هل لكم مساعدتي في الحصول على كتل حول الصحافة و الاعلام
ـ[محمود غنام المرداوي]ــــــــ[15 - 08 - 08, 09:04 م]ـ
اخوتي يا رعاكم الله، لي صديق يدرس الصحافة و الاعلام، و يريد أن يقرأ كتبا للعلماء فيما يتعلق بالصحافة و الاعلام، فهل لكم مساعدتي، فمن كان قادرا على ذلك فليتحفنا بتنزيل الكتب و المقالات المتعلقة بذالك، و جزاكم الله خيرا.
ـ[محمود غنام المرداوي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 12:10 ص]ـ
ما لكم لا تشاركون في هذا الموضوع!!!(100/67)
من يفتني في هذه المسألة؟
ـ[ريحانة الإيمان]ــــــــ[15 - 08 - 08, 09:46 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أسأل عن كيفية تقسيم الراتب فقد توفي والدي- رحمه الله رحمة واسعة وعوضه الجنة ونعيمها-وترك زوجتين الأولى وله منها أربع بنات وابنين واحدة من البنات متزوجة والأخرى مطلقة والثالثة على وجه زواج والرابعة غير متزوجة وهي والمطلقة تستلمان ضمانا من الدولة وبالنسبة للأبناء فأحدهما متزوج وموظف والآخر غير متزوج وغير موظف
وترك زوجة ثانية وله منها أربع أبناء وأربع بنات اثنتان من البنات متزوجات والثالثة غير متزوجة والرابعة صغيرة وأما الأبناءفكلهم يدرسون
سؤالي هنا هل للمتزوجين نصيب من الراتب أم لا فنظام الدولة يقسم الراتب ولايحسب المتزوجين ذكورا وإناثا فهل هذا التقسيم شرعي وجزاكم الله خيرا
ـ[محبة لطيبه]ــــــــ[16 - 08 - 08, 12:00 ص]ـ
عندنا راتب المتوفى يعتبر مساعدة من الدولة لمن بقي ممن يعول مثلا زوجته وبناته الغير متزوجات ولو يعملن والابناء تحت 21 سنه ولكل نسب معينه تحددها الدوله
ولو توفي الجميع ولم تبق إلا بنت غير متزوجه يكون لها من الراتب نسبه معينه بعد خصم من توفى وهكذا وإن توفت البنت تنقطع المساعده.
ملاحظه: ليست فتوى ولكن مشاركه لعلها تنفع
.
ـ[ريحانة الإيمان]ــــــــ[16 - 08 - 08, 12:30 ص]ـ
أنا في الحقيقة أرى كما قلت لكن أخافني قول البعض أن الراتب من الارث فسألت عن الحكم فيه؟
وجزاك الله خيرا
ـ[محبة لطيبه]ــــــــ[16 - 08 - 08, 12:35 ص]ـ
وجزاك فردوسه الاعلى بلا سابقة عذاب
ما عليك إلا سؤال الجهة التي تصدر الراتب وسيخبرونك هم بالموضوع .. لأنني سبق وسألت شيخ قال لي تأكدي من الجهة التي تصدر وتأكدت وظهر لي أنها مساعده توزع على فئات معينه كما ذكرت لك
.
ـ[ريحانة الإيمان]ــــــــ[16 - 08 - 08, 02:08 ص]ـ
أفتاني أحد المشايخ بأن تقسيم الراتب من الجهة التي تصدره غير شرعي والله أعلم
ـ[مصطفى رضوان]ــــــــ[16 - 08 - 08, 03:50 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
فضلا أنظرا الى هذه الفتاوى من الشبكة الإسلامية
رقم الفتوى: 39671
عنوان الفتوى: يجب التقيد بشروط الجهة المانحة للراتب التقاعدي
تاريخ الفتوى: 06 رمضان 1424/ 01 - 11 - 2003
السؤال
لي أقارب والدهم كان يأخذ راتبا تقاعدياً شهريا، وتوفي الوالد ولم يبلغوا الشركة عن وفاته، علما بأنهم لو بلغوا فسوف يصرف لهم ربع الراتب وذلك حق الزوجة، وكل أولاده متزوجون ولكنهم بحاجة إلى هذا الراتب فما حكم الشرع في هذا المال هل هو حرام أم حلال وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الراتب التقاعدي يختلف الحكم عليه باختلاف مصادره وأسباب استحقاقه، كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 9285 وعليه؛ فإذا كان راتب الوالد المتوفى جزءا من راتبه اقتطع من طرف جهة العمل، فإنه يأخذ حكم التركة عندما يموت هو، فلكل من الورثة نصيبه منه كسائر التركة ولا يحق للشركة ولا غيرها التدخل في توزيعه، أما إذا كان هذا الراتب عبارة عن منحة تمنحها جهة العمل -الشركة-، للموظف عندما يصل إلى سن التقاعد فيجب التقيد عندئذ بشروط الجهة المانحة، ولا يجوز تجاوزها لأنه في الحقيقة ملك للغير -أي الشركة- وكتم موت الوالد عن الشركة حتى يظل الراتب جارياً غش وأكل لأموال الناس بالباطل، لذا فيجب على أولاد هذا الرجل أن يخبروا الشركة بموت أبيهم لتتصرف في راتبه الذي كانت تجريه عليه كما تشاء. وكونهم في حاجة إلى هذا الراتب لا يبرر لهم التحايل على مال غيرهم. وما أخذوه منه بعد موت أبيهم وقبل إبلاغهم للشركة يجب عليهم أن يردوه، وأن يتوبوا إلى الله تعالى، فإن الاعتداء على أموال الناس كالاعتداء على أعراضهم ودمائهم. وقد حرم الشارع ذلك كله. والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى
************************************************** ...
رقم الفتوى: 28640
عنوان الفتوى: حكم وراثة راتب التقاعد
تاريخ الفتوى: 08 ذو الحجة 1423/ 10 - 02 - 2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/68)
سؤالي عن تقسيم الراتب التقاعدي المدني في قطر بوفاة الزوج عن زوجتين، وأولاد بالغين منهم من أتم الدراسة ومنهم من تأخر ومستمر فيها، وله ولد معوق له مرتب من الجهة المختصة التي ترعاه، وله بنات متزوجات وغير متزوجات منهن من يعمل ولهن مرتب طبعا ولكم جزيل الشكر
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن راتب التقاعد إذا كان من مستحقات الموظف أو العامل فهو حق له ينتقل إلى ورثته من بعده فيقسم بينهم كل حسب حصته من التركة فهو إذاً جزء من التركة، وعلى ذلك فإن هذا الراتب يقسم بين الورثة المذكورين كالآتي:
للزوجتين ثمنه فرضاً لوجود الفرع الوارث ويقسم بينهما بالسوية لقول الله تعالى (فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم) (النساء: 12) والباقي للأولاد جميعاً للذكر مثل حظ الأنثيين.
أما إذا كان الراتب منحة من جهة العمل لعيال العامل بعد وفاته فإنه يكون لمن عينتهم الجهة المانحة.
وإذا لم تعين أحداً بل جعلته لورثته فإنه يقسم حسب حصصهم من الميراث كما ذكرنا.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نحيلك إلى الفتوى رقم: 9045
والله أعلم.
***************************************
رقم الفتوى: 48632
عنوان الفتوى: حكم استلام المرأة الراتب التقاعدي لأبيها المتوفى بعد عقد نكاحها
تاريخ الفتوى: 27 ربيع الأول 1425/ 17 - 05 - 2004
السؤال
أناوالحمدلله عقدت نكاحي على واحدة أبوها متوفى رحمة الله عليه وكان موظفا حكوميا وهي تستلم راتبا من معاش تقاعده والحين نحن في فترة الملكة يعني ما تم العرس وهي عند أهلها السؤال؟
هل يجوز لها أن تستلم راتب التقاعد الذي يأتيها أو تبطل بمجرد ما تم عقد النكاح البعض يقول تستلم إلا أن تذهب لبيت زوجها وعلما بأنها تجهز نفسها الآن والمبلغ ليس بقليل أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المعاش لا يخلو من إحدى حالتين:
أن يكون مستقطعا من راتب المتوفى.
أن يكون منحة من الدولة.
فإن كان مستقطعا من راتب المتوفى حال حياته فهو حق للورثة .. ولها أن تأخذ هذا الراتب أو نصيبها منه إن كان معها ورثة، تزوجت أم لم تتزوج ...
وإن كان منحة من الدولة وتعطيه الدولة بشروط كعدم العائل أو عدم بلوغ الأولاد فلا يجوز والحالة هذه الأخذ منه إلا بهذه الشروط، ونفقة المرأة في هذه الفترة وهي ما بعد العقد وقبل الدخول فيها تفصيل وهو:
الحالة الأولى: أن تبذل التمكين التام من نفسها لزوجها وتطلب النفقة من الزوج، فيجب على الزوج نفقتها حينئذ، وبالتالي لا يجوز لها الأخذ من هذا الراتب.
الحالة الثانية: أن تمنع نفسها أو يمنعها أولياؤها، أو يتساكتا بعد العقد فلا تبذل ولا يطلب، فلا نفقة لها حينئذ، وعليه، فلها الأخذ من راتب أبيها.
قال في "بدائع الصنائع": إذا تزوج بالغة حرة صحيحة سليمة ونقلها إلى بيته فلها النفقة لوجود سبب الوجوب وشرطه، وكذلك إذا لم ينقلها وهي بحيث لا تمنع نفسها وطلبت النفقة ولم يطالبها بالنقلة فلها النفقة لأنه وجد سبب الوجوب وهو استحقاق الحبس وشرطه وهو التسليم على التفسير الذي ذكرنا، فالزواج بترك النقلة ترك حق نفسه مع إمكان الاستيفاء فلا يبطل حقها في النفقة. اهـ.
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني": وإذا تزوج بامرأة مثلها يوطأ فلم تمنعه نفسها ولا منعه أولياؤها لزمته النفقة وجملة ذلك أن المرأة تستحق النفقة على زوجها بشرطين: أحدهما أن تكون كبيرة يمكن وطؤها، فإن كانت صغيرة لا تحتمل الوطء، فلا نفقة لها.
الشرط الثاني: أن تبذل التمكين التام من نفسها لزوجها، فأما إن منعت نفسها أو منعها أولياؤها أو تساكتا بعد العقد فلم تبذل ولم يطلب فلا نفقة لها، وإن أقاما زمنا فإن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة ودخلت عليه بعد سنتين ولم ينفق إلا بعد دخوله، ولم يلتزم نفقتها لما مضى، ولأن النفقة تجب في مقابلة التمكين المستحق بعقد النكاح، فإذا وجد استحقت، وإذا فقد لم تستحق شيئا. اهـ.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 32118، والفتوى رقم: 9285.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى
***************************************
رقم الفتوى: 32118
عنوان الفتوى: هل يجوز للزوجة الاستحواذ على معاش زوجها المتوفى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/69)
تاريخ الفتوى: 15 ربيع الأول 1424/ 17 - 05 - 2003
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم هل يجوز أخذ مرتب من الضمان الاجتماعي (بما يعرف بالمعاش الأساسي) لامرأة متوفى عنها زوجها وهذا المعاش تعطيه الدولة لمن فقد من يعوله من النساء والقصر من الأبناء؟ مع العلم بأن هذه المرأة لديها أربعة أبناء وبنات وهم غير قصر وهؤلاء الأبناء حالتهم المادية جيدة وهم يعولون والدتهم فهل يجوز لهذه المرأة أخذ هذا المعاش؟ وجزاكم الله خيراً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فهذا المعاش لا يخلو من إحدى حالتين: - أن يكون منحة من الدولة. - أن يكون مستقطعاً من راتب المتوفى. فإن كان منحة من الدولة، وتعطيه بشرط عدم العائل للزوجة، وبشرط عدم الرشد للأولاد، فلا يجوز والحالة هذه أن تأخذ منه المرأة لنفسها ولا لأولادها. أما إن كان مستقطعاً من راتب زوجها المتوفى حال حياته، فهو حق للورثة .. الزوجة تزوجت أم لا، وللأولاد قصَّراً أم غير قصر، مكتسبين أم غير مكتسبين. والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى
********************************************
رقم الفتوى: 9285
عنوان الفتوى: حكم استخدام حيلة الطلاق للحصول على راتب التقاعد
تاريخ الفتوى: 03 جمادي الأولى 1422/ 24 - 07 - 2001
السؤال
لي قريبة فقيرة جداً وزوجها منذ سنين أصابه شلل ولا يعمل ولها أربعة أولاد مات والدها وهي أحق الناس بمعاشه ليريحها فهى تعمل كي تصرف على بيتها، المشكلة تكمن في أنهم لم يعطوها معاش والدها لأنها متزوجة ولم يلتفتوا إلى مرض زوجها هل يجوز لهذه المرأة أن تطلق من زوجها ثم يردها مستوفيا في ذلك الشروط الشرعية من وجود شاهدي عدل على الرد فيكون معها ورقة طلاق موثقة تستطيع بها أن تحصل على معاش والدها، ووالله لهذه الأسرة في أمس الحاجة لهذا المعاش. وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإجابة على هذا السؤال تتوقف على معرفة الجهة التي كان يعمل لديها الوالد صاحب المعاش، هل هي تابعة للقطاع العام (الدولة)؟ أو تابعة لأناس معينين؟ ولابد أيضا من التساؤل عن السبب الذي صرف من أجله هذا المعاش على العامل أو وارثه، هل لأنه نسبة اقتُطعت من راتبه المتفق عليه على أنها سوف تصرف له، أو لورثته حينما يحال على التقاعد عن العمل أو يموت؟ أو أن هذا المعاش مجرد مساعدة تمنحها جهة العمل في حالات معينة؟
وعلى هذا، فنقول: إذا كان هذا المعاش عبارة عن نسبة من راتب الموظف، فإنه يعتبر ملكاً له ولورثته بعده، ولا يحق لأي جهة أن تخصصه لبعض الورثة دون بعض، لأنه ملك محض لهم يفعلون به كيف شاءوا.
وإذا منع منهم، فلهم أن يأخذوه بأي حيلة بشرط أمن عاقبتها عليهم.
وأما إذا كان مجرد مساعدة تمنحها جهة العمل لعملائها بعد إنهاء خدماتهم أو موتهم، فيلزم التقيد بالضوابط والمواصفات المشترطة لاستحقاقه، ولا يجوز التحايل عليه، لأنه مال للغير، ولم يأذن فيه إلا بشروط.
ويستوي في هذا التحريم الأموال العمومية والخصوصية، إلا أنه إذا كان مصدر هذا المعاش من الأموال العمومية، واضطر الشخص ضرورة ماسة بحيث يصير ممن لهم حق في الأموال العمومية لفقرهم وحاجتهم، ولم يستطع التوصل إلى حقه إلا باستعمال الحيل المباحة، فله ذلك إذا أمن من عواقب تلحقه، دفعاً للضرر عن نفسه، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لهند بنت عتبة - لما ضنَّ أبو سفيان رضي الله عنه عليها بحقها في النفقة -: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"، وهو دليل على أن التحايل لأخذ الحقوق إذا منعت من مستحقيها جائز.
والحاصل أن هذه المرأة يجوز لها إعمال الحيلة الجائزة لأخذ معاش والدها إذا كان ملكاً له، بأن كان مخصوماً من مرتبه أصلاً، وكانت هي وحدها الوارثة لأبيها، أو وافق باقي الورثة على أخذها له، سواء كانت محتاجة أو غير محتاجة، كما يجوز لها إعمال الحيلة إذا كان المال الذي يؤخذ منه المعاش مالاً عمومياً، وكانت مضطرة كما ذكر في السؤال، ولم تخش عاقبة سوء تلحقها.
أما إذا كان مصدر المعاش المذكور من الأموال الخصوصية، ولم يكن مقتطعا من راتب الوالد لموظف، فلا يجوز التحايل على أخذه، بل لابد من توفر المواصفات المشترطة لاستحقاقه.
ومتى عملت المرأة الحيلة - حيث جازت لها - فإنها تطلق طلقة؛ لأن الطلاق جده جد، وهزله جد.
والله تعالى أعلم.
المفتي: مركز الفتوى
ـ[ريحانة الإيمان]ــــــــ[16 - 08 - 08, 04:17 م]ـ
(فإن راتب التقاعد إذا كان من مستحقات الموظف أو العامل فهو حق له ينتقل إلى ورثته من بعده فيقسم بينهم كل حسب حصته من التركة فهو إذاً جزء من التركة، وعلى ذلك فإن هذا الراتب يقسم بين الورثة المذكورين كالآتي:
للزوجتين ثمنه فرضاً لوجود الفرع الوارث ويقسم بينهما بالسوية لقول الله تعالى (فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم) (النساء: 12) والباقي للأولاد جميعاً للذكر مثل حظ الأنثيين.
أما إذا كان الراتب منحة من جهة العمل لعيال العامل بعد وفاته فإنه يكون لمن عينتهم الجهة المانحة.)
وكيف أفرق(100/70)
يا نفسُ: هذه وقفة مع قول الله - قبل رمضان - ((قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ))
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[15 - 08 - 08, 11:34 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه إلى يوم الدين , وبعد:
فما أعظم وأهنأ عيش الصالحين الأخيار , وما أتعس وأشقى حياة من بُلي بموات القلب وقسوته وقلة مراقبة الله وقدره قدرَه , وما أبرئ نفسي - علمَ الله - بل هي أول من ينطبق عليه هذا الوصف.
في كل عام, وبعد كل جريرة ومعصية , وعقب كل غدرة وفجرة , وقبل دخول رمضان تحديداً يقوم العاصون لله بأخذ المواثيق والعهود على أنفسهم بأن لا عودة لبراثن المعصية وقرارَتِها , ويتخيَّلُ أحدنا نفسه مصطفاص بين القائمين باكياً من خشية الله تائباً رافعاً أكف الضراعة والمسكنة , ثمّ ما هي إلا سويعاتٌ من الشهر أو أيامٌ أو أسابيع أو أقل وأكثر وإذا بأحدنا يعود أشد شراهةً وجرأةً على ربه وهتكاً لحجاب التعظيم والإجلال وربما كان ذلك قبل رمضان , وتسردُ لنَا حينئذٍ الأمَّارةُ بالسوء أحاديثَ الرجاء في مغفرة الله لمن يستغفر حتى نعتاد المعصية فلا يقشعر منها بدنٌ ولا تدمعُ منها عينٌ ويمنينا الهوى والعجز عن الإقلاع بأن الله سيعملنا على الاستغفار باللسان بما عامل به العبد التائب حقاً حتى قال له {عَلِمَ عَبْدِى أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ فَقَالَ رَبُّهُ غَفَرْتُ لِعَبْدِى فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ}.
ونجهل أو نتجاهلُ أنّ أقواماً غير هذا التائب الصالح المرضيِّ - الذي رضي الله عنه رضى لا سخط بعده - قد قال الله فيهم {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.
ولا يخفى أنّ هذه الآية وإن كانت نزلت في المنافقين الذين كرهوا حكم الله , إلا أنّ سبب نزولها ومعناها يتسع لغيرهم من خلق الله حتى تقوم الساعة كلٌّ بحسب ما فيه من هذه الخصلة الشنيعة , والمفسرون رحمهم الله ذكروا للآية عدةَ معانٍ منها:
1 - أن معنى (قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) لتكن منكم طاعة معروفة وقول معروف بإخلاص القلب ولا حاجة إلى جهد الأيمان الذي تقسمون به لبعث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على تصديق زعمكم.
2 - أن معنى (قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) لا تقسموا فمعلومٌ ما أنتم عليه مقيمون ومطبوعون من الكذب والنكث والخيانة وقد عُرف عنكم أنكم تكذبون وتقولون ما لا تفعلون.
وهذا المعنى الثاني , هو ما استوقفني عند هذه الآية وجعلني أخشى أن نكون في معاهدتنا لله ووعدنا أنفسنا أن نصدق في رمضان ونكون أفضل مما كنا ونفعل ونفعل ونفعل , أن يقول الله لنا {طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ}.!! وحينئذٍ إنّا لمن الخاسرين الهالكين , لأنّ الله لا يخاطبُ بذلك من كتَبَ له عاقبةَ خيرٍ , كما أنّ المنافقين علم الله موتهم على النفاق والكذب والخيانة.
