يَسْمو الأدب، ولقَد كانَ مِن الأسباب التي سمَتْ بالشعر في العصر العبَّاسي الأوّل، ودَفعت أربابَه إلى الإتقان والإجادة؛ كثرةُ النقَّد؛ ومحاسبتهم للشّعرآء، ووقوفهم لهم بالمرصاد، فما كان الشاعرُ يرْسِل شِعْره إلاّ وهو يحسب حساب «الناقد» الخبير ببلاغة الكلام، وأساليب الفصاحة، ويُفكّر فيما عسى أن يقول فيه من مَدْح أو قدح؛ فإذا ما اتَّجَهْنَا هَذا الاتّجاه على طريقٍ مُسْتَقيم فسنحفظ نهضتَنَا الأدبيَّة من التَّعثُّر، ونصقلُ الأفكار والألسنة والأقلام بصقال الإجادة، والتهذيب، والتنقيح.
ومن أهمّ شروط «الناقد» النّزاهة، والإنصاف؛ فإذا كان «الشاعر» يُمثِّل «العاطفة المتكلِّمة»؛ فإنَّ «الناقد» يُثل «العقل المميّز»، وإذا كانت «العواطف» والرغبات تنْدفع مَعَ ما يسرُّ ويُؤلم، وإن تعصَّبتْ وكابَرَتْ؛ فإنَّ «العَقْلَ» لا يَجْهَر إلاَّ بما يراه حقًّا، والحق والإنصاف هما جوهرُ وجودِه .... فإن تعصَّب مُكابراً .... وتعنَّت مُتَعَسِّفاً؛ فقد ذلَّ للهوى؛ ولم يِعُد «عقلا».!
لا مجاملة في «النقد» ولا مجازفة، ولا تحامُل، ولا تهريج. لأنَّه «ميزان» يرجحُ بالوزن لأنَّه راجحٌ في نفسه، ويطيحُ بالهبآء لأنَّه هبآء في حقيقتِهِ؛ وكل من ماورآء ذلك من بيان مُزَوّق، وقولٍ منمَّق، فإنَّما هو إرضآءٌ لِرَغْبَةِ الفَنّ، وإشباعٌ لِشَهْوة البيان.
وبعد هذا نقولُ ما قاله «الرافعي» أيضاً:
«إذا كانَ من نَقْدِ الشِّعر عِلمٌ؛ فهو علمُ تشْريحِ الأَفكَار، وإذا كان منهُ فنٌّ؛ فهو فنُّ درسِ العاطفة؛ وإذا كانَ مِنهُ صِناعة؛ فَهو صِنَاعة إظهار «الجَمَال البياني في اللّغة» اهـ. وما أعجب وأدقّ هذا الكلام.
المصدر:
أحمد بن محمد الشامي: مَع الشّعر المعاصِر في اليمن "نقدٌ وتاريخ" ص: 245(/)
الأدب العجائبي
ـ[المضري]ــــــــ[07 - 11 - 2004, 03:15 م]ـ
الأخوة الكرام السلام عليكم
هل أستطيع الحصول منكم على معلومات حول الأدب العجائبي وكتب ومقالات توضح هذا الأدب
وكذلك هل هناك من تحدث عن العجائبية في شعر عنترة وهل هناك دراسات قارنت بينه وبين العجائبية في الأداب الاخرى
ولكم شكري
ـ[وردة11]ــــــــ[11 - 11 - 2010, 08:49 م]ـ
السلام عليكم
اخي المضري سعيدة انني سمعت شخصا اخر له نفس اهتماماتي للادب العجائبي حيت انني بصدد تحضير دكتوراه في هدا التخصص و اتمنى تبادل المعرفة(/)
صفي الدين الحلي يذم التقعر
ـ[سمط اللآلئ]ــــــــ[17 - 11 - 2004, 04:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لما رأيت القسم شبه مهجور؛ أحببت المشاركة فيه، راجية أن تجد مشاركاتي منكم القبول والاستحسان ...
قال صفي الدين الحلي يذم التقعر في استخدام الألفاظ:
إنما الحيزبون والدردبيس () () () والطخا والنقاخ والعلطبيس
لغة تنفر المسامع منها () () () حين تروى وتشمئز النفوس
أين قولي: هذا كثيب قديم () () () ومقالي: عقنقل قدموس
إنما هذه القلوب حديد () () () ولذيذ الألفاظ مغناطيس(/)
بارك الله فيك
ـ[علي العمر]ــــــــ[18 - 11 - 2004, 12:58 ص]ـ
بارك الله فيكم وكم أشتقت للمنتدى وخاصة هذا القسم
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 11 - 2004, 03:14 ص]ـ
أطلت الغياب
حمدا لله على السلامة
ـ[سامح]ــــــــ[29 - 11 - 2004, 01:30 ص]ـ
أهلاً بعودتك
:)
والمنتدى أنبأنا باشتياقه لكم أيضاً ..
كن هنا دائماً
..
.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[علي العمر]ــــــــ[31 - 08 - 2005, 05:29 ص]ـ
أعتذر يا أهل البيان عن غيابي وذلك لكثرة المشاغل لكن والله لأن حبكم يسري في روحي كما يسري عذب المعاني في أعماق المرتشف من سلسبيل فصحانا(/)
صحيفة بشر بن المعتمر
ـ[سمط اللآلئ]ــــــــ[19 - 11 - 2004, 08:02 م]ـ
قال بشر بن المعتمر:
" خذ من نفسك ساعة نشاطك وفراغ بالك وإجابتها إياك، فإن قليل تلك الساعة أكرم جوهرا وأشرف حسبا وأحسن في الأسماع وأحلى في الصدور وأسلم من فاحش الخطأ وأجلب لكل عين وغُرة من لفظ شريف ومعنى بديع. واعلم أن ذلك أجدى عليك مما يعطيك يومك الأطول بالكد والمطاولة المجاهدة، وبالتكلف والمعاودة. ومهما أخطأك لم يخطئك أن يكون مقبولا قصدا وخفيفا على اللسان سهلا، وكما خرج من ينبوعه ونجم من معدنه.
وإياك والتوعر، فإن التوعر يسْلمك إلى التعقيد، والتعقيد هو الذي يستهلك معانيك. ويشين ألفاظك. ومن أراغ معنى كريما فليلتمس له لفظا كريما، فإن حق المعنى الشريف اللفظ الشريف، ومن حقهما أن تصونهما عما يفسدهما ويهجنهما، وعما تعود من أجله أن تكون أسوأ حالا منك قبل أن تلتمس إظهارهما، وترتهن نفسك بملابستهما وقضاء حقهما.
فكن في ثلاث منازل، فإن أولى الثلاث أن يكون لفظك رشيقا عذبا وفخما سهلا، ويكون معناك ظاهرا مكشوفا وقريبا معروفا، إما عند الخاصة إن كنت للخاصة قصدت، وإما عند العامة إن كنت للعامة أردت. والمعنى ليس يشرف بأن يكون من معاني الخاصة، وكذلك ليس يتضع بأن يكون من معاني العامة، وإنما مدار الشرف على الصواب وإحراز المنفعة مع موافقة الحال وما يجب لكل مقام من المقال. وكذلك اللفظ العامي والخاصي. فإن أمكنك أن تبلغ من بيان لسانك وبلاغة قلمك ولطف مداخلك واقتدارك على نفسك إلى أن تفهم العامة معاني الخاصة وتكسوها الألفاظ الواسطة التي لا تلطف عن الدهماء، ولا تجفو عن الأكفاء، فأنت البليغ التام.
فإن كانت المنزلة الأولى لا تواتيك ولا تعتريك ولا تسنح لك عند أول نظرك وفي أول تكلفك وتجد اللفظة لم تقع موقعها ولم تصر إلى قرارها وإلى حقها من أماكنها المقسومة لها، والقافية لم تحل في مركزها وفي نصابها ولم تتصل بشكلها، وكانت قلقة في مكانها نافرة من موضعها فلا تكرهها على اغتصاب الأماكن والنزول في غير أوطانها، فإنك إذا لم تتعاط قرض الشعر الموزون ولم تتكلف اختيار الكلام المنثور لم يعبك بترك ذلك أحد. فإن أنت تكلفتهما ولم تكن حاذقا مطبوعا ولا محكما لسانك بصيرا بما عليك وما لك عابك من أنت أقل عيبا منه ورأى من هو دونك أنه فوقك. فإن ابتليت بأن تتكلف القول وتتعاطى الصنعة ولم تسمح لك الطباع في أول وهلة وتعاصى عليك بعد إجالة الفكرة فلا تعجل ولا تضجر، ودعه بياض يومك وسواد ليلك، وعاوده عند نشاطك وفراغ بالك فإنك لا تعدم الإجابة والمواتاة إن كانت هناك طبيعة أو جريت من الصناعة على عرق.
فإن تمنع عليك بعد ذلك من غير حادث شغل عرض ومن غير طول إهمال، فالمنزلة الثالثة أن تتحول عن هذه الصناعة إلى أشهى الصناعات إليك وأخفها عليك، فإنك لم تشتهها ولم تنازع إليها إلا وبينكما نسب، والشيء لا يحن إلا إلى ما يشاكله، وإن كانت المشاكلة قد تكون في طبقات، لأن النفوس لا تجود بمكنونها مع الرغبة ولا تسمح بمخزونها مع الرهبة، كما تجود به مع الشهوة والمحبة.
وينبغي للمتكلم أن يعرف أقدار المعاني ويوازن بينها وبين أقدار المستمعين وبين أقدار الحالات، فيجعل لكل طبقة من ذلك كلاما ولكل حالة من ذلك مقاما، حتى يقسم أقدار الكلام على أقدار المعاني ويقسم أقدار المعاني على أقدار المقامات وأقدار المستمعين على أقدار تلك الحالات، فإن كان الخطيب متكلما تجنب ألفاظ المتكلمين، كما أنه إن عبر عن شيء من صناعة الكلام واصفا أو مجيبا أو سائلا كان أولى الألفاظ به ألفاظ المتكلمين إذ كانوا لتلك العبارات أفهم، وإلى تلك الألفاظ أميل وإليها أحن وبها أشغف، ولأن كبار المتكلمين ورؤساء النظارين كانوا فوق أكثر الخطباء وأبلغ من كثير من البلغاء، وهم تخيروا تلك الألفاظ لتلك المعاني، وهم اشتقوا لها من كلام العرب تلك الأسماء، وهم اصطلحوا على تسمية ما لم يكن له في لغة العرب اسم، فصاروا في ذلك سلفا لكل خلف وقدوة لكل تابع، ولذلك قالوا: العرض والجوهر وأيس وليس، وفرقوا بين البطلان والتلاشي، وذكروا الهذية والهوية الماهية وأشباه ذلك ".
[من” البيان والتبيين “: (1/ 135 وما بعدها)](/)
اشحذ بنات أفكارك في نقد قصيدة نزار (غرناطة)؟!
ـ[الزكي]ــــــــ[01 - 12 - 2004, 01:23 م]ـ
باسمه تعالى
السلام عليكم
بعد غياب طويل عن هذا البيت الجميل؛ لأسباب وظروف حياتية، وأسباب هذه الأجهزة ... ووو
المهم أني رجعت وعندي طلب إلى الأخوة الأعزاء أساتذتنا الفصحاء في الفصيح، وكلكم كذلك ..
أحد الأخوة أراد نقداً كاملاً أو قدر ما يتيسر الأمر لقصيدة من قصائد نزار قباني وهي (غرناطة) وما فيها من صور بلاغية وتعبيرية وجمالية ... ووو ألخ .. وهذا مجالكم رعاكم الله
القصيدة ..
غرناطة
في مدخل الحمراء كان لقاؤنا
ما أطيب اللقيا بلا ميعاد
عينان سوداوان في جحريهما
تتوالد الأبعاد من أبعاد
هل أنت إسبانية؟ ساءلتها
قالت: وفي غرناطة ميلادي
غرناطة؟ وصحت قرون سبعة
في تينك العينين .. بعد رقاد
وأمية راياتها مرفوعة
وجيادها موصولة بجياد
ما أغرب التاريخ كيف أعادني
لحفيدة سمراء من أحفادي
وجه دمشقي رأيت خلاله
أجفان بلقيس وجيد سعاد
ورأيت منزلنا القديم وحجرة
كانت بها أمي تمد وسادي
والياسمينة رصعت بنجومها
والبركة الذهبية الإنشاد
ودمشق، أين تكون؟ قلت ترينها
في شعرك المنساب .. نهر سواد
في وجهك العربي، في الثغر الذي
ما زال مختزناً شموس بلادي
في طيب "جنات العريف" ومائها
في الفل، في الريحان، في الكباد
سارت معي .. والشعر يلهث خلفها
كسنابل تركت بغير حصاد
يتألق القرط الطويل بجيدها
مثل الشموع بليلة الميلاد ..
ومشيت مثل الطفل خلف دليلتي
وورائي التاريخ كوم رماد
الزخرفات .. أكاد أسمع نبضها
والزركشات على السقوف تنادي
قالت: هنا "الحمراء" زهو جدودنا
فاقرأ على جدرانها أمجادي
أمجادها؟ ومسحت جرحاً نازفاً
ومسحت جرحاً ثانياً بفؤادي
يا ليت وارثتي الجميلة أدركت
أن الذين عنتهم أجدادي
عانقت فيها عندما ودعتها
رجلاً يسمى "طارق بن زياد"*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
أتمنى الرد سريعاً
رعاكم الله،،،
ـ[سمر]ــــــــ[20 - 12 - 2004, 11:35 م]ـ
يتألق القرط الطويل بجيدها
مثل الشموع بليلة الميلاد ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا استوقفنا كثيرا وقلت أنا ومن تناقشنا حوله لماذا قال بعد القرط الجيد والمعروف ان العقدهو الذي في الجيد فقلنا ...
بعد النظر في خريطة الأندلس وجدنا غرناطة تقع جنوبا فكأنها اللؤلؤ الموجود آخر القرط
(((لو استطعت أن ارسم الخريطة لفعلت حتى تتضح الفكرة))) فقرناطة هي آخر ماسقطت ...
أرجو ان اكون قد وضحت فكرتي .. فهي محاولة فقط ...(/)
مساعدة في النقد
ـ[بنت الهدى]ــــــــ[10 - 12 - 2004, 11:23 ص]ـ
السلام
ممكن احد يساعدني لو سمحتوا عندي سؤال نقد
السؤال:انقد اعلانا شاهدته في الاذاعه المرئيه, مسترشدا بمعايير كتابيته وهي كما يلي اولا: تحديد فكرة الاعلان ثم تحديد الجمهور الذي تخاطبه لمعرفة نوعيته ومستواه الثقافي واللغه التي تناسبه ثانيا: مراعاة الايجاز عند كتابه الاعلان بحيث تختار كلمات قليله تناسب المعنى المراد نقله الي الجمهور ثالثا: تحديد البيانات اللازمه للاعلان بدقه حتى تكون مكتفيه بنفسها ولاتحتاج الي شرح او تفسير
الاعلان لازم يكون الي سلعه او عمل ثقافي او فني او تجاري او اجتماعي وبس
اني اريد أي اعلان لان هذا واجب عندي ومطلوب أي اعلان فارجوكم ساعدوني
ـ[بنت الهدى]ــــــــ[11 - 12 - 2004, 10:39 ص]ـ
13 زياره حق الموضوع ولاحد راضي يساعدني ليش جذيه
ـ[الحالم .. ]ــــــــ[14 - 01 - 2005, 01:45 ص]ـ
بصراحة اخت بنت الهدى ودي اخدمك بس المسألة طويلة وانا لم افهم ماالمطلوب بالظبط
لكن اذا كان اعلان فما المراد بالاعلان .. ؟؟ هل هو فصيح أم سوقي ام ماذا
واذا كان المسألة إعلان تلفزيوني فبإمكانك اختيار إعلان تلفزيوني وإتي بعبارات منه ونحن ننقدها لكن أنصحك بالاعتماد على نفسك لأن الموضوع معقد بعض الشيء ..
ـ[بنت الهدى]ــــــــ[14 - 01 - 2005, 08:59 م]ـ
مرحبا شكرا على تعاونك بس السؤال اني سويته وخلصت وسلمته الي دكتوره
مع السلامه(/)
ما هو النقد؟
ـ[عاشقة لغة الضاد]ــــــــ[14 - 12 - 2004, 04:07 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أعضاء الفصيح الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لدي سؤال فأرجو أن تعطوني إجابة شافية له. وهو
ما معنى النقد و ما أنواعه، ومن أشهر النقاد؟، و إلى أي فرع من فروع اللغة ينتمي النقد أهو فرع مستقل؟
و جزاكم الله خيرا ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[وحي اليراع]ــــــــ[20 - 12 - 2004, 04:54 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
أهلا بالأخت: عاشقة لغة الضاد.
قال بعضهم:
(النقد الأدبي ثمرة للأدب ذاته .. والأدب ثمرة طبيعية للبيئة .. والأديب .. فوظيفة النقد الأدبي هي تقويم العمل الأدبي وبيان قيمته الموضوعية وتحديد مكانه .. وما أداه للعربية أدبا ولغة وتصوير خصائص صاحبه الشعورية والتعبيرية والنفسية وكشف العوامل الخارجية التي أثرت أو اشتركت في التأثير عليه. والنقد الأدبي عرفه العرب منذ عصور الجاهلية حيث اعتمد على السليقة والفطرة .. يستمد منها أحكامه .. لكنه لم تحدد أصوله وقوانينه إلا في العصر الحديث نتيجة لجهود متعددة قام بها مشاهير النقاد الغربيين).
فبإختصار شديد النقد الأدبي هو:
تقويم العمل الأدبي، وبيان أوجه الجمال أو القبح فيه.
ويقول الأستاذ أحمد أمين:
(إذا كان النقد فنا فيجب أن يخضع لقوانين الفن فهناك قواعد أصلية تشترك فيها كل الفنون ومنها الأدب .. وهذه القواعد منها ما هو مستمد من علم النفس ومنها ما هو مستمد من علم الجمال وغير ذلك .. وكلما تقدم الناس في فهم علم الجمال زاد تقدمهم في فهم قواعد الفن وتبع ذلك تقدمهم في التطبيق على النقد الأدبي. والناقدون والأدباء تناولوا دراسة تاريخ الأدب من نواح مختلفة فيعضهم تناوله من الناحية التاريخية فهم مثلا يدرسون العصر الجاهلي ثم العصر الإسلامي ثم العباسي وهكذا حجتهم في ذلك أن الأدب ظل للحياة الاجتماعية وممثل لها .. ولا يمكن فهم الأدب حق الفهم إلا إذا فهمت البيئة التي أنتجته).
أما أنواع النقد في العصر الحديث:
1 - النقد الفني.
2 - النقد النفسي.
3 - النقد التاريخي.
4 - النقد التكاملي.
وقد يندرج تحت هذه القائمة (النقد الفطري)، أي استحسان قصيدة، أو بيت، أو قصة .. ويكون هذا النقد لدى عامة الناس، الذين لا إلمام لهم بالنقد، ويتميز بعدم التعليل. كما هو موجود في الأدب القديم، حيث يقف الناقد على القصيدة ويقول: هذا هو أجمل بيت قالته العرب، أو هذا هو أغزل بيت قالته العرب، أو هذا هو أهجى بيت قالته العرب، و لكن يقف هذا الناقد عند هذه النقطة؛ فلا يستطيع قول الأسباب التي دعته إلى النطق بالحكم، إلا بعض الأمثلة القليلة والتي تكون أيضا شاملة، وعامة، وتفتقد إلى التحليل الكامل.
أشهر النقاد الأقدمون:
ابن سلام الجمحي، في كتابة طبقات الشعراء، وأبو عثمان عمرو الجاحظ، في كتبة البيان والتبيين، والحيوان، ورسالة التربيع والتدوين، وعبد القاهر الجرجاني، وأحمد بن فارس، والآمدي، وعبد الله بن المعتز، وأبو العلاء المعري ... وغيرهم.
أشهر النقاد المحدثون:
الشيخ حسن المرصفي في كتابة الوسيلة الأدبية، وإبراهيم المازني والعقاد في كتابهما الديوان، ومصطفى السحرتي في كتابه الشعر المعاصر في ضوء النقد الحديث، وأحمد أمين في كتابه النقد الأدبي ... وغيرهم.
أمّا الإنتماء فالنقد لا ينتمي إلى فرع مخصص، فهو الوليد الشرعي للأدب عموما، فالناقد قد ينقد القصيدة، وقد ينقد القصة، وقد ينقد الرواية، وقد ينقد المسرحية ... وغير هذا.
فلذلك فالنقد علم مستقل، لا يوجد إلا مع غيره، وأكثر شمولية حيث يتميز النقد عن العلوم الأخرى بأنه الجامع لها، فعندما يتناول أحد النقاد قصيدة معينة، فإنه سيتحدث فيها عن الأساليب والصور وهذا نجده في البلاغة، وسيتناول الألفاظ والتراكيب وهذا نجده في اللغة، ويتناول الموسيقى والبحور وهذا نجده في العروض ... وهلم جرَّا.
ـ[عاشقة لغة الضاد]ــــــــ[20 - 12 - 2004, 02:55 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي وحي اليراع على هذه المعلومات الدقيقة، المرتبة، المتسلسلة، زاد الله فضلك، وأكثر من أمثالك، ووفقك الله لفعل الخير، و إني والله لأفخر بأمثالك من أحباء الضاد. فالشكر الجزيل لك أخي الفاضل.
ـ[وحي اليراع]ــــــــ[20 - 12 - 2004, 09:17 م]ـ
العفو أختي الفاضلة.(/)
أولئك آبائي .. ! قراءة في منجزنا النقدي .. (الحلقة الأولى)
ـ[ابن الشمس]ــــــــ[18 - 12 - 2004, 06:52 م]ـ
مرحبا بكم ..
أشعر دائما أني مدين لكثير من الرجال .. لكثير من المنجزات .. لكثير من اللحظات التي شهدت ولادة هذا المنجز أو ذاك .. و من هنا بزغت في ذهني شمس فكرة أحسبها اعترافا حييا جدا بالجميل لقوم أثرونا كثيرا .. و مازالت منجزاتهم حية ترزق بعد أن رحلوا هم .. أفلا يسوغ لنا أن نذكرهم .. و نذكّر بهم .. ؟
فكرتي -أيها الأصدقاء- تتلخص في قراءات موجزة في منجزاتنا النقدية (و لقد اخترت هذا الفرع تحديدا-أعني النقد- بحكم قربي منه و تخصصي فيه) هذه القراءات هدفها التعريف بتلك المنجزات و أثرها و قيمتها العلمية و هكذا .. بيد أنها لا تغني المتخصصين و لا تسد رمق جوعهم إلى المعرفة .. هي فقط تفتح الفجوة الأولى التي يتسلل من ضوء المعرفة ..
و المنهج الوحيد لهذه القراءات هو أنها بلا منهج!! .. هي فقط رحلة في أفياء منجزاتنا النقدية و لقد أحببت أن تشاركوني فيها .. فإلى الحلقة الأولى ..
ابن رشيق القرواني
تعريف موجز:
هو أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني الأزدي، ولد في نهايات القرن الرابع الهجري في مدينة (المحمدية) في المغرب العربي، وكان ذا ميول أدبية فاتجه إلى القراءة، ورغب في الاستزادة من علوم اللغة والأدب، فرحل إلى القيروان ولما يبلغ السابعة عشرة، واتصل ثمة بالمعز بن باديس وابنه تميم وأهل العلم والأدب فاشتهر أمره ونبه ذكره.
تتلمذ على يد أشهر علماء عصره كالقزاز النحوي صاحب (الضرائر الشعرية) وعبد الكريم النهشلي صاحب (الممتع في علم الشعر وعمله) وغيرهما.
توفي رحمه الله غرَّة ذي القعدة سنة 456هـ عن ست وستين سنة.
مؤلفاته:
ترك ابن رشيق آثارًا نقدية جُلَّى يتصدرها كتابه (العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده) وسيأتي – لاحقًا – حديث مفصّل عنه.
وله أيضًا (قراضة الذهب) الذي صنّفه للرد على ابن شرف الذي اتهم ابن رشيق بالسطو على آراء أستاذه عبد الكريم النهشلي.
ولابن رشيق كتاب (أنموذج الزمان في شعراء القيروان) ويسمى في بعض النسخ (الأنموذج في الشعراء) وهو ترجمة مفصّلة لشعراء القيروان في عصره.
وإضافة إلى تلك الكتب فلابن رشيق عدد من الرسائل المفقودة.
جهوده النقدية: يُعَد كتاب ابن رشيق (العمدة في محاسن الشعر) واحدًا من أهم المنجزات النقدية العربية قديمًا، ويُعدّ – أيضًا – موسوعة نقدية بالنظر إلى ما أُلف قبله من كتب النقد الأدبي في المشرق وقتذاك.
لقد أحدث (العمدة) نُقلة نوعية في الجهود النقدية العربية؛ ذلك أن المؤلف اطلع على دواوين العرب واستوعبها، وألمَّ بما صنّف قبله من بحوث في اللغة والأدب والنقد والبلاغة وأحاط بها علمًا وفهمًا فهضمها وتمثلها.
ولعل أبرز القضايا النقدية التي تضمنها كتاب العمدة:
1 - موسيقا الشعر:
عقد ابن رشيق فصلاً في فضل الشعر، ورأى أن المزيّة للشعر إذا اتفق هو والنشر في طبقة واحدة ذلك أن للشعر نظامًا موسيقيًا مميزًا يعطيه الأفضلية على نظيره.
وفي بابي الأوزان والقوافي قرر ابن رشيق أن الوزن أعظم أركان الشعر وأولاها به خصوصية، والوزن مشتمل على القافية وجالب لها ضرورة والمطبوع يستغني بطبعه عن معرفة الأوزان حتى أن ابن رشيق لا يعد التضمين العروضي عيبًا إذا كان الشاعر مجيدًا.
2 - الطبع والصنعة:
حظيت هذه المسألة – وبخاصة جانب الصنعة – باهتمام ابن رشيق، ولنا أن نزعم أن كتابه كله دليل لصنعة الشعر.
وقد عرّف المطبوع من الشعر بأنه ما وضع أولاً، وهو الأصل وعليه المدار والمصنوع هو الذي وقعت فيه الصنعة من غير قصد ولا تعمل، وهذه الصنعة قديمة مارسها جماعة من المحسنين الذين سموا (عبيد الشعر).
وقد أفاض ابن رشيق الحديث عن الطبع والصنعة، وتفاوت الشعراء في ذين المفهومين، وعن العادة التي يستدعي بها صاحب الصنعة شعره كالخلوة والنزهة والسماع والشرب.
كما تحدث عن البديهة والارتجال وذكر أن وقوعهما للمطبوع أكثر وأولى، وهما يدلان على الانهمار والتدفق عند الشاعر.
3 - حَدّ الشعر وبنيته:
تابع ابن رشيق في وقوفه عند حد الشعر ما قاله السابقون من أن الشعر يقوم على أربعة أشياء هي اللفظ والوزن والقافية والمعنى، بيد أنه زاد (النية والقصد) شرطًا لتمييز الشعر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويشبه ابن رشيق البيت من الشعر بالبيت من البناء، فقراره الطبع، وسمكه الرواية، ودعائمه العلم، وبابه الدربة، وساكنه المعنى، والأعاريض والقوافي كالموازين للأبنية، وما سوى ذلك من محاسن الشعر فهو زينة.
وهذا التنظير كلام نفيس يحتاج إلى إعادة نظر من قبل النقاد؛ إذ يحوي تصورًا دقيقًا لمفهوم القصيدة عند القدماء.
4 - اللفظ والمعنى:
قضية اللفظ والمعنى والعلاقة بينهما من أهم القضايا النقدية التي احتواها كتاب (العمدة) وقد بحث ابن رشيق المسألة عن طريق التشبيه فشبه اللفظ بالجسم، والمعنى بالروح، وشبه ارتباط المعنى باللفظ بارتباط الروح بالجسم، وتبرز هذه الصلة بينهما في تأثر كل منهما بالآخر قوةً وضعفًا.
وأخذ ابن رشيق يشخص الحالات التي تنتج من هذه الصلة؛ ففي حال سلامة المعنى مع اختلال بعض اللفظ ينقص قدر الشعر، وفي حال ضعف المعنى يضعف اللفظ تلقائيًا وهكذا ...
وحديث المؤلف في العلاقة بين الللفظ والمعنى ليست جديدة،فقد سبقه الجاحظ وابن قتيبة وغيرهما، بيد أن ابن رشيق توسع في المسألة.
5 - صفة الشاعر:
تغاضى النقد الحديث عن هذه القضية في الوقت الذي اهتم بها القدماء، وابن رشيق في حديثه عن صفة الشعراء ينطلق من منطلق فني؛ فيقسم الشعراء بحسب تفاوت مستوياتهم الفنية على أنه يستطرد فيتحدث عن أخلاق الشاعر وآدابه وصفاته المعرفية.
6 - صفة الناقد الأدبي:
وكما تحدث ابن رشيق عن صفات الشعراء تحدث عن صفات النقاد، ووصفهم بصيارفة الكلام، واشترط لدخولهم عالم النقد أن يكونوا ذوي خبرة ومراسة، ونقل في هذا كلامًا عن الجاحظ (أنه طلب الشعر عند الأصمعي فوجده لا يحسن إلا غريبه، ورجع إلى الأخفش فوجده لا يحسن إلا إعرابه، فعطف على أبي عبيدة فوجده لا ينقل إلا ما اتصل بالأخبار وتعلّق بالأيام) وابن رشيق يريد من هذا النقل أن يؤكد على أن الشعر قد يميزه من لا يقوله لكنه يكون به أبصر من العلماء بآلته.
والقضايا النقدية في كتاب العمدة كثيرة ثرية بيد أني أكتفي بما عرضت طلبًا للإيجاز.
وإضافة إلى هذا الكتاب فإن لابن رشيق منجزات نقدية في مؤلفات أخرى ففي كتابه (قراضة الذهب) حديث ضافٍ عن السرقات الأدبية ورأيه فيها وقد فصَّل الحديث في السرقات في (العمدة) أيضًا.
وفي كتابه (أنموذج الزمان) الذي هو في أصله تراجم لشعراء القيروان في عصره بيد أنه لا يخلو من ملامح نقدية ثرّة كالحديث عن المذاهب الفنية للشعراء، وقد يوازن بين شاعر قيرواني وآخر مشرقي وهكذا.
ـ[سمط اللآلئ]ــــــــ[18 - 12 - 2004, 10:18 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
جزاكم الله خيرًا على هذه الفكرة الطيبة، وعلى هذا الموضوع الرائع ...
ولدي سؤال ـ آمل أن أجد جوابه عندكم ـ:
هل زيادة كلمة " ونقده " في عنوان الكتاب خطأ من النساخ، أم هي ثابتة من المؤلِّف؟
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[وحي اليراع]ــــــــ[22 - 12 - 2004, 01:47 ص]ـ
باركَ اللهُ فيكَ يا بنَ الشمسِ، و نَفعَنا فيما ُقلتَهُ.
ـ[ابن الشمس]ــــــــ[01 - 01 - 2005, 07:14 م]ـ
أخي سمط ..
أمتن لمرورك الأول هنا .. وأعتذر إن تأخرت في التعليق .. فالغياب كان قسريا ..
أما عن سؤالك .. فبحسب محقق الكتاب الكلمة موجودة في أصل العمدة .. أي أن الذي وضعها هو ابن رشيق نفسه، و لم تضف بعده ..
أخي وحي ..
و فيك .. و بك ..
المحمد .. أبو محمد
عتبك ملء النفس و العين ..
غيابي رغما عني .. و عودتي عودة نورس إلى شاطئه ..
أمتن لثقتك .. وآمل أن أكون عند حسن ظنك ..
ـ[سامح]ــــــــ[04 - 01 - 2005, 11:06 م]ـ
لاأدري مالذي يخلق حميمية خاصة وعميقة بيننا وبين الكتب القديمة
لايتم ليَ الإيمان بمفهوم الكتاب كما هو (وخير جليس في الأنام .... )
إلا حينما أجالس كتاباً قديم
يسامرني بثبات ورسوخ علمي
وأمانة وصدق في الإخراج
وإبقاء علم ينتفع به
دون أن تخالط نيته رغبة في الحصول على شهادة علمية
أو تكثير مؤلفات تزخم المكتبات , وتوجد لصاحبها حضوراً
بين المؤلفين.
صفحة واحدة من كتاب قديم تشبعنا
وتفتح لنا آفاقاً واسعة للتأمل .. وعمق البصر ..
..................
كنت مع أحدهم نتحدث عن الأصمعي
من خلال مقال كُتِبَ عنه
وتساءل محدثي:
ماذا تعرف عن الأصمعي غير أنه ناقد عربي عظيم
ونتف من أخباره
وتعرف (الصفير) المشكوك في نسبته إليه؟؟
ورجا أن يكون لنا وقفة في المستقبل معه
ومع القدماء الراسخين
الذين بقوا معنا .. !!
لعل بصيصاً من إشعاع حياتهم
يضيء لنا قتامة ورتابة حاضرنا .. !!
قرأتنا دون أن نعلم ..
وسطرت ماكنا نود تسطيره
أججتنا لنقرأ ابن رشيق
ونتأمله
منحتنا إشارات ضوء
ولفتات بصيرة
شكراً لك ياابن الشمس
أعلم أن الفصيح يشتاق لفصحائه الراسخين
ويضل متطلعاً لما يمنحونه
واليوم أبصره يهزج فرحاً .. وينتشي امتناناً ..
بورك هذا الحضور
نضل متابعين لحلقات فيضه ..
---
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم أسامة]ــــــــ[07 - 11 - 2008, 03:21 م]ـ
لرفع
ـ[عبدالباقي الحتاوي]ــــــــ[23 - 09 - 2009, 11:53 م]ـ
الأخوة الأفاضل لقد وجدت بحثا عن موضوع التضمين العروضي بعنوان: التضمين العروضي وأثره في بناء النص الشعري في ضوء نظرية النظم عند عبدالقاهر الجرجاني للكاتب: عوض بن معيوض الجميعي
مجلة علامات في النقد جدة المجلد8 الجزء 3 لكنني لم أستطع الحصول عليه أرجو ممن لديه القدرة مساعدتي للحصول على هذا البحث ويحتسب الجزاء عندالله تعالى وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالباقي الحتاوي]ــــــــ[23 - 09 - 2009, 11:57 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أخي الكريم على هذا العرض الشيق لكتاب العمدة لقد أمتعتنا وشرحت صدورنا ويظهر عرضك مثابرتك وقدرتك على البحث والغوص في بحور المعاني مما يدفعني إلى الرغبة في طلب المساعدة منك وأنت إن شاء الله أهل لها
أرجو من حضرتك ومن كل الأخوة الفاضل مساعدتي في الحصول على أبحاث عن موضوع التضمين العروضي ولا سيما الأبحاث الحديثة أرجو مراسلتي على بريدي: abdu192006***********
ـ[عصام محمود]ــــــــ[29 - 09 - 2009, 01:39 ص]ـ
شكرا لكم على العرض ولكن لي سؤال هل نبدا من القرن الخامس ام من النقد الجاهلي او على الأقل من الأصمعي وكتابه فحولة الشعر؟
ـ[حليمة بدر الدجى]ــــــــ[12 - 10 - 2009, 12:31 ص]ـ
اطلب من اهل الاختصاص ان يوافوني بدراسة لاحدث مناهج النقد المعاصر واشهرها.كما احبذ ان يرفقوها بدراسات تطبيقية على نصوص من اختيارهم وشكراااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا:::
ـ[حليمة بدر الدجى]ــــــــ[17 - 10 - 2009, 05:36 م]ـ
اين انتم يا اهل الاختصاص
ـ[شذا العرف]ــــــــ[24 - 10 - 2009, 01:39 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشكور أخى ابن شمس على هذه اللفتة الكريمة فنحن بحاجة كبيرة لمعرفة تراثنا النقدى(/)
مداعبة
ـ[الناقد الكبير]ــــــــ[19 - 12 - 2004, 04:19 ص]ـ
مرحباً أيها الأحبة .. هذه الأبيات من نظمي وهي عبارة عن مداعبة ليس إلا ...
سأنقشُ في كتابِ العلمِ اسمي = وأبقى حيثُما تبقى النجومُ
فلي ربٌّ يُسهّلُ من أموري = ولي فكرٌ تُمَيّزُه العلومُ
ولي قلبٌ بذكرِ الله حيٌّ = وكلُّ الواجباتِ بها أقومُ
ولي رأيٌ له في الناسِ شأنٌ = ومثلُ الليثِ قناصٌ جثومُ
وأبحرُ في المخاطرِ كلَّ يومٍ = وغيري لا يغوصُ ولا يعومُ
فيا زوجاً تهددُ بالعقوقِ = رويدكِ لستُ أدري من ألومُ
ألومُ النفسَ في سوءٍ اختيارٍ = بهِ حلتْ وجاءتني همومُ
وفرقٌ واضحٌ في الشكلِ بيني = وبينكِ لا تكذّبه الحجومُ
فمثلُ السيفِ ممشوقُ القوامِ = وأنتِ من تُقَيدُه الشحومُ
وريحُ المسكِ يعبقُ من ثيابي = وثوبُكِ ريحُه بصلٌ وثومُ
وأنتِ عبدةٌ للقَرشِ دوماً = سواءٌ زادَ أو قلتْ رسومُ
فعيشي مثلما أنتِ تعيشي = وعندَ اللهِ تجتمعُ الخصومُ
ـ[قمر لبنان]ــــــــ[19 - 12 - 2004, 09:17 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي العزيز " الناقد الكبير "
ما رأيك في أن تكتب قصائدك ذات الشجون في منتدى النقد الأدبي، وذلك ليتناولها الأعضاء بالنقد
واعلم أيها الغالي لا تطوير للشعر بدون نقد والقريحة وحدها لا تكفي فلا بد من الثقافة والنقد لترتقي عالما آخر
أقصد عالم الإبداع.
ـ[الناقد الكبير]ــــــــ[19 - 12 - 2004, 02:37 م]ـ
لا بأس اخي العزيز " فمر لبنان "
اتمنى من المشرف نقل كل مشاركاتي السابقة الى منتدى النقد و الأدب المقارن مع خالص شكري وتقديري له
:)
ـ[الناقد الكبير]ــــــــ[22 - 12 - 2004, 02:05 م]ـ
ما زلت أنتظر نقدك أخي العزيز " قمر لبنان " ونقد الأخوة الأعضاء على هذه المشاركة وغيرها من المشاركات
لكم تحياتي:)
ـ[سامح]ــــــــ[06 - 01 - 2005, 11:43 م]ـ
وريحُ المسكِ يعبقُ من ثيابي / وثوبُكِ ريحُه بصلٌ وثومُ
وأنتِ عبدةٌ للقَرشِ دوماً / سواءٌ زادَ أو قلتْ رسومُ
: D
أجدت المداعبة أيها الناقد الكبير ..
استمر - رعاك الله -
وبملازمة فحول الشعر العربي يرقى الشعراء الموهبون
لك دعواتي
وتحياتي ..
ـ[الناقد الكبير]ــــــــ[09 - 01 - 2005, 12:06 م]ـ
: D
( ألم تَرَ أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون مالا يفعلون)(/)
أولئك آبائي .. ! قراءة في منجزنا النقدي .. (الحلقة الثانية)
ـ[ابن الشمس]ــــــــ[05 - 01 - 2005, 09:23 م]ـ
كتاب منهاج البلغاء وسراج الأدباء، لحازم القرطاجني (ت: 684 هـ) حققه محمد الحبيب ابن الخوجة، ونال به درجة الدكتوراه من جامعة السربون في فرنسا، وقد صدر الكتاب في طبعته الأولى في تونس، وصدر في طبعة ثانية عن دار الغرب الإسلامي ببيروت، والأخيرة هي التي اعتمدت عليها في هذا العرض.
يُصنف كتاب منهاج البلغاء عند كثير من الدارسين ضمن منظومة علوم البلاغة، ولكنه في الحقيقة لم يتناول المسائل البلاغية في تفصيلاتها الجزئية كما هي عند أرباب البلاغة المعروفين، وإنما تناول الكليات بحيث يمكن أن نصف المنهاج أنه كتاب يندرج ضمن اجتهاد فلسفي أو (ما ورائي)، فكأنه يعالج ما وراء علوم البلاغة، وإن كان يشترك مع المنجزات الأخرى في ميدان العمل، فحازم يقول عن منهجه: (قصدنا أن نتخطى ظواهر هذه الصناعة، وما فرغ الناس منه، إلى ما وراء ذلك مما لم يفرغوا منه) ومن هنا سأتجاوز في هذا العرض السريع القضايا أو المسائل البلاغية في المنهاج؛ لأنها خارجة عن طبيعة مادة الدرس، وأتوقف عند بعض القضايا التي تندرج في منظومة النقد.
ربما تكون فكرة التخييل والمحاكاة من أبرز القضايا النقدية التي أضافها حازم القرطاجني للنقد الأدبي العربي؛ فقد تناولها بقدر كبير من الإفاضة والتوسع، ومن الواضح أنه استلهم هذه الفكرة من النقد اليوناني الذي تأثر به النقد العربي منذ القرن الرابع الهجري، من خلال ترجمة فن الشعر لأرسطو وشروحه التي قدمها بعض الفلاسفة كابن سينا والفارابي وابن رشد، وقد لاحظ حازم أن أرسطو قصر فن المحاكاة على الشعر اليوناني حيث يقول: (ولو وجد هذا الحكيم (أرسطو) في شعر اليونانيين ما يوجد في شعر العرب من كثرة الحكم والأمثال والاستدلالات واختلاف ضروب المعاني ... لزاد على ما صنع من الأقاويل الشعرية).
وقد جعل حازم فكرة التخييل والمحاكاة ركيزة أساسية في تحديده مفهوم الشعر؛ فهو وإن اتفق مع من سبقه من النقاد، كقدامة بن جعفر في أن الشعر هو الكلام الموزون المقفى حيث يقول: (الشعر كلام موزون مقفى من شأنه أن يحبب إلى النفس ما قصد تحبيبه إليها، ويكره إليها ما قصد تكريهه .... مما يتضمن حسن تخييل ومحاكاة ... ) إلا أنه لم يكتف بالحد البسيط في تعريفه للشعر، بل كان أكثر نضجًا حين وقف عند قضيتين في غاية الأهمية:
الأولى: أثر الشعر في المتلقي، وقد جعل نجاح مهمته في قدرته على إحداث الانفعالات عن طريق التخييل والمحاكاة، ويحدد حازم مراده من التخييل بقوله ( ... والتخييل أن تتمثل للسامع من لفظ الشاعر المخيل أو معانية أو أسلوبه ونظامه، وتقوم في خياله صورة أو صور ينفعل لتخيلها وتصورها أو تصور شيء آخر بها، انفعالاً من غير روية إلى جهة من الانبساط أو الانقباض).
ونفهم من هذا بأن التخييل هو: تلك الصور التي تتمثل في خيال المتلقي بتأثير الألفاظ والمعاني والأسلوب والنظم، وهي صور تحدث انفعالاً نفسانيًا لدى المتلقي يكون به الإقبال على النص أو الإدبار عنه.
ومفهوم التخييل عند حازم لا يفارق المحاكاة، وقد توسع في هذه الفكرة توسعًا أبعده عن طبيعة الشعر وأدخله في ساحة المنطق وأقيسته، فراح يقسم التخييل تارة بحسب متعلقاته ومصادره، وتارة أخرى بحسب مقوياته وصوره في نفس المتلقى، وكذلك صنع في مفهوم المحاكاة فهي عنده تشمل صور التعبيرجميعها، ولها الحظ الأوفر في إحداث التخييل في نفس المتلقي، وهي من حيث الغاية:
ا- محاكاة تحسين.
2 - محاكاة تقبيح.
3 - محاكاة مطابقة.
وهو في هذا التقسيم متأثر بقول ابن سينا في أقسام التشبيه، وفيه أيضًا تأثر بقول أرسطو (أن الرسام أو الشاعر قد ينقل الشيء:
ا- كما هو.
2 - أو أدق مما هو.
3 - أو كما يجب.
ثم تنقسم المحاكاة عنده من حيث جهة التخييل إلى:
ا- قسم يُخيل لك الشيء كما هو في نفسه (صورة الشيء كما تراه مباشرة).
2 - قسم يُخيل لك الشيء كما هو في غيره (صورة الشيء كما تراه في المرآة، أو ينقل لك وصفه).
(يُتْبَعُ)
(/)
أما سبب تأثير المحاكاة فمصدره تلذذ النفوس وانفعالها بالمحاكاة أولاً من حيث هي محاكاة، من حيث ما يرافقها من توافق موسيقي، وهو تلذذ السمع بجمال العبارة الشعرية، وهذه النظرة الجمالية تعتمد على التناسب بين الألفاظ ومادتها، وهنا تنفرد الأقاويل الشعرية عن غيرها.
ودرجة تأثير المحاكاة عند حازم تعادل الإبداع، وهي نسبية، فتأثيرها يخضع لعوامل منها مثلاً استعداد النفوس وحالاتها.
وفي سياق حديثه عن المحاكاة يطرح حازم سؤالاً عميقًا له صلة قوية بنظريات الجمال: لماذا تكون اللذة بالمحاكاة نفسها أكثر من اللذة بالشيء المحكي نفسه؟ و يمثل برؤية منظر الشمعة، أو المصباح ربما كانا جميلينً، ولكن انعكاس الضوء على صفحة مائية أجمل بكثير من الشيئين (الضوء- الماء) في الواقع، ويقدم حازم الإجابة على هذا السؤال من خلال زاويتين:
ا- لحدوث اقترانات (أي مزج) بين الضوء وصفحة الماء.
2 - المنظر الثاني أقل تكرارًا وألفة، والنفس إلى ذلك أميل.
أما القضية الثانية فهي حديثه عن الشعر من حيث هو عملية إبداع، وكيف تتشكل في نفس المبدع، فهو يرى أن الشعر وليد حركات النفس والانفعالات، ثم يقوم الشاعر بوصف نتائج هذه الانفعالات، و من هنا تتولد المعاني الشعرية، ولا بد لهذه العملية الإبداعية لكي تكتمل من ستة عوامل، ثلاثة منها خارجية تتمثل في البيئة، والأدوات، والبواعث وهنا يشترك مع ما قال به الجاحظ وابن قتيبة وكثير من النقاد قبله.
أما العوامل الداخلية فهي خاصة بالمبدع وهي: القوة الحافظة التي تعينه على التصور المناسب وترتيب الخيالات، ثم القوة المائزة التي تميز المواضع الملائمة في النظم والأسلوب والغرض، ثم القوة الصانعة التي تمكنه من الربط بين الألفاظ والمعاني والتراكيب بطريقة متدرجة.
وخلاصة قوله في مفهوم الشعر أن المقياس هو مقدار ما فيه من محاكاة أو تخييل، ومقدار تأثيره وقدرته على إحداث الانفعال في نفس المتلقي، فكأن الشعر يتكون من: الواقع+ المبدع+ العمل المتخيل+ التخييل =المحاكاة.
وزيادة في التوضيح راح حازم يفرق بين الشعر والخطابة، ولكنه حاول الابتعاد عن إدخال عنصري الصدق والكذب في تحديد مفهوم الشعر وتقييم الشاعر، وهو وإن كان ينحاز إلى الصدق فهو لا يراه مقياسًا؛ وبهذا يكون قد أخرج قضية الصدق والكذب عن طبيعة الشعر، وهي القضية التي اختلف حولها النقاد طويلاً، فهو حين ركز على التخييل والمحاكاة يكون قد حسم الإشكال (كما أشار إلى ذلك إحسان عباس في كتابه: تاريخ النقد الأدبي عند العرب:549،والدكتور محمد العمري في كتابه: البلاغة العربية أصولها وإمداداتها:507).
ثانيًا: قضية الغموض والوضوح:
يقرر حازم بأن بعض أنواع الغموض يجب أن تتوافر في الشعر، مثل اللغز والكناية والإشارة إلى الأحداث الماضية، وهذا يتطلب ثقافة خاصة؛ أي قارئ خاص، ويصنف أسباب الغموض، فمنها ما يرجع إلى المعاني أنفسها، ومنها ما يرجع إلى الألفاظ والعبارات المدلول بها، ومنها ما يرجع إلى المعاني والألفاظ، ولكنه بشكل عام يقف بجانب الوضوح، ونراه أيضًا يقبح إيراد المعاني العلمية في الشعر، ولكنه وقع في تناقض حين أورد في شعره كثيرًا من مصطلحات علم الفلك والمنطق والفلسفة والفقه والحديث وهى بعيدة عن مجال الشعر، ويحاول سعد مصلوح (في كتابه حازم القرطاجني ونظرية المحاكاة والتخييل في الشعر:40) أن يجد حلاً لهذا التناقض بين النظرية والتطبيق فيجده في قول حازم (وإنما يورد المعاني العلمية في كلامه من يريد التمويه بأنه شاعر عالم) ويقول سعد مصلوح (فهذه الظاهرة ... غرض من أغراض إحساسه إلى تأكيد ذاته وفرض شخصيته على المجتمع الذي يعيش فيه غريبًا مهاجرًَا دعمًا لمكانته وإشارة إلى سعة إطلاعه ورسوخه في العلم:40)
ثالثًا: السرقات الأدبية:
ولم يتوقف عندها طويلاً بل مرَّ عليها مرورًا سريعًا في سياق حديثه عن المعاني، فالمعاني عنده ثلاثة أقسام: قديمة متداولة، وهذه ليس فيها سرقة، وقليلة الوجود في نفسها أو بالنسبة لكثرة غيرها، وهذه لا يسمح التعرض لها إلا بالزيادة عليها أو التركيب فيها أو نقلها إلى موضع آخر، وجديدة مخترعة وهي محط الإبداع الشعري.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذه المعاني المخترعة لا يمكن سرقتها؛ لصعوبة إخفاء أثرها، ثم يشرع في تصنيف أنواع الأخذ والاستفادة إلى أربعة أصناف: اختراع وهو الغاية القصوى، واستحقاق، فشركة، فسرقة وهذه الأخيرة معيبة لكنها نسبية.
رابعًا: التجربة الشعرية:
وقد أشار إليها في سياق حديثه عن بواعث الإبداع الشعري وصدق الإحساس بالتجربة يقول: (اعلم أن خير الشعر ما صدر عن فكر ولع بالفن، والغرض الذي القول فيه مرتاح للجهة والمنحى الذي وجه إليه كلامه لإقباله بكليته على ما يقوله ... ولهذا كان أفضل النسيب ما صدر عن سجية نفس شجية وقريحة قريحة،.وكذلك الإخوانيات والمراثي وما جرى هذا المجرى)، وهو وإن كان يرى أن هذه التجربة مستمدة من الواقع إلا أنه أيضًا لا ينفي دور الخيال في تشكيل هذه التجربة حيث يقول: (وكل من قويت فيه هذه القوة (يعني قوة الخيال) فلا يبعد عليه أن يلتفت إلى بعض مناحي شكاة الهوى في أشعارهم الجارين على سجاياهم، مما لطف أسلوبه وظَرُف منزعه)، وقد أسهب في الحديث عن أنواع قوى الخيال وقسمها إلى عشر قوى.
خامسًا: وحدة العمل الأدبي:
نلمح عند حازم حديثًا عن وحدة القصيدة، ولكنه حديث متفرق وعر المسالك؛ لصعوبة دلالات كلامه، فهو مثلا يشبه تناسب القصيدة في ألفاظها ومعانيها وصورها وأوزانها بتناسق الألوان في الصورة حيث يقول: (اعلم أن منزلة حسن اللفظ المحاكى به، وإحكام تأليفه من القول المحاكى به، ومن المحاكاة. بمنزلة عتاقة الأصباغ، وحسن تأليف بعضها إلى بعض وتناسب أوضاعها من الصور التي يمثلها الصانع،وكما أن الصورة إذا كانت أصباغها ردئية، وأوضاعها متنافرة، وجدنا العين نابية عنها غير مستلذة لمراعاتها، وإن كان تخطيطها صحيحًا فكذلك الألفاظ الرديئة والتأليف المتنافر ... ) وهو يتجاوز الحديث عن الألفاظ إلى مستويات ثلاثة؛ لفظي يأتي من تآلف الكلمات، و معنوي يأتي من تآلف دلالة المعاني، وثالث يتجاوب فيه المستويان السابقان فيشكلان أسلوب القصيدة في وحدتها المركبة، والقصيدة عند حازم نوعان: نوع بسيط وهي تلك التي تقوم على غرض واحد، ونوع مركب تشتمل غرضين أو أكثر.
و ما يلي وقفات تلخيصية مع حازم و منهاجه أحسبها مفيدة للقاريء:
ا- سيطر جانب التنظير على نقد حازم القرطاجني سيطرة جعلته يقلل من التمثيل بشكل ملحوظ، وقد تنبه إلى ذلك تلميذه ابن القوبع.
2 - شمولية النقد عند حازم القرطاجني فلم يركز على زاوية واحدة من مثلث الإبداع كما فعل غيره من النقاد، بل كانت عنايته متساوية، فالشاعر لابد له من قوة نفسية لقول الشعر، والنص لا بد أن تنتظم ألفاظه داخل السياق، و أضاف إلى ذلك سياق المعنى وبهذا تخطى عبد القاهر الجرجاني.
ثم حديثه عن المتلقي وعن القارئ الخاص، والتمويه (الشفرة) والمعاني الأوائل (المباشرة) والمعاني الثانوي (العميقة)، وتأثير النص وأثره، و قد نلمح في هذا إشارات وبذور لنظرية التلقي كما هي في النقد الحديث.
3 - رد الشعر إلى عوامل نفسية فقط،وهذا يحتاج إلى استقراء شامل.
4 - تحدث عن التجربة الشعرية، وبهذا كأنما ربط الشعر بالواقع وهو هنا يختلف اختلافًا شديدًا عن عبد القاهر الجرجاني الذي جعل الشعر مربوطًا بالعقل.
5 - استطاع أن يحل إشكالية الصدق والكذب التي حام حولها النقاد طويلاً.
6 - نقده يمثل المزج الواعي بين الثقافتين العربية واليونانية، بعد أن ظلا منفصلين مدة طويلة.
7 - يتقارب مع عبد القاهر الجرجاني في التقليل من شأن السرقات في المعاني؛ لأن النظم عند الجرجاني يبيح التفاوت المستمر، وكذلك نظرة حازم للمعاني الجمهورية يعني أن مصدرها واحد يرددها جميع الشعراء، وكأن في ما ذهب إليه هذان الناقدان إعادة لمقولة الجاحظ حول المعاني المطروحة في الطريق.
ـ[ابن الشمس]ــــــــ[16 - 02 - 2005, 08:06 م]ـ
أبا محمد ..
أشكر لك لطفك و حرصك و حسن ظنك ..
دمت سحابة تغدق بخيرها على الفصيح و أهله ..
ـ[أمين اعزاير]ــــــــ[25 - 04 - 2006, 01:28 م]ـ
شكرا مع متمنياتي الخالصة بالتوفيق ابو محمحد المغرب(/)
الرجاء الرد العاجل، والتكرم بالمساعدة
ـ[هدى عبد الرحمن]ــــــــ[05 - 01 - 2005, 10:52 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إلى الأساتذة الافاضل الكرام أرجو أن تتكرموا وترشدوني إلى الصواب فأنا جد حائرة وأطلب منكم العون العاجل:
أنا طالبة علم وأرغب في تحضير الدكتوراة، في الأدب المقارن، في فرنسا، ولكن السؤال الذي يقف دون ذلك وهو كيف أقضي سنوات الغربة في بلد أجنبي في دراسة لا تمس ديني الاسلامي فلدي الرغبة شديدة في دراسة موضوع له علاقة بالأدب الاسلامي، يمس ديني وكياني،وأفتخر به في ديني ودنياي. ما هو الصواب؟ وكيف اتخلص من تلك الحيرة التي تحاصرني؟ وهل استطيق التوفيق بينهما؟ وكيف أوفق ما بينهما؟ وما هي المواضيع الغير مدروسة والتي تدور في هذا الاتجاه؟ والتي يمكن أن أدرسها كموضوع؟ وهل أدرس الأدب الاسلامي؟ ومن أى اتجاه؟ أرجو من كل له القدرة على الجواب أن يساعدني ويردني إلى جادة الصواب.
أنتظر ردكم ولكم مني جزيل الشكر والعرفان وباراك الله فيكم.
ـ[الناقد الكبير]ــــــــ[06 - 01 - 2005, 05:57 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اسأل الله أن يلهمك الصواب وأن يحفظ لك دينك وحرصك عليه
سأكتب لك ناصحاً ومخلصاً لوجه الله تعالى، وذلك من خلال تجربتي الطويلة في الغربة .. فأنا أقيم في بلاد الغرب منذ فترة ليست بالقصيرة طالباً للعلم المادي، وقد طفت العالم متنقلاً ما بين أمريكا وكندا واوروبا ولا أخفيك أنني استفدت كثيراً من رحلاتي هذه، فتخصصي العلمي يحتم عليّ أن اتنقل ما بين هذه الدول طلباً للعلم.
أما وأن تخصصك تخصصاً أدبياً فأقول لك: إن كنت في المملكة فأنصحك ألا تغادريها ابداً واطلبي العلم في جامعاتها وكلياتها واختاري استاذاً ماهراً ذا توجه اسلامي يكون مشرفاً لك في مرحلة الدكتوراه، وهو الشخص الذي يستطيع أن يساعدك في اختيار الموضوع الذي سيكون مشروعاً للرسالة إن شاء الله .. ولعل الأخوة في هذا النادي المبارك أن يدلوا بأرائهم في هذا الجانب وقد تجدي نقطة جديرة بالبحث.
الأدب الإسلامي مجاله واسع والحمد لله .. يدور في خلدي أن أكتب شيئاً عن اعجاز القران اللغوي وكيف ساهم بشكل اساسي في حفظ لغة العرب رغم اختلاطها بحضارات مختلفة على مر عصور الإسلام (ولولا انشغالي لفعلت ذلك) لأن مثل هذا العمل قد يُترجم لعدة لغات وقد يدخل به الإسلامَ الكثيرُ من النقاد والفلاسفة في الغرب. وفي نظري ان شهادة الإسلام لواحد من هؤلاء على يد طالب علم مسلم هي اعظم له من الف شهادة دكتوراه.
والله يحفظكم
ـ[الحالم .. ]ــــــــ[14 - 01 - 2005, 01:37 ص]ـ
اخت هدى اتمنى لك التوفيق في الدارين
كما انصحك مع اني اقل منك عمراً وعلماً
هناك في جامعة الامام فطاحله في الادب الإسلامي ولا أظن انك ستندمين على الدراسة على ايديهم فالغربة لها كثير من الشبه ولتجاوزها عليك الدراسة في الجزيرة العربية مادام عندك ماتريدين وتقبلي تحياتي ..
ـ[بندر المتنبي]ــــــــ[14 - 01 - 2005, 09:37 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته [/ align]
اسأل الله العضيم أن يسهل وييسر امرك
اولا هل انت مضطره بالدراسه في الخارج؟
اذا كنت غير مضظره فعلى ماعتقد انه ليس لك خيار بين الافضل وبين الذي قديكون هناك افضل منه.
واذا كنتي مضطره فهناك دكتور في جامعتنا درس ادب مقارن في الخارج ولكن لا عرف في اي دوله بالتحديد
وبامكاني طرح مشكلتك له وقد يكون من ذوي الخبره وان شاء الله يفيدك ..
هذا مالدي .... وانا قلت اعطوني فرصه لان الذين ردوا عليك كان كلامهم كافيا وليس لدي العلم الكافي لاعطي من فاقني علما وسننا نصيحتي.
ـ[ذو شجون]ــــــــ[10 - 03 - 2005, 07:51 م]ـ
إن أردت أحضرت لك ارقام هواتف بعض المتخصصين من الدكاترة في جامعة الإمام ..
ولهم صلة وثيقة بالأدب الإسلامي ..
أنتظر منك ردا لأرسلها على الخاص ..
أعانك الله وسدد خطاك ..
أحد أقاربي متخصص ليس في الأدب، وإنما الإعلام الإسلامي منذ مدة، وقد استشار أحد العلماء هنا -منذ مدة طويلة- ونصحه بالبقاء، وذلك للمشاكل الكثيرة، والفتن ..
وهو رجل، وذلك قبل أكثر من 20 سنة، فكيف الحال الآن ..
ولا تنسي أن في الغربة من المصائب ما لا يخفى ..
أعانك الله، وسهل لك رأي الخير لتعملي به، جعلك من المرابطين على ثغور هذه اللغة ..
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[21 - 03 - 2005, 02:29 ص]ـ
الأخت هدى حفظها الله
أنا أيضا أنصحك ألا تسافري للغرب وأنصحك بالاتصال بالأستاذ الدكتور عبد القدوس أبو صالح في رابطة الأدب الإسلامي بالرياض وسيساعدك في اختيار موضوع مناسب إن شاء الله ويمكنك زيارة موقع الرابطة على الرابط الآتي
http://www.adabislami.org/Arabic/default.asp
ـ[فهد الحربي]ــــــــ[29 - 03 - 2005, 10:57 م]ـ
السلام عليكم:
أختي هدى عليك أن تطرحي على نفسك تساؤل يفسر ماقمت به بقولك أنك محتاره بين أمرين
إن كنت تريدين بهذا العلم وجه الله سبحانه وتعالى ومحبة في العلم فامضي في الفرع الذي تريدين
اكمال شهاداتك العليا فيه فأنت في كلا الحالين تخدمين لغة القرآن.
ولو أردت رقم الدكتور المعروف: حسن النعمي " مباشر على المكتب" فأنا جاهز
فهو قد عاشر الغرب وأخذ منهم كما أخذوا منه فهاهو رجل صاحب باع طويل في العلم.
فليكن أمام عينيك الدكتور الفذ "رحمه الله" شوقي ضيف الذي قدم لنا كتب قيمه في الأدب
وفقك الله ياأختي وإيانا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[هدى عبد الرحمن]ــــــــ[04 - 04 - 2005, 03:41 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ها أنا أكتب إليكم بعد غياب طويل نتيجة لظروف خاصة يعلمها المولى القدير. فسامحوني على التأخير،،،
وبعد، أشكر كل من وافاني بالرد، وأولهم الناقد الكبير، أشكر الحالم، وبندر المتنبيء، ذو شجون، وفهد الحربي، ولا انسى من وافاني عبر البريد الخاص، أشكر مبادرتكم الطيبة ويعلم الله كم سررت بها، ومن صميم قلبي أقول لكم بارك الله فيكم جميعا ووفقكم لما يحب ويرضى.
لا أدري ماذا أقول لكم ... فللحديث شجون وأمور خاصة لذا أكتفي بالقول تفضلوا فائق شكري وامتناني وأن شاء الله سألتقيكم على هذه الصفحة مجددا.(/)
مزايا اللغة العربية
ـ[علي العمر]ــــــــ[09 - 01 - 2005, 11:11 م]ـ
مزايا اللغة العربية
1) إنها لغة فخيمة فيها من الحروف الفخيمة ما لا تقابل به لغة أخرى، وكل حروفها وأصواتها واضحة صريحة فلا تسمع كلمة منها إلا سمعت كل حروفها وتبينت كل أصواتها، على حين تجد أن كثيراً من الحروف في اللغات الأوروبية صامتة أو خفية والحركات عديدة منها خالصة ومنها بين وبين.
ثم تجد في اللغة العربية حروفاً حلقية لا تجدها في غيرها من اللغات، فما السر في ذلك؟ ... السر أنه لما كانت الأمة العربية عريقة في البداوة تعيش في الهواء النقي الطلق كانت حلوقها قوية تقدر على إخراج تلك الأصوات، بل إن الأصوات التي تخرج من أعماق الحلق تدل على أن الأمة التي تنطق بها شديدة التأثر حادة الطبع لا تطيق الهمس والغمغمة بل تميل إلى الصراحة والوضوح ولا تتكلم إلا عن تأثر وأنها تعني ما تقول.
وقد كان في بعض اللغات الأوروبية مثل هذه الأصوات ولكنها لم تلبث أن ماتت فيها، وربما ماتت بعض الحروف الأخرى بحيث لا يتكلم الناس بها إلا همساً. بل إن العرب أنفسهم في دور انحطاطهم هذا ليَّنوا القاف فجعلوها همزة وحذفوا العين من بعض كلماتهم، مثل "إسا" – هذه الساعة، و "لِسا" – لهذه الساعة، لأن حلوقهم بسبب تحضرهم قد ضعفت فصارت تستثقل هذه الأصوات. بل استبدلوا بالحركات القصيرة في بعض الكلمات حركات طويلة لارتخاء في نفوسهم "فَقُمْ" يلفظونها "أوم"، و"قلْ" يلفظونها "أول" الخ.
(2) إنها لغة إيجاز، وذلك أولاً لأنها لغة أعرابية، فتغيير حركة آخر الكلمة يغني عن تغيير ترتيب الجملة أو زيادة بعض حروف أو كلمات ويؤدي المعنى المراد على أوضح صورة، ... الخ.
وثانياً لأنها لغة اشتقاقية، بل هي أرقى اللغات في الاشتقاق، فنقل الكلمة من وزن إلى وزن آخر يفيد معنى جديداً قد لا يؤدى في لغة أخرى إلا بعدة كلمات الخ.
ثالثاً لأنها غنية في أفعالها "فلكل معنى لفظ خاص حتى أشباه المعاني أو فروعها وجزيئاتها" كما قال زيدان في كتابه "تاريخ آداب اللغة العربية". علي حين ترى اللغات الأخرى قليلة الأفعال فبدلاً من أن تؤدي المعنى بلفظ واحد خاص به تؤديه بلفظتين أو أكثر، ولا سيما اللغة الإنكليزية فهي تلجأ في كثير من المعاني إلى استعمال الصفة مع فعل "صار" أو "حصل" أو "أحس". ثم لما كان لكل شخص علامة خصوصية تدخل على الفعل أو تلحق به مثل التاء في "ضربت" والهمزة في "أضرب" فكيفما استعملت الفعل فلا يقع التباس، على حين ترى اللغات الأوروبية لدفع هذه الالتباس تضطر إلى تغيير التركيب واستعمال كلمات أخرى مما لا يتسع المجال هنا لبيانه.
ورابعاً لأنها غنية في حروفها، ففيها من حروف الجر والنفي والنداء والاستفهام على كثرة ما تتضمنه من المعاني والاعتبارات ما لا تضاهيها فيه لغة أخرى.
خامساً لأنها تحتمل الإضمار والتقدير والتقديم والتأخير والحذف أكثر من غيرها.
لهذه الأسباب وغيرها امتازت اللغة العربية بإيجازها حتى كأنه فطرة فيها بحيث لا يظهر فقط في ألفاظها وتراكيبها بل في قراءتها إذ تتصل الكلمات ويأخذ بعضها برقاب بعض، بل في خطها وكتابتها، وذلك أولاً لأن الحروف الابتدائية والوسطى صغيرة الحجم دقيقة الشكل، وثانياً لأن العرب يلغون الحركات القصيرة لأنها في اعتبارهم مفهومة لا حاجة إلى كتابتها، بل يظهر الإيجاز في أمثالها وأشعارها وخطبها وسائر فروع أدبياتها فهم يكرهون التطويل الممل.
(3) إنها لغة شعرية،
أولاً لكثرة استعمال المجاز والكناية والاستعارات والإشارات والتشبيه، وهذا مألوف فيها حتى في اللغة العامية مثل قولهم فلان "مبسوط اليد" أي كريم، و"مقبوض اليد" أي بخيل، و"كثير الرماد" أي مضياف، الخ.
ثانياً لأنها كثيرة المترادفات فلا يضيق الشاعر بها ذرعاً.
ثالثاً لأنها كثيرة التراكيب الإعرابية، فإذا تعذر الإتيان بهذا التركيب جيء بغيره، فموقع الكلمة في الجملة يظهر إما بعلمات الإعراب أو الترتيب أو القرينة على خلاف اللغات الأخرى إذ تعتمد على بيان موقع الكلمة في الجملة على الترتيب فقط.
رابعاً لأن ألفاظها تختلف بين الفخامة والرقة بحيث يستطيع العربي أن يختار لكل مقام من الألفاظ ما يناسبه، الخ.
(يُتْبَعُ)
(/)
خامساً لو قابلت كثيراً من مفرداتها بمثلها في لغات أخرى لظهر لك أنها أنسب للمعنى وأبين للفكر وأطوع لإظهار أعمق التأثرات. فلفظة "لا" النافية أنسب من كل أدوات النفي في أي لغة كانت إذ يسهل معها مد الصوت، والصفات فيها التي تجيء على وزن فاعل مثل واسع وغافر وطاهر وكامل، أو على وزن فعيل أو فعول مثل كبير، عظيم، عليم، سميع أو صبور، غفور، شكور، أطوع للتعبير عن أعمق التأثرات لما فيها من الحركات الطويلة، الخ. وكلمة "حق" بحائها وقافها المشدّدة العميقة لا تعادلها كلمة أخرى من أي لغة في الدلالة على معناها، ولا بد أن الناطق بهذه اللفظة يشعر بالحق أكثر من غيره، وليس ذلك فقط بل لها تأثير في السامع بحيث تصل إلى أعماق قلبه وتحدث في نفسه هزة. وكلمة "حب" لا تعادلها كلمة أخرى في جمالها وقوتها، بل هذه اللفظة تكاد تشم منها رائحة الحب لأنها تخرج من أعماق القلب مصحوبة بنفس الحب، وحق العرب أن يفاخروا بهذه الكلمة لأنها تدل على أن الحب عندهم من القلب وليس من الشفاه. وليس أجمل من ضم هذه الحاء وإطباق الشفتين على بائها المشدّدة مما يستشف منه الحزم والثبات. وكلمة "مرحباً" هذه اللفظة الجميلة بميمها ورائها وحائها وبائها وتنوينها وحركات الفتح فيها كأنها قطعة موسيقية يتبادلها الناس. سادساً إذا نظرنا في اللغة العربية من جهة الحركات لرأينا لها مزية على غيرها. حركاتها ثلاث: الضم والفتح والخفض، ومعلوم أن الضم أفخم الحركات والفتح أخفها والخفض أثقلها، فاللغة التي يكثر فيها صوت الكسر ثقيلة مستكرهة،
وإذا استقريت ألفاظ اللغة العربية ومواطن الضم والفتح والخفض الأعرابية فيها لرأيت الخفض أقلها والفتح أكثرها وهذا مما يكسبها جمالاً ورشاقة ويصدق معه القول إنها لغة شعرية"
اللغة ووظيفتها في حياة الفرد والجماعة
تمثل اللغة – مسموعة أو مكتوبة – أداة يستطيع الإنسان بواسطتها أن يتفاهم مع غيره من أفراد المجتمع في المواقف الحياتية المختلفة، فبواسطتها يستطيع نقل أفكاره وأحاسيسه وحاجاته إلى غيره ممن يتعامل معهم. وعن طريقها يستطيع أن يعرف أفكار وأحاسيس وحاجات غيره من الناس. فهي وسيلة هامة في مجال الفهم والإفهام اللذين يمثلان العلاقة الجدلية بين الفرد والمجتمع.
واللغة نافذة مشرعة على تجارب وخبرات الأمة الواحدة، وعلى تجارب وخبرات الأمم الأخرى. فهي التي تحفظ للأمة تراثها الأدبي والديني والعلمي، وفي الوقت ذاته تطلع أبناءها على تراث الأمم الأخرى.
واللغة أداة هامة من أدوات التعلّم والتعليم، وعليها يعول في تعليم التلاميذ المواد التعليمية المختلفة في جميع مراحل دراسته.
وهي أداة من أدوات التفكير، إذ أن الإنسان يفكر باللغة، ويتمثل ذلك في نتاج ذلك التفكير والذي يكون على صورة تراكيب ملفوظة، أو مكتوبة، وبدونها يعسر على المرء أن يعبّر عن الأفكار أو عما يشاهده أو يحس به، ويعسر عليه حتى التعبير عن الحاجات العادية.
واللغة وسيلة يستطيع المرء بواسطتها أن يعبّر عن عواطفه من فرح وحزن وإعجاب وغضب وغير ذلك، كما يستطيع أن يجد في الآثار الأدبية التي تعالج العواطف الإنسانية ما ينفس به عن مشاعره إن لم يكن قادراً على تصويرها أو نقلها بطريقة مؤثرة.
إن أظهر الوظائف التي تؤديها اللغة في حياة الفرد والجماعة هي:
الوظيفة الاجتماعية. الوظيفة الثقافية. الوظيفة الفكرية. الوظيفة النفسية (الجمالية).
الوظيفة الاجتماعية:
وتتمثل في الفهم والإفهام – التفاهم – وأبرز مظاهره:
التعبير عن الآراء المختلفة: السياسية، الدينية، الاجتماعية ... الخ.
التعبير عن الأحاسيس والمشاعر تجاه الآخرين.
المجاملات الاجتماعية في المواقف المختلفة.
التعبير عن الحاجات التي يحتاجها الإنسان في حياته الاجتماعية.
التأثير في عواطف وعقول الجماهير في المواقف والأغراض المختلفة.
الوظيفة الثقافية:
وتتمثل في:
حفظ التراث الأدبي والديني والعلمي للأمة، ونقله من جيل إلى آخر لتتصل حلقاته وتتم معايشة أبناء الأمة له، والإفادة منه.
نقل أفكار وتجارب الأمم الأخرى، والاطلاع على آثارهم المختلفة وأنماط تفكيرهم وعقليتهم قصد الاستفادة منها.
(يُتْبَعُ)
(/)
كون اللغة وسيلة تعلم وتعليم، يتمكن الدارس عن طريقها من تعلم مواد الدراسة المختلفة، وبها يستطيع المدرسون تعليم الطلبة هذه المواد في مختلف مراحل الدراسة.
إقدار المرء على أن يتعلم كل جديد لم يخطر في مراحل الدراسة التي مرَّ بها، وأن يتزود بمنابع الثقافة والمعرفة ويتصل بالعالم من حوله.
الوظيفة الفكرية
وتتمثل في الصلة الوثيقة بين اللغة والتفكير، ومن أمثلة ذلك:
قدرة المرء على تعليل أمر يطرح عليه، ومكونات التعليل صورة ذهنية ترتب على شكل ألفاظ وتراكيب تبدو مقنعة.
قدرته على نقض فكرة معينة، مع بيان أسباب هذا النقض، وما يرافق ذلك من مواكبة الألفاظ للأفكار التي تخرج على شكل لغة.
القدرة على تسلسل الأفكار والتي ترتبط فيها صور الأفكار الذهنية صورة بالمفردات والتراكيب وتترجم في النهاية بهذه المفردات والتراكيب.
الوظيفة النفسية – الجمالية – للغة:
تعتبر اللغة وسيلة من وسائل تصوير المشاعر الإنسانية والعواطف البشرية التي لا تتغير بتغير الأزمان فالحب والسرور ونشوة النصر والحزن والشعور بالظلم عواطف تلازم الإنسان منذ بدء الخليقة، وهي مستمرة ما استمرت حياة على الأرض. وعن طريق اللغة استطاعت الآثار الأدبية الإنسانية أن تنتقل من جيل إلى آخر، وأن تنمو نمواً مستمراً بما يضيفه الأدباء إليها في العصور اللاحقة من لوحات إنسانية خالدة. وهذه الآثار تمثل صوامع شعور وهياكل تطهير يلجأ إليها كل ذوي الإحساس والشعور، وفي أفنائها وأروقتها يطلقون العنان لهذه المشاعر المشابهة فيفرغون شحناتهم السالبة، حيث عجزوا عن أن يعبّروا عنها بالطريقة التي عبَّر بها هؤلاء الأدباء – إذ لا يعقل أن يكون كل إنسان أديباً – مما يشعرهم بالعزاء والسلوان.
وهكذا تتمثل الوظيفة النفسية للغة في قدرتها على الوفاء بالتعبير الدقيق والحي عن الحاجات النفسية والشعورية، فتسعف من يقدر على التعبير عنها بالصور والتراكيب، بحيث يضيف إلى هذه الآثار الجميلة آثاراً لا تقل عنها روعة في دقة تصويرها وصدقها وتأثيرها، فتظل اللغة نبعاً ثراً لعرض العواطف والأحاسيس الإنسانية وتفريغها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في جميع العصور
::::::
ـ[عاشقة لغة الضاد]ــــــــ[11 - 01 - 2005, 03:04 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي: علي العمر، على هذا الموضوع.
نعم هذه هي لغتنا التي نعتز بها و نعدد محاسنها،،،
ـ[زليخا]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 12:12 ص]ـ
جزاك الله خيرا ..
على موضوعك القيم ..
كم تحتاج ضادنا إلى مثل هذه المواضيع .. :)
ـ[السوسني]ــــــــ[22 - 04 - 2005, 10:49 م]ـ
ألا يكفي في فخامة تلك اللغة المعيارية أن يتخاطب بها المشرقي مع المغربي بدون أدنى لبس، بخلاف تلك اللهجات الحادثة الطارئة.
ألم تستمع إلى لكنة المغربي الفرنسية، وهو يتحدث عاميته، أو إلى لكنة الأرتري، وهو يتحدث عاميته، فإذا التقيا كانت تلك اللغة الرفيعة وشيجتهم ورابطتهم.
بل ألا تعجب وأنت تقرأ في مثل كتاب (خريدة القصر وجريدة الدهر) وما حام حوله مما قبل أو بعده، وكيف ذكروا شعراء من كل أصقاع العالم الإسلامي آنذاك، ومنهم من ليست لغته الأم هي العربية، فجاءوا بشعر فائق، ومعنى رائق.
إنها لغتنا الحبيبة لغة العرب، التي ستنطلق مرة أخرى بعد هذا الهمود لتكون هي المهيمنة، ولكل أجل كتاب.
ـ[قريع دهره]ــــــــ[12 - 06 - 2005, 11:39 م]ـ
موضوع جداً رائع
شكرا لك
ـ[سليم]ــــــــ[21 - 06 - 2005, 10:43 م]ـ
السلام عليكم
لا شك فيما ذكرتموه عن اللغه العربيه وان الله سبحانه وتعالى اختارها لينزٌل القرآن بلسان عربي مبين ولتحلي العربي بشيم جعلته المرشح الوحيد لحمل الاسلام قدماً, ولكن امر الاسلام اعظم في حفظ اللغه هذه وجعلها لغه التخاطب بين افراد الامه الاسلاميه, فلولا الاسلام لبقيت العرب على جاهليتها وتخلفها وتناحرها ولتسلطت عليها لغات الامم المنتصره ولربما بقيت فقط داخل اطار الجزيره العربيه على احسن الاحوال ....
فالخير كل الخير في الاسلام
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[16 - 08 - 2005, 12:05 ص]ـ
موضوع قيم أستاذناالكريم علي العمر
بارك الله فيه وفي كاتبه
وددت لو أطلت أكثر في مواطن المقارنة
بالعبارات والتراكيب الأجنبية خاصة في مجال الإيجاز
موضوع قيم أهنئك عليه وعلى ما فتح الله به عليك ورزقك من نعمة حب لغة القرآن التي لا نعجب مهما قيل عن خصائصها وجمالها ورفعتها وإلا فكيف يختار الله لكتابه لغة لا تستوفي كل شروط الجمال والفصاحة والكمال؟(/)
نظرات جديدة في الاستعارة والترجمة
ـ[علي العمر]ــــــــ[09 - 01 - 2005, 11:29 م]ـ
تعتبر مسالة الاستعارة من أهم المسائل التي شغلت الترجمة بجناحيها النظري والتطبيقي. وقد ظهرت المسالة في ميدان البحث اللساني الحديث 1976 حينما نشر مناحيم داجوت دراسته المشهورة "هل يمكن ترجمة الاستعارة؟ ", في مجلة Babel المعنية بقضايا الترجمة. وقد لاقت هذه الدراسة العديد من ردود الفعل من قبل كثير من الباحثين في حقل الترجمة وعلى رأسهم بيتر نيومارك وكرستين ميسون، وتوالت الدراسات في هذا المجال لتصبح موضوعا بدأت بوادر تشعبه في الظهور وخصوصا في ضوء الدراسات الحديثة في الاستعارة التي تتعامل مع الاستعارة من منظور "المعتاد" وليس "الشذوذ"، وفي ضوء الدراسات الحديثة في علوم اللسانيات الأخرى كعلم اللغة الاجتماعي وتحليل النص والخطاب واللسانيات النقدية التي أظهرت مجتمعة دورا أساسيا للاستعارة في السلوك اللغوي لدى البشر بجميع لغاتهم. إن هدفنا الأساسي في هذا المقال هو استعراض بعض الآراء الحديثة في موضوع «ترجمة الاستعارة» ساعين من خلال هذا الاستعراض الى تبيان ربط هذه الآراء بالتطورات في دراسات الاستعارة والتطورات في حقول اللسانيات الأخرى، وسنقتصر في استعراضنا هذا على بعض الدراسات التي ظهرت في عقد التسعينات فقط، ويعكس هذا الانتقاء سعينا نحو ابراز ما استجد من آراء واطروحات في الموضوع. ولكننا نرى أنه ينبغي علينا قبل أن نعرض لهذه الدراسات أن نقدم استعراضا موجزا للخلفية النظرية في موضوع الترجمة والاستعارة، ذلك أن معظم الدراسات الحديثة ترتبط ارتباطا عضويا بما سبقها من دراسات تأسيسية للموضوع. ظهرت قضية مشكلة الاستعارة في الترجمة في ميدان البحث الحديث على يد داجوت كما أشرنا في بداية هذا المقال (1). ونظرية داجوت في ترجمة الاستعارة تعتمد أساسا على منظوره لماهية الاستعارة والتي هي في نظره كسر للحواجز الدلالية للكلمات، أي أنه قصر الاستعارة على ما يسميه كثير من الباحثين بـ «الاستعارة الأصيلة» (أو ما سماه الامام عبدالقاهر الجرجاني بالاستعارة المفيدة). فقد ربط داجوت بين الاستعارة وبين وقع الاستعارة في نفس القاريء، أو ما يسمى بالتأثير الجمالي لتلك الاستعارة حيث يشعر القاريء من خلال هذا الربط غير المسبوق لدلالتي المستعار والمستعار له بأنه أمام رؤية جديدة لم يتعرض لها من قبل مما ينتج نوعا من التقبل الجمالي لهذا الكسر لقوانين الدلالة اللغوية. أما فيما يتعلق بالترجمة فالأمر ينقسم الى قسمين. الأول يرتبط بما يجب على المترجم فعله. وهنا يرى داجوت أن على مترجم النص الأدبي مهمة أساسية تتمثل في محاولة اعادة انتاج النص في اللغة المترجم اليها على نحو يمكن القاريء في اللغة المترجم اليها من الوصول الى نفس المشاعر الجمالية التي يثيرها النص في القاريء باللغة الأصلية. وهذا يفترض أن داجوت يعمل ما يسمى بالتقابل الدايناميكي dynarnic equivalence الذي طوره يوجين نايدا U. Nida في العديد من دراساته في الترجمة ويفترض هذا المفهوم أن على المترجم أن يقوم بإنتاج مقابل للنص الأصلي في لغة الترجمة بحيث يكون هذا المقابل قادرا على خلق استجابة مشابهة لتلك الاستجابة التي ابداها قاريء النص في لغته الأصلية. أما الأمر الثاني المهم في رؤية داجوت لترجمة الاستعارة فيتعلق بالمشاكل التي تقابل المترجم حينما يواجه استعارة تستعصي على "الترجمة الحرفية". وهنا يطرح داجوت رأيا القائل بأن ترجمة الاستعارة (أي على نحو يتم به خلق تأثير جمالي مشابه) تعتمد على مدى اشتراك لغة الاصل ولغة الترجمة في الجوانب الدلالية والثقافية المشكلة للاستعارة، وهذا يعني أن عدم اشتراك اللغتين في هذه الجوانب يقود الى وضع يسمى في دراسات الترجمة بعدم قابلية الترجمة Untranslatability أي استحالة الترجمة عمليا. دراسات التسعينات ويمكن القول على وجه العموم أن معظم دراسات هذا العقد في الترجمة والاستعارة مازالت ترتكز على دراسة داجوت المشار اليها لكنها تحاول فيما نرى اعتبار تركيزه على الجوانب الثقافية والدلالية المشكلة للاستعارة جانبا واحدا فقط من بين جوانب عدة يجب تحليلها ووضعها في الحسبان. وهنا فإننا سنعرض لست دراسات تناولت الموضوع على نحو مباشر كما يلي: 1 - محمد مناصير: ترجمة
(يُتْبَعُ)
(/)
الاستعارات والعبارات المسكوكة العربية. 2 - ألت كروجر: ترجمة الاستعارات في الروايات السردية. 3 - فيفن لوكس: الاستعارة وترجمتها. 4 - ماري يونج: ترجمة الاستعارة الشعرية. 5 - تيريزا دوبرزنسكا: ترجمة الاستعارة مشكلة المعنى. 6 - جوديون تروي: المنهج الوصفي. 1 - محمد مناصير: التركيز على الجوانب الثقافية والدراسة الأولى التي سنتعرض لها في هذا المقال ظهرت في عام 1992 وتحمل عنوان «الاستعارات والعبارات المسكوكة العربية في الترجمة، وكاتبها محمد مناصير ونشرت في العدد الثالث من المجلد السابع والثلاثين من مجلة «ميتا» المتخصصة في قضايا الترجمة. ويعرف مناصير الاستعارات بكونها تعبيرات محددة تمد قيمها الدلالية خارج مجالها الدلالي الواضح». ويرى أن الاستعارات والعبارات المسكوكة متشابهان لأن كليهما يعتمد على الاستخدام المجازي للغة، ولذا فهما معضلتان يواجهان المترجم. ولأن كاتب النص الأصلي يستغل امكانيات لغته وثقافته في النص وخصوصا في الصور والدلالات المجازية يتحول هذا الاستغلال الى معضلة أمام المترجم، مما يجعل مناصير يتساءل عن المخرج. وهنا يستعرض رأي البعض الذي يرى بأن الاستعارة وسيلة كونية أي تشترك فيها كل اللغات والثقافات ولذا فإن من الواجب ترجمتها حرفيا بينما يرى آخرون أن الترجمة الحرفية تؤدي الى نتائج خالية من أي معنى، ولذا يرى نايدا مثلا أن الاستعارة يجب ترجمتها كـ «غير استعارة». هنا ينصح مناصير مترجم النص العربي بدراسة امكانية تقبل اللغة المترجم اليها للصورة الثقافية التي تحملها الاستعارة. ويعتمد نجاح ترجمة الاستعارة عند مناصير على معرفتنا بالعالم وباللغة المترجم اليها، حيث إن الترجمة الحرفية قد لا تنتج ترجمة مقبولة في كثير من الحالات. وهنا يطرح مناصير عاملا مهما في ترجمة الاستعارة وهو العامل التواصلي أي المحافظة فقط على سمة النص التواصلية وتستوجب هذه سمتين يجب أن يتحلى بهما المترجم وهما المرونة والحساسية بحيث يكون مرنا في تعامله مع اللغة وحساسا بتأثير ترجمته على القاريء في اللغة المترجم اليها. ويضرب مناصير بعض الأمثلة على ملاحظاته حول ترجمة الاستعارة مثل: «تجري الاستعدادات على قدم وساق» فترجمتها الى الانجليزية حرفيا ستنتج جملة خالية من المعنى ويجب انتاج ترجمة تكون مقبولة من القاريء الانجليزي دونما الاشارة الى القدم والساق اللتين لا يوجد لهما مقابل مجازي في اللغة الانجليزية. ومن الأمثلة الأخرى: «قتل الموضوع بحثا» التي لا يفترض أن تحمل ترجمته صورة القتل وانما تكتفي بمعنى الاستعارة مثلما في «درس الموضوع دراسة موسعة». أما الاستعارات ذات الكلمة الواحدة فيعتقد مناصير بأنها أسهل ترجمة مثل: «حبل التفكير» التي يمكن ترجمتها الى الانجليزية أمثل: thread of thought ويلاحظ مناصير أن الصحف العربية مثلها مثل جميع الصحف في كل اللغات تستغل امكانيات الاستعارة لأجل الاثارة مثل: «اشتعلت الجبهة من جديد في الخليج» التي يمكن ترجمتها كما يلي: in the Gulf, the fronts are ablaze once more ويناقش مناصير درجات قابلية ترجمة الاستعارات العربية الى اللغة الانجليزية. فيرى أن اللغة العربية تتميز بمرونتها ويتقبلها للصور من اللغات الاجنبية. وكثير من الكتاب العرب يستخدمون الكثير من الاستعارات ذات المصدر الانجليزي والفرنسي، وبرغم ذلك يشكك مناصير في وجود تقابل تام بين الاستعارات الموجودة في كل من العربية واللغات الأخرى كالانجليزية مثل "الزيارة أذابت الجليد في العلاقات بين الجانبين" فالاستعارة في الأصل انجليزية to break the ice أي «يكسر الثلج» إلا أن العربية تقبلت نفس الصورة تقريبا مع بعض التغيير حيث إن الحياة العربية أكثر تعودا على «إذابة الجليد» وليس "كسر الثلج". وتلخيصا يرى مناصير أن درجة قابلية ترجمة الاستعارة تعتمد أساسا على أهمية الاستعارة في نقل معنى النص. وهنا نلاحظ أن هذه النتيجة مهمة جدا. فعلى الرغم من أن مناصير لم يطور هذا الرأي ولم يحاول التدليل عليه بالأمثلة الا أننا نرى أن هذه الملاحظة تتجاوز مستوى التقابل البسيط الذي يفترض أن الترجمة تنجح اذا استطعنا ايجاد مقابل للاستعارة في اللغة المترجم اليها. فالسمة النصية قد تفتح الباب أمام تقنيات جديدة تعتمد النص كمقياس يقوم عليه مفهوم التقابل
(يُتْبَعُ)
(/)
في ترجمة الاستعارة. 2 - ألت كروجر: المجال الكوني (النصي) للاستعارة الروائية والدراسة الثانية التي سنستعرضها هي "ترجمة الاستعارات في الروايات السردية" من تأليف ألت كروجر من جامعة جنوب افريقيا في جنوب افريقيا. وتقوم فكرة الدراسة عي وجوب اعطاء الاهتمام بالترابط العضوي بين المكونات داخل النص الواحد، وهذه السمة مهمة جدا في حالة الاستعارة التي تشكل أداة تبنى بها الشخصية في العمل الروائي. فإن فشل المترجم في هذا فإن شخصيات العمل المترجم لن تكون صورة حقيقية لشخصيات العمل الروائي الاصلي، وبذا تتأثر الرواية المترجمة بأكملها. والاستعارات التي تستخدمها ألت كروجر في دراستها هي تقنيات مستخدمة في بناء شخصيات رواية كتبت باللغة الافريكانية Fiela se kind لمؤلفها دالين ماتثي Dalence Matthee المنشورة عام 1985 وقد ترجمتها الى اللغة الانجليزية المؤلفة نفسها لتصبر Fiela's Child أو (طفل فايلا). وترجمة الاستعارات الروائية من منظور كروجر يجب أن يسبقها تحليل عميق وفهم للنص الروائي بأكمله، خصوصا الانماط البنيوية لسردية الرواية، وهنا تحاول كروجر طوير نفس الفكرة التي أشار اليها مناصير في دراسته الآنفة الذكر. حيث ترى كروجر أن على المترجم أن يتعامل مع التعابير الاستعارية من منظور النص بأكمله وباعتبارها وسيلة ترتبط بعلاقات عضوية مع تقنيات النص الروائي ومكوناته الاخري التي تحدد بناء الشخصية الروائية. ولهذا تقرر المؤلفة دراسة مقارنة تحاول من خلالها معرفة ما اذا كانت ترجمة ماتثي المؤلف -المترجم قد انتجت وصفا أمينا للشخصيات كما هي في النص الأصلي. ومن أجل دراسة الاستعارة في الترجمة تفترض كروجر ضرورة الاستعانة بنظريات الاستعارة وخصوصا نظرية التفاعل التي طورها جراب Grabe في دراسة بعنوان «السمات المحلية والكونية لعمليات التفاعل في الاستعارة الشعرية» التي نشرها في دورية Poetics عام 1984وفي كتابه «الاستعارة والتفسير» المنشور عام 1985. وهنا ترى كروجر أن من الضروري دراسة الجوانب «الكونية» أي النصانية للاستعارة وليس فقط جوانبها «المحلية» أو النحوية. والفرق بين الاثنين أن النظرة الكونية للاستعارة تأخذ في عين الاعتبار ليس فقط السمات النحوية التي تميز الاستعارة المفردة وانما اعتبار الاستعارة جزءا تتداخل أجزاؤه وترتبط ببعضها مشكلة الكل النصي. والرواية محل الدراسة فإن بناء الشخصية يعتمد على التفاعل الكوني (النصي) بين الاستعارات التي تعكس بيئة النص أو سياقه المتموضع في الحقل والغابة والبحر. ولعل كروجر تشير الى ما أسماه محمد خطابي بالتعالق الاستعاري في النص بحيث تشكل الاستعارات جزءا مهما من أدوات الارتباط النص. وترى كروجر فرقا بين الاستعارات التي تبدو متشابهة كالاستعارة الميتة كقولنا “ Man is a wolf" أو (الانسان ذئب) والاستعارة الأدبية الموجودة في الاستعارة “ Fiela is an animal” أو (فايلا حيوان) لأن الثانية مرتبطة ارتباطا تفاعليا بالاستعارات الأخرى في نموذج حياة الريف والحقول بهدف بناء شخصية فايلا كامرأة ريفية، ويمكن التدليل على سمتي المحلية والكونية في الاستعارة من خلال تحليل الاستعارة التالية التي تصف فايلا بطلة الرواية: Hulle het jou klaar hokgeiaag, Fiela Komotie (p.48) التي يمكن ترجمتها كما يلي: لقد طاردوك الى القفص فبالاضافة الى سماتها الداخلية كاستعارة منفردة فإن هذه الاستعارة ترتبط ارتباطا وثيقا بالاستعارات الأخرى في النص مشكلة الشخصية الروائية. فجميع الاستعارات تبني شخصية فايلا كامرأة فقدت السيطرة على مجريات حياتها وان الآخرين يتحكمون فيها، فتصفها استمارة أخرى بأنها "مثل حيوان أخرس اقتيد الى القفص، تشعر فايلا ان باب القفص قد أغلق وراءها". ولهذا تشعر بأن انسانيتها انتهكت وهذا ما يفسر وجود هذا الكم من الاستعارات الحيوانية مثل «لقد أدركت فايلا ما كانت تشعر به أمها حينما حلق الصقر فوقها ولم يكن أمامها من مأوى تطلق ساقيها اليه». وعموما ترى كروجر أن الاستعارات التي تستخدمها الرواية تستلهم حياة الحقل مصدرا لها مشكلة شخصية فايلا كفلاحة وامرأة ريفية بسيطة لكنها أبية لا تنقصها الكبرياء، ولأنها غير متعلمة فإن حديثها يأتي بسيطا يعكس البيئة التي نشأت وتعيش فيها. وترى كروجر أن التحدي الذي يواجه
(يُتْبَعُ)
(/)
المترجم هو الابقاء على ذات الترابط العضوي (أو التعالق الاستعاري كما يسميه محمد خطابي) بين الشخصيات وحديثها والبيئة التي تجد نفسها فيها وتعكسها في حديثها. فقد ترجمت الاستعارة الآنفة الذكر الى اللغة الانجليزية بالصيغة التالية: They have you cornered you already, Fiela Komoetie, she told herself. التي قد يكون مقابلها الحرفي في اللغة العربية التالي: "قالت لنفسها: لقد طوقوك يا فايلا كوموتي" وكما ذكرنا سابقا فإن صورة «القفص» و "الحيوان" جزء من تشكيل شخصية فايلا، ولهذا فإن المترجم بترجمته صورة الحيوان الموضوع في القفص الى صورة «طوقوك» قد أضاع بنموذج حياة الريف التي حاول الراوية خلقها في النص الأصلي متجاهلا بذلك دور تلك الاستعارات في بناء شخصية فايلا كفلاحة بسيطة. وبكلمة أخرى فعل الرغم من أن صورة «التطويق» تعكس دلالة قريبة من الدلالات التي تعكسها صورة الحيوان الموضوع في القفص (دلالة فقدان الحيلة على فعل شيء) إلا أن الايحاءات المتعلقة بانتهاك انسانيتها ويعدم احترام كبريائها كإنسانة قد تم تجاملها من قبل المترجم. وهذا التجاهل كان من الممكن حله لو أن المترجم أبقى على نفس صورة «القفص» و «الحيوان المطارد». ونفس المشكلة تظهر في ترجمة الاستعارة التالية: Hulle was haar aan die vaskeer والتي تقابل حرفيا في العربية: مثل حيوان اخرس سيق الى القفص فقد ترجمت في اللغة الانجليزية الى: They were driving her into a corner والتي تقابل في العربية: كانوا يحاصرونها فقد تجاهلت هذه الترجمة صورة الحيوان المطارد الى القفص، وهذا التجاهل ذو أهمية لأن هذه الصورة ترتبط عضويا في السياق الكوني النصاني، لأنها تساعد في بناء شخصية فايلا كامرأة أفقدت انسانيتها وتحولت الى حيوان. ومما تأسف له كروجر أن معظم الاستعارات قد تم تغيير صورتها في الترجمة أو أنها قد حولت الى المعنى دون الاحتفاظ بالصورة الأصلية ذات الأهمية في بناء الشخصية الروائية. فالاستعارات التي تنطق بها فايلا في الترجمة الانجليزية لا تعكس أي شيء عن بيئة النص وأهمية تلك البيئة في بناء الشخصية الروائية، وهذا الفشل يوجد أيضا في الاستعارات التي تأتي على لسان الشخصيات الأخرى في الرواية. وتخلص دراسة كروجر الى حقيقة مفادها أن الترجمة "الخاطئة" للاستعارة قد يكون لها عواقب دلالية وتواصلية تتجاوز الاستعارة المفردة لتمس بعض أركان العمل الأدبي كبناء الشخصية في الرواية وهذا ما يؤثر على تقبل القاريء للعمل الروائي المترجم ونجاح هذه الترجمة. والنتيجة التي توصلت اليها كروجر مهمة جدا ويجب على منظري الترجمة تطويرها من حيث دراسة روايات أخرى من لغات أخرى كاللغة العربية التي تنقصها مثل هذه الدراسات إضافة الى دراسة أنواع أدبية أخرى غير الرواية كالشعر والمسرح حيث قد تظهر عوامل أخرى تنبع من خصوصية بنية النص الشعري أو المسرحي لها تأثير مهم في تعامل المترجم مع الاستعارة، اضافة الى الجانب النظري فإن هذه النتيجة ذات أهمية بالنسبة للمترجمين أنفسهم بحيث لا يعفون بالتعامل مع الظاهرة اللغوية كالاستعارة في ذاتها وانما بربطها بالمستويات الأخرى من التعبير اللغوي كالنص وبنيته الكبرى. وهنا نشير الى عبرة أخرى نستفيدها من دراسة كروجر وتتعلق بالعلاقة بين المترجم والمؤلف فهناك اعتقاد سائد أن افضل مترجم للنص (الأدبي خصوصا) هو مؤلفه ذاته ان تمكن من لغة الترجمة، وهو ما أظهرت هذه الدراسة عدم صحته من خلال دراسة الكيفية التي ترجمت بها الاستعارة وتجامل (أو جهل) المؤلف. المترجم للارتباط العضوي في النص. 3 - فيفين لوكس: عودة الى الاستعارة المفردة والدراسة الثالثة التي سنستعرضها هنا هي لنيفين لوكس E. Vivienne Lux عنوان "الاستعارة وترجمتها" والقاها في مؤتمر FIT الدولي للترجمة الذي انعقد في مدينة برايتون البريطانية في الفترة من 6 - 13 من أغسطس من عام 1993 تحت شعار "الترجمة: الحلقة الحيوية" Translation- the Vital Link وتنقسم دراسة لوكس الى خمسة أقسام. يناقش القسم الاول من الدراسة تعريف مصطلح Metaphor يقابله مفهوم «الاستعارة» في اللغة العربية. ويرى أن هذه الكلمة مستمدة من الكلمة الاغريقية metaphora المكونة من شقين: Meta الذي يعني "فوق" و pherein الذي يعني "يحمل" وبذا فإن الدلالة
(يُتْبَعُ)
(/)
الاصلية لكلمة metaphor هي دلالة استعارية في ذاتها كما يقول لوكس. وفي القسم الثاني من الدراسة يناقش لوكس الكيفية التي تجعل من الاستعارة أمرا أساسيا في الفكر واللغة حيث ان الاستعارة تسوغ القدرة الادراكية للمتحدثين وهي أيضا مصدر تتجدد به اللغة بسبب ربط الكلمات بدلالات جديدة لم ترتبط بها من قبل. أما في القسم الثالث فيحاول لوكس الاجابة على تساؤل حول سبب كون الاستعارة مشكلة مركزية في الترجمة. والمشكلة في رأيه تكمن في أن الاستعارة غامضة طبعها وتحمل في العادة استخداما ابداعيا شخصيا للغة يرتبط في العادة بثقافة اللغة التي انتجت فيها الاستعارة. ثم يتساءل في القسم الرابع حول تطور الرؤية المعاصرة للاستعارة، فيستعرض آراء الكلاسيكيين مثل أرسطو ورأيه الشهير في الاستعارة الذي ينزلها منزلة عليا بحيث تكون "رمز العبقرية" مرورا بالقرون الوسطى والرومانتيكيين الذين اعتبروا الاستعارة وسيلة لاكتشاف العالم وأهميتها التخيلية والعاطفية، بحيث اعتبروها مركز اهتمامهم، حتى العصر الحديث وريتشاردز الذي اعتبر أن اللغة والاستعارة خصوصا هي مصدر وجود الحقيقة (أي الفكر يعتمد على اللغة)، ولاكوف وجونسون اللذان شككا في وجود مفاهيم إدراكية ذات طبيعة غير استعارية. وفي القسم الأخير من دراسة لوكس القصيرة يتناول كيفية ترجمة الاستعارة، ويحدد حديثه بالاستعارة الأصيلة في النصوص الأدبية وغير الأدبية. فيرى أن من الصعوبة تعريف الاستعارة الأصيلة لأن ما هو استعارة أصيلة اليوم قد يصبح تعبيرا مستهلكا بعد أن يتكرر استخدامه وتلوكا الألسن. ويرى لوكس أن القانون الذي يمكن للمترجم اعماله في ترجمة الاستعارة هو «كلما ابتعد النص الأصلي من الاستخدام العادي وكلما ازدادت اهمية النص، استوجب انتاج ترجمة قريبة من الأصل. كذلك تظهر الاستعارات في النصوص غير الأدبية كالنصوص الاقتصادية كما في الصحافة المختصة في الأمور الاقتصادية. وتظهر مشكلة الترجمة حينما يكون مفهوم معين مفعل في الاستعارة ذو خصوصية محلية وتكون مرتبطة بثقافة لغة الأصل. كما تظهر الاستعارة المستمدة من الأدب في النصوص غير الأدبية كايحاء أدبي لتشكيل وسيلة مختصرة لتلخيص وضع معقد. ويعتمد هذا على اعتقاد مسبق مفاده أن فهم الاستعارة لن يصعب على القاريء وهذا ما يسبب مشكلة حينما تترجم الاستعارة الى لغة أخرى. يخلص لوكس في دراسته الى حقيقة مفادها أن كل حالة استعارة يجب دراستها على نحو منفرد في سياقها الخاص بها، وان كل ما يمكن للمترجم فعله يتمثل في أن يكون على بينة من أنه قد أخذ كل العوامل في حسبانه ووزنها بحرص قبل أن يصل الى قراره في شأن ترجمتها. ومن الجلي أن دراسة لوكس تضيء بعض جوانب مسألة الاستعارة والترجمة لكن النتيجة التي توصلت اليها تثير بعض التساؤل. فقولا أن كل استعارة يجب أن تدرس منفصلة في سياقها الخاص يثير تساؤلين مهمين في رأينا. يتمثل التساؤل الأول حول سمة من سمات البحث العلمي النظري. فالنظرية كما هو معروف لدى جل الباحثين في كل الحقول تتعلق بالمشترك والعام وليس بالاستثنائي. أي أن كل نظرية يجب أن تسعي الى كشف القوانين العامة التي تحكم الأشياء، وهذا يتناقض مع رأي لوكس في التعامل مع كل استعارة على حدة. إن هذا الرأي يفترض أنه لا توجد قوانين عامة تنظم مسألة الترجمة والاستعارة وأن الأمر محض حالة فردية خاصة بكل استعارة. (2) أما التساؤل الثاني فيتمثل في المستويات العليا للاستعارة. فلوكس يتعامل مع الاستعارة المفردة وبذا يقع في نفس مشكلة الدراسات الأول كما أشرنا سابقا، حيث اشارت الدراسات الحديثة مثل دراسة كروجر السابقة الذكر ان الاستعارة تقع في فضاء النص الموجودة فيه وان التعامل معها يجب أن يكون في إطار يضعها في ترابط عضوي ومتفاعل مع العناصر الأخرى في النص ذاته. اضافة الى أن الاستعارة ترتبط تناميا باستعارات أخرى خارج إطار النص كما أشرنا في دراسة سابقة لنا. (3) 4 - ماري يونج: ترجمة الاستعارة الشعرية والانساق المتعددة والدراسة التالية التي سنتعرض لها هي رسالة دكتوراة في الموضوع تحت عنوان «ترجمة الاستعارة الشعرية: استكشافات في عمليات الترجمة» من اعداد ماري مان _ يي فونج، وقد قدمتها الباحثة في عام 1994 في جامعة ورك البريطانية. والدراسة كما يشير العنوان تتعلق
(يُتْبَعُ)
(/)
بالاستعارة الشعرية والعوامل المؤثرة في ترجمتها. وترى فونج ان الاستعارة تتكون من عناصر لغوية وغير لغوية. فالاستعارة فيما هي تعبير عن تصور ذهني تكون مرتبطة ارتباطا وثيقا بنظام اللغة الأصلية. والتجربة الحياتية المستمدة منها الاستعارة مرتبطة أيضا بالنظم الاجتماعية. الثقافية اضافة الى النظام الأدبي في اللغة الأصلية. ويتم تقبل الاستعارة من قبل قارئها في لغتها الأصلية من خلال التقبل الذهني لها إضافة الى قدرة هذا القاريء اللغوية والثقافية. ويعتمد تفسير الاستعارة على تعرض القاريء اضافة الى تطور المجتمع الذي يعيش فيه. وتلعب العوامل الشخصية مثل المهارة اللغوية والأدبية والتجربة الحياتية دورا مهما في تفسير الاستعارة اضافة الى العوامل العامة التي تحكم تقبل المجتمع باسره لهذه الاستعارة. أما في شأن الترجمة فتقول يونج في قسم بعنوان Translataibility أو "قابلية الترجمة" ان القابلية المطلقة للترجمة أو عدمها محكوم بـ "البيئة التاريخية والاجتماعية للاداء الحقيقي، حيث إن عددا من العوامل مثل التعرض الشخص للمترجم، واتجاه مرحلة تطور اللغة المترجم اليها وثقافتها والاتصال بين النظم المتعددة polysystems للغة الأصلية ولغة الترجمة لها تأثير حاسم في قابلية الترجمة" (ص 288: ترجمتنا) وهنا تتفق الباحثة مع ارمين بول فرانك Armin Paul Frank الذي يرى أن "قابلية الترجمة مفهوم تاريخي: وهو مفهوم نسبي للترجمات التي انتجت في الواقع". وترى فونج إن ما يحدد قابلية الترجمة هو ما اذا كانت الاستعارة المترجمة تحقق المتطلبات الكونية في النص الأدبي، أي أنها تقيم علاقات مناسبة في كل المستويات المهمة في النص الأدبي المترجم. ومن خلال الأمثلة التي درستها الباحثة تخلص الى نتيجة مفادها ان الاستعارات تغدو قابلة للترجمة حينما تتشابه المفاهيم الاستعارية الاساسية في النظم الثقافية واللغوية في لغة الأصل ولغة الترجمة. أما فقدان القابلية للترجمة فيحدث حينما يفشل المترجم في تجاوز العقبات والقيود التي تفرضها عليه النظم المختلفة المتعلقة بالاستعارة، وهكذا كلما قلت تلك القيود زادت قابلية الترجمة والعكس صحيح. وتناقش فونج جانبا مهما من جوانب قضية ترجمة الاستعارة وهو ترجمة الاستعارات الابداعية الأصيلة ( novel metaphors) رأي الباحث الألماني كلوفر Kloephfer الذي رأى انه كلما زادت أصالة الاستعارة وقيمتها الابداعية زادت قابليتها للترجمة الحرفية (أي نقل الصورة الموجودة في اللغة الأصلية). وهنا ترى فونج ان دراستها قد توصلت الى نتيجة مغايرة فقابلية الترجمة في رأيها لا تعتمد على "حداثة" الاستعارة واصالتها وانما على القيود التي تفرضها الاستعارة وامكانية تجاوز هذه القيود. وان الاستعارة الحديثة المرتبطة بابداع لغوي صعبة الترجمة. وتتوصل فونج الى نتيجة يجب التوقف عندها وهي انه رغم امكانية الترجمة الحرفية للاستعارة (أي نقل الصورة الأصلية كما هي الى لغة الترجمة) فإن ذلك لا يعني ان الاستعارة سيكون لها نفس الفضاء اللغوي والثقافي كما هو في لغة الأصل وذلك انطلاقا من مفهوم تعدد النظم الذي أشرنا اليه سابقا. فالنظم لا محالة تكون مختلفة بين لغة الأصل ولغة الترجمة، وهذا يستدعي أن أي ترجمة لأي استعارة يستحيل أن تكون مساوية تماما للاستعارة الأصلية. (طور الفكرة.) وبتلخيص ترى فونج أن ترجمة الاستعارة الشعرية تتجاوز الترجمة بمعناها البسيط المتصل في ايجاد مقابل لغوي للاستعارة الموجودة في الترجمة حيث إن هذا رهن بوجود نفس المستويات اللغوية والثقافية. بل إن حتى الحفاظ على نفس الصورة لا يعني نجاح الترجمة لأن الصورة في لغة الأصل مرتبطة بنظم ومستويات لغوية ونصية وثقافية قد لا توجد في لغة الترجمة. نشير هنا الى أن دراسة فونج مهمة جدا نتيجة لاعتمادها على المنهج الوصفي البنيوي الذي يتعامل مع الاستعارة في جميع المستويات المرتبطة بها سواء كانت على المستوى اللفظي أو الدلالي أو النحوي أو النصي أو الثقافي أو اللغوي العام. ونستطيع مطمئنين القول إن دراسة فونج تتجاوز أهميتها الاطار الذي وضعته الباحثة نفسها، فرغم تركيز الدراسة على مفهوم قابلية الترجمة translatability إلا أن ما توصلت اليه الدراسة يتجاوز هذا المفهوم كثيرا حيث يتعامل مع القضية من منظور وصفي
(يُتْبَعُ)
(/)
يأخذ في الحسبان جميع العوامل المؤثرة في عملية الترجمة وليس في "قابلية الترجمة" فقط وهذا ما يمكن اعتباره نموذجا لما يدعو اليه الباحث المعروف توري كما سنشير لاحقا حينما نستعرض أحدى دراساته الأخيرة في هذا المجال. 5 - تيريزا دوبرزنسكا: التركيز على ايحاءات الدلالة الدراسة التي سنستعرضها الآن هي دراسة تيريزا دوبرزنسكا Teressa Dobrzynska تحمل عنوان «ترجمة الاستعارة: مشاكل المعنى» والتي نشرت في عام 1995 في دورية البراجماتية في مجلدها الرابع والعشرين. وكما يتضح جليا من عنوان الدراسة فهي بعكس الدراسات السابقة تركز على مستوى الدلالة من قضية ترجمة الاستعارة. وترى دوبرزنسكا باديء ذي بدء ان الاستعارة تعتبر نموذجا على كل ما تمر به الاشارة اللغوية بشتى أنواعها حينما يتم استخدامها في الخطاب. بمعنى "انه يمكن التعامل مع الاستعارة على أنها تمثل تعقيد التواصل اللغوي بأكمله" (ص 595) غير أنها مع ذلك تقول ان مشاكل الاستعارة يمكن رؤيتها أقصى وضوحا وتحديدها حينما يراد ترجمة التعبير الاستعاري، أي حينما يراد التعبير عن المعنى في لغة أخرى، حيث تعني اللغة الأخرى خلفية ثقافية أخرى ونظاما قيما مختلفا لدى مستمعين أو قراء آخرين. وتفرق دوبرزنسكا بين التعبير الاستعاري والتعابير الخالية من المعنى بسبب ان التعبير الاستعاري هو كسر "مقصود" للحدود الدلالية في حين أن التعابير الخالية من المعنى غير قابلة للتأويل بعكس التعابير الاستعارية. فالاستعارة ذات معنى بالرغم من أن هذا المعنى يتجاوز التقاليد الدلالية في اللغة. والاستعارة (الحية) تختلف أيضا من منظور دوبرزنسكا عما يعرف بالاستعارات الميتة التي لا يشعر فيها القاريء بالصورة المجازية. وتقول دوبرزنسكا ان دراسة الاستعارة ه توفر فرصة ممتازة لتفحص أفضل للفرق بين المعنى غير المتغير في لغة معينة والذي هو موضوع علم الدلالة، في جانب، والعناصر المقابلة المتعلقة بـ "معرفة العالم" التي ترتبط بالبراجماتية في الجانب الآخر" (ص 596). وهنا تربط دوبرزنسكا الاستعارات بالارتباطات والايحاءات الملازمة للفظ كسمة أساسية في الاستعارة. حيث إن "الايحاءات اللفظية" جزء من تمكن المتحدث أو الكاتب وهكذا فهي أمر مشترك لدى جميع المتحدثين المتمكنين في أي لغة، وهذا ما يفسر التلازم بين معنى الاستعارات كما انتجها المتحدث أو الكاتب والمعنى الذي يصل اليه أو يفسره المستمع أو القاريء ورغم ذلك يظل معنى الاستعارة مفتوحا لأكثر من تفسير واحد. إلا أن بعض الاستعارات تظل أسهل تفسيرا من غيرها وهذا يعود في رأي دوبرزنسكا الى "المعرفة المشتركة" بين الكاتب أو المتحدث والقاريء أو السامع، فكلما كبرت مساحة المعرفة المشتركة بينهما سهل الوصول الى معنى الاستعارة أما اذا ضاقت مساحة هذه المعرفة الى حد انها تتحول الى محض افتراض فيصعب الوصول الى معنى الاستعارة. وفي رأي دوبرزنسكا فإن صعوبة تفسير الاستعارة تتجل أكبر ما تتجل ني حالة الترجمة حيث تتجاوز الاستعارة حدود مجتمع متميز بثقافة معينة، وتنتج الصعوبة هنا من حقيقة ان الكاتب أو المتحدث ليس لديه الا معرفة غامضة بسيطة حول الحقول الدلالية الايمائية لدى القاريء أو السامع. وتظهر المشكلة أيضا حينما تقوم الدلالة الاستعارية من ارتباطات مسكوكة من النوع الايمائي اللفظي، حيث تكون هذه الايحاءات معروفة لدى متحدثي لغة الأصل لكنها لا توجد لدى متحدثي اللغات الأخرى. فما الحل في مثل هذه الحالات حينما تعجز الترجمة عن نقل الاستعارة من لغة الى أخرى جراء الاختلافات في الحقول الدلالية بين كل من الكاتب والقاريء وبين لغة الأصل واللغة المترجم اليها؟ ترى دوبرزنسكا أن على المترجم أن يختار خيارا واحدا من بين ثلاثة خيارات. أول هذه الخيارات هو أن يختار المترجم المقابل الدقيق للاستعارة الأصلية (استعارة ï استعارة)، أو ان يستخدم عبارة استعارية تحمل معنى العبارة الاستعارية نفسه (استعارة 1 ï استعارة 2)، أو انه يحل محل الاستعارة مقابلا تفسيريا حرفيا (استعارة ï شرح). وهنا ترى دوبرزنسكا أن "اختيار التكتيكات الترجمية يجب أن يعتمد على نوع النص المترجم والوظيفة التي يفترض ان يؤديها لجمهوره الجديد في سياقها التواصلي الجديد" (ص 599)، مع ملاحظة ان الطريقة الأول لا يمكن اعتبارها افضل
(يُتْبَعُ)
(/)
الطرق حيث قد ينتج عنها استعارة غير ذات معنى في اللغة المترجم اليها النص، إلا اذا اشتركت اللغتان في ايحاءات الألفاظ. 6 - جوديون توري: ضرورة المنهج الوصفي الملاحظات الاخيرة في الاستعارة والترجمة التي سنتعرض لها هذا المقال هي لباحث جوديون توري وابداها في كتابه " Desciptine Tramslation Studies and Beyond" أو (الدراسات او صفية في الترجمة وما بعدها). فيتحدث في الفصل الثالث والذي يحمل عنوان "تشكيل منهج لدراسات الترجمة" عن فرق بين موقفين متضادين في دراسة الترجمة هماالموقف التوقعي "المستقبلي" ( prospective) والموقف الارجاعي "الماضوي" ( retrospective) ويمثل على هذا الفرق بالنظرة لدى كل منهما للاستعارة "لأنها قد قدمت في العادة على أنها ضرب من الامتحان النهائي لنظرية الترجمة" (ص81). ويلاحظ توري أن طبيعة الاستعارة كمشكلة في دراسات الترجمة قد تم تأسيسها من زاوية "النص الأصلي" باعتبار ان الاستعارات مواد من النص الأصلي يجب أن يبقى عليها في النص المترجم. وتقوم هذه الرؤية على معايير لغوية كما هي عند نيومارك وداجوت، ومعايير نصية ولغوية معا كما هو عند آخرين. وهنا ينتقد توري الدراسات السابقة انها تعاملت مع الاستعارات المفردة بدلا من أن تتعامل مع "كل منظم". اما بالنسبة للتعميمات التي توصل اليها الباحثون السابقون (مثل الحلول التي طرحتها دوبرزنسكا في الدراسة التي عرضناها سابقا) فلا تعكس أبدا الانتظامات ( regularities) الموجودة في الاستعارات التي تعرضت لها الدراسات السابقة، فعل عكس ذلك تم التعامل مع الاستعارات من خلال «فلتر» مسبق يحدد الجيد والسيىء في ترجمة الاستعارة، وهذا في رأي توري هو الذي جعل الباحث في موقع الـ "أكثر معرفة وعلما" بشأن الاستعارة والترجمة من المترجم الذي درسه هذا البحث. ويلاحظ توري انه من النادر ان تم التركيز على الحلول «كما هي موجودة في الواقع» دون تحديد معايير مسبقة واحكام تقييمية مسبقة. ولم يحدث مطلقا أن تعامل الباحثون السابقون مع الاستعارة من منظور ما قام به المترجمون من اخلالات للاستعارات الموجودة في اللغة الأصلية. ويلاحظ توري أيضا أن الاخلالات التي أسسها الباحثون السابقون في مسالة ترجمة الاستعارة يمكن تقسيمها الى ثلاثة أنواع كما يلي: 1 - الاستعارة الى الاستعارة "نفسها" 2 - الاستعارة الى استعارة "مختلفة" 3 - الاستعارة الى لا استعارة ويتجاهل الباحثون احتمالا آخر ينبع من الرؤية القائمة على النص الأصلي وهي: 4 - الاستعارة الى الصفر (أي الحذف الكامل للاستعارة وعدم الابقاء على شيء منها في النص الأصلي). وهذا التجاهل لا ينبع في رأي توري بسبب انه غير محتمل أو غير موجود في الترجمة الواقعية بل لأن الباحثين يرفضون اعطاء شرعية لحذف الاستعارة كلية، الا في حالة الاستعارات غير المهمة أو تلك الموجودة في النصوص غير المهمة. ويرى توري أنه حتى حينما نقيم آراءنا على أساس النص الأصلي فلا يوجد ما يضمن ان وجود استعارة في النص الأصلي يوجب التعامل معها كوحدة واحدة سواء أكان من خلال ترجمتها باستعارة كما في الحلين (1) و (2)، او بحل غير استعاري كما في (3)، أو حتى بعدم ترجمتها على الاطلاق مثلما هو الحال في الحل الذي يقترحه توري (4). أما دراسة الترجمة من منظور النص المترجم فقد تؤتي بثمار مختلفة في ميدان دراسات الترجمة، ففيما يتعلق بالاستعارة الموجودة في النص المترجم وليست تلك الموجودة في النص الأصلي، أي منظور الحل الموجود الذي اتخذه المترجم وليس على أساس المشكلة كما هو منظور النص الأصلي، وهنا يقترح توري حالتين كما يلي: 5 - لا استعارة الى استعارة 6 - الصفر الى استعارة ويرى توري أن المنظور الأشمل للترجمة، أي من منظور النص الأصلي والنص المترجم معا، يؤدي الى الأخذ بعين الاعتبار ظاهرة «التعويض» في الترجمة وهو ما كان سيستحيل على دراسات الترجمة ملاحظته لو كانت الاحتمالات الأربعة هي فقط التي يسمح بها في النظام الوصفي للترجمة. ويضيف توري ان الاحتمالين الأخيرين (4) و (5) قد يثيران افتراضات تفسيرية أخرى، فقد يلاحظ أن بعض الاستعارات الأصلية يقل استخدامها في لغة الترجمة، ليس بسبب الصعوبات الناتجة عن اللغة الأصلية أو الفروقات بين لغة الأصل ولغة الترجمة فقط، بل بسبب عوامل مرتبطة بالنص المترجم
(يُتْبَعُ)
(/)
ذاته. خلاصة نخلص من الاستقراء السابق لبعض الدراسات التي ظهرت في عقد التسعينات الى الاستنتاجات التالية: 1 - يلاحظ من خلال استعراضنا السابق أن الدراسات في موضوع الاستعارة والترجمة قد تجاوزت محدودية الدراسات المبكرة في الموضوع. ومعنى هذا أن الدراسات المبكرة مثل دراسة داجوت (1976) ونيومارك (1980) قد تمحورت حول الاستعارات المفردة، أي رؤية الموضوع من خلال امكانية ترجمة الاستعارة المفردة المنفصلة عن مستويات السياق العليا كالنص والسياق الثقافي الأكبر والعوامل المؤثرة على الترجمة مثل العامل اللغوي والعامل الثقافي اللذين تحدث عنهما داجوت، والعامل الكوني الذي اقترحه نيومارك. أما دراسات التسعينات فحاولت الخروج من مطب الاستعارة المفردة فحاولت توسيع دائرة الاستعارة لتشمل الجغرافيا النصانية التي توجد فيها الاستعارة. فإشارة مناصير الى وظيفة الاستعارة في تكوين معنى النص، وتركيز كروجر على المستوى "الكوني" أي النص للاستعارة، والمستويات الكبرى التي تحدثت عنها فونج كلها تدل على تحرك نحو تجاوز التعامل مع الاستعارة كوحدة منفصلة عن المستويات الأخرى باتجاه الاهتمام بالمستويات العليا للاستعارة. وهنا نشير الى أن الدراسات في الموضوع في مرحلة تحول، وان التعامل الأشمل مع الاستعارة لم يظهر في رأينا حتى الآن، والدليل على ذلك وجود بعض الدراسات التي مازالت ترى أن على المترجم أن يتعامل مع كل استعارة على حدة مثلما يرى لوكس مثلا، وتمحور دوبرزنسكا حول المفهوم القديم للايحاءات التي تستثمرها الاستعارة في النص. 2 - نرى أن هنالك مدى يمكن للباحث في الموضوع أن يصل اليه مستغلا ما يوجد حاليا من تطورات سواء في مجال الاستعارة أو المجالات الأخرى كلسانيات الخطاب واللسانيات الادراكية ودراسات الترجمة ذاتها. فإذا كانت الدراسات في الموضوع قد تحركت فعلا إلا أن هذه الحركة ليست فيما نرى بالمستوى الذي بالامكان الوصول اليه. واستطيع أن أشير هنا الى بعض التطورات في بعض الميادين التي يمكن للدراسات حول الاستعارة والترجمة الافادة منها: - دراسات الاستعارة: النظرية المعاصرة للاستعارة كما طورها لاكون وجونسون وترنر (3) التي ترى ان الاستعارة عملية ذهنية وأن ما نتعارف عليه بالاستعارة ليس إلا تعبيرا لغويا عن الاستعارة الذهنية. وهنا يمكن لدراسات الترجمة ان ترى كيف يمكن التعامل مع الاستعارة الذهنية من منظور الترجمة. بمعنى ان كانت الاستعارة أمرا ذهنيا وان اللغة ليست الا تعبيرا عن الذهن، فكيف يمكن أولا تحديد مشكلة الاستعارة في الترجمة، وكيف يتعامل المترجمون مع الاستعارة، أي هل تنتقل عبر الاستعارة مفاهيم ذهنية من لغة معينة الى لغة أخرى، أم أن الترجمة ليست إلا عملية احلال لتعابير لغوية موجودة ومتقبلة في لغة الترجمة بمعنى هل الترجمة ذهنية أم لغوية فقط؟ - دراسات الترجمة: تطورت نظرية الترجمة في العقدين الأخيرين تطورا كبيرا يمكن الافادة منه في المباحث التي تتعرض للترجمة والاستعارة، فدعوة توري الى المنهج الوصفي في غاية الأهمية في هذا المجال. كذلك فإن دعوة كثير من الباحثين وخصوصا الالمان منهم الى الاهتمام بغرض الترجمة مهم جدا، حيث يمكن للباحث مثلا أن يدرس الاستعارة وارتباطاتها وعلائقها في النص الأصلي، ويقارن ذلك بوضع الاستعارة في النص المترجم، باعتبار الأخير نصا قائما في ذاته له مبررات وجود تختلف عن مبررات النص الأصلي في لغته الأصلية، ويمكن التركيز هنا على التفاعل بين غرض الترجمة ووضع الاستعارة فيها. كذلك يمكن للباحث أن يستفيد من تطور آخر في دراسات الترجمة وهو النظر الى الترجمة من ناحية ايديولوجية، من حيث ارتباط وضع الترجمة في ثقافة معينة بالوضع العام في تلك الثقافة، حين يستخدم النص المترجم لأغراض لا ترتبط بالترجمة ذاتها بل بالوضع الاجتماعي ومصالح المجموعات المختلفة في تلك الثقافة
للدكتور / عبد الله الحراصي ـــــــــ سلطنة عمان ــــــــ جامعة السلطان قابوس(/)
** الضرورة الشعرية ومفهوم الانزياح**
ـ[الأزدي]ــــــــ[12 - 01 - 2005, 07:30 م]ـ
** الضرورة الشعرية ومفهوم الانزياح**
لـ أحمد محمد ويس
ثمة ما يشبه الاتفاق على أن للشعر لغة خاصة تمتاز بسمات معينة (وربما غير معينة أيضاً) تميزه من لغة النثر. والإقرار بهذا يعني أنّ الحكم على لغة الشعر ينبغي أن ينبثق من إدراك لطبيعة لغة الشعر دونما تحكيم لمعايير لغة النثر، لأن مثل ذلك التحكيم يؤدي إلى أن تفقد اللغة الشعرية الكثير من سماتها.
