حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ شَاذَانَ حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ الرَّقَّامُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا بُدَيْلٌ حَدَّثَنَا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ قَالَ قَالَ أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِىُّ أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ بِصَلاَةِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَصَفَّ الرِّجَالَ وَصَفَّ خَلْفَهُمُ الْغِلْمَانَ ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ فَذَكَرَ صَلاَتَهُ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا صَلاَةُ قَالَ عَبْدُ الأَعْلَى لاَ أَحْسَبُهُ إِلاَّ قَالَ «صَلاَةُ أُمَّتِى».
وفي فتح الباري لابن رجب - (ج 4 / ص 220)
615 - ثنا عبد الله بن يوسف: ابنا مالك، عن سمي مولى أبي بكر، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لو يعلم الناس ما في النداء والصف الاول، ثم لا يجدون الا ان يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا اليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لاتوهما ولو حبوا)).
وقد دل الحديث على القرعة في التنافس في الصف الاول إذا استبق اليه اثنان وضاق عنهما وتشاحا فيه، فانه يقرع بينهما.
وهذا مع تساويهما في الصفات، فإن كان احدهما افضل من الاخر توجه ان يقدم الافضل بغير قرعة، عملا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ليليني منكم اولوا الاحلام والنهي، ثم الذين يلونهم)).
خرجه مسلم من حديث ابن مسعود، ومن حديث أبي مسعود الانصاري، كلاهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وأماان كان ثبت لاحدهما حق التقدم في الصف، فليس لاحد ان يدفعه عنه، ولو كان افضل منه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يقيم الرجل [الرجل] من مجلسه فيجلس فيه، ولكن تفسحوا توسعوا)).
فأن كان السابق إلى الصف غلأمالم يبلغ الحلم جاز تأخيره.
فعله أبي بن كعب بقيس بن عبادة، وصرح به أصحابنا، وهو ظاهر كلام الامام أحمد، وقول سفيان.
وكذلك ان قدم رجل عبداً له إلى الصف ثم جاء، فله ان يؤخره ويجلس مكانه.
ومما قال أيضا في شرح حديث ابن عباس: أقبلت راكباً على حمارٍ أتانٍ، وأنا يومئذٍ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس بمنىً إلى غير جدارٍ، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي أحدٌ.
قد سبق هذا الحديث في ((باب: سترة الإمام سترةٌ لمن خلفه)) من طريق مالك، خرَّجه هناك عن عبد الله بن يوسف، عن مالكٍ، وخرَّجه هنا عن عبد الله بن مسلمة -هو: القعنبي -، عن مالكٍ.
والمراد بتخريجه هاهنا: الاستدلال على صحة صلاة النبي، وأنه يدخل في صف الرجال ويقف معهم.
وقد استدل بهذا مالكٌ على أن الأفضل أن يجعل في الصف بين كل رجلين صبياً؛ ليتعلم أدب الصلاة وخشوعها.
وهو أحد الوجهين للشافعية.
والثاني لهم: يقف الصبيان إذا كثروا صفاً خلف الرجال.
وهومذهبنا ومذهب أبي حنيفة.
استدلوا لذلك بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ليلني أولوا الأحلام منكم والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)).
خرَّجه مسلم.
وبما روى شهر بن حوشبٍ: حدثنا عبد الرحمبن غنمٍ، أن أبا مالكٍ الأشعري جمع قومه، فقال: اجتمعوا واجمعوا نسائكم وأبنائكم أعلمكم صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاجتمعوا وجمعوا نساءهم وأبناءهم، وأراهم كيف يتوضأ، فأحصى الوضوء أماكنه، حتى لما أن فاء الفيء وانكسر الظل قام فأذن، وصف الرجال في أدنى الصف، وصف الولدان خلفهم، وصف النساء خلف الولدان، ثم اقام الصلاة، فتقدم فصلى - وذكر قصة الصلاة، ثم قال: إنها صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
خرَّجه الإمام أحمد بتمامه، وخرَّجه أبو داود مختصراً
قلت: ــ أنا كاتب السطورـ
والحديث وإن كان فيه لين فقد حسنه بعضهم.
ولو قام الصبي في وسط الصف، ثم جاء رجلٌ، فله أن يؤخره ويقوم مقامه، نص عليه، وفعله أبي بن كعبٍ بقيسِ ابن عبادٍ، وروي نحوه عن عمر - أيضاً -، فهذا قول الثوري وأحمد، وقد سبق ذكره في ((أبواب الصفوف)).
ولو كان الصبي في آخر الصف، فقام رجلٌ خلفه في الصف الثاني، فقال أحمد: لا بأس به، هو متصلٌ بالصف.
وحمله القاضي على أن الصف إذا كان فيه خللٌ، فوقف رجلٌ لم يبطل اتصاله؛ لأن الصبي لا يصاف في الفرض، على المنصوص لأحمد.
ومن أصحابنا من قال: لا يصاف في الفرض ولا في النفل، ولو قلنا: تصح إمامته في النفل.
وهذه طريقة أبي الخطاب، أنه تصح مصافته في الفرض والنفل، وهو قول الأوزاعي وإسحاق؛ لأنه محكومٌ بصحة صلاته، وان لم تصح إمامته للرجال.وكذا قال الثوري ومالكٌ وأبو حنيفة والشافعي، لكنه يجيز إمامته للرجال ومصافته أولى.
وكل هؤلاء يقولون فيمن أم رجلاً وصبياً: إنهما يقفان خلفه، وعند أحمد: يقفان عن يمينه، أو يقف بينهما، وعليه حمل وقوف ابن مسعودٍ بين علقمة والأسود، وقال: كان الأسود غلاماً.
وحديث ابن عباسٍ الذي خرَّجه البخاري في هذا الباب يدل على أن دخول الصبي المميز في صف الرجال في الصلاة المفروضة هو السنة.والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/382)
ـ[ميسرة الغريب]ــــــــ[24 - 08 - 08, 06:49 م]ـ
ينبغي التفريق بين الوقوف خلف الإمام تماما وبين الوقوف في الصف الأول
فالصبي ماذا يستطيع أن يفعل لو تذكر الإمام أنه ليس على طهارة .. ولا يوجد خلفه إلا صبيان.!! هل يستطيع أن يكمل عنه الصلاة بالناس؟ ولكن لو اقتصر على الرجال من أولي النهى خلف الإمام تماما ... ولم يمنع الصبيان من الوقوف في بقية الصف لكان هذا جمعا بين الآراء وتحقيقا للمقصود والله أعلم
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[24 - 08 - 08, 07:55 م]ـ
ينبغي التفريق بين الوقوف خلف الإمام تماما وبين الوقوف في الصف الأول
أخي ميسرة الغريب وهل قال بذلك أحد
ـ[أبو حفص ماحية عبد القادر]ــــــــ[24 - 08 - 08, 08:21 م]ـ
و الله؛ ربّ صبي خير من ألف رجل.
و الله رأينا من هؤلاء البالغين الكبار سلوكات لا يقدم عليها الصغار.
صبيان يباكرون إلى المساجد و يسوون الصفوف و يقرؤون القرأن ... و يفعلون سننا لا يدريها من الكبار المئات. و الله المستعان.
أ ليس - بالله العظيم عليكم - صبي كهؤلاء خير من الذين فازوا بمحالّ أولي البصائر و العلم و النهى و لا نهية لهم.
سبحان الله ... سبحان الله .... سبحانالله .... و الله المستعان.
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[24 - 08 - 08, 09:45 م]ـ
أخي أبو حفص ليه أنت زعلان
نحن نناقش حكم شرعي وننقل كلام أهل العلم
أما أنه رب صبي أفضل من ألف واحد من الكبار
نعم صحيح
وكذلك
كم من امرأة خير من ألف رجل
شو رأيك
ـ[ميسرة الغريب]ــــــــ[24 - 08 - 08, 10:13 م]ـ
أخي ميسرة الغريب وهل قال بذلك أحد
لا أدري أخي! ولكنهما ليستا مسألة واحدة .. أهما كذلك؟
ـ[أبو عبد الله الدرعمي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 02:02 ص]ـ
تسمحون لي بهذه المداخلة السريعة:)
أذكر وأنا طفل كنت أصلي في أحد المساجد وكان عمري إذ ذاك تسعة أعوام حسب ما أذكر وإذا برجل ظننته على خير قبل الإقامة وما إن إقيمت الصلاة حتى نهرني لأرجع للصفوف الخلفية (صلي ورا مع الصبيان يلا يا وله) فما كرهت وقتها أحدا أكثر من هذا الرجل ثم كان أن أخطأ الإمام في القراءة فما رده أحد وتلعثم فما رده أحد فراجعت نفسي ثم رددته بأن ذكرت الآية وشطر الآية التي تليها حتى يكمل ثم سكت فلم يكمل الإمام وركع .... وانتهت الصلاة فإذا بهذا الرجل ينكر على وم ثم أنكر المسجد كله على كيف أرد الأمام وكيف أصحح له (ده أنت عيل صغير امشي اجري بعيد أو حاجة زي كدة) واذكر أني كدت أن أبكي يومها ... وقد عزمت ألا أصلي في المسجد مرة أخرى حتى لا يرجعوني في الصفوف الخلفية ..... وكدت أهرب من المساجد بالكلية إلا أن من الله عليّ وقدعزمت على محاربة كل من يفعل مثل هذا الصنيع مع الصبية
وأنا الآن وقد قاربت على 25 سنة ما إن أرى أي شخص يرجع صبي للصفوف الخلفية تثور ثائرتي
قد أحسست بشعور الصبي حين يرجعونه للصفوف الخلفية يشعرونه كأنه نكرة (يلا ورا)
إن كان المسجد مزدحم فالأولى تقديم كبار السن أو من هم أكبر منه سنا
أما أن يكون الصف الأول فيه سعة فما المانع أن يقف الصبي في طرف الصف يتعلم ممن يصلي بجانبه كيف يصلي والله تعالى أعلم
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[25 - 08 - 08, 04:04 م]ـ
أخي الدرعمي جزيت خيرا
الأدلة الشرعية شئ
والمشاعر الشخصية شئ آخر
فكم من رجل كره آخر لأنه
قام معه بما أمره نبينا من رأى منكم منكرا فليغيره
فسامحني شعورك طيب تجاه أبنائنا
لكن جزيت خيرا
لا تؤخذ الأحكام الشرعية بمثل ما ذكرت
بارك الله فيك
ـ[عمرو فهمي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 07:47 م]ـ
الأولى تقديم أولي الأحلام في الصف الأول و لو سبق إليه غير أولي الأحلام و النهى فيؤخروا هذا بالطبع إذا كان في أصحاب الأحلام و النهى قارئ للقرآن، أما إذا لم يكن فيهم ذلك و كان ممن هو دونهم أقرأ منهم فيمكن تقدمهم و الدليل على ذلك ما رواه النسائي: (2/ 88) و أحمد في المسند: (5/ 140) و الحاكم في المستدرك: (1/ 334) و ابن خزيمة في صحيحه: (3/ 33) و ابن حبان في صحيحه: (5/ 555):
عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ: كُنْتُ آتِي الْمَدِينَةَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَكُنْتُ أَلْقَى أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ أَحَبَّهُمْ إِلَيَّ لِقَاءُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَجَاءَ عُمَرُ يَوْمًا وَمَعَهُ رِجَالٌ، وَأَنَا فِي الصَّفِّ فَنَظَرَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَكَأَنَّهُ عَرَفَهُمْ غَيْرِي، فَأَخْرَجَنِي وَقَامَ فِي مَقَامِي فَمَا عَقَلْتُ صَلاتِي، فَلَمَّا قَضَيْنَا الصَّلاةَ قَالَ: يَا فَتًى لا يَسُوءَنَّكَ أَنِّي لَمْ آتِ مَا أَتَيْتُ بِجَهَالَةٍ وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كُونُوا فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ الَّذِي يَلِينِي
وفي رواية:
بَيْنَا أَنَا فِي الْمَسْجِدِ فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ فَجَبَذَنِي رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي جَبْذَةً فَنَحَّانِي وَقَامَ مَقَامِي فَوَاللَّهِ مَا عَقَلْتُ صَلَاتِي فَلَمَّا انْصَرَفَ فَإِذَا هُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَقَالَ يَا فَتَى لَا يَسُؤْكَ اللَّهُ إِنَّ هَذَا عَهْدٌ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا أَنْ نَلِيَهُ
قال الملا على القاري في (مرقاة المفاتيح):
ثم ذكر جملة مستأنفة مبينة لعلة ما فعل اعتذارا إليه إن هذا أي ما فعلت عهد من النبي أي وصية أو أمر منه يريد قوله ليلني منكم أولو الأحلام والنهي وفيه أن قيسا لم يكن منهم ولذلك نحاه إلينا أن نليه أي ومن يقوم مقامه من الأئمة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/383)
ـ[أبو عبد الله الدرعمي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 11:30 م]ـ
أكيد لا تؤخذ الأمور الشرعية بالمشاعر ولكن فليكن فيها حسن خلق وتلطف للأولاد
أنا لا أعترض على ارجاع الأولاد للصفوف الخلفية ولكن ما اعترض عليه الطريقة في انكار ذلك عليهم
تفهم ما أقصد
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو حفص ماحية عبد القادر]ــــــــ[26 - 08 - 08, 09:10 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته؛
أخي أبا القاسم المصري حياك الله و بياك و أحلك المكنزلة الحسنى و بارك فيك و سددك.
اعلم أنني كذلك أراعي الأمور الشرعية و أحكامها و من الشريعة مراعاة المصالح و المفاسد و الموازنة بينها؛ ثم أنّ الأمر منوط بعلة العقل و النهية و نحن نقول من هذه الحيثية أن كم صبيا بارعا يفوق رجالا و رجالا ... في عقولهم و أخلاقهم و علمهم ... فهلا تأملت أخي أبا القاسم.
فكيف بصبي يحفظ من كتاب الله تعالى و له من الأدب و السمت الصالح يرى بالمساجد لكن السفهاء يؤخرونهم ومنهم من تعرض لطردهم و البلبلة عليهم في المساجد ...
و كم من صبي كره الصلاة و أهل الدين و الإستقامة لأجل هذه الأفعال ....
ثم أنا سائلك؛ هل كان هذا فعل النبي صلى الله عليه و سلم و الصحابة رضي الله عنه؛ أم أ، ّ صغار الصحابة لم يكونوا يصلون؟؟ ...
ألا ترى أنّ المصلحة الشرعية تقتضي تعويد الصبيان و رياضتهم على مهمات الشريعة؟ ...
أما؛ أنّ ((ربّ امرأة خير من ألف رجل))؛ قل أمة و لا تخشى؛ لكن ليس من البلاغة في شيء ذكرك مثل هذا الكلام في مثل هذا المقام. .. و أنت تعلم أن القولين لا يتعادلان ... و لكلّ مقام مقال ...
أم هو تعيير و سبّ ... أريد منك بيانا حتى لا يجرأ مسلم على مسلم.
أجدد التحية الخالصة لك و الدعاء.
وفقك الله و سددك و جعلك سهما مسددا صائبا.
ـ[أبو خالد الكمالي]ــــــــ[26 - 08 - 08, 09:47 ص]ـ
أنا ما كنت أصلي بالصف الأول لما كنت صغيرا، بل والله على أطراف الصفوف الأخرى، و مع هذا أذكر أحد كبار السن كان يضربني بالعصا (بلطف طبعا) و أنا ساجد لأرجع للخلف!
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[26 - 08 - 08, 04:02 م]ـ
لكن ليس من البلاغة في شيء ذكرك مثل هذا الكلام في مثل هذا المقام. .. و أنت تعلم أن القولين لا يتعادلان ... و لكلّ مقام مقال ...
أم هو تعيير و سبّ ... أريد منك بيانا حتى لا يجرأ مسلم على مسلم.
أخي أبا حفص
جزاك الله خيرا على الدعاء لي
أنا قدمت كلام أهل العلم في المسألة ولم أقل شيئا من عندي
والأمر أولا وآخرا عرض لحكم شرعي
نرجو أن نصل فيه للصواب
ولتعلم أن الأمر يا أخي واسع
ما دامت المسألة اجتهادية
فلاداعي لأن تتغير قلوبنا
لكن أنا ما فهمت قصدك وقولك
ليس من البلاغة في شئ ذكرك مثل هذا الكلام في مثل هذا المقام
أي بلاغة وأي كلام وأي مقام هلا بينت لي ولم تلق الكلام على عواهنه
تقول
وأنت تعلم أن القولان لا يتعادلان
يعني أنا أعلم الحق وأحاج للباطل
تقول
ولكل مقام مقال
يعني إيه
تقول وهو الطامة
أم هو تعيير وسب
وهنا أقف
هل في كلامي تعيير وسب لأحد
غفر الله لي ولك
تعيير وسب
سامحك الله
تقول
حتى لا يجرأ مسلم على مسلم
إيش اللي حصل لكل هذا
لعلك لم تقرأ مشاركتي أو قرأت بعضها
أرجو أن تنظر في كلامي وكلامك مرة اخرى
وعلى فكرة
أنا تارك الملتقى في شهر رمضان
ـ[أبو حفص ماحية عبد القادر]ــــــــ[26 - 08 - 08, 08:57 م]ـ
عذرا ... و غفرا ... يا أبا القاسم.
ـ[أبو حفص ماحية عبد القادر]ــــــــ[26 - 08 - 08, 09:12 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته؛ أما بعد
و الله كأنني و إياك في مخاصمة و نزاع و الحق أن الواقع خلاف ذلك و إلا كيف أدعو لك. أرجو أن تتآلف قلوبنا و لا نختلف.
و أحب في هذا المقام أن أوضح لك أشياء؛
قولي: (ليس من البلاغة في شيء)؛ أنت أخي أبا القاسم تعلم أنه من شروط الكلام البليغ ان يراعي فيه صاحبه المقام؛ و لست أدري كيف ذكرت أنت هذه الكلمة (رب امرأة خير من ألف رجل) ... و المقام في سرد فتاوى أهل العلم في مسألة صلاة الصبيان. فما دخل النساء ههنا؟؟؟ ... و الله لما قرأت هذه الكلمة خيّل إلي كأنك تعيرني حالي أو تعيب مقالي. و لذلك كتبت الرد.
و خشاة أن أتهم مسلما بادرت بلمس الأعذار ... فكتبت جملة (حتى لا يستطيل مسلم على مسلم) ... و أظن بك كل خير ... و أعوذ من ظنون السوء و الشر.
و مهما يكن فموقعك بشغاف القلب و لك علينا حق. فأنا اعتذر منك.
أما قولي (القولان لا يتعادلان) يبدو أنك غضبت و أصابك ما أصاب فأغلق عليك فسارعت و قلت (هل أنا أعلم الحق .... )؛ أبا القاسم ليت شعري لم ألقي في قلبك كل هذا؟؟؟؟ .... ما أردته هو أن قولي (رب صبي ..... ) لا يتعادل مع (رب امرأة .... ) فلكل واحد منهما موضعه و محله.
أرجوك لا تستريب في كلامي ... و هاأناذا قد بيّنت لك؛ فأرجو أن لا تبقى موجدة في قلبك علي.
أما قولك ( ... و تقول: و هي الطامة) فبالله عليك أنا ما قلت هذا؟؟؟ ... فأين وقعت عيناك عليه؟؟؟ ... فأرجو المعذرة و الستر و المغفرة ... و الكريم حمّال أعذار صبور حليم.
و فقك الله للحسنى و أسبل عليك ثوب الستر و المغفرة. و جعلك في روضات الجنات و نعيم مقيم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/384)
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[27 - 08 - 08, 03:29 م]ـ
أخي أبا حفص
السلام عليكم ورحمة الله.
أولا جزاك الله خيرا كثيرا وزادك الله أدبا
هذي أخلاق المؤمنين
بوركت يا أخي
إن كان لي من مكسب فهو أنت
الله يجمعنا وإياك في الجنة
يا أخي سامحني أحيانا الواحد يشتد على إخوانه
وأنا والله أبد لا أجد عليك بل أنا واجد على نفسي أن لم أبلغ من الأدب ما بلغت
أنا قصدت بقولي رب أمرأة .....................
تعقيبا على قولك رب صبي ......................
ومع هذا فالنساء حكمهن التأخر في الصفوف
مع أن فيهن من هي خير من الرجال
هذا ما قصدته
ومرة أخرى نطلب من المعذرة على ما بدر
سلمت من كل سوء أخي الكريم
ـ[أبو حفص ماحية عبد القادر]ــــــــ[27 - 08 - 08, 07:38 م]ـ
أخي أبا القاسم ... حياك الله و بياك و أعزك الله بالإسلام في الدنيا و أجزل لك الثواب في الأخرى.
صدقني .... أكتب لك و عياني تكاد تذرف الدموع سحا ندما على فعلتي ... لأني لا أطيق المواجهات الحادة ... و المعاملات الفظة ..... أرجو العذر و الصفح ... و أدعو الله أن يدوم وفاقنا و حبنا في الله.
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[27 - 08 - 08, 08:21 م]ـ
ءآمين
ـ[أبو عمر خالد]ــــــــ[28 - 08 - 08, 06:56 ص]ـ
ولكن السؤال احبتي ... هل وقوف الصبي غير المميز في الصف يعتبر قطعاً للصفوف؟ لأني سمعت من يقول ذلك!
ـ[عمرو فهمي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 01:40 م]ـ
بارك الله فيكم هل البلوغ شرطٌ لمصافة الصبي؟
فأجاب رحمه الله تعالى: البلوغ ليس شرطاً لمصافة الصبي في صلاة النفل فمثلاً لو صلى ناسٌ جماعة في قيام رمضان وكان خلف الصف رجلٌ بالغ وصبي فإن هذه المصافة صحيحة لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى بأنس بن مالك فوقف أنس ويتيم وراء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهل يصح هذا في الفريضة اختلف فيه العلماء فمنهم من قال إنه لا يصح وذلك لأن صلاة الصبي نفل وصلاة البالغ فرض فيكون هذا الرجل المفترض قد صاف متنفلاً فلا تصح مصافته إياه ولكن الصحيح أنه يصح أن يصاف الرجل البالغ صبياً فيصلىا جميعاً خلف الصف ودليل ذلك ما ذكرناه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه فإن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل ثم إنه قد ثبت في صحيح البخاري أن عمرو بن سلمة الجرمي رضي الله عنه صلى بقومه وهو ابن ست أو سبع سنين صلى بهم إماماً وهم بالغون فإذا صحت إمامة الصبي في الفريضة فصحة مصافته فيها من باب أولى فالصواب أن الصبي تصح مصافته في الفريضة وفي النافلة كما يصح أن يكون إماماً في الفريضة وفي النافلة
هذا السائل أ أ من القصيم يقول ما حكم مصافة الطفل غير المميز في الصف وعمره أقل من خمس سنوات وإذا كان لا يجوز فهل يعتبر قاطع للصف وإذا كان قاطعاً للصف هل على الإمام أن يؤخره إلى مؤخرة المسجد أفيدونا حفظكم الله حيث إن ذلك يكثر عندنا في المساجد؟
فأجاب رحمه الله تعالى: تضمن هذا السؤال مسألتين:
المسألة الأولى مصافة هذا الصبي الذي لا يميز وجوابها أن مصافته لا تصح لأن صلاته لا تصح ومن لا تصح صلاته لا تصح مصافته وعلى هذا فلو كان رجلان تقدم أحدهما ليكون إماما وتأخر الثاني مع هذا الطفل الذي لم يميز فإنه يعتبر مصلىا منفردا لا تصح صلاته ويجب عليه أن يصف مع الإمام
أما المسألة الثانية فهو قطع الصف فلا يعتبر وقوف هذا الطفل قاطعا للصف لأن مسافته قصيرة فلا يكون قاطعا للصف لكن ينبغي لأولياء الأمور ألا يأتوا بمثل هذا الطفل الصغير لأنه يشغل المصلىن فإما أن يعبث حال وجوده في الصف فيشغل من حوله وإما ألا يعبث ولكن يشغل ولي أمره نعم إن دعت الضرورة إلى ذلك مثل ألا يكون في البيت أحد مع هذا الطفل الصغير أو ليس معه إلا أطفال لا يعتمد الإنسان على حفظهم له ويخشى وليه أن يعبث هذا الطفل بنار أو غيرها فهذه ضرورة لا بأس أن يحضره ولكن عليه أن يكف أذاه عن المصلين.
[فتاوى نور على الدرب - فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله]
ـ[أبو عمر خالد]ــــــــ[28 - 08 - 08, 03:44 م]ـ
شفيت غليلي ... وفقك الله واحسن إليك
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[28 - 08 - 08, 04:51 م]ـ
أخي أبا القاسم بماذا ترد على حديث عمرو بن سلمة؟؟
فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[28 - 08 - 08, 04:52 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/385)
من مسائل الإمامة والائتمام مسألة تقدم الصبيان في الصُّفوف الأولى، وهذا ما يوجد في كثير من المساجد، أن يأتي الصبي الذي عمره أربع سنوات أو خمس أو ست أو أقل أو أكثر فيدخل في الصف الأول أو الصفوف المتقدمة .. ويأتي بعض الناس فيخرجه بحجة أن الصبيان لا يجوز أن يصفوا مع الرجال، وإنما مكانهم في الصفوف المتأخرة .. فهل يحق للرجل أن يؤخر الصبي المميز عن الصف المتقدم؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: أنه لا يُؤخَّر .. وبه قال الشافعية، وبه قطع المجد ابن تيمية، ومال إليه ابن مفلح في الفروع.
وأدلتهم على ذلك: عن عمرو بن سلمة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأبيه: (فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآناً) فكنت أؤمهم وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين) رواه البخاري.
فإذا جازت إمامة الصبي فمن باب أولى جواز جلوسه في الصف المقدَّم وأنه لا يؤخَّر.
وعن عمر-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا يُقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه ثم يجلس فيه) رواه البخاري ومسلم.
ففي الحديث النهي عن إقامة الرجل الرجلَ من مجلسه ثم يجلس فيه، والصبي المميز في حكم البالغ فلا يقام من مجلسه.
القول الثاني: أنه يؤخَّر، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد, وصرح به القاضي وابن قدامة1 ( http://www.alimam.ws/ref/959#_ftn1) وابن رجب2 ( http://www.alimam.ws/ref/959#_ftn2) وصوبه المرداوي.
ومن أدلتهم على ذلك: عن أبي مسعود -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: (استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، لِيَلِني منكم أولوا الأحلام والنُّهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) قال أبو مسعود: فأنتم اليوم أشد اختلافاً. رواه مسلم.
فقالوا: قد دل الحديث على أن يلي الإمام أولو الأحلام والنُّهى، والصبيان ليسوا منهم، فيؤخَّرون.
وعن أبي مالك الأشعري أنه قال: ألا أحدثكم بصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ فأقام الصلاة, وصف الرجال, وصف خلفهم الغلمان، ثم صلى بهم، فذكر صلاته، ثم قال: (هكذا صلاة أمتي). (3 ( http://www.alimam.ws/ref/959#_ftn3))
قالوا: فدل الحديث على أن الصبيان يصفون خلف الرجال, فيؤخرون عن الصف المقدم.
ومن أدلتهم ما ورد عن قيس بن عبادة -رضي الله عنه- قال: بينا أنا في المسجد في الصف المقدم فجبذني رجل من خلفي جبذة فنحاني وقام مقامي فو الله ما عقلت صلاتي، فلما انصرف فإذا هو أبي بن كعب -رضي الله عنه-! فقال: يا فتى لا يسؤك، إن هذا عهد من النبي -صلى الله عليه وسلم- إلينا أن نليه).4 ( http://www.alimam.ws/ref/959#_ftn4)
قالوا: فهذا أبي بن كعب أخَّر قيساً من الصف المقدم، وقد كان قيس غلاماً كما في رواية علي بن سعيد النسوي عن الإمام أحمد.5 ( http://www.alimam.ws/ref/959#_ftn5)
والذي يظهر أن القول الصحيح هو القول الأول، أنهم لا يؤخَّرون؛ قال في الشرح الممتع: أما إذا جاء الصبي مبكراً وتقدم وصار في الصف الأول فإن القول الراجح الذي اختاره بعض أهل العلم ومنهم جد شيخ الإسلام ابن تيمية وهو مجد الدين عبد السلام أنه لا يقام المفضول من مكانه ... "
إلى أن قال: ولن فيه مفسدة تنفر هؤلاء الصبيان بالنسبة للمسجد لا سيما إذا كانوا مراهقين أي: إذا كان للواحد منهم ثلاث عشرة سنة، أو أربع عشرة سنة ثم نقيمه من مكانه فسيكون ذلك صعباً عليه لأنه فرح أن كان في الصف الأول، وكذلك من مفاسده أن الصبي إذا أخرجه شخص بعينه فإنه لا يزال يذكره بسوء وكلما تذكره بسوء حقد عليه لأن الصغير عادة لا ينسى ما فُعل به ... "6 ( http://www.alimam.ws/ref/959#_ftn6)
وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني فيرد عليهم بالآتي:
عن الحديث الأول والثاني في تقديم أولي الأحلام والنهى بأن تقديم أولي الأحلام والنهى لا يدل على فساد خلافه.7 ( http://www.alimam.ws/ref/959#_ftn7)
وعن الدليل الثالث: بأن الحديث ضعيفٌ.
وعن الدليل الرابع وهو فعل أبي بن كعب، بأن ذلك رأي صحابي، وهو فعل من الصحابة مع التابعين8 ( http://www.alimam.ws/ref/959#_ftn8).
وبهذا نكون قد أتينا على بيان هذه المسألة، ومعرفة قولي العلماء فيها، وما هو الراجح منهما، والله أعلم ..
والحمد لله رب العالمين.
______________________________________
1 ( http://www.alimam.ws/ref/959#_ftnref1)- انظر المغني (2/ 218).
2 ( http://www.alimam.ws/ref/959#_ftnref2)- القواعد لابن رجب ص193.
3 ( http://www.alimam.ws/ref/959#_ftnref3)- رواه أبو داود وهو حديث ضعيف انظر ضعيف أبي داود للألباني (132).
4 ( http://www.alimam.ws/ref/959#_ftnref4)- رواه أحمد والنسائي وابن خزيمة وصححه، وصححه غير واحد.
5 ( http://www.alimam.ws/ref/959#_ftnref5)- كما في بدائع الفوائد (3/ 81).
6 ( http://www.alimam.ws/ref/959#_ftnref6) - الشرح الممتع للعلامة العثيمين: 4/ 279 - 280.
7 ( http://www.alimam.ws/ref/959#_ftnref7)- انظر حاشية ابن قاسم على الروض المربع (2/ 341).
8 ( http://www.alimam.ws/ref/959#_ftnref8)- انظر: الفروع لابن مفلح (1/ 406).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/386)
ـ[عمرو فهمي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 07:39 م]ـ
أخي أحمد بن شبيب وفقك الله , كيف تهمل رأي صحابي مثل أبي بن كعب و هو من جل علماء الصحابة و من أفقههم و تقول أنه مجرد (رأي صحابي)، فالمعلوم أن رأيه مقدم على غيره و فهمه مقدم على غيره أيضا و قد كان معه جمع من الصحابة منهم عمر و لم ينكرون عليه ذلك. فاستبان أن ما فعل أبي كان فهم الصحابة للحديث و هذا يكفي. [فضلا انظر المشاركة 17]
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[28 - 08 - 08, 08:24 م]ـ
أخي أحمد بن شبيب وفقك الله , كيف تهمل رأي صحابي مثل أبي بن كعب و هو من جل علماء الصحابة و من أفقههم و تقول أنه مجرد (رأي صحابي)، فالمعلوم أن رأيه مقدم على غيره و فهمه مقدم على غيره أيضا و قد كان معه جمع من الصحابة منهم عمر و لم ينكرون عليه ذلك. فاستبان أن ما فعل أبي كان فهم الصحابة للحديث و هذا يكفي. [فضلا انظر المشاركة 17]
جزاك الله خيرا أخي الحبيب عمرو
ومن أنا لأقول أو أرجح؟؟؟
ما أنا إلا ناقل أخي الحبيب.
وهذا اقتباس من الفروع:
لِأَنَّ أُبَيًّا نَحَّى قَيْسَ بْنَ عُبَادَةَ، وَقَامَ مَكَانَهُ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: يَا بُنَيَّ لَا يَسُؤْك اللَّهُ، فَإِنِّي لَمْ آتِك الَّذِي أَتَيْت بِجَهَالَةٍ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا: {كُونُوا فِي الصَّفِّ الَّذِي يَلِينِي} وَإِنِّي نَظَرْت فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَعَرَفْتُهُمْ غَيْرَك، إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُنَحِّيه مِنْ مَكَانِهِ فَهُوَ رَأْيُ صَحَابِيٍّ، مَعَ أَنَّهُ فِي الصَّحَابَةِ مَعَ التَّابِعِينَ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: فِي الْإِيثَارِ بِمَكَانِهِ، وَفِيمَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَصَرَّحَ بِه غَيْرُ وَاحِدٍ
ومشاركتي أعلاه هي أيضاً منقولة, والرابط في أول مشاركتي, بل هي مُعنونة بها رحمك الله.
بارك الله فيك وفي حرصك أخي الحبيب.
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[29 - 08 - 08, 04:42 ص]ـ
أخي أبا القاسم بماذا ترد على حديث عمرو بن سلمة؟؟
أخي أحمد ليس حديث عمرو بن سلمة في بابنا
نعم قد يكون له وجه لكن ليس نصا فيما نحن بصدده
وأعود وأذكر إخواني بفتوى اللجنة الدائمة
السؤال الثاني من الفتوى رقم (19503)
س2: هل يجوز أن يصلي الصبي أو الصبيان الصغار في الصف الأول خلف الإمام في صلاة الجماعة؟ أفيدونا حفظكم الله بالجواب الشافي الكافي في هذه المسألة التي كثر فيها عندنا اللغط والخلط، وجزاكم الله خيرا.
ج2: ثبت في السنة الصحيحة الحث على تقدم أهل العلم والفضل في الدين في صفوف الصلاة والقرب من الإمام، لأنهم أولى بالإكرام، ولأنه ربما احتاج الإمام إلى استخلاف فيكونون هم أولى، ولأنهم يتفطنون لتنبيه الإمام على السهو لما لا يتفطن له غيرهم، ومن تلك الأحاديث الدالة على ذلك: ما ثبت في صحيح مسلم وغيره عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال: «ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» (1) وثبت من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يليه المهاجرون والأنصار في الصلاة ليأخذوا عنه» (2) رواه أحمد وأهل السنن إلا أبا داود بسند جيد.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية - (ج 6 / ص 333)
وأنا أرى أن الأمر يسير
ما دام في دائرة الاجتهاد كما قلت من فبل
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم تسليما
ـ[أبو حفص ماحية عبد القادر]ــــــــ[29 - 08 - 08, 09:06 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/387)
من مسائل الإمامة والائتمام مسألة تقدم الصبيان في الصُّفوف الأولى، وهذا ما يوجد في كثير من المساجد، أن يأتي الصبي الذي عمره أربع سنوات أو خمس أو ست أو أقل أو أكثر فيدخل في الصف الأول أو الصفوف المتقدمة .. ويأتي بعض الناس فيخرجه بحجة أن الصبيان لا يجوز أن يصفوا مع الرجال، وإنما مكانهم في الصفوف المتأخرة .. فهل يحق للرجل أن يؤخر الصبي المميز عن الصف المتقدم؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: أنه لا يُؤخَّر .. وبه قال الشافعية، وبه قطع المجد ابن تيمية، ومال إليه ابن مفلح في الفروع.
وأدلتهم على ذلك: عن عمرو بن سلمة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأبيه: (فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآناً) فكنت أؤمهم وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين) رواه البخاري.
فإذا جازت إمامة الصبي فمن باب أولى جواز جلوسه في الصف المقدَّم وأنه لا يؤخَّر.
وعن عمر-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا يُقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه ثم يجلس فيه) رواه البخاري ومسلم.
ففي الحديث النهي عن إقامة الرجل الرجلَ من مجلسه ثم يجلس فيه، والصبي المميز في حكم البالغ فلا يقام من مجلسه.
القول الثاني: أنه يؤخَّر، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد, وصرح به القاضي وابن قدامة1 وابن رجب2 وصوبه المرداوي.
ومن أدلتهم على ذلك: عن أبي مسعود -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: (استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، لِيَلِني منكم أولوا الأحلام والنُّهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) قال أبو مسعود: فأنتم اليوم أشد اختلافاً. رواه مسلم.
فقالوا: قد دل الحديث على أن يلي الإمام أولو الأحلام والنُّهى، والصبيان ليسوا منهم، فيؤخَّرون.
وعن أبي مالك الأشعري أنه قال: ألا أحدثكم بصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ فأقام الصلاة, وصف الرجال, وصف خلفهم الغلمان، ثم صلى بهم، فذكر صلاته، ثم قال: (هكذا صلاة أمتي). (3)
قالوا: فدل الحديث على أن الصبيان يصفون خلف الرجال, فيؤخرون عن الصف المقدم.
ومن أدلتهم ما ورد عن قيس بن عبادة -رضي الله عنه- قال: بينا أنا في المسجد في الصف المقدم فجبذني رجل من خلفي جبذة فنحاني وقام مقامي فو الله ما عقلت صلاتي، فلما انصرف فإذا هو أبي بن كعب -رضي الله عنه-! فقال: يا فتى لا يسؤك، إن هذا عهد من النبي -صلى الله عليه وسلم- إلينا أن نليه).4
قالوا: فهذا أبي بن كعب أخَّر قيساً من الصف المقدم، وقد كان قيس غلاماً كما في رواية علي بن سعيد النسوي عن الإمام أحمد.5
والذي يظهر أن القول الصحيح هو القول الأول، أنهم لا يؤخَّرون؛ قال في الشرح الممتع: أما إذا جاء الصبي مبكراً وتقدم وصار في الصف الأول فإن القول الراجح الذي اختاره بعض أهل العلم ومنهم جد شيخ الإسلام ابن تيمية وهو مجد الدين عبد السلام أنه لا يقام المفضول من مكانه ... "
إلى أن قال: ولن فيه مفسدة تنفر هؤلاء الصبيان بالنسبة للمسجد لا سيما إذا كانوا مراهقين أي: إذا كان للواحد منهم ثلاث عشرة سنة، أو أربع عشرة سنة ثم نقيمه من مكانه فسيكون ذلك صعباً عليه لأنه فرح أن كان في الصف الأول، وكذلك من مفاسده أن الصبي إذا أخرجه شخص بعينه فإنه لا يزال يذكره بسوء وكلما تذكره بسوء حقد عليه لأن الصغير عادة لا ينسى ما فُعل به ... "6
وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني فيرد عليهم بالآتي:
عن الحديث الأول والثاني في تقديم أولي الأحلام والنهى بأن تقديم أولي الأحلام والنهى لا يدل على فساد خلافه.7
وعن الدليل الثالث: بأن الحديث ضعيفٌ.
وعن الدليل الرابع وهو فعل أبي بن كعب، بأن ذلك رأي صحابي، وهو فعل من الصحابة مع التابعين8.
وبهذا نكون قد أتينا على بيان هذه المسألة، ومعرفة قولي العلماء فيها، وما هو الراجح منهما، والله أعلم ..
والحمد لله رب العالمين.
______________________________________
1 - انظر المغني (2/ 218).
2 - القواعد لابن رجب ص193.
3 - رواه أبو داود وهو حديث ضعيف انظر ضعيف أبي داود للألباني (132).
4 - رواه أحمد والنسائي وابن خزيمة وصححه، وصححه غير واحد.
5 - كما في بدائع الفوائد (3/ 81).
6 - الشرح الممتع للعلامة العثيمين: 4/ 279 - 280.
7 - انظر حاشية ابن قاسم على الروض المربع (2/ 341).
8 - انظر: الفروع لابن مفلح (1/ 406).
ـ[عبد الله عبد الفتاح الشامي]ــــــــ[03 - 07 - 09, 11:27 ص]ـ
شهر بن حوشب
ضعيف وإن اختلف فيه؛ فلا يحتج بحديثه فلا أطيل النقل لأقوال النقاد، ولكن الذي انتهى إليه شيخنا العلامة الألباني فيه: أنه ضعيف لسوء حفظه.
وهذا يمكن الوقوف عليه من خلال العلم بمخالفاته واختلاف مروياته.
وهذا ملتقى اهل الحديث فكيف لا يراعى هذا!
ـ[أبو حجّاج]ــــــــ[03 - 07 - 09, 12:40 م]ـ
سؤال: هل يجب أن يكون هؤلاء الأطفال على طهارة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/388)
ـ[سامر المصري]ــــــــ[03 - 07 - 09, 06:36 م]ـ
ملاحظة للأخوة أرى أن هناك جمعا بين صبية ست سنوات ومراهقين ذو أربعة عشر سنة، وحديث ودلائل التأخير التي رجحها العلماء كانت في الأطفال، أما ذو الأربعة عشر عاما فذلك بالغ يجاهد ويغزو ولم أسمع أو أعهد بأحد يؤخر مثل هذا السن عن الصف الأول.
وكلام أبو القاسم صحيح فالرأي للدليل ثم الترجيح والمسألة ما زالت خلافا، وكل ما جاء هنا في السماح بالتقديم هو من قبيل مراعاة المشاعر والإحسان وليس الحكم الشرعي، ويمكن حل المشاعر بحسن المعاملة وليس بتغيير حكم، فأذكر أني جئت باكرا في سن الثامنة وجلست في المقدمة بجانب شيخ ابتسم لي، وعند الصلاة قال لي "معلش يا ابني اقف ورايا لتتعلم منا وخلي الكبار يغطون "عمو" الإمام، وكمان سنتين واللا حاجة تقف قدام انشاءالله" وما كان مني إلا أن رجعت سعيدا غير ممانع. أما من ذكرهم الدرعمي فذلك تصرف جاهل أرعن لا علاقة له بأحكام الدين بل هو "منظرة" وسوء خلق وجهل لم أعهدها الحمدلله وله حق أن يكره ذلك وتحز في نفسه، ولكن لم أرى أحدا جعل ذلك قاعدة لتغيير ترجيح العلماء.
وتجربتي الشخصية أن الأطفال في هذا السن كثيرا ما يتلفتون بل ويضحكون أثناء الصلاة ويغامزون ويلاعبون بعضهم فلا يليق ذلك في رأيي بالصف الأول، ولا يحسنون التوقيت وعد الركعات إلا من متابعة من أمامهم فأفضل لهم أن يكونوا وسط الكبار من أن ينسون ويقفون والناس جالسون للتشهد ولا يجدوا أمامهم من يستدلون به. أما من تميز من الصبية وكان حافظا للقرآن متما لأحكام الصلاة والخشوع فأولائك نبغات يؤمون الناس ويظهرون وحدهم ولكن أشك في أن السماح لهم بالإمامة والصفوف الأولى كان أكثر من استثناء لخاصتهم ولرؤية تميزهم وليس تغييرا لحكم تقهقر الأطفال، والله طبعا أعلى وأعلم.(100/389)
مغرب الأربعاء26/ 8محاضرة للشيخ خالد السبت في الرياض!
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[24 - 08 - 08, 03:01 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ضمن سلسلة (بين يديْ رمضان) والمُقامة في جامع الأميرة نوره بنت عبدالله بن عبدالعزيز بحي النخيل بشمال الرياض، يُلقي فضيلة الشيخ الدكتور:
خالد بن عثمان السبت-حفظه الله- محاضرةً عنوانها:
(طالبُ العلم ومواسم العبادة)
وذلك مغربَ يوم الأربعاء 26/ 8/1429هـ إن شاء الله تعالى.
الإعلان عن السلسلة كاملا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=145686(100/390)
الدعاء بعد الأذان
ـ[أبو عبد الرحمن الفلسطيني]ــــــــ[24 - 08 - 08, 03:43 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سمعت أحد الأخوة يقول بعد الأذان حقا وصدقا ويزيد عليها بعض الكلام. وكنت قد سمعت للشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله عندما سأل عن ذلك أن هذا الدعاء محدث وقد اطلعت صديقي على قول الشيخ حفظه الله لكنه طلب مني أن أحضر له قول الشيخ ابن عثيمين رحمة الله في هذه المسألة فهل سمع أو قرأ أحد منكم للشيخ رحمة الله قولا في هذه المسألة(100/391)
سؤال حول الذل لله
ـ[إبن بوعلام]ــــــــ[24 - 08 - 08, 09:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد:
سئلني أحد الأصدقاء وقال بأن زميل له سئله هل نقول بإن الإنسان يذل لله والله يذل عباده فقلت له بصراحة الله أعلم لا أعرف ربما أبحث لك في هذه المسئلة لذا أريد توضيح حول هذه المسئلة وبارك الله فيكم وشكرا.
ـ[أبو السها]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:18 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد:
سئلني أحد الأصدقاء وقال بأن زميل له سئله هل نقول بإن الإنسان يذل لله والله يذل عباده فقلت له بصراحة الله أعلم لا أعرف ربما أبحث لك في هذه المسئلة لذا أريد توضيح حول هذه المسئلة وبارك الله فيكم وشكرا.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
السؤال-بارك الله فيك- غير واضح، ماذا تعني بقولك (الإنسان يذل لله)؟ هل تعني أن المؤمن يذل نفسه لله؟، وماهو مقصودك من القول (والله يذل عباده): هل تقصد يصيب المؤمن بالذل؟ أم تقصد الفاجر؟ .. الرجاء التوضيح.(100/392)
حكم نقل الموضوعات دون نسبتها لأصحابها
ـ[المسيطير]ــــــــ[24 - 08 - 08, 10:11 م]ـ
الإخوة الأكارم /
أمرٌ يقع فيه البعض ... - وأنا منهم - ... وهو نقل الموضوعات بقصد إفادة الغير ... وقد كتب صاحبكم - قريبا - موضوعا حول نقل بعض الموضوعات، وعدم نسبتها للموقع المنقول عنه ... أو كتابة كلمة (منقول) ... ، وإن كان الأغلب هنا ينسبون، ويحيلون، ويضعون رابط الموضوع الأصلي ... ولله الحمد.
فوجدت فتوى مناسبة بهذا الخصوص ... أفردتها لأهميتها .... وهي منقولة:).
---
حكم نقل الموضوعات دون نسبتها لأصحابها
إجابة الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي
مراجعة وإجازة الشيخ سعد الحميد
---------
السؤال:
سلام الله عليْكُم ورحمته وبركاتُه،،
أتابعُ المواقعَ الإلكترونيَّة بِهِمَّة ونشاط دون أن يؤثّر ذلك على عملي وحياتي، بل أبحث عن الفائدة سواءٌ كانتْ دينيَّة أو اجتِماعيَّة أو سياسيَّة، أقوم بِالدُّخول إلى المواقع التي تنتشر بِها الصّبيانيَّة وأنقل لها المواضيع التي تَحمل معانيَ كبيرةً على كل الأصعِدة، وإيصال المعلومة الطيّبة لَهم طمعًا بقراءتِها والتَّفاعُل معها دون التَّطرّق إلى كاتبها أو اسمه أو إشعارٍ بأنَّها منقولةٌ حتَّى لا يَنفِروا منها، وبدلاً من أن يقرؤوا مواضيعَ لا معنَى لها أصبحوا يتفاعلون في مواضيع تُعْطيهم الكثيرَ من المعلومات القيّمة والمُفيدة،
فهل أنا أرتكِبُ ذنبًا بذلك؟
وهلْ هناك لومٌ من الكاتب رغم أنَّني لا أنسبُ المقال لنفسي
وكلّ هدفي التغلغُل في هذه المواقع ونشر الدَّعوة والصَّلاح بِها، مع العلم لا أتابع أخبارهم ولا مواضيعَهم فقط أقوم بِما شرحْتُ.
أفيدوني أفادكم الله.
الجواب:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فجزاك اللهُ خيرًا على حُسْنِ نيَّتِكَ واهْتِمامِك في مُساعدةِ الآخَرين ونشر الخَيْر؛ فإنَّ الدَّالَّ على الخير كفاعِلِه؛ كما صحَّ عنِ الصَّادق المصدوق.
واعْلَمْ أنَّه لا مانعَ من نَقْلِ بعض الموضوعات والفوائد الطَّيّبة والتي يستفيدُ منها الآخرون، سواءٌ كان النَّقْلُ من كتابٍ أو مجلَّة أو من مواقعَ على الإنترنت، وسواءٌ كانتْ من فتوى أو مقالٍ أو غير ذلك،
ولكِنْ يُشْتَرطُ في حال الاقتِباس الالتزام بالنَّصّ دون تعديل أو تغيير أو إضافة، إلا أن يكون خطا محضا.
فلا زال أَهْلُ العِلْمِ على مدى العُصور وفي مختلف الأمصار يَستفيدُ بَعْضُهم من بعض، وينقلُ بعضُهم عَن بعض، وأحيانًا يعزو النَّقلَ لِصاحِبِه وأحيانًا لا يَعزوه، والضَّابِطُ في هذا هو المَصلحة، فما دُمْتَ تَرى أنَّ مصلحةَ الدَّعوة لِهؤلاء ألا يُنْسَب القَوْلُ لِقائِلِه، فَلا بأسَ ما دُمْتَ لم تَدَّعِ نِسْبَة الكلامِ لِنَفْسك.
قال الشَّيخُ بكر أبو زيد: " ... فهو انتفاعٌ شرْعيّ لا يَختلف فيه اثنان، وما زال المسلمون مُنْذُ أن عُرِفَ التَّأليف إلى يومِنا هذا وهُم يَجرون على هذا المنوال في مؤلَّفاتِهم دون نكير " اهـ.
ولكن لتحذر من نسبة ذلك العلم لغيْرِ أهله، لإنه من التدليس والإخلال بالأمانة العلميَّة، وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27].
وقال - صلى الله عليه وسلَّم -: ((المتشبِّع بما لم يُعْطَ كلابس ثَوْبَي زور))؛ متَّفق عليه.
هذا؛ وإنْ كنَّا نرى أنَّ الأفضل والأكمل وضع روابط لتلك الموضوعات ولو أحيانًا؛ تنبيهًا للقُرَّاء أنَّها ليستْ من عملك،، والله أعلم.
---------------------
http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?FatwaID=2884
ـ[أم الليث]ــــــــ[25 - 08 - 08, 12:34 ص]ـ
جزاك الله خيرا اخي المسيطير وزادك خيرا وحرصا
كتبت من قبل مقالا في هذا الموضوع
وبثثته في المنتديات
وحسبت أني وضعته هنا في منتدى اهل الحديث ... لكني لمأجده ... لم اضعه هنا سهوا مني
وسبب كتابتي لهذا المقال هو سالفة حصلت معي
أني وجدت في النت بحثا لي نسبه شخص ما لنفسه
فاغتضت مو من شيء بس من أجل الأمانه العلمية
وان لم نذكر الشخص اقل شيء يذكر أنه منقول ..
وها هو المقال أضعه بين ايديكم لأذكر به نفسي أولا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/393)
بسم الله الرحمن الرحيم
"ويحسبونه هينا وهو عند الله عظيم"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعظم جهاد هو جهاد النفس ....
وأعظم هجرة هي هجر المعاصي ...
هناك منكرات يغفل أو يتغافل عنها البعض، ويتساهل في ارتكابها، وهي تجره إلى الهاوية
ومن هذه المنكرات سرقة المقالات والبحوث ونسبها إلى غير ذويها حبا للظهور، وجلب الأضواء، وكسب حب الناس، وليقال فلان كاتب حاذق، ومؤلف بارع، وذوهمة عالية
والمسكين لا يدري أنه ارتكب عدة محظورات، وابتعد بفعله عن رب البريات
فيا أخي:
1 - إن عملك هذا مناف للإخلاص:فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكاثر به العلماء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار رواه الترمذي، وحسنه الألباني ... هذا من طلب العلم، واجتهد فيه، فمابلك بمن نسبه إليه وهو لم يفعل شيئا؟؟؟
2 - أن هذا من الكذب: ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا"
والمؤمن لا يكذب أبدا
3 - أن هذا من الخيانة، لأنه من الأمانة حفظ حقوق وممتلكات أخيك، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا إيمان لمن لا أمانة له» ((صححه الألباني)
والكذب والخيانة من النفاق، فلتحذر يا أخي ...
4 - أن هذا زور ففي الصحيح،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس "، يقول الراوي: وكان النبي صلى الله عليه وسلم متكئًا فجلس ثم قال: " ألا وشهادة الزور ألا وقول الزور "، ومازال يكررها حتى قلنا ليته سكت "
5 - أن هذا سرقة، لأنك أخذت من أخيك شيئا بغير إذن
6 - أن هذا ظلم، لأنك ظلمت صاحب المقال، لأنه تعب، وجد واجتهد، وأنت بكل بساطة، نسبته لنفسك، والله سبحانه وتعالى حرم الظلم على نفسه، وجعله بيننا محرما، قال تعالى:"ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا" (الفرقان 25)، واتق يا أخي دعوة المظلوم.
7 - أن هذا يبغض الله فيك، وكيف لا؟! والله يبغض كل أفاك أثيم، ومن أبغضه ربي، فسيبغض فيه كل الناس ... عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا فأحبه قال: فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض. وإذا ابغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه. فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه. قال: فيبغضونه. ثم يوضع له البغضاء في الأرض ". رواه مسلم
*أخي ... كان علمائنا يقولون في المسائل:"لا أدري" ولا يستحون بها، وما أنقص هذا من قدرهم، فإخلاصهم أبلغهم أعلى الرتب فليس عيبا أن تنقل موضوعا، و تقول أنه منقول، ولن ينقص من قيمتك شيئا، بل ستكبر في أعين الناس، وتسمى أمينا،وبحفظك للأمانة يحفظك ربي
*ويا أخي تذكر أن الدنيا ساعة، وسنرد إلى عالم الغيب والشهادة، فكيف بك لما يصاح بك أمام الخلق، هذه غدرة فلان ... هذه كذبة فلان .... هذه سرقة فلان ... ماذا ستقول لربي؟؟
تذكر يا أخي هول الموقف ... ماذا ستفعل إن لم يسمح لك خصمك ... فتضطر لإعطائه حسناتك إن كانت لك حسنات .... أهانت عندك الجنة؟؟؟ أترضى أن تكون حطب جهنم؟؟؟؟
*وأخيرا أوصيك بتقوى الله، وبحسن الخلق ... عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» رواه الإمام أحمد والترمذي.
أسأل الله أن يصلح حالنا وحال المسلمين في كل مكان،وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وسبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
الأمة الفقيرة لعفو ربها
أم الليث
ـ[المسيطير]ــــــــ[28 - 08 - 08, 08:03 م]ـ
جزاكم الله خيرا ...
وأسأل الله أن يصلح النيات، والقلوب، والأحوال.
ـ[أبوعبدالرحمن المكي التميمي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 01:30 ص]ـ
ولكِنْ يُشْتَرطُ في حال الاقتِباس الالتزام بالنَّصّ دون تعديل أو تغيير أو إضافة، إلا أن يكون خطا محضا.
أشكل علي هذا الشرط لأني عندما أنقل بعض المواضيع أتصرف فيها تصرفا يسيرا لكن لحاجة ملحة وأذكر ذلك في الخاتمة وذلك كأن يكون أهل المنتدى الذي أنقل لهم الموضوع في بلد لاينتشر عندهم أمر من الأمور المذكورة في المقال أو يُذكر فيه اسم ليس من المصلحة ذكره فهل تغييري لتلك العبارات بما يناسب المقام أمر مخل ومحظور؟؟؟؟
أرجو الإفادة عاجلا غير آجل ....
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[29 - 08 - 08, 02:37 م]ـ
جزاكم الله خيرا
والحقيقة أن طالب العلم ينبغي أن يفرح أن نقل موضوعه ولم لم ينسب إليه بل ولو نسبه الناقل لنفسه؛ إذ القصد نشر العلم والله لن يضيع أجر صاحبه.
ورحم الله الشافعي فقد روي عنه أنه قال: "وددت أن الناس تعلموا هذه الكتب ولا ينسب إلي منها شيء".
وروي: "وددت أن الناس تعلموا هذا العلم ولا ينسب إلي شيء منه أبدا، فأوجر عليه ولا يحمدوني".
عندما أنقل بعض المواضيع أتصرف فيها تصرفا يسيرا لكن لحاجة ملحة وأذكر ذلك في الخاتمة وذلك كأن يكون أهل المنتدى الذي أنقل لهم الموضوع في بلد لاينتشر عندهم أمر من الأمور المذكورة في المقال أو يُذكر فيه اسم ليس من المصلحة ذكره فهل تغييري لتلك العبارات بما يناسب المقام أمر مخل ومحظور؟؟؟؟
....
ما دمت تذكر ذلك فقد خرجت من العهدة.
والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/394)
ـ[أبوعبدالرحمن المكي التميمي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 02:10 ص]ـ
ما دمت تذكر ذلك فقد خرجت من العهدة.
والله أعلم.
جزاك الله خيرا وبارك فيك
ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[10 - 07 - 09, 06:37 م]ـ
جزاك الله خيرا ,,, شيخ سامي الحبيب
وزادك لله علماً
ولي سؤال: هل يجوز إسقاط هذه الآية {لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (188) سورة آل عمران
على من يسرق هذه المواضيع بغرض عمل سمعة لنفسه؟؟
ـ[المسيطير]ــــــــ[03 - 07 - 10, 04:48 م]ـ
جزاكم الله خيرا
والحقيقة أن طالب العلم ينبغي أن يفرح أن نقل موضوعه ولم لم ينسب إليه بل ولو نسبه الناقل لنفسه؛ إذ القصد نشر العلم والله لن يضيع أجر صاحبه.
ورحم الله الشافعي فقد روي عنه أنه قال: "وددت أن الناس تعلموا هذه الكتب ولا ينسب إلي منها شيء".
وروي: "وددت أن الناس تعلموا هذا العلم ولا ينسب إلي شيء منه أبدا، فأوجر عليه ولا يحمدوني".
صدقتم شيخنا الحبيب ..
وقد يكون القبول أكثر .. للموضوعات التي تُنقل دون النسبة لأهلها .. وهذا مشاهد.
فما أكثر الموضوعات المنقولة والمشتهرة والمتداولة في المنتديات .. والتي لايُعرف أصحابها.
وحسبك أنك تتعامل مع رب كريم عليم رحيم.
أصلح الله الأحوال.(100/395)
يقولون: "وكان من هديه أن يخرج من رمضان بشهادة اثنين"، فما المستند على قولهم؟؟
ـ[معتصم المقدسي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 10:42 م]ـ
يقولون: "وكان من هديه أن يخرج من رمضان بشهادة اثنين"، فما المستند على قولهم؟؟
ففي هديه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في دخول الشهر سنة معلومة مسندة، فما مستند من قال بشهادة الاثنين؟؟
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[25 - 08 - 08, 12:37 ص]ـ
أخي الكريم
الهدي النبوي فعلي وقولي , كما هو معلوم إن شاء الله , وابن القيم رحمه الله كثيراً ما يقول في السنن القولية (وكان من هديه صلى الله عليه وسلم كذا ... )
وسؤالك هو نفس عبارة ابن القيم في الزاد
أما الدليل فهو - والله أعلم - هذا الحديث:
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ
أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَالَ أَلَا إِنِّي جَالَسْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَسَاءَلْتُهُمْ وَإِنَّهُمْ حَدَّثُونِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ وَانْسُكُوا لَهَا فَإِنْ
غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا ثَلَاثِينَ فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا)
رواه النسائي وأحمد وصححه ابن الملقن والألباني رحمهم الله وغيرهم
ـ[عبد الكريم آل عبد الله]ــــــــ[25 - 08 - 08, 09:23 ص]ـ
على ما أذكر أن هذه المسألة فيها إجماع إن لم تخني الذاكرة,,,
ـ[معتصم المقدسي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 01:54 م]ـ
شكرا أخي أبو ندى
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[25 - 08 - 08, 08:42 م]ـ
في المغني
(وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي هِلَالِ شَوَّالٍ إلَّا شَهَادَةُ اثْنَيْنِ عَدْلَيْنِ.
فِي قَوْلِ الْفُقَهَاءِ جَمِيعِهِمْ، إلَّا أَبَا ثَوْرٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: يُقْبَلُ قَوْلُ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ طَرَفَيْ شَهْرِ رَمَضَان، أَشْبَهَ الْأَوَّلَ، وَلِأَنَّهُ خَبَرٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُخْبِرُ وَالْمُخْبَرُ، أَشْبَهَ الرِّوَايَةَ وَأَخْبَارَ الدِّيَانَاتِ.)(100/396)
هل تقصد التعب في العبادة أفضل أم الراحة ?
ـ[آل عامر]ــــــــ[24 - 08 - 08, 11:28 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن البعض يتقصد المشقة في العبادة ظنا منه أن الأجر على قدر المشقة، ولكن هذا ليس
على كل حال؛ فالمسألة فيها تفصيل وإليك بيانه.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
«ومما ينبغي أن يعرف أن الله ليس رضاه أو محبته في مجرد عذاب النفس وحملها على المشاق حتى يكون العمل كلما كان أشق كان أفضل، كما يحسب كثير من الجهال أن الأجر على قدر المشقة في كل شيء؛ لا ولكن الأجر على قدر منفعة العمل ومصلحته وفائدته، وعلى قدر طاعته أمر الله ورسوله؛ فأي العملين كان أحسن وصاحبه أطوع وأتبع كان أفضل؛ فإن الأعمال لا تتفاضل بالكثرة وإنما تتفاضل بما يحصل في القلوب حال العمل»
وقال الشاطبي- رحمه الله -:
«ليس للمكلف أن يقصد المشقة في التكليف نظراً إلى عظم أجرها؛ فإن المقاصد معتبرة في التصرفات فلا يصلح منها إلا ما وافق الشارع. فإذا كان قصد المكلف إيقاع المشقة فقد خالف قصد الشارع من حيث إن الشارع لا يقصد بالتكليف نفس المشقة، وكل قصد يخالف قصد الشارع باطل، فالقصد إلى المشقة باطل، فهو إذن من قبيل ما ينهى عنه، وما ينهى عنه لا ثواب فيه بل فيه الإثم إن ارتفع النهي عنه إلى درجة التحريم، فطلب الأجر بقصد الدخول في المشقة: قصد مناقض»
وقال العز بن عبد السلام- رحمه الله -:
«قد علمنا من موارد الشرع ومصادره أن مطلوب الشرع إنما هو مصالح العباد في دينهم ودنياهم، وليست المشقة مصلحة، بل الأمر بما يستلزم المشقة بمثابة أمر الطبيب المريض باستعمال الدواء المرّ البشع، فإنه ليس غرضه إلا الشفاء»
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
تقصد التعب في العبادة قد لا يكون فيه أجر، لكن إذا كانت العبادة لا تأتي إلا بالتعب
كانت أفضل، وهذه مسألة ينبغي للإنسان أن ينتبه لها، وهي: هل تقصد التعب في العبادة
أفضل أم الراحة؟
الجواب: الراحة أفضل، لكن لو كانت العبادة لا تأتي إلا بالتعب كانت المشقة والتعب أفضل فيها أجر ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرفع به الدرجات ويكفر به الخطايا:
((إسباغ الوضوء على المكاره)) ولكن لا نقول للإنسان إذا كان يمكنك أن تسخن الماء، فالأفضل أن تذهب إلى الماء البارد وتتوضأ لا نقول هذا ما دام يسر الله عليك، فيسر على نفسك. أهـ
بارك الله في الجميع(100/397)
بم يختم الخطيب خطبته؟
ـ[صالح العقل]ــــــــ[25 - 08 - 08, 12:25 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
بم يختم الخطيب خطبته؟
بالدعاء؟
أم بالاستغفار؟
أم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟
أم بالقرآن؟
أم ماذا؟
**** لاحظ اختلاف الخطباء بختم خطبهم [حسب الزمان والمكان!!]
من تذكر أثرا في ذلك فليدل عليه.(100/398)
المعاملة التي كان العلامة ابن عثيمين يقسم اليمين تلو اليمين أنه لو كان فيها شيء من الحل لأحلها!!
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 11:59 ص]ـ
السؤال: ما هو رأيكم في نظام البيع بالمرابحة؟
الشيخ: كيف المرابحة؟ أن أشتري سلعةً بألف ثم يأتيني شخص آخر ويقول: بعني إياها بربح، سواءً مؤجل أو غير مؤجل، أقول له: ما هناك مانع، أربحني بالألف مائة، وأبيعها لك، هذا لا بأس به، ولا إشكال فيه.
السائل: أوضح لك -يا شيخ- كيف يكون النظام عندنا، مثلاً: أنت تريد أن تشتري بيتاً بسعر -مثلاً- مائة ألف دينار، يأتيك الرجل وأنت تريد إكمال هذا المبلغ من هذا البنك، يقول: نعم أنا أكمل لك باقي المبلغ مثلاً باقي عشرين ألفاً، يقول: وأخذ عليك أبيعك البيت مثلاً بمائة وعشرة آلاف، يعني ربح له 50% هذا هو؟
الشيخ: غلط هذا، يعني: أشتري بيتاً بثمانين؟
السائل: نعم، يعني هو يشتري من صاحب الملك ثم يبيعك إياها مرة ثانية.
الشيخ: لا، هذا حرام بالإجماع الظاهر، ما أحد يقول هذا.
الآن افهموا السؤال هذا: اشتريت هذا الشيء مثلاً بمائة وأنا ما عندي مال، ذهبت إلى التاجر قال: أنا سأشتريه منك بمائة وأبيعه لك بمائة وعشرين، هذا حرام لا إشكال فيه، إن كان هذا هو السؤال فهو حرام ما فيه إشكال.
السائل: أنا أريد أن أشتري هذا البيت بمائة ألف ولا أملك هذا المبلغ فأذهب إلى البنك فأقول: اشتروا لي هذا البيت الذي هو بمائة ألف، يقولون: نحن نشتريه لك من صاحبه ثم نبيعه عليك بمائة وعشرين أو بمائة وثلاثين؟
الشيخ: الآن البنك لولا أن هذا جاء وقال: اشترِ البيت يشتريه أم لا يشتريه؟ لا يشتريه، إذاً .. هذا الشراء من البنك حيلة على الربا، فبدلاً من أن يقول البنك: خذ هذه مائة ألف بمائة وعشرين ألفاً واشترِ البيت أنت يقول: أنا أشتريه وأبيعه عليك، فليس للبنك غرض من شراء هذا البيت إلا الزيادة الربوية، معلوم أن البنك ما له غرض بالبيت، لولا أنك جئت أنت وطلبته ما اشتراه، إذاً ليس تاجراً، لكنه متحيل على من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، متحيل بدلاً من أن يقول البنك: خذ المائة الألف اذهب اشترِ البيت وأعطِ بدلها على رأس السنة مائة وعشرين ألفاً قال: أنا اشتري البيت وأبيعها عليك. الله المستعان!! أيهما أقرب حيلة للربا: هذا، أو ما فعلت اليهود لما حرمت عليهم الشحوم قالوا: لا نأكل ما لا يحل، ذوبها حتى تكون ودكاً، ثم بع الودك وكل ثمنها؟ هذا أبعد، يعني: حيلة اليهود أبعد من الحرام من الحيلة التي ذكرت لك. لهذا أنا لا أشك أنها حرام، وأنصح إخواني أن يحذروا منها، وأقول: ربما كانت قسوة القلوب، والبعد عن علام الغيوب بسبب هذه المآكل المحرمة التي لا يكاد أحدٌ يقلع منها؛ لأنه يرى أنها حلال، وربما أفتاه بعض الناس بذلك، ونحن أمةٌ صرحاء، أمةٌ إسلامية، نأتي البيوت من أبوابها، ونأتي مثل الشمس، كلٌ يعرف أن هذا حرام ولا أحد يقول: حلال، أو يقول: أين البيت الذي تريده فيذهب البنك ويشتريه بمائة ألف ويبيعه على هذا بمائة وعشرين ألفاً، أي فرق يا إخوان؟! أما لو كان البيت أو السيارة عند البنك من الأصل وباعه عليك بربح، واشتراه بمائة وقال: بمائة وعشرين عليك، هذا ما فيه شيء، إلا إذا كان القصد الدراهم فهي مسألة التورق وفيها الخلاف. أولاً: هل يعقل أن هذا الرجل الذي اختار هذا البيت أو السيارة ينبهونه وهو يعرف ثمنها ويريدها؟!! يعني: إن وجد واحد من ألف يمكن أن يكون نادراً جداً، ما يمكن يجيء يختاره، ويأتي البنك ولا يدري بالثمن. ثانياً: أنه إذا هوَّن -أي: تراجع- كتبت دائرة سوداء في صفحته، ما يوثق به بعد ذلك، إذاً فلن يهوّن -أي: لن يتراجع-. والله يا أخي انظر أنا أقول يا إخواني: نحن أمة إسلامية ونبينا عليه الصلاة والسلام قال: (لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل) والله! ثم والله! ثم والله! لو كان فيها شيءٌ من الحل لكنت أفتي بحلها، لكن كيف أقابل رب العالمين الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، اترك البنك يشتري هو ما شاء من أراضي أو من دور أو من سيارات ويعرضها للبيع آتي أنا وأقول أريدها نقداً فيقول: بمائة، يجيء الثاني يقول: أريدها مقسطة يقول: بمائة وعشرين. هذا لا ينكره أحد أنه جائز إن شاء الله، أما هذه فهي لعبة يا إخوان! فكروا فيها، لكم من الآن إلى أن تبلغ الروح الحلقوم، وما هي النتيجة؟!] اهـ
(لقاء الباب المفتوح) شريط (185).
ـ[محمد مبارك]ــــــــ[25 - 08 - 08, 01:59 م]ـ
جزاك الله خير
استفدنا من الموضوع
الله يكرمك في الدارين
ـ[ابراهيم العنزي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 03:00 م]ـ
آمين اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك واغننا بفضلك عن من سواك
ـ[أبو القاسم الحائلي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 04:32 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الاخوه الاعزاء ما الحل لمن تورط و اشترى من البنك بهذه الطريقه بع ان قيل له انها حلال
فما الحل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/399)
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 06:55 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الاخوه الاعزاء ما الحل لمن تورط و اشترى من البنك بهذه الطريقه بع ان قيل له انها حلال
فما الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحل ينبني على تصرف البنك مع الزبون فإن كان البنك وضع شروطا جزائية إذا تأخر، فإن الزبون عليه أن يبحث من يقرضه قرضا حسنا بمبلغ البنك، فيدفعه كاملا، ويخرج من هذه الورطة، فإن كان البنك لا يضع شروطا جزائية، فعلى الزبون أن يلتزم بسداد هذه الأقساط إلى أن يبرئ ذمته مع البنك.
كذلك هناك شيء في البنك اسمه خدمة السداد المبكر، فإذا أراد الزبون أن يسدد مبكرا كامل المبلغ فإن البنك يُسقط شيئا من هذه الزيادة الربوية على حد علمي، فإن كان كذلك فإن الزبون عليه أن يبحث عمّن يقرضه لكي يقلل من هذه الزيادة الربوية.
فإن افترضنا أنه لم يجد من يقرضه - وهذا وارد- فعليه أن يلتزم بالسداد للبنك إلى أن يخلص من هذا الدين، مع التوبة والندم على ما بدر منه.
والله الهادي.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 06:58 م]ـ
الأخوين الكريمين محمدا وإبراهيم جزاكما الله خيرا.
ـ[الطائفي ابو عمر]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:39 م]ـ
رحم الله الشيخ ابن عثيمين وجعله في الفردوس الاعلى
السؤال الثامن من الفتوى رقم (16402):
س8: ما الفرق بين بيع التقسيط ومسألة التورق؟
ج8: بيع التقسيط هو: بيع السلعة بثمن مؤجل، يسدده على فترات متفرقة، وأما مسألة التورق، فهي أن يشتري سلعة بثمن مؤجل؛ ليبيعها في السوق على غير الدائن، وينتفع بثمنها، وإذا حل الأجل سدد لصاحبها ثمنها الذي اشتراها به مؤجلا، والبيع بالتقسيط جائز، ولا يلتفت إلى القول بعدم جوازه؛ لشذوذه، وعدم الدليل عليه، أما مسألة التورق فمحل خلاف، والصحيح جوازها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: بكر ابو زيد
عضو: عبدالعزيز ال الشيخ
عضو: صالح الفوزان
عضو: عبدالله بن غديان
نائب الرئيس: عبدالرزاق عفيفي
الرئيس: عبدالعزيز ابن باز
http://www.alifta.net/Search/ResultDetails.aspx?lang=ar&view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=4700&searchScope=3&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=exact&bookID=&LeftVal=0&RightVal=0&simple=&SearchCriteria=allwords&PagePath= فتاوى%20اللجنة%20الدائمة%20للبحوث%20العلم ية%20والإفتاء%20 - %20المجموعة%20الأولى%20 - %20المجلد%20الثالث%20عشر%20 (البيوع%201) %20 - %20البيوع%20 - %20بيع%20الدين%20 - %20الفرق%20بين%20التقسيط%20والتورق& siteSection=1&searchkeyword= التورق# firstKeyWordFound
ـ[الطائفي ابو عمر]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:56 م]ـ
السؤال الثاني من الفتوى رقم (4008)
س2: إن والدي يتعامل بما يسمى اليوم بالدين، ومثال ذلك: أبي يدين في الألف مائتين، فماذا أراد أحد أن يستدين يخبر أبي، فيذهب أبي إلى السوق، ويشتري طاقات أقمشة بالمبلغ الذي يطلبه الرجل، فمثلا طلب رجل مبلغ 6000 ريال، يشتري أبي الأقمشة بهذا المبلغ، ويدعها عند البائع، ثم يأتي الرجل المستدين ويذهب مع أبي إلى السوق، ومعهم الكاتب والشاهدان، ويشتري الرجل الأقمشة من أبي، ويرجع الرجل المستدين ويبيع الأقمشة على البائع صاحب الدكان نفسه، ويستلم المبلغ، والأقمشة تظل في الدكان، هكذا تشترى من البائع ثم يستردها هو أي يشتريها، ويقول: إنه يحتج بالآية: سورة البقرة الآية 282 إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ فهل معنى الآية معمول به الآن؟
ج2: أولا: إذا كان والدك يبيع على من يطلب منه سلعة بثمن مؤجل قبل أن يشتريها من السوق فلا يجوز؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: سنن الترمذي البيوع (1232)، سنن النسائي البيوع (4613)، سنن أبو داود البيوع (3503)، سنن ابن ماجه التجارات (2188)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 402). لا تبع ما ليس عندك.
(الجزء رقم: 13، الصفحة رقم: 252)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/400)
ثانيا: بيع ما يساوي ألفا حاضرا بألف ومائتين إلى أجل معلوم صحيح؛ لعموم قوله تعالى: سورة البقرة الآية 282 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ الآية. ثالثا: يجب على والدك أن يقبض السلعة بعد شرائها؛ ليصح العقد الثاني، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: صحيح البخاري الشروط (2736)، صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2677)، سنن الترمذي الدعوات (3507)، سنن ابن ماجه الدعاء (3860)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 267). من اشترى طعاما فلا يبعه حتى يكتال رواه مسلم وورد في الطعام أنه لا يبيعه من اشتراه حتى يستوفيه، من حديث جماعة من الصحابة، وورد في أعم من الطعام حديث حكيم بن حزام، عند أحمد، قال: سنن الترمذي البيوع (1232)، سنن النسائي البيوع (4603)، سنن أبو داود البيوع (3503)، سنن ابن ماجه التجارات (2187)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 402). قلت: يا رسول الله: إني أشتري بيوعا، فما يحل لي منها، وما يحرم علي؟ قال: "إذا اشتريت شيئا فلا تبعه حتى تقبضه وأخرج الدارقطني وأبو داود من حديث زيد بن ثابت صحيح البخاري البيوع (2124)، صحيح مسلم البيوع (1526)، سنن النسائي البيوع (4606)، سنن أبو داود البيوع (3499)، سنن ابن ماجه التجارات (2229)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 56)، موطأ مالك البيوع (1337)، سنن الدارمي البيوع (2559). أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلعة حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، وأخرجه السبعة إلا الترمذي من حديث ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صحيح مسلم البيوع (1526)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 111)، سنن الدارمي البيوع (2559). من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه قال ابن عباس: ولا أحسب كل شيء إلا مثله، فدلت الأحاديث على أنه لا يجوز بيع أي سلعة شريت إلا بعد قبض البائع لها واستيفائها. رابعا: إذا قبض والدك الأقمشة جاز له بيعها.
(الجزء رقم: 13، الصفحة رقم: 253)
خامسا: من اشتراها من والدك يجب عليه قبضها ليجوز له بيعها. سادسا: الذي يشتري السلعة بثمن مؤجل من أجل أن يبيعها بثمن حال لحاجته إلى النقود لا حرج عليه، في أصح قولي العلماء، وتسمى: مسألة التورق، وليس له بيعها على من اشتراها منه بأقل من الثمن الذي اشتراها به.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبدالله بن غديان
نائب الرئيس: عبدالرزاق عفيفي
الرئيس: عبدالعزيز ابن باز
http://www.alifta.net/Search/ResultDetails.aspx?lang=ar&view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=4790&searchScope=3&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=exact&bookID=&LeftVal=0&RightVal=0&simple=&SearchCriteria=allwords&PagePath= فتاوى%20اللجنة%20الدائمة%20للبحوث%20العلم ية%20والإفتاء%20 - %20المجموعة%20الأولى%20 - %20المجلد%20الثالث%20عشر%20 (البيوع%201) %20 - %20البيوع%20 - %20بيع%20ما%20لا%20يملك%20 - %20التورق%20وبيع%20السلعة%20قبل%20شرائها& siteSection=1&searchkeyword= التورق# firstKeyWordFound
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[13 - 11 - 08, 09:20 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أخي أبا عمر.
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[13 - 11 - 08, 10:20 ص]ـ
هذه المسألة التي ذكرها شيخنا رحمه الله هي المسألة المعروفة بمسألة (بيع المرابحة للآمر بالشراء) وهي مسألة معروفة منذ القدم وقد نص عليها الإمام الشافعي رحمه الله في الأم ومحمد بن الحسن في كتاب الحيل وابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين.
وأكثر من تكلم عليها المالكية رحمهم الله حيث يذكرونها في بيوع الآجال.
وقد بُحِثت المسألة في مجمع الفقه الإسلامي وأصدروا قرارهم الآتي:
قرار رقم (2، 3)
بشأن الوفاء بالوعد، والمرابحة للآمر بالشراء
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1 إلى 6 جمادى الأولى 1409 هـ / 10 إلى 15 كانون الأول (ديسمبر) 1988 م.
بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوعي (الوفاء بالوعد والمرابحة للآمر بالشراء) واستماعه للمناقشات التي دارت حولهما.
قرر:
أولًا: أن بيع المرابحة للآمر بالشراء إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور، وحصول القبض المطلوب شرعًا، هو بيع جائز طالما كانت تقع على المأمور مسئولية التلف قبل التسليم وتبعة الرد بالعيب الخفي ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم، وتوافرت شروط البيع وانتفت موانعه.
ثانيًا: الوعد (وهو الذي يصدر من الآمر أو المأمور على وجه الانفراد) يكون ملزمًا للواعد ديانة إلا لعذر، وهو ملزم قضاء إذا كان معلقًا على سبب ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد، ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة إما بتنفيذ الوعد، وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلًا بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر.
ثالثًا: المواعدة (وهي التي تصدر من الطرفين) تجوز في بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين كليهما أو أحدهما، فإذا لم يكن هناك خيار فإنها لا تجوز، لأن المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه، حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكًا للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة ((لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده.))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/401)
ـ[أبو عبدالعزيز السلفي]ــــــــ[13 - 11 - 08, 11:08 ص]ـ
للأسف ان معظم البنوك وشركات التقسيط تقع في هذا النوع من البيوع التي يحتال فيها على الشرع
ـ[عبد الرشيد الهلالي]ــــــــ[13 - 11 - 08, 01:17 م]ـ
الحمد لله ... ما تقوم به بعض البنوك" الإسلامية " في بلادنا ــ الجزائر ــ لا شك في ربويته وحرمته وإن سموه " مرابحة" فإضافة الى ما علل به الشيخ العثيمين ــ رحمه الله ــ وجه حرمة هذه المعاملة،فإنهم عندنا لا يكلفون أنفسهم مشقة ومؤونة شراء السلعة بل يدفعون الى المتعامل صكا "شيكا "ليذهب فيشتري به تلك السلعة من أي وكالة بيع.!! وهذا قرض ربوي صريح مع ما فيه من بيع ما لا يملك. فالله المستعان.
لكن هاهنا سؤال:ماذا في شراء البنك السلعة من أجل الزبون؟ أليست هذه صورة من صور السلم "السلف"؟
أرجو التوضيح.
ـ[الطائفي ابو عمر]ــــــــ[13 - 11 - 08, 02:40 م]ـ
وجزاك يا شيخ
ـ[ولد محمد]ــــــــ[15 - 11 - 08, 02:17 ص]ـ
معلوم أن البنك ما له غرض بالبيت، لولا أنك جئت أنت وطلبته ما اشتراه، إذاً ليس تاجراً
بارك الله فيك أخي الكريم
لكن أشكل علي في تعليل الشيخ هنا أنا التاجر أيضا ليس له حاجة في السلعة
ولو علم أنه لن يشتريها أحد منه لما اشتراها
فما الإشكال في كون الرجل يشتري السلعة وهو يعلم من سيشتريها منه وبين أن يشتريها وهو لا يعلم من سيشتريها
فهل من أحد يوضح لي كلام الشيخ
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[15 - 11 - 08, 06:38 م]ـ
مسألة المرابحة للآمر بالشراء أجازها أكثر أهل العلم المعاصرين وقد بحثت كثيرا
ولا يعني ذلك أني أشجع على ذلك لا بل من أجل المباحثة المبنية على الدليل والتوضيح فنحن في منتدى مليئ بطلاب العلم الأفذاذ ...
على أن هذه المسألة (المرابحة)
قد أجازها كثير من العلماء بشروط أهمها عدم الإلزام وأن يملك السلعة قبل أن يبيعها على الآمر بالشراء وهي مبحوثة حبذا لو أفتدومنا بالأدلة الشرعية وبسطها أكثر بدلا من الاكتفاء بتأييد التحريم أو الإباحة ..
ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين
ولو سئلت لقلت تركها أولى وفيها شبهة عند بعض أهل العلم والمسألة فيها نظر ..
شرح للشيخ الخثلان يقول:
وقد أقر هذا مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بدورة المؤتمر الخامس، أجاز هذا البيع بهذين الشرطين: بشرط الخيار للمتواعدين كليهما أو أحدهما، وقالوا: ولا تجوز المواعدة الملزمة لأنها في معنى العقد، ويشترط أن يكون البائع مالكا للمبيع. يعني بهذين الشرطين أقره مجمع الفقه الإسلامي، وأيضا سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله أيضا أجاز هذا البيع بهذين الشرطين، وعامة المشايخ والعلماء يفتون بالجواز بهذين الشرطين.
ولكن هناك من العلماء من منع من هذا البيع، وقال: إنه حيلة على الربا. وإن كانوا قلة. يعني الأكثر على الجواز لكن بالضوابط والشروط التي ذكرناها.
من العلماء من قال: إن هذا حيلة على الربا وأنه لا يجوز، ومن أبرز من قال بهذا القول الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله، بل إنه يشدد في هذه المسألة ويعتبرها حيلة على الربا. ولكن عند التأمل في هذا العقد نجد أنه في الحقيقة ليس فيه حيلة على الربا؛ لأن هذا الوعد هو وعد غير ملزم مجرد إبداء رغبة في هذه السلعة، وهذا الموعود بالشراء منه قد تملك السلعة وقبضها، فأين الحيلة حينئذ، ولكن ربما أن أصحاب هذا القول رأوا توسع البنوك، أو الإخلال الكبير الذي يحصل من البنوك في مثل هذه البيوعات، وهذا حقيقة خلل في التطبيق لا يجعلنا نمنع هذا التعامل، يعني يكون مثلا بعض البنوك يكون لديه خلل في التطبيق لا يجعلنا نمنع المسألة كلها، فالقول بأن هذا حيلة هذا غير ظاهر.
لو قلت لي: أنا أريد سيارة بهذه المواصفات اذهب واشترها لي من السوق وأنا أشتريها منك، فذهبت واشتريتها لك بالمواصفات التي تريدها، ثم أبرمنا عقدا فيما بعد، واشتريتها مني بالتقسيط لمدة سنة، فأين الحيلة في هذا. ليس في حيلة في الحقيقة.
ولهذا جاء في حديث أبي سعيد في قصة تمر البرني لما أتي النبي صلى الله عليه وسلم بتمر برني من النوع الجيد، فقال: أكل تمر خيبر هكذا؟ قالوا: لا يا رسول الله إنا نبيع الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة. فقال: أوه هذا عين الربا ثم أرشدهم إلى المخرج، فقال: ولكن بع الجمع -يعني أخلاق التمر الرديء- بالدراهم واشتر بالدراهم الجديد. مع أنه قد يقول قائل: هذا حيلة على الربا لأن النتيجة واحدة؛ فإذا بعت صاعين بصاع هي نفسها إذا بعت بعت صاعين بالدراهم، ثم اشتريت بالدراهم صاعا. النتيجة واحدة.
ومع ذلك هذا المخرج أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعتبر حيلة على الربا، ثم إن الأصل في هذا الباب الحل والإباحة، ولا نمنع شيئا إلا بدليل واضح، وفي هذا التعامل توسعة على الناس وإرفاق بهم؛ لأنه ليس كل إنسان يجد من يقرضه، وليس كل إنسان يستطيع أن يشتري ما يريده من الحوائج، فالأصل في هذا الحل والإباحة، ولهذا الأظهر والله تعالى أعلم أن بيع المرابحة للآمر بالشراء أنه جائز بهذين الشرطين، وكما ذكرت هو رأي أكثر العلماء، وهو الذي قرره مجمع الفقه الإسلامي، ولم يخالف في هذا إلا قلة من أهل العلم.
هذا ما يتعلق ببيع المرابحة للآمر بالشراء. وهذا ليس خاصا بالسيارات يعني ينضم على جميع البضائع والسلع والدور والعقار وكل شيء إذا تحقق فيه هذان الشرطان فلا بأس، خاصة الشرط الثاني في الحقيقة هو الذي يحصل الإخلال به، يعني لا يحصل التملك والقبض، ولهذا ينبغي لمن يريد أن يتعامل بهذا التعامل أن يتأكد من تملك الموعود بالشراء منه للسلعة وقبضها، فمثلا يرسل مندوب للبنك فيشتري السيارة ويقبضها، ثم يبيعها على هذا الشخص الذي وعده بالشراء منه، في الإمكان أن يضع البنك مندوبا له في المعرض مثلا، ويشتري السيارة ويبيعها، أما مجرد أن يعطوا هذا الشخص الذي وعدهم بالشراء تحويلا على المعرض هذا غير كاف في الحقيقة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/402)
ـ[عبد الرشيد الهلالي]ــــــــ[15 - 11 - 08, 08:42 م]ـ
و ما زلت أسأل ...........
الحمد لله ... ماذا في شراء البنك السلعة من أجل الزبون؟ أليست هذه صورة من صور السلم "السلف"؟
.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[20 - 01 - 09, 01:56 م]ـ
يرفع للفائدة .......
ـ[أمة الله بنت عبد الله]ــــــــ[04 - 03 - 09, 07:54 م]ـ
بارك الله فيكم
ليس لي معرفة بمثل هذه الأمور من البيوع يقينية فأنا لست متخصصة بالفقه وأحيانا يختلط على الأمر ولدي سؤال لبعض الأخوات تقول فيه أن أباها اشتري سيارة بيك أب (نصف نقل) لأخيها ليترزق من ورائها بالتقسيط من أحد البنوك على أن يدفع مبلغ 27 ألف والباقي على سنتين وقد أشتراها وسدد ثمنها وانتهت هذه المعاملة منذ وقت وباطلاعها على هذا الموضوع طلبت مني أن أسأل لها إن كان هذا فيه حرمة أم لا؟ خصوصا وأن والدها قد توفي وتسأل إن كان هذا الشراء فيه حرمة قكيف تكفر عن أبيها خصوصا وأنه لم يكن لديه أي قدر من التعليم أي الرجل رحمه الله كان (أمي)
رجاء ممن لديه علم بمثل هذا الحكم أن يجيبها (تفضلا وتكرما لا أمرا) أو أن يعرف الحكم من أحد العلماء ثم ينقله هنا بارك الله فيكم
ملاحظة (البنك من البنوك الربوية والتسديد كان للبنك واستلام السيارة كان من أحد صالات السيارات) وهي لا تعلم غير هذا.
ـ[عبد الله القحطاني]ــــــــ[05 - 03 - 09, 10:52 م]ـ
الأخ علي الفضلي لدي تساؤل و يا حبذا لو يشاركوننا الإخوة ..
ذا الشراء من البنك حيلة على الربا، فبدلاً من أن يقول البنك: خذ هذه مائة ألف بمائة وعشرين ألفاً واشترِ البيت أنت يقول: أنا أشتريه وأبيعه عليك، فليس للبنك غرض من شراء هذا البيت إلا الزيادة الربوية، معلوم أن البنك ما له غرض بالبيت، لولا أنك جئت أنت وطلبته ما اشتراه، إذاً ليس تاجراً، لكنه متحيل على من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، متحيل بدلاً من أن يقول البنك: خذ المائة الألف اذهب اشترِ البيت وأعطِ بدلها على رأس السنة مائة وعشرين ألفاً قال: أنا اشتري البيت وأبيعها عليك. الله المستعان!! أيهما أقرب حيلة للربا: هذا، أو ما فعلت اليهود لما حرمت عليهم الشحومبعض المعاملات لا أحد يشك بحرمتها، مثلا كحرمة الربا .. فهي بلا شك لها عواقب و خيمة على المصلحة العامة على المدى البعيد، و آثارها الاقتصادية مدمّرة حسب ما أعلم ..
و لكن .. كلمة الشيخ بن عثيمين - رحمه الله - " حيلة على الربا " .. هل أُعتمد في قولها على أساس نظري أم تحليل مالي و علمي؟ أو أن الشيخ رحمه الله اكتفى بالقياس فقط بما فعل اليهود من التحايل؟
فمثلا .. أرى أن فرق هذه العمليّة التي يرى الشيخ بن عثيمين حرمتها، أنها تختلف عن الربا - حسب ما أرى - إذ أن هناك ضخًا لسلعة في السوق!!
هل هناك مراجعة لمثل هذه المعاملة الماليّة علميًا؟ و ملاحظة ما إذا كان لهذه العمليّة أثر سيئ كأثر الربا على المدى البعيد؟
أي أنه - في تقديري - لا أرى أنه يُكتفى بالجانب النظري .. خصوصًا أن العمليّة المالية قد تكون معقدة و يحتاج إلى ذوي اختصاص في المعاملات الماليّة .. لأنه قد يكون بضخ سلعة للسوق قد زال ضرر الربا و الله أعلم ... و بما أن الضرر قد زال - على افتراض أنه لا ضرر في هذه العملية - فإنه لا بأس فيه ..
رعاك الرحمن ..
ـ[أبو أنس الجزائري]ــــــــ[18 - 07 - 09, 08:42 ص]ـ
.
لكن هاهنا سؤال:ماذا في شراء البنك السلعة من أجل الزبون؟ أليست هذه صورة من صور السلم "السلف"؟
أرجو التوضيح.
أليس من شرط السلم نقد الثمن؟، وهو غير موجود هنا فيؤول الأمر إلى بيع الكالئ بالكالئ(100/403)
ثقافة الصورة
ـ[إبراهيم توفيق]ــــــــ[25 - 08 - 08, 03:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ثقافة الصورة وفتنة التصوير
يتأثر القلب تأثراً وجدانياً عاطفياً بما يصل إليه من خلال قنوات أربع: كلها في الرأس، هي: العين، والأذن، والإدراك، واللسان.
ولعل أقوى هذه القنوات تأثيراً هي العين. فالقلب يتأثر بالخبر الذي يصله عن طريق السمع، أو بالفكرة التي يتخيلها عن طريق الإدراك، أو بالكلمة التي ينطقها بجارحة اللسان. ولكنه بلا شك يهتز اهتزازاً عنيفاً للصورة التي يراها؛ حباً أو بغضاً، رغبة أو رهبة، تعظيماً أو تحقيراً، عشقاً أو نفوراً.
فالصورة من أشد وسائل التأثير على القلب، وأقواها سلطاناً عليه.
والقلب سيّد الجوارح وسلطانها؛ لا ينطلق اللسان إلا بأمره، ولا تنظر العين إلا بإشارته، ولا تسمع الأذن إلا بهواه، ولا تتحرك اليدان والرجلان إلا بإرادته. فهو ملك الجوارح، وعليه مدار التكليف.
قال الله تعالى: (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور).
وقال صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).
ولهذا كانت عناية الإسلام بالقلب، وما يصل إليه، وما يتأثر به، كبيرة جداً. فقد جاء في الحديث: (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم).
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى). والنية محلها القلب.
فأعمال الإنسان وأحواله، وما يترتب عليها من ثواب وعقاب من الله سبحانه وتعالى، إنما هي موقوفة على ما في القلب من خير أو شر وصل إليه، واستقر فيه من طريق القنوات الأربع المذكورة آنفاً، ومن أبرزها العين التي تلتقط الصورة المؤثرة وترسلها إلى القلب، فيضطرب أو يسكن، يزيغ أو يستقيم، يضل أو يهتدي، يشقى أو يسعد. وبالتالي فإن للصورة على القلوب سلطاناً قاهراً، وتأثيراً عميقاً.
والإسلام يقرر أن العلاقة بين العباد والمكلفين بالطاعة والعبودية لله تعالى وبين إلههم وخالقهم سبحانه إنما يكون منبعها ومستقرها القلب.
فهو يحوط القلب بعناية خاصة، لكي يظل خالصاً لله سبحانه، سالماً من شوائب الشرك والفتنة التي تلقى إليه من قنوات التأثير الخارجي الأربع؛ السمع والبصر والإدراك واللسان.
قال تعالى: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا).
وقال تعالى: (يوم لا ينفع مال ولا بنون. إلا من أتى الله بقلب سليم).
ومن أعظمها تأثيراً على القلب ما تلقيه العين من صور خارجية يهتز لها القلب ويضطرب.
والصورة إما أن تكون للأشياء أو لذوات الأرواح.
وصور الأشياء لا تخرج عن وصفين إما الجمال أو القبح.
أما صور ذوات الأرواح فإنها تحمل وصفين آخرين هما سر انحراف البشرية من لدن نوح عليه السلام إلى يومنا هذا عن الالتزام بالعبودية الخالصة لله تعالى الواحد القهار.
أحدهما: التعظيم والتقديس المفضيان إلى العبادة.
والثاني: الافتتان بالصور الجميلة، وبما فيها من دواعي الشهوة والإثارة والعصيان.
وما ضلت البشرية عن ربها، وما أعرضت عن وظيفة العبودية التي خلقت لها بشيء هو أعظم من تقديسها للصورة، أو افتتانها بالصورة.
&6 nbsp; فالمعابد الوثنية، والكنائس اليهودية والنصرانية، وسائر دور العبادة في الديانات الجاهلية، تعنى عناية فائقة بصور عظمائها وقديسيها ورهبانها وحتى أنبيائها، وتصنع لهم الهياكل والأصنام، لتقديسهم وتعظيمهم ثم التعلق بهم وعبادتهم من دون الله.
وما ذلك إلا لما يحدثه سلطان الصورة من أثر عميق في نفوسهم، سواء كانت هذه الصور مرسومة أو منحوتة مجسمة، حتى إن الأمر ليبل DB بهم درجة الخضوع والعبادة التي لا تنبغي إلا لله جل وعلا.
في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، أن أم سلمة رضي الله عنها، ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة،وما فيها من الصور، فقال: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح، بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك الصور،أولئك شرار الخلق عند الله).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/404)
إن أول انحراف للبشرية عن عبادة الله وحده لا شريك له إلى عبادة الأصنام والأوثان كان بسبب التصوير.
فعن ابن عباس رضي الله عنه في قول الله تعالى: (وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً)، قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا، أوحى الشيطان إلى قومهم؛ أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً، وسموها بأسمائهم، ففعلوا، ولم تعبد، حتى إذا هلك أولئك، ونسي العلم، عبدت.
وقال ابن القيم: قال غير واحد من السلف: لما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد، فعبدوهم.
وليس ببعيد عنا ما حدث في أفغانستان، لما أرادت أمة التوحيد هدم صورة من يتخذه الوثنيون في اليابان وغيرها إله يعبد من دون الله، وكانت منحوتة على جبل من جبال الأفغان، فإن اليابان التي تعد نفسها في مقدمة الدول المعاصرة تطوراً وتقدماً علمياً وتكنولوجياً، عرضت على أمة التوحيد في بلاد الأفغان عشرات الآلاف من ملايين الدولارات لتفتدي به صور إلهها المزعوم،
فأبى الموحدون مع فقرهم وحاجتهم إلا أن يزيلوا هذا الوهم الذي فرضه سلطان التصوير على عقول أولئك الوثنيين الذين يدّعون التقدم والتطور، وهم في حقيقة الأمر بهذا الاعتقاد الذي يقدس الحجر وما نحته المصورون بأدواتهم في مؤخرة الأمم فكراً واعتقاداً.
ولولا فتنة التصوير التي أخذت بمجامع قلوبهم وسيطرت على عقولهم وأفهامهم لكانت هذه الأمم أقرب الناس إلى التصور العلمي والإدراك العقلي لحقيقة الحجر، وحقيقة الصورة، وأنه لا قداسة فيها ولا نفع لها ولا ضر، ولكن للصورة فتنة طاغية ذهبت بعقول أولئك القوم وأفهامهم كل مذهب. حتى إن العاقل الموحد ليعجب من أمر هؤلاء وما وصلت إليه عقولهم وأفهامهم من التردي والانحراف.
أما تأثير التصوير في إبراز فتنة الأجساد، وما فيها من إثارة لدواعي الشهوة والانحراف الخلقي، فهو ما لا يحتاج إلى دليل عقلي أو نقلي، فالواقع المشاهد الملموس في عصرنا الحاضر لما تحدثه الصورة الثابتة أو المتحركة من إثارة للغرائز، ودفع إلى الشهوات والانحراف الخلقي خير شاهد ودليل على فتنة الصورة، وخطر التصوير.
لقد وظف المفسدون الصورة المتحركة والثابتة في الأفلام السينمائية والتلفازية، وفي الصور الفوتوغرافية في المجلات والصحف وغيرها في نشر الفساد، وإشاعة الفتنة، واستثارة الغرائز، بما لا يدع مجالاً للشك في أنها من أقوى وسائل الفساد والانحراف تأثيراً على أخلاق الناس ومعتقداتهم.
ولك أن تتصور في زمننا هذا، كم أحدثت الصورة الثابتة والمتحركة من فساد وفتنة في المجتمعات، وكم صرفت من العيون والقلوب عن طاعة الله وعبادته، وكم دعت إلى الفتنة والغفلة والشهوات.
إن الحضارة الغربية اليوم بطغيانها المادي وانحرافها الأخلاقي قد وظفت الصورة في تدمير أخلاق الأمم المحافظة، والسيطرة على عقول شبابها، والعبث بعواطفهم، وتخريب قواعد التربية ومقومات السلوك السوي في حياتهم، بعدما دمرت الفضيلة والأخلاق في بلادها.
والغربيون قوم مفتونون بالصورة، مولعون بالتصوير، حتى إن منهم من يشتري اللوحة لأحد المشاهير من الرسامين بعشرات أو مئات الملايين من الدولارات، ويقيمون لها المتاحف والمعارض، ويسعون إلى اقتنائها مهما كلفهم ذلك من جهد أو مال، وربما تكبد أحدهم المشقات في الأسفار الطويلة، مع ما يبذله من الأموال، في سبيل الحصول على صورة مرسومة أو منحوتة، والفخر باقتنائها.
وقد ساعد ظهور آلة التصوير الفوتوغرافي والمتحرك في الحياة الغربية، في ازدياد ولع الغربيين بالتصوير حتى تحول في حياتهم إلى جنون عارم، لا تكاد معه ترى رجلاً منهم أو امرأة إلا حاملا آلة التصوير يتنقل بها من مكان إلى مكان يصور ويصور ويصور، لا يكاد يشبع من
التصوير نهمته، ولا يروي غلته، حتى إن العاقل البصير ليدرك أن القوم مفتونون، وأنهم على هذه الفتنة يحيون وعليها يموتون.
وقد شاعت فتنة التصوير في عصرنا هذا في سائر الأمم، وأشاعت الفساد والانحراف، والتهتك الأخلاقي، والانحراف العقدي في سائر الشعوب والأقطار.
إنها سوءة الحضارة الغربية، وفتنتها، ولعنتها التي تطارد الفضيلة، وتفتك بالأخلاق في كل مكان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/405)
إنا لا نملك إلا أن نقف أمام عظمة الإسلام، وصحة مبادئه، ودقة تشريعه، وسلامة حكمه، وصدق منهجه، مطأطئي الرؤوس إجلالاً وإكباراً، وممتلئي النفوس اعتزازاً وفخراً، مدركين للحكمة العظيمة من ذلك الموقف الحازم الحاسم الذي وقفه الإسلام من فتنة التصوير قبل أن تظهر بصورتها الحالية المدمرة للأخلاق والقيم، حيث حرم تحريماً قاطعاً صور ذوات الأرواح، ورتب أشد العقاب على المصورين الذين بسببهم تشيع هذه الفتنة ويعم الفساد فحسم بذلك مادة هذه الفتنة، واجتث بتحريمها شجرة الانحراف والفساد الناتج عنها.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم) متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم تلون وجهه، وقال:
(يا عائشة، أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله) قالت: فقطعناه، فجعلنا منه وسادة أو وسادتين. متفق عليه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفسٌ فيعذبه في جهنم).
قال ابن عباس: فإن كنت لابد فاعلاً، فاصنع الشجر وما لا روح فيه. متفق عليه.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون). متفق عليه.
وهذه الأحاديث جميعها تدل على أن الصورة المحرمة هي صورة ما فيه روح، وحديث ابن مسعود عام يخصص بالأحاديث التي قبله فيما له روح.
كما أنها تدل على أن كل ما هو صورة لذوات الأرواح فهو محرم، وكل مصور لها معرض للعقاب الشديد يوم القيامة.
وقد دلت اللغة، وأجمع الناس في سائر الأمم على أن لفظ الصورة يطلق على جميع أنواع الصور، ما كان منها مرسوما باليد، وما كان مصوراً بالآلة، ثابتاً أو متحركاً، و ما كان منها منحوتاً مجسماً، فكل ذلك يسمى (صورة). وكل فعل تنشأ عنه الصورة يسمى تصويراً سواء كان باليد أو الآلة.
وسل من شئت من بني آدم على هذه البسيطة، فلن تجد إلا جواباً واحداً، يقول عن الصورة أنها صورة، وعن الفعل الذي تنشأ عنه أنه تصوير.
وما تكلفه بعض الفقهاء من المسلمين من محاولة إخراج الصورة الفوتوغرافية أو المتحركة، أو المرسومة غير المجسمة، أو المجسمة غير المكتملة، عن كونها صورة، وبالتالي إخراج الفعل الذي تنشا عنه هذه الأنواع عن كونه تصويراً، هو تكلف لا مساغ له شرعاً ولا عقلاً ولا عرفاً ولا لغة مع مصادمته للنصوص الصريحة الصحيحة، إلا حرص هؤلاء على رفع الحرج عن المفتونين بالتصوير في عصرنا الحاضر وما أكثرهم، دون التفات ممحص إلى اثأر هذه الفتنة على عقائد الناس وأخلاقهم. هذا التكلف الذي كاد يطفئ نور الحكمة الشرعية، ويف8مس معالم النذير الإسلامي من مغبة تصوير ماله روح، ويسمح لفتنتي التقديس والإثارة الجسدية المدمرتين للعقائد والأخلاق بالبقاء والاستمرار، دون تحذير و لا نذير.
هذا التكلف الفقهي يجب أن يعاد النظر فيه، على ضوء حقيقة التصوير، ومآلاته التي تنأى بالبشرية عن العبودية الحقة لخالقها، والامتثال الصادق لأمره ونهيه، وتطوح بها إلى مهاوي الشرك، ومرامي الرذيلة.
وليست علة المضاهاة الواردة في النص هي العلة الوحيدة للتحريم - وقد حاول بعضهم نفيها عن بعض أنواع التصوير تكلفاً مع ثبوتها فيه - بل التقديس والفتنة كذلك علتان ظاهرتان في تحريم صور ذوات الأرواح، فهذه ثلاث علل تكفي واحدة منها لتحريم التصوير بكافة أنواعه وأشكاله.
أما الضرورة في استعمال التصوير - إن وجدت - فتقدر بقدرها، كما هي القاعدة الشرعية، وذلك في مثل إثبات الشخصية، وبعض الأحوال الجنائية، ونحوها، من غير توسع في ذلك.
ولكن قل لي أيها القارئ اللبيب – أرشدك الله – أين الضرورة فيما يدعيه جملة من الدعاة اليوم بأن ظهور صورهم في الصحف والمجلات أو على الشاشات من باب الضرورة للدعوة؟
وهل إذا كتبوا أو تكلموا من غير أن تظهر صورهم تكون دعوتهم غير صحيحة أو ناقصة أو غير مؤثرة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/406)
وهل ضمنوا ألا يكون في صورهم المخرجة إخراجاً إعلامياً فتنة لمن يشاهدها؟ وأين هم من هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة التي تحرم التصوير؟ وهل فيما تكلفوه من تأويل لهذه الأحاديث حتى أباحوا أنواعاً من التصوير حجة قاطعة؟ وأي الداعية القدوة من الورع والحيطة عند مواجهة مثل هذه النصوص وتكلف تأويلها؟
إن الأمة الإسلامية لو أنها وقفت من نصوص الكتاب والسنة موقف التسليم والإذعان، من غير تأويل ولا تعطيل، مع اليقين بما وراءها من حكمة، لا تحدها الأزمان، ولا تحصرها الأذهان، لكانت اليوم أقوى الأمم، وأعز الأمم، ولما جرفتها ثقافات الأمم الكافرة بتياراتها المنحرفة مهما عتت هذه التيارات واشتدت. ولسلمت من شرور كثيرة، ولما غرقت مراكب
الفضيلة والعزة والتوحيد، في هذه التيارات، بعد أن مخرت بها الأمة عباب التاريخ، وسادت بها أرجاء العالم.
إن الضعف عن اخذ النصوص الشرعية من الكتاب والسنة على ظاهرها، وعن التسليم بمدلولاتها الظاهرة، واللجوء إلى تأويلها أو تعطيلها أو الترخص فيها، قد جر على الأمة الإسلامية من الويلات تلو الويلات على مر العصور الإسلامية، وأشاع بينها الفرقة والاختلاف، وأدخل الضعف والوهن في عقائد المسلمين، حتى بات النص الصريح من الكتاب والسنة يؤخذ على حذر، و لا يتلقى عن الله تعالى إن كان قرآناً، ولا عن رسوله صلى الله عليه وسلم إن كان سنة، إلا بعد عرضه على أفهام المؤولة وأقوالهم. وهنا تتشعب السبل، وتكثر التأويلات، وتتعدد الأفهام، وتظهر الفرق والطوائف والأحزاب.
وما ذلك إلا للضعف عن التسليم بالدلالة الظاهرة للنصوص الشرعية، وهو ما سلم منه الصحابة رضوان الله عليهم سلامة تامة خصوصاً في أصول الاعتقاد، إذ كان أخذهم للنصوص الشرعية على وجه التسليم والإذعان من غير تردد في القبول، ولا تكلف للتأويل، ولا بحث عن الترخص، و لا تفتيش عن العلة، وهو ما ابتلي به من بعدهم، بسبب الضعف عن الأخذ بقوة، والتردد في التسليم والإذعان، والتكلف في البحث عن علل النصوص ومآلاتها.
ومسألة التصوير لما فيه روح واحدة من المسائل التي كان لعدم التسليم والإذعان للنصوص الواردة فيها، والتكلف في تأويل مدلولاتها، أثره الخطير في بروز هذه الفتنة، وشيوعها بين المسلمين، والتسليم للثقافة الأجنبية التي روجت لها، والاستسلام لآثارها الخطيرة على العقيدة والأخلاق والمعتقدات، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
فهل نعي حقائق هذا الدين؟ وهل نقف عند أوامره ونواهيه؟ لنستضيء بأنوار حكمته، وننهل من موارد رحمته؟!
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
وكتبه
أبو حامد الغامدي
ـ[إبراهيم توفيق]ــــــــ[27 - 08 - 08, 03:28 م]ـ
للرفع
ـ[إبراهيم توفيق]ــــــــ[30 - 08 - 08, 12:50 ص]ـ
للرفع مرة ثانية(100/407)
نريد نصائح لمن يؤم الملصين في التراويح
ـ[إبراهيم توفيق]ــــــــ[25 - 08 - 08, 03:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نريد من الإخوة المشائح وطلاب العلم نصائح لمن سيأم المصلين لأول مرة في صلاة التراويح خلال شهر رمضان المبارك
أخوكم
أبو مصعب المكي
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 08:05 م]ـ
- رسالة إلى أئمة المساجد بمناسبة شهر رمضان ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=145829)
- بالنسبة إلى الاهتمام بصوته:
= يبتعد عن الشاي ةالقهوة ونحوهما ويشرب الحلبة والبابونج واليانسون.
= لا يشرب إلا الماء الدافئ؛ فإن لم يكن فالعادي لا البارد.
= يقلل الكلام يومه، وإذا قرأ ورده أو كان يراجع حفظه فبصوت خافت لا يرهق حنجرته.
= يفطر على تمر ومشروب وطعام قليل جدا، ثم يتعشى بعد التراويح كما شاء.
= يقرأ بصوت يتفق مع طبيعته ولا يتكلف، ويبدأ هادئا ثم يعلو شيئا فشيئا، ولا يعلو إلا إذا حركت الآية شجونه، أما إذا علا لأن الناس تعلو هنا، أو لأنه آية عذاب مثلا ولو لم تمس قلبه، فسيكون متكلفا ماسخا.
= تجنب البرتقال وعصير البرتقال لأنه يجلب البلغم. ويساعد على طرده السواك والزنجبيل هذا لمن أراد تجنب الأدوية الطبية الكيميائية المركبة وإلا فهناك أدوية خاصة بهذا في الصيدليات لكن الاكتفاء بالأعشاب والأدوية البسيطة المفردة أنفع وأقل ضرراً وآثاراً على الجسم.
= هناك تدريبات خاصة للحبال الصوتية عن طريق التنفس ويمكن للشخص أن يعملها جالساً أو مضطجعاً وطريقتها أن تأخذ نفس (شهيق) حتى تنتفخ الرئتان ثم (زفير) عن طريق الفم فقط مع تكوير الشفتين حتى كأن الهواء يخرج عبر أنبوب من الحلق والفم ويخرج صوت كالفحيح كرر هذه العملية لمدة ثلاث دقائق في فترات متقطعة من اليوم وفي الفواصل في صلاة القيام. وهذه الطريقة طبية ويعرفها الأطباء المتخصصون بالنطق وهي ناجحة ومفيدة.
= (الكباب الصيني) عند العطارين، مضغ حبتين منه يريح الصوت من الإجهاد.
= ولمن أُجهِد صوته فقط من القراءة أثناء رمضان، هناك مركب طبي للاستنشاق اسمه (فابوزول Vapozol) وهو عبارة عن خليط من بعض الزيوت الطبيعية، وموجود ومعروف لدى الصيدليات في مصر ... وهو مجرب ونافع.
= وكل ما سبق من مشاركات بعض الإخوة في موضوع سابق بالملتقى، وقد جمعتها لك فقط.
- يتذكر الإخلاص والبعد عن السمعة، ويرجو وجه الله.
ـ[إبراهيم توفيق]ــــــــ[26 - 08 - 08, 07:08 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 08 - 08, 07:10 م]ـ
مخالفات يقع فيها بعض ائمة المساجد في صلاة التراويح
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=54178)
ـ[أبو حازم فكرى زين]ــــــــ[26 - 08 - 08, 08:20 م]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[أنس بن محمد عمرو بن عبداللطيف]ــــــــ[26 - 08 - 08, 10:38 م]ـ
أول ما أنصح به:
1 - الإخلاص ... الإخلاص فإنّما أنت جند من جنود الله
تعملُ له ... غرضك أن تدُلَّ الناس على الله ... وليس غرضك أن يقال (فلان قارىء)
2 - استحضار نوايا كثيرة ... لماذا أصلِّي إماما؟؟؟
* لأنِّي مأمور أن أدلَّ الناس على الله وأن أدعو فأقول
{ربنا هب لنا من أزواجنا و ذريَّاتنا قُرَّة أعينٍ واجعلنا للمتَّقين إماما}
فإمامة الصلاة جزء من إمامة المتقين ودعوتهم وإرشادهم لربِّ العالمين
** لأنِّي جنديٌّ من جنود الله ... فأنا على ثغرٍ من ثُغور الإسلام
أخاف أن يؤتى الإسلام من قِبَلي
... لأراجع ما أحفظ من القرآن ... عسى أن يكون هذا سبباً لتثبيت الحفظ
إلى أن تحين لحظة القراءة على الملك العلاّم - جلّ و علا -
{اقرأ وارتقِ و رتِّل كما كنت ترتِّل في الدنيا فإنَّ منزلتَك عند آخر آيةٍ تقرؤها}
**** لعل وعسى أن أكون سبباً - بتلاوتي أو بحفظي أو بِسَمْتي أو بطريقة إلقائي أو ....
في هداية عاصٍ و توبته لربِّ العالمين {لأنْ يهديَ الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمُر النَّعَم}
فرمضان سوقٌ يجتمع فيه المسلمون جميعاً المهتدي منهم والضّالّ ...
فهنيئاً لمن كان سبباً في هداية واحدٍ ... و ويلٌ لمن كان طريقاً للضلالة و الإضلال
***** لأعمل بما أعلم ... فرمضان سوقٌ لتطبيق ما تعلمناه طول العام
(من عمل بما علم رزقه اللهُ علمَ ما لم يعلم)
3 - كذلك أنصَح من رزقه الله الإمامة في رمضان: أن يعلم أنَّ هذا رزقٌ من الله ... و فرصةٌ
وكذلك ابتلاء {ليبلوَكم أيُّكم أحسنُ عملا}
4 - لايكن همُّك آخرَ السُّورة وإنّما همُّك:
إيصال و تبليغ كلام ربك - العظيم - لهؤلاء المصفوفين خلفك
5 - لا يكُن همُّك تقليد الشيخ فلان .. أو علان ... واهتمّ بالخشوع مع تحسين صوتك
ليقبلَ الناسُ على كلام ربك وليس ليقبلوا عليك
فقضية القَبول إنّما هي من عند الله وهي علامةٌ على حب الله للعبد {إذا أحبَّ الله عبداً
نادى جبريل: ياجبريلُ إني أحبُّ فلاناً فأحِبَّهْ .... إلى أن قال ثمَّ يوضَعُ له القَبولُ في الأرض ... }
6 - راع ظروف الناس ... الضعيف منهم والكبير ولكن ليس كما يريد العوام و علماء السوء
أن يجعلوا الصلاة بآية أو آيتَيْن ... فهذا ما يودُّنَه ولكن ... هيهات لِما يريدون
فلماذا سُمِّي القيامُ قياماً
السؤال
uestion
السؤال
uestion
السؤال
uestion...
لأنّك قائمٌ بين يدي مالك الملك و ملك الملوك ...
فكيف تُسَوِّلُ لك نفسُك أن تنقرَ الصَّلاة نقراً
السؤال
uestion
السؤال
uestion
السؤال
uestion
7- وأخيراً: أخْلِصْ الدعاء لنفسِكَ بالتثبيت و التوفيق والتيسير و القبول
وقل - فضلاً لا أمراً - {ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غِلاًّ
للذين آمنوا ربّنا إنّك رءوفٌ رحيم}
.... اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات وأصلح ذات بينهم و ألِّف
بين قلوبهم واجعل في قلوبهم الإيمانَ و الحكمة و أوزِعهم أن يوفوا بعهدك الّذي عاهدتهم عليه
وثبِّتهم على ملَّة رسولك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وانصرهم على عدوك و عدوِّهم إلهَ الحقِّ و اجعلْنا منهم
و فوق كلِّ ذي علمٍ عليم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/408)
ـ[إبراهيم توفيق]ــــــــ[27 - 08 - 08, 03:37 م]ـ
بورك الجميع(100/409)
ما الفتوى في هذه المسألة؟ العمل في الفنادق وفيها بيع الخمر
ـ[ابو عمر الهلالي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 03:46 م]ـ
سألني شخص اليوم قائلا:
أنا ادرس في أحدى الجامعات وأبي متوفى وليس لي معيل الا الله ,
وبحثت عن عمل كي أكمل الدراسة فلم أجد الا الفنادق فمررت عليها جميعها
فلم أجد فيها عملا سوى في (البار) وهو مكان لتقديم الخمور , فما الحكم هل أعمل
في البار أم اترك دراستي .. ولكنها ضرورية جدا .. كي أؤمن مستقبلي.
والسؤال الاخر الذي يرد الينا دائما شخص متزوج ولديه اولاد وبحث عن عمل فلم يجد الا
هذه البارات فما الحكم؟؟
هذه المسائل واقعة في بلدنا بشكل كبير أرجو من المشايخ الفضلاء الاجابة للأهمية.
ـ[أبو عبد الرحمن الفلسطيني]ــــــــ[25 - 08 - 08, 05:07 م]ـ
من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
ـ[أبو أحمد الحنبلي]ــــــــ[26 - 08 - 08, 10:35 ص]ـ
با أخي
أخرج أبو داود في سننه عن ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ" سنن أبي داود - (ج 10 / ص 96)
وقال تعالى (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} المائدة2
وأي ضرورة بعد هذا ولا حول ولا قوة إلا بالله
ـ[أم صفية وفريدة]ــــــــ[26 - 08 - 08, 12:50 م]ـ
با أخي
أخرج أبو داود في سننه عن ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ" سنن أبي داود - (ج 10 / ص 96)
وأي ضرورة بعد هذا ولا حول ولا قوة إلا بالله
سبحان الله! إن العبد ليحرم نفسه الرزق الحلال بترك الصبر واستعجال الرزق فلا يزاد على ما قدر له.
والله لو عمل في قمامة الشوارع لكان أشرف له وأفضل ألف مرة!
ـ[ابو عمر الهلالي]ــــــــ[06 - 09 - 08, 01:35 م]ـ
اذا كان العمل على المحاسبة او الاستقبال؟؟؟
ـ[شتا العربي]ــــــــ[06 - 09 - 08, 04:54 م]ـ
اذا كان العمل على المحاسبة او الاستقبال؟؟؟
كان فيه إعانة على الإثم والعدوان والله عز وجل يقول: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)
ـ[أم صفية وفريدة]ــــــــ[07 - 09 - 08, 08:16 ص]ـ
اذا كان العمل على المحاسبة او الاستقبال؟؟؟
إن المشكلة لا تقتصر على الخمر
إن هذه الفنادق قد يوجد بها نساء عاريات من السيّاح الأجانب
أنها أرض محاطة بالفتن والشياطين من جميع الجوانب!
ومع ذلك نحتاج لمن يفتينا بهذا الأمر ......(100/410)
فتاوى في سجود التِّلاوة (للشيخ العلامة ابن جبرين)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 04:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
’’ فتاوى في سُجود التِّلاوة ‘‘
لسَمَاحَةِ الشَّيْخِ العَلَّامَةِ د. عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ جِبْرِيْنٍ
ـ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى، ورَعَاهُ ـ
قام بتنسيق الفتاوى ونشرها:
سَلمَانُ بْنُ عَبْدِ القَادِرِ أبُوْ زَيْدٍ
- غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، ولِوَالدَيْهِ، ولِمَشَايخِهِ، ولجَمِيْعِ المُسْلِمِيْنَ -
تقديم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه، وبعد:
فقد رفع إلي الدكتور طارق بن محمد بن عبد الله الخويطر أسئلة تتعلق بسجود التلاوة، وحكمه، وشروطه، وما يقال فيه، وقد أجبت عليها باختصار لتناسب العامة والخاصة، وقد أذنت له في تصحيحها ثم طباعتها، والإشراف على الطبع والنشر، وله الصلاحية فيما يراه من العنوان والكمية لأهليته لذلك.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
قاله وكتبه: عبد اللَّه بن عبد الرَّحمن الجِبرين
عضو الإفتاء المتقاعد.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 04:33 م]ـ
«حكم سجود التِّلاوة»
س 1: ما حكم سجود التلاوة؟.
ج 1: سجود التلاوة سنة مؤكدة، وليس بواجب، سواء قيل إنه صلاة، أو إنه عبادة مستقلة، وإنما هو مشروع في حق القارئ والمستمع دون السامع.
والجمهور (1) على أن سجود التلاوة سنة مؤكدة، وذهب أبو حنيفة (2) إلى أنه واجب وليس بفرض، وقد ثبت أن عمر - رضي الله عنه - قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل، حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة قال: يا أيها الناس، إنا نمرّ بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه. وفي لفظ: إن الله لم يفرض علينا السجود، إلا أن نشاء رواه البخاري (3).
وفي الصحيحين عن زيد بن ثابت قال: «قرأت على النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم فلم يسجد فيها» متفق عليه (4) فعلى هذا يكون سجود التلاوة مستحبًّا ومؤكدًا، فمن سجد فله أجره، ومن لم يسجد فلا إثم عليه.
==========
(1) بداية المجتهد 1/ 227، روضة الطالبين 1/ 319، الإقناع 1/ 154.
(2) تحفة الفقهاء 1/ 235، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية، الاختيارات / 60.
(3) برقم (1077).
(4) البخاري (1073) ومسلم (577).
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:16 م]ـ
«الطّهارة واستقبال للقبلة لسجود التّلاوة»
س 2: هل يشترط لسجود التلاوة طهارة واستقبال للقبلة؟
ج 2: المشهور عن الإمام أحمد (1) أن سجود التلاوة صلاة، فيشترط له ما يشترط للصلاة: من الطهارة، وستر العورة، واستقبال القبلة، والتكبير للخفض والرفع، والسلام، على خلاف في بعض ذلك، إلا أنهم أجازوا - أو بعضهم - التيمم، إذا قرأ آية سجدة أو سمعها وهو محدث.
وذهب بعض المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية (2) إلى أن سجود التلاوة وسجود الشكر ليس بصلاة؛ لأن أقل ما يسمى صلاة ركعة كاملة كما في الوتر، فلا يسمى الجزء منها صلاة؛ ولأن هذا السجود يحدث صدفة ويشق على الإنسان أن يكون دائمًا على وضوء، وهذا القول أوجَه؛ وعليه فيجوز للمحْدث السجود، ويجوز لأهل الحلقة الكثيرين السجود ولو كان بعضهم مستدبر القبلة؛ لمشقة انحرافهم جميعًا إلى جهة القبلة.
========
(1) الإقناع 1/ 155.
(2) الاختيارات / 60.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:21 م]ـ
«الأدعية الخاصة بسجود التّلاوة»
س 3: ما الدعاء الذي يقال في سجود التلاوة داخل الصلاة وخارجها، وهل يجوز الاقتصار على الدعاء دون قول سبحان ربي الأعلى؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/411)
ج 3: ورد من الأدعية الخاصة بسجود التلاوة أو العامة لسجود التلاوة وسجود الصلاة أحاديث كثيرة منها: ما رواه أبو داود (1) وغيره (2) أنه يقول: اللهم إني لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت، سجد وجهي لله الذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين، اللهم اكتب لي بها أجرًا، وضع عني بها وزرًا، واجعلها لي عندك ذخرًا، اللهم تقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام. ذكر هذه الأدعية ابن القيم في زاد المعاد (3) وغيره.
ويتأكد أن يبدأ سجوده بقول (سبحان ربي الأعلى) مرة على الأقل؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «اجعلوها في سجودكم» (4) وله أن يزيد على ذلك بما يناسبه.
======
(1) برقم (1414).
(2) الترمذي (579، 580).
(3) 1/ 362.
(4) أبو داود (869) وابن ماجه (887).
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:32 م]ـ
«سجدة سورة (ص)»
س 4: هل يسجد عند سجدة (ص)؟
ج 4: المشهور أنها ليست من السجدات المسنونة، وقد روى أبو داود (1) عن ابن عباس قال: «ليس (ص) من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها».
وروى أيضًا (2) عن أبي سعيد قال: «قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر، فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه، فلما كان يوم آخر قرأها، فلما بلغ السجدة تَشَزَّنَ (3) الناس للسجود، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما هي توبة نبي، ولكن رأيتكم تَشَزَّنْتُم للسجود فنزل فسجد وسجدوا».
وروى النسائي (4) عن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في (ص) وقال: سجدها داود توبةً، ونحن نسجدها شكرًا».
واستدل بعض الصحابة على شرعية السجود فيها بقول الله - تعالى -: ? فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ? [سورة الأنعام، الآية: 90] أي: ما فيها من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقتدي بالأنبياء المذكورين في الآيات السابقة ومنهم داود؛ فعلى هذا تكون سجدة شكر، والمختار سجودها خارج الصلاة.
=====
(1) برقم (1409).
(2) برقم (1410).
(3) التَّشَزُّن: التأهب والتهيؤ للشيء والاستعداد له. النهاية 2/ 471.
(4) برقم (958).
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:36 م]ـ
«سجود التلاوة لكل من يستمع القراءة»
س5: هل يلزم سجود التلاوة لكل من يستمع القراءة؟
ج5: سجود التلاوة سنة وفضيلة، وليس بواجب؛ فقد روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه ذَكَرَ أنهم يمرون بآية السجود، فمن شاء سجد، ومن شاء ترك، وأخبر بأنه لم يُكتب علينا أي: لم يكن واجبًا (1).
وقد ذكر العلماء أنه يشرع السجود للقارئ والمستمع دون السامع، والفرق فيها أن المستمع هو الذي ينصت لسماع القراءة، ويتابع القارئ، ويتأمل ويتعقل ما يستمعه من هذه القراءة، فإذا سجد القارئ سجد معه المستمع، وإن لم يسجد القارئ لم يسجد المستمع؛ حيث إنه بمنزلة المأموم.
وأما السامع فهو الذي يسمع القراءة من بعيد، ولم يكن متابعًا للقارئ ولا منصتًا لقراءته، فهذا لا يشرع له السجود، وإن سجد فلا بأس بذلك، سيما إذا جمع آية السجدة ورأى القارئ سجد بعدها، حتى ولو كان ماشيًا أو مشتغلا بغير الاستماع.
=====
(1) البخاري (1077).
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:43 م]ـ
«السجود عبادة مستقلة»
س 6: إذا كان الشخص يكرر سورة للحفظ فيها سجدة فهل يسجد عند كل قراءة؟
ج 6: يشرع له ذلك فإن السجود عبادة مستقلة، وقربة وطاعة، وهو أفضل أفعال الصلاة؛ ولهذا يتقرب به مستقلا كسجود التلاوة وسجود الشكر، ومع ذلك فإنه مستحب لا واجب، فإن شق على القارئ تكرار السجود اكتفى بسجدة واحدة، سواء في المرة الأولى أو فيما بعدها، وهكذا لو سجد مرتين أي: في أول القراءة وفي آخرها، فليس لذلك حد محدود
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:55 م]ـ
«السجود للتلاوة في وقت النهي»
س 7: هل يسجد للتلاوة في وقت النهي؟
ج 7: اختلف في سجود التلاوة: هل هو صلاة أو ليس بصلاة؟ ولعل المختار أنه ليس بصلاة كما رجح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - (1) فعلى هذا لا مانع من السجود وقت النهي، حيث إن النهي إنما ورد عن مسمى الصلاة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس» (2) فإن مسمى الصلاة إنما يقع على ما فيه القيام والقعود والركوع والسجود، فلا تسمى السجدة الواحدة صلاة كسجدة الشكر وسجود التلاوة.
أما على القول بأنه صلاة كما اختاره كثير من الفقهاء، وذكر ذلك ابن قدامة كما في المقنع (3) وفي مختصره (4) وشروحه (5) فإن بعض العلماء منعوا من السجود وقت النهي مخافة التشبه بالنصارى الذين يسجدون للشمس عند طلوعها وعند غروبها، فمنع من الصلاة في هذه الأوقات؛ مخافة اعتقاد أن السجود لأجل الشمس، وأجاز آخرون سجود التلاوة وقت النهي ولو كان عندهم صلاة، وجعلوه من ذوات الأسباب، كركعتي الطواف وتحية المسجد وإعادة الصلاة.
ولعل الصواب أنه يجوز في الوقت الموسع دون المضيق، وهو عندما تنتصف الشمس للغروب وعند طلوعها حتى ترتفع قيد رمح.
======
(1) الاختيارات / 60.
(2) متفق عليه، البخاري (586) ومسلم (827).
(3) 1/ 206.
(4) زاد المستقنع مطبوع مع الروض المربع / 93.
(5) الشرح الكبير 1/ 209، الإنصاف 1/ 209، المبدع 2/ 27.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/412)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[26 - 08 - 08, 03:56 م]ـ
«التكبير لسجود التلاوة»
س 8: هل لسجود التلاوة تكبير عند السجود والرفع في الصلاة وخارجها؟
ج 8: ذهب كثير من العلماء إلى أن سجود التلاوة صلاة فاشترطوا له: الطهارة، وستر العورة، واستقبال القبلة، وعدم السجود في وقت نهي، وألزموا فيه بالتكبير عند السجود وعند الرفع، وبالتسليم بعد ذلك كما في الصلاة.
ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية (1) أنه ليس بصلاة، وإنما هو عبادة مطلقة؛ لأن أقل ما يسمى صلاة الركعة التامة كركعة الوتر، فعلى هذا القول: لا تشترط له شروط الصلاة، ويصح في وقت النهي، ولا يحتاج إلى تكبير ولا إلى تسليم، وما ورد في ذلك من التكبير محمول على الاستحباب، أو لأجل الاقتداء لمن سمع القارئ يقرأ أو يسجد، أو كان السجود في الصلاة الجهرية، لما ثبت: «أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يكبر في كل خفض ورفع» (2) فيدخل في ذلك الخفض والرفع لسجود التلاوة.
وذهب كثير من المشايخ إلى الاكتفاء في الرفع من الإمام بقراءة الآية التي بعد آية السجدة، والمختار: التكبير في هذه الحالة عملا بعموم الحديث.
«السلام لسجود التلاوة»
س 9: هل لسجود التلاوة سلام؟
ج 9: إذا قيل إن سجود التلاوة ليس صلاة، وسجد القارئ وحده فلا حاجة إلى التسليم، كما لا حاجة إلى التكبير اللذين يختصان؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» (3) وعلى القول الثاني: وهو أن سجود التلاوة صلاة، فإنه يسلم بعده بدون تشهد.
«ترك الإمام لسجود التلاوة»
س 10: إذا نسي الإمام سجود التلاوة في الصلاة هل يذكِّره المأموم؟
ج 10: أرى أنه لا يذكِّره، بل يستمر الإمام في القراءة حتى يركع؛ وذلك لأنه قد يتركه متعمدًا لاعتقاده سنيته والسنن يجوز تركها، والمأموم لا يدري هل تركه عمدًا أو نسيانًا؟ والتذكير يحتاج إلى تسبيح مما يشوش على الإمام والمأمومين، وفيه قطع القراءة من الإمام أو احتياج المأموم إلى قراءة آية السجدة، مع أنه مأمور بالإنصات، فلا حاجة إلى التذكير في هذه الحالة.
======
(1) الاختيارات / 60.
(2) البخاري (789).
(3) أبو داود (618) والترمذي (3) وابن ماجه (275).
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[26 - 08 - 08, 04:07 م]ـ
«السجود في موضع السجدة»
س 11: هل على المصلي شيء إذا سجد قبل موضع السجدة أو بعدها؟
ج 11: مواضع السجدات موضحة في المصاحف، بجعل علامة ظاهرة عند تمام الآية ومكان السجود، مع وجود خلاف بين العلماء في بعضها، كما في سورة النمل وسورة فصلت، فلو سجد في سورة النمل أو سورة فصلت بعد الآية الأولى أجزأه ذلك، وإن كان المختار: سجوده بعد الآية الثانية لتعلقهما بالأولى، آما بقية السور فإنه يسجد بعد تمام الآية التي فيها ذكر السجود، إلا في الإسراء، فإن السجود بعد الآية الثالثة على القول المختار، ولا يجوز مجاوزة آية السجدة، لكن إن نسي وتجاوزها لم يسقط السجود.
«السجدة في الصلاة السرية»
س 12: إذا كان الإمام في صلاة سرية وقرأ سورة فيها سجدة فهل يسجد؟
ج 12: لا يسجد في هذه الحال فإنه يشوش على المأمومين لعدم معرفتهم بالسبب، ففي هذه الحال يسقط عنه سجود التلاوة لعدم وجوبه، واستحب كثيرٌ من العلماء عدم قراءة آية سجدة في الصلاة السرية؛ لما في هذه الحال من ترك سجود مستحب لكل من قرأ تلك الآية.
«لو سمع المصلي قراءة غيره للسجدة»
س 13: ما حكم لو سمع المصلي قراءة غيره للسجدة؟
ج 13: المصلي يقبل على صلاته إذا كان منفردًا سواء في فريضة أو في تطوع، وإذا أقبل على صلاته لم يكن له الإنصات إلى قراءة غيره، وعلى هذا لو سجد القارئ الذي حوله لم يشرع له السجود؛ لأنه بذلك يدخل في صلاته ما ليس منها، وإنما يشرع له السجود إذا كان هو الذي قرأ في صلاته آية سجدة، فإنه يسجد فيها، وهكذا إذا كان خلف الإمام وسجد الإمام، فإن المأمومين يتابعونه في سجود التلاوة.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[26 - 08 - 08, 04:22 م]ـ
«حكم سجود التلاوة للمأموم إذا سجد إمامه»
س 17: ما حكم سجود التلاوة للمأموم إذا سجد إمامه؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/413)
ج 17: يلزم المأمومين متابعة الإمام في حركاته وتنقلاته المأمور بها في الصلاة، فمتى قرأ آية سجدة في الصلاة الجهرية استحب له أن يسجد بعدها، ويلزم المأمومين متابعته في هذا السجود؛ لأنهم يستمعون لقراءته، وأما في الصلاة السرية فيكره له أن يقرأ فيها آية سجدة فإنه إن سجد فيها شوش على المأمومين وظنوا أنه قد سها في صلاته فيسبحون له ويحصل تشويش واضطراب في الصلاة، وإن ترك السجود ترك سنة مؤكدة فعلى هذا إذا قرأ آية سجدة في الصلاة السرية فلا يسجد لما في ذلك من إحداث ارتباك واختلاف على المأمومين فلذلك يستحب له إذا قرأها أن لا يسجد أو أن يترك قراءة آية السجدة فيقرأ ما قبلها وما بعدها ويترك قراءتها حتى يخرج من صلاة الجماعة، وهكذا يقال في حق المأموم إذا قرأ في الصلاة السرية ومرت به آية سجدة أن يتجاوزها.
«سجد الإمام للتلاوة وظن المأموم أن تكبيره كان للركوع»
س 18: إذا سجد الإمام للتلاوة وظن المأموم أن تكبيره كان للركوع ولم ينتبه إلا بعد رفع الإمام، فماذا يجب عليه؟
ج 18: في هذه الحال إذا قام الإمام من سجود التلاوة وفات المأموم هذا السجود فإنه يرفع من ركوعه ويتابع الإمام في بقية صلاته ولا سجود عليه فإن المأموم إذا سها تحمل الإمام سهوه ولم يلزمه أن يسجد له ومثل ذلك لو قرأ الإمام آية فيها ذكر السجود فركع بعدها وظنه المأمومون ساجدًا للتلاوة فسجدوا و لم ينتبهوا إلا بعد رفعه وقوله: سمع الله لمن حمده، فإنهم في هذه الحال يرفعون ويركعون ثم يدركون الإمام في رفعه ويتابعونه في بقية الصلاة ولا سهو عليهم بل يتحمله الإمام لكن من فاته الركوع ووقف مع الإمام ولم يركع فلا بد من قضاء تلك الركعة.
«العاجز عن سجود التلاوة»
س 19: العاجز عن سجود التلاوة هل يجوز له أن يومئ؟
ج 19: يجوز له ذلك سواء كان العجز لمرض لا يقدر معه أن يسجد على الأرض، أو لشلل، أو إعاقة، وكذا يومئ بالسجود إذا كان راكبًا على ظهر دابة، أو يقود سيارته ولا يقدر على السجود الكامل؛ لقول الله - تعالى -: ? فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ? [سورة التغابن، الآية: 16] وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» (1) أما إن كان راكبا في سفينة أو باخرة أو قطار أو حافلة واسعة أو طائرة، ووجد متسعًا، فإنه يسجد على الأعضاء السبعة.
=====
(1) متفق عليه، البخاري (7288) ومسلم (1337).
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[26 - 08 - 08, 04:30 م]ـ
«سجود التلاوة في الفصول الدراسية»
س 20: في الفصول الدراسية هل يسجد للتلاوة؟
ج 20: يجوز ذلك؛ فإن سجود التلاوة عبادة وقربة فيتأكد فعله عند وجود سببه وهو مستحب للقارئ والمستمع، والصحيح أنه لا يعطى حكم الصلاة فإذا كان الطلاب في الفصل الدراسي وقرءوا آية سجدة، أو قرأها المعلم وهم يستمعون، استحب لهم جميعًا السجود ولو كانوا غير مستقبلي القبلة، ولو كانوا على غير طهارة، ولهم أن يسجدوا على الأرض إن أمكن ذلك، وإلا سجدوا على الكراسي أو الطاولات، وكذا يجوز سجودهم بالإيماء، أو يسجد بعضهم عند الزحام على ظهر أخيه.
«سجود الحائض للتلاوة»
س 21: هل تسجد الحائض للتلاوة؟
ج 21: لا يجوز للحائض قراءة القرآن ولا مسّ المصحف إلا عند الضرورة: كخوف نسيان، أو قراءة في الفصل الدراسي، لكن متى كانت تستمع للقارئ وسجد القارئ رجلًا كان أو امرأةً جاز لها أن تسجد على القول الصحيح أن سجود التلاوة ليس صلاة، وإنما هو عبادة مستقلة لا تلزم له شروط الصلاة كالطهارة وستر العورة واستقبال القبلة، فلها - والحال هذه - أن تسجد تبعًا لقارئ القرآن إذا سجد.
«سجود المرأة للتلاوة بدون خمار»
س 22: هل يكون سجود المرأة للتلاوة بدون خمار؟
ج 22: يجوز ذلك إذا قلنا إن سجود التلاوة ليس بصلاة، وإنما هو عبادة مستقلة، فلا تشترط له شروط الصلاة، كستر العورة واستقبال القبلة، بخلاف ما إذا قيل إن سجود التلاوة صلاة فقد جاء في الحديث: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» (1) فعلى هذا تسجد المرأة للتلاوة ولو بدر بعض جسدها؛ حيث أنه لا يشترط له ما يشترط للصلاة.
=====
(1) أبو داود (641) والترمذي (377) وابن ماجه (655).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/414)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[26 - 08 - 08, 04:33 م]ـ
جزى الله خيراً سماحة الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين وحفظه ونفعنا بعلمه، آمين ...
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[26 - 08 - 08, 10:15 م]ـ
«إذا سمع الرجل قراءة امرأة فيها سجدة»
س 14: ما الحكم إذا سمع الرجل قراءة امرأة فيها سجدة؟
ج 14: يشرع سجود المستمع إذا سجد القارئ، سواء كان القارئ رجلا أو امرأة، ولا يشرع لكل سامع، والمستمع هو الذي ينصت للقراءة ويتابع الآيات التي يقرأها القارئ ليستفيد من هذا الاستماع والإنصات؛ ولقوله - تعالى -: ? وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ? [سورة الأعراف، الآية: 204] فأما السامع فهو العابر إذا مرَّ بالقارئ وسمع منه آية أو آيات دون أن ينصت لقراءته، فمثل هذا لا يشرع له السجود، ولو سجد القارئ لعدم متابعته للقارئ، ثم إنه لا يشرع للرجال استماع قراءة المرأة إذا كانت تخضع بالقول وترقق صوتها؛ مخافة الفتنة بسماع الصوت الرخيم، لكن إن كانت من محارمه وقرأت بصوت معتاد وكانت قراءتها أحسن من غيرها، جاز استماع محارمها، وجاز لهم السجود بعدها إذا سجدت للتلاوة.
«المرور بين يدي ساجد التلاوة»
س 15: ما حكم المرور بين يدي ساجد التلاوة؟
ج 15: معلوم أن النهي عن المرور بين يدي المصلي يختص بما إذا مرّ بينه وبين موضع سجوده، وأن سبب النهي ما يحصل من التشويش على المصلي وانشغال قلبه وعدم إقباله على صلاته، وليس كذلك سجود التلاوة حيث لا يمكن المرور بينه وبين موضع سجوده؛ لأنه قد وضع جبهته على موضع السجود ولا يحصل منه انشغال القلب لمن مرّ أمامه؛ لكونه لا يراه حالة السجود، فعلى هذا لا مانع من المرور أمام ساجد التلاوة إذا لم يكن في صلاة مكتوبة أو مسنونة.
«التكبير في الرفع والخفض مع الإمام إذا سجد للتلاوة»
س 16: هل يلزم المأموم تكبير في الرفع والخفض مع الإمام إذا سجد للتلاوة؟
ج 16: المأموم يتابع إمامه في حركاته وأفعاله وأقواله إلا ما استثني فمن ذلك تكبيرات التنقل؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما جعل الإمام ليؤتمّ به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون» (1).
والخطاب للمأمومين فقد أمرهم أن يكبروا بعد كل انتقال كما يكبر الإمام، وأما التسميع فلا يقوله المأمومون، بل يقولون: ربنا ولك الحمد؛ وذلك لأن التكبير تعظيم لله وإجلال له، وأما التسميع فإنما هو إخبار للمأمومين بأن الله يسمع، أي: يستجيب لمن حمده، فعليهم أن يحمدوا الله بعد الرفع.
ثم إن التكبيرات واجبة على الإمام والمأموم لكن إذا تركها الإمام أو بعضها سهوًا فعليه السجود للسهو، وأما المأموم فلا سجود عليه إن تركها سهوًا بل يتحملها الإمام كما في سائر الواجبات، وأما في سجود التلاوة فإن الإمام يكبر إذا هوى للسجود فيكبر معه المأمومون ويكبر على الصحيح إذا رفع من سجود التلاوة فيكبر أيضًا المأمومون ويرفعون، وهناك قول بأن الإمام في الرفع يقتصر على قراءة الآية التي تلي السجدة ويرفع بها صوته فيقوم مَن خلفه بلا تكبير، ولكن الأولى التكبير لما في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكبِّر في كل خفض ورفع (2).
=======
(1) البخاري (734) ومسلم (414).
(2) البخاري (789).(100/415)
نفحة .. الشيخ المقري عادل الكلباني
ـ[أبو محمد الموحد]ــــــــ[25 - 08 - 08, 08:53 م]ـ
الحمد لله حق حمده، وصلى الله وسلم عل نبيه وعبده، وعلى آله وصحبه ووفده، وبعد،،، فالحديث عن رمضان ذو شجون، تتلهف له القلوب، وتذرف منه العيون، وتشتاق له النفوس وبذكره تتعلق.
فلرمضان معنا ذكريات، ولنا فيه موسم للخيرات، وفي لياليه أنس وتغن بالآيات البينات، وفي تاريخ الأمة مع رمضان معارك وغزوات وانتصارات.
في رمضان رقاب تعتق، وأكف تدعو وتتصدق، وأزهار الإيمان تنمو وتتفتق، فتبيت نفوس زاكيات، تتقرب من ربها وتتملق.
وفي رمضان يفوح شذى الجنان، ويكثر عطاء المنان، ويعظم الفضل من الرحمن، فيتنافس المسلمون أيهم إلى الخير أسبق.
ففي ليلة من ليالي رمضان أشرق النور، وتفتحت الزهور، ولفت حياء وجهها من ذلك الحدث بقية الشهور، إذ نزل جبريل بآي الذكر الحكيم، يهدي البشرية ويسعدها، ويسمو بها ويزكيها، واستمتعت أذن الحبيب صلى الله عليه وسلم بأول آيات التنزيل، بهذه الآيات بدأت حياة المسلمين، وبها بدأ النصر المبين، وبها فتحت صفحة الجهاد والعبادة، وعبقت أرجاء الأرض كلمات الشهادة، وطويت صفحة الذل والخنوع والبلادة، ورفعت راية العز والتمكين والسيادة، فخاب المعرضون، وخسر الكافرون، وفاز المحسنون بالحسنى وزيادة.
وقد سئل صلى الله علي وسلم عن صيام يوم الاثنين فقال: ذلك يوم ولدت فيه، ويم أنزل علي فيه. أخرجه مسلم من حديث أبي قتادة.
فكان إنزال القرآن الكريم على سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر من شهر رمضان أولَ ما أكرمه الله تعالى بنبوته واصطفائه. فهي بداية منة الله على المؤمنين، والسعيد من قرأ الرسالة، واتبع الهدى فكان من أوليائه.
وقِف وقفة قصيرة مع أول ما أنزل من الكتاب، من أوائل سورة العلق، التي افتتحها المولى جل وعلا آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم، ومن تبعه بالقراءة، واختتمها آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم ومن تبعه بالسجود. فقال في أولها: اقرأ باسم ربك الذي خلق، وقال في خاتمتها: كلا لا تطعه واسجد واقترب. فالقرآن مقوم لاعوجاج القلوب وبانيها، وزارع شجرة الإيمان فيها وساقيها، وهو المزيل عنها أدرانها، وإن كان بها مرض فهو يشفيها، وتأمل لهذا المعنى قول الحبيب صلى الله عليه وسلم: إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب. رواه الترمذي والدارمي، وقال الترمذي حديث حسن صحيح. والبيت الخرب تلقى فيه القاذورات، وتستوطنه الهوام والمنبوذ من الحيوانات، وتسكنه الشياطين، وتعشش فيه الحشرات، وهكذا قلب ليس فيه قرآن، تملؤه الأهواء والشهوات، وتعصف به الفتن والشبهات، فلا جرم أن من تعلم القرآن وعلمه كان من خير هذه الأمة كما صح الخبر عن المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ قال: خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
إن مدرسة رمضان، هي مدرسة القرآن، وقد وصف خلق نبيكم صلى الله عليه وسلم فقالت عائشة: كان خلقه القرآن.
والقرآن حين اصطبغت أيام رمضان ولياليه به تنوعت ثمراته، إذ شرع فيه الصيام تربية للنفس كي تدع عنها شهواتها، وتقاوم رغباتها، وتحقق تقواها، وتراقب مولاها.
ففي الصوم يتجلى صدق المراقبة لله، وصدق اليقين بموعود الله، وهذه التربية في هذه الدورة الشرعية العملية، أياما معدودات، تكسب المسلم بعد أن يكمل العدة قدرة على المراقبة والمحاسبة لذاته، وكيف يصدق مع الله، وكيف يخلص العمل لوجهه جل وعلا.
وبهذا يستلهم المسلم من هذه المراقبة ما يعينه على نهج الخير والفضيلة، وما يعينه على اجتناب الباطل والرذيلة، وتمنحه قوة خاصة، وإرادة صلبة ضد شهوات نفسه وغرائزها وأهوائها، وتبني في داخله سدا منيعا يحميه من وساوس الشيطان وهمزه ونزغاته.
وكل من ضعفت إرادته فلم يصم، وتكاسل فلم يقم، فهو مكبل بالشهوة، عبد للهوى، سرعان ما تجره الشياطين إلى منحدر لا يستطيعون منه القيام، ولا هم ينصرون.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/416)
ولما كان القرآن مسيطرا في رمضان، مهيمنا عليه، كان الصيام ورمضان صقلا لأخلاق المسلم، كي يكف نفسه عن رذائل الأخلاق، غيبة ونميمة، وزورا وبهتانا، يتعلم فيه أن يأكل الحلال، وأن يجتنب الظلم والعدوان، بل تحفزه لكي يسمو بأخلاقه فوق ذلك كله، تسمو للعفو والصفح والغفران، فيقابل من أساء إليه بكظم غيظه، والتجاوز عنه والإحسان إليه. كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يفسق، ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم. أخرجاه.
وعند البخاري من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه.
وعند الدارمي بإسناد جيد: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كم من صائم ليس له من صيامه إلا الظمأ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر.
وتصديق ذلك في حياتنا بين ظاهر، فكم من صائم نهارا عن أكل وشراب، مرخ عنان عينيه يرقب الشاشات، ويتابع الأفلام والمسلسلات، مطلق لسانه في غيبة، ونميمة، وتشاتم وسِباب، جامع سوء الخلق من أطرافه، مفسد صومه معنويا، ملغ آثاره خلقيا، وبعيد عن ثمراته تربويا، فهو مفطر على الحقيقة، وإن كان صومه صحيحا فقهيا.
فالصيام مرتبط بالقرآن، والقرآن متمم لمكارم الأخلاق، مرب للنفوس على الزكاء والطهارة الحسية والمعنوية.
فكأن الصيام يقول للمسلم اقرأ: ولا يغتب بعضكم بعضا. اقرأ: لا يسخر قوم من قوم. اقرأ: واتقوا الله لعلكم تفلحون. اقرأ: ويل للمطففين، اقرأ: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. وقف مليا واقرأ: وإنك لعلى خلق عظيم.
فغابت عمن صام هذا الصيام غايةُ الصيام، المبينة في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون.
وليعلم المسلم أن نزول اقرأ باسم ربك الذي خلق، منبه له لأحقية من خلقه ورباه بنعمه أن يستمع أمره، ويفهم مراده، وأن يذل له ويخضع، فإياك أن تكون ممن يطغى، أن رآه استغنى، وإياك أن تكون من أتباع من ينهى عبدا إذا صلى، فتنهاه ولو بشغله عنها، أو بما يلهيه عنها، وتأمل في السياق: ألم يعلم بأن الله يرى؟ واجعل هذا السؤال بين ناظريك، تفز بالمعية، والنصرة والسداد، فمن راقب الله، عالما أن الله يراه حقق التقوى، وبلغ درجة الإحسان، فإن فعلت فسوف توفق لأن تكون في حضرة مولاك قريبا منه، وقد أبعد عنه كثير من خلقه أعرضوا عنه فهانوا عليه، فأبعدهم منه، ولم يستطع أحدهم أن يذل له، أو أن يكون أهلا للدخول في عباده، فاتركهم، وأعرض عنهم، ولا تطعهم، واسجد واقترب.
ألا إن المحروم من حرم في هذا الشهر فلم تزك نفسه، ولم تعتق رقبته، ولم يقبل على مولاه، فلم يقرأ، ولم يسجد، ولم يقترب.
اللهم بلغنا رمضان، ووفقنا فيه للصيام والقيام، يا ذا الجلال والإكرام.
عادل الكلباني
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[25 - 08 - 08, 09:08 م]ـ
مادة صوتية رائعة من روائع الشيخ القارئ عادل الكلباني ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=118265&highlight=%C7%E1%DF%E1%C8%C7%E4%ED)
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 11:03 م]ـ
بارك الله فيك أبازارع
ـ[أبو محمد الموحد]ــــــــ[02 - 09 - 08, 03:42 م]ـ
جزاك الله خيرا يا ابا زارع(100/417)
حمل (ملف وورد) أماكن الأئمة وجوامعهم في السعودية وخارجها (لشهر رمضان 1429هـ)
ـ[عبدالإله السبيعي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 11:51 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
أيها الأحبة الأفاضل:
لعل من التسهيل على القراء , واراحتهم في لم شمل ماكتب في هذا الموضوع!
فقد جمعت جميع ماكتب في هذا الموضوع ووضعته في (ملف وورد) , وطريقتي فيه كالآتي:
أولاً: أضع اسم المنطقة أو المدينة في الأعلى.
ثانيا: ارتب اسماء أئمة كل مدينة بالترتيب الأبجدي.
ثالثاً: أضع كل مدينة أو دولة في مكانها المناسب.
رابعاً: محتوى الجدول (اسم الإمام - اسم المدينة - اسم الجامع -اسم الحي - وصف المسجد -ملحوظة)
وقد بلغ عدد الأئمة [250] اماماً.
وقد بلغ عدد الدول [8] دول وهي:
الدولة السعودية , دولة البحرين , دولة الكويت , دولة لبنان ,
دولة المغرب , دولة الجزائر , دولة مصر , دولة ألمانيا.
وبلغ عدد مدن السعودية [17] مدينة ومحافظة وهي:
الرياض - الخرج - المجمعه - بريده - عنيزه -الرس - الدمام -الظهران -
الجبيل الصناعية - الثقبة - الخبر - بقيق - مكة المكرمة -جدة - رابغ - أبها - تبوك ..
حمل الملف من هنا
http://up.mwahb.net/uploaded/287_1219692243.doc
[COLOR=blue] أرجوا نشرها لعل الله أن ينفع بها ,,
وجزاكم الله خيرا.
محبكم أبو محمد السبيعي
ـ[عبدالإله السبيعي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 02:47 م]ـ
مرة أخرى!
(الأخوة وألأخوات الأعزاء) أطلب من فضيلتكم , من له:
1 - اضافة إمام جديد والبيانات الأخرى المتبعة له!
أو
2 - لديه تعديل بيانات على الموجود في الجدول!
أو
3 - لديه اضافة للنواقص الموجودة في الملف الوورد لم تذكر!؛ لأن الملف لاتوجد بيانات كاملة عن كل إمام بل بعضهم مكتملة وبعضهم غير مكتملة
مثال ذك:
امام لم يذكر اسم مسجد ه - أوصفه - أو اسم الحي ....
آمل من الأخوة والأخوات بعث السريا , والتساؤلات وعرضها في مدة أقصاها
الجمعة القادمة 28/ 8/1429هـ
حتى يكتمل العقد , وينتظم العمل
شكر مع التحيات المباركات لكل من لديه اضافات أو زيادات أو تعديلات ..
أخوكم أبومحمد السبيعي
ـ[أبو عمر القصيمي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 08:47 م]ـ
بارك الله فيك
رقم (69) إبراهيم البصيلي، لن يصلي هذه السنة بجامع الراشد، والذي سيصلي التراويح في جامع الراشد هو سلمان الدبيخي كما ذكر في الرابط التالي:
http://www.buraydahcity.net/vb/showthread.php?t=124239(100/418)
ما المقدار الكافي من الأرز لإطعام المسكين في كفارة اليمين؟؟
ـ[منير عبد الله]ــــــــ[26 - 08 - 08, 04:45 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
مارأي الإخوة الكرام في المقدار التقريبي للأرز الكافي لإطعام المسكين في كفارة اليمين .. وذلك على قول شيخ الإسلام بأن مقدار الإطعام غير محدد وإنما على العرف ..
طَرَحتُ هذا السؤال لما رأيت بعض الجمعيات الخيرية تبالغ في قيمة كفارة اليمين!! حتى أنه في حسابي مع أحد الإخوة في إحدى الجمعيات الخيرية تبين أنه بالإمكان أن يُطعَم ثلاثة مساكين بما تقدمه الجمعية للمسكين الواحد ..
ورفع القيمة بهذه الصورة قد يؤدي إلى تثاقل بعض الناس عن تأدية هذا الواجب .. خاصة من كان بعيدا عن المحتاجين أو لا يجد سبيلا لهم ..
ـ[معاذ المزحم]ــــــــ[26 - 08 - 08, 07:27 ص]ـ
قال صاحب الروض المربع:لكل مسكين مد بر أو نصف صاع من غيره (7/ 477)
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[26 - 08 - 08, 02:53 م]ـ
قال العلامة العثيمين في شرح الزاد:
[والإطعام له كيفيتان:
الأولى: أن يصنع طعاماً يكفي عشرة مساكين ـ غداء أو عشاءً ـ ثم يدعوهم؛ وذلك لأن الله ـ تعالى ـ أطلق فقال: {{إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}} فإذا صنع طعاماً وتغدّوا، أو تعشوا فقد أطعمهم.
الثانية: التقدير، وقد قدَّرناه بنحو كيلو من الأرز لكل واحد، فيكون عشرة كيلوات للجميع، ويحسن في هذه الحال أن يجعل معه ما يؤدِّمه من لحم أو نحوه، ليتم الإطعام؛ لأن الله تعالى يقول: {{إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}}.
فإن قيل: ما الدليل على تقديره بالكيلو؟ ولماذا لا نقول: نعطيه ما يسد كفايته؟
في الحقيقة ليس هناك دليل واضح في الموضوع، إلا أن يقول قائل: إن دليلنا حديث كعب بن عُجرة ـ رضي الله عنه ـ، حين أذن له النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يحلق، ويطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، فعيَّن لكل مسكين نصف صاع، فيقاس عليه البقية، والمسألة تقريبية، وليست حدّاً معروفاً.
وإذا تأملت وجدت أن الإطعام، والمطعم له ثلاث حالات:
تارة يقدَّر المعطى دون الآخذ، وتارة يقدر الآخذ دون المعطى، وتارة يقدر المعطى والآخذ:
مثال ما قُدر فيه المعطى دون الآخذ: زكاة الفطر، فهي مقدرة بصاع على كل شخص، لكن لم يقدر فيها من يدفع له، ولهذا يجوز أن توزع الفطرة على أكثر من مسكين، ويجوز أن تعطى عدة فطرات لمسكين واحد، فهذا قدر فيه المعطى دون الآخذ، وإن شئت قلت: قدر فيه المدفوع دون المدفوع إليه.
ومثال ما قدِّر فيه المدفوع والمدفوع إليه: فدية الأذى، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع»
ومثال ما قدر فيه المدفوع إليه دون المدفوع: كفارة اليمين، ولهذا قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: ما دام الشرع لم يقدر لنا، فإن ما يسمى إطعاماً يكون مجزئاً، حتى الغداء أو العشاء] اهـ.
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[26 - 08 - 08, 02:57 م]ـ
فائدة:
يستحب أن يفطر الصوام. "ومن فطر صائما فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء" قاله في الفروع وظاهر كلامهم من أي شيء كان كما هو ظاهر الخبر وقال الشيخ تقي الدين مراده بتفطيره أن يشبعه.
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 08 - 08, 03:07 م]ـ
نصف صاع = كيلو ونصف الكيلو من الأرز - مثلا -.
1.5 * 10 مساكين = 15 كيلو من الأرز.
سعر الـ (10) كيلو = 60 ريال تقريبا.
سعر الـ (15) كيلو = 90 - 95 ريال تقريبا ...
وحسب ما أعرف أن الجمعيات تأخذ 100 ريال كفارة يمين ... فالكلفة منقاربة.
ولو أخذت من مطعم بخاري ربع كبسة مع البارد بـ (8) تقريبا .... يمكن أحسن لهم.
أو أخذت مظبي أو مندي ... بـ (24) ريال يكفي أربعة تقريبا ...
يعني (2.5) مظبي ... قل (3) مظبي أو مندي بـ (72) ريال مع (10) بارد ... ب (82) ريال.
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[26 - 08 - 08, 03:19 م]ـ
أحد مشايخنا يقول ينبغي على من أراد التكفير عن يمينه أن يشتري (ربع الكبسة مع الإيدام) طبعا ويذهب يبحث عن مساكين يطعمهم .... حتى لا يحلف مرة أخرى لأنه إذا جرب هذا العناء لن يستمرأ أن يحلف إلا مضطرا لأنه على حد تعبير الشيخ أن بعض الناس جعل عنده استقطاع شهري قيمة الكفارة!!
ـ[منير عبد الله]ــــــــ[26 - 08 - 08, 06:49 م]ـ
وحسب ما أعرف أن الجمعيات تأخذ 100 ريال كفارة يمين
هذا سابقا أخي المسيطير .. الآن كثيرا من الجمعيات الخيرية أوصلت الكفارة إلى 150 ريال .. وبعضها بالطريق لتغيير القيمة ..
وبالنسبة لتحديد الإخوة فقد كان على القول بتحديد الإطعام بنصف صاع ..
والمطلوب هنا تحديده عرفا على قول شيخ الاسلام ..
خاصة أن الأرز يختلف عن غيره في حالته قبل الطبخ وبعده من ناحية الوفرة ..
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 08 - 08, 06:53 م]ـ
هذا سابقا أخي المسيطير .. الآن كثيرا من الجمعيات الخيرية أوصلت الكفارة إلى 150 ريال .. وبعضها بالطريق لتغيير القيمة ..
.
قد دفعت كفارة اليمين إلى مبرة الفرقان في الرياض قبل 3 أسابيع تقريبا ... بـ (100) ريال.
فلعلها في غيرها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/419)
ـ[منير عبد الله]ــــــــ[26 - 08 - 08, 06:55 م]ـ
جمعية البر بجامع الفرقان وجميع فروع الجمعية سيزيدون المبلغ إلى 150 ريال قريبا .. حسب كلام أحد الإخوة الموظفين هناك ..
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 08 - 08, 07:06 م]ـ
قال معالي الشيخ / عبدالله بن منيع حفظه الله تعالى في بحث له بعنوان: بحث في تحويل الموازين والمكاييل الشرعية إلى المقادير المعاصرة.
مقدار الصاع النبوي بالمقاييس الحديثة:
قال الأستاذ أحمد الدريويش نقلا عن صاحب كتاب " الميزان في الأقيسة والأوزان ": " أنه توصل بعد بحث عميق ودقيق في هذا الموضوع إلى أن وزن المثقال الذي قدر به الرطل البغدادي يساوي 4,53 جراما، وأن الدرهم بناء عليه يساوي 3,17 جراما " أحكام السوق في الإسلام ص 119. اهـ.
وعليه فإن مقدار وزن الصاع بالجرامات باعتبار أن وزن المثقال = 4,53 جراما يكون = 480 × 4,53 = 2174, 4 جراما أي 2175 جراما تقريبا.
ويكون مقدار وزن الصاع بالجرامات باعتبار أن وزن الدرهم = 3,17 جراما يكون = 685,714× 3,17 = 2173,7 جراما تقريبا.
وقد بحثت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية مقدار الصاع بالكيلو جرام وكان بحثها معتمدا على أن صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أمداد، وأن المد ملء كفي الرجل المعتدل، وكان منها تحقيق عن مقدار ملء كفي الرجل المعتدل، وتوصل هذا التحقيق إلى أن مقدار ذلك قرابة 650 جراما للمد، فيكون مقدار الصاع 2600 جرام.
وفيما يؤيد ما اتجه إليه مجلس هيئة كبار العلماء في تقدير الصاع ما ذكره الدكتور محمد الخاروف أن المقريزي ذكر عن الشيخ العزفي ما نصه: " جربنا هذا المد المعتمد بالحفنات والأكف المختلفات فوجدناه بالكفين العريضين تزيد عليه، ووجدناه بالكفين الرقيقين المتوسطين كفوا له " الإيضاح والتبيان لابن رفعة بتحقيق الدكتور محمد الخاروف ص 56. اهـ.
والذي عليه العمل والفتوى حسب ما صدر من سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله مفتي عام المملكة المنصوص عليها في الجزء الرابع عشر من مجموع رسائله وفتاواه انظر: جـ 14 ص 200 من مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحته. . وكذلك الفتوى الصادرة من اللجنة الدائمة بالرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء برقم 12572 أن الصاع النبوي مقداره 3 كيلو تقريبا انظر: جـ9 ص 371 من مجموع فتاوى اللجنة الدائمة. . والله أعلم.
---
فوائد حسابية لبعض المقاييس الشرعية.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=95720
ـ[منير عبد الله]ــــــــ[26 - 08 - 08, 07:14 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي المسيطير ..
لكن مانقلت يفيدنا في مسألة الزكاة أو الإطعام في الكفارة على قول من حددها بنصف الصاع ..
مازلت بحاجة لجوابك أخي الكريم على سؤالي الأصلي ..
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 12:43 م]ـ
الاخوة الفضلاء وفقنا الله واياكم لما يحبه ويرضاه
قال ابن كثير في تفسيره
اختلف العلماء في مقدار ما يطعمهم، فقال ابن أبي حاتم:
حدثنا أبو سعيد حدثنا أبو خالد الأحمر، عن حجاج، عن حصين الحارثي، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي [رضي الله عنه] (2) في قوله: {من أوسط ما تطعمون أهليكم} قال: يغذيهم ويعشيهم.
وقال الحسن ومحمد بن سيرين: يكفيه أن يطعم عشرة مساكين أكلة واحدة خبزا ولحما، زاد الحسن: فإن لم يجد فخبزا وسمنا ولبنا، فإن لم يجد فخبزا وزيتا وخلا حتى يشبعوا.
وقال آخرون: يطعم كل واحد من العشرة نصف صاع من بر أو تمر، ونحوهما. هذا قول عمر، وعلي، وعائشة، ومجاهد، والشعبي، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وميمون بن مهران، وأبي مالك، والضحاك، والحاكم ومكحول، وأبي قلابة، ومقاتل بن حيان.
وقال أبو حنيفة: نصف صاع من بر، وصاع مما عداه.
وقد قال أبو بكر بن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن الثقفي، حدثنا عبيد بن الحسن بن يوسف، حدثنا محمد بن معاوية، حدثنا زياد بن عبد الله بن الطفيل بن سخبرة بن أخي عائشة لأمه، حدثنا عمر بن يعلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كفر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصاع من تمر، وأمر الناس به، ومن لم يجد فنصف صاع من بر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/420)
ورواه ابن ماجه، عن العباس بن يزيد، عن زياد بن عبد الله البكائي، عن عمر بن عبد الله بن يعلى الثقفي، عن المنهال بن عمرو، به.
لا يصح هذا الحديث لحال عمر بن عبد الله هذا فإنه مجمع على ضعفه، وذكروا أنه كان يشرب الخمر. وقال الدارقطني: متروك.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا ابن إدريس، عن داود -يعني ابن أبي هند-عن عكرمة، عن ابن عباس: مد من بر -يعني لكل مسكين-ومعه إدامه.
ثم قال: وروي عن ابن عمر، وزيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة، وأبي الشعثاء، والقاسم وسالم، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وسليمان بن يسار، والحسن، ومحمد بن سيرين، والزهري، نحو ذلك.
وقال الشافعي: الواجب في كفارة اليمين مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم لكل مسكين. ولم يتعرض للأدم -واحتج بأمر النبي صلى الله عليه وسلم للذي جامع في رمضان بأن يطعم ستين مسكينا من مكيل يسع خمسة عشر صاعا لكل واحد منهم مد.
وقد ورد حديث آخر صريح في ذلك، فقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا أحمد بن علي بن الحسن المقري، حدثنا محمد بن إسحاق السراج، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا النضر بن زرارة الكوفي، عن عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقيم كفارة اليمين مدا من حنطة بالمد الأول.
إسناده ضعيف، لحال النضر بن زرارة بن عبد الأكرم الذهلي الكوفي نزيل بلخ، قال فيه أبو حاتم الرازي: هو مجهول مع أنه قد روى عنه غير واحد. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: روى عنه قتيبة بن سعيد أشياء مستقيمة، فالله أعلم. ثم إن شيخه العمري ضعيف أيضا.
وقال أحمد بن حنبل: الواجب مد من بر، أو مدان من غيره. والله أعلم.
انتهى كلامه رحمه الله
فأنت ترى أخي أنه لم يصح حديث في تحديد مقدار الاطعام في كفارة اليمين لا بالمد ولا بالنصف ولا بالصاع
وأقوى ما ورد في ذلك قول ترجمان القران بن عباس كما ساقه ابن كثير
واستدلال الشافعي رحمه الله قوي
ففي قصة المجامع كما في الصحيحين = انه أتي النبي صلى الله عليه وسلم -بعرق- = والعرق كما قال الجوهري الزنبيل الذي
يسع 15 صاعا فيكون لكل مسكين من الستين =مد= وقد جاء صريحا في رواية للدارقطي
أما تفريق الحنابلة رحمهم الله بين البر وبين غيره من الطعام فاستدلو بمرسل ابي يزيد المدني في قصة المظاهر وهو مشهور
والمرسل لا يحتج به بل جاء ما يخلفه
فينبغي للعالم أن لا يثقل على المسلمين خصوصا الفقراء في تكليفهم من الكفارات مالايطيقون فمع غلاء
الاسعار يجتمع على الفقير والمسكين = غلاء = وفتوى غير موزنة = فكيف نلزم الفقير بدفع 100 أو 150 للجمعيات بلا دليل شرعي
فلو أخذنا بفتوى ابن عباس =مد فقط= والادام ان استطاع لأخرج المسلم من 25 الى 35 ريالا فقط
وفي هذا تسهيل على المسلمين
تنبيه
الكلام عن اليمين أما غيرها من الكفارات ففيها خلاف طويل وأهل العلم في الغالب يقيسون الكفارات
على بعضها
تنبيه ثان
ماذكره الاخوة من مقدار الصاع بالوزن لا يشمل جميع المطعومات لأن منها الثقيل ومنها الخفيف
فلا يصح نقل مثل هذا الا بالبيان
أما مقدارصاع الرز بالوزن فقد قرأت للشيخ ابن عثيمين رحمه الله =انه كيلوان وأربعون جراما =
فيكون المد =510 =جرامات تقريبا
والله اعلم واحكم
ـ[منير عبد الله]ــــــــ[06 - 09 - 08, 08:55 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي أبا العز ..
ـ[ميسرة الغريب]ــــــــ[06 - 09 - 08, 11:46 م]ـ
هل تتداخل الكفارات؟ أعني لو أن شخصا أراد أن يكفر عن يمين .. وتأخر في ذلك واجتمعت مع الأولى كفارة يمين جديدة ... فهل يخرج كفارة واحدة أم كفارتان؟
ثم بالنسبة لمقدار الأرز .. هل سيأكل المسكين كيلو ونصف لوحده؟ أليس هذا كثير جدا ك"وجبة طعام"؟
بارك الله فيكم وعذرا على الإستطراد
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[07 - 09 - 08, 12:53 ص]ـ
أخي الغريب
لو كانت أيماناً على أمور متعددة فلكلٍّ كفارة، وإن كانت على أمر واحد وتكرر فتكفي كفارة ما لم يكفر عن السابقة.
وبالنسبة لأصل مسألة الإخوة؛ فقد كان يفتي شيخنا سالم بن عفيف -رحمه الله- بعض السائلين بأنه لو أطعم المكفِّرُ المساكين وجبةَ شطائرٍ (سندوتشات) لأجزأه ذلك. وبالله التوفيق
ـ[منير عبد الله]ــــــــ[07 - 09 - 08, 03:13 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي ..
لكن قولك:
وإن كانت على أمر واحد وتكرر فتكفي كفارة ما لم يكفر عن السابقة.
لعلك تقصد مالم يكرر الحلف بعد الأولى ..
كما لو حلف أن لايدخل الدار فدخلها ثم حلف أخرى فدخلها ..
وما زلت أنتظر تقدير الإخوة للأرز الكافي لإطعام المسكين ..
وكما قال الإخوة أن كيلو ونصف من الأرز يكفي لعدة أشخاص ..
ـ[ميسرة الغريب]ــــــــ[07 - 09 - 08, 06:46 ص]ـ
جزاك الله كل خير أخي أبو يوسف
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[07 - 09 - 08, 07:52 ص]ـ
وجزاك خيراً أخي ميسرة.
أخي منير .. أشرتُ إلى ذلك بقولي: (وتكرر) أي الحلف
أما المد من الأرز فهو على وجه التقريب -أخي الكريم- يعادل ستمائة وخمسين جراماً.
وقد أشرت إلى أن الذي أميل إليه أن تقديم وجبة للصائم كافٍ ومجزئ، والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/421)
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[08 - 09 - 08, 05:28 م]ـ
عذراً: تقديم وجبة مشبعة للمسكين
لا للصائم*
ـ[ميسرة الغريب]ــــــــ[19 - 09 - 08, 03:10 م]ـ
هل يجوز أن نعطي المسكين طعاما غير مطبوخ وهل هناك تحديد لنوع دون آخر في كفارة اليمين وما المقدار الذي نخرجه إن جاز إخراج طعام غير مطبوخ؟
مثلا ..... هل يجوز أن نعطي المساكين دجاجا مع أرز غير مطبوخين؟ ... أعني قد يوافق أنهم في ذلك اليوم كان لديهم طعام، خاصة وأننا في رمضان وهناك حملات لإطعام المساكين فماذا سيفعلوا بالوجبات الزائدة ستتلف مع كثرتها.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[19 - 09 - 08, 06:09 م]ـ
تخرج -أخي الحبيب- قرابة 650 جراماً من الأرز غير المطبوخ
وإن أخرجت مطبوخاً فليكن ما يكفيه لغدائه وعشائه ولو خبزاً ولحماً. والله أعلم
ـ[ميسرة الغريب]ــــــــ[19 - 09 - 08, 08:57 م]ـ
بارك الله فيك أخي على التوضيح
ـ[ميسرة الغريب]ــــــــ[20 - 09 - 08, 06:25 م]ـ
أخي ممكن أثقل عليك وأسال مرة أخرى، لماذا 650 جرام بالذات؟ .. هل على اعتبار أنه مقدار المد والمد يكفي لإطعام الواحد؟
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[19 - 02 - 09, 12:15 م]ـ
قال العلامة العثيمين في شرح الزاد:
والإطعام له كيفيتان:
الأولى: أن يصنع طعاماً يكفي عشرة مساكين ـ غداء أو عشاءً ـ ثم يدعوهم؛ وذلك لأن الله ـ تعالى ـ أطلق فقال: {{إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}} فإذا صنع طعاماً وتغدّوا، أو تعشوا فقد أطعمهم.
الثانية: التقدير، وقد قدَّرناه بنحو كيلو من الأرز لكل واحد، فيكون عشرة كيلوات للجميع، ويحسن في هذه الحال أن يجعل معه ما يؤدِّمه من لحم أو نحوه، ليتم الإطعام؛ لأن الله تعالى يقول: {{إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}}.