ولذلك نجده سبحانه أعقب بغضه لطاعة الكذب والنكث المذمومة في آخر هذه الآية بقوله {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} في إشارةٍ إلى الطاعة الصادقة النافعة المُخلِّصة من سخط الله والقائمة على العمل حقاً بالقلب الكاره للمعصية والعازم على عدم مقارفتها , وللسان اللهج بالذكر والإنابة مستنزلاً رحمة الله وغفرانه بذلك , والجوارح المنقادة السائرة على سبيل الله طمعاً في رضى الله ورضوانه, بعيداً عن طاعات الأمني والتخيُّلات.!!
وأقول لنفسي وإخوتي:
الغرضُ من تأمّل هذه الجملة أن نوازن بين الخوف والرجاء , وأن لا نجهل علم الله اليقينيَّ بما تنطوي عليه الأنفس من العزم على العود للمعصية والرضى بذلك وإن جرت منا المدامع ولهجت الألسن بالاستغفار ,وأن لا نسمح للشيطان والنفس الأمارة بالسوء والهوى أن يغيروا علينا بأحاديث الرجاء والرُّخَص , ونهلك ونحن لا نشعر عياذا بالله من ذلك.
وأرجو من الإخوة التفاعل مع أساليب القضاء على خيانة الأنفس وغدراتها مع الله تعالى , فلا نأمنُ الأخذ على غرة.
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[16 - 08 - 08, 02:10 ص]ـ
بارك فيك وجزاك خيرا
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[16 - 08 - 08, 04:04 ص]ـ
جزاكم الله خيرا، وأحسن الله إليكم
ـ[قيس بن سعد]ــــــــ[17 - 08 - 08, 12:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتمني من الأخوه سماع هذين الشريطين ففيهما إن شاء الله سبيل للتخلص من خيانة النفس
الإشارات الربانيه
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=56359
حراسة الخواطر
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=56468
نسألكم الدعاء
ـ[قيس بن سعد]ــــــــ[17 - 08 - 08, 12:56 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتمني من الأخوه سماع هذين الشريطين ففيهما إن شاء الله سبيل للتخلص من خيانة النفس
الإشارات الربانيه
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=56359
حراسة الخواطر
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=56468
نسألكم الدعاء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/71)
ـ[قيس بن سعد]ــــــــ[17 - 08 - 08, 01:02 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتمني من الأخوه سماع هذين الشريطين ففيهما إن شاء الله سبيل للتخلص من خيانة النفس
الإشارات الربانيه
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=56359
حراسة الخواطر
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=56468
نسألكم الدعاء(100/72)
ليلة النصف من شعبان،" خطبة جمعة مفرغة"
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[16 - 08 - 08, 02:06 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما عبد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ثم أما بعد:
أيها المؤمنون اتقوا الله تعالى وراقبوه في جميع تصرفاتكم فالسعيد من حقق درجة الإحسان بدوام استحضار اطلاع الله عز وجل عليه فيعبد الله كأنه يرى الله أمامه فإن لم يستحضر ذلك فليعلم بأن الله تعالى يراه وهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور من عباده لا يخفى عليه شيء من أحوالهم كما قال تعالى: (و مَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (يونس:61) وقال عز وجل: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ. الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ. وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ. إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (الشعراء:220) فكيف يتجرأ على محارم الله من يعلم أن الله سبحانه وتعالى يعلم كل ما يصدر منه من خيٍر أو شر.…
…أيها المؤمنون! لقد ورد في ليلة النصف من شعبان من طرق كثيرة أحاديثُ صححَّها أهلُ العلم فمن هذه الأحاديث: ما ورد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يطَّلعُ اللهُ إلى جميع خلقِهِ ليلةَ النصف من شعبان، فيغفرُ لجميع خلقِهِ إلا لمشرك أو مشاحن) [رواه الطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه والبيهقي وغيره وهو في صحيح الترغيب: 3/ 53)]
وعن أبي ثعلبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يطَّلعُ اللهُ إلى عباده ليلةَ النصف من شعبان، فيغفرُ للمؤمنين، ويُمهِلُ الكافرين، ويدعُ أهلَ الحقد بحقدِهم حتى يدعوه) [رواه الطبراني والبيهقي (الترغيب / 3 – 54)] وهو حديث صحيح أيضاً. فهذه الأحاديث أيها المؤمنون فيها إثبات مغفرة الله تعالى في ليلة النصف من شعبان لعباده إلا لمشرك بأي نوع من أنواع الشرك و لمشاحن بينه وبين أخيه هجران وقطيعة.
أيها المؤمنون! وإنه لينبغي لكل منا أن يقفَ مع نفسه وقفةً صادقةً على ضوء هذه الأحاديث ويحاسب نفسه فلعله أن يكون قد ابتُلِي بشيء من الشرك سواء صَغُر أم كبُر وليتدارك نفسه بالتوبة إلى الله عز وجل منه إن كان قد وقع منه شيء من الشرك ولا تقل يا عبد الله إني برئ من هذه الشركيات ولا يوجد عندي شئ منها، أولا يمكن أن أقع فيها، ويكفي أنني أعيش في بلاد التوحيد؛ فإن هذا غرور وجهل من قائله، فلست أكثر توحيداً من نبي الله إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام خليل الرحمن، فهل تعرف بماذا دعا ربه؟! لقد دعاه بشئ عظيم، فاستمع معي أيها المؤمن إلى دعائه فيما ذكره الله تعالى عنه في كتابه حيث قال: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ) (ابراهيم: من الآية35) (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) (ابراهيم: من الآية36)). الله أكبر! لقد خاف خليل الرحمن على نفسه وعلى بنيه الشرك بالله وعبادة الأصنام وهو الذي كسرها بيده الشريفة لماذا أيها المؤمنون؟! لماذا خاف على نفسه كل هذا الخوف قال: (رب إنهن أضللن كثيراً من الناس)، فهذا السبب هو الذي دعاه إلى دعاء ربه أن ينجيَه وبنيه من هذا البلاء العظيم وهذا الشر المستطير الذي وقع فيه كثير من الناس في هذا الزمان ولاحول ولاقوة إلا بالله قال إبراهيم التيمي رحمه الله: (ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم). وفي هذه الأزمنة عباد الله! نرى من بعض من ينتسبون إلى الإسلام من يعبد القبور ويطلب منها الشفاعة من دون الله ويذبح لها من دون الله راجيا بركتها أومتقرباً لأصحابها المدفونين تحت الثرى، فصدق عليهم قول الله تعالى: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/73)
بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (يوسف:106) ومن مظاهر الشرك في العبادة ما يفعله بعض من لم يعرف حقيقة التوحيد من تعظيم الأولياء والخضوع والذل لهم والخوف منهم وتعظيمهم أكثر من تعظيمهم وخوفهم وذلهم لله جل
جلاله فتراه بين يدي شيخ طريقته كالميت بين يدي غاسله لا يخالف له أمراً ولا يعصي له قولاً يعتقد أنه مطلع على ما في قلبه فهو لا يضمر سوءاً لزعمه أن هذا الولي له قدرة على الكشف وهذا كفر أكبر والعياذ بالله.
ومنهم من ينذر لغير الله، ومنهم من يحلف بالولي أو بالنبي أو بحياة الآباء والأجداد، ومنهم من يذهب إلى الكهنة والعرافين والمشعوذين والسحرة والمنجمين، فيطلبون منهم الشفاء من الأمراض أو معرفة ماذا سيحصل لهم في مستقبل حياتهم، إن أراد تجارة أو زواجاً أو غير ذلك من الأمور، ومنهم من يقرأ في الأبراج التي تأتي في بعض المجلات أو الصحف أو بعض القنوات فيخبرون بأمور هي من الغيب، فيقولون مثلاً: حظك في برج الجدي أنك ستصبح سعيداً، أو من علامات برج الجوزاء أن صاحبه سيحصل له أمر محزن وهكذا وكلُّه من الكهانة وادعاء علم الغيب الذي هو مضاد لدين الرسل عليهم الصلاة والسلام وهو كفر أكبر والعياذ بالله فهو إن صدقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد وإن سأله بلا تصديق له لم تقبل له صلاة أربعين يوماً –قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) (مسلم).
ومن مظاهر الشرك المنتشرة بين الناس تعليقُ التمائمِ الشركيةِ والتعاويذِ البدعيةِ في العنق أو في البيت أو في السيارة أو في غيرها زاعمين أنها تطرد عنهم العين وتدفع عنهم الحسد؛ فهذا يُعَلِّقُ خيطاً في رقبة ابنه، أو في يده، وذاك يضع أوراقاً كتبت علها طلاسمُ وأمورٌ شركية وكلامٌ غيرُ مفهوم مما يُتَقَرَّبُ به إلى الجن حتى وقع الناسُ تحت وطأة هذه الخرافات فزادتهم خوفاً وهماً وقلقاً وحيرة واضطراباً. ومن صور تلك الشركيات ما نراه أمام أعيننا من تعليق قردٍ أو دبٍ أو كلبٍ أو غيرِ ذلك من الحيواناتِ المجسمةِ على السيارة، أو تعليق شيء من ذلك في البيت يظن المسكين بذلك أنها تدفع عنه شرَّ أعينِ الحاسدين وما علم المسكين أنها تُسْخِطُ ربَّ العالمين، فإنَّه إنْ علَّقها من أجل إذهاب العين والحسد عنه أو عن سيارته أو عن بيته؛ فهذا شرك لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ) (أحمد)، ومن الناس من يشرك بالرياء والسمعة وإظهار العمل الصالح أمام الناس من أجل أن يمدحوه أو يقولوا فلان صالح والنبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه انه قال: (مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ) [مسلم]، فتراه يصلي رياء ويقرأ القرآن رياء ويذكر الله رياء فهذا قد أتعب نفسه وأسخط ربه عز وجل كيف يرجو من يفعل ما تقدم من الأعمال أن ينالوا رحمة الله وهم واقعون في الشرك صغيره أو كبيره؟!
أما الصنف الآخر من الذين حرموا تلك الليلة من تكفير السيئات ومغفرة الذنوب فهم المشاحنون وأهل الحقد وهذا يدل على خطورة الشحناء والتباغض بين المسلمين، والشحناء: هي حقد المسلم على أخيه المسلم من أجل هوى في نفسه، وذلك يمنع المغفرة في أكثر أوقات المغفرة كما جاء في صحيح مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا)) [مسلم وغيره]، وقد وصف الله المؤمنين عموما بأنهم يقولون: ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين امنوا ربنا إنك رؤوف رحيم.، "وقد فسر الإمام الأوزاعي رحمه الله الشحناء التي تمنع من المغفرة بالذي يكون في قلبه شحناء لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولا ريب أن هذه أعظم من الشحناء بين الأقران، وعنه أيضاً أنه قال: المشاحن هو كل صاحب بدعة فارق عليها الأمة، وقال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/74)
ابن ثوبان: المشاحن هو التارك لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الطاعن على أمته السافك لدمائهم، قال ابن رجب رحمه الله: وهذه الشحناء أعني شحناء البدعة توجب الطعن على جماعة المسلمين واستحلال دمائهم وأموالهم وأعراضهم كبدع الخوارج والروافض ونحوهم، فأفضل الأعمال سلامة الصدر من أنواع الشحناء كلِّها وأفضلُها السلامةُ من شحناء أهل الأهواء والبدع التي تقتضي الطعن على سلف الأمة وبغضهم والحقد عليهم واعتقاد تكفيرهم أو تبديعهم وتضليلهم، ثم يلي ذلك: سلامة القلب من الشحناء لعموم المسلمين وإرادة الخير لهم ونصيحتهم وأن يحب لهم ما يحب لنفسه" [لطائف
المعارف لابن رجب: 146].قال بعض السلف: أفضل الأعمال سلامة الصدور وسخاوة النفوس والنصيحة للأمة وبهذه الخصال بلغ من بلغ، وسيد القوم من يصفح ويعفو، فأقِل يا عبد الله حتى تُقال واعف عمن المسئ حتى يعفو الله عنك اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد أن تغفر زلاتنا وأن تتجاوز عنا وتقيل عثراتنا وأن تجعلنا ممن غفرت له في هذه الليله ومننت عليه بالعفو والعافية في الدين والدنيا والآخر ة إنك سميع قريب مجيب الدعاء أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ..
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين أيها المؤمنون ومما ينبغي التنبيه عليه في منتصف هذا الشهر أموراً أحدثها الناسُ في هذا الشهر:
1 - منها اعتقادُ بعضِهم أن ليلةَ النصف من شعبان هي المعنيةُ بقوله تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان:4) فيقدَّرُ فيها الآجالُ والأرزاقُ؛ وهذا خطأٌ ولكنَّ المقصودَ بالآية هي ليلةُ القدر لا ليلةَ النصف من شعبان.
2 - تخصيصُ بعضِ الناس ليلةَ النصف من شعبان بالصلاة وقيامِ الليل دون سائر الأيام وإحياءِ تلك الليلةِ بالذكرِ والدعاءِ فهذا بدعةٌ في الدين ضلالةٌ لم يفعلْها النبيُّ صلى الله عليه وسلم ولا أصحابُه وهذا مردود على صاحبه لا يقبله الله عز وجل للحديث الصحيح: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) أما حديث: (إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها) (ضعيف الجامع: 652)، فحديث باطل مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم لم يقله فلا يحلُّ العملُ به.
3 - صُنعُ الأطعمةِ في ليلة النصف وتوزيعُها على الفقراء بزعم أن لها مزيةً على غيرِها أو أن فيها أجرٌ كبير أو نحو ذلك؛ فهذا مما لا أصل له فيكون هذا من البدع التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة).
3 - الاحتفالُ بهذه الليلة والتوسيعُ على الأهل في المطعم والمشرب والملبس ونحوِ ذلك وتخصيصُ تلك الليلة فقط دونَ سائرِ الأيامِ والليالي لاعتقاد فضلِها ومزيتِها على غيرها؛ وهذا مما لم يأت في الشرع الحنيف فعله ولا استحبَّهُ أحدٌ من الصحابة رضي الله عنهم ولا التابعون رحمهم الله وما لم يكن يومئذٍ ديناً فلا يكون اليوم دين. أيها المؤمنون! احذروا البدع صغيرَها وكبيرَها فهي تؤدي إلى تفريقِ الأمةِ وتشتيتِها، وقد نهى الله تعالى عن ذلك بقوله: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (آل عمران:105)، (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (الأنعام:159)، وإن انشغال المرء ببدعته عما هو مشروع يؤدي إلى هدم السنة حتى تموت السنن وتحيا البدع والعياذ بالله وإن فيما جاء في كتاب الله تعالى أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشريعة لكفايةٌ وهدايةٌلمن هداه الله إليهما واستغنى بهما عن غيرِهما كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (يونس:57) والنبي صلى الله عليه وسلم ما مات إلا وقد أكمل الله به الدين وأتم علينا به النعمة كما قال عز وجل: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) (المائدة: من الآية3)
، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين. …اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء اللهم أصلح ولي أمرنا ووفقه لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.(100/75)
ليلة النصف من شعبان
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[16 - 08 - 08, 03:26 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه
(قال أهل التعديل والتجريح: وليس في حديث ليلة النصف من شعبان حديث يصح). من كتاب العلم المشهور لابن دحية
[الجزء المطبوع منه في الكلام على شعبان 43]
وقد نبه على ذلك أيضا: العقيلي [الضعفاء 789]
وابن عربي [عارضة الأحوذي 275/ 3 , أحكام القرآن 117/ 4]
وغيرهم [بل روي عن ابن المبارك أنه أنكره أيضا من جهة المتن - رواه الخطابي (الغنية 23)
والصابوني (عقيدته 42) -]
قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:
(لم أدرك أحدا من مشيختنا , ولا فقهائنا ... يرى أن لها على سواها من الليالي). رواه ابن وضاح في [البدع] ,
وصحح محققا طبعتيه (112) (119) سنده
- تنبيه: ينبغي لطالب العلم أن يفرق بين المسائل التالية:
1 / تخصيص شعبان أو ليلة النصف منه بعبادات معينة - سوى كثرة الصوم -
وهذه المسألة لا يصح فيها دليل , ولا يسوغ القول بها.
2 / فضل إكثار الصوم في شعبان [وهذا قد اتفق على صحة السنة الفعلية فيه]
3 / تفضيل ليلة النصف من شعبان
- وهذه المسألة وإن كان الأكثرون على تضعيف أحاديثها [حكاه عنهم ابن رجب (لطائف 261) وسبق نقل كلام بعض العلماء فيها]
إلا أن هناك من العلماء من أثبت بعض أحاديث هذه المسألة , فتجريح المخالف في هذه المسألة لا يسوغ , بل الذي ينبغي أن يبين للمخالف الصواب فحسب
المصدر
خدمة جوال زاد طالب العلم ( http://aljawal.ws/show.php?cat=news&id=46)
ـ[أحمد القزاز]ــــــــ[06 - 08 - 09, 07:22 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[06 - 08 - 09, 07:25 م]ـ
تصحيح لنقلك بورك فيك
وابن عربي [عارضة الأحوذي 275/ 3 , أحكام القرآن 117/ 4]
والاصح
وابن العربي الاشبيلي المالكي [عارضة الأحوذي 275/ 3 , أحكام القرآن 117/ 4]
ـ[أبو بكر بن عايد]ــــــــ[06 - 08 - 09, 08:07 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الأخ المكرم / أبا زراع المدني
بارك اللهُ فيك
و قد كنتُ أنوي الحديث عنها الليلة
و لكن صرفتني الصوارف
وها أنا أضع هنا مقالا رائعا لفقيد المسلمين ابن باز رحمه الله
و هو من الروائع بصدق
و فيها نقولات هامة عن أهل العلم
و الله الموفق
محبكم في الله:
أبو بكر بن عايد(100/76)
فوائد من دروس الشيخ أبى إسحاق الحوينى
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[16 - 08 - 08, 03:42 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على حبيبنا محمد (صلى الله عليه وسلم) أما بعد:
الشيخ أبو إسحاق الحوينى لا أعتقد أن أحد لا يعرفه من طلبة العلم أما وسط العامة فالغالبية العظمى تعرفه.
حجازى محمد شريف المشهور بأبى إسحاق الحوينى العالم الثقة هو علامة فى علم الحديث وعلم من أعلام الدعوة فى مصر والعالم الإسلامى.
قل أن تجده مثله فى هذا الزمان جمع بين التمكن فى علمه ودعوته إلى الله بإسلوب سلس وسهل إلى جانب دفاعه المستميت عن السنة والصحابة وعن الدين عموما أمام العلمانيين وغيرهم من أعداء الدين،
وأشهد الله أنى أحبه فى الله وأتقرب إلى الله بحبه وحب العلماء الربانيين أمثاله.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (محبة العلماء دين يدان به).
وسبحان الله كلام الشيخ أبى إسحاق كما يقولون لا يشبع منه وكلامه درر وسبائك ذهب (كما يصف فضيلته كلام السلف بسبائك الذهب).
لله دره من عالم لا يخاف فى الله لومة لائم،يتمتع بحكمة شديدة فى كلامه ويستطيع أن يزن الأمور بطريقة تراعى المصالح والمفاسد
وقد جاءت هذه الخبرة التى ترجع لثلاثين عام دعوة، جاءت من مخالطته الناس وفهمه للواقع فهو لا يتكلم من فوق برج عاجى بل من فهم للنص مع فهم لواقعه فتخرج أرائه بتوفيق الله صائبة.
نحسبه على خيرا ولا نزكى على الله أحدا.
أسأل أن يحفظه من كل سوء وأن يبارك الله فى علمه وعمره
وهذه بعض الفوائد نقلتها لكم من دروسه الدعوية المفرغة.