ولعل أكثر ما يمكن أن ينطبق على لغة الشعر هو أنها لغة النفس بكل ما في النفس من توتر وانفعال، في حين أنّ لغة النثر أقرب إلى برود العقل. ومن الممكن أن نَسِم لغة الشعر بأنها لغة انفعالية، ولغة النثر بأنها تعاملية أو منطقية [1]، ففي اللغة الانفعالية "يقتصر الاهتمام [على] إبراز رؤوس الفكرة؛ فهي وحدها التي تطفو وتسود الجملة، أما الروابط المنطقية التي تربط الكلمات بعضها ببعض، وأجزاء الجملة بعضها ببعض فإمّا ألاّ يُدَلّ عليها إلا دلالة جزئية بالاستعانة بالتنغيم والإشارة إذا اقتضى الحال، وإمّا ألاّ يُدَلّ عليها مطلقاً ويترك للذهن عناء استنتاجها. هذه اللغة المتكلمة تقترب من اللغة التلقائية، ويطلق هذا الاسم على اللغة التي تنفجر من النفس تلقائياً تحت تأثير انفعال شديد، ففي هذه الحالة يضع المتكلم الألفاظ الهامة في القمة، إذ لا يتيسر له الوقت ولا الفراغ اللذان يجعلانه يطابق فكرته على تلك القواعد الصارمة قواعد اللغة المتروية المنظمة، وعلى هذا النحو تتعارض اللغة الفجائية مع اللغة النحوية" [2]
وإذا كان صحيحاً ما قاله ووردز وورث (1770 - 1850م) من "أن الشعر يتضمن الانفعال بصفة دائمة" [3] فإن الصحيح أن" لكل انفعال نبضه االخاص [و] أنماطه التعبيرية المميزة له" [4] على حدّ قول كولريدج (1772 - 1834م).
والحق أننا نروم من خلال إيراد مثل هذا الكلام ههنا الخلوص إلى أن ماشاع عند القدامى من نحويين وبلاغيين ونقاد مما سمّي "الضرورة الشعرية" كان في القسم الكبير منه مظهراً من مظاهر لغة الشعر التي يحلّق الشاعر بها ومن خلالها في فضاء رحيب من الخيال غير ملتزم بما يسمى قيود اللغة، إذ الشاعر الحق هو من يطوع تلك القيود لفنه، فكأنه بذلك يجاوزها. ولعل هذا ما دعا أبا العتاهية كي يقول في غير قليل من الأنفة: "أنا أكبر من العروض" [5] وكأنه يريد القول إن العروض لا يمكن إن يقف حائلاً دون أن يعبر عما يريد وبما يريد. فإذا وقف حائلاً فلا عليه إنْ هو ابتدع لنفسه عروضاً آخر.
ولكننا لا ينبغي أن نغتر بكلام أبي العتاهية على إطلاقه، فنظن بأن من السهل على الشاعر أن يكون أكبر من العروض، كما لا ينبغي الظن بأن الشعر سهل المسالك خال من القيود، فليس الأمر كذلك، وليس ثمة فن يخلو من قيود .. لا بل إن هناك من يرى أن الفن "لا يحيا بغير قيود" [6] ولكنها القيود التي تؤدي إلى غنى القن لا إلى تجميده. وهكذا فإن القافية- وهي مما جرى اعتباره ضمن القيود-" كثيرا ما تسوق الشاعر إلى معنى لم يكن بباله" [7] كما قال مندور. وطبعاً فإن مثل هذا المعنى إنما يتصيده المتلقي أو يلوح للمبدع نفسه بعد أن يفرغ مما كتب.
وعلى الرغم من أن كلام مندور لا يؤدي حتماً إلى الوقوع في الضرورة فإن مجرد التفاته إلى أن القافية هي من قيود الشعر يصلنا برؤية العلماء القدامى التي كانت تعتبر الوزن والقافية قيدين ترتبط بهما "الضرورة" ارتباط النتيجة بالسبب، أو هذا ما يقوله المبرد: "فالوزن يحمل على الضرورة، والقافية تضطر إلى الحيلة" [8] وعلى مثل هذا النحو كانت نظرة كثير من القدامى فهي عند بعضهم رخصة" [9] وعند بعضهم الآخر "خطأ" أو "غلط" أو "شذوذ" [10] وهي عند أبي هلال العسكري "قبيحة" إذ يقول "وينبغي أن يجتنب ارتكاب الضرورات، وإن جاءت فيها رخصة من أهل العربية؛ فإنها قبيحة تشين الكلام وتذهب بمائه، وإنما استعملها القدماء في أشعارهم لعدم علمهم بقباحتها، ولأن بعضهم كان صاحب بداية. والبداية مزلة، وما كانوا أيضاً تُنْقَد عليهم أشعارهم، ولو قد نُقدت وبُهرج منها المعيب كما تنقد على شعراء هذه الأزمنة ويبهرج من كلامهم ما فيه أدنى عيب لتجنبوها" [11]
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا يبدو مقنعاً تسويغ أبي هلال لورود الضرورة عند القدامى. وهو إلى عدم إقناعه فيه اتهام خفي لذوقهم الشعري. ولا يبعد ابن رشيق عن هذا الاتجاه فيرى أن"لاخير في الضرورة، غير أنّ بعضها أسهل من بعض، ومنها ما يسمع عن العرب ولا يعمل به لأنهم أتوا به على جبلتهم. والمولَّد المحدث قد عَرف أنه عيب. ودخوله في العيب يُلزمه إياه. [12]
وليس ثمة حاجة إلى إيراد مزيد من النصوص، إذ يبدو أن هذه النظرة إلى"الضرورة الشعرية" كانت شائعة قديماً سواء عند أهل العروض أو عند أهل اللغة أو النحو أو البلاغة، فالشعر عندهم موضع اضطرار، أو أسير الوزن. والوفاء للوزن قد يقتضي من الشاعر أن ينحرف بالكلمة أو بالتركيب عما تقتضيه قواعد اللغة من نحو وصرف. والنتيجة التي يؤدي هذا الفهم إليها هي أن الوزن قيد يحد من حرية الشاعر. ولكنها نتيجة تلحق بالوزن وصمة ينبغي ألاّ تكون له. وكان من الممكن أن ينظر إلى هذه التي دعوها "ضرورة" على أنها سمة من سمات اللغة الشعرية. ولكنهم ما فعلوا ذلك، فكان هذا الوصف بالضرورة" وصمة وصموا بها الشعر العربي عن حسن نية منهم" [13]
ولقد حاول بعض المحدثين أن ينأى "بالضرورة" عما حُمّلت به، فرأى كمال بشر -مثلاً- أنها"ليست من باب الخطأ، كما يظن بعض الناس. [وإنما هي] تجيء على قاعدة جزئية تختلف مع القاعدة التي سموها قاعدة عامة، أو تجيء على وفاق لهجة من اللهجات، أو تجيء على وفاق مستوى لغوي معين ... " [14]
ويفسر أحمد مختار عمر لجوء النحاة إلى الوصف بـ"الضرورة" علىأنه مخرج لهم حين تعجزهم الحيل عن إيجاد علة منطقية لتفسيرها، "فأطلقوها دون قيد، لتكون سيفاً مصلتا وسلاحاً يشهرونه في وجه كل بيت يخالف قواعدهم ويعجزون عن تخريجه، فيجدون المخلص في هذا الوصف السهل يلقونه دون نظر أو تفكير" [15]
ولكنّ هذا القول لا يخلو من حيف، فنحن نرى أن النحاة ما انفكوا عن النظر والتفكير، بيد أن المعيارية هي التي غلبت عليهم، وهي التي حرصوا عليها، فكان الوصف بالضرورة من مظاهر هذه المعيارية.
ومهما يكن من أمر هذه المعيارية فإن النظرة إلى الضرورة الشعرية لم تكن على نحو واحد؛ فقد يكفي أن نقرأ للخليل بن أحمد كلاماً يلامس فيه ما ينبغي أن يتسم به الشاعر من حرية وامتياز، إذ يقول: "والشعراء أمراء الكلام يصرفونه أنى شاؤوا، ويجوز لهم مالا يجوز لغيرهم من إطلاق المعنى وتقييده ... ومد المقصور وقصر المددود، والجمع بين لغاته، والتفريق بين صفاته، واستخراج ما كلّت الألسن عن وصفه ونعته، والأذهان عن فهمه وإيضاحه، فيقرّبون البعيد ويبعّدون القريب ويُحتج بهم ولا يحتج عليهم ويصورون الباطل في صورة الحق، والحقّ في صورة الباطل" [16]
ويعلّق حازم على هذا بالقول: "فلأجل ما أشار إليه الخليل رحمه الله من بعد غايات الشعراء وامتداد آمادهم في معرفة الكلام واتساع مجالهم في جميع ذلك، يحتاج أن يحتال في تخريج كلامهم على وجوه من الصحة، فإنهم قلما يخفى عليهم ما يظهر لغيرهم، فليسوا يقولون شيئاً إلا وله وجه، فلذلك يجب تأوُّل كلامهم على الصحة، والتوقف عن تخطئتهم فيما ليس يلوح له وجه، وليس ينبغي أن يعترض عليهم في أقاويلهم إلا مَن تُزاحم رتبتُه في حسن تأليف الكلام وإبداع النظام رتبتَهم" [17]
والحق أن كلام الخليل هذا فريد في بابه، وكان منتظراً له أن يتكرّر بقوة أكبر عند تلميذه سيبويه، ولكن هذه القوة لم تحدث. وعلى الرغم من ذلك فإن سيبويه قد عقد للضرورة باباً سمّاه "باب ما يحتمل الشعر" [18]
والذي يمكن استخلاصه من كلام سيبويه هوأنه أدرك ان للشعر لغة خاصة به يقع فيها الذي لا يقع في الكلام العادي، ويقول: "اعلم أنه يجوز في الشعر مالا يجوز في الكلام من صرف مالا ينصرف، ويشبهونه بما ينصرف من الأسماء لأنها أسماء كما أنها أسماء. وحذف مالا يحذف، ويشبهونه بما قد حذف واستعمل محذوفاً" [19] ثم قال بعد أن أورد جملاً مما يجوز في الشعر دون الكلام: "ليس شيء يضطرون إليه إلا وهم يحاولون به وجهاً " [20]. والظاهر من هذا أن سيبويه يقر بوقوع الضرورة، ولكنه يشير إلى إمكان تسويغها على وجه من الصواب؛ أي أن سيبويه يجهد في ألاّ يُخَطَّأ الشاعر. فإذا تقدمنا في الزمن قليلاً وجدنا ابن قتيبة يُضيِّق ما رآه الخليل واسعاً، فتراه يقول: "وقد يضطر الشاعر فيقصُر الممدود، وليس له أن
(يُتْبَعُ)
(/)
يمد المقصور. وقد يضطر فيصرف غير المصروف، وقبيح ألاّ يصرف المصروف ... وأما ترك الهمز من المهموز فكثير واسع لا عيب فيه على الشاعر. والذي لا يجوز أن يهمز غير المهموز:. [21]
وهكذا اختصر ابن قتيبة مجال الحرية إلى النصف ممّا كان عند الخليل. وتبقى الخشية قائمة من مثل هذا الاتجاه العام نحو التضييق على الشاعر، والتقعيد للغة الشعرية.
وعلى الرغم مّما يمكن أن نجده من سطوة هذا التضييق عند بعض اللغويين والنقاد فإن ذلك لا يعني أن كل النقاد أخذوا بمثل هذا التضييق أو ساروا في ركبه، ولذلك فلسنا نوافق مصطفى ناصف في تعميمه الجازم حين قال: "فالمخالفات النحوية اعتبرت على أيدي النقاد جميعاً هفوات، ذلك لأن الشعر ينبغي ألا يخرج على حدود المستوى الأول أو الصورة الوهمية السابقة، ومن أجل ذلك تعقبوا ما سمّوه سقطات المتنبي وسقطات الجاهليين" [22]؛ لا نوافقه، لأنا سنرى وشيكا، إضافة إلى ما رأينا عند الخليل، أن عدداً من العلماء القدامى فهموا الضرورة على غير ما يوحي به اسمها؛ أي على أنّ استعمالها لايكون اضطرارا دائماً وإنما هي تأتي في أحايين كثيرة على نحو اختياري حرّ مقصود في ذاته؛ فقد ورد التعريف بالضرورة على أنها "ما وقع في الشعر دون النثر، سواء كان للشاعر عنه مندوحة، أم لا" [23]؛
أي أن الشاعر إذا وقع فيما يسمى بالضرورة وكانت له عنها مندوحة فهذا يعني أنه يقصد إليها قصدا، وأن له من ورائها غاية فنية أو غير فنية.
ويبدو للباحث أن ما جاء به ابن جني في أمر الضرورة كان ذا أهمية بالغة. وعلى الرغم مّما قد يبدو فيه من عدم اتساق، فإن خلاصة كلامه تؤدي به إلى أن يُسلَك ضمن هذا الاتجاه الذي يمثل التعريف الآنف أحسن تمثيل.
يرى ابن جني أن "الشعر موضع اضطرار، وموقف اعتذار، وكثيراً ما تُحرّف فيه الكلم عن أبنيته، وتحال فيه المثل عن أوضاع صيغها لأجله" [24] وهكذا فإن "عطية" تصير "عطاء" في قول الشاعر:
أبوك عطاء ألأم الناس كلهم
فقبّح من فحل وقبِّحتَ من نجل
وواضح أن ابن جني ههنا يميل إلى اعتبار الشعر موضع اضطرار. فأما سبب الاضطرار فلعله من دون شك الوزن وإن لم يصرّح بذلك هنا. ويكاد ابن جني في هذا النص يكرر ما رأيناه عند سيبويه؛ فهو مع ذهابه إلى أن الشعر موضع اضطرار يرى إمكانية الاعتذار. ولعل من الاعتذار أن تُحمل الضرورة على وجه من الصواب مثلما ذهب سيبويه.
على أن لابن جني رأياً آخر في الضرورة يذهب فيه إلى أن العرب تركبَ الضرورة مع قدرتها على تركها، وهي " تفعل ذلك تأنيساً لك بإجازة الوجه الأضعف لتصح به طريقك، ويرحُب به خناقك إذا لم تجد وجها غيره، فنقول: إذ أجازوا نحو هذا ومنه بدّ وعنه مندوحة، فما ظنك بهم إذا لم يجدوا منه بدلا، ولا عنه معدلا، ألا تراهم كيف يدخلون تحت قبح الضرورة مع قدرتهم على تركها؛ ليُعِدّوها لوقت الحاجة؛إليها [25]، ثم يستشهد على ذلك بجملة أبيات من الشعر يعلّق بعد كل واحد منها بأن الوزن ليس هو ما ألجأ الشاعر إلى الضرورة؛ وإنما كان ذلك منه رغبة في الاعتياد عليها [26] حتى يكون وقعها عند ارتكابها اضطراراً أخف على الناس وطأة مّما لو لم يعتادوا سماعها.
ويذهب ابن جني إلى أبعد من ذلك حين يرى أن مرتكب الضرورة يرتكبها لا عن ضعف وعجز، وإنما عن قوة طبع وفيض، ويقول: "فمتى رأيت الشاعر قد ارتكب مثل هذه الضرورات على قبحها، وانخراق الأصول بها، فاعلم أن ذلك على ما جَشِمه منه، وإن دل من وجه على جوره وتعسفه، فإنه من وجه آخر مؤذن بصياله، وتخمطه [أي تكبره]، وليس بقاطع دليل على ضعف لغته، ولا قصوره عن اختيار الوجه الناطق بفصاحته، بل مَثَله في ذلك عندي مثل مُجري الجَمُوح بلا لجام، ووارد الحرب الضروس حاسراً من غير احتشام. فهو وإن كان ملوما في عنفه وتهالكه، فإنه مشهود له بشجاعته، وفيض مُنَّتِه؛ ألا تراه لا يجهل أن لو تكفر في سلاحه، أو اعتصم بلجام جواده لكان أقرب إلى النجاة، وأبعد عن المَلْحاة لكنه جشِم ما جشِمه على علمه بما يعقب اقتحام مثله، إدلالا بقوة طبعه, ودلالة على شهامة نفسه" [27] وإذن فإنما شأن الشاعر في ارتكاب الضرورة اختياراً شأنُ المغامر في ركوبه المخاطر، فهو، إذلا يبالي بالمخاطر، فلأنه يحصل على لذة مضاعفة تنسيه الخطر. ولعل اللذّة لم تأته إلا لأنه في مغامرته راد عالماً مجهولاً، وحصّل تجربة
(يُتْبَعُ)
(/)
جديدة ما كان ممكناً بغير المغامرة تحصّلها.
وإذ يرى ابن جني أن الشاعر لم يرتكب الضرورة مضطراً بل حراً مختاراً، فإنه بعد قليل من كلامه ذاك يذكر أن انجلاء المعنى في ذهن الشاعر يجعله حين يقع فيها غير مدرك لها" فكأنه لأنسه بعلم غرضه وسفور مراده لم يرتكب صعباً، ولا جشم إلا أَمماً، وافق بذلك قابلاً له، أو صادف غير آنسٍ به، إلا أنه هو قد استرسل واثقاً، وبنى الأمر على أنه ليس ملتبساً" [28]
هما إذاً تفسيران يعرضهما ابن جني لارتكاب ما سميّ بالضرورة: تفسير يجعل الشاعر واعياً بما يفعل، ومدلاً بقوة طبعه، وآخر يجعله غير واع يما يفعل حين تنثال عليه الألفاظ فيصوغها في شكل يظنّه واضحاً لغيره مثلما هو واضح في نفسه. على أن المهم في كلام ابن جني ميلُه العامّ إلى اعتبار ما سمي بالضرورة أمراً سائغاً للشاعر ارتكابه، خاصة من كان ذا فصاحة واقتدار لغويّ. وهو بعد أن يستعرض جملة من الضرائر يقول: "إذا جاز هذا للعرب من غير حصر ولا ضرورة قول كان استعمال الضرورة في الشعر للمولدين أسهل وهم فيه أعذر" [29]
وربما أمكن عقد صلة بين ما يقوله ابن جني هنا وبين بحثه في "شجاعة العربية" فالضرورة ما هي إلا مظهر من مظاهر هذه الشجاعة.
وثمة من شارك ابنَ جني رأيه في الضرورة؛ فقد ورد عن معاصره أبي الطيب المتنبي أنه قال: "قد يجوز للشاعر من الكلام مالا يجوز لغيره، لا للاضطرار إليه، ولكنْ للاتساع فيه واتفاق أهله عليه، فيحذفون ويزيدون" [30] وقال: " وللفصحاء المدلين في أشعارهم مالم يسمع من غيرهم ... " [31] وليس بمستغرب على مثل أبي الطيب أن يصدر عن مثل هذا الرأي، وهو المبدع الذي نشد الحرية وانطوى على شعور مَن أيقن أن اللغة ملك له.
وفي هذا العصر نفسه نلفي لغوياً آخر هو حمزة بن حسن الأصفهاني (ت360هـ) لا يكتفي بأن يقرّ الضرورة فحسب، بل هو يعدها وسيلة من وسائل نماء اللغة وغناها، وعلى الرغم من أنه يرى أن الضرورة سببها ما في الشعر من مضايق يرى أن الشعراء يبتكرون بسبب من هذه المضايق صيغا ومفردات تدخل متن اللغة وتزيد في غناها. ويذهب الأصفهاني في سبيل توكيد ذلك إلى القول بأن علماء الآزادمرية إذ "ألْفوا لغات جميع الأمم ... لا يتولد فيها الزيادات والنماء على مرور الزمان ... وجدوا اللغة العربية على الضد من سائر لغات الأمم، لما يتولد فيها مرة بعد أخرى وأن المولد لها قرائح الشعراء الذين هم أمراء الكلام، بالضرورات التي تمر بهم في المضايق التي يدفعون إليها عند حصر المعاني الكثيرة في بيوت ضيقة المساحة، والإقواء [اي الإحراج] الذي يلحقهم عند إقامة الثواني التي لا محيد لهم عن تنسيق الحروف المتشابهة في أواخرها، فلا بد من أن يدفعهم استيفاء حقوق الصنعة إلى عرض اللغة بفنون الحيلة، فمرة يعسفونها بإزالة أمثلة الأسماء والأفعال عما جاءت عليه في الجبلة -لما يُدخلون من الحذف والزيادة فيها- ومرة بتوليد الألفاظ على حسب ما تسمو إليه هممهم عند قرض الأشعار" [32]
ثم يورد الأصفهاني بعدئذ عدداً من الألفاظ التي ولَّدها الشعراء القدامى ولم يكن لها في اللغة وجود، فيقول: "أمّا ما خرج إلى الوجود بالتوليد فكثير ... يدل عليه قليل ما نحكي منه. فمن ذلك قول النابغة:
إلا الأواريّ لأيا ما أبيّنها
والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد
فزعم الرواة والعلماء بالشعر أنه أول من سمّى الأرض مظلومة؛ وهي التي حفر فيها ولم تكن قبل ذلك محفورة" [33]
ومن ذلك أيضاً ألفاظ "الشكم " و"الشكد" و"الشكب" التي صارت لغات في "الشكر" بعد أن استعمل طرفة الأولى والثانية في قصيدتين له: قافية الأولى "ميم" وقافية الثانية "دال" واستعمل مزرد الثالثة. [34]
وعلى الرغم من أن ابن رشيق رأى كما مرّ معنا سابقاً "أنه لا خير في الضرورة" فإنه يقع فيما يشبه الاستدراك على نفسه حين يختتم حديثه عن "الرخص في الشعر" بعرض" أشياء من القرآن وقعت فيه بلاغة وإحكاما لاتصرفا وضرورة " [35]
والذي نريده ههنا أنه قال عقب هذا القول رأسا: "فإذا وقع مثلها [يعني الأشياء] في الشعر، لم ينسب إلى قائله عجز ولا تقصير، كما يظن من لا علم له، ولا تفتيش عنده؛ من ذلك أن يذكر شيئين، ثم يخبر عن أحدهما دون صاحبه اتساعاً، كما قال عز وجل: (وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها) *
(يُتْبَعُ)
(/)
أو يجعل الفعل لأحدهما ويشرك الآخر معه، أو يذكر شيئاً، فيقرن به ما يقاربه ويناسبه، ولم يذكره، كقوله تعالى: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) (**) وقد ذكر الإنسان قبل هذه الآية دون الجان وذكر الجان بعدها. وقال المثقب العبدي:
فما أدري إذا يممت أرضاً
أريد الخير، أيهما يليني
أَأَلخير الذي أنا أبتغيه
أم الشر الذي هو يبتغيني
فقال: "أيهما" قبل أن يذكر الشيء؛ لأن كلامه يقتضي ذلك ... ومن ذلك إضمار ما لم يذكر جلّ اسمُه: (حتى توارت بالحجاب) ( ... )
يعني الشمس ... وقال حاتم:
أماويّ ما يغني الثراء عن الفتى
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
يعني النفس. وحدف"لا" من الكلام وأنت تريدها كقوله تعالى: (كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم) (****)
(أي: ألا تحبط) وزيادة "لا" في الكلام كقوله سبحانه: (وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون) (*) فزاد "لا"؛ (لأنهم لا يؤمنون) ... وقال جل اسمه: (وما منعك ألا تسجد) (**) أي: ما منعك أن تسجد ... وقال أبو النجم العجلي:
فما ألوم البيض ألا تسخرا
يريد: "أن تسخرا ... "36
ليس على ابن رشيق حرج في أن يؤدي القياس به وبغيره أيضاً إلى اعتبار مثل هذه الأشياء التي جرت العادة أن تحمل على الضرورة في الشعر، مظهراً من مظاهر البلاغة والفصاحة فإن مجرد ورود مثلها في القرآن -وهو الذروة في البلاغة والفصاحة والمثال الذي يحتذى -كاف في تسويغها بل عدّها من مظاهر القوة الشعرية أيضاً.
ثم نلتقي بعد نحو قرنين من عصر ابن رشيق بابن عصفور (ت669هـ)؛ فنراه يفتتح كتابه "ضرائر الشعر" بالقول: "إن الشعر لما كان موزوناً ... أجازت العرب فيه مالا يجوز في الكلام؛ اضطروا إلى ذلك أم لم يضطروا إليه، لأنه موضع ألفت فيه الضرائر"37
وبحسبنا من هذا القول التفاتته إلى أنّ ما لا يجوز في الكلام قد يأتي في الشعر دونما اضطرار إليه؛ لأن هذا الذي لا يجوز في الكلام هو مما يقوم عليه الشعر حتى لكأن وروده في الشعر صار أمراً مألوفاً. ولعل هذا هو مؤدّى قوله: إن الشعر"موضع ألفت فيه الضرائر".
ونلتقي في هذا العصر بنحوي آخر وهو ابن مالك (ت672هـ) فنراه قد ضيّق من مفهوم الضرورة، إذ هي عنده "ماليس للشاعر عنه مندوحة"38 فأما ما لا يؤدي الوزن والقافية إليه فليس هو من الضرورة في شيء. وعلى ذلك فإن دخول "أل" على الفعل في قول الشاعر:
يقول الخنى وأبغض العجم ناطقاً
إلى ربنا صوت الحمار اليجدع
وفي قول الآخر:
وليس اليَرى للخلّ مثل الذي يرى
له الخل أهلاً أن يعد خليلا
هو دخول اختياري39 وفي هذا يقول ابن مالك: "وعندي أن مثل هذا غير مخصوص بالضرورة لإمكان أن يقول الشاعر: صوت الحمار يجدع، وما مَن يرى للخل، وإذا لم يفعلوا ذلك مع الاستطاعة ففي ذلك إشعار بالاختيار وعدم الاضطرار"40
ويبدو أنّ ما أدّى بابن مالك إلى أن يضيِّق من مجال الضرورة هو منهجه في الاعتداد باللهجات المختلفة والقراءات القرآنية والحديث النبوي؛ فإذا ورد من هذه شيء مما يقول النحاة عن نظيره إنه من الضرورة لا يعده هو كذلك، بل يعيد كل ظاهرة إلى أصلها، وقد نص على أنه لهجة قبيلة معينة، وضرورة عند غيرهم.41 وعلى ذلك فإن ابن مالك لا يسدّ باب الضرورة وإنما يضيقه.
بيد أن رأي ابن مالك لم يسلم من النقد الشديد من بعض المتأخرين كأبي حيان (ت745هـ).والشاطبي (ت790 هـ). وقد نقل السيوطي عن أبي حيان قوله في ابن مالك إنه "لم يفهم معنى قول النحويين في ضرورة الشعر، فقال في غير موضع: ليس هذا البيت بضرورة، لأن قائله متمكن من أن يقول كذا ... الضرورة إنما هي دليل قصور من الشاعر، ولكنه القصور القابل لإمكانية التصحيح.
ويشير الشاطبي في معرض رده إلى أمر مهم جداً، وهو "أنه قد يكون للمعنى عبارتان أو أكثر، واحدة يلزم فيها الضرورة إلا أنها مطابقة لمقتضى الحال، ولا شك أنهم في هذه الحال يرجعون إلى الضرورة؛ لأن اعتناءهم بالمعاني أشدّ من اعتنائهم بالألفاظ"42 فههنا مهمة إشارة إلى أن الضرورة قد جاءت اختيارا وأن من ورائها غاية معنوية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ونقف أخيراً على كلام لبهاء الدين السبكيّ (ت763هـ) يتضح فيه جلياً أن ما قد يعدُّ ضعيفاً وغير فصيح في الكلام النثريّ قد يعد في الشعر على خلاف ذلك قوياً وفصيحاً. وقد عرض السبكي لهذا الرأي في سياق حديثه عن عود الضمير على متأخر لفظاً ورتبة في مثل "ضرب غلامه زيدا". ويقول: "وقد اختلف في جواز ذلك، فالجمهور على منعه، وجوزه أبو الحسن والطُّوال وابن جني وابن مالك مستدلين بقوله:
جزى ربه عني عدي بن حاتم
جزاء الكلاب العاويات وقد فعل
ثم قال: "وأعلم أن المصنف [يعني القزويني] والشراح [يعني شراح التلخيص] قالوا: إنما كان ضعيفاً لأن ذلك ممتنع عند الجمهور، ولا يجتمع القول بضعفه وكونه غير فصيح مع القول بامتناعه، فإن أرادوا أنه جائز ولكنه ضعيف لأن الأكثر على امتناعه ... فلا يلزم من القول بجواز مامنعه الجمهور الاعتراف بضعفه، فربما ذهب ذاهب إلى جواز شيء مع فصاحته مع ذهاب غيره إلى امتناعه ... وعليه اعتراض ثان وهو أن هذا على تقدير جوازه وضعفه ليس مثالاً صحيحا"ً، لأن هذا ليس ضعيفاً في الكلام ... ثم ذلك الضعف ربما كان في النثر دون الشعر، لأن ضرورة الشعر كما تجيز ما ليس بجائز فقد تقوي ما هو ضعيف، فعلى البيانيّ أن يعتبر ذلك، فربما كان الشيء فصيحا في الشعر غير فصيح في النثر"43
ومن الواضح أن السبكيّ مدرك تمام الإدارك أن للكلام مستويين: مستوى نثرياً وآخر شعرياً. ويبدو طريفاً ومقنعاً حِجاجُه المنطقيّ هذا الذي ابتغى من ورائه تقرير أن ما يُحكم عليه بالضعف في الكلام النثري قد ينقلب في الشعر فيغدو قويا، فهذا ينبغي أن يكون مثل جعلهم ما ليس بجائز في الكلام جائزاً في الشعر. وهو ما جرت تسميته "بالضرورة". بيد أن هذا لا يعني البتة أن كل ضعيف في الكلام يقوى إذا هو ورد في الشعر ... وإنما الشأن راجع إلى فحولة الشاعر واقتداره. والسبكيّ كان في الحق دقيقاً ومحتاطاً إذ استعمل في عبارته الأداتين "قد" و"ربما"؛ ليشير بهما إلى أنّ الأمر ليس في مكنة كل من يتعاطى قرض الشعر.
وبالجملة فإن من الممكن القول بعد هذا بأن الضرورة الشعرية هي في كثير من أحوالها خصيصة من خصائص اللغة الشعرية. وعلى ذلك فلا تكون عيباً، بل هي في الغالب مظهر من مظاهر الاقتدار الفني. ولعل هذا قد اتضح من خلال ما سقناه من نصوص لامس فيها أصحابها الفكرة على نحو مباشر أو غير مباشر.
--------------------------------------------------------------------------------
[1]- اقتبست هذه التسمية من فندريس في كتابه: اللغة، تر: عبد الحميد الدواخلي ومحمد القصاص مكتبة الأنجلو المصرية 1950، ص182
[2]- فندريس: اللغة ص194 - 195
[3]- كولريدج: النظرية الرومانتيكية في الشعر، سيرة أدبية لكولريدج، تر: عبد الحكيم حسان، ط دار المعارف بمصر 1971، ص302
[4]- المصدر السابق ص303 وقد عبر كروتشه عن مثل ذلك فقال: إن اللغة خلق دائم، فما عبر عنه تعبيراً لغوياً لن يتكرر مطلقاً .. فالانطباعات الدائمة الجدة تفسح المجال لظهور تغييرات مستمرة في الصوت والمعنى .. والبحث عن لغة نمطية هو البحث عن سكون الحركة، ويمزات وبروكس: النقد الأدبي، تر: محيى الدين صبحي، مطبعة جامعة دمشق 1973 - 1976،3/ 738
[5]- الأصفهاني: الأغاني، طبعة مصورة عن طبعة دار الكتب، مؤسسة جمال، بيروت د. ت، 4/ 13
[6]- مندور: محمد: في الأدب والنقد، طـ5 دار نهضة مصر د. ت ص11 وهو يشير إلى أن هذا مثل فرنسي.
[7]- المصدر نفسه ص11
[8]- البلاغة، تح: رمضان عبد التواب، ط2 مكتبة الثقافة الدينية بالقاهرة 1985، ص81 وانظر الفراء: معاني، تح: عبد الفتاح شلبي، ط الهيئة المصرية العامة للكتاب 1972، 3/ 118 وابن قتيبة: تأويل مشكل القرآن، تح: السيد أحمد صقر، ط1 دار الرجاء إحياء الكتب العربية القاهرة 1954 ص154
[9]- انظر: ابن رشيق: العمدة، تح: محمد قرقزان، ط1 دار المعرفة بيروت 1988، ص1020
[10]- انظر: ابن فارس: ذم الخطأ في الشعر، تح: رمضان عبد التواب، مكتبة الخانجي بمصر 1980، ص21 والصاحبي في فقه اللغة، تح: مصطفى الشويمي، مؤسسة بدران، بيروت، 1963، ص276 وابن قتيبة: تأويل مشكل القرآن، ص154.
[11]- الصناعيتن، تح: علي البجاوي وأبو الفضل إبراهيم، ط عيسى البابي الحلبي القاهرة 1952، ص150
[12]- العمدة، ص102
(يُتْبَعُ)
(/)
[13]- أنيس، إبراهيم: من أسرار اللغة، ط الأنجلو المصرية القاهرة 1951، ص252
[14]- دراسات في علم اللغة، دار المعارف بمصر 1969، 2/ 115
[15]- البحث اللغوي عند العرب، ط4 عالم الكتب بالقاهرة 1982، ص41.
[16]- منهاج البلغاء ص143 - 144،وانظر: ابن فارس: الصاحبي، ص275، والسيوطي: المزهر في علوم اللغة، تح: جاد المولى ورفيقيه، ط2 دار إحياء الكتب العربية القاهرة (د. ت) 2/ 471.
[17]- منهاج البلغاء، ص144.
[18]- الكتاب، تح: عبد السلام هارون،ط دار القلم، القاهرة 1966، 1/ 26.
[19]- الكتاب 1/ 26
[20]- الكتاب 1/ 32.
[21]- الشعر والشعراء، تح: أحمد محمد شاكر، دار المعارف بمصر 1966،/1/ 101 وانظر: المرزباني: والموشح، تح: علي البجاوي، ط دار نهضة مصر 1965، ص144 - 145
[22]-نظرية المعنى في النقد العربي، دار القلم القاهرة 1965، ص67
[23]- البغدادي: خزانة الأدب 1/ 3. وانظر: الآلوسي، محمود شكري: الضرائر وما يسوغ للشاعر دون الناثر، ط المطبعة السلفية بمصر 1341،ص6.
[24]- الخصائص، تح: محمد علي النجار، ط دار الهدى بيروت،د. ت، 3/ 188
[25]- الخصائص 3/ 60 - 61
[26]- انظر: الخصائص 3/ 61 وانظر تأكيداً لهذا في ص303 - 304
[27]- الخصائص 2/ 392
[28]- الخصائص 2/ 393.
[29]- الخصائص 1/ 329
[30]- القاضي الجرجاني: الوساطة بين المتنبي وخصومه، تح: محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي البجاوي ط مصطفى البابي الحلبي بمصر د. ت، ص450
[31]- المصدر السابق، ص452.
[32]- التنبيه على حدوث التصحيف، تح: محمد حسن آل ياسين، ط1 مكتبة النهضة بغداد 1967 ص159 - 160
[33]- المصدر السابق، ص158 - 159
[34]- انظر المصدر نفسه، ص159 - 160
[35]- العمدة، ص1032
* - الجمعة 11
(**) -الرحمن13
( ... ) -ص32
(****) - الحجرات 2
(*) - الأنعام
(**) - الأعراف 12
36 - العمدة، ص1032 - 1037
37 - ضرائر الشعر، تح: السيد ابراهيم محمد، ط2، دار الأندلس بيروت 1982، ص13، انظر كتابه الآخر: المقرب، تح: الجواري و الجبوري، ط1، مطبعة العاني بغداد 1972، ج2/ص202
38 - البغدادي: خزانة الأدب 1/ 33 والآلوسي: ضرائر الشعر، ص6
39 - انظر: تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد، تح: محمد كامل بركات، ط دار الكاتب العربي، القاهرة 1967، ص48 من تقديم المحقق، والبغدادي: خزانة الأدب 1/ 31 - 32
40 - البغدادي: خزانة الأدب1/ 33
41 - انظر: تسهيل الفوائد، ص24
42 - البغدادي: خزانة الأدب 1/ 34
43 - عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح، طبع مع مختصر السعد التفتازاني على تلخيص المفتاح المطبعة الأميرية ببولاق 1317هـ 1/ 98 - 99
-----------------------------
مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 68 - السنة السابعة عشرة - آب "أغسطس" 1997 - ربيع الآخر 1418
ـ[السُّهيلي]ــــــــ[31 - 05 - 2006, 08:16 م]ـ
للرفع .. وسأرد على الموضوع إن شاء الله ..
شكراً أخي الأزدي
ـ[لخضر بوخال]ــــــــ[23 - 11 - 2007, 07:27 م]ـ
شكرا أخي الأزدي على المعلومات الواردة في مقالتك. في رأيي المتواضع ليس هناك اختلاف بين العلماء اللغويين القدامى في معارضة تجاوزات الشعراء، و لو كانوا فحولا، و تحججههم في الأمر بالضرورة الشعرية. فقولهم: يجوز للشاعر ما لا يجوز للناثر. يعني الجانب الصرفي لا النحوي. و الله أعلم.(/)
نداء استغاثة!!
ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 10:57 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرغب من السادة النقاد نقد هذه القصة نقداً موضوعياً حيث أود تقديم هذا النقد لكاتب القصة لرغبتي الكبيرة بأن يشق طريقه في مجال التأليف الروائي
سنتقبّل النقد بصدر رحب طالما أننا سنجني الفائدة منه
ومقدم النقد أذكّره
(طوبى لمعلم الناس)
أتمنى أن أجد بينكم القبول وألاّ أكون ضيّفةً ثقيلةً عليكم
القصة معنّونة ب (نداء استغاثة) الكاتب (الطائر المهاجر)
سأقدمها للنقاد كما قدّمها مؤلفها
وطن من الأمن يستعمر قلوبكم الطيبة
ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 10:58 ص]ـ
.
-: إهداء: -
إنه من اللائق هنا أن أتمشى مع مجريات العادة التي تنص أن يُكتب إهداء في مقدمة أي عمل أدبي مهما كان متواضعاً، يتشرف فيه الكاتب بإهداء ثمرة جهده هذا إلى أشخاص أو شخصيات كانوا باعثاً له على كتابته تلك ..
وقد استغرقت كتابة هذه القصة زمناً ليس بالقصير تمشياً مع طبيعة المنتديات في العالم الإلكتروني البديع. ورغم بساطة الطرح ووجود بعض الأخطاء المقصودة والسقطات التي لا يخلو منها أي نص بشري؛ فإن هذه القصة بما حوت من مشاهد وشخصيات، أرجو أن لا يغيب عن بال القارئ الكريم أنها " رمزية "
وأن يستصحب معه هذا الشعور على الدوام إلى تلك الجزيرة ..
وأنها لهذا الاعتبار فقط؛ قد مَزَجت بين الواقع والخيال بمزيج متداخل كما هو الحال في كل عمل رمزي، وأن أشخاصها الحقيقيون يدركون وحدهم أبعادها وأحداثها التي وقعت ذات زمان خارج أرض القصة.
وهي بهذا ليست قصة للتسلية المجردة، وإنما كتبت وفاءً لأصحابها كثاني تجربة لي مع القصة " باللغة العربية ". وقد سبق طرحها في مكان آخر إلا أن فصلها الأخير لم ير النور بعد!!
ولقد واجهت صعوبة في التقريب بين الواقع كما هو، والخيال كما أراه، بسيناريو الأفلام الأجنبية الخيالية كما اعتاد عليه قراء هذا الزمان ليكون أدعى للتشويق والإثارة، وحتى لا ينقطع بهم النفس في رحلة الغوص إلى القاع.
كما حرصت أن أبرز بشكل مبعثر قدرة الأنثى الفائقة في التحكم بكل اقتدار بأقوى قوة كامنة عرفها البشر؛ ألا وهي قوة العاطفة. وكيف أنها مخلوق (وليس مجرد جسد جذاب) وأنه يتمتع بصفات فريدة في صراعه المستميت مع هذه القوة الكامنة، كما راعيت فيها تفاوت المستويات والأذواق، وقد يعذرني منكم من لم تأتِ القصة مفصلة تماماً على قدر ذوقه وتذوقه وحده.
ومن رأى منكم عيباً فليغمض عنه وليسارني به وله به علي دين.
كل كلمة فيها .. عبارة عن خرزة مثقوبة الأطراف نظمتها في عقد أدبي متسلسل لأعلقه نيشان وفاء على صدر من كانت الباعث الأول لي على كتابتها قبل رحيلها. " وهو عرفان الطيور الأزلي الذي ترتحل به في كل حين ".
فإليها .. وإليكم أهدي هذه القصة المتواضعة.
ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:00 ص]ـ
الجزء الأول
.
حمل أمتعته على عجل، ورجلاه لا تكادان تلامسان الأرض من شدة الفرح ...
وأخيراً تحقق حلمه برحلة بحرية إلى إحدى الجزر البعيدة على متن باخرة تبحر بعد دقائق .. وسيكسر حاجز الروتين الممل أخيراً وسيبتعد عن قصر أبيه للمرة الأولى منذ أن أصبح شاباً يافعاً .. بل الأجمل من ذلك كله أنه سيتذوق طعم الحرية الطبيعي بعيداً عن (الإتيكيت) الذي يأسره ليل نهار.
على رصيف المرسى كانت (سيرين) تنتظر بقلق ظاهر وصول (صديقها) الذي تأخر عنها كثيراً ... ونداءات البحارة لها بالصعود تتكرر بانتظام يزيدها قلقا وانزعاجاً.
هاهو قد وصل أخيراً، وتعابير وجهه الخجول تنبئ بصمت أنه يعتذر إليها عن تأخره ...
ناولته التذاكر .. ثم ألقت على صدره حقيبتها وأمتعتها وسط دهشته دون تعليق وكأنها تقول له " ذق جزاء تأخرك أيها الكسول "
تبسم وبدأ يجر رجليه وحمله الثقيل وهو يصعد وراءها درجات سلم الباخرة ويدفعها من ورائها بحركاتٍ صبيانية مضحكة لعله أن يخفف شيئاً من توترها وضيقها.
كان قد تعرف إلى (سيرين) منذ شهر واحد فقط .. وسرعان ما نشأت بينهما علاقة صداقة حميمة. ثم اتفقا على أن يصحبها في رحلة ترفيهية إلى جزيرة نائية في عمق البحر مع عدد من موظفي الشركة الفرنسية التي تعمل فيها سيرين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ورغم برودة الجو في هذا الصباح الباكر واضطراب حالة الطقس وارتفاع مستوى الموج، إلا أن القبطان – ذلك الغامض الأعرج-أطلق صافرة الانطلاق لمركبته لتشق عباب الماء في تحد ٍ صارخ للمجهول وبدأ البحارة يرفعون الأشرعة ويسدلونها بحركات متتابعة مدربة وسط أهازيجهم التي تبعث في النفس حلاوة المغامرة.
كان (كريم) يسترق النظر إلى المرفأ الذي بدأ يتباعد تدريجياً من خلال نافذة غرفته وقد بدأ في ترتيب أغراضه وملابسه داخل الخزانة ويتراقص بحركات متمايلة ويردد مقاطع من أغنيات تنساب إلى أذنيه من جهاز التسجيل المعلق إلى خصره .. ولم يفسد عليه هذه الأجواء الحالمة إلا صوتُ سيرين وهي تقتحم عليه غرفته بعد أن ملت من كثرة طرق الباب دون أن يسمعها .. دخلت وأقفلت جهاز التسجيل وقد عقدت حاجبيها ثم أبعدت سماعتي التسجيل عن أذنيه وصرخت في وجهه قائلة: " إن لم توافني في الكافيتيريا حالاً فسوف أقبل دعوة أي أحد من زملائي إذا دعاني إلى فنجان قهوة .. هه!! ".
ثم انصرفت وأغلقت الباب بقوة تاركة ً إياه يتأمل علامة استفهام كبيرة ارتسمت في الهواء أمام عينيه.
لم يجد (كريم) بداً من أن يلملم أغراضه سريعاً ويخرج بحثاً عنها بين الدهاليز والممرات حتى وجدها هناك في الكافتيريا الرئيسي تقف وسط عدد من زملائها وزميلاتها الفرنسيين والعرب.
حياهم بأدب ثم أمسكت سيرين بيده والتصقت بجانبه في نشوة ظاهرة،وراحت تعرفه إليهم وتعرفهم إليه وهو يصافحهم الواحد تلو الآخر.
دار بينهم حديث متشعب حول كل شيء في جو يملأه المرح والسرور في شيء من الدبلوماسية واللباقة .. تعرفوا من خلاله على بعضهم البعض بشكل أكبر، وكانت فرصة رائعة بالنسبة لسيرين التي لم تكن لتبعد عينيها المعجبتين عن صديقها الخجول وقد تحول إلى شخصية ذات دعابة ونكتة .... وجاذبية.
فجأة!!! ... لمعت في عيني سيرين آثار منظر أعجبها وراء النافذة فأمسكت بيد كريم واستأذنت منهم بلطف وصعدت به إلى سطح الباخرة في نفس الوقت تماماً الذي استطاعت فيه الشمس أخيراً أن تخترق فراغات بدت بين السحب السوداء الكثيفة لتطل على الأرض بوجهها المشرق، وراحت تداعب سطح الماء بخيوط ذهبية لم يكن في ذلك اليوم الحالم شيءٌ أجمل منها ولا أروع.
على حافة سطح الباخرة من مؤخرتها .. وقفا يملآن صدريهما بالهواء النقي ....
نسمة هواء باردة تسللت على حين غفلة منهما وراحت تتلاعب بشعر سيرين وتتمايل به .. تارة تهزه إلى آخر أطرافه في الفراغ بينهما .. وتارة تلفح به وجه وصفحة عنق كريم وهو ينظر باتجاه الشمس مغمض العينين ... ويتهامسان بعبارات مقتضبة للغاية حديثاً لا يفهمه سواهما.
وبينما هما في هذه الأجواء الحالمة إذ تزايد من حولهما عدد الركاب الذين اجتذبهم هم أيضاً جمال المشهد وشاعريته وهدوءه، فاغتالوا بذلك من حيث لا يشعرون شيئاً من مشاعرهما الرقيقة البكر ووأدوها تحت تراب صدريهما قبل أن ترى النور .. فانسلا من بين الجموع وعادا إلى غرفتيهما ليأخذا قسطاً من الراحة قبل موعد الغداء.
* * * * * * * * *
كانت سيرين في حركة دائبة داخل غرفتها ترتب أغراضها وتجهز كاميرتها الرقمية استعداداً لكمٍ هائلٍ من الصور والذكريات الجميلة ... وكلما احتاجت إلى شيءٍ من العون والمساعدة هرعت إلى غرفة كريم دون تردد.
أما كريم، فقد انشغل عنها وسط ألوانه وأصباغه وريشه وهو يرسم المنظر البديع الذي لاح له من بين شرائح ستارة غرفته .. ويمزج المنظر بمناظر متداخلة بشكل معقد تتسرب إلى خياله لا يدري مصدرها
بدأت معالم بحرٍ لُجّي عميق تظهر على قاعدة اللوحة .. وفي طرفها الأيسر رسم دوامات دائرية على سطح الماء تكاد تبتلع سفينة عملاقة توسطت اللوحة وهي تصارع الأمواج!!.
وفي أقصى الركن الأيمن العلوي من اللوحة بالكاد يظهر طرف قرص الشمس وقد خنقتها السحب السوداء وأخفتها بعناية عن الأرض .. وخيوط ٌ من النور الساطع نجحت في الإفلات من قبضة السحب لتصل أخيراً إلى أعالي جزيرة قابعة بصمت في أحضان المحيط فتوصل إليها نداءات استغاثة متكررة من أهل الشمس إلى أهل الأرض!!!.
(يُتْبَعُ)
(/)
لم تكن سيرين تتذوق هذا النوع من الفن التشكيلي .. إلا أنها أبدت اهتماماً بالغاً به حين بدأ كريم يرسم وسط اللوحة وجهاٌ هلامياً لفتاة حسناء ملامحها ساحلية، تسدد نظرها الساحر مباشرة في عيني كل من يرى اللوحة ويتأملها.
ظنت في بادئ الأمر أنها هي المقصودة بالفتاة .. وهو الأمر الأكثر دفأً الذي تسلل إلى مشاعرها ودفعها باتجاهه .. وتجزم في قرارة نفسها أنه يبادلها الشعور نفسه .. بينما لم يكن كريم ينظر إليها بهذا الاتجاه.
ورغم أن كريم لم ينته بعد من رسم اللوحة .. إلا أنها أحرجته أمام زملائها وزميلاتها وهم على الغداء .. وراحت بحماس تصور لهم براعته في الرسم وجمال اللوحة التي رسمها بسرعة عجيبة وإبداع أخّاذ. وتحت ضغط الجميع وإلحاحهم المتكرر، وجد نفسه المسكين يجر رجليه باتجاه غرفته ليحضر لهم اللوحة.
* * * * * * * * * * * *
في المساء .. كانت عناصر اللوحة دون إذن سابق من أحد تتحول إلى أكثر المواضيع طرحاً على الطاولات وفي الممرات والغرف. وتصبح هذه العناصر مجتمعة موضوع السهرة الوحيد. (البحر-السحب السوداء- الجزيرة – الباخرة – سوء الطقس- وأخيراً وهو العنصر الأكثر إثارة وتشويقاً وغموضاً من بينها؛ الدوامات البحرية)
وكان بعض الذين وهبهم الله إحساساً مرهفاً بالخطر قبل وقوعه من الركاب، يشعرون دون غيرهم بوجود حركة خفية غير طبيعية بدأت تظهر على تصرفات البحارة وطاقم السفينة .. .
ثم ما لبثت هذه الأحاسيس أن تحولت إلى واقع بدأ يطفو على السطح عندما بدأت السفينة الضخمة تتمايل وترتفع وتنخفض وتفقد تدريجياً شيئاً من توازنها وسط دهشة الركاب الذين لم يستطيعوا هم أيضاً السيطرة على أنفسهم وتوازنهم .. بل ولم يتمكنوا من السيطرة على ملاعقهم وصحونهم وهي تتساقط على أرضية المطعم الكبير.
وعبثاً كان يحاول النادلون (الجرسونات) في المطعم تهدئة الركاب والمسارعة بتنظيف أرضيات المطعم وتبديل الصحون المكسورة على الأرض ..
على طاولة طويلة تحلق حولها كريم وسيرين وثمانية من زملاء وزميلات سيرين، لم يكن الوضع أحسن حالاً عن بقية الطاولات وبدأ حديثهم يتقطع بتقطع التيار الكهربائي داخل المطعم .. وترتفع أصواتهم بارتفاع أصوات من حولهم من الركاب المذعورين .. وكان أحد الفرنسيين يربط عناصر لوحة كريم بالذي يحدث الآن،غير أنه نسي الدوامات البحرية .. ونسي معها الجزيرة بالطبع.
(يتبع)
* * * * * * * * * * *
ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:02 ص]ـ
الجزء الثاني
.
ساعتان مضتا وهم على هذه الحالة، والوضع يزداد سوءاً واضطراباً وبدأ بعض الركاب وكبار السن يفقدون السيطرة على أنفسهم وأعصابهم .. وسرعان ما كانت تنشب بين الفينة والأخرى عراكات ومشادات يدوية بين هذا وذاك ثم ما تلبث أن تخمد تماماً بتدخل أحدهم لفض النزاع من أجل الجميع.
داخل السفينة .. كان كل شيءٍ يتجه إلى الأسوأ، والحسابات الشخصية تتضارب داخل كل عقل .. والأمزجة تتعقد .. والأعصاب تشتد .. والأنوار تنقطع ثم تشتعل بشكل يزيد من توترهم وخوفهم .. والصرخات المفاجئة تنطلق عنوة من أفواه بعض النساء ثم سرعان ما تتحول إلى ضحكات مصطنعة ممزوجة ببكاء خافت في محاولة نفسية يائسة لبث الثقة في أنفس الجميع وخصوصاً الأطفال الذين تعالت صيحاتهم نتيجة الانزعاج والجوع.
أما خارج السفينة ... فكان الوضع الأكثر خطورة ودموية .. وهو الوضع الأكثر وضوحاً أمام عيني قبطان السفينة ذا الغليون المعقوف.
بات وجهه المتجهم وكأنه خريطة متداخلة الخطوط لأسوأ أرض رعب عرفها إنسان.
إنه يرى حتماً ما لا يرون .. ويعلم ما لا يعلمون، بل ويسمع على ذبذبات الراديو ما لا يسمعون.
كان يخفي مخاوفه الحقيقية حتى عن أقرب بحارته ومعاونيه، وهو يرسل إشارة استغاثة أخيرة قبل أن ينقطع الإرسال الذي كان يربطه باليابسة!! ويبدو أن إشارته لم تصل إلى مكان .. ونداءه بطلب النجدة راح أدراج الرياح سدى، غير أن معاونه الأقرب " وهو برتبة كولونيل بحري متقاعد " سمعه أثناء إرسال الإشارة الأخيرة وهو يتحدث عن شيءٍ اسمه (الحوت الأعمى)!!! وكأنه سرٌ من أسرار الماضين لا يعرفه إلا القلائل من كبار الصيادين وقباطرة البحار!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
دنى الكولونيل برفق من قبطان السفينة بعد أن انقطع إرسال البث الأرضي وانقطع معه في وجه القبطان وريد الأمل الأخير لهم بالنجاة الذي ظل مرتسماً على وجهه حتى اللحظة الأخيرة .. ثم قال له بصوت خافت خائف: " سيدي اللفتنانت .. هل أطلق صافرات الإنذار الآن؟؟؟ ".
سكت القبطان طويلاً وهو يفكر بعمق بتبعات قرار كهذا ثم قال: " نعم ". ثم استدار نحو أحد البحارة وسأله: " كم عدد ركاب السفينة "؟؟
أجابه البحار على الفور وبكل احترام: أربعمائة وثلاثة وخمسين مع الطاقم سيدي!!.
بدأ القبطان فوراً يتنقل داخل قمرة القيادة ويمر على جميع معاونيه خلف الأجهزة ويصدر قراراته السريعة الحازمة التي لم يعتد على مثلها إلا في أندر الحالات .. ثم أعلن حالة التأهب القصوى وأمر بأن تدار المحركات بشكل عكسي ست درجات نحو الشمال، و أن يتم تشغيل محركات التوربيدات الاحتياطية على الفور .. وقد ارتسمت على وجهه أسوأ علامات الانزعاج والقلق منذ ركب البحر، ومعاونه الكولونيل يمشي خلفه يتحين فرصة مناسبة يختلي بها معه وهو يردد سيدي ... سيدي .. سيدي اللفتنانت!! حتى إذا وصلا وحدهما عند آخر قمرة القيادة الفسيحة مما يلي وجه السفينة، وقفا أمام نافذة زجاجية عريضة تطل على مقدم السفينة .. وأطرق القبطان طويلاً بخشوع وخوف وهو يشعل غليونه ويتمتم بكلمات سمع منها الكولونيل قوله: فليكن الرب في عوننا!! ثم سدد نظره في وسط الظلام هناك أمام السفينة باتجاه المجهول.
قال له الكولونيل بصوت خافت: سيدي .. ما هو الحوت الأعمى؟؟؟
سكت القبطان قليلاً وهو يخفي رعباً ملأ صدره ونظره مسدد بقوة نحو ذلك المجهول ثم قال: " إنه أسوأ إعصار عرفته البحار يا بني ..
إنه بخطورة البركان في اليابسة إن لم يكن أشد .. وهو لا ينشط إلا مرة واحدة كل أربعين سنة. ثم أطرق طويلاً قبل أن يقول:
"لا زلت أذكر المرة الأخيرة حين ابتلع أربعة من السفن الحربية دفعة واحدة .. كنت حينها أعمل ضابط اتصال في الفنار الكبير على الشاطئ وقد التقطت إشارة ضعيفة من إحدى السفن وهم يستغيثون من هجوم حوت ٍ ضخم بحجم جبل عملاق!!!
لم ينجو من الألف ضابط غير أفراد قلائل معظمهم لحقتهم إصابات وتشوهات وإعاقات، أما السفن فقد اختفت تماماً في عمق الماء.
كنا نظن أن هجوماً صاروخياً مضاداً حطم تلك السفن ... أما سكان تلك الجزر الوادعة فهم يعتقدون أن حوتاً عملاقاً يعميه الغضب فيخرج عليهم فجأة من رحم البحار، يبتلع كل ما على سطح الماء، ولا يسكن غضبه إلا عندما يقدمون له قرباناً هي أجمل فتياتهم على الإطلاق يتركونها تعيش له على الشاطئ؟؟؟؟
كانت السفينة العملاقة أشبه ما تكون بفارس من رعاة البقر امتطى ظهر حصان هائج لم يتم ترويضه بعد، فترتفع تارة حتى يكاد جسمها ينفصل عن سطح البحر تماماً ثم تهوي بكتلتها الضخمة في الماء وكأنها تغوص في جوفه ...
وكانت أمواج من المياه تتلاطم هنا وهناك في تجاويف السفينة فتنتزع من بين ممراتها وغرفها من استطاعت من ركاب أو أثاث أو آلات فتلقي بهم في عمق البحر بلمح البصر .. وبدأ الناس وهم يرون أنفسهم يتناقصون هكذا مع كل خطفة؛ يفقدون آخر ما تبقى لهم من أعصاب وحسن تصرف .. وباتت قراراتهم وليدة اللحظة.
ولم يبق في هذه الكتلة الحديدية مكان يمكن اعتباره آمناً لا تصل إليه المياه.
وباءت بالفشل، جميع محاولات القبطان ومعاونيه إبعاد السفينة عن الدوامات التي دخلتها بالفعل في تموجاتها الدائرية وصارت تميل معها حيث تميل .. تماماً كما تميل ذرات من القهوة المجففة في دورانها داخل كوب مملوء بالماء المغلي.
ومما زاد الوضع سوءاً؛ هبوب رياح مطيرة وعنيفة بدأت بزخاتها وكأنها تخترق جدار السفينة وتثقبه.
وفي خضم هذه التطورات المتلاحقة .. كان كريم حاله كحال عدد من الفتيان والرجال الأشداء، الذين وهبوا أنفسهم لمساعدة المحتاجين من الأطفال والنساء وكبار السن. ويأخذونهم لا إلى مكان ولكن في كل مرة ينقلونهم إلى أكثر الأماكن لا تصل إليه المياه .. وتحولت أرضية المطعم الكبير إلى بحيرة عائمة تخفي في قعرها أطناناً من الصحون والملاعق، والطاولات، والجثث .. في ظلام دامس.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومع انقطاع التيار الكهربائي، تعالت صرخات ونداءات الركاب يبحثون عن بعضهم البعض، وينقذون الناجين منهم في حركات غير مدروسة وغير منتظمة على الإطلاق.
* * * * * * * * * * * * * * * *
إختفاء صوت سيرين المفاجئ عن سمع كريم زاد من توتره وقلقه وبدأ مسلسل البحث عنها، ثم استوقفته إحدى عجائز ركاب الدرجة الأولى وهي تشده من قميصه المبلل وتناشده البحث عن حفيدها الذي تسمع صياحه وسط الظلام ولا تعرف مكانه ....
عملية إنقاذ الطفل وإعادته إلى جدته الثرية استغرقت نصف ساعة على الأرجح لكنها – مع الأسف – لم تكن كافية لتبقي العجوز وطفلها على قيد الحياة فترة طويلة من الزمن!!!
كان نداء الفطرة في قلب الأم وحده الذي أجبرها أن تكون ممسكة به حتى اللحظات الأخيرة التي تجمعهما معاً قبل أن ينهار عليهما عامود فولاذي ضخم دفنهما تحته في قاع البحيرة إلى الأبد .. وكان ذلك على مرأى ومسمع من كريم الذي جن جنونه من هول الموقف .. وراح الآن يفتش بحرارة وحماس أكثر عن سيرين أو أي من الناجين من زملائها.
كانت سيرين في هذه الأثناء قد انفصلت عن الباقين .. وبحماقة جريئة راحت تتجه بمفردها نحو غرفتها وتتلمس الطريق بيديها بعزم وثقة ..
لقد تذكرت جهاز إرسال بحجم الراديو الكبير كانت قد أحضرته معها لمزيد من المتعة والتشويق يمكنه على حد زعمها من التقاط بث السفينة من على بعد كبير لو هي استطاعت التقاط موجة البث بين السفينة وبرج المراقبة الأرضي على اليابسة.
لقد كانت تخطط لإجراء تجارب فنية من هذا النوع حين تستقر على الجزيرة هي وزملائها وزميلاتها. فقالت في نفسها لو أنها استطاعت الوصول إلى هذا الجهاز وتشغيله في اللحظة الأخيرة فلربما نجحت في إطلاق نداء استغاثة إلى اليابسة، أو إلى أحد ما هناك.
وصلت غرفتها أخيراً وقد امتلأت جبهتها وأكتافها بلطخات من الدم ينز من شرخ في رأسها نتيجة اصطدامها بقطعة حديدية حادة فاجأتها وسط الظلام.
حملت الجهاز أخيراً وحملت معه كاميرتها الرقمية ثم خرجت من الغرفة وبدأت تبحث عن كريم.
وصل كريم أخيراً إلى سطح السفينة بصعوبة بالغة وهو يمسك بيد رجل عجوز بترت نصف ساقه تقريباً والدم لا يزال رطباً على ملابسه .. وكان البحارة على سطح السفينة منهمكين بإخلاء السفينة في قوارب صغيرة للنجاة تنفيذاً لأمر القبطان الذي أصدر أوامره بالإخلاء .. ثم جال البحارة في جميع نواحي السفينة لتجميع الركاب في نقطة واحدة على السطح ومن ثم إنزالهم على شكل دفعات متتالية في تلك القوارب.
وكم كانت فرحة كريم وهو يرى صديقته تتجه وسط الزحام باتجاه السطح .. وحين رأته هي الأخرى اتجهت إليه مباشرة وألقت بنفسها بين ذراعيه في لحظة فرح مجنونة .. وبدأ كريم يلح عليها بمغادرة السفينة على الفور مع الباقين وهو يدفعها نحو سلم الطوارئ للنزول
إلا أنها راحت بعناد وإصرار تتمنع وتقسم عليه أنها لن تتركه لحظة واحدة على ظهر السفينة وحده وتقول له:
" إما أن ننجو معاً أو نغرق معاً " ..
* * * * * * * * * *
(يتبع)
ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:04 ص]ـ
الجزء الثالث
وفي هذه اللحظات أصابت صاعقة رعدية عامودَ سارية التوازن الرئيسية فكسرته من وسطه ثم بدأ العامود يتداعى ببطء ويقتلع معه جميع الأسلاك الحديدية والحبال التي تشده، ويتجه نحو نقطة التجمع على سطح السفينة فوق رؤوسهم مباشرة ..
دفع كريم سيرين بقوة نحو سلم النزول وهو يطمئنها أنه سيلحق بها فوراً على نفس القارب أو القارب الذي يليه على الأرجح .. وهو يعلم يقيناً أن الوقت لم يعد ليسمح على الإطلاق بقارب آخر. غير أن دافع الشهامة أملى عليه أن يقف هذا الموقف البطولي لعله أن يتسبب في إنقاذ المزيد من الركاب .. وظل ينظر إليها وهي تنزل ببطء درجات سلم الطوارئ وعيناها تملآنهما الدموع والرعب .. ولا تزال حرارة يده مستقرة في باطن يدها .. وظل هو ممسكاً بجهاز البث الذي وضعته سيرين في يده في حركة لا تزال تجهل معناها هي نفسها .. وكانت على أمل أن يتبعها فعلاً في نفس القارب أو القارب الذي يليه .. ثم ما إن استقرت قدماها على سطح قارب النجاة كآخر راكب وصل، وعيناها معلقتان بكريم في لحظات وداع أخيرة، حتى أخرجت فجأة كاميرتها المعلقة على صدرها ثم وجهتها هناك حيث كريم على حافة السفينة ثم التقطت له
(يُتْبَعُ)
(/)
الصورة الأخيرة التي انطبعت في خيالها المضطرب قبل أن يحول بين القارب والسفينة موج عاتٍ دفع بالقارب في جوف الظلام والضباب الكثيف ثم انقطع الصوت بينهما تماماً.
إلتفت كريم إلى بقية البحارة والركاب، في الوقت الذي سقط فيه عامود التوازن على ظهر السفينة وهرس تحته عدداً من رجال الإنقاذ وامرأة مقعدة ثم اقتلع حبال قوارب الإنقاذ المتبقية والمتدلية على جنب السفينة من الخارج ليلقي بها وسط البحر ويلقي معها آخر أمل لنقل المتبقين من الأحياء ...
* * * * * * * * * *
نصف ساعة فقط قضاها كريم على ظهر السفينة بعد مغادرة سيرين. . تأكد خلالها أنه لم يعد يسمع صوت أحد من الأحياء غير بعض أصوات استغاثة كانت تأتيه من أماكن بعيدة عجز عن تحديد موقعها .. غير أنه التقط صوت استغاثة خافت من إمرأة قريبة منه ثم حين اقترب من مكان الصوت وجد إحدى عاملات النظافة وقد حشرت وسط غرفة صغيرة بجانب المصعد المتعطل وقد امتلأ ثلاثة أرباع الغرفة بالمياه والطحالب ومخلفات البحر، وبعض أشلاء من الجثث الطافية في منظر مخيف ومقزز للغاية ..
كانت المرأة تبكي وسط الظلام ومن حولها طفلتين صغيرتين تبكيان لا يدري كيف جاءتا مع هذه العاملة المسكينة .. وكل الذي يدريه أن بكاء الطفلتين المحشورتين في هذه الغرفة المحكمة الغلق وبابها مسدود بركام هائل من الحديد، كان يمزق قلبه بكل وحشية، ويشتت تركيزه وهدوءه رغم ثباته .. وكان صوت صافرات الإنذار المتقطع يزيد من عصبيته وجنونه ..
حاول بشتى الوسائل فيما تبقى من ثوانٍ معدودة، الدخول عبر النافذة الوحيدة للغرفة , إلا أن جسمه وصغر الفتحات لم يسمحا بذلك فراح يهز قضبان النافذة الحديدية دون جدوى ثم حاول الإمساك بأطراف أصابعه أطراف أصابع إحدى الطفلتين لعله أن يستخرجها من بين فتحات النافذة، والعاملة المنهكة ترفعها إليه قدر استطاعتها بلا فائدة .. ثم تعالت صرخات الطفلة وبكاؤها .. ثم ارتجت السفينة من جميع نواحيها التي بدت وكأنها مهجورة إلا من أصوات انفجارات بعيدة أو أصوات تحطم الزجاج هنا وهناك .. ثم مال جسم السفينة بشكل غريب، أدرك كريم فوراً وهو يسمع صوت شلالات من المياه الداخلة أن السفينة تغرق، فابتعد عن الطفلتين وعن العاملة وقلبه يتمزق حسرة وألماً عليهم .. كانت هذه هي اللحظات الصعبة التي ظلت راسخة في ضميره الحي .. ثم انطلق يركض باتجاه أقرب منفذ يؤدي إلى السطح ووراءه طوفان من المياه المتدفقة تلاحقه في سباق محموم إلى الموت .. ثم أمسك بكلتا يديه بجهاز البث بقوة وقفز في الهواء قفزة عالية بعيداً عن جسم السفينة ثم ابتلعه البحر واختفى وسط الضباب ....
* * * * * * * * *
فتح عينيه ببطء شديد وقد بهره ضوء الصباح .. ثم أحس وكأنه قد بُعث من قبره ...
يشعر بجوع يكاد يمزق أمعاءه .. وبثقل مزعج في مؤخرة رأسه وكأنه أفاق من غيبوبة طويلة طويلة ..
جال ببصره سريعاً في أنحاء المكان ثم حاول النهوض فاصطدم رأسه بخشبة عريضة فوق سريره آلمته كثيراً .. ثم تنبه إلى أنه مكبل اليدين والرجلين على أطراف السرير بحبال غليظة من ليف الأشجار!!
حاول الخلاص من قيده دون جدوى .. وبينما هو يحاول بعصبية إذ بعدد من الرؤوس تطل عليه من نافذة الكوخ وأشكالها المخيفة يخيل إليه أنها لمخلوقات بدائية من كوكب غريب , وقد لطخوا وجوههم بأصباغ وألوان صارخة ومتداخلة .. وهم يرددون عبارة واحدة بخشوع ظاهر.
كانوا يقولون: " جاد بالان كا "!! " جاد بالان كا "!!!!
ويدخلون إليه داخل الكوخ الواحد تلو الآخر، يضعون أمامه أصنافاً من الفواكه الطازجة ثم ينصرفون بنفس الخشوع الذي دخلوا به، ويأخذون مكانهم من جديد وراء النافذة!!!!
حاول الحديث معهم بلطف مصطنع، وبدأ يكرر على مسامعهم نفس الكلمة التي يكررونها وهو لا يدري معناها " جاد بالان كا " ويسألهم
(من أنتم؟؟) (من جاء بي إلى هنا؟؟) (أين أنا؟؟) (هل .. يمكنكم أن تحلوا قيدي لو سمحتم؟؟) .. إلا أنه أدرك على الفور أن الحديث معهم باللغة العربية لن يجدي نفعاً .. ثم حاول معهم بالفرنسية (إسكو فو باغليه فخونسيه؟؟) (كي إت فو؟؟) (أو سوم نو؟؟) .. يا إلهي حتى هذه اللغة لم تجد نفعاً!! ثم حاول بلغة الإشارة رغم أنه مكبل دون فائدة أيضاً!!!.
وفجأة!!
وبدون مقدمات ولا تمهيد، تراجعوا بسرعة عن النافذة ثم انسحبوا داخل الجزيرة واختفوا بين الأحراش بسرعة القرود وكأنهم رأوا شيئاً أفزعهم!!!
خيم الصمت لحظات على كافة نواحي الشاطئ!! حتى طيور النورس كفت هي الأخرى عن التحليق والرفرفة!!!
حاول كريم أن يمد رأسه خارج الكوخ ليتبين الموقف!! يشعر أن هناك أحداً بالخارج بدأ يقترب من الكوخ ... وقع الأقدام يدل على أنه شخص واحد أو اثنان على الأرجح ...
ثم سمع صوت قعقعة قدور فخارية وأواني في ساحة الكوخ أشعرته أن هناك فعلاً أحد بالجوار يعبث بها!!! وبات قريباً جداً من الكوخ!!
ثم صوتُ تكسير ثمار صلبة بشيء أشبه ما يكون بفأس أو آلة حديدية مماثلة.
إلتزم الصمت وراح يرقب الباب المغلق في ذهول وقلق!!!
* * * * * * * * * *
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:06 ص]ـ
الجزء الرابع
.مضت دقائق ... ثم فُتح الباب بهدوء!!
صوت صرير الباب وهو يفتح؛ يقرع في تجاويف صدره طبول الخوف والهلع ...
ثم سرعان ما دخلت أشعة الشمس القوية وملأت أرجاء الكوخ فأبهرت بصره.
وفجأة .....
وقف وسط الباب تماماً جسم بشري ممشوق القامة يبدو أنه جسم أنثى!!!
أعمس عينيه يتفحص هذه الدخيلة، فإذا به يرى شابة بيضاء طويلة في أول العشرينات من العمر، مكتنزة اللحم، وتغطي جسمها بملابس من جلد ناعم، وقد حلقت حول رأسها أنشوطة من الأزهار البديعة، وتحمل بين يديها طعاماً صنعته له وكأساً مملوءة بعصير جوز الهند، وقد ربطت خصرها بحزام جلدي قاس ٍ يتدلى منه فأس حاد وطويل!!
وضعت الطعام أمامه وهي تتبسم بخجل ثم أخرجت الفأس وقطعت بشفرته القيد الذي على يديه فقط ثم خرجت مسرعة باتجاه الغابة ... وكريم ينادي عليها ويسرع في تمزيق قيد رجليه، والدهشة لم تفارقه لحظة واحدة
كان يناديها بصوت عالٍ " هآااي أنتي .. عودي إلى هنا .. عودي أرجوكِ .. " ... لا فائدة!!
سرعتها ورشاقتها أبعداها عنه داخل الغابة واختفت هناك.
عاد إلى الكوخ وبدأ يتناول الطعام بشراهة بربرية، وهو لا يجد تفسيراً واحداً واضحاً لما يحدث!!
بدأ يتفحص الكوخ والمكان من حوله .. إنه في طرف جزيرة خضراء مليئة بالغابات الكثيفة والجبال الشاهقة ..
وكأنها مهجورة تماماً إلا من تلك الفاتنة الغريبة وتلك المخلوقات الغامضة بالطبع ... ثم دنى من الكوخ وإذا به يرى قميصه وقد علق على حبل مربوط بين شجرتين من أشجار جوز الهند وقد غسل ونشر تحت الشمس ..
تناوله وستر به صدره العاري، وهو ينظر إلى جهاز البث على طاولة صغيرة تحت إحدى الأشجار!!
تذكره سريعاً .. وتذكر السفينة، والطفلتين .. نعم نعم إن صياحهما لا يزال يتجلجل في عقله يكاد يصيبه بالجنون ..
ثم تذكر الدوامات البحرية وتذكر اللوحة ..
(وتذكر سيرين بالطبع ... ).
إلا أنه لا يزال في حيرة من أمر الجزيرة ومن أمر تلك الساحرة البيضاء التي تظهر من بين الأشجار في كل مرة ....
يبدو أن هذا الجزء معزول تماماً عن بقية الجزيرة – أو هكذا يبدو له –
إنه لا يرى أثراً لمنازل ولا أكواخ غير هذا الكوخ القديم .. ولا يوجد أثر لسكان ولا طرق بل ولا حيوانات!!
عجيب ... !! ليس هناك أثر لأي صوت سوى أصوات طيور النورس الجميلة التي تملأ الشاطئ وحول الكوخ .. وبعض أصواتٍ لحيوانات وطيور غريبة تنساب من داخل الغابة.
دخل الكوخ وبدأ يتفحص محتوياته وأثاثه بيديه هذه المرة ويطل بوجهه من النافذة يراقب الجزيرة الحالمة وقد تعالى النهار .. ويحاول فهم ما يجري بهدوء وروية.
مضت نصف ساعة وهو على هذه الحال أو أكثر، ثم شعر بحركة غريبة بين الأشجار!!؟؟؟؟
أطل بوجهه بسرعة نحو مصدر الصوت!! لم ير شيئاً يلفت الانتباه!!؟؟
عاد إلى داخل الكوخ ثم سمع صوتاً من جديد إلا أنه تيقن هذه المرة أنه لمح حركة قوية بين الأحراش .. وأحس بوجود خطر ما هناك!!
تناول سكيناً حادة وجدها داخل المطبخ ثم خرج أمام الكوخ ينظر تارة في أعالي الأشجار .. وتارة ينظر باتجاه الغابة وقد أدار ظهره إلى البحر في ثقة تامة من هذه الجهة واستعد لأي طارئ يخرج إليه من المجهول.
أحس أن هناك ثمة عيونٌ تراقبه في مكان ما!! وكان قريباً جداً من طرف أشجار جوز الهند العملاقة التي انتشرت بكثافة على حافة الشاطئ .. ثم فجأة!!!!!!!!
سمع صرخة مخلوق غريب ينقض عليه من أعالي الأشجار التي فوقه مباشرة إلا أنه في اللحظة الأخيرة مال بجسمه عنه .. ثم وقع هذا المخلوق المفزع على الأرض وراح بحركة دائرية سريعة يلتف حول كريم يبحث عن فرصة للإنقضاض عليه مجدداً، ويطلق أصوات مخيفة تبعث في النفس الرعب والهلع ولعابه يتقاطر على التراب .. وكريم في حركة استعداد دفاعية متحفزة يناقل السكين بين يده اليمنى ويده اليسرى بحسب اتجاه هذا المخلوق المخيف .....
إنه على ما يبدو من سلالة القرود الشرسة الكبيرة .. وله مخالب حادة وأسنان بارزة وقوية، وشعره الرمادي الكثيف يكاد يغطي جسمه بالكامل حتى عينيه ..
لمح كريم أن هذا المخلوق مصاب بطلق ناري في فخذه الأيسر والدم قد انتشر بغزارة حول الجرح .. وهذا ما يفسر شراسته وعدوانيته، وكأنه يريد الانتقام من بني البشر أجمعين.
ثم انقض على كريم بقفزة عالية في الهواء ودخل الاثنان في عراكٍ دام ٍ لن ينتهي قطعاً إلا بموت أحدهما.
استطاع القرد الشرس أن يخمش وجه كريم وصدره بمخالبه الحادة .. بينما كريم كان يحكم قبضته على حنجرته ويطعنه طعنات مؤلمة على ظهره ونواحي من رقبته ثم دفعه في الهواء دفعة قوية أبعدته عنه بضعة أمتار ..
ثم وقف القرد على رجليه الخلفيتين تماماً كما يقف بنو البشر ومد قامته في الهواء والدماء تنزف من جروحه بغزارة .. وعيناه يتطاير منهما الشرر والغضب والكراهية، يريد الانقضاض للمرة الأخيرة على كريم .. ثم
أطلق في الفضاء صرخة عالية مرعبة أفزعت الطيور في أعشاشها ثم انقض في الهواء بقفزة رشيقة باتجاه كريم ...
* * * * * * * * * *
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:11 ص]ـ
الجزء الخامس
مزق صوت رصاصة انطلقت من فوهة بندقية قوية وسط الأحراش هدوء الجزيرة .. أسقطت القرد وهو في الهواء صريعاً على الأرض دون حراك!!!!
لقد اخترقت الرصاصة رأسه واستقرت بداخل جمجمته الصلبة .. ثم حلقت أرتال من طيور النورس والببغاء وأنواع من طيور الغاب المفزوعة وملأت السماء بمنظر مهيب واتجهت فوق البحر.
ثم جثا كريم على ركبتيه أولاً قبل أن يسقط على الأرض ويستقر على ظهره بحركة ماكرة وتظاهر بالموت!!!
مرت ثوانٍ بطيئة قبل أن يشعر كريم بخطوات شخص يقترب منه بحذر ..
ثم أحس وهو مغمض العينين أن صاحب البندقية يقف فوق رأسه تماماً ثم نزل هذا الغريب ووضع يده على صدر كريم يتفحص قلبه ونبضه!!
وبحركة رشيقة مباغتة تمكن كريم من أن يسقط هذا الغريب على الأرض ويقف هو فوقه شاهراً سكينه الحادة في وجهه ووضع عرض ساعده على صدره ..
وكم كانت دهشته، عندما رأى أن الشخص الغريب ما هو إلا تلك الفتاة البيضاء الساحرة ذات الشعر الأسود الطويل المتدلي على كتفيها!!؟؟
كانت فاتنة بالفعل .. وجمالها طاغ ٍوأخّاذ. ورغم أنوثتها ونعومة ملامحها الآسيوية.
إلا أنها عنيفة جداً وشرسة ومتعجلة وكأنها قد ترجّلت.
دفعته من فوقها بعصبية ثم حاولت الاختفاء من جديد وسط الأدغال .. إلا أن كريم هذه المرة وقف أمامها ومنعها من هذا الاتجاه بالذات ..
فتحولت الماكرة بسرعة نحو البحر .. ثم قررت الاختفاء وسط الماء!!!
يبدو أن الأمر عندها لا فرق؛ فقد تلقت تدريباً قاسياً في المكانين ..
ثم انطلقت كالسهم باتجاه الموج القادم.
لحق بها كريم وقد أضناه التعب وأنهكه .. ولا يدري ما الذي يدور في رأس هذه الغريبة التصرفات ولا ما الذي يفزعها منه .. ثم بدأت بقفزات رشيقة وهي تضحك تختصر مسافات الشاطئ وتركب الموج ثم غطست داخل البحر بحركة بهلوانية عالية واختفت بين الأمواج وكريم يلحق بها وقد أقسم هذه المرة أنها لن تفلت منه مهما كلفه الأمر .. ثم ملأ صدره بالهواء وغاص وراءها في عمق الماء ..
كانت أشعة الشمس تلاحقهما بخيوط ذهبية تتلألأ وتتكسر بين طبقات الماء على عمق ليس بالبعيد .. وتسمح لكريم أن يرى تلك السباحة التي تحولت كالفقمة في رشاقتها وسرعتها. ومهما يكن من أمر فإن مسألة الإمساك بها باتت وشيكة للغاية.
على الأقل هي المخلوق الأكثر وداعة الذي رآه على هذه الجزيرة الغامضة حتى الآن .. ويبدو أن الاقتراب منها رغم صعوبته سيحقق له الأمان بعض الشيء إن هو استطاع التخاطب معها بلغة مشتركة بالتأكيد.
يبدو أن عناد الذكورة في قلبه واعتداده برجولته كما اعتاد عليه في المدينة لم يسعفاه هنا هذه المرة؛ للتغلب على هذه المخلوقة في موطنها الخاص!!
فقد كان نَفَسُها تحت الماء وبراعتها في السباحة أكبر منه ‘ ثم صعدت إلى سطح الماء قبله وهي تضحك وتتبسم وتشعر بنشوة الانتصار على الزائرالغريب وتوجهت للشاطئ وتركته يركض خلفها ونَفَسُه يلهث ..
ثم عمد إلى الحيلة من جديد؛ فاختصر المسافة المؤدية إلى الكوخ ليقطع عليها طريقها نحو الغابة .. فتوجه ناحية تَبّة ٍ مرتفعة عن الأرض قليلاً ثم حين مرت من تحته قفز إليها قفزة عالية في الهواء ووقع عليها ... ثم وقعت على ظهرها ولم تدر إلا وكريم فوقها ..
ثم أمسك بيده اليسرى يدها اليمنى وثبتها على الأرض ..
وأمسك بيده اليمنى يدها اليسرى وثبتها على الأرض ..
ثم صرخ بوجهها بكلمة واحده وصدره يهتز بعنف من ترداد النفس وقال: " كفى أرجوكِ".
وسدد نظره في عينيها الجميلتين اللتين يملآنهما روح التحدي والمغامرة ... ثم بدأت قبضته تتراخى تدريجياً حين شعر بهدوئها وسكونها المفاجئ!!!
تراخت هي الأخرى تدريجياً حين التقت عيناها في عينيه لأول مرة .. وأشفقت عليه بنظرة تحنان وادعة وكأنها رأت فيه عالمها الفسيح من الأمل القادم.
سكنت جميع جوارحها سكون الطفل الوديع حين ينام بين يدي أمه، وخفت مقاومتها بشكل ملحوظ .. ولم تنطق بكلمة واحدة حتى الآن!!!
لقد أخرس بهاءُ المشهدِ كل كلمة كادت أن تولد على شفتيها، وربط الموقف أوتار صوتها المخنوق، فلم تعد تقوى على الكلام ...
يبدو أن التقاء العيون قد بدأ مفعوله السحري في السيطرة على الموقف وتهدئة المشاعر الثائرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
لم تكن قد استعدت لموقف كهذا على الإطلاق؛ فقد فاجأها كريم بجرأته وإصراره ..
ثم بدأت المسافة بين عيونهما تتقلص تدريجياً دون أن يشعرا ..
وبدأ صدر كريم ينزل باتجاهها شيئاً فشيئاً ونظراته لم تبتعد لحظة عن عينيها السوداوين وفيهما من العذوبة والجمال والرقة ما جعله يتصرف تحت إمرة مشاعره المضطربة ..
ثم دنى منها أكثر حتى كاد أنفه يلامس أنفها .. ثم دفعته عنها بقوة وراحت تبكي بصوت مكتوم!!! وتقول له: " ابتعد عني "!!!!!
زادت حيرة كريم ودهشته عندما سمعها تتكلم لغته العربية وبوضوح تام!!!
قال لها بصوت خافت: " أردت فقط أن أعبر لكِ عن شكري أن أنقذتي حياتي من ذلك المخلوق الغريب ".
قالت له: " كاواكا!! ... إنه آخر من بقي على قيد الحياة من فصيلة قرود (الجابون الشرسة) وقد أصبح مفترساً وخطراً وملاحقاً من الصيادين الذين قضوا على أسلافه.
كريم:" كيف تتكلمين العربية هكذا "؟؟؟؟
قالت له بصوت متقطع: " إسمي (غيوم) .. أبي عربي من بلاد الخليج وأمي فارسية ... كان والدي ضابطاً بحرياً قبل أن يهاجمهم (بالان كا) قبل أربعين سنة ويحطم سفنهم الحربية الأربع ..
قاطعها كريم متسائلاً: " تذكرت الآن تلك المخلوقات المفزعة وهي تردد كلمة غريبة تشبهها هي: (جاد .. بالان .. كا) ماذا تعني؟؟
غيوم وهي تضحك: (بالان كا) تعني الحوت الأعمى. أو إعصار البحار كما يسميه أبي .. و (جاد بالان كا) يعني إبن الحوت.
لقد حطم الإعصار سفن الإنجليز في الحرب العالمية الثانية إبان فترة الاستعمار .. وكان والدي بين القلة القلائل الذين نجوا من الموت ثم جرفه الموج وأربعة جنود من فرقته إلى هذه الجزيرة (آلاد ميرانتي أو جزيرة الحب كما يسمونها) ثم بقوا فيها إلى اليوم ..
وأمي فارسية قدمت من بلاد فارس على متن باخرة محملة بالركاب والبضائع كانت تمر في نفس التوقيت وقد ضربهم (بالان كا) هم أيضاً وشتت الناجين بين تلك الجزر الممتدة على طول وعرض بحر العرب بين جزر المالديف وجزر سيشيل .. وكان أن وصلت أمي مع بعض أسرتها إلى هنا ثم تعرفت إلى والدي بعد عشر سنين وقد فقد الجميع الأمل بالعودة إلى بلادهم لندرة ما يمر من سفن بهذه النواحي .. ثم تزوجا، وافترق عنها أبي لطلب الرزق مع قراصنة البحر في المحيط الهندي، ثم عاد إليها بعد ست سنين مبتور الرجل ومفقوء العين اليسرى وقد أقسم ألا يعود إلى حياة القرصنة ثانية وقد بلغ الثمانين الآن وعجز عن العمل.
ثم أردفت غيوم تقول:" تعلمت العربية من أبي وبعض العرب القلائل هنا .. وتعلمت الفارسية من أمي وأقاربها .. وتعلمت لغة أهل الجزيرة .. وحين رأينا الصواعق تأتي ثانية من ناحية الشمال بنفس الظروف قبل أربعين سنة بدأنا نرقب الناجين. ثم وبعد مرور يومين وجدوك بعض الصيادين في عرض البحر طافئاً على ظهر قطعة خشب كبيرة هي على ما يبدو بقايا حطام سفينة، فاقد الوعي وقد تورمت بطنك من كثرة ما ابتلعته من ماء البحر وخافوا الاقتراب منك أكثر خشية غضب والدك (الحوت) الذي بعثك إليهم لتتزوج أجمل فتياتهم، كما تقضي بذلك طقوسهم ومعتقداتهم الموروثة، فأدخلوك الكوخ وربطوك هناك خشية أن تهرب ..
كريم: " وما ذا بعد "!!!
غيوم: " تقضي الطقوس أن ... أن لا يقترب إبن الحوت من عروسه قبل انقضاء اليوم الثالث من وصوله الجزيرة و إلا .. بطل زواجهما وحلت عليهما لعنة البحر حتى الموت. وحين ...
وحين اقتربت مني الآن .. خشيتُ أن تحل علينا لعنة البحر فدفعتك!!
هذا هو سبب هروبي منك وهذا هو سبب حزني الآن ..
بدأت غيوم تتراجع بخجل نحو الوراء، حتى اختفت داخل الغابة من جديد .. وأخذت تراقبه من بعيد بين الأشجار دون أن يشعر بها ...
* * * * * * * * * * *
ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:12 ص]ـ
الجزء السادس
.
لم يكن اكتشافُ بقيةِ الجزيرة وزيارة سكانها هناك على الطرف الثاني منها بالأمر الذي يشغل بال كريم الآن، أو حتى يدور في رأسه على أية حال!!
كل الذي كان يشغل تفكيره الآن، هو كيف يصلح جهاز البث هذا ليرسل منه إشارة استغاثة إلى أي أحد هناك يمكنه التقاطها .. فراح يتفحص الجهاز ويدير أزراره في استغراب شديد وجهل واضح بكيفية أدائه .. ولكن دون فائدة تذكر.
(يُتْبَعُ)
(/)
نهض من مكانه بعد أن أحس بالملل من تشغيل الجهاز الذي يبدو أنه كان يعاني من آثار الرطوبة والبلل في أجزائه الداخلية ويحتاج إلى فترة مناسبة وجو حار حتى يجف على مهل ... ثم توجه ناحية البحر ووقف على حافة الموج ويرميه بالأصداف التي يلتقطها من على تراب الشاطئ، ونظره باتجاه الشمال .. هناك خلف المحيط، وبدأ يملأ رئتيه بالهواء النقي ويفكر ملياً فيما وراء هذا المحيط المخيف ..
يا ترى ماذا يدور هناك في بلدي الآن!!؟ هل بلغهم خبر غرق السفينة أم لا!!؟ وهل يدرون أنني لا زلت على قيد الحياة في جزيرة كئيبة غائرة!!؟
ثم بدأ يفكر في كل شيء .. أمه المشلولة .. أخته الصغيرة رغد .. جدته العجوز ودجاجاتها المضحكة حين يطاردهن في ساحة القصر .. والده .. إخوته .. زملائه وأصدقائه ..
ثم تذكر سيرين!!
فتوقف عن التفكير قليلاً وبدا عليه التجهم والعبوس والقلق ..
يا ترى أين هي الآن!!؟ هل نجت مع الناجين وتمكنت من الوصول إلى مكان آمن!؟ ولماذا تركت في يدي جهاز البث في اللحظة الأخيرة!؟
ثم انهالت عليه أعداد من الأسئلة المتسلسلة التي لا تنتهي ...
طال به المقام على الشاطئ حتى دنت الشمس من الاختفاء خلف الماء مخلفة وراءها هالة حمراء عظيمة سدت الأفق .. فقفل راجعاً يجر رجليه إلى كوخه، وراح يحاول في الجهاز من جديد وينادي ويردد عبارات النجدة والاستغاثة بصوت عال ٍ جداً وسط الظلام في هذا الفراغ المهجور من الجزيرة.
وجد في الكوخ مصباحاً قديماً يعمل بالشمع المذاب والقَطِران وفي وسطه تدلى فتيل رطب .. ثم وجد عود ثقاب وسط الأدراج أشعل به المصباح، وجلس على سريره دون حراك وسدد نظره باتجاه الجهاز الصامت .. وفي يده أخفى السكين تحسباً لأي طارئ في هذه الجزيرة النائية المخيفة ..
أعياه التعب والإرهاق ثم غط غطة يسيرة نحواً من ساعة أو يزيد .. ثم قفز فجأة من مكانه على أثر تسرب أصوات ضعيفة وكأنها بداية بث هوائي من هذا الجهاز الصامت الذي بدأت تدب فيه الحياة .. أو هكذا خيل إليه في بادئ الأمر!!!
بدأ يصرخ في وجه الجهاز بانفعال وكأنه يلاحق الموجة .. ألو ألو .. هل تسمعني!!؟ ألو هل تسمعني!! أنا كريم هل يسمعني أحدكم!!؟؟
ظل يحاول قرابة النصف ساعة وكأنه رجل فقد عقله وسط الظلام ... !!
يبدو أنه كان يحلم .. ثم بدأ يضرب الطاولة والسرير والجدران بيديه ورجليه بحركات هستيرية منفعلة وهو يبكي من خيبة الأمل ..
ثم توقف فجأة عن الحراك!!؟؟؟
أحس بحركة خفيفة بين الأشجار خارج الكوخ .. أطل بوجهه من النافذة وبيده المصباح يمده في وجه مصدر الصوت ..
من هناك .... !!!؟؟؟
ثم تجاسر وخرج خارج الكوخ وبيده السكين .. غيوم .. أهذه أنتي .. !!؟؟ غيوووم ... !!
يبدو أنه لا أحد بالخارج أيضاً!!؟؟
ثم عاد إلى الداخل وأغلق الباب والنافذة.
صوت حفيف الأشجار يدل على وجود أحد كان هنا قبل لحظات أستتر بالظلام وقد دنى فعلاً من الكوخ وانخنس بين الأشجار الكثيفة التي تحيط بالكوخ من ناحية الغابة يراقب كريم .. ثم لما خشي أن يفتضح أمره ابتعد بخفة النمر الأسود وهدوئه!!
كانت غيوم تشعر بالأسى واللوعة وهي ترى كريم يحاول جاهداً بعث رسالة استغاثة بهمة وعزم وتصميم .. إن هذا يعني بالنسبة إليها أنه يفكر بالرحيل .. وهذا الشعور وحده كان كفيلاً بتحطيم كل أمل حي ولد في صدرها منذ أن التقت عيناها في عينيه على الشاطئ هذا الصباح.
لقد أحست بدفءٍ يسري في عروقها للمرة الأولى في حياتها وكأنها رأت في عينيه عالماً آخر لم تعشه من قبل .. وكأن مشاعرها آنذاك قد تدفقت إليه دفقاً متواصلاً يروي عينيه و يملأ صدره!!
نعم .. هكذا بكل بساطة .. وهكذا بكل وضوح وعفوية وطهارة ...
أما كريم فقد بات ليله يحاول جاهداً مع هذا الجهاز الأخرس اللعين دون جدوى .. وقد عزم أخيراً على زيارة القرية في الصباح الباكر لعله أن يجد أحداً من أولئك البحارة الذين تكلمت عنهم غيوم يعرف كيف يتم تشغيل هذا الجهاز ..
ساعة تلوح في خياله بلدته، وأمه، وأهله، وحياته، وحضارته هناك .. وساعة تقفز إلى خاطره العنيد صورة غيوم وهي تتبسم!!
أما غيوم نفسها، فقد عادت إلى كوخ أمها المريضة وباتت ساهرة هناك حتى الصباح، ترقب النجم بعين العروس الخائفة، وقد تعلق قلبها البكر بابن الحوت هذا!!
(يُتْبَعُ)
(/)
* * * * * * * * * *
صوت زقزقة الطيور المستيقظة على أولى ساعات الصباح الجميل كانت تتسلل إلى أذني كريم من بين فتحات النافذة وكأنها تناديه إلى مفاجأة من أروع المفاجآت وأجملها .. قبل أن تغزو خطوط الضوء الأولى التي تسللت إلى الأرض سطح البحر.
استيقظ كريم فزعاً وكأنه أحس بحركة مريبة خارج الكوخ .. لبس قميصه وبنطاله على عجل ثم فتح النافذة لتنهال عليه حزم متراصة من الضوء القوي وتتناثر داخل تعرجات الكوخ وتجاويفه بسرعة رهيبة .. ثم فتح الباب الخشبي فإذا به يرى قوساً دائرياً متسعاً من الورود والزهور الجميلة المرصوصة باليد بعناية بديعة، وقد تم تعليقه على باب الكوخ!!!!
تمعن فيه جيداً فإذا به عبارة عن عدد من الزهور الملونة منظومة بخيط رفيع من الليف ربط في أسفلها وشكلت حرفاً واحداً أشبه ما يكون بحرف الغين!!!؟؟؟
أدرك على الفور أن غيوم قد مرت من هنا في هذه الساعة المبكرة من الصباح وأحبت أن لا تغادر المكان حتى تترك له هذه المفاجأة الجميلة
ثم لمح على الشاطئ المفاجأة الثانية الأجمل .. !!
آثار أقدام على الشاطئ يبدو أنها لإنسان مر من هنا قبل لحظات!!
ركض إلى الشاطئ .. وإذا به يقرأ عبارة مكتوبة على الرمل بحروف كبيرة جداً وواسعة ومتفرقة حرفاً حرفاً .. ورغم يقينه أن غيوم بالكاد تكتب العربية كما قالت عن نفسها، إلا أنه تيقن على الفور أنها هي التي فعلت ذلك ... ثم حاول قراءة العبارة وهو يمشي عليها ويردد ..
(ك ر ى م ء ا ا ء)؟؟ ثم انفجر ضاحكاً من قلبه حتى ملأت الدموع عينيه!!
لقد تذكر بالأمس أنها سألته على استحياء سؤال مفاجئ وبصوت خافت وسريع حين كان منشغلاً بتفحص الجهاز تقول: كيف تعبرون هناك في المدينة،عن حبكم لمن تحبون؟؟؟ أو عبارة قريبة من هذه!!
ولأنه لم يكن منتبهاً إليها تلك اللحظة فقد صدر منه صوت استفهام يقول: (آآه) أو (ءآآء) يعني: ماذا تقولين؟؟ ثم تذكر أنها أشاحت بوجهها وسكتت وكأنها فهمت الذي تريده!!!
ربما فهمت حينها أن كلمة (ءااء) تعني حبيبي أو شيئاً كهذا!! من يدري؟؟؟
كل الذي أعجبه الآن؛ هو هذه الأحرف التي حفرتها برجلها على الرمل البارد.
يا لهذه العاشقة المسكينة .. لقد علقت حرف اسمها على بابه في الصباح الباكر وكتبت له على قدر معرفتها أجمل حروف خطتها أنثى على رمل شاطئ بكر .. ثم توارت من جديد!؟؟
لعلها عزة الأنثى وكبرياؤها هذه المرة هما اللذان أخفياها عنه صبيحة يومها الثالث .. بالرغم من أنه اليوم المرتقب بالنسبة لمثلها!!!
لعلها أحبت أن تشهد عليها طيور النورس ... وأسماك البحر ... وحيوانات الغابة، أنها قد أحبته. وأنها تعترف له بذلك بهذه السرعة، وبطريقتها الساحلية على نواميس أهل الجزر وفطرتهم الصادقة .. ثم توارت عنه يوم توارت؛ استحياءً وأَنَفَه.
* * * * * * * * * * * *
ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:18 ص]ـ
الجزء السابع
.تناول إفطاره سريعاً، ثم حمل جهاز البث بين يديه وتوجه نحو القرية في الطرف الثاني من الجزيرة ..
كانت المرة الأولى التي يغادر فيها الشاطئ باتجاه الداخل ..
ولأن الجزيرةَ أرضٌ مجهولة وغير آمنة بالنسبة إليه؛ فقد كان مستعداً هذه المرة لأي قرد قد يظهر له ثانيةً .. وربط سكينه بعد أن حد شفرتها على طرف عصا طويلة وصنع منها رمحاً طويلاً .. وأخفى سكيناً أخرى ربطها حول ساقه تحت بنطاله لاستخدامها عند الضرورة.
كانت الشمس قد توسطت السماء قبل أن يصل إلى قمة جبل عالٍ يشرف على القرية من بعيد .. ثم حين أبصر القرية هناك بين الغابات في وسط الجزيرة التي بدت له أكبر مما كان يظن بكثير .. انحدر من على الجبل بسرعة وخفة، وما هي إلا ساعتين أو ثلاث حتى كان على مشارف قرية ريفية وادعة وأهلها يظهر عليهم الطيبة والسماحة واللين. وما إن وصل سوق القرية حتى بدأ المارة والباعة يرمقونه بأبصارهم باحترام ظاهر وتقدير عجيب
كانت بساطتهم وطيبتهم تعكس مستوى تعاملهم التجاري الصريح والبسيط .. فقد بدأوا يعرضون عليه شيئاً من بضائعهم التي يبيعونها وسط الطريق والابتسامة على محيا الجميع.
* * * * * * * * * * *
(يُتْبَعُ)
(/)
استوقفته طفلة تبيع بعض المصوغات اليدوية والصناعات التقليدية والاكسسوارات، وقد علقتها على كتفيها ويديها ورأسها .. وربطت بعضاً منها على أذنيها بحركة ظريفة، وعرضت عليه قلادة خرزاتها محارات وأصداف وقواقع تتوسطهن قطعة صفّير أزرق بلورية الشكل تتلألأ إذا تعرضت لأشعة الشمس.
وبينما هو وهي يتجاذبان هذه القلادة؛ هي تعرضها عليه لشرائها وهو يتمنع ويعيدها إليها في كل مرة، إذ نشبت مشادة يدوية بين بائع ومشتري في مكان ما بالسوق ليس بعيداً عنهما .. ثم تعالت الأصوات وسرعان ما تحولت إلى معركة بالأيدي بينهما، ثم أخرج كل منهما سكيناً يريد أن ينال بها من صاحبه!!
تفرق كل من كان ملاصقاً لهما وتركوا لهما مساحة كافية للعراك ..
أنهى كريم حديثه سريعاً مع الطفلة التي استطاعت أخيراً بإلحاحها أن تقنعه بشراء القلادة بالمقايضة ..
اشتراها بما معه من طعام كان في كيس جلدي معه .. ثم أخفاها في جيب قميصه واتجه نحو المتخاصمين ..
عند وصول كريم، كانت المعركة بين الاثنين قد بدأت بالفعل ... وكان المشتري ضخم الجثة وقوي البنية وشرس .. بينما البائع متواضع الجسم هادئ التصرفات إلا أنه عنيف هو الآخر ..
اقترب كريم من بعض شهود العيان وهم يتهامسون بلغة ساحلية لم يفهم منها شيئاً على الإطلاق، غير أنه أحس من حركات أيديهم أن المشتري كان قد اختلس قطعة فخارية ثمينة من بضاعة البائع وأخفاها بين ملابسه ينوي سرقتها، فرآه البائع وطالبه بدفع ثمنها أو استرجاعها فدخلا في عراك ..
ثم اشترك أحد الذين كانوا مع المشتري في العراك وأصبحا إثنين ضد واحد .. ثم تدخل ثالث معهما يحاول استغلال انشغال الناس وغفلتهم وحاول أن يسرق شيئاً من البضاعة. والناس يرون هذا كله ولا يقدمون على شيء مخافة الوقوع في مأزق أكبر مع هؤلاء الأشرار .. حينها ثارت حمية كريم لنصرة الحق وتدخل لفض النزاع بالحسنى ومساعدة البائع المسكين .. وسرعان ما تحول هو إلى طرف في القضية وزادت بتدخله المعركة حدة وضراوة!!!
صوت طلقات نارية انطلقت من بنادق قوية جاءت من خلف الجموع أسكتت الضجيج، ثم سمع الناس وقع أقدام خيول رجال الشرطة الذين جاؤوا يهرعون إلى التجمع يتقدمهم رئيس الشرطة بنفسه، وهو رجل أبيض ضخم البطن، مبتور اليد اليسرى من منتصف الذراع تقريباً وقد وصلها بيد خشبية داخل ركاب نحاسي معقوف ووجهه دائم العبوس، ثم ترجّل عن حصانه هو ومن معه من جنود وأخذوا ينتشرون في أنحاء السوق ويدفعون الناس عن الدائرة بمؤخرات بنادقهم.
عدد من نساء القرية ابتعدن سريعاً وحملن أطفالهن بعيداً عن مسرح المعركة، في الوقت الذي أطبق فيه رجال الشرطة على المتعاركين داخل دائرة ضيقة يتوسطها محل البائع وقد تناثرت بضاعته على الأرض هنا وهناك.
كان الجميع يتحرك بصمت ينتظرون صاحب اليد النحاسية أن ينطق بالقرار .. ثم وبمحاكمة سريعة مختصرة أصدر حكمه بأن يقاد المشتري ومن معه إلى السجن لمدة شهرين وبغرامة مالية قدرها عشرة جنيهات ذهبية بعملة جزر المستعمرات الإنجليزية، وأما البائع ...
فبغرامة مالية قدرها خمسة جنيهات بدون سجن!!
هكذا كان يحكم بين الناس، وهكذا كانت أوامره تصدر وتنفذ وبكل بساطة، ومهما كانت ظالمة وغير عادلة فهي تنفذ على كل حال شاؤا أم أبوا.
ثم دنى من كريم حتى اقترب منه كثيراً .. ثم اقترب حتى التصق أنفه بأنفه .. ثم سدد نظره في عيني كريم وتمتم بعبارات غير مفهومة في حنق وكأنها تخرج من بطنه لا من فمه .. وعلى وجهه بدت آثار عملية جراحية قديمة وخياطات وغرز لم تلتئم بشكل سليم وكأنها الحشرة ذات الستة والسبعين رجلاً.
سأله بلكنة إنجليزية ثقيلة: ما اسمك يا هذا؟؟؟
- كريم: إسمي كريم.
- رئيس الشرطة: أممممم هل أنت من بقايا السفينة التي غرقت قبل أيام؟؟
نظر إليه كريم نظرة اشمئزاز لهذا الأسلوب غير اللائق في الحوار لكنه أجابه أن نعم، وشعر وكأن رئيس الشرطة هذا يحاول استفزازه ويستدرجه ليوقعه بكلمة أو تصرف يستوجب سجنه.
ثم بدأ رئيس الشرطة يلتف حول كريم بشكل دائري وهو يرمقه بنظرات شزر وكأنه يفكر في نوعية العقوبة التي سيوقعها عليه، وتذكر في نفسه أنه لا يستطيع طرده من الجزيرة دون وجود وسيلة نقل كما أنه لا يستطيع وموقفه بطولي هكذا أن يسجنه أمام الناس.
صوت فتاة تأتي من خلف الناس تخترق الصفوف لتصل إلى حيث كريم ورئيس الشرطة وهي تنادي بصوت مرتفع: جلال .... جلاااااال!!
حتى إذا وصلت إليهما قالت لرئيس الشرطة: جلال .. دع كريم وشأنه!!
إنه لا ذنب له، ولا يمكنك معاقبته بدون ذنب.
ثم دنت من كريم وأمسكت بيده تريد الابتعاد به عن الساحة فاستوقفها جلال هذا وهو يتمتم بحركات وكأنه فهم أن هناك سابق معرفة بينهما!!؟؟
- جلال: غيوم!! أهذه أنتِ؟؟ ما الذي تفعلينه هنا وسط السوق؟؟
ثم .. أين اختفيتِ هذه الأيام وماذا تريدين من هذا الغريب؟؟
ثم اقترب منها أكثر وهمس في أذنها: غيوم متى توافقين على زواجك بي؟؟ صدقيني أنكِ ستمتلكين أنتِ كل ما أملك وستعيشين معي في حياة حالمة ..
نظرت إليه بعينين غاضبتين ثم أمسكت بيد كريم ومشت به خطوات ...
وقبل أن تبتعد التفتت إلى رئيس الشرطة وقالت له بصوت مسموع: لو لم يبق على وجه الأرض إلا أنا وأنت ياجلال .. ثق. . .
أنني سأقتل نفسي قبل أن أسمح لك بالاقتراب مني.
ثم غادرت المكان بسرعة وبيدها كريم وهو يجر رجليه وراءها وبعض بقع الدم لا تزال على قميصه وأنحاء متفرقة من فمه وأنفه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:20 ص]ـ
الجزء الثامن
.
كان كريم يسير في طرقات القرية يتبع غيوم التي كانت تمشي بسرعة إلى حيث لا يدري!! حتى اقتربا من مبنى قديم وكبير مبني من الطوب والحجارة الجيرية .. وعلى سطح المبنى ظهرت عدة أطباق معدنية معلقة على قضيب حديدي يرتفع في الهواء عدة أمتار؛ إنه على ما يبدو مبنى للاتصالات اللاسلكية حديث التجهيز أو كأنه لم ينته تجهيزه بعد.
كريم: غيوم .. غيووووووم إلى أين نحن نتجه الآن؟؟ قفي لحظة أرجوك وأخبريني!!
توقفت غيوم فجأة واستدارت نحوه وقالت بعصبية ظاهرة: في هذا المبنى يعمل ضابط اتصال عسكري من أصدقاء والدي القدماء وهو متخصص في شؤون الاتصالات اللاسلكية .. ربما أمكنه إصلاح الجهاز الذي معك!!!
قفزت إلى ملامح وجه كريم علامات استفهام ودهشة!! ماذا يسمع الآن!! هل غيوم تساعده في إصلاح الجهاز من أجل إرسال نداء استغاثة وهي تعلم أن معنى هذا أنه سيرحل عن هنا؟؟ ما معنى تصرفها هذا!!!؟؟
حسناً والحرف الذي وجده معلقاً على بابه!!
والعبارة الجميلة على الشاطئ!!
ونظراتها الثاقبة!!
وتساؤلات عديدة انهالت على خاطره!!!.
هذه التساؤلات أكدت أن كريم لم يكن قد عرف الأنثى بعد ... ولم يفهم تركيبتها المعقدة وعزتها وكبرياءها، بل ولم يفهم بعد أنها تصمد أمام كل شيء بجبروت وعناد .. إلا الحب.
وحين يغزو أرضها تلقي هي السلاح وتستسلم له .. إنه الشيء الوحيد على ما يبدو القادر على ترويضها تماماً.
دخلت غيوم إلى داخل المبنى وكريم وراءها يصعد السلم في محاولة للبحث عن إنسان في هذا المبنى الذي بدا وكأنه مهجوراً ..
على سطح المبنى وجدا الرجل الذي تكلمت عنه غيوم منشغلاً بإصلاح أحد أطباق البث، وسط أكوام من الأسلاك المتناثرة هنا وهناك، وما إن رآهما مقبلين حتى قام فرحاً ورحب بغيوم في حنان ولطف وسألها فوراً عن والدها الملازم ..
عرفته غيوم بكريم وطلبت منه أن يساعدهما في إصلاح هذا الجهاز إن كان في استطاعته ذلك ..
تناوله الرجل ثم تفحصه على عجل وقلبّه بين يديه .. ثم نزل به إلى غرفة في أسفل المبنى مليئة بالآلات القديمة وقطع الخردة، وراح يجري عليه بعض الاختبارات.
مضت ساعة تقريباً، ثم قرر أخيراً أن هذا الجهاز الغريب (المتطور بالنسبة إليه) ربما يحتاج إلى ثلاثة أشياء!!
- سألته غيوم: وما هي هذه الأشياء؟؟
- الرجل: حسناً، يحتاج أولاً إلى أريل هوائي عالي (أنتينا) وهذا أعدكم بتوفيره لكم .. فقط أمهلوني يومين ريثما يجهز.
- غيوم: والثاني؟؟
- الرجل: يحتاج إلى مولد كهربائي عالي الجهد لبث الإرسال، وهذا النوع يوجد فقط في دائرة الشرطة في مكتب الرقيب جلال.
- غيوم وهي تنظر إلى كريم نظرة حيرة: حسناً .. والثالث!!؟؟
- الرجل: أمممم ... يحتاج أيضاً إلى أربع بطاريات جافة غير هذه التي أعطبها الماء والملح .. وهذه ثمنها مرتفع جداً في هذه الجزيرة الصغيرة.
نظر كريم إلى غيوم نظرة تعجب واستغراب وكأنه يسألها عن كيفية توفير مثل هذه الأشياء وهو لا يملك نقوداً في هذه الجزيرة وليس له معارف ولا أقارب!!؟؟؟؟
خرجا من عنده، والخيبة تملأ نفسيهما .. ثم انزويا تحت شجرة دوح عملاقة وسط الطريق وجلسا تحت ظلها يفكران في الخطوة القادمة.
وبينما هما صامتان مطرقان لبضع دقائق، أدخل كريم يده في جيب قميصه في حركة عفوية فأحس بوجود القلادة، فأمسك بها بأطراف أصابعه .. ثم نظر إلى غيوم وهي تنكش الأرض بعصا كانت في يدها تفكر في المجهول!! إلا أنه أعاد القلادة حيث كانت في جيبه بهدوء؟؟؟
ربما أحس أن الوقت لا يزال مبكراً على حركة جميلة لاحت في عقله.
رغم صمتهما المطبق ... إلا أنهما كانا يتكلمان فيما بينهما من غير صوت ... ومن غير حروف، بلغة لا يفهمها إلا هما فقط!!.
إنها لغة المشاعر والأحاسيس .. تلك اللغة؛ التي يصعب ترجمتها على من لم يدرس الحرف في مدرسة الحب ..
تلك اللغة؛ التي ينطق بها أصحابها بلا صوت .. وبلا إشارة .. وبلا قواعد ولا مقدمات ..
تحت ظل شجرة الدوح هذه .. وعلى تراب هذه الجزيرة النائية؛ بدأت تتكون أجمل الأحاسيس وأكثرها عذوبة ونقاءً في نفس كريم تجاه غيوم ..
وتبادل معها بصمت أروع القصائد .. وأعذب الأشعار ..
قصائد من غير أبيات ..
(يُتْبَعُ)
(/)
وأشعار من غير قافية ..
وأحرف من غير نقط ..
وآهات بلا أنين.
ولدت تلك المشاعر الطاهرة في صدريهما من غير أب ولا أم .. وراحت تكبر، وتكبر ولا أحد منهما يملك دفعاً لهذا الجنين الذي بدأ ينمو باطراد ويتحرك باتجاه الدنيا .. لم يكن شيء يستطيع منعه الآن من الانفلات خارج الأسوار، غير العناد، والمكابرة، والتحدي والإرجاء، ...
وغير بقايا من صبر ويقين بأن الأيام القادمة هي الحكم .. وهي الجلاد ...
فإما أن يرى النور .. وإما أن يدفن في غيابت الجب إلى الأبد.
* * * * * * * * * *
كانت أم كريم، هناك في بلادها وراء البحار، قد جن جنونها لفقد كريم، فحركت والده للبحث عن ابنهما المفقود ..
أما سيرين فكانت قد وصلت بعد ثلاثة أيام من التنقل بين جزيرة وأخرى عبر قارب النجاة هي ومن بقي معها من الناجين .. ولم تكف يوماً عن التفكير في كريم، وفي جهاز البث الذي تركته معه. تلك كانت فرصة النجاة الوحيدة التي تمكنهم من التعرف على مكانه في مجاهل المحيطات والبحار، إن هو استطاع تشغيله وإطلاق نداء استغاثة بالتأكيد ...
وكانت تزور أهل كريم في كل يوم للاطمئنان على أحوال أمه المشلولة، وتترصد في الوقت نفسه ورود أي إشارة تؤكد أنه لا يزال على قيد الحياة.
وكانت صورة كريم؛ وهو ينظر في عيني ملتقط الصورة، هي الشيء الوحيد الذي تبقى في يد سيرين يذكرها به ... ويذكرها بأسوأ أحداث مرت بها في حياتها .. لقد طبعت الصورة بحجم كبير وعلقتها على باب غرفتها من الداخل.
كانت تلك النظرات المرعوبة، هي النظرات الأخيرة قبل أن يفرق بينهما الموج. نظرات ملؤها الخوف من المجهول وفُجَاءَةِ الموت.
فوق سريرها علقت صورة تلك اللوحة الغريبة التي رسمها كريم قبل وصول الإعصار المدمر، لقد التقطت أيضاً صورة لتلك اللوحة في اللحظات الأخيرة.
كانت سيرين تقسم داخل قلبها أنه حي .. ليس عندها دليل قاطع بالطبع، لكن شيءٌ ما في أعماق نفسها يؤكد لها ذلك .. وكانت تشعر في ذات الوقت بعقدة الذنب!! إذ أنها كانت السبب في ركوبه البحر في تلك الرحلة.
أما والد كريم، ذلك الثري العجوز، فقد اتفق مع عدد من البحارة وصيادي الحيتان لتجهيز قاربين كبيرين وسريعين مزودين بأحدث الأجهزة، للبحث عن كريم ومن بقي من الناجين الذين قد يصادفونهم على الجزر البعيدة المتناثرة هناك، وقام بتمويل القاربين بالكامل، واستعان بعدد من الخبراء في شؤون البحار يرافقهم قائد قارب النجاة الذي وصلت على متنه سيرين ومن معها لعله أن يدلهم على نقطة اختفاء السفينة وسط الإعصار.
ثم جهزوا معهم جهازاً مخصصاً لالتقاط إشارات البث البعيدة على أي موجة بث ممكنة، وأي تردد ذبذبي كان مهما كان خافتاً وبعيداً.
قرر والد كريم أن ينضم بنفسه إلى هذه الرحلة استجابة لطلب أم كريم، ومع إصرار سيرين على مرافقتهم، لم يجد والد كريم بداً من قبول طلبها وقبول طلب (رغد) أيضاً التي أصرت هي الأخرى على مرافقتهم في رحلة البحث عن أخيها المفقود ...
ثم انطلق القاربان في صبيحة اليوم التالي باتجاه بحر العرب ومنه إلى المحيط الهندي البعيد.
قفزت إلى عقل غيوم فكرة غريبة رأت عرضها على كريم أولاً لعله أن يقبل بها!!.
- قالت له: هناك مزرعة كبيرة في طرف الجزيرة يملكها أحد أثرياء القرية .. وأذكر أنه عرض ذات يوم على بعض شباب الجزيرة أن يعملوا عنده في المزرعة نظير أجرة معقولة.
أنت تعمل عنده في المزرعة لجمع قيمة البطاريات يومين أو ثلاثة، و (جندر) يجهز الآريل الهوائي , ريثما أتدبر أنا أمر المحول الكهربائي من عند جلال. هاه ما رأيك؟؟
- كريم: ولكن يا غيوم .. كيف أسمح أن تعودي ثانية إلى ذلك الأهوج!! إنه رجل غليظ الطبع وأنا لا أرتاح إليه أبداً على أية حال. كانت نظراته إليكِ تخفي نية شريرة أتذكرين؟؟
- غيوم: لا عليك كريم .. لقد اعتدت على نظراته تلك منذ خمس سنين، سأتدبر أمره .. ثق بي.