(وإن أخرج القيمة أو غدى المساكين أو عشاهم لم يجزئه، وعنه: يجزئه إذا كان قدر الواجب.
واختار الشيخ تقي الدين الأجزاء ولم يعتبر القدر الواجب، وهو ظاهر نقل أبي داود وغيره، فإنه قال: أشبعهم قال: ما أطعمهم؟ قال: خبزا ولحما إن قدرت، أو من أوسط طعامكم) انظر المستدرك على مجموع الفتاوي (5/ 48).
وهل الأزر لا يعتبر طعاما بمفرده؟
ـ[عبد الرحمن السبيعي]ــــــــ[19 - 02 - 09, 07:22 م]ـ
المشكلة أين المساكين ........
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[19 - 02 - 09, 08:47 م]ـ
ما أكثرهم.
ـ[عبد الرحمن السبيعي]ــــــــ[19 - 02 - 09, 11:44 م]ـ
نعم ما أكثرهم .... ؟
لكن أين هم وأين أجدهم؟
وكيف أعرف أن هذا مسكين ..... !؟
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[20 - 02 - 09, 11:09 م]ـ
انظر فيمن حولك ممن يصلون بالمسجد وليس لهم عمل يدر عليهم ما يغطي حاجاتهم وحاجات أسرهم، والعلم بعدد أسرهم يسير ليس عسيراً. اسأل جيرانهم وإمام المسجد، ومن يجتهد يجد.
ـ[عبد الرحمن السبيعي]ــــــــ[21 - 02 - 09, 01:57 ص]ـ
أرشدتني أخوي أبو يوسف ... أرشدك الله لطاعته ....
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[21 - 02 - 09, 09:07 م]ـ
بارك الله فيكم
رأيت أحد الجمعيات يطلبون من المكفر: كرتون دجاج مقاس 1000 جرام و 10 كلج أرز.
ولهم على هذا سنين ولما سألتهم من أين جاءوا به قال مديرهم عندنا فتوى!
قلت: ممن قال من الشيخ العثيمين!
قلت: مكتوبة.
قال: لا أدري لكن الجمعيات يسيرون على هذا.
قلت: الشيخ لا يقول بهذا وكتبه حاضرة.
وقرأت عليه شيئا من كلامه وأخبرته أن قولهم هذا ملفق، وأن هذا اعتداء على أموال الناس، وكلامكم فتيا فالعامي إذا أتاهم وأخبروه بأن هذا الواجب عليه = فعل.
فوعد بأن يراجع الأمر.
ولا زال الأمر على ما هو!
مع أن قولهم هذا لا أظن فقيها معتبرا يقول به.
أعود على السؤال:
متوسط الناس يكفيهم ربع دجاجة [وزن 1000 جرام] مع الأرز، وقدره تقريبا مل كأس مقاس 250 جرام.
والشخص المتوسط بالكاد يأكله حسب طبخي في السفر والرحلات وكذا جملة ممن أعرفهم يقدرون نفس المقدار في طبخهم.
والله أعلم.
وهنا فائدة بالنسبة لمقدار وزن الصاع.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=158900
ـ[منير عبد الله]ــــــــ[05 - 03 - 09, 09:42 م]ـ
جزاكم الله خيرا ..
وكما قال الإخوة فإن بعض الجمعيات الخيرية تجعل الشخص يستثقل الكفارة وربما يتركها لأنه يتوقع أن هذا المبلغ هو الواجب عليه ولا يمكن أن يجزأه أقل من ذلك ..
خاصة من ابتلي بإطعام ستين مسكين عنه وستين مسكين عن زوجته .. فإن الجمعية تأخذ منه 1200 ريال باعتبار أن لكل مسكين 10 ريالات .. بينما قد يجزئه ماتكلفته أقل من ربع هذه القيمة ..
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[07 - 10 - 09, 02:02 م]ـ
وهل الأزر لا يعتبر طعاما بمفرده؟
سؤال جيد ..
إذ كيف يكون -بمفرده- إطعاماً من أوسط ما نطعم أهلينا!
وهل يأكل الناس أرزاً بمفرده في العادة؟
ـ[د محمد البدري]ــــــــ[01 - 02 - 10, 07:56 ص]ـ
بارك الله فيكم(100/422)
حول حلقة التحفيظ إلى حلقة ختم القرآن في رمضان
ـ[احمد العثيمين]ــــــــ[26 - 08 - 08, 10:58 ص]ـ
ما رأيكم في حلقات ختم القرآن في رمضان هي نفس حلقة التحفيظ لكن يحولها المعلم إلى قراءة القرآن كاملاً في رمضان ويكون هناك إعلان لمن أراد أن يختم القرآن في رمضان لكن الأصل أن حلقة التحفيظ نفسها تتحول إلى حلقة ختم القرآن.
بلغ معلم التحفيظ في مسجدكم بهذه الفكره والله ثم والله يكتب الله لك بكل ختمة مثل أجر صاحبها.
فكرة: تنظيف المساجد قبل دخول رمضان.
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[27 - 08 - 08, 11:26 ص]ـ
فكرة: شراء كمية من التمر الجيد لتوزيعها على عمار المسجد قبل صلاة المغرب.(100/423)
ما أجمل أن يكون بعدالتراويح وقبل الوتر كلمة للنساء خاصة
ـ[احمد العثيمين]ــــــــ[26 - 08 - 08, 11:10 ص]ـ
اللهم صل وسلم على محمد وبعد:
أحبتي أحد أئمة المساجد يخص النساء بكلمة قبل أن يوتر في رمضان، مارأيكم؟
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[26 - 08 - 08, 03:00 م]ـ
من الالأمر الحسن أن يخص النساء بالدروس لا سيما في رمضان، ولكن ما هو وجه التخصيص بقبل الوتر؟
ـ[أم جمال الدين]ــــــــ[26 - 08 - 08, 03:02 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
لا أحبذ ذلك .. لأنّ أكثر النساء بل والرجال أيضاً لا يبقون إلى الوتر .. لأنّ الوتر يكون بعد العشرين ركعة الخاصة بالتراويح .. ولكن الأغلب يغادر بعد الثمان ركعات ..
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[26 - 08 - 08, 07:00 م]ـ
يا ليثهم يكتفون بسنة النبي صلى الله عليه و سلم و هي 11 أو 13 ركعة في الليلة ....
ـ[أم جمال الدين]ــــــــ[27 - 08 - 08, 02:42 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا ليثهم يكتفون بسنة النبي صلى الله عليه و سلم و هي 11 أو 13 ركعة في الليلة ....
قل لهم ذلك ..
ولكن .. أتظنّ أنّ النّاس سيصلّون التراويح أصلا هذا العام؟!
كل عام وأنت بخير .. رمضان قرّب .. ولكن باب الحارة أيضاً قرّب!!!!
حسبي الله ونعم الوكيل فيهم .. ويبقى السؤال؟ هل سيصوم الناس في رمضان؟ أم سيفسدون صيامهم أمام التلفاز؟
الله اجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرا منها!
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 11:22 ص]ـ
اللهم اجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرا منها!
و عليكم السلام و رحمة الله وبركاته،
آمين.
لا حول و لا قوة إلا بالله، أصبح رمضان موسم اللهو و المعصية و الفساد، شهر فضله الله تعالى على سائر الشهور يكون فيه هذا الكم من الفساد.
حسبنا الله و نعم الوكيل.
ـ[أبو عبد الرحمن السعدي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 01:02 م]ـ
قال شيخنا الألباني قدس الله روحه ..
خلط صلاة التراويح بالموعظة بدعة
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 02:16 م]ـ
لو أعطيتنا مصدر هذه الفتوى بارك الله فيك ...
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[27 - 08 - 08, 02:55 م]ـ
يا ليثهم يكتفون بسنة النبي صلى الله عليه و سلم و هي 11 أو 13 ركعة في الليلة ....
الزيادة على إحدى عشرة ركعة في التراويح
السؤال: إذا صلى الإنسان خلف إمام يزيد على إحدى عشرة ركعة، فهل يوافق الإمام أم ينصرف إذا أتم إحدى عشرة؟
الجواب: السُّنَّة أن يوافق الإمام؛ لأنه إذا انصرف قبل تمام الإمام لم يحصل له أجر قيام الليل. والرسول صلى الله عليه وسلّم قال: (مَن قام مع الإمام حتى ينصرف كُتِبَ له قيام ليلة) صحيح. مختصر إرواء الغليل [1/ 90]. من أجل أن يحثنا على المحافظة على البقاء مع الإمام حتى ينصرف.
فإن الصحابة رضي الله عنهم وافقوا إمامهم في أمر زائد عن المشروع في صلاة واحدة، وذلك مع أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه حين أتم الصلاة في مِنى في الحج، أي صلاَّها أربع ركعات، مع أن النبي صلى الله عليه وسلّم وأبابكر وعمر وعثمان في أول خلافته، حتى مضى ثماني سنوات، كانوا يصلون ركعتين، ثم صلى أربعاً، وأنكر الصحابة عليه ذلك، ومع هذا كانوا يتبعونه يصلون معه أربعاً، فإذا كان هذا هدي الصحابة وهو الحرص على متابعة الإمام.
فما بال بعض الناس إذا رأى الإمام زائداً عن العدد الذي كان النبي صلى الله عليه وسلّم لا يزيد عليه وهو إحدى عشرة ركعة انصرفوا في أثناء الصلاة، كما نشاهد بعض الناس في المسجد الحرام ينصرفون قبل الإمام بحجة أن المشروع إحدى عشرة ركعة.
أجاب عليه: العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى.
http://www.denana.com/articles.php?ID=2428
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[27 - 08 - 08, 02:57 م]ـ
عدد ركعات صلاة التراويح
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/424)
لقد سألت هذا السؤال من قبل وأرجو الإجابة عنه بما يفيدني فإنني تلقيت إجابة غير مرضية والسؤال عن التراويح هل هي 11 ركعة أم 20 ركعة. فالسنة تقول 11 والشيخ الألباني رحمه الله في كتاب القيام والتراويح يقول 11 ركعة وبعض الناس يذهبون للمسجد الذي يصلي 11 ركعة والبعض الآخر يذهبون للمسجد الذي يصلي 20 ركعة وأصبحت المسألة حساسة هنا في الولايات المتحدة فمن يصلي 11 يلوم الذي يصلي 20 والعكس وصارت فتنة حتى في المسجد الحرام يصلون 20 ركعة.
لماذا تختلف الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي عن السنة. لماذا يصلون التراويح 20 ركعة في المسجد الحرام والمسجد النبوي؟.
الحمد لله
لا نرى أن يتعامل المسلم مع المسائل الاجتهادية بين أهل العلم بمثل هذه الحساسية فيجعل منها سبباً لحصول الفرقة والفتن بين المسلمين.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عند الكلام على مسألة من يصلي مع الإمام عشر ركعات ثم يجلس وينتظر صلاة الوتر ولا يكمل صلاة التراويح مع الإمام:
ويؤسفنا كثيراً أن نجد في الأمة الإسلامية المتفتحة فئة تختلف في أمور يسوغ فيها الخلاف، فتجعل الخلاف فيها سبباً لاختلاف القلوب، فالخلاف في الأمة موجود في عهد الصحابة، ومع ذلك بقيت قلوبهم متفقة.
فالواجب على الشباب خاصة، وعلى كل الملتزمين أن يكونوا يداً واحدةً ومظهراً واحداً؛ لأن لهم أعداءً يتربصون بهم الدوائر.
" الشرح الممتع " (4/ 225).
وقد غلا في هذه المسألة طائفتان، الأولى أنكرت على من زاد على إحدى عشر ركعة وبدَّعت فعله، والثانية أنكروا على من اقتصر على إحدى عشر ركعة وقالوا: إنهم خالفوا الإجماع.
ولنسمع إلى توجيه من الشيخ الفاضل ابن عثيمين رحمه الله حيث يقول:
وهنا نقول: لا ينبغي لنا أن نغلو أو نفرط، فبعض الناس يغلو من حيث التزام السنة في العدد، فيقول: لا تجوز الزيادة على العدد الذي جاءت به السنَّة، وينكر أشدَّ النكير على من زاد على ذلك، ويقول: إنه آثم عاصٍ.
وهذا لا شك أنه خطأ، وكيف يكون آثماً عاصياً وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال: مثنى مثنى، ولم يحدد بعدد، ومن المعلوم أن الذي سأله عن صلاة الليل لا يعلم العدد؛ لأن من لا يعلم الكيفية فجهله بالعدد من باب أولى، وهو ليس ممن خدم الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نقول إنه يعلم ما يحدث داخل بيته، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن له كيفية الصلاة دون أن يحدد له بعدد: عُلم أن الأمر في هذا واسع، وأن للإنسان أن يصلِّيَ مائة ركعة ويوتر بواحدة.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتموني أصلي " فهذا ليس على عمومه حتى عند هؤلاء، ولهذا لا يوجبون على الإنسان أن يوتر مرة بخمس، ومرة بسبع، ومرة بتسع، ولو أخذنا بالعموم لقلنا يجب أن توتر مرة بخمس، ومرة بسبع، ومرة بتسع سرداً، وإنما المراد: صلوا كما رأيتموني أصلي في الكيفية، أما في العدد فلا إلا ما ثبت النص بتحديده.
وعلى كلٍّ ينبغي للإنسان أن لا يشدد على الناس في أمر واسع، حتى إنا رأينا من الإخوة الذين يشددون في هذا مَن يبدِّعون الأئمة الذين يزيدون على إحدى عشرة، ويخرجون من المسجد فيفوتهم الأجر الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم " من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة " رواه الترمذي (806) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (646)، وقد يجلسون إذا صلوا عشر ركعات فتنقطع الصفوف بجلوسهم، وربما يتحدثون أحياناً فيشوشون على المصلين.
ونحن لا نشك بأنهم يريدون الخير، وأنهم مجتهدون، لكن ليس كل مجتهدٍ يكون مصيباً.
والطرف الثاني: عكس هؤلاء، أنكروا على من اقتصر على إحدى عشرة ركعة إنكاراً عظيماً، وقالوا: خرجتَ عن الإجماع قال تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً}، فكل من قبلك لا يعرفون إلا ثلاثاً وعشرين ركعة، ثم يشدِّدون في النكير، وهذا أيضاً خطأ.
" الشرح الممتع " (4/ 73 – 75).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/425)
أما الدليل الذي استدل القائلون بعدم جواز الزيادة في صلاة التراويح على ثمان ركعات فهو حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة رضي الله عنها: " كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا فقلت يا رسول الله أتنام قبل أن توتر قال يا عائشة إن عينيَّ تنامان ولا ينام قلبي ".
رواه البخاري (1909) ومسلم (738).
فقالوا: هذا الحديث يدل على المداومة لرسول الله في صلاته في الليل في رمضان وغيره.
وقد ردَّ العلماء على الاستدلال بهذا الحديث بأن هذا من فعله صلى الله عليه وسلَّم، والفعل لا يدل على الوجوب.
ومن الأدلة الواضحة على أن صلاة الليل ومنها صلاة التراويح غير مقيدة بعدد حديث ابن عمر أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: " صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلَّى ".
رواه البخاري (946) ومسلم (749).
ونظرة إلى أقوال العلماء في المذاهب المعتبرة تبين لك أن الأمر في هذا واسع، وأنه لا حرج في الزيادة على إحدى عشرة ركعة:
قال السرخسي وهو من أئمة المذهب الحنفي:
فإنها عشرون ركعة سوى الوتر عندنا.
" المبسوط " (2/ 145).
وقال ابن قدامة:
والمختار عند أبي عبد الله (يعني الإمام أحمد) رحمه الله، فيها عشرون ركعة، وبهذا قال الثوري، وأبو حنيفة، والشافعي، وقال مالك: ستة وثلاثون.
" المغني " (1/ 457).
وقال النووي:
صلاة التراويح سنة بإجماع العلماء، ومذهبنا أنها عشرون ركعة بعشر تسليمات وتجوز منفردا وجماعة.
" المجموع " (4/ 31).
فهذه مذاهب الأئمة الأربعة في عدد ركعات صلاة التراويح وكلهم قالوا بالزيادة على إحدى عشرة ركعة، ولعل من الأسباب التي جعلتهم يقولون بالزيادة على إحدى عشرة ركعة:
1 - أنهم رأوا أن حديث عائشة رضي الله عنها لا يقتضي التحديد بهذا العدد.
2 - وردت الزيادة عن كثير من السلف.
انظر: المغني (2/ 604)، والمجموع (4/ 32)
3 - أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إحدى عشرة ركعة وكان يطيلها جداً حتى كان يستوعب بها عامة الليل، بل في إحدى الليالي التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم صلاة التراويح بأصحابه لم ينصرف من الصلاة إلا قبيل طلوع الفجر حتى خشي الصحابة أن يفوتهم السحور، وكان الصحابة رضي الله عنهم يحبون الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم ولا يستطيلونها فرأى العلماء أن الإمام إذا أطال الصلاة إلى هذا الحد شق ذلك على المأمومين وربما أدى ذلك إلى تنفيرهم فرأوا أن الإمام يخفف من القراءة ويزيد من عدد الركعات.
والحاصل: أن من صلى إحدى عشرة ركعة على الصفة الواردة عن الني صلى الله عليه وسلم فقد أحسن وأصاب السنة، ومن خفف القراءة وزاد عدد الركعات فقد أحسن، ولا إنكار على من فعل أحد الأمرين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
والتراويح إن صلاها كمذهب أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد: عشرين ركعة أو: كمذهب مالك ستا وثلاثين، أو ثلاث عشرة، أو إحدى عشرة فقد أحسن، كما نص عليه الإمام أحمد لعدم التوقيف فيكون تكثير الركعات وتقليلها بحسب طول القيام وقصره.
الاختيارات ص (64).
قال السيوطي:
الذي وردت به الأحاديث الصحيحة والحسان الأمر بقيام رمضان والترغيب فيه من غير تخصيص بعدد، ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى التراويح عشرين ركعة، وإنما صلى ليالي صلاة لم يذكر عددها، ثم تأخر في الليلة الرابعة خشية أن تفرض عليهم فيعجزوا عنها. وقال ابن حجر الهيثمي: لم يصح أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى التراويح عشرين ركعة، وما ورد أنه " كان يصلي عشرين ركعة " فهو شديد الضعف.
الموسوعة الفقهية (27/ 142 – 145)
وبعد فلا تعجب أخي السائل من صلاة التراويح عشرين ركعة وقد سبقوا من أولئك الأئمة جيلا قبل جيل، وفي كلٍّ خير.
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islam-qa.com/ar/ref/9036
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 05:35 م]ـ
لو أعطيتنا مصدر هذه الفتوى بارك الله فيك ...
مصدرها الشريط (656) من سلسلة الهدى والنور.
لكنّ الشيخ لم يقل بأنه بدعة!، ولكن قال: (خلاف السنة).
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 05:44 م]ـ
السؤال:
عندنا في الكويت موعظة بعد أربع ركعات في صلاة القيام هل تجوز هذه، وإذا جاز كيف تكون هذه الموعظة؟
الجواب:
[الذي أرى ألا تُفعل، أولاً: أنها ليست من هدي السلف. ثانياً: أن بعض الناس قد يحب أن يأتي بالتهجد وينصرف إلى بيته، وفي هذا إعاقة وإملال لهم، وإكراه على هذه الموعظة، والموعظة إذا لم تكن متقبلة فضررها أكثر من نفعها، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم يتخول أصحابه بالموعظة ولا يثقل عليهم ويكرر، فأرى أن تركها أولى، وإذا أراد الإمام أن يعظ الناس فليجعله في آخر شيء، إذا انتهت الصلاة نهائياً حتى يكون الناس باختيارهم إن شاءوا بقوا وإن شاءوا انصرفوا] اهـ.
الشيخ العلامة ابن عثيمين شريط (229) (لقاء الباب المفتوح).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/426)
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 06:05 م]ـ
أخي نضال هذا الأمر لا يورث فرقة بين المسلمين لكننا نقول بأن الالتزام بسنة النبي عليه الصلاة و السلام هو الأفضل و لا نوجبه على أحد لأن قيام الليل نافلة و في نفس الوقت لا يجب على من صلى مع إمام أن يتم معه القيام ...
في نفس الوقت لا يوجد في السنة الصحيحة نص يثبث الزيادة على 11 أو 13 ركعة في قيام الليل و حديث أن عمر بن الخطاب أمر أبي بن كعب أن يصلي بالناس 23 ركعة حديث لا يصح بل إن حديث أمر عمر بن الخطاب أُبيا ب 11 ركعة هو الصحيح.
فالاكتفاء ب 11 أو 13 ركعة هو السنة و الله تعالى أعلم.
أخي علي الفضلي جزاك الله خيرا على إفادتنا.
ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[27 - 08 - 08, 10:38 م]ـ
من أراد أن يلقي كلمة فليكن ذلك بعد الإنتهاء من الوتر حتى لا يحبس الناس ... لأن من الناس من ينتظر الوتر مع الإمام حتى يكتب له قيام ليلة
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[27 - 08 - 08, 11:02 م]ـ
أخي نضال هذا الأمر لا يورث فرقة بين المسلمين لكننا نقول بأن الالتزام بسنة النبي عليه الصلاة و السلام هو الأفضل و لا نوجبه على أحد لأن قيام الليل نافلة و في نفس الوقت لا يجب على من صلى مع إمام أن يتم معه القيام ...
في نفس الوقت لا يوجد في السنة الصحيحة نص يثبث الزيادة على 11 أو 13 ركعة في قيام الليل و حديث أن عمر بن الخطاب أمر أبي بن كعب أن يصلي بالناس 23 ركعة حديث لا يصح بل إن حديث أمر عمر بن الخطاب أُبيا ب 11 ركعة هو الصحيح.
فالاكتفاء ب 11 أو 13 ركعة هو السنة و الله تعالى أعلم.
أخي علي الفضلي جزاك الله خيرا على إفادتنا.
حياك الله اخي محمد بن عبد الجليل الإدريسي
أولا انا لا أقول أن هذا الامر يفرق الامة وإنما مغزى الكلام ان من الناس من تحجر في هذه المسائل التي نقل فيها الخلاف وأصبح قوله فيها على أنها قطعيات
والكلام السابق الذي نقلته في المشاركات السابقة للشيخ إبن عثيمين رحمه الله
بالنسبة لعد الركعات التي كانت تصلى أيام عمر بن الخطاب وامره أبي بن كعب أن يصلي بالناس عشرين ركعة فأحيل الى كلام قراته في موقع الإسلام سؤال وجواب و الذي يشرف عليه الشيخ المنجد حفظه الله
كم كانت عدد الركعات في صلاة التراويح على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه
ما يُروى عن عمر رضي الله عنه أنه أمر بصلاة التراويح عشرين ركعة. هل هذا صحيح أم ضعيف؟ أو لا أصل له؟.
الحمد لله
أولا:
جاء الأمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بصلاة العشرين ركعة عن أربعة من التابعين، وهذه رواياتهم:
1 - عن السائب بن يزيد أنه قال: (أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ جَمَعَ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ عَلَى أُبَيِّ بنِ كَعبٍ وَعَلَى تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَلَى إِحدَى وَعِشرِينَ رَكعَةً، يَقرَؤُونَ بِالمِئِينَ، وَيَنصَرِفُونَ عِندَ فُرُوعِ الفَجرِ)
رواه عن السائب جماعة من الرواة: ومنهم من يذكر (العشرين) أو (إحدى وعشرين) أو (ثلاث وعشرين) وهم:
محمد بن يوسف ابن أخت السائب عن السائب: كما عند عبد الرزاق في "المصنف" (4/ 260) من رواية داود بن قيس وغيره عنه.
ويزيد بن خصيفة: أخرجه ابن الجعد في "المسند" (1/ 413)، ومن طريقه البيهقي في السنن (2/ 496)
والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب: أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4/ 261)
فهذه روايات صحيحة من رواة ثقات عن السائب بن يزيد، وفيها ذكر العشرين ركعة في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والزيادة في رواية (إحدى وعشرين) أو (ثلاث وعشرين) إنما هو باعتبار القيام مع الوتر.
2 - عن يزيد بن رومان قال: (كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ بِثَلاثٍ وَعِشرِينَ رَكعةً)
رواه عنه مالك في "الموطأ" (1/ 115)، وقال النووي في "المجموع" (4/ 33): " مرسل، فإن يزيد بن رومان لم يدرك عمر " انتهى.
3 - عن يحيى بن سعيد القطان: (أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ أَمَرَ رَجُلا يُصَلِّي بِهِم عِشرِينَ رَكعَةً)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 163) عن وكيع عن مالك به، ولكن يحيى بن سعيد لم يدرك عمر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/427)
4 - عن عبد العزيز بن رفيع قال: (كَانَ أُبَيُّ بنُ كَعبٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ بِالمَدِينَةِ عِشرِينَ رَكعَةً، وَيُوتِرُ بِثَلاثٍ)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 163).
وبمجموع هذه الروايات يتبين أن العشرين ركعة كانت هي السنة الغالبة على التراويح في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومثل صلاة التراويح أمر مشهور يتناقله الجيل وعامة الناس، ورواية يزيد بن رومان ويحيى القطان يعتبر بهما وإن كانا لم يدركا عمر، فإنهما ولا شك تلقياه عن مجموع الناس الذين أدركوهم، وذلك أمر لا يحتاج إلى رجل يسنده، فإن المدينة كلها تسنده.
قال الإمام الترمذي رحمه الله في سننه (3/ 169):
" وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ.
وقَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَكَذَا أَدْرَكْتُ بِبَلَدِنَا بِمَكَّةَ يُصَلُّونَ عِشْرِينَ رَكْعَةً.
وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/ 69):
" وروي عشرون ركعة عن علي، وشتير بن شكل، وابن أبي مليكة، والحارث الهمداني، وأبي البختري، وهو قول جمهور العلماء، وبه قال الكوفيون والشافعي وأكثر الفقهاء، وهو الصحيح عن أبي بن كعب، من غير خلاف من الصحابة، وقال عطاء: أدركت الناس وهم يصلون ثلاثا وعشرين ركعة بالوتر " انتهى.
وانظر ذلك مسندا في "مصنف ابن أبي شيبة" (2/ 163)
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" (23/ 112):
" ثبت أن أُبَىَّ بن كعب كان يقوم بالناس عشرين ركعة فى قيام رمضان، ويوتر بثلاث، فرأى كثير من العلماء أن ذلك هو السنة؛ لأنه أقامه بين المهاجرين والانصار ولم ينكره منكر، واستحب آخرون تسعة وثلاثين ركعة، بناء على أنه عمل أهل المدينة القديم " انتهى.
أما ما جاء من رواية الإمام مالك ويحيى القطان وغيرهما عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد في "الموطأ" (1/ 115) وفي "مصنف ابن أبي شيبة" (2/ 162) بلفظ: (إحدى عشرة ركعة) فهو محمول على أنه كان في بداية الأمر، ثم خُفِّفَ بعدُ على الناس، فزاد عمر الركعات إلى عشرين ليخفف على الناس القراءة في القيام.
قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/ 68):
" إلا أنه يحتمل أن يكون القيام في أول ما عمل به عمر بإحدى عشرة ركعة، ثم خفف عليهم طول القيام، ونقلهم إلى إحدى وعشرين ركعة، يخففون فيها القراءة ويزيدون في الركوع والسجود، إلا أن الأغلب عندي في إحدى عشرة ركعة الوهم، والله أعلم " انتهى.
ويقول ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (23/ 113):
" وأُبَىٌّ بن كعب لما قام بهم وهم جماعة واحدة لم يمكن أن يطيل بهم القيام، فكثر الركعات ليكون ذلك عوضا عن طول القيام، وجعلوا ذلك ضعف عدد ركعاته، فإنه كان يقوم بالليل إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة، ثم بعد ذلك كأن الناس بالمدينة ضعفوا عن طول القيام، فكثروا الركعات، حتى بلغت تسعا وثلاثين " انتهى.
ثانيا:
صلاة الليل الباب فيها واسع، وهي غير محصورة بعدد، فمن شاء قامها بإحدى عشرة ركعة، ومن شاء زاد أو نقص، وكذلك صلاة التراويح في رمضان.
يقول ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (23/ 113):
" وقال طائفة: قد ثبت فى الصحيح عن عائشة (أن النبى لم يكن يزيد فى رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة) واضطرب قوم فى هذا الأصل؛ لما ظنوه من معارضة الحديث الصحيح لما ثبت من سنة الخلفاء الراشدين وعمل المسلمين.
والصواب أن ذلك جميعه حسن، كما قد نص على ذلك الامام أحمد رضى الله عنه، وأنه لا يتوقت فى قيام رمضان عدد، فان النبى لم يوقت فيها عددا " انتهى.
ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" (11/ 322):
" وثبت عن عمر رضي لله عنه أنه أمر من عين من الصحابة أن يصلي إحدى عشرة، وثبت عنهم أنهم صلوا بأمره ثلاثا وعشرين، وهذا يدل على التوسعة في ذلك، وأن الأمر عند الصحابة واسع، كما دل عليه قوله عليه الصلاة والسلام: (صلاة الليل مثنى مثنى) " انتهى
http://www.islam-qa.com/ar/ref/82152 (http://www.islam-qa.com/ar/ref/82152)
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 02:59 ص]ـ
حياك الله أخي نضال و نفع الله بك،
حديث يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد حديث شاذ و نحن لا نضعف يزيد بن خصيفة بل إنه ثقة لكنه قد ينفرد بما لم يروه الثقات، فمثله يرد حديثه إذا خالف من هو أحفظ منه، ويكون شاذا كما تقرر في علم المصطلح، وهذا الأثر من هذا القبيل ...
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[28 - 08 - 08, 07:56 ص]ـ
موضوع مماثل فيه فوائد
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=114816#post114816
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/428)
ـ[سليم الجزولي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 12:11 م]ـ
ما دليلك اخي السعدي
في انها بدعه. . . .
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[28 - 08 - 08, 05:57 م]ـ
بارك الله فيكم أخوتي
واسمحوا لي بهذه المداخلة:
الأولى
حكم الموعظة بين ركعات التراويح
السؤال: ما حكم الموعظة بين صلاة التراويح أو في وسطها ويكون هذا دائماً؟ الشيخ: لا مانع، إذا قام إلى التسليمة الثانية ورأى أن الصف قد اعوج، أو أن المصلين قد تمايزوا وتفرقوا وصار فيهم فرجة، فليقل: استووا أو تراصوا، ولا حرج. أما الموعظة فلا، لأن هذا ليس من هدي السلف , لكن يعظهم إذا دعت الحاجة أو شاء بعد التراويح، وإذا قصد بهذا التعبد فهو بدعة, وعلامة قصد التعبد أن يداوم عليها كل ليلة, ثم نقول: لماذا يا أخي تعظ الناس؟ قد يكون لبعض الناس شغل يحب أن ينتهي من التراويح وينصرف ليدرك قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) وإذا كنت أنت تحب الموعظة ويحبها أيضاً نصف الناس بل يحبها ثلاثة أرباع الناس فلا تسجن الربع الأخير من أجل محبة ثلاثة أرباع, أليس الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أمّ أحدكم الناس فليخفف فإن من ورائه ضعيف والمريض وذي الحاجة) أو كما عليه الصلاة والسلام, يعني: لا تقس الناس بنفسك أو بنفس الآخرين الذين يحبون الكلام والموعظة, قس الناس بما يريحهم, صلِّ بهم التراويح وإذا انتهيت من ذلك وانصرفت من صلاتك وانصرف الناس فقل ما شئت من القول. نسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح، وأبشروا بالخير بالحضور إلى هذا المكان لأن: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة). والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الشيخ بن عثيمين
لقاء الباب المفتوح 118
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[28 - 08 - 08, 05:59 م]ـ
بدعية الدروس قبل أو وسط صلاة التراويح ( http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=17229&scholar_id=47&series_id=745)
للشيخ الألباني(100/429)
انظروا كيف يسخر بشرع الله من بعض المستكتبين المنحرفين؟!
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[26 - 08 - 08, 11:45 ص]ـ
الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ ...
كلنا يعلم وخاصة في هذا الملتقى الذي لا يقرأه ويشارك فيه إلا نخبة من طلبة العلم أن الهجوم على الشرع لم يعد حكرا على الكفرة، وإنما أصبح أبناء جلدتنا يجاهرون بهذا علانية، ومن غير خوف من الجليل، ولا استحياء من المسلمين، وكل ذلك يدخل تحت مسمى " حرية فكر " وحقيقتها " حرية كفر " مع الأسف، فتجد الرجل التافه الحقير الذي يتهجم على الدين وأحكامه وتشريعاته تفتّح له أبواب الصحف، ويقول له رئيس التحرير: " هل من مزيد؟! ".
وهذا الهجوم على الدين ظلمات ودركات، فمنهم من يبلغ به الأمر إلى الكفر الصريح، ومنهم من يتدرج في ذلك، ومنهم من يُلمح إليه على وجل وخوف من سخط الناس من غير خوف من رب الناس.
وإليكم أنموذجا لكاتب يسخر بفتاوى المسلمين التي تهمهم في دينهم ودنياهم، ويعد الأسئلة عن لبس البنطال للمرأة من الأمور التافهة التي أشغلت الناس!.
وهدفي من طرح المقال بين أيديكم أيها الأحبة في هذا الملتقى المبارك لأضع تصورا لكثير من طلبة العلم بما يدور من حولهم، وشحذ للهمم لكي يعطي طلبة العلم من أوقاتهم ولو شيئا يسيرا للرد على هؤلاء الذين يقدمون في المجتمع وعلى صفحات الجرائد على أنهم " مثقفون "!، وهم من أبعد الناس عن الثقافة بمعناها الصحيح الذي ليس فيه تجاوز أو قفز على ثوابت الأمة وخطوطها الحمراء.
ما حكم لبس البنطلون يا شيخ؟!
بمناسبة اقتراب موسم الصيام، وتكاثر برامج الفتاوى، والاستفتاءات، أحدثكم اليوم عن أحد المشايخ الفضلاء الذين تردهم في محاضراتهم وأمسياتهم وأحاديثهم الاستفتاءات والأسئلة وطلب الفتاوى، ومن كان في مكان كهذا فلا بد أن يواجه العجب العجاب من الأسئلة الغريبة والعجيبة، والأمر ليس سراً فقد باتت برامج الإفتاء على شاشات التلفزيون وأثير الإذاعة تنقل أفكار الناس، ومكامن قلقهم، ومواضع الشك لديهم.
يقول لي الشيخ الفاضل، وقد اشتهر بدعابته ولطفه وخفّة دمه، إن سائلاً سأله في الطائف بشكل شخصي، عقب محاضرة له في الطائف: هل يجوز أن تلبس زوجتي البنطلون (وفي رواية البنطال)، في شقتنا التي لا يوجد فيها إلا أنا وهي فقط؟!
فأجاب الشيخ الظريف: الأولى أن تبقى زلط ملط، خروجاً من الخلاف!
الأسئلة الغريبة، والاستفتاءات التي لا تمت للواقع بصلة، والشكوك التي لا موقع لها من الواقع، ليست حادثة جديدة، بل هي قديمة، ولا يردع هؤلاء آية من كتاب الله تتلى إلى أن تقوم الساعة توجه المؤمنين ألا يسألوا عن أشياء إن تُبدَ لهم تسؤهم!
والتاريخ حافل بأمثلة لهذا الورع الكاذب، فقد جاء رجل من أهل العراق إلى ابن عمر وقت الحج يسأله عن بعوضة قتلها، فهل عليه دم أم لا؟! فقال ابن عمر: سبحان الله، يا أهل العراق تقتلون ابن رسول الله (أي الحسين بن علي) وتسألون عن دم البعوض!
وجاء رجل زنى بامرأة إلى أحمد بن حنبل يسأله عن ابنه من الزنا، فقال له: لماذا لم تعزل، فقال الرجل: بلغني أن العزل مكروه، فقال أحمد: أو لم يبلغك أن الزنى حرام؟!
إن عظمة الإسلام تكمن في بساطته، وبعده عن التنطع والتشدد، لكن نماذج الاستفتاءات الحديثه تؤكد أن البعض مصاب باعوجاج في الفهم، وإساءة في استغلال أوقاته وأوقات المفتين، إلى درجة أن بعض الناس باتوا يسألون الفتوى في كل شأن من شؤون حياتهم اليومية، قل أو كثر، في وقت لم يجل صدورهم من الحقد، ولا نفوسهم من الضغينة، ولا عيونهم من الحسد.
يبيتون وقد شتموا هذا وأخذوا حق ذاك وربما كفروا أولئك وفسّقوا هؤلاء، ولا يجدون غضاضة في ممارسة كل ذلك، لكنهم يتورعون عن جعل نسائهم يلبسن البنطال في بيوتهم!
ـ[أم صفية وفريدة]ــــــــ[26 - 08 - 08, 12:08 م]ـ
انتظر ....
مارأيك أن تذكر لنا اسم هذا الرجل؟؟
(أريد أن أضعه في قائمتي السوداء)
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[26 - 08 - 08, 12:28 م]ـ
حسناء الداعوري
لا أرى في ذلك مصلحة، فليكن مجهولا نكرة، ولتنقاش الفكرة فقط.
ـ[شكري محمود]ــــــــ[26 - 08 - 08, 07:36 م]ـ
نعوذ بالله من العوج.
ـ[أبو فرحان]ــــــــ[27 - 08 - 08, 12:47 ص]ـ
قد يكون لي رأي مغاير للإخوة الأفاضل و الصديق من صدَقك لا من صدّقك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/430)
ملاحظتي على المقال هو العنوان الاستفزازاي الذي وضعه الكاتب فلو استبدله بغيره لكان أولى، أما ما سوى ذلك فرأيي أن ليس ثمة خطأ في الموضوع بالجملة، فضلا عن أن يكون سخرية بالشرع أو قفزا على ثوابت الأمة!!
الكاتب ينتقد أمر ينبغي ان ننتقده نحن قبله، و قد انتقده أهل العلم قديما و حديثا، أعني الاهتمام بالأسئلة الغريبة و العجيبة، نعم قد لا يكون الكاتب موفقا في اختيار نموذج السؤال، و لكنه محق في أن بعض هذه الأسئلة مضحك و بعضها الآخر مبكي للغاية، و لعل السؤال الذي أشير إليه في المقال من النوع الثاني ..
نعم مبكٍ لأنه يدل على الجهل بأحكام الشريعة بل و بأبسط الأمور، و التي لا يليق بمسلم أن يجهله
إذ كيف يتزوج إنسان و هو لا يدري أن ليس هنالك عورة بينه و بين زوجه، ثم يسأل عن لبس معين هل يجوز لبسه أم لا، و الأطم من ذلك أنه أخبر المفتي أن ليس في البيت أحد سواه و زوجه
و كل ما ورد من أحاديث في منع احد الزوجين من النظر إلى زوجه بجميع أجزائه فلا يصح بل وردت السنة بخلافه
أنا لا أحب أن ادخل في هذه المسألة بالذات، لكن وجود مثل هذا التكلف في الأسئلة هو فعلا مذموم، قد يقبل من إنسان حديث عهد بإسلام لا يعرف الأحكام بين الزوجين بحكم أنه عاش بين ظهراني كفار، أما من إنسان نشأ و ترعرع في بلاد المسلمين بل و في أرض الحرمين فهذا يجعل مثل هذا السؤال غريبا عجيبا
و كما أخطأ الكاتب في اختيار عنوان استفزازي لموضوعه أيضا اخي الكريم أزعم أنك أخطأت في اختيار عنوان موضوعك و أخطأت بوصفك بعض آراء الكاتب أنها قفز على ثوابت الشريعة و تجاوز للخطوط الحمراء، هل تعتقد ان مثل هذا الكلام هو بالفعل طعن في الثوابت
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى
و قولك أن الكاتب يصف بعض الأسئلة الشرعية بالتافهة، لا يوجد في المقال شيء من ذلك فقد قرأت المقال مرتين لأجد انه وصف هذا السؤال بالتافه، فلم أجد و لكنه وصفه بالغريب العجيب و هذا صحيح، هذا رأيي فإن كان صوابا فمن الله و إن كان خطأ فمن نفسي و الشيطان
ـ[أم صفية وفريدة]ــــــــ[27 - 08 - 08, 03:42 ص]ـ
صحيح ياأخ أبافرحان
أنا أؤيدك
أنا عندما سألت عن اسم هذا الرجل لم يكن هدفي هو وضعه في القائمة السوداء كما قلت؛ لأنني في قرارة نفسي موقنة أنه لايوجد شيخ قال هذا الكلام من أساسه!!
إنما يتناقل الناس مثل هذه المواضيع على الشبكة بدون اسم محدد وأغلبها يكون مختلق وعليه بعض الزبيب والمكسرات والجوز!!!
(مع احترامي التام لناقل الموضوع)
أما عن لبس المرأة البنطال أمام زوجها فهذا رابط لموضوع تم مناقشته بالمنتدى وفيه الإفادة من أقوال العلماء ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=59569&highlight=%C7%E1%C8%E4%D8%C7%E1+%C7%E1%CA%D4%C8%E5 )
ولاحظوا مشاركة رقم15 ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=330835&postcount=15) لتعلموا ما قصدته بالمواضيع المختلقة ...
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[27 - 08 - 08, 12:21 م]ـ
أبو فرحان.
مع احترامي لتعقيبك فهل تظن أنه لا يوجد بين المسلمين من لا يعرف حكم لبس المرأة للبنطال؟
وأقول لك: يوجد من لا يعرف أحكاما تتعلق بالعبادة التي يؤديها كل يوم، بل وكُثر، ولا أريد الدخول في ذكر الأمثلة.
أما كاتب المقال لو أعرف أنه ممن سخر قلمه للدفاع عن الدين، وبيان سنة سيد المرسلين لذكرت اسمه، ولكني أعرف أنه كان في فترة من فترات حياته إماما لمسجد، ومتخرجا من جامعة الإمام قسم سنة، ولكن كما تعلمون القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء نسأل الله الثبات، ففتح له باب الشهرة الذي جعله ينقلب على سنة سيد المرسلين ليرضي أسياده، وليقول ترى يا جماعة أنا أهاجم أهل الدين لكي ترضوا عني. أسأل الله له الهداية، وأن يعود إلى رشده.
عموما وجهة نظرك تحترم.
ـ[أبو ممدوح]ــــــــ[27 - 08 - 08, 01:13 م]ـ
و الله ياشيخ عبدالله شيء مؤسف أن يكون هذا في بلاد الحرمين و الله المستعان.
المثال الذي ضربته في غير محله فهناك مقالات أطم من هذه و سآتيك بمثال لعنوان مقالة.
"الحورية ع بتستنى! "
ومن أراد المقالة فليبحث عنها في غوغل بهذا العنوان السابق فأنا لا أريد أن أنجس صفحات الملتقى الطاهرة بمقال نجس.
وهدفي من طرح المقال بين أيديكم أيها الأحبة في هذا الملتقى المبارك لأضع تصورا لكثير من طلبة العلم بما يدور من حولهم، وشحذ للهمم لكي يعطي طلبة العلم من أوقاتهم ولو شيئا يسيرا للرد على هؤلاء الذين يقدمون في المجتمع وعلى صفحات الجرائد على أنهم " مثقفون "!، وهم من أبعد الناس عن الثقافة بمعناها الصحيح الذي ليس فيه تجاوز أو قفز على ثوابت الأمة وخطوطها الحمراء.
وهل طلبة العلم قصروا هم يردون لكن صحفنا الحرة لا تنشر!!
إنما يتناقل الناس مثل هذه المواضيع على الشبكة بدون اسم محدد وأغلبها يكون مختلق وعليه بعض الزبيب والمكسرات والجوز!!!
ياأخت حسناء المقالة صحيحة و نشرت في صحيفة محلية و اذا أردت رابط المقال فأنا مستعد لوضعه.
جزاك الله خيراً يا شيخ عبدالله و أنا من متابعي مقالاتك في الساحة و على مايبدو لا يوجد محارب بقلمه الا أنت و ثلة قليلة فنعم الفارس و نعم القلم زادكم الله ثباتاً.(100/431)
أليس ألأولى إغلاق مكبرات الصوت الخارجية في صلاة التراويح
ـ[احمد العثيمين]ــــــــ[26 - 08 - 08, 11:59 ص]ـ
اللهم صل وسلم على محمد وبعد:
قال بن عثيمين رحمه الله في خطبة جمعة:
أيها الناس اتقوا الله تعالى وما علمتم من شريعة الله فطبقوه على أنفسكم وعلى من لكم عليه ولاية بقدر المستطاع فأن الله يقول (_فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) أيها المسلمون أن من إخواننا الأئمة من إذا صلوا يفتحون مكبر الصوت حتى تسمع أصواتهم من المنارة ولا شك أن هذا يحصل فيه أذية وتشويش على من حولهم من المساجد وعلى من حولهم من البيوت وقد سمعنا أن بعض المساجد القريبة أن بعض المساجد القريبة من هذا المسجد الذي يرفع الصوت من على المنارة يتشوشون ولا يستطيعون أن ينصتوا لقراءة إمامهم حتى إن بعضهم لما سمع قول المسجد المجاور ولا الضالين قال آمين وحتى أن بعضهم إذا كان المسجد المجاور حسن الصوت والقراءة صار يستمع إليه وترك الاستماع إلا إمامه وحتى إن بعضهم ركع أو سجد تبعا لما يسمعه من صوت المسجد المقارب ولا شك أن هذا أمر قد يأثم الإنسان عليه لأنه معصية لرسول الله صلي الله عليه وسلم أنه لا تقع لا تقع مشكلة إلا وفي الكتاب والسنة حل حلها ولله الحمد هذه المسألة قد يقول قائل كيف وقعت في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم حتى تقولوا إن ذلك معصية إن ذلك معصية له ونحن نقول أنه قد صح عن النبي صلي الله عليه وسلم حديثان أخرج أحده أخرج أحدهما مالك في الموطأ والثاني أبو داود في سننه أن النبي صلي الله عليه وسلم خرج ذات ليلة ووجد أصحابه يقرءون ويجهر بعضهم على بعضا في القرآن وهم يصلون فنهاهم عن ذلك وقال: (لا يجهرن بعضكم على بعض في القرآن فكلكم يناجي ربه) يعني فلتكن مناجاتكم مع الله أنكم لا تناجون أقول إن هؤلاء لا يناجون لا يناجون عباد الله وإنما يناجون الله عز وجل وفي الحديث الآخر قال لا يؤذين بعضكم بعضا في القراءة فجعل النبي صلي الله عليه وسلم جعل ذلك أذية وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم وأي أذية أعظم من أن يسد الإنسان المأمومين في المسجد الآخر عن الاستماع لقراءة إمامهم أو عن متابعة أو يشوش عليهم وهم ركوع أو سجود إن الإنسان العاقل دون أن يكون في ذلك نص يعرف أن هذا أمر فيه عدوان على غيره ولا يمكن أن يفعل هذا وأننا إذا تأملنا لم نجد في رفع الصوت من على المنارة فائدة أصلا بل فيه مضرة و لقد تقدم إلي بعض الناس بالشكاية من هذا وقال إن هؤلاء إن هؤلاء يدعون الناس إلي الكسل فأننا إذا قلنا لأولادنا قوموا صلوا هذا توا في أول الصلاة وما أشبه ذلك حتى إذا لم يبقي إلا ركعة خرجوا وربما تفوتهم الركعة ففيه أمور كما يعبر الناس اليوم أمور سلبية تخل على كثيرا من الناس منها ما أشرت إليه إن بعض الناس سوف يتأخر في الخروج من بيته حتى يكون الإمام في آخر ركعة ومنها أن بعض الناس إذا سمعه في آخر آيه ذهب يسعى شديدا وقد نهى النبي صلي الله عليه وسلم عن السعي شديدا بل نهى عن السعي مطلقا فقال: (إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلي الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) ولقد شكا إلي بعض الناس أمر آخر وهو أن بعض الأخوة أن بعضهم يقيم الصلاة في المكرفون من على سطح من على المنارة ولكنني لا أرى مانعا في هذا لأن الحديث الذي ذكرته الآن إذا سمعتم الإقامة يدل على إن الإقامة إقامة مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم تسمع من خارج المسجد وهذا لا بأس به إذا فالذي يقيم الصلاة في المنارة أي من على المنارة لا بأس به أما الذي يرفع الصلاة من على المنارة فلاشك أنه يؤذي من حوله ويشوش عليهم فاتقوا الله أيها الأئمة اتقوا الله في أنفسكم لا تسدوا إخوانكم المأمومين في المساجد الأخرى عن متابعة أئمتهم ثم إن هناك مفسدة أخرى في البيوت فالبيوت في السطوح الناس كثيرا منهم في السطوح أو في الأحواش وربما يشوش على من يصلي في البيت أيضا وهذا أمر آخر فاتقوا الله أيها المسلمون ولا يتابع بعضكم بعضا إلا فيه إلا في ما فيه مصلحه أما ما لا مصلحة فيه أو فيه مفسدة وأذية لإخوانكم فتنهوا عنه فأنه من الأمور التي لا ينبغي للمسلم أن يمارسها أسأل الله عز وجل أن يرزقني وإياكم يقظة وحكمة وفطنةً للأمور واستدركنا لما يخشى من لما يخشى منه المفسدة أنه جواد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/432)
كريم واعلموا أيها المسلمون إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلي الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعه وكل بدعة ضلالة فعليكم بالجماعة فان يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأه بنفسه فقال جل من قائل عليما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عليه وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[26 - 08 - 08, 05:57 م]ـ
جزاك الله خيرا، وهذه بعض الفوائد بحث حول هذه المسألة وهي مهمة وتسبب أذى كثيرا لمن في المساجد المجاورة ولمن في البيوت أيضا
من إجابات موقع الإسلام سؤال وجواب
سؤال رقم 38521 - لا ينبغي استعمال مكبرات الصوت خارج المسجد في الصلاة؟
هل الأفضل أن نصلي التراويح والتهجد بالميكروفونات الداخلية للمسجد أم بالمايكروفونات الخارجية لكي يسمع الناس في الشوارع والبيوت المجاورة؟.
الحمد لله
لا ينبغي استعمال مكبرات الصوت الخارجية في الصلاة، وسواء في
ذلك صلاة التراويح والتهجد أم غيرها من الصلوات كالفجر والمغرب والعشاء. وذلك لما
يترتب على هذا من مفاسد كثيرة وأذية لجيران المسجد.
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمنين:
كثر في الآونة الأخيرة استعمال أئمة المساجد لمكبرات الصوت
الخارجية والتي غالباً ما تكون في المئذنة وبصوت مرتفع جداً وفي هذا العمل تشويش
بعض المساجد على بعض في الصلاة الجهرية لاستعمالهم المكبرات في القراءة. فما حكم
استعمال مكبرات الصوت في الصلاة الجهرية إذا كان مكبر الصوت في المئذنة ويشوش على
المساجد الأخرى؟
فأجاب:
"ما ذكرتم من استعمال مكبر الصوت في الصلاة الجهرية على المنارة
فإنه منهي عنه؛ لأنه يحصل به كثير من التشويش على أهل البيوت والمساجد القريبة،
وقد روى الإمام مالك رحمه الله في الموطأ (178) من شرح الزرقاني في (باب العمل في
القراءة) عن البياضي فروة بن عمرو - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: "إن المصلي يناجي
ربه فلينظر بما يناجيه به ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن". وروى أبو داود (1332)
تحت عنوان: (رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله
عنه - قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة
فكشف الستر وقال: " ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم
على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة ". قال ابن عبد البر: حديث البياضي
وأبي سعيد ثابتان صحيحان.
ففي هذين الحديثين النهي عن الجهر بالقراءة في الصلاة حيث يكون
فيه التشويش على الآخرين وأن في هذا أذية ينهى عنها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله (23/ 61) من مجموع الفتاوى: ليس لأحد أن يجهر بالقراءة بحيث يؤذي غيره
كالمصلين.
وفي جواب له (1/ 350) من الفتاوى الكبرى: ومن فعل ما يشوش به على
أهل المسجد، أو فعل ما يفضي إلى ذلك منع منه اهـ.
وأما ما يدعيه من يرفع الصوت من المبررات فجوابه من وجهين:
الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجهر بعض الناس على
بعض في القرآن وبين أن ذلك أذية، ومن المعلوم أنه لا اختيار للمؤمن ولا خيار له في
العدول عما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ
لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ
لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ
ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً).
ومن المعلوم أيضاً أن المؤمن لا يرضى لنفسه أن تقع منه أذية
لإخوانه.
الوجه الثاني: أن ما يدعيه من المبررات - إن صح وجودها - فهي
معارضة بما يحصل برفع الصوت من المحذورات فمن ذلك:
1 - الوقوع فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من جهر المصلين
بعضهم على بعض.
2 - أذية من يسمعه من المصلين وغيرهم ممن يدرس علماً أو يتحفظه
بالتشويش عليهم.
3 - شغل المأمومين في المساجد المجاورة عن الاستماع لقراءة إمامهم
التي أمروا بالاستماع إليها.
4 - أن بعض المأمومين في المساجد المجاورة قد يتابعون في الركوع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/433)
والسجود الإمام الرافع صوته، لاسيما إذا كانوا في مسجد كبير كثير الجماعة حيث
يلتبس عليهم الصوت الوافد بصوت إمامهم، وقد بلغنا أن ذلك يقع كثيراً.
5 - أنه يفضي إلى تهاون بعض الناس في المبادرة إلى الحضور إلى
المسجد؛ لأنه يسمع صلاة الإمام ركعة ركعة، وجزءاً جزءاً فيتباطأ اعتماداً على أن
الإمام في أول الصلاة فيمضي به الوقت حتى يفوته أكثر الصلاة أو كلها.
6 - أنه يفضي إلى إسراع المقبلين إلى المسجد إذا سمعوا الإمام في
آخر قراءته كما هو مشاهد، فيقعون فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من
الإسراع بسبب سماعهم هذا الصوت المرفوع.
7 - أنه قد يكون في البيوت من يسمع هذه القراءة وهم في سهو ولغو
كأنما يتحدون القارئ وهذا على عكس ما ذكره رافع الصوت من أن كثيراً من النساء في
البيوت يسمعن القراءة ويستفدن منها وهذه الفائدة تحصل بسماع الأشرطة التي سجل عليها
قراءة القراء المجيدين للقراءة.
وأما قول رافع الصوت إنه قد يؤثر على بعض الناس فيحضر ويصلي
لاسيما إذا كان صوت القارئ جميلاً، فهذا قد يكون حقاً، ولكنه فائدة فردية منغمرة
في المحاذير السابقة.
والقاعدة العامة المتفق عليها: أنه إذا تعارضت المصالح والمفاسد
، وجب مراعاة الأكثر منها والأعظم، فحكم بما تقتضيه فإن تساوت فدرء المفاسد أولى
من جلب المصالح.
فنصيحتي لإخواني المسلمين أن يسلكوا طريق السلامة، وأن يرحموا
إخوانهم المسلمين الذين تتشوش عليهم عباداتهم بما يسمعون من هذه الأصوات العالية
حتى لا يدري المصلي ماذا قال ولا ماذا يقول في الصلاة من دعاء وذكر وقرآن.
ولقد علمت أن رجلاً كان إماماً وكان في التشهد وحوله مسجد يسمع
قراءة إمامه فجعل السامع يكرر التشهد لأنه عجز أن يضبط ما يقول فأطال على نفسه وعلى
من خلفه.
ثم إنهم إذا سلكوا هذه الطريق وتركوا رفع الصوت من على المنارات
حصل لهم مع الرحمة بإخوانهم امتثال قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يجهر بعضكم
على بعض في القرآن ". وقوله: " فلا يؤذين بعضهم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في
القراءة ". ولا يخفى ما يحصل للقلب من اللذة الإيمانية في امتثال أمر الله ورسوله
وانشراح الصدر لذلك وسرور النفس به اهـ.
وقال أيضاً:
" ولا مانع أن يستثنى من ذلك المسجدان المكي والنبوي، وكذلك
الجوامع في صلاة الجمعة؛ لأنه ربما يكون بعض المصلين خارج المسجد فيحتاجون إلى
سماع صوت الإمام بشرط أن لا تكون الجوامع متقاربة يشوش بعضها على بعض، فإن كانت
كذلك فإنه توضع سماعات على جدار المسجد تسمع منها الخطبة والصلاة وتلغى حينئذ
سماعات المنارة لتحصل الفائدة بدون أذية للآخرين" اهـ.
انظر: "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (13/ 74 - 96).
2 - حكم مكبرات الصوت بالمساجد
سيف بن مريع بن حسن
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد.
فحباً في نشر العلم، ورجوعاً للحق، ونصحاً لإخواني المسلمين، عملاً بقوله r - كما عند مسلم – "الدين النصيحة" جاءت هذه الرسالة الموجزة حول موضوع (استعمال مكبرات الصوت في المساجد) والتي أسأل الله U أن ينفع بها، وأن يجعلها في ميزان أعمال كاتبها وقارئها وناشرها، إنه سميع قريب.
كما أرجو من الله القدير أن يعين كل صاحب همة ومروءة ونخوة نحو ربه ودينه إلى تطبيق ما جاء فيها. وما قصدت بذلك إلاّ الخير، فإن كان مقبولاً فدعاء من الأعماق بالرشد والصواب، وإن كان غير ذلك فدعاء بالرشد والهداية، وفي كل خير.
مدخل إلى الموضوع:
إن مما أنعم الله به علينا في هذه البلاد المباركة بناء المساجد وعمارتها حساً ومعنىً، عمارة حسية من خلال بناء وتشييد هذه المساجد في المدن والقرى والهجر والأحياء، وعمارة معنوية بالصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن الكريم. كما أن من نعم الله علينا وجود أجهزة المكبرات الصوتية والتي تسمى "بالميكروفونات" وذلك عند استخدامها في محلها الصحيح بالإعلان عن شعيرة من أهم الشعائر وهي الصلاة، وإعلام الناس بدخول وقتها، وهذا الأمر مطلوب شرعاً، وهو من الوسائل المشروعة التي نُص عليها، وما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/434)
والناس – وبالأخص الأئمة والمؤذنون – حول هذه المسألة طرفان ووسط، فقسم يرى وجوب إسماع الناس قراءة القرآن والوعظ والخطب والدروس والمحاضرات بحجة تعليم من بالبيوت وخاصة النساء وأصحاب الأعذار حتى لو تعدى الأمر إلى مسافات بعيدة قد تصل إلى مئات الأمتار في كثير من الأحيان ([1]).
وطرف آخر يرى أن تمنع هذه المكبرات حتى ولو في الأذان بحجة الضرر المترتب نتيجة الاستخدام السيئ لهذه الأجهزة، أو كونهم يرون بدعيتها، وهذا ما كان عليه بعض المشايخ في أول الأمر بحجة أنه لم يفعلها أحد من سلف الأمة ثم اتضح أنها لا تدخل في باب البدعة؛ بل في باب المصالح المرسلة.
والحق في هذه المسألة هو القول الوسط، حيث ينبغي اقتصار هذه المكبرات الخارجية على الأذان فقط ([2])، أما الصلاة ونحوها كالخطب والمواعظ فيقتصر الأمر على الإذاعة الداخلية فقط – وخصوصاً في المساجد المجهزة بهذه التقنية – وذلك لإسماع من بالمسجد لمن يحتاج إليها، والحاجة تقدر بقدرها.
ما المحاذير والأضرار الناتجة عن سوء استخدام مكبرات الصوت؟
أما استخدام هذه الأجهزة (الميكروفونات) في غير الأذان، من إذاعة الصلاة وقراءة الإمام بها، والخطب والمواعظ ففي ذلك عدة محاذير وأضرار، منها:
1 - التشويش الحاصل من بعض المساجد على بعضها الآخر، حتى تلتبس قراءة الإمام وصلاته على المأمومين خلفه، فيركعون مثلاً قبل إمامهم، أو يسجدون مع ذلك الإمام في المسجد القريب، أو لا يحسن لهم الاستماع لقراءة إمامهم، أو لا يحصل لهم الخشوع الواجب في صلاتهم، أو قد يلتبس على البعض دعاؤه حال الصلاة!!
ولا يشك عاقل أن هذه مفسدة وضرر توجب منع موجبها، ثم إن الناس خارج المسجد لا يحتاجون إلى سماع صلاة الإمام ولا تكبيراته، وإنما المصلون الذين بداخل المسجد هم الذين بحاجة إلى ذلك.
2 - ومن هذه المحاذير والأضرار، الإزعاج الحاصل من هذه المكبرات لجيران المسجد من الأطفال ([3]) والمرضى والنساء ([4]) والنيام المعذورين، ومن لديهم أعمال أو استذكار، ومن لا تلزمهم الصلاة مع الجماعة، وبخاصة صلاة النافلة، كالتراويح والقيام في شهر رمضان، أو أنهم قد صلوها من أول الليل، أو أنهم يؤخرونها إلى آخره، أو قد تكون لا تلزمهم تلك الصلاة النافلة، أو قد يكون هناك من لديهم أعمال فيحتاجون إلى النوم مبكراً، أو قد يكون هناك الشيوخ المسنين المضطربين في نومهم، ونحو ذلك.
وعلى هذا فيكون رفع الصوت بالقراءة من خلال الإذاعة الخارجية سبباً في إزعاجهم وإيذائهم بغير حق، واعتداء على حقوقهم، والشريعة سمحة – ولله الحمد والمنة – أتت لإسعاد الناس وليس لشقائهم.
3 - ومن المحاذير والأضرار المترتبة على هذه المكبرات الخارجية، أن كثيراً من المصلين عندما يسمعون أن المسجد القريب منهم قد أقام الصلاة، أو أنهم انصرفوا من صلاتهم، وإمامهم لم يشرع بعد في صلاته، فإنهم حينئذ يأخذون بلومه والتذمر منه، فيحاول بالتالي أن يعجل بهم في الصلاة مخافة لومهم، وقد يقصر في خشوع الصلاة وطمأنينتها، وهذا أمر مشاهد معلوم.
4 - ومن المحاذير كذلك أن في رفع الصوت بالقراءة في الصلاة من بعض الأئمة وعبر هذه المكبرات قد يجلب عليه الرياء والسمعة، فكم سمعنا عن إمام يتفنن في تبليغ قراءته عبر المكبرات، ويحرص على ذلك ما لا يحرص على إقامة الصلاة وخشوعها، فهذا المُخرج لصوته عبر مكبرات الصوت لا ينبغي أن يأمن على نفسه الفتنة، وهو يعلم أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فهو يعلم أن نساء الحي وغيرهن يسمعونه، فترى الشيطان والنفس الأمارة بالسوء والهوى يدعونه للتصنع في القراءة لإطرابهم ليقولوا قارئ حسن الصوت!!! فليعلم هذا وغيره أن أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة: منهم القارئ يقال له قرأت ليقال قارئ فقد قيل، فيكون من أول من تسعر به النار يوم القيامة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/435)
5 - أن رفع الصوت بالمكبرات الخارجية ليس من توقير كتاب الله وتعظيمه، فيخرج هذا الصوت خارج المسجد ويبقى كثير من الناس لا ينصتون بل هم مشغولون عنه، بل المشاهد أن الإمام يقرأ القرآن بواسطة هذه المكبرات، وبعض الناس في بيوتهم يسمعون القرآن ولا ينصتون، بل إنك لربما تجد بعضهم يستمع إلى الموسيقى والأغاني، أو يرقص في بيته، والإمام بجواره يقرأ القرآن، بل وقد تكون الأسواق عامرة بالناس بيعاً وشراءً، ولاسيما وقت صلاة التراويح، وما يتبع ذلك من لغط وكذب وغش وخداع ومنكرات، والقرآن يتلى على رؤوسهم!! وهذا كما لا يخفى خلاف ما أمر الله به، وبناء عليه فليس من تنزيه كتاب الله تعالى وتوقيره أن يرفع الإمام صوته بالقرآن من خلال أجهزة المكبرات الخارجية، فهذا من الجهر المكروه إن لم يكن من الجهر المحرم، وهو من المضارة بالقرآن الكريم.
مسألة: هل يوجد في الشرع ما يدل على استحباب استعمال هذه المكبرات في الصلاة، والجهر بالقرآن الكريم بها؟
أقول – وبالله التوفيق – أن في القرآن الكريم والسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ما يدل على المنع من استخدام المكبرات الصوتية الخارجية في غير الأذان.
فمن أدلة القرآن الكريم:
قول الله U : ] ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين [الأعراف (55) وقوله تعالى عن عبده الصالح زكريا u ، وكيف كان يدعوه، وصفة صلاته] ذكر رحمت ربك عبده زكريا % إذ نادى ربه نداءً خفياً [مريم (2، 3) وقوله U : ] واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال، ولا تكن من الغافلين [الأعراف (205).
ففي هذه الآيات الكريمات دلالة وإرشاد إلى أنه يجب أن تكون صلاتنا بخشوع وتضرع وخوف وسكينة، وخفية، لا بالضجيج والصياح والصراخ، والجهر الزائد عن قدر الحاجة، فالأصل في الصلاة السرية الإسرار، وفي الجهرية الجهر اليسير الذي يكون بقدر الحاجة من إسماع المأمومين، أو تنشيط على قيام الليل، بحيث لا يخرج عن آداب الضراعة والخوف من الله سبحانه وتعالى، فيكون الدعاء أو الصلاة أبعد عن الرياء والسمعة، وأقرب إلى الإخلاص والقبول، وفي الجهر بالصلاة أو القرآن أو الدعاء وغير ذلك عبر هذه المكبرات مخالفة صريحة لهذه النصوص الكريمة، فنحن ندعو سميعاً قريباً مجيباً لا أصم غائباً.
من أدلة السنة النبوية:
ومن أدلة السنة النبوية على المنع من استعمال المكبرات الصوتية الخارجية في غير الأذان.
ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في وصف قراءة رسول الله r في قيام الليل، قال: "كانت قراءة النبي r على قدر ما يسمعه من في الحجرة وهو في البيت" أخرجه أبو داود، كتاب التطوع، باب في صلاة الليل، وقال عنه الألباني حسن صحيح.
فإذا كان هذا هو هدية عليه الصلاة والسلام لاسيما في صلاة الليل، وهو الأسوة، يسمعه من كان في الحجرة، ولا يبلغ ذلك، ولا يجهر بقراءته إلى كل من في البيت، فحرى بالمسلمين اليوم أن يهتدوا بهديه ويعملوا بسنته، ولا يؤذون النائمين وغيرهم بواسطة هذه المكبرات.
وعند أبي داود أنه r اعتكف في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: " ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذيين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة " رواه أبو داود، كتاب التطوع، بابٌ في صلاة الليل، والحديث صححه للألباني.
وهذا إذا كان الجهر لا يؤذي أحداً، أو لا يشوش على أحد، وفيه مصلحة وحاجة، وإلاّ فإن الله U يقول:] إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها أو تؤتوها الفقراء فهو خير لكم، ويكفر عنكم من سيئاتكم، والله بما تعملون خبير [البقرة (271).
فالإخفاء خير لنا وأبعد عن الرياء المحبط للأعمال، وهو سبحانه عليم خبير بأحوال عباده وأعمالهم، سواء من أسر منهم القول أو جهر به.
فهذه الأحاديث نصوص قاطعة، مؤيدة لما ذكرت من عدم استحباب استعمال هذه المكبرات في غير الأذان، وأن الأصل هو عدم رفع الصوت بالذكر والقراءة والدعاء، إلاّ بالقدر الذي ورد للمصلحة أو الحاجة كما أسلفنا.
كما أن هناك أيضاً نصوص أخرى قد يستدل بها على المنع من الصلاة بهذه المكبرات ومنها:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/436)
ما رواه البخاري – رحمه الله – عن أنس t قال: (كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها فقال لها النبي r : " أميطي قرامك فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي " كتاب الصلاة، باب: إن صلى في ثوب مصلّب أو تصاوير هل تفسد صلاته؟ وما ينهى عن ذلك.
فتأمل – رحمك الله – الحديث، حيث أن فيه دليل على أن كل ما يشغل المصلي، أو يشوش عليه يجب أن يزال، ومن ذلك المكبرات الصوتية لغير الأذان.
ومما قد يستدل به على المنع أيضاً ما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة t أن رسول الله r انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: " هل قرأ معي أحد منكم آنفاً؟ " فقال رجل: نعم يا رسول الله، قال: " إني أقول مالي أنازع القرآن " رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب: من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام. والحديث صححه الألباني.
فهذا الحديث نص ظاهره في المنع من كل ما يشوش على المصلي صلاته سواء كان إماماً أو منفرداً، وهذه المكبرات من المشاهد والمحسوس أنها تشوش على المصلين، وعليه فتمنع.
من أقوال أهل العلم:
1 - قال شيخ الإسلام رحمه الله (من كان يقرأ القرآن والناس يصلون تطوعاً فليس له أن يجهر جهراً يشغلهم به، فإن النبي r خرج على أصحابه وهم يصلون من السحر فقال: " يا أيها الناس كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض في القراءة " مجموع الفتاوي 23/ 61.
وقال رحمه الله في موضع آخر، وفي مسألة شبيهة لما نحن بصدده عندما سئل عن مسجد يقرأ فيه القرآن والتلقين بكرة وعشية ثم على باب المسجد شهود يكثرون الكلام، ويقع التشويش على القراء، فهل يجوز ذلك أم لا؟
فأجاب رحمه الله: (الحمد لله، ليس لأحد أن يؤذي أهل المسجد، أو أهل الصلاة، أو القراءة، أو الذكر، أو الدعاء، ونحو ذلك مما بنيت المساجد له، فليس لأحد أن يفعل في المسجد ولا على بابه أو قريباً منه ما يشوش على هؤلاء، بل قد خرج النبي r على أصحابه وهم يصلون، ويجهرون بالقراءة، فقال: " أيها الناس! كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض في القراءة ".
فإذا كان قد نهى المصلي أن يجهر على المصلي، فكيف بغيره؟! ومن فعل ما يشوش به على أهل المسجد، أو فعل ما يفضي إلى ذلك، مُنع من ذلك، والله أعلم. أ. هـ مجموع الفتاوي 22/ 205.
ولا ريب أن ما يحصل من بعض المساجد من رفع الصوت بقراءة القرآن، والصلاة بالمكبرات فيه تشويش على أهل المسجد والمصلين في المساجد القريبة الأخرى، فيمنع من ذلك كما قال الشيخ – رحمه الله – في فتواه. وأظن أن الشيخ – رحمه الله – لو كان حياً اليوم، ورأى ما آلت إليه بعض المساجد من التباهي برفع الأصوات بهذه المكبرات في غير الأذان لأنكر ذلك وحذر منه، لما يعلم عنه – رحمه الله – من غيرته على دين الله U ، ومصلحة المسلمين.
2 - وقال النووي – رحمه الله – في بيان خوف السلف – رحمهم الله – من الرياء، وكراهتهم له: (وأما الآثار عن الصحابة والتابعين من أقوالهم وأفعالهم فأكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، وهذا كله فيمن لا يخاف رياءً، ولا إعجاباً، ولا نحوهما من القبائح، ولا يؤذي جماعة يلبس عليهم صلاتهم ويخلطها عليهم). التبيان في آداب حملة القرآن ص60.
3 - وقال ابن الجوزي – رحمه الله: (وقد لبس إبليس على قوم من القراء فهم يقرأون القرآن في منارة المسجد بالليل بالأصوات المجتمعة المرتفعة الجزء والجزأين فيجمعون بين أذى الناس في منعهم من النوم وبين التعرض للرياء). تلبيس إبليس ص175.
قلت: وما أشبه أولئك الذين يقرأون القرآن في منارة المسجد بهؤلاء الذين يضعون الأجهزة المكبرة بأعلى منارة المسجد.
4 - قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: (أمَّا استعمال مكبرات الصوت في الصلاة الجهرية إذا كان يشوش على المساجد الأخرى أو على المصلين في البيوت التي حوله منهي عنه، ومن المعلوم أن رفع الصوت من المنارة يحصل به التشويش على المصلين في المساجد الأخرى، إذا كانت قريبة أو كانت الرياح متجمعة إليها، كما يحصل به التشويش على المصلين في البيوت التي حول المسجد، ولا يخفى ما يحصل من تأذي من حصل عليه التشويش، ففي رفع الصوت من المنارة بالصلاة الجهرية عدة محاذير:
الوقوع فيما نهى عنه النبي r .
التشويش على إخوانه المصلين في المساجد الأخرى وإيذائهم بذلك، حتى إنَّ بعضهم ينشغل عن الاستماع لقراءة إمامه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/437)
تهاون بعض الناس في الحضور إلى المسجد، لأنه يسمع صلاة الإمام ركعة ركعة وجزءاً جزءاً فيتباطأ بناء على أن الإمام في أول الصلاة، حتى يتمادى به الوقت فتفوته الصلاة أو كثير منها، وهناك أشياء أخرى لا تتسع هذه الورقة لذكرها، فنصيحتي لإخواني أن يسلكوا طريق السلامة، ويبتعدوا عما يشوش على إخوانهم ويؤذيهم. أ. هـ (تجد نسخة من هذه الفتوى مرفقة بالرسالة).
وقال رحمه الله: (إن من أنعم الله به على عباده في هذا العصر مكبرات الصوت التي تبلغ صوت الإمام لمن خلقه فيسمعه جميع أهل المسجد، وينشطون لصلاتهم لذلك، ولكن بعض الناس استعمله استعملاً سيئاً، فرفعه على المنارة، وهذا حرام لأنه وقوع فيما نهى عنه النبي r حين خرج على أصحابه وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال: "كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن "، ولأنه أذية للمصلين حوله في المساجد والبيوت، حيث يشوش عليهم القراءة والدعاء فيحول بينهم وبين ربهم، وقد قال الله تعالى:] والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً [ويمكن حصول منفعة مكبر الصوت بدون مضرة بأن يفصل عن المنارة، ويوضع سمّاعات في داخل المسجد تنفع المصلين ولا تؤذي من كان خارج المسجد. أ. هـ. الضياء اللامع من الخطب الجوامع (469).
وقال رحمه الله: (حكم قراءة الرجل في المسجد في الحال التي يشوش بها على غيره من المصلين أو الدارسين أو قارئ القرآن، حكم ذلك حرام، لوقوعه فيما نهى عنه النبي r . ( مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين). المجلد 13 – آداب الخروج إلى المسجد.
وقال رحمه الله: (إن بعض الأئمة يروق له أن يصلي على مكبر الصوت، وهذا إذا كان ينشط المأمومين لا بأس به بشرط أن يكون ذلك داخل المسجد لئلا يشوش على من حوله من المساجد أو على من حوله من البيوت فمن يصلون ويعبدون الله فإن كان يشوش عليهم فليس له أن يرفعه في مكبر الصوت، لأن رسول الله r خرج على أصحابه وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فأخبرهم أن كل مصلٍ يناجي ربه، وقال لهم: " لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن " فنهاهم النبي r أن يجهر بعضهم على بعض في القرآن، لأن ذلك يشوش على الناس فلا يدرون ماذا يقولون في ركوعهم وسجودهم، لاسيما إذا كانوا قريبين من ذلك، ولا يدرون ماذا يقول إمامهم الذي بين أيديهم، ولقد سمعت أن بعض المساجد المجاورة لمن يرفعون القراءة في الصوت، في صوت المكبر، سمعت أنه لمَّا قال هذا الذي رفع الصوت] ولا الضالين [قال المأمومون خلف إمامهم] آمين [يظنون أو غلطوا على أنه إمامهم، والإنسان المؤمن عليه أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فكما أن الإنسان يكره أن يكون له من يشوش عليه صلاته، فكذلك ينبغي له أن يراعي الناس في هذا حتى يتم له بذلك الإيمان، لأن رسول الله r يقول: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فاتقوا الله أيها المؤمنون، وافعلوا ما فيه المصالح من غير أن يكون في ذلك مضرة على غيركم، فإن الإنسان مسؤول أمام الله يوم القيامة. (من شريط: استقبال شهر رمضان، وصيامه وقيامه).
5 - وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في تسجيل صوتي له: " لا يجوز رفع الصوت بقراءة القرآن في المسجد إذا كان يؤثر على الآخرين على القارئين للقرآن في الصف، أو يؤثر على المصلين الذين يصلون الراتبة أو تحية المسجد، فإن كان يترتب على الجهر بقراءة القرآن إضراراً بالآخرين فإنه لا يجوز، خرج النبي r ، وأصحابه يصلون من الليل ويجهرون فقال: " كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض ". نعم، وبالمناسبة هؤلاء الذين يرفعون أصوات مكبرات الصوت خارج المسجد ويشوشون على الجيران، ويشوشون على المساجد الأخرى، هؤلاء لا يجوز لهم هذا العمل، لأن فيه إيذاء وإغرار بالآخرين، وتشويشاً عليهم في صلواتهم وعباداتهم.
ومن الأدلة العقلية:
ومن الأدلة العقلية التي قد يُستدل بها على منع القراءة بمثل هذه المكبرات أنه لو فرض أن إنساناً فتح مذياعاً في بيته أو في سيارته، يذيع القرآن بصوت عال، فمنعه الناس كي لا يزعج النائمين ونحوهم، فهل يعدون ظالمين مخطئين منافقين لا يحبون سماع كلام الله؟!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/438)
فإذا علم ما تقدم من نصوص الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم، فإنه يتضح بذلك عدم مشروعية استعمال هذه المكبرات في غير الأذان ([5]). ولا أظن أن قائلاً يصر بعد التأصيل والنظر فيما نقلت من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، وأقوال أهل العلم على القول باستحباب مثل هذه المكبرات الصوتية لغير الأذان. والله أعلم.
شبهة القائلين باستحباب أو جواز هذه المكبرات حتى في غير الأذان، والرد عليها:
يمكن إجمالاً حصر شبه المستحبين أو المجيزين في الأمور التالية:
1 - تعليم النساء اللواتي في البيوت وغيرهن من أصحاب الأعذار القرآن الكريم والأحكام والمواعظ.
2 - حصول الأجر من سماع القرآن الكريم.
3 - اهتداء الغريب عن الحي إلى مكان المسجد.
4 - إعانة الناس على إدراك الصلاة جماعة في المسجد.
5 - إعطاء روحانية وبعداً نفسياً للمستمعين خارج المسجد وخاصة خلال صلاة التراويح والقيام.
هذا إجمالاً ما أورده القائلون باستحباب أو جواز هذه المكبرات الخارجية.
الرد:
على فرض أن هذه مصالح معتبرة – وإن كنت لا أسلم ببعضها – فإن كثيراً من الناس يعتقد أن في بعض الأمور مصلحة راجحة، والأمر ليس كذلك، ثم على القول بأنها مصالح، فإن لدينا قاعدة فقهية معروفة، وهي: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)، وهذه قاعدة عظيمة وأصل عظيم من أصول الشريعة، يشهد له مثل قوله U ] يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما [(البقرة 219) فمع أنه سبحانه ذكر أن فيهما منافع للناس، لكنه U حرَّمهما معلِّلاً ذلك بأن مضرتهما أكبر من نفعهما، والشريعة الإسلامية لم تهمل مصلحة راجحة قط، وقد قال U ] وما كان ربك نسيّا [.
ثم إن هذه المصالح يمكن الاستغناء عنها بما هو خير وأكبر نفعاً، فمثلاً النساء وغيرهن ممن هم في البيوت من أصحاب الأعذار يمكنهم الاستماع للقرآن وتعلم الأحكام والمواعظ عن طريق أناس صالحين، أو عن طريق المذياع والأشرطة والمسجلات، وغيرها من الوسائل المنتشرة المعروفة ولله والحمد، وأمَّا خطب الجمعة فمن المعلوم أنها ليست مقررة على من كان في البيوت، بل هي مقررة على المصلي المؤدي لصلاة الجمعة، وأمَّا المحاضرات فمن أراد أن يستمع لها فسيأتي متى ما كان راغباً راجياً ثواب الله.
ثم إنك تجد بعضاً من هؤلاء الأئمة الذين يريدون إسماع من كان في البيوت تجدهم في قراءتهم وفي خطبهم يلحنون لحناً فاحشاً يحيل ويفسد المعنى!!! فقل لي بربك كيف يتعلم الآخرون من مثل هؤلاء وكيف يستفيدون من قراءتهم، وقد قيل (فاقد الشيء لا يعطيه (؟!! وصدق من قال: (كم من مريد للخير لن يصيبه).
أمَّا ما قيل عن الغريب عن الحي فهذا من النادر، والنادر لا حكم له، أو أنه يمكن للغريب الاهتداء للمسجد عن طريق السؤال أو سماع الأذان، أو رؤية منارة المسجد، ونحو ذلك.
وما قيل أن في استعمال هذه المكبرات عوناً للناس في إدراك الجماعة. أقول بل أرى أنه خلاف ذلك، فكثير من الناس تجده لا يذهب إلى المسجد إلاَّ إذا شرع الإمام في الصلاة، وبعضهم يأتي في الركعة الثانية أو الثالثة، وتفوت الكثير منهم بسبب ذلك صلاة الجماعة، فأي مصلحة وإعانة في ذلك؟!! بل إن كثيراً منهم عندما يسمع الإمام يقرأ أو يصلي واقترب الإمام من الركوع يسرع في مشيه، ويخالف بذلك أمره r من عدم الإسراع في المشي إلى الصلاة ولا يبعد أن يكون هذا الإمام مشاركاً لهذا المتخلف في هذه المعصية بسبب إقراره لهذا المنكر، أعني المكبرات الخارجية ([6]).
وأمّّا كون هذه المكبرات تعطي روحانية وبعداً نفسياً وبالأخص في التراويح والقيام فهذا غير مسلم به، بل المشاهد أن أصوات أئمة المساجد مختلطة، وتداخلها ظاهر جداً، مما يتنافى مع الخشوع والتركيز والتمعن في آيات القرآن الكريم.
وللشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – ردٌ آخر على هذه تجده مرفقاً مع هذه الرسالة.
هذا ما تيسر للرد على هذه الشبهة، وقد رأيتَ كيف تهاوت هذه الشبهة في مواجهة القول الحق والفصل في هذه المسألة (فأما الزبد فيذهب جفاءً وأمَّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/439)
أمَّا القصص والحوادث المتعلقة بهذا الأمر فمؤلمة ومحزنة جداً، ولولا خشية الإطالة لأوردت طرفاً منها، ومن القلق والإزعاج الذي تسببه هذه المكبرات الخارجية، لكن الناس ولعوامل روحية، وللمكانة التي يحتلها المسجد في قلوبهم قد لا يبوحون بهذا الأمر، لكن الحق أحق أن يتبع، والخطأ يناقش ويصحح بما يتوافق مع ما شرعه الله U .
الخاتمة
يتعين على المسلم أن يصحح نيته وأن يسعى في ابتغاء مرضاة الله، فكل مسجد أسس لغير نية صالحة، بل ببواعث أخرى هو مسجد لا خير فيه، ولا بركة ترجى من ورائه فيجب على أهل الإيمان أن يتخذوا موقفاً من هذا البنيان الذي أسس على غير تقوى من الله ورضوان، كما وقف النبي r من (مسجد الضرار) المعروف والذي ذكره لله تعالى في القرآن، وشدد النكير على مؤسسيه.
كما أنه يتعين على المسلم أن يترك ما تعوده وألفه، أو وجد عمل آبائه أو الناس عليه إذا كان مخالفاً لشرع الله، فإن الله U قد أخبر عن المشركين أن حجتهم في مخالفة الرسل وعدم اتباع ما جاءوا به من الحق أنهم قالوا:] إنَّا وجدنا آبائنا على أمة وإنَّا على آثارهم مقتدون [الزخرف (23).
وقال سبحانه وتعالى:] وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون [البقرة (170).
فالواجب تقديم أمر الله ورسوله r على الهوى والنفس، كما قال سبحانه وتعالى:] وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم [الأحزاب (36).
فالأصلح والأنفع لنا ما شرعه الله فإنه سبحانه حكيم عليم.
فإيَّاك أخي من التكبر عن قبول الحق والامتناع عنه، فإن الكبر بطر الحق، ومن أبى قبول الحق تعاظماً عليه فهو متكبر، وجزاء المتكبرين أن يحشروا أمثال الذر في صور الرجال فيغشاهم الذل من كل مكان، وقد قال r " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " رواه البخاري، فجانب الهوى والتعصب فقد قيل: (إذا اشتبه على العاقل أمران اجتنب أقربهما من هواه).
وختاماً أرجو ممن يطلع على هذه الرسالة أن لا يتوانى بتوجيه أو إرشاد أو بيان خطأ، فالخطأ من طبع البشر إلاّ من عصم الله، وأتوب إلى الله وأستغفره من كل خطأ وزلل، ولا يفوتني أخيراً أن أشكر من كان سبباً في إخراج هذه الرسالة وأشار عليَّ بكتابتها، فالدال على الخير كفاعله.
وللاستزادة في هذا الموضوع وغيره من المواضيع المتعلقة بالمساجد فيراجع:
1 - بدع القرَّاء القديمة والمعاصرة للشيخ / بكر بن عبد الله أبو زيد.
2 - رسالة في حكم استخدام مكبرات الصوت للشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن السليماني وقد استفدت منها كثيراً في هذا الموضوع.
3 - الشامل في فقه الخطيب والخطبة للشيخ / سعود بن إبراهيم الشريم.
4 - الضوابط الشرعية لبناء المساجد للدكتور / يوسف القرضاوي.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
كتبه / سيف بن مريع بن حسن
الإثنين 21/ 06/1427هـ
--------------------------------------------------------------------------------
(1) بل وصل الأمر – كما أخبرني أحد الثقات – أنه في حي من الأحياء أصبح هناك تنافس بين أئمة المساجد حول قوة أجهزة المكبرات، بحيث يحاول كل إمام جعل الأجهزة الخاصة بالمسجد الذي يؤمه أعلى وأقوى من المساجد الأخرى!! بل قد يصل الأمر إلى تغيير دوري لهذه الأجهزة كل سنة أو سنتين، وهو الأمر الذي تصرف عليه الأموال الطائلة، والتي قد تصل إلى عشرات الآلاف من الريالات؛ فيكون هذا – ولا ريب – من أخذ أموال الناس بالباطل، والله المستعان.
(1) وإنما اقتصرنا على الأذان فقط لورود النصوص الصريحة الصحيحة في فضل رفع الصوت بالأذان، وللاستزادة انظر سنن أبي داود: كتاب الصلاة، باب: رفع الصوت بالأذان، وباب: الأذان فوق المنارة.
(1) وقد حصل أن بعض الأطفال ليفزع من شدة هذا الصوت ويجعلهم يستيقظون من النوم فزعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(2) حيث تذكر بعض النساء أنهن لا يقدرن على أداء الصلاة في البيوت في وقتها الواجب الموسع الاختياري، وذلك بسبب التشويش الذي يحصل من جراء إخراج الإمام قراءته عبر المكبرات الخارجية، فمن حقهن أن يصلين في أي وقت يردن الصلاة فيها خلال وقت الصلاة الشرعي، ومنعهن من خلال قراءة الإمام الخارجية فيه هدر لهذا الحق الشرعي.
(1) وإنما قلت (في غير الأذان). لأن الأصل فيه الإعلام والإعلان، كما مر معك.
(1) ثم إن الأصل في الإنسان المسلم أنه إذا سمع الأذان أن يبادر إلى الصلاة، ويترك ما لديه من عمل يشغله عنها. كما في قوله تعالى] يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون [وقوله تعالى] في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال % رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار [.
فمن لم يبادر إلى المسجد حال سماع الأذان أو الإقامة فهو مقصر ولا يلتفت إليه ولا إلى تقصيره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/440)
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[26 - 08 - 08, 05:57 م]ـ
جزاك الله خيرا، وهذه بعض الفوائد بحث حول هذه المسألة وهي مهمة وتسبب أذى كثيرا لمن في المساجد المجاورة ولمن في البيوت أيضا
من إجابات موقع الإسلام سؤال وجواب
سؤال رقم 38521 - لا ينبغي استعمال مكبرات الصوت خارج المسجد في الصلاة؟
هل الأفضل أن نصلي التراويح والتهجد بالميكروفونات الداخلية للمسجد أم بالمايكروفونات الخارجية لكي يسمع الناس في الشوارع والبيوت المجاورة؟.
الحمد لله
لا ينبغي استعمال مكبرات الصوت الخارجية في الصلاة، وسواء في
ذلك صلاة التراويح والتهجد أم غيرها من الصلوات كالفجر والمغرب والعشاء. وذلك لما
يترتب على هذا من مفاسد كثيرة وأذية لجيران المسجد.
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمنين:
كثر في الآونة الأخيرة استعمال أئمة المساجد لمكبرات الصوت
الخارجية والتي غالباً ما تكون في المئذنة وبصوت مرتفع جداً وفي هذا العمل تشويش
بعض المساجد على بعض في الصلاة الجهرية لاستعمالهم المكبرات في القراءة. فما حكم
استعمال مكبرات الصوت في الصلاة الجهرية إذا كان مكبر الصوت في المئذنة ويشوش على
المساجد الأخرى؟
فأجاب:
"ما ذكرتم من استعمال مكبر الصوت في الصلاة الجهرية على المنارة
فإنه منهي عنه؛ لأنه يحصل به كثير من التشويش على أهل البيوت والمساجد القريبة،
وقد روى الإمام مالك رحمه الله في الموطأ (178) من شرح الزرقاني في (باب العمل في
القراءة) عن البياضي فروة بن عمرو - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: "إن المصلي يناجي
ربه فلينظر بما يناجيه به ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن". وروى أبو داود (1332)
تحت عنوان: (رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله
عنه - قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة
فكشف الستر وقال: " ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم
على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة ". قال ابن عبد البر: حديث البياضي
وأبي سعيد ثابتان صحيحان.
ففي هذين الحديثين النهي عن الجهر بالقراءة في الصلاة حيث يكون
فيه التشويش على الآخرين وأن في هذا أذية ينهى عنها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله (23/ 61) من مجموع الفتاوى: ليس لأحد أن يجهر بالقراءة بحيث يؤذي غيره
كالمصلين.
وفي جواب له (1/ 350) من الفتاوى الكبرى: ومن فعل ما يشوش به على
أهل المسجد، أو فعل ما يفضي إلى ذلك منع منه اهـ.
وأما ما يدعيه من يرفع الصوت من المبررات فجوابه من وجهين:
الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجهر بعض الناس على
بعض في القرآن وبين أن ذلك أذية، ومن المعلوم أنه لا اختيار للمؤمن ولا خيار له في
العدول عما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ
لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ
لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ
ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً).
ومن المعلوم أيضاً أن المؤمن لا يرضى لنفسه أن تقع منه أذية
لإخوانه.
الوجه الثاني: أن ما يدعيه من المبررات - إن صح وجودها - فهي
معارضة بما يحصل برفع الصوت من المحذورات فمن ذلك:
1 - الوقوع فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من جهر المصلين
بعضهم على بعض.
2 - أذية من يسمعه من المصلين وغيرهم ممن يدرس علماً أو يتحفظه
بالتشويش عليهم.
3 - شغل المأمومين في المساجد المجاورة عن الاستماع لقراءة إمامهم
التي أمروا بالاستماع إليها.
4 - أن بعض المأمومين في المساجد المجاورة قد يتابعون في الركوع
والسجود الإمام الرافع صوته، لاسيما إذا كانوا في مسجد كبير كثير الجماعة حيث
يلتبس عليهم الصوت الوافد بصوت إمامهم، وقد بلغنا أن ذلك يقع كثيراً.
5 - أنه يفضي إلى تهاون بعض الناس في المبادرة إلى الحضور إلى
المسجد؛ لأنه يسمع صلاة الإمام ركعة ركعة، وجزءاً جزءاً فيتباطأ اعتماداً على أن
الإمام في أول الصلاة فيمضي به الوقت حتى يفوته أكثر الصلاة أو كلها.
6 - أنه يفضي إلى إسراع المقبلين إلى المسجد إذا سمعوا الإمام في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/441)
آخر قراءته كما هو مشاهد، فيقعون فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من
الإسراع بسبب سماعهم هذا الصوت المرفوع.
7 - أنه قد يكون في البيوت من يسمع هذه القراءة وهم في سهو ولغو
كأنما يتحدون القارئ وهذا على عكس ما ذكره رافع الصوت من أن كثيراً من النساء في
البيوت يسمعن القراءة ويستفدن منها وهذه الفائدة تحصل بسماع الأشرطة التي سجل عليها
قراءة القراء المجيدين للقراءة.
وأما قول رافع الصوت إنه قد يؤثر على بعض الناس فيحضر ويصلي
لاسيما إذا كان صوت القارئ جميلاً، فهذا قد يكون حقاً، ولكنه فائدة فردية منغمرة
في المحاذير السابقة.
والقاعدة العامة المتفق عليها: أنه إذا تعارضت المصالح والمفاسد
، وجب مراعاة الأكثر منها والأعظم، فحكم بما تقتضيه فإن تساوت فدرء المفاسد أولى
من جلب المصالح.
فنصيحتي لإخواني المسلمين أن يسلكوا طريق السلامة، وأن يرحموا
إخوانهم المسلمين الذين تتشوش عليهم عباداتهم بما يسمعون من هذه الأصوات العالية
حتى لا يدري المصلي ماذا قال ولا ماذا يقول في الصلاة من دعاء وذكر وقرآن.
ولقد علمت أن رجلاً كان إماماً وكان في التشهد وحوله مسجد يسمع
قراءة إمامه فجعل السامع يكرر التشهد لأنه عجز أن يضبط ما يقول فأطال على نفسه وعلى
من خلفه.
ثم إنهم إذا سلكوا هذه الطريق وتركوا رفع الصوت من على المنارات
حصل لهم مع الرحمة بإخوانهم امتثال قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يجهر بعضكم
على بعض في القرآن ". وقوله: " فلا يؤذين بعضهم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في
القراءة ". ولا يخفى ما يحصل للقلب من اللذة الإيمانية في امتثال أمر الله ورسوله
وانشراح الصدر لذلك وسرور النفس به اهـ.
وقال أيضاً:
" ولا مانع أن يستثنى من ذلك المسجدان المكي والنبوي، وكذلك
الجوامع في صلاة الجمعة؛ لأنه ربما يكون بعض المصلين خارج المسجد فيحتاجون إلى
سماع صوت الإمام بشرط أن لا تكون الجوامع متقاربة يشوش بعضها على بعض، فإن كانت
كذلك فإنه توضع سماعات على جدار المسجد تسمع منها الخطبة والصلاة وتلغى حينئذ
سماعات المنارة لتحصل الفائدة بدون أذية للآخرين" اهـ.
انظر: "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (13/ 74 - 96).
2 - حكم مكبرات الصوت بالمساجد
سيف بن مريع بن حسن
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد.
فحباً في نشر العلم، ورجوعاً للحق، ونصحاً لإخواني المسلمين، عملاً بقوله r - كما عند مسلم – "الدين النصيحة" جاءت هذه الرسالة الموجزة حول موضوع (استعمال مكبرات الصوت في المساجد) والتي أسأل الله U أن ينفع بها، وأن يجعلها في ميزان أعمال كاتبها وقارئها وناشرها، إنه سميع قريب.
كما أرجو من الله القدير أن يعين كل صاحب همة ومروءة ونخوة نحو ربه ودينه إلى تطبيق ما جاء فيها. وما قصدت بذلك إلاّ الخير، فإن كان مقبولاً فدعاء من الأعماق بالرشد والصواب، وإن كان غير ذلك فدعاء بالرشد والهداية، وفي كل خير.
مدخل إلى الموضوع:
إن مما أنعم الله به علينا في هذه البلاد المباركة بناء المساجد وعمارتها حساً ومعنىً، عمارة حسية من خلال بناء وتشييد هذه المساجد في المدن والقرى والهجر والأحياء، وعمارة معنوية بالصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن الكريم. كما أن من نعم الله علينا وجود أجهزة المكبرات الصوتية والتي تسمى "بالميكروفونات" وذلك عند استخدامها في محلها الصحيح بالإعلان عن شعيرة من أهم الشعائر وهي الصلاة، وإعلام الناس بدخول وقتها، وهذا الأمر مطلوب شرعاً، وهو من الوسائل المشروعة التي نُص عليها، وما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب.
والناس – وبالأخص الأئمة والمؤذنون – حول هذه المسألة طرفان ووسط، فقسم يرى وجوب إسماع الناس قراءة القرآن والوعظ والخطب والدروس والمحاضرات بحجة تعليم من بالبيوت وخاصة النساء وأصحاب الأعذار حتى لو تعدى الأمر إلى مسافات بعيدة قد تصل إلى مئات الأمتار في كثير من الأحيان ([1]).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/442)
وطرف آخر يرى أن تمنع هذه المكبرات حتى ولو في الأذان بحجة الضرر المترتب نتيجة الاستخدام السيئ لهذه الأجهزة، أو كونهم يرون بدعيتها، وهذا ما كان عليه بعض المشايخ في أول الأمر بحجة أنه لم يفعلها أحد من سلف الأمة ثم اتضح أنها لا تدخل في باب البدعة؛ بل في باب المصالح المرسلة.
والحق في هذه المسألة هو القول الوسط، حيث ينبغي اقتصار هذه المكبرات الخارجية على الأذان فقط ([2])، أما الصلاة ونحوها كالخطب والمواعظ فيقتصر الأمر على الإذاعة الداخلية فقط – وخصوصاً في المساجد المجهزة بهذه التقنية – وذلك لإسماع من بالمسجد لمن يحتاج إليها، والحاجة تقدر بقدرها.
ما المحاذير والأضرار الناتجة عن سوء استخدام مكبرات الصوت؟
أما استخدام هذه الأجهزة (الميكروفونات) في غير الأذان، من إذاعة الصلاة وقراءة الإمام بها، والخطب والمواعظ ففي ذلك عدة محاذير وأضرار، منها:
1 - التشويش الحاصل من بعض المساجد على بعضها الآخر، حتى تلتبس قراءة الإمام وصلاته على المأمومين خلفه، فيركعون مثلاً قبل إمامهم، أو يسجدون مع ذلك الإمام في المسجد القريب، أو لا يحسن لهم الاستماع لقراءة إمامهم، أو لا يحصل لهم الخشوع الواجب في صلاتهم، أو قد يلتبس على البعض دعاؤه حال الصلاة!!
ولا يشك عاقل أن هذه مفسدة وضرر توجب منع موجبها، ثم إن الناس خارج المسجد لا يحتاجون إلى سماع صلاة الإمام ولا تكبيراته، وإنما المصلون الذين بداخل المسجد هم الذين بحاجة إلى ذلك.
2 - ومن هذه المحاذير والأضرار، الإزعاج الحاصل من هذه المكبرات لجيران المسجد من الأطفال ([3]) والمرضى والنساء ([4]) والنيام المعذورين، ومن لديهم أعمال أو استذكار، ومن لا تلزمهم الصلاة مع الجماعة، وبخاصة صلاة النافلة، كالتراويح والقيام في شهر رمضان، أو أنهم قد صلوها من أول الليل، أو أنهم يؤخرونها إلى آخره، أو قد تكون لا تلزمهم تلك الصلاة النافلة، أو قد يكون هناك من لديهم أعمال فيحتاجون إلى النوم مبكراً، أو قد يكون هناك الشيوخ المسنين المضطربين في نومهم، ونحو ذلك.
وعلى هذا فيكون رفع الصوت بالقراءة من خلال الإذاعة الخارجية سبباً في إزعاجهم وإيذائهم بغير حق، واعتداء على حقوقهم، والشريعة سمحة – ولله الحمد والمنة – أتت لإسعاد الناس وليس لشقائهم.
3 - ومن المحاذير والأضرار المترتبة على هذه المكبرات الخارجية، أن كثيراً من المصلين عندما يسمعون أن المسجد القريب منهم قد أقام الصلاة، أو أنهم انصرفوا من صلاتهم، وإمامهم لم يشرع بعد في صلاته، فإنهم حينئذ يأخذون بلومه والتذمر منه، فيحاول بالتالي أن يعجل بهم في الصلاة مخافة لومهم، وقد يقصر في خشوع الصلاة وطمأنينتها، وهذا أمر مشاهد معلوم.
4 - ومن المحاذير كذلك أن في رفع الصوت بالقراءة في الصلاة من بعض الأئمة وعبر هذه المكبرات قد يجلب عليه الرياء والسمعة، فكم سمعنا عن إمام يتفنن في تبليغ قراءته عبر المكبرات، ويحرص على ذلك ما لا يحرص على إقامة الصلاة وخشوعها، فهذا المُخرج لصوته عبر مكبرات الصوت لا ينبغي أن يأمن على نفسه الفتنة، وهو يعلم أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فهو يعلم أن نساء الحي وغيرهن يسمعونه، فترى الشيطان والنفس الأمارة بالسوء والهوى يدعونه للتصنع في القراءة لإطرابهم ليقولوا قارئ حسن الصوت!!! فليعلم هذا وغيره أن أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة: منهم القارئ يقال له قرأت ليقال قارئ فقد قيل، فيكون من أول من تسعر به النار يوم القيامة.
5 - أن رفع الصوت بالمكبرات الخارجية ليس من توقير كتاب الله وتعظيمه، فيخرج هذا الصوت خارج المسجد ويبقى كثير من الناس لا ينصتون بل هم مشغولون عنه، بل المشاهد أن الإمام يقرأ القرآن بواسطة هذه المكبرات، وبعض الناس في بيوتهم يسمعون القرآن ولا ينصتون، بل إنك لربما تجد بعضهم يستمع إلى الموسيقى والأغاني، أو يرقص في بيته، والإمام بجواره يقرأ القرآن، بل وقد تكون الأسواق عامرة بالناس بيعاً وشراءً، ولاسيما وقت صلاة التراويح، وما يتبع ذلك من لغط وكذب وغش وخداع ومنكرات، والقرآن يتلى على رؤوسهم!! وهذا كما لا يخفى خلاف ما أمر الله به، وبناء عليه فليس من تنزيه كتاب الله تعالى وتوقيره أن يرفع الإمام صوته بالقرآن من خلال أجهزة المكبرات الخارجية، فهذا من الجهر المكروه إن لم يكن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/443)
من الجهر المحرم، وهو من المضارة بالقرآن الكريم.
مسألة: هل يوجد في الشرع ما يدل على استحباب استعمال هذه المكبرات في الصلاة، والجهر بالقرآن الكريم بها؟
أقول – وبالله التوفيق – أن في القرآن الكريم والسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ما يدل على المنع من استخدام المكبرات الصوتية الخارجية في غير الأذان.
فمن أدلة القرآن الكريم:
قول الله U : ] ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين [الأعراف (55) وقوله تعالى عن عبده الصالح زكريا u ، وكيف كان يدعوه، وصفة صلاته] ذكر رحمت ربك عبده زكريا % إذ نادى ربه نداءً خفياً [مريم (2، 3) وقوله U : ] واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال، ولا تكن من الغافلين [الأعراف (205).
ففي هذه الآيات الكريمات دلالة وإرشاد إلى أنه يجب أن تكون صلاتنا بخشوع وتضرع وخوف وسكينة، وخفية، لا بالضجيج والصياح والصراخ، والجهر الزائد عن قدر الحاجة، فالأصل في الصلاة السرية الإسرار، وفي الجهرية الجهر اليسير الذي يكون بقدر الحاجة من إسماع المأمومين، أو تنشيط على قيام الليل، بحيث لا يخرج عن آداب الضراعة والخوف من الله سبحانه وتعالى، فيكون الدعاء أو الصلاة أبعد عن الرياء والسمعة، وأقرب إلى الإخلاص والقبول، وفي الجهر بالصلاة أو القرآن أو الدعاء وغير ذلك عبر هذه المكبرات مخالفة صريحة لهذه النصوص الكريمة، فنحن ندعو سميعاً قريباً مجيباً لا أصم غائباً.
من أدلة السنة النبوية:
ومن أدلة السنة النبوية على المنع من استعمال المكبرات الصوتية الخارجية في غير الأذان.
ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في وصف قراءة رسول الله r في قيام الليل، قال: "كانت قراءة النبي r على قدر ما يسمعه من في الحجرة وهو في البيت" أخرجه أبو داود، كتاب التطوع، باب في صلاة الليل، وقال عنه الألباني حسن صحيح.
فإذا كان هذا هو هدية عليه الصلاة والسلام لاسيما في صلاة الليل، وهو الأسوة، يسمعه من كان في الحجرة، ولا يبلغ ذلك، ولا يجهر بقراءته إلى كل من في البيت، فحرى بالمسلمين اليوم أن يهتدوا بهديه ويعملوا بسنته، ولا يؤذون النائمين وغيرهم بواسطة هذه المكبرات.
وعند أبي داود أنه r اعتكف في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: " ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذيين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة " رواه أبو داود، كتاب التطوع، بابٌ في صلاة الليل، والحديث صححه للألباني.
وهذا إذا كان الجهر لا يؤذي أحداً، أو لا يشوش على أحد، وفيه مصلحة وحاجة، وإلاّ فإن الله U يقول:] إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها أو تؤتوها الفقراء فهو خير لكم، ويكفر عنكم من سيئاتكم، والله بما تعملون خبير [البقرة (271).
فالإخفاء خير لنا وأبعد عن الرياء المحبط للأعمال، وهو سبحانه عليم خبير بأحوال عباده وأعمالهم، سواء من أسر منهم القول أو جهر به.
فهذه الأحاديث نصوص قاطعة، مؤيدة لما ذكرت من عدم استحباب استعمال هذه المكبرات في غير الأذان، وأن الأصل هو عدم رفع الصوت بالذكر والقراءة والدعاء، إلاّ بالقدر الذي ورد للمصلحة أو الحاجة كما أسلفنا.
كما أن هناك أيضاً نصوص أخرى قد يستدل بها على المنع من الصلاة بهذه المكبرات ومنها:
ما رواه البخاري – رحمه الله – عن أنس t قال: (كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها فقال لها النبي r : " أميطي قرامك فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي " كتاب الصلاة، باب: إن صلى في ثوب مصلّب أو تصاوير هل تفسد صلاته؟ وما ينهى عن ذلك.
فتأمل – رحمك الله – الحديث، حيث أن فيه دليل على أن كل ما يشغل المصلي، أو يشوش عليه يجب أن يزال، ومن ذلك المكبرات الصوتية لغير الأذان.
ومما قد يستدل به على المنع أيضاً ما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة t أن رسول الله r انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: " هل قرأ معي أحد منكم آنفاً؟ " فقال رجل: نعم يا رسول الله، قال: " إني أقول مالي أنازع القرآن " رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب: من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام. والحديث صححه الألباني.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/444)
فهذا الحديث نص ظاهره في المنع من كل ما يشوش على المصلي صلاته سواء كان إماماً أو منفرداً، وهذه المكبرات من المشاهد والمحسوس أنها تشوش على المصلين، وعليه فتمنع.
من أقوال أهل العلم:
1 - قال شيخ الإسلام رحمه الله (من كان يقرأ القرآن والناس يصلون تطوعاً فليس له أن يجهر جهراً يشغلهم به، فإن النبي r خرج على أصحابه وهم يصلون من السحر فقال: " يا أيها الناس كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض في القراءة " مجموع الفتاوي 23/ 61.
وقال رحمه الله في موضع آخر، وفي مسألة شبيهة لما نحن بصدده عندما سئل عن مسجد يقرأ فيه القرآن والتلقين بكرة وعشية ثم على باب المسجد شهود يكثرون الكلام، ويقع التشويش على القراء، فهل يجوز ذلك أم لا؟
فأجاب رحمه الله: (الحمد لله، ليس لأحد أن يؤذي أهل المسجد، أو أهل الصلاة، أو القراءة، أو الذكر، أو الدعاء، ونحو ذلك مما بنيت المساجد له، فليس لأحد أن يفعل في المسجد ولا على بابه أو قريباً منه ما يشوش على هؤلاء، بل قد خرج النبي r على أصحابه وهم يصلون، ويجهرون بالقراءة، فقال: " أيها الناس! كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض في القراءة ".
فإذا كان قد نهى المصلي أن يجهر على المصلي، فكيف بغيره؟! ومن فعل ما يشوش به على أهل المسجد، أو فعل ما يفضي إلى ذلك، مُنع من ذلك، والله أعلم. أ. هـ مجموع الفتاوي 22/ 205.
ولا ريب أن ما يحصل من بعض المساجد من رفع الصوت بقراءة القرآن، والصلاة بالمكبرات فيه تشويش على أهل المسجد والمصلين في المساجد القريبة الأخرى، فيمنع من ذلك كما قال الشيخ – رحمه الله – في فتواه. وأظن أن الشيخ – رحمه الله – لو كان حياً اليوم، ورأى ما آلت إليه بعض المساجد من التباهي برفع الأصوات بهذه المكبرات في غير الأذان لأنكر ذلك وحذر منه، لما يعلم عنه – رحمه الله – من غيرته على دين الله U ، ومصلحة المسلمين.
2 - وقال النووي – رحمه الله – في بيان خوف السلف – رحمهم الله – من الرياء، وكراهتهم له: (وأما الآثار عن الصحابة والتابعين من أقوالهم وأفعالهم فأكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، وهذا كله فيمن لا يخاف رياءً، ولا إعجاباً، ولا نحوهما من القبائح، ولا يؤذي جماعة يلبس عليهم صلاتهم ويخلطها عليهم). التبيان في آداب حملة القرآن ص60.
3 - وقال ابن الجوزي – رحمه الله: (وقد لبس إبليس على قوم من القراء فهم يقرأون القرآن في منارة المسجد بالليل بالأصوات المجتمعة المرتفعة الجزء والجزأين فيجمعون بين أذى الناس في منعهم من النوم وبين التعرض للرياء). تلبيس إبليس ص175.
قلت: وما أشبه أولئك الذين يقرأون القرآن في منارة المسجد بهؤلاء الذين يضعون الأجهزة المكبرة بأعلى منارة المسجد.
4 - قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: (أمَّا استعمال مكبرات الصوت في الصلاة الجهرية إذا كان يشوش على المساجد الأخرى أو على المصلين في البيوت التي حوله منهي عنه، ومن المعلوم أن رفع الصوت من المنارة يحصل به التشويش على المصلين في المساجد الأخرى، إذا كانت قريبة أو كانت الرياح متجمعة إليها، كما يحصل به التشويش على المصلين في البيوت التي حول المسجد، ولا يخفى ما يحصل من تأذي من حصل عليه التشويش، ففي رفع الصوت من المنارة بالصلاة الجهرية عدة محاذير:
الوقوع فيما نهى عنه النبي r .
التشويش على إخوانه المصلين في المساجد الأخرى وإيذائهم بذلك، حتى إنَّ بعضهم ينشغل عن الاستماع لقراءة إمامه.
تهاون بعض الناس في الحضور إلى المسجد، لأنه يسمع صلاة الإمام ركعة ركعة وجزءاً جزءاً فيتباطأ بناء على أن الإمام في أول الصلاة، حتى يتمادى به الوقت فتفوته الصلاة أو كثير منها، وهناك أشياء أخرى لا تتسع هذه الورقة لذكرها، فنصيحتي لإخواني أن يسلكوا طريق السلامة، ويبتعدوا عما يشوش على إخوانهم ويؤذيهم. أ. هـ (تجد نسخة من هذه الفتوى مرفقة بالرسالة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/445)
وقال رحمه الله: (إن من أنعم الله به على عباده في هذا العصر مكبرات الصوت التي تبلغ صوت الإمام لمن خلقه فيسمعه جميع أهل المسجد، وينشطون لصلاتهم لذلك، ولكن بعض الناس استعمله استعملاً سيئاً، فرفعه على المنارة، وهذا حرام لأنه وقوع فيما نهى عنه النبي r حين خرج على أصحابه وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال: "كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن "، ولأنه أذية للمصلين حوله في المساجد والبيوت، حيث يشوش عليهم القراءة والدعاء فيحول بينهم وبين ربهم، وقد قال الله تعالى:] والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً [ويمكن حصول منفعة مكبر الصوت بدون مضرة بأن يفصل عن المنارة، ويوضع سمّاعات في داخل المسجد تنفع المصلين ولا تؤذي من كان خارج المسجد. أ. هـ. الضياء اللامع من الخطب الجوامع (469).
وقال رحمه الله: (حكم قراءة الرجل في المسجد في الحال التي يشوش بها على غيره من المصلين أو الدارسين أو قارئ القرآن، حكم ذلك حرام، لوقوعه فيما نهى عنه النبي r . ( مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين). المجلد 13 – آداب الخروج إلى المسجد.
وقال رحمه الله: (إن بعض الأئمة يروق له أن يصلي على مكبر الصوت، وهذا إذا كان ينشط المأمومين لا بأس به بشرط أن يكون ذلك داخل المسجد لئلا يشوش على من حوله من المساجد أو على من حوله من البيوت فمن يصلون ويعبدون الله فإن كان يشوش عليهم فليس له أن يرفعه في مكبر الصوت، لأن رسول الله r خرج على أصحابه وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فأخبرهم أن كل مصلٍ يناجي ربه، وقال لهم: " لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن " فنهاهم النبي r أن يجهر بعضهم على بعض في القرآن، لأن ذلك يشوش على الناس فلا يدرون ماذا يقولون في ركوعهم وسجودهم، لاسيما إذا كانوا قريبين من ذلك، ولا يدرون ماذا يقول إمامهم الذي بين أيديهم، ولقد سمعت أن بعض المساجد المجاورة لمن يرفعون القراءة في الصوت، في صوت المكبر، سمعت أنه لمَّا قال هذا الذي رفع الصوت] ولا الضالين [قال المأمومون خلف إمامهم] آمين [يظنون أو غلطوا على أنه إمامهم، والإنسان المؤمن عليه أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فكما أن الإنسان يكره أن يكون له من يشوش عليه صلاته، فكذلك ينبغي له أن يراعي الناس في هذا حتى يتم له بذلك الإيمان، لأن رسول الله r يقول: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فاتقوا الله أيها المؤمنون، وافعلوا ما فيه المصالح من غير أن يكون في ذلك مضرة على غيركم، فإن الإنسان مسؤول أمام الله يوم القيامة. (من شريط: استقبال شهر رمضان، وصيامه وقيامه).
5 - وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في تسجيل صوتي له: " لا يجوز رفع الصوت بقراءة القرآن في المسجد إذا كان يؤثر على الآخرين على القارئين للقرآن في الصف، أو يؤثر على المصلين الذين يصلون الراتبة أو تحية المسجد، فإن كان يترتب على الجهر بقراءة القرآن إضراراً بالآخرين فإنه لا يجوز، خرج النبي r ، وأصحابه يصلون من الليل ويجهرون فقال: " كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض ". نعم، وبالمناسبة هؤلاء الذين يرفعون أصوات مكبرات الصوت خارج المسجد ويشوشون على الجيران، ويشوشون على المساجد الأخرى، هؤلاء لا يجوز لهم هذا العمل، لأن فيه إيذاء وإغرار بالآخرين، وتشويشاً عليهم في صلواتهم وعباداتهم.
ومن الأدلة العقلية:
ومن الأدلة العقلية التي قد يُستدل بها على منع القراءة بمثل هذه المكبرات أنه لو فرض أن إنساناً فتح مذياعاً في بيته أو في سيارته، يذيع القرآن بصوت عال، فمنعه الناس كي لا يزعج النائمين ونحوهم، فهل يعدون ظالمين مخطئين منافقين لا يحبون سماع كلام الله؟!!
فإذا علم ما تقدم من نصوص الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم، فإنه يتضح بذلك عدم مشروعية استعمال هذه المكبرات في غير الأذان ([5]). ولا أظن أن قائلاً يصر بعد التأصيل والنظر فيما نقلت من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، وأقوال أهل العلم على القول باستحباب مثل هذه المكبرات الصوتية لغير الأذان. والله أعلم.
شبهة القائلين باستحباب أو جواز هذه المكبرات حتى في غير الأذان، والرد عليها:
يمكن إجمالاً حصر شبه المستحبين أو المجيزين في الأمور التالية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/446)
1 - تعليم النساء اللواتي في البيوت وغيرهن من أصحاب الأعذار القرآن الكريم والأحكام والمواعظ.
2 - حصول الأجر من سماع القرآن الكريم.
3 - اهتداء الغريب عن الحي إلى مكان المسجد.
4 - إعانة الناس على إدراك الصلاة جماعة في المسجد.
5 - إعطاء روحانية وبعداً نفسياً للمستمعين خارج المسجد وخاصة خلال صلاة التراويح والقيام.
هذا إجمالاً ما أورده القائلون باستحباب أو جواز هذه المكبرات الخارجية.
الرد:
على فرض أن هذه مصالح معتبرة – وإن كنت لا أسلم ببعضها – فإن كثيراً من الناس يعتقد أن في بعض الأمور مصلحة راجحة، والأمر ليس كذلك، ثم على القول بأنها مصالح، فإن لدينا قاعدة فقهية معروفة، وهي: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)، وهذه قاعدة عظيمة وأصل عظيم من أصول الشريعة، يشهد له مثل قوله U ] يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما [(البقرة 219) فمع أنه سبحانه ذكر أن فيهما منافع للناس، لكنه U حرَّمهما معلِّلاً ذلك بأن مضرتهما أكبر من نفعهما، والشريعة الإسلامية لم تهمل مصلحة راجحة قط، وقد قال U ] وما كان ربك نسيّا [.
ثم إن هذه المصالح يمكن الاستغناء عنها بما هو خير وأكبر نفعاً، فمثلاً النساء وغيرهن ممن هم في البيوت من أصحاب الأعذار يمكنهم الاستماع للقرآن وتعلم الأحكام والمواعظ عن طريق أناس صالحين، أو عن طريق المذياع والأشرطة والمسجلات، وغيرها من الوسائل المنتشرة المعروفة ولله والحمد، وأمَّا خطب الجمعة فمن المعلوم أنها ليست مقررة على من كان في البيوت، بل هي مقررة على المصلي المؤدي لصلاة الجمعة، وأمَّا المحاضرات فمن أراد أن يستمع لها فسيأتي متى ما كان راغباً راجياً ثواب الله.
ثم إنك تجد بعضاً من هؤلاء الأئمة الذين يريدون إسماع من كان في البيوت تجدهم في قراءتهم وفي خطبهم يلحنون لحناً فاحشاً يحيل ويفسد المعنى!!! فقل لي بربك كيف يتعلم الآخرون من مثل هؤلاء وكيف يستفيدون من قراءتهم، وقد قيل (فاقد الشيء لا يعطيه (؟!! وصدق من قال: (كم من مريد للخير لن يصيبه).
أمَّا ما قيل عن الغريب عن الحي فهذا من النادر، والنادر لا حكم له، أو أنه يمكن للغريب الاهتداء للمسجد عن طريق السؤال أو سماع الأذان، أو رؤية منارة المسجد، ونحو ذلك.
وما قيل أن في استعمال هذه المكبرات عوناً للناس في إدراك الجماعة. أقول بل أرى أنه خلاف ذلك، فكثير من الناس تجده لا يذهب إلى المسجد إلاَّ إذا شرع الإمام في الصلاة، وبعضهم يأتي في الركعة الثانية أو الثالثة، وتفوت الكثير منهم بسبب ذلك صلاة الجماعة، فأي مصلحة وإعانة في ذلك؟!! بل إن كثيراً منهم عندما يسمع الإمام يقرأ أو يصلي واقترب الإمام من الركوع يسرع في مشيه، ويخالف بذلك أمره r من عدم الإسراع في المشي إلى الصلاة ولا يبعد أن يكون هذا الإمام مشاركاً لهذا المتخلف في هذه المعصية بسبب إقراره لهذا المنكر، أعني المكبرات الخارجية ([6]).
وأمّّا كون هذه المكبرات تعطي روحانية وبعداً نفسياً وبالأخص في التراويح والقيام فهذا غير مسلم به، بل المشاهد أن أصوات أئمة المساجد مختلطة، وتداخلها ظاهر جداً، مما يتنافى مع الخشوع والتركيز والتمعن في آيات القرآن الكريم.
وللشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – ردٌ آخر على هذه تجده مرفقاً مع هذه الرسالة.
هذا ما تيسر للرد على هذه الشبهة، وقد رأيتَ كيف تهاوت هذه الشبهة في مواجهة القول الحق والفصل في هذه المسألة (فأما الزبد فيذهب جفاءً وأمَّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
أمَّا القصص والحوادث المتعلقة بهذا الأمر فمؤلمة ومحزنة جداً، ولولا خشية الإطالة لأوردت طرفاً منها، ومن القلق والإزعاج الذي تسببه هذه المكبرات الخارجية، لكن الناس ولعوامل روحية، وللمكانة التي يحتلها المسجد في قلوبهم قد لا يبوحون بهذا الأمر، لكن الحق أحق أن يتبع، والخطأ يناقش ويصحح بما يتوافق مع ما شرعه الله U .
الخاتمة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/447)
يتعين على المسلم أن يصحح نيته وأن يسعى في ابتغاء مرضاة الله، فكل مسجد أسس لغير نية صالحة، بل ببواعث أخرى هو مسجد لا خير فيه، ولا بركة ترجى من ورائه فيجب على أهل الإيمان أن يتخذوا موقفاً من هذا البنيان الذي أسس على غير تقوى من الله ورضوان، كما وقف النبي r من (مسجد الضرار) المعروف والذي ذكره لله تعالى في القرآن، وشدد النكير على مؤسسيه.
كما أنه يتعين على المسلم أن يترك ما تعوده وألفه، أو وجد عمل آبائه أو الناس عليه إذا كان مخالفاً لشرع الله، فإن الله U قد أخبر عن المشركين أن حجتهم في مخالفة الرسل وعدم اتباع ما جاءوا به من الحق أنهم قالوا:] إنَّا وجدنا آبائنا على أمة وإنَّا على آثارهم مقتدون [الزخرف (23).
وقال سبحانه وتعالى:] وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون [البقرة (170).
فالواجب تقديم أمر الله ورسوله r على الهوى والنفس، كما قال سبحانه وتعالى:] وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم [الأحزاب (36).
فالأصلح والأنفع لنا ما شرعه الله فإنه سبحانه حكيم عليم.
فإيَّاك أخي من التكبر عن قبول الحق والامتناع عنه، فإن الكبر بطر الحق، ومن أبى قبول الحق تعاظماً عليه فهو متكبر، وجزاء المتكبرين أن يحشروا أمثال الذر في صور الرجال فيغشاهم الذل من كل مكان، وقد قال r " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " رواه البخاري، فجانب الهوى والتعصب فقد قيل: (إذا اشتبه على العاقل أمران اجتنب أقربهما من هواه).
وختاماً أرجو ممن يطلع على هذه الرسالة أن لا يتوانى بتوجيه أو إرشاد أو بيان خطأ، فالخطأ من طبع البشر إلاّ من عصم الله، وأتوب إلى الله وأستغفره من كل خطأ وزلل، ولا يفوتني أخيراً أن أشكر من كان سبباً في إخراج هذه الرسالة وأشار عليَّ بكتابتها، فالدال على الخير كفاعله.
وللاستزادة في هذا الموضوع وغيره من المواضيع المتعلقة بالمساجد فيراجع:
1 - بدع القرَّاء القديمة والمعاصرة للشيخ / بكر بن عبد الله أبو زيد.
2 - رسالة في حكم استخدام مكبرات الصوت للشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن السليماني وقد استفدت منها كثيراً في هذا الموضوع.
3 - الشامل في فقه الخطيب والخطبة للشيخ / سعود بن إبراهيم الشريم.
4 - الضوابط الشرعية لبناء المساجد للدكتور / يوسف القرضاوي.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
كتبه / سيف بن مريع بن حسن
الإثنين 21/ 06/1427هـ
--------------------------------------------------------------------------------
(1) بل وصل الأمر – كما أخبرني أحد الثقات – أنه في حي من الأحياء أصبح هناك تنافس بين أئمة المساجد حول قوة أجهزة المكبرات، بحيث يحاول كل إمام جعل الأجهزة الخاصة بالمسجد الذي يؤمه أعلى وأقوى من المساجد الأخرى!! بل قد يصل الأمر إلى تغيير دوري لهذه الأجهزة كل سنة أو سنتين، وهو الأمر الذي تصرف عليه الأموال الطائلة، والتي قد تصل إلى عشرات الآلاف من الريالات؛ فيكون هذا – ولا ريب – من أخذ أموال الناس بالباطل، والله المستعان.
(1) وإنما اقتصرنا على الأذان فقط لورود النصوص الصريحة الصحيحة في فضل رفع الصوت بالأذان، وللاستزادة انظر سنن أبي داود: كتاب الصلاة، باب: رفع الصوت بالأذان، وباب: الأذان فوق المنارة.
(1) وقد حصل أن بعض الأطفال ليفزع من شدة هذا الصوت ويجعلهم يستيقظون من النوم فزعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(2) حيث تذكر بعض النساء أنهن لا يقدرن على أداء الصلاة في البيوت في وقتها الواجب الموسع الاختياري، وذلك بسبب التشويش الذي يحصل من جراء إخراج الإمام قراءته عبر المكبرات الخارجية، فمن حقهن أن يصلين في أي وقت يردن الصلاة فيها خلال وقت الصلاة الشرعي، ومنعهن من خلال قراءة الإمام الخارجية فيه هدر لهذا الحق الشرعي.
(1) وإنما قلت (في غير الأذان). لأن الأصل فيه الإعلام والإعلان، كما مر معك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/448)
(1) ثم إن الأصل في الإنسان المسلم أنه إذا سمع الأذان أن يبادر إلى الصلاة، ويترك ما لديه من عمل يشغله عنها. كما في قوله تعالى] يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون [وقوله تعالى] في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال % رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار [.
فمن لم يبادر إلى المسجد حال سماع الأذان أو الإقامة فهو مقصر ولا يلتفت إليه ولا إلى تقصيره.
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[26 - 08 - 08, 06:38 م]ـ
جزاك الله خيرا، وهذه بعض الفوائد بحث حول هذه المسألة وهي مهمة وتسبب أذى كثيرا لمن في المساجد المجاورة ولمن في البيوت أيضا
من إجابات موقع الإسلام سؤال وجواب
سؤال رقم 38521 - لا ينبغي استعمال مكبرات الصوت خارج المسجد في الصلاة؟
هل الأفضل أن نصلي التراويح والتهجد بالميكروفونات الداخلية للمسجد أم بالمايكروفونات الخارجية لكي يسمع الناس في الشوارع والبيوت المجاورة؟.
الحمد لله
لا ينبغي استعمال مكبرات الصوت الخارجية في الصلاة، وسواء في
ذلك صلاة التراويح والتهجد أم غيرها من الصلوات كالفجر والمغرب والعشاء. وذلك لما
يترتب على هذا من مفاسد كثيرة وأذية لجيران المسجد.
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمنين:
كثر في الآونة الأخيرة استعمال أئمة المساجد لمكبرات الصوت
الخارجية والتي غالباً ما تكون في المئذنة وبصوت مرتفع جداً وفي هذا العمل تشويش
بعض المساجد على بعض في الصلاة الجهرية لاستعمالهم المكبرات في القراءة. فما حكم
استعمال مكبرات الصوت في الصلاة الجهرية إذا كان مكبر الصوت في المئذنة ويشوش على
المساجد الأخرى؟
فأجاب:
"ما ذكرتم من استعمال مكبر الصوت في الصلاة الجهرية على المنارة
فإنه منهي عنه؛ لأنه يحصل به كثير من التشويش على أهل البيوت والمساجد القريبة،
وقد روى الإمام مالك رحمه الله في الموطأ (178) من شرح الزرقاني في (باب العمل في
القراءة) عن البياضي فروة بن عمرو - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: "إن المصلي يناجي
ربه فلينظر بما يناجيه به ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن". وروى أبو داود (1332)
تحت عنوان: (رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله
عنه - قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة
فكشف الستر وقال: " ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم
على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة ". قال ابن عبد البر: حديث البياضي
وأبي سعيد ثابتان صحيحان.
ففي هذين الحديثين النهي عن الجهر بالقراءة في الصلاة حيث يكون
فيه التشويش على الآخرين وأن في هذا أذية ينهى عنها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله (23/ 61) من مجموع الفتاوى: ليس لأحد أن يجهر بالقراءة بحيث يؤذي غيره
كالمصلين.
وفي جواب له (1/ 350) من الفتاوى الكبرى: ومن فعل ما يشوش به على
أهل المسجد، أو فعل ما يفضي إلى ذلك منع منه اهـ.
وأما ما يدعيه من يرفع الصوت من المبررات فجوابه من وجهين:
الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجهر بعض الناس على
بعض في القرآن وبين أن ذلك أذية، ومن المعلوم أنه لا اختيار للمؤمن ولا خيار له في
العدول عما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ
لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ
لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ
ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً).
ومن المعلوم أيضاً أن المؤمن لا يرضى لنفسه أن تقع منه أذية
لإخوانه.
الوجه الثاني: أن ما يدعيه من المبررات - إن صح وجودها - فهي
معارضة بما يحصل برفع الصوت من المحذورات فمن ذلك:
1 - الوقوع فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من جهر المصلين
بعضهم على بعض.
2 - أذية من يسمعه من المصلين وغيرهم ممن يدرس علماً أو يتحفظه
بالتشويش عليهم.
3 - شغل المأمومين في المساجد المجاورة عن الاستماع لقراءة إمامهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/449)
التي أمروا بالاستماع إليها.
4 - أن بعض المأمومين في المساجد المجاورة قد يتابعون في الركوع
والسجود الإمام الرافع صوته، لاسيما إذا كانوا في مسجد كبير كثير الجماعة حيث
يلتبس عليهم الصوت الوافد بصوت إمامهم، وقد بلغنا أن ذلك يقع كثيراً.
5 - أنه يفضي إلى تهاون بعض الناس في المبادرة إلى الحضور إلى
المسجد؛ لأنه يسمع صلاة الإمام ركعة ركعة، وجزءاً جزءاً فيتباطأ اعتماداً على أن
الإمام في أول الصلاة فيمضي به الوقت حتى يفوته أكثر الصلاة أو كلها.
6 - أنه يفضي إلى إسراع المقبلين إلى المسجد إذا سمعوا الإمام في
آخر قراءته كما هو مشاهد، فيقعون فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من
الإسراع بسبب سماعهم هذا الصوت المرفوع.
7 - أنه قد يكون في البيوت من يسمع هذه القراءة وهم في سهو ولغو
كأنما يتحدون القارئ وهذا على عكس ما ذكره رافع الصوت من أن كثيراً من النساء في
البيوت يسمعن القراءة ويستفدن منها وهذه الفائدة تحصل بسماع الأشرطة التي سجل عليها
قراءة القراء المجيدين للقراءة.
وأما قول رافع الصوت إنه قد يؤثر على بعض الناس فيحضر ويصلي
لاسيما إذا كان صوت القارئ جميلاً، فهذا قد يكون حقاً، ولكنه فائدة فردية منغمرة
في المحاذير السابقة.
والقاعدة العامة المتفق عليها: أنه إذا تعارضت المصالح والمفاسد
، وجب مراعاة الأكثر منها والأعظم، فحكم بما تقتضيه فإن تساوت فدرء المفاسد أولى
من جلب المصالح.
فنصيحتي لإخواني المسلمين أن يسلكوا طريق السلامة، وأن يرحموا
إخوانهم المسلمين الذين تتشوش عليهم عباداتهم بما يسمعون من هذه الأصوات العالية
حتى لا يدري المصلي ماذا قال ولا ماذا يقول في الصلاة من دعاء وذكر وقرآن.
ولقد علمت أن رجلاً كان إماماً وكان في التشهد وحوله مسجد يسمع
قراءة إمامه فجعل السامع يكرر التشهد لأنه عجز أن يضبط ما يقول فأطال على نفسه وعلى
من خلفه.
ثم إنهم إذا سلكوا هذه الطريق وتركوا رفع الصوت من على المنارات
حصل لهم مع الرحمة بإخوانهم امتثال قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يجهر بعضكم
على بعض في القرآن ". وقوله: " فلا يؤذين بعضهم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في
القراءة ". ولا يخفى ما يحصل للقلب من اللذة الإيمانية في امتثال أمر الله ورسوله
وانشراح الصدر لذلك وسرور النفس به اهـ.
وقال أيضاً:
" ولا مانع أن يستثنى من ذلك المسجدان المكي والنبوي، وكذلك
الجوامع في صلاة الجمعة؛ لأنه ربما يكون بعض المصلين خارج المسجد فيحتاجون إلى
سماع صوت الإمام بشرط أن لا تكون الجوامع متقاربة يشوش بعضها على بعض، فإن كانت
كذلك فإنه توضع سماعات على جدار المسجد تسمع منها الخطبة والصلاة وتلغى حينئذ
سماعات المنارة لتحصل الفائدة بدون أذية للآخرين" اهـ.
انظر: "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (13/ 74 - 96).
2 - حكم مكبرات الصوت بالمساجد
سيف بن مريع بن حسن
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد.
فحباً في نشر العلم، ورجوعاً للحق، ونصحاً لإخواني المسلمين، عملاً بقوله r - كما عند مسلم – "الدين النصيحة" جاءت هذه الرسالة الموجزة حول موضوع (استعمال مكبرات الصوت في المساجد) والتي أسأل الله U أن ينفع بها، وأن يجعلها في ميزان أعمال كاتبها وقارئها وناشرها، إنه سميع قريب.
كما أرجو من الله القدير أن يعين كل صاحب همة ومروءة ونخوة نحو ربه ودينه إلى تطبيق ما جاء فيها. وما قصدت بذلك إلاّ الخير، فإن كان مقبولاً فدعاء من الأعماق بالرشد والصواب، وإن كان غير ذلك فدعاء بالرشد والهداية، وفي كل خير.
مدخل إلى الموضوع:
إن مما أنعم الله به علينا في هذه البلاد المباركة بناء المساجد وعمارتها حساً ومعنىً، عمارة حسية من خلال بناء وتشييد هذه المساجد في المدن والقرى والهجر والأحياء، وعمارة معنوية بالصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن الكريم. كما أن من نعم الله علينا وجود أجهزة المكبرات الصوتية والتي تسمى "بالميكروفونات" وذلك عند استخدامها في محلها الصحيح بالإعلان عن شعيرة من أهم الشعائر وهي الصلاة، وإعلام الناس بدخول وقتها، وهذا الأمر مطلوب شرعاً، وهو من الوسائل المشروعة التي نُص عليها، وما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/450)
والناس – وبالأخص الأئمة والمؤذنون – حول هذه المسألة طرفان ووسط، فقسم يرى وجوب إسماع الناس قراءة القرآن والوعظ والخطب والدروس والمحاضرات بحجة تعليم من بالبيوت وخاصة النساء وأصحاب الأعذار حتى لو تعدى الأمر إلى مسافات بعيدة قد تصل إلى مئات الأمتار في كثير من الأحيان ([1]).
وطرف آخر يرى أن تمنع هذه المكبرات حتى ولو في الأذان بحجة الضرر المترتب نتيجة الاستخدام السيئ لهذه الأجهزة، أو كونهم يرون بدعيتها، وهذا ما كان عليه بعض المشايخ في أول الأمر بحجة أنه لم يفعلها أحد من سلف الأمة ثم اتضح أنها لا تدخل في باب البدعة؛ بل في باب المصالح المرسلة.
والحق في هذه المسألة هو القول الوسط، حيث ينبغي اقتصار هذه المكبرات الخارجية على الأذان فقط ([2])، أما الصلاة ونحوها كالخطب والمواعظ فيقتصر الأمر على الإذاعة الداخلية فقط – وخصوصاً في المساجد المجهزة بهذه التقنية – وذلك لإسماع من بالمسجد لمن يحتاج إليها، والحاجة تقدر بقدرها.
ما المحاذير والأضرار الناتجة عن سوء استخدام مكبرات الصوت؟
أما استخدام هذه الأجهزة (الميكروفونات) في غير الأذان، من إذاعة الصلاة وقراءة الإمام بها، والخطب والمواعظ ففي ذلك عدة محاذير وأضرار، منها:
1 - التشويش الحاصل من بعض المساجد على بعضها الآخر، حتى تلتبس قراءة الإمام وصلاته على المأمومين خلفه، فيركعون مثلاً قبل إمامهم، أو يسجدون مع ذلك الإمام في المسجد القريب، أو لا يحسن لهم الاستماع لقراءة إمامهم، أو لا يحصل لهم الخشوع الواجب في صلاتهم، أو قد يلتبس على البعض دعاؤه حال الصلاة!!
ولا يشك عاقل أن هذه مفسدة وضرر توجب منع موجبها، ثم إن الناس خارج المسجد لا يحتاجون إلى سماع صلاة الإمام ولا تكبيراته، وإنما المصلون الذين بداخل المسجد هم الذين بحاجة إلى ذلك.
2 - ومن هذه المحاذير والأضرار، الإزعاج الحاصل من هذه المكبرات لجيران المسجد من الأطفال ([3]) والمرضى والنساء ([4]) والنيام المعذورين، ومن لديهم أعمال أو استذكار، ومن لا تلزمهم الصلاة مع الجماعة، وبخاصة صلاة النافلة، كالتراويح والقيام في شهر رمضان، أو أنهم قد صلوها من أول الليل، أو أنهم يؤخرونها إلى آخره، أو قد تكون لا تلزمهم تلك الصلاة النافلة، أو قد يكون هناك من لديهم أعمال فيحتاجون إلى النوم مبكراً، أو قد يكون هناك الشيوخ المسنين المضطربين في نومهم، ونحو ذلك.
وعلى هذا فيكون رفع الصوت بالقراءة من خلال الإذاعة الخارجية سبباً في إزعاجهم وإيذائهم بغير حق، واعتداء على حقوقهم، والشريعة سمحة – ولله الحمد والمنة – أتت لإسعاد الناس وليس لشقائهم.
3 - ومن المحاذير والأضرار المترتبة على هذه المكبرات الخارجية، أن كثيراً من المصلين عندما يسمعون أن المسجد القريب منهم قد أقام الصلاة، أو أنهم انصرفوا من صلاتهم، وإمامهم لم يشرع بعد في صلاته، فإنهم حينئذ يأخذون بلومه والتذمر منه، فيحاول بالتالي أن يعجل بهم في الصلاة مخافة لومهم، وقد يقصر في خشوع الصلاة وطمأنينتها، وهذا أمر مشاهد معلوم.
4 - ومن المحاذير كذلك أن في رفع الصوت بالقراءة في الصلاة من بعض الأئمة وعبر هذه المكبرات قد يجلب عليه الرياء والسمعة، فكم سمعنا عن إمام يتفنن في تبليغ قراءته عبر المكبرات، ويحرص على ذلك ما لا يحرص على إقامة الصلاة وخشوعها، فهذا المُخرج لصوته عبر مكبرات الصوت لا ينبغي أن يأمن على نفسه الفتنة، وهو يعلم أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فهو يعلم أن نساء الحي وغيرهن يسمعونه، فترى الشيطان والنفس الأمارة بالسوء والهوى يدعونه للتصنع في القراءة لإطرابهم ليقولوا قارئ حسن الصوت!!! فليعلم هذا وغيره أن أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة: منهم القارئ يقال له قرأت ليقال قارئ فقد قيل، فيكون من أول من تسعر به النار يوم القيامة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/451)
5 - أن رفع الصوت بالمكبرات الخارجية ليس من توقير كتاب الله وتعظيمه، فيخرج هذا الصوت خارج المسجد ويبقى كثير من الناس لا ينصتون بل هم مشغولون عنه، بل المشاهد أن الإمام يقرأ القرآن بواسطة هذه المكبرات، وبعض الناس في بيوتهم يسمعون القرآن ولا ينصتون، بل إنك لربما تجد بعضهم يستمع إلى الموسيقى والأغاني، أو يرقص في بيته، والإمام بجواره يقرأ القرآن، بل وقد تكون الأسواق عامرة بالناس بيعاً وشراءً، ولاسيما وقت صلاة التراويح، وما يتبع ذلك من لغط وكذب وغش وخداع ومنكرات، والقرآن يتلى على رؤوسهم!! وهذا كما لا يخفى خلاف ما أمر الله به، وبناء عليه فليس من تنزيه كتاب الله تعالى وتوقيره أن يرفع الإمام صوته بالقرآن من خلال أجهزة المكبرات الخارجية، فهذا من الجهر المكروه إن لم يكن من الجهر المحرم، وهو من المضارة بالقرآن الكريم.
مسألة: هل يوجد في الشرع ما يدل على استحباب استعمال هذه المكبرات في الصلاة، والجهر بالقرآن الكريم بها؟
أقول – وبالله التوفيق – أن في القرآن الكريم والسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ما يدل على المنع من استخدام المكبرات الصوتية الخارجية في غير الأذان.
فمن أدلة القرآن الكريم:
قول الله U : ] ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين [الأعراف (55) وقوله تعالى عن عبده الصالح زكريا u ، وكيف كان يدعوه، وصفة صلاته] ذكر رحمت ربك عبده زكريا % إذ نادى ربه نداءً خفياً [مريم (2، 3) وقوله U : ] واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال، ولا تكن من الغافلين [الأعراف (205).
ففي هذه الآيات الكريمات دلالة وإرشاد إلى أنه يجب أن تكون صلاتنا بخشوع وتضرع وخوف وسكينة، وخفية، لا بالضجيج والصياح والصراخ، والجهر الزائد عن قدر الحاجة، فالأصل في الصلاة السرية الإسرار، وفي الجهرية الجهر اليسير الذي يكون بقدر الحاجة من إسماع المأمومين، أو تنشيط على قيام الليل، بحيث لا يخرج عن آداب الضراعة والخوف من الله سبحانه وتعالى، فيكون الدعاء أو الصلاة أبعد عن الرياء والسمعة، وأقرب إلى الإخلاص والقبول، وفي الجهر بالصلاة أو القرآن أو الدعاء وغير ذلك عبر هذه المكبرات مخالفة صريحة لهذه النصوص الكريمة، فنحن ندعو سميعاً قريباً مجيباً لا أصم غائباً.
من أدلة السنة النبوية:
ومن أدلة السنة النبوية على المنع من استعمال المكبرات الصوتية الخارجية في غير الأذان.
ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في وصف قراءة رسول الله r في قيام الليل، قال: "كانت قراءة النبي r على قدر ما يسمعه من في الحجرة وهو في البيت" أخرجه أبو داود، كتاب التطوع، باب في صلاة الليل، وقال عنه الألباني حسن صحيح.
فإذا كان هذا هو هدية عليه الصلاة والسلام لاسيما في صلاة الليل، وهو الأسوة، يسمعه من كان في الحجرة، ولا يبلغ ذلك، ولا يجهر بقراءته إلى كل من في البيت، فحرى بالمسلمين اليوم أن يهتدوا بهديه ويعملوا بسنته، ولا يؤذون النائمين وغيرهم بواسطة هذه المكبرات.
وعند أبي داود أنه r اعتكف في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: " ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذيين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة " رواه أبو داود، كتاب التطوع، بابٌ في صلاة الليل، والحديث صححه للألباني.
وهذا إذا كان الجهر لا يؤذي أحداً، أو لا يشوش على أحد، وفيه مصلحة وحاجة، وإلاّ فإن الله U يقول:] إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها أو تؤتوها الفقراء فهو خير لكم، ويكفر عنكم من سيئاتكم، والله بما تعملون خبير [البقرة (271).
فالإخفاء خير لنا وأبعد عن الرياء المحبط للأعمال، وهو سبحانه عليم خبير بأحوال عباده وأعمالهم، سواء من أسر منهم القول أو جهر به.
فهذه الأحاديث نصوص قاطعة، مؤيدة لما ذكرت من عدم استحباب استعمال هذه المكبرات في غير الأذان، وأن الأصل هو عدم رفع الصوت بالذكر والقراءة والدعاء، إلاّ بالقدر الذي ورد للمصلحة أو الحاجة كما أسلفنا.
كما أن هناك أيضاً نصوص أخرى قد يستدل بها على المنع من الصلاة بهذه المكبرات ومنها:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/452)
ما رواه البخاري – رحمه الله – عن أنس t قال: (كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها فقال لها النبي r : " أميطي قرامك فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي " كتاب الصلاة، باب: إن صلى في ثوب مصلّب أو تصاوير هل تفسد صلاته؟ وما ينهى عن ذلك.
فتأمل – رحمك الله – الحديث، حيث أن فيه دليل على أن كل ما يشغل المصلي، أو يشوش عليه يجب أن يزال، ومن ذلك المكبرات الصوتية لغير الأذان.
ومما قد يستدل به على المنع أيضاً ما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة t أن رسول الله r انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: " هل قرأ معي أحد منكم آنفاً؟ " فقال رجل: نعم يا رسول الله، قال: " إني أقول مالي أنازع القرآن " رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب: من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام. والحديث صححه الألباني.
فهذا الحديث نص ظاهره في المنع من كل ما يشوش على المصلي صلاته سواء كان إماماً أو منفرداً، وهذه المكبرات من المشاهد والمحسوس أنها تشوش على المصلين، وعليه فتمنع.
من أقوال أهل العلم:
1 - قال شيخ الإسلام رحمه الله (من كان يقرأ القرآن والناس يصلون تطوعاً فليس له أن يجهر جهراً يشغلهم به، فإن النبي r خرج على أصحابه وهم يصلون من السحر فقال: " يا أيها الناس كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض في القراءة " مجموع الفتاوي 23/ 61.
وقال رحمه الله في موضع آخر، وفي مسألة شبيهة لما نحن بصدده عندما سئل عن مسجد يقرأ فيه القرآن والتلقين بكرة وعشية ثم على باب المسجد شهود يكثرون الكلام، ويقع التشويش على القراء، فهل يجوز ذلك أم لا؟
فأجاب رحمه الله: (الحمد لله، ليس لأحد أن يؤذي أهل المسجد، أو أهل الصلاة، أو القراءة، أو الذكر، أو الدعاء، ونحو ذلك مما بنيت المساجد له، فليس لأحد أن يفعل في المسجد ولا على بابه أو قريباً منه ما يشوش على هؤلاء، بل قد خرج النبي r على أصحابه وهم يصلون، ويجهرون بالقراءة، فقال: " أيها الناس! كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض في القراءة ".
فإذا كان قد نهى المصلي أن يجهر على المصلي، فكيف بغيره؟! ومن فعل ما يشوش به على أهل المسجد، أو فعل ما يفضي إلى ذلك، مُنع من ذلك، والله أعلم. أ. هـ مجموع الفتاوي 22/ 205.
ولا ريب أن ما يحصل من بعض المساجد من رفع الصوت بقراءة القرآن، والصلاة بالمكبرات فيه تشويش على أهل المسجد والمصلين في المساجد القريبة الأخرى، فيمنع من ذلك كما قال الشيخ – رحمه الله – في فتواه. وأظن أن الشيخ – رحمه الله – لو كان حياً اليوم، ورأى ما آلت إليه بعض المساجد من التباهي برفع الأصوات بهذه المكبرات في غير الأذان لأنكر ذلك وحذر منه، لما يعلم عنه – رحمه الله – من غيرته على دين الله U ، ومصلحة المسلمين.
2 - وقال النووي – رحمه الله – في بيان خوف السلف – رحمهم الله – من الرياء، وكراهتهم له: (وأما الآثار عن الصحابة والتابعين من أقوالهم وأفعالهم فأكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، وهذا كله فيمن لا يخاف رياءً، ولا إعجاباً، ولا نحوهما من القبائح، ولا يؤذي جماعة يلبس عليهم صلاتهم ويخلطها عليهم). التبيان في آداب حملة القرآن ص60.
3 - وقال ابن الجوزي – رحمه الله: (وقد لبس إبليس على قوم من القراء فهم يقرأون القرآن في منارة المسجد بالليل بالأصوات المجتمعة المرتفعة الجزء والجزأين فيجمعون بين أذى الناس في منعهم من النوم وبين التعرض للرياء). تلبيس إبليس ص175.
قلت: وما أشبه أولئك الذين يقرأون القرآن في منارة المسجد بهؤلاء الذين يضعون الأجهزة المكبرة بأعلى منارة المسجد.
4 - قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: (أمَّا استعمال مكبرات الصوت في الصلاة الجهرية إذا كان يشوش على المساجد الأخرى أو على المصلين في البيوت التي حوله منهي عنه، ومن المعلوم أن رفع الصوت من المنارة يحصل به التشويش على المصلين في المساجد الأخرى، إذا كانت قريبة أو كانت الرياح متجمعة إليها، كما يحصل به التشويش على المصلين في البيوت التي حول المسجد، ولا يخفى ما يحصل من تأذي من حصل عليه التشويش، ففي رفع الصوت من المنارة بالصلاة الجهرية عدة محاذير:
الوقوع فيما نهى عنه النبي r .
التشويش على إخوانه المصلين في المساجد الأخرى وإيذائهم بذلك، حتى إنَّ بعضهم ينشغل عن الاستماع لقراءة إمامه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/453)
تهاون بعض الناس في الحضور إلى المسجد، لأنه يسمع صلاة الإمام ركعة ركعة وجزءاً جزءاً فيتباطأ بناء على أن الإمام في أول الصلاة، حتى يتمادى به الوقت فتفوته الصلاة أو كثير منها، وهناك أشياء أخرى لا تتسع هذه الورقة لذكرها، فنصيحتي لإخواني أن يسلكوا طريق السلامة، ويبتعدوا عما يشوش على إخوانهم ويؤذيهم. أ. هـ (تجد نسخة من هذه الفتوى مرفقة بالرسالة).
وقال رحمه الله: (إن من أنعم الله به على عباده في هذا العصر مكبرات الصوت التي تبلغ صوت الإمام لمن خلقه فيسمعه جميع أهل المسجد، وينشطون لصلاتهم لذلك، ولكن بعض الناس استعمله استعملاً سيئاً، فرفعه على المنارة، وهذا حرام لأنه وقوع فيما نهى عنه النبي r حين خرج على أصحابه وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال: "كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن "، ولأنه أذية للمصلين حوله في المساجد والبيوت، حيث يشوش عليهم القراءة والدعاء فيحول بينهم وبين ربهم، وقد قال الله تعالى:] والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً [ويمكن حصول منفعة مكبر الصوت بدون مضرة بأن يفصل عن المنارة، ويوضع سمّاعات في داخل المسجد تنفع المصلين ولا تؤذي من كان خارج المسجد. أ. هـ. الضياء اللامع من الخطب الجوامع (469).
وقال رحمه الله: (حكم قراءة الرجل في المسجد في الحال التي يشوش بها على غيره من المصلين أو الدارسين أو قارئ القرآن، حكم ذلك حرام، لوقوعه فيما نهى عنه النبي r . ( مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين). المجلد 13 – آداب الخروج إلى المسجد.
وقال رحمه الله: (إن بعض الأئمة يروق له أن يصلي على مكبر الصوت، وهذا إذا كان ينشط المأمومين لا بأس به بشرط أن يكون ذلك داخل المسجد لئلا يشوش على من حوله من المساجد أو على من حوله من البيوت فمن يصلون ويعبدون الله فإن كان يشوش عليهم فليس له أن يرفعه في مكبر الصوت، لأن رسول الله r خرج على أصحابه وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فأخبرهم أن كل مصلٍ يناجي ربه، وقال لهم: " لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن " فنهاهم النبي r أن يجهر بعضهم على بعض في القرآن، لأن ذلك يشوش على الناس فلا يدرون ماذا يقولون في ركوعهم وسجودهم، لاسيما إذا كانوا قريبين من ذلك، ولا يدرون ماذا يقول إمامهم الذي بين أيديهم، ولقد سمعت أن بعض المساجد المجاورة لمن يرفعون القراءة في الصوت، في صوت المكبر، سمعت أنه لمَّا قال هذا الذي رفع الصوت] ولا الضالين [قال المأمومون خلف إمامهم] آمين [يظنون أو غلطوا على أنه إمامهم، والإنسان المؤمن عليه أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فكما أن الإنسان يكره أن يكون له من يشوش عليه صلاته، فكذلك ينبغي له أن يراعي الناس في هذا حتى يتم له بذلك الإيمان، لأن رسول الله r يقول: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فاتقوا الله أيها المؤمنون، وافعلوا ما فيه المصالح من غير أن يكون في ذلك مضرة على غيركم، فإن الإنسان مسؤول أمام الله يوم القيامة. (من شريط: استقبال شهر رمضان، وصيامه وقيامه).
5 - وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في تسجيل صوتي له: " لا يجوز رفع الصوت بقراءة القرآن في المسجد إذا كان يؤثر على الآخرين على القارئين للقرآن في الصف، أو يؤثر على المصلين الذين يصلون الراتبة أو تحية المسجد، فإن كان يترتب على الجهر بقراءة القرآن إضراراً بالآخرين فإنه لا يجوز، خرج النبي r ، وأصحابه يصلون من الليل ويجهرون فقال: " كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض ". نعم، وبالمناسبة هؤلاء الذين يرفعون أصوات مكبرات الصوت خارج المسجد ويشوشون على الجيران، ويشوشون على المساجد الأخرى، هؤلاء لا يجوز لهم هذا العمل، لأن فيه إيذاء وإغرار بالآخرين، وتشويشاً عليهم في صلواتهم وعباداتهم.
ومن الأدلة العقلية:
ومن الأدلة العقلية التي قد يُستدل بها على منع القراءة بمثل هذه المكبرات أنه لو فرض أن إنساناً فتح مذياعاً في بيته أو في سيارته، يذيع القرآن بصوت عال، فمنعه الناس كي لا يزعج النائمين ونحوهم، فهل يعدون ظالمين مخطئين منافقين لا يحبون سماع كلام الله؟!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/454)
فإذا علم ما تقدم من نصوص الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم، فإنه يتضح بذلك عدم مشروعية استعمال هذه المكبرات في غير الأذان ([5]). ولا أظن أن قائلاً يصر بعد التأصيل والنظر فيما نقلت من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، وأقوال أهل العلم على القول باستحباب مثل هذه المكبرات الصوتية لغير الأذان. والله أعلم.
شبهة القائلين باستحباب أو جواز هذه المكبرات حتى في غير الأذان، والرد عليها:
يمكن إجمالاً حصر شبه المستحبين أو المجيزين في الأمور التالية:
1 - تعليم النساء اللواتي في البيوت وغيرهن من أصحاب الأعذار القرآن الكريم والأحكام والمواعظ.
2 - حصول الأجر من سماع القرآن الكريم.
3 - اهتداء الغريب عن الحي إلى مكان المسجد.
4 - إعانة الناس على إدراك الصلاة جماعة في المسجد.
5 - إعطاء روحانية وبعداً نفسياً للمستمعين خارج المسجد وخاصة خلال صلاة التراويح والقيام.
هذا إجمالاً ما أورده القائلون باستحباب أو جواز هذه المكبرات الخارجية.
الرد:
على فرض أن هذه مصالح معتبرة – وإن كنت لا أسلم ببعضها – فإن كثيراً من الناس يعتقد أن في بعض الأمور مصلحة راجحة، والأمر ليس كذلك، ثم على القول بأنها مصالح، فإن لدينا قاعدة فقهية معروفة، وهي: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)، وهذه قاعدة عظيمة وأصل عظيم من أصول الشريعة، يشهد له مثل قوله U ] يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما [(البقرة 219) فمع أنه سبحانه ذكر أن فيهما منافع للناس، لكنه U حرَّمهما معلِّلاً ذلك بأن مضرتهما أكبر من نفعهما، والشريعة الإسلامية لم تهمل مصلحة راجحة قط، وقد قال U ] وما كان ربك نسيّا [.
ثم إن هذه المصالح يمكن الاستغناء عنها بما هو خير وأكبر نفعاً، فمثلاً النساء وغيرهن ممن هم في البيوت من أصحاب الأعذار يمكنهم الاستماع للقرآن وتعلم الأحكام والمواعظ عن طريق أناس صالحين، أو عن طريق المذياع والأشرطة والمسجلات، وغيرها من الوسائل المنتشرة المعروفة ولله والحمد، وأمَّا خطب الجمعة فمن المعلوم أنها ليست مقررة على من كان في البيوت، بل هي مقررة على المصلي المؤدي لصلاة الجمعة، وأمَّا المحاضرات فمن أراد أن يستمع لها فسيأتي متى ما كان راغباً راجياً ثواب الله.
ثم إنك تجد بعضاً من هؤلاء الأئمة الذين يريدون إسماع من كان في البيوت تجدهم في قراءتهم وفي خطبهم يلحنون لحناً فاحشاً يحيل ويفسد المعنى!!! فقل لي بربك كيف يتعلم الآخرون من مثل هؤلاء وكيف يستفيدون من قراءتهم، وقد قيل (فاقد الشيء لا يعطيه (؟!! وصدق من قال: (كم من مريد للخير لن يصيبه).
أمَّا ما قيل عن الغريب عن الحي فهذا من النادر، والنادر لا حكم له، أو أنه يمكن للغريب الاهتداء للمسجد عن طريق السؤال أو سماع الأذان، أو رؤية منارة المسجد، ونحو ذلك.
وما قيل أن في استعمال هذه المكبرات عوناً للناس في إدراك الجماعة. أقول بل أرى أنه خلاف ذلك، فكثير من الناس تجده لا يذهب إلى المسجد إلاَّ إذا شرع الإمام في الصلاة، وبعضهم يأتي في الركعة الثانية أو الثالثة، وتفوت الكثير منهم بسبب ذلك صلاة الجماعة، فأي مصلحة وإعانة في ذلك؟!! بل إن كثيراً منهم عندما يسمع الإمام يقرأ أو يصلي واقترب الإمام من الركوع يسرع في مشيه، ويخالف بذلك أمره r من عدم الإسراع في المشي إلى الصلاة ولا يبعد أن يكون هذا الإمام مشاركاً لهذا المتخلف في هذه المعصية بسبب إقراره لهذا المنكر، أعني المكبرات الخارجية ([6]).
وأمّّا كون هذه المكبرات تعطي روحانية وبعداً نفسياً وبالأخص في التراويح والقيام فهذا غير مسلم به، بل المشاهد أن أصوات أئمة المساجد مختلطة، وتداخلها ظاهر جداً، مما يتنافى مع الخشوع والتركيز والتمعن في آيات القرآن الكريم.
وللشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – ردٌ آخر على هذه تجده مرفقاً مع هذه الرسالة.
هذا ما تيسر للرد على هذه الشبهة، وقد رأيتَ كيف تهاوت هذه الشبهة في مواجهة القول الحق والفصل في هذه المسألة (فأما الزبد فيذهب جفاءً وأمَّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/455)
أمَّا القصص والحوادث المتعلقة بهذا الأمر فمؤلمة ومحزنة جداً، ولولا خشية الإطالة لأوردت طرفاً منها، ومن القلق والإزعاج الذي تسببه هذه المكبرات الخارجية، لكن الناس ولعوامل روحية، وللمكانة التي يحتلها المسجد في قلوبهم قد لا يبوحون بهذا الأمر، لكن الحق أحق أن يتبع، والخطأ يناقش ويصحح بما يتوافق مع ما شرعه الله U .
الخاتمة
يتعين على المسلم أن يصحح نيته وأن يسعى في ابتغاء مرضاة الله، فكل مسجد أسس لغير نية صالحة، بل ببواعث أخرى هو مسجد لا خير فيه، ولا بركة ترجى من ورائه فيجب على أهل الإيمان أن يتخذوا موقفاً من هذا البنيان الذي أسس على غير تقوى من الله ورضوان، كما وقف النبي r من (مسجد الضرار) المعروف والذي ذكره لله تعالى في القرآن، وشدد النكير على مؤسسيه.
كما أنه يتعين على المسلم أن يترك ما تعوده وألفه، أو وجد عمل آبائه أو الناس عليه إذا كان مخالفاً لشرع الله، فإن الله U قد أخبر عن المشركين أن حجتهم في مخالفة الرسل وعدم اتباع ما جاءوا به من الحق أنهم قالوا:] إنَّا وجدنا آبائنا على أمة وإنَّا على آثارهم مقتدون [الزخرف (23).
وقال سبحانه وتعالى:] وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون [البقرة (170).
فالواجب تقديم أمر الله ورسوله r على الهوى والنفس، كما قال سبحانه وتعالى:] وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم [الأحزاب (36).
فالأصلح والأنفع لنا ما شرعه الله فإنه سبحانه حكيم عليم.
فإيَّاك أخي من التكبر عن قبول الحق والامتناع عنه، فإن الكبر بطر الحق، ومن أبى قبول الحق تعاظماً عليه فهو متكبر، وجزاء المتكبرين أن يحشروا أمثال الذر في صور الرجال فيغشاهم الذل من كل مكان، وقد قال r " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " رواه البخاري، فجانب الهوى والتعصب فقد قيل: (إذا اشتبه على العاقل أمران اجتنب أقربهما من هواه).
وختاماً أرجو ممن يطلع على هذه الرسالة أن لا يتوانى بتوجيه أو إرشاد أو بيان خطأ، فالخطأ من طبع البشر إلاّ من عصم الله، وأتوب إلى الله وأستغفره من كل خطأ وزلل، ولا يفوتني أخيراً أن أشكر من كان سبباً في إخراج هذه الرسالة وأشار عليَّ بكتابتها، فالدال على الخير كفاعله.
وللاستزادة في هذا الموضوع وغيره من المواضيع المتعلقة بالمساجد فيراجع:
1 - بدع القرَّاء القديمة والمعاصرة للشيخ / بكر بن عبد الله أبو زيد.
2 - رسالة في حكم استخدام مكبرات الصوت للشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن السليماني وقد استفدت منها كثيراً في هذا الموضوع.
3 - الشامل في فقه الخطيب والخطبة للشيخ / سعود بن إبراهيم الشريم.
4 - الضوابط الشرعية لبناء المساجد للدكتور / يوسف القرضاوي.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
كتبه / سيف بن مريع بن حسن
الإثنين 21/ 06/1427هـ
--------------------------------------------------------------------------------
(1) بل وصل الأمر – كما أخبرني أحد الثقات – أنه في حي من الأحياء أصبح هناك تنافس بين أئمة المساجد حول قوة أجهزة المكبرات، بحيث يحاول كل إمام جعل الأجهزة الخاصة بالمسجد الذي يؤمه أعلى وأقوى من المساجد الأخرى!! بل قد يصل الأمر إلى تغيير دوري لهذه الأجهزة كل سنة أو سنتين، وهو الأمر الذي تصرف عليه الأموال الطائلة، والتي قد تصل إلى عشرات الآلاف من الريالات؛ فيكون هذا – ولا ريب – من أخذ أموال الناس بالباطل، والله المستعان.
(1) وإنما اقتصرنا على الأذان فقط لورود النصوص الصريحة الصحيحة في فضل رفع الصوت بالأذان، وللاستزادة انظر سنن أبي داود: كتاب الصلاة، باب: رفع الصوت بالأذان، وباب: الأذان فوق المنارة.
(1) وقد حصل أن بعض الأطفال ليفزع من شدة هذا الصوت ويجعلهم يستيقظون من النوم فزعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(2) حيث تذكر بعض النساء أنهن لا يقدرن على أداء الصلاة في البيوت في وقتها الواجب الموسع الاختياري، وذلك بسبب التشويش الذي يحصل من جراء إخراج الإمام قراءته عبر المكبرات الخارجية، فمن حقهن أن يصلين في أي وقت يردن الصلاة فيها خلال وقت الصلاة الشرعي، ومنعهن من خلال قراءة الإمام الخارجية فيه هدر لهذا الحق الشرعي.
(1) وإنما قلت (في غير الأذان). لأن الأصل فيه الإعلام والإعلان، كما مر معك.
(1) ثم إن الأصل في الإنسان المسلم أنه إذا سمع الأذان أن يبادر إلى الصلاة، ويترك ما لديه من عمل يشغله عنها. كما في قوله تعالى] يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون [وقوله تعالى] في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال % رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار [.
فمن لم يبادر إلى المسجد حال سماع الأذان أو الإقامة فهو مقصر ولا يلتفت إليه ولا إلى تقصيره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/456)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[26 - 08 - 08, 06:45 م]ـ
بارك الله فيكم
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=138718#post138718
ولأن الأخ الكريم عمم الصلوات الجهرية المفروضة والإقامة(100/457)
كيف يحبك ربك؟ (1)
ـ[معتز]ــــــــ[26 - 08 - 08, 07:47 م]ـ
كيف يحبك ربك؟ (1)
الحمد لله الذي رضي عن المؤمنين الصادقين، وأجزل لهم المثوبة في الدنيا ويوم الدين، والذي أحبَّ من اتبع هداه وكان به من المتمسكين، والصلاة والسلام على نبينا محمد المرسَل رحمة للعالمين، وقدوةً للسالكين، وهداية للخلق أجمعين، والذي اتخذه خليلا ربُّ العالمين، وبعد:
فإن أنفس ما تُبذل فيه الجهود، وتفنى دونه الأعمار، هو السعي لنيل محبة ربنا العزيز الغفار، فليس الشأن أن تُحِب ولكن الشأن أن تُحَب، فالمدَّعون للمحبة كثيرون، ولكن المحبوبين قليلون، فاسلك – رحمك الله وأحبك – طريق العلم بأسباب تجعل الله يحبك.
إن "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة" (رواه مسلم) وذلك لأن العلم يهديك ويرشدك إلى ما يحبه الله ويرضاه؛ وإذا أحبك الله سيحبك أهل السموات وأهل الأرض؛ فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله - تبارك وتعالى - إذا أحب عبدًانادى جبريل: إنالله قد أحب فلانًا فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي جبريل في السماء: إن الله قدأحب فلانًا فأحبوه فيحبه أهل السماء ويوضع له القبول في أهل الأرض". (رواه البخاري ومسلم).
واعلم أن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فنثبت لله ما وصف به نفسه في كتابه، وما وصفه به رسوله – صلى الله عليه وسلم – من غير تكييف ولا تمثييل، ومن غير تحريف ولا تعطيل، ونعلم ما تدل عليه الصفة من معانٍ، ونقر أن لها كيفية لا يعلمها إلا الله؛ ففي المحبة مثلا، نقول: إن الله يحب ولكن لا كحبنا، وهذه هي عقيدة السلف الصالحين من الصحابة والتابعين، وهي أعلم وأسلم وأحكم.
وسنتعرض سويًّا لبعض الأسباب التي يتحصل بها العبد على محبة الله – سبحانه – وهي كثيرة جدًّا، وسنأخذ منها القليل، وكل سبب سيُفردُ بشيء من التفصيل عسى الله أن يرضى عنا ويحبنا، ويجعلنا من عباده المتبعين للنبي الأمين، وأن يجعلنا من ورثة جنة النعيم.
من أسباب حب الله للعبد:
أولا: اتباع الحبيب.
قال الله تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ". (آل عمران، 31).
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره: (هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله، وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتبع الشرع المحمدي، والدين النبوي في جميع أقواله وأحواله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عليه أمْرُنَا فَهُوَ رَدُّ" (رواه الخاري ومسلم) ولهذا قال: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ". أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه، وهو محبته إياكم، وهو أعظم من الأول، كما قال بعض الحكماء العلماء: "ليس الشأن أن تُحِبَّ، إنما الشأن أن تُحَبَّ، وقال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية).
وقال العلامة القرآني الشنقيطي في أضواء البيان: (قوله تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ" صرَّح تعالى في هذه الآية الكريمة أن اتباع نبيه موجب لمحبتِه جل وعلا ذلك المتبِع، وذلك يدل على أن طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم هي عين طاعته تعالى، وصرح بهذا المدلول في قوله تعالى: "مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ". (النساء، 80)، وقال تعالى: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا". (الحشر، 7) تنبيه: يؤخذ من هذه الآية الكريمة أن علامة المحبة الصادقة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم هي اتباعه صلى الله عليه وسلم، فالذي يخالفه ويدعي أنه يحبه فهو كاذب مفترٍ؛ إذ لو كان محبًا له لأطاعه، ومن المعلوم عند العامة أن المحبة تستجلب الطاعة، ومنه قول الشاعر:
لو كان حبُّك صادقًا لأطعتَه ... إن المحب لمن يحب مطيع
وقول ابن أبي ربيعة المخزومي:
ومن لو نهاني من حبه ... عن الماء عطشان لم أشرب
وقد أجاد من قال:
قالت: وقد سألت عن حال عاشقها ... بالله صفْه ولا تنقص ولا تزد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/458)
فقلت: لو كان رهن الموت من ظمأ ... وقلت قف عن ورود الماء لم يرد).
وقال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره: ("قل إن كنتم تحبون الله"، أي: إن ادعيتم هذه المرتبة العالية، والرتبة التي ليس فوقها رتبة فلا يكفي فيها مجرد الدعوى، بل لا بد من الصدق فيها، وعلامة الصدق اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، في أقواله وأفعاله، في أصول الدين وفروعه، في الظاهر والباطن، فمن اتبع الرسول دل على صدق دعواه محبة الله تعالى، وأحبه الله وغفر له ذنبه، ورحمه وسدده في جميع حركاته وسكناته، ومن لم يتبع الرسول فليس محبًا لله تعالى، لأن محبته لله توجب له اتباع رسوله، فما لم يوجد ذلك دل على عدمها وأنه كاذب إن ادعاها، مع أنها على تقدير وجودها غير نافعة بدون شرطها، وبهذه الآية يوزن جميع الخلق، فعلى حسب حظهم من اتباع الرسول يكون إيمانهم وحبهم لله، وما نقص من ذلك نقص).
فكيف يدَّعي قوم حُبَّ نبيهم صلى الله عليه وسلم وهم يخالفون مأموراته ولا يكفون عن منهياته؟! إن المحب لمن يحب مطيع، والمحب لا يخالف، والمحب مأسور في طاعة من يحب، ألم ترَ المؤمن وهو مؤمن مسجونًا والكافر وهو كافرٌ حرَّا طليقًا؟!، لا يتحرك المحب ولا يسكن إلا بإذن محبوبه، يسعى في مرضاته، وتجده غاديًا ورائحًا لا يهدأ له بال حتى يرضى عنه حبيبه ويبادله الحب، وتجد المحب قلقًا خائفًا ألا يحبه حبيبه، فإذا داهمه الكسل ليوقفه عن السير في تحصيل حب حبيبه خلعه عنه وانتصب لجلب مزيد من الرضى والحب، والمحب لا يقبل أبدًا أن يحب حبيبه أحدًا أكثر منه، فكلما رأى مُلتمِسًا محبة حبيبه تهيأ لسباقه، وتحركت غيرته، وطار النوم من عينيه خوفًا أن يُحَب أحد سواه.
وأولى ما اتُّبع عليه النبي صلى الله عليه وسلم هو الرسالة التي جاء بها هو وكل الأنبياء من قبله، وهي رسالة التوحيد، تلك الرسالة الخالدة الباقية، والراية المرفوعة دائمًا فوق الأعناق رغم كيد الكائدين من الكفار والمنافقين، فما من رسول جاء إلى الأرض إلا وقال كما جاء في القرآن: " يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ " (هود، 61)، وقال تعالى: "وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ" (النحل، 36).
فلا يُسمى متبعًا ولا يكون محبًّا لله تعالى، ولا للنبي صلى الله عليه وسلم من خالف في أمور التوحيد، فالذين يذهبون لأصحاب القبور ليسألوهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات، وليطوفوا حول قبورهم، وينذروا لهم، ويستغيثوا بهم ويطلبوا المدد منهم، ويتوسلوا بهم، كل هؤلاء لا يحبون الله سبحانه والنبي صلى الله عليه وسلم محبةً صادقة، والذين يحلفون بغير الله ويُعلقون التمائم ويذهبون إلى الكهان والسحرة، والذين يحكمون بغير ما أنزل الله، والذين يحبون النصارى وسائر الكافرين ويوالونهم، كل أولئك لا يحبون الله ورسوله محبة حقيقية؛ بل هي محبة مزعومة من الممكن أن يدعيها كل أحد؛ لأن الله لا يرضى عن ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بذلك بل نهاهم عن صرف أي عبادة لغير الله تعالى، كما قال صلى الله عليه وسلم مثلا في الدعاء: "الدعاء هو العبادة، ثم قرأ: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ". (رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح)، وكما قال صلى الله عليه وسلم في الذبح: "لعن الله من ذبح لغير الله" (رواه مسلم)، وقال في الحلف بغير الله حتى لو كان بالنبي: "من حلف بغير اللهفقد أشرك" (رواه أبو داود وسكت عنه)، وقال صلى الله عليه وسلم في شأن التمائم: "من علق فقد أشرك" (صحيح الترغيب)، فكيف يكون مُحبًّا لله ولرسوله من خالف الشريعة في أهم شيء جاءت به؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/459)
وكذلك يكون الأمر في الابتداع في الدين، فالمبتدع أبعد الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيتبرأ منه النبي يوم القيامة، وفي الدنيا عمله حابط مرود عليه؛ لأن الله لا يقبل أي عبادة إلا بشرطين يتوفران فيها، وهما: الإخلاص لله، والاتباع لرسول الله، قال الله تعالى: "فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا". والابتداع يرجع إلى أسباب ثلاثة: أولها الجهل بمصادر الأحكام بوسائل فهمها من مصادرها، وثانيها اتباع الهوى في الأحكام، وثالثها تحسين الظن بالعقل في الشرعيات. (راجع رسالة: البدعة أسبابها ومضارها، للشيخ محمود شلتوت، بتعليق شيخنا محمد يسري).
فهؤلاء الناس الواقعون في الشركيات والبدع يقدمون دليلا عمليًّا على عدم محبة الله والعياذ بالله، فدليل محبة العبد لله هو اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وهم خالفوا النبي ولم يتبعوه، وعدم اتباع النبي من أسباب عدم حب الله للعبد، فهم ينقصون بأيديهم محبة الله لهم، ولا يُستهان بذلك فالمحبة قدرها عظيم.