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[16 - 08 - 08, 03:48 ص]ـ
(1) درس الغلو
قال الشيخ أبو إسحاق الحوينى _ حفظه الله_
-كل ما يشرعه الله هو لمصلحة العباد
1 - ((فمن القواعد المتفق عليها عند جميع أهل الملل: أن الله تبارك وتعالى إنما يشرع الشيء لمصلحة العباد؛ ولذلك جاءت الشرائع كلها لتحصيل المصالح وتكثيرها، وتقليل المفاسد وإعدامها ما أمكن، ولا تتأتى مصالح العباد إلا بأن يكون التشريع مشتملاً لأضعفهم، لا تتم المصلحة إلا بمراعاة الأضعف))
2 - قاعدة في الأوامر والنواهي
((كل ما نهاك الله عنه ففي إمكانك أن تنتهي عنه، وكل ما أمرك به ليس في إمكان الكل أن يأتمر به ... فجميع المناهي بإمكان العبد أن يتركها، أما الأوامر فهي كثيرة ومتنوعة))
3 - ((شريعتنا كلها سمحة، أما التعقيد الذي يعانيه بعض الناس فإنما هو بسبب انحرافهم، وإلا فاليسر كل اليسر في اتباع أمر النبي عليه الصلاة والسلام، هذا هو اليسر، إذا أردت اليسر فاتبعوالزم.
-قصة توضح نتيجة الغلو
4 - رجل مستعجل، يريد أن يدرك أقرانه، هو راكب دابة، فمن شدة استعجاله ظل يضرب في الدابة حتى قتلها، فوقف مكانه، لا أرضاً قطع -لا هو مشى- ولا أبقى الظهر الذي كان يركبه، فلما قتلت الراحلة وقف! هكذا الغالي، يظل يغلو حتى يخرج من الهدي الصالح، وهو هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
5 - رأى النبى (صلى الله عليه وسلم) عائشة رضي الله عنها تضرب جملها -وهي وصفته- قالت: كان جملاً صعباً بليداً لا يكاد يمشي، فلما رآها تضربه وتسبه قال: (يا عائشة! إن الله يحب الرفق في الأمركله) حتى مع هذه الدابة! فإذا كان هذا الدين العظيم يلاحظ الدواب ومعامتلها، فكيف بك أيها المسلم لا تلاحظ معاملة أخيك المسلم؟! دين عظيم يلاحظ معاملة الدابة! دين شفاف، دين متين! لكن المسلمين هم الذين حادوا عن الهدي الصالح. قصة توضح نتيجة الغلو
-حديث القابض على دينه.
6 - يعلق الشيخ أبو إسحاق على حديث القابض على دينه كالقابض على الجمر (أرأيت إلى رجل يمسك بجمرة وتحرقه، وهو مُصِر على أن يقبض عليها؟! ما معنى هذا الكلام؟ معناه: أن حياته في هذه الجمرة، معناه: أنه لو تركها لتلف، فهو يرتكب أخف الضررين، يحرق ويكابد، لكنه لو ترك لخرج من دينه، فيصبر على هذا، رجل يرى أن حياته في القبض على هذه الجمرة بالرغم أنها تحرقه، لكنه يصبر، يريد العقبى)
-بين الورع والغلو
7 - عندنا داءان من أعظم الأدواء كلها: داء الغلو، وداء الجهل.
لا تتصور أن غلوك ورع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/77)
ناك فرق بين الورع والغلو، لكنه فرق طفيف جداً لا يدركه ولا يراه إلا أهل البصيرة والفقه، أرأيت إلى رجل يتوضأ فيغسل العضو عشرين مرة هل هذا ورع أم وسواس؟ وسواس، وليس هو بسبيل إلى الورع، الورع له ضوابط، إذا اختلت هذه الضوابط انتقل العمل من باب الورع إلى باب الوسواس.
8 - كما أن هناك فروقاً طفيفةً جداً، مثلاً بين الغيبة والنميمة وبين قول الحق، هناك فرق بين أن تغتاب الشخص وبين أن تذكره بما فيه تبصيراً للمسلمين، لكن لا يدرك هذا إلا أهل العلم.
آفات الغلو
9 - أكبر آفات الغلو: أن ينظر الغالي إلى الناس من مكان عالٍ، فيراهم أقل منه، فيحتقرهم ويزدريهم، لذلك لا يغلو عبد إلا خرج من الهدي الصالح في آخر الأمر.
10 - يعلق الشيخ أبو إسحاق على حديث (بشروا ولا تنفروا، يسروا ولا تعسروا، وعليكم بشيء من الدلجة) مقصود النبي عليه الصلاة والسلام، -أو من مقصوده- في هذا الحديث: (عليكم بالدلجة) أي: عليكم بقيام الليل، يعني: صلِّ والناس نيام تَصِلْ، كما أنك إذا أردت السفر تسافر ليلاً فتطوى الأرض لك، فإذا قمت بالليل طويت العبادة لك، وطويت المشقة، فتشعر بهذه اللذة؛ لأن في الليل الإخلاص، إذ لا يتصور أن يقوم مراءٍ منافق من سريره ولا يراه أحد، فيتجشم الوقوف أمام الله رب العالمين ليرائي؛ فلا يقوم بالليل إلا مخلص.
-غلو الخوارج و الجهمية
11 - الخوارج يكفرون بالكبيرة ما معنى أن يكفر غيره بالكبيرة؟ معناه: أنه لا يفعل الكبيرة، فرجل يبرئ نفسه من الإثم ويرمي به غيره ظالم معتد.
12 - الجهمية الذين نفوا عن الله تبارك وتعالى صفاته فعلوا ذلك بسبب الغلو، فكل داء خرج من تحت عباءة الغلو.
-الصحابة كانوا يتحاشون الخلاف
13 - أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لماذا سادوا ووصلوا؟ كانوا لا يتعبدون بالخلاف، بل كانوا يتحاشون الخلاف ما أمكن، فإذا اختلفوا فكان الله تبارك وتعالى يقي شر هذا الاختلاف بإخلاصهم في طلب الحق، فإن التعبد بالخلاف جريمة
14 - قواعد في فهم القرآن والسنة
أ-الخاص مقدم على العام: إذا كانت لدينا مسألة خاصة نريد تحرير الكلام فيها: لا نأتي بالأدلة العامة فنحتج بها على ذلك الخاص، بل لا بد من دليل خاص.
-كل عالم يخطأ ويصيب العصمة للنبى صلى الله عليه وسلم وحده.
15 - علماء المسلمين جميعاً يأمروننا بالرد إلى الله ورسوله، لا يحجزك عن الله ورسوله حاجز، لا عالم ولا غيره، لأن الرد إنما يكون إلى المعصوم عليه الصلاة والسلام، إنما العالم مهما جل قد يخطئ، قد لا يعرف وجه الحق في المسألة رغم جلالته.
16 - أي عالم مهما كان فحلاً كبيراً تفوت عليه سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم.
17 - يقول الراجز:
وقول أعلام الهدى لا يعمل بقولنا بدون نص يقبل
فيه دليل الأخذ بالحديث وذاك في القديم والحديث
قال أبو حنيفة الإمام لا ينبغي لمن له إسلام
أخذاً بأقوالي حتى تعرضا على الكتاب والحديث المرتضى ومالك إمام دار الهجرة قال وقد أشار نحو الحجرة
كل كلام منه ذو قبول ومنه مردود سوى الرسول
والشافعي قال إن رأيتمو قولي مخالفاً لما رويتمو
من الحديث فاضربوا الجدارا بقولي المخالف الأخبارا
و أحمد قال لهم لا تكتبوا ما قلته بل أصل ذاك فاطلبوا
فانظر لما قال الهداة الأربعة واعمل بها فإن فيها منفعة
لقمها لكل ذي تعصب والمنصفون يكتفون بالنبي.
-كل جناية عن الشريعة بسبب صرف اللفظ عن ظاهره.
18 - الأصل في الألفاظ الحقيقة، فيبقى الأصل في كلام الله ورسوله أن ينزل على الحقيقة، لا يصرف عن غير الحقيقة إلا بدليل؛ ولذلك أصابنا شر عظيم بسبب الحيدة عن هذا الأصل الكبير.
19 - ومن أشد الناس ضلالاً في هذا الصوفية أصحاب التفسير الإشاري ك ابن عربي، و ابن الفارض، و ابن سبعين؛ فهؤلاء خرجوا عن ظاهر الشريعة وأصل الكلام فأحدثوا من الفساد ما لا يعلمه إلا الله! الروافض غلاة الشيعة 0
20 - الروافض غلاة الشيعة، فالشيعي قديماً كان يقدم أبا بكر و عمر ويعظمهما لكن يقول: أنا أرى أن علياً أولى بالخلافة من عثمان لكن هؤلاء روافض يسبون أبا بكر و عمر، ويزدرون الصحابة ويقولون: إن الصحابة جميعاً ماتوا على النفاق ما عدا ستة
21 - معنى كفر الشيخ سميت كفراً لأن أصل الكفر: البيوت الكثيرة التي التفت حولها الأشجار فغطتها عن العيون، فلذلك كان اسمها كفراً، وسمي الليل كافراً لأنه يغطي نور النهار، وسمي الكفر كفراً لأنه يغطي الإيمان.
22 - كل جناية عن الشريعة بسبب صرف اللفظ عن ظاهره أو حقيقته، لذلك الجهمية الذين نفوا صفات الله تبارك وتعالى بدعوى التنزيه.
23 - إن المشبه يعبد صنماً، والمعطل يعبد عدماً.
لمعطل: كلما تأتي له بصفة من صفات الله يعطلها مباشرة حتى لا يشبه الله بخلقه، يقول لك: لا، هو لا له يد، ولا له سمع، ولا له بصر، ولا له إصبع، ولا له قدم، ولا له أي صفة من هذه الصفات.
أليس هو إلهاً؟! ما هي صفاته؟! يقول: لا سميع ولا بصير ولا قدير ولا شيء من هذا.
إذاً يعبداً عدماً! لما عطل صفات الله تبارك وتعالى عبد العدم.
والمشبه -الذي رد على المعطل لكنه تطرف في الناحية الثانية- يعبد صنماً؛ لأنه جعل من إلهه شبيهاً بخلقه.
-النجاة فى إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم
24 - أسعد الناس هم المتبعون للرسول عليه الصلاة والسلام، فهم لايجدون مشقة على الإطلاق.
تمت ولله الحمد والمنه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/78)
ـ[أبو السها]ــــــــ[16 - 08 - 08, 09:29 ص]ـ
جزاك الله خيرا -أخانا الفاضل أبا مالك- وحفظ الله لنا شيخا أبا إسحاق أسد السنة، ولا غرو إنه من تلاميذ شيخنا ومحدثنا - حسنة الأيام- كما سماه الشيخ أبو إسحاق- الألباني رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
ـ[أبو طلحة الحضرمي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 03:28 م]ـ
جزاك الله خيرًا وحفظ الله لنا الشيخ الحويني وأمد الله في عمره على طاعته.
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[17 - 08 - 08, 01:58 ص]ـ
جزاك الله خيرا -أخانا الفاضل أبا مالك- وحفظ الله لنا شيخا أبا إسحاق أسد السنة، ولا غرو إنه من تلاميذ شيخنا ومحدثنا - حسنة الأيام- كما سماه الشيخ أبو إسحاق- الألباني رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
وكما يقولون هذا الشبل من ذاك الأسد، عفوا! بل هو أسد من أسود السنة كشيخه
رحم الله الشيخ الألبانى وحفظ الله شيخنا شيخ أبا إسحاق الحوينى.
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[17 - 08 - 08, 02:00 ص]ـ
جزاك الله خيرًا وحفظ الله لنا الشيخ الحويني وأمد الله في عمره على طاعته.
آمين يا رب العالمين
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[17 - 08 - 08, 04:59 ص]ـ
(2) درس (جنة الرضا في التسليم لما قدر الله وقضى)
-البلاء يجعل القلب قويا.
1 - إن أعظم منافع التعرض للبلاء هو أنه يجعل القلب قوياً؛ لأن القلب إنما يستمد مادة حياته من البلاء. والعبد يوم القيامة يوزن عند الله عز وجل بقلبه لا بجسمه، قال إبراهيم عليه السلام: {وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:87 - 89].
2 - إن المهم بالنسبة للعبد المبتلى هو سلامة القلب، فلا يضرك ما فاتك من جارحتك إذا سلم قلبك، ما كان عند أيوب عليه السلام إلا قلباً.
-الطب النفسى وعلاجه للقلوب.
3 - إن الطب النفسي كله في الوقت الحاضر يعالج شيئاً واحداً فقط، وهو اضطراب القلب، والخوف من المجهول، وأغلب -إن لم يكن كل- الأطباء النفسيين مرضى ويحتاجون إلى علاج؛ لأنهم ينصحون المكتئب بمعصية الله عز وجل.
قوة القلب هى الأساس.
4 - الإنسان لابد أن ينظر إلى قلبه، فقوة الجارحة تابعة لقوة القلب، وضعف الجارحة تابعة لضعف القلب.
5 - هناك كثير من أهل العلم والفضل ابتلاهم الله تبارك وتعالى بنوع من أنواع البلاء، فعندنا مثلاً الإمام الأعرج عبد الرحمن بن هرمز، وهو من أشهر الرواة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، ولا يعرف في كتب الحديث إلا بـ الأعرج، وكذلك عاصم بن سليمان الأحول، لا يعرف في الكتب إلا بـ الأحول، فإذا قيل: الأحول عن أنس فهو عاصم بن سليمان، وكذلك الإمام الترمذي صاحب السنن ولد أعمى، والإمام حماد بن زيد -أيضاً- ولد أعمى، وكذلك قال العلماء في ترجمة حماد بن سلمة: كان عابداً زاهداً لو قيل له القيامة غداً ما قدر أن يزيد في عمله شيئاً، وكان حماد بن زيد ضريراً ويحفظ حديثه كله، وهو من الأئمة الثقات الذين عقدت عليهم الخناصر في العدالة والضبط.
6 - وفي الحكاية الصحيحة الثابتة: أن عروة بن الزبير بن العوام -وهو أحد التابعين الكبار- رحل إلى عبد الملك بن مروان، وكان في رجله مرض ودبت إلى رجله الأكلة، فلما وصل إلى عبد الملك بن مروان استشرى المرض في رجله، فقال الطبيب له: لا حل إلا أن نقطعها لك، قال: وكيف ذلك؟ قالوا: تشرب خمراً حتى نستطيع أن نقطعها لك فلا تتألم.
فقال: ما كنت لأستعين على دفع بلاء الله بمعصية الله، ولكن دعوني حتى إذا دخلت في الصلاة فاقطعوها -لولا أن أسانيد هذه القصة صحيحة لما كاد المرء يصدقها! - قال: فلما دخل في الصلاة قطعوها فما أحس بها، وبعد أيام من قطع رجله، سقط ولده من على سطح الدار فمات، -وكان عنده سبعة أولاد- فبلغ ذلك عروة فقال: اللهم لك الحمد، أخذت واحداً وأبقيت ستة، وأخذت عضواً وأبقيت ثلاثة، اللهم لئن ابتليت فلقد عافيت، ولئن أخذت فلقد أبقيت، قال الله تبارك وتعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:7].
7 - أعظم الصبر هو الصبر عن معصية الله عز وجل.
-ابن تيمية إمام كل مبتلى جاء بعده.
8 - أن شيخ الإسلام ابن تيمية من أشهر المبتلين؛ فقد سجن سبعة عشر عاماً متفرقات، بسبب فتاويه التجديدية، لقد جدد دين الله تبارك وتعالى، وتحمل الأذى وصبر، ومع ذلك كان هذا الرجل مبتلى؛ إذا جاءوا ونظروا إلى وجهه تبدد ما يجدونه من ضيق النفس، وما هذا إلا للرضا الذي كان يشعر به شيخ الإسلام ابن تيمية.
-كلمة لكل معاق.
9 - أقول لكل أخ معاق: كن منارة، واضرب المثل للذين يرفلون في ثوب العافية، اجعلهم يحتقرون أنفسهم عندما يجدونك في الصف الأول في الصلاة، برغم أنك معاق ولا تتمتع بالحرية التي يتمتعون بها، فلعل أحداً ممن يراك يحتقر نفسه، ولربما كنت معلماً وإن لم تكن صاحب لسان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/79)
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[19 - 08 - 08, 01:26 ص]ـ
(3) البدعة وأثرها في تأسيس محنة المسلمين
-البعد عن الكتاب والسنة
1 - الفتن والمصائب التي ألمت بالمسلمين هي بسبب بعد الأمة الإسلامية عن كتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم، وتبنيها منهج أهل البدع والخرافات مقابل المنهج السوي الذي لا يعتريه زيادة ولا نقصان.
الاتباع لا الابتداع، وجهل المبتدع
2 - أعظم مناقض للاتباع هو الابتداع،ولذلك قاومه الرسول عليه الصلاة والسلام في حياته قولاً وعملاً.
3 - البدعة سببها الجهل، وكلما اقتربت من السلف الأول ابتعدت عن البدعة، وأنت تنظر إلى جميع المبتدعة ترى علمَهم بالسلف قليل، ولكن لهم سمتٌ عام وهو الجد في العبادة.
- منهجهم العقل أولاً
4 - أهل البدع يخالفون أهل السنة في منهج الاستدلال فهم يقدمون العقل على النقل، ويجعلونه قاضياً، بحيث أنه إذا لم يفهم النص يرده.
الطعن فى الأحاديث الصحيحة
5 - طعن أهل البدع في حديث: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله).
قال أنه يناقض القرآن قال الله عز وجل {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون:6]: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس:99]، وقال الله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف:29].
يقول الشيخ حفظه الله (الناس فى الحديث صنفين مؤمن وكافر، المؤمن غير داخل تحت الحديث. الكافر قسمين الأول يدفع الجزية ولا يقاوم المسلمين فهذا لا إشكال فيه،
قسم الآخر لا يريد أن يدفع الجزية، ولا يريد أن أنشر ديني، فهذا هو الذي عناه الحديث، ومما يدل على ذلك قوله عز وجل: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة:29]، قاتلوهم حتى يعطوا الجزية، إذا أعطوا الجزية فلا نقاتلهم، وإذا لم يعطوا الجزية نقاتلهم.))
6 - طعن أهل البدع في حديث موسى مع ملك الموت. (1)
يقولون: إن عباد الله الصالحين لا يكرهون الموت، فكيف بنبي من أولي العزم؟! فهم يحبون الموت
وهذا خطأ.
دل على هذا الحديث الإلهي حديث: (مَن عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)، في هذا الحديث (وما ترددت في شيءٍ أنا فاعله ترددي في قبض روح عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته).
وحديث السيدة عائشة رضي الله عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (من أحب لقاء الله أحب لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، فقالت عائشة: يا رسول الله! كلنا يكره الموت).
كذا (كلنا)، وعند العلماء: الجملة الكلية الموجزة من أقوى الجمل في إفادة العموم؛ لأن لفظ (كل) تفيد العموم، فهي قالت: (كلنا يكره الموت) فلو كان عباد الله المؤمنون لا يكرهون الموت لقال: (لا يا عائشة! ليس كل الناس يكره الموت) أما وقد أقرها عليه الصلاة والسلام على ذكر هذه الكلية، فهذا يدل على أن عباد الله عز وجل يكرهون الموت، ولا عيب في ذاك
فكل هذا دليل على أن عباد الله المؤمنين يكرهون الموت.
7 - لو كان العقل السوي ضابطاً ما اختلف الخلق؛ لكن تباينت أفهام الخلق لتباين عقولهم.
-معنى الحياد عند العلمانيين
8 - العلمانيون يقولون: لا بد من اتباع المنهجية والحياد والإنصاف.
الحياد عندهم معناه: هو ترك الانتماء إلى السلف، وينبغي أن يكونوا في نظري أناساً عاديين لا فضيلة ولا ميزة لهم، لأنك لو اعتقدت أن لهم فضيلة فستنحاز إليهم، وهذا الانحياز سيفقدك المنهجية، فلذلك هم ينادون دائماً بالحياد العلمي.