- كريم (وقد أطرق يفكر ملياً): أمممم حسناً، وماذا سأصنع أنا في المزرعة؟؟ أحلب البقر، وأنظف إسطبل الخيول، وأحرث الأرض، وأسقي الزرع!!! لا .. لا .. قولي لي أنك تمزحين!!!
- نظرت إليه غيوم نظرة إصرار وقد عقدت حاجبيها ثم قالت له ويديها على خصرها: هل لديك حل آخر أيها الناعم؟؟؟.
(يُتْبَعُ)
(/)
أطرق بعينيه إلى الأرض والأسى يعصر قلبه وقال بصوت مخنوق: لا!!
دنت منه بعطف وشفقه ثم مدت إليه يدها وأمسكت بيده والابتسامة على وجهها وقد امتلأ قلبها بالحماسة والأمل، رغم أن هذا يعني اقتراب ساعة الفراق المرتقبة بالنسبة إليها .. تلك اللحظة المريرة التي تتمنى أن لا تأتي أبداً.
ثم انطلقت به بين المنازل المتفرقة القديمة، ومنها اتجهت به نحو الحقول البعيدة آخر الجزيرة.
ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:22 ص]ـ
الجزء التاسع
مضت نصف ساعة تقريباً وهما يمشيان بين حقول الذرة الكثيفة قبل أن يصلا إلى بيتٍ ريفي كبير وفي مقدَّمته حديقةٌ جميلةٌ تناثرت على جُنُباتها ألوانٌ شتى من الأزهار والورود النَّظِرَة ِفي منظر خلاّب.
هناك يوجد إسطبل للخيول بالفعل ..
وعن يمينه حظيرةٌ للدواجن ..
وهناك في الخلف لاحت له حقولٌ متداخلةٌ من نبات القرنبيطِ وبعض شجيراتِ الطماطم ِ وأحواض البطاطا ..
كان يتجول ببصره في أنحاء المزرعة كمن يريد التعرف على مسكنه الجديد.
وفجأة سمع صوت غيوم وهي تناديه: (كريم) .. سلم على السيد (كبانجا).
- كريم: هاه!! عفواً ... أ أ .. مرحباً سيدي!! (قالها له باللغة الإنجليزية) وهو يرى أمامه رجلاً قصير القامة، حاد الملامح، أسمر السحنة، ويبدو عليه الثراء .. وقد مد يده مصافحاً إياه.
صافحه كريم بأدب ظاهر ولباقة ثم انتظر غيوم حتى تفرغ من التحدث معه بلغة أهل الجزيرة.
لم يفهم حرفاً واحداً مما يدور بينهما من حوار، إلا أنه تأكد أنهما كانا يتحدثان عنه هو بالتحديد، وعن رغبته في العمل بشكل مؤقت .. ويبدو أن غيوم قد سمحت لنفسها أن تفاوض الرجل نيابة عنه. إنها لم تسأله ولو مرة واحدة هل يرضيه السعر أم لا .. لكنها على ما يبدو كانت مفاوضاً شرساً مع هذا القصير الذي كان يعرض الأجر وكأنه يقتلع النقود من لحمه لا من جيبه.
ودعهما القصير ثم ركب عربة يجرها حصانان كانت بانتظاره، واتجه ناحية مرفأ الجزيرة.
إلتفتت غيوم باتجاه كريم وقالت له: مبروك فلقد عينك السيد كبانجا وزيراً للزراعة عنده .. ثم أطلقت ضحكة عالية في الهواء كانت محبوسة طوال الوقت في صدرها.
- كريم: غيوم .. ُكفي عن المزاح أرجوكِ، وأخبريني على أي شيء اتفقتما؟؟
- غيوم (وهي لا تزال تضحك): يريد السيد كبانجا رجلاً قوياً ووسيماً وناعماً ليدير له أعمال مزرعته خلال هذين اليومين اللذين سيغيب فيهما عن الجزيرة لجلب بضاعة من الجزيرة المجاورة، ومطلوب من هذا الوسيم أن يعتني بصغاره أيضاً إذا خرجوا للمزرعة .. ثم انفجرت ضاحكة من جديد.
- كريم: وهذا الرجل الناعم هو أنا على ما أظن!! أليس كذلك؟؟
- غيوم: المفروض.
- كريم (في استهزاء مقصود): ألا يريد هذا العملاق أحداً يعتني بزوجته أيضاً؟؟؟؟
نظرت إليه غيوم نظرات حادة ومؤلمة وقالت له: على العموم السيد كبانجا رجل أرمل .. توفيت زوجته قبل ثلاث سنين، ولديه طفلان توأمان في السابعة من العمر وأم عجوز في الثمانينات.
- كريم: حسناً حسناً، كم ستكون أجرتي اليومية؟ وما هو المطلوب؟؟
- غيوم: مع طلوع الشمس يبدأ العمل، تطعم الدجاجات، وتجمع البيض في سلة تجدها هناك ثم تحملهن إلى أم السيد كبانجا .. ثم تعود لإطعام البقرات، ثم ...
قاطعها كريم قائلاً: .. ثم أحلب البقرات أليس كذلك؟؟
- غيوم: لا لا .. البقرات تحلبهن الخادمة.
- كريم (وهو يتبسم في دهشة): وعندهم خادمة!!!
- غيوم (وقد فهمت مراده): أقسم أنني سأقطعك بأسناني هذه، ثم فتحت فمها بقوة وأظهرت أسنانها الحادة ... وأردفت تقول (بنبرة أنثى مجروحة): .. ثم ... ثم تتجه إلى إسطبل الخيول لتنظيف الإسطبل، وإطعام الخيول ومسح ظهورها بفرشاة تجدها هناك .. عموماً هناك غلام يأتي فقط لهذه المهمة سوف يرشدك لما هو مطلوب منك في الاسطبل.
ثم يُسمح لك بساعة واحدة فقط للراحة والغداء .. تتجه بعدها للحقول لجمع البطاطا وقطف الطماطم وبعض الثمار حتى غروب الشمس.
- كريم: مقابل كم كل هذا العناء؟؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
- غيوم: عرض السيد كبانجا جنيهاً واحداً فقط في اليوم الواحد مع وجبة غداء (إنه بخيل جداً) .. وأنت بحاجة إلى ستة جنيهات لشراء البطاريات .. وقد عرضت عليه أن تواصل العمل اليومي حتى منتصف الليل في طلاء البيت من الخارج بالدهان .. وتصليح الأسوار المحطمة، وجلب الحطب من آخر المزرعة، وتشرف على نقل الماء من البئر إلى البركة التي خلف البيت، مقابل جنيه آخر ووجبة عشاء وتبيت عندهم في غرفة الحارس على مدخل المزرعة. وبهذا يمكنك جمع قيمة البطاريات في ثلاثة أيام وست ساعات وخمسين دقيقة وسبع عشرة ثانية، ثم انفجرت بالضحك من جديد .. تحاول تهدأة توتره وحزنه.
إلا أن كريم أشاح عنها بوجهه والأسى والإحساس بطعم المهانة والصّغَار يملأ قلبه .. !!
كيف تحولت حياته فجأة من حال ترف ونعيم إلى فقر ومسغبة؟؟؟ ثم تجمعت في مقلته قطرات من دمع حار حبسها مكانها فلم تنزل، وكأنه أقسم عليها أن تبقى ثَمَّ. و سدد نظره باتجاه الجبال العالية يخفي لوعته وحزنه عن غيوم، وصمت طويلاً يفكر.
أحس بدفء يد غيوم وهي تتسلل إلى يده وقد أمسكت بها وأطبقت عليها بين كفيها في حنان وعطف ووضعتها على خدها، ثم انسحبت من أمامه بهدوء بعد أن وعدته أن تعود لزيارته صباح الغد.
* * * * * * * * * *
قضى كريم ليلته الأولى يحاول التعرف على محتويات غرفته الجديدة المتواضعة، ثم بدأ يتجول في المزرعة ومرافقها، ويقوم بجولات تفقدية متتابعة حول البيت الكبير .. تارة يقف عند حظيرة الدواجن يتوعد الدجاج بعقاب قاس ٍ إن لم يمنحنه عدداً جيداً من البيضات في صباح الغد ..
وتارة يمر بقرب البقرات يصافحهن بحركات ضاحكة ويلقي عليهن خطاباً في التنظيم والإدارة، ويعرفهن بمديرهن الجديد ..
وتارة يجر رجليه وسط الظلام الحالك بين البئر والبركة يتتبع مجرى الماء الذي صمم بينهما بطريقة انسيابية فريدة. حتى إذا تأخر الوقت، أطلت الخادمة برأسها من إحدى النوافذ وأخذت تناديه بصوت مرتفع وبلغة لم يفهم منها شيئاً على الإطلاق، غير أنه عرف أنه هو المقصود وأن موعد تسليمه العشاء قد حان.
قام من مكانه يركض باتجاه النافذة وتناول طعامه واتجه به نحو غرفته آخر المزرعة ودخل وأغلق الباب وترك النافذة مفتوحة لبعض الهواء، ثم انكب على الأكل بشهية مفتوحة.
هناك في القرية لم تكن غيوم تستطيع أن تبتلع عشاءها براحة وهناء، وهي تعلم حال كريم وحاجته إلى الطعام الجيد، فكانت تترك له شيئاً من طعامها بشكل مقصود دون أن تلحظ أمها ذلك، وقد أضمرت في نفسها رغبة قوية أن توصل إليه طعاماً مهما كلفها الأمر رغم بعد المسافة وتأخر الوقت ... كانت تتصرف كما وكأنها وقعت تحت سيطرة قوة خفية قاهرة تملي عليها كل شيء .. كل شيء.
وحيث إن اليوم الثالث قد مضى ولم يُبد (إبن الحوت) حتى الآن أي رغبة صريحة بالزواج من غيوم، وعقله لا يزال مشغولاً بالرحيل، فإن أم غيوم قد كفت عن سؤالها عن أحواله .. وكأنها اطمأنت الآن أن أهل القرية لن يطالبوها ببقاء غيوم على الشاطئ بعد اليوم الرابع.!!!
هكذا تقضي طقوسهم الغريبة (إذا لم يفصح إبن الحوت عن رغبته من تلقاء نفسه قبل انقضاء اليوم الثالث؛ فإن العروس تصبح في حل من إلزامية الزواج به .. وتكون بعد ذلك حرة في قرارها، حرة في خروجها ودخولها .. حرة في كل شيء) إنها لطقوس غريبة تلك التي تحيط بغيوم.
وبعد أن تأكدت من نوم أمها تسللت بكل خفة وبراعة من نافذة غرفتها دون أن تشعر بها أمها، واتجهت نحو المزرعة وسط الظلام الحالك.
وصلت هناك وكريم قد فرغ للتو من تناول طعامه الذي لم يكن أعجبه، ولم يكن أشبعه على أية حال.
طرقت الباب ثم وضعت الطعام واختفت فوراً بين الأشجار وابتلعها الظلام من جديد قبل أن يفتح كريم الباب .. وعادت إلى غرفتها في تحدٍ صارخ وعنيد في وجه التاريخ.
في الصباح الباكر، استيقظ كريم على صوت الخادمة وهي تطرق عليه الباب وتطلب منه البدء بالعمل بعد أن يتناول إفطاره الذي وضعته بالباب.
تناول إفطاره على عجل ثم توجه نحو حظيرة الدجاج وبدأ يومه الشاق.
أما غيوم، فقد كانت تبحث عن فرصة مناسبة للتحدث مع رئيس الشرطة حول مولد الكهرباء لعلها أن تقنعه أن يعيرها إياه .. و إلا فإنها ستخطط لاستعارته بالقوة إذا توجب ذلك .. كل شيء بات في نظرها يهون مادام أن ذلك يرضي كريم، ويحقق له رغبته ..
هكذا كانت مشاعرها تملي عليها .. تحقيق كل أمر يحتاجه ابن الحوت هذا حتى لو لزم الأمر ابتعاده عنها إلى الأبد ..
يكفيها لو أنها فعلت ذلك، أنها ستظل تتذكر جيداً أنها لم ترفض له طلباً على الإطلاق ..
يكفيها أنها لو فعلت ذلك حقاً، تكون قد ضحت بكريم من أجل كريم ..
يكفيها أيضاً لو أنها فعلت ذلك، تكون قد نجحت في زرع البسمة والأمل في قلبه بعودته إلى أهله ووطنه .. ولو على حساب قلبها ....
لكنها تعلم يقيناً أنهم لو أخذوه بعيداً عنها .... فإنهم سيأخذونها هي الأخرى بعيداً عنه إلى الأبد ..
لكن ....
هناك في مكان ما تحت الأرض.
* * * * * * * *
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:24 ص]ـ
الجزء العاشر
كان كريم في إسطبل الخيول يتجاذب أطراف الحديث بالإشارة تارة وبقليل من الإنجليزية تارة أخرى، مع غلام في الثانية عشرة من عمره؛ يأتي قبيل الظهر ليساعده على تنظيف الإسطبل وإطعام الخيول ...
أحس كريم بآلام في أسفل ظهره ورقبته، وقد أدار ظهره للباب .. كما أدار ظهره أيضاً للغلام وراح يتكلم معه بصوت مرتفع عن أحوال المزرعة .. وأحوال الجزيرة، وهو منهمك في تقليب الأعلاف وتنظيف الأرضيات وتبديل الماء ... ولم يتفطن المسكين إلا وهو يسقط على كومة الأعلاف التي أمامه من هول المفاجأة حين أطلق أحد من خلفه صرخة عالية أفزعته!!! وحين التفت إلى مصدر الصوت، وقلبه يخفق بشدة، وإذا بغيوم تقف وراءه ومعها الغلام وهما غارقان في ضحك عميق ...
قام مسرعاً ليمسك بغيوم. إلا أنها هربت هي والغلام خارج الإسطبل وكل منهما سار في اتجاه مغاير .. حمل كريم شوكة الأعلاف الطويلة بيده ولحق بغيوم التي غابت بين سيقان الذرة، وهو يهدد ويتوعد.
أما الغلام فقد توقف عن الركض ووقف مكانه ينظر إليهما وهو يتبسم وقد غاب الاثنان تماماً في الحقل .. ثم عادا من جديد بعد دقائق وهما يضحكان ويتبادلان الحديث بلغة لم يفهمها الغلام، وقد أمسك كل منهما بيد الآخر متجهين ناحية الغلام.
حين وصلا، وقفا أمامه، ثم استند كريم بيده على شوكة الأعلاف ولف يده الأخرى حول غيوم وقد التصقت به.
- كريم (وهو يعرف الغلام لغيوم): غيوم .. هذا كالاكاتا .. أو كيماواتا .. أو كاكاواتا .. أو شيء له واتا، لا أدري سليه أنتي فقد عجزت أن أحفظ اسمه.
تبسم الغلام وقد فهم انه هو المقصود وقال: (إهيكاواتا) .. ثم نظر إلى غيوم وقال: آهاأوتو بآييتا .. تولالانقا أورّوبها ناكوبنديا أوف، ياتهاكا آم بيلايا. ثم انصرف وهو يودعهما بيده ويقول: أودا!
وترك غيوم تضحك .. ثم أشارت بيدها إليه وهي تقول: أودا.
ثم التفتت إلى كريم وهي تقول: إنه يقول .... " إذا تزوجت في المستقبل فسوف أحضر زوجتي إلى هنا حتى ألاحقها في حقل الذرة "
أطلق الإثنان ضحكات متقطعة، ثم دخلا داخل الإسطبل يحتميان عن أشعة الشمس .. ثم قامت غيوم لملاقاة الخادمة التي أقبلت من بعيد تحمل الغداء .. ثم استخرجت غيوم من كيس جلدي أحضرته معها طعاماً كانت قد صنعته بنفسها، وجلس الاثنان يأكلان بشهية مفتوحة، وكل منهما يختلس النظرات إلى صاحبه حين يغفل عنه.
فجأة قالت غيوم ووجهها يتهلل من الفرح: " كنت اليوم في قسم الشرطة ..... " ثم سكتت طويلاً وتشاغلت بالأكل وكأنها تريد أن تثيره!!
كريم وقد بدأ عليه التعجب: ..... !!! حسناً!! ثم ماذا غيوم؟؟
غيوم: علمت أن رئيس الشرطة يعاني من وعكة صحية عنيفة ألزمته الفراش .. وهذا يعني أنه سيغيب عن قسم الشرطة لمدة أسبوع أو أكثر، لقد أصابته بعوضة (الدنقا)؛ وهي تسبب نزلة معوية حادة وارتفاع في درجة الحرارة و ... قاطعها كريم متحمساً ,,
وقال: حسناً .. حسناً ... لايهمني أمر هذا الـ (جلال) الآن، يهمني أمر المحول الكهربائي فيم تفكرين!!!؟؟؟
نظرت إليه غيوم وراحت تتبسم بمكر دون أن تنطق بحرف واحد ...
- كريم: لا لا ... لا تقولي أنك تخططين لسرقته!
سيفتضح أمرنا غيوم ثم يزجون بي وبكِ في السجن .. لا لا لن أعمل طوال عمري في المزرعة أجمع قيمة الغرامة المالية ... هذا مستحيل.
- غيوم: من قال لك أنني أخطط لسرقته؟؟ أ .. أ .. إسمع:
" هناك جندي يعمل حارساً لقسم الشرطة وهو صديق لوالدي ومدين له بعشرة جنيهات لا يستطيع سدادها .. وقد اتفقت معه على أن يسمح لي أن أتسلل ليلاً لاستعارة المحول لمدة يومين أو ثلاثة قبل أن يتفطن أحد، ثم أعيده مكانه , وسيزود المحول بوقود يكفي لمدة ثلاثة أيام "
كانت غيوم تأمل أن هذين اليومين ربما يكونان غير كافيين لالتقاط بث من مكان بعيد كهذا، وحينها ستخف رغبة كريم بالعودة إلى بلاده تدريجياً .. وهذا يعني بقاؤه عندها مدة اطول ريثما تفكر في حل يرضي قلبها من ناحية .. ويرضي كريم من ناحية أخرى ..
لم تكن هذه الأفكار بدافع الأنانية بلا شك .. لكنه قلب الأنثى الذي يصبح أسيراً تحت إمرة الحب حين يسيطر عليه ويسلبه أرضه.
رضي كريم بهذا الحل .. وهدأت نفسه أكثر ودب فيها الأمل من جديد.
(يُتْبَعُ)
(/)
فراح يعمل بهمة وتصميم متناسياً الآلام والأوجاع التي تترسب في جميع عضلات جسمه يوماً بعد يوم .. ورغم أنه يشعر بالشوق والحنين إلى أمه وأبيه وإخوته .. وإلى بلده وأصدقائه؛ إلا أنه لم يكن قادراً على إخفاء شعور رائع وغريب يقفز إلى خاطره كلما التقت عيناه بعيني غيوم .. وكلما لاحت له صورتها في الهواء أما ناظريه ...
لقد بدأ يألف المكان بشكل لافت للنظر .. وعبثاً كان يحاول إقناع نفسه أنه لن يبقى على هذه الجزيرة سوى أياماً قليلة ويرحل .. وأنه سينسى غيوم مع الوقت .. وسينسى معها جلال، والسيد كبانجا، وكيكاواتا هذا .. والكوخ الذي على الشاطئ، والدجاجات والمزرعة ..
وستصبح ماضياً بعد حاضر، وستتلاشى مع الزمن كل ذكرى جميلة انطبعت في وجدانه على هذا المكان المعزول من العالم .. وسيعود إلى حياة المدينة والشوارع والسيارات والأجهزة والمصانع .. وسيعود إلى رسوماته ولوحاته وجامعته، وكل شيء جميل هناك عاش وتربى عليه.
إلا أن محاولاته اليائسة تلك كانت تبوء بالفشل في كل مرة في إقناع نفسه .. وكانت طبول الحرب تقرع في صدره بصوت مخيف إيذاناً ببداية صراع محموم داخل أرض نفسه بين الجزيرة والمدينة .. صراع بين الريف والحضارة ..
بين أهله وأصدقائه وبين غيوم ...
بين حياة الترف والعز وبين حياة الفقر والبساطة ...
كل شيء هناك إلا غيوم .... وليس شيء هنا سوى غيوم ..
صراع أفقده توازنه، وبدأ ينمو مع الأيام ويزداد حدة .. كل شيء يميل في نفسه إلى تفضيل الحياة هناك على الحياة هنا، ولم يكن شيء هنا يجرؤ على تعليق نفسه بهذه الجزيرة سواها ..
ورغماً عنه .. ودون أن يدري، استعمرت تلك الفاتنة كل نواحي عقله وتفكيره وملأت الفراغ بينهما ...
* * * * * * * *
إنقضت الأيام الثلاثة وكريم على هذه الحالة من الجهد والعمل المضني
كانت هذه المدة كافية جداً لتغير ملامحه التي جاء بها إلى هنا؛ فقد حلت الخشونة محل النعومة والدعة، وحلت المشاعر الرقيقة والرومانسية في قلبه محل الفراغ الذي كان يملأه من قبل .. حلت تلك الفاتنة محل أهله وأصدقائه ووطنه.
أما غيوم، فقد دبرت خطة جيدة في نقل المحول الكهربائي الثقيل من قسم الشرطة إلى الكوخ المهجور على الشاطئ حيث المسافة هناك أقرب لبث ذبذبة إرسال إلى أي سفينة قد تكون مارة بالجوار صدفة.
استعانت غيوم بعدد من رجال القبيلة – ذوي الوجوه المفزعة – الذين يسكنون الغابة بين القرية والشاطئ، لنقل المحول على ظهور البغال إلى الكوخ في الليل مخافة أن ينفضح الأمر ويراهم أحد من جواسيس جلال.
كانت هذه الخدمة الخطرة بالنسبة لهم؛ يقدمونها عرفاناً مقدساً لابن الحوت هذا متحديين بذلك قوة السلطة العسكرية في يد جلال ورجالاته
أما غيوم فإنها كانت ترتكب حماقة بالغة الخطورة إن اكتشف جلال سرقة المحول من قسم الشرطة، كانت تعلم ذلك جيداً وتدركه .. إلا أن تلبية رغبة كريم في نفسها كانت هي الأقوى وفوق كل اعتبار.
كانت تقدم نوعاً من التضحية يندر أن تقدمه أنثى في وضع حساس كهذا!! وتعلم أن عقوبة هذه الجريمة قد تسمح لجلال بالحصول عليها ولو بالقوة .. كان يمكنه حينها وبكل بساطة أن يجد مبررا لسجنها عنده في القسم .. وهذا يعني من جهة أخرى وكأنها في بيته وقد أصبحت زوجته رغماً عنها!!!!
إنها التضحية بكل أبعادها ومعانيها وحدودها الفسيحة حين تطرحها الأنثى بين رجلي من تحب، دون أدنى شعور بالألم أو حتى بالندم
وترجو في الوقت ذاته أن هذه التضحية الصامتة تجد في قلب من قدمتها له وقعاً وتقديراً لها في نفسه ... وتفهماً ينسيها غصة الألم ومرارة الندم.
* * * * * * * * *
لم يكن السيد كبانجا قد عاد في اليوم الثالث كما كان مقرراً .. وهذا معناه زيادة يوم جديد من المعاناة والتعب على كريم الذي كان اعتاد بشكل قسري على أعمال المزرعة .. كما اعتاد أيضاً على رؤية (إهيكاواتا) إلا أنه ظل عاجزاً عن حفظ اسمه بشكل صحيح.
في اليوم الرابع وقبيل الغروب، عاد السيد كبانجا من رحلته ليجد كريم في انتظاره، وقد أنهى طلاء البيت بشكل جيد كما أتم نقل الماء أيضاً إلى البركة بكميات كبيرة، وأنجز باقي المطلوب منه بطريقة يبدو من ملامح وجهه أنها أرضته، إلا أنها لم ترض جيبه المغلق!!
فقد اكتفى بتفريك الجنيهات الواحد تلو الآخر وهو يودعها بين أصابعه بحسرة لتستقر في يد غيوم .. لقد أعطاها سبعة جنيهات فقط .. (يا له من عجوز بخيل ودميم) كلمات كان يتمتم بهن كريم بالعربية أمام العجوز القصير وهو يتكلم مع غيوم ..
إنطلقت غيوم وبيدها كريم إلى القرية وتبعهما إهيكاواتا أيضاً .. لقد أصبح الثلاثة رفقاء متلازمون اعتباراً من هذا اليوم الذي أصبح فيه كريم على مقربة من إرسال نداء استغاثة في جوف المجهول ..
لقد قرر إهيكاواتا ان يلازم صديقه الجديد الذي أحبه بكل صدق وإخلاص مما رآه منه من رحمة وشفقة وعطف عليه .. قرر ملازمته حتى آخر لحظة يغادر فيها الجزيرة .. ثم يعود بعدها إلى عمله من جديد.
افترق الثلاثة عند مدخل سوق القرية .. ذهبت غيوم إلى شراء البطاريات بينما اتجه كريم ورفيقه الغلام إلى (جندر) في مبنى الاتصالات لإحضار جهاز البث ومعه الأنتينا (الآرييل) واتفق الجميع على الإلتقاء عند مخرج القرية باتجاه الشاطئ بعد ساعتين ...
* * * * * * * * * *
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:26 ص]ـ
الجزء الحادي عشر
التقى الجميع على مشارف القرية، ثم اتجهوا شمالاً باتجاه الغابة يحملون معهم المحول الكهربائي ربطوه على ظهر بغلين قويين وعلى ظهر بغل ثالث حملوا جهاز البث والأنتينا واختفوا هناك بين الأشجار العالية والأحراش، وكل منهم يحمل في يده مشعلاً يضيء له طريقه، ثم سلكوا دروباً ضيقة ومتعرجة وعبر أماكن رطبة يبدو أنها تمر بحواف أنهار أو جداول مائية بين الصخور بالكاد يميزها كريم من مشعله الذي في يده.
وصل الموكب آخر الليل بصحبة عدد من رجال القبيلة الذين رافقوهم لحراستهم من هوام الطريق ومفاجآته .. ثم تركوا الثلاثة هناك عند الكوخ وانصرفوا عائدين إلى قبيلتهم ..
ونتيجة للإعياء والتعب؛ اتخذ كل من الثلاثة مكاناً يناسبه استعداداً لنوم عميق بانتظار الصباح.
كان إهيكاواتا أول النائمين .. وقد ربط قماشاً طويلاً بين شجرتين من أشجار الموز التي أمام باب الكوخ وجعله سريراً معلقاً له نام عليه ولف نفسه بداخله، وباب الكوخ مفتوحاً بينه وبين كريم وغيوم اللذان فضلا النوم داخل الكوخ بعيداً عن البعوض ولسعاته.
أما غيوم، فقد فضلت – كونها الأنثى الوحيدة بينهما – النوم على سرير كريم .. بينما نام كريم على الأرض في حلق الباب تماماً.
لم يكن كريم قد نام فعلاً بل كان يتظاهر بذلك .. يبدو أن هناك ثمة أمر يقلقه ويشغل باله، فقام من مكانه ودنى من غيوم ثم وضع عليها لحافه بهدوء وانصرف بقرب النافذة وأخذ يراقب القمر الذي يظهر للأرض من بين السحب تارة ويختفي عنها تارات أخرى , وراح في تفكير عميق في كل الذي يجري حوله وسط هدأة الليل وظلمته.
مضت ساعة تقريباً وهو على هذه الحالة .. ثم أحس بأنفاس غيوم خلف أذنه مباشرة وهي تهمس بكلمات خافتات حتى لا توقظ إهيكاواتا النائم، وتطلب منه أن يأخذ قسطاً من الراحة هو أيضاً .. استعداداً لبرنامج الغد. وفعلاً استجاب لمطلبها أخيراً ولكن على شرط منه أن تحتفظ هي باللحاف تحسباً للجو الذي بدأت تزيد برودته مع اقتراب الفجر .. قبلت غيوم بذلك ونام الجميع.
استيقظ كريم على صوت إهيكاواتا، وهو يهزه من كتفه لتناول طعام الإفطار ..
قام من مكانه بتثاقل وقد توسطت الشمس صدر السماء، يبدو أنه نام طويلاً .. ثم ارتسمت على وجهه ابتسامة رضا وإعجاب حين رأى اللحاف يغطي جسمه!!
يبدو أن تلك الماكرة قد تسللت في جوف الليل وطرحته عليه بعد أن نام.
مد رقبته من خلال النافذة حين رأى طرف رأس غيوم من الخلف وهي تقف خلف النافذة، والدخان الكثيف يتطاير في الهواء من حولها .. وقد أغلقت عينيها عن الدخان!!؟؟ كانت على ما يبدو تقوم بشواء صيد اصطادته من الغابة وتجهزه للإفطار .. وعلى حين غفلة منها؛ دنى منها ثم صرخ في أذنها صرخة قوية أسقطت الذي في يدها من هول المفاجأة ثم خرج يركض باتجاه البحر هرباً منها وهي تلاحقه وبيدها لاقط حديدي أمسكت بطرفه قطعة من جمر ملتهب تريد حرق ثيابه عقاباً له وتقسم أنه لن يفلت منها .. وهو يذكرها بموقفها في المزرعة، ثم اختفى الاثنان في أعماق البحر بعيداً عن عيني إهيكاواتا الذي تذكر على الفور موقف المزرعة هو أيضاً وهو يراقبهما من على شجرة موز عملاقة.
خرج الاثنان من البحر، وقد تشابكت أيديهما، بعد مدة من الزمن لم يعلما كم دامت، إلا أنهما أدركا أنها قد طالت، وبات ذلك واضحاً من علامات الأسى في وجه إهيكاواتا وهو يمسك بيده حيواناً مشوياً وقد تفحم تماماً!!!
- كريم (وبلغة إنجليزية بطيئة): ما هذا يا .. ميكاواتا!!؟؟
- إهيكاواتا: " بيندا ".
- غيوم (وهي تترجم): سنجاب ... كنت قد اصطدته هذا الصباح لأصنع منه إفطاراً لنا.
- كريم (وهو يشعر بالتقزز): وهل تأكلون السناجب هنا!!؟؟؟
- غيوم: نعم .. نصنع منها المرق أولاً ثم نشوي اللحم .. إن طعمها طيب ,, سوف أصطاد لك واحداً غيره ..
- كريم: لا لا .. من حسن حظي الآن أن هذا احترق .. يكفيني أن أكون نباتياً على هذه الجزيرة حتى أعود.
- غيوم (وهي تمازحه): حسناً .. على الأقل طعمه كان سيكون أطيب من طعم السحالي التي سأطبخها لك على العشاء .. ثم انفجرت ضاحكة ولم تتمالك نفسها.
(يُتْبَعُ)
(/)
تناولوا شيئاً من الفاكهة الطازجة وبعض الخضر والمرق والفطر المشوي، ثم انهمكوا في تركيب المحول الكهربائي. وكان إهيكاواتا قد ربط الأنتينا فوق شجرة الموز تلك، ومد منه سلكاً طويلاً يصل إلى جهاز البث داخل الكوخ .. بينما انهمك كريم بضبط موجة البث على الذبذبة التي أشار له عليها (جندر) .. وانهمك الاثنان معاً في ضبط التوليف وتجهيز البث وتشغيل المحول وإجراء بعض التجارب .. ولم يتفطنوا إلى اختفاء غيوم بعيداً عن الكوخ إلا بعد مدة من الزمن.
لم يكن لغيوم على الشاطئ أي أثر!!
أحس كريم أنها قد ابتعدت فعلاً عن الكوخ، فبدأ هو والغلام بالبحث عنها في المناطق المجاورة للكوخ دون فائدة!! ثم عادا سريعاً للكوخ ...
حمل كريم البندقية .. بينما حمل إهيكاواتا فأساً معقوف الطرف يستخدمه الصيادون عادة لتقطيع الأحراش الكثيفة .. وانطلق كل منهما في اتجاه ..
ذهب كريم بمحاذاة الشاطئ، بينما اخترق الغلام الأحراش واختفى داخل الغابة، وبدأ كل منهما ينادي على غيوم بصوت مرتفع: " غيووووم " " أين أنتِ غيووووم!!
مضت دقائق طويلة، وبطيئة جداً على الاثنين وهما يبحثان عن غيوم في كل مكان .. وقد اتفقا على أن يلتقيا عند حافة بحيرة صغيرة وسط الغابة تحت جبل أسود يبعد عن الكوخ مسافة نصف ساعة تقريباً، اعتادت غيوم الذهاب إلى هناك لجلب ماء الشرب ..
ثم، فجأة انطلقت رصاصة وسط الأشجار مزقت سكون الغابة ونواحي الشاطئ في هذا الصباح الهادئ .. يبدو أنها انطلقت من بندقية قوية من بنادق الصيد الكبيرة إلا أنها قطعاً لم تكن من البندقية التي في يد كريم!! فقد انطلق بسرعة البرق باتجاه مصدر الصوت كالمجنون ويحطم بطريقه كل غصن أو شجيرة تعترض طريقه .. كما اتجه إهيكاواتا أيضاً وبنفس الفزع والسرعة باتجاه مصدر الصوت .. بينما ملأت السماء أسراب ٌ من الطيور بكل اتجاه!!! لقد أحس الإثنان أن صديقتهما في خطر .. !!!
وصل كريم أولاً .. وحين وصل رأى منظراً أفزعه!!
كانت غيوم قد انحشرت داخل حفرة يغطي الماء فيها منتصف بطن غيوم تقريباً، وحافات الحفرة من الصخر الأملس وقد نبتت عليها الطحالب بغزارة، ويتسرب الماء إلى الحفرة من بحيرة كبيرة أعلاها كانت غيوم على ما يبدو تسبح فيها قبل أن يهاجمها وشقان جائعان (من فصيلة السنوريات) ويضطراها للوقوع داخل الحفرة في مطاردة عنيفة للفريسة .. وقد وقف الوشقان على حافة الحفرة، يحاولان اغتنام الفرصة والانقضاض على غيوم من جديد، وغيوم تحاول الوصول إلى سكينها الحادة وسط أغراضها وملابسها هناك على حافة البحيرة بمكان ليس ببعيد عنها لو هي نجحت في الإفلات من بينهما ..
وكان مزارع عجوز مار بالصدفة من هنا فرأى الموقف المخيف , ولكن لضعف بصره؛ لم يستطع أن يصيب أياً من الوحشين الضاريين، وإنما أفزعهما قليلاً ومنح غيوم بعضاً من الوقت للنجاة.
سدد كريم بندقيته فوراً إلى رأس أقرب الوشقين إلى غيوم وأكثرهما شراسة، ثم ثبت مرمى الهدف بدقة حتى لا يخطئ الرمية، ثم أطلق رصاصة واحدة استقرت وسط رقبة الوحش أردته قتيلاً على الفور وسقط في الحفرة مع غيوم، بينما كان فأس إهيكاواتا أكثر دقة من رصاصة كريم؛ فقد انغرس وسط رأس الوشق الثاني أرداه قتيلاً هو الآخر. ثم ماهي إلا ثوانٍ معدودات حتى اجتمع الاثنان على حافة الحفرة بينما كان العجوز يلوح لهم من بعيد بيده يودعهم بعد أن اطمأن على سلامة الفتاة.
أمرت غيوم الاثنين بالابتعاد قليلاً عن المكان ريثما تلبس ملابسها وأن يغمضا عينيهما بشدة
أو يديرا ظهريهما.
أدار كريم والغلام ظهريهما واستقبلا البحيرة أمامهما في انتظار غيوم أن تفرغ من لبس ملابسها، إلا أنها الماكرة لم تكن تستغرق كل هذا الوقت في اللبس؛ بل كانت تخطط لحيلة جديدة؛ فحين وصلت إليهما من الوراء دفعتهما معاً داخل البحيرة بشقاوة مقصودة، وأخذت تضحك من منظرهما الذي يدعو للشفقة، وكلما حاول أحدهما الخروج من الماء للإمساك بها أو سحبها معهم داخل البحيرة، كانت تدفعه بقوة وتدوس على أطراف أصابعه بباطن قدميها
كان منظرهم جميعاً وهم يمرحون هكذا يشعرك بأنهم قد نسوا تماماً موقف الوشقين الضاريين قبل دقائق!!! وكأن هذه الفاتنة لم تكن قبل قليل عرضة لأن تكون وجبة دسمة لهما، لولا عناية الله وتدخل أصدقائها الحميمين ...
لقد نسوا الموقف تماماً – أو هكذا يتظاهر كل منهم - , ونسوا كذلك جهاز البث هناك على الشاطئ الذي دبت فيه الحياة فجأة وبدأ يلتقط موجات بث بعيدة وضعيفة .. وعلى فترات متقطعة لا تكاد تدوم إلا لثوان ٍ معدودة، وليس حوله أحد يرسل نداء استغاثة، أو يجيب على النداءات المتكررة!!
يبدو أن المكان قد أعجب الجميع وراق لهم هنا في وسط الغابة وانتهزوها فرصة لبعض الترفيه البريء بصبيانية مقصودة، ولم يشعرو برغبة في مغادرة المكان والعودة إلى الكوخ.
وبينما هم كذلك يسبحون في البحيرة إذ توقف كريم عن اللعب والسباحة، واستند آخر البحيرة على ظهر صخرة ملساء عظيمة، وراح من بين بلل الماء على عينيه يتأمل الفاتنة التي غزت أرض قلبه وتسللت إليها بهدوء وهي تسبح بكل براءة مع الغلام.
لقد أحب هذه الفاتنة بكل جوارحه ومشاعره، وأحب الغلام، والجزيرة والمزرعة .. بل وحتى الدجاجات والبقر، وأحب الشاطئ، والكوخ، وحياة الجزر بكل صفائها ونقائها ورونقها وجمالها ..
وبات يشعر برغبة جامحة في نفسه بالاستقرار هنا في هذه الجزيرة مع غيوم. بل إن لحظة خروجه من هذه الجزيرة قد تحولت في نفسه من لحظة جميلة مرتقبة كانت ترتسم في خياله كل يوم، إلى لحظة مريرة قاتلة قد تقضي على كل آماله وأحلامه، وبات مجرد تخيل أنه لن يراها بعد الآن؛ هاجس يقلقه ويعصر قلبه، ويهدده بعاصفة هوجاء تعصف بكيانه وكل أرجاء أحاسيسه .. وتقتلع في الوقت نفسه كل شعور ٍ من رواسيه مكين.
ولم يتفطن أنه استغرق في التفكير طويلاً إلا عندما فقدهما فجأة!!
وقد ساد صمت رهيب في أرجاء البحيرة!!!!!
غريب،إنهما ليسا هنا في البحيرة!! أين هما إذن؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:30 ص]ـ
الجزء الثاني عشر
.
لم يكد يرفع رأسه، وإذ بهما معاً في لقطة طائرة في الهواء ينقضان على البحيرة من على الصخرة الملساء فوق رأسه مباشرة، ويرتطمان بسطح الماء، فيحدثان موجة عالية من الماء الذي تطاير في كل اتجاه .. ويكأن البحيرة قد فرغت من مائها بعد ذلك ..
ثم غاصا في قاع البحيرة وتركاه مبللاً عن آخره بطوفان من الماء البارد .. ثم خرجا معاً وهما يضحكان في نشوة مرح تبهج من يراهما.
كانت البراءة ضيف الجميع، وقد ساهمت في إضفاء جو شاعري نبيل ودافئ أدخل السعادة على قلوبهم أجمعين، ولم يكن شيء في هذه النواحي الصامتة من الجزيرة يعكر صفوهم ومرحهم .. حتى الحيوانات والطيور كانت كمن يراقب مشهداً من الحب والصفاء لم يكن ثمة مشهد أروع منه قد شاهدوه من قبل، فلزمت الطيور أعشاشها حياءً منهم وكفت عن التحليق، وقرت الحيوانات في جحورها ولم تبرح في سكون عجيب.
ثم تذكروا جهاز البث أخيراً فقرروا مغادرة البحيرة.
* * * * * * * * * *
وصلوا جميعهم إلى الكوخ قبل الغروب، استطاعوا فيما تبقى لقرص الشمس من وقت قبل أن تتوارى خلف البحر، أن يصنعوا شيئاً من الطعام .. إلا أن غيوم هذه المرة قد اصطادت أرنباً برياً بمساعدة الغلام خفيف الحركة، ولم تصطد سنجاباً أو سحلية كما كانت تقول من قبل .. وبدأوا يستعدون للشواء.
انهمك كريم في ملاحقة كل ذبذبة تظهر على جهاز البث، ويكرر النداء دون جدوى،ثم جلس على كرسي خشبي متهالك أمام الجهاز وأخذ يترقب بصمت وهدوء ...
بينما توجه الغلام ناحية البحر، وأخذ يصطاد بيديه العاريتين عدداً من المحارات المتحركة وبعض مخلفات البحر التي تؤكل، وبقيت غيوم أمام موقد الشواء تعد الطعام.
وكان كل واحد منهم يمد صوته في الهواء عالياً حين يرغب بالحديث مع أحدهم ويتبادلون الضحكات بصوت مرتفع أيضاً.
كانت أصواتهم العالية تنساب عبر موجات الأثير مسافات بعيدة عن الشاطئ ...
هذه الأصوات كانت سبباً كافياً في جلب ضيوف من سكان القرية كانوا ينقبون الأرض بحثاً عن غيوم.
ظهر من بين الأشجار عدد من شباب القرية وقفوا أمام غيوم مباشرة يلهثون وأنفاسهم ثائرة
في غفلة من الصديقين .. ثم تكلموا معها بكلام بلغتهم الساحلية نزل على قلبها كالصاعقة!!؟؟؟
أحس كريم بوصولهم فخرج فوراً ليجد غيوم وقد سدت فمها بيديها وبدا على وجهها علامات الانزعاج والقلق، ثم قالت له بطريقة مبعثرة للغاية: " أمي تحتضر، وهي في خطر .. أصابتها نوبة قلبية حادة من جديد .. يجب أن أرحل ".
لم تزد أكثر من هذه الكلمات ثم اختفت معهم داخل الغابة بلمح البصر .. !!
ثم عادت فجأة تركض وحدها باتجاه كريم حتى ارتطمت به من فرط سرعتها، وأمسكت بيده ووضعتها على صفحة خدها .. ثم نظرت في عينيه بطريقتها القروية .. وبكلمة واحدة فقط وبلغتها الساحلية التي تستخدمها معه لأول مرة قالت له: " ناكوبينديا " ثم اختفت بين الأشجار من جديد، وتركت كريم تملأ عينيه الدهشة والاستغراب!!!
مكث كريم يتأمل معنى تلك الكلمة الغريبة!! ورغم أنه لم يكن يدرك معناها بشكل أكيد؛ إلا أن طريقة غيوم وهي تلقيها على مسامعه جعلته يشعر أن تلك الكلمة الدافئة اخترقت جدار صدره، ثم ضلوعه، ثم غشاء قلبه واختفت بين شرايينه وتجاويفه .. هناك في قعر بعيد
ثم بدأت تتمدد بكل اتجاه بشكل أحس به، وتحللت إلى مشاعر تتدفق مع الدم وسط عروقه.
لم يقطع عليه هذا الانسجام المتناغم بين الكلمة وتأثيرها في نفسه، إلا رائحة اللحم وهو يحترق!! فأخذ يقلب الأرنب على النار ويترقب وصول الغلام الذي جاء يمشي باتجاهه يدفعه الجوع وهو يردد مقاطع من أهازيج أهل القرية حين يصطادون شيئاً من البحر!!
وصل إهيكاواتا وهو يحمل بين يديه محارات وأصداف وأخطبوطاً صغيراً ألقى به البحر على الشاطئ لا يزال يتحرك .. وما إن وصل حتى بدأ يفتش بعينيه عن غيوم!!؟؟؟
وبالرغم من ضعف لغته الإنجليزية .. (وهي اللغة المشتركة الوحيدة بينه وبين كريم) إلا أنه تجرأ وكون جملة متكاملة مفيدة يسأل فيها عن غيوم!!
(يُتْبَعُ)
(/)
أجابه كريم أنها اضطرت للذهاب لرؤية أمها التي تحتضر .. ثم سكت كريم وانهمك الاثنان بتناول وجبة العشاء المبكرة، وبشهية غير مفتوحة تضامناً وجدانياً مع صديقتهم التي غادرت ولم تتناوله معهم.
وبينما هما صامتان، إذ فاجأ كريم الغلام بقوله: " ناكو .. .. بينديا "؟؟ ثم ترقب تأثيرها في وجهه .. تفاجأ إهيكاواتا فعلاً وظهر عليه تأثير هذه الكلمة .. ثم أطلق ضحكة في الهواء!!
نظر إليه كريم في ذهول ثم سأله عن معنى هذه الكلمة؟؟
توقف إهيكاواتا عن الضحك ثم وضع يديه على صدره وقال: " إهيكاواتا ناكوبينديا كريم "
ثم تبسم بدهاء وقال: " غيوم ناكوبينديا كريم" وكأنه يعرف الذي بينهما.
تأكد كريم أن كلمة " ناكوبينديا " تعني " أحبك " ثم استرجع بالذاكرة ووجهه يتبسم كيف قالتها غيوم بطريقتها العذبة .. ولم يمنعها انشغال بالها على أمها من أن تنطق له بها في ظرف كهذا .. ثم التفت إلى الأفق يشيح بوجهه عن الغلام وأغمض عينيه، وأخذ يمضغ حرارة الإحساس الذي تسرب إلى جوفه مع قطع الأرنب المشوي الذي في فمه .. وكأنه الآن قد وُلد ..
وكأنه الآن فقط ذاق طعماً جديداً وفاتناً للحياة ..
رغم أنه يعلم يقيناً مشاعرها تجاهه من قبل .. ويعلم أيضاً مشاعره تجاهها؛ إلا أنها المرة الأولى التي تواجهه بها دون خجل.
يبدو أن ثورة الإحساس في جوف تلك الأنثى قد أنطقت لسانها المعقود، فخرجت بعض كلماتها ثائرة هائجة لم يجرؤ أحد على كبحها ..
ولا حتى غيوم نفسها.
* * * * * * *
تسارعت قطرات المطر بالنزول على جميع نواحي الجزيرة .. ثم ما لبثت السماء أن تلبدت بالغيوم الثقيلة، وتجاذبت أصداء الجبال العالية زمجرة الرعود والصواعق هنا وهناك .. ثم تتابعت زخات المطر بغزارة إلى الأرض فاضطر كريم ورفيقه أن يحتميا من البلل داخل الكوخ ثم أغلقا الباب وراءهما.
قضى كريم أغلب ليلته ساهراً يصارع كماً هائلاً من الرغبات والمشاعر المتناقضة ..
تارة تخف في نفسه الرغبة بالرحيل و يقرر البقاء هنا مع غيوم .. وتارة تتأجج في نفسه الرغبة والإصرار على الرحيل مهما كان الثمن، على أمل منه أن الزمن القادم سيكون كفيلاً بأن يمحي من ذاكرته كل شيء عن هنا .. حتى غيوم، إن هو بالتأكيد رحل عن هنا ونجح في الإفلات من قبضة الحب ..
لكن الغلبة كانت لصالح نداء الفطرة وحبه المفرط لأمه المشلولة وأباه وأخته المدللة ووطنه
ولم يكن يملك أمام هذا الجيش المتراص من الشخصيات المحببة إليه، إلا غيوم .. وقلبه الذي بدأ ينحاز وبقوة تجاه الجزيرة، وفاتنتها الساحرة.
وهو يشعر بقرارة نفسه أنه لا مجال على الإطلاق في أن يجمع العالمين معاً في مكان واحد ويعيش معهما في ذات الوقت .. فإما الجزيرة وغيوم .. وإما أهله ووطنه.
حين أعياه السهر والتعب وهو منزوٍ على كرسيه بناحية الكوخ بعد أن نام الغلام، سكن قليلاً مع سكون قطرات المطر، ثم بدأ يغط في النوم غطات متتاليات، لا يوقظه
إلا صوت الصواعق التي تفجأه مرة بعد أخرى حين ينام.
ثم نام أخيراً نومة عميقة حتى اقترب الصباح.
ولم يستيقظ إلا على صوت إهيكاواتا يهز كتفه برفق على أثر وصول نداء يأتي بشكل متقطع وخافت من الجهاز وبلغة لم يفهمها الغلام ... ولذلك أيقظه!!
ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:31 ص]ـ
الجزء الثالث عشر
.
استيقظ كريم كالمجنون ثم بدأ يلاحق الموجة ..
نعم .. نعم، سمعتها ...
قالها لصاحبه وهو يفرك عينيه بيديه ويعدل من جلسته ثم بدأ يضبط المؤشر الحساس ويكرر النداء: " ألو .. ألو .. هل تسمعني؟؟
مَن هناك .. ؟؟ هل تسمعني؟؟ "
ثم يسكت الجهاز برهة من الوقت ثم تظهر عبارات ضعيفة للغاية، ومتقطعة .. و بالكاد تفهم وكأنها أقرب ما تكون إلى اللغة الفارسية أو العربية!!!
إستبشر كريم كثيراً بهذا الإنجاز الذي تحقق .. - أو بدأ يتحقق - واشتعلت جذوة الأمل في قلبه من جديد، وراح يكرر دون انقطاع عبارات الاستغاثة وطلب النجدة، مرة بالعربية .. ومرة بالفرنسية .. ومرة بالإنجليزية .. بل ويشاركه إهيكاواتا بلغته الساحلية أيضاً، لعل وعسى أن تبلغ أحداً ما .. هناك في عمق المحيط فترشدهم إلى موقعه في هذه البقعة المنزوية من العالم بعيداً عن ممرات السفن.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم بدأت العبارات القادمة تتضح أكثر فأكثر، والإرسال يطول زمنه تدريجياً .. ثم تأكد كريم أنها عبارات عربية .. ولم تمض عليه أكثر من ساعة أو ساعتين حتى بدأ يميز الأصوات بشكل أكثر دقة ووضوح، رغم أنه لا يزال متقطعاً وبعيداً .. ثم بدأ من جديد يكرر: " أنا كريم .. هل تسمعني!!؟؟ أنا هنا على جزيرة نائية تدعى (آلادميرانتي) .. على بعد ثلاثمائة عقدة بحرية جنوب غرب تقاطع دائرة العرض ستين مع خط الاستواء .. هل تسمعني؟؟ "
... حدد ذلك بدقة، تماماً كما علمه (جندر)، وبدأ يكرر الكلام وينتظر الإجابة وهو يكاد
لا يلامس سطح الأرض من شدة الفرح .. ثم جاءه صوت قوي ومتواصل .. لكنه متداخل!! يبدو أنه لعدد من الناس وكأنهم مجتمعين في قمرة قيادة سفينة بعيدة، أو غرفة مغلقة أو نحو ذلك!!
" ألو .. ألو كريم هل تسمعني!! " ثم اختفى الصوت دقائق!!!!؟؟؟؟؟؟
ثم عاد الصوت من جديد: " هنا القائد (سميع الرحمن) هل تسمعني كـ ... ؟؟ ".
* * * * * * * * *
كان والد كريم وسيرين ورغد وباقي طاقم القارب الكبير مجتمعين بالفعل داخل قمرة القيادة
ودموع الفرح قد اختلطت بدموع اليأس والخوف داخل العيون .. ثم حبسوا أنفاسهم دقائق قبل أن يصرخوا جميعهم من شدة الفرح حين وصلهم صوت محبب إليهم، كله حماسة وفرح .. : "
ألو .. ألو سميع الرحمن هنا كريم هل تسمعني!؟ ثم حدد موقع الجزيرة من جديد ثم انقطع الصوت نهائياً هذه المرة ولم يعد إليهم ثانية!!؟؟
بينما كان كريم هناك على الجزيرة يعاني من مشكلة فنية طرأت فجأة على محول الكهرباء ولم يعد يعمل بشكل متصل!! ربما أن الوقود قد تسربت إليه قطرات من الماء بسبب المطر أو ربما أنه بدأ ينفذ.
* * * * * * * * *
استعرض القائد الهندي سميع الرحمن بعض خرائطه التي معه، وأجهزة قياس الأبعاد البحرية على الطاولة، وقام مع بعض معاونيه يشاركهم والد كريم وسيرين ورغد بالبحث عن موقع تلك الجزيرة المجهولة تحت مرمى الضوء من مصباح صغير يتدلى من فوق رؤوسهم .. وكم كانت فرحتهم حين حدد القائد الموقع بدقة متناهية، وقرر أنهم ربما يصلون هناك عند منتصف النهار أو آخره على أبعد تقدير.
هكذا كان الوضع في البحر ..
وهكذا كان الوضع داخل الكوخ ..
بينما الوضع في القرية كان مختلفاً تماماً!!!
كان إهيكاواتا الوفي قد انطلق كالسهم باتجاه غيوم يخبرها الخبر، وأن أهل كريم قادمون وسيرحل عنهم بعد ذلك.
سلك طرقاً مختصرة وخطرة يعرفها جيداً كراحة يده، حتى وصل بيت غيوم قبل أن يتعالى النهار.
وحين دخل على غيوم كانت أمها تنازع الموت. وكانت في سكون عجيب وتعاني من صعوبة بالغة في التنفس، وقد التف حولها عدد من نساء القرية، والطبيب، وساحر القبيلة الذي جاء من الغابة استجابة لطلب والد غيوم الذي كان قد تأثر بطقوسهم الغريبة مع طول بقاء بينهم.
وحين أخبر غيوم بالذي يجري هناك على الشاطئ؛ نزل الخبر على أرض قلبها كالصاعقة
أو كنيزك ضخم ارتطم بقوة على سطح الأرض فأحدث فُجوة عملاقة تفجر منها الدم وراح يجري في عروقها بجنون .. ولم تعد المسكينة تعي الذي حولها، وشعرت وكأن الأرض بدأت تدور بها بشكل مقلوب!!
أصبحت مشاعرها الآن تجاه أمها في حالة تجمد كامل تحت الصفر ... لبعض الوقت، في الوقت الذي أصبحت فيه مشاعرها تجاه ابن الحوت تغلي من جديد!!
رياح الجليد التي هبت مع مقدم إهيكاواتا بالخبر أصابتها بصقيع العجز؛ فجمد حركة جسمها على الفور حتى لم تعد تغمض بعينيها وكأنهما من زجاج ...
ثم أصابتها حمم الحب الحارقة من عمق البركان في عروقها الحرّى لتعلن أن ساعة الصفر الكئيبة بداخلها قد حانت .. فلم تعد تشم في الهواء إلا نُفاث سحبها السوداء ..
ويكأن الأرض من بين أقدامها باتت تتزلزل وتنشق وتضطرب ...
يا الله!!
كم هي الأقدار عجيبة ًبالفعل!!
لقد أوقفها القدر من حيث لم تحتسب على مفترق طريقين وعرين!!!!!
كلاهما وداع. ولا تدري أي الحبيبين تقف على أرض وداعه!!؟؟
هل تبقى تودع أماً تحتضر؟
أم تهب تودع حبيباً يرتحل ...
إلى عالم لا رجعة منه؟؟
الله وحده الذي يعلم ماذا سيكون حالها لو رحلا عنها معاً!!
(يُتْبَعُ)
(/)
وكأن القدر قد رمى بالوداعين في وجهها فمزقها نصفين؛ نصف تعلق بأمها التي كانت وحدها التي تسكن قلبها طوال سنين عمرها التي مضت ..
ونصف تعلق بهذا الدخيل الذي سيعمر قلبها سنينها التي أقبلت.
ثلاثة وعشرون سنة من عمرها مضت، لم تشعر خلالها يوماً أنها بهذا الضعف .. وبهذا العجز والسكون والاستسلام، ولم تقف يوماً من الأيام على أرض وداع.
فيما مضى، كانت على أتم الاستعداد أن تضحي بكل شيء في سبيل إنقاذ أمها حين تعتادها فجأة نوبة قلبية كهذه .. ولم تكن تشعر حينها برغبة قوية في البقاء لو ماتت.
واليوم،
تسلل هذا الغريب إلى قلبها فتمكن منه فاستوطن، وباتت تشعر برغبة قوية .. لا بل عارمة في البقاء على قيد الحياة ولو من أجله هو على الأقل.
* * * * * * * *
مضى من الوقت قرابة الساعة، كانت كافية جداً أن تجعل غيوم تخترق مسافات بعيدة وسط الأحراش والأدغال التي بين القرية والكوخ، وكانت برشاقة وخفة تتنقل كالسهم بين الصخور والأشجار العالية يلحقها الغلام من ورائها والدهشة تملأ عينيه، لا يدري ما الذي أصاب غيوم هكذا!!
لم تكن تنطق بحرف واحد لكن صوت أنفاسها المتحشرجة وهي تلهث؛ تحرق مسامعه ..
وصوت سكينها الحادة المعلقة على خصرها، وهي ترتطم في كل مرة بصخرة عارضة؛ يبعث في نفسه الرهبة.
وكانت عينا غيوم كعيني ذئب مزق الجوع أحشاءه وبدأ يجري بلا هوادة.
لقد اطمأنت على حال أمها بعض الشيء قبل أن تغادر .. ولم تدر ما تصنع في هذه الساعات التي نامت فيها ..
إلا أنها لم ترد أن تضيع الدقائق والثواني الثمينة في التفكير حتى وجدت نفسها وقد دنت من الكوخ!
وحين شارفت على الوصول قبيل منتصف الليل، لمحت حركة غير عادية هناك!!
كان المكان حول الكوخ يضج بالحركة الدائبة!!
بحارة هنا وبحارة هناك، وكأنهم جاؤوا لغزو الجزيرة.
وقد أضاء المكان الذي بين الكوخ والقارب في شاطئ البحر؛ عقد ٌ من المصابيح المضاءة التي كان البحارة يحملونها في أيديهم وهم ينقلون الأغراض والحاجيات وكأنهم سيمكثون هنا أياماً طوال.
داخل الكوخ .. كان كريم في نشوة وسعادة غامرة وسط والده , وأخته الصغيرة , والقائد سميع الرحمن (وسيرين بالطبع) , وعدد من الأصدقاء البحارة الذين يعرفونه من قبل
وقد بدأ عليهم الفرح والسرور لرؤيته. ولم يستطيعوا إخفاء تأثير الفرحة على وجوههم وخصوصاً "سيرين " التي لم تعد اليوم خجولة ولم تتفطن لتصرفاتها وعباراتها!! فاختلطت دموع الحزن بدموع الفرح في عينيها ولم تبتعد كثيراً عن كريم بل كانت شبه ملتصقة به طوال الوقت وتنتقل معه هنا وهناك في منظر لفت نظر تلك الفاتنة وهي ترقب المشهد من بعيد بعيني ذئبة وسط الأحراش.
كان كريم يهم بفتح أحد البراميل التي أحضرها البحارة معهم من بلاد العرب مملوءة تمراً وزبيباً وشيئاً من التين المجفف ..
آه كم يحب التمر فعلاً.ثم توقف فجأة عن المحاولة وكأن حاسته السادسة قد أيقظت وجدانه الغافل .....
سدد نظره وتجاويف أنفه ناحية الظلام، ثم خرج مسرعاً خارج الكوخ وسلك طريقاً متعرجاً بين الأشجار بسرعة رهيبة حتى توسط داخل تجويف كبير هناك وسط الظلام وبدأ ينادي بصوت خافت غير مسموع: " غيوووووم " غيوووووم هل أنتِ هنا؟؟
لم يرجع صدى صوته بغير حروفه التي قال!!
فلف يديه حول فمه بشكل بوق مستدير وصرخ في الهواء بصوت عالٍ جداً و بكلمة واضحة وهو يدور حول نفسه ويقول:
" كرييييييييم نااااكوبينديا غيووووووووم "!!!
ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:34 ص]ـ
الجزء الرابع عشر
مضت ثوان ٍ يسيرة، حتى خرجت غيوم من وسط الظلام يتبعها إهيكاواتا في إذعان ..
لم يتأخر كريم لحظة واحدة بل أمسك بيد الفاتنة وانطلق بها نحو الكوخ.
حين دخل كريم داخل الكوخ وبيده الفتاة ومن ورائهما الغلام سكت الجميع فجأة في ذهول
وكل فرد منهم يسدد نظره نحوهم!! ثم تقدم بها يخترق الصفوف حتى وصل حيث يجلس والده على السرير ..
_ كريم (وهو يخاطب والده): والدي .. هذه غيوم التي حدثتك عنها ..
(يُتْبَعُ)
(/)
حاول والد كريم أن ينهض من مكانه بصعوبة لثقل وزنه وطوله الفارع، إلا أن غيوم عاجلته وانحنت وتناولت يده فقبلتها بأدب ظاهر قبل أن يتحرك من مكانه، ولم تنطق الفاتنة بحرف واحد بعد. فقد أخرست مشاعر الوداع لسانها وأعجزته عن الحركة.
ثم عرفها كريم على أخته (رغد) ...
دنت منها غيوم بلطف وقبلت جبينها بحنان ظاهر على طقوس أهل الجزر وطريقتهم في السلام
عرفها بالقائد سميع الرحمن ـ الذي حياها بطريقة هندية مضحكة في شيء من الدعابة والإنحناء ـ وهو يتبسم ..
ثم وقفت غيوم وجهاً لوجه أمام شابة بيضاء جميلة تتطاير من عينيها نظرات غريبة رغم ثبات ملامح وجهها (أو ربما كانت تتظاهر بذلك)، وكانت غيوم تشعر بفطرتها الأنثوية أن هذه الشابة رغم أدبها، لن تكون مرحباً بها بدرجة كافية في عالم غيوم؛ فيما إذا كانت ستنافسها على شيء من كريم ..
قطع عليهما كريم تبادل النظرات الحارة وهو يقول: وهذه "سيرين "؛ زميلتي في الشركة التي أعمل فيها (ثم غمز بعينه وهو يقول بالإنجليزية: وهي التي أقنعتني بركوب السفينة حتى تتخلص مني بهدوء ثم أطلق ضحكة قصيرة) ..
صافحتها غيوم بخجل وتواضع ثم مرت من أمامها ومر من أمامها إهيكاواتا أيضاً لكن دون أن يصافحها!!!!
لقد صدق المسكين ببساطته وسطحيته أنها كانت بالفعل تنوي قتل صديقه كريم.
* * * * * * * *
كان جميع من في الكوخ ينظر إلى هذه الفاتنة الصامتة وهي توزع الابتسامات الصفراء وكأنها تحفة بشرية نادرة تمشي على الأرض، وقد أسرت الجميع بجمالها الطاغي وعذوبة ملامحها الآسيوية المشبوبة بحمرة أهل الجزر وعنفوانهم وقوة إرادتهم ..
ورغم أن الخجل الشديد، والشعور بالحرج والارتباك كان ظاهراً بوضوح على محياها؛ إلا أن ذلك الأمر _ إضافة إلى رهبة الموقف _ لم يمنعاها من أن تأخذ بيد كريم في زاوية من زوايا الكوخ ..
ثم همست بكلمات ساحلية متلعثمة لم يفهم منها حرفاً واحداً ثم انطلقت خارج الكوخ وسط دهشة الجميع!!!
وقبل أن يهم إهيكاواتا باللحاق بها، استوقفه كريم وقد أمسك بيده وسأله بالإنجليزية: " ماذا كانت تقول "؟
_ إهيكاواتا: قالت " أمي تحتضر كريم "
ثم خرج مسرعاً على أثر غيوم!!!
لم يكن إهيكاواتا يعرف بالتحديد سبب صمت غيوم .. ولم يكن في سن يسمح له بشكل أكيد أن يفهم نفسية الأنثى وعقليتها المعقدة، خصوصاً حين تكون المسألة تتعلق بقلبها ..
إلا أنه يفهم جيداً أن الأمر يتعلق برحيل كريم، وبشكل أو بآخر يتعلق بمصيرها هي حين يقرر الرحيل عن الجزيرة بلا رجعة.
هذا كل الذي يعرفه الآن .. ثم كف عن التفكير وراح يتبع غيوم بين الأشجار والصخور في صمت كامل حتى وصلا القرية.
* * * * * * *
كانت ملامح وجه كريم لا تغيب عن عيني غيوم وهي تتلمس في شرود ذهني مطبق خطواتها بحذر بين الصخور وممرات الجبال ..
وكانت ترى قسمات وجهه ترتسم لها على كل صخرة تصادفها.
بل إنها تراه يتبسم إليها بين الأغصان وترى ظله في كل منعطف ..
وقد استقر في أعماق نفسها أنها ستراه ثانية ً، وأن شعوراً غامضاً يصرخ في أعماقها الآن يؤكد لها أنه لن يرحل عن الجزيرة رغم كل شيء ..
أو أنه لو رحل؛ فإنه حتماً سيعود.
ربما كانت تمارس مع نفسها نوعاً مبتكراً من تخدير المشاعر قبل الصدمة، أو ربما أنها تحاول ابتكار مثبط بارد من بين براثن أحاسيسها الملتهبة ... من يدري؟؟
* * * * * * * * *
حين وصلت مشارف القرية قبيل منتصف الليل؛ شعرت بانقباض غريب في عضلة قلبها لا تدري ما سببه!؟ وراحت دقات قلبها تتسارع أكثر فأكثر!!
كانت تسير بخطى متثاقلة بين بيوتات القرية الحجرية المتناثرة بين الحقول، وإهيكاواتا يتبعها كحارس أمين، إلا أن النعاس – فيما يبدو – كان يتسبب في ارتطام رجليه بصخرة هنا أو جدار هناك، وتنغمس أحياناً ببعض بقع الماء التي تكونت على أثر المطر الغزير الذي هطل على القرية هذا الصباح.
إقترب الاثنان من حي فقير لاح لهما من بعيد في أسفل الوادي، ثم سرعان ما لفت انتباههما أن عدداً من سكان القرية يقفون مصطفين في طابور طويل لا يرون طرفه الأول؟؟ وكل واحد منهم يحمل في يده مشعلاً تتراقص جذوته في الهواء الساكن.
(يُتْبَعُ)
(/)
وصلا عند آخر رجل كان في الطابور الطويل وما إن رآهما وسط الظلام حتى أطرق برأسه .. ثم لمحهما الثاني وأشاح بوجهه مثل الأول .. ثم فعل الثالث مثل الثاني .. ثم بدأت ملامح وجه غيوم تتبدل سريعاً، ودقات قلبها ربما توقفت للحظات قبل أن تعاود الضخ من جديد بقوة وعنف
أكثر من ذي قبل!!
لم تعد تعي نفسها بعد ذلك غير خطواتها التي كانت بالكاد تحملها.
كل الذي كانت تذكره؛ أنها تتبعت تعرجات الطابور الطويل وسط الحي حتى انتهى بها إلى باب بيتهم تماماً!!
كل الذي تذكره؛ أن عدداً من نساء الحي قابلنها عند حلق الباب وحاولن بقوة التصدي لاندفاعها الثائر وكبت صرختها ..
وقد تيبست شفتاها ..
وجف حلقها ..
وتورمت عيناها من احتباس الدم!!
كل الذي تذكره ....
أنها قد تحولت إلى وحش هائج. وراحت تدفع بيديها العاريتين كل مخلوق يحاول تهدئتها أو اعتراض طريقها ..
كل الذي تذكره .. ..
أنها كانت تصرخ في حالة هستيرية بحثاً عن وجه تحبه كثيراً وتحن إليه لم تره بعد .. رأت كل الوجوه تقريباً إلا ذلك الوجه الدافئ ..
اخترقت الجموع المتراصة داخل البيت الصغير كصخرة تهادت على الأرض، ثم التقطت علبة الدواء من على رف المطبخ وراحت دون شعور تلتف حول نفسها داخل المطبخ تبحث عن شيء لا تدري ما هو!! لقد فقدت تركيزها تماماً ..
سارت خطوات داخل فناء البيت ..
ثم عادت إلى المطبخ وحملت بيدها جرة الماء واندفعت ثانية باتجاه غرفة أمها في صراع نفسي رهيب مع الحدث، وفي موقف لم يكن في الوجود موقف ٌ أصعب منه .. ولا أقسى.
دفعت باب غرفة أمها برجلها تريد إعطاء أمها الدواء قبل فوات الأوان ثم تتفرغ بعد ذلك لمعرفة سبب تجمع هؤلاء الناس!!
لقد تأخرت عن موعد الدواء ساعتين تقريباً ..
يا الله .. لو أنها لم تذهب باتجاه الكوخ .. أو لو أنها لم تتأخر كثيراً هناك!!
دخلت الغرفة ولم يكن قد تبقى في الجرة غير بقايا من ماء في قعرها!!
لقد تناثر الماء في الطريق هنا وهناك نتيجة ارتجاف يديها بشكل رهيب ..
لم تقو أبداً على تهدئة نفسها الثائرة ..
ولا السيطرة على أعصابها المنهارة ...
بل، ولم تقو حتى على ضبط دقات قلبها المرتجف وسط تجاويف صدرها الذي بات يهتز.
ثم انكبت على طرف فراش أمها كالمعتاد وسط صيحات مكتومة من النسوة اللائي حولها وهن يرين الموقف ..
كانت غيوم في حالة من التخدير الكامل وكأنها في حلم طويل وكئيب، أو تحت تأثير مخدر من النوع القوي لا تريد أبدأً اكتشاف مايجري حولها، ثم كشفت الغطاء عن جسم أمها المسجى على الفراش وقد بردت أطرافه ..
وراحت ترفع رأس أمها بين يديها كالمعتاد وتحشر في فمها المطبق حبة الدواء الأخيرة وتسكب ما تبقى من الماء داخل الجرة ويداها لا تكاد تسيطر عليهما من شدة ارتجافهما ...
وهي تردد بصوت خافت مخنوق: " أمي .. أمي
أمي هاكِ حبة الدواء ..
هيا افتحي فمك قليلاً أرجوكِ ..
لقد تأخرت عنك قليلاً أعرف ذلك لكن ....
أعدك ألا أتأخر ثانيةً ...
أمي
أمي!!!!!!! "
ثم أطلقت في الهواء صرخة مدوية عالية أيقظت الطيور في عمق الغابة البعيدة في أطراف الجزيرة. ثم غابت عن الوعي.
ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:37 ص]ـ
× × × الفصل الأخير × × ×
هناك حول الكوخ، كانت صبيتان تتطاردان ببراءة وعبث بريء، تحاول كل واحدة منهما الإمساك بالأخرى ثم تضع على رأسها حفنة من تراب نظيف ثم تهرب لتختفي خلف الظلام
والأخرى تصيح وتولول، ولا تشعران أنهما قد ابتعدتا قليلاً من أمام الكوخ إلا حينما ينهرهما السيد حمدان – والد كريم – ويأمرهما باللعب على مرمى من ناظريه ويكرر تأكيده في كل مرة ألا يربكا البحارة وهم يستعدون بهمة ونشاط في ترحيل أغراضهم إلى القارب من جديد استعداداً للانطلاق ..
أصدر السيد حمدان أوامره فجأة بضرورة العودة مع أولى ساعات صباح الغد، فقد انتهت مهمتهم التي جاؤوا من أجلها وتوجب رحيلهم.
بينما كان كريم يتحدث مع والده على شرفة الكوخ يحاول إقناعه بالبقاء مزيداً من الوقت ويمهد في الوقت نفسه لإقناعه برغبته الأكيدة في الزواج من ابنة الجزيرة واصطحابها معه إلى بلادهم.
وكانت إجابات السيد حمدان حادة وحازمة ومختصرة، ولم يظهر لكريم من خلالها أن والده
(يُتْبَعُ)
(/)
يبدي تسامحاً في هذا الجانب أو حتى تأييداً – ولو مبطناً – على اختياره ذاك، بل راح يحاول ثنيه عن هذه الرغبة ويعده أنه سيجد في بلاده من هي أفضل له من غيوم .. وكان يصرح كثيراً بإعجابه بسيرين، وثقته بأنها الأنسب له.
- كريم: ... ولكن .. أبي
إنني لا أنظر إلى سيرين إلا كما أنظر إلى أختي رغد. لم تكن يوماً سوى زميلةٍ في
العمل وأختٍ خارج هذه الحدود لا أكثر.
- السيد حمدان: (وهو ينظر إلى الفتاة المنهمكة باللعب مع ابنته): -
يا بني .. إنه من الأجدى لك أن ترتبط بفتاة تناسبك في كل شيء ....
- قاطعه كريم: .. أتعني .. أتعني أن تكون عربية!!؟؟
- السيد حمدان: لا .. ليس تماماً كريم، كل الذي كنت أعنيه يا بني أن يكون الفارق
في كل شيء قليلاً حتى يحصل بينكما الوفاق والوئام.
- كريم: ألستَ تؤمن بالحب الصادق يا أبي؟؟
أليس أنت الذي رباني على أن أفضل أصدقائنا وأنصع علاقاتنا هي تلك التي
تجمعنا بأشخاص نحتاج إليهم أكثر مما يحتاجون هم إلينا؟؟؟
ألم تكن تنهاني دائماً عن مجالسة أولئك الذين يتسللون إلى جيبي عبر نافذة عواطفي؟؟
- السيد حمدان: بلى .. ولكن ...
- كريم: .. أبي .. أرجوك .. بل أتوسل إليك إلا منحتني ثقتك التي اعتدت عليها.
إنك لم تتعرف على غيوم بشكل كافٍ يجعلك تحكم عليها هكذا!! ... لقد
لقد أنقذت حياتي مرات على هذه الجزيرة .. وتملكت مشاعري وعقلي وهي حتى هذه اللحظة لا تعرف من أكون .. ولا من أي بلاد أتيت، لم تسألني يوماً ولم يخطر ببالها هذا ولا أظنها يهمها على الإطلاق ...
- قاطعه والده وهو يشعل غليونه بانزعاج ويسحب منه نَفَساً عميقاً يكاد يتسرب إلى أمعائه وأطراف رجليه وهو يقول:
كريم .. إنك في مقتبل العمر يا بني، وأمك هناك في شوق حارق يكاد يأكل بعض أطرافها المشلولة.
لقد أسرّت إلي ذات ليلة أنها تفكر بجد في خطبة "سيرين " من أمها، وأجدني أوافقها بلا شك وأظن أنها مغرمة بك كريم ..
ثم أردف يقول: آه لو تدري كم كانت قلقة وخائفة .. لا بل فزعة من اختفائك ربما أكثر مما أنا عليه وأمك .. لم تتخلف يوماً عن زيارتنا تترصد أخبارك ...
ثم قام يمشي خطوات متثاقلة باتجاه حد الشرفة المطلة على البحر وهو يقول بصوت منخفض: ولو أنني شخصياً أرغب في خطبة " هيام " إبنة خالك إسماعيل محافظ المصرف المركزي.
- كريم (في أسى ولوعة): أبي .... أتوسل إليك إلا وقفت بجانبي وتفهمت رغبتي الأكيدة
ثم رفع بصره وشخص به إلى السماء وهو يقول: رباه كن معي أرجوك ... إنك تعلم الذي أبغيه في هذه الدنيا.
- السيد حمدان: كريم .. ما الذي دهاك يا بني!!
لم أرك يوماً في هذه الصورة من الإصرار والحماسة ... إسمع
... إن لم تعجبك سيرين .. ولا هيام .. فهناك ابنة عمدة المدينة ..
وهناك الكثيرات والكثيرات من بنات الأسر العريقة .. وكلهن جميلات
وكلهن فاتنات ويرغبن بمثلك ..
- كريم: لكن ليس " كلهن " غيوم ..
ثم أبي .. كيف تحقق لإحداهن رغبتها ولا تحقق لي أنا رغبتي ...
- السيد حمدان: سبحان الله!!!
ما الذي يجعلك تميز " غيوم " هذه عن غيرها؟؟؟؟؟
- كريم: أبي ..
إن كل كُريَّةٍ حمراء جديدة تسري في شراييني تشهد لها بالامتنان والفضل ..
ألا يكفي هذا!!؟؟
- السيد حمدان: كلا .. " قالها بشكل حازم يريد حسم الموقف بشكل نهائي، ثم انصرف داخل الكوخ حيث فراشه ثم أغلق الباب بعنف!!! ".
* * * * * * * * *
وقف كريم يتأمل بقلق، آثار الانزعاج التي كانت ظاهرة على ملامح وجه والده الهادئ على نحو لم يعهده منه من قبل!! ويسترجع شيئاً من شريط تسجيل الحوار الطويل في عقله الذي دار بينهما .. ثم خيبة أمله وقد استجمع غُصّةً في حلقه سدت مجرى الهواء حتى تكونت في مقلته دمعةٌ عصية تدافعه ويدافعها .. ثم أشاح بوجهه ينظر باتجاه الغابة التي بدت سوداء موحشة وهو يعلم يقيناً أن وراء هذا السواد الحالك يكمن أعظم سر في حياته ..
وأن هذه العوالم والحواجز التي تراكمت بينه وبين غيوم لن تثني عزمه عن نقبها حتى يصل إليها.
ثم تنبه لصوت سيرين التي أقبلت وبيدها رغد، وقد أنهكهما التعب وقررتا أخيراً النوم قبل أن يتأخر الوقت أكثر ..
(يُتْبَعُ)
(/)
مرت من أمامه أخته أولاً فحيته ودخلت الكوخ تبحث عن حضن أبيها الدافئ، ثم مرت سيرين وتوقفت أمامه لحظات لمحت فيها ابتسامة صفراء باهتة على وجه كريم ثم دخلت هي الأخرى وأغلقت الباب وراءها فلم يعد الكوخ يتسع لأكثر من ثلاثة أشخاص، بينما نام الباقون متفرقين بين القارب وجنبات الكوخ.
لم يشعر كريم بنفسه إلا وقد ابتعد خطوات بعيدة عن الكوخ، وهو يمشي حافي القدمين على تراب الشاطئ البارد، وقد أدخل يديه في جيوب بنطاله يتحسس الذي استقر فيها منذ وقت ولم ير النور!!! وأخذ يسبح في بحر تفكير أعمق من المحيط الذي وقف قبالته يستنشقه بنهم.
" ليتهم تأخروا يومين أو ثلاثة ... ليتني لم أبعث نداء استغاثة!! لقد تأخرت كثيراً فيما يبدو
أبي ... أمي ... رغد ... سيرين ... آآآآآه ليتكم لم تجدوني "
أين هي الآن يا ترى!!؟؟ كيف غابت عن وداعي فجأة!! أتراه بسبب أمها المريضة؟
أي يوم نحس ٍ هذا الذي سيقتلع جذوري من تراب آلادميرانتي بعد إذ استطابت! ".
ظل يحدث نفسه والأسى يعصر قلبه المجهد، وقد جثم على صدره إحساس بغيض بدنو ساعة الفراق.
إنه لم يعتد يوماً على عصيان أبيه، لكنه قد يفعل هذه المرة إذا استوجب الأمر ..
لم تكن حساباته _ منذ أن ركب البحر - تسير على النحو الذي يريد؛ فلم يكن قد خطر بباله يوماً ما الذي سيؤول إليه الحال لو أنه عصى أباه وأمه وكل تعاليم الطاعة ونداءات الاستغاثة التي جاءت تناديه مع كل قطعة خشب من القارب الذي جاء بهم؟؟؟
ما ذا لو أن والده أصر غداًَ على الرحيل بدون غيوم!!؟؟؟
ورغم أنه لا يتوقع حدوث أمر كهذا، إلا أنه يبقى احتمال وارد على أية حال وهو أمر يستوجب معه التصرف بكل لباقة وضبط أعصاب.
كانت أفكاره تتلاطم بشكل متناسق مع تلاطم أمواج المحيط الهادر أمامه وهو شارد الذهن بينما كانت إحدى رجليه تخط على تراب الشاطئ أخاديد عميقة راح يحفرها مكوناً جملة (شبه) مفيدة، وبحروف مقطعة بالكاد يصل إليها المد فيطمس شيئاً منها ثم ينحسر عنها مع حالة الجزر. ثم قفل راجعاً إلى الكوخ وقد أقسم بقسم استبطنه في قرارة نفسه.
* * * * * * * * * *
إحساس سيرين بالجوع الشديد؛ كان أول المتسببين في استيقاظها قبل الجميع مع اختلاس خطوط الفجر الأولى مساحات نائية من الأفق المظلم .. وما كادت تفتح باب الكوخ بهدوء حتى قفز من بين يديها سنجاب بري صغير كان يبحث عن فتات خبز بين القدور، وحين لمحها قام يتقافز بشكل مذعور ويتوارى عنها كأنما يلاعبها، وهي تحاول الإمساك به بوداعة مصطنعة .. إلا أنه راح يبتعد عن الكوخ بالتدريج .. وهي تلاحقه حتى دخلا الغابة.
ولم تتفطن الشابة أنها قطعت مسافات بعيدة في عمق الأشجار فنسيت السنجاب من هول جمال الغابة في هذا الصباح الباكر وكأن الطبيعة تغني لها أغنية ترحيب خاصة وتفتح لها ذراعيها
وتقدم لها ما جادت به شجيرات التوت البري الأسود عوضاً عن القهوة العربية التي اعتادت عليها.
إن الغابة لم تكن – على ما يبدو – هي المرحب الوحيد في هذه الضيفة (الدسمة)، فقد كان المرحبون كُثر بلا شك!!! وليس بالضرورة يأتون إليها يمشون على أقدامهم!!
كانت تقف بكل حنق وتطلق عبارات التأفف من هذه الأتربة والأوساخ تحت شجرة استوائية عملاقة من النوع المعمر .. وقد التفت أعداد من الشجيرات المتسلقة الخضراء على ساقها العريض، ولم تكن تنظر فوق رأسها وكأنها تأمن تماماً هذه الناحية!! رغم أن نداء الفطرة في نفسها يصرخ في جوفها أن ثمة خطر محدق!! لقد كان لضعف خبرتها في هذا العالم الأخضر سبيلاً للنيل من لحمها الغض!!
وفجأة .. ودون سابق إنذار مرق من بين عينيها وميض شيء سريع لمع في الهواء قبل أن يستقر في جذع الشجرة كاد أن يلامس شحمة أذنها اليسرى!!
فالتفتت وراءها وإذ بها ترى سكيناً حمراء النصل وقد انغرزت في وسط رأس أفعى ضخمة مخيفة كانت قبل ثوانٍ تتدلى فوق رأسها تماماً .. والتصقت الأفعى ورأس السكين في عرض الساق .. وقد أطلقت الأفعى في نفس الوقت آخر صرخة مفزعة كُتمت على الفور حتى سقطت الأفعى بجسمها الطويل على الأرض!!
أصاب سيرين الفزع والخوف من هذا المنظر وراحت تلتفت يمنة ويسرة باتجاه مصدر السكين فلم تر ولم تسمع صوت أحد!!!؟؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
يبدو أن الذي أنقذها لم يكن يأبه لأمر السكين فلم يأتِ لأخذها " وربما لم يكن يأبه كثيراً حتى لأمر سيرين لكنه داعي الإنسانية المجردة فحسب ".
عادت سيرين باتجاه الكوخ تركض وتتخبط في طريقها حتى وصلت إليهم وقد استيقظ الجميع تقريباً فاندست من بينهم بكل هدوء ولم تتكلم عن شيء.
كانت جميع الحاجيات قد نقلت بسرعة إلى القارب ولم يكن قد بقي على اليابسة غير السيد حمدان وكريم والقائد سميع الرحمن وبعض رجالات القبيلة ذوو الوجوه المفزعة الذين اختبأوا يتلصصون من بين الأشجار يترقبون حركة الرجل الأبيض وهو يغادر جزيرتهم ويصطحبون معهم " ابن الحوت " الذي كانوا قد أحبوه بصدق هم أيضاً!!!
إلا أن رجال القبيلة لم يكن وحدهم الذي أحبه بصدق .. كما لم يكن وحدهم الذي يتلصص من بين الأشجار .. فقد كان هناك في وسط مغارة تطل على ناحية البحر من الشرق ثمة رقيب من نوع خاص ...
غارت عيناه من طول البكاء وقلة النوم حتى تكونت هالة سوداء حول الأجفان وقد تورمت
جلس القرفصاء على أرضية المغارة يتدلى من على خصره غمد سكين فارغ!!
ويعض بطرف أسنانه ركبتيه وكأنه يقشرهما من فرط القلق، وقد لف يديه حول ساقيه وشعره الأسود الطويل قد سقط نصفه على أرضية المغارة السرية التي كانت الأشجار الكثيفة المتسلقة تخفي مدخلها بشكل محكم.
إنه المكان الوحيد الذي لم يكن يعرفه أحد على هذه الجزيرة إلا كريم .... وغيوم بكل تأكيد.
كان القائد سميع الرحمن يلقي النظرة الأخيرة داخل الكوخ للتأكد من أنهم لم يخلفوا وراءهم شيئاً ذا بال .. سوى المحول الكهربائي الثقيل الذي يبدو أنه مصنوع باليد.
وكان قارب صغير على حد الشاطئ ينتظره وقد توسطه السيد حمدان وكريم الذي لم يكن يكف عن الحديث الخافت مع أبيه يقنعه بأمر ما لم يكن أحد يفهمه أو يتسرب إلى مسمعه جملة مفيدة تبينه.
وما هي إلا دقائق بطيئة حتى سمع سكان الجزيرة صوت صافرات الانطلاق تنبعث من فوهة القارب الكبير والصواري ترتفع أشرعتها البيضاء العريضة وقد سدت الأفق وظهر وكأنه جزيرة عائمة تتحرك ببطء وتدفع موجات من الماء الأبيض باتجاه الساحل.
على الشاطئ كان رجال القبيلة يحبسون أنفاسهم بحزن وأسى لرحيله وهم يشيعونه بأبصارهم حتى اللحظة الأخيرة ..
وفي المغارة كان الوضع أكثر حزناً وتأثيراً .. ولوعة.
أما في القارب فكان الجميع يتهللون فرحاً باستثناء كريم الذي أغلق على نفسه غرفة والده وهو يتحدث إلى أبيه ويتوسل .. وقد بدأ يشعر بارتخاء موقف أبيه بشكل مغاير عما كان عليه بالأمس .. يبدو أن أباه ازداد قناعة بإمكانية أن يقبل بغيوم، ويبدو أنه لم ينم البارحة إلا وقد ناقش المسألة من عدة زوايا وبكل عقلانية وحكمة .. لعل من أهمها أنها اختيار ابنه بنفسه .. وأنها قد تكون أصدق له بمشاعرها من غيرها وأنها يقيناً ليست تطمع في شيء من ثروته عبر بوابة كريم .. كان يدرك هذا ويفهمه، ويفهم في الوقت نفسه أن إجبار كريم على زوجة من اختياره هو أو اختيار أمه قد لا يكون بالقرار الموفق. إلا أنه بشكل أو بآخر كان يريد أن يتأكد بكل جلاء أن كريم عازم بالفعل على قراره ذاك وأنه ليس ثمة موانع على الجزيرة من زواجه بها .. ومن اصطحابها معهم بكل تأكيد.
صمت قليلاً يفكر ..
ثم أطرق برأسه إلى الأرض ولم يجب على سؤال كريم الأخير حين قال له: أبي ...
هل لك أن تقبل يدي أمي بالإنابة عني!!!!؟؟؟
ثم خرج كريم ولم يغلق الباب وأنفاسه ثائرة وصعد السلم باتجاه سطح القارب الذي كان قد سار أمتاراً ليست بالبعيدة وسط البحر .. ولم يلق أية نظرات في وجه أخته رغد التي قابلته فزعةً على درجات السلم وهي تسمع صوته يرتفع في غرفة أبيها .. بل ولم يقف كثيراً أمام سيرين التي قابلته على السطح إلا أنه خطف من يدها السكين الحمراء التي يعرفها جيداً لكنه لم يكن يجد تفسيراً كيف وصلت إلى يد سيرين!!!
كل الذي يتذكره أنه سألها بكل انزعاج وحدة: ما الذي جاء بسكين غيوم هنا!!!!؟؟؟
وكل الذي تذكره سيرين أن كلماته تلك كان وقعها جلل وتأثيرها كالصاعقة في نفسها، فقد أدركت أخيراً أن هذه السكين سكين غيوم، وأن الذي أنقذها من موت محقق وسط الأشجار ما هو إلا غريمتها الفاتنة التي ظهرت في عالمها دون إذن .. وهذا يعني لها شيئاً جديداً لم تكن تتحسب له ..
(يُتْبَعُ)
(/)
أما كريم فقد كان يلفظ أنفاسه الأخيرة على هذا القارب الضخم الذي بدأ يبتعد عن الساحل، ولم يكن يعي بشكل سليم كل تصرف يصدر عنه، وهو يعبر لهم بطريقته الساحلية الجديدة أن قراره الأخير سيكون في عالم غيوم حتى الموت، وأنه لن يبرح بعيداً بدونها مهما كلفه الأمر، وهو القسم الذي استبطنه البارحة في نفسه ..
دنى من السطح بخطوات عجلى واسعة .. ثم استخرج من جيب بنطاله قلادة من أصداف ومحارات تتوسطهن قطعة صفّير زرقاء تتلألأ، ظلت قابعة في مكانها المكين حتى اللحظة الحاسمة، وقد جاءت ..
فلبسها حول نحره وربطها من وراء عنقه وهو يمشي باتجاه الحافة وبدأت القلادة تعكس أشعة الشمس بصورة فريدة ورائعة لمحتها غيوم من وسط المغارة البعيدة هناك فأخرجتها من وسط الظلام الدامس وجاءت بها قبالة البحر، وقلبها يكاد يتزحزح من ارتجافه العنيف ..
ثم مزق قميصه وهو يخلعه، ورماه على أرض القارب وشعره الطويل يتطاير في الهواء الطلق ... ثم رفع يديه عاليا في الهواء، وقد ارتقى سياج حافة مؤخرة القارب وقال بأعلى صوته يريد إسماع أهل الجزيرة من بعيد: كرييييييييييييييييييييم ناكوبيندييييييييييييا غيوووووووووم
ثم أطبق بأسنانه البيضاء على حد شفرة السكين وقفز في الهواء قفزة عالية بعيداً عن جسم القارب ومروحته التي في عمق الماء ثم غاص هناك .. في نفس الوقت الذي كانت فيه غيوم هي الأخرى تركض بكل فرح وجنون باتجاه الموج القادم لملاقاة هذا الحبيب العائد من جوف أجمل وأنبل مفاجأة مرت بها في حياتها ..
وهو موقف لم يملك معه رجال القبيلة أنفسهم فخرجت جحافلهم بصفوف متراصة على الشاطئ إيذاناً باستعدادهم الكامل للدفاع عن صديقهم العزيز ..
أما العاشقان فقد غابا تماماً في جوف الماء ولم يظهر لهما على السطح أثر حتى الآن، وكل واحد في الفريقين يراقب المشهد وينتظر خروجهما في أي لحظة ..
كانت لحظات في غاية الروعة يقضيانها معاً تحت الماء .. لكن هذه المرة لا يدرون هل ستكون اللحظات الأخيرة .. أم الأولى التي تولد من جديد ..
أمر السيد حمدان القائد سميع الرحمن أن يوقف القارب على الفور وأن يتراجع إلى الوراء ببطء شديد ..
ثم خرجا معاً قرابة الشاطئ في مكان بعيد عن نقطة اللقيا، وقد لبست غيوم القلادة
معلنة للجميع أن ابن الحوت خطبها أخيراً في حضرة أبيه " الحوت " وأن الأسماك قد شهدت مراسم الخطبة .. والتتويج ..
وقد ارتسمت ابتسامة مشرقة على وجه أبيه الحقيقي السيد حمدان ... بل إنه كان أول من صفق لهما بحرارة كأول تهنئة يتلقيانها من بشر .. ثم تعالت هتافات الجميع من على القارب وسط ضحكات ممزوجة بدموع نزلت من رغد وسيرين .. أما رجال القبيلة فقد بدأوا يتراقصون على الشاطئ بحركات متمايلة ويطبلون على دروعهم كتعبير بدائي متوارث حين تعم الفرحة أرجاء قلوبهم
* * * * * * * * * * *
لم تدم مراسم الزواج المختصر وبقاء القارب على الجزيرة أكثر من يومين. كان بالكاد يكفي لغيوم وكريم أن يقفا آخر الليلة الأولى خاشعين ساعات طويلة أمام قبر أم غيوم التي واروا جثمانها في نفس ليلة الزفاف. " لقد كان زفافاً أولياً فقط والباقي سيكون هناك "
ولم تنطق غيوم وهي تقف بإطراق على قبرها وبجانبها " ابن الحوت " إلا بكلمة واحدة قالت له فيها: (((لقد كانت تتمنى قبل موتها أن تراك))).
وفي الليلة الثانية كان أهل القرية يحتفلون بأول زفاف من نوعه وبهذه السرعة في الترتيبات التي شارك فيها كل محب لابن الحوت وعروسه ..
وكم كانت دهشة كريم وغيوم وهما على مدخل الحفل، حين رأيا أم السيد " كبانجا " وقد جاءت تتكئ على ذراع ابنها السيد كبانجا ومعهما الطفلين التوأمين .. ثم أقبل صديقهم العزيز
أخيراً وما إن رآهما حتى احتضن بعضهم بعضاً في سعادة غامرة وقد اقترب منهم والد كريم في دهشة، قال له كريم: والدي .. أعرفك بصديقي العزيز كاماواتا .. فغمزته غيوم بعينها فاستدرك .. لالا أقصد إيكمواتا وأحياناً أسميه كاكاواتا ثم نظر إلى غيوم يستنجدها فقالت: إنه إهيكاواتا سيد حمدان وهو يتيم الوالدين .. حياه السيد حمدان بالإشارة ثم استعد الجميع للقاء حاكم الجزيرة شخصياً الذي لبى دعوة والد غيوم وحرص بدوره على التعرف على الضيف الكبير السيد حمدان الذي منحهم مبلغاً ضخماً من المال لبعض مشاريع الجزيرة المستقبلية، كما وعدهم بالمزيد من الدعم لأطفالها وأيتامها ..
أثناء حفل الزفاف هذا كان الجميع في غبطة وسرور وكان كريم وعروسه وأبوها والقائد سميع الرحمن وسيرين ورغد والحاكم، بالإضافة إلى السيد كبانجا وعدد من الحاضرين في الشرفة العليا من الحفل إذ استأذنتهم العروس فجأة حين لمحت ضيفاً ثقيلاً يدخل من الباب الرئيس للمكان ولم تفلح محاولات كريم أن يمسك بها ويضبط أعصابها قبل أن ترتكب حماقة غير محببة تفسد أجواء ليلتها الحالمة .. وقبل أن تصل إلى الضيف الثقيل الذي يمسك بمنديله على أنفه من أثر الوعكة الصحية، تناولت حلوى مدهونة بطبقة من الكريما البيضاء المخفوقة وتظاهرت أنها تعثرت في المشي فضربت بها في وجهه وقالت بصوت خافت: تفضل جلال هذه هدية من حطام السفينة التي غرقت .. فانفجر جميع الحاضرين يضحكون من شكل الرقيب جلال الذي جمدت أطرافه وهو يرى السيد الحاكم مع الحاضرين، فلم يجد بداً من تغطية الحرج فضحك معهم.
------------------------ انتهت ---------------------
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سامح]ــــــــ[03 - 02 - 2005, 11:54 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد يظلم نص أدبي بـ (اليكترونيته) فالتصفح الالكتروني
يختلف تضامنا مع النص وغوصاً فيه عن التصفح الورقي
الذي ترينه أمامك وتستطعين تدوين ملحوظاتك عليه.
لكني سأتطفل تلبية لطلبك .. ولو أن علاقتي بالقصص
والروايات ليست وطيدة.
القصة في مجملها مكتملة من ناحية عناصر القصة
وأيضاً رفيعة من الناحية الأسلوبية.
الفكرة أحسن في نقلها .. ولكل توجهه نحو أفكار معينة يرغب
قراءتها والحصول عليها من القصص.
لكني أظنها الأقرب لذوق الغالب من أبناء هذا الزمن.
كنت أتمنى لو (دسَّ) فيها بعض القيم النبيلة .. لتكون أكثر
نضجاً .. وأعمق رؤية .. خصوصاً حينما تدور القصة حول
شاب مسلم مغترب .. فتتأكد قضية الصراع بين قيمه وعقيدته
والجو المتحلل الذي صار إليه.
فنياً ..
مشهد انقطاع الكهرباء .. شعرت بأن وصف الموقف يحتاج إلى
ضجيج أكبر .. الموقف أساسي في القصة وعليه تترتب العقدة والحل
فالأولى أن يكون أكثر تدافعاً وشداً في نقلها.
كان أداؤه في نقل الأحداث رائعاً في مشهد غيوم واللقاء بابن الحوت
واستمر حتى النهاية.
أفضل المقاطع .. وأشدها تأثيراً
(لم تعد تعي نفسها بعد ذلك غير خطواتها التي كانت بالكاد تحملها.
كل الذي كانت تذكره؛ أنها تتبعت تعرجات الطابور الطويل وسط الحي حتى انتهى بها إلى باب بيتهم تماماً!!
كل الذي تذكره؛ أن عدداً من نساء الحي قابلنها عند حلق الباب وحاولن بقوة التصدي لاندفاعها الثائر وكبت صرختها ..
وقد تيبست شفتاها ..
وجف حلقها ..
وتورمت عيناها من احتباس الدم!!
كل الذي تذكره ....
أنها قد تحولت إلى وحش هائج. وراحت تدفع بيديها العاريتين كل مخلوق يحاول تهدئتها أو اعتراض طريقها ..
كل الذي تذكره .. ..
أنها كانت تصرخ في حالة هستيرية بحثاً عن وجه تحبه كثيراً وتحن إليه لم تره بعد .. رأت كل الوجوه تقريباً إلا ذلك الوجه الدافئ ..
اخترقت الجموع المتراصة داخل البيت الصغير كصخرة تهادت على الأرض، ثم التقطت علبة الدواء من على رف المطبخ وراحت دون شعور تلتف حول نفسها داخل المطبخ تبحث عن شيء لا تدري ما هو!! لقد فقدت تركيزها تماماً ..
سارت خطوات داخل فناء البيت ..
ثم عادت إلى المطبخ وحملت بيدها جرة الماء واندفعت ثانية باتجاه غرفة أمها في صراع نفسي رهيب مع الحدث، وفي موقف لم يكن في الوجود موقف ٌ أصعب منه .. ولا أقسى.
دفعت باب غرفة أمها برجلها تريد إعطاء أمها الدواء قبل فوات الأوان ثم تتفرغ بعد ذلك لمعرفة سبب تجمع هؤلاء الناس!!
لقد تأخرت عن موعد الدواء ساعتين تقريباً ..
يا الله .. لو أنها لم تذهب باتجاه الكوخ .. أو لو أنها لم تتأخر كثيراً هناك!!
دخلت الغرفة ولم يكن قد تبقى في الجرة غير بقايا من ماء في قعرها!!
لقد تناثر الماء في الطريق هنا وهناك نتيجة ارتجاف يديها بشكل رهيب ..
لم تقو أبداً على تهدئة نفسها الثائرة ..
ولا السيطرة على أعصابها المنهارة ...
بل، ولم تقو حتى على ضبط دقات قلبها المرتجف وسط تجاويف صدرها الذي بات يهتز.
ثم انكبت على طرف فراش أمها كالمعتاد وسط صيحات مكتومة من النسوة اللائي حولها وهن يرين الموقف ..
كانت غيوم في حالة من التخدير الكامل وكأنها في حلم طويل وكئيب، أو تحت تأثير مخدر من النوع القوي لا تريد أبدأً اكتشاف مايجري حولها، ثم كشفت الغطاء عن جسم أمها المسجى على الفراش وقد بردت أطرافه ..
وراحت ترفع رأس أمها بين يديها كالمعتاد وتحشر في فمها المطبق حبة الدواء الأخيرة وتسكب ما تبقى من الماء داخل الجرة ويداها لا تكاد تسيطر عليهما من شدة ارتجافهما ...
وهي تردد بصوت خافت مخنوق: " أمي .. أمي
أمي هاكِ حبة الدواء ..
هيا افتحي فمك قليلاً أرجوكِ ..
لقد تأخرت عنك قليلاً أعرف ذلك لكن ....
أعدك ألا أتأخر ثانيةً ...
أمي
أمي!!!!!!! "
ثم أطلقت في الهواء صرخة مدوية عالية أيقظت الطيور في عمق
الغابة البعيدة في أطراف الجزيرة. ثم غابت عن الوعي.)
المحول الكهربائي كنت مشغولا به كثيرا
ماذا لو كشف (جلال) أمره؟!!!!!!
لكنه بقي في الكوخ ..
وانشغلنا بكريم وذهابه أو بقائه. (العقدة)
الحل انتهى إلى الزواج
لكن هل سيبقى كريم وعائلته في الجزيرة أم ماذا؟
وإن كانت (غيوم) سترحل معه فكيف تترك جزيرتها
وتنطلق إلى المدينة والضجيج دون صراع؟؟؟
صدقتِ ياأختي حينما وصفت الحب بالخطر
فكريم تخلى عن شوق أمه وأبيه ليبقى مع محبوبته!!!!!!
تبقى خيالاً
أخبريه فقط بأن لاينقطع عن قراءة أرباب الرواية
في العالم العربي.
وأن يضل- قبل ذلك - مرتبطاً بحفظ القرآن وتدارسه ..
فالتناص في قصته أكسبها ثقلاً ..
لكِ وللكاتب مئات التحايا بلا عدد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[03 - 02 - 2005, 02:11 م]ـ
لعل لي طلت بعد قراءتها
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الحب خطر]ــــــــ[03 - 02 - 2005, 09:31 م]ـ
[ QUOTE] الرّسالة الأصليّة كتبت بواسطة سامح
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد يظلم نص أدبي بـ (اليكترونيته) فالتصفح الالكتروني
يختلف تضامنا مع النص وغوصاً فيه عن التصفح الورقي
الذي ترينه أمامك وتستطعين تدوين ملحوظاتك عليه.
لكني سأتطفل تلبية لطلبك .. ولو أن علاقتي بالقصص
والروايات ليست وطيدة.
القصة في مجملها مكتملة من ناحية عناصر القصة
وأيضاً رفيعة من الناحية الأسلوبية.
الفكرة أحسن في نقلها .. ولكل توجهه نحو أفكار معينة يرغب
قراءتها والحصول عليها من القصص.
لكني أظنها الأقرب لذوق الغالب من أبناء هذا الزمن.
كنت أتمنى لو (دسَّ) فيها بعض القيم النبيلة .. لتكون أكثر
نضجاً .. وأعمق رؤية .. خصوصاً حينما تدور القصة حول
شاب مسلم مغترب .. فتتأكد قضية الصراع بين قيمه وعقيدته
والجو المتحلل الذي صار إليه.
فنياً ..
مشهد انقطاع الكهرباء .. شعرت بأن وصف الموقف يحتاج إلى
ضجيج أكبر .. الموقف أساسي في القصة وعليه تترتب العقدة والحل
فالأولى أن يكون أكثر تدافعاً وشداً في نقلها.
كان أداؤه في نقل الأحداث رائعاً في مشهد غيوم واللقاء بابن الحوت
واستمر حتى النهاية.
أفضل المقاطع .. وأشدها تأثيراً
(لم تعد تعي نفسها بعد ذلك غير خطواتها التي كانت بالكاد تحملها.
المحول الكهربائي كنت مشغولا به كثيرا
ماذا لو كشف (جلال) أمره؟!!!!!!
لكنه بقي في الكوخ ..
وانشغلنا بكريم وذهابه أو بقائه. (العقدة)
الحل انتهى إلى الزواج
لكن هل سيبقى كريم وعائلته في الجزيرة أم ماذا؟
وإن كانت (غيوم) سترحل معه فكيف تترك جزيرتها
وتنطلق إلى المدينة والضجيج دون صراع؟؟؟
صدقتِ ياأختي حينما وصفت الحب بالخطر
فكريم تخلى عن شوق أمه وأبيه ليبقى مع محبوبته!!!!!!
تبقى خيالاً
أخبريه فقط بأن لاينقطع عن قراءة أرباب الرواية
في العالم العربي.
وأن يضل- قبل ذلك - مرتبطاً بحفظ القرآن وتدارسه ..
فالتناص في قصته أكسبها ثقلاً ..
لكِ وللكاتب مئات التحايا بلا عدد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[ align=center][B] سأقوم بإرسال هذه الرسالة إليه حتى يعمد إلى تفسير ما ورد بتعقيبك
:) ثم إنني أعتقد والله العالم أن هذا الكاتب يحفظ الكثير من آيي الذكر الحكيم وهو من أكثر الناس الذين عرفتهم تمسكاً بالقيم والمبادىء والقيم عدا أن دراسته الفرنسية قد صبغت قصته بطابع غربي ربما أو خارج عن المألوف
سامح
كم من أوطان الورد أرسل؟ لتفي بكرمك
ـ[الحب خطر]ــــــــ[03 - 02 - 2005, 09:44 م]ـ
الرّسالة الأصليّة كتبت بواسطة عاشق البيان
لعل لي طلت بعد قراءتها
عاشق البيان بانتظارك:)
طلت أم طلة؟
ـ[الحب خطر]ــــــــ[04 - 02 - 2005, 03:37 م]ـ
الأستاذ سمح مع التحية
هذا رد المهاجر
أقول وبكل صدق إن شاء الله:
" لو خيرني ربي بين حسنة وبين أن يقيض لي من يبصرني بعيوبي وأخطائي لربما ترددت كثيراً " هل بلغت رسالتي؟؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وليتك تركت شيئاً لـ " أحسَنَ منها أو ردّوها "
قد يظلم نص أدبي بـ (اليكترونيته) فالتصفح الالكتروني
يختلف تضامنا مع النص وغوصاً فيه عن التصفح الورقي
الذي ترينه أمامك وتستطعين تدوين ملحوظاتك عليه.
(هذه لم أفهم المقصود منها!!)
لكني سأتطفل تلبية لطلبك .. ولو أن علاقتي بالقصص
والروايات ليست وطيدة.
(نعم لاحظت ذلك)
القصة في مجملها مكتملة من ناحية عناصر القصة
وأيضاً رفيعة من الناحية الأسلوبية.
(إطراء أعلقه إكليل ورد على هامة كريم)
الفكرة أحسن في نقلها .. ولكل توجهه نحو أفكار معينة يرغب
قراءتها والحصول عليها من القصص.
(فهمت الذي تعني تماماً وقد بلغت رسالتك صندوق البريد الصحيح)
لكني أظنها الأقرب لذوق الغالب من أبناء هذا الزمن.
(التدرج حسنٌ في كل شيء وقد نبلغ الغاية يوماً .. من يدري!!)
كنت أتمنى لو (دسَّ) فيها بعض القيم النبيلة .. لتكون أكثر
نضجاً .. وأعمق رؤية .. خصوصاً حينما تدور القصة حول
شاب مسلم مغترب .. فتتأكد قضية الصراع بين قيمه وعقيدته
والجو المتحلل الذي صار إليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
(أصبت ورب الكعبة لكنك نسيت أنها رمزية من جهة ونسيت الذي قلتُه في مقدَّمتها - إن كانت نُقلت إليك بتمامها - ثم أنك نسيت زمن القصة أنها وقعت بُعيد فترة الاستعمار الانجليزي ولعلك تتصور حال العرب المسلمين إذ ذاك ولم تدر أحداثها في زمن الصحوة، كما أن مستوى تمسك عائلات وأبناء المسلمين ليس سواء .. ولا تزال عائلات خليجية تغرق في وحول كهذه مع الأسف ..
ولا تنس التشويق ومن كتبت إليه وأنها .... رمزية!!
هل أوضح أكثر!!؟؟
لكن لعلي أتشرف مستقبلاً بقراءتك لروايتي الثانية " معاناة يتيم " وسترى فيها أهدافاً وغايات نبيلة وقيم شرعية تأصيلية مع مراعاة التدرج.
فنياً ..
مشهد انقطاع الكهرباء .. شعرت بأن وصف الموقف يحتاج إلى
ضجيج أكبر .. الموقف أساسي في القصة وعليه تترتب العقدة والحل
فالأولى أن يكون أكثر تدافعاً وشداً في نقلها.
لا سيدي هنا لا أوافقك الرأي!!
الموقف نتيجة وليس حدث وهو واحد من عدة نتائج لحدث أكبر؟؟ كيف؟؟
الحدث: الإعصار
النتائج: دوامات / إضطراب جسم السفينة / انقطاع التيار / موت وتدمير/ تشتت التجمعات الصغيرة داخل السفينة / وقوع الصارية / غرق .... إلخ
وأعدك أنني حين أفرغها في كتاب مطبوع أنها ستأخذ وقتاً وحجماً أكبر
فلكل عالم ما يناسبه (هنا ما الحجازية بمعنى الذي).
كان أداؤه في نقل الأحداث رائعاً في مشهد غيوم واللقاء بابن الحوت
واستمر حتى النهاية.
أفضل المقاطع .. وأشدها تأثيراً
(لم تعد تعي نفسها بعد ذلك غير خطواتها التي كـ ...
....
المحول الكهربائي كنت مشغولا به كثيرا
ماذا لو كشف (جلال) أمره؟!!!!!!
وهذه واحده من مميزات القصص والروايات؛ أن ذهنك يتعلق ببعض جزئياتها وتعلق به طوال فترة القراءة وليست مقصود القاص وإنما تظهر عرضاً للمساعدة في نقل الحدث من حروف إلى صور كأنها تتحرك أمامك ...
لكنه بقي في الكوخ ..
لك أن تتخيل أن جلالاً جاء وأخذه بعد ذلك ما المشكلة!!؟؟
وانشغلنا بكريم وذهابه أو بقائه. (العقدة)
وهو الذي كان يريده الكاتب بلا شك (التركيز على العقدة لا على الحواشي)
(الحل) انتهى إلى الزواج
لكن هل سيبقى كريم وعائلته في الجزيرة أم ماذا؟
ربما لم يتنبه الأخ أنني أشرت أنه زواج مبدئي أو أولي وسيكون الزواج الكبير هناك في بلد كريم ولست أدري كيف يسأل ناقد بصير سؤال كهذا؟؟
وإن كانت (غيوم) سترحل معه فكيف تترك جزيرتها
وتنطلق إلى المدينة والضجيج دون صراع؟؟؟
إنها قصة رمزية وليست (مذكرات يومية) ولو أردنا مواصلة تتبع الأحداث لما انتهت أي قصة مكتوبة ...
أخبريه فقط بأن لاينقطع عن قراءة أرباب الرواية في العالم العربي.
بلغ ..
وأن يضل- قبل ذلك - مرتبطاً بحفظ القرآن وتدارسه ..
قد نصحت أيها اللبيب بخير لا فض فوك .. وقد محضت النصح لأخ ٍ لك لم تلده أمك .. ولولا خشية أن يحبط عملي لأخبرتك الذي يطمئن إليه قلبك، لكنني أسأل الله لي ولك ولها ولجميع المسلمين الثبات على أرض حق لا تميد.
فالتناص في قصته أكسبها ثقلاً ..
لم أفهم كلمة " التناص "؟؟؟
لكِ وللكاتب مئات التحايا بلا عدد
إنما التحايا والتحيات لله وحده جل شأنه وليست للبشر وهذا من الأخطاء التي شاعت. . (أنظر فتاوى سماحة العلامة ابن عثيمين رحمه الله في تفسيره التشهد في الصلاة) ..
لك مني وللأخت المبدعة الناقلة (صاحبة الطراز الفريد من نوعها) تحية أحمديّة طيبة مباركة بعدد أنفاسكما التي تتردد في صدريكما حتى تلقون ربكما وهو عنكما راض ٍ غير غضبان.
ـ[سامح]ــــــــ[04 - 02 - 2005, 08:46 م]ـ
الأخت / الحب خطر ..
شكراً لنشاطك ..
حماسك لأدباء موقعك .. يحدثني بخواطر كثيرة
لك التحية .. والتقدير ..
إلى الأخ / المهاجر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. مرة أخرى
أهلاً بك
ونحن إنما نناقش النصوص من رؤيتنا التي قد
تختلف عن رؤىً كثيرة
بعض القصص تعجبني .. وأجد أن جلَّ أصدقائي من
المهتمين بالأدب لاتعجبهم
وبعضها تروق لأرباب الأدب بينما لاأمسك الصفحة
الأولى إلا وأغلقتها مباشرة.
نؤمن تماماً بأن الرؤى تختلف وتتباين.
كما أقدر لك ملاحظتك على عدم حميمتي للقصص.
قد يظلم نص أدبي بـ (اليكترونيته) فالتصفح الالكتروني
يختلف تضامنا مع النص وغوصاً فيه عن التصفح الورقي
الذي ترينه أمامك وتستطعين تدوين ملحوظاتك عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
(هذه لم أفهم المقصود منها!!)
أقصد بأن قراءة نص مدون على صفحات كتاب .. يختلف
عن قراءته في الشبكة العنكبوتية .. فلاتعجبك بعض طقوسه
في الشبكة وتستيغها في الكتاب
أتمنى أن أكون وضحت المقصود.
(أصبت ورب الكعبة لكنك نسيت أنها رمزية من جهة
ونسيت الذي قلتُه في مقدَّمتها - إن كانت نُقلت إليك بتمامها
- ثم أنك نسيت زمن القصة أنها وقعت بُعيد فترة الاستعمار
الانجليزي ولعلك تتصور حال العرب المسلمين إذ ذاك ولم تدر
أحداثها في زمن الصحوة، كما أن مستوى تمسك عائلات
وأبناء المسلمين ليس سواء .. ولا تزال عائلات خليجية
تغرق في وحول كهذه مع الأسف .. ولا تنس التشويق
ومن كتبت إليه وأنها .... رمزية!!
هل أوضح أكثر!!؟؟
أعلم هذا .. ولكني أؤمن بأن الأديب باستطاعته نقل
قيم نبيلة .. ولو إيحاءً بوصف حاله الحقيقة .. وليس
ضرورياً أن نجعل منهمتديناً على كل حال.
تبقى الرؤى مختلفة .. قد أستسيغ مالايستسيغه غيري ..
وقد لاأستسيغ مايقبله غيري.
(رمزية)
أغريتني بأن أسأل كيف ماهو منظورك لرمزية القصة؟
(لكن لعلي أتشرف مستقبلاً بقراءتك لروايتي الثانية
" معاناة يتيم " وسترى فيها أهدافاً وغايات نبيلة
وقيم شرعية تأصيلية مع مراعاة التدرج (.
ثق – بداية – أني لاأتهم نبلك في الكتابة .. بل على
العكس فإنك قد وضعت لك مكاناً كبيراً في داخلي من
الاحترام والتقدير لقلمك الناضج.وسأضل متشوقاً
لروايتك الثانية.
(لا سيدي هنا لا أوافقك الرأي!!
الموقف نتيجة وليس حدث وهو واحد من عدة نتائج لحدث أكبر؟؟ كيف؟؟
الحدث: الإعصار
النتائج: دوامات / إضطراب جسم السفينة / انقطاع التيار / موت
وتدمير/ تشتت التجمعات الصغيرة داخل السفينة / وقوع الصارية
/ غرق .... إلخ)
كنت أتحدث عن حدث الإعصار بشكل عام .. ولكن بداية خفة الضجيج
الذي لَحِظْتُه من هناك.
وأعدك أنني حين أفرغها في كتاب مطبوع أنها ستأخذ وقتاً وحجماً أكبر
فلكل عالم ما يناسبه (هنا ما الحجازية بمعنى الذي).
سأنتظر نسختي بكل شوق:)
المحول الكهربائي كنت مشغولا به كثيرا
ماذا لو كشف (جلال) أمره؟!!!!!!
وهذه واحده من مميزات القصص والروايات؛ أن ذهنك
يتعلق ببعض جزئياتها وتعلق به طوال فترة القراءة وليست
مقصود القاص وإنما تظهرعرضاً للمساعدة في نقل الحدث
من حروف إلى صور كأنها تتحرك أمامك ...
لكنه بقي في الكوخ ..
لك أن تتخيل أن جلالاً جاء وأخذه بعد ذلك ما المشكلة!!؟؟
وانشغلنا بكريم وذهابه أو بقائه. (العقدة)
وهو الذي كان يريده الكاتب بلا شك (التركيز على العقدة
لا على الحواشي)
فقط هو نقل لحالة شعورية أثناء القراءة.
(الحل) انتهى إلى الزواج
لكن هل سيبقى كريم وعائلته في الجزيرة أم ماذا؟
ربما لم يتنبه الأخ أنني أشرت أنه زواج مبدئي أو أولي
وسيكون الزواج الكبير هناك في بلد كريم
لَحِظْتُ مبدئيةالزواج .. ولكن أموراً في القصة
أغرت الذهن بالذهاب إلى غير ماقصدت.
ولست أدري كيف يسأل ناقد بصير سؤال كهذا؟؟
محدثك الفقير إلى الله لم يصل بعد لمرتبة (ناقد) هو مجرد
(متذوق) يستمتع بالغوص في جمال النصوص الأدبية
ويأنس بارتشاف خيالها ونبضها وبيانها .. وليس أكثر من ذلك.
وإن كانت (غيوم) سترحل معه فكيف تترك جزيرتها
وتنطلق إلى المدينة والضجيج دون صراع؟؟؟
إنها قصة رمزية وليست (مذكرات يومية) ولو أردنا
مواصلة تتبع الأحداث لما انتهت أي قصة مكتوبة ...
مشهد صغير قد يخلق جواً مثيراً آخر في القصة ..
(قد نصحت أيها اللبيب بخير لا فض فوك .. وقد محضت
النصح لأخ ٍ لك لم تلده أمك .. ولولا خشية أن يحبط عملي
لأخبرتك الذي يطمئن إليه قلبك، لكنني أسأل الله لي ولك
ولها ولجميع المسلمين الثبات على أرض حق لا تميد.)
مرة أخرى لاتؤول كلام محدثك على غير ماأجراه إليه ..
فقط هو التذكير بالاستمرار ياأخي الكريم.
فالتناص في قصته أكسبها ثقلاً ..
لم أفهم كلمة " التناص "؟؟؟
التناص يشمل الاقتباس من القرآن الكريم والسنة وتضمين
الشعر .. وهو مصطلح حديث.
إنما التحايا والتحيات لله وحده جل شأنه وليست
للبشر وهذا من الأخطاء التي شاعت
(انظر فتاوى سماحة العلامة ابن عثيمين
رحمه الله في تفسيره التشهد في الصلاة)
أشكرك بلا عدد أيضاً للتنبيه.
فائدة قيمة .. وأتمنى لو أحلتني للمرجع الذي
أجد فيه الفتوى ..
وفقك الله.
لك مني وللأخت المبدعة الناقلة (صاحبة الطراز الفريد
من نوعها) تحية أحمديّة طيبة مباركة بعدد أنفاسكما
التي تتردد في صدريكماحتى تلقون ربكما وهو عنكما
راض ٍ غير غضبان.
ولك تحية أعظم وأشرف
وتقدير بلا حدود ..
بوركت
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[الحب خطر]ــــــــ[05 - 02 - 2005, 02:10 م]ـ
الرّسالة الأصليّة كتبت بواسطة سامح
الأخت / الحب خطر ..
شكراً لنشاطك ..
حماسك لأدباء موقعك .. يحدثني بخواطر كثيرة
لك التحية .. والتقدير ..
أستاذ سامح
قالوا كثيراًً
من تدخل فيما لا يعنيه لقي مالا يرضيه
أعتذر جداً عن كل شيء ولعل أهم ما أعتذر عنه تكبدك مشقة تحليل القصة
صدقني ندمت كثيراً أن طلبت نقد للقصة وندمت أكثر لأنني لا أتعلم من أخطائي
أيها الأستاذ الطيب
لك وطن من الورد أنثره بين أياديك البيضاء
أما أنا
سأقول
لا مساس
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سامح]ــــــــ[05 - 02 - 2005, 05:47 م]ـ
الأستاذة / الحب خطر
رجاءً لاتعتذري
بل تقبلي شكري وامتناني الغير محدود.
(صدقني ندمت كثيراً أن طلبت نقد للقصة
وندمت أكثر لأنني لا أتعلم من أخطائي)
كلنا هنا للتعلم
وتخالط البدايات أخطاء كثيرة
نحتاج فقط أن نصححها .. ونكمل المسير
سنصل حتماً.
أدباء كثيرون يزعجهم فضول (المتذوقين)!
لاعليكِ
فقط ..
أتمنى أن تصل رسالتي الثانية إلى القاص.
لك التحية .. ووافر من التقدير ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[الحب خطر]ــــــــ[06 - 02 - 2005, 06:45 ص]ـ
الرّسالة الأصليّة كتبت بواسطة سامح
أدباء كثيرون يزعجهم فضول (المتذوقين)!
ليس ذاك سامح صاحب القصة لم ينزعج بأمر النقد على العكس لكنها الحياة تعلمنا دوماً
الرّسالة الأصليّة كتبت بواسطة سامح
أتمنى أن تصل رسالتي الثانية إلى القاص.
أفعل إن شاء الله
ـ[الحب خطر]ــــــــ[06 - 02 - 2005, 02:14 م]ـ
أستاذ سامح
:)
<< مزعجة
هل نستخدم أل التعريف في كلمة غير (الغير)؟ سمعت دوماً أنه لا يمكن اقترانها بأل
تقبل تحيتي
ـ[سامح]ــــــــ[08 - 02 - 2005, 03:28 م]ـ
صحيح وذلك؛ لأنها موغلة في الإبهام.
ـ[الحب خطر]ــــــــ[08 - 02 - 2005, 03:39 م]ـ
الرّسالة الأصليّة كتبت بواسطة سامح
بل تقبلي شكري وامتناني الغير محدود.
هذه صحيحة؟:)
بل تقبلي شكري وامتناني غيرالمحدود؟
ـ[سامح]ــــــــ[11 - 02 - 2005, 12:07 ص]ـ
هل كان ذلك رمياً بي
لابأس كنت أردد دائماً حينما يخطأ أحد أساتذتنا
زلة عالم!
وهاأنا أقول الآن زلة متعلم ..