ولكي تعرف قيمة المحبة ورفعة منزلتها، اقرأ معي الكلام التالي لشيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين، في كلامه على منزلة المحبة، ولكن اقرأ بقلبك فقلما تجد مثله، قال رحمه الله: (المحبة هي المنزلة التي فيها تنافس المتنافسون، وإليها شخص العاملون، وإلى علمها شمر السابقون، وعليها تفانى المحبون، وبروح نسيمها تروَّح العابدون، فهي قوت القلوب وغذاء الأرواح، وقرة العيون وهي الحياة التي من حرمها فهو من جملة الأموات، والنور الذي من فقده فهو في بحار الظلمات، والشفاء الذي من عدمه حلت بقلبه جميع الأسقام، واللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام، وهي روح الإيمان والأعمال والمقامات والأحوال التي متى خلت منها فهي كالجسد الذي لا روح فيه، تحمل أثقال السائرين إلى بلاد لم يكونوا إلا بشق الأنفس بالغيها، وتوصلهم إلى منازل لم يكونوا بدونها أبدًا واصليها، وتبوؤهم من مقاعد الصدق مقامات لم يكونوا لولاها داخليها، وهي مطايا القوم التي مسراهم على ظهورها دائمًا إلى الحبيب، وطريقهم الأقوم الذي يبلغهم إلى منازلهم الأولى من قريب، تالله لقد ذهب أهلها بشرف الدنيا والآخرة إذ لهم من معية محبوبهم أوفر نصيب، وقد قضى الله يوم قدر مقادير الخلائق بمشيئته وحكمته البالغة أن المرء مع من أحب، فيالها من نعمة على المحبين سابغة تالله لقد سبق القوم السعاة وهم على ظهور الفرش نائمون وقد تقدموا الركب بمراحل وهم في سيرهم واقفون:
من لي بمثل سيرك المدلل تمشي رويدًا وتجي في الأول
أجابوا منادي الشوق إذ نادى بهم حي على الفلاح، وبذلوا نفوسهم في طلب الوصول إلى محبوبهم، وكان بذلهم بالرضى والسماح، وواصلوا إليه المسير بالإدلاج والغدو والرواح، تالله لقد حمدوا عند الوصول سراهم، وشكروا مولاهم على ما أعطاهم، وإنما يحمد القوم السرى عند الصباح ... تالله ما هزُلت فيستامها المفلسون، ولا كسدت فيبيعها بالنسيئة المعسرون، لقد أقيمت للعرض في سوق من يزيد، فلم يرضَ لها بثمن دون بذل النفوس، فتأخر البطالون وقام المحبون ينظرون أيهم يصلح أن يكون ثمنًا، فدارت السلعة بينهم ووقعت في يد أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ، لما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى، فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى الخلي حرقة الشجي، فتنوع المدعون في الشهود فقيل لا تقبل هذه الدعوى إلا ببينة قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ، فتأخر الخلق كلهم وثبت أتباع الحبيب في أفعاله وأقواله وأخلاقه فطولبوا بعدالة البينة بتزكية يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ، فتأخرا أكثر المحبين وقام المجاهدون فقيل لهم إن نفوس المحبين وأموالهمليست لهم، فهلموا إلى بيعة إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ، فلما عرفوا عظمة المشتري وفضل الثمن وجلالة من جرى على يديه عقد التبايع عرفوا قدر السلعة، وأن لها شأنًا فرأوا من أعظم الغبن أن يبيعوها لغيره بثمن بخس، فعقدوا معه بيعة الرضوان بالتراضي من غير ثبوت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/460)
خيار، وقالوا والله لا نقيلك ولا نستقيلك، فلما تم العقد وسلموا المبيع قيل له مذ صارت نفوسكم وأموالكم لنا رددناها عليكم أوفر ما كانت وأضعافها معًا، وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، إذا غرست شجرة المحبة في القلب، وسقيت بماء الإخلاص ومتابعة الحبيب أثمرت أنواع الثمار وآتت أكلها كل حين بإذن ربها، أصلها ثابت في قرار القلب وفرعها متصل بسدرة المنتهى لا يزال سعي المحب صاعدًا إلى حبيبه لا يحجبه دونه شيء،إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ).
وثمة بعض الأشياء التي يجب علمها كي تتبع على بصيرة، وكي تحقق صحيح الاتباع:
الاتباع الصحيح للنبي صلى الله عليه وسلم هو ما كان في الاعتقاد والعمل والسلوك، فلا يُقتصر على الاتباع فقط في العقيدة دون العمل أو دون السلوك الحسن والخُلُق الطيب، وإن من يتشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في ظاهره فقط، وأخلاقه سيئة وعلى خلاف السنة سيكون مصدرًا للصد عن سبيل الله، فلابد من التشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم ظاهرًا وباطنًا، وسيرة وسريرة.
ونبينا صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا نبي بعدي" (رواه البخاري ومسلم)، ومن قال إن هناك نبيًّا بعد نبينا فهو كافر إجماعًا لأنه مكذب للقرآن والسنة وإجماع المسلمين، ومن لم يؤمن به صلى الله عليه وسلم فهو كافر حتى لو كان يهوديًّا أو نصرانيًّا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي محمد بيده، لا يسمع بيأحدٌ من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار". (رواه مسلم).
قال العلامة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح أصول الإيمان: (والإيمان بالنبي – صلى الله عليه وسلم -: "تصديق ما جاء به مع القبول، والإذعان، لا مجرد التصديق، ولهذا لم يكن أبو طالب مؤمنًا بالرسول صلى الله عليه وسلم مع تصديقه لما جاء به وشهادته بأنه خير الأديان). فيجب الإذعان لشريعته صلى الله عليه وسلم التي هي في الحقيقة أوامر الله تعالى، فالنبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، لذلك جعل الله طاعة الرسول طاعتَه، فقال تعالى: "مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا" (النساء، 80). فيجب الإذعان له والتسليم لأوامر الله، وتحكيم شريعته في كل صغيرة وكبيرة؛ ومن نحَّى شريعته وألقاها وراءه ظهريًّا وحكم بغيرها فقد كفر وهذا هو الحكم العام، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28 - 524): "ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين، أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام، أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر، وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب". (اقرأ "حكم الجاهلية" للعلامة أحمد شاكر، ط: مكتبة السنة، و"فضل الغني الحميد" للشيخ ياسر برهامي حفظه الله، باب الحكم).
والاستهانة بأمر من أوامر النبي صلى الله عليه وسلم، أو الاستهزاء بسنته هو من شيم أهل الكفران والإلحاد، مهما صغر أو دقَّ في نظر من يسخر، فاللحية مثلا واجبة وحالقها يأثم على قول المذاهب الأربعة وغيرها، والاستهزاء بها يدخل فيما قلناه وهكذا، ويجب عند الاختلاف الرجوع إلى سنته صلى الله عليه وسلم، قال الله جل وعلا: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا". (النساء، 59) وأولو الأمر هم الحكام الشرعيون والعلماء الربانيون.
ومن حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا:
(1) اتباعه في كل صغيرة وكبيرة من أمور حياتنا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/461)
(2) ألا يُخاطب كباقي الناس؛ ولكن نقول: رسول الله، أو نبي الله، أو ما شابه ذلك، قال الله سبحانه: "لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (النور، 63)
(3) أن نسأل له الوسيلة، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول. ثم صلوا عليَّ؛ فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا الله ليالوسيلةفإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل ليالوسيلةحلت له الشفاعة". (رواه مسلم)
(4) الإكثار من الصلاة والسلام عليه، قال الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا". (الأحزاب، 56)
(5) المحافظة على سنته، والدعوة إليها.
(6) الدفاع عنه صلى الله عليه وسلم بكل مُستطاع.
ونبينا صلى الله عليه وسلم كان يدعو لصلة الأرحام، وحسن الخلق، وإكرام الضيف، والجار، وبر الوالدين، وتفريج كربات الناس ومساعدتهم، وإتقان العمل، وتحمل المسؤولية، وطيب الكلام، وبذل السلام، والرفق بالحيوان، والعطف على اليتامى، وحب المساكين، والإنفاق في سبيل الله على المحتاجين، والاعتصام وعدم التفرق وجمع الشمل والكلمة، واجتناب الفواحش والمسكرات وكل ما يضر الإنسان، وكان يدعو إلى التيسير على الناس وتبشيرهم بالخير، والإحسان إلى الكبير والصغير، وكان يأمر بكل حسن وينهى عن كل قبيح.
ولابد من فهم الكتاب والسنة بفهم السلف وهم صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، وأئمة الهدى في القرون الثلاثة المفضلة، ويُطلق على كل من اقتدى بهؤلاء وسار على نهجهم في سائر العصور: سلفي، نسبة إليهم، وهذه هي الفرقة الناجية، وهم الطائفة المنصورة، وأهل السنة والجماعة، أو أهل الأثر، أو أهل الحديث، وهم من كانوا على مثل ما كان عليه النبي وأصحابه، وسُموا أهل السنة لتمسكهم بها، وسُموا الجماعة لاجتماعهم على الحق وعدم تفرقهم، واجتمعوا على الأئمة الشرعيين، وعلى ما أجمع عليه سلف الأمة، وأهل السنة والجماعة يتميزون بالاهتمام بكتاب الله تعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وتمييز الصحيح من الضعيف من الأحاديث لأنها و القرآن مصدرا التشريع والتلقي، وأهل السنة يؤمنون بالكتاب كله ويردون محكمه إله متشابهه، ويجمعون بين العلم والعمل، ولا يبتدعون في الدين كما سبق، وهم وسط بين الإفراط والتفريط، وهم الدعاة إلى الله، ولا يوالون أو يعادون إلا على الكتاب والسنة، وهم أهل الجهاد بالسيف واللسان والمال وكل شيء، ويحكمون شرع الله وينكرون على من أعرض عنه، وهم أهل العدل والإنصاف، ويهتمون بأمر المسلمين في كل مكان، ولا يؤمنون بالوطنية ولا الديموقراطية ولا العلمانية ولا الحزبية ولا القومية، وهم يعرفون الحق ويرحمون الخلق، وهم متوافقو المواقف رغم بعد الأقطار والأعصار، ويختلفون الخلاف السائغ، ولا يجعلهم هذا يكرهون بعضهم بعضًا. (اقرأ رسالة "مجمل أصول أهل السنة والجماعة" للشيخ ناصر العقل)
ولابد من قبول كل ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان آحادًا، ويؤخذ به في كافة الأحكام ومنها العقائد، ولا يجوز مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم لقول أحد مهما بلغ من الإمامة في الدين، وإذا تعارض العقل مع الكتاب والسنة، نقدم الكتاب والسنة ونتهم عقولنا فنحن لا نعلم ما يصلحنا، أما الله فهو الحكيم الخبير، ولا أحد معصوم بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ادعى العصمة لأحد بعد النبي كفر، والصحابة هم أفضل الناس بعد الأنبياء، وهم مجتهدون في الخلاف القليل الذي حدث بينهم، وللمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد، رضي الله عنهم أجمعين.
وإليك بعض أقوال السلف الصالح في شأن اتباع السنة، لكي تتحصل على حب الله تعالى لك باتباعها:
(1) قال ابن عباس:" عليك بالاستقامة, اتبع ولا تبتدع".
(2) قال ابن مسعود: "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/462)
(3) قال الإمام أحمد: "من علم طريق الحق سهل عليه سلوكه, ولا دليل على الطريق إلىالله إلا متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في أحواله وأقواله وأفعاله".
(4) قال السّفاريني: "فدع عنك مذهب فلان وفلان وعليك بسنة ولد عدنان، فهي العروةالوثقى التي لا انفصام لها والجنة الواقية التي لاانحلال لها".
(5) وقال الأوزاعي: "ما ابتدع رجل بدعة إلا سُلب الورع".
(6) قال الجُنيد: "الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثر الرسول صلى اللهعليه وسلم".
(7) قال البربهاري: "واعلم رحمك الله أن العلم ليس بكثرة الرواية والكتب، إنما العلم مناتبع العلم والسنن وإن كان قليل العلم والكتب، ومن خلفَ الكتاب والسنة فهو صاحببدعة وإن كان كثير العلم والكتب".
(8) قال ابن المبارك:" لا يظهر على أحد شيء من نور الإيمان إلا باتباع السنة ومجانبةالبدعة".
(9) قال عبد الرحمن بن أبي الزناد: " ما كان الرجل يعد رجلاً حتى يعرف السنة "
(10) قال الشافعي: "أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلملم يكن له أن يدعها لقول أحد".
(11) كان مالك يقول: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقدزعم أن محمدًا خان الرسالة؛ لأن الله يقول "اليوم أكملت لكم دينكم" فما لم يكنيومئذٍ دينًا فلا يكون اليوم دينًا.
(12) قال ابن القيم: "ترى صاحب اتباع الأمر والسنة قد كُسي من الرَوَح والنورومايتبعهما من الحلاوة والمهابة والجلالة والقبول ماقد حُرِمه غيره".
(13) قال ابن أبي العز: "والعبادات مبناها على السنة والاتباع لا على الهوى والابتداع".
(14) قال أبو إسحاق الرقي: " علامة محبة الله: إيثار طاعته ومتابعة رسوله صلى اللهعليه وسلم".
(15) قال ابن تيمية: "من فارق الدليل ضلّ السبيل, ولا دليل إلا بما جاء به الرسول صلىالله عليه وسلم.
(16) قال سفيان: "لا يُقبل قول إلا بعمل، ولا يستقيم قول وعمل إلا بنية، ولا يستقيم قول وعمل ونية إلا بمتابعة السنة".
(17) قال مالك: "السنة مثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها هلك".
وإليك أمثلة عملية من متبعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبيه:
(1) عندما حلَّ النبي صلى الله عليه وسلم ضيفًا على أبي أيوب الأنصاري، نزل النبي صلى الله عليه وسلم في الطابق الأسفل، وأبو أيوب في العلو، فانتبهأبو أيوبليلةفقال: نمشي فوق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم! فتنحوا فباتوا فيجانب، أي باتوا ليلتهم في مكان ليس فوق النبي مباشرة. ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم أن يصعد أعلى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (السفل أرفق) فقال: لا أعلو سقيفة أنت تحتها. فتحول النبي صلى اللهعليه وسلم في العلو وأبو أيوب في السفل. فكان يصنع للنبي صلى الله عليهوسلم طعامًا. فإذا جيء به إليه سأل عن موضع أصابعه، فيتتبع موضع أصابعه، فصنع له طعامًا فيه ثوم. فلما رد إليه سأل عن موضع أصابع النبي صلى اللهعليه وسلم، فقيل له: لم يأكل، ففزع وصعد إليه فقال: أحرام هو؟ فقالالنبي صلى الله عليه وسلم: (لا، ولكني أكرهه) قال: فإني أكره ما تكره، أو ما كرهت). (رواه مسلم)
(2) لما رأى عبدُ الله بن عمر النبيَّ صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء كل سبت، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمشي ولا يركب، فكان عبد ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=452&ftp=alam&id=1000097&spid=452) الله بن عمر كل سبت يخرج من بيته إلى مسجد قباء ماشيًا.
(3) وكان يأتي الغريب ولا يعرف النبي إلا بأوصافه فيحتار فيه، من قوة تشبه الصحابة الكرام به.
وللحديث بقية عن سبب آخر من أسباب محبة الله تعالى للعبد، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وأستغفر الله من كل نية فاسدة وعمل مشين، واسأل الستر والسلامة في الدنيا ويوم الدين.
ـ[أبو المنذر بن أحمد]ــــــــ[26 - 08 - 08, 08:52 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[معتز]ــــــــ[29 - 08 - 08, 07:20 ص]ـ
وجزاك أخي،
رابط المقال في طريق الإسلام http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=4481(100/463)
ما هو الأفضل: الصلاة بالحرم أم إماماً بمسجد حينا؟؟؟
ـ[أبو أسيد]ــــــــ[26 - 08 - 08, 08:26 م]ـ
أسكن في أحد الحرمين .......
ما هو الأفضل لي: الصلاة بالحرم أم إماماً بمسجد حينا؟؟؟
ـ[أبو أسيد]ــــــــ[28 - 08 - 08, 03:17 م]ـ
ألا من مجيب يا أهل الحديث؟؟؟؟؟
ـ[أبو عمر الحربي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:31 ص]ـ
اصنع ما تراه أصلح لقلبك(100/464)
زكاة محصول اللب البلدي والسوري ....
ـ[أبو عبدالله الطحاوى]ــــــــ[26 - 08 - 08, 10:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل عن زكاة محصول اللب الذي يسمى عندنا بمصر باللب البلدي او عباد الشمس!
وكذلك اللب السوري، وبارك الله فيكم .........(100/465)
كيف تفرق بين الذنب الذي يكون بدافع الشيطان والذنب الذي يكون بدافع النفس الأمارة بالسوء؟؟؟
ـ[أبو سليمان الغامدي]ــــــــ[26 - 08 - 08, 10:43 م]ـ
كيف تفرق بين الذنب الذي يكون بدافع الشيطان والذنب الذي يكون بدافع النفس الأمارة بالسوء؟؟؟
ـ[أبو سليمان الغامدي]ــــــــ[26 - 08 - 08, 11:40 م]ـ
الذنب الذي يكون أول مرة تقع فيه هذا يكون من الشيطان
والذنب الذي قد وقعت فيه أكثر من مرة هذا غالبا يكون من النفس الأمارة بالسوء. والله أعلم
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 01:26 ص]ـ
الذنب الذي يكون أول مرة تقع فيه هذا يكون من الشيطان
والذنب الذي قد وقعت فيه أكثر من مرة هذا غالبا يكون من النفس الأمارة بالسوء. والله أعلم
اجتهاد أم وقفتَ على شيء؟
ـ[أبو آثار]ــــــــ[27 - 08 - 08, 11:46 ص]ـ
في قصة ابني ادم نسب الذنب الى النفس: فقال تعالى ... فطوعت له نفسه قتل اخيه فقتله
ومع ان هناك قصة مشابهه وهي الحسد بين الاخوان وهي قصة يوسف مع اخوته قال تعالى على لسان يوسف ... من بعد ان نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي
وفي رأيي ان الذنب او الخطا يكون بسبب ماجبل في النفس البشرية من ظلم وجهل
والشيطان يستغل هاتين الصفتين فيطوعهما ويزين لصاحبهما العمل بدوافع ناتجة عن هاتين الصفتين
فهو عندما خاطب ادم ,خاطبه لما يعلم في نفسه من حب الخلود والملك
فقال هل ادلك على شجرة الخلد وملك لايبلى؟؟؟
وهكذا ...
فأصل الذنب هو عيب او نقص في شخص الانسان ... لا يزال به الشيطان يزينه ويسوغه ويعطيه المبررات والداوفع لفعله
حتى يفعله ثم يزينه له فيذكره باللذة الضئيلة التي حصلت له عند الفعل حتى يفعلها ثانية وثالثة ثم تصبح عادة فإذا اراد العبد الرجوع عن ذلك الذنب يأسه من الرجوع وقنطه من الرحمة
ويوم القيامة يتبرأ منه
ولا حول ولا قوة الا بالله
ـ[أبو سليمان الغامدي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 03:58 م]ـ
أخي عبدالملك السبيعي وفقه الله
هذه الفائدة سمعتها من الشيخ علي بن سعيد الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز وأعتذر عن عدم رد العلم لأهله والله تعالى أعلم.
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[02 - 09 - 08, 06:19 م]ـ
رائع ياابا اثار.(100/466)
حكم الموسيقى عند الأئمة الربعة
ـ[امين حمدان]ــــــــ[27 - 08 - 08, 03:09 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لي زميل في العمل خاله من المتصوفة الذين يقيمون الحضرات
وكنت قد زودت زميلي هذا ببعض الأدلة على تحريم المعازف حتى يعرضها على خاله لعله أن ينتهي " بناءا على طلب الزميل " ولكن خاله رفض الأدلة جملة وتفصيلا بحجة أنها من أقوال الوهابية على حد تعبيره وادعى أن الأئمة الأربعة عليهم رحمة الله يجيزون المعازف والغناء
سؤالي بإختصار هل من نقولات عن الأئمة الأربعة في تحريم المعازف
وجازاكم الله خيرا(100/467)
هل تضاعف السيئات في رمضان؟
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[27 - 08 - 08, 04:44 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله إخواني الكرام ..
قام أحدهم خطيبا يحث الناس على الطاعات في رمضان والإكثار منها، وينهاهم عن المعصية والإتيان بها، فإذا به يعلنها في الناس (الحسنات والسيئات تضاعَف في رمضان)، فما كان من بعضهم - بعد انتهاء الخطبة - إلا أن ثار عليه واشتد في الكلام منكرا قوله بمضاعفة السيئات.
فما قول أئمتنا في ذلك - حفظكم الله -؟؟
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[07 - 09 - 08, 10:11 ص]ـ
جاء في الآداب الشرعية للعلامة ابن مفلح رحمه الله تعالى:
فَصْلٌ (زِيَادَةُ الْوِزْرِ كَزِيَادَةِ الْأَجْرِ فِي الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ الْمُعَظَّمَةِ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْمَعَاصِي فِي الْأَيَّامِ الْمُعَظَّمَةِ وَالْأَمْكِنَةِ الْمُعَظَّمَةِ تُغَلَّظُ مَعْصِيَتُهَا وَعِقَابُهَا بِقَدْرِ فَضِيلَةِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ انْتَهَى كَلَامُهُ وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ.
وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ التَّمِيمِيُّ فِي التَّرْغِيبِ ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ حَمْدَيْهِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إبْرَاهِيمَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ ثَنَا أَبُو خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا فَذَكَرَهُ وَفِي آخِرِهِ {فَاتَّقُوا شَهْرَ رَمَضَانَ فَإِنَّ الْحَسَنَاتِ تُضَاعَفُ فِيهِ وَكَذَلِكَ السَّيِّئَاتُ} وَهُوَ خَبَرٌ ضَعِيفٌ.
ـ[عبد الرحمن بن شيخنا]ــــــــ[07 - 09 - 08, 01:11 م]ـ
قول ان السيئات تتضاعف في رمضان اوفي مكة المكرمة غير صحيح ولاكن المعصية في البلد الحرام اوالشهر العظيم فيها انتهاك لحرمة ذالك الزمان او المكان
فالمعصية هناتختلف عن غيرها كما ان المعصية في المسجد ليست كالمعصية في غيره
قال تعالى (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ)
وقال تعالى (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)
ـ[يزيد المسلم]ــــــــ[14 - 09 - 08, 02:37 م]ـ
الحمد لله
"المشروع للمسلم في رمضان وفي غيره مجاهدة نفسه الأمارة بالسوء حتى تكون نفسا مطمئنة آمرة بالخير راغبة فيه، وواجب عليه أن يجاهد عدو الله إبليس حتى يسلم من شره ونزغاته، فالمسلم في هذه الدنيا في جهاد عظيم متواصل للنفس والهوى والشيطان، وعليه أن يكثر من التوبة والاستغفار في كل وقت وحين، ولكن الأوقات يختلف بعضها عن بعض، فشهر رمضان هو أفضل أشهر العام، فهو شهر مغفرة ورحمة وعتق من النار، فإذا كان الشهر فاضلا والمكان فاضلا ضوعفت فيه الحسنات، وعظم فيه إثم السيئات، فسيئة في رمضان أعظم إثما من السيئة في غيره، كما أن طاعة في رمضان أكثر ثوابا عند الله من طاعة في غيره، لما كان رمضان بتلك المنزلة العظيمة كان للطاعة فيه فضل عظيم ومضاعفة كثيرة وكان إثم المعاصي فيه أشد وأكبر من إثمها في غيره.
فالمسلم عليه أن يغتنم هذا الشهر المبارك بالطاعات والأعمال الصالحات والإقلاع عن السيئات، عسى الله عز وجل أن يمن عليه بالقبول ويوفقه للاستقامة على الحق، ولكن السيئة دائما بمثلها لا تضاعف في العدد لا في رمضان ولا في غيره، أما الحسنة فإنها تضاعف بعشر أمثالها إلى أضعاف كثيرة؛ لقول الله عز وجل في سورة الأنعام: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) الأنعام/160. والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وهكذا في المكان الفاضل كالحرمين الشريفين تضاعف الحسنات فيهما أضعافا كثيرة في الكمية والكيفية، أما السيئات فلا تضاعف بالكمية ولكنها تضاعف بالكيفية في الزمان الفاضل، والمكان الفاضل كما تقدمت الإشارة إلى ذلك" اهـ.
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (15/ 446).
ـ[عَامِّيَّةُ]ــــــــ[02 - 12 - 08, 02:19 ص]ـ
السؤال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/468)
هل هناك مضاعفة للسيئات كما هو الحال في مضاعفة الحسنات في الأماكن المكرمة مثل المسجد الحرام والمسجد النبوي والأوقات المكرمة مثل شهر رمضان والعشر الأول من ذي الحجة؟ وأريد تعريفا للأشهر الحرم. ماهي وهل في هذه الشهور الثواب مضاعف وكذلك الذنوب؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل سيئة يقترفها العبد تكتب سيئة من غير مضاعفة.
قال تعالى: [وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ] (الأنعام: 160).
لكن السيئة تعظم أحيانا بسبب شرف الزمان أو المكان أو الفاعل، فالسيئة أعظم تحريما عند الله في الأشهر الحرم، وفي عشر ذي الحجة لشرفها عند الله، والخطيئة في الحرم أعظم لشرف المكان، قال ابن القيم رحمه الله: تضاعف مقادير السيئات لا كمياتها، فإن السيئة جزاؤها السيئة، لكن سيئة كبيرة وجزاؤها مثلها وصغيرة وجزاؤها مثلها، فالسيئة في حرم الله وبلده وعلى بساطه آكد منها في طرف من أطراف الأرض، ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه. اهـ.
والسيئة من بعض عباد الله أعظم، لشرف فاعلها، وقوة معرفته بالله وقربه منه سبحانه وتعالى، كما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين.
والأشهر الحرم هي ذو العقدة وذو الحجة والمحرم ورجب، كما في الصحيحين من حديث أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب، شهر مُضر، الذي بين جمادى وشعبان".
وقوله: ورجب شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان، لأن ربيعة كانوا يحرمون شهر رمضان ويسمونه رجباً، وكانت مضر تحرم رجباً نفسه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الذي بين جمادى وشعبان" تأكيداً وبياناً لصحة ما سارت عليه مُضر.
وأما مضاعفة الثواب والعقاب في هذه الأشهر، فقد صرح بها بعض أهل العلم استناداً لقوله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) [التوبة:36].
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) أي في هذه الأشهر المحرمة، لأنها آكد، وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف، لقوله تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الحج:25].
وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام، ولهذا تغلظ فيه الدية في مذهب الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وكذا في حق من قَتل في الحرم أو قتل ذا محرم، ثم نقل عن قتادة قوله: إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم في سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يعظم في أمره ما يشاء. انتهى.
وقال القرطبي رحمه الله: لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب، لأن الله سبحانه إذا عظم شيئاً من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيء، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال، وقد أشار الله إلى هذا بقوله: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) [الأحزاب:30]. انتهى كلام القرطبي.
والله أعلم.
مركز الفتوى بإشراف د. عبدالله الفقيه
س: هل ثواب الصلاة في مكة كلها مضاعف مثل الصلاة في المسجد الحرام نفسه؟.
وهل العقاب على المعاصي مضاعف في مكة كما يضاعف الثواب على الحسنات؟
جـ: أ - في المسألة خلاف بين أهل العلم والأرجح أن المضاعفة للثواب تعم الحرم كله؛ لأنه كله يطلق عليه المسجد الحرام في القرآن والسنة.
ب: أما السيئات فلا تضاعف عدداً لا في الحرم ولا غيره وإنما تضاعف من جهة الكيفية وذلك باختلاف شدة الإثم وعظم الجريمة بسبب الزمان والمكان في رمضان والحرم الشريف والمدينة المنورة وأشباه ذلك؛ لقول الله سبحانه: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها} ([1]) وللأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
ـ[عبد الله خالد]ــــــــ[25 - 10 - 09, 10:53 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ممكن رقم الفتوى من فتاوى اللجنة الدائمة
للاهمية(100/469)
هدية المعتكف.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 04:56 ص]ـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد .. .
فإن الاعتكاف من العبادات التي شرعها الله عز وجل للمسلم؛ حتى يخلو بربه سبحانه وتعالى، ويتفرغ لطاعته وعبادته، ويكثر من التدبر والتفكر والاتعاظ، ويتمكن من تربية نفسه، وحبسها عن شهواتها، فيسهل قيادها ومجاهدتها، وأكرم بإنسان سهلت عليه قيادة نفسه!.
ويتأكد استحباب الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان؛ اقتداءً بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، و حتى يتمكن المسلم – بفضل ربه سبحانه وتعالى – من إدراك ليلة القدر التي هي بحق ليلة العمر! فطوبى لعبد نالها وفاز بها، فاللهم اجعلنا هذا العام – وكل عام – من أهلها.
ولله الحمد والمنة مع بزوغ شمس الصحوة الإسلامية المباركة عادت كثير من السنن المحمدية التي كادت أن تموت، فانتشر – بفضل الله تعالى – حجاب النساء بما في ذلك ستر الوجه والكفين وإطلاق اللحية وصلاة العيد في الخلاء، ومن بين هذه السنن التي انتشرت سنة الاعتكاف.
فأصبح الاعتكاف عبادة معروفة في المجتمع، بعدما كانت لا يعرفها إلا العلماء، وصارت مشاهدة في بطون المدن والقرى، بعدما كانت دفينة في بطون الأسفار والكتب.
وأقبل على الاعتكاف خلق كثير من الصغار والكبار والرجال والنساء، وانتشرت المساجد التي تسمح بالاعتكاف، بل وتنظم برامج تربوية وثقافية داخل المعتكَف فلله الحمد من قبل ومن بعد.
لذلك أقدم هذا الملخص الجامع لأحكام الاعتكاف المسنون - فلن نتحدث عن الاعتكاف المنذور – الذي أقدمه لإخواننا الأفاضل المعتكفين؛ حتى يعبدوا الله عز وجل على بصيرة، وحتى يقتدوا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في اعتكافهم؛ رجاء القبول والمغفرة من الله عز وجل، وقسمت الأحكام على هيئة سؤال وجواب دون سرد الأدلة أو اختلافات الفقهاء؛ لتكون أسهل في التلقي وأيسر وأبعد عن السآمة وصعوبة الفهم، فإن هدفي من هذا الجمع ليس نشره بين طلبة العلم أو جعله مرجعًا علميًا، بل لكي يكون دليلًا للمعتكف يجد فيه بغيته، ثم أتبعت ذلك بنصائح إلى أحبائي المعتكفين تعينهم على الاستفادة من اعتكافهم، وختمتُ هذه الوريقات بتوضيح حول كيفية تحديد الليالي الوترية؛ لجهل كثير من الناس هذا الحكم،، فالله الموفق وهو نعم المولى ونعم النصير.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 04:56 ص]ـ
أولًا: أحكام الاعتكاف:
س 1 ما معنى الاعتكاف؟
* لغة: الحبس والعكوف واللزوم ويسمى أيضا الجوار.
* اصطلاحا: لزوم المسجد لطاعة الله على صفة مخصوصة من مسلم طاهر مما يوجب غسلا.
س 2 ما حكم الاعتكاف؟
الاعتكاف سنة للرجال بالإجماع، وتتأكد في العشر الأواخر من رمضان، و لا يجب إلا بالنذر، ويباح للنساء دون استحباب.
س 3 ما شروط الاعتكاف؟
أولا: شروط المعتكِف:
1 - أن يكون مسلمًا فلا يصح من كافر.
2 - أن يكون مميزًا، فلا يصح من سكران أو مجنون أو صبي غير مميز، و لا يجوز تمكين هؤلاء من الاعتكاف، أما الصبي المميز فيجوز اعتكافه وإن كان يُكره سدًا لذريعة افتتان البالغين به، ولأنه لا يؤمن تشويشه، أما إن تحقق وجود مفسدة من اعتكافه أو غلبت على الظن وجب منعه من الاعتكاف.
3 - أن يكون طاهرًا من الحدث الأكبر، فلا يصح اعتكاف الحائض أو النفساء و لا الجنب ابتداءً، أما المرأة المستحاضة فيجوز لها الاعتكاف بشرط أن تأمن تلويث المسجد وإلا فلا.
4 - أن يكون ناويًا الاعتكاف فالأعمال بالنيات.
5 - استئذان المرأة زوجها للاعتكاف، ولزوجها إخراجها من اعتكاف التطوع سواء أذن لها أولًا أو لم يأذن.
ثانيا: شروط المعتكَف:
1 - أن يكون مسجدًا فلا يصح الاعتكاف في غير المساجد، سواء للرجال أو للنساء في قول جمهور أهل العلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/470)
2 - أن يكون مسجدًا تقام فيه الجماعة إن كان المعتكف تلزمه الجماعة، أما من لا تلزمهم الجماعة - كالمرأة مثلا والصبي المميز والمريض-، فيجوز لهم الاعتكاف في المساجد التي لا تقام فيها الجماعة،ولو اعتكف من لزمته الجماعة فترة لا تدركه الجماعة فيها جاز له ذلك كأن اعتكف مثلًا من بعد العشاء إلى قبل الفجر، وإن اعتكف اثنان أو أكثر في مسجد لا تقام فيه الجماعة وأقاموها هم جاز ذلك، أما المساجد التي تقام فيها الجماعة بشكل متقطع كالمساجد التي في أماكن العمل أو في الجامعات والنوادي فيجوز الاعتكاف فيها في الأوقات التي تقام الجماعة فيها.
3 - يجوز الاعتكاف في مسجد لا تقام فيه الجمعة في قول جماهير أهل العلم، وإن كان الأفضل الاعتكاف في مسجد تقام فيه الجمعة.
س 4: ما أقل مدةٍ للاعتكاف؟
يصح الاعتكاف ولو ساعة أو لحظة من نهار أو ليل في قول جمهور أهل العلم.
س 5: هل يشترط الصيام في الاعتكاف؟
في المسألة قولان أظهرهما عدم الاشتراط، وإن كان الأفضل أن يصوم، فعلى هذا يجوز للمعتكف الفطر إن كان في غير رمضان، وكذلك يجوز اعتكاف من له عذر في الإفطار في رمضان.
س 6: ماذا يفعل من أراد الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في اعتكاف العشر الأواخر من رمضان؟
يدخل المسجد قبل غروب شمس اليوم العشرين من رمضان ويخرج بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان، وكان بعض السلف يخرجون من اعتكافهم صبيحة العيد إلى المصلى مباشرة.
س 7: ما مبطلات الاعتكاف؟
1 - الخروج من المسجد لغير عذر بشرط أن لا يكون ناسيًا، ويشترط أن يخرج بجسمه كله، أما إن أخرج رأسه مثلًا، أوإحدى يديه أورجليه أو كلتا رجليه بأن جلس على الأرض داخل المسجد وأخرج رجليه خارجه جاز ذلك، ويجوز له الصعود إلى سطح المسجد أو مئذنته إن كانت داخل المسجد، أما إن كانت خارجه فلا يجوز إلا للمؤذن إن احتاج إلى ذلك أما إن لم يحتج إلى ذلك كحال أغلب المساجد اليوم فلا يجوز له ذلك أيضًا.
، وكذلك رَحَبة المسجد يجوز له الاعتكاف فيها (وهي ساحة خارجية تابعة للمسجد موقوفة عليه محاطة بسور سواء كان لها سقف أم لا، وبالطبع لا يدخل في ذلك شوارعنا في هذه الأيام حتى وإن كانت تفرش فيها الحصر للصلاة وذلك لأنها ليست تابعة للمسجد).
ومن باب أولى حجرة إمام المسجد التي تكون داخل المسجد.
2 – السكر أعاذنا الله تعالى والمسلمين من المسكرات.
3 – الردة، والردة تكون بالقول كسب الله جل في علاه أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو دينه المطهر، وتكون بالفعل كإهانة المصحف، وتكون بالاعتقاد كاعتقاد الولد لله تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
4 - إنزال المني عمدًا سواء كان عن جماع أو استمناء أو تقبيل أو لمس، وسواء كان ذلك داخل المسجد، أو كان خارجه بأن كان خارجا لعذر إلى بيته فجامع امرأته، أما المباشرة دون إنزال فلا يبطل الاعتكاف بها، لكن تحرم إن كانت بشهوة وتباح إن كانت لإكرام وشفقة ونحو ذلك، وإن نزل المني بسبب النظر أو التفكير لم يفسد اعتكافه.
س 8: ما أعذار الخروج من المسجد للمعتكف؟
1 - الذهاب لقضاء الحاجة من البول والغائط، إن لم يوجد في المسجد دورات مياه، أو وجدت وكانت لا تناسب الشخص، و لا يشترط شدتها حتى يجوز له الخروج.
2 - الذهاب للتطهر والتنظف، إن لم يمكن له فعله في المسجد، و لا يجوز له اللبث بالمسجد وهو على جنابة إلا إذا توضأ والأًولى أن يبادر بالاغتسال.
3 - الذهاب لشراء أكل وشرب، إن لم يجد من يشتري له.
4 - الذهاب لصلاة الجمعة إن كانت لا تقام في مسجده الذي اعتكف فيه بشرط أن تكون الجمعة واجبة عليه، أما المرأة مثلًا إن كانت معتكفة في مسجد لا تقام فيه الجمعة فلا يجوز لها الخروج إلى الجمعة؛ لعدم وجوبها عليها، ويجوز له أن يبكر في الذهاب إليها.
5 - الخروج للمرض إن كان المرض يشق معه المقام في المسجد، أو كان مرضًا يخشى منه تلويث المسجد كالقيء المتتابع أو الإسهال المتتابع ونحو ذلك، أما المرض اليسير كالصداع ووجع الضرس ونحوه فلا يجوز له الخروج بسببه.
6 - خروج المرأة إن أصابها الحيض أوالنفاس، فيجب عليها الخروج، وكذلك إن مات زوجها لزمتها العدة في بيت زوجها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/471)
7 - الخروج لإنقاذ حريق أو أداء شهادة واجبة أو تعين عليه الجهاد أو تغسيل ميت أو دفنه ونحو ذلك من فروض الكفايات إذا تعينت عليه.
8 - إن أُخرج بالإكراه، كأن أخرجه سلطان ظالم ونحوه لم يبطل اعتكافه، أما إن أخرجه السلطان وكان محقًا في إخراجه، كأن كانت عليه حقوق للآخرين مثلًا، فإن اعتكافه يبطل؛ لأن السلطان محق في إخراجه.
9 - الخروج هربًا من ظالم أو حريق أو هدم أو وحش ونحو ذلك.
* فكل هؤلاء يجوز لهم الخروج، و لا ينقطع اعتكافهم، و يبنون على اعتكافهم السابق، بل إنهم في أثناء خروجهم يعدون في اعتكاف أيضا على قول فريق من أهل العلم.
س 9: ماذا يجب على من خرج للمسجد بعذر؟
1 - عدم اللبث بعد انقضاء حاجته، إلا إن كان في مسجد آخر، فإن خرج مثلًا إلى صلاة الجمعة بأن كان معتكفًا في مسجد لا تقام فيه الجمعة ولبث في المسجد بعد انتهاء الجمعة، لم يبطل اعتكافه؛ لأنه لبث في مسجد آخر، بل له أن يحول اعتكافه إلى هذا المسجد، طالما أن خروجه من الأول كان لعذر، وإن كان الأفضل عدم فعل ذلك إلا لحاجة، وإن ذهب مثلا لقضاء حاجته وفي أثناء عودته وجد مسجدًا على الطريق جاز له أن يكمل الاعتكاف فيه؛ لأنه لا فرق بين المساجد باستثناء المساجد الثلاثة، أما إن خرج من اعتكافه ابتداءً للذهاب إلى مسجدآخر بطل اعتكافه.
2 - ليس له أن يذهب إلى زيارة مريض أو اتباع جنازة، إلا إن كان المريض أو الجنازة على طريقه ولم ينتظرهما.
3 - إذا كان خارجًا لقضاء الحاجة، وكان عنده بيتان، فلا يجوز له الذهاب إلى البيت الأبعد، وإذا خرج لشراء طعام وكان هناك محلان فلا يجوز له الذهاب للأبعد وهكذا.
4 - إذا ذهب إلى بيته لقضاء الحاجة، فليس له الجلوس للأكل، أما إن أكل لقمة أو لقمتين دون جلوس جاز ذلك.
5 - إذا خرج من المسجد لعذر وفعل مبطلا من مبطلات الاعتكاف بطل اعتكافه.
س 10 ما المقصود بقولنا (بطل الاعتكاف)؟
المقصود بذلك انقطع التتابع، أما ما اعتكفه قبل ذلك فصحيح، وله أن ينوي ويعتكف من جديد.
س 11 ما المقصود بالاشتراط في الاعتكاف؟
أن يشترط عند اعتكافه أنه سوف يخرج مثلا للمبيت في منزله أو سوف يذهب إلى مدرسته وجامعته ونحو ذلك، أو سيذهب لزيارة مريض ما، أو إن مات له قريب أو صديق سيتبع جنازته، أو تشترط المرأة أنها ستخرج لصلاة الجمعة ونحو ذلك، وله أن يقول إن عرضت لي حاجة - بشرط أن تكون مباحة - خرجت لها، فيجوز له ذلك، ويعد خروجه لما اشترطه كخروجه للعذر (راجع س7)، والفرق بين ما اشترطه وبين أعذار الخروج أن الاشتراط لا يلزم أن يكون في الضرورات بل في حاجاته عموما، أما الأعذار فهي ضرورات تبيح الخروج سواء اشترطها أو لا، وإن اشترط محرمًا كأن يشترط أنه سيخرج للتدخين أو للنظر إلى ما حرم الله فلا يجوز له ذلك، وإن خرج بطل اعتكافه.
ولكن ينبغي التنبيه إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط في اعتكافه، فالأكمل والأفضل عدم الاشتراط.
س 12 هل يجب تجديد النية إذا خرج من المسجد؟
إذا خرج لعذر أو اشتراط فلا يجب، أما إن خرج بدون عذر فيجب؛ لأن التتابع انقطع، فتلزم النية للاعتكاف الجديد.
س 13 ما يباح للمعتكف؟
1 - الأكل في المسجد، لكن يتجنب أكل ما له رائحة كريهة كالثوم والبصل والكراث والفسيخ ونحو ذلك، وينبغي أن يضع مائدة أو سفرة (مفارش) على أرض المسجد صونًا لها.
2 - النوم في المسجد والاستلقاء فيه.
3 - أن يتابع تجارته وصناعته وهو في مسجده لكن بشكل خفيف فيكره الإكثار من ذلك لكن إن أكثر فلا يبطل الاعتكاف به، وله أن يذاكر دروسه داخل اعتكافه.
4 - وضع الطيب فلا يكره له ذلك، و لا تتطيب المعتكفة إن كانت رائحة طيبها سيشمها الرجال وإلا جاز لها، وللمعتكف أن يأخذ من شعره وأظفاره إذا أمن تلويث المسجد، وإن كان الأولى أن يعد نفسه لذلك قبل بداءة الاعتكاف، وله أن يرجل (يسرح) شعره وينظفه.
5 - أن يتزوج (أي يعقد نكاحه) وأن يُزوج (موليته كابنته أو أخته) وأن يشهد على نكاح إذا تم ذلك كله داخل المسجد.
6 - أن يتخذ خِباء في المسجد إن تيسر ذلك ولم يكن فيه إيذاء للمصلين أو المعتكفين، بل قد يستحب ذلك لأنه أبلغ في الخلوة والعبادة، ويتأكد في حق المرأة؛ لأنه أستر لها.
7 - أن يتحدث في الأمور المباحة وأن تزوره امرأته وأن يختلي بها في المسجد.
8 - يباح للمعتكف أن يخيط ثوبه إذا احتاج إلى ذلك، لكن إن كان المعتكف خياطًا مثلًا، فلا يجوز له أن يخيط ملابس غيره على وجه التكسب والصنعة.
س 14 ما يستحب للمعتكف؟
1 - أن يصون نفسه عن الإكثار من الكلام في فضول المباحات ومن الجدال والمراء، ولا يجوز له كما لا يجوز لغيره الكلام المحرم وفعل المعاصي، فإن فعل شيئًا من ذلك أثم ولم يبطل اعتكافه.
2 - الاشتغال بالصلاة وقراءة القرآن والذكر وتعليم العلم وتعلمه.
3 - إذا خرج من مسجده لعذر ثم عاد إليه فلا يجلس حتى يصلي ركعتين.
4 - مراعاة آداب المسجد والآداب الإسلامية العامة، والترفق مع إخوانه والتغاضي عن إساءة من أساء، وعدم رفع الصوت ولو بقراءة القرآن.
س 15 هل يجوز للمعتكف البيع والشراء في المسجد؟
الأصل أنه لا يجوز البيع والشراء في المسجد سواء كان لمعتكف أو غيره، لكن يرخص للمعتكف شراء قوته وطعامه وما لابد له منه فقط وهو بالمسجد إذا لم يجد من يشتري له.
س 16 هل يجوز قطع الاعتكاف دون عذر؟ وهل يجب قضاؤه إن قطعه دون عذر؟
يجوز قطع عبادات التطوع دون عذر - إلا الحج والعمرة - و لا يجب القضاء بل يستحب فقط.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/472)
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 04:57 ص]ـ
ثانيًا: نصائح إلى أخي الحبيب المعتكف:
1 – أخلص نيتك لله تعالى فالرياء يحبط الأعمال.
2 – احرص على تعلم أحكام الاعتكاف؛ حتى تكون متبعًا في عبادتك لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
3 – اختر لك مسجدًا تتمكن فيه من الطاعة و العبادة دون معوقات سواء كانت المعوقات مادية أو بشرية، واحرص على مصاحبة أهل العلم والفضل، فالاعتكاف معهم يزيد الاعتكاف خيرًا وبركة.
4 – الزم مصحفك في أيام الاعتكاف، وراجع كتاب الله إن كنت من الحفاظ، وإن لم تكن حافظًا له كله فراجع حفظك، واحفظ قدرًا إضافيًا من القرآن الكريم، وأنصحك ألا تخرج من الاعتكاف إلا وقد حفظت جزءً على الأقل.
5 – داوم على أذكار الصباح والمساء وأذكار اليوم والليلة (قبل الطعام وبعد– قبل دخول الخلاء وبعده ..... إلخ)، والزم الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
6 – الدعاء سلاح لك لا سيما في هذه الليالي المباركات، فإياك وإهماله، و لا تنس والديك، وإخوانك المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، وليكن حظ الآخرة من دعائك أعلى من حظ الدنيا.
7 – احرص على الصف الأول كلما تيسر ذلك، وبادر إلى الصف عند سماع النداء، وإياك أن تشغل نفسك بشيء في أثناء الصلاة.
8 – من الظواهر السيئة التي نراها في الاعتكافات كثرة النائمين في أثناء صلاة التهجد وهذا من الغَبن الشديد! فإن كانت هناك ضرورة لشخص فلينم في مكان بعيد عن المصلين بحيث لا يضايقهم ولو بصوته.
9 – من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها بعض المعتكفين الكلام المشوش على المصلين في أثناء صلاة التهجد أو القيام وهذا لا يجوز، فعلى المسئولين نصحهم، فإن لم ينتصحوا أمروهم بالخروج.
10 – لا تهمل في أداء النوافل كالرواتب والضحى وغيرهما.
11 – داوم على قراءة الأذكار والأدعية المأثورة عقب الصلوات الخمس، و لا تهمل في ذلك.
12 – احذر من كثرة الكلام في أمور الدنيا ورفع الصوت وكثرة المزاح.
13 – احرص على نظافة المسجد ونظامه فلا تلوثه بطعام أو غيره، ونظم حقائبك ومتعلقاتك وفراشك؛ حتى لا تضايق إخوانك و تشوه صورة المسجد.
14 – احرص على نظافتك الشخصية عن طريق الاستحمام ووضع الطيب وغسل الأسنان وعدم لبس الملابس المتسخة.
15 – اجعل محمولك (جوالك) صامتًا وشغل الهزاز، فمن المؤسف أن تنتشر الموسيقى – المحرمة في كل مكان - في بيوت الله وإلى الله المشتكى!
16 – عاون إخوانك المسئولين على أداء مهمتهم وذلك عن طريق مساعدتهم إن احتاجوا إلى مساعدة، والالتزام بكلامهم طالما لم يأمروك بمعصية.
17 – اتخذ الاعتكاف فرصة للتخلص من كل عادة سيئة صعب عليك التخلص منها، واستعن بالله تعالى على ذلك.
18 – اجعل لنفسك في كل يوم خلوة تختلي بها مع نفسك تراجع فيها ذنوبك ومعاصيك وتندم عليها، وتراجع حياتك بما فيها من مساوىء ومحاسن، وتفكر لنفسك في خطة تسير عليها في حياتك تؤدي بك إلى السعادة في الدنيا والآخرة.
19 – اختر لنفسك كتابًا نافعًا تتدارسه في اعتكافك واستعن بأهل العلم في اختيار الكتاب المناسب لك.
20 – لِن مع إخوانك، وتحمل طبائعهم، وحاول أن تريحهم، وإن تعبت قليلًا، فإن تعاملنا جميعًا مع بعضنا بهذه الروح استرحنا جميعًا، وتنازل عن عاداتك التي اعتدتها في بيتك كطريقة الأكل والنوم ... إلخ
فالاعتكاف لا بد أن يسير على نظام محدد، وإلا صار فوضى، واتخذ ذلك فرصة لكي تربي نفسك على التكيف مع أي واقع كان.
21 – اختر من المعتكفين مجموعة صالحة تعنك على طاعة الله جل وعلا، واحرص على التآخي معها على مدار العام كله.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 04:58 ص]ـ
ثالثًا: صحح معلوماتك حول الليالي الوترية
سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ - عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَهُوَ مُعْتَقَلٌ بِالْقَلْعَةِ قَلْعَةِ الْجَبَلِ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِمِائَةٍ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/473)
فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ هَكَذَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " ** هِيَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ}. وَتَكُونُ فِي الْوِتْرِ مِنْهَا. لَكِنَّ الْوِتْرَ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْمَاضِي فَتُطْلَبُ لَيْلَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ. وَيَكُونُ بِاعْتِبَارِ مَا بَقِيَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ** لِتَاسِعَةٍ تَبْقَى لِسَابِعَةٍ تَبْقَى لِخَامِسَةٍ تَبْقَى لِثَالِثَةٍ تَبْقَى}. فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الشَّهْرُ ثَلَاثِينَ يَكُونُ ذَلِكَ لَيَالِيَ الْأَشْفَاعِ. وَتَكُونُ الِاثْنَيْنِ وَالْعِشْرِينَ تَاسِعَةً تَبْقَى وَلَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَابِعَةً تَبْقَى. وَهَكَذَا فَسَّرَهُ أَبُو سَعِيدٍ الخدري فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ. وَهَكَذَا أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّهْرِ. وَإِنْ كَانَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ كَانَ التَّارِيخُ بِالْبَاقِي. كَالتَّارِيخِ الْمَاضِي. وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ هَكَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّاهَا الْمُؤْمِنُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ جَمِيعِهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ** تَحَرَّوْهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ} وَتَكُونُ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ أَكْثَرَ. وَأَكْثَرُ مَا تَكُونُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ كَمَا كَانَ أبي بْنُ كَعْبٍ يَحْلِفُ أَنَّهَا لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. فَقِيلَ لَهُ: بِأَيِّ شَيْءٍ عَلِمْت ذَلِكَ؟ فَقَالَ بِالْآيَةِ الَّتِي أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ. " ** أَخْبَرَنَا أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ صُبْحَةَ صَبِيحَتِهَا كَالطَّشْتِ لَا شُعَاعَ لَهَا}. فَهَذِهِ الْعَلَامَةُ الَّتِي رَوَاهَا أبي بْنُ كَعْبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَشْهَرِ الْعَلَامَاتِ فِي الْحَدِيثِ وَقَدْ رُوِيَ فِي عَلَامَاتِهَا " ** أَنَّهَا لَيْلَةٌ بلجة مُنِيرَةٌ} وَهِيَ سَاكِنَةٌ لَا قَوِيَّةُ الْحَرِّ وَلَا قَوِيَّةُ الْبَرْدِ وَقَدْ يَكْشِفُهَا اللَّهُ لِبَعْضِ النَّاسِ فِي الْمَنَامِ أَوْ الْيَقَظَةِ. فَيَرَى أَنْوَارَهَا أَوْ يَرَى مَنْ يَقُولُ لَهُ هَذِهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَقَدْ يُفْتَحُ عَلَى قَلْبِهِ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ الْأَمْرُ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
توضيح الفتوى:
هل الليالي الوترية تكون باعتبار ما بقي أو باعتبار ما مضى؟؟
فمثلًا عندما نقول: ليلة الواحد والعشرين، فإن المقصود بذلك أن واحدًا وعشرين ليلة مضت من رمضان فهذا حساب لها بما مضى من رمضان.
أما إذا حسبناها بما بقي من رمضان، فإن الأمر سيتوقف على عدد أيام الشهر.
فإن كان ثلاثين يومًا فإن ليلة الواحد والعشرين = 30 - 21 +1 = 10.
أما إن كان الشهر تسعة وعشرين يومًا فإن ليلة الواحد والعشرين = 29 – 21 + 1 = 9.
فليلة الواحد والعشرين إذا حسبناها باعتبار ما مضى، فإنها وترية دائمة، أما إن حسبناها بما بقي، فإنها ستكون زوجية إذا كان الشهر ثلاثين يومًا، بينما ستكون وترية إذا كان الشهر تسعة وعشرين يومًا.
وحساب الليالي بما بقي هو الذي يظهر من الأحاديث الشريفة كما سبق كلام شيخ الإسلام، فعلى هذا من الخطأ تهاون بعض المعتكفين بالليالي التي يظنونها زوجية وإهمالهم لها ..
فمثلًا ليلة الثاني والعشرين يظنها كثير من الناس زوجية لذلك يهملونها، و لا يدرون أنها قد تكون فردية!
وذلك عن طريق حسابها بما بقي وفي حالة كون الشهر ثلاثين يومًا.
30 – 22 + 1 = 9.
والتسعة من الأعداد الفردية.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 04:59 ص]ـ
المراجع: (مرتبة أبجديًا)
1 – الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
للفقيه الحنبلي علاء الدين المرداوي رحمه الله تعالى.
2 – البحر الرائق شرح كنز الدقائق للفقيه الحنفي ابن نجيم المصري رحمه الله تعالى.
3 – الجامع لأحكام الصيام وأعمال شهر رمضان للشيخ أحمد حطيبة حفظه الله تعالى.
4 – شرح الإمام النووي رحمه الله تعالى على صحيح الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
5 – فتاوى الفقيه الشافعي الرملي رحمه الله تعالى.
6 – فتح الباري للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى.
7 – المجموع للإمام النووي رحمه الله تعالى.
8 – مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
9 – المدونة للفقيه المالكي سحنون رحمه الله تعالى.
10 – المغني للإمام الحنبلي ابن قدامة رحمه الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/474)
ـ[معتز]ــــــــ[27 - 08 - 08, 07:46 ص]ـ
وفقني الله وإياك أخي محمد، وأعانني الله وإياك على قول الخير والعمل به، ورزقنا الإخلاص واتباع السنة.
آمين
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 04:50 م]ـ
جزاكم الله خيرًا أخي الكريم، وبارك فيكم.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[25 - 08 - 10, 03:24 م]ـ
يرفع تقبل الله منا ومنكم.(100/475)
(كَيفيَّةُ الرَّدِ على مَن بَلَغَهُ سَلامٌ أن يُسلِّمَ على الْمُبلِّغ والْمُرْسِل)
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[27 - 08 - 08, 05:55 ص]ـ
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه مذاكرة حصلت بيني وبين أحد الإخوة من طلبة العلم في قريتنا أحببت أن اضعها هنا للفائدة
فالعنوان عنوان موضوعه، وما في الاقتباس كلامه، وما بعده هو تعقيبي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
---------------
فائدة نفيسة في: (كَيفيَّةِ الرَّدِ على من بَلَغَهُ سَلامٌ أن يُسَلِّمَ على الْمُبلِّغِ والْمُرْسِل).
قال ابن حجر في فتح الباري: (وَيُسْتَحَبّ أَنْ يَرُدّ عَلَى الْمُبَلِّغ). (1)
وقال ابن القيم في زاد المعاد: وكان من هَدْيه - صلى اللَّه عليه وسلم - إذا بلَّغَهُ أحدٌ السلامَ عن غيره أن يردَّ عليه وعلى المبلِّغ، كما فى "السنن" أن رجلاً قال له: إنَّ أبى يُقْرِئُكَ السَّلامَ، فَقَالَ لهُ: "عَلَيْكَ وَعَلَى أبِيكَ السَّلامَ".اهـ. (2)
قلتُ: وهذا الحديث الذي ذكره ابن القيم عن أصحاب السنن فيه ضعف لجهالة النميري وأبيه.
وقد ورد ذلك عن عائشة - رضي الله عنها - فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم:
عن عائشة - رضي الله عنها - عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا: " يَا عَائِشَةُ، هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ ". فَقَالَتْ وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. تَرَى مَا لاَ أَرَى. تُرِيدُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -.
أخرجه البخاري (137/ 4).
ولكن هناك زيادة في مسند الإمام أحمد عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:" فقلت: عليك وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ".
وهذه زيادة هامة فتنبَّه لها.
أخرجه الإمام أحمد في مسند (6/ 117). وإسناده صحيح.
-------------
فإذا جاء رجلٌ وقال لك فلانٌ يُسلِّمُ عَليكَ فَقُل له: (عَليكَ وعَليهِ السَّلامُ ورحمةُ اللهِ وبَركاتُه)
بعد هذه الفائدة أقول لمن يقرأها عُضَّ عليها النواجذ والزمها وحافظ عليها تَفُزْ بإذن الله.
----------------
(1) فتح الباري: (11/ 38).
(2) زاد المعاد: (2/ 427).
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
جزى الله الشَّيخ الفاضل أبا أحمد خيرا على هذه الإفادة
ولي وقفات حول هَذَا الموضوع، من باب المذاكرة والتَّباحث، لأنَّها تُفَتِّق الأذهان إن شاء الله.
الوقفة الأولى: مع حديث عائشة رضي الله عنها.
أولا: الرِّواية الَّتِيْ أخرجها الإمام أحمد في المسند (1) قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مُبَارَكٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا عَائِشَةُ، هَذَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَم، وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ، فَقُلْتُ: عَلَيْكَ وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لاَ نَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ.
هذه الرِّواية الصَّحيح فيها أنَّها شَاذَّةٌ ضعيفة لا تصح، لعلتين ظهرت لي فيها:
1 - أنَّ هذه الكلمة ((عليك)) لم ترد في هَذَا الحديث إلاَّ في هَذَا الإسناد خاصَّة، وقد بحثت حسب طاقتي عن مصدر آخر فلم أجد.
2 - أنَّ هَذَا الإسناد فيه علتان:
أ- إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، فقد وثَّقه الأئمة، إلاَّ أن ابن حِبَّان قَالَ في الثِّقات (2): يخطئ ويخالف.
وقد وقع ما قاله ابن حِبَّان رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في هذه الرِّواية، فقد أخطأ إبراهيم بن إسحاق حينما أضاف كلمة ((عليك)) ولم يأت بها غيره في هذه الرِّواية.
وخالف غيره في الإسناد، كما ترى:
ب- أنَّ إبراهيم بن إسحاق خالف في إسناد هَذَا الحديث من هو أوثق منه
فقد رواه عن عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد الأيلي عن الزُّهري عن أبي سلمة عن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا
والصَّواب أن هذه الرِّواية عن ابن المبارك عن معمر عن الزُّهري عن أبي سلمة عن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/476)
فقد أخرجه البخاري في الصحيح عن مُحَمَّد بن مقاتل عن عبد الله بن المبارك عن معمر ... به
وأخرجه التِّرمذي في جامعه عن سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك عن معمر ... به.
تنبيه:
قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله في الفتح (3): (وَلَمْ أَرَ فِي شَيْء مِنْ طُرُق حَدِيث عَائِشَة أَنَّهَا رَدَّتْ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْر وَاجِب) اهـ
وهذا ذهول من الحافظ ابن حجر رحمه الله عن هذه الرِّواية عند الإمام أحمد في المسند، أو أنَّ هذه اللفظة لم تكن موجودة في النُّسخ التي بين يدي الحافظ رحمه الله، وعلى كل حال فقد بيَّنْتُ أنَّها غير صحيحة، فالحمد لله على توفيقه، وأسأله المزيد من فضله.
الوقفة الثَّانية: هل يَرُدُّ الذي يُرسَلُ له السَّلام على المُرْسِلِ والنَّاقِلِ أم يرد على المُرْسِلِ فقط.
لم أر من منع من ذلك، وإن كانت ترجمة البخاري للباب الذي أورد فيه الحديث تدلُّ على أنَّه لا يرى ردَّ السَّلام إلاَّ على من أرسله، دون من بلَّغه، فقد بوَّب على الحديث ((بَاب إِذَا قَالَ فُلَان يُقْرِئك السَّلَام))
ثم أورد تحته حديث عائشة الَّذِيْ فيه ((فَقُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ))
وقد وردت أحاديث تفيد الرَّد على من أرسل السَّلام وعلى من بلَّغه، منها:
1 - حديث شعبة سمعت غالبا القطان يحدث عن رجل من بني نمير عن أبيه عن جده أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إِنَّ أَبِي يقرأ عليك السلام قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((عَلَيْكَ وَعَلَى أَبِيْكَ السَّلاَمُ)) أخرجه أحمد في المسند، وابن أبي شيبة في المصنَّف، والنَّسائي في الكبرى و أبو داود في السنن، والطَّبراني في الدُّعاء
وهذا الحديث فيه جهالة الرَّجل وأبيه، وإن كان شعبة في الغالب لا يروي إلا عن ثقة.
2 - حديث عبد الرزاق أخبرنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده خديجة وقال ((إن الله يقرئ خديجة السلام)) فقالت: إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك السلام ورحمة الله.
وهذا الإسناد ظاهره الحسن
وقد رأيت في بعض الكتاب الرِواية بلفظ ((هُوَ السَّلامُ وَمِنْهُ السَّلامُ وَعَلَى جِبْرِيلَ السَّلامُ))، ولم تذكر السلام على النبي صلى الله عليه وسلَّم
لكن هذه الأسانيد تحتاج إلى بحث، ولست متفرغا لها الآن.
وقد استدل الحافظ ابن حجر على استحباب تبليغ السَّلام للناقل من هذه الرِّواية فَقَالَ في الفتح ((وَيُسْتَفَاد مِنْهُ رَدّ السَّلَام عَلَى مَنْ أَرْسَلَ السَّلَام وَعَلَى مَنْ بَلَّغَهُ)) (4)
هذه رؤوس أقلام أحببت أن أشارك بها في موضوع أخي أبي أحمد وفقه الله
الوقفة الثالثة: أن هذا لم يثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلَّم كما سبق
فيبقى الأمر في دائرة الإباحة، لا الاستحباب، لأن الأحكام التكليفية الخمسة لا تثبت إلا بدليل يعضدها
والله أعلم و أحكم
أبو عبد الرَّحمن البركي
صباح يوم الأربعاء 10/ 4/1429 هـ
____
(1) المسند (6/ 117)
(2) الثِّقاتُ (8/ 68)
(3) فتح الباري (11/ 38)
(4) فتح الباري (7/ 139)
أحسنت أخي الفاضل أبا عبدالرحمن
بالنسبة لمسألة الاستحباب من عدمه فهي مسألة خلاف بين أهل العلم بل إن بعض أهل العلم
يرى الوجوب ولكن نقلنا أنها مستحبة نقلاً لكلام أهل العلم كابن حجر وغيره ...
والذي يظهر لي بعد بحث وتقصي أنها مستحبة.
وأما مسألة ضعف حديث فلم أراجع تخريجه وفق قواعد التخريج وكنت قد اعتمدت على تخريج شعيب الأرناؤوط في المسند فقد قال بعد ذكره للحديث الآنف الذكر:
إسناده قوي إبراهيم بن إسحاق: وهو الطالقاني صدوق روى له مسلم في المقدمة.
وكذلك الألباني - رحمه الله - قد صححه ولا أذكر الآن المرجع.
وإن كان المهم في مثل هذه الحالة أن نخرج ونبين الحديث وفق الأصول المعتمدة ولكني لم أفعل ذلك لضيق الوقت واستناداً لكلام أهل العلم في التصحيح.
ثم تبين لي بعد ذلك صحة ما ذكره أخي الفاضل خالد بن عمر، وإن كان الطالقاني صدوق وقد وثق ولكنه قد خالف غيره من الثقات كما تقدم في حديث البخاري، فجزاه الله خيراً.
--------
تبقى مسألة الأحاديث الواردة التي أوردها أخي الفاضل في بحثه غير حديث عائشة عند البخاري
كلها أحاديث ضعيفة لا تثبت وفي سندها مقال كما نبه بذلك الإئمة، وقد أنشط وأذكر تخريجها للتبيان والتوضيح.
أحسنت أخي الفاضل أبا عبدالرحمن
بحث مبارك وجيد ...
بالنسبة لمسألة الاستحباب من عدمه فهي مسألة خلاف بين أهل العلم بل إن بعض أهل العلم يرى الوجوب ولكن نقلنا أنها مستحبة نقلاً لكلام أهل العلم كابن حجر وغيره ...
والذي يظهر لي بعد بحث وتقصي أنها مستحبة.
بارك الله فيك أبا أحمد
الاستحباب لا يكون إلا بدليل صحيح، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلَّم أنَّه قال ذلك أو أمر به، وابن حجر وابن القيِّم رحمهما الله إنما بنيا الحكم على الحديث، وقد بان أن الحديث لا يصح.
فالأولى أن نقول إن الأمر مباح، ولا نطلق الاستحباب إلا بدليل ثابت.
وفقك الله وبارك فيك، وجزاك خيرا على إثارة هذه المسألة.
والله أعلم وأحكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/477)
ـ[حمد بن صالح المري]ــــــــ[27 - 08 - 08, 09:05 ص]ـ
جزاك الله خيراً شيخنا الفاضل على هذه المذاكرة النافعة ... وفقك الله وجميع المسلمين لكل خير ...
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[27 - 08 - 08, 11:56 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[28 - 08 - 08, 07:58 ص]ـ
جزاك الله خيرًا، وبارك فيك ...
ومن باب إثراء الموضوع:
أن ردَّ السلام على (المبلغ) ليس له معنى من حيث إنه لم يًسلِّم هو؛ والله أعلم.
قال الحجاوي في شرح منظومة الآداب (194): ... ويسن أن يسلم على الرسول، روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له رجل: أبي يقرئك السلام، فقال: " عليك، وعلى أبيك السلام ".
وقال في موضعٍ آخر: " وعليه السلام ".
وقال في موضع آخر: " وعليك وعليه السلام ".
قال: وكذلك قيل لأحمد: إن فلانًا يقرئك السلام، فقال: عليك وعليه السلام.
وقال الخلال: أخبرني يوسف بن موسى: قيل لأبي عبد الله: إن فلانًا يقرئك السلام، فقال: سلام الله عليك وعليه.
ـ[المستفيد7]ــــــــ[28 - 08 - 08, 10:25 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
هذه بعض الامور اذكرها للمدارسة:
يظهر من كلام الاخ الفاضل خالد انه لو صح الحديث لقال بالاستحباب وعليه فينبغي الا يحكم بحكم الابعد النظر في الحديثين اللذين ذكرهما ولاسيما الحديث الثاني.
الحديث الثاني جاء في موقع الدرر السنية:
((6455 - جاء جبريل إلى النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وعنده خديجة وقال: إن الله يقرئ خديجة السلام فقالت: إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك السلام ورحمة الله.
الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: حسن - المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 116)) وعليه فيثبت الاستحباب
وجه الدلالة السنة التقريرية.
وقلت ماسبق لاني لاادري هل الاخ خالد وفقه الله ينازع في ثبوت الحديث فقط - وعليه فلعل الاولى البحث في الحديث الثاني وتحقيقه او التوقف -ام ينازع حتى في دلالته لو ثبت لانه ليس من فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذه مدارسة للاخ بارك الله فيه وهو من اهل العلم والفضل.
قد يقال في المعنى في رد السلام ان السلام معناه الدعاء بالسلامة والرحمة وهو امر محبوب للنفس فناسب ان يدعى به للرسول المبلغ كمن جاءك رسولا بشيء محبوب الى نفسك تشكر الذي ارسل وكذا قد تشكر او تعطي هدية للرسول.(100/478)
أئمة المسجد الحرام في شهر رمضان
ـ[عبدالله يعقوب]ــــــــ[27 - 08 - 08, 07:13 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد
حدثني الثقة ..
أن اجتماع أئمة المسجد الحرام يوم امس الثلاثاء مع المسؤولين في الرئاسة تم خلاله الاتفاق على توزيع إمامة الفروض وصلاة القيام بين المشايخ الكرام وفق التالي:
1 - صلاة الفجر: الشيخ الدكتور صالح بن حميد وفقه الله.
2 - صلاة الظهر: الشيخ الدكتور أسامة خياط وفقه الله.
3 - صلاة العصر: الشيخ الدكتور خالد الغامدي وفقه الله.
4 - صلاة المغرب: الشيخ الدكتور فيصل غزاوي وفقه الله.
5 - صلاة العشاء: الشيخ صالح آل طالب وفقه الله.
صلاة القيام ...
1 - الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس وفقه الله.
2 - الشيخ الدكتور سعود الشريم وفقه الله.
3 - الشيخ ماهر المعيقلي وفقه الله.
4 - الشيخ عبدالله الجهني وفقه الله.
نسأل الله تعالى أن يبلغنا رمضان وأن يوفقنا فيه لما يحب ويرضى من الأعمال الصالحة
وأن يوفق مشائخنا الكرام ويعينهم ويثبتهم ويسددهم.
وأن يجزي القائمين على شؤون الحرمين خيراً على جهودهم.
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[27 - 08 - 08, 11:57 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا
ـ[أنس بن محمد عمرو بن عبداللطيف]ــــــــ[27 - 08 - 08, 02:24 م]ـ
جزاك الله خيراً
و نفع بك
ـ[وليد النجدي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 04:37 م]ـ
أفادك الله.
ـ[أيمن صلاح]ــــــــ[28 - 08 - 08, 05:48 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أنس الشهري]ــــــــ[28 - 08 - 08, 11:36 م]ـ
اختيار موفق
الله يتقبل من الجميع
ـ[الفلاسي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 12:41 ص]ـ
جزاكم الله خيراً ونفع الله بالجميع
ـ[عاصم بن صفوت الشوادفى]ــــــــ[29 - 08 - 08, 02:48 ص]ـ
جزاكم الله خيراً،
حفظ الله مشايخنا و سدد خطاهم.
ـ[محمد سالم صالح]ــــــــ[29 - 08 - 08, 08:54 م]ـ
شكراً لك وبارك الله فيك
ـ[أبو خباب المكى]ــــــــ[29 - 08 - 08, 09:09 م]ـ
العشر الاواخر .. التراويح .. الجهنى --المعيلقي
القيام السديس - الشريم
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:14 ص]ـ
أين سيكون الشيخ صلاح البدير؟ هل سيعود للمسجد النبوي الشريف؟؟
وهل وضعت جداول الدروس العلمية بالحرم لا سيما في العشر الأواخر؟؟
وجزاكم الله خيرًا.
ـ[أم معين]ــــــــ[30 - 08 - 08, 06:23 ص]ـ
وماذا عن الحرم المدني؟(100/479)
قصة مناظرة أبي حنيفة للأوزاعي
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[27 - 08 - 08, 08:46 ص]ـ
قصة مناظرة أبي حنيفة للأوزاعي
قال سفيان بن عيينة: اجتمع أبو حنيفة والأوزاعي في دار الحنّاطين بمكة، فقال الأوزاعي: ما لكم لا ترفعون عند الركوع والرفع منه؟ فقال: لأجل أنه لم يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: الأوزاعي: كيف لم يصح وقد حدثني الزهري، عن سالم، عن أبيه، ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وعند الركوع، وعند الرفع منه. فقال أبو حنيفة: حدثنا حماد، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، عن عبد الله بن مسعود: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرفع يديه إلا عند الافتتاح ثم لا يعود. فقال الأوزاعي: أحدثك عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، وتقول: حدثني حماد عن إبراهيم؟! فقال أبو حنيفة: كان حماد أفقه من الزهري، وكان إبراهيم أفقه من سالم، وعلقمة ليس بدون ابن عمر أي في الفقه، وإن كان لابن عمر صحبة، وله فضل صحبته، وللأسود فضل كثير، وعبد الله عبد الله
القصة مشهورة جدا عند الحنفية ويستدلون بها على أن الأحاديث التي عند أبي حنيفة، أصح من غيرها لأنها مروية من طريق فقهاء. ومعلوم أن عامة حديث أبي حنيفة هو عن حماد عن إبراهيم. ويستدلون أن الجميع عندهم أدلة لكن يختلف الفهم والترجيح.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[27 - 08 - 08, 08:47 ص]ـ
بقي أن نذكر إسناد القصة، وهو شيء يخفيه الحنفية
أسندها الأستاذ أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثيُّ البخاري في "مسنده" (وضاع للحديث)، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن زياد الرازي (هو الطيالسي، قال عنه الدراقطني: دجال يضع الأحاديث)، حدثنا سليمان بن الشاذكوني (من الحاذقين بالكذب)، قال سمعتُ سفيان بن عيينة
قال الشيخ المباركفوري في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (ج 3 | ص 35): "والقصة مشهورة بين الحنفية، لكن لا يشك من له أدنى عقل ودراية أنها حكاية مختلقة، وأكذوبة مخترعة. كيف ولم يذكرها أحد من تلاميذه أبي حنيفة وأصحابه، ولا أحد من متقدمي الحنفية، ولو كان لها أصل لذكرها محمد في موطأه أو في غيره من تصانيفه مع أنه لم يشر إليها أدنى إشارة".
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 10:41 ص]ـ
بارك الله فيك ونفع الله بك
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[27 - 08 - 08, 06:57 م]ـ
هذا كلام خطير، لا سيما مع إطباق فقهاء الحنفية الكبار على روايتها في مدوناتهم.
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[27 - 08 - 08, 08:50 م]ـ
جزاك الله خيرا
ومثلها أيضا قصة مناظر الإمامين علي بن المديني ويحيى بن معين عند الإمام أحمد رحمهم الله تعالى، وحكمه بينهما.
أخرجها الحاكم في مستدركه وهي لا تصح.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 - 11 - 08, 12:32 ص]ـ
ومثلها أيضا قصة مناظر الإمامين علي بن المديني ويحيى بن معين عند الإمام أحمد رحمهم الله تعالى، وحكمه بينهما.
بارك الله بك لكن أي مناظرة؟
ـ[أبو حبيب التتاري]ــــــــ[13 - 11 - 10, 10:11 م]ـ
شكرا على البيان
لو كان مصدر القصة مع الرواة
ـ[أبو حبيب التتاري]ــــــــ[13 - 11 - 10, 10:18 م]ـ
ومع أن القصة مختلقة فهل مضمونها صحيح؟
أليس فعلا حجة التي نتسب هنا لأبي حنيفة قوية؟
كيف تشرحون لي هذا؟ اذا اعترض واحد بمثل هذا الكلام؟
ـ[أبو سفيان السلمي]ــــــــ[14 - 11 - 10, 01:19 ص]ـ
بارك الله فيكم, وأزيدكم من الشعر بيتاً:
إن الأحناف لا يحتجون بهذه الحكاية فحسب على مذهبهم في عدم رفع اليدين في الركوع والرفع منه, بل يحتجون بما أصلوه وقعدوه من قواعدهم في أصول الفقه, وهي قاعدتهم المشهورة:
أن حديث الآحاد لا يُعمل به فيما عمت به البلوى ..
فالصلاة مما عمت به البلوى, فكيف لم يرو رفع اليدين عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا الآحاد, بينما المفترض أن يروي ذلك عنه صلى الله عليه وسلم عدد كبير, فالصلاة يحضرها عدد كبير من الصحابة, وتُصلى في اليوم والليلة خمس مرات!
هذه حجتهم, وفيها نظر .. فإذا بلّغ الواحد سقط عن الباقين مؤنة التبليغ, أضف إلى ذلك أنه لم يتفرغ للتعليم والتدريس من الصحابة إلا عدد يسير .. وغيرها من التعقيبات على منهج الأحناف في هذه المسألة.
ـ[أبو عبد الله الداغستاني]ــــــــ[15 - 11 - 10, 07:35 م]ـ
بارك الله فيكم, وأزيدكم من الشعر بيتاً:
إن الأحناف لا يحتجون بهذه الحكاية فحسب على مذهبهم في عدم رفع اليدين في الركوع والرفع منه, بل يحتجون بما أصلوه وقعدوه من قواعدهم في أصول الفقه, وهي قاعدتهم المشهورة:
أن حديث الآحاد لا يُعمل به فيما عمت به البلوى ..
فالصلاة مما عمت به البلوى, فكيف لم يرو رفع اليدين عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا الآحاد, بينما المفترض أن يروي ذلك عنه صلى الله عليه وسلم عدد كبير, فالصلاة يحضرها عدد كبير من الصحابة, وتُصلى في اليوم والليلة خمس مرات!
هذه حجتهم, وفيها نظر .. فإذا بلّغ الواحد سقط عن الباقين مؤنة التبليغ, أضف إلى ذلك أنه لم يتفرغ للتعليم والتدريس من الصحابة إلا عدد يسير .. وغيرها من التعقيبات على منهج الأحناف في هذه المسألة.
يا ليت تُعرِّف حديث الآحاد!!!
فهل يصح أن يقال عن حديث ورد بأكثر من عشرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه حديث الآحاد؟؟؟؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/480)
ـ[ابن المهلهل]ــــــــ[16 - 11 - 10, 01:06 ص]ـ
حماد أفقه من الزهري؟؟؟ هذه عجيبة!!
وإبراهيم أفقه من سالم؟؟؟ عجيبة أخرى!!
وعلقة ليس بدون ابن عمر؟؟؟ هذه طامة كبرى، ومصيبة جلل ...
وهي لو صحت عن أبي حنيفة لم تقبل، فكيف وهي مختلقة!!
ـ[فايح المقاطي]ــــــــ[16 - 11 - 10, 01:16 ص]ـ
بارك الله فيك(100/481)
ما حكم الثناء على الكفار و أهل الزيغ و الضلال
ـ[أبو حفص ماحية عبد القادر]ــــــــ[27 - 08 - 08, 11:53 ص]ـ
السلام على الجميع و رحمة الله و بركاته؛ و بعد:
مما بليت به الأمة في الأزمان المتأخرة خور في القلوب و اندهاش أخذ بالقلوب أمام ما يزعمون أنه حضارة غربية - و هل الحضارة إلا الدين و الأخلاق - فألقى ذلك بالجم الكثير في مهواة التقليد و الثناء على الكفار و الإعجاب بهم حتى في سفاسف الأمور؛ فهل الثناء على الكفار من الأمور الجائزة؟
أود الحصول من المتخصصين على جواب شاف كاف يوشحونه بالأدلة القاطعة للريب و يوشّونه بالنقول من أقاويل أهل العلم؟
و بارك الله في الجميع.(100/482)
ما أفضل ما يقرأ على المصلين في رمضان بعد العصر؟
ـ[عمر السلمي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 12:29 م]ـ
أرجو أن تدلوني على كتاب مختصر ومفيد فيه أحكام تتعلق بشهر رمضان غير كتاب الشيخ بن عثيمين رحمه الله تعالى.
ـ[أبو عمر خالد]ــــــــ[27 - 08 - 08, 04:36 م]ـ
أقترح قراءة لوظائف شهر رمضان من اللطائف لابن رجب مع انه يحتاج لشئ من الاختصار وأنا الآن بصدد اختصاره بإذن الله تعالى
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[27 - 08 - 08, 05:16 م]ـ
الشيخ سلمان العودة يوصى بقراءة كتاب (أظن اسمه مجالس رمضان) للشيخ ابراهيم الحمد على المصلين
وأكيد الكتاب فى موقع الشيخ
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[27 - 08 - 08, 07:52 م]ـ
http://saaid.net/book/10/3284.rar(100/483)
الفروق بين مكة والمدينة في الخصائص (العلامة ابن عثيمين).
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 03:56 م]ـ
الفروق بين مكة والمدينة في الخصائص
قال العلامة ابن عثيمين – رحمه الله تعالى -:
[ثبت لحرم مكة من الخصائص أشياء كثيرة:
منها: ما سبق في حديث أبي هريرة، وهو تحريم القتال فيها، فالقتال في مكة محرم بالنص والإجماع إلا ما كان قتالا عن دفاع فإنه يحل ولو في جوف الكعبة، ودليل ذلك قوله تعالى: (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين).
أما القتال ابتداء فإنه لا يحل لأنه إنما أحل للرسول -صلى الله عليه وسلم- ساعة من نهار ثم عاد التحريم إلى يوم القيامة.
س _ هل يشارك حرم المدينة حرم مكة في ذلك؟
الجواب: لا يشاركه في ذلك، لأن حرم المدينة لم يحرم فيه القتال، فلو قدر أن أهل المدينة استحقوا أن يقاتلوا لترك أمر يجب القتال على فعله،فإنهم يقاتلون، بخلاف أهل مكة.
ثانيا: تحريم قطع شجر مكة وحش حشيشها، ويستثنى من ذلك شيء واحد وهو الإذخر فهل حرم المدينة كذلك؟
الجواب: نعم يحرم أخذ شجره وقطعه إلا ما دعت الحاجة إليه كالحشيش للعلف، وقطع الأشجار للحرث و السواني وشبهها، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص في ذلك، وكأن هذا الترخيص يشبه الترخيص في الإذخر لأهل مكة، لأنهم يحتاجونه للبيوت والقبور والقيون، فأهل المدينة أصحاب حرث وماشية، فرخص لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يحتشوا الحشيش للعلف، وأن يتخذوا من الأشجار أخشابا للسواني وشبهها.
ثالثا: تحريم صيده، فهل حرم المدينة كذلك؟
الجواب: نعم يحرم صيد حرم المدينة، ولكن يفرق بينه وبين حرم مكة من وجوه ثلاثة:
الوجه الأول: أنه لا جزاء فيه وصيد حرم مكة فيه الجزاء، وجزاء صيد حرم مكة كجزاء صيد محرم: (فجزاء مثل ما قتل من النعم) الآية
أما حرم المدينة فليس فيه جزاء، فلو قتله الإنسان كان آثما ولكن لا جزاء فيه.
وقال بعض العلماء بل فيه الجزاء، ولكنه ليس كجزاء صيد مكة، بل جزاؤه (أخذ سلب القاتل يعني ثياب القاتل تؤخذ، ويؤخذ منه أيضا آلة الصيد التي صاد بها، ولكن القول الذي عليه الجمهور: أنه ليس فيه جزاء، وأن أخذ السلب من باب العقوبة والتعزير، وليس من باب الجزاء، وذلك لأنه لا يماثل الصيد، ولو كان جزاء له لكان مماثلا له، فهو من باب العقوبة التي إذا رأى الإمام أن يفعلها فعلها وإلا فلا.
الوجه الثاني: أن صيد المدينة إذا أدخله الإنسان إليها لايلزمه إطلاقه، يعني لو أدخلت صيدا إلى حرم المدينة لم يلزمك إطلاقه، بل لك أن تبقيه في يدك وأن تذبحه وتأكله.
أما حرم مكة فإنك إذا أدخلت إليه صيدا وجب عليك إطلاقه على المذهب، والقول الثاني في حرم مكة أنه لا يلزمك إطلاقه، بل هو في ملكك، وبناء على هذا القول لا يكون بينهما فرق وهو الصحيح. والدليل على جواز إبقاء ملك الصيد في حرم المدينة، حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - في قصة الصبي الذي كان له نغير يلعب به، فمات فاغتم الصبي لذلك؛ فقال له الرسول - صلى الله علية وسلم – مسليا-: (يا أبا عمير ما فعل النغير)، وهذا دليل على أنه يجوز أن يبقى الصيد في يد الإنسان؛ على أن بعض العلماء يقول: إن هذا كان قبل التحريم، لأن تحريم المدينة كان بعد خيبر، ولكن لا يثبت النسخ بالاحتمال.
الوجه الثالث: إذا قتل الصيد في مكة فإنه يحرم أكله، كما لو قتله المحرم أما في المدينة فلا يحرم لكن عليه إثم.
فالفروق بين صيد مكة وصيد المدينة ثلاثة.
رابعا: أن في قطع شجره وحشيشه المحرمِ قطعُهُ الجزاء: الحشيش بالقيمة، والشجرة الصغيرة بشاة، وما فوقها ببقرة، هذا على المشهور من المذهب، فهل حرم المدينة كذلك؟
الجواب: لا، فليس فيه جزاء.
والصحيح أنه لا جزاء في الشجر والحشيش لا في مكة ولا في المدينة وإنما فيه الإثم فقط.
خامسا: تحريم دخوله بغير إحرام إما مطلقا، وإما في حق من أراد النسك أو من يؤدي الواجب، أما حرم المدينة فلا إحرام فيه، بل لو أحرم الإنسان لكان مبتدعا يُنهي عن ذلك.
سادسا: تحريم دخوله من الكافر والمشرك، فلا يجوز أن يقرب المشركون المسجد الحرام، بخلاف المدينة فإنه يجوز أن يدخلها الكافر، وقد مات النبي -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي في نفس المدينة.
سابعا: إجماع العلماء على تحريم صيده وشجره، وأما حرم المدينة فخالف في ذلك أبو حنيفة وقال: إن صيده وشجره ليس بحرام؛ ولكن الجمهور على خلاف قوله، ولاشك أن قوله في هذا ضعيف جدا، وأن الصواب المقطوع به أن شجره وصيده حرام، كما ثبت ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وهناك خصائص أخرى يختص بها المسجد الحرام، وقد ذكرها المصنفون الذين صنفوا في تاريخ المسجد الحرام] اهـ من شرح كتاب الحج من بلوغ المرام (مذكرة عندي).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/484)
ـ[مسلمه مصريه]ــــــــ[27 - 08 - 08, 07:00 م]ـ
بارك الله فيكم و رحم الله الشيخ العثيمين.
و هناك فروق ذكرها السيوطي- رحمه الله -في الأشباه و النظائر، (منها ما تفضل بذكره الشيخ العثيمين) أنقلها كاملة للفائدة:
ما افترق فيه حرم مكة والمدينة
افترقا في أمور،
أحدها:أن على قاصد حرم مكة الإحرام بحج أو عمرة ندبا أو وجوبا وليس ذلك في المدينة.
الثاني: أن في صيده وشجره الجزاء بخلاف حرم المدينة على الجديد وعلى القديم فيه الجزاء بسلب القاتل والقاطع بخلاف حرم مكة فإن فيه الدم أو بدله فيفترقان أيضا*
الثالث: لا تكره الصلاة في حرم مكة في الأوقات المكروهة بخلاف حرم المدينة.
الرابع: أن المسجد الحرام يتعين في نذر الاعتكاف به بلا خلاف وفي مسجد المدينة قولان.
الخامس: لو نذر إتيان المسجد الحرام لزم إتيانه بحج أو عمرة بخلاف ما لو نذر إتيان مسجد المدينة فإنه لا يلزمه إتيانه في الأظهر.
السادس: الصلاة تضاعف في المسجد الحرام زيادة على مضاعفتها في مسجد المدينة مائة صلاة كما في حديث أخرجه أحمد بسند صحيح.
السابع: أن التضعيف في حرم مكة لا يختص بالمسجد بل يعم جميع الحرم , وفي المدينة لا يعم حرمها , بل ولا المسجد كله , وإنما يختص بالمسجد الذي كان في عهده* صلى الله عليه وسلم.
الثامن: صلاة التراويح لأهل المدينة ست وثلاثون ركعة وليس ذلك لأهل مكة ولا غيرهم.*
التاسع: تكره المجاورة بمكة ولا تكره بالمدينة بل تستحب.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 08:42 م]ـ
التاسع: تكره المجاورة بمكة ولا تكره بالمدينة بل تستحب
وقال – رحمه الله تعالى -:
[إذا قال قائل: أيما أفضل المجاورة في مكة، أو المجاورة في المدينة؟
اختلف في هذا أهل العلم، فمنهم من قال: إن المجاورة في مكة أفضل، لأن مكة أفضل من المدينة، والنبي – عليه الصلاة والسلام – قال وهو في الحزوراء في مكة: (إنك لأحب البقاع إلى الله، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما خرجت)، وأما ما يرويه بعض الناس أن الرسول –عليه الصلاة والسلام – قال في مكة: (أحب البقاع إلى الله) وفي المدينة: (أحب البقاع إلى)، فهذا غير صحيح.
وقال بعض أهل العلم: إن المجاورة في المدينة أفضل، لأن الرسول – عليه الصلاة والسلام – حثّ على السكنى فيها، وقال: (المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون).
وقال بعض أهل العلم: المجاورة في مكان يقوى فيه إيمانه، وتكثر فيه تقواه أفضل في أي مكان. وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -، وقال: إذا فرضنا أن الإنسان في مكة يضعف إيمانه وتقواه، ويقل نفعه فليخرج كما فعل الصحابة – رضي الله عنهم – ذهبوا إلى الشام والعراق ومصر يلتمسون ما هو أفضل، وأنفع للعباد، وسكنوا هناك، وصاروا يعلمون الناس، وتركوا المدينة ومكة.
وهذا القول أصح، لكن لو فرضنا أن الإنسان يتساوى عنده البقاء في مكان وفي مكة والمدينة، قلنا في مكة والمدينة أفضل من غيرهما بلا شك، أما المفاضلة بالنسبة للمجاورة بين مكة والمدينة، فهذا عندي محل توقف] اهـ شرح البلوغ الحج. (مذكرة).
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[02 - 09 - 08, 06:17 م]ـ
رائع بوركتم.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[02 - 09 - 08, 06:34 م]ـ
رائع بوركتم.
آمين وإياكم.
ـ[وليد النجدي]ــــــــ[02 - 09 - 08, 07:19 م]ـ
السابع: أن التضعيف في حرم مكة لا يختص بالمسجد بل يعم جميع الحرم , وفي المدينة لا يعم حرمها , بل ولا المسجد كله , وإنما يختص بالمسجد الذي كان في عهده* صلى الله عليه وسلم.
لقد حجرتي واسعاً:) ,,
بقية الفروق فيها نظر من حيث ثبوتها؛ كتخصيص أهل المدينة بـ 36 ركعة في صلاة التروايح ونحوها.
والله أعلم
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[02 - 09 - 08, 08:02 م]ـ
لقد حجرتي واسعاً ....................
هكذا خطأ إملائيا، بل الصواب بالكسرة فقط أي هكذا: حجرتِ.(100/485)
أَيُّ كِتَابٍ سَتَقْرَأُ مَعَ زَوْجِكَ وَ أَبْنَائِكَ فِي رَمَضَانَ هَذَا (1429)
ـ[محمّد محمّد الزّواوي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 05:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمْدُ للهِ وَ الصَّلاَةُ وَ السَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَ عَلَى آلِهِ وَ صَحْبِهِ وَ مَنْ اهْتَدَى بِهُدَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
أَرْجُو الإِفَادَةَ وَ الإِثْرَاءَ وَ التَّنَبُّهَ إِلَى أَنَّ المَقْصُودَ مَا زَادَ عَلَى كِتَابِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى
وَ إِنْ كَانَ مَا رَأَيْتُمُوهُ الأَصْلَحُ وَ وُجِدَتْ لَهُ وَصْلاَتٌ عَلَى الشَّبَكَةِ لِلْتَّحْمِيْلِ فَحَبَّذَا نَسْخُهَا.
.
ـ[صخر]ــــــــ[27 - 08 - 08, 06:49 م]ـ
ارجوا ان تطرح علي هذا السؤال بعد سنتين أو ثلاث (ابتسامة)
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[28 - 08 - 08, 01:01 ص]ـ
سؤال صعب ومهم جداً ومغفول عنه!
ليكن مثلاً كتاب الصيام من فقه السنة للشيخ سيد سابق رحمه الله.
ـ[محمّد محمّد الزّواوي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 03:40 م]ـ
أَمَّا أَهْلُ بَيْتِي فَقَد اقْتَرَحُوا عَلَيَّ كَتَابَ أَرْكَانِ الإِيْمَانِ لابْنِ عُثَيْمِيْن - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -
أَخِي صَخْر، أَحْتَسِبُ الأَجْرَ بِتَحْفِيْزِي لِزَوَاجِكَ مِنْ خِلاَلِ عُنْوَانِ مَوْضُوعِي (إِبْتِسَامَةٌ)
أَخِي إِسْمَاعِيل أَلاَ تَرَى بِأَنَّ كِتَابَ الصِّيَامِ مَوْضُوعٌ عِلْمِيٌّ صَرْفٌ.
بَدَا لِي عَبْرَ السِّنِيْنِ بِأَنَّ طَالِبَ العِلْمِ لاَ بُدَّ وَ أَنْ يَجْعَلَ لِعِلْمِهِ نَصِيْبًا مِنَ الرُّوحَانِيَّةِ وَ الرِّقَّةِ وَ الإِحْيَاءِ لِلْعِبْرَةِ وَ تَنْشِيْطِهَا. (مُجَرَّدُ رَأْيٍ).
ـ[وليد النجدي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 03:57 م]ـ
كتاب لطائف المعارف (باب صيام آخر شعبان واستقبال رمضان) - للحافظ ابن رجب
لعله من أنفس ما يكون في هذا الباب لا سيما في آيامنا هذه -قبل حلول شهر رمضان- , والله الموفق.
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[29 - 08 - 08, 07:40 م]ـ
جزاكم الله خيرا أخي الزواوي
ـ[أنس الشهري]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:30 ص]ـ
أمّا أنا فسأقرأ مع عائلتي الصغيرة:كتاب الله-تعالى- إن شاء الله
ـ[محمّد محمّد الزّواوي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:36 م]ـ
باركَ اللهُ فِيْكَ أَخَانَا إِسْمَاعِيْل.
لاَ صَغِيْرَ مَعَ كِتَابِ اللهِ أَخَانَا أَنَس (إِبْتِسَامَةٌ)، أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُبَارِكََ فِي عَائِلَتِكَ وَ يُنْبِتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا.(100/486)
هل هناك أحاديث نبوية تخبر عن هدم المسجد الأقصى؟
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[27 - 08 - 08, 11:16 م]ـ
يشيع بين الكثير من العوام وحتى بعض طلبة العلم أن المسجد الأقصى سيهدم في آخر الزمان فهل ورد ذلك في احاديث نبوية صحيحة صريحة
أنقل جوابا على هذا السؤال ورد في موقع الإسلام سؤال وجواب
السؤال: هل هناك أحاديث نبوية عن هدم المسجد الأقصى من قبل اليهود؟
الجواب:
الحمد لله
لم نقف في السنة النبوية على خبر يشير إلى تعرض المسجد الأقصى للهدم في آخر الزمان، مع أن الأحاديث الواردة في أبواب الفتن، والملاحم، وأشراط الساعة، وحوادث آخر الزمان كثيرة، ولكن ليس في أي منها إشارة إلى ذلك.
والواجب على المسلمين حماية المسجد الأقصى من اعتداء اليهود الغاصبين، الذين أفسدوا في الأرض وأكثروا فيها الفساد، ونال اعتداؤهم الإنسان والحيوان والشجر والحجر.
نسأل الله تعالى أن يرد المسجد الأقصى المبارك إلى حوزة المسلمين.
وقد أشار بعض الناس إلى أن حديث مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِ الَّذِي حَدَّثَهُ أَوْ مَنْكِبِهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذَا لَحَقٌّ كَمَا أَنَّكَ هَاهُنَا أَوْ كَمَا أَنَّكَ قَاعِدٌ يَعْنِي مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ) رواه أبو داود (4294).
أشاروا إلى أن في هذا الحديث تعلقا بموضوع هدم المسجد الأقصى.
ولكن الصواب أنه ليس فيه إشارة لذلك من قريب أو من بعيد، وذلك أن:
1 - الحديث مختلَف في صحته أصلا، ضعفه بعض أهل العلم بسبب عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وهو ضعيف، وقد عدَّ الذهبي هذا الحديث من منكراته، كما في " ميزان الاعتدال " (4/ 265)، وضعفه محققو مسند أحمد (36/ 352)، وحسنه الحافظ ابن كثير والشيخ الألباني.
2 - أن المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم: (عمران بيت المقدس) المدينة التي تسمى اليوم " القدس "، وليس المقصود خصوص المسجد الأقصى، بدليل أنه قابل هذه المدينة " بيت المقدس " بالمدينة المنورة " يثرب "، وهذا لا يلزم منه بالضرورة الحديث عن المسجد الأقصى بالخصوص.
3 - كما يمكن فهم الحديث على وجهين: أن بيت المقدس تخرب ثم تعمر، ويمكن فهمه على أن عمران بيت المقدس المقصود به كمال العمارة، وإلا فإن بيت المقدس لا تخرب.
جاء في كتاب "عون المعبود شرح سنن أبي داود" (11/ 270):
" قال الأردبيلي في " الأزهار ": قال بعض الشارحين:
المراد بـ " عمران بيت المقدس ": عمرانه بعد خرابه، فإنه يخرب في آخر الزمان، ثم يعمره الكفار.
والأصح: أن المراد بالعمران الكمال في العمارة، أي عمران بيت المقدس كاملا، مجاوزا عن الحد وقت خراب يثرب، فإن بيت المقدس لا يخرب.
قال القاري - نقلا عن الأشرف -: لما كان بيت المقدس باستيلاء الكفار عليه، وكثرة عمارتهم، فيه أمارة مستعقبة بخراب يثرب، وهو أمارة مستعقبة بخروج الملحمة، وهو أمارة مستعقبة بفتح قسطنطينية، وهو أمارة مستعقبة بخروج الدجال جعل النبي صلى الله عليه وسلم كل واحد عين ما بعده وعبر به عنه " انتهى.
ولا ينبغي أن يفهم من كلامنا هذا أن المسجد الأقصى يستحيل هدمه أو استيلاء اليهود عليه، فإن هذا لم يرد في النصوص أيضاً، وقد استولى النصارى عليه زمناً طويلاً ثم استنقذه المسلمون من أيديهم. قال الدكتور عبد العزيز مصطفى كامل حفظه الله:
" ليس بين أيدينا نص معصوم يدل على أن هدم المسجد الأقصى ممتنع قدرا، وليس شرطا أن ترد أحاديث الفتن بكل ما يقع، فكثير من الحوادث الجسام وقعت دون أن تذكر آية أو ترد في حديث، وبعضها أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/487)
إن الكعبة نفسها قد هدمت من قبل – في زمن الحجاج – دون أن يكون لذلك ذكر في محكم آية أو نص حديث، والحجر الأسود قد نزع من الكعبة – في زمن القرامطة – ونقل إلى البحرين ليظل هناك سنين عددا قبل أن يعاد، ولم تأت الإشارة إلى ذلك في كتاب ولا سنة، إذن فليس لأحد أن يحتج بعدم الورود على عدم الوقوع، لأن الأمر قد يسطر في القدر، ولا يذكر في الكتب.
والذي يحكم الأمور عند ذلك هو قانون الأسباب والمسببات الذي يجري به قدر الله بما يشاء وقوعه.
وعلى حسب مجريات الأمور المشاهدة، فإنها شاهدة بدأب اليهود والنصارى وأخذهم بكل الأسباب المادية، في الوقت الذي يريد المسلمون فيه أن يعطلوا قانون الأسباب، وفي ظل ذلك لا نظن أن سنن الله تعالى ستحابي أحدا، فماذا يفعل المسلمون في العالم كله وهم يبلغون عدديا مليارا وربع المليار؟ ماذا فعلوا عبر ما يزيد على ثلاثين عاما لكي يستنقذوا مقدساتهم من عصابة الملايين الأربعة التي زرعت بينهم ثم فرضت وجودها عليهم؟
إن قدر الأسباب لن يحابينا ونحن نجافيه، إلا إن أراد الله أمرا، فقدر بسببه شأنا إلهيا محضا ينقذ المسجد ويعطل أسباب الكيد ضده، كما رد الله كيد أصحاب الفيل لهدم الكعبة قبل الإسلام ... ولكن المشكلة أن هذا أيضا أمر لم يأت به خبر معصوم فيتكئ عليه المتكئون.
ماذا لو هدم الأقصى؟
أتصور أن فئاما من الناس سيفتنون لو وقع الحدث، وسيقولون، كيف هذا والمسجد الأقصى قد نزل بشأنه القرآن، وتواترت بفضله الأحاديث، كيف يهدم، وكيف يتحول إلى معبد يهودي؟ وينبغي أن يقال لهؤلاء: إن المسجد الأقصى قد مرت عليه السنون في مرحلة من التاريخ وصلبان النصارى مرفوعة فوق مآذنه، أيام كان الاحتلال الصليبي، وقد كان مسجدا إذ ذاك ولم تنتف عنه صفته الشرعية، ولا خصوصياته المسجدية، والذي أصابه لم يتعد التلوث بأوضار التثليث، ثم عاد لأهل التوحيد عزيزا مطهرا، لما عادوا إلى نصرة التوحيد.
فلا بد أن يعلم أن أرض المسجد مقدسة، ولها أحكامها الشرعية من حيث مضاعفة أجور الصلوات فيها، واستحباب شد الرحال إليها، سواء أكان البناء موجودا أو غير موجود، فالساحة نفسها سميت مسجدا وقت تنزل القرآن بآيات الإسراء، ولم يكن ثمة مسجد مقام. إن المكان أخذ حكم المسجد قبل أن يبنى مسجدا في الإسلام، وصلى فيه إمام الأنبياء صلى الله عليه وسلم بأولي العزم من الأنبياء في أرض فضاء ... فحقائق التاريخ وقصص الأنبياء تدل على أن المسجد الأقصى لم يبن مرة أخرى بعد هدمه الثاني بعيد زمان عيسى عليه السلام حتى جاء محمد عليه الصلاة والسلام ولما تم الفتح، جاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ومعه كعب الأحبار رضي الله عنهما ليدله على موضع مصلى داود عليه السلام، ثم بنى هناك مسجدا متواضعا من خشب، فلما جاء عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك أعاد بناءه على الهيئة التي هو عليها الآن، وقد حافظ المسلمون على مر العصور على هذه الأمانة، حتى جاء عصر تضييع الأمانة الذي نعيشه، فوقع المسجد في الأسر، وها هو يتهدد بالهدم.
وهنا أمر تنبغي الإشارة إليه، وهو ما ورد في الحديث الصحيح بشأن منع الدجال من دخول مساجد أربعة، منها المسجد الأقصى، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: (وعلامته: يمكث في الأرض أربعين صباحا، يبلغ سلطانه كل منهل، لا يأتي أربعة مساجد: الكعبة، ومسجد الرسول، والمسجد الأقصى، والطور " – رواه أحمد في "المسند" (5/ 364) وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (13/ 112) -.
وهذا يحتمل أن يظل المسجد كما هو، بحفظ الله وحده، أو أنه سيعاد كما كان – إذا أصابه مكروه – لا قدر الله – أو أن المراد بالمسجد أرض المسجد كما في آية الإسراء " انتهى.
"حمى سنة 2000م" (ص/64 - 67).
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islam-qa.com/ar/ref/120890 (http://www.islam-qa.com/ar/ref/120890)
ـ[صالح العقل]ــــــــ[27 - 08 - 08, 11:21 م]ـ
الله المستعان.
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[28 - 08 - 08, 01:26 ص]ـ
أحسن الله إليك مسألة مهمة، وجواب شافٍ.
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[28 - 08 - 08, 02:35 ص]ـ
اللهم احفظ المسجد الأقصى وسائر مساجد المسلمين ... واحفظ أهل فلسطين وسائر المجاهدين.
الأخ نضال بارك الله فيك
فهذا الأمر أهمني كثيرا في الآونة الأخيرة، سيما بعد التخاذل، بل قل التوطؤ ممن نعرفهم ـ في الداخل والخارج ـ ولاحاجة لذكرهم.
والسؤال الذي يؤرقني: ماذا نفعل إذا أقدم هؤلاء الصهاينة الأنجاس على هذه الفعلة الشنيعة؟؟؟
أعاذنا الله وإياكم من الفتن.
ـ[أبو ممدوح]ــــــــ[28 - 08 - 08, 02:43 م]ـ
الأقصى سيهدم في رمضان أو قريباً مادمنا على حالنا هذه.
وسيحل مكان القبة هذه
http://www.solomonstemple.com/domeweb.jpg
هذا الهيكل الخرافي
http://www.solomonstemple.com/templeweb.jpg
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/488)
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[28 - 08 - 08, 02:48 م]ـ
اللهم احفظ المسجد الأقصى وسائر مساجد المسلمين ... واحفظ أهل فلسطين وسائر المجاهدين.
.
والسؤال الذي يؤرقني: ماذا نفعل إذا أقدم هؤلاء الصهاينة الأنجاس على هذه الفعلة الشنيعة؟؟؟
.
علها تكون هبة إسلامية يرفع الله بها البلاء عن العباد والبلاد وتخلص الناس مما هم فيه إن شاء الله
ـ[تلميذة الأصول]ــــــــ[29 - 08 - 08, 05:56 ص]ـ
الكعبة هي التي ستهدم،،في الخبر الصحيح وليس الأقصى،،
لاأرانا الله ذنك اليومين،،
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[29 - 08 - 08, 11:34 ص]ـ
الكعبة هي التي ستهدم،،في الخبر الصحيح وليس الأقصى،،
لاأرانا الله ذنك اليومين،،
بارك الله فيك لكن ذلك لا يلزم عدم هدمه والله أعلم
عنوان الفتوى: هدم الكعبة في آخر الزمان واستخراج كنزها
تاريخ الفتوى: 06 رمضان 1426/ 09 - 10 - 2005
السؤال
(وستظل الكعبة كذلك حتى يقضي الله أمره في آخر الزمان بهدمها على أيدي الأحباش واستخراج كنز الكعبة) هل لقلة تعظيم الكعبة في آخر الزمان سبب في هدمها؟ وماهو كنزها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكعبة ستهدم في آخر الزمان على يد ذي السويقتين من الحبشة كما بينا في الفتوى رقم:61075.
ولا شك أن المسلمين يومئذ سيكونون في حالة من الضعف شديدة، وإلا لما قدر أحد على هدم قبلتهم وأعظم حرماتهم، فهم يومئذ غثاء كغثاء السيل لضعف الإيمان في نفوسهم وحبهم للدنيا وكراهيتهم للموت.
وأما كنز الكعبة فالمقصود به المال المدفون فيها، وقد ذكر ابن كثير في التفسير والعيني في شرح البخاري أنه مدفون في بئر في جوف الكعبة، وراجع في هذا الفتوى رقم:62534.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى
http://www.islamweb.net/ver2/fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=67896 (http://www.islamweb.net/ver2/fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=67896)
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[29 - 08 - 08, 11:37 ص]ـ
الذي يهدم الكعبة من الحبشة لا من الأحابيش
تاريخ الفتوى: 05 ربيع الأول 1426/ 14 - 04 - 2005
السؤال
من هم الأحباش الذين سوف يهدمون الكعبة وهل لهم علاقه بالقوم الذين قال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم (يوم صلح الحديبية) إنهم قوم يتألهون
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن الكعبة سوف يخربها ذو السويقتين، وهو رجل من الحبشة، وانطر الفتوى رقم: 30931. وهؤلاء الحبشة المفسدون المخربون الذين يهدمون الكعبة ويقلعونها حجراً حجراً في آخر الزمان يختلفون عن الأحابيش الذين رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدهم يوم الحديبية، فقال عنه: إن هذا من قوم يتألهون. فإن سيد الأحابيش هذا هو الحليس بن علقمة الكناني، وهو أحد بني الحارث بن عبدة مناة بن كنانة، وهو أعرابي قح، والأحابيش جمع حُبْش بضم الحاء وسكون الباء، نسبة إلى مكان في البادية، وليس نسبة إلى الحبشة، وأما ذو السويقتين فهو حَبَشي منسوب إلى الحبشة، وهو من الأعاجم.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى
http://www.islamweb.net/ver2/fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=61075 (http://www.islamweb.net/ver2/fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=61075)
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[29 - 08 - 08, 07:30 م]ـ
وما هو نص الحديث في هدم الكعبة رحمكم الله ولا أرانا ولا أراكم ذلك اليوم؟
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[29 - 08 - 08, 09:01 م]ـ
هناك احاديث كثيرة وبألفاظ مختلفة في هذا الموضوع بارك الله فيك أذكر منها
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَخْنَسِ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَأَنِّي بِهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ يَقْلَعُهَا حَجَرًا حَجَرًا
صحيح البخاري
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ
صحيح البخاري
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حَنِيفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اتْرُكُوا الْحَبَشَةَ مَا تَرَكُوكُمْ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَخْرِجُ كَنْزَ الْكَعْبَةِ إِلَّا ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ
سنن أبي داوود
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ وَيَسْلُبُهَا حِلْيَتَهَا وَيُجَرِّدُهَا مِنْ كِسْوَتِهَا وَلَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ أُصَيْلِعَ أُفَيْدِعَ يَضْرِبُ عَلَيْهَا بِمِسْحَاتِهِ وَمِعْوَلِهِ
مسند الإمام أحمد
وقال الشيخ الالباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة
و قال ابن كثير: " و هذا إسناد جيد قوي "، و سكت عنه الحافظ. قلت: فيه عنعنة ابن
إسحاق كما ترى، فلعل تقويته إياه بالنظر لشواهده المتقدمة. و الله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/489)
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:32 ص]ـ
بارك الله فيكم
قال الحافظ في الفتح
ووقع هذا الحديث عند أحمد من طريق سعيد بن سمعان عن أبي هريرة بأتم من هذا السياق ولفظه " يبايع للرجل بين الركن والمقام، ولن يستحل هذا البيت إلا أهله، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب، ثم تجيء الحبشة فيخربونه خرابا لا يعمر بعده أبدا، وهم الذين يستخرجون كنزه " ولأبي قرة في " السنن " من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعا " لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة " ونحوه لأبي داود من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وزاد أحمد والطبراني من طريق مجاهد عنه " فيسلبها حليتها ويجردها من كسوتها، كأني أنظر إليه أصيلع أفيدع يضرب عليها بمسحاته أو بمعوله ". وللفاكهي من طريق مجاهد نحوه وزاد " قال مجاهد: فلما هدم ابن الزبير الكعبة جئت أنظر إليه هل أرى الصفة التي قال عبد الله بن عمرو فلم أرها "
قيل: هذا الحديث يخالف قوله تعالى (أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا) ولأن الله حبس عن مكة الفيل ولم يمكن أصحابه من تخريب الكعبة ولم تكن إذ ذاك قبلة، فكيف يسلط عليها الحبشة بعد أن صارت قبلة للمسلمين؟
وأجيب بأن ذلك محمول على أنه يقع في آخر الزمان قرب قيام الساعة حيث لا يبقى في الأرض أحد يقول الله الله كما ثبت في صحيح مسلم " لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله " ولهذا وقع في رواية سعيد بن سمعان " لا يعمر بعده أبدا "
وقد وقع قبل ذلك فيه من القتال وغزو أهل الشام له في زمن يزيد بن معاوية ثم من بعده في وقائع كثيرة من أعظمها وقعة القرامطة بعد الثلاثمائة فقتلوا من المسلمين في المطاف من لا يحصى كثرة وقلعوا الحجر الأسود فحولوه إلى بلادهم ثم أعادوه بعد مدة طويلة، ثم غزي مرارا بعد ذلك،
كل ذلك لا يعارض قوله تعالى (أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا) لأن ذلك إنما وقع بأيدي المسلمين فهو مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم " ولن يستحل هذا البيت إلا أهله "، فوقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من علامات نبوته، وليس في الآية ما يدل على استمرار الأمن المذكور فيها. والله أعلم.
وبهذا جزم القرطبي أن هدم الكعبة = حيث لا يبقى في الارض مسلم
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:37 ص]ـ
وذكر العيني رحمه الله آثارا تدل على أن هدم الكعبة مع وجود المسلمين
لكن هذه الآثار فيها نظر
فقال رحمه الله
وجاء في تخريب الكعبة أحاديث منها حديث ابن عباس وعائشة بوب عليه البخاري بقوله باب هدم الكعبة على ما سيأتي إن شاء الله تعالى ومنها ما رواه أبو داود الطيالسي بسند صحيح في يبايع لرجل بين الركن والمقام وأول من يستحل هذا البيت أهله فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب ثم تجيء الحبشة فيخربونه خرابا لا يعمر بعده وهم الذين يستخرجون كنزه
وذكر الحليمي أن ذلك في زمن عيسى عليه السلام وأن الصريخ يأتيه بأن ذا السويقتين قد سار إلى البيت يهدمه فيبعث إليه عيسى عليه الصلاة والسلام طائفة بين الثمان إلى التسع ومنها ما رواه أبو نعيم بسند فيه مجهول كأني أنظر إلى أصيلع أقرع أفحج على ظهر الكعبة يهدمها بالكرزنة ومنها ما رواه أبو داود من حديث عبد الله بن عمر عن النبي أتركوا الحبشة
ما تركوكم فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة ومنها ما رواه أحمد من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة ويسلب حليها ويجردها من كسوتها وكأني أنظر إليه أصيدع أفيدع يضرب عليها مسحاته ومعوله ومنها ما رواه ابن الجوزي من حديث حذيفة عن النبي فذكر حديثا فيه طول وفيه وخراب مكة من الحبشة على يد حبشي أفحج الساقين أزرق العينين أفطس الأنف كبير البطن معه أصحابه ينقضونها حجرا حجرا ويتناولونها حتى يرموا بها يعني الكعبة إلى البحر وخراب المدينة من الجوع وخراب اليمن من الجراد وفي (كتاب الغريب) لأبي عبيد عن علي رضي الله تعالى عنه استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يحال بينكم وبينه فكأني برجل من الحبشة أصلع وأصمع حمش الساقين قاعد عليها وهي تهدم وخرجه الحاكم مرفوعا وفيه أصمع أقرع بيده معول وهو يهدمها حجرا حجرا وذكر الغزالي في (مناسكه) لا تغرب الشمس من يوم إلا ويطوف بهذا البيت رجل من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/490)
الأبدال ولا يطلع الفجر من ليلة إلا طاف به أحد من الأوتاد وإذا انقطع ذلك كان سبب رفعه من الأرض فيصبح الناس وقد رفعت الكعبة ليس منها أثر وهذا إذا أتى عليها سبع سنين لم يحجها أحد ثم يرفع القرآن العظيم من المصاحف ثم من القلوب ثم يرجع الناس إلى الأشعار والأغاني وأخبار الجاهلية ثم يخرج الدجال وينزل عيسى عليه الصلاة والسلام وفي (كتاب الفتن) لنعيم بن حماد حدثنا بقية عن صفوان عن شريح عن كعب تخرج الحبشة خرجة ينتهون فيها إلى البيت ثم يتفرغ إليهم أهل الشام فيجدونهم قد افترشوا الأرض فيقتلونهم أودية بني علي وهي قريبة من المدينة حتى إن الحبشي يباع بالشملة قال صفوان وحدثني أبو اليمان عن كعب قال يخربون البيت وليأخذن المقام فيدركون على ذلك فيقتلهم الله تعالى وفيه ويخرجون بعد يأجوج وعن عبد الله بن عمرو تخرج الحبشة بعد نزول عيسى عليه الصلاة والسلام فيبعث عيسى
طائفة فيهزمون وفي رواية يهدم مرتين ويرفع الحجر في المرة الثالثة وفي رواية ويرفع في الثانية وفي رواية ويستخرجون كنز فرعون بمنوف من الفسطاط ويقتلون بوسيم وفي لفظ فيأتون في ثلاثمائة ألف عليهم أسيس أو أسيس
وقال القرطبي وقيل إن خرابه يكون بعد رفع القرآن من الصدور والمصاحف وذلك بعد موت عيسى عليه الصلاة والسلام وهو الصحيح
فإن قلت قال تعالى حرما آمنا (القصص 57) وهو يعارض ما ذكرتم من هذه الأشياء قلت قالوا لا يلزم من قوله حرما آمنا (القصص 57) أن يكون ذلك دائما في كل الأوقات بل إذا حصلت له حرمة وأمن في وقت ما صدق عليه هذا اللفظ وصح المعنى ولا يعارضه ارتفاع ذلك المعنى في وقت آخر
فإن قلت قال إن الله أحل لي مكة ساعة من نهار ثم عادت حرمتها إلى يوم القيامة قلت الحكم بالحرمة والأمر لا يرتفع إلى يوم القيامة أما وقوع الخوف فيها وترك الحرمة فقد وجد من ذلك في أيام يزيد وغيره كثيرا وقال عياض حرما آمنا (القصص 57) أي إلى قرب القيامة
وقيل يختص منه قصة ذي السويقتين
وقال ابن الجوزي إن قيل ما السر في حراسة الكعبة من الفيل ولم تحرس في الإسلام مما صنع بها الحجاج والقرامطة وذو السويقتين فالجواب إن حبس الفيل كان من أعلام النبوة لسيدنا رسول الله ودلائل رسالته لتأكيد الحجة عليهم بالأدلة التي شوهدت بالبصر قبل الأدلة التي ترى بالبصائر وكان حكم الحبس أيضا دلالة على وجود الناصر
انتهى كلامه
ـ[ابن وهب]ــــــــ[30 - 08 - 08, 11:03 ص]ـ
بارك الله فيكم
عمران بيت المقدس قد يفسر بفتح بيت المقدس
كما في صحيح البخاري
قال البخاري - رحمه الله -
(حدثنا الحميدي حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عبد الله بن العلاء ابن زبر قال سمعت بسر بن عبيد الله أنه سمع أبا إدريس قال سمعت عوف بن مالك قال
: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم فقال (اعدد ستا بين يدي الساعة موتي ثم فتح بيت المقدس ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفا)
انتهى
في الفتح
(ووقع عند الإسماعيلي من وجه آخر عن الوليد بن مسلم قال تذاكرنا هذا الحديث وشيخا من شيوخ المدينة فقال أخبرني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أنه كان يقول في هذا الحديث مكان فتح بيت المقدس عمران بيت المقدس)
انتهى
وقد أخرجه الإسماعيلي في مستخرجه على البخاري من مسند ابن ناجية
أخرجه البيهقي من طريق الإسماعيلي
قال البيهقي
(أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب أنبأ أبو بكر الإسماعيلي أنبأ عبد الله بن محمد بن ناجية ثنا محمد بن المثنى ثنا الوليد بن مسلم عن عبد الله بن العلاء بن زبر قال سمعت بسر بن عبيد الله الحضرمي يحدث أنه سمع أبا إدريس الخولاني يقول سمعت عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه يقول: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من آدم فقال لي يا عوف اعدد ستا بين يدي الساعة موتي ثم فتح بيت المقدس ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم ثم استفاضة المال فيكم حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا ثم فتنة لا تبقي بيتا من العرب إلا دخلته ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثني عشر ألفا قال الوليد فذاكرنا هذا الحديث شيخا من شيوخ المدينة في قوله ثم فتح بيت المقدس فقال الشيخ أخبرني سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يحدث بهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول مكان فتح بيت المقدس عمران بيت المقدس رواه البخاري في الصحيح عن الحميدي عن الوليد بن مسلم دون إسناد أبي هريرة رضي الله عنه)
انتهى
فلعل في هذا إشارة إلى فتح بيت المقدس وهو غير الفتح أيام عمر بن الخطاب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وغير الفتح أيام صلاح الدين الأيوبي فيكون هذا الفتح في آخر الزمان
أعني الذي في حديث معاذ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/491)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[30 - 08 - 08, 11:44 ص]ـ
فائدة
خبر أبي هريرة في إسناده مجهول وهو الشيخ الذي حدث الوليد فليعلم
فائدة
والأشرف الوارد في كلام القاري هو شارح المصابيح
وقد رمز له الطيبي في الخلاصة ب شف
ـ[أبو ممدوح]ــــــــ[31 - 08 - 08, 06:55 ص]ـ
لكن مالمقصود بخراب يثرب و هل يعني هذا أنه عند تحرير القدس تخرب يثرب؟
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[31 - 08 - 08, 03:14 م]ـ
حديث (عمران بيت المقدس خراب يثرب)
السؤال: أرجو منكم التفضل بشرح هذا الحديث بالتفصيل: روى أحمد وأبو داود عن معاذ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال ".
الجواب
الحمد لله
الحديث رواه ابن أبي شيبة (7/ 491) وأحمد (5/ 245) وأبو داود (4294) وعلي بن الجعد في مسنده (ص 489).
كلهم: من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن جبير بن نفير عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل.
ورواه أبو عمرو الداني في " السنن الواردة في الفتن " (4/ 930) من طريق ابن ثوبان عن أبيه أنه سمع مكحولا يقول: حدثني مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيه: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وهو ضعيف، وقد عدَّ الذهبي هذا الحديث من منكراته، كما في " ميزان الاعتدال " (4/ 265).
واختلف عنه فيه أيضاً.
قال الدارقطني – وسئل عن الحديث -:
يرويه ابن ثوبان، واختلف عنه: فرواه أبو حيوة شريح بن يزيد عن ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول قال حدثني مالك بن يخامر عن معاذ، وخالفه علي بن الجعد فرواه عن ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن جبير بن نفير عن مالك بن يخامر عن معاذ، زاد في الإسناد جبيراً، والله أعلم.
" علل الدارقطني " (6/ 53).
والحديث ضعفه الشيخ شعيب الأرناؤط في تحقيقه لمسند أحمد (36/ 352). وقد حسنه الشيخُ الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود.
وعلى فرض صحته فإن معناه:
أن كُلّ وَاحِد مِنْ هَذِهِ الْأُمُور أَمَارَة لِوُقُوعِ مَا بَعْده، وَإِنْ وَقَعَ هُنَاكَ فترة زمنية بينهما.
(عُمْرَان بَيْت الْمَقْدِس) أَيْ: عِمَارَته بِكَثْرَةِ الرِّجَال وَالْعَقَار وَالْمَال.
(خَرَاب يَثْرِب): أَيْ: سَبَب خَرَاب الْمَدِينَة. وَقَالَ الْقَارِي: أَيْ وَقْت خَرَاب الْمَدِينَة.
ويحتمل أن يكون المراد بعمارة بيت المقدس نزول الخلافة فيه في آخر الزمان. ويدل عليه ما رواه أبو داود (2535) عن عبد الله بن حَوَالة الأزدي، قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لنغنم على أقدامنا فرجعنا، فلم نغنم شيئا، وعرف الجهد في وجوهنا، فقام فينا فقال: (اللهم لا تكلهم إليّ فأضعف عنهم، ولا تكلهم إلى أنفسهم فيعجزوا عنها، ولا تكلهم إلى الناس فيستأثروا عليهم) ثم وضع يده على رأسي أو قال: على هامتي، ثم قال: (يا ابن حوالة، إذا رأيت الخلافة قد نزلت أرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلابل [البلابل: الهموم والأحزان] والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب من الناس من يدي هذه من رأسك). وصححه الألباني في صحيح أبي داود. فظاهره أن نزول الخلافة في الأرض المقدسة سيكون قريبا جداً من الساعة، فقد يكون هذا هو المراد بعمارتها. والله أعلم.
(وَخَرَاب يَثْرِب خُرُوج الْمَلْحَمَة): أَيْ ظُهُور الْحَرْب الْعَظِيمة، وتكون بَيْن أَهْل الشَّام وَالرُّوم.
(وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ) يعني: فإذا خرجت الملحمة فبعدها فتح القسطنطينية.
(وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ) يعني إذا فتحت القسطنطينية خرج الدجال.
وفي الحديث إشكال؛ وهو كون خراب المدينة قبل الدجال، مع ما ورد من أن الدجال يمنع من دخول المدينة، فإنها ترجف بأهلها ثلاث رجفات فيخرج إليه كل منافق ومنافقة.
وقد أجاب ابن كثير عن هذا الإشكال فقال في "النهاية" (1/ 94):
"وليس المراد أن المدينة تخرب بالكلية قبل خروج الدجال، وإنما ذلك آخر الزمان، بل تكون عمارة بيت المقدس سببا في خراب المدينة النبوية، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الدجال لا يقدر على دخولها، يُمنع من ذلك بما على أبوابها من الملائكة القائمين بأيدهم السيوف المصلتة" انتهى.
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islam-qa.com/ar/ref/32684
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[02 - 09 - 08, 11:21 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أخي نضال
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[02 - 09 - 08, 03:27 م]ـ
جزاكم الله خيرا أخي نضال
وإياكم اخي إسماعيل(100/492)
النكت عل كتاب فقه الرد للدكتور خالد السبت
ـ[د. بسام الغانم]ــــــــ[27 - 08 - 08, 11:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين، وأصلي وأسلم على خاتم النبيين وإمام المتقين، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد اطلعت على كتاب " فقه الرد على المخالف " الذي ألفه أخي الحبيب وزميلي النجيب صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور خالد بن عثمان السبت حفظه الله ووفقه، وجزاه خيرا، فألفيته كتابا نافعا مفيدا من حيث أهمية موضوع الكتاب، وجودة مادته العلمية، والأمانة في العزو والتوثيق، والدقة في نسبة الأقوال إلى أصحابها، وحسن إخراج الكتاب وطباعته مع رخص ثمنه، وغير ذلك من المحاسن والمزايا؛ فأحببت أن أعلق بنُكَت على منهج الكتاب وبعض المواضع فيه دون استقصاء تعين قارئ الكتاب على قراءته واستكمال الفائدة منه؛ فإن معرفة منهج الكتاب من أهم الأمور التي تقرب ثمرة الكتاب لقارئه.
والنُّكَتُ جمع نُكْتَة، قال الجرجاني: النكتة هي مسألة لطيفة، أخرجت بدقة نظر وإمعان، من " نَكَتَ رمحَه بأرض " إذا أثر فيها، وسميت المسألة الدقيقة نكتة؛ لتأثير الخواطر في استنباطها. (التعريفات/316).
وهذه النكت والتعليقات لا تغض من قيمة الكتاب، ولا قدر مؤلفه، وإنما تخدم الكتاب، وتكمل مقاصده وتفيد قارئه، وتكسبه مرانا ودربة على المناقشة العلمية المفيدة. قال الذهبي رحمه الله: وما زال العلماء قديما وحديثا يرد بعضهم على بعض في البحث، وفي التواليف، وبمثل ذلك يتفقه العالم، وتتبرهن له المشكلات. (سير أعلام النبلاء12/ 500).
وتجدون الكتاب كاملا في منتدى شؤون الكتب في هذا الملتقى العظيم، وأسأل الله أن ينفع به كاتبه وقارئه.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=146945
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[28 - 08 - 08, 12:49 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
" الحمدُ لله ربَّ العالمين، حمدَ الشاكرين، نَحْمَدُه على عظيمِ نَعمائِه، وجميلِ بلائهِ، ونَستكفيهِ نوائبَ الزَّمان، ونوازلَ الحَدَثان، ونرغبُ إليه في التَّوفيقِ والعصمةِ، ونبرأُ إليه منَ الحَوْلِ والقُوّة، ونسألُهُ يقيناً يملأُ الصَّدرَ، ويعمرُ القَلبَ، ويَسْتولي على النَّفس، حتى يكُفَّها إذا نَزغت، ويردَّها إذا تطلَّعتْ. وثقةً بأنَّه عزَّ وجلَّ الوَزَرُ، والكالىءُ، والرّاعي، والحافظُ، وأنَّ الخيرَ والشرَّ بيدهِ، وأنَّ النعمَ كُلَّها من عنِده، وأنْ لا سلطانَ لأحدٍ معَ سُلطانهِ، نوجَّهُ رغباتِنا إليه، ونُخلص نِياتِنا في التوكلِّ عَليه، وأن يَجْعلنا مِمَّنْ هَمُّه الصَّدقُ، وبُغيتُه الحقُّ، وغَرضُه الصَّوابُ، وما تُصحَّحهُ العُقولُ وتَقبُلُه الأَلبابُ، ونعوذُ به مَن أن ندّعيَ العلمَ بشيءٍ لا نعلَمُه، وأنْ نُسَدَّيَ قولاً لا نُلحمُه، وأن نكونَ ممَّن يغرُّهُ الكاذبُ منَ الثَّناء، وينخدِعُ للمتجوَّز في الإطراء، وأن يكونَ سبيلُنا سبيلَ مَن يُعجبُه أنْ يُجادلَ بالباطلِ، ويُموَّهَ على السّامع ولا يُبالي إذا راجَ عنه القولُ أن يكونَ قد خلَّطَ فيه، ولم يُسدَّدْ في معانيه " (من مقدمة دلائل الإعجاز للجرجاني).
وأصلي وأسلم على الهادي الأمين، وخاتم النبيين، وإمام المتقين، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد اطلعت على كتاب " فقه الرد على المخالف " الذي ألفه أخي الحبيب وزميلي النجيب صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور خالد بن عثمان السبت حفظه الله ووفقه، وجزاه خيرا، فألفيته كتابا نافعا مفيدا من حيث أهمية موضوع الكتاب، وجودة مادته العلمية، والأمانة في العزو والتوثيق، والدقة في نسبة الأقوال إلى أصحابها، وحسن إخراج الكتاب وطباعته مع رخص ثمنه، وغير ذلك من المحاسن والمزايا؛ فأحببت أن أعلق بنُكَت على منهج الكتاب وبعض المواضع فيه دون استقصاء تعين قارئ الكتاب على قراءته واستكمال الفائدة منه؛ فإن معرفة منهج الكتاب من أهم الأمور التي تقرب ثمرة الكتاب لقارئه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/493)
والنُّكَتُ جمع نُكْتَة، قال الجرجاني: النكتة هي مسألة لطيفة، أخرجت بدقة نظر وإمعان، من " نَكَتَ رمحَه بأرض " إذا أثر فيها، وسميت المسألة الدقيقة نكتة؛ لتأثير الخواطر في استنباطها. (التعريفات/316).
وهذه النكت والتعليقات لا تغض من قيمة الكتاب، ولا قدر مؤلفه، وإنما تخدم الكتاب، وتكمل مقاصده وتفيد قارئه، وتكسبه مرانا ودربة على المناقشة العلمية المفيدة. قال الذهبي رحمه الله: وما زال العلماء قديما وحديثا يرد بعضهم على بعض في البحث، وفي التواليف، وبمثل ذلك يتفقه العالم، وتتبرهن له المشكلات. (سير أعلام النبلاء12/ 500).
النكتة الأولى
سمى المؤلف كتابه " فقه الرد على المخالف "، ولم يبين مراده بـ "الرد " في هذا الكتاب، وهذا من أساسات البحث؛ فالحكم على الشيء فرع عن تصوره، وبسبب عدم توضيح المؤلف لمراده بالرد في كتابه اختلطت بعض الأمور، وتداخلت بعض المسائل، ووقعت تناقضات في بعض المواضع. فقد لاحظت أنه في مواضع يذكر أشياء لاعلاقة لها بالرد على المخالف، فيستدل بها في موضوع الكتاب، ولادلالة فيها على ذلك، وفي مواضع يذكر أشياء لها علاقة ببعض أنواع الرد، فيجعل حكمها عاما يشمل جميع أنواع الرد نفيا أو إثباتا، وهذا لا يصح، وستأتي شواهد هذا كله في بقية النكت.
وقد قال المؤلف حفظه الله في مقدمة كتابه: وهذا كله مما دفع لتتبع نصوص الكتاب والسنة الواردة في هذا الباب، وما ورد عن السلف رضي الله عنهم، إضافة إلى ما كتبه أئمة أهل السنة والجماعة في هذا الموضوع؛ لأجل استقراء المنهج الشرعي في الرد عموما سواء كان عن طريق المناظرة والمحاورة أو الكتابة أو غير ذلك. (فقه الرد/7).
أقول: هذا ماكنا نحب أن نراه في الكتاب، وهو المنهج الشرعي في الرد عموما، ولكن واقع الكتاب يخالف ذلك، فقد استعرضت الكتاب من أوله إلى آخره، فوجدت المؤلف يتكلم عن نوع من أنواع الرد فقط، وهو المجادلة والمناظرة، وليس عن الرد بأنواعه، وهذا يبين سبب كثرة اعتماده على المصادر التي عنيت بموضوع المجادلة والمناظرة وما يتعلق بالحوار، وأول هذه المصادر هو كتاب منهج الجدل والمناظرة للدكتور عثمان علي حسن الذي نال به درجة الدكتوراه، فقد أحال الدكتور السبت في كتابه على نحو أربعين ومائة موضع (140) من هذا الكتاب. مع أن عدد صفحات كتاب "فقه الرد على المخالف " 327 صفحة غير المقدمة والفهارس. ومن تلك المصادر كتاب مناهج الجدل في القرآن الكريم للدكتور زاهر بن عواض الألمعي الذي نال به درجة الدكتوراه، فقد أحال الدكتور السبت في كتابه على نحو خمسين موضعا من هذا الكتاب. ومنها كتاب " الحوار مع أهل الكتاب " لخالد القاسم، فقد أحال الدكتور السبت في كتابه على نحو سبعة وعشرين موضعا من هذا الكتاب. ومنها كتاب "في أصول الحوار" الذي نشرته الندوة العالمية للشباب، فقد أحال الدكتور السبت في كتابه على نحو خمسة وعشرين موضعا من هذا الكتاب. ومنها كتاب "الكافية في الجدل" للجويني فقد أحال الدكتور السبت في كتابه على نحو أربعة عشر موضعا.
والمقصود أن موضوع المجادلة والمناظرة والحوار قد ألفت فيه كتب متعددة استوفت جوانبه كالكتب الآنفة الذكر، وغيرها من الكتب التي رجع إليها المؤلف وأفاد منها، وهي مذكورة في هوامش البحث وفهرس المراجع، وكتب أخرى لم يرجع إليها المؤلف، منها كتاب أصول الجدل والمناظرة في الكتاب والسنة للدكتور حمد العثمان فهو كتاب جيد ونفيس في هذا الموضوع، فلا حاجة إلى تكرار ما في هذه الكتب، كما فعل الدكتور السبت، ففي كتابه كثير من الإطالة في موضوعات قد خدمتها تلك الكتب المختصة، على حساب موضوعات أخرى من الرد لم تنل عناية الباحثين، ومنهم الدكتور السبت، والحاجة إلى بحثها أكبر.
النكتة الثانية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/494)
قال المؤلف حفظه الله في مدخل كتابه تحت عنوان "الكتابات السابقة": لم تخل الساحة من مؤلفات مفيدة وجادة تشرح آداب البحث والمناظرة، وأصول الحوار، ومناهج الجدل، والموقف من أهل الأهواء والبدع، ومشروعية الرد عليهم إذا دعت إليه الحاجة، إلى غير ذلك من الجوانب المهمة التي ترتبط بهذا الموضوع، إلا أن ثمة جوانب ملحة تحتاج إلى إيضاح إضافة إلى ماسبق، وهي سؤالات أربعة تجيب عنها هذه الدراسة، وهذه السؤالات هي:
1 - هل يسوغ الرد على أهل الأهواء ابتداء؟
2 - متى يكون الرد مشروعا؟
3 - من المؤهل للرد؟
4 - ما المنهج الصحيح في الرد؟. (فقه الرد/9).
أقول: لم تجب هذه الدراسة عن هذه الأسئلة إلا في نوع من أنواع الرد، وهو المجادلة والمناظرة، وليس الرد بجميع أنواعه. والإجابة عن تلك الأسئلة في باب المجادلة والمناظرة قد استوفتها الدراسات السابقة، وليس في هذه الدراسة إلا تلخيص لما في الدراسات السابقة غالبا. ولهذا أرى أنه كان ينبغي أن يسمي المؤلف كتابه " فقه المجادلة والمناظرة "، وليس "فقه الرد".
إن الرد على المخالف لا ينحصر في مجادلته ومناظرته، بل يشمل صورا أخرى لا يحتاج فيها الراد إلى ما يحتاج إليه في المجادلة والمناظرة.
قال الشيخ العلامة بكر أبوزيد رحمه الله في خلاصة كتابه النفيس "الرد على المخالف من أصول الإسلام ":
خامسا: تصحيح المفاهيم وتحديدها، لهذه الألفاظ الثلاثة:"رد العالِم للمخالفة": كالآتي:
1 - تحديد مفهوم المخالفة المذمومة محل البحث، وهو: مخالفة الشريعة من أي وجه، بداع من شبهة، أو شهوة، أو شذوذ ...
2 - المفهوم الموسع للرد شرعا، فليس كما يفهمه البعض من قصره على الإبطال، والتنديد بكتاب، أو رسالة، بل أعم من ذلك، فيكون: مكاتبة، وكتابة، ومشافهة، وإيقاع طرف من العقوبات الشرعية كالنفي، والإبعاد، وإحراق الكتاب، ومنعه من الدرس، وسوقه إلى القضاء؛ لينال أدبا يردعه ويزجره .. وبهذا نستفيد، أن هذا من العلماء يكتب، وهذا يقول، وأن الساكت من العلماء عن هذين الواجبين قد يكون له جهد عظيم في إضعاف البدعة، ومحاصرتها، وقمع حاملها، بأي من مسالك الرد الشرعية.
3 - العلماء قدرات، وكل يزاول ما يحسن، حسب قدرته، فهو على ثغر يحميه من أي عدوان عليه.
فعالم يرد على ملحد، وآخر على صاحب بدعة خفيفة، وثالث على صاحب فسوق، وآخر يرد على رأي شاذ، كل هذا حسب القدرة والتأهيل. وهذا يكسب اجتناب المقولة الساذجة: "فلان يرد على شذوذ فقهي، ويترك الملحدين، فلماذا لا يرد عليهم؟ " وهكذا ... إلى أن قال: على كل والٍ لأمر من أمور المسلمين بصفة خاصة، وعلى كل مسلم بصفة عامة: إصلاح الحال بنبذ البدع والأهواء، والمخالفات المذمومة، ومنابذة أهلها: فعلى رقابة المطبوعات: منع ما كان سبيله كذلك، وعلى مسؤولي التعليم: منع التعاقد مع من كان كذلك، وعلى التجارة: منع استيراد مايضر بالمسلمين في دينهم وأخلاقهم، وعلى التجار: الامتناع من الممارسة والتسويق، والحذر من تكثير سواد المخالفين بمزاولة بيع وشراء السلع المحرمة، وتأجير المحلات على أصحابها، والله أعلم. (الرد على المخالف للشيخ بكر /86 - 89).
فلله در العلامة بكر، ما أحسن حديثه! رحمه الله وغفر له، فقد أصاب وصدق، فالرد على المخالف له صور كثيرة، ولا ينحصر في المجادلة والمناظرة التي بنى الدكتور السبت كتابه عليها، فالرد العام يحصل بغير المجادلة والمناظرة، كأن يتكلم أحد في بعض مسائل الاعتقاد ببعض الشبه فإذا قام أحد بالرد عليه بذكر النصوص الواردة في تلك المسألة، والنصوص الدالة على وجوب التسليم للنص ومايتعلق بذلك، والنصوص الدالة على النهي عن الخوض في ذلك، وتذكيره بمقتضيات الإيمان وتخويفه من الله، فهذا كله رد، وهو مطلوب وحسن. وقد سألت امرأة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقالت لها: ما بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ ولا تَقْضِي الصَّلَاةَ؟ فقالت: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ فقالت: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ وَلَكِنِّي أَسْأَلُ. قالت: كان يُصِيبُنَا ذلك فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ ولا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ. متفق عليه. فقد ردت عائشة رضي الله عنها على السؤال بالأصل العام، وهو الاتباع،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/495)
وهذا رد. وروى مسلم عن طَارِقِ بن شِهَابٍ رضي الله عنه أنه قال: أَوَّلُ من بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يوم الْعِيدِ قبل الصَّلَاةِ مَرْوَانُ، فَقَامَ إليه رَجُلٌ، فقال: الصَّلَاةُ قبل الْخُطْبَةِ، فقال: قد تُرِكَ ما هنالك، فقال أبو سَعِيدٍ: أَمَّا هذا فَقَدْ قَضَى ما عليه؛ سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:" من رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيده فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ". وسأضرب مثالا من واقعنا المليء بالمخالفات والمخالفين:
شاهدت أحد المبتدعة - ممن له شهرة واسعة في عالم الفضائيات ومحسوب على الدعوة والدعاة زورا وبهتانا ومع الأسف أن يطبل له بعض من هو محسوب على أهل السنة والجماعة – شاهدته في إحدى القنوات التلفازية في برنامج مباشر يتكلم عن الاحتفال بالمولد النبوي، ويقرر أنه سنة مؤكدة ويستدل لذلك بالأباطيل، ويحط على علماء أهل السنة القائلين ببدعية ذلك الاحتفال، ويقول كاذبا: " لقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين عن إقامة أسبوع للشيخ محمد بن عبدالوهاب، فأجاز ذلك، في الوقت الذي يمنع فيه من الاحتفال بالمولد النبوي، سبحان الله! محمد بن عبدالوهاب تحتفلون به أسبوعا، ومحمد بن عبدالله تستكثرون علينا أن نحتفل به ليلة واحدة؟!! " هكذا قال جازاه الله، وقد كذب؛ فالشيخ ابن عثيمين اشترط في أسبوع محمد بن عبدالوهاب ألا يتكرر سنويا، وإنما يقام مرة واحدة وينتهي، وذكر أن هذا إنما يقصد به التعريف بهذا الشيخ، ولا يتخذ تقربا إلى الله كما هو الحال في الاحتفال بالمولد، لكن ذلك المبتدع قد نقل الفتوى ممسوخة مشوهة ليلبس على الناس. والمقصود أنه اتصل بعض الإخوة من أهل السنة جزاهم الله خيرا وشاركوا بمداخلات ردوا فيها على هذا المبتدع باختصار بقدر علمهم، وأنكروا عليه قوله، وذكروا بعض مافي تلك الاحتفالات من مفاسد، وقد حاول أن يدخل معهم في جدال ومناظرة لكنهم لم يفعلوا، وأنهوا كلمتهم بعد أن حصل المقصود من التشويش على باطله، وكان لهذا أثر في إرباكه وإحراجه. ولو اتصل آخر وقرأ فتوى الشيخ ابن عثيمين ليبين كذب هذا المبتدع لكان في ذلك رد آخر. ولو اتصل عليه آخروذكره بالله وأمره بتقواه ونهاه عن البدعة وإضلال العباد لكن بأسلوب حسن لا يجعلهم يقطعون اتصاله لكان في ذلك رد آخر.
ويمكن الرد على هذا المبتدع بصور أخرى من الرد، منها:
1 - أن يتكلم خطيب الجمعة في خطبته و إمام المسجد في مسجده.
2 - أن يكتب أحد طلبة العلم أو المثقفين عموما في صحيفة أو مجلة أو منتدى.
3 - أن يلقي أحد طلبة العلم درسا أو كلمة أو يعقد ندوة في التلفاز أو الإذاعة.
4 - أن يتكلم المحاضر في شيء من محاضرته الجامعية، والمدرس في أثناء حصته المدرسية.
ويقوم كل هؤلاء بالتنبيه على بدعية الاحتفال بالمولد، وذكر بعض الأدلة وأقوال الأئمة، والتحذير من الابتداع في الدين.
5 - الكتابة إلى مسؤولي القناة التي ظهر فيها ذلك المبتدع، ومناصحتهم وتذكيرهم بالله وتخويفهم من عقابه وسخطه، ليكفوا عن نشر البدع والترويج لها ولأهلها.
6 - الكتابة إلى ولاة الأمر والمسؤولين في هذه البلاد عن الإعلام وعن التعليم وإلى كبار علماء البلاد لبيان حقيقة ذلك المبتدع وتحذيرهم منه، وذكر ماقاله في ذلك البرنامج من الباطل، ليمنعوا ظهوره في قنوات الإعلام ومؤسسات التعليم في بلادنا وقاية للمسلمين من شره.
7 - مناصحة دور النشر وتحذيرهم من نشر كتب هذا المبتدع، ولاسيما الكتب التي بث فيها سمومه وشره
8 - الكتابة إلى هذا المبتدع ومناصحته وتذكيره بالله، والبعث إليه ببعض الكتب التي ألفها العلماء في إبطال بدعته.
9 - نشر الكتب وتوزيع المطويات التي تبين حكم المسألة، وتبصر الناس بالحق.
وكل ما تقدم ماهو إلا بعض صور ووسائل الرد على المخالف، وهي في هذا العصر كثيرة ومتنوعة. وأكثر تلك الوسائل لا يحتاج فيها الراد إلى شروط وأصول المجادلة والمناظرة التي ذكرها الشيخ خالد السبت في كتابه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/496)
إن كثيرا من المخالفات التي يحارب بها الدين اليوم، والتي يراد بها صد المسلمين عن دينهم، وتغريب مجتمعاتهم مخالفات صريحة لا يحتاج المسلم إلى كثير علم ليدرك أنها مخالفة كالدعوة إلى التبرج والسفور والاختلاط ومزاحمة النساء للرجال في كافة الميادين وموالاة الكفار والتشبه بهم والسير في ركابهم وغير ذلك، وكل من ينعق بشيء من ذلك من أعدائنا أو ممن جندوه لخدمتهم من أبناء جلدتنا فعلى كل قادر على أي نوع من أنواع الرد أن يرد عليه حماية للدين وإنكارا للمنكر، ولا نقول: " لاترد حتى تتمكن من شروط المناظرة والمجادلة "، فللمناظرة أهلها، ولسائر أنواع الرد أهله، وعلى كل مسلم أن يقوم بواجبه تجاه دينه.
تمنيت أن أرى في كتاب "فقه الرد على المخالف " حديثا عن أنواع الرد الأخرى غير المناظرة والمجادلة فتلك الأنواع هي التي يحتاج إليها عامة المثقفين الغيورين على دينهم وعقيدتهم اليوم، فلو تناولها الدكتور خالد بالبحث وربطها بواقع المخالفات في هذا العصر، واستقصى صور الرد الممكنة، وهي كثيرة، ووضع لها الضوابط المناسبة، وضرب الأمثلة الواقعية لها لكان في ذلك أعظم نفع للدعاة والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر في القيام بواجبهم في الرد على المخالفين الذين تمتلئ بهم الساحة اليوم. أما المناظرة والمجادلة فقد أشبعت بحثا، ولا يحتاج إلى معرفة أصولها وشروطها وتفصيلاتها إلا فئة قليلة مختصة بذلك من طلبة العلم الذين لا يحتاجون إلى مزيد من ذلك فوق ماذكر في المصنفات التي ألفت لذلك قديما وحديثا.
النكتة الثالثة
أكثر المؤلف حفظه الله من النقل في هذا الكتاب عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، والإفادة منه، فقد تقدم ذكر أن عدد صفحات هذا الكتاب 327 صفحة غير المقدمة والفهارس، وقد أحصيت نحو خمسين وسبعمائة موضع (750) من كتب شيخ الإسلام قد أحال عليها الدكتور السبت في كتابه، غير الكتب الأخرى المختصة بترجمة شيخ الإسلام ومنهجه، فقد أحصيت نحو سبعة عشر موضعا من الجامع لسيرة شيخ الإسلام والعقود الدرية وغيرها، أحال عليها الدكتور السبت في كتابه، وأحصيت نحو مائة موضع من كتاب " موقف ابن تيمية من الأشاعرة " للدكتور عبدالرحمن المحمود أحال عليها الدكتور السبت في كتابه. وأنا لا أنكر الإفادة من شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو صاحب المرتبة العلية في الإمامة، ورسوخ القدم في العلم، وإنما المقصود أن الكتاب إذا غلب عليه الاعتماد على أحد الأئمة فينبغي تقييده به حتى يكون أصدق في التعبير عن مضمونه، كأن يسمى الكتاب: فقه الرد عند الإمام ابن تيمية، وإن كان استعمال كلمة " الرد " هنا فيه ما تقدم ذكره في النكتة السابقة.
النكتة الرابعة
استطرد المؤلف في مواضع من كتابه بذكر موضوعات عامة ليست مختصة بالرد، وأطال فيها مثل مجانبة السلف لأهل الأهواء وعدم الإصغاء إليهم أوالسماع منهم أصلا، والذي تحدث عنه المؤلف في ست عشرة صفحة وذكر تحذير السلف من مجالسة أهل البدع، فهذا موضوع عام لا يختص بالرد، فماكان ينبغي التطويل فيه؛ لأن محل ذلك كتب أخرى قد خصصت له، وإنما المطلوب هنا ذكر ما يتعلق بالرد، ومن المعلوم أن عدم مجالسة أهل البدع لا ينافي رد بدعتهم وإبطالها وتحذير الناس منها.
ومن ذلك حديث المؤلف عن الإنصاف الذي استغرق ستين صفحة، فقد أطال المؤلف فيه وذكر كثيرا مما يتعلق بالحكم على الناس وتقويم الأشخاص، وذكر منهج الإمام ابن تيمية في الحكم على المخالفين في سبع عشرة صفحة، وهذا في الحقيقة موضوع مستقل قد بحث في مؤلفات مستقلة ولا ارتباط له برد المخالفة، وقد تنبه المؤلف لذلك، ولهذا قال في ص 223: " ليس المقصود من ذلك أن تذكر المحاسن عند الرد كما قد يتوهم، وإنما قد نذكر المحاسن عند التقويم أو الحكم على الناس أو الطوائف أو الكتب ". وقال في ص 235: " وكما سبق لا نقصد بذلك ذكر الحسنات عند الرد ". أقول: موضوع الكتاب في الرد، وليس في تقويم الأشخاص فلماذا الاستطراد والإطالة بذكر موضوعات تشوش ذهن القارئ وتصرفه عن موضوع الكتاب الأصل؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/497)
ومن ذلك حديث المؤلف عن اتباع الرأي وتحكيمه وجعله مقدما على السمع، والتكلف والخوض فيما لايعني الذي استغرق نحو خمس وخمسين صفحة بداية من ص 75، فهذا موضوع عام غير مختص بالرد، ويُتكلم عنه في مباحث العلم النافع والعلم المذموم، ومنهج طلب العلم، وآداب الطلب، وقد أفردت لذلك مصنفات كثيرة قديما وحديثا، فما كان ينبغي الإطالة فيه، وإنما الاقتصار على ما يرتبط مباشرة بموضوع الرد، وتوضيح تلك العلاقة للقارئ.
النكتة الخامسة
قال المؤلف حفظه الله تحت عنوان: "الاعتبار الثاني – يعني من الأحوال التي يمنع فيها الرد -: ماكان بالنظر إلى من يقوم بالرد": إذا كان الرد سائغا بحيث تكون المصلحة فيه غالبة، فإن ذلك يكون متوجها لمن تحقق بالعلم وتسلح به، فهذا شرط أساس فيمن يتصدى للرد والمجادلة ليحصل المقصود من الرد، وأما إذا كان الذي يقوم بالرد ضعيف العلم بالحجة وجواب الشبهة فإن هذا ينبغي أن ينأى بنفسه عن ذلك لما يخاف عليه من الانجراف مع الشبهات، وقد يكون رده ضعيفا فيتغلب صاحب الشبهة فيحصل بسبب ذلك فتنة، وهذا يضره ويضر المسلمين معه، كمن يقوم من المسلمين لمبارزة علج قوي من الكفار، وهو ضعيف لايطيق ذلك، والضعف هو الغالب على جمهور المسلمين، ومن ثم فينبغي كفهم عن التصدي للمناظرات والمجادلات والردود على أهل الزيغ والضلال؛ لأن ذلك أنفع لهم في دينهم وآخرتهم. (فقه الرد/134).
أقول: عنوان المبحث في الرد لكن الكلام الذي تحته عن نوع من أنواع الرد وهو المجادلة والمناظرة، فالكلام الذي ذكره المؤلف لا ينطبق إلا على هذا النوع من الرد، أما سائر أنواع الرد فبعضها لا يشترط فيه ما ذكره المؤلف، ولا يمنع منه.
وقال المؤلف حفظه الله تحت عنوان: الاعتبار الثالث- يعني من الأحوال التي يمنع فيها الرد -: ماكان بالنظر إلى حال المردود عليه: قد يمنع الرد على المخالف ومناظرته نظرا لأمور قامت به من شأنها أن تجعل المصلحة من الرد والمناظرة غير متحققة، ومن المعلوم أنه ليس كل من نطق بالباطل تطلب محاورته ومجادلته (فقه الرد/135).
أقول: عدم نفع المحاورة والمجادلة معه لا يعني ترك الرد عليه مطلقا، بل يرد عليه بأنواع أخرى من الرد من باب إنكار المنكر بشروطه. وإنكار المنكر لا يترك بسبب عدم استجابة فاعل المنكر كما هو معروف في موضعه.
ثم قال المؤلف: ومن هؤلاء – يعني الذين يمنع الرد عليهم -:
أولا: إذا كان المجادل صاحب خصومة وجدال يخوض بطريقته الكلامية وأقيسته المنطقية غير مراع حرمة النصوص. فمن ركب هذا المركب لم يجادل أو يناظر.
ثانيا: أن يكون مبطلا. وهذا يشمل كل من لم يقصد الحق، وإنما كان قصده فاسدا، فمثل هذا لا يجادل أو يناظر. (وذكر المؤلف لهذا الوصف خمسة أصناف تناولها بالشرح والتوضيح).
ثالثا: من يجادل في الأمور البديهية والضرورية والقضايا المسلمة. إذا كان الأمر بديهيا فإن المجادلة فيه ضرب من السفه.
رابعا: قد تجد أن بينك وبين الطرف الآخر شقة واسعة من الخلاف، وأن ما بينكما أعظم مما وقع الجدال فيه، كأن يكون ذلك المجادل غير مقر بالأصول التي تنطلق منها في مجادلته في مسألة معينة، فمثل هذا لا جدوى من محاورته في تلك المسألة، وإنما يناقش في إثبات أصول أخرى قبل ذلك، أو تترك مجادلته بالكلية والمقصود أن جميع هؤلاء يجمعهم اتباع الهوى، والإعراض عن الحق، ومن كان بهذه المثابة فإنه ليس بأهل أن يجادل، ولا أن يرد عليه. (فقه الرد 135 - 140).
أقول: كونه ليس أهلا لأن يجادل، لا يعني ترك الرد عليه بأنواع الرد الأخرى. وكل ما ذكره المؤلف في هذا المبحث الذي استغرق خمس صفحات هو فيمن يترك جداله، ولكن المؤلف جعله فيمن يترك الرد عليه مطلقا، وهذا خطأ، وقد أكثر المؤلف في كتابه من استعمال مصطلح المجادلة والمناظرة، وهما نوع من أنواع الرد، ونفي الأخص لايستلزم نفي الأعم.
ثم ذكر المؤلف أن من كان بهذه المثابة ليس بأهل أن يجادل، ولا أن يرد عليه للاعتبارات التالية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/498)
الأول: أنهم لايرجعون عن باطلهم غالبا، فالذي يتشاغل بالرد على هؤلاء طمعا في هدايتهم لا شك أنه واهم، لأن هؤلاء لا يرجعون عن باطلهم الذي أشربوه، بل يدعون الله أن يثبتهم عليه، بخلاف أهل المعصية؛ ولذا ترك السلف رضي الله عنهم مجادلتهم استبعادا لرجوعهم، ورأوا استتابتهم وإلا عوقبوا بما يليق بأمثالهم. (فقه الرد/142 - 143).
أقول: للرد على المخالف غايات عدة، لا تنحصر في إرجاعه عن باطله فقط، فلا يترك الرد لعدم تتحقق هذه الغاية.وقد استدل المؤلف على ترك الرد عليه بأن السلف تركوا مجادلته، وترك المجادلة لا يعني ترك الرد بأنواعه الأخرى، ومنها الاستتابة، والعقاب اللذين نقل المؤلف عن السلف أنهم عدلوا إليهما، فهم لم يتركوا الرد مطلقا، وإنما تركوا نوعا من أنواعه، وهو المجادلة.
ثم ذكر المؤلف المفاسد المترتبة على مجادلة من لايرجع عن باطله، ومنها:
1 - تحول مسار المناظرة والجدل إلى مغالبة يطلب فيها كل طرف الظهور على الآخر فحسب.
2 - الدخول في دائرة المراء العقيم.
3 - أنه قد لايسلم من شبههم.
4 - أنه قد يقع في شيء من التكلف لرد باطلهم.
5 - أن ذلك يشغله عما هو بصدده من العلم والعمل.
6 - أن في الرد عليهم ترويجا لباطلهم.
ثم ذكر الاعتبار الثاني الذي يترك الرد والمجادلة لأجله، وهو أن ذلك مناف للمقصود من إغفالهم وهجرهم وتهميشهم. (فقه الرد/141 - 154).
أقول: قد أطال المؤلف في توضيح هذه المفاسد في نحو أربع عشرة صفحة، وكلها في نوع من أنواع الرد، وهو المجادلة والمناظرة.
ثم قال المؤلف: فإن هؤلاء جميعا لا يلتفت إليهم، وإنما الواجب زجرهم وتعزيرهم وتأديبهم بما يليق بأمثالهم، ويردعهم عن غيهم متى أمكن ذلك، وأما الرد والمناظرة فلا مكان لهما هنا؛ لكون هؤلاء غير مريدين للحق، ومن ثم فإن الأصل عدم مجادلتهم، لكن هناك حالات يمكن أن تستثنى فيكون الرد متعينا لوجود مصلحة راجحة دون قصد هداية المجادل أو المردود عليه، فمن ذلك:
1 - كسر المبطل وتعريته.
2 - إذا ذاعت الشبهة وانتشرت.
3 - إذا طرحت الشبهة بمحضرمن لا يميز ما فيها من باطل. (فقه الرد/154 - 157).
أقول: الزجر والتعزير والتأديب من أنواع الرد على المخالف، لكن المؤلف لم يعتن ببيانها وبيان كيفية الاستفادة منها.
والحالات التي استثناها المؤلف تكلم عنها باختصار شديد، ولم يبين هل يرخص في الجدال والمناظرة في هذه الحالات، ولو أدت إلى المفاسد التي ذكرها سابقا، ولم يذكر كيف يتلافى المجادل والمناظر تلك المفاسد إذا اضطر إلى المجادلة والمناظرة في الحالات التي ذكرها، وكل هذه مسائل مهمة متعلقة بموضوع البحث، ولا يكتمل بغير بيانها، ولم يذكرها المؤلف.
ثم قال المؤلف حفظه الله تحت عنوان " من الذي يتولى الرد؟ ": إذا تقرر أن الرد مطلوب حيث كانت المصلحة مقتضية له فليس ذلك يعني أن الباب مفتوح في ذلك لكل أحد، وإنما يكون ذلك لمن هو أهل لهذه المهمة ممن استجمع ثلاثة شروط:
الأول: التمكن في الباب الذي يناظر أو يرد أو يجادل فيه. وذلك أن المناظرة والمجادلة إذا كانت صادرة عمن لا تحقيق له ولا دراية في القضية التي يجادل فيها فإنها تضر ولا تنفع.
الثاني: أن يكون علمه صحيحا.
الثالث: أن يكون له قدرة على الجدل والمناظرة. من المعلوم أن الجدال والمناظرة فن لايحسنه كل أحد، وفي الوقت الذي نوجب على المناظر أو المتصدي للمجادلة أن يكون عالما بالباب الذي يجادل فيه فإننا ندرك في الوقت نفسه أن التمكن في العلم لا يعني أن يكون صاحبه قادرا على الإفحام والمناظرة ..
(فقه الرد/165 - 170).
أقول: قد تناول المؤلف الأمور المذكورة بالشرح والتوضيح، وغالب ماذكره يختص بالجدال والمناظرة، ولا يشمل سائر أنواع الرد.
ثم عقد المؤلف حفظه الله فصلا بعنوان "ماينبغي أن يتحلى به من تولى الرد والمجادلة "، واستغرق حديثه فيه نحو مائة صفحة، وكل ما ذكره فيه لا يخرج غالبا عن أمور تختص بالمجادلة والمناظرة دون سائر أنواع الرد أو أنها آداب عامة لا تختص بالرد بسائر أنواعه، وإنما هي مطلوبة من طالب العلم عموما، ولهذا فإن كثيرا مما ذكره مذكور في الكتب التي تحدثت عن آداب طلب العلم، وأدب الخلاف، والكتب التي تحدثت عن الأخلاق الإسلامية، وحق المسلم على المسلم، والكتب التي تحدثت عن منهج تقويم الأشخاص والحكم عليهم، وهي مسائل لا تختص بالرد، وقد تم بحثها في كتب خصصت لذلك، ومع ذلك أطال المؤلف في بيانها.
ثم عقد المؤلف حفظه الله فصلا بعنوان "المقومات الأساسية المشتركة للجدال المثمر"، استغرق اثنتي عشرة صفحة، وكان كلامه فيه مطابقا لعنوان المبحث، وهو ما يتعلق بالجدال المثمر، وهذا نوع من أنواع الرد ولايشمل سائر أنواع الرد.
ثم عقد المؤلف فصلا بعنوان "منهج الرد"، استغرق أكثر من خمسين صفحة، وأغلب ماذكره فيه يختص بالجدل والمناظرة، ولا يشمل سائر أنواع الرد، وذكر أمورا عامة تتعلق بتقويم الأشخاص والحكم عليهم، وهي أمور لا تختص بالرد وأنواعه، وإنما هي مطلوبة في غير مجال الرد أيضا، وقد استوفى أهل العلم الكلام عليها في مظانها، فماكان ينبغي الإطالة فيها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/499)
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[28 - 08 - 08, 12:51 ص]ـ
النكتة السادسة
قال المؤلف حفظه الله: ومع ذلك كله لم يعدم الناس في جميع تلك الأعصار من بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، وينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عقال الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فكم من قتيل لإبليس – من هؤلاء ومن تأثر بهم - قد أحياه أولئك الأئمة الأعلام، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم!
ومن المعلوم عبر القرون أن العلماء هم الذين كانوا يتصدون للأهواء، وأهلها، ويجرون ذلك كله على قاعدة المصالح والمفاسد، فنجدهم يقومون بالرد حينا، ويعرضون عن ذلك أحيانا أخرى، مع بيان الحق (فقه الرد/6).
أقول: إن كان مقصود المؤلف أن العلماء في أي عصر من العصور كان منهم من يتولى تأليف الردود على أهل الأهواء، ومنهم من يعرض عن ذلك، فهذا صحيح، فلا يجب على جميع علماء الزمن أن يؤلف كل منهم في ذلك، وقد حصل المقصود بتأليف بعضهم، ولاسيما أن العلماء متفاوتون في اختصاصاتهم وقدراتهم، وقد تقدم ذكر كلام الشيخ بكر في هذا في النكتة الثانية.
وإن كان مقصود المؤلف حفظه الله بهذا الكلام أن جميع العلماء في عصر من العصور يعرضون عن الرد فهذا غير صحيح، ولم يأت المؤلف حفظه الله بشواهد على ذلك، ولا أتصور أن هناك بدعة ظهرت في زمن، وأعرض عن الرد عليها جميع علماء ذلك الزمن. وأما إعراض بعض علماء ذلك الزمن عن الرد عليها فلا يعني تعميم الحكم على جميع علماء ذلك الزمن.
ثم إن في كلام المؤلف شيئا من التناقض، فقد ذكر أن العلماء كانوا يعرضون عن الرد أحيانا مع بيان الحق فهل بيان الحق لا يعد ردا على من يقول بخلافه؟!
وإذا كان العلماء يعرضون عن الرد على الأهواء وأهلها أحيانا فهذا يناقض ما ذكره المؤلف في أول كلامه من أن الناس في جميع تلك الأعصار لم يعدموا بقايا من أهل العلم ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عقال الفتنة.
والصواب أن علماء الأمة في جميع العصور لم يخلوا بواجبهم في الرد على الأهواء وأهلها، بل قاموا بذلك خير قيام، وإنما تنوعت أساليب ردهم، بحسب ما تقتضيه المصلحة وما يناسب المقام، فمنهم من يرد بردود صريحة مباشرة، ومنهم من يعدل عن ذلك، ويكتفي بأنواع أخرى من الرد لبيان الحق دون تعريض بأحد أو إشارة إلى أنه قصد بذلك أحدا بعينه، ومنهم من يفعل هذا أحيانا، وهذا أحيانا، حسب ما تقتضيه المصلحة الشرعية.
قال عاصم الأحول: جلست إلى قتادة، فذكر عمرو بن عبيد [يعني المعتزلي]، فوقع فيه، ونال منه فقلت: أبا الخطاب، ألا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض؟! فقال: يا أحول، أولا تدري أن الرجل إذا ابتدع بدعة ينبغي لها أن تذكر حتى يحذر. (الكامل في ضعفاء الرجال 5/ 97).
وقال ابن الجوزي: والله سبحانه لا يخلي الزمان من أقوام قوام بشرعه، يردون على المتخرصين، ويبينون غلط الغالطين. (تلبيس إبليس /401).
ونقل مرعي الكرمي عن العز بن عبدالسلام قوله: أوجب الله على العلماء إعزاز الدين وإذلال المبتدعين فسلاح العالم علمه ولسانه كما أن سلاح الملك سيفه وسنانه فكما لا يجوز للملوك إغماد أسلحتهم عن الملحدين والمشركين لا يجوز للعلماء إغماد ألسنتهم عن الزائغين والمبتدعين فمن ناضل عن الله وأظهر دين الله كان جديرا أن يحرسه الله تعالى بعينه التي لا تنام، ويعزه بعزه الذي لا يضام. (شفاء الصدور/223).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/500)
وقال الإمام ابن تيمية: ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛ فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل. فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله؛ إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء. (مجموع الفتاوى 28/ 231).
وقال أيضا: هذه الأمة ولله الحمد لم يزل فيها من يتفطن لما في كلام أهل الباطل من الباطل ويرده، وهم لما هداهم الله به يتوافقون في قبول الحق ورد الباطل رأيا ورواية من غير تشاعر ولا تواطؤ.
(مجموع الفتاوى 9/ 233).
وقال العلامة صالح الفوزان: مازال أهل السنة والجماعة يردون على المبتدعة، وينكرون عليهم بدعهم، ويمنعونهم من مزاولتها. منهجهم في ذلك مبني على الكتاب والسنة، وهو المنهج المقنع المفحم، حيث يوردون شبه المبتدعة وينقضونها، ويستدلون بالكتاب والسنة على وجوب التمسك بالسنن، والنهي عن البدع والمحدثات. وقد ألفوا المؤلفات الكثيرة في ذلك، وردوا في كتب العقائد على الشيعة والخوارج والجهمية والمعتزلة والأشاعرة في مقالاتهم المبتدعة في أصول الإيمان، والعقيدة، وألفوا كتبا خاصة في ذلك ولا يزال علماء المسلمين – والحمد لله – ينكرون البدع ويردون على المبتدعة من خلال الصحف والمجلات والإذاعات، وخطب الجمع، والندوات، والمحاضرات، مما له كبير الأثر في توعية المسلمين والقضاء على البدع وقمع المبتدعين. (البدعة للفوزان /19 - 23).
النكتة السابعة
قال المؤلف حفظه الله: الواحد منهم [يعني السلف] قد يقول الكلمة، ومراده المبالغة في إبطال قول أو تكذيب رواية دون قصد الشناعة على نفس الراوي أو القائل المعين، ويدل على ذلك ما وقع لأحمد بن زاهر (أبي الأزهر النيسابوري) رحمه الله فقد روى عنه الأكابر، وحدث ببغداد في حياة يحيى بن معين فكتب عنه أهلها، ومع ذلك فإنه لما بلغ يحيى بن معين حديث في الفضائل، كان أبو الأزهر قد حدث به؛ قال يحيى بن معين: من هذا الكذاب النيسابوري الذي حدث عن عبد الرزاق بهذا الحديث؟ فقام أبو الأزهر فقال: هو ذا أنا!! فتبسم يحيى بن معين، وقال: أما إنك لست بكذاب ... (فقه الرد/10).
أقول: إنما قال ابن معين ذلك قبل أن يعرف أن راوي الحديث هو أبو الأزهر، ففي القصة أن ابن معين قال: أما إنك لست بكذاب، وتعجب من سلامته، وقال: الذنب لغيرك في هذا الحديث. قال ابن الشرقي: هو حديث باطل، والسبب فيه أن معمرا كان له ابن أخ رافضي، وكان معمر يمكنه من كتبه، فأدخل عليه هذا الحديث.
وإنما يستقيم استدلال المؤلف بهذه القصة لو أن ابن معين قال لأبي الأزهر: أنا ما قصدت بهذه العبارة تكذيبك. لكنه لم يقل ذلك، وإنما تراجع عن إطلاق الكذب عليه، وذكر أن العهدة فيه على غيره.
ثم قال المؤلف في الحاشية: ويشبه هذا ما قاله الإمام مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه في الرد على من يشترط اللقي بين الراوي وشيخه الذي روى عنه دون الاكتفاء بالمعاصرة. وقد فهم بعضهم منه أنه أراد الرد على شيخه البخاري، وشيخ البخاري، وهو ابن المديني، ويمكن أن يحمل ذلك على ما ذكرت أعلاه والله أعلم. (فقه الرد/10).
أقول: لا أوافق المؤلف حفظه الله على ماذكره؛ فمسلم حين كتب ما كتب لم يكن يعلم أن هذا المذهب مذهب البخاري وابن المديني؛ لأنه فرغ من تأليف الكتاب قبل لقائه البخاري. (انظر قرة عين المحتاج للإتيوبي2/ 346)، والأوصاف التي ذكرها لقائل ذلك القول لا يمكن إطلاقها على البخاري ولا ابن المديني فقد قال مسلم:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/1)
" وقد تكلم بعض منتحلي الحديث من أهل عصرنا في تصحيح الأسانيد وتسقيمها بقول لو ضربنا عن حكايته وذكر فساده صفحا لكان رأيا متينا ومذهبا صحيحا؛ إذ الإعراض عن القول المطرح أحرى لإماتته وإخمال ذكر قائله، وأجدر أن لا يكون ذلك تنبيها للجهال عليه؛ غير أنا لما تخوفنا من شرور العواقب واغترار الجهلة بمحدثات الأمور وإسراعهم إلى اعتقاد خطأ المخطئين والأقوال الساقطة عند العلماء رأينا الكشف عن فساد قوله، ورد مقالته بقدر ما يليق بها من الرد أجدى على الأنام وأحمد للعاقبة إن شاء الله. وزعم القائل الذي افتتحنا الكلام على الحكاية عن قوله والإخبار عن سوء رويته ...
إلى أن قال:
وكان هذا القول الذي أحدثه القائل الذي حكيناه في توهين الحديث بالعلة التي وصف أقل من أن يعرج عليه ويثار ذكره؛ إذ كان قولا محدثا وكلاما خلفا لم يقله أحد من أهل العلم سلف ويستنكره من بعدهم خلف، فلا حاجة بنا في رده بأكثر مما شرحنا؛ إذ كان قدر المقالة وقائلها القدر الذي وصفناه، والله المستعان على دفع ما خالف مذهب العلماء، وعليه التكلان ".
فهذه أوصاف لا يمكن أن يطلقها مسلم على البخاري ولا ابن المديني، وهو يعلم منزلتهما.
قال الشيخ الإتيوبي: وقال الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي مؤيدا أن مسلما سمع هذا القول ممن ليس بإمام في العلم، أو الحديث مانصه: وهو الذي يليق بشأن المؤلف – أي مسلم – فإنه بعيد منه أن يرد على شيخه أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري على أبلغ وجه وآكده بحيث يجترئ على تجهيله، وإخراجه عن زمرة أهل العلم، فالقول بأنه أراد به الرد على الإمام البخاري بخصوصه – كمااشتهر على الألسنة – فهذا إساءة الظن بالمصنف كما لا يخفى. والله تعالى أعلم. وهو بحث نفيس جدا. والحاصل أن مسلما لم يرد البخاري ولا ابن المديني، بل أراد من ليس له رسوخ في العلم، ولا له شأن في تحقيق علم الحديث.
(قرة عين المحتاج 2/ 365).
وفيما ذكره مسلم هنا بيان غايته من الرد على ذلك القول، وهو كلام رائع في أسباب ترك بعض السلف الرد الصريح على بعض المقالات، وأسباب الرد على أخرى، فليت المؤلف يضمه إلى موضعه من كتابه في ص 151 تحت العنوان الذي ذكره هناك، وهو " أن في الرد عليهم ترويجا لباطلهم ".
تنبيه
في إمكان المؤلف أن يستدل على ماذكره هنا من أن بعض السلف قد يقول الكلمة، ومراده المبالغة في إبطال قول أو تكذيب رواية دون قصد الشناعة على نفس الراوي أو القائل المعين بقول مسلم في مقدمة صحيحه تعليقا على قول يحيى القطان: لم نر الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث. وقوله:لم تر أهل الخير في شيء أكذب منهم في الحديث. قال مسلم: يقول: يجري الكذب على لسانهم ولا يتعمدون الكذب. فهذا أدل على القاعدة التي ذكرها من قصة ابن معين. والله أعلم.
النكتة الثامنة
قال المؤلف حفظه الله: كان السلف يفرقون في أحكامهم مراعين بذلك الفوارق المكانية، ولذا لم يقولوا بهجر من رمي بالتشيع في الكوفة، أو رمي بالقول بالقدر في البصرة، وذلك لغلبة التشيع على الكوفة، وغلبة القول بالقدر على البصرة آنذاك، وكذا التنجيم في خراسان، وسئل أحمد عن إظهار العداوة لمن يقول: القرآن مخلوق؟ فقال: أهل خراسان لا يقوون بهم. وكانت معاملته إياهم في المحنة: الدفع بالتي هي أحسن، وكان رحمه الله يقول:" لوتركنا الرواية عن القدرية لتركناها عن أكثر أهل البصرة ".
(فقه الرد/10).
أقول: الهجر نوع من أنواع الرد، ولا تلازم بينه وبين أنواع الرد الأخرى، فإذا ترك الهجر لسبب، فلا يعني هذا ترك أنواع الرد الأخرى، وقد ترد على شخص برد صريح مباشر يبين خطأه، ولا تهجره، وقد ترد عليه بذلك وتهجره، وقد لا ترد عليه ردا صريحا لكن تهجره.