9 - "أهل البدع لا يستقرون في مكان حتى يكون أول من يحاربهم أهل السنة"
-أسئلة لدحض حجج المبتدع
10 - أي رجل مبتدع أسأله هذين السؤالين-: هل النبي صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً من الوحي؟ - قال: لا.
- السؤال الثاني: هل النبي صلى الله عليه وسلم قصر في البلاغ؟ - قال: لا.
- السؤال الثالث: هل ما تفعله فَعَلَه النبي صلى الله عليه وسلم؟ فهذا يجيب عليه بجوابين: إما أن يقول: لا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/80)
وهذا كافٍ في الرد عليه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام ما ترك شيئاً إطلاقاً من الخير إلا دلنا عليه: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ} [يونس:32] إذاً: كل الذي يفعله ما لم يفعله النبي عليه الصلاة والسلام كأنما قال: أنا أفعل شراً.
وإما أن يقول: نعم.
فتسأله الدليل، ولا دليل.
-البدعة الإضافية
11 - البدعة الإضافية (2) أكبر محنة على المسلمين و السبب أن لها وجهين: - وجه يطل على الشرع.
،ووجه آخر يطل على البدعة مثل الخط الذى يرسم فى المساجد لتسوية الصفوف
فشد الخيط على الأرض جاء بسبب إهمال الأئمة لأن تسوية الصفوف مسئولية الإمام فلما أهمل الإمام مهمته ظهرت هذه البدعة.
العلماء يقولون: كل حكمٍ كان له مقتضىً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله فلا يجوز لنا أن نفعله، مثل: شد الخط: كان مقدوراً له أن يفعل؟ نعم.
كان هناك مقتضى للفعل؟ نعم.
وهو تسوية الصف.
هل فعل؟ لا.
إذاً: لا يجوز أن نفعل، إذ لو كان خيراً لفعله.
وهذا أيضاً مثل الاحتفال بالمولد النبوي، والرسول عليه الصلاة والسلام مات عن ثلاث وستين سنة فقد أمضى حياته المباركة مع كل الصحابة، ومع ذلك فلم يحصل مرةً واحدة أن جمع أصحابه في يوم مولده، وخطب فيهم خطبة، أبداً.
هل جمعهم في يوم مولده كان مقدوراً له أم لا؟ - كان مقدوراً.
- هل هناك مقتضىً للجمع؟ نعم.
وهو العظة.
هل جمعهم؟
الجواب
لا.
إذاً: هذه بدعة.
بين البدعة والمصلحة المرسلة
فأنت تعرف أن هذا قيد في الفرق بين البدعة والمصلحة المرسلة.
ما هي المصلحة المرسلة؟ هي: شيءٌ فيه مصلحة، وليس هناك نهي خاصٌ عنه، ولم يكن له مقتضى على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
نحن عندما نقف عند إشارة المرور، أو شرطي المرور: هل كان مقدوراً للنبي صلى الله عليه وسلم أن يفعله؟ لا.
هل كان هناك مقتضىً للفعل؟ لا.
هل تحقق لنا مصلحة؟ نعم.
هل هناك نهي عنها؟ لا.
إذاًَ: هذه مصلحة مرسلة.
-الحديث عن المبتدع
12 - الفرق بين الترجمة للمبتدع والتحذير منه
إذا كنا في باب الترجمة فإننا نذكر ما له وما عليه، ونترجم ترجمة محضة.
ولكن إذا أنا سُئِلتُ عن رجلٍ في بدعته فأنا لا أذكر محاسنه، فمثلاً: إذا اقترض رجلٌ منك مالاً فأكله، ليس فيه إلا هذا العيب؛ لكنه مُصَلِّ ورجلٌ صوَّام وقوَّام، ورجل حسنُ الأخلاق، ويساعد الملهوف، ورجل كريم؛ لكن الإشكال عنده أنه إذا اقترض منك مالاً فانْسَهُ.
فإذا جاءني رجلٌ يقول لي: والله إن فلان الفلاني يريد قرضاً! فهل أقول له: هو ورعٌ زاهدٌ عابدٌ، وأذكر له هذه المسائل؟! هذا الكلام ليس له أي معنى ولا أي قيمة، إنما قال لي: هذا الرجل يريد أن يقترض مني مالاً أفأعطيه؟ فأقول له: إياك أن تعطيه! فهناك فرقٌ بين الترجمة: أن نترجم لفلانٍ من الناس فنذكر محاسنه ومساوئه كما هو عليه أهل السنة وأهل الحديث.
14 - التكلم في أهل البدع واجب؛ لكنه يحتاج إلى ذكاء، فهناك بعض الناس لا يراعون مصلحة الكلام في أهل البدع، فواقعنا يختلف عن واقع السلف
فالبيئة تختلف، فهناك في بعض الأماكن بيئةٌ المبتدعةُ لهم فيها ظهور، ولهم صولة كبيرة، ولو وقف هذا الرجل السني في مقابل هؤلاء وجابههم قطعوا لسانه، وضيعوا حلقته، وأخذوا منه مسجده، فهل هذه حكمة أن يقف في مقابلهم، فيأخذون منه المسجد ويمنعونه من الكلام، ويحظرون عليه؟! هذا ليس من الحكمة، بل الصواب: أن يستمر هذا الرجل ويحاول بلطف وذكاء أن يطيل عمر دعوته، لا سيما إذا كان فرداً واحداً، وكان له تأثير وكان مباركاً.
والمسألة كلها مربوطة بالمصلحة والمفسدة كمسألة عدم هدم النبى عليه الصلاة والسلام للكعبة.
مسألة مراعاة المصلحة والمفسدة في التحذير من البدعة مهم، وليس هذا تهوين من شأن البدعة، بل يجب إنكار البدع؛ ولكن هذا الوجوب يختلف من مكانٍ إلى مكان، ويختلف من رجلٍ إلى رجلٍ.
(1) الحديث رواه البخاري في صحيحه، وصححه كذلك الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أرسل ملك الموت على موسى عليه السلام فقال له: أجب ربك، فصكَّه ففقأ عينه، فصعد إلى الله عز وجل وقال: إنك أرسلتني إلى عبدٍ لا يريد الموت، فرد الله عليه بصره، فقال: ارجع إلى عبدي، فقل له: آلحياةَ تريد؟! ضَعْ يدك على متن ثورٍ، فلك بكل شعرةٍ مسَّتها يداك سنة، فقال موسى: أي رب! ثم ماذا؟ قال: الموت! قال: فالآن).
(2) -سميت بدعة إضافية، بمعنى: أنها تضاف للشرع بدليل عام، بخلاف البدعة الحقيقية التي لا أصل لها مثل صلاة الرغائب في رجب.
ـ[أبو آثار]ــــــــ[20 - 08 - 08, 08:38 ص]ـ
قل أن تجده مثله فى هذا الزمان جمع بين التمكن فى علمه ودعوته إلى الله بإسلوب سلس وسهل إلى جانب دفاعه المستميت عن السنة والصحابة وعن الدين عموما أمام العلمانيين وغيرهم من أعداء الدين،
نعم والله اننا نحبه في الله
ما سمعت له الا استفدت منه كثيرا
حفظه الله تعالى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/81)
ـ[زاهر عاطف]ــــــــ[21 - 08 - 08, 12:13 ص]ـ
بارك الله فيك
وحفظ الشيخ أبا إسحاق الحوينى الأثرى
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[21 - 08 - 08, 12:52 ص]ـ
أخى زاهر وأخى أبا آثار شكرا على مروركما العطر
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[21 - 08 - 08, 02:15 ص]ـ
(4) تحقيق كلمة التوحيد
تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله
1 - قال الشيخ أبو إسحاق الحوينى _حفظه الله_
" لو أن جماهير المسلمين اليوم فهموا كلمة التوحيد كما فهمها العرب الأوائل، حتى الذين ماتوا على الكفر منهم لتغير واقع المسلمين.
2 - الدين على ثلاثة أنماط: الإسلام والإيمان والإحسان، فالإحسان أخص من جهة أهله، وأعم من جهة نفسه، يعني: تخيل الإسلام والإيمان والإحسان في دوائر ثلاثة متداخلة، أكبر دائرة هي الإسلام، والدائرة التي تليها في الصغر وهي بداخلها الإيمان، والدائرة التي تليها وهي بداخلها: الإحسان، فإذا خرج من دائرة الإحسان وقع في دائرة الإيمان، وإذا خرج من دائرة الإيمان وقع في دائرة الإسلام، وإذا خرج من دائرة الإسلام فلم يبق إلا الفضاء الواسع، وهو الكفر.
3 - في الصيام يحقق أكثر الناس مرتبة الإحسان. فالأنسان في الصيام لا يستطيع أن يشرب مع شدة العطش، ووجود المقتضى الدافع على العصيان، وهو الانفراد وأن لا أحد معه، ومع ذلك لا يجرؤ على الشرب، هذا هو تحقيق مرتبة الإحسان، أن تعبد الله كأنك تراه؛ فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وهذا على سبيل التنزُّل.
تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله
4 - معنى كلمة التوحيد أنني كما أفرد ربي بالعبادة ولا أشرك به أحداً، سأفرد النبي صلى الله عليه وسلم بالاتباع كما أن الله واحدٌ لا شريك له في العبادة، فالنبي صلى الله عليه وسلم لا شريك له في الإتباع، وإذا اتبعنا عالماً بعده، إنما اتبعناه بقوله، فكل شيءٍ راجعٌ إليه في الحقيقة.
5 - ضرب الصحابة أروع الأمثلة في هذا الاتباع للنبي عليه الصلاة والسلام، وكان الواحد منهم شديد الحساسية، مرهف الحس.
ابن عمر رضي الله عنهما سئل مرةً عن أكل لحم الغراب: أحلال أم حرام؟ فاستدل على تحريمه بحجةٍ عجيبة، فقال: من يأكل الغراب وقد سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسقاً؟ من الذي تطيب نفسه أن يأكل الغراب والنبي عليه الصلاة والسلام سماه فاسقاً؟ هذا الحس العالي كان يسير حياة هؤلاء.
- صدق المحبة
6 - الحكم الشرعي كله اسمه تكليف، أي: لا يكون إلا بكلفة وبمشقة، وها أنت قد سمعت في أول الكلام: (ما جاء رجلٌ بمثل ما جئت به إلا عُوْدِي) فلا بد أن تتوقع المعاداة والمشاكل، مسألة ضرورية لدعوة الرسل، العداء ظاهرة صحية لدعوة الرسل ودعوة أتباعهم.
7 - المحب لا يخالف حبيبه أبداً إذا صدقت محبته، المحب لا يرى في الدنيا أمراً إلا أمر حبيبه، ولا يرى نهياً إلا نهي حبيبه، ولا يرى خصلةً جميلة في الدنيا إلا كتبها إلى حبيبه، ولا منقصة إلا برأ منها حبيب.
8 - عندما يستدل شخص بدليل ضعيف، ويأخذ منه حكماً شرعياً يقولون له: (لا يستقيم الظل والعود أعوج) الدليل ضعيف؛ لا تأخذ منه حكماً.
إن المحبة هي العود، وكل عملٍ يأتي بعد ذلك هو كالظل للعود وفرعٌ عنه.
9 - إذا رأيت صاحبك يمشي مع عدوك فمحبته كاذبة، إذا اعتقدت النقص في حبيبك فمحبتك ناقصة، لا تتم محبتك إلا إذا اعتقدت الكمال فيمن تحب، ولا تلصق نقيصة به، وكلما عُظُم تصوّرك اكتمل حبُّك.
قاعدة الولاء والبراء: (حبيب حبيبي حبيبي وعدو حبيبي عدوي).
10 - محبة النبي عليه الصلاة والسلام واجبة، والمحبة هي ليست محبة الطبع، إنما هي محبة الاتباع والتقدير والتعظيم.
- قصة ابن النابلسى العجيبة فى ثباته على الحق!
11 - ابن النابلسي أحمد بن محمد بن سهل الرملي دعاه الخليفة العبيدي، وبنو عبيد كانوا قد غيروا الدين، وأزالوا الملة، وقتلوا الصالحين، فلما حضر ابن النابلسي الرملي قال له الخليفة: بلغني أنك تقول: إذا كان للرجل عشرة أسهم فيرمي فينا واحداً وفي الروم تسعة، فهل هذا الكلام صحيح؟ قال: لم أقل هكذا، بل قلت: يرمي فيكم تسعة ويرمي العاشر الروم، فإنكم غيرتم الملة، وقتلتم الصالحين.
فأمر بيهودي فسلخه وهو حي -وهذه قصة صحيحة ومشهورة- فكان يذكر الله وهو يسلخ حتى وصل إلى رأسه، فقال ابن النابلسي: {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} [الإسراء:58]، وكان الدارقطني -إمام المسلمين في زمانه- إذا ذكر ابن النابلسي يبكي، كيف أنه جاد بنفسه! ومن أين له هذا الصبر؟! يسلخ حتى إذا وصل إلى رأسه قال: {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} [الإسراء:58]؟!! فما بدل ولا غير، والثابت من ثبته الله؛ ولذلك يشرع للمسلم أن يقول دائماً: لا حول ولا قوة إلا بالله.
-عبودية القهر
12 - من عبودية القهر على كل الناس أنهم على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم ينسبون الجمال إلى الله، الكل إذا رأى شيئاً جميلاً قال: الله، الكل كافر، مسلم، يهودي، نصراني، مجوسي، مجرد أن يرى شيئاً وجميلاً يقول: الله، فينسبون الجمال إلى الله رغم أنوفهم.
-الحديث درج والرأى مرج
13 - قال سفيان الثورى رحمه الله: (الحديث دَرَج والرأي مَرَج، فإذا كنت على الدَّرَج؛ احذر أن تزل قدمك فتندق عنقك، وإذا كنت في المرج فسر حيث شئت).
-رؤية العلماء منقبة
14 - الإمام البخاري رحمه الله، ذكر في ترجمة أبيه شيئاً واحداً تعجبون له، لما ذكر والده قال: (رأى حماد بن زيد) رآه بعينيه هذه منقبة كبيرة جداً، لو وجد لأبيه منقبةً أعلى من هذه لذكرها، لكن يا لِحظه!! رأى حماد بن زيد بعينيه!! وليس هذا فقط، قال: وصافح ابن المبارك بكلتا يديه) والدته دعت له، يسلم على ابن المبارك بيديه الاثنتين، هذه هي المنقبة الخاصة بوالد الإمام البخاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/82)
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[24 - 08 - 08, 01:10 ص]ـ
من الفوائد المتفرقة:
1 - عندما سئل الشيخ أبى إسحاق _ حفظه الله _ عن الكلام فى القضايا الجزئية قال:
وقد أخذ الله الميثاق على أهل العلم أن يبينوا الحق وإن رفضهم الناس جميعاً،هذا دين الله ونحن مستخدمون فى نصره،ومايضرنا إن كفر أهل الأرض ما دمنا نستخدم الوسيلة الصحيحة فى الدعوة،وعندما قال لى رجل الكلام فى القضايا الجزئية كاللحية وإسبال الإزار ينفّر الناس فلا داعى لذكرها، فرد الشيخ قائلا أنا رجل مستأمن على هذا الدين المطلوب أن أبلغه تبليغ صحيح لا أكون فظا ولا غليظا و لا جاهلا،إنما أبلغه بالحكمة والرفق المطلوبين أما أن يستجيب المستمع أو لا فليست مهنتى،ومسألة القلة والكثرة لا تدل على الحق.
قال النبى (صلى الله عليه وسلم) ((فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد)) هذا النبى الذى غادر الدنيا ولم يؤمن به واحد على وجه الأرض هل فشل فى تبليغ دعوته؟ هل لِما على ذلك؟ لا
من سلسلة براءة الشريعة من التناقض (الشريط الأول)
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[25 - 08 - 08, 02:15 ص]ـ
جيل الصحابة [1،2]
إن جيل الصحابة الكرام هو الجيل الذي اختاره الله واصطفاه لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونشر الدين والدعوة.
وقد تميز هذا الجيل الفريد بأنه تربى على يد النبي صلى الله عليه وسلم، فأحسن تربيته، وظهرت آثار تلك التربية واضحة جلية في مواقفهم وجميع شئون حياتهم، ومن تدبر حياتهم، وتأمل في حالهم علم أنهم خير أمة أخرجت للناس، وخير جيل أبصرته البشرية، بهم نفاخر أهل الأرض -بل وأهل السماء- وعلى منهاجهم نسير وبخطاهم نقتدي، ومن يتبع غير سبيلهم فقد ضل ضلالاً مبيناً، ومن انتقصهم فقد خلع ربقة الإسلام من عنقة، وحارب الله ورسوله والمؤمنين.
قال الشيخ أبى إسحاق فى معرض حديثه عن قصة قتل كعب بن الأشرف:
1 - الصحابة رضوان الله عليهم استطاعوا في عشر سنوات أن يكونوا دولة، والعرب جنس لا يصلح إلا بدين، كانوا قبل الإسلام أمة على هامش الدنيا، لا قيمة لها على الإطلاق، لم يكن لها دين، وإنما كانت الأرض آنذاك لفارس والروم، وكان العرب بدواً رحلاً، رعاة شاء، فجاء الإسلام فرفعهم إلى منزلة سامية، قادة أمم.
- أزمة رجال.
2 - أزمتنا في الحقيقة أزمة رجال، لذلك نذكر الجماهير بحياة الصحابة، فهم الأسوة العملية، والذين يطعنون الآن في الصحابة قد طعنوا في الإسلام كله، ولله در الإمام النسائي رحمه الله لما جاءه رجل فقال: إن رجلاً يتكلم في معاوية بن أبي سفيان، فقال الإمام النسائي رحمه: إنما الإسلام دار والصحابة الباب، فمن نقر على الباب إنما أراد الدخول، ومن أراد الصحابة إنما أراد الإسلام.
يريدون أن يطعنوا في الصحابة وهم الذين نقلوا إلينا الدين، إذا سلمنا بالمقدمة سلمنا بالنتيجة، الصحابي نقل دين الله، فإذا قلت: هذا الصحابي ليس بعدل، قلت: الذي نقله كذب، فالذين يتكلمون على الصحابة يريدون الطعن في الدين.
-استغفار الرسول شهادة
3 - كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استغفر لرجل يخصه بذلك استشهد، فقال عمر بن الخطاب لما سمع ذلك: يا رسول الله: ألا متعتنا بـ عامر؟ علم أنه سيموت، لما استغفر له علموا أنه سيقتل في المعركة.
وفى حديثه عن قصة سعد بن أبي وقاص مع أمه قال:
- طاعة الله ورسوله مطلقة
4 - طاعة الوالدين لها حدود، إلا طاعة الله ورسوله، فطاعتهما مطلقة، وكل إنسان في الدنيا طاعته مقيدة بقيدين: القيد الأول: الاستطاعة.
والقيد الثاني: المعروف، فإذا أُمرت بما لا تستطيع سقط الأمر وسقط وجوبه، وإذا كان مستطاعاً، لكنه حرام، سقط وجوبه، لكن طاعة الله ورسوله مطلقة لا حد لها.
-شرف الابتلاء فى ذات الله
5 - إذا ابتليت في ذات الله كان أشرف لك لماذا؟ لأن سلفك في ذلك هم الأنبياء، وحين تلتفت في الطريق، تجد أن أسلافك هم الأنبياء تطمئن نفسك.
6 - الجوارح تستمد حياتها من الراحة أما القلب فهو يستمد حياته من المحن، ففيها سلامة القلب، فالقلب لا يعيش إلا في العواصف والمحن، ولذلك اختار الله عز وجل البلاء، فجعله من نصيب أوليائه؛ لا لهوانهم عليه، ولكن ليحصن قلوبهم؛ لأن أحدهم لو استراح، وركن إلى الدنيا، ضعف قلبه، ولذلك تجد أضعف الناس قلوباً وأدناهم الناس همة هم أهل الترف، يقول الله تبارك وتعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا} [الإسراء:16].