:)
لك التحية والشكر
مكاننا يحتم مثل هذا الشفافية في التقويم
والتي نحتاجها جميعاً
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(/)
إلى الأخ عاشق البيان
ـ[أسماء الزهراني]ــــــــ[24 - 01 - 2005, 10:55 م]ـ
أخي الكريم عاشق البيان كان قد شرفني بطلب المساعدة في موضوع بحث ضمن حقل النقد
فاقترحت عليه أن نطرح الحوار في منتدى النقد ليتوسع ونستفيد جميعا
يتعلق السؤال بمصطلح النظم عند عبدالقاهر الجرجاني
وسأطرح ما يخطر في الذاكرة الان، والا فإن كل دارس للنقد لا بد من أن يتوقف عند محطة الجرجاني في مرحلة ما
عني الدارسون المحدثون بأعمال الجرجاني البلاغية كما جاءت في كتابيه الشهيرين: الاسرار والدلائل، وتركز البحث على مفهوم النظم
ومثل كل قضايا التراث انقسم الدارسون في درس مفهوم النظم إلى فرق: منهم من أخذ يطبق النظريات الغربية الحديثة عليها بطريقة حرفية مبالغ فيها، ومن هؤلاء كمال ابو ديب (ولا أذكر عنوانه)، ومن الدارسين من رفض الاستفادة من النقد الحديث في درس النظم وحبسه داخل إطار الشرح والتعليق، أما الفريق المعتدل فهو الذي نظر إلى العلاقة الحيوية بين التراث والحاضر، فاستفاد من معطيات النقد الحديث في النظر إلى مفهوم النظم دون أن ينتزعه من سياقه التاريخي ويمسخه مسخا. ويمكن أن ننسب ما وضعه جابر عصفور في دراسته للصورة البلاغية عند الجرجاني ضمن هذا الاتجاه المعتدل، أيضا البحث الذي كتبه نصر ابو زيد في كتابه: إشكالية القراءة واليات التأويل، وهناك عدد من الدراسات الجيدة لا تحضرني الان، إلا أنني سأعتني قدر المستطاع بإدراجها في وقت مناسب.
ما ألح عليه الان هو ضرورة الالتزام بالمنهج المعتدل في دراسة أي قضية تراثية، فالدوران في حدود الشرح والتعليق لا يخدم التراث ولا الدارس، بينما توسيع زوايا الرؤية ومحاولة استنطاق النصوص النقدية القديمة بطرح أسئلة العصر عليها سيفيد الطرفين.
أخيرا أخي عاشق البيان، هل قمت بسحب قوائم ببليوجرافية حول (النظم)؟
أتمنى لو تعرض علينا عناوين تلك القوائم من مكتبة الملك فهد ومركز الملك فيصل هنا لنتبادل النقاش حول ما تطرحه من إمكانيات دراسة.
وشكرا مجددا لثقتك الكريمة بأختك في الله.
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[26 - 01 - 2005, 12:53 ص]ـ
النسخة الثانية بعد التعديل
أختي أسماء_حفظك الله_
كلامك جميل مؤصل يدل على ثقافة واسعة واعية واستحضار عجيب للكتب لكن ألا تلاحظين أن موضوعك جاء أعم مما أريد مع أنني استفدت منه كثيراً
وما أريد هو النظم بذاته عند عبقري البلاغة الجرجاني فقط ونظريته التي ملأت الدنيا وشغلت الناس وسبقت عصرها وأحببت أن أوسع مداركي لأني أهوى الغوص في الدلالات النحوية وهي صلب هذه النظرية وعسى أن ألامس هذا الموضوع في رسالتي للماجستير
ومما زاد الطين بله أنني لم أجد دراسات متخصصة ضافية لما أردت بل القوائم التي استطعت أن أجمعها خليط مقالات سابقة وما علق في الذهن في الدراسة في كلية اللغة العربية ولا أنس كتاب الجرجاني الأم الدلائل _ كما سميته_
ندخل في العمق
معلوماتي حولها أعذروني سأسردها مما في جعبتي
أنها تتصل اتصالاً وثيقاً بالتقديم والتأخير ودلالاته وهذا سر تميزها فمثلاً إن جاء زيد من الناس لا يهمك مجيؤه فتقول:جاء زيد وإن كان يهمك كالقادم من السفر فتبدأ به وتقول زيد قادم هذا من حيث الأهمية، وربما يقدم لأغراض أخرى.
أيضاً تهتم بالتصريف فكل تصريف له دلالته ف انطلق غير منطلق فالأولى تفيد الاستمرار والثانية تفيد الثبات.
ثم لا ينتهي الجرجاني عند هذه النقطة بل يبحث في المفهوم الدلالي الذي تقتضيه فصاحة المخاطب سابقه أولاحقه رفعاً ونصباً وجراً فالرفع بعد الفعل يدل على الفاعل والفاعل يدل على من عمل الفعل
ينتج من كلامي السابق أن النظرية تتعلق تعلقاً وثيقاً بالنحو بل هي النحو ببعده الأعمق فعندما يحدد النحوي الفعل والفاعل يأتي دور البليغ ليحدد الرتبه ودورها في المعاني والسفر وراء الدلالات النحوية والأغراض
أخيراً الجرجاني أراد في (النظم) أن ندقق في البنية اللغوية وأن ندرك أسرارهاونعي كل حركاتهاوهذا الكلام كما قلت قد سبق عصره لدقته وشموله وثراءه.
دراستي هذه تخلو من كتاب الجرجاني بلاغته ونقده لأحمد مطلوب وهو كتاب تطرق لهذه القضية وناقشها مفصلةً ولكني لم أجده ومن عثر عليه فليدلني. ودمتم بخير
تقبلوا خالص تحياتي
عاشق البيان ياسر
ـ[أسماء الزهراني]ــــــــ[26 - 01 - 2005, 07:05 ص]ـ
فهمت الان مرادك تقريبا اخي الكريم
تريد أن تعيد النظر في مفهوم النظم كما وضعه الجرجاني حيث عرفه بأن ه معرفة معاني النحو ورتب الكلمات
لكن يبدو لي أنك لم تحدد وجهة الدراسة بدقة لحد الان
فما قلته لا يخرج عما شرحه الجرجاني نفسه في الدلائل
والحقيقة أن النظم بهذا المعنى تناوله الكثير من الدارسين بحيث أن عليك أن تضيف لهم أو تركز على نقطة أكثر تحديدا ضمن الباب الواسع للعلاقة بين النحو والبلاغة
هنا أجد من المناسب أن تطلع على رسالة الدكتورة فاطمة الوهيبي: المعنى عند القرطاجني / فهي دراسة تحلل كتاب القرطاجني بدقة
فكرتي هي أن تستفيد من طريقة الباحثة في دراسة كتاب القرطاجني، لعلك تستنتج بعض المداخل لدراسة الدلائل
بالنسبة لكتاب احمد مطلوب ألم تجده في مكتبة الملك فهد؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[26 - 01 - 2005, 09:02 م]ـ
أختي
ما أظنه أنه كلما أطلق النظم عند الجرجاني
بدا للذهن علاقة النحو بالبلاغة
لذا أعتقد أن مرادي واضح
أما بالنسبة لرسالة الدكتورة فاطمة
فقد اطلعت عليها إطلاعاً من مكتبة العبيكان
ومكتبة الملك فهد
تحتاج إلى سفر
لاأريد أن نتوقف عند هذه النقاط كثيراً
بل نريد أن ندخل في أغوار النظم عبر مداخلات الأعضاء
ليتهم يتحفونا بما عندهم وقد أديت بدلو المتواضع
شكراً لهتمامك
ـ[أسماء الزهراني]ــــــــ[30 - 01 - 2005, 08:45 ص]ـ
ومكتبة الملك فهد
تحتاج إلى سفر
لاأريد أن نتوقف عند هذه النقاط كثيراً
*********
أحترم رغبتك في عدم الوقوف عند هذه النقاط أخي الكريم
لكن لا أجد بدا من قول شيء مهم:
هذه النواحي التقنية تلعب الدور الأكبر في نجاح الرسائل الجامعية، بل وأي بحث جاد
وهي ليست شكلية بحتة، بل تضفي على البحث المصداقية والموضوعية، وتوفر على الباحث كثيرا من الجهد حين يضمن أنه يعمل في حقل بكر وأن عمله منتج على الاقل له هو نفسه
حقيقة استغربت من تبرمك بهذه النقاط، لا سيما وأن مكتبة الملك فهد تتيح خدماتها عبر الهاتف والفاكس قديما وعبر النت حاليا
**********
وعلى أية حال
أنت أثرت حماستي لمعرفة ما تريده بدراسة النظم، هل لك أن تحدد مفهومك له؟ تحديدا مركزا واضحا، فأنا بالفعل أود أن أعرف بعض ملامح تفاعلك مع النظم ومع الجرجاني بصفة عامة، هذا سيفيدني في دراسة أتطلع للشروع فيها قريبا بإذن الله. كما ستفيدني ردود الأخوة الفضلاء الذين تأخروا كثيرا.
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[30 - 01 - 2005, 07:11 م]ـ
السلام عليكم
أردت عدم الوقوف لا لعدم أهميتها بل لأنه لم يأن الوقت لذلك (أقصد مكتبة الملك فهد)
مع أنني استفدت منها في دراستي الجامعية البكالريوس
أما النظم فقد شاقتني لجمالها وثرائها فهي أعماق البلاغة
والأسرار الإعرابية.
ومعلوماتي عنها محدودة هي مانثرته في مقالي السابق وأرجوا المزيد
اتمنى من أعضاء التفاعل مع الموضوع
فالكل بحاجة إليه لاسيما أعضاء هذا المنتدى.
ـ[أسماء الزهراني]ــــــــ[08 - 03 - 2005, 01:44 ص]ـ
أخي عاشق البيان
كما توقعت وجدت كتاب الدكتور مطلوب في مكتبتي
لكن كيف أستطيع أن أفيدك به
لعلني أضع مراجعة له هنا فيما بعد
وإن ظننت أنك تحتاجه بشدة فيسرني أن أبعثه إليك على أي عنوان تحدده
يعجبني حماسك للبحث، وأعرف لذة البحث، هذا ما يجعلني أواصل الكتابة هنا
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[10 - 03 - 2005, 06:04 م]ـ
( ..... فإذا لم تجدوا ماتكافؤنه به فادعوا له)
أعجبني هذا التفاعل
وأنا شاكر ومقدر
هذا العطاء
لكن ثقي أنني لم أفتح هذا الموضوع لمصلحتي أنا فقط
بل وجدت الرغبة في الكتابة في هذ الموضوع
وأحبب أن أطلع على أفكار آخرى تفيدني وتفيد هذا المنتدى في قضية من أهم قضايا النقدأما الكتاب فمع تقديري لكرمك وبذلك
فقد وجدته في مكتبة الرشد بعد عناء طويل
ولن يبقى أفكارك ألتي أحتاجها والتي أتمنى أن تنثريها في هذا الموضع
هاأنا ذا أكتب وأنا ممتن لهذا الكرم العلمي
ودمت لعلمك ولأمتك
عاشق البيان
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[30 - 03 - 2005, 01:51 م]ـ
أحببت أن أرفق أخر مقال لي في القضية
أسرار النظم عند الجرجاني
كنت أمني نفسي وأنا في بدايات دراستي الجامعية أن ننظر إلى البلاغة والنحو بعقلية تذوقية أكثر مما نحن فيه من السرد الغير مقنع للتعليلات اللغوية، و أن ننظر نظرة تذوقية تمكننا من ربط التعليلات بالفن، وتمكننا من الغوص في النصوص والامتزاج معها واكتشاف أسرارها ولم يتسن لي في ذلك الوقت أن أنظر إلى الدراسات المهتمة في هذا المجال والتي من أبرزها: دراسات عبد القاهر الجرجاني وبالتحديد نظرية النظم.
ونما ني هذا الاهتمام حتى كونت مكتبة صغيرة تحوي ما قيل عنها وحرصي بها دفعني أيضاً إلى أن انقل القارئ الكريم إلى شئ من أسرارها ولم تكن دراستي لها حصرية لعلمي أن الموضوع متشعب وطويل ولكن ما كتبته يمثل مقالاً تطبيقياً ونقاط حاولت أن أنقل ما يريد الجرجاني بها ولأنها تمثل حاجة في نفسي وحبي للتعليل الفني فلقد حاولت أن استحضر أمثلة من الواقع ومبسطة لغير المتخصص.
(يُتْبَعُ)
(/)
ما أريد هو النظم بذاته عند عبقري البلاغة الجرجاني فقط، ونظريته التي ملأت الدنيا وشغلت الناس وسبقت عصرها، وأحببت أن أوسع مداركي أولاً لأني أهوى الغوص في الدلالات النحوية وهي صلب هذه النظرية.
ومما زاد الطين بله أنني لم أجد دراسات متخصصة ضافية لما أردت بل القوائم التي استطعت أن أجمعها خليط مقالات سابقة، وما علق في الذهن دراستي في كلية اللغة العربية ولا أنس كتابي الجرجاني الدلائل والأسرار.
أولاً / النظم: تعليق الكم بعضها ببعض وجعل بعضها بسبب بعض (1) قال شوقي ضيف _رحمه الله_ أنها توخي المعاني النحوية في الكلام وربط العربية بعضها ببعض (2)
ثانياً/ أول من تكلم بها ربما يكون أرسطو في كتابه فن الشعر (3) كما تحدث عنها الجاحظ وابن المقفع بعد ذلك ولم يتفطن إليها بأبعادها وأسرارها الواسعة آن ذاك سوى الجرجاني.
ثالثاً / منشؤها:جاءت لمتطلبات إعجاز القران العظيم حتى أن بعض العلماء ربط إعجاز القرآن بالنظم كما فعل الجرجاني.
رابعاً / أنها تتصل اتصالاً وثيقاً بالتقديم والتأخير ودلالاته وهذا سر تميزها فمثلاً إن جاء زيد من الناس لا يهمك مجيؤه فتقول:جاء زيد وإن كان يهمك كالقادم من السفر مثلاً فتبدأ به وتقول زيد قادم هذا من حيث الأهمية، وربما يقدم لأغراض أخرى المهم أنه لا يجعل التقديم والتأخير اعتباطياً بل له دلالاته.
خامساً / أنها تهتم بالتصريف فكل تصريف له دلالته فـ (انطلق) غير (منطلق) فالأولى تفيد الاستمرار والثانية تفيد الثبات.
سادساً/ لا ينتهي الجرجاني عند هذه النقطة، بل يبحث في المفهوم الدلالي الذي تقتضيه فصاحة المخاطب سابقه أو لاحقه رفعاً ونصباً وجراً فالرفع بعد الفعل يدل على الفاعل والفاعل يدل على من عمل الفعل ومن ذلك تستطيع أن تقرب هذه القواعد إلى أذهاننا (4).
بعد ذلك أتعجب كلما قرأت له وهو يغوص في الآية القرآنية أو البيت من الشعر ثم تحس أنك أمام شخص يدرك لغته ويدرك ما يقرأ وأبعاد ما يقرأ ولعلي أقف على مثال واحد وهو قراءته لبيت أبي تمام (5)
لعاب الأفاعي القاتلات لعابه وأرى (6) الجنى اشتارته (7) أيد عواسل
يقول رحمه الله: (أن لعاب الأفاعي مبتدأ ولعابه خبر كما يوهمه الظاهر، أفسدت عليه كلامه وأبطلت الصورة التي أرادها فيه، وذلك أن الغرض أن يشبه مداده بأرى الجنى على معنى أنه إذا كتب في العطايا والصلات أوصل به إلى النفوس ما تحلو مذاقه عندها، وادخل السرور واللذة عليها، وهذا المعنى إنما يكون إذا كان لعابه مبتدأ ولعاب الأفاعي خبراً) (8)
هذه الدقة المتناهية في التدقيق الدلالي في القراءة السابقة يوضح عمقاً، وتقصياً عجيباً، يجعلنا نحترم هذه اللغة من جهة، وهذا العالم من جهة أخرى.
ينتج من كلامي السابق أن النظرية تتعلق تعلقاً وثيقاً بالنحو، بل هي النحو ببعده الأعمق، فعندما يحدد النحوي الفعل والفاعل يأتي دور البليغ ليحدد الرتبة ودورها في المعاني والسفر وراء الدلالات النحوية والأغراض
أخيراً لم أكن لأضيف شيئاً في مقالي هذا بل أردت أن أنقل هذا العمق الدلالي بأسلوب مبسط وأمثلة قريبة من الواقع الحي ثم لتدرك أخي أن الجرجاني أراد في (النظم) أن ندقق في البنية اللغوية وأن ندرك أسرارها ونعي كل حركاتها لندرك سر إعجاز القرآن و سر عربيتنا وهذا الكلام ثري لأنه سينقلنا إلى لغتنا بأسلوب مبسط نتفهمه ونفهمه أجيالنا وهذا الكلام أيضاً كما قلت قد سبق عصره لدقته وشموله وثراءه.
بقلم / ياسر عاشق البيان
كلية اللغة العربية
الحواشي
1 - عبد القاهر الجرجاني بلاغته ونقده للدكتور: أحمد مطلوب
2 - البلاغة تطور وتأريخ للدكتور شوقي ضيف
3_ أرسطو شاعر وناقد يوناني قبل الميلاد وفن الشعر كتابه الذي جمع بت آراؤه
4 - مقالات في الشبكة
5 – حبيب بن أوس الطائي شاعر عباسي يهتم بالمعنى وهذا سر اهتمام الجرجاني به
6 - الأرى العسل
7 - أي لزق فيها
8 - دلائل الأعجاز لعبد القاهر الجرجاني
وأيضاً استفن من:
البحث البلاغي للدكتورة عائشة فريد
أسرار البلاغة لعبد القاهر الجرجاني
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[18 - 04 - 2006, 11:27 م]ـ
http://www.ofouq.com/today/modules.php?name=News&file=article&sid=2414
الرابط يثري الموضوع
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[28 - 05 - 2006, 08:56 م]ـ
أتابع الموضوع بشغف
هناك الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى
الأستاذ بجامعة أم القرى الرجل ضليع جدا وومن اهتم بكلام عبد القاهر بل ربما يكشف كثيرا من الأسرار وينفض غبارا عن آخر له وقفات عديدة تنم عن استحضار واع وتحليل رائع أنصحك أن يتيسر لك فرصة الاحتكاك به.
ـ[عنقود الزواهر]ــــــــ[04 - 06 - 2006, 06:04 ص]ـ
هل طالعت كتاب"نظرية النظم عند الشيخ عبد القاهر الجرجاني"؟
ـ[أرجوحة]ــــــــ[20 - 08 - 2007, 07:09 ص]ـ
استفدت كثيرا هنا
فقط سؤال
مصطلح النظم يرد لمعان عدة
فقد يراد به نظم الجرجاني وقد يراد به نظم الشعر
عندما أقرأ في الكتب القديمة تمر أحيانا جملة عابرة بها لفظة (نظم) فأقع في إشكال كيف لي معرفة أي نظم يقصده المؤلف خاصة وإن كانت الجملة تحتمل المعنيين؟
قد يكون سؤالا ساذجا ولكن استحملوني مازلت أحبو ( ops
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابوعبدالله الهذلي]ــــــــ[20 - 08 - 2007, 11:27 ص]ـ
الى الاخ ياسر الدوسري. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انصحك بقراءة كتب الامام العلامة محمد ابو موسى في هذه المسألة فلن تجد من هو افضل منه في فهم كتابي عبد القاهر الجرجاني.
عليك بالكتب التالية لفهم نظرية النظم.
1 - خصائص التراكيب
2 - دلالات التراكيب
3 - التصوير البياني
4 - مدخل لكتابي عبدالقاهر-هذا الكتاب اهم كتبه ولاغنى عن كل كتبه لدارس البلاغة العربية-يعد هذا الكتاب خلاصة عقل الرجل وقد وقد سمعت هذا منه شخصيا فهو استاذي.
هذا في الجانب التأصيلي ,اما في جانب التطبيق فاليك الكتب التاليه
1 - قراءة الادب القديم
2 - من اسرار التعبير القراني-دراسة تحليلية لسورة الاحزاب
3 - دراسة في الشعر والبلاغة
هناك كتب اخرى منها القوس العذراء وكتاب في الاعجاز لااتذكر اسمه الان
أسال الله ان يوفق الجميع الى كل خير
ـ[ابوعبدالله الهذلي]ــــــــ[20 - 08 - 2007, 11:53 ص]ـ
نسيت كتابه الاخير مراجعات في اصول الدرس البلاغي الذي يقول عنه انه الجزء الثاني للمدخل.
اما منهج الرجل في درسه للبلاغة فيتلخص في كونه يؤمن بان فهم تراث العربية يجب ان يكون بمعزل عن الغجمى المتمثلة في منجزات الغرب.يقول ان الدارس يجب ان يواجه نصوص التراث بعقله اي يعتمد على عقله الصرف بعيدا عن اثر الثقافة الغربية
ويرى ان فهم التراث يجب ان يكون في ضوء السياق الذى ولد فيه اى في ضوء التراث فاذا اردت فهم عبد القاهر يجب عليك اولا ان تفهم تراث سيبويه والجاحظ وابن جني ثم تواجه منجزات عبد القاهر بارث البلاغة العربيةلتستطيع تقييم عبد القاهر وفهمه في سياقه الطبيعي.
يتميز الرجل باسلوبه البياني الساحر في عرض افكارة وهو لايقل بلاغة عن محمود شاكر. كما يتميز بتعصبه الشديد للتراث العربي وانقطاعه للعلم. وانصحك بقراءة مقدمات كتبه بعنايه فائقة. كما انبهك لمسألة يهملها كثير من طلابه وهي ان طبعات كتبه المختلفة تعد كتب وليست طبعات لكثرت ما يعدل فيها سواءا بالحذف او الاضافة.
واعدك انني لن اتوانى عن الكتابه في مسألة النظم ان اسعفني الوقت
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[23 - 10 - 2008, 10:04 م]ـ
للرفع
ـ[أحمد الرشيدي]ــــــــ[13 - 02 - 2009, 03:01 م]ـ
أخي الكريم
نصيحة أخ، كل مسألة تتعلق بالبلاغة والنقد، فينبغي أن تبحث عن مظانها في كتب أستاذنا العلامة الدكتور محمد أبو موسى - حفظه الله - وأما الإمام عبد القاهر - رحمه الله، فهو الخبير به.
وفقك الله وألهمك رشدك(/)
كيف تدرس نصاً أدبياً؟
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[25 - 01 - 2005, 07:26 ص]ـ
كيف تدرس نصّاً أدبيّاً؟
وسوف نصحبكم برحلة حوله
ونقدمها لكم على شكل حلقات متواصلة 0
الغاية من دراسة النص
دراسة أدبية
هي تقدير قيمة النص،
أي الحكم له بالجودة،
أو الحكم عليه بالتقصير،
أو وضعه بين بين،
ولكي نصل إلى هذه الغاية
لابد من أن نمر بمراحل أساسية
ثلاث هي على التوالي:
000000000000000000000000
1 - فهم النص
000000000000000000000000
000000000000000000000000
2 - تذوق النص أو نقده 0
0000000000000000000000000
0000000000000000000000000
3 - الحكم له أو عليه
000000000000000000000000000
--------------------------------------
0000000000000000000000
فهم النص
-------------------------------------
000000000000000000000
ولفهم النص تتبع الخطوات التالية:
1 - [قراءة النص مرات عدّة مع محاولة فهمه] 0
2 - [شرح غوامض النصّ من مفردات وعبارات] 0
ولفهم النص نستعين بالوسائل التالية:
==========================
1 - الرجوع إلى المعجم أو مايشبهه 0
==========================
=========================
2 - ملاحظة سياق الكلام من حيث التشابهُ والتضادُّ0
==========================
=============================
3 - ملاحظة حركات الإعراب 0
===========================
===========================
4 - تقليب اللفظة على وجوهها الصَّرْفيّة
==========================
==========================
5 - ردُّ الضمائر إلى أصحابها
==========================
==========================
6 - إعادة ترتيب الكلام إلى ما كان عليه قبل التقديم والتأخير
==========================
==========================
7 - فَكُّ طرفي الاستعارة لإظهار المحذوف إن كان مُشَبَّهاً أو مُشَبَّهاً به
==========================
ملاحظة سياق الكلام من حيث التشابهُ والتضادُّ
============================
وسياق التشابه يظهر في اكتشاف معنى (توخّى) من بيت ابن الرومي الذي يرثي ولده الأوسط
توخّى حِمَامُ الموتِ أوسطَ صِبْيَتي 0000000000 فللهِ كيف اختار واسطةَ العِقْدِ
ويلاحظ أن الشاعر قد كرر الشطر الأول بصورة أخرى في الشطر الثاني،
فمثلاً: (العقد) يقابل الصبية، و (الواسطة) تقابل أوسط، وفاعل (اختار)
يعود على حِمَام الموت، ولم يتبق إلا أن نقابل (أختار) بفعل (توخى)
وأمّا سياق التضاد
فيظهر في بيتي المتنبي وهويمدح سيف الدولة حين انتصر على قبيلة معادية
فصبَّحَهُمْ وبُسْطُهُمُ حريرٌ 00000000000 ومسَّاهم وبُسْطُهمُ (000000)
فمَنْ في كَفِّه منهم قَنَاةٌ 00000000000 كَمَنْ في كفِّه منهم خِضَابُ
فالكلمة الواقعة في آخر البيت الأول يمكن اكتشافها من التقابل بين معني الشطرين
لأن (صبّحهم) عكس (مسّاهم) و (حرير) تقتضي لفظة مكاكسة،
فالكلمة الغامضة هي (تراب)
________________________________________
ملاحظة حركات الإعراب
====================
مثل قول امرىء القيس:
مِكرٍّ مِفرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ معاً 0000000000000000 كجلمودِ صخرٍ حطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ
فلفظة (مكرٍ) مجرورة لأنها صفة لكلمة (مُنجرد) التي وردت في بيت سابق هو:
وقد أغتدي والطيرُ في وكناتها 000000000000 بمنجردٍ قيدِ الأوابدِ هيكل
فلولا حركة الجر (في مكرٍ) لما عرفنا أنها صفة ل (منجرد) وهو حصان قصير الشعر
ومثل ذلك (قيد - هيكل - مقبل - مدبر 000)
والشأن كذلك في تعليق شبه الجملة (أي الظرف والجار والمجرور)
مما يعين على توضيح الغامض:
يقول بشارد بن برد:
على الملكِ الجبار يقتحمُ الردى 0000000000000 ويصرعه في المازق المتلاحم ِ
فشبه الجملة (على الملك) متعلق بـ (يقتحم) والسياق إذن: (يقتحم الردى على الملك الجبار
تقليب اللفظة على وجوهها الصَّرْفيّة
=========================
فكلمة [ازردرى] تصبح [يزدري
ازدرِ، المزدري، المُزْدَرَي، والازدراء]
في المضارع والأمر وأسم الفاعل وأسم المفعول والمصدر
فمعرفة أحد وجوه الصرف للكلمة يدل على اللفظة الغامضة 0
ومثل ذلك ردّ الكلمة إلى أصلها بحذف حروف الزيادة منها،
فكلمة [ازدرى] فيها حرفان زائدان هما:
الهمزة والدال المبدلة من التاء
(يُتْبَعُ)
(/)
فأصل الكلمة (زري) التي اشتقت منها الألفاظ التالية:
أزري، يُزري، المُزري، المُزْرَي، الإزراء
فلو عَرَفْنا معنى الفعل [أزرى] في بيت الشاعر أبي فراس التالي،
لعرفنا معنى اللفظة الغامضة:
يقول أبو فراس الحَمْداني محاوراً صاحبته:
فقالت: لقد أزرى بك الدّضهْرث بعدنا 0000000000 فقلتُ: معاذ الله، بل أنتِ، لا الدهرُ
________________________________________
ردُّ الضمائر إلى أصحابها
=============================
يقول بشار بن برد:
قد تَجَشّمْتُها وللجندبِ الجو 00000000000000 ن نداءٌ في الصبح أو كالنداء ِ
فالضمير (ها) في (تَجَشّمْتُها) يعود إلى كلمة سابقة هي (فلاة) إذ يقول:
وفلاةٍ زَوراءَ تلقى بها العي0000000 نَ رِفاضاً يمشينَ مشيَ النساءِ
فلو لم نعد (ها) إلى (فلاة) لما استطعنا شرح (تَجَشّمْتُها) 0
________________________________________
6 إعادة ترتيب الكلام إلى ماكان عليه قبل التقديم والتأخير
===========================================
مثال ذلك
قول بشار:
(على الملك الجبار يقتحم الردى)
فالأصل يقتحم الردى على الملك الجبار
________________________________________
7 فَكُّ طرفي الاستعارة لإظهار المحذوف إن كان مُشَبَّهاً أو مُشَبَّها به
===========================================
زأر سعيد بوجهي أو (دخل الأسد إلى الصف) يفكان على الشكل التالي:
(صاح سعيد الذي يشبه الأسد في الزئير بوجهي)
و (دخل الرجل الذي يشبه الأسد في الشجاعة إلى الصف)
ومثل ذلك في توضيح دلالة الكناية، قول الخنساء في مدح أخيها صخر
طويلُ النِّجَادِ رفيعُ العِمَاد 000000000000 كثيرُ الرمادِ إذا ما شَتَا
إذ لايكفي لشرح معاني البيت
أن نقول: (إن حِمالة سيف صخر طويلة،وعمود خيمته عالٍ، وعلى باب داره رماد كثير
في أيام الشتاء)
لأن في البيت ثلاث كنايات متتابعة توضّح في الشرح التألي:
أن صخراً طويل القامة، لطول حِمالة سيفه، ممايدل على شجاعته، حسبما يتوهم العرب
وهو رئيس في قومه، لأن خيمته أعلى من خيامهم، كما أنه رجل كريم
لكثرة الرماد في مواقده في فصل الشتاء 0
والخطوتان السابقتان بتفاصليمها تُنفّذان قبل الشروع بالكتابة
________________________________________
في الكتابة فنتبع المراحل التالية
%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%
(1) مقدمة موجزة مركزة نربط فيها النصَّ بما يوضِّحه من حياة الأديب صاحب النص، وامناسبة التي قيل فيها
(2) شرح معاني النص
وهناك طريقتان للشرح، للطالب أن يختار منها مايلائم ذوقه
وسوف أعود لتوضيح الطريقتين لاحقا
________________________________________
أ 0000 شرح النص بيتا بيتا
على أن نربط بين البيت والذي يليه بحرف من حروف الوصل
كالواو والفاء ونحوهما
ليبدو النص كلاّ متماسكاً
ب 0000 شرح النص بشكل متصل
وللطالب أن يشرح النص مستخدما
1ـــ ضمير المتكلم نيابة عن الشاعر
2ـــ أو أن يشير إلى الشاعر بضمير الغائب
ولا يجوز الخلط بين الطريقيتن 0
هذا، ويبنبغي استعياب المعاني الكلية والجزئية للنص بلا زيادة أو نقصان،
إلا ماتقتضيه الحاجة لتوضيحِ غامض، أو تفصيلِ مُؤْجَز، مع عدم تكرار ألفاظ الأديب في نثرنا
كما ينبغي الحفاظ على صور الأديب وعواطفه، وتلاوينه الأسلوبية
بين الخبر والانشاء 0 ولتبيان ماتقدم، نضرب المثال التالي:
قال المتنبي في مدح سيف الدولة:
وقفتَ ومافي الموت شكٌ لواقفٍ 0000000000000 كأنكَ في جفن الردى وهو نائمُ
فلنشرح صدر البيت بطريقتين، لنميز الطريقة المثلى
ا) وقفت أيها القائد المظفر في الحرب موقفا لايقفه أحد إلا وهو موقن بالموت
ب) وقفت أيها القائد المظفر في الحرب، (كالأسد) موقفا لايقفه أحد إلا وهو موقن بالموت
فزيادة التشبيه (كالأسد) مضرة بالشرح
لأن التشبيه غير وراد في قول المتنبي
على العكس من عبارة (أيها القائد المظفر) لحاجة المعنى إليها
المصدر: في الدراسة الأدبية
تذوق النص الأدبي
تأليف: عبدالله الطنطاوي
محمد الحسناوي
ـ[سامح]ــــــــ[02 - 02 - 2005, 05:35 م]ـ
تختلف طرائق الدراسة
ويبقى لكل متذوق طريقته في التعامل مع النص.
شكراً لك أيها الناقد هذا الطرح
بوركت
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[02 - 02 - 2005, 09:06 م]ـ
شكراً أستاذ سامح لمرورك الكريم
ـ[نوف]ــــــــ[01 - 04 - 2005, 02:59 م]ـ
سؤاااااال
طلب مني أستاذ النقد تحليل قصيدة , ثم طلب مني أستاذ الأدب الطلب نفسه
مالفرق بين الطلبين؟!
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[01 - 04 - 2005, 05:18 م]ـ
في الأدب اهتمي بالنواحي الجمالية
والنقد أهتمي بالجمال والضعف
وربما أن يكون لافرق بل الفرق هو حاجة الدكتور واهتماماته
شكراً أختي نوف
ـ[بديع الزمان]ــــــــ[01 - 04 - 2005, 07:36 م]ـ
سؤاااااال
طلب مني أستاذ النقد تحليل قصيدة , ثم طلب مني أستاذ الأدب الطلب نفسه
مالفرق بين الطلبين؟!
هنا عليك أن تتعاملي مع النص وفق الطريقة التي بينها الأستاذ فلربما أن كلاّ منهما قد اختار طريقة في التحليل مختلفة عن الآخر وهذا ما سبق أن أشار إليه أستاذنا سامح.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[04 - 04 - 2005, 06:39 م]ـ
الأخ الكريم: عاشق البيان ..
قلت:"الغاية من دراسة النص
دراسة أدبية
هي تقدير قيمة النص،
أي الحكم له بالجودة،
أو الحكم عليه بالتقصير،
أو وضعه بين بين، ... "
الذي فهمته من سؤالك (كيف تدرس نصاً أدبياً؟) , وبين هذا الكلام ,أنك جمعت بين شيئين أولهما: تحليل النص الأدبي تحليلاً أدبياً أي شرح معانيه و بيان مقصود الشاعر , ثم أعقبت بذلك بالحكم على النص الأدبي سواء بالقبول أو الرفض , وهذا يجعلنا ننحنى منحى النقد الأدبي ..
لكن هذه الطريقة برأيي لا تكفي , ثمة جماليات كامنة تكمن في النص الأدبي لا يستطيع التحليل المجرد لها كشفها , ولا الحكم على النص بصورة مجردة أيضاً أن تكون كافية لإيضاح جمال نص ما ..
منذ بداية التسينات تقريباً او ربما أكثر ظهرت المناهج النقدية الحديثة , تلك المناهج التي أعطت للنص الأدبي رونقاً جديداً و طابعاً مختلفاً أخاذاً ..
لكن قد يعارضني البعض و يقول أنها مناهج لا تسمن ولا تغني من جوع , حينها سأقول مهلاً ..
إن الناقد الحاذق الفطن لا يحكم على منهج بمجرد سماع بضغة كلمات , وليس يعني أننا عندما نميل إلى منهج نقدي معين أن نتخبط فيه خبط عشواء ... !
لذا أقول ثمة أسس رائعة وضعتها المناهج الحديثة و إن كنا نشم من ورائها عبق التراث ... إلا أنها استطاعت أن تجعلنا نتذوق النص الأدبي و نحلله و ننقده وفق ضوابط ومعايير محددة.
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[04 - 04 - 2005, 09:35 م]ـ
الأخ الكريم: عاشق البيان ..
قلت:"الغاية من دراسة النص
دراسة أدبية
هي تقدير قيمة النص،
أي الحكم له بالجودة،
أو الحكم عليه بالتقصير،
أو وضعه بين بين، ... "
الذي فهمته من سؤالك (كيف تدرس نصاً أدبياً؟) , وبين هذا الكلام ,أنك جمعت بين شيئين أولهما: تحليل النص الأدبي تحليلاً أدبياً أي شرح معانيه و بيان مقصود الشاعر , ثم أعقبت بذلك بالحكم على النص الأدبي سواء بالقبول أو الرفض , وهذا يجعلنا ننحنى منحى النقد الأدبي ..
لكن هذه الطريقة برأيي لا تكفي , ثمة جماليات كامنة تكمن في النص الأدبي لا يستطيع التحليل المجرد لها كشفها , ولا الحكم على النص بصورة مجردة أيضاً أن تكون كافية لإيضاح جمال نص ما ..
منذ بداية التسينات تقريباً او ربما أكثر ظهرت المناهج النقدية الحديثة , تلك المناهج التي أعطت للنص الأدبي رونقاً جديداً و طابعاً مختلفاً أخاذاً ..
لكن قد يعارضني البعض و يقول أنها مناهج لا تسمن ولا تغني من جوع , حينها سأقول مهلاً ..
إن الناقد الحاذق الفطن لا يحكم على منهج بمجرد سماع بضغة كلمات , وليس يعني أننا عندما نميل إلى منهج نقدي معين أن نتخبط فيه خبط عشواء ... !
لذا أقول ثمة أسس رائعة وضعتها المناهج الحديثة و إن كنا نشم من ورائها عبق التراث ... إلا أنها استطاعت أن تجعلنا نتذوق النص الأدبي و نحلله و ننقده وفق ضوابط ومعايير محددة.
شكراً أخي على مداخلتك الرائعة التي حركت الموضوع
قلت:"الغاية من دراسة النص
دراسة أدبية
هي تقدير قيمة النص،
أي الحكم له بالجودة،
أو الحكم عليه بالتقصير،
أو وضعه بين بين
لم أقصد بكلامي شرح المعاني فقط بل تحليلهاعلى أي منهج المنهج
يرتاح إليه الناقد، مع أنني أفضل المنهج الأسلوبي أو البنيوي
لدلك فبكلامي السابق لم أتجاهل المناهج النقدية الحديثة التي أثرت الساحة النقدية
وخدمت الناقد الأدبي بالكثير من الطرق الحديثة
أظنك اكتشفت أنني لم أقتصر على شرح المعاني فقط بل لابد من الغوص في جماليات النص
أخيراً أنا اخالفك الرأي في البت بالنقد من خلال كلمات قلائل لأن الناقد الفطن هو الدي يفطن للنص وأبعاده حتى ولو كان يقرأ نصاً قصيراً
ولك تحيتي
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[05 - 04 - 2005, 05:33 م]ـ
الأخ الكريم: عاشق البيان
جميل جداً أن تكون هناك روحاً طواقة للمناقشة ..
عموماً .. تطرقت إلى مسألة المناهج الحديثة حتى لا يظن ظان أنها لا تدخل في تحليلنا لأي نص أدبي .. فقط أحببت أن ألمح إليها ,وإن كنتَ قد غفلت عنها أو ربما سهوت.!
أما فيما تخالفني فيه , فعذراً عندما أقولك لك أنك لم تفهم قصدي أو ربما أني لم أستطع التوضيح .. !
سأوضح لك من جانبين ..
أولاً: ما ورد في ردي:"إن الناقد الحاذق الفطن لا يحكم على منهج بمجرد سماع بضغة كلمات ".
قلتُ منهجاً ولم أقل نصاً .. لأن الذين تعاموا عن هذا المناهج قصداً في عدم الولوج إليها لأنها لسبب بسيط "مصدر غربي بحث", أخذوا بمجرد سماع (بضع كلمات) عن هذه المناهج- من بعض السذج - يبنون ويقيسون قدرة وفاعلية هذه المناهج في خدمة النص الأدبي من عدمه دون دراسة مكثفة لمعرفة طبيعتها ومدى مرونتها ..
ثانياً:
ما ورد في ردك الأخير .. -وما فهمته- أنك تقصد بأننا نستطيع النقد على النص الأدبي بمجردع بضع كلمات أو أبيات .. !
إن كنت أحترم رأيك أخي الكريم (عاشق البيان) ولكلٍ وجهته الخاصة , إلا أنني أرى أن مجرد أبيات لا تكفي ولا تشفي في استكشاف جمال النص , وهذا لا يعتمد على طول النص أو قصره , فالنص نعم قد يكون قصيراً لكنه نصاً متكاملاً بفنيته وشكله ومضمونه ..
لكن أن أقتبس من هذا النص بيتان مثلاً وأدرسهما دراسة نقدية فلا أظنه سيكفي إذا ما درست كامل النص من رأسه إلى أخمص قدمه.
ولعلي قد أوافقك بعض الشيء في أن بعض النصوص قد تسمح بهذه الفكرة إذا لم تكن تحمل وحدة عضوية متكاملة ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[05 - 04 - 2005, 09:13 م]ـ
إن كنت أحترم رأيك أخي الكريم (عاشق البيان) ولكلٍ وجهته الخاصة , إلا أنني أرى أن مجرد أبيات لا تكفي ولا تشفي في استكشاف جمال النص , وهذا لا يعتمد على طول النص أو قصره , فالنص نعم قد يكون قصيراً لكنه نصاً متكاملاً بفنيته وشكله ومضمونه ..
صحيح كلامك لكنها تبين وتكشف أبعاد المبدع وليس النص
لك شكري
ـ[] [~عاشقة الضاد~] []ــــــــ[15 - 04 - 2005, 09:11 م]ـ
اشكر الجمييع الصررااحة افتدووني افاادكم الله ياا اخوااني(/)
أبحث عن متخصصين في النقد الأدبي!!
ـ[الحب خطر]ــــــــ[25 - 01 - 2005, 07:40 م]ـ
هديت إلى هذا الموقع حين كنت أبحث في النقد واللغة بشكل عام فهداني محرك البحث منتدى الفصيح وحين سجلت حضوري فيه كضيفة قارئة لم أتواني لحظة واحدة في الانتساب إليه
وللحق أود أن أعرض من خلال صفحات الموقع قصائد وقصص ستجد طريقها للنشر قريباً نريد أن ننقح القصائد والقصص ونحللها أدبياً
ولأنني عضوة جديدة فأنا لا أعرف من يمكنه تقديم هذه المساعدة
لذلك أحببت أن أعرف المتخصصين بالنقد هنا وتخصصاتهم لكي أعرضها ضمن ما سأقدمه
هل سأجد نقّاد موضوعيين هنا؟
وطن من الورد أنثره بين أياديكم
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[26 - 01 - 2005, 12:52 ص]ـ
سينقل الموضوع إلى المنتدى الخاص بالنقد
ـ[الحب خطر]ــــــــ[26 - 01 - 2005, 12:27 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بما أنك مؤسس المنتدى لا بد لديك فكرة عن الأقلام المتخصصة في النقد فهلاّ وضع لقب للناقد المتخصص تحت معرّفه حتى نتوجه إليه بالسؤال
سيدي
أرجو ألا أكون قد أثقلت عليك
شكري وتقديري الجم لشخصك الكريم
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[26 - 01 - 2005, 02:30 م]ـ
النقاد كثر وأخشى أن أذكر اسما وأنسى آخر
لذا كانت فكرة نقل الموضوع هنا كي يأتوك جميعا
ولا أغفل ذكر مشرف القسم الأستاذ سامح فهو أستاذ جدير بالثقة والاحترام
ـ[الحب خطر]ــــــــ[26 - 01 - 2005, 02:59 م]ـ
القاسم
مؤسس منتديات الفصيح
أود أن أطرح عليك اقتراحاً لست أدري إن كان سيرحب به أم لا ولكن
تقول النقاد كثر وهذا أمر مشجع ومفرح أيضاً
لمَ لا يوضع تحت معّرف الشخص لقب ناقد أدبي أو يحدد تخصصه العلمي ويباشر بالرد على ما يطرح من أسئلة فمثل هذا المنتدى بيده أن يقدم الكثير لرواده أعضاءاً وزواراً
كما أن الأستاذ سامح سيكثر عليه نقد ما قد نطرحه من أعمال أدبية
لمَ لا يكون هناك ناقد متخصص للقصائد وآخر للقصص ... الخ ويتم التعاطي مع ما يطرح بجدية
لقد وعدت أخوة لي بمساعدتهم في عرض أعمالهم الأدبية للنقد عبر منتداكم الرائع تمهيداً لطبعها ونشرها وأتيتكم طلباً للمساعدة فهل سأجد من يلبي هذا الطلب؟
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[26 - 01 - 2005, 08:19 م]ـ
أنا معك في هذا الاقتراح
ولكن من ستظنه يقبل بهذه المسؤولية ويقوم بهذا العمل بالتحديد
لو وجدنا من يقبل بهذا الأمر فسيطرح الشأن على المشرفين للبت فيه
ولكن شريطة أن يقبل هذا الشخص بهذا العمل ويلتزم به.
شكرا لك
ـ[الحب خطر]ــــــــ[26 - 01 - 2005, 10:41 م]ـ
أتخولني سيدي للإعلان عن ذلك عبر القسم العام
أولاً نتعرف على النقاد و مؤهلاتهم
ثم نرى إمكانياتهم في عرض خدماتهم؟
وإن تقبّلوا الأمر بدأنا في عرض الأعمال الأدبية
ما رأيك؟
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[26 - 01 - 2005, 10:48 م]ـ
افعل ما بدا لك
ـ[سامح]ــــــــ[01 - 02 - 2005, 02:39 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
الأخت / الحب خطر
أقول لك وبصراحة إنك لو بحثت ستجدين
لكن أحداً لن يتفرغ للنقد وتحليل النصوص.
كثيرة هي الأسماء - كما قال أستاذنا القائد القاسم -
ولكنك إن طلبت لن تجدي أحداً.
ليس لوما أوذماً ولكنها ارتباطاتهم العلمية والعملية
والإعلامية أيضاً ..
أعترف بأن ثقة لاأستحقها جعلتني مشرفاً دونهم
ولكنه سد الثلمة.
إن أردت التنقيح وإبداء رأي عام فأظن أنك ستجدين من يفيدك
أما فيما يتعلق بالتحليل فهو متعب وأمين
والأمانة شديدة وعظيمة.
لكِ التحية ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[الحب خطر]ــــــــ[01 - 02 - 2005, 04:44 م]ـ
شكراً استاذ سامح
على الأقل برغم ارتداد صوتي مرات ومرات
هنا من تحدث لأتوقف عن طلب بغيتي
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[01 - 02 - 2005, 10:42 م]ـ
أختي الحب خطر
لعلك توضحي أكثر
للأعضاء المهتمين بالنقد
ماطبيعة العمل
هل هومتخصص بحت
أم يستطيع أن يفعله
كل مهتم
هل الأعمال كثيرة أم أنها بسيطة تمكن للمشغول
أن يعملها
أسئلة كثيرة حول مرادك أتمنى أن تجيبي
عليها
حتى يعرض الأعضاء خدماتهم
ولك أعمق تحية
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[02 - 02 - 2005, 03:43 ص]ـ
المعذرة للأخت الحب خطر
ـ[الحب خطر]ــــــــ[02 - 02 - 2005, 12:42 م]ـ
الرّسالة الأصليّة كتبت بواسطة عاشق البيان
أختي الحب خطر
لعلك توضحي أكثر
للأعضاء المهتمين بالنقد
ماطبيعة العمل
هل هومتخصص بحت
أم يستطيع أن يفعله
كل مهتم
هل الأعمال كثيرة أم أنها بسيطة تمكن للمشغول
أن يعملها
أسئلة كثيرة حول مرادك أتمنى أن تجيبي
عليها
حتى يعرض الأعضاء خدماتهم
ولك أعمق تحية
عاشق البيان
سأطرح عليك سؤالاً بصرف النظر الآن عن النقد
كاتب أو شاعر يود أن يطرح مؤلفه أو ديوانه مقروءاً أليس الأمر يتطلب أن يكون هناك ناقداً ينقح ماقد يقعان فيه من أخطاء؟
دار الطبع هل تقوم بمثل هذا الأمر؟
بإجابتك تضيء لي الطريق الذي سأسلك
وطن من الورد أنثره بين أيايدك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[02 - 02 - 2005, 01:19 م]ـ
أختي
صحيح لابد عرض النتاج لأكثر من متخصص
في النحو والصرف ثم في البلاغة
ثم الأملاء حتى الإخراج
أما عن دور النشر فلا أعتقد أن فيها المؤهل لذلك إلا ما ندر
ولك تحياتي
على العموم ديواني مخطوطة تحت الطبع بعنوان مشاعر بلا قيود
ليته يدخل ضمن بحثك
ـ[الحب خطر]ــــــــ[02 - 02 - 2005, 01:33 م]ـ
الرّسالة الأصليّة كتبت بواسطة القاسم
المعذرة للأخت الحب خطر
لا بأس
ـ[الحب خطر]ــــــــ[02 - 02 - 2005, 01:40 م]ـ
الرّسالة الأصليّة كتبت بواسطة عاشق البيان
أختي
صحيح لابد عرض النتاج لأكثر من متخصص
في النحو والصرف ثم في البلاغة
ثم الأملاء حتى الإخراج
أما عن دور النشر فلا أعتقد أن فيها المؤهل لذلك إلا ما ندر
ولك تحياتي
على العموم ديواني مخطوطة تحت الطبع بعنوان مشاعر بلا قيود
ليته يدخل ضمن بحثك
تقول أن ديوانك تحت الطبع فهل لك أن تخبرني بالمراحل التي مررت بها ومن هم المتخصصين الذين رجعت لهم في ما ذكرت
أنار الله قلبك إيماناً ورضا
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[02 - 02 - 2005, 04:27 م]ـ
هو انتهى تجميعاً وترتيباً
ولم ينته تصويباً وتقويماً
ـ[سامح]ــــــــ[02 - 02 - 2005, 05:15 م]ـ
الشاعر / عاشق البيان
فقط أحببت حجز نسختي من الديوان
حال طباعته ..
لك التحية .. وبالغ التقدير
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[02 - 02 - 2005, 09:13 م]ـ
سامح
لك تقديري
ولكن لاأريد أن ننسى طلب الحب خطر بما نستطيع
ـ[الحب خطر]ــــــــ[02 - 02 - 2005, 09:57 م]ـ
الله الله
وأنا أيضاً أريد نسخة: D
حسناً عاشق البيان
علمني مما علمك الله
أقرأت قصيدتي الشاهين؟
إحداهما في الإبداع (اليوم قالت لي معلمتي) والأخرى بقسم الأدب (دمعتان ومبسم)
وقصة (نداء استغاثة) بقسم النقد للطائر المهاجر
وهما بصدد إصدار ديوان وقصة ونريد أن نقوم بعمل ذلك
ينقصنا ناقد وخبرة
فهل تسدي لنا معروفاً
حماك الرحمن من كل شر
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[02 - 02 - 2005, 11:56 م]ـ
شكرا أختي
أما عن خدمتي تشرفني
لكن بضاعتي مزجاة في النقد
ولعلنا نتعاون على هذا العمل
كأن يفتح للنص موضوع ثم يأتي دور النقاد
لعرض ماعندهم
ليكتمل العمل
ولكم أرق التحايا(/)
نقاّد الفصيح هلموا!!
ـ[الحب خطر]ــــــــ[29 - 01 - 2005, 02:09 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحاول في هذا الطرح أن أبحث عن الضوء
نّقاد الفصيح
الذين هم الآن بمثابة (المعلم)
الذين يقدمون ما لديهم من علم على طبق من ذهب لكل قارىء سواء أكان زائراً أو عضواً
أتقدم بطلب لهم مقدمة لهم بطاقة مدوّن عليها
(طوبى لمعلم الناس الخير)
فهل يقدمون أنفسهم حتى يتسنى لنا التواصل معهم والانتفاع بما يحملونه من كنوز؟
الاسم:
التخصص:
الوظيفة:
جميعا بانتظاركم
لا تشحوا علينا بضوءكم
ووطن من الورد أنثره بين أياديكم
ـ[الحب خطر]ــــــــ[30 - 01 - 2005, 12:57 م]ـ
يا نقاااااااااااااااااااد الفصيح ح ح ح ح ح ح ح
يا إلهي
صوتي يرتد إليّ
ـ[الحب خطر]ــــــــ[30 - 01 - 2005, 07:32 م]ـ
ألا يوجد نقّاد هنا؟
هنا هنا هنا هنا؟
ما زال صوتي يرتد إليّ
اممممممممم
إذن علموني كيف أنقد؟
ـ[سامح]ــــــــ[01 - 02 - 2005, 03:00 م]ـ
للأسف كثير من النقاد لايزورون هذا المكان
لكِ التحية ..
والعزاء أيضاً: (
ـ[الحب خطر]ــــــــ[01 - 02 - 2005, 03:42 م]ـ
: mad:(/)
أولئك آبائي .. ! قراءة في منجزنا النقدي .. (الحلقة الثالثة)
ـ[ابن الشمس]ــــــــ[16 - 02 - 2005, 07:48 م]ـ
الآمدي الناقد ( ... - 370 هـ)
هو " الحسن بن بشر بن يحيى الآمدي، أبو القاسم: عالم بالأدب، راوية من الكتاب، له شعر، أصله من آمد ومولده ووفاته بالبصرة ()، قال عنه ابن النديم: " مليح التصنيف، متعاط مذهب الجاحظ فيما يعمله من الكتب"وقال ياقوت الحموي فيه: كان حسن الفهم، جيد الدراية والرواية، سريع الإدارك - كاتب القضاء من بني عبد الواحد بالبصرة".
له مؤلفات كثيرة بلغت ثلاثة عشر كتابًا، منها ديوان شعر. ويعد كتابه (الموازنة بين أبي تمام والبحتري) من أحفل كتبه وأبرزها في مجال النقد الأدبي في عصره، وهو ما سأقتصر عليه في هذا العرض.
- الهدف من الكتاب ومنهج المؤلف فيه:
كشف الآمدي عن هدفه من تأليف كتابه وهو الموازنة بين الشاعرين أبي تمام والبحتري، لخصومة بين أنصار كل منهما.
وقد اختط الآمدي لكتابه هذا منهجًا اتبعه على النحو التالي:
1 - عرض مذاهب النقاد في الشاعرين والاهتمام بهما سواء أكانت محاسن أم مساوئ.
2 - الموازنة بين فصائد الشاعرين من حيث المضمون والشكل في أبيات مفردة، وقد برع الآمدي في ذلك وأظهر مقدرته النقدية، وذوقه المرهف تجاه النصوص الشعرية للشاعرين، كما أكدت هذه الموازنة استقصاءً وعمقًا في الغوص في معاني الشعراء والارتباط بالقديم، وتكوين رؤى نقدية قائمة على أسس علمية سليمة.
3 - يعمد الآمدي في موازنته بعد عرض المحاسن والمساوئ لكل من الشاعرين، ووضع الحجج والآراء، والموازنة المعللة المفسرة إلى أن يجعل القارئ يحكم بينهما.
ويعد هذا- في نظري- ملمحًا عظيم الشأن لتكوين رؤى سليمة وإصدار أحكام نقدية معللة من قبل القارئ، وذلك لعلم الآمدي باختلاف الأذواق والآراء والاتجاهات لدى الناس.
- ويمكن عرض طريقة التطبيق لدى الآمدي في منهجه فيما يلي:
1 - عرض مذاهب النقاد في الشاعرين وتفضيل أحدهما على الآخر.
2 - سوق احتجاجات الخصمين (أنصار أبي تمام وأنصار البحتري).
3 - ذكر سرقات أبي تمام.
4 - دراسة الأخطاء، سواء أكانت في المعاني أم الألفاظ لدى أبي تمام.
5 - المآخذ الفنية على أبي تمام، وتتركز هذه المآخذ على قبيح الاستعارات، والتجنيس، والطباق، والمقابلة، معززًا رأيه بالشواهد المتنوعة من القرآن والشعر الجاهلي والأموي.
6 - المآخذ الأسلوبية، ويركز الآمدي على سوء النسج وتعقيد النظم، ورديء الألفاظ، وحوشي الكلم، ويرجع ذلك إلى طلب أبي تمام للبديع.
7 - المآخذ العروضية، كالزحافات و العلل واضطراب الوزن لدى أبي تمام.
8 - سرقات البحتري، وقد سار على ذات المنهج الذي عمله مع أبي تمام.
9 - أخطاء البحتري في المعنى والعروض، ويظهر- هنا- أن الآمدي كان متعاطفًا إلى حد ما مع البحترى.
10 - فضل الشاعرين، حيث عرض الآمدي ما لأبي تمام والبحتري من فضل ونعتهما وأثنى عليهما.
11 - الموازنة التفصيلية: بعد أن عرض الآمدي ما لكل شاعر وما عليه بدأ بالموازنة التفصيلية بين معنى ومعنى لكل من الشاعرين مثل: الابتداءات، وحسن التخلص، ومعاني المديح.
- سرقات المعاني:
يرى الآمدي أن سرقات المعاني ليست من كبير المساوئ لدى الشعراء، وخاصة المتأخرين، و لا سيما المعاني المشتركة، كما أنه يعلي من شأن السرقة الممدوحة، والأخذ الحسن وإن سبقه بذلك ابن طباطبا، على أن الآمدي يقرر أن تقارب بيئة الشاعرين يجعلهما متفقين في كثير من المعاني، كما أنه يرجع بعض السرقات إلى كثرة محفوظ الشاعر، باعتبار أن معاني ما يحفظه من الشعر تستقر في نفسه، وتتسرب إلى شعره.
- صفات الناقد لدى الآمدي:
وضع الآمدي أمام الناقد خطوات يسير عليها ليكون حكمه على النصوص الأدبية صائبًا موافقًا لما كان عليه الأقدمون، وهي:
1 - رواية الشعر والمداومة على قراءته، وخاصة القديم منه.
2 - كثرة الاطلاع على آراء النقاد وعلماء الشعر، والنظر فيما أجمع عليه الأئمة من تفضيل بعض الشعراء على بعض، وبعض القصائد على غيرها، وأسباب ذلك وتفسيره، وإطالة النظر فيه.
3 - التدرب على نقد الشعر ومقارنة ذلك بآراء الأئمة في النقد؛ لبيان جوانب القصور والخطأ.
4 - أن يكون حكمه موضوعيًا قائمًا على أسس علمية سليمة، دون تحيز لطرف على آخر، أو تجن على شاعر دون النظر في شعره وبيان جيده ورديئه.
(يُتْبَعُ)
(/)
5 - التخصص في هذا الفن وعدم الجمع بين فنون مختلفة، حتى يكون الناقد على دراية تامة بكل ما يحتوي عليه هذا الفن أو جله، ومعرفة أسراره ودقائقه التي لا يمكن تمييزها إلا من حاذق بارع متخصص.
- ميزان الآمدي الناقد:
1 - تبحره في العلوم العربية ووقوفه على طرفها واتجاهاتها في فهم الأدب وتحليل نصوصه.
2 - أنه لخص لنا الآراء النقدية التي قيلت في الشعر العربي حتى عصره، وروى كثيرًا من آراء النقاد.
3 - يتميز بأن له ذهنًا منظمًا، يجمع بين العلم وتنظيمه والذوق الصافي في التحليل والتعليل.
4 - اختلافه عن سابقيه كابن قتيبة وابن سلام الجمحي، وقدامة بن جعفر، وغيرهم من حيث الموازنات المستفيضة وتحليل النصوص الشعرية، وتفضيل بعضها على بعض من خلال الأدلة والشواهد المتنوعة.
5 - عرض مسائل نقدية ووظفها بما يتلاءم ومنهجه الذي اختطه مثل: عمود الشعر القديم، وعمود الذوق.
6 - حلل ما ظهر في أشعار المحدثين من بديع وتعقيد، وسوء نظم، وتناقض، وغموض، وأخذ وسرقة وبعد استعارة، وغلو وركاكة في الأساليب، مع ذكر العلة و أسباب الضعف، وربطه بالشعر القديم وخاصة الجاهلي منه، وهو بذلك يؤثر الشعر المطبوع على الشعر المصنوع.
7 - أن إصدار الأحكام لديه غير متعجل، بل بعد دراسة مستفيضة في الجزئية التي حددها.
8 - تعليله لبعض أخطاء المحدثين ومحاولة إيجاد مخرج من خلال ما وقع فيه بعض المتقدمين من الشعراء.
9 - أورد كثيرًا من النظريات الأدبية مثل: (الحاسة الفنية التي يرجع إليها الناقد، الذوق الأدبي والممارسة). ووازن بين القدماء والمحدثين من خص الشواهد التي يوردها.
10 - إيثاره للشعر القديم حتى جعله النموذج المحتذى للمتأخرين، والمقياس في الحكم، فما جرى على طريقته كان حسنًا وما انحرف عنه كان زيفًا خطلاً.
11 - أطّّر للموازنات، ووضع لها قواعد وأسسًا راسخة يسترشد بها الناقد.
- خصائص كتاب الموازنة:
1 - أنه يعد من أحفل كتب النقد وأكثرها جمعًا لأحكامه ومسائله وخاصة ما يتصل بالموازنات بين الشعراء وقضاياها النقدية.
2 - وصل المؤلف في هذا الكتاب بالموازنات إلى مستوى التنظيم والتأطير للقواعد الأساسية.
3 - ربط المؤلف بين التنظير والتطبيق في القضايا النقدية التي طرحها.
4 - أفاد الآمدي ممن سبقه فأتت آراؤه نتاج استلهام آراء الآخرين وتكوين رؤى ذاتية قائمة على النظر والفطنة.
5 - انتقل بالموازنة نقلة نوعية جديدة، حيث جعلها بين شاعرين بينما كانت لدى السابقين بين قصيدتين.
6 - الالتزام بالمقاييس اللغوية والنقدية الثابتة لدى القدماء.
7 - يعد منهجه علميًا بالمقاييس المعروفة في العصر الحاضر.
8 - أثار الآمدي أسلوب التحفيز للقارئ، وتفعيل دوره في عملية النقد، وهذه السمعة لم تكن معروفة لدى السابقين، لأنه يترك الحكم إلى ذوق القارئ بعد عرض المحاسن والمساوئ و لا ريب بأن كتاب الموازنة يعد " وثبة في تاريخ النقد العربي. بما اجتمع له من خصائص لا بما حققه من نتائج. ذلك لأنه ارتفع عن سذاجة النقد القائم على المفاضلة بوحي من الطبيعة وحدها لون تعليل واضح، فكان موازنة مدروسة مؤيدة بالتفصيلات التي تلم بالمعاني والألفاظ والموضوعات الشعرية التي لا تعرف الكلل في استقصاء موضوع الدراسة من جميع أطرافه، ولهذا جاء بحثًا في النقد واضح المنهج". غيّر من مفاهيم النقد القديمة، وخطا به خطوات أطرت له ليكون علمًا مستقلاً بذاته قائمًا على أسس ثابتة ورؤى واضحة.
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[30 - 04 - 2005, 12:47 ص]ـ
يقال دائما: الساكت عن الحق شيطان أخرس ..
لم أستمتع بكتاب قديم كما استمتعت بكتاب الموازنة ... !
سؤال دار في ذهني وأنا في خضم قراءة الكتاب إلى هذه اللحظة ...
أشعر بميل الآمدي للبحتري! .. من حيث تفنيده لآراء أنصاره بإسهاب وتفصيل و حجة قوية تفوق حجة أنصار أبي تمام .. فما السبب؟!
في كثير من الأحايين تتضح ذاتية الكاتب في كتابه رضي بذلك أم لم يرضَ, فهل ترون أن ذاتية الآمدي اتضحت من خلال عقله الباطني؟!(/)
طلب مقال ............................................
ـ[صريح]ــــــــ[17 - 02 - 2005, 12:32 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبتي من يلبي طلبي
أريد مقال نقدي ومقال علمي
ولكم الشكر والتقدير
فلا تبخلوا علينابعلمكم
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[17 - 02 - 2005, 09:39 م]ـ
لم أفهم بالتحديد قصد
لكن تحت كل قصيدة
نقد لها
شكراً لك(/)
ممكن (مقارنة بين ... )
ـ[] [~عاشقة الضاد~] []ــــــــ[18 - 02 - 2005, 12:40 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعااادت الدلووعة من جدييد بطلبااتها التي لا تنتهي خخخخ
اريد مساعدة من احد المتخصصيين في اللغة العربية فلدي تقرير
في النصووص التطبيقية وذلك بمقاارنة بين قصيدتين
وقد اخترت قصييدة رثاء للشاعرين الشيخ محمد بن راشد ود. مانع سعيد العتيبة
وذلك رثااء للمغفور له والدنا المغفور له الشيخ زايد ((رحمة له))
فارجو مساعدتي للمقارنة بين القصيدتين من خلال الاسلوب والشرح والخيال والعاطفة و ... و ......
ولكم جزيييييييييل الشكر
ـ[] [~عاشقة الضاد~] []ــــــــ[18 - 02 - 2005, 12:50 ص]ـ
وهذة هي القصيديتييين .. هول الفجيعة هذا كاد يُفقدني** رشدي وكاد حسام البأس ينكسر
ولا أُلامُ فمن أبكيه كان أباً** عليه قلب بلادي اليوم منفطر
لولا يقيني بأن الموت خاتمة **لكل حي وأن القبر منتظر
لما اهتدت لمواني الصبر أشرعتي** فعاصف الحزن لا يبقى ولا يذر
فراق من كان أغلى الناس زلزلني** فصحت: لا كنت إلا الزيف يا خبر
غاب الزعيم العظيم اليوم عن وطني** كما تغيب عن ظلمائنا القمر
فساءلتني طيور لدوح باكية** ألن يعود؟ فكاد الصبر ينتحر
هذي الرمال التي تزهو بخضرتها** لولاه ما زانها عشب ولا شجر
عرفته من قديم فارسا بطلا** بالحلم والجود معروف ومشته
كانت تجاربه الراء مدرسة** العلم فيها كنور الشمس منتشر
يصغي الى قارئ القرآن يحفظه** ويمعن الفكر فيما دلت السور
كان المعلم والتلميذ في زمن** لم يكتسب علمه بدو ولا حضر
بفطرة الخير أعطى زايد دررا** من المآثر لا ترقى لها الدرر
رأيت فيه أبا يحنو على ولد** وعشت عمري بهذا الفضل أفتخر
أحس باليتم هذا اليوم يا وطني** لكن زايدنا أيتامه كثر
وحين يبكي اليتامى فالدموع دم** من خافق الحب والخلاص ينفجر
ولا يلامون إن ناحوا فوالدهم** بفضل حكمته في حكمه انتصروا
رأى الجميع بعين الحب محتكما** الى العدالة فهي السمع والبصر
يا رب هبنا عزاء الصبر في رجل** أعطى لنا سيرة تزهو بها السير
وهب خليفته التوفيق إنّ له** قلبا كبيرا يحب الشعب معتمر
على طريق أبيه اختار رحلته** وفي دروب المعالي يقتفى الأثر
جميع من عاهدو بالامس والده** على الفداء إذا ما لوح الخطر
أتو اليه وعهد الحب يسبقهم** فهم لنصرته ارواحهم نذروا
وفي مقدمة الفرسان كان أخٌ** شهم كريم وفي الشداة مختبر
هذا محمد عون الأخ ناصره** أوفى الرجال له كفؤٌ ومقتدر
وقام في الليلة الظلماء يعضده** وفي محياه بانت للوفا صور
يا رب هب لجموع الشعب تعزية** وامنحهم الصبر حتى يرحل الكدر
واجعل نعيمك سكنى زايد فله** أسمى سجل بفعل الخير مزدخر
اليوم يلقاك يا الله مبتهجا** فجنة الخلد للأبرار تنتظر
إن سال دمعي ولم أمنع تدفقه** فلست عن ذرفه للقوم وأعتذر
رحيل زايد هذا اليوم زلزلني** ولا أُلامُ فإني يا ورى بشر
شعر: الدكتور مانع سعيد العتيبه
\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\
زلزَلَ الأرضَ مُصابُ العَرَبِ ... وتلاقَى شرقُها بالمغرِبِ
وغدا عاليَها سافِلَها ... فهيَ في حُزْنٍ وأمْرٍ عَجَبِ
ورعودٍ وبروقٍ حَفَلَتْ ... بظلامٍ وبليلٍ مُرْعِبِ
وأعاصيرَ وما خَلَّفَهُ ... ذَلكَ الزلزالُ طولَ الحِقَبِ
أيُّ خَطْبٍ حَطّمَ الأرضَ وما ... هذهِ الضَّجَّةُ بينَ الشُّهُبِ
هلْ مَضَيَ عنها الذي تَحرُسُهُ ... أمْ تُراها نُكِبَتْ بالعَطَبِ
أينَ منها زايدُ الخيرِ الذي ... كانَ نجماً في عُلُوِّ الرُّتَبِ
أينَ مِن يَعْرُبَ مَنْ يُرشِدُهَا ... أينَ مِنْ يَعرُبَ شيخُ المَوْكِبِ
عَرَبيٌّ كان في طَلْعَتِهِ ... خُلُقُ الفَارِسِ عندَ الطَّلَبِ
لَمْ يَكُنْ زايدُ فينا واحداً ... بلْ هُوَ الأُمَّةُ حينَ النُّوَبِ
نَمْ قَريرَ العينِ بَعْدَ التَّعَبِ ... يا أبي الأكْبَرَ مِنْ بَعْدِ أبي
أنْتَ ما كُنتَ لشعبي قائداً ... بلْ زَعيماً لجميعِ العَرَبِ
صانعُ المَجدِ ورُبَّانُ العُلا ... وفَتَى الخيرِ وزاكي النَّسَبِ
مَلَكاً كُنتَ لنَا لا مَلِكاً ... في تُقَى شيخٍ وأخلاقِ نَبي
ثبَّتَ الأرضَ لنا منْ بَعْدِهِ ... جَبَلُ المَجْدِ فَلَمْ تَنْقَلِبِ
يا (خَليفهْ) سِرْ بِنا نَحْوَ العُلا ... فَوْقَ هاماتِ الفضاء الرحب
محمد بن راشد آل مكتوم
والقصيدتييين باللغة الفصحى ...
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[18 - 02 - 2005, 10:02 ص]ـ
قرأتها
أو شيئاً منها
ولعل لي وقفة اكثر اتساعا
شكراً لك أختي
ـ[] [~عاشقة الضاد~] []ــــــــ[22 - 02 - 2005, 06:09 م]ـ
ما هذااااااااااا ....... ؟؟؟؟
ـ[] [~عاشقة الضاد~] []ــــــــ[12 - 04 - 2005, 02:06 م]ـ
مستحيييييييييل
........ ّّّّّّّّّّّّّ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ولا تحلييل او مشااركة
خلااااااااااص شكراااا
لاا اريد شيئا ولن اقدم التقرير هذا ولن احلل القصاايد بالرغم من ان هنااااك اسااتذة ولغوييين اكفااء لماذا تحرموني من علمكم .. ؟.؟؟؟؟: mad: :mad: :mad: ;) ;)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[13 - 04 - 2005, 03:20 ص]ـ
أختي صبرك علينا
عضاء يغيبون كثيراً
عن الفصيح لضروفهم
صبرك
صبرك
ـ[] [~عاشقة الضاد~] []ــــــــ[13 - 04 - 2005, 12:21 م]ـ
ممممم
لا اريد شيئا ..
فانا ابحث عن نص محلل حتى استفيد منه واتعلم كيفية التحلييل وان اتعلم العبارات او الكلمات والمصطلحات العربية حتى استطيع ان احلل النص بنفسي
فاخترت النصين وكنت اود ان احدا من الاساتذة او المتخصصين في اللغة العربية بمسااعدتي ولكن اظن الوقت لا يكفي ولن استفييد منه شي
والان محتارة في اختياار نص او تحليل نص فاخترت مقامات الحريري ولمعلوماتي ان المقامة البغدادية اشهرها ولكن لم اجد احد يسااعدني
ومن يوميين ابحث عن نصووص او قصايد جاهزة محللة
فماذا افعل لا احد يسااعدني
وشكراا على الرد يا اخي
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[13 - 04 - 2005, 01:18 م]ـ
أنا عل أتم الإستعداد للمساعدة
فقط حددي النوع
وارسليه علىالرسالةالخاصة أو الإيميل
لكي لانزعج الأعضاء الكرام
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[13 - 04 - 2005, 08:32 م]ـ
عزيزتي رويدك ..
لمَ لا تقرأين في بعض الكتب , هناك كتب كثيرة تعلمك كيفية التحليل , وثقي أن كثرة القراءة الذاتية هي التي ستثريك أكثر من السؤال و طلب تحاليل جاهزة.
إليكِ كتاب , مدخل إلى علم الأسلوب لشكري عيّاد,
وكتاب: التصوير الشعري لعدنان حسين قاسم .. (هذا الكتاب يبين لك جمالبات بعض النصوص).
وإن أسعفني الوقت أطلعتك على نموذج لشكري عياد ..
تحياتي.
ـ[] [~عاشقة الضاد~] []ــــــــ[14 - 04 - 2005, 02:54 م]ـ
شكرا اخي ..
وسنكون على اتصاال انشااء الله
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[14 - 04 - 2005, 08:33 م]ـ
إليكِ النموذج:
استقبال القمر
إبراهيم ناجي
أقبل بموكبك الأغرّ ** ما أظمأ الأبصار لك!
العين بعدك يا قمر ** عمياء! و الدنيا حلك!
تمضي وراء سحابةٍ ** تحنو عليك وتلثمك
وأنا رهين كآبةٍ ** بخواطري أتوهمك!!
كن حيث شئت فما أنا ** إلا معنىً بالمحال
أغدو لقدسك بالمنى ** وأزور عرشك بالخيال
وأقول صبراً كلما ** عزّ الفكاك على الأسير
روحي وروحك ربما ** طابا عناقاً في الأثير
مهما تسامى موضعك ** وعلا مكانك في الوجود
فأنا خيالك أتبعك ** ظمآن أرشف ما تجود
قمر الأماني يا قمر ** إني بهم مسقمِ
أنت الشفاء المَّدخر ** فاسكب ضياءك في دمي
أفرغ خلودك في الشباب ** واخلع على قلبي الصفاء
أسفاً لعمر كالحبابِ ** و الكأس فائضة شقاء
خذني إليك ونجِّني ** مما أعاني في الثرى
قدحي ترنَّق فاسقني ** قدح الشعاع مطهرا
واهاً لأحلام طوال ** وأنا وأنت بمعزلِ
نعلو على قمم الجبال ** ونرى العوالم من علِ
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[14 - 04 - 2005, 08:36 م]ـ
يحلل شكري عيّاد هذه القصيدة فيقول:
(يوحي عنوان هذه القصيدة بنوع من التفاؤل أو الفرح , فالاستقبال يكون لضيف عزيز نسعد بقدومه , أو لشخص عظيم نحتفل بلقائه , والوزن القصير المرن (مجزوء الكامل الذي تتعادل فيه المقاطع القصيرة و المتوسطة الطول) يزيد القصيدة إشراقاً.
ومناجاة القمر تستمر مع الشاعر من أول القصيدة إلى آخرها.
ولعلنا وقد استرعى نظرنا امتداد الحوار بين الشاعر والقمر على طول القصيدة , نجد من الأوفق أن نبدأ تحليلنا الأسلوبي لها بملاحظة طريقة خطاب الشاعر للقمر.
والسمة المميزة لخطاب القمر هنا هي كثرة أفعال الأمر التي يراد بها الرجاء أو الدعاء أو التمني , وفعل الأمر هنا يقوم بترقيم القصيدة أو بتحديد بدايات الفصول , فالمقطع الأول يبدأ بفعل أمر (أقبل) , و المقطع الثالث يبدأ بفعل أمر كذلك (كن) , وبعد ثلاثة مقاطع تأتي بداية مختلفة ولكنها تؤدي وظيفة "الترقيم" كفعل الأمر أو أقوى منه , وهي النداء المكرر " قمر الأماني يا قمر " ويمكننا أن نلاحظ هنا ما في إضافة القمر إلى الأماني من حذف حرف النداء ثم كرر النداء بـ (يا) في ذات البيت, وفي الفصل الأخير تتعاقب ستة أفعال أمر في ثلاثة مقاطع وهم " اسكب , أفرغ , اخلع , خذني, نجني, اسقني " أما المقطع الختامي فيبدو أنه مميز عن الفصل السابق إذ بدئ باسم فعل مضارع يدل على التعجب " واهاً " وخلا من أي فعل أمر ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ويبدو لنا أن تركز أفعال الأمر الدعائي في المقاطع الثلاثة التي سبقت المقطع الأخير يعبر عن تصاعد انفعال الشاعر , في حين أن خلو المقطع الأخير منها يدل على الوصول إلى نقطة إشباع. ويؤكد ذلك استعمال اسم الفعل الذي يدل على التعجب , والعطف بين ضمير المتكلم وضمير المخاطب.
ويستوقف نظرنا من بين هذه الأفعال قوله في ابتداء المقطع الثالث " كن حيث شئت" فهذا الأمر يختلف عن فعل الأمر السابق "أقبل" , وعن الأفعال التالية "اسكب .. وأفرغ ... " التي تدل على التضرع و الدعاء.
إن الذي يقول كن حيث شئت يريد بها نوعاً من التحدي , وكأنه يقول" لا يهمني من أنت , ولا ابن من تكون " وبهذا يشعر خصمه أنه أعد له اللقاء المناسب , ولكن انظر إلى ما أعده الشاعر هنا " ما أنا إلا معنىً بالمحال " إن شجاعته هي شجاعة من استعد لأن يضرب حتى الموت وكأنه يقول " عظمتك لا تخيفني , لأني أعلم أني لاشيء".
أما إذا نظرنا إلى الصور فمخاطبة الشاعر للقمر كما لو كان إنسانا عاقلاً أمر غير مستغرب في لغة الشعر ... فتلك الصور التي رسمها الشاعر تعبر عن شوقه إلى الانعتاق من هموم الدنيا, وقد عرف بسخطه على الحياة و الأحياء , ناعياً سوء حظه وضياع عمره , ولكننا لابد أن نتوقف عند سلبية الصور التي يرسمها لنفسه , فهو لا يخوض صراعاً من أي نوع كان , وإنما هو فريسة الهم و السقم و الشقاء , ولذلك فإن " القمر" يجب أن يصنع له كل شيء , ويجب أن يشفيه من همه المسقم , وأن يجعله خالداً مثله. ويأخذه بعيداً عن عالم المعاناة هذا , وربما خيِّل إلينا قوله " واخلع على قلبي الصفاء" أنه يعاني نوعاً من الصراع الداخلي ,لكننا لابد أن نستبعد هذا الفهم حيث نجده يقول:
قدحي ترنَّق فاسقني قدح الشعاع مطهرا
فهو (مستقبل) فحسب , الحياة تسقيه كدرا , وهو يريد شراباً صافيا , مع أنه لم يفعل شيئاً يستحق هذه النعمة إلا الصبر و التمني.
ولابد أن نلاحظ أيضاً أن تمثيل الشاعر للنعمة التي يرجوها من القمر قد غلبت عليه صورة " الشراب":" ما أظمأ الأبصار لك" " ظمآن أرشف ما تجود" ," اسكب ضياءك في دمي" " أفرغ خلودك في الشباب", وإن كانت هناك صورة لمسية وهي صورة العناق" طابا عناقاً في الأثير" , وصورة بصرية " العين بعدك عمياء" وثالثة مستعارة من اللبس " اخلع على قلبي الصفاء" .. وغلبة صور الشراب تجعلنا نميل إلى الظن بأن في القصيدة حزمة انفعالية ترجع في منشئها إلى المرحلة الفمية في حياة الطفل ... فعلماء التحليل النفسي يقولون: ترتكز حياة الطفل النفسية في أشهره الأولى حول فمه , فالفم هو مصدر المعرفة ومصدر الوجدان والنزوع جميعاً, فهو يرضع بفمه , يحب بفمه , ويناغي بفمه , ويميز الأشياء بفمه , والدليل على أن هذا الفم هو مصدر كل الأحاسيس الوجدانية لدى الإنسان في مراحل حياته الأولى هو أننا ربما لاحظنا أن الطفل عندما ينتهي من الرضاعة يتصبب عرقا ,وهذا يدل على الاندماج الكامل بين الأم والطفل , وعندما تنزع الأم طفلها قبل إتمام الرضاعة فإن أمارات الفزع والغضب تبدو واضحة تماماً عليه.
فالشاعر يريد أن يشعر بالاندماج الكامل بينه وبين القمر فيخلع عليه صفات الأم من العناق في قوله " طابا عناقاً في الأثير" فهو تعبير دقيق عن عناق الأم لطفلها , ومن الحنان في قوله " تحنو عليك وتلثمك", أما في قوله " العين بعدك عمياء" فهي تطابق المعروف عن اكتمال الإحساسات البصرية لدى الرضيع وأنها أول ما تتركز على أمه.
فالصور تغوص في أعماق العقل الباطني وإن تشربت كثيراً من التجارب الواعية , فهو - الشاعر – يعيش وسط أحلام وأماني و أوهام يحاول أن يصل إلى السعادة المفتقدة من خلال مناجاته مع القمر وكأنه طفل يحاول أن يتشبث بتلابيب أمه الغائبة.
فرؤيا الشاعر المفتقدة التي يختم بها قصيدته رؤيا التوحد مع الأم , في وجود لا مكان فيه لغيرهما , وقد شعر أنه مع ذلك الكائن العجيب القادر يحلق في الأعالي وهذا ما يقوله اللاوعي وللاشعور ... أما وعي الشاعر فيقول له إنه حلم مستحيل ولكنه وقد أعد نفسه له لا يملك إلا أن يسترسل فيه).
ـ[] [~عاشقة الضاد~] []ــــــــ[14 - 04 - 2005, 11:05 م]ـ
مممممممشششششششششككككورة حبيبتي
مممممم
هل استطيع ان اخذ هذة القصيدة واضيف ماعندي من شرح ((يعني ارتبها)) واصوغها باسلوبي واقدمة كتقرير ولكن يجب اولا ان ابحث او ان اكتب نبذة عن حياة الشاعر واضيف علية بعض الصور والتشبيهات والاستعارات والجناس والسجع و ... و,,
جزااااااااك الله الف الف الف خييييييييير
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[15 - 04 - 2005, 01:03 ص]ـ
بإمكانك أخيتي لكن الأهم أن تضعي كلام المؤلف بين أقواس للأمانة العلمية.
المنهج الذي اتبعه شكري هو " الأسلوبية" وليس من حرج في أن تستفيدي من المناهج النقدية باختلافها!
ـ[المستبدة]ــــــــ[15 - 04 - 2005, 02:16 ص]ـ
أهلاً بك أختي الفاضلة ..
أحييك على هذه الحماسة في طلب العلم،
وأحيي محاولتك في القراءة لرفع علمك والارتقاء به.
ولعلّ في الكتب التالية،ما يشبع حاجتك:
1/جماليات الأسلوب "الصورة الفنيّة في الأدب العربي ":د. فايز الداية،بيروت، دار الفكرالمعاصر، لبنان،دمشق،دار الفكر، سورية،ط2،1416=1995.
2/شعرنا القديم والنقد الحديث:د. وهب أحمد روميّة.
3/في النقد والأدب:ايليا الحاوي، بيروت، دار الكتاب اللبناني،ط2،جـ 5، 1986 ..
نعم .. كتاب (شكري محمد عيّاد) من أجلّ الكتب وأجملها في (علم الأسلوب).
كتبت لك شيء من أسماء الكتب التي لديّ بتواريخها وطبعاتها.
وثمة بعض الكتب الأخرى،إن أردتِ.
آمل لكِ التوفيق والسداد.
تحيّة،،،
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[] [~عاشقة الضاد~] []ــــــــ[15 - 04 - 2005, 02:03 م]ـ
وااااااو انا فرٍحةجداااااااااا
لان اخواني واخوااتي في المنتدى يهتمون باختهم (الصغيييييرة) هههه
اشك1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - كم وجزااااااااكم الله الف الف خير
وانشااء الله اذا اراد الله ان استمر معكم انشااء الله انشااء الله انشااء الله بعدالتخرج ساضع جمييع بحووثي وتقاريري في المنتدى لمسااعدة الاخريين فانا والله مشغوولة مع اختي عذاابة في بحووثنا وامتحنااتنا لاننا على وشك التخ1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ررج دعوااتكم لناا
اختي المستبدة اشكركٍ من اعمااق قلبي حبيبتي وانشااء الله ساشتري او اقرا هذه الكتب لو سنحتلي الفرصة او انني اكملت دراساتي العليا في نفس التخصص
واسمحوووووووووووولي
((((والله العظيم فرحاانة))) هههههه
ـ[] [~عاشقة الضاد~] []ــــــــ[15 - 04 - 2005, 09:23 م]ـ
اشك1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - الجمييع على مسااعدتي
ولكن اظن ان الشاعر فلسطييني .. ولكن لم اجد معلومات عنة .. ؟؟(/)
أسرار النظم عند الجرجاني
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[17 - 03 - 2005, 05:11 م]ـ
أسرار النظم عند الجرجاني
كنت أمني نفسي وأنا في بدايات دراستي الجامعية أن ننظر إلى البلاغة والنحو بعقلية تذوقية أكثر مما نحن فيه من السرد الغير مقنع للتعليلات اللغوية، و أن ننظر نظرة تذوقية تمكننا من ربط التعليلات بالفن، وتمكننا من الغوص في النصوص والامتزاج معها واكتشاف أسرارها ولم يتسن لي في ذلك الوقت أن أنظر إلى الدراسات المهتمة في هذا المجال والتي من أبرزها: دراسات عبد القاهر الجرجاني وبالتحديد نظرية النظم.
ونما ني هذا الاهتمام حتى كونت مكتبة صغيرة تحوي ما قيل عنها وحرصي بها دفعني أيضاً إلى أن انقل القارئ الكريم إلى شئ من أسرارها ولم تكن دراستي لها حصرية لعلمي أن الموضوع متشعب وطويل ولكن ما كتبته يمثل مقالاً تطبيقياً ونقاط حاولت أن أنقل ما يريد الجرجاني بها ولأنها تمثل حاجة في نفسي وحبي للتعليل الفني فلقد حاولت أن استحضر أمثلة من الواقع ومبسطة لغير المتخصص.
ما أريد هو النظم بذاته عند عبقري البلاغة الجرجاني فقط، ونظريته التي ملأت الدنيا وشغلت الناس وسبقت عصرها، وأحببت أن أوسع مداركي أولاً لأني أهوى الغوص في الدلالات النحوية وهي صلب هذه النظرية.
ومما زاد الطين بله أنني لم أجد دراسات متخصصة ضافية لما أردت بل القوائم التي استطعت أن أجمعها خليط مقالات سابقة، وما علق في الذهن دراستي في كلية اللغة العربية ولا أنس كتابي الجرجاني الدلائل والأسرار.
أولاً / النظم: تعليق الكم بعضها ببعض وجعل بعضها بسبب بعض (1) قال شوقي ضيف _رحمه الله_ أنها توخي المعاني النحوية في الكلام وربط العربية بعضها ببعض (2)
ثانياً/ أول من تكلم بها ربما يكون أرسطو في كتابه فن الشعر (3) كما تحدث عنها الجاحظ وابن المقفع بعد ذلك ولم يتفطن إليها بأبعادها وأسرارها الواسعة آن ذاك سوى الجرجاني.
ثالثاً / منشؤها:جاءت لمتطلبات إعجاز القران العظيم حتى أن بعض العلماء ربط إعجاز القرآن بالنظم كما فعل الجرجاني.
رابعاً / أنها تتصل اتصالاً وثيقاً بالتقديم والتأخير ودلالاته وهذا سر تميزها فمثلاً إن جاء زيد من الناس لا يهمك مجيؤه فتقول:جاء زيد وإن كان يهمك كالقادم من السفر مثلاً فتبدأ به وتقول زيد قادم هذا من حيث الأهمية، وربما يقدم لأغراض أخرى المهم أنه لا يجعل التقديم والتأخير اعتباطياً بل له دلالاته.
خامساً / أنها تهتم بالتصريف فكل تصريف له دلالته فـ (انطلق) غير (منطلق) فالأولى تفيد الاستمرار والثانية تفيد الثبات.
سادساً/ لا ينتهي الجرجاني عند هذه النقطة، بل يبحث في المفهوم الدلالي الذي تقتضيه فصاحة المخاطب سابقه أو لاحقه رفعاً ونصباً وجراً فالرفع بعد الفعل يدل على الفاعل والفاعل يدل على من عمل الفعل ومن ذلك تستطيع أن تقرب هذه القواعد إلى أذهاننا (4).
بعد ذلك أتعجب كلما قرأت له وهو يغوص في الآية القرآنية أو البيت من الشعر ثم تحس أنك أمام شخص يدرك لغته ويدرك ما يقرأ وأبعاد ما يقرأ ولعلي أقف على مثال واحد وهو قراءته لبيت أبي تمام (5)
لعاب الأفاعي القاتلات لعابه وأرى (6) الجنى اشتارته (7) أيد عواسل
يقول رحمه الله: (أن لعاب الأفاعي مبتدأ ولعابه خبر كما يوهمه الظاهر، أفسدت عليه كلامه وأبطلت الصورة التي أرادها فيه، وذلك أن الغرض أن يشبه مداده بأرى الجنى على معنى أنه إذا كتب في العطايا والصلات أوصل به إلى النفوس ما تحلو مذاقه عندها، وادخل السرور واللذة عليها، وهذا المعنى إنما يكون إذا كان لعابه مبتدأ ولعاب الأفاعي خبراً) (8)
هذه الدقة المتناهية في التدقيق الدلالي في القراءة السابقة يوضح عمقاً، وتقصياً عجيباً، يجعلنا نحترم هذه اللغة من جهة، وهذا العالم من جهة أخرى.
ينتج من كلامي السابق أن النظرية تتعلق تعلقاً وثيقاً بالنحو، بل هي النحو ببعده الأعمق، فعندما يحدد النحوي الفعل والفاعل يأتي دور البليغ ليحدد الرتبة ودورها في المعاني والسفر وراء الدلالات النحوية والأغراض
أخيراً لم أكن لأضيف شيئاً في مقالي هذا بل أردت أن أنقل هذا العمق الدلالي بأسلوب مبسط وأمثلة قريبة من الواقع الحي ثم لتدرك أخي أن الجرجاني أراد في (النظم) أن ندقق في البنية اللغوية وأن ندرك أسرارها ونعي كل حركاتها لندرك سر إعجاز القرآن و سر عربيتنا وهذا الكلام ثري لأنه سينقلنا إلى لغتنا بأسلوب مبسط نتفهمه ونفهمه أجيالنا وهذا الكلام أيضاً كما قلت قد سبق عصره لدقته وشموله وثراءه.
بقلم / ياسر عاشق البيان
كلية اللغة العربية
الحواشي
1 - عبد القاهر الجرجاني بلاغته ونقده للدكتور: أحمد مطلوب
2 - البلاغة تطور وتأريخ للدكتور شوقي ضيف
3_ أرسطو شاعر وناقد يوناني قبل الميلاد وفن الشعر كتابه الذي جمع بت آراؤه
4 - مقالات في الشبكة
5 – حبيب بن أوس الطائي شاعر عباسي يهتم بالمعنى وهذا سر اهتمام الجرجاني به
6 - الأرى العسل
7 - أي لزق فيها
8 - دلائل الأعجاز لعبد القاهر الجرجاني
وأيضاً استفن من:
البحث البلاغي للدكتورة عائشة فريد
أسرار البلاغة لعبد القاهر الجرجاني
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[27 - 03 - 2005, 06:13 م]ـ
ليتني أحضى بوجهات نظركم حول الموضوع(/)
ذو شجون .. ! هل قلتُ: ذو شجون .. ؟ نعم، والجميع.
ـ[المستبدة]ــــــــ[30 - 03 - 2005, 06:48 م]ـ
يبدو أنْ ثمة خربشة في العنوان .. !
لا بأس! ثمة قطط تقفز من فورها فتخربش.عذرا للجميع ..
مرحبا أهل الفصيح ..
ذو شجون: مرحبا ..
لن أطيل .. سأدلف من فوري:
اليوم و في هذي المعمة النقديّة ـ إن صحّ التعبير! ـ التي أعيش، تذكرت ما قاله
الأخ الكريم:
(تخصصي في النقد الحديث .. من أراد مساندة فلا يتردد .. )
ذو شجون، ألست القائل .. ؟
أولا سأشكرك على أن شرعت لنا هذه النافذة، ثم بودي مزيد بيان،
رؤية نقدية بشكلٍ عام لكلٍ من:
الشاعر:
بدر شاكر السياب.
محمود درويش.
فقط رؤية فنية موضوعيةـ مختصرة ـ، لكي أعتمد سلامة ما وصلت إليه ..
(لستُ بذات يد في شعرهما) ..
وممن لديه إضافة، فلا يبخل، فليس للبخل مكان بين أبناء الفصيح!
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[31 - 03 - 2005, 12:44 ص]ـ
لست متطفلاً، بل أحب خدمة تخصصي ومن أراد وحتى لا أكون بخلت ببضاعتي المزجاة لن أعتمد على كتب بل سأعتمد على متواضع ما علق من نقد الفصل الماضي.
السياب لم اقف على دراسات حوله فاعذريني
محمود درويش لن أترخ له لكن هاك نقاط حول فنه
_مواضيعة لم تتجاوز القضية الفلسطينية إلا قليلاً
_ يمتاز بالصور وكثرتها وتشعبها كأنك تقرأ لأبي ريشة وخاصة الصور التهكمية
_يمتاز بانتقاء العناوين ما رأيك ب (عابرون في كلام عابر)
_يعتمد على الرمز في غالب قصائده
_يجل المقابلات في شعره حتى في الغنوان
هذا ما استطيع تدوينه في عاجل من أمري علي أن أكون أضفت جديداً
___________________________
استفدت من مقالات للغذامي صورها الدكتور في نقد الثامن
ـ[المستبدة]ــــــــ[31 - 03 - 2005, 01:40 ص]ـ
لا مطلقا لست متطفل ..
بل أنت من هذا الرواء العذب (الفصيح) ..
أخي يسعدني كثيرا أن صافحتَ حيرة حروفي،
وقفتَ معها ثم جعلتَ نقاطها على حروفها ..
شكراً للفتتك الكريمة التي أشرقت أروقة هذه الزوايا.
**
نعم، هذا ما أُريد ثقافة من يقرأ وليس سرد ما جاء في الكتب،
نظرة منك كقارىء، ناقد، مثقف ... حول ما طرحت.
دعنا نحدد ـ على ضوء ما ذكرتَ ـ إذن:
*محمود درويش شاعر ..
أسلوبه:
*رمزي غامض ..
*هل نستطيع ـ مثلا ـ أن نقول: ومتعسّف .. ؟! (مثلاً)
* هل من أحد قرأ قصيدته (طباق) "إلى إدوارد سعيد "؟
(أعتقد هكذا!)، ثم ما هو انعكاسه حولها؟
* هل نستطيع ـ مبدئيا ـ الحكم على نهج وأسلوب، وتفكير
كاتب أو قاص أو شاعر .. من نصّ أو ثلاث على الأكثر؟!!
(ذكرتُ:مبدئيا!!)
سأنتظركم جميعا .. كل من يمرّ طيفه من هنا،
وسأنتظر الشاعر السياب ودرويش معكم ..
تحيّة ..
ـ[ذو شجون]ــــــــ[31 - 03 - 2005, 02:08 م]ـ
تناهى لسمعي صوت يناديني .. ماداً يده ..
أهلا أختي الفاضلة ..
أنا أحب ابن العراق الحزين .. الذي جسد أحزان أبناء الوطن المنهك ..
وشعره يعجبني شخصيا .. وإن كان بعض النقاد يرون عليه بعض الأخطاء الفنية ..
هل قرأت توقيعي؟؟ ;)
أما درويش فهو متميز باستيحاء الكثير من الألفاظ النصرانية مع أن هويته مسلمة!!!
عموما ..
أنا في عجلة من أمري سأعود إليك لاحقا محملا بمل يسر بإذن الله ..
شكرا لثقتك بي التي أرجو أن تكون في محلها ..
تحيتي ..
ـ[المستبدة]ــــــــ[31 - 03 - 2005, 02:19 م]ـ
أهلاً بك ..
يبدو أننا نتفق على حب ابن العراق، هو جدير بهذا.
وهل قرأت ـ في مكانٍ ما في الفصيح ـ إعجابي بتوقيعك هذا؟
يبدو ـ أيضاً ـ أننا نتفق في شيء ما، حول صاحب الثقافة الغربية.
أنتظرك.
ـ[المستبدة]ــــــــ[03 - 04 - 2005, 05:15 م]ـ
المستبدَّة تنتظر 000
أيها العابرون 0
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[03 - 04 - 2005, 11:41 م]ـ
*هل نستطيع ـ مثلا ـ أن نقول: ومتعسّف .. ؟! (مثلاً)
* هل من أحد قرأ قصيدته (طباق) "إلى إدوارد سعيد "؟
(أعتقد هكذا!)، ثم ما هو انعكاسه حولها؟
نعم هو متعسف إلى حد ما
لكنه يكتب من معاناة لأنه عايش القضية الفلسطينية فسكنت حروفه
هل نستطيع ـ مبدئيا ـ الحكم على نهج وأسلوب، وتفكير
كاتب أو قاص أو شاعر .. من نصّ أو ثلاث على الأكثر؟!!
(ذكرتُ:مبدئيا!!)
ربما يحدث لأن كلامي السابق قد تم من خلال نص واحد عابرون في كلام عابر
ليتنا نشبع الموضوع بحثاً في الصفحة
خالص شكري
تقبليه
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[03 - 04 - 2005, 11:47 م]ـ
قرأت لكم
محمود درويش .. وطن في قصيدة
19/ 06/2002
هيثم الحاج علي **
درويش يوقع على ديوانه الأخير لمعجبيه في رام الله
"لم يكن محمود درويش يعبث لحظة واحدة بأدوات رسالته لفرط حساسية هذه الأدوات. فأداة الشاعر الفلسطيني واحدة بطبيعته الاستثنائية، هذه الأداة هي الوطن المفقود الذي يصبح في الغياب فردوسا مفقودا"، هكذا صدر الحكم - قدريا - على محمود درويش الشاعر أن يولد فلسطينيا ليصبح لسانا لهذه الأرض التي أُفقدت عن عمد الكثير من ألسنتها.
والمتتبع لحياة محمود درويش يجدها قد مثّلت - بصورة نموذجية - أبعاد قضية شعبه على مدار ستين عاما هي مدتها، وعبر توصيفات صدقت في كل وقت على كل أفراد هذا الشعب.
مع الميلاد: عندما كنت صغيرا .. كانت الوردة داري .. والعصافير إزاري
في عام 1942 وُلد محمود درويش في قرية "البروة" بالقرب من عكا، وهي القرية التي لا يذكر منها الكثير، حيث بترت ذكرياته فجأة وهو في السادسة من عمره.
في إحدى الليالي حالكة السواد استيقظ فجأة على أصوات انفجارات بعيدة تقترب، وعلى هرج في المنزل، وخروج فجائي، وعدوٍ استمر لأكثر من ست وثلاثين ساعة تخلله اختباء في المزارع من أولئك الذين يقتلون ويحرقون ويدمرون كل ما يجدونه أمامهم "عصابات الهاجاناة".
ويستيقظ الطفل محمود درويش ليجد نفسه في مكان جديد اسمه "لبنان"، وهنا يبدأ وعيه بالقضية يتشكل من وعيه ببعض الكلمات، مثل: فلسطين، وكالات الغوث، الصليب الأحمر، المخيم، واللاجئين… وهي الكلمات التي شكّلت مع ذلك إحساسه بهذه الأرض، حين كان لاجئا فلسطينيا، وسُرقت منه طفولته وأرضه.
وفي عامه السابع عشر تسلل إلى فلسطين عبر الحدود اللبنانية، وعن هذه التجربة يقول:
"قيل لي في مساء ذات يوم .. الليلة نعود إلى فلسطين، وفي الليل وعلى امتداد عشرات الكيلومترات في الجبال والوديان الوعرة كنا نسير أنا وأحد أعمامي ورجل آخر هو الدليل، في الصباح وجدت نفسي أصطدم بجدار فولاذي من خيبة الأمل: أنا الآن في فلسطين الموعودة؟! ولكن أين هي؟ فلم أعد إلى بيتي، فقد أدركت بصعوبة بالغة أن القرية هدمت وحرقت".
هكذا عاد الشاب محمود درويش إلى قريته فوجدها قد صارت أرضا خلاء، فصار يحمل اسما جديدا هو: "لاجئ فلسطيني في فلسطين"، وهو الاسم الذي جعله مطاردًا دائما من الشرطة الإسرائيلية، فهو لا يحمل بطاقة هوية إسرائيلية؛ لأنه "متسلل" .. وبالكاد وتنسيقًا مع وكالات الغوث بدأ الشاب اليافع في العمل السياسي داخل المجتمع الإسرائيلي، محاولا خلق مناخ معادٍ للممارسات الإرهابية الصهيونية، وكان من نتيجة ذلك أن صار محررا ومترجما في الصحيفة التي يصدرها الحزب الشيوعي الإسرائيلي (راكاح)، وهو الحزب الذي رفع في تلك الفترة المبكرة من الستينيات شعارا يقول: "مع الشعوب العربية .. ضد الاستعمار"، وهي الفترة ذاتها التي بدأ يقول فيها الشعر، واشتُهر داخل المجتمع العربي في فلسطين بوصفه شاعرا للمقاومة لدرجة أنه كان قادرا بقصيدته على إرباك حمَلة السلاح الصهاينة، فحينئذ كانت الشرطة الإسرائيلية تحاصر أي قرية تقيم أمسية شعرية لمحمود درويش.
وبعد سلسلة من المحاصرات، اضطر الحاكم العسكري إلى تحديد إقامته في الحي الذي يعيش فيه، فصار محظورا عليه مغادرة هذا الحي منذ غروب الشمس إلى شروقها في اليوم التالي، ظانا أنه سيكتم صوت الشاعر عبر منعه من إقامة أمسياته.
إلى المنفى: وطني على كتفي .. بقايا الأرض في جسد العروبة
وهنا بدأ محمود درويش الشاعر الشاب مرحلة جديدة في حياته بعد أن سُجن في معتقلات الصهيونية ثلاث مرات: 1961 – 1965 – 1967.
ففي مطلع السبعينيات وصل محمود درويش إلى بيروت مسبوقا بشهرته كشاعر، وعبر أعوام طويلة من التنقل كان شعره صوتا قويا يخترق أصوات انفجارات الحرب الأهلية في لبنان.
وفي عام 1977 وصلت شهرته إلى أوجها، حيث وُزع من كتبه أكثر من مليون نسخة في الوقت الذي امتلكت فيه قصائده مساحة قوية من التأثير على كل الأوساط، حتى إن إحدى قصائده (عابرون في كلام عابر) قد أثارت نقاشا حادا داخل الكنيست الإسرائيلي.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا التأثير الكبير أهَّله بجدارة لأن يكون عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على الرغم من عدم انتمائه لأية جماعة أو حزب سياسي منذ مطلع السبعينيات، وقد تطورت علاقته بمنظمة التحرير حتى اختاره "عرفات" مستشارا له فيما بعد ولفترة طويلة، وقد كان وجوده عاملا مهما في توحيد صفوف المقاومة حينما كان يشتد الاختلاف، وما أكثر ما كان يشتد!.
يذكر "زياد عبد الفتاح" أحد أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واقعة تؤكد هذا المعنى فيقول: "قرأ محمود درويش على المجلس الوطني الفلسطيني بكامل أعضائه ومراقبيه ومرافقيه وضيوفه وحرسه قصيدة: "مديح الظل العالي " فأثملهم وشغلهم عن النطاح السياسي الذي شب بينهم في تلك الجلسة.
وهذا ما جعل ياسر عرفات يحاول إقناع محمود درويش بُعيد إعلان قيام الدولة الفلسطينية في المنفى بتولي وزارة الثقافة الفلسطينية، ولكن الرد كان بالرفض، معللا هذا الرفض بأن أمله الوحيد هو العودة إلى الوطن ثم التفرغ لكتابة الشعر.
وقد عاش محمود درويش كثيرا من مآسي هذه المقاومة، وشاهد بنفسه كثيرين من أصدقائه ورفقاء كفاحه وهم يسقطون بأيدي القتلة الصهاينة، وكانت أكثر حوادث السقوط تأثيرا في نفسه حادث اغتيال "ماجد أبو شرار" في روما عام 1981، حين كانا يشاركان في مؤتمر عالمي لدعم الكتاب والصحفيين الفلسطينيين نظَّمه اتحاد الصحفيين العرب بالتعاون مع إحدى الجهات الثقافية الإيطالية .. وضع الموساد المتفجرات تحت سرير ماجد أبو شرار .. وبعد موته كتب محمود درويش في إحدى قصائده: "أصدقائي .. لا تموتوا".
كان محمود درويش مقيما في بيروت منذ مطلع السبعينيات، وعلى الرغم من تجواله المستمر إلا أنه قد اعتبرها محطة ارتكازه، كما كانت حياته في بيروت زاخرة بالنشاط الأدبي والثقافي، فقد أصدر منها في أواخر السبعينيات مجلة الكرمل التي رأس تحريرها والتي اعتبرت صوت اتحاد الكتاب الفلسطينيين.
تحت القصف: (بيروت .. لا)
أثناء قصف بيروت الوحشي، كان محمود درويش يعيش حياته الطبيعية، يخرج ويتنقل بين الناس تحت القصف، لم يكن يقاتل بنفسه، فهو لم يعرف يوما كيف يطلق رصاصة، لكن وجوده - وهو الشاعر المعروف - بين المقاتلين كان يرفع من معنوياتهم، وقد أثر قصف بيروت في درويش تأثيرا كبيرا على مستويات عديدة.
فعلى المستوى النفسي كانت المرة الأولى التي يحس فيها بالحنق الشديد، على الرغم من إحباطاته السابقة، وعلى المستوى الشعري أسهم هذا القصف في تخليه عن بعض غموض شعره لينزل إلى مستوى أي قارئ، فأنتج قصيدته الطويلة الرائعة "مديح الظل العالي"، معتبرا إياها قصيدة تسجيلية ترسم الواقع الأليم، وتدين العالم العربي، بل الإنسانية كلها.
وأسفر القصف عن خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت، بينما فضّل محمود درويش البقاء في بيروت، معولا على عدم أهميته بالنسبة للصهاينة، لكنه وبعد عشرين يوما من بقائه علم أنه مطلوب للتصفية، فاستطاع أن يتسلل هاربا من بيروت إلى باريس ليعود مرة أخرى إلى حقيبته وطنا متنقلا ومنفى إجباريا. وبين القاهرة وتونس وباريس عاش محمود درويش حبيس العالم المفتوح معزولا عن جنته الموعودة .. فلسطين.
لقد كان الأمل في العودة هو ما يدفعه دائما للمقاومة، والنضال والدفع إلى النضال.
كان محمود درويش دائما يحلُم بالعودة إلى أرضه يشرب منها تاريخها، وينشر رحيق شعره على العالم بعد أن تختفي رائحة البارود، لكنه حلم لم يتحقق حتى الآن!.
اتفاقات التسوية "لماذا تطيل التفاوض يا ملك الاحتضار"؟
في عام 1993 وأثناء تواجده في تونس مع المجلس الوطني الفلسطيني، أُتيح لمحمود درويش أن يقرأ اتفاق أوسلو، واختلف مع ياسر عرفات لأول مرة حول هذا الاتفاق، فكان رفضه مدويا، وعندما تم التوقيع عليه بالأحرف الأولى قدم استقالته من المجلس الوطني الفلسطيني، وشرح بعد ذلك أسباب استقالته قائلا: "إن هذا الاتفاق ليس عادلا؛ لأنه لا يوفر الحد الأدنى من إحساس الفلسطيني بامتلاك هويته الفلسطينية، ولا جغرافية هذه الهوية إنما يجعل الشعب الفلسطيني مطروحا أمام مرحلة تجريب انتقالي .. وقد أسفر الواقع والتجريب بعد ثلاث سنوات عن شيء أكثر مأساوية وأكثر سخرية، وهو أن نص أوسلو أفضل من الواقع الذي أنتجه هذا النص".
(يُتْبَعُ)
(/)
وعاد درويش في يونيو 1994 إلى فلسطين، واختار الإقامة في رام الله، وعانى مذلة الوجود في أرض تنتمي له، ويحكمها -ولا يحكمه- فيها شرطي إسرائيلي .. واستمر يقول الشعر تحت حصار الدبابات الإسرائيلية، إلى أن تم اجتياحها أخيرا، ولم يسلم هو شخصيا من هذا الاجتياح، حيث داهمت الشرطة الإسرائيلية منزله، وعبثت بأسلحته: أوراقه وأقلامه.
رحلة الإبداع "مع الشعر مجيئي … مع الشعر رحيلي"
"إذا كنا هامشيين إلى هذا الحد فكريا وسياسيا فكيف نكون جوهريين إبداعيا؟ "
هكذا أجاب درويش، وهكذا يرى نفسه وسط عالم من الإبداع الجيد والمبدعين "الجوهريين"، رغم التقدير الذي يلقاه داخل وطننا العربي وخارجه الذي بلغ ذروته حين قام وفد من البرلمان العالمي للكتاب يضم وول سوينكا وخوسيه ساراماغو وفينثنثو كونسولو وبرايتن برايتنباك وخوان غويتيسولو إلى جانب كريستيان سالمون سكرتير البرلمان 24 مارس 2002 بزيارة درويش المحاصر في رام الله مثل ثلاثة ملايين من مواطنيه، وهذه الخطوة –زيارة وفد الأدباء لفلسطين- التي لم تستغل جيدا رغم أنها حدث في منتهى الأهمية – تنم عن المكانة التي يحتلها درويش على خريطة الإبداع العالمي.
وعلى هامش الزيارة كتب الكاتب الأسباني خوان غويتسولو مقالا نشره في عدد من الصحف الفرنسية والأسبانية اعتبر فيه محمود درويش أحد أفضل الشعراء العرب في القرن الحالي ويرمز تاريخه الشخصي إلى تاريخ قومه، وقال عن درويش إنه استطاع: تطوير هموم شعرية جميلة ومؤثرة احتلت فيها فلسطين موقعا مركزيا، فكان شعره التزاما بالكلمة الجوهرية الدقيقة، وليس شعرا نضاليا أو دعويا، هكذا تمكن درويش، شأنه في ذلك شأن الشعراء الحقيقيين، من ابتكار واقع لفظي يرسخ في ذهن القارئ باستقلال تام عن الموضوع أو الباعث الذي أحدثه.
وكان درويش قد شارك في الانتفاضة الأخيرة بكلماته التي لا يملك غيرها بديوان كتبه في أقل من شهر عندما كان محاصرا في رام الله، وأعلن درويش أنه كتب هذا الديوان – الذي أهدى ريعه لصالح الانتفاضة – حين كان يرى من بيته الدبابات والجنود, ويقول: "لم تكن لدي طريقة مقاومة إلا أن أكتب, وكلما كتبت أكثر كنت أشعر أن الحصار يبتعد, وكانت اللغة وكأنها تبعد الجنود لأن قوتي الوحيدة هي قوة لغوية".
وتابع قائلا "كتبت عن قوة الحياة واستمرارها وأبدية العلاقة بالأشياء والطبيعة. الطائرات تمر في السماء لدقائق ولكن الحمام دائم .. كنت أتشبث بقوة الحياة في الطبيعة للرد على الحصار الذي أعتبره زائلا؛ لأن وجود الدبابة في الطبيعة وجود ناشز وليس جزءا من المشهد الطبيعي".
اللافت أن درويش لم يخاطب رئيس الوزراء الإسرائيلي إريل شارون في أي قصيدة من قصائد الديوان. وقال درويش بشأن ذلك: إن شارون "لا يستحق قصيدة فهو يفسد اللغة .. هو متعطش للدماء ولديه حقد كبير, ولكن المشكلة في الدعم الأميركي الذي يمنحه بعد كل مجزرة وساما بأنه رجل سلام".
وما زال الشاعر ابن الستين ربيعا متفجرا يعيش تحت سماء من دخان البارود الإسرائيلي وخلف حوائط منزل صغير مهدد في كل وقت بالقصف أو الهدم، وبجسد مهدد في كل وقت بالتحول إلى غربال .. ورغم ذلك فإن كل هذا يقوي من قلمه، ويجعله أشد مقاومة.
http://www.islamonline.net/Arabic/famous/2002/06/images/pic04.jpg
محمود درويش يوقع ديوانه الأخير
المرجع موقع اسلام أون لاين
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[03 - 04 - 2005, 11:52 م]ـ
وان أرتم الطبيعة في شعره
الطبيعة في شعر محمود درويش
بقلم: د. نادي ساري الديك*
امتازت فلسطين عن غيرها من البلدان الاخرى بوجود اربع مناطق مناخية:
المنطقة الجبلية، السهل الساحلي، الاغوار التي تنخفض عن سطح البحر 004 م، والصحراء في الجنوب اذ جعلت هذه المناطق المناخية الاربع الطبيعة متميزة ذات طابع خاص اذ تتوفر الزراعة بأنماطها ونظمها ما يجعل الارض صاحبة سمة معينة، وقد كانت هذه السمة عاملا فاعلا في خلق حالة من الترابط والعلاقة الوثقى بين الانسان وارضه فتأصلت الوشائج بقوة رابطة العاطفة المتبادلة بينهما لقد خلقت تجربة الانسان الفلسطيني الحضارية خلال التاريخ ترابطا فكريا وعاطفيا بين الارض والانسان ذاته، الارض التي هي جزء من الطبيعة، فهي الوطن وهي المبتدى والمنتهى.
(يُتْبَعُ)
(/)
تبدو كلمة الطبيعة فضفاضة غامضة اذ تعرضت لكثير من التعريفات والدراسات منذ اقدم العصور ولعل غموض كلمة الطبيعة وايغالها جعل تعريفها صعبا على كثير من الدارسين لاتساع مدلولاتها (ونقصد بكلمة الطبيعة عملية الحركة العضوية بأكملها التي تسير في الكون وهي عملية تشمل الانسان ولكنها لا تكترث بنزواته او تأثراته الذاتية او تغيراته المزاجية). (1)
بهذا التعريف وصف هربت ريد الطبيعة لكن الطبيعة هنا لا تكترث بالانسان واعماله وفنونه فهي تقف منه موقفا سلبيا، فالانسان جزء من الطبيعة لا يستطيع ان ينسلخ عنها او يتجاهلها فالشاعر كالفنان الذي يعيش حياته مع الطبيعة والشعر فن من الفنون فكل انسان يستطيع ان يمنح الحياة صورة ملائمة لمخيلته وعواطفه وخلجاته العامة، ومن خلال الكلمات يستطيع الانسان ان يقيم علاقة بينه وبين الطبيعة فللكلمة صداها، ومقدرتها على خلق عالم ملائم للشاعر فهي مهمة جدا حيث (ان الكلمة بالدرجة الاولى تمنح الشيء الوجود) (2)، فعملية المنح من الكلمة تجعل الطبيعة تسير وفق مخيلة الفنان الذي حاكاها وصورها، فتصوير الطبيعة من الخارج هو اولى مراحل الملامسة او هو اول مستويات الوعي واقدمها والطبيعة ظاهرة معزولة او غير معزولة، لكن بملامسة القشرة يبدأ الاحساس بالظاهرة (ومن ثم تبدأ اولى مراحل الدخول التفاعل وتبدأ العلاقة بين العلة والمعلول الانسان والطبيعة .. فان انعكاس وجود الطبيعة وهو حوار مع الذات الشاعرة وهمومها الاولى التي تجيء المرأة الشريك الاول في مقدمتها) (3).
ان الفيض الحسي والفكري والنفسي لدى الشاعر يجعل الطبيعة الجاثمة الصلبة واشكالها الثابتة وكل شيء فيها، المألوف وغير المألوف في بوتقته الفنية اذ تصبح الطبيعة غير بعيدة عن الانسان ولا يصبح الانسان بعيدا عنها فعملية التفاعل بالفنية الذكية تجعل الطبيعة تعبر عن الانسان بحقيقته لقد استطاع درويش من خلال تلازمه مع الطبيعة الفلسطينية ان يربط بين الطبيعة والانسان الفلسطيني ذلك الرباط الروحي الذي اصبحت الطبيعة معه تعبر بشكل اوبآخر عن هموم الانسان وهذا يعود للرؤية الفكرية والفنية للشاعر ففي وعي الشاعر لا تكون الطبيعة بعيدة جامدة وانما هي ناطقة معبرة عنه اذ هي تكون ايضا متميزة بالنسبة للشاعر جنبا الى جنب فشجرة الزيتون والبيدر والبحر والحجر والقمر والكرم وغير ذلك من مظاهر الطبيعة والبيئة الفلسطينية جبلت في دم الانسان ذاته فمن المعقول ان يحيا الانسان في غير المكان الذي جبلت منه الارض الذي هو جزء منها فالارض الفلسطينية كان لها الدور الاكبر في التحام الشعر الفلسطيني بها وهذا ما عناه درويش (بصخورها ووديانها وجبالها واطلالها .. وانسانها الذي يظل مرفوع الرأس رغم ما ينوء به كتفاه من اعباء .. انسانها الذي قاوم ولا يزال يقاوم الألم والاضطهاد ومحاولات طمس الكيان والكرامة القومية والانسانية) (4).
ولعل الارض جغرافيا ونفسيا من اهم محاور الصراع التي تلح على الانسان العربي اذ ان معظم العرب في فلسطين فلاحون وهذا ما يشكل جوهر المأساة اذ دخل الشاعر غمار وجوهر هذه المأساة واستخرج من كل امكاناته ما يستطيع بحيث جعل من كل ظاهرة ومن كل شجرة رمزا وقيما فذة (التين والزيتون والسنديان والخروب في اعلى الجبال قد تخلى الشعراء الآن عن كثير من قيمها الجمالية المجردة في الطبيعة ليستولد منها قيما فذة جديدة تمثل العراقة والشموخ والالتحام الاوثق والابقى يجسد الارض عبر الوف السنين) (5).
وهنا نقول خلافا لقول يوسف الخطيب ان الشاعر ابقى على فنية القيم الجمالية التي يتخذها الشاعر من خلال الاشجار والطبيعة عامة زيادة على ما قاله انه يتخذها لرموز فذة، فالوعي لدى الشاعر هو الذي يخلق عملية التفاعل ايضا فعملية الكشف عن الجوهر لا تأتي عفويا او من خلال لا شيء (أما المعالجة الاجتماعية فاضافة الوعي الى رصيد الشاعر الذي يتأمل ويحلل ويكشف الرؤيا والعلاقات الحية بين كتل الطبعية وعناصرها من جهة اخرى وبينها وبين ذاتها لا كفرد فحسب بل لمجموعة لها معتقداتها ومشاكلها وفلسفتها الخاصة انه بذلك يبحث عن العلاقة بين ذات الطبيعة وذات الجماعة عن جوهر الوحدة بينها) (6).
(يُتْبَعُ)
(/)
فالأرض هي مصدر الرزق الاول والحياة للانسان في كل زمان ومكان اذ عليها يبقى ويبني حضارته ويتحدى كل شيء غريب يحاول طمس تاريخه وشخصيته ومن اجل الارض يدفع الانسان كل غال ونفيس، فالأرض والحفاظ عليها يعني وجود الانسان وضياعها يعني عدمية كل شيء فللأرض مكانتها في كل اداب الشعوب ودرويش من الشعراء الفلسطينيين المبرزين الذين يتشبثوا بالارض واعطوها ميزة في شعرهم اذا احاط درويش بهذا الموضوع احاطة تامة وصور الارض وجعلها مغروسة في النفس حتى وصفه الخطيب بأنه حراث الارض الشعري (الا ان من اختص في فلاحة الارض الفلسطينية فلاحة شعرية رائعة ومخصبة هو دون منازع محمود درويش ... ان هذا حقله وهو حراثه وناطوره ومغنيه .. انه حقله بمعنى الحقل وليس غابته البرية الصماء ما يريده هو ان يتوحد مع الارض وليس مع الطبيعة مع الارض في اتصالها المباشر بالانسان وفي موتها وبعثها المتجددين على هيئة الانسان وصورته وليس مع الطبيعة بذاتها لأن الارض هي التي تعطي الطبيعة اللون والرائحة والطعم) (7).
فالتمسك بالارض عند درويش موقف انساني وموقف وطني غير معزول عن الامتداد القومي وهذا ما اعطى الشاعر هوية واضحة المعالم بصفته يدافع عن حقوقه التي يرفضها المحتل ويحاول طمسها.
سجل انا عربي
انا اسم بلا لقب
صبور في بلاد كل ما فيها
يعيش بفورة الغضب
جذوري
قبل ميلاد الزمان رست
وقبل تفتح الحقب
وقبل السرو والزيتون
وقبل ترعرع العشب
أبي من اسرة المحراث
لا من سادة نجب
وجدي كان فلاحا (8)
بهذه الحوارية التي لا نسمع فيها الا صوتا واحدا وهو صوت الشاعر، نلمس تشبثا مغروسا في النفس وجوابا لسؤال جاء بصيغة الامر (سجل انا عربي) هو الموقف الثابت من انسان يستجوب وفي ظروف يعرفها الجميع ما هو الا تجسيد لحالة الرفض الجماعية التي يتحلى بها اهل تلك الارض وصوت الشاعر هنا يصرح علانية بالانتماء المفعم بالايمان ...... الانتماء للارض من خلال الانتماء لاسرة المحراث فالمحراث وهو احد ادوات خدمة الارض وشقها والفلاح الذي يستخدم تلك الاداة ليس سوى حالة انتماء تنم عن ذهنية واضحة ثرية فالارتباط بين الفلاح والارض ارتباط عميق الصلة لا يعرفه الا هو ذات الفلاح فهنا نرى ان الاسم واضح جلي الوضوح (انا عربي- اسم بلا لقب) وهذا يعني عدم الزيف بالموقف وكل ما في القصيدة واضح بين فالمفردات لها دلائلها اذ لم يختر بعض المسميات من العبث - (جذور، سرو، زيتون ... ) فالمتمعن في مفردة الزيتون يجد انها تدل على الاصالة بمعنى آخر انها رمز للوطن للارض لفلسطين على الرغم من ذلك نجد ان شجرة الزيتون زرعت من قبل صاحب الارض، فالانسان اقدم من كل المسميات ومن مفردات الطبيعة والسرو هذه النبتة التي تمتد جذورها افقيا بعكس شجرة الزيتون التي تمتد جذورها عاموديا والتي لا تجد الاعتناء الا في المناطق الحرجية وهي من الاشجار التي لم تعرف الا فيما بعد وكأنه يريد ان يقول انه لا يبقى على الارض إلاّ كل شيء اصيل منتم للارض واصحابها اصلا او ان كنا نجد ان الارض تتقبل كل شيء وافد او غير وافد لكن البقاء والاعتناء دائما للرمز (الزيتون) فالحالة الطارئة سرعان ما تزول وان دامت والثبات هو لصاحب الديمومة الذي يروي تلك الارض لا الدخيل.