والرواية عن المبتدعة لا تعني عدم الرد عليهم، ولهذا وجدنا أئمة المحدثين الذين رووا عن المبتدعة يردون عليهم بردود صريحة بينوا فيها بطلان بدعتهم وحذروا الناس منها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/2)
وأحب أن أوضح ماذكره المؤلف عن أهل خراسان، فقد سأل إسحاق الكوسج الإمام أحمد رحمه الله فقال له: المُرجئ إن كان داعيًا؟ قال: إي والله، يقصى ويجفى. قُلْتُ: يُؤجرُ الرجلُ على بغضِ أصحابِ أبي حنيفةَ؟ قَالَ: إي واللهِ. قُلْتُ: مَن يقولُ: القرآن مخلوق؟ قَالَ: ألحق به كل بلية. قُلْتُ: يقال له:
(ك ف ر)؟ قَالَ: إي والله، كل شر وكل بلية بهم. قُلْتُ: فتظهرُ العداوة لهم أو تداريهم؟ قَالَ: أهل خراسان لا يقوون بهم، يقول كأن المداراة. (مسائل الإمام أحمد بن حنبل وابن راهويه 2/ 565)
فالإمام أحمد التمس العذر لأهل خراسان في عدم هجرهم الجهمية لأنهم لايقدرون على هجرهم، وقد وضح هذا الإمام ابن تيمية فقال: كما ذكره أحمد عن أهل خراسان إذ ذاك أنهم لم يكونوا يقوون بالجهمية فإذا عجزوا عن إظهار العداوة لهم سقط الأمر بفعل هذه الحسنة، وكان مداراتهم فيه دفع الضرر عن المؤمن الضعيف، ولعله أن يكون فيه تأليف الفاجر القوي. (مجموع الفتاوى 28/ 212).
النكتة التاسعة
قال المؤلف: أنهم [يعني السلف] يفرقون بين الأشخاص على ما تقتضيه أحوالهم، ولهذا كان الإمام أحمد يفرق في الحكم بين أصحاب المقالة الواحدة، فلا يحكم على العامي الجاهل كما يحكم على غيره؛ ولذا لم يكفر المعتصم مثلا؛ بل عفا عنه كما هو معلوم، كما عفا شيخ الإسلام رحمه الله وهو في مرض الوفاة عن الملك الناصر من حبسه إياه لكونه فعل ذلك مقلدا غيره، وكان رحمه الله يقول لخصومه:" لو وافقتكم على ماتقولونه لكنت كافرا مريدا" مع أنه لم يكفرهم لكونهم لم يعلموا من شناعة مقالتهم وبطلانها وسوء لوازمها ماعلمه منها. (فقه الرد/11).
أقول: لا تلازم بين الرد على المخالف والعفو عنه، ولهذا فإن الإمام ابن تيمية الذي عفا عن أعدائه من المبتدعة كما ذكر المؤلف ذلك وأطال في ذكر صور عفوه (في ص 16 - 18) لم يترك الرد عليهم بردود كثيرة طويلة عظيمة، بين فيها بطلان بدعهم.
وذكر المؤلف حفظه الله في الحاشية مثالا على تفريق السلف بين الأشخاص، وهو مارواه سعد بن عبيدة أن ابن عباس كان يقول: لمن قتل مؤمنا توبة. فجاءه رجل فسأله: ألمن قتل مؤمنا توبة؟ قال: لا، إلا النار فلما قام الرجل قال له جلساؤه: ما كنتَ هكذا تفتينا، كنت تفتينا أن لمن قتل مؤمنا توبة مقبولة، فما شأن هذا اليوم؟ قال: إني أظنه رجلا يغضب يريد أن يقتل مؤمنا. فبعثوا في أثره، فوجدوه كذلك.
قال سفيان: كان أهل العلم إذا سئلوا قالوا: لا توبة له. فإذا ابتلي رجل قالوا له: تب.
أقول: هذا مثال لا علاقة له بموضوع البحث؛ وهو الرد على المخالف، وإنما هو في موضوع الفتوى وطريقتها.
ثم إن ذكر المثالين عن ابن عباس وعن سفيان في توبة القاتل قد يفهم منه قارىء أن الفتوى تتغير بتغير المصلحة، وإن كان ذلك مخالفا النص. وهذا مثل القصة الباطلة التي تذكر في كثير من كتب الأصول وغيرها. قال الغزالي:
قول بعض العلماء لبعض الملوك لما جامع في نهار رمضان: " إن عليك صوم شهرين متتابعين، فلما أُنكِر عليه حيث لم يأمره بإعتاق رقبة مع اتساع ماله قال: لو أمرته بذلك لسهل عليه واستحقر إعتاق رقبة في جنب قضاء شهوته، فكانت المصلحة في إيجاب الصوم؛ لينزجر به " فهذا قول باطل ومخالف لنص الكتاب بالمصلحة، وفتح هذا الباب يؤدي إلى تغيير جميع حدود الشرائع ونصوصها بسبب تغير الأحوال ثم إذا عرف ذلك من صنيع العلماء لم تحصل الثقة للملوك بفتواهم، وظنوا أن كل ما يفتون به فهو تحريف من جهتهم بالرأي. (المستصفى 1/ 174).
قال صاحب شفاء الغليل: فأما ما تخيله هذا المفتي من الزجر ففاسد. وطريق زجر مثله أن نبين له أن الكفارات ليست ممحقات للذنوب؛ فإن تراب الأرض لو انقلب ذهبا لو أنفقه لم يقابل جريمته في هتك حرمة شهر الله تعالى المعظم، وهلم جرا إلى بيان ما يتعرض له من سخط الله تعالى ولائمته.
(انظر قصص لاتثبت لمشهور سلمان 7/ 176).
فالمثالان اللذان ذكرهما المؤلف بلا تعليق قد يفتحان هذا الباب فلابد من التنبه لذلك، علما أن أصح الروايات وأشهرها عن ابن عباس تفيد أنه يرى أن القاتل لا توبة له كما ثبت ذلك في الصحيحين عنه.
وأما رواية سعد بن عبيدة عن ابن عباس التي ذكرها المؤلف فرجالها ثقات لكنني أخشى من انقطاعها؛ إذ لم أجد في كتب التراجم أن سعد بن عبيدة روى عن ابن عباس، وعلى فرض صحتها فهي لا تعارض الرواية المشهورة، فهو يرى أن القاتل عمدا لا توبة له، والذي جاءه يسأله كان يريد أن يقتل مؤمنا عمدا فأفتاه بأنه لاتوبة له، وأما فتواه بأن له توبة، فمحمولة على القاتل غير المتعمد. وأما قول سفيان المذكور فلا يثبت عنه لضعف السند كما بين ذلك الدكتور سعد الحميد في تحقيق سنن سعيد بن منصور (4/ 1348)، وله لفظ آخر ذكره السيوطي، وهو: " فإذا جاءك من لم يقتل فشدد عليه، ولا ترخص له لكي يفرق، وإن كان ممن قتل فسألك فأخبره لعله يتوب ولا تؤيسه " (الدر المنثور 4/ 606)، وقد ذكره المؤلف، وهذا اللفظ أولى فيشدد عليه ويخوف من غضب الله وعقابه، وهذا لا يعني الكذب عليه بذكر حكم غير صحيح وهل عدمت وسائل الوعظ والزجر لرد من ينوي فعل الشر، ولم يبق إلا الكذب على الله، وتغيير دينه مراعاة للمصلحة؟! ثم ما الذي يدري المفتي بمراد السائل، أهو تخرص بالغيب؟! وهل يكفي وجود الاحتمال لارتكاب تلك المفسدة في تغيير الدين؟!
النكتة العاشرة
قال المؤلف حفظه الله نقلا عن الإمام ابن تيمية:" فإذا تعذر إقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك إلا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب كان تحصيل مصلحة الواجب مع مفسدة مرجوحة معه خيرا من العكس .... ". (فقه الرد/12).
أقول: ترك بعض أنواع الرد لمصلحة راجحة لا يقتضي ترك سائر أنواع الرد الأخرى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/3)
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[28 - 08 - 08, 12:53 ص]ـ
النكتة الحادية عشرة
قال المؤلف حفظه الله: وهكذا في كثير من الأبواب. وسئل الإمام أحمد رحمه الله عن رجل يشتري بقلا ويشترط الخوصة التي يربط بها البقل!! فقال الإمام أحمد: إيش هذه المسائل؟! قيل له: إنه إبراهيم بن أبي نعيم!! فقال: إن كان إبراهيم بن أبي نعيم فنعم، هذا يشبه ذاك. (فقه الرد/13).
أقول: هذا مثال في الورع، لا علاقة له بالرد على المخالف. وأما سرد طريقة السلف في الأبواب العلمية في التفريق بين الأشخاص لتقرير طريقتهم في الرد على المخالف قياسا عليه ففيه نظر؛ لاختلاف الأبواب والموضوعات فلا يقاس بعضها على بعض مع اختلاف طريقتهم فيها عن طريقتهم في الرد على المخالف.
النكتة الثانية عشرة
قال المؤلف حفظه الله: إذا تقرر أن الموقف العملي يتغير بحسب الشخص أو الطائفة أو المكان، فكذلك نجده يتغير من عصر لآخر، إذ من الخطأ أن يكون التعامل مع المخالفين في هذا العصر كما لو كانوا في زمن الخلفاء الراشدين، أو حتى القرون المفضلة، وليس بخاف أن العلماء – رحمهم الله – يواجهون الانحراف في بداياته مواجهة صارمة، ويغلظون القول في حق أهل الأهواء والبدع، كل ذلك من أجل كبتهم، وإجهاض باطلهم في مهده. وقد حفظت لنا المصنفات كثيرا من مواقفهم ومقالاتهم الصارمة تجاه البدع وأهلها، فضلا عن الأمور الأخرى المستجدة التي يتخوفون من كونها تجلب مفسدة. (فقه الرد/13).
أقول: هذا التعميم والإطلاق فيه نظر، فالتعامل مع المخالف يختلف باختلاف نوع المخالفة، ومنزلة المخالف، والقدرة على التعامل معه بما يستحقه على مخالفته. ولا شك أن هناك مخالفات لو وقعت في هذا العصر فإنه ينبغي أن يشدد في الرد على أصحابها بأكثر مما لوكانوا في زمن الخلفاء الراشدين والقرون المفضلة.
مثال ذلك أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يرى جواز نكاح المتعة، ويفتي به، مخالفا بذلك جمهور الصحابة رضي الله عنهم، فهل إذا جاء أحد ممن ينتسب إلى السنة في هذا العصر فتبنى هذا القول وصار يفتي به، أيكون التعامل معه كالتعامل مع ابن عباس في ذلك العصر؟ لاشك أن التعامل معه أشد؛ لأن فعله أشنع وأقبح وإن كانت صورة المسألة واحدة. وكذلك مخالفة ابن مسعود رضي الله عنه في المصاحف ورفضه الانصياع لأمر عثمان رضي الله عنه في تحريق ماعدا المصاحف التي اعتمدها.
قال النووي: كان مصحفه [يعني ابن مسعود] يخالف مصحف الجمهور، وكانت مصاحف أصحابه كمصحفه فأنكر عليه الناس، وأمروه بترك مصحفه وبموافقة مصحف الجمهور، وطلبوا مصحفه أن يحرقوه كما فعلوا بغيره، فامتنع، وقال لأصحابه: "غلوا مصاحفكم" أي اكتموها {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} يعني فإذا غللتموها جئتم بها يوم القيامة، وكفى لكم بذلك شرفا ثم قال على سبيل الإنكار: ومن هو الذي تأمرونني أن آخذ بقراءته، وأترك مصحفي الذي أخذته من في رسول الله صلى الله عليه وسلم (شرح النووي على صحيح مسلم 16/ 16).
فلو خرج أحد في هذا العصر يريد نشر أحد المصاحف المخالفة للمصحف العثماني، واعتماده في القراءة فهل سيكون التعامل معه مثل التعامل مع ابن مسعود رضي الله عنه في ذلك العصر؟ اللهم لا، وإنما سيكون التعامل معه أشد وأنكى.
ومن الأمثلة الواقعة مسألة رضاع الكبير، فعائشة رضي الله عنها كانت ترى ثبوت الحرمة برضاع الرجل البالغ كما تثبت برضاع الطفل، قال النووي: وقال سائر العلماء من الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار إلى الآن: لا يثبت إلا بإرضاع من له دون سنتين إلا أبا حنيفة فقال: سنتين ونصف، وقال زفر: ثلاث سنين، وعن مالك رواية:سنتين وأيام. (شرح النووي على صحيح مسلم 10/ 30).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/4)
قال عروة بن الزبير: فَأَخَذَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فِيمَنْ كانت تُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ عليها مِنَ الرِّجَالِ فَكَانَتْ تَأْمُرُ أُخْتَهَا أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَبَنَاتِ أَخِيهَا أَنْ يُرْضِعْنَ من أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عليها مِنَ الرِّجَالِ، وَأَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النبي صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ أَحَدٌ مِنَ الناس وَقُلْنَ: لاَ وَاللهِ ما نَرَى الذي أَمَرَ بِهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ إِلاَّ رُخْصَةً من رسول الله صلى الله عليه وسلم في رَضَاعَةِ سَالِمٍ وَحْدَهُ لاَ وَاللهِ لاَ يَدْخُلُ عَلَيْنَا بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ أَحَدٌ.
(الموطأ2/ 605).
وفي صحيح مسلم أن أم سلمة رضي الله عنها قالت لعائشة رضي الله عنها: إنه يَدْخُلُ عَلَيْكِ الْغُلَامُ الْأَيْفَعُ الذي ما أُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ! وفي رواية له: والله ما تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ يَرَانِي الْغُلَامُ قد استغني عن الرَّضَاعَةِ.
وفي هذا العصر قال أحد العلماء في مصر برضاع الكبير، وأن للموظفة أن ترضع زميلها في العمل الذي يعمل معها في غرفة واحدة، ليكون محرما لها، ويزول محذور الخلوة بالأجنبية؛ فثار عليه كثير من أهل العلم في العالم الإسلامي وغيره، وردوا عليه بردود كثيرة، هو جدير بها، ومنها ردود قاسية غليظة، فلم يعاملوه بمثل ماعوملت به أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في عصر الصحابة مع أنها في الأصل مسألة اجتهادية.
النكتة الثالثة عشرة
قال المؤلف حفظه الله: وهكذا ماورد عن كثير من السلف من التشنيع على أصحاب الرأي، والتحذير منهم، والنهي عن مجالستهم، والرواية عنهم، بل الرواية عمن يروي عنهم، كما هو معروف، مما أورده ابن أبي شيبة في المصنف، وعبدالله بن أحمد في السنة، والخطيب في تاريخه، وغيرهم، ولكن ذلك أيضا لم يلبث أن خفت، وصار العلماء يتعاملون معهم بغير ما سبق. (فقه الرد/14).
أقول: لم يذكر المؤلف ماالذي يترتب على هذا فيما يتعلق برد المخالفة، فهل تغير المعاملة يعني ترك رد المخالفة؟ وهل المقصود بما ذكره من تغير المعاملة أن كثيرا من السلف كانوا يردون على مخالفات أصحاب الرأي، ثم تحسنت العلاقة بينهم، فتركوا الرد على ما يصدر عنهم من مخالفات؟!
ولم يذكر المؤلف أمثلة على تغير معاملة العلماء لأصحاب الرأي. ولا يستقيم ماقرره المؤلف هنا إلا إذا كان تغير المعاملة حصل من العلماء السابقين أنفسهم مع أصحاب الرأي الأولين. أما إذا كان تغير المعاملة حصلت من علماء آخرين في عصور أخرى مع آخرين من أصحاب الرأي، فلايصح الاستدلال بهذا على ماأراده المؤلف؛ فقد يكون أصحاب الرأي المتأخرون الذين تغير التعامل معهم قد تغيروا عما كان عليه أسلافهم، فاستوجب ذلك أن يتغير التعامل معهم، فلابد من ذكر أدلة وأمثلة واضحة للقاعدة، ليتبين صوابها، وهذا ما لم يفعله المؤلف حفظه الله.
ولقائل أن يقول أيضا: إن التشنيع على أصحاب الرأي لم ينقطع حتى يومنا هذا، ولا سيما بعد استفحال التعصب للحنفية، وظهور صور له أقبح مما كان موجودا في زمن السلف، ولم نزل نرى صور التعصب للمذهب الحنفي، ورد الحق وتحريف النصوص والوقيعة في علماء الحديث والأثر انتصارا لأبي حنيفة، ويكفي للتمثيل لذلك مافعله الكوثري وأتباعه مما لايخفى، وقد تصدى أهل السنة لهم، وبينوا باطلهم كمافعل العلامة المعلمي رحمه الله في كتابه العظيم التنكيل، وكما فعل العلامة بكر أبوزيد رحمه الله في كتابه " براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمة "، وقد ذكر بعض صور تعصب الحنفية، ومنها أن كتب المصطلح الثلاثة: "الرفع والتكميل"، و"الأجوبة الفاضلة"، و"قواعد في علوم الحديث" التي ألفها علماء الحنفية قد أسست لنصرة أصول مدرسة أهل الرأي "الحنفية" قال الشيخ بكر: ولهذا ترى فيها جورا عن قصد السبيل في مواضع، بصرف تلك النصوص عن وجهها .. وللعصبية هواة، وكم جرت من مهازل. ولا يعلم في المذاهب السنية أعظم تعصبا من الحنفية كما هو محرر في محله لدى أهل العلم. ثم ذكر أن أباغدة – عفا الله عنه- أثقل تلك الكتب بالحواشي التي شدت على هذا الانتصار بتجسيد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/5)
المذهب الحنفي والتمشعر حتى امتلأت بهذه النصرة خاصرتا حواشيه بما يشهد الناظر فيها أن هذه هي الروح التي تموج في جسم تلك الحواشي من رأسها إلى عقبها. (انظر براءة أهل السنة /12).
ومازال الخلاف بين كثير من أهل الحديث والحنفية في الهند وباكستان وبنغلاديش على ما كان عليه السابقون، وربما هو أشد. وهذا الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله ألف كتابا هو امتداد لما في كتاب ابن أبي شيبة وكتاب عبدالله بن أحمد وتاريخ الخطيب من ذم أبي حنيفة رحمهم الله جميعا، واسمه: نشر الصحيفة في ذكر الصحيح من أقوال أئمة الجرح والتعديل في أبي حنيفة في 400 صفحة، وذكر فيه أشد الأقوال في أبي حنيفة وأغلظها حتى نقل قول سفيان الثوري: استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين، وقوله: استتيب أبو حنيفة من كلام الزنادقة مرارا، وقوله في إحدى فتاوى أبي حنيفة: هذه فتيا يهودي، وقول شريك: لأن يكون في ربع من أرباع الكوفة خمار يبيع الخمر خير من أن يكون فيه من يقول بقول أبي حنيفة.
والمقصود أن قول المؤلف بأن ما ورد عن السلف من التحذير من أهل الرأي قد خفت، وأن العلماء غيروا معاملتهم معهم فهذا القول بهذا الإطلاق فيه نظر.
النكتة الرابعة عشرة
قال المؤلف: وليس المقصود تقرير مثال بعينه، وإنما المراد إقرار المبدأ الذي تحدثنا عنه، وإن نازع القارئ في مثال أو مثالين، إذ الأمثلة إنما يراد بها الإيضاح فحسب
والشأن لا يعترض المثال إذ قد كفى الفرض والاحتمال. (فقه الرد/14).
أقول: الاستدلال بهذا البيت في غير محله؛ لأن المقصود منه الأمثلة الفرضية التي تفرض لتوضيح القاعدة، وليست الأمثلة الحقيقية الواقعية التي هي شواهد القاعدة التي تثبت بها. وما ذكره المؤلف في هذا الباب ليست أمثلة افتراضية، وإنما هي أمثلة مسوقة لتقرير القاعدة، فهي أدلة وشواهد لها فلا بد من انطباق دلالتها على ما استدل بها عليه وإلا انتقضت القاعدة.
قال صاحب نثر الورود على مراقي السعود في شرح البيت المذكور: يعني أن المثال لايعترض عليه؛ للاكتفاء فيه بمجرد الفرض على تقدير الصحة وبمطلق الاحتمال؛ لأن المراد من المثال إيضاح القاعدة؛ بخلاف الشاهد فإنه عليه يعترض إذا لم يكن صحيحا لأنه لتصحيح القاعدة.
(نثر الورود2/ 556، وانظرمراقي السعود /388).
النكتة الخامسة عشرة
قال المؤلف حفظه الله: وبناء على ماسبق فمن الخطأ أن نعمد إلى عبارة قالها بعض السلف في القرن الأول أو الثاني أو الثالث في شخص أو قضية معينة ثم نطلقها في وجه كل من نصمه بالابتداع على فرض أنه كذلك. (فقه الرد/15).
ثم قال المؤلف – حفظه الله – في الحاشية:
1 - روي عن الحسن رحمه الله أنه قال:" أهل البدع بمنزلة اليهود والنصارى!! "، فإذا أخذنا هذه العبارة من غير اعتبار للظروف التي قيلت فيها، والنواحي المكانية والزمانية، ثم صرنا نرددها مع كل من اختلفنا معه لاسيما على قاعدة:"من لم يكن معنا فهو علينا"، فإننا نكون مجانبين للصواب، والله تعالى أعلم. ثم اعتبر ما روي عن الحسن رحمه الله هنا بما أجاب به شيخ الإسلام حين سئل عن رجل يفضل اليهود والنصارى على الرافضة؟ فأجاب بقوله:" كل من كان مؤمنا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فهو خير من كل من كفر به، وإن كان في المؤمن بذلك نوع من البدعة سواء كانت بدعة الخوارج والشيعة والمرجئة والقدرية أو غيرهم، فإن اليهود والنصارى كفار كفرا معلوما بالاضطرار من دين الإسلام، والمبتدع إذا كان يحسب أنه موافق للرسول صلى الله عليه وسلم لا مخالف له لم يكن كافرا به، ولو قدر أنه يكفر فليس كفره مثل كفر من كذب الرسول صلى الله عليه وسلم ". فهل تجد أيها القارئ الكريم بين هذين الكلامين تناقضا؟ إنك عندما تعتبر ماسبق ينتفي عنك الإشكال، والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/6)
2 - قال الفضيل بن عياض رحمه الله:" من عظم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام، ومن تبسم في وجه مبتدع فقد استخف بما أنزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم، ومن زوج كريمته من مبتدع فقد قطع رحمها، ومن تبع جنازة مبتدع لم يزل في سخط الله حتى يرجع "، وقال:" آكل مع يهودي ونصراني، ولا آكل مع مبتدع، وأحب أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حصن من حديد"، وقال:" إذا علم الله عز وجل من الرجل أنه مبغض لصاحب بدعة غفر له وإن قل عمله، ولا يكن صاحب سنة يمالئ صاحب بدعة إلا نفاقا، ومن أعرض بوجهه عن صاحب بدعة ملأ الله قلبه إيمانا، ومن انتهر صاحب بدعة آمنه الله يوم الفزع الأكبر ومن أهان صاحب بدعة رفعه الله في الجنة مائة درجة "
فهذا الكلام كسابقه قاله الفضيل رحمه الله في ظروف معينة، فمن الخطأ إجراؤه على إطلاقه، فيقال في حق كل من وقع ببدعة، بل ينبغي للمرء أن يسائل نفسه حين يقرأ هذا الكلام: أيهما أشد جرما: الكافر أم المبتدع؟ لا شك أن الكافر أعظم جرما، ومع ذلك فهل عامل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكفار بمثل هذا؟ أم كانوا يعاملونهم في كل حالة بما يليق؟. (فقه الرد/16).
أقول: لم يوضح المؤلف علاقة ماذكره هنا بموضوع رد المخالفة، فكل ماذكره هنا يتعلق بالتعامل العام مع أهل البدع، ولا يرتبط ارتباطا مباشرا بما يكتب للرد على المخالفة، فمن يريد أن يكتب في رد مباشر على بدعة من البدع أو انحراف معين فطريق ذلك أن يأتي بأدلته الشرعية العامة والخاصة في إبطال تلك البدعة، ويبين مفاسدها وأضرارها، ويحذر المسلمين منها، ولا يلزمه في كتابة رده أن يستحضر ماذكره المؤلف هنا من المعاملة العامة لأهل البدع.
وماذكره المؤلف هنا قد عرضه في صورة يفهم منها ما لا يريده هو نفسه وما لا يقصد إليه، إذ يفهم من كلامه بوضوح أنه ليس هناك قاعدة عند العلماء من السلف وأتباعهم في هذه المسألة، وأن كل ما ورد عنهم فهي قضايا فردية قيلت في ظروف معينة، فلا يؤخذ بها. وهو ما يردده كثير من المغرضين اليوم الذين ينادون بالتسامح الديني، ويدخلون تحت هذا الشعار كل عدو للإسلام وأهله، وكلما احتج أحد عليهم بمواقف السلف الصالح؛ قالوا: هذه قضايا فردية لها ظروف معينة، ولا يجوز الأخذ بها في أيامنا هذه. فإذا رأوا من علماء أهل السنة من يطلق مثل هذا القول، طاروا بذلك فرحا، واحتجوا به على أهل السنة، وقالوا: لماذا تجيزون لأنفسكم أن تقولوا عن بعض عبارات السلف: إنها قضايا فردية قيلت في ظروف معينة، ولا تجيزون لنا أن نقول هذا في عبارات أخرى للسلف تحتجون بها أنتم على موقفكم من أهل البدع وتدعون أنه موقف السلف؟!
والحاصل أن الإطلاق الذي ذكره المؤلف – حفظه الله – غير صحيح، فهناك قاعدة عامة في هذه المسألة، وقد تكاثرت نصوص العلماء ومواقفهم في بيانها وتقريرها والعمل بها.
قال ابن أبي زمنين: ولم يزل أهل السنة يعيبون أهل الأهواء المضلة، وينهون عن مجالستهم، ويخوفون فتنتهم. (أصول السنة /293).
وقال إسماعيل الصابوني في وصف عقيدة السلف وأصحاب الحديث: ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم، ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم.
(عقيدة السلف/100).
وقال البغوي: فعلى المرء المسلم إذا رأى رجلا يتعاطى شيئا من الأهواء والبدع معتقدا أو يتهاون بشيء من السنن أن يهجره ويتبرأ منه، ويتركه حيا. قال: وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم، وعلماء السنة على هذا مجمعين متفقين على معاداة أهل البدعة، ومهاجرتهم. (شرح السنة 1/ 27).
وقال النووي في ذكر فوائد أحد الأحاديث: فيه هجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السنة مع العلم وأنه يجوز هجرانه دائما. والنهي عن الهجران فوق ثلاثة أيام إنما هو فيمن هجر لحظ نفسه ومعايش الدنيا وأما أهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائما. (شرح النووي على صحيح مسلم 13/ 106).
وقال عبداللطيف بن حسن آل الشيخ: ومن السنن المأثورة عن سلف الأمة وأئمتها، وعن إمام أهل السنة أبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل – قدس الله روحه – التشديد في هجرهم وإهمالهم، وترك جدالهم واطراح كلامهم، والتباعد عنهم حسب الإمكان، والتقرب إلى الله بمقتهم وذمهم وعيبهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/7)
(مجموعة الرسائل والمسائل 4/ 111).
وذكر الدكتور بكر أبو زيد أن من أولى مقتضيات الولاء والبراء الذي هو من مسلمات الاعتقاد في الإسلام البراءة من أهل البدع والأهواء ومعاداتهم وزجرهم بالهجر ونحوه على التأبيد حتى يفيئوا. قال: وهذا معقود في عامة كتب اعتقاد أهل السنة والجماعة. (هجر المبتدع /19).
والمقصود أن هناك قواعد في هذا الباب، فكل ما وافقها من عبارات السلف ومواقفهم فهو على الجادة، وأما ما جاء عن بعضهم بخلاف ذلك فهذا الذي يقال فيه: إنه قيل في ظروف معينة أو أحوال معينة، ومنه ما يصلح أن يكون ضابطا يمكن العمل به في مثل تلك الظروف أو نحوها.
ولا أشك في أن المؤلف حفظه الله لا ينازع في هذا مطلقا، وقد نبه على ذلك في آخر هذا المبحث فقال: ليس المقصود مما سبق موافقة تلك الدعوات المنحرفة لتذويب الفروقات بين أهل السنة ومخالفيهم من أهل الأهواء والبدع .... إلى أن قال: وإنما غاية المطلوب هنا أن ندرك فقه السلف رضي الله عنهم في هذا الباب وما ينبغي مراعاته في ذلك من غير إفراط ولا تفريط. (فقه الرد/19 - 20).
أقول: لا يجوز أن نفتح ثغرة يلج منها الأعداء، ويتسلطون بها على موقف أهل السنة والجماعة من أهل البدع، ويقولون: هي مواقف فردية قيلت في ظروف معينة بدليل، ثم نقول: نحن لم نقصد فتح تلك الثغرة.
ويحسن بالقارئ أن يراجع كتاب موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع للدكتور إبراهيم الرحيلي، في مجلدين، وهو رسالة دكتوراه، فقد نبه على القواعد المطردة في هذا الباب واستثناءاتها وضوابطها، وهي أمور لا تخفى على الدكتور السبت حفظه الله غير أني أرى أنه عرض في هذا المدخل مسائل كبيرة ذات خطر بشكل سريع يفهم منه ما لا يجوز وما لم يرده هو نفسه إطلاقا، فلابد من تلخيصها بإتقان يمنع حملها على غير وجهها ويفوت على المغرضين غرضهم.
والأمثلة والتطبيقات التي ذكرها المؤلف في هذه الصفحات لم يفرق فيها بين ما هو جار على القاعدة العامة في هذا الباب، وما هو استثناء منها لأسباب أو ضوابط معينة لا تخرم القاعدة، وإنما جعل الجميع قضايا فردية كانت في ظروف معينة، من غير أن يذكر دليلا على ذلك، وهذا الإطلاق خطأ لا شك فيه.
فمثلا قول الفضيل بن عياض الذي ذكره المؤلف: " من عظم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام " هذا موافق للقاعدة العامة وهي أنه لا يجوز تعظيم أهل البدع لمحاذير كثيرة ليس هذا محل بسطها، وقد ذكر بعضها الدكتور بكر في هجر المبتدع ص 11، والدكتور الرحيلي في كتابه المذكور آنفا 2/ 551، فكلام الفضيل هنا ليس كلاما قيل في ظروف معينة كما ذكر المؤلف بلا دليل. وأضرب مثالا قريبا، وهو أن الشيخ عبدالفتاح أبو غدة عفا الله عنه ذكر أنه لا يقول بقول الكوثري الجهمي عدو أهل السنة والجماعة في معاداته علماء السنة وما يقوله فيهم، لكن هذا التصريح لم يقبل منه، ولم يغفر له تعظيمه الكوثري ووصفه بالإمامة وغيرها من ألقاب المدح والإطراء؛ لأن هذا يخالف القاعدة العامة التي أشرت إليها. قال الشيخ ابن باز في كتابه إلى الشيخ بكر رحمهما الله تعالى: فقد اطلعت على الرسالة التي كتبتم بعنوان "براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمة" وفضحتم فيها المجرم الآثم محمد زاهد الكوثري بنقل ماكتبه من السب والشتم والقذف لأهل العلم والإيمان، واستطالته في أعراضهم، وانتقاده لكتبهم إلى آخر مافاه به ذلك الأفاك الأثيم، عليه من الله مايستحق، كما أوضحتم أثابكم الله تعلق تلميذه الشيخ عبدالفتاح أبوغدة به وولاءه له وتبجحه باستطالة شيخه المذكور في أعراض أهل العلم والتقى، ومشاركته له في الهمز واللمز. وقد سبق أن نصحناه بالتبري منه وإعلان عدم موافقته له على ماصدر منه وألححنا عليه في ذلك، ولكنه أصر على موالاته له هداه الله للرجوع إلى الحق، وكفى المسلمين شره وأمثاله.
(من تقريظ الشيخ ابن باز المثبت في أول براءة أهل السنة /3).
وأما قوله:"فقد أعان على هدم الإسلام" فإنه يريد به أن ذلك من آثار ونتائج تعظيم أهل البدع لأن الناس إذا رأوا أنهم معظَّمون اغتروا بباطلهم وتابعوهم عليه وأضروا بدينهم من حيث لا يشعرون.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/8)
وقول الحسن: "أهل البدع بمنزلة اليهود والنصارى" لم يشذ فيه الحسن، بل قال غيره مثله وأشد منه في أهل البدع أو في طوائف منهم.
روى ابن الجوزي عن الحسين البلخي أنه قال: دخلت على أحمد بن حنبل، فجاء رسول الخليفة يسأله عن الاستعانة بأصحاب الأهواء؟ فقال أحمد: لا يستعان بهم. قال: فيستعان باليهود والنصارى ولايستعان بهم؟! قال: لا؛ لأن اليهود والنصارى لايدعون إلى أديانهم، وأصحاب الأهواء داعية. (مناقب الإمام أحمد/214). وروى عن الإمام أحمد أيضا أنه قال: إن أهل البدع والأهواء لا ينبغي أن يستعان بهم في شيء من أمور المسلمين؛ فإن في ذلك أعظم الضرر على الدين. (مناقب الإمام أحمد/252).
وقال طلحة بن مصرف: الرافضة لاتنكح نساؤهم ولاتؤكل ذبائحهم؛ لأنهم أهل ردة (الإبانة الصغرى/161)
وسئل وكيع عن ذبائح الجهمية، فقال: لاتؤكل؛ لأنهم مرتدون. (السنة لعبدالله بن أحمد 1/ 117).
وقال البخاري: ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي أم صليت خلف اليهود والنصارى ولا يسلم عليهم ولا يعادون ولا يناكحون ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحهم. (خلق أفعال العباد/125).
وقال أحمد بن يونس: لو أن يهوديا ذبح شاة، وذبح رافضي لأكلت ذبيحة اليهودي ولم آكل ذبيحة الرافضي؛ لأنه مرتد عن الإسلام.
وقال أبو بكر بن هانئ: لا تؤكل ذبيحة الروافض والقدرية كما لا تؤكل ذبيحة المرتد مع أنه تؤكل ذبيحة الكتابي؛ لأن هؤلاء يقامون مقام المرتد، وأهل الذمة يقرون على دينهم وتؤخذ منهم الجزية.
(الصارم المسلول 3/ 1063).
والمقصود أن قول الحسن صحيح جار على قاعدة السلف، ولا يقال: إنه قول قيل في ظروف معينة، وإنما يقال: من هم أهل البدع الذين هم بمنزلة اليهود والنصارى؟ وما مراد الحسن بجعلهم بمنزلة اليهود والنصارى؟ فقول الحسن له تفسيران مقبولان، وهما:
1 - أن المراد به أهل البدع المكفرة التي أخرجتهم من الإسلام إلى الكفر فهم بمنزلة اليهود والنصارى، يعني أنهم كفار.
2 - أن المراد به التحذير من أهل البدع، فهو يقول: احذروهم كما تحذرون اليهود والنصارى. وهذا كقول النبي صلى الله عليه وسلم:" الحمو الموت " متفق عليه، أي احذروه كما تحذرون الموت (شرح صحيح البخاري لابن بطال 7/ 359).
فهو يريد تحذير المسلمين من خطر البدعة وأهلها، وعدم التساهل في ذلك.ولا شك أن هناك من أهل البدع من يجب الحذر منه أشد من اليهود والنصارى. قال الإمام ابن تيمية: مذهب الرافضة شر من مذهب الخوارج المارقين فإن الخوارج غايتهم تكفير عثمان وعلي وشيعتهما، والرافضة تكفير أبي بكر وعمر وعثمان وجمهور السابقين الأولين، وتجحد من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم مما جحد به الخوارج، وفيهم من الكذب والافتراء والغلو والإلحاد ما ليس في الخوارج، وفيهم من معاونة الكفار على المسلمين ما ليس في الخوارج. والرافضة تحب التتار ودولتهم؛ لأنه يحصل لهم بها من العز مالا يحصل بدولة المسلمين، والرافضة هم معاونون للمشركين واليهود والنصارى على قتال المسلمين، وهم كانوا من أعظم الأسباب في دخول التتار قبل إسلامهم إلى أرض المشرق بخراسان والعراق والشام، وكانوا من أعظم الناس معاونة لهم على أخذهم لبلاد الإسلام وقتل المسلمين وسبي حريمهم. وقضية ابن العلقمي وأمثاله مع الخليفة وقضيتهم في حلب مع صاحب حلب مشهورة يعرفها عموم الناس، وكذلك في الحروب التي بين المسلمين وبين النصارى بسواحل الشام قد عرف أهل الخبرة أن الرافضة تكون مع النصارى على المسلمين، وأنهم عاونوهم على أخذ البلاد لما جاء التتار وعز على الرافضة فتح عكا وغيرها من السواحل، وإذا غلب المسلمون النصارى والمشركين كان ذلك غصة عند الرافضة، وإذا غلب المشركون والنصارى المسلمين كان ذلك عيدا ومسرة عند الرافضة. ودخل في الرافضة أهل الزندقة والإلحاد من النصيرية والإسماعيلية وأمثالهم من الملاحدة القرامطة وغيرهم ممن كان بخراسان والعراق والشام وغير ذلك. والرافضة جهمية قدرية وفيهم من الكذب والبدع والافتراء على الله ورسوله أعظم مما في الخوارج المارقين الذين قاتلهم أمير المؤمنين علي وسائر الصحابة بأمر رسول الله بل فيهم من الردة عن شرائع الدين أعظم مما في مانعي الزكاة الذين قاتلهم أبو بكر الصديق والصحابة. (مجموع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/9)
الفتاوى 28/ 527).
وأما مقارنة المؤلف حفظه الله قول الحسن:"أهل البدع بمنزلة اليهود والنصارى" بقول الإمام ابن تيمية حين سئل عن رجل يفضل اليهود والنصارى على الرافضة: "كل من كان مؤمنا بما جاء به محمد ? فهو خير من كل من كفر به" ليثبت أن كلام الإمام ابن تيمية هو الأصل، وأن قول الحسن قيل في ظروف معينة وبهذا يرفع التناقض بين القولين فهذا كله فيه نظر؛ إذ لا تناقض أصلا بين القولين لا في الظاهر ولا في الباطن، لأن الحسن لم يفضل اليهود والنصارى على أهل البدع، ولأن أهل البدع الذين هم بمنزلة اليهود والنصارى هم أهل البدع المكفرة، والإمام ابن تيمية أراد بالمبتدعة والرافضة هنا من لم يصل إلى حد الكفر كما هو صريح عبارته السابقة. وأما قوله:" فإن اليهود والنصارى كفار كفرا معلوما بالاضطرار من دين الإسلام، والمبتدع إذا كان يحسب أنه موافق للرسول صلى الله عليه وسلم لا مخالف له لم يكن كافرا به، ولو قدر أنه يكفر فليس كفره مثل كفر من كذب الرسول صلى الله عليه وسلم" فتعليله الأمر بأن كفر اليهود والنصارى معلوم بالاضطرار من دين الإسلام يدل على أنه لا يريد بجوابه هذا المبتدعة أوالرافضة الذين شاركوا اليهود والنصارى في كفر معلوم بالاضطرار من دين الإسلام، بدليل ماتقدم في كلامه السابق في ذم الروافض ومافيهم من الردة عن شرائع الدين، وبدليل أنه ذكر في الصارم المسلول أن من زعم أن القرآن نقص منه آيات وكتمت أو زعم أن له تأويلات تسقط الأعمال المشروعة فلا خلاف في كفرهم، وقال: وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم [يعني الصحابة] ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا أو أنهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب أيضا في كفره فإنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضا عنهم والثناء عليهم، بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين؛ فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق، وأن هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس، وخيرها هو القرن الأول كان عامتهم كفارا أو فساقا، ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام، ولهذا تجد عامة من ظهر عنه شيء من هذه الأقوال فإنه يتبين أنه زنديق وعامة الزنادقة إنما يستترون بمذهبهم.
(الصارم المسلول 3/ 1111).
ويؤيد ذلك أيضا أن الإمام ابن تيمية ذكر في أول منهاج السنة قول الشعبي في تفضيل اليهود والنصارى على الرافضة مقرا له، وهو: وفضلت اليهود والنصارى على الرافضة بخصلتين، سئلت اليهود: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب موسى، وسئلت النصارى: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: حواري عيسى وسئلت الرافضة: من شر أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم، فالسيف عليهم مسلول إلى يوم القيامة، لا تقوم لهم راية، ولا يثبت لهم قدم، ولا تجتمع لهم كلمة، ولا تجاب لهم دعوة. (منهاج السنة النبوية 1/ 27).
وقد صرح شيخ الإسلام في بعض المبتدعة بأشد مما قاله الحسن رحمه الله، فالحسن ذكر أن أهل البدع بمنزلة اليهود والنصارى، أما شيخ الإسلام فصرح في بعض المبتدعة من أهل القبلة بأنهم أكفر من اليهود والنصارى، وفيما يلي بعض الأمثلة:
قال الإمام ابن تيمية: القرامطة هم فى الباطن والحقيقة أكفر من اليهود والنصارى.
(مجموع الفتاوى 35/ 143).
وقال: هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى بل وأكفر من كثير من المشركين، وضررهم على أمة محمد أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار التتار والفرنج وغيرهم. (مجموع الفتاوى 35/ 149).
وقال: وقد بينا أن المحتجين بالقدر على المعاصي إذا طردوا قولهم كانوا أكفر من اليهود والنصارى وهم شر من المكذبين بالقدر. (منهاج السنة النبوية 3/ 231)
وقال: وهذا دأب الرافضة دائما يتجاوزون عن جماعة المسلمين إلى اليهود والنصارى والمشركين في الأقوال والموالاة والمعاونة والقتال وغير ذلك، فهل يوجد أضل من قوم يعادون السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ويوالون الكفار والمنافقين. (منهاج السنة النبوية 3/ 374).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/10)
وقال: قد عرف كل أحد أن الإسماعيلية والنصيرية هم من الطوائف الذين يظهرون التشيع، وإن كانوا في الباطن كفارا منسلخين من كل ملة، والنصيرية هم من غلاة الرافضة الذين يدعون إلهية علي، وهؤلاء أكفر من اليهود والنصارى باتفاق المسلمين. (منهاج السنة النبوية 3/ 452).
وقال: وأفضل الخلق إبراهيم ومحمد، فمن فضل عليهما عليا كان أكفر من اليهود و النصارى.
(منهاج السنة النبوية 7/ 255)
وقال: المشهور من مذهب الإمام أحمد وعامة أئمة السنة تكفير الجهمية، وهم المعطلة لصفات الرحمن فإن قولهم صريح في مناقضة ما جاءت به الرسل من الكتاب، وحقيقة قولهم جحود الصانع ففيه جحود الرب وجحود ما أخبر به عن نفسه على لسان رسله، ولهذا قال عبدالله بن المبارك: إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية، وقال غير واحد من الأئمة: إنهم أكفر من اليهود والنصارى يعنون من هذه الجهة. (مجموع الفتاوى 12/ 485).
وقال: فإن من أنكرالأمر والنهي أو لم يقر بذلك فهو مشرك صريح كافر أكفر من اليهود والنصارى والمجوس كما يوجد ذلك في كثيرمن المتكلمة والمتصوفة أهل الاباحة ونحوهم. (مجموع الفتاوى 16/ 239).
وقال: وقد كثر في كثير من المنتسبين إلى المشيخة والتصوف شهود القدر فقط من غير شهود الأمر والنهي والاستناد إليه في ترك المأمور وفعل المحظور، وهذا أعظم الضلال، ومن طرد هذا القول والتزم لوازمه كان أكفر من اليهود والنصارى والمشركين لكن أكثر من يدخل في ذلك يتناقض ولا يطرد.
(مجموع الفتاوى 2/ 328).
وسئل عن أقوام يحتجون بسابق القدر ويقولون: إنه قد مضى الأمر، والشقي شقي، والسعيد سعيد محتجين بقول الله سبحانه: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} قائلين بأن الله قدر الخير والشر والزنى مكتوب علينا، ومالنا في الأفعال قدرة، وإنما القدرة لله ونحن نتوقى ما كتب لنا، وأن آدم ما عصى وأن من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم:" من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق " فبينوا لنا فساد قول هذه الطائفة بالبراهين القاطعة، فأجاب رحمه الله تعالى: الحمد لله رب العالمين. هؤلاء القوم إذا أصروا على هذا الاعتقاد كانوا أكفر من اليهود والنصارى. (مجموع الفتاوى 8/ 262).
والمقصود أن كلا من قول الحسن، وقول ابن تيمية جار على قواعد السلف في هذا الباب، وليس كما قال المؤلف حفظه الله من أن قول الحسن قيل في ظروف خاصة.
والذي أريد تأكيده أنه لا بد من التفريق بين ماجرى على القاعدة فلا يقال إنه قيل في ظروف معينة، وما لم يجر عليها فهذا الذي يقال فيه: إنه قيل في ظروف معينة. وهذا ما لم يفعله المؤلف في هذه الصفحات، بل جعل الجميع من باب واحد، وهذا خطأ، ويحدث فوضى عارمة.
والغريب أن المؤلف ذكر في ص 38 أن للسلف الصالح موقفا صارما من أصحاب الخلاف المذموم يتجلى في أمور، منها مجانبتهم وعدم الإصغاء إليهم، وذكر 23 مثالا يقرر فيه هذا الأصل، ومنها ما هو شبيه بقول الحسن الذي ذكره المؤلف هنا، بل إنه أعاد فيها قول الفضيل نفسه الذي ذكره المؤلف هنا وقال: إنه يحمل على ظروف معينة، أعني قول الفضيل:"آكل عند اليهودي والنصراني أحب إلي من أن آكل عند صاحب بدعة" فقد ذكره في ص 39 برقم (8) و قرر به القاعدة المذكورة. وهذا تناقض في الحقيقة؛ لأنه سيقال في كل الأمثلة التي ذكرها لقاعدة مجانبة أصحاب الخلاف المذموم سيقال: إن لها ظروفا معينة فلا تكون قاعدة، ولا نطالب بالعمل بها والسير عليها. وماقيل بسبب ظرف خاص لايصلح أن يستدل به على أن هذا هو موقف السلف ومذهبهم العام كما لايخفى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/11)
وأما قول المؤلف:" فهذا الكلام كسابقه قاله الفضيل رحمه الله في ظروف معينة، فمن الخطأ إجراؤه على إطلاقه، فيقال في حق كل من وقع ببدعة، بل ينبغي للمرء أن يسائل نفسه حين يقرأ هذا الكلام: أيهما أشد جرما: الكافر أم المبتدع؟ لا شك أن الكافر أعظم جرما، ومع ذلك فهل عامل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكفار بمثل هذا؟ أم كانوا يعاملونهم في كل حالة بما يليق؟ "، فأقول: لقد تعجبت كثيرا من هذا الاستدلال فالعبرة هنا ليست بعظم الجرم، فالكافر له معاملة، والمبتدع له معاملة، ولا يقاس هذا على هذا. وقد قال تعالى في شأن الكفار غير المحاربين: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة:8]، فلو جاز قياس المبتدع على الكافر في هذا لبطل منهج السلف في معاملة المبتدع والذي ذكر بعضه المؤلف في كتابه. فهل لقائل أن يقول: لماذا لا يعامل المبتدع بالبر والإحسان؛ لأنه ليس أعظم جرما من الكافر وقد أجاز لنا الله بره ما لم يكن حربيا؟!
وقد جاء في شأن أهل البدع نصوص خاصة فيجب العمل بها، كقوله تعالى: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلاتقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين} [الأنعام:68] قال الشوكاني: وفي هذه الآية موعظة عظيمة لمن يتسمح بمجالسة المبتدعة الذين يحرفون كلام الله، ويتلاعبون بكتابه وسنة رسوله، ويردون ذلك إلى أهوائهم المضلة وبدعهم الفاسدة؛ فإنه إذا لم ينكر عليهم، ويغير ما هم فيه فأقل الأحوال أن يترك مجالستهم، وذلك يسير عليه غير عسير وقد يجعلون حضوره معهم مع تنزهه عما يتلبسون به شبهة يشبهون بها على العامة فيكون في حضوره مفسدة زائدة على مجرد سماع المنكر. وقد شاهدنا من هذه المجالس الملعونة ما لا يأتي عليه الحصر، وقمنا في نصرة الحق ودفع الباطل بما قدرنا عليه، وبلغت إليه طاقتنا، ومن عرف هذه الشريعة المطهرة حق معرفتها علم أن مجالسة أهل البدع المضلة فيها من المفسدة أضعاف أضعاف ما في مجالسة من يعصي الله بفعل شيء من المحرمات، ولا سيما لمن كان غير راسخ القدم في علم الكتاب والسنة؛ فإنه ربما ينفق عليه من كذباتهم وهذيانهم ما هو من البطلان بأوضح مكان فينقدح في قلبه ما يصعب علاجه ويعسر دفعه فيعمل بذلك مدة عمره، ويلقى الله به معتقدا أنه من الحق، وهو من أبطل الباطل، وأنكر المنكر.
(فتح القدير2/ 128).
والحاصل أنه لا تقاس عقوبة على أخرى لمجرد النظر في قدر الجرم، فالمرتد أعظم جرما من الزاني المحصن ومع ذلك يرجم الزاني المحصن، ويقتل تلك القتلة الشديدة، وأما المرتد فيقتل قتلة سهلة. والزنى أقبح من السرقة، ومع ذلك يجلد الزاني غير المحصن مائة جلدة ويغرب عاما، وتقطع يد السارق ولو كان المسروق ربع دينار أو ثلاثة دراهم، ولاشك أن الجلد أخف من قطع اليد.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يجيب دعوة اليهود ويأكل عندهم، وكانوا يسلمون عليه فيرد عليهم، وقد هجر الثلاثة الذين خلفوا خمسين ليلة، ونهى أن يكلمهم أحد، قال كعب بن مالك رضي الله عنه: فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلَاةَ، وَأَطُوفُ في الْأَسْوَاقِ، ولا يكلمني أَحَدٌ وآتي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُسَلِّمُ عليه، وهو في مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَأَقُولُ في نَفْسِي: هل حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلَامِ؟
وكل ذلك ثابت في الصحيح، فنقول للمؤلف حفظه الله على طريقته التي ذكرها: أيهما أشد جرما: اليهود أم الثلاثة الذين خلفوا؟
وأما قول المؤلف في قول الحسن " أهل البدع بمنزلة اليهود والنصارى ": " إذا أخذنا هذه العبارة من غير اعتبار للظروف التي قيلت فيها، والنواحي المكانية والزمانية، ثم صرنا نرددها مع كل من اختلفنا معه لاسيما على قاعدة:"من لم يكن معنا فهو علينا"، فإننا نكون مجانبين للصواب "، فأقول: لا أعلم أن أحدا من أهل العلم المعتبرين قديما أو حديثا وصف مخالفه في مسائل ليست من باب البدعة والإحداث في الدين بالبدعة، أما الجهال فلا اعتبار بهم، ومن وصف مخالفه بالبدعة في مسألة ليست من الإحداث في الدين فقد أبان عن جهله، وأنه لا يعلم معنى البدعة أصلا. ثم إنه لا يجوز أن يستعمل نص في غير موضعه، أو يحمل على غير محمله، أو على غير مراد صاحبه به، فذلك من الضلال، كما فعل الخوارج الذين قال فيهم ابن عمر رضي الله عنهما: هم شرار الخلق؛ انطلقوا إلى آيات أنزلت في الكفار، فجعلوها في المؤمنين. (رواه الطبري في مسند علي من تهذيب الآثار بسند صحيح كما قال ابن حجر في الفتح 12/ 286). ولكن استعمال بعض أهل الضلال للنص في غير موضعه لا يجوز أن يحملنا على تهميش النص، وأن نقول: إنه قضية فردية وله ظروف معينة فلا يقاس عليه، من غير دليل بين على ذلك، بل نقول: هذا النص مقبول، وجار على الأصول، ويعمل به في موضعه وما ينطبق عليه، ولا يحمل ما لا يحتمل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/12)
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[28 - 08 - 08, 12:54 ص]ـ
النكتة السادسة عشرة
قال المؤلف حفظه الله: ثم قارن هذا كله مع حال شيخ الإسلام رحمه الله فقد ألب عليه خصومه من المبتدعة الملك الناصر، وأفتوا بقتله، وحكموا بكفره، ثم لما غضب الملك الناصر عليهم في بعض ما جرى منهم بحقه، وأراد أن ينتقم منهم أحضر شيخ الإسلام، وأخرج له فتاواهم فيه بخطوطهم، واستشاره فيهم فخوفه شيخ الإسلام من قتلهم أو الانتقام منهم ... وذكر المؤلف عدة صور لعفوه إلى أن قال: فهذه المواقف من شيخ الإسلام رحمه الله؛ لأنه عاش في عصر تفشت فيه البدع والأهواء والضلالات، وصار أهل السنة غرباء، بل كان أهل البدع يرون أنهم أهل السنة والمدافعون عنها، فمثل هذه الحال لا يتعامل معها بمثل ما يتعامل به مع البدع وأهلها في أوائل ظهورها مع ذيوع السنة واشتهارها. (فقه الرد/18).
أقول: لا تلازم بين العفو عن المظالم الشخصية والرد على المخالف في مخالفته، والإمام ابن تيمية رحمه الله قد عفا عن أعدائه من المبتدعة عدوانهم عليه وإيذاءهم إياه، لكنه لم يترك الرد عليهم، فقد رد عليهم بردود كثيرة بين فيها بطلان بدعتهم، وجادلهم، وناظرهم، وهذا من أكبر أسباب عداوتهم له.
وعفوه عنهم لم يكن من جهة بدعتهم، لأن هذا شيء لا يملكه، وإنما كان عفوه عنهم من جهة ظلمهم لشخصه، ويدل على ذلك قول الإمام ابن تيمية: " تعلمون كثرة ما وقع في هذه القضية من الأكاذيب المفتراة والأغاليط المظنونة والأهواء الفاسدة، وأن ذلك أمر يجل عن الوصف، وكل ما قيل من كذب وزور فهو في حقنا خير ونعمة قال تعالى: {إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} (النور:11) وقد أظهرالله من نور الحق وبرهانه ما رد به إفك الكاذب وبهتانه، فلا أحب أن يُنتصر من أحد بسبب كذبه علي أو ظلمه وعدوانه فإنى قد أحللت كل مسلم، وأنا أحب الخير لكل المسلمين، وأريد لكل مؤمن من الخير ما أحبه لنفسي والذين كذبوا وظلموا فهم في حل من جهتي، وأما ما يتعلق بحقوق الله فإن تابوا تاب الله عليهم وإلا فحكم الله نافذ فيهم. (مجموع الفتاوى 28/ 55، وقد نقل بعضه المؤلف في حديثه عن عفو ابن تيمية).
وأما نهي الإمام ابن تيمية الملك الناصر عن معاقبة أعدائه من المبتدعة فذلك لأن عقابه إياهم لم يكن على بدعتهم، وإنما على سعيهم في عزله، فأراد قتلهم لذلك، اعتمادا على فتوى يصدرها ابن تيمية. يبين هذا قول ابن كثير: وسمعت الشيخ تقي الدين [يعني الإمام ابن تيمية] يذكر ما كان بينه وبين السلطان من الكلام لما انفردا في ذلك الشباك الذي جلسا فيه، وأن السلطان استفتى الشيخ في قتل بعض القضاة بسبب ما كانوا تكلموا فيه، وأخرج له فتاوى بعضهم بعزله من الملك ومبايعة الجاشنكير، وأنهم قاموا عليك وآذوك أنت أيضا، وأخذ يحثه بذلك على أن يفتيه في قتل بعضهم، وإنما كان حنقه عليهم بسبب ما كانوا سعوا فيه من عزله ومبايعة الجاشنكير، ففهم الشيخ مراد السلطان، فأخذ في تعظيم القضاة والعلماء، وينكر أن ينال أحدا منهم بسوء، وقال له: إذا قتلت هؤلاء لا تجد بعدهم مثلهم، فقال له: إنهم قد آذوك وأرادوا قتلك مرارا، فقال الشيخ: من آذاني فهو في حل، ومن آذى الله ورسوله فالله ينتقم منه، وأنا لا أنتصر لنفسي. وما زال به حتى حلم عنهم السلطان وصفح. (البداية والنهاية 14/ 54).
والمقصود أن عفوه عنهم ليس " لأنه عاش في عصر تفشت فيه البدع والأهواء والضلالات، وصار أهل السنة غرباء، فمثل هذه الحال لا يتعامل معها بمثل ما يتعامل به مع البدع وأهلها في أوائل ظهورها مع ذيوع السنة واشتهارها " كما قال المؤلف حفظه الله، فالسلطان لم يعاقبهم على بدعتهم أصلا حتى يقال: إن ابن تيمية تدخل وطلب العفو عنهم للعلة التي ذكرها المؤلف، ولم يوكل إليه الحكم عليهم لبدعتهم، بل الذي حصل في آخر الأمر أنه هو الذي سُجن في القلعة بسبب فتواهم فيه وحكمهم عليه، وتوفي فيها مظلوما. والحاصل أن عفوه عنهم لا علاقة له ببدعتهم، وإنما كان لظلمهم لشخصه، فعفا عنهم عملا بالنصوص الواردة في فضل العفو، كقوله تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} (آل عمران
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/13)
:134)، والأحاديث المروية في فضل من عفا عمن ظلمه، ووصل من قطعه، وأحسن إلى من أساء إليه.
وعفو أئمة أهل السنة عمن ظلمهم كثير، وغير مرتبط بالبدعة، وقد عفا الإمام أحمد عن المعتصم، وهو من المعتزلة القائلين بأن القرآن مخلوق، فعفا عن ضربه إياه، وقال: أحللت المعتصم من ضربي. وعفا عمن وشى به إلى السلطان، ولو أشار أحمد على السلطان بقتله لفعل، ولكنه عفا عنه، وقال: لعله يكون له صبيان يحزنهم قتله. (انظر مناقب الإمام أحمد /303). وقال الإمام أحمد لابنه صالح: مررت بهذه الآية {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} (الشورى:40) فنظرت في تفسيرها فإذا هو ما حدثني به هاشم بن القاسم حدثنا المبارك قال: حدثني من سمع الحسن يقول: إذا جثت الأمم بين يدي الله تبارك وتعالى يوم القيامة نودوا: ليقم من أجره على الله، فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا. قال: فجعلت الميت في حل من ضربه إياي، ثم جعل يقول: وما على رجل أن لا يعذب الله بسببه أحدا. (سيرة الإمام أحمد لابنه صالح/64).
النكتة السابعة عشرة
نقل المؤلف حفظه الله قول ابن قتيبة:" فإنه ربما ورد الشيخ المصر، فقعد للحديث، وهو من الأدب غفل ومن التمييز ليس له من معاني العلم إلا تقادم سنه، فيبدؤونه قبل الكتاب بالمحنة، فالويل له من إن تلعثم أو تمكث أو سعل أو تنحنح قبل أن يعطيهم مايريدون ... إلى آخر ماذكره. (فقه الرد /18).
أقول: لا علاقة لهذا بالرد على المخالف الذي هو موضوع الكتاب.
النكتة الثامنة عشرة
قال المؤلف حفظه الله: بل لربما يكون من رحمة الله ببعض الناس خفاء القول الراجح عليه لما في ظهوره من المشقة والشدة عليه. (فقه الرد/28).
أقول: كيف يكون هذا؟! وقد قال الله تعالى: {وماجعل عليكم في الدين من حرج} (الحج:78)، وقال: {مايريد الله ليجعل عليكم من حرج} (المائدة:6)، وقال: {يريد الله بكم اليسر ولايريد بكم العسر} (البقرة: 185). ومن القواعد الفقهية المقررة: "المشقة تجلب التيسير"، و"إذا ضاق الأمر اتسع" و"الضرورات تبيح المحظورات".
وعبارة المؤلف منقولة بالمعنى عن الإمام ابن تيمية، وقد ذكر المؤلف حفظه الله ذلك في الحاشية، لكنني أرى أن عبارة ابن تيمية أدق، وأسلم من الاعتراض، فقد قال: الحق في نفس الأمر واحد، وقد يكون من رحمة الله ببعض الناس خفاؤه؛ لما في ظهوره من الشدة عليه، ويكون من باب قوله تعالى: {لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} (المائدة:101) (مجموع الفتاوى 14/ 159).
فقيد ابن تيمية ماذكره بهذه الآية، ومعلوم أن هذه الآية لا يراد بها المسائل الشرعية المطلوب من المكلف القيام بها؛ فقد قال تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون} (الأنبياء:7)، قال السعدي في تفسير آية المائدة: ينهى الله عباده المؤمنين، عن سؤال الأشياء، التي إذا بينت لهم، ساءتهم وأحزنتهم، وذلك كسؤال بعض المسلمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، عن آبائهم وعن حالهم في الجنة أو النار، فهذا ربما أنه لو بين للسائل، لم يكن له فيه خير. (تفسير السعدي /245).
النكتة التاسعة عشرة
قال المؤلف حفظه الله: وقد حفظ لنا التاريخ ما وقع لكثير من مؤسسي البدع والضلالات وبعض أتباعهم ثم قال في الحاشية: وهذه بعض النماذج من حال ومآل الرواد الأوائل من أصحاب المقالات المنحرفة .. فذكر ثمانية، وهم: معبد الجهني، وغيلان الدمشقي، والجعد بن درهم، والجهم بن صفوان، والحارث المحاسبي، وأبوعلي الثقفي، وأبوالحسن الأشعري، وأبوبكر الباقلاني. (فقه الرد/44 - 46).
أقول: أما الأربعة الأوائل فهم من رؤوس الضلالة وقد قتلوا في بدعتهم، بل إن جهما وغيلان والجعد زنادقة، وقد قتلوا على الزندقة كما ذكر الإمام ابن تيمية. (انظر مجموع الفتاوى 2/ 485). وأما الأربعة الأواخر فلا يجوز أن يجعلوا مع أولئك الزنادقة في سياق واحد على النحو الذي فعله المؤلف، فمنهم من وقع في أخطاء وبدع لكنه تاب، ومنهم من وقع في بدع، لكنه خدم الدين والعلم في أبواب أخرى، وبدعه التي وقع فيها لا تجعله بمنزلة أولئك الزنادقة، ولا أن يقرن بهم. وقد ذكر المؤلف في تراجم الأربعة الأواخر أشياء ليست دقيقة أو تحتاج إلى توضيح. وفيما يلي بيان ذلك بالتفصيل.
قال المؤلف حفظه الله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/14)
5 - الحارث المحاسبي (ت 243هـ): فقد كانت له بعض الآراء الكلامية مع التصوف، فهجره الإمام أحمد فاختفى في دار ببغداد ومات فيها، ولم يُصلِّ عليه إلا أربعة نفر فيما ذُكر. ونقل ذلك الذهبي في الميزان، وعقبه بقوله: هذه حكاية منقطعة. (فقه الرد/44 - 45).
أقول: السبب الذي ذكره المؤلف لا يكفي لعد الحارث المحاسبي مع أولئك المجرمين الزنادقة ووضعه معهم في عنوان واحد. وأما اختفاؤه في دار بعد هجر أحمد إياه، وموته فيها، وعدم صلاة أكثر من أربعة عليه فقد أشار المؤلف نفسه إلى عدم ثبوته بقوله:"فيما ذُكر"، ونَقْلِه عن الذهبي حكمه على هذه الحكاية بانقطاعها، فكيف يستدل المؤلف على ذمه بما لا يثبت؟!
وأما هجر الإمام أحمد للحارث، فقد كان الإمام أحمد يستعمل الهجر كثيرا للتأديب على مخالفات متنوعة وإن لم يكن لها تعلق بالبدع. قال الإمام ابن تيمية: ولأبي عبد الله الحسين والد أبي القاسم الخرقي صاحب المختصر المشهور كتاب في قصص من هجره أحمد. (درء التعارض 7/ 148).
قال أبو حامد الغزالي: كان أحمد بن حنبل يهجر الأكابر في أدنى كلمة. (إحياء علوم الدين 2/ 95).
وقد هجر كل من أجاب في محنة خلق القرآن، ولو كان مكرها، ولم ير الكتابة عنهم، ومنهم أبو نصر التمار الذي وصفه الذهبي بالإمام الثقة الزاهد القدوة، فكان أحمد لا يرى الكتابة عنه، ولما مات لم يشهد جنازته. قال أبو الحسن الميموني: صح عندي أنه - يعني أحمد - لم يحضر أبا نصر التمار حين مات فحسبت أن ذلك لما كان أجاب في المحنة. قال الذهبي معلقا: أجاب تقية وخوفا من النكال، وهو ثقة بحاله، ولله الحمد. (سير أعلام النبلاء 10/ 573).
ومنهم الإمام المحدث يحيى بن معين، فقد هجره أحمد، ولما عاده يحيى في مرضه ولاه ظهره، وأمسك عن كلامه حتى قام عنه، وهو يتأفف، ويقول: بعد الصحبة الطويلة لا أكلَّم!
ومنهم عبيدالله القواريري الذي وصفه الذهبي بالإمام الحافظ محدث الإسلام. وقد بلغ الإمام أحمد أن القواريري سلم على أحمد بن رباح أحد المعتزلة، فلما جاء القواريري إلى الإمام أحمد، نظر إليه، وقال: ألم يكف ماكان منك في الإجابة حتى سلمت على ابن رباح؟! ورد الباب في وجهه.
وكذلك فعل أحمد مع الحزامي، وأبي خيثمة، أغلق الباب في وجه كل منهما.
(انظر فيما تقدم سيرة الإمام أحمد لابنه صالح /74، مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي /522).
ومنهم الإمام المحدث علي بن المديني، فقد هجره أحمد. قال عبدالله بن أحمد: ولم يحدث أبي عنه بعد المحنة بشيء. (المسند 2/ 364).وقال صالح بن أحمد: وضرب أبي على حديث كل من أجاب. (سيرة الإمام أحمد/74)
وهجر الإمام أحمد بعض العلماء؛ لروايته كتب أبي حنيفة. (انظر ذم الكلام وأهله 3/ 37، طبقات الحنابلة 1/ 402)
وهجرالإمام أحمد الطوسي مع صلاحه؛ لكلامه في بشر الحافي. (الآداب الشرعية لابن مفلح 1/ 256)
وَهَجَرَ الإمام أَحْمَدُ أَوْلَادَهُ وَعَمَّهُ وَابْنَ عَمِّهِ لَمَّا أَخَذُوا جائزة السلطان. (الفروع لابن مفلح 2/ 505).
وقد اختُلِف في سبب هجر الإمام أحمد للحارث، على قولين:
1 - ماذكره أبو طالب المكي المتوفى سنة 286هـ بقوله: وهجر [يعني الإمام أحمد] حارثاً المحاسبي رحمه اللّه تعالى في رده على المبتدعة، وكان من أهل السنة فقال: أين ترد عليهم، وقد حكيت قولهم؟ وأيضاً فإنك تحملهم على التفكر والرأي فيما قلت، فيكون سبباً لردّ الحق بالباطل. (قوت القلوب 1/ 287).
وقال الخطيب البغدادي: وكان أحمد بن حنبل يكره لحارث نظره في الكلام، وتصنيفه الكتب فيه، ويصد الناس عنه. (تاريخ بغداد 8/ 214).
وقال أبو حامد الغزالي: أنكر أحمد بن حنبل على الحارث المحاسبي رحمهما الله تصنيفه في الرد على المعتزلة، فقال الحارث: الرد على البدعة فرض، فقال أحمد: نعم، ولكن حكيت شبهتهم أولاً ثم أجبت عنها، فيم تأمن أن يطالع الشبهة من يعلق ذلك بفهمه، ولا يلتفت إلى الجواب، أو ينظر في الجواب، ولا يفهم كنهه؟ وما ذكره أحمد بن حنبل حق، ولكن في شبهة لم تنتشر ولم تشتهر فأما إذا انتشرت، فالجواب عنها واجب، ولا يمكن الجواب عنها إلا بعد الحكاية. نعم، ينبغي أن لا يتكلف لهم شبهة لم يتكلفوها.
(المنقذ من الضلال /35).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/15)
وقال الغزالي أيضا: هجر [يعني الإمام أحمد] الحارث المحاسبي مع زهده وورعه بسبب تصنيفه كتابا في الرد على المبتدعة، وقال له: ويحك! ألست تحكي بدعتهم أولا، ثم ترد عليهم؟ ألست تحمل الناس بتصنيفك على مطالعة البدعة، والتفكر في تلك الشبهات، فيدعوهم ذلك إلى الرأي والبحث؟!
(إحياء علوم الدين 1/ 95).
قال علي القاري: اعلم أن الله سبحانه قد حكى مقالات المفترين عليه وعلى رسله في كتابه على وجه الإنكار لقولهم والتحذير من ضلالهم والوعيد على وبالهم في مآلهم، وكذلك وقع في أمثاله من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله. وأجمع السلف والخلف من أئمة الدين على ذكر حكايات الكفرة والملحدين في كتبهم وفي مجالسهم؛ ليبينوها للناس، وينقضوا شبههم الموجبة للالتباس، وإن كان ورد لأحمد بن حنبل إنكار لبعض هذا على الحارث بن أسد المحاسبي بما حكاه في الرعاية؛ فقد صنع أحمد بن حنبل مثله في رده على الجهمية، وعلى القائلين بأن القرآن مخلوق من المعتزلة، ولعل الفرق أن كلام الأول حكاية عقائد باطلة ثابتة بالكتاب والسنة مستغنية عن البيان في ميدان العيان، أو كأنه أورد أدلة الخصم وأوضحها، ثم ذكر بينة نفسه وحجته ورجحها بخلاف كلام الثاني حيث ذكر واقعة حال محتاجة إلى جواب سؤال. (الرد على القائلين بوحدة الوجود /132).
2 - ماذكره الحافظ ابن رجب في كتاب مناقب الإمام أحمد بقوله: ومن البدع التي أنكرها الإمام أحمد في القرآن: قول من قال: إن الله تكلم بغير صوت، فأنكر هذا القول وبدع قائله. قال: وقد قيل: إن الحارث المحاسبي إنما هجره الإمام أحمد لأجل ذلك. (التحبير شرح التحرير 3/ 1314).
وممن سبق ابن رجب إلى هذا الإمام ابن تيمية قال: فخالف [يعني الحارث] من نصوص الكتاب والسنة وآثار السلف ما أوجب ظهور بدعة اقتضت أن يهجره الإمام أحمد، ويحذر منه. (مجموع الفتاوى 8/ 497)
لكن الإمام ابن تيمية قال: ذكر غير واحد أن الحارث رجع عن ذلك كما ذكره معمر بن زياد في أخبار شيوخ أهل المعرفة والتصوف، وذكر أبو بكر الكلاباذي في كتاب التعرف لمذاهب التصوف عن الحارث المحاسبي أنه كان يقول: إن الله يتكلم بصوت. (انظر درء تعارض العقل والنقل 7/ 147).
وقال الإمام ابن تيمية أيضا: فذكروا أن الحارث رحمه الله تاب من ذلك، وكان له من العلم والفضل والزهد والكلام في الحقائق ما هو مشهور. (مجموع الفتاوى 6/ 521).
وأما تصوف الحارث فقد قال الدكتور عبدالرحمن المحمود: تصوف المحاسبي لم يكن كتصوف غيره في الغلو والانحراف بل كان كثيرا مايشير إلى وجوب الالتزام بالكتاب والسنة، ومتابعة الشرع. وإذا كان المحاسبي يركز على أعمال القلوب وخطرات النفوس، ومسائل تتعلق ببواطن الأعمال ومقاصد الإنسان فيها كالنية والمراقبة والتوكل والتيقظ والعجب والرياء والحسد وغيرها – ويطيل الكلام في كل واحدة منها بمايراه من وسائل إصلاح النفس – إلا أنه يأمر مع ذلك باتباع الشرع بفعل الأوامر واجتناب النواهي .... وكثيرا مايذكر الأدلة على بعض الأمور التي يذكرها من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة، ولذلك شنع المحاسبي على بعض متصوفة عصره وانحرافاتهم. (موقف ابن تيمية من الأشاعرة1/ 457).
والحاصل أن الحارث المحاسبي وإن نُسب إلى الكلابية بسبب قوله ببعض بدعهم إلا أنه قد تاب من ذلك، ولا يجوز ذم المسلم بذنب تاب منه. وقد عد الإمام ابن تيمية الحارث المحاسبي في بعض مواضع من كتبه من السلف، ومن أئمة الدين، فقد قال: ولهذا كان في كلام السلف كأحمد والحارث المحاسبي وغيرهما اسم العقل يتناول هذه الغريزة. (الصفدية 2/ 257).
وقال أيضا: والمنصوص عن أئمة الدين أن العقل غريزة كما ذكر ذلك أحمد بن حنبل والحارث المحاسبي وغيرهما. (الصفدية2/ 331).
وقال أيضا: وقد نسب إلى هذا القول غير واحد من المعروفين بالسنة والحديث كالحسين الكرابيسي، ونعيم بن حماد الخزاعي، والبويطي، والحارث المحاسبي. (مجموع الفتاوى 12/ 207).
وقال الذهبي: المحاسبي كبير القدر، وقد دخل في شيء يسير من الكلام، فنقم عليه.
(سير أعلام النبلاء 12/ 111)
وقال أيضا: وبعد هذا فرحم الله الحارث، وأين مثل الحارث؟! (تاريخ الإسلام 18/ 210).
ووصفه بالزاهد الناطق بالحكمة. (العبر 1/ 440).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/16)
وقال الخطيب البغدادي: وللحارث كتب كثيرة في الزهد، وفي أصول الديانات، والرد على المخالفين من المعتزلة والرافضة وغيرهما، وكتبه كثيرة الفوائد جمة المنافع. وذكر أبو علي بن شاذان يوما كتاب الحارث في الدماء، فقال: على هذا الكتاب عول أصحابنا في أمر الدماء التي جرت بين الصحابة.
(تاريخ بغداد 8/ 211)
ووصفه ابن حجر بأنه من أئمة الحديث والكلام. (النكت على ابن الصلاح 2/ 584).
وعلى فرض أنه لم يتب من البدع التي وقع فيها فتلك البدع لا تجعله في عداد أولئك المبتدعة الزنادقة الذين قتلوا على الزندقة، فالبدع متفاوتة كما هو معروف.
ثم قال المؤلف حفظه الله:
6 - أبوعلي الثقفي (ت328هـ): وكان من أخص تلاميذ ابن خزيمة، قال عنه الذهبي:" ومع علمه وكماله خالف الإمام ابن خزيمة في مسائل التوفيق والخذلان، ومسألة الإيمان، ومسألة اللفظ، فألزم البيت ولم يخرج منه إلى أن مات، وأصابه في ذلك محن". (فقه الرد/46).
أقول: اقتصر المؤلف على هذا القدر من كلام الذهبي في أبي علي الثقفي، ولم ينقل بقية كلامه فيه لتتضح الصورة عن هذا الرجل. فقد وصفه الذهبي بالإمام المحدث الفقيه العلامة الزاهد شيخ خراسان. ونقل عن الحاكم قوله: شهدت جنازته فلا أذكرأني رأيت بنيسابور مثل ذلك الجمع. (سير أعلام النبلاء 15/ 280)
ووصفه أيضا بالفقيه الواعظ أحد الأئمة، وقال: كان له جنازة لم يعهد مثلها. (العبر 2/ 220).
فإلزامه بيته إلى أن مات لم يمنع أهل نيسابور أن يخرجوا في جنازته في صورة لم يعهد مثلها. وقد ذكر المؤلف حفظه الله في ترجمة الذي قبله قول الإمام أحمد:" قولوا لأهل البدع: بيننا وبينكم يوم الجنائز".
وقال الذهبي أيضا: وكان الإمام أبوعلي الثقفي مع علمه وكماله قد خالف إمام الأئمة ابن خزيمة في مسائل منها مسألة التوفيق والخذلان، ومسألة الإيمان ومسألة اللفظ بالقرآن، فقام عليه الجمهور، وألزم بالبيت أعني الثقفي إلى أن مات، وتمت له محن. وكان الثقفي كبير الشأن. وما زال العلماء يختلفون في المسائل الصغار والكبار، والمعصوم من عصمه الله بالتجاء إلى الكتاب والسنة وسكوت عن الخوض في ما لا يعنيه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. (تذكرة الحفاظ 2/ 730).
وقد ذكر الإمام ابن تيمية أبا علي الثقفي في المنسوبين إلى السنة، ولو كان فيه نوع من البدعة، فقال:
والذي كان أئمة السنة ينكرونه على ابن كلاب والأشعري بقايا من التجهم والاعتزال مثل اعتقاد صحة طريقة الأعراض وتركيب الأجسام وإنكار اتصاف الله بالأفعال القائمة التي يشاؤها ويختارها وأمثال ذلك من المسائل التي أشكلت على من كان أعلم من الأشعري بالسنة والحديث وأقوال السلف والأئمة كالحارث المحاسبي وأبي علي الثقفي وأبي بكر بن إسحاق الصبغي مع أنه قد قيل: إن الحارث رجع عن ذلك، وذكر عنه غير واحد ما يقتضي الرجوع عن ذلك، وكذلك الصبغي والثقفي قد روي أنهما استتيبا فتابا. وقد وافق الأشعري على هذه الأصول طوائف من أصحاب أحمد ومالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم، منهم من تبين له بعد ذلك الخطأ، فرجع عنه، ومنهم من اشتبه عليه ذلك كما اشتبه غير ذلك على كثير من المسلمين، والله يغفر لمن اجتهد في معرفة الصواب من جهة الكتاب والسنة بحسب عقله وإمكانه، وإن أخطأ في بعض ذلك. والمقصود أنه لم يكن في المنسوبين إلى السنة ولو كان فيه نوع من البدعة من يزعم أن صريح المعقول يخالف مدلول الكتاب والسنة. (درء التعارض 7/ 97 - 98).
وقد ذكر الحاكم قصة ماجرى بين الثقفي وابن خزيمة، وأن ذلك بسبب وشاية أحد المعتزلة، وهو منصور ابن يحيى الطوسي، فذكر الحاكم أن ابن خزيمة لما بلغ من السن والرئاسة والتفرد بهما مابلغ، كان له أصحاب صاروا في حياته أنجم الدنيا مثل أبي علي الثقفي، وهو أول من حمل علوم الشافعي، ودقائق ابن سريج إلى خراسان، والصبغي وهو خليفة ابن خزيمة في الفتوى، وغيرهما، فلما ورد منصور الطوسي المعتزلي خراسان ورأى قدر أصحاب ابن خزيمة وحالهم معه حسدهم على ذلك، فسعى إلى إيقاع الوحشة بينهم وبينه، وذكر قصة ماجرى في ذلك إلى أن قال ابن خزيمة: وقد صح عندي أن هؤلاء – الثقفي والصبغي ويحيى بن منصور كذبة، قد كذبوا علي في حياتي. قال الذهبي معلقا: ما هؤلاء بكذبة، بل أئمة أثبات، وإنما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/17)
الشيخ تكلم على حسب مانقل له عنهم، فقبح الله البهتان، ومن يمشي بالنميمة.
ثم ذكر الحاكم أن ابن خزيمة اجتمع معهم، فسألوه عما ينكره عليهم ليرجعوا عنه، فذكر لهم، فأخرجوا له عقيدتهم مكتوبة، فقرأها ابن خزيمة ثم قال: لست أرى هاهنا شيئا لا أقول به .. إلى آخر القصة التي يضيق هذا المقام عن بسطها.
(انظر سير أعلام النبلاء 14/ 377 - 381، درء التعارض 2/ 9، تاريخ دمشق 41/ 214).
وقد نقل الإمام ابن تيمية شيئا من هذه العقيدة في بعض ماكتب، فقال: ذكره أبو علي الثقفي والصبغي وغيرهما من أصحاب ابن خزيمة في العقيدة التي اتفقوا هم وابن خزيمة على أنها مذهب أهل السنة.
(مجموع الفتاوى 5/ 528).
وقال: كما ذكره الثقفي والصبغي وغيرهما من أصحاب أبي بكر محمد بن خزيمة في العقيدة التي كتبوها وقرؤوها على أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة لما وقع بينهم النزاع في مسألة القرآن.
(مجموع الفتاوى 5/ 379).
وقد كان أبوعلي الثقفي ذا علم غزير وتمكن من الفتوى، وقد شهد له بذلك شيخه ابن خزيمة، فقد استفتي ابن خزيمة في مسائل فدعا بدواة ثم قال لأبي علي الثقفي: أجب، فأخذ أبوعلي القلم وجعل يكتب الأجوبة، ويضعها بين يدي ابن خزيمة، وهو ينظر فيها، ويتأمل مسألة مسألة فلما فرغ منها قال له: يا أبا علي، ما يحل لأحد منا بخراسان أن يفتي وأنت حي. (طبقات الشافعية الكبرى 3/ 193).
ووصفه الحاكم فقال: هوالإمام المقتدى به في الفقه والكلام والدين والقول والوعظ. (طبقات الفقهاء/201)
والحاصل أن أباعلي الثقفي وقع في بدع قد تاب منها كما ذكر الإمام ابن تيمية، وكما قال إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني: استتيب الصبغي والثقفي على قبر ابن خزيمة. (درء التعارض 2/ 82).
وعلى فرض أنه لم يتب من البدع التي وقع فيها فتلك البدع لا تجعله في عداد أولئك المبتدعة الزنادقة الذين قتلوا على الزندقة، فالبدع متفاوتة.
ثم قال المؤلف حفظه الله:
7 - أبوالحسن الأشعري (ت بعد سنة 320هـ): فقد دخل بغداد وعمل على التقرب من البربهاري (ت 329هـ)، وصنف كتاب الإبانة، فلم يلتفت إليه، فلم يجرؤ على الخروج من بيته في بغداد حتى خرج عنها. وفي مقابل ذلك كان للبربهاري من الأتباع والأصحاب والتلاميذ مايفوق الوصف. (فقه الرد/46).
أقول: فيما نقله المؤلف وماذكره نظر، بيانه فيما يلي:
1 - أما أن الأشعري لم يخرج من بيته في بغداد حتى خرج عنها فقد نفى صحة هذا ابن عساكر، فقال رادا على من زعم ذلك: وهو [يعني الأشعري] بعد إذ صار إليها لم يفارقها، ولا رحل عنها؛ فإن بها كانت منيته، وفيها قبره وتربته، ولا يدعي أنه لم يظهر بها إلا مثل هذا المختزي، وقد تقدم ذكر جلوسه في حلقة أبي إسحاق المروزي، وأنه كان يحضرها في أيام الجمع بالجانب الغربي في جامع المنصور، والجمع أكثر الأيام جمعا في أعظم الجوامع بها في حلقة ذلك الإمام المشهور. (تبيين كذب المفتري /391).
2 - وأما أن الأشعري ألف كتاب الإبانة تقربا إلى البربهاري، فهذا قاله بعضهم، وقد جانب فيه الصواب فتكذيب التائبين في توبتهم، واتهامهم في نياتهم بلا دليل قبيح ومحرم.
والغريب أن الدكتور السبت ناقض نفسه فنقل في ص 239 من كتابه هذا أن الإمام ابن تيمية رد على من يقول بأن الأشعري كان يبطن غير ما يظهر من اتباع السلف، ثم بين أن الدافع لأصحاب هذه التهمة أنهم خالفوه مع محبتهم له وانتسابهم إليه، فكرهوا أن ينسبوا إلى مخالفته. (مجموع الفتوى 12/ 204).
قال الحافظ ابن عساكر في رد هذه التهمة: فكم من متنقل من مذهب إلى غيره؛ لقوة النظر والاستدلال أو لإرشاد من الحق سبحانه وإلهام، أو رؤيا وُعِظ بها رائيها في منام، أو شدة بحث عن الحق على ممر الأيام وهذه المعاني كلها موجودة في حق هذا الإمام. وإنما يُشَك في توبة التائب إذا لم يوجد منه غير مجرد الدعوى، ولم يكن عند اختبار حاله من أهل الدين ولا من ذوي التقوى، فأما إذا اقترن منه بدعوى التوبة ظهور الأسف على ما أسلف من الحوبة، وكان المظهر للتوبة ذا ديانة موصوفا عند الخلق بصدق وأمانة لم يكن للشك في صحة توبته مجال، فمن قال غير هذا فقوله محال. ولا شك أن دين أبي الحسن رحمه الله متين وتبرأه من مذهب الاعتزال ظاهر مبين، ومناظراته لشيخهم الجبائي مشهورة، واستظهاراته عليه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/18)
في الجدل مذكورة، وقمعه لغيره من شيوخهم معروف شائع، وقطعه لهم في المناظرة منتشر ذائع، وتواليفه في الرد على أهل التعطيل كثيرة، وفضيحة أهل الأهواء بما أظهر من عوار مذهبهم كبيرة، فكيف يزعم أنه أظهر غير ما أبطن، أو أضمر ضد ما أعلن ... إلى أن قال: وقول من زعم: "إنه أظهر التوبة ليؤخذ عنه ويسمع ما يلقى إلى المتعلمين منه وتعلو منزلته عند العامة "؛ فذلك مالا يصنعه من يؤمن بالبعث يوم القيامة.كيف يستجيز مسلم أن يظهر ضد ما يبطن، أو يضمر خلاف ما يبدي ويعلن؛ لا سيما فيما يتعلق بالاعتقادات ويرجع إلى أصول الديانات؟! (تبيين كذب المفتري /380 - 382).
وقال الدكتور محمد الخميس: ومن العجيب أنهم زعموا أن الإمام أبا الحسن الأشعري ألف كتاب "الإبانة" مداراة للحنابلة وتقية، وخوفا منهم على نفسه. وهذا كلام فيه نظر، بل إنه جد خطير؛ إذ إن فيه قدحا في الإمام أبي الحسن الأشعري، واتهاما له بأنه يبدل عقيدته في الظاهر على حسب الأحوال والملابسات أو مجاراة للتيارات الفكرية السائدة، وهذه مسألة خطيرة، فالغاية لاتبرر الوسيلة عند أهل الحق، وينبغي للإنسان أن يحسن الظن بأمثال الإمام في هذا، بل إنني أجزم ببطلان هذا الزعم في حق هذا الإمام الجليل؛ إذ إنه لايمكن أن يداري أو يجاري في عقيدته وهي مدار السلامة، وهي العقد بينه وبين الله تعالى، ولا يفعل هذا إلا الموغلون في البدعة، والذين ليسوا على رسوخ في عقيدتهم وثقة بماهم عليه، كأمثال الباطنية وغيرهم. ثم إن الحنابلة لم تكن لهم سلطة يمكن أن تلحق الأذى بالإمام، بل كان في أيامه كثيرون من المبتدعة المعاندين، ولم ينزل بهم بطش الحنابلة وبأسهم، فهذه دعوى باطلة مردودة. (اعتقاد أهل السنة/6).
3 - أن ذكر المؤلف لأبي الحسن الأشعري مع أولئك المجرمين الأربعة، دون إشارة إلى توبته من بدعته القديمة خطأ، فمن تاب تاب الله عليه، ولا يجوز أن يعاب أحد بذنب تاب منه.
قال الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله: وفضائل أبي الحسن الأشعري ومناقبه أكثر من أن يمكن حصرها في هذه العجالة. ومن وقف على تواليفه بعد توبته من الاعتزال رأى أن الله تعالى قد أمده بمواد توفيقه، وأقامه لنصرة الحق والذب عن طريقه. (من تقديمه لتحقيق كتاب الإبانة /8).
وقال الإمام ابن باز رحمه الله: أبو الحسن الأشعري رحمه الله ليس من الأشاعرة، وإن انتسبوا إليه؛ لكونه رجع عن مذهبهم، واعتنق مذهب أهل السنة، فمدح الأئمة له ليس مدحا لمذهب الأشاعرة.
(مجموع فتاوى ابن باز3/ 53).
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: والأشعري أبو الحسن – رحمه الله – كان في آخر عمره على مذهب أهل السنة والحديث، وهو إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. ومذهب الإنسان ما قاله أخيرا إذا صرح بحصر قوله فيه كما هي الحال في أبي الحسن كما يعلم من كلامه في الإبانة. وعلى هذا فتمام تقليده اتباع ماكان عليه أخيرا، وهو التزام مذهب أهل الحديث والسنة؛ لأنه المذهب الصحيح الواجب الاتباع الذي التزم به أبوالحسن نفسه. (مجموع فتاوى ابن عثيمين 3/ 340).
وعلى فرض أنه لم يتب من البدع التي وقع فيها فتلك البدع لا تجعله في عداد أولئك المبتدعة الزنادقة الذين قتلوا على الزندقة؛ لأن البدع متفاوتة كما هو معروف ومقرر في موضعه.
ثم قال المؤلف حفظه الله:
8 - أبوبكر الباقلاني (ت 403هـ): فهو مع سعة علمه وتوقد ذكائه وفصاحته كان أبوحامد الإسفراييني (ت406هـ) يشنع عليه، ويحذر الناس منه ومن الدخول عليه، ولم يكن يجرؤ أحد على الاتصال به، والدخول عليه إلا خفية، حتى إن الباقلاني كان يخرج إلى الحمام متبرقعا خوفا من الشيخ أبي حامد الإسفراييني. (فقه الرد/46).
أقول: الباقلاني وإن كان من كبار الأشاعرة، إلا أن له جهودا كبيرة في خدمة الدين والعلم، فلا يجوز أن يقرن بجهم بن صفوان والجعد بن درهم وغيرهما من الزنادقة، ويجعل معهم في سياق واحد على النحو الذي فعله المؤلف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/19)
وقد نقل الدكتور السبت في ص 238 من كتابه هذا ماذكره الإمام ابن تيمية في الباقلاني من أنه أفضل المتكلمين المنتسبين إلى الأشعري، وأنه ليس فيهم مثله لا قبله ولابعده، ولا أحسن تصنيفا وكتبا منه، وأنه أكثر إثباتا بعد الأشعري في الإبانة، وأن فيه من الفضائل العظيمة والمحاسن الكثيرة والرد على الزنادقة والملحدين وأهل البدع الشيء الكثير، وهكذا جهوده في الرد على الباطنية والنصارى.
وقد وصف الذهبي الباقلاني بالإمام العلامة أوحد المتكلمين مقدم الأصوليين ثم قال: وكان ثقة إماما بارعا صنف في الرد على الرافضة والمعتزلة والخوارج والجهمية والكرامية، وانتصر لطريقة أبي الحسن الأشعري، وقد يخالفه في مضائق فإنه من نظرائه، وقد أخذ علم النظر عن أصحابه. (سير أعلام النبلاء17/ 190).
وقال أيضا: وكانت جنازته مشهودة، وكان سيفا على المعتزلة والرافضة والمشبهة، وغالب قواعده على السنة، وقد أمر شيخ الحنابلة أبو الفضل التميمي مناديا يقول بين يدي جنازته: هذا ناصر السنة والدين والذاب عن الشريعة، هذا الذي صنف سبعين ألف ورقة، ثم كان يزور قبره كل جمعة.
(سير أعلام النبلاء 17/ 193)
وما تقدم ذكره لا يعني تصحيح مذهبه الأشعري، ولا الدفاع عما وقع فيه من البدع، والتي يجب اجتنابها والحذر منها، وإنما المقصود التدليل على أنه لا يجوز أن يقارن بجهم وغيره ممن قتل على الزندقة، فله فضله وقدره في خدمة الدين، والبدع متفاوتة كما هو مقرر في موضعه.
وللإمام ابن تيمية كلمة عظيمة في هذا الباب يحسن ذكرها هنا، فهو لما نقل قول الحسين بن أبي أمامة المالكي: لعن الله أبا ذر الهروي؛ فإنه أول من حمل الكلام إلى الحرم، وأول من بثه في المغاربة – قال الإمام ابن تيمية: قلت: أبو ذر فيه من العلم والدين والمعرفة في الحديث والسنة وانتصابه لرواية البخاري عن شيوخه الثلاثة وغير ذلك من المحاسن والفضائل ما هو معروف به، وكان قد قدم إلى بغداد من هراة فأخذ طريقة ابن الباقلاني، وحملها إلى الحرم فتكلم فيه وفي طريقته من تكلم كأبي نصر السجزي وأبي القاسم سعد بن علي الزنجاني وأمثالهما من أكابر أهل العلم والدين بما ليس هذا موضعه، وهو ممن يرجح طريقة الصبغي والثقفي على طريقة ابن خزيمة وأمثاله من أهل الحديث ....
إلى أن قال: ثم إنه ما من هؤلاء إلا من له في الإسلام مساع مشكورة وحسنات مبرورة، وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع والانتصار لكثير من أهل السنة والدين ما لا يخفى على من عرف أحوالهم وتكلم فيهم بعلم وصدق وعدل وإنصاف لكن لما التبس عليهم هذا الأصل المأخوذ ابتداء عن المعتزلة، وهم فضلاء عقلاء احتاجوا إلى طرده، والتزام لوازمه، فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره المسلمون من أهل العلم والدين، وصار الناس بسبب ذلك: منهم من يعظمهم لما لهم من المحاسن والفضائل ومنهم من يذمهم لما وقع في كلامهم من البدع والباطل، وخيار الأمور أوساطها.
وهذا ليس مخصوصا بهؤلاء، بل مثل هذا وقع لطوائف من أهل العلم والدين، والله تعالى يتقبل من جميع عباده المؤمنين الحسنات، ويتجاوز لهم عن السيئات {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم}، ولا ريب أن من اجتهد في طلب الحق والدين من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخطأ في بعض ذلك فالله يغفر له خطأه تحقيقا للدعاء الذي استجابه الله لنبيه وللمؤمنين حيث قالوا: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}.
ومن اتبع ظنه وهواه فأخذ يشنع على من خالفه بما وقع فيه من خطأ ظنه صوابا بعد اجتهاده، وهو من البدع المخالفة للسنة؛ فإنه يلزمه نظير ذلك أو أعظم أو أصغر فيمن يعظمه هو من أصحابه؛ فقلَّ من يسلم من مثل ذلك من المتأخرين؛ لكثرة الاشتباه والاضطراب وبعد الناس عن نور النبوة وشمس الرسالة الذي به يحصل الهدى والصواب، ويزول به عن القلوب الشك والارتياب. (درء التعارض 2/ 101 - 102)
النكتة العشرون
ذكر الدكتور خالد السبت حفظه الله في تراجم الأربعة السابقين أمورا استعملها في الاستدلال بها على ذمهم، وفي ذلك نظر، فيما يلي بيانه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/20)
1 - استدل المؤلف بقلة عدد المصلين على ذم الحارث المحاسبي، وبكثرة عدد المصلين على مدح الإمام أحمد - وهو أحق به وأهله - لكن قلة عدد المصلين على الميت لا يستدل بها وحدها على ذم الميت، فقد تكون قلة عدد المصلين بسبب لا يرجع بالذم على الميت؛ فقد مات عدد من السلف الصالح، ولم يشهد جنازتهم إلا القليل لأسباب متنوعة منها الأسباب السياسية، كإبراهيم النخعي الإمام الحافظ لم يتبع جنازته سوى أقل من عشرة رجال، بل إن الإمام عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو أمير المؤمنين وخليفة المسلمين لم يشهد جنازته إلا القليل كما هو معروف. بل إن الإمام البربهاري - الذي استدل المؤلف بموقفه ضد الأشعري على ذم الأشعري – توفي مستترا في دار في بغداد لأخت أحد قادة الجند، فأمرت خادمها فأحضر غاسلا يغسله، ووقف يصلي عليه وحده، ثم دفن في دارها. (انظر طبقات الحنابلة 2/ 45).
فقلة عدد المصلين على أولئك الأئمة ليس بقادح في مكانتهم، ولا بمنقص من فضلهم.
وكذلك كثرة عدد المصلين على الميت لا تدل وحدها على فضل الميت، وليس ذلك مختصا بجنائز أهل السنة، فجنائز بعض العلماء الذين وقعوا في بدع شهدها كثير من الناس، وليس ذلك بدليل على فضلهم المطلق، ولا على صحة ماوقعوا فيه من البدع والمخالفات. وقد تقدم ذكر جنازة أبي علي الثقفي - الذي ذكره المؤلف في الرواد الأوائل من أصحاب المقالات المنحرفة – وقول الحاكم: شهدت جنازته فلا أذكر أني رأيت بنيسابور مثل ذلك الجمع، وقول الذهبي: كان له جنازة لم يعهد مثلها. وتقدم أيضا قول الذهبي في ترجمة الباقلاني - الذي ذكره المؤلف في الرواد الأوائل من أصحاب المقالات المنحرفة -: وكانت له جنازة مشهودة. وقال الذهبي في ترجمة أبي عبدالرحمن السلمي الصوفي صاحب حقائق التفسير:
وكانت جنازته مشهودة. (سير أعلام النبلاء 17/ 252) وقد قال الذهبي في شأن كتابه: ليته لم يصنفه، فإنه تحريف وقرمطة، فدونك الكتاب فسترى العجب (تاريخ الإسلام 28/ 307)، ونقل عن الواحدي قوله: صنف أبو عبد الرحمن السلمي كتاب حقائق التفسير، ولو قال: "إن ذاك تفسير للقرآن " لكفر به فقال الذهبي:: صدق والله. (تاريخ الإسلام 31/ 260). وأهل البدع الذين كانت جنائزهم مشهودة كثيرون، يعرف ذلك من راجع كتب التراجم.
2 - استدل المؤلف بكثرة الأتباع على فضل المتبوع كما فعل حين ذكر البربهاري في مقابل الأشعري فقال "وفي مقابل ذلك كان للبربهاري من الأتباع والأصحاب والتلاميذ مايفوق الوصف "، ولا شك أن البربهاري أحد أئمة أهل السنة والجماعة، وفضله لا يخفى، لكن كثرة الأتباع لا تدل وحدها على أن متبوعهم على الحق، فمن نظر في العالم الإسلامي اليوم وجد أن أتباع المذهب الأشعري في طوره القديم أكثر من أتباع المنهج السلفي، وليس هذا دليلا على صحة الأول وفساد الآخر.
قال ابن الجوزي: ثم تبع أقوام من السلاطين مذهبه [يعني الأشعري] فتعصبوا له وكثر أتباعه حتى تركت الشافعية معتقد الشافعي رضي الله عنه، ودانوا بقول الأشعري. (المنتظم 14/ 29).
وقد قال تعالى: {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله} (الأنعام:117)، وقال في عدة آيات: {ولكن أكثر الناس لايعلمون} (الأعراف:187، يوسف:40، 68، النحل:38).
فالحق لا يتبع الكثرة؛ فإن الحق قد يكون خفيا فلا يستقل بدركه إلا الأقلون، والباطل قد يكون جليا فيبادر إلى الانقياد له الأكثرون، وصاحب الباطل قد تساعده دولته فيكثر بسببها أتباعه. (انظر فضائح الباطنية للغزالي /174)
قال ابن حزم: فإن موهوا بكثرة أتباع أبي حنيفة ومالك وبولاية أصحابهما القضاء؛ فقد قدمنا أن الكثرة لا حجة فيها، ويكفي من هذا قول الله عز وجل: {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون}، وقال: {قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} (ص:24)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن هذا الدين بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء" وأنذر عليه السلام بدروس العلم وظهور الجهل. (الإحكام 4/ 607)
3 - استدل المؤلف ببعض المحن التي أصابت المذكورين بسبب معاملة بعض أئمة أهل السنة إياهم عقوبة لهم على بدعتهم، فذكر المؤلف أن الحارث المحاسبي لما هجره الإمام أحمد اختفى في دار ببغداد ومات فيها، ولم يُصلِّ عليه إلا أربعة نفر فيما ذُكر، وذكر أن أبا علي الثقفي ألزم البيت ولم يخرج منه إلى أن مات، وأن أبا الحسن الأشعري دخل بغداد وعمل على التقرب من البربهاري، فلم يلتفت إليه، فلم يجرؤ على الخروج من بيته في بغداد حتى خرج عنها، وذكر أن أبا حامد الإسفراييني كان يشنع على الباقلاني، ويحذر الناس منه ومن الدخول عليه، ولم يكن يجرؤ أحد على الاتصال به، والدخول عليه إلا خفية، حتى إن الباقلاني كان يخرج إلى الحمام متبرقعا خوفا من الشيخ أبي حامد الإسفراييني، وقد احتج المؤلف بما ذكره على ذم من جرى له ذلك، والحق أن هذا وحده ليس دليلا على ذم من جرى له؛ لأن مثل هذا حدث لبعض أئمة أهل السنة فلم يكن ذلك دليلا على ذمهم، فالمعتزلة سجنوا الإمام أحمد بن حنبل ثمانية وعشرين شهرا، كان يصلي فيها وهو مقيد، وضربوه، وقال له الواثق حين استخلف: لا تساكني بأرض ولا مدينة أنا فيها، فاختفى أحمد بقية حياة الواثق فمازال يتنقل في الأماكن، ثم عاد إلى منزله بعد أشهر، فاختفى فيه لا يخرج إلى صلاة ولا إلى غيرها إلى أن هلك الواثق بعد سنوات (انظر مناقب الإمام أحمد/472، سير أعلام النبلاء 11/ 264). ولما تمكن المعتزلة من الخليفة الراضي أوغروا صدره على الإمام البربهاري حتى اضطر إلى الاختفاء، وظل مختفيا حتى توفي. (انظر سير أعلام النبلاء 15/ 92). وكاد المبتدعة للإمام ابن تيمية فسجن، ومات وهو مسجون.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/21)
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[28 - 08 - 08, 12:55 ص]ـ
النكتة الحادية والعشرون
قال المؤلف حفظه الله: وأما المحاجة فلم يرد استحسانها في شيء من المواضع في كتاب الله تعالى. (فقه الرد/63).
أقول: هذا الإطلاق فيه نظر، فإن كان مقصود المؤلف أن معنى المحاجة لم يرد استحسانه في القرآن فقد ناقض المؤلف نفسه بعد صفحات من هذا الموضع، تحت عنوان " ماورد من تقرير ذلك وفعله "، فقال المؤلف:
أولا: من القرآن الكريم. وذلك نوعان:
الأول: الردود القرآنية على دعاوى المبطلين، وهذا النوع كثير جدا في القرآن ...
الثاني: ماقصه الله – تعالى – من المحاجة والمجادلة بين أهل الإيمان من الرسل وأتباعهم والكفار، وذلك في مواضع كثيرة من كتاب الله – تعالى – كمحاجة إبراهيم عليه السلام لأبيه وقومه كما في سورة الأنعام، ومريم، والشعراء، والصافات، وكما في محاجته للنمروذ كما في سورة البقرة، وكذلك محاجته عبدة الكواكب كما في سورة الأنعام ..... وإيراد هذا كله في كتاب الله بمثابة التعليم من الله – تعالى – لخلقه للسؤال والجواب والمحاجة والمجادلة كما قال ابن عبدالبر رحمه الله. (فقه الرد 67 - 69).
أقول: وهل يعلمهم ربهم شيئا غير مستحسن؟!
وإن كان مقصود المؤلف من قوله بأن المحاجة لم يرد استحسانها في القرآن لفظ الكلمة واشتقاقاتها ففي هذا نظر أيضا، فقد قال تعالى ذاكرا نعمه على نبيه إبراهيم عليه السلام: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم. ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا} (الأنعام: 83 - 84)
قال القرطبي: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم} "تلك" إشارة إلى جميع احتجاجاته حتى خاصمهم وغلبهم بالحجة. (تفسير القرطبي 7/ 30).
وقال ابن عبدالبر: {نرفع درجات من نشاء} قالوا: بالعلم والحجة. (جامع بيان العلم 2/ 955).
وقال البغوي: قوله عز وجل: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} حتى خصمهم وغلبهم بالحجة (نرفع درجات من نشاء) بالعلم، أي نرفع درجات من نشاء بالعلم والفهم والفضيلة والعقل كما رفعنا درجات إبراهيم حتى اهتدى وحاج في التوحيد. (تفسير البغوي 2/ 112).
وقال السمعاني: {نرفع درجات من نشاء} يعني: بالحجاج، والاستدلال. (تفسير السمعاني 2/ 122).
وقال تعالى: {هاأنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم} (آل عمران:66)
ذكرالجصاص أن هذه الآية أوضح دليل على صحة الاحتجاج للحق؛ لأنه لو كان الحجاج كله محظورا لما فرق بين المحاجة بالعلم وبينها إذا كانت بغير علم. (أحكام القرآن للجصاص 2/ 298).
وقال ابن عبدالبر: في قول الله عز وجل: {فلم تحاجون فيما ليس لكم به} دليل على أن الاحتجاج بالعلم مباح سائغ لمن تدبر. (جامع بيان العلم وفضله 2/ 971).
وقال ابن حزم: فلم يوجب تعالى المحاجة إلا بعلم، ومنع منها بغير علم. (الإحكام لابن حزم 1/ 25).
وقال ابن كثير: هذا إنكار على من يحاج فيما لا علم له به؛ فإن اليهود والنصارى تحاجوا في إبراهيم بلا علم، ولو تحاجوا فيما بأيديهم منه علم مما يتعلق بأديانهم التي شرعت لهم إلى حين بعثة محمد صلى الله عليه وسلم لكان أولى منهم. (تفسير ابن كثير 1/ 373).
وقال ابن عثيمين: من فوائد الآية الكريمة إقرار الإنسان على المحاجة بالعلم، ولكن بشرط أن يكون قصده حسنا بحيث يريد من المجادلة الوصول إلى الحق، فيثبت الحق ويبطل الباطل. (تفسير سورة آل عمران لابن عثيمين 1/ 384)
النكتة الثانية والعشرون
قال المؤلف حفظه الله تحت عنوان "ماورد من مجادلة أهل الأهواء والترخيص في ذلك أو الحث عليه ":
وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول: ما رأيت أحدا لاحى الرجال إلا أخذ بجوامع الكلم. وقال:
رأيت ملاحاة الرجال تلقيحا لألبابهم. قال يحيى بن مزين: يريد بالملاحاة هنا المخاوضة والمراجعة على وجه التعليم والتفهم والمذاكرة والمدارسة. (فقه الرد/66).
أقول: تفسير يحيى لكلمة عمر، الذي نقله المؤلف عقبها يجعل كلمة عمر خارجة عن عنوان المبحث الذي أراد المؤلف الاستدلال بها عليه، فهي لاعلاقة لها بمجادلة أهل الأهواء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/22)
وذكر المؤلف تحت هذا العنوان أيضا ما لايدل عليه، فذكر المحاجة بين آدم وموسى عليهما السلام، وذكر ماوقع من عمر رضي الله عنه في صلح الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر رضي الله عنه، وماوقع بين عمر وأبي عبيدة رضي الله عنهما في حديث الطاعون (انظر فقه الرد 69 - 71)، وكل هذا لاعلاقة له بموضوع الباب، وهو مجادلة أهل الباطل، وإنما هي أمثلة على مجادلة بين أهل الحق، ولا دلالة فيها على موضوع الباب.
النكتة الثالثة والعشرون
قال المؤلف حفظه الله تحت عنوان: " ماكان طريقه السمع فلا مجال للجدل والخوض فيه، بالرأي، والنظر والقياس ": ذلك أن الأمور الغيبية لا مجال للرأي فيها، وإنما تتلقى من الوحي خاصة، كما قال عبدالله بن ذكوان (ابن أبي الزناد): إن السنن لا تخاصم ولا ينبغي لها أن تتبع بالرأي، ولو فعل الناس ذلك لم يمض يوم إلا انتقلوا من دين إلى دين، ولكنه ينبغي للسنن أن تلزم ويتمسك بها على ما وافق الرأي أو خالفه، ولعمري إن السنن لتأتي كثيراً على خلاف الرأي "، ثم ذكر أمثلة لذلك يمكن مراجعتها.
وقد صرح بمقتضى ذلك جماعة من الأئمة كالحافظ ابن عبدالبر، والإمام محيي السنة أبي محمد البغوي، والحافظ ابن رجب، وهو من الأمور المتفق عليها بين أهل السنة والجماعة؛ إذ لا تثبت قدم الإسلام إلا على قاعدة التسليم. هذا بالإضافة إلى ما يجره الجدل في هذه الأمور من الدخول في مضايق يصعب الخلاص منها، الأمر الذي يوقع صاحبه في ضلالات لا حصر لها، كما قال محمد بن الحنفية رحمه الله:"لا تنقضي الدنيا حتى تكون خصومات الناس في ربهم. ولذا فرق المحققون من أهل العلم بين المجادلة والمناظرة في هذه الأمور وغيرها من مسائل الفقه، كما أن السلف تجادلوا في الفقه، ونهوا عن الجدال في الاعتقاد؛ لأنه يؤول إلى الانسلاخ من الدين، ألا ترى مناظرة بشر – المريسي - في قوله عزوجل: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} حين قال: هو بذاته في كل مكان، فقال له خصمه: هو في قلنسوتك، وفي حشك وفي جوف حمارك. (فقه الرد /75 - 76).
أقول: يحسن التنبيه هنا على أمور توضح ماذكره المؤلف حفظه الله، وهي:
1 - تعبير المؤلف في عنوان المبحث بقوله:"ماكان طريقه السمع " غير دقيق، فالسمع يشمل الدين كله كتابا وسنة، قال تعالى: {وماينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} (النجم:3 - 4).
قال ابن تيمية: السمعيات وهي الكتاب والسنة والإجماع وفروع ذلك. (مجموع الفتاوى 2/ 21).
وقال ابن القيم: الأدلة السمعية هي الكتاب والسنة والإجماع. (الصواعق المرسلة 3/ 834).
والمؤلف إنما يقصد بهذا المبحث المسائل التي لا تعلم إلا من الوحي، ولا مدخل للاجتهاد فيها، وذلك كسؤال الملكين في القبر، وعذاب القبر ونعيمه، والشفاعة، وغير ذلك من أمور الاعتقاد أو أمور العبادة مما يعلم بالشرع وحده. وقد ذكر ابن تيمية أن العلوم إما أن تعلم بالشرع فقط، وهو مايعلم بمجرد إخبار الشرع مما لايهتدي العقل إليه بحال، وإما أن تعلم بالعقل فقط كالطب والحساب والصناعات، وإما أن تعلم بهما (انظر مجموع الفتاوى 19/ 231).
والحفاظ الثلاثة الذين نقل المؤلف أنهم صرحوا بمقتضى ذلك لم يستعملوا التعبير الذي ذكره المؤلف في عنوان المبحث. أما ابن عبدالبر فقال: " ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء منصوصا في كتاب الله أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أجمعت عليه الأمة، وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كله أو نحوه يسلم له ولا يناظر فيه ". (جامع بيان العلم 2/ 943 طبعة الزهيري، وقد أحال المؤلف حفظه الله على 2/ 117 - 118، وليست هذه طبعة الزهيري التي اعتمدها المؤلف، وإنما طبعة أخرى اعتمد عليها صاحب كتاب منهج الجدل والمناظرة الذي نقل منه المؤلف هذه الإحالة دون أن يعدلها على الطبعة التي اعتمد عليها في كتابه).
وأما البغوي فقال: " واتفق علماء السلف من أهل السنة على النهي عن الجدال والخصومات في الصفات وعلى الزجر عن الخوض في علم الكلام وتعلمه ". (شرح السنة 1/ 216).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/23)
وأما ابن رجب فقال:" ومن ذلك – أعني محدثات الأمور- ما أحدثه المعتزلة ومن حذا حذوهم من الكلام في ذات الله تعالى وصفاته بأدلة العقول .... وانقسم هؤلاء قسمين: أحدهما: من نفى كثيرا مما ورد به الكتاب والسنة من ذلك، لاستلزامه عنده التشبيه بالمخلوقين .... والثاني: من أراد إثبات ذلك بأدلة العقول التي لم يرد بها الأثر، ورد على أولئك مقالتهم ". (فضل علم السلف/28).
فلاحظ أن الثلاثة الذين أحال عليهم المؤلف كان حديثهم عن مسائل الاعتقاد لا ما هو أعم كما دل عليه عنوان المؤلف.
2 - ذكر المؤلف أن هذا الموضوع مما يمنع فيه الرد والجدال والمناظرة، وأنه الجدل المذموم. (فقه الرد/75).
ولم يبين أنه سيذكر الحالات التي تستثنى من ذلك، وكان ينبغي أن ينبه القارئ على ذلك، لأن هذه الاستثناءات لن تأتي إلا بعد أكثر من خمسين صفحة من هذا الموضع. ويؤكد أهمية التنبيه على هذا أن المؤلف ذكر في هذا الموضع كلام ابن عبدالبر، وفيه ذكر مناظرة بشر المريسي بشيء من الذم لبعض ماورد فيها، وقد ذكر المؤلف هذه المناظرة قبل صفحتين من هذا الموضع أي في ص 73 في مقام ماورد عن التابعين ومن بعدهم من تقرير مجادلة أهل الأهواء وفعلها، فالقارئ لابد أن يقع في حيرة لا تحل إلا بعد خمسين صفحة من هذا الموضع.
وعلى كل حال فالمؤلف في مبحث الحالات التي يمكن استثناؤها من ذلك في ص 131، والذي لم يستغرق سوى ثلاث صفحات تكلم باقتضاب، ولم يعط المبحث حقه مقارنة بما قبله، ولم يربطه بماذكره في مبحث: ماورد من مجادلة أهل الأهواء والترخيص في ذلك أو الحث عليه الذي تناوله في ص 64، وكان ينبغي الربط بين المبحثين لما بينهما من صلة كبيرة، وللفاصل الكبير الذي بينهما الذي زاد على خمسين صفحة.
3 - قال المؤلف حفظه الله: قال عبدالله بن ذكوان (ابن أبي الزناد): إن السنن لا تخاصم (فقه الرد/75).
أقول: الصواب بحذف "ابن"؛ ورفع "أبو" فعبدالله بن ذكوان هو أبوالزناد. وقد علق البخاري هذا الأثر في صحيحه في كتاب الصوم - بَاب الْحَائِضِ تَتْرُكُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ فقال: وقال أبو الزِّنَادِ: إِنَّ السُّنَنَ وَوُجُوهَ الْحَقِّ لَتَأْتِي كَثِيرًا على خِلَافِ الرَّأْيِ فما يَجِدُ الْمُسْلِمُونَ بُدًّا من اتِّبَاعِهَا من ذلك أَنَّ الْحَائِضَ تَقْضِي الصِّيَامَ ولا تَقْضِي الصَّلَاةَ. (صحيح البخاري 2/ 689).
وقول أبي الزناد:" إن السنن لتأتي كثيرا على خلاف الرأي " محمول على أن المراد بالرأي ما يتبادر إلى أذهان عامة الناس، وذلك لأن الدين لا يخالف العقل، وقد ألف الإمام ابن تيمية كتابه العظيم درء تعارض العقل والنقل، وبين فيه وفي غيره من الكتب أن العقل لا يناقض الشرع. ومن أقواله في هذا:
العقل الصريح لا يخالف السمع الصحيح بل يصدقه ويوافقه كما قال تعالى: {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق}، وقال تعالى: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا} (شرح العقيدة الأصفهانية/80)
وقوله: ومن سلك الطرق النبوية السامية علم أن العقل الصريح مطابق للنقل الصحيح (الصفدية1/ 147) وقوله: والمعقول الصريح دائما يوافق ما جاءت به الرسل لم يخالف العقل الصريح شيئا مما جاءت به الرسل وقد بسط هذا في الكتاب المصنف في درء تعارض العقل والنقل. (الصفدية 2/ 326).
النكتة الرابعة والعشرون
قال المؤلف حفظه الله: وإذا أردت أن تعرف حقيقة ذلك فانظر كيف أن اختلاف الصحابة رضي الله عنهم لم يؤد إلى التنازع والتفرق والرمي بالكفر والضلال؛ لأنهم اجتهدوا فيما أمروا به فكانوا محمودين بذلك، تسودهم المحبة والتناصح والأخوة الإيمانية. (فقه الرد/123).
أقول: كان هذا هو الغالب عليهم رضي الله عنهم، لكن لا ينكر أنه وقع بين بعضهم خلاف أدى إلى التنازع والتفرق والقتال كما جرى في الجمل وصفين. والتنبيه على هذا هنا حتى لا يعترض معترض على المؤلف فيتهمه بأنه يقول بعمومات تخالف الواقع. وما جرى من ذلك ليس بقادح في عدالتهم وفضلهم وسابقتهم، فليسوا بمعصومين من الخطأ، وقد اجتهدوا، فمنهم من أصاب، ومنهم من أخطأ، وخطؤه مغفور له إن شاء الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/24)
قال الذهبي:وما زال يمر بي الرجل الثبت، وفيه مقال من لا يعبأ به، ولو فتحنا هذا الباب على نفوسنا لدخل فيه عدة من الصحابة والتابعين والأئمة، فبعض الصحابة كفر بعضهم بتأويلٍ ما، والله يرضى عن الكل ويغفر لهم، فما هم بمعصومين، وما اختلافهم ومحاربتهم بالتي تلينهم عندنا أصلا. وبتكفير الخوارج لهم انحطت رواياتهم بل صار كلام الخوارج والشيعة فيهم جرحا في الطاعنين.
(الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم/23).
وقال أيضا: كلام الأقران إذا تبرهن لنا أنه بهوى وعصبية لا يلتفت إليه بل يطوى ولا يروى كما تقرر عن الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين، وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف وبعضه كذب، وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا، فينبغي طيه وإخفاؤه بل إعدامه لتصفو القلوب وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم، وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء، وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى بشرط أن يستغفر لهم كما علمنا الله تعالى حيث يقول: {والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا} (الحشر:10) فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع منهم، وجهاد محاء، وعبادة ممحصة، ولسنا ممن يغلو في أحد منهم، ولا ندعي فيهم العصمة. نقطع بأن بعضهم أفضل من بعض، ونقطع بأن أبا بكر وعمر أفضل الأمة، ثم تتمة العشرة المشهود لهم بالجنة فأما ما تنقله الرافضة وأهل البدع في كتبهم من ذلك فلا نعرج عليه ولا كرامة فأكثره باطل وكذب وافتراء؛ فدأب الروافض رواية الأباطيل أو رد ما في الصحاح والمسانيد، ومتى إفاقة من به سكران، ثم قد تكلم خلق من التابعين بعضهم في بعض، وتحاربوا، وجرت أمور لا يمكن شرحها، فلا فائدة في بثها ووقع في كتب التواريخ وكتب الجرح والتعديل أمور عجيبة، والعاقل خصم نفسه، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، ولحوم العلماء مسمومة، وما نقل من ذلك لتبيين غلط العالم وكثرة وهمه أو نقص حفظه فليس من هذا النمط بل لتوضيح الحديث الصحيح من الحسن والحسن من الضعيف.
(سير أعلام النبلاء 10/ 93).
النكتة الخامسة والعشرون
عقد المؤلف مبحثا بعنوان " الرد لايعارض الألفة "، ومما قال فيه: وقد عرفت أهمية الرد وفائدته، وبناء على ذلك فإن التجرد من حظوظ النفس لا يجعل من الخلاف مفسدا للود قضية، فإذا فرض أن مقصود كل طرف الوصول إلى الحق؛ فإن الخلاف والرد والمجادلة كل ذلك لا يسوغ قطع حبل المودة بين المؤمنين أو يؤدي إلى التنابذ والتدابر.
ثم نقل عن الإمام ابن تيمية أن العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم كانوا يتناظرون في المسألة مناظرة مشاورة ومناصحة، وربما اختلف قولهم فى المسألة العلمية والعملية مع بقاء الألفة والعصمة وأخوة الدين نعم من خالف الكتاب المستبين والسنة المستفيضة أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافا لا يعذر فيه فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع. (فقه الرد/162 - 164).
أقول: هذا المبحث جاء بعد أبحاث كثيرة وطويلة غلب فيها ذكر أهل البدع والأهواء ومايتعلق بهم حتى يكاد القارئ يشعر بأن المقصود بالمخالف الذي يناظر ويجادل ويرد عليه هم أهل البدع والأهواء، ويؤكد هذا أن المؤلف ذكر في مدخل كتابه في ص 9 أن مقصود كتابه الإجابة عن سؤالات أربعة: هل يسوغ الرد على أهل الأهواء ابتداء؟ ومتى يكون الرد مشروعا؟ ومن المؤهل للرد؟ وما المنهج الصحيح في الرد؟ وذكر المؤلف في ص 32 الخلاف المذموم، وهو خلاف أهل الأهواء والبدع، ثم أتبعه في ص 38 بذكر موقف السلف من أصحاب الخلاف المذموم، وأنه كان موقفا صارما تجلى في مجانبتهم وعدم الإصغاء إليهم أو السماع منهم أصلا، وأطال في ذكر شواهد ذلك من أقوال السلف الصالح في أربع صفحات، ثم ذكر أسباب ذلك الموقف السلفي، ودوره في محاربة البدعة والقضاء عليها في ثلاث عشرة صفحة، ثم ذكر النهي عن مجادلة أهل الأهواء، وماورد من مجادلتهم في أحوال معينة في اثنتي عشرة صفحة، ثم ذكر مباحث متنوعة لا يخلو أكثرها مما له تعلق بأهل البدع وخصالهم وطرقهم، ثم تكلم عن المنهج الكلامي الذي هو عمدة أهل البدع وأطال الكلام في مفاسده
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/25)
والتحذير منه في نحو ثلاثين صفحة، ثم ذكر من يترك الرد عليهم، وذكر أصنافا يجمعهم اتباع الهوى والإعراض عن الحق، وذكر أنهم لايرجعون عن باطلهم غالبا، وذكر مفاسد الرد عليهم، ومثل بأمثلة متعددة كثير منها أو أكثرها لأهل البدع والأهواء واستغرق ذلك أكثر من ثلاثين صفحة، وبعد هذا كله يفاجأ القارئ بمبحث (الرد لايعارض الألفة)، وتكلم فيه المؤلف باختصار دون تفصيل، وأغلب ماذكره فيه هو مايتعلق بالخلاف والردود بين أهل السنة والجماعة في المسائل العلمية، وكان ينبغي أن يذكر المؤلف هذا المبحث في أول الكتاب في ص 30 بعد أن ذكر النوع الأول من أنواع الخلاف، وهو ماكان محتملا لوجود مايبرره، وهو الخلاف المعتبر، فقد ذكر المؤلف هناك مبحثا بعنوان "الأدب المتعين إزاء هذا النوع من الخلاف "، وذكر أنه ينبغي إحسان الظن بالمخالف، ولا يجوز بحال أن يكون الخلاف سببا لتبادل التهم، أو استحلال الأعراض .... إلى آخر ماذكره هناك وهو مرتبط غاية الارتباط بمبحث "الرد لا يعارض الألفة" الذي ذكره في 162، ففصله عنه وتأخيره بعد أبحاث كثيرة كان أكثر الحديث فيها عن أهل البدع والأهواء يجعل القارئ يشعر أن المقصود من ذلك الألفة بين أهل السنة وأهل البدع والأهواء، والألفة بين المسلمين والكفار لأن المؤلف ذكر في ص 159أن الرد والجدال والمناظرة يكون مع غير المسلمين لدعوتهم إلى الإسلام، فهل هناك ألفة ومحبة للكفار؟!
وهذا غير مراد، لكن المؤلف لم ينبه عليه سوى ماجاء في آخر كلمة الإمام ابن تيمية، والتي خلا منها المختصر الذي اختصر المؤلف فيه كتابه، وهذا التنبيه لا بد منه، فالألفة والمحبة بين أهل السنة وأهل البدع ليست مطلقة، فإن كانت بدعتهم لم تخرجهم من الإسلام فإنهم يحبون لإسلامهم ويبغضون لبدعتهم، وإن كانوا قد خرجوا ببدعتهم من الإسلام فلا ألفة، وأما الكفار فلا ولاء لهم مطلقا، كما هو معروف في أبواب الولاء والبراء، وكما ذكره المؤلف في حديثه عن تعليل مجانبة السلف للمبتدعة في ص 42، فكان ينبغي أن ينبه على هذه المسألة في حديثه عن الألفة هنا.
وهذا آخر ما اتسع وقتي للتعليق عليه، ولم أقصد الاستقصاء، فأسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن ينفع بهذه النكت والتعليقات كاتبها وقارئها، وأن يجعلها حجة لي لا حجة علي، وأن يجزي أخي الشيخ الدكتور خالد السبت خير الجزاء، {رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين}.
وكتبه حامدا ومصليا ومسلما
د/بسام بن عبدالله بن صالح بن غانم بن صالح العطاوي فجر الأربعاء 26/ 8/1429هـ، في حي العمامرة في الدمام حرسها الله وبلاد المسلمين من كل سوء.
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[28 - 08 - 08, 12:58 ص]ـ
(معذرة فقد تطفلت ونقلت الموضوع من الوورد إلى صفحات الملتقى حتى يستفيد من يعجز عن التحميل وأيضا حتى إذا أراد أحد الإخوة السؤال عن التعليق يكون هذا موضعه)
ـ[أبو محمد]ــــــــ[28 - 08 - 08, 04:00 ص]ـ
بدأت بقراءة هذا الرد فلم أستطع أن أقف قبل إتمامه ..
فجزاك الله خيرا يا دكتور بسام فقد أمتعتنا بهذه النكت اللطاف، والفوائد المبتكرة، والتنبيهات السديدة، والأدب الرفيع ..
ومن أحسن ما أعجبني في هذه الرسالة القيمة أن الدكتور بساما استطاع أن يمسك العصا من المنتصف -كما يقال- في هذه المسألة المهمة؛ أعني مسألة الرد، والموقف من المخالف؛ فقد أفاد فيها وأجاد.
فشكر الله سعيك يا شيخ بسام، وأجزل ثوابك ..
وأرجو من فضيلتك تأمل هذه الأمور التي لاحت لي:
- رأيتك -سددك الله- كررت الاعتماد على الذهبي رحمه الله في تزكية بعض من تلبس بشيء من البدع، أو وقع في شيء من المخالفة .. ولا يخفى على كريم علمك أن الذهبي رحمه الله عنده تساهل في المدح والثناء على كثير من أهل البدع والمخالفة .. وقد وقع فيما نُقل خلع أوصاف رفيعة على بعض من غاية الأمر في شأنهم أن يُلتمس لهم العذر، أو يُسكت عن القدح فيهم.
أقول هذا لما رأيته من تحريك للدقة فيما تكتب .. وفقك الله.
- أطلقت -سلمك الله- أن ابن عباس كان يرى جواز نكاح المتعة، وفي هذه المسألة تحقيق لا يخفاك، فليتك أشرت إلى ذلك، أو استعملت أسلوبا أدق.
- اعترضت -وفقك الله- على قول المؤلف: (فانظر كيف أن اختلاف الصحابة رضي الله عنهم لم يؤد إلى التنازع والتفرق والرمي بالكفر والضلال). أقول: اعترضت على هذه الجملة بقولك: (كان هذا هو الغالب عليهم رضي الله عنهم، لكن لا ينكر أنه وقع بين بعضهم خلاف أدى إلى التنازع والتفرق والقتال).
وأرى -والله أعلم- أن الاعتراض ليس بوجيه في هذا الموضع؛ فالشيء الذي وقع بينهم وأشرت إليه شيء نادر من حيث الوقوع، ثم إنه وقع بين قلة قليلة من الصحابة، وأما بالنظر إلى عامتهم، وإلى عموم أحوالهم فهم على الوصف الذي ذكره المؤلف، وإذا كان الأمر كذلك فلا يُمنع من إطلاق هذا الوصف الذي ذكره المؤلف في السياق الذي أورده فيه.
ولو تتبعت يا رعاك الله صنيع أهل العلم لوجدتهم في مواضع كثيرة يطلقون كما أطلق، ولم يكونوا يدققون هذا التدقيق ويوردون هذا الاستدراك في كل مناسبة.
- تعجبت -يا رعاك الله- من تمثيلك بمسألة رضاعة الكبير ص19 - ولست أعني التفاصيل والملابسات المصاحبة لفتوى ذاك الأزهري؛ وإنما أعني المسألة من حيث هي- مع إقرارك بكونها مسألة اجتهادية.
المقصود: ليتك مثلت بمثال أحسن منه ولا مغمز فيه.
- أخالفك في قولك في المقدمة عن تعليقاتك -وأنت الدقيق في عباراتك-: إنها (لا تغض من قيمة الكتاب)، وأرى أن التواضع وهضم الذات لا ينبغي أن يجعلنا نخالف الواقع.
وإني لأتمنى أن يراجع الدكتور خالد -وفقه الله- هذه الملحوظات ليفيد منها في إصلاح الكتاب، ولا إخاله إلا فاعلا إن شاء الله.
كما أرجو أن يوفقك الله -أخي الكريم- إلى مزيد من هذه الأبحاث النافعة، والنظرات القيمة؛ فلا تبخل على نفسك بالأجر، ولا على إخوانك المسلمين بالإفادة.
أخيرا .. الإحالة ص16 إلى كتاب مسائل الكوسج: كانت على أي طبعة؟ فقد راجعت النسخة التي لدي -وهي نسخة الجامعة الإسلامية- فلم تكن موافقة، فأرجو الإفادة عن الموضع من حيث الموضوع .. جزاك الله خيرا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/26)
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[28 - 08 - 08, 04:12 ص]ـ
كلام الدكتور بسام حفظه الله متين مفيد جدا، جزاه الله خيرا كثيرا، وجزى الله الشيخ خالد السبت خيرا، ولم أطلع على كتاب الشيخ السبت، وحبذا لو وضعه بعض الأخوة حتى تتم الفائدة.
ـ[أنس الرشيد]ــــــــ[28 - 08 - 08, 09:38 ص]ـ
ما شاء الله تبارك الله
حفظ الله الشيخ الدكتور خالد السبت
وجزاكم الله خيرا ً على هذه الفوائد ..
درر والله درر ..
محبكم وأخوكم الصغير
أنس الرشيد
ـ[أبومحمد والبراء]ــــــــ[28 - 08 - 08, 01:57 م]ـ
نكت مفيدة وجميلة فقد أجدت وأفدت
فجزاك الله خيرا
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[08 - 09 - 08, 06:46 م]ـ
ماذا كان جواب د. خالد السبت حينما سألته عن
(النكت على فقه الرد)؟
ذكر الشيخ خالد جملة من الأمور يمكن أن أُوْرِد حاصلها في النقاط الآتية:
1. شَكَرَ الدكتور بسام على حِرْصِه ونُصْحِه وما بذل من جهد لنفع المؤلف وغيره من طلاب العلم، فهو عمل مشكور يؤجر عليه إن شاء الله.
2. ذكر أن فكرة تأليف الكتاب لم تكن ناتجة عن رغبة في التأليف أو التكثُّر بالكُتُب أو طلب عَرَض من الدنيا؛ فإنه لم يأخذ على ذلك شيئا، حتى النسخ المَخصَّصة له تنازل عنها من أجل أن ينزل سعر الكتاب. وإنما ذلك, كان بناءً على طلب من بعض المشايخ نظراً لما وُجِد في الآونة الأخيرة من فوضى عارمة في بعض القنوات الفضائية أو المواقع الإلكترونية، فتصدر للرد من ليس بأهل.
3. لم يكن هناك تسرُّع في إخراج الكتاب، حيث ذكر أنه قد تتبع كلام أهل العلم في هذا الباب قديماً في حدود سنة 1404هـ، ثم مرة ثانية في حدود سنة 1412هـ، ثم بدأ بتأليف الكتاب سنة 1419هـ حتى سنة 1424هـ. وكان بعض المشايخ وطلاب العلم يلومه على تأخره في إخراجه ويرى أن ذلك قد يكون من المبالغة في التحري.
4. ذكر أنه تم عرض الكتاب قبل طباعته على جمع كثير من أهل العلم، منهم:
1 - د. عابد السفياني.
2 - د. عبدالله الدميجي.
3 - د. محمد بن مطر الزهراني (رحمه الله).
4 - الشيخ علوي السقاف.
5 - د. محمد الجيزاني.
6 - د. عبدالرحمن المحمود.
7 - الشيخ سلطان العويد.
8 - د. بسام الغانم.
9 - د. عبدالعزيز قارئ.
10 - د. عبدالعزيز العبداللطيف.
وغير هؤلاء، ثم إن دار المصادر لديها لجنة علمية يقوم عليها بعض هؤلاء المشايخ، وقد أقرته اللجنة، ورغبوا أن يكون أول إصدارات الدار.
ولم يذكر أحد منهم هذه الملحوظات – وقد تكون فاتتهم – لكن الدكتور بسام حفظه الله ورعاه كان من الذين عُرض عليهم الكتاب، وكتب ملحوظاته، يقول د. خالد بأنه قرأها مرات متعددة قبل الشروع في طباعة الكتاب، واستفاد من بعضها، واحتفظ بهذه الملحوظات لينظر فيها حيناً بعد حين، لكنه لا يتفق مع الدكتور بسام في جملة من الملحوظات – وهي عامة التي في النكت -.
5. كان المُقترح أن يكون اسم الكتاب: منهج أهل السنة والجماعة في الرد على المخالف.
يقول الدكتور خالد، لكني لم أرغب بهذا العنوان لئلا أقع في خطأ في الفهم وأنسبه إلى أهل السنة، فأسميته (فقه الرد على المخالف).
6. ذكر الدكتور خالد أنه ليس بصدد الكلام على التفاصيل، لكن ذكر بعض الأمور موجزة، مثل:
أ - من عادته حينما يكتب أن يستقصي قدر الإمكان في تتبع المسألة التي يكتب فيها، كما يحرص على نفع القارئ قدر الإمكان فيحيله إلى من تطرق إلى هذه الجزئية، وذلك لا يعني أن ما ذُكر هناك يكفي عما أورده. وكان بالإمكان الاستغناء عن هذا.
ب - من الواضح في أول الكتاب وفي ثناياه أن المقصود بالرد ما هو أوسع من المجادلة أو المناظرة. وإنما ما يتبادر من إطلاق هذه العبارة، وذلك بالكتابة أو المشافهة، وهذا الذي جاء الكتاب لبيانه، وهو سبب تأليفه، فتجد الكلام فيه على حكم الرد، ومتى نرد، ومن المؤهل للرد، وكيف نرد.
وليس المقصود الرد بالسكوت أو بعراجين عمر رضي الله عنه، أو بالقتل، أو الزجر.
ت - أن المردود عليه أو المخالف لا يلزم أن يكون من أهل الأهواء، وهذا مذكور في أنواع أصحاب المخالفات وفي أنواع المخالفات، فقد يكون من أهل السنة لكنه وقع في خطأ، ومن هنا ذكر أن الرد يعارض الأُلفة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/27)
ث - قد تُذكر بعض الآثار عن السلف أو مواقفهم لبيان أصل المسألة، كتفريقهم بين الأحوال أو الأمكنة أو الأشخاص، فتُذكر من أجل هذا، وإن كان الأثر المعين قد لا يرتبط بموضوع الرد بخصوصه.
ج - وهكذا حين يُذكر موقف بعض المتقدمين كالإمام أحمد، ثم موقف بعض من جاء بعدهم كشيخ الإسلام، فإن ذلك يُذكر لتقرير مراعاتهم الأحوال، والمصالح والمفاسد، فكلهم أهل سنة، وليس بلازم أن يكون الموقف المعين لواحد بعينه كان له فيه مسلك ثم المسلك تغير.
ح - ذكر أن الدكتور بسام أشاد بكتابين في الموضوع، أما الدكتور خالد فذكر أنه قرأهما، أما أحدهما فقرأه قبل أن يطبع عام 1413هـ لكن له وجهة نظر أُخرى في الكتابين.
إلى غير ذلك مما ذكر.
يقول الدكتور خالد: بأنه مطمئن بأن ما ينفع الناس فسيمكث في الأرض، فإن كان الكتاب كذلك فسيبقى، وأما إن كان غير ذلك فسيذهب ويضمحل لأن الله يقول {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً} [الرعد:17] كما نشاهد كثيراً من الكتب التي تخرجها المطابع.
وأشار إلى أنه ودَّ لو أنه طبع النكت مفرقة في مواضعها في كتابه فقه الرد من أجل أن يستفيد القارئ من هذه الملحوظات فقد يكون الحق في شيء منها فلا يفوت على القارئ.
وقال: لا أزعم أن كل ما كتبته صحيح، بل تختلف وجهات النظر فالإنسان يغير رأيه حيناً بعد حين.
كما لم يُرد تدبيج الكتاب بالمقدمات التي تطريه لئلا يَتَكَثََّر بالثناء، وإنما العبرة بالمحتوى والمادة والنية.
نماذج ومقتطفات من خطابات بعض المشايخ بعد قراءتهم الكتاب (قبل طبعه):
بسم الله الرحمن الرحيم
المكرم/ د. خالد السبت حفظه الله ورعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد سعدت بالكتاب الفذ (فقه الرد) وكم طربت فرحاً باكتماله، وهو كتاب فريد في بابه، نافع في موضوعه، عال في أسلوبه، ناضج في فكره، متين في مضمونه.
وإذا كان لابد من الاستدراك والتنبيه فما عندي سوى وجهات نظر تتعلق بالناحية المنهجية البحثية ... الخ.
من أخيكم ومحبكم: محمد بن حسين الجيزاني
22/ 04/1426هـ
~~~~~~~~~~~
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الأخ أبي عبدالرحمن حفظه الله ورعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فهذه بعض الملحوظات التي وقفت عليها في النسخة التي أرسلتها إليَّ من كتابكم
(فقه الرد) .....
اقترح أكثر من قرأ الكتاب أو اطلع على هذا البحث أن يكون له طبعتان:
الأولى: هذه كما هي، وهي مفيدة وقوية، ونسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتك يوم تلقاه.
الثانية: مختصرة منها في رسالة صغيرة تصلح لعامة المثقفين غير المختصين.
أبو ياسر
د. محمد بن مطر الزهراني
(رحمه الله)
~~~~~~~~~~~
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الأخ الفاضل .................... سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فقد أكرمتني بقراءة كتاب " فقه الرد" لأخينا الشيخ الكريم أبي عبدالرحمن خالد بن عثمان السبت سدده الله ...
لقد انتفعت بهذا الكتاب، فاستفدت من غزارة معلوماته، وجودة ترتيبه، وحُسن عرضه، فجزى الله شيخنا كل خير على هذا الكتاب الماتع.
أخي ...... ليس عندي ملحوظات ذات بال .. لكني أقترح ......... الخ.
جزى الله أبا عبدالرحمن كل خير على كتابه فقه الرد وجعله في ميزان حسناته.
ملحوظة: حبذا أن يكون عنوان الكتاب أكثر حيوية وتشويقاً .. فغالب الكتب المعاصرة تكون عناوينها دون مضمونها .. بعكس الكتاب الذي بين أيدينا.
عبدالعزيز آل عبداللطيف
~~~~~~~~~~~
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الشيخ الفاضل الأخ العزيز / خالد السبت وفقه الله وسدده
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
1 - فأسأل الله تعالى أن يثيبكم على هذا السفر النفيس، والجمع الطيب المركز.
2 - دونت بعض الملاحظات التي هي من قبيل وجهة نظر فقط، وأنتم تتأملون ذلك وفقكم الله وأثابكم.
3 - هناك ملحوظة واقتراح:
* أما الملحوظة: فكثرة تداخل الفقرات وأقترح التقسيم إلى فصول ومطالب ومباحث –ونحوها- لتمييز بعضها عن بعض.
* أما الاقتراح فمن شقين:
أحدهما: إدخال الحواشي المشتملة على النصوص والروايات والآثار – إلى صلب البحث. حتى يكون بحثاً مطولاً متناسقاً في أفكاره ودلائله – ويطبع-.
والثاني: أن يختصر منه كتاب يحتوي على زبدة يسهل تداولها وقراءتها.
وفقكم الله وأعانكم ومعذرة للتأخر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم
عبدالرحمن المحمود
04/ 11/1426هـ
ـ[مالك النجدي]ــــــــ[20 - 10 - 09, 06:04 م]ـ
ما أجمل أن تتسع صدورنا للنقاش العلمي(101/28)
هنا أخبار ترائي هلال رمضان لعام 1429 هـ
ـ[صالح العقل]ــــــــ[28 - 08 - 08, 01:57 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
وبعد:
هنا أخبار ترائي هلال رمضان لعام 1429 هـ
أسأل الله تعالى أن يبلغنا إياه وإياكم، على أحسن حال، إنه سميع مجيب.
وسأحرص إن شاء الله تعالى على تتبع أخبار رؤية هلال رمضان، ممن هم حولي، من الإخوة الإفاضل،
وآمل أن يشارك الجميع بأخبار "" الرؤية "".
وفق الله الجميع لكل خير،،،،،
ـ[صالح العقل]ــــــــ[28 - 08 - 08, 03:37 م]ـ
تحري هلال رمضان مساء السبت االقادم.
دعا مجلس القضاء الأعلى عموم المسلمين في المملكة العربية السعودية إلى تحري رؤية هلال شهر رمضان المبارك مساء يوم السبت الموافق 29 - 8 - 1429هـ ليلة الأحد الموافق 30 - 8 - 1429 هـ حسب تقويم أم القرى.
جاء ذلك في إعلان أصدره المجلس فيما يلي نصه:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .. وبعد:
فإن مجلس القضاء الأعلى في المملكة العربية السعودية يرغب من عموم المسلمين في هذه البلاد تحري رؤية هلال شهر رمضان المبارك مساء يوم السبت الموافق 29 - 8 - 1429هـ ليلة الأحد الموافق 30 - 8 - 1429 هـ حسب تقويم أم القرى.
ويرجو المجلس ممن يراه إبلاغ أقرب محكمة إليه، وتسجيل شهادته لديها، أو إبلاغ الجهة التابعة لإمارة المنطقة في بلده إذا لم يكن في البلد قاض لتسهل له مهمة الوصول لأقرب محكمة.
كما يرجو المجلس الاهتمام بترائي الهلال والاحتساب في ذلك لما فيه من التعاون على البر والتقوى.
والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـ[صالح العقل]ــــــــ[28 - 08 - 08, 03:38 م]ـ
لفلكيون يختلفون حول رمضان .. والقضاء يحسم الجدل مساء السبت
«الجزيرة» - سلطان المواش - سلمان السلمان
تباينت آراء الفلكيين حول دخول شهر رمضان المبارك، فمنهم من حدده بيوم (الأحد) ومنهم من أكد أنه يوم الاثنين هو أول أيام الشهر الفضيل، ويبقى إعلان المجلس الأعلى للقضاء هو (الفيصل) في هذا الموضوع والذي دعا إلى تحري رؤية الشهر مساء السبت القادم .. فمن جانبه رجح الباحث الفلكي عبدالعزيز الشمري احتمالية ثبوت الرؤية مساء السبت، والتالي يكون يوم الأحد هو الأول من رمضان، مؤكدا أن دخول رمضان لهذا سيكون على مدى ثلاثة أيام في عدد من البلدان العربية، ابتداء من يوم الأحد .. ويؤكد الباحث الفلكي محمد الروضان الشايعي أن يوم الاثنين القادم هو أول أيام رمضان في المملكة تحديدا بينما يحل الشهر يوم الأحد في بعض البلدان الإسلامية التي لا تشترط رؤية الهلال.
http://www.al-jazirah.com/90082/lp2d.htm
ـ[الكاتب عبدالله]ــــــــ[28 - 08 - 08, 07:32 م]ـ
هل يجب ترائي الهلال؟
هل يجب على الناس ترائي هلال رمضان؟.
الحمد لله
ذهب جماعة من العلماء إلى أن تعهد رؤية هلال رمضان أول ليلة، واجب على الكفاية، فلو تركه جميع الناس أثموا، وهو قول الحنفية.
واكتفى بعض الفقهاء بالقول باستحباب ترائي الهلال.
قال في "مجمع الأنهار" (1/ 238): " ويجب على الناس وجوب كفاية التماس الهلال في التاسع والعشرين من شعبان ومن رمضان، وكذا ذو القعدة ; ويجب على الحاكم أن يأمر الناس بذلك " باختصار.
وقال في "الفتاوى الهندية" (1/ 197): " يجب أن يلتمس الناس الهلال في التاسع والعشرين من شعبان وقت الغروب فإن رأوه صاموه , وإن غم أكملوه ثلاثين يوما " انتهى.
وينظر: فتح القدير (2/ 313)
وقال في "كشاف القناع" (2/ 300): " (ويستحب للناس ليلة الثلاثين من شعبان أن يتراءوا هلال رمضان)
"ويستحب ترائي الهلال احتياطا للصوم، وحذرا من الاختلاف، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحفظ في شعبان، ما لا يتحفظ في غيره ثم يصوم لرؤية رمضان) رواه الدارقطني بإسناد صحيح.
وعن أبي هريرة مرفوعا: (أحصوا هلال شعبان لرمضان) رواه الترمذي " انتهى.
وحديث (أحصوا هلال شعبان ... ) حسنه الألباني في صحيح الترمذي (678).
قال في "تحفة الأحوذي": "قال ابن حجر: أي اجتهدوا في إحصائه وضبطه بأن تتحروا مطالعه وتتراءوا منازله لأجل أن تكونوا على بصيرة في إدراك هلال رمضان على حقيقة حتى لا يفوتكم منه شيء " انتهى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/29)
وفي "الموسوعة الفقهية" (22/ 23): " رؤية الهلال أمر يقتضيه ارتباط توقيت بعض العبادات بها , فيشرع للمسلمين أن يجدوا في طلبها ويتأكد ذلك في ليلة الثلاثين من شعبان لمعرفة دخول رمضان , وليلة الثلاثين من رمضان لمعرفة نهايته ودخول شوال , وليلة الثلاثين من ذي القعدة لمعرفة ابتداء ذي الحجة. فهذه الأشهر الثلاثة يتعلق بها ركنان من أركان الإسلام هما الصيام والحج , ولتحديد عيد الفطر وعيد الأضحى.
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على طلب الرؤية , فعن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته , فإن غمي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين). وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الشهر تسع وعشرون ليلة , فلا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين). أوجب الحديث الأول صيام شهر رمضان برؤية هلاله أو بإكمال شعبان ثلاثين , وأمر بالإفطار لرؤية هلال شوال , أو بإتمام رمضان ثلاثين. ونهى الحديث الثاني عن صوم رمضان قبل رؤية هلاله أو قبل إتمام شعبان في حالة الصحو.
وورد عنه صلى الله عليه وسلم حديث فيه أمر بالاعتناء بهلال شعبان لأجل رمضان قال: (أحصوا هلال شعبان لرمضان)، وحديث يبين اعتناءه بشهر شعبان لضبط دخول رمضان , عن عائشة رضي الله عنها (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره , ثم يصوم لرؤية رمضان فإن غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام).
قال الشراح: أي: يتكلف في عد أيام شعبان للمحافظة على صوم رمضان. وقد اهتم الصحابة رضي الله عنهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم برؤية هلال رمضان فكانوا يتراءونه. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: (تراءى الناس الهلال فأخبرت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فصام وأمر الناس بصيامه). وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا مع عمر بين مكة والمدينة , فتراءينا الهلال , وكنت رجلا حديد البصر فرأيته , وليس أحد يزعم أنه رآه غيري. قال: فجعلت أقول لعمر: أما تراه؟ فجعل لا يراه.
وقد أوجب الحنفية كفاية التماس رؤية هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان فإن رأوه صاموا , وإلا أكملوا العدة ثم صاموا ; لأن ما لا يحصل الواجب إلا به فهو واجب.
وقال الحنابلة: يستحب ترائي الهلال احتياطا للصوم وحذارا من الاختلاف. ولم نجد للمالكية والشافعية تصريحا بهذه المسألة " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل يأثم المسلمون جميعا إذا لم يتراء أحد منهم هلال رمضان دخولا أو خروجا؟
فأجاب: " ترائي هلال رمضان أو هلال شوال أمر معهود في عهد الصحابة رضي الله عنهم؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: (تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصامه وأمر الناس بصيامه).
ولا شك أن هدي الصحابة رضي الله عنهم أكمل الهدي وأتمه " انتهى من "48 سؤالا في الصوم" سؤال رقم 21.
والذي يظهر أن ترائي هلال رمضان وشوال وذي الحجة واجب على الكفاية، لأنه يتعلق بذلك ركنان من أركان الإسلام: الصوم والحج.
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب.
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[28 - 08 - 08, 10:00 م]ـ
بسم الله والصلاة على رسول الله ......
يوم 29 شعبان يختلف حسب التقاويم المعتمدة لكل دولة:
فتقويم أم القرى، كما ذكر الأخوة أعلاه، فيه أن 29 شعبان سيوافق يوم السبت القادم ....
وعليه ستجري المراقبة مساء السبت ومن المحتمل أن يكون يوم الأحد أول أيام الشهر الفضيل ..
بينما تقاويم بعض الدو ل المجاورة يشير إلى أن يوم 29 شعبان سيوافق يوم الأحد ومساءه ستجري المراقبة، أي يستحيل أن يكون الأحد أول أيام رمضان
على حسابهم هذا!!!!
فلا ندري على ماذا تقوم هذه التقاويم!! أعلى الحسابات الفلكية؟؟ وكان ينبغي مراقبة هلال شهر شعبان لذلك .....
لأنه يستحيل أن يدخل رمضان في بلد بينما البلد ألآخر يبعد عنه أقل من كيلو متر، لا يصومون (مع العلم بدخوله على الجانب الآخر) وذلك لأنهم ينتمون لكيان سياسي آخر ...
فأقو ل الحدود السياسية لا تمنع رمضان من الدخول!! ولا يمكن مع العلم بدخوله في البلاد القريبة تنزيل حديث كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما على واقع المسلمين هذه الأيام ..... لوجود وسائل الأتصال الموثوقة!!!
أما مع عدم العلم، فلكل بلد رؤيته! ولو لم يكن ذلك لبقي شك في صوم كل مسلم، لأنه لو ثبت أنه رؤي في خراسان رمضان قبل 10 سنوات قبل ما صمنا هنا في الشام بيوم، لبقي علينا يوم قضاء والله أعلم (كما شرح المسألة الأمام ابن عبد البر في التمهيد) والله أعلم والله الموفق .......
ـ[صالح العقل]ــــــــ[29 - 08 - 08, 10:10 م]ـ
مجلس القضاء الأعلى يدعو إلى تحري رؤية هلال رمضان مساء غد
الرياض - واس:
دعا مجلس القضاء الأعلى عموم المسلمين في المملكة العربية السعودية إلى تحري رؤية هلال شهر رمضان المبارك مساء يوم غد السبت الموافق 1429/ 8/29ه ليلة الأحد الموافق 1429/ 8/30ه حسب تقويم أم القرى. جاء ذلك في إعلان أصدره المجلس في مايلي نصه:
"الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد، فإن مجلس القضاء الأعلى في المملكة العربية السعودية يرغب من عموم المسلمين في هذه البلاد تحري رؤية هلال شهر رمضان المبارك مساء يوم السبت الموافق 1429/ 8/29ه ليلة الأحد الموافق 1429/ 8/30ه حسب تقويم أم القرى. ويرجو المجلس ممن يراه إبلاغ أقرب محكمة إليه وتسجيل شهادته لديها أو إبلاغ الجهة التابعة لإمارة المنطقة في بلده إذا لم يكن في البلد قاض لتسهل له مهمة الوصول لأقرب محكمة. كما يرجو المجلس الاهتمام بترائي الهلال والاحتساب في ذلك لما فيه من التعاون على البر والتقوى. والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/30)
ـ[صالح العقل]ــــــــ[29 - 08 - 08, 10:26 م]ـ
الكاتب عبدالله
أبو عامر الصقر.
أثابكما الله، ونفع بكما، وبلغنا وإياكما رمضان على أحسن حال.
ـ[عبد الجبار]ــــــــ[30 - 08 - 08, 07:27 م]ـ
السلام عليكم لقد غربت الشمس في شرق الجزيرة منذ 30 دقيقة تقريبا فهل من خبر عن الهلال
ـ[صالح العقل]ــــــــ[30 - 08 - 08, 07:34 م]ـ
جار الاتصال مع الإخوة.
ـ[عبد الجبار]ــــــــ[30 - 08 - 08, 07:36 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[صالح العقل]ــــــــ[30 - 08 - 08, 07:59 م]ـ
حسب لجان ترائي الهلال أفادت أكثر اللجان أن الهلال لم ير.
ـ[صالح العقل]ــــــــ[30 - 08 - 08, 07:59 م]ـ
لجنة ترائي الهلال في سدير، لم يرو الهلال.
ـ[صالح العقل]ــــــــ[30 - 08 - 08, 08:01 م]ـ
وفي انتظار إفادات اللجان الأخرى.
ـ[أبو خباب المكى]ــــــــ[30 - 08 - 08, 08:14 م]ـ
من الساحة
أبو لُجين إبراهيم 30 - 8 - 2008 19:21
لم يثبت حتى الآن رؤية هلال شهر رمضان المبارك في المناطق التي اشتهرت بذلك .. كذلك في منطقة سدير وشقراء والغاط والمناطق المجاورة لها لم يثبت شيء .. ولذا والله أعلم أن غدا هو المكمل لشهر شعبان ورمضان سيكون يوم الاثنين بمشيئة الله تعالى وفي انتظار الإعلان الرسمي من مجلس القضاء الأعلى.
ـ[صالح العقل]ــــــــ[30 - 08 - 08, 08:17 م]ـ
من الساحة
أبو لُجين إبراهيم 30 - 8 - 2008 19:21
لم يثبت حتى الآن رؤية هلال شهر رمضان المبارك في المناطق التي اشتهرت بذلك .. كذلك في منطقة سدير وشقراء والغاط والمناطق المجاورة لها لم يثبت شيء .. ولذا والله أعلم أن غدا هو المكمل لشهر شعبان ورمضان سيكون يوم الاثنين بمشيئة الله تعالى وفي انتظار الإعلان الرسمي من مجلس القضاء الأعلى.
هذا محتمل جدا.
إلى الآن لم يصل أخبار جديدة حول الرؤية.
ـ[راجح]ــــــــ[30 - 08 - 08, 08:17 م]ـ
أعلنت ليبيا أن يوم الأحد هو أول أيام رمضان
واليمن يوم الأثنين
ـ[عبد الجبار]ــــــــ[30 - 08 - 08, 08:22 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو خباب المكى]ــــــــ[30 - 08 - 08, 08:29 م]ـ
ماذا عن مصر؟
ـ[صالح العقل]ــــــــ[30 - 08 - 08, 08:34 م]ـ
الأجواء في كثير من مدن المملكة ليست صافية؛ وبالتالي فالمرجح: عدم تسجيل رؤية للهلال.
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 08:39 م]ـ
صحيفة سبق جازمة بأن الإثنين أول أيام رمضان.
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 08:43 م]ـ
واليوم كنت على سفر من المنطقة الشرقية إلى الرياض ثم القصيم ثم حائل والجو طول الطريق رياح وغبار وقتام.
ـ[راجح]ــــــــ[30 - 08 - 08, 09:04 م]ـ
السعودية: يوم الأحد متم شعبان
بحسب الجزيرة مباشر
ـ[صالح العقل]ــــــــ[30 - 08 - 08, 09:16 م]ـ
أعلنت عدة مصادر غير رسمية: أن غداً الأحد هو المتمم للثلاثين من شهر شعبان.
بالنسبة للمملكة العربية السعودية.
ـ[محمد سعيد]ــــــــ[30 - 08 - 08, 09:29 م]ـ
مصر:
أعلنت دار الإفتاء المصرية أن الأحد هو المتمم لشهر شعبان
http://www.dar-alifta.org/ViewStatement.aspx?ID=65&LangID=1
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[30 - 08 - 08, 09:34 م]ـ
عام / غدا المكمل لشهر شعبان / بيان من الديوان الملكي
جدة 29 شعبان 1429هـ الموافق 30 أغسطس 2008م واس
جاءنا من الديوان الملكي البيان التالي ..
// بيان من الديوان الملكي //
صدر عن مجلس القضاء الأعلى ما يلي ..
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد ..
فقد عقد مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة جلسة بعد مغرب هذا اليوم السبت التاسع والعشرين من شهر شعبان متحرياً ما قد يرد عن رؤية هلال شهر رمضان المبارك ولم يرد ما يثبت رؤيته هذه الليلة ليلة الأحد المكمل للثلاثين من شهر شعبان عام 1429هـ الموافق 31 أغسطس 2008م. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم // صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة // وقال عليه الصلاة والسلام في اللفظ الآخر // لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوماً // ولعدم ثبوت رؤية الهلال هذه الليلة فإن يوم غد الأحد هو المكمل للثلاثين من شهر شعبان ويوم الإثنين الموافق 1 سبتمبر – إيلول - هو أول أيام شهر رمضان المبارك.
ومجلس القضاء الأعلى إذ يهنئ المسلمين بهذه المناسبة يسأل الله جل وعلا أن يوفق المسلمين في كل مكان للعمل الصالح وأن يجمع كلمتهم على الحق وأن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يحقق للأمة الإسلامية كل عز ورفعة إنه سميع مجيب وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة
عضو عضو عضو
ناصر بن إبراهيم الحبيب غيهب بن محمد الغيهب محمد بن عبدالله بن الأمير
عضو رئيس المجلس
محمد بن سليمان البدر صالح بن محمد اللحيدان
// انتهى // 2027 ت م
http://www.spa.gov.sa/details.php?id=586107
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/31)
ـ[سليمان إبراهيم الأسعدي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 09:40 م]ـ
اللهم بلغنا رمضان وأعنا على ذكرك وحسن عبادتك
ـ[صالح العقل]ــــــــ[30 - 08 - 08, 09:53 م]ـ
اللهم بلغنا رمضان وأعنا على ذكرك وحسن عبادتك
آمين يار ب العالمين.
ـ[الكاتب عبدالله]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:00 م]ـ
نسأل الله تعالى أن يبغلنا وإياكم شهر رمضان، وأن يعيننا فيه على الصيام والقيام، وأن يجعلنا ممن صامه، وقامه إيمانا واحتسابا.
وأن يعيده علينا وعلى إخواننا المسلمين في أحسن حال.
ـ[شكري محمود]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:02 م]ـ
نسأل الله تعالى أن يبغلنا وإياكم شهر رمضان، وأن يعيننا فيه على الصيام والقيام، وأن يجعلنا ممن صامه، وقامه إيمانا واحتسابا.
وأن يعيده علينا وعلى إخواننا المسلمين في أحسن حال.
آمين.
ـ[الخبوبي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:06 م]ـ
نسأل الله تعالى أن يبغلنا وإياكم شهر رمضان، وأن يعيننا فيه على الصيام والقيام، وأن يجعلنا ممن صامه، وقامه إيمانا واحتسابا.
وأن يعيده علينا وعلى إخواننا المسلمين في أحسن حال.
اللهم آمين وإياكم، وجميع إخواننا المسلمين.
ـ[مثنى الفلاحي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:09 م]ـ
هيئة علماء المسلمين في العراق أعلنت كذلك أن يوم الأحد هو المتمم لشهر شعبان وأن رمضان يبدأ بإذن الله يوم الاثنين،،،،
تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وقراءة القرآن،،،، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ...
ـ[صالح العقل]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:11 م]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع بكم.
الاثنين أول أيام رمضان بالسعودية ومصر واليمن
الإسلام اليوم / الرياض
29/ 8/1429 9:8 م
30/ 08/2008
أعلنت المملكة العربية السعودية ومصر وقطر واليمن وهيئة علماء المسلمن في العراق مساء اليوم السبت، أن غدًا الأحد هو المتمم لشهر شعبان المبارك، وبذلك يكون بعد غد الاثنين هو أول أيام شهر رمضان المبارك.
كما أعلنت البوسنة والهرسك وكرواتيا والجبل الأسود وسلوفينيا ورومانيا وصربيا ومقدونيا وكوسوفا والفلبين وكندا والولايات المتحدة والمكسيك وروسيا وتركيا ومعظم دول أوروبا الغربية ومنها فرنسا وهولندا وبلجيكا أن شهر رمضان يبدأ بعد غد الإثنين.
ويستطلع هلال رمضان اليوم السبت كل من فلسطين وموريتانيا، وتونس، ولبنان (السُّنة)، والإمارات، والبحرين، وسوريا، وجزر القمر، والكويت، وليبيا، إضافة إلى دول غانا، ونيجيريا، وإثيوبيا وأوغندا.
وكانت هيئة كبار العلماء، أرفع جهة تشريعية في السعودية، قد رفضت اعتماد المملكة الحسابات الفلكية في اعتماد بدايات الأشهر القمرية، وأصدرت فتوى بأن شهادة الشهود هي أساس إثبات بداية الشهر، داعية المواطنين لتحري رؤية الهلال مساء السبت.
ـ[صالح العقل]ــــــــ[31 - 08 - 08, 12:45 ص]ـ
ختصرالأخبار2547 السبت 29/ 08/1429 الموافق 30/ 08/2008
عرض الأخبار ll طباعة الأخبار ll طباعة العناوين
كل عام وأنتم بخير .. السعودية ومصر تستقبلان رمضان الاثنين وليبيا الأحد
التاريخ:29/ 08/1429 الموافق |القراء:1 |
المختصر/
محيط / أعلن مجلس القضاء الأعلى في السعودية أن يوم الاثنين الموافق 1 سبتمبر سيكون غرة شهر رمضان المبارك ويوم الأحد سيكون المتمم لشهر شعبان عام 1429 هجرية، كما أعلنت دار الإفتاء في مصر أن الاثنين هو أول أيام رمضان.
وفي السياق ذاته، أعلن ديوان الوقف السني في العراق أن الاثنين أيضا أول أيام الصوم وكان العام الماضي قد شهد خلافا بين السنة والشيعة حول غرة رمضان.
ومن جانبه، ذكر المركز الليبي للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء أن الدراسات والحسابات الفلكية التي أجراها أوضحت أن يوم الأحد الموافق 31 أغسطس هو أول أيام شهر رمضان.
وفيما تعتمد معظم البلاد العربية على رؤية الهلال لتحديد غرة رمضان فإن ليبيا تعتمد على مركز الاستشعار عن بعد في تحديد بداية رمضان ونهايته.
وتتقدم شبكة الإعلام العربية محيط بأرق التهاني للأمة العربية والإسلامية بحلول الشهر الكريم، أعاده الله علينا جميعا بالخير واليمن والبركات.
ـ[صالح العقل]ــــــــ[31 - 08 - 08, 04:22 م]ـ
جزى الله الإخوة خيرا.
ونسأل الله تعالى أن يبغلنا وإياكم شهر رمضان،
وأن يعيننا وإياكم على الصيام والقيام،
وأن يجعلنا ممن صامه، وقامه إيمانا واحتسابا.(101/32)
هل الموتى يسمعون الاحياء ام لا؟
ـ[بندر لنبهان]ــــــــ[28 - 08 - 08, 02:21 ص]ـ
هل الموتى يسمعون الاحياء ام لا؟ أرجو من المشايخ الفضلاء والأخوة ان يفيدوننا بهذه المسألة وما الأقوال الواردة فيها خاصة واني سمعت ان فيها أقوال كثيرة، فما الراجح منها؟ ولماذا؟
ـ[صالح بن علي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 02:57 ص]ـ
للفائدة
أخرج الشيخان حديث كفار قريش عندما كان يحدثهم النبي صىلى الله عليه وسلم وقال له (ما أنت بأمسع لهم مما أقول)
ولكن هذه شبهة يتمسك بها المشركون
ـ[صالح بن علي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 02:58 ص]ـ
وللصنعاني رسالة في ذلك حققها الشيخ الألباني رحمه الله تعالى
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[28 - 08 - 08, 03:39 م]ـ
بارك الله فيكم
رابط يتعلق بالموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=141234
ليت الإخوة الفضلاء يستعملون خاصية البحث لتوفير الوقت والجهد، وعدم شغل الملتقى بموضوعات سبق طرحها.
وجزاكم الله خيرا.
ـ[بندر لنبهان]ــــــــ[29 - 08 - 08, 06:25 ص]ـ
جزاك الله خير أخ صالح بن علي
وايضا أنت أخي صلاح الدين أشكرك على الرابط واعلم اني بحثت لكن لم أقع على هذا الرابط
وعلى العموم جزاكم الله خيرا(101/33)
هل الهدايا من الزوج لزوجته تحتسب من المهر؟
ـ[أبوعبدالمحسن]ــــــــ[28 - 08 - 08, 04:39 ص]ـ
هل الهدايا من الزوج لزوجته تحتسب من المهر؟
حيث أن رجلا طلق زوجته قبل الدخول فله نصف المهر، لكن هل له نصف قيمة الهدايا؟
أود معرفة الجواب ..
مع معرفة مواطن بحثها في كتب الفقهاء ..
مع آراء المعاصرين ..
أفيدونا أفادكم الله ..
ـ[أبوعبدالمحسن]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:40 ص]ـ
مازلت أنتظر الرد
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:46 ص]ـ
راجع الموسوعة الفقهية الكويتية مصطلح (خطبة).
ـ[ابو عاصم النبيل]ــــــــ[01 - 09 - 08, 04:00 ص]ـ
للرفع(101/34)
خبر سعيد [سوف يتم فتح المسعى القديم في بداية رمضان .. ]
ـ[أنس الرشيد]ــــــــ[28 - 08 - 08, 09:44 ص]ـ
أخبرني أحد المشايخ الثقات منذ ُ ساعات قليلة جدا ً
أنه سوف يتم فتح المسعى القديم في بداية رمضان ..
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ..
ومع الأسف سمعت ُ بعض الكلام من الذين أجازوا السعي في المسعى الجديد
بأن أهل العلم الكبار سوف يأْتِي زَمانٌ ويقولون بجواز ِ السعي في المسعى الجديد
فالله المستعان ..
أخوكم ومحبكم الصغير
أنس الرشيد
ـ[ابو ثابت]ــــــــ[28 - 08 - 08, 11:54 ص]ـ
بشرك الله بالخير أخي الكريم
لكن الاشكالية لو كان بمسارين فقط؟
ـ[أنس الرشيد]ــــــــ[28 - 08 - 08, 02:08 م]ـ
بشرك الله بالخير أخي الكريم
لكن الاشكالية لو كان بمسارين فقط؟
الأخ الموقر الموفق أبو ثابت حفظه الله ووقاه وزاده الله علما ً ورعاه ..
أ ُخي أبشر فسوف تعود ُ الامور كما كانت بإذن الله تعالى ..
وفقك الله أخي الكبير ..
ـ[أبو عبد المحسن العنابي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 04:14 م]ـ
الحمد لله
مسألة المسعى هذه والله فتنة، نسأل الله أن يعلي فيها ويبين كلمة الحق.
ـ[أنس الرشيد]ــــــــ[29 - 08 - 08, 02:37 ص]ـ
الأخ الموقر الموفق الفاضل العنابي حفظه الله ورعاه وزاده الله علما ً ووقاه
الحمد لله
مسألة المسعى هذه والله فتنة، نسأل الله أن يعلي فيها ويبين كلمة الحق.
آمين إن ربك لسميع الدعاء ..
محبك وأخوك الصغير ..
ـ[أبو يوسف الثبيتي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:24 ص]ـ
بشرك الله بالخير أخي الكريم.
ـ[أنس الرشيد]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:08 م]ـ
بشرك الله بالخير أخي الكريم.
وإياك أخي الفاضل ..
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:10 م]ـ
نتمنى من أهل مكة فور فتح المسعى القديم إخبارنا بذلك جزاكم الله خيرا يا أهل مكة
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 04:07 م]ـ
الحمد لله
مسألة المسعى هذه والله فتنة، نسأل الله أن يعلي فيها ويبين كلمة الحق.
من الذي احدث هذه الفتنه نسال الله ان يهديه ولماذا لم يترك الامر على حاله من اجل ان تجتنب هذه الفتنه كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم حينما ترك هدم الكعبة وبنائها على قواعد ابراهيم الله المستعان على هذا الزمن الغريب العجيب
ـ[أبوعبدالرحمن المكي التميمي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 04:07 م]ـ
بشرك الله بالجنة ....
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[29 - 08 - 08, 04:14 م]ـ
من ينقل لنا رأي مفتي الديار الحجازية والشيخ إبن جبرين في المسالة بارك الله فيكم
ـ[الفرضي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 05:11 م]ـ
طيب لوكان المسعى الجديد ذهاب للمروة و القديم عودة للصفا فما أنتم فاعلون؟
ـ[منير عبد الله]ــــــــ[29 - 08 - 08, 06:55 م]ـ
طيب لوكان المسعى الجديد ذهاب للمروة و القديم عودة للصفا فما أنتم فاعلون؟
(لايكلف الله نفسا إلا وسعها)
ـ[عبدالرحمن الثبيتي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 08:47 م]ـ
أخي نضال دويكات:
من هو مفتي الديار الحجازية؟
ـ[محمد سالم صالح]ــــــــ[29 - 08 - 08, 09:12 م]ـ
أتمنى أن تعود الأمور على ما كانت عليه. . . أشكرك أخي على الخبر الجميل
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[29 - 08 - 08, 09:12 م]ـ
مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله
وقد اكون أخطأت التعبير لكن هذا دارج عندنا والله اعلم
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 10:04 م]ـ
نتمنى ذلك ..... لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ..
ـ[حسن البركاتي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 10:46 م]ـ
سمعت الشيخ ابن جبرين حفظه الله أثناء شرح أحاديث الصوم من عمدة الأحكام يقول:
الذي اختاره أنه جائز والمسعى الجديد متصل بالقديم وقد شهد بذلك عدد كثير من الذين يعرفون مكة منذ ستين سنة أو نحوها.
الدرس الأول المقطع الثاني الدقيقة 20
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=53674
ـ[عبدالرحمن بن محمدالمسلم]ــــــــ[29 - 08 - 08, 11:46 م]ـ
قال الشيخ / عبدالله المطلق _ حفظه الله _ عضوهيئة كبار العلماء. بأن هناك 32 شاهداً من كبار السن , يشهدون ويعضدون شهادة الشيخ/ بن جبرين _ حفظه الله _ بشأن توسعة والمسعى.
وقد جاءني الخير من طريق الثقة الثبت , مع علو الإسناد أيضا , فليس بيني وبين الشيخ /عبدالله المطلق إلا رجل واحد. وقد قال ذلك قبل 3أسابيع تقريباً أو أكثر , في مدينة الطائف.
والله الموفق.
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[29 - 08 - 08, 11:59 م]ـ
قال الشيخ / عبدالله المطلق _ حفظه الله _ عضوهيئة كبار العلماء. بأن هناك 32 شاهداً من كبار السن , يشهدون ويعضدون شهادة الشيخ/ بن جبرين _ حفظه الله _ بشأن توسعة والمسعى.
وقد جاءني الخير من طريق الثقة الثبت , مع علو الإسناد أيضا , فليس بيني وبين الشيخ /عبدالله المطلق إلا رجل واحد. وقد قال ذلك قبل 3أسابيع تقريباً أو أكثر , في مدينة الطائف.
والله الموفق.
كلام يطمئن له القلب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/35)
ـ[إبراهيم توفيق]ــــــــ[30 - 08 - 08, 12:50 ص]ـ
الخلاف في 5 أمتار أو أقل أو أكثر
ليس في 20 متر جديدة
ـ[أنس الرشيد]ــــــــ[30 - 08 - 08, 07:01 ص]ـ
أيها الأكارم وفقكم الله وزادكم الله توفيقا ً ..
أحبتي الفضلا ..
أقول وبالله التوفيق ..
قد وضع بعض الأفاضل بعض الشبه وقد رد عليها سابقا جملة وتفصيلا ً ..
ولا بأس بالتكرار ..
ومن أجمل ما قرأت في هذا هو بحث شيخنا الفاضل الشيخ الدكتور صالح السندي وفقه
الله وقد أجاب على جميع الشبه حول هذا الموضوع وقد نُقل البحث في هذه الشبكة سابقا ً ..
والجواب عن الشبه أن يقال ..
- الاستدلال الأول: شهادة الشهود بأن الصفا والمروة كانا أوسع مما عليه عرض المسعى حاليا.
فقد اشتهر أن جماعة بلغوا نحوا من ثلاثين من معمري أهل مكة قد شهدوا بأنهم
أدركوا جبلي الصفا والمروة أوسع مما عليه عرض المسعى حاليا بما لا يقل عن
عشرين مترا، بل ذكر بعضهم أن الجبلين متسعين شرقا اتساعا كبيرا، وأن لهما أكتافا،
وأنه قد قام عليهما بيوت ومساكن ...
والظاهر من حال المستدل بهذا الدليل أنه لا ينازع في أن المطلوب شرعا أن يكون
السعي فيما بين الصفا والمروة ولا يخرج عن حدودهما، غير أنه ينازع في قصر
المسعى على هذا القدر الموجود الآن، ويرى أن عرض المسعى الحالي أقل من
عرض الجبلين سابقا؛ وبناء عليه فإنه لا يرى حرجا في توسعة المسعى؛ لأن هذه
التوسعة لن تخرج عن عرض الجبلين ...
هذا باختصار تقرير هذا الاستدلال، وهو –فيما يبدو- أقوى ما احتج به المجيزون.
والذي يظهر –والله تعالى أعلم-أنه دليل ضعيف جدا؛ وبيانه بأمرين:
الأمر الأول: أن شهادة هؤلاء الشهود إنما هي في أمر ظاهر للعيان؛ لأنها شهادة برؤية جبل كبير متسع، وعليه فيقال: إن شهادتهم هذه معارَضة بشهادة تخالفها، وهي أرجح منها؛ ويظهر هذا بما يأتي:
أ- أن اللجان المشكلة لدراسة وضع المسعى إبان التوسعة السعودية الأولى قد شهدت بخلاف ذلك؛ وهو وأن جبلي الصفا والمروة إنما هما بهذا العرض الذي جُعل عليه المسعى الحالي؛ ومن نظر في فتاوى الشيخ ابن إبراهيم (5/ 138 - 149) علم صدق ذلك ...
وتوضيح ذلك: أن هذا التحديد قد شهد به أعضاء اللجنة المكونة لدراسة وضع الصفا ودخول دار الشيبي ومحل الأغوات الواقعين بين موضع الصفا وبين الشارع العام الملاصق للمسجد الحرام مما يلي باب الصفا، وذلك في عام 1374هـ -وهم: الشيخ عبد الملك بن إبراهيم، والشيخ عبد الله ابن دهيش، والشيخ علوي مالكي- وقد قاموا بهذا وشاهدوا الواقع بأنفسهم؛ فقد جاء في قرارهم: (فقد توجهنا فوقفنا على "الميل" المذكور. وصحبنا معنا مهندسًا فنيًا، وجرى البحث فيما يتعلق بتحديد عرض المسعى مما يلي الصفا) فتاوى ابن إبراهيم 5/ 139 ..