- أنعم بتلك النساء
7 - يقول الشيخ معلقا على حديث أبى الدحداح الذى ترك حائطاً له لله لما سمع قول تعالى {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة:245] وعندما أخبر زوجته بذلك قالت: (ربح البيع يا أبا الدحداح، ربح البيع يا أبا الدحداح) أنعم بتلك النساء! والله إننا بحاجة إلى أن تتعلم نساؤنا من نساء الصحابة.
8 - فائدة أخيرة: أرتجز سلمة بن الأكوع فى ذات القرد: أنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع - الرضع هم اللئام، يقال: لئيم راضع: لأن اللئيم إذا أراد أن يشرب من لبن الشاة يرضع ويمص لبنها من ثدي الشاة حتى لا يسمع الناس أنه يشرب ويشاركونه في اللبن، فيقال: لئيم راضع، فاليوم يوم الرضع أي: هذا هو يوم اللئام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/83)
ـ[أبو جابر الجزائري]ــــــــ[25 - 08 - 08, 09:20 ص]ـ
أخي الفاضل أبي مالك المصرى
جزاك الله خيرا على هذه الدرر
مادام أنك من المتتبعين لدورس فضيلة الشيخ حفظه الله، فهل أجد عندكم القصة العجيبة التي ذكرها الشيخ عدة مرات على القناة الفضائية "النّاس" حول إسلام امرأة قبطية في آخر رمقها على يدي شابين مسلمين (مادة صوتية أو مرئية)، فقد أعياني البحث عنها.
وبارك الله فيك
ـ[أبو ثابت الظبياني]ــــــــ[25 - 08 - 08, 01:10 م]ـ
جهد متميز ومشكور
زادن زادك الله من علمه
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[26 - 08 - 08, 01:04 ص]ـ
أخى أبا جابر وفيك بارك والقصة لا أعرف عنها شيئا،ربما تجدها فى منتدى فرسان السنة
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[26 - 08 - 08, 01:07 ص]ـ
جهد متميز ومشكور
زادك الله من علمه
آمين ولك بمثل
شكرا على مرورك العطر
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[26 - 08 - 08, 01:10 ص]ـ
الولاء والبراء [1]، [2]
إن عقيدة الولاء والبراء هي الركيزة الأساسية التي تقوم عليها علاقة المسلم مع غيره، فالمسلم يوالي المسلمين ويحبهم على غير أنساب تربطه بهم، ويعادي الكافرين وأتباعهم، ولو كانوا أقرب الأقربين.
ولقد أدرك أعداؤنا أهمية هذه العقيدة فحرصوا على تمييعها بشتى الوسائل، ودأبوا على استبدالها بمصطلحات دخيلة: كأخوة الوطن، والروابط الإنسانية.
و غيرها، وأعانهم على ذلك العلمانيون الذين هم من أبناء جلدتنا، ويتكلمون بلساننا.
العبودية أعلى مقامات الحب
1 - حقيقة العبادة تنبني على أصلين عظيمين: الأصل الأول: هو كمال الحب، والأصل الثاني: هو تمام الذل، فلا ذل إلا بحب، ولا حب إلا بذل.
2 - الله عزوجل وحده يُحب لذاته، ومن دونه يُحب لقربه من الله، لا يُحب لذاته لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، إنما نحبهم لقربهم من الله؛ ولأن الله اصطفاهم؛ لذلك أحببناهم وقدمناهم.
الولاء والبراء ممن؟
2 - الولاء لا يكون إلا للمؤمنين، والبراءة لا تكون إلا من الكافرين والمنافقين، والعاصي يكون الولاء له بقدر إيمانه بالله، البراءة منه بقدر معصيته.
ضياع عقيدة الولاء والبراء في واقعنا المعاصر.
3 - عقيدة الولاء والبراء لأنها متصلة بالله مباشرة؛ حرص أعداؤنا على تمييعها وتضييعها، فظهرت مصطلحات الأخوة الإنسانية، حتى من بعض الذين ينسبون إلى الدعوة يقولون: إخواننا من النصارى، إخواننا الأقباط، هذا قدح في الإيمان، وقدح في عقيدة الولاء والبراء، لقد كفرهم الله عز وجل، فلا يحل لمن كفره الله وأهانه أن تكرمه.
مثال:
يذكر الشيخ أن محقق لكتاب أحكام الذمة لابن القيم يقول فى تحقيقه
ابن القيم يقول: إن النصارى واليهود لابد أن يعطوا الجزية وهم صاغرون فهذا شرط، يعني: لا يدفع الجزية إلا وهو ذليل منكس رأسه ويقول: خذ الجزية وهذا شرط مذكور في الآية.
يقول: هذا الكلام هذا غير صحيح، ويكفي أن نأخذ الجزية، وما صاغرون هذه؟ وهذا الكلام غير صحيح وإنما هذا المحقق يتكلم من وضع الضعف والهوان الذي يراه ويعيش فيه.
4 - إن الله تبارك وتعالى نهانا أن نسكن في مساكن الذين ظلموا، مع أن الأرض لله، والأرض لا تقدس أهلها، ولا تصبغ إلا بصبغة الساكنين عليها. مكة -التي هي أحب البلاد إلى الله- كانت في يوم من الأيام دار كفر، إنما الدار بساكنيها.
الولاء والبراء فى القرآن الكريم
5 - القرآن الكريم يدور في أغلب محاوره على تقرير التوحيد ونبذ الشرك، والمعنى التالي مباشرة لهذا المعنى هو: الولاء والبراء.
الجهاد مصطلح إسلامي
6 - الجهاد مصطلح إسلامي خالص لا يُعرف في أي ملة، يعرف القتال الكفاح النضال أي شيء من هذا الكلام، لكن (الجهاد) كلمة إسلامية خالصة، لم تعرف إلا عن المسلمين.
مثال لتحقيق البراء عند الصحابة
7 - صح عن عبد الله بن عمر أنه سلم على رجل فعلم أنه يهودي فجرى وراءه، وقال له: رد علي سلامي -هكذا بمنتهى العزة- فقال له: رددت عليك سلامك؛ لأن عز الفرد من عز أمته ودولته، وذله من ذل أمته ودولته.
- ترسيخ عقيدة الولاء والبراء عند الأبناء.
8 - إن أول ما ينبغي أن ينشأ عليه الولد: هو صدق الانتماء إلى الله ورسوله.
-حقيقة البراءة من الكافر
9 - الأمم المنتصرة تفرض نفسها وتفرض مصطلحاتها على الأمم الضعيفة، فنتكلم بالكلام الكفري باسم المصطلحات العلمية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/84)
10 - كل الحروب الدائرة بيننا وبين الكفار حرب معتقدات، وليست حرب اقتصاد ولا سياسة ولا هيمنة أبداً، إنما هي حرب معتقدات كما قال الله عز وجل: ((وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا)) [النساء:89]، كل المسألة أنهم يريدوننا أن نكفر كما كفروا.
11 - إن الولاء والبراء هو الأثر الطبيعي لصدق الانتماء، وإن الكافر إذا ظهر لا يدعك أبداً، {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً} [التوبة:8]، {لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً} [التوبة:10]،
فوائد أخرى
وكعادته الشيخ أبى إسحاق الحوينى فى أغلب محاضراته لابد أن يشير للصحابة وعن فضلهم.
12 - يقول الشيخ أبو إسحاق (هؤلاء الصحابة لما قيل لهم: اخرجوا، تركوا ما بذلوه طيلة أعمارهم من المال والدار وراءهم، وذهبوا إلى مستقبل غير معروف، والنبي صلى الله عليه وسلم لما دعاهم إلى الله لم يضمن لهم أكلاً جيداً ولا ملبساً جيداً، وما تكلم عن هذه قط، ولكنه وعدهم الجنة، فإذا بذلت نفسك لله وخرجت من ديارك وخرجت من مالك وخرجت من ولدك أنا لا أعدك بشيء في الدنيا، فلا أعدك بتمكين ولا أعدك بمطعم وشراب بارد، وإنما أعدك إذا مت أن تدخل الجنة، هذه هي دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام.
13 - {إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ}
المرأة مملوكة لا مالكة، ولذلك حرمت من القضاء، وحرمت من الولايات العظيمة، وجعل عليها القوامة؛ لأنها مملوكة، فالعجيب أن يملُك هذا المملوك! كأنه قال له: اعجب وتنكر أن امرأة تملكهم.
14 - عندما تأتي كلمة (عباد) في القرآن مضافة على الله عز وجل، فهي في الغالب (1) تأتي إضافة تشريف، بخلاف كلمة (العبيد) فلم تأت قط إضافة تشريف، وإنما جاءت لوصف العبودية العامة الشاملة على العباد، عبودية القهر، وأن الكل يحتاج إلى الله عز وجل، لكن عبودية التشريف لا تأتي (بعبيد) تأتي (بعباد) {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا} [الإسراء:5].
15 - قال تعالى {إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء:7]، المناسب أن يقال: (وإن أسأتم فعليها) وليس (فلها) لكن هذا نوع من التبكيت، كقول الله عز وجل: (فبشرهم بعذاب أليم)، والبشرى لا تكون إلا بالخير، فهذا نوع من التبكيت: أن توضع البشرى مكان النذارة والعكس (وإن أسأتم فلها).
(1) غالباً؛ لأنها قد تأتي مضافة وليس للتشريف، وإنما للقهر أيضاً، كقوله عز وجل: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام:18] وهذه ربوبية شاملة على العباد.
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[29 - 08 - 08, 02:37 ص]ـ
من الفوائد المتفرقة:
2 - لكى تنتصر على عدوك الخارجى لابد أن تهزم عدوك الداخلى (النفس)
فجهاد النفس أولا،إذ لا يطلب أن تقاتل وتجاهد عدوك وأنت لم تنتصر على نفسك، ولا يمكنك أن تنتصر على عدوك في الخارج، هذا مستحيل؛ لأن هذا العدو الكامن في النفس يخذلك.
3 - الأنصار معهم دعوة النبي صلى الله عليه وسلم المستجابة: (اللهم اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار، ولأبناء أبناء الأنصار، ثم قال لهم: الأنصار شعار والناس دثار) يا لها من بشرى! ويا له من عطاء لا يقبله إلا أهل الإيمان ممن اتجهت قلوبهم إلى الآخرة! (الأنصار شعار) والشعار هو اللبس اللين الداخلي الذي يلاصق جسدك مباشرة، هذا اسمه شعار.
والثياب العليا اسمها دثار، فممكن الإنسان أن يلبس الدثار، والدثار صوف خشن، لكن لا يستطيع الإنسان أن يلبس صوف الغنم على جلده، فكأنه قال: أنتم أقرب إليّ كقرب هذا الثوب الناعم للجلد.
من درس نظرات في سورة الأنفال
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[30 - 10 - 08, 11:57 م]ـ
- ذكر البخاري رحمه الله في صحيحه قصة أبي سفيان مع هرقل، والتي ألقى فيها هرقل على أبي سفيان عدداً من الأسئلة تتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكانت أسئلة دقيقة ومختصرة، وبعد أن أكمل أسئلته بدأ يطابق إجابات أبي سفيان بما عنده من علم بصفات الأنبياء، فوجدها تنطق بنبوة محمد ورسالته.
قال الشيخ أبو إسحاق الحوينى:
- لا قطع بكفر أو إيمان هرقل:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/85)
1 - وردت بعض الروايات الضعيفة والتي جاء فيها أن هرقل كان كافراً، وأن النبي عليه الصلاة والسلام كفره، والتي تخالف قول ابن عباس أو قول الراوي: (فكان ذلك آخر أمر هرقل) فنقول: إن كان الرجل آمن وأراد الاحتفاظ بملكه فله -يعني أمره إلى الله عز وجل- ولا نقطع فيه بكفر ولا إيمان إلا بدليل واضح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات).
قاعدة حديثية
2 - قاعدة حديثية: الكافر إذا أسلم فحدثنا بعد إسلامه بشيء فعله أو شاهده قبل أن يسلم يقبل منه لأن العبرة في حال الأداء، أن يكون مسلماً، ليس هناك مانع أن يسمع الحديث وهو كافر، لكن لو قص علينا القصة وهو كافر نردها عليه؛ لأننا لا نأمن أن يزيد أو ينقص أو يحرف.
كقول جبير بن مطعم رضي الله عنه: (دخلت المدينة فوافيتها -قبل أن يسلم- ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب بسورة الطور) فالإمام البخاري روى هذا الحديث في صحيحه وقال: باب القراءة في المغرب.
رغم أن جبير بن مطعم لما سمع الحديث كان كافراً، لكن العبرة في وقت الأداء -أي: وقت ذكر الحديث- أن يكون العبد مسلماً أدى أحد فرائض العدالة.
- فائدتين من قول هرقل: أيكم أقرب نسباً من هذا الذي يزعم أنه نبي؟
3 - فائدتين من قول هرقل: أيكم أقرب نسباً من هذا الذي يزعم أنه نبي؟ الفائدة الأولى: لماذا طلب أقرب النسب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام؟ لأن الرجل إذا كان يربطه نسب بالنبي عليه الصلاة والسلام فإنه لن يكذب عليه، لاسيما إذا كان النسب شريفاً، بخلاف لو لم يكن من أقاربه؛ لأن الغريب يطعن في النسب، ومسألة الطعن في الأنساب كانت منتشرة في الجاهلية.
الفائدة الثانية: قوله: هذا الذي يزعم، المعروف كلمة زعموا أغلب ما تستخدم في الكذب؛ قال تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} [التغابن:7]، لكن تستخدم أحياناً في الصدق، وهذا كقول ضمام بن ثعلبة لما جاء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، قال: (أتانا رسولك يزعم أنك تزعم أن الله أرسلك ........ )) الحديث
قوله: (إن رسولك يزعم أنك تزعم) ولو كان ضمام بن ثعلبة يكذبه ما جاءه، فالزعم هنا محمول على الصدق، وكذلك بعض العلماء يستخدم الزعم في الصدق.
فهرقل لما قال: هذا الذي يزعم أنه نبي؟ فهذا نوع من التمويه والاستدراج لـ أبي سفيان؛ لأن أبا سفيان إذا علم أن هرقل منحاز للنبي عليه الصلاة والسلام انحيازاً كاملاً لعله يكذب، لا يصدقه، لكن إذا علم أنه يشكك في نبوته فهذا يجرئه على أن يقول كل ما عنده.
وهذا نوع من الاستدراج الذكي، فأنت عندما تتهم شخصاً فلا تباشره بالاتهام؛ لأنه يمكن أن ينكر.
4 - قال سفيان: كل ذنب جعلت فيه الكفارة فهو من أيسر الذنوب، وكل ذنب لم تجعل فيه الكفارة فهو من أعظم الذنوب؛ لذلك لم يجعل الله للكذب كفارة؛ لأنه إذا أمرك بكفارة وأديتها يسقط الذنب.
القياس الجلى
5 - القياس الجلي، أو القياس الأولوي.
القياس الأولوي صورته: أن يستدل بنفي الأقل على نفي الأكثر، كقوله تبارك وتعالى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء:23] إذاً هذا من باب أولى يحرم الضرب، لكن لو قال: ولا تضربهما، فكان يجوز أن تقول: أف، فهو عندما ينهاك عن الأقل فقد حرم عليك الأكثر.
- تقديم الخاص على العام يفيد الاهتمام
6 - لذا سأل هرقل عن الكذب أولا ثم سأله عن الغدر الذى هو أعم من الكذب لأن الغدر يمكن أن يتم بأشياء كثيرة غير القول، فقد يكون بالفعل، يعني: بالجوارح وهي كثيرة، فخيانة العين من الغدر، والغدر يمكن أن يكون باليد، وبالعين واللسان، لذلك كان الغدر أعم من الكذب، والكذب أخص من الغدر، فالكذب جنس من أجناس الغدر.
- الإيمان إذا خالط بشاشته القلوب
7 - قال: وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشته القلوب يعني: كأنها استقرت في نفس أنسجة القلب، ويكون مثاله كمثال اللون إذا اختلط بالماء فلم يترك جزئيات الماء، فإنك عندما تأتي بالشاي وتضعه في الماء، وتتركه لمدة سنة، فإنه لا يمكن أن يتغير لون الشاي، فالإيمان إذا خالطت بشاشته القلب كان كمثل ذلك الشاي، لذلك لا يرتد الإنسان أبداً مهما عذب وأوذي.
- لطيفة من قصة يوسف عليه السلام
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/86)
8 - وذلك عندما ألقوه في الجب، وبعدها أخرجوه، ثم ذهب إلى العزيز، وكان لا يزال صغيراً، والله سبحانه وتعالى بعدما ذكر أنهم استقبلوه وأحبوه قال: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ} [يوسف:56] يوسف عليه السلام لم يمكن له في الأرض إلا بعدما خرج من السجن وصار وزيراً، فأين التمكين؟ طالما دخل قلب هذا الرجل، فهذا هو الملك الحقيقي، ابن آدم لا يمكن أن يتنازل بما يملك إلا إذا كسب أحد قلبه، فإذا ملكت قلوب الناس فهذا هو الملك الحقيقي، لذلك قال الله تبارك وتعالى: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ} [يوسف:56].
فغزو القلوب هو الملك الحقيقي، لذلك أنصحكم أن تعملوا على كسب القلوب، فإنك إذا استطعت إن تكسب قلب إنسان فتكون كأنك ملكته.
9 - يا أيها الدعاة إلى الله تبارك وتعالى! إننا خسرنا كثيراً بإهمالنا لهذا الأصل، فقد يذهب أحدنا إلى قرية أو قبيلة للدعوة، فيعترض عليه رجل من كبار القبيلة، وهو أجهل من أبي جهل، فالواجب عليك ألا تحمل عليه بالكلام، لأن خسارتك لهذا الرجل خسارة كبيرة؛ لأنه قد يمنعك من دخول القبيلة أو القرية، فتحرم من دعوة أهل هذه القرية، أنا لا أقول لك: أقره على باطله، وليس هذا هو لازم القول، لكن أقول لك: استخدم القول اللين في توصيل الحق ولا تسكت عن باطل.
- قول أبى سفيان: (لقد أمر أمر ابن أبي كبشة)
10 - قال أبو سفيان: (لقد أمر أمر ابن أبي كبشة) أبو كبشة هو الجد الأعلى لأم الرسول عليه الصلاة والسلام، لماذا لم يقل: لقد أمِر أمر ابن عبد المطلب؟! فلماذا نسبه إلى جد غامض غير معروف؟! تحقيراً له؛ لأن العرب كانت إذا حقرت إنساناً نسبته إلى جدٍ غامض غير معروف في الناس.
فوائد آخرى
11 - حقيقة أنا لم أعلم أحداً في المناظرة يطبق هذا المنهج (يقصد أسلوب هرقل فى الأسئلة وهو محاصرة المسئول بالأسئلة) إلا شيخنا الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله، وهو يناظر تحس أنه أسد خرج من القفص، وهو يناقش في القفص يقول له عندما يتقابل سؤالان: قل: نعم أو لا، أو فيه تفصيل؟ وبعد ذلك يقول للسائل: قل الذي تريده، يعني مثلاً: شخص سأل عن مسألة في أصول التوحيد هل يعذر قائلها أم لا؟ فيقول: قال تبارك وتعالى كذا وكذا وقال النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا وقال العلماء كذا فيدخلك في متاهة، فكان يحاصرهم فيقول: هل يعذر أم لا؟ ويقول له: قل نعم أولا؟ ما الفوائد من هذه الطريقة؟ فوائد هذه الطريقة: أنك إذا سألته عن تفصيل فقال: لا، فلو قال بعد ذلك: نعم، فقل له: ألم تقل: لا، فلماذا غيرت كلامك، لكن لو أنك تركته من البداية ولم تناقشه، فإنه يقول لك: أنت لم تفهمني جيداً، ولم يكن قصدي هذا.