ولم يفلسف حلمه
لم يفهم الاشياء
الا كما يحسها .. يشمها
يفهم، قال لي .. ان الوطن
ان احتسي قهوة امي
ان اعود في المساء
سألته والارض
قال: لا اعرفها
ولا احس انها جلدي ونبضي
مثلما يقال في القصائد
وفجأة رأيتها
كما ارى الحانوت ..
والشارع ... والجرائد (9)
وهنا نرى الشاعر هو السائل وليس المسؤول، ولكنه يجيب على لسان المسؤول الذي هو دخيل على الارض فالشاعر هنا له فلسفته في السؤال وصيغة الجواب، فعدم فلسفة الحلم لدى الانسان الوافد المسؤول من قبل الشاعر حالة لم تخلق من العبث بقدر ما جاء للتدليل على صحة موقفه الذي يخرج الى ان الانسان الوافد على الشيء لا يكون له حلم ولا رؤيا فلسفية مثل الذين يتمتعون بحياة غير حياة الوافد المواطنة الحقيقية ان الارض وهي العامل الفاعل الكبير من الطبيعة موقف الناس منها مختلف فالانسان الذي جبلت الارض من دمه وجبل كيانه من طينها له نمطية معينة متأصلة في فحوى فلسفته الرؤيوية عكس ذلك الانسان الذي يتصف بتلك الصفات اذ تشكل الارض لدى الشاعر
(يُتْبَعُ)
(/)
كل شيء شكلا وجوهرا فالجلد اول طبقة في جسم الانسان يلامس الطبيعة وهو اول جزء في الجسم يتأثر بالعوامل الجوية وتقلبات الطبيعة من الخارج والنبض هو اول شيء يتجاوب مع شعور الانسان من الداخل في حالتي السلب والايجاب هنا نرى العلاقة القائمة بين الشكل والجوهر اذ كل يتأثر بتأثر الآخر بالنسبة للانسان (الشكل والجوهر) هي معادلة او مشابها لعملية الشكل والمضمون في الادب فتلبس الارض بالانسان والانسان بالارض خال من الزيف فالشاعر يرى ان الارض- الوطن (مفهوما ومعنى) كل شيء في الحياة اما الدخيل (العدو) فيرى انها محسوسات لا غير (الشارع، الحانوت، الجرائد) اي ان الماديات هي التي تسيطر على عقلية (العدو) وهذا يعني عدم الاكتراث بقيت الارض أم زالت لانها خارج المعادلة بالنسبة له.
كان الخريف يمر في لحمي جنازة برتقال
قمرا نحاسيا تفتته الحجارة والرمال (01)
ان شجرة البرتقال التي تتبوأ المكانة الثانية لدى الانسان الفلسطيني بعد شجرة الزيتون انما هي رمز للساحل الفلسطيني هذه الشجرة التي تتمتع بصفة معينة فخضرتها الدائمة وحمرة التربة التي تغرس فيها وكذلك زرقة البحر هذه الالوان المتآلفة تخلق حالة انطباعية في نفس الانسان وحالة من التوحد والثبات ففصل الخريف الذي هو فصل التعرية (التعرية من كل شيء تكون فيه اكثر مقتنيات الطبيعة من الاشجار قد تهاوت اوراقها وتبدو مجردة للعراء توحي للناظر بحالة من التجرد الطبيعية (تلك الحالة الاختيارية الجبرية) لكنها حالة ليست من السهل ان تتقبلها كل النظم في الكون فعملية التعرية تعني الخلاص من الزيف الملتصق بالاشجار لتبدو تلك الاشياء على حقيقتها كما لو لم يكن لها ساتر لـ (الاوراق) وتشبه تلك العملية عملية (بداية لنهاية ونهاية لبداية). ففي فصل الخريف تبدأ عملية الاستعداد لنهاية من حياة كان لها بدء، والدخول في حياة جديدة اي بدأ الموت من اجل الحياة تلك عملية التجرد والاستعداد لا نلمسها رؤية مجردة في شجرة البرتقال وانما تبقى كما هي اللون الاخضر والثمر البرتقالي على مرآى من الجميع وكأن تلك الشجرة هي وبعض الاشجار الاخرى تتحدى نظم الحياة ببقاء كسوتها عليها لكن الذي يميز بعض اشجار الليمون انها مستديمة في عطائها المثمر فهذه ميزة تتمتع بها تلك الشجرة على الرغم من مرورها بطور (البداية والنهاية) التعرية الا انها لا تتوقف عن العطاء.
وتلك العملية لا تكون محسوسة بالرؤيا واما ملموسة من خلال طرح الثمر، ففصل الخريف بما انه فصل تجرد ووضوح الا انه لم يؤثر على الشاعر سلبا وانما نراه يمر وان كان مروره مرورا جنائزيا الا ان هذا المرور يشبه المرور على البرتقال نفسه (حالة التجدد مع الثبات) وان كانت تلك الحالة من التجدد تسقط شيئا من الشيء المحمول الاوراق للبرتقال (بعض الذكريات للانسان) الا ان تلك الاشياء تكون عاملا مفيدا وفاعلا اذ الارض هي المتلقية فمعها تبدأ عملية التكوين ففي قصيدة (قال المغني) نرى مدلولا جوانيا وظاهريا فما هو جواني تعبر عنه بنية مركبة من نقيض (جواني) مقابل نقيض آخر يجمع سائر ابيات القصيدة
هكذا يكبر الشجر
ويذوب الحصى
رويدا رويدا
من خرير الماء
المغني على طريق المدينة
ساهر اللحن .. كالسهر
قال للريح في ضجر
دمريني ما دمت انت حياتي
مثلما يدّعي القدر
واشربيني تحت انتصار الرفات
هكذا ينزل المطر
يا شفاه المدينة الملعونة
ابعدوا عن سامعيه
والسكارى وقيدوه
ورموه في غرفة التوقيف
شتموا امه وام ابيه
والمغني يتغنى لشعر شمس الخريف
يغمد الجرح بالوتر
المغني على صليب الألم
جرحه ساطح كنجم
قال للناس حوله، كل شيء سوى الندم
هكذا مت واقفا
واقفا مت كالشجر
هكذا يصبح الصليب
منبرا او عصى نغم
ومساميره وتر
هكذا ينزل المطر
هكذا يكبر الشجر (11)
فالمتتبع للقصيدة يرى انها تحتوي على ثلاث ترنيمات هي:
1 - ترنيمة الفناء والبقاء في الابيات (1.2،3،4،72،82،92،03،13).
2 - ترنيمة الموت وارادة الحياة في الابيات:
(5،6،7،8،9،01،11،21،12،22،32،42،52،62).
3 - ترنيمة السلب والايجاب (31،41،51،61،71،81،91،02).
(يُتْبَعُ)
(/)
هناك نقيضان يسيران معاً في آن واحد البقاء في (يكبر الشجر) الفناء (يذوب الحصى) واحلال شيء محل شيء آخر اما ذوبان الحصى فدليل على الحياة اذ تتحلل التربة مع بعضها ممتزجة مع الحصى وبتحليل التربة وذوبان الحصى تكون الحياة اذ نخلق تربة جديدة مليئة بالخيرات والمواد المختمرة وهذا تناقض من خلاله يكبر الشجر اذ في البداية تكون الحياة والكبر يعني النماء والنماء يعني النضج والعطاء للخير وايضا ايحاء الكبر ومدلوله يعني الانتهاء والوشوك على الزوال اذ لكل شيء بداية ونهاية وكذلك الذوبان للحصى اذ يعطي مدلولا بدائيا اوله الاندثار الذي تبدأ بعده الحياة فالذوبان يعني التحلل والتحلل يعني الاتحاد مع عناصر جديدة وتكوين شيء جديد يعني الحياة والحياة هنا تأتي رويدا رويدا اذ تأتي على دفعات والدفعات تكون مسترسلة كما هو خرير الماء.
والمغني الذي يعزف بالاوتار يسهر الليالي من اجل البقاء ومن اجل ارادة الموت ايضا فالحياة تتمثل في بزوغ الفجر وبزوغ الفجر يعني الحياة الجديدة ويعني عطاء جديدا متجددا بتجدد الزمن والوقت، فها هنا تكمن ارادة الحياة عند الشاعر وكذلك ارادة الموت والتضحية والفناء من اجل الآخرين موجودة عنده ايضا ويطلبها المغني على صيغة الامر (دمرني ما دمت انت حياتي) فتدميره هنا يعني حبه للتضحية (واشربني تحت انتصار الرفات) (هكذا ينزل المطر) والمطر يعني الانبعاث من جديد فظاهرة حب الموت من اجل البقاء والاسرار موجودة في نفسية الشاعر فالوقوف على ابواب المدينة ومسيرة النهر تعني ان الشاعر يتقدم ويتطور ويستقبل الامل والفرح مقابل التضحية والبذل والعطاء.
وهكذا نرى معاملة العدو للانسان المضطهد الذي نراه في شخصية المغني حيث القيد والسجن والحرمان والتشاؤم التي ليس لها حدود (عذاب نفسي جسدي) اذاً هذه العلاقة سلبية بين الانسان والعدو المضطهد للحقوق.
وثبات الانسان وتغنيه بشمس الخريف او مكوثه تحتها يظهر لنا اياها في شكل حقيقي غير مزيفة ففصل الخريف كما اشرنا هو فصل التجريد واظهار الحقيقية التي لا زيف فيها.
واصرار المغني المقاتل المسجون المعتقل على ان يسلي نفسه ويتحدى عدوه بأن يغني ويضمد جرحه بوساطة اوتار العزف التي تعني الامل والطمأنينة على الرغم من الالم النابع من داخله فهنا تكمن شاعرية الشاعر الانسان حيث صموده وعطاؤه وعدم المبالاة التي يوليها لجراحه بحيث لا يتوجع ولا يظهر الالم امام عدوه، فالشاعر نقيض مع جلاده كاتم حريته.
فالقوة الجسدية للانسان هي مساعد فعال على اكتشاف وابتكار العلاقة والتشابه بين الاشياء اذا لم يستطع المرء ان يدرك هذه الاشياء بمنطقه وعقله ففي بعض الاشعار نرى ان درويش يزاوج بين صورة المرأة وصورة الارض لكي يدخل لكل هدف فهذه المزاوجة لا تتأتى من العبث فكا يقول آرنست فيشر (ووعي الفنان بعاطفة المرأة واستقاؤه من ينابيعها دليل على نضج عاطفته الانسانية ووعيه العام وهذا كفيل بوضع صورة المرأة في اطارها الانساني الصحيح وابراز الدور الطليعي الحق الذي يجب ان تؤديه المرأة في الفن والحياة لان الحب وهو اشد المشاعر ذاتية وهو ايضا اكثر الغرائز شمولا وهو غريزة حفظ النوع) (21).
ففي مثل هذه المزاوجة بين صورة الارض والمرأة وهذه المزاوجة لا تتأتى لوجود العلاقة الحسية بل تنبع من المعاني النفسية التي يتركها ويخلقها مثل هذا الوصف والافتراض.
اذا مرت على وجهي
انامل شعرك المبتل بالرمل
سأنهي لعبتي- انهي
وامضي نحو منزلنا القديم
على خطى اهلي
واهتف يا حجارة بيتنا! صلي!
اذا سقطت على عيني
سحابة دمعة كانت تلف عيونك السوداء
سأحمل كل ما في الارض من حزني صليبا يكبر الشهداء
عليه، وتصغر الدنيا، ويسقي دمع عينيك
رمال قصائد الاطفال والشعراء (31)
هنا نلمس حوارا بين شخصين الشاعر هو المتحدث والمرأة المخاطبة فهنا يمكننا ان نلمح مستويين من الدلالة كلاهما مقصود كما يبدو فالمستوى الظاهري هو الدلالة المباشرة التي يمكن ان تأخذ معناها من خلال معنى القصيدة الظاهري.
(يُتْبَعُ)
(/)
او من خلال السياق العام فالمستوى الاول اذا كان المقصود من الخطاب فيه امرأة حقيقية اما الدلالة الاخرى الموحية وهي المعنى الرمزي الذي نلمحه حينما تصبح تلك المعشوقة هي الارض هذه المحبوبة مثل كل الحبيبات تخلد حالة شعورية خاصة عندما يلمسها حبيبها وهذا امر مألوف بين المحبين اما المستوى الثاني وهو دلالة الرمز فتبدو عندما تتحول تلك المحبوبة المخاطبة الى صورة الارض اذ هي الدافع الى عمل الكثير ان رؤيا الشاعر في خلق مثل هذا المستوى الدلالي الرمزي هي التي اوحت لنا فضلا عن الرؤيا الخاصة للقارىء بأنه يرمز الى تلك المرأة بالارض اذ من خلال ملامسته لشعرها ترى الروح قد توثبت عنده، فهنا يقدم لنا الشاعر مستويين من التعبير المباشر وغير المباشر اذ نراه يزاوج في شعره بينهما فتظهر فكرة الرمز تارة وتختفي تارة اخرى فينموا المعنى المباشر نموا داخليا طبيعيا لان المستوى الحرفي او الظاهر لا يسخر بطريقة مصطنعة واضحة للتعبير عن معنى آخر المعنى الثاني ينمو نموا باطنيا من المعنى الاول ونستطيع ان نلخص الموقف ان عملية تكوين المعنى او الرمز ليست هي عملية الانابة يجب ان نشعر ان المستوى الاول هام وضروري وانه احسن طريقة للتعبير من المستوى الثاني والعقل يعكس على هذا المستوى الاول اذا هو اراد ان يتمثل كل ما سواه ولذلك يجب ان يتعانق الاثنان) (41).
ها هنا نلمس ان عملية التجاوب النفسي ما بين صفات الارض والمرأة هي التي جعلت الشاعر يعمد الى تلك الخصوصيات الاقترانية المتداخلة مع بعضها من صفات الموصوف فقرائن (علامات) المرأة متداخلة مع قرائن (علامات) الارض لتطبع في النفس حالة خاصة وميزة معينة ليس من السهل ان نجدها في مسميات اخرى لذلك كان من السهل على موضوع الارض ان يدخل من خلال المرأة وموضوع المرأة من خلال الارض وتزداد صلة الطبيعة الارض بالتغلغل داخل الانسان وبالتأصل اذ قرنها الشاعر بالمرأة، وكذلك المرأة اذا اقترنت بالارض من خلال وصفها فالعلاقة ما بين الانسان والطبيعة علاقة حميمة والمرأة جزء من الطبيعة وهي اجمل رمز واكثر تماسكا من غيره
اجدد يوما مضى
لاحبك يوما وامضي
وما كان حبا
لأن ذراعي اقصر من جبل لا اراه
واكمل هذا العناق البدائي، اصعد هذا الا له الصغير وما كان يوما
لأن فراش الحقول البعيدة ساعة حائط (51)
هنا نراه يعود ويقرن صورة المرأة باحدى مقتنيات الطبيعة (الارض) ليخلق هناك حاجزا ليحول دون تحقيق ما يصبو اليه وهو مواصلة العناق لان الجبال تعوق ذلك والجبل ما هو الا رمز من رموز الارض فالارض او المرأة تتشكل علاقاتهما مع الشاعر وتكون علاقة حميمة لكن هذه العلاقة استلابية اذا الموانع الكثيرة (القهر، البعد، الطغيان) التي رمز لها الشاعر بالجبل تسيطر على تحركات الانسان وتمنعه من ان يواصل او يحصل على ما يريد، فالجبل، الطريق، الرحيل الحروب كل هذه مسميات في الطبيعة نجد بعضها كثير التداول في المعجم الشعري للشاعر فبعض المسميات تترك اثرا في نفس الشاعر سلبا كان هذا الاثر اما ايجابا.
الآن بحر
الآن بحر كله بحر
ومن لا بر له
لا بحر له
والبحر صورتنا
فلا تذهب تماماً
هي هجرة اخرى
فلا تذهب تماما (61)
فلفظة البحر تتردد كثيرا في بعض قصائد درويش اكثر من اية لفظة اخرى خاصة قصائده التي قالها بعد غزو بيروت عام (2891) وهنا من حقنا ان نتساءل ما رمز البحر عند درويش هنا؟ هل هو رمز للعدو، للهجرة، للطغيان، هو رمز للثورة للعطاء اذ من خلال هذا الرمز يكون سعيه الى كشف وفضح الحقيقة الجماعية للشعب فالبحر بمدلوله الرمزي عظيم سواء اكانت هذه العظمة سلبية ام ايجابية فالرحيل الذي لا قاه الفلسطينيون عبر البحر كما يبدو لنا كان له الصدى الكبير في نفسية الشاعر وعطائه الفني (فعملية الرمز هنا نابعة مما يرمز اليه او هو بالاحرى لا قيمة له مطلقا الا بما ما يبرهن على الفكرة ويؤكدها ... ان الرمز الفني تركيب لفظي اساسه الايحاء بما يستعصي على التحديد والتقرير وان اهمية الرمز في صورته الادبية بقدر ما هي في الرمز) (71).
(يُتْبَعُ)
(/)
فهنا نملك القول ان مجموعة معينة من الالفاظ تطغى على عمل ادبي ينتظمها ترابط تداخلي معين او علاقة داخلية معينة تشكل الجوهر الاعمق لذات الشاعر او نفسية الشاعر وتصلح نوافذ تطل من خلالها على قيعان روحه فالعلاقة بين الشاعر والبيئة التي يعيش فيها وان شخصها في شعره واعطاها من روحه التعبيرية لا تكون دائما ايجابية وانما تتأرجح بين السلبي والايجاب تبعا لما يمر به الشاعر من حالة نفسية وانطباعية عن البيئة التي يحيا فيها وهذا هو ما يدفع الشاعر الى ان يفتت الصورة المرئية التي يراها ولكن الشاعر يقف في بعض الاحيان كما اسلفنا موقف الغريب الحزين من البيئة التي رآها واعتاد عليها، على الرغم من التصاقه بها، فمن خلال قصيدة (الجرح القديم) نحس بالانهزامية لدى الشاعر في مطلع القصيدة لكنه سرعان ما يلتحم بالبيئة التي هو جزء منها على الرغم مما نحسه فيها ونلمسه.
واقف تحت الشبابيك
على الشارع واقف
درجات السلم المهجور لا تعرف خطوي
لا ولا الشباك عارف
من يد النخلة اصطاد سحابة
عندما تسقط في حلقي ذبابة
وعلى انقاض انسانيتي
تعبر الشمس واقدام العواصف
واقف تحت الشبابيك العتيقة
من يدي يهرب دوري وازهار حديقة
اسأليني كم من العمر مضى حتى تلاقى
كل هذا اللون والموت تلاقى بدقيقة
وأنا اجتاز سردابا من البخور
والفلفل والصوت النحاسي
يبدو الشاعر من خلال هذا المطلع حزينا غريبا يشعر بالغربة والحزن على الرغم من ان البيئة بيئته لكن علامات اليأس والضعف تبدو واضحة من خلال عزلته لفقدانه الشيء الكثير نتيجة للوضع الذي تعيشه البيئة والمنطقة بأسرها فالتدفق العاطفي والشعوري والانساني والتعجب المبني على الاستغراب والقلق النفسي والحزن مما هو فيه من عذاب وغربة وعلى الرغم من ذلك نرى الشاعر يستهدي ويعود الى رشده وصوابه من خلال المدينة وعلامتها باسواقها والعبق الذي تتركه الاسواق والطرقات التي تسمح وغير ذلك من الامور التي استعار بها، فالنحاس والفلفل والسراديب القديمة المعبرة كلها كانت عبرة لها.
ايها القلب الذي يحرم من شمس النهار/ ومن الازهار والعيد كفانا
علمونا ان نصون الحب بالكره/ وان نكسو ندى الورد ... غبار
هنا نلمس ان صوت الوعي وصوت العقل بدأ يعيد انفاسه الا انه يتكامل في العاطفة استمرارا مع الاسطر السابقة.
ايها الصوت الذي رفرف في لحمي
عصافير الحب
علمونا ان نغني ونحب كل ما يطلعه الحقل من العشب
من النحل وما يتركه الصيف على اطلال دار
علمونا ان نغني ونداري حبنا الوحشي
كي لا يصبح الترنيم بالحب مملا.
عندما تنفجر الريح بجلدي
سأسمي كل شيء باسمه
وادق الحزن والليل بقيدي
يا شبابيكي القديمة. (81)
تبدو استجابة الوجدان لصوت العقل واضحة هنا اذا انتهى الشاعر الى الاستعداد بالانتماء بدل الغربة التي لمسناها واحسسناها بها في بداية القصيدة وفي هذه القصيدة نرى الصور الداخلية تصارع الصور الخارجية وهذا يتأتى من كونه تعبيرا عن الصراع النفسي فالعواطف مكثفة والتأمل في العاطفة ادى الى احداث تحولات في الموقف الشعري وهكذا نجد السمات العامة للطبيعة ولبيئة الشاعر دفقا خاصا في نفسيته ونفسية المتلقي ايضا لكل شيء مدلوله الذي يحمله ويمكن للطبيعة ان تلعب دورا كبيرا في بناء القصيدة بمعنى انها تكون ركنا اساسيا من القصيدة وبنيتها وتكون الطبية هي الاساس الذي يقيم عليه الشاعر بناء قصيدته وهذا واضح عند بعض الشعراء الذين اعطوا الطبيعة لونا خاصا واهمية كبيرة اذ يلونونها بتلوينهم النفسي ويصورونها تصويرا دقيقا غير ذاك التصوير الذي نلمسه عند بعض الشعراء حين يتعامل مع الطبيعة من خلال ما تراه العين وانما نراه يتعامل مع مفردات الطبيعة تعاملا فنيا ينم عن تفاعل متكامل غير منقوص معها، وبعبارة اخرى فالطبيعة تبدو وكأنها تشكل حالة مثلى لا يرى غيرها ومن خلال تلك الرؤية تنبع الحالة الانفعالية الحقيقية ومن ثم تبدأ حالة العطاء وهذا ما نلمسه عند بعض شعراء المهجر ورواد المدرسة الرومانسية في الشعر اولئك الذين انتهجوا هذا النهج ففي اشعارهم نرى الطبيعة محورا مهما في بناء القصيدة حتى اذا نحيت صورة الطبيعة من قصائدهم انعدم وجود القصيدة مثل هؤلاء كثيرا ما يخلق صورة الحياة من خلال الطبيعة المجردة او يخلقون وجوها عدة للشيء من خلال الغوص في
(يُتْبَعُ)
(/)
اعماق الطبيعة مثل هذه الحالة لا نلمسها عند درويش وهي ان تكون الطبيعة اساس بناء القصيدة او بمعنى آخر تكون هي (الكل) في قصيدته ففي تلك البنية الكلية لا نجدها عند درويش وانما نجد المغزى يلوح وراء المفردات التي تكون الطبيعة هي المقصودة فيها.
انا يوسف يا ابي، يا ابي اخوتي لا يحبونني، لا يريدونني بينهم يا
ابي يعتدون علي، ويرمونني بالحصى والكلام، يريدونني ان اموت لكي
يمنحوني، وهم اوصدوا باب بيتك دوني، وهم طرودني من الحقل
هم سمموا عنبي يا ابي، وهم حطموا لعبي يا ابي، حين مر النسيم ولاعب
شعري غاروا وثاروا علي وثاروا عليك، فماذا صنعت لهم يا ابي
الفراشات حطت على كتفي ومالت على السنابل
والطير حلق فوق يدي فماذا فعلت انا يا ابي، ولماذا انا؟
انت سميتني يوسفا وهم اوقعوني في الجب، واتهموا الذئب،
والذئب ارحم من اخوتي، ابت
هل جنيت على احد عندما قلت اني
رأيت احد عشر كوكبا والشمس
والقمر رأيتهم لي ساجدين (91)
فلو تتبعنا تلك الاسطر الشعرية لوجدنا مفردات استيقت من الطبيعة ولكل مفردة مدلول خاص بها (حصى، باب، بيت، حقل، عنب، سم، لقب، نسيم، شعر، فراشات، كتف، سنابل، طير، يد جب، ذئب، اخوة، كوكب، شمس، قمر) فهنا نجد عشرين مفردة ولكل مفردة معنى ومغزى في الطبيعة يبدو من خلال السياق العام للقصيدة فالعلاقة بين يوسف واخوته علاقة استلابية سلبية غير ايجابية اذ ظاهرة العداء واضحة جلية فيوسف صاحب (الصورة) البريئة يكن الود لاخوته وهم يناقضون تلك العلاقة فيكنون العداء المطلق ويحاولون قتله (فأوقعوه في قعر البئر) واتهموا الذئب بدمه فالذئب يحمل صورة الافتراس والعداء لجميع الحيوانات اذ لا يكتفي بجزء من الفريسة بديلا عنها كلها فالذئب عدو يوسف ولاخوته لكن ذلك العداء تناساه الاخوة واصبح ركيزة ذريعة من اجل خلاصهم من يوسف فأدى بهم ذلك الى صنيعهم المشؤوم مما حمل الضحية يوسف على التسليم بأن الذئب بشراسته وشرهه ارحم من اخوته وهذا الكره بين الضدين تقابله علاقة الوئام بين الأب ويوسف وهي العلاقة التي خلقت حالة الثورة المبتناة على الحقد والضغينة التي عاشها اخوة يوسف، فصورة يوسف والسنابل تتمايل متكئة عليها والفراشات التي تحط على كتفه، تدلل على الوئام بين الموصوف والطبيعة وعدم الوئام بين الاعداء (الاخوة) والطبيعة اذ يحاولون قتل كل شيء جميل مفيد وتحطيم اللُّعَب، وتسميم العنب، وقتل يوسف الذي تستأنس به السنابل والفراشات والطيور ونسمات الهواء التي تمر على جسده بالهوينا (حين مر النسيم ولاعب شعري) هذه الصفات حاولوا قتلها بواسطة العدو المتكامل - عدو الجميع الذئب). وعلى الرغم من مستويي العلاقة مع الطبيعة (سلبي، ايجابي) فاننا اذا ما اعدنا النظر في القصيدة من جديد سنرى ان الشاعر لا يريد الطبيعة من خلال ذكر بعض مفرداتها بل يريد اثبات شيء آخر من خلال تلفظه بتلك المفردات فها هنا نجد ان ذكر مفردات الطبيعة تمثل حالة تعبيرية يريدها الشاعر وهي تبيان حالة الضياع التي يحياها اخوة يوسف وحالة الامل التي يعيشها يوسف اذا جاز لنا ذلك، فالشاعر لا يريد الطبيعة بعينها ونستطيع ان نتخلص من بعض المفردات ونضع مفردات غيرها في تلك القصدة ويبقى المعنى واضحا سليما لا تهتز صورته وان كنا سنفقد جرسا وايقاعا موسيقيا من خلال استبدال مفردة بمفردة لان لكل مفردة ايحاءاً وجرسا خاصا مختلفا عن الايحاء الناتج عن نسج مفردة من المفردات الجديدة مع غيرها من المفردات فهنا نجد ان الطبيعة او مفردات الطبيعة ليست ركيزة اساسية في بناء القصيدة.
درويش لا نعدّه في تلك القصائد التي تجنح نحو الطبيعة ليستاق رموزه منه بل نجد هذه الحالة الايقاعية والسلاسة في التعبير والغنائية الرقراقة .... بها مفرداته الشعرية وقلة من الشعراء الفلسطينيين يتمتعون بهذه الخصوصية
ساحل يلتف كالافعى على اجراس خصر الراقصة
وملوك توجوا البحر باكليل الزبد
ايَّ شيء ينتهي في هذه اللحظة في هذا الجسد
اي شيء يبتدى (02)
ويقول:
وعلى حبل الزغاريد يلاقي فاطمة
وتغنى لهما
كل اشجار المنافي
ومناديل الحداد الناعمة
ذبل العاشق عينيه
واعطى يده السمراء للحناء/ والقطن النسائي المقدس (12).
(يُتْبَعُ)
(/)
فالطبيعة المجردة منتفية في اشعار درويش اذ لا تهمه مجردات الطبيعة ولا يعمد الى وصف حالة التجريد فيها لا كما هي ولا كما هو يريدها ان تكون لوصفها كفنان ملتصق بها وانما يسخرها لما يراه مناسبا لخلق حالة اما انفعالية او تعبيرية علما ان الطبيعة عند درويش بحالة معنية ان كانت هذه الحالة ذاتية تعبيرية او موضوعية بمعنى ان الاثر الخارجي على الذات يظل حاضرا وان كنا لا نستطيع ان نمايز بسهولة بين ما هو خاص وما هو عام في اشعاره من هنا نستطيع ان نقول ان ذات الشاعر (الأنا) صهرت مع هموم الشعب لذا نجد ان العامل السياسي هو الدافع القوي الذي يؤثر في صيرورة القصيدة لدى درويش وفي جنوحه نحو الطبيعة كما نرى انه يمعن بالتحري عن ذاته المفقودة من خلال اشعاره التي يريد من خلالها خلق حالة معينة الا وهي الحياة من خلال وطن ذي طبيعة معينة والطبيعة سخية عليه بمعنى اننا نرى صورها الطبيعية في يده وانه يستطيع ان يخلق حالات شتى يريدها وان كانت تلك الحالات تعبيرية ولم يتول الطبيعة بالتعليل والتحليل والمقارنة كما فعل اهل الشعر المهجري والرمانسيون.
صديقي، اخي، يا حبيبي الاخير اما كان من حقنا ان نسير
على شارع من تراب تفرع من موجة متربة
وسافر شرقا الى الهند
سافر غربا الى قرطبة
اما كان من حقنا ان ننام ككل القطط
على ظل حائط
اما كان من حقنا ان نطير ككل الطيور ككل الطيور الى تينة متربة (22)
فهذه المعادلة الواضحة بين درويش وبعض مفردات الطبيعة التي نرى من خلالها الطيور طليقة تغدو وتعود بحيرة تامة وتأخذ ما تشاء مع الحيوانات الاخرى (اليفة- وغير اليف) هذه الرؤية التي جعلته يقارن بين وضع الانسان المحروم من كل اللمسات التي يتمناها او يتمتع بها ابسط مخلوق من تلك الحيوانات التي تتميز بحيرة تامة وهو ما اخذ بالشاعر الى ذكر الارض وقرائنها (تراب، غبار، شارع، حائط ... هذا الاحساس بالحرمان هو الدافع الاساس لخلق مثل هذه الصور.
فالعامل الانفعالي الجواني العاطفي (الحرمان الاجتماعي) بكل قرائنه هو الذي ساعد درويش للتعبير عن حالته بمثل هذا القول اما كان من حقنا ان نطير ككل الطيور الى تينة متربة هذا الحنين الجارف الى خلق كينونة نجده دائما واضحا جليا ببساطته وصدقه وهو ما جاء على صيغة سؤال تهكمي والتمني لان غير الطبيعة هو المقصود كما ان اللجوء الى الطبيعة عند درويش لم يأت من العبث ولا من حالة فراغ (ذهني- ايجابي) وذلك لان الطبيعة بمفرداتها ومدلولاتها تستطيع ان تستثمر من قبل الشاعر وتسخر لايصال فكرته التي يريد هذا ان لم يرد الطبيعة بحد ذاتها بل الرمز الذي تؤديه الطبيعة دائما لا يأتي من العبث وانما يخلق من خلال عملية التفاعل بين ذات الشاعر والطبيعة هذا التفاعل يمكن ان يكون حقيقيا بمعنى حبا للطبيعة وذاتها او ان يكون تعبيريا بمعنى يريد الشاعر الحالة الرمزية التعبيرية للطبيعة ليعبر من خلالها عما يجول في مكنوناته من افكار وقيم يريد توصيلها للناس هذا من ناحية ترابط الطرف الاول من المعادلة الا وهو الشاعر مع الطبيعة كما نرى الطبيعة قريبة في كل الاحوال من الطرف الثاني (المتلقي) اذ تكون عاملا ايجابيا اذ سهلت مهمة التوصيل التي يريدها الشاعر للمتلقي، عندما يخلق الشاعر حالة ابتهاج لدى الانسان حين يعمد للطبيعة ويمكن تكون الحالة سلبية مع الطبيعة من حيث الموضوع المطروق من قبل ...... فعلى الرغم من ذلك يبقى للطبيعة لدى قطبي المعادلة (الشاعر- المتلقي) وقع خاص، فبعض الشعراء يعمد للطبيعة يلونها بألوانه ويصورها بصوره كما يشاء اذا اراد الطبيعة بذاتها لكن اذا كانت الحالة الانفعالية هي الرابط بين الطبيعة والشاعر فان الشاعر انما يريد الرمز وما بعده في هذه الحالة.
يفتش كفي ثانية فيصادر حيفا التي
هربت سنبلة
ويا اهل الكرمل
الآن تقرع اجراس كل الكنائس
وتعلن ان مماتي المؤقت لا ينتهي
دائما، او ينتهي مرة
ايها الكرمل، الآن تأت اليك العصافير من ورق
كنت لا افرق بين الحصى والعصافير
والآن بعث المسيح يؤجل ثانية
كأن الاحبة دائرة من طباشير
قابلة للفناء، وقابلة للبقاء
وها نحن نحمل ميلادنا مثلما تحمل المرأة العاقر الحلما (32).
(يُتْبَعُ)
(/)
هنا ترتبط الطبيعة بحالة معينة يمر بها الشاعر وهذه الحالة كما نراها حالة ملازمة له ألا وهي الشعور بالغربة اذ نلمس الاحساس المفرط بالغربة وهذا الاحساس وصل الى حالة العقم والضياع (كأن الاحبة دائرة من طباشير) (وها نحن نحمل ميلادنا مثلما تحمل المرأة العاقر الحلما) فهذه المداخلة ما بين الصور والذكريات هي التي تجعلنا نحدس او نلمس من خلالها ان الطبيعة عند درويش مرتبطة بحالة انفعالية وهذه الحالة الانفعالية لا تجعل من الرمز الطبيعي حالة معقدة بمعنى انه يصعب الوصول الى فهم مبتغى الشاعر من خلال رمزه للطبيعة او اعتماده على صور لمفردات من الطبيعة تؤدي تلك الحالة (الانفعالية) الى خلق حالة عن الشاعر يعمد الى ايجاد صور ورموز مركبة من خلال نسجه مفردات يصعب فهمها او التغلغل في اعماقها فهنا لا نجد مثل هذه الحالة وان كنا نجد في بعض الحالات درويشا يحاول خلق لغة تعبيرية بعيدة عن لغته وتعالج المألوفة- ولذلك نرى ان الغنائية ما تزال واضحة جلية في كثير من اشعار درويش وبخاصة في قصائده التي يعمد الى جلب رموزها او مفردات رموزها من الطبيعة فالايقاع الذي تمتاز به اشعاره بالعودة فاذا فقدت قصيدة الحنين عناصر البساطة والصدق ولم تقم على طبيعة الحلم وفقدت الى جانب ذلك القوة في الاندفاع فانها قد تجيء قصيدة مخفقة وان افتتن الشاعر في طريقة التعبير. (42)
ونستطيع ان نقرر في الختام ان الطبيعة المجردة معدومة في شعر درويش اذ كانت القصيدة بؤرة تتجمع فيها صور الطبيعة وبعد الخروج من الارض اصبحت الصور تميل الى ان تصبح ذات وهج حي وتميل الى التشتت وتكثر المناقشات الفكرية والمرتكزات والتكرار والتداعي والانتقالات الفجائية بمعنى انه لا يعمد الى استقاء موضوعاته من الطبيعة بوصفها وتشخيصها وان العامل الانفعالي الجواني في نفسية الشاعر هو الذي يسوقه للطبيعة ومفرداته وتبعا لذلك فقد تحولت الطبيعة في شعره الى حالة انفعالية (غنائية) تعبر عن انعكاس الواقع على الذات وصراع الذات مع الواقع لخلق معادل فني معبر عنه في هذا اللون من الابداع الشعري.
الهوامش
1 - هربرت ريد، تعريف الفن ص 21.
2 - فؤاد رفقة، الشعر والموت ص 65.
3 - علوي الهاشمي، ما قالته النخلة للبحر ص 63.
4 - محمود درويش، شيء عن الوطن ص 23.
5 - يوسف الخطيب، ديوان الوطن المحتل ص 41.
6 - علوي الهاشمي، ما قالته النخلة للبحر ص73.
7 - ديوان الوطن المحتل ص54.
8 - الديوان ص 47.
9 - الديوان ص 591،691.
01 - الديوان ص 312.
11 - الديوان ص 68،88.
21 - آرنست فيشر، ضرورة الفن ص 06.
31 - الديوان ص 822،922.
41 - د. مصطفى ناصف مشكلة المعنى في النقد الحديث ص19.
51 - الديوان ص215.
61 - مديح الظل العالي ص51.
71 - د. فتوح احمد، الرمز والرمزية في الشعر المعاصر ص391.
81 - الديوان ص 961.
91 - ورد اقل ص 77.
02 - الديوان ص 864.
12 - حصار لمدائح البحر ص 421.
22 - الديوان ص 385.
32 - حصار لمدائح البحر ص06.
42 - د. احسان عباس، محمد يوسف نجم، الشعر العربي في في المهجر. امريكا الشمالية ص121.
المصادر والمراجع
1 - د. احسان عباس. د. محمد يوسف نجم، الشعر العربي في المهجر، امريكا الشمالية دار بيروت للطباعة والنشر، بيروت 7591.
2 - د. احمد فتوح احمد، الرمز والرمزية في الشعر المعاصر، دار المعارف بمصر 7791.
3 - آرنست فيشر- ضرورة الفن ترجمة اسعد حليم، الهيئة المصرية للتأليف والنشر.
4 - علوي الهاشمي، ما قالته النخلة للبحر- دراسة فنية في شعر البحرين المعاصر 5291 - 5791، دار الحرية للطباعة والنشر، بغداد، 1891.
5 - فؤاد رفقة، الشعر والموت- دار النهار للنشر- بيروت 3791.
6 - محمود درويش، حصار لمدائح البحر- دار العودة بيروت 5891.
7 - محمود درويش، ديوان محمود درويش- ط 9، دار العودة، بيروت 1891.
8 - محمود درويش، شيء عن الوطن، دار العودة، بيروت ط 1، 1791.
9 - محمود درويش، ورد اقل، دار توبيقال للنشر الدار البيضاء المغرب ط1.
01 - د. مصطفى ناصف، مشكلة المعنى في النقد الحديث القاهرة 0691.
11 - يوسف الخطيب، ديوان الوطن المحتل، دار فلسطين، ط1، دمشق.
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[05 - 04 - 2005, 05:55 م]ـ
هل من أحد قرأ قصيدته (طباق) "إلى إدوارد سعيد "؟
(أعتقد هكذا!)، ثم ما هو انعكاسه حولها؟
طباق, قصيدة نثرية (مع أني لا أعترف بوجود هذا الفن ولا أحبه) , وكوني لا أفضله يعني أني أحكم على هذا " القصيدة" بأنها مجرد خاطرة من النفس الطويل! موشاة بألغاز ورموز ومعان غامضة!
وهذه السمة الظاهرة لأغلب نصوص درويش!
---
قلتِ:
هل من رؤية نقدية لكلٍ من الشاعرين؟!
أحب أن أوضح فقط أن الرؤية النقدية لا تؤخذ من ذات الشاعر وإنما من نصوصه.
ولعلي أصيغ السؤال مرة أخرى ..
هل من رؤية نقدية في شاعرية كلاً من السياب ودرويش؟!
أتمنى أن تقرأي بعضاً من نصوصهما حتى تتبلور لك رؤيتك الخاصة.
وهناك بعض الرؤى النقدية حول فنية شعر السياب في عدد من الكتب مثل كتاب إليا حاوي " في الأدب و النقد".
مع أن تلك الرؤية لم توافقني ومع ذلك ذكرتها لك ربما تكوّن لديك انطباع جديد .. !
شكرالله لك ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[05 - 04 - 2005, 06:11 م]ـ
غياب الأم وحضورها في تجربة بدر شاكر السياب الإبداعية ـــ سيف الدين قنطار - سورية
لعلنا لا نجافي الحقيقة، حين نجد في قصائد السياب (1926 - 1964)، التي توجه فيها إلى أمه بعضاً من أدب الأمومة، ولوناً من ألوانه.
فأدب الأمومة شعراً ونثراً، كما هو معروف، واسع الانتشار في الآداب الأجنبية، بينما لم يكن حظه كبيراً في أدبنا القديم، وقد التفت إليه الأدباء العرب في العصر الحديث، وبرزت فيه صورة الأم لتعبر عن دلالات شتى.
فالأم لدى شعراء المهجر موئل الحنين، وعنوان الرقة والجمال والحنان، وعودة الابن المهاجر إلى حضنها أشهى لديه من الجنة كما يرى الشاعر رشيد سليم الخوري حيث قال: "لقد وصلت أمي إلى المهجر بعد أحد عشر عاماً، فألقيت يدي على كتفيها ذات مساء، وأدمت النظر إلى وجهها الكريم، وقد غمرتني ابتسامتها الفائقة العذوبة، بموجة من الحنان الذي لا يوصف، وتعلقت روحي بأسباب ذلك الشعاع المنبعث من عينيها، لكأني أرى رؤية شعرية لا عهد لي بمثلها، فملكتني نشوة الفن وقلت لها: لقد جئتك بما لم يجئ به شاعر لأم. وكانت قصيدة "حضن الأم".
وفي تلك القصيدة يناجي الشاعر ربه، ويرجوه أن ينقله من فردوسه السماوي، إلى حضن أمه، وتذكُر القصيدة بمعجزة ولادة المسيح:
أتيتك راجياً نقلي لحضن
أحب إليَ من هذا وأكرم ([1])
لحضنٍ طالما قد نمتُ فيه
قرير العين بين الشم والضم
فدعني من نعيم الخلد إني
نعيمي بين ذاك الصدر والفم
أما صورة الأم في الأدب الفلسطيني، فتمثل العزم والإصرار على الظفر بحياة إنسانية خالية من الاحتلال والتهجير والحرب، وترمز إلى حرية أمة عربية، ما زالت تنتابها الانقسامات القبلية والطائفية، فتحول دون انبثاقها ووحدتها، يقول محمود درويش: ([2])
وأنا أنا، ولو انكسرت، رأيت أيامي أمامي
ذهبا على أشجاري الأولى رأيت ربيع أمي، يا أبي
ورأيت ريشتها تطُرز طائرين لشالها ولشال أختي
ورأيت بين وثائقي قمراً يطُل على ظلامي
ورأيت هاوية، رأيت الحرب بعد الحرب، تلك قبيلة
دالت، وتلك قبيلة قالت لهولاكو المعاصر: نحن لك
وأقول لسنا أمُة أمة، وابعث لابن خلدون احترامي
ولكن شعر الأمومة لدى السياب نحا منحى آخر، هو في أجلى معانيه شكل من أشكال التذكر والمناجاة وحوار الذات للذات، افتقد السياب أمه منذ الطفولة، ولم ينعم بحنان هذه الأم إلا قرابة ست سنوات كانت تصحبه معها كلما قامت بزيارة عمة لها، تسكن عند نهر بويب حيث غزل السياب خيوط عمره الأولى، وراح يلعب تحت ظلال نخيل جيكور ومزارع بويب، فانطبعت في ذاكرته صورة هذين المكانين وزاد تعلقه بهما أنه رأى جسد أمه يدفن في ثراهما، كما أن زواج الأب السريع بعد غياب الأم أثر في نفسه تأثيراً عميقاً:
أبي منه قد جردتني النساء
وأمي طواها الردى المعجل
فكل ما كتبه من شعر فيها ينبثق مما ارتسم في ذاكرته واختزنته ساحة لا شعوره من عواطف وانفعالات. والشاعر من هذا الجانب يعيش في الماضي، ويرفع عن كاهله عبء الحاضر ويتخلص من الإحساس بالانفصال.
ولعل قصائد بدر في أمه تظهر مدى تمركز شخصيته حول الأم، مثله في ذلك مثل كثير من الرجال العاطفيين الذين رغم تطورهم النفسي والعاطفي يحافظون وهم رجال على تعلقهم بالأم، ويمتلكون على الدوام مشاعر الأطفال، فالطفل ينزع إلى الاتحاد مع أمه كي يتخلص من الشعور بالوحدة، وكي يتمتع بالحضور المادي لأمه، وحب الأم للطفل مطلق لا يحتاج إلى تحصيل، أو بذل جهد، وكل ما على الطفل أن يفعله، هو أن يكون موجوداً، وعندما يسترجع السياب ذاك الحب فلكي يحقق ذلك كله، فيتخلص من عزلته، وينعم بالتواصل والحماية، ويشعر بالأمن. فالسياب بمشاعره وتأملاته ومناجاته لأمه، يعبر عن قراءته الواعية لحالته النفسية والجسدية، ويجعل هذه القراءة منطلق كل شيء يصدر عن القلب والنفس، بحيث تصبح الذات مركز الشعر.
استدعى السياب أمه من مملكة الموتى، وخاطبها مخاطبة الأحياء، وبرزت صورتها أقوى صور الماضي، وأكثرها يقظة في نفسه، فالأم هي الدفء يواجه به في هذه القصائد قشعريرة الموت، هي التربة، والمحيط، إنها جيكور وأشجارها، وأزهارها، وطرقاتها الترابية في قصيدة "جيكور أمي":
تلك أمي وإن أجئها كسيحاً ([3])
لاثماً أزهارها والماء فيها والترابا
(يُتْبَعُ)
(/)
والأم هي جميع تلك التجارب، التي تذكره بصلة الرحم، وتدمجه بحياة قريته، وتحرره من سأم الوحدة:
جيكور .. جيكور يا حقلاً من النور ([4])
يا جدولاً من فراشات نطاردها
في الليل، في عالم الأحلام والقمر
ينشرن أجنحة أندى من المطر
في أول الصيف يا باب الأساطير
يا باب ميلادنا الموصول بالرحم
من أين جئناك من أي المقادير؟
أسئلة الشاعر هذه، تذكر بقصيدة الطلاسم للشاعر المهجري إيليا أبي ماضي، وتعيد للأذهان تلك التصورات المتعلقة بتطور الحياة الإنسانية بوصفها انبثاقاً من الطبيعة، من الأم، من توارث الدم والمنبت، فعلى الرغم من أن الإنسان هو ابن الطبيعة والمتحد فيها قبل أن يهب منتصباً وينفصل عنها، فإن انفصاله عنها لا يدوم وسيعود مرغماً ليتحد بها من جديد مهما طال الزمن:
جيكور ماذا؟ أنمشي نحن في الزمن ([5])
أم أنه الماشي
ونحن فيه وقوف؟
أين أوله
وأين آخره؟
هل مرّ أطوله
أم مرّ أقصره الممتد في الشجن
أم نحن سيّان نمشي بين أحراش
كانت حياة سوانا في الدياجير
هل توحي هذه الأسئلة بأن الشاعر لا يدرك جدل الحياة، ولا يعرف أن الحركة قانونها المطلق، وهل حقاً يجهل أن ثمة ارتباطاً بين الزمن والحركة يجعل الميلاد، والطفولة، وحب الأم، يسير بهم الزمن باتجاه واحد من الماضي إلى المستقبل، أم أن وعي السياب لهذه الحقائق هو مصدر قلقه، وهلعه من اقتراب لحظة الفناء، التي ما ينفك يذِّكرنا بها:
جيكور لمي عظامي، وانفضي كفني ([6])
من طينه، واغسلي بالجدول الجاري
قلبي الذي كان شباكاً على النار
بعد أن يتوسل السياب إلى جيكور، ويأمل أن تشفق عليه، يرى من خلال أفيائها أمه، وقد انبعثت من جديد، ليرعى كل منهما الآخر:
أفياء جيكور أهواها
كأنها انسرحت من قبرها البالي
من قبر أمي التي صارت أضالعها التعبى وعيناها
من أرض جيكور ترعاني وأرعاها
تتزايد حاجة السياب اليوم إلى أمه بسبب مرضه، كما كان يحتاجها بالأمس طفلاً، وينشد الوحدة التكافلية معها بالرعاية المتبادلة، ولكن كيف يمكن إنجاز هذا التكافل بين أم ترقد في لحدها، وابن على سرير المرض؟ فرعاية كل منهما الآخر مستحيلة مادياً، وليس من حل لذلك إلا عبر التخيل والفن، عندها تصبح الرعاية حالة شعرية.
ينتقل الشاعر من الطريقة الإيحائية، إلى الأسلوب المباشر، في قصيدة "نسيم من القبر" وقد هبت مع نسيم الليل آهات الأم محمّلة بالوجد فيومض حب الأم المنبعث من الماضي في سمائه المتجهمة المربدَة، ويعشق الموت الذي سارت على دروبه، ويروي لها قصته مع المرض:
مضى أبدٌّ وما لمحتك عيني؛" ([7])
ليت لي صوتاً
كنفخ الصور يسمع وقعه الموتى، هو المرض
تفكك منه جسمي وانحنت ساقي
فما أمشي، ولم أهجرك، إني أعشق الموتا
لأنك بعض منه، أنت ماضي الذي يمضُ
إذا ما اربدت الآفاق في يومي فيهديني
ويحرص الشاعر على أن يدخل أمه في تفاصيل معاناته، بينما ينتقل من مشفى إلى مشفى، وهو ينام ويفيق على وقع أقدام الأطباء والممرضات، يجربون بجسمه مشارطهم وعقاقيرهم دون جدوى:
أما رَن الصدى في قبرك المنهار من دهليز مستشفى ([8])
صداي، أصيح في غيبوبة التخدير انتفض
على ومض المشارط حين سفت من دمي سفا
ومن لحمي؟ أما رَن الصدى في قبرك المنهار
وكم ناديت في أيام سهدي أو لياليه
أيا أمي تعالي فالمسي ساقي واشفيني"
وبعد أن يستغيث بها كي تشفيه، يصوّر لها معاناة أطفاله الذين ينتحبون من الويل، ويهتكون سرَ حياة الشقاء التي يعيشونها، في وطن الأم الذي لم يفوزوا فيه إلا بالجوع والحرمان، فمن ظل إلى ظل، ومن شمس إلى شمس تختنق كركراتهم، ويتصدع على مرأى منهم كل شيء، ولا يبقى سوى اليباب:
أما حملت إليك الريح عبر سكينة الليل ([9])
بكاء حفيدتيك من الطوى وحفيدك الجوعان؟
لقد جعنا وفي صمت حملنا الجوع والحرمان
(يُتْبَعُ)
(/)
في قصيدة "نداء الموت" يؤكد الشاعر لنا أن الإنسان يولد دون مشيئته، وسوف يرحل عن هذه الدنيا دون مشيئته أيضاً، وهو على يقين أنه سيموت بعيداً عن أولئك الذين أحبوه، فيبعث هذا اليقين هلع الشاعر وخوفه من الانفصال، ويصبح وجوده المنفصل سجناً لا يطاق، ويرى في الشعر وسيلة إنقاذ تحرره من هذا السجن، غير أن شعره يعبر عن ازدواجية يبدو الشاعر من خلالها منقسماً على نفسه، ويعيش صراعاً يتمثل في جدل المقاومة والاستسلام، التحدي والخضوع، في الحالة الأولى يفصح عن موقف إيجابي من الحياة، ويكشف عن حب جارف للعيش فيتوجه بشعره للأحياء، وفي الحالة الثانية يخضع لنذير المرض فيتجه نحو الأموات يحاورهم برقة، ويرى أنهم ينادونه ويستعجلونه الانضمام إليهم:
يمدون أعناقهم من ألوف القبور يصيحون بي: ([10])
أن تعال
نداء يشق العروق، يهز المشاش، يبعثر قلبي رماداً
"أصيل هنا مشعل في الظلال
تعال اشتعل فيه حتى الزوال"
جدودي وآبائي الأولون سراب على حد جفني تهادى
وتتوزع ذات الشاعر في مرات كثيرة، وتتشتت إلى تمثلات ومشاعر وانطباعات وحدوس، فيسعى إلى لملمتها، بحيث تبدو مرتبطة بعضها ببعض، لكونها مندرجة في أنا واحد أوحد، هو لها بمثابة وعاء, وكي تتمكن الذات من تشكيل صلة الوصل بين مختلف الاحساسات والأفكار والحدوس عليها أن تدمجها في الأنا الكلية. وبصياغة أخرى لا بد لها من أن تصون نفسها من التشظي، ومن أن ترد كل شيء إلى كلية ذاتية. فجميع الأموات الذين سبقوا الشاعر ينادونه من آلاف القبور كي ينضم إليهم: الجدود، والآباء الأولون، والأم، ولكن الأحياء ينادونه أيضاً، فغيلان يعلم أن والده غير قادر على السير فيأبى الاعتراف بذلك أملاً بسلامة والده، وملاقاة لرغبة الأب الجامحة في البقاء:
وبي جذوة من حريق الحياة تريد المحال
وغيلان يدعو أبي سر، فإني على الدرب ماش أريد
الصباح
وفي غمرة هذا التجاذب، تحسم الأم المعركة، حين تنادي من أعماق قبرها المظلمة
الباردة ولدها، وتحثه على المضي في طريقها:
وتدعو من القبر أمي (بني) احتضني فبرد الردى في عروقي
فدفءّ عظامي بما قد كسوت ذراعيك والصدر واحم
الجراح
جراحي بقلبك أو مقلتيك، ولا تحرفن الخطى عن طريقي"
ويستجيب السياب الهش المزعزع لدعوة الأم، مخلفاً نداء ولده غيلان خلفه، معبراً في الوقت نفسه عن الصراع الذي يتناهبه، ويحاول أن يفلسف موقفه شعراً:
ولا شيء إلاّ إلى الموت يدعو، ويصرخ، فيما يزول،
خريف، شتاء، أصيل، أفول
وباق هو الليل بعد انطفاء البروق
وباق هو الموت، أبقى وأخلد من كل ما في الحياة
فيا قبرها، افتح ذراعيك ...
إني لآت بلا ضجة دون آه؛
هل حقاً يعشق الشاعر الموت لأن أمه بعض منه؟ وهل سينضم إليها دونما ضجة كما يزعم؟ أم أن توق السياب للتجاوز، واختراق الحالة التي يعيشها، أصبح هاجساً مغروساً في أعماق وعيه الذاتي، فيحاول عبثاً أن يقدم موقفاً مقنعاً لهذا التجاوز؟
يقول اسبينوزا: (يمارس الإنسان شعوراً إيجابياً عندما يكون حراً، ويمارس شعوراً سلبياً عندما يكون مساقاً) ([11]). وتجاوز الشاعر هنا سلبي فهو يجمّل صورة الموت مساقاً إليه، معلناً الاستسلام والانصياع له، وقد كَبله المرض وحرمه القدرة على مجاراة الحياة الواقعية.
وثمة تجاوز إيجابي يتجلى في تصميم الشاعر على مقاومة الموت، وفي تمرده على الخضوع والضعف، فيبوح شعره بالأمل، والرغبة بالعيش والتمتع بجمال الوجود.
ويجتمع النقيضان في القصيدة الواحدة، فعندما تمد الأم يدها لتخلص الشاعر من محنته، ومن أعباء حياة لم يعد قادراً فيها على تأمين الدواء لعلاجه، ولا الحصول على ثمن خبز الأسرة، فإنه يستجيب لنداء الأم، ويطرق باب الموت راضياً، غير أنه وفي لفتة إلى ابنه غيلان يعبر عن عمق ارتباطه بالحياة، وعن رغبته الآسرة بالبقاء:
أسمعه يبكي، يناديني ([12])
في ليله المستوحد القارس
يدعو (أبي كيف تخليني
وحدي بلا حارس)
غيلان لم أهجرك عن قصد
الداء، يا غيلان، أقصاني
هذا الإقصاء الذي لم يتحقق بعد، يستبق فيه الشاعر موته، ويعد نفسه لاستقباله، فيتراءى له كف أمه الممدودة، تعده بالراحة من تكاليف الحياة:
سأطرق الباب على الموت
في برهة طال انتظاري بها في معبر من دماء
وأرسل الطرفا
فلا أرى إلا الدجى والخواء
(يُتْبَعُ)
(/)
أوشك أن أعبر في برزخ من جامدات الدماء
تمتد نحوي كفها، كف أمي بين أهليها
لا مال في الموت، ولا فيه داء
كانت زيارات الأم للشاعر تتم ليلاً، وسبب ذلك تزايد إحساس السياب بالغربة والوحشة أثناء الليل، وفي هدوء الليل يتوهج فكر الشاعر، ويتقد خياله فيعبر عن مشاعره في رداء لفظي تكثر فيه التلاوين والظلال والدرجات التي تنم عن تلون النفس وعدم طمأنينتها، فحين ينظر السياب إلى ردائه المعلق في غرفته، يسمعه يهمس له قائلاً:
"لم يبق صديق ([13])
ليزورك في الليل الكابي
والغرفة موصدة الباب
فيجيب الشاعر على هذا الهمس بلغة الخيال:
ولبست ثيابي في الوهم
وسريت ستلقاني أمي
وتسأله الأم عند اللقاء كيف يقتحم الليل دون صديق أو رفيق، وهل هو جائع كي تطعمه من زادها؟ أو عطشان لتسقيه من رحم الأرض؟ وتذهب الأم بعيداً حين تدعوه كي يرمي ثيابه، ويلبس كفنها الذي لم يبل على مرّ الزمن:
أعددت فراشاً من لحدي
لك يا أغلى من أشواقي
للشمس، لأمواه البحر
كسلى تجري
لهتاف الديك إذا دوَى في الآفاق
في يوم الحشر
ويبعث موقف الأم على الحيرة وهي تدعو ابنها إلى الموت في اللحظة التي تتشوق فيها إلى الحياة، وأم السياب كغيرها من الأمهات هي التي منحت ابنها الحياة، ويصعب علينا أن نصدق بأنها ستنتزعها منه، فمثل هذا أقرب إلى الأسطورة أو العمل الأدبي وبالتالي فإن قيمة هذا الشعر لا تأتي من دقة الفكرة، ولا من الموضوع المطروق ومدى واقعيته، بل من الحركة الذاتية الداخلية للشاعر، من الحالة النفسية، ومن طريقته الخاصة في التصوير، وتنويع إيقاعاته بصورة دائبة، ومن تبديل اصطفاف المقاطع في القصيدة الواحدة، وعفوية تشكيلها الموسيقي، وأخيراً من المدلول الروحي لمقاطع القصيدة حين تأتلف الألفاظ في لحن جنائزي حزين، يعلو تارة، ويخفت تارة، معبراً عن رجع النفس الداخلي وهي ترفض الموت مرة وتقبل به مرة.
قد تكون قصيدة (الباب تقرعه الرياح) أكثر قصائد بدر تعبيراً عن جدل العلاقة بين الشاعر والأم، وأقرب تلك القصائد إلى أدب الأمومة من وجهة النظر الفنية والفكرية، فقد كتب السياب القصيدة وهو ما يزال في لندن، ينهش قلبه المرض ويعذبه الحنين إلى العراق، فالعراق هو بابه الوحيد أمام حياة واعدة بالعافية المشتهاة، والسعادة المرتقبة، غير أن الشاعر يقبع كسيحاً خلف باب غرفته في المشفى، ينتظر من يقرع عليه الباب ليحمله على أجنحة الشوق لعراقه الحبيب، يطوف فوق مدنه العريقة، ونخيله الباسق، وليله الساجي، فلا يجد سوى روح الأم:
الباب ما قرعته غير الريح ([14])
آه لعل روحاً في الرياح
هامت تمر على المرافئ أو محطات القطار
لتسائل الغرباء عني عن غريب أمس راح
يمشي على قدمين، وهو اليوم يزحف في انكسار
هي روح أمي هزها الحب العميق
حب الأمومة فهي تبكي
"آه يا ولدي البعيد عن الديار
ويلاه، كيف تعود وحدك لا دليل ولا رفيق
هذا البوح المفعم بالشجو، هذه المناجاة المسربلة بالعذاب والعذوبة، تعود بالشاعر إلى أيام الطفولة، إلى تلك اللحظة التي فارق فيها الأم فراقاً لا لقاء بعده:
أماه ليتك لم تغيبي خلف سور من حجار
لا باب فيه لكي أدق ولا نوافذ في الجدار
هذا الغريب هو ابنك السهران يحرقه الحنين
أماه ليتك ترجعين
شبحاً وكيف أخاف منه وما امحَت السنين
قسمات وجهك من خيالي
أين أنت أتسمعين
صرخات قلبي وهو يذبحه الحنين إلى العراق
وتستمر مناجاة الشاعر لأمه على هذا المنوال، وتنهض القصيدة على مبدأ الشفافية الذاتية، غير أنها تكشف الجوهري والعام بوعي الذات لذاتها كلما دخلت مناطق أوسع من الذات، وكلما ضمت إليها ما أغنى حياة الشاعر القصيرة بالرؤى والمشاعر والمواقف والأفكار، التي يخضعها الشاعر لإعداد داخلي، ويحولها إلى شعر يجسد العلاقة بالأم والقرية والمدينة، ويبوح بما يعذب النفس: الألم، والغربة، وافتقاد الأم، والحنين إلى العراق، ويفصح عن رغبة عارمة بقهر الانفصال، والتوحد مع الآخرين أحياء كانوا أم أمواتاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومع أن القصيدة مكتوبة بوعي، وبنوع من المعاناة الذهنية، النابعة من الحب والألم، غير أن الصناعة فيها لا تكشف نفسها، بخلاف كثير من قصائد الشعر الحديث، ولعل ذلك يعود إلى أنها مترعة بالرقة والحنين من جهة، ومعرفة أسرار الصنعة والقدرة على الإبداع الطافح بروعة الشعر من جهة أخرى، وذلك حين يبوح بصدق عن عاطفة الحب بوصفها أنبل العواطف الإنسانية في أقصى تجل لها.
وقصارى القول فإن قصائد السياب التي توجه فيها إلى أمه، مناجياً، ومحاوراً، تمتلك سمات محددة، تساعد على معرفة أسرار تجربة السياب الإبداعية، فالشاعر لم يتوجه إلى أم على قيد الحياة، ليكتب فيها قصائد الاعتراف بالجميل والبرهان على وفاء الأبناء للأمهات، ولم يكرر على مسامعنا ما جاء في الديانات والثقافات المختلفة من أنها الكائن الأسمى والمقدس، ولم يكتب في هذه الأم قصائد الرثاء المليئة بالحزن والتفجع، قصائد الشاعر في أمه تعبر عن حالة استثنائية قاهرة، تتعلق به وبها في آن معاً، فالشاعر يكابد عذاب المرض، والأم تنام نومها الأبدي، وعبر التذكر والتخيل يحاول الشاعر استدعاء الأم لإشراكها في معاناته، إنها نموذج الشعر الذي يبحث ويتأمل في أدق المسائل التي يواجهها الإنسان في حياته، في دلالة الحب والألم، الموت والحياة، الفناء والخلود، وفي كل ما يتصل بمسائل الوجود والعدم، والمصير الإنساني.
ولقد تمكن السياب في هذه القصائد أن يبعث فينا مشاعر متعاطفة معه، وأن يفتح أعيننا على أسرار الحياة التي نغفل عنها حيناً، ونزعم أننا لا نجهلها حيناً آخر، فقوة هذا الشعر نابعة من قوة تأثيره فينا، بسبب طبيعة المسائل والمواضيع التي يثيرها، ومن خلال تشرب نفس الشاعر هذه المسائل والمواضيع، فمن الخاص إلى العام، وبتدفق عفوي بعيد عن الادعاء، وبفن جذاب وحزين، توجه السياب إلى أم سبقته على طريق الموت، وهو يقف على حافته.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) رشيد سليم الخوري –ديوان الشاعر القروي- دمشق- اتحاد الكتاب العرب- جزء 2 - 1983 - ص436.
([2]) محمود درويش –أحد عشر كوكباً –بيروت- دار العودة- 1992 - ص-55.
([3]) ديوان الشاعر –مج1 - ص- 656.
([4]) ديوان الشاعر –مج1 - ص-186.
([5]) المصدر السابق –ص-188.
([6]) الديوان السابق –ص-189 - 190.
([7]) الديوان مج1 - ص-672 - 673.
([8]) المصدر نفسه –ص-673.
([9]) المصدر نفسه-ص-674.
([10]) الديوان مج1 - ص236.
([11]) أريك فروم-فن الحب- ترجمة مجاهد عبد المنعم مجاهد- بيروت- دار العودة-2000م ص 29.
([12]) الديوان –مصدر سابق- ص- 287.
([13]) المصدر نفسه-ص-609.
([14]) المصدر السابق-ص-615
ـ[المستبدة]ــــــــ[07 - 04 - 2005, 03:49 م]ـ
عاشق البيان ..
جزيل الشكر ينحني أمام حروفك التي غمرتني
بكريم وقتها ..
سأشكرك لكل حرف سأقرؤه ..
جزاك الله كل خير ..
عزيزتي:
أنشودة المطر ..
أهلاً بك أولاً ..
ثم أجدني أقف أمام اسمك الرقيق ..
الذي يشي بما يعتمل داخلك، ويلقي ببعض
ما ستقولين .. !
ما أجمل أناشيد المطر ...
أتحفينا بواحدة أيتها الأنشودة الرقيقة ..
أختي. شكرا لحضورك البهي، وشكراً أخرى
لتعليقك،الذي ينم عن ثقافتك.
شكراً لتأطير السؤال مرة أخرى.
صدقيني أؤمن كثيراً، بهؤلاء الذين يأتون، ويأبون
الرحيل إلا بمزيد إشراق لخطواتهم النديّة،بأنهم من نودّ
ونسعد بمصافحتهم .. فشكراً لك ..
لكن لي وقفة يا غالية، قلت:
قلتِ (في عرض قولي):
" هل من رؤية نقدية لكلٍ من الشاعرين؟!
أحب أن أوضح فقط أن الرؤية النقدية لا تؤخذ من ذات الشاعر وإنما من نصوصه.
ولعلي أصيغ السؤال مرة أخرى ..
هل من رؤية نقدية في شاعرية كلاً من السياب ودرويش؟! "
**
شكرا لكِ مرة ثالثة، لكني لم أقل هذا!
وقد قصدتُ ألا أقول مثلما قلتِ!! فللبيب الإشارة!!
قلتُ:
"رؤية نقدية بشكلٍ عام لكلٍ من:
الشاعر:
بدر شاكر السياب.
محمود درويش."
فثمة فرق كبير فيما ذكرتُ وفيما أدرجتِ!
تعنيني التفاصيل كثيراً!
لن أُسهب أكثر،
لكن مع هذا بالفعل أشكرك على "الصياغة" الواعية ..
كما أشكرك على أن تمنيتي أن:
أتمنى أن تقرأي بعضاً من نصوصهما حتى تتبلور لك رؤيتك الخاصة.
وهناك بعض الرؤى النقدية حول فنية شعر السياب في عدد من الكتب مثل كتاب إليا حاوي " في الأدب و النقد".
مع أن تلك الرؤية لم توافقني ومع ذلك ذكرتها لك ربما تكوّن لديك انطباع جديد .. !
سأشكرك رابعة، أيضاً، لكنني سأذكرك ـ أيضاً ـ فيما قلتُ:
" فقط رؤية فنية موضوعيةـ مختصرة ـ، لكي أعتمد سلامة ما وصلت إليه ..
(لستُ بذات يد في شعرهما) .. "
ألحظتِ:
" لكي أعتمد سلامة ما وصلت إليه "!!؟
يعني أنني قرأتْ، تأملت، دوّنت .. ثم أحببت مشاركة الأكارم،،
لمقارنة ستكون بين ما وصلتُ إليه، وما سيغدقون عليَّ به.
دوماً أُردد أنْ لابد من رؤية خاصة،يجب أن يلتفّ بها رأي الناقد والأديب،
والحمد لله،لا أتعسّف هذا .. لكنه ينساب فيما أقول دوماً ..
ومع هذا، لا يمكن أن أكون بمنأى عن رأي الأساتذة الأفاضل والأستاذات الفضليات .. من مثلكِ
أيتها الأنشودة الجميلة ...
أثابك الله.
**
عاشق البيان / أنشودة المطر:
سأعود بعد أن أقرأ مشاركاتكما الطويلة ..
تحيّة،،،
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المستبدة]ــــــــ[08 - 04 - 2005, 03:53 م]ـ
قرأتُ مشاركتيكما بكثير شكر ..
عليَّ أولاً أن أمتنّ لهذا الهطول أخي / عاشق البيان.
فشكر الله لك سعيك ..
ثم أردتُ فقط أن أبيّن لكم ..
أنني أردتُ رؤية عامة،ممن قرأ وبغزارة لهما، لأضمن سلامة ما قد جنيت، ومثلما أخبرتكم أنني عدتُ بلا أدنى شك لموفورهما، وقد رأيت أن تشاركوني ..
وبعد ...
فقد انتهت ورقتي التي قمتُ بها، وقد كانت (الشعر الحديث،ومجهر النقد القديم)، فعلى الرغم من عنوان موضوعها .. إلا أنني قصدتُ النقد الحديث، في نصوصهما .. فمن خلاله ستتضح لي الرؤية لكلٍ منهما ....
عموماً قدّمتُ ورقتي وانتهى الأمر ..
لكني لن أخفي غبطة ملأتني، حين قرأ مشاركتيكما ...
ولعلّي أقف أختصر ما جاء فيهما:
عاشق البيان / أفاد بما يأتي:
* (البروة)! تلك القرية،القريبة من (عكا) والتي حفلت بميلاد (محمود درويش)، فشهد عام 1942 ميلاد ابن أرّقه هموم شعب، وقضيّة أمّة، ووقفة تأريخ!
* بداية محمود درويش طفلا، لا يرى في الدار إلا ورودها، ولا في العصافير إلا رداءا،جميلاً يحمل عينيه إلى حيثُ ترحل!
* السادسة من عمرة! وأول صفعات قلب!، ليلة "عصابات الهاجاناة".
* لبنان وبداية ألم! فلسطين، وكالات الغوث، الصليب الأحمر، المخيم، واللاجئين…!!
* حقيقة ذاك الطفل اللاجئ، الذي سرقت طفولته!
* في ربيعه السابع عشر،حاول العودة لقريته،فلم يجد إلا الأراضي الخالية! (وبدأت مسيرة لا أرض،لا وطن!!
* صار محررا ومترجما في الصحيفة التي يصدرها الحزب الشيوعي الإسرائيلي (راكاح)، وهو الحزب الذي رفع في تلك الفترة المبكرة من الستينيات شعارا يقول: "مع الشعوب العربية .. ضد الاستعمار"، (الجدير بالذكر أنّ هذه الفترة هي بداية قول الشعر .. !!)
*0 شاعر مقاومة، وبداية حصار لأمسيّات هذا المقاوم!
* سُجِن 3 مرات في معتقلات إسرائلية.
* وفي عام 1977 وصلت شهرته إلى أوجها، حيث وُزع من كتبه أكثر من مليون نسخة في الوقت الذي امتلكت فيه قصائده مساحة قوية من التأثير على كل الأوساط، حتى إن إحدى قصائده (عابرون في كلام عابر) قد أثارت نقاشا حادا داخل الكنيست الإسرائيلي.
* شعبيته الكبيرة، واختيار السيّد عرفات درويش مستشارا له.
* (مديح الظل العالي) وبداية مفترق طرق!
* (مديح الظل العالي)، شتت جزء من غموض (محمود)!
* (مديح الظل العالي)، قصيدة ترسم واقع أليم .. لصمتٍ طويل بطله العالم العربي!
* بداية المقاومة الفلسطينية مع أول قصف لبيروت.
* هرب من بيروت إلى باريس .. فظل في المنفى جبرا بين القاهرة وتونس وباريس!
* وقد عاش محمود درويش كثيرا من مآسي هذه المقاومة، وشاهد بنفسه كثيرين من أصدقائه ورفقاء كفاحه وهم يسقطون بأيدي القتلة الصهاينة، وكانت أكثر حوادث السقوط تأثيرا في نفسه حادث اغتيال "ماجد أبو شرار" في روما عام 1981،
* كانت حياته في بيروت زاخرة بالنشاط الأدبي والثقافي
* أثرت هذه الكلمات فيّ كثيراً:
" محمود درويش حبيس العالم المفتوح معزولا عن جنته الموعودة .. فلسطين. "!
* حلمه الدائم في العودة لفلسطين،هذا الحلم الذي لم يتحقق (أسأل الله أن يمنّ علينا برؤية رايات النصر ترفرف في ساحات فلسطين من وسطها وحتى جهاتها الأربع.)
* اعتراضه على اتفاق (أوسلوا) واستقلاله من المجلس الوطني الفلسطيني.
* 1994، وعودته إلى (رام الله).
* ضاقت بي هذه الكلمات:
حيث داهمت الشرطة الإسرائيلية منزله، وعبثت بأسلحته: أوراقه وأقلامه .. !!
* قال عنه أحد الكتّاب الأسبان:
وقال عن درويش إنه استطاع: تطوير هموم شعرية جميلة ومؤثرة احتلت فيها فلسطين موقعا مركزيا، فكان شعره التزاما بالكلمة الجوهرية الدقيقة، وليس شعرا نضاليا أو دعويا، هكذا تمكن درويش، شأنه في ذلك شأن الشعراء الحقيقيين، من ابتكار واقع لفظي يرسخ في ذهن القارئ باستقلال تام عن الموضوع أو الباعث الذي أحدثه.
!!!!!
* وقفتُ هنا طويلاً:
ويقول: "لم تكن لدي طريقة مقاومة إلا أن أكتب, وكلما كتبت أكثر كنت أشعر أن الحصار يبتعد, وكانت اللغة وكأنها تبعد الجنود لأن قوتي الوحيدة هي قوة لغوية".
!!!!!
* أُعجبتُ كثيراً بمحمود درويش وهو يقول:
(يُتْبَعُ)
(/)
وتابع قائلا "كتبت عن قوة الحياة واستمرارها وأبدية العلاقة بالأشياء والطبيعة. الطائرات تمر في السماء لدقائق ولكن الحمام دائم .. كنت أتشبث بقوة الحياة في الطبيعة للرد على الحصار الذي أعتبره زائلا؛ لأن وجود الدبابة في الطبيعة وجود ناشز وليس جزءا من المشهد الطبيعي".
فكم كنتُ أؤمن دوما، أنه كاتب مبدع، حتى النزف .. !!
* نهاية هذا المقال:
* وما زال الشاعر ابن الستين ربيعا متفجرا يعيش تحت سماء من دخان البارود الإسرائيلي وخلف حوائط منزل صغير مهدد في كل وقت بالقصف أو الهدم، وبجسد مهدد في كل وقت بالتحول إلى غربال .. ورغم ذلك فإن كل هذا يقوي من قلمه، ويجعله أشد مقاومة.
* حياة حافلة، تزخرُ بقضيّة، وإحساس بأنْ ثمة قضيّة، كاتب مجيد، وشاعر نثري حقيق برفع راية جهاده.
المقالة الثانية:
* طبيعة أرض فلسطين.
* العلاقة بين الإنسان وأرضه،التي هي جزء من الطبيعة.
* سرد لماهيّة الطبيعة، وعلاقتها بالإنسان.
* محمود درويش والطبيعة.
* ثم عودة للطبيعة والإنسان.
* (سجل أنا عربي)،رائعة!
* حديث موغل في سرد وتحليل شعر محمود في ضوء البيئة والطبيعة.
* ثمَّ استرسالٌ جميل،يتخلله مقطوعات من شعره.
* الطبيعة والرمز عند درويش.
* أخيراً:
"فقد تحولت الطبيعة في شعره الى حالة انفعالية (غنائية) تعبر عن انعكاس الواقع على الذات وصراع الذات مع الواقع لخلق معادل فني معبر عنه في هذا اللون من الابداع الشعري."
رائع!
جهدٌ رائع .. بودي أن أسألك أخي / عاشق البيان:
مشاركتك الأخيرة من منقولك (النسخ من الشبكة)،أم أنّك أنت من كتبها (نقلاً من الكتب)؟
أعجبتني المشاركة الأخيرة كثيراً كثيراً (بصراحة تفوّق النقدُ فيها،على الشعرالذي من أجله تدفق هذا النقد الذكي، النبيه .. أنصح من لم يقرأ .. أن يقرأ المشاركة الثانية،لكن لا يخطئ ويفعل مثلما فعلت قراءة من الكمبيوتر بشكل مباشر! بل طباعتها واختيار وقت ومكان مناسبين .. والبدء في هذه الرحلة .. !) شكر الله لك.
محمود درويش ... !
لا يمكن لأحد أن ينكر جهده ومشواره الحافل بكل هذا الذي قرأنا، والذي لم نقرأ ..
كما لايمكن أن ننفي عنه شاعرية تسكنه! لكننا بطبيعة الحال،لا يمكن ـ أيضاً ـ أن نُطلق على أيّ شعر: (قصيدة)! لأنني أتذكرـ ومن فوري ـ أنكم تقصدون قصيد عمرو بن كلثوم،أو أحمد بن الحسين أو د. جاسم الفهيد، والبصريّ في الفصيح!
عموماً،إن ما يُكتب بهذه الطريقة نسميه (شعراً) ولا مراء في ذلك،فنحن جميعاً شعراء .. ومبدعين أيضاً! وهذا ما يخرجه ـ في رأيي ـ من الدائرة التي قد ينفيه كثير عنها! لأننا جميعاً نمتلك أحاسيس ومشاعر (شاعريّة،شعور، وشاعر!!)،وثمة من منحهم الله سكب هذه المشاعر على الأوراق، وكتب لها القدر أن تصدح في العالم .. !
فأصبحوا شعراء ..
نازك الملائكة (شاعرة)، ولا يمكن لأحد أن يقول غير ذلك .. !
ولا أرى في البتّ في المزيد،عظيم فائدة .. فمن أراد أن يكتب فليكتب، لأن الزمن والتأريخ وحدهما من يمتلكا الكلمة الأخيرة ... !
محمود درويش،شاعر مجيد .. نعم،،فقط لو تخلّص من الثقافة الغربيّة التي غمرت شعره. (حينما أقرأ له دوماً أشعر بأنَّ ما بين يدي جاهز للترجمة!).
عموماً أخرى .. شكراً / عاشق البيان ..
[ line]
الغالية / أنشودة المطر.
قرأتُ ما جُدتِ به هنا .. وقد حملتي حروفي على شكرك .. وتقديرك ..
جميل ما جئتِ به .. فقد سلّطتِ الضوء على جزء يسير من حياة شعر شاعرنا / السياب .. ونعم الجزء هو،، قد عرفتُ عنه كثيراً مما أجهل .. شكرا لك ..
أخيراً أريد أن أعرف ـ أيضاً ـ أهذا من منسوخك أم ما كتبت من الكتب؟
أيضاً فيما ذكرتِ:
" وكي تتمكن الذات من تشكيل صلة الوصل بين مختلف (الاحساسات) والأفكار والحدوس عليها أن تدمجها في الأنا الكلية."
فهل الكلمة التي تحتها خط،تُجمع هكذا .. ؟
أثابكم الله، وجزاكم خيرا.
تحيّة،،،
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[09 - 04 - 2005, 09:40 ص]ـ
أشكرك أختي على تقبل ورقاتي
وما كتبت يمثل قراءاتي العامة إلا ما كتبت عليه اسم كاتبه فهو بحث من الشبكة
دمت بود
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[10 - 04 - 2005, 06:35 م]ـ
شكراً لك عزيزتي ..
إجابتي على سؤالك الأول موجودة في رأس المقالة .. (سيف الدين قنطار - سورية)
وأنا لست سيفاً .. ولا قنطارا
عموما ..
السؤال الآخر: إن قلت لا أعلم فهو نصف العلم , و النصف الآخر أني سأبحث في هذا الشأن , لكني أميل أنه لا بأس بجمع " الحس" على أحاسيس أو احساسات.
تحياتي.
ـ[المستبدة]ــــــــ[11 - 04 - 2005, 05:30 ص]ـ
شكرا عاشق البيان،شكرا أنشودة المطر ..
عزيزتي الأنشودة الجميلة:
قلتِ:
(إجابتي على سؤالك الأول موجودة في رأس المقالة .. (سيف الدين قنطار - سورية)
وأنا لست سيفاً .. ولا قنطارا)
أُعرف أنّكِ أنشودة جميلة ممطرة .. ولستِ سيف ولا قنطارا ..
لكن يا غالية .. لم يكن سؤالي كما رأيتِ حفظك الله!
قلتُ:
(أخيراً أريد أن أعرف ـ أيضاً ـ أهذا من منسوخك أم ما كتبت من الكتب؟)
يعني أردتُ أن أعرف هل نسختي،ما كان من أمر مشاركتك، من الشبكة العنكبوتيّة
(نسخ)، أم أنّكِ تكبّدتِ عناء الكتابة على الحاسب من كتاب بعينه؟!
(كان سؤال عابر لا أكثر)
فقط أردتُ شكرك في الحالتين، وتقدير جهدك كثيراً إن كان جهد في الكتابة ..
هكذا فهم ما رميتُ إليه / عاشق البيان.
قد شعرتُ بالغبطة لهذا الكرم الجميل منكما، فجزاكما الله خيرا ..
تحيّة ممطرة،،،(/)
"قارئ العصر" .. قراءة في الظلال والهوامش
ـ[فريد البيدق]ــــــــ[30 - 03 - 2005, 11:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
"قارئ العصر" .. قراءة في الظلال والهوامش.
توطئة:
وقعت عيناي على الأبيات الشعرية المتمحورة حول القارئ "مشاري راشد". فدفعني ذلك إلى محاولة مقاربة قراءة الأبيات قراءة تنصب على النص، لا على المتحدَّث عنه ومفاضلته بالقراء كما فعل أحدهم.
وأبتدىء بهذا المدخل من خلال النقاط الآتية:
1) الموسيقى: اختار الأستاذ "سعد الشريف" لمشاعره قالب"الكامل" المتميز بموسيقيته الظاهرة الراقصة التي تبلغ من ظهورها حدًّا يزداد احتمال ترقيص من ليس له إلمام بالعروض أو معرفة بالإيقاع. وتلاءم هذا الاختيار مع المعجم اللفظي الموجود في الأبيات؛ لهذا كان الظل إيجابيا.
2) الخيال: رسم الأستاذ الفاضل من خلال الأبيات لوحة كلية وصورة فنية؛ احتوت داخلها الصور الجزئية موضوع علوم البلاغة. وملامح هذه اللوحة ستتضح تباعاً أثناء التناول.
3) تحقق النصية: النص– أي نص- كيما يكون نصًّا لا بد له من وضوح في الرؤية، وتسلسل في الأفكار، وتماسك في الأجزاء والأوصال. ووجود هذا العنصر الذي هو "تحقق نصية النص" سيتم الحديث عليه نهاية الحديث التحليلي.
4) منهج التناول: المنهج التحليلي الذي يرفع شعار "اللغة العربية .. تداخلُ علومٍ للجمال"؛ فالمتذوق للعلوم اللغوية التحتية [أصوات – صرف – نحو – معجم]، والملم بالعلوم الفوقية التي هي فنون أكثر من كونها علوما [بلاغة – فقه لغة – علم نص – علم الحركة الجسمية - ... ]-يكون ذوب اللغة، ويمتلك التذوق التحليلي الفني الممتع.
والآن .. أجدني مضطراً إلى قطع هذا المدخل الذي لم تتم كل عناصره؛ لأجول في أجواء هذه الأبيات؛ ولنبدأ من حيث بدأ الشاعر ..
الصوت الساري
سحر الجميع بصوته الفتان ... طربًا يرتل أعذب الألحان
بترنم ذهل الكثير لحسنه ... فكأنه طيف من الألوان
قمة الحدث بدء الأبيات، ولنستعير أجواء القصة القصيرة. بدأت الأبيات من ذروة الحدث. ما الحدث؟ تأثير صوته. وما صوته؟ عماد الحديث وأساسه. ماذا عن صوته؟ سلب لب الجميع، واستولى على قلوب كل من يستمعه. لماذا؟ لأنه يجعل الجميع مستمالين."سحر" ذلك الفعل المذخور بالتهاويم والتصاوير والنتائج غير المنطقية، "سحر" ذلك الفعل الذي يصنع لنفسه عالما مملوءا بما يخصه، ولا ينتمي لغيره. إنه السحر الذي ينفرد بمنطقه وقوانينه. هذا السحر المتمرد سيطر عليه الشيخ القارئ، وامتلك زمامه واستخدمه؛ فلم يملك الجميع إزاءه إلا الانفعال الآخذ المستولي الذي يترك صاحبه جذوة انتشاء وانسجام.
"سحر" ذلك الفعل الماضي الذي يجعل الأسلوب خبريًا يفيد التحقق والثبوت، ولقد جاء به خاليا من المؤكدات بكل أنواعها لتأكيد بداهة التأثير الأخاذ الذي يجعل الجميع لا يجول بخاطرهم مثقال ذرة من شك أو رفض أو اعتراض. بم امتلك كل هذا التأثير المهيمن؟! بصوته. صوته الموهوب من ربه الذي يختص من يشاء بما يشاء، صوته تلك القناة الاتصالية مع الآخرين، صوته ذلك الشيء الاجتماعي الذي يجعل صاحبه مركزًا للعيون والقلوب.
"بصوته الفتان" الباء سببية تجعل صوته آلة سيطرته وهمينته، والنعت الحقيقي–هنا- يوضح برمية واحدة قوة صاحبه وتأثيره، وانفعال الآخرين وتأثرهم. "الفتان" ليس فاتنا؛ إنما هو فتان. من كثرة من فتنهم صار فتانًا، ومن تكرار تأثر الشخص الواحد صار فتانًا، وهكذا نجد أوجه الفتنة كثيرة ومحاورها متعددة.
ويمكن أن تكون الباء زائدة –على الرأي المرجوح الذي يدعمه السياق- فتكون زيادتها لفظيا ذات دلالة تأكيدية، وتكون كلمة "صوت" عمدة؛ إذ تصير فاعلاً، وهذا أقوى. لماذا؟ لأن الصوت هو أساس الانتشار وسبب السحر، فيلائمه أن يكون فاعلا لفظًا ومعنىً؛ حتى يكون الموقع النحوي دالاًّبلاغيًّا ودلاليًّا. أما أن تكون الباء أصلية - لعدم وجود مسوغ للزيادة حسب الرأي الراجح- فيتعلق الجار والمجرور "بصوته" بـ"سحر"؛ فهذا غير متوافق مع ما يرمى إليه الشاعر من إثبات سحر الصوت وعبقريته. وهذا هو المستوى الدلالي النحوي الذي يضع المواقع الإعرابية علامة بارزة على الدلالة المدعمة أو الناقضة رؤية الشاعر، وهذا ما معناه " عبدالقاهر في نظرية النظم".
(يُتْبَعُ)
(/)
"سحر الجميع"؛ كم مسحورا؟ إنهم غير محصورين، غير معدودين. صار السحر خاصة ذاتية للصوت الذي يسحر أينما حل. إنهم "الجميع"، هكذا أضاف"أل" الدالة على العموم إلى "جميع" الدالة على العموم أيضًا؛ ليُحدث الأثر المطلوب. إنه يسخر كل خصائص اللغة لتأكيد انفرادية الصوت وتميزه على ما عداه."طربًا"، ويعود الموقع الإعرابي ليدلي بدلوه. كيف؟ "طربًا" تصلح أن تكون مفعولاً لأجله فتجيب عن السؤال: لماذا يُسْحَر الجميع بصوته الفتان؟! ويكون الشاعر بذلك قد استوفى عناصره المنطقية؛ إذ هناك ساحر، ومسحور، وعلة.
وهذه العلة ليست علة صامتة؛ إنها علة تجعل صاحبها في غير عادته؛ إذ الطرب خفة تصيب الإنسان لفرح أو حزن. هنا الخفة سببها الفرح والانسجام والانتشاء. هذا الاحتمال الإعرابي يضعنا في هذه المنطقة التعبيرية التي تعلل سر سحر الصوت وانسجام المستمع، ويكون ضبط الكلمة بهذا الوجه "طَرَبًا". أما إذا تغير الضبط فصار "طَرِبًا" فتكون الصيغة مبالغة أو صفة مشبهة–وهما من المشتقات الدالة على المبالغة إما بالمبالغة أو الثبوت-، فيكون الموقع الإعرابي حالاً يبين هيئة الصوت. هل هذا الصوت صوت مألوف؟ لا. إنه صوت يسري ومعه الطرب، إنه صوت يصل محمولاً على بساط الطرب.
وبهذا تتعاضد ألفاظ الدلالة "سحر – الفتان – طرباً"، وتتآلف وتتحد في اتجاهها نحو المركز الدلالي المعنون بـ"عبقرية الصوت". وكلها ألفاظ تمثيلية تجعلنا نتمثل المسحورين وهم مأخوذين أينما وُجِدوا من الفتنة والطرب. "سحر الجميع بصوته الفتان ... طربًا". متى؟ متى يحدث ذلك؟ وعلى أي وجه يكون؟ ينشأ السؤال وتأتي الإجابة سريعًا وبدون فاصل مكاني. لماذا؟ لأن هذا الصوت "يرتل" يجود ويحسن. ماذا؟ القرآن الكريم. كيف؟ بأفضل طرق الأداء "بأعذب الألحان".
إذًا: هذا الصوت العبقري شاكر لربه. لماذا؟ لأنه يسخر عبقريته لخدمة قرآنه، وليس لشيء آخر. وهذا منحى آخر من مناحي السيطرة والهيمنة له. لماذا؟ لأن المستسلم له لن يتحرج من الاستماع، ولن يتأثم به. لماذا؟ لأنه يستمع شيئًا يجعل الاستماع والطرب عبادة. إذن؛ فليترك المستمع زمامه؛ فهو في عبادة كلها متعة!! "أعذب الألحان" إنه ليس لحنًا واحدًا، ليس أسلوبًا أدائيًّا واحدًا؛ إنما هي أساليب متعددة تتعدد لتتلاءم مع القراءات المتعددة، ولتتوافق مع المواقف القرآنية المتعددة، تنبع من الحالات النفسية المتعددة.
"سحر الجميع بصوته الفتان ... طرباً يرتل أعذب الألحان" ويأتي الضمير هنا علامة ربط كلمات البيت بعضها بالبعض الآخر، وربطها كلها بالعنوان؛ فيتحقق تماسك نص البيت. لماذا؟ لأن الضمير الغائب المقدر بـ"هو" المستتر في "سحر (هوالقارىء) " -إذا اعتبنار "بصوته ... " متعلقاً بالفعل- يجعل القارئ الشعر يعود مكانيًّا إلى العنوان؛ حيث مرجع الضمير. ثم يأتي الضمير البارز في "صوته"، والضمير المستكن في صيغة المبالغة "الفتان (هو) "، والضمير المستتر في "يرتل (هو) " –تأتي كل هذه الضمائر لتربط كلمات البيت بمرجعها في العنوان. ويؤدي تكرار حركة العين –أماماً ووراء- إلى أن القارئ الشعر يروح ويغدو، ويكرر المرور الذهني والدلالي؛ فيزداد إثراء دلاليًّا، وتزداد حيوية اتصاله بالنص موضوع المرور.
إذا تأملنا قاموس البيت وجدناه قاموسًا مرحًا مشعًّا للحيوية، تتسق كلماته مع الحالة النفسية المقبلة الراغبة في "بترنم ذهل الكثير لحسنه ... فكأنه طيف من الألوان". وتستمر السيمفونية الجمالية!! كان البيت السابق يتحدث على الصوت، ثم تحدث على الأداء. وهنا يبدأ بهما معًا، الصوت في حالة أدائه الخاصة "بترنم". الباء سببية، "وترنم" نكرة للتعظيم، بسبب الترنم يغيب المستمعون عما حولهم، ينسون دنياهم وهمومهم، ينسون أنفسهم. ماذا يتذكرون؟ فيم يعيشون؟ يعيشون في أجواء هذا الصوت الشجي، يتذكرون تلك الأجواء الروحية التي تسمو بهم فوق لحظتهم، ويجعلهم يحلقون عاليًّافي سماوات العلو والسمو. وليس هو "ترنم" فقط؛ بل هو "ترنم حسن"، وليس هو ترنم أحادي النغم؛ بل هو متعدد النغم متداخله كالطيف اللوني الذي تتداخل فيه الألون، وتتضح إذا تعرضت للمنشور الزجاجي.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهنا ماذا يجعل الترنم يتحلل إلى نغماته؟ إنها النفسية التي تعيش بحبوحة السعادة والارتياح. وإذا حاولنا إجراء التشبيه –هنا- فسيكون بالصيغة الآتية: تشبيه تمثيلي؛ حيث شبة الشاعر نغمات الأداء، وتنغيم الصوت باللون الذي يحتوي داخله بقية الألون في احتواء الشيء المفرد ظاهرًا أشياء باطنًا لتأكيد ثراء الصوت.
هكذا يؤكد هذان البيتان صفة عبقرية الصوت من خلال صورتين: أولاهما كنائية تنتظم البيت الأول الذي يكنى فيه عن صفة عبقرية الصوت من خلال الدليل المادي الملموس في تلك الحالة التي يعيشها المستمعون مسلوبو الإرادة كالمسحور مثلاً بمثل. وأخراهما-أخرى الصورتي- التشبية الذي انتظم البيت الآخر؛ ليؤكد ذات الصفة. ولم يقلل من ذلك الانسجام إلا التعارض -الذي لا يصل حد التناقض- بين لفظي العموم الموجودين في الشطر الأول من البيت الأول والشطر الأول من البيت الآخر.
في الشطر الأول من البيت الأول يقول الشاعر:"سحر الجميع بصوته الفتان". هنا نجد المبالغة وصلت حد عدم الاستثناء، فدل ذلك على العموم المطابق كل المستمعين، وهذا ينسجم مع فن المديح الذي يقوم على رؤية القارئ –موضوع التجربة الشعرية- جديرًا ببناء شعري يختص به. وفي الشطر الأول من البيت الآخر يقول: "بترنم ذهل الكثير محسنه". تراجع الشاعر –هنا- عن تعميمه المطابق كل المستمعين؛ وذلك باستثناء القليل الذي جعل "الجميع" "الكثيرة"، وذلك رغم أن "الذهول"-المصاحب للكثير- أخف من "السحر"-المصاحب للجميع-؛ فكيف يكون الصوت العادي ساحرًا للجميع، ويكون الصوت المترنم مذهلاً للكثير؟!!
إن هذا يدفعنا إلى مساحة دلالية غير مقصودة من الشاعر تأكيدًا. ما هي؟ هي أن صوت الشيخ القارىء الخام الذي منحه الله إياه ساحرا؛ لكنه إذا بدأ يلون ذلك الصوت ويتدخل في طبقاته ونغماته أفسد ذلك السحر وقلل الأثر. والمعهود والطبيعي أن تكمل الدراسة الصاقلة الخامة الجيدة؛ فلا بد أن يكون الأداء مدعما للصوت وحاملاً إياه إلى أقصى قم الوصول. إن هذا خلل معنوي لم يفطن إليه الشاعر لعدم وقوفه تحليليًّا أمام الرؤية العامة التي يكونها مجموع كلماته.
وبعد؛ فهذا نموذج أقدمه للرؤية التحليلية الفنية المبنية على استقراء النص استقراء يفجر طاقات إيحاءاته ويعللها فنيًّا بالاستعانة بالأدوات اللغوية والفنية. ولعله بذلك يمنع التعليقات التلغرافية غير الفنية، ولعله يدفع الآخرين إلى محاولة تعديل الفكر من فكر نقدي جزئي إلى فكر تحليلي بناء يحمل سمات الإيجاب والسلب.
وأخيرًا؛ لعل الله تعالى يعطيني فسحة من الوقت لإكمال الأبيات بذات المنهج، إنه على كل شيء قدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
ـ[فريد البيدق]ــــــــ[29 - 06 - 2006, 04:43 م]ـ
ربما!(/)
الفراغ المملوء ... ثنائية الوجود و العدم.
ـ[فريد البيدق]ــــــــ[30 - 03 - 2005, 11:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الفراغ المملوء ... ثنائية الوجود و العدم.
1 - العنوان مرتكز دلالي
(أ) تذوق الاحتمالات الإعرابية
الشعر تذوق، والتذوق معرفة، والمعرفة وقت وصبر، والوقت يحتوي المكان أو يقارنه، ومكان البدء العنوان. ذلك العنوان الموحي المثير! الذي تنبعث إثارته من تعدد احتمالاته الإعرابية؛ إذ أن الإعراب -كما نعرف- فرع المعنى، فإذا تعددت الأوجه الإعرابية فإنها تثير كثيرا من المعاني الكامنة خلف كل وجه. وهنا نقف وقفة إثرائية مع ذلك.
ذلك العنوان المفرد الذي يصلح لأن يكون ركنا في جملة اسمية أو فضلة، كما يصلح لأن يكون فضلة في جملة فعلية. وهو بهذا يختلف إيحاء ودلالة تبعا لكل موقع إعراب، وما ذاك إلا لأن البلاغة ما هي إلا تحليل الأنماط التركيبية وتعليلها؛ لبيان أسباب عدول الشاعر عن نمط تركيبي إلى آخر، ولتوضيح أسس اختيار هيئة لفظية وترك أخرى.
العنوان هو" غريب الطير"، وهو بهذه الصورة يصلح أن يكون مبتدأ؛ فيصير التقدير" غريب الطير قصيدتى" أو "غريب الطير نزفي" أو " غريب الطير آهتي ونفثتي"، ويكون المبتدأ قد جاء مقدما على الأصل لمواجهة عين ونفس القارئ بتلك الشحنة النفسية والعاطفية المنفردة بنفسها. ويمكن أن يكون خبرا مقدما للاهتمام وإثارة ذات الإيحاءات. وسواء كانت مبتدأ أو خبرا فإن الركنين معرفان بالإضافة، وتعريف الركنين أحد وسائل القصر- غير الرسمية-المفيدة للحصر المؤدي إلى التوكيد. تأكيد ماذا؟ تأكيد إحساس الشاعر بالغربة.
ويمكن أن يكون التقدير" هذه قصيدة غريب الطير"؛ فيكون مسبوقا بأكثر من إشارة تنبيهية إلى أهميته حتى إذا وصلت عين القارئ إليه أَحَسَّت آلام الرحلة وآهاتها، وتكون الإشارة هنا للتفخيم والتنبيه على بعد مكانة ذلك الاغتراب. هذا عن تقديرات الجملة الاسمية، أما تقدير الجملة الفعلية فهو" تأمل أو تذوق أو استمع قصيدة غريب الطير"، وتم حذف المضاف لكونه عين المضاف إليه للإيجاز اللفظي الموحي. والعنوان في هذا التقدير يجعل الأسلوب إنشائيا غرضه التواصل الاجتماعي الفني لتأكيد الانفراد بضده! وهو الرغبة الائتناسية بالآخرين، بينما التقديرات السابقة تجعله أسلوبا خبريا يفيد الحزن الذي هو أحد إحساسات الاغتراب.
هذا هو تقدير الأنماط الغائبة التي يمكن اختيار أحدها، لكن الشاعر للوجازة اللفظية اختار هذا التركيب الإضافي" غريب الطير". والإضافة تأتي على معنى" من" أو "في " أو "اللام".
وهي في كل تقدير لها إيحاءات ودلالات. وهي هنا يمكن أن تكون على تقدير اللام؛ أي " غربة للطير الغريب"، وهي تفيد دلالات منها: "التمليك"؛ أي أن هذه الغربة صارت ملكا للطير. ولنا أن نتخيل بشاعة هذه الملكية الموحشة!! لنا أن نتخيل الغربة شيئا مملوكا ينبغي المحافظة عليه!! لنا أن نتخيل صورة ذلك الطائر المحكوم عليه بالحفاظ على غربته ووحدته ووحشته؛ كيف حاله؟!!
ويمكن أن تكون اللام بمعنى الاستحقاق؛ أي أن هذا الطائر يستحق الغربة لعدم قيامه بواجبات الآخرين الموجبة لبقائه في الجماعة حيث الائتناس؛ فهجرته جماعَتُهُ وتركته هدفا للوحدة والانفراد حيث بقي يجتر آلام الغربة وحده!! ويمكن أن تكون الإضافة هنا بمعنى" من" فتكون بيانية حيث تبين نوع الغريبوتوضح أنه " غريب من الطير". وقد تكون بمعنى" في" وتكون الإضافة أوقع في التأثير والدلالة؛ لأنها تؤكد الغربة النفسية؛ لأن التقدير" غريب في الطير". هو موجود في مكانه حسب الافتراض، لكن ليس موجودا حسب واقعه الخاص!!
(ب) المعادل الموضوعي
المعادل الموضوعي مصطلح يفيد أن الشاعر- الأديب- يعيش تجربته، وعندما يريد التعبير عنها يختار مما حوله شيئا يحمّله تلك التجربة. والشيء المختار هنا هو (الطير)، اختاره الشاعر ليقول من خلاله ما يريد. والتقدير التكميلي على هذا التصور هو " هذا غريب الطير" .. وكأنه أمامنا بهيئته الحزينة، ويكون اسم الإشارة للقريب طلبا للإشفاق. ويمكن أن يكون التقدير" ذلك غريب الطير" ويكون اسم الإشارة البعيد طلبا للإشفاق أيضا نظرا لانفراد ذلك الكائن الوديع. وقد وفق الشاعر لاختيار عنوانه السابق باختياره لفظ (الطير) الدال على التنقل وعدم الثبات ليتواءم مع الغربة التي تجعل صاحبها قلقا غير مستقر على حال.
2 - النغم والشعور
القضية التي تثيرها هذه الأبيات هي علاقة النغم بالشعور، والتي يبلورها هذا السؤال: هل الشعور الحزين يلائم النغم السريع الراقص كنغم "الكامل"؟ أم كان ينبغي إيراده في نغم بطيء مثل نغم البحور المركبة المختلطة كالطويل والبسيط أو غيرهما؟ سؤال أُثِير واختلفت الآراء ما بين رابط للتجربة الشعرية بالنغم المختار، وبين معارض لوجود علاقة تلازمية بينهما. ولن أدلي برأيي في تلك القضية؛ بل سأترك القارئ يترسل في إلقائه ذلك النغم بطريقة حزينة، فإذا وفق حدد موقفه وإذا لم يوفق حدد موقفه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سامح]ــــــــ[01 - 04 - 2005, 09:03 م]ـ
الأستاذ / فريد البيدق
جميل أن نُحْيِيَ النحو .. ونقدم تشعبات الأوجه الإعرابية
بنشوة فضولية في قراءة النص ..
قد يكون لي عودة
أشكرك على هذا النماء
تفانٍ في تقدير هذا الحضور المورق
كسب اليوم قسم النقد قامة رفيعة
في فضاءات النقد المتجددة ...
شكراً لك ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[فريد البيدق]ــــــــ[29 - 06 - 2006, 04:41 م]ـ
الكريم "سامح"؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،
جوزيت الخير!!
... على الرغم من مرور كل هذا الوقت فأنا في الانتظار!!
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[01 - 07 - 2006, 03:23 م]ـ
لم أكن أعلم أن للنحو فضاء أثيراً كهذا الفضاء ..
عهدنا في مدرجات اللغة أن النحو ألعوبة الجملة بين فعل وفاعل و مبتدأ و خبر, أما أن يكسر النحو حاجز الجمود إلى رحاب اللغة الشفيف فهذا ما لم نعهده و للأسف!
سررت كثيراً بتلك القراءة , وأتمنى لو ألقي نظرة على الأبيات ..
شاكرة لك أ. فريد
ـ[فريد البيدق]ــــــــ[03 - 07 - 2006, 04:29 م]ـ
الكريمة "الأنشودة"؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،
أكرمت وأسعدت أيتها الكريمة!!
... سأحاول إن شاء الله تعالى!(/)
عصر السرعة.
ـ[علي العمر]ــــــــ[11 - 04 - 2005, 07:32 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله
أما بعد
فهذا العصر الذي نحن فيه عصر السرعة والإقلاع , كل يلهث خلف الزمن؛ والزمن يلهث خلفنا , فنحن والزمن نجري خلف بعضنا لا يستطيع اي منا اللحاق بالأخر
فأصبح زادنا في هذه الحياة , كل ما له صلة بالسرعة (الوجبة السريعة , المغسلة السريعة , حتى أصبحت النظرة السريعة والمعلومة السريعة وحتى القراءة السريعة)
أصبحت حياتنا مشبعة ومغرمة بل وتواقة لمثل هذه الأكذوبة السريعة ونتيجة لذلك أصبحت عقولنا سريعة التهور أجسادنا سريعة الترهل معلوماتنا سريعة التبخر.
حتى صلاتنا وصيامنا لم يسلم من السرعة نحب السرعة في كل حياتنا فمتى نعرف أن السرعة أودت بحياتنا بسرعة.
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[11 - 04 - 2005, 09:37 م]ـ
حتى
تطور المناهج النقدية
يسير بسرعة هائلة(/)
سؤال له اكثر من سنة في ذهني ما لقيت له حل ...
ـ[ماجد]ــــــــ[16 - 04 - 2005, 11:13 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول الشاعر الكبير نزار قباني:
لم اعرف ابدًَ ان الدمع هو الانسان
ان الانسان بلا دمع ذكرى انسان
الرجا من الاخوة المتخصصين شرح هذا البيت
;)
;)
وجزاكم الله خير
ـ[ذو القرنين]ــــــــ[18 - 04 - 2005, 11:47 ص]ـ
جمال كثير من الالبيات يكمن في مسحة الغموض التي تلفها لأنها حينئذ تترك للقارئ فرصة الابحار وراء المعنى وهي بذلك تجعل القارئ شريكا للشاعر في الاحساس بالمعنى والتعبير عنه وتحدث الشيخ عبد القاهرالجرجاني عن هذه القضية، ورأى أن المعنى الحسن هو " ما يحوجك إلى طلب الفكرة وتحريك الخاطر له، والهمة في طلبه " (أسرار البلاغة لعبد القاهر الحرجاني ت محمود محمد شاكر مطبعة المدني ـ القاهرة ط1 1412ـ 1991 ص139.)
وقبل أن أتحدث في تحليل الابيات أو البيت أحب أن أقول إن الدارس للشعر لايمكنه الحكم عليه إلا بعد الاطلاع عليه في إطاره لكلي أي ظمن القصيدة كاملة وهذا مالم يتيسر لي ولكني سأحاول فهمه بقدر جهدي والله المستعان
وهذه الابيات في ظني تلمس جانب العاطفة في النفس الانسانية فالشاعر يكني عن الانسان الجامد ميت الاحساس بمن لادمع له
فلانسان حين يفقد ذلك الاحساس المرهف الذي يدفعه للبكاء في مواطن البكاء يكون أطلال إنسان جسدا بلا روح مخلوقا فقد انسانيته مع فقدانه طفولته
هذا ماتبين لي من الابيات ومجال القول فيها واسع باتساع الافهام واختلاف الاذواق
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[25 - 04 - 2005, 06:36 ص]ـ
قول نزار
(ان الانسان بلا دمع ذكرى انسان)
أنتقد عليه تشبيهه الإنسان بلا دمع بذكرى إنسان--قاصدا حث المحب على سكب الدموع---لو قال
إن الإنسان بلا دمع شبح الإنسان---لكان أسلم من حيث التشبيه---فالذكرى قد تكون قوية جدا إذا لم تتقادم---أما الشبح فدائم الضعف----والذكرى تكون قوية جدا بحسب المذكور---فنحن نذكرالرسول:= ليلا نهارا وفي كل حين
ـ[ماجد]ــــــــ[26 - 04 - 2005, 02:08 ص]ـ
اشكركم اخواني على هذا التفاعل مع هذا البيت والذي احس بانه من اجمل ما قاله هذا الشاعر
والمقصود من طرحه معرفة المعنى وتحصيل الصور الجميله من اي انسان كان دون التعصب لاي شخص.
طيب انا بقول اللي انا فهمته وبالله التوفيق: يقول لم اعرف ابدً ان الدمع هو الانسان ولعله يقصد ان الانسان لا حول له ولا قوة في افعاله فهو لا يملك اي تصرف له بل هي الاقدار تحركة وهو لا يملك الا الحزن والفرح واما باقي حياته فما هي الا خبرات ومواقف اكتسبها من تلك الاحزان والافراح فالحزن هنا هو السبب في كثير من هذه الخبرات وتوطينها في النفس ولذلك فانه يعتبره هو الانسان.
فاذا كان قولي قريب الصواب فسددوني واذا كان مجانبً له فارشدوني
ـ[علي العمر]ــــــــ[31 - 08 - 2005, 01:08 م]ـ
لي رجعة لشرح البيت
لأن الوقت لا يسعفني الآن(/)
فوضوية المصطلح النقدي في العصر الحديث
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[19 - 04 - 2005, 05:27 م]ـ
رؤية في:
فوضوية المصطلح النقدي في العصر الحديث
أسماء السقيلي
في ظل انفتاح العالم العربي على مختلف الحضارات الشرقية و الغربية أصبحت تنهال عليه من كل حدب و صوب علوم ومعارف شتى , وما إن كانت اللغة العربية هي لسان هذا العالم , و المتحدث الرسمي عن حضارتها حتى غدت محط اهتمام الدارسين الغربيين , فدرسوا علم اللسان " اللسانيات " وانطلقوا بمجاديفهم حتى أرسوا لنا المدارس النقدية الحديثة التي سطعت على عالمنا العربي بأسسها و مصطلحاتها , فكان من الطبيعي أن يتقدم العالم العربي مع هذا التقدم و أن يعيش مع هذا الواقع الجديد قلباً و قالبا ..
فأخذ المترجمون يفدون على الغرب لنقل هذا العلم ودراسته دون أن يتفطن الباعثون لتخصصاتهم ومدى قدراتهم حتى بتنا بين مصطلحات علمية و نقدية عائمة على اختلاف دقة الترجمة و التعريب من عدمها. لذا كان من الواجب على مجامع اللغة العربية أن تأخذ بلجام تلك المصطلحات المتدفقة و تعمل على بلورتها في قوالب ثابتة محددة.
لكن تَرك الحبل على الغارب أفضى إلى أن أصبح المصطلح النقدي يعيش حالة من الفوضى فلا هو إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء! , فبعد أن كان لكل مصطلح نقدي جذوره الراسخة في بواطن اللغة , أصبح يعيش حالة اضطراب و تذبذب فلا نجده يستقر على حالة واحدة لا على سبيل المنهج النقدي فحسب بل على سبيل الأفراد أيضاً. مما جعلنا أمام نوع جديد من المصطلحات وهي المصطلحات الشخصية , فكان لكل ناقد مصطلحاته الخاصة التي يتعامل بها في منهجه النقدي. فالناقد التي يستخدم كلمة " التشريحية " مثلا ليس بالضروري أن يستخدمها ناقد آخر بنفس المدلول النقدي ... وهذا يدفعني إلى القول بأن المصطلح النقدي الحديث اتسم بالذاتية و تعدد الدلالة , وهو ما أراه أنه ينتفي مع جل التعريفات الكثيرة حول ماهية المصطلح , منها ما عرفه د: كريم زكي بأنه" نمط تعبيري خاص بلغة ما , يتميز بالثبات , و يتكون من كلمة أو أكثر , تحولت عن معناها الحرفي إلى معنى يغايره اصطلحت عليه الجماعة اللغوية" (1)
ويعرفه جبور عبد النور بأنه " لفظ موضوعي يتواضع عليه المختصون بقصد أدائه معنى معيناً بدقة و وضوح بحيث لا يقع أي لبس في ذهن القارئ أو السامع لسياق النص" (2)
فقلة عدم المختصين بعلم المصطلح , وقلة التفاعل المثمر و انعدامه بينهم هو الذي مخض عن وجود تلك الأزمة التي يعيشها المصطلح النقدي.
يقول د: عناد غزوان" إن ميل المصطلح النقدي نحو الواحدية في المفهوم لهو دليل على سلامة صناعته أو بنائه ,
وإن ولادته الطبيعية ستقرر منذ البدء مستلزمات استقراره في الفكر النقدي الأدبي, وإذا خرج عن هذه الواحدية نحو التعددية فإنه سيولد مشوهاً لا تعرف له هوية معرفية حيث تبرز الأزمة في فهم المصطلح , ومن ثم في تطبيقه في
الدراسات النقدية , وهذا ما نلحظه في كثير من الأحيان في الكتابات النقدية الحديثة و المعاصرة من سوء فهم
لهذه الحقيقة حيث يستعمل الكتاب و النقاد مصطلحاً ذا مفاهيم متعددة أو مفهوماً ذا مصطلحات متعددة" (3)
ولعلي أعزي تلك الفوضوية إلى أسباب عدة:
أولها:" غياب التنسيق بين الباحثين فيما يختص المصطلحات في القطر العربي الواحد" (4) وبتعبير أدق انعدام وجود مراكز عربية تختص بالمصطلحات و تتفرغ بوضع قواعدها و أسسها , فإذا لم تتواجد تلك القواعد ولا تلك الأسس فإن الطريق يكون ممهداً لكثير من الباحثين لوضح مصطلحات فردية تتسم بالفوضوية , و بهذا " يفقد المصطلح حمولته الدلالية الموضوعية المرتبطة بمرجعية محددة واحدة , ليستبدلها بأخريات متعددة بتعدد واضعيها واختلاف مستوياتهم , مما ينعكس سلباً على كفاية المصطلح الإجرائية ودوره الفعال في توحيد المعلومات و تيسير تداولها " (5)
ثانيها: أن أغلب المصطلحات الحديثة غربية المنشأ , متعددة اللغة , وصلت إلينا عن طريق الترجمة التي باتت قاصرة عن الإدلاء بالتعبير اللغوي الدقيق للمصطلح الغربي , فشاعت بين أيدي النقاد عدداً من التراجم لمصطلح واحد , فكل ناقد يأخذ بالترجمة التي تملي عليه ذوقه و منهجه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا لا يعني أني أقف حجر عثر أمام تقدم المصطلحات النقدية الغربية إلى عالمنا العربي , بل ألح أولاً على تحري اختيار المترجمين الحاذقين باللغة العربية و باللغات الأخرى , لا حذقاً باللغة فحسب بل بالثقافة أيضاً ... إضافة إلى " وجود تنسيق محدد مسبق متفق عليه بين المترجمين , فترجمة الكلمات نفسها أو النصوص تتغير من بلد عربي إلى آخر , ومن شخص في البلد نفسه إلى شخص آخر ". (6)
ثالثها: ما مارسته سلطة الأضواء العلمية و المعرفية الغربية على نقادنا العرب , فأخذوا من قبسها دون أن يشعروا بلسعها , أي أنهم أخذوا تلك المصطلحات حباً وتطلعاً إلى كل حديث و جديد دون أن يخضعوها حتى إلى اللغة أو التراث.!
إن تلك الأسباب و الدواعي التي قد تخلق لفوضوية المصطلحات مخرجاً تركن إليه , لا تجعلني أغض الطرف عنها .. بل تدفعني قدماً لأتلمس إرهاصات استقرارها و رسوخها.
منها ما يراه" بعض الباحثين المعاصرين أن المصطلح يمر بمراحل ومراتب يترجح فيها بين منزلة التقبل ومرتبة التفجير و
مدارج الصوغ الكلي بالتجريد " (7) "أي أن المصطلح لابد له من هذه الثلاثية المرحلية حتى يستقر في الاستعمال ولا
يغيب عن البال أن كل " مرتبة " أو " منزلة" من هذه المراتب:" تقبل , " تفجير" " تجريد" تمثل مرحلة زمنية حضارية مرتبطة بواقعها الثقافي وطرائق استعمال مصطلحاتها.
فالبويطيقيا لأرسطو بدأت تقبلاً أي تعريباً ثم فجرت عن طريق الترجمة إلى " فن الشعر" ثم صارت بعد تجريدها أي بعد صيانتها الأخيرة تعني " الشعرية" " (8)
إذن إن بعض المصطلحات النقدية قد يكتب لها الاستقرار إذا توافرت فيها عناصر محددة منها: التعبير اللغوي الدقيق , وبعده عن اللبس و الغموض , وقدرته على الديمومة و البقاء , إضافة إلى ما هو الأهم من ذلك وهو اجماع أهل اللغة على اصطلاحه.
فإذا اختلت فيه هذه الشروط فلا يعد " مصطلحاً نقدياً" وإنما يعد " إبداعاً ذاتياً".!
---------
الهوامش:
1) أصداء دراسات أدبية نقدية: أ: د: عناد غزوان ص:135, نقلاً عن التعبير الاصطلاحي ,د: كريم زكي حسام الدين , ص:34.
2) المعجم الأدبي , لجبور عبد النور , ص:252.
3) أصداء دراسات أدبية نقدية: أ: د: عناد غزوان142.
4) المرجع السابق ص:135 " بتصرف".
5) صحيفة الجزيرة " إشكالية المصطلح في النقد الروائي العربي " د: عبدالعالي بوطيب.
6) صحيفة الوطن " جوانب من واقع مصطلحنا في النقد الأدبي " .. عبدالله العسّاف.
7) أصداء دراسات أدبية نقدية: أ: د: عناد غزوان ص:140 , نقلاً عن قاموس اللسانيات ,د" عبد السلام المسدي ص:52,53.
8) المرجع السابق. ص:140" بتصرف".(/)
هيلمان الشعور
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[08 - 05 - 2005, 06:29 م]ـ
هيلمان الشعور
خفقات قلبي .. تكشف عن قلمي فيقول .. تفتح آفاق كلمات قادمة .. تزيل ملامح السكوت .. تشق حجاب الصمت .. تنطق وحسبها أن تكون قائدة نفسها فهي التي تتحكم بالثوران والانفعال .. وهكذا عاهدت نفسي أن لا أكتب إلا عندما أحس بالرغبة كما نصت عليه صحيفة ((بشر بن المعتمر)) (1)
تلك الخفقات .. والارتعاش المصاحب لأطرافي .. وهيلمان الشعور هم سادة الموقف عندما أمسك بالقلم المليء بالأشواق، واللهفة .. وربما بالأحزان وأحياناً بالأفراح ولكل أسلوبه في قائمة دواتي فالأشواق تناسبها السهولة والعذوبة وانتقاء المعاني والمترادفات الجذابة والأحزان تناسبها العفوية والأصوات المهموسة الحزينة الباكية والمعاني السريعة الغائبة في جدار الحزن أما الأفراح فتكون مستوية الألفاظ والمعاني لأنها تصور واقعاً ملموساً وكل كتابة تحمل بين جنباتها أسرار الروح لأنها حتماً تعبر عن إنسان.
أخيراً: كل قلم يحمل لون عاطفته وهيلمان الشعور هو الذي يحدد مسار النص.
ـــــــــــــــــ
الحواشي:
1) ما جمعة بشر من ملاحظات بلاغية متقدمة ومنها قوله: (خذ من نفسك ساعة نشاطك وفراغ بالك وإجابتها إياك) (1)
ـــــــــــــــــ
1) عن كتاب في تأريخ البلاغة العربية الدكتور عبد العزيز عتيق صفحة 27
بقلم / عاشق البيان
عضو نادي القصيم الأدبي
عضو جمعية الثقافة والفنون بالقصيم
ـ[سامح]ــــــــ[09 - 05 - 2005, 06:40 م]ـ
((وهيلمان الشعور هو الذي يحدد مسار النص)).
صحيح .. ولذلك سموه أيضاً بالغيبوبة الواعية
وشبهوها بالكهوف , وجعلوها أشبه بحالة المخاض
إذ لايشعر صاحبها بأي شيء حوله
وينسى كل شيء سوى نصه الذي يبقى في صراع
مع ذاته ومع ممتلكاته حتى يخرج (غظاً) طرياً.
يقول أحدهم " فالشعر لايمكن أن يوجد دون انفعال أو حركة للنفس تنظم
حركة الكلام والقصيدة ليست عدة ساعة تنظم من الخارج , حتى العقل نفسه لايقوم بوظيفته تماماً إلا تحت دافع الرغبة الملحة , وأيا يكن الجنين الذي تبدأ منه حادثة أو عاطفة فإن الموضوع المتصل به لايمكن أن يقوم في فراغ , بل يتوالد وينتشر في نفس الشاعر ويجعله في حالة الترقب "
ولذلك فإن القدماء كانوا يؤمنون بشياطين الشعر , وهو ماألف فيه ابن شهيد رسالته التوابع والزوابع.
قيل لبشار بن برد " بم فًُقتَ أهل عمرك وسبقت أهل عصرك في معاني الشعر وتهذيب ألفاظه؟ قال: " لأني لم أقبل كل ماتورده علي قريحتي ويناجيني به طبعي ويبعثه فكري.
ونظرت إلى مغارس الفطن ومعادن الحقائق ولطائف التشبيهات فسرت إليها بفهم جيد وغريزة قوية فأحكمت سيرها وانتقيت حرها وكشفت عن حقائقها ".
وإن أنكر أحدهم اللاوعي .. في العملية الإبداعية
فإنه يرضخ لها في عملياته الإبداعية ولايستطيع الانفكاك عنها.
لذا وجب على الأديب أن يملأ عقله وفكره بالنير والمستضيء
من العلوم النافعة , والبواطن الرفيعة.