وقد قاموا –كما جاء في منصوص القرار- بالإضافة إلى هذه المعاينة بمراجعة كلام العلماء والمؤرخين فيما يتعلق بذلك، وساقوا جملة من نصوصهم التي وقفوا عليها، كما قاموا بمراجعة بعض الصكوك المسجلة بالمحكمة الكبرى بمكة، وسؤال أغوات الحرم عن تاريخ وحدود دارهم ...
وتُوج هذا بوقوف الشيخ محمد بن إبراهيم على هذا الواقع مع عدة من الثقات؛ ففي الفتاوى 5/ 139: (فبعد الوقوف على هذا الموضع في عدة رجال من الثقات رأيت هذا القرار صحيحًا، وأفتيت بمقتضاه، قاله الفقير إلى عفو الله محمد بن إبراهيم آل الشيخ) ...
ب- ومن ذلك أيضا: ما شهد به جملة من أهل العلم فيما يتعلق بالصفا؛ ففي فتاوى ابن إبراهيم 5/ 144 يقول الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: (وحيث قد وعدت جلالتكم بالنظر في موضوع الصفا؛ ففي هذا العام بمكة المكرمة بحثنا ذلك، وتقرر لدي ولدى المشايخ: الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ علوي عباس المالكي، والأخ الشيخ عبد الملك بن إبراهيم، والشيخ عبد الله بن دهيش، والشيخ عبد الله بن جاسر، والشيخ عبد العزيز ابن رشيد: على أن المحل المحجور بالأخشاب في أسفل الصفا داخل في الصفا، ماعدا فسحة الأرض الواقعة على يمين النازل من الصفا فإننا لم نتحقق أنها من الصفا. أما باقي المحجور بالأخشاب فهو داخل في مسمى الصفا ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/36)
هذا وعند إزالة هذا الحاجز والتحديد بالفعل ينبغي حضور كل من المشايخ: الأخ الشيخ عبد الملك، والشيخ علوي المالكي، والشيخ عبد الله بن جاسر والشيخ عبد الله بن دهيش، حتى يحصل تطبيق ما قرر هنا، وبالله التوفيق). وكان هذا عام 1380هـ.
ج- ومن ذلك أيضا: ما شهد به جملة من أولئك المشايخ؛ ففي فتاوى الشيخ ابن إبراهيم أيضا 5/ 147: (في يوم الثلاثاء الموافق 10/ 2/1378هـ اجتمعت اللجنة المكونة من كل من: الشيخ عبد الملك بن إبراهيم، والشيخ عبد الله بن جاسر، والشيخ عبد الله بن دهيش، والسيد علوي مالكي، والشيخ محمد الحركان، والشيخ يحيى أمان، بحضور صالح قزاز وعبد الله ابن سعيد مندوبي الشيخ محمد بن لادن، للنظر في بناء المصعدين المؤديين إلى الصفا ...
وبناء على ذلك فقد جرى ذرع عرض الصفا ابتداء من الطرف الغربي للصخرات إلى نهاية محاذاة الطرف الشرقي للصخرات المذكورة في مسامتة موضع العقود القديمة، فظهر أن العرض المذكور يبلغ ستة عشر مترًا ...
كما وقفت اللجنة أيضًا على المروة، فتبين لها بعد الاطلاع على الخرائط القديمة والحديثة للمسعى، وبعد تطبيق الذرع للمسافة فيما بين الصفا والمروة كما نص على ذلك الإمام الأزرقي والإمام الفاسي في تأريخهما بأن المسافة المذكورة تنتهي عند مراجعة موضع العقد القديم من المروة ... ) إلى آخر ما جاء في هذا القرار ...
د- ومن ذلك أيضا شهادة المؤرخ حسين باسلامة الذي قام بذرع المسعى بنفسه كما في: تاريخ عمارة المسجد الحرام 302 - 304، وقد تقدم شيء من كلامه سابقا ....
فبعد كل ذلك يقال: إن كان الشهود المعاصرون قد شهدوا برؤيتهم فإن هؤلاء العلماء قد شهدوا برؤيتهم أيضا؛ وإذا كان لا بد من الترجيح بين الشهادتين –نظرا لتعارضهما- فإن مما لا شك فيه أن شهادة أولئك المشايخ مقدمة؛ وذلك لوجوه:
أولا: أن أولئك المشايخ أرفع قدرا وأعلى كعبا في العلم والفهم إلى غير ذلك من خلالهم الكريمة؛ ومن المعلوم عند أهل العلم أن رواية الأوثق وشهادته مقدمة على من دونه ...
ثانيا: أن ما قرره أولئك المشايخ ليس شهادة فحسب؛ بل هو شهادة وزيادة؛ إنه قرار مبني على تكليف من ولي الأمر بتحديد مشعر تقام فيه عبادة شرعية؛ فلا ريب أنهم استفرغوا وسعهم في تحقيق ما أنيط بهم على الوجه المرضي؛ فجمعوا بين المعاينة والدراسة والمراجعة والسؤال والاطلاع على الخرائط والصكوك –كما هو مدون في فتاوى الشيخ ابن إبراهيم- لعلمهم بأن التحديد الذي سيصدرون عنه سيكون له ما
وراءه ...
وأضيف إلى ما سبق أيضا: ما ذكرته آنفا من أن من يتأمل ما قرره المشايخ –كما في فتاوى الشيخ ابن إبراهيم- يلحظ أنه ليس مجرد تحديد ما هو واقع؛ بل كان ثمة رغبة جادة في معرفة جميع ما يمكن دخوله في حدود المسعى وإضافته إلى المشروع توسعةً على المسلمين وتخفيفاً لتزاحمهم ....
فهل بعد هذا ثمة مقارنة بين قرارهم وهذه الشهادة الحديثة التي أخبروا فيها بمجرد مشاهدة شاهدوها، وعمر بعضهم في ذلك الوقت لم يتجاوز أربع عشرة سنة!
ويا لله العجب! جبل ممتد لأكثر من خمسين مترا –كما يقول بعض الشهود- تتعلق به عبادة عظيمة، وجبل مثله على الجانب الآخر، ولا يراهما أهل العلم المكلفون بالنظر إليهما وتحديدهما، ويظفر برؤيتهما فلان وفلان ممن دونت شهادتهم!
هل هذا مقبول عقلا؟
لست أتهم الشهود بالكذب، حاشا وكلا، كما أني لست أشك أن الذي رآه هؤلاء ليس هو الصفا والمروة اللذين تعلقت بهما عبادة السعي قطعا؛ لقد رأى الشهود شيئا آخر؛ وسيأتي بيان ذلك بوضوح بعون الله ...
ثالثا: أن شهادة أولئك المشايخ كانت في الوقت الذي رأوا فيه المشهود عليه؛ بخلاف شهادة الشهود الحاليين الذين أدلوا بشهادتهم بعد مرور أكثر من خمسين عاما على مشاهدتهم -بعد أن أزيلت الجبال- فاحتمال الوهم بالنسبة لهم أكبر دون ريب ..
بعبارة أخرى: إذا أدلى شهود بما رأوه بأعينهم في الحال، وآخرون أدلوا بشهادتهم بأنهم رأوا شيئا ما قبل أكثر من خمسين عاما، ثم اختلفت الشهادة؛ فأي الشهادتين المقدم؟ لا شك أن الجواب واضح ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/37)
رابعا: أن شهادة أولئك المشايخ قد تأيدت بعدم معارضة بقية العلماء في مكة وغيرها، وكذا كبار السن والوجهاء؛ حيث لا يُعلم أن أحدا اعترض عليهم بأنهم انتقصوا من حد هذا المشعر الحرام –ومن أولئك أيضا أصحاب الشهادات الجديدة؛ إذ لم يُسمع لهم صوت أنذاك- وهذه القضية من مهمات القضايا التي لا يسع السكوت فيها بحال، لا سيما من أهل العلم والرأي؛ فهذه قرينة ترجح صواب ما صدر القرار به ...
ولا يقال ههنا إن عدم الإنكار سببه عدم الحاجة؛ بمعنى: أنه لا يقال إن عدم إنكارهم راجع إلى أنهم رأوا أن هذا القدر الذي صدر القرار به كافٍ للناس في ذلك الزمان مع كونه غير مستوفٍ للحد الشرعي؛ إذ لم تزل الشكوى من الزحام في المسعى –مع وجود السوق على حافتيه، واختلاط الناس في الذهاب والإياب- مشتهرة من قديم؛ فهذا ابن جبير يقول في رحلته 88: (والساعون لا يكادون يخلصون من كثرة الزحام).
ويقول ابن بطوطة في رحلته 103: (والساعون بين الصفا والمروة لا يكادون يخلصون لازدحام الناس على حوانيت الباعة) ...
وممن لاحظها وأشار إليها أصحاب الفضيلة أعضاء اللجان المكلفة بدراسة حدود المسعى أنفسهم. انظر: ما جاء في قرار اللجنة في فتاوى الشيخ ابن إبراهيم 5/ 143، 148.
خامسا: من أقوى القرائن التي ترجح شهادة أولئك المشايخ: موافقة تحديدهم لكلام العلماء السابقين؛ فالفقهاء والمؤرخون يذكرون عن الصفا والمروة أنهما جبيلان، أو جبلان صغيران، أو حجران، ويصفانهما بالانخفاض؛ وهذا لا يتفق مع شهادة الشهود الحاليين. وبيان هذا أكثر في الجواب الثاني ..
سادسا: مما يرجح جانب شهادة أولئك المشايخ أن الذي شهدوا به هو الذي وقع عليه التواتر العملي من المسلمين من قديم الزمان؛ وقد تقدم كلام الرملي وهو قوله في نهاية المحتاج 3/ 291: (ويشترط [أي في السعي] قطع المسافة بين الصفا والمروة كل مرة، ولا بد أن يكون قطع ما بينهما من بطن الوادي، وهو المسعى المعروف الآن). ثم نقل إجماع العلماء وغيرهم من وقت الأزرقي (قيل إنه توفي في 223هـ، وقيل 250هـ، وقيل غير ذلك) إلى زمانه (توفي في 1004هـ) على أن السعي إنما هو في المسعى المعروف عندهم.
ومثله أيضا قول ملا علي القاري في مرقاة المفاتيح 5/ 475: (والمسعى هو المكان المعروف اليوم؛ لإجماع السلف والخلف عليه كابرا عن كابر).
وقول أبي المعالي الجويني في نهاية المطلب 4/ 304: (ومكان السعي معروف لا يُتعدى).
وقول الفاسي في كتابه شفاء الغرام 1/ 521: (وما حُفظ عن أحد منهم [أي أهل العلم] إنكارٌ لذلك [أي السعي في محل السعي المعروف] ولا أنه سعى في غير المسعى اليوم).
وهذا التواتر العملي على السعي في هذه البقعة المنحصرة فقط من أقوى الدلائل في هذا الموضوع ...
فهل يمكن عند أهل العلم أن يعارَض الأمر المستفيض –بل المتواتر- الذي جرى عليه عمل المسلمين منذ قرون متطاولة بشهادة أفراد معدودين، فضلا عن أن تقدم عليه؟!
ولا إخال المفتين بالجواز ولا أصحاب تلك الشهادات الجديدة يقولون إن الناس قديما كانوا يسعون في مساحة أرحب من هذه؛ ومن قال هذا فعليه الدليل.
ثم إن الصور الملتقطة للمسعى قبل أكثر من خمسين سنة كافية في رد هذا الزعم؛ فهي واضحة كالشمس في أن المسعى قديما لم يكن أوسع من المسعى الحالي.
سابعا: لقد نظرت في شهادة الشهود السبعة الذين هم أول من شهد في هذا الموضوع –وشهادتهم قد أوردها بعض من كتب في هذا الموضوع في رسالة مطبوعة، على أن تسمية ما أدلى به المشار إليهم "شهادة" محل وقفة؛ إذ هي إفادة أقرب من كونها شهادة؛ فليس فيها إثبات الشهادة ولا تزكية الشهود؛ وانظر ما ذكره شيخنا الشيخ عبد المحسن العباد في بيانه المنشور في الشبكة العالمية-.
مهما يكن من شيء؛ لقد تأملت تلك التي سميت شهادات؛ وكان مما لاحظته: أن أكبرهم كان عمره سنة التوسعة (1375هـ) ستة وعشرين عاما، وأصغرهم كان عمره أربعة عشر عاما!
أيضا: أن ثلاثة من السبعة توقفوا ولم يتذكروا شيئا يتعلق بامتداد المروة شرقا، واثنان منهم لم يتذكرا شيئا يتعلق بالصفا، وثالث لم يذكر شيئا واضحا يتعلق به ...
والمصدر:- بحث الشيخ الدكتور الفاضل صالح السندي وفقه الله
بعنوان "
كلمة حق في توسعة المسعى/ (دراسة علمية تاريخية عن حكم توسعة المسعى)
وهو موجود ٌ على هذه الشبكة المباركة فارجع لها إن شئت ..
ـ[المعلمي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 09:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا أعتقد بأن هذه المسألة أوسع من مسألة الصلاة إلى القبلة هل يشترط استقبال شاخص الكعبة أم جهتها.
وكذلك ما يحدث من توسعات للمشاعر في مكة والمدينة وغيرهما إنما هي من باب الضرورات وهناك قواعد أصولية تضبط هذه المسألة.
ولا أعتقد أن أحدا من الولاة أو أهل العلم سيتجرأ ليحل ما حرم الله لا بشبهة أو علم.
فالتوسعات في المشاعر قديمة قدم الإسلام، فلا ينبغي تهييج الدهماء وخلق البلابل في قلوب الناس وخاصة أن العوام يأتون من كل صقع لأداء المشاعر ووجود الفتاوى المتضاربة تخلق الفتن وخاصة إن كان فيها نوع تضليل أو حط من المخالف وعلمه.
فلو عمل كل بما بلغ إليه علمه لكان أفضل، ويترك الناس في فسحة من الإلتزام برأيه.
فمن ثبت لديه أن المسعى خارج عن حده المرسوم في الشريعة عمل بما بلغه من علم، ومن رأى أن المسعى قابل للتوسع والزيادة طولا وعرضا وأنه لا ضابط لهذه المسألة متيقن عمل بما بلغه من علم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/38)
ـ[أبو محمد]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:39 م]ـ
قياسك أخي الكريم مسألة المسعى على التوجه للكعبة قياس مع الفارق .. فهذه يطلب فيها التوجه (إلى) الكعبة .. وتلك يطلب فيها السعي (بين) جبلين .. فأين هذه من تلك؟
هل تقول: إنه يمكن أن يسعى الإنسان إلى جهة الصفا والمروة؟!
أم أنه يجوز أن يسعى فيما جاورهما دون أي ضابط كما يكون ذلك في القبلة؟!
أما إنه قول غريب .. ولعلك لم تنعم النظر فيه أخي الكريم.
ثم إنه يتعذر توجه جميع المسلمين للكعبة بعينها .. ويكفي لمعرفة ذلك أن يُنظر لمسجد عرضه أكبر من عرض الكعبة؛ فلن يمكن توجه الجميع لعينها .. ولو تأملت مسجده عليه الصلاة والسلام في عهده لعلمت أن ذلك متعذر، وأقر النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه على ذلك .. وهذا ليس متعذرا في السعي بين الصفا والمروة .. فالمسلمون خلال قرون طويلة يسعون (بين) الصفا والمروة بحمد الله.
ثم هل تطرد هذا القياس في بقية المشاعر؟
ثم من سبقك إلى هذا الفهم؟ الذي نص عليه الفقهاء أن السعي بين الصفا والمروة مشروط ببينية ما بينهما .. وهكذا سار المسلمون على مدى عصورهم لا يعرفون إلا هذا المسعى ..
أما القول بأن هذا من باب الضرورات .. فقد سبق بحث هذا الموضوع مرات .. وأجابت عنه هيئة كبار العلماء في قرارها بالأغلبية .. والقواعد الأصولية التي تشير إليها -والتي تضبط هذا الباب- تقتضي ألا يُلجأ إلى تغيير المشعر مع وجود الحل الآخر وهو التوسع الرأسي.
وأما قولك: (ولا أعتقد أن أحدا من الولاة أو أهل العلم سيتجرأ ليحل ما حرم الله لا بشبهة أو علم.)
فلا يمكن أن يحل أحد ما حرم الله بعلم! هذا أولا ..
وثانيا: ومن قال إن ولي الأمر أحل ما حرم الله؟
أليس هناك احتمال آخر؟ اجتهد فأخطأ .. ونرجو له الثواب على اجتهاده ..
وأخيرا .. من الذي يُطلب منه السكوت وعدم إثارة البلبلة؟ أهم الباقون على الأصل وعلى المشعر المعروف لدى المسلمين كافة؟ أم الذين يفتون بخلاف ذلك وكانوا سببا في دخول المسلمين في دوامة وفتنة هم في غنى عنها؟
ـ[الغُندر]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:51 م]ـ
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً
بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ
وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ
وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ
يا اخوة بشروا كيف اصبح حال المسعى؟
ـ[أنس الرشيد]ــــــــ[30 - 08 - 08, 06:45 م]ـ
أبو محمد جزاك الله خيرا ً ..
الغندر .. أبشرك إن شاء يعود كما كان ..
ـ[إبراهيم توفيق]ــــــــ[30 - 08 - 08, 11:57 م]ـ
قرأت اليو في صحيفة عكاظ أن المسعي في اتجاه واحد
وأن هناك قوات أمن لتنظيم ذلك
لكن السؤال هل يمكننا السعي في السطح؟
حيث أنه لايوجد حاجز كما كان سابقاً
ـ[السيف المدني]ــــــــ[31 - 08 - 08, 02:39 ص]ـ
عندي حل لمن يسعى في المسعى الجديد أن يحاول قدر الإمكان أن يكون ملاصقا أو قريبا من المسعى القديم
وعندي استفسار لماذا لم يتنبه الشيخ محمد بن إبراهيم ومن معه من العلماء إلى أن المسعى أعرض مما قرروه؟
هل خفي عليهم امتداد جبلي الصفا والمروة وظهر الامتداد لمن بعدهم؟
ولماذا عبر القرآن الكريم بالسعي بين الصفا والمروة ب (يطوف بهما) ولم يقل بينهما؟ هل هنا لطيفة لغوية؟
ـ[السيف المدني]ــــــــ[31 - 08 - 08, 03:01 ص]ـ
قال ابن جرير رحمه الله:
وإنما عنى الله تعالى ذكره بقوله:"إنّ الصفا والمروة"، في هذا الموضع: الجبلين المسمَّيَين بهذين الاسمين اللذين في حَرَمه، دون سائر الصفا والمرو. ولذلك أدخل فيهما"الألف واللام"، ليعلم عباده أنه عنى بذلك الجبلين المعروفين بهذين الاسمين، دون سائر الأصفاء والمرْوِ.
* * *
وأما قوله:"منْ شَعائر الله"، فإنه يعني: من معالم الله التي جعلها تعالى ذكره لعباده مَعلمًا ومَشعَرًا يعبدونه عندها، إما بالدعاء، وإما بالذكر، وإما بأداء ما فرض عليهم من العمل عندها. ومنه قول الكميت:
نُقَتِّلُهُمْ جِيَلا فَجِيلا تَرَاهُمُ ... شَعَائِرَ قُرْبَانٍ بِهِمْ يُتَقَرَّبُ [أقول: المشاعر لا بد أن تكون ظاهرة جدا فكيف خفي على السابقين امتداد مشعري الصفا والمروة وظهرت لنا الآن!!]
ـ[السيف المدني]ــــــــ[31 - 08 - 08, 03:14 ص]ـ
قال أبو حيان في البحر المحيط: وظاهر هذا الطواف أن يكون بالصفا والمروة، فمن سعى بينهما من غير صعود عليهما، لم يعد طائفاً. ودلت الآية على مطلق الطواف، لا على كيفية، ولا عدد.
ـ[إبراهيم توفيق]ــــــــ[01 - 09 - 08, 09:23 ص]ـ
ذكر لي أحد الإخوة أنه سأل عن موعد
فتح المسعى القديم فقيل له 15 رمضان
ـ[أبو عبد المحسن العنابي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 12:33 م]ـ
هذه مشاركة نقلتها من موضوع آخر، للفائدة.
بسم الله الرحمن الرحيم
أعضاء المنتدى الأعزاء مباركٌ عليكم الشهر وأسأل الله أن يعينني وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته ...
لقد منّ الله عليّ بأن سافرت إلى مكة لأداء العمرة بعد صلاة التراويح في أول ليلة من رمضان ...
وبعد الانتهاء من الطواف توجهت إلى المسعى فوجدته وقد قسم إلى ثلاثة أقسام: (المسعى القديم والمسعى الجديد وبينهما مسعى العربات) فمن أراد السعي في المسعى القديم ذهابًا وعودة فله ذلك ومن أراد السعي في الجديد فله ذلك وليس كما توقعه البعض بأن المسعى الجديد للصفا والمسعى القديم للمروة.
هذا ما أحببت أن أنقله إليكم وأسأل الله أن يتقبل منّا ومنكم صالح الأعمال.
كتبه محبكم في الله أبو إبراهيم بابدر
يوم الاثنين 1/ 9/1429هـ الساعة 6:33 صباحًا بتوقيت السعودية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/39)
ـ[أنس الرشيد]ــــــــ[02 - 09 - 08, 08:18 ص]ـ
الحمد لله الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
وجزاك الله خيرا يا العنابي وبارك الله فيك ..
همسه: العنابي علم قطر .. /ابتسامه
ـ[أبو عبد المحسن العنابي]ــــــــ[02 - 09 - 08, 09:00 ص]ـ
أخي أنس الرشيد، جزاك الله خيرا
رد على همسة: العنابي نسبة إلى مدينة عنابة، في أقصى شرق الجزائر.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[02 - 09 - 08, 03:02 م]ـ
طيب لوكان المسعى الجديد ذهاب للمروة و القديم عودة للصفا فما أنتم فاعلون؟
سنسعى في المسعى الأصلي ذهابا وإيابا، ولن نلتفت للتوسعة البتة، هذا ما سيفعله كل من يرى عدم التوسعة من العلماء والمشايخ وطلبة العلم ومن يتبعهم ممن يرضى بقولهم.
وهذا ما حدث فعلا بعد الافتتاح فكثير من الناس طاف في المسعى الأصلي وترك التوسعة وحاول المسؤلون في الحرم تنظيمهم وأحضروا الشرطة ولم يستطيعوا منعهم = فتركوهم.
وهذا يحتم عليهم إعادة النظر في إجبار الناس على رأي يرونه باطلا، فيجب عليهم جعل المسعى الأصلي مسارين والجديد مسارين ويفعل كل مسلم ما يدين الله به، وإلا سيحدث في أوقات الزحام كآخر رمضان والحج من الفوضى والحرج العظيم ما لا يخطر على بال.
خصوصا ونحن نعيش في زمن الدعوة لاحترام الآخر!
أما أن يفرض على العلماء وطلبة العلم والناس أن يفعلوا ما يرونه مفسدا لعبادتهم فهذا أمر عظيم يناقض الهدف الذي من أجله وسعوا المسعى.
أليست التوسعة لرفع الحرج والتسهيل على الناس؟!
فأي حرج وأي تضييق أكبر من أن يرغم أمم لا تحصى من المسلمين على السعي في مسعى يرونه لا يجزيء ولا يغني عنهم شيئا؟!
ـ[أنس الرشيد]ــــــــ[03 - 09 - 08, 05:11 ص]ـ
أخي الحبيب اللبيب العنابي حفظه الله ووقاه وزاده الله علما ً ورعاه
أخي أنس الرشيد، جزاك الله خيرا
رد على همسة: العنابي نسبة إلى مدينة عنابة، في أقصى شرق الجزائر.
مرحبا ً بك أخي الفاضل وبأهل الجزائر عموما ً وبأهل عنابة خصوصا ً ..
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم لك التوفيق والسداد ..
ـ[أنس الرشيد]ــــــــ[03 - 09 - 08, 05:14 ص]ـ
يا شيخ عبد الرحمن جزاك الله خيرا ً ..
ثم إن المشكلة َ ليست هنا من يقول بإحترام الرأي الآخر لا نراه يحترم
من يخالفه ويشنع على كبار أهل العلم والفضل والحكم ...
والله المستعان ..
همسة:- شيخ عبد الرحمن هل حصلت على كتب وزاة الاوقاف القطرية ..
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[03 - 09 - 08, 03:02 م]ـ
مع الأسف: لا
ـ[حارث همام]ــــــــ[03 - 09 - 08, 03:14 م]ـ
"العقاب لا يجوز أن يكون إلا على ترك واجبٍ أو فعل محرمٍ، ولا يجوز إكراه أحد إلاّ على ذلك، والإيجاب والتحريم ليس إلاّ لله ولرسوله، فمن عاقب على فعل أو تركٍ بغير أمر الله ورسوله، وشرع ذلك ديناً فقد جعل لله نداً، ولرسوله نظيراً، بمنزلة المشركين الذين جعلوا أنداداً، أو بمنزلة المرتدين الذين آمنوا بمسيلمة الكذاب، وهو ممن قيل فيه: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) [الشورى: 21]، ولهذا كان أئمة أهل السنة والجماعة لا يلزمون الناس بما يقولونه من موارد الاجتهاد، ولا يكرهون أحداً عليه، ولهذا لما استشار هارون الرشيد مالك بن أنس في حمل الناس على موطئه قال له: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في الأمصار، فأخذ كل قوم عمن كان عندهم، وإنما جمعت علم أهل بلدي، أو كما قال، وقال مالك أيضاً: إنما أنا بشر أصيب وأخطئ، فاعرضوا قولي على الكتاب والسنة، وقال أبو حنيفة: هذا رأي فما جاءنا برأي أحسن منه قبلناه، وقال الشافعي: إذا صح الحديث فاضربوا بقولي الحائط، وقال: إذا رأيت الحجة موضوعة على الطريق فإني أقول بها، وقال: المزني في أول مختصره هذا كتاب اختصرته من علم أبي عبد الله الشافعي، لمن أراد معرفة مذهبه، مع إعلامية نهيه عن تقليده وتقليد غيره من العلماء، وقال الإمام أحمد: ما ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه ولا يشدد عليهم" [شيخ الإسلام].
ـ[أبو يوسف الثبيتي]ــــــــ[05 - 09 - 08, 01:42 ص]ـ
ذكر بعض الإخوة أنه لم يستطع ذلك!!!
فما هو الوضع بالضبط؟
ـ[أبو محمد]ــــــــ[05 - 09 - 08, 02:18 ص]ـ
يبدو أن الوضع غير منضبط ..
أضم صوتي لأبي يوسف .. يا أهل الخبرة: ما الوضع بالضبط؟
ـ[محمد سالم صالح]ــــــــ[05 - 09 - 08, 03:33 ص]ـ
هذه المشاركة موجودة في هذا الرابط:
الآن باستطاعتكم السعي في المسعى القديم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=147348)
ذهبت هذه الليلة ليلة الجمعة الخامس من شهر رمضان المبارك للحرم المكي الشريف لصلاة التراويح وبعد الصلاه ذهبت للمسعى، فرأيت أن المسعى القديم قد خصص للعودة من المروة عدا جزء يسير منه (قد لا يتجاوز الستة إلى السبعة أمتار تقريباً) قد خصص للعربات ذهاباً وإياباً .. والمسعى الجديد قد خصص للذهاب من الصفا، ولا يتمكن المعتمر من السعي في القديم ذهاباً إلا إذا ذهب الجهة و المكان المخصص للعربات، لأن كثرة الناس واتجاهها من المروة إلى الصفا تمنع من أن تخالفهم، مع أني لم أجد هناك قوة خاصة بالتنظيم أو بالمنع من ذلك، ومع أن اتساع المكان المخصص للعربات يعطيك بريق أمل لتسعى في القديم، ولكن الذي ظهر لي أن الشيء الرسمي والمعمول به، هو أن القديم للعودة من المروة والجديد لإبتداء السعي،
بعد ذلك يسر الله لي لقاء سماحة الشيخ صالح اللحيدان حفظه المولى بعد أن إنتهى من الإجابة على الأسئلة وهو في طريقه للخروج من الحرم المكي، فسألته عن فتواه في أن من سعى في المسعى الجديد، فعليه دم، فقال (قلت من تورط وأحرم ثم لم يجد بُداً إلا أن يسعى في المسعى الجديد فليذبح، تورعاً) فقلت له ياشيخ بعد إفتتاح المسعى بهذه الطريقة الآن هل أعتمر، فقال:أنا أقول إذا كان بإمكانك أن تسعى ذهاباً وإياباً في القديم فاعتمر، وإلم تستطع فلا أرى أن تعتمر حتى ييسر الله أمر المسعى)
هذا خلاصة ما أفتاني به الشيخ وفقه الله .. وكتبت ذلك هنا للفائدة .. وأسأل الله التوفيق لي ولكم!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/40)
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[05 - 09 - 08, 03:27 م]ـ
الاخوة الكرام هل عبد الرحمن السديس الذي يكتب هو امام الحرم
ان كان هو فمرحبا به اهلا وسهلا به بيننا
ـ[ابوالبراءاليمني]ــــــــ[05 - 09 - 08, 06:55 م]ـ
سنسعى في المسعى الأصلي ذهابا وإيابا، ولن نلتفت للتوسعة البتة، هذا ما سيفعله كل من يرى عدم التوسعة من العلماء والمشايخ وطلبة العلم ومن يتبعهم ممن يرضى بقولهم.
وهذا ما حدث فعلا بعد الافتتاح فكثير من الناس طاف في المسعى الأصلي وترك التوسعة وحاول المسؤلون في الحرم تنظيمهم وأحضروا الشرطة ولم يستطيعوا منعهم = فتركوهم.
وهذا يحتم عليهم إعادة النظر في إجبار الناس على رأي يرونه باطلا، فيجب عليهم جعل المسعى الأصلي مسارين والجديد مسارين ويفعل كل مسلم ما يدين الله به، وإلا سيحدث في أوقات الزحام كآخر رمضان والحج من الفوضى والحرج العظيم ما لا يخطر على بال.
خصوصا ونحن نعيش في زمن الدعوة لاحترام الآخر!
أما أن يفرض على العلماء وطلبة العلم والناس أن يفعلوا ما يرونه مفسدا لعبادتهم فهذا أمر عظيم يناقض الهدف الذي من أجله وسعوا المسعى.
أليست التوسعة لرفع الحرج والتسهيل على الناس؟!
فأي حرج وأي تضييق أكبر من أن يرغم أمم لا تحصى من المسلمين على السعي في مسعى يرونه لا يجزيء ولا يغني عنهم شيئا؟!
بارك الله فيك وأسأل الله أن لا يضيقوا على الناس فيما يعتقدون وخاصة أنهم على ما جرى عليه عبادة المسلمين منذ عقود
ـ[أبو يوسف الثبيتي]ــــــــ[05 - 09 - 08, 08:49 م]ـ
الاخوة الكرام هل عبد الرحمن السديس الذي يكتب هو امام الحرم
ان كان هو فمرحبا به اهلا وسهلا به بيننا
لا ليس هو ..
وكان توقيعه يوضح ذلك فترة من الزمن.(101/41)
أنواع هجر القرآن والحرج منه
ـ[قيس بن سعد]ــــــــ[28 - 08 - 08, 11:35 ص]ـ
هجر القرآن أنواع:
«أحدها:» هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه.
«والثاني:» هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به.
«والثالث:» هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم.
«والرابع:» هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه. والخامس: هجر الاستشفاء و التداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به، وكل هذا داخل في قوله: «وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا» سورة الفرقان، الآية 30.وإن كان بعض الهجر أهون من بعض.
كذلك الحرج الذي في الصدور منه، فإنه تارة يكون حرجا من إنزاله وكونه حقا من عند الله. وتارة يكون من جهة التكلم به أو كونه مخلوقا من بعض مخلوقاته ألهم غيره إن تكلم به، وتارة يكون من جهة كفايته وعدمها وأنه لا يكفي العباد، بل هم محتاجون معه إلى المعقولات و الأقيسة أو الآراء أو السياسات. وتارة يكون من جهة دلالته وما أريد به حقائقه المفهومة منه عند الخطاب، أو أريد به تأويلها وإخراجها عن حقائقها إلى تأويلات مستكرهة مشتركة. وتارة يكون من جهة كون تلك الحقائق وإن كانت مرادة، فهي ثابتة في نفس الأمر أو أوهم أنها مرادة لضرب من المصلحة.
فكل هؤلاء في صدورهم حرج من القرآن، وهم يعلمون ذلك من نفوسهم ويجدونه في صدورهم. ولا تجد مبتدعا في دينه قط إلا وفي قلبه حرج من الآيات التي تخالف بدعته كما أنك لا تجد ظالما فاجرا إلا وفي صدره حرج من الآيات التي تحول بينه وبين إرادته. فتدبر هذا المعنى ثم ارض لنفسك بما تشاء. (ابن القيم-الفوائد)(101/42)
المولود برأسين وكلام الفقهاء عن أحكامه
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[28 - 08 - 08, 12:17 م]ـ
الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ ...
قال تعالى: " هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " [آل عمران: 6].
قال ابن العماد في " شذرات الذهب " عند أحداث سنة ثمان وخمسين وأربع مئة: " فيها كما قال ابن الاثير وابن الجوزي والذهبي والسيوطي ولدت بنت لها رأسان ورقبتان ووجهان على بدن واحد ببغداد بباب الازج وماتت ".ا. هـ.
وقال أيضا عند أحداث سنة إحدى وست مئة: " وفيها ولدت امرأة ولداً له رأسان وأربعة أرجل وأيد ومات من يومه قاله ابن شهبة في تاريخ الإسلام ".ا. هـ.
وقال عند أحداث سنة اثنتين وستين وست مئة: " وفيها أحضر إلى بين يدي الظاهر طفل ميت له رأسان وأربعة أعين وأربعة أيدي وأربعة أرجل ".ا. هـ.
وقال الحافظ ابنُ كثير في " البداية والنهاية " عند أحداث سنة ثمان وخمسين وأربع مئة: " قال ابن الجوزي: في ربيع الأول ولد بباب الأزج صبية لها رأسان ووجهان ورقبتان وأربع أيد، على بدن كامل ثم ماتت ".ا. هـ.
قال أيضا عند أحداث سنة ثلاث وأربعين وسبع مئة: " واشتهر في أوائل رمضان أن مولوداً ولد له رأسان وأربع أيد، وأحضر إلى بين يدي نائب السلطنة، وذهب الناس للنظر إليه في محلة ظاهر باب الفراديس، يقال لها حكى الوزير، وكنت فيمن ذهب إليه في جماعة من الفقهاء يوم الخميس ثالث الشهر المذكور بعد العصر، فأحضره أبوه - واسم أبيه سعادة - وهو رجل من أهل الجبل، فنظرت إليه فإذا هما ولدان مستقلان، فكل قد اشتبكت أفخاذهما بعضهما ببعض، وركب كل واحد منهما ودخل في الآخر والتحمت فصارت جثة واحدة وهما ميتان، فقالوا: " أحدهما ذكر الآخر أنثى "، وهما ميتان حال رؤيتي إليهما ".ا. هـ.
هذه الأحداث التي رصدها هؤلاء الأئمة في كتب التاريخ لم تكن للترف الفكري، وإنما وضعوها لغرض ألا وهو للتفكر في صنع الله، وعظيم قدرته سبحانه في أنه يخلق مخلوقات تخالف في هيئتها وشكلها خلقة بني آدم المعتادة، ولذلك نقل ابن العماد في " الشذرات " عند أحداث سنة عشرين وثمان مئة ما نصه: " وفيها كما قال ابن حجر: وضعت جاموسة ببلبيس مولداً برأسين وعينين وأربع أيد وسلسلتي ظهر ودبر واحد ورجلين اثنتين لا غير وفرج واحد أنثى والذنب مفروق باثنين فكانت من بديع صنع اللّه تعالى ".ا. هـ.
تأملوا آخر عبارة: " فكانت من بديع صنع اللّه تعالى ".
ولذلك لو تأملتم في نقل ابن كثير الأخير أنه قال: " ... وكنت فيمن ذهب إليه في جماعة من الفقهاء يوم الخميس ثالث الشهر المذكور بعد العصر ... "، فكان العلماء والفقهاء يهتمون بمثل هذه المظاهر ليس للفرجة والتسلي وإنما للبت في الحكم الشرعي في مثل هذه الحالات لو سألوا عن حكمها، إلى جانب التفكر والتأمل في عظمة الخالق جل وعلا.
قد يقولُ قائلٌ: ما هي الثمرة من ذكر هذه الأحداث التاريخية؟ وهل لها صلة بالشرع؟
أقول: نعم، ولذلك أشار بعض فقهاء المذاهب إلى حالة من ولد لها رأسان فما هو الحكم في حقه من جهة العبادة، والنكاح وغير ذلك، ولعلي أشير إلى بعض ما ورد فيكتب الفقه.
1 – جاء في " الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع " (1/ 136) للشربيني في كتاب الصلاة: " فرع: لو خلق له رأسان وأربع أيد وأربع أرجل هل يجب عليه وضع بعض كل من الجبهتين وما بعدهما أم لا؟
الذي يظهر أنه ينظر في ذلك إن عرف الزائد فلا اعتبار به، وإلا اكتفى في الخروج عن عهدة الواجب بوضع بعض إحدى الجبهتين وبعض يدين وركبتين وأصابع رجلين إن كانت كلها أصلية، فإن اشتبه الأصلي بالزائد وجب وضع جزء من كل منهما ".ا. هـ.
وجاء في " حواشي الشرواني " (2/ 71) للشرواني كلاما مماثلا.
2 – وجاء في " المجموع " (1/ 467) للإمام النووي في كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء: " الثانية: لو كان له رأسان كفاه مسح أحدهما، وفيه احتمال للدارمي، وقد سبقت المسألة في فصل غسل الوجه ".ا. هـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/43)
3 – وجاء في " حاشية إعانة الطالبين " (1/ 40) للدمياطي في باب الصلاة، فصل في شروط الصلاة: " ولو كان له رأسان فإن كانا أصليين كفى مسح بعض أحدهما وإن كان أحدهما أصليا والآخر زائدا وتميز وجب مسح بعض الأصلي دون الزائد ولو سامت أو اشتبه وجب مسح بعض كل منهما ".ا. هـ.
4 – وجاء في " حاشية البجيرمي " (2/ 134) في كتاب الحج، فصل في المبيت بمزدلفة: " قوله (من شعر رأس) نعم؛ لو كان له رأسان فحلق واحدة في العمرة، وأخر الأخرى إلى الحج فالحلق أفضل، قاله الشيخ شوبري " ا. هـ.
ولذلك أشار الحافظ ابن القيم في " الطرق الحكمية في السياسية الشرعية " (ص 89 – 90) في عمل الحكام بالفراسة والأمارات فقال: " وقضى – أي علي بن أبي طالب - في مولود ولد له رأسان وصدران في حقو واحد فقالوا له: " أيورث ميراث اثنين أم ميراث واحد؟ " فقال: " يُترك حتى ينام، ثم يُصاح به فإن انتبها جميعا كان له ميراث واحد، وإن انتبه واحد وبقي الآخر كان له ميراث اثنين ".
فإن قيل: " كيف يتزوج من ولد كذلك؟ "
قلت – أي ابن القيم -: هذه مسألة لم أر لها ذكرا في كتب الفقهاء، وقد قال أبو جميلة: " رأيتُ بفارس امرأة لها رأسان وصدران في حقوٍ واحدٍ متزوجة، تغار هذه على هذه، وهذه على هذه.
والقياس: أنه تزوج كما يتزوج النساء، ويتمتع الزوج بكل واحد من هذين الفرجين والوجهين، فإن ذلك زيادة في خلق المرأة
هذا إذا كان الرأسان على حقو واحد ورجلين.
فإن كان على حقوين وأربعة أرجل: فقد روى محمد بن سهل، حدثنا عبد الله بن محمد البلوى، حدثني عمارة بن زيد، حدثنا عبد الله بن العلاء، عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: أُتي عمر بن الخطاب بإنسان له رأسان وفمان وأربع أيد وأربع أعين وأربع أرجل وإحليلان ودبران. فقالوا: كيف يرث يا أمير المؤمنين؟ فدعا بعلي فقال: فيها قضيتان: إحداهما ينظر إذا نام فإن غط غطيط واحد فنْفسٌ واحدةٌ، وإن غط كل منهما فنفسان. وأما القضية الأخرى: فيطعمان ويسقيان، فإن بال منهما جميعا، وتغوط منهما جميعا، فنفس واحدة وإن بال من كل واحد منهما على حده، وتغوط من كل واحد على حدة فنفسان. فلما كان بعد ذلك طلبا النكاح، فقال علي رضي الله عنه: لا يكون فرج في فرج وعين تنظر، ثم قال علي: أما إذ قد حدثت فيهما الشهوة فإنهما سيموتان جميعا سريعا، فما لبثا أن ماتا وبينهما ساعة أو نحوها ".ا. هـ.
وحتى من جهة الإسلام والردة إذا نطقا معا فله حكم ذكره بعض الفقهاء.
جاء في باب حكم المرتد من كتاب " الفروع " (6/ 162) لابن مفلح الحنبلي: " قال في الفنون في مولود برأسين فبلغ , نطق أحدهما بالكفر والآخر بالإسلام: إن نطقا معا ففي أيهما يغلب؟ احتمالان , قال: والصحيح إن تقدم الإسلام فمرتد ".ا. هـ.
وأكتفي بما ذكرته من مسائل تتعلق بمن ولد برأسين من باب بيان أن المسألة حكمها مبثوث في كتاب الفقهاء من أصحاب المذاهب الأربعة المعتبرة، وربما الأحبة في الملتقة يثرون الموضوع بما تناله أيديهم من باقي المصادر.
كتبه
عبد الله بن محمد زقيل
ـ[ابن وهب]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:58 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
موضوعات ذات صلة
فتوى نادرة: (حكم فصل السيامين) للشيخ ابن باز رحمه الله.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=841275#post841275
لطيفة: أول عملية جراحية لفصل توأمين ملتصقين. (السيامية)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=702315#post702315
فائدة
قول ابن القيم
(ورى محمد بن سهل .... الخ) الظاهر أنه من كتب أبي الشيخ
والله أعلم
ـ[ابن وهب]ــــــــ[29 - 08 - 08, 04:05 م]ـ
قال الإمام الشافعي في الأم
(وإذا أجهض الجنين حيا حياة لم تتم لجنين أجهض في مثلها حياة قط كأن أجهض لاقل من ستة أشهر ثم مات ففيه دية حر تامة وإن أجهض في حال يتم فيه لاحد من الاجنة حياة بحال فهو كالمسألة قبلها وإذا خرج حيا لستة أشهر فصاعدا فقتله رجل عمدا فعليه القود كيف خرج إذا عرفت حياته وإن كان ضعيفا مفرطا وإن خرج لاقل من ستة أشهر فقتله إنسان عمدا فأراد ورثته القود فإن كان مثله يعيش اليومين والثلاثة أو اليوم ففيه القود وإذا شهد رجال أنه جنى على امرأة فألقت جنينا ولم يثبتوا أحيا أم ميتا فقال الجاني
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/44)
ألقته ميتا وغيبته فالقول قوله مع يمينه ولو أقر هو بأنه خرج ميتا أو حيا فمات لزمه في ماله دون عاقلته لان هذا اعتراف إذا لم تصدقه عاقلته ولم تكن بينة ولو جنى جان على امرأة فقالت ألقيت جنينا وقال الجاني لم تلق شيئا فالقول قوله وكذلك لو جاءت بجنين مكانها ميتا كان القول قوله لانه قد يمكن أن تأتى بجنين غيرها ولو خرج الجنين حيا فقتله غير الجاني على أمه عمدا قتل به ولم يكن على الجاني على أمه شئ ولو قتله الجاني على امه عمدا فعليه القصاص أو الدية في ماله إن شاء الورثة وحكومة في ماله بجرح إن أصاب أمه لا أرش له معلوم لامه دون ورثة الجنين وإذا جنى على المرأة فألقت مكانها جنينا ميتا فعلى عاقلة الجاني ديته ولا يصدق ولا يصدقون أن إجهاضها بغير جناية لان الظاهر أن هذا من جنايته ولو كانت تطلق فجنى عليها لالقت جنينا ميتا فقال ألقته من غير جنايتى لزم عاقلته دية الجنين كما لو كان مريضا في السياق فقتله رجل لزمه عمدا كان أو خطأ لانه قد يعيش وإن ظن أنه يموت وكذلك المرأة تطلق ثم يذهب الطلق عنها فتقيم اياما لا تلد ولو كانت تطلق فجنى عليها فألقت جنينا حيا ثم مات مكانه فقال لم تلقه من جنايتى وقالت أسقطته من جنايتك فالقول قولها وضمنت عاقلته دية الجنين حيا ذكرا كان أو أنثى وإذا جنى الرجل على المرأة والقوابل عندها أو لسن عندها وهى ترى تطلق أو لا تطلق والحبل بها ظاهر فماتت وسكنت حركة ما في بطنها ضمن الام ولم يضمن الجنين من قبل أنى على غير إحاطة به أنه جنين مات بجنايته ولو خرج منها شئ يبين فيه خلق إنسان من رأس أو يد أو رجل أو غيره ثم ماتت أم الجنين ولم تخرج بقية الجنين ضمن الام والجنين لانى قد علمت أنه جنى على جنين في بطنها بخروج بعضه ولا فرق بين خروج بعضه وكله في علمي بأنه جنى على جنين ألا ترى أنها لو ألقت كالمضغة يبين فيها شئ من خلق الانسان ضمنته جنايته على جنين كامل ويضمن متى خرج منها شئ يبين به أنه جنى على جنين قبل موتها أو بعده ولو خرج من فرج امرأة رأسا جنينين أو
أربعة أيد لجنينين ولم يخرج ما بقى منهما أغرمته جناية على جنين واحد لانى لا أدرى لعله يجمع الرأسين شئ من خلقة الانسان فيكونان فيما يلزمه كجنين واحد لان ذلك يمكن فيهما وإذا قضيت بدية في جنين خرج حيا ثم مات أو خرج ميتا فعلى الجاني عليه عتق رقبة مؤمنة (قال) وإذا جنى على امرأة
فخرج منها بدنان في رأس أو جمع جنينين شئ واحد من خلقة آدمى فاللازم له فيه عتق رقبة والاحتياط أن يعتق اثنين وكذلك لو خرج رأسان من فرج امرأة ثم ماتت ولم يتتام خروجهما فيعرفان لم أقض فيهما إلا بدية جنين واحد ولزم الجاني عتق رقبه وكان أن يعتق رقبتين في هذا المعنى أو كد عليه لان الاغلب أن الرأسين من بدنين مفترقين ما لم يعلم اجتماعهما بمعاينته ولو اضطرب شئ في بطن أمه فماتت أحببت للجاني ان لا يدع أن يعتق ويحتاط فيعتق رفبتين أو ثلاثا ولا يبين أن يلزمه شئ لانه لم يعلمه ولدا وإذا ماتت الام وجنينها أعتق بموت الام رقبة وبموت جنينها أخرى.)
انتهى(101/45)
رمضان و التلفاز الخبيث
ـ[سليم الجزولي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 12:22 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بينما أنا على مقعدي طرق على ذهني كلام فهل تريدون أن تعرفوا ما هذا الكلام
توقعت من شباب وشابات جيلي وعصري بأنهم الأن يتحدثون هذا الحديث مع بعضهم البعض في هذه الأيام بذات والأيام المقبلة لماذا؟ لأنهم سوف يستقبلون شهر رمضان الكريم
وعلى فكره هذا ليس تأليف بل الحقيقة والواقع الذي لايريد البعض الإعتراف به ويحاول الكثير التهرب من الإجابة، لماذا؟ سؤال محيرني
((خذ هذاالحوار على سبيل المثال لشريحه من الشرائح الكثيرة الا من رحم الله)))
الأولى: أرايتي تلك المشاهد من مسلسل فلان للبطلة الفلانية؟
الثانية: لا خسارة فقدت فاتتني تلك المشاهدة!!
الأولى: لقد فاتك الكثير .. يظهر من مشاهدة أنه يحمل مسأه تقطع سياط القلوب وتذرف الدمع من العيون.
الثانية: حقاً واااااااويلها (بقصد أنها تعور القلب) .. ومن أبطاله.
الأولى: أولم تعلمي .. أنه فلان وفلان وفلانه بالاشتراك الفنان القدير فلان والنجمة أللامعه فلانه النجم الحلو إلي أحبه وايد وخاطري يكون زوجي فلان ووو ... غيرهم.
الثانية: لن أضيعه في رمضان.
وتسكت كل منهما لبرهة من الزمن لتعود الثانية بشيء لم تشاهده الأولى
الثانية: اريتي ما سوف تبثه القناة الفضائية الفلانية في رمضان.
الأولى: وماذا سوف تبث؟
الثانية: الكثير والكثير من المسلسلات والبرامج الترفيه والمسابقات والجوائز الرائعة.
الأولى: أخبريني هيا ماذا وصلي حديثك لا تسكتي فكلي شوق للمعرف ماذا سوف تنقل لنا القنوات لكي أتابعها باهتمام ولكي لا يفوتني شي منها.
الثانية: رويدك رويدك .. من المسلسلات .. مسلسل كذا وكذا وكذا ومن البرامج برنامج فلان المقلد الشهير على المستوى العربي في برنامج الذي بث الجزء الأول منه في رمضان العام الماضي.
تقاطعها الأولى: عرفته .. حقا والله هل له جزء ثاني .. كان جزءه الأول رائع وممتع.
وتتابع الثانية حديثها قائله: ومن المسابقات والجوائز ما يصل قيمته إلى الملايين من الريالات وجوائز عينيه مدهشه ولكن.
الاولى: ولكن ماذا؟
ترد الثانية: قيمه الاتصال لمدة دقيقة باهضه تصل إلى 7 أو 6 ريالات في الدقيقة.
ترد الأولى: لا يهم الجوائز تستحق.
وتقول الثانية: شكله رمضان هذه السنه أحسن رمضان بيطوف علينا.
وترد الأولى: أي والله كلامك صحيح شكله أحلا رمضان.
وعلى سبيل المثال تخيلوا معي بأن إستمر الحوار على هذا النحو لمدة ساعة إلا ربع ساعة
ألم تحتارو بالكلم الذي سوف تردون به عليهم ألم يشل لسانكم، ماذا تقولون لهم والعجيب وما أثر دهشتي أني تخيلتهم وهم متحجبات متسترات وممن يعرف عنهم أنهم ذوات دين وأخلاق تبعدهم عن الرذيلة، لماذا؟ .. !!
هل هذا هو همنا وهم أخواتنا والناس أجمعين في شهر كريم؟
هل ما تحرص عليه الأمة في شهر نصرة الأمة أن تتابع المسابقات والجري وراء القنوات الفضائية؟
هل عرفنا عن سلفنا الصالح أنه يقضي رمضان في ذلك حتى نتخذه قدوة في أفعالنا في شهر كرمة الله على بقية الشهور؟
وماذا بعد؟ هل جنينا ثمرة الرحمة في أوله وهل قطفنا المغفرة في أوسطه وهل فزنا بالعتق من النار في أخره؟
أدري الجميع يقولون بأن الإسلام دين يسر وليس دين عسر، لاكن هل هذا اليسر المستحب عند الخالق والذي أمر به، يقول الله عز وجل: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) [الذاريات 56]، هل سوف تشفع لك المسلسلات والبرامج والمسابقات عند الخالق يوم لا ضل إلى ضله.
قال تعالى: ((لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ (33))) [سورة المرسلات]، وفي هذا اليوم قال تعالى: ((هَذَا يَوْمُ لَا يَنطِقُونَ (35) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (36))) [سورة المرسلات]، أي: لا عذر لهم في هذا اليوم ولا يغفر لهم الله على ما فعلوه في الدنيا، ويقول الله تعالى لكم: ((هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (38) فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (39))) [سورة المرسلات]، أي: أن هذا اليوم يفصل فيه المتقون والكافرون ولا يقدر أحد أن يكذب على ربه في ذلك اليوم ومن يكذب بقوله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/46)
أنه صلى أو زكى أو قام الليل وما هو بقائمه لقوله تعالى: ((وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (40))) [سورة المرسلات]، وقال أيضاً جل علاه للذين أبتعدوا عن دينه بحجج ليس لها أي أساس من الصحه: ((كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ (46))) [سورة المرسلات]، وقد صور لنا ما أعد للذين أطاعوه وبتعدوا عن نواهيه في قوله تعالى: ((إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (41) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (42) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (43) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ (44))) [سورة المرسلات].
أتسال؟؟
ماذا جرى لأمتنا لتصل إلى هذا الحد من الانحطاط؟
ما الذي يدفعنا إلى الهروب من الدين إلى الدنيا وشهواتها؟
هل فيما نرى ونسمع فائدة تجنى أو ثمرة تحصى غير المال؟
هل في ذلك تسارع إلى جنات العلى؟
يا فتى وفتاة الخير: أجيبوني وأشفوا غليلي؟
هل هذه الفطرة التي ولدت فينا؟
ما مضار التلفاز وقنوات البث الفضائي علينا؟
وما الذي نجنيه أو جنيناه من خلفه؟
وهل هذا ما يضيع في رمضان شهر القيام؟
وقال تعالى: ((إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات و الصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيم)).الاحزاب
أ تريدون هذا الأجر أم أنكم مكتفون بالأجر الذي تتصورونه بأعمالكم بأنه موصلكم للجنه، كونوا واعين كل الوعي بأن ليس بيد أحد التوقع من سوف يدخلها ومن للأسف سوف يخسرها الخسارة الأبدية وليسة خسارة الدنيا التي نعرفها، إنها نالر جهنم وعقاب عسير عافنا الله وأياكم أياها إن شاء الله.
صرحوني وأجيبوا على أسئلتي التي ليس لها جواب محدد لدي لعلنا أن نصل إلى نقطة نتفق فيها لنربح رضا الله ورضا رسوله عن أمته إن شاء الله
هذا الموضوع يجول في داخلى فرايت هذا الموضوع المميز فنقلته لكم
ليتم النقاش فيه و الا متى النوم يا امة محمد؟؟؟
ـ[عبد الله الأبياري]ــــــــ[20 - 07 - 10, 06:26 ص]ـ
و هاهم شياطين الإنس يترصدون لشهر الله بترسانتهم الإعلامية الخبيثة لجعله شهر التخمة و الراحة و مشاهدات الساقطات و الساقطين
جزاك الله خيرا و كفنا شر التلفاز فهو بريد كل شر و الله(101/47)
رمضان. . خصائصٌ و لطائف
ـ[عاصم بن صفوت الشوادفى]ــــــــ[28 - 08 - 08, 03:03 م]ـ
رمضان .. خصائص ولطائف
بقلم:
العلامة الشيخ صفوت الشوادفى
رحمه الله
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، إمام الصائمين والقائمين والعاكفين والصالحين .. وبعد:
لقد أظلنا شهر كريم مبارك، كتب الله علينا صيامه، وسن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قيامه، فيه تفتح أبواب الجنة، وتُغلق أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، من صامه إِيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إِيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم، وقد بارك الله في هذا الشهر، وجعل فيه من الخصائص واللطائف والعبر ما ليس في غيره من الشهور.
فمن لطائفه وعجائبه أنه أسرع قادم، وأسرع ذاهب، فإِن شهور السنة - وهى جزء من عمر الإِنسان - تمر مر السحاب، ولا تشعر بذلك إِلا بقدوم رمضان لسرعة عودته بعد رحيله.
وهو أسرع ذاهب، لأنه ما أن يبدأ حتى ينتهي، وتمر أيامه ولياليه مرور النسيم تشعر به ولا تراه.
وأعجب من ذلك كثرة دموع التائبين التي تنهمر في ليل رمضان كأنها سيل جارى، أين كانت هذه الدموع الغزيرة عبر شهور كثيرة مضت وانقضت؟ لقد حبستها المعاصي وسجنها القلب القاسي، ثم أطلقتها التوبة فسالت وانحدرت من مآقيها لتنقذ العين من عذاب الله، لأنها بكت من خشية الله؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " عينان لا تمسهما النار:عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله " [رواه الترمذي (1639)]
وفى رمضان يقبل المسلمون في المشارق والمغارب على القرآن، في الليل والنهار و يتنافسون على تلاوته في الصلاة، يدفعهم إلى ذلك رجاء رحمة الله، والخوف من عذاب الله.
كما يختص رمضان دون غيره من الشهور بكثرة التائبين والعائدين إِلى الله، فهو شهر توجل فيه القلوب، وتدمع العيون، وتقشعر فيه الجلود، وهذه الصفات الثلاثة كانت ملازمه للجيل الأول في كل شهور العام، كما أن هذه الصفات قد جعلها الله عز وجل علامة صادقه على الإِيمان؛ فقال سبحانه وتعالى عن الصفة الأولى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2].
وقال عن الثانية: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 23].
وقال في الثالثة: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} [المائدة: 83]،
وقد أثمر هذا الإيمان الراسخ، واليقين الكامل عند السلف الصالح مجموعة من الخصال التي يحبها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والتي لا تجتمع أبداً إِلا في مؤمن صادق، ويجمعها عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قوله (ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إِذ الناس نائمون، وبنهاره إِذ الناس مفطرون، وبحزنه إِذ الناس يفرحون، وببكائه إِِذ الناس يضحكون، وبصمته إِذ الناس يخوضون، وبخشوعه إِذ الناس يختالون).
إِنها: قيام ليل، وصيام نهار، وحزن وندم على التفريط والإِسراف على النفس، وبكاء من شدة الخوف، وصمت يحفظ من الزلل، ويدعوا إِلى التفكر والتدبر، وخشوع محاطٌ بذل العبودية لله رب العالمين.
ويجتمع في رمضان من صنوف البر، وأوجه الخير أنواع كثيرة وافرة وكلها أبواب مفتوحة على الجنة، مفضية إلى رضوان الله، ومع كثرة الأبواب و وفرتها فإِن المسلم قد يطرق باباً واحداً ويغفل عن بقيتها! فيحرم نفسه ويضيع عمرها هباءً!!
قد يصوم ولا يقوم أو يقوم ولا يتصدق، أو يتصدق ولا يقرأ القرآن أو يصوم بطنه ولا تصوم جوارحه، أو يصوم النهار ولا يصوم الليل فيمتنع عن الحلال نهاراً (الأكل و الشرب)، ويفطر على المعاصي ليلاً (الدخان والفيلم)، وإِذا غلبك شيطانك في رمضان فإِنك لن تغلبه غالباً في غيره!! إِلا أن يشاء الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/48)
ومن أعظم القربات، وأجل الطاعات التي غفل عنها الغافلون: تقديم النصيحة للمسلمين، ودعوتهم إِلى الخير، وتعليم جاهلهم، وتذكير غافلهم، فإِن الدال على الخير كفاعله، وقد كان السلف الصالح رضي الله عنهم يرون النصيحة والموعظة أعظم أجراً، وأبقى نفعاً من الصدقة!!.
كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إِلى القُرضى: أما بعد ..
فقد بلغني كتابك تعظني، وتذكر ما هو لي حظ، وعليك حق، وقد أصبت بذلك أفضل الأجر، إِن الموعظة كالصدقة، بل هي أعظم أجراً، وأبقى نفعا ً، وأحسن ذخراً، وأوجب على المؤمن حقاً لكلمة يعظ بها الرجل أخاه ليزداد بها في هدى رغبة، خير من مال يتصدق به عليه، وإِن كان به إِليه حاجة. ولما يدرك أخوك
بموعظتك من الهدى خير مما تنال بصدقتك من الدنيا ..
ولأن ينجو رجلا بموعظتك من هلكة، خير من أن ينجو بصدقتك من فقر!!
وفى رمضان تقبل الأمة الإسلامية بكل شعوبها على الله إقبالا لو استقامت عليه لنصرها الله على أعدائها، وأورثها سعادة الدنيا، ونعيم الآخرة!! لكن الواقع يشهد أن كثيراً من المسلمين يكون مع الطاعات في كرٍ و فر، فهو بين الإقبال والإدبار،فهل من عودة صادقة واغتنام لفرصة سانحة قبل أن تتمنى ساعة من ساعات الدنيا فلا تُعطاها:
{قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا} [المؤمنون: 99، 100]، وإن أكثر شئ في الأحياء الغفلة، وأكثر شئ في الأموات الندم على ما فات! فيا أيها المقبول هنيئاً لك بثواب الله عز وحل ورضوانه، ورحمته وغفرانه، وقبوله وإِحسانه، وعفوه وامتنانه.
ويا أيها المطرود بإِصراره، وطغيانه، وظلمه وغفلته، وخسرانه، وتماديه في عصيانه، لقد عظمت مصيبتك، وخسرت تجارتك، وطالت ندامتك، فأدرك نفسك قبل أن تكون من القائلين: {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر: 24]،
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا وركوعنا وسجودنا وسائر أعمالنا الصالحات، إنه ولى ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم(101/49)
دعوة العلامة ابن باز في أرض الحبشة! قصص عجيبة!
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[28 - 08 - 08, 03:07 م]ـ
إلى محبي الشيخ ابن باز
عبدالعزيز محمد قاسم
في جولتي الماتعة ببلاد الحبشة، انتهيت إلى مدينة صغيرة في الجنوب اسمها (قليتو). وقبائل الجنوب في معظمهم وثنيون، وقام البروتستانت بتنصير بعضهم، في ما تعيش بتلك المناطق قبيلة (ألابا) المسلمة والتي تمسكت بإسلامها في الوقت الذي تنصرت فيه كثير من قبائل (هدية) و (سدامو) و (كمباتا) المسلمة بسبب الفقر والحاجة ونشاط الكنيسة. أخذني مرافقي إلى موقع كبير في المدينة، وقال لي ستنتظرك مفاجأة الآن فتأهب لها، وإذا بأرض كبيرة مسّورة بطريقة بدائية، وعلى بوابتها الصغيرة كتبت باللغة الأمهرية والعربية: مدرسة دار الحديث (مدرسة الشيخ ابن باز) .. تأسست في عام 1391 هـ.
واستقبلني بعض معلمي هذه المدرسة من كبار السن، لأكتشف أنهم يتحدثون الفصحى، وأخبروني بأنهم كانوا الرعيل الأول من تلامذة الحبشة الذين درسوا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وتفقهوا على يد الشيخ عبدالعزيز بن باز الذي أولاهم عنايته، واحتفى بهم، وأن هذه المدرسة قد أنشأها من حسابه الخاص.
لم أكد أسمع اسم ابن باز، إلا وانثالت الذكريات العزيزة عن هذا العلم الذي طبقت شهرته الآفاق، وتراءت لي صور من تواضعه وسماحته وعلمه، وكيف كنا نتسابق ولداتي في مدينة الطائف أثناء فترة الصيف لحضور درسه بعد الفجر بمسجده بشهار، ولكلمته الوعظية بعد صلاة المغرب. وأتذكر كيف كانت تمتلئ نفوسنا حبا وإيمانا بمجرد رؤيتنا له بهيئته البسيطة، وملامح وجهه النورانية.
انتشلني من تلك الذكريات مدير المدرسة، وعيناه تغرورقان بالدموع وقد استعاد ذكرى شيخه قائلا: هل تعرف أننا أتينا من الحبشة في عهد هيلاسلاسي، ولم تك لدينا أوراق ولا إثباتات، واستضافنا الشيخ على نفقته، وأصرّ على قبولنا بدون أية شهادات، وقام على حاجاتنا بما نعجز بالتعبير عنه، وهو يكرر على أسماعنا: أنتم من استضفتم أجدادنا وأكرمتموهم، وأنتم من أوصانا رسولنا الكريم بكم، وأثنى على مليككم ووصفه بالملك الصالح. فلا أقل أن نقوم بواجبنا تجاهكم.
ويتدخل شيخ آخر، وقد بلغ السبعين من عمره: هل تعرف أن حكومتنا إذاك رفضت إعطاءنا أية وثائق لكي يتم قبولنا، وأسقط في أيدينا، فلم نك نملك حتى حق الإقامة في المدينة. وكان الشيخ ابن باز يتابع أحوالنا ويتعهدنا، وعندما علم بذلك التعنت، تكلم شخصيا مع الملك فيصل يرحمه الله، والذي أصدر أوامره بمنحنا الاقامات الشرعية، واستثنانا إكراما لنا وللشيخ .. شخصيا شعرت لحظتها بعظمة ملوكنا وعلمائنا، في هذه الثنائية الملحمية التي جعلتني أرفع رأسي عاليا هاتفا: نعم, هذا ديدن وطني ورجالاته.
استمعت إلى قرابة السبعة من تلامذة الشيخ ابن باز المباشرين، يحكون بكل الحنين الذي لو سمعه محبو الشيخ لطفرت الدموع من أعينهم بما حصل لي، ولم يبدد هذا الجو الإيماني إلا رؤية مبنى المدرسة البائس، فإذا بي أمام فصول كعهدها أيام أنشئت، بمعنى أن عمرها 38عاما كاملة، وألجمتني الفجيعة في رؤية تلك الفصول الموغلة في القدم، وهي أقرب – عفوا منكم- لزريبة البهائم، منها لفصول تعلم، وخلتني محتجا أردد: يا لله، أقسم أن هذا لا يليق باسم عالمنا الذي فاخرنا به الدنيا، أيعقل أن مدرسة أنشأها الشيخ ابن باز وتحمل اسمه يكون هذا حالها؟.
آليت على نفسي – وفاء لعالمنا الكبير- بأن أخدم في مجالي، وأقوم بجمع قصص هؤلاء التلامذة الحبوش عن علاقتهم بالشيخ، وأن أوصل هذه الرسالة لمحبيه الكثر، والذين منّ الله على بعضهم بفضلة مال، لعل فيهم من ينتفض غيرة ووفاء وتقديرا لذلك العالم وتراثه، عله ينفر لإنشاء معهد كبير عصري، يليق باسم الشيخ، ويكون منارة إشعاع في تلك المنطقة لبثّ منهج ورسالة ابن باز بما أمّل في حياته، بتلك الربوع البعيدة التي تحتاج فعلا لمعهد يخرّج الدعاة إلى الله من أهل تلك البلاد، كي يوقفوا جحافل التنصير التي تجوب تلك المنطقة بالطول والعرض. اللهم هل بلغت.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 06:05 م]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ عبد الله.
لقد حرّكت الكوامن، وأثرت المشاعر.
رحم الله تعالى ذاك العَلَم، وأسكنه الله فسيح جنانه، وجمعنا به في الفردوس الأعلى.
ـ[ابن السائح]ــــــــ[28 - 08 - 08, 06:07 م]ـ
جزاك الله خيرا
انتشلني من تلك الذكريات مدير المدرسة، وعيناه تغرورقان بالدموع وقد استعاد ذكرى شيخه قائلا: هل تعرف أننا أتينا من الحبشة في عهد هيلاسلاسي، ولم تك لدينا أوراق ولا إثباتات، واستضافنا الشيخ على نفقته، وأصرّ على قبولنا بدون أية شهادات، وقام على حاجاتنا بما نعجز بالتعبير عنه، وهو يكرر على أسماعنا: أنتم من استضفتم أجدادنا وأكرمتموهم، وأنتم من أوصانا رسولنا الكريم بكم، وأثنى على مليككم ووصفه بالملك الصالح. فلا أقل أن نقوم بواجبنا تجاهكم.
ويتدخل شيخ آخر، وقد بلغ السبعين من عمره: هل تعرف أن حكومتنا إذاك رفضت إعطاءنا أية وثائق لكي يتم قبولنا، وأسقط في أيدينا، فلم نك نملك حتى حق الإقامة في المدينة. وكان الشيخ ابن باز يتابع أحوالنا ويتعهدنا، وعندما علم بذلك التعنت، تكلم شخصيا مع الملك فيصل يرحمه الله، والذي أصدر أوامره بمنحنا الاقامات الشرعية، واستثنانا إكراما لنا وللشيخ
رحم الله الشيخ وأكرم مأواه
لقد أتعب من جاء بعده
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/50)
ـ[المسيطير]ــــــــ[28 - 08 - 08, 06:13 م]ـ
رحم الله سماحة الإمام عبدالعزيز باز ... وجمعنا وإياه ووالدينا ومن نحب في الفردوس الأعلى.
وجزى الله الشيخ / عبدالله زقيل على هذا النقل، وهذه الإفادة، وتلك اللفتة التربوية الإيمانية الدعوية عن سماحة الشيخ رحمه الله.
ولم يبدد هذا الجو الإيماني إلا رؤية مبنى المدرسة البائس، فإذا بي أمام فصول كعهدها أيام أنشئت، بمعنى أن عمرها 38عاما كاملة، وألجمتني الفجيعة في رؤية تلك الفصول الموغلة في القدم، وهي أقرب – عفوا منكم- لزريبة البهائم، منها لفصول تعلم، وخلتني محتجا أردد: يا لله، أقسم أن هذا لا يليق باسم عالمنا الذي فاخرنا به الدنيا، أيعقل أن مدرسة أنشأها الشيخ ابن باز وتحمل اسمه يكون هذا حالها؟.
آليت على نفسي – وفاء لعالمنا الكبير- بأن أخدم في مجالي، وأقوم بجمع قصص هؤلاء التلامذة الحبوش عن علاقتهم بالشيخ، وأن أوصل هذه الرسالة لمحبيه الكثر، والذين منّ الله على بعضهم بفضلة مال، لعل فيهم من ينتفض غيرة ووفاء وتقديرا لذلك العالم وتراثه، عله ينفر لإنشاء معهد كبير عصري، يليق باسم الشيخ
هل يمكن أن يصل خبر هذه المدرسة إلى أبناء الشيخ ومحبيه من الأثرياء ومعارف الأثرياء ... لعلهم يقومون بما يستطيعون ...
مع أني - أحسب - أنها ليست المدرسة الوحيدة اليتيمة التي تشكو إلى الله حالها بعد وفاة الشيخ رحمه الله ... والله المستعان.
ـ[أبوعبدالرحمن المكي التميمي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 06:29 م]ـ
رحم الله الإمام العلامة ابن باز ...
سبحان من أعلى ذكره ...
في كل مكان يُذكر ويُشكر ويُترحم عليه ....
هنيئا له هذه المنزلة التي لم ينلها بحسب ولانسب بل نالها بالصدق والإخلاص والعلم نحسبه كذلك ولانزكي على الله أحدا ...
جزاك الله خيرا ياشيخ عبدالله على مقالاتك وبحوثك المفيدة .....
ـ[الكاتب عبدالله]ــــــــ[28 - 08 - 08, 07:35 م]ـ
رحم الله الإمام عبدالعزيز باز ... وجمعنا وإياه ووالدينا ومن نحب في الفردوس الأعلى.
وجزى الله الشيخ / عبدالله زقيل على النقل، والإفادة.
ـ[أبو عمر الحربي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 01:33 ص]ـ
لا يكاد اسم الشيخ ابن باز يمر على ناظري وأقرأ شيئا من سيرته إلا شعرت أني سمعت موعظة بليغة صالت وجالت داخل مشاعري فأثمرت وآتت أكلها شعورا بتقصيرنا وتفريطنا في جنب الله
فيارب ارحم ضعفنا ولا تكلنا إلى أنفسنا
ورحم الله الإمام عبدالعزيز باز ... وجمعنا وإياه ووالدينا ومن نحب في الفردوس الأعلى.
ـ[وكيع الكويتي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 01:42 ص]ـ
رحم الله هذا الإمام وغفر له
ـ[أبو عبدالله المزني]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:39 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ عبدالله .... وجزى الله خيرا ذاك الإمام على ما قدم للإسلام والمسلمين ... وفي سماع أخباره تنشيط لطلبة العلم للدعوة إلى الله بل لأهل العلم والعامة أجمع ... فرحمه الله وأعظم أجره
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[30 - 08 - 08, 09:41 ص]ـ
وجدت هذا التعليق في موقع " لجينيات ". الكاتب: علي عبدالله 29/ 08/2008 م
بيتي بجوار مسجد الأميرة سارة وكان دائم الصلاة فيه
لا تصدقون ان اليوم الذي لا نرى فيه الشيخ في المسجد فان ذلك اليوم يوم عليه غبرة وموحش
تصدقون حتى الهنود والباكستانيين يستانسون بالنظر الى هذا العالم
احد الباكستانيين في المحلات المجاورة بكاء بكى ما رايت احد بكى بمثله عندما بلغه موت ابن باز رحمه الله
سالت لم تبكي كل هذا البكاء يقول لأنك لا تعلم ماذا فعل لي الشيخ
قلت له وماذا فعل لك قال سجنت في الرياض في قضية مالية لو جلست عشر سنوات ما جمعت هذا المبلغ وكل من كان حولي بما فيهم الكفيل تخلوا عني فارسلت احد اصحابي للشيخ ابن باز وقال صاحبي للشيخ ابن باز ان احد العمال في المحلات القريبة من بيتك سجن على مبلغ من المال وهو في السجن من اكثر من شهر فطلب الشيخ اسم المحل واسم المسجون والمكان المسجون فيه وفي اليوم الثاني ارسل الشيخ من يدفع المبلغ ويشفع باخراجه وقد تم ذلك!!
يقول العامل خرجت من السجن وانا لا اصدق وذهبت الى بيت الشيخ وكان خارج للصلاة فقبلت راسه وبكيت امامه وقلت يا شيخ هذا دين علي في رقبتي اسدده لك فقال لي الشيخ الله اعطاك الله اعطاك لا اريد منك ريال واحد
ابعد هذا تقول لي لماذا تبكي على الشيخ ثم بكى بشدة!!!!!!!!!!
ـ[قيس بن سعد]ــــــــ[30 - 08 - 08, 08:14 م]ـ
اللهم ارحم الشيخ رحمة واسعه
اللهم اجمعنا به في الجنه
ـ[عبد الكريم آل عبد الله]ــــــــ[31 - 08 - 08, 12:20 ص]ـ
رحم الله ذاك العلم,,,,,
ـ[أبو الحسن السكندري]ــــــــ[31 - 08 - 08, 12:23 ص]ـ
رحم الله الشيخ وغفر له
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[01 - 09 - 08, 10:06 ص]ـ
علي الفضلي
وإياك أخي.
ـ[خطاب القاهرى]ــــــــ[02 - 09 - 08, 01:45 م]ـ
إمام بحق.
سبحان من جمع فيه كل هذه الخصال.
جزاك الله خيرا يا شيخ عبد الله.
نحبكم و الشيخ عبد العزيز بن باز فى الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/51)
ـ[عبدالرحمن علي عبدالرحمن آلحمود]ــــــــ[02 - 09 - 08, 02:40 م]ـ
أمة في رجل رحمه الله رحمة واسعة خذ مني هذه القصة كنت أبث درس للدكتور عمر العيد عن طريق الشبكة العنكبوتية وهو شرح لكتاب ابن تيمة المسمى بالعقيدة الواسطية فأتنا سؤال تقول فيه السائلة أنا إمرأة من جزر القمر أود أسألك ياشيخ تقصد الشيخ عمر هل يجوز لي أن أفطر بيتين من جيراني وأنوي بذلك أن يكون صدقة للشيخ عبدالعزيز بن باز
ـ[عبدالمنعم الشنو]ــــــــ[04 - 09 - 08, 07:59 ص]ـ
رحم الله الشيخ العلامة ابن باز و غفر له و أسكنه فسيح جناته ..
ـ[الديولي]ــــــــ[04 - 09 - 08, 10:45 ص]ـ
لَو سارَ ذاكَ الحَبيبُ عَن فَلَكٍ ... ما رَضِيَ الشَمسَ بُرجُهُ بَدَلَه
رحمه الله تعالى
كم نحب أن نذكره في مجالسنا، حتى يكتب له الاجر
ـ[أبو آثار]ــــــــ[05 - 09 - 08, 03:02 م]ـ
اللهم لاتحرمنا اجره ولاتفتنا بعده
ـ[ابوالبراءاليمني]ــــــــ[05 - 09 - 08, 07:17 م]ـ
رحم الله بقية السلف وفعلاً اتعب من جاء بعده
وجزاك الله خير أخي عبدالله زقيل على التحف التي أتعبتني بجمعها سواء هنا أو في الساحات
ـ[أبو أنس مصطفى البيضاوي]ــــــــ[19 - 09 - 08, 09:18 م]ـ
رحم الله الشيخ ابن باز(101/52)
فوائد من محاضرة (طالب العلم ومواسم العبادات).
ـ[المسيطير]ــــــــ[28 - 08 - 08, 03:15 م]ـ
الإخوة الأكارم /
حضرتُ محاضرة الشيخ الدكتور / خالد السبت وفقه الله مغرب الإربعاء 26/ 8 / 1429هـ .... بعنوان (طالب العلم ومواسم العبادات) ...
وقد عرّفنا - جزاه الله- قدر أنفسنا ... والتي عجزنا عن تعريفها قدرها ... فكانت كلماته ... كالسياط ... لكن .. بأسلوب فيه ... الرحمة والشفقة والنصح الصادق.
ذكّرنا ... ووعظنا ... وحثّنا ... ووجهنا ... ونصحنا ... وناصحنا ... ونبّهنا ...
كلماتٌ موجزة ... يسيرة ... غير متكلفة ... ألقاها بهدوء ... ووقار ... ورزانة ...
خرجت كلماته من قلبه - فيما أحسب - فدخلت إلى القلوب ... أحسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدا.
ثم بعد المحاضرة ... سلّم عليه الأفاضل ... فكان يصافحهم بوقار ... ويقبل بوجه على المسلِم ... ويسأله عن حاله وأحواله ... ثم يستمع إلى سؤال السائل ... إن كان سائلا.
وقد كتبت بعض الفوائد والفرائد واللطائف والنصائح في محاضرة فضيلته ... فأستأذنكم بذكر بعضها، وهي مما تيسر مما قبضت عليه الذاكرة ... فقد تكون الصياغة مختلفة عن ما ذكره الشيخ حفظه الله ... لكنها إجمالا ... للشيخ.
قبل البدء /
* عجبتُ من تواضع الشيخ وسمته ورزانته ... زاده الله من فضله ...
* ومما لحظته في محاضرة الشيخ: أنه لم يخرج نفسه عند إرادة تأنيب النفس ووصفها بالتقصير ... وعكس ذلك رأيته يخرج نفسه عند إرادة الثناء والمدح ...
فيقول مثلا:
في تأنيب النفس يقول: نحن مقصرون ... نتكاسل ... نتأخر ... نحن مفرطون ..
وعند مدح النفس يقول: وبعض الإخوة يصلي الليل، ويبكون من خشية الله ... يبادرون إلى الفضائل ...
فتراه أدخل نفسه في أهل التقصير ... وأخرج نفسه من أهل المبادرة والطاعة ... تواضعا وتربية لغيره.
فجزاه الله خيرا.
الفوائد والفرائد:
1 - مواسم العبادات متوالية: شهر رمضان المبارك ... ثم يعقبه أشهر الحج ... من بداية شوال ... ثم صيام ست من شوال ... ثم عشر ذي الحجة ... ثم فريضة الحج ... وأيضا صيام يوم عرفة ... ثم شهر الله المحرم ... ومنها صيام عاشوراء ... (وذكر فضائلها).
2 - طالب العلم ... قد يكد ويسهر ويتعب ... ويحرم نفسه الملذات المباحة ... ويترك الخروج في النزهات ... اجتهادا في الطلب ... ومع هذا كله ... قد تكون هذه الأعمال ... حجز مقعد له في النار - عياذا بالله من النار - إذا لم يكن لله خالصا.
3 - هذا الموضوع يُطرح ... لأن النفوس جفت من الإيمان ... والمعاصي كثُرت ...
يُطرح لأن الفتن قد كثرت ... وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (العبادة في الهرج كهجرة إلي) ... والله المستعان.
4 - العبادة والانكسار لله ... عنوان شرف المؤمن.
5 - الإشكال أن يكون حفظ العلم ... غاية يُتوصلُ بها إلى دنايا الدنيا.
6 - كلما زاد العلم ... زادت العبادة ... وإذا زادت العبادة ... زاد الخضوع والاستكانة لله.
7 - إذا نقصت العبادة ... انتكست النفس ... وابتليت بالكبر والعجب.
8 - بعض طلبة العلم ... يوظّف طلَبه للعلم ليتوصل به إلى شهواته ونزواته.
9 - كيف حالنا مع صلاة الجماعة؟! .... على طالب العلم أن يسأل نفسه ... كم مرة فاتته صلاة الفريضة؟! ...
لا أقول: كم مرة فاتته تكبيرة الإحرام - كما كان السلف رحمهم الله - ... أقول: كم مرة فاتته صلاة الفريضة ... ؟!.
10 - إذا كان العلم لا يربي النفوس ... لم يؤثر بها سمتا وعملا ... فلنراجع أنفسنا.
11 - إذا أذن المؤذن ... نتساهل ... حتى تقام الصلاة؟! .... مع أنك إذا تأملت في قوله (الله أكبر) يعني أكبر من كل شيء ... فلا تُقدم غيره عليه.
12 - اسأل نفسك ... كم مرة بكيت من خشية الله؟! ...
13 - جفاف العين ... دليل جفاف القلب.
14 - قال الطبيب لأحد السلف - يشتكي عينيه -: لا تبكي لمدة ثلاثة أيام متوالية ... فقال له: لا حاجة لي بك ...
قال الشيخ خالد وفقه الله: من منّا بكى لمدة ثلاثة أيام متتالية؟! ... في حياته! ...
15 - واقعنا مع العبادة ... واقع مزري ... (قلتُ: ما أقواها ... وما أصدقها).
يتبع بإذن الله.
ـ[وليد النجدي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 04:52 م]ـ
13 - جفاف العين ... دليل جفاف القلب.
.
(وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) والله المستعان ,,
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 05:24 م]ـ
صدقت أخي أبا محمد
فقد حضرت المحاضرة وقد عرفت قدر نفسي حقيقة ..
أسأل الله أن يسترنا وألا يفضحنا .. والله المستعان
ـ[أبوعبدالرحمن المكي التميمي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 06:17 م]ـ
رفع الله قدر الشيخ خالد السبت فعلا تجد فيه السمت والوقار والهيبة ...
وأنا منذ أول شريط سمعته له شعرتُ بأنه من أهل العلم العاملين نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا ...
وأنت أيضا (المسيطير) جزاك الله خيرا ورفع قدرك يامحب الفوائد ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/53)
ـ[المسيطير]ــــــــ[28 - 08 - 08, 06:22 م]ـ
الإخوة الأكارم /
وليد النجدي
عبدالله العلي
أباعبدالرحمن المكي التميمي
أشكر لكم تفضلكم بالمرور، والتعليق، والإضافة، والإفادة، والدعاء ... فجزاكم الله خير الجزاء.
وليت الأفاضل الذين حضروا المحاضرة أو استمعوا إليها ... أن يتحفونا بما عندهم.
فالمقصد الإفادة ... ومراجعة النفس.
ـ[المسيطير]ــــــــ[28 - 08 - 08, 06:35 م]ـ
أيضا من الفوائد:
16 - الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليل ... حتى تتفطر قدماه ... وهذا في غير رمضان ...
فمن منّا فعل ذلك ... ولو مرة واحدة في حياته؟!.
بل بعضنا ... لا يوتر أصلا؟!!.
17 - الشيخ محمد المنصور (أو صالح - الشك مني) يقوم كل ليلة (3) ساعات ... فقام مرة متأخرا ... قبل الفجر بـ (ساعة) ... فقال: اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها!!.
وبعضنا لو قام قبل الفجر بنصف ساعة ... لأعجب بنفسه ... (أو كلمة نحوها).
ثم ذكر - وفقه الله - قصة طالب العلم الذي قام مع الأذان الأول ... في المسجد النبوي ... فخرج ... ظنا منه أنه الأذان الثاني ... يقول: فخرجت فلم أجد إلا القليل من الناس ... فتعجبت ... ثم انتظرت الإقامة ... فتأخر الإمام ... ومن حولي ما بين مصلٍ وداعٍ وقارئ للقرآن ... وصاحبنا لم يعرف أنه في آخر الليل.
يقول الشيخ خالد وفقه الله: انظروا ... طالب علم .. ويحضر الدكتوراة في الجامعة ... ومع هذا ... هذه حاله ... !!.
18 - الشيخ محمد بن قاسم رحمه الله عُرف عنه قيام الليل ... قال عنه ابنه الشيخ عبدالملك: أنه قرأ كتابا عن قيام الليل وعمره (17) سنة ... فما ترك قيام الليل من ذلك الحين!.
وحج رحمه الله أكثر من (50) حجة متوالية ... هذا غير المفرقة.
19 - نشاط الشباب وقوّته ... لا تسعف صاحبها ... إذا كان القلب خاويا!!.
20 - سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى حج (52) حجة ... ولم يترك الحج إلى عام 1418هـ ... وتوفي رحمه الله 1419هـ.
21 - يحج في مخيم ابن باز رحمه الله ما يقارب 800 حاج ... وإذا قال من حوله له عن الزحام وكثرة الناس .. قال: اصبروا ... كلها أياما معدودة ...
22 - يغدّي سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله في بيته في مكة يوميا من 300 - 400 شخص ... بمعدل من 40 - 50 صحن!!.
هل يفعل مثل هذا أحد؟! .... يوميا!!.
يتبع ... (حالنا مع القرآن) ... بإذن الله.
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[28 - 08 - 08, 06:48 م]ـ
جزيت خيرا شيخنا الحبيب
ولعل أحد الإخوة يدلنا على مكانها صوتيا أو يرفعها إن كانت لديه
ـ[ابو صلاح السلفي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 08:24 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي المسيطر على هذه الدرر.
و لقد حضرت المحاضرة , و كنت أقول في نفسي و أنا قادم. كم ياترى عدد الحضور؟ الليلة ليلة خميس, و الوقت وقت إجازة. لكن فُوجئت بالعدد الكثير و الذي قد ملاْ نصف المسجد, و ما أُرجع ذلك و الله أعلم إلا أن الله قد وضع القبول لهذا الشيخ. فالمتابع لدروسه و محاضراته يجد عليها سمات الإخلاص أحسبه كذلك و لا أزكيه على الله.
و للفائدة فإن للشيخ حفظه الله شريط بعنوان: عبادة السلف. فجلُّ ما ذكر في هذه المحاضره مقتيسٌ منه. و كنت اسمعه و أنا قادم إلى المحاضره.
و المحاضرة قيمه و لها أثرٌ عجيب في النفس.
أعجبني اعتذار الشيخ في نهاية المحاضره بقوله (أعتذر إليكم من التقدم بين أيدكم, و الوقوف في هذا الموقف في بلد تزخر بالعلم و العلماء , و لطالما أعتذرت عن ذلك و لكن قدر الله) ففي هذه الكلمات تلحظ تواضع الشيخ حفظه الله.
فهنيئاً لكم يا أهل الدمام بهذا الشيخ.
حفظ الله الشيخ خالد السبت و رفعه درجته و كتب خطواته و بارك في علمه و عمله, و جزى الله القائمين على سلسلة بين يدر رمضان.
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[28 - 08 - 08, 08:35 م]ـ
وأثنِّي على ما ذكرهُ أخي الكريم/ المسيطير أعلاه فأقول: هذه المحاضرة البديعة التي ألقاها الشيخ خالد السبت -أيده الله- من أجملِ ما حضرتُ في حياتي والله، بلْ كما ذكر الإخوان في الجامع-أثابهم الله-أن هذه المحاضرة من أميزِ ما ألقيَ في الجامع على امتدادِ نشاطاته، وأحسبُ أنَّ الشيخَ خالداً في هذا الزمن (عمْلةٌ نادرة).
شكراً للشيخ الفاضل: عبدالمحسن العسكر على إتحافهِ الرياضَ وأهلهُ بالشيخ، ومن معهُ من العاملين.
ونسألُ الله أن تكونَ هذه المحاضرة فاتحةً لمحاضراتٍ أُخَرَ للشيخ في هذا الجامع وغيره.
*الشيخ الذي شككتَ في اسمه أخي المسيطير هو الشيخ (محمد الصالح المنصور-رحمه الله-).
ـ[أبومحمد والبراء]ــــــــ[28 - 08 - 08, 08:49 م]ـ
بارك الله فيك أبا محمد عل هذه الفوائد
وهنيئا لكم بوجود الشيخ خالد السبت بينكم حفظه الله وسدده وجعله مباركا أينما كان
ـ[محمد براء]ــــــــ[28 - 08 - 08, 09:29 م]ـ
أين أجد المحاضرة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/54)
ـ[المسيطير]ــــــــ[28 - 08 - 08, 09:51 م]ـ
الإخوة الأكارم /
أشكر لكم تفضلكم بالمرور، والتعليق، والإضافة، والإفادة، والدعاء ... فجزاكم الله خير الجزاء.
وإذا وجدتُها ... أو وجدها أحد الإخوة ... فلعله يفيدنا بوضعها.
ـ[بندر البليهي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 10:12 م]ـ
بارك الله فيك.
ـ[المسيطير]ــــــــ[28 - 08 - 08, 10:20 م]ـ
أيضا من الفوائد:
23 - موقفنا مع القرآن ... موقف مؤسف!! ...
لنسأل أنفسنا ... كم نختم القرآن في رمضان؟! ... وكم نختمه في باقي أيام السنة؟! ...
ثم ذكر - وفقه الله - قصة أحد الأثرياء ... وقال: لو ذكرتُ اسمه لعرفتموه ... وهو ممن لا يظهر عليه سيما الصلاح ... ومع هذا .. يختم القرآن في كل يومين ختمة!! .... وهو من الأثرياء!!.
24 - بعضنا لا يقرأ القرآن إلا إذا ذهب إلى المسجد!! ... فقراءة كتاب الله عنده ليس لها وقت محدد ... وللأسف.
25 - لو اقتطعت ساعة واحدة فقط ... في اليوم ... فإذا قلنا أن الجزء الواحد يستغرق (20) دقيقة ... فتستطيع في هذه الساعة أن تقرأ ثلاثة أجزاء ... وعليه ستختم القرآن في (10) أيام.
26 - وإذا كان الطريق إلى المسجد يستغرق (3) دقائق ذهابا ... و (3) دقائق إيابا ... أي (6) دقائق في الفرض الواحد ... في (5) فروض ... يكون إجمالي الوقت (30) دقيقة في اليوم ... أي تستطيع في فترة الذهاب والإياب أن تقرأ (جزء ونصف) يوميا .... وعليه تختم القرآن في (20) يوما.
27 - قال أحد الإخوة عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: أنه صلى الفجر في أول يوم من رمضان ثم دخل إلى مسجد الجمعة (المسجد قسم إلى قسمين) ... وقرأ (10) أجزاء ... وهو يمشي ... حتى يطرد النوم ...
(10) أجزاء في أول يوم ... وعليه يختم في كل (3) أيام ختمة .... هذا مع كثرة أعماله - رحمه الله - واتصالاته، وفتاويه، والتزاماته ... ومع هذا في كل (3) أيام ختمة.
28 - الشيخ محمد بن قاسم رحمه الله تعالى يختم في رمضان .... في كل (3) أيام ختمه ... وفي آخر عمره ... يختم في كل يوم ختمه.
29 - لا يمكن أن تسكن الجوارح ... إذا شبع البطن .. كما قال الإمام أحمد.
30 - قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى نقلا: الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة ... وكذلك القلوب ... لا تُدْخلها الملائكة المعاني الطيبة .. انتهى بمعناه.
انتهى ما قيد ... وأسأل الله أن ينفع به.
ـ[أنس الرشيد]ــــــــ[29 - 08 - 08, 02:43 ص]ـ
الأخ الموقر الموفق المسيطر حفظه الله ووقاه وزاده الله علما ً وهداه ..
جزاك الله خيرا ً وبارك فيك
والشيخ خالد مع إني لم أره لكني أحببته وصدق بعض السلف حين قال
أناس ٌ لا نراهم كل يوم أحب إلينا من أناس ٍ نراهم كل يوم ..
ـ[عاصم بن صفوت الشوادفى]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:09 ص]ـ
الحمد لله، و بعد:
فعهدنا بك شيخنا الفاضل المسيطير هو أنك محبٌ للخيرِ وسباقٌ له؛ فنسأل الله تعالى أن يجزل لك المثوبة و أن ينفع بك و أن يزيدك علماً و فهما.
أما عن الشيخ الفاضل / خالد السبت - حفظه الله - فو الله لقد أحببته فى الله من سماعى القريب به - وما ضَره أن يعرفه أمثالى -!
فلو تتحفونا برابط به تعريف شافى كافى لشيخنا حفظه الله و رعاه.
شاكرين لكم ذلك.
و الله يرعاكم.
ـ[تلميذة الأصول]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:37 ص]ـ
نريد رابطاً للمحاضرة بارك الله مسعاكم ...
ـ[مصلح]ــــــــ[29 - 08 - 08, 04:39 ص]ـ
بارك الله فيك أيها الشيخ الكريم: المسيطير
وقد يسر لله للعبد حضور شطر المحاضرة فسرَّه ما سر إخوانه من حسن إلقاء الشيخ وكلماته التي تخالط شغاف القلوب
فنحمد الله ونشكره على ما أبقى للأمة من العلماء الناصحين، ونسأله المزيد من فضله. آمين ..
ـ[المسيطير]ــــــــ[29 - 08 - 08, 02:33 م]ـ
المشايخ الأكارم /
الإخوة الأفاضل /
جزاكم الله خير الجزاء، وأجزله، وأكمله، وأوفاه.
ونطلب من المشايخ / مصلح وأبي عبدالله المحتسب وأبي صلاح السلفي ... والذين حضروا المحاضرة ... أن يتحفونا بما عندهم.
فلو تتحفونا برابط به تعريف شافى كافى لشيخنا حفظه الله و رعاه.
بارك الله فيك ... ونفع بك.
في هذا الرابط ما يفيد:
كل ما يتعلق بالشيخ الدكتور خالد بن عثمان السبت (صوتيات, كتب، تعريف موجز) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=710406)
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[29 - 08 - 08, 04:44 م]ـ
29 - لا يمكن أن تسكن الجوارح ... إذا شبع البطن .. كما قال الإمام أحمد.
الأخ الكريم سامي أقول لك كما تقول دائما للأخوان
جزاكم الله خير الجزاء، وأجزله، وأوفاه ... ولو ما يأتِ من هذا الموضوع إلا هذه النصائح المباركات هنا ... لكفى.
لكن هل من فاضل يشرح لي هذه العبارة .. ؟
ـ[أبوعبدالرحمن المكي التميمي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 05:13 ص]ـ
الأخ الكريم سامي أقول لك كما تقول دائما للأخوان
جزاكم الله خير الجزاء، وأجزله، وأوفاه ... ولو ما يأتِ من هذا الموضوع إلا هذه النصائح المباركات هنا ... لكفى.
لكن هل من فاضل يشرح لي هذه العبارة (لا يمكن أن تسكن الجوارح ... إذا شبع البطن .. كما قال الإمام أحمد) ... ؟
عذرا سأتطفل قليلا على الأفاضل:
جاء في كتاب (بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية):
وفي التكثير - أي تكثير الأكل - (قَسْوَةُ الْقَلْبِ وَفِتْنَةُ الْأَعْضَاءِ لِأَنَّهُ إنْ جَاعَ الْبَطْنُ شَبِعَ سَائِرُ الْأَعْضَاءِ وَسَكَنَ) وَلَمْ يَطْلُبْ مَا لَا يَرْضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى (وَإِنْ شَبِعَ) الْبَطْنُ (جَاعَ سَائِرُ الْأَعْضَاءِ وَهَاجَ) تَحَرَّكَ إلَى مَا يَهْوَاهُ ..... اهـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/55)
ـ[المسيطير]ــــــــ[03 - 09 - 08, 10:51 م]ـ
29 - لا يمكن أن تسكن الجوارح ... إذا شبع البطن .. كما قال الإمام أحمد.
جزاكم الله خيرا.
تسكن الجوارح: لعلها من السكينة والطمأنينة.
ـ[محمد رضا شعنبي]ــــــــ[09 - 09 - 08, 05:51 م]ـ
السلام عليكم الإخوة الأفاضل هل من تسجيل لهذه المحاضرة المباركة لأني ما وجدت المحاضرة في موقع البث الإسلامي
ـ[المغربي أبو عمر]ــــــــ[14 - 09 - 08, 02:35 ص]ـ
وفقك الله المسيطير
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[14 - 09 - 08, 02:39 ص]ـ
السلام عليكم الإخوة الأفاضل هل من تسجيل لهذه المحاضرة المباركة لأني ما وجدت المحاضرة في موقع البث الإسلامي
أبشر .. قريباً تجدها هنا على صفحة أخانا المسيطير
ـ[محمد رضا شعنبي]ــــــــ[14 - 09 - 08, 03:48 م]ـ
بارك الله فيك وأحسن إليك
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[17 - 09 - 08, 04:49 م]ـ
بشرى (مبدئياً) إلا حين خروج المادة على الشبكة
يوم السبت الساعه الواحده ظهرا
عبر إذاعة القرآن الكريم - السعودية -
تستمعون إلى محاضرتكم (طالب العلم ومواسم العبادة)
للشيخ خالد بن عثمان السبت
والإعادة يوم الثلاثاء الساعة الثانية عشر ليلاً
ـ[تيمية]ــــــــ[20 - 09 - 08, 03:25 م]ـ
بشرى (مبدئياً) إلا حين خروج المادة على الشبكة
يوم السبت الساعه الواحده ظهرا
عبر إذاعة القرآن الكريم - السعودية -
تستمعون إلى محاضرتكم (طالب العلم ومواسم العبادة)
للشيخ خالد بن عثمان السبت
والإعادة يوم الثلاثاء الساعة الثانية عشر ليلاً
وهذه المحاضرة مسجلة من إذاعة القران:
طالب العلم ومواسم العبادات ( http://www.archive.org/download/talab_493/rm)
...
ـ[أبوعبدالرحمن المكي التميمي]ــــــــ[20 - 09 - 08, 06:01 م]ـ
الأخ الكريم تيمية الملف بأي صيغة لأنه لايفتح معي مع كل البرامج .......
ـ[تيمية]ــــــــ[20 - 09 - 08, 06:37 م]ـ
رفعته بصيغة rm لكن لا أعلم لماذا لم يشتغل!
تجدونه في المرفقات ..
ـ[محمد رضا شعنبي]ــــــــ[20 - 09 - 08, 06:59 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله جزاكم الله خيرا جميعا وبارك الله في الأخت تيمية على توفيرها للمحاضرة على هذا المنتدى المبارك
بارك الله في الجميع وجز الله خيرا الشيخ ومن عمل على تيسير سبل العلم في كل زمان ومكان
ـ[أبوعبدالرحمن المكي التميمي]ــــــــ[20 - 09 - 08, 07:14 م]ـ
بارك الله في الأخت الكريمة تيمية .....
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[20 - 09 - 08, 07:18 م]ـ
رفعته بصيغة rm لكن لا أعلم لماذا لم يشتغل!
تجدونه في المرفقات ..
بارك الله فيكِ وأحسن إليكِ
لازال الملف معطل .. ؟
ـ[أبوعبدالرحمن المكي التميمي]ــــــــ[20 - 09 - 08, 07:29 م]ـ
أبازارع حاولتُ تشغيله على الحاسب فلم يعمل ثم أرسلتُه لجوالي فعمل!!!
والجوال نوكيا e51
ـ[عبدالرحمن بن طالب]ــــــــ[30 - 09 - 08, 04:37 ص]ـ
بارك الله في الشيخ ونفع به، وللعلم أن الشيخ عرض عليه أكثر من مرة أن يلقي درساً أو محاضرة في الرياض فيرفض ذلك ويقول: (لا يورد التمر على هجر، ولا يورد ممرض على مصح) ..
أسأل الله أن يثبته على طاعته ويزيدنا تقى وإياه .. آمين
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[01 - 10 - 08, 09:56 م]ـ
جزى الله الشيخ خالد السبت خيرا على هذه المحاضرة الرائعة
المؤثرة والواصفة لحالي وحال المقصرين من أمثالي
وجزى الله الشيخ سامي المسيطير خيرا على دلالته على الخير ونقله لتلك الفوائد الجمة من المحاضرة
أسأل الله صلاح القلوب
ـ[سليمان البدراني]ــــــــ[24 - 10 - 08, 02:55 ص]ـ
محاضرة " هتف العلم بالعمل " للشيخ د. أبو عبدالرحمن خالد بن عثمان السبت
الذي يصدق عليه وصف - مرجع طلبة العلم في المنطقة الشرقية - أحسبه كذلك ولا أزكيه.
http://www.liveislam.net/browsesubje...ion=listen&sid
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[26 - 10 - 08, 03:46 م]ـ
جزاكم الله خيرا وجزى الله الشيخ خير الجزاء
على هذه المحاضرة القيمة النافعة وجعلها الله في موازين حسناته
ـ[عبدالرحمن شاهين]ــــــــ[27 - 10 - 08, 01:51 م]ـ
نعم لقد حضرت هذه المحاضرة في جامع الأميرة نورة شمال الرياض، وتمنيت أن الشيخ يحدثنا للصباح من جميل عبارته و تواضعه و سمته ولقد أثرت في نفسي كثيرا تلك الكلمات المضيئة
يحسن في كل طالب علم أو عابد أن يراجع نفسه بين الفينة والأخرى فيستمع هذه المحاضرة ليعلم قدر نفسه وبعده عن عبادة السلف
ـ[المسيطير]ــــــــ[03 - 11 - 08, 09:55 م]ـ
أيضا من الفوائد:
23 - موقفنا مع القرآن ... موقف مؤسف!! ...
ثم ذكر - وفقه الله - قصة أحد الأثرياء ... وقال: لو ذكرتُ اسمه لعرفتموه ...
وهو ممن لا يظهر عليه سيما الصلاح ...
ومع هذا ..
يختم القرآن في كل يومين ختمة!! ....
وهو من الأثرياء!!.
24 - بعضنا لا يقرأ القرآن إلا إذا ذهب إلى المسجد!! ... فقراءة كتاب الله عنده ليس لها وقت محدد ... وللأسف.
أسأل الله أن يصلح أحوالنا ... وأن يردنا إليه ردا جميلا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/56)
ـ[المسيطير]ــــــــ[19 - 11 - 08, 09:06 م]ـ
صدرت هذه المحاضرة ... ولله الحمد.
وقد رأيتها هذا اليوم 21/ 11 / 1429هـ في التسجيلات ....
وهي من إصدار تسجيلات التقوى.
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[19 - 11 - 08, 09:22 م]ـ
صدرت هذه المحاضرة ... ولله الحمد.
وقد رأيتها هذا اليوم 21/ 11 / 1429هـ في التسجيلات ....
وهي من إصدار تسجيلات التقوى.
أحسن الله إليك حبيبنا سامي
ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[20 - 11 - 08, 01:28 ص]ـ
أحسن الله إلى الشيخ أبي عبدالرَّحمن السبت اهتمامه بهذه التربية لأمثالنا.
وأحسن الله إليكَ أخي الكريم المفيد أبا محمَّد ..
29 - لا يمكن أن تسكن الجوارح ... إذا شبع البطن .. كما قال الإمام أحمد.
في ’’ الوَرَعِ ‘‘؛ للإمامِ أحمدَ - رواية المروزيِّ -[ص 100 ط. دار الكتب العلميَّة]:
(قلتُ لأبي عبد الله: يجدُ الرجلُ من قلبِهِ رِقَّةً وهو يَشْبَعُ؟
قال: ما أرى!).
ـ[المسيطير]ــــــــ[21 - 02 - 09, 09:37 م]ـ
الأخ الحبيب / خليل الفائدة
جزاك الله خير الجزاء، وأجزله، وأوفاه.
اشتقنا لك ... ولإطلالاتك البديعة المتميزة ...
زادك الله من فضله، ويسر أمورك، وسددك، ووفقك لكل خير.
ـ[المسيطير]ــــــــ[28 - 03 - 09, 07:42 م]ـ
رابط المحاضرة:
طالب العلم ومواسم العبادات ... للشيخ الدكتور / خالد بن عثمان السبت حفظه الله. ( http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=87151)
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[28 - 03 - 09, 11:49 م]ـ
قريبا بإذن الله
ستنشر بعض المحاضرات للشيخ ألقيت منذ سنوات ولم تنشر بعد
ـ[السلفية النجدية]ــــــــ[01 - 04 - 09, 07:49 ص]ـ
رابط المحاضرة:
طالب العلم ومواسم العبادات ... للشيخ الدكتور / خالد بن عثمان السبت حفظه الله. ( http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=87151)
جزاك الله خيرا ..
قد وضعتها في المفضلة عندي ..
ـ[المسيطير]ــــــــ[05 - 08 - 09, 08:43 ص]ـ
قريبا بإذن الله
ستنشر بعض المحاضرات للشيخ ألقيت منذ سنوات ولم تنشر بعد
جزاك الله خيرا ... بشرى طيبة ... وخبر سار ... أسعدك الله في الدارين ... وأقر عينيك بما تحب.
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[06 - 08 - 09, 03:20 ص]ـ
للرفع
رفع الله قدرك شيخنا المسيطير
ـ[المغربي أبو عمر]ــــــــ[20 - 08 - 09, 02:11 ص]ـ
المحاضرة مفيدة في هذه الايام فاحرص رعاك الله
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=87151
ـ[المسيطير]ــــــــ[04 - 09 - 09, 02:44 م]ـ
الأخوين الكريمين /
أبامالك المصري
المغربي أبو عمر
جزاكم الله خير الجزاء، وأجزله، وأوفاه.
ـ[أبو عمار السلفي]ــــــــ[21 - 01 - 10, 02:36 ص]ـ
للرفع
وفقكم الله
ـ[ابو ايهم المهيرات]ــــــــ[21 - 01 - 10, 02:08 م]ـ
إذا كان العلم لا يربي النفوس ... لم يؤثر بها سمتا وعملا ... فلنراجع أنفسنا
.
أسأل الله ان يلطف بنا
أمين
جُزيت خيراً
ـ[محمد سالم صالح]ــــــــ[21 - 01 - 10, 03:11 م]ـ
شكر الله للشيخ المسيطير ولكل من كتب وأفاد
ـ[المسيطير]ــــــــ[21 - 07 - 10, 11:44 م]ـ
المحاضرة مفيدة في هذه الايام فاحرص رعاك الله
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=87151
بارك الله فيك .. وأسأل الله أن يصلح أحوالنا.
ـ[خالد ضيف الله]ــــــــ[22 - 07 - 10, 10:03 ص]ـ
جزاك الله خير على المحاضرة الرائعة
ـ[أبو مالك السعيدي]ــــــــ[22 - 07 - 10, 01:51 م]ـ
2 - طالب العلم ... قد يكد ويسهر ويتعب ... ويحرم نفسه الملذات المباحة ... ويترك الخروج في النزهات ... اجتهادا في الطلب ... ومع هذا كله ... قد تكون هذه الأعمال ... حجز مقعد له في النار - عياذا بالله من النار - إذا لم يكن لله خالصا.
كلام رائع و الله هذا ما وصل إليه أكثر طلاب العلم إلا من رحم ربي أرجو من الله أن يهديهم و يرجعهم إلى طريق الهدى و طريق الصلاح
ـ[أبو حفص الشاطي]ــــــــ[23 - 07 - 10, 08:18 ص]ـ
لم يتم فتح رابط المحاضرة يرجى اصلاحه
ـ[مبارك الزهراني]ــــــــ[24 - 07 - 10, 08:00 م]ـ
نفع الله بالشيخ خالد السبت ووفقه.
وجزاء الله خيرا اخونا (المسيطير) وجعل ما كتبه من فوائد في ميزان حسناته.
ـ[أبو حفص الشاطي]ــــــــ[24 - 07 - 10, 08:24 م]ـ
أيها الاخوة من منكم ترتقى همته ويضع لنا المحاضرة في هذه الصفحة لكي استطيع تحميلها
ـ[المسيطير]ــــــــ[24 - 07 - 10, 10:33 م]ـ
أيها الاخوة من منكم ترتقى همته ويضع لنا المحاضرة في هذه الصفحة لكي استطيع تحميلها
الرابط في المشاركة (55) يعمل أخي الكريم.
وهذا رابط آخر من موقع الشيخ حفظه الله:
http://www.khaledalsabt.com/ref/media/1054
ـ[أبو حفص الشاطي]ــــــــ[25 - 07 - 10, 12:28 ص]ـ
جزاك الله خيرا وأسال الله أن يعينك على الاخلاص
ـ[علي الكناني]ــــــــ[26 - 07 - 10, 03:08 م]ـ
شكر الله لك ولبقية الإخوة(101/57)
استغاثة من أم كان ابنها مستقيماً فوقع في الإلحاد!
ـ[بندر البليهي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 10:19 م]ـ
فضيلة الشيخ أرجو أن يتسع صدرك لاستغاثتي في مصيبتي في ابني، وترشدني إلى الرأي الصواب بأسرع وقت ممكن: أنا عندي أربعة ذكور، أكبرهم عنده 28 سنة، وآخرهم 21 سنة، ولقد ربيتهم على الالتزام والشرع، فنحن أسرة ملتزمة، وبيتنا وعمل زوجي أيضا منارة للدعوة الإسلامية، ولكن للأسف كان ابتلاؤنا في ابننا، ومصيبتنا في دينه، فالابن الكبير مهندس مرموق، وطموح جدّاً، وذكي جدّاً، ولكن للأسف فوجئنا به يكره الدين، والتزاماته، وتكاليفه الشرعية، ويتهمنا بأننا شاذون عن المجتمع؛ لحرصنا على عدم الاختلاط، وبدأ بإنكار السنَّة، والتهكم على أوامر الدين، وأتم كل هذا، وكانت الطامة الكبرى عندما اصطحبناه للعمرة عسى أن يهديه الله أنه لم يقم بها! ولا الصلاة في المسجد الحرام، وامتنع عن الصلاة نهائيّاً إلا صلاة الجمعة، يؤديها فقط إرضاء لنا، عرفنا وقتها أن ابننا ملحد، وعرفنا أنه أيضا ثقف نفسه من مواقع الإلحاد على النت، وهذا بحكم عمله أنه يعمل على الكمبيوتر، وحاولنا كثيراً معه بالإقناع، وجلس مع شيخ، وأدخلناه موقع " طريق الإيمان " ليحاور إخوة عندهم خبرة ودراية بالرد على الشبهات، واستمر معهم حوالي 6 أشهر، ولكن لا فائدة، وعلمنا أنه يدرس هذا الأمر من أربع سنوات! والآن كلما واجهناه بالكفر ينكر ويقول: أنا مسلم اسماً وأمام الناس، ولا أشيع هذا الأمر، وهذا أمر يخصني، وأنا الذي سأحاسب، ويريد أن يتزوج مسلمة، ونحن أوقفنا زواجه، وامتنعنا أن نشاركه فيه، ولو حتى الخطبة؛ لأن الناس تنخدع بنا كملتزمين ويحسبوه كذلك، وهو يتهمنا بأننا السبب في هذا الحال الذي هو عليه من تشددنا، ويقول: أين دعاؤكم المستجاب؟ وأين الله الذي سيهديني؟ وقد عمل عمرة قبل ذلك ودعا الله فيها أن يهديه، هو يقول: لكل شيء سبب ملموس وعلمي، وأنا لا أرى الله وينكر.
الجواب:
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يُعظم لكم المثوبة، وأن يجزيكم خيراً على ما تقدمونه لأولادكم من عناية ورعاية، وتربية إسلامية، وقد لمسنا من خلال رسالتكم قيامكم بما أوجب الله تعالى عليكم تجاه الأمانة التي ائتمنكم عليها.
وخروج ابنكم عن طاعة ربه تعالى، ورضاه لنفسه بطريق الانحراف والضلال والإلحاد: لا ينبغي أن يسبب لكم قلقاً في أنكم مقصرون، أو تربيتكم لأولادكم هي السبب، كما قال ذلك الابن المنحرف، بل أنتم على خير عظيم، إن شاء الله، وغيركم ممن لم يفعل فعلكم هو المقصِّر في حق نفسه، وفي حق أولاده، فلا تلتفتوا لوساوس الشيطان، ولا يصدنكم كلام ابنكم عن الاستمرار في التربية الإسلامية لأولادكم، وفي البقاء على الالتزام بشرع الله تعالى.
واعلموا أنكم غير آثمين على ما وصل له حال ابنكم؛ لأنكم لم تقصروا في توجيهه، وتربيته على الإسلام، ومن كان هذا حاله: فإنه لا يأثم إن خرج بعض أفراد أسرته عن جادة الصواب، وإنما يأثم من كان مقصِّراً، أو مهملاً في رعاية أولاده والعناية بهم.
وها هو نوح عليه السلام فقد رأينا ماذا حلَّ بابنه وامرأته، فقد هلكا مع الهالكين، ولم يألُ نوح عليه السلام جهداً في دعوتهم وهدايتهم، ولم يستجيبا له، فعاقبهما الله، وكانا من المغرَقين.
ومثله يقال في امرأة لوط عليه السلام، ووالد إبراهيم عليه السلام، وأبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، فكل أولئك الأنبياء والرسل قد أدوا ما أمرهم الله تعالى به من الأمانة على أكمل وجهها، ولم يقصروا في حق أهليهم، ولكن القلوب بيد الله تعالى يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، وما يضل إلا الفاسقين، قال الله تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) البقرة/ 272، وقال سبحانه: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) القصص/ 56.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله –:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/58)
يُخبر تعالى أنك يا محمد - وغيرك من باب أولى - لا تقدر على هداية أحد، ولو كان من أحب الناس إليك، فإن هذا أمر غير مقدور للخلق: هداية التوفيق، وخلق الإيمان في القلب، وإنما ذلك بيد اللّه سبحانه تعالى، يهدي من يشاء، وهو أعلم بمن يصلح للهداية فيهديه، ممن لا يصلح لها فيبقيه على ضلاله.
وأما إثبات الهداية للرسول في قوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ): فتلك هداية البيان والإرشاد، فالرسول يبين الصراط المستقيم، ويرغِّب فيه، ويبذل جهده في سلوك الخلق له، وأما كونه يخلق في قلوبهم الإيمان، ويوفقهم بالفعل، فحاشا وكلا. " تفسيرالسعدي " (620).
وانظري جواب السؤال رقم: (12053).
واعلمي أيتها الأخت الفاضلة أن الحجة مقامة على ولدك، وليس هو في سن تستطيعون توجيهه والتحكم به، فليس أمامكم إلا الدعاء له بالهداية، فألحوا على ربكم تعالى، وأكثروا الدعاء له في أوقات السحَر، وفي السجود، فلعلَّ الله تعالى أن يستجيب لكم
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ / قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ).
رواه الترمذي (1905) وأبو داود (1563) وابن ماجه (3862)، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
قال العظيم آبادي – رحمه الله –:
(دعوة الوالد) أي: لولده، أو عليه، ولم يذكر الوالدة؛ لأن حقها أكثر، فدعاؤها أولى بالإجابة.
" عون المعبود " (4/ 276).
وقال المناوي – رحمه الله -:
(ودعوة الوالد لولده) لأنه صحيح الشفقة عليه، كثير الإيثار له على نفسه، فلما صحت شفقته: استجيبت دعوته، ولم يذكر الوالدة مع أن آكدية حقها تؤذن بأقربية دعائها إلى الإجابة من الوالد؛ لأنه معلوم بالأولى.
" فيض القدير " (3/ 301).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -
(دعوة الوالد) في بعض ألفاظ الحديث (على ولده)، وفي بعض ألفاظه مطلقة (الوالد) أي: سواء دعا لولده، أو عليه، وهذا هو الأصح، دعوة الوالد لولده، أو عليه مستجابة، أما دعوته لولده: فلأنه يدعو لولده شفقة، ورحمة، والراحمون يرحمهم الله عز وجل، وأما عليه: فإنه لا يمكن أن يدعو على ولده إلا باستحقاق، فإذا دعا عليه وهو مستحق لها: استجاب الله دعوته.
هذه ثلاث دعوات مستجابات: دعوة المظلوم، والمسافر، والوالد، سواء الأم، أو الأب.
" شرح رياض الصالحين " (3/ 157) طبعة دار ابن الهيثم.
وقد بينا شروط الدعاء لكي يكون مستجاباً مقبولاً عند الله في جواب السؤال رقم (13506)
وذكرنا أماكن وأوقات إجابة الدعاء في جواب السؤال رقم: (22438).
فلينظرا.
وأما ما أنكم لا تساعدونه في أمر زواجه، ولا تذهبون معه إلى أحد، فهذا هو الواجب عليكم، ولو بقي على هذه الحال إلى آخر عمره؛ فالناس، كما قلت ـ أيتها السائلة الكريمة ـ سوف يغترون بحالكم، ويظنون أن ابنكم مثلكم، أو ـ على أقل حال ـ إن اختلف، أو ساء أمره، فلن يتصور أحد أنه قد بلغ هذا المبلغ.
نسأل الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل، وأن يصلح لنا أزواجنا وذرياتنا.
والله أعلم
http://www.islam-qa.com/ar/ref/112042(101/59)
إمتحانات الأزهر لخريجي الجامعات (المعادلة)
ـ[أبو لقمان المصري]ــــــــ[29 - 08 - 08, 02:11 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخيراً ..
إمتحانات القبول في جامعة الأزهر لخريجي الجامعات المصرية للعام الدراسي 2008 - 2009 م.
أو ما يسمى بإمتحان المعادلة للثانوية الأزهرية
www.Azzhar.com
وجزاكم الله خيرا.(101/60)
هل روى البخاري عن عمران بن حصين أن النبي توضأ من مزادة امرأة مشركة؟
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:11 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله .. أما بعدُ
في مسألة (آنية الكفار وثيابهم طاهرة) قال الشيخ يوسف الشبيلي: أن البخاري روى عن عمران بن حصين أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - توضأ من مزادة امرأة مشركة.
بحثت في صحيح البخاري فلم أقف على هذا، وبعد محاولات هذا ما وجدته:
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ
أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ فَأَدْلَجُوا لَيْلَتَهُمْ ........ وَقَدْ عَطِشْنَا عَطَشًا شَدِيدًا فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ فَقُلْنَا لَهَا أَيْنَ الْمَاءُ فَقَالَتْ إِنَّهُ لَا مَاءَ فَقُلْنَا كَمْ بَيْنَ أَهْلِكِ وَبَيْنَ الْمَاءِ قَالَتْ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَقُلْنَا انْطَلِقِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ وَمَا رَسُولُ اللَّهِ فَلَمْ نُمَلِّكْهَا مِنْ أَمْرِهَا حَتَّى اسْتَقْبَلْنَا بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثَتْهُ بِمِثْلِ الَّذِي حَدَّثَتْنَا غَيْرَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا مُؤْتِمَةٌ فَأَمَرَ بِمَزَادَتَيْهَا فَمَسَحَ فِي الْعَزْلَاوَيْنِ فَشَرِبْنَا عِطَاشًا أَرْبَعِينَ رَجُلًا حَتَّى رَوِينَا فَمَلَأْنَا كُلَّ قِرْبَةٍ مَعَنَا وَإِدَاوَةٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ نَسْقِ بَعِيرًا وَهِيَ تَكَادُ تَنِضُّ مِنْ الْمِلْءِ ثُمَّ قَالَ هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ فَجُمِعَ لَهَا مِنْ الْكِسَرِ وَالتَّمْرِ حَتَّى أَتَتْ أَهْلَهَا قَالَتْ لَقِيتُ أَسْحَرَ النَّاسِ أَوْ هُوَ نَبِيٌّ كَمَا زَعَمُوا فَهَدَى اللَّهُ ذَاكَ الصِّرْمَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَأَسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا [الشاملة].
ففيها شربنا و ملأنا، وليس فيها أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - توضأ. فمن يفيدني حول هذه الرواية التي ذكرها الشيخ يوسف الشبيلي؟
ـ[أبو يوسف الثبيتي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:18 ص]ـ
ليس فيه الوضوء أبداً.
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:26 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
فهل جاء عن عمران بن حصين أو عن غيره أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - توضأ من مزادة امرأة مشركة؟
تذكرت شيئا: أن الشيخ - حفظه الله - قال: (في الصحيحين) قتردد ثم قال (روى البخاري)؛ لعل فيه إشارة إلى احتمال وهمه.
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:36 ص]ـ
جاء في التكميل لما فات تخريجه من ارواء الغليل ما نصه
قال المُخَرّجُ (1/ 72):
36 - (لم أجده، والمؤلف تبع فيه مجد الدين بن تيمية فإنه قال في "المنتقى": " وقد صح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الوضوء من مزادة مشركة".
ومر عليه الشوكاني في " نيل الأوطار" (1/ 70) فلم يخرجه ولم يتكلم عليه من حيث ثبوته بشيء! وأنا أظن أن المجد يعني به حديث عمران بن حصين الطويل، في نوم الصحابة عن صلاة الفجر، لكن ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم ـ توضأ من المزادة) اهـ.
قال مُقَيّدُه:
قال الحافظ ابن عبد الهادي في " المحرر" (ص7):
(وعن عمران بن حصين ـ رضي الله عنهما ـ " أن النبي صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه توضأوا من مزادة امرأة مشركة" متفق عليه، وهو مختصر من حديث طويل) اهـ، ووافقه عليه الحافظ ابن حجر في " بلوغ المرام") حديث 25).
ففي قول الحافظ ابن عبد الهادي ببيان لما ظهر للمخرج، وجزمه بأن النبي صلى الله عليه وسلم ـ توضأ قد يكون أخذه من بعض الطرق، أو من المعنى فإن سياق القصة يقتضيه، وهو الظاهر كما قال النووي في " المجموع " (1/ 263).
ولعل ذلك يؤخذ من روايه الدارقطني
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/61)
حدثنا الحسين بن إسماعيل نا علي بن مسلم نا أبو داود نا عباد بن راشد سمعت أبا رجاء العطاردي قال سمعت عمران بن حصين قال سار بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ثم عرسنا فلم نستيقظ إلا بحر الشمس فاستيقظ منا ستة قد نسيت أسماءهم ثم استيقظ أبو بكر رضي الله عنه فجعل يمنعهم أن يوقظوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول لعل الله أن يكون احتبسه في حاجته فجعل أبو بكر يكثر التكبير فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله ذهبت صلاتنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تذهب صلاتكم ارتحلوا من هذا المكان فارتحل فسار قريبا ثم نزل فصلى فقال أما إن الله قد أتم صلاتكم قالوا يا رسول الله إن فلانا لم يصل معنا فقال له ما منعك أن تصلي قال يا رسول الله أصابتني جنابة قال فتيمم الصعيد وصله فإذا قدرت على الماء فاغتسل وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا في طلب الماء ومع كل واحد منا إداوة مثل أذني الأرنب بين جلده وثوبه إذا عطش رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدرناه بالماء فانطلق حتى ارتفع عليه النهار ولم يجد ماء فإذا شخص قال علي رضي الله عنه مكانكم حتى ننظر ما هذا قال فإذا امرأة بين مزادتين من ماء فقيل لها يا أمة الله أين الماء قالت لا ماء والله لكم استقيت أمس فسرت نهاري وليلي جميعا وقد أصبحنا إلى هذه الساعة قالوا لها انطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ومن رسول الله قالوا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت مجنون قريش قالوا إنه ليس بمجنون ولكنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت يا هؤلاء دعوني فوالله لقد تركت صبية لي صغارا في غنيمة قد خشيت أن لا أدركهم حتى يموت بعضهم من العطش فلم يملكوها من نفسها شيئا حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بها فأمر بالبعير فأنيخ ثم حل المزادة من أعلاها ثم دعا بإناء عظيم فملأه من الماء ثم دفعه إلى الجنب فقال اذهب فاغتسل قالوا أيم الله ما تركنا من إداوة ولا قربة ماء ولا إناء إلا ملأه من الماء وهي تنظر ثم شد المزادة من أعلاها وبعث بالبعير وقال يا هذه دونك ماءك فوالله إن لم يكن الله زاد فيه ما نقص من مائك قطرة ودعا لها بكساء فبسط ثم قال لنا من كان عنده شيء فليأت به فجعل الرجل يأتي بخلق النعل وبخلق الثوب والقبضة من الشعير والقبضة من التمر والفلقة من الخبز حتى جمع لها ذلك ثم أوكاه لها فسألها عن قومها فأخبرته قال فانطلقت حتى أتت قومها قالوا اما حبسك قالت أخذني مجنون قريش والله إنه لأحد الرجلين إما أن يكون أسحر ما بين هذه وهذه تعني السماء والأرض أو إنه لرسول الله حقا قال فجعل خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم تغير على من حولهم وهم آمنون قال فقالت المرأة لقومها أي قوم والله ما أرى هذا الرجل إلا قد شكر لكم ما أخذ من مائكم ألا ترون يغار على من حولكم وأنتم آمنون لا يغار عليكم هل لكم في خير قالوا وما هو قالت نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسلم قال فجاءت تسوق بثلاثين أهل بيت حتى بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا
سنن الدارقطني: ج1/ص200 ح2
فقوله
ثم دعا بإناء عظيم فملأه من الماء ثم دفعه إلى الجنب فقال اذهب فاغتسل قالوا أيم الله ما تركنا من إداوة ولا قربة ماء ولا إناء إلا ملأه من الماء
يمتنع معه أن يتيمموا بعد ذلك
والله أعلم
ـ[أبو يوسف الثبيتي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:42 ص]ـ
(" توضأ صلى الله عليه وسلم من مزادة مشثركة ") ص 14 - 15. لم اجده
والمؤلف تبع فيه مجدالدين بن تيمية فانه قال في " المنتقى ": " وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء من مزادة مشركة ". ومر عليه الشوكاني في " نيل الاوطار " (1/ 70) فلم يخرجه ولم يتكلم عليه من حيث ثبوته ووروده بشئ! وأنا أظن أن المجد يعني به حديث عمران بن حصين الطويل (1) في نوم الصحابة عن صلاة الفجر لكن ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من المزادة. وهاك لفظه بطوله لفائدته قال عمران: " كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم وإنا أسرينا حتى إذا كنا في آخر الليل وقعنا وقعة. ولا وقعة أحلى عند المسافر منها فما أيقظنا إلا حر الشمس فكان أول من استيقظ فلان ثم فلان ثم فلان يسميهم أبو رجاء. فنسى عوف ثم عمر بن الخطاب الرابع وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/62)
نام لم يوقظه حتى يكون هو يستيقظ لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه فلما استيقظ عمر وراى ما أصاب الناس وكان رجلا جليدا فكبر ورفع صوته بالتكبير. فما زال يكبر ويرفع صوته بالتكبير حتى لنا استيقظ لصوته النبي صلى الله عليه وسلم. فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم فقال: لا ضير أو لا يضر ارتحلوا فارتحلوا فسار غير بعيد ثم نزل فدعا بالوضوء فتوضأ. ونودى بالصلاة فصلى بالناس فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم قال: ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء قال: عليك بالصعيد فانه يكفيك. ثم سار النبي صلى الله عليه وسلم فاشتكى إليه الناس من العطش فنزل فدعا فلانا - كان يسميه أبو رجاء نسيه عوف - ودعا عليا فقال: اذهبا فابتغيا الماء فانطلقا فلقيا امرأة بين مزادتن أوسطيحتين من ماء على بعير لها فقالا: اين الماء؟ قالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة ونفرنا خلوف قالا لها: انطلقي إذن قالت: إلى اين؟ قالا: إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: الذي يقال له الصابئ؟ قالا: هو الذي تعنين. فانطلقا فجاءا بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحدثاه الحديث قال: فاستنزلوها عن بعيرها ودعا النبي صلى الله عليه وسلم باناء ففرغ فيه من أفواه المزادتين أ و السطيحتين رأوكى أفواههما " وأطلق الفرارتين ونودى في الناس: اسقوا واستقوا فسقى من سقى واستقى من شاء وكان اخر ذاك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء وقال: اذهب فافرغه عليك وهى قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها وايم الله لقد أقلع عنها شنة ليخيل الينا أنها أشد ملئة منها حين ابتدأ فيها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أجمعوا لها. فجمعوا لها من بين عجوة ودقيقة وسويقة حتى جمعوا لها طعاما فجعلوه في ثوب وحملوها على بعيرها ووضعوا لثوب بين يديها فقال لها: " تعلمين ما رزأنا من مائك شيئا ولكن الله هو الذي أسقانا فاتت اهلها وقد احتبست عنهم قالوا: ما حبسك يا فلانة؟ قالت: العجب لقيني رجلان فذهبا بى إلى هذا الرجل الذي يقال له الصابئ ففعل كذا وكذا فو الله انه لأسحر الناس من بين هذه وهذه أو قالت باصبعيها الوسطى والسبابة فرفعتهما إلى السماء تعني السماء والارض أو إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم حقا فكان المسلمون د بغيرون على من حولها من المشركين. ولا يصيبون الصرم الذي هي منه فقالت يوما لقومها: ما أرى هؤلاء القوم يدعونكم عمدا " فهل لكم في الإسلام؟ فاطاعوها فدخلوا في الإسلام ". أخرجه البخاري (1/ 95 - 97) ومسلم (2/ 1 4 0 - 1 4 2) وأحمد (4/ 434 - 435). والبيهقي (1/ 32 و 218 - 219 و 219) وزاد في رواية بعد قوله " أو السطيحتين ": " فمضمض في الماء فاعاده في أفواه المزادتين أو السطيحتين ". واسنادها صحيح ورواها الطبراني ايضا كما في " الفتح " (1/ 383). قلت: فأنت ترى أنه ليس في الحديث توضؤه صلى الله عليه وسلم من مزادة المشركة ولكن فيه استعماله صلى الله عليه وسلم لمزادة المشركة وذلك يدل على غرض المؤلف من سوق الحديث وهو إثبات طهارة آنية الكفار وقد قال الحافظ: " واستدل بهذا على جواز استعمال أواني المشركين ما لم يتيقن فيها النجاسة). ولعله قد جاء ما ذكره المجد في قصة أخرى غير هذه لا تحضرني الآن. والله أعلم
من إرواء الغليل.
_________
(1) ثم رأيت الحافظ بن حجر ذكره في " بلوغ المرام " (1/ 45 - بشرحه) من حديث عمران وقال: متفق عليه في حديث طويل!!
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:51 ص]ـ
الفاضلان /
أبو يوسف الثبيتي
وأبو القاسم المصري
جزاكما الله خيرا ونفع بكما(101/63)
ضياع رمضان بين عبادات مخترعة وعادات مصطنعة
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:14 ص]ـ
إخواني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله جميعا بكل خير
عرض لي الآن أن أتناول في خطبتي غدا الأسباب التي بها يضيع رمضان على كثير من المسلمين ورأيت أن أجعل عنوانها
ضياع رمضان بين عبادات مخترعة وعادات مبتدعة
ولا شك أن المقصود واضح
فسأتكلم عن بعض العادات التي يصطنعها الناس اصطناعا في هذا الشهر وتكون سببا في ذهاب الأوقات والليالي الفاضلة بلا فائدة
ثم الكلام على ما يبتدعه البعض من عبادات فيكون حالهم التعب والنصب بلا أجر
كصلاة بعضهم التراويح صلاة تخلو من الخشوع بل هي أشبه ما تكون بالتمارين الرياضية
فهل من مفيد في هذا الموضوع بما يفتح الله عليه وجزاكم الله خيرا
ـ[قدري محمد قابيل]ــــــــ[14 - 08 - 10, 03:26 ص]ـ
1 - الانشغال بالأكل والشرب والاسراف في ذلك حتى صار عند بعض الناس هو شغلهم الشاغل في اول رمضان.
2 - في وسط رمضان الكعك والبسكويت وخلافه.
3 - في اخر رمضان الانشغال بشراء الملابس.
ولاتقول في هذه الثلاثة هو شغل للنساء فقط لا بل هو شغل للرجال مثل النساء أو أكثر والامر واضح جدا
4 - السهرات الرمضانية للقراء المبتدعين.
5 - الدورات الرمضانية في لعب الكرة.
6 - التلفزيون ومسلسلاته وافلامه.
7 - المجالس بعد القيام لضياع الاوقات.
8 - المقاهي الرمضانية.
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[14 - 08 - 10, 05:24 م]ـ
سبحان الله كم ينسى الإنسان
كتبت هذه الكلمات منذ سنتين في رمضان قبل الماضي
ولما وصلني على البريد الرد عليها عجبني العنوان
ضياع رمضان بين عبادات مخترعة وعادات مصطنعة
أسأل الله أن يسلم لنا رمضان
والشكر للأخ قدري على الرد
ـ[أبو النصر المنصوري]ــــــــ[14 - 08 - 10, 06:55 م]ـ
جزاك الله خيرا ياابا القاسم
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[14 - 08 - 10, 08:07 م]ـ
جزاك الله خيرا ياابا القاسم
وأنت أبا منصور فجزاك الله خيرا(101/64)
استفسار بخصوص الذكر الجماعي
ـ[اسامة سليمان]ــــــــ[29 - 08 - 08, 05:47 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مشايخنا الكرام لي استفسار
كنت اقرأ رسالة لشيخنا الدكتور محمد اسماعيل المقدم حفظه الله تعالى بعنوان عودوا الى خير الهدي
وفي سياق حديثه عن البكاء عند قراءة القرآن ذكر هذا الاثر
عن عبد الله بن عبيدة ان نفرا اجتمعوا في حجرة صفية زوج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فذكروا الله وتلوا القرآن وسجدوا فنادتهم صفية رضى الله عنها: هذا السجود وتلاوة القرآن فأين البكاء؟. حلية الاولياء (2/ 55)
واستفساري هنا
ألا يحتمل ان يستدل بعض المتصوفة بهذا الاثر على مشرعية الذكر الجماعي؟
فالظاهر - كما فهمت - انهم جماعة وانهم قرأوا نفس السورة والا لماذا سجدوا جميعا؟
فهل هذا يحتمل وبماذا نرد اذا استدل احدا منهم بهذا الاثر؟
ارجوا الافادة مشايخنا الكرام جزاكم الله خيرا
ـ[اسامة سليمان]ــــــــ[29 - 08 - 08, 04:34 م]ـ
نرجوا الافادة بارك الله فيكم
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 04:57 م]ـ
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فِي رَجُلٍ يُنْكِرُ عَلَى أَهْلِ الذِّكْرِ، يَقُولُ لَهُمْ: هَذَا الذِّكْرُ بِدْعَةٌ وَجَهْرُكُمْ فِي الذِّكْرِ بِدْعَةٌ، وَهُمْ يَفْتَتِحُونَ بِالْقُرْآنِ وَيَخْتَتِمُونَ، ثُمَّ يَدْعُونَ لِلْمُسْلِمِينَ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ، وَيَجْمَعُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّكْبِيرَ وَالْحَوْقَلَةَ، وَيُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُنْكِرُ يَعْمَلُ السَّمَاعَ مَرَّاتٍ بِالتَّصْفِيقِ وَيَبْطُلُ الذِّكْرُ فِي وَقْتِ عَمَلِ السَّمَاعِ.
فأجاب رحمه الله تعالى:
الِاجْتِمَاعُ لِذِكْرِ اللَّهِ وَاسْتِمْتَاعِ كِتَابِهِ وَالدُّعَاءُ عَمَلٌ صَالِحٌ، وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ الْقُرُبَاتِ وَالْعِبَادَاتِ فِي الْأَوْقَاتِ، فَفِي الصَّحِيحِ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ، فَإِذَا مَرُّوا بِقَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إلَى حَاجَتِكُمْ} وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: {وَجَدْنَاهُمْ يُسَبِّحُونَك وَيَحْمَدُونَك}.
لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا أَحْيَانًا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَمْكِنَةِ، فَلَا يُجْعَلُ سُنَّةً رَاتِبَةً يُحَافِظُ عَلَيْهَا إلَّا مَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي الْجَمَاعَاتِ وَمِنْ الْجُمُعَاتِ وَالْأَعْيَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا مُحَافَظَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى أَوْرَادٍ لَهُ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ الْقِرَاءَةِ أَوْ الذِّكْرِ أَوْ الدُّعَاءِ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَهَذَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، فَمَا سُنَّ عَمَلُهُ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِمَاعِ كَالْمَكْتُوبَاتِ، فُعِلَ كَذَلِكَ، وَمَا سُنَّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الِانْفِرَادِ مِنْ الْأَوْرَادِ عُمِلَ كَذَلِكَ، كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَجْتَمِعُونَ أَحْيَانًا يَأْمُرُونَ أَحَدَهُمْ يَقْرَأُ وَالْبَاقُونَ يَسْتَمِعُونَ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ يَا أَبَا مُوسَى ذَكِّرْنَا رَبَّنَا، فَيَقْرَأُ وَهُمْ يَسْتَمِعُونَ، وَكَانَ مِنْ الصَّحَابَةِ مَنْ يَقُولُ:"اجْلِسُوا بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً" {وَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ التَّطَوُّعَ فِي جَمَاعَةٍ مَرَّاتٍ}، {وَخَرَجَ عَلَى الصَّحَابَةِ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَفِيهِمْ قَارِئٌ يَقْرَأُ فَجَلَسَ مَعَهُمْ يَسْتَمِعُ}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/65)
وَمَا يَحْصُلُ عِنْدَ السَّمَاعِ وَالذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ مِنْ وَجَلِ الْقَلْبِ، وَدَمْعِ الْعَيْنِ، وَاقْشِعْرَارِ الْجُسُومِ، فَهَذَا أَفْضَلُ الْأَحْوَالِ الَّتِي نَطَقَ بِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَأَمَّا الِاضْطِرَابُ الشَّدِيدُ وَالْغَشْيُ وَالْمَوْتُ وَالصَّيْحَاتُ، فَهَذَا إنْ كَانَ صَاحِبُهُ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ لَمْ يُلَمْ عَلَيْهِ، كَمَا قَدْ كَانَ يَكُونُ فِي التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، فَإِنَّ مَنْشَأَهُ قُوَّةُ الْوَارِدِ عَلَى الْقَلْبِ مَعَ ضَعْفِ الْقَلْبِ، وَالْقُوَّةُ وَالتَّمَكُّنُ أَفْضَلُ كَمَا هُوَ حَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ.
وَأَمَّا السُّكُونُ قَسْوَةٌ وَجَفَاءٌ فَهَذَا مَذْمُومٌ لَا خَيْرَ فِيهِ.
وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ السَّمَاعِ فَالْمَشْرُوعُ الَّذِي تَصْلُحُ بِهِ الْقُلُوبُ وَيَكُونُ وَسِيلَتَهَا إلَى رَبِّهَا بِصِلَةِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا هُوَ سَمَاعُ كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ سَمَاعُ خِيَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ} وَقَالَ: {زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ} وَهُوَ السَّمَاعُ الْمَمْدُوحُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لَكِنْ لَمَّا نَسِيَ بَعْضُ الْأُمَّةِ حَظًّا مِنْ هَذَا السَّمَاعِ الَّذِي ذُكِّرُوا بِهِ أُلْقِيَ بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ، فَأَحْدَثَ قَوْمٌ سَمَاعَ الْقَصَائِدِ وَالتَّصْفِيقِ وَالْغِنَاءِ مُضَاهَاةً لِمَا ذَمَّهُ اللَّهُ مِنْ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ وَالْمُشَابَهَةِ لِمَا ابْتَدَعَهُ النَّصَارَى، وَقَابَلَهُمْ قَوْمٌ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ، وَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً مُضَاهَاةً لِمَا عَابَهُ اللَّهُ عَلَى الْيَهُودِ.
وَالدِّينُ الْوَسَطُ هُوَ مَا عَلَيْهِ خِيَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انتهى.
فالذكر الجماعة ليس بدعة، طالما كان الذاكرون مراعين لآداب الإسلام، ولم يتخذ ذلك سنة راتبة.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 05:00 م]ـ
وهذا بحث للشيخ محمد الأمين وهو عضو معنا في الملتقى
#######################
فاقرأه، وإن بدا لك شيء فناقشه.
ـ[معتز]ــــــــ[29 - 08 - 08, 11:34 م]ـ
ألا يحتمل ان يستدل بعض المتصوفة بهذا الأثر على مشرعية الذكر الجماعي؟
فالظاهر - كما فهمت - أنهم جماعة وانهم قرأوا نفس السورة والا لماذا سجدوا جميعا؟
فهل هذا يحتمل وبماذا نرد اذا استدل احدا منهم بهذا الاثر؟
ارجوا الافادة مشايخنا الكرام جزاكم الله خيرا
لا استدلال لهم بذلك الأثر، فمن الممكن أن يقرأ أحدهم ويصل إلى آية فيها سجدة فيسجد الباقون، وهذا مشروع.
أما الأخ محمد العبادي فلابد أن يوضح قوله:
"فالذكر الجماعة ليس بدعة، طالما كان الذاكرون مراعين لآداب الإسلام، ولم يتخذ ذلك سنة راتبة".
فما مقصودك يا أخ محمد بـ "الذكر الجماعي"؟
أتقصد دروس العلم مثلا؟ أو المقرأة؟
خصوصًا أنك نقلت كلام شيخ الإسلام والذي فيه: "فَمَا سُنَّ عَمَلُهُ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِمَاعِ كَالْمَكْتُوبَاتِ، فُعِلَ كَذَلِكَ، وَمَا سُنَّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الِانْفِرَادِ مِنْ الْأَوْرَادِ عُمِلَ كَذَلِكَ، كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَجْتَمِعُونَ أَحْيَانًا يَأْمُرُونَ أَحَدَهُمْ يَقْرَأُ وَالْبَاقُونَ يَسْتَمِعُونَ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ يَا أَبَا مُوسَى ذَكِّرْنَا رَبَّنَا، فَيَقْرَأُ وَهُمْ يَسْتَمِعُونَ، وَكَانَ مِنْ الصَّحَابَةِ مَنْ يَقُولُ:"اجْلِسُوا بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً" {وَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ التَّطَوُّعَ فِي جَمَاعَةٍ مَرَّاتٍ}، {وَخَرَجَ عَلَى الصَّحَابَةِ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَفِيهِمْ قَارِئٌ يَقْرَأُ فَجَلَسَ مَعَهُمْ يَسْتَمِعُ} ".
لأن الذكر الجماعي الآن السائد، هو اجتماع الناس في حلق، ويذكرون الله بصوت عالٍ، ويأتون بالأعاجيب وبديع الأقوال، التي يتخللها الشرك أحيانًا كثيرة.
فلتوضح كلامك أخي الحبيب محمد حتى لا يُفهم خطأ.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:01 ص]ـ
##################
ـ[اسامة سليمان]ــــــــ[30 - 08 - 08, 07:42 ص]ـ
جزاكم الله خيرا مشايخنا(101/66)
من أخبار المصطفى للشيخ المنجد بعد صلاة التراويح
ـ[أبو طلحة الحضرمي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 07:51 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد،،،
فهذه بشرى سارة لساكني مدينة جدة ومن حولها بقدوم الشيخ محمد بن صالح المنجد
وسيكون له درس يومي بعنوان (من أخبار المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) بعد صلاة التراويح إلى العشرين من رمضان المبارك لعام 1429 في مسجد الملك فهد يرحمه الله بحي الشاطئ غرب ميدان الكرة الأرضية وسيؤم المصلين في صلاة التراويح القارئ الشيخ عبدالولي الأركاني
أسأل الله العلي العظيم أن يبلغنا رمضان وأن يعيينا فيه على الصيام والقيام
ـ[احمد ابو البراء]ــــــــ[29 - 08 - 08, 11:14 ص]ـ
ما شاء الله هنيئا لأهل جدة ومن حولها
رزقنى الله وجميع أرض الكنانة الصبر والرضا بالقضاء والصبر على مصيبة بعد الشيخ عنا
ـ[أبو طلحة الحضرمي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 04:25 م]ـ
ما شاء الله هنيئا لأهل جدة ومن حولها
رزقنى الله وجميع أرض الكنانة الصبر والرضا بالقضاء والصبر على مصيبة بعد الشيخ عنا
أرض الكنانة فيها علماء ومشايخ كبار أمثال الحويني وحسان والشيخ عمرو عبداللطيف رحمه الله والكثير
حفظ الله بلاد المسلمين وحماة الدين من كل مكروه
ـ[احمد ابو البراء]ــــــــ[29 - 08 - 08, 05:04 م]ـ
نعم صحيح شيخ ابراهيم بن عبدالرحمن ونحن ننهل من علمهم لكن الشيخ المنجد حفظه الله له حب غير عادى فى قلبى - أتكلم عن نفسى شخصيا- والله وددت لو أضحى بمالى وحالى ودنياي فى سبيل الجلوس بين يديه والأخذ من أدبه وسمته وحلمه وعلمه
لكن عزائى فيه أن دروس الشيخ ولله الحمد موجودة على الشبكة
فلله الحمد والمنة
جمعى الله بالشيخ فى الدنيا وجمعنى به وبكم مع النبى فى الفردوس
ـ[احمد ابو البراء]ــــــــ[29 - 08 - 08, 05:06 م]ـ
جمعنى الله
ـ[أبو طلحة الحضرمي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:20 ص]ـ
اللهم آمين
وسأقوم بمشئية الله برفع درس الشيخ الأخير بعنوان التحريش
ـ[احمد ابو البراء]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:32 ص]ـ
جزاك الله خيرا
لكن لى رجا شيخ ابراهيم بن عبدالرحمن إن قابلت الشيخ صافحه وقبل رأسه بالنيابة عنى واطلب منه الدعاء لى بظهر الغيب
ـ[أبو طلحة الحضرمي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:11 م]ـ
لكن مني ذلك بمشيئة الله تعالى(101/67)
هل هناك خطأ شرعي في كلمة (رمضان كريم)؟
ـ[حمدي أبوزيد]ــــــــ[29 - 08 - 08, 10:43 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله.
تكثر في شهر رمضان كلمة (رمضان كريم) حيث عندما نهنئ شخص بحلول شهر رمضان المبارك نقول له: رمضان كريم.
فهل هناك بأس في تلك الكلمة؟
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[29 - 08 - 08, 11:22 ص]ـ
سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: حينما يقع الصائم في معصية من المعاصي وينهى عنها يقول: «رمضان كريم» فما حكم هذه الكلمة؟ وما حكم هذا التصرف؟ فأجاب فضيلته بقوله: حكم ذلك أن هذه الكلمة «رمضان كريم» غير صحيحة، وإنما يقال: «رمضان مبارك» وما أشبه ذلك، لأن رمضان ليس هو الذي يعطي حتى يكون كريماً، وإنما الله تعالى هو الذي وضع فيه الفضل، وجعله شهراً فاضلاً، ووقتاً لأداء ركن من أركان الإسلام، وكأن هذا القائل يظن أنه لشرف الزمان يجوز فيه فعل المعاصي، وهذا خلاف ما قاله أهل العلم بأن السيئات تعظم في الزمان والمكان الفاضل، عكس ما يتصوره هذا القائل، وقالوا: يجب على الإنسان أن يتقي الله عز وجل في كل وقت وفي كل مكان، لاسيما في الأوقات الفاضلة والأماكن الفاضلة، وقد قال الله عز وجل: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فالحكمة من فرض الصوم تقوى الله عز وجل بفعل أوامره واجتناب نواهيه، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من لم يدع قول الزور، والعمل به، والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» فالصيام عبادة لله، وتربية للنفس وصيانة لها عن محارم الله، وليس كما قال هذا الجاهل: إن هذا الشهر لشرفه وبركته يسوغ فيه فعل المعاصي.
* * *
مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (ج 20 / ص 60)
سؤال- من الاخ عامر بن محمد
حكم قول رمضان كريم؟
الجواب - لايصح قول رمضان كريم
لأن الشهر زمن محل للحوادث وهو زمن ليس له اختيار فلا يوصف بالكرم بل يقال مثلا رجل كريم
فذاك المخلوق الذي له اختيار والذي أكرمنا بالشهر المبارك إنما هو الله فيقال شهر مبارك
كما عند النسائي عن أبي هريرة مرفوعا أتاكم رمضان شهر مبارك قد فرض الله عليكم صيامة
تفتح فيه أبواب الرحمة وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين فيه ليلة مباركة هي
خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم0
الشيخ - ماهر القحطاني حفظه الله
ـ[حمدي أبوزيد]ــــــــ[29 - 08 - 08, 11:27 ص]ـ
بارك الله فيك أخي (نضال) وجزاك الله كل خير.
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[29 - 08 - 08, 11:40 ص]ـ
بارك الله فيك أخي (نضال) وجزاك الله كل خير.
وفيك بارك أخي حمدي
ـ[عبد الرحمن بن شيخنا]ــــــــ[29 - 08 - 08, 12:26 م]ـ
الصحيح انه لاما نع من قول رمضان كريم
بل هو لفظ جميل وحسن ان قصد به كرم الله في رمضا ن على عباده الكرم الكبير
كما تقول العرب دارفلان دار كرم اي اصحابها كرماء وقوله تعالى (ثم يأتي من بعد ذالك سبع شداد يأكلن ماقدمتم لهن الا قليلا مما تحصنون) في قصة يوسف اي ان الله يقل رزقه على عباده فيها وقوله تعالى (في يوم نحس مستمر)
فإذا جاز ت نسبة الشدة اليها مجازا جازت نسة العطاء والكرم ايضا مجازا
والله تعالى اعلم
ـ[حمدي أبوزيد]ــــــــ[29 - 08 - 08, 12:46 م]ـ
الصحيح انه لاما نع من قول رمضان كريم
بل هو لفظ جميل وحسن ان قصد به كرم الله في رمضا ن على عباده الكرم الكبير
كما تقول العرب دارفلان دار كرم اي اصحابها كرماء وقوله تعالى (ثم يأتي من بعد ذالك سبع شداد يأكلن ماقدمتم لهن الا قليلا مما تحصنون) في قصة يوسف اي ان الله يقل رزقه على عباده فيها وقوله تعالى (في يوم نحس مستمر)
فإذا جاز ت نسبة الشدة اليها مجازا جازت نسة العطاء والكرم ايضا مجازا
والله تعالى اعلم
كلامك له وجه قوي أخي (عبد الرحمن).
بارك الله فيك.
ـ[المسيطير]ــــــــ[29 - 08 - 08, 02:01 م]ـ
في هذا الرابط مزيد بيان لما أشكل:
حكم قول " رمضان كريم " ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=39146)
ـ[ابن تميم السلفي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 06:05 م]ـ
سلام عليكم
كلام الأخ عبد الرحمن في حض من النظر وكلام الشيخ بن عثيمين رحمه الله في نظر
ولأوجه قوله: رمضان مبارك
ـ[عبد الرحمن بن شيخنا]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:02 م]ـ
اخي المسيطر حفظك الله
في الرابط المذكور يقول الاخ الكريم
الداعية إلى الخير جزاه الله خيرا
لقد تأملت في كلام الشيخ ابن عثيمين فتبين لي:
1 - أن كلام الشيخ من ناحية ما يفهمه الناس من فهم خاطئ نتيجة هذه الكلمة؛ كلام صحيح.
2 - يبدو أن سر المسألة: هل كلمة (كريم) تطلق على الأشياء الحسية و المعنوية، أما تطلق على الحسية فقط.
فالآيات التي ذكرت فيها أشياء و وصفت بالكرم: نلاحظ أنها أشياء محسوسة: الكتاب، و الظل و الزوج من النبات، و الرسول، و الملك كلها محسوسة.
أما قوله: (مقام كريم) فالمراد به المنزل كما في زاد المسير.
و أما قوله تعالى: (فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (الحج:50)
فالظاهر أن المراد بالزرق الشيء المحسوس وهو نعيم الجنة؛ ألا ترى أنه جعله بعد المغفرة التي هي شيء معنوي.
و مثله في قوله تعالى (فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (يّس:11).
فهل كلمة (رمضان) من الاشياء المحسومة أم المعنوية؟
فإن وجد أن كلمة كريم أطلقت على المعنويات فكلام الشيء ابن عثيمين فيه نظر.
و إن لم يوجد: فكلام الشيخ صحيح.
والمسألة تحتاج بحث أكثر.
و الله أعلم.
هذا الكلام غير صحيح ولم يقل به أحدأبدا_حسب علمي_ وعلى فرض صحته فقد أضيف للسنة واليوم في الايتين التي ذكرتهما ما أضيف مجازا وهما
غيرمحسو سين مثل الشهر تماما
الا ان خصصنا الكرم ولادليل على تخصيصه(101/68)
تخريج حديث أحفظ الله يحفظك وأقوال العلماء في ذلك
ـ[أبو عبد الله مصطفى]ــــــــ[29 - 08 - 08, 02:13 م]ـ
تخريج حديث أحفظ الله يحفظك وأقوال العلماء في ذلك
موقع مكتبة المسجد النبوي على هذا الرابط
http://www.mktaba.org/vb/showthread.php?t=7720
ـ[أبو صفوان العوفي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 02:38 م]ـ(101/69)
شرح كتاب الصيام من المحرر في الحديث ليشخنا حمد العثمان
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:15 م]ـ
كتاب الصيام من المحرر للحديث لابن عبدالهادى رحمه الله
شرح شيخنا حمد بن ابراهيم العثمان حفظه الله
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا شرح مختصر لكتاب الصيام من المحرر في الحديث لابن عبدالهادي رحمه الله.
الصيام: لغة
الإمساك، قال تعالى إخبارا عن مريم عليها السلام {إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا} أي صمتا، لأنه إمساك عن الكلام، وقال الشاعر:
خيل صيام وخيل غير صائمة
تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما
لإمساكها عن الصهيل في موضعه
والصيام: شرعاً
هو التعبد لله بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. والصيام فرض علينا كما فرض على الأمم السابقة قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} (البقرة:).
وإختلف السلف هل فرض على الناس صيام قبل رمضان أو لا؟ فالجمهور وهو المشهور عند الشافعية أنه لم يجب قط صوم قبل رمضان لما في الصحيحين أن حميد بن عبدالرحمن سمع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما يوم عاشوراء عام حج على المنبر يقول: يا أهل المدينة! أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله صيامه، وأنا صائم، فمن شاء فليصم، ومن شاء فليفطر.
وهذا لا دلالة فيه لاحتمال أن يريد: ولم يكتب الله عليكم صيامه على الدوام كرمضان، ولا يناقض هذا الأمر السابق بصيامه الذي صار منسوخا، ويؤيد ذلك أن معاوية رضي الله عنه إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم من سنة الفتح، والذين شهدوا أمره بصيام عاشوراء والنداء بذلك شهدوه في السنة الأولى أوائل العام الثاني.
ويمكن أن يحمل معنى قول معاوية رضي الله عنهما: ليس مكتوبا عليكم الآن أو لم يكتب عليكم بعد أن فرض رمضان.
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يوم عاشوراء يوما يصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان، قال: من شاء صامه، ومن شاء تركه وروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: صام النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك.
وهذا الحديث دال على التدرج في فرض الصيام من الاخف إلى الأثقل، من صيام يوم عاشوراء وهو يوم واحد فقط إلى وجوب صوم شهر كامل هو شهر رمضان، ورمضان نفسه تدرج في فرض صومه، فإن الصحيح المقيم الذي يطيق الصيام كان مخيرا بين الصيام وبين الإطعام، إن شاء صام وإن شاء أفطر وأطعم عن كل يوم مسكيناً، قال الله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خيرا لكم إن كنتم تعلمون}، ثم نسخت بفرض الصوم لقوله: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه}، وروى البخاري عن سلمة بن الأكوع أنه قال: لما نزلت {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين}، كان من أراد أن يفطر يفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها.
وابن عباس رضي الله عنهما يرى أن الآية محكمة لكنه ينزلها على الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، فقد روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قرأ {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} قال: ليست منسوخة هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً.
1 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه» متفق عليه، واللفظ لمسلم فمعنى الحديث لا تقدموا رمضان بصوم يوم يعد منه بقصد الاحتياط له فإن صومه مرتبط بالرؤية فلا حاجة إلى التكلف، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (4/ 128): «قيل لأن الحكم علق بالرؤية، فمن تقدمه بيوم أويومين فقد حاول الطعن في ذلك الحكم».
ومعنى الاستثناء في قوله «إلا رجل كان يصوم يوما فليصمه» أن من كان له ورد كصوم الاثنين والخميس فقد اذن له فيه لأنه اعتاده وألفه، ويلتحق بذلك القضاء والنذر لوجوب الوفاء بهما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/70)
2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له»، متفق عليه. ولمسلم: «فإن أغمي عليكم فاقدروا له ثلاثين»، وللبخاري: «فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين».
فقوله: «فاقدروا له» قيل في معناه عن أحمد بن حنبل: ضيقوا له، فيضيق شعبان بصيام آخر يوم فيه، ويدل لهذا المعنى قوله تعالى: {ومن قدر عليه رزقه} أي: ضيق، وقال الجمهور: معناه: اقدروا له تمام العدد ثلاثين، وهو من التقدير، ومنه قوله تعالى: {فقدرنا فنعم القادرون}، وذهب آخرون إلى تأويل ثالث، وقالوا: معناه فاقدروه بحساب المنازل، قاله أبوالعباس ابن سريج من الشافعية، ومطرف بن عبدالله من التابعين، وابن قتيبة من المحدثين، قال ابن عبدالبر رحمه الله: لا يصح عن مطرف.
ودخول الشهر بالحساب وجعله هو المعتمد دون الرؤية محرم بوجوده:
1 - أنه أجمع المسلمون على عدمه، ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلاً، ولا خلاف حديث، إلا أن بعض المتأخرين من المتفقهة الحادثين بعد المئة الثالثة زعم أنه إذا غم الهلال جاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه بالحساب. انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام (25/ 132 - 133).
2 - ولأن اجتماع الشمس والقمر الذي هو تحاذيهما الكائن قبل الهلال أمر خفي لا يعرف إلا بحساب ينفرد به بعض الناس، وربما وقع فيه الغلط والاختلاف، وكذلك كون الشمس حاذت البرج الفلاني، فهذا أمر لا يدرك بالابصار، وإنما يدرك بالحساب الخفي الخاص المشكل الذي قد يغلط فيه، وإنما يعلم ذلك بالإحساس تقريباً. مجموع فتاوى ابن تيمية (25/ 137).
3 - ولأن الصيام عبادة، والأصل في العبادات التوقيف، وهذا علم لم يكن يجهله أهله في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يعول عليه النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه فلا يجوز أن يعول عليه، قال تعالى: {والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم}، وقال تعالى: {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق}.
4 - صيانة عقائد الناس: قال أبوبكر ابن العربي في القبس في شرح الموطأ (2/ 484) في سبب عدم التعويل على الحساب في دخول الأهلة: «صيانة لعقائد الناس أن تناط بالعلويات، وأن تعلق عباداتها بتداور الأفلاك ومواقعها في الاجتماع والاستقبال».
5 - عدول عن الواضح البين إلى الغامض الخفي: فالحساب أمر دقيق خفي لا يحسنه عموم المسلمين ودخول الشهر برؤية الهلال أمر واضح جلي يشاهده كل المسلمين عيانا، فلا يجوز تعطيل الواضح من أجل التعويل على الغامض.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (25/ 131): «وذلك أن الهلال أمر مشهود مرئي بالأبصار ومن أصح المعلومات ما شوهد بالابصار، ولهذا سموه هلالا، لأن هذه المادة تدل على الظهور والبيان إما سمعا وإما بصرا، كما يقال: أهل بالعمرة، واستهل الجنين: إذا خرج صارخا، ويقال: تهلل وجهه إذا استنار وأضاء».
وأما بالنسبة لرؤية الهلال ولزوم رؤيته لبقية الأمصار فاسحاق يعتبر لأهل كل بلد رؤيتهم، ولا يلزمهم رؤية غيرهم، والمشهور عند المالكية أن الهلال إذا رؤي ببلدة لزم أهل البلاد كلها لقوله صلى الله عليه وسلم «صوموا لرؤيته» والميم علامة الجمع، ولما رواه أبوداود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون»، والمعنى: الصوم والفطر مع الجماعة.
والقول الثالث وهو الصحيح وهو وجه للشافعية صححه النووي هو أنه إذا اتفقت مطالع الهلال صاموا جميعا، وإن اختلفت فلكل بلد رؤيته، ويدل لذلك ما رواه مسلم عن كريب أن أم الفضل رضي الله عنها بعثته إلى معاوية رضي الله عنه بالشام فقال: رأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني ابن عباس رضي الله عنهما: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: ليلة الجمعة، فقال أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا، وصام معاوية رضي الله عنه، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية رضي الله عنه وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3 - وعن أبي مالك الأشجعي عن حسين بن الحارث الجدلي أن أمير مكة خطب ثم قال: عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية، فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما، فسألت الحسين بن الحارث عن أمير مكة، قال: لا أدري، ثم لقيني بعد، فقال: هو الحارث بن حاطب أخو محمد بن حاطب، ثم قال الأمير: إن فيكم من هو أعلم بالله ورسوله مني، وشهد هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأومأ بيده إلى رجل، قال الحسين: فقلت لشيخ إلى جنبي: من هذا الذي أومأ إليه الأمير؟
قال: هذا هو عبدالله بن عمر رضي الله عنهما وصدق، وهو أعلم بالله منه، فقال: بذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم»، رواه أبوداود وهذا لفظه، والدارقطني، وقال: هذا إسناد صحيح متصل.
وهذا الحديث صححه أيضاً البيهقي وكذلك النووي في شرح المهذب (6/ 276). والحديث دال على وجوب تحري رؤية هلال رمضان لأن عبادة الصيام تثبت برؤيته.
وهذا الحديث دال على ثبوت دخول شهر رمضان بشهادة شاهدين وهذا ما ذهبت إليه المالكية والأوزاعي واسحاق وأن رمضان كسائر الشهور لابد فيه من شهادة شاهدين.
وأما الحنفية فقالوا بقبول الشاهد الواحد إذا كان في السماء غيم، أما إذا كانت السماء حصوا فلا يقبل إلا من جمع، وهذا قول مرجوح وتعليل مردود لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام تسع رمضانات وكانت السماء صحوا في الصيف. شرح العمدة لابن تيمية (1/ 105).
والصحيح أنه تقبل شهادة رجل واحد في دخول رمضان وهو قول ابن المبارك والشافعي وأحمد، والدليل الحديث الآتي:
4 - «عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام وأمر الناس بصيامه». رواه أبوداود وابن حبان والحاكم وقال: على شرط مسلم.
يتبع ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/71)
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:25 م]ـ
وهذا الحديث كما أنه دال على ثبوت دخول شهر رمضان برؤية شاهد واحد فإنه دال أيضاً على حجية خبر الآحاد في أركان الإسلام وفي عموم أحكام وعقائد وعبادات الشريعة، وهذا إجماع الأولين والآخرين، قال أبوالوليد الباجي رحمه الله في حجية خبر الواحد: «والذي عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين والفقهاء أنه يجب العمل به، والدليل على ذلك إجماع الصحابة على صحة العمل به».
إحكام الفصول صـ334.
وأما إجماع من بعدهم فقد قال الخطيب البغدادي رحمه الله: «وعلى العمل بخبر الواحد كان كافة التابعين ومن بعدهم من الفقهاء الخالفين في سائر أمصار المسلمين إلى وقتنا هذا». الكفاية (1/ 129).
وكذلك أجمعت الأمة على تلقي الصحيحين بالقبول، والصحيحان مليئان بأخبار الآحاد، بل إن البخاري عقد في صحيحه كتابا خاصا لحجية خبر الآحاد.
وقال الحافظ النووي رحمه الله: «أجمع من يُعتد به على الاحتجاج بخبر الواحد ووجوب العمل به، ودلائله من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وسائر الصحابة ومن بعدهم أكثر من أن يحصر». شرح صحيح مسلم (14/ 131).
وخبر الآحاد اذا صح فهو حجة في كل مسائل الدين، ومن جملة ذلك العقيدة، قال الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله: «وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات، ويعادي ويوالي عليها، ويجعلها شرعا وديناً في معتقده، على ذلك جماعة أهل السنة والجماعة» التمهيد (1/ 8/).
ويصام رمضان برؤية شاهد واحد، والمرأة في ذلك كالرجل لأنه خبر ديني، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «ويقبل فيه شهادة الواحد سواء كان حرا أو عبدا، سواء كان رجلا أو امرأة في المشهور عن أصحابنا». شرح العمدة (1/ 145).
وأما بالنسبة لدخول شهر شوال فلابد فيه من شاهدين لعموم حديث الحسين ابن الحارث: «وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما»، وهذا مذهب كافة العلماء، قال الترمذي رحمه الله: «ولم يختلف أهل العلم في الإفطار أنه لا يقبل فيه إلا شهادة رجلين»، وقال الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله: «أجمع العلماء على أنه لا تقبل في شهادة شوال في الفطر إلا رجلان عدلان»، وقال النووي رحمه الله: «وبه قال العلماء كافة إلا أبا ثور».
وأما بالنسبة لصوم يوم الشك فإن يوم الشك هو اليوم الذي يشك فيه هل هو من رمضان، وهذا الذي تحدث فيه برؤيته من لم يقبل قوله، وأما يوم الغيم فمن العلماء من جعله يوم شك ونهى عن صيامه وهو قول الأكثرين، ومنهم من صامه إحتياطاً وهو قول ابن عمر رضي الله عنهما، وكان الإمام أحمد يتابعه على ذلك، وعنه في صيامه ثلاث روايات مشهورات، ثالثهما: لا يصام إلا مع الإمام وجماعة المسلمين لئلا يقع الا فتيات عليهم والانفراد عنهم، وقال إسحاق: لا يصام يوم الغيم، ولكن يتلوم بالاكل فيه إلى ضحوة النهار خشية أن يشهد برؤيته بخلاف الصحو، والصواب تحريم صوم يوم الشك، فالسنة قاضية على الجميع، قال عمار بن ياسر رضي الله عنه: «من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى ابا القاسم» ذكره البخاري تعليقاً مجزوما به ورواه ابوداود والترمذي وصححه ابن خزيمة وابن حبان رحمها الله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «حديث عمار مفسر بالنهي عن صوم يوم الشك، وهذا يوم شك، لأنه يحتمل أن يكون من شعبان ويحتمل أن يكون من رمضان، ولا معنى للشك إلا التردد بين الجهتين». شرح العمدة (1/ 89).
والدليل واضح في تحريم الصوم في قوله عليه الصلاة والسلام: «لا تصوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة»، وقوله عليه السلام: «فأكملوا عدة شعبان»، ومن جهة التعليل كذلك، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن عبادة الصوم: «فإنها عبادة يتيقن دخول وقتها، فلم تفعل في وقت الشك» شرح العمدة (1/ 90)، وهذا ابن قدامة رحمه الله في المغني (3/ 4) لما ساق قول القاسم بن محمد في عدم كراهة صوم يوم الشك، قال: «واتباع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى».
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:25 م]ـ
يتبع ....
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[31 - 08 - 08, 02:47 ص]ـ
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن حفصة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له». رواه أحمد وأبو داود والنسائي ورجح البخاري وابوحاتم الرازي رحمهما الله وقفه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/72)
فهذا الحديث وإن كان موقوفاً فهو دال على وجوب تبييت النية في الصيام، لأن هذا الأمر ثابت بالأدلة الصحيحة الصريحة كما قال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء}، ولحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الأعمال بالنيات وانما لكل امريء ما نوى» رواه البخاري.
وتعتبر النية في رمضان لكل يوم في قول أبي حنيفة والشافعي، قال ابن قدامة: وعن أحمد انه يجزئه واحدة لجميع الشهر، وهو كقول مالك واسحاق، وهذا هو الصحيح لأن الصوم عبادة واحدة وهي صيام ثلاثين يوماً كالصلاة الرباعية تجزيء النية عن الصلاة كلها، لا تحتاج إلى تجديد النية في كل ركوع.
قال القحطاني في نونيته صـ37:
يجزيك في رمضان نية ليلة
إذ ليس مختلطا بعقد ثان
والنية محلها القلب لا يجهر بها، إذ لم يجهر بها النبي صلى الله عليه وسلم، وعمل الإنسان دال على نيته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «كل من علم أن غدا رمضان وهو يريد صومه فقد نوى صومه سواء تلفظ بالنية أو لم يتلفظ، وهذا فعل عامة المسلمين كلهم ينوي الصيام». مجموع الفتاوى (25/ 215).
6 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا، قال: فإني إذا صائم، ثم أتانا يوما آخر، فقلنا: يا رسول الله أهدي لنا حيس، فقال: أرنيه، فلقد أصبحت صائماً فأكل». رواه مسلم.
الحيس هو التمر مع الإقط والسمن، وفي الحديث بيان جواز ابتداء نية صوم النفل من النهار، وأنه لا يلزم فيه تبييت النية من الليل، وهذا توسعة من الشارع لتيسير أسباب الدخول في النفل، قال ابن القيم رحمه الله: «والذي جاءت به السنة من الفرق بين النفل والفرض، فلا يصح الفرض إلا بنية من الليل، والنفل يصح بنية من النهار لأنه يتسامح فيه مالا يتسامح في الفرض، كما يجوز أن يصلي النفل قاعدا وراكبا على دابته إلى القبلة وغيرها، وفي ذلك تكثير النفل، وتيسير الدخول فيه» إعلام الموقعين (2/ 302).
ولا يجوز لأحد أن يتعلل بعدم وجوب تبييت النية في صيام الفرض مستدلاً بأن عاشوراء فرض صيامه أول مرة في أثناء النهار، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أصبح صائماً فليتم صومه»، فهؤلاء الصحابة لم يتهيأ لهم تبييت النية، لأننا نقول إن التكليف تابع للعلم، والآن بعد استقرار الشريعة العلم بفرض الصوم الواجب مستقر للجميع، قال ابن القيم رحمه الله: «إن الواجب تابع للعلم، ووجوب عاشوراء إنما علم من النهار، وحينئذ فلم يكن التبييت ممكنا، فالنية وجبت وقت تجدد الوجوب والعلم به، وإلا كان تكليفا بما لا يطاق وهو ممتنع.
قالوا: وعلى هذا إذا قامت البينة بالرؤية في أثناء النهار، أجزأ صومه بنية مقارنة للعلم بالوجوب، وأصله صوم يوم عاشوراء». زاد المعاد (2/ 74).
7 - وعن سهل بن سعد رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لايزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» رواه البخاري ومسلم.
فهذا الحديث دال على استحباب المبادرة بالافطار في وقته، ووقت الافطار هو الليل في قوله تعالى «ثم أتموا الصيام إلى الليل»، والمراد بالليل هو غروب الشمس، كما جاء مفسراً واضحا بينّا في سنة النبي صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية حيث قال عليه السلام: «إذا اقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد افطر الصائم». رواه البخاري.
وتأخير الافطار حرام لانه تنطع وتشبه باليهود والنصارى فقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه «لايزال الناس بخير ما عجلوا الفطر، لآن اليهود والنصارى يؤخرون». رواه ابو داود وصححه ابن خزيمة.
والحكمة في تعجيل الفطر حتى لا يزاد في النهار من الليل، وأما الأمد الذي يؤخر فيه اليهود والنصارى الفطر فهو ظهور النجم والعياذ بالله، فقد روى ابن حبان من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاتزال امتي على سنتي مالم تنتظر بفطرها النجوم».
وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة» متفق عليه.
فالسحور بركة وليس بواجب بالاجماع كما حكاه ابن المنذر والبركة الأجر والثواب، والقوة على الصيام والنشاط، كما في فتح الباري ««2/ 140».
ومن فوائد السحور:
1 - اتباع السنة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/73)
2 - مخالفة أهل الكتاب، فقد روي مسلم في صحيحه عن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فصل مابين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر.
4 - التقوى بالسحور على الصيام
5 - الزيادة في النشاط
6 - التسبب للذكر والدعاء وقت مظنة الاجابة.
7 - تدارك نية الصوم لمن اغفلها قبل ان ينام ويستحب تأخير السحور جداً، قال عمرو بن ميمون الاودي رحمه الله: كان اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم اسرع الناس، افطاراً وابطأهم سحوراً، رواه عبدالرزاق وصحح اسناده الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح ««4/ 199».
قال الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله: «أحاديث تعجيل الافطار وتأخير السحور صحاح متواترة».
وأما سنة النبي صلى الله عليه وسلم في وقت تأخير السحور فقد روى مسلم في صحيحه عن انس عن زيد بن ثابت رضي الله عنهما قال: تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة قلت: كم كان قدر مابينهما؟ قال: خمسين آية.
8 - وعن سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا افطر احدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور». رواه احمد وأبو داود والنسائي والترمذي وصححه ابن حبان والحاكم.
فهذا الحديث فيه دليل على استحباب الفطر على تمر والمراد به جنس التمر عموما، وجاء في حديث آخر مفصلا أن يبدأ بالرطب فإن لم يكن فعلى تمر، فإن لم يكن فعلى ماء.
فقد روى احمد في مسنده وأبو داود والترمذي باسناد حسن عن انس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر قبل ان يصلي على رطبات فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم يكن تميرات حسا حسوات من ماء.
وكما ان في الفطر على رطب موافقة السنة فهو أيضا عون على إزالة مافي المعدة من المرة المتصاعدة اليها من الصوم، وهو بالرطب والتمر ابلغ لحلاوتهما، وبالفطر بالرطب وبعده بالماء أو بالماء إذا عدم الرطب يحصل ترطيب الكبد، الذي حصل لها نوع يبس بالصيام، فإذا رطبت بالماء كمل انتفاعها بالغذاء بعده «خصوصيات الصيام لابن حجر الهيتمي».
فالحاصل ان تعجيل الفطر وتأخير السحور من اسباب الخير لهذه الأمة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لايزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور»، ومخالفة السنة بتأخير الفطر وتعجيل السحور من اسباب نقص الخير وقلة البركة.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «من البدع المنكرة ما احدث في هذا الزمان من ايقاع الاذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان، واطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على من يريد الصيام زعما ممن احدثه انه للاحتياط في العبادة ولايعلم بذلك إلا آحاد الناس، وقد جرهم ذلك إلى ان صاروا لايؤذنون الا بعد الغروب بدرجة لتمكين الوقت زعموا فأخروا الفطر وعجلوا السحور وخالفوا السنة، فلذلك قل عنهم الخير، وكثر فيهم الشر، والله المستعان».