قصة طريفة
12 - جاء رجل إلى عبد الله بن الزبير أيام فتنته مع الحجاج بن يوسف الثقفي، وقال له: أنا فارس مغوار! ومقاتل شجاع! يمكن أكون في المقدمة، لكن كم تعطيني؟ قال له: أعطيك كذا وكذا، قال له: زدني، فقال له: بعد أن نرجع، فتولى الرجل وهو يقول: أراك تأخذ روحي نقداً وتعطيني دراهمك نسيئة.
ـ[أبو أنس الحريري]ــــــــ[07 - 11 - 08, 01:40 ص]ـ
جزاك الله خيراً وحفظ الله شيخنا الحبيب
ـ[إبراهيم العثمان]ــــــــ[07 - 11 - 08, 02:00 م]ـ
هو كنز لكم ياأهل مصر لاحرمنا الله تعالى من علمه ...
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[09 - 11 - 08, 10:30 م]ـ
جزاك الله خيراً وحفظ الله شيخنا الحبيب
آمين يا رب العالمين
وشكرا على مرورك العطر
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[09 - 11 - 08, 10:32 م]ـ
هو كنز لكم ياأهل مصر لاحرمنا الله تعالى من علمه ...
أسأل الله أن يمتعنا بهذا الكنز
وشكرا على مرورك العطر
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[12 - 12 - 08, 02:05 م]ـ
إن الولاء والبراء ضريبة أنت تدفعها،توالى الله ورسوله تدفع
تتبرأ من الكافرين والمنافقين والفاسقين تدفع
لكن كما قال الله عزوجل ((وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ))
من شريط - أين نحن من الصحابة-
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[12 - 12 - 08, 02:07 م]ـ
كان الشيخ سعيد الحلبى يلقى دروسه فى مسجد بدمشق،فدخل عليه إبراهيم باشا ابن محمد على وكان الشيخ مادا رجليه فلما دخل لم يغير هيئته وكظم غيظه، وانصرف ثم أرسل له بألف ليرة أودينار ذهبى،فرد الشيخ الأموال ومعها رسالة قصيرة يقول فيها:
(إن من يمد رجله لا يمد يده)
من شريط - أين نحن من الصحابة-
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[12 - 12 - 08, 02:10 م]ـ
إن الرياح إذا أشتدت عواصفها ====== فلا ترمى إلا العالى من الشجر
فكما أن الرياح لا تصيب إلا العالى من الشجر فكذلك المحن لا تصيب إلا أصحاب الهمم العالية فهى لا تصيب من أخلد إلى الأرض.
يقول شيخ الإسلام بن تيمية (ما البيت والسجن إلا واحد)
هذا من أثر الرباط على القلب.
قال تعالى فى قصة أصحاب الكهف (وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا)
المدهش فى القصة أن المرة الأولى فى القرآن التى نرى فيها هؤلاء الفارين بدينهم دون الأنبياء،فقصص القرآن تدور حول الأنبياء لأنهم الأسوة والمثال، ولكن هنا ضرب المثال بإصحاب الكهف ليقال لكل الناس لكم فيهم أسوة.
من شريط - أين نحن من الصحابة-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/87)
ـ[ابو منصور السلفي]ــــــــ[08 - 06 - 09, 04:46 م]ـ
جزاء الله شيخنا ابو اسحاق الحويني خير الجزاء
وأسأل الله عز وجل أن يحفظه وأن يبقيه سداً منيعاً في وجه أعداء الدين
ـ[أبو صهيب محمد المصري]ــــــــ[13 - 06 - 09, 03:28 ص]ـ
وَمَن مَثَّل أَسَد السَّنَة أبي إِسْحَاق الحويني حَفِظَه اللّه
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[08 - 10 - 09, 09:09 م]ـ
سمعته يوماً يحدث ففال كلمة عظيمة لن أنساها:
أنا الميزان عندي عمل أهل القرون الثلاثة الأولى للهجرة.
ـ[رامى محمد]ــــــــ[19 - 10 - 09, 02:15 ص]ـ
تقبل الله جهدكم، وجزاكم خيرا، ونفع الأمة بعلم الشيخ
ـ[أبو روميساء]ــــــــ[05 - 01 - 10, 03:08 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[أبوراكان الوضاح]ــــــــ[05 - 01 - 10, 11:15 م]ـ
أحسنت أبا مالك .. أمتعتنا بهذه الفوائدو الدرر لا حرمك الله الأجر و الثواب ..
واصل بارك الله فيك ..
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[05 - 01 - 10, 11:42 م]ـ
جزى الله الأخوة الأفاضل كل خير
ابا منصور السلفي
أبا صهيب محمد المصري
رامى محمد
أبا روميساء
أبا معاذ السلفي المصري
أباراكان الوضاح
وشكرا على مروركم(100/88)
الأموال الربوية بعد توبة صاحبها.للشيخ الخضير
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[16 - 08 - 08, 04:06 ص]ـ
عنوان الفتوى الأموال الربوية بعد توبة صاحبها
المفتي د. عبدالكريم بن عبدالله الخضير
رقم الفتوى 11258
تاريخ الفتوى 14/ 3/1426 هـ -- 2005 - 04 - 23
تصنيف الفتوى الفقه-> قسم المعاملات-> كتاب الربا-> باب التوبة من الربا
السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
قال تعالى: (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) (البقرة: من الآية 279). ما المراد برأس المال في الآية هل هو ما قبل المراباة أو ما قبل التوبة؟
الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الآية محتملة لرأس المال قبل الدخول في تجارة الربا، ولما قُبض من أموال قبل التوبة. والاحتمال الأول هو قول الأكثر، والذي يترجح عندي الثاني؛ لأن الآية تحتمله ولأن فيه إعانة على التوبة، والله سبحانه يفرح بتوبة عبده، ومن المحال في العقل والدين أن يحث الله الناس على التوبة بل يوجبها عليهم ثم يصدهم عنها، ويظهر هذا جلياً فيمن أطال التعامل وكثرت أمواله، فرجل بدأ التجارة بعشرات أو مئات أو آلاف ثم استمر يتعامل بها عشرات السنين حتى صارت ملايين،ثم منَّ الله عليه بتوبة نصوح، فيقال له ليس لك إلا هذه العشرات فيلزمك أن تخرج من أموالك وبيوتك وترجع إلى رأس مالك الأقل!! فمثل هذا لا يطيقه كثير من الناس بل يرضى أن يموت على الربا ولا يرجع إلى حالته الأولى من فقر وحاجة، فبعد أن كان محسناً، يصبح ممن يتكفف المحسنين!! فمثل هذا الاختيار يسهل التوبة ويرغب فيها، لكن لا يجوز له أن يأخذ شيئاً زائداً على رأس ماله مما لم يقبضه قبل التوبة. والله المستعان.
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[16 - 08 - 08, 05:23 ص]ـ
جزاك الله خيرا ووفقك لما يحب ويرضى
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[16 - 08 - 08, 07:29 م]ـ
واياكم اخي صقر حفظكم الله.(100/89)
هل للخطيب أن ينهى عن المنكر وهو على المنبر؟
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[16 - 08 - 08, 04:09 ص]ـ
هل للخطيب أن ينهى عن المنكر وهو على المنبر؟
بمعنى لو رأى شخص مثلا يحدث أحد بجواره، أو رجل يتخطى الرقاب،أو غيرها من المنكرات أثنا ء خطبة الجمعة ان ينهاه عن هذا وهو يخطب.
ـ[أبو السها]ــــــــ[16 - 08 - 08, 01:06 م]ـ
-حدثنا هارون بن معروف ثنا بشر بن السري ثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية قال كنا مع عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فجاء رجل يتخطى رقاب الناس فقال عبد الله بن بسر: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اجلس فقد آذيت. رواه ابو داود والنسائي وابن ماجة وغيرهم بسند صحيح
*عن جابر قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس فقال له يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما ثم قال إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما.أخرجه مسلم وغيره
قال ابن حجر في الفتح:وفيه ... أن للخطيب أن يأمر في خطبته وينهي ويبين الأحكام المحتاج إليها، ولا يقطع ذلك التوالي المشترط فيها، بل لقائل أن يقول كل ذلك بعد من الخطبة
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[16 - 08 - 08, 01:46 م]ـ
نعم و قد حدث ذلك أمامي أن نهى الخطيب رجلا عاميا مسنا دخل المسجد أثناء الخطبة و هو يسلم على الناس و يكلمهم.
ـ[يزيد المسلم]ــــــــ[16 - 08 - 08, 03:07 م]ـ
يقول الشيخ الالباني في ردة على سؤال هل غسل الجمعة واجب
......... المسألة تتعلق بغسل يوم الجمعة وبخاصة بقولة عليه الصلاة والسلام (من أتى الجمعة فليغتسل)
هذا الحديث رواة جماعة من اصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهم عمر بن الخطاب وحديثه أعلنه على رؤوس الأشهاد وهو يخطب يوم الجمعة على المنبر حينما دخل رجل وفي رواية هو عثمان بن عفان دخل وهو يخطب فقطع أيضاً عمر بن الخطاب إقتداءً بنبية صلى الله عليه وسلم قطع خطبتة وقله لهذا الداخل الآن يعني بتتأخر عن صلاة الجمعة قلة من كان الا ان سمعت الأذان وتوضأت قال له ألم تسمع قوله عليه الصلاة والسلام من أتى الجمعة فليغتسل وانتهت المناقشة الى هنا ,,,,,,,,,,,,,,,,,,
من سلسله الهدى والنور 530\ 5
الشاهد من القصة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قطع خطبته وأمر بالمعروف والرسول صلى الله عليه وسلم يقول عليكم بسنتي وسنه الخلفاء الراشدين المهديين بعدي
فهنا يأتي الدليل انه لا مانع والله أعلم من قطع الخطيب لخطبته للأمر بالعروف والنهي عن المنكر
الرابط الصوتي للفتوى
ما حكم غسل يوم الجمعة ( http://www.alalbany.name/audio/530/530_05.rm)
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[17 - 08 - 08, 02:04 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أخوتى الأفاضل
شيخ أبا السها
شيخ أبا بدر
شيخ يزيد على الإفادة
جعله الله فى ميزان حسناتكم(100/90)
التبرع بالمال المحرم.
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[16 - 08 - 08, 04:32 ص]ـ
عنوان الفتوى قبول التبرع بالمال المحرم
المفتي د. سامي بن إبراهيم السويلم
رقم الفتوى 11112
تاريخ الفتوى 6/ 2/1426 هـ -- 2005 - 03 - 17
تصنيف الفتوى الفقه-> قسم المعاملات-> كتاب الربا-> باب مسائل متنوعة
السؤال هناك جمعيات إسلامية أنشئت في ديار الغرب للاهتمام بأمور الجالية الإسلامية لاسيما الناشئ منها، ولا يخفى أهمية وجود أمثال هذه الجمعيات لما تقدمه من خدمات كبيرة لا يدرك أهميتها إلا من ابتلي بالإقامة في تلك الديار , وعانى من ويلات تلك المجتمعات الجاهلية.
لكن من أهم المشاكل التي تواجه هذه الجمعيات هو قضية التمويل وهو أمر في غاية الأهمية لاستمرار تلكم النشاطات .. ويمكن للدولة أن تدعم لكن من خلال أموال ما يعرف بـ ( Lottery ) أو اليانصيب .. فهل يجوز لهذه الجمعيات اخذ هذه الأموال للإنفاق منها على نشاطاتها العامة .. الرجاء التفصيل في الفتوى من حيث الأدلة سواء كانت بالمنع أو الجواز .. وبارك الله فيكم.
الجواب الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: هذه القضية يتجاذبها أصلان:
1. الأصل الأول: عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً". والمال المأخوذ بطريق محرم لا يصدق عليه أن طيب، فلا ينبغي قبوله. ويؤيد ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول". متفق عليه. والغلول هو ما يؤخذ من الغنائم قبل قسمتها بين الجيش ودون إذن الإمام، فهو نوع من السرقة. فيكون مدلول الحديث أن الله تعالى لا يقبل الصدقة إذا كان مصدرها محرماً. وإذا كان الله تعالى لا يقبل هذه الصدقة فلا ينبغي للمسلم أن يقبلها. ويشهد لهذا الأصل أيضاً قصة المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، وكان قبل إسلامه قد صحب قوماً في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً. فقال له عليه الصلاة والسلام: "أما الإسلام فأقبل وأما المال فلست منه في شئ". رواه البخاري في الصحيح. فدل على أن المال المأخوذ ظلماً لا يجوز قبوله. 2. الأصل الثاني: عموم قوله تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" وقوله جل شأنه: "عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم". وهذا الأصل يقتضي أن من اكتسب مالاً حراماً فوزره عليه، ولا يتعداه إلى الآخرين إذا كان تعاملهم معه مشروعاً في نفسه. ويشهد لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم تعامل مع اليهود بالبيع والشراء والشركة، مع علمه بكثرة تعاملهم بالربا، كما قال تعالى عنهم: "وأكلهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل". كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل هدية اليهودية التي أهدت له شاة مسمومة. ومن هذا الباب أيضاً أن الفاروق رضي الله عنه رضي أن تؤخذ الجزية من أهل الذمة من ثمن الخمر التي يتبايعونها، بدلاً من أخذ الخمر، وقال: "ولّوهم بيعها وخذوا منهم أثمانها" رواه عبد الرزاق في المصنف (8/ 198) وأبو عبيد في الأموال (ص129). قال شيخ الإسلام: "وهذا ثابت عن عمر، وهو مذهب الأئمة" (الفتاوى 29/ 265). وهذا صريح في قبول المسلمين أن تكون الجزية من ثمن الخمر، مع أن الخمر محرمة، وثمنها محرم أيضاً. وجاء رجل إلى ابن مسعود فقال: "إن لي جاراً يأكل الربا وإنه لا يزال يدعوني"، فقال: "مهنؤه لك وإثمه عليه". وقال سلمان الفارسي رضي الله عنه: "إذا كان لك صديق عامل، أو جار عامل، أو ذو قرابة عامل، فأهدى لك هدية أو دعاك إلى طعام، فاقبله، فإن مهنأه لك وإثمه عليه". رواهما عبد الرزاق في المصنف (8/ 150)، ورجال الإسنادين ثقات. وسلمان وابن مسعود من علماء الصحابة وفقهائهم المعروفين، رضي الله عنهم جميعاً. فدل ذلك على أن الوزر يتحمله آكل الحرام ولا يتعداه إلى غيره. وقال الحسن: "قد أخبركم الله عن اليهود والنصارى أنهم يأكلون الربا وأحل لكم طعامهم" (المصدر السابق). الجمع بين الأصلين
وللعلماء في الجمع بين هذين الأصلين مسلكان:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/91)
المسلك الأول يفرق بين من يكتسب المال الحرام وهو يعتقد تحريمه، وبين من يكتسبه معتقداً أنه حلال، إما لعدم إسلامه أو لكونه جاهلاً أو متأولاً. فالأول لا يعذر في كسبه للحرام لعلمه بذلك، ولذلك لا يقبل منه المال الحرام، كما في قصة المغيرة بن شعبة رضي الله عنه. أما الثاني فهو لا يعتقد أنه حرام أصلاً، ولذلك يقبل منه، كما في قبول أثمان الخمر عن الجزية من أهل الذمة. ولكن يترتب على هذا المسلك أن التعامل مع غير المسلم يصبح أكثر تسامحاً من التعامل مع المسلم، إذا كان كلاهما واقع في المحرم. وهذا ما جعل بعض الفقهاء يفضل التعامل مع الصيرفي غير المسلم على الصيرفي المسلم، إذا كان كلاهما يتعامل بالربا، لأن غير المسلم يعتقد حل الربا أما المسلم فهو يعتقد تحريمه. وهذه النتيجة محل نظر كبير، فالمسلم خير من غير المسلم، وإن كان مرابياً، لأن مجرد التعامل بالربا لا يخرجه عن الإسلام. ولذلك قال شيخ الإسلام منتقداً هذه النتيجة: "ومعلوم أن الله ورسوله لا يأمر المسلم أن يأكل من أموال الكفار ويدع أموال المسلمين، بل المسلمون أولى بكل خير، والكفار أولى بكل شر" (الفتاوى 29/ 320). كما أن الآثار المنقولة عن سلمان وابن مسعود، رضي الله عنهما، تتعلق بمن يعتقدون حرمة الربا، ومع ذلك فقد قالا بجواز التعامل معهم وقبول المال منهم، وأن وزر الربا على صاحبه وليس على المتعامل معه. المسلك الثاني يفرق بين ما كان التحريم فيه لحق الله تعالى، وما كان التحريم فيه لحق المخلوق. فالتحريم لحق المخلوق مثل تحريم السرقة والغلول والغصب ونحو ذلك، يؤخذ فيه المال بغير رضا صاحبه، كما قال تعالى: "لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم". أما التحريم لحق الله تعالى فهو كتحريم الربا والميسر. فالربا محرم وإن كان يحصل بتراضي الطرفين في الظاهر، وكذلك الميسر. فهنا التحريم لحق الله تعالى، ولا يفيد تراضي الطرفين شيئاً، لأن التراضي حصل لما هو ضرر في حقيقة الأمر، كالتراضي على الزنا والخمر والمخدرات. وبناء على هذا الفرق فإن من أخذ مالاً محرماً لحق المخلوق فلا يقبل منه هذا المال إذا بذله في تبرع أو معاوضة، لأن المال مأخوذ ظلماً من طرف آخر، فيجب رده إلى صاحبه ولا يجوز الانتفاع به. وقصة المغيرة بن شعبة رضي الله عنه من هذا الباب، لأن المال الذي جاء به للنبي صلى الله عليه وسلم قد أُخذ من أصحابه بدون رضاهم، ولذلك لم يقبله النبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك نص النبي عليه السلام على عدم قبول الصدقة من الغلول، لأن الغلول سرقة للمال من أصحابه وهم الجيش الذين استحقوا الغنائم. أما ما كان التحريم فيه لحق الله تعالى، كالربا والميسر وثمن الخمر ونحوها، فإن وزر صاحبه بينه وبين الله تعالى، فهذا يدخل في عموم قوله عز وجل: "ولا تزر وازرة وزر أخرى". فمن تعامل مع المرابي معاملة مشروعة، كبيع أو شراء أو ضيافة ونحوها، فلا يناله من وزر المرابي شئ. وإنما كره عدد من أهل العلم ذلك لما قد يتضمنه من إقرار المنكر والإعانة عليه. فهذا قد يوجب ترك معاملة المرابي، لا لأن قبول ماله محرم في نفسه، ولكن من باب إنكار ما هو عليه من أكل المال المحرم. ولهذا قال إبراهيم النخعي: "اقبل (أي هدية المرابي) ما لم تأمره أو تعينه" (مصنف عبد الرزاق 8/ 151). فإذا كان قبول هدية المرابي يعينه على الحرام ويشجعه عليه، فهو محرم من هذا الوجه. فإذا لم يكن في قبول الهدية إعانة، ولم يكن في تركها ما يمنعه عن ترك الحرام، كما هو الحال مع غير المسلمين، فلا مبرر في هذه الحالة لعدم قبول أموالهم إذا حصلت بوجه مشروع. ولذلك تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود، وقبل منهم عمر رضي الله عنه الجزية من أثمان الخمور، لأنهم لن يتركوا التعامل في الخمور لمجرد أنا تركنا التعامل معهم. فإذا كانوا مستمرين على ما هم عليه، ولا يترتب على هجرهم مصلحة، أو كانت مصلحة الهجر أقل بكثير من مصلحة قبول المال والانتفاع به، فالأولى تقديم كبرى المصلحتين على أدناهما، كما هي قاعدة الشريعة المطهرة. ومن هذا الباب يفهم قول سلمان وابن مسعود رضي الله عنهما، فإن فتواهما بجواز قبول دعوة المرابي المسلم يخرج على أن مصلحة هجره قليلة أو معدومة، فليس هناك ما يمنع من قبول دعوته، خاصة إذا كان في ذلك تأليف لقلبه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/92)
وتذكير له ونصحه بما ينفعه. فهذه المصلحة قد ترجح مصلحة الهجر، فتكون مقدمة عليها. وهذا المسلك هو الأرجح والأقرب لقواعد الشريعة ومقاصدها.