مجرد مقارضة
وتحية مودة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[10 - 05 - 2005, 07:55 ص]ـ
أخي سامح
شكراًعلى ردك الرائع
وأريد أن تفهمني معنى النقل
مع أن الموضوع كتبته أنا من خواطري الخاصة
أي أنه ربما للأبداع أقرب(/)
يهود الزمان أردتم دمارا - شعر - السيد عبد الرازق - أريد النقد والتقييم
ـ[الجعافرة]ــــــــ[12 - 06 - 2005, 11:40 م]ـ
يهودَ الزمانِ أردتمْ دمارًا
سكبتمْ لنارٍ علينا لهيبا
ودستمْ كتابَ الإلهِ فريّا
سعيتمْ لحربٍ تدّقٌ القلوبا
رفعتمْ شعارَ الدناءةِ فخرا
ونلتمْ فخارا كبيرا معيبا
جمعتمْ لذرِّ القنابلِ قهرا
تريدونَ ويلا شديدا هبوبا
ذبحتمْ عراقَ النخيلِ بظلمٍ
قتلتمْ نهبتمْ صِدَاما شعوبا
مسحتمْ لقوةِ شعبٍ تولّتْ
رجعتمْ أسودا بثوبٍ لَعوبا
ومصرَ الكنانةَ تَلْقَي الرزايا
وتكتمٌ حزنا طويلا غريبا
وتشربٌ كأسَ المغيبِ صباحا
وتسكنٌ عصرا مريرا صليبا
وتجرى تغنّي (لجاكسونَ) يوما
وتلهث ريقا (لنانسيْ) رٌغوبا
وتخلطٌ نورَ الكتابِ بعرىٍ
وتنشقٌ عطرا رذيلا كئيبا
فماذا دهاكمْ إخوةَ عٌرْبي
وماذا سنصنعٌ صبحا قريبا
فَعٌرْبٌ الزمانِ تَولوّا ثكالي
وجٌنٌبُ سَيَطْهٌرٌ غسلا شبوبا
فعبدٌ الإلهِ يعيشٌ الليالي
ويقرأٌ وحيا ظليلا نجيبا
ويرسم فجر الحيارى جديدا
ويمضي يرتّل آياً جنوبا
فيمناهٌ خيرٌ ويسراهٌ فيضٌ
ونحن وأنتم سنأوى رحوبا
فمهلا لبوشٍ ومهلا شارونَ
فنحن وأنتم سنلقي الحروبا
سنجثو سجودا ببابِ العليّ
ونجمعٌ حَجَرَا وسيفا صَليبا
ويأتي المسيحٌ بثوبِ المرجّي
ونلقاهٌ يوما بقدسٍ قريبا
زماني سيأتي وقومي حيارى
سأفتحٌ بابَ الحروبِ لهيبا
لتطهرَ كلٌّ الشعوبِ الثماليْ
وترجعٌ ركعا عبيدا قلوبا
وتأوىْ لبابِ الإلهِ مليّا
وتسكبٌ كفرا ظليما مغيبا
وتعرفٌ ربّاً بالنورِ يعلوْ
و تلبسٌ قربا سعيدا مَهيبا
سأحملٌ وحيا بنورِ التلقّي
وألقي النبيّ بليلٍ حبيبا
وأشربٌ نخبَ القدومِ حفيا
وأسمعٌ وحيا ندّيّاً صَبوبا
ستمضيْ اللياليْ ويشرقٌ فجرىْ
ونسعيْ جميعا رجوعا قريبا
مع خالص التقدير – السيد عبد الرازق
الجعافرة(/)
ما التناص؟
ـ[أبو ذكرى]ــــــــ[14 - 06 - 2005, 05:30 م]ـ
أرجو التفصيل في شرح مفهوم التناص والفرق بينه وبين السرقة الأدبية.
لا حرمنا الله مما وهبكم من علم.
ـ[الامين]ــــــــ[14 - 06 - 2005, 11:22 م]ـ
هل مقصودك التقاص بالقاف
ـ[الامين]ــــــــ[15 - 06 - 2005, 05:29 م]ـ
أخي أبو ذكرى الكريم
السلام عليكم
أحسنت،وجزاك الله خيرا،على هذا السؤال المهم وارجوا المعذرة منك لانني لم التفت إلي السؤالك سابقا بسبب شرود الذهن وبعد البحث عثرت على ما ملخصه:
ولقد برز هذا المصطلح حديثا في تاريخ النقد الأدبي تحديدا في منتصف الستينات على يد جوليا كرستيفا في مجلتي تيل-كيل وكرتيك في فرنسا حيث عرفته: «أن كل نص هو عبارة عن فسيفساء من الاقتباسات، وكل نص هو تشرب وتحويل لنصوص أخرى». وقد عرفه بعضهم بأنه «وجود علاقة بين ملفوظين».
وعلى ضوء هذين التعريفين يتضح ان التناص عبارة عن "حدوث علاقة تفاعلية بين نص سابق ونص حاضر لإنتاج نص لاحق". وسبب ذلك واضح لان الأديب لا يمكن أن ينفصل في تكوينه المعرفي عن غيره.
وقد قسم التناص الى نوعين اساسيين هما التناص الظاهر, ويدخل ضمنه الاقتباس والتضمين, ويسمى ايضا الاقتباس الواعي او الشعوري لان المؤلف يكون واعيا به, في حين ان التناص الثاني هو التناص اللاشعوري, او تناص الخفاء, وفيه يكون المؤلف غير واع بحضور النص او النصوص الاخرى في نصه الذي يكتبه, ويقوم هذا التناص في استراتيجيته على الامتصاص والتذويب والتحويل والتفاعل النصي.
وأما بيان الفرق بينه وبين السرقة الادبية فقد ذكر بعضهم أن هناك ثلاثة فروق أساسية بينهما، أولا على مستوى المنهج: فالسرقة "تعتمد المنهج التاريخي التأثري والسبق الزمني، فاللاحق هو السارق، والأصل الأول هو المبدع والنموذج الأجود" بينما يعتمد التناص على "المنهج الوظيفي ولا يهتم كثيرا بالنص الغائب"، ثانيا على مستوى القيمة: فناقد السرقة الأدبية إنما يسعى لاستنكار عمل السارق وإدانته، في حين أن ناقد التناص يقصد إظهار البعد الإبداعي في الإنتاج، وثالثا على مستوى القصدية: ففي السرقة تكون العملية قصدية واعية بينما في التناص تكون لا واعية".
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[15 - 06 - 2005, 09:27 م]ـ
بسم الله ..
علّها تكون مفيدة؛ إذ هي مشاركتي الأولى ..
وهي عبارة عن جزء من بحث قد أعددته في السنة المنهجية للماجستير، وإن أردت يا أخي أرسلته البحث كاملاً لبريدك على ملف وورد
مفهوم التناص:
بداية لا بد أن أوضح أن التناص تخريج لما أسماه السابقون بالـ (السرقات)، وأنه كان موجود لديهم وإن لم يعرفوه بهذا الاسم، فهو مصطلح جديد لظاهرة أدبية ونقدية قديمة فظاهرة تداخل النصوص سمة جوهرية في التراث العربي، وأوضح دليل على ذلك اهتمام النقاد بالمعاني المتكررة بين الشعراء، والبحث عن الأصالة لدى الشاعر، جاعلين مقياس ذلك قوة الإبداع والخلق، فذلك أمر (ما تعرى منه متقدم ولا متأخر) (1).
فالتناص الأدبي هو تداخل نصوص أدبية مختارة قديمة أو حديثة شعراً أو نثراً مع نص القصيدة الأصلي بحيث تكون منسجمة وموظفة ودالة قدر الإمكان على الفكرة التي يطرحها الشاعر. (2)
إذن مفهوم التناص يدل على وجود نص أصلي في مجال الأدب أو النقد على علاقة بنصوص أخرى، وأن هذه النصوص قد مارست تأثيراً مباشرا أو غير مباشر على النص الأصلي في وقت ما. (3)
بداية مصطلح التناص:
ظهر مصطلح التناص عند (جوليا كرستيفا) عام1966م، إلا أنه يرجع إلى أستاذها الروسي (ميخائيل باختين)، وإن لم يذكر هذا المصطلح صراحة و اكتفى بـ (تعددية الأصوات)، (والحوارية)، وحلّلها في كتابه (فلسفة اللغة)، وكتاباته عن الروائي الروسي (دستوفيسكي)، وبعد أن تبعته جوليا و أجرت استعمالات إجرائية وتطبيقية للتناص في دراستها (ثورة اللغة الشعرية) (4)، عرفت فيها التناص بأنه " التفاعل النصي في نص بعينه" (5) ثم التقى حول هذا المصطلح عدد كبير من النقاد الغربيين وتوالت الدراسات حوله، وتوسع الباحثون في تناوله، وكلها لا تخرج عن هذا الأصل، وقد أضاف الناقد الفرنسي (جيرار جينيت) لذلك أن حدد أصنافاً للتناص.
وبعد ذلك اتسع مفهوم التناص وأصبح بمثابة ظاهرة نقدية جديدة وجديرة بالدراسة والاهتمام وشاعت في الأدب الغربي، ولاحقاً انتقل هذا الاهتمام بتقنية التناص إلى الأدب العربي مع جملة ما انتقل إلينا من ظواهر أدبية ونقدية غربية ضمن الاحتكاك الثقافي، إضافة إلى الترسبات التراثية الأصيلة.
(1) الموازنة للآمدي:311.
(2) انظر: التناص نظريا وتطبيقياً، أحمد الزعبي/ مؤسسة عمون للنشر- الأردن ط2 2000م:50.
(3) انظر: قاموس مصطلحات النقد الأدبي المعاصر د. سمير حجازي/ دار الآفاق العربية ط1 1421هـ: 74، و مقال التناص في الشعر، محمد عزّام مجلة الموقف الأدبي-دمشق ع368 س 31 رمضان1422هـ:31.
(4) انظر: الخطيئة والتكفير، د. عبد الله الغذّامي/ الهيئة المصرية العامة للكتاب ط4 1998م:325 - 326، والتناص: المفهوم والآفاق، باقر جاسم محمد/ مجلة الآداب-بيروت ع7 - 9 1990م:65.
(5) أحد كتبها غير المترجمة، من مقال التناص و إشاريات العمل الأدبي، صبري حافظ / مجلة (ألِف) ع4 1984م:23.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[15 - 06 - 2005, 09:29 م]ـ
أشكال التناص:
إن العمل الأدبي يدخل في شجرة نسب عريقة وممتدة كالكائن البشري. فهو بذرة خصبة تؤول إلى نصوص تنتج عنه، كما أنه نتاج لما سبقه حاملا معه بعض الصفات الوراثية ممن قبله. وتختلف هذه الاستفادة إما بالكتابة عن النص ذاته، أو بتفجير نص آخر في نفوسنا يتنشأ من تفاعلنا مع النصوص المقروءة. (1)
يختلف تداخل نص مع نصوص سابقة، ويتنوع بحسب الاستفادة، فللتناص أشكال متعددة، منها: (2)
التناص القرآني:
بحث يقتبس الأديب نصاً قرآنياً، ويذكره مباشرة، أو يكون ممتداً بإيحاءاته وظله على النص الأدبي، لنلمح جزءاً من قصة قرآنية، أو عبارة قرآنية يدخلها في سياق نصه.
التناص الوثائقي:
وهذا النوع في النثر أكثر منه في الشعر كالسرد والسيرة، فيحاكي النص نصوصاً رسمية كالخطابات، والوثائق، أو أوراق أخرى كالرسائل الشخصية والإخوانية؛ لتكن نصوصهم أكثر واقعية.
التناص والتراث الشعبي:
وتكون المحاكاة فيه على مستوى اللغة الشعبية، وهذا مما يؤخذ على بعض الأدباء، إضافة إلى الاستفادة، وتوظيف القص الشعبي، والحكايات القديمة. والموروث الشعبي.
التناص والأسطورة:
وهي تتشابه مع سابقها من ناحية الاستفادة من التراث، لكنها تختلف من ناحية أن الأسطورة غالباً ما هي موروث؛ لكنه يوناني، أو غربي، وإن كان هناك بعض الأساطير العربية، غلا أنها قلة مقارنة بالغرب.
(1) انظر: ثقافة الأسئلة:111 - 113.
(2) للاستزادة: انظر: التناص والتلقي، د. محمد الجعافرة/ دار الكندي ط1 2003: 19، و آفاق الرؤيا وجماليات التشكيل، د. محمد صالح الشنطي- من إصدارات نادي حائل الأدبي (نسخة إلكترونية).
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[15 - 06 - 2005, 09:30 م]ـ
أنواع التناص:
تناص مباشر (تناص التجلي) أو غير مباشر (تناص الخفاء).
أما التناص المباشر فيدخل تحته ما عُرف في النقد القديم بالسرقة و الاقتباس، والأخذ والاستشهاد والتضمين، فهو عملية واعية تقوم بامتصاص وتحويل نصوص متداخلة، ومتفاعلة إلى النص. ويعمد الأديب فيه أحياناً إلى استحضار نصوص بلغتها التي وردت فيها، كالآيات القرآنية، و الحديث النبوي، أو الشعر والقصة. (1)
أما التناص غير المباشر فينضوي تحته التلميح والتلويح والإيماء، والمجاز والرمز، وهو عملية شعورية يستنتج الأديب من النص المتداخل معه أفكاراً معينة يومئ بها ويرمز إليها في نصه الجديد. (2)
ويحلو للبعض تفريعه بإيجابي وآخر سلبي، ويقصد بالأول إنتاج أفكار قديمة بأسلوب جديد، أما السلبي فهو كالصدى المكرر للنص الذي سبقه. (3)
إلا أن جميع هذه الأنواع تعتمد على فهم المتلقي، وتحليله للنص (4).
(1) انظر: التناص والتلقي: 15، و مقال نظرية التناص حسين جمعة من مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق مج75 ج2 ذو الحجة 1420هـ:356 - 357.
(2) انظر: السابق.
(3) انظر: نظرية التناص:366 - 367.
(4) انظر: منهاج البلغاء وسراج الأدباء لحازم القرطاجني ت: محمد الحبيب خوجة/ دار الكتب الشرقية د. ط د. ت.: 11 - 12، و دلائل الإعجاز:292 - 293، ونظرية التناص: 357، وتحليل الخطاب الشعري، محمد مفتاح/ المركز الثقافي العربي-المغرب ط2 1986م:131 - 132.
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[15 - 06 - 2005, 09:32 م]ـ
الاقتراض: (1)
اشتق هذا المصطلح من الفعل: قرض. (2)
وتكون بمعنى مضاعفة المردود، كما في قوله عز وجل: "من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً" (3)؛ إذ يقترض النص الأدبي من النصوص الأخرى ليبرز جوانب جديدة، ويخلق نصاً له إسهاماته المضاعفة عما كان عليه المقترَض منه.
وقد تكون من (قرض) التي بسورة الكهف، في قوله تعالى: "وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال" (4)، والتي تأتي بمعنى التجاوز؛ فيتجاوز المقترِض المقترَض منه، ليأتي بقيم وعناصر جديدة لم توجد في الذي قبله.
ولقد تفرّد بهذا المصطلح الدكتور سعد أبو الرضا، وقد استهواني أكثر مما يتداوله النقاد العرب مقتفين أثر نقاد الغرب (التناص)، فقد أتى (الاقتراض) كاشفاً ودالاً على هذه الفكرة، بلباسنا العربي وهويتنا الأصيلة.
(1) انظر: الأدب الإسلامي بين الشكل والمضمون، د. سعد أبو الرضا / المجموعة المتحدة ط1 1421هـ: (82 - 103).
(2) انظر: القاموس المحيط: 840 - 841.
(3) آية 245 من سورة: البقرة.
(4) آية 17 من سورة: الكهف.
ـ[أبو ذكرى]ــــــــ[16 - 06 - 2005, 09:26 ص]ـ
(الأمين و وضحاء) أشكر لكما اهتمامكما
بارك الله لكما فيما علمكما، وزادكما علما وفهما وبصيرة.
أما بالنسبة للبحث فإني أطمع في قراءته كاملا.
ـ[الامين]ــــــــ[16 - 06 - 2005, 04:11 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي أبو ذكرى الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر لك كلماتك الطيبة .. وأسأل الله العفو عن الزلل، والاستقامة في القول والعمل لي ولسائر المسلمين.
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[16 - 06 - 2005, 08:26 م]ـ
لم أقم إلا بما تمليه علي نفسي مذ سجّلت اسمي هنا ..
فأنا أتيت للإفادة والاستفادة .. :)
أرجو إرسال بريدكم على الخاص ..
حتى أقوم بإرسال ما طلبته ..
لك التحية .. ولكل من مرّ هنا ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المعتز]ــــــــ[19 - 06 - 2005, 09:49 م]ـ
أشكر الجميع على هذه المواضيع القيمة العظيمة الفائدة
كما أتمنى من إختنا وضحاء تزويدي بالبحث حبا في الاستفادة
ولها ولكم مني جزيل الشكر والامتنان
ـ[د. خالد الشبل]ــــــــ[20 - 06 - 2005, 01:30 م]ـ
أرسلت قبل أسبوع رسالة إلى أخي الأستاذ أبي ذكرى بمشاركة قديمة ( http://www.alfaseeh.net/vb/showpost.php?p=24399&postcount=3)، لعله لم يطلع عليها، أضعها هنا مفردة.
ـ[أبو ذكرى]ــــــــ[20 - 06 - 2005, 03:37 م]ـ
أشكرك أخي الشبل على ما تكرمت به
وأسأل الله لك التوفيق الدائم
ـ[الأمير حسين]ــــــــ[19 - 08 - 2008, 01:49 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[مصطفى مسعود]ــــــــ[21 - 08 - 2008, 08:33 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخى الفاضل
نرجو منك تحديد أنواع التناص
اسلوبى تاريخى كلى مباشر
ـ[مصطفى مسعود]ــــــــ[21 - 08 - 2008, 08:55 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم
أرجو توضيح المصطلحات الأتية
الخبن-الإضمار-الوقص-الطى
وجزاكم الله خير الجزاء
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[21 - 08 - 2008, 09:07 ص]ـ
اخي الكريم هنا تجد دراسة عن التناص عند أبي تمام:
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=22669
ـ[مروان الأدب]ــــــــ[23 - 08 - 2008, 12:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت بالأمس مقالا في مجلة علامات المجلد الثالث عشر الجزء 51 محرّم 1425هـ مارس 2004 عنوانه:"التناص .. المصطلح والقيمة "ص ص265_346لصاحبه الكريم: حافظ محمّد جمال الدّين المغربي. ورأيت أن أشير إليه في هذا السّياق علّني أفيد وأستفيد.
حدد الكاتب في مقدّمة الدراسة الهدف لإجرائي من إنجاز الدراسة وهو" ... بالإبانة عن مسيرة مصطلح التناص Intertextuality بد ءا من ظهورهفي كتابات نقاد الحداثة الغربيين وحتى استقراره مصطلحا منضبطا في نقدنا العربي على مستوى الرؤية والنظرية والتطبيق ... "ثمّ حدّد محاور البحث وهي:
-المحور الأوّل: تقديم المصطلح من منظور البيئة التي أفرزته بمسمّاه عند النقّاد الغربيين وعلى رأسهم جوليا كريستيفا و رولان بارت و مارك أنجينو و ليون سمفيل وجيرار جنيت وغيرهم ... واعتمد الكاتب في ذلك على أهمّ دراساتهم المترجمة من خلال كتاب متميّز يحمل عنوان" آفاق التّناصيّة المفهوم والمنظور"الذي قام بترجمته الدكتور محمّد خير البقاعي واعتمد كذلك على كتاب بارت لذة النص للمترجم نفسه.
-المحورالثّاني:تقديم رؤية النقاد العرب العرب المعاصرين للمصطلح وكيفيّة تلقيه من الغرب وأسباب ذلك والإضافات التي أضافوها إليه على مستوى الرؤية فعرض لعدد لا بأس به من الدراسات الجادّة التي وقفت مع المصطلح وارتددت إلى الجذور تبحث في مفاهيم مقاربة له مثل السرقات،الإقتباس، التّضمين،المعارضة ... وعرض الكاتب في هذا المحور للرؤى العربية التي فقهت مبكرا في القرن الماضي ما يثيره المصطلح ومن بينها رؤية عبد الرحمان شكري الذي حامت مفاهيمه مفرقة بين السرقة سطوا على جهد الآخرين و التمثل والتوليد وغير ذلك ...
-المحور الثّالث: وقف الكاتب عند رؤية لناقدين كبيرين هما د. عبد الله الغذامي و د. محمّد عبد المطلب ....
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 06:10 ص]ـ
شكرا جزيلا على هذا التوضيح لهذه القضية.قد استفدت كثيرا وساهت عزيززتي وضحاء في توسيع زادي المعرفي حول قضية التناص. جزاك الله كل الخير والثواب
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 06:11 ص]ـ
شكرا جزيلا على هذا التوضيح لهذه القضية.قد استفدت كثيرا وساهت عزيززتي وضحاء في توسيع زادي المعرفي حول قضية التناص. جزاك الله كل الخير والثواب(/)
ماسبب ظهور السرقات الشعريه
ـ[عاشق النحو]ــــــــ[15 - 06 - 2005, 01:34 م]ـ
ماسبب ظهور السرقات الشعريه؟
ومن هو ابو تمام؟
وهل في عصرنا الحاظر سرقات شعريه؟
ومثل للسرقات الشعر؟
ومامعنى كل من
1 - النسخ
2 - المسخ
3 - السلخ
وماذا قالوا نقاد الجاهليه عن السرقات الشعريه؟
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[15 - 06 - 2005, 10:39 م]ـ
من أسباب ظهور السرقات الشعرية في النقد العربي القديم ..
1 - وهذا أحد الأسباب القوية في نظري -المتواضع- خلط الرواة، الذين يختلفون في النقل، والرواية عن الشعراء، وبذلك يختلف النقل، وتختلط بعض الكلمات على الرواة؛ مما يُظن أنها سرقة .. كما قيل عن طرفة في بيته:
وقوفاً بها صحبي عليّ مطيّهم يقولون لا تهلك أسى وتجلّد
فقد اتفق النقاد على أنه سرقه من امرئ القيس في بيته:
وقوفاً بها صحبي عليّ مطيّهم يقولون لا تهلك أسى وتجمّل
مع العلم أن طرفة بن العبد (المتهم أعلاه) قد قال بيتا مشهوراً مترفعاً فيه عن السرقة:
و لا أغير على الأشعار أسرقها غنيتُ عنها وشرّ الناس من سرقا
وهذا سبب قوي لنشأة هذه القضية النقدية ..
2 - المنافسة بين الشعراء، والتكسب في بلاط الحكام، والخلفاء.
3 - النقائض في الشعر الأموي.
4 - شيوع الخلافات، والنزاعات بين القبائل، والشعراء.
5 - الاتهام بالسرقة يعدّ مذمة ومنقصة للشاعر؛ لارتباط هذا اللفظ دينياً بارتكاب هذا الجرم؛ مما جعل البعض يستغلّه، من مناوئين، ومنافسين لشاعرما، حتى أصبح تراشق الاتهامات.
6 - المعارضات الشعرية، وإن كانت في العصور المتأخرة ..
************************************
أما بالنسبة للألفاظ المذكورة فهي تقريباً مترادفة ..
وقد كانوا يقصدون بها مثلا: السرقة في جزء من اللفظ والمعنى، أو اللفظ كله، وهكذا ...
وأما سؤالك عن وجود سرقات في العصر الحديث، فقد خرجها النقاد الغيورون بما يعرف بـ (التناص)، أو (الاقتراض) ..
وإن كان من سرقات .. فهي التي في وضح النهار، حينما يعتدي أحدهم على نص عُرف أنه لمبدع، وينسبه المعتدي لنفسه، وهذه تحدث بين فترة وأخرى في الإعلام المقروء عادة .. كالصحف، والمجلات ..
علّك استفدت ..
ـ[الامين]ــــــــ[16 - 06 - 2005, 12:35 ص]ـ
هنا تتمته أحببت أن اذكرها تتميما للفائدة واستيفاءا للبحث وهي ماذكره ضياء الدين بن الأثير في كتابه المثل السائر: "واعلم أن علماء البيان قد تكلموا في السرقات الشعرية فأكثروا، وكنت ألفت فيه كتابا وقسمته ثلاثة أقسام: نسخاوسلخا ومسخا، أما النسخ فهو أخذ اللفظ والمعنى برمته من غير زيادة عليه، وأما السلخ فهو أخذ بعض المعنى، وأما المسخ فهو إحالة المعنى إلى ما دونه.
ـ[جانج يو]ــــــــ[14 - 05 - 2008, 08:06 ص]ـ
شكرا الموضوع فعلا اتشرح بطريقه رائعه وواضحه وجزاك الله كل خير(/)
افسام الشعراء؟؟؟
ـ[سليم]ــــــــ[20 - 06 - 2005, 10:31 م]ـ
السلام عليكم
يقال ان اقسام الشعراء ثلاثه:
1 - شاعر: وهو الذي يقول الشعر بحس مرهف ولفظ فصيح واسلوب بليغ
2 - شويعر: وهو الشاعر في طور النمو والنضوج
3 - شعرور: وهو الذي يدعي الشعر
فهل هذا التقسيم فيه شيئ من الصحه؟؟؟
ـ[بديع الزمان]ــــــــ[23 - 06 - 2005, 07:48 م]ـ
شُعْرُورٌ - ج: شَعَارِيرُ. [ش ع ي]. "هُوَ شُعْرُورٌ": شَاعِرٌ ضَعِيفٌ.
المعجم الوسيط
ـ[سليم]ــــــــ[23 - 06 - 2005, 11:41 م]ـ
السلام عليكم
وشكراُ استاذي الفاضل على تعديلك, وبارك الله فيك.
ـ[محمد الجهالين]ــــــــ[30 - 06 - 2005, 07:46 م]ـ
أخي سليم
لا أذكر أين قرأت الأبيات التالية:
الشعراء فاعلمنَّ أربعهْ
فشاعرٌ يَجري ولا يُجرى معهْ
وشاعرٌ ينشد وسْط َالمعمعهْ
وشاعرٌ من حقه أن نسمعهْ
وشاعرٌ من حقنا أن نصفعهْ
ومن هنا قيل: فلان رابع الشعراء
ولله در جميل صدقي الزهاوي إذ يقول:
إذا الشعرُ لمْ يهْزُزْكَ عندَ سماعِه .. فليس خليقا أنْ يقالَ لهُ شعرُ
ـ[سليم]ــــــــ[01 - 07 - 2005, 11:00 ص]ـ
السلام عليكم
طبعاً استغرب الكثير عندما كتبت اقسام الشعراء ,وكان لغايه في نفسي, وهي انني احب الشعر واحاول ان اكتبه, ولا اريد ان اكون من الصنف الرابع الذي يستحق الصفع.
وشكراً اخي جهالين على هذه المعلومات.
ـ[محمد الجهالين]ــــــــ[01 - 07 - 2005, 12:44 م]ـ
أخي سليم
أيها الأريب تواضعا
إن محاولة كتابة الشعر أحقُّ بالسماع، وتستحق التشجيع دون خداع، فدونك منتدى الإبداع.
أما الصفع والبندورة والصفيرُ، فذلك جزاء من يدعي أنه الشاعرُ الكبيرُ، وليس له ناقة في الشعر ولا بعيرُ.
ولقد قرأت لك محاولة سألت َ عن بحرها، فلم أجب نظرا لحداثة اشتراكي في الفصيح، معتقدا أن الحكم على الإبداع في الفصيح من حق مشرفي الفصيح أولا، أما المحاولة فلم تكن على بحر مخصوص، لأنك كما قلتَ لم تتعلم البحور، فلا دلاء قبل أن تتعلم البحور، أما المعاني بيانا وتجديدا، وأما الأبنية التعبيرية خيالا و عاطفة فهي المحل الثاني، عندما تضطرب الموسيقى، وهي المحل الأول عندما تتناغم الموسيقى بناء خليليا، وإيقاعا داخليا.
هذه بضاعتي كاسدةً أو رائجةً، أنتَ المدللُ سليم ذوق وسليم فصاحة أتتبعها في كل مشاركاتك موافقا ومخالفا، فدلاؤك تفيض اجتهادا، ونستقي منها معرفة تزداد اطرادا.
أيهاالمقادسة المقاومون لزعتر صمودكم نحني شرفا، ونستحي جلفا
ـ[سليم]ــــــــ[01 - 07 - 2005, 01:55 م]ـ
السلام عليكم
اخي محمد جهالين, بارك الله بك على هذا الكلام المغدق ,وما انا في تلك المنزله فما زلت طويلب علم ,وما قلته انت فهو من حسن خلقك ورزانه رأيك, وحياك الله واشكرك على تشجيعك لي.
ـ[سامح]ــــــــ[07 - 07 - 2005, 07:00 ص]ـ
معتقدا أن الحكم على الإبداع في الفصيح من حق مشرفي الفصيح أولا
وأتمنى أن يكون هذا الاعتقاد قد زال
أيها الفذ الأريب
ـ[محمد الجهالين]ــــــــ[08 - 07 - 2005, 03:58 م]ـ
ما زلتُ مُعْتَقِدا: لا تَنْتَقِدْ أَحَدا
تُهديهِ دفئاً، فَيُهْديكَ اللظى مَسَدا
ما زلتُ معتقدا: إبداعُنا رَفَثٌ
باثوسُنا عَبَثٌ لا ينتهي عُقَدا
أضغاثُ مُبْدِعِنا تختالُ ساحِرَةً
بَخٍ، بَخٍ قامَ هاروتُ الرؤى، قَعَدا
تمخضي ربَّةَ الإلهامِ، واقتربي
من نَخْلةِ الوحيِ، مُدّي يا حذامِ يَدا
روابعُ الشعراءِ اسْتَشْعَروا هَذَرا
ويلي على سامحٍ، لا يشتكي أَبَدا
أرْشَدْتَهمْ خَفِراً، قَوَّمْتَهُمْ دَمِثاً
فاسْتفحلوا عِوَجاً، واسْتثقلوا رَشَدا
للمشرفينَ أناةٌ لستُ أحْسُدُها
إلا أناتَكَ كمْ عاجَلْتُها حَسَدا
ـ[سليم]ــــــــ[08 - 07 - 2005, 05:26 م]ـ
السلام عليك اخي محمد جهالين, يا اخي من اين تأتي بهذه الالفاظ والله انها لفصاحة في اللسان وبلاغة في البيان وسلاسة في الاسلوب ومبلغة المطلوب, تتكلم وكأنه الدر المنثور ,وتتلفظ وكأنه الخريد المدثور, وتقول فهو قول مأثور, عواطف صادقه, واحاسيس ناطقه, ولا كذب ولا تدليس, ولا تملق ولا تأليس.
والسلام(/)
واجب
ـ[شهيدة العراق]ــــــــ[21 - 06 - 2005, 11:43 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
انا اختكم من العراق الشقيق
انا اشكركم علي هذا المنتدي الرائع والمفيد وانا ضيف
جديدة وانشاء الله اكون عند حسن ظنكم في الايام القادمة
و عندي كم سوال منكم وهو انه انا جديدة بالكمبيوتر
واعيش ظروفه مادية صعبة فانني قمت بالتوجة الي
الانترنيت لعل وعسي اجد مصدر رزق من خلاله
وقد وجدت من يومين فقط مسابقة في موقع وفيها اسئلة
وانا اضعها عندكم واطلب منكم مساعدتي في اقرب وقت
وباقي علي قبول المسابقة 8 ايام فارجوكم لاتقصروا معي
وقد ذكرت الاسئلة لاخ فقال لي انه انا ما عندي وقت فراغ
واخر قال لي ابحثي في قوقل
وقد بحثت عنها ولكن لم اجد الحل
فارجو من سيادتكم (الاخوة والاخوات الافاضل) في المنتدي
مساعدتي لو سمحتم
ارجوكم ساعدوني
المجموعة الاولي:
1=أي من الجمل التالية تحوي خطا نحوياََ:
كان هناك عرس كبير
زار خالد بلادا كثيرة
ان في البيت غرف كثيرة
انه لمنظر جميل
2=أي من الكلامات التالية غير صحيحة املائيا
المدرسه
الاطمئنان
الشيء
الاقبال
3=أي من الجمل التالية خالية من الاخطاء
لم اراه في أي مكان
لا تلق نفسك في المخاطر
استمعت الى اغاني جميلة
لم يعطيني شيئا
4=ما معنى كلمة وامق في بيت الشعر التالي
وماذا عسى الواسون ان يتحدثوا .... سوى ان يقولوا انني لك وامق
محب
خائف
كاره
حاذر
5=
ما معنى عبارة (قلب له ظهر المجن
ساعده في وقت محنته
دعاه الى الطعام
ذكره بخير
عاداه بعد مودة
6=أي من الجل التالية هي اقرب ترجمة لعبارة:
(بلغ السيل الزبي)
Enough is enough
The city is wet
I m very excited
The ocean is big
المجموع الثانية:
7=علم الاجتماع بالانكليزية
8=الانتحال بالانكليزية:
9=ازمة بالانكليزية:
10=مجهول بالانكليزية:
11= no-brainer بالعربية:
الغبي
السوال الصعب
الامر السهل
المستهتر
12=مامعني He got cold feet في الجملة التالية:
He got cold feet and contest the enter to refused?
اصبحت قدماه باردتين
اصبح خائفا
اصبح مغرورا
اصبح كسولا
13=ما المقصود بعبارة
He is a chip off the old block?
شبيه بابيه
شديد الباس
ضعيف البنية
مرح دائما
14= couch potato بالعربية:
عاشق للمناصب العالية
مدمن رقائق للبطاطس
ينام علي سرير خشن
مدمن التلفزيون
15= egghead بالعربية:
شخص واسع العلم
شخص ابله
شخص راسه بيضاوي الشكل
شخص مريض دائما
16=
in English a popular grammar/spelling rule is , i , before ,e, except after ……
c
A vowel
A consonant
W
17=
consider the following sentence:
Tom,agood baseball player decided to try out for the team.
In order to make this sentence correct ,where should the comma go?
After ,player
After,decided
No error
After ,out
18=
The itanic …… in 1912
Sunk
Sank
Did sunk
Done sank
19=
choose the boest word to fill in the blank;
Having not raten all day ,she found that she was -------- as she arrived home.
Satated
Ravenous
Sanguine
Perturbed
20=
Find the verb:
He did not mean to crash the car.
Did not
Mean
Crash
Car
ـ[علي العمر]ــــــــ[01 - 11 - 2005, 02:06 م]ـ
لم أشاهد سؤالك سوى اليوم لذا أجيب لك على ألسئلة العربية أما الانجليزية فلا علم لي بها
المجموعة الأولى
1
المجموعة الثانية
هناك أكثر من كلمة مكتوبة خطأ
المدرسه خطأ الصحيح المدرسة
الاقبال خطأ الصحيح الإقبال لأنه مصدر لفعل رباعي همزته همزة قطع
المجموعة الثالثة
2
المجموعة الرابعة
1
المجموعة الخامسة
4(/)
لطيفة---أضحكتني
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[30 - 06 - 2005, 09:57 م]ـ
قال الشاعر
فاسلم سلمت من الآفات ما سلمت
سلام سلمى، ومهما أورق السلم
فقال الناقد
فإن هذا من كلام المبرسمين
وأقول ---أليس المبرسم الذي يتناول البرسيم أي الحمار---لا أريد أن أبحث في المعاجم ولكن إن كانت كذلك فقد ضحكت على هذا النقد اللاذع
بقي أن أختبر معلوماتكم
# من الشاعر
# من الناقد
ـ[ابن يعيش]ــــــــ[01 - 07 - 2005, 06:23 ص]ـ
الشاعر أبو تمام
أما الناقد فلا علم لي
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[01 - 07 - 2005, 07:07 ص]ـ
الناقد هو الآمدي في كتاب "الموازنة"
وهو ينتقده على الجناس المتكلف
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[02 - 07 - 2005, 02:14 م]ـ
انتصرت على أصحاب النقد أيها الفصيح المتمكن .. :)
ولكن أخي الفاضل بالنسبة للمبرسمين فإني بعد البحث وجدتها تخالف ما توقعتموه .. إذ هي -والله أعلم- تطلق على من يتحدث بلا علم ..
وكثيرا ما أوردها العلماء للمصاب بمرض نفسي، أو من يخالف كلامه العقل ..
والله أعلم
إن وجدتم شيئا أفيدونا ولكم الأجر
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[02 - 07 - 2005, 03:29 م]ـ
نعم
هذه نصوص استخدم أخيار فيها لفظ المبرسم
(ودخل صاحب المظالم بالبصرة على رجلٍ مبرسم وعنده طبيبٌ يداويه، فأقبل على الطبيب وأهل المريض، وقال: ليس دواءٌ المبرسم إلا الموت حتى تقل حرارة صدره، ثم حنيئذ يعالج بالأدوية الباردة حتى يستبل) التوحيدي-الإمتاع والمؤانسة
(وهي تعدِّل من مَيل المفلوج، وتُقيم من ارتعاش المُبرسَم،) البيان والتبيين -الجاحظ
(الهَذَيانُ: كلام غير معقول مثل كلام المُبَرْسَم والمَعْتُوه.) لسان العرب-إبن منظور
والمرجح أنّ المبرسم هو مريض بأعراض كأعراض الجنون
والنكتة أن توقعي عن المبرسم "بضم الميم" وهو الحمار قريب من المعنى المستخدم ---:)
ـ[همس الجراح]ــــــــ[20 - 12 - 2005, 03:03 ص]ـ
مثلها أخي الحبيب
ولقد عدوت إلى الحانوت يتبعني ........... شاوٍ مِشلّ شلول شلشل شول
في فتية كسيوف الهند قد علموا .......... أن هالكٌ كلّ من يَحفى وينتعل
الأعشى
ـ[الأحمدي]ــــــــ[21 - 12 - 2005, 07:41 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
البرسام مرض يصيب الصدر و يجلب حمّى تُسمّى مُوما، و الكلمة من أصل فارسي مركبة من كلمتين: بر - صدر، و سام - موت.
لكن حمى هذا المرض شديدة و تجلب هذيان، و الله أعلم(/)
تحليل المقال
ـ[أنا البحر]ــــــــ[08 - 07 - 2005, 02:42 ص]ـ
أخوتي الأكارم في منتدى الفصيح
أريد معرفة أهم الكتب التي تعين و تساعد في تحليل المقال
و لكم جزيل الشكر
ـ[أنا البحر]ــــــــ[08 - 07 - 2005, 11:08 م]ـ
ما زال لدي أمل
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[10 - 07 - 2005, 06:29 ص]ـ
عفوا أخي على التأخر ..
سأعود لك قريبا محمّلة بما يسرك بإذنه تعالى ..
ـ[أنا البحر]ــــــــ[10 - 07 - 2005, 04:23 م]ـ
بانتظارك أختي وضحاء
ـ[أنا البحر]ــــــــ[13 - 07 - 2005, 07:00 م]ـ
إن السماء ترجى حين تحتجب
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[14 - 07 - 2005, 12:33 م]ـ
أعتذر بشدة عن تأخري أخي الفاضل ..
ولكني بحثت فيما أستطيع من كتب النقد .. إلا أني لم أجد المتخصص في تحليل الجنس المطلوب ..
وإن كان هناك بعض الكتب التي تحدثت عن تحليل الفنون عموماً ..
إن شئت وضعت هنا ماوجدته مع مواطن ذلك ..
إضافة إلى أني قد درست على يد أحد الدكاترة الفضلاء في مادة النقد، وذلك في آخر فصل دراسي من البكالوريوس ..
درست شيئا عن نقد المقال، وتحليله ..
فإ ن شئت -أيضا- وضعتها هنا مختصرة أو مطوّلة علّك تستفيد ..
عذرا أخرى على التأخير ..
ـ[أنا البحر]ــــــــ[14 - 07 - 2005, 05:25 م]ـ
أشكرك الشكر الجزيل أختي الفاضلة وضحاء على ما تفضلت به و ما اجتهدت في البحث عنه فلك جزيل الشكر و وافر الامتنان
و لا أستغني عما لديك
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[15 - 07 - 2005, 07:49 م]ـ
هذا جزء من المحاضرات التي ذكرت سابقاً .. وللأمانة العلمية فهي للأستاذ الفاضل: د. أحمد بن صالح السديس من قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي بكلية اللغة العربي بجامعة الإمام ..
وهذه الأولى ..
هيكل المقالة.
1 - المقدمة. 2 - العرض (صلب الموضوع). 3 - الخاتمة.
وإليك بتفصيل كل جزء منها.
المقدمة:
ويفضل أن تكون قصيرة، متصلة بالموضوع، ومشوِّقة إليه تدفع القارئ لقراءة المقالة كاملة. ولا تكون طويلة تطغى على الموضوع الرئيس، ولا بعيدة عن الموضوع.
وقد تكون المقدمة تساؤلات من أجل أن تدخل القارئ للموضوع، أو قصة طريفة، أو حادثة واقعية في سطرين أو ثلاثة، تكون مرتكزاً يتحدث منه الكاتب عن موضوعه.
ونحن ننظر في بدايات المقالات، ونتوقف عند مقالة ما لرؤية ما يشوقنا إليها، بينما نتجاوز أخرى بسبب مقدمتها غير المشوّقة. أو تكون المعلومة غريبة، وهذه الغرابة تدفع القارئ لقراءتها، او قولا مشهورا يستحضر القارئ منه مواقف أو ذكريات تدفعه للقراءة.
العرض (صلب الموضوع):
يحوي الفكرة أو الأفكار الرئيسة التي يودّ الكاتب أن يطرحها. ترتب أجزاء العرض حسب الأهمية؛ مؤيدة بالأدلة والشواهد، ويكون بعيداً عن عن أسلوب العلماء: (التلقين، أو الإلقاء المباشر)؛ كي يشعر القارئ أنه أمام محدّث يسامره لا معلّم يعلّمه، فالمقالة العلمية –مثلاً- تحوي معلومة، لكن الكاتب يحاول إيصالها بأسلوب سهل شيّق.
الخاتمة:
ثمرة المقالة، وتكون واضحة وصريحة، تلخّص أهم عناصر الموضوع، فكاتب -مثلاً- يتحدّث عن أحداث تاريخية، ولا يريد أن يكون مؤرِّخاً فيها، إنما يريد أن نصل إلى نتيجة من خلال هذا العرض.
ظاهرة حديثة عند كثير من المقاليين بأن يضع سؤالاً أو جملة طريفة معبّرة، وهي تأكيد للهدف الذي يورده قبل الخاتمة.
نحن لا نضع حدوداً فاصلة بين أقسام المقالة، إنما الغرض التحديد والتعليم.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل كل مقالة لها مقدمة وعرض وخاتمة؟
الواقع يقول لا .. بل هناك تعريفات مشهورة للمقالة، بأنها جنس لا نظام له، ولا يمكن أن يقيّد بخطة معينة
أحياناً تكون المقالة قصيرة جداً، وأسلوبها حيويا رائعاً؛ عندها لا تحتاج إلى مقدمة، أو خاتمة لوضوحها، وسهولة فكرتها، وسلاسة أسلوبها.
***************************************************************
ـ[أنا البحر]ــــــــ[16 - 07 - 2005, 04:23 ص]ـ
أختي الفاضلة وضحاء وفقك الله في الدنيا و الآخرة و جعل ما تجشمت في موازيين أعمالك
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[16 - 07 - 2005, 12:18 م]ـ
لا شكر على واجب .. هذا واجبنا نحو لغتنا .. وإلا لماذا ندرس!!
هذا هو الجزء الأول ..
سألحقه بأخرى حول الموضوع ..
ولكن لدي أمور أخرى قد تشغلني قليلا .. فأرجو منكم العذر
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[20 - 07 - 2005, 01:35 م]ـ
يصعب تصنيفها؛ فالكتب النقدية تختلف فيها، وذلك بناء على استقراء الناقد لما اطلع عليه من مقالات .. والتقسيم الذي يكاد يتفق عليه النقاد على اختلاف تفريعاته قسمان رئيسان:
1 - ذاتية. 2 - موضوعية.
الفرق بينهما
1 - العناية والاهتمام:
عناية المقالة الذاتية تتوجه إلى إبراز شخصية الكاتب، فشخصيته تكون في هذا النوع واضحة؛ إذ يصوّر ما يريد من خلال نظرته واعتقاده الشخصي؛ فكل ما كان الكاتب صاحب تجربة ذاتية عميقة كلما كان أقدر.
أما الموضوعية فالعناية فيها بتجلية الموضوع الذي يريد الكاتب أن يطرحه، خاليا من الشوائب المؤدية إلى اللبس؛ إذ تعتمد على الأسلوب العلمي الواضح والدقيق، ولا تدخل العواطف فيه.
2 - الأسلوب الأدبي:
تعتمد المقالة الذاتية على الأسلوب الأدبي، فهو أظهر فيها، فلو كتب متمكنٌ في الذاتية والموضوعية لأتضح الأسلوب الأدبي في الذاتية؛ بينما الموضوعية فلاهتمامها بالمضمون أكثر، تبتعد عن الأسلوب الأدبي نوعاً ما.
3 - الحرية:
تنطلق الحرية في المقالة الذاتية، وتبتعد عن النظام الصارم، بينما الموضوعية فهي مقيدة بعرض معين .. إذن الحرية تتنفس أكثر في المقالة الذاتية.
4 - الطول: (وهو فارق نسبي لا ضابط علمي)
في الغالب تكون المقالة الذاتية أقصر من الموضوعية؛ غذ إن الأخيرة غالباً ما تكون أطول.
التالي –بإذن الله تعالى-: أنواع المقالة الذاتية، والمقالة الموضوعية بتفصيل كل نوع ..
لي عودة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أنا البحر]ــــــــ[22 - 07 - 2005, 02:40 ص]ـ
" من صنع له معروفا ثم قال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء "
فجزااااااااااك الله خيرا
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[24 - 07 - 2005, 01:00 ص]ـ
الأسبوع الماضي ختمت دورة (المقال) في النادي الأدبي في الرياض تحت إشراف الدكتور عبدالله الحيدري .. !
فمن حضر فليفيدنا ... !
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[02 - 10 - 2005, 04:18 م]ـ
فن المقالة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=37572)
إن شاء الله ستجدي فيه ما ينفع أختنا (أنا البحر) ..
ـ[أنا البحر]ــــــــ[14 - 10 - 2005, 10:32 ص]ـ
بورك في جهودك ياوضحاء
ـ[زيد الخيل]ــــــــ[29 - 10 - 2005, 12:25 ص]ـ
السلام عليكم
أخى: أنا البحر تحية طيبة وبعد
أرجو أن تقتنى كتاب الدكتور صلاح فضل بعنوان (شفرات النص) فهذا الكتاب سيفيدك جدا
ونسأل الله ان يعلمنا ويعلمكم
فارس العربية الخـ زيد ـــــــــيل
ـ[رحيل2007]ــــــــ[07 - 11 - 2008, 02:03 ص]ـ
بارك الله فيكما
ولكن المقالة كيف تحللها؟
ـ[الحسين الشنقيطي]ــــــــ[12 - 11 - 2008, 06:51 م]ـ
بسم لله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة رحيل
الكاتب أيا كان نوع مقاله يرمي لتقرير فكرة أو ينا قش أخرى ليثبت عكسها، أو ليستدر إعجابك لمنظر أدهشه،وهو في ذلك كله يتخذ اللغة وسيلة للإيضاح فهي وعاء الثقافة، فإذا وقفنا أمام نص (مقال ,قصيدة) نحاول الإجابة على سؤالين: الأول ما فكرة النص؟ والثاني كيف صاغها صاحبها (الشاعر،الكاتب)؟.
وفكرة النص النثري (المقال) قد يبدأ بها الكاتب صدركلامه يؤكدها أولا ثم يكون المقال برهنة على صحتها، أو يمهد لها ويثيرها إشكالية [مجموعة أسئلة تمثل رأيين فأكثر] يستبطن فيما بعد الكاتب أوجهها موردا لكل وجه حجج وبراهين متبنيه فيختم في نهاية مقاله إما برجاحة أحدها أو ينهي المقال بسؤال محوري فاتحا آفاق النقاش لغيره،
وهذا يكون غالبا نهج الكتاب في مجال فروع الفلسفة [ماهيتها،علاقتها بكل من الدين والعلم (التجريبي)،الإبستيمولوجيا (فلسفة تاريخ العلوم وسبل الإكتشاف والتطوير)،علمي الإجتماع والنفس (الجانب النظري منهما)، ......... ].
ونحن في هذا النوع من المقالات ننظر هل وفق الكاتب في سرد جدله وصولا للحقيقة بخطى منطقية؟ أم أن ثمة خللا في البناء لديه؟ ,ولا ننسى أن ندعم رأينا فيه بعبارات من مقاله ندمجها في كلامنا وكأنها منه لا يفصلها عنه غير أقواس تحيطها.
وعلى الرغم من أن أمر جمال اللفظ ضروري للكاتب إلا أننا في هذا النوع ذا الطابع الفسلسفي تكفينا السلامة اللغوية من حيث التراكيب لا الصور البديعة فمجالها المقال الأدبي.
أما الذي يستدر إعجابنا بما رآه أو عطفنا عليه فنضيف عنصري التأثير العاطفي، والخيال لقائمة ما نهتم به ونحن ندرس مقاله أو قصيدته، حينها نكون هو أثناء التحليل وغيره أثناء الحكم ,بعبارة أخرى نشاركه التجربة فإن أفرحتنا أو أحزنتنا نقول في الحكم إنه صادق العاطفة موفق في التأثير ندعم ما نرى بشواهد من نصه نستعين في ذلك ببحر القصيدة والروي،تقولين كيف أعرف ذلك؟ أقول:عند ما نقرأ النص نشعربه ,اقرئي قصيدة الرندي عن سقوط الأندلس مع تذكر ما نحن فيه وانظري هل ينتابك شعورالفرح أم الحزن وانطقي النون تمدينها في نهاية كل بيت ,أليست بكاء الشاعر في النص؟
ثم بعد هذا نعمد إلى ما استعان به الكاتب ليؤثر فينا:أنواع الجمل والصيغ التي تكثر عنده ,ونحن حين نقرأ نردد الكلام نمره على اللسان ونسمعه: سلس هو أم ثقيل؟ إذ اللغة صوت يسمع ولفظ ينطق فالأذن ترتاح لتناغم الصوت و اللسان يرتاح لعدم تنافر الحروف وتقارب مخارجها ويكون الحكم على هذا النوع حسب جمال اللفظ وسلامة اللغة وسلاسة الأسلوب وهذا الأخير موهبة إلا أنه يكتسب بالمران والدربة والقراءة لمن ملكوا ناصية اللغة من كتاب العربية كالعقاد والرافعي وطه وجميع الرعيل الأول يرحمهم الله ومن نجده اليوم من الكتاب البارزين.
أرجو أن أكون أعطيت تصورا واضحا عما أراه فيما يجري أثناء تحليل نص من العربية, وفقنا الله وإياكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[الحُميراء]ــــــــ[30 - 11 - 2010, 03:52 ص]ـ
السلام عليكم
أخى: أنا البحر تحية طيبة وبعد
أرجو أن تقتنى كتاب الدكتور صلاح فضل بعنوان (شفرات النص) فهذا الكتاب سيفيدك جدا
ونسأل الله ان يعلمنا ويعلمكم
فارس العربية الخـ زيد ـــــــــيل
هذه نسخة من الكتاب الكترونية وفقكم الله على ذكر مثل هذه المصادر القيمة
كتاب الدكتور صلاح فضل بعنوان (شفرات النص)
( http://www.4shared.com/get/b9tCNZ90/___.html)(/)
الاوزان والتفعيلات في اللغة العربية
ـ[سليم]ــــــــ[10 - 07 - 2005, 09:19 م]ـ
السلام عليكم
احاول في هذه المقالة ان احصر الاوزان والتفعيلات العربية وتبيان اهميه معرفة الاوزان والتفعيلات, خاصة في ايامنا هذه التي طغت عليها الفاظ ومصطلحات مما هب ودب من لغات العالم وخاصة الغربية منها.
ولأن معرفتها تُخولنا ان نُمييز الالفاظ العربية من الالفاظ الدخيلة العجمية ونحفظ اللغة من عبث العابثين, وارجو من الإخوة الأفاضل مساعدتي ومساهمتهم كي ناخذ بيد اللغة العربية وتستعيد مكانتها في الطليعة.وقد أعجبني ما قاله الثعالبي في مقدمة كتابه (فقه اللغة واسرار العربية):"من أحب الله تعالى أحب رسوله ,ومن أحب الرسول العربي أحب العرب, ومن أحب العرب أحب العربية, ومن أحب العربية عُني بها, وثابر عليها, وصرف همته إليها) ,وانا أقول من بغض العربية بغض العرب, ومن بغض العرب بغض الرسول العربي, ومن بغض الرسول بغض الله, ومن بغض الله بغضه الله, ومن بغضه الله باء بالخسران, وأولج في النيران.
وكانت اللغة العربية منذ ان تربعت في ساحة الاسلام محط أنظار المادحين والقادحين ,لأن قدحهم في اللغة العربية قدح في الاسلام, وهي من محاولاتهم في فصل اللغة العربية عن الاسلام ليحدوا من فهم الاسلام وتعطيل احكامه الشرعية ,لا لشيئ إلا لحقد في قلوبهم ومرض في نفوسهم وعمى في أبصارهم وبصائرهم.
ومنهم من قال أن العرب كانت لهم عنايتهم بالألفاظ دون المعاني, وقد رد عليهم الثعالبي بقوله:"إن عنايتهم بالألفاظ كانت من أجل المعاني, أي: لكي يقع القول من نفس السامع موقعاً يُهيئ له الحالة النفسية التي تحفزه إلى العمل"
وكان قد رد على هؤلاء المدعين (ابن جني في الخصائص) بقوله:"فإذا رأيت العرب قد اصلحوا الفاظها, وحسنوها فلا ترين أن العناية إذ ذاك, إنما هي بالألفاظ, بل هي عندنا خادمة للمعاني, وتنويه وتشريف".
واللغة العربية من اكثر لغات الأرض دلاله معنوية, ودقة تعبير, وحسن إختيار الألفاظ. ومراعاة التناسب.
ومن دقة اللغة العربية أنها تُميز بين الآفعال من جهة الفاعل, مثلاً, خذ فعل شرب فيقولون: شرب الإنسان, ولغ السبع, كرع البعير, عب الطير. وفعل نكح. يقولون:نكح الإنسان, كام الفرس, باك الحمار, نزا التيس, سفد الطير, عاظل الكلب. وفعل فقد الجنين, فيقولون: أسقطت المرأة, أجهضت الناقة, سبطت النعجة.
ومن دقتهم ايضاً تباين درجات الجوع والعطش, فأول الجوع الجوع, ثم السغب, ثم الغرث, ثمالطوى, ثم المخمصة, ثم الضرم, ثم السعار. وأول مراتب العطش هو العطش, ثم الظمأ, ثم الصدى, ثم الغلة, ثم اللهبةثم الهيام, ثم الآًوام, ثم الجواد, ثم القاتل وهو اعلى مراتبه.
هذا من ناحية واما من ناحية آخرى فإن من حرص العرب على دقتهم في التعبير والتمييز بين مختلف الأفعال والصفات والازمان, فهم وضعوا لكل صيغة وبنية وزناً يسيرون عليه:
الأفعال: كل الأفعال تكون على وزن فعل, مثل: ضرب, شرب, ذهب, فتل, جهل, ذبح, ..... ,وإذا بالغ في الفعل يصبح: فعٌل,
مثل: ذبٌح, جهٌل, قتٌل, ....
وقد يكون من أوزان الفعل: أفعل, مثل أطعم, أسقى, أهدى, أنشط, هنا نلاحظ ان هناك إختلاف طفيف بين سقى على وزن فعل, وأسقى على وزن أفعل, وكأن به شيئ من التكلف.
وكذلك على وزن فاعل, مثل حارب وقاتل ونازل ,ويكون بمعنى فعٌَل نحو ضاعف الشيئ وضعٌفه.
ومن أوزان الآفعال ايضا تفاعلوويكون بين اثنين وبين الجماعة ,مثل تجادلا وتحكاما وتناظرا. وايضاً تفعٌل, مثل تخلص وتشجع وتحكم وتجلد ,وبكون بمعنى التكلف
_يتبع_
ـ[سليم]ــــــــ[12 - 07 - 2005, 12:45 ص]ـ
السلام عليكم
ومن اوزان الفعل ايضاً استفعل ويكون بمعنى التكلف نحو: استعظم اي تعظم, واستكبر اي تكبر, ويكون ايضاً بمعنى الاستدعاء والطلب نحو: استطعم, استسقى, واستوهب.
وقد يأتي بمعنى فعل نحو: استقر اي اقر, وايضاً بمعنى الصيرورة نحو: استنوق الجمل, واستنسر البغاث.
ومن اوزان الفعل ما يأتي لحدوث صفة نحو: افتقر وافتتن وهما على وزن افتعل, ومنه ما يأتي بمعنى المطاوعة نحو: انكسر ,انجبر, وانقلب وهم على وزن انفعل.
اما بالنسبة للألفاظ الدالة على الحركة والاضطراب مثل: الهيجان, النزوان, الغليان, والضربان ,تكون على وزن فعلانٍ ,وما كان على وزن فعلانَ فيدل على صفات تقع من أحوال مثل: عطشان, غضبان, ريان, جوعان, وشبعان.
واما الدال على الالوان فتكون على وزن أفعل, مثل: أبيض, أحمر, أصفر, أخضر ...
والألفاظ الدالة على الادواء (الأمراض) مثل: صداع, زكام, سعال, وكباد, طعان, فأكثرها يكون على وزن فُعال, وكذلك صفة الأصوات: صراخ, خوار, نباح, بكاء, وعواء ...
وبعضها يكون على وزن فَعيل:عويل, ضجيج, صهيل, نهيق, وزئير, ...
واما الأطعمة تكون على وزن فَعيلة: عصيدة, وليمة, نقيعة, وسخينة, ....
وأكثر الأدوية تكون على وزن فَعول:لعوق, زعوط, سموط, وجور, وذرور, ...
وأكثر العادات في الإستكثار تكون علة وزن مِفعال: مطعان, مطعام, مضراب, مضياف, ومعطار ومذكار .....
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[24 - 07 - 2005, 01:05 ص]ـ
شكراً لك ..
أعجبني جداً مقدمة المقال .. وخاصة:"):"من أحب الله تعالى أحب رسوله ,ومن أحب الرسول العربي أحب العرب, ومن أحب العرب أحب العربية, ومن أحب العربية عُني بها, وثابر عليها, وصرف همته إليها) ,وانا أقول من بغض العربية بغض العرب, ومن بغض العرب بغض الرسول العربي, ومن بغض الرسول بغض الله, ومن بغض الله بغضه الله, ومن بغضه الله باء بالخسران, وأولج في النيران." ..
لله درها من لغة!(/)
من المسؤول عن وأد ثقافتنا الأدبية .. !
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[24 - 07 - 2005, 07:50 ص]ـ
القارئ لكتب النقد الحديث يشعر أنه يبحر في قارب بلا مجداف .. !
حقيقة لا يمكن أن ينكرها مبتدئي النقد أمثالي ..
المؤلم والمؤسف في ذات الوقت أنك لا تدرس هذه المعلومات النقدية في سنوات تخصصك والتي أراها من وجهة نظر خاصة مهمة جداً لطالب البكالريوس فضلاً بالتأكيد عن طالب المرحلة التي تليها ... !
لك أن تتصفح مناهج النقد التي تدرّس إنها تشعرك بخيبة أمل .. !
وإن كان ولا بد من الإشارة عن بعض المناهج الحديثة فهي إشارات طفيفة ليس إلا .. !
شتان بين ما يدرّس وبين ما يقرأ في الصحف و المجلات الأدبية و الدراسات النقدية ... عندما تقرأ تشعر بعمق الفجوة بين الشاطئين رغم اتفاقهما في جذر واحد هو (النص الأدبي) ..
من الإجحاف أن نهدر أصالتنا, ومن قلة الوعي أن نخاف مما هو حديث وإن كان يراه البعض مرفوضاً في أدبنا العربي!
علينا أن نتعلم ما جدَّ علينا وما استجد ... على الأقل أن نعلم أين يكمن الصواب و أين يتربع الخطأ .. !
أما أن نترك هكذا صفر العقول فإني أبشر بوأد الثقافة الأدبية في مهدها ..
المصطلحات النقدية الحديثة التي تهب علينا من كل حدب و صوب و يحترفها الناقد الحديث أصبحت تسبب حجر عثر أمام الناقد المبتدئ .. !
لماذا لا تذيل الكتب بفهرس لمعاني تلك المصطلحات المستخدمة ... ومحلها الإعرابي في النص الأدبي .. !
لماذا يمسك الناقد بلجام تلك المصطلحات وينطلق دون أن ينظر إلى تلك الفرسان الصغيرة التي تقتفي أثره .. !
ولأضرب لكم مثلا ..
لك أن تقرأ كتاب (قلق النص .. محارق الحداثة) لغالية خوجة .. ولك أن تشعر بمدى قلقك النفسي الذي سيعتريك لأنك لم تفهم إلا القليل رغم روعة الأسلوب و الأداء و الانتقاءات .. !
تستخدم مصطلحات حديثة كدينامية النص ... محروق المعنى ... كمياء النص ..
وكتاب (علم لغة النص) لسعيد حسن بحيري ... ستتساءل بين نفسك ... كما تساءلت ... ماذا يعني أولاً هذا العلم .. ؟
علم جديد هو بالتأكيد ... والشعور بالقلق سيصحبك أيضاً هنا ... لكنك ستسقر بعد ما يقارب على الستين صفحة على عبارة مكونة من سطرين مفادها: أن علم النص لا يدرس النص كما هي الأسلوبية أو البنيوية ولا يدرس النص الأدبي من قصة وقصيدة .. إلخ بل يدرس كل ما يقال أنه نص (أي شيء مكتوب) سواء كانت نصوص ربط (وعد , عقد , أمر) أو نصوص إرشاد (خطاب دفاع .. نصوص دعاية .. خطاب سيلسي .. ) , نصوص اختزان (ملاحظات , فهارس , يوميات .. إلخ) , نصوص تعرض علانية (خبر , دراسة , قصة , شعر , مسرحية ... إلخ) ..
ولك أن تبحر مع المؤلف كيف شئت .. ! لكني سأقف مستفهمة و مستفسرة!.
بيد أن هناك حسنة في معضلة المصطلحات أن مؤلف هذا الكتاب أردف بقائمة للمصطلحات ... القائمة كنت آمل أن تكون لشرح المصطلحات العربية الحديثة شرحاً يعيد لما نشوة التراث ... لكن القائمة كانت لشرح المصطلحات الإنجليزية للعربية و العكس .. وهذا بلا شك يحقق نوعاً كبيراً من الاستيعاب .. !
وغير ذلك من الكتب الكثير ..
هو قلق أقلقني و زفرة أبت إلا الخروج مشتتة .. مبعثرة .. كيفما جاءت زرفتها ...
تحية لكل أعضاء الفصيح.
ـ[صالح بن سعد بن حسن المطوي]ــــــــ[25 - 07 - 2005, 02:41 م]ـ
أختي أنشودة المطر
هذه الكتب التي أشرتي لها
تشكك الأنسان في قدرته على فهم النص
ببصيرة وفهم واضح للنص
بل تشوة النص ولا مجال أو أمل فيها
وهذه النظريات وضعت لهذا الأساس
وماتت هذه النظريات في الغرب بعد أن ثبت تفاهتها
وتدرس عندنا لتشوة تفكيرنا
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[25 - 07 - 2005, 03:11 م]ـ
أختي أنشودة المطر ..
للأسف الشديد أن مجموعة كبيرة ممن يتسمّون بنقاد عرب قد أطلقوا ذلك على أنفسهم، أم سماهم الغير جزافاً ..
إذ الأفضل أن تصحح التسمية ..
من ناقد إلى ناقل ..
فهم يأخذون الغثّ والسمين من النقد الغربي ليسكبوه على المتلقي ..
مع الأخذ بالاعتبار أن نصف ما لديهم لا يكادوا يفقهونه ..
بل يتسربلون بالألفاظ الرنانة، والمصطلحات الغريبة للإيهام ..
وفي بعض ما ذكرتيه دليل واضح على ذلك ..
لا بد أن يكون لكل واحد منا مرشح داخلي في عقله .. يستطيع به أن يأخذ ما ينفعه، وما يخدم أدبه، وفكره، دون معارضة لما يؤمن به .. ويردّ ما عدا ذلك ..
كما يجب أن لانكون إمعات .. فإن لنا الأحقية في مناقشة أي نظرية أو فكرة .. دون المساس بالخط الأحمر .. (العقيدة) ..
لك التحية ..
ـ[سهيل اليماني]ــــــــ[08 - 08 - 2005, 07:24 م]ـ
كما يجب أن لانكون إمعات .. فإن لنا الأحقية في مناقشة أي نظرية أو فكرة .. دون المساس بالخط الأحمر .. (العقيدة) ..
في نظري لابد أن يتحرر الناقد من أي توجهات مسبقة لديه حتى يستطيع أن يسبر أغوار النص ويفك مغاليقه ويبين ماله وما عليه .. وإلا سنظل نراوح مكانك سر إلى أن يشاء الله.
ـ[سامح]ــــــــ[11 - 08 - 2005, 03:20 ص]ـ
سهيل اليماني
نبض الإبداع
سعدت كثيراً كثيراً بك في الفصيح
لك أطيب المنى ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[معالي]ــــــــ[22 - 09 - 2005, 02:04 ص]ـ
في نظري لابد أن يتحرر الناقد من أي توجهات مسبقة لديه حتى يستطيع أن يسبر أغوار النص ويفك مغاليقه ويبين ماله وما عليه .. وإلا سنظل نراوح مكانك سر إلى أن يشاء الله.
أخي سهيل:
http://www.alfaseeh.net/diffuser/user.php?dept=26&post=74
آمل الاطلاع على الرابط أعلاه
فيض تحية(/)
الوصايا العشر في الحوار
ـ[علي العمر]ــــــــ[31 - 08 - 2005, 05:41 ص]ـ
الوصايا العشر في الحوار
هذا موضوع وجدته في أحد المواقع العربية، وودت أخذ رأيكم فيه .. وأعذروني على طول المقالة، لكنها مقالة مهمة وواصيا بالفعل رائعة .... حاولت إختصارها .... لكن هذا سوف يذهب روحها و رونقها ....... فقط تأملوا في الكلام
يقول الكاتب:
جلست يوما إلى شخص عرفت .. كان هاويا للنقاش محبا للجدال. . ومااكثر ما كان يتكلم وما اقل ماكان يصمت .. لم يدع جدالا يهمه إلا ودخله ولا رأيا يخنقه إلا وباح به .. كسب في ذلك ماكسب وخسر في ذلك ماخسر ..
وفي أحدى لحظات هدوءه القليلة .. سألته ياسيدي .. يامن صناعتك الكلام .. علمني الكلام وفن الحوار .. إلتفت لي بتثاقل و تمتم بكلمات حفظتها من فوري عن ظهر قلب .. وهاأنذا أنقلها إليكم بقليل من التبديل و بأقل مايكون من التحريف .. قال لي يابني .. إن عزمت على الكلام فأنظر من تكلم .. إن كلمت سفيها فأنت مثله .. وإن جادلت وضيعا فهو لك ند .. فاختر لنفسك في جدالك من تحب أن تكون أنت وهو سواء.
يابني إني لن احاور من اثق في جهله .. فحتى وإن كان عالما بما سأناقشه فيه فلن يتمكن من إقناعي أو اخراجي عن خطأي في مااذا كنت خاطئ لاني من البداية أعلم اني لن آخذ عنه فهو على زعمي .. لايعلم ..
حين أحاور فإني لن أحاور شخصا في مزاج غير جيد مثلما لن احاور شخصا حين يكون مزاجي كذلك .. ومن البديهي ايضا اني لن اختار غير الوقت والمكان المناسبين للحوار .. هل قلت اني لن اختار الموضوع المناسب ايضا؟ لابد من دقة الاختيار إن كنت اريد الخروج بشئ من هذا الحوار.
لن احاور من اعلم عنه يقينا فساد الرأي والفكر .. فإنه إن لم يفسدني بفساده فهو على أقل تقدير لايريد لي الفائدة .. فإن كنت املك الكثير من الوقت والجهد والاعصاب .. وأردت انفاق كل ذلك جدال لافائدة منه فلااسهل من اختيار احدهم ولأبدأ معه النقاش.
يقول أحد مفكرين الغرب ((ديل كارينج)) .. أفضل وسيلة لتكسب جدلا ما .. أن لا تشترك فيه .. ماذا إن قررت الاشتراك في حوار ما؟
سأضع نفسي دائما موضع من اناقشه .. وسأعرض عليها كل مااريد قوله اولا .. ولاسألها .. إن قيل لي مثل هذا ترى ماهو الرد المناسب .. وعليه فلن اضع في نقاشي من الكلمات والعبارات مااكره ان يوجه لي كما اني لن اتجه بالحوار إلى منحى لا احب أن أؤخذ إليه.
إن كان النقاش يدور حول مسألة عقائدية فينبغي ان أكون في أشد حالات الحذر فلاشئ يحول الإنسان من الوداعة إلى حالة الإفتراس أكثر من اللغو في العقائد ... وإن خرج محدثي عن طوره فعلي أن التمس له العذر فقد علمت منذ البداية حساسية مااناقش فيه
.
وكما علي الحذر في الخوض في العقائد علي أيضا الحذر المشابه حين أخوض في مثل أعلى .. تستطيع ان تمازح شخصا فتسبه وقد يتقبل منك ذلك ولكن جرب أن تمزح بأحد من والديه وانظر النتيجة .. فإن عزمت الحوار،، إياك والمساس بالمثل العليا .. يمكنك الإلتفاف حولها إن استطعت ولكن لاتحاول الاقتراب اكثر من ذلك إن أردت ان تكسب من محدثك اعصابا هادئة في النقاش.
و ليس فساد معتقد محدثك بكافي ليخرجك ذلك عن اللين في الخطاب. . فبرغم أن عقائد العرب في الجاهلية كانت من أفسد العقائد حتى ليرسل الله نبيا ليصححها فإننا نجد هذا النبي عليه السلام يتبع اسلوب اللطف والين في دعوته بل ويأمره الله تعالى بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة كتأكيد لنا على ماينبغي علينا إتباعه.
قد يصل الحوار إلى نقطة ينفجر عندها أحد المتحاورين لأي سبب .. منطقي كان أو غير منطقي .. كيف أتصرف؟ هل أرد؟ قيل قديما أن الكلمة تولد عقيما فإن انت رددتها ألقحتها ... أن اردت ان تستمتع بشجار حاد وكان بك القدرة على تحمل أي إصابات محتملة .. فليس مطلوب منك إلا الرد على الإساءة بمثلها وسيتكفل محاورك بالباقي.
لن افكر أن انتصر في جدال ما لمجرد الانتصار .. فتفوقك على محاورك بالضربة القاضية لايعني بالضرورة أنك المُحق .. ألم يقال أن احمق واحد يسأل سؤالا قد يعجز عشرة من العلماء عن إجابته؟ ومن ذا يكسب عشرة من المجادلين في كلمة واحدة إن لم يكن ..... .
(يُتْبَعُ)
(/)
حين ادخل حوارا سأضع تصوراتي ومفاهيمي وقناعاتي الخاصة على المحك .. وسأقابلها بما يعرض علي ولكني قبلا لن أفعل ذلك قبل أن اسلحها بمبادئي وعقيدتي وتفكيري ايضا .. ولأدخل النقاش .. فإن عرضت علي مفاهيم جديدة أو تصورات من الطرف الآخر واستطاعت أن تعبر من حاجز اسلحتي فلماذا لا آخذ بها فهي حتما الاصوب على الاقل في مقابل ماكنت اعتقده والذي لم يصمد امامها .. كما اريد الآخر ان يتقبل رأيي علي أن اهئ نفسي لتقبل رأيه إن بدى لي الاصوب.
اريد ان أخرج بحوار هادف .. فلن التف حول محدثي ولن اشعب حواري .. ولن انتقل إلى نقطة ما إلى التي تليها قبل أن أكون واثقا من اني لست بحاجة إلى العودة إليها مجددا .. أما إن شعرت بهزيمتي في حوار ما وأردت الإفلات من الموقف فليس أسهل من تشعيب الموضوع وطرح نقاط هامشية للبعد عن هدف الحوار الاصلي .. ولكن للاسف لم يعد هنالك من لا يحفظ هذه الخدعة عن ظهر قلب .. اذا لنتفق .. إن شعبت الحوار لا تقلق انا لا أجد ما اقول ..
هل تحب أن يظن بك قول هذا؟
لايعني اني اشتركت في نقاش مع شخص ما انه مسموح لي بتجاوز حدودي مع هذا الشخص .. فحين اكلم والدي سيختلف ذلك عن كلامي مع أخي وسيختلف حين اتحدث مع ابني وإن كنا نتناقش في ذات الموضوع. فمهما كان الداعي لن أفقد اعصابي حين احدث شخصا له مكانته ولو كان مخطئا وسأعمل دائما على انتقاء كلماتي بعناية حين اخاطبه فمهما حدث سيظل للكبير إحترامه .. سواء كان كبيرا بسنه أو بعلمه أو بمركزه .. وكما للكبير احترامه فللمجلس الذي يجمعني بهذا الكبير هو الآخر احترامه .. فما سأقوله امام اناس عاديين ليس بالضرورة ان يكون هو ذاته مااقوله في حضرة شخص له مكانته .. وأيا كان فاحترامك لغيرك هو إحترامك لنفسك ..
لن اقول لشخص ما علانية امر يسيئه حتى لو اعتدت ان أكلمه كذلك سرا .. قد تقبل مني امرا بيني وبينك ولكن هذا لايقتضي أن تتقبله مني امام الناس .. ان اردت ان اكون مقبولا على كل وجه علي أن افرق بين مااعد ليكون امام الجميع وماهو خاص بالخاص ..
بديهي اني لن اقاطع غيري حين يتحدث وأني لن افرض رأيي عليه ايضا وكما اني لن ادخل بين اثنين يتحدثان إن لم يشركاني في حديثهما إن لم يكن على مسمع من الكل منذ البداية فإني ايضا لن احدث أحدا بغيبة عن آخر ولن اجعل حديثي ملوثا بسباب أو مصابا بالخارج من الكلمات ولن اتكلم بغير المفيد فضلا عن أن يكون ضارا .. ولن اشجع غيري على ماينبغي لي تركه .. ولن احيي مجلسا بحضوري وانا اعلم انه للهو أو لخوض في باطل سأنفض عنه واحث غيري على ذلك .. ولن اسب أحدا أو اكذبه .. ولن أتكلم إن كنت اعلم ان لااحد يصغي .. ولن اقول سرا مااخشى إفتضاحه علانية.
إن علمت اني لن أخرج من نقاشي أو حواري بأمر جديد علي .. ولن اصحح لغيري مفهوم ارى انه ينبغي له التصحيح .. أو لم اسعى لتثبيت فكرة لدي خشيت انها بحاجة إلى إيضاح .. ولو لم يزدني حواري خبرة أو يلفت نظري إلى شاردة أو لم يذكرني بأمر نسيته .. أو يبصرني بشئ اظنني بحاجة إليه .. ولن اديم به ودا أو أصل به رحما .. فلا حاجة لي بهذا الحوار.
فإن كنت في مجلس فقبل أن اقوم منه سأتذكر ان اردد كفارته .. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لاإله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.(/)
النقد بصورة أخرى
ـ[علي العمر]ــــــــ[31 - 08 - 2005, 05:56 ص]ـ
النقد
قبل أن تقوم بتوجيه النقد لأي شخص عليك أن تتوقف لحظة وتتذكر أن نقدك ربما يولد بينك وبين الآخرين أحاسيس سلبية متبادلة .. فقبل أن توجه النقد إلى أي شخص عليك أن تنفس بعمق وتقوم بالتفكير في ثلاث ميزات في هذا الشخص , وركز أنتباهك على على نقاط القوة فيه بدلاً من نقاط الضعف , وكن لطيفاً في معاملته …… فعليك تجربة نظرية " ثلاثة إلى واحد " وهي أنك في كل مرة تنقد شخصاً ما عليك أن تقوم بمدحة ثلاث مرات ….وتذكر من يعامل الناس بلطف يتقدم كثيراً ..
* * شرح مفصل لتقنية " ثلاثة في واحد " وهي كالتالي:
قد تكون لك علاقة قوية مع شخص وهذا الشخص قد يكون من أعز الأصدقاء.وقد يصل مرتبة الأخ .. "فرب أخٍ لك لم تلده امك " ... وقد يكون لك معه تضحيات وقد تكونا تدينان لبعضكما بجميل أو أكثر ... وفجأة قد يقع في خطأ واحد فتنقلب الصداقة الى عداوةو قد يتأزم الموقف و تطول المسألة .. فماذا تفعل .. ؟
الجواب هو أنك تفكر في نفس الشخص وتذكر ثلاث مواقف قد خدمك أو أسعدك بها كإخلاصه لك أو كان بجانبك وأنت مريض أو سافر معك ألخ وقد تجد من الذكريات مايفي بالغرض أيضاً فتذكر ثلاث مواقف جميلة وايجابية وحاول أن تعيش كل موقف وكأنه يحدث أمامك وحاول أيضاً أن تعيش نفس المشاعر والأحاسيس وأنت تسترجع الصفة أو الموقف وإذا أنتهيت أفصل نفسك عن الحالة التي كنت بها كالتنفس بعمق وأخراج التوتر .. ثم حاول ان تتذكر الموقف الثاني .. وافعل به كما بالمثال الأول .. ومن بعده أفصل الحالة ثم أذهب للموقف أو الصفة الثالثة وهكذا ...... ستجد أنك قد سامحت صديقك ولن تخسره أو تنقده.وهكذا تجد لذة التحكم بذاتك ......... فلا تتردد عزيزي حاول أن تجرب هذه التقتية الآن فإن بعض الناس لديه قائمة أسماء طويلة بالأشخاص الذين لا يحبهم أو مقاطعهم لسبب أو اكثر ستجد أن القائمة تتناقص .. جرب وسوف تندهش لما يحدث بداخلك بإذن الله ..... !!
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[13 - 09 - 2005, 12:27 ص]ـ
ربما كنت تقصد أخي الفاضل .. النقد المجرّد .. الموجه لشخص ما ..
وليس النقد الأدبي الذي هو اسم هذا المنتدى
ـ[علي العمر]ــــــــ[15 - 09 - 2005, 01:41 م]ـ
لم أتطرق للنقد الأدبي في حديثي
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 09:53 م]ـ
أنا أعلم ذلك ..
ولذلك استغربت إيراده هنا مع أن هذا القسم ليس له .. ؟! فقط
ـ[علي العمر]ــــــــ[18 - 09 - 2005, 04:52 م]ـ
زرت صفحتكم فوجدتها مفعمة برياحين العلم ممتلئة به ومرصعة بالجواهر فلا تحرمينا من جواهر علمك في المنتدى
علي العمر
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[18 - 09 - 2005, 09:02 م]ـ
أشكرك على إطراء قلمي الذي لا يستحق نصف ذلك ..
ـ[معالي]ــــــــ[19 - 09 - 2005, 06:05 م]ـ
زرت صفحتكم فوجدتها مفعمة برياحين العلم ممتلئة به ومرصعة بالجواهر فلا تحرمينا من جواهر علمك في المنتدى
أخي علي:
صدقت وبررت
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[19 - 09 - 2005, 06:17 م]ـ
عزيزتي معالي ..
صدقيني لا أستحق نصف ما تقولاه ..
ـ[معالي]ــــــــ[22 - 09 - 2005, 01:53 ص]ـ
صدقيني لا أستحق نصف ما تقولاه ..
الفاضلة: وضحاء
كفاك غمطًا لنفسك حقها!!
أشهدالله أنني أفدت من مقالتك ونقلتها لكثيراتٍ استفدن منها ..
أسأل الله ألا يحرمك الأجر والمثوبة
فيض تحية
ـ[علي العمر]ــــــــ[26 - 09 - 2005, 11:16 م]ـ
إن الله خلق الناس وجعلهم شهداء فما كنت لأقول غير الحق وما الدافع لذلك.
فما ه فما هي إلا مقولة حق
تحياتي(/)
اللغة العربية ليست أفضل لغة.
ـ[علي العمر]ــــــــ[31 - 08 - 2005, 12:54 م]ـ
اللغة العربية ليست أفضل لغةفقط
اللغة العربية أفضل لغةتكلمها بشر من يوم خلق الله الأرض والسموات للأمور التالية
1 - لغة القرآن
2 - لغة أهل الجنة لو علم الله لغة خير منهالجعلها لغة لأهل الجنة
3 - جعلها الله لغة لآخر الرسل وخاتمهم وأفضل من مشى على الأرض
4 - اللغة الوحيدة التي تحدى الله بها أهلها وجعلها معجزة خير رسله (لغة القرآن)
5 - ثراءها بالمعاني والإيحاءات وروعة التراكيب وبساطتها وروعة تصويرها ولذة معانيها وشذا تذوقها اللغوي
6 - لغة للعبادة
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[01 - 09 - 2005, 08:21 م]ـ
أحد الفلاسفة الغرب كان يقول عن اللغة العربية .. " معجزة اللغة العربية من بين لغات العالم أنها ليس لها طفولة وليس لها شيخوخة " .. !
ـ[القيصري]ــــــــ[01 - 09 - 2005, 10:41 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني اخواتي
هذه المقالة اختصار بتصرف لدراسة طويلة -53 ص- بعنوان (التحيُّز اللغوي: مظاهره وأسبابه) اخترت منها هذه الشذرات.
التحيُّز اللغوي
وجد في كل حضارة من يرى أن لغة تلك الحضارة هي أولُ اللغات نشأة، وأن اللغات الأخرى لم تَنشأ إلا متأخرة، وأن تلك اللغة تتفوق على ما عداها: فهي الأجمل والأكمل والأكثر منطقية ......... إلى غير ذلك من الصفات المميِّزة وهي ما اسميناها. أن وجود التحيز اللغوي ليس مقصورًا على فترة تاريخية معينة ولا هو مقصور على متكلمي لغة واحدة، بل هو ظاهرة موجودة في كل المجتمعات وفي كل اللغات وفي كل العصور. وهو يَنبع من أسباب منها العنصرية العرقية، والتحيز الثقافي، والجهل بطبيعة اللغة•
وما يسود في الثقافة العربية عن تميُّز اللغة العربية عن غيرها ليس إلا وجهًا من أوجه ذلك التحيز، وقد ثبت علميًّا أن الاعتقادات والتفسيرات التي تنتج عنه ليست صحيحة، فينبغي تخليص دراسة اللغة العربية منها. كما لا يمكن للبحث اللساني في اللغة العربية أن يتقدم إلا بالتخلي عنها ومقاربة اللغة العربية بوصفها لغة إنسانية تتصف بما تتصف به اللغات الإنسانية الأخرى، ويجري عليها من السُّنن ما يجري على غيرها.
يمكن اكتشاف زيف التحيز اللغوي بكل بساطة؛ وذلك عن طريق النظر في طبيعة اللغات الإنسانية ومقارنتها بعضها ببعض، وفيما يخص اللغة العربية بالنظر في المصادر العربية نفسها التي تبين أن كثيرًا من المعتقدات الشائعة عنها ليس صحيحا.
شابَه الغربيون غيرَهم من الأمم في مظاهر التحيز اللغوي، غير أنهم لم يَكتفوا بالشكل العام لهذه القضية. فبدلاً من الزعم المجرد بتفوق لغاتهم على غيرها أخذوا في القرون الأخيرة بالتنظير لهذا الزعم واستخدام منجزات العلم في التدليل على صحة دعاواهم.
وقد ظهر مؤخَّرًا كتاب عن هذا الموضوع في أوروبا بعنوان: "لغات الجنة: العنصرية والدين والفلسفة في القرن التاسع عشر"، ومؤلفه هو موريس أولندر، ونشر بالفرنسية سنة 1989م وتُرجم إلى الإنجليزية سنة 1992م (3). ومع أن المؤلف يَذكر أن هذا الكتاب ليس إلا صورة أولية لبحث أوسع يقوم به عن هذه القضية، فهو يعطي صورة واضحة عنها في التفكير الأوروبي.
وأَنتجت المقارنات اللغوية بين لغات أوروبا علمًا جديدًا هو "علم اللغة المقارن" الذي أصبح له تقنياته المميزة. على أن أكبر حدث كان اكتشاف اللغوي البريطاني وليم جونز (1746 ـ1794م) الصِّلةَ بين اللغة السنسكريتية، وهي إحدى اللغات الهندية المقدسة القديمة، واللغتين اللاتينية واليونانية. وكان من نتيجة ذلك أن اقترح الباحثون أصلاً واحدًا لها أسموه "أسرة اللغات الهندية الأوروبية".
ويجدر بالإشارة أن كل أمة تعتقد في تفوُّق لغتها وتسرع في عدّ من يتكلمون لغة أخرى بأنهم عاجزون عن الكلام.
تزخر الدراسات العربية في العصر الحاضر بظواهر التحيز التي رأيناها في المصادر العربية القديمة، فلا تخلو كتب التاريخ واللغة والأدب والمجلات المتخصصة وغير المتخصصة والجرائد والندوات والمحاضرات من أنواع التحيز هذه أو بعضها. وتختلف هذه المنافذ بعضها عن بعض في الكيفية التي توجد فيها: فيحوي بعضها هذه التحيزات بصفتها التقريرية المنقولة عن المصادر العربية القديمة ـ وهذا النوع أكثر من أن يحصى ـ أما بعضها الآخر فتظهر فيه على شكل نظريات يُبحث لها عن براهين وشواهد لدعمها.
أما القوانين التي تحكم تغيير الجذور العربية إلى الجذور المقابلة لها في تلك اللغات فهي بتغيير ترتيبها أو بالزيادة عليها أو النقص منها بحسب القوانين الستة الأخرى وهي:
هـ ـ قَلْبُ الجذرِ الثلاثي. وـ قلب الجذر الثنائي. زـ الزيادة في أول الجذر. ح ـ الزيادة في نهاية الجذر. ط ـ إبدال صوت في جذر الكلمة العربية بصوت آخر في الموضع نفسه. ي ـ حذف صوت من بداية الجذر العربي في نظيره غير العربي (155).
ويمكن أن نلحظ هنا أنه لا يَصعب على هذه القوانين تغيير أية كلمة في أية لغة إلى أية صيغة نريدها.
شكرا وبانتظار الردود
القيصري
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[القيصري]ــــــــ[02 - 09 - 2005, 03:45 م]ـ
المقالة اختصار بتصرف لدراسة طويلة -53 ص- بعنوان (التحيُّز اللغوي: مظاهره وأسبابهأ. د. حمزة بن قبلان المزيني أستاذ اللسانيات في جامعة الملك سعود بالرياض)
ـ[علي العمر]ــــــــ[03 - 09 - 2005, 12:47 ص]ـ
أخي القيصري أشكر لك اهتمامك
وأشيد بثقافتك والتحيز مولود مع الإنسان ومن هذا التحيز التحيز اللغوي كما تعلم ويعلم الجميع
ومفهوم التحيز هو الإشادة بلغتي ونقض كل قاعدة للغات الأخرى لكن لم أتكلم عن أي لغة بعينها وإنما تكلمت بحقائق تعلمها ونعلمها جميعاً
وأعلم أن ما ذكرته أنا نوع من أنواع التحيز وما أنا إلا أحد المتحيزين
في انتظار ردودك العلمية ولك احترامي
ـ[القيصري]ــــــــ[03 - 09 - 2005, 09:53 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخ علي العمر
تحية علمية وبعد
فشكرا جزيلا لاطرائكم وكلماتكم التي ان دلت على شي فهي لا تدل الا على اللباقة وحسن الادب والعلم وطبعا مع التحيز ضمن الحدود المعقولة وافضل ان نسميها الغيرة على لغة قراننا وديننا والجنة ان شاء الله جعلنا وجعلكم وامة المسلمين كافة من اهلها.
وانا ايضا من المتحيزين والمشيدين بعظمة لغة القران الكريم وانني اكرر كما كررت سابقا رحم الله الثعالبي واللبيب من الاشارة يفهم. وكيف سندافع عن لغة قراننا ونحن نجهل ابسط المعلومات والحقائق العلمية وما توصلت اليها المكتشفات الاثارية والتاريخية التي تبحث في اصول اللغات القديمة والبائدة و ..... و ..... و ..... و .... والحديثة. طبعا لكل مقام مقال. فعندما يكون الكلام موجها الى الاشخاص غير المختصين فالتحيز جائز (بنظري) اما لو كنا نخاطب اناسا ضليعين وباحثين ومختصين بعلم اللغات او ان اقل ما يقال عنهم انهم يهتمون بعلم اللغات وخصوصا اللغة العربية (اتمنى من الله ان يكون جميع اعضاء وعضوات الفصيح من هذا الصنف مع بعض الاستثناءات) حينها يجب ويجب علينا ان نكون متسلحن بادواتنا العلمية والفقهية والتاريخية و ............ و ..... كافة.
شكرا
القيصري
ـ[البصري]ــــــــ[03 - 09 - 2005, 05:15 م]ـ
وما مقال حمزة المزيني هذا إلا من تحيزه ضد اللغة العربية؛ لأن حمزة المزيني ومن على شاكلته لا يعرفون ما هي اللغة العربية، حتى ولو كان أستاذًا للسانيات، فهو مصاب بعقدة التحقير لكل ما يمت للحضارة العربية، ولن أقول الإسلامية حتى لا أتطاول عليه، مع أنه قد تقيأ في مواطن لم تعد خافية، بكرهه لا أقول لهذا الدين، ولكن لأهله المتمسكين به، فقوله بأن حب اللغة العربية والإشادة بها ينطبق عليه ما ذكره من تحيز كل قوم للغتهم قول مردود عندنا، بأنه شانئ ولا شهادة له ولا لأمثاله من المصابين بعقدة التغرب، ومحبة الحرية والعدل إلا مع عربيتهم ودينهم وبني جلدتهم، نسأل الله أن يخلص لغة القرآن من تجني المزيني وأضرابه عليها، وأن يهديهم ويردهم إلى الحق ردًّا جميلا، إنه جواد كريم.
ـ[علي العمر]ــــــــ[04 - 09 - 2005, 05:27 م]ـ
لا ريب في كون لغتنا متينة ولم ولن تتضعضع وذلك ليس لحفظنا لها ولكن لأن الله تكفل بحفظها عندما حفظ الله القرآن الذي أصبح وعبر الأزمنة إلى يوم القيامة لذا هي اللغة الوحيدة التي تكفل الله بحفظها
فتجد قواميس العالم تتجدد ولغاتهم تتغير للأحسن وللأسوأ إلا لغة الجمال ولغة الضاد وهي لغة الإعجاز لذا لا يخلو أي زمن من الأزمنة من كلاب تنبع.
أشكركما أخوي القيصري والبصري
ولله دركما
ـ[القيصري]ــــــــ[04 - 09 - 2005, 07:25 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخ الفاضل علي العمر
تحية طيبة وبعد
فشكرا جزيلا لاهتمامكم. لم اتسلم الرسالة الخاصة لمشاكل في الحاسوب. ارجو التكرم وارسالها ثانية.
الشكر لله
القسصري
ـ[فصيحه]ــــــــ[13 - 02 - 2006, 11:38 ص]ـ
السلام عليكم
لا أضن أن يختلف اثنان في جمال اللغة العربية، كما لا أعتقد أن يختلف مسلمان في شرف اللغة العربية وعظمتها لأنها لغة القرآن فهذا ما يكفي لتكون اللغة الأقرب للعقل والقلب والافتخار والاعتزاز بأن تكون لغتنا الأم لغة الضاد، لكن كل هذا لا يقودنا بأن نقول أن اللغة العربية هي أفضل اللغات، لأن الجدل القائم حول توقيفية اللغة واصطلاحها لم يحسم، ولا يملك شخص القدرة على حسمه، فان أخذنا برأي أن اللغة توقيف فكل اللغات خلق من مخلوقا الله عز وجل، ونعلم أن اللغة التي نزلت بها الديانات السابقة للإسلام ليست العربية، فلو كانت اللغة العربية هي أفضل اللغات على الإطلاق لنزلت بها كل الديانات، ولو أخذنا برأي أن اللغة اصطلاح فلا نملك أيضا الحق بأن نقول أن اللغة العربية أفضل اللغات لأن اللغات الأخرى قد أدت وظيفة التواصل بين المتكلمين بها كما فعلت اللغة العربية. و أفضل دفاع عن اللغة العربية أن يتقدم المتكلمون بها الصف الأول حضاريا.
ـ[الإقليد]ــــــــ[13 - 02 - 2006, 07:25 م]ـ
لا أضن ( x)
لا أظن
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فصيحه]ــــــــ[14 - 02 - 2006, 02:38 ص]ـ
السلام عليكم
لا أظن أن يختلف اثنان في جمال اللغة العربية، كما لا أعتقد أن يختلف مسلمان في شرف اللغة العربية وعظمتها لأنها لغة القرآن فهذا ما يكفي لتكون اللغة الأقرب للعقل والقلب والافتخار والاعتزاز بأن تكون لغتنا الأم لغة الضاد، لكن كل هذا لا يقودنا بأن نقول أن اللغة العربية هي أفضل اللغات، لأن الجدل القائم حول توقيفية اللغة واصطلاحها لم يحسم، ولا يملك شخص القدرة على حسمه، فان أخذنا برأي أن اللغة توقيف فكل اللغات خلق من مخلوقا الله عز وجل، ونعلم أن اللغة التي نزلت بها الديانات السابقة للإسلام ليست العربية، فلو كانت اللغة العربية هي أفضل اللغات على الإطلاق لنزلت بها كل الديانات، ولو أخذنا برأي أن اللغة اصطلاح فلا نملك أيضا الحق بأن نقول أن اللغة العربية أفضل اللغات لأن اللغات الأخرى قد أدت وظيفة التواصل بين المتكلمين بها كما فعلت اللغة العربية. و أفضل دفاع عن اللغة العربية أن يتقدم المتكلمون بها الصف الأول حضاريا.
ـ[فصيحه]ــــــــ[14 - 02 - 2006, 02:52 ص]ـ
أولا شكرا أخي الاقليد على التصحيح
وثانيا المعذرة لكل من قرأها بالخطأ المدون لدي مشكلة في لوحة المفاتيح وحاولت تعديل المشاركة لكن المنتدى لا يحتوي على هذه الخدمة فاضطررت لإعادة المشاركة وكأني وقعت في خطأين أكرر شكري لك واعتذاري للجميع.
ـ[علي العمر]ــــــــ[26 - 06 - 2009, 05:59 م]ـ
لكل حرف من أحرف العربية خصوصية قائمة بذاتها تستطيع النفس تذوقها دون أن يكلف العقل
نفسه
عناء التفكير في أثر تلك الحروف على النفس، ولكننا لو بحثنا في أصل نشأة اللغة العربية لاكتشفنا أن هناك احتمالا عظيماً لأن تكون لغة سماوية تمت صياغتها على غير أيدي البشر. وأنا لا أجزم بذلك، ولكن من يتتبعْ صياغة الحروف العربية يجدْ فيها عجباً يجعله يشك في إمكانية كونها لغة مجردة توافق عليها جماعة من الناس (العرب)، إذ من الصعوبة بمكان أن يتم هذا التوافق كما لو كان مرسوماً بالورقة والقلم والمسطرة.
وربما كانت الأمثلة على استخدام الحروف متوافقة مع معانٍ تؤديها هي خير دليل على ذلك. فمن المعروف أن أصل الكلمة العربية هي صيغة الفعل الماضي الثلاثي مثل: أكل، شرب، ضرب، زرع. ثم يتم اشتقاق الصيغ الأخرى من ذلك.
ولو أخذنا حرفين من الفعل الماضي الثلاثي لوجدناهما يؤديان معنى واحداً ثابتاً، ثم حين نضيف الحرف الثالث فإنه يحدد ماهية وكيفية هذا المعنى الثابت، وكمثال على ذلك نذكر الحرفين فاء وراء حيث نجدهما يحملان دائماً معنى التباعد وحين نضيف إليهما حرفاً ثالثاً مختلفاً في كل مرة فإن الحرف الثالث هذا هو الذي يحدد كيفية التباعد الذي هو أصل المعنى لاجتماع الفاء بالراء
منقول
للمشاركة
ـ[احمد السنيد]ــــــــ[26 - 06 - 2009, 06:17 م]ـ
اللغة العربية ليست أفضل لغةفقط
اللغة العربية أفضل لغةتكلمها بشر من يوم خلق الله الأرض والسموات للأمور التالية
1 - لغة القرآن
2 - لغة أهل الجنة لو علم الله لغة خير منهالجعلها لغة لأهل الجنة
3 - جعلها الله لغة لآخر الرسل وخاتمهم وأفضل من مشى على الأرض
4 - اللغة الوحيدة التي تحدى الله بها أهلها وجعلها معجزة خير رسله (لغة القرآن)
5 - ثراءها بالمعاني والإيحاءات وروعة التراكيب وبساطتها وروعة تصويرها ولذة معانيها وشذا تذوقها اللغوي
6 - لغة للعبادة
جزاك الله خيرا اخي الكريم والسؤال هل يصح لنا ان نقول ((لوعلم الله لغة ... ))
ـ[أم سارة]ــــــــ[26 - 06 - 2009, 06:18 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خير الجزاء على هذا الطرح القيم
لغتنا الغالية لها قدسيتها، كيف لا وهي لغة القرآن
لكن وللأسف الشديد، هناك اعتداء على الحرف العربي، خصوصا في المنتديات وفي الردود على الهواتف، وفي الإعلانات وفي بعض الصحف.
لا فرق عندهم بين همزة الوصل وهمزة القطع
لا فرق بين الألف المقصورة في آخر الكلمة والياء
لا فرق بين التاء في آخر الكلمة والهاء
أما الخلط بين الذال والدال، والتاء والثاء، والضاد والظاءو ... و .. و .. وغيرهم كثير فحدث ولا حرج
فاللهم رد لغتنا الغالية إلى أصلها ردا جميلا
ـ[أبوزيد الهلالي]ــــــــ[26 - 06 - 2009, 06:48 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
في البداية أحمد الله أنني مسلم وعربي، وكم أنا فخور بأن لغتي هي العربية، التي أكرمها الله بنزول كتابه بها.
لكن ياسادة لدي سؤال محير وهو: ما الدليل على أن لغة أهل الجنة هي العربية؟
بشوق لإجابتكم ...
ـ[علي العمر]ــــــــ[27 - 06 - 2009, 09:57 ص]ـ
الأخ أبوزيد الهلالي
الحمد لله
لم يرد في القرآن أو في السنة الصحيحة – فيما نعلم - بيان اللغة التي يتكلم بها أهل الجنة، والوارد في ذلك حديث لا يصح عن نبينا صلى الله عليه وسلم، وبعض الآثار.
فقد روى الطبراني في الأوسط والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحبوا العرب لثلاث لأني عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي).
وهذا الحديث حكم عليه ابن الجوزي بالوضع، وقال الذهبي: أظن الحديث موضوعا، وقال الألباني في السلسة الضعيفة (رقم 160): موضوع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وكذلك روى أبو جعفر محمد بن عبد الله الحافظ الكوفي المعروف بمطين حدثنا العلاء بن عمرو الحنفي حدثنا يحيى بن زيد الأشعري حدثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب العرب لثلاث: لأنه عربي، والقرآن عربي، ولسان أهل الجنة عربي) قال الحافظ السلفي: هذا حديث حسن. فما أدري أراد حسن إسناده على طريقة المحدثين، أو حسن متنه على الاصطلاح العام، وأبو الفرج بن الجوزي ذكر هذا الحديث في الموضوعات، وقال: قال الثعلبي: لا أصل له، وقال ابن حبان: يحيى بن زيد يروي المقلوبات عن الأثبات، فبطل الاحتجاج به، والله أعلم " انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/ 158).
وروى الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا عربي، والقرآن عربي، ولسان أهل الجنة عربي).
قال الألباني في السلسلة الضعيفة رقم 161: موضوع.
والحاصل أنه لم يرد دليل صحيح يبين اللغة التي يتكلم بها أهل الجنة، ولهذا يتعين السكوت عن هذه المسألة وعدم الخوض فيها وتفويض علمها إلى الله تعالى؛ والانشغال بما يترتب عليه عمل ينفع في تلك الدار.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: بماذا يخاطب الناس يوم البعث؟ وهل يخاطبهم الله تعالى بلسان العرب؟ وهل صح أن لسان أهل النار الفارسية وأن لسان أهل الجنة العربية؟
فأجاب: " الحمد لله رب العالمين لا يُعلم بأي لغة يتكلم الناس يومئذ، ولا بأي لغة يسمعون خطاب الرب جل وعلا؛ لأن الله تعالى لم يخبرنا بشيء من ذلك ولا رسوله عليه الصلاة والسلام، ولم يصح أن الفارسية لغة الجهنميين، ولا أن العربية لغة أهل النعيم الأبدي، ولا نعلم نزاعا في ذلك بين الصحابة رضي الله عنهم، بل كلهم يكفون عن ذلك لأن الكلام في مثل هذا من فضول القول ... ولكن حدث في ذلك خلاف بين المتأخرين، فقال ناس: يتخاطبون بالعربية، وقال آخرون: إلا أهل النار فإنهم يجيبون بالفارسية، وهى لغتهم في النار. وقال آخرون: يتخاطبون بالسريانية لأنها لغة آدم وعنها تفرعت اللغات. وقال آخرون: إلا أهل الجنة فإنهم يتكلمون بالعربية. وكل هذه الأقوال لا حجة لأربابها لا من طريق عقلٍ ولا نقل بل هي دعاوى عارية عن الأدلة والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/ 299).
والله أعلم.
المصدر
http://islamqa.com/ar/ref/83262
ـ[أبوزيد الهلالي]ــــــــ[27 - 06 - 2009, 11:33 ص]ـ
أخي عليًا ...
جزاك الله خيرًا؛ على ما نقلت وجئت به- هنا-.
ـ[علي العمر]ــــــــ[27 - 06 - 2009, 11:40 ص]ـ
الأخت
أم سارة
لاشك فيما تذكرين
فنجد اللغط يملأ الصحف بلا استثناء والأخطاء اللغوية ترتفع من خلال وسائل الإعلان المسموعة والمرئية والمقرؤة
وشكرا ً على التعقيب
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[04 - 07 - 2009, 10:53 ص]ـ
مرحبا بعودتك أستاذ علي.(/)
ما أفضل كتاب قرأته في النقد الأدبي؟
ـ[البحتري]ــــــــ[05 - 09 - 2005, 02:36 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما أفضل كتاب قرأته في النقد الأدبي ألّف في العصر الحديث؟
أما بالنسبة لي
فكتاب (تأريخ النقد الأدبي عند العرب) للدكتور المبدع: إحسان عباس
لماذا؟
لأنه تحدث عن نقد الشعر من القرن الثاني حتى القرن الثامن الهجري.
بيّن بدايته واتجاهته والصراع النقدي حول كثير من الشعراء كأبي تمام والبحتري والمتنبي.
كما ذكر النقد والأثر اليوناني، والنقد وفكرة الإعجاز.
كما أشار إلى كثير من مقالات وآراء النقاد من أمثال شيخ البلاغيين عبدالقاهر الجرجاني والجاحظ و قدامة وابن خلدون والفارابي وابن الأثير وغيرهم الكثير.
..........
ومن أجمل ما قرأت في أسس النقد كتاب (أسس النقد الأدبي عند العرب) للدكتور أحمد أحمد بدوي.
لماذا؟
لأنه تحدث عن النقد وموضوعه.
وعن الأديب بين الموهبة والكسب. وثقافة الناقد، والذوق والنقد بين الذاتية والموضوعيةوالنقد العربي بين التوجية والتسجيل، كما تحدث عن فوائد النقد الأدبي وعن نقد الشعر والمؤثرات فيه وفنون الشعر من ناحية نقدية.
وعن تحقيق النص الشعري، وبناء القصيدة والكلام عن اللفظ والمعنى ومقايسس نقد المعنى ومقايسس نقد الأسلوب وذكر أكثر من عشرين بنداً لهذه القضية.
كما تطرق إلى تقويم الشعراء وذكرَ نماذج نصية كثيرة لنقد الشعر عند العرب.
ثم عرّج في كتابه بالحديث عن نقد النثر وذكر أنواعه، والنثر المثالي عند العرب وبيّن أساليبه وطرقه وختم الكتاب بنماذج من نقد العرب للنثر.
.................................
هذا ما أحببت طرحه لتعم الفائدة ..
وأرجو منكم المشاركة حتى نستفيد من قراءتكم واطلاعكم.
أخوكم البحتري.
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[09 - 09 - 2005, 04:37 م]ـ
السلام عليكم ..
أوافقك الرأي في كتاب التأريخ للنقد الأدبي؛ إذ إن تاريخ النقد الأدبي للدكتور إحسان .. جامع نافع ..
أما بالنسبة للنقد كمنهجية، وكيفية فإني أرى أن كتب د. سعد أبو الرضا رائعة للمتخصص، وغيره ..
ـ[البحتري]ــــــــ[10 - 09 - 2005, 04:39 م]ـ
السلام عليكم ..
الأخت / وضحاء ..
أرجو تزويدي بمعلومات كافية عن هذا الكتاب ...
لأني أودّ إقثناء الكتب المتخصصة في المنهجية والكيفية النقدية.
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 02:54 م]ـ
د. سعد أستاذ كرسي في النقد الأدبي .. وقد تتلمذت على يديه فترة من الزمن ..
من أبرز كتبه التي تحدثت عن مناهج النقد الأدبي: (النقد الأدبي .. مناهجه وأسسه الجمالية) .. تحدث فيه عن مناهج النقد الحديث .. الغربية-الحديثة-، والعربية -القديمة-؛ ولكنه لم يكتف بذلك، وإنما يردف كل منهج بما يراه فيه من حسنات ومساوئ، وكيف انتقل هذا المنهج للعرب، وهل كانت له بذور عربية لدى نقادنا المتفدمين .. (يحاول بذلك أن يؤصل النقد الأدبي عربياً)، وبعد ذلك كله .. يقوم بعرضه على الشريعة الإسلامية .. موضحاً ما يناسبها، وما يخالفها ..
الكتاب من القطع المتوسط .. لكنه جدير بالاقتناء ..
وللدكتور أيضا كتب أخرى .. وجميعها تباع في مكتبة الرشد ..
وإن شئت أن أعرض كتباً أخرى أراها متميزة في مجال النقد .. بعيدا عن فلسفة بعض النقاد وهرطقاتهم .. فلك مني ذلك ..
ـ[جلاء الأفهام]ــــــــ[24 - 09 - 2005, 08:34 ص]ـ
الإخوة الأكارم
أعتقد أن ما أوردتموه من مؤلفات هي في تأريخ النقد .. وليست في النقد
وبرأيي أن أفضل ما وقفت عليه من مؤلفات نقدية هو كتاب الأستاذ الكبير الراحل أحمد بن محمد الشامي (مع الشعر المعاصر , نقد وتأريخ) ..
وكل مؤلفاته مفيدة وتقدم قراءة جديدة في النقد ..
تحيتي لكم ,,,
ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 07:43 م]ـ
كتب دريدا
وجان جينيه
وكتاب عن النقد الثقافي للغذامي
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 08:15 م]ـ
كتب دريدا
دريدا!!!!
كنت ولا زلت أعتقد أن به لوثة في عقله بسبب ما قرأت له ..
الناس أذواق!
لولا اختلاف الناس لبارت النظريات النقدية!
ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 08:53 م]ـ
دريدا!!!!
كنت ولا زلت أعتقد أن به لوثة في عقله بسبب ما قرأت له ..
الناس أذواق!
لولا اختلاف الناس لبارت النظريات النقدية!
وضحاء
قذف الكلام جزافا ليس له شان كبير علميا
هات ماتقولين انه لوثه من دريدا
انتظرك وساعد ملفا عنه
:)
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 09:00 م]ـ
من يقرأ ما قاله عن التفكيكية .. وما درسته أثناء الدراسة يجعل محاضرات التفكيكية -بالنسبة لي- فترة راحة، وضحك على بعض العقليات ..
بعض النقاد يحاول أن يخرج بنظرية .. مهما كانت .. المهم نظرية!
أريد منك -ولتكن بمقام الأستاذ الآن فقط- لتشرح لي شرحا مفنعا عن تفكيكية جاك .. ربما أكون قاصرة أنا وفهمي وأستاذي ..
أو - إن شئت- حلّل لي نصاً أو انقده على هذا المنهج -المسمى جزافا منهج- ربما أغير نظرتي ..
علّني أكون طالبة نجيبة ..
قال قائل من الكتاب: فكّك الله جسد دريدا بالسرطان كما فكّك النص .. ربما هي عقوبة:)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 11:13 م]ـ
دريدا وهذا راي خاص اثرى الساحه النقدية
بدراسات قد لاتكون مناسبه لنا
العقليه الشعرية والادبية العربية تختلف حتما
لذا اصل الى ان الشرح لن يكون له فائدة مالم يؤخذ بعين الاعتبار
عدم توازي كثير من الاطروحات معنا
انيقة الحضور وضحاء
دمت
ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 11:14 م]ـ
اضافة:
الهدم ليس التفكيك
والانتقاص من اللغة ليس الحداثة
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[24 - 10 - 2005, 12:45 ص]ـ
دريدا وهذا راي خاص اثرى الساحه النقدية
بدراسات قد لاتكون مناسبه لنا
العقليه الشعرية والادبية العربية تختلف حتما
لذا اصل الى ان الشرح لن يكون له فائدة مالم يؤخذ بعين الاعتبار
عدم توازي كثير من الاطروحات معنا
انيقة الحضور وضحاء
دمت
الفاضل محمد ..
أنا سؤالي واضح!
أنا أناقشك في نظرية دريدا ودراساته، بعيدا عن كونها مناسبة لعقليتنا العربية -كما تقول-، أو غيرمناسبة ..
ثم كيف تحكم علي بأني لن آخذ شرحك بعين الاعتبار ..
أنا نصّبتك أستاذا .. لتشرح لي، وصدّقني سأكون طالبة نجيبة، ومطيعة .. وكلي آذان صاغية لك ..
لو كان الأستاذ يفكر أو يقول كما تقول .. لما تعلّم أحد!
بانتظار شرحك .. النظري والتطبيقي إذا تكرمت ..
بعيدا عن أنها مناسبة .. أو أني لن آخذه بعين الاعتبار,, (وهذا اتهام طاعن في تلمذتي:))!
سأنتظر الشرح بكل شوق ..
ـ[زيد الخيل]ــــــــ[28 - 10 - 2005, 11:50 م]ـ
السلام عليكم
الاخوة الاغزاء تحية طيبة وبعد
لقد قرأ ت تعليقاتكم الرائعة واسهاما منى لكم فى هذه القضية التى اثرتمها هذه بعض عناوين الكتب النقدية:
النقد المنهجى عند العرب للدكتور محمد مندور
النقد الادبى للدكتور مصطفى طه أبو كريشة
الشعر ومذاهبه للدكتور شوقى ضيف
أثر القران فى النقد الادبى للدكتور محمد زغلول سلام
تاريخ النقد الادبى و البلاغة حتى القرن الرابع الهجرى للدكتور محمد زغلول سلام
النقد الادبى عند عبد القاهر الجرجانى للدكتور قليقلة
نشأة النقد الادبى عند العرب حتى نهاية القرن الهجرى الاول للدكتور أحمد يوسف
وغيرها الكثير من المؤلفات التى تثريها مكتبتنا العربية
ووعد منى سوف انشر كتاب فى النقد الادبى ان شاء الله
فارس العربية الخـ زيد ـــــــيل
ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[30 - 10 - 2005, 02:17 ص]ـ
حسنا وضحاء
انا لست ناقد حتى امارس مافهمت من دريدا على نص شعري او ادبي
لكن ثقي انني اعي مااقول ياتلميذتي
أنه اثرى الساحه النقدية قبل موته بشكل كبير
اليك موقعه:
http://membres.lycos.fr/farabi/
شكرا لوعيك
ـ[صالح بن سعد بن حسن المطوي]ــــــــ[30 - 10 - 2005, 04:06 ص]ـ
بل أنت ناقدا يا محمد
فمن يفهم النص جيدا يعرف النقد
و ما النقد إلا فهم النص و تحليله وتقويمه
وهذا ماقلته في كلامك
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[30 - 10 - 2005, 07:33 م]ـ
حسنا وضحاء
انا لست ناقد حتى امارس مافهمت من دريدا على نص شعري او ادبي
لكن ثقي انني اعي مااقول ياتلميذتي
أنه اثرى الساحه النقدية قبل موته بشكل كبير
اليك موقعه:
http://membres.lycos.fr/farabi/
شكرا لوعيك
1 - الرابط الذي وضعته لا يعمل ..
2 - سأتحدث حسب كلامك في هذه النقطة: إن لم تكن ناقدا يا أستاذ، سأعفيك من مسألة التطبيق وأكتفي بالنظري. لذا أنا بانتظار الشرح النظري.
3 - سأتحدث حسب الواقع: كل من يقرأ ويفهم ويستوعب -كما قلت عن نفسك في نظرية دريدا- سيكون قادرا ومتمكنا من تطبيق ما وعاه على أي نص! و لذا، انظر كيف يتعلم الطلاب النظريات -أيا كانت- ويطبقونها، وهم مجرد تلاميذ؛ فكيف بك يا أستاذ؟!
4 - أنا معك في أن دريدا أثرى الساحة النقدية، بل هناك من يملأ الساحة زوابع وزلازل، ولكننا نكتشف أنها مجرد سراب، كما هو عند دريدا.
شكرا لك .. ولكل من تابع، وشارك.
ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[30 - 10 - 2005, 11:00 م]ـ
بل أنت ناقدا يا محمد
فمن يفهم النص جيدا يعرف النقد
و ما النقد إلا فهم النص و تحليله وتقويمه
وهذا ماقلته في كلامك
سأفترض انه تشجيع وتحريض
ومجاملة لطيفة
دمت وارفا مديدا
:)
ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[30 - 10 - 2005, 11:39 م]ـ
1 - الرابط الذي وضعته لا يعمل ..
2 - سأتحدث حسب كلامك في هذه النقطة: إن لم تكن ناقدا يا أستاذ، سأعفيك من مسألة التطبيق وأكتفي بالنظري. لذا أنا بانتظار الشرح النظري.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - سأتحدث حسب الواقع: كل من يقرأ ويفهم ويستوعب -كما قلت عن نفسك في نظرية دريدا- سيكون قادرا ومتمكنا من تطبيق ما وعاه على أي نص! و لذا، انظر كيف يتعلم الطلاب النظريات -أيا كانت- ويطبقونها، وهم مجرد تلاميذ؛ فكيف بك يا أستاذ؟!
4 - أنا معك في أن دريدا أثرى الساحة النقدية، بل هناك من يملأ الساحة زوابع وزلازل، ولكننا نكتشف أنها مجرد سراب، كما هو عند دريدا.
شكرا لك .. ولكل من تابع، وشارك.
1 - الرابط يعمل وهو بعده لغات تأكدي
2 و 3 و 4 ساجيب عليها دفعه واحده:
**
قبل كل شيء سأقول أنني مجرد متذوق ومغرم بمافعله دريدا واني عدت لبعض المراجع , سأقول عنه باعتباره ناقدا وليس فيلسوفا كما في الموقع , دريدا ياعزيزتي وضحاء تجاوز مسألة النص بمعناه الادبي الى صنع ورشة علمية وكان باشلار قد فعل من قبله / الحديث عنده عن النص المفتوح و موت المؤلف والتأويل لم يكن سوى هامشا لما اراد ان يصل له ,
اتمنى في هذا الامر قراءة كتاب اسمه النقاد العرب ودريدا ومدى افادتهم منه عن المؤسسة العربية بلبنان
دريدا ياوضحاء هو الاب الروحي للتقويضيه او مايسمى التفكيكية انا لن اقول اني ادافع عن احد لكن سأقول انني مع دريدا ولست معه اولا: لاننا لانستطيع ان نقبض على جاك دريدا تماما فهو يرفض تفسير مايفعل لكنه يمنطقه
يرفض ان يكون معنى التفكيكية هي الهدم او التدمير وبالتالي كان معجبوه يحبونه لكنهم مختلفين هل هذه ألسنيه ام فلسفة لغوية أم نظرية أدبية , ولعل كتبات بعض من حاول تفسير ذلك عن دريدا اساءت له ولفكره.
دريدا كما اعرف كان يرفض اسم التفكيكية وهذا لابد ان نضعه بالحسبان وانه اسم الصق به.
النص واللغة لدى دريدا ومفهوم واسع يتعلق بنظريات الاتصال والمرئي واللامنطوق ومفهوم الكتابة من الصفر كما عند احد أخر وجدناه لدى دريدا الكتابة كجسد مستقل ككيان لاعلاقه له بالموروث او المتراكم بداخلنا من المعارف
** لاشيء خارج النص لقد تتابع عمل جاك دريدا النظري عبر التساؤل حول بعض "الأمكنة" الاستراتيجية للنص المكتوب ... وجعل الكثير من الدور داخل النص للمتلقي ان يصنع شيء من عمليه الارسال
**التفكيكه سيدة وضحاء لاتعني بالادبي فقط لا فهي تطول القانون والاعراف وكل نص قابل للتأويل والمصاهرة كما يعبر دريدا نفسه بمعنى آخر "ان المواضيع التي تشغل التفكيكية لا تقتصر على تلك التي تحفظها المكتبات أوالمتاحف
السياسه موجوده في كل اعماله وكتب دريدا عن العنصريات والانسان والمراة وحقوقها بفرنسا ةالمغفرة والصداقه انها أشكال التزام متصالحة مع التفكيكية ...
يطلقون عليه سارتر مابعد الحداثة
هو نجم الفلسفه الحديثه دون منازع مع اني احيانا قد لاتعجبني بعض اطروحاته
وضحاء سيدتي .. هل دريدا سراب؟
ملاحظة: ارفض تسميتي استاذا
ـ[معالي]ــــــــ[30 - 10 - 2005, 11:52 م]ـ
محمد ... وضحاء
إلى أين يسير بكما دريدا وعبثه التفكيكي (إن جازت النسبة)؟؟!!!
أرى الموضوع الأصلي استحال إلى نقاش حول دريدا ... ولا عزاء لأخينا (البحتري) ....... > مجرد دعابة
على كل ..
أتابعكما بكثير كثير من المتعة ..
بانتظاركما!
فيض تحية!
ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[30 - 10 - 2005, 11:57 م]ـ
معالي انا اقترح فصل الموضوع
حتى لانكون قد تجاوزنا موضوع العنوان
طبعا بالاتفاق مع الاصدقاء
شكرا معالي
ـ[صالح بن سعد بن حسن المطوي]ــــــــ[31 - 10 - 2005, 12:34 ص]ـ
التفكيكبة سلاح ذو حدين
و أكثر النقاد لا يعرفون منهجية التفكيكية
فهل نتمتع من كرمكم وتجودوا علينا في شرحها البسيط وتقسيماتها
وتطبيقاتها
لأن علينا دراسة الفكرة وحيويتها وآلاتها و أدواتها
قبل دراسة الأفراد
الأخ محمد الغامدي
ماكتبته عنك تقرير واقع من دراستي لنصك قبل أن يكون تشجيعا
أخت معالي عرفتك من نصوصك أنكي تظهري أقل مما تبطني
فتكرمي و أكشفي لنا حجاب التجاهل
فبك وبالغامدي نستطيع أن نتلمس طريقنا
ـ[معالي]ــــــــ[31 - 10 - 2005, 06:05 ص]ـ
أخت معالي عرفتك من نصوصك أنكي تظهري أقل مما تبطني
فتكرمي و أكشفي لنا حجاب التجاهل
فبك وبالغامدي نستطيع أن نتلمس طريقنا
(تظهرين أقل مما تبطنين)!!!!!
(اكشفي لنا حجاب التجاهل)!!!!!!!!!
(نصوصك)!!!!!!
ماذا يعني أخونا المطوي؟؟!!!!!!!!!
ـ[معالي]ــــــــ[31 - 10 - 2005, 06:08 ص]ـ
أخت معالي عرفتك من نصوصك أنكي تظهري أقل مما تبطني
فتكرمي و أكشفي لنا حجاب التجاهل
فبك وبالغامدي نستطيع أن نتلمس طريقنا
(تظهرين أقل مما تبطنين)!!!!!
(اكشفي لنا حجاب التجاهل)!!!!!!!!!
(نصوصك)!!!!!!
ماذا يعني أخونا المطوي؟؟!!!!!!!!!
ـ[صالح بن سعد بن حسن المطوي]ــــــــ[31 - 10 - 2005, 08:24 م]ـ
أختي معالي
أقصد أنكي لم تظهري حتى الآن
ما تعلمين في علم النقد
وتلمست من نصوصك أن لديكي وجهه نظر مغايرة ومبتكره
في التفكيكيه
لذلك سألت قبل كلامي هذا عن فكرة التفكيكية
ومنهجيتها وكيفيه آلاتها وتطبيقاتها
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[معالي]ــــــــ[31 - 10 - 2005, 08:37 م]ـ
أخي الكريم
بضاعة أختك مزجاة ... مزجاة ... مزجاة
بانتظار أخوينا وضحاء والغامدي لنفيد من طرحهما
فيض تحية
ـ[صالح بن سعد بن حسن المطوي]ــــــــ[31 - 10 - 2005, 08:44 م]ـ
و لا ننسى آخانا محمد الغامدي
فالنصوص التي كتبها تدل على معاناه حقيقيه في النقد ومناهجه وتطبيقاته
ومع كثرة المداولة مع هذا الفن وتراثه العلمي والإجتماعي والديني خلصت له تجربة
فريدة ولعلي لا أبالغ أن شبهت دريدا بنزار و محمد الغامدي بعبدالرحمن بن مساعد
فلقد تطور أسلوب ومنهج وفن نزار إلى الشكل الراقي و أعتبر أن نزار كان المدرس الأول
لمدرسة عبد الرحمن بن مساعد
لكن محمد مازالت خطواته الأولى مقيدة من تردده ومع كل الأسف لا يعطي نفسه حقها
فعليه أن يثق بما لديه من ملكة
و الله سبحانه له الحمد أعلم
ـ[صالح بن سعد بن حسن المطوي]ــــــــ[31 - 10 - 2005, 08:48 م]ـ
أختي الكريمة
قد تكون لديكي مزجاة
وقد تكون عند غيركي منجاة
ـ[معالي]ــــــــ[01 - 11 - 2005, 10:34 م]ـ
شكرًا لحسن ظنك رغم أنك أسرفت
لكن
أين وضحاء ... ومحمد؟؟؟؟؟!!!!!
فيض تحية
ـ[صالح بن سعد بن حسن المطوي]ــــــــ[02 - 11 - 2005, 08:16 م]ـ
لم أسرف
و وضحت شخصية أخينا محمد
أما أختنا وضحاء فهي عملية
وتملك منهجية فكرية وعقلية منظمة
و تعرف ماتريد كما تعرف حدود قدراتها
و هي كالصقر لا تفوت فرصتها أبدا
تملك دينامكية في العمل والبحث
و سرعة التعلم عندها قوية وسريعة
و الله سبحانه له الحمد أعلم
ـ[معالي]ــــــــ[02 - 11 - 2005, 09:51 م]ـ
الأخ المعطاء صالح
لك إلمام واضح بتحليل الشخصيات .. أشيد به كثيرًا!