فتح الباري «4/ 199».
9 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال، فقال رجل من المسلمين فإنك يارسول الله تواصل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأيكم مثلي؟ إني ابيت يطعمني ربي ويسقيني، فلما أبوا ان ينتهوا عن الوصال، واصل بهم يوما، ثم يوما، ثم رأوا الهلال، فقال: لو تأخر الهلال لزدتكم كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا» متفق عليه.
النهي عن الوصال قيل للتحريم لظاهر النهي، ومبالغة النبي صلى الله عليه وسلم في منع من واصل، ولما رواه البخاري من حديث عمر رضي الله عنهما مرفوعا: «إذا اقبل الليل من ههنا وادبر النهار من ههنا فقد أفطر الصائم»، فلم يجعل الليل محلاً للصيام بل جعله محلا للفطر، فالصوم فيه مخالفة لوضعه كوقت للفطر.
وقيل ان النهي للتنزيه لان النهي انما ورد مخافة الضعف وهو أمر غير محقق، لأن النبي صلى الله عليه وسلم واصل بأصحابه بعد النهي فلو كان للتحريم لما اقرهم على فعله، فعُلم انه أراد بالنهي الرحمة لهم والتخفيف عنهم، ولما رواه البزار والطبراني في الكبير عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نواصل وليست بالعزيمة، وأجيب بأن قولهم «رحمة لهم» لايمنع التحريم فإن من رحمته بهم ان حرمه عليهم، وأما مواصلته بهم بعد نهيه، فلم يكن تقريراً بل تقريعا وتنكيلا فاحتمل منهم ذلك لأجل مصلحة النهي في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/74)
تأكيد رجوعهم لانهم إذا باشروه ظهرت لهم حكمة النهي، وأما حديث سمرة فهو ضعيف كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد «3/ 158».
وأما رواه ابن أبي شيبة باسناد صحيح ان عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما كان يواصل خمسة عشر يوما، فنقول ان قول الصحابي وفعله متأخر الرتبة عن قول الله ورسوله، والسنة قاضية على قوله وفعله، والعصمة لمجموع الصحابة لا لآحادهم.
10 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه». رواه البخاري.
فهذا الحديث فيه بيان حقيقة الصيام وهو انه ليس مجرد الامساك عن الطعام والشراب، بل مقصود الصيام تحقيق التقوى كما قال تعالى «يأابها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون»، وروى أحمد في مسنده وصححه ابن خزيمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر».
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله: «وسر هذا ان التقرب إلى الله تعالى بترك المباحات لايكمل إلا بعد التقرب إليه بترك المحرمات، فمن ارتكب المحرمات ثم تقرب إلى الله بترك المباحات صار بمثابة من يترك الفرائض ويتقرب بالنوافل وان كان صومه مجزئا عند الجمهور بحيث لايؤمر باعادته لآن العمل إنما يبطل بإرتكاب ما نهي عنه لخصوصه دون ارتكاب ما نهي عنه لغير معنى يختص به، هذا هو قول الجمهور». لطائف المعارف ص 164.
وهذا الحديث لايفهم منه ان غير يوم الصوم يباح فيه قول الزور والعمل به، وإنما المراد ان المنع من ذلك يتأكد بالصوم، كما نبه على ذلك القرطبي.
وعن ابي هريرة رضي الله عانه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه».
11 - وعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال «من فطر صائما كتب الله له اجره، إلا انه لاينقص من اجر الصائم شيء» رواه احمد والنسائي وصححه ابن حبان.
هذا الحديث دال على استحباب تفطير الصائمين، وانه يكتب لمن يعمل ذلك اجر الصائم دون ان ينقص من اجر الصائم شيئاً.
12 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان املككم لأربه» متفق عليه.
قولها «اربه» بفتح الهمزة والراء وبالموحدة أي حاجته، ويروى بكسر الهمزة وسكون الراء أي عضوه، والأول اشهر، قال ابن حجر رحمه الله في الفتح وقولها رضي الله عنها «يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم» فالتقبيل اخص من المباشرة فهو من ذكر العام بعد الخاص.
وأما بالنسبة لحكم المباشرة والقبلة للصائم فقد كرهها ابن عمر رضي الله عنهما كما في مصنف ابن ابي شيبة باسناد صحيح، وهو المشهور عند المالكية، واحتجوا بقوله تعالى «فالآن باشروهن» فمنع من المباشرة في هذه الآية نهارا، والجواب ان النبي صلى اللع عليه وسلم هو المبين عن الله تعالى وقد اباح المباشرة في هذا الحديث نهارا فدل على ان المراد بالمباشرة في الآية الجماع لا مادونه من قبلة ونحوها.
وفرّق ابن عباس رضي الله عنهما بين الشاب والشيخ فكرهها للشباب واباحها للشيخ رواه مالك عنه، لأن الشباب مظنة لهيجان الشهوة، وفرّق سفيان والشافعي بين من يملك نفسه ومن لايملك كما اشارت اليه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في قولها «ولكنه كان املككم لأربه» فأشارت بذلك إلى ان الاباحة لمن يكون مالكا لنفسه دون من لايأمن من الوقوع فيما يحرم، ويدل لذلك رواه مسلم من طريق عمرو بن ابي سلمة رضي الله عنه وهو ربيب النبي صلى الله عليه وسلم ان سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيقبل الصائم؟ فقال: سل هذه لأم سلمة، فأخبرته ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك، فقال يارسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال: أما والله إني لاتقاكم لله واخشاكم له» فدل على ان الشيخ والشاب سواء لأن عمرو بن ابي سلمة رضي الله عنه حينئذ كان شابا، ولأن عائشة رضي الله عنها كانت شابة.
وروى عبدالرزاق باسناد صحيح عن مسروق رحمه الله قال: سألت عائشة رضي الله عنها ما يحل للرجل من امرأته صائما؟ قالت: كل شيء الا الجماع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/75)
وأما ما رواه ابو داود عن عائشة رضي الله عنها انه صلى الله عليه وسلم كان يقبلها ويمص لسانها فقد ضعفه أبو داود نفسه كما نقل عنه ابن قدامة في المغنى «3/ 43»، وقال ابن حجر الهيتمي في توجيهه: «لو صح فهو محمول على انه لم يبتلع ريقه الذي خالط ريقها» خصوصيات الصيام ص 131
وإذا حصل انزال المني بالمباشرة أو التقبيل بدون جماع فإنه يفسد صومه به ويجب عليه قضاؤه، قال شيخنا العلامة محمد العثيمين رحمه الله في مفطرات الصوم: «انزال المني باختياره بتقبيل أو لمس أو استمناء، لأن هذا من الشهوة التي لايكون الصوم إلا باجتنابها، كما جاء في الحديث القدسي: «يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي». رواه البخاري مجالس رمضان ص 65.
وأما إذا باشر فأمذى ولم يمن فإنه لايفطر، قال الحافظ النووي رحمه الله: «لو قبل امرأة وتلذذ فأمذى ولم يمن لم يفطر عندنا بلاخلاف، وحكاه ابن المنذر عن الحسن البصري والشعبي والاوزاعي وأبي حنيفة وأبي ثور قال: وبه أقول، وقال مالك وأحمد يفطر، دليلنا انه خارج لايوجب الغسل فأشبه البول». شرح المهذب «6/ 323».
12 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلي الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم. رواه البخاري.
لابد اولاً من بيان انواع رواية حديث احتجام النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم، ليتبن لنا وجوه استدلال الفقهاء بهذا الحديث في حكم الفطر بالحجامة، قال ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن (3/ 249): «وقد روي هذا الحديث على اربعة اوجه: احدها: احتجم وهو محرم فقط وهذا في الصحيحين، الثاني: احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم» انفرد به البخاري، الثالث: «احتجم وهو محرم صائم» ذكره الترمذي وصححه النسائي وابن ماجة، الرابع: «احتجم وهو صائم» فقط، فقد ذكره ابو داود، وهو مختصر من حديث ان عباس رضي الله عنهما في البخاري «احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم، واحتجم وهو صائم.
13 - وعن شداد بن اوس رضي الله عنه: «ان النبي صلى الله عليه وسلم اتى على رجل في البقيع وهو يحتجم- وهو آخذ بيدي لثمان عشرة خلت من رمضان- فقال: أفطر الحاجم والمحجوم»، رواه احمد وأبو داود وهذا لفظه والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم وقال: «هذا حديث ظاهرة صحته» وصححه ايضا احمد، واسحاق، ابن المديني، وعثمان الدارمي وغيرهم، وقال ابن خزيمة «ثبتت الاخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال «أفطر الحاجم والمحجوم».
وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال: «أول ما كرهت الحجامة للصائم ان جعفر بن ابي طالب رضي الله عنه احتجم وهو صائم فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أفطر هذان!! ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة للصائم، وكان انس يحتجم وهو صائم». رواه الدارقطني، وقال: «كلهم ثقات ولا أعلم له علة»، وفي قوله نظر من غير وجه، والله أعلم.
هذه الاحاديث ساقها المصنف رحمه الله لبيان حكم الحجامة، فقد ذهب الحنابلة وتبعهم اسحاق بن راهوية إلى القول بالافطار من الحجامة، وأوجبوا عليه القضاء، وقال بقولهم أبن خزيمة وابن المنذر من الشافعية، وابن حبان، الحديث «أفطر الحاجم والمحجوم» وهو مروي من حديث جماعة من الصحابة منهم شداد بن أوس، وأبي هريرة، وعائشة، واسامة بن زيد، وعلي وأبي موسى، ومعقل بن سنان، ابن عباس، ورافع بن خديج رضي الله عنهم اجمعين.
وخالفهم الجمهور، وقالوا بعدم الفطر من الحجامة لحديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم، رواه البخاري، قال الشافعي وابن عبدالبر انه ناسخ لحديث شداد بن اوس رضي الله لأنه في الفاظه «عام الفتح» وهو في السنة الثامنة من الهجرة وإنما سمع ابن عباس رضي الله عنهما من النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح، وقد جاء التصريح بذلك في بعض طرقه، واجاب ابن القيم في تهذيب السنن «3/ 250» بأن ابن عباس رضي الله عنهما روى ذلك رواية مطلقة، ومن المعلوم أن أكثر روايات ابن عباس رضي الله عنهما إنما اخذها عن الصحابة والذي فيه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم لا يبلغ عشرين قصة كما قال غير واحد من الحفاظ، واما قولكم انه في بعض طرقه (عام الفتح) فقد قال ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 191): «فانا لم نرها صريحة في شيء من الأحاديث».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/76)
وقالوا أيضاً إن حديث الفطرمنسوخ بحديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم، وأجيب بأن هذه اللفظة لا تصح كما قال أحمد في رواية مهنا كما في الفتح (4/ 177)، وكما في رواية الخلال كما في تهذيب السنن (3/ 249)، قال ابن المديني رحمه الله: ان الصواب «احتجم وهو صائم»، هذا وجه، والوجه الآخر ان هذه القصة لم تكن في رمضان قط، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرم في رمضان، فإن عُمُره كلها كانت في ذي القعدة، وفتح مكة كان في رمضان ولم يكن محرماً، ولما خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح من المدينة صام حتى بلغ الكديد ثم أفطر والناس ينظرون إليه.
واستدلوا بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم رواه النسائي وصحح اسناده ابن حزم، وقال: إن الرخصة انما تكون بعد العزيمة، فدل على نسخ الفطر بالحجامة.
واجيب بأن خبر أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مختلف في رفعه ووقفه، ورجح الترمذي في العلل الكبير (1/ 367) وقفه، وان الرخصة قد تأتي أحياناً بدون تقدم النهي والعزيمة كما في رخصة القبلة للصائم.
واستدلوا بحديث أنس رضي الله عنه قال: أول ما كُرهت الحجامة للصائم ان جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه احتجم وهو صائم فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أفطر هذان، ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعدُ في الحجامة للصائم .. رواه الدارقطني، واجيب بأنه لم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة ولا هو في المصنفات المشهورة كما قال ابن عبدالهادي في التنقيح (2/ 480) من نصب الراية، وبأن في اسناده خالد بن مخلد القطواني، قال فيه أحمد بن حنبل: له أحاديث مناكير، وفي اسناده ايضاً عبدالله بن المثنى الأنصاري، قال أبو داود عنه: لا أخرج حديثه، وقال النسائي: ليس بالقوي، ثم لو سُلم صحة هذا الحديث لم يكن فيه حجة لان جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قُتل في غزوة مؤتة وهي قبل الفتح.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «في متنه ما ينكر لان فيه ان ذلك كان في الفتح، وجعفر قُتل قبل ذلك».
ومن خلال هذا العرض يتبين قوة الخلاف في القول بالفطر بالحجامة، ولذلك أحب اليك ان استظهر بمذاهب الصحابة في هذه المسألة، وان كان الاحتياط يوجب ان نبتعد عن الحجامة حال الصيام طلبا لحفظ الصيام.
واما بالنسبة للصحابة فقد ثبت عن جمع منهم الحجامة وهم صائمون، فقد روي عبدالرزاق باسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما انه كان يحتجم وهو صائم في رمضان ثم تركه لأجل الضعف.
وذكر البخاري تعليقا مجزوما به عن أم علقمة قالت: كنا نحتجم عند عائشة ونحن صيام فلا ننهي.
وروي البخاري في صحيحه عن ثابت قال: سُئل أنس بن مالك رضي الله عنه أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف.
لذلك قال الإمام الشافعي في «اختلاف الحديث» ص197 مبيناً مذهب الصحابة في الفطر بالحجامة: «والذي أحفظ عن الصحابة والتابعين وعامة أهل العلم انه لا يفطر أحد بالحجامة».
وقد تكلم العلماء في حكم خروج الدم بغير حجامة فقال شيخنا العلامة محمد الصالح العثيمين رحمه الله: «وفي معنى اخراج الدم بالحجامة اخراجه بالقصد ونحوه مما يؤثر على البدن كتأثير الحجامة، واما خروج الدم بالرعاف أو السعال أو الباسور أو قلع السن أو شق الجرح أو تحليل الدم أو غرز الابرة ونحوها فلا يفطر لانه ليس بحجامة ولا بمعناها إذ لا يؤثر في البدن كتأثير الحجامة». مجالس رمضان ص67
يتبع
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[31 - 08 - 08, 02:49 ص]ـ
17 ــ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليُتَّم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه» متفق عليه واللفظ لمسلم.
هذا الحديث فيه بيان صحة صوم من تناول شيئاً من المفطرات نسيانا، وهذا من رحمة الله بخلقه، وهذا قول جمهور العلماء، اما الإمام مالك رحمه الله فإنه قال: عليه القضاء، وقيل للإمام أحمد رحمه الله إن مالك يقول: عليه القضاء!
فضحك الإمام أحمد، وقال: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أحسن. التمهيد لابن عبدالبر (7/ 179).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/77)
وكذلك يلتحق بالعذر والعفو التأويل الخاطئ، ففي الصحيحين ان عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) عمدت إلى عقالين أحدهما أسود والآخر أبيض فجعلتهما تحت وسادتي وجعلت أنظر اليهما فلما تبين لي الأبيض من الأسود امسكت، فلما اصبحت غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بالذي صنعت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان وسادك اذن لعريض ان كان الخيط الابيض والاسود تحت وسادك، انما ذلك بياض النهار وسواد الليل.
وهذا دال على انه أكل بعد طلوع الفجر متأولا ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء.
وكذلك من تناول شيئاً من المفطرات خطأً معتقدا بقاء الليل أو غروب الشمس فهذا صيامه صحيح ولا شيء عليه، ففي صحيح البخاري من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: أفطرنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم غيم ثم طلعت الشمس، ولم تذكر ان النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالقضاء لانهم كانوا جاهلين بالوقت، ولو أمرهم بالقضاء لنُقل لانه مما تتوفر الدواعي على نقله، قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته «حقيقة الصيام»: انه نقل هشام بن عروة عن ابيه عروة انهم لم يؤمروا بالقضاء.
وتكلم العلماء في النسيان في الجماع هل يُعذر به الصائم كسائر المفطرات أو ان النسيان غير مقبول في الجماع؟
الشافعي وأبو حنيفة واسحاق رحمهم الله قالوا: ليس عليه شيء لاقضاء ولا كفارة بمنزلة من أكل ناسيا عندهم، وقال الليث بن سعد ومالك: عليه القضاء ولا كفارة، وقال عطاء عليه الكفارة مع القضاء، وقال: مثل هذا لا ينسى، وقال أحمد: عليه القضاء والكفارة لان الحديث الموجب للكفارة لم يفرق بين الناسي والعامد، وتعقبه الخطابي بقوله: وهذا لا يصح لان العموم للأقوال لا للأفعال.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عن رجل وطأ امرأته وقت طلوع الفجر معتقدا بقاء الليل ثم تبين ان الفجر قد طلع، فما يجب عليه؟ فأجاب: هذه المسألة فيها ثلاثة أقوال لأهل العلم: أحدها: ان عليه القضاء والكفارة وهو المشهور من مذهب أحمد، والثاني: ان عليه القضاء، وهو قول ثان في مذهب أحمد، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي ومالك. والثالث: لا قضاء عليه ولا كفارة وهذا قول طوائف من السلف كسعيد بن جبير ومجاهد والحسن واسحاق وداود واصحابه والخلف، وهؤلاء يقولون من أكل معتقدا عدم طلوع الفجر ثم تبين له انه طلع فلا قضاء عليه وهذا القول أصح الأقوال وأشبهها بأصول الشريعة ودلالة الكتاب والسنة وهو قياس اصول أحمد وغيره، فإن الله رفع المؤاخذة عن الناسي والمخطئ، وهذا مخطئ وقد أباح الله الأكل والوطء حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، واستحب تأخير السحور، ومن فعل ما ندب اليه وأبيح له لم يفرط، فهذا أولى بالعذر من الناسي، والله أعلم».
مجموع الفتاوى (25/ 263).
18 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ذرعه القيء فلا قضاء عليه ولا كفارة ومن استقاء فعليه القضاء». رواه أحمد وأبو داود، وقال: سمعت أحمد يقول: ليس من ذا شيء، وقال البخاري: لا أراه محفوظا.
هذا الحديث كما ترى في ثبوته نظر، وقد ضعفه امامان كبيران هما الإمام أحمد بن حنبل وأمير المؤمنين في الحديث البخاري، ونقل الحافظ ابن حجر رحمه الله عن الترمذي انه قال: غريب، وابن حجر رحمه الله بعد ان ذكر كلام الأئمة قبله في الحديث قال: «وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة رضي الله عنه، ولا يصح» فتح الباري (4/ 175).
وهذا الحديث لو قُدر ان اسناده غير صحيح إلا ان العلماء متفقون على القول بمقتضاه والعمل بحكمه، وقد حكى الاجماع على ذلك اكثر من إمام، قال الخطابي رحمه الله «لا أعلم خلافا بين أهل العلم في ان من ذرعه القيء فانه لا قضاء عليه، ولا في ان من استقاء عامدا ان عليه القضاء».
وقال ابن المنذر رحمه الله: «أجمع أهل العلم على ابطال صوم من استقاء عمدا».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/78)
وألحق العلماء بمن غلبه القيء ما غلب الصائم مما لم يمكنه التحرز منه، قال ابن قدامة رحمه الله: «وما لا يمكن التحرز منه كابتلاع الريق لا يفطره لان اتقاء ذلك يشق فاشبه غبار الطريق وغربلة الدقيق، فإن جمعه ثم ابتلعه قصدا لم يفطره لانه يصل إلى جوفه من معدته اشبه اذا لم يجمعه، وفيه وجه آخر انه يفطره لانه امكنه التحرز منه اشبه ما لو قصد ابتلاع غبار الطريق، والأول أصح، فإن الريق لا يفطر اذا لم يجمعه وان قصد ابتلاعه فكذلك اذا جمعه، بخلاف غبار الطريق». المغني (3/ 39).
19 ــ وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: «ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كُراع الغميم فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس اليه، ثم شرب فقيل له بعد ذلك: ان بعض الناس قد شق عليهم الصيام وانما ينظرون فيما فعلت؟ فدعا بقدح من ماء بعد العصر، وشرب والناس ينظرون اليه، فأفطر بعضهم وصام بعضهم، فبلغه ان ناسا صاموا، فقال: اولئك العصاة» رواه مسلم.
20 ــ وروى مسلم عن حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه انه قال: «يا رسول الله أجد بي قوة على الصيام في السفر فهل عليَّ جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي رخصة من الله تعالى، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب ان يصوم فلا جناح عليه».
هذان الحديثان في بيان حكم الصوم للمسافر، قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: «ولم تتنازع الأمة في جواز الفطر للمسافر، بل تنازعوا في جواز الصيام للمسافر، وقال: ومن قال إن الفطر لا يجوز الا لمن عجز عن الصيام فإنه يستتاب فإن تاب والا قُتل» مجموع الفتاوي (25/ 210).
والصوم في السفر اختلف فيه العلماء، فذهب ابن عمر رضي الله عنهما والظاهرية إلى انه لا يجزيء الصيام في السفر عن الفرض، بل من صام في السفر وجب عليه قضاؤه في الحضر لظاهر قوله تعالى «فعدة من أيام أُخر»، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ليس من البر الصيام في السفر» رواه البخاري ومسلم، ومقابل البر الاثم، واذا كان اثما بصومه لم يجزئه، وهذا قول بعض أهل الظاهر، واحتجوا بقوله تعالى «فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أُخر»، قالوا: ظاهره فعليه عدة أو فالواجب عدة، وتأوله الجمهور بان التقدير: فأفطر فعدة كما في فتح الباري «4/ 183»، وذهبت طائفة من العلماء إلى ان الفطر أو الصوم في السفر سواء لا يُرجح أحدهما على الآخر لما جاء في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، ولما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فمنا الصائم ومنا المفطر فلا يجد الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم، يرون ان من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن، ويرون ان من وجد ضعفا فأفطر فان ذلك حسن.
وذهبت طائفة إلى ان أفضل الأمرين أيسرهما للمكلف لقوله تعالى «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر»، وهو قول عمر بن عبدالعزيز، واختاره ابن المنذر رحمهما الله. وذهب اكثر العلماء ومنهم الإمام الشافعي ومالك وأبو حنيفة رحم الله الجميع إلى ان الصوم أفضل لمن قوي عليه ولم يشق عليه، لانه أسرع في ابراء ذمته وانشط له اذا صام مع الناس، وقال الاوزاعي وأحمد واسحاق رحمهم الله الفطر أفضل عملا بالرخصة.
والصوم في السفر لمن يشق عليه معصية بنص النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه قال في شأن بعض أصحابه الذين شق عليهم الصوم في السفر «أولئك هم العصاة»، وقال في شأن من شق عليه الصوم وُظل عليه لسقوطه من ضعف الصيام في السفر «ليس من البر الصيام في السفر»، وقد روى أحمد في مسنده وصححه ابن خزيمة عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته».
وروى أحمد من طريق أبي طعمة قال: قال رجل لابن عمر رضي الله عنهما: إني أقوى على الصوم في السفر، فقال له ابن عمر رضي الله عنهما: «من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة»، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: هذا محمول على من رغب عن الرخصة لقوله صلى الله عليه وسلم «من رغب عن سنتي فليس مني».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/79)
ومن فروع فقه صوم المسافر وهو إذا أصبح المقيم على نية سفر، هل يجوز له أن يفطر في بيته؟ قال الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله في التمهيد «25/ 49»: «واتفق الفقهاء في المسافر في رمضان أنه لا يجوز له أن يبيت الفطر لأن المسافر لا يكون مسافرا بالنية، وإنما يكون مسافرا بالعمل والنهوض في سفره».
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: «يفطر إذا برز عن البيوت».
وكذلك تكلم العلماء في الحائض تطهر في أثناء النهار، والمسافر يرجع إلى بلده في أثناء النهار هل يجب عليهما الإمساك بقية النهار؟
قال الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله في التمهيد «25/ 53»: «واختلفوا في المسافر يكون مفطرا في سفره ويدخل الحضر في بقية من يومه ذلك، فقال مالك والشافعي وأصحابهما وهو قول ابن علية وداود في المرأة تطهر والمسافر يقدم وقد أفطروا في السفر أنهما يأكلان ولا يمسكان، قال مالك والشافعي، ولو قدم مسافر في هذه الحال فوجد امرأته قد طهرت جاز له وطؤها، قال الشافعي: أحب لهما أن يستترا بالأكل والجماع خوف التهمة».
21 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «رخص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا ولا قضاء عليه»، رواه الدارقطني وقال: «هذا إسناد صحيح»، والحاكم وقال: «صحيح على شرط البخاري».
هكذا اختار الحافظ ابن عبدالهادي رحمه الله أثر ابن عباس رضي الله عنهما عند الدارقطني، وهذا الأثر بمعناه رواه البخاري مسندا عن ابن عباس رضي الله عنهما قرأ «وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين»، قال ابن عباس رضي الله عنهما ليست منسوخة هو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فليطعمان مكان كل يوم مسكينا.
وذكر البخاري تعليقاً مجزوما به أن أنس بن مالك رضي الله عنه أطعم بعدما كبر عاما أو عامين كل يوم مسكينا خبزا ولحما وأفطر، وقد رواه مسندا عبدالرزاق وابن خزيمة بأسانيد صحيحة كما في تغليق التعليق «4/ 177».
وروى البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه: «من أدركه الكبر فلم يستطع صيام شهر رمضان فعليه لكل يوم مد من قمح».
فهذه فتاوى الصحابة رضي الله عنهم في أن الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصيام يطعم ولا قضاء عليه، وإلى هذا ذهب الشافعي وأصحاب الرأي.
وألحقوا بذلك المريض الذي لا يرجى برؤه، وأما من يرجى برؤه فإنه يجب عليه الانتظار لحين الشفاء ثم القضاء بعد ذلك.
22 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: هلكت يا رسول الله! قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم في رمضان، قال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟ قال: لا، ثم جلس فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، فقال: تصدق بهذا، فقال: على أفقر منا؟! فما بين البيوت أهل بيت أفقر إليه منا! فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: أذهب فأطعمه أهلك»، متفق عليه، واللفظ لمسلم.
هذا الحديث في كفارة من أبطل صومه بالجماع في نهار رمضان متعمدا وهو مقيم غير مسافر، وقوله «هلكت» استدل به على أنه كان عامدا، لأن الهلاك لا يكون إلا عن عمد.
وهذا الحديث استدل به على أن من ارتكب معصية لا حد فيها وجاء مستفتيا لا يعزر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعاقبه مع اعترافه بالمعصية، وقد ترجم لذلك البخاري في الحدود، وأشار إلى هذه القصة، ووجهه أن مجيئه مستفتيا يقتضي الندم والتوبة، والتعزير إنما جعل للاستصلاح، ولا استصلاح مع الصلاح، وأيضاً لو عوقب المستفتي لكان سببا لترك الاستفتاء، وهي مفسدة فاقتضى ذلك ألا يعاقب.
تكلم العلماء في فقه هذا الحديث فيمن جامع زوجه في نهار رمضان، هل تجب الكفارة على الزوجة كالزوج أو أن الحكم خاص بالزوج فقط؟ فبعض العلماء رأى أن الكفارة على الزوج وحده لأنه في الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: «هل تستطيع»، «وهل تجد»، فكأن الكفارة عليه وحده دون زوجه.
وقيل المرأة تجب عليها الكفارة كالرجل لعدة مرجحات:
أولا: أنها هتكت حرمة الشهر بالجماع.
ثانيا: أنها طاوعت زوجها في الجماع، فكل منهما فاعل ومشارك.
ثالثا: لا يصح الاستدلال بعدم ذكر الكفارة في حق الزوجة، لأنه كذلك لم يذكر الأمر بالاغتسال من الجماع، وهو واجب في حقها كالزوج تماما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/80)
رابعا: ان بيان الحكم للرجل بيان في حقها، فالتنصيص على الحكم في بعض المكلفين كاف عن ذكره في حق الباقين.
وهذه الوجوه تغني عن الاستدلال برواية «وأهلكت»، فقد ضعفها الخطابي والبيهقي وعياض وابن حجر وغيرهم رحم الله الجميع، انظر فتح الباري «4/ 170».
وأما بالنسبة لكفارة الجماع في نهار رمضان فهي مغلظة كما ترى لم ترد في شيء آخر من مفطرات الصوم، عتق رقبة فإن لم يجد فصوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، فالخصال الثلاث على الترتيب المذكور، قال أبو بكر ابن العربي رحمه الله: «لأن النبي صلى الله عليه وسلم نقله من أمر بعد عدمه، وليس هذا شأن التخيير» ..
ومما يتعلق بأحكام الكفارة فيمن وجب عليه إطعام ستين مسكينا بعد عدم الرقبة والعجز عن الصيام يجب أن يكون الإطعام لستين مسكينا، لا يصح إطعام ستة مساكين عشر مرات، قال الحافظ ابن دقيق العيد رحمه الله: «أضاف الإطعام إلى ستين فلا يكون ذلك موجودا في حق من أطعم ستة مساكين عشرة أيام».
كذلك تكلم العلماء في قضاء اليوم الذي أفسده الزوجان بالجماع هل يقضيان يوما مكانه؟ فمذاهب أهل العلم في هذا ثلاثة: الأول: أنه يجب عليه القضاء، لأنه جاء في زيادة في أحد ألفاظ الحديث «وصم يوما مكانه» رواه أبو داود ولعموم قوله تعالى «فعدة من أيام أخر».
الثاني: لا قضاء عليه، لأنه لم يأمره به النبي صلى الله عليه وسلم، وأما زيادة «وصم يوما مكانه»، فهي ضعيفة، ضعفها ابن عدي وأبو يعلى الخليلي والعلائي، وعبدالحق الاشبيلي، وكذلك ابن القيم في تهذيب السنن «3/ 273».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وأما أمره للمجامع بالقضاء فضعيف، ضعفه غير واحد من الحفاظ، وقد ثبت هذا الحديث من غير وجه في الصحيحين من حديث أبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما، ولم يذكر أحد أمره بالقضاء ولو كان أمره بذلك لما أهمله هؤلاء كلهم، وهو حكم شرعي يجب بيانه، ولما لم يأمره به دل على أن القضاء لم يبق مقبولا، وهذا يدل على أنه كان متعمدا للفطر ولم يكن ناسيا ولا جاهلا»، مجموع الفتاوى «25/ 225»، وهؤلاء يرون أن الخلل الحاصل قد انجبر بالكفارة.
الثالث: ان المجامع في نهار رمضان ان كفر بالصوم دخل فيه القضاء، وإلا فلا لاختلاف الجنس، وهذا اختيار الأوزاعي رحمه الله.
وكذلك تكلم العلماء في حق المجامع إذا كان فقيرا ولم يستطع الصيام هل تبقى في ذمته أو تسقط عنه؟
قال الأثرم للإمام أحمد: «أطعمه عيالك» أتقول به؟ قال: نعم إذا كان محتاجاً، ولأنه حق مالي يجب لله على وجه الطهرة للصائم فلم يجب كالعاجز عن صدقة الفطر، وفي رواية أخرى عن أحمد تبقى في ذمته.
وفي روايه إبراهيم بن الحارث قال الإمام أحمد: يأكلها إذا أطعم عنه غيره، ويمتنع في غير كفارة الوطء في الصيام ان يأكل منها، وروى عنه أبو الحارث: ان كل الكفارات لا بأس بأكلها إذا كُفرت عنه.
والكفارة المغلظة إنما هي في حق من جامع أهله في نهار رمضان دون ما سواه، فلو جامع في القضاء أو النذر أو الكفارة لم تجب عليه الكفارة المغلظة، نص عليه الإمام أحمد، وهذا قول سائر الأئمة كذلك، قال الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله: «وأجمعوا على أن المجامع في قضاء رمضان عامدا لا كفارة عليه حاشا قتادة وحده، وأجمعوا أن المفطر في قضاء رمضان عامدا لا كفارة عليه حاشا قتادة وحده، وأجمعوا أن المفطر في قضاء رمضان لا يقضيه وإنما عليه ذلك اليوم الذي كان عليه من رمضان لا غيره، إلا ابن وهب فإنه جعل عليه يومين قياسا على الحج» التمهيد «7/ 181».
23 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه»، متفق عليه.
قوله عليه السلام «صام عنه وليه»، خبر بمعنى الأمر، تقديره: فليصم عنه وليه، وليس الأمر للوجوب عند الجمهور، لأن العبد غير مكلف بأفعال الغير، وأوجبه بعض أهل الظاهر، واختلف العلماء فيمن مات وعليه صوم أي نوع من الصوم يجري فيه القضاء على ثلاثة أقوال:
الأول: أنه يُقضى عنه في النذر وفي الواجب الأصلي، وهذا قول أبي ثور.
الثاني: أنه لا يُقضى عنه بحال لا في النذر ولا في الواجب الأصلي وهو مذهب الشافعي في الجديد ومالك وأبي حنيفة، واستدل الإمام مالك رحمه الله بعمل أهل المدينة، إذ قال في الموطأ «1/ 323 – رواية أبي مصعب الزهري»:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/81)
«لم أسمع أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من التابعين بالمدينة أمر أحدا قط يصوم عن أحد ولا يصلي أحد عن أحد، وإنما يفعل ذلك كل إنسان لنفسه ولا يتأدى عن أحد»
واحتج الحنفية بآثار عن الصحابة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما: «لا يصوم أحد عن أحد» رواه النسائي في السنن الكبرى، وعن عائشة رضي الله عنها: «لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم»، رواه البيهقي.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح «4/ 194»، «الآثار المذكورة عن عائشة وابن عباس فيها مقال»، وهذا يخالف تصحيحه لأثر ابن عباس رضي الله عنهما في التلخيص الحبير «2/ 209».
وقال ابن القيم رحمه الله: «تحمل على الفرض دون النفل»، تهذيب السنن.
الثالث: يصام عن الميت في النذر دون الفرض، وهذا مذهب الليث وأحمد وإسحاق، حملا للعموم في حديث عائشة على المقيد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما المتفق عليه: «ان امرأة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أمي ماتت وعليها صوم نذر، أفأقضيه عنها؟ قال: نعم، فدين الله أحق أن يقضى».
قال ابن القيم رحمه الله: «وهو مقتضى القياس والدليل، لأن النذر ليس واجباً بأصل الشرع وإنما أوجبه العبد على نفسه فصار بمنزلة الدين الذي استدانه، ولهذا شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بالدين في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، والمسؤول عنه فيه: أنه كان صوم نذر، والدين تدخله النيابة، وأما الصوم الذي فرضه الله عليه ابتداء فهو أحد أركان الإسلام فلا يدخله النيابة بحال كما لا يدخل الصلاة والشهادتين فإن المقصود منها طاعة العبد نفسه»، تهذيب السنن «3/ 282»، وشيخنا العلامة محمد العثيمين رحمه الله يرى أن حمل «الصوم» في الحديث على صيام النذر ليس بسديد من جهة الصناعة الأصولية، لأن هذا من حمل العام على صورة نادرة، وهذا تعطيل لدلالة العام، حيث جاء في الحديث: «صوم» نكرة في سياق الشرط فتعم، وصوم النذر بالنسبة لصوم الفرض قليل، فكيف نرفع دلالة الحديث على ما هو غالب، ونحملها على ما هو نادر، فالأدلة إنما تحمل على الغالب» الشرح الممتع «6/ 456».
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[31 - 08 - 08, 02:51 ص]ـ
يتبع ....
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[05 - 09 - 08, 02:51 ص]ـ
باب في قيام رمضان
24 - عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه». متفق عليه.
هنا الحديث فيه بيان فضل قيام رمضان، وانه سبب لتكفير الذنوب، وهذا إنما يصدق على من قام الشهر كله.
وفي قوله «إيمانا واحتسابا» تنبيه على شرط الاخلاص لله عز وجل، لانها تصلى في جماعة خلافا للمعهود من قيام الليل في غير رمضان، حيث يناجي العبد ربه خلوة في غير جماعة.
25 - وعن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع اكثر منهم فصلوا بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد، ثم قال: «أما بعد فإنه لم يخف عليَّ مكانكم ولكني خشيت ان تفرض عليكم فتعجزوا عنها، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك». متفق عليه.
هذا الحديث فيه بيان ان أصل مشروعية قيام الليل في رمضان جماعة ثابت بسنة النبي صلى الله عليه وسلم الفعلية، وان النبي صلى الله عليه وسلم تركه جماعة خشية ان يفرض على الناس، لأن زمانه صلى الله عليه وسلم كان قابلا للنسخ، فلما استقر الشرع بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم، اجتمع الصحابة على قيام الليل جماعة في رمضان، وتوارث المسلمون هذه السنة، ومازالوا قائمين بها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/82)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وقد تنازع العلماء في قيام رمضان هل فعله في المسجد جماعة افضل أم فعله في البيت أفضل؟ على قولين مشهورين هما قولان للشافعي واحمد، وطائفة يرجحون فعلها في المسجد جماعة منهم الليث، وأما مالك وطائفة فيرجحون فعلها في البيت، ويحتجون بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة»، فالمراد بذلك مالم تشرع له الجماعة، وأما ما شرعت له الجماعة كصلاة الكسوف ففعلها في المسجد افضل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المتواترة واتفاق العلماء.
قالوا فقيام رمضان انما لم يجمع النبي صلى الله عليه وسلم الناس عليه خشية ان يفرض، وهذا قد أمن بموته، فصار هذا كجمع المصحف وغيره».
منهاج السنة «8/ 308 - 310».
26 - وعن عائشة رضى الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله، وأيقظ أهله» متفق عليه.
وهذا الحديث فيه ترغيب اكثر في قيام ليالي العشر الاخيرة من رمضان، وذلك تحريا لليلة القدر، وإعطاء هذا الزمان الفاضل حقه من العبادة والاجتهاد الذي يستحقه، لذلك روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها.
باب في صيام التطوع
27 - عن أبي قتادة رضي الله عنه: «ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عرفة؟ فقال: يكفر السنة كلها الماضية والباقية، وسئل عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: يكفر السنة الماضية، وسئل عن صوم يوم الاثنين؟ فقال: ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت- أو أنزل علي- فيه» رواه مسلم.
سبق الحديث عن صيام عاشوراء لما تكلمنا عن التدرج في فرض الصوم، وهو يوم كانت تصومه قريش في الجاهلية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان قال: من شاء صامه ومن شاء تركه. أخرجاه في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، وهذا دال على ان صوم عاشوراء مما اتفقت عليه الشرائع، وانه لم ينفرد به اليهود حتى يقال انه متلقى عنهم أصالة، ونذهب نتكلف بعد ذلك في توجيه ذلك كما فعل الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي رحمه الله حيث قال: «فيحتمل والله أعلم انه أوحي اليه- يعني النبي عليه السلام- بصدقهم فيما قالوه من نجاة بني اسرائيل من عدوهم في يوم عاشوراء، وصام موسى عليه الصلاة والسلام ذلك اليوم. أو ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبره بذلك من اسلم من علماء اليهود كابن سلام وأمثاله». اللفظ المكرم بفضل عاشوراء المحرم ص53
فحديث عائشة رضي الله عنها السابق واضح في ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم عاشوراء بمكة قبل ان يهاجر الى المدينة ويختلط باليهود، ومع توافق الشرائع في صيام عاشوراء فإنه لابد لنا من قصد مخالفة اليهود، في وصف صوم عاشوراء فنصوم يوما معه قبله أو بعده لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لئن بقيت الى قابل لأصومن تاسوعاء». رواه مسلم.
لذلك كره جماعة من العلماء افراد عاشوراء بالصيام لانه افراد يوم يعظمه غير اهل الإسلام، فكره كافراد النيروز والمهرجان. شرح العمدة لابن تيمية «2/ 584».
وتحدثنا كذلك من قبل ان صيام عاشوراء لم يكن نسخه على تركه البتة، ولكن نسخ فرضه فصار تطوعا.
قال أبوبكر الأثرم في «ناسخ الحديث ومنسوخه»: «وقد روي من اكثر من عشرين وجها: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصوم عاشوراء».
ثم قال: «وهذا عندنا من الناسخ والمنسوخ، وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم وكد صومه في أول الأمر قبل نزول شهر الصوم، حتى أمرهم بأن يتموا بقية يومهم، وان كانوا قد اكلوا، وانما يفعل ذلك في الفريضة، ثم جاءت الاحاديث تبين ان ذلك كله كان قبل شهر رمضان، فلما فرض شهر رمضان، كان ما سواه تطوعا». بواسطة شرح العمدة. لابن تيمية2/ 573».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/83)
وأما صوم عرفة بالنسبة للحاج فإنه لا يستحب لان النبي صلى الله عليه وسلم أفطر والناس ينظرون اليه ليتأسوا به كما في الصحيحين، وهذا يغني عن حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة بعرفة». رواه احمد وأبوداود وضعفه العقيلي. وعلل العلماء استحباب الفطر للحاج في عرفة لأن الصوم يضعفه عن الدعاء والذكر الذي هو من آكد وظائف الوقوف بعرفة، ولأن هذا اليوم عيد لمن في ذلك المكان شرح العمدة «2/ 568».
وأما بالنسبة لغير الحاج فإنه يستحب له صيام يوم عرفة، يكفر سنتين الماضية والباقية، وهذا لان الاصل في العبادات ان يخاطب بها عموم المكلفين، ولما كان الحج عبادة مكانية تكفر الذنوب ويرجع الحاج كيوم ولدته أمه اذا كان حجه مبرورا، جعل الله لمن لم يحج عوضا وبدلا صوم يوم عرفة ونحر الأضاحي يوم العيد، والتكبير أيام التشريق، ولله الحمد والمنة.
وقد تكلم العلماء في وجه لون صيام عرفة انه اعظم اجرا من صوم يوم عاشوراء، قال ابن القيم رحمه الله: «إن قيل لم كان عاشوراء يكفر سنة ويوم عرفة يكفر سنتين؟ قيل فيه وجهان: أحدهما أن يوم عرفة في شهر حرام وقبله شهر حرام وبعده شهر حرام بخلاف عاشوراء الثاني: أن صوم عرفة من خصائص شرعنا بخلاف عاشوراء فضوعف ببركات المصطفى صلى الله عليه وسلم». بدائع الفوائد «4/ 211».
وأما صيام يوم الاثنين فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم سبب ذلك، فقال: «ذاك يوم ولدت فيه ويوم بعثت- أو انزل علي- فيه»، وهذا مبلغ حفاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بيوم ولادته صومه فقط، ولم يحتفل احد من صحابته بيوم ميلاده، اذ لو كان خيرا ومن الشرع لكانوا أسبق اليه، فعلم بذلك ان الاحتفال به بدعة.
قال الشباطبي رحمه الله: «السلف الصالح كانوا أحق بالسبق الى فضله، لجميع ما ذكر فيه من الفوائد، ولذلك قال مالك بن أنس فيها: «أترى الناس اليوم كانوا أرغب في الخير ممن مضى؟»، وهو اشارة الى الأصل المذكور، وهو ان المعنى المقتضي للاحداث- وهو الرغبة في الخير- كان أتم في السلف الصالح، وهم لم يفعلوه، فدل انه لايفعل». الاعتصام «2/ 276».
ومن الأسباب التي يستحب لأجلها صوم الاثنين هو انه يوم تعرض فيه الأعمال، كما جاء في مسند احمد ورواه أبوداود والنسائي.
28 - وعن أم الفضل بنت الحارث رضي الله عنها: «أن ناسا تماروا عندها يوم عرفة في صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم، فأرسلت أم الفضل بقدح لبن وهو واقف على بعيره فشربه». متفق عليه واللفظ لمسلم
فهذا الحديث دال على ان السنة للحاج الفطر يوم عرفة ليكون انشط له في الدعاء والذكر قال ابن القيم رحمه الله: «فالصواب ان الأفضل لأهل الآفاق صومه ولأهل عرفة فطره». تهذيب السنن «3/ 322».
29 - عن ابي أيوب الانصاري رضي الله عنه ان رسول صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان ثم اتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر». رواه مسلم.
هذا الحديث فيه دليل على استحباب صيام ست من شوال، وهو كالراتبة البعدية كما ان صيام شعبان راتبة قبلية.
أما وجه كون صيام رمضان وست من شوال كصيام الدهر هو كما قال المازري رحمه الله: «ان الحسنة لما كانت بعشر أمثالها كان مبلغ ماله في الحسنات في صوم الشهر والستة أيام ثلاثمائة وستين حسنة عدد أيام السنة، فكأنه صام سنة كاملة يكتب له في كل يوم منها حسنة». المعلم بفوائد مسلم «2/ 43».
وقد شغب البعض بهذه الطاعة العظيمة واخذ ينهى الناس عنها ويشكك فيها وهذا خطأ في الفتيا، ولو جعلوا هذا اختيارا خاصا لهم دون ان ينشروه في العامة لكان يحتمل ذلك منهم، ولا محذور في صوم شوال اطلاقا الا أول يوم منه وهو يوم العيد اجماعا، لئلا يدخل في رمضان ماليس منه، ففطر يوم العيد وحده كاف في التمييز بين رمضان وشوال، أما ان ينهى عن صيام شوال فهذا خطأ قطعا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/84)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وكان احمد ينكر على من يكرهها كراهة ان يلحق برمضان ماليس منه، لان السنة وردت بفضلها والحض عليها، ولان الإلحاق انما خيف في أول الشهر، لانه ليس بين رمضان وغيره فصل، وأما في آخره، فقد فصل بينه وبين غيره بيوم العيد، وكان نهيه صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم العيد وحده دليلا على ان النهي مختص به، وان ما بعده وقت إذن وجواز، ولوشاء لنهى عن اكثر من يوم، كما قال في أول الشهر: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولايومين».
وسواء صامها عقيب الفطر أو فصل بينهما، وسواء تابعها أو فرقها، لان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وأتبعه بست من شوال» وفي رواية: «ستا من شوال»، فجعل شوال كله محلا لصومها، ولم يخصص بعضه من بعض». شرح العمدة «2/ 559 - 560».
ومن كان عليه قضاء من رمضان فليقضه أولا ثم يصوم ستا من شوال اذا أراد ان يدرك الفضل المذكور في ذلك، لان من كان عليه قضاء من رمضان لا يصدق عليه انه صام رمضان.
وأما سائر أنواع صوم النفل فيجوز فعلها وان كان في ذمته قضاء من رمضان، قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله: «العبادات المحضة فإن كانت موسعة جاز التنفل قبل أدائها كالصلاة بالاتفاق، وقبل قضائها أيضا كقضاء رمضان على الأصح، وان كانت مضيقة لم تصح على الصحيح».
تقرير القواعد وتحرير الفوائد «1/ 66».
3 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله، إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا» متفق عليه، ولفظه لمسلم.
وهذا الفضل العظيم يبدو والله أعلم لمن كان صائما وهو مجاهد في سبيل الله، يدل عليه قوله عليه السلام في الحديث: «في سبيل الله»، وهذا يدل عليه ان الثواب العظيم انما يكون للعمل العظيم، والأصل انه اذا اطلق «في سبيل الله» فإنما يراد به الجهاد، وبعض أهل العلم جعله عاما في أي يوم كان، قال ابن الملقن رحمه الله: «سبيل الله» الأكثر في الشرع والعرف استعماله في الجهاد، فاذا حمل عليه كانت الفضيلة فيه لاجتماع العبادتين أعني فضيلة الصوم والجهاد، ويحتمل ان يراد بسبيل الله طاعته كيف كانت، ويعبر بذلك عن صحة القصد والنية فيه، وبه جزم القرطبي». الإعلام بفوائد عمدة الأحكام «5/ 387».
31 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا في رمضان، وما رأيته في شهر اكثر منه صياما في شعبان». متفق عليه، واللفظ لمسلم.
هذا الحديث فيه بيان صفة صوم النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان يسرد الصوم ثم يسرد الفطر حتى يجم نفسه ويرجع له نشاطه وتبقى لأعضائه قوتها، كما انه بهذه الصفة يكون أدرك فضل صيام داود عليه السلام وربما اكثر.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله: «فإن قيل: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم افضل الصيام صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما، ولم يصم كذلك، بل كان يصوم سرداً، ويفطر سردا، ويصوم شعبان، وكل اثنين وخميس!! قيل صيام داود الذي فضله النبي صلى الله عليه وسلم الصيام قد فسره النبي صلي الله عليه وسلم في حديث اخر بأنه صوم شطر الدهر، وكان صيام النبي صلى الله عليه وسلم إذا جمع يبلغ صيام نصف الدهر، او يزيد عليه. وقد كان يصوم مع ما سبق ذكره يوم عاشوراء وتسع ذي الحجة». لطائف المعارف ص 136.
وأما صيام شعبان فإنه كان يصوم أكثره ولم يكن يصومه كله حتى لا يشبهه برمضان، وأما رواية «فإنه كان يصوم شعبان كله» وفي رواية عند مسلم عن عائشة رضي الله عنها «كان يصوم شعبان إلا قليلا» فهذه الرواية تفسر معنى «الكل»، قال الترمذي: قال عبدالله بن المبارك رحمه الله: جائز في كلام العرب اذا صام اكثر الشهر ان يقول: صام الشهر كله.
32 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل للمرأة ان تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه» متفق عليه.
قيل ان هذا النهي للكراهة، ورجح الحافظ النووي رحمه الله في شرح المهذب انه للتحريم، لأن للزوج حق الاستمتاع بها في كل وقت، وحقه واجب على الفور فلا يفوته بالتطوع، ولا واجب على التراخي».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/85)
والمرأة تكون فقيهه تتحرى صيام الأيام التي يصومها زوجها، حتى لا يفوت الزوج حتى الاستمتاع، وتكون بذلك قد تعاونت مع زوجها على البر والتقوى.
وان لم يكن الزوج من أهل الصيام فليدع زوجه تصوم بعض الأيام لتحقق مقاصد الشريعة في هذه العبادة العظيمة، قال رجل لحماد بن سلمة رحمه الله: «الرجل يحبب إليه الصلاة، وآخر يحبب اليه الجهاد، وعدّدّ خصالا من خصال الخير، فقال: هذه كلها طرق إلى الله أحب ان تعمر». مكارم الاخلاق «3/ 436 – رقم 45» موسوعة ابن الدنيا.
-4 باب في الأيام المنهي عنها
33 - عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه: «ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين: يوم الفطر، ويوم النحر». متفق عليه.
يحرم صوم العيدين عيد الفطر وعيد الاضحى للنهي في هذا الحديث، وهذا مما اجمع عليه المسلمون، قال ابن المنذر رحمه الله «وأجمع اهل العلم على ان صوم هذين اليومين: يوم الفطر، ويوم الاضحى، منهي عنه». الاجماع ص 60.
وتحدث العلماء كذلك في معنى النهي، فقال ابو العباس القرطبي رحمه الله: «وقول عمر رضي الله عنه: يوم فطركم من صيامكم، ويوم تأكلون فيه نسككم، تنبيه على الحكمة التي لأجلها حرم صوم هذين اليومين. اما يوم الفطر: فيتحقق به انقضاء زمان مشروعية الصوم، ويوم النحر: فيه دعوة الله التي دعا عباده اليها من تضييفه، واكرامه لأهل منى وغيرهم، بما شرع لهم من ذبح النسك والأكل منها، فمن يصوم هذا اليوم فإنه رد على الله كرامته». المفهم «3/ 198».
والنهي عن صوم يوم عيد الفطر والاضحى شامل لأنواع الصوم كله سواء النذر او القضاء او قصد التنفل، ومن صامه فإنه لا ينعقد صيامه لأن النهي يقتضي الفساد إذا كان لذات المنهي عنه أو وصف فيه.
وصيام يوم العيد حرام ايضا من جهة مفارقة جماعة المسلمين فإنه يجب على المسلم مشاركة جماعة المسلمين عيدهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم «صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون».
34 - وعن نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله» رواه مسلم.
قال المازري: «وقع في نسخة ابن ماهان «نبيشة الهذلية» بهاء التأنيث في الهذلية وهذا وهم، ونبيشة اسم رجل معروف من الصحابة وهو ابن عم سلمة بن المحبق الهذلي» المعلم «2/ 39».
35 - وعن عائشة وابن عمر رضي الله عنهما قالا: «لم يرخص في أيام التشريق ان يصمن إلا لمن لم يجد الهدى». رواه البخاري.
هذا الحديثان في بيان حكم صيام ايام التشريق، وسميت ايام التشريق بهذا الاسم لان لحوم الاضاحي تشرق فيها اي تنشر في الشمس، وقيل لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس، وقيل لأن صلاة العيد تقع عند شروق الشمس، وقيل التشريق التكبير دبر كل صلاة.
اما حكمها فقد ذهب ابو حنيفة رحمه الله الى منع صيام ايام منى مطلقا بقوله عليه السلام عنها «أيام أكل وشرب»، وبما ورد في نهيه عليه السلام عن صيام ايام منى، وخالفه مالك وأجاز للمتمتع الذي لا يجد الهدي صيامها لقوله تعالى «فصيام ثلاثة أيام في الحج»، وهذه الآية نزلت يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة، وشرط في القرآن ان تكون هذه الثلاثة الأيام في الحج، فإذا صام التاسع وافطر العاشر للنهي عن صومه لم يبق لها محل في الحج إلا أيام التشريق.
وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: «هذه الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بإفطارها وينهى عن صيامها». رواه ابو داود، وقال النووي «اسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم». شرح المهذب «6/ 442».
فإن قلت انه قد ورد عن ابن الزبير وابن عمر وابي طلحة رضي الله عنهم انهم كانوا يصومون ايام التشريق، فالجواب كما قال ابن قدامة رحمه الله: «الظاهر ان هؤلاء لم يبلغهم نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن صيامها، ولو بلغهم لم يعدوه الى غيره». المغني «4/ 426».
36 - عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: «لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا ان يكون في صوم يصومه احدكم». رواه مسلم.
هذا الحديث وما في معناه دال على النهي عن قصد صوم يوم الجمعة منفرداً وعلة النهي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/86)
اولاً: انه يوم عيد المسلمين، فقد روى الحاكم في مستدركه عن ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: «يوم الجمعة يوم عيد فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم الا ان تصوموا قبله او بعده».
ثانيا: انه يوم ذكر وعبادة فاستحب الفطر ليكون اقوى وانشط وأعون له على هذه الوظائف، وهو نظير صوم يوم عرفه للحاج.
وأما بالنسبة لحكم صوم يوم الجماعة فمذهب عامة الصحابة التحريم، فقد نقل ابن المنذر، وابن حزم منع صومه عن ابي هريرة علي وسلمان وابي ذر رضي الله عنهم اجمعين، ثم قال ابن حزم رحمه الله: «لا نعلم لهم مخالفا من الصحابة».
وبهذا يتبين ضعف ما قاله الإمام مالك رحمه الله: «لم اسمع احداً ممن يقتدى به ينهى عنه».
كذا قال، رحمه الله، وأي قدوة فوق الصحابة رضي الله عنهم، لذلك لم يرض العلماء قوله مالك وانتقدوه، قال ابن قدامة منتقدا مالك رحم الله الجميع: «وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق ان تتبع» المغني «4/ 627»، وكذلك انتقده ابن الملقن رحمه الله فقال: «هذا رأي من مالك خالفه فيه غيره، والسنة قاضية على من خالفها».
وأما الحنفية فلم يكرهوا صوم يوم الجمعة لحديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، وقلما كان يفطر يوم الجمعة» رواه الترمذي وحسنه.
قال ابن القيم رحمه الله: «ولا معارضة بينه وبين احاديث النهي اذ ليس فيه: انه كان يفرده بالصوم، والنهي انما هو عن الافراد فمتى وصله بغيره زال النهي». تهذيب السنن «3/ 297».
هذا توجيه، والتوجيه الاخر هو انه يحتمل ان يريد انه كان لا يتعمد فطره اذا وقع في الأيام التي كان يصومها، فيكون هذا متوافق مع حديث الباب حيث استثنى النبي صلى الله عليه وسلم من النهي عن صوم يوم الجمعة بقوله: «إلا ان يكون في صوم يوم احدكم فليصمه» ممن اتفق وقوع الجمعة في أيام له عادة بصومها كيوم عرفة او عاشوراء جاز له صيامها. وشيخنا العلامة محمد العثيمين رحمه الله قال بكراهة صوم يوم الجمعة وعدم التحريم لحديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له: صم يوما وافطر يوما، فقال شيخنا العثيمين رحمه الله: «فلابد ان يوافق يوم جمعة». وهذا في الحقيقة يحتمله الدليل، لكن فهم الصحابة يجعل الانسان يتحرج عن الخروج عن فقه عامتهم، لا سيما وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر من افرد يوم الجمعة بالصوم بالفطر، وهذا لا يكون للمكروه كراهة تنزيهية، فقد روى البخاري في صحيحه ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل على جويرية بنت الحارث رضي الله عنها يوم الجمعة وهي صائمة؟ فقال: اصمت امس؟ قالت: لا، قال: تريدين ان تصومي غدا؟ قالت: لا، قال: فأفطري.
37 - وعن صلة بن زفر قال: كنا عند عمار بن ياسر فأتي بشاة مصلية، فقال: كلوا، فتنحى بعض القوم، فقال: اني صائم، فقال عمار: من صام اليوم الذي شك فيه فقد عصى ابا القاسم صلى الله عليه وسلم». رواه ابو داود والنسائي والترمذي وصححه.
وقوله عليه السلام «لا تخصوا يوم الجمعة بصيام من سائر الأيام، ولا تخصوه بقيام سائر الليالي فيه» دليل على تحريم البدعة الإضافية، وهو ما كان مشروعا بأصله ممنوعاً بوصفه.
وقد سبق الكلام في حكم صوم يوم الشك.
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[05 - 09 - 08, 02:58 ص]ـ
38 - وعن العلاء بن عبدالرحمن عن ابيه عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اذا انتصف شعبان فلا تصوموا» رواه احمد والنسائي وابو داود.
هذا الحديث من افراد العلاء بن عبدالرحمن، لذلك قال ابو داود رحمه الله: «لم يجيء به غير العلاء عن ابيه». سنن ابي داود ص 340.
فهذا الحديث منكر لتفرد العلاء مع مخالفته، حيث سئل عنه احمد فانكره، وقال: سألت ابن مهدي عنه فلم يحدثني به، وكان يتوقاه، ثم قال ابو عبدالله: هذا خلاف الاحاديث التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم. علل الاحاديث «رقم 273 - ص 118».
وقال البردعي رحمه الله: «وشهدت ابا زرعة ينكر حديث العلاء بن عبدالرحمن «اذا انتصف شعبان» وزعم انه منكر». اسئلة البردعي لابي زرعة الرازي «2/ 388».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/87)
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «وقال احمد وابن معين: انه منكر» فتح الباري «4/ 129». فتحصل لدينا من مجموع ما ذكر اربعة من الأئمة المتقدمين حكموا بنكارته، وهم: احمد، ابن معين، عبدالرحمن بن مهدي، وابو زرعة الرازي رحم الله الجميع.
وبعض اهل العلم كابن خزيمة وابن القيم رحمهما الله صححوا الحديث ودفعوا القول بمخالفة العلاء للاحاديث الصحيحة، وقالوا ان النهي عن حديث العلاء انما هو في حق من ابتدأ صوم شعبان في النصف الثاني فقط، كما في تهذيب السنن «3/ 224».
وهذا الجواب لا شك انه يدفع معارضة حديث صوم النبي صلى الله عليه وسلم اكثر شعبان، لكنه لا يزيل التعارض مع ما في الصحيحين من قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين». فإن مفهومه انه يجوز: تقدم رمضان بصوم ثلاثة ايام واربعة، وهكذا، وهذا كله من النصف الثاني من شعبان.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله مستدركا على من صححه: «وتكلم فيه من هو أكبُر من هؤلاء وأعلم، وقالوا: هو حديث منكر، منهم عبدالرحمن بن مهدي، والإمام أحمد، وأبو زرعة الرازي، والاثرم، وقال الإمام أحمد: لم يرو العلاء حديثا أنكر منه، ورده بحديث: لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين، فإن مفهومه جواز التقدم بأكثر من يومين، وقال الاثرم: الاحاديث كلها تخالفه».
لطائف المعارف ص142
39 - عن عبدالله بن بسر عن أخته الصماء ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لاتصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد احدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه». رواه أحمد وابو داود.
هذا الحديث روي من طرق مختلفة، فقد رواه عبدالله بن بسر عن أخته الصماء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورواه عبدالله بن بُسر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورواه عبدالله بن بُسر عن أبيه بُسر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروته الصماء عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولما روي الحديث بهذه الاوجه الثلاثة المختلفة، اختلف تبعا لذلك حكم العلماء على الحديث، فصاروا ثلاثة اصناف:
الاول: من حكم باضطراب الحديث لهذا الاختلاف كالنسائي وابن حجر رحمهما الله.
الثاني: من حكم بالترجيح لاحد الطرق وجعله هو المحفوظ دون سائر الطرق، وهذا مسلك الدار قطني حيث قال بعد روايته للحديث في سننه «ان الصحيح عن عبدالله بن بسر عن اخته الصماء» بواسطة البدر المنير 5/ 763.
الثالث: من نفى الاضطراب عن الحديث، ورأى ان الحديث كيف تصرف من هذه الوجوه الثلاث فانه صحيح لأنه من رواية صحابي، ومثل هذا الخلاف لايضر قال ابن الملقن رحمه الله: «فهو اضطراب غير قادح، فان عبدالله بن بسر صحابي، وكذا والده، والصماء ممن ذكرهم في الصحابة ابن حبان في اوائل «الثقات» فتارة سمعه من ابيه، وتارة من أخته، وتارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتارة سمعته اخته من عائشة وسمعته من رسول الله صلي الله عليه وسلم». البدر المنير 5/ 762.
وهذا الحديث ضعفه جماعة من كبار الائمة المتقدمين والمتأخرين بنكارة متنه لذلك قال مالك: هو كذب، انظر سنن ابي داود ص351 رقم 454 وقال الامام احمد بن حنبل رحمه الله: كان يحيي بن سعيد يتقيه، وأبى ان يحدثني به» اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 73.
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله معلقا: «فهذا تضعيف للحديث».
اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 75.
وقال الاوزاعي رحمه الله: «مازلت بهذا الحديث كاتما، ثم رأيته انتشر».
البدر المنير 5/ 760.
وقال الاثرم عن الإمام احمد بن حنبل رحمه الله «ان الاحاديث كلها مخالفة لحديث عبدالله بن بسر».
اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 73.
ومأخذ العلماء في نكارة المتن من وجهين.
الاول: ان يوم السبت يوم عيد عند اليهود، والعيد لا يصام، فالقول بمقتضى هذا الحديث فيه موافقة لليهود.
قال المهلب مبينا علة النهي عن صوم يوم الجمعة: «خشي ان يلتزم بالناس من تعظيم يوم الجمعة ما إلتزمه اليهود والنصارى في يوم السبت والاحد من ترك العمل والتعظيم، فأمر بإفطاره، ورأى ان قطع الذرائع اعظم اجرا من إتمام مانوى صومه لله».
شرح صحيح البخاري لابن بطال 4/ 131.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/88)
وهذا الجواب لا يصلح سببا لتعليل النهي عن صوم السبت لان اليهود لا يعظمون السبت بصومه فهم يعظمونه بالاكل والشرب وترك العمل، والمسلمون لو صاموا السبت فإنه لا يقطعهم عن العمل، والسابقون الاولون كانوا يجاهدون وهم صائمون صيام الفرض ولم يقطعهم ذلك عن العمل كما في غزوة بدر وفتح مكة.
قال ابن الملقن رحمه الله متحدثا عن النبي عن صوم الجمعة «خشية ان تعظم بالصوم كما عظمت اليهود والنصارى السبت والاحد من ترك العمل، وهو باطل، فان تعظيم يوم الجمعة ثابت مبين في الكتاب والسنة بأمور كثيرة، ويلزم من تعظيمه بالصوم لو كان مشروعا التشبه بالسبتية والاحدية، فانهم لايعظمونه بذلك، ولو عظموه بذلك لم يكن نهيه عن صومه ملزوما للتشبه بهم ولا لازما، بل لأمر اطلع عليه الشارع، كيف وهم يعظمون سبتهم وأحدهم بالأكل والشرب وقد روى النسائي وابن حبان والحاكم في صحيحيهما من حديث ام سلمة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان اكثر ما يصوم من الايام يوم السبت والاحد، وكان يقول: انهما يوما عيد للمشركين فاحببت ان اخالفهم»، ومعلوم ان يوم العيد يوم اكل وشرب عند من يعتقده عيدا، ويترك العمل والسعي في مصالحهم وقد كانوا أمروا بيوم الجمعة كما أمرنا به فخالفوا وبدلوا، فجعل عليهم غضبا وتغليظا، وتعظيم يوم الجمعة معروف عندهم، كلهم غيروا وبدلوا، والذي يقع التشبه بهم فيه ترك العمل».
الاعلام بفوائد عمدة الاحكام 5/ 368 - 369.
الاشكال الثاني نكارته من جهة المتن ايضا حيث ان هذا الحديث جاء بتحريم صوم السبت مطلقا سواء مضموما لغيره، او منفردا، فهذه نكارة شديدة مخالفة لما في الصحيحين حيث امر النبي صلى الله عليه وسلم من اراد صيام الجمعة بان يصومه مع ما بعده وهو يوم السبت.
قال الاثرم: وحجة ابي عبدالله- يعني الامام احمد- في الرخصة في صوم يوم السبت: ان الاحاديث كلها مخالفة لحديث عبدالله بن بسر.
اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 73.
وقال شيخ الاسلام مؤيدا انتقاد الامام احمد للحديث «واحتج الأثرم بمادل من النصوص المتواترة، على صوم يوم السبت، ولا يقال: يحمل النهي على افراده، لان لفظة” لا تصوموا يوم السبت الا فيما افترض عليكم، والاستثناء دليل التناول، وهذا يقتضي ان الحديث عم صومه على كل وجه، والا لو اريد افراده لما دخل الصوم المفروض ليستثني فانه لا افراد فيه، فاستثناؤه دليل على دخول غيره، بخلاف يوم الجمعة، فانه بين انه انما نهي عن افراده».
اقتضاء الصراط المستقيم
فتحصل بما سبق نكارة متنه لذلك ضفعه يحيى بن سعيد القطان، ومالك، واحمد بن حنبل، والاوزاعي، والنسائي، والحافظ ابن حجر، والله أعلم.
5 - باب الاعتكاف
40 - عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعكتف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده، متفق عليه.
الاعتكاف لغة: لزوم الشيء وحبس النفس عليه، قال تعالى «وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا»، وشرعا: لزوم المسجد لطاعة الله.
والاعتكاف يشترط له المسجد لقوله تعالى «ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد»، وقد حكى الإجماع على ذلك القرطبي وابن قدامه.
والاعتكاف سنة لما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا: «من أحب أن يعتكف فليعتكف»، قال ابن المنذر رحمه الله: «أجمع أهل العلم على أن الاعتكاف لا يجب على الناس فرضا إلا أن يوجب المرء على نفسه الاعتكاف نذرا فيجب».
وفي قول عائشة رضي الله عنها «حتى توفاه الله»، فيه إشارة إلى أنه محكم غير منسوخ، وأما اشتراط الصوم للاعتكاف فقد ذهب إليه جماعة من العلماء كمالك والأوزاعي والحنفية، وحجتهم:
1 - قول عائشة رضي الله عنها «السنة للمعتكف أن يصوم»، وأجيب بأن هذا مدرج من كلام الزهري، فتيا الصحابة كابن عمر وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم حيث قالوا: «لا اعتكاف إلا بصوم»، رواه سعيد بن منصور وعبدالرزاق وصححه ابن حجر رحمه الله.
3 - الاعتكاف لبث في مكان مخصوص فلم يكن قربة حتى ينضم إليه قربة أخرى، كالوقوف بعرفة لا يكون قربة حتى ينضم إليه الإحرام.
4 - المعتكف ممنوع مما يمنع منه الصائم من القبلة ونحوها، فلأن يمنع مما منع منه الصائم كالأكل والشرب أولى.
5 - ان الله ذكر الاعتكاف أثر الصوم فقال «ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/89)
6 - ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتكف إلا في رمضان، وأما اعتكافه عشرا من شوال فقد كان قضاءً لإعتكافه الذي نقضه في رمضان.
وأجيب عن هذه الحجج بأن ذكر الاعتكاف اثر الصوم لا يدل على تلازمهما، وإلا لكان لا صوم إلا باعتكاف ولا قائل به، وأما اعتكافه صلى الله عليه وسلم وهو صائم فهذا لأنه صلى الله عليه وسلم كان يتحرى أفضل الأحوال في إعتكافه، والاعتكاف في المسجد عبادة بنفسه كالطواف والركوع والسجود كما قال تعالى «وطهر بيتي للطائفين والعاكفين» «البقرة:125».
وفي الصحيحين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك، والليل ليس محلا للصوم.
وأما فتيا الصحابة فنقول إن الصحابة لم يجمعوا على ذلك، وابن عباس رضي الله عنهما نفسه لم يشترط ذلك، قال ابن عباس رضي الله عنهما: «ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه» رواه البيهقي بسند صحيح.
قال شيخ الإسلام اين تيمية رحمه الله في حكم اشتراط الصوم للاعتكاف: «ليس في اشتراط الصوم كتاب ولا سنة، ولا إجماع، ولا قياس صحيح، والحكم إنما يثبت بواحدة من هذه الجهات» شرح العمدة «2/ 761».
وأما استحباب الصوم للاعتكاف فلا ريب في ذلك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وقد أجمع الناس على استحباب الصوم للمعتكف، لأن الصوم أعون له على كف النفس عن الفضول، فإنه مفتاح العبادة».
41 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه»، متفق عليه، واللفظ لمسلم هذا الحديث فيه بيان متى يدخل المعتكف المسجد، وظاهر الحديث أنه يدخله فجرا، وهذا لا قائل به، لأن من أراد اعتكاف العشر كلها، فإنه يدخل قبل غروب الشمس يدرك اليوم كله، لأن ما بعد غروب الشمس داخل في مسمى اليوم الذي بعده، قال الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله في حديث عائشة: «فلا أعلم من فقهاء الأمصار من قال به إلا الأوزاعي، وذكر الأثرم قال: سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن المعتكف في أي وقت يدخل معتكفه؟ فقال: يدخله قبل غروب الشمس، فيكون يبتدئ ليلته» التمهيد «11/ 196»، ثم علل الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله القول بالدخول قبل غروب الشمس بقوله: «لأن الليالي تبع للأيام»، التمهيد «11/ 198».
فعلى هذا يكون دخول المسجد قبل غروب الشمس، ويوجه حديث عائشة رضي الله عنه أن دخوله فجرا إنما هو لمكان اعتكافه الخاص داخل المسجد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في موضع بعينه من المسجد» شرح العمدة «2/ 722».
وعليه ينبغي للمعتكف معرفة حدود المسجد حتى يكون معتكفا داخل المسجد، قال الإمام أحمد رحمه الله «حد المسجد هو الذي جعل عليه حائط وباب»، شرح العمدة «2/ 723».
43 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل عليَّ رأسه وهو في المسجد فأرجله، وكان لايدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفا» رواه البخاري.
ففي اخراج النبي صلى الله عليه وسلم رأسه دلالة على اشتراط المسجد للاعتكاف، وهو مقتضى قوله تعالى «ولاتباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد».
وفي ترجيل عائشة رضي الله عنها لشعر النبي صلى الله عليه وسلم يعني تسريحه دليل على ان مس المعتكف لزوجه لغير شهوة لابأس به، وفيه دليل على جواز التنظف والتطيب والغسل والحلق والتزين الحاقا بالترجل ويحرم على المعتكف المباشرة في المسجد ولاخارجا منه إذا خرج خروجا لايقطع الاعتكاف، فلا يحل له ان يباشرها بوطء ولا لمس ولاقبلة لشهوة بل ذلك حرام لقوله تعالى «ولاتباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد»، قال قتادة: كان الناس إذا اعتكفوا يخرج احدهم فيباشر أهله ثم يرجع إلى المسجد فنهاهم الله تعالى عن ذلك. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: إذا جامع المعتكف بطل اعتكافه، واستأنف الاعتكاف. رواه اسحاق.
فالوطء يبطل الاعتكاف بإجماع أهل العلم، ذكره ابن حزم وابن المنذر، لانها عبادة حرم فيها الوطء فأبطلها كالصوم والاحرام، وأما المباشرة دون الفرج كالقبلة واللمس فإنها لا تبطله إلا ان يقترن بها الانزال، كالصيام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/90)
44 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: السنة على المعتكف ان لايعود مريضا، ولايشهد جنازة، ولايمس امرأة ولايباشرها، ولايخرج لحاجة إلا لما لابد له منه، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع». رواه أبو داود.
سبق بيان ان لفظة «السنة على المعتكف» مدرج من كلام الزهري، والتابعي إذا قال: «من السنة كذا» يكون مرسلا، فلا يكون له حكم الرفع.
وأما بالنسبة لخروج المعتكف فإنه يجوز له الخروج لما يعرض له من الحاجات، فقد قالت عائشة رضي الله عنها في الحديث السابق ان النبي صلى الله عليه وسلم كان لايدخل البيت إلا لحاجة الانسان، وفسر الزهري الحاجة بالبول والغائط، وكذلك لما زارت صفية بنت حيي رضي الله عنها زوجها النبي صلى الله عليه وسلم قام معها لما خرجت إلى سكنها وهذا خروج للخوف على أهله، وفي معنى ذلك كل ما يحتاج إلى الخروج له وهو يخاف من تركه ضررا في دينه أو دنياه، فيدخل في ذلك الخروج لفعل واجب وترك محرم وإزالة ضرر، مثل غسل الجنابة، واداء شهادة تعينت، وشهود جمعة، واطفاء حريق.
وأما الخروج لعيادة المريض واتباع الجنازة فمن اهل العلم من منعه، واجازه الامام احمد في رواية لآن هذا خروج لحاجة لاتتكرر في الغالب، فلم يخرج به عن كونه معتكفا كالواجبات، ومن أهل العلم من اجازه إذا اشترطه المعتكف وهذا اخر الروايات عن الامام أحمد حكاه عنه شيخ الاسلام في شرح العمدة لان النبي صلى الله عليه وسلم قال لضباعة رضي الله عنها حجي واشترطي، فإذا كان الاحرام الذي هو الزم العبادات بالشروع يجوز مخالفة موجبه بالشروط، فالاعتكاف أولى.
فالحاصل ان العلماء قسموا خروج المعتكف إلى ثلاثة اقسام:
1 - الخروج لما لابد منه من قضاء الحاجة والخوف والمرض، فهذا يجوز بالاشتراط وبدونه، لايبطل به الاعتكاف.
2 - ما لايجوز الخروج إليه الابشرط، كعيادة المريض واتباع الجنازة.
3 - مالايجوز الخروج اليه بشروط وبغير شرط، ومتى خرج بطل اعتكافه، وهو مالاقربة فيه، كالفرجة والنزهة والبيع في الاسواق.
وأما قول الزهري في أثر عائشة «لا اعتكاف إلا في مسجد جامع» فهذا للكمال حتى لايخرج من المسجد لصلاة الجمعة، ولابأس في الاعتكاف في سائر المساجد التي تقام فيها الصلوات الخمس لعموم قوله تعالى «وأنت عاكفون في المساجد»، والخروج للجمعة مرة واحدة في اسبوع لايضر لأنه لايتكرر.
44 - عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صل&<740; الله عليه وسلم قال: «ليس على المعتكف صيام إلا ان يجعله على نفسه» رواه الدار قطني والحاكم والصحيح انه موقوف، ورفعه وهم والله اعلم
سبق الكلام في اشتراط الصوم للاعتكاف بما يغني عن اعادته، وفي خاتمة شرح احاديث الاعتكاف ننبه إلى ضرورة تحقيق مقاصد الاعتكاف بأن يأتي به العبد حقيقة لاصورة، قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله «انما كان يعتكف النبي صلى الله عليه وسلم في هذا العشر التي يطلب فيها ليلة القدر قطعا لاشغاله، وتفريغا لباله، وتخليا لمناجاة ربه وذكره ودعائه وكان يحتجر حصيراً يتخلى فيها عن الناس فلا يخالطهم ولايشتغل بهم، ولهذا ذهب الامام احمد إلى ان المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس حتى ولا لتعليم علم واقراء قرآن، بل الافضل له الانفراد بنفسه والتخلي بمناجاة ربه وذكره ودعائه، وهذا الاعتكاف هو الخلوة الشرعية، وإنما يكون في المساجد لئلا يترك به الجمع والجماعات فإن الخلوة القاطعة عن الجمع والجماعات منهي عنها، سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل ولايشهد الجمعة والجماعة، قال: هو في النار.
فالخلوة المشروعة لهذه الأمة هي الاعتكاف في المساجد خصوصاً في شهر رمضان خصوصاً في العشر الاواخر منه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه، فما بقي له هم سوى الله وما يرضيه عنه» لطائف المعارف ص 2003.
6 ــ باب في ليلة القدر
45 ــ عن ابن عمر رضي الله عنهما: ان رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر! فمن كان متحريا فليتحرها في السبع الأواخر» متفق عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/91)
هذا الحديث فيه الحث على قيام ليالي العشر الأخيرة من رمضان تحريا لليلة القدر، وليلة القدر سُميت بذلك لانها عظيمة القدر، ولانه تُقدّر فيها مقادير السنة كاملة كما قال تعالى «فيها يفرق كل أمر حكيم».
وليلة القدر في العشر الأخيرة من رمضان قطعا، واما قول ابن مسعود رضي الله عنه من يقم الحول يصب ليلة القدر، انما أراد حمل الناس على طاعة القيام ومناجاة الله في العام كله، لان موجبات اجابة الدعاء موجودة في كل ليلة خصوصا في الثلث الأخير منه.
وبعض أهل البدع يرى ان ليلة القدر رُفعت أصلاً ورأساً لان النبي صلى الله عليه وسلم خرج ليخبر أصحابه بليلة القدر فتلاحى رجلان، فرفعت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عسى ان يكون خيراً، فالتمسوها في التاسعة، والسابعة، والخامسة». رواه البخاري.
وهذا الاستنباط من اولئك المبتدعة جهل وضلال وحرمان من الخير، والرد عليهم من وجوده: أولا: ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وعسى ان يكون خيرا»، وارتفاعها أصلا ورأسا لا خير فيه، بخلاف نسيان تعيينها وتحري قيام العشر كله طلبا لادراكها فإنه هو الخير.
ثانياً: قوله صلى الله عليه وسلم «التمسوها» دال على انها لم ترفع.
ثالثا: اجماع الصحابة على طلبها والتماسها بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم دليل قاطع على بقائها.
قال ابن عمر رضي الله عنهما: «هي في كل رمضان» رواه أبو داود موقوفا عليه، وبهذا يتبين خطأ اولئك حتى ان فريقا منهم ليصلونها قبل صلاة العشاء، قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: «فاذا صلوها قبل العشاء الآخرة لا تكون هي صلاة التراويح» .. مجموع الفتاوى «23/ 120».
وليلة القدر هي في العشر الأواخر من رمضان قطعا لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «التمسوها في العشر الأواخر من رمضان». رواه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
قال الإمام أحمد في رواية حنبل: «ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان». شرح العمدة «2/ 669».
وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان العلم بتعيينها يتجدد ويدل لذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ان رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرى رؤياكم قد تواطئت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر». متفق عليه
والروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم في الدلالة عليها كثيرة فقد قال عليه السلام «فالتمسوها في التاسعة، والسابعة، والخامسة» رواه البخاري.
فلذلك لا يتوجه تعيينها حصرا في ليلة السابع والعشرين، فهذه الروايات تدل على انها تنتقل فقد تكون في هذا العام ليلة خمس عشرين أو سبع عشرين، وفي العام السابق ربما في ليلة تسع وعشرين لذلك ذهب أبو قلابة، ومالك، وسفيان الثوري، وأحمد، واسحاق إلى انها تنتقل في العشر الأخيرة، قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: «هذه الاحاديث كلها تقتضي انها تكون في هذه الليالي كلها، وقد كانت في عام من الاعوام في احدى هذه الليالي، فتكون متنقلة في الليالي العشر»، ثم قال: «فلا يجزم لليلة بعينها انها ليلة القدر على الاطلاق، بل هي مبهمة في العشر».
والنبي صلى الله عليه وسلم جعلها آكد ما تكون في أوتار العشر الأخيرة من رمضان، فعن عائشة رضي الله عنها: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان» متفق عليه.
وهنا لابد من تنبيه أهل العلم إلى اختلاف العلماء في تعيين الوتر: هل هو باعتبار ما مضى أو باعتبار ما بقي»؟
فالجواب ان الروايات تحتمل الأمرين، ففي حديث ابن مسعود رضي الله عنه عند أبي داود: «ليلة احدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين»، فهذا وتر باعتبار ما مضى من ليالي رمضان، وفي حديث: ابن عباس رضي الله عنهما عند البخاري: «في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى في خامسة تبقى»، فهذا دال على ان الوتر باعتبار ما بقي من ليالي العشر.
من أجل هذا لا تفرط يا عبدالله في قيام أي ليلة من ليالي العشر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/92)
قال ابن بطال رحمه الله «وانما يصح معناه وتوافق ليلة القدر وتزامن الليالي على ما ذُكر في الحديث اذا كان الشهر ناقصا، فأما ان كان كاملا فإنها لا تكون الا في شفع فتكون التاسعة الباقية ليلة اثنتين وعشرين، والخامسة الباقية ليلة ست وعشرين، والسابعة الباقية ليلة أربع وعشرين على ما ذكره البخاري عن ابن عباس، فلا تصادف واحدة منهن وترا، وهذا يدل على انتقال ليلة القدر كل سنة في العشر الأواخر من وتر إلى شفع، ومن شفع إلى وتر، لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أمته بالتماسها في شهر كامل دون ناقص، بل أطلق على طلبها في جميع شهور رمضان التي قد رتبها الله مرة على التمام، ومرة على النقصان، فثبت انتقالها في العشر الأواخر كلها على ما قال أبو قلابة»، شرح صحيح البخاري «4/ 156».
فينبغي على متحري ليلة القدر أن يقوم العشر كلها، لأنه لا سبيل لمعرفة هل الشهر كاملا أو ناقصا حتى يقال مع النقص يتوافق الوتر باعتبار ما مضى وما بقي إلا بانتهاء الشهر ليلة العيد، وحينئذ تكون قد انتهت والله أعلم.
وأما ما رواه عبدالرزاق في المصنف باسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألهم عن ليلة القدر فأجمعوا على أنها في العشر الأواخر، قال ابن عباس رضي الله عنهما: فقلت لعمر رضي الله عنه: إني لأعلم أو أظن أي ليلة هي؟ قال عمر رضي الله عنه: أي ليلة هي؟ فقلت: سابعة تمضى أو سابعة تبقى من العشر الأواخر، فقال: من أين علمت ذلك؟ قلت: خلق الله سبع سموات، وسبعة أراضين، وسبعة أيام، والدهر يدور في سبع، والإنسان خلق من سبع، ويأكل من سبع، ويسجد على سبع، والطواف والجمار وأشياء ذكرها، فقال عمر رضي الله عنه: لقد فطنت لأمر ما فطنا له.
فقد قال أبو محمد ابن عطية الأندلسي رحمه الله: «هذا من ملح التفسير وليس من متعين العلم»، طرح التثريب «4/ 155».
وقال البيهقي رحمه الله «هذا استدلال وليس بيقين»، فضائل الأوقات ص244.
46 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «اعتكفت مع النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط فخرج صبيحة عشرين فخطبنا وقال: إني أريت ليلة القدر ثم أنسيتها أو قال: نسيتها – فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر، وإني رأيت أني أسبح في ماء وطين، فمن كان اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فليرجع! فرجعنا وما نرى في السماء قزعة، فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد، وكان من جريد النخل، وأقيمت الصلاة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين في جبهته»، متفق عليه، واللفظ للبخاري.
رؤيا الأنبياء حق من الله، والرؤيا ليس فيها إثبات حكم شرعي جديد لأن الدين كمل ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا»، ولقوله صلى الله الله عليه وسلم: «الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة»، فقال «النبوة» ولم يقل «الرسالة» أي مستندة لما في الشرع الموجود، قال ابن الحافظ العراقي رحمه الله في شأن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في ليلة القدر: «هو استدلال على أمر وجودي لزمه استحباب شرعي مخصوص بالتأكيد بالنسبة إلى هذه الليالي»، طرح التثريب «4/ 159».
وفي هذا الحديث تأكيد لما سبق ذكره من أن ليلة القدر في العشر الأخيرة من رمضان.
47 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت- أي ليلة ليلة القدر – ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني»، رواه الإمام أحمد وابن ماجة والنسائي والترمذي وصححه.
فهذا الحديث فيه بيان حرص عائشة رضي الله عنها على العلم، وعلى تحريها للخير، وفيه بيان أن الدعاء ليلة القدر مظنة الإجابة.
وفيه دليل على أن العبد يتوسل في دعائه بأسماء الله الحسنى التي تناسب ما دعا به، حتى لا يحصل تنافر بين حاجته واسم الله الذي استعمله الذي لا يقتضي مطلوبه، قال ابن القيم رحمه الله: «إن من دعاء الله بأسمائه الحسنى أن يسأل في كل مطلوب، ويتوسل إليه بالاسم المقتضي لذلك المطلوب المناسب لحصوله، حتى إن الداعي متشفع إلى الله متوسل إليه به، فإذا قال: «رب أغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور»، فقد سأله أمرين، وتوسل إليه باسمين من أسمائه مقتضيين لحصول مطلوبه، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها، وقد سألته ما تدعو به إن وافقت ليلة القدر؟ قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني»، بدائع الفوائد «2/ 615».
والحمد لله رب العالمين
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[05 - 09 - 08, 03:30 ص]ـ
............(101/93)
(منظومة أسباب حياة القلوب) لفضيلة الشيخ العلامة حمد بن عتيق رحمه الله تعالى المتوفى سنة 1301 للهجرة
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
منظومة أسباب حياة القلوب
فهذا نظم مبارك من قول فضيلة الشيخ العلامة حمد بن عتيق رحمه الله تعالى المتوفى سنة 1301 للهجرة , كنت قد بحثت عنها في المكتبة وفي الشبكة؛ ولكن للأسف لم أعثر عليه , فزودني به أخ كريم مصورا وأخبرني أن فضيلة الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح قد شرحه في جامع الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى , فأحببت أن أرفعه وأفيد به من يطلبه وكتبت معه شرح لطيف يبين بعض ألفاظها ويوضح بعض معانيها سائلا المولى أن يكتب لنا وللشيخ الكريم المغفرة والقبول والرضوان ,, إنه سميع.
وكتبه الفقير إلى عفو ربه
محبرة الداعي
يقول رحمه الله:
حمدتُ الذي أغْنى وأقْنى وعَلَّّما - - - وصيَّر شكرَ العبدِ للخيرِ سُلَّما
وأُهدي صلاةً تستمر على الرِّضا - - - وأصحابه والآلِ جمعاً مُسَلِّما
كما دلَّنا في الوحي والسننِ التي - - - أتانا بها نحوَ الرَّ شادِ وعَلَّما
أزالَ بها الأغلافَ عن قلبِ حائرٍ - - - وفتَّحَ آذاناً أُصمَّتْ وأَحْكَمَا
فيا أيها الباغي استنارةَ قلبِهِ - - - تدَّبرْ كلا الوحيين وانقدْ وسَلِّما
فعنوان إسعادِ الفتى في حياتِهِ - - - معَ اللهِ إقبالاً عليه مُعَظِّما
وفاقدُ ذا لا شكَّ قدْ ماتَ قلبُه - - - أوِ اعتلّ بالأمراضِ كالرَّينِ والعَمَى
وآية سُقمٍ في الجوارحِ منعها - - - منافعها أوْ نقصُ ذلكَ مثلما
وصحتها تُدَرى بإتيانِ نَفْعِهَا - - - كنطقٍ وبطشٍ والتصرف والنما
وعينُ امتراضِ القلب فَقْدُ الذي له - - - أُرِيدَ من الإخلاصِ والحُبِّ فاعْلَما
ومعرفةُ الشوقِ إليه إنابة - - - بإيثارِ ذا دونَ المحباتِ فاحْكُمَا
ومؤثرُ محبوبٍ سوى اللهِ قلبُه - - - مريضٌ على جرف من الموتِ والعَمَى
وأعظم محذورٍ خَفَى موتُ قلبه - - - عليه تَشغَّل عن دواه بضدِّ ما
وآية ذا هونُ القبائحِ عندَه - - - ولولاه أضْحى نادماً متألماً
فجامعُ أمراضِ القلوبِ إتباعُها - - - هواها فخالِفْها تصحّ وتسْلَمَا
ومن شؤمهِ تركُ اغتذاءٍ بنافعٍ - - - وترك الدوا الشافي وعجز كلاهما
إذا صحَّ قلبُ العبدِ بانَ ارتحالُه - - - إلى دارهِ الأخرى فراحَ مُسَلِّما
ومِنْ ذاك إحساسُ المحبِّ لقلبهِ - - - بضربٍ وتحريكٍ إلى اللهِ دائما
إلى أن يُهنَّا بالإنابةِ مُخبتاً - - - فيسكن في ذا مطمئنا منعَّما
وفيها دوامُ الذكرِ في كلِّ حالةٍ - - - يَرَى الأنسَ بالطاعاتِ لله مغْنما
ويصحبُ حراً دلَّه في طريقِهِ - - - وكانَ مُعيناً ناصحاً متيمّما
ومنها إذا ما فاتَه الوِرْدُ مرةً - - - تَرَاهُ كئيباً نادماً متألماً
ومنها اشتياقُ القلب في وقتِ خدمةٍٍ - - - إليها كمُشْتَّدٍ به الجوعُ والظَّما
ومنها ذهابُ الهَمِّ وقت صلاتهِ - - - بدنياه مرتاحاً بها مُتَنَعِمَا
ويَشْتَّد عنها بُعدَه وخروجه - - - وقد زالَ عنه الهم والغم فاستما
فأكْرِم به قلباً سليماً مقرّبا - - - إلى اللهِ قد أضْحى محُبِّا متيَّما
ومنها اجتماعُ الهمِ منه بربِّه - - - بمرضاتهِ يسعى سريعاً مُعظِّما
ومنها مراعاة وشُحّ بوقته - - - كما شَحَّ ذو المال البخيلِ مُصَمِّما
ومنها اهتمام يُثمرُ الحِرصَ رغبةً - - - بتصحيحِ أعمالٍ يكونُ متمما
بإخلاص قصدٍ والنصيحةِ محسناً - - - وتقييده بالإتباعِ ملازما
ويَشهدُ مَعْ ذا مِنَّةَ اللهِ عندَه - - - وتقصيره في حقِّ مولاه دائما
فستٌ بها القلب السليم ارتداؤه - - - وينجو بها من آفةِ الموتِ والعمى
فياربِّ وفقنا إلى ما نقوله - - - فما زلتَ يا ذا الطَّوْل برَّاً ومُنْعِمِا
فإني وإنْ بَلَّغتُ قولَ محققٍ - - - أُقرُّ بتقصيري وجهلي لعلم ما
ولمَّا أتى مثلي إلى الجوِّ خالياً - - - من العلمِ أضْحى مُعْلناً مُتكلِّما
كغابٍ خلا مِنْ أُسدِهِ فتواثبت - - - ثعالبُ ما كانتْ تطا في فِنَا الحِمَى
فيا سامع النَّجوى ويا عالم الخفا - - - سَألتُكَ غُفْرَاناً يكونُ معمَّما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/94)
فما جرَّني إلا اضطرارٌ رأيته - - - تَخوَّفت كوني إنْ توقفتُ كاتما
فأبْديْتُ من جرَّاه مزجا بضاعتي - - - وأمَّلَّتُ عفواً مِنْ إلهي ومَرْحما
فما خَابَ عبدٌ يستجير بربِّه - - - ألحَّ وأمْسَى طاهر القلب مُسْلِما
وصلَّوا على خير الأنام - - - كذا الآل والأصحاب ما دامت السما
** شرح مجمل لهذا النظم المبارك **
بدأ الناظم رحمه الله تعالى نظمه بحمدِ رَبِّهِ جلَّ جلاله الذي أغناه وأقناه وعَلَّمَه , وجعلَ شُكْرَ العبدِ أَحَدَ الطرق الموصلة للخير.
ثم أهدى بعد حمده صلاةً , ورجا استمرارها على الرِّضا , ويريد به النبي - صلى الله عليه وسلم - , ويُهديها كذلك إلى الصحابةِ والآل؛ وهذا الإهداء لأجلِ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دلَّنا في الوحي - ويريد به القرآن الكريم - والسنن - وهي سنته صلى الله عليه وسلم - إلى الرَّشادِ والطريقَ السليم , والذي كانت ثمرته أنَّ الأغلاف التي على القلبِ الحائرِ زالتْ وسَلِمَ القلب منها!
ثم وجَّه النداء إلى كل من يريد أن يكون في قلبه نوراً وضياءً , أن طريق الحصول عليهما هو في تدبر الوحيين وهما الكتاب والسنة والانقياد لأحكامهما والتسليم لأخبارهما.
وأن عنوان السعادة؛ سعادة المرء في هذه الحياة أنْ يُقبِل على الله تعالى مُعَظِّماً لربه جلَّ جلاله! ومن فَقَدَ هذا فقلبه أحد قلبين إمِّا إنه ميت أو مُصاب بالعِللِ والأمراض المعنوية كالرَّينِ - وهو غلاف غليظ يكون على القلب - أو مصاب بعَمَى القلب!
ودليل ذلك أن الإنسان يعرف أن جوارحه سقيمة , مريضة عندما لا يستطيع أن يحرِّكها فيمنعه شللٌ في يدهِ مثلاً أن يحرِّكها وينتفع بها؛ وقد يكون السقم والمرض لا يمنع الانتفاع؛ لكنه يُقَلِّل من الحصولِ على منفعتها فتصبح يده كما في المثال ثقيلة لا يحركها بسهولة!
وفي المقابل فإنَّ سلامةَ هذه الجوارح وصحتها تُعرف بأنْ ينتفعَ بها الإنسان كاملَ الانتفاع , فاللسانُ مثلاً عندما ينطق به نطقاً سليماً يسيراً , واليدُ عندما يأخذ بها ويَبْطش ويفعل ما يريد بسهولة , ونموُّ هذه الجوارح يدلُّ على سلامتها من العلل , فكذلك القلبُ إذا عَدِمَ نفعه أو قَلَّتْ منفعته فهو مريضٌ عليل!
وأَشدُّ أمراضِ القلب أن يَفْقَدَ قلبك ما أُريدَ به من الإخلاصِ لله تعالى وحُبِّهِ جلَّ جلاله؛ فإذا خَلا قلبك من هذه الأمور فاعلمْ أنه قلبٌ عليلٌ فسارع لدوائه
وأمَّا إنْ وجدتَ قلبكَ على غيرِ هذه الحالة؛ فوجدتَ فيه الشوق إليه, فاعلمْ أنَّ صدقَ ما وجدت يكون عندما تجدْ أنَّ هذا الشوق يدفَعُك إلى الإنابةِ , وتقديم ما يحبه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - على محبوبات نفسك ورغباتها , وبهذا تستطيع أن تحكمَ على صدقِ شوقكَ أَمْ زيفه!
فإن كنت ممن يُؤثرُ ما يحب على ما يحبه الله جلَّ جلاله فاعلمْ أنَّ قلبكَ مريضٌ على حافة من الهلاك إمَّا الموت , وإمَّا عَمَى القلب ,
فإنَّ أعظمَ محذورٍ يخفى على الإنسان هو موت القلب وانشغاله بغير علاجه!
وعلامة حصول هذا المحذور أن تكونَ القبائحَ عندك هينة؛ لأنَّ قلبكَ لو كان سليماً لكان عند حصولِ القبائحِ نادماً متألماً.
فجامعُ أمراضِ القلوبِ - والذي كلُّ علةٍ ترجع إليه - هو أن يَتْبَعَ قلبك هواك المخالف للشرع , فمتى ما خالفت هذا الهوى صحَّ قلبك وسَلَمْ!
ومن شؤم وعقوبة هذا الإتِّبَاع أن يتَغَذَّى القلب على شيءٍ لا ينفع , ويترك كذلك الدواء الشافي الذي يُعالج قلبه , ويَصحب ذلك كله العَجْز فهو شرُّ بَلِيَّةٍ يُبْلَى بها المرء!
إنَّ العبدَ إذا كان قلبُهُ صحيحاً ظَهَرَ واتَّضَحَ وبَانَ ارتحاله وسَفَرُه إلى دارِ الآخرةِ يرجو ما بها مُسَلِّماً على هذه الدار الفانية غير عابِهٍ بها , ومِنْ علامةِ صحةِ قلبكَ أنْ تشعرَ أنَّ قلبكَ يخفق ويضرب ويتحرك دوماً نحوَ ربك جلَّ جلاله لا يستقر ولا يطمئن إلا عند
ذكره وفي طاعته , حتى يُهنَّا ويُثْمر ذلك التحريكُ والضربُ الإنابةَ والخضوعَ لربه جلَّ جلاله ونتيجة هذه الثمرة سكونُ القلب وراحته , واطمئنانه ونعيمه الذي لا يمكن أن يتنَّعم بغيره!
ومن علامة صحة قلبك؛ أن تذكر ربك في كل وقت؛ لا يمكن أن يسعدَ ويرى النعيم إلا في هذا الطريق الذي هو طاعة ربه جلَّ جلاله!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/95)
ومما يُعينُ على ذلك أن يَصْحَبَ المرء حرَّا أي إنساناً لم يَأْسِرْهُ هَوَاه ولا حُبّ دنياه , بل هو خالص من كلِّ ذُلٍّ إلا لله تعالى , هذا المرء هو الذي يدل على الطريق الصحيح بأن يُعينكَ عندَ حاجتك وينصحك عند مخالفتك!
ومن علامة صحة القلب كذلك؛ إن يكون لك وردٌ وطاعة لا تتركها؛ فإذا فاتت عليك في أحد المرات وجدت في قلبك الكآبة والندم والتوجع والألم لفواتها!
ومن علامة صحة قلبك؛ أن يشتاقَ في وقت الطاعة إليها كشوق من اشتدَّ به الجوعُ والظمأ عندما يجدْ ما يأكل وما يشرب!
ومن علامة صحة قلبك كذلك؛ أن همَّ الدنيا يزول عن قلبك عندما تقف بين يدي ربك جلَّ جلاله للصلاة , فترتاح بها وتطمئن وتتنعم , ويشتد هذا البُعد والخروج عن هذا الهم فيزول غمك ويرتفع قلبك ويسمو!
فمن كانت هذه صفة قلبه فأكرِم به من قلبٍ سليمٍ قريب من ربه جل جلاله حتى أصبحَ شديدَ المحبة فهو متيم في حُبِّه هذا!
ومن علامات صحة قلبك أنْ تجمعَ همك على ربك جلَّ جلاله فلا تَظُّنَّ بربك إلا خيراً , وأنه هو الذي ينفع ويضر , وتسعى في كلِّ ما يرضيه , وتعظيمه في قلبك لا يفارقه.
ومن علامات صحته كذلك؛ أن يراعي أوقاته ويشح بها , وذلك بأنْ يحاسب نفسه حساباً دقيقاً كما يحاسبُ البخيل في إنفاقِ ماله!
ومن علاماته كذلك؛ أن يكونَ في قلبك اهتمامٌ يثمرُ حرصاً منك ورغبةً في تصحيحِ جميعِ أعمالك , وأنْ تحاول بلوغَ التمام فيها ما استطعت إلى ذلك سبيلا؛ وهذا لا يكون إلا بالإخلاص لله تعالى وسلامة النية والنُّصحَّ بالحسنى , وأن يكونَ قلبك متبعاً ملازماً لكلِّ ما وافقَ الشَّرْع منتهياً عن كلِّ ما نهاه , ثم يشهد مع هذا كله عظيمَ مِنَّةَ الله تعالى وفضله عليه , وأنَّه مهما عَمِلَ فإنه مقصر في حق مولاه جلَّ جلاله!
فهذه الأمور للقلب بمثابة الرداء والثوب للبدن؛ متى ما كان قلبك متصفاً بها نجا من أخطرِ مرضينِ يعتريان القلب , وبهما هلاكه الموت والعمى!
ثم بعد بيانِ القلب المريض والميت والسليم خَتَمَ الناظم - رحمه الله تعالى - نظمه بسؤال الله تعالى التوفيق إلى امتثال ما نقول؛ فإنك ما زِلْتَ بنا برَّاً ومنعما , فإني وإنْ قُمْت بالبلاغ فيما سَبَقَ من كلام ليس من قولي - وهذا من عظيم تواضعه رحمه الله – إنما قمت بتبليغه لغيري , لأنه قول محقق لا يمكن أن يكون قولي وأنا أُقرُّ وأعترفُ بتقصيري وجهلي وعِلْمِي بهما!
وسبب تبليغي هذا: أنَّه حين أتى من هم أمثالي من أهل التقصير والجهل إلى مكانٍ ليس فيه علم ولا علماء تكلَّمْنَا وأعلنَّا , فمَثَلُنا كمَثَلِ غابةٍ ليس فيها أُسدها وهم الملوك - كما يقال – فلما غابت تواثبت الثعالب التي ليست بشيء , والتي لم تكن تجرؤ على أن تطأَ في ساحةِ وفناءِ حمى هذا الأسد!
فيا من يسمع النجوى , ويا من يعلم ما خفى أسألك غفراناً يكون عامَّاً لكلِّ ذنوبي , فوالله ما حملني على هذا البلاغ وكتابة هذا النظم والقول إلا ضرورة رأيتُها خَشِيت إنْ سكت ولم أُبين هذا القول أكون كاتماً للعلم , مما جعلني أُظْهِر للناس علمي وهو بمثابة البضاعة المزجاة , وأَمَلَيْ أنْ تعفوَ عني وترحمني لتطاولي وتقصيري , فإنَّهُ لا يخيب من يستجيرُ بك يا إلهي وألحَّ عليك بإجابة سؤاله وهو طاهر القلب مسلما لك!
فاللهم صلِّ على خيرِ الأنامِ محمدٍ وكذلك صحابته الكرام وآله الأطهار ما دامت السماء!
وكتبه الفقير إلى عفو ربه
محبرة الداعي
http://me7barh.maktoobblog.com (http://me7barh.maktoobblog.com/)
Me7barh@hotmail.com (Me7barh@hotmail.com)
الرابط ( http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=50&book=3399)
ـ[الجُمَّان]ــــــــ[24 - 10 - 09, 08:06 ص]ـ
جزاك الله خيرا وجعل ماكتبت في ميزان حسناتك
ـ[الجُمَّان]ــــــــ[24 - 10 - 09, 03:41 م]ـ
هل بالإمكان أن يرفع لنا أحدكم المنظومة صوتيا؟(101/96)
لو حلف المرء دون أن يقرنها بالمشيئة فهل يحنث بذلك؟
ـ[عمر السلمي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 04:41 م]ـ
لو أن شخصًا حلف أن لا يفعل شيئًا ما دون أن يقول إن شاء الله فهل يحنث؟ مع أنه غير جازم في حلفه هل يستطيع أن يفعله أو لا فماذا يصنع في هذه الحالة؟
هل عليه كفارة يمين أم أنه من اللغو الذي لا يحنث به؟
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[30 - 08 - 08, 11:08 ص]ـ
هذه مسألة فقهية
وكان الأولى طرحها في منتدى الفقه
والجواب: أنه إذا كان عاقداً اليمين فإنه إذا فعل ما حلف أن لا يفعله فعليه كفارة يمين
وإذا كان لفظ اليمين جرى على لسانه دون قصد منه فلا شيء عليه لأنه حينئذ لغو يمين
فعدم الجزم المذكور في السؤال يختلف معناه باختلاف قصد السائل
فإن كان مراده بعدم الجزم عدم قصد اليمين فسبق بيانه
وإن كان مراده بعدم الجزم: عدم الجزم على ترك الفعل فإن هذا لا يمنع من انعقاد اليمين
وفي كل الأحوال: يوصى بحفظ لسانه ما استطاع
ـ[عمر السلمي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 01:22 م]ـ
أحسنت فمحلها منتدى الفقه.
وجزاك الله خيرًا.(101/97)
الرد على من طعن في سن زواج عائشة لـ" د. محمد عمارة "!
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[29 - 08 - 08, 05:42 م]ـ
الرد على من طعن في سن زواج عائشة
د. محمد عمارة
عوَّدنا الكاتبُ (جمال البنا) على كل غريب ومبتدع، وكان آخر هذه المبتدعات ما أعلنه في جريدة "المصري اليوم" بتاريخ 13/ 8/2008 من ظهور صحفي شاب يصحح للأمة خطأً منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، وجعل البنا يمدح ويبجل ذلك الصحفي الذي استطاع أن يكشف خطأ عَمِي على الأعلام طوال هذه القرون، فيا حظ أمه بهذا الجهبذ الذي دقق وفتش وقارع، ونقد سند الرواية التي تتحدث عن سن السيدة عائشة وقت زواجها من النبي، والتي غفلت عنها الأمة طوال 1000 عام، والفضل الأول كما يرى البنا يرجع إلى أنه لم يدرس في الأزهر وإلا لما كان يستطيع هذا العمل العظيم، وسوف يذهب هذا الرد وساوس الشيطان من رأسيهما إن شاء الله تعالى، إن أرادا الحق، وإن أبوا إلا المكابرة والعناد فكما قال ربنا: {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} [آل عمران: 119].
يظهر في هذا البحث الكذب والاختلاق والجهل؛ وذلك من عدة أوجه:
أولاً: كلمة أريد بها باطل، يقول البنا: "وجد الباحث في نفسه حمية للدفاع عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسَلَّم- لعلها لم توجد في غيره"، وهذا محض كذب وافتراء، وفعله ليس دفاعًا عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسَلَّم- ولا حمية له، بل هذه محاولة من محاولات القضاء على سنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسَلَّم- من خلال التشكيك في الأحاديث الواردة، وبث الريبة في نفوس العامة نحو الأئمة الأعلام، وإن كان البنا صادقًا فأين هؤلاء من ذبهم عن الدين، ورد افتراءات المستشرقين والعلمانيين، أين جهدهم في صد عدوان الكفر، أين هم من الدعوة لدين الله، لا شيء من هذا مطلقًا؛ إلا مقالات سيئة، وفتاوى ماجنة كتلك التي تجيز تقبيل الشباب للفتيات، وشرب الدخان في نهار رمضان وغير ذلك من الفتاوى القبيحة المنكرة.
ثانيًا: كذب وتدليس على الخلق؛ إذ قال: "وكما ذكرت جميع المصادر بلا اختلاف أنها -يعني أسماء- أكبر من عائشة بـ10 سنوات"، وهذا غير صحيح فليس هذا بالاتفاق وإنما هي رواية ذكرت، وسوف أبين الصحيح لجلاء الغيوم عن مرضى القلوب.
ذكر الباحث نقلا من كتب (الكامل، وسير أعلام النبلاء، وتاريخ الطبري، ووفيات الأعيان، والبداية والنهاية، وتاريخ بغاد، وتاريخ دمشق) ما يؤكد أن عائشة قد ولدت قبل البعثة، بانيًا وهمه هذا على ما روي من فارق السن بينها وبين أختها أسماء وهو عشر سنوات، وهذا يضعف - في زعم الصحفي - حديث البخاري الذي يثبت فيه أن النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- تزوج عائشة وهي بنت ست ودخل عليها وهي بنت تسع سنين.
وقد رجعت إلى تلك المصادر التي اعتمد عليها الصحفي وعلى غيرها من أمهات الكتب فلم أجد ما زعمه إلا روايات لا تشهد له بشيء؛ ففي كتاب معرفة الصحابة لأبي نعيم (6/ 3208)، والبداية والنهاية (3/ 131)، وسير أعلام النبلاء (3/ 427)، وأسد الغابة (7/ 7، 186، 216)، وتاريخ الإسلام (3/ 604، 698)، والسمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين لمحب الدين الطبري (صـ 36)، أضف إلى ذلك ما ذكره ابن هشام في السيرة وهو أسبق من هؤلاء جميعًا في عدم تمييز عائشة البكاء من الفرح قبل الهجرة لصغر سنها.
جاء في سير أعلام النبلاء أيضًا (3/ 522) وكذا تاريخ الإسلام: "وكانت -أي أسماء- أسن من عائشة ببضع عشرة سنة". وإن كنا لا ننفي الرواية الواردة بأن الفارق بينهما عشر سنين فقط، إلا أنها لا تصح.
فإذا كانت كتب التاريخ تؤكد أن وفاة أسماء كان سنة 73 هـ وتوفيت عن عمر 100 سنة، وأن أسماء هاجرت وعمرها 27 سنة وهذا يعني أنها حينما أسلمت كان عمرها 14 سنة بطرح مدة الدعوة المكية 13 من مجموع السن 27 - 13 = 14، والثابت أنها كانت أكبر من عائشة ببضع عشرة سنة على الراجح كما ذكر ذلك الذهبي وغيره، والبضع من 3 إلى 9، فلو اعتبرنا ما بين أسماء وعائشة، لوجدنا أن البضع عشرة سنة هو ما بين 13 إلى 19 سنة، وعليه فتكون عائشة قد ولدت في السنة الخامسة من البعثة، أي في الإسلام وليس قبل الإسلام، وهذا ما يتفق مع الكتب السابقة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/98)
ثالثًا: الكذب والتدليس مرة أخرى فينقل الصحفي كلامًا من كتاب البداية والنهاية ليس له وجود أصلا فيزعم أن ابن كثير قال عن الذين سبقوا بإسلامهم: "ومن النساء أسماء بنت أبي بكر وعائشة وهي صغيرة فكان إسلام هؤلاء في ثلاث سنين ورسول الله يدعو في خفية ثم أمر الله رسوله بإظهار الدعوة"، ثم يقول: وبالطبع هذه الرواية تدل على أن عائشة قد أسلمت قبل أن يعلن الرسول الدعوة في عام 4هـ وأخذ يستطرد ويدور حول هذه القصة الملفقة ليثبت المراد من هذا الكذب ظنًّا أن هذا الأمر لن يبحث عنه أحد، قلت: وقد رجعت إلى الموطن المشار إليه فلم أجد ما ذكره الصحفي الهمام الذي لم يجد بدًّا من الكذب على الأعلام لإظهار الخطأ الموهوم، ولم يذكر ابن كثير خبرًا فيه ذكر أسماء في السابقين إلى الإسلام فضلا عن عائشة.
رابعًا: الحديث الثاني الذي يستند عليه، والعجيب أنه من رواية البخاري الذي يزعم كذبه ويستدل به، والأعجب أنه لم يفهم فحواه، ولعل عذره أنه لم يتخرج في الأزهر كما يقول تلميذه البنا!، والحديث عن عائشة: "لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرًا قبل هجرة الحبشة ... " وهذا كذب وتدليس من الصحفي ومتابعة على جهله من تلميذه البنا للوصول إلى مأرب وغرض خبيثين، ونص الحديث: "خرج أبو بكر مهاجرًا قِبَلَ الحبشة"، وهناك فارق كبير بين المعنيين، فالحديث يبين أن أبا بكر لما أوذي واشتد إيذاء قريش له خرج نحو الحبشة مهاجرًا وكان خروجه هذا قريبًا من هجرة المدينة يعني في أواخر الدعوة المكية، فلقيه ابن الدغنة فأجاره، والهجرة لم تنقطع إلى الحبشة إلا بهجرة المدينة، ويؤكد هذا المعنى ما جاء في الحديث نفسه: على لسان أبي بكر لابن الدغنة: إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله ورسوله، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسَلَّم-: ((قد أريت دار هجرتكم؛ رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين ... )) يعني الأمر لم يتعدَّ الأيام التي خرج فيها أبو بكر يريد الحبشة، فرجع في جوار ابن الدغنة، فلم يمتنع عن استعلانه بالقرآن فشكت قريش إلى ابن الدغنة، فخلع أبو بكر جواره فبشره النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- برؤية أرض الهجرة.
وقد حرف النص كما ترى ليصل إلى مراده، ومعلوم أن بدء الهجرة إلى الحبشة كان في بداية الإسلام ليثبت أن عائشة كانت قد ولدت قبل البعثة، لاحظ أيضًا أن هذا الحديث يؤكد صغر سن عائشة لقولها: "لم أعقل أبوي قط ... " وهذا يؤكد أنها ولدت في الإسلام كما أثبتناه.
خامسًا: تناقض في قياس عمر عائشة على عمر فاطمة بأن فارق السن بينهما خمس سنوات وأن فاطمة ولدت قبل البعثة بخمس سنوات مما يستلزم أن تكون عائشة ولدت عام البعثة الأول، وهذا فيه تناقض صريح؛ إذ كيف يثبت مولدها قبل البعثة بـ 4 سنوات بالموازنة بينها وبين أسماء، ثم يثبت مولدها عام البعثة الأول مقارنة بسن فاطمة، والحقيقة غير ذلك، يقول الذهبي في السير: "وعائشة ممن ولد في الإسلام، وهي أصغر من فاطمة بثمان سنين" (سير أعلام النبلاء 3/ 429). وتأمل هذا، وفي ترجمة فاطمة قال الذهبي: "مولدها قبل البعثة بقليل" (السير 3/ 417)، فإذا ما نظرنا إلى سن زواج النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- من عائشة وكان قبل الهجرة ببضعة عشر شهرًا، وقيل بعامين، أضف على هذا السن عمر عائشة حينها وكان ست سنوات، فيكون المجموع 2 + 6 = 8 اطرح هذا من مدة الدعوة المكية 13 - 8 = 5، فإن هذا يعني أنها ولدت في السنة الخامسة من الهجرة. ويؤكد هذا المعنى ما ذكره ابن الأثير في أسد الغابة (7/ 216) إذ ذكر أن النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- زوج عليًّا من فاطمة بعد أن تزوج النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- عائشة بأربعة أشهر ونصف، وكان سنها يوم تزويجها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر، وهذا يعني أنه بنى بها في السنة الثانية من الهجرة، فإذا ما اعتبرنا السن المذكور لفاطمة تبين لنا أنها ولدت قبل البعث بقليل كما ذكر الذهبي وغيره.
فانظر كيف تناقض المسكين الذي يفخر به تلميذه البنا بأنه لم يدرس في الأزهر، والفخر للأزهر حقيقة أنه لم يحتضن هؤلاء المشاغبين، ولم يجلسوا في أروقته، ولم يعرفوا أدب العلم وحق العلماء.
سادسًا: عدم الأمانة العلمية في نقل النصوص؛ إذ نقل الكاتب عن كتاب الإصابة أن فاطمة ولدت عام بناء الكعبة وعمر النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- 35 سنة، وأنها أسن من عائشة بخمس سنوات، ولم يبين أن هذه رواية من روايات عدة ذكرها ابنُ حجر؛ منها أيضًا أن فاطمة ولدت سنة إحدى وأربعين من ميلاد النبي، وقد رجح ابن حجر أن مولدها كان قبل البعثة بقليل وهو ما يتفق مع ما ذكرناه قبل ذلك.
سابعًا: الجهل بالنصوص وعدم الفهم؛ ومن ذلك قوله عن الطبري: "بأنه جزم بيقين أن كل أولاد أبي بكر قد ولدوا في الجاهلية"، وهذا كذب وخلط وعدم فهم؛ لأن نص الطبري المذكور يتحدث فيه عن أزواج أبي بكر الصديق وليس عن أولاده (راجع تاريخ الطبري 2/ 351)، وقد قسم الطبري أزواجه اللاتي تزوجهن؛ فمنهن من تزوجهن في الجاهلية وولدن له، ومنهن من تزوجهن في الإسلام، ثم سمى أولاد أبي بكر من زوجتيه اللتين تزوجهما قبل الإسلام وقال: "فكل هؤلاء الأربعة من أولاده ولدوا من زوجتيه اللتين سميناهما في الجاهلية"، فالحديث عن الأزواج وليس عن الأولاد، ويمكن أيضًا مراجعة تاريخ الطبري ج 2 صـ 212 في ذكر زواج النبي بعد خديجة، وهو يجزم بأن النبي بنى بها بعد الهجرة وكان عمرها تسع سنين.
وأخيرًا:
الأولى أن يترك هذا لأهل الاجتهاد والعلم وليس لأهل الجهل، فقد أوقعوا بأنفسهم نتيجة عدم البحث والدراسة، والإصرار على التعالم، فعليهم أن يعملوا فيما تخصصوا فيه لا فيما يدعونه؛ فإن ذلك يوقع بهم فيما نرى، وأرجو أن تكون آخر بلايا جمال البنا.
إذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده
والله تعالى أعلم.
د. محمد عمارة
أستاذ الفقه بكلية الدراسات الإسلامية "جامعة الأزهر"
http://www.alukah.net/articles/1/3388.aspx
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/99)
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 06:12 م]ـ
هل د. محمد عمارة هو المفكر المعروف، أو غيره؟ فصاحب هذا الرد أستاذ في الفقه
ـ[ابن وهب]ــــــــ[29 - 08 - 08, 06:29 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=882339#post882339
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[30 - 08 - 08, 01:33 م]ـ
جزاكم الله خيرًا
ـ[أم مصعب بن عمير]ــــــــ[13 - 02 - 09, 08:54 م]ـ
أثابكم الله يا شيخنا الفاضل
و حفظكم الله ... وبارك فيكم ..
و حسبنا الله و نعم الوكيل و انا لله و انا اليه راجعون
{قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} [آل عمران: 119].
ـ[أم مصعب بن عمير]ــــــــ[13 - 02 - 09, 08:59 م]ـ
تحقيق في عمر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم
السؤال:
بينما أتصفح بعض المنتديات قرأت موضوعا عجيباً وغريباً أريد من له علم في السيرة أن يوضح لي هذا الأمر، وبارك الله فيكم. وخلاصة هذا الموضوع أن بعض الصحفيين انتهى في بحث له إلى الطعن فيما ورد في صحيح البخاري من أن سن عائشة، حين عقد عليها النبي صلى الله عليه وسلم كان ست سنين، وأنه بنى بها وهي بنت تسع سنين. ولم يقنع الباحث بأن يفند ذلك بمنطق الأرقام ومراجعة التواريخ، ولكنه أيضًا نقد سند الروايات التي روي بها أشهر الأحاديث الذي جاء في البخاري ومسلم، وأثبت في الحالتين ذكاءً، وأصاب نجاحًا.
الجواب:
الحمد لله
أولا:
تحديد سن عائشة رضي الله عنها حين عقد النبي صلى الله عليه وسلم عليها بـ (ست سنين)، وحين بنى بها بـ (تسع سنين) لم يكن اجتهاداً للعلماء حتى ينظر في صوابه من خطئه، وإنما هو نقل تاريخي ثبت بما يؤكد صحته وضرورة التسليم به،
وذلك من أوجه:
1 - ورد من قول صاحبة الشأن نفسها عائشة رضي الله عنها، وليس من كلام أحد عنها، ولا من وصف مؤرخ أو محدث، بل في سياق حديثها عن نفسها رضي الله عنها حيث قالت:
(تَزَوَّجَنِى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ، فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعَرِي فَوَفَى جُمَيْمَةً، فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي، فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا لاَ أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي، فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَإِنِّي لأَنْهَجُ، حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي، ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي وَرَأْسِي، ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي الْبَيْتِ، فَقُلْنَ: عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ. فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلاَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضُحًى، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ)
رواه البخاري (3894) ومسلم (1422).
2 - هذه الرواية عن عائشة رضي الله عنها وردت في أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى، وهما صحيحا البخاري ومسلم.
3 - وقد جاءت عن عائشة رضي الله عنها من طرق عدة، وليس من طريق واحدة فقط كما يدعي بعض الجاهلين:
- فالطريق المشهورة هي من رواية هشام بن عروة بن الزبير، عن أبيه عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها، وهي من أصح الروايات، فعروة بن الزبير من أعرف الناس بعائشة، لأنها خالته رحمه الله.
- وطريق أخرى من رواية الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة عند مسلم (1422).
- وطريق أخرى من رواية الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: (تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت ست، وبنى بها وهي بنت تسع، ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة) رواه مسلم (1422).
- وطريق أخرى عن محمد بن عمرو، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عائشة رضي الله عنها. رواه أبو داود (4937).
وقد جمع فضيلة الشيخ أبو إسحاق الحويني أسماء المتابعين لعروة بن الزبير، وهم: الأسود بن يزيد، والقاسم بن عبد الرحمن، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعمرة بنت عبد الرحمن، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/100)
كما جمع أسماء المتابعين لهشام بن عروة في رواية هذا الحديث، وهم: ابن شهاب الزهري، وأبو حمزة ميمون مولى عروة.
ثم سمى الرواة عن هشام بن عروة من أهل المدينة، ليعلم القارئ أن هذا الحديث مما حدث به هشام في المدينة أيضا، وهم: أبو الزناد عبد الله بن ذكوان، وابنه عبد الرحمن بن أبي الزناد، وعبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة.
ومن أهل مكة سفيان بن عيينة.
وجرير بن عبد الحميد الضبي من أهل الري.
ومن أهل البصرة: حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، ووهيب بن خالد وغيرهم.
انظر ذلك في محاضرة ألقاها الشيخ أبو إسحاق الحويني حفظه الله في تبيين جهالة كاتب المقال الوارد في السؤال، والجواب عليه، وهذا رابطها:
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=86106 (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=86106)
والرابط الآتي أيضا:
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=86495 (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=86495)
وهذا التعداد كله من أجل دفع شبهة بعض الجاهلين أن هشام بن عروة تفرد بروايته، وعلى فرض التسليم بأن هشاما اختلط في آخر عمره، ولكن الصواب أن هذه التهمة لم يقل بها إلا أبو الحسن بن القطان في " بيان الوهم والإيهام "، وقد أخطأ فيها:
يقول الذهبي رحمه الله:
" هشام بن عروة، أحد الأعلام، حجة إمام، لكن في الكبر تناقص حفظه، ولم يختلط أبداً، ولا عبرة بما قاله أبو الحسن بن القطان من أنه وسهيل بن أبى صالح اختلطا، وتغيرا، نعم الرجل تغير قليلا ولم يبق حفظه كهو في حال الشبيبة، فنسى بعض محفوظه أو وهم، فكان ماذا! أهو معصوم من النسيان! ولما قدم العراق في آخر عمره حدث بجملة كثيرة من العلم، في غضون ذلك يسير أحاديث لم يجودها، ومثل هذا يقع لمالك ولشعبة ولوكيع ولكبار الثقات، فدع عنك الخبط، وذر خلط الأئمة الأثبات بالضعفاء والمخلطين، فهشام شيخ الإسلام، ولكن أحسن الله عزاءنا فيك يا ابن القطان، وكذا قول عبد الرحمن بن خراش: كان مالك لا يرضاه، نقم عليه حديثه لأهل العراق " انتهى.
" ميزان الاعتدال " (4/ 301 - 302).
4 - كما روى قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة وهي بنت تسع سنين غيرُ عائشة رضي الله عنها، ممن أدركوها وكانوا أعرف بها من غيرهم:
فقد روى الإمام أحمد في " المسند " (6/ 211) عن محمد بن بشر، قال حدثنا محمد بن عمرو، قال ثنا أبو سلمة ويحيى قالا: (لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون، قالت: يا رسول الله! ألا تزوج. قال: مَن؟ قالت: إن شئت بكراً، وإن شئت ثيباً. قال: فمَن البكر؟ قالت: ابنة أحب خلق الله عز وجل إليك: عائشة بنت أبي بكر .... ) وذكر تفاصيل القصة، وفيها أنها كانت بنت ست سنين عند العقد، ثم بنت تسع عند البناء.
5 - وهذا الذي تحكيه عائشة عن نفسها، ويحكيه الرواة عنها، هو ما أطبقت عليه المصادر التاريخية التي ترجمت لعائشة رضي الله عنها، ليس بينها اختلاف في ذلك، ولم يكن الأمر فيها محل اجتهاد، فليس بعد كلام المرء عن نفسه اجتهاد لأحد.
6 - وقد اتفقت المصادر التاريخية أيضا أن عائشة رضي الله عنها ولدت في الإسلام، بعد المبعث بأربع سنين أو خمس سنين.
يقول الإمام البيهقي رحمه الله – في تعليقه على حديث: (لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين) -:
" وعائشة رضي الله عنها وُلدت على الإسلام؛ لأن أباها أسلم في ابتداء المبعث، وثابت عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي ابنة ست، وبنى بها وهي ابنة تسع، ومات عنها وهي ابنة ثمان عشرة، لكن أسماء بنت أبي بكر ولدت في الجاهلية ثم أسلمت بإسلام أبيها ... وفيما ذكر أبو عبد الله بن منده حكاية عن ابن أبي الزناد أن أسماء بنت أبي بكر كانت أكبر من عائشة بعشر سنين، وإسلام أم أسماء تأخر، قالت أسماء رضي الله عنها: قدمت عليَّ أمي وهي مشركة. في حديث ذكرته، وهي قتيلة، مِن بني مالك بن حسل، وليست بأم عائشة، فإن إسلام أسماء بإسلام أبيها دون أمها، وأما عبد الرحمن بن أبي بكر فكأنه كان بالغا حين أسلم أبواه، فلم يتبعهما في الإسلام حتى أسلم بعد مدة طويلة، وكان أسن أولاد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/101)
أبي بكر " انتهى باختصار.
" السنن الكبرى " (6/ 203).
ويقول الذهبي رحمه الله:
" عائشة ممن ولد في الإسلام، وهي أصغر من فاطمة بثماني سنين، وكانت تقول: لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين " انتهى.
" سير أعلام النبلاء " (2/ 139).
ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" ولدت – يعني عائشة – بعد المبعث بأربع سنين أو خمس " انتهى.
" الإصابة " (8/ 16).
وعليه يكون عمرها عام الهجرة ثماني سنين أو تسع سنين، وهذا ما يتفق مع حديثها السابق عن نفسها.
7 - وقد اتفقت المصادر التاريخية أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وعائشة عمرها (18) سنة، فتكون في أول الهجرة لها (9) سنوات.
8 - كما تروي كتب السيرة والتاريخ والتراجم أن عائشة رضي الله عنها ماتت وعمرها (63) سنة، وذلك عام (57هـ)، فيكون عمرها قبل الهجرة (6) سنوات، فإذا جبرت الكسور – كما هي عادة العرب في حساب السنين - أنهم يجبرون كسور السنة الأولى والأخيرة، فيكون عمرها عام الهجرة (8) سنوات، ويكون عمرها عند زواج النبي صلى الله عليه وسلم منها بعد الهجرة بثمانية أشهر (9) سنوات.
9 - وما سبق يتوافق أيضا مع ما ينقله العلماء عن الفرق بين عمر أسماء بنت أبي بكر، وعائشة رضي الله عنها، فقد قال الذهبي رحمه الله: " وكانت – يعني أسماء - أسن من عائشة ببضع عشرة سنة " انتهى. " سير أعلام النبلاء " (2/ 188).
وعائشة ولدت بعد المبعث بأربع أو خمس سنين، وقد قال أبو نعيم في " معجم الصحابة " عن أسماء أنها ولدت: " قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين " انتهى.
فيكون الفرق بين عمر عائشة وأسماء أربع عشرة أو خمس عشرة سنة. وهو قول الذهبي السابق: " كانت – يعني أسماء – أسن من عائشة ببضع عشرة سنة ".
10 - ونحن وإن كنا ننقل هذه الأرقام المثبتة في كتب السيرة والتاريخ والتراجم، غير أن اعتمادنا في الأساس على ما ينقل بالسند الصحيح، وليس ما نجده في الكتب منقولاً من غير سند، ولكن هذه النقول كلها جاءت متوافقة مع ما ذكرناه في بداية الجواب من أحاديث بأسانيد صحيحة كالشمس، ولذلك أوردنا ما يؤيدها من كتب التاريخ.
ثانياً:
أما الجواب عن استدلال كاتب المقال المتعدي بما ورد في بعض المراجع أن الفرق بين سن أسماء وعائشة عشر سنين فنقول:
إن ذلك لم يثبت من حيث السند، ولو ثبت سنده فيمكن فهمه بما يتوافق مع الأدلة القطعية السابقة.
أما من حيث السند، فقد ورد ذلك عن عبد الرحمن بن أبي الزناد أنه قال: (كانت أسماء بنت أبي بكر أكبر من عائشة بعشر سنين).
وردت هذه الرواية من طريقين عن الأصمعي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد:
الطريق الأول: رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (69/ 10) قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المالكي، أنا أحمد بن عبد الواحد السلمي، أنا جدي أبو بكر، أنا أبو محمد بن زبر، نا أحمد بن سعد بن إبراهيم الزهري، نا محمد بن أبي صفوان، نا الأصمعي، عن ابن أبي الزناد قال: فذكره.
والطريق الثاني: رواه ابن عبد البر في " الاستيعاب في معرفة الأصحاب " (2/ 616) قال: أخبرنا أحمد بن قاسم، حدثنا محمد بن معاوية، حدثنا إبراهيم بن موسى بن جميل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا نصر بن علي، حدثنا الأصمعي قال: حدثنا ابن أبي الزناد، قال: قالت أسماء بنت أبي بكر، وكانت أكبر من عائشة بعشر سنين أو نحوها.
وإذا تأمل الباحث المنصف في هذا الأثر ظهر له أن الأخذ بظاهره وهدم جميع ما ثبت من أدلة بخلافه جناية على العلم والتحقيق، وذلك لما يلي:
1 - انفراد عبد الرحمن بن أبي الزناد (100هـ - 174هـ) بتحديد الفرق بين عمري أسماء وعائشة رضي الله عنهما بعشر سنين، وأما الأدلة السابقة فهي أدلة كثيرة جاءت عن غير واحد من التابعين، ومعلوم أن الكثرة تقدم على القلة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/102)
2 - تضعيف أكثر أهل العلم لعبد الرحمن بن أبي الزناد نفسه: فقد جاء في ترجمته في " تهذيب التهذيب " (6/ 172) قول الإمام أحمد فيه: مضطرب الحديث. وقول ابن معين: ليس ممن يحتج به أصحاب الحديث. وقول علي بن المديني: ما حدث بالمدينة فهو صحيح، وما حدث ببغداد أفسده البغداديون، ورأيت عبد الرحمن - يعنى ابن مهدى - خطط على أحاديث عبد الرحمن بن أبى الزناد، وكان يقول فى حديثه عن مشيختهم، ولقنه البغداديون عن فقهائهم، عدهم، فلان وفلان وفلان. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال النسائي: لا يحتج بحديثه. وقال أبو أحمد بن عدى: وبعض ما يرويه، لا يتابع عليه.
أما توثيق الترمذي له في سننه تحت حديث رقم: (1755) فهو معارض بالجرح المفسر السابق، وهو مقدم على التعديل، خاصة حين ينفرد عبد الرحمن بن أبي الزناد بكلمة يخالف فيها المعروف في كتب السنة والتاريخ.
3 - قوله في رواية ابن عبد البر: (وكانت أكبر من عائشة بعشر سنين أو نحوها)، وهذه الرواية أصح من رواية ابن عساكر، لأن نصر بن علي الراوي عن الأصمعي في سند ابن عبد البر ثقة حافظ كما في " تهذيب التهذيب " (10/ 431)، أما محمد بن أبي صفوان الراوي عن الأصمعي في سند ابن عساكر لم يوثقه أحد.
فقوله في رواية ابن عبد البر (أو نحوها) دليل على أنه لم يضبط التحديد بعشر سنوات، وهذا يضعف روايته، ولا يجيز للباحث المنصف رد الأدلة السابقة لأجل هذا الشك.
4 - ثم إن من الممكن التوفيق بين هذه الرواية وباقي الروايات بأن يقال: إن مولد أسماء كان قبل البعثة بست سنوات أو خمس سنوات، وعائشة بعد البعثة بأربع سنوات أو خمس سنوات، ولما توفيت أسماء عام (73هـ) كان عمرها إحدى وتسعين سنة أو اثنتين وتسعين سنة، وهو ما ذكره الذهبي في " سير أعلام النبلاء " (3/ 380): " قال ابن أبي الزناد: كانت أكبر من عائشة بعشر سنين. قلت – أي الذهبي -: فعلى هذا يكون عمرها إحدى وتسعين سنة، وأما هشام بن عروة فقال: عاشت مائة سنة ولم يسقط لها سن" انتهى.
5 - كما يحتمل أن يقال إن أسماء ولدت قبل البعثة بنحو أربع عشرة سنة – وذلك ما يقرره الكاتب نفسه في مقاله السابق - وكان عمرها عام الهجرة سبعة وعشرين عاما، وعمرها عند وفاتها عام (73هـ) مائة سنة، ليتفق ذلك مع ما اتفقت عليه المصادر التاريخية بالنسبة لأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، أن وفاتها في العام الذي قتل فيه ابنها عبد الله بن الزبير (73هـ)، وأنها توفيت وعمرها مائة عام: قال هشام بن عروة عن أبيه: بلغت أسماء مائة سنة لم يسقط لها سن ولم ينكر لها عقل.
وهذه أسماء المراجع التي ذكرت ذلك: " حلية الأولياء " (2/ 56)، و" معجم الصحابة " لأبي نعيم الأصبهاني، " الاستيعاب " لابن عبد البر (4/ 1783)، " تاريخ دمشق " لابن عساكر (69/ 8)، " أسد الغابة " لابن الأثير (7/ 12)، " الإصابة " لابن حجر (7/ 487)، " تهذيب الكمال " (35/ 125)
أما كونها ولدت قبل البعثة بعشر سنين فهذا إنما قاله أبو نعيم الأصبهاني، بعبارة يقول فيها:
" كانت – يعني أسماء - أخت عائشة لأبيها، وكانت أسن من عائشة، ولدت قبل التأريخ بسبع وعشرين سنة، وقبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين، وولدت ولأبيها الصديق يوم ولدت أحد وعشرون سنة، توفيت أسماء سنة ثلاث وسبعين بمكة بعد قتل ابنها عبد الله بن الزبير بأيام، ولها مائة سنة وقد ذهب بصرها " انتهى.
فكأن أبا نعيم يقصد أن مدة الفترة المكية بلغت (17) عاما، وهذا قول بعض أهل السيرة، وهو قول ضعيف، ولكن ينبغي التنبه له عند محاولة فهم كلام أبي نعيم.
وانظر في حكمة زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رغم فارق السن جواب رقم: (44990) ( http://islamqa.com/ar/ref/44990) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب(101/103)
الأهلة بين الرؤية والحسابات الفلكية
ـ[منير عبد الله]ــــــــ[29 - 08 - 08, 06:45 م]ـ
الأهلة بين الرؤية والحسابات الفلكية
الشيخ حاتم محمد
في كل عام يتكرر ذات السؤال: هل نتبع الحسابات الفلكية في تحديد بداية شهر الصيام أم نعتمد على رؤية الهلال؟.
في حين أن الشريعة الإسلامية شريعة سمحة رفعت الحرج عن أتباعها، فلما فرضت الصوم في شهر قمري شرعت إثباته بوسيلة طبيعية سهلة ميسورة لجميع الأمة، لا غموض فيها ولا تعقيد رحمةً بها، إذ لم يكلفها الله العمل بالحسابات الفلكية.
والأمر ليس جمود على حرفية النص النبوي، أو عدم ثقةٍ بنتائج هذا العلم أو تنكر له فإنه لا يمكن أن يحدث أي تعارض بين العلم وأحكام التشريع الإسلامي مهما تقدمت الحضارة والكشوف العلمية.
هذا؛ والخلاف القائم حول مسألة الأخذ بالحسابات الفلكية سببه لدى القائلين به من ثلاث فرضيات:
الأولى: أن تلك العلوم الفلكية لم تكن ذائعة الصيت وبالتالي فقواعدها لم تكن قطعية الثبوت ومن ثم نتج عدم ثقة السلف بها وإنكارهم لها بعكس هذا الزمان. وهذا غير صحيح فقد ذكر ابن عبد البر أن ارتقاب منازل القمر:" علم كانت العرب تعرف منه قريبا من علم العجم" (التمهيد (7/ 155)).
ولا شك أن كل طائفة في كل زمن تظن أنها بلغت دقة المنتهى في علمها ثم لا تلبس إلا قليلا فتكتشف ما كانت فيه من قصور؛ وسيتبين لك حقيقة هذا وما كانوا يعتقدون فيه من دقة علم الفلك في العصور المتقدمة من خلال كلام القرفي؛ فتأمله جيدا.
الثانية: وبناء على الفرضية الأولي خالفوا أهل العلم المتقدمين لهم في تأويل قوله صلى عليه وسلم:" فإن غم عليكم فاقدروا له" ولم يقضوا بالمفسر في قوله صلى عليه وسلم: «فأكملوا العدة ثلاثين» [رواه البخاري] على المجمل وإنما تأوله على الحساب؛ وذلك المسلك فيه من الإخلال بقواعد الأصول ما فيه.
الثالثة: اعتبروا أن العلة في ترك العمل بالحسابات الفلكية هي كون الأمة كانت أمية لقوله صلى عليه وسلم: «إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا ... » [رواه البخاري].
ومادامت أن تلك هي العلة فالحكم يجري مع علته وجودا وعدما فإذا انتفت صفة الأمية عن الأمة وجب الرجوع إلى الحساب بزوال علة منعه.
ومن طالع ما ذكره الإمام القرافي في الفروق يعرف مدى تهافت الفرضية الأولى؛ فيقول رحمه الله تعالي في الفرق الثاني والمائة: " (بين قاعدة أوقات الصلوات يجوز إثباتها بالحساب والآلات وكل ما دل عليها وبين قاعدة الأهلة في الرمضانات لا يجوز إثباتها بالحساب)، وفيه قولان عندنا وعند الشافعية رحمهم الله تعالى والمشهور في المذهبين عدم اعتبار الحساب فإذا دل حساب تسيير الكواكب على خروج الهلال من الشعاع من جهة علم الهيئة لا يجب الصوم قال: سند من أصحابنا فلو كان الإمام يرى الحساب فأثبت الهلال به لم يتبع لإجماع السلف على خلافه.
مع أن حساب الأهلة والكسوفات والخسوفات قطعي فإن الله تعالى أجرى عادته بأن حركات الأفلاك وانتقالات الكواكب السبعة السيارة على نظام واحد طول الدهر بتقدير العزيز العليم.
قال الله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [سورة يس: 39]، وقال تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [سورة الرحمن: 5]، أي هما ذوا حساب فلا ينخرم ذلك أبدا، وكذلك الفصول الأربعة لا ينخرم حسابها، والعوائد إذا استمرت أفادت القطع كما إذا رأينا شيخا نجزم بأنه لم يولد كذلك بل طفلا لأجل عادة الله تعالى بذلك وإلا فالعقل يجوز ولادته كذلك، والقطع الحاصل فيه إنما هو لأجل العادة، وإذا حصل القطع بالحساب ينبغي أن يعتمد عليه كأوقات الصلوات فإنه لا غاية بعد حصول القطع".
فانظر كيف يقرر دليل المخالف، وانظر أيضا كيف يحكم بقطعية الحسابات الفلكية في زمنه وكيف ينظر إليها لا كما يدعيه أهل ذلك الزمان عنهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/104)
ولنكمل مع الإمام فيقول والفرق ـ أي بين العمل بالحسابات في مواقيت الصلوات وعدم العمل بها في الأهلة ـ وهو المطلوب هاهنا وهو عمدة السلف والخلف أن الله تعالى نصب زوال الشمس سبب وجوب الظهر. وكذلك بقية الأوقات لقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [سورة الإسراء: 78] أي لأجله، وكذلك قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [سورة الروم: 17 - 18]، قال المفسرون هذا خبر معناه الأمر بالصلوات الخمس في هذه الأوقات حين تمسون المغرب والعشاء وحين تصبحون الصبح وعشيا العصر وحين تظهرون الظهر والصلاة تسمى سبحة، ومنه سبحة الضحى أي صلاتها فالآية أمر بإيقاع هذه الصلوات في هذه الأوقات وغير ذلك من الكتاب والسنة الدال على أن نفس الوقت سبب فمن علم السبب بأي طريق كان لزمه حكمه، فلذلك اعتبر الحساب المفيد للقطع في أوقات الصلوات.
وأما الأهلة فلم ينصب صاحب الشرع خروجها من الشعاع سببا للصوم بل رؤية الهلال خارجا من شعاع الشمس هو السبب، فإذا لم تحصل الرؤية لم يحصل السبب الشرعي فلا يثبت الحكم، ويدل على أن صاحب الشرع لم ينصب نفس خروج الهلال عن شعاع الشمس سببا للصوم قوله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» [رواه البخاري]، ولم يقل لخروجه عن شعاع الشمس، كما قال تعالى: COLOR="red"]{ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [/ color] [ سورة الإسراء: 78]، ثم قال: «فإن غم عليكم» [رواه البخاري]، أي خفيت عليكم رؤيته «فاقدروا له» [رواه البخاري]، في رواية: «فأكملوا العدة ثلاثين» [رواه البخاري]، فنصب رؤية الهلال أو إكمال العدة ثلاثين، ولم يتعرض لخروج الهلال عن الشعاع.
ثم يقول: "فلأجل هذا الفرق قال الفقهاء رحمهم الله تعالى: إن كان هذا الحساب غير منضبط فلا عبرة به، وإن كان منضبطا لكنه لم ينصبه صاحب الشرع سببا فلم يجب به صوم والحق من ترديد الفقهاء رحمهم الله هو القسم الثاني دون الأول".
أقول: وما ذكره الفقهاء إنما هو من باب التقسيم، وأما كون أن الحساب أمر منضبط الدقة فهذا معلوم ولكنه ليس معصوما من الخلل والخطأ كما يصوره القائلين به كما سنبينه فيما بعد.
الأمر الثاني:
فإما الإجمال الذي في قوله صلى الله عليه وسلم «فاقدروا له» [رواه البخاري]، فهو سبب اختلافهم في معنى التقدير له هل معناه هو أن يصبح المرء صائما وهو مذهب ابن عمر، أم عده بالحساب، أم إكمال الشهر ثلاثين يوما وهو مذهب جمهور أهل العلم في جميع الأزمنة، وقد دلت عليه سائر الأحاديث ومنها حديث ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ مرفوعا قال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له» [رواه البخاري]، فقد رواه عن ابن عمر نافع، وعبد الله بن دينار، وسالم بن عبد الله، ومحمد بن زيد.
فأما نافع فرواه عنه أيوب وعبيد الله بن عمر بلفظ: «فاقدروا له ثلاثين يوما». ورواه عنه عبد العزيز بن أبي رواد: «فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين» أخرجها عبد الرزاق (4/ 156)، وهذا مفسر.
ورواه مالك عنه (أي عن نافع) بلفظ: «فاقدروا له» أخرجه البخاري (1906) ومسلم في الصيام (1080/ 3).
وأما رواية عبد الله بن دينار فرواه عنه إسماعيل بن جعفر، ومالك بلفظ: «فاقدروا له» مجملا؛ وللشافعي عن مالك بلفظ: «فأكملوا العدة ثلاثين» وكذا أخرجه البخاري في الصحيح عن القعنبي عن مالك.
قال البيهقي: "إن كانت رواية الشافعي والقعنبي من هذين الوجهين محفوظة فيحتمل أن يكون مالك رواه على اللفظين جميعا والله اعلم".أهـ
وأما سالم فرواه عنه ابن شهاب بلفظ: «فاقدروا له» لم يختلف عليه فيها [أخرجه البخاري ومسلم].
وأما محمد بن زيد فرواه عنه ابنه عاصم بلفظ: «فأكملوا ثلاثين» أخرجها ابن خزيمة (2/ 202).
فإنما فذهب الجمهور إلى أن تأويله: «فأكملوا العدة ثلاثين»، بحمل المجمل على المفسر.
قال ابن رشد: "وهي طريقة لا خلاف فيها بين الأصوليين، فإنهم ليس عندهم بين المجمل، والمفسر تعارض أصلا، فمذهب الجمهور في هذا لائح، والله أعلم".أهـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/105)
والمراد مما ذكرناه من تفصيل روايات حديث ابن عمر بيان أنها قاضية بالمعنى المراد من الحديث إذ أن جميع من ذكرها مفسرة بلفظة: «أكملوا ثلاثين» ثقات أثبات. فكون بعض الرواة الآخرين قَصُرَ بالرواية على اللفظ المجمل، أو أن نافعا أو ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ كان يحدث به تارة مفسر وأخرى مجملا أو غير ذلك مما يعرض للرواية فهذا لا يطعن في الرواية المفسرة إذ لا تعارض كما هو مقرر. خاصة وأن بعض طرق رواية ابن عمر وردت بلفظ: «فاقدروا له ثلاثين يوما»، وإذ تقرر ذلك تبين أنه لا دليل يستمسك به من يقول بالحساب.
ويقول ابن عبد البر في حق الحساب: "هو مذهب تركه العلماء قديما وحديثا للأحاديث الثابتة عن النبي عليه السلام: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين».
ولم يتعلق أحد من فقهاء المسلمين فيما علمت باعتبار المنازل في ذلك وإنما هو شيء روي عن مطرف بن الشخير وليس بصحيح عنه والله أعلم ولو صح ما وجب إتباعه عليه لشذوذه ولمخالفة الحجة له وقد تأول بعض فقهاء البصرة في معنى قوله: في الحديث:: «فاقدروا له» نحو ذلك والقول فيه واحد وقال ابن قتيبة في قوله:: «فاقدروا له» أي فقدروا السير والمنازل وهو قول قد ذكرنا شذوذه ومخالفة أهل العلم له وليس هذا من شأن ابن قتيبة ولا هو ممن يعرج عليه في هذا الباب" (التمهيد (7/ 156)).
الأمر الثالث:
قوله صلى عليه وسلم: «إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا ... » [رواه البخاري]، فهو ليس تعليل للحكم؛ وإنما هو إنشاء لحكم آخر، يقول القاضي عياض: "وصفه صلى الله عليه وسلم لهم بالأمية وأنهم لا يحسبون ولا يكتبون إذ كانوا لا يجهلون الثلاثين، ولا التسع والعشرين، ولم ينف عنهم معرفة مثل هذا الحساب، وإنما وصفهم بذلك طرحا للاعتداد بالمنازل وطرق الحساب".أهـ
ويقول الصنعاني: "لو كان كلام الحاسب مدركا شرعيا للصوم والإفطار لما أهمله الشارع بل أشار إلى خلافه بقوله: «إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب»، ثم قال: «الشهر هكذا» الحديث؛ فأشار بيده إلى الثلاثين والتسع وعشرين" (حاشية الصنعاني على العدة (3/ 328)).
هذا من جهة النظر الشرعي؛ وأما من جهة علم الفلك فيقول فؤاد محمد سعيد وهو فلكي سوري، وعضو الجمعية الفلكية البريطانية: "أن لحظة تمام غروب قرص الشمس (والتي يجب تعيينها بدقة لأجل مقابلتها مع لحظة ميلاد القمر لمعرفة أي منهما حصل قبل الآخر) لا يمكن تحديدها نظريا ـ أي بالحساب ـ إلا بخطأ في التقدير لا يقل عن بضع ثوان زمنية.
ويذكر أنه: "لو أريد اعتماد الرصد لتحديد وقت تمام غروب قرص الشمس بدقة أكبر بدلاً من اعتماد المعادلة النظرية التقريبية لاستلزم الأمر توافر جملة من الشروط يكاد يستحيل تحققها، ويؤكد أن حساب وقت خروج القمر من المحاق (ميلاد القمر) في علم الفلك السماوي ليس مطلق الدقة كما يظن عامة الناس، بل هو تقريبي. فللقمر حركات معقدة للغاية. ويذكر أن النتيجة المعطاة لموضع القمر في مختلف الأوقات تكون بدقة 0.1 (+ -) دقيقة قوسية، وهذا يقابل دقة أو تفاوتا في حساب موضع القمر تساوي 11 (+ -) ثانية زمنية. وأن اللحظة الحقيقية لخروج القمر من المحاق تبقى مجهولة، وتحديدها بدقة أكبر هو أمر خارج عن إمكانات العلم في الوقت الحاضر" (نقلا عن بحث نشر بمجلة العربي الكويتي).
ومع تداخل هذان الخطأين (لحظة غروب قرص الشمس، ولحظة خروج القمر من المحاق) ينتج عدم الدقة المطلقة والقداسة المحاطة بالحسابات الفلكية؛ وهكذا ترى أن ما هو علمي لا يتعارض مع الشرعي مطلقاً.
وفي الختام نود أن نشير إلى بعض الأمور في عجالة:
أولاها: القول بأن الرؤية ظنية حيث يمكن أن يدخل عليها الخطأ بصورة أو أخرى، نقول هذا ليس فيه أي نوع من الحرج فقد تعبدنا الله بالظنيات في كثير من الأمور كالشهادة وغيرها، ثم إن الدلالة التي يراد عن طريقها العمل بالحساب هي دلالة ظنية.
ثانيها: فمن جهة وقوع الخطأ في الرؤية فقد رفع الشرع نفسه الحرج فيه فقال صلى الله عليه وسلم: «فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون» [أخرجه الترمذي (697) من حديث أبي هريرة وإسناده حسن]. وله شاهد من حديث عائشة رواه الترمذي (802)، ورجح الدارقطني وقفه.
قال ابن عبد البر: "قد أجمعوا على أن الجماعة لو أخطأت الهلال في ذي الحجة فوقفت بعرفة في اليوم العاشر أن ذلك يجزئها فكذلك الفطر والأضحى والله أعلم".أهـ (التمهيد (7/ 159)).
ثالثها: أنه لا مانع من امتحان المخبرين برؤية الهلال لمعرفة مدى صدقهم من عدمه؛ كأن يسأل الشاهد عن زمن ومكان رؤيته للهلال، ومدى ارتفاعه عن الأفق، وغير ذلك من الأسئلة التي تبين صحة ما رآه هل هو الهلال أنه توهمه.
http://www.wathakker.com/show_article_dtls.aspx?survey=300&id=566(101/106)
هل يقع الطلاق
ـ[عبد الكريم المكي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 09:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيراً على المجهود الذي تبذلونه، وبعد
سؤال:
أخ أهدى زوجته شقته التي يسكن فيها في بيت والده هدية (هبة) بعد فترة دخل في مشروع وتذبذب فيه فلينهي الأمر قال علي الطلاق لأخرج من المشروع في خلال مدة معينة والحمد لله خرج ولم يقع الطلاق المعلق. لكن زوجته وابنها وعن طريقه شكوه وهو كبير قوم إلى أخ فاضل بأنه تسرع وأدخل الطلاق في الموضوع، فعزت عليه نفسه فقال علي الطلاق ما أنا داخل شقتك ولا شقة أمك (الشقة واحدة والابن لم يتزوج ولكنه أحدث تعديلات معمارية في الشقة).
والحمد لله الزوج لم يدخل إلى الآن بيت زوجته. قال له البعض تبيع زوجك الشقة وتقرضك المال لشراء شقة أخرى. وقال له البعض اشتري منها الشقة، وما دمت لا تملك مالاً ممكن أن تقايضها بنصيب في أرض لك أو في نصيبك من البيت شراء حقيقياً.
والسؤال يكمن في:
1 - أنه يرى أن هذا تحايل وهو ملتزم جدًا وهي كذلك.
2 - موضوع أنه طبعاً في حالة الرجوع إليه يقول أنا لم أتصور التحايل فبالتالي قولي على الشقة بعينها التي تملكها زوجتي.
3 - عطفه وإدخاله ابنه في قوله علي الطلاق. هو يخاف من هذا.
4 - أنه وهب الشقة وفي علمه صدقة سيدنا عمر بن الخطاب ورفض النبي أن يشتري ما وهب من قبل أو كما حدث وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
من عنده علم فليفدنا وجزاكم الله خيرًا
ـ[عبد الكريم المكي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 04:57 م]ـ
للرفع
ـ[أم جمال الدين]ــــــــ[31 - 08 - 08, 06:02 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1 - أنه يرى أن هذا تحايل وهو ملتزم جدًا وهي كذلك.
إذا كان كذلك فلِمَ بحلفُ بالطلاق؟!
ـ[عبد الكريم المكي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 12:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا كان كذلك فلِمَ بحلفُ بالطلاق؟!
الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيرا من الناس
طبعًا الناس يعتريهم الفرح ويعتريهم غيره
وفعلاً كلاهما ملتزم جدًا ولكن هم في أهلهم محسودين لأنهم ينفقون كثيرًا ويخدمون الأخوة والأخوات ما لم يرى في غيرهم وما شاء الله عليهم جدا جدا جدا ..
فقد يكون حسد وهم يسمعونه من الأخوة والأخوات
وقد يكون بلاء
وقد
المهم أنه حدث
وقيل لهم الرأي فعرضته لعلي أجد علمًا عن أحد
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[05 - 04 - 09, 10:07 م]ـ
انصحه بالاتصال على مفتي المملكة مساء الخميس 0096614115656(101/107)
الشيخ الركبان: يمكن للمرأة إزالة الشعر من سائر الجسم باستثناء موضعين
ـ[صالح العقل]ــــــــ[29 - 08 - 08, 10:22 م]ـ
الشيخ الركبان: يمكن للمرأة إزالة الشعر من سائر الجسم باستثناء موضعين
"الاقتصادية" من الرياض - - 28/ 08/1429هـ
أوضح الشيخ عبد الله الركبان عضو هيئة كبار العلماء سابقا أن المطلوب من المرأة الاستتار, والمرأة منهية عن التبرج في مختلف صوره وأشكاله قال تعالى: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) "الأحزاب"، وقال فإذا اعتادت المرأة وإن كانت صغيرة على لبس القصير فإنه يخشى أن يكون ذلك ديدنا لها في مستقبل أيامها, فعلى الأم تجنيب ابنتها ذلك وتعويدها اللباس الساتر الذي لا يجرئ أحدا عليها.
وأوضح فضيلته أن الحديث عن الصحابيات ـ رضي الله عنهن ـ يعد حدياث ذا أهمية كبيرة لحرصهن على الأخلاق الفاضلة والعمل الصالح و الطهر والفضيلة, ولقد كن رضي الله عنهن عندما يكون الحديث عن محافظتهن على اللباس الساتر وقدوة تحتذى في هذا الشأن, والمرأة المسلمة مطلوب منها أن تحافظ على حجابها وأن تلتزم اللباس الساتر البعيد عن الزينة فلا يكون في ذاته مدعاة للفتنة, ولا يكون شفافا ولا ضيقا يبدي جسدها, ولا يكون كملابس الرجال, وليس مطلوبا من المرأة أن تسأل عن شكل لباس الصحابيات ـ رضي الله عنهن ـ فإذا ما توفرت الشروط الشرعية في الشروط الشرعية في حجاب المرأة المسلمة التي ذكر منها بعده عن الزينة مغطيا لوجهها وجميع جسدها ولا يلفت إليها الأنظار ويجرئ عليها من في قلبه مرض فإنها قد أدت المفروض عليها, وحول حكم إزالة الشعر الزائد من جسم المرأة يقول فضيلته يجوز للمرأة إزالة الشعر من سائر الجسم باستثناء الحاجبين والرأس وما عدا ذلك يجوز للمرأة إزالته سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة, كبيرة أم صغيرة، نسأل الله التوفيق الهداية للجميع.
ـ[أبو عبدالله بن جفيل العنزي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 02:21 ص]ـ
حفظ الله الشيخ وبارك فيه.
وجزاك الله خيرًا على النقل، وقد استفدت منه أن الشيخ يرى جواز إزالة شعر الوجه مطلقًا للمرأة، لا مقيّدًا بالكثير من باب إزالة العيب.(101/108)
سؤال وجواب للشيخ الفنيسان حول الصيام.
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 10:32 م]ـ
السؤال ما حكم من صام أول الشهر بالمملكة مثلاً، ثم سافر إلى بلد آخر تأخر دخول الشهر فيه عن المملكة وأدرك العيد فيه، فهل يصوم واحداً وثلاثين يوماً؟ وإذا كان السفر من بلده إلى المملكة فهل يصوم ثمانية وعشرين يوماً فقط؟
الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فيتعين على السائل ومن حاله مثله أن يمسك يوم الثلاثين في البلد الذي سافر إليه، ولو بلغت الأيام التي صامها واحداً وثلاثين يوماً. أخذاً بحديث أبي هريرة عند الترمذي وأبي داود وابن ماجه والدار قطني (الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم يضحون" وفي بعض الروايات (الصوم يوم يصوم الناس و .... ) وقال مسروق بن الأجدع دخلت على عائشة يوم عرفة فقالت: اسقوا مسروقاً وسويقاً واكثروا حلواه فإنه يحب الحلوى فقلت: ما يمنعني أن أصوم اليوم إلا أني خفت أن يكون (يعني يوم عرفة) يوم النحر قالت عائشة: "النحر يوم ينحر الناس والفطر يوم يفطر الناس" ورجح ابن القيم في التهذيب: أن الشاهد إذا رد القاضي شهادته في رؤية الهلال فإنه لا يصوم مخالفاً الناس في فطرهم.
ويقول الصنعاني في سبل السلام عن حديث أبي هريرة السابق: (فيه دليل أنه يعتبر في ثبوت العيد موافقة الناس). أما إذا كان مجموع صيام السائل وغيره ثمانية وعشرين يوماً فإنه يلزمه أن يفطر مع الناس مع العيد، ثم يقضي يوماً بعد ذلك؛ لأن أيام الشهر لا تنقص عن تسعة وعشرين يوماً. وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في مجموع الفتاوى أن الناس في زمن علي بن أبي طالب صاموا رمضان ثمانية وعشرين يوماً، فأمرهم الخليفة الراشد بصيام اليوم الذي نقصهم ليتموا تسعة وعشرين يوماً. ولا ينبغي أن يُستشكل هذا الحكم مع حديث عبد الله بن عمر عند مسلم (إنا أمة أمية لا تكتب ولا تحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا وعقد الإبهام في الثالثة)، فإن قضاء يوم من كمال الشهر تسعة وعشرين يوماً موافق لحديث ابن عمر هذا، وصيام واحد وثلاثين يوماً موافق لحديث أبي هريرة السابق، وقد أفتى بمثل هذا كل من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، وفضيلة الشيخ محمد العثيمين عليهما رحمة الله.
والقول بخلاف ذلك مخالفة للسنة، وفيه نقص عما شرعه الله، وهو مدعاة للفرقة والنزاع في الأمة، والخلاف شر كما يقول عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد(101/109)
النص الشرعي الإسلامي بين أهل التقديس وأهل التدليس
ـ[إبراهيم توفيق]ــــــــ[30 - 08 - 08, 12:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
النص الشرعي الإسلامي بين أهل التقديس وأهل التدليس
التقديس:
من القداسة، وهي النقاء والصفاء والطهارة، والتقديس: التنزيه والإجلال والتعظيم. والذين يقدسون النص القرآني، والنص النبوي الثابت هم أتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وتلامذة الصحابة، والتابعين لهم بإحسان. هم أهل السنة والجماعة، أهل الحديث، أهل التوحيد الخالص، والتسليم الكامل. هم الذين لا يقدمون بين يدي الله ورسوله عقلاً، ولا فكراً، ولا وجداناً، ولا واقعاً، بل يحكمون النص القرآني، والحديث النبوي في كل ذلك، ويقدمونهما على كل ذلك.
إن الذين يقدسون النص الشرعي، يأخذونه على ظاهره اللفظي، ومدلوله اللغوي، لا يحرفونه بتأويل، ولا يعطلونه بتهويل، بل يقابلونه بالتعظيم، ويعاملونه بالتسليم ..
ذلك بأنهم يؤمنون بأن النصين القرآني والنبوي واضحا الدلالة، بينا المعنى، يبلغان في الفصاحة والبيان أعلى الدرجات، ويفصحان في أجلى بيان عن مراد الله وحكمته، ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم ورحمته، وعن دين الإسلام ومنهجه.ولم يكونا أبداً للترميز والتلغيز، وليسا أبداً مفتقرين للتأويل والتخمين.
قال الله تعالى: (الر. كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير. ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير).
وقال تعالى: (كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون. بشيراً ونذيراً فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون).
وقال تعالى: (وإنه لتنزيل رب العالمين. نزل به الروح الأمين. على قلبك لتكون من المنذرين. بلسان عربي مبين).
إن مقابلة النصوص الشرعية الإسلامية بتصديق ما جاءت به من الخبر، والتسليم والإذعان لما جاءت به من الأمر والنهي والقدر، لهي الحقيقة الإيمانية الخالصة التي لا يدرك قيمتها ولا يتذوق حلاوتها إلا من كان مؤمناًخالصاً، صادق الإيمان، حاضر اليقين، على منهج السلف الصالح من أهل السنة والجماعة، ومن تبعهم بإحسان، واقتفى أثرهم بالإيمان.
- 1 -
أما من لا يملك هذه الحقيقة، فإنه يعامل النص المقدس الموحى به من خالق الإنسان وموجده، ومدبر الأكوان، الذي أحاط علمه وقدرته وحكمته بجميع خلقه، فلا يعجزه شيء ولا تخفى عليه خافية، ولا يخرج عن حكمه وأمره مخلوق في الأرض ولا في السماء، سبحانه وتعالى علواً كبيراً. من لا يملك هذه الحقيقة الإيمانية، يعامل النصوص الربانية المقدسة، وكأنها قطعة إنشائية، أو قصيدة شعرية، أو قصة أدبية أو مسرحية، ويناقشها على قدر فهمه المادي، وإدراكه البشري أو قل الحيواني. ففهمه قاصر عن إدراك الحقيقة الإيمانية، وعقله هائم في منتوج التراب الأرضي، ووجدانه فارغ من روعة الإيمان ودهشته، ونورانيته وبهجته، وحلاوته ولذته.
إن من يحاول تفسير النصوص الشرعية، بالمناقشات العقلانية المناطقية، أو الحوارات الفكرية الفلسفية، أو الخلجات الوجدانية الذوقية، أو التطبيقات الواقعية المادية، أو يدعى أنه يقرأ النص الشرعي قراءة جديدة عصرانية. كل أولئك إنما يدورون حول أنفسهم، ويجترون أفكار ومقالات من حولهم، كحمار الرحى أو كرحى الحمار، لا يخرج من دائرته، ولا يعي سبب دورانه. وقد شبه القرآن الكريم من كانت هذه حاله بقوله تعالى: (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين).
فهؤلاء تناولوا التوراة بالتأويل المعنوي والتحريف اللفظي، لأنهم لم يسلموا للنص المقدس بالتصديق والإذعان، بل أولوه وحرفوه بما يناسب أهواءهم، ويحقق رغباتهم وشهواتهم. وهذا هو سرّ الالتواء في جميع المناهج والمذاهب التي تصطدم بالنصوص الشرعية، ولا تسلم لها. فيبدأ أصحابها في الالتفاف على النص، والانحراف عن الطريق، بالتأويل والتحريف، وإخراج النصوص عن مدلولاتها الظاهرة، وقطعها عن سياقها، وتحميلها ما ليس من معناها ولا مرادها.
قال الله تعالى محذراً من ذلك: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/110)
وقال في بني إسرائيل: (وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون)، إذن هم عقلوه وعلموه وفهموه، فليس تأويلهم وتحريفهم عن جهل، وبدون قصد، بل بقصد تغيير النص وتبديله، لعدم رغبتهم في التسليم له والإذعان لحكمه، أو كما هو التعبير القرآني، عدم الرغبة في حمله. (حملوا التوراة ثم لم يحملوها)، وقد كشف الله أمرهم وسوء مقصدهم وصنيعهم في قوله تعالى: (من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وأطعنا واسمع غير مسمع وراعنا لياً بألسنتهم وطعناً في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع و انظرنا لكان خيراً لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلاً).
- 2 -
ومن هذه العقدة الإبليسية (نسبة إلى إبليس)، وهي (عدم التسليم لأمر الله وحكمه) خرجت جميع المذاهب والاتجاهات المنحرفة، وقوبلت النصوص المقدسة بألوان من التأويل والتحريف إما بقياسات عقلية، أو بخطرات وجدانية، أو بفلسفات إلحادية، أو بركون إلى الدنيا وإخلاد إلى واقع الناس.
فكانت هذه الاتجاهات جميعاً تبعاً لإبليس في نزغة التمرد على الأمر الإلهي وعدم التسليم له، ومقابلة الأمر الإلهي بالمناقشات والمجادلات والأهواء لا بالطاعة والإذعان.
قال الله تعالى: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين. قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين).
وسر هذه العقدة الإبليسية المتوارثة في ثلاثة أمور:
1 - الكبر.
2 - الحسد.
3 - عدم الثقة في الحكمة الإلهية التي تدل عليها ظواهر النصوص، سواء كانت أمراً أو نهياً أو خبراً.
وسنورد الأمثلة على ذلك فيما سيأتي إن شاء الله.
التدليس:
من الدلس، وهو الظلمة، والتدليس: التعمية والتضليل، وإغشاء نور الحق بسواد ظلمة الباطل.
والمدلسون هم أهل الأهواء والضلالات، الذين أشربت قلوبهم الأهواء، فابتدعوا لها في الدين من أنواع الضلالات والبدع، ما يبقى على هذه الأهواء ويغري بها الأتباع الذين لا بصيرة لهم، وإنما يساقون في طريق البدعة، وسبل الضلالة، وراء المدلسين المبتدعين، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
وأول ما ظهر من الأهواء قول الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد كانوا في جيشه وتحت أمرته، وأنكروا التحكيم، وكفّروا الصحابة وعامة المسلمين، وقالوا بكفر مرتكب الكبيرة، وقاتلوا على ذلك. فكان من تلبيسهم وتدليسهم، أن قالوا إن علياً حكّم الرجال في دين الله، واستشهدوا بقول الله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون). وأخذوا قول الله تعالى: (فقاتلوا التي تبغي حتى تفييء إلى أمر الله)، وأعرضوا عن أول هذه الآية وهي (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما). وهكذا تقابل النصوص من أهل الأهواء بالإعراض عن بعضها، والتأويل الباطل لبعضها، تحكّماً في النصوص، وتطويعاً لمدلولاتها على ما يوافق أهواءهم ومراداتهم.
- 3 -
وهكذا تبدأ سلسلة التدليس والتحكّم في نصوص الكتاب والسنة من أهل الأهواء، الذين يستنكفون أن يسلّموا أو يذعنوا، للمعاني الظاهرة البينة، والمقاصد المحكمة الجلية، في الكتاب والسنة، فتظهر الشيعة ببدعتها في القول بالوصية لعلي رضي الله عنه بالخلافة، وسب الصحابة رضي الله عنهم، والقول بالرجعة والغيبة وتأليه الأئمة، ورفض السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووضع الأحاديث ونسبتها سنداً إلى آل البيت، وتأويل القرآن الكريم بتأويلات باطلة باطنية، خارجة عن مدلولات النص القرآني الظاهرة، فقالوا في قوله تعالى: (مرج البحرين يلتقيان. بينهما برزخ لا يبغيان) أي: علي وفاطمة، (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان): الحسن والحسين. وقوله تعالى: (وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) قالوا: عائشة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/111)
ثم يمضي المتمردون على النصوص في خدمة أهوائهم وانحرافاتهم بتأويلها وتحريفها عن مراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم فيها. فتنبغ القدرية الذين قالوا: إن الأمر أنف، أي لا دخل لمشيئة الله وإرادته فيه. ثم تلاهم الجبرية، فقالوا: إن العبد ليس له مشيئة. ثم جاءت المرجئة فقالوا: إن الإيمان مجرد التصديق، وليس لأعمال العبد أثر في إيمانه.
ثم ظهر من تكلّم في صفات الله تعالى فأنكرها وعطلها وهم الجهمية، ثم جاء من أقر بالأسماء وعطل الصفات وهم المعتزلة، ثم ظهرمن أقر بالأسماء وبعض الصفات وهم الكلابية ثم الأشاعرة والماتريدية.
وقل عن الصوفية وتأويلاتهم وتفسيرهم الإشاري لكتاب الله ما تقوله عن سائر المبتدعة وأهل الأهواء من زيغ وانحراف.
وهكذا يسير ركب المتمردين على النصوص في مناهج التأويل والتحريف والتعطيل، انتصاراً لأقوالهم، واتباعاً لأهوائهم، حتى يومنا هذا. ومن المناهج المعاصرة:
1 - منهج التيسير في الأحكام (أو مسايرة الواقع): وهؤلاء ينظرون إلى حال الناس وما صلوا إليه في زماننا هذا من إقبال على الدنيا، وانجذاب إلى الشهوات، وبعدٍ عن الالتزام بأحكام الدين، وسنة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم. فبدلاً من أن يجتهدوا في الترغيب والترهيب، ودعوة الناس إلى الإذعان والتسليم لأحكام رب العالمين وسنة سيد المرسلين. جنحوا إلى موادعة الفساق، وأصغوا إلى أقوال المنافقين من العلمانيين وأهل الفساد، ثم التفتوا إلى النصوص الشرعية المحكمة، فأخذوا بعضاً وأعرضوا عن بعض، وأولوا بعضاً، وتحايلوا على بعض. وادعوا أن ذلك كله دعوة إلى الله. وتأليفاً لقلوب العباد. وأن دواعي العصر تبيح للناس ما هم فيه من بعد عن الدين وانغماس في الشهوات. وأنهم إذا لم ييسروا الدين على المسلمين حتى لا يتعارض شيء منه مع أهوائهم وشهواتهم، فإن الناس لن يقبلوا عليه، ولن يتمسكوا به.
- 4 -
وعلى هذا فإن استعصى حال الناس على هؤلاء الدعاة، فلن تستعصي عليهم النصوص الشرعية، وهم يملكون أدوات تمزيقها وتأويلها وتحريفها، فيصبحون بذلك ميسرين لا معسرين، فتجتمع قلوب أهل الأهواء، وأرباب الشهوات، وأصحاب المناهج المنحرفة، وجمهور المبتدعة عليهم، وهذه غاية الدعوة عندهم، وأعظم دليل على نجاحها وصلاحها وصحة منهجها.
من هذا المنطلق المنحرف انبرى علماء الفتوى الإعلاميون، يصوغون الفتاوى على حسب حال الناس، ويفصلونها كلاً على مقاسه وذوقه، وينشرونها على صفحات الجرائد، وتحت وهج الكاميرات، في مختلف القنوات. كل شيء جائز إن شاء الله، ومعظم الفواحش والمنكرات لا تخرج عن دائرة الكراهة التي لا يعاقب فاعلها. والمتشددون هداهم الله. هم الذين يحرجون على الناس، ويصرون على العمل بالنصوص على ظاهرها. فليس لهم فقه بالنصوص، ولا رحمة بالعباد الذين يريدون أن يتمتعوا في هذه الدنيا، ويتقلبوا في ملذاتها وشهواتها، فهم يؤذونهم ويزعجونهم بالتحريم والمنع، أو بالتكليف والأمر. ونحن في عصر غير عصر الصحابة، ولو كان الرسول صلى الله عليه وسلم – كما يقول بعض أفّاكيهم – في عصرنا الحاضر لغيّر كثيراً من النصوص، وبدل كثيراً من الأحكام.
2 - منهج العصرنة والتنوير أو الحداثة أو (إعادة قراءة النص):
أصحاب هذا المنهج لم يكونوا يوماً من الأيام دعاة إلى الله، ولا ملتزمين بشرعه، فبعضهم من بقايا الشيوعية الروسية التي كان يمثلها الاتحاد السيوفيتي الذي تهدم أمام صولة المجاهدين في أفغانستان، وبعضهم من عملاء الليبرالية الغربية، والماسونية اليهودية، الذين لا يخفون خدمتهم لها، افتتانهم بفلسفتها.
إنهم فرقة من العملاء لأعداء الإسلام، مكلفون بهدمه، وتقويض أركانه، وتخريب شعائره وإزالة بنيانه ولكن من الداخل. هم من أبناء جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، دعاة على أبواب جهنم، يقودون من اتبعهم إليها، كما صحت بذلك نبوءة المصطفى صلى الله عليه وسلم فيهم وفي أشباههم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/112)
لهم سلف من الفلاسفة الملحدين منذ القرن الرابع الهجري، من أمثال ابن سينا والفارالي و (إخوان الصفا) وهم مجموعة إلحادية بثوا في رسائلهم الفلسفية ألواناً من الإلحاد، والدعوة إلى تفسير النصوص الشرعية بما يتلاءم والفلسفات الإلحادية اليونانية، عند إفلاطون و ارسطو، والسفسطات والمجادلات عند سقراط وغيره.
فاستنكفوا أن يذعنوا لأحكام الله ورسوله، وأن يدينوا لعقيدة الإسلام وشريعته، وافتتنوا بالفلسفات اليونانية، فشنوا غارتهم على النصوص والأحكام الشرعية، وسخروا من الالتزام بها والوقوف هند حدودها. وبدأوا يفسرونها بفلسفاتهم، ويشككون في الألوهية، وينكرون البعث والنشور، ويدعون إلى فهم نصوص القرآن والسنة بمقتضى نظرياتهم الفلسفية، ومعتقداتهم الباطنية.
- 5 -
ولكنهم بحمد الله كبتوا في تلك الأزمنة كما كبت الذين من قبلهم، فلم يلتفت إليهم من أهل الإسلام أحد يذكر، ولم تقم لدعوتهم في المسلمين قائمة، ولله الفضل والمنة.
ثم خلف من بعدهم – في عصرنا الحاضر – من هم على شاكلتهم في الزندقة والإلحاد، إلا أنهم فاقوهم في الذلة والهوان، فهؤلاء مع خيانتهم لدينهم، يعملون على تعبيد أمتهم لعدوهم، ونشر ألوان الفساد في مجتمعاتهم، وليسوا بعلماء ولا حكماء بل تلامذة بلهاء، ينقلون عن أساتذتهم الغربيين نقل الببغاء، وينفذون مخططاتهم تنفيذ العبيد البلداء. يمكنون للاستعمار الغربي في بلادهم، ويدعونهم لامتصاص ثرواتهم، ويفرحون بسيطرتهم وتسلطهم على أقوامهم. ومع ذلك فهم يدعون التنوير والتحرير، والتقدم والتطوير، وهم ليسوا والله منها في قليل ولا كثير.