تبرعات الحكومات الغربية وبناء على ما سبق يتبين حكم دعم الحكومات الغربية للأقليات الإسلامية من أموال اليانصيب أو غيرها من المصادر المحرمة في الشريعة الإسلامية. فما هو موقف الأقليات المسلمة من ذلك؟ إن الحكومات الغربية تعتقد أن اليانصيب عمل مشروع، وهي تحصل على هذه الأموال برضى أصحابها. وهذا يعني أن التحريم هنا راجع إلى حق الله تعالى وليس لحقوق الناس. وقد سبق أن ما كان من هذا النوع فإن وزره على صاحبه، ولا يتحمل الآخرون منه شيئاً إذا كان تعاملهم معها مشروعاً في نفسه. وكون الحكومة تعتقد جواز اليانصيب يعني أن عدم الانتفاع بهذه الأموال لا يؤثر كثيراً في موقف الحكومة في ترك اليانصيب، كما أن عدم التعامل مع أهل الذمة لم يكن يؤثر كثيراً في تركهم للخمور. فإذا جاز للمسلمين، حال قوتهم واستعلائهم، الانتفاع بأموال أهل الذمة التي حصلوا عليها عن طريق بيع الخمور، فلأن يجوز انتفاع المسلمين، حال ضعفهم وكونهم أقلية، بأموال غير المسلمين التي حصلت عن طريق اليانصيب، من باب أولى. ومع ذلك فإن من مصلحة المراكز والجمعيات الإسلامية في الغرب أن تحافظ على استقلاليتها المالية قدر الإمكان. ولذا فنقترح ألا يبلغ الدعم الحكومي للمركز أو الجمعية نسبة 50? من ميزانيته بحال من الأحوال، وأن يتم تمويل الباقي من الموارد الذاتية للمسلمين في المنطقة، وذلك لسببين: الأول: المحافظة على استقلالية المركز وشخصيته. الثاني: مراعاة للخلاف في هذه المسألة. فبالرغم من أن القول بالجواز هو الأرجح، إلا أن هذا لا يرفع الخلاف ولا ينفي بقاء شبهة على الأقل لدى القائلين بخلاف ذلك. فإذا اقتصرت نسبة الدعم على أقل من النصف، وكان الباقي، وهو الأكثر، من موارد متفق على مشروعيتها، كان ذلك أدعى للقبول، لما تقرر في الأصول من أن العبرة والحكم يكون للغالب، وغالب موارد المركز في هذه الحالة تصبح من مصادر مشروعة. هذا ما ظهر لي في هذه القضية، فإن كان صواباً فمن فضل الله ورحمته، وإن كان خطأ فمن نفسي ومن الشيطان، وأستغفر الله من كل زلل، والحمد لله رب العالمين.(100/93)
ضوابط بيع الذهب.
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[16 - 08 - 08, 04:34 ص]ـ
عنوان الفتوى ضوابط في بيع الذهب
المفتي د. سامي بن إبراهيم السويلم
رقم الفتوى 11903
تاريخ الفتوى 26/ 6/1426 هـ -- 2005 - 08 - 02
تصنيف الفتوى الفقه-> قسم المعاملات-> كتاب الربا-> باب الأصناف الربوبة
السؤال ما هو الضابط في بيع الذهب في محلات المجوهرات، وما الذي يشترط تجنبه لكي يكون البيع حلالاً؟ ومن باعت ذهباً واشترت ذهباً في الوقت نفسه، ولم تستلم قيمة الذهب الذي باعته، لكنها دفعت الفرق، فما الحكم في المسألتين؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
1 - إذا كان الذهب حلياً فيجوز بيعه وشراؤه نقداً وبالتقسيط، كما أفتى به شيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام ابن قيم الجوزية، رحمة الله على الجميع.
كما يجوز مبادلته بحلي أخرى مع دفع الفرق، ولو اختلف الوزن، لأن الحلي خرجت بالصنعة عن كونها أثماناً، فلا تخضع لأحكام الصرف.
2 - إذا كان الذهب سبائك فيشترط عند بيعه أو شرائه بالنقود الحلول والتقابض، أي يجب أن يكون الذهب والثمن النقدي كلاهما حاضراً مقبوضاً عند التعاقد؛ لأن الذهب نوع من النقود.
3 - يجوز بيع الذهب السبيكة بسلعة مؤجلة، كبيعه بأسهم أو طعام أو حلي، بناء على ما سبق.
ويجوز العكس، أي بيع الأسهم أو الطعام أو الحلي بذهب سبيكة مؤجل.
4 - من باع ذهباً بذهب ودفع الفرق فينظر: إن كان البدلان أو أحدهما من الحلي فلا حرج -إن شاء الله-.
وإن كانا سبائك فتنطبق عليها قاعدة مد عجوة، وحاصلها هنا أنه يجب أن يكون وزن الذهب المفرد أكبر من وزن الذهب المضموم إلى النقد. فيجوز مبادلة جرام من الذهب مقابل نصف جرام + 1000ريال مثلاً، بشرط التقابض في الحال، لكن لا يجوز مبادلة نصف جرام مقابل جرام +1000ريال، باتفاق الفقهاء.
وإذا كانت المعاملة قد وقعت على الوجه المحذور فعفا الله عما سلف، ولا يجوز فعلها مستقبلاً. والله أعلم.(100/94)
ماحكم اكل حبوب منع الدورة الشهرية؟
ـ[ريحانة الإيمان]ــــــــ[16 - 08 - 08, 08:14 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز للمرأة أكل حبوب منع الدورة في رمضان؟ وجزاكم الله خيرا
ـ[عبد الكريم آل عبد الله]ــــــــ[16 - 08 - 08, 08:47 ص]ـ
http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa&iw_a=view&fatwa_id=3502
ـ[الديولي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 10:50 ص]ـ
س ما حكم استعمال المرأة لحبوب منع العادة الشهرية في أيام الحج؟.
ج لا حرج في ذلك لأن فيها فائدة ومصلحة حتى تطوف مع الناس وحتى لا تعطل رفقتها.
الشيخ ابن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم 1367
س: عن حكم استعمال حبوب منع الحيض في رمضان والحج لتتمكن من أداء العبادة.
جـ: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه .. وبعد:
لا يظهر لنا مانع من ذلك إذا كان الغرض من استعمالها ما ذكر، وأنه لا يترتب على استعمالها أضرار صحية. والله أعلم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن سليمان المنيع ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـ[أم صفية وفريدة]ــــــــ[16 - 08 - 08, 02:30 م]ـ
عندي الحل!!!
السواك ....
ليس له أي أعراض جانبية بل يفيد أيضًا في علاج النزيف الداخلي وهو آمن تمامًا
تقوم المرأة بمضغ قطعة من السواك اللين فينقطع الحيض لمدة يوم أو يتأخر عن ميعاده وهناك من يقوم بغليه وشرب مائه.
ـ[ريحانة الإيمان]ــــــــ[16 - 08 - 08, 04:12 م]ـ
جزاكم الله خيرا(100/95)
ما رأيكم في المشاركة في منتديات العوام؟
ـ[أبوعبدالرحمن المكي التميمي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 08:39 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله , أما بعد:
فما رأي المشايخ الأكارم في مشاركة طالب العلم في المنتديات التي أكثر أعضاءها من العوام؟
أطرح هذا السؤال بعد مناقشة دارت بيني وبين أحد طلبة العلم الأفاضل وكنت مؤيدا للمشاركة وكان معارضا لها وكانت أبرز الأسباب التي جعلته يفضل الابتعاد عن تلك المنتديات هي:
1 - أن في ذلك إضاعة للوقت من غير جدوى ولو كان أولئك العوام يريدون تعلم الخير لاجتهدوا في طلبه.
2 - أنك لاتأمن على نفسك من الفتنة فقد يراسلونك بعض الفتيات على الخاص ويحصل التساهل شيئا فشيئا حتى يحصل مالاتحمد عقباه وتفتن بذلك.
3 - أنك بمشاركتك في تلك المنتديات سينزل مستواك العلمي.
4 - ليست هناك فائدة كبيرة من دخولك فلن يتأثر أولئك العوام أو ربما يكون التأثير قليلا.
هذه مجمل النقاط التي ذكرها وقد ناقشته فيها:
أما الأولى: (أن في ذلك إضاعة للوقت من غير جدوى)
فلم أتفق معه في ذلك بل هذا الوقت الذي تصرفه معهم أنت مأجور عليه فأنت لم تدخل معهم إلا للدعوة والإصلاح ولا يعني ذلك أن تجلس في هذا الموقع بالساعات الطوال بل تعد الموضوع من خلال تلخيص رسالة قصيرة أو شريط نافع وتُسهل العبارة حتى يفهمها العوام وتضع عنوانا جذابا ثم من كان عنده إشكال أو شبهة أزلتها وبينتها له ولايخفى عليكم معاشر الأحبة أن ما عند طلاب العلم من العلم والخير الشيء الكثير مما يحتاجه العوام خاصة مع كثرة أهل البدع ومفتي الفضائيات من نشر ما يخالف العقيدة السليمة بالإضافة للمسائل الفقهية وغير ذلك من الأفكار والمبادئ الخاطئة عندهم.
وأما قوله: (ولو كان أولئك العوام يريدون تعلم الخير لاجتهدوا في طلبه)
فهذا الكلام صحيح لكن مع تطاول الزمان وشدة الغربة وتغير المفاهيم أصبح بعض طلاب العلم فضلا عن العوام لايدركون أن العلم يؤتى ولايأتي فلذلك لابد من اقتحام مواقعهم وارتياد مجالسهم لدعوتهم وانتشالهم مما هم فيه.
وأما الثانية: (أنك لاتأمن على نفسك من الفتنة فقد يراسلونك بعض الفتيات على الخاص ويحصل التساهل شيئا فشيئا حتى يحصل مالاتحمد عقباه وتفتن بذلك)
وأظن أن هذا الكلام يختلف باختلاف الأشخاص فمن وجد في نفسه ميلا وضعفا تجاههم فلابد أن يبتعد لكن من لايجد ذلك الميل الذي يخشى معه الفتنة ولم يستقبل تلك الرسائل فلاحرج في ذلك فيما أعلم.
ثم لو ألزمنا الجميع بهذا فمن سيدعوهم.
وأما الثالثة: (أنك بمشاركتك في تلك المنتديات سينزل مستواك العلمي)
أظن أن العكس صحيح فبمشاركتك لهم ستقترب أكثر من الناس وتعرف ما تحتاجه الأمة في هذا الوقت وكما قلتُ مسبقا أنك لو اجتهدت في اختصار المواضيع المهمة ستكون أول المستفيدين بذلك فالمواضيع التي غَلط كثير من العوام في فهمها ولبس عليهم فيها الملبسون كثيرة وقد فكرت في بعضها في دقائق فوجدت مواضيع كثيرة منها على سبيل المثال:
التيسير والوسطية وتتبع الرخص والحرية الشخصية والغيرة وانتكاسة الفطرة وأهمية التوحيد والمروءة والرجولة والمعاكسات ولباس المرأة وهو موضوع متشعب فيه كثير من المباحث والصلاة والتوبة وحقيقة التصوف – في الأماكن التي ينتشر فيها – والرافضة وماهي الوهابية والترف وغيرها كثير مما لو اجتهد طالب العلم في تحريرها لاستفاد كثيرا .....
ثم أيضا أنا عن نفسي بصراحة أرى أن مثل ملتقى أهل الحديث وهو أفضل ملتقى في الدنيا حسب نظري ماذا عسى أن يضيف فيه المبتدئ من أمثالي فهو عامر بالمشايخ وطلاب العلم المتمكنين فليس لي ولأمثالي إلا متابعة المواضيع أو الاستفسار والسؤال عند الحاجة أما تلك المواقع ففيها الكثير مما يستطيع المبتدئ تقديمه وإفادة الناس به وأكثر وقتي ولله الحمد هو في تقليب مواضيع هذا الملتقى والانتقال من قسم إلى قسم لتصيد الفوائد والفرائد الكثيرة جزى الله من قام على هذا الموقع ....
وأما الرابعة: (ليست هناك فائدة كبيرة من دخولك فلن يتأثر أولئك العوام أو ربما يكون التأثير قليلا)
أقول هذا كلام من لم يجرب وإلا فأعرف أناسا من طلبة العلم قد استقام على أيديهم الكثير من هذه المواقع خاصة إذا انتقى الإنسان موقعا يكثر فيه الأعضاء والزوار فمثلا بعض المواقع التي أعرفها عدد الأعضاء فيها جاوز الـ 40 ألفا!! فضلا عن الزوار ...
أرجو من المشايخ الأفاضل خاصة ممن لهم تجربة أن يوجهوننا ويفيدونا وأنا ذكرت المناقشة لأني أظن أنني وزميلي لم نأتي على جميع المحاور ......
ودمتم في حفظ الله ....
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 01:19 ص]ـ
اخي الفاضل لم اقرا كلامك كاملا لكن الصورة واضحة , وأخبرك طريقة المشاركة - عن تجربة سابقة - لي مع مثل هذه المنتديات:
1 - حدد يوم واحد فقط في الأسبوع - او ما يناسبك - للمشاركة في هذه المنتديات.
2 - اختر منتدى خالي من الصور النسائية , وقوي ونشط كمنتديات الأغاني والطربين لنكون الفائدة أكبر.
3 - لا تكتب موضوعك مباشرة في تلك المنتديات بل أكتب الموضوع مثلا - هنا في أهل الحديث - ثم قم بنسخ الموضوع والرابط لتحيلهم لمثل هذه المنتديات المباركة.
4 - احذر فليست كل المنتديات التي لا تهتم بالجانب الديني هي منتديات - خاوية الفكر والمعتقد - يعني مثلا:
عندك منتديات موقع طلال مداح فيه الكثير من الأعضاء يتبنون المعتقد العلماني وبعضهم صوفية , وأحدهم كان صوفي علماني - تخيل - فكن على حذر.
5 - لا تبدأ بالمواضيع المعارضة , ولتكن بدايتك بالمواضيع المحببة للنفوس مثل: القصص المؤثرة , والمقاطع الصوتية والمرئية المؤثرة , ولا تبدأ بمواضيع بدع الرافضة والصوفية أولا إلا إذا رأيت أن لديهم خلفية بخزعبلاتهم.
6 - هناك الكثير من الإخوة ستجدهم يعملون مثلك فقم بتشجيعهم.
@ ما رأيك أن نعمل سوية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/96)
ـ[أبوعبدالرحمن المكي التميمي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 01:31 ص]ـ
الأخ الفاضل أبوناصر المكي جزاك الله خيرا على إضافتك وهذا هو ما أريده أن يذكر لنا الإخوان الفوائد التي استفادوها من تجربتهم ...
وقد طرحت علي أفكارا لم أكن أعرفها فلك جزيل الشكر والدعاء ....
وأنا أرحب بالعمل معك وفقك الله لكن ستأتيك رسالة خاصة فيها شيء لابد أن أخبرك به
وفقك الله ونفع بك ...
نرجو أيضا من باقي الإخوة ألا يبخلوا علينا ...........
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 02:59 ص]ـ
أحسنت مناقشة كلام صاحبك ..
@ لا تكثر من الإحالة إلى المنتديات خاصة الدينية.
@ ابدأ معهم بمشاركتهم في نفس نوعية الموضوعات التي يضعونها في القسم الإسلامي ..
@ مع الوقت ستأخذ خبرة.
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 04:19 ص]ـ
دعوة للمشاركة في دعوة أعضاء المنتديات المخلطة إلى الله بطريقة سهلة جدا.
فشارك / فشاركي ( http://www.forsanelhaq.com/showthread.php?t=81425)
ـ[أبوعبدالرحمن المكي التميمي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 05:33 ص]ـ
الأخ الكريم عبدالملك السبيعي
شكرا لك على الإضافة وعلى الرابط الذي وضعته وعلى تلك الجهود المباركة التي أرسلتها لي كثر الله من أمثالك ...
أخي الكريم أنا أحضر بعض المواضيع وألخصها حتى أضعها في بعض المنتديات لكن لايخفاك أن المواضيع كثيرة وتحتاج لوقت فهل تعرف كتبا أو رسائل فيها مواضيع شيقة وهادفة وبأسلوب سهل يفهمه العوام؟
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[17 - 08 - 08, 07:13 ص]ـ
المشاركة في منتديات عامة الناس .. كالمشاركة في (زيارة مجالسهم العامة) .. !
فما يقال هناك من تفصيل .. يقال هنا بلا فرق.
سائل نفسك .. الا تزور وتغشى العوام في مجالسهم .. وتباسطهم وتتحدث معهم وتأخذ اخبارهم (في حدود المعاملة الاجتماعية المتعارف عليها) ..
فليس من ثمة جديد في الامر، والله المستعان.
تنبيه/ نعت الناس بانهم عامة او من العوام .. لا يعني بالضرورة انهم فساق عصاة .. العامة هم مقابلو الخاصة.
والخاصة اهل الذكر [العلماء وطلبة العلم]، والعامة غير هؤلاء ..
وفي العامة الكثير من العباد واهل الصلاح .. وان لم يكونوا متفقهين او طلبة للعلم الشرعي .. كما ان منهم من هو غافل جاهل متبع لهواه وشهواته ..
والخلاصة ان الوصف بالعامية .. لا يدل مطابقةً على "الفسق" ونحوه او يستلزمه استلزاما.
هذا ما احببت التنبيه عليه ..
وهناك منتديات للعوام جيدة في اطارها الثقافي كتلك المعتنية بعلوم التاريخ او الانساب او الادب الشعبي ..
والامر في ذلك يسير ان شاء اللهِ
ـ[أبوعبدالرحمن المكي التميمي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 10:56 ص]ـ
جزاك الله خيرا على الإفادة والتوجيه
تنبيه/ نعت الناس بانهم عامة او من العوام .. لا يعني بالضرورة انهم فساق عصاة .. العامة هم مقابلو الخاصة.
والخاصة اهل الذكر [العلماء وطلبة العلم]، والعامة غير هؤلاء ..
وفي العامة الكثير من العباد واهل الصلاح .. وان لم يكونوا متفقهين او طلبة للعلم الشرعي .. كما ان منهم من هو غافل جاهل متبع لهواه وشهواته ..
والخلاصة ان الوصف بالعامية .. لا يدل مطابقةً على "الفسق" ونحوه او يستلزمه استلزاما.
هذا ما احببت التنبيه عليه ..
بارك الله فيك على التنبيه الجيد ...
وأنا عن نفسي لم يخطر ببالي أن العوام كلهم فساق عصاة بل أعتقد أن كثيرا منهم خير مني و أبر و أتقى غفر الله لي ولجميع المسلمين ....
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[17 - 08 - 08, 11:22 ص]ـ
لعل أهم ضابط هو مدى تمسك المنتدى بالشرع
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 12:51 م]ـ
الأخ العامري جزاك الله خيرا
- هناك منتديات دينية ولكن أعضاؤها عوام، واشتراك بعض طلبة العلم فيها يحافظ عليها.
- وهناك منتديات مخلطة بها قسم ديني؛ وأدعو الجميع للدعوة فيها بحكمة.
ـ[يزيد المسلم]ــــــــ[17 - 08 - 08, 01:14 م]ـ
العوام يشكلون النسبه الغالبية من المجتمع الذي نعيشة
فأنا أنصح طلبه العلم أن لا يدخروا جهداً في النصح في شتى المواقع والسبل في المنتديات في الرد على الشيعة في الرد على الصوفيه على التكفيريين على الملحدين
ولئن يهدي الله على يديك رجلاً خير لك من حمر النعم أو كما أخبر حبيبنا صلى الله عليه وسلم
فإن ترك طلاب العلم والدعاة الدعوة في كهذا منتديات ومجالس ما فائدة العلم الذي في صدورهم
بارك الله في الجميع
وجزى الله الاخ أبا عبدالرحمن المكي التميمي على الموضوع الطيب
الذي ان شاء الله يدل على حرصة على الدعوة في سبيل الله وعلى الأفكار التي طرحها التي إن شاء الله فيها الفائدة للجميع
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبوعبدالرحمن المكي التميمي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 01:49 م]ـ
جزى الله جميع الإخوة الأكارم على الإضافة والتعليق ...