لكن أخي الكريم
حينما تساءلت عن وضحاء ومحمد لم أكن أقصد طلب تحليل لهما
وإنما كنت أبتغي أن يواصلا النقاش الجميل الذي أمتعانا به كثيرًا!!
فيض تحية
ـ[صالح بن سعد بن حسن المطوي]ــــــــ[02 - 11 - 2005, 10:06 م]ـ
و أنا معك يا أختاه
ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[03 - 11 - 2005, 02:13 ص]ـ
شكرا لمن سأل , وامنياتي لكم بعيد سعيد ومليء بالحب والسلام ...
الى أن ترجع وضحاء الى النقاش هذا اذا لم تكن قد اكتفت بما قلت في آخر مداخله ,
أتوقف مع ماجاء هنا (عني) ,
** استغرب تشبيه نزار وهو شاعر بدريدا وهو ناقد
**واستغرب تشبيه بن مساعد بي .. فنا اكتب نصا فصيحا جديدا وبن مساعد يكتب نصا محكيا (نبطي).
ومع ذلك شكرا للمجامله اللطيفة من الاخ صالح.
** شكرا لسؤال (معالي) .. وأتمنى ان ترى بصمتها على الموضوع كما اشار الاخ صالح في مداخلته
دمتم وارفين مديدين.
وشكرا
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[03 - 11 - 2005, 08:25 ص]ـ
شكرا للمتابعين .. وللمشاركين ..
ولكن سأنقطع - وعذرا منكم- لأيام معدودة ..
وسأعود لنكمل نقاشنا المثري بإذن الباري سبحانه
ـ[معالي]ــــــــ[03 - 11 - 2005, 02:21 م]ـ
بانتظاركـ أيتها الغالية ومحمد
فيض تحية
ـ[الهذلي]ــــــــ[11 - 11 - 2005, 03:10 ص]ـ
هل النقد مقدس أكثر من النص؟
لا.
بالنسبة لي لا أحب من نقد الفلاسفة سوى المعري.
الناقد إذا لم يكن مبدعا سيكون مؤلما جدا، كما قيل "أكثَر الحز، وأخطأ المفصل".
كم من النصوص اختطفت على أيدي "النقاد" وأرغمت على حمل بيانات لا تحتملها ولا تتحملها!
ـ[معالي]ــــــــ[11 - 11 - 2005, 08:45 ص]ـ
هل النقد مقدس أكثر من النص؟
لا.
بالنسبة لي لا أحب من نقد الفلاسفة سوى المعري.
الناقد إذا لم يكن مبدعا سيكون مؤلما جدا، كما قيل "أكثَر الحز، وأخطأ المفصل".
كم من النصوص اختطفت على أيدي "النقاد" وأرغمت على حمل بيانات لا تحتملها ولا تتحملها!
أختلف معك بعض الشيء أخي الهذلي
لعل لي عودة_آمل أن تكون قريبة_ لبيان شيء أود بيانه!!
فيض تحية
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[14 - 11 - 2005, 04:19 ص]ـ
السلام عليكم جميعا ..
هأنذي قد عدت، وعذرا على انقطاع النقاش ..
الأخ الفاضل محمد: سأرد على حديثك بعدما جعلته في أقواس
تقول -حفظك الله-:
(سأقول عنه باعتباره ناقدا وليس فيلسوفا كما في الموقع)
(يُتْبَعُ)
(/)
من يعرف دريدا يا أستاذ محمد يعرف أنه فيلسوف أكثر من ناقد أدبي، ولقد قال أستاذنا د. صلاح فضل مقولة رائعة: (اعتمد دريدا على تفجير البعد الفلسفي الطاغي في تناوله لأنواع الخطاب مما يجعل النقد لديه مرتبطا بالدرجة الأولى بمفهومه العام قبا أن يكون مرتبطا بالنقد الأدبي على وجه الخصوص). لله دره لقد أصاب كبد الحقيقة في سطرين.
(دريدا ياعزيزتي وضحاء تجاوز مسألة النص بمعناه الادبي الى صنع ورشة علمية وكان باشلار قد فعل من قبله / الحديث عنده عن النص المفتوح و موت المؤلف والتأويل لم يكن سوى هامشا لما اراد ان يصل له ,)
ليس حديثه عن هذه فقط هو ما كان هامشاً، إنما حديثه في النقد الأدبي جلّه .. أفضل لو بقي دريدا فيلسوفا فقط .. ربما كان خيرا له.
(دريدا ياوضحاء هو الاب الروحي للتقويضيه او مايسمى التفكيكية)
ولهذا أيها الفاضل سأتحدث عنه أكثر من غيره في حديثي عن التفكيكية.
(لاننا لانستطيع ان نقبض على جاك دريدا تماما فهو يرفض تفسير مايفعل لكنه يمنطقه يرفض ان يكون معنى التفكيكية هي الهدم او التدمير وبالتالي كان معجبوه يحبونه لكنهم مختلفين هل هذه ألسنيه ام فلسفة لغوية أم نظرية أدبية , ولعل كتبات بعض من حاول تفسير ذلك عن دريدا اساءت له ولفكره.)
هل منطقته لما يفعل أعطتنا شيئاً واضحاً؟ معجبوه أنفسهم فضلا عن معارضيه اختلفوا حول ما يكتب، ويمنطق، ويؤلف؛ لأنه أوقعهم في حفرة كبيرة من الغموض والفلسفة التي تفسد الأدب تماماً.
(لدى دريدا الكتابة كجسد مستقل ككيان لاعلاقه له بالموروث او المتراكم بداخلنا من المعارف)
أنا أوافقه في جعل الكتابة جسداً مستقلاً بعيداً عن كل شيء .. حتى فلسفته، سنجعل الكتابة مستقلة أيضا عما يدعو له من الهدم للنص الأصلي بمعول القراءات النقدية للنص .. هذا هو منهجه! فكيف يدعو لاستقلال الكتابة بينما هو يفسدها بما يأتي بعدها من نقد؟!
(اتمنى في هذا الامر قراءة كتاب اسمه النقاد العرب ودريدا ومدى افادتهم منه عن المؤسسة العربية بلبنان)
للأسف الشديد لم أطّلع على الكتاب، وإن كنت استقيت هذا المنهج من كتب أخرى ذيلت مشاركتي بها. إن كان هناك شيء آخر فيه، أتمنى تزويدنا به هنا.
(وجعل الكثير من الدور داخل النص للمتلقي ان يصنع شيء من عمليه الارسال
.. )
أرجو أن تمعن النظر في هذا .. أليست الكتابة مستقلا؟! أين استقلالها ما دام المتلقي يتدخل في داخل النص المستقل!! زعم!!!!
(. **التفكيكه سيدة وضحاء لاتعني بالادبي فقط لا فهي تطول القانون والاعراف وكل نص قابل للتأويل والمصاهرة كما يعبر دريدا نفسه بمعنى آخر "ان المواضيع التي تشغل التفكيكية لا تقتصر على تلك التي تحفظها المكتبات أوالمتاحف السياسه موجوده في كل اعماله وكتب دريدا عن العنصريات والانسان والمراة وحقوقها بفرنسا ةالمغفرة والصداقه انها أشكال التزام متصالحة مع التفكيكية ... )
أنا لا أريد إلا حديثه عن النقد الأدبي للخطاب، ولا يهمني في هذا الموضوع غيره .. وليست التفكيكية فقط هي من تناول علوما أخرى غير الأدب، سبقتها البنيوية في ذلك!
(هو نجم الفلسفه الحديثه دون منازع مع اني احيانا قد لاتعجبني بعض اطروحاته)
هنا أتفق معك كثيرا إذ هو فيلسوف حداثي كبير، ولكن ليس من يتميز في الفلسفة لا بد من أن يبرع وينجح في النقد .. هذا الفرق الذي أتمنى منك أن تقتنع به.
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[14 - 11 - 2005, 04:21 ص]ـ
الأستاذ الفاضل صالح المطوي ..
(التفكيكبة سلاح ذو حدين)
ممكن أن توضح ما تقصده بذلك؟ وما هو حدا هذا السلاح؟
(أكثر النقاد لا يعرفون منهجية التفكيكية)
هل قلت هذا لأنها قليلة التطبيق؟ الكثير يعرف التفكيكية، ولكن من يؤمن بها كمنهج نقدي صالح لتحليل النصوص فهم قلة قليلة.
(علينا دراسة الفكرة وحيويتها وآلاتها و أدواتها قبل دراسة الأفراد)
أنا معك في هذا، ولكن أبو التفكيكية (دريدا)، وإن كان هناك من سبقه، إلا أنه الذي وضع أغلب آلياتها، واشتهرت مرتبطة معه.
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[14 - 11 - 2005, 04:24 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
لعل من المهم أن نعرف أن السبب الرئيس لظهور التفكيكية هو فشل المنهج الذي سبقها –وهذا غالبا ما يكون سببا في نشأة المناهج النقدية-؛ فالبنيوية فشلت في تقديم مشروع علمي مقنع لدراسة الأدب؛ إضافة لافتقاد البنيوية إلى شمولية التطبيق فما يصلح أن يطبق على نص ما قد لا يصلح لغيره.
من آليات التفكيكية:
يرى دريدا أن كل محاولة لإرجاع النص متعدد المعنى إلى بنية تحافظ على معنى واحد؛ فإن المحاولة محكوم عليها مباشرة بالفشل.
الحضور والغياب:
حينما يوافق دريدا على ما وضعه البنيوي (دي سوسير) في مسألة تداخل الوحدات اللغوية؛ فإنه يرفض بشدة الاكتفاء بالحضور، وإنما لا بد من الغياب!! فما الذي يريده دريدا؟
يريد أننا إذا قلنا أي كلمة، مثلا: (قلم)؛ فإننا نستطيع تحديد قيمتها بصورة معينة نقصد بها قلم معين، إلى هنا ونحن معه، ولكنه لا يكتفي بذلك إنما يريد أن يدخل الغياب؛ فلا نكتفي بالقلم صاحب القيمة الحاضرة، وليكن (قلم أزرق)؛ بل يريد أن يدخل كل الأقلام باختلافها، الموجود منها والغائب، بلا انقطاع وإلى مالا نهاية؛ مُحدثاً بذلك تفتيتاً للحضور أو تماثل المعنى! فالمعنى ليس حاضراً، بل مُرجأ –كما يحب أن يسميه دريدا في كتابه (مواقف position)-. وهو بذلك يطبق ميتافيزيقيا الحضور التي من المفترض أن لا يزج بها في النقد لأي نوع من أنواع الخطاب، إنما لها أن تبقى في الفلسفة فقط، ومتى ما أُدخلت الميتافيزيقيا في الأدب، أحالته إلى غموض وإبهام ممجوج.
اللعب الحر بالدوال:
فقد اتسعت الفجوة بين الدال والمدلول بفك الارتباط بينهما –ومصطلح فك الارتباط هو أساس التفكيكية-،لتحدث الدلالات المراوِغة الناتجة من اللعب الحر بالدوال. وإذا حدث ما قلته سابقا نتجت لنا فوضى عارمة مشكِّكة في كل ما حولها من وحدات لغوية، ومن ثم لا نهائية للدلالة والمعنى فتصبح كل قراءة للنص تفسد ما قبله، فالقراءة الأولية تفسد النص الأصلي، وما بعدها تفسد ما قبلها، وهكذا دواليك يريدون بذلك إخصاب معنى النص ودلالاته .. حتى لا يكون هناك مركز ثابت يتحقق فيه المعنى! فاستراتيجية التفكيك تدعو إلى هذا اللعب –الذي أفضل تسميته عبثا! -.
لغة النقد:
الاهتمام بالنقد أكثر من النص نفسه، فيحرص نقاد ما بعد الحداثة على إبداعية وأدبية لغة النقد، حتى أن بعضهم سمى النقد (ميْتا لغة) أي فوق اللغة! وهذا يتوافق مع يراه التفكيكيون في مسألة (الاختلاف)؛ والتي يقصدون بها اختلاف -أو تعدد- القراءات التي أشرت لها أعلاه. إلا أن هذا يؤدي إلى التكلف الذاهب بالنصوص والقراءات إلى الغموض والإبهام .. مما يُبعد المتذوق القارئ عن هكذا نصوص شُوِّهت بقراءة أمثال هؤلاء.
القصدية:
ينفي التفكيكيون قصدية المبدع في كتابته لنصه، ويحيلونها إلى قصدية القارئ! وهم ممن اعتمد نظرية موت المؤلف المجحِفة لحق المبدع في نصه، ومغالية في الترحيب بالقارئ والناقد للنص.
أخيرا نخلص إلى أنه لا يسيطر على هذه الاستراتيجية سوى الشك في كل شيء، و لم أجد لها عذرا في ذلك إلا أنها نشأت في عصر الشك! و يا له من عذر واهٍ.
للأمانة .. فقد استفدت منها:
1. التفكيكية (دراسة نقدية) Par Pierre v. Zima ترجمة: أسامة الحاج.
2. النقد الأدبي الحديث أسسه الجمالية، ومناهجه المعاصرة أ. د. سعد أبو الرضا.
3. مناهج النقد المعاصر د. صلاح فضل.
ـ[معالي]ــــــــ[14 - 11 - 2005, 08:19 ص]ـ
نقاش رائع وثري ..
محمد .. وضحاء
شكرًا لكما .. ألقيتما حجرًا في مياه راكدة ..
باقية في مكاني بالصف الأول أتابع باستمتاع كبير!
بانتظاركما
فيض تحية
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[14 - 11 - 2005, 06:36 م]ـ
ولكن التلميذ النجيب يا عزيزتي لا يبقى في الصف الأول مكتف اليدين!! (:
بل يناقش أساتذته ويشاكسهم ..
ننتظر رأيك معالي ..
وأنتظر أستاذي محمد
ـ[معالي]ــــــــ[15 - 11 - 2005, 07:27 ص]ـ
وضحاء
من قال لك إنني تلميذة نجيبة؟؟!!
لم يَصْدُقوكِ من قالوا لك ذلك!!
فيض تحية
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[15 - 11 - 2005, 08:00 ص]ـ
لا يكون في الصف الأول من قاعة الدرس إلا النجباء .. (:
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[15 - 11 - 2005, 08:09 ص]ـ
هل النقد مقدس أكثر من النص؟
لا.
بالنسبة لي لا أحب من نقد الفلاسفة سوى المعري.
الناقد إذا لم يكن مبدعا سيكون مؤلما جدا، كما قيل "أكثَر الحز، وأخطأ المفصل".
كم من النصوص اختطفت على أيدي "النقاد" وأرغمت على حمل بيانات لا تحتملها ولا تتحملها!
النقد إذا كان مقدساً أكثر من النص ضاعت العملية الإبداعية، وهذا للأسف ما حصل من بعض أصحاب ما بعد الحداثة؛ حينما جعلوا السلطة للمتلقي (قارئا وناقداً) بعد أن كانت للنص -كما في البنيوية-، ومن قبله للمبدع نفسه -كما هو في المناهج النقدية القديمة كالاجتماعي، والتاريخي، وغيره.
الفلاسفة كثيرا ما يمنطقون، ويؤدلجون النصوص، مبعدينها عن المجال الإبداعي المحلّق؛ لذا أتمنى أن يبقوا في فلسفتهم بعيدا عن الأدب.
والنصوص إذا اختطفت، ربما تحمّل غير ما يُقصد بها، ولكن في ذلك -أحياناً- إثراء للنص بشكل مدهش وجميل، بشرط الابتعاد عن شخصنة النص، أو محاولة إدانة صاحبه عن طريقه ..
شكرا على الإثارة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[معالي]ــــــــ[15 - 11 - 2005, 08:16 ص]ـ
صدقيني وضحاء
الصف الأول يضم أولئك وأولئك!!!
أقولها عن تجربة ومعايشة!
ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[19 - 11 - 2005, 08:05 م]ـ
شكرا لسؤالك معالي
وساعود للاستاذه وضحاء التي طرحت طرحا جميلا
مع اختلافي على الكثير مما جاء فيه
لي عودة ولي منكما عذر التأخر
وللاخوة و هنا سلام ومودة
ـ[صالح بن سعد بن حسن المطوي]ــــــــ[20 - 11 - 2005, 01:09 م]ـ
الأخت الفاضلة وضحاء
التفكيكية سلاح ذو حدين:
إذا كان مدعيها لا يعرف المنهجية فتصبح بذلك عبثية
و تخرجك من عالم النص إلى عالم الهلوسة الثقافية
النقد هو محاولة فهم النص أو كاتبه
فمحاولة فهم النص عن طريق تفكيكه ووضع النصوص وأشباهها
في وحدة موضوعية واحدة مع دراسة الأساليب والصيغ الكتابية للنص
فلكل كاتب مفرداته و أسلوبه في كتابة النص فهي بصمة روح كاتب النص
و الدالة عليه ومنه نعرف أن فلانا صاحب النص أو فلانا قلد فلانا في هذا النص
وكذلك يجري على الفكرة وتطورها وعلى الصياغة و التصوير والبلاغة الأدبية .............................
أما دراسة كاتب النص فيحتاج دراسة كل أعماله وفق المنهج الزمني
ودراسة المجتمع والعصر الذي عاش أو يعيش فيه
ودراسة ما يستشف من تاريخه وثقافته والمحطات المؤثرة علية
سواء كانت مادية أو نفسية أو حضارية
فالنقد التفكيكي يستلزم من الناقد ثقافة عالية جدا وموسوعية
مع نظام منهجي في الدراسة
وهذا مع الأسف غير متوفر إلى ندرة
فلذلك يهيم دريدا وغيرة في هلوسة النص وكاتبة
لا بأس بفلسفة النص إنما وفق منهجية من مقدمات صحيحة
إلى نتائج إيجابية في الفهم
كما لا يستطيع الناقد في فهم نفسية الكاتب إذا لم يكن لدية إلمام بعلم النفس وهكذا
ومع الأسف معظم الذين يتكلمون في النقد مجرد بغبغاوات
إن من يحمل قلم النقد يجب أن يكون بنفسه مبدعا له شخصيته الخاصة في النقد
فلذلك أختي وضحاء أريد أن نضع النقاط على الحروف
ونراجع المنهج التفكيكي من جديد ونراجع التطورات التي حصلت في
كثير من أساليبه لأن أصل التفكيكية هو علم النقد النصوص
و إذا لم ننقد هذا العلم ونطوره ونحسنه ونبسطه ونطبقه فلا حاجة لنا به
نحن نأخذ الفكرة ونقيمها فإن جازت لنا أخذناها
وعلينا أن ننظر إلى آلاتها و أدوتها فما هو صالح أخذنا به وما هو
باطل طرحناه من مناهجنا النقدية
كما لا أحب مسخ الكلمات والمصطلحات التي تغرب ولا تشرق
و تعجم بدل أن تعرب وهذا إن دل فيدل على المسخ الحضاري لثقافتنا
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[24 - 11 - 2005, 06:49 ص]ـ
شكرا أستاذ صالح المطوي على إضافتك.
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[27 - 04 - 2006, 05:49 ص]ـ
أعلم أني أحييت رميما .. يتمنى البعض دفنه ..
ولكن قرأت ما قد يثري الموضوع، وأحببت نقله هنا ( http://www.alfaseeh.net/diffuser/user.php?dept=66&post=158)
ـ[عنقود الزواهر]ــــــــ[05 - 06 - 2006, 06:22 ص]ـ
كتب دريدا
وجان جينيه
وكتاب عن النقد الثقافي للغذامي.
أخي آمل منك أن تتعرف على بلديكم صاحب كتاب الانحرافات العقدية في أدب الحداثة، وأن تحقق القول في واو الثمانية، فهو أفضل من واو الثلاثة" دريدا و ... و ... ". والنقد الثقافي للغذامي يرمي فيه لفتح جبهة حرب أخرى بعد أن أصبح التفعيل الجهدي للحداثيين في البلد صفرا.
وطالع ما كتبه عبد العزيز حمودة وعبدلوهاب المسيري وعدنان رضا النحوي وغيرهم، قبل التفاعل القوي منك مع المذهب التفكيكي، فالمركزية التي يحاربها دريدا تشمل جميع المركزيات الميتافيزيقية، ومن طالع انفعالاته عرف أنه مصاب بمتلازمة قد أجهزت عليه في عمره، والرجل يهودي هيدجري هوسرلي نيتشوي تضاربت عنده المعطيات الفكرية للمذاهب المختلفة، فوصل به الأمر إلى التقويض أو التشريح أو التفكيك وغير ذلك من مسمياتها. وما أجمل ما كتبه ليونارد جاكسون وغيره فيما يتعلق بهذا الموضوع. وشكرا.
ـ[محمد أبو النصر]ــــــــ[21 - 09 - 2006, 12:28 ص]ـ
إذا كانت الكتب التي تتحدث عن النقد كثيرة فأنا أرى أن من الأفضل أن نتحدث عن الكتب التي تتطبق هذه الاجتهادات وهي قليلة و أفضلها (الديوان) انظر أيها القارىء كيف اشتطاع الأسناذ العقاد أن يجعل (شوقي) لا يشاوي حبة من خردل
ـ[معالي]ــــــــ[21 - 09 - 2006, 01:18 ص]ـ
كيف اشتطاع الأسناذ العقاد أن يجعل (شوقي) لا يشاوي حبة من خردل
ولكن انتصر له الكثير, كمحمد مندور وغيره.
لا أظن أن رأي العقاد لقي قبولا واسعا, بل على العكس فلشوقي من الإبداع ما لا يخفى على ذي ذائقة أدبية.
مشكلة شوقي أنه كان يترسم خطى الأسلاف مع تجديد مقبول, على حين كان العقاد والمازني وشكري قد تشبعوا بثقاقة الإنجليز وجاؤوا يركضون بها إلينا!
ثمة فارقا عظيما بين العقاد الناقد الأدبي الذي تسمع جلبة ديوانه _أعني كتابه_ دونما غرض سوى التجديد للتجديد نفسه بعد أن انبهر بهازبلت أميره, وبين العقاد الذي اتجه إلى التراث والتاريخ الإسلامي فكتب دُررا خلدت ذكره كالعبقريات.
الإبداع يا أخي هو ما كان منطلقه من أرضنا وسُقي من ماء سمائنا, فإن أفاد من الغير فبحدود مدروسة, أما شوقي فهو أحد عظماء الأدب وإن سمّوه صنما وأرادوا تحطيمه زعموا!!
مجرد رأي أخي الكريم.
واختلاف وجهات النظر لا يفسد للود قضية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المظفر السناري]ــــــــ[27 - 10 - 2009, 10:48 م]ـ
ولكن انتصر له الكثير, كمحمد مندور وغيره.
لا أظن أن رأي العقاد لقي قبولا واسعا,.
هذا صواب. وتحامله مع صاحبه المازني في قراءة شعر (شوقي) يشبه تحامل طه حسين في قراءته لـ (نظرات) المنفلوطي. وإنْ زاد عليهما هذا الأخير من ضروب السخرية والاستهزاء ما وضع من سلامة تذوقه الأدبي عند أهل الإنصاف!
ولم أقرأ فيما قرأت في الإبداع الأدبي النقدي أجود مما جاد به قلم شيخ العروبة محمود شاكر فيما علقه على (ديوان بلوتولاند وقصائد أخرى) لذلك الحاقد الأثيم لويس عوض!
ومحمود شاكر هذا: كان من ذلك الطراز الذي يقال عنه: (عالم ضيَّعه قومه!).
ـ[عودة الشيحي]ــــــــ[27 - 10 - 2009, 11:58 م]ـ
أعجبتني كتب أستاذي د. يوسف بكار.
وبالذات كتابه (عين الشمس) في نقد النقد،
وهو المقرر علينا هذا الفصل.
وكذلك كتب أستاذه >. شكري عياد رحمه الله ..
ـ[نون النسوة]ــــــــ[28 - 10 - 2009, 08:27 م]ـ
لا أستطيع القطع بأفضل كتاب في تخصص ما
صيغة التفضيل فيها ظلم كبير - بالنسبة إلي
قد يعجبني كتاب ما يتحدث عن النقد القديم بالمقابل كتاب آخر يتحدث عن النقد الحديث والنقد الحديث واسع جدا فهناك المذاهب قبل القرن العشرين وهناك مابعده , فالمسألة فيها تفصيل
لذا أعرض أكثر الكتب التي لفتت انتباهي إما لمضمونها أو لجدة طرحها أو لأسلوبها , وعندما أشيد بكتاب ما لا يعني تقبلي التام له وإنما أشيد به لأسباب عديدة منها: قوة البراهين أو الحجج التي يعرضها صاحبها أو كناقل أجاد النقل الموضوعي ... الخ
من القديم: العمدة لاين رشيق أعود إليه بين فترة وأخرى فطابعه موسوعي وأراه ناقل موضوعي ,
القرطاجني في كتاب منهاج البلغاء وأتمنى أن أقرأ أكبر قدر منه يبهرني جدا جدا لولا أنه مركز جدا إذ أستغرق وقتا طويلا عند قراءة جزئية قصيرة لكن يروق لي كثيرا تقسيمه ومنهجيته وأسأل الله أن يطرح البركة في وقتي وأتفرغ له يوما
الجاحظ وابن طباطبا في بعض أرائها .. (مع الإشارة إلى أن مجالي ليس في القديم لذلك إجابتي سطحية بعض الشيء فهي مبنية على عدد قليل من الكتب.)
في الحديث
نظرية الأدب لشكري الماضي كتاب صغير لكنه يلخص أبرز النظريات الأدبية أعود له كثيرا كثيرا
كتاب ديفيد ديتش نسيت اسمه بالكامل أعتقد مناهج النقد بين النظرية والتطبيق لكن في حدود علمي لايحوي الدراسات النقدية الحديثة
مفتاح وبنيس (لاتحضرني أسماء الكتب)
المدارس النقدية الحديثة كالبنيوية أو التفكيكية أو النظريات الجديدة كالتناص والتلقي وو الخ لم أجد حتى الآن مرجعا جامعا لها يعرضها بطريقة واضحة بل كتبا متخصصة لكل مدرسة فعندما أريد القراءة عنها ألجأ لكتاب متخصص في ذلك أو بحوث الأساتذة في الدوريات (هناك كتب لكنها مختصرة موجزة لا تبين لي المنهج النقدي بشكل واضح أعتقد كتاب رامان سلدن إن لم أكن مخطئة لكن لا يفي بالغرض إطلاقا في نظري)
هذا على مستوى التنظير
أما التطبيق
كتب الغذامي (تحليل القصائد) , صدقا ومع احترامي له لكن لأجده منظرا بدرجة كافية فلا أتذكر أني لجأت لكتاب له لدراسة منهج نقدي لكن يتوغل في التحليل أكثر فمن ناحية التطبيق أجده مهما بالنسبة إلي
الدكتور ميجان الرويلي قرأت له في الدوريات بحوثا يحلل فيها عدد من النصوص
أسماء أخرى لا أتذكرها هذا مايحضرني الآن
خلاصة ردي لا أستطيع الجزم بأفضل كتاب ليس على مستوى النقد فحسب بل كل نواحي الحياة
سوى القرآن الكريم كلام الله ومادون ذلك فهو متفاوت إضافة إلى أنه من المجحف أن أهمش كتبا كثيرة في النقد وأقطع بأفضلية كتاب دون غيره
..................
سؤال على هامش الموضوع قرأت مرة كتابا غريبا أو أنني أنا الغريبة ;)!
هل جرب أحدكم أن يقرأ لمحمد العباس في النقد؟ لوهلة شككت في عقلي أو عقله أو لا أدري ما المشكلة بالضبط!
قرأت شيئا لاهو بنقد ولا هو بأدب ولا هو ..
ـ[محمد أبو النصر]ــــــــ[29 - 10 - 2009, 12:40 ص]ـ
ولكن انتصر له الكثير, كمحمد مندور وغيره.
لا أظن أن رأي العقاد لقي قبولا واسعا, بل على العكس فلشوقي من الإبداع ما لا يخفى على ذي ذائقة أدبية.
مجرد رأي أخي الكريم.
واختلاف وجهات النظر لا يفسد للود قضية.
معذرة سيدتي معالي مر الوقت ولم أتنبه لهذه المشاركة سأقوم الآن بطرح بعض الأكار التي عرضها العقاد في كتابه واستطاع بها من وجهة نظري أن يهدم صنم شوقي
ـ[محمدفايد]ــــــــ[18 - 11 - 2009, 04:48 م]ـ
كتاب الأستاذ الدكتور عبدالواحد الشيخ أستاذ النقد الأدبي والبلاغة بجامعة الإسكندرية (أحمد محرم ناقدا) حيث عرض فيه للنقد الحديث وكيف يكون النقد للعمل الأدبي العربي. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
ـ[فهد عبد الرحمن الصلوح]ــــــــ[18 - 11 - 2009, 04:58 م]ـ
من الكتب الرائعة في دراسة الصورة الفنية في النقد الشعري،
كتاب {الصورة الفنية في النقد الشعري لعبد القادرالرباعي}(/)
الضرورة الشعرية ... (موضوع نقاش)
ـ[الغامدي]ــــــــ[09 - 09 - 2005, 02:43 م]ـ
الإخوة الأعزاء
أسعد الله أوقاتكم بكل خير
الأوزان الشعرية والقوافي: قوالب يصب فيها الشاعر عواطفه الجياشة؛ نتيجة لموقف انفعالي يمر به.
ولكن يجد نفسه أحيانا عاجزا عن التعبير ببعض الكلمات؛ لأنها ستكسر وزنا، أو تفسد قافية.
هناك من يتوقف ... وهناك من لا تحده حدود، ولا تعيقه قيود .. جاعلا الضرورة الشعرية عذرا للعبث باللغة، فنراه مندفعا في شعره، يحطم الحواجز دون أدنى مبالاه.
فما هي الحدود المشروعة للضرورة الشعرية؟
وهل وجودها عند شاعر .. دليل على ضعفه؟
ـ[البحتري]ــــــــ[10 - 09 - 2005, 05:13 م]ـ
الأخ / بديع الزمان.
السلام عليكم
هناك حدود مشروعة للضرورة الشعرية.
وهي تلك الضرائر الشعرية المأنوسة عند أهل العروض واللغة. وهي:
ـ صرف الممنوع من الصرف.
ـ قصر الممدود.
ـ جعل همزة الوصل همزة قطع.
ـ جعل همزة القطع همزة وصل.
ـ تسهيل الهمزة.
ـ تخفيف الحرف المشدد في الرويّ.
ـ تسكين المتحرك وتحريك الساكن.
ـ تسكين الياء في الاسم المنقوص.
ـ تسكين الواو والياء في الفعل المضارع المنصوب.
ـ إشباع حركة ضمير الغائب.
ـ مدّ المقصور.
أما عن سؤالك الثاني فلا شك أن كثرتها دليل على الضعف ....
لأنها تدل على قلة المخزون اللغوي من الألفاظ
وقلة في تطبيق قواعد النحو والصرف.
ـ[أبيات شعر]ــــــــ[12 - 04 - 2007, 11:15 م]ـ
تمنيت لو طال النقاش حتى نستفيد ...
جزيت خيراً يا الغامدي ..
ـ[قصي علي الدليمي]ــــــــ[13 - 04 - 2007, 06:40 ص]ـ
جميل جدا اتحفتمونا بهذا
ـ[هشام حاتم]ــــــــ[02 - 06 - 2007, 01:38 ص]ـ
جمع الزمخشري ضرورات الشعر العشرة في بيتين فقال:
ضرورات الشعر عشرٌ عد جملتها * مدٌّ وقصر وتخفيف وتشديدُ
وصل وقطع وتحريك وتسكينه * ومنعُ صرف وصرفٌ تم تعديدُ
ـ[علي قهرماني]ــــــــ[06 - 08 - 2007, 02:20 ص]ـ
الأخ الكريم، بعد التحية أذكر لك عبارات من أطروحتي لعلها تفيدك أقسام منها:
تعود بداية استعمال الضرورة الشعريّة في الأدب العربي إلى زمن تأسيس علم الصرف والنحو، وقد تناولها علماء الصرف والنحو أكثر من علماء العَروض لكثرة الشواهد الشعريّة في الصرف والنحو، وقد ورد هذا المصطلح بكثرة في الكتاب لسيبويه، () إذ خصّص أبو سعيد السيرافي (368/ 978) شارح الكتاب، كتاباً مستقلاًّ للضرورات الشعريّة سمّاه ضرورة الشعر، فهو أوّل كتاب مخصّص بهذا الموضوع.
ثم أُلّفت كتب أخرى في هذا المجال، مثل: ما يجوز للشاعر في الضرورة للقزّاز القيرواني (412/ 1021)، وضرائر الشعر لابن عصفور الإشبيلي (669/ 1270)، وأخيراً الضرائر وما يسوغ للشاعر دون الناثر لمحمود شكري الآلوسي (2343/ 1924). فأكثرُ المباحث في هذه الكتب هي مباحث لغويّة صرفيّة نحويّة، وما ورد في الشعر من مخالفة للكلام المنثور، فسُمّيت بالضرورات الشعريّة.
... قال ابن جنّي في الشعر: "الشعر موضع اضطرار، وموقف اعتذار، وكثيراً ما تحرف فيه الكلم عن أبنيته، وتحال فيه المثل عن أوضاع صيغتها لأجله". () وما نلاحظ عند ابن جنّي أنّه أشار إلى واقع الضرورة الشعريّة من دون أن يحاول الإتيان بتعريف لها. من ثمّ وجدنا تعريفاً دقيقاً للضرورة عند أبي سعيد السيرافي صاحب أوّل كتاب في هذا المجال قائلاً: "اعلم أنّ الشعر لما كان كلاماً موزوناً، تكون الزيادة فيه والنقص منه، يخرجه عن صحّة الوزن، حتّى يُحيلَهُ عن طريق الشعر المقصود مع صحّة معناه، استُجيز فيه لتقويم وزنه، من زيادة ونقصان وغير ذلك ما لا يُستجاز في الكلام مثلُه، وليس في شيء من ذلك رفعُ منصوب ولا نصب مخفوض، ولا لفظ يكون المتكلّم فيه لاحناً. ومتى وُجد هذا في شعر كان ساقطاً مُطَّرحاً، ولم يدخل في ضرورة الشعر". ()
ويلفت هذا التعريف نظرنا إلى أمرينِ أساسيينِ، أوّلاً: تُعَدّ الضرورة تغييراً في الكلام لتقويم الوزن والمعيار لتمييز الضرورة الشعريّة هو الكلام المنثور. ثانياً: إنّ اللحن ليس من باب الضرورة بل هو من باب الخطأ اللغوي الّذي ارتكبه القائل.
والضرورة الوزنيّة إذن تغيير مقبول في الكلام بغية استقامة الوزن الشعري، والشاعر قد يُدخِل تغييراً في اللفظ وقد يخالف القواعد المتعارفة في الصرف والنحو احتفاظاً بوزن الشعر.
فيُلاحَظ اختلاف جوهري بين الجواز الوزني (الزحاف) وبين الضرورة الوزنيّة، لأنّ الجواز الوزني هو اختلاف جزئي مقبول في الوزن المعتمد لدى الشاعر في نظم الشعر، لكنّ الضرورة هي إدخال التغيير في اللغة بغية استقامة الوزن.
... تجدر الإشارة هنا إلى أنّ وجود الضرورة بمفردها لا يعني الإخلال بسلامة اللغة، كما زعم كثيرٌ من العَروضيّين العرب والفُرس قديماً وحديثاً، فنحن قد نجد ضرورة وزنيّة من دون أن تُخلّ بسلامة اللغة وقد نجد "ضرورة جيّدة مطّردة وليس تخرجها جودتُها عن ضرورة الشعر؛ إذ كان جوازها بسبب الشعر". () فذلك يرى عبد القادر البغدادي: "أنّ الضرورة ما وقع في الشعر، سواءً كان للشاعر عنه فسحة أم لا". ()
وكذلك ابن عصفور الإشبيلي مع قبوله تسمية الضرورة، يُخرِج اضطرار الشاعر عن تعريف الضرورة قائلاً: "اعلم أنّ الشعر لما كان كلاماً موزوناً يخرجه الزيادة فيه والنقص منه عن صحّة الوزن ويحيله عن طريق الشعر، أجازت العرب «فيه» ما لا يجوز في الكلام، اضطرّوا إلى ذلك أو لم يضطرّوا إليه، لأنّه موضع ألفت فيه الضرائر". ()
فإذن قد نجد ما يندرج في الضرورات الشعريّة من دون أن يخالف قواعد اللغة، مثل: ضرورة «الإطلاق» الّتي تقع في نهاية كثير من الأبيات وهي على حدّ تعبير السيرافي "جيّدة مطّردة وليست تُخرِجها جودتُها عن ضرورة الشعر". ()
فيصدق هذا الكلام على الشعر العربي والشعر الفارسي، ويمكننا أن نقسَّم الضرورات الوزنيّة كما قسّمنا الجوازات الوزنيّة إلى ثلاثة أقسام: الضرورات الحسنة، والمقبولة، والقبيحة. وذوق أهل اللغة هو المعيار في تعيين نوع الضرورة من الناحية الجماليّة ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ايسرالدبو]ــــــــ[06 - 08 - 2007, 11:38 م]ـ
الضرورة الشعرية لاتعد عيبا بل ربما في بعض الأحيان من الممكن ان تكون دليلا على الأبداع من خلال التحكم في ادوات اللغة من الفاظ وكلمات على اية حال في العصر الحديث الأمراختلف من وجهة نظري فمقايس الأبداع الشعري تباينت عن المقايس القديمة وذلك لختلاف البيئة والفلسفة وكل شي في الحياة فأصبح من السهل أن يدخل في دائر الأبداع لدى بعض الشعراء ما يعرف بالضرورة الشعرية والسبب هو دور الحداثة في تغير الموازين الأبداعية وهنا أصبح من الصعب ان حدا للابداع وهذا ما سمح لكثير من المتشاعرين ان يدخلوا دائرة الشعر وهم بعيدون جدا عنه.
د. ايسر الدبو /العراق -جامعة الأنبار - كلية الآداب استاذ النقد الحديث والبلاغة(/)
أبيات مالك بن الريب في رثاء نفسه)
ـ[أميرة الحزن]ــــــــ[15 - 09 - 2005, 11:17 ص]ـ
صباح الخير ممكن مساعده حول أبيات مالك بن الريب
فيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا برابية إني مقيم لياليا
وخطا بأطراف الأسنة مضجعي وردا علي عيني فضل ردائيا
خذاني فجراني ببردي إليكما فقد كنت قبل اليوم صعب قياديا
هل صدرت الأبيات عن عاطفة مؤثرة؟
ما هي هذه العاطفة؟
ما هو أثر هذه الأبيات في السلوك والنفس؟
كيف جاء انفعال الشاعر؟
ما هي المتعة الناتجة من قراءة الأبيات؟
ما الفرق بين أبيات مالك وقصص الجريمة؟
ـ[3513]ــــــــ[17 - 11 - 2005, 08:55 ص]ـ
ينفعك الاستجابة الدويدية في البنى المولدة في الشعر الجاهلي لكمال ابو ديب
ـ[أبو تمام]ــــــــ[27 - 11 - 2005, 02:11 ص]ـ
أجيبك على ما أذكر من هذه القصيدة.
1 - نعم صدرت عن عاطفة مؤثرة.
2 - الأسى والتندم على مافعل من صعلكة وقطع للطرق.
3 - تقوم السلوك الإنساني والنفس بحيث إذا تذكر الإنسان أن الموت يطلبه والقبر مضجعه والكفن رداؤه ومن ورائه حساب سعى في دنياه إلى عمل الخيرات واجتناب السيئات والحذر من كل ما هو آت.
4 - جاء انفعال الشاعر في قصيدته قويا بحث صور نفسه ميتا لا محالة ذاكرا حالته كما حال الميت حين يدنو أجله ومن ثم يموت مصورا لنا ما يفعل به بعد موته من تكفين وغيره وهذا لعمري جعلنا نشعر أنه مات ثم قال قصيدته.
5 - تصوير حالته قبل الموت وبعده- تركه للتصعلك والسرقات وتوبته-ذكر أحوال ماترك بعد موته من مال وأهل.
6 - قصص الجريمة أغلبها تنتهي بعدم توبة المجرم كذلك تنتهي أما بالقتل أو السجن والمجرم كذلك بطيبعة لا يستمع للنصح، أما مالك وقصيدته نراها خالفت ذلك فانتهت بتوبة صادقة وانتهى بطلها بوفاة بعد مرض ألم به واستمع في حياته لنصح سعيد بن عثمان بن عفان رضي الله عنه فذهب معه لخرسان وشهد معه فتح سمرقند.
هذا ولك التحية
ـ[د. خالد الشبل]ــــــــ[27 - 11 - 2005, 07:43 ص]ـ
ربما انتفعتِ من هذا ( http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?t=4011).
ـ[أبو التومات]ــــــــ[27 - 11 - 2005, 08:41 ص]ـ
لكم التحيه
_______________________________________
واستمع في حياته لنصح سعيد بن عثمان بن عفان رضي الله عنه فذهب معه لخرسان وشهد معه فتح سمرقند.
((انتهى الاقتباس من كلام ابى تمام))
_______________________________________
فما قولكم فى قول مالك فى القصيده
أما ترانى بعت الضلالة بالهدى **واصبحت فى جيش ابن عفان غازيا(/)
ما الفرق بين الحروف المهموسة والمجهورة؟
ـ[أبو ذكرى]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 01:01 م]ـ
يعتمد الشعراء في بعض قصائدهم على الحروف المهموسة أكثر من المجهورة. فما دلالة ذلك؟
ويفعل بعضهم العكس. فما الفرق بين الاستخدامين؟
ـ[خنور]ــــــــ[22 - 11 - 2007, 12:40 ص]ـ
شكرا جزيلا(/)
ما علاقة حرف الروي بالغرض الشعري؟
ـ[أبو ذكرى]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 01:06 م]ـ
لحرف الروي دور بارز في أداء معنى الشاعر، فهل من توضيح؟
ـ[عصام البشير]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 09:35 م]ـ
رأيي الخاص ما يلي:
الحروف الهجائية أنواع:
1 - حروف لا تصلح أن تكون رويا لقصيدة إلا على سبيل المساجلة وإظهار البراعة (وهي الظاء، والشين والزاي والصاد والثاء والخاء والذال والغين والمقصورات).
2 - حروف تصلح أن تكون رويا بندرة وفيها نوع ثقل (وهي الطاء والحاء والجيم والفاء). فيمكن أن تنظم فيها مقطوعات، أو قصائد قليلة، لكنك تحجر على نفسك فيها.
3 - حروف صالحة للقصائد الطنانة الفخمة في أغراض المديح والفخر ونحوها (وهي الباء والميم والدال واللام والعين والراء).
4 - حروف للقصائد اللينة في أغراض الغزل والوصف ونحوها (وهي الياء والكاف والسين والقاف والراء).
5 - حروف تصلح للمنظومات والقصائد الطويلة (وهي النون بالدرجة الأولى، ويلحق بها: الميم والهمزة والتاء).
والأقسام الثلاثة (الثالث والرابع والخامس) ليست مطردة، فقد تنظم الغزل في الباء، والمدح في السين، وهكذا.
وهذه الأمور مرجعها إلى الذوق الشعري أولا، فتختلف فيه اجتهادات الشعراء.
ـ[الغامدي]ــــــــ[22 - 03 - 2006, 08:16 م]ـ
:):)
أستاذي الفاضل /عصام
أحترم وجهة نظرك، ولكني أخالفك.
لي عودة إن شاء الله(/)
أصول الحوار وآدابه في الإسلام 1 - توطئة
ـ[القيصري]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 06:39 م]ـ
منقول عن الشبكة لتعم الفائدة
أصول الحوار وآدابه في الإسلام
صالح بن عبدالله بن حميد
توطئة
أحمد الله تبارك وتعالى، وأصلي وأسلم على رسوله وخيرته من خلقه، ومصطفاه من رسله سيدنا محمد رسول الله، بعثه بالحق بشيراً ونذيراً، فبلغ الرسالة، وأَدّى الأمانة، ونصح الأمة، وجعلنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين وعلى أصحابه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
أيها الأخوة:
هذه كلمات في أدب الحوار مُشتمِلَةٌ العناصر التالية: تعريف الحوار وغايته، ثم تمهيد في وقوع الخلاف في الرأي بين الناس، ثم بيان لمُجمل أصول الحوار ومبادئه، ثم بسط لآدابه وأخلاقياته.
سائلاً المولى العلي القدير التسديد والقبول ..
ـ[القيصري]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 06:45 م]ـ
أصول الحوار وآدابه في الإسلام
تعريف
الحوار: من المُحاورة؛ وهي المُراجعة في الكلام.
الجدال: من جَدَلَ الحبل إذا فَتَلَه؛ وهو مستعمل في الأصل لمن خاصم بما يشغل عن ظهور الحق ووضوح الصواب، ثم استعمل في مُقابَلَة الأدلة لظهور أرجحها.
والحوار والجدال ذو دلالة واحدة، وقد اجتمع اللفظان في قوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (المجادلة:1) ويراد بالحوار والجدال في مصطلح الناس: مناقشة بين طرفين أو أطراف، يُقصد بها تصحيح كلامٍ، وإظهار حجَّةٍ، وإثبات حقٍ، ودفع شبهةٍ، وردُّ الفاسد من القول والرأي.
وقد يكون من الوسائل في ذلك: الطرق المنطقية والقياسات الجدليَّة من المقدّمات والمُسلَّمات، مما هو مبسوط في كتب المنطق وعلم الكلام وآداب البحث والمناظرة وأصول الفقة.
ـ[القيصري]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 06:51 م]ـ
أصول الحوار وآدابه في الإسلام
غاية الحوار
الغاية من الحوار إقامةُ الحجة، ودفعُ الشبهة والفاسد من القول والرأي. فهو تعاون من المُتناظرين على معرفة الحقيقة والتَّوصُّل إليها، ليكشف كل طرف ما خفي على صاحبه منها، والسير بطرق الاستدلال الصحيح للوصول إلى الحق. يقول الحافظ الذهبي: (إنما وضعت المناظرة لكشف الحقِّ، وإفادةِ العالِم الأذكى العلمَ لمن دونه، وتنبيهِ الأغفلَ الأضعفَ).
هذه هي الغاية الأصلية، وهي جليَّة بيِّنة، وثَمَّت غايات وأهداف فرعية أو مُمهِّدة لهذا الغاية منها:
- إيجاد حلٍّ وسط يُرضي الأطراف.
- التعرُّف على وجهات نظر الطرف أو الأطراف الأخرى، وهو هدف تمهيدي هام.
- البحث والتنقيب، من أجل الاستقصاء والاستقراء في تنويع الرُّؤى والتصورات المتاحة، من أجل الوصول إلى نتائج أفضل وأمْكَنَ، ولو في حوارات تالية.
ـ[القيصري]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 06:54 م]ـ
أصول الحوار وآدابه في الإسلام
وقوع الخلاف بين الناس
الخلاف واقع بين الناس في مختلف الأعصار والأمصار، وهو سنَّة الله في خلقه، فهم مختلفون في ألوانهم وألسنتهم وطباعهم ومُدركاتهم ومعارفهم وعقولهم، وكل ذلك آية من آيات الله، نبَّه عليه القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ} (الروم:22)
وهذا الاختلاف الظاهريّ دالُّ على الاختلاف في الآراء والاتجاهات والأعراض. وكتاب الله العزيز يقرر هذا في غير ما آية؛ مثل قوله سبحانه: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} (هود:119).
يقول الفخر الرازي: (والمراد اختلاف الناس في الأديان والأخلاق والأفعال).
ومن معنى الآية: لو شاء الله جعل الناس على دين واحد بمقتضى الغريزة والفطرة .. لا رأي لهم فيه ولا اختيار .. وإِذَنْ لما كانوا هذا النوع من الخلق المُسمّى البشر؛ بل كانوا في حيلتهم الاجتماعية كالنحل أو كالنمل، ولكانوا في الرّوح كالملائكة؛ مفطورين على اعتقاد الحقِّ والطاعة؛ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، لا يقع بينهم اختلاف ولا تنازع. ولكنّ الله خلقهم بمقتضى حكمته كاسبين للعلم لا مُلْهَمين. عاملين بالاختيار، وترجيح بعض المُمْكنات المتعارضات على بعض؛ لا مجبورين ولا مضطرين. وجعلهم متفاوتين في الاستعداد وكسب العلم واختلاف الاختيار.
أما قوله تعالى: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} (هود:119).
فلتعلموا أن اللام ليست للغاية؛ فليس المُراد أنه سبحانه خلقهم ليختلفوا، إذ من المعلوم أنه خلقهم لعبادته وطاعته. وإنما اللام للعاقبة والصَّيْرورة؛ أي لثمرة الاختلاف خلقهم، وثمرته أن يكونوا فريقين: فريقاً في الجنة، وفريقاً في السعير.
وقدّ تُحْملُ على التعليل من وجه آخر، أي خلقهم ليستعدَّ كلٌ منهم لشأنٍ وعمل، ويختار بطبعه أمراً وصنعة، مما يَسْتَتِبُّ به نظام العالم ويستقيم به أمر المعاش، فالناس محامل لأمر الله، ويتخذ بعضهم يعضاً سخرياً.
خلقوا مستعدين للاختلاف والتفرق في علومهم ومعارفهم وآرائهم ومشاعرهم، وما يتبع ذلك من إراداتهم واختيارهم في أعمالهم، ومن ذلك الإيمان، والطاعة والمعصية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[القيصري]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 06:58 م]ـ
أصول الحوار وآدابه في الإسلام
وضوح الحق وجلاؤه
وعلى الرغم من حقيقة وجود هذا التَّبايُن بين الناس؛ في عقولهم ومُدركاتهم وقابليتهم للاختلاف، إلا أن الله وضع على الحقِّ معالمَ، وجعل على الصراط المستقيم منائرَ .. وعليه حُمِلَ الاستثناء في الآية في قوله: {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} (هود:119).
وهو المنصوص عليه في الآية الأخرى في قوله: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ} (البقرة:213).
وذلك أن النفوس إذا تجرَّدت من أهوائها، وجدَّت في تَلَمُّس الحقِّ فإنها مَهْديَّةٌ إليه؛ بل إنّ في فطرتها ما يهديها، وتأمَّل ذلك في قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} (الروم:30).
ومنه الحديث النبوي: ((ما من مولود إلا يُولدُ على الفِطْرة، فأبواه يُهوّدانه، ويُنَصِّرانه، ويُمجِّسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تُحِسّون فيها من جَدْعاء حتى أنتم تجدعونها؟)).
ويُوضح ذلك، أن أصول الدين، وأمَّهات الفضائل، وأمَّهات الرذائل، مما يتفق العالم الرشيد العاقل على حُسْن محموده وحمده، والاعتراف بعظيم نفعه، وتقبيح سيِّئه وذمِّه. كل ذلك في عبارات جليَّة واضحة، ونصوصِ بينِّة لا تقبل صرفاً ولا تأويلاً ولا جدلاً ولا مراءاً. وجعلها أمّ الكتاب التي يدور عليها وحولها كل ما جاء فيه من أحكام، ولم يُعذَرْ أحد في الخروج عليها، وحَذَّر من التلاعب بها، وتطويعها للأهواء والشهوات والشبهات بتعسف التأويلات والمُسوِّغات، مما سنذكره كأصل من أصول الحوار، ورفع الحرج عنهم، بل جعل للمخطيء أجراً وللمصيب أجرين تشجيعاً للنظر والتأمل، وتَلَمُّس الحقّ واستجلاء المصالح الراجحة للأفراد والجماعات. ولربك في ذلك الحكمة البالغة والمشيئة النافذة.
ـ[القيصري]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 07:00 م]ـ
أصول الحوار وآدابه في الإسلام
مواطن الاتفاق
إنّ بِدْءَ الحديث والحوار بمواطن الاتفاق طريق إلى كسب الثقة وفُشُوِّ روح التفاهم. ويصير به الحوار هادئاً وهادفاً.
الحديث عن نقاط الاتفاق وتقريرها يفتح آفاقاً من التلاقي والقبول والإقبال، مما يقلّل الجفوة ويردم الهُوَّة ويجعل فرص الوفاق والنجاح أفضل وأقرب، كما يجعل احتمالات التنازع أقل وأبعد.
والحال ينعكس لو استفتح المُتحاورون بنقاط الخلاف وموارد النزاع، فلذلك يجعل ميدان الحوار ضيقاً وأمده قصيراً، ومن ثم يقود إلى تغير القلوب وتشويش الخواطر، ويحمل كل طرف على التحفُّز في الرد على صاحبه مُتتبِّعاً لثغراته وزَلاته، ومن ثم ينبري لإبرازها وتضخيمها، ومن ثم يتنافسون في الغلبة أكثر مما يتنافسون في تحقيق الهدف.
ومما قاله بعض المُتمرّسين في هذا الشأن:
دَعْ صاحبك في الطرف الآخر يوافق ويجيب بـ (نعم)، وحِلْ ما استطعت بينه وبين (لا)؛ لأن كلمة (لا) عقبة كؤود يصعب اقتحامها وتجاوزها، فمتى قال صاحبك: (لا)؛ أوجَبَتْ عليه كبرياؤه أن يظلّ مناصراً لنفسه.
إن التلفظ بـ (لا) ليس تفوُّها مجرداً بهذين الحرفين، ولكنه تَحفُّز لكيان الإنسان بأعصابه وعضلاته وغدده، إنه اندفاع بقوة نحو الرفض، أما حروف (نعم) فكلمة سهلة رقيقة رفيقة لا تكلف أي نشاط جسماني (5).
ويُعين على هذا المسلك ويقود إليه؛ إشعارك مُحدثَّك بمشاركتك له في بعض قناعاته؛ والتصريح بالإعجاب بأفكاره الصحيحة وأدلته الجيدة ومعلوماته المفيدة، وإعلان الرضا والتسليم بها. وهذا كما سبق يفتح القلوب ويُقارب الآراء، وتسود معه روح الموضوعية والتجرد.
وقد قال علماؤنا: إن أكثر الجهل إنما يقع في النفي؛ الذي هو الجحود والتكذيب؛ لا في الإثبات، لأن إحاطة الإنسان بما يُثْبتُه أيسر من إحاطته بما ينفيه؛ لذا فإن أكثر الخلاف الذي يُورث الهوى نابع؛ من أن كل واحد من المختلفين مصيب فيما يُثْبته أو في بعضه، مخطيء في نفي ما عليه الآخر.
ـ[القيصري]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 07:09 م]ـ
أصول الحوار وآدابه في الإسلام
أصول الحوار
الأصل الأول:
سلوك الطرق العلمية والتزامها، ومن هذه الطرق:
1 - تقديم الأدلة المُثبِتة أو المرجِّحة للدعوى.
2 - صحة تقديم النقل في الأمور المنقولة.
وفي هذين الطريقين جاءت القاعدة الحوارية المشهورة: (إن كنت ناقلاً فالصحة، وإن كنت مدَّعيّاً فالدليل).
وفي التنزيل جاء قوله سبحانه: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وفي أكثر من سورة:البقرة:111، والنمل 64. {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي} (الانبياء:24). {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (آل عمران:93).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[القيصري]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 07:10 م]ـ
أصول الحوار وآدابه في الإسلام
أصول الحوار
الأصل الثاني:
سلامة كلامِ المناظر ودليله من التناقض؛ فالمتناقض ساقط بداهة.
ومن أمثلة ذلك ما ذكره بعض أهل التفسير من:
1 - وصف فرعون لموسى عليه السلام بقوله: {سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} (الذريات:39).
وهو وصف قاله الكفار – لكثير من الأنبياء بما فيهم كفار الجاهلية – لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وهذان الوصفان السحر والجنون لا يجتمعان، لأن الشأن في الساحر العقل والفطنة والذكاء، أما المجنون فلا عقل معه البته، وهذا منهم تهافت وتناقض بيّن.
2 - نعت كفار قريش لآيات محمد صلى الله عليه وسلم بأنها سحر مستمر، كما في قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} (القمر:2).
وهو تناقض؛ فالسحر لا يكون مستمراً، والمستمر لا يكون سحراً.
ـ[القيصري]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 07:11 م]ـ
أصول الحوار وآدابه في الإسلام
أصول الحوار
الأصل الثالث:
ألا يكون الدليل هو عين الدعوى، لأنه إذا كان كذلك لم يكن دليلاً، ولكنه اعادة للدعوى بألفاظ وصيغ أخرى. وعند بعض المُحاورين من البراعة في تزويق الألفاظ وزخرفتها ما يوهم بأنه يُورد دليلاً. وواقع الحال أنه إعادة للدعوى بلفظ مُغاير، وهذا تحايل في أصول لإطالة النقاش من غير فائدة.
ـ[القيصري]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 07:14 م]ـ
أصول الحوار وآدابه في الإسلام
أصول الحوار
الأصل الرابع:
الاتفاق على منطلقات ثابتة وقضايا مُسَلَّمة. وهذه المُسَلَّمات والثوابت قد يكون مرجعها؛ أنها عقلية بحتة لا تقبل النقاش عند العقلاء المتجردين؛ كحُسْنِ الصدق، وقُبحِ الكذب، وشُكر المُحسن، ومعاقبة المُذنب.
أو تكون مُسَلَّمات دينية لا يختلف عليها المعتنقون لهذه الديانة أو تلك.
وبالوقوف عند الثوابت والمُسَلَّمات، والانطلاق منها يتحدد مُريد الحق ممن لا يريد إلا المراء والجدل والسفسطة.
ففي الإسلام الإيمان بربوبية الله وعبوديَّته، واتَّصافه بصفات الكمال، وتنزيهه عن صفات النقص، ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم، والقرآن الكريم كلام الله، والحكم بما أنزل الله، وحجاب المرأة، وتعدد الزوجات، وحرمة الربا، والخمر، والزنا؛ كل هذه قضايا مقطوع بها لدى المسلمين، وإثباتها شرعاً أمر مفروغ منه.
إذا كان الأمر كذلك؛ فلا يجوز أن تكون هذه محل حوار أو نقاش مع مؤمن بالإسلام لأنها محسومة.
فقضية الحكم بما أنزل الله منصوص عليها بمثل: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ... } (النساء:65). {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (المائدة:45).
وحجاب المرأة محسوم بجملة نصوص:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} (الأحزاب:59).
وقد يسوغ النقاش في فرعيات من الحجاب؛ كمسألة كشف الوجه، فهي محل اجتهاد؛ أما أصل الحجاب فليس كذلك.
الربا محسوم؛ وقد يجري النقاش والحوار في بعض صوره وتفريعاته.
ومن هنا فلا يمكن لمسلم أن يقف على مائدة حوار مع شيوعي أو ملحد في مثل هذه القضايا؛ لأن النقاش معه لا يبتدئ من هنا، لأن هذه القضايا ليست عنده مُسَلَّمة، ولكن يكون النقاش معه في أصل الديانة؛ في ربوبيَّة الله، وعبوديَّة ونبوّة محمد صلى الله عليه وسلم، وصِدْق القرآن الكريم وإعجازه.
ولهذا فإننا نقول إن من الخطأ – غير المقصود – عند بعض المثقفين والكاتبين إثارة هذه القضايا، أعني: تطبيق الشريعة – الحجاب – تعدد الزوجات – وأمثالها في وسائل الإعلام، من صحافة وإذاعة على شكل مقالات أو ندوات بقصد إثباتها أو صلاحيتها. أما إذا كان المقصود: النظر في حِكَمِها وأسرارها وليس في صلاحيتها وملاءمتها فهذا لا حرج فيه، إذْ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (الأحزاب:36)
وأخيراً فينبني على هذا الأصل؛ أن الإصرار على إنكار المُسلَّمات والثوابت مكابرة قبيحة، ومجاراة منحرفة عن أصول الحوار والمناظرة، وليس ذلك شأن طالبي الحق.(/)
أريد مراجع قديمة قي النقد العربي القديم
ـ[ابن عيبان العبدلي]ــــــــ[21 - 09 - 2005, 02:15 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
اخوتي اريد اسماء مراجع قديمة وكتبا نقدية حديثة في النقد العربي القديم في هذه الموضوعات:
1 - النقعد في العصر الجاهلي
2 - نقد في العصر الاسلامي والاموي
3 - الجهود الاولى في التاليف النقدي: الاصمعي - ابن سلام - الجاحظ - ابن قتيبة
4 - محاولات في التنظير:
كتاب البديع لابن المعتز
5 - جهود نقدية في تاصيل الموروث:
ا- كتاب الصناعتين لابي هلال العسكري
ب- كتاب عيار الشعر لابن طباطبا
ج- كتاب العمدة لابن رشيق
6 - النقدر حول ابي تمام:
ا- ابو بكر الصولي
ب- الموازنة بين الطائيين للامدي
7 - النقد حول المتنبي:
ا- ابو علي الحاتمي
ب- القاضي الجرجاني وكتابه الوساطة بين المتنبي وخصومه
8 - النقد وموضوع الاعجاز القراني:
اثار فلسفية في النقد العربي
ا- كتاب نقد الشعر لقدامة بن جعفر
ب- كتاب منهاج البلغاء لحازم القرطاجني
9 - حركة النقد فيما بعد القرن الرابع:
ا- كتاب سر الفصاحة للخفاجي
ب- كتاب مفتاح العلوم لسكاكي
اتمنى ان تعينوني فانا على عجلة من امري .. وجزاكم الله خيرا
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[21 - 09 - 2005, 03:38 م]ـ
حياك الله أخي الفاضل ..
أنظرني مساءً ..
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[21 - 09 - 2005, 07:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
حياك الله أخي الفاضل ..
حاولت أن أرصد لك بعض ما في مكتبتي من كتب حديثة في النقد القديم .. علّها تفيدك، وإن أردت الزيادة، ما عليك إلا طلب ذلك .. أما الكتب القديمة فقد عرضتها أنت في حديثك .. إلا إن كنت تقصد مكان تواجدها؟
وفقنا الله جميعاً لما فيه الخير ..
وإليك الكتب:
1. من مجموعة أعمال جابر عصفور/ كتاب النقد الأدبي بجزأيه 1 - 2 من دار الكتاب المصري ودار الكتاب اللبناني.
كتاب رائع حديث .. بعيدا عن التأريخ .. إنما توضيح، ومحاولة تنظير .. بمنهج علمي رائع
2. نظرية الجاحظ في النقد الأدبي لمحمد عبد الغني المصري / دار مجدلاوي-الأردن.
تحدث فيه المؤلف عن القضايا التي تناولها الجاحظ في كتبه، مثل القديم والجديد، والسرقات الشعرية، واللفظ والمعنى، والطبع والصنعة، وغيرها.
3. النقد الأدبي، د. محمد السيوفي/ دار البيان- مصر.
تناول المؤلف فيه النقد العربي القديم من العصر الجاهلي حتى القرن الخامس، وقد ذيّل الكتاب بقضايا بارزة في النقد القديم.
4. الدرس النقدي القديم بن النظرية والمصطلح د. وليد محمود خالص/ دار الوراق-الأردن.
يدرس المؤلف فيه خمس قضايا في النقد القديم:
النقد التطبيقي/ منزلة الشعر في النقد العربي القديم/ أثر موازنة الآمدي في المنهج النقدي/ أدوات الشاعر في النقد القديم/دراسة لمعجمين بلاغيين مشهورين، أحدهما لـ د. بدوي طبانة، والآخرلـ د. أحمد مطلوب.
5. دراسات في النقد العربي القديم،د. عبد الفتاح عثمان/ من دار القلم-دبي.
تحدث عن النقد القديم منذ الجاهلية وحتى القرن الخامس، مختتماً الكتاب بعرض لقضايا النقد القديم، وتأثير النقد اليوناني فيه، وقضية الإعجاز القرآني، وارتباطها بالنقد في ذلك العصر.
6. إشكالية الحداثة: قراءة في نقد القرن الرابع، د. محمد أبو شوارب.
خصّص المؤلف كتابه في دراسة مآخذ النقد في ذلك القرن على الشعر المحدث، إضافة إلى قضايا القرن الثاني والثالث المتصلة بقضية الحداثة ..
7. ابن طباطبا العلوي والتصور التداولي في الشعر، د. عبد الجليل هنوش.
وهذه دورية علمية من حوليات الآداب من جامعة الكويت ..
عبارة عن بحث تحدث فيه المؤلف عن الفهم للشعر عند ابن طباطبا من ناحية الجمال والمقام .. إضافة إلى بناء النص، وتقنيات التعبير فيه، وكذلك الشروط التي على الشاعر مراعاتها في شعره .. ويختم بصور التأثير في النمتلقي.
8. الأصمعي والنقد الأدبي، د. إياد إبراهيم .. دار الوراق- الأردن
يقع الكتاب في فصلين .. الأول عن حياة الأصمعي، وثقافته، والآخر عن جهوده النقدية .. وآراءه، ومواقفه من قضايا النقد في ذلك العصر، ومنها:
اللفظ والمعنى/ الصدق الفني/ السرقات الشعرية/ القديم والحديث/ وغير ذلك ..
ومن الكتب البارزة في مجال النقد القديم من بدايته:
9. كتاب د. إحسان عباس: تاريخ النقد الأدبي عند العرب من القرن الثاني حتى الثامن/ من دار الشروق- الأردن .. وأعتقد أن هناك طبعات من دور نشر أخرى ..
والكتاب ضخم في حجمه .. إلا أنه بحر في تأريخ النقد الأدبي القديم ..
10. وكذلك كتاب صغير للأستاذ طه إبراهيم .. موسوم بـ: تاريخ النقد الأدبي عند العرب من العصر الجاهلي إلى القرن الرابع ..
11. و كتاب للدكتور أحمد أحمد بدوي (أسس النقد الأدبي عند العرب)، نهضة مصر -القاهرة.
تحدث عن قضايا النقد الأدبي قديما، وموضوعاته، ومقاييسه، إضافة إلى نماذج من نقدهم للشعر والنثر .. مختتماً الكتاب بملحق لشرح بعض العبارات النقدية في ذلك الوقت ..
أرجو أن أكون قد أفدتك في ما طلبت ..
والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن عيبان العبدلي]ــــــــ[23 - 09 - 2005, 04:33 م]ـ
جزاك الله خيرا اختي وضحاء عل ما قدمتي و لا حرمك الله الاجر ,,
بالنسبة الى الكتب التي عرضتها انا ,, انا اقصد اسماء كتب غيرها هل يوجد؟؟ فهذا مطلبي
وجزاك الله خير الجزاء وبارك الله فيك على تقديم العون
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[23 - 09 - 2005, 04:44 م]ـ
وإياك أخي ..
أما ما ذكرت من كتب قديمة .. سأرى أيضاً .. وآتيك بخبر بإذن الله عز وجل ..
ـ[ابن عيبان العبدلي]ــــــــ[23 - 09 - 2005, 05:01 م]ـ
جزاك الله خيرا ,, وعذرا ان كنا قد ازعجناك اختي وضحاء ,, الف الف شكر لك ,, وانا في الانتظار
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[02 - 10 - 2005, 04:09 م]ـ
أخي الفاضل .. أعتقد أن ما ذكرته من كتب قديمة .. هي الموجودة الآن ..
ولكنك لم تذكر كتباً في النقد كان لها حديث في الإعجاز البلاغي ..
لقد عدّ الباحثون كتاب (ثلاث رسائل في إعجاز القرآن) من ضمنها ..
أعانك الله .. وسدّد دربك
ـ[ابن عيبان العبدلي]ــــــــ[14 - 11 - 2005, 05:57 م]ـ
السلام عليكم:
جزاك الله خيرا اختي وضحاء وبارك الله فيك ولقد استفدت كثيرا من تلك الكتب التي ذكرتيها فلك الشكر ..
ـ[هاني علي سعيد محمد]ــــــــ[14 - 11 - 2005, 11:16 م]ـ
إن كنت تقصد مكان تواجدها؟ (هذا خطأ لغوي أختي وضحاء والصحيح أماكن وجودها وفرق كبير بين وجد وتواجد وأعتقد أنه سهو منك وجلّ من لا يسهو (هاني علي سعيد _ مصر)
ـ[هاني علي سعيد محمد]ــــــــ[14 - 11 - 2005, 11:24 م]ـ
كتاب الأستاذ الدكتور مجدي أحمد توفيق (المعرفة التاريخية للنقد العربي القديم) وهو من الكتب المهمة في بابه , شبه تاريخ النقد بعمر الإنسان ,كما أفرد بابا للبلاغة ونشأتها وفلسفة البلاغة من خلال الكتب العربية مثل نقد الشعر لقدامة ,ومنهاج البلغاء وسراج الأدباء لحازم القرطاجني. وعموما سيجد القاريء متعة بعد قراءته للكتاب.
ـ[الهذلي]ــــــــ[15 - 11 - 2005, 12:37 ص]ـ
زهو العلم يودي في داهية ...
الحقيقة إني تجاوزت و"نقزت" في الموضوع ... لقد شعرت بالإرتياح كثيرا في هذا المنتدى
وكأنه مصمم لكل عشاق الثقافة أمثالي
جزا الله كل من ساهم في نمو الثقافة خيرا
وأولهم الانسة معالي
ما نقدر على زعلك أخيتي
سأقبع هنا فقط في "الفصيح".
قاله وكتبه الهذلي.
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[15 - 11 - 2005, 05:30 ص]ـ
إن كنت تقصد مكان تواجدها؟ (هذا خطأ لغوي أختي وضحاء والصحيح أماكن وجودها وفرق كبير بين وجد وتواجد وأعتقد أنه سهو منك وجلّ من لا يسهو (هاني علي سعيد _ مصر)
أشكر لك حماسك أخي الفاضل، ولكن هلاّ وضحت الخطأ اللغوي لي؟ فكلنا هنا طالبوا علم .. وجزيت خيرا على التنبيه
بانتظارك
ـ[الشمالي1]ــــــــ[09 - 02 - 2006, 12:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أنصح بكتاب سيد قطب الرائع في النقد الأدبي خصائصه ومناهجه
ولكم جزيل الشكر
ـ[أبو طارق]ــــــــ[16 - 02 - 2006, 04:44 م]ـ
أليس هناك موقع مجاني لتحميل مثل هذه الكتب؟
ـ[اسكندر سالم]ــــــــ[06 - 01 - 2009, 02:01 م]ـ
أرجو مساعتي في العثور على دراسات عن النقد العربي القديم " أستطيع تحميلها " مع العلم أنني بحثت كثيرا ولم أوفق
ولكم جزيل الشكر
ـ[اسكندر سالم]ــــــــ[06 - 01 - 2009, 02:10 م]ـ
شكرا لكم
ـ[أبووجد]ــــــــ[07 - 01 - 2009, 01:34 ص]ـ
أختي وضحاء: طالبي علم وليس: طالبوا علم
ـ[الحصماني]ــــــــ[08 - 01 - 2009, 04:32 م]ـ
اليك عزيزي اهم كتاب عالج النقد القديم وقضاياه
"في النقد الادبي القديم عند العرب -مصطفى عبدالرحمن ابراهيم
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=1258
ـ[حسن الغالبي]ــــــــ[10 - 02 - 2009, 02:43 م]ـ
الحصماني
بارك الله فيك
وأثابك على ما طرحت
وجزاك عنا وعن كل من
استفاد من عملك خير الجزاء
تحياتي وتقديري وأطيب تمنياتي.
ـ[زلدا]ــــــــ[14 - 05 - 2009, 08:46 م]ـ
مشكووور على الكتاب القيم
ـ[الباز]ــــــــ[14 - 05 - 2009, 10:43 م]ـ
و هنا كتيب مختصر قد يفيد:
مقاييس جودة الشعر في النقد العربي القديم ( http://alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=43568)
ـ[الماستر999]ــــــــ[28 - 10 - 2009, 08:13 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك
ـ[عمر مصطفى]ــــــــ[17 - 01 - 2010, 09:01 م]ـ
بارك الله فيك، وجزاك خيرا(/)
اسعفوني عن معارضة البرودني لأبي تمام
ـ[النابغة الزهراني]ــــــــ[04 - 10 - 2005, 06:00 ص]ـ
اولا/ ابارك لكم بشهر رمضان الكريم
ثانيا/ اود معرفة قصيدة عبدالله البردوني التي عارض فيها قصيدة ابو تمام بعنوان (ابو تمام وعروبة اليوم) هل تعتبر معارضة؟ واذا كانت معارضة فهل استوفت شروط المعارضة؟ وهل للنقاد آراء في ذلك؟
ثالثا/ ما الشروط اللازمه للمعارضة الشعرية؟
رابعا/ اتمنى احالتي ان امكن لبعض المراجع من خلال شبكة الانترنت ودمتم في رعاية الله(/)
عبدالله الناصر مقاليا
ـ[النابغة الزهراني]ــــــــ[11 - 10 - 2005, 08:57 م]ـ
اخواني اود الاستفاده من خبراتكم ان امكن
عن الكاتب عبدالله الناصر الذي يكتب في جريدة الرياض
حيث اتمنى من الجميع المشاركة في هذا الموضوع
حيث سوف نقوم بمحاور ونجعلها ندوه نشارك فيها جميعا
اول محور نتكلم فيه عنوان مقالاته هل هي متربطه مع الموضوعات؟
اتمنى مشاركة الجميع
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[12 - 10 - 2005, 03:26 ص]ـ
هل أنت في المستوى الثامن لدى د. حبيب؟
ـ[النابغة الزهراني]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 11:11 م]ـ
نعم انا احد طلاب د/حبيب
ولكن مافائدة السؤال؟؟!!!!!!!!!!!
ـ[النابغة الزهراني]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 07:14 م]ـ
انا هنا لم آتي لسرقة افكار الغير وطرحها في موضوع الندوة وانما اردت آخذ استبيان لأقدمه
طرحاً علما بأني سأقوله مرجعا من هذا المنتدى
عموما اشكرك المبادرة معي في انجاح هذه الندوه ولك مني فائق الاحترام والتبجيل
لك يدي امدها فمد يدك لي الآن
فأنا تلميذ صغير يطمح بأبداع كثير(/)
ماذا يعني قولكم "منّقول"؟
ـ[يوسف صباح]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 01:55 ص]ـ
بعد تحية عطرة وتهنئة بالعيد،
أرجو من المشرف توضيح معنى كلمة "منّقول" التي وضعت بجانب مشاركة وضعتها للنقد؟ ولماذا؟
حيث أنها لا تنافي مبادئ هذا المنتدى الذي عشقته وعشقت فيه حرية التعبير
أتعني بذلك أنها مسروقة؟ أم أنها لا تصل إلى المستوى المطلوب؟
أرجو توضيح ذلك
ولكم الشكر جميعاً
ـ[لخالد]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 10:58 ص]ـ
القصيدة نقلت إلى قسم آخر به مختصون ربما لن يروها إن بقيت في القسم الذي وضعت فيه , بكل بساطة.
حل العيد باكرا هذاالعام: d
ـ[يوسف صباح]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 01:54 ص]ـ
أعتذر هي تهنئة بالشهر الفضيل
ولكن أين نقلت؟
ـ[معالي]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 03:43 ص]ـ
أخي الكريم يوسف
لاتجزع!
هذه هي مشاركتك وقد نُقلت إلى منتدى الإبداع .. وقد أتحفك أستاذنا القيصري بردّ وتفاعل جميل كما هي عادته ..
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=8287
فيض تحية(/)
قصة عربية وأجنبية في آن
ـ[بيان]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 02:22 ص]ـ
:::
أريد عمل مقارنة لقصة ألفها مؤلف عربي ونفس القصة ألفها مؤلف أجنبي
فمن يستطيع تزويدي بعناوين قصص لها أكثر من مؤلف؟؟
وشكرا
ـ[زيد الخيل]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 03:07 م]ـ
السلام عليكم
أخى العزيز بيان
يمكنك ان تقارن بين مسرحية (بيجماليون لبرناردشو) ومسرحية (بيجماليون لتوفيق الحكيم)
كما يمكننى من مساعدة ببعض المقالات النقدية
ونسأل الله ان يعلمنا ويعلمكم
ـ[بيان]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 07:35 م]ـ
شكرا للمساعدة يا اخ زيد الخيل
ولكن انا افضل القصص في مثل هذه المقارنات فان امكنك تزويدي بذلك فلك جزيل الشكر
ـ[لخالد]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 01:30 ص]ـ
قصص les fables لكاتبها la fontaine على لسان الحيوان مثل
كليلة و دمنة.
أعذرني فقط لا أذكر منها التي تتشابه. والكاتب فرنسي
ـ[بيان]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 04:12 م]ـ
شكرا لك أخ لخالد
ولكن هل قصة كليلة ودمنة لمولف عربي أم مترجمة؟
أخ زيد الخيل إذا سمحت كيف يمكنك مساعدتي ببعض المقالات النقدية للمسرحية المذكورة
أتمنى منك المساعدة بأسرع وقت
ـ[النابغة الزهراني]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 07:26 م]ـ
كليلة ودمنه من الأدب الهندي ونقلت الى الفارسي ثم نقلت الى الأدب العربي وكان عبدالله بن المقفع اول من كتبهافي الأدب العربي وهي قصص على ألسنة الحيونات واختلف ايضا في مرجعها وقيل انها ادب يوناني ثم نقلت الى الأدب الفارسي ثم بعد ذلك الى الأدب العربي والله اعلم المرجع كتاب اللأدب العباسي الأول لشوقي ضيف
ـ[زيد الخيل]ــــــــ[28 - 10 - 2005, 11:11 م]ـ
السلام عليكم
أختى العزيزة: بيان
هل وصلتك الرسالة الخاصة التى ارسلتها اليك التى بها مقارنة بين مسرحية (بيجماليون لبرناردشو) ومسرحية (بيجماليون لتوفيق الحكيم)
ونسأل الله ان يعلمنا ويعلمكم
فارس العربية الخـ زيد ـــــــــيل(/)
سلو ظبية الوادي، لحسام الدين المحاجري، قصيدة لطيفة
ـ[السوسني]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 01:48 م]ـ
قال حسام الدين الحاجري
سَلوا ظَبيَةَ الوادِ الَّتي فَقَدتَ خَشفا ألاَهل لِنارٍ من تَضَرُّمها يُطفى
وَقولا لِوَرقاءِ الأَراكَةِ عِندَها مِنَ الشَوقِ ما عِندي إِذا فَقَدتُ إلفا
وَهَيهات مِثلي بِالغَرامِ مُتَيَّمٌ يُرى كُلَّ يَومٍ في صَبابَتِهِ الحَتفا
خَليلَيَّ عوجا نَسأَلُ الرَكبَ حاجَةً بِنَجدٍ فَأَنا قَد عرَفنا بِه عَرفا
وَلا تَعذُلاني أَن لَثمتُ أَراكَةً تَميلُ فَمن سَلمى تَعَلَّمت العطفا
ألا تلاحظون أيها السادة الكرام، أن كل من اكتوى بنار الغرام، لا يرى أن مثله قد أصيب بالوجد والشوق، ولا سبقه أحد بمثل هذا الذوق، ولا يظن ان يلحقه أحد بالصبابة، فيا لأمر المحبين لما فيه من الغرابة.
الا ترون ما يقول حسام الدين:
وَهَيهات مِثلي بِالغَرامِ مُتَيَّمٌ يُرى كُلَّ يَومٍ في صَبابَتِهِ الحَتفا
كم قالها قبله من شاعر، وكيف نَفَسَتْ بها نفوس بعده لها مآثر؟
وإني لا زلت أتعجب من زعم كل واحد منهم ان الفرد في ذلك الضنى والتعب، وأنه لا يساويه أحد فيما لقي من اللغب.
فهل من محلل لنا هذه القصيدة / ومبين لنا هذا المذهب العجيب في الشعراء؟
ومن عجائب الشعراء المحبين وجدانهم في الروائح، وابداعهم في تصويرها في أشعارهم، فهذا الحاجري يقول:
خَليلَيَّ عوجا نَسأَلُ الرَكبَ حاجَةً بِنَجدٍ فَأَنا قَد عرَفنا بِه عَرفا
فهل في مثل هذا بحث ناقد؟
إن بين تداعي المعاني والسرقات الشعرية خيط دقيق رفيع، لا يدركه إلا ذواقة فاقه في المعاني، لبيب في إدراك الفروق فيها، لا تخطئه حافظته في أنه قد سمع هذا المعنى من قبل عند شاعر فحل.
فليت من يبين لنا الفرق بين تداعي المعاني في الشعر، والسرقات الأدبية.
، وهذه ترجمة موجزة للحاجري منقولة من موسوعة الشعر الصادرة من المركز القافي في أبو ظبي
حسام الدين الحاجري
? - 632 هـ / ? - 1235 م
عيسى بن سنجر بن بهرام بن جبريل بن خمارتكين بن طاشتكين الإربلي حسام الدين.
شاعر مشهور بلقبه دون اسمه، وقد لقب بالحاجري نسبة إلى حاجر وهي بلدة بالحجاز ولم يكن منها، ولكنه ذكرها كثيراً في شعره.
عاش منحوساً ومات مقتولاً، ولد ونشأ في إربل ولم يشارك في الأحداث التي جرت في حياته، عاش
وقد تناول في شعره الغزل الذي كان جل شعره فيما يعانيه من عشق وصبابة وقد كان ملماً بفروع الثقافة العربية، وكان غزير الشعر، شهد له الكثير من الأدباء وكتاب التراجم بأنه شاعر مجيد.
وقد كان جندياً من أولاد أجناد الأتراك.
له (ديوان شعر ـ ط).(/)
مقاربات تطبيقية في الأدب المقارن الجزء الاول
ـ[زيد الخيل]ــــــــ[24 - 10 - 2005, 12:48 ص]ـ
المقدمة:
يتيح لنا الأدب معرفة الإنسان في الإنسان، كما يقول دوستويفسكي، وعبر هذه المعرفة يبرز لنا الجوهر المشترك للإنسان، عندئذ ننطلق إلى عالم الأخوة التي تجمع الأنا بالآخر.
ولو تأملنا هذا الجوهر لوجدناه لا يتبلور إلا بالتفاعل مع الآخر، من هنا تبرز أهمية الدراسات الأدبية المقارنة التي تقدم علاقاتنا مع الآخر وحوارنا معه، وبذلك باتت تشكل اليوم إحدى صور العلاقات بين الأمم التي تسهم في حوار الحضارات، ولاشك أن مثل هذا الحوار يعترف بالآخر شريكنا في بناء الحضارة، لا الآخر المستعمر الذي يبغي إلغاء هويتنا وتدميرنا!
إن هذا القول يعني أولا نبذ التعصب، وعقد ة التفوق، ويعني الانفتاح على إنجازات الآخرين، فالإبداع ليس حكرا على أمة بعينها، وإنما ملك الإنسانية جمعاء، لذلك من البديهي أن يكون الإبداع وليد الانفتاح على حضارات أخرى، وعدم العزلة، لأن العزلة تعني إغراقا في الذات وابتعادا عن معطيات العصر، وبالتالي تخلفا أو في أحسن الأحوال دورانا حول الأنا القومية، والمبالغة في إنجازاتها وغض الطرف عن سيئاتها وما تعانيه من أمراض الجهل والتخلف، فأي تطور لا بد له من الاطلاع على إنجازات الآخر الذي سبقنا في مجال العلم كما سبقنا في مجالات الأدب والدراسات النقدية، فالتعلم ممن سبقنا مرحلة لا بد منها في البداية، والتعلم شئ والتقليد شئ آخر، لأن التعلم خطوة أولى نخطوها نحو التطور والحياة، لكن التقليد خطوة نهائية نخطوها نحو الموت، عندئذ نبرز عجز الأمة عن تجاوز الآخر، فأي إبداع أصيل قد يحوي تأثرا بالآخر لكنه يحتوي في الوقت نفسه خصوصيته، أي بصمته الخاصة.
إن التأثر بالآخر أمر لا مفر منه اليوم، شئنا أم أبينا، ففي عصر الاتصالات الحديثة والمذهلة في سرعتها، يغزونا الآخر في عقر بيوتنا، بغية مسخ شخصيتنا، كي نكون تابعين له لا مبدعين مثله، المهم أن نعي أهمية أن نكون أنفسنا وضرورة الثقة بها، ولن تتحقق هذه الثقة إلا بالتمسك بكل مقوماتنا الشخصية التي صنعت لنا حضارة خاصة، وجعلتنا نمتلك صوتا متميزا في هذا الكون، هو صوت الإبداع.
إننا اليوم أحوج ما نكون إلى الإبداع في المجالات كافة، وهذا لن يكون إلا بالاستفادة من إنجازات الأجداد الذين سبقونا والمعاصرين الذين نعايشهم ليتم تجاوزها إلى أفق رحبة تفسح المجال للمشاركة في التطور الإنساني، فنكون أبناء عصرنا فاعلين في حضارته، عندئذ لن يستطيع أي غزو أو مؤثر خارجي إلغاء شخصيتنا أو طمس هويتنا.
من هنا تبرز أهمية الدراسات المقارنة، إذ تتيح لنا معرفة ذواتنا والثقة بأنفسنا، إذ نستطيع أن نستجلي عبرها الدور الذي قامت به حضارتنا الإسلامية في بناء الحضارة الإنسانية، فنكتشف أننا لم نكن عالة على الآخر، بل على النقيض كان هذا الآخر عالة علينا، لذلك نستطيع اليوم أن نرى أنفسنا بموضوعية عبر مرآة الدراسات الأدبية المقارنة، فنرى مدى ما أصاب هذه الصورة من تشوه أو جمال.
تبرز خطورة الأدب في كونه يؤثر في وجدان المتلقي عبر لغته الجميلة، كما يؤثر في عقله عبر أفكاره ومثل هذا التأثر لن يكون تأثرا بسيطا، ينسى بعد لحظات، إنه تأثر يحفر عميقا ليؤثر في بناء الشخصية من الداخل، وينعكس على سلوكها ومجمل القيم التي تتبناها في حياتها.
ولعل اقتران مصطلح المقارنة بالأدب يسعف الباحث بأدوات عقلية نقدية، تبرز الجميل والمفيد، كما تبرز المسيء لأذواقنا والمشوّه لبناء شخصيتنا، كما أن استخدام المقارنة يفيد في تلمس مواطن الإبداع في الأدب نجدها تفيد في تلمس مواطن التقليد فيه! أي تفيد في معرفة كيفية تلقي المؤثرات الأجنبية ومدى اعتمادنا على الآخر وتقليده (حين نبحث في الصفات المشتركة بيننا وبينه) ومدى اعتمادنا على ذواتنا وتأسيس أدبنا على الابتكار! (حين نبحث عن الصفات الذاتية التي كونت أدبنا) فيكون تأثرنا بالآخر تأثرا إبداعيا، يستفيد من إنجازاته، ويستطيع تجاوزها بفضل الإبداع.
(يُتْبَعُ)
(/)
سيتناول هذا البحث نماذج تطبيقية في الدراسات المقارنة، تحاول أن تتوقف عند نماذج متعددة للتأثر بالآخر (التأثر بالأسطورة كأسطورة بغماليون في الأدب العالمي (مسرحية برناردشو) وفي الأدب العربي (توفيق الحكيم، جورج سالم)، والتأثر بالرواية الحديثة كرواية فوكنر " الصخب والعنف" (غسان كنفاني) والتأثر بالفكر الوجودي (زكريا تامر) الذي تأثر برواية كامو "الغريب")
ومن جانب آخر سيتناول هذا البحث نموذجا لتأثير أدبنا القديم بالآخر الغربي (ابن طفيل "حي بن يقظان" في "روبنسون كروزو" لدانييل ديفو) كما ستتناول (الصورولوجيا: imagologie) أي صورة الآخر في أدبنا القديم (صورة الفرس في بخلاء الجاحظ) كذلك سنتوقف عند أحد النماذج الأدبية المدهشة التي قدّمها الأدب الغربي (نموذج القاتل الشريف في مسرحية شكسبير "عطيل" ورواية دوستفسكي "الجريمة والعقاب")
سنتبع في هذا الدراسة التطبيقية كلا من المدرستين الفرنسية والأميركية، مما يتيح لنا مرونة منهجية في البحث، فندرس النصوص وفق عوامل التأثر التاريخية والشخصية فنتبع خطى المدرسة الفرنسية تارة، وتارة أخرى لا نتقيد بهذه العوامل فننطلق باحثين عن جماليات الأدب دون الإمعان في مظاهر التأثر التاريخية والعوامل الشخصية فنتبع خطى المدرسة الأميركية في الدراسات المقارنة.
إن هذه الدراسة لا يمكن لها أن تدعي الكمال، فهي محاولة متواضعة في الدراسات المقارنة، تحاول أن تمهد هذا الطريق الشائك أمام دراسات أكثر عمقا.
تأثير أسطورة بغماليون في الأدب العالمي والعربي
سنحاول في البداية تقديم تعريف للأسطورة، يمهد الطريق أمام دراستنا المقارنة، ويبرز أبعاد استخدامها في الأدب، وما تضفيه من جمالية خاصة عليه.
إن أكثر الحضارات تملك قصص نشأة أو أساطير خلق، فهي "تروي تاريخا مقدسا، تروي حدثا جرى في الزمن البدئي، الزمن الخيالي، هو زمن البدايات، بعبارة أخرى، تحكي لنا الأسطورة كيف جاءت حقيقة ما إلى الوجود، بفضل مآثر اجترحتها الكائنات العليا، لا فرق أن تكون هذه الحقيقة كلية كالكون مثلا، أو جزئية كأن تكون جزيرة أو نوعا من النبات أو مسلكا يسلكه الإنسان أو مؤسسة.
إذن هي دائما سرد لحكاية "خلق" تحكي لنا كيف كان إنتاج شئ، كيف بدأ وجوده ... " (1)
هناك أنواع متعددة للأساطير منها:
1_ الأسطورة العليا: أسطورة الطوفان والخلق الأول، وهي تعبر عن نظام للعالم تصوره الإنسان نتيجة لموقف اتخذه يختلف عن موقفنا اليوم.
2_ الجولة البطولية مثل سيرة هرقل الأوديسة وهي أقل عمقا من الأسطورة السابقة لأنها ترتكز على إبراز شعب ما أو مكان ما أو شخص ما.
3_ الخبر الأسطوري الذي يروي حوادث تشبه الحوادث التاريخية، وكانت تعد عند أصحابها الأولين تاريخا (مثل اختطاف باريس الطروادي لهيلين) هنا تبدو الحوادث مقصودة لذاتها.
4_ الحكاية التشخيصية التي تفسر قصة أسطورية (كأسطورة بغماليون)، أو تضحية أو تسمية لمكان أو ظواهر الطبيعة، أو بعض المكتشفات الأولى مثل تفسير انتشار زراعة القمح على يد ديمترا ...
5_ الطرفة أو الأقصوصة التي تثير الحماسة أو الضحك ولا تحتوي على أي مدلول أخلاقي أو كوني.
كذلك هناك شخصيات تاريخية وجدت فعلا، لكن المخيال الشعبي حولها عبر الزمن إلى أسطورة (عنترة، كليوباترة، جان دارك، شارلمان ... ) فهي شخصيات باتت أسطورية حين استمدها الأدباء من التاريخ القديم، فأعملوا فيها خيالهم تغييرا وتحويرا، كما أن هناك شخصيات تاريخية حديثة باتت أقرب إلى الأسطورة (نابليون، غاريبالدي، بسمارك ... )
ومهما يكن التفاوت بين الأصناف من حيث الدلالة فإن أكثرها قد اكتسب على مر التاريخ دلالات حية وغنية ومتطورة حسب القيم التي يريد الأدباء أو المفكرون أن يعبروا عنها بوساطة الأسطورة، ومما ساعد على حيوية الأسطورة واستمراريتها عدم إحاطتها بالقداسة، فهي تهتم بنشأة المعنى وقد التصق بالحلم، من هنا ترتبط الأسطورة ارتباطا وثيقا بالتراث، بوصفه ذاكرة وتأويلا للماضي من جهة، وترتبط بالمستقبل بوصفها حلما (يوتوبيا) يعنى بالمستحيل والممكن معا من جهة أخرى، وكما يقول بول ريكور: إن من "دون نظرة الأسطورة التراجعية تحرم الثقافة من ذاكرتها، ومن دون نظرتها التطلعية تحرم من أحلامها، وقد تؤدي الأسطورة، في أفضل أحوالها، وظيفة تفاعل إبداعي بين دعاوى التراث
(يُتْبَعُ)
(/)
واليوتوبيا ... " (2)
وعلى هذا الأساس لن تكون الأسطورة حنينا لزمن مضى، وعوالم منسية، بل إنها تشكل على حد تعبير ريكور "كشفا لعوالم غير مسبوقة، وانفتاحا على عوالم أخرى تسمو على حدود عالمنا الفعلي والمستقر" مما يؤدي إلى إحياء اللغة وتجديدها، فتبدو في نسق رمزي يؤسسه الخيال والحلم.
لذلك لن تنتهي فعالية الفكر الأسطوري في عصر العلم الذي نعيشه، وقد يبيّن لنا علي حرب أن الأسطورة "بعد من أبعاد الوعي الإنساني "ذلك أن الإنسان ينزع إلى تفسير الطبيعي بما وراء الطبيعة، ويخلع على الثقافي طابعا أزليا، ويخفي الطابع الأناسي لابتكاراته ولغاته ... وهو يبحث دوما عن نظام خلف الفوضى، ويتصور برنامجا لكل نمو وتطور ويكتشف مقاصد وراء الأحداث، ويقرأ معنى فيما لا معنى له، فالأسطورة هي ولّادة المعاني، ومحرك الجموع وقابلة التاريخ، ولا زوال لها إلا بزوال المعنى إنها تفعل في مملكة الإنسان، والعلم يفعل في مملكة الأشياء" (3)
يمكن للأسطورة أن تؤدي وظيفتين إيجابيتين يفضي الإخلال بهما إلى وظيفتين سلبيتين، فهي لكونها أيديولوجيا يمكن أن يحولها الإفراط في هذا الجانب إلى وظيفة تبريرية سلبية تدافع عن كل ما هو كائن، بدلا من ممارسة نقده، أما الإفراط في اليوتوييا فيحولها إلى وعي زائف يموه به المجتمع على نفسه، بدلا من اكتشاف ما يعوّق كينونته وتطوره!!
لو تأملنا البطل الأسطوري للاحظنا أنه كائن متفوق، ينتمي لعالم غير عادي، إنه أشبه بـ (إله) وتكشف لنا الأساطير عن الفعالية المبدعة لهذه الكائنات، وتميط اللثام عن قدسية أعمالهم (أو عن مجرد كونها أعمالا خارقة) عرفانا بفضلها في أزمنة البدايات، باختصار إنها تصف (كما يقول مرسيا إلياد) " أوجه تفجر القدسي في العالم"
تعد الأسطورة خارج الأصناف الأدبية الطبيعية عادة، إنها رافد مهم للأدب، لمسنا فاعليتها منذ الأدب اليوناني، فقد اعتمد عليها أدباء المآسي (أسخيلوس وسوفوكليس ويوربيدس) والملاحم فـ (هوميروس) مثلا استطاع أن يتناولها بحرية، مما مهد الطريق أمام الآخرين الذين أتوا بعده واستطاعوا أن يقدّموها من خلال قناعاتهم وأهدافهم، لأنها لم تحط بها هالة من القداسة، وقد امتد هذا التناول الحر للأسطورة في الأدب الروماني.
إننا نستطيع القول بأن الأسطورة قد شكلت فضاء الأدب الحديث بأجناسه المختلفة (شعر، قصة، مسرح) بل امتد أثرها إلى العلم (كعلم النفس) وكذلك نجد كثيرا من النقاد المحدثين يرون أن من جماليات الرواية الحديثة أن تبنى بناء أسطوريا.
أسطورة بغماليون:
كان بغماليون ملكا على قبرص، ونحاتا بارعا، قضى معظم حياته عزبا إلى أن صنع تمثالا عاجيا لامرأة جميلة، فأسقط حبه للمرأة على هذا التمثال، لذلك دعا الآلهة أفروديت (آلهة الجمال والخصب عند اليونان) أن تحييه، فاستجابت لدعائه، فكانت (غالاتيا) التي تزوجها وولدت له (بافوس) مؤسس مدينة قبرصية دعيت باسمه (4)
تقدم هذه الأسطورة أعماق كل فنان، إنه يحس بروعة ما أبدعه، كما يحس بأن فنه هو ذاته لذا يرغب في التوحد معه، نظرا لفرادته وروعته، لذلك يستحق أن ينبض بالحياة وينال الإعجاب والخلود.
إن أول من تحدث عن أسطورة بغماليون هو أوفيد الروماني في قصصه "المسخ" ثم تناولها شعراء وكتاب من مختلف الآداب، وخاصة من الإنكليز كالشاعر جون مارستون في قصيدته "نفخ الروح في صورة بيغماليون" (5)
وقد كانت هذه الأسطورة موضوعا أثيرا في عصر النهضة، ثم في العصر الحديث (مسرحية برناردشو التي تحمل عنوان الأسطورة نفسها "بغماليون ومسرحية توفيق الحكيم التي حملت أيضا الاسم ذاته للأسطورة أيضا) سنتوقف في هذه الدراسة عند هذين الكاتبين، وسنبدأ بمن سبق في التأثر بهذه الأسطورة (برناردشو) الذي أثّر بتوفيق الحكيم، كما أثّرت الأسطورة تماما. (6)
مسرحية بغماليون لبرناردشو:
(يُتْبَعُ)
(/)
ظهرت مسرحية (بغماليون) لبرناردشو عام (1912) وقد كان بطلها (هيجنر) عالما متخصصا في دراسة الأصوات، يعجب أثناء توقفه في المحطة بلهجة بائعة الزهور (أليزا) إذ إنها بلهجتها غير المدنية تتيح له الفرصة لدراسة الأصوات، ومعرفة مدى قدرته على تحويل اللهجة الريفية إلى لهجة مدنية، فيعرض عليها فكرة تحويلها إلى سيدة من المجتمع الراقي، تعجبها الفكرة فتوافق، وحين يلقنها دروسا في قواعد اللغة والإلقاء والحديث، تستوعبها بذكاء، وبما أن تعليم الأصوات يتطلب تعليم النحو، ولابد من أجل تعلم النحو على طريقة سليمة من تهذيب الفكر والإحساس، أي يستلزم تعلم اللياقة الاجتماعية، وبمثل هذا التعلم استطاعت الفتاة الظهور في المجتمع بوصفها (دوقة) وهكذا استطاع (هيجنر) أن يصنع من الفتاة الفقيرة المعدمة أميرة أرستقراطية، كما استطاع (بغماليون) أن يصنع امرأة من تمثال.
لكن عند (برناردشو) برزت معاناة الفتاة التي انتقلت بفضل العالم (هيجنر) من طبقة فقيرة إلى طبقة غنية، فعاشت صراعا بين القيم التي نشأت عليها، وبين قيم حياة جديدة، لا ترأف بالإنسان، بل تنظر إليه بصفته أداة لتحقيق المآرب، فقد وقعت في حب أستاذها (هيجنر) في حين لم ينظر إليها إلا نظرة العالم لموضوع دراسته، فهي تنتمي إلى طبقة غير طبقته، لذلك لن يستطيع الزواج منها، ينتهي الصراع النفسي في أعماق الفتاة بأن ترفض البقاء في تلك الطبقة المزيفة، وتفضل الزواج من سائق أجرة، فقد باتت تحتقر تقاليد الطبقة الارستقراطية التي تقوم على الزيف والتفاهة، وتتزوج رجلا من طبقتها.
إذا تلتقي هذه المسرحية بالأسطورة في هاجس تحويل المرأة، التي يراها (هيجنر) أشبه بتمثال، من حال إلى حال، عبر قدراته الإبداعية في العلم، التي أتاحت له استخدام علم الأصوات في تحويل المرأة، كما أتاح الفن في الأسطورة تحويل المرمر إلى امرأة جميلة.
ومما ساعد على تلمس هذا اللقاء، أن الكاتب وضع عنوانا لمسرحيته يشير إلى الأسطورة التي استفاد منها في فكرة التحويل فقط.
أما أجواء المسرحية فقد بدت لنا أجواء واقعية، تنطق بهموم الإنسان المعاصر وأزماته في عصر العلم، بعيدا عن أجواء الأسطورة وتفاصيلها، فالفنان بغماليون أصبح عالم صوتيات (هنري هيجنر) أما التمثال (غالاتيا) فيصبح امرأة فقيرة تبيع الزهور (أليزا) فالإبداع هنا في تحويل الفتاة الريفية إلى امرأة أرستقراطية بتدريبها على لغة غير لغتها وعادات غير مألوفة لديها.
لو تأملنا تعامل الفنان (بغماليون) مع التمثال الذي أبدعه للاحظنا شغفه به إلى درجة التوحد معه، والطلب من الآلهة تحويله إلى كائن بشري يتزوجه، في حين لاحظنا (هيجنر) يتعامل مع (أليزا) بجفاء وآلية، إلى درجة يلغي إنسانيتها وأحاسيسها، رغم أنها أحبته، وأظهرت ذكاء شديدا من إنجاح التجربة، لعلها تفوز بإعجابه فيقدم على الزواج بها، لكن (هيجنر) يرفض هذا الزواج، على نقيض الأسطورة، لأنها مازالت في ذهنه صنيعة له، لا يمكن أن تصل إلى مستوى طبقته، فهي ابنة الوحل، مهما أبدت من إمكانات عظيمة، وبذلك يدين الكاتب وممارسات الطبقة الارستقراطية وأفكارها سواء بتصوير تناقضاتها، حين تقول شيئا وتفعل شيئا آخر (يعلم هيجنر أليزا القواعد والأصول الاجتماعية كأن تتحدث بصوت منخفض لكنه لا يلزم نفسه بها) أم بتعريتها من المشاعر الإنسانية، إذ تبدو مغرقة في أنانيتها، فلا تهتم إلا بذاتها وما حققته من انتصارات في تجاربها العلمية، وبذلك يقف من أليزا موقف العالم الذي يتجرد من عواطفه، ويرى في العقل المجال الوحيد لحياته، كما يقف منها موقف الإنسان الطبقي الذي يرفض رؤية أبناء طبقات الفقيرة أندادا له.
لعل (برناردشو) يرى أن إعجاب الفنان بفنه إلى درجة التوحد، والرغبة في التواصل الأبدي معه يعبر عن موقف رومنسي (كما حصل في الأسطورة) فهو يريد من الأديب أن ينأى بعواطفه الخاصة عن شخصياته، فيتيح لها فرصة التعبير عن ذاتها بحرية، وهذا ضروري في اعتقادنا، في الفن المسرحي والقصصي، لكن ذلك يبدو صعبا في الشعر الغنائي، إذ لا يمكن أن يفصل الشاعر بين فنه وذاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن الطبقة الاجتماعية لدى (برناردشو) الاشتراكي ليست لغة وعادات (أتقنتها أليزا) وإنما هي مجموعة أفكار راسخة تجعل من الصعب ردم الهوة بين الطبقة الدنيا والطبقة العليا، ومثل هذا الردم لن يكون بجهود فردية، إنه بحاجة إلى جهود جماعية ومؤسسات ثورية، لذلك رأى الكاتب الاشتراكي لقاء هاتين الطبقتين بشكل حقيقي وجوهري لقاء مستحيلا، فكان اللقاء بينهما لقاء شكليا مزيفا، ولم يتحول إلى زواج، الذي، ربما، يعني توحدا بين الطبقات ومساواة في الإنسانية.
لعل من أبرز سمات الكاتب المسرحي (برناردشو) استخدامه أسلوب السخرية في التعبير عن احتقاره للطبقة الارستقراطية، فأبرز بشاعتها، حين ألغت المشاعر من حياتها، وحين استخدمت لغة غير لائقة في حين كانت تعلم اللياقة والذوق للآخرين، وقد أبرز الكاتب هذه التناقضات عن طريق الحوار الساخر، الذي ينبض بالمواقف المتناقضة واللغة المبتذلة (مثلا يقول هيجنر لمديرة منزله مسز بيرس: خذيها ونظفيها بصابون الزفر إذا لم تنفع طريقة أخرى. هل النار موقدة في المطبخ .. اخلعي عنها كل ملابسها واحرقيها ... فتجيبه مديرة منزله "صحيح يا سيدي! إذن اسمح لي أن أطلب منك ألا تنزل لتناول إفطارك لابسا الروب أو على الأقل لا تستعمل أكمامه بدل الفوطة كالعادة" (7) بل نجد لدى هذه الطبقة تصرفات غير لائقة ينتفي فيها العقل لصالح التقليد (نجد مثلا ابنة العائلة الارستقراطية "أينزفوردهل" تقلد لغة أليزا السوقية وفي ظنها أن الفتاة تنطق لغة الطبقة الراقية التي مازالت تجهلها) وهو بهذه السخرية يحاول أن يهزّ أركان المثل الأعلى للمجتمع الراقي، رغبة منه في بناء حياة أصيلة تبدو قيمة الإنسان فيها بعمله، لا بما يملك من دماء زرقاء وأموال.
تتجلى براعة (شو) في كونه يمنح أبطاله حرية التعبير عما يجول في أعماقهم من أفكار ومشاعر، فيحاول أن يكون حياديا كي يتيح الفرصة لمن يخالفه الرأي (هيجنر) كما يتيحها لمن يوافقه الرأي، وإن بدا لنا متعاطفا مع الشخصية الفقيرة (أليزا) ساخرا من الشخصية الغنية ومثل هذا الموقف لا يمكننا أن نلومه عليه، لأنه جزء من تكوينه الفكري والنفسي.
مسرحية "بغماليون" لتوفيق الحكيم:
يعترف توفيق الحكيم في مقدمة المسرحية بأن أول من كشف له عن روعة أسطورة بغماليون ليس عملا مسرحيا، وإنما عملا تشكيليا هو لوحة زيتية تدعى "بغماليون وغالاتيا" بريشة الفنان "جان راوكس" المعروضة في متحف اللوفر ... وبعد فترة من الزمن كاد ينسى الأسطورة، لكن رؤيته لعرض فيلم عنها من تأليف برناردشو ذكّرته بها لذلك وجدناه يقول "عندئذ تيقظت في نفسي الرغبة القديمة، فعزمت على كتابة هذه الرواية ... وقد فعلت وأنا أعلم أن هذه الأسطورة قد استخدمت في كل فروع الفن على التقريب ... ولابد أنها أفرغت في مسرحيات عدة فيما أعتقد ... إني أعالج إذن أسطورة مطروقة في الآداب والفنون العالمية ... ومع ذلك من يدري؟ ربما لحظ بعض النقاد أن "أهل الكهف" المقتبسة من القرآن الكريم، وشهرزاد المستلهمة من "ألف ليلة وليلة" و"بغماليون" المنتزعة من أساطير اليونان ... ليست كلها غير ملامح مختلفة في وجه واحد؟ " (8)
يلاحظ أن توفيق الحكيم لم يعترف بتأثره بمسرحية برناردشو وإنما بالفيلم الذي اقتبس منها وبالأسطورة اليونانية، مع أنه من المرجح عودته للمسرحية الجنس الأدبي الذي نسج على منواله والذي يشكل مجال إبداعه، كما يلاحظ أن هذه المقدمة تفصح عن ارتباك المصطلح المسرحي لدرجة يطلق على المسرحية مصطلح "الرواية" ومثل هذا الارتباك قد يعني أن هذا الفن مازال في بداياته لم ترسخ أسسه في أذهان المؤلفين قبل المتلقين، وأن التأثر بالآخر أمر مفروغ منه سواء اعترف المؤلف أم لم يعترف، لكن الملاحظ أن الحكيم يعلن تأثره بالأسطورة اليونانية كما يعلن تأثره بالتراث الإسلامي دون أي حرج وإن كان يلمح إلى أن هذا التأثر لن يفلح في إلغاء أصالته الإبداعية ووجهه الحقيقي سنرى مدى صدق هذا القول من خلال دراسة تفصيلية للمسرحية تبرز علاقة هذه المسرحية بأسطورة بغماليون وعلاقتها بمسرحية برناردشو.
(يُتْبَعُ)
(/)
يحسن بنا في البداية أن نطلع على أهم المعالم الرئيسية في مسرحية الحكيم، فقد تحول التمثال الحجري الذي أبدعه بغماليون، بناء على دعائه وابتهالاته للآلهة "فينوس" (آلهة الحب والخصب عند الرومان) إلى امرأة تدعى (غالاتيا) فقد عشق الفنان تمثاله إلى درجة يتمنى معها لو تنبض الحياة فيه، كي يتمكن من الارتباط الأبدي به عن طريق الزواج، وبذلك يعيش بغماليون سعادة تحقق الأحلام، لكن دوام الحال من المحال فقد سئمت غالاتيا حياتها الرتيبة وباتت تنطلق مع (نرسيس) عبر الحقول في لهو بريء، لكن بغماليون يظن أنها غدرت به، فيغضب هنا تتدخل الآلهة وتصلح بينهما بعد أن تؤكد براءتها، يكتشف بعد مرور فترة من الزمن أن زوجته (غالاتيا) تعيش حياة عادية وتنأى عن المثال الرائع للجمال التي كانت عليه حين نحتها (تحمل المكنسة وتمسح الغبار في البيت) تأكد أن تمثاله فارق عالم الجمال والمثل الأعلى للخلود، فقد أصبح معرضا لقوانين الحياة والزمن الذي يحكم بتحول الإنسان مع مروره من حال إلى حال: من الشباب إلى الهرم ومن الحياة إلى الموت!! عندئذ يدرك روعة الفن بالقياس إلى روعة الحياة،إذ يخلد الفن ولا يفنى كما يفنى البشر، لذلك نجد بغماليون يبتهل للآلهة فينوس أن تعيد إليه فنه الخالد، فهاهو ذا يقول متحديا "دعيني أقل لهم ما أريد دعيني أصارح هؤلاء الآلهة بالحقيقة، لقد صنعت أنا الجمال فأهانوه هم بهذا الحمق الذي نفخوه فيه" (9) وقد وجدنا الآلهة تستجيب لتحديه وتستلّ الحياة من تمثاله ليعود إلى جموده، عندئذ يفتقد بغماليون روعة الحياة ويتمنى لو تعود زوجته إليه، لكن الآلهة ترفض الاستجابة إليه، فهي لم تنسَ تحديه لها في عجزها عن خلق فن خالد كخلق الفنان، لهذا يعاني صراعا حادا ينتهي به إلى أن يحطم رأس تمثاله ويموت حسرة عليه.
تجسد لنا هذه المسرحية طموح الإنسان للمثل الأعلى في كل ما يشمل الحياة والفن، كما تجسد غرور الفنان وأنانيته، كذلك نلمس فيها عشق الفنان لإبداعه ورغبته في بث الكمال فيه بأن ينبض بالحياة، إنه يرى في إبداعه ذاته لذلك يرغب في التوحد معه.
بدت لنا هذه المسرحية وفية لأجواء الأسطورة اليونانية، متأثرة بتفاصيلها الكثيرة، وقد لحظنا نقاط اللقاء بالأسطورة أكثر من نقاط الاختلاف، فنحن أمام شخصية ذات ملامح واحدة تقريبا (بغماليون) الفنان، يعشق فنه إلى درجة الرغبة في التوحد به وبث الحياة فيه، وستحقق هذه الرغبة الآلهة في كل من المسرحية والأسطورة، فكان الزواج من التمثال (غالاتيا) الذي بثت فيه الحياة، نلاحظ وفاءً للأسطورة يشمل حتى أسماء الشخصيتين الرئيستين.
عشنا في هذه المسرحية جوا أسطوريا، إذ وجدنا شخصيات رئيسية خارقة (الآلهة فينوس آلهة الحب والخصب، وأبولون راعي الفن) فوجدناها تقوم بمعجزات مدهشة، يلاحظ أن توفيق الحكيم قدّم في مسرحيته شخصيات ثانوية أسطورية، مستمدة من الأسطورة اليونانية (نرسيس، إيسمين) كما استعان بتفاصيل من سمات المسرح اليوناني (الجوقة)
لو تأملنا نقاط الاختلاف بين الأسطورة والمسرحية للاحظنا دور التخييل الفني في إسباغ الحياة على الأسطورة، فالكاتب يطلق خياله ليتابع سيرة بغماليون بعد زواجه، فلا يكتفي بما تقوله الأسطورة (بأن السعادة رفرفت على حياة بغماليون وغالاتيا بعد أن أنجبا طفلا يدعى بافوس) بل يتابع، عبر خياله تفاصيل للحياة اليومية التي من شأنها أن توتر العلاقة بين الرجل والمرأة، لذلك رأينا بغماليون، هنا، رجلا عاديا لا ملكا، كما رأينا غالاتيا امرأة عادية (تهرب مع نرسيس للتنزه وتقوم بأعمال منزلية) لذلك لا نستطيع أن نقول إنه كان وفيا بشكل كامل للأسطورة، فقد وجدناه يغير في بعض الأسماء الأسطورية، فتتحول إفروديت اليونانية التي وجدناها في الأسطورة إلى فينوس الرومانية، كذلك لم يتقيد بالشخصيات التي وجدناها في الأسطورة وإنما وجدناه يضيف شخصيات أخرى مثل (نرسيس، وإيمسين)
(يُتْبَعُ)
(/)
لذلك يمكننا القول بأن توفيق الحكيم يسقط في هذه المسرحية صراعه الداخلي بين الرغبة ببقاء الفن بمعزل عن الحياة وبين ربطه بالحياة، إنه صراع يشمل الكثير من المبدعين الذين يرغبون في تقديم فن خالد وجميل، يحمل هم الإنسان ولا يكون نقيضا لما هو أبدي يهب الفن خلوده، ولعل هذا الصراع كان على أشده منذ الأربعينات (الفترة التي ظهرت فيها هذه المسرحية) لذلك نجد الحكيم يعقد مقارنة بين الفنان والآلهة فينوس، أبولون ليعلن أن الفنان يبدع الكمال، في حين تبدع الآلهة بشرا ناقصا يصيبه المرض والشيخوخة والموت، فيبدو كأنه متحمس إلى قضية "الفن للفن" لا يرغب في ربط الفن بالحياة، لكن هذه المعالجة الرومنسية المثالية لهذه القضية لا تصل بنا إلى شاطئ الأمان، إذ نلمح ترددا لدى توفيق الحكيم، لذلك وجدنا بغماليون في خاتمة المسرحية يدعو الآلهة مرة ثانية لتهب تمثاله الحياة، وحين لم تستجب يحطم هذا التمثال لبيّن استحالة الفن بمعزل عن الحياة، وقد لاحظ د. محمد يوسف نجم أن الصراع بين الفن والحياة من القضايا التي أرّقت الحكيم، إذ عالجها في العديد من مسرحياته وقصصه ومقالاته في "راقصة المعبد"و"عهد الشيطان" و "راديوم السعادة" و "الرباط المقدس" و "إيزيس" (10)
تجسد "بغماليون" أعماق توفيق الحكيم أيضا وما يعتلج فيها من صراع يتجلى في علاقته بالمرأة! هل الارتباط بها يشكل خطرا على الفنان ونقيضا للفن، إذ يحس المتلقي بأن المؤلف يرى المرأة كائنا تافها، همها في الحياة محدود بما هو مادي (المال، القوة، الجمال) لذلك وضعها في إطار الشك والخيانة، وجعلها مصدر شقاء للفنان بغماليون.
بغماليون بين توفيق الحكيم وبرناردشو:
ثمة لقاء واضح بين مسرحية بغماليون لبرناردشو وبغماليون لتوفيق الحكيم في فكرة التحوّل من تمثال إلى امرأة، ومن امرأة فقيرة إلى امرأة ارستقراطية، وهذه الفكرة نستطيع أن نردّها إلى الأسطورة اليونانية، وبذلك يشتركان في المتح من منبع واحد، لكن من الطبيعي أن يؤثر السابق باللاحق، خاصة أن كلا الكاتبين كتبا في جنس أدبي واحد هو الفن المسرحي، ولا شك أن توفيق الحكيم قد استفاد من البناء المسرحي لدى برناردشو، لكن كما يقول الحكيم نفسه "يبدأ الفن دائما من النقل وينتهي إلى الأصالة، يبدأ من المحاكاة وينتهي إلى الابتكار" لذلك سنجده يقدم مسرحية تختلف عن مسرحية شو كل الاختلاف، فقد لاحظنا وفاءها لجو الأسطورة (آلهة، شخصيات خارقة، معجزات ... )
كذلك وجدنا الفنان في مسرحية الحكيم مندمجا، رغم تردده، بفنه إلى درجة العشق والرغبة بالتوحد به والزواج، وقد رأى د عز الدين المناصرة "أن بغماليون أكثر واقعية من هيجنر، رغم الواقعية الشكلية التي تطغى على مسرحية شو ورغم الرومنسية المفرطة في مسرحية الحكيم دون أن تفقدها طابعها ... " (11)
أعتقد أن د. المناصرة لم ينتبه إلى أن برناردشو قدّم لنا بطلا عالما في مسرحيته لا فنانا، وثمة فرق بين نظرة الفنان الذاتية التي تنعكس على علاقته بإبداعه حيث يراه عملا جميلا لا يضاهى، يمثل استمرارا لذاته، أما العالم فكثيرا ما ينظر إلى اختراعاته نظرة موضوعية، لأن ما يبدعه ينفصل عن ذاته، ينتمي إلى العالم الخارجي، لذلك لا نستطيع أن نقول إن مسرحية الحكيم أكثر واقعية من مسرحية برناردشو مادامت كل واحدة منهما تمثل عالما منفصلا عن الآخر، وإن كان ثمة لقاء في تفضيل بغماليون الفن الخالد عند الحكيم، في لحظة من اللحظات، على الإنسان الزائل، كما فضّل هيجنر العلم على الارتباط بالإنسان، وإن كنا هنا نستطيع أن نضيف ميزة خاصة ببرناردشو هي إضفاء البعد الاجتماعي على المسرحية، فرفض الزواج ليس بسبب تفضيل التفرغ للعلم وإنما بسبب انتماء أليزا الفقيرة إلى طبقة غير طبقته، لذلك نعتقد أن مسرحية برناردشو أكثر واقعية من مسرحية الحكيم التي بدت أكثر وفاء لجو الأسطورة، كما بدت شخصياته المسرحية أكثر تجريدية من شخصيات شو.
(يُتْبَعُ)
(/)
هنا نلاحظ فارقا أساسيا بينهما يكمن في البعد الفكري الذي ينعكس على الإبداع، إذ نجد توفيق الحكيم يؤمن بقضية الفن للفن (رغم قلق هذا الإيمان) في حين لاحظنا برناردشو الاشتراكي يؤمن بقضية الفن للحياة، لذلك يحاول أن يقدم تجربة العلم (علم الأصوات) وقد جُعل في خدمة الإنسان، حيث تم نقل أليزا من طبقة فقيرة إلى طبقة غنية، لكنه في الوقت نفسه يبرز الخلل الذي يعتري التجارب العلمية حين نفصلها عن المشاعر الإنسانية، فتبتعد عن الغاية النبيلة لتسقط في الآلية والقسوة، وبذلك نلمس لدى برناردشو رغبة في امتزاج العلم بالفن، ليسخرا في خدمة الإنسان فيرتقيا بروحه وفكره.
وبناء على ذلك نستطيع أن نقول: أفلح برناردشو في بناء مسرحيته وفق بعدين منسجمين الأول: بعد واقعي نجد فيه شخصيات حيوية تتحرك في أجواء واقعية، تبدو بعيدة عن الأسطورة، تغوص في تفاصيل الحياة اليومية، أما البعد الثاني: بعد رمزي أسطوري نلمس فيه علاقة المبدع بما يبدعه، أو بالأحرى علاقة العالم بما ينتجه، فبدت علاقة سلبية، اتسمت بالرفض وعدم الزواج بأليزا وهذا يتناقض بما رأيناه في الأسطورة وفي مسرحية الحكيم، من علاقة إيجابية بشكل كامل في الأسطورة، ومن علاقة متوترة بين الإيجابية والسلبية لدى الحكيم، لكن الملاحظ أن مسرحية الحكيم كانت ذات بعد واحد في بنائها، فقد اعتمدت البناء الأسطوري وظلت وفية له، لذلك يمكننا القول: إن مسرحية برناردشو أكثر عنى وتميزا في الاستفادة من أسطورة بغماليون، ولعل استخدام ومصطلح "البناء الأسطوري" من باب الاستخدام المجازي، إذ إن جملة العلاقات والصراعات لا تتحكم بها قوى خارقة، إنما يتحكم بها العلم الذي بات يصنع المعجزات في عصرنا.
أثر أسطورة بغماليون في القصة:
سنتناول في هذه الدراسة أثر أسطورة بغماليون في نموذج من القصة القصيرة السورية للكاتب جورج سالم في مجموعته "عزف منفرد على الكمان".
بدا هذا الأثر واضحا في قصة "الينبوع" (12) التي تتحدث عن إنسان دخل متحفاً، فرأى تمثالا لامرأة جميلة، تحمل في يديها وعاء يفيض منه الخير والعطاء، ما إن يمر أمامه حتى يستوقفه بروعته، فيتأمل بهاءه، ويحس أن التمثال ينظر إليه ويبتسم له، يؤخذ بهذه الابتسامة فيجلس قبالة التمثال حالما بأنه يحاور المرأة، التي خصّته بابتسامتها، يمسك بيدها ويحس نبض عروقها، تدعوه للشرب من إنائها، يشرب فيغرق في أوهامه، فقد تحول التمثال إلى زوجة له، تحمل بين يديها طفلهما، لكن سرعان ما ينتبه لنفسه، مستيقظا من حلمه، فيخرج مسرعا!!
يلتقي في هذه القصة الحلم بالأسطورة، ومن المعروف أن معظم أحلامنا كالأسطورة لا تراعي المنطق المنظم، كما لا تهتم بمقولة الزمان والمكان، وكما يقول إريك فروم بأن هناك تشابها ينتج عن قدرتنا الإبداعية في النوم كما في الأساطير التي هي أقدم مبتكرات الإنسانية، إذ ثمة حقيقة واقعة تؤكد بأن الكثير من أحلامنا شبيه بالأساطير، سواء من حيث الأسلوب أم من حيث المضمون كذلك يشتركان، حين ينتقلان من الشفاهية إلى الكتابة بكونهما يكتبان بلغة واحدة هي اللغة الرمزية (13)
ثمة لقاء واضح مع أسطورة بغماليون، فقد تحول التمثال، عبر الحلم، إلى امرأة، يتزوجها الرجل المتفرج، وتنجب له طفلا، كما حدث في الأسطورة.