جعلوا همهم مخاصمة النصوص الشرعية، وقضيتهم التمرد على سلطانها، ودعواهم التنوير والتحرير والعصرانية والحداثة، وهم في ظلمات بعضها فوق بعض، إذا أخرج أحدهم يده لم يكد يراها (ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور).
ينعتون المؤمنين بأنهم ظلاميون، وكذبوا وصدق الله إذ يقول في المؤمنين وفي هؤلاء وأشباههم: (أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون) فالمؤمنون على نور من ربهم يمشون به في الناس يهدون به ويدعون إليه، وخصماؤهم من الكافرين والمنافقين وأتباعهم في ظلمات الكفر والنفاق لا يخرجون منها، حيث (ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون. صم بكم عمي فهم لا يرجعون).
ينادون بإعادة قراءة النص، فالمسلمون منذ بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا لهم قراءة علموا بها القرآن والسنة وعملوا بهما، وأناروا بهما الدنيا، وفتحوا بهما الفتوح، وأظهروا بهما العدل في الناس، وأقاموا بهما دولة الإسلام العظمى التي خفقت بنودها من أقصى الشرق إلى أقصى المغرب. وهؤلاء الصم البكم العمي لهم قراءة، تناسب حالهم وعاهاتهم الفكرية المستديمة، وعمالتهم الثقافية المتجددة، (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون. وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون).
لما علموا أن الله قد تكفل بحفظ القرآن العظيم، وأن المسلمين من شرق الأرض إلى غربها قد اعتنوا بتلاوته في السطور، وبحفظه في الصدور، وعرفوا أنه لا سبيل لهم إلى تحريف لفظه وتبديل عبارته، نادوا بإعادة تأويله وتفسيره بحسب ما تمليه عليهم أهواؤهم، وما يتفق مع الفلسفات الوجودية الإلحادية، والمخططات الاستعمارية المادية والثقافية، وتعليمات المحافل الماسونية، ومخططات تقويض أركان الدين الإسلامي والثقافة الإسلامية.
- 6 -
وعللوا ذلك بتطور العلم، والحاجة إلى تجديد قراءة النص بحسب المكتشفات الحديثة، وتغير أوجه الحياة المعاصرة عن ذي قبل.
وادعوا تاريخية النص، بمعنى أن نصوص القرآن والسنة كانت موجهة للناس في فترة تاريخية معينة، أما في هذه الفترة التاريخية المعاصرة فإنها لم تعد ذات قيمة، ولا تناسب الحياة المعاصرة.
ولنسأل هؤلاء الزنادقة الجدد: لماذا لا يصلح أن تؤمنوا بالله وملائكته ورسله وكتبه وقدره واليوم الآخر في هذا العصر؟
لماذا لا يصلح أن تصلوا وتصوموا وتزكوا أموالكم وتحجوا إلى البيت العتيق في هذا العصر؟
لماذا لا يصلح أن تحترموا الأحكام وتقفوا عند الحدود الإلهية في هذا العصر؟
لماذا؟ ما المانع؟ وكل مكتشفات العصر ومخترعاته وعلومه ومختبراته شواهد على وجود الخالق سبحانه، ووحدانيته، وحكمته، وإحاطته. وكل المؤمنين بدين الإسلام يؤمنون بعقيدته، ويعملون بشريعته، ويعتزون بالانتساب إليه، وينعمون بالحياة الإسلامية الطاهرة النقية، وبما فيها من عدل وإحسان. وأمن وإيمان، ومحبة ورحمة. وما فيها من نور وبصيرة بالحياة والموت وبما بعد الموت، ومعرفة بالخالق وقدرته وحكمته ورحمته. والمخلوق وحاجته وسبب خلقه ومنتهى مصيره.
وماذا صنعت النظريات الإلحادية بالإنسان في هذا العصر، وهو يعاني من القهر والفقر، والضياع والانحراف، والكآبة النفسية، والتشرد، والظلم، وويلات الحروب، وتفاقم الطغيان؟
ماذا صنعت النظريات الإلحادية وأصحابها ومعتنقوها هم الذين ملأوا الحياة المعاصرة بالظلم والعدوان، ونشروا فيها الفساد، وقهروا فيها الشعوب والأفراد؟
ألا يستحي هؤلاء من هذه العمالة الخسيسة؟ وهم أبناء أمة عظيمة، ودين عزيز كريم؟
ألا يرون من يدينون لهم بالولاء من الغرب أو الشرق كيف يسعون في بناء أمجادهم؟ وتعظيم أممهم؟ وتفوق أجيالهم؟ وهؤلاء يخدمون أهدافهم، ويذلون لسلطانهم، ويدينون بأفكارهم. فما أهونهم عليهم؟ وما أحقر شأنهم لديهم؟ قال الله تعالى: (بشر المنافقين بأن لهم عذاباً أليماً. الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاً).
وكتبه:
أبو حامد
- 7 -
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/113)
ـ[إبراهيم توفيق]ــــــــ[01 - 09 - 08, 09:19 ص]ـ
للرفع
ـ[إبراهيم توفيق]ــــــــ[07 - 09 - 08, 08:42 ص]ـ
للرفع مرة ثانية(101/114)
ضوابط الصيام للشيخ وليد السعيدان .. مسائل مهمة؟
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 12:52 ص]ـ
قم بتحميل الضوابط أدناه ...
الشيخ وليد بن راشد السعيدان من أهالي الدلم فقيه وله رسائل قيمة جدا وخصوصا في مسائل الضوابط والقواعد .. نفع الله به وهذه الرسالة (ضوابط الصيام) خير شاهد ..
وإذا أردت المزيد عن رسائل الشيخ حفظه الله قم بزيارة موقعنا إلى الإسلام على الرابط الموجود في (التوقيع) ثم صفحة العلماء وطلبة العلم أو بالدخول على موقع صيد الفوائد ثم اختر صفحة الشيخ.
ـ[تلميذة الأصول]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:45 ص]ـ
جعله الله في موازين حسناتك يوم لقاه ..
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 04:06 م]ـ
جعله الله في موازين حسناتك يوم لقاه ..
جزاك الله خير ونفع بك ...
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 04:25 م]ـ
أبو البراء القصيمي بارك الله فيك وفي الشيخ السعيدان.
ذكر الشيخ السعيدان تقديم جانب المنفذ المعتاد على التغذية (أو ما هو أكل وشرب).
بحيث لو دخل إلى الأنف جرم كدخان البخور قال الشيخ: (الحكم في ذلك فساد الصوم لأن هذا الدخان دخل للجوف من منفذ معتاد فيغلب جانب المنفذ).
لم يفصل الشيخ الاستدلال على هذه القاعدة؟
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 12:44 ص]ـ
أبو البراء القصيمي بارك الله فيك وفي الشيخ السعيدان.
ذكر الشيخ السعيدان تقديم جانب المنفذ المعتاد على التغذية (أو ما هو أكل وشرب).
بحيث لو دخل إلى الأنف جرم كدخان البخور قال الشيخ: (الحكم في ذلك فساد الصوم لأن هذا الدخان دخل للجوف من منفذ معتاد فيغلب جانب المنفذ).
لم يفصل الشيخ الاستدلال على هذه القاعدة؟
جزاك الله خير ...
الحقيقة لا أعلم دليل للقائلين بأن شم البخور يفطر .. !
ولذلك ذهب بعض أهل العلم بأن هذا لا يفطر ... ولعل الأخوة يفيدونا أكثر في هذه المسألة. والله أعلم
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 12:54 ص]ـ
لتعميم الفائدة أنقل هذه الرسالة على صفحات المنتدى المبارك على مجموعات!! ...
ضوابط الصيام
الفقهية
تأليف الفقير إلى عفو ربه
وليد بن راشد السعيدان
غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين
اعتنى به وخرج أحاديثه
سالم بن ناصر القريني
الضابط الأول
لا يثبت دخول رمضان وخروجه إلا بالرؤية أصلاً أو إلاتمام بدلاً
أقول: اعلم أرشد الله لطاعته أن علامات دخول شهر رمضان وخروجه علامتان لا ثالث لهما، علامة أصليه وعلامة بدلية فأما العلامة الأصلية فهي رؤية هلال شوال في إثبات خروجه، فإذا تحققت الرؤية فإنه يعمل بها ولا أن تعداها إلى غيرها وذلك لحديث ابن عمر في الصحيحين أن النبي ? ذكر رمضان وقال: (لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له) (1) وعند البخاري وغيره من حديث أبي هريرة - ? - قال: قال أبو القاسم ?: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين) (2) فقول عليه الصلاة والسلام (صوموا لرؤيته) هذه رؤية الخروج، إذاً لا يثبت دخول شهر رمضان وخروجه إلا بالرؤية، وهي العلامة الأصلية وهي أقوى العلامات، فيجب الصوم برؤية هلال رمضان بإجماع المسلمين، وكذلك يجب الفطر برؤية هلال شوال إجماعاً وقال أبو داود – رحمه الله – في سننه: حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثني عبدالرحمن بن مهدي، قال حدثني معاوية بن صالح عن عبدالرحمن بن أبي قيس قال سمعت عائشة – رضي الله عنها - تقول: (كان رسول الله ? يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره ثم يصوم لرؤية رمضان فإن غم عليه عدّ العدة ثلاثين يوماً ثم صام) (3) حديث إسناده صحيح، فهذه الأدلة وغيرها مما لم يذكر تفيد إفادة قطعية أن الرؤية هي العلامة الأصلية في إثبات دخول الشهر وإثبات خروجه فإن تعذرت الرؤية فقد تعذر حينئذ الأصل، وقد تقرر في القواعد أنه إذا تعذر الأصل يصار إلى البدل، قال الناظم:
وعلم بأن الأصل إن تعذرا للبدل المشروع صددت مراً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/115)
والعلامة البدلية الشرعية للرؤية هي كمال شهر شعبان ثلاثين يوماً هذا في إثبات الدخول، وإكمال شهر رمضان ثلاثين يوماً هذا في إثبات الخروج والدليل على ذلك الأحاديث المتقدمة فإن فيها قوله ?: (فإن غم عليكم فاقدروا له) وللبخاري: (فأكملوا العدة ثلاثين) (1) وله: (فإن غمي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين) (2) والمراد بقوله ? (فاقدروا له) أي احسبوا له قدرة وهو إكمال شعبان ثلاثين يوماً، وخير ما فسرت به السنة هو السنة، وليس المراد به التضييق كما ذهب إليه بعض أسيادنا من أهل العلم عليهم الرحمة والرضوان، واعلم أن ترائي الهلال كان هو عادة القوم في زمن النبوة كما في حديث ابن عمر - ? - قال: (تراءى الناس الهلال) (3) الحديث أي اجتمعوا للرؤية وتكلفوا النظر إليه، فإذا لم تتحقق الرؤية فالواجب علينا الإتمام، وهذا هو عين هذا الضابط، فقوله (أو إلا تمام بدلاً) أي أنه إذا تعذرت الرؤية فليس لنا إلا العلامة البدلية وهي الإتمام، هذا هو شرح الضابط لنا إلا العلامة البدلية يبقى عندنا النظر في مسائل مهمة تبحث تحت هذا الضابط، وأرى أنه من باب إتمام الفائدة عرضها لتكمل الفائدة ويتحقق المقصود فأقول وبالله التوفيق ومنه أستمد الفضل وحسن التحقيق:
(المسألة الأولى) جعل بعض العلماء لدخول الشهر وخروجه علامة ثالثة غير العلامتين المذكورتين، وهي الشهادة.
وأقول: هذه العلامة تدخل ضمناً تحت العلامة الأصلية وهي الرؤية فإن هذا الشاهد أو المخبر يخبر بماذا ويشهد؟ لا شك أنه يخبر بأنه رأى الهلال فثبت الرؤية بإخباره فنكون قد صمنا وأفطرنا بالرؤية فإن رؤية الهلال ليس المخاطب بها أناساً معينين بل الخطاب فيها عام للمسلمين لكنها تثبت برؤية بعضهم فإذا أثبتها بعضهم اكتفينا بذلك فإثبات هذا البعض ليس علامة جديدة وإنما هو إخبار أو شهادة بالعلامة الأصلية فالراجح والله أعلم أن الإخبار أو الشهادة على رؤية هلال الدخول والخروج ليس علامة مستقلة بل هي داخلة ضمناً تحت العلامة الأصلية وهي الرؤية، وإن لم يقبل هذا الكلام فأقول: الخلاف في ذلك لفظي لا ثمرة له فإذا قال المخبر رأيت هلال رمضان وتحققت فيه شروط القبول ثبت دخول الشهر فسواءاً قلنا ثبت بالإخبار أو الرؤية فالنتيجة واحدة فلا نطيل الكلام فيه والله أعلم.
(المسألة الثانية) اعلم رحمك الله تعالى أنه لا يلزم في المخبر بالرؤية إثباتها بلفظ الشهادة وإنما يكفي فيها لفظ الخبر فقط وذلك لحديث ابن عمر - ? - قال: (تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي ? أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه) (1) حديث إسناده صحيح فهذا الحديث يثبت أمرين، الأول: أن إثبات رؤية الدخول يكتفى فيها بواحد ففيه رد على من قال لا بد من رجلين، فإن هذا الحديث نص صحيح صريح في الرد عليهم.
الثاني: أن فيه قول ابن عمر (فأخبرت) فقبل النبي ? خبره واعتمده فصام وأمر الناس بالصيام، ولم يقل لا بد من لفظ الشهادة لأمره النبي ? أن يؤديها به لكن لما لم يأمره دل على عدم الاعتبار لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ومثله أيضاً ما رواه الخمسة عن ابن عباس - ? - أن أعرابياً جاء إلى النبي ? فقال: إني رأيت الهلال فقال: أتشهد ألا إله إلا الله قال: نعم، قال أتشهد أن محمداً رسول الله قال: نعم فقال: (أذن في الناس يا بلال أن يصوموا غداً) (1) وصححه ابن خزيمة لكن في سنده مقال: وهنا فائدتان:-
الأولى: أنه ? قبل خبر هذا الأعرابي وهو واحد فدل على أنه يكتفى بالواحد في إثبات الرؤية، قال الترمذي: والعمل عليه عند أهل العلم قالوا: تقبل شهادة رجل واحد في الصيام قال النووي وهو الأصح.
الثانية: أن هذا الأعرابي أدلى بالخبر بقوله: (إني رأيت الهلال) ولم يقل: أشهد بالله أني رأيت الهلال وقبل النبي ? خبره هذا واعتمده مما يدل على أنه لا يعتبر لفظ الشهادة والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/116)
(المسألة الثالثة) ذهب الأصحاب – رحمهم الله – في المشهود عنهم أنه إن حال دون رؤية الهلال ليلة الثلاثين غيم أو قتر أنه يجب صوم اليوم التالي لهذه الليلة وجعلوا ذلك من باب الاحتياط، وهو قول جملة من الصحابة كعمر وابنه وعمرو بن العاص وأبي هريرة وأنس ومعاوية وعائشة وأسماء بنت أبي بكر الصديق – رضي الله عنهم - وقال صاحب الإنصاف: وهو المذهب عند الأصحاب ونصروه وصنفوا فيه التصانيف. أهـ.
(المسألة الرابعة) ذهب الأصحاب – رحمهم الله – في المشهود عنهم أنه إن لم يرى الهلال مع صحو ليلة الثلاثين من شعبان أصبحوا مفطرين وكره حينئذ الصوم لأنه يوم الشك المنهي عنه، وأما إن حال دونه أي دون هلال رمضان غيم أو قتر فإنه يجب صوم اليوم التالي لهذه الليلة حكماً ظنياً احتياطياً بنية رمضان، وهو قول جمع من الصحابة كعمر وابنه وعمرو بن العاص وأبي هريرة وأنس ومعاوية وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر الصديق – رضي الله عن الجميع – وقال في الإنصاف: وهو المذهب عند الأصحاب ونصروه وصنفوا في التصانيف وردوا حجج المخالف وقالوا: نصوص أحمد تدل عليه.كذا قالوا – رحمهم الله تعالى رحمة واسعة وأعلى نزلهم في الجنة - ولكن القول الراجح في هذه المسألة إن شاء الله تعالى أن الاعتبار بالرؤية المحققة أو إكمال شعبان ثلاثين يوماً، وذلك لأنه لا يثبت دخول الشهر إلا بالرؤية أصلاً أو بالإتمام بدلاً فقولهم: إن لم يرى الهلال ليلة الثلاثين وكانت السماء صحواً أصبحوا مفطرين هذا الإشكال فيه وليس هذا بيوم شك بل هو يقينه أنه ليس من رمضان، وذلك لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان واليقين لا يزول بالشك وغلبة الظن منزلة منزلة اليقين دون رؤية غيم أو قتر فإنه يجب الصيام فهذا فيه نظر ظاهر والراجح إن شاء الله تعالى خلافه وذلك لأمور:
الأول: حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله ?: (لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه) (1) والقول بوجوب صوم هذا اليوم الذي يشك أنه من رمضان تقدم لرمضان بصوم يوم وقد ثبت النهي عنه وقد تقرر في القواعد أن النهي المجرد عن القرينة يفيد التحريم.
الثاني: حديث عمار بن ياسر – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله ?: (من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم ?) (1) رواه الخمسة وعلقه البخاري وسنده صحيح، وهذا اليوم يوم لا نجزم أنه من رمضان فهو يوم الشك فيه، فمن صامه فقد عصى أبا القاسم ? وهذا نص صحيح صريح الدلالة على النهي عن صومه.
الثالث: في حديث ابن عمر في الصحيحين أن النبي ? قال: (فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً) وهو نص في محل النزاع فالأصحاب يقولون فإن غم عليكم فصوموه احتياط والنبي ? يقول: (فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً) (2) وقوله ? مقدم على قول غيره، كما قال الناظم:
أطع الرسول وسلمن لقوله إياك لا تصغي لقول ثاني
فلو كان صيام هذا اليوم واجباً أو مشروعاً ولو شرعية إباحة لبينه النبي ? بياناً كافياً شافياً فلما لم يأمر وعلم أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وقد تقرر في القواعد أن الأمر بالشيء نهي عن ضده كما قال الناظم:
والأمر نهي عن جميع ضده والنهي قل بواحد من ضده
والمراد في المعنى لا في اللفظ، فلما ثبت أمر النبي ? بإكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً مع وجود المانع من الرؤية علمنا أنه نهي عن الصوم وحقيقة النهي المجرد عن القرائن التحريم كما أن حقيقة الأمر المجرد عن القرائن الوجوب والله أعلم.
الرابع: أن القاعدة المتقررة أن الأصل بقاء ما كان على ما كان وأنه لا ينتقل عن اليقين بالشك بل لا بد من يقين آخر يزيله، قال الناظم:
إن اليقين دائماً لا يرفع بالشك أما باليقين يرفع
والأصل هو بقاء شعبان وهو اليقين فلا نزيله إلا بيقين، ودخول رمضان لا يتحقق ذلك إلا بالرؤية أو إكمال شعبان ثلاثين يوماً كما هو مقتضى هذا الضابط.
وأما قولهم: إن نصوص الإمام أحمد تدل عليه فيجاب عنه بقول صاحب الفروع: كذا قال: ولم أجد عن أحمد أنه صرح بالوجوب ولا أمر به فلا تتوجه إضافته إليه ولذلك قال شيخنا أي أبو العباس – رحمه الله – تعالى: لا أصل للوجوب في كلام أحمد ولا في كلام أحد من الصحابة. اهـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/117)
وأما قولهم: إنه مذهب من ذكر من الصحابة فيجاب عنه بجوابين:-
الأول: أنه معارض بمثله فإنه قد ثبت عن بعضهم النهي عن صيامه قال الشيخ تقي الدين: وقد روي عنهم وعن غيرهم النهي عن صوم يوم الشك والأمر بإكمال العدة. إهـ قلت: وقد روى ذلك عن عمر وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وأبي سعيد وأنس وأبي هريرة وحذيفة وعمار وعائشة – رضي الله عنهم أجمعين – وقد تقرر في القواعد أن مذهب الصحابي إذا خالف نصاً فإنه ليس بحجة كما قال الناظم:
قول الصحابي حجة فأصغ لي ما لم يأتي دليل معتلي
وقول من سموا من الصحابة – رضي الله عنهم – معارض للدليل الصحيح الصريح القاضي بالنهي عن صيام يوم الشك.
وأما قولهم: نصومه احتياطاً، فيجاب عنه بأن الاحتياط إنما هو في متابعة السنة لا في مخالفتها، بل أقول: إن الاحتياط هو أن لا يصام ذلك اليوم لأن النبي ? نهى عن صومه فالأحوط متابعته، ويقال أيضاً: إن التعليل بالأحوط لا يكون في كل المسائل وإنما يكون فقط في المسائل التي فيها نقطة اتفاق بين أهل العلم ولذلك فإنه قد تقرر في القواعد أن فعل ما اتفق عليه العلماء أولى من فعل ما انفرد به أحدهما ما أمكن، وهذه المسألة ليس فيها نقطة اتفاق فإننا إذا صمنا أنكر علينا القائلون بالنهي عن صوم الشك وإذا لم نصم أنكر علينا القائلون بوجوب الصوم إذاً فكيف يعلل بالأحوط هنا فضلاً عن أنه احتياط عورض بنهي صحيح صريح ولذلك فإن قاعدة الخروج من الخلاف مستحب لا تدخل إلا في المسائل الخلافية التي فيها جزئية متفق عليها وقد استوفينا شرحها في كتابنا تلقيح الأفهام.
والمقصود أن القول الراجح الذي تؤيده الأدلة والقواعد هو القول الثاني أعني القول القاضي بالنهي عن صوم هذا اليوم لأن رمضان لا يثبت دخولاً وخروجاً إلا بالرؤية فإن تعذرت فبالإتمام واختار هذا القول أبو العباس بن تيمية – رحمه الله – والله أعلم.
(المسألة الخامسة) ما الحكم إذا رؤي الهلال في بلد ولم ير في بلد آخر فهل رؤيته في هذا البلد تقضي بوجوب الصوم في سائر بلاد الإسلام أو لا؟ أقول: هذه مسألة خلافيه كبيرة قديمة، والحق فيها إن شاء الله تعالى أنه إذا رؤي الهلال في بلد أنه يلزمهم الصوم ومن اتفق معهم في المطالع، وهو اختيار الشيخ تقي الدين وغيره من المحققين، فإنه قال: تختلف المطالع باتفاق أهل المعرفة بهذا، فإن اتفقت: أي المطالع لزم الصوم وإلا فلا وهو الأصح للشافعية وقول في مذهب الإمام أحمد إهـ، وقال ابن عبدالبر – رحمه الله –: اجمعوا على أن الرؤية لا تراعى مع البعد كالأندلس من خراسان. إهـ قلت: ويدل على رجحان هذا القول عدة أمور: منها: قوله ?: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته. فإنه قد علق الصوم بالرؤية فإذا رآه أهل بلد صاموا ويلحق بهم من اتفق معهم في المطالع، ومنها: ما رواه مسلم في صحيحه قال: حدثنا يحيى بن يحيى، ويحيى بن إيوب وقتيبة وابن حجر، قال: يحي بن يحي (أخبرنا) وقال الآخرون (حدثنا) إسماعيل وهو ابن جعفر عن محمد وهو ابن أبي حرملة عن كريب (أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل عليّ رمضان وأن بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبدالله بن عباس – رضي الله عنهما –، ثم ذكر الهلال، فقال متى رأيتم الهلال فقلت: رأيناه ليلة الجمعة فقال: لا، لكننا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه، فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله ?) (1) وقال النووي – رحمه الله – في ترجمته لهذا الحديث (باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم) وأنهم إذا رأوا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم) إهـ.
قلت: وتحديد هذا البعد الصحيح فيه إن شاء الله تعالى اعتبار اختلاف المطالع واتفاقها لا بمسافة القصر كما هو وجه عند الشافعية رحمهم الله تعالى. وهذا الحديث نص في محل النزاع والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/118)
(المسألة السادسة) ما الحكم إذا رأى رجل هلال رمضان أو شوال ولم يقبل خبره فهل يصوم ويفطر سراً أو لا يصوم ولا يفطر إلا مع الناس؟ فيه خلاف بين أهل العلم – رحمهم الله تعالى – والأقرب إن شاء الله تعالى أنه لا يصوم ولا يفطر وحده بل يصوم ويفطر مع الناس وهو رواية في مذهب الإمام أحمد واختاره الشيخ تقي الدين أبو العباس – رحم الله الجميع – فإنه قال: يصوم مع الناس ويفطر معهم وهذا أظهر الأقوال. إهـ ودليل رجحان هذا القول حديث أبي هريرة - ? - قال: قال رسول الله ?: (الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون) (2) رواه الترمذي وقال: حديث غريب حسن، وصححه الألباني – رحم الله الجميع – وللترمذي أيضاً وصححه عن عائشة – رضي الله عنها – مرفوعاً (الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس) (1) قال شيخ الإسلام قدس الله روحه: إن هذا اليوم الذي تعلمون أنه وقت الصوم والفطر والأضحى فإذا لم تعلمون لم يترتب عليه حكم. إهـ وقال الإمام أحمد – رحمه الله –: يصوم ويفطر مع الإمام وجماعة المسلمين في الصحو والغيم، وقال: يد الله على الجماعة إهـ وقياس هذه المسألة فيمن رأى هلال النحر وحده فإنه لا يقف إلا مع المسلمين. قال أبو العباس: ما علمت أن أحد قال من رآه – أي هلال النحر – يقف وحده دون سائر الحجاج و أنه ينحر في اليوم الثاني ويرمي جمرة العقبة ويتحلل دون سائر الحجاج وإنما تنازعوا في الفطر فالأكثرون ألحقوه بالنحر وقالوا: لا يفطر: إلا مع المسلمين وآخرون قالوا: بل يفطرون كالصوم ولم يأمر الله العباد بصوم واحد وثلاثين يوماً، ثم قال: وتناقض هذه الأقوال يدل على أن التصحيح هو مثل ذلك في ذي الحجة وحينئذ فشرط كونه هلالاً وشهراً شهرته بين الناس به حتى لو رآه عشرة ولم يشتهر ذلك عن عامة أهل البلد لكون شهادتهم مردودة أو لكونهم لم يشهدوا به كان حكمهم حكم سائر المسلمين فكما لا يقفون ولا ينحرون ولا يصلون العيد إلا مع المسلمين فكذلك لا يصومون إلا مع المسلمين وهذا قوله: (صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون) إهـ كلامه – رحمه الله – وقوله أقرب إلى الاستدلال الشرعي والاعتبار الصحيح والله أعلم.
(المسألة السابعة) ما الحكم لو رؤي الهلال نهاراً أو لم تقم النية على رؤيته إلا بالنهار؟ أقول: هذا فيه خلاف بين أهل العلم والفضل – رحمهم الله – فالمذهب عند الأصحاب أنهم يمسكون ذلك اليوم ويقضونه، أما وجوب الإمساك فلأنه من خصائص رمضان وأما قضاؤه فلأنهم لم يأتوا فيه بصوم صحيح لعدم تبييت النية ولأن بعضهم يمكن أن يكون قد وقع منه مفسد للصوم من أكل أو شرب أو جماع أو نحوه، لكن الأقرب إن شاء اله تعالى أنه يلزمه الإمساك دون القضاء، وذلك لأن القاعدة المتقررة عند أهل العلم – رحمهم الله – أن التكليف مشروط بالعلم، وهو لم يعلم بالوجوب إلا في أثناء النهار فخوطب بالصوم حين علمه ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها واختار هذا القول أبو العباس – رحمه الله – فإنه قال: ويصح صوم الفرض بنية من النهار إذا لم يعلم وجوبه بالليل كما إذا شهدت النية بالنهار، وقال: ومن تجدد له صوم بسبب كما إذا قامت البينة بالرؤية أثناء النهار فإنه يتم بقية يومه ولا يلزمه قضاء وإن كان قد أكل وفي الصحيح من حديث سلمه بن الأكوع - ? - قال: (أمر النبي ? رجلاً من أسلم أن أذن في الناس من كان أكل فليصم بقية يومه ومن لم يكن أكل فليصم فإن اليوم عاشوراء) (1) ووجه الشاهد منه أنه أمر من لم يأكل بإتمام الصوم مع إنشاء النية من النهار والقول الراجح إن شاء الله تعالى أن صوم عاشوراء كان في بدايته فرضاً ثم نسخت فريضته، فمع كونه فرضاً جاز إنشاء النية له من النهار ولم يشترط تبييتها من الليل في حق من لم يعلم بالوجوب إلا في النهار ولم يشترط، وكذلك من كان قد أكل فإنه يتوقف عن الأكل وينشئ نية الصوم، ولم يأمر أحداً منهم بالقضاء مما يدل على أنهم طولبوا بالنية من حين علمهم بالوجوب ولم يضرهم عدم تبييتها من الليل ولم يضرهم أكلهم من النهار الذي كان في علم الله تعالى أنه يجب صومه لكنهم لا يكلفون بإدراك علم الله تعالى وإنما يكلفون بما يعلمون فإنه لا تكليف إلا بعلم وهؤلاء الذين لم تقم عندهم البينة على إثبات دخول الشهر إلا في النهار إنما يطالبون بالنية من حين العلم ولا يضر تقدم مفسد من مفسدات الصوم قبل العلم بالوجوب لأنه قبل العلم به لا تكليف عليه فلا موآخذه عليه وهذا القول هو الذي يتوافق مع روح الشريعة إن شاء الله تعالى ولأن الدليل دل على أن الصائم إذا أكل أو شرب ناسياً أنه يتم صومه ولا يضره ذلك لأنه ناسِ مع علمه بأصل الوجوب فما بالك بالذي أكل أو شرب وهو جاهل بالوجوب أصلاً، فلاشك أنه أحق بالعذر من باب أولى وقد تقرر في القواعد أن مفهوم الموافقة الأولوي حجة والله تعالى أعلم وأعلى وبهذا المسألة نختم الكلام على هذا الضابط ولله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/119)
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 12:57 ص]ـ
الضابط الثاني
مفسدات الصوم توقيفية
أقول: لقد طرحنا في تلقيح الأفهام أن العبادات المنعقدة بالدليل الشرعي لا تنقض إلا بالدليل الشرعي، وأن العبادات تفتقر إلى دليل في أصل إثباتها وتفتقر إلى الدليل في إثبات صفاتها وشروطها وكذلك تفتقر إلى الدليل في إبطالها، فليس باب إبطال العبادات مفتوحاً لكل أحد يقرر فيه ما يشاء وإنما هو باب توقيفي على الدليل الصحيح الصريح من الكتاب أو السنة الصحيحة أو ما تفرع عنها من الإجماع والقياس المستوفي لأركانه، فمن زعم أن قولاً من الأقوال أو فعلاً من الأفعال مبطل لهذه العبادة فإننا نطالبه بالدليل لأن الأصل عدم الإبطال ومن خالف الأصل فعليه الدليل، لأن الدليل يطلب من الناقل عن الأصل لا من الثابت عليه، ومن هذه العبادات الصيام، فإنه عبادة دل الدليل الشرعي على أن حكمها ينعقد بالإمساك عن المفطرات بالنية من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، فحيث انعقد الصوم بالدليل الشرعي فإن الأصل استمرار حكمه وبقاؤه ومن ادعى أن حكمه ينتقض بكذا وكذا فإن قوله هذا موقوف على الدليل الشرعي فإن جاء به فعلى العين والرأس وإن لم يأت به فلا قبول، وليس له حق أن يطالبنا هو بالدليل على عدم الإبطال لأن الأصل معنا ومن كان الأصل معه فإنه لا يطالب بالدليل، وهذا الكلام من تعظيم حرمات الله وشعائره التي هي علامة تقوى القلوب نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل التقوى في الظاهر والباطن والسر والعلانية، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإن قلت: فما هي مفسدات الصوم التي دل الدليل الشرعي على أنها مفسدة؟ أقول: إن أهل العلم – رحمهم الله – وأعلى نزلهم في الجنة وغفر لهم ورحم أمواتهم وثبت أحياءهم قد استقرؤا الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح فوجدوا أن هناك من المفسدات ما هو متفق عليه ومنها ما هو مختلف فيه اختلافا قد نصر الدليل أحد طرفيه وهناك مفسدات خاضعة للاجتهاد ولا ينكر على المخالف فيها وهي كما يلي:-
منها: الجماع بشرطه الذي سيأتي إن شاء الله تعالى، فإنه من مفسدات الصوم ودليله قوله تعالى: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم) (1) فدل ذلك على أن الجماع إنما هو حلال في ليلة الصيام فقط وإن تركه عند تبين الخيطين من بعضهما من إتمام الصيام فلا يتم إلا بذلك ولما في الصحيحين من حديث أبي هريرة - ? -: (أن رجلا جاء إلى النبي ? قال يا رسول الله هلكت قال وما أهلكك قال وقعت على أهلي وأنا صائم قال: هل تجد رقبة تعتقها قال: لا، قال: هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين. قال: لا، قال: هل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً قال: لا، فجلس فأتى النبي ? بعرق من تمر فقال: أين السآئل، قال: ها أناذا يا رسول الله، فقال خذ هذا فتصدق به، قال: أعلى أفقر مني يا رسول الله فوالله ما بين لا بتيها أهل بيت أفقر مني، فضحك النبي ? وقال: أطعمه أهلك) (2) وفي الصحيح أيضا من حديث أبي هريرة - ? -: (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) (3).
ومنها: الأكل والشرب بشرطه الآتي إن شاء الله تعالى فإنه من مفسدات الصوم بل هو أصل الباب ودليل ذلك الآية المتقدمة فإن فيها: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام – أي ترك الأكل والشرب – إلى الليل) (4) فأباح الله تعالى الأكل والشرب إلى نهاية ثم أمر بالإمساك عنهما إلى نهاية الليل وفي الحديث السابق: (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) وقال عليه الصلاة والسلام: (من أكل أو شرب ناسياً فليتم صومه) (1) فهذا منطوقه ويفهم منه أنه إن أكل أو شرب عامداً ذاكراً لصومه أن صومه يفسد بهذا وقد تقرر في القواعد أن مفهوم المخالفة حجة، والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/120)
ومنها: استدعاء القيء أي تعمده فمن استقاء عمداً فإن صومه يفسد وذلك لحديث أبي هريرة - ? - قال: قال رسول الله ?: (من ذرعه القيء فلا قضاء عليه ومن استقاء عمداً فليقضي) (2) رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وقال: العمل عليه عند أهل العلم، وقال الدارقطني: إسناده كلهم ثقات وعن عمر نحوه موقوفاً وقال الإمام البغوي والخطابي وابن تيميه وغيرهم: أجمعوا على أن من ذرعه القيء فلا قضاء عليه وأن من استقاء عمداً أن عليه القضاء. والله أعلم.
ومنها: الاستمناء إما بمداعبة أو بمباشرة أو باليد أو بتعمد النظر لما يهيج الشهوة أو بالتفكير المقدور على قطعه، فإذا نزل المني بالاختيار فإنه يكون مفسداً للصوم ودليل ذلك حديث (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) (3) وهو مذهب جمهور أهل العلم، ولأن الإنزال بالاختيار كالجماع لأنه إنزال بمباشرة، واختاره أبو العباس شيخ الإسلام – رحمه الله – تعالى وقالت عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – (كان النبي ? يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم ولكنه كان أملككم لإربه) (1). فعلمنا بذلك أن المراد بقوله (وشهوته) أي الجماع والإنزال ولو بدون جماع، وأما مقدمات الجماع من مباشرة وتقبيل فلا بأس بها إن لم يترتب عليها ما يفسد الصوم من الإنزال وهذا مرجعه غلبة الظن وسيأتي للمسألة زيادة بحث إن شاء الله.
ومنها: الحجامة، وهي شرط ظاهر الجلد لاستخراج الدم الفاسد فإنه قد ثبت الدليل بأنها مفطرة وهو حديث شداد بن أوس مرفوعاً: (أفطر الحاجم والمحجوم) (2) وصححه ابن خزيمة وغيره وقال الإمام أحمد والبخاري: إنه أصح شيء في الباب، قال أبو العباس قدس الله روحه: والأحاديث الواردة عن النبي ? في قوله (أفطر الحاجم والمحجوم) كثيرة قد بينها الأئمة الحفاظ، والقول بأن الحجامة تفطر مذهب أكثر فقهاء الحديث كأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وابن خزيمة وابن المنذر وغيرهم وأهل الحديث الفقهاء فيه الحاملون به أخص الناس باتباع محمد ? والذين لم يروا إفطار المحجوم احتجوا بما ثبت في الصحيح (أن النبي ? احتجم وهو محرم صائم) (3). وأحمد وغيره طعنوا في هذه الزيادة وهي قوله (وهو صائم) وقالوا: الثابت أنه احتجم وهو محرم، قال أحمد: قال يحي بن سعيد: قال شعبة: لم يسمع الحكم حديث مقسم في الحجامة للصائم، يعني حديث شعبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس (أن النبي ? احتجم وهو صائم محرم). قال مهنا: سألت أحمد عن حديث حبيب بن الشهيد عن ميمون ابن مهران عن ابن عباس (أن النبي ? احتجم وهو صائم محرم): سمعت أبا عبدالله رد هذا الحديث وضعفه، وقال: كانت كتب الأنصاري قد ذهبت في أيام المنتصر فكان بعد يحدث من كتب غلامه وكان هذا – أي الزيادة – من تلك – أي بسبب ذلك إلى أن قال أبو العباس قدس الله روحه: وهذا الذي ذكره الإمام أحمد هو الذي اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم ولهذا أعرض مسلم عن الحديث الذي ذكر حجامة الصائم ولم يثبت إلا حجامة المحرم إهـ كلام أبي العباس – رحمه الله – تعالى قلت: ويؤيده أيضاً ما رواه الإمام أحمد في المسند من حديث ثوبان أن رسول الله ? أتى على رجل وهو يحتجم في رمضان فقال: (أفطر الحاجم والمحجوم) (1) قال الترمذي من حديث حسن صحيح وصححه ابن المديني والإمام الدارمي على الجميع – رحمة الله – تعالى فهذه الأدلة تفيد بمجموعها أن الحجامة من مفسدات الصوم وهو اختيار أبي العباس النحرير الهزبر فارس المنقول والمعقول وجزاه الله خير ما جزى عالماً عن أمته، وقد بين قدس الله روحه وجعل جنة الفردوس نزله العلة في إفطار الحاجم والمحجوم فقال: وقد بينا أن الفطر بالحجامة على وفق الأصول والقياس، وأنه من جنس الفطر بدم الحيض والاستقاءة وبالاستمناء، وإذا كان ذلك كذلك فبأي وجه أراد إخراج الدم أفطر، كما أنه بأي وجه أخرج القيء أفطر سواء جذب القيء بإدخال يده أو بشم ما يقيئه أو ضع يده تحت بطنه واستخرج القيء فتلك طرق لاستخراج القيء وهذه – أي الحجامة والفصاد – طرق لإخراج الدم إلى أن قال: وأما الحاجم فإنه يجتذب الهواء الذي في القارورة بامتصاصه والهواء يجتذب ما فيها من الدم فربما صعد مع الهواء شيء من الدم فدخل حلقه وهو لا يشعر والحكمة إذا كانت خفية أو مستترة علق الحكم بالمظنة كما أن النائم الذي تخرج
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/121)
منه الريح ولا يدري يؤمر بالوضوء فكذلك الحاجم يدخل شيء من الدم مع ريقه إلى بطنه وهو لا يدري، وأما الشارط فليس بحاجم وهذا المعنى متفق فيه فلا يفطر الشارط وكذلك لو قدر حاجم لا يمص القارورة بل يمتص غيرها أو يأخذ الدم بطريق آخر لم يفطروا لأن النبي ? خرج كلامه على الحاجم المعروف المعتاد إهـ كلامه – رحمه الله – فهذا يبين لك أن القول الراجح إن شاء الله تعالى في هذه المسألة هو القول الذي اختاره أبو العباس - رحمه الله –والله أعلم.
ومنها: دم الحيض والنفاس فإنه مفسد للصوم بالإجماع، وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي ? قال: ما رأيت من ناقصات عقلٍ دين، وفيه: (أليس إذا حاضت المرأة لم تصل ولم تصم، قلن: بلى، قال: فذلك نقصان دينها) (1) الحديث.
ومنها: الردة عن الإسلام والعياذ بالله تعالى، لأن الصوم عبادة ومن شرط صحتها الإسلام والردة قاطعة لهذا الشرط فعاد النهي إلى فقدان شرط الصحة وقد تقرر في القواعد أن النهي إذا عاد إلى ذات المنهي عنه أو شرط صحته دل على فساده فصوم المرتد فاسد، ولأن من شروط صحته أيضاً استمرار حكم النية بأن لا ينوي قطعها والردة قاطعة لحكم النية لتخلف المصحح له وهو الإسلام، ولقوله تعالى: (لئن أشركت ليحبطن عملك) قال الموفق: لا نعلم فيه خلافاً والله أعلم.
فهذه الأشياء المذكورة هي التي دل الدليل الشرعي الصحيح الصريح على أنها مفسدة للصوم، ويبقى ما عداها موقوفاً على الدليل فإن صح به الدليل قبلناه وإن لم يصح به الدليل لم نقبله لأن مفسدات الصوم توقيفية. ومن هذا الضابط نعرف حكم المذي هل هو من جملة المفسدات أو لا؟ أقول: الأصل أنه ليس من المفسدات ومن قال بأنه مفسد فعليه الدليل لأن مفسدات الصوم توقيفية، والقول بأنه من جملة مفسدات الصيام هو المعتمد أساسه الشهوة فهو كالمني، وعنه: ليس المذي من جملة المفسدات وهو مذهب الحنفية والشافعية، بل هي مذهب الجمهور واختارها من أصحابنا الآجري وأبو محمد موفق الدين بن قدامة والشيخ تقي الدين أبو العباس وصوبها في الإنصاف واستظهرها ابن مفلح في الفروع، وهي الرواية الراجحة إن شاء الله تعالى وذلك عملاً بالأصل، وقياسه على المني قياس مع الفارق فإنه يفارق المني في تركيبه ومخرجه وأثره فيفارقه في حكمه لأن القياس مع الفارق باطل، قال أبو العباس قدس الله روحه: ولا يفطر بمذي بسبب قبلة أو لمس أو تكرار نظر إهـ وفي الصحيحين من حديث عائشة (أن النبي ? كان يباشر وهو صائم ويقبل وهو صائم ولكنه كان أملككم لأربه) (1) والمباشرة هي المس باليد ولما سئل عن القبلة قال: (أرأيت لو تمضمضت بالماء) (2) ولمس اليد والقبلة هي مقدمات الجماع ومفتاحه كما أن المضمضة هي مقدمه الشرب ومفتاحه فكما أن المضمضة لا تنقض مع أنها مقدمة الشرب ومفتاحه فكذلك المس باليد والقبلة لا تبطل الصوم مع أنها مقدمة الجماع ومفتاحه ولم يسأل النبي ? السائل هل أمذى أو لا؟ وقد تقرر في القواعد أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال منزل منزلة العموم في المقال، ولأن الأصل عدم الإبطال إلا بدليل ولم يأت دليل يفيد بطلان الصوم بمجرد خروج المذي ومن ذلك أيضاً أنه لا يفسد الصوم بالغيبة وقول الزور والعمل به والجهل وإنما هو منقص لأجر الصائم بل قد يذهبه بالكلية مع سقوط الفرض عنه، وهذا هو المراد بقوله ?: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) (1) والله أعلم. وسوف يأتي إن شاء الله تعالى في الضابط الذي بعد هذا بقية الفروع المخرجة على هذا الضابط ولكن لارتباطها بالذي بعده أخرت البحث فيها إلى الكلام عليه. والله أعلم.
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 12:59 ص]ـ
الضابط الثالث
يغلب جانب المنفذ المعتاد ويغلب جانب التغذية في غيره
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/122)
أقول: اعلم أرشدك لطاعته ووفقنا وإياك لسلوك سبيل مرضاته أن للإنسان جوفين: جوف البطن وجوف الدماغ ولكل جوف منفذان، منفذ معتاد تصل الأشياء إلى هذا الجوف من طريقة ومنفذ غير معتاد فالمنفذ المعتاد للبطن هو الفم، فالأشياء تصل عادة إلى جوف البطن من الفم، والمنفذ المعتاد للدماغ هو الأنف فالأشياء تصل عادة إلى الدماغ من الأنف فهذان المنفذان معتادان، وأما المنافذ التي ليست بمعتادة فكالعين والأذن والعروق والدبر ونحوها فإن منافذ لأحد الجوفين لكنها ليست بمعتادة، إذا علمت هذا فأقول: إذا وصل شيء إلى الجوف فانظر: هل وصله من منفذه المعتاد أم من منفذه غير معتاد، فإن وصله من منفذه المعتاد فإنه يكون مفسداً للصوم من غير فرق بين أن يكون مغذياً أو غير مغذِ لأن المعتمد حينئذ جانب المنفذ لمعتاده وهذا هو معنى قولنا (يغلب جانب المنفذ المعتاد) أي أن ما وصل إلى الجوف من منفذه المعتاد يكون مبطلاً للصوم تغليباً لجانب المنفذ المعتاد، وأما إذا وصل إلى الجوف شيء من غير المنافذ المعتادة فإننا حينئذ ننظر إلى هذا الشيء الواصل هل هو مغذِ يقوم مقام الأكل والشرب أم لا؟ فإن كان مغذيا فإنه يكون مفسداً للصوم لأنه في معنى الأكل والشرب ويحمل العلة التي يحملها الأكل والشرب، وأما إن لم يكن هذا الشيء مغذياً فإنه حينئذ لا أثر له في الإبطال لأنه ليس أكلاً أو شرباً ولا في معناهما، هذا ما تحرر عندي في شرح هذا الضابط وهو ضابط لا ينخرم أبداً ولله الحمد والمنة، وإليك الفروع المخرجة عليه حتى ترى كيف يعرف حكمها بإنزالها عليه فأقول:-
منها: قطرة الفم، ما الحكم إذا قطر الصائم في فمه من قطرة الفم؟ أقول: الجواب يعرف من هذا الضابط وهو أن قطرة الفم تدخل معه وهو منفذ معتاد للجوف فإذا قطر الصائم في فمه ووجد طعمها في جوفه فإنه صومه يفسد، فإن قلت: هي ليست بمغذية، أقول: نعم هي ليست كذلك لكننا غلبنا المنفذ فهي في معنى الشرب تغليباً لجانب المنفذ، وقد قررنا سابقاً أن ما دخل من منفذ معتاد فإننا لا نفرق فيه بين كونه مغذياً أولاً، وإنما الاعتبار حينئذ جانب المنفذ المعتاد وعليه الفتوى في البلاد السعودية زادها الله شرفاً ورفعة.
ومنها: قطرة العين فإذا قطر الصائم في عينه وأحسن بمرارتها في جوفه فنحن نجزم يقينا أنها قد وصلت للجوف فهل تكون مفسدة للصوم؟ أقول: الجواب يعرف من هذا الضابط وهو أن العين ليست بمنفذ معتاد للجوف وحينئذ نفرق بين المغذي من غيره ومن المعلوم لدى الجميع أن قطرة العين ليست بمغذية فليست هي أكلاً وشرباً ولا في معناهما فلا تكون مفسدة للصوم والله أعلم.
ومنها: قطرة الأذن يقال فيها ما يقال في قطرة العين، فمن قطر في أذنه وأحس بطعمها في حلقة فإنه لا يؤثر في صومه لأنه دخلت للجوف من منفذ غير معتاد فإنه لا يؤثر في صومه لأنها دخلت للجوف من منفذ غير معتاد وليست بمغذية، والله أعلم.
ومنها: ما يعرف اليوم بالمنظار الطبي وهو شيء كالذي يدخل من فم المريض يصل إلى جوفه لنظر محل المرض، فهل إذا استعمله الصائم يفسد صومه أم لا؟ أقول: فيه خلاف بين أهل العلم المعاصرين فقيل يجوز وقيل لا والصواب إن شاء الله تعالى أنه لا يجوز استعماله إذا لم يكن ثمة ضرورة فمن استعمله فإن صومه يفسد لأنه دخل للجوف من منفذه المعتاد كل مطالباً ما يوضع عليه مادة تسهل دخوله كالدهن وربما كان المقصود منه غسيل الجوف أصلاً وكل ذلك مفسد للصوم.
ومنها: الحقن المغذية، المعروفة عند العامة والخاصة وهي حقن تدخل مع الوريد فيستفيد منها الجسم ما يستفيده من الأكل والشرب بل بعض المرضى يعيش عليها أياماً كثيرة، بل قد رأيت بعيني في بعض المستشفيات امرأة قد أغمي عليها بسبب حادث سيارة وماتت بعض خلايا المخ أكثر من سنتين وقد ازرقت أطرافها ولا تزال حية بسبب هذه الحقن المغذية، فهل إذا استخدمها الصائم تكون مفسدة لصومه أولاً؟ الجواب يعرف وحينئذ لا بد من التفريق بين المغذي من غيره، وهذه الحقن في مقام الأكل والشرب لأنها تقوم مقامه فتكون حينئذ مفسدة للصوم لأننا قلنا في الضابط (ويغلب جانب التغذية في غيره) أي في غير المنفذ المعتاد نغلب جانب التغذية. والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/123)
ومنها: حقن الدم، فإنه قد يحتاج الصائم إلى أن يضاف لدمه دم آخر فيقوم الطبيب بحقنه دما متوافقا مع دمه في الفصلين فإذا فعله الصائم اختياراً فما الحكم؟ أقول: يفسد صومه ذلك لأن بدنه يتقوى بهذا الدم الزائد، فهو وإن دخل للجوف من منفذ غير معتاد لكنه في معنى الأكل والشرب فيأخذ حكمها في إفساد الصوم والله أعلم.
ومنها: لو استدخل الصائم شيئا في دبره فأحس بطعمه في جوفه فإننا نقول: ليس الدبر هو المنفذ المعتاد للجوف وحينئذ نفرق بين المغذي وغيره وهذا الشيء الداخل من الدبر في الغالب أنه ليس بمغذ فلا يكون مفسداً للصوم لأنه دخل من منفذ غير معتاد وليس هو أكلاً أو شرباُ ولا في معناهما ولا يقوم مقامهما والله أعلم.
ومنها: حقن تخفيظ السكر المعروفة عن الأطباء هل يجوز للصائم أخذها في نهار رمضان؟ أقول: توقفت كثيراً فيها جهلاً مني هل هي مغذية أم لا ثم سألت جمعاً من الأطباء الثقات فقالوا إنها ليست بمغذية فحيث قالوا ذلك فنقول لا بأس بها للصائم لأنه دخلت للجوف من منفذ معتاد وليست أكلاً وشرباً ولا في معناهما والله أعلم.
ومنها: لو أصابت الصائم في رأسه مأمومة أو جائفة فداواها بدواء تحلل فيها فوجد طعمه في حلقه فهل يكون ذلك مفسداً للصوم؟ الجواب: لا لأنه دخل من منفذ غير معتاد وليس هو أكلاً أو شرباً ولا في معناهما واختاره أبو العباس ابن تيمية – رحمه الله رحمة واسعة – وذلك خلافاً للمذهب عند الأصحاب لكن الراجح إن شاء الله تعالى هو ما ذهب إليه أبو العباس وهو راوية في المذهب واختارها جمع من الأصحاب والله أعلم.
ومنها: العود الهندي وهو المعروف عندنا بالبخور أو الند، فإنه إذا وضع على الجمر ثار منه دخان له رائحة زكية وهذا الدخان له جرم، فما الحكم لو تعمد الصائم شمه حتى وجد طعمه في جوفه؟ أقول: الحكم في ذلك فساد الصوم لأن هذا الدخان دخل للجوف من منفذ معتاد فيغلب جانب المنفذ، فعلى الصائم حينئذ التوقي من مثل ذلك أما إذا لم يتعمد إدخال الدخان في حلقه فهذا سيأتي حكمه إن شاء الله تعالى في الضابط الذي بعد هذا والله أعلم.
ومنها: الدخان الذي عمت به البلوى في زماننا، وهو المعروف بالسجائر أو التتن، فإنه حرام بالنقل والعقل والحس والفطرة وقد ذكرت أدلة تحريمه في موضع آخر، لكن هل هو مفسد للصوم إذا استعمله الصائم؟ أقول: ندع الجواب لك والله ربنا أعلى وأعلم.
ومنها: إذا اشتهت الصائمة الحامل خرقة أو تراباً، فإن الحامل في أشهرها الأولى تأتي بالعجائب فيما تشتهي، وتعرف امرأة قد اشتهت أكل الطين وامرأة أخرى اشتهت أكل الصابون، وامرأة أخرى قد اشتهت أكل معجون الأسنان، ولا نقول ذلك الكلام سخرية بأخواتنا، حاشا وكلا فإن هذا الأمر شيء كتبه الله على نساء بني آدام، وإنما المراد التفريع الفقهي على هذا الضابط فهل إذا أكلته يفسد صومها أم لا؟ الجواب: نعم بالطبع يفسد صومها لكن أقول: لماذا أفسد صومها مع أنه ليس بمغذي؟ لا شك أن الجواب لأننا نغلب جانب المنفذ المعتاد والله أعلم.
ومنها: ما الحكم لو اكتحل الصائم في عينيه وأحس بطعمه في حلقه أقول: وصل الكحل إلى الجوف من منفذ غير معتاد وليس هو بمغذ فلا يكون مفسداً للصوم، وهو اختيار أبي العباس بن تيمية – رحمه الله – تعالى خلافاً لما هو المشهور من المذهب، وأما حديث الكحل (ليتقه الصائم) (1) فإنه لم يثبت من طريق تقوم به الحجة وقد تقرر في القواعد أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها غلى الدليل الصحيح الصريح قال أبو العباس قدس الله روحه:
وأما حديث الكحل فضعيف (1) والله أعلم.
ومنها: لو وضع الصائم الحناء على قدميه وأحس بطعمها في حلقه فإنه لا شيء لأنه دخل من منفذ غير معتاد وليس بمغذ والله أعلم.
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 01:03 ص]ـ
الضابط الرابع
لا يؤثر مفسد الصوم إلا بذكر وعلمٍ وإرادة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/124)
أقول: أسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا وأن يقينا شر أنفسنا وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يذيقنا وإياك لذة الحق قبولاً وابتاعاً ثم اعلم رفع الله لك الدرجة وأعلا نزلك في الجنة أن الشريعة إما مأمور بفعله إيجاباً أو استحباباً، وإما ما أمر بتركه تحريماً أو كراهة، ونحن الآن في القسم الثاني وهو قسم المنهيات ونخص منها المنهيات تحريماً، فأقول: لقد شرحنا في تلقيح الأفهام قاعدة: لا يؤثر فعل المنهي عنه إلا بذكر وعلم وإرادة، وهذا الضابط متفرع عن تلك القاعدة، وبيانه أن يقال: إن مفسدات الصوم التي تقدم الكلام عليها من أكل وشرب وجماع وحجامة واستمناء وردة والتقيؤ وغيرها مما ذكر، هذه المفسدات لا يترتب عليها أثرها إلا إذا توفر في مرتكبها ثلاثة شروط، بحث إذا اختل شرط فإنه يتخلف الأثر، ونعني بالأثر هنا أموراً: إفساد الصوم والقضاء وإلا ثم والكفارة فيما تجب فيه الكفارة كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وهذه الشروط هي المذكورة في هذا الضابط، وهي العلم والذكر والإرادة، وإليك شيء من تفصيلها مع أدلتها وفروعها فأقول وبالله التوفيق:
الشرط الأول: العلم: وضده الجهل، فلا تؤثر هذه المفسدات إلا إذا كان فعلها عالماً أنها مفسدة لصومه، وبناءاً عليه فمن فعل شيئاً وهو جاهل بحكمه فإنه لا شيء عليه وصومه صحيح والدليل على ذلك جميع الآيات التي فيها أن الله لا يكلف نفساً إلى وسعها وإلا ما آتاها وأنه لم يحملنا جل وعلا ما لا طاقة لنا به، وأنه يريد بنا اليسر ولا العسر والتخفيف لا الإثقال، كل ذلك دليل على اشتراط العلم لثبوت التكليف لأن التكليف بما لا يعلم خارج عن وسع النفس وطاقتها وهو من العسر والإثقال والآصار والأغلال التي جاءت شريعتنا بوضعها، ويدل عليه بخصوصه من السنة حديث عدي بن حاتم - ? - لما نزل قوله تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) قال: فعمدت إلى عقالين أبيض وأسود وجعلتهما تحت وسادتي فجعلت آكل حتى تبينا فإذا الصبح قد طلع، فذكرت ذلك للنبي ?، فأخبره بالحق وأن المراد بذلك نور القمر وظلمة الليل) (1) ووجه الاستشهاد وأن النبي ? لم يأمره بقضاء ذلك اليوم الذي أكل في نهاره مما يدل على أنه عذره وسبب العذر هو عدم العلم أي أن عدي بن حاتم - ? - قد أكل وشرب وهو لا يعلم أنه بهذا الأكل والشرب يفسد صومه ظناً منه صواب نفسه، مما يدل على أن عدم العلم بأنه مفسد عذر في عدم ترتب أثره من فساد الصوم أو الإثم والقضاء، ولكن ينبغي أن تعلم أن قضية الجهل لا بدلها أن تضبط بضابط مهم وهو أن يكون مثله يجهل، وقد قررنا سابقاً أن رفع الجهل عن نفسه وتكاسل في ذلك وفرط فإن جهل هذا ليس بعذر في ترك مأمور ولا فعل محظور وأما إن كان لا يستطيع رفع الجهل عن نفسه لعذر ما فهذا هو الذي كون جهله عذراً رافعاً للموآخذة، وقد ذكرنا هذه المسألة بأوسع من هذا في كتاب المباحث الجلية في رد المسائل الخلافية للكتاب والسنة والله أعلم.
الشرط الثاني: الذكر وضده النسيان فلا تكون هذه الأشياء مفسدة للصوم إلا إذا فعلها الصائم وهو ذاكر لصومه، ويدل على ذلك قوله تعالى: (ربنا لا تؤآخذنا إن نسينا أو أخطأنا) (2) وفي صحيح مسلم قال الله (قد فعلت) ويدل عليها بخصوصها حديث أبي هريرة في الصحيح قال: قال رسول الله ?: (من أكل أو شرب ناسياً فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) (3) وفي لفظ: (من أكل أو شرب ناسياً فإنما هو رزق رزقه الله) (4)
وللدارقطي معناه وزاد (ولا قضاء) (1) وللحاكم في المستدرك مرفوعاً: (من أكل في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة) (2) وقال: صحيح على شرط مسلم، فدل ذلك على أنه لا أثر لذلك الأكل والشرب بالنسبة للصائم ويقاس عليه ما عداه لأنه في معناه، وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الله تعالى رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (3) حديث إسناده حسن والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/125)
الشرط الثالث: الإرادة وضده الإكراه، فلا يؤثر مفسد الصوم إلا إذا فعله الصائم مختاراً له مريداً لفعله وبناءاً عليه فمن فعل شيئاً من هذه المفسدات مكرهاً فإنه لا شيء عليه فلا إثم ولا قضاء ولا كفارة فيما تجب فيه الكفارة ودليل ذلك قوله تعالى: (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) فإذا تجاوز الله تعالى من قول الكفر وفعله مكرهاً مع اطمئنان القلب مع عظمة وكبر شأنه فلأن يكون الإكراه عذراً في إسقاط اثر المفسد للصوم من باب أولى، فهذا قياس أولوي وقد تقرر في الأصول أنه حجة، ويدل عليه أيضا الحديث السابق فإن فيه (وما استكرهوا عليه) والله أعلم.
وخلاصة الكلام أن هذه المفسدات كلها لا يترتب أثر فعلها على الصائم إلا بتوفر ثلاثة شروط: العلم والذكر والإرادة، ولا بد من تواجدها جميعاً بمعنى أنه إذا اختل شرط منها فإنه يتخلف الأثر، فمن فعل المحظور عالماً ذاكراً لكن يجهل أنه مفسد فلا شيء لعيه ومن فعله عالماً مختاراً لكنه ناسِ فلا شيء عليه وهكذا، إذا علمت هذا فإليك الفروع عليه حتى يتضح أكثر فأقول:
منها: احتجم الصائم ذاكراً مختاراً لكنه كان يجهل أن الحجامة من مفسدات الصوم فما الحكم؟ أقول: إذا كان جاهلاً ومثله يجهل فإنه لا شيء عليه لأنه لا يؤثر مفسد الصوم إلا بالعلم والله أعلم.
ومنها: جامع الصائم في نهار رمضان مريداً عالماً بحرمة الجماع لكنه كان ناسباً أنه صائم وهذا يحصل أحياناً في أوائل أيام الصيام أفي صوم القضاء، أو غير ذلك، فالنسيان طبع الإنسان فمن جامع ناسياً أنه صائم فلا إثم عليه ولا قضاء ولا كفارة لأن مفسد الصوم لا يؤثر إلا بذكر، وهذا الفرع قد يكون ثقيلاً على بعض النفوس لكن لا شأن لنا بها فالحق أحق أن يتبع والله أعلم.
ومنها: لو قيد الصائم ثم أدخل الماء في فمه فشربه إكراهاً فما حكم صومه؟ الجواب: أن صومه صحيح ولله الحمد تقبل الله منا ومنه، ولا أثر لهذه الشربة لأنها حصلت بغير اختياره، ولا يؤثر مفسد الصوم إلا إذا فعله بإرادته واختياره والله أعلم.
ومنها: لو تمضمض الصائم ثم سبق إلى جوفه شيء من الماء فلا قصد فلا شيء عليه لأنه ليس بمر بيد له ولم يتعمدها قلبه وقد قال تعالى: (وليس عليكم فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) ولكن أقول قرر أهل العلم أن المبالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائماً. والله ربنا أعلى وأعلم.
ومنها: لو طار ذباب إلى حلقه فابتلعه فلا قصد فنقول له: هنيئاً مريئاً لا شيء عليه صومك صحيح لأنه دخل في فيك إلى جوفك فلا إرادة منك وقد تقرر أنه لا يؤثر مفسد الصوم إلا بإرادة ولكن نوصي أخانا هذا أن يحاول إغلاق فمه ما استطاع وخصوصاً في نهار الصوم والله أعلم.
ومنها: لو أصيب الصائم برعاف كثير ونزف دمه فما حكم صومه؟ نقول: لا شيء عليه فإن خروج الدم هذا ليس له فيه اختيار ولا إرادة لكن عليه أن يحاول إيقافه ما استطاع أو مراجعة أقرب مستشفى لأخذ العلاج اللازم شفاه الله وعافاه ولا بأس إن شاء الله كفارة وطهور والله أعلم.
ومنها: لو احتلم الصائم فما حكم صومه؟ أقول: صحيح بالإجماع لأنه لا اختيار له في إخراج المني وقد تقرر أن مفسدات الصوم لا تؤثر إلا بذكر وعلم وإرادة والله أعلم. وعلى ذلك فقس لكن بقي عندنا إشكال قد يثور في ذهن البعض وهو قولهم: إن الأدلة دلت على أن نزول دم الحيض والنفاس من جملة مفسدات الصوم: أليس كذلك قلنا: نعم وما ذكاك؟ قالوا: إن العادة أن نزول دم الحيض والنفاس يحصل بلا إرادة، للصائمة فتخلف شرط الإرادة وقد قررت أنه لا يؤثر مفسد الصوم إلا بذكر وعلم وإرادة فكان ينبغي أن يكون دم الحيض والنفاس ليس بمفسد للصوم لتخلف شرط الإرادة؟ فكيف جعلتموه مفسدا مع تخلف هذا الشرط، فأنتم بين أمرين: إما أن تكون قاعدتكم هذه منقوصة بنزول دم الحيض والنفاس وإما أن يكون نزول دم الحيض والنفاس ليس بمفسد للصوم وتكونون بهذا قد خالفتم الإجماع فما جوابكم؟ قلنا: نظن والله أعلم أن صاحب هذا الإشكال بارك الله فيه لا يفرق بين ما كان من قبيل الأحكام التكليفية والأحكام الوضعية، وبيان ذلك أن يقال: إن الحكم الشرعي ينقسم إلى قسمين، حكم تكليفي وهي الوجوب والندب الحرمة والكراهة والإباحة وحكم وضعي وهو السبب والشرط والصحة والفساد المانع، فالحيض والنفاس بالنسبة للصوم ليس هو من قبيل الأحكام التكليفية التي نهيت الصائمة عنها حتى إذا حصلت نظرنا في شروط إفسادها للصيام، وإنما هي من قبيل الأحكام الوضعية فالله تعالى جعل نزول الحيض والنفاس علامة مانعة من الصيام والصلاة ووطء زوجها له ودخول المسجد وقراءة القرآن على قول من يمنعها من قراءة القرآن، فهذا إشكال ليس بوارد أصلاً وأزيدك بياناً وأقول: الصائم والصائمة ممنوعان من الأكل والشرب وممنوعان من الجماع في نهار رمضان وممنوعان من الاستمناء وممنوعان الحجامة، لكن هل الصائمة ممنوعة من نزول الحيض والنفاس بالطبع لأن تلك الأشياء الأولى داخلة تحت القدرة وأمرنا بتركها فهي حكم تكليف، وأما نزول دم الحيض والنفاس ليس بداخل تحت القدرة بل ولو كان داخلاً فإن المرأة لم تؤمر بتحصيله ولا بتركه لأنه من الأحكام الوضعية ونحن نتكلم عن الأحكام التكليفية ولعلك بهذا فهمت المراد بقولنا في الضابط (تكليفنا) أي أننا نبحث في شروط مفسدات الصوم التي هي من قبيل الأحكام التكليفية لا الوضعية ولعل الضابط بهذا قد بانت معالمه واتضحت مراسمه والله يعفو عن الزلل والخطأ والتقصير فهو حسبنا ونعم الوكيل وهو أعلى وأعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/126)
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 02:47 م]ـ
الضابط الخامس
الأصل عدم الكفارة في مفسدات الصوم إلا بدليل
أقول: لقد تقر في القواعد أن الأصل براءة الذمة من كل الحقوق والأصل هو البقاء على الأصل حتى يرد الناقل، وتقرر أيضاً أنه لا يجوز إثبات شيء من الأحكام الشرعية إلا بدليل صحيح صريح ومن ذلك أنه لا يجوز إلزام أحد بالكفارة على فعل شيء من المحرمات وعلى ذلك دليل شرعي صحيح إذا نقرر هنا فعلم أن سائر المفسدات التي يقدم الكلام عليها ودلت الأدلة على أنها مفسدة للصوم ليس في شيء منها ذكر الكفارة إلا في مفسد واحد فقط وهو الجماع لا غير فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة: ((أن رجلا جاء إلى النبي ? فقال: يا رسول الله هلكت. قال: وما أهلكك، قال: وقعت على أهلي وأنا صائم، قال: هل تجد رقبة تعتقها قال: لا، قال: هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين. قال: لا، قال: هل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً قال: لا، فجلس فأتى النبي ? بعرق من تمر فقال: أين السآئل، قال: ها أناذا يا رسول الله، فقال خذ هذا فتصدق به، قال: أعلى أفقر مني يا رسول الله فوالله ما بين لا بتيها أهل بيت أفقر مني، فضحك النبي ? وقال: أطعمه أهلك) (1) ففي هذا الحديث دل على وجوب الكفارة في هذا المفسد بعينه ويبقى ما عداه من المفسدات على الأصل وهو براءة الذمة فمن أوجب في شيء منها كفارة فأنه يطالب بالدليل المثبت لذلك وإلا فقوله مردود عليه وهذا هو الحق في هذه المسألة وإكمالاً لهذا الضابط إليك هذه المسائل المهمة التي كثر الخلاف فيها مع ردها إلى أدلتها وقواعدها فأقول:
منها: قد ثبت الدليل بلا وجوب الكفارة إلا على المجامع، لكن ما علة وجوبها؟ أقول: اختلف في ذلك فقيل العلة في وجوب الكفارة هو هتك حرمة اليوم عمداً، وقاسوا على ذلك أن كل من هتك حرمة اليوم عمداً بأي مفسد كان فإن عليه الكفارة بجامع الهتك في كل، وقيل: بل لا تجب الكفارة في غير الجماع إلا على من أكل أو شرب متعمداً لأنه هتك حرمة اليوم بأعلى ما في الباب، أي أن أعلى المفسدات الأكل والشرب، فهي أعلى من الجماع فإذا وجبت الكفارة في الجماع عمداً فيجب في الأكل والشرب عمداً من باب أولى، وقال أكثر أهل العلم إن الكفارة لا تجب إلا في الجماع فقط ذلك لأن الأصل عدم الكفارة في مفسد الصوم إلا بدليل ولم يأت الدليل عدم الكافرة في مفسد الصوم إلا بدليل ولم يأت الدليل بوجوبها إلا على المجامع فقط، والعلة الصحيحة في وجوبها هي أنه جماع في نهار رمضان وبيان ذلك أنه قال – أي الأعرابي – يا رسول الله وقعت على أهلي في رمضان وأنا صائم، فقال هل تجد كذا هل تجد كذا .. ، فرتب الكفارة على وصف، مما يدل على أن علة الكفارة هو الوصف المتقدم والوصف المتقدم هو قوله: (وقعت على أهلي في رمضان) فعلمنا بذلك أن العلة الصحيحة هي الوطء في نهار رمضان، فالنبي ? لم يرتب الكفارة على قوله: (هلكت وأهلكت) حتى تكون العلة في الكفارة هتك حرمة الشهر فقط، ولكنه استفسر عن سبب الهلاك فلما أخبره بأنه وقع على أهله في رمضان وهو صائم رتب عليه الصلاة والسلام الكفارة على ذلك، فدل ذلك على أن هذا هو العلة الصحيحة، وحينئذ نقول: هي من نوع العلة القاصرة التي لا تتعدى محلها فلا يقاس عليها غيرها والله ربنا أعلى وأعلم.
ومن المسائل أيضا: ما هو الواجب على من جامع في نهار رمضان؟ أقول: الواجب على من جامع في نهار رمضان ما يلي: الأول: التوبة من الإثم الحاصل، الثاني: فساد صومه في هذا اليوم لارتكابه مفسداً من مفسدات الصوم، الثالث: وجوب الإمساك بقية اليوم وسيأتي ذلك في ضابط مستقل إن شاء الله تعالى، الرابع: الكفارة المغلظة وهي على الترتيب عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً فإذا تعذر الأول صار إلى الثاني وإذا تعذر الثاني صار إلى الثالث لكن هل يجب عليه قضاء ذلك اليوم أم لا؟ فيه روايتان عن الإمام أحمد فقيل: يقضي لأنه ورد زياردة في حديث أبي هريرة: (وصم يوماً مكانه) فقال أبو داود وفي سنته: حدثنا جعفر بن مسافر قال حدثنا ابن أبي فديك قال حدثنا هشام بن سعد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن أبي هريرة قال: (جاء رجل أن النبي ? أفطر في رمضان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/127)
– بهذا الحديث – قال: فأتي بعرق فيه تمر قدر خمسة عشر صاعاً وقال فيه: (كله أنت وأهل بيتك وصم يوماً واستغفر الله) (1) وصححه الألباني – رحمه الله – تعالى وقال ابن ماجة – رحمه الله –: حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا عبدالله بن وهب قال حدثنا عبدالجبار بن عمر قال حدثني يحي بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن رسول الله ? - الحديث – وفيه: (وصم يوماً مكانه) (2) وقيل: لا يقضي واستدلوا على ذلك بأن الثالث في الصحيحين من حديث أبي هريرة إنما هو الكفارة فقط وليس فيها الأمر بالقضاء، وإنما ورد القضاء في زيادات ضعيفة وما سلم منها فهو شاذ لمخالفته لرواية الثقات، اختار هذا القول أبو العباس بن تيمية – رحمه الله –: فإنه قال: وقد ثبت هذا الحديث من غير وجه في الصحيحين من حديث أبي هريرة ومن حديث عائشة ولم يذكر أحد أمره بالقضاء ولو كان أمره بذلك لما أهمله هؤلاء كلهم وهو حكم شرعي يجب بيانه ولما لم يأمر به دل على أن القضاء لم يبق مقبولاً منه وهذا يدل على أنه كان متعمداً للفطر لم يكن ناسياً ولا جاهلاً إهـ كلامه.
قلت: أما سند ابن ماجة ففيه عبدالجبار بن عمر وهو ضعيف الحديث فقد ضعفه يحيى بن معين والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي والدارقطني وغيرهم، أفاده البوصيري في الزوائد، فهذه الزيادة (وصم يوماً مكانه) زيادة ضعيفة وقد تقرر في القواعد أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة وهذا هو الأقرب إن شاء الله تعالى والله ربنا أعلى وأعلم.
ومن المسائل أيضاً: هل على المرأة كفارة كما على الرجل أم لا؟ أقول: هذا من مواطن الإشكال عندي وذلك لأنه يتجاذبه عدة أصول:
الأول: تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز والنبي ? إنما ذكر الكفارة على الزوج مع علمه أن المرأة وقع عليها ذلك لأن الأعرابي قال: (وقعت على أهلي) (1) فبين النبي ? ما يجب عليه من الكفارة وسكت عن المرأة فسكوته هذا يدل على أنه لا كفارة عليها إذا لو كان يجب عليها كفارة لبين ذلك فلما لم يبين ذلك مع أنه وقت الحاجة علمنا أن ذمتها بريئة من الكفارة لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فهذا الأصل يفيد أنه لا كفارة عليها،
الثاني: كل حكم ثبت في حق الرجال فهو ثابت في حق النساء إلا بدليل والعكس بالعكس، وهذه الكفارة ثبتت في حق الرجل فكان مقتضى هذه القاعدة أن تثبت أيضاً في حق الزوجة، وهذا الأصل يقضي أن عليها الكفارة كما على الرجل سواءاً بسواء،
الثالث: الشريعة لا تفرق بين متماثلين ولا تجمع بين مختلفين وقد تقرر لنا سابقاً أن العلة في وجوب الكفارة هي الوطء في نهار رمضان، فالكفارة وجبت على الزوج لأنه جامع في نهار رمضان، والمرأة تتحقق فيها هذه العلة فإنه أيضاً قد حصل منها الجماع في نهار رمضان، ومع اتفاق العلة فلا بد من الإلحاق، فهي إذا مثله في العلة والشريعة لا تفرق بين متماثلين وهذا الأصل يقضي بأن عليها الكفارة كما هي على الرجل، الرابع: الأخذ بالأحوط فإن هذا الأصل أيضاً يقضي بأن عليها الكفارة ذلك لأنه إن كفرت فإنه لا أحد ينكر عليها فإن كانت في علم أنه واجبة عليها فقد كانت به وإلا فهي من جملة الصدقات المستحبة التي تثاب عليها، لكن لولم تكفر لأنكر عليها القائلون بوجوب الكفارة عليها وقد تقرر أن فعل ما اتفق عليه العلماء أولى من فعل ما انفرد به أحدهما ما أمكن. الخامس: أنه قد تقرر في الضوابط أن الأصل عدم الكفارة إلا بدليل لأن الأصل براءة الذمة، فمن عمر الذمة بالكفارة فليأت بالدليل، وقد عمرنا ذمة الرجل بالكفارة بالدليل، ولكن أني الدليل الذي يعمر ذمة المرأة بالكفارة فحيث فالأصل عدم الكفارة كما تقرر لنا في هذا الضابط. وهذا القول رواية في مذهب الإمام أحمد، والرواية الثانية وهي المشهورة في المذهب أن عليها الكفارة إن كانت عامدة عالمة مطاوعة، وهو مذهب الجمهور، والأقرب عندي والله تعالى أعلى وأعلم أن عليها الكفارة إن كانت مطاوعة عالمة عامدة، وذلك للاتفاق في العلة أعني لأنها هتكت حرمة رمضان بالجماع مطاوعة، فهي كالرجل، ولأن سكوته ? عن إيجاب الكفارة عليها ترد عليه احتمالات كثيرة، منها: أنه لم تسأل ولم تعترف هي، ومنها: أنها لم تكن صائمة لعذر من الأعذار، ومنها: أن النبي ? اكتفى ببيان الحكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/128)
للرجل لعلمه اشتراك المرأة معه في الحكم، فالتنصيص على الحكم في بعض المكلفين كافً في ذكره في حق الباقين، وقد تقرر في القواعد أن حكمه ? لواحد حكم للأمة مالم يرد دليل التخصيص وما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء إلا بدليل ومنها: يتحمل أن يكون سبب السكوت عن حكم المرأة ما عرفه من كلام زوجها بأنه لا قدرة لها على شيء وأنه كانت مكرهة، ويدل لهذا ما روي في بعض طرق هذا الحديث أن الرجل قال: (هلكت وأهلكت) (1) لكنها زيادة ضعيفة فهذه الاحتمالات تحوم حول سكوته ? عن بيان حكم المرأة فلا يستدل به لأنه قد تقرر في الأصول أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال، ويبقى عندنا الاشتراك في الحكم بين الرجال والنساء سليماً من المعارضة، ولأن هذا القول هو الأحوط والله ربنا أعلى وأعلم.
ومن المسائل أيضاً: ما الحكم إذا تكرر الجماع فهل تتكرر الكفارات أم لا؟ أقول: هذا فيه تفصيل: إما أن يكرره في يوم واحد وإما أن يكرره في أيام متعددة، فإن كرره في يوم واحد مرتين أو أكثر فلا يخلو إما أن يكفر عن الجماع الأول وإما لا، فإن لم يكفر عن الجماع الأول فإنه يجزئ عن الجميع كفارة واحدة وذلك لأنه قد تقرر في القواعد أن من كرر محظوراً من جنس واحد وموجبه واحد. قال ابن قدامة والشارح: بعير خلاف. وأما إذا جامع ثم كفر ثم جامع مرة أخرى فهل يلزمه للجماع الثاني كفارة جديدة أقول: هذا فيه خلاف العلماء فقيل: نعم لأنه استحلال لحرمة رمضان بلا مسوغ شرعي وتكفيره الأول لا يحل هذا اليوم له بل يلزمه الإمساك فإذا جامع ثانياً فإنه يكون قد وطئ في نهار رمضان مع لزوم الإمساك عليه فتلزمه كفارة ثانية وهذا هو المشهور من المذهب، ونص عليه الإمام أحمد في رواية ابنه حنبل والرواية الثانية لا كفارة عليه عن الجماع الثاني وهو قول الجمهور، وقال الوزير: أجمعوا أنه إذا وطئ وكفر ثم عاد فوطئ ثانياً في يومه ذلك أنه لا يجب عليه كفارة ثانية. إهـ قلت: وهذا القول هو الأسعد بالدليل إن شاء الله تعالى وذلك لأن الكفارة الأولى وجبت لانتهاك حرمة الصوم الصحيح بالجماع وأما الجماع الثاني فإنه لم يصادف صوماً صحيحاً حتى يفسده وتلزم بإفساده كفارة، وإنما عليه الإثم لأنه يلزمه الإمساك لكنه إمساك لا يجزئ عن صوم فهو شرعاً ليس بصائم فلو كرر الجماع ثانياً فإنه لا يصادف صوماً صحيحاً وإنما يوافق صوماً فاسداً فلا يترتب عليه إلا الإثم فقط لإخلاله بوجوب الإمساك والله أعلم. وإما إذا تكرر الجماع في يومين مختلفين أو أكثر فإنه يلزم لكل كفارة لأن كل يوم عبادة مستقلة له حرمة جديدة غير حرمة اليوم الذي قبله، بدليل أن فساد بعضها لا يسري إلا عامتها كلا صلاة، بل كل يوم له حكمه، وهو مذهب الجمهور من الحنابلة والمالكية والشافعية، فلو جامع في يومين لزمه كفارتان، ولو جامع في عشرة أيام لزمه عشر كفارات وهكذا فاللهم إنا نعوذ بك من كل سوء وبلاء ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وهو أعلى وأعلم.
فإن قلت: ما الحكم لو جامع عشرين مرة في عشرين يوماً ولم يخرج كفارة عن الأيام الأولى فهل يجزئ عن الجميع كفارة واحدة أم يلزم كل يوم كفارة فأقول: أيها الأخ الحبيب نصيحتي لك إذا دخل عليك الشهر أن تعتزل امرأتك اعتزالاً كلياً فلا ترك ولا تراها، فإنك وبال عليها وهي وبالاً عليك، فاذهب بها إلى بيت أهلها واجلس أنت في بيت أهلك وإياك ثم إياك أن يحصل بينكما اتصال إلا في ليلة الصيام والسلام ثم أقول: عليك عشرون كفارة لأنك أفسدت عشرين يوماً كل يوم هو في نفسه عبادة مستقلة عن اليوم الذي قبله واليوم الذي بعده، حتى وإن لم تخرج كفارات الأيام الأولى، ولذلك فأقول: اعتق عشرين رقبة، فإن لم تستطع فصم ألفاً وعشرين يوماً أي لكل يوم شهرين متتابعين، ولا يلزم اتصال كفارات الأيام إذا كنت ستكفر بالصيام، فصم شهرين متتابعين عن اليوم الأول، ثم إن شئت أن تصلها بكفارة اليوم الثاني فلك ذلك وإن شئت أن تفصل فلك ذلك، فإن لم تستطع فأطعم ستين مسكيناً عن كل يوم أفسدته، فكأني بك تقول: ما هذا؟ فأقول: نعم هو كذا وإلا فأمسك نفسك واحفظ صومك عن ما يفسده عصمنا الله وإياك من الزلل وهو أعلى وأعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/129)
ومن المسائل أيضا:نص علماؤنا – رحمهم الله – على أن من آخر قضاء رمضان إلى أن أدركه رمضان آخر بلا عذر لهذا التأخير أن عليه القضاء والكفارة فيطعم عن كل يوم مسكيناً واستدلوا على ذلك بأنه مذهب ابن عباس وأبي هريرة وابن عمر ولا يعرف كلهم مخالف من الصحابة فكان إجماعاً وقولهم أحب إلينا من قول غيرهم فدليل الكفارة مذهب الصحابي والله أعلم.
ومن المسائل أيضاً: ما الحكم إذا طلع الفجر الثاني وهو لا يزال في جماعة؟ أقول: لا شك أن يجب عليه النزع لكن هل تجب عليه كفارة بالنزع أم لا؟ أقول: من عجائب المذهب أنهم قالوا نعم عليه كفارة بالنزع لأنه تحصل بن اللذة والحرارة الحاصلة بالجماع، وهذا هو المشهور عندنا في المذهب والراوية الثانية: إنما يجب عليه قضاء ذلك اليوم لا تلزمه الكفارة والرواية الثالثة: لا يجب عليه القضاء ولا الكفارة وصومه صحيح لا غبار عليه تقبل الله منا ومنه، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وهو قول طوائف من السلف كسعيد بن جبير ومجاهد والحسن وإسحاق وداود وأصحابه واختباره الإمام الفحل التحرير فارس المنقول والمعقول أبو العباس بن تيمية – رحمه الله – وتلميذه الإمام الثاني ابن القيم الجوزية – رحم الله الجميع – وقال: وهو الأشبه بأصول الشريعة ودلالة الكتاب والسنة وهو قياس أصول أحمد وغيره إهـ وهو الأقرب إن شاء الله تعالى وذلك لأن نزعه هذا لا يريد به التلذذ وإنما يراد به التخلص ولا يتحقق التخلص إلا بالنزع وقد تقرر في القواعد أن مباشرة الحرام للتخلص منه جائز وإنما الحديث فيه (وقعت على امرأتي) و (وطئت امرأتي) و (أصبت أهلي) وهذه ألفاظ تغير وقوع الجماع المعهود، وهذا نزع للتخلص، ونقول أيضاً: إنه وإن سلمنا أن حركة النزع فيها مفسدة إلا أنها مغمورة في مصلحة إقلاعه وتخلصه من هذا المحرم ولا طريق له للتخلص إلا ذلك، فلا اعتباره بهذه المفسدة اليسير ولا نرتب عليها حكماً، ولأنه لم يفرط بهذا الجماع لأنه أبتداه في وقت يحل له ابتداؤه فيه لقوله تعالى: (فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) فأبان الله تعالى الأكل والشرب والجماع إلى هذا التبين، ومن فعل ما أبيح له لم يكون مفرطاً، ومن لم يفرط لا موآخذة عليه، ثم نقول: أيها الأصحاب أعطونا حلاً لهذه المشكلة التي وقع فيها الرجل فإنه إن لم ينزع وجبت عليه الكفارة لأنه جماع في نهار رمضان باختيار، وإذا نزع وجبت عليه الكفارة أيضاً لأنه يتلذذ بهذا النزع، فبالله عليكم ما هو الحل في هذه المشكلة؟ أقول: الحل فيها أن يؤمر بالنزع ولا شيء عليه والله أعلم.
ومن المسائل أيضاً: ما الحكم لو تساحقت امرأتان فأنزلتا فهل تلزمهما كفارة كالرجل مع زوجته أم لا؟ أقول: وفيه خلاف بين العلماء على توليهما روايتان في مذهب الأصحاب – رحمهم الله – تعالى فقيل أن الإنزال بالمساحقة كالجماع، فعليهما القضاء والكفارة، والرواية الثانية: إنما عليهما الإثم والقضاء دون الكفارة لأن الأصل عدم الكفارة في مفسد الصوم إلا بدليل ولا دليل يدل على وجوبها بالمساحقة وإنما هي في الجماع الذي فيه إيلاج وهذا قول الجمهور، وهذا القول هو الأقرب إن شاء الله تعالى لأن الحديث فيه (وقعت) و (أتيت) و (وطئت) و (أصبت) وهي ألفاظ تدل على حقيقة الجماع والمساحقة وأما القضاء فأقول: فإنه لا قضاء عليه ليس من باب إسقاط التخفيف وإنما من باب إسقاط الحرمان، فإنه لا يجزئه عن ذلك اليوم شيء من الأيام لكن عليه التوبة والندم والعزم على عدم العودة والإكثار من الصوم في حديث القيء (ومن استقاء عمداً فليقضي) (1) فأقول نعم هو كذلك لكن قوله عمداً منزل على الحاجة لأن الإنسان إنما يتقيأ لعذر كالمريض يتداوى بالقيء أو يتقيأ لأنه أكل ما فيه شبهة كما تقيأ أبو بكر الصديق - ? - لما أكل من كسب المتكهن جاهلاً بحاله، وإذا كان المتقيء معذوراً كان ما فعله جائزاً وصار من جملة المرض الذين يقضون ولم يكن من أهل الكبائر الذين أفطروا بغير عذر أفاد: شيخ الإسلام أبو العباس قدس الله روحه في عليين والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/130)
ومن المسائل أيضاً: ذكر بعض أهل العلم – رحمهم الله – أن من سافر وجامع فلا شيء عليه، وهو كلام صحيح لا شك فيه وذلك لأن صوم المسافر لا يلزم المضي فيه، أي أن له قطعه ولا شيء عليه وإنما عليه القضاء فقط لقوله تعالى: (فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر) فأشبه التطوع بجامع عدم لزوم الزوجة المضي في كل إذا جامع في نهار رمضان وهو مسافر فإنه يكن قد استحل حرمة رمضان بمسوغ شرعي ومن استحل حرمة رمضان بمسوغ شرعي فلا شيء عليه إلا القضاء، وقال البعض: بل الأفضل أن يفطر بغيره إذا أراد الفطر وجعلا الفطر بالجماع مكروها، ولكنه قد تقرر في القواعد أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة والكراهة حكم شرعي فأين الدليل الدال على الكراهة، فإنه لا دليل نعلمه يفيد الكراهة ولأنه قد تقرر في الضوابط أن من جازله الفطر في رمضان أفطر على ما شاء، وهذا يفيد أن القول الصحيح أن من جامع مع من سفر فلا شيء عليه ولم يقع في أمر مكروه والله تعالى أعلم.
ومن المسائل أيضا: الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفاً على ولديهما فإنهما يقضيان لكن هل يكفران أم لا؟ فيه خلاف فقيل نعم، وقيل لا، والأصل عدم الكفارة في مفسدات الصوم إلا بدليل ولا أعلم دليلاً من القرآن ولا من السنة المرفوعة الصحيحة ثبتت الكفارة في حقهما ولكن ثبت ذلك عن ابن عباس وجمع من الصحابة ولا يعرف لهم مخالف وقد تقرر في الأصول أن مذهب الصحابي حجة بشرطه، فنقول بما قاله ابن عباس والله أعلم.
ومن المسائل أيضا: إعلم أن المشهور من المذهب أن الكفارة في الجماع لازمة ولو وقع الجماع عن نسيان أو إكراه أو جهل واستدلوا على ذلك بأنه ? لم يستفصل الأعرابي المجامع عن شيء فلم يقل له لعلك نسيت أولعلك كنت جاهلاً أو نحو ذلك، فلم يستفصل منه وقد تقرر في القواعد أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال منزل منزلة العموم في المقال.
والرواية الثانية: أنه لا إثم عليه ولا قضاء ولا كفارة، وهو الصواب إن شاء الله تعالى واختاره الشيخ تقي الدين قدس الله روحه في الفردوس الأعلى. وذلك لأن قاعدة الشريعة العامة أنه لا يؤثر فعل المنهي عنه إلا بعلم وذكر وإرادة والنسيان متصور، والجهل متصور وكذلك الإكراه متصور في حق الرجل وليس الانتشار دليلاً على وجود الإرادة فإنه يحصل في حال النوم حتى يحتلم النائم والإنسان لا يشعر به ولا يريده، وقد يكون الإكراه على الجماع بالقتل بأن يقال: جامع زوجتك وإلا قتلناك هم قادرون على إنفاذ ما هددوا به وعلى كل حال فإنه قد ثبت بالكتاب والسنة أن من فعل محظوراً مخطئاً أو ناسياً أو مكرهاً أن الله لا يؤآخذه بذلك وحينئذ يكون بمنزلة من لم يفعله فلا يكون عليه إثم ومن لا إثم عليه لا يكون عاصياً ولا مرتكباً لما نهي عنه ومثل هذا لا تبطل عبادته والله تعالى أعلى وأعلم.
ومن المسائل أيضاً: قرر بعض أهل العلم أن من قبّل فأنزل أو جامع دون الفرج فأنزل أن عليه الكفارة، فأقول: قد تقرر أن الأصل عدم الكفارة في مفسد الصوم إلا بدليل وأين الدليل الدال على وجوب الكفارة في ذلك فحيث لا دليل فالأصل هو عدم الكفارة، وهذا هو الأرجح وهو المشهور من المذهب والله أعلم.
ومن المسائل أيضاً: أن من أفطر أياماً من رمضان لعذر فإنه يقضيها في أيام أخر فما الحكم لو جامع في نهار القضاء فهل تلزمه الكفارة كالمجامع في نهار رمضان أم لا؟ أقول فيه خلاف فقيل: نعم تلزمه الكفارة وقيل لا وهو الراجح وذلك لأن الأصل عدم الكفارة في مفسد الصوم إلا بدليل والدليل دل على وجوب الكفارة على المجامع في نهار رمضان لحرمة الشهر وذلك لأن المجامع قال: (وقعت على أهلي في رمضان) (1) وغير رمضان لا يساويه في الحرمة فلا يشترك معه في الحكم وحينئذ فنقول: فسد صومه وعليه الإثم ولا يزال وجوب القضاء في ذمته، أما فساد الصوم فلأنه أفسده بالجماع، وأما الإثم فلأنه قطع الصوم الواجب بلا مسوغ شرعي وأما عدم براءة الذمة فلأنه لم يأتي بالصوم الصحيح الذي به تحصل براءة الذمة ومثال ذلك الجماع في صيام الكفارة أو النذر أيضاً لا كفارة في ذلك لأن الكفارة إنما كانت لأجل هتك حرمة شهر رمضان وغيره لايساوي وهذا هو المشهور من المذهب والله ربنا أعلى وأعلم. فهذه بعض المسائل على هذا الضابط المهم في كتاب الصيام
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/131)
عسى الله أن ينفعنا وإياك بها آمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 02:48 م]ـ
الضابط السادس
من استحل حرمة رمضان بلا مسوغ شرعي لزمه إمساك بقية اليوم
هذا هو القول الفاصل إن شاء الله تعالى بين من يلزمه الإمساك مع فساد الصوم ومن لا يلزمه ذلك، فأقول وبالله التوفيق:-
إعلم أن من أفطر في رمضان بأي مفطر من المفطرات السالفة الذكر أكلاً أو شرباً أو حجامة أو جماعاً ونحوها فلا يخلو من حالتين: إما أن يكون ذلك بالمسوغ الشرعي أي للعذر المعتبر شرعاً وإما لا، فإن كان استحل حرمة رمضان بالعذر المعتبر فهذا إذا زال عذره ذلك فإنه يبقى على فطره ولا يلزمه الإمساك ذلك لأن حرمة هذا اليوم في حقه زالت لأنه استحلها بالعذر الشرعي ومن فعل ما يجوز له شرعاً فإنه لا ضمان الشرعي ذلك لأن الجواز الشرعي ينافي الضمان، ولأن لزوم الإمساك مرة أخرى حكم شرعي يحتاج إلى دليل، لأن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة، ولا يقال يلزمه الإمساك لحرمة الوقت، لأن الحرمة في حق ذلك الشخص المعين قد زالت بالمسوغ الشرعي وبقاء حرمة الزمن في حق غيره لا تتعدى إليه، ولأن القول بالإمساك مع ذهاب حرمة الزمن في حقه وفساد صومه لا فائدة فيه، إذ لا مصلحة يجتنى منه شرعا وما لا مصلحة فيه فإن الشريعة لا تأمر به ولا تأتي به، ولا يقاس من ذهبت حرمة اليوم في حقه بالمسوغ الشرعي على من استحلها بلا مسوغ شرعي فإن هذا معاند ومتجانف ومستحق للعقوبة وحرمة الوقت باقية في حقه لم تنزل، وأما الآخر فإنه فاعل لما يجوز له شرعاً مستحل للحرمة بالمسوغ المعتبر شرعاً غير متجانف للإثم ولا بمعاند ولا منتهك لحرمة الزمن فأين هذا من هذا، فقياس أحدهما على الآخر من أفسد القياس كما قال تعالى: (أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون) وقال (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) وأين بالله عليك العلة التي بها يلحق الفرع بالأصل في القياس هذا فاسد لا عبرة به، فالقول الصحيح إن شاء الله تعالى أن من استحل حرمة رمضان بالعذر المعتبر شرعاً فإنه لا يلزمه إمساك بقية اليوم، وروي عن ابن مسعود أنه قال: من أفطر أول النهار أي بالمسوغ الشرعي فليفطر آخره. فهذا فيمن استحل حرمة الشهر بالمسوغ الشرعي، وأما من استحلها بلا مسوغ شرعي وإنما هو الهوى وشهوة النفس وتسويل الشيطان فإنه آثم وصومه فاسد ومع ذلك فإنه يلزمه الإمساك ولا يحل له الاستمرار في الفطر، ذلك لأن حرمة اليوم لا زالت قائمة في حقه فإنه انعقدت بالدليل فلا تحل إلا بدليل، وإن استحلالها بلا عذر معتبر شرعاً من الاستخفاف بها وعدم تعظيمها وهذا مناف لتقوى القلوب وقال تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنه من تقوى القلوب) وقال تعالى: (ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه) فنعوذ بالله من الاستخفاف بشعائره جل وعلا وحرماته وتعدي حدوده، فهذا المستحل لحرمة اليوم بلا عذر لا حق له في هذا الاستحلال وإنما هو تعد منه وتجاوز لم أمر به وارتكاب وتقحم لما نهي عنه فليزمه حينئذ الإمساك بقية اليوم، مع الإثم، وهل يقضي أو لا يقضي؟ هذه مسألة أخرى وقد تقرر عندنا أن العامد فإفساد الصوم بلا عذر موجب لذلك أنه لا يقضي لأن العبادة المؤقتة بوقت تفوت بفوات وقتها إلا من عذر، وتقدم ذلك. والمقصود: هو التفريق بين من أفطر بالمسوغ الشرعي فلا يلزمه إمساك بقية اليوم، وإليك الفروع المندرجة تحت هذا الضابط فأقول:
منها: إذا طهرت الحائض أثناء النهار فإنه من المعلوم المتقرر أن الحائض لا تصوم وهذه رأت الطهر في نهار الصيام فهل يلزمها إمساك بقية اليوم أم لا؟ أقول: المشهور من المذهب أنه يلزمها الإمساك بقية اليوم لحرمة الزمن، ولكن الراجح إن شاء الله تعالى أنه لا يلزمها ذلك الإمساك لأنه قد أفطرت أول اليوم بالمسوغ الشرعي فلا يلزمها إمساك بقية اليوم، وحرمة الزمن باقية في حق غيرها أما هي فلا حرمة لهذا اليوم في حقها لزوال الحرمة بالفطر الذي اقتضاه العذر المعتني شرعاً والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/132)
ومنها: النفساء إذا طهرت في أثناء النهار يقال فيها ما قيل في الحائض إذا طهرت، والراجح في هذا الفرع هو بعينه الراجح في الفرع الذي قبله ومأخذ الترجيح واحد في كليهما والله أعلم.
ومنها: إذا قدم المسافر مفطراً فهل يلزمه إمساك بقية اليوم أم لا؟ أقول فيه خلاف والمشهور من المذهب أنه يلزمه الإمساك لحرمة الوقت ولكن الصواب في هذا أنه لا يلزمه الإمساك بقية اليوم لأنه استحل حرمة رمضان بالمسوغ الشرعي ومن استحل حرمة رمضان بالعذر الشرعي فإنه يلزمه إمساك بقية اليوم، نعم يختفي بفطره عن الناس الذين لا يعرفون حقيقة حاله حتى لا يتهم في دينه، هذا صحيح لكن لا يلزمه شرعاً الإمساك لعدم الدليل والأصل بقاؤه مفطراً والله أعلم.
ومنها: إذا عوفي المريض من مرضه الذي أباح له الفطر في نهار رمضان يوم الصوم فهل يلزمه الإمساك أما لا؟ أقول: فيه خلاف والمشهور من المذهب أنه يلزمه ذلك ولكن الراجح إن شاء الله تعالى أنه لا يلزمه الإمساك وذلك لعدم الدليل ولأنه استحل حرمة هذا اليوم بالمسوغ الشرعي فلا إمساك عليه والله أعلم.
ومنها: من احتاج للفطر لإنقاذ غريق أو معصوم عن هلكة فله ذلك بل ولربما قيل بوجوبه إذا لم يتقوى عليه إلا بالإفطار لأن مصلحة حفظ النفس أوجب مراعاة مصلحة عدم الفطر، قلة الفطر إيجاباً أو استحباباً لكن إذا أنقذه من الهلكة فهل يلزمه إمساك بقية هذا اليوم، أقول: فيه خلاف والأصح إن شاء الله تعالى أن لا يلزمه ذلك لأنه قد استحل حرمة هذا اليوم بالمسوغ الشرعي وقد تقرر في الضوابط أنه لا يلزمه إمساك بقية اليوم والله أعلم.
ومنها: إذا أصيب شخص بنزيف مثلاً واحتيج للتبرع له بالدم ولم نجد فصيلة تناسبه إلا فصيلة هذا الصائم والأمر لا يتأخر إلى الإفطار، فنقول: تبرع لأخيك إيجاباً واستحباباً وأنت بهذا التبرع الكثير عرفاً قد فسد صومك لكن بالمسوغ الشرعي، فجزاك الله خيرا، ولا يلزمك إمساك بقية اليوم لأن حرمته زالت في حقك بالعذر المعتبر شرعاً، وعليك قضاؤه من أيام آخر، هذا هو الراجح إن شاء الله تعالى والله تعالى أعلم.
ومنها: من جامع عالماً عامداً في نهار رمضان فإننا نقول له: أفسدت صومك يا هذا، واستحللت حرمة اليوم بلا مسوغ شرعي ولا عذر شرعي، فعليك إمساك بقيته ولا يحل لك تناول شيء من المفطرات لأن الحرمة باقية في حقك واستحلالك لها لا يحلها وقد تقرر أن من استحل حرمة رمضان بلا مسوغ شرعي فإنه يلزمه إمساك بقية اليوم والله أعلم.
ومنها: إن بعض الفحول من الرجال فيه مرض اشتداد الشهوة بحيث لا يفتر ذكره، نسأل الله العافية والسلامة، وهو ما يسمى بالشبق بفتح الشين المعجمة والباء الموحدة، وهذا المرض يوجب على صاحبه أن يخرج ماءه دائماً وإلا لأدى به إلى الهلاك وتشقق أنثييه، فإذا كان صائماً واضطر إلى أخراج مائه فنقول: يجوز لك حينئذ ذلك بشروط: الأول: أن لا تندفع شهوته إلا بالوطء في الفرج، فإذا كانت شهوته تندفع بغير ذلك فلا يجوز له حينئذ الوطء في الفرج، فإن كانت تندفع بالاستمناء بيد زوجته أوطء فيما دون الفرج فله ذلك أي إخراج مائه بهذه الأشياء لأنه يخاف على نفسه فهو كالمريض وقد قال تعالى: (وإن كنتم مرضى أو على سفر فعدة من أيام أخر) الثاني: أن لا يجد بدال من وطء زوجته الصائمة فإن كان له زوجتان وإحداهما مفطرة لعذر غير حيض ونفاس فإنه يقدمها على الصائمة حتى لا يفسد صومها، أما إذا لم يكن عنده إلا هذه الصائمة فنقول له: أعانك الله وثبتك وصبرك على هذه المصيبة فاصبري واحتسبي الأجر من الله ومكنيه منك ويكون صومك فاسداً وصومه فاسداً لكن بالمسوغ الشرعي ومن أفطر بالعذر المعتبر شرعاً فإنه لا يلزمه إمساك بقية اليوم، والله المستعان وهو أعلم.
ومنها: من أكل أو شرب في نهار رمضان عالماً ذاكراً مختاراً فنقول له: قف عن الأكل وعليك الإثم وصومك فاسد ويلزمك إمساك بقية هذا اليوم مع فساده لأن حرمة اليوم باقية في حقك وقد تقرر أن من استحل حرمة رمضان بلا مسوغ شرعي أنه يلزمه إمساك بقية اليوم، والله ربنا أعلى وأعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/133)
وخلاصة الضابط أن فيه منطوقاً ومفهوماً، فأما المنطوق فيقضي بوجوب الإمساك على من ارتكب مفسداً للصوم بلا عذر معتبر شرعاً، ومفهومه يقضي بأن من فعل شيئاً من المفطرات بالعذر الشرعي أنه لا مؤآخذة ولا يلزمه إمساك بقية اليوم والله يتولانا وإياك وهو أعلى وأعلم.
الضابط السابع
من جاز له الفطر والصوم سن الأخف منهما وأفطر على ما شاء
أقول: الحمد لله حمد كثيراً طيباًً مباركاً فيه كما يحبه ربنا ويرضاه على أن جعلنا من أهل هذه الشريعة السمحة السهلة في أحكامها وشرائعها التي وضع الله عنه الأغلال والآصار التي كانت على من قبله، فهذه والله نعمة عظيمة تستوجب الشكر ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً فالحمدلله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً، وله الشكر كله أوله وآخره وسره وعلانيته ثم أقول: إننا قد ذكرنا سابقاً أن متى تحقق فيه المسوغ الشرعي المجيز له الفطر في نهار رمضان فإنه يجوز له ذلك، والمسوغات الشرعية كثيرة: كالمرض والسفر والخوف على النفس أو على الغير إذا كان في إفطارك إنقاذ له، كل ذلك من جملة المسوغات الشرعية للفطر، فالأصل إذاً هو أن من تحقق فيه أحد هذه المسوغات فإنه يجوز له الفطر، إذاً فالكلام في هذا الضابط ليس على الجواز هل يجوز الفطر أم لا؟ لأننا فرغنا من قضية الجواز، لكن الكلام هنا عن أيهما أفضل أن يفطر أم يبقى صائماً، فأفهم هذا بعض الطلبة هدانا الله وإياه إذا تكلمنا من هذه المسألة اختلط عليه الأمر فقال: كيف تقولون الأفضل للمسافر الصوم مع أن الله تعالى يقول: (وإن كنت مرضى أو على سفر فعدة من أيام أخر) فنقول له: هذا في الجواز ونحن نبحث في الأفضلة، وأيضاً نقول: إن الطالب المفلح جعلنا الله وإياك منهم ينبغي له إذا نظر في المسألة أن ينظر في الأدلة كلها، ومسألة الصوم والفطر في السفر فيها أدلة من السنة كثيرة غير هذه الآية الكريمة، وعلى كل حال فالمسألة التي نبحثها في هذا الضابط هي: هل الأفضل لمن جاز له الفطر أن يفطر أم يبقى صائماً، هذا هو ما يجيب عن هذا الضابط ومفاد الجواب أن يقال: إن الأفضل في حق من جاز له الفطر هو الأخف، والأبعد عن المشقة، فإن كان الفطر أخف له وأبعد من المشقة فالفطر أفضل وإن لم يكن في إتمام الصوم مشقة وهو خفيف عليه فالصوم أفضل، إذاً فالأفضل منهما هو الأخف في حقه، وهذا القول هو الراجح الذي به تتآلف الأدلة وتتفق دلالاتها وهو وسط بين قولين: الأول: أن الأفضل الفطر مطلقاً وهو المشهور من مذهبنا، الثاني: أن الأفضل الصوم مطلقاً وهو المشهور عند الشافعية والثالث: هو هذا القول الوسط بهذا التفصيل – رحم الله العلماء رحمة واسعة وأعلا نزلهم في الجنة وغفر الله لأمواتهم وثبت أحياءهم آمين.
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[15 - 08 - 09, 12:09 ص]ـ
>>> للفائدة
ـ[محب شيخ الإسلام]ــــــــ[15 - 08 - 09, 07:53 ص]ـ
جزاك الله خيراً أبا البراء على جهدك.
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[21 - 07 - 10, 12:53 م]ـ
وإياك أخي الكريم ..
ـ[أبي عبدالله]ــــــــ[22 - 07 - 10, 05:07 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ..
تم التحميل
وجزى الله الشيخ خيرا
ـ[صهيب الجواري]ــــــــ[21 - 08 - 10, 07:08 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك
احب الشيخ وليد بن راشد السعيدان ولم اره لكني اعجبت بمؤلفاته القيمة
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[21 - 08 - 10, 09:11 م]ـ
جزاك الله خير
احب الشيخ وليد بن راشد السعيدان ولم اره لكني اعجبت بمؤلفاته القيمة
وأنا كذلك، حيث لم أره أبدا، لكن لي اتصال معه هاتفيا نظرا لحبي له وإعجابي الشديد بطرحه وتأليفه، إلا أنه في هذه الأيام قد انقطع الاتصال ولا أعرف ما السبب، هل غير جواله أم ماذا؟ فمن يفيدنا ...(101/134)
يسألونك عن الأهلة ج1 للشيخ أبي حاتم القسنطيني
ـ[ابو البراء]ــــــــ[30 - 08 - 08, 01:54 ص]ـ
يسألونك عن الأهلة ج1
الحمد لله رب العالمين القائل) تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا (الفرقان: 61 والقائل) إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين (الأعراف: 54. والقائل كذلك) الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون (الرعد: 4. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، فاللهم صل وسلم وبارك على هذا النبي الأمي وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين. أما بعد:
كان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال أن يقول: "اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله. هلال خير ورشد، هلال خير ورشد، ربي وربك الله، آمنت بالذي خلقك". يقولها ثلاثا وعند الطبراني " أن الصحابة كانوا يتعلمون الدعاء الذي يقال عند رؤية الهلال ".
إن الناظر في القرآن الكريم يجد حديثا كثيرا عن القمر والأهلة ونجد بصفة خاصة أن الله تعالى ذكر القمر في معرض مدح نفسه بذكر قدرته وكيف رفع السموات بغير عمد وكيف سخّر الشمس والقمر وعلّقهما في السماء كل هذا ليَفهم عبيده بأنّه قادرٌ على بعثهم ولقائهم بعد الموت. وقد وقعت في السيرة آية محسوسة عاجلة وهي انشقاق القمر وهذه المعجزة كانت حجّة على من أنكر البعثة المحمدية، فيمكن القول مع هذا كلّه أن الله جعل في الأهلّة من الآيات وربط بها من الأحكام و التشريعات ما جعلها جديرة بالاهتمام والسؤال عنها، وقد تصدّى القرآن لذلك؛ ولو لم تكن هناك فائدة في السؤال عنها لما تعرّض لها القرآن بالجواب ولما سأل عنها الصحابة لأنهم كانوا لا يسألون إلا عما ينفعهم كما قال ابن عباس-رضي الله عنهما-. فاسمع غير مأمور إلى القرآن يحدّثك:
قال الله جل وعلا) يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج (البقرة: 189 هذه الآية من سورة البقرة وقعت مباشرة بعد ذكر فريضة الصّيام وكذلك وقعت بعد قوله تعالى) و إذا سألك عبادي عني (الآية؛فما الحكمة من السؤال عن الأهلّة؟ وماذا ربط الله تعالى بها من تشريعات تخص عبادة الناس؟ وهل من فضل في اختصاص الأمة الإسلامية بأن رُبِطت عباداتها بالتوقيت القمري؟ أسئلة وغيرها سنجيب عنها إن شاء الله تعالى في كلامنا على هذه الآية العظيمة) يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج (.
فنقول ابتداء: الأهلّة جمعٌ واحده هلال وهو القمر في أوله وعند ميلاده لشهر جديد. فإذا ازداد نموُّه سمِّي قمرا فإذا اكتمل سمِّي بدرا. وجاءت تسمية الهلال من التهليل، لأنهم كانوا إذا تراءوه هلّل بعضهم لبعض برؤيته و رفعوا أصواتهم بالإخبار عنه. لكن لماذا سألوا عن الأهلّة والقمر ولم يسألوا عن الشمس مثلا؟ فهذا مهمٌّ.
و جواب ذلك: أنّ الشمس كانوا يشاهدونها تأتي وتروح تشرق وتغرب على وتيرة واحدة وطريقة واحدة سائر العام لا يتغير شكلها ولا توقيتها في شيء، لكنّ الهلال كان يبدأ رقيقا دقيقا ثم ينمو ويزداد حتى يكتمل بدرا ثم يتناقص حتى يختفي ليظهر غيره من جديد؛ فهذا سببٌ كاف للتساؤل (1) ولا بد له من جواب؛ فلما تساءلوا أجابهم القرآن) قل هي مواقيت للناس والحج (فتطوّر الأهلة وتغيّرها الحكمة منه التوقيت العام للناس والتوقيت الخاص للعبادات؛ فجلّ العبادات التوقيت من شروطها ولا تصح إلا به، فالحج مثلا) الحج أشهر معلومات (، وهذا الصيام) فمن شهد منكم الشهر فليصمه (، وكذا الزكاة) وآتوا حقه يوم حصاده (، وكذلك الكفارات والعِدّة وغيرها من العبادات محتاجة للتوقيت لتنضبط فلابد إذن من ميقات-زماني أو مكاني- وهو ضروري لنظام حياة الأمم. ولهذا نجد كل أمّة اتخذت لنفسها ميقاتا خاصّا بها، كالتاريخ العبري والقبطي والفارسي والتاريخ الميلادي وغير ذلك؛ فلزم أن تتميّز الأمة العربية والإسلامية بميقات وتأريخ خاصّ بها، ولقد كان العرب قبل الإسلام لهم توقيتٌ لكن ليست له بداية، وكانت كل سنة عندهم وِحدةٌ بنفسها ولا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/135)
ترتبط بغيرها، وكان للأحداث دور في تمييز السّنوات (2) -كحدث الفيل فقالوا "عام الفيل"- والعجيب أن كلّ الأمم كانت تعتبر ميقاتها بالشمس إلاّ العرب كانت تعتبر ميقاتها بالقمر؛ فلمّا جاء الإسلام صحّح وأرشد هذا النظام ليفوق غيره من المواقيت (3).فمن فضل الله علينا أن خصّنا بتوقيت دقيق؛ ولا تعرف أمة لها تاريخ دقيق مضبوط تعرف بدايته وأيامه وأحداثه كأمة الإسلام؛ بخلاف الأمم الأخرى كالأمة النصرانية مثلا فقد وقع تحريف التواريخ من الرهبان في عدّة مرّات، ومَن يُثبِت للنّاس أن عيسى ميلاده كان منذ ألفي عام وثماني سنوات-بحسب تأريخ اليوم-؟، وكذلك اليهود حرّفوا كثيرا من تواريخهم كما حرّفوا الكتب السماوية. ولنفهم حقيقة هذا التميز نحتاج للتدليل عليه و ذلك بمعرفة ابتداء التأريخ الهجري و ظهوره؛ فمتى كانت بداية التأريخ الهجري؟.
كان ذلك في خلافة عمر رضي الله عنه وذلك أنه رفعت له رُقعة بأجل في شهر من الشّهور وكان ذلك "شعبان"، فقال" أي شهر هو؟ من أي السّنوات هو؟ السّنة التي مضت أم السّنة التي تأتي؟ " فاجتمع مع أهل المشورة واتفقوا على جعل الهجرة النبوية بداية هذا التوقيت، لأنّ الهجرة هي أعظم حدثٍ كان في بداية بناء كيان الأمة الإسلامية وتميّزها ووضع قواعد التشريع وانطلاق دعوة الإسلام إلى الآفاق. لكنّهم لم يجعلوا بداية السّنة الشهر الذي كانت فيه بداية الهجرة "ربيع الأول"، فجعلوا شهر الله "المحرّم" بداية السّنة لأنّ فيه قضاء النّاس مناسك الحجّ ورجوعهم لحياتهم العملية من جديد، فكانت الهجرة هي بداية التأريخ الإسلامي، وسمِّي التأريخ الهجري لذلك. وجعلوا بداية السّنة بمحرّم من الأشهر الحُرُم ونهايتها بذي الحجة وهو من الأشهر الحُرُم كذلك-وكلّها أشهر قمرية كما لا يخفى-.وكما أن الإسلام هو دين الفطرة فكذلك التوقيت القمري كان توقيتا فطريا ونعني بالتوقيت الفِطري استواء الناس في معرفته ولا يحتاج إلى علم خاص لمعرفته وهنا يظهر تميز التوقيت القمري لتتميز أمة الإسلام به. فإذا كان الإسلام دين فطرة لزم ارتباط أحكامه بأنظمة فطرية يستوي في معرفتها العام و الخاص.
وتجدر الإشارة إلى ارتباط بعض العبادات بتوقيت الشّمس لكن ذلك في أمور فطرية كذلك كبزوغ الفجر وزوال الشمس وغروبها وزوال الشفق الأحمر فهذه مواقيت الصلاة يستوي فيها ويعرفها كل من وجبت عليه الصلاة بدون توقّف على الحساب والعلم الخاص وأما باقي المواقيت فقد ربطها بالقمر كما قلنا وهي متعددة لعلنا نتفرغ للحديث عنها في مقالات لاحقة بإذن الله ...
الهوامش:
(1) هناك أسباب عدّة تستدعي السؤال هنا منها:
أ) مجتمع الصحابة كان مجتمعا أميا كما في الحديث "إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا". يعني مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين. رواه البخاري (1814) و مسلم (1080) من حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- و كان علمهم موروثا من القرآن و السنة فقط.
ب) سبب نزول الآية قال القرطبي –رحمه الله-:"هذا مما سأل عنه اليهود واعترضوا به على النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقال معاذ: يا رسول اللّه، إن اليهود تغشانا ويكثرون مسألتنا عن الأهلة فما بال الهلال يبدو دقيقا ثم يزيد حتى يستوي ويستدير، ثم ينتقص حتى يعود كما كان؟ فأنزل اللّه هذه الآية. وقيل: إن سبب نزولها سؤال قوم من المسلمين النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الهلال وما سبب محاقه وكماله ومخالفته لحال الشمس، قاله ابن عباس وقتادة والربيع وغيرهم".اهـ راجع تفسير القرطبي
ج) تعلّق العبادات بالتوقيت القمري فكان سؤالا عما ينفع كما قال ابن عباس –رضي الله عنهما-:"ما رأيت قوما خيرا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ما سألوه إلا عن ثلاث عشرة مسألة كلهن في القرآن: "يسألونك عن المحيض"، "يسألونك عن الشهر الحرام"، "يسألونك عن اليتامى"، ما كانوا يسألونك إلا عما ينفعهم". قال الحافظ ابن عبد البّر:" ليس في الحديث من الثلاث عشرة مسألة إلا ثلاث".قلت و هذا السبب أهم الأسباب لعلمنا بقلة تكلف الصحابة و قلة المسألة عندهم و تقرير هذا ليس هذا محله. اهـ
(2) و كانت الحروب لها الحظ الأوفر من ذلك فحُفِظت تواريخها بالشعر لولوع العرب بالشعر و هذا تميّز آخر للعرب ليس لسواهم يؤمن معه تحريف التواريخ فتأمل و اعجب!!!.
(3) التفوق ليس عدديا لأن السّنة الشّمسية تفوق السّنة القمرية بأحد عشر يوما وإليه الإشارة وقعت في قوله تعالى في سورة الكهف:) ولبثوا في كهفهم ثلاثمائةٍ سنين وازدادوا تسعا (فثلاثمائة سنة بتقدير الشمس و ثلاثمائة و تسع سنوات بتقدير القمر؛ إنما التفوق باعتبار التوقيت القمري توقيتا فطريا. فاعتبر الإسلام التوقيت بالسنة القمرية ووحدة الشهر بالهلال كما قال تعالى:) إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم (.و هذه الآية فيها تميّز العرب والمسلمين وفضلهم وأن التوقيت القمري يعرفه الخاص والعام وسهلٌ تقديره بخلاف منازل الشّمس ورصد حركاتها فلا يعرفه إلا خوّاص الناس.اهـ
الجزء الثاني من البحث من هنا ( http://www.merathdz.com/play.php?catsmktba=1754)
http://www.merathdz.com/upload/aln3esa-1220039042.gif (http://www.merathdz.com/play.php?catsmktba=1751)(101/136)
له بيتان في مدينتين فهل يقصر إذا سافر إلى أحدها؟ "فتاوى اللجنة الدائمة"
ـ[بندر البليهي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 02:01 ص]ـ
السؤال: حكم القصر في الصلاة؛ إذا كان شخص له بيتان في بلدين مختلفين داخل قطر واحد، ومقيم فيهما معا ويسافر من حين إلى آخر، فهل إذا سافر إلى أحدهما يجب القصر في الصلاة أم يجوز له أن يتم؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا كان الواقع كما ذكر من اتخاذ كل من البيتين محل إقامة له فلا يجوز له أن يترخص برخص السفر من قصر الصلاة وغيره، وهو نازل في أي بلد من البلدين، وله أن يترخص بذلك وهو مسافر بين البلدين، إذا كانت المسافة بين البلدين مسافة قصر وهي ثمانون كيلا تقريبا.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (8/ 148).
http://www.islam-qa.com/ar/ref/121637
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[30 - 08 - 08, 06:31 م]ـ
جزاك الله خيرًا
كذا كانت فتوى الشيخ الإمام النووي عليه رحمة الله تعالى.
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[31 - 08 - 08, 12:22 ص]ـ
الإشكال هو أن الإنسان قد يذهب إلى البيت الثاني في آخر الإسبوع ليوم أو يومين(101/137)
في مصر: هل يأخذون بالرؤية؟؟
ـ[شعيب القاضي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 02:02 م]ـ
مفتي مصر: نعتمد المنهجين العلمي والشرعي لاستطلاع هلال رمضان
القاهرة: محمد خليل
استبعد الدكتور علي جمعة مفتي مصر توحيد رؤية هلال شهر رمضان المبارك بين الدول الإسلامية بسبب اختلاف المطالع وعدم اكتمال مشروع القمر الاصطناعي الإسلامي. وقال إننا نعتمد المنهجين العلمي والشرعي في تحديد بدايات الأشهر. ومن ناحيتها تستطلع دار الإفتاء المصرية رؤية هلال شهر رمضان في التاسع والعشرين من شهر شعبان الموافق 30 أغسطس (آب) الحالي. كما أنه طبقا للحسابات الفلكية فإن هلال شهر رمضان سيولد في سماء مصر مع غروب شمس يوم الأحد الثلاثون من شهر شعبان الموافق 31 أغسطس الحالي، وبالتالي يكون اليوم التالي وهو يوم الاثنين من الناحية الفلكية هو أول يوم من أيام شهر رمضان». وقال مفتي مصر إن المسلمين مطالبون شرعا بالصوم وفقا لرؤية هلال رمضان في بلادهم، مشددا على أن مخالفة هذه الرؤية يشق وحدة البلد الواحد ويزرع بذور الفرقة فيه.
وأشار الدكتور جمعة في بيان أصدره بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك: «إنه منعا لحدوث بلبلة وحالة الشقاق التي يحدثها البعض كل عام بمخالفة أهل البلاد والصيام بناء على رؤية دولة أخرى بدعوى عدم صحة ودقة رؤية أهل العلم في البلاد، فإنه يجب على المسلمين شرعا أن يصوموا لرؤية بلدهم».
واستطرد البيان قائلا: «وعليه فإنه لا ينبغي أن يصوم أبناء أي بلد ويفطروا على خلاف الرؤية التي تثبت في هذا البلد، لأن هذه المخالفة تشق وحدة المسلمين وتزرع بذور الفتنة والفرقة».
وأكد البيان أن حكم ولي الأمر يرفع الخلاف فيما يقع فيه الاختلاف بين الناس، ولذلك فإنه يجب إذا ما صدرت الفتوى الشرعية باستطلاع هلال رمضان المبارك مخالفة للرؤية في بلدان إسلامية أخرى أن يلتزم كل مسلم برؤية بلده. وأشار إلى أن «المجامع الفقهية أقرت جميعا بأن الحساب الفلكي دليل، وأن هناك دولا جعلت مولد الهلال هو رؤية الهلال، ولكن مصر تعتمد على الحساب الفلكي والرؤية معا، أي المنهجين العلمي والشرعي؛ فهناك ست لجان شرعية تقوم كل شهر بالعمل لمعرفة ثبوت ميلاد الهلال من عدمه، كما أننا نستعين بالحساب الفلكي.
ويرى المؤيدون من العلماء لرأي مفتي الديار المصرية وفي مقدمتهم عمر القاضي أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر عضو رابطة الجامعات الإسلامية: إن الأساس في تحديد رؤية هلال شهر رمضان هو الأخذ بالرؤية لأنها هي الأصل والحسابات الفلكية مكملة، مشيرا إلى أن الحسابات الفلكية في المسائل العلمية لها وزنها في ضبط الأمور والمواقيت، لكن الأصل في تحديد بدايات الأشهر الرؤية. ويرى الدكتور القاضي أن لكل بلد مطلعه، أي اختلاف المطالع. وتابع قائلا:إن المشكلة في تعدد الرؤى فقهية وليست سياسية وما دام المسلم يصوم 29 يوما على الأقل ويبدأ الصيام حسب رؤية الهلال فلا شيء عليه، أي أن من رأى الهلال في نهاية شهر رمضان يفطر ومن لم يره يتم شهر رمضان ثلاثين يوما.
أما الدكتور احمد عبد الرحيم السايح الأستاذ في جامعة الأزهر فيؤكد أن المسلمين أصلا يعتمدون على رؤية الهلال إتباعا لقول النبي صلى الله عليه وسلم «صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته»، لافتا إلى أنه ما دام التقدم العلمي في خدمة الإنسانية فقد وصل الناس فيه عن طريق العلم وآلياته أن يعرفوا الخسوف والكسوف الذي يحدث بعد خمسين سنة، وبالتالي أصبح العلم عاملا مساعدا في إثبات رؤية الهلال.
وخلص الدكتور السايح إلى أنه «لا مانع من أن تأخذ الدول الإسلامية برؤية العلم أو ما تثبته الحسابات الفلكية في رؤية الأهلة».
الثلاثاء 24 شعبان 1429 هـ 26 اغسطس 2008 العدد 10864
http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=17&article=484350&issueno=10864
السؤال: هل هذا الكلام صحيح؟؟ وهل يعتبر برؤية هذه اللجان؟؟
أخوكم: شعيب(101/138)
موعظة رمضان الأندلسية
ـ[هشام زليم]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:54 م]ـ
موعظة رمضان الأندلسية
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين محمد و على آله و صحبه أجمعين و من اهتدى بهديه و استنّ بسنّته إلى يوم الدين.
أما بعد:
بسقوط غرناطة سنة 1492م بيد النصارى سقطت آخر دولة إسلامية تحمي الإسلام بالأندلس و استفرد الصليبيون الحاقدون بالأندلسيين المسلمين و ساموهم سوء العذاب و فرضوا عليهم التنصّر و اعتناق العقيدة الكاثوليكية و منعوهم من إبداء أدنى مظهر إسلامي: فالزي الإسلامي استبدل بالقشتالي, و الأسماء العربية استبدلت بالإسبانية, و الوجوه الحيية المحتشمة أُكرهت على السفور , و مُنعوا من الصلاة و الصيام و التطهُر و الاحتفال بالأعياد الإسلامية و بدل ذلك و بصفتهم مسيحيين جدد وجب عليهم التوجّه كل يوم أحد إلى الكنيسة لسماع الوعظ النصراني الذي يمجّد فيه الخمر و لحم الخنزير و الصليب, و من خالف هذه الأوامر المقدّسة –زعموا- فالموت مصيره حرقا أو شنقا, و لو أبدت محاكم التفتيش رأفة بالمتهم فستصادر كل ممتلكاته أو تسجنه أو ترسله لأداء الأعمال الشاقة بالمناجم في أمريكا أو التجديف في السفن.
و لم يتوقف طغيان محاكم التفتيش عند هذا الحد بل رأت أن هذه الإجراءات لم تزد الأندلسيين إلى تمسّكا بدينهم الحنيف فقررت منع استعمال اللغة العربية بين الأندلسيين, هذه اللغة التي كانت تزودهم من خلال الكتابات التي يحفظونها بالعزيمة و الصبر و أكثر من ذلك تمكّنهم من حفظ الإسلام في القلوب.
وفعلا صدرت قوانين حرّمت على الأندلسيين التخاطب أو الكتابة بالعربية و أمرتهم بتسليم جميع الكتب المكتوبة بها. ويمكن القول أن محاكم التفتيش نجحت في نيل مبتغاها الرامي لفصل الأندلسي عن مصدر عقيدته المسطور في الكتب بل ربما نجحت في إبادة اللغة العربية بالأندلس لكن الأندلسيين كانوا –بفضل الله و منه و كرمه- أذكى من رهبان المحاكم فقد استطاعوا ابتكار لغة بين العربية و القشتالية تسمى الألخميادو – تحريف إسباني لكلمة "أعجمي" – و هذه اللغة هي القشتالية مكتوبة بالحروف العربية و لها قواعد و أصول خاصة بها. و قد استخدم الأندلسيون هذه اللغة في مخاطباتهم و كتاباتهم. و كانت لغة سرية إلى حد أن الإسبان لم يكتشفوا وجودها إلا في القرن الثامن عشر أي بعد 200 سنة على وضعها.
و قد عمل الأندلسيون على حفظ الدين الإسلامي من الاندثار بواسطة اللغة الألخميادو فقد ترجموا القرآن العظيم و السنة النبوية و دروسا في الفقه و السيرة و الشعر و الأدب و التاريخ ...
و قد كانت لرمضان في كتابات الألخميادو مكانة مهمة حيث عملوا على إبراز فضله و وجوب صيامه و احترام أركانه و استحباب قيامه و الإكثار من الخيرات فيه.
و قد حفظت مكتبة مدريد الوطنية نصا بالألخميادو لكاتب أندلسي مجهول يحث فيه بني قومه من الأندلسيين المسلمين على صيام رمضان و يبين لهم فضله و شروط أدائه و يعظهم موعظة حسنة شافية وافية.
يذكر الدكتور سري محمد محمد عبد اللطيف الأستاذ بكلية اللغات و الترجمة بجامعة الأزهر: " إن نصوص الأدب الألخميادو تعطي لنا انطباعا في بعض الأحيان أن المورسكيين (1) كانوا أساتذة في الشريعة الإسلامية و مذاهبها نظرا لما تنم عنه من معرفة تامة بعلوم الإسلام المختلفة من فقه و عقيدة و قرأن و أحاديث و معاملات ... إلخ لدرجة تجعلنا نفكر أحيانا أن هؤلاء الناس لم يكونوا فقط على مستوى غيرهم من المسلمين في بلاد أخرى, بل إنني أستطيع أن أقول – غير مبالغ – أنهم كانوا أعلم بمبادئ دينهم و أكثر تمسكا بها من كثير من المسلمين الذين عاشوا في ظروف أفضل كثيرا من التي عاشها المورسكيون و توفرت لهم حرية القراءة و العلم و الإطلاع على التراث الديني و هو ما يحرّم على المورسكيين بأوامر محاكم التفتيش". (2)
فلعلي أترككم مع مقتطفات من موعظة هذا الأندلسي المجهول حول رمضان و التي كتبها بلغة الألخميادو و قد ترجمها الدكتور سري عبد اللطيف جزاه الله خيرا. و هي موعظة لي قبل كل شيئ و موعظة لإخواني لعلنا نجتهد في طاعة الرحمان في شهر رمضان.
يقول الأندلسي المجهول:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/139)
"و شهر رمضان يا إخواني هو شهر طهارة الأجساد من الذنوب طهارة كاملة, و هو شهر الخير و الغفران و الامتنان من الله, و هو شهر إعانة الفقراء و إكرام الضيف و شهر تفتح فيه أبواب الجنات و تغلق أبواب النيران و تسلسل فيه الشياطين و هو شهر الأمن و الإيمان و قراءة القرآن تضاء فيه مساجد الرحمان و يكرم فيه ابن السبيل و يعطف فيه على المريض." (3)
" أيها الأخوة الأحباب عندما يهل علينا شهر رمضان المعظم يجب أن تصوم جوارحكم عن الذنوب و الخطايا كما تصوم بطونكم عن الطعام و يجب عليكم – كما تفطرون عند الليل بتناول الطعام –أن تشكروا نعمة الله عليكم, و كذلك يجب عليكم أن تقوموا ليله مصلين كما تقضوا نهاره صائمين" (4)
"عباد الله ... اغتنموا هذا الشهر, فهو شهر عند الله عظيم ووعد الله فيه عباده بالجزاء العظيم و وعدهم بمغفرة الذنوب و العتق من النار" (5)
" و لا يفهمن أحد أن الصيام مجرد امتناع الإنسان عن الأكل و الشرب و جماع الزوجة, بل عليه أن يعلم بوجوب صيام عينيه و لسانه و سمعه و يديه و رجليه و سائر الجوارح" (6)
" و عليك أن تعلم أن صيام العينين هو ألا تنظر بهما إلى حرام , و ألا تنظر إلى مسلم أو مسلمة بعين الكبر و الاحتقار أو التهديد و صوم اللسان هو أن تمتنع عن الكذب و اللغو و أن تتجنب الغيبة و النميمة و فحش القول و صيام السمع هو ألا تستعمله في سماع السوء أو التصنت على الخلق و صيام اليدين هو ألا تمدهما لأذى أحد من المؤمنين و ألا تأخذ بهما ما ليس من حقك و أن تستعملهما في إرضاء الله تعالى و صيام القدمين هو ألا تمشي بهما لتضر أحدا و لا تستعملهما إلا فيما يرضي الله.
و أخيرا يجب أن تصوم كل جوارحك عن الحرام و أن تُسَخّر كل أعضائك في الأعمال التي خلقها الله من أجلها و بهذا تنال الجزاء كاملا على صومك إن شاء الله. أما إذا فعلت غير ذلك فإنه يخشى أن يضيع ثواب صومك.
فيا عباد الله ... اغتنموا الخير كله في هذا الشهر الكريم, و لا تقضوا أيامه في الغيبة و النميمة و سوء القول و لا يمنعكم الكسل أن تقوموا الليل للصلاة و احذروا من أن تفطروا على حرام." (7)
و إذا علمنا الظروف الصعبة التي كانت تعيشها هذه الطائفة من المسلمين بين ظهراني النصارى ازداد تعظيمنا لهذه الموعظة التي تطالبهم بصيام رمضان حق صيامه علما أن النصارى كانوا يوشون إلى محاكم التفتيش بكل من تظهر عليه علامات الإسلام. و هذا ما يفسّر ارتفاع عدد الأندلسيين الذين كانت تحاكمهم محاكم التفتيش في شهر رمضان. فقد أبوا إلا أن يصوموه و ليحدث ما يحدث بعد ذلك. (راجع موضوعي "محنة الأندلسيين لصيام رمضان" ففيه ذكر محن من صاموا هذا الشهر الفضيل).
كتبه أبو تاشفين هشام بن محمد المغربي.
الهوامش
(1) المورسكيون هي كلمة أطلقها الإسبان على الأندلسيين الذين بقوا في الأندلس بعد سقوط غرناطة.
(2) مداخلة الدكتور سري محمد محمد عبد اللطيف في المؤتمر العالمي الخامس للدراسات المورسكية-الأندلسية المنعقد سنة 1993 بزغوان بتونس. ص 158 - 159.
(3) (المخطوط رقم 5223 لمكتبة مدريد الوطنية, رقم32 ظهر و 133 وجه.)
(4) (المخطوط رقم 5223 لمكتبة مدريد الوطنية, رقم 133 وجه.)
(5) (المخطوط رقم 5223 لمكتبة مدريد الوطنية, رقم 135 وجه.)
(6) (المخطوط رقم 5223 لمكتبة مدريد الوطنية, رقم 136 وجه.)
(7) (المخطوط رقم 5223 لمكتبة مدريد الوطنية, رقم138 ظهر و 136 وجه.)
تنبيه: هذا المخطوط رقم 5223 قام بترجمته من الألخميادو الدكتور سري عبد اللطيف أستاذ اللغات و الترجمة بجامعة الأزهر. و ذلك في موضوعه الذي طرحه في المؤتمر العالمي الخامس للدراسات المورسكية-الأندلسية سنة 1993 المنعقد بمدينة زغوان بتونس.
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[30 - 08 - 08, 07:22 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[هشام زليم]ــــــــ[09 - 09 - 08, 01:53 م]ـ
جزاكم الله خيرا
جزاكم الله خيرا
ـ[ابن فرات]ــــــــ[10 - 09 - 08, 12:51 ص]ـ
جزاك الله خيرا، فعلا عمقت الصلة بيننا والأندلس من خلال كتاباتك المنوعة حولها، فجزاك الله خير الجزاء أخي ابن تاشفين(101/140)
الحبل المشبوك في تلخيص الذهب المسبوك
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[30 - 08 - 08, 04:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و بعد فهذا تلخيص لسفر العلم المُبَرّز زين الدين مرعي بن يوسف الكرمي الموسوم "مسبوك الذهب في فضل العرب وشرف العلم على شرف النسب " نظرت فيه قديما فأُعجبت به،،،
و قبل البداءة في المقصود و الإتيان على المنشود أحببت إثبات ترجمة له في سطور أعرف به جاهليه و أذكر بها عارفيه:
1 - اسمه ونسبه ولقبه:
هو الإمام العلامة زين الدين مرعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد بن أبي بكر بن يوسف بن أحمد الكرمي، المقدسي، الأ زهري، المصري، الحنبلي.
فالكرمي: نسبة إلى طولكرم (طور كرم) التي ولد فيها المؤلف، ونشأ فيها. ولم تحدد مصادر ترجمته السنة التي ولد فيها. والمقدسي: نسبة إلى بيت المقدس التي طلب فيها العلم.وتتلمذ على بعض علمائها. والأزهري: نسبةإلى الجامع الأزهر الذي شد إليه الرحال لتلقي العلم على علمائه.
والمصري: نسبة إلى مصر – أرض الكنانة-، التي كانت مستقره إلى وفاته.
والحنبلي: نسبة إلى الإمام أحمد بن حبل – رضي الله عنه – الذي تمذهب بمذهبه، حتى أصبح أحد أكابر علماء الحنابلة في عصره،ويدل على ذلك قوله:
لئن قلد الناس الأئمة إنني لفي مذهب الحبر ابن حنبل راغب.
أ قلد فتواه وأعشق قوله وللناس فيما يعشقون مذاهب.
ولقبه: زين الدين.
2 - مولده ونشأته:
ولد المؤلف – رحمه الله – بمدينة طولكرم إحدى مدن المثلث: (طولكرم – نابلس – جينين)، ونشأ فيها، وتلقى مبادئ العلوم الأولية على علمائها، وحفظ القرآن الكريم، وكان – رحمه الله – شديد الذكاء، عميق التفكير، يدل على ذلك آثاره العلمية، والأدبية، والفقهية المختلفة. ثم ارتحل إلى المسجد الأقصى في القدس الشريف – فك الله أسره وجميع بلاد المسلمين من أيدي اليهود الغاصبين -،والذي كان آنذاك محط رحال العلماء، وطلاب العلم من جميع الأقطار، ومصدر إشعاع للعلوم الدينية، وعلوم اللغة، فجالس العلماء،أمثال الشيخ محمد المرداوي، وعن القاضي يحيى بن موسى الحجاوي، واستفاد من علومهم، ثم شد رحاله إلى الأزهر المعمور، مركز العلم والعلماء، فنهل من معين علمائه، علوم الفقه، والتفسير، والحديث، وعلوم العربية، مما أهله أن يتصدر للتدريس والإفتاء، قال المحبي: - (دخل مصر واستوطنها، وأخذ العلم بها عن الشيخ محمد حجازي الواعظ،
والمحقق أحمد الغنيمي، وكثير من مشايخ المصريين).
3 - إقراؤُهُ وتدريسه:
كان – رحمه الله - ذا إطلاع واسع على نُقول الفقه، ودقائق الحديث، ومعرفة تامة بالعلوم المتداولة، فتصدر للإقراء والتدريس بالجامع الأزهر، وعقد الحلقات العلمية في جامع ابن طولون لتدريس الفقه الحنبلي، ثم تولى المشيخة بجامع السلطان حسن، إلى أن أخذها منه عَصْرِيُّهُ العلامة إبراهيم بن محمد المصري الشافعي، الملقب ببرهان الدين الميموني، ووقع بينهما ما يقع بين الأقران، وألف كل منهما في الأخر رسائل. ولم يصرفه ذلك عن الإفتاء والتدريس، والتحقيق والتصنيف، فسارت بتآليفه الركبان ومع كثرة أضداده وأعدائه، لم يتمكن أحد من الطعن فيها، ولا أن ينظر بعين الإزراء إليها.
4 - أدبه وشعره:
كان المصنف - رحمه الله - أديبا وشاعرا، وله شعر مشهور، وديوان مسطور، وصفه محمد أمين المحبي بقوله: - (له أشعار ومنشئات جلا أفقها وجلى طرفها وطرقها، وأطلع من تحت غصون الأقلام كالرياض ورقها) وله ديوان شعر، ومصنفات في النحو، والصرف، والمراسلات، كما ورد في آثارة. ومؤلفاته.
... ومن شعره ... :
ليت في الدهر لو حظيتُ بيوم ... فيه أخلو من الهوى والغرامِ
خالِيَ القلب من تباريحِ وَجْدٍ ... وصُدود وحُرَقةٍ وهُيامِ
كي يُراحَ الفؤاد من طولِ شَوق ... قد سقاه الهوى بكأسِ الحِمامِ
وقوله:
إنما الناس بلاءٌ ومِحَنْ ... وهُمومٌ وغمومٌ وفِتَنْ
وعَناءُ وضناءُ قُرْبهُمْ ... وهلاكٌ ليس مِنهُم مُؤتمنْ
حَسَّنوا ظاهِرهم كي يَخدعوا ... ليس في باطِنهم شئٌ حَسَنْ
ليس من خَالطهم في راحَةٍ ... ضاعَ منه الدين والمالُ وَزَنْ
فاحذرنْ عِشرتهُم واتْرُكْنَها ... واجتنبهم سِيَّما هذا الزمن
5 - ثناء العلماء عليه:-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/141)
أثنى كثير من العلماء - ممن ترجم للشيخ مرعي الكرمي -على صفاته الحميدة، وسعة إطلاعه، وإلمامه بفنون العلم المختلفة.
أ- ترجم له محمد أمين المحبي فقال عنه: (أحد أكابر علماء الحنابلة بمصر، كان إماما، محدثا، فقيها،ذا اطلاع واسع على نقول الفقه، ودقائق الحديث، ومعفة تامة بالعلوم المتداولة، إلى أن يقول: وكان منهمكا على العلوم انهماكا كليا، فقطع زمانه بالتدريس، والإفتاء، والتحقيق، والتصنيف، فسارت بتآليفه الركبان، ومع كثرة أضداده وأعدائه ما أمكن أن يطعن فيها أحد، ولا أن ينظر بعين الإزراء إليها)
ب- وترجم له محمد كمال الدين بن محمد الغزي العامري فقال فيه: - (شيخ مشايخ الإسلام، أوحد العلماء المحققين الأعلام، واحد عصره وأوانه، ووحيد دهره وزمانه، صاحب التآليف العديدة، والفوائد الفريدة، والتحريرات المفيدة، خاتمة أعيان المتأخرين، من سمت بعلومه سماء المفاخر، وطلع به فجر فخر الفاخرين، فهو العلامة بالتحقيق، والفهامة عند أهل التدقيق والتنميق، شرفت به البلاد المقدسة، وصارت دعائم كمالاته على هذه الفضائل مؤسسة .. إلى أن قال: قلت مادحا هذا الهمام:
حوى السَّْبقُ في كل المعارف يالَهُ ... إمام همام حاز كل المعارف
وقد صار ممنوحا بكل فضيلة ... بظلٍ ظليلٍ بالعوارف وارِفِ
وحاز بجد واجتهاد ومنحة ... لما عنه حقا كلَّ كُّل الغطارف
سقى الله تُرباً ضمه وابلَ الحَيا ... بجنات عدن آمنا من مَخاوف
ولا زال رِضوان الإله مُباكرا ... ثرىً ضَمَّهُ ما حَن بيتٌ لِطائِفِ)
ت - قال ابن حميد: - (هو العالم العلامة، البحر الفهامة، المدقق المحقق، المفسر، المحدث، الفقيه، الأصولي، النحوي، أحد أكابر علماء الحنابلة بمصر).
ث - قال عثمان بن بشر: - (الشيخ العالم العلامة، كانت له اليد الطولى في معرفة الفقه وغيره، صنف مصنفات عديدة في فنون العلم)
ج- قال عبد القادربن بدران الدمشقي: - (هو العلامة، بقية المجتهدين، أحد أكابر علماء هذا المذهب (الحنبلي) بمصر).
ح- ووصفه المؤرخ محمد جميل الشطي بأنه: - (شيخ الإسلام، أوحد العلماء الأعلام، فريد عصره وزمانه، ووحيد دهره وأوانه، صاحب التآليف العديدة، والتحريرات المفيدة، العلامة بالتحقيق، والفهامة بالتدقيق)
خ- ووصفه عمر رضا كحالة: - (بالمحدث الفقيه، والمؤرخ الأديب).
د- ونعته خير الدين الزركلي بأنه: - (مؤرخ أديب، من كبار الفقهاء)
6 - تلاميذه:
لم تذكر المصادر التي ترجمت له أحدا من تلاميذه الذين تلقوا العلم عنه، سوى ثلاثة منهم، وهم: -
1 - الشيخ الفقيه ابن أخيه: أحمد بن يحيى بن يوسف بن أبي بكر الحنبلي، كان أحد العباد الزاهدين، والعلماء العاملين، ولد ببيت المقدس سنة (1000للهجرة) وتعلم بها، ثم رحل إلى القاهرة وأخذ العلم عن عمه مرعي الكرمي، وتوفي بالقاهرة سنة 1091 للهجرة.
2 - الشيخ الإمام محمد بن موسى بن محمد الجمازي الحسيني المالكي، كان فقيها، أديبا، شاعرا،تولى القضاء بمصر، وأخذ العلم عن الكرمي وغيره من مشايخ عصره، توفي بمصر سنة 1065 للهجرة.
3 - العلامة المفتي عبد الباقي بن عبد الباقي بن عبد القادر بن ابراهيم بن عمر البعلي الحنبلي الدمشقي، مفتي الحنابلة في دمشق، توفي بدمشق سنة 1071 للهجرة.
7 - آثاره المطبوعة والمخطوطة:
ترك الكرمي آثارا كثيرة متنوعة، تدل على أن صاحبها صاحب قدم راسخة، وباع طويل، في التأليف في شتى أنواع العلوم، والمعارف: في التفسير، والحديث، والفقه، والعقيدة، والوعظ، والأدب، والشعر. وها هي مرتبة على حروف المعجم:
1 - الأسئلة عن مسائلُ مشكلة، ذكره في كتابه (أقاويل الثقات) ص 73، تحقيق شعيب الارنؤوط.
2 - الآيات المحكمات والمتشابهات، ذكره صاحب (إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون) 1/ 7.
3 - إتحاف ذوي الألباب في قوله) يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب (منه نسخة خطية في مدرسة الحاج حسين في الموصل رقم (137) ضمنَ مجموع. ومنه نسخة أخرى في مكتبة اسعد أفندي بالمكتبة السليمانية في استنبول. (1300).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/142)
4 - إحكام الأساس في قوله) إن أول بيت وضع للناس (إيضاح المكنون 1/ 34 ومنه نسخة في دار المكتب المصرية. انظر فهرست الكتب العربية المحفوظة بالكتنجانة الخديوية 3/ 270.
5 - إخلاص الوداد في صدق الميعاد. إيضاح المكنون 1/ 50.
6 - إرشاد ذوي الأفهام لنزول عيسى عليه السلام. إيضاح المكنون 1/ 60 هدية العارفين 2/ 426.حققه الدكتور: عطية الزهراني.
7 - إرشاد ذوي العرفان لما في العمر من الزيادة والنقصان. منه نسخة في برلين/2495, ونسخة في جامعة برنستون - جاريت برقم 1531 ونسخة في مدرسة الحاج حسين في الموصل رقم (137) ضمن مجموع، وقد طبع بتحقيق بسام عبد الوهاب الجابي - دار بن حزم.
8 - إرشاد من كان قصده لا اله إلا الله - هدية العارفين 2/ 426.أ
9 - أرواح الأشباح في الكلام على الأرواح -إيضاح المكنون 1/ 64.
10 - أزهار الفلاة في آية قصر الصلاة - إيضاح المكنون 1/ 66.
11 - أقاويل الثقات في تأويل الصفات والآيات المحكمات والمتشابهات. طبع بتحقيق شعيب الارنؤوط - مؤسسة الرسالة /1985.
12 - إيقاف العارفين على حكم أوقاف السلاطين، إيضاح المكنون 1/ 159.
13 - الأدلة الوفية بتصويب قول الفقهاء والصوفية - إيضاح المكنون 1/ 52.
14 - بديع الإنشاء والصفات في المكاتبات والمراسلات يعرف بـ (إنشاء مرعي) منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية تحت رقم (33) وطبع مرات عديدة.
15 - البرهان في تفسير القرآن. (لم يتمه) إيضاح المكنون1/ 179.
16 - بشرى ذوي الإحسان لمن يقضي حوائج الأخوان - إيضاح المكنون 1/ 184.
17 - بُشرى من استبصر وأمر بالمعروف ونَهى عن المنكر - إيضاح المكنون 1/ 184.
18 - بهجة الناظرين في آيات المستدلين - وهو في عشرين كراسة - منه نسخة خطية بمكتبة الأوقاف تحت رقم 903/ عربي، ونسخة بمكتبة الفاتيكان تحت رقم 903/ عربي. حققه الباحث خليل إبراهيم أحمد للحصول على الدكتوراة في العقيدة من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
19 - تحقيق البرهان في إثبات حقيقة الميزان – طبع بتحقيق الدكتور سليمان الخزي ط1 مطبعة المدني 1409 للهجرة.
20 - تحقيق البرهان في شان الدخان الذي يشربه الناس الآن - وحققه الاستاذ مشهور بن حسن ونشرته دار السلف في الرياض 1994م.
21 - تحقيق الخلاف في أصحاب الأعراف، - وحققه مشهور بن حسن – نُشر في دار الصحابة.
22 - تحقيق الرجحان بصوم يوم الشك في رمضان – طبع بتحقيق الدكتور عبد الكريم العمري – مطابع ابن تيمية بالقاهرة.
23 - تحقيق الظنون بأخبار الطاعون - منه نسخة في برلين /6313 وأخرى في باريس /2026.وتوجد منه نسخة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم (1650).
24 - تحقيق المقالة هل الأفضل في حق النبي الولاية أو النبوة والرسالة - إيضاح المكنون 1/ 267.
25 - تسكين الأشواق بأخبار العشاق - إيضاح المكنون 1/ 267. والنعت الأكمل (193).
26 - تشويق الأنام إلى حج بيت الله الحرام - إيضاح المكنون 1/ 292 ومنه نسخة في (لا يبزغ - ألمانيا الشرقية 277).وفي الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة برقم (1536/ف)
27 - تلخيص أوصاف المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وذكر من بعده من الخلفا - ذكره في إيضاح المكنون 1/ 317. ومنه نسخة في مكتبة شهيد على باشا (استنبول) 1861.
28 - تنبيه الماهر على غير ما هو المتبادر من الأحاديث الواردة في الصفات - إيضاح المكنون.1/ 327.
29 - تنوير بصائر المقلدين في مناقب الأئمة المجتهدين - من نسخة بدار الكتب المصرية تحت رقم (2120) وفي المكتبة الظاهرية بدمشق تحت رقم (8488). وفي المكتبة الخالدية بالقدس الشريف تحت رقم /76.
30 - تهذيب الكلام في حكم أرض مصر والشام - إيضاح المكنون 1/ 342
31 - توضيح البرهان في الفرق بين الإسلام والإيمان - إيضاح المكنون 1/ 338، ومنه نسخة في كتبة سليم أغا (تركيا - اسكدار) 657، والمكتبة التيمورية بالقاهرة برقم (367)
32 - توقيف الفريقين على خلود أهل الدارين- له نسخة خطية في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة برقم (1536/ف).
33 - الحجج البينة في إبطال اليمين مع البينة - إيضاح المكنون 1/ 394.
34 - الحكم الملكية والَكِلمْ الأزهرية – تاريخ الأدب العربي لبروكلمان (2/ 485) ومنه نسخة في باريس (2026)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/143)
35 - دفع الشبه والغرر عمن يحتجُّ على فعل المعاصي بالقدر. طبع بتحقيق الدكتور عبد الله بن سليمان العقيلي.دار المسير، المملكة العربية السعودية، الرياض، الطبعة الأولى، سنة 1419 للهجرة – 1998م.
36 - دليل الحكام في الوصول إلى دار السلام. إيضاح المكنون 1/ 478، ومنه نسخة في دار الكتب المصرية انظر فهرست الكتب العربية الموجودة في الدار 1/ 21.
37 - دليل الطالب لنيل المطالب. اختصره من كتاب – (منتهى الإرادات) لتقي الدين الحنبلي - طبع مع تعليق الشيخ محمد بن مانع في دمشق، المكتب الإسلامي 1961م.
38 - دليل الطالب لكلام النحويين - إيضاح المكنون 1/ 479، ومنه نسخة في مكتبة الفاتيكان (فيدا) 832.ونسخة أخرى بجامعة السليمانية بالعراق برقم (186).
39 - ديوان الكرمي - وهو ديوان شعر. إيضاح المكنون 1/ 526.
40 - رسالة فيما وقع في كلام الصوفية من ألفاظ موهمة للتكفير .. منه نسخة بدار الكتب المصرية - فهرست الكتب العربية المحفوظة بالكتبخانة الخديوية 7/ 546.
41 - رفع التلبيس عمن توقف فيما كفر به إبليس - إيضاح المكنون 1/ 578. ومنه نسخة في مكتبة الفاتيكان /832 عربي. وله نسخة بدار الكتب المصرية مجا ميع برقم (216)
42 - روض العارفين وتسلية المريدين - إيضاح المكنون 1/ 589.
43 - رياض الأزهار في حكم السماع والأوتار - إيضاح المكنون 1/ 599.
44 - الروض النَّضر في الكلام على الخَضْرِ – ومنه نسخة خطية بمكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية برقم (1551/ف).
45 - سلوان المصاب بفرقة الأحباب - منه نسخة في جامعة برنستون - جاريت/2041. وفي بريل (هوتسما) 1/ 771، و2/ 1156
46 - سلوك الطريقة في الجمع بين كلام أهل الشريعة والحقيقة - إيضاح المكنون 2/ 25.
47 - السراج المنير في استعمال الذهب والحرير - هدية العارفين 2/ 427.
48 - شفاء الصدور في زيارة المشاهد والقبور - إيضاح المكنون 2/ 50.وله نسخة خطية بمركز خدمة السنة النبوية بالجامعة الإسلامية برقم (245).
49 - الشهادة الركية في ثناء الأئمة على ابن تيميه. طبع في دار الفرقان - عمان 1983 - تحقيق: نجم عبد الرحمن خلف.
50 - غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى - فقه حنبلي طبع سنة 1959 في ثلاثة أجزاء. نشر دار السلامة بدمشق.
51 - غذاء الأرواح بالمحادثة والمزاح، منه نسخة في جامعة برنستون – جاريت (رقم2041) وقد طبع بعناية بسام عبد الوهاب الجابي، دار ابن حزم، بيروت، 1418 للهجرة- 1977م.
52 - فتح المنان بتفسير آية الامتنان - إيضاح المكنون 1/ 174.
53 - قرة عين الودود بمعرفة المقصور والممدود. إيضاح المكنون 2/ 225.
54 - الفوائد الموضوعة في الأحاديث الموضوعة. طبع بتحقيق الدكتور محمد الصباغ ط 2 1397هـ.نشر المكتب الإسلامي ببيروت …سنة 1397 للهجرة.
55 - فم الوكاء – ذكره برو كلمان في تاريخ الأدب العربي 2/ 484. 56 - قلائد العقيان في فضائل آل عثمان - منه نسخة في الخزانة العامة بالرباط تحت رقم (2380).
57 - فوائد قلائد المرجان وموارد النسخ في القرآن: منه نسخة في الخزانة التيمورية تحت رقم (106 مجاميع). انظر فهرس الخزانة التيمورية ج1/ ص222
58 - قلائد العقيان في قوله تعالى (إن الله يأمر بالعدل والإحسان.) إيضاح المكنون – ج2/ 247.
59 - قلائد المرجان في بيان الناسخ والمنسوخ في القرآن. وقام كاتب هذا المقال بتحقيقه.
60 - القول البديع في علم البديع - إيضاح المكنون 2/ 247
61 - القول المعروف في فضائل المعروف. منه نسخة خطية في المكتبة التيمورية ضمن مجموع رقم (272) مجاميع.
62 - الكلمات البينات في قوله تعالى (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات) إيضاح المكنون 2/ 378، ومنه نسخة بدار الكتب المصرية، انظر فهرست الكتب الموجودة في الدار 1/ 59. وله صورة بمكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية برقم (1158/ف).
63 - الكواكب الدرية في مناقب المجتهد ابن تيميه - طبع في مطبعة كردستان العلمية بالقاهرة سنة 1349 هـ.
64 - لطائف المعارف - إيضاح المكنون 2/ 405.
65 - ما يفعله الأطباء والداعون لدفع الطاعون - إيضاح المكنون 2/ 443.
66 - اللفظ الموطا في بيان الصلاة الوسطى. ومنه نسخة بالمكتبة الظاهرية 73،38، وأخرى بالتيمورية بالقاهرة في (395) مجاميع. وطبع بتحقيق د. عبد العزيز بن مبروك الأحمدي، نشر دار البخاري – بريدة سنة 1412للهجرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/144)
67 - محرك سواكن الغرام إلى حج بيت الله الحرام. إيضاح المكنون 2/ 443. وله نسخة بمكتبة المخطوطات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تحت رقم (2527).
68 - المختصر في علم الصرف… ومنه نسخة بمكتبة الفاتيكان (فيدا) /268.
69 - المسرة والبشارة في فضل السلطنة والوزارة، منه نسخة بمكتبة الكونجرس /65.
70 - مرآه الفكر في المهدي المنتظر - إيضاح المكنون 2/ 461. ومنه نسخة في جامعة بريستون - جاريت 1527، وأخرى بدار الكتب المصرية انظر فهرست الكتب العربية المحفوظة - بالكتبخانة الخديوية 6/ 161.
71 - مسبوك الذهب في فضل العرب وشرف العلم على شرف النسب - إيضاح المكنون 2/ 477.نشر دار عمار – الاردن سنة 1408 للهجرة تحقيق علي حسن علي عبد الحميد.
72 - المسائل اللطيفة في فسخ الحج والعمرة الشريفة - إيضاح المكنون 2/ 427.
73 - مقدمة الخائض في علم الفرائض - إيضاح المكنون 2/ 543.
74 - منية المحبين وبغية العاشقين - إيضاح المكنون 2/ 567، ومنه نسخة بمكتبة آداب الإسكندرية تحت رقم (4564).
75 - نزهة المتفكر - إيضاح المكنون 2/ 641.
76 - نزهة الناظرين في تاريخ من ولي مصر من الخلفاء والسلاطين منه نسخة في برنستون (607) وأخرى في الخزانة العامة بالرباط (2347).
77 - نزهة الناظرين في فضائل الغزاة والمجاهدين. إيضاح المكنون 2/ 642.
78 - نزهة نفوس الأخيار ومطلع مشارف الأنوار. في المكتبة الأزهرية رقم (2419).
79 - النادرة الغريبة والواقعة العجيبة، مضمونها شكوى من الميموني والحَطِّ عليه، إيضاح المكنون 6/ 614.
80 - نصيحة – يوجد منه نسخة في برلين برقم (5415)
وغير ذلك من الفتاوى والرسائل النافعة التي تداولها الناس. ()
9 - وفاته: ظل عالمنا الفاضل - رحمه الله - في القاهرة منهمكا في التصنيف، والتحقيق، والتدريس، إلى أن وافاه الأجل في شهر ربيع الأول سنة 1033 هـ (1624م).
وقيل:توفي ضحى يوم الأربعاء في الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة سنة 1032 هـ.وقد انفرد بهذا القول – ابن حميد – في السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة، والقول الأول هو الصحيح إذ اتفق عليه المترجمون له. () ودفن - رحمه الله - بتربة
(مقبرة) المجاورين بالقاهرة، وكان له مشهد عظيم، وجلالة تليق به.
بقلم الدكتور سامي عطا الجيتاوي
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[30 - 08 - 08, 04:43 م]ـ
العُربَ - بالضمِّ وبالتحْرِيكِ - خِلاف العَجَمِ. والعُجمُ - بالضمِّ والتحريكِ - خِلافُ العرب من أيِّ جنسٍ كان، من تُرْك ورُومٍ وهنْدٍ وبربَرٍ وَزنْجً.
والعرَبُ العارِبةُ والعرَبُ العرْبَاء الخُلَّصُ منهم، وعَرَبٌ مُتعَربَةٌ ومُسْتَعْربة دُخَلاءُ بينهُمْ) ويقال العرب العاربة هم الذين تكلموا بلسان يعرب بن قحطان، و هو اللسان القديم، والعرب المستعربة هم الذين تكلموَا بلسان إسماعيل. وهي لغَة أهل الحجاز وما والاها من البادية (.
قالَ في القَامُوسِ: والعرَبُ سكان الأمْصَارِ. والأعْرَابُ منهم سكان البادِيَةِ. وكلام النَحاةِ يخالف كلام القاموَس، فإنهم قالوا: أبَى سيبويه أنْ يجعل الأعراب جمع عرب لأنْ الجمع أعمّ من المفرد، والعرب يعم الحاضرين والبادين. والأعراب خاص بالبادينْ قيل: بل الأعراب جمع عربي.
وقيل: اسم جنس جمعي لا واحد له من لفظه يفرق بينه وبين واحده بياء النسَبِ، مثل روم ورومي، وزنج وزنجي. وهذا أظهر.
العرَبَ موجودة مِنْ قَبل إسماعيل لإبراهيم، فإنَّ الله تعالى قد بعثَ إليهم قبل إسماعيل هُوداً وصَالِحاً - عليهما السلام -. وما قيل مِنْ أن إسماعيل أبوَ العربِ فلعل المراد أشرف العرب، أو غالب العرب.
صاحب (تاريخ الخميس) ذكر ما حاصله: أن أبناء نوح -عليه السلام - ثلاثة: سام وهوَ أبوَ العَرَب، وفَارِس، والروم.
ويافث وهو أبو التُرك، ويأجوَج ومأجوج: (والخَز) و الصقالبة.
وحام وهوَ أبو السوَدان من الحبشة والزنج والقبط والأفرنج.
قال: ومن أولاد سام عراق وكرمان وخُراسان وفارس وروم، وباسْمِ كل واحدٍ سُمَّيَتْ المملكة التي حلّ بها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/145)
قال: و أما ولد ارم بن سام بن نوح فإنهم احتقروا الناس بما أنعم الله عليهم من القوة والبَطْش واللسانِ العَرَبي، وكانوَا سبعة إخوة، وهم: عاد - وكانَ أعَظمَهُم قوَةِ وبطشاً -، وثموَد، وصحار، ووبار، وطسم، وجديس، وجاسِم، وهؤلاء كلهم تفرقوا بجزيرةِ العرب، وهم العربُ السالفة الأولى الذينَ انقرض غَالبُهُم.
قال: وقد فَهَمَ الله العربيةَ لِعمْلِيق، وََطَسْم، وعاد، وعبيل، وثمود، وجَدِيس.
وقال صاحب (تاريخ الملوك التبابعة وملوك حِمْيَر": إنَ هُوداً - عليه السلام - بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوَح هو أبوَ العرب العاربة. وإنَّ ابنَهُ قحطان هوَ ولي عهده قد لزم طريقتَهُ، واقتدى بها وأن يعْرُبَ بنَ قحطان بن هود هوَ أول مَنْ ألْهمَهُ الله -تعالى- العربيةَ المحْضَةَ، وَقَالَ فَأبْلغَ، وَاخْتصَرَ فَأوْجزَ، وأشتقَّ اسم العربية من اسمه. وأنَّ يشجب بن يعرب قام مقامَهُ في النهي والأمر وحاز اليمن والحجاز، وأنَ سبأ بنَ يشجب كان ملكاً عظيماً، وهو أولُ مَنْ سبَى السَبي. غزا ملوَك بابل وفارس والروم والشام حتى أتى المغرب، ثمَّ رجع إلى اليمن فبنى السَّدَ الذي ذكرَهُ الله -تعالى- و اسمه العَرِم، وقسم المُلْكَ بين ولديه حمير وكهلانِ.
آدم - عليه السلام - هو أول مَنْ تكلَّم بالعربيةِ. بل بالألسنة كلِّها بجميع لُغاتِها، وعلَّمَها أولادَهُ، فَلما افترقوا في البلادِ وكثروا اقتصرَ كلُ قوَمٍ على لغة. وأنً مَنْ كانِ يتكلمُ بالعربيةِ من بني آدم قبل الطوَفان فهَم العرَبُ، أو أن العُرْبَ والعُجْمَ والرُّومَ والتُركَ والحبَشَ أوصاف حادثة بعد الطوَفانَّ، وأنَّهُ كانت للنَّاس أوصافٌ وأجناس أُخر قبل الطوفان نُسخَتْ ونُسيَتْ، فإن الطُوَفان عم أهْلَ الأرض جميعاً بحيثُ لم يبقَ على وجهِ الأرضِ أحدٌ.
ونوح - عليه السلام - هو الأبُ الثاني للبشر قال تعالى: (وَجَعَلنَا ذُريَّتَهُ هُمُ البَاقِين) ثم تناسلوا وكثروا وتكلموَا باللغات كلها إما بإلهام من الله -تعالى - كما مر، أو بتلقيها من نوح - عليه السلام -، وتلقاها أولاده عنه، هذا محل تردد، ولم أر في ذلك نقلاً. والأقرب تلقيها من نوح - عليه السلام - فإنَ اللغة لا يحيط بها إلا ملك أو نبي.
الأعراب في الأصل اسم لسكان بادية أرض العرب، فإن كل أمةٍ لها حاضرة وباديةٌ، فباديةُ العرب الأعراب، وبادية الروم الأرمن، وبادية الترك التركمان، وبادية الفرس الأكراد.
وأرض العرب هي: جزيرة العرب التي هي من بحر القلزم شرقي مصر إلى بحر البصرة، ومن أقصى حجر باليمن إلى أوائل الشام.
وقال أبو عبيد: جزيرة العرب من عدن إلى ريف العراق طولاً، ومن تهامة - بكسر التاء - إلى ما وراءها، إلى أطراف الشام. وسميت جزيرة لأن بحر فارس، وبحر الحبش، ودجلة والفُرات قد أحاطت بها.
الشافعيّةُ، فقالوا: إنَّ العَرَبَ طَبَقَات، فلا يكافئ غير قُرَشي مِنَ العَرَب قُرَشِيَّة، وليس القُرَشي كُفْءاً للهاشِمِيَّةِ، للحديث السابق:) إِنَّ الله اصْطَفَى (إلَى آخره.
قالوَا: وأولادُ فَاطِمَةَ -عليها السلام- لا يكافؤهم غيرهم من بقيةِ بني هَاشِمٍ، لأنَ مِنْ خَصَائِصِهِ -عليه السلام- أن أولادَ بناتِهِ يُنْسَبُنَ إليهِْ قالوا: وكذا باقي الأمم فلا يكوَنُ مَنْ ليسَ مِنْ بني إسرائيل كفءاً لإِسرائيلية.
ومذهبُ الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-: أنَّ جميعَ العَرَب أكفاء لبعضِهِمْ، كما أنَّ جَميعَ العجم أكْفَاء لبعضِهِمْ، واعْتُبِر النَسَبُ في الكَفَاءةِ لأن العَرَبَ تَفْتَخِرُ بِهِ.
فضل العرب ورد بالنقل و العقل:
أما النقل: فانظره في مظانه.
و أما العقل: فقد ثبتَ بالتَوَاتُرِ المَحْسُوسِ المُشَاهَدِ أنَّ العَرَبَ أكْثَرُ النَاس لسَخَاءً، وَكَرَماً، وَشَجَاعَةً، ومروءةً، وَشَهَامةً، وبلاغةً، وفَصَاحَةً. وِلساَنُهم أَتُم الألْسِنَةِ بياناً، وَتَمْييزاً للمعاني جمعاً وفَرْقاً بجمعِ المعاني الكثيرةِِ في اللَّفْظِ القَليلِ، إذا شاء المتكلِّمُ الجَمْعِ. ويميّزُ بين كلِّ لفظين مشتبهين بلفظٍ آخر مختصرٍ، إلى غيرِ ذَلكَ من خَصَائِصِ اللَسانِ العربيِّ.
ومَنْ كان كذلكَ فالعقلُ قَاضٍ بفضلهِ قَطْعَاً على مَنْ ليسَ كذلكَ، ولهم مكارمُ أخْلاَقٍ مَحموَدة لا تَنْحَصِرُ، غريزةٌِ في أنفسهم، وَسَجِيَّة لهم جُبلُوا عليها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/146)
• واعلم أنًهُ ليسَ فَضْلُ العَرَبِ ثمَّ قُرَيْشٍ ثُم بني هَاشِمٍ بمجردِ كَوَْنِ النبي -) - مِنْهُمْ كما يُتَوهمُ وإنْ كانَ هوَ-عليه السلام- قد زَادَهُمْ فضلاً وشرفاً بلا ريب - بل هُمْ في أنْفُسِهِمْ أفْضَلُ وَأشرفُ وأكْمَلُ. وبذلكَ ثَبَتَ لَه -عليه السلام- أنَّهُ أفضل نَفْساً وَنَسَباً، وإلا لَلَزمَ الدَّوْرُ وهو بَاطِلٌ.
• وبالجملةِ فالذي عليه أهلُ السُنًةِ والجماعةِ اعتقاد أنَّ جنسَ العَرَب أفضلُ من جنس العجم عبرانيهم، وسريانيهم، ورومهم، وفرسهم، وغيرهم، وأنَّ قريشاً أفضلُ العرب، وأن بني هاشم أفضلُ قريشٍ، وأن رسوَلَ الله -) - أفضلُ بني هاشم. فهوَ أَفضلُ الخلق أجمعين، وأشرفهم نسباً وحسباً، وعلى ذلك دَرَجَ السَلَفُ والخَلفُ.
• قالَ شيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيْميَّة: وقد رُوِيَتْ في ذلكَ أحاديثُ، النكارةُ ظاهرة عليها. (أي في فضل العرب).
• واعلم وَفقكَ الله -تعالى- أنَّ فضلَ الجنس لا يستلزم فضل الشخص من حيث الدِّين الذي هو المقصود الأعظم، وإنْ استلزمها مِنْ حيث الكفاءةُ.
• كثيراً يتوهم أنَ شرفَ النَسب أفضلُ من شرفِ العلمِ، ويقوَل: إنَّ الشَّرفَ الذاتي أفضلُ من الشرف الكَسْبي، وبعضُهم يعكس.
وأظن أن كلا من الفريقين لا يعرفُ تحقيقَ وجهِ الأفضليةِ، والصوَابُ التفصيل وعدمُ الإِطلاقِ، وهو أنَ شرفَ النَسَب أفضل من حيث الكفاءةِ فلا يكافيء عجمي عالم بنت عربي جاهل، وأنَّ الزوجة الأمَةَ المسلمة لا تساوي من حيث القسم الزوجة الحُرةِ اليهوَدية، أو النصرانية، فللحرةِ ليلتان، وللأمَةِ ليلة. إلى غير ذلك مِنَ الأحكام.
وشرفُ العلم أفضلُ من حيث التقدم في الصَلاةِ ومنصب الإِفتاءِ والقضاءِ وغير ذلك. وينظر في منصب الخلافةِ، والإِمامةِ العُظْمَى فَهل يستحقها قرشي جاهل، أو عجميّ فاضل? وهذا كلُه مع الاتِّصاف بتقوَى الله - تعالى - وإلا فالعالمُ الفاسقُ كإبليس، والعربي الجاهل كفرعوَن وكلاهما مذموَم.
• وأيضاً فَمَنْ اغْتَرَّ في الكفاءة بشرف النسب، فيقال له: إنَ العجمي وإنْ كانَ ليس كفءاً للعربيةِ، فالعربي الفاسقُ أيضاً ليس كفءأ للعجمية المَرْضِيَّة، فإن الشرع أيضا يعتبر في الكفاءةِ مَنْصِبَ الدِّين كما يعتبر منصبَ النسبِ. ولا يكافئ العربي الجاهلُ بنتَ العالم. صرًّحَ بذلكَ الشافعيَّةُ.
• إذا علمتَ هذا فاعلمْ أنَ الذي يرجعُ إليه ويعوَلُ في الفَضْلِ عليه هو الشَرفُ الكسبيُّ الذي منه العلم والتفوَى، وهو الفضل الحقيقي، لا مجرد الشرف الذاتي الذي هوَ شرف النَسب بشهادةِ القران ِوشهادة النبيّ -عليه السلام- وشهادةِ الأذكياء مِنَ الأنام.
• فَمَنْ استطالَ بحقٍ فقدْ افْتَخَرَ، وإنْ كانَ بغير حقٍ لقدْ بَغَى، ولا يحلُ. هذا ولا هذا.
• ولو كان الفخرُ بالحسب أو النَسَب لكان لليهود فخرّ وأيُ فخر، فهم أولادُ يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق: ذبيح الله بن إبراهيم: خليل الله.
• يا فاطمةُ بنتَ محمدٍ لا أغني عنك مِنَ اللهِ شيئاً، يا عَبَّاسُ عمٌ رسولِ الله لا أغني عنكَ مِنَ الله شيئاً، يا صفيةُ عَمَةَ رسوَل الله -) - لا أغني عنك مِنَ الله شيئاً (.
ففي ذلك تنبيه منه - عليه السلام - لمن انتسبَ لهؤلاء الثلاثةِ أنْ لا يغتروا بالنَسبِ ويتركوَا الكَلِمَ الطَيب، والعملَ الصالح.
ولهذا كانوا يفضلوَن من الفرس من رأوه أقرب إَلى متابعةِ السابقين مِنَ الصحابةِ والتابعين، حتى قال الأصْمَعِي فيما رواه عنه أبوَ طاهر السلفي في) كتابِ فَضْلِ الفُرْس (قالَ: عجمُ أصبهان: قريش العجم.
• وروى - أيضاً - السَلَفيُّ بإسنادٍ معروف عن سعيدِ بن المُسَيبِ، قَالَ: لو أني لم أكن من قريش لأحببتُ أنَّ أكونَّ مِنْ فارسَ، ثُمَّ أحببتُ أنْ أكوَنَ مِنْ أصبهانَِ.
وَروى بإسنادٍ آخر عن سعيد بن المسيب، قال: لولا أني رجل من قريشٍ لتمنيتُ أنَّ أكوَنَّ من أهل أصبهانَ، لقولِ النبي -) -: لَوْ كَانَ الدَينُ مُعَلَّقاً بالثُرَيَّا لتناوَلَهُ ناس من أبناءِ الَعَجَمِ، أسعد الناس بها فارس وأصبهان.
قالوا: وكانَ سلمانُ الفارسيُّ من أهل أصبهان، وكذلك عكرمة مولى ابن عباس. وآثار الإِسلام كانت بأصبهان أظهر منها بغيرها حتى قالَ الحافظُ عبد القادر الرُّهاويُ: ما رأيتُ بَلَداً بعدَ بَغْدَادَ أكثر حديثاً من أصبهانِ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/147)
• فجنسُ الحاضرة أفضل من جنس البادية، وأما باعتبار الأفراد فقد يوجد من أهل الباديةِ ما هو أفضل من ألوفٍ من أهل الحاضرة.