وقد بدا لنا الشكل الفني مقنعا، حين جعل الكاتب حلم اليقظة إطارا فنيا لقصته، فرأينا بث الحياة في التمثال مقنعا، ساعده في ذلك لغة رمزية استطاعت أن تجسد الحلم في الواقع، وتبديه في حلة مقبولة.
لو تأملنا نقاط الاختلاف بين القصة والأسطورة للاحظنا اختفاء تفاصيل الأسطورة، فقد أغنانا الحلم عن مساعدة الآلهة (إفروديت) وبالتالي فقد اختفت الأجواء الأسطورية التي لمحناها لدى الحكيم، بناء على ذلك يعود التمثال إلى جموده بانتهاء الحلم، فلا نجد تفاصيل حياتية، وإن كانت هذه القصة تقدم هما حياتيا، يؤرق الشباب، إنه هم الحب والاستقرار العائلي، وبذلك حقق هذا الحلم رغبات مكبوتة في أعماق الرجل، فوجد فيه نوعا من التعويض النفسي عن حرمانه، وبعض العزاء، فقد استطاع تفريغ المكبوت عبر حلم اليقظة.
(يُتْبَعُ)
(/)
من ناحية أخرى نلاحظ في الأسطورة أن الفنان يتعلق بما أبدعه، لذلك يتمنى من الآلهة أن تبث فيه الحياة، في حين نجد البطل في هذه القصة يتعلق بما أبدعه الأجداد ويحلم في التواصل معه والتوحد به، إن البطل في القصة ليس فنانا وإنما إنسانا عاديا (لا يملك اسما) وبذلك يستطيع الكاتب أن يعمم رؤاه الفكرية في ضرورة التواصل مع إبداع الأجداد، لأنه يجسد المثل الأعلى، الذي يتوجب علينا الإعجاب به، ومن ثم تجاوزه عبر إبداع ينطق بهموم عصرنا ولا ينفصل عما خلفه الأجداد.
n الحواشي:
1_ مرسيا إلياد "مظاهر الأسطورة" ت نهاد خياطة، دار كنعان، دمشق، ط1، 1991، ص 17
2_ مجموعة من الباحثين، "الوجود والزمان والسرد، فلسفة بول ريكور"، ترجمة سعيد الغانمي، المركز الثقافي العربي، بيروت، الدار البيضاء، ط 1،1999، ص 101
3_ علي حرب ""لعبة المعنى، فصول في نقد الإنسان، المركز الثقافي العربي، بيروت، الدار البيضاء، ط1، 1991، ص 124.
4_ معجم الأساطير اليونانية والرومانية"، إعداد سهيل عثمان، وعبد الرزاق الأصفر، وزارة الثقافة، دمشق، 1982.
5_ د. مجمد غنيمي هلال "الأدب المقارن" دار نهضة مصر، القاهرة، دون تاريخ، ص 279
6_ ترجمت مسرحية برناردشو "بيجماليون" عام 1967، وقد ترجمها جرجس الرشيدي، صدرت عن وزارة الثقافة في القاهرة.
7_ المصدر السابق، ص 95.
8_ توفيق الحكيم "بغماليون" مكتبة الآداب، القاهرة، دون تاريخ، المقدمة
9_ المصدر السابق، ص 8.
10_ د. محمد يوسف نجم "الطريق إلى الأصالة والابتكار، دراسة في التكوين الفكري لتوفيق الحكيم" دار صادر، بيروت، ط2، 1985، ص 62.
11_ عز الدين المناصرة "مقدمة في نظرية المقارنة" دار الكرمل للنشر والتوزيع، عمان، ط1، 1988، ص 257.
12_ جورج سالم "عزف منفرد على الكمان" وزارة الثقافة، دمشق، 1976.
13_ إريش فروم "الحكايات والأساطير والأحلام" دار الحوار، اللاذقية، ط1، 1990،ص 13.
نموذج من الأثر الإسلامي في الأدب الغربي أثر حي بن يقظان لابن طفيل في روبنسون كروزو لدانييل دبفو
ازدهرت الحضارة الإسلامية في القرون الوسطى، في زمن كانت فيه أوروبا تغرق في الظلام، وقد شكلت إسبانية التي دعاها المسلمون بـ (الأندلس) مركز إشعاع حضاري في تلك الفترة، إذ يلجأ إليها العلماء وطلاب المعرفة من سائر أوروبا، وكما تقول الدكتورة (لوثي لوبيث بارالت) من الظلم البين ألا نقبل القول بأن إسبانيا الإسلامية كانت تشكل بالفعل معجزة ثقافية حقيقية في إطار القارة الأوروبية في القرون الوسطى. وبفضل العرب المسلمين، لم تبلغ أية أمة أوروبية أخرى ما بلغته شبه الجزيرة الأيبيرية من تقدم العلوم والفنون في تلك العصور التي كانت وسيطة أو مظلمة بالنسبة لقارة أوروبا لكنها لم تكن على الإطلاق بالنسبة إلى الأندلس. (1)
لذلك بإمكاننا أن نقول إن معظم المبدعين الذين أسسوا لتجاوز عصر الظلام في أوروبا كانوا على صلة ما بإسبانية، إما عن طريق السفر والعيش فيها مدة من الزمن، أو عن طريق الاطلاع على الكتب التي نشرت فيها مترجمة من العربية إلى اللاتينية، ثم انتشرت في سائر أوروبا، لكن من الملاحظ أن معظم الغربيين ينكرون هذه الحقيقة، فها هي ذي زيغريد هونكة تقول "تعودنا أن نقيس بمقياسين، سواء في العلم أو في الفن، فنحن الغربيين حين نقيّم الحضارة الغربية ننظر بعين الاعتبار إلى منهجها وليس إلى مصدرها، وحين نذكر الحضارة الغربية نقتصر على ما ينبع من الحضارتين الإغريقية والرومانية وتهمل ما عدا ذلك من المصادر الأخرى" (2)
رغم الأثر الذي خلفته الحضارة العربية الإسلامية في إسبانيا والذي شمل جميع المجالات الأدبية والعلمية، فقد كانت إحدى أكبر مراكز الإشعاع في أوروبا.
وخير دليل على هذا القول: أن الإنكليزي دانييل ديفو (1661_ 1731) الذي ألف روبنسون كروزو قد عاش في إسبانيا مدة عامين، فقد كان عصره عصر اضطرابات وثورات شارك في بعضها، فتعرض للمخاطر التي من بينها السجن، لذلك هرب إلى إسبانية.
صحيح أن نشأته متواضعة، فقد كان ابنا لقصاب يعمل في لندن، حيث تعلم فيها ديفو، علوما متعددة شملت معارف عصره من الرياضيات والفلك والتاريخ، بل زاد عليها إتقانه خمس لغات.
(يُتْبَعُ)
(/)
لم تظهر موهبته الفكرية والأدبية إلا بعد عودته منها، فقد أصدر صحيفة باسمه، كتب فيها اقتراحاته الاقتصادية المثمرة، التي أخذت بها بلاده.
تعود شهرته الأدبية إلى قصيدة نظمها في الدفاع عن (وليم أورنج) ملك إنكلترا ردا على قصيدة نظمها أحد الشعراء في التهكم عليه، فأكسبته عطف الملك وحب الحكومة والشعب.
ألف كثيرا من الأبحاث والمقالات والرسائل في الدين والسياسة والوطن، وقد أدرك بفطرته تعلق الجمهور بالقصص، وشدة تأثره بها وتهافته عليها، خاصة إذا كانت صادقة الوصف والتحليل، تهتم بتصوير الحياة بدقة، لذلك نالت قصصه نجاحا كبيرا، لأنها كانت تخلق سحرا خلابا يزينه الصدق والدقة، وقد نشر القسم الأول من قصته "روبنسون كروزو" عام 1719، فلاقت شهرة واسعة جدا، مما شجعه على تتمة القصة، وأكسبه من المال ما جعله يعيش بقية عمره مستريح البال، إلى أن أنهكه مرض النقرس وعقوق ولده، فعجّل بموته عام (1731).
أما ابن طفيل فقد ولد نحو 500 للهجرة (1106م) في غرناطة بالأندلس، قرأ أقسام الحكمة على علماء غرناطة، كان واسع العلم في الفلك والرياضيات والطب والشعر، وقد عمل في مستهل حياته بالطب ثم تولى الوزارة في غرناطة، ثم اتصل ببلاط الموحدين في المغرب، ولم يلبث أن عين في عام (549هـ 1154 م) كاتما لسر الأمير أبي سعيد بن عبد المؤمن حاكم سبتة وطنجة، ثم عاد إلى ممارسة الطب، إذ أصبح الطبيب الخاص لأبي يعقوب يوسف سلطان الموحدين في عام (558 هـ1163 م) ويبدو أنه ظل يحتفظ بمنصبه بالبلاط مدة عشرين عاما قضاها في التأمل والدراسة إلى جانب ممارسة الطب، وحين توفي أبو يعقوب في حرب الفرنجة بقي في خدمة ابنه أبي يوسف يعقوب، ثم اعتزل العمل ربما لكبر سنه (عام 578هـ في البلاط، فخلفه تلميذه ابن رشد الفيلسوف، توفي ابن طفيل (عام 578 هـ1185 م) في مدينة مراكش، ودفن فيها، وقد ترك عددا من المؤلفات التي فقد معظمها، ولم يبق منها سوى رواية "حي بن يقظان" وبعض الأشعار المتفرقة. (3)
حي بن يقظان:
يروي لنا ابن طفيل روايتين لنشأة حي بن يقظان: الأولى: نشأة طبيعية، فقد كان هناك ملك عظيم منع أخته من الزواج، لأنه لم يجد من الرجال من هو كفؤ لها، لذلك تزوجت سرا من رجل يدعى "يقظان" فأنجبت طفلا أسمته (حي) ووضعته في تابوت، وقذفته في اليم قائلة: "اللهم إنك خلقت هذا الطفل ولم يكن شيئا مذكورا، ورزقته في ظلمات الأحشاء، وتكفلت به حتى تم واستوى، وأنا قد سلمته إلى لطفك، ورجوت له فضلك، خوفا من هذا الملك الغشوم الجبار العنيد. فكن له، ولا تسلوه، يا أرحم الراحمين! " (4)
نجد في هذه الرواية لنشأة حي ملامح واقعية، فخوف الأم على وليدها من الموت قد يدفعها إلى قذفه في البحر، فتسلمه إلى مصير مجهول خوفا عليه من موت محقق.
أما الرواية الثانية فتحكي عن نشأة غير طبيعية "إذ إن الذين زعموا أنه ولد من الأرض فإنهم قالوا: إن بطنا من أرض تلك الجزيرة تخمرت فيه طينة على مرّ السنين والأعوام، حتى امتزج فيها الحار بالبارد، والرطب باليابس، امتزاج تكافؤ وتعادل في القوى، وكانت هذه الطينة كبيرة جدا، وكان بعضها يفضل بعضا في اعتدال المزاج، والتهيؤ لتكون الأمشاج، وكان الوسط منها أعدل ما فيها وأتمه مشابهة بمزاج الإنسان وحدث في الوسط منها لزوجة ونفاخة صغيرة جدا، منقسمة بقسمين، بينها حجاب رقيق، ممتلئة بجسم لطيف هوائي في غاية الاعتدال اللائق به، فتعلق به عند ذلك "الروح" الذي هو من أمر الله تعالى وتتشبث به تشبثا يعسر انفصاله عنه عند الحس وعند العقل، إذ قد تبين أن هذا الروح دائم الفيضان من عند الله عز وجل، وأنه بمنزلة نور الشمس الذي هو دائم الفيضان على العالم" (5)
ثمة قوى خارقة أدخلت الروح إلى ذلك الجسم الطيني، المهم أن (حي) في كلا الروايتين نشأ في تلك الجزيرة المنعزلة، وقد رعته ظبية فقدت ابنها، أرضعته من لبنها، وحمته من الوحوش، كما حمته من عوامل الطبيعة من برد وحر، فيكبر وهو لا يعرف أما له سوى الظبية، لكن الله منحه العقل الذي أتاح له التفكر والمقارنة بين حاله وحال سائر الحيوان، فقد نظر إليها فوجدها مكسوة الجلد بالصوف أو بالريش، فحاول أن يغطي جسده بأوراق الشجر، لكنه سرعان ما جفّ وتساقط، لهذا نجده يلجأ إلى ريش نسر ميت يستر به جسده، وبذلك يعيش عيشة الوحوش في الغابة في طعامه ولباسه
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلاقاته.
يبدأ نضجه الفكري حين تموت أمه الظبية، يصدمه هذا الحدث فيقرر فهمه، لذلك نجده يبحث عن سر الموت في جسدها أولا، لذلك يشرّحه باحثا عما حصل له بفعل الموت، هل نقص عضو من أعضائه؟
يفاجأ أن جسدها مازال على حاله، لم ينقص منه عضو، لكن ينقصه شيء مهم هو الذي يحرك الجسد ويملؤه بالعواطف، لم يستطع أن يهتدي إلى السر في ذلك، فدفن أمه بعد أن لاحظ أن رائحة نتنة بدأت تنبعث من جسدها مما زاد في نفرته منه، وود أن لا يراه، ثم إنه "سنح لنظره غرابان يقتتلان حتى صرع أحدهما الآخر ميتا، ثم جعل الحي يبحث في الأرض حتى حفر حفرة فوارى فيها ذلك الميت بالتراب، فقال في نفسه: ما أحسن ما صنع هذا الغراب في مواراة جيفة صاحبه، وإن كان قد أساء في قتله إياه! وأنا كنت أحق إلى هذا الفعل بأمي فحفر حفرة وألقى فيها جسد أمه، وحثا عليها التراب" (6)
وبذلك انتهى من مشكلة الجسد ليصل إلى مشكلة الروح، فبدا لنا إنسانا أشبه بالفيلسوف، باحثا عن سر الحياة ليس في جسد أمه فقط، وإنما في هذا الكون المتنوع والشاسع، وبدأ يراقبه فلاحظ أن موجوداته (الأجسام والأشياء) إما تعلو (كالهواء والدخان) وإما تهبط (كالحجر) وبذلك تعرف على بعض خصائص العالم المادي عن طريق النظر والتجربة، لكن المعرفة المادية لم تكفه، فقد أراد أن يعرف ما يؤرقه من عالم ما وراء المادة.
لاحظ أن الأشياء لا تتغير طبيعتها إلا بفعل مسبب، كتحول الماء إلى بخار لا يكون إلا بالتسخين، والتالي فإن تحول الأشياء لا بد لها من محول، لهذا فإن حدوث العالم وخروجه من العدم لا بد له من فاعل يخرجه إلى الوجود.
كذلك نظر إلى الكون وإلى نظامه الدقيق، أدهشه هذا النظام، فرأى أنه لا بد من أن يكون وراءه منظم قادر تجتمع فيه صفات الكمال وتنأى عنه النقائض، وهكذا قاده مبدأ السببية إلى الإيمان بالله تعالى، والتعمق في العالم الروحي.
لهذا أراد أن يقيم صلته بهذا الموجود، المنظم لكل شيء، وصار يتأمل في عالم الحيوان عله يتعلم منه، فرأى أنه لا يهتم إلا بالأكل والشرب وكل ملذات الجسد، فانطوى على ذاته يبحث في أعماقها عن سبل الاتصال بالله، فلم يجد سوى الاتصال الروحي والاستغراق في التوحد بالذات الإلهية، لهذا سكن في كوخه الذي بناه وانقطع عن العالم الخارجي ولم يعد يخرج إليه إلا مرة في الأسبوع تلمسا للغذاء الذي بات يعتمد على أبسط الأشياء، مما يتيح له القدرة على الاتصال بالله بشكل أفضل.
يأتي الجزيرة (آسال) وهو رجل دين متصوف، هاربا من شيوع الفساد في مدينته، بعد أن يئس من إصلاح أهلها، يلتقي بـ (حي) فينفر منه للوهلة الأولى خائفا من منظره (إنسان بدائي، شعر رأسه يغطي جسده إلى جانب ريش النسر الذي يكسوه، لكن تصرفات (حي) تهدئ من روعه، فيبدأ تعليمه اللغة، وحين يتقنها، يشرع في تلقينه تعاليم الدين، فيكتشف أن ابن يقظان قد توصل إلى الإيمان بإله واحد، وتعرّف صفاته، والتواصل معه عن طريق القلب، وعبادته بل بات يتفرغ لهذه العبادة.
وحين حدّثه آسال عن معاناته مع أبناء مدينته يطلب منه (حي) اصطحابه إليهم كي يحدثهم بتجربته الإيمانية، لعلهم يعودون إلى جادة الصواب، وحين يلتقي بهم، يوضح لهم تجربته العقلية في الإيمان، كما يحدثهم عن تجربته الصوفية في التواصل مع الله تعالى، لكنهم كانوا مشغولين بحب الدنيا وملذاتها، لذلك تركهم حي بعد أن نصحهم بالتزام أوامر دينهم وفق الشريعة، وعاد إلى الجزيرة بصحبة صديقه آسال، ليتفرغا للعبادة.
ملاحظات فنية حول رواية "حي بن يقظان":
تعد قصة "حي بن يقظان من أهم القصص التي ظهرت في العصور الوسطى، في نظر كثير من النقاد، فهي رائدة في فن القص، إلى جانب ألف ليلة وليلة، لهذا لا يحق لنا أن نحاكمها بمقاييس عصرنا، وما توصلنا إليه من إنجازات في النظرية السردية، فإذا حاولنا الحديث عن هذه القصة، بمقاييس عصرنا اليوم فليست الغاية تقويمية، كما قد يظن البعض، وإنما من أجل إبراز إنجازاتها الفنية المدهشة، وإبراز سقطاتها الفنية التي مازلنا نلاحظها لدى كتابنا اليوم، لذلك لا يضير مكانة ابن طفيل وريادته الحديث عنها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثمة وعي لدى المؤلف أنه يقدم قصة، لذلك وجدناه يستخدم هذا المصطلح في التمهيد "فأنا واصف لك قصة "حي بن يقظان" وقد استخدم مصطلح "واصف" بدل مصطلح "سارد" أو "أقص" كذلك أبرز في التمهيد أسباب كتابة هذه القصة، إنها أسباب تعليمية فقد كتبها بناء على سؤال صديقه عن الحكمة المشرقية التي ذكرها الشيخ الرئيس أبو علي بن سينا، لذلك ينصحه بلهجة تعميمية قائلا: "فاعلم: أن من أراد الحق الذي لا جمجمة فيه، فعليه بطلبه والجد في اقتنائه" وهذا ما فعله بطل قصته (حي) حين بذل غاية جهده ليصل إلى الحقيقة.
لم يذكر، هنا، اسم صديقه، وإنما وصفه بـ"الأخ الكريم، الصفي الحميم، لذلك نرجح أن يكون متلقيا عاما، يتخيله المؤلف كي يستطيع محاورته ومن ثم يحاول هدايته إلى ضرورة استخدام العقل والحدس في قضية الإيمان بالله تعالى، لذلك وجدناه في خاتمة القصة يقول له: "أردت تقريب الكلام فيها على وجه الترغيب والتشويق في دخول الطريق. وأسأل الله التجاوز والعفو، وأن يوردنا من المعرفة به الصفو، إنه منعم كريم، والسلام عليك أيها الأخ المفترض إسعافه ورحمة الله وبركاته"
وبذلك اتضح لنا أن المؤلف يخاطب متلقيا مضمرا، موجوداً بالقوة، متوجها إليه بالخطاب، عله يفتح أمامه سبلا مجهولة للإيمان، لعله يستطيع هدايته وإنقاذه من الجهل والكفر.
لو أردنا تحديد جمالية هذه القصة لوجدناها تكاد تنحصر في الجزء الأول (قصة ولادته ونشأته وفي الجزء الأخير حين التقى بآسال) ويبدو لنا مشهد اللقاء مشهدا سرديا جميلا بكل المقاييس الفنية، إذ احتفظ بقدرته على التشويق، كما شاعت به حيوية، بفضل تنوع الحركات التي لمسناها لدى كل من (حي) و (آسال) من ركض واختباء وتلاحم في الأيدي ثم لمسات اليد الحانية، بالإضافة إلى تنوع البيئة، إذ تم اللقاء بين البيئة الحضرية بكل ما تعنيه من إنجازات (في الملابس والطعام والتصرفات ... ) والبيئة البدائية بكل ما تعنيه من حياة فطرية أشبه بحياة الحيوانات، هذا على صعيد الجسد، لكن هذا التناقض سرعان ما يختفي على صعيد الروح، إذ يتبين آسال أن (حي) لا يقل عنه إيمانا ومعرفة بالله، لهذا يوافق على اصطحابه إلى مدينته العاصية لهداية أهلها.
ثمة عناية في رسم هذا المشهد، ظهرت في طريقة تقديم المؤلف للشخصيتين الرئيستين في القصة، فلجأ إلى رسمهما من الخارج وخاصة شخصية (حي) فبرز لنا في شكله البدائي (شعر رأسه يغطي جسده، ريش النسر الذي يكسوه) كما وصف لنا الأعماق، فاستطاع أن يبرز لنا حالة الرعب التي أحس بها كل واحد منهما حين التقى بالآخر، وخاصة رعب المدني من البدائي، وبذلك اجتمع في هذا المشهد عناصر سردية تجعل هذه القصة ذات سمات فنية ممتعة إلى حد ما.
صحيح أن بداية القصة وخاتمتها تمتعت بقدرات جمالية في السرد، لكن صلب القصة التي تتحدث عن معاناة (حي) الروحية إثر وفاة أمه، بدت أشبه برحلة فلسفية صوفية علمية، فقد أسقط ابن طفيل أفكاره على الشخصية (حي) وجعله يتحدث بلغته الفلسفية الصوفية، فبدت لنا هذه الشخصية البدائية أشبه بفيلسوف مسلم، يتحدث لغة القرآن الكريم، دون أن يتعرف على الإسلام بعد!
إذا رغم حياة العزلة التي عاشها (حي) فقد وجدناه عالما في الفلك، حين تأمل الكون ونشأة الأرض، كما وجدناه طبيبا، حين بدأ بتفحص جثة أمه الظبية، ويشرحها باحثا عن مصدر الحياة وسبب الموت، لنتأمل هذا القول، الذي يرصد لنا أعماق الشخصية وأفكارها "وعلم أن أمه التي عطفت عليه وأرضعته، إنما كانت ذلك الشيء المرتحل، وعنه كانت تصدر تلك الأفعال كلها، لا هذا الجسد العاطل، وأن هذا الجسد بجملته، إنما هو كالآلة وبمنزلة العصي التي اتخذها لقتال الوحوش، فانتقلت علاقته عن الجسد إلى صاحب الجسد ومحركه، ولم يبق له شوق إلا إليه." (ص_ 45)
إن شخصية (حي) هي ابن طفيل العالم الفلكي والطبيب والفيلسوف، وبذلك توحد المؤلف مع الشخصية، في أغلب أحوالها وصفاتها وأفكارها ولغتها، فكانت الغاية، من هذه القصة، إيصال أفكاره إلى القراء عن طريق شخصية يتماهى بها تستطيع أن تقدم أفكاره التي قد لا يستطيع التعبير عنها صراحة.
لعل إغراق الشخصية في التأمل الفلسفي والصوفي، أساء إلى البنية السردية للقصة، إذ إن فن القصة من أكثر الفنون التصاقا بالمجتمع، لذلك قد تؤدي العزلة الاجتماعية إلى الإساءة إليه، فتفقده حيويته وجاذبيته.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن هذه الدراسة للقصة وفق معطيات عصرنا، قد تكون مفيدة في إبراز إنجازاتها الفنية، لكن أن نتحدث عن مزالقها وسلبياتها فهذا إجحاف في حقها، لأننا نغفل عن الفارق الزمني بيننا وبينها، فنحاكمها وفق معطيات عصرنا، فلو حاكمناها وفق معطيات عصرها لوجدناها عملا فنيا رائدا، قدّم لنا قصة فيها الكثير من المقومات الفنية (الشخصية، المكان، السرد، الحوار، الصراع ... )
المؤثرات الإسلامية:
يعترف ابن طفيل في التمهيد لروايته "حي بن يقظان" باستفادته من ابن سينا الفيلسوف الطبيب، خاصة في مجال اختيار الأسماء (حي بن يقظان، آسال .... ) لكن ابن سينا اتبع طريقة المتصوفة في الرمز، فـ (حي) يقصد به العقل الفعال، و (ابن يقظان) كناية عن صدوره عن القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، وهي رحلة ترمز إلى طلب الإنسان المعارف الخالصة بصحبة الحواس والعقل، وإن كان يحذر من رفقة الحواس.
وبذلك يمكننا القول إن "حي بن يقظان" عند ابن سينا كتاب في الفلسفة والتصوف استفاد منه ابن طفيل ليضيف عليه البنية السردية، ليأتي الفكر الفلسفي بطريقة أكثر جاذبية وربما أكثر إقناعا، لذلك نلاحظ شخصياته تميزت بالحيوية، إذ لم تعد الشخصية مجرد اسم يحمل فكرة، وإنما بدأنا نجد أمامنا كائنا بشريا له أحلامه التي تتعدى عالم المحسوس بكل ماديته، باحثة عما وراء الطبيعة عن حقيقة هذا الكون الذي نعيش فيه.
صحيح أن ابن طفيل إنسان بدائي، اهتدى إلى الإيمان عبر معاناة ذاتية لكن لغة الراوي كانت متقدمة على بدائية الشخصية، فبدت تحمل ملامح إسلامية واضحة، خاصة في شيوع التناص القرآني في لغتها السردية، مما يؤسس بنيتها الفكرية وجماليتها اللغوية، لنتأمل هذا المقطع "وتصفح طبقات الناس بعد ذلك، فرأى كل حزب بما لديهم فرحون قد اتخذوا إلههم هواهم ومعبودهم وشهواتهم، وتهالكوا في جمع حطام الدنيا، ألهاهم التكاثر حتى زاروا المقابر لا تنجح فيها المواعظة ولا تعمل فيهم الكلمة الحسنة" (7)
نلاحظ في هذا المقطع سطوع لغة القرآن الكريم، حتى إنها تكاد تشكل صلب هذا المقطع، فنلاحظ أن ابن طفيل ينقل ألفاظ الآية القرآنية كما هي، وإن كان قد حذف الجزء الأول منها "فتقطّعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون" (سورة المؤمنون آية 53)
هنا اقتصر على إضافة فعل (رأى) للسياق السردي، وقد نجده يحور الآية تحويرا بسيطا فتتحول صيغة الغائب المفرد في الآية "أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا" (سورة الفرقان آية 43) إلى صيغة جماعة الغائبين بعد أن حذف الجزء الأخير من الآية، أما الآية الأخيرة فقد تحولت من صيغة جماعة المخاطبين (سورة التكاثر آية 1_2) إلى جماعة الغائبين، وبذلك يتم التحوير وفق مقتضيات سردية تتناسب مع سيرورة القصة.
كما نلاحظ تأثر ابن طفيل بالحدث القرآني، حين حدّثنا عن خوف أم (حي)، في الرواية الواقعية لنشأته، من أخيها الملك فتقذف به في اليم، بعد أن تضعه في تابوت، وهذا ما نجده في (سورة القصص) "وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادّوه إليك وجاعلوه من المرسلين" (آية 7) لكن تفاصيل حياة الرضيع ستختلف كليا، لدى ابن طفيل عنها في القرآن الكريم.
ثمة تأثر بالروح الإسلامية والمبادئ التي تحض المؤمن على الإسهام في إصلاح مجتمعه، لذلك وجدناه، حين شكل تصرفات شخصيته (حي) صاغها وفق هذه الروح، إذ وجدناه يدعو آسال لاصطحابه إلى مدينته العاصية عله يستطيع هدايتها، وهنا نلاحظ ابن طفيل متأثرا بالحديث الشريف "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"
فلسفة ابن طفيل:
يعد ابن طفيل من فلاسفة المسلمين، وقد حاول أن ينقل في (حي بن يقظان) هذه الفلسفة عن طريق السرد الروائي الذي بفضله لمحنا فلسفته العقلية، التي تؤكد أن بوسع الإنسان أن يرتقي بنفسه من المحسوس إلى المعقول، وأن يصل بقواه الطبيعية إلى معرفة الإله والإيمان به، ومن ثم فهم العالم من حوله، وقد قسّم هذه المعرفة قسمين: المعرفة العقلية، والمعرفة الحدسية التي ينكشف فيها الأمر للنفس بوضوح ليس عن طريق المصطلح الفلسفي، وإنما عن طريق "الحال" (8) الذي يستوطن القلب، ويستدل به عن طريق الحدس.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويرى ابن طفيل اختلاف الفيلسوف عن العامة بقدرته على إدراك الحقائق الإلهية بعقله وحدسه، أما العامة فهي بحاجة إلى من يرتقي بها إلى هذه المبادئ العالية عن طريق الحس والخيال، لهذا فشلت مهمة (حي) في مدينة آسال العاصية، في إقناع العامة بالإيمان عن طريق العقل والحدس.
وبما أن قصة (حي بن يقظان) قصة رائدة في العصور الوسطى لذلك من البديهي أن تؤثر بتلك القصص اللاحقة التي ظهرت في أوروبا، كما أثرت قصص ألف ليلة وليلة.
سنتناول في هذه الدراسة إحدى نماذج التأثر: قصة "روبنسون كروزو" لدانييل ديفو (9) فنبحث عن نقاط اللقاء ونقاط الاختلاف.
"روبنسون كروزو":
يبدو لنا روبنسون كروزو شابا في العشرين من عمره، أحلامه أحلام الشباب في السفر والمغامرة، يستأذن والديه في السفر عبر البحار، ليحقق أحلامه، لكن والديه يرفضان الموافقة على هذه الفكرة حرصا على حياته، فيعصي أوامرهما، ليحقق رغبته في المغامرة والسفر، لذلك نجد والده غاضبا عليه يدعو الله أن يضع في طريق ابنه المتاعب.
فعلا حين يسافر روبنسون يصادف أهوالا كثيرة، كان آخرها تحطم السفينة، وغرق جميع ركابها، ماعدا روبنسون، وبعد أن يجتاز أهوالا كثيرة يجد نفسه في جزيرة نائية، لا يوجد فيها سوى الحيوانات المتوحشة فتكبد مشقة البحث عن حياة آمنة مستقرة فيها، لذلك يصنع من أشلاء السفينة المحطمة سكنا بسيطا، أما طعامه فكان مما تيسر له من ثمار الجزيرة، لكن المصادفة تساعده في تأمين غذائه من الحنطة، حين نفض كيسا (يريد استخدامه لبعض شؤونه) كان فيه بقايا حنطة، فهطلت الأمطار ونبتت البذور، فصار يعتني بها، إلى مرحلة الحصاد.
نلاحظ أن كروزو لا يبدأ من الصفر، وإنما يساعده في الاستمرار على قيد الحياة مؤن وأدوات حصل عليها من بقايا السفينة المحطمة، كما ساعدته الطبيعة بأن مدّته بالمواد الأولية (الخشب) ليستمر في العيش.
بعد فترة من الزمن يلتقي روبنسون بإنسان أسير، استطاع أن يهرب من أكلة لحوم البشر، فيسميه (جمعة) ويتخذه مساعدا له في عمله.
عاش روبنسون في الجزيرة مدة ثمان وعشرين سنة، إلى أن أتت مصادفة سفينة، يرحل على متنها إلى بلده، بعد أن يخوض صراعا مع رجال ثائرين على ربانها، وهكذا لاحقته المتاعب حتى آخر مراحل سفره!!
اللقاء بين "حي بن يقظان" و "روبنسون كروزو"
لو وقفنا عند السنة التي توفي فيها مؤلف " روبنسون كروزو" دانييل ديفو (1731م) وسنة وفاة ابن طفيل (1185م) للاحظنا أن مؤلف "حي بن يقظان" قد عاش قبل ديفو بحوالي خمس مئة سنة، وأن كلا الكاتبين قد عاش في إسبانيا فترة من حياته، لذلك كان تأثر ديفو بابن طفيل أمرا طبيعيا.
لو تأملنا الفضاء المكاني لكلا الروايتين للاحظنا تشابها كبيرا، فنحن أمام فضاء واحد تقريبا (جزيرة نائية) كذلك نجد فيها إنسانا وحيدا، يحاول أن يفهم ويستكشف كل ما يحيط به، وبذلك نجد لقاء في تركيز القصتين على شخصية رئيسية واحدة، تعيش ظروفا متشابهة (العزلة، البدائية ... )
كذلك تبدو الشخصية الثانوية، في كلا القصتين، شخصية طارئة (آسال، جمعة) تأتي إلى الجزيرة بعد استقرار الشخصية الرئيسية، إذ تم اللقاء بها بعد مرور فترة طويلة من العزلة في الجزيرة، وقد لاحظنا أنها أضفت الحيوية على فضاء القصتين، وأسهمت في تجديد إيقاعهما.
نلمح في كلا القصتين الغاية التعليمية، فابن طفيل، كما لحظناه منذ المقدمة، يريد أن يدلل على وجود الله باستخدام العقل والحدس، دون استخدام الشريعة، لذلك جعل من (حي) إنسانا بدائيا يصل إلى الإيمان عن طريق استخدام العقل أولا ثم الحدس، كأنه يطلب من الناس أن يمعنوا النظر في هذا الكون ليتوصلوا إلى الإيمان بعقولهم وقلوبهم، لا أن يكون إيمانهم إيمانا تقليديا، يحول التواصل مع الله تعالى إلى مجموعة من الطقوس لا علاقة لها بالقلب أو العقل.
أما دانييل ديفو فقد كانت غايته تربوية، إنه يتوجه إلى الشباب، الذي يعشق المغامرة والسفر، بالنصيحة، طالبا إليهم النظر إلى ما آل إليه حال روبنسون حين لم يستمع إلى رغبة والديه في عدم السفر، ونفّذ ما يدور في رأسه من أفكار، فعانى متاعب جمة استمرت حتى لحظات سفره الأخيرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
انعكست في كلا القصتين ملامح من السيرة الذاتية للمؤلف، ففي قصة "حي بن يقظان" نجد أهم القضايا التي أرّقت ابن طفيل (هل تستطيع الفلسفة أن تؤدي إلى الإيمان بالله تعالى، على نقيض القول الشائع " من تمنطق فقد تزندق"؟ ثم هل يكفي استخدام العقل ليصل بنا إلى الإيمان العميق أم نحن بحاجة إلى القلب والقوى الداخلية الحدسية إلى جانبه؟ هل تستطيع العامة الإيمان بهذه الطريقة؟ أم لا بد لها من الطريقة النقلية في الإيمان؟ هل الطريقة العقلية الحدسية وقف على الخاصة دون العامة؟)
إذا نلمح في هذه القصة بعض المعاناة الروحية والفكرية لابن طفيل، كما نلمح بعض ملامحه الشخصية التي أسقطها على (حي) فجعله فيلسوفا وطبيبا، وعالم فلك مثله.
أما قصة "روبنسون كروزو" فقد لمحنا فيها معاناة دانييل ديفو من عقوق ابنه، لذلك جعل روبنسون ابنا عاقا لوالديه، وأسقط عليه غضبه، مما جعله يعاني متاعب جمة في سفره، وعاقبه بأن عاش معظم حياته وحيدا يجتر آلامه.
الاختلاف بين "حي بن يقظان وروبنسون كروزو"
يدخل روبنسون الجزيرة النائية شابا، قد تكوّن فكره وتأصلت عاداته، أي بدا لنا إنسانا مدنيا أجبر على الحياة البدائية، أما (حي) فقد بدأ حياته فيها رضيعا (حسب الرواية الأولى) أو تخلق من تربتها (حسب الرواية الثانية) لذلك كان إنسانا بدائيا لصيقا بالطبيعة، وقد قويت صلته بها مع الأيام، إذ لم يعرف عالما غيرها، فكان عالم الحيوان في الجزيرة دليله للحياة، تعلم منه طرائق العيش البدائية.
إذا بدأ (حي) حياته في الجزيرة من الصفر، في حين وجدنا روبنسون يستعين بمخلفات السفينة المحطمة، فاستطاع أن يوفر لنفسه عيشة متحضرة بفضل المؤن والأدوات التي عثر عليها مع بقايا السفينة.
نظرا لعلاقة (حي) الحميمة بالطبيعة نجده إنسانا تغلب عليه الروحانيات والأفكار، همه الأساسي البحث عن قضايا تؤرق الإنسان (الإيمان بالله، الموت، هداية الآخرين) لذلك لم تؤرقه قضايا الحياة المادية، خاصة في المرحلة الأخيرة من حياته، فقد رأى أن الاستغراق في التواصل مع الذات الإلهية يفسدها الانشغال بالماديات، لذلك كان طعامه بسيطا، يخصص له وقتا زهيدا ليصرف وقته في التأمل والعبادة، في حين وجدنا روبنسون مشغولا بالعالم المادي، همه الأساسي تأمين الطعام ليس لمعيشته اليومية فقط وإنما يفكر بمعيشته المستقبلية فيحاول تأمين مؤنة الشتاء والعيش في مسكن على نسق عرفه في حياته السابقة، لذلك نستطيع أن نقول إن روبنسون نقل الحياة المدنية بكل ماديتها إلى الجزيرة، وربما لهذا السبب ابتعد عن القضايا الروحية، في حين جسّد (حي) الحياة الروحية بتأثير الطبيعة التي التصق بها، وكما يقول جان جاك روسو إن الإنسان الذي يعيش قريبا من الطبيعة أشد تدينا واقترابا من الله من ذلك الإنسان الذي يعيش في المدينة، ربما لأنه يزداد رهافة وإحساسا بمعجزات الكون وجماله، لشدة معايشته للطبيعة، ورؤيته لتبدلاتها المعجزة، لا أدري إن كان يحق لنا القول: إن قصة "حي بن يقظان" تجسد لنا علاقة الشرقي بالكون، والتي رأيناها تعتمد على التركيز على الروحانيات وعدم الاهتمام بالماديات، في حين تجسد لنا قصة "روبنسون كروزو" علاقة الغربي المادية بالكون، وإن كنا لا نستطيع أن نقبل هذا الحكم بشكل مطلق!!
إن شخصية (حي) هي شخصية فيلسوف يتأمل الكون ليفهم أسراره، يثير أسئلة جوهرية تتعلق بالوجود الإنساني وكيفية تواصله مع الله، لذلك اجتمعت لديه شخصية الفيلسوف إلى جانب المتصوف! وهو يفكر في إصلاح غيره، لذلك برزت لديه شخصية المصلح، في حين وجدنا (روبنسون) إنسانا عاديا أقصى طموحاته تلبية حاجاته المادية.
وقد كان اللقاء بالشخصية الثانوية (جمعة) معززا للجانب المادي لروبنسون إذ يقوم بمساعدته في أمور حياته المادية، في حين كان لقاء (حي) بـ (آسال) معززا للجانب الروحي، علمه اللغة، إحدى أهم مفاتيح الأعماق والأفكار، ثم أخذه إلى مدينته العاصية ليسهم في إصلاحها.
لو تأملنا علاقة (حي) بـ (آسال) لوجدناها علاقة ندية، إذ يتم تبادل المعرفة بينهما، ويحاولان التعاون في سبيل إصلاح البشر وهدايتهم.
أما علاقة روبنسون بـ (جمعة) فقد كانت علاقة السيد بالمسود على نقيض علاقة (حي) بـ (آسال) وبذلك تتجسد لنا علاقة الغربي بالآخر، فهو السيد والآخر عبد له.
(يُتْبَعُ)
(/)
نلاحظ أن القصة لدى ابن طفيل مازالت بدائية، رغم الإنجازات السردية التي لحظناها، إذ لا نجد، غالبا، سردا متصلا بحدث معين، أو بشخصية معينة، خاصة إذا تجاوزنا المقدمة والخاتمة، التي أشرت إلى جماليتهما سابقا، فقد امتلأت القصة بالاستطرادات الفلسفية، فأصبحت أشبه ما تكون بمقال فلسفي، في أغلب الأحيان، في حين بدا السرد القصصي، في "روبنسون كروزو" متقنا، يكاد يخلو من الترهل والاستطراد، فالحدث مشوق، يتطور عبر حبكة متماسكة، وقد ابتعدت الشخصية عن التجريد، فلم تبد' مجموعة أفكار، كشخصيات ابن طفيل، بل رأيناها قريبة من الواقع، هنا لا بد أن نذكر مرة أخرى بالفارق الزمني بين القصتين (حوالي خمس مئة سنة)
يلاحظ وجود مؤثر إسلامي آخر في قصة "روبنسون كروزو" وهو ألف ليلة وليلة، إذ لا بد أن ديفو قد اطلع على ترجمة (غالان) لألف ليلة وليلة التي ظهرت في اثني عشر مجلدا بين عامي (1714_ 1717) فقد توفي ديفو (1731)
يلاحظ المرء أن معاناة روبنسون تشبه معاناة السندباد البحري، خاصة في بداية الرحلة البحرية، حيث تحطمت السفينة وبقي حيا دون سائر الركاب، فعاش في جزيرة نائية وحيدا.
وبذلك لم يكتف دانييل ديفو بالتأثر بقصة "حي بن يقظان" وإنما تعددت مجالات تأثره، ليتجاوز ذلك التأثر إلى الإبداع، الذي ينطلق من خصوصيته التي تنبع من معاناته الذاتية وخصائص أمته.
الحواشي:
1_ د. لوثي لوبيث بارالت "أثر الثقافة العربية في الأدب الإسباني" كتاب الرياض،، عدد (54) يونيو، 1999، ص 63 بتصرف
2_ زيغريد هونكه "شمس العرب تسطع على الغرب" منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط8، 1986، ص 483
3_ابن طفيل "حي بن يقظان" إعداد د. سمير سرحان، و د. محمد عناني، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة، القاهرة، 1999، ص 7_8
4_ المصدر السابق ص 35
5_ المصدر السابق نفسه، ص31_ 32
6_ المصدر نفسه، ص 45_46
7_ نفسه، ص 120
8_ ورد تعريف مصطلح "الحال" لدى ابن عربي على الشكل التالي: هو " ما يرد على القلب من غير تعمد ولا اجتلاب ومن شرطه أن يزول ويعقبه المثل، ومن هنا نشأ الخلاف فمن أعقبه المثل قال بدوامه، ومن لم يعقبه مثل قال بعدم دوامه، وقد قيل الحال تغير الأوصاف على العبد" من كتاب نصوص المصطلح الصوفي في الإسلام" د. نظلة الجبوري، مطبعة اليرموك، بغداد، ط1، 1999، ص 130
9_ دانيال ديفو "روبنسون كروزو" ت. كامل كيلاني، مطبعة المعارف بمصر، ط3، د. ت(/)
مقاربات تطبيقية في الأدب المقارن الجزء الثانى
ـ[زيد الخيل]ــــــــ[24 - 10 - 2005, 12:54 ص]ـ
أثر الرواية الغربية الحديثة في الرواية العربية أثر "الصخب والعنف" لوليم فوكنر في "ما تبقى لكم" لغسان كنفاني
ماهية الرواية الحديثة:
يحسن بنا أن نتوقف في البداية عند تعريف سريع للرواية الحديثة، التي تدعى أيضا رواية "تيار الوعي" (1) وهي تمثل ثورة حقيقية على الاتجاه التقليدي الذي كان في القرن التاسع عشر، وقد بدأت هذه الثورة مع الإنجازات العلمية المذهلة في بدايات القرن العشرين تقريبا.
لو تأملنا الجذور التاريخية لرواية تيار الوعي لتأكد لنا أن الإنتاج الأدبي الجيد ليس دورانا في الفراغ، أو وحيا يهبط من السماء فجأة، وإنما هو تتويج لجهود سابقة، ولتطورات مستمرة في تاريخ الجنس الأدبي الذي ينتمي إليه، فهذا من شأنه أن يؤكد أن الأسلوب الحديث في الكتابة استمرار لجهود سابقة، تبرزها جهود لاحقة وذلك بالإضافة إليها، الأمر الذي يعني شرعية انتمائها إلى الجنس الروائي، ويوضح مدى هذا الانتماء.
مع بداية القرن التاسع عشر ظهرت روايات تتخلى عن رسم الشخصية من الخارج، قي بعض مقاطعها، وتلتفت إلى أعماقها (دوستفسكي، جين أوستن، هنري جيمس) لكنها رغم ذلك، بقيت هذه الرواية وفية للتقاليد التي أرساها الرواد، وخاصة ما كان منها متصلا بالمحافظة على الأبعاد الروائية الثلاثة: الحدث، الشخصية، اللغة الروائية.
ابتدع وليم جيمس، أحد علماء النفس مصطلح "تيار الوعي" وقد استقر اليوم بوصفه مصطلحا أدبيا، يستخدم للدلالة على طريقة تقديم الجوانب الذهنية والشعورية للشخصية، إذ تهتم الرواية بالمستويات غير الكاملة (مستوى ما قبل الكلام بما فيه من كلام وأفكار ومشاعر وذكريات) وبذلك لا تخضع للمراقبة و التنظيم والسيطرة على نحو منطقي، فتبدو الذكريات والأفكار والمشاعر أشبه بتيار مضطرب في الأعماق، عندئذ ينكشف أمامنا الكيان النفسي للشخصية.
والحقيقة أننا لا نجد تقنية واحدة لرواية تيار الوعي، وإنما نجد عدة تقنيات، كذلك لا نستطيع أن نقول إن هذه الرواية تنتمي للأدب السيكولوجي فقط، بل تنتمي إلى علوم وفنون أخرى، فقد امتصت كل الأجناس الأخرى، إنها تنافس الشعر ... عندما تمتلئ بالاستعارة أو عندما تلعب بموسيقى الكلمات وتأخذ من المسرح المنولوج والحوار ... وتستعير من النقد الأدبي غاياته، عندما تقدم بنفسها نظريتها في الأدب، كما تفسح مكانا للفلسفة، وتستعين بالموسيقى، فقد أعطى كل من بروست وجويس وبوتور لأعمالهم بنية موسيقية، بوساطة تركيب الفقرات والإيقاع ورنين الجملة، وقد نجد روايات مستمدة من لوحة فنية. (2)
إن التجربة الإنسانية، التي تمتزج فيها العوالم الخارجية بالعوالم الداخلية لا يمكن أن تحد أو أن تكتمل، إذ تختلط فيها معطيات عقلية (المفاهيم، الأحاسيس، التخيلات، الذكريات ... ) ومعطيات روحية (الحدس، الرؤية، البصيرة ... ) ولا شك أن الفصل السابق بين هذه المعطيات فصل غير دقيق، إذ كثيرا ما تبدو ممتزجة بعضها ببعض.
وهكذا فإن مجال الحياة الذي يهتم به أدب تيار الوعي هو التجربة العقلية والروحية من جانبيها المتصلين بالماهية والكيفية، وتشتمل الماهية على أنواع التجارب العقلية من الأحاسيس والذكريات والتخيلات والمفاهيم وألوان الحدس، كما تشتمل الكيفية على ألوان الرمز، وعمليات التداعي، ويكاد يكون من المستحيل أن نميز الكيفية عن الماهية! فهل الذاكرة مثلا جزء مما يحتويه الذهن أم أنها عملية ذهنية؟ ومثل هذا التمييز الدقيق ليس بالطبع من مهمة الروائيين، وإن كانوا يكتبون رواية تيار الوعي بهدف توسيع قدرات هذا الفن وذلك بتصوير الحالات الداخلية لشخصياتهم، وبذلك يستطيع الإنسان، بفضلها أن يحتفظ بعلاقات مع الحياة في مجموعها.
الشخصية:
تريد الرواية الحديثة أن تتخلى الرواية عن زخرفة الشخصية التي في نظرها ليست إلا قناعا يخفي دون فائدة وجه المؤلف، كما يقول كونديرا (3)
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلى هذا الأساس كانت الميزة الرئيسية لرواية "تيار الوعي" قدرتها على تصوير الشخصية على نحو أكثر دقة وأكثر واقعية من الرواية التقليدية، لأنها لا تقدم الإنسان من الخارج، وإنما من الداخل، أي تقدم ماهية الإنسان، ومن المعروف أن كل مؤلفي هذه الرواية (فيرجينا وولف، وليم فوكنر، جيمس جويس ... ) كانوا على معرفة بنظريات التحليل النفسي، وبنظرية الشخصية التي ظهرت من جديد في القرن العشرين، وبالفلسفة الجديدة والتصوف الديني، والوجودية المسيحية، ... الخ
إن الرواية الحديثة تهتم بالبحث عن المعنى في الشخصية الإنسانية أكثر من البحث عنه في الفعل ورد الفعل الاجتماعيين، وبذلك تسلط الأضواء على الفرد لا على المجتمع، أي على أفكاره التي تتسلط عليه في الحاضر، والتجارب الماضية التي يعايشها فيه، فيتبدى لنا الهم الاجتماعي بطريقة غير مباشرة، أي بطريقة أكثر إيحاء وفنية.
لذلك يلتقي هؤلاء الروائيون بالروائيين الطبيعيين (زولا، فلوبير) في أنهم يحاولون تصوير الحياة بشكل دقيق، ولكن الحياة التي استأثرت باهتمامهم كانت الحياة الداخلية للشخصية، على نقيض الروائيين الطبيعيين.
الانطباعات والصور:
تعتقد فرجينا وولف أن الشيء المهم الذي ينبغي أن يعبر عنه الفنان هو رؤيته الخاصة، أو ماهية الحياة من زاوية ذاتية، وأن الشيء الهام في الحياة الإنسانية هو البحث عن المعنى والتعرف إلى الذات، ولهذا فإن طريقتها في الكتابة الروائية هي تقديم الانطباعات النفسية (عن طريق الصورة، والتركيز على العلاقة بين الأشياء) وهي تختار تلك الانطباعات بوصفها مراحل في طريق الوصول إلى رؤية ما، وبذلك يصبح تشريح النفس الإنسانية ليس مجرد تحليل شكلي، وإنما يمتلئ بحساسية الفنان الانطباعي للون والصوت والشكل والرائحة.
وقد بدت الصورة الجمالية لدى (جويس) حياة مصفاة في قالب من الخيال الإنساني، ومبرزة بفضله، لذلك يتحقق السر الجمالي على نحو شبيه بحالة الإبداع المادي، فالفنان، مثل المبدع في عالم المادة، يظل مختفيا ومصفى خارج الوجود ومحايدا يتسلى، وهكذا كان في روايته يوليسيس.
أما لماذا يصر (جيمس جويس) أن يتخلص العمل الأدبي من آثار مؤلفه؟ فنجده يوضح لنا أن العمل الأدبي بوصفه إبداعا ليس أكثر من عمل يقتضي مهارة، وجمالية هذا العمل في تأثير على المتلقي، أي في جعله على اتصال مباشر بالحياة التي يمثلها، كأنه يريد تقديمها كما هي في الواقع دون حكم تعسفي أو تقييم مباشر، لذا كانت المعرفة هي أخلاقية الرواية الوحيدة، كما يقول كونديرا، وهي معرفة داخلية تتعلق بدقائق النفس، ولا تعني حشوها بمعارف، تثقل كاهلها، وإنما نجد توظيفا لمعارف عدة في جسد الرواية عبر لمسات فنية، فتبدو جزءا حيويا من فضاء الرواية.
ومن المزايا التي تتوافر لرواية "تيار الوعي" هي قدرتها على تقديم الرموز بوصفها بدائل للأفكار الذهنية.
تقنيات الرواية الحديثة:
ثمة ملاحظة يحسن التوقف عندها وهي أن التقنية الفنية لرواية "تيار الوعي" ليست واحدة وإنما تختلف من رواية إلى أخرى، اختلاف التكوين الذاتي والاجتماعي للفنان، فالإبداع في أي مجال ذاتي، وهذا يعني أن يحمل بصمة خاصة به، كما يحملها الإنسان في أصابعه، لتدل على شخصيته المتفردة، لهذا تتعدد تقنيات الرواية الحديثة بتعدد الروائيين.
إننا حين نتحدث عن تقنيات هذه الرواية فمن أجل أن نبرز أهم معالمها دون أن يعني ضرورة التزامها بشكلها الحرفي، أو حصرها في قالب واحد لا يطاله التغيير، أو الإضافة، فهي أدوات باتت شائعة في الرواية، يتوجب علينا معرفتها، كي نتمكن من التفاعل مع الإنجازات الحديثة للرواية، ولعل أهم هذه التقنيات المستخدمة هي: الحوار الداخلي المباشر، الحوار الداخلي غير المباشر، الوصف عن طريق المعلومات المستفيضة، مناجاة النفس ...
الحوار الداخلي: هو تلك التقنية المستخدمة في الرواية بغية تقديم المحتوى النفسي للشخصية، والعمليات النفسية لديها، دون التصريح أو التلميح إلى أن الشخصية ستجري حوارا داخليا.
(يُتْبَعُ)
(/)
والحوار الداخلي المباشر: هو ذلك النمط من الحوار الذي يمثله عدم الاهتمام بتدخل المؤلف، وعدم افتراض أن هناك سامعا، فيقدم المحتوى الداخلي كما لو لم يكن هناك قارئ، ويجري الحديث بضمير المتكلم، فتعبر الشخصية عن واقعها وعن أحاسيسها وآمالها ... خالطة الحاضر بالماضي بالمستقبل، مازجة الحلم بالحقيقة، واليأس بالأمل، فتجسد أعماق النفس بكل اضطرابها وآلامها.
أما الحوار الداخلي غير المباشر: الذي يدعى بـ (الوعي الباطني) فيتميز عن الحوار المباشر من ناحية التركيب اللغوي، واستخدام ضمير المخاطب أو الغائب، وهذا يعني وجوب حضور الراوي أو المؤلف بشكل دائم، لأن طبيعة الضمائر لا تسمح له بالغياب، بل تطلب منه أن يكون شاهدا أو راويا أو معلقا على الأحداث، وأن يستخدم الطرق الوصفية والتفسيرية.
مناجاة النفس: تقترب من الحوار الداخلي غير المباشر في اعتمادها على ضمير الغائب والمخاطب من ناحية البناء اللغوي، وتختلف في هذه الناحية أيضا، فهناك ينبغي على المؤلف الحضور، أما هنا فدوره ثانوي، لأن تقديم المحتوى الذهني والعمليات الذهنية للشخصية يجري مباشرة من الشخصية الروائية دون أن يتدخل الراوي أو المؤلف.
الوصف: رأينا قبل قليل أن الرواية الحديثة تركز على الصورة وعلى العلاقات البصرية بين الأشياء، وقد كانت هذه التقنية موجودة في الرواية التقليدية، إذ كانت تفيد في تحديد الخطوط العريضة لديكور الرواية، ثم لإيضاح بعض العناصر التي تتميز بشيء من الأهمية وتعبر عن شيء ما. أما الآن فهي، في يعض نماذجها، لا تتحدث إلا عن جمادات وأشياء لا تكشف عن شيء ولا تعبر عن معنى، أو على الأقل هذا ما يحاوله بعض كتاب الرواية اليوم، فقد كان الوصف يدعي تمثيل واقع موجود مسبقا، أما الآن فلا يحاول إلا أن يؤكد وظيفته الخلاقة، وكان فيما مضى يهدف إلى أن يجعل القارئ يرى الأشياء، أما الآن فيحاول أن يحطم الأشياء، وكان إصرار هذا الوصف على التحدث بإسهاب عن الأشياء والجمادات لا يهدف إلا إلى إفساد خطوط هذه الأشياء، وجعلها غير مفهومة، بل إلى إخفائها تماما ... وبعد عدة فقرات ينتهي الوصف ليكتشف القارئ أن هذا الوصف لم يترك شيئا متماسكا وراءه، فقد اكتمل الوصف في حركة مزدوجة من الخلق والتحطيم، وهذه الحركة نجدها في الرواية على كافة المستويات وخاصة في التركيب العام للرواية، ومن هنا كان الإحساس بالانخداع الملتصق بكل أعمال اليوم (4) وبذلك بات عالم الأشياء جزءا أساسيا في تشكيل فضاء كثير من الروايات الحديثة، دون أن نستطيع القول أنه يشكل سمة عامة لها.
والحقيقة أن الوصف في الرواية الحديثة يتخذ مسارين: الأول نحو أعماق الشخصية، والثاني نحو الأشياء التي باتت تحل محل الإنسان، وتلغي كينونته في حياتنا التي باتت استهلاكية ترى قيمة الإنسان بما يملك من أشياء!!!
إن الوصف في الرواية التقليدية كالوصف في الرواية الحديثة التي يطلق عليها أحيانا رواية"تيار الوعي" يتم عن طريق المؤلف الواسع المعرفة، وذلك دون أية محاولة من جانب هذا المؤلف لوضع قناع على الحقيقة، والشيء الوحيد غير العادي في وصف الرواية الحديثة هو موضوعه، الذي يتعلق بالعالم الداخلي للشخصية، والحياة الذهنية لها بكل تداعياتها.
إن هناك ثلاثة عوامل لتنظيم التداعي: وهي أولا الذاكرة التي تعد الركيزة الأساسية للتداعيات، وثانيا الحواس التي تقودها، وثالثا الخيال الذي يحدد طواعيتها، أما ثبات عمل هذه العناصر ونظام ترتيبها، والناحية العضوية المتصلة بها فهي مشكلات مختلف عليها عند علماء النفس، ولم يهتم أحد من كتاب الرواية الحديثة بالمشكلات المعقدة لعلم النفس، لكن كل الكتاب أدركوا أهمية التداعي الحر في تحديد حركة العمليات الذهنية لشخصياتهم.
وسائل تنظيم حركة تيار الوعي: وهي مجموعة يمكن أن تسمى على سبيل التشبيه "مستحدثات سينمائية" وتدعى "المونتاج" تشمل مجموعة من الوسائل التي تستخدم لتنظيم أو لتوضيح تداخل الأفكار وتداعيها، كالتوالي السريع للصور، أو وضع صورة فوق صورة، يقسم المونتاج إلى قسمين:
المونتاج الزمني: إذ يبقى الشخص ثابتا في المكان، لينتقل تيار الوعي عبر عدة أزمنة، وبذلك يضع الروائي صورا أو أفكارا من زمن معين على صور أو أفكار من زمن آخر.
(يُتْبَعُ)
(/)
المونتاج المكاني: يبقى الزمن ثابتا، ليتغير عنصر المكان، وليس من الضروري أن تتضمن هذه الطريقة تقديم الوعي فهي تستخدم على أنها تقنية مساعدة، تسمى "عين الكاميرا" أو "المشهد المضاعف" وهي أسماء يمكن أن توحي بإمكان اجتماع مجموعة صور في نقطة زمنية واحدة.
إن الوظيفة الأساسية لهذه الوسائل السينمائية هي التعبير عن الحركة وتعدد الوجوه، وهذه وسيلة معدة لتقديم ما هو غير ساكن منظم وفق المنطق المعروف، لذا كانت هذه الوسيلة خير معين لكتاب الرواية الحديثة، إذ تستطيع تحقيق غرضهم الأساسي، وهو تقديم العنصر المزدوج في الحياة الإنسانية، أي اختلاط الحياة الداخلية بالحياة الخارجية في وقت واحد.
إذا يمكننا القول بأن الزمن لم يعد يسير وفق ترتيب ظاهري، يحدده الظاهر والمنطق التاريخي لسيرورة الحدث، ولا شك أن اضطراب الزمان واختلاطه يؤدي إلى اختلاط الأمكنة، لذلك التقسيم السابق ليس مقبولا بجملته، وإنما لابد من المرونة في التعامل معه، والأخذ بعين الاعتبار أن الأدب الحديث، شأنه شأن أي إبداع حقيقي لا يمكن أن يكون مقسما تقسيما آليا، ونحن نلجأ إلى هذا التقسيم لتسهل دراسته، دون يعني ذلك فصلا حتميا بين الزمان والمكان، وإنما فصلا مجازيا يساعد على توضيح المكان المضطرب والزمان المختلط بسبب التداعي الحر، الذي لا يخضع لأي تنظيم مكاني أو زماني ..
لو تأملنا طبيعة المكان في الرواية الحديثة بمعزل عن طريقة تقديمه فيها، لوجدناه قد ابتعد، غالبا، عن أن يكون ديكورا للحدث، وامتدادا كنائيا للشخصية والبيئة والحدث الخ كما في الرواية المسماة تقليدية، وإنما أصبح المكان، في الرواية الحديثة، يبني رموزه" التي تعيد تشكيل أدبية الرواية، وتجسد الرؤية، فتؤسس جماليات جديدة، وعلى هذا الأساس أصبح المكان إحدى علامات الرواية الحديثة، وبات رمزا لحياة البشر يجسد الغربة والملل والضيق والمفارقة والعبور المؤقت، ويؤثر على مفهوم الزمن، فيعكس اضطرابه بين الديمومة واليومي، بين السطحي والعميق، وبين الوهم والحقيقة. (5)
بالإضافة إلى استعارتهم وسائل التقنية السينمائية، استخدموا علامات الترقيم استخداما خاصا، كي يقدموا تيار الوعي وينظموه، ولعل أهم سماته: الفيض، والخصوصية، أي أنه يقدم جوانب غير مترابطة وغير مشكلة، الأمر الذي يجعل وعي أي إنسان لغزا بالنسبة للإنسان الآخر، ونستطيع أن نعدّ هاتين السمتين نتيجة للقوانين الذهنية للتداعي الحر، وهما متصلتان اتصالا وثيقا، ولعل الإنجاز الأساسي لكتاب الرواية الحديثة: هو تقديم الاضطراب الداخلي للعمليات الذهنية، وجعلها تعني شيئا.
اللغة الروائية:
تبدو لنا لغة الرواية الحديثة لغة يغلب عليها المجاز، ويسودها التشخيص والتكرار، يبدو عليها الخلل في التركيب أحيانا، إذ قد نجد تركيب الجملة في حالة من الفوضى، فقد ينقص الجزء الأول منها، وقد ينقص الجزء الأخير ...
إن شيوع المجاز والتكثيف الشعري في اللغة أمر يتناسب مع لغة الأعماق، فبفضل الكثافة الشعرية تستطيع اللغة أن تمتلك إمكانات إيحائية متعددة، تساعد على اقترابها من اضطراب الأعماق من أجل محاولة تقديم بعض غوامضه، وهكذا فإن الاستعانة باللغة الشعرية والرمز والتصوير يعين الروائي على التعبير عما لا يمكن التعبير عنه في منطقة الوعي بطريقة مباشرة، بل يتحتم التعبير عنه بطريقة انطباعية رمزية مكثفة.
لاشك أن مثل هذه اللغة المجازية، تهب الرواية الحديثة خصوصية، لكن كثيرا ما تلقي هذه اللغة على الرواية ظلا من التلغيز، فيما لو ابتعدنا عن ملامحها الشعرية وأهملنا ربطها بالواقع على نحو شفاف.
إن معظم هذه الوسائل ليست شائعة في النثر العادي، لذلك شكلت بعض سمات الحداثة في الرواية، ولكن هناك ناحية يحسن الإشارة إليها: وهي أن هذه الوسائل والسمات لم تشكل نبض العمل الروائي بشكل مستمر، وهي تعكس بذلك خاصة داخلية من خواص الذهن وهي سرعة التنقل من موضوع لآخر، أي عدم الاستمرار، كذلك نلاحظ لكل مبدع خصوصيته في استخدام هذه التقنية والتي تبدو لنا أحيانا ممتزجة بالطريقة التقليدية للرواية.
القالب الفني:
(يُتْبَعُ)
(/)
إن تقديم مستويات اللاوعي (ما قبل الكلام) لا يمكن أن يقدم في قالب محدد، وبذلك ينطلق تيار الوعي مستقلا عن تطور الحدث، ومعنى ذلك أن تطرح الحبكة جانبا، وبالرغم من ذلك يُفرض على هذا التيار المضطرب نوع من القالب، لتنظيم مواده وبالتالي كي يتم تفاعل المتلقي معه، لذلك نجد فيه تمسكا بالوحدات الثلاث الكلاسية التي تمسكت بها الرواية التقليدية (الزمان والمكان والحدث) وتمسكا بالبناء الموسيقي والبناء الرمزي المعقد.
دور المتلقي:
يحاول الروائي في الرواية الحديثة أن يبتعد عن تقديم الخبر للمتلقي، ليريه أو بالأحرى ليشركه في فضاء الرواية، وبذلك لم يعد المتلقي يستقبل عالما متكاملا مغلقا على نفسه، بل على النقيض إنه يحاوره، ويطلب منه أن يسهم في عملية الخلق وأن يخترع بدوره العمل الذي يقرأ، فيكون مشاركا في معطياته لخلق انسجام وتفاعل بين الفضاء المتخيل وعالمه الذي يعايشه، وبذلك يسهم في خلق عمل أدبي ينسجم وفق تصوراته، ويتعلم في الوقت نفسه أن يخلق حياته من جديد.
موقفنا من الرواية الحديثة:
إن الرواية الحديثة ابنة مجتمع قد سبقنا في جميع المجالات، فهي ابنة مراحل طويلة من التطور، في حين لم يعرف العرب هذا الفن إلا مع بدايات القرن العشرين تقريبا، وبذلك تكون الرواية الغربية قد سبقتنا بأكثر من مئتي سنة، لهذا لا يمكننا تجاهل هذا الفارق الزمني، الذي يحمل معه تطورا علميا، وظروفا اجتماعية واقتصادية وسياسية تنعكس بصورة أو بأخرى على الإنتاج الأدبي، لذلك من البديهي أن نقدم إبداعا ينطلق من ظروفنا، لأن أي شكل أدبي لا بد أن يكون منسجما مع إمكانات المتلقي، دون أن يعني ذلك تدني المستوى الفني، أو إلغاء لقدرات الكاتب الإبداعية التي يتوجب عليه تقديم الجديد والممتع والمفيد دائما.
إذا حين نستورد شكلا فنيا لا بد أن نكون حذرين لأن المتلقي العربي يختلف عن المتلقي الغربي، ليس في الإرث الأدبي فقط، وإنما في ظروفه، مما ينعكس على طريقة تفاعله مع العمل الأدبي، صحيح أن التأثر أمر لا بد منه، خاصة في مجال سبقنا إليه الغربيون، لكن هذا التأثر لا يعني تقليدا، وإنما تأثرا واعيا ومتزنا، يستفيد من إنجازاته دون أن تستعبده هذه الإنجازات، وبذلك يمكن تقديم أدب منسجم مع ظروف مجتمعنا وهموم حياتنا، فيضمن تفاعل المتلقي العربي.
إذا إغناء التجربة الروائية لا يمكن أن يتم بالتقليد، وإنما بالاستفادة من الآخر والتعلم منه دون الاكتفاء بذلك، لأن المبدع الحقيقي يضع في اعتباره المتلقي الذي يتوجه إليه أولا، فيحاول أن يخاطبه بلغة يتفاعل معها، ويدهش لها، فتمتعه، عندئذ، يبدو شريكا معه، يضفي على العمل الأدبي الكثير من ذاته.
إننا نعتقد أن المبدع الحقيقي هو الذي يشغله الإبداع، بالقدر الذي يشغله هم الإنسان والوطن، لذلك يشغله كيفية توصيل هذا الإبداع إلى متلقيه أولا ثم إلى المتلقي العالمي ثانيا، لهذا يحاول بعض الكتاب أن يكتبوا بأسلوب الآخر ظنا منهم أنهم ينالون رضاه وجوائزه، ناسين أن هذا الآخر لن يعجبه إلا ما ينطق بخصوصيته، أي يتمتع بمحلية تكسبه نكهة خاصة، وتمده بجماليات مختلفة عن جمالياته، لأنها نابعة من بيئة بعيدة عن بيئته، وعن ذات تختلف عن ذاته، ينطق بأسلوبه الخاص، الذي يمتلك ملامح عامة مشتركة بينه وبين الآخر، لكنه يكتسب سمات خاصة تجعل إبداعه متميزا، يجذب الآخرين إليه، بل يطلعهم على أساليب جديدة، كما يطلعهم على عوالم خاصة، تهبها هوية متميزة، وبالتالي تلقى إقبالا لما تملكه من هذه السمات المتفردة.
سنتوقف عند نموذج من تأثر الرواية العربية، بأسلوب " الرواية الحديثة" وهو رواية "ما تبقى لكم" للشهيد غسان كنفاني الذي تأثر برواية وليم فوكنر "الصخب والعنف" بطريقته الخاصة، التي تمزج التأثر الأسلوبي بالابتكار النابع من خصوصية الهم الوطني والإنساني.
رواية وليم فوكنر "الصخب والعنف"
سنبدأ بالحديث عن رواية فوكنر، لنبين أهم ملامحها، وذلك بعد أن نعرّف بالروائي تعريفا سريعا.
نبذة عن حياة وليم فوكنر:
(يُتْبَعُ)
(/)
عاش الروائي (1897_1962) في ولاية المسيسبي (جنوب الويلايات المتحدة الأميركية) وقد نشأ وتعلم في بلدة أكسفورد، لكنه غادر الجامعة قبل أن يتم دراسته، ويبدو أنه في بداية حياته لم يفعل شيئا سوى التسكع والقراءة دون هدف، وعندما قامت الحرب العالمية الأولى، واشتركت فيها أميركا، لكن لم يتح له أن يلتحق بالجيش الأميركي، فتطوع في القوات الكندية.
وفي عام (1920) انتقل إلى نيويورك وعمل فيها بائعا في مكتبة، استمر في عمله بعض الوقت، ليتركه عائدا إلى أكسفورد، ويبدو أن النتيجة الوحيدة النافعة لعمله هناك هي اطلاعه على الجو الأدبي فيها، وفي أكسفورد عمل مديرا للبريد، وقد كانت إدارته فاشلة، لذلك قدّم استقالته، وقد قيل بأنه فُصل عن عمله.
بدأ حياته الأدبية شاعرا، إلا أن شعره لم يلقَ الاهتمام الكافي، فاتجه إلى الرواية بتأثير صديقه (أندرسن) وقد كان آنذاك في قمة مجده الروائي.
لم تلقَ روايات فوكنر الأولى نجاحا، إذ لم يعجب بها النقاد ولا القراء، ومع ذلك استمر في الكتابة التي تمتعه، وقد اكتشف أن مسقط رأسه يستحق الكتابة، وأنه لن يستطيع طيلة حياته الانتهاء من الكتابة عنه، ثم اتجه إلى كتابة النصوص السينمائية (سيناريو) في هوليوود، وقد كان لهوليوود تأثير كبير على الكثير من الأدباء، لكن فوكنر استطاع أن يتجنب هذا التأثير عن طريق اجتنابه لحياة هوليوود الاجتماعية، فقد كان يكتب هذه النصوص بعيدا عن دافع التحدي الفني، لأنه لم يكن راغبا في جعل هذه الكتابة أساسا لحياته ومصدر رزقه الدائم، بل رآها عملا حرفيا يؤديه بأمانة، بصورة مؤقتة، كي يتمكن من العودة إلى بلده.
وحين عاد إلى بلدته (أكسفورد) عاش فيما يشبه العزلة، ممضيا وقته بين عائلته في بيته العتيق ومزرعته الصغيرة، وقد كان يرفض الأحاديث الصحفية ولا يتبادل الرسائل إلا نادرا، وحتى الكتابة لم يكن مكثرا منها!
رواياته:
إن روايات فوكنر ليست سهلة، ولا نعتقد أنها ستكون كذلك في يوم من الأيام، والسبب أنه ابتدع أسلوبا روائيا خاصا، يعتمد تيار الوعي، فقدّم روايات مهمة، استحق عليها جائزة (نوبل) عام (1950) عندئذ ترك حياة العزلة، وبدأ حياة اجتماعية مليئة بالأسفار.
لو تأملنا خلفية رواياته لوجدناها محلية، لكن موضوعاتها الرئيسية تتخذ ملامح عامة ذات طابع شمولي إنساني.
إننا نجد في رواياته كل ما نريد أن نعرفه عن الجنوب، ونحن بصفتنا متلقين لا يهمنا كثيرا إذا كانت الصورة التي يضعها فوكنر للجنوب دقيقة أم لا، صحيح أن الحياة اليومية للجنوب أكثر مسالمة مما قد نلمسه في رواياته ذات الطابع العنيف، لعل أفضل ما قدّمه فوكنر ليس صورة عن الجنوب وإنما أزمة الجنوب، إذ استطاع أن ينفذ إلى أعماق العقل الجنوبي وإلى أعماق القلب الإنساني، فابتعد بذلك عن الواقعية الفوتوغرافية، ليصل إلى الواقعية الجديدة، فيتناول بالنقد الحياة الحديثة التي فُرضت على الجنوب كما ينتقد "انحلال القيم الخلقية تحت ضغط الروح التجارية، الثمن الكبير (الذي يدفعه الإنسان) ومخاوف العزلة في مجتمع فقدت شخصية الفرد فيه سماتها الرئيسية، انهيار الحساسية الفردية وطيبة الناس أمام الجشع والسوقية .... " (6)
رواية "الصخب والعنف":
تعد رواية "الصخب والعنف" أولى روايات وليم فوكنر، نشرها عام (1929) لاقت إقبالا كبيرا من النقاد فقد عدّت رواية الروائيين، في تركيبها الفني الذي مازال في جماله وبراعته معجزة من معجزات الخيال، دون أن يعني هذا القول أنها بعيدة عن المؤثرات الأدبية والعلمية الأخرى خاصة منجزات علم النفس الحديث (على يد كل من فرويد ويونغ) فقد استطاع فوكنر أن يسرد الأحداث على عدة مستويات من الزمن والوعي، لذلك غابت علامات الترقيم عن تياراته، في كثير من الأحيان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولو تأملنا المؤثرات الأدبية في هذه الرواية لوجدناها متأثرة بالاتجاهات الأسلوبية التي شاعت بين العشرينيات والثلاثينات من هذا القرن، وهي فترة من أهم الفترات وأخصبها في تاريخ الرواية، لا لظهور عدد من الروائيين الكبار فيها فحسب، بل لكثرة التجارب، ونجاح الكثير منها في فن القصة وغيره، ففي هذه الفترة لمع اسم شعراء أثروا في تغيير أشكال الأدب لا في الشعر فقط بل في النثر أيضا (إزرا باوند، و ت. س. إليوت) بالإضافة إلى منجزات روائية، خاصة في الرواية الحديثة، مثل رواية "البحث عن الزمن الضائع" لمارسيل بروست، "ويوليسيز" لجيمس جويس، حيث أعطي اللاشعور أهمية قصوى.
ولو توقفنا عند عنوان الرواية "الصخب والعنف" للاحظنا أنه قد أخذ من مقطع في مسرحية شكسبير "مكبث" على عادة الروائيين الحداثيين الذين يعمدون في بناء رواياتهم على أساطير قديمة، أو مقاطع مسرحية يونانية أو غير ذلك من التراث الأدبي والفكري العالمي. (7)
وفوكنر لم يكتف بأن يأخذ العنوان من مسرحية شكسبير، وإنما حاول أن يجسد في روايته إحدى أفكار شكسبير التي وردت في المسرحية عبر شخصية (بنجامين) المعتوه.
"غدا، وغدا، وغدا،
وكل غد يزحف بهذه الخطى يوما إثر يوم،
حتى المقطع الأخير من الزمن المكتوب،
وكل أماسنا قد أنارت للحمقى المساكين
الطريق إلى الموت والتراب. ألا انطفئي يا شمعة وجيزة!
ما الحياة إلا ظل يمشي، ممثل مسكين
يتبختر ويستشيط ساعته على المسرح،
ثم لا يسمعه أحد: إنها حكاية
يحكيها معتوه ملؤها الصخب والعنف،
ولا تعني أي شيء (8)
وبذلك تبدو لنا رواية "الصخب والعنف" حكاية تضطرم بالحياة كما تضطرم بالموت، ولاشك أن أي تلخيص لها، سيؤدي إلى خلخلة ذلك الفضاء الفني الذي أقامه فوكنر، ولكن لحسن الحظ أن المؤلف نفسه قدّم لمتلقي روايته ملحقا، وضع كمقدمة في الطبعات الحديثة، شرح فيه أهم الحوادث، وعرّف بأهم الشخصيات، وإلا لن يكون تلخيص الرواية سهلا على الإطلاق.
تحكي رواية "الصخب والعنف" عن رابطة الدم والوراثة وتجسد علاقات عائلية بالغة الاضطراب، إذ تقدم لنا حكاية بيت عظيم في حالة انهيار، فعائلة (كومبسون) التي أنجبت حاكما وجنرالا، أصبح لها وضع شبه أرستقراطي في عالم (جفرسون) وقد اشترى أحد أجداد الأسرة ميلا مربعا من الهنود الحمر (ميل كومبسون) الذي كوّن فيما بعد جزءا كبيرا من بلدة جفرسون، والرواية تحكي عن عائلة عريقة كان أحد أجدادها جنرالا عظيما، وهي تتناول البقية الضعيفة من آخر أجيال هذه العائلة، وأفرادها هم: (كونتن) الذي انتحر، وكادي (كاندس) التي أعلنت ثورتها على القيمالأصيلة ومرّغت شرفها في أحضان الخطيئة، لذلك تعيش منفية عن البيت، أما (جاسن) فقد أصبح تاجرا صغيرا بلا إحساس، و بنجامين (بنجي) الأبله، والوالدان: أب كثير المواعظ، منعدم الفعالية، والأم كثيرة الشكوى، تعاني من حالات كآبة لا سبب لها، وهما يصنعان جوا بائسا للعائلة، ولا ينسى الكاتب عامل الوراثة الذي يدفع الأبناء إلى دروبهم الصعبة المرعبة.
إن الأحداث في هذه الرواية لا تتبع التسلسل الزمني، وبذلك بات "تشظي الزمن" أحد العوائق الرئيسية في فهم الرواية، واستيعاب بنائها، لذلك على المتلقي أن يتعامل معها بتأن وصبر، حتى تتعود العين والعقل على خصائص بنائها الفني، فهي حين تقرأ بطريقة صحيحة قادرة على منحنا إثراء غير عادي، كما أنها تجعل القارئ يستغرق في تلك العملية الشديدة الإثارة، وهي عملية الخلق الفني على حد قول جبرا إبراهيم جبرا.
نلمح في هذه الرواية إسقاطا لتاريخ أسرة المؤلف على الرواية، فقد كان فوكنر ينتمي إلى أسرة غنية في الماضي ثم عاشت على الكفاف، لهذا سينتهي الأمر بعائلة (كومبسون) إلى بيع الأرض ثم بيع المنزل، وتحويله إلى فندق صغير، والآن لنتوقف عند شخصياته في هذه الروائية:
(يُتْبَعُ)
(/)
كادي: من المعروف أن فوكنر يولي اهتمامه لردود فعل الشخصيات نحو الأحداث أكثر مما يوليه للقصة بشكلها التقليدي، فهو يعطي أهمية نحو سلوك كادي غير المسؤول ونحو زواجها، ورغم أن المؤلف لا يطلعنا على أعماق كادي إلا أنها تصبح الشخصية المحورية في الرواية، تسيطر بصفتها (شخصية) في الفصلين الأولين، وكمجموعة من الصور والأفكار ثم تبدو شخصية ذات صوت خاص يناقض صوت جاسن، في الفصل الثالث، وبذلك تحولت (في الفصول الثلاثة حيث قدّم المؤلف إخوتها: بنجي، وكونتن، وجاسن) إلى فكرة متسلطة على كل منهم، وإن كان كل واحد منهم يخضع لهذه الفكرة بطريقته الخاصة، لكن جميع هذه الأساليب تتصف بالأنانية والذاتية، إذ لم يكن أحد منهم قادرا على حبها، وكل واحد منهم كان يريد أن يفرض عليها، بسبب أنانيته، نمطا من السلوك القسري الذي يرضيه هو فقط، لذلك ثارت كادي ضد هذا التسلط من خلال ممارسة حريتها ورفضها للقيم التي تعتز بها الأسرة كالشرف، لكنها ظلت دائما محاصرة ومشدودة إلى أسرتها، لكون ابنتها (كونتن) تعيش شبه رهينة لديهم، لكن ابنتها تترك الأسرة لتتبع طريق أمها، ومهما كانت تفاهة الشخص الذي هربت معه (عامل في سيرك) فإنه يصلح رمزا للخلاص من أسرتها، وأنها لن تعيش محاصرة في جو الأسرة الموبوء بالأنانية.
وهكذا جسدت لنا كادي وابنتها، حتى لو أخطأتا الطريق، توق المرأة في البحث عن الحب، أما شخصية الخادمة الزنجية (دلزي) التي قدمت في الفصل الرابع من الرواية فقد كانت خير تجسيد لمعاني الحب الشامل، والتي استطاعت أن تشكل النقيض لفقدان المقدرة على الحب وانتصار الأنانية في نفوس أفراد عائلة كومبسون.
بنجي: معتوه يسمع، لكنه لا ينطق، إنه لا يتواصل مع العالم الخارجي إلا بالصراخ والعويل، وحين يروي الأحداث لا يستطيع أن يرتبها ترتيبا زمنيا، لهذا ما حدث قبل عشرين سنة، وما حدث اليوم، وكلاهما متساوي الأهمية في سرده، متساوي الوضوح، وكل شيء يذكره كأنه يراه أول مرة، بكل ما فيه من جدة وبراءة، فبات الفصل المخصص له (الفصل الأول) أشبه بحكاية يحكيها معتوه، ليست للكلمات عنده مدلول رمزي، لذلك نجد العمليات الذهنية لديه سلسلة من الانطباعات الحسية المسجلة مباشرة، حيث لا يلعب الذكاء دور المنظم والمفسر، إنه تعبير خالص عن المحسوسية المطلقة التي لا مكان فيها للتجريدات، وخاصة ذلك التجريد المسمى بالزمن، فبالنسبة إلى بنجي يبدو الحاضر والماضي شيئا واحدا، فما حدث منذ ثلاثين عاما له نفس الوضوح والحيوية لما يحدث الآن، فالمشاهد اليومية تستدعي مثيلاتها في الماضي، وقد ميّز فوكنر هذه الانتقالات بتغيير نوع الحروف (باستخدام الحرف المائل، لكن المترجم استخدم تقنية تغيير لون الحرف) يقول بنجي، في عيد ميلاده الثلاثين، متحدثا عن أخته (كادي) التي مضى على تركها للبيت ما يقرب من عشرين سنة "وجعلت أسمع الساعة، وأسمع كادي واقفة خلفي، وأسمع السقف. السماء مازالت تمطر قالت كادي ... أكلت بعض الكعك، وجاءت يد "لستر" وأخذت قطعة أخرى، وجعلت أسمعه يأكل، ونظرت إلى النار ... " (9)
إن الفترة الزمنية بين جملة "مازالت تمطر ... " و "أكلت بعض الكعك" ما يقرب من عشرين سنة، من هنا تتأتى صعوبة هذه الرواية، خاصة أننا نجد أنفسنا أمام شخصية بدائية تتعامل بالبراءة الأولى مع الشخصيات والأشياء، ولعل الإنجاز الهام في هذه الرواية محاولة الدخول إلى أعماق هذه الشخصية وتسليط الأضواء عليها بلغة تقارب المحسوس (أشكال ومسموعات وروائح) لتجسد بدائية الشخصية، فهو كما رأينا في المشهد السابق يسمع السقف. لا صوت المطر، لأنه يفتقد القدرة على تحليل الأصوات، وفهمها.
كونتن: طالب جامعي، باع والده قطعة أرض كي يتم تعليمه في جامعة هارفرد، تسيطر عليه القيم المجردة على نقيض أخويه (بنجي وجاسن) فقد سيطرت عليه فكرة الشرف، أي شرف الأسرة الذي فقدته حين فقدت أخته كادي شرفها، فكان مؤرقا بفكرة استعادة الشرف أو الحفاظ عليه، وحين يجد أخته تمارس حياتها بعيدا عن هذه القيم، يقرر الموت، لذلك تسيطر عليه فكرة تجريدية أخرى: هي الزمن، إذ يحس بعبثية الزمن وبالتالي بعبثية الحياة الأمر الذي يؤدي به إلى الانتحار، لهذا بدأ الفصل المتعلق بكونتن بهاجس الزمن"كانت تلك ساعة جدي، وعندما أهدني إياها أبي قال: إني أعطيك ضريح الآمال والرغبات كلها،
(يُتْبَعُ)
(/)
وإنه لمن المناسب إلى حد العذاب أن تستخدمها لتكسب النهاية المنطقية الحمقاء لاختبارات الإنسان جميعها، والتي لن تنسجم مع حاجاتك الشخصية أكثر مما انسجمت مع حاجات جدك أو أبيه، إني أعطيك إياها لا لكي تذكر الزمن بل لكي تنساه بين آونة وأخرى، فلا تنفق كل ما لك من نفس محاولا أن تقهر الزمن، لأن ما من معركة ربحها أحد ... " (10)
أمام هذا الإحساس الضاغط بالزمن، لابد أن يتجسد أمامه العبث، خاصة حين تنهار قيم الشرف التي يؤمن بها، هذه القيم التي تجعل للحياة معنى، يراه متجاوبا مع مغزى الوجود الإنساني، لهذا نجد الشخصية (في الفصل الثاني) في آخر يوم لها بعد أن أزمعت على الانتحار، وقد استطعنا أن نتابع كونتن، عبر تدفق تيار وعيه، فنتعرف على أفكاره، ذكرياته خاصة مع أخته، وما حدث له مع الطفلة الإيطالية الضائعة وكيف تعرض لإساءة الظن من قبل أخيها، كما تعرفنا على ملامح من علاقته مع فتاة إيطالية، وكما يقول جبرا إبراهيم جبرا "والمعجزة الكتابية هنا هي في الطريقة التي يعرض فيها المؤلف أحيانا ثلاث طبقات من الوعي معا، ويحمل القارئ زمنيا، جيئة وارتدادا بينها، ويبقيه دوما على أكثر من مستوى زمني واحد، في طفرات تجعل للحدث الآتي متوازيات من الأماسي الماضيات تتواشج به عن مغزى أو عبث." (11) وقد سيطرت على الشخصية فكرة الشرف، إلى درجة تبدو جزءا من أحلام كونتن وتهيؤاته، وأوهامه الفظيعة التي ينفر منها كل الناس، إنه يريد الحفاظ على جسد أخته بأية صورة من الصور حتى بتخيل (الزنى بالمحرمات) ولهذا بدا عاشقا للموت لأنه لم يستطع حماية شرف أخته، التي انجرفت وراء الأفكار الحديثة التي تركز على الحرية الجسدية والعلاقات المادية ولا تعير اهتماما للقيم الإنسانية، فرأى عندئذ القيم العليا للأسرة منهارة أمام زحف القيم المادية التي هي قيم الشمال المنتصر، على قيم الجنوب المنهزمة.
جاسن: تاجر صغير، يعدّ خير تجسيد لزحف القيم المادية على الأسرة، لذلك نجده يرتكب كل الموبقات فيسرق أمه، كما يسرق أخته التي كانت ترسل لابنتها (التي أسمتها باسم أخيها: كونتن) مبلغا شهريا من المال، يراكم المال، يخصي أخاه بنجي ويضعه في مصحة للأمراض العقلية، يعامل الخدم الزنوج معاملة قاسية، يبيع البيت، يعاشر مومسا ... حتى الزمن ابتعد عن تلك الفكرة التجريدية المأساوية التي وجدناها لدى أخيه (كونتن) ليصبح زمن التقويم (روزنامة) التي تحدد مواعيد قبض المال أو دفعه، أو لتدل على مواعيد فتح دكانه أو إغلاقه.
إنه إنسان مجرد من العواطف، لذلك حين ينتحر أخوه (كونتن) لا يحزن عليه، وإنما يحزن على النفقات المالية التي أنفقت عليه، وعلى الأرض التي بيعت من أجل تعليمه، إنه يتاجر بكل شيء حتى إنه يطلب من أخته (التي يراها عاهرة) مالا ثمنا لرؤية ابنتها، وهو مع كل ذلك يهتم بكلام الناس لهذا لا يسمح لأخته أن تدخل دكانه أمام الناس!! لكنه يسمح لنفسه بمعاشرة إحدى المومسات! إنه رجل التناقضات يضمر القذارة ويحاول أن يظهر أمام الناس بمظهر الرجل الشريف.
في هذا الفصل يبدو لنا العالم الداخلي أكثر انتظاما، إنه مجموعة ذكريات تقوم في معظمها على الحوار بينه وبين أخته وبينه وبين أمه ثم بينه وبين الخادمة دلزي، فيبدو مجموعة من المشاهد الحوارية، مما يجعله قريبا من السيناريو.
وقد امتدت هذه الخاصية إلى الفصل الرابع الذي وجدناه مخصصا للخادمة الزنجية (دلزي) وإن بدا لنا هذا الفصل أكثر اقترابا من الرواية التقليدية لاعتماده السرد والحوار، وفي هذا الفصل نلمح تعاطف المؤلف مع معاناة الزنوج، فيسبغ على (دلزي) صفات فيها الكثير من القداسة والدقة والشاعرية كما يقول جبرا إبراهيم جبرا إذ يصفها بقوله: "كانت امرأة ضخمة فيما مضى، ولكن هيكلها الآن ينتصب، يكسوه إهاب واسع غير محشو ... كأن العضل ولفائف اللحم كانت يوما شجاعة أو جلدا أتت عليه الأيام والسنون فلم يبق إلا الهيكل العظمي الذي لا يقهر منتصبا كالخرائب ... ويعلو جميع ذلك وجه متداع يوحي للرائي بأن عظامه خارج اللحم، يرتفع إزاء النهار الهتون بتعبير في القسمات قدري يماثل في الوقت نفسه خيبة طفل ودهشته ... " (12)
إننا أمام صفات توحي بعظمة الشخصية، وصلابتها، في حين لم تظفر سيدة البيت الارستقراطية سوى بأوصاف سريعة تثير الملل والضيق، وتوحي بهشاشتها!
(يُتْبَعُ)
(/)
الرمز: تمثل لنا أسرة كومبسون مجتمع الجنوب وقد انهار أمام قيم الشمال، فجسد جاسن (بحقارته وأنانيته وساديته وماديته) قوى التصدع الناشئة عن الأسرة العريقة نفسها، كما تمثلها كادي في شكل آخر هو الانطلاق الجنسي، أما كونتن فيمثلها بعشقه للموت وانتحاره، والأب بتهربه من الواقع والأم بكآبتها.
ويمكن أن نجد في كل شخصية من الشخصيات الأربع (جاسن، كادي، بنجي، كونتن) رمزا لأحد مستويات اللاوعي في الإنسان التي حدثنا عنها فرويد.
بنجي: الإنسان الأول، يمثل "الهو" أي البدائية والبراءة المطلقة، لذلك تجسد في مجموعة من الأحاسيس فقط
كونتن: "يمثل الأنا الأعلى" (العقل الأعلى) أي الأخلاق والقيم والضمير.
جاسن: يمثل "الأنا "العقل الأدنى" (الأنانية والتوفيق بين الهو والأنا الأعلى).
كادي وابنتها (كونتن) يمثلان الطاقة الجنسية (الليبيدو)
أما البيت العريق، الذي يحتوي كل القيم الرفيعة المتوارثة عبر الأجداد، فقد انهار بانهيار أهله، لهذا يتعرض البيت للبيع ويتحول إلى نزل يسكنه الغرباء، فقد انتهى ذلك العهد الذي كان البيت يجسد قيم الحب والأمان والعلاقات الحميمة، إذ سطت القيم المادية الشمالية على كل شيء، وبذلك تغيرت ملامح البيت الإنسانية، ليتحول هذا البيت إلى مكان عام موحش، لا يعرف دفء العلاقات الإنسانية، كأن الكاتب يريد أن يقول إن أي بيت لا يسوده الحب وتطغى الأنانية عليه، لابد أن ينهار ويمتهن فيسكنه الغرباء.
إن انهيار المنزل العريق رمز لانهيار الجنوب بأسره أمام قيم غازية، تدمر إنسانية الإنسان، وتشيع الفساد في حياته، فقد باتت القيم الاستهلاكية هي أساس الوجود الإنساني، ومثل هذه القيم لا يمكن أن نجدها في بيت أسرة عريقة.
اللغة والبناء الفني: تقترب اللغة، في هذه الرواية، (في الفصلين الأولين) من لغة الشعر، خاصة أنها كانت تعبر عن عوالم داخلية، في أغلب الأحيان، لا تستطيع اللغة العادية توصيل اضطرابها وشفافيتها، وتوثبها من زمن لآخر، كما لا تستطيع تجسيد الحالة النفسية للشخصية المأزومة إلا عبر لغة مكثفة غنية بإيحاءاتها شفافة في دلالاتها.
وقد بدت لنا اللغة متنوعة تنوعا مدهشا، يتناسب وتنوع الشخصيات في هذه الرواية، فشخصية المعتوه تسيطر على تيار وعيه لغة المحسوسات والمرئيات والمسموعات، (أحب ثلاثة أشياء: زهر العسل، النار، كادي) في حين سيطرت على تيار وعي (كونتن) الطالب المثقف لغة المجردات (الشرف، والزمن) نظرا لمجموعة القيم التي يؤمن بها، والتي أحس بالانهيار لتداعيها.
أما لغة جاسن، فقد بدت لنا لغة العالم الاستهلاكي، إذ ابتعدت عن لغة الشعر لتسقط في لغة الأرقام، ولذلك وجدناه يحاور العالم الخارجي أكثر مما يحاور أعماقه، لأنه عبر هذا الحوار يستطيع إنجاز مكاسب مادية تجعله يبز يهود نيويورك على حد قوله!
إذا امتزجت في هذه الرواية طريقتا التعبير: الحديثة والتقليدية، من أجل أن يستطيع الكاتب التعبير عن عوالم شخصياته بشكل أفضل، وبذلك يبدو لنا أكثر اقترابا من التجسيد الحقيقي للشخصية، وربما لهذا السبب فصل فوكنر بين شخصياته، ولم يمزج تداعياتها، بل جعل لكل شخصية فصلا خاصا بها، ومنحها يوما تفضي به عن ذاتها:
الفصل الأول: بنجي (تاريخ 7 نيسان 1928)
الفصل الثاني: كونتن (تاريخ 2 حزيران 1910)
الفصل الثالث: جاسن (تاريخ 6نيسان 1928)
الفصل الرابع: الراوي يتحدث عن دلزي (8نيسان 1928)
بالإضافة إلى هذا الفصل بين الشخصيات حاول المؤلف أن يساعد المتلقي بوسيلتين شكليتين تبرزان مستويات الزمن والوعي، أي تنسجمان مع المضمون وتحاولان تنظيمه:
الأولى: استخدام الحرف المائل ( italic) باللغة الإنكليزية، كلما تحول السرد فجأة، ولو كان في وسط الجملة، من الحاضر إلى الماضي، أو من الماضي أو ما قبله، أو من القول اللاواعي، أو من الحدث الجاري إلى الحدث المتذكر، في الترجمة العربية استخدم المترجم الحرف الأسود العريض ليقوم مقام الحرف المائل في اللغة الإنكليزية.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثانية: استخدام الترقيم أو إهماله، وفق حاجة المؤلف، فكلما انتقل الحدث المباشر في سيرورة الرواية إلى الحدث المستذكر الذي أصبح انسيابا ذهنيا (بعد أن كان تسلسلا جسديا) انعدم الترقيم، لأن الترقيم يوحي بالفواصل المنطقية، وفي تيار الوعي تنساب الذكريات (بما فيها من أفعال متداخلة وأقوال) دون فاصل أو نظام منطقي.
رواية "ما تبقى لكم" لغسان كنفاني
نبذة عن حياة غسان كنفاني:
ولد غسان كنفاني في عكا (1936) لكنه عاش مع أسرته في (المنشية) في يافا، ومع النكبة انتهت الطفولة السعيدة لتبدأ رحلة الشقاء، إذ بات مسؤولا عن عائلته الكبيرة اللاجئة إلى لبنان أولا، ثم إلى سورية، فعمل في مهن شتى (عاملا في أحد المطاعم، ثم عاملا في مطبعة، وفي كتابة الشكاوى على أبواب المحاكم ... ) لكنه استطاع أن يتابع دراسته، رغم كل شيء، وحين حصل على الشهادة الإعدادية عمل معلما في مدارس وكالة الغوث، دون أن يتخلى عن متابعة تعليمه مساء، فاستطاع متابعة دراسته الثانوية والتسجيل في جامعة دمشق، في قسم اللغة العربية، وفي عام (1955) انتسب إلى حزب القوميين العرب، ثم سافر إلى الكويت ليعمل فيها خمس سنوات في تدريس مادتي (الرياضة والرسم) وقد عانى فيها من الغربة والعزلة والمرض (داء السكري) ثم تركها إلى بيروت ليتفرغ للعمل الثوري ضد الصهاينة، حيث وجدناه يناضل عبر الكلمة المكتوبة (في الأدب وفي الصحافة) وقد انضم إلى هيئة تحرير مجلة "الحرية"، وحين انشقت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن حزب القوميين العرب، شارك في تشكيل برنامجها السياسي وصياغة بياناتها، وأصدر مجلة الهدف (الناطقة باسمها 1969) وقد أحست الصهيونية بخطر غسان كنفاني عليها، فاغتالته، مع ابنة أخته، وذلك بنسف سيارته (1972)
وهكذا كانت سيرة حياته سيرة نضال بدأ منذ خروجه من فلسطين إلى أن توجت باستشهاده.
أعماله الأدبية:
جمعت أعماله الأدبية والنقدية إثر استشهاده في أربعة مجلدات (المجلد الأول لأعماله الروائية، والمجلد الثاني لأعماله القصصية، والمجلد الثالث لأعماله المسرحية والمجلد الرابع لدراساته الأدبية)
نشر غسان كنفاني روايته الأولى "رجال في الشمس" (1961) التي تتحدث عن معاناة الفلسطينيين الثلاثة الذين ينتمون إلى أجيال مختلفة (أبو القيس، مروان، أسعد) وتبرزهم في لحظة الهرب إلى الكويت عبر الصحراء في خزان شاحنة، وقد مات الفلسطينيون الثلاثة، في الصحراء على حدود الكويت، دون أن يجرؤوا على دق جدران الخزان.
في رواية "ما تبقى لكم" (التي كتبها عام 1964، ونشرها عام 1966) التي تتحدث عن معاناة أسرة فلسطينية مزّقتها نكبة فلسطين (1948) فباتت الأم في بلد (الأردن) وولداها (حامد ومريم) في بلد آخر (غزة) في حين استشهد الأب في فلسطين.
يقرر البطل الفلسطيني (حامد) اللجوء إلى أمه في الأردن عبر صحراء النقب التي يحتلها العدو الصهيوني، وذلك بعد أن فقدت أخته (مريم) شرفها، وحملت سفاحا، فاضطرت للزواج من رجل نتن متزوج ولديه خمسة أطفال يدعى (زكريا)
هنا لا نجد الصحراء الفلسطينية التي لجأ إليها (حامد) تخبئ له الموت، وإنما على النقيض من ذلك تساعده على اكتشاف ذاته وتطور وعيه إلى درجة تسمح له بالاصطدام بعدوه الحقيقي (الجندي الإسرائيلي)
قدم لنا غسان كنفاني الشخصيتين الرئيستين (حامد ومريم) عبر تيار الوعي الذي يختلط فيه الماضي بالحاضر والحلم بالمستقبل، وتختلط فيه أيضا أصوات هاتين الشخصيتين إلى درجة نجد من الصعوبة التمييز بينهما أو الحديث عن إحداهما دون أن نتطرق للحديث عن الأخرى، لذلك سنحاول تقديم هذا الوعي بشكل منظم، لكننا لن نستطيع فصل هاتين الشخصيتين إلا فصلا شكليا وهميا، إذ سنلاحظ تلاحما بينهما في المعاناة وفي الأفكار والهواجس، بل سنجد لحظة الفعل الدرامي في الرواية، تكاد تكون واحدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
حامد: تعد الشخصية الرئيسية في الرواية، يعمل مدرسا في مدارس وكالة الغوث، لجأ إلى غزة مع أخته (مريم) التي تكبره بعشر سنوات، بعد أن ضاعت أمه في زحمة اللجوء (1948) واضطرت إلى النزوح بعيدا عن أولادها، مما يؤدي إلى انهيار الأخت وضعفها أمام أول رجل يحاول استغلالها، وقد وجدنا حامد بعد زواج أخته من زكريا النتن، الذي وشى بالفدائي (سالم) يغمره إحساس بالعار، إذ فقد الوطن والأم وشرف أخته في وقت واحد، حتى زواج مريم من زكريا لم يرضه، فقد أحس أن مثل هذا الزواج لا يشرفها، فقد أصبحت زوجة ثانية لرجل نتن في أخلاقه ووطنيته، و بالإضافة إلى كل ذلك لديه خمسة أطفال.
حين يرحل (حامد) إلى الصحراء يجلله العار (عاره الشخصي وعاره الوطني) فقد ترك أخته كارها لزواجها ولعارها، متألما لحالها الذي آلت إليه بسبب النكبة واستشهاد خطيبها (فتحي) كما ترك الوطن ينتهكه الأعداء الصهاينة مدة ستة عشر عاما (كتبت هذه الرواية 1964) لذلك يضيق بعاره "وأخذ يغوص في الليل، مثل كرة من خيوط من الصوف مربوط أولها إلى بيته في غزة، طوال ستة عشر عاما لفوا فوقه خيطان الصوف حتى تحول إلى كرة، وهو الآن يفككها تاركا نفسه يتدحرج في الليل" (13)
نلمح هنا إحساس الفلسطيني بالتشيؤ (فقد كان شبيها بالكرة) كما أن هناك إحساسا بالحصار (لفوا فوقه خيوط البؤس) لكنه حين تحرك ووصل إلى أرض فلسطين (صحراء النقب)، أثناء طريقه إلى أمه في الأردن بدأ يحس بتحرره من هذه الخيوط، غير أن الأمور تبدو غير واضحة في ذهنه، لهذا استخدم الراوي فعل (يتدحرج) الذي يوحي بالسير على غير هدى.
إذا بتحرك (حامد) عبر الصحراء التي لم يستطع أحد أن يسير فيها طوال ستة عشر عاما، (كتبت الرواية عام 1964) يتحرر الفلسطيني من تردده وانتظاره وعدم مبالاته، ويكتشف في الصحراء ذاته، فيحس أنه قوي وضعيف في آن واحد، ويعرف حقيقة شخصيته التي بناها الوهم، وأن إحساس العجز والفشل دفعه للاتكاء على الوهم: الأم، طوال تلك السنين كانت الأم عنده تمثل "فارسا وهميا على استعداد ليشرع سيفه في وجه أي عقبة تقف أمامك، وعشت طوال عمرك متكئا عليها، فما الذي تريده الآن من هذا الفارس الوهمي الذي أعطيته من فشلك وعجزك حصانه الخشبي التافه."
وحين يكتشف (حامد) في الصحراء حقيقة أوهامه التي هي أشبه بحصان خشبي لا فائدة منه، يبدأ يتساءل: "من أنت" يوحي لنا ببداية تفتح وعي الذات، الذي بدأ يتأسس في الصحراء التي هي الأرض الفلسطينية، عندئذ لم يعد الزمن نعشا، ولم يعد الفلسطيني كرة تتقاذفها الأيدي تارة وتلف حولها خيوط البؤس تارة أخرى، بدأ يحس بهويته، أي بإنسانيته، فتخلص من أوهامه، وبدأ يرفض حالة الذل والعار التي اعتاد عليها في حياته السابقة، وصار يستعيد ذكرى صديقه (سالم) الذي قاتل الصهاينة وحرّضه على النضال دون أن يستجيب له،.إنه يتذكر وشاية زكريا به، ثم استشهاده.
إذا في الصحراء يتنكر لماضيه الذليل في المخيم، أما ماضيه المجيد الذي صنعه استشهاد (سالم) وذكريات صداقته له فقد تمسك بها، لتكون دليله في مواجهة عدوه على أرضه، لذلك سيكون أمرا طبيعيا تكرار تداعياته حول استشهاد صديقه، وكيف كان يحرضه، وكيف غدر به زكريا، وتابع سلوكه الغادر، حين غدر بـ (حامد) أيضا وطعنه في شرفه.
في الصحراء يواجه عدوه الحقيقي (المجند الإسرائيلي) عندئذ تبدأ مرحلة جديدة في حياته، تتسم بالفعل الحقيقي الذي يحقق عبره إنسانيته ووجوده، وفي لحظة الالتحام بالعدو، يتأكد (حامد) أنه أقوى من عدوه، إذ يستولي على مسدسه وسكينه، وتشهد الصحراء تفوقه على خصمه، إذ تقول: "لقد تحول انتظاره إلى مستنقع بلا قرار، وأضحى الزمن خصما فيما بدا (حامد) جامدا عاقدا العزم على البقاء هاهنا حتى النهاية، وكان يتفوق على خصمه بأنه لم يكن ينتظر شيئا، مثلي، بالنسبة لي كان يعني بقاء وليس عبورا، كان ضائعا هو الآخر، لكن ذلك لم يكن يعني بالنسبة له شيئا، ليس لأنه لا يعرف، ولكن لأنه لم يكن يريد، بعد، الذهاب إلى أي مكان، وقد حوصر بضراوة منذ أول الليل في هذه الرقعة التي أصبحت مملكته" (14)
(يُتْبَعُ)
(/)
لم تعد الصحراء (التي وجدناها في المنفى، مقبرة الفلسطيني، كما رأيناها في رواية "رجال في الشمس"، فقد تحولت صحراء الوطن إلى (مملكة) تارة وإلى إنسان يحس بالفلسطيني فيجده متفوقا على عدوه حين وقف على أرضه، وقرر المواجهة، لذلك تعلن صحراء الوطن توحدها بالفلسطيني، حين ترك ذله وعاره، وقرر دخول أرضه ومعرفة ذاته بعيدا عن الأوهام التي تفقد الإنسان ثقته بنفسه.
وعلى أرضه (الصحراء) يلتقي (حامد) بعدوه فيكتشف أن الحوار معه مستحيل، فهما لا يملكان لغة مشتركة، إذ شتان بين لغة المعتدي والمعتدى عليه، لذلك يبدو الحوار معه مضيعة للوقت، فيتأكد أن الحوار الوحيد الذي يمكن أن يجري بينهما هو حوار السلاح، وهو واثق من الانتصار على عدوه مادام يستمد من حب الأرض قوة تمنحه القدرة على التوحد بها وبالتالي مواجهة عدوه بصورة أفضل، إذ لم يعد أمامه شيء يخسره، فقد خسر كل شيء في الماضي: الوطن، والأم والأخت، والأصدقاء "ما تبقى لكم، ما تبقى لي، حساب البقايا، حساب الخسارة، حساب الموت، ما تبقى لي في العالم كله، ممر من الرمال السوداء، عبّارة بين خسارتين، نفق مسدود من طرفيه"
يبدو لنا (حامد) محاصرا بالخسارة قبل أن يقف على أرضه ويواجه عدوه، عندئذ تستيقظ في أعماقه ذكرى البطولة والشهادة، تتولد في ذاته رغبة المقاومة والتحدي، فقد استعاد ثقته بنفسه، وقرر أن يتجاوز ضعفه ويطرد بؤسه وعاره، خاصة بعد أن أدرك أنه لم يعد يملك ما يخسره، يقول لعدوه (المجند الإسرائيلي الذي صادفه في الصحراء أثناء محاولته اللجوء إلى أمه): تعالَ أقل لك شيئا مهما ليس لدي ما أخسره الآن، ولذلك فقد فاتت عليك فرصة أن تجعلني ربحا" لأن موت الإنسان، حين يكون مواجها لعدوه، لن يكون خسارة، على النقيض سيتحول الموت إلى حياة، وتتحول المواجهة مع العدو إلى ولادة جديدة في مستقبل قريب.
إذا يجسد (حامد) نبوءة الفدائي الذي سيغامر بدخول الأرض المحتلة ليصل إلى أمه الحقيقية (الوطن) لينفض عن نفسه غبار الوهم الذي عشش في داخله طويلا، وقد تجسدت هذه النبوءة بعد سنة من كتابة الرواية (1965) يطلق الفدائي رصاصة الثورة، وهكذا نجد المبدع الأصيل يستشرف المستقبل ليسلط الضوء على القوى الإيجابية فيه ببين ركام السلبيات.
زكريا: نلاحظ في الرواية وجود شخصية سلبية يمكن أن نعدها الشخصية المقابلة لـ (حامد بطل الحاضر) وللشهيد (سالم بطل الماضي) أو بالأحرى الشخصية النقيضة لهما (زكريا) إنها شخصية ثابتة مسطحة، لا تملك أعماقا أو صوتا خاصا بها، تتجسد فيها الصفات السلبية التي تنعكس على الشخصيات، فتؤذيها في حياتها وفي كرامتها وشرفها، وقد تسهم في عرقلة وعيها الوطني وتنغيص وجودها الإنساني، إنه صورة للذل وللنتانة، يرسم لنا المؤلف شكله الخارجي ليخبرنا عن أعماقه " ضئيل بشع كالقرد، وهو مجرد لطخة مصادفة في مكان غير مناسب".
إننا لا نتعرف على زكريا إلا عن طريق تداعيات (حامد ومريم) إنه دنيء النفس لا يفكر إلا بملذاته الجسدية، يتزوج امرأة أخرى من أجل ذلك، رغم أن لديه خمسة أطفال من زوجته الأولى، والمرأة لديه وسيلة للمتعة فقط، لهذا يطالب مريم أن تجهض جنينها قائلا لها: "إنك لن تكوني طوال عام كامل امرأة ستكونين مجرد زجاجة حليب فقط"
صحيح أنه يمارس مهنة التدريس في مدرسة واحدة مع حامد، إلا أننا نحسه غير مخلص لعمله، إذ يتهرب من الدوام بأعذار ملفقة، لذلك اجتمعت في هذه الشخصية صفات النذالة كلها، فهو لم يكتف بأن يكون سلبيا في حياته، بل تعدى ذلك إلى الخيانة، حين يشي بصديقه سالم ليحافظ على حياته.
قد يكون (حامد) نقيضا للفدائي (سالم) الذي وعى طريقه في المقاومة منذ بداية الاحتلال، لكن (حامد) تجاوز تردده بفضل بؤس التجارب التي عايشها، وبدأ يدرك أن حقيقة الحياة تكمن في المعاني النبيلة التي يجسدها الفداء بأجلى صورة، لهذا رأينا في شخصية (زكريا) نموذجا نقيضا مدمرا لكل المعاني النبيلة، إنه العدو الداخلي الذي يماثل في بشاعته العدو الخارجي (المجند الإسرائيلي) لذلك ستقضي عليه (مريم) في اللحظة التي يقضي (حامد) على عدوه الإسرائيلي، لتستطيع الشخصية الفلسطينية متابعة طريقها نحو التحرر والتطور في بيئة نظيفة من الأعداء الداخليين.
(يُتْبَعُ)
(/)
مريم: تعد هذه الشخصية موازية لشخصية (حامد) وهي فتاة في الخامسة والثلاثين من عمرها، أدت نكبة فلسطين إلى شقائها، فحين ضاعت يافا ضاع معها كل شيء: الأب قد استشهد مدافعا عن الأرض، وتضيع الأم عن أولادها فتلجأ إلى الأردن، وأما الخطيب فقد استشهد، لذلك لن نستغرب ذلك الإحساس المرعب بالزمن حتى صار مقبرة لأحلامها "علقت هذا النعش أمامي (الساعة) ليدق هذه الحقيقة الفاجعة على سمعي ليل نهار"
إن الزمن الذي لا يجلب إلا المآسي للمرأة سيكون "نعشا" تدفن فيه أحلامها، لذلك باتت الساعة تذكرها بحقيقة أنها فقدت الأمل في هذه الحياة، ولن تستطيع العثور على زوج، لهذا تحس التمزق والحرمان، فالزمن يمسك بخناقها، معلنا موتها، عبر دقات الساعة، وفقدان جمالها، لذلك لن نستغرب ارتماءها في أحضان (زكريا) المتزوج ذي الأطفال الخمسة، وحين تحمل سفاحا، تحدث أخاها (حامد) بعارها، فلا نجدها تتعرض للذبح أو الضرب، وإن تخيل ذاته، عبر تداعياته، أنه قد ذبحها وتخلص من عارها فهو لم يستطع أن يتخلص من إرثه الشرقي، وإن استطاع أن يعبر عنه عن طريق الحلم ليجد متنفسا له.
وقد وجدناه يحاول إقناعها عبر المنطق بضرورة التخلص من الجنين مادام سيربيه رجل مثل (زكريا) لكنها ترفض، فيضطر عندئذ لتزويجها منه، ليتركها ويرحل إلى أمه في الأردن، بعد أن فقد كل شيء، يمكن للإنسان أن يعيش من أجله.
يبدو لنا المؤلف غسان كنفاني متعاطفا مع الشخصية النسوية مبررا فعلتها على لسان أمها (التي جعل مريم تتخيلها، عبر تداعياتها) تقول لها:"أيتها المسكينة الصغيرة يا مريم! أي بؤس أمضيت فيه حياتك جعلك تقبلين بهذه النهاية! أنت يا وردة المنشية بأكملها، الطموحة المتعلمة، ذات الأصل والفصل! أي حياة تعسة جعلتك تقبلين زكريا بأعوامه كلها وزوجته وأولاده زوجا"
إن مثل هذا الزواج غير المتكافئ لن يسعدها، إذ لا يمكن أن يمنحها السكينة، ويقضي على تمزقها وضياعها، لذلك لو كانت الأم (التي تصلح هنا رمزا للأرض) موجودة لما سقطت مريم، واضطر حامد للرحيل عبر الصحراء بحثا عنها، تقول مريم عبر تداعياتها "لو كانت أمي هنا لكان لجأ إليها، للجأت إليها أنا، لقلنا كلمة واحدة عنه"
لهذا فشل زواجها، فقد أحست، منذ اليوم الأول، بالغربة، وبانفصالها الروحي عنه، فهو على نقيض أخيها (حامد) الذي تحس بتوحدها الروحي معه، لذلك كان غيابه مؤلما لها، حتى الروابط التي تربطها به نجدها تنمو حين يغادر البيت إلى الصحراء بدل أن تذوب، يساعدها الزمن في هذا التوحد (الساعة التي أتى بها حامد، والتي تشبه النعش) فتتابع خطواته في الصحراء، حتى باتت دقات الساعة صوت خطواته فيها، وبذلك تتغير دلالات الساعة حين يتحرك الفلسطيني باتجاه الفعل والالتحام بعدوه، فتتحول من نعش يضم جسد الفلسطيني إلى كائن نابض يتوحد بالإنسان.
يبدو لنا توحد مريم بحامد، رغم المسافة التي تفصل بينهما، توحدا مدهشا، فحين يتعرض حامد للخطر بالتحامه مع العدو، تحس به مريم وتجتاحها رعشة مفاجئة، فتنتفض قائلة "لقد حدث شيء ما له في هذه اللحظة بالذات" وقد ساعدت تقنية تيار الوعي على تقديم هذا التوحد بين الشخصيتين، فاستطعنا أن نعايش هذه العلاقة الثنائية في زمن واحد، دون أن يؤطرها مكان واحد (غزة، الصحراء) كما هو معروف في الرواية التقليدية.
عانت مريم من التمزق بين قيم أخيها النبيلة (التي تجسد الماضي بكل مآسيه كما تجسد آمال الحاضر بمستقبل أفضل) وقيم زوجها الدنيئة التي تجعلها تحس أنه سيمسخها إلى مجرد ممر تافه بين بيته ومدرسته، يقضي حاجته الجسدية فيه ويذهب، لذلك يريدها أن تجهض الجنين، الذي بات يشكل لديها الأمل الوحيد في مستقبل أفضل، وحياة إنسانية ذات معنى، لذلك تقرر العيش من أجله، كي تربيه وفق أحلامها نظيفا بريئا، فتجعله امتدادا لذاتها (أي أخيها) لهذا ترفض إجهاضه بناء على طلب الأخ (تخلصا من عاره) وبناء على طلب الزوج (للتخلص من مسؤولية إطعام فم جديد يضاف إلى الأفواه الخمسة التي لديه) وحين يصر زكريا على إجهاض الجنين، ويهددها بالطلاق إذا لم تتخلص منه، لا تجد وسيلة للحفاظ على الجنين سوى قتل هذا الزوج النتن للتخلص من القذارة التي لوثت حياتها، وكي تحافظ على كرامتها وإنسانيتها من زوج يريدها أداة لمتعته فقط، وهي تؤكد، بقتله، لنفسها ولأخيها أن الطفل سينشأ في جو
(يُتْبَعُ)
(/)
نظيف بعيد عن قذارة الأب.
وهكذا يمكن أن نجد في شخصية مريم نموذجا ليس للمرأة الفلسطينية فقط، وإنما للإنسان الفلسطيني الذي يحاول الوقوف ثانية، والتخلص من أخطائه ومن ضعفه، بعد أن أوجد أملا جديدا من حطام الموت واليأس والعار.
وعلى هذا الأساس يمتزج في هذه الشخصية الهم العام بالهم الخاص، فسقوط مريم نتيجة سقوط فلسطين، كذلك نجدها في محاولتها التمسك بالأمل (الجنين) تجسد محاولة الشعب الفلسطيني في تلك الفترة (1964) في النهوض والثورة، لهذا تبدو شخصية (حامد، ومريم) رمزا للشعب الفلسطيني، في لحظات ضعفه وانهياره، ولحظات تردده وبحثه عن طريق للفعل، ثم لحظات وعيه وبداية ثورته، إنهما يجسدان الروح الفلسطينية في لحظة احتضارها ولحظة ولادتها من جديد.
جوانب اللقاء بين
رواية "ما تبقى لكم" ورواية "الصخب والعنف":
تعد رواية غسان كنفاني "ما تبقى لكم" إنجازا كبيرا من الناحية الشكلية في الرواية العربية خاصة أن استخدام أسلوب تيار الوعي في تلك الفترة لم يكن شائعا، وهنا نلفت النظر إلى أن هذا الإنجاز الشكلي (الذي يهتم بالعالم الداخلي المضطرب للشخصية) لم يكن على حساب القضية الفلسطينية التي عاش الكاتب لها واستشهد من أجلها.
ترصد كلا الروايتين يكاد يكون حدثاً واحداً هو انهيار أسرة بأكملها بسبب الحرب وانتصار المعتدين، ففي رواية وليم فوكنر تنهار الأسرة نتيجة زحف الشمال على الجنوب وانتصاره عليه، بعد حرب أهلية جرت بينهما، كذلك في رواية غسان كنفاني تنهار الأسرة نتيجة نكبة (1948) واحتلال الصهاينة لفلسطين، لذلك تنهار القيم والمثل العليا بانتصار الأعداء وتمزق الأسرة، فتفقد الأخت (كادي ومريم) في كلا الروايتين شرفها، ثم تتزوج من رجل نتن.
لعل التأثر الأهم في هذه الرواية هو تأثر بأسلوب الرواية الحديثة (أسلوب تيار الوعي) الذي عرف عنه شدة اختلاطه وصعوبته، لذلك نلمس لدى الكاتبين رغبة في مساعدة القارئ، ليستطيع متابعة العالم المختلط، فقد أصدر فوكنر ملحقا، يجعله أشبه بمقدمة، يتحدث فيه عن أحداث الرواية وشخصياتها (يتبع فيها ماضي الشخصيات وحاضرها ومستقبلها) ويوضح بعض الأفكار التي قد تصل إلى المتلقي بشكل مغلوط (مثل حديثه عن كونتن، فيبين أنه ما عشق جسد أخته قط، ولكنه عشق فكرة الشرف)
أما كنفاني فنجده يكتب مقدمة يشرح فيها طريقته في تقديم شخصياته "الأبطال الخمسة في هذه الرواية، حامد ومريم وزكريا، والساعة والصحراء لا يتحركون في خطوط متوازية أو متعاكسة، كما سيبدو للوهلة الأولى، ولكن في خطوط متقاطعة، تلتحم أحيانا إلى حد تبدو وكأنها تكوّن في مجموعها خطين فحسب، وهذا الالتحام يشمل أيضا الزمان والمكان بحيث لا يبدو هناك أي فارق محدد بين الأمكنة المتباعدة أو بين الأزمنة المتباينة ... إن الصعوبة الكامنة في ملاحقة عالم مختلط بهذا الشكل هي صعوبة معترف بها" لهذا يلجأ، كما فعل فوكنر، إلى تغيير شكل الحروف (من العادي إلى المائل) عند تغيير لحظات التقاطع والتمازج والانتقال.
قدمت الشخصية في كلتا الروايتين عبر تدفق تيار الوعي، ونجد في كلتيهما محاولة لربط التداعي بعضه ببعض، والتخفيف من امتزاجه، عن طريق استخدام روابط لفظية، في لحظة الانتقال من شخصية إلى أخرى أو الانتقال من زمن لآخر، أو مكان لآخر، وبذلك يمكن أن تسهل هذه الروابط عملية التداعي وربما تعطي مبررا لها إذ تفسح المجال لتنقلات العقل الباطن، من زمان إلى زمن آخر ومن مكان إلى آخر ... إلخ، من هذه الروابط:
_ الجملة الاسمية أو الفعلية: فمثلا ينتهي الحوار الداخلي عند غسان كنفاني بقول حامد مخاطبا الصحراء: "ليس ثمة من تبقى لي غيركِ" سنجد أن الحوار الداخلي لأخته مريم يبدأ بجملة مشابهة كأنها استمرار للحوار السابق، لكنها تخاطب فيها الجنين قائلة "ليس ثمة من تبقى لي غيركَ" وهذا ما سبقه إليه فوكنر في "الصخب والعنف" إذ نجده يربط بين حوارين داخليين (في زمنيين مختلفين، لكنهما لشخصية واحدة: بنجي مثلا نجد جملة واحدة تتكرر في حالتين مختلفتين، وفي لحظتين مختلفتين ومتباعدتين هي جملة "تزحف خلال هذه الفتحة"
(يُتْبَعُ)
(/)