تنبيه: ذكرَ شيخُ الإِسلام الحافظ تقي الدين بن تيمية -رحمه الله-: أنً اسم العرب والعجم قد صار فيه اشتباه، فإن اسم العجم يعّم -في اللغة- كل من ليس مِنَ العرب، لكن لما كان العلم والإيمان في أبناء فارس أكثر منه في غيرهم من العجم كانوَا هم أفضل الأعاجم فغَلب لفظ العجم في عرف العامة المتأخرين عليهم فصار حقيقة عُرفية عامية فيهم.
قال: واسم العرب في الأصل كان اسماً لقوم جمعوا ثلاثة أوصاف: أحدها: أنَّ لسانَهم كانَ اللغةَ العربية.
الثاني: أنهم كانوَا من أولاد العرب.
الثالث: أن مساكنهم كانت أرض العرب، وهي من بحر القلزم إلى بحر البصرةِ، ومن أقصى حجر باليمن إلى أوائل الشام، وفي هذه الأرض كانت العرب حين المبعث وقبله. فلما جاء الإِسلام وَ فُتحت الأمصارُ سكنوا سائرَ البلادِ من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب، وإلى سوَاحل الشام وأرمينية، وهذه كانت مساكن فارس والروم والبربر وغيرهم. ثم انقسمت هذه البلاد قسمين؛ منها ما غلبَ على أهله لسان العرب حتى لا يعرف عامتهم غيره، أو يعرفوَنه، وغيره مع ما دخلَ في لسان العرب مِنَ اللحْنِ. وهذا غالب مساكن الشام والعراق ومِصْرَ، والأندلس، والمغرب.
قالَ: وأظن أرض فارس وخراسان كانت هكذا قديماً. ومنها ما العجمة كثيرة فيهم أو غالبة عليهم كبلاد الترْكِ، وخُراسَان، وأرمينية، وأذربيجانِ، ونحوَ ذلك. وقد روى الحافظ السِّلَفِي بإسناده عن أبي هريرة -رض الله عنه - عن النبي -) - قَالَ:) مَنْ تَكَلَّمَ بالعربيةِ فهوَ عربي، ومَنْ أدركَ لَهُ أبوان في الإِسلامِ فهو عربي (.
قال: فهنا إن صح هذا الحديث فقد علقت فيه العربية بمجرد اللِّسان، وعلق فيه النَسب بأن يدرك له أبوان في الدولة الإِسلامية العربية.
وقد يحتج بهذا القولِ أبو حنيفة في قوَله: إنَِّ مَنْ ليسَ له أبوانّ في الإِسلام أو في الحرية ليس كفءاً لمن له أبوان في ذلك وإن اشتركا في العجمية و العتاقة.
ومذهبُ أبي يُوَسُف: ذو الأب كَذِي الأبوَينِ.
وهو مذهبُ الشافعية، حتى قَالوَا: إنَّ الصحابي ليس كفؤاً لبنتِ التَابعي.
ومذهبُ الإِمامِ أحمد أنَهُ لا عبرةَِ بذلكَ.
• وروى السلَفي أيضاً بإسَناده وفيه: فصعد -عليه السلام- المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:) أمَّا بعد، أيها النًاس فإنَّ الرب واحد، والأبُ واحد، والدَين واحد، وإنَّ العربيةَ ليست لأحدكم بأبٍ ولا أمّ، إنما هي لسانَّ، فمنْ تكلَّمَ بالعربيةِ فهو عربي (.
قال ابن تيمية: وهذا الحديث ضيعف؛ لكنَّ معناه ليس ببعيد. بل هوَ صحيح من بعض الوجوه ولهذا كان المسلمون المتقدموَن لما سكنوَا أرض الشام ومصر ولغة أهلها رومية وقبطيةْ وَأرض العِرَاق وخُرُاسان ولغَة أهلها فارسية. وارض المغرب ولغة أهلها بربرية، عَودوا أهلَ هذه البلاد العربيةَ حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم. وهكذا كانت خراسان قديماً ثم إنّهم تَساهلوَا في أمر اللُغةِ العربية، واعتادوا الخطابَ بالفارسيةِ حتى غلبت عليهم، وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم. وَلا ريب أنَّ هذا مكروه وإنَما الحَسَنُ اعتياد الخِطَاب بالعربيةِ حتى يلقنها الصغار في المكاتب وفي الدورِ، فيظهر شِعَارُ الإِسلام وأهله، ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فِقْهِ معاني الكتاب والسنَّةِ وكلامَ السلَفِ، لا سيما ونفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فَرْضٌ وَاجَبٌ، فَإن فَهْمَ الكتابِ والسُّنةِ فرض ولا يفهم إلا بفهم اللُّغَةِ العربيةِ، وما لاَ يتمُّ الوََاجِبُ إلا بهِ فهو واجب. ثم منها ما هوَ واجب على الأعيان، ومنها ما هوَ واجب على الكفاية.
وقد روى ابنُ أبي شيبة بإسناده، قال: كَتَبَ عمر إلى أبي موسى -رض الله عنهما-: اما بعد: فتفقهوَا في السُنةَ، وتفقهوَا في العربيةِ، وأعربوا القرآنَِ، فإنَهُ عربيُ (.
وفي لفظ آخر عن عُمَر: تعلموَا العربيةَ فإنها مِنَ دينِكُمْ، وتعلموَا الفرائضَ فإنَها مِنْ دِينِكُمْ.
وأما الرطانة: التي هي التَكلمُ بغير العربيةِ تشبهًا بالأعاجم، فقد قالَ عمرُ بنُ الخَطَّابِ: إيَّاكم وَرَطَانة الأعاجم. وانْ تدخلوَا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/148)
وفي لفظ آخر عن عمرَ- رضي الله عنه - لا تَعَلّموَا رَطَانَةَ الأعاجمِ، ولا تدخلوَا على المشركين في كنائسهم يوَم عيدهم فإن السخطة تنزلُ عليهم.
وقالَ الإِمامُ مالك فيما رواه ابنُ القاسم في) المُدونة (: لا يُحرِمُ بالأعِجمية، ولا يدعو بها، وَلا يحلف.
وقال: نهى عمر-رض الله عنه- عن رطانةِ الأعاجم.
وسئلَ الإِمام احمد عن الدعاءِ في الصلاة بالفارسية فكرهه، وقال: لِسَانُ سوَء. ومذهبهُ أنَ ذلكَ يُبْطِلُ الصلاة.
وَكَرِهَ الإِمامُ الشافعي لمن يعرف العربيةَ أن يسمي بغيرها، أو أن يتكلم بها خالطاً بالعجمية وهو ظاهرُ كلامِهِ فيما حكاه عنه ابن عبدِ الحكم.
وقد روى السَلَفِيًّ بإسناده عن نافع عن ابن عِمر قال: قال رسوَل الله -) -:) مَنْ يحسن أنِ يتكلمَ بالعربيةِ فلا يتكلم بالعجمية فإنَّه يُورثُ النِّفاق (.
ورواه أيضا بإسناد آخر عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال رسوَل الله -) -:) مَنْ كان يحسن أن يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالفارسية فإنَها تورث النِّفاق (.
"حديث صحيح على شرط الشيخين، ورجاله كلهم ثقات (.
وهذان الحديثان يقتضيان ِتحريم الكلام بالعجمية لقادر على العربية إلا لحاجةٍ. والمختارُ أن ذلكَ مكروه.
قَالَ ابنُ تيمية: ونقل عن طائفةٍ أنَّهم كانوا يتكلموَن بالكلمة بعد الكلمة من العجمية، والكلمة بعد الكلمة من العجمية أمرها قريب، وأكثر ما كانوا يفعلوَن ذلك إمَّا لكون المخاطب أعجمياً.
قال: وأمَّا اعتيادُ الخِطاب بغَير اللغةِ العربيةِ التي هي شِعَارُ الإِسلام، ولغَةُ القُرْآنِ حتى يصير ذلك عادَة للمَصر وأهله، أو لأهل الدَّار، أو للرجَل مع صاحبه، أو لأهل السُوَق، أو للأمراء، أو لأهل الديوان، أو لأهل الفقه. فلا ريبَ أن هذا مكروهٌ، فإنه من التَشبهِ بالأعاجم. وهوَ مكروه لا سِيمَا واللِّسانُ العَرَبي شعار الإِسلامِ وأهِلهِ، واللَّغَاتُ من أعظمِ شعائِرِ الأمَمِ التي بها يَتَمَيزُونَ.
قال الحنفيةُ في تعليل المنع من لباسِ الحرير في حجة أبي يوَسف ومحمد على أبي حنيفة في المنع من افتراش الحريرِ وتعليقه والستر به لأنَّه من زَي ألاكاسرة والجَبَابِرَةِِ، والتشبهِ بهم حَرَامَ.
قال عمر: إيَّاكم وَزِيَّ الأعاجم.
وقال الشيخ عبدُ القَادرِ الجِيلي -قدسَ الله سِرَّهُ -: ويُكْرَه ما خالف زي العرب، وأشبه زي الأعاجم.
وقال: وإذا قُدَّم ما تغسل فيه الأيدي فلا يرفع حتى تغسل الجماعة أيديها لأن الرفع من زي الأعاجم.
لا سيّما وقد ورد أنَ كلامَ أهل الجنة بالعربية، لقوَله -عليه السلام -:) أنا عربي، والقرآن عربي، ولسان أهل الجنةِ عربي (.
بل ورد أنه لم ينزل وحي على نبي من الأنبياء إلا بالعربيةِ لقوَله -) -:) والذي نفسي بيده ما أنزل الله -عز وجل - وحياً قَطُّ على نبيٍ من الأنبياء إلا بالعربية، ثم يكون بعد ذلك النبي يبلغ قوَمه بلسانهم (. رواه الطبرانيُّ في) المعجم الأوسط (وقالَ: حسن صحيح، ورجالُهُ ثقات. إهـ
خاتمة
روى البخاريُّ في) صحيحهِ (عن أبي هريرةِ -رض الله عنه - عن النبي -) -قالَ:) لا تَقُوَمُ السَّاعَةُ حَتَى تَأخذ أمَّتِي ما أخذ القرون، شبرًا بشبرٍ، وَذِرَاعاً بذراع.
فقيل: يا رسولَ الله كفارِسَ والرُّوم? قال: ومَنْ النَاسُ إلا أولئِكَ (.
قال ابنُ تيمية: وقد رأينا اليهوَدَ والنَصارى الذين عاشروا المسلمين هم أقل كفراً من غيرهم، كما رأينا المسلمينَ الذينَ اكثروا معاشرةِ اليهود والنصارى هم اقلّ إيمانا من غيرهم. والمشابهة و المشاكلة في الأمور الظاهرةِ توَجب مشابهة و مشاكلة في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخفي، فينشا عنها الأخلاق والأفعال المذمومة، بل في نفس الاعتقادات، وتأثير ذلك لا يظهر ولا ينضبط وقد يتعسر أو يتعذر زواله بعد حصوَله.
وقد روى الإِمام أحمد في) المسند (عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنَهُ قال: عليكم بالمَعدَيَّةِ، وذروا التنعُمَ، وزيّ العَجَم.
فالمَعَدِّية نسبة إلى مَعَدَ.، و المقصود زِيُّ مَعَذَ بن عَدْنَان وهم العرب.
وَقال الإِمام مالك - فيما رواه ابن القاسم في) المُدوِّنَة (-:) قيام المرأة لزوجها حتى يجلس من فعل الجبابرةِ. وربما يكون النَاس ينتظرونه. فإذا طلع قاموَا، في هذا من فعل الإِسلام وهوَ مما ينهى عنه مِنَ التَشبُهِ بالأعاجم.
قال: ويكره ترك العمل يوم الجمعة كفعل أهل الكتاب في السَّبْت والأحَد.
قيل له: فالرجل يقوم للرجل له الفضل والفقه? قال: أكرهُ ذلكَ، ولا باسَ أنْ يوَسع له في المجلس.
وقال أنس -رض الله عنه-: لم يكن شخص أحب إلى الصحابة من رسوَل الله -) - وكانوَا إذا رأوه لم يقوَموا له لما يعلموه من كراهيته لذلك.
وقد ثبتَ في الصحيح من حديث جابر: أنَّه -) - صلّى بأصحابه قاعداً لمرضٍ كَان بِهِ، فَصلوَا خلفه قياماً، فأمرهم بالجلوس وقالَ:) لا تعظموَني كما يعظم الأعاجم بعضُهم بعضاً (.
وقال:) من سرَّهُ أنْ يتمثلَ له الرَّجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار (.
قال ابنُ تيمية: فإذا كان - عليه السلام - قد نهاهم مع قعوَده وإنْ كانوا قاموَا في الصًلاة حتى لا يتشبهوَا بمن يقوَموَن لعظمائهم، وبينَ أنَّ مَنْ سرًّهُ القيام له كان مِنْ أهل النَّارِ، فكيف بما فيه من السجود له أو وضع الرأس وتقبيل الأيدي ونحو ذلك?! وبالجملةِ فقد دَخَلَ في هذهِ الأمَّةِ مِنَ الأثارِ الروميةِ والفارسية قولاً وعملاً وتشبهاً مما لا خفاء به على مؤمن عليم بدينِ الإسلام، وليسَ الغَرَضُ هنا تفصيل الأموَر التي وقعتْ في الأمَّةِ من ذلكَ. وإنما الغرضُ مجَرد التَلوَيح رجاء أنْ يقفَ عليه مؤمنٌ موَفق فينتفع بِهِ، ولمجمل بموَجبِهِ.
وفي الحديثِ:) ما ابتدعَ قَومٌ بِدْعَةً إلا نَزَعَ الله عنهم مِنَ السُّنَّةِ مثلها (.(101/149)
لقد غربت الشمس في شرق الجزيرة العربية فما هي أخبار تحري الهلال
ـ[عبد الجبار]ــــــــ[30 - 08 - 08, 07:25 م]ـ
السلام عليكم
هل من خبر يا أحبابي
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[30 - 08 - 08, 07:54 م]ـ
في الانتظار -نحن أهل مصر - فالشمس مازالت قائمة عندنا.
ـ[عبد الجبار]ــــــــ[30 - 08 - 08, 08:25 م]ـ
اهل القاهرة الان يصلون المغرب نرجو ان نسمع نتائج تحرياتهم قريبا
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[30 - 08 - 08, 09:51 م]ـ
ليس بعد
ـ[عبد الجبار]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:21 م]ـ
الحمد لله شهر رمضان يبدأ يوم الإثنين ان شاء الله
اللهم بلغنا رمضان وارزقنا صيامه وقيامه ايمانا واحتسابا
ـ[صالح العقل]ــــــــ[31 - 08 - 08, 12:39 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=146963
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[01 - 09 - 08, 12:29 ص]ـ
أنا سعيد جدا باجتماع المسلمين على بداية صوم هذا العام، ولعلها تكون خطوة على طريق وحدة المسلمين في غير الصوم.(101/150)
إليكم خبر الهلال من أخينا فهد الخضيري
ـ[عبد المحسن بن عبد الرحمن]ــــــــ[30 - 08 - 08, 07:50 م]ـ
أزف إليكم خبر الهلال من أخينا فهد الخضيري ...
ـ[عبد المحسن بن عبد الرحمن]ــــــــ[30 - 08 - 08, 07:51 م]ـ
بلغني بأن الأستاذ فهد الخضيري لم ير الهلال لعدم صفاء الجو في بلدة سدير
ـ[عبد الجبار]ــــــــ[30 - 08 - 08, 08:27 م]ـ
بارك الله فيكم(101/151)
عاجل: الاثنين أول أيام شهر رمضان المبارك
ـ[همام النجدي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 09:07 م]ـ
عاجل: الاثنين أول أيام شهر رمضان المبارك ( http://www.sabq.org/inf/news-action-show-id-8488.htm)
30/08/2008 م
جوال (سبق): غداً المكمل للثلاثين من شهر شعبان وبالتالي يكون يوم الاثنين هو الأول من شهر رمضان المبارك. وكل عام وأنتم بخير.
ـ[أبو مهند المصري]ــــــــ[30 - 08 - 08, 09:16 م]ـ
من أعلن هذا؟
بارك الله فيكم.
ـ[همام النجدي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 09:33 م]ـ
مجلس القضاء الاعلى اعلن ذالك
ـ[أبوعبيدةالسلفى]ــــــــ[30 - 08 - 08, 09:44 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو مهند المصري]ــــــــ[30 - 08 - 08, 09:45 م]ـ
كل عام أنت بخير، ومبارك علي جميع المسلمين؟
جزاك الله خيرا.
ـ[أبو الفداء الأندلسي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 09:50 م]ـ
هذه بلاد الحرمين في انتظار بقية البلدان
ـ[أبو الفداء الأندلسي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:03 م]ـ
وهذه مصر
بيان من دار الإفتاء حول رؤية هلال رمضان لسنة 1429هـ
استطلعَت دارُ الإفتاءِ المصريةُ هلال رمضان لسنة 1429هـ بعد غروب شمس يوم السبت التاسع والعشرين من شعبان لعام 1429هـ الموافق الثلاثين من أغسطس لعام 2008م بواسطة اللجان الشرعية والعلمية المنتشرة في أنحاء الجمهورية.
وقد تحقق لدينا شرعًا من نتائج هذه الرؤية الشرعية عدم ثبوتُ رؤية هلال رمضان لعام 1429هـ بالعين المجردة وقد وافق ذلك الحساب الفلكي.
وعلى ذلك تعلن دار الإفتاء المصرية أن يوم الأحد الحادي والثلاثين من أغسطس لعام 2008م هو المتمم لشعبان لسنة 1429هـ، وأن يوم الاثنين الموافق الأول من سبتمبر هو أول أيام رمضان لعام 1429هـ.
وبهذه المناسبة الكريمة نتقدم بخالص التهنئة لفخامة الرئيس/ محمد حسنى مبارك رئيس الجمهورية، ونتمنى له دوام الصحة والعافية، كما نتقدم بخالص التهنئة للشعب المصري الكريم وإلى جميع رؤساء وملوك وأمراء الدول العربية والإسلامية وللمسلمين كافة في كل مكان، داعين الله سبحانه وتعالى أن يُعيد على مصر وعليهم جميعًا أمثال هذه الأيام المباركة باليمن والخير والبركات والأمن والسلام، وهو نعم المولى ونعم النصير.
أ.د علي جمعة
مفتى جمهورية مصر العربية
القاهرة ـ دار الإفتاء المصرية السبت التاسع والعشرون
من شعبان سنة 1429هـ
الثلاثين من أغسطس 2008م
ـ[أبو الفداء الأندلسي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:07 م]ـ
و هذه الإمارات
الامارات / رمضان ..
وجاء ذلك في بيان اعلنته اللجنة عقب الاجتماع الذي عقدته مساء اليوم بدائرة القضاء الشرعي بابوظبي برئاسة معالي هادف بن جوعان الظاهري وزير العدل.
وفيما يلي نص بيان اللجنة المكلفة بتحري هلال رمضان الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى ال وصحبه وسلم ... اما بعد ..
فان اللجنة المكلفة بتحري رؤية هلال شهر رمضان لسنة 1429 هجرية والمجتمعة بدائرة القضاء الشرعي بابوظبي بعد غروب شمس اليوم السبت التاسع والعشرين من شهر شعبان سنة 1429 هجرية الموافق الثلاثين من شهر اغسطس 2008ميلاديه تعلن انه بعد التحرى ومراعاة جميع طرق الاثبات الشرعية التي اعتادتها في السنوات الماضية والاتصالات التي اجرتها مع الدول المجاورة لم تثبت لديها الليلة روية هلال شهر رمضان لهذا العام وعليه فان يوم بع غد الأثنين الموافق الأول من شهر سبتمبر لسنة 2008 هو اول ايام شهر رمضان المبارك.
ـ[أبو الفداء الأندلسي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:11 م]ـ
و هذه اليمن
أعلنت دار الإفتاء اليمنية مساء اليوم أن يوم غد الأحد هو المكمل لشهر شعبان لعدم ثبوت رؤية هلال شهر رمضان مساء اليوم, وأن يوم الاثنين المقبل هو أول أيام شهر رمضان الفضيل.
موقع أخبار اليمن
ـ[أبو الفداء الأندلسي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:27 م]ـ
و كذلك قطر يوم الإثنين هو أول أيام رمضان كما جاء عن الجزيرة
ـ[أبو الفداء الأندلسي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:49 م]ـ
و من العراق
بغداد فى 30 اغسطس / بنا / اعلن الوقف السنى فى العراق ان يوم الاثنين القادم سيكون اول ايام شهر رمضان لعدم ثبوت الروءية الشرعية للهلال مساء اليوم السبت بحسب ما نقلته قناة العراقية شبه الرسمية.
وجاء فى اعلان الوقف السنى ان يوم الاثنين القادم / سيكون اول ايام شهر رمضان نظرا لعدم ثبوت الروءية الشرعية للهلال مساء اليوم السبت.
ووقالت وكالة انباء العراق المستقلة / اصوات العراق انه بحسب الوقف فان يوم غد الاحد سيكون مكملا لعدة شهر شعبان.
ـ[أبو الفداء الأندلسي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:51 م]ـ
من البحرين
المنامة فى 30 اغسطس / بنا / اعلن المجلس الاعلى للشئون الاسلامية بمملكة البحرين ان يوم غد الاحد هو المكمل لعدة شهر شعبان وان يوم بعد غد الاثنين الاول من سبتمبر 2008 هو اول ايام شهر رمضان المبارك لعام 1429 هجرية.
وقد صدر عن المجلس الاعلى للشئون الاسلامية بمملكة البحرين البيان التالي.
.
الحمد الله الذى شرفنا بالاسلام ومن علينا بصيام شهر رمضان الذى انزل فيه القرأن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه ذوى التقى والايمان وبعد.
وجاء فى بيان المجلس الاعلى للشئون الاسلامية ان دخول شهر رمضان لايثبت شرعا الا بروءية الهلال او باكمال عدة شعبان وحيث ان شهر شعبان لعام 1429 هجرية ثبت دخوله فى يوم السبت 2 اغسطس 2008 فقد اجتمعت هيئة الروءية المكونة من اصحاب الفضيلة الشيخ ابراهيم بن عبداللطيف ال سعد والشيخ عيسى بن احمد بوبشيت والشيخ عدنان بن عبدالله القطان بقاعة الاجتماعات بمبنى المجلس الاعلى للشئون الاسلامية مساء يوم السبت ليلة الاحد 29 شعبان 1429 هجريه الموافق 30 اغسطس 2008 والى حين اعداد هذا البيان لم يتقدم الينا احد بالشهادة بروءية الهلال.
وبناء على ذلك فيكون يوم غد الاحد هو المكمل لعدة شهر شعبان 30 يوما وان يوم بعد غد الاثنين 1 سبتمبر 2008 هو اول ايام شهر رمضان المبارك لعام 1429 هجوية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/152)
ـ[راجح]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:53 م]ـ
الباكستان قد تصوم الثلاثاء أو الأربعاء!!!
ـ[أبو الفداء الأندلسي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:53 م]ـ
ومن سوريا
أقرت المحكمة الشرعية في دمشق أول أيام رمضان يوم الاثنين المقبل الموافق لـ 1 أيلول وذلك لعدم التماس الهلال عند غروب يوم السبت.
ـ[أبو الفداء الأندلسي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:56 م]ـ
من لبنان
المفتي قباني: الاثنين هو اول ايام شهر رمضان المبارك
وطنية - 30/ 8/2008 (متفرقات) صدر عن مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد راغب قباني، البيان التالي:
"لم تثبت رؤية هلال شهر رمضان المبارك هذه الليلة. وعليه فإن غدا الاحد هو اليوم المكمل لعدة شهر شعبان ثلاثين يوما، ويكون يوم الاثنين 1 ايلول هو اول ايام شهر رمضان المبارك 1429 هجري.
واننا اذ نهنيء المسلمين بهذا الشهر الكريم، نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعله شهر خير وبر وبركة وان يوفقنا لصيامه وآدابه والى العمل بطاعته وان يعيد ايامه المباركة على المسلمين واللبنانيين جميعا بالامن والطمأنينة، وقد تحرر المسجد الاقصى الشريف وكل فلسطين من الاحتلال الصهيوني الاجنبي، انه سبحانه وتعالى سميع مجيب. وكل عام وانتم بخير".
ـ[أبو الفداء الأندلسي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:58 م]ـ
فلسطين
القدس30 - 8 - 2008وفا-أعلن المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين قبل قليل أن يوم غد الأحد، هو المتمم لشهر شعبان، وأن يوم بعد غد الاثنين هو أول أيام شهر رمضان المبارك.
وهنأ المفتي السيد الرئيس محمود عباس وشعبنا الفلسطيني بحلول الشهر الفضيل، معربا عن أمانيه بأن يعيده الله على شعبنا وقد تحققت أمانيه بالحرية والاستقلال.
ـ[همام النجدي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:59 م]ـ
ابو الفداء بارك الله فيك
ـ[أبو الفداء الأندلسي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 11:45 م]ـ
و فيك بارك الله أخي الكريم
ـ[أبو غندر]ــــــــ[31 - 08 - 08, 12:10 ص]ـ
الإثنين غرة رمضان في السعودية ومصر ومعظم الخليج
تم الإنشاء 30/ 08/2008 - 22:30
أعلن مجلس القضاء الأعلى بالمملكة العربية السعودية السبت أن يوم الأحد هو "المتمم لعدة شهر شعبان المبارك" إذ لم تثبت رؤية الهلال في ليلة السبت
كما أكدت معظم دول الخليج ومصر وقطر واليمن وهيئة علماء المسلمن في العراق مساء اليوم السبت، أن الاثنين هو أول أيام شهر رمضان المبارك، في حين اعلنت ليبيا ان الاحد هو غرة الشهر الفضيل.
كما أعلنت البوسنة والهرسك وكرواتيا والجبل الأسود وسلوفينيا ورومانيا وصربيا ومقدونيا وكوسوفا والفلبين وكندا والولايات المتحدة والمكسيك وروسيا وتركيا ومعظم دول أوروبا الغربية ومنها فرنسا وهولندا وبلجيكا أن شهر رمضان يبدأ بعد غد الإثنين.
وجاء في بيان صادر عن الديوان الملكي السعودي أن مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة عقد جلسة بعد مغرب هذا اليوم السبت التاسع والعشرين من شهر شعبان متحرياً ما قد يرد عن رؤية هلال شهر رمضان المبارك ولم يرد ما يثبت رؤيته هذه الليلة ليلة الأحد المكمل للثلاثين من شهر شعبان عام 1429هـ الموافق 31 أغسطس 2008م.
وأوضح البيان أنه نتيجة "لعدم ثبوت رؤية الهلال هذه الليلة فإن يوم غد الأحد هو المكمل للثلاثين من شهر شعبان ويوم الاثنين الموافق 1 سبتمبر –- هو أول أيام شهر رمضان المبارك".
وتابع البيان أن "مجلس القضاء الأعلى إذ يهنئ المسلمين بهذه المناسبة يسأل الله جل وعلا أن يوفق المسلمين في كل مكان للعمل الصالح وأن يجمع كلمتهم على الحق وأن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يحقق للأمة الإسلامية كل عز ورفعة إنه سميع مجيب وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".
وفي القاهرة اعلنت دار الافتاء ان "الاحد هو المتمم لشهر شعبان وبذلك يكون الاثنين غرة رمضان".
كما اعلنت اللجنة المكلفة بتحري رؤية هلال شهر رمضان في ابوظبي ان "الاحد هو المتمم لشهر شعبان وان الاثنين هو اول ايام شهر رمضان المبارك".
كذلك اعلنت لجنة تحرى رؤية الهلال بوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية القطرية ان "الاحد هو المتمم لشهر شعبان وعليه يكون يوم بعد غد الاثنين هو غرة شهر رمضان المبارك".
وفي اليمن، أعلنت دار الافتاء أن الاثنين هو أول أيام شهر رمضان. وقال بيان صادر عن دار الافتاء ان "يوم الاحد هو المكمل لشهر شعبان لعدم ثبوت رؤية هلال شهر رمضان مساء اليوم وأن يوم الاثنين المقبل هو أول أيام شهر رمضان الفضيل".
اما في ليبيا فقد اعلن المركز الليبي للدراسات الفلكية ان "يوم الاحد هو اول ايام شهر رمضان".
وتعتمد ليبيا الحسابات الفلكية مرجعا لتحديد بدء شهر الصوم, وذلك بخلاف اغلبية الدول الاسلامية التي تعتمد في هذا المجال التماس الهلال بالعين المجردة.
وكانت هيئة كبار العلماء، أرفع جهة تشريعية في السعودية، قد رفضت اعتماد المملكة الحسابات الفلكية في اعتماد بدايات الأشهر القمرية، وأصدرت فتوى بأن شهادة الشهود هي أساس إثبات بداية الشهر، داعية المواطنين لتحري رؤية الهلال مساء السبت.
ويتقدم موقع المسلم باحر التهاني والتبريكات الى العالم الاسلامي اجمع بهذه المناسبة السعيدة سائلاً المولى سبحانه وتعالى أن يمن على المسلمين في شتى بقاع الأرض بالخير واليمن والبركة.
أعلن مجلس القضاء الأعلى بالمملكة العربية السعودية أن يوم الأحد هو "المتمم لعدة شهر شعبان المبارك" إذ لم تثبت رؤية الهلال في ليلة السبت.
المسلم ـ وكالات
رابط المادة: http://www.almoslim.net/node/98464
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/153)
ـ[صالح العقل]ــــــــ[31 - 08 - 08, 12:38 ص]ـ
أثابكم الله.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=146963
ـ[أبو الفداء الأندلسي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 12:53 ص]ـ
ماذا عن دول شرق آسيا؟
و باكستان و الصومال و غيرها؟(101/154)
Getting the Most Out of Ramadan
ـ[أبي الأنوار]ــــــــ[31 - 08 - 08, 01:35 ص]ـ
Getting the Most Out of Ramadan http://www.islamtoday.net/english/images/blue_line.jpg
The month of Ramadan provides us with a blessed chance to reap blessings and rewards. That is not all. It is also an excellent opportunity for us to strengthen and purify our character. The general spirit of Ramadan encourages us to live more wholesomely and better ourselves.
The Prophet (peace be upon him) tells us: "When the month of Ramadan arrives, the gates of Heaven are opened, the gates of hell are locked, and the devils are chained." [Sahîh Muslim (1079) and Sunan al-Tirmidhî (682)]
The reduced temptation to do wrong afforded to us by fasting and by the general atmosphere of Ramadan gives us a chance to show Allah our best potential. We should do what we can to maximize this potential.
Renew Your Relationship With the
السؤال
ur'ân
To get ourselves in the proper frame of mind – and earn Allah's blessings as well – we should devote more of our time to the
السؤال
ur'ân.
We should not only read it every day, but it is really important to reflect on what it is telling us, to ponder the lessons we can learn to improve our lives. The more we dwell upon the
السؤال
ur'ân and its teachings, the better it will be for us, since Allah is speaking to us directly. The
السؤال
ur'ân is a balm for our hearts, a restraint on our passions, and a cure for our doubts and misgivings.
Therefore, we need to read the
السؤال
ur'ân with sincerity and concentration. We need to seriously meditate on its meanings. How sad it is for a person who does not benefit from his or her reading of the
السؤال
ur'ân.
Allah says: "These are the communications of Allah which We recite to you with truth. In what speech will they possibly, believe if not in Allah and His communications?" [Sûrah al-Jâthiyah: 6]
Allah also says: "Do they see nothing in the dominion of the heavens and the Earth and all that Allah has created? (Do they not see) that it may well be that their terms are nigh drawing to an end? In what message after this will they then believe?" [Sûrah al-A`râf: 185]
The importance of reading the
السؤال
ur'ân during this month is made all the clearer to us by the fact that the angel Gabriel used to review the
السؤال
ur'ân in full with the Prophet (peace be upon him) every Ramadan. [Sahîh al-Bukharî (4998)]
Avoid Useless Behavior
During this month, we should be ever-vigilant to avoid behavior that can nullify or reduce the rewards and benefits of fasting. We should, for one thing, shun excess. This includes excess in food and drink. It also includes gossip and unnecessary speech.
We should also seek to minimize other unnecessary distractions, even when it comes to the company that we keep. This is why making a retreat to the mosques is especially recommended in the month of Ramadan. While we are in retreat (i`tikâf) we free ourselves from the worries and preoccupations of our daily lives.
Be Generous
Another way to develop ourselves in Ramadan is to cultivate our generosity in this month and overcome our selfish tendencies. In other words, we should increase our charity.
Ibn `Abbâs tells us that the Prophet (peace be upon him) was the most generous of all people, but he was no more generous than he was in Ramadan. [Sahîh al-Bukhârî (1902) and Sahîh Muslim (2308)]
Be Well-Mannered and Patient
Cultivating good manners should another priority of ours. Good manners are the best companions that fasting person can have. Alas, too many people become estranged of their good manners when they are hungry. They become quick to anger and lash out at others with their otherwise un-preoccupied tongues.
Such behavior compromises the very purpose of the fast. Fasting is supposed to inculcate patience. Indeed, fasting is sometimes referred to as "patience".
Allah says: "Seek Allah's help in patience and prayer." [Sûrah al-Baqarah: 45]
Some commentators on this verse interpret "patience" here to mean "fasting" so the verse is telling us to seek help in fasting and prayer.
Likewise, Ramadan is described as the "Month of Patience" – and we know that the reward for patience is none other than Paradise. Allah says: "O my servants who believe! Fear your Lord. Good is (the reward) for those who do good in this world. Spacious is Allah's earth. Only those who are patient will receive their reward without measure." [Sûrah al-Zumar: 10]
With patience, we can cope with our lives throughout the year. Without this noble quality, our lives will be frustrating and bitter. The month of Ramadan is the time to develop this most essential quality.
May Allah grant us success.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/155)
ـ[صالح بن علي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 01:09 ص]ـ
ما الذي جاء بهذه المشاركة في القسم العربي
ـ[أم صفية وفريدة]ــــــــ[01 - 09 - 08, 11:32 ص]ـ
ما الذي جاء بهذه المشاركة في القسم العربي
لا بأس يا أخي
يبدو أن هذا الأخ غير عربي وأراد أن يهنئنا بشهر رمضان المبارك فلا تردوه ....
سأحاول ترجمة النص:-
للحصول على الإستفادة القصوى في رمضان
شهر رمضان المبارك يعطينا الفرصة لتحصيل الحسنات والبركات، وهو أيضًا فرصة ممتازة لنا لتنقية أنفسنا من الذنوب.
الروح العامة لرمضان تشجعنا لنعيش حياة أفضل ونحسن من أنفسنا.
النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينبئنا أنه عندما يأتي رمضان تفتح أبواب السماء وتغلق أبواب الجحيم وتصفد الشياطين كما جاء في صحيح مسلم.
قلة الإغواء بتأثير الصوم وبتأثير الجو العام لرمضان تعطينا فرصة أفضل لنري الله أعمالنا الصالحة لذا يجب أن نبذل كل مابوسعنا لتزيد فرصتنا.
جدد علاقتك بالقرءان
لكي نزيد من صحة عقولنا ويبارك لنا الله فيها علينا أن نكرس وقتًا أكثر لقراءة القرءان.
ولايجب أن نقرأه يوميًا فقط بل يجب أن نتأمل ونتدبر أحكامه ومعانيه وتعليماته لأن القرءان هو خطاب مباشر من الله لنا وهو بلسم قلوبنا وشفاء لما في الصدور.
لذا نحتاج إلى قراءة القرءان بإخلاص وتركيز لنتأمل معانيه بجدية، وقد خاب من قرأ القرءان بغير تدبر لأنه يحرم نفسه الإستفادة.
يقول الله تعالى "أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون" الأعراف 185
ويقول تعالى "تلك ءايات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون" الجاثية 6
تجنب السلوكيات عديمة الفائدة
أثناء هذا الشهر الكريم يجب أن نتجنب السلوكيات التي قد تخفض من فرصتنا في الفوز مثل الإسراف والانشغال بالأعمال الدنيوية.
كن كريمًا جوادًا
الطريقة الأخرى لتطوير أنفسنا في رمضان هي التغلب على الروح الأنانية وزرع الكرم في أنفسنا أو بعبارة أخرى يجب أن نكثر من الصدقات.
ابن عباس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - يخبرنا أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان أجود من الريح المرسلة لكنه كان أكثر جودًا وكرمًا في رمضان.
كن صبورًا وحسن من سلوكك
إن زراعة حسن السلوك في أنفسنا يجب أن تكون لها الأولوية فحسن السلوك هو أفضل رفيق للشخص الصائم، وللأسف فإن الكثير من الناس يتجردون من السلوكيات الطيبة عندما يكونون جياع فيصبحون سريعو الغضب ويهاجمون الناس بألسنتهم التي عادة ماتكون غير مشغولة بذكر الله.
إن الصيام قد فُرض لتعويد الناس الصبر حتى أن الصوم يدعى بـ (الصبر) فيقول تعالى "واستعينوا بالصبر والصلاة" البقرة 45
وقد فسر بعض العلماء الصبر في الآية بأنه الصوم
لذا فرمضان هو شهر الصبر وجائزة الصبر هي الجنة
يقول تعالى " قل ياعباد الذين ءامنوا اتقو ربكم، للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة، إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" الزمر 10
وفقنا الله إلى مايحبه ويرضاه.
ـ[صالح بن علي]ــــــــ[02 - 09 - 08, 01:05 ص]ـ
إنه يتكلم العربية انظر لمشاركاته الأخرى(101/156)
مشاهداتي في أفريقيا .. (نشاطهم وتخاذلنا)!
ـ[أبو محمد]ــــــــ[31 - 08 - 08, 03:28 ص]ـ
(كتبت هذا المقال في إحدى المناسبات قبل عام .. وظل حبيس جهازي؛ فأحببت أن أطلع إخواني عليه؛ شحذا للهمم، وتواصيا بالحق والصبر)
لقد رأيت فيها عجبا .. لقد جبتها وتجولت فيها؛ شرقا وغربا، وسطا وجنوبا .. فرأيت بعيني صولة الباطل .. وجولة الكفر .. رأيت بذلهم وعطاءهم وتضحياتهم .. إنه شيء مدهش حقا .. ومخجل أيضا!
رأيت مرة في منطقة صعبة جدا .. قُل فيها ما شئت: صحراء .. جفاف .. تضاريس صعبة .. بيئة بدائية متأخرة عنا -على الأقل مائة سنة- .. رأيت هناك معسكرا تنصيريا يسكنه أناس عيونهم زرقاء، وبشرتهم بيضاء! لم يسكنوا مثلنا يومين أو ثلاثة .. لا .. بل أشهرا أو سنوات!
ورأيت منهم امرأة كبيرة في السن بلباس الراهبات (الأبيض، مع غطاء الرأس) وهي تقود سيارة (وانيت) محملة بالأغذية .. أين ستذهب بها بين القرى؟ ولماذا؟ أظن أن الجواب واضح .. ولاحظ أنني أتكلم عن مناطق لم يصلها -في بعض قراها- من يبلغهم دعوة الإسلام البتة! فلم يسمعوا قط بشيء اسمه: إسلام!
هل يمكن أن نسأل أنفسنا: هؤلاء .. مسئولية من؟
رأيت مرة في منطقة جبلية ليس فيها كهرباء، وهي -حقا- مخيفة! .. رأيت فتاة أوربية -منصرة- تمتلئ شبابا وجمالا -لا أظن عمرها يتجاوز الثامنة عشرة- تعمل بين هؤلاء الأفارقة البؤساء .. لماذا؟ لسواد عيونهم؟ أظن الجواب معروفا ..
قلت في نفسي لما رأيتها: ليت شعري .. أين فتياتنا؟ أستغفر الله .. أين رجالنا؟
رأيت -يا رعاكم الله- المشاريع العملاقة .. إنها عملاقة بحق ..
ستدرك في أفريقيا -من أول وهلة- الفرق بين المشروع الذي قام به المسلمون أو الذي قام به المنصرون .. القضية ببساطة ستظهر من خلال التأمل في جودة المشروع وضخامته .. والكفة -دائما أو غالبا- في جانبهم .. هذا مع ملاحظة أن مشاريعنا -من ناحية الأرقام والأعداد- لا مناسبة بيننا وبينهم فيها ..
كنت سابقا أسمع أن مشاريعهم جبارة .. ثم رأيت هذا عيانا! مشاريع -يا رعاكم الله- تقف وراءها دول ومنظمات كبرى .. ومشاريعنا -مع الأسف- مشاريع أفراد .. ضعيفة .. محدودة ..
أين المسلمون .. حكومات .. أفرادا .. مؤسسات .. تجارا؟
قلت مرة .. وأقول الآن: إنني متيقن من أن بضعة مئات من الملايين -ربما لا تتجاوز قيمة أستاد رياضي عندنا- مع تنظيم وتخطيط دقيق -وقبل هذا عون الله سبحانه- ستجعل نسبة المسلمين في عدة دول أفريقية -وليس في دولة واحدة- هي الراجحة .. أقول هذا وأنا أعي ما أقول ..
رأيت مرة مركزا من مراكزهم في مدينة أفريقية .. مبنى ضخما من عدة طوابق .. فيه فناء كبير .. يمتلئ بالسيارات من جميع الأحجام والأنواع .. بل والله رأيت فيه سفنا صغيرة وقوارب! هل يا ترى هي للصيد والنزهات البحرية؟ ثق أن الجواب سيكون بالنفي .. ففي هذه الدولة جزر صغيرة مأهولة .. وهذه الزوارق وسيلة الوصول لأهلها .. لتبلغهم دعوة المسيح المخلص! كما يزعمون ..
من الأمور المحزنة: أنه يقابل هذا المبنى أو المركز على الجهة الأخرى مسجد للمسلمين، قد زرته .. عبارة عن حجرة متواضعة جدا لا تتجاوز سبعة في أربعة أمتار! هذا كل ما يملك المسلمون في تلك الناحية من مشاريع!
ماذا أذكر وماذا أترك .. الوضع مؤسف حقا .. لا سيما الحال بعد هجمات سبتمبر وتجفيف منابع العمل الإغاثي والدعوي الإسلامي في أفريقيا ..
ومع كل هذا .. فالخير موجود .. لكنه قليل .. ويحتاج الأمر إلى جهود وجهود .. والله المستعان.
لذا .. لا تحتقر أيها الحبيب شيئا من الجهود الدعوية .. ولو قلّت.
ـ[حسن البركاتي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 05:38 ص]ـ
الشيخ عبدالرحمن السميط أثابه الله له جهود دعوية كبيرة في افريقيا.(101/157)
هل يجوز اللعن؟
ـ[احمد السعد]ــــــــ[31 - 08 - 08, 03:30 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني الكرام:
هل اللعن محرم شرعاً؟ الذي اْعلمه انه محرم ضد المسلمين, ولا اْعلم بخصوص الكفار, هل هو محلل لعنهم ام لا.
وجزاكم الله خيراً
ـ[خالد بن عبد العزيز]ــــــــ[31 - 08 - 08, 04:01 م]ـ
السلام عليكم ,,,
أن يقال أن الأصل في المسلم أن لا يكون لعاناً ولا شتاماً فنعم، ولكن القول بالمنع أو الجواز هذا محل تفصيل ونظر في حال من يوجه له اللعن، علماً أنه قد ثبت لعن المبتدعة، والأصل في اللعن بالبدعة قد دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (المدينة حرم من عير إلى كذا، فمن أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين). متفق عليه من حديث علي رضي الله عنه (البخاري في كتاب الاعتصام باب ما يكره من التعمق 7300، ومسلم في كتاب الحج باب فضل المدينة 1370).
قال ابن حجر (الفتح 12/ 279): " الغرض بإيراد هذا الحديث هنا لعن من أحدث".
وجاء عن بعض الصحابة رضي الله عنهم لعن المبتدعة فعن سعيد بن جهمان قال:" أتيت عبد الله بن أبي أوفىرضي الله عنه وهو محجوب البصر، فسلمت عليه، فقال: من أنت؟ فقلت: أنا سعيد بن جهمان، قال: فما فعل والدك؟ قلت: قتلته الأزارقه. فقال: لعن الله الأزارقة. (أخرجه ابن عاصم في السنة 424).
وقال الآجري:" وكذلك التابعون لهم بإحسان سبوا من تكلم بالقدر، وكذب به، ولعنوهم". (الشريعة 150).
ـ[احمد السعد]ــــــــ[31 - 08 - 08, 10:20 م]ـ
جزاك الله خيراً اْخي الكريم
ـ[أبو عبيدة التونسي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 12:26 م]ـ
الشريط التاسع من سلسلة الهدى و النور:
السائل: هل يجوز لعن أناس ميتين لأنهم قد تسببوا في قتل كثير من السُنيين و في إهانة الدين الإسلامي وآخرون لا يزالون على قيد الحياة من شاكلتهم، هل يجوزُ لعنُهم؟
الشيخ الألباني رحمه الله: إذا كان هؤلاء الذي ورد السؤال في حقهم هل يجوز لعنهم يجب أن تُدرس المسألة دراسة دقيقة جداً، هل هُم تسببوا بقتل جماعة من المسلمين بقصد سيء فحينئذٍ الجواب يجوزُ، أمّا إن كان ذلك خطأ منهم فلا يجوزُ، ولعنُ المجرِم في الإسلام أمر جائز بخلاف فيما يظن بعض الناس؛ لأن النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد دعا شهراً كاملاً على المشركين الذين غدروا بالقراء السبعين من الصحابة الذين أرسلهم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لدعوة المشركين إلى عبادة الله وحده لا شريكَ له، فأعطوهم الأمان ثم غَدروا بهم فقتلوهم جميعاً، سبعين من علماء الصحابة وقرائهم، فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الصلوات الخمس في القنوت، ثم نزل في حقهم قوله تبارك وتعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) [128:آل عمران] انكشف سر نزول هذه الآية بعد مدة فقد جاءوا أولئك المشركون تائبين إلى الله –عزّ وجلّ- فليس في الحديث الصحيح دليل على منع الدعاء على أعيان معينين من المشركين لأن سبب نزُول هذه الآية أنه كان سَبَقَ في عِلم اللهِ -عزّ وجلّ- أن أولئك المشركين الذين قتلوا السبعين من قراء الصحابة، سبق في عِلم اللهِ –عزّ وجلّ- أنهم سيؤمنون باللهِ ورسولِه و يكونون من أصحابِ الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وفي هذه الصورة جاء الحديث الصحيح: (إن الله – عزّ وجلّ - يعجبُ من قاتلٍ يَقْتُلُ مُسلماً ثم يُسلم القاتل فيدخلان معاً الجنّة)، الكافر يقتُل مسلماً فمصيرُه النار بطبيعة الحال لكن هذا الكافر يؤمن بالله و رسوله، والتوبة والإسلامُ يجبُّ ما قَبلَهُ، فإذاً هذا القاتل يدخل مع المقتول كلاهما الجنَّة (إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) [47: الحجر].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/158)
نستطيع أن نتخذ هذا الحديث في لعن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أقوام معينين قتلوا طائفة كبيرة من المسلمين أنه دليل على جوازُ اللعن للكافر بعينه، بل يجوزُ لعنُ المجرم المعروف بإسلامه، قد يكونُ منافقاً يبطنُ الكفر ويظهر الإسلام، وقد يكون يُبطن الإسلامَ أيضاً ولكن إيمانُه بدينه ليس قوياً، ولذلك يقع منه معاصي وذنوب كبيرة من ذلك أن يقتل نفساً مؤمناً متعمداً، فهذا المُسلم الذي يرتكب معصية من المعاصي لاسيما إذا كان مُصرّ على ذلك وليست زلة قدم منه، فهذا أيضاً يجوزُ في الإسلام لعنُه كما جاء في ذلك حديث صحيحٌ وفي من هو أهون من قاتل النفس المسلمة.
جاء في الأدب المفرد للإمام البخاري، وسُنن أبي داود السجستاني، وغيرهِما أن رجلاً جاء إلى النبي صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم فقال: يا رسولَ الله جاري ظلمني، جاري ظلمني، فقال لهُ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أخرِج متاعك فاجعله في قارعة الطريق) فكان الناس يمرون والمتاع الملقى في الطريق يُلفت نظرهم، والرجل واقف بجانب متاعه يُشعرهم بأنه كأنَّ أحداً أخرجه من دارِه وطرَده منه، فيقولون له: ما لك يا فُلان؟ فيقول: جاري هذا ظلمني، فما يكونُ منهم إلا أن يسبّوه ويقولون: قاتّلهُ الله، لعَنهُ الله، و الظالم يسمع بأذنيه مسبة الناس ولعن الناس له، فكان ذلك أقوى رادع له عن ظلمه لأنه سار إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليقولَ: يا رسولَ الله، مُر جاري بأن يعيد متاعه إلى دارِه، فقد لعنني الناس، فكان جوابه عليهِ الصلاةُ والسلام: (لقد لعنك من في السماء، قبل أن يلعَنك من في الأرض).
الحضور: الله أكبر.
الشيخ الألباني رحمه الله: الشاهدُ هنا: - أن النبيَّ – صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أقرّ الناس الذين لعنوا هذا الظالم، وما أنكر ذلك عليهم حينما وصله خبرهم من هذا الظالم حين قال: لعنني الناس، ومن أجل ذلك يقول علماء الأصول: أن سُّنّة النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم - تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1 - سنّة قوليه من كلاِمه.
2 - و سنّة فعلية يفعلُها الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين أصحابِه.
3 - أو تقريره، يرى شيئاً فلا يُنكره، فيصبح هذا الشيء جائزاً في أقل أحواله.
ومن هنا حينما رأينا في هذا الحديث الصحيح أن النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يُنكر على أولئك الناس الذين لعنوا الظالم، بل أقرّهم على ذلك، صار الحديثُ دليلاً على جواز اللعن للشخص بعينه بسبب جُرم يرتكبه بحق أخيه المسلم.
وقد يكون الجرم أعظم إذا كان فيه دعاية لجُرمه الذي هو واقعٌ فيه، وعلى ذلك جاء الحديث الصحيح من قوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: (صنفانِ من الناس لم أرهما بعد، رجالٌ بأيديهم سياط كأذنابِ البقر يضربون بها الناس، و نساء كاسياتٌ عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة) زاد في حديثٍ آخر: (العنوهنّ فإنهنّ ملعونات، لا يدخَلن الجنّة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرةِ كذا وكذا)، وفي بعض الأحاديث الأخرى الصحيحة: (إن ريحَ الجنّة توجد من مسيرة مائة عام) مع ذلِك هذا الجِنس من النساء المتبرجات الكاسيات العاريات، يقول الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: (لا يدخَلن الجنّة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرةِ مائة عام)، لهِذا يجوزُ لعن الكافر بل والفاسق من بابِ تأديبه، سواءٌ كان ذلك في وجهه أو في غيبته.
منقول من موقع الشيخ الألباني رحمه الله.
ـ[احمد السعد]ــــــــ[06 - 09 - 08, 07:15 ص]ـ
اْخي الكريم ابا عبيدة جزاك الله خيراً اخي الكريم فقد اْفدتني بهذا النقل كثيراً(101/159)
من يصحح لي هذا المفهوم؟ حول التجنس بجنسية بلاد الكفر
ـ[أم يوسف الكويتي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 03:31 ص]ـ
السلام عليكم.
أنا أعتقد أن كل فرد منا يحب بلده ولكن إن كانت هناك بلد أحب إلى قلبه منها مثل بلاد الحرمين بسبب الخصائص التي خصها الله تعالى عن باقي دول العالم فهل إذا هاجر لها وأنتمى إليها (أعني بذلك أن فرّط بجنسيته وتجنس بجنسية أهل تلك البلاد هل هذا يخالف الولاء للوطن الأول)؟ وأن يوصف بأن ليس لديه ولاء ولا وفاء؟
حرّم الله النار عن وجه من أعانني
ـ[أم يوسف الكويتي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 06:34 م]ـ
ربما السؤال غير واضح لذا المشرف عدل العنوان.
أنا لا أعني بلد الكفار أعني أن أحدى الأخوات لديها جنسية عربية ولكن تريد أن تتجنس بجنسية بلد آخر فهل هذا فيه مخالفة؟
ـ[وكيع الكويتي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 02:14 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=85670
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=39849
وهناك بحث للدكتور وليد الربيع منشور في العدد الأخير من مجلة الدراسات الإسلامية الصادرة عن الجامعة ...
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[01 - 09 - 08, 03:20 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=85670
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=39849
وهناك بحث للدكتور وليد الربيع منشور في العدد الأخير من مجلة الدراسات الإسلامية الصادرة عن الجامعة ...
بارك الله فيك اخي الحبيب وكيع,
ولكن الظاهر أن الأخت تتحدث عن التجنس في بلاد المسلمين وليس عن بلاد الكفار.
لقولها:
أنا لا أعني بلد الكفار أعني أن أحدى الأخوات لديها جنسية عربية ولكن تريد أن تتجنس بجنسية بلد آخر فهل هذا فيه مخالفة؟
ولكن اسمحي لي بهذا السؤال أولاً يا أُم ,,,:
هل هذا يخالف الولاء للوطن الأول
هل هناك ولاء أو براء لوطنك؟؟
أو,,,, هل أمرنا بذلك؟
لا نقاش في حُب البلاد الاسلامية جميعاً,
ولكن ان نعقد ولاء على بلد وبراء على آخر, نكون بذلك أصبنا كبد التعصب.
وما فرح أعدائنا إلا لما دخل علينا مصطلحات مثل وطنية او قومية, حتى تتشتت -وتشتت- الأمة الاسلامية.
والله المستعان
ـ[أم يوسف الكويتي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 04:42 ص]ـ
ماتم طرحه أمر أردت فيه أقناع إحدى الأخوات والحمدلله(101/160)
أبحث عن ترجمة عن (أحمد بن عوض المرداوى المقدسى)
ـ[فوزى محمد أمين ملطان]ــــــــ[31 - 08 - 08, 03:47 ص]ـ
أود من الاخوة فى ملتقى أهل الحديث
ممن يعرف ترجمة عن (أحمد بن عوض المرداوى المقدسى) فليسعفنى بها
أثابكم الله وما مصادر ترجمته(101/161)
ما حكم الشرع في تحفيظ القرآن ...
ـ[طالب الرحمن]ــــــــ[31 - 08 - 08, 06:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جهة معلومة في إحدى بقاع الأرض، بمعاداتها للقرآن الكريم، و أمرها ثابت واضح، في هذا الشأن.
و لمّا لا يمكن لها غلق كلّ مؤسسات تحفيظ القرآن الكريم، كان لها من يواليها في تحفيظ القرآن و بهذا تتمكن من تلميع صورتها إقليميا و دوليا و تقيم الدليل على أنها تحفظ و تعتني بالقرآن الكريم و ذلك من خلال إقامة و المشاركة في مسابقات حفظ القرآن الكريم
فما حكم الشرع، فيمن يتولّى هذا الأمر من المعلمين و في الذين يحفظون من خلال هذه المؤسسة مع وجود البديل؟
بارك الله فيكم
ـ[طالب الرحمن]ــــــــ[01 - 09 - 08, 02:33 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
إن شاء لا تبخلوا علينا بالإجابة عن السؤال عن الذين يحاربون أهل القرآن بالقرآن؟
و إن سمحتم بسؤال ثاني، فهو
ما حكم الصلاة خلف إمام مرائي، يتصنّع في قرائته،
و يقول في القرآن برأيه و من غير علم
كمثل أن يقول في معنى الآية السادسة من سورة التوبة -*- و إن أحد من المشركين استجارك فأجره -*- إذا استعملت أحدا في شغل ما و لو كان مشركا، فأعطه أجره فورا
و لا حول و لا قوة إلا بالله
ـ[طالب الرحمن]ــــــــ[03 - 09 - 08, 11:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لو اعتبرت أن ثلث الذين اطلعوا على السؤالين من أعضاء المنتدى، و لو اعتبرت أن ثلثهم من أهل العلم كما يدعون من خلال أجوبتهم و مشاركاتهم، لكانوا عشرة لم يجدوا ما يقولون، لا من باب الفتوى أو النصيحة أو الرأي.
و إذا ليسوا لا علماء، و العلم الدرجات، و فوق كل ذي علم عليم.
و صاحب العلم أحرص الناس على الترويج لبضاعته و إلا كانت عليه وبالا في الدنيا و الآخرة بنص القرآن و السنة
و أما الوازع الإيماني الذي يسبق العلم النافع و الذي هو ديدن المسلم، فلم أرى له لونا و لم أتذوق له طعما.
و هذه المرة الثانية التي أطرح فيها سؤالا.
و على قول سيدنا عمر رضي الله عنه، لا خير في من لا يسمع النصيحة و يعمل بها، و ابتداءا لا خير فيّ إن لم أصارحكم بما خالج صدري.
على هذا النحو، في ما تنشروه، ما هي إلا معلومات مبتورة عن الواقع المعاش تتداولونها، و الدين ليس إلا للعمل به في الدنيا و ليس للتنظير و التكييف العقلي.
و لا حول و لا قوة إلا بالله
ملاحظة: إستأنست بأحد الأعضاء خيرا، فراسلته عبر الخاص عساه يأتيني بفتوى، فأعطاني نصيحة في عدم الحكم على الأشخاص على حسب سرائرهم.
لبّس عليّ من خلال اللقب الذي يحمله و ما كنت أظن أنّه مراهق يستعرض مخزونه المعلوماتي
و لا حول و لا قوة إلا بالله.
ـ[طالب الرحمن]ــــــــ[22 - 11 - 10, 07:52 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
و لا زلت أبحث حكم الشرع في الأمر و إن كان لي موقف شخصي،
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[22 - 11 - 10, 08:32 م]ـ
أخي الكريم هونا ما على إخوانك فلعل لم يطلع على سؤالك أحد عنده الجواب
ولعل وهذا ما أرجحه أن الغموض الذي في السؤال هو الذي يمنع من التكلم في المسألة
أنا أحب لك أن تسأل أحد أهل العلم مشافهة حتى تفهم المسألة على وجهها(101/162)
كيف نستقبل شهر رمضان المبارك؟
ـ[أبو عمر العتيبي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 07:32 م]ـ
كيف نستقبل شهر رمضان المبارك؟
الحمد لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله أما بعد:
فبعد غروب شمس اليوم الأحد الثلاثين من شهر شعبان يستقبل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها شهر رمضان، شهر الخير والرحمة والرضوان ..
شهر العزة والكرامة، شهر التوبة والإنابة، شهر الصوم والقيام والعبادة ..
شهر القرآن، شهر العفو والغفران، شهر الذكر والطاعة والإيمان ..
قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
عن أبي هريرة قال: قال النبي -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: ((إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صُفِّدتِ الشياطينُ ومَرَدة الجن، وغُلِّقتْ أبوابُ النَّارِ فلم يفتح منها بابٌ، وفُتِّحتْ أبواب الجنة فلم يغلق منها بابٌ، ومناد ينادي: يا باغيَ الخيرِ أقبل، ويا باغي الشر أقْصِرْ ولله عتقاء من النَّار، وذلك كل ليلة)) رواه الترمذي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك وغيرهم وهو حديث صحيح.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((قال الله -عزَّ وجلَّ-: كل عمل بن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنَّةٌ.
فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ، ولا يسخب، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم.
والذي نفس محمد بيده لَخَلُوفُ فَمِ الصائمِ أطيبُ عند الله يوم القيامة من ريح المسك.
وللصائمِ فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه)) متفق عليه.
وعن سهل بن سعد -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن في الجنة باباً يقالُ له: الريانُ؛ يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم.
يقال: أين الصائمونَ؟ فيقومون، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد)) متفق عليه.
وعن أبي هريرة -رضي اللهُ عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) متفق عليه.
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يقول: ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) متفق عليه.
ومن مات وهو صائم فهذا دليل على حسن الخاتمة، قال النبي -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: ((من ختم له بصيام يوم دخل الجنة)) حديث حسن بشواهده ..
وفي شهر رمضان ليلة القدر، التي أنزل فيها القرآن، وهي خير من ألف شهر، وقال النبي -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: ((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) متفق عليه.
وقال النبي -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) متفق عليه.
فينبغي على المسلم أن ينتهز فرصة قرب دخول هذا الشهر الكريم ليصلح ما بينه وبين ربه، وليتوب من زلاته، وليستفيد من هذا الوقت الفضيل ..
فمما ينبغي للمسلم أن يستقبل به شهر رمضان:
1 - الفرح بنعمة الله، وحمدُهُ -عزَّ وجلَّ- على ما وهب عباده هذه الأزمان الفاضلة، ومضاعفة أجر العمل فيها، وشكر الله على أمره وشرعه ..
قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}.
والاستبشار بقدومه هو من هدي النبي -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-
2 - الابتهال إلى الله بأن يبلغه هذا الشهر الفضيل للاستفادة منه في التقرب إلى الله -عزَّ وجلَّ-، وكذلك الابتهال إلى الله بالتوفيق لإتمامه ..
وهذا من هدي السلف -رحمهُم اللهُ- ..
فعن أبي عمرو الأوزاعي -رحمهُ اللهُ- قال: كان يحيى بن أبي كثير يدعو حضرة شهر رمضان: اللهم سلمني لرمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلاً. انظر: حلية الأولياء (3/ 69).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/163)
وعن مكحول -رحمهُ اللهُ- أنَّهُ كان يقول إذا دخل رمضان: اللهم سلمني لرمضان وسلم رمضان لي وتسلمه مني متقبلاً .. انظر: الدعاء للطبراني (رقم913).
وروي هذا مرفوعاً ولا يصح.
وعن عبد العزيز بن أبي رواد قال: كان المسلمون يدعون عند حضرة شهر رمضان: اللهم أظَلَّ شهرُ رمضان وحضرَ، فسلِّمْهُ لي، وسلمني فيه، وتسلمه مني.
اللهم ارزقني صيامه وقيامه صبراً واحتساباً، وارزقني فيه الجد والاجتهاد والقوة والنشاط، وأعذني فيه من السآمة والفترة والكسل والنعاس، ووفقني فيه لليلة القدر، واجعلها خيراً لي من ألف شهر. المصدر السابق (رقم914)
تنبيه: الدعاء السابق لا بأس بقوله، ولكن دون اعتقاد أنه سنة، أو التزامه، بل يدعو بما شاء لمطلق الأمر بالدعاء والله أعلم.
3 - تفريغ النفس من الشواغل، بإتمام ما يتعلق بأمر الدنيا إن استطاع، حتى يكون في هذا الشهر الفضيل متفرغاً للطاعة والعبادة ..
فالسلف -رحمهُ اللهُ- كان يفرغون هذا الشهر للعبادة من صيام، وقيام، وقراءة للقرآن، واعتكاف، وجهاد ونحو ذلك ..
4 - التوبة إلى الله، والاستغفار مما سلف من الذنوب، والندم على ما فوت، وقصر في جنب الله، وإصلاح النية، وصدق التوكل على الله في فعل الخير والإقلاع عن الشر ..
5 - إبعاد النفس عن كل ما يغريها بالشر والمكروه، وترويضها على الطاعة، والإقبال على الله بقلب خاشع خاضع، راغب راهب، وجل مشفق ..
6 - أن يتحلل من المظالم، فيرد الحق إلى أهله، وأن يستسمح ممن ظلمه، وأن يدعو لمن قصر في حقه، وأن يرضي والديه ومن قطع من رحمه ...
فمن ظلمته أو أسأت إليه فأنا أطالبه المسامحة والمصافاة وفق ما شرع الله ..
7 - أن يعفو المسلم عن إخوانه ممن ظلمه واعتدى عليه فقد قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ {199} وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
وقال تعالى: {وليعفوا وليصفحوا}.
أسأل الله أن يغفر لي ولكل من تكلم في أو طعني في عرضي ..
8 - تعلم أحكام الصيام والقيام حتى يدخل الشهر الفضيل وقد فقه في دينه، وعلم ما يصحح صومه وما يخدشه وما يبطله ..
فمن ذلك:
أن ينوي الصيام منَ الليل، ويستحب لَهُ أَنْ يتسحر لأَنَّ السحور بركة، ويقوي عَلَى الصيام.
ويمسك الصائم عَنِ الْمُفَطِّرَاتِ مِنْ طلوع الفجر الصادق حَتَّى غروب الشمس.
ويبتعد عَنِ الكذب وقول الزور، وعمل أي محرم أثناء الصوم حَتَّى لا يجرحَ صومه.
قَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-: ((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))
وَإِذَا سبَّهُ أَحَدٌ أَوْ شتَمَهُ فليقل: إِنِّي امرؤ صائم.
وَإِذَا حان موعد الإفطار فيستحب لَهُ أَنْ يفطر عَلَى رطب، فَإِنْ لَمْ يجد فعلى تَمْرٍ، فَإِنْ لَمْ يجد فعلى الماء.
ويقول إِذَا أفطر كَمَا كَانَ يَقُول النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-: ((ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثَبَتَ الأجر إن شاء الله)).
ويستحب للمسلم أَنْ يكثر مِنْ عَمَل الخير فِي جَمِيْعِ أيام السَّنَة، وَيَزِيْدُ منَ الخير فِي شهر رمضان الْمُبَارَك، فَقَدْ كَانَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- جواداً سخياً فِي جَمِيْعِ السَّنَةِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ فِي رمضان أجود مِنَ الريح المرسلة بالخير والعطاء.
هذه بعض الأمور التي ينبغي على المسلم أن يستقبل بها شهر الخير والبركة والرحمة والرضوان ..
أسأل الله أن يوفق الجميع للخير والصلاح ..
وأسأل تعالى أن يبلغنا رمضان ونحن في أحسن حال، وأن يوفقنا لصيامه وقيامه، وأن يجعل ألسنتنا لهجة بذكر الله وطاعته ..
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
كتبه: أبو عمر أسامة العتيبي
توثيق المقال من موقعي:
http://otiby.net/makalat/articles.php?id=246
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[31 - 08 - 08, 07:54 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل.
يجب أن ندخل رمضان بلا تهاون
ولا تضييع للوقت
وما أجمل الرسالة التي وصلتني قبل قليل والتي تقول:
من لحظة قروب شمس شعبان
يشرق رمضان
وعندها تفتح للخلائق الجنان
ومعها ما وعد سيد الأنام
عليه الصلاة والسلام
فكم يضيع الخلق الليلة الأولى
بالتهاون والتوان
مع أنها مطلع رمضان؟
مبارك عليكم دخول رمضان.
*****
**
*
ـ[أبو عمر العتيبي]ــــــــ[03 - 09 - 08, 03:15 ص]ـ
وجزاكم وبارك فيكم
شكر الله لكم
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[03 - 09 - 08, 02:36 م]ـ
جزاكم الله خيراً ــ شيخ أسامة ــ ونفع بما كتبتم وبسائر جهودكم،،،
وفقكم الله وحفظكم،،،(101/164)
"من أخطاء الصائمين في رمضان" لمحمد حاج عيسى
ـ[أبو أحمد الأشقر]ــــــــ[31 - 08 - 08, 08:26 م]ـ
من أخطاء الصائمين في رمضان لمحمد حاج عيسى
منقول من موقع منار الجزائر
http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&task=view&id=229&Itemid=12
بقلم: محمد حاج عيسى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فإن شهر رمضان شهر الصيام والقيام، وشهر مغفرة الذنوب وتطهير القلوب، تجتمع فيه فضائل من واجب كل مؤمن أن يحرص عليها، ومما هو معلوم أنه ليس كل الناس يخرج من هذا الشهر مغفورا له ومن العتقاء من النار، وليس كل الناس يتقبل منه صيامه وقيامه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ» (ابن ماجة) وما سبب ذلك إلا الوقوع في بعض المخالفات التي تذهب بالأجر أو تنقصه، وفي هذه المقالة بيان لجملة من هذه المخالفات عسى أن نحذرها لتخلص لنا فضائل هذا الشهر العظيم.
1 - صوم الظاهر دون الباطن
أول هذه الأخطاء أن يظن العبد أن المقصود بالصوم يقف عند الامتناع عن المفطرات الحسية، وأن يجهل أن المقصود منه هو حصول التقوى فعلا للطاعة واجتنابا للمعصية، ولذلك قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» (البخاري) والزور الباطل فيدخل فيه المعاصي القولية والعملية.
2 - الإسراف في الأكل
ومن الأخطاء الشائعة في رمضان الإسراف في المأكولات والمشروبات، حتى صار بعض الناس ينفق في رمضان على طعامه أضعاف ما ينفقه في سائر شهور السنة، قال تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأعراف 31)، ولا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن ماله فيم أنفقه.
3 - تضييع الأوقات
ومن الأخطاء تعمد تضييع الأوقات: ساعات العمر ورأس مال الإنسان، بدلا من اغتنامها في الذكر والصلاة والدعاء وتلاوة القرآن وغيرها من أعمال البر، فتجد بعض الناس يلهي نفسه بألوان من الملهيات، وهذا الذي حاله ما وصفت يخشى عليه من ذهاب كثير من أجر الصيام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم ذنبه» (متفق عليه) وهذا قد صامه كارها لا محتسبا. وفي الأثر: «اغتنم شبابك قبل هرمك وصحتك قبل مرضك، وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك».
4 - الفتور بعد الأيام الأولى من الشهر
بعض الصائمين ينطلق في بداية الشهر بهمة عالية فيملأ وقته بأنواع الطاعات والقربات، ولكنه سرعان ما يصيبه الفتور، فتجده يتخلى عن برنامجه اليومي شيئا فشيئا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل» (متفق عليه)، ومن أسباب الدوام أن لا يكلف الإنسان نفسه فوق طاقتها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ مَا تُطِيقُونَ مِنْ الْأَعْمَالِ» ونهى عن الوصال في الصوم وقال: «فَاكْلَفُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ» (متفق عليهما).
5 - الشجار والغضب
ومن الظواهر التي تنتشر في شهر رمضان كثرة الشجار، وبعضهم يحتج لغضبه بأنه صائم، وهو لا يعلم أنه يُذهِب أجرَ صيامه، والنبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن الصائم لا يخاصم، فقال: «إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ فَإِنْ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ» (متفق عليه). فالصيام يؤدب ويحسن الأخلاق وليس الأمر كما يصوره بعض من لا خلاق له.
6 - كثرة السهر
إن السهر إذا كان في طاعة الله تعالى لا يحمد إلا إذا لم يؤد إلى تضييع الفرائض، إذ لا يعقل أن يكون الطمع في الفضائل سببا لتضييع الواجبات، وإذا كان هذا شأن السهر في الطاعة، فكيف يكون أمر السهر في غيرها؟ وماذا نقول عن الساهرين في الملاهي ودور اللعب وأمام التلفاز يشاهد ما لا يرضي الله تعالى؟ وماذا نقول عنهم إذا سهروا الليل كله، فزادوا على ذلك أن جمعوا بين تضييع الفرائض والفضائل.
7 - كثرة النوم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/165)
فمنهم من ينام النهار جله وربما ينام عن صلاة الظهر، وهذا داخل في معنى تضييع العمر وقد يكون سببه كثرة السهر، ومنهم ينام بعد السحور فيضيع فرصة الدعاء والاستغفار في الثلث الأخير من الليل، وربما ينام عن صلاة الفجر.
8 - التغيب عن العمل
وبسبب السهر المفرط أو احتجاجا بمشقة الصوم كثير من الناس يتغيب عن عمله، أو يتقصد التأخر، وربما يذهب إلى العمل لمجرد تسجيل الحضور، وهذه الظاهرة آفة خطيرة إذا كانت في غير رمضان، فكيف بها في شهر رمضان، ذلك أنه بتصرفه هذا قد أدخل في رزقه مالا حراما وفي الحديث: «إنه لا يدخل الجنة لحم ودم نبتا على سحت النار أولى به» (رواه الترمذي وصححه الألباني). وإن الذي نعلمه أن الصيام سبب النشاط وترك الكسل؛ نظرا لما يورثه من خفة في الجسم والذهن، ومما يؤكد لنا ذلك أنك إذا نظرت في التاريخ وجدت غزواتِ الإسلام وفتوحاته كثير منها كان في رمضان.
9 - البخل بالصدقة
من وظائف هذا الشهر الإكثار من الصدقة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير فإذا كان رمضان كان كالريح المرسلة التي تأتي بكل خير، ومن الناس من هو بخيل فإذا جاء رمضان ازداد بخله أعني بخله بالصدقة وأعمال البر، أما فيما لا ينفع وفي المأكولات والمشروبات والترفيه عن النفس فهو مسرف غاية الإسراف، وقد قال تعالى: (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ) (محمد:38).
10 - التوبة الظاهرية
كثير من الناس يعلن توبته في هذا الشهر المبارك، فتراه ملتزما بأداء الصلوات وغيرها من الفرائض ومقلعا عما اعتاده من المعاصي، وليس في نيته الدوام على ذلك، وهذا مكر لا يحبه الله تعالى، (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (الأنفال:30) ومن الناس من يتوب من كثير من المعاصي الظاهرة، ويغفل عن معاصي القلوب مع أنها أخطر، والواجب على من أراد أن يجعل من هذا الشهر شهر مغفرة أن يقلع عن جميع الذنوب الظاهرة والباطنة وأن يندم على اقترافها وأن يعزم على عدم العود إليها.
11 - ظاهرة التسول
من الناس يجعل من هذا الشهر موسما للتسول، وهذا أمر غير مُرض -بغض النظر عن كونه محتاجا أو غير محتاج -، وقد كان ابن عباس رضي الله عنهما يذم هذا الصنف من الناس ويقول: «لا تشهدون جمعة ولا عيدا إلا للمسألة، وإذا كانت رغبة الناس إلى الله كانت رغبتكم إلى الناس».
وإن مما ننصح به عموم المتصدقين أن يتأملوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَلَكِنْ الْمِسْكِينُ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ وَلَا يُفْطَنُ بِهِ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلَا يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ» (متفق عليه).
12 - تضييع قيام الليل
من المخالفات البينة التي يقع فيها بعض الناس تضييع قيام رمضان والزهد في أجره العظيم من أجل مشاهدة التلفاز ومتابعة أفلامه وأغانيه أو المسابقات الملهيات عن ذكر الله تعالى.
13 - عدم إتمام الصلاة مع الإمام
ومن الناس من يصلي ركيعات من القيام ثم يسارع في الانصراف مضيعا لأجر عظيم كان يحوزه لو صبر فقام حتى ينصرف مع الإمام، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ» (رواه أهل السنن).
14 - الجلوس في المسجد حتى يركع الإمام
ومن الناس من يجلس خلف الصفوف والإمام يقرأ في الصلاة، حتى إذا كبر للركوع سارعوا لإدراك الركعة، وهؤلاء واقعون في مخالفات منها: التشويش على المصلين وربما على الإمام، ومنها ترك الفاتحة من غير عذر معتبر، إذ الرخصة في إدراك الركعة بالركوع إنما وردت فيمن جاء متأخرا لا فيمن تهاون في إدراكها.
15 - عدم الاطمئنان في صلاة القيام
ومنهم من يصلي وعقله معلق بغير الصلاة وقلبه غافل عن سماع القرآن يعد الركعات عدا ويستعجل متى تنقضي الصلاة لينصرف إلى اللهو وما كان يشغله، ومن كان هذا شأنه فإنه ليس له من صلاته إلا ما عقل منها، ولا أحسب هذا ممن ينطبق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (متفق عليه).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/166)
16 - الاشتغال بالتجارة ونسيان الطاعة
ومما يقع فيه كثير من الناس الاشتغال بالتجارة حيث تشغلهم عن أعمال البر والقربات، يشتغلون بحرث الدنيا ويغفلون عن حرث الآخرة.
17 - انشغال المرأة غالب وقتها بالمطبخ
ومن الأخطاء التي تقع فيها النساء خصوصا الاشتغال بطبخ ألوان الطعام وصنع الحلويات، وتضييع الأعمال الصالحة المشروعة في هذا الشهر.
18 - تعجيل السحور
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً» (متفق عليه)، وفي مسلم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجل الفطر ويؤخر السحور، ومنه فإن من الخطأ ما يفعله كثير من الناس من تعجيل السحور بساعات قبل الفجر.
19 - ترك السحور بسبب بدعة الإمساك
وقت الإمساك الشرعي هو وقت أذان الفجر، قال تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) البقرة:187) أما ما اصطلح على تسميته وقتا للإمساك في زماننا فهو بدعة ضلالة، من آفاتها الظاهرة تحريم الطعام على الناس في وقت أباحه الله فيه، وربما أدت إلى ترك السحور من أصله إذا تأخر الناس في إعداده.
20 - الفطر قبل تيقن الغروب
ومن الأخطاء ما يفعله بعضهم من تعجيل الفطر قبل تيقن الغروب، وقد قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» (متفق عليه). فلابد من اعتبار هذه الأوصاف جميعها لا بعضها دون بعض، وليحذر المؤمن من التلاعب بصيامه فإن عقوبة من يفطر في رمضان شديدة، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في المنام ممن يعذب في القبر قوما معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم تسيل أشداقهم دماً، فقال: «من هؤلاء؟ فقيل له: هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم». (رواه ابن خزيمة). وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ـ[أبو أسامة الأزفوني]ــــــــ[06 - 08 - 10, 07:05 م]ـ
للفائدة(101/167)
"بين يدي رمضان" خطبة للشيخ عبد الحليم توميات
ـ[أبو أحمد الأشقر]ــــــــ[31 - 08 - 08, 08:29 م]ـ
من موقع منار الجزائر
http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&task=view&id=230&Itemid=12
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فرض على عباده الصّيام، وندبهم إلى التعبّد له بالسّجود والرّكوع والقيام، تبارك اسمه ذو الجلال والإكرام، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وصفيّه وخليله، الدّاعي والهادي بإذن ربّه إلى دار السّلام، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وكلّ من سار على نهجه واستقام ..
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) [آل عمران:102] ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) [النساء:1] ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) [الأحزاب].
ألا وإنّ أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ محدثة بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النّار .. أمّا بعد ..
فيقول الله تبارك وتعالى: ((وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)) [آل عمران:133] ((سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)) [الحديد:21] ..
وأغلى ما نملكه أيّها المؤمنون والمؤمنات لنعين به أنفسنا لخوض هذا السّباق، وصايا نقدّمها، وذكرى نزفّها .. وصايا عظام بين يدي شهر الصّيام .. فإنّ أبواب الجنّة ستفتح بعد أيّام قليلة، فيفتح سوقها، وتتزبّن حورها، ولا يقبل منك في سوق الجنّة إلاّ أن تدفع العمل الصّالح .. ولا تقبل منك نساء الجنّة إلاّ أن يكون مهرهنّ العمل الصّالح ..
فهلمّ أيّها التجّار إلى سوق الأبرار .. جنّات تجري تحتها الأنهار فيها ما لا يخطر ببال من الفاكهة والثّمار ..
وهلمّ أيّها الخطّاب إلى الكواعب الأتراب .. لو اطّلعت الواحدة منهنّ على أهل الدّنيا لأضاءت ما فيها .. حور قال الله عنهنّ: ((إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً)) [الواقعة:35] فنسب الإنشاء إلى ذاته العليّة .. ووصفهنّ قائلا: ((كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ)) [الرّحمن:58] .. وإذا وصف الله نساء الجنّة بهذا الوصف، فما ظنّك به سبحانه؟! .. فأعظم ما يقدّم لك في سوق الجنّة رؤية الباري سبحانه وتعالى ..
فهذا الميدان قد أُعِدّ، وها هو السّباق قد أقيم .. سباق ليس من جوائزه كأس تتقاتل عليها الأندية، ولكنّها كأس كان مزاجها كافورا .. كأس كان مزاجها زنجبيلا .. كأس لا لغو فيها ولا تأثيم .. يطوف بها غلمان مخلّدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا .. كأس تشرب منها فلا تظمأ بعدها أبدا ..
فلئلاّ يفوتنا هذا السّباق العظيم، وهذا الخير العميم، فإنّي أزفّ إليكم هذه الوصايا وما على المحسنين من سبيل، والله حسبنا ونعم الوكيل ..
الوصيّة الأولى: عليكم بشكر الله عزّ وجلّ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/168)
نذكّر أنفسنا وإيّاكم بشكر الله تبارك وتعالى، يقول الله تعالى: ((فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ)) [البقرة:152] .. أن تشكر الله تعالى الّذي وفّقك لبلوغ هذا الشّهر .. شهر الصّبر، شهر الطّاعة والشّكر، شهر الإنابة والذّكر .. فكم من قلوب اشتاقت وحنّت للقاء هذا الشّهر فانقطع بها القدر، وانقطع عنها الأثر .. صاروا اليوم في القبور واللّحود، وما عادوا من أهل الوجود ..
وكم من أناس رأيناهم تفانوا فلم يبق منهم قريب
وصاروا إلى حفرة تحتوي ويُسلم فيها الحبيبَ الحبيبُ
لقد أراد الله تعالى أن تكون هذه السّنة ممّن يزدادون تقرّبا منه تعالى بصوم شهر رمضان وقيام ليله .. ولو قيل لأهل القبور تمنّوا لتمنّوا يوما من رمضان .. ويدلّ على ذلك ما رواه الطّبرانيّ في "الأوسط" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرّ بقبر فقال: ((مَنْ صَاحِبُ هَذَا القَبْرِ؟)) فقالوا: فلان. فقال: ((رَكْعَتَانِ أَحَبُّ إِلَى هَذَا مِنْ بَقِيَّةِ دُنْيَاكُمْ)).
فإذا كان هذا حال ركعتين فقط، فكيف بأيّام نهارها صيام، وليلها قيام، نهارها ذكر وخضوع، وليلها تهجّد وخشوع ..
وأضع هذا الحديث بين يديك، حتّى تتذكّر نعمة الله تعالى عليك، وهو ما رواه أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
" كَانَ رَجُلَانِ مِنْ بَلِيٍّ مِنْ قُضَاعَةَ أَسْلَمَا مَعَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم، وَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا، وَأُخِّرَ الْآخَرُ سَنَةً، قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَأُرِيتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ فِيهَا الْمُؤَخَّرَ مِنْهُمَا أُدْخِلَ قَبْلَ الشَّهِيدِ، فَعَجِبْتُ لِذَلِكَ! فَأَصْبَحْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: ((أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلَاةَ سَنَةِ؟!)) ..
لذلك كان الصّحابة والتّابعون يسألون الله تعالى وصوله وبلوغه ..
لذلك ترى المؤمن لا يودّعه إلاّ وقلبه يحترق لوداعه .. فلعلّه لا يلقاه بعد عامه هذا ..
لذلك ترى المؤمنين في شوق وحينن إلى لقائه ..
قال يحيى بن أبي كثير رحمه الله: (كان من دعائهم: اللهمّ سلِّمني إلى رمضان، وسلِّم لي رمضان).
فتذكّر يا من أدركت هذا الشّهر أنّك في نعمة من الله إليك أسداها .. ومنّة منه عليك أولاها .. فالهج بلسان الحال والمقال شاكرا للكبير المتعال، عندئذ ترى أنّ الله ربّ العبيد، قد آذنك بالمزيد: ((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)) [إبراهيم:7] ..
الوصيّة الثّانية: تعرّضوا إلى نفحات الله تعالى ..
واستمع إلى نبيّك صلّى الله عليه وسلّم وهو يقول: ((إِنَّ لِلَّهِ فِي أَيَّامِ الدَّهْرِ نَفَحَاتٍ فَتَعَرَّضُوا لَهَا، فَلَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ نَفْحَةٌ فَلاَ يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا)) [رواه الطّبراني من حديث محمّد بن مسلمة، انظر "صحيح الجامع"] .. هداية لا ضلال بعدها .. رُشد لا غيّ بعده .. عمل لا انقطاع عنه ..
فكم دخله من بعيد فقرّبه الله .. كم دخله من مسيء فتاب عليه الله .. كم دخله من محروم فأعطاه الله .. كم دخله من طريد فآواه الله .. كم دخله من فقير فأغناه الله .. شهر وأيّ شهر ..
ومن أراد أن تمسّه مثل هذه النّفحات: فعليه أن يعزم على العمل الصّالح، والبعد عن كلّ عمل طالح .. إذا وضعت قدمك على عتبة هذا الشّهر، فاعقد النية والعزم على أن تكون من السّابقين، فما نوى ذلك أحد إلاّ وفّقه الله، وتخيّل-ولعلّه الواقع-أنّه آخر شهر في حياتك، كما هي وصيّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأهل الصّلاة: ((إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ)) [رواه أحمد وابن ماجه عن أبي أيوّب رضي الله عنه].
فكم من أقوام طرقوا باب رمضان ودخلوه، فما أنهوه ولا أكملوه، أدركهم آخره وما أدركوه، فمن نوى صالحا كتِبت لهم الحسنات والأجور، لأجل عزمهم على تجارة مع الله لن تبور ..
وأعظم الأعمال الصّالحة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/169)
-تجديد التّوبة إلى الله تعالى عزّ وجلّ .. فإنّ الله تعالى قد فرض على عباده التّوبة في أكثر من آية، فقال: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) [التّحريم:8] .. وقال سبحانه: ((وَأَنِيبُواْ إِلَى رَبّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ))، وقال الله تعالى: ((وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) [النور: 31] .. وقال تعالى: ((وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) [الحجرات:11]، فقسم العباد إلى تائب وظالم، وليس هناك قسم ثالث، وأوقع اسم الظالم على من لم يتب، ولا أظلم منه لجهله بربه وبحقه وبعيب نفسه وآفات أعماله ..
وكثير منّا من الظّالمين لأنفسنا، قد يقذف الشيطان في قلبه اليأس والقنوط، فيغلق باب التّوبة على نفسه، أو على غيره، وقد فتحه الله على مصراعيه، فهنالك عوضا من أن يسارع إلى التّوبة إلى الله، تراه فارّا من مولاه ..
فاعلم أيّها المذنب المسرف على نفسه أنّ الله تعالى قد دعا إلى التّوبة أعظمَ الخلق شركاً ومعصيةً؛ الّذين قالوا إنّ عيسى عليه السّلام ابن الله-تعالى الله عمّا يقول الظّالمون علوّاً كبيراً- فقال عزّ وجلّ: ((أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) [المائدة:74] ..
كما فتح باب التّوبة للمنافقين الّذين هم شرّ خلق الله فقال تعالى: ((إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِى الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللَّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً)) [النساء:145، 146].
وانظر إلى أصحاب الأخدود الذين قتلوا عباد الله المؤمنين بغير ذنب إلا أنهم آمنوا بالله ربهم، ينبههم الله عز وجل إلى أنهم لو تابوا لتاب عليهم وقبلهم قال تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُواْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ)) [البروج:10]. قال الحسن البصري في هذه الآية: (قتلوا أولياءه وهو يعرض عليهم التوبة).
ولا يخفى عليك قول الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: ((كُلُّكُمْ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَوَّابُونَ)).
-الإكثار من تلاوة القرآن:
فهو شهر القرآن، قال تعالى: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)) [البقرة: من الآية185] .. أي: ما شرعنا صيامه إلاّ من أجل إنزال القرآن فيه، ويؤكّد ذلك أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يعارض جبريل القرآن كلّ سنة مرّة في رمضان، فلمّا كان العام الّذي توفّي فيه عارضه مرّتين.
وعلى ذلك مشى السّلف الصّالح، فكانوا يُكثرون من تلاوة القرآن في رمضان، كان الزّهريّ رحمه الله يقول إذا دخل رمضان: " إنّما هو تلاوة القرآن وإطعام الطّعام "، وكان الإمام مالك رحمه الله إذا دخل عليه رمضان ترك قراءة الحديث ومجالس التّعليم وأقبل على قراءة القرآن. وكان قتادة يختم القرآن كلّ سبع ليال دائما، وفي رمضان يختمه كلّ ثلاث ليال.
-الإكثار من الصّدقة: روى البخاري ومسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ عليه السّلام، فَلَرَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ) ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/170)
وفتح النبيّ صلّى الله عليه وسلّم سباقا لهذا الجود، فدلّنا على سبيل يمكنك من خلاله أن تصوم رمضانين في رمضان واحد، فقد روى التّرمذي وغيره عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: ((مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا)).
فتذكّروا إخوانا لنا في الإسلام .. تذكّروا الأرامل والأيتام .. تذكّروا أحشاء ظامئة .. وبطونا جائعة .. إنّ ما تشعر به من الجوع والعطش أيّاما، يشعر به هؤلاء أعواما ..
وتذكّروا أجسادا عارية .. تذكّروا أبا وأمّا لا يجدون ما يدخلون به السّرور على أطفالهم .. يكبّر للصّلاة ويأتيه طيف الحاجة .. هل من معين .. هل من مواسٍ للمعوِزين .. ويزداد ألمه، ويشتدّ سقمه إذا تذكّر أنّ من بخل عليه في رمضان، فإنّه لن ينظر إليه في غيره ..
وكان كثير من السّلف يؤثر بفطوره وهو صائم، منهم عبد الله بن عمر رضي الله عنه، وداود الطّائي، ومالك بن دينار، وأحمد بن حنبل، وكان ابن عمر لا يُفطر إلاّ مع اليتامى والمساكين، وإذا علم أنّ أهله قد ردّوهم لم يفطر معهم تلك اللّيلة.
وكان من السّلف كالحسن وابن المبارك من يدعو المحتاجين فيطعمهم وهو صائم ويجلس يخدمهم ويروّحهم.
وقال أبو السوّار العدويّ: كان رجال من بني عديّ يصلّون في المسجد ما أفطر الواحد منهم وحده قط، فإن وجد من يأكل معه، وإلاّ أخرج طعامه إلى المسجد فيأكله مع النّاس.
ألا فلتتحرّك أيدي الجود والسّخاء .. بالإنفاق والعطاء .. فكم من ساق جرعة ماء لوجه ربّ الأرض والسّماء وقاه الله شرّ يوم اللّقاء .. كم من ساق جرعة ماء سقاء الله يوم الظّمأ شربة لا يظمأ بعدها أبدا .. ((إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (12))) ..
روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم أَنَّ رَجُلًا رَأَى كَلْبًا يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ فَأَخَذَ الرَّجُلُ خُفَّهُ فَجَعَلَ يَغْرِفُ لَهُ بِهِ حَتَّى أَرْوَاهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ.
هذا سقى كلبا طريدا، فكيف بمن أطعم عبدا أسلم لله توحيدا وتمجيدا؟ ..
الخطبة الثّانية:
الحمد لله على إحسانه، وعلى جزيل نعمه وعظيم امتنانه، وأشهد أن لا إله إلاّ الله تعظيما لشانه، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله الدّاعي إلى سبيله ورضوانه، اللهمّ صلّ عليه وعلى أصحابه وآله، وعلى كلّ من اتّبع هداه واستنّ بسنّته وسار على منواله، أمّا بعد:
فمن جزيل الأعمال الّتي على المسلم أن يحرص عليها هذا الشّهر:
-القيام:
فقيام اللّيل من أعظم ما تقرّب به الصّالحون، وأشرف ما يبتغيه المؤمنون، وإنّ فضائله لا تحصى ولا تعدّ، ولا يمكن أن يحويها حدّ .. فيكفي:
1 - أنّه شرف المؤمن .. وكلّنا يبتغي الشّرف، غير أنّ أكثر النّاس ظنّوه بالمال والجاه، روى الحاكم وغيره بسند صحيح عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: " جاء جبريل عليه السّلام إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال:" يَا مُحَمَّدُ! عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَنْ أَحْبَبْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيّ بِهِ، واعْلَمْ أَنَّ شَرَفَ المُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ)).
وأعلى مقامات الشّرف أن يجعلك الله من عباده، فيقول: ((وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً (64))) [الفرقان] .. فسمّاهم عباد الرّحمن، وكأنّ غيرهم ليسوا كذلك ..
وممّا زادني شرفا وتيها وكدت بأخمُصيّ أطأ الثريّا
دخولي تحت قولك: يا عبادي وأن صيّرت أحمد لي نبيّا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/171)
2 - وأنّه كان في أوّل الإسلام مفروضا .. كما في صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: إِنَّ اللَّهَ عزّ وجلّ افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ، فَقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا، وَأَمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا فِي السَّمَاءِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ التَّخْفِيفَ فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ.
ولمّا صار نافلة، كان:
3 - أفضل صلوات النّوافل .. فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: ((أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ)) ..
4 - ولذلك أمر به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أوّل يوم دخل فيه المدينة: روى التّرمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم! قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم! قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم! فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَثْبَتُّ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: ((أَيُّهَا النَّاسُ! أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ)).
5 - وهو من أعظم السّبل لشكر الله تعالى: فقد روى البخاري ومسلم عَنِ الْمُغِيرَةِ رضي الله عنه قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟! قَالَ: ((أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا)) ..
6 - أعدّ الله لأهل القيام أطيب المساكن: روى ابن حبّان في " صحيحه " عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:
((إِنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَفْشَى السَّلاَمَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ)). ويكفي أنّه:
7 - عصمة من الغفلة ومكسب عظيم للأجر: فالغفلة وصف قاتل والعياذ بالله، نهى الله عن الاقتراب من أصحابه فقال: ((وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)) [الكهف: من الآية28].
روى أبو داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: ((مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْمُقَنْطِرِينَ)) ..
فكيف بكلّ هذه الفضائل، يؤدّيها المسلم والمسلمة في بيت الله أحسن البلاد، مع جماعة المسلمين أحسن العباد، في شهر من أفضل الشّهور وهو شهر الصّيام؟! .. لا جرم أن قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم-كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الشّيخين-: ((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)) ..
وهنا نرى لزاما علينا ونحن في هذا السّباق أن نذكّر إخواننا وأخواتنا أنّه ينبغي لمن أراد أن يُكتبَ له قيام ليلة كاملة أن يُكمل الصّلاة مع الإمام إلى الوتر، فقد روى التّرمذي والنّسائي عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: ((إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ قِيَامَ لَيْلَةٍ)).
ومن جليل الأعمال هذا الشّهر:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/172)
-العمرة: ومن النّفحات الّتي يُدعى المسلم إلى أن يتعرّض لها عمرةٌ في رمضان، فقد روى البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ: ((مَا مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّينَ مَعَنَا)) قَالَتْ: كَانَ لَنَا نَاضِحٌ فَرَكِبَهُ أَبُو فُلَانٍ، وَتَرَكَ نَاضِحًا نَنْضَحُ عَلَيْهِ. قَالَ: ((فَإِذَا كَانَ رَمَضَانُ اعْتَمِرِي فِيهِ فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً مَعِي)) .. فهنيئا لك أيّها المسلم بحجّة مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
-الإكثار من الدّعاء والاستغفار: يقول الله تعالى: ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)) [البقرة:186] .. ابحث عن موقع هذه الآية من القرآن، تجدها بعد آية الصّيام، وذلك ليدلّنا المولى أنّ أيّام هذا الشّهر الكريم أيّام دعاء واستغفار، فإن غفلت عن الدّعاء فلا تغفلنّ عن وقت الإفطار والأسحار، أمّا وقت الإفطار فلقوله صلّى الله عليه وسلّم: ((إنّ للصّائم عند فطره دعوة لا تردّ)). وأمّا وقت الأسحار فلأنّ المولى أقرب ما يكون من عبده وقت السّحر، فينزل إلى السّماء الدّنيا فينادي: ((هل من سائل فأعطيه، هل من مستغفر فأغفر له))، وقوله عزّ وجلّ: ((وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ)).
الوصيّة الثّالثة: تذكّر حقيقة الصّيام والقيام .. وصيّة نبويّة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر .. روى البخاري ومسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: ((قَالَ اللَّهُ: " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ)) ..
لا يرفُث: أي: لا يقل الكلام البذيء الفاحش القبيح .. ولا يصخب: لا يرفع صوته ويصيح .. وأين رفع الصّوت بجانب منكرات كثيرة قد يراولها الصّائم: كالنّظر الحرام إلى النّساء الكاسيات العاريات .. والعارضات والممثّلات .. كسماع المغنّين والمغنّيات .. كاللّهو بالنّرد والورق .. أترضى أن يعود النّاس بالثّواب والأجور، ثمّ تعود بالويل والثّبور .. أما تخشى أن تدخل تحت وعيد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم القائل: ((رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ والعطش، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ)).
الوصيّة الرّابعة: احذر قطّاع الطّريق:
أرى لزاما عليّ أن أذكّرك ونحن بين يدي شهر الخيرات وموسم الطّاعات، أنّ في البشر كثيرا من قطّاع الطّرق، يصدّون الخلق عن خالقهم، ويضلّونهم عن سبيل رشادهم وهدايتهم .. يمكنك أن تشبّههم بأي شيء، شبّههم بأنّهم خلفاء للّذين صفِّدوا من الشّياطين، إلاّ أنّ هؤلاء من ماء وطين .. شبّههم بأصحاب الأخدود الّذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات عن صراط الرّحيم الودود .. لا نزال نراهم في الصّحف والمجلاّت .. في الشّوارع والطّرقات .. في الإذاعات والشّاشات .. يعدون ويبشّرون، ويدعون النّاس إلى قضاء أتعس الأوقات، والتنجّس بمتابعة السّهرات والحفلات .. والعجيب أن تنطلي هذه الإغراءات على أغلب الفئات ..
عباد الله .. إنّنا لسنا أمّة تحرّكها النّكت والتّسلية .. وتخسر سبل الجنّة لأجل الضّحك والسّخرية .. وحياتنا أغلى بكثير من أن نتركها بأيدي الحمقى والمهرّجين .. واسمحوا لي أن أقول: أنا لا أستغرب أن يتابع مثل هذا الهراء شاب في مقتبل العمر، أو فتاة في ريعان شبابها، ولكنّ الأسف يملأ القلب، ويزيد لهب الكرب إذا علمت أنّ ذلك صار حديث الرّجال الكُمّل العقلاء من النّاس ..
يعرض عليهم ربّهم أعظم سلعة وبضاعة، ويدعوهم إلى اغتنام سبل الشفاعة .. يعرض عليهم العمل في شهر لا كالشّهور، الذّنب فيه مغفور .. ولكنّهم آثروا سلعة غيره، وحرموا أنفسهم من خيره .. استبدلوا سبل الفلاح والمفاز .. باللهو واللّغو في التّلفاز .. استبدلوا سبل الخيرات بالقنوات والمقعّرات ..
إنّهم استجابوا لمن قال تعالى فيهم: ((أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)) [البقرة: من الآية221].
أخي الكريم .. هذه وصايا أسأل الله أن تصل إلى قلبك، فمدّ يديك إلى ربّك .. وتب إليه واستغفر لذنبك .. وأخرج نفسك من زمرة المرضى وقل معي: ((وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّي لِتَرْضَى)) ..
يا زارع الخير تحصد بعده ثمرا يا زارع الشّر موقوف على الوهن
يا نفس ويحك توبي واعملي حسنا عسى تجازين بعد الموت بالحسن
اللهمّ فاقبل توبتنا، واستجب دعاءنا، وارحم شبابنا، وأقم لنا عسرتنا، ولا تفضحني بالذي قد كان منّا، اللهم لا تفضحنا بالذي كان منّا .. اللهم استر علينا عيوبنا، اللهم ارحمنا برحمتك واجعلنا من الفائزين برمضان واجعلنا ممن قام رمضان إيمانا واحتسابا فغفرت له ما تقدم من ذنبه اللهم اجعلنا ممن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا وغفرت له ما تقدم من ذنبه اللهم اجعلنا من الفائزين برمضان سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله ألا أنت نستغفرك ونتوب إليك وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثير(101/173)
من أحرم بالعمرة قبل غروب الشمس من آخر يوم من شعبان فلا يتعبر اتى بعمرة في رمضان (ابن عثيمين)
ـ[عبدالمنعم]ــــــــ[31 - 08 - 08, 08:36 م]ـ
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
ولقد سمعتم في الخطبة أن من أدى عمرة في رمضان فكمن أدى حجة، ولكن لابد أن تكون العمرة من إحرامها إلى انتهائها في رمضان، فمن أحرم بها قبل غروب الشمس من آخر يوم من شعبان ثم أتى بأفعالها في رمضان فإنه لا يعد قد أتى بعمرة في رمضان، ولذلك من أراد أن يدرك هذا الأجر فلا يحرمن من الميقات إلا بعد أن يثبت دخول شهر رمضان، وكذلك في آخر الشهر، لو الإنسان أحرم قبل غروب الشمس آخر يوم من رمضان وأدى بقية أعمال العمرة في ليلة العيد فإنه لا يعد أتى بعمرة في رمضان.
المصدر: موقعه على هذا الرابط
http://www.ibnothaimeen.com/all/khotab/article_144.shtml(101/174)
"عقيدتي في رمضان"
ـ[أبو أحمد الأشقر]ــــــــ[31 - 08 - 08, 08:37 م]ـ
عقيدتي في رمضان
منقول من موقع "منار الجزائر"
عقيدتنا هي عقيدتنا، وإيماننا هو إيماننا، لا يتبدل بتبدل المواسم، لكنه يزيد وينقص، ويتجدد ويخلَق، وتعلق بعقيدتنا رواسب وتتلطخ فطرنا بأدران، وننسى حتى كأننا ما علمنا، ونغفل حتى كأننا ما عقلنا، من أجل ذلك إذا أقبلنا على إقامة شعيرة من شعائر الإسلام وجب علينا تعاهد إيماننا ومراجعة عقيدتنا ونفع أنفسنا بالتذكير، وإجالة الذهن بالتفكير، عسى أن يفتح العلي القدير من فضله وإحسانه، ومن شعائر الإسلام الصيام ومن مواسم الإيمان رمضان، فهلم أيها القارئ الحبيب نتذاكر مسائل رمضانية متعلقة بالعقيدة أو تنزع إليها، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لصيام رمضان وقيامه إيمانا واحتسابا
رمضان بين العادة والعبادة
الصيام عنوان الإخلاص
لا ينفع العبد عمل صرفه لغير وجه الله عز وجل عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» (مسلم2985) , وذلك هو الرياء أخوف ما يخاف النبي صلى الله عليه وسلمعلى أمته, فعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قالوا بلى قال الشرك الخفي يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل» (ابن ماجة 4204 وحسنه الألباني) ,فالإخلاص أمر عزيز ومعالجة النيات من أصعب الأمور فالفرار الفرار من الرياء, والصيام خير معين, لأنه سر بين العبد وربه لا يعلمه إلا هو، فلذلك صار مختصا به, ذلك أنك لو شئت لأفطرت في رمضان وأظهرت للناس الصيام وما يمنعك من ذلك إلا علمك بأن الله عز وجل يعلم سريرتك, فلو وطنت نفسك على هذا في سائر العبادات نجوت من الرياء بإذن الله تعالى.
صيام شهر رمضان عبادة وليس "عادات وتقاليد"
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان» (متفق عليه واللفظ لمسلم) فالصوم ركن من أركان الإسلام يكفر جاحده ويتعرض تاركه استخفافا لغضب الله عز وجل كما أن الصوم عبادة يشترط فيه ما يشترط في سائر العبادات من نية التعبد والتقرب إلى الله عز وجل قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» (متفق عليه) , فليتعلم هذا من إذا استهل رمضان تذكر تراث الآباء والأجداد في إعداد الطعام وإمضاء السهرات, لقد جعل كثير من المسلمين بلسان حالهم شهر رمضان "فلكلورا شعبيا" تحيى فيه التقاليد, ونحن إلى إحياء السنن أحوج, فعلى المسلم أن يستحضر في صيامه وقيامه نية العبادة لله عز وجل.
أحيِ ... وأمِت ... !
لعلك تقول: أخِلْتَني النمرود الذي حاج إبراهيم في ربه؟
فأقول: لا تعجل إنما أردت أحي ما حسن من عادات أجدادنا وأمت ما قبح منها، فإن قومنا يحيون من العادات ويميتون لكن على عكس ما ذكرنا، نتخير أردأ عادات الأجداد ونضيف إليها عادات رديئة من كيسنا: فهل كان أجدادنا يرمون الخبز في المزابل، هل كان أجدادنا يجتمعون مع نسائهم وبناتهم في السهرات الرمضانية التي تعرض فيه المسلسلات الغرامية ... لقد كان أجدادنا مع قلة حصيلتهم العلمية ذوو فطر سليمة و"نية" صالحة، يرجى لهم بها عند الله تعالى الخير، أما نحن فإذا أردنا أن نحرم حلالا أو نحظر مشروعا أو ننكر معروفا وصفناه بالتشدد والرجعية وعصبناه برؤؤس "المتشددين"، وإذا أردنا أن نحل حراما أو نسوغ منكرا حليناه بحليه العادات الجزائرية وأدرجنا مُنكِره في سلك المتنكرين لتراث الأمة. فيا هؤلاء نحن أول الدعاة إلى إحياء التراث وبعث العادات والتقاليد، ولكن تعالوا إلى كلمة سواء: أن نعرض هذه العادات والتقاليد على مشكاة النبوة، ونزنها بميزان الشرع فما كان من خلق فيه خير فإن الإسلام أولى به، أما ما سوى ذلك فمُطَّرَح منسِّيٌ غير مأسوف عليه.
حكيم بن حزام ... أولا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/175)
حكيم ابن حزام المسلم الذي حسن إسلامه راوي حديث جزاء المسلم الذي حسن إسلامه، فقد جاء في الصحيحين أنه قَالَ للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ أَشْياءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِها في الْجاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتاقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ، فَهَلْ فيها مِنْ أَجْرٍ فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَسْلَمْتَ عَلى ما سَلَفَ مِنْ خير) (متفق عليه)، حينئذ قال حكيم رضي الله عنه: فوالله لا أدع شيئا صنعته في الجاهلية إلا فعلت في الإسلام مثله، وكان قد أعتق في الجاهلية مئة رقبة وساق مئة بدنة، فلما حج رضي الله عنه بعد إسلامه أهدى مائة بدنة مجللة وألف شاة وأوقف معه بعرفات مائة وصيف فى أعناقهم أطوقة الفضة، وقد نقش فيها هؤلاء عتقاء الله عن حكيم بن حزام فأعتقهم وأهدى جميع تلك الأنعام رضى الله عنه. هكذا فليكن إحياء العادات الحسنة!
حكيم ابن حزام ... ثانيا
إذا كان الواحد منا يفخر أنه ولد بقصبة العاصمة وأنه "ابن البلد"، ويجعل ذلك ذريعة إلى التشبث بعادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان، فحكيم بن حزام كان "ابن مكة" وولد في جوف الكعبة –كما يذكر أهل التاريخ-وكانت دار الندوة في قريش بمثابة دار العدل لا يدخلها إلا من جاوز الأربعين إلا حكيم بن حزام فإنه دخلها وهو ابن خمسة عشر عاما، فما أنت يا "ابن البلد" بأشد تمسكا بالعادات والتقاليد من حكيم بن حزام، لما أسلم رضي الله عنه كانت بيده الرفادة ودار الندوة فباعها بعد من معاوية بمائة ألف فقال له ابن الزبير بعت مكرمة قريش فقال له حكيم: يا ابن أخى ذهبت المكارم فلا كرم إلا التقوى، يا ابن أخى إنى اشتريتها فى الجاهلية بزق خمر ولأشترين بها دارا فى الجنة أشهدك أنى قد جعلتها فى سبيل الله." رضي الله عنه!
رمضان بين القلب والبطن
رمضان في لاشعور الأمة: اسأل السكارى والمجانين!
أعرض على القارئ الكريم هذه النظرية: المجانين والسكارى هم التعبير الصادق عن "لاشعور"الأمة، مصداق ذلك أنه كان في من كان قبلنا إذا جُن امرؤ صار كلامه حكما تكتب، وإذا سكر وانتشى قد يقول أبياتا تسير بها الركبان، أما اليوم إذا جن المجنون كان أول عوارض جنونه أن يسب الله ويقذف الناس ويغمز النسوة في الطرقات، وإذا سكر السكران اقتدى بالمجنون فيما ذكرنا، فأمتنا لما كانت صالحة قل خبث خبثائها وسفه سفهائها فلما فسدت زاد خبث الخبيث وسفه السفيه، ولعلك إن سألت أحد مجانيننا: ماذا يعبر لك شهر رمضان؟ لسرد لك (بعد سبك طبعا) قائمة طويلة من الأطعمة والحلوايات رأيت أن أطلق عليها اسم "الشعائر البطنية"، إن الكثير منا إذا اقترب رمضان تذكر "الشوربة" و"البوراك" و"الزلابية" ... بحيث يصعب عليه تخيل الشهر الكريم من غيرها، لذلك قد يعتمر الواحد منا في العشر الأواخر من رمضان، فيكون في صحن الحرم مواجها الكعبة المشرفة والناس حوله في صلاة ودعاء وذكر وابتهال، ثم هو مع ذلك تحن نفسه إلى "الشوربة" وغيرها من الشعائر البطنية ... ولقد رأيت بأم عيني أحد إخواننا استصحب معه في عمرته حقيبة ثقيلة عانى في حملها أيما معاناة، تبين لي بعد أنها ملئى بـ ... قارورات "حمود بوعلام"، فقد عظم عليه أن يمضي الأيام المعدودات في البلد الحرام دون "الشراب المحلي"،فرمضان في "لاشعور الأمة" هو شهر للأكل والسمر، وقلوبنا صارت في بطوننا، وحتى ترجع القلوب إلى الصدور لا بد أن نتأمل معاني العبادات ومقاصدها وما أعده الله سبحانه وتعالى من الأجر لمن أخلص فيها.
الصديقة تتصدق بمائة بألف وتنسى اللحم لفطرها
قال عروة بن الزبير بعث معاوية إلى أم المؤمنين عائشة بمائة ألف ففرقتها من يومها فلم يبق منها درهم، فقالت لها خادمتها: هلا أبقيت لنا درهما نشترى به لحما تفطرى عليه! فقالت: لو ذكرتينى لفعلت، فشدة اشتغال عائشة رضي الله عنها بتحصيل الأجر أنساها اللحم، وشدة اشتغالنا بتحصيل اللحم ... تعرف البقية!
تكافئ نفسك أم يكافئك الله؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/176)
عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ هُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ) (متفق عليه)،ندعي أننا نصوم إيمانا واحتسابا وطمعا في الأجر العظيم الذي لا يعلم قدره إلا الله تعالى، لكن تُكذِّب بطوننا دعوانا وإليك البيان: تجد بعضنا إذا صام يوما فتعب فيه وشق عليه جعل لزاما عليه أن يكافئ نفسه بأصناف من المأكولات والمشروبات والحلوايات،وكلما زاد نصبه عظَّم مكافأة نفسه، فكأنه يكافئ نفسه على عمله، لا نقول أن الأكل من الطيبات حرام .. لا .. ولا أن يتقصد الإنسان الأطعمة النافعة المغذية في رمضان حتى يستعين بها على الطاعة الله تعالى، لكن لا ينبغي أن تبدر منا أفعال يفهم منها استعجال المكافئة أو الاغترار بالعمل فهذه أمور من المهلكات، نسأل الله تعالى العصمة والسداد.
عبد الرحمن بن عوف: نخشى أن تكون حسناتنا عجلت لنا
أُتِيَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِطَعَامٍ وَكَانَ صَائِمًا فَقَالَ قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي كُفِّنَ فِي بُرْدَةٍ إِنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ وَإِنْ غُطِّيَ رِجْلَاهُ بَدَا رَأْسُهُ وَأُرَاهُ قَالَ وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنْ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ أَوْ قَالَ أُعْطِينَا مِنْ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ، هذا عبد الرحمن بن عوف المبشر بالجنة يقول هذا الكلام، أما نحن فيأكل أحدنا في رمضان أكل من كشفت عنه الحجب فعلم أن صيامه قُبِل، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
رمضان بين الديانة والخرافة
بدع وخرافات في شهر رمضان
- وضع القطران في أخمص القدمين ليلة السابع والعشرين لطرد الشياطين التي تسرح من أصفادها.
- مشاهدة السماء ليلة السابع والعشرين لترقب ليلة القدر بعلامات يعرفونها كانشقاق السماء وتلونها باللون الأخضر، وأن من يدعو بدعاء حينئذ استجيب له ولو دعا بالشر خطأ.
- ما يفعل عند صيام الأطفال لأول مرة للفأل كإعداد "الشاربات" وإعطاؤها للطفل في كأس به حلي من الفضة ويزعمون أن ذلك ييسر عليه الصيام.
- البوقالة هي لعبة شعبية تلعبها الفتيات العازبات, وصورتها أن تجتمع الفتيات في سهرات شهر رمضان مع عجوز تتلو عليهم أشعارا شعبية, غالبا ما يكون مضمونها العشق أو فراق الأحبة والطمع في رجوعهم , ولا بد أن تعقد الفتاة نيتها قبل البوقالة بأن تفكر في شخص من زوج أو ولد أو غيرهما ممن ترجو أن يتحقق فيه معنى البوقالة, ويسمون ذلك بـ"الفال", ولا حظ في البوقالة إلا لمن صنعت عقدة من ثوبها أو خمارها أو قطعة قماش, فإذا تليت البوقالة حلت العقدة وإن شاءت باحت باسم"المبوقل" أو لا أدري كيف يصاغ اسم المفعول من بوقالة! انتهت الطقوس ولنعد إلى الحكم الشرعي, لاشك أن البوقالة حوت عددا من المنكرات ففي بعضها استغاثة بالأولياء أو أمور لا يليق ذكرها بين الفتيات كأمور العشق وفيها ما يشبه فعل الساحر من العقد وما يشبه الحظ والأبراج؛ فأما إذا اقترانها بما ذكر من المنكرات فالواجب اجتنابها، أما إن خلت مما ذكر فالعلم عند الله تعالى.
رمضان بين العبادة والمعصية
احذر مظاهر التسخط عند أداء العبادة!
الأصل في المؤمن أن يأتي بالعبادات طيب النفس قريرها, معتقدا أن الله عز وجل غني عن طاعته قال عز وجل: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) ويظهر بعض الناس في شهر رمضان مظاهر يفهم منها ضجرهم بالصيام وتسخطهم من أدائه, ويظهر ذلك في أقوالهم وأفعالهم فإذا أصابت أحدهم مصيبة أو نابته نائبة أو كسلت نفسه أو فسد طبعه عزى ذلك كله للصيام, وما أكثر ما يقولون: فلان "غلبه رمضان"! كأن شهر رمضان شيطان مارد يقهر الناس, وفي الحديث: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا يهوي بها سبعين خريفا في النار» (الترمذي وصححه الألباني).
المستهزئون بالدين هم العدو فاحذرهم!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/177)
قال الله عز وجل: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) , هذه الآية نص في تكفير المستهزئ بشعائر الدين لأنه لا يتجاسر على هذا الصنيع إلا من عدم التوقير لله عز وجل, ومن الاستهزاء بالدين ما يلمز به بعض المارقين قولا وكتابة ورسما (في الكاريكاتير) من يتمسك برؤية الهلال لتوقيت الصيام والفطر بأنه متخلف, وقد جعلوا من ليلة الشك موضوعا لسخريتهم وتهكمهم بالدين ومن يتمسك به, يقولون كيف نشك ونحن في عصر الدقة والتطور! (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ) فاحذرهم وإياك أن تردد مقالتهم فضلا عن أن تعتقدها فتكون من الكافرين.
هل يفطر من سب الله عز وجل؟
سب الله عز وجل ودين الإسلام من أصرح عبارات الكفر والردة, وقد قرأت في ما سبق أن المستهزئ بالله وآياته ورسوله كافر مارق من دين الإسلام, والساب لله عز وجل ودينه أولى منه بالكفر, وها قد أقبل شهر رمضان الذي جعله المسلمون شهرا للغضب والانفعال المسوغ عند الكثير لسب الله عز وجل وسب الدين بألفاظ تكاد تخر لها الجبال! اعلم أن من غضب ومن "غلبه رمضان " لا يعذر عند الله عز وجل في كفره وتترتب عليه آثار الردة من إحباط الأعمال وبطلانها بما في ذلك الصيام, فيا من يتورع يوم صيامه من دخول الغبار إلى فمه, ولا يتورع عن سب رب العزة والجلالة أنت أشنع ذنبا عند الله ممن أكل متعمدا في رمضان قال تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).
ميسر رمضان ... لهو رمضان .... أيعقل هذا!
لما غاب عنا استشعار معنى عبادة صوم رمضان صار بعضنا يقر أسماء وإضافات هي أقرب إلى الاستهزاء بالدين والاستهانة بشعائره، فرمضان عند البعض موسم تجاري ومحفل ثقافي، لذلك استمرؤوا أن يسموا ميسرهم ودعوتهم الناس إلى إضاعة الأوقات بـ "مسابقة رمضان الكبرى",وسموا إحياء لياليه بالغناء واللهو "حفلات وليال رمضانية"، وسموا برامج النوكى والسفهاء في التلفاز "برامج رمضانية" ... وما إلى ذلك مما أضيف لاسم هذا الشهر الكريم الذي عظمه الله تعالى في كتابه، إن مثل هؤلاء كمثل رجل فتح محلا لبيع الخمور وسماه: "حانة رمضان"!، ولو استعظمت هذا المثال وأكبرته ألزمتك أن تستعظم: "مسابقة (ميسر) رمضان" و"ليالي (معازف) رمضان" و "برامج (منكرات لا تحصى) رمضان"، إن أضعف الإيمان أن يغضب المسلم لمجرد سماع أسماء المعاصي المضافة إلى اسم هذا الشهر الكريم.نسأل الله تعالى أن يجنبنا المنكرات.
المسلسلات الدينية والعقائد الفاسدة
المسلسلات الدينية المعروضة في شهر رمضان خطر على عقيدة المسلم من وجهين: الأول أنها مقدمة للمشاهد العربي, أقول العربي ولا أقول المسلم السني, حتى يدخل في الحد السني والاثنا عشري والجعفري والزيدي والنصيري والدرزي والقبطي والماروني ... وغيرها من الطوائف التي يجب أن تراعى مشاعرها في كل مسلسل, ولا حرج أن تحرف الشخصيات في سبيل هذا المقصد وتلوى أعناق النصوص وتعدل الأحداث التاريخية لتتلاءم مع عقائد الطوائف الثلاثة والسبعين كلها! أما الثاني فإن كثيرا من هذه المسلسلات تعرض الزنادقة والملاحدة والمبتدعة في منظر البطل, غاضة الطرف عن فساد عقيدته فيغتر الناس بذلك. في حين تهدر هيبة علماء الأمة ومجاهديها عند الناس، ذلك أن القوم إذا "سلسلوا" لحياة عالم أفنى عمره في طلب العلم وتبليغه أو مجاهد قضى حياته يجالد الكفار ويحمي حوزة الإسلام،لا بد أن يجدوا (أو يوجدوا) متسعا -في تلك الحياة الحافلة- للغرام والهيام والتشبيب والغزل والكلام المعسول مع الوصيفات والجواري والأميرات والغواني وغير ذلك من "المشاعر السامية"، هذا هو هدم الرموز الذي يتوصل به إلى هدم العقيدة وذاك هو الجسر الذي ينصبه أهل البدع والضلالة للجواز إلى طعن في الدين، فالرافضة والمستشرقون لم يطعنوا في القرآن إلا بعد أن حرفوا التاريخ وطعنوا في الصحابة والسلف، فكن على حذر.
متفرقات
شاهد من نفسك على زيادة الإيمان ونقصانه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/178)
الإرجاء من أخطر العقائد وأخبثها ثمرة على واقع المسلمين، وإن كان الفرقة المنشئة لهذه الفكر قد انقرضت، فإنها ورثت فكرها للفرق الضالة التي لم تنقرض إلى يومنا هذا، بل إن الشيطان زرع بذرة الإرجاء في قلوب الكثير من بسطاء المسلمين، من أجل ذلك إذا نصحت بعضهم بالتزام بعض العبادات الظاهرة كاللحية والحجاب و تسوية الصفوف لُقِّن الجواب: "الإيمان في القلب"، نعم الإيمان في القلب أصله، لكن لابد من أعمال تنميه وتُثَبِّتُه، وإليك الدليل: أليس إذا أقبل رمضان وشرعت في الصيام أقبلت على المسجد وعلى المصحف، وجادت يدك بالصدقة، ورق قلبك ودمعت عينك، وآنست من نفسك همة في فعل الخير وترك من المعاصي، فهذه ثمرات زيادة الإيمان، فإنك لما صمت لله تعالى وقمت له سبحانه زاد إيمانك ... فهذا أيها الحبيب شاهد من نفسك على زيادة الإيمان ونقصانه.
شهر رمضان يبدأ في ... أول رمضان
اعتماد التقويم الهجري ونبذ التقويم الميلادي من صميم عقيدة الولاء والبراء ومن مظاهر عزة المسلمين، قال عز وجل: (إنّ عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السّماوات و الأرض منها أربعة حرم ذلك الدّين القيّم) ,ولقد بلغ بقومنا في هذا العصر من النأي عن هذا الأمر أن اختفى استعمال هذا التقويم في أمورهم الدنيوية ثم انتقلت العدوى إلى الأمور الدينية، فاستدل الكثير على مواقيت المواسم الشرعية والأعياد الدينية بالتاريخ الميلادي، فاحرص أخي على التقيد بالتاريخ الهجري في كل أمورك وإن سألك سائل متى يبدأ رمضان؟ فلا تقل في 1 أو2 سبتمبر بل قل في1 رمضان.
مسائل في العقيدة مستفادة من النصوص الواردة في شهر رمضان
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين» (متفق عليه)، فيه دليل على أن الجنة والنار مخلوقتان الآن موجودتان وليس كما قال بعض أهل البدع أنهما لا تخلقان إلا يوم القيامة.
في قوله عز وجل: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) ثم قوله: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، دليل على ثبوت النسخ في شريعة الإسلام خلافا لمن أنكره من أهل البدع, فالآية الأولى دلت على مشروعية الفدية لمن كان مطيقا للصيام ولم يصم والثانية دلت على وجوب الصيام على المطيق.
قوله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) فيها أن الله عز وجل يكتب في ليلة القدر ما يكون في السنة من حياة وموت وبسط وقبض وخير وشر وغير ذلك, كذا قال مجاهد وقتادة والحسن زبدة التفسير (656).
http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&task=view&id=421&Itemid=12
ـ[صهيب الجواري]ــــــــ[21 - 08 - 10, 07:09 م]ـ
جزاك الله خيرا(101/179)
"أحاديث رمضان"
ـ[أبو أحمد الأشقر]ــــــــ[31 - 08 - 08, 08:39 م]ـ
http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&task=view&id=232&Itemid=12(101/180)
"كيف نعيش رمضان" لمحمد حاج عيسى
ـ[أبو أحمد الأشقر]ــــــــ[31 - 08 - 08, 08:42 م]ـ
"كيف نعيش رمضان" لمحمد حاج عيسى
منقول من موقع منار الجزائر
http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&task=view&id=231&Itemid=12
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فإن شهر رمضان شهر مبارك: فيه تغلق أبواب النيران وتفتح أبواب الجنان، ولله في كل ليلة من لياليه عتقاء من النار، شهر خيراته كثيرة وفضائله عديدة، وإنه لما كان بهذه المنزلة العظيمة فإنه ينبغي علينا أن نستقبله بعزيمة قوية وهمة عالية وبرنامج واضح المعالم حتى نغتنمه ولا نضيعه، وما هي إلا أيام حتى ترى الناس يسكبون من أجله دموع التوديع، لكن منهم من يبكي لأنه ألفه وألف خيره، ومنهم من يبكي على تضييعه وغفلته، وكان السلف إذا انقضى رمضان يقولون: «رمضان سوق قام ثم انفض ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر». وحتى نكون من الرابحين بإذن الله أحببنا أن نذكر أنفسنا وإخواننا بالوظائف التي علينا أن نشتغل بها خلال أيام هذا الشهر ولياليه.
1 - الصيام
إن الصوم كفارة للذنوب، وجنة يستجن بها من النار، وإنه شافع من الشافعين يوم القيامة، ويدخل صاحبه الجنة ولأهله باب خاص يسمى الريان إلى غير ذلك من الفضائل، واعلم أن هذه الفضائل على كثرتها وتنوعها لا تكون إلا لمن صام وهو مؤمن بالله تعالى محتسب للأجر راض بهذه العبادة، لا يريد بها إلا وجه الله تعالى، وهو أيضا متبع لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تكون هذه الفضائل إلا لمن صامت جوراحه عن المعاصي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» (متفق عليه). وعليه فاحذر من تضييع الوقت ومن الإسراف في المأكل والمشرب، ومن الغضب، فإنه «رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش» كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
2 - قيام الليل
ومن وظائف رمضان قيام الليل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» (متفق عليه)، وهذا القيام والحمد لله متيسر على أكثر الناس لما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون جماعة، فلا ينبغي لمؤمن حريص على المغفرة أن يضيعه، أو يضيع بعضه. بل علينا أن نحذر من ترك الصلاة والتهاون بها خاصة في هذا الشهر المبارك، وقد قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ» (البخاري).
3 - تحري ليلة القدر
إن في رمضان ليلة عظيمة، العمل فيها خير من العمل خلال ألف شهر، ليلة رغبنا النبي صلى الله عليه وسلم ترغيبا خاصا في قيامها فقال: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» (متفق عليه)، فمن غفل عن قيام ليلة من ليالي الشهر في أوله فلا ييأس؛ فإن في آخره هذه الليلة المباركة، فلا يضيعها عسى أن يحصل الفضل الذي فاته، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن علامتها بعد فواتها فقال: «صبيحة ليلة القدر تطلع الشمس لا شعاع لها حتى ترتفع» (رواه مسلم)، وليست خاصة باليوم السابع والعشرين-على القول الراجح-، ولكنها تنتقل في العشر الأواخر.
4 - قراءة القرآن
من أهم وظائف هذا الشهر قراءة القرآن، ذلك أنه شهر القرآن، قال تعالى:] شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [[البقرة:185]، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يعرض القرآن على جبريل كل رمضان.
ولا ينسى العبد فضل قراءة القرآن فإن له بكل حرف يتلوه حسنة، فعلينا أن نحرص على كسب الملايين في هذا الشهر المبارك، ومن كان منا مقصرا في هذه العبادة طيلة السنة، فقد جاءته الفرصة ليكفر عما فاته، ولقد كان من السلف من يختم القرآن في رمضان كل ليلة، ومنهم من يختمه في كل ثلاث ومنهم من يختمه في كل سبع… والواجب على كل واحد منا أن يجعل لنفسه برنامجا للقراءة يلتزم به، وعلينا أن نحرص على أن تكون قراءتنا مفيدة قراءة تفكر وتدبر، لا قراءة من لا يدري ما يقول سعيا منه للتكاثر والمباهاة بأنه قرأ القرآن في رمضان كذا مرة.
5 - الذكر والاستغفار والدعاء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/181)
ومما يرغب فيه الإكثار من الذكر والاستغفار والدعاء، قال تعالى:] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً [[الأحزاب:41] وقال:] الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ [[آل عمران:17] والسحر آخر الليل حين ينزل رب العزة إلى السماء الدنيا، والناس في رمضان يقومون في هذا الوقت من أجل أكلة السحر فعليهم أن لا يغفلوا عن الدعاء والاستغفار، قِيلَ للنبي ِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَع؟ ُ قَالَ: «جَوْفَ اللَّيْلِ الْآخِرِ وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ» (الترمذي)، والدعاء من وظائف رمضان، فقد قال تعالى بعد أن ذكر آيات الصيام:] وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [[البقرة:186]، فالعبد المؤمن يكثر من الدعاء في رمضان، في الليل وفي النهار وعند الفطر خاصة، وفي الحديث: «ثلاث لا ترد دعوتهم الصائم حين يفطر والإمام العادل ودعوة المظلوم» (الترمذي وابن ماجة)، ومن الدعاء عند الفطر: «ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله» (أبو داود).
6 - الإكثار من الصدقة
ومن وظائف رمضان الإكثار من الصدقة، قال ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليهوسلم أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمأَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ» (متفق عليه)، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان جوادا كريما في كل أيام السنة، لكن إذا جاء رمضان لم يبق لجوده حد، قال جابر رضي الله عنه: «ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال لا» (متفق عليه)، فإن قيل كيف يكون جوادا وهو الذي كان يمضي عليه الشهر والشهران لا توقد في بيته نار؟ قيل ذلك هو الإيثار ففي البخاري أن امرأة أهدت النبي بردة قال سهل رضي الله عنه: «فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها فطلبها منه أحد الصحابة وقال أكسنيها ما أحسنها فأعطاه إياها صلى الله عليه وسلم ولم يرده».
فأكثروا من الصدقة فإن من جاد على عباد الله جاد الله عليه، وهو الغني الكريم بالعطاء والفضل، والجزاء من جنس العمل.
ومن الصدقة صدقة الفطر وهي واجبة، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين» (أبو داود وابن ماجة) ولهذا قيل: «صدقة الفطر للصائم كسجدتي السهو للصلاة».
7 - إطعام الطعام
ومن الأعمال التي يرغب فيها خلال هذا الشهر إطعام الطعام، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَأَدَامَ الصِّيَامَ وَصَلَّى لِلَّهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ» (رواه الترمذي وحسنه الألباني).
وكان ابن عمر رضي الله عنه يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين، وكان ربما أعطى طعامه للمساكين فيبيت طاويا، وجاء الإمامَ أحمد رجلٌ يسأله وكان عنده رغيفين أعدهما لفطره فأعطاه الرغيفين وبات طاويا وأصبح صائما.
ولا يشترط أن يكون المطعَم فقيرا، فقد كان من السلف من يطعم إخوانه على سبيل الإكرام والهدية. قال بعضهم: «كان رجال من عدي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده، إن وجد من يأكل معه أكل وإلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس وأكل الناس معه».
ومما يدخل في هذا إطعام الصائم عند فطره ولو بتمرة أو شربة لبن ونحو ذلك، قال صلى الله عليه وسلم:» مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا «(الترمذي).
8 - العمرة في رمضان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/182)
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» (متفق عليه)، وينصح من أراد العمرة أن يجعلها في رمضان، لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَجَعَ مِنْ حَجَّتِهِ سأل صحابية مَا مَنَعَكِ مِنْ الْحَجِّ فلما ذكرت عذرها أمرها بالعمرة في رمضان وقال: «فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي» (متفق عليه).
9 - مجالس الذكر
ومن الأعمال المرغب فيها حضور مجالس الذكر، سواء مجالس العلم والدرس أو مجالس الوعظ والتذكير، ويكفي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في فضلها: «وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» (مسلم).
10 - الاعتكاف
ومن العبادات المشروعة في رمضان الاعتكاف وهو لزوم المسجد لإقامة العبادة فيه، قال أبو هريرة رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما» (رواه البخاري)، وهذا الاعتكاف هو الذي يمكن من التفرغ للذكر والدعاء والصلاة ومجالس العلم، ويبعده عن الفتن وكثير من مبطلات الأجر، وخير الاعتكاف ما كان في بيت الله الحرام أو في المسجد النبوي.
11 - التوبة
شهر رمضان هو شهر التوبة وتجديد الإنابة لله رب العالمين، وفرصة لتغيير الحياة والإقلاع عن المعاصي التي ابتلي بها العبد، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ» (الترمذي وأبو داود وابن ماجة)، قال صلى الله عليه وسلم: «أتاني جبريل فقال يا محمد من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله قلت آمين». (صححه ابن حبان) وإن شهر رمضان فرصة كل مؤمن بجوه الإيماني للإقلاع عن ذنوبه، وإن الله يفرح بتوبته، بل هو يبسط يديه بالليل والنهار ينتظر أوبته ورجوعه، وعليه أن يحقق شروط التوبة حتى تكون مقبولة عند الله تعالى من الندم على ما فات والعزم على أن لا يعود إلى الذنب، قال شقيق البلخي: «علامة التوبة البكاء على ما سلف والخوف من الوقوع في الذنب وهجران إخوان السوء وملازمة الأخيار».
12 - الدعوة إلى الله تعالى
ومن وظائف هذا الشهر العظيم الدعوة إلى الله تعالى، ذلك أن القلوب تلين فيه وهي مستعدة أكثر من أي وقت مضى لقبول التذكير والنصح، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» (رواه مسلم). والناس في انتظارك أيها المسلم الحريص على ملء رصيدك في هذا الشهر، فساهم في نشر الشريط الإسلامي والمطوية الدعوية والكلمة الطيبة.
هذه جملة من الوظائف لمن أراد أن يستثمر هذا الشهر ولمن أراد أن يكون من المرحومين، وقد جاء في الحديث كما في الصحيحة للألباني (1890): «افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، سلوا الله أن يستر عوراتكم وأن يؤمن روعاتكم». وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.(101/183)
ثبتت رؤية هلال رمضان 1429 في الجزائر
ـ[محمّد محمّد الزّواوي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 11:51 م]ـ
ثبتت رؤية هلال رمضان 1429 في الجزائر
و يكون أوَّله يوم غدٍ الإثنين، إن شاء الله تعالى(101/184)
ما الأولى .. مفارقة الإمام أم الانصراف معه؟؟؟
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[01 - 09 - 08, 12:33 ص]ـ
بسم الله والحمدالله والصلاة والسلام على رسول الله ...
فأكثر المساجد عندنا تصلي التراويح احدى عشر ركعة, فبعض الناس يصلي ثماني ركعات ((يترك الوتر)) وينصرف بحجة انه يريد أن يُكمل العشرين -ولا حرج عليه طبعا في الزيادة- ولكن أليس الأولى أن ينصرف مع الإمام لحديث أبي ذر (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة)؟
فما الحرج إذا أوتر مع الإمام وزاد في بيته كما يشاء؟
فها هم الصحابة أنكروا على عثمان رضي الله عنه عندما أتم الصلاة في منى , ولكن مع ذلك صلوا معه ولم يفارقوه.
فما رأي الأخوة؟
وهذا الأخ ((وهو طالب حديث في الجامعة الاسلامية)) , يقول لي انتهى القيام بثماني ركعات وأنا أريد ان أزيد وأُحب ان أختم ليلتي بوتر.
وانا الآن من خلال كتابتي للسؤال, أظن ان السؤال لعله أولى أن يكون: ((ما الأولى أن توتر مع الإمام أم مع نفسك؟؟))
أكرمكم الله وأحسن إليكم.
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 12:50 ص]ـ
- فعل الصحابة مع عثمان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - يختلف؛ فالذي أعلمه أنهم تابعوه درءا لفتنة مخالفة الإمام، ولا فتنة هنا، بل السؤال حول أفضلية!
- السؤال الأصح: ((ما الأولى أن توتر مع الإمام - وأنت تنوي الصلاة بعده - أم مع نفسك؟؟))
ـ[ميسرة الغريب]ــــــــ[01 - 09 - 08, 01:28 ص]ـ
هذه مسألة مهمة فعلا وكنت أنوي السؤال عنها ... هل يجوز أن أتم مع الإمام ولكن لا أسلم بل أشفع الوتر فيصبح لدي 12 ركعة ثم أكملها لوحدي على 20؟ وهل الوتر يكون بعد العشرين؟
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[01 - 09 - 08, 02:20 ص]ـ
هذه مسألة مهمة فعلا وكنت أنوي السؤال عنها ... هل يجوز أن أتم مع الإمام ولكن لا أسلم بل أشفع الوتر فيصبح لدي 12 ركعة ثم أكملها لوحدي على 20؟ وهل الوتر يكون بعد العشرين؟
سُئل الشيخ بن باز رحمه الله هذا السؤال فأجاب:
بعض الناس إذا صلى مع الإمام الوتر وسلم الإمام قام وأتى بركعة ليكون وتره آخر الليل فما حكم هذا العمل؟ وهل يعتبر انصراف مع الإمام؟
الحمد لله:
لا نعلم في هذا بأساً نص عليه العلماء ولا حرج فيه حتى يكون وتره في آخر الليل. ويصدق عليه أنه قام مع الإمام حتى ينصرف لأنه قام معه حتى انصراف الإمام وزاد ركعة لمصلحة شرعية حتى يكون وتره آخر الليل فلا بأس بهذا ولا يخرج به عن كونه ما قام مع الإمام بل هو قام مع الإمام حتى انصرف لكنه لم ينصرف معه بل تأخر قليلاً.
ـ[سلطان القرني]ــــــــ[01 - 09 - 08, 02:29 ص]ـ
الأسعد بالدليل أن القيام مع الإمام أولى من الايتار في البيت لمن تيسر له ذلك.
ولعل المتأمل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم المذكور في المشاركة الأولى يستنبط أن فيه لزوم جماعة المسلمين، وهذا مقصد شرعي سواء من هذا الدليل أو غيره.
ولو كل باغ للخير علم أن الأولى الايتار في البيت حتى يزيد في الصلاة ما شاء، لما بقي من جماعة المصلين إلا النزر اليسير وهذا غير مطلوب حتما.
وعلى كل حال الأمر فيه سعة لأن التراويح من النوافل كما لا يخفى، لكن القضية هنا عن الأولى وقد بينت رأيي
ملاحظة: كلامي حول من ينصرف بعد الركعة الثامنة، لا من زاد ركعة بعد الوتر.
والله تعالى أعلم،،،
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[01 - 09 - 08, 02:31 ص]ـ
- فعل الصحابة مع عثمان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - يختلف؛ فالذي أعلمه أنهم تابعوه درءا لفتنة مخالفة الإمام، ولا فتنة هنا، بل السؤال حول أفضلية!
- السؤال الأصح: ((ما الأولى أن توتر مع الإمام - وأنت تنوي الصلاة بعده - أم مع نفسك؟؟))
بارك الله فيك اخي الحبيب عبد الملك,
انا ما وضعت مثال عثمان رضي الله إلا لأنني قرأت فتوى مشابهة تقريباً لهذه المسألة للشيخ بن عثيمين رحمه الله .. حيث سُئل:
هناك من يصلي مع الإمام إحدى عشرة ركعة ثم يفارقه بحجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة؟
فأجاب فضيلة الشيخ بقوله:
هذا الفعل وهو مفارقة الإمام الذي يصلي التراويح أكثر من إحدى عشرة ركعة خلاف السنة، وحرمان لما يرجى من الأجر والثواب، وخلاف ما كان عليه السلف الصالح وذلك أن الذين صلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، لم ينصرفوا قبله، وكان الصحابة - رضي الله عنهم - يوافقون إمامهم حتى فيما زاد على ما يرونه مشروعاً، فإن عثمان - رضي الله عنه - لما أتم الصلاة في منى أنكروا عليه، ولكن كانوا يتابعونه في الإتمام، ويقولون: إن الخلاف شر (1)، وهو أيضاً حرمان لما يحصل من الثواب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة" (2).
... والزيادة على إحدى عشرة ركعة ليست حراماً بل هي من الأمور الجائزة، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل عن صلاة الليل فقال: "مثنى، مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت له ما قد صلى" (3). ولم يحدد له النبي صلى الله عليه وسلم عدداً، ولو كانت الزيادة على إحدى عشرة ركعة حراماً لبين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فنصيحتي لإخواني هؤلاء أن يتابعوا الإمام حتى ينصرف.
لعل المسألة الأولى مشابهة للثانية,
ولكنها في الحقيقة عكسية,
ففي الفتوى المذكورة شخص لا يريد أن يُصلي عشرين, وفي سؤالي ... ,شخص يريد أن يكمل الى العشرين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/185)
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[01 - 09 - 08, 02:37 ص]ـ
الأسعد بالدليل أن القيام مع الإمام أولى من الايتار في البيت لمن تيسر له ذلك.
ولعل المتأمل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم المذكور في المشاركة الأولى يستنبط أن فيه لزوم جماعة المسلمين، وهذا مقصد شرعي سواء من هذا الدليل أو غيره.
ولو كل باغ للخير علم أن الأولى الايتار في البيت حتى يزيد في الصلاة ما شاء، لما بقي من جماعة المصلين إلا النزر اليسير وهذا غير مطلوب حتما.
وعلى كل حال الأمر فيه سعة لأن التراويح من النوافل كما لا يخفى، لكن القضية هنا عن الأولى وقد بينت رأيي
ملاحظة: كلامي حول من ينصرف بعد الركعة الثامنة، لا من زاد ركعة بعد الوتر.
والله تعالى أعلم،،،
جزاك الله خيرا أخي سلطان وبارك الله فيك
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 04:14 م]ـ
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=23577
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[01 - 09 - 08, 04:32 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء أخي الحبيب عبد الملك,
والظاهر أن الكلمات المفتاحية التي وضعتها انا في محرك البحث تختلف عن كلماتك, لأنني بحثت في الملتقى ولم أجد شيئاً,
فبارك الله فيك وفي جُهدك الطيب,
ومع هذا , إلا أن الرابط الذي أحلتني إليه لم يُشفي غليلي بارك الله فيك,
فمعلوم أن هذا جائز وهذا جائز,
و حتى إذا انصرف المأموم بعد أربع ركعات تراويح, جائز أيضاً ولا يستطيع احد إلزامه بغيرها, فهي نافلة,
وانا هنا فقط أتكلم من باب ((أولى))
والموضوع نفسه الذي في الرابط لم يكتمل بعد, لسؤال الأخ:
لذلك سألت: هل أوتر النبي بأصحابه؟ وهل هناك نص صريحا نحمل به قول النبي http://ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/sallah.gif حتى ينصرف الإمام على الانصراف من الوتر -زيادة على فحوى كلامه http://ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/sallah.gif من حديث ابي ذر http://ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/radia.gif - لا الانصراف من الصلاة المكتوبة؟
أكرمك الله وأحسن إليك.
ـ[أبو لجين]ــــــــ[02 - 09 - 08, 06:29 م]ـ
هل ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يصلي بالناس ويوتر في بيته؟
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[03 - 09 - 08, 06:40 ص]ـ
هل ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يصلي بالناس ويوتر في بيته؟
ما أظن ذلك والله أعلم,
لأن الأثر صريح أن الذي كان يصلي بهم هو أبي بن كعب
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[03 - 09 - 08, 06:44 ص]ـ
عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ
خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ فَقَالَ عُمَرُ إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ .........
رواه البخاري ...
ـ[ميسرة الغريب]ــــــــ[13 - 09 - 08, 06:53 ص]ـ
بعض الناس إذا صلى مع الإمام الوتر وسلم الإمام قام وأتى بركعة
في الركعة الأخيرة للإمام ماذا يفعل المأموم الذي يريد الإتيان بركعة أخرى حين يجلس الإمام للتشهد والصلاة الإبراهيمية؟ هل يتابع الإمام في التشهد والصلاة أم يبقى صامتا حتى يسلم الإمام فيقوم لركعته؟
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[13 - 09 - 08, 08:17 ص]ـ
يتابعه أخي الكريم، وممن نص على زيادة الركعة -لمن أراد الايتار آخر الليل- بعد سلام الامام من وتره السامُرِّي الحنبلي في "المستوعب".
ـ[ميسرة الغريب]ــــــــ[13 - 09 - 08, 12:42 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم .. فقط من باب التاكد أخي لأني ربما لم أحسن صياغة السؤال ... هل يتابعه بمعنى أنه يجلس معه للتشهد والصلاة الإبراهيمية فقط أم يجلس ويقرأهما أيضا؟
آمل ألا أكون قد أثقلت عليك
جزاك الله كل خير
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[13 - 09 - 08, 01:12 م]ـ
وإياك أخي الكريم
يجلس ويتشهد ويصلي على النبي .. فإذا سلم الإمام قام ليأتي بركعة.
ـ[ميسرة الغريب]ــــــــ[13 - 09 - 08, 02:38 م]ـ
بوركت أخي الكريم ... أسأل الله أن يجعلنا جميعا من عتقاء هذا الشهر
ـ[أبو عبد الوهاب السلفي]ــــــــ[14 - 09 - 08, 06:45 م]ـ
سبحان الله!
هذه نعمة من الله أن وجد إماما يطبق السنة فكيف يعدل هو بعد ذلك!
عليه أن يحمد الله أن هيأ الله له هذا الإمام الذي يصلي إحدى عشرة ركعة
فما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه الراشدون يزيدون على إحدى عشرة ركعة
هل يعتقد أن الزيادة أفضل من السنة؟!
سبحان الله!
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[15 - 09 - 08, 12:39 ص]ـ
بل كان الأمر في عهد الخليفة الراشد عمر وغيره على خلاف ما ذكرت أخي الكريم أبا عبدالوهاب
ولا يقال: إن الزيادة خلاف السنة.
وكذلك أن ينقص عن الإحدى عشرة ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن جاء بالاعتراض على الزيادة فقوله محدَث، وفهمه مخالف لفهم السلف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/186)
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[15 - 09 - 08, 02:52 ص]ـ
الأخ أبا يوسف - بارك الله فيك -
= ثبت النقص عن إحدى عشرة ركعة، وحديث عائشة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - " ما كان يزيد " واضح في أنه ربما نقص ..
= فهل من دليل على الزيادة؟
ـ[أبو عبد الوهاب السلفي]ــــــــ[15 - 09 - 08, 06:57 ص]ـ
يقول الإمام الألباني - رحمه الله - ما نصه:
((وأنه لا يجوز الزيادة على الإحدى عشرة ركعة , لأن الزيادة عليه يلزم منه ألغاء فعله صلى الله عليه وسلم له وتعطيل لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) ولذلك لا يجوز الزيادة على سنة الفجر وغيرها. وأننا لا نبدع ولا نضلل من يصليها بأكثر من هذا العدد اذا لم تتبين له السنة ولم يتبع الهوى. ........................................... إلى أن قال: وأن عمر - رضي الله عنه لم يبتدع شيئا في صلاة التراويح وإنما أحيا سنة الاجتماع فيها , وحافظ على العدد المسنون فيها , وأن ما روي عنه أنه زاد عليه حتى جعلها عشرين ركعة لا يصح شئ من طرقه , وأن هذه الطرق من التي لا يقوي بعضها بعضا وأشار الشافعي والترمذي الى تضعيفها , وضعف بعضها النووي والزيلعي وغيرهم.))
والله أعلم
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[15 - 09 - 08, 09:19 ص]ـ
الأخ أبا يوسف - بارك الله فيك -
= ثبت النقص عن إحدى عشرة ركعة، وحديث عائشة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - " ما كان يزيد " واضح في أنه ربما نقص ..
= فهل من دليل على الزيادة؟
الأخ الكريم
كونه -عليه الصلاة والسلام- لم يزد .. هل يعني أن الزيادة خلاف السنة؟!!!
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[15 - 09 - 08, 09:32 ص]ـ
يقول الإمام الألباني - رحمه الله - ما نصه:
((وأنه لا يجوز الزيادة على الإحدى عشرة ركعة , لأن الزيادة عليه يلزم منه ألغاء فعله صلى الله عليه وسلم له وتعطيل لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) ولذلك لا يجوز الزيادة على سنة الفجر وغيرها. وأننا لا نبدع ولا نضلل من يصليها بأكثر من هذا العدد اذا لم تتبين له السنة ولم يتبع الهوى. ........................................... إلى أن قال: وأن عمر - رضي الله عنه لم يبتدع شيئا في صلاة التراويح وإنما أحيا سنة الاجتماع فيها , وحافظ على العدد المسنون فيها , وأن ما روي عنه أنه زاد عليه حتى جعلها عشرين ركعة لا يصح شئ من طرقه , وأن هذه الطرق من التي لا يقوي بعضها بعضا وأشار الشافعي والترمذي الى تضعيفها , وضعف بعضها النووي والزيلعي وغيرهم.))
والله أعلم
هذا الكلام غاية في الفساد، مع احترامنا لقائله رحمه الله رحمة واسعة؛ لأنه لا يلزم من الزيادة إلغاء ولا تعطيل، بل هذا وهم توهمه.
1 - أنه فهم محدَث مخالف لفهم السلف يقيناً؛ إذ لم ينكر أحد من الصحابة على من زاد، ولا من التابعين، ولا تابعيهم. وكل الخير في اتباع أفهامهم.
2 - أن الله تعالى ندبنا إلى إطالة زمن الصلاة بالليل، وكثير من الناس لا يطيق ذلك إلا بتكثير الركوع والسجود وتقليل القيام. ولازم هذا القول: المنع من امتثال المندوب في القرآن في حق هؤلاء.
3 - لو أن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه لم يزد في تسبيح الركوع والسجود على عشر تسبيحات، فهل يصح أن يقال: إن الزيادة على هذا العدد في التسبيح خلاف السنة؟!!.
4 - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة). فدل على أنها من قبيل النفل المطلق، والنفل المطلق هو ما لم يحَد في الشرع بعدد.
5 - حكى الحافظ الإمام ابن عبد البر -رحمه الله تعالى- الإجماع على جواز الزيادة.
ومن شرحي للعمدة:
(قلت): والزيادة على إحدى عشرة ركعة تواتر نقله عن المسلمين دون نكير على مدار قرونٍ عدة، ويشهد لذلك أن آي القرآن العظيم أشارت إلى فضيلة طول القيام – زمناً – ولم تشِر إلى تكثير لعدد الركعات أو تقليل، فالفضل لمن شغل الوقت أكثر بالصلاة والقيام، ويشهد لذلك قوله r : ( صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة) متفق عليه. وقد قال إمام أهل السنة (الإمام أحمد): [لا بأس بالزيادة على عشرين ركعة] .. وكون النبي r لا يزيد على إحدى عشرة لا يمنع من الزيادة، لاسيما وأنه ثبت عنه الصلاة بسبع، وبثلاث عشرة ركعة. والله أعلم. فالتبديع والتخطئة لمن زاد على إحدى عشرة ركعة قول شاذ، وعمل المسلمين على خلافه سلفاً وخلفاً، وقد حكى الحافظ ابن عبد البَر في "الاستذكار" الإجماع على جواز الزيادة. والله المستعان.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[15 - 07 - 09, 12:44 ص]ـ
للرفع(101/187)
ما ثمرة فتح أبواب الجنة وغلق أبواب النار في رمضان؟
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 03:11 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
قرأت بعض الشروح فلم أنل ما أطلب .. فهل من متكرم معلم؟
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 03:57 م]ـ
............................
ـ[مختصر]ــــــــ[08 - 08 - 09, 12:38 ص]ـ
للرفع
ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[08 - 08 - 09, 05:50 ص]ـ
والله أعلم هو المقصود المبالغة في الرحمة للمؤمن إذا توفى في رمضان
وتأخير العذاب على العاصين
ـ[الدكتور طه عفان الحمداني]ــــــــ[08 - 08 - 09, 12:15 م]ـ
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصُفِّدَت الشياطين).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:وما ذاك إلا لأنه فى شهر رمضان تنبعث القلوب إلى الخير والأعمال الصالحة التى بها وبسببها تفتح أبواب الجنة، ويمتنع من الشرور التى بها تفتح أبواب النار، وتصفد الشياطين فلا يتمكنون أن يعملوا ما يعملونه فى الإفطار؛ فإن المصفد هو المقيد، لأنهم إنما يتمكنون من بنى آدم بسبب الشهوات، فإذا كُفّوا عن الشهوات صفدت الشياطين.
مجموع فتاوى ابن تيمية (التفسير) - (2/ 486)
ـ[محمد الرشدان]ــــــــ[23 - 07 - 10, 11:18 م]ـ
الذي فهمته من كلام شيخ الاسلام رحمه الله ان تصفيد الشياطين ثمرة للاعمال الصالحه
لا انها تصفد ابتداء
وليصوب مشايخنا الفضلاء هذا الفهم ان كان خطأ(101/188)
إلى جميع الإخوة والأخوات في الله: ماذا تبث القنوات من صلاة التروايح؟؟ ((دعوة للمشاركة))
ـ[مصلح]ــــــــ[01 - 09 - 08, 03:15 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تقبل الله منا ومنكم، وأعاننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عبادته .. اللهم آمين
سمعت أن بعض القنوات فيما خلا من السنوات كانت تبث صلاة التراويح لا سيما القنوات الرسمية للبلدان الإسلامية
فمما بلغني: إمامة الشيخ الدوكالي للمصلين في ليبيا
وحُدِّثت أن رجلاً حسن الصوت كان يؤم المصلين في موريتانيا
فهلا أتحفنا الإخوة بما يعلمون من ذلك؟؟ عل محتسباً أن يُسجِّل ويرفع على الشبكة
وجزاكم الله خيراً
ـ[مصلح]ــــــــ[01 - 09 - 08, 03:20 ص]ـ
أردت وضع الموضوع في الاستراحة وأراد الله أن أخطئ فأضعه هنا
لذا حاولت إصلاح الخطأ فوضعته هناك، وأطلب من المشرف الكريم حذفه من هنا(101/189)
الوسواس
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[01 - 09 - 08, 07:11 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
اخواني المشايخ وطلبة العلم؟
في بعض الاحاديث - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صفدت الشياطين لكن انا اؤمن بهذا الحديث واعمل به والمشكله يا اخواني تأتيني يعض الوسوسه والافكار الشيطانيه؟
ما الحل؟؟
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[02 - 09 - 08, 01:34 ص]ـ
اين الردود يا اخواني؟؟؟(101/190)
سورة الإخلاص هل هي ثلث القرءان؟
ـ[أم صفية وفريدة]ــــــــ[01 - 09 - 08, 12:25 م]ـ
سمعت ذات مرة ممن لا يُسمع له (دون ذكر أسماء)
أنه قال: سورة الإخلاص لا تعدل ثلث القرءان في الأجر واستشهد بهذه الآية
"لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى"
أي أنه يقصد أنه لا يستوي في الأجر من قرأ ثلث القرءان في ليلة ومن قرأ سورة الإخلاص
وقال أنها تعدل ثلث القرآن بما احتوته من فوائدٍ ومعانٍ.
فهل هذا صحيح؟؟
وهل هناك تفصيل في الأحاديث؟؟
ـ[محمد أبو عُمر]ــــــــ[01 - 09 - 08, 01:40 م]ـ
معنى حديث قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن
الحمد لله
أولاً: هذه بعض الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتي فيها أن سورة (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن.
روى البخاري (6643) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا [أي يراها قليلة] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ).
وروى مسلم (811) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ قَالُوا: وَكَيْفَ يَقْرَأْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ. قَالَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ.
وروى مسلم (812) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: احْشُدُوا فَإِنِّي سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فَحَشَدَ مَنْ حَشَدَ، ثُمَّ خَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُمَّ دَخَلَ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: إِنِّي أُرَى هَذَا خَبَرٌ جَاءَهُ مِنْ السَّمَاءِ، فَذَاكَ الَّذِي أَدْخَلَهُ، ثُمَّ خَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، أَلَا إِنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ.
ثانياً: فضل الله واسع، فقد تفضَّل الله على الأمة، وعوَّض قِصَر عمرها بمزيد من الأجر على أعمال يسيرة. والعجيب أن بعض الناس بدلاً من أن يكون ذلك دافعاً له على الازدياد من الخير والحرص عليه تحوَّل هذا عنده إلى فتور وكسل عن أداء الطاعات، أو تَعَجُّبٍ واستبعادٍ لهذا الفضل والثواب.
وأما معنى الحديث:
فهناك فرق بين الجزاء والإجزاء. والذي أوقع الأخ السائل في الإشكال هو عدم التفريق بينهما.
فالجزاء: هو الثواب الذي يعطيه الله تعالى على الطاعة.
والإجزاء: هو أن يسدَّ الشيء عن غيره ويجزئ عنه.
فقراءة {قل هو الله أحد} لها جزاء قراءة ثلث القرآن، لا أنها تجزئ عن قراءة ثلث القرآن.
فمن نذر – مثلاً – أن يقرأ ثلث القرآن، فلا يجزئه قراءة {قل هو الله أحد} لأنها تعدل ثلث القرآن في الجزاء والثواب لا في الإجزاء والإغناء عن قراءة ثلث القرآن.
ومثل هذا يقال في قراءتها ثلاث مرات، فمن قرأها في صلاته ثلاث مرات لا تجزئه عن قراءة الفاتحة، مع أنه يُعطى جزاء وأجر قراءة القرآن كاملاً، لكن لا يعني هذا أنها أجزأته عن الفاتحة.
ومثل هذا في الشرع: ما أعطاه الشارع لمن صلَّى صلاة واحدة في الحرم المكي، وأنه له أجر مائة ألف صلاة، فهل يفهم أحد من هذا الفضل الرباني أنه لا داعي للصلاة عشرات السنين لأنه صلَّى صلاة واحدة في الحرم تعدل مائة ألف صلاة؟.
بل هذا في الجزاء والثواب، أما الإجزاء فشيء آخر.
ثم إنه لم يقل أحد من أهل العلم إنه ليس بنا حاجة لقراءة القرآن، وأن {قل هو الله أحد} كافية عنه؛ ذلك أن القول الصحيح من أقوال أهل العلم أن هذه السورة كان لها هذا الفضل لأن القرآن أُنزل على ثلاثة أقسام: ثلث منها للأحكام، وثلث منها للوعد والوعيد، وثلث منها للأسماء والصفات.
وهذه السورة جمعت الأسماء الصفات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/191)
هذا قول أبي العباس بن سريج واستحسنه شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " (17/ 103).
والمسلم لا غنى له عن الأمرين الآخرين وهما الأحكام والوعد والوعيد، ولا يتم له معرفتهما إلا بالنظر في كتاب الله كاملاً، ولا يمكن لمن يقف عند سورة " الصمد " أن يعرف هذين الأمرين.
قال شيخ الإسلام رحمه الله:
والثواب أجناس مختلفة كما أن الأموال أجناس مختلفة من مطعوم ومشروب وملبوس ومسكون ونقد وغير ذلك، وإذا ملك الرجل من أحد أجناس المال ما يعدل ألف دينار مثلا لم يلزم من ذلك أن يستغنيَ عن سائر أجناس المال، بل إذا كان عنده مال وهو طعام فهو محتاج إلى لباس ومسكن وغير ذلك، وكذلك إن كان من جنس غير النقد فهو محتاج إلى غيره، وإن لم يكن معه إلا النقد فهو محتاج إلى جميع الأنواع التي يحتاج إلى أنواعها ومنافعها، والفاتحة فيها من المنافع: ثناء ودعاء مما يحتاج الناس إليه ما لا تقوم {قل هو الله أحد} مقامه في ذلك، وإن كان أجرها عظيماً فذلك الأجر العظيم إنما ينتفع به صاحبه مع أجر فاتحة الكتاب ولهذا لو صلى بها وحدها بدون الفاتحة: لم تصح صلاته، ولو قدِّر أنه قرأ القرآن كله إلا الفاتحة: لم تصح صلاته لأن معاني الفاتحة فيها الحوائج الأصلية التي لابد للعباد منها. " مجموع الفتاوى " (17/ 131).
وقال رحمه الله:
فالقرآن يحتاج الناس إلى ما فيه من الأمر والنهي والقصص، وإن كان التوحيد أعظم من ذلك، وإذا احتاج الإنسان إلى معرفة ما أُمر به وما نهي عنه من الأفعال أو احتاج إلى ما يؤمر به ويعتبر به من القصص والوعد والوعيد: لم يسدَّ غيرُه مسدَّه، فلا يسدُّ التوحيدُ مسدَّ هذا، ولا تسدُّ القصص مسدَّ الأمر والنهي ولا الأمر والنهي مسدَّ القصص، بل كل ما أنزل الله ينتفع به الناس ويحتاجون إليه.
فإذا قرأ الإنسان {قل هو الله أحد}: حصل له ثوابٌ بقدر ثواب ثلث القرآن لكن لا يجب أن يكون الثواب من جنس الثواب الحاصل ببقية القرآن، بل قد يحتاج إلى جنس الثواب الحاصل بالأمر والنهي والقصص، فلا تسد {قل هو الله أحد} مسد ذلك ولا تقوم مقامه.
ثم قال رحمه الله:
فالمعارف التي تحصل بقراءة سائر القرآن لا تحصل بمجرد قراءة هذه السورة فيكون من قرأ القرآن كله أفضل ممن قرأها ثلاث مرات من هذه الجهة لتنوع الثواب، وإن كان قارئ {قل هو الله أحد} ثلاثاً يحصل له ثواب بقدر ذلك الثواب لكنه جنس واحد ليس فيه الأنواع التي يحتاج إليها العبد كمن معه ثلاثة آلاف دينار وآخر معه طعام ولباس ومساكن ونقد يعدل ثلاثة آلاف دينار فإن هذا معه ما ينتفع به في جميع أموره وذاك محتاج إلى ما مع هذا، وإن كان ما معه يعدل ما مع هذا، وكذلك لو كان معه طعام من أشرف الطعام يساوي ثلاثة آلاف دينار فإنه محتاج إلى لباس ومساكن وما يدفع به الضرر من السلاح والأدوية وغير ذلك مما لا يحصل بمجرد الطعام.
" مجموع الفتاوى " (17/ 137 – 139).
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب ( http://www.islam-qa.com/ar/ref/10022)
.
ـ[محبة لطيبه]ــــــــ[01 - 09 - 08, 01:50 م]ـ
أختي جزاك الله خيراً جعلتني أبحث واستفدت من هذا البحث وسبقني الأخ محمد أبو عمر بنفس الرد الذي كنت قد جهزته بارك الله فيكم جميعاً وجعلكم ممن يسابق للخيرات
نسأل الله من فضله
ـ[سلطان القرني]ــــــــ[01 - 09 - 08, 02:02 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ومما يدل على التفريق بين الجزاء والإجزاء
أن من قرأ سورة "قل هو الله أحد" في الصلاة ثلاث مرات فإنها لا تكفيه عن قراءة سورة الفاتحة وصلاته لا تصح، رغم أن لها جزاء قراءة القرآن كاملا وفيها سورة الفاتحة.
ـ[أم صفية وفريدة]ــــــــ[03 - 09 - 08, 07:46 م]ـ
والعجيب أن بعض الناس بدلاً من أن يكون ذلك دافعاً له على الازدياد من الخير والحرص عليه تحوَّل هذا عنده إلى فتور وكسل عن أداء الطاعات، ٍ أو تَعَجُّب واستبعادٍ لهذا الفضل والثواب.
جزاكم الله خيرًا ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
ـ[محمد بن أبي أحمد]ــــــــ[03 - 09 - 08, 10:50 م]ـ
سؤال الأخت هذا يقودني إلى طرح سؤال آخر ....
هل المعتمر في رمضان له نفس أجر الحاج؟ مثلا ..
بمعنى:
هل إذا ورد في الشرع أن فعل كذا يعدل فعل كذا هل هذا يعني أن أجر الإثنين سواء؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/192)
سمعت أحد المشايخ يذكر أن التساوي إنما يكون في أصل الأجر أما مضاعفة الأجر فلا يكون إلا لمن أتى بالعمل الأكمل، فلا يكون من صلى الجماعة مع الإمام من أولها إلى آخرها مثلا كمن لم يدرك الإمام وإن كان لهذا الأخير أجر الجماعة؟
فما تعليقكم؟
ـ[محمد أبو عُمر]ــــــــ[03 - 09 - 08, 11:28 م]ـ
فما تعليقكم؟
أخي محمد بارك الله فيك ألم تقرأ مداخلتي هنا والتي ورد فيها قول شيخ الإسلام في آخرها حول المسألة ... فما منا أبلغ من قول شيخ الإسلام ولا ازكي على الله أحدا.
قال شيخ الإسلام رحمه الله:
والثواب أجناس مختلفة كما أن الأموال أجناس مختلفة من مطعوم ومشروب وملبوس ومسكون ونقد وغير ذلك، وإذا ملك الرجل من أحد أجناس المال ما يعدل ألف دينار مثلا لم يلزم من ذلك أن يستغنيَ عن سائر أجناس المال، بل إذا كان عنده مال وهو طعام فهو محتاج إلى لباس ومسكن وغير ذلك، وكذلك إن كان من جنس غير النقد فهو محتاج إلى غيره، وإن لم يكن معه إلا النقد فهو محتاج إلى جميع الأنواع التي يحتاج إلى أنواعها ومنافعها، والفاتحة فيها من المنافع: ثناء ودعاء مما يحتاج الناس إليه ما لا تقوم {قل هو الله أحد} مقامه في ذلك، وإن كان أجرها عظيماً فذلك الأجر العظيم إنما ينتفع به صاحبه مع أجر فاتحة الكتاب ولهذا لو صلى بها وحدها بدون الفاتحة: لم تصح صلاته، ولو قدِّر أنه قرأ القرآن كله إلا الفاتحة: لم تصح صلاته لأن معاني الفاتحة فيها الحوائج الأصلية التي لابد للعباد منها. " مجموع الفتاوى " (17/ 131).
وقال رحمه الله:
فالقرآن يحتاج الناس إلى ما فيه من الأمر والنهي والقصص، وإن كان التوحيد أعظم من ذلك، وإذا احتاج الإنسان إلى معرفة ما أُمر به وما نهي عنه من الأفعال أو احتاج إلى ما يؤمر به ويعتبر به من القصص والوعد والوعيد: لم يسدَّ غيرُه مسدَّه، فلا يسدُّ التوحيدُ مسدَّ هذا، ولا تسدُّ القصص مسدَّ الأمر والنهي ولا الأمر والنهي مسدَّ القصص، بل كل ما أنزل الله ينتفع به الناس ويحتاجون إليه.
فإذا قرأ الإنسان {قل هو الله أحد}: حصل له ثوابٌ بقدر ثواب ثلث القرآن لكن لا يجب أن يكون الثواب من جنس الثواب الحاصل ببقية القرآن، بل قد يحتاج إلى جنس الثواب الحاصل بالأمر والنهي والقصص، فلا تسد {قل هو الله أحد} مسد ذلك ولا تقوم مقامه.
ثم قال رحمه الله:
فالمعارف التي تحصل بقراءة سائر القرآن لا تحصل بمجرد قراءة هذه السورة فيكون من قرأ القرآن كله أفضل ممن قرأها ثلاث مرات من هذه الجهة لتنوع الثواب، وإن كان قارئ {قل هو الله أحد} ثلاثاً يحصل له ثواب بقدر ذلك الثواب لكنه جنس واحد ليس فيه الأنواع التي يحتاج إليها العبد كمن معه ثلاثة آلاف دينار وآخر معه طعام ولباس ومساكن ونقد يعدل ثلاثة آلاف دينار فإن هذا معه ما ينتفع به في جميع أموره وذاك محتاج إلى ما مع هذا، وإن كان ما معه يعدل ما مع هذا، وكذلك لو كان معه طعام من أشرف الطعام يساوي ثلاثة آلاف دينار فإنه محتاج إلى لباس ومساكن وما يدفع به الضرر من السلاح والأدوية وغير ذلك مما لا يحصل بمجرد الطعام.
" مجموع الفتاوى " (17/ 137 – 139).
ـ[محمد بن أبي أحمد]ــــــــ[04 - 09 - 08, 03:38 ص]ـ
بلى أخي الكريم قرأته بارك الله فيك وفيه أن الثواب يكون بقدر الثواب ولكن ليس من جنسه ...
وسؤالي كان عن قول الشيخ إن له أصل الأجر دون المضاعفة.
ـ[أم صفية وفريدة]ــــــــ[04 - 09 - 08, 05:14 ص]ـ
سؤال الأخت هذا يقودني إلى طرح سؤال آخر ....
هل المعتمر في رمضان له نفس أجر الحاج؟ مثلا ..
بمعنى:
هل إذا ورد في الشرع أن فعل كذا يعدل فعل كذا هل هذا يعني أن أجر الإثنين سواء؟
سمعت أحد المشايخ يذكر أن التساوي إنما يكون في أصل الأجر أما مضاعفة الأجر فلا يكون إلا لمن أتى بالعمل الأكمل، فلا يكون من صلى الجماعة مع الإمام من أولها إلى آخرها مثلا كمن لم يدرك الإمام وإن كان لهذا الأخير أجر الجماعة؟
فما تعليقكم؟
صحيح ..... لقد سلطتني أنا أيضًا لكي أسأل
هل يعدل ثواب قراءة سورة الإخلاص ثواب قراءة ثلث القرءان المضاعف (الحرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها) أم الثواب بدون مضاعفة؟؟(101/193)
قصة عجيبة يسوقها الحافظ ابن كثير في تفسيره.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 12:34 م]ـ
قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى – في تفسيره:
[وقد ذكر الحافظ محمد بن المنذر الهروي -المعروف بشكِّر-في كتاب "العجائب" بسنده عن قُبَاث بن رزين أبي هاشم قال: أسرتُ في بلاد الروم، فجمعنا الملك وعَرَض علينا دينه، على أن من امتنع ضربت عنقه. فارتد ثلاثة، وجاء الرابع فامتنع، فضربت عنقه، وألقي رأسه في نهر هناك، فرسب في الماء ثم طفا على وجه الماء، ونظر إلى أولئك الثلاثة فقال: يا فلان، ويا فلان، ويا فلان -يناديهم بأسمائهم-قال الله تعالى في كتابه: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} ثم غاص في الماء، [قال] فكادت النصارى أن يسلموا، ووقع سرير الملك، ورجع أولئك الثلاثة إلى الإسلام. قال: وجاء الفداء من عند الخليفة أبي جعفر المنصور فخلصنا] اهـ.
ـ[سليمان أحمد]ــــــــ[02 - 09 - 08, 12:10 ص]ـ
قصة منكرة
ـ[ابن تميم السلفي]ــــــــ[02 - 09 - 08, 03:19 ص]ـ
يا أخي ليست منكرة
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[02 - 09 - 08, 04:02 م]ـ
سليمان احمد (قصة منكرة)
هل قولك انها منكرة عن علم فان كان عن علم فأثبت ذلك
وتذكر قول الله تعالى (ولا تقفوا ما ليس لك به علم)
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[02 - 09 - 08, 04:11 م]ـ
سليمان احمد (قصة منكرة)
هل قولك انها منكرة عن علم فان كان عن علم فأثبت ذلك
وتذكر قول الله تعالى (ولا تقفوا ما ليس لك به علم)
بارك الله فيكم.
النكارة إما أن تكون في السند، وإما أن تكون في المتن، فأما نكارة السند فهذه تحتاج إلى معرفة سند القصة ومن رواتها، وهل هناك أسانيد للقصة ذاتها رواتها ثقات فخالفهم الأوائل، وكل هذا يحتاج إلى بحث في السند، ومن المؤكد أن أخانا لا يريد السند.
وأما نكارة المتن وهو المقصود فيما يظهر، فهنا نسأل أخانا: ما وجه النكارة فيها؟ أليس من الأمور المقررة عند أهل السنة الإيمان بالكرامات؟! نعم نحتاج إلى إثبات سندها، لا الكرامات المفتراة المختلقة، وها هنا حقنا أن نستأنس بها هنا ذلك أن الذي ساقها إمام كبير كالحافظ، فحقها كروايات بني إسرائيل لا نكذبها ولا نصدقها على أقل تقدير.
وأما الآية أخي فيصلا فعليك بتصحيحها، لأن الآية: (ولا تقفُ) لا (ولا تقفوا).
والله أعلم.
ـ[ابو عبد الرحمن الفلازوني]ــــــــ[02 - 09 - 08, 04:41 م]ـ
احسنت اخي على وجزاك الله خيرا"
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[02 - 09 - 08, 05:08 م]ـ
اقرأوا عجائب أخرى من كتاب الحافظ شكّر على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=139626
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[02 - 09 - 08, 06:40 م]ـ
بارك الله فيك أخي الحبيب أبا عبد الرحمن.
جزاك الله خيرا أخي أبا معاوية.
ـ[سليمان أحمد]ــــــــ[02 - 09 - 08, 11:59 م]ـ
نعم أهل السنة لا ينكرون الكرامات إذا ثبتت وأما نكارة هذه القصة فواضح أن الرأس قد قطع ثم ألقي في الماء وغرق ثم طاش على الماء وتكلم بالكلام المذكور كيف والروح قد فارقت هذا الجسد؟! وهل يتكلم رأس مفصول عن جسده ملقاً في ماء وأعرض هذه القصة على العلماء الكبار ثم أنقل لنا جواباتهم
وللفائدة ذكر القصة ابن حجر في ترجمة قباث لكنه جعل الخليفة غير أبي جعفر ولعل ذلك أدق لأن قباث مات سنة 156هـ وأبو جعفر على صحيح مات في تلك السنة والله أعلم.
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[03 - 09 - 08, 12:53 م]ـ
بارك الله فيكم
[! وهل يتكلم رأس مفصول عن جسده ملقاً في ماء وأعرض هذه القصة على العلماء الكبار
قال الذهبي في السير (11 - 168)
قال الحسين بن محمد الحربي سمعت جعفر بن محمد الصائغ يقول
رأيت احمد بن نصر الخزاعي حين قُتل قال رأسه = لا اله الا الله
0000
قال السراج سمعت خلف بن سالم يقول بعدما قُتل ابن نصر
وقيل له ألا تسمع ما الناس فيه يقولون - ان رأس احمد بن نصر يقرأ
فقال - كان رأس يحيى يقرأ!
هاهم العلماء الكبار كالذهبي والسراج وجعفر الصائغ!!
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[03 - 09 - 08, 06:53 م]ـ
بارك الله فيكم
[!
قال الذهبي في السير (11 - 168)
قال الحسين بن محمد الحربي سمعت جعفر بن محمد الصائغ يقول
رأيت احمد بن نصر الخزاعي حين قُتل قال رأسه = لا اله الا الله
0000
قال السراج سمعت خلف بن سالم يقول بعدما قُتل ابن نصر
وقيل له ألا تسمع ما الناس فيه يقولون - ان رأس احمد بن نصر يقرأ
فقال - كان رأس يحيى يقرأ!
هاهم العلماء الكبار كالذهبي والسراج وجعفر الصائغ!!
قال تعالى: ((أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها ........... )).
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[03 - 09 - 08, 09:13 م]ـ
نعم أهل السنة لا ينكرون الكرامات إذا ثبتت وأما نكارة هذه القصة فواضح أن الرأس قد قطع ثم ألقي في الماء وغرق ثم طاش على الماء وتكلم بالكلام المذكور كيف والروح قد فارقت هذا الجسد؟! وهل يتكلم رأس مفصول عن جسده ملقاً في ماء وأعرض هذه القصة على العلماء الكبار ثم أنقل لنا جواباتهم
وللفائدة ذكر القصة ابن حجر في ترجمة قباث لكنه جعل الخليفة غير أبي جعفر ولعل ذلك أدق لأن قباث مات سنة 156هـ وأبو جعفر على صحيح مات في تلك السنة والله أعلم.
نعم يتكلم بقدرة الله
وتكون كرامة له
هناك من تكلم بعد الموت
ولإبن ابي الدنيا كتاب
من عاش بعد الموت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(101/194)