وأود أن أنبه على أمر لكي لا يظن أحد بي ظن السوء فأقول:
مصطلح (العوام) ليس مصطلحا شرعيا أو متفقا عليه فقد أفهم منه معنى وتفهم أنت معنى آخر وأنا في هذا الموضوع لم أقصد والله أني من الخواص أو أن أترفع على الناس بذلك بل لم يتجاوز فهمي القاصر لكلمة العوام أو العامي أنه من لايرفع لطلب العلم رأسا ولايهتم بمعرفة دينه اهتماما يتطلبه الشرع وأنه من اشتغل بأمور الدنيا وطغت عليه ولايعرف الكثير من أساسيات الدين هذا الغالب عليهم فإن كنت مخطئا أرجو من المشرفين تعديل العنوان وحذف هذه الكلمة واختيار ما هو مناسب والله أعلم .....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/97)
ـ[أنس الرشيد]ــــــــ[17 - 08 - 08, 03:09 م]ـ
الحمد الله وكفى والصلاة والسلام على نبيه المصطفى وعلى آله وصحبه ومن اهتدى
الأخ الموقر الموفق الفاضل المكي حفظه الله ووقاه وزاده الله علما ً ووقاه
- كنت ُ جالسا ً عند بعض المشايخ من فترة ليست بعيدة فذكرت له ما ذكرتم حفظكم
الله .. فقال لي وكنت ُ أفعل مثل هذا فقلت وما هو يا شيخ
قال كنت ُ أدخل بعض هذه المنتديات فأكسب قلوب الشباب ثم أتعرف عليهم في الخارج
حتى أستقام جمع ٌ من الناس ..
- العوام بحاجة لمن ينورهم ويزودهم بالعلم الصحيح وخصوصا " توحيد الله على عزوجل "
- والعبد الفقير قد كسب كثيرا ً من الناس ِ من هذه المنتديات بل أصبحت لنا مجالس
نذاكر فيها بعض المتون فقد تم شرح القواعد الأربعة عندهم وكان العدد لا يقل عن
الخمسة عشر شخصا ً - والآن الفكرة أن أحضر كل فترة بعض الأفاضل من طلبة
العلم للتذكير والتنبيه والوعظ لهم فهم لهم حق ٌ علينا ..
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ..
أخيرا ً الجلوس خلف الشاشات وحده لا يكفي والناس قدرات ..
- فلا يستطيع كل شخص مناقشة الرافضة أو الصوفية أو غيرهم
- ولا يستطيع كل شخص دخول المجالس والحديث مع الناس وو .. وو وهكذا
- لا بد من الاجتماع واختيار ما هو أنسب وأفضل لكل شخص
وطالب العلم هو أعلم بما هو أفضل له ..
ـ[أبوعبدالرحمن المكي التميمي]ــــــــ[18 - 08 - 08, 08:03 ص]ـ
لعل أهم ضابط هو مدى تمسك المنتدى بالشرع
الأخ الكريم نحن نتكلم عن المنتديات المخلطة التي ربما تكون اقتصادية أو رياضية أو للفنانين والمغنين أو لكرة القدم أو لغيرها مما يحتوي على بعض المنكرات من صور للنساء وتباسط في الحديث معهم وغير ذلك من المحاذير لكنها تحتوي على قسم مفتوح لكل المواضيع فهل الأولى أن نشارك فيها ونزاحم أصحابها وقد يكونون أصحاب توجه وقد لايكونون أم أن دخول طالب العلم قد يؤدي إلى حصول بعض المفاسد هذا محل النقاش
فما رأيك وفقك الله في مثل هذه المنتديات التي يتجاوز عدد الأعضاء فيها عشرات الألوف ..
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 12:10 ص]ـ
أشكرك أخي على رسالتك اللطيفة واسأل الله العلي القدير أن ينفع بك أين ما كنت , وأعتذر عن تأخر الرد بسسب
عطل حصل بالجهاز , فادعوا الله له بالشفاء العاجل.
على فكرة أخي ركز على:
# موقع صيد الفوائد وموقع طريق التوبة, وطريق الإيمان وطريق الاسلام , ولا تنسى كتب الشيخ الفاضل عبد الملك القاسم وهي موجودة في مكتبة صيد الفوائد وكل ما عليك هو القص واللصق من الكتاب ز
ـ[أبوعبدالرحمن المكي التميمي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 02:01 م]ـ
الأخ الفاضل أنس الرشيد بارك الله فيك وسددك
هذا الذي أطمح إليه أن يستقيم هؤلاء الشباب ..
بما أن لك تجربة فأود أن أسألك كيف تحضر للمادة التي تضعها في مواقعهم وهل تكتبها بلغة فصيحة أم دارجة ومن أين يكون اعتمادك (كتب , مواقع)
وشكرا
ـ[أبوعبدالرحمن المكي التميمي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 02:05 م]ـ
الأخ الفاضل (أبوناصر المكي) جزيت خيرا ...
أتحفتنا وأفدتنا جعلك الله من أهل الفردوس الأعلى ...
وهذا غالب عملي قص ولصق والله المستعان ..(100/98)
رسالة إلى أئمة المساجد بمناسبة شهر رمضان
ـ[أبو المقداد المبارك]ــــــــ[16 - 08 - 08, 09:54 ص]ـ
59035
رسالة إلى أئمة المساجد بمناسبة شهر رمضان
للشيخ عبد الله الفوزان حفظه الله
نفع الله بها
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[16 - 08 - 08, 04:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة إلى أئمة المساجد بمناسبة شهر رمضان المبارك
الحمد لله العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
أما بعد:
فهذه رسالة سطرتها موجهة إلى من وفَّقه الله تعالى وتشرف بإمامة المصلين عموماً وفي هذا الشهر الفضيل خصوصاً، دوَّنت فيها ما رأيت أن الحاجة داعية إلى بيانه حسب ما سمعت وعلمت من الملاحظات التي ظهرت وتظهر على كثير من الأئمة في زماننا هذا، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله.
أولاً: من شعائر شهر رمضان المبارك قراءة القرآن في صلاة التراويح، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (سنة باتفاق المسلمين، بل من جُلِّ مقصود التراويح قراءة القرآن فيها، ليسمع المسلمون كلام الله، فإن شهر رمضان فيه أنزل القرآن، وفيه كان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن) الفتاوى (23/ 122).
وعليه فينبغي للإمام ملاحظة ما يلي: -
1 - أن تكون قراءته سمحة لا تكلف فيها ولا تصنّع ولا تقليد؛ لأن النفوس تقبل القراءة السهلة وتستحليها؛ لموافقتها الطبع وعدم التكلف، أما ما يحتاج إلى شيء من ذلك فقد كرهه سلف هذه الأمة وعابوه. يقول الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد: (وأنصح كل مسلم قارئ لكتاب الله تعالى وبخاصة أئمة المساجد أن يكفوا عن المحاكاة والتقليد في كلام رب العالمين، فكلام الله أجل، وأعظم من أن يَجْلِبَ له القارئ ما لم يُطلب منه شرعاً، زائداً على تحسين الصوت حسب وسعه، لا حسب قدرته على التقليد والمحاكاة. وقد قال الله عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (وما أنا من المتكلفين) وليجتهد العبد في حضور القلب، وإصلاح النية، فيقرأ القرآن محسناً به صوته من غير تكلف، وليجتنب التكلف من الأنغام، والتقعر في القراءة، والممنوع من حرمة الأداء).
ولا بأس بقراءة الحدر، وهي إدراج القراءة مع مراعاة أحكامها، وسرعتها بما يوافق طبع القارئ ويَخِفُّ عليه.
أما السرعة المفرطة، أو هذُّ القرآن كهذِّ الشعر، فإنه لا يتأتى معه تدبر بحال، وقد يصل ذلك إلى التحريم إذا كان فيه إخلال باللفظ؛ لأنه تغيير للقرآن.
فإن كانت السرعة ليس فيها إخلال باللفظ بإسقاط بعض الحروف أو إدغام ما لا يصح إدغامه، فلا بأس بها؛ لأن من الناس من يسهل على لسانه لفظ القرآن.
2 - لقد أثنى الله تعالى على أهل الخشوع عند تلاوة كتابه، فقال تعالى: (ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً) فبكاء الخوف والخشية مطلوب بلا تكلف، وهو لا يكون إلا بعد الخشوع، والخشوع: هو التذلل والتطامن، وهو يكون في القلب أو في البصر أو الصوت، قال النووي (البكاء عند قراءة القرآن صفة العارفين وشعار عباد الله الصالحين).
أما ما كان مستدعى متكلفاً فهو التباكي، والمحمود منه ما استُجْلبَ لرقة القلب، وخشية الله تعالى لا لقصد الرياء والسمعة، وعلامة المحمود في الغالب صلاح القلب، واستقامة الجوارح على الطاعة. وينبغي للإمام مغالبة نفسه بحيث لا يُسمع له صوت، ولا يُرى له دمع، لا أن يفرح بذلك بقصد إظهاره للناس، ونحن نحسن الظن بالأئمة، وحسب المسلم الأسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ورد عن مطرّف بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وفي صدره أزيز كأزيز الِمْرجَلِ من البكاء.
ثانيا ً: السنة في صلاة التراويح أن تكون إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ركعتين، ويوتر بواحدة، لقول عائشة رضي الله عنها (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثاً).
وفي رواية: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء -وهي التي يدعوها الناس: العتمة- إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ركعتين، ويوتر بواحدة».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/99)
قال محمد بن نصر المروزي في بيان أفضلية ذلك: (لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما سئل عن صلاة الليل أجاب بأن صلاة الليل مثنى مثنى، فاخترنا ما اختار هو لأمته، وأجزنا فِعْلَ من اقتدى به ففعل مثل فعله، إذ لم يُرو عنه نَهيٌ عن ذلك، بل قد روي عنه أنه قال: «مَن شَاءَ فَليُوتِر بِخَمسٍ مون شاء فيوتر بثلاث، ومن شاء فيوتر بواحدة ... ».
وظاهر حديثها الأول أنه يصلي الأربع بتسليم واحد، لكنه ليس بصريح في ذلك، بل يحتمل أنه يصليها مفصولة، لقولها -كما تقدم-: «يُسلِّم من كل ركعتين».
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة، وقد تكون الركعتان الزائدتان على الإحدى عشرة ما كان يفتتح به صلاة الليل كما في حديث زيد بن خالد رضي الله عنه الذي ساقه مسلم بعد هذا الحديث، أو سنة العشاء والله أعلم. وصح عن عمر رضي الله عنه أنه أمر تميماً الداري و أبي بن كعب أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة وأما ما ورد أن الناس على عهد عمر رضي الله عنه كانوا يصلون ثلاثاً وعشرين، فهو ضعيف لا تقوم به حجة، لوجوه ليس هذا محلها ولا متمسك فيه لمن ينتصر لهذا العدد.
لكن من يفتي من أهل العلم بالثلاث والعشرين يستدل بما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن صلاة الليل لم يحدد عدداً معيناً، مع أن المقام مقام بيان، وهذا الاستدلال لا بأس به، لكن الأفضل اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم التي داوم عليها، وعمل بها أصحابه من بعده، ومنهم الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو أفهم منا لنصوص الشرع، وأكثر إدراكاً لمقاصده، فجمع الناس على ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في تهجده وهو إحدى عشر ركعة، ووافقه الصحابة رضي الله عنهم في ذلك، ولم يجتهد في استنباط ما زاد على هذا العدد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، فالاستدلال على الإحدى عشرة بفعله صلى الله عليه وسلم أقوى من الاستدلال على الثلاث والعشرين بهذا الحديث أو غيره من العمومات.
لكن من زاد على إحدى عشرة ركعة فهو مأجور إن شاء الله حسب نيته وقصده، والله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً. يقول ابن عبد البر: (قد أجمع العلماء على أنه لا حدَّ ولا شيء مقدراً في صلاة الليل و أنها نافلة، فمن شاء أطال فيها القيام وقلّت ركعاته، ومن شاء أكثر الركوع والسجود).
ثالثاً: ينبغي للإمام في صلاة التراويح أن يُعنى بصلاته، فيصلي صلاة الخاشعين يرتل القراءة، ويطمئن في الركوع والسجود، ويحذر من العجلة لئلا يخلَّ بالطمأنينة، ويُتعبَ مَنْ خلفه من الضعفاء، وكبار السن، ونحوهم. يقول السائب بن يزيد: (أمر عمر بن الخطاب أُبي بن كعب و تميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة. قال: وقد كان القارئ يقرأ بالمئين،حتى نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر).
رابعاً: على الإمام في دعاء القنوت في رمضان مراعاة ثلاثة أمور:
الأول: أن يحرص على الأدعية الواردة في الكتاب والسنة، وأن يجتنب السجع والتكلف، والدعاء المخترع، والتفاصيل الدقيقة التي تجعل الدعاء إلى الوعظ والترهيب أقرب، وإن دعا بما يناسب الأحوال العارضة كالاستغاثة وقت الجدب، أو الدعاء بنصرة المسلمين عند تسلط الأعداء فحسن.
الثاني: ألا يطيل في دعاء القنوت إطالة تشق على المأمومين تؤدي إلى فتورهم وتسبب شكواهم، وقد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لمعاذ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - لما أطال في صلاة الفريضة (أفتان أنت يا معاذ؟) فكيف بالإطالة في دعاء القنوت، بل في أدعية مخترعة وأساليب مسجوعة؟!
الثالث: أن يدعو الإمام بصوته المعتاد، فإنه أقرب إلى الإخلاص والتضرع، وأعظم في الأدب والتعظيم، وأدل على إحساس الداعي بقربه من ربه، وعليه أن يبتعد عن كل ما ينافي الضراعة والابتهال، أو يدعو إلى الرياء والإعجاب وتكثير المصلين خلفه من التلحين والتطريب أو التمطيط أو تكلف البكاء ونحو ذلك مما ظهر على بعض الأئمة في هذا الزمان، والله المستعان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/100)
خامساً: على الإمام أن يختار الجوامع من الأدعية، لقول عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك». وإن بدأه بحمد الله تعالى والثناء عليه، ثم الصلاة على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فهو أولى.، لحديث فضالة بن عبيد 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: سمع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلاً يدعو في صلاته لم يُمَجِّد الله تعالى، ولم يصلِّ على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: «عَجَّلَ هَذَا» ثم دعاه فقال له أو لغيره: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَليَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ ربِّهِ جَلَّ وعَزَّ وَالثَّنَاءِ عَلَيهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ».
واعلم أنه لم يصح عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قنت في الوتر، والقنوت أمر ظاهر، لأنه دعاء ورفع يدين، فلو كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يفعله دائماً أو غالباً لنقله مَن كان ملازماً للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كعائشة رضي الله عنها، والله أعلم. وإنما أُخذت سُنية القنوت من تعليم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الحسن بن علي رضي الله عنه الدعاء المأثور: «اللهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيكَ، إِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيتَ، وَلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيتَ»، -على القول بثبوت لفظة: «قنوت الوتر» - قال الحافظ في "التلخيص": "قال الخلال عن أحمد: لا يصح فيه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شيء، ولكن عمر كان يقنت"، وقال الإمام ابن خزيمة: "ولست أحفظ خبراً ثابتاً عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في القنوت في الوتر ... "،وقد ثبت عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يقنتون، فقد ورد عن عطاء، وقد سئل عن القنوت، قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفعلونه.وكان ابن عمر لا يقنت إلا في النصف الآخر من رمضان.وقال الإمام الزهري: لا قنوت في السنة كلها إلا في النصف الآخر من رمضان) وقال الإمام أبو داود: قلت لأحمد: القنوت في الوتر السنة كلها؟ قال: إن شاء، قلت فما تختار؟ قال أما أنا فلا أقنت إلا في النصف الباقي، إلا أن أصلي خلف الإمام فيقنت، فأقنت معه. وعلى هذا فمداومة أئمة المساجد على القنوت في رمضان بحيث لا يتركونه إلا قليلاً يحتاج إلى دليل.
سادساً: لم يثبت في مشروعية دعاء الختم في آخر رمضان شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، وأفضل العبادات – كما يقول ابن تيمية – ما وافق هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه. وليس مع من استحبه دليل يذكر سوى أنه من عمل أهل المصرين: مكة، والبصرة، والسنة لا تثبت بمثل ذلك، لا سيما أنه منقطع عن عصر الصحابة رضي الله عنهم، وتوارث العمل إنما يكون في موطن الحجة حيث يتصل بعصر التشريع، فإن لم يكن كذلك فلا. ورحم الله الإمام مالكاً وهو عالم المدينة في زمانه حيث قال: (ما سمعت أنه يدعو عند ختم القرآن، وما هو من عمل الناس).
وقد اشتهرت هذه المسألة عند الحنابلة في روايات عن الإمام أحمد ذكرتها كتب المذهب، وقد جاء في رواية حنبل قال: سمعت أحمد يقول في ختم القرآن إذا فرغت من قراءة (قل أعوذ برب الناس) فارفع يديك في الدعاء قبل الركوع، قلت: إلى أي شيء تذهب في هذا؟ قال: رأيت أهل مكة يفعلونه.
وهذا دليل على أنه لو كان عند الإمام أحمد رحمه الله سنة ماضية مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو متصلة إلى بعض الصحابة رضي الله عنهم لاعتمدها في الدلالة، وهو رحمه الله من أرباب الإحاطة في الرواية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/101)
ويعجبني في هذا المقام كلمة قيّمة لشيخ الإسلام ابن تيمية حيث يقول: (وليس لأحد أن يحتج بقول احد في مسائل النزاع وإنما الحجة النص والإجماع ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة لشرعية لا بأقوال بعض العلماء فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية لا يحتج بها على الأدلة الشرعية ومن تربى على مذهب قد تعوده واعتقد ما فيه وهو يحسن الأدلة الشرعية وتنازع العلماء لا يفرق بين ما جاء عن الرسول وتلقته الأمة بالقبول يجب الإيمان به وبين ما قاله بعض العلماء ويتعسر أو يتعذر إقامة الحجة عليه ومن كان لا يفرق بين هذا وهذا لم يحسن أن يتكلم في العلم بكلام العلماء وإنما هو من المقلدة الناقلين لأقوال غيرهم مثل المحدث عن غيره والشاهد على غيره لا يكون حاكما والناقل المجرد يكون حاكيا لا مفتيا).
ثم إنه قد تقرر في قواعد الأصوليين في التروك النبوية: أن ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم من الأفعال يكون تركه حجة إذا وجد السبب المقتضي لهذا الفعل وانتفى المانع، وهذا أصل عظيم، وقاعدة جلية به تحفظ أحكام الشريعة، ويوصد به باب الابتداع في الدين (2). وقد ترتب على هذه الختمة أمور:-
1 – الإطالة على المأمومين بدعاء متكلف مسجوع غير مأثور، يشغل نحو ساعة من الزمن، يُقرأ بصوت التلاوة وأدائها.
2 – البكاء والنشيج وإسبال العبرات، مع أن قوارع التنزيل وآيات الذكر الحكيم تتلى في ليالي الشهر، بل على ممر العام، ولا تكاد تسمع ناشجاً، ولا نابساً ببكاء من مأموم وإمام،والله تعالى يقول (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله ... )
(3).
3 – عناية الناس بهذه الختمة والاهتمام بها إلى حد تتبّع المساجد لطلبها، ولا سيما النساء حتى إن منهن من تسأل عن حكم تأخير دورتها الشهرية عن موعدها حرصاً على حضور الختمة وعدم فواتها. فالله المستعان.
سابعاًً: ظهر في هذا الزمان مكبرات الصوت، وهي من نعم الله تعالى على عباده، لما فيها من المصالح العظيمة، من تبليغ الأذان، وخطبة الجمعة، والعيدين، وغير ذلك، وليست من البدع -كما قد يظن بعض الناس- لأن البدعة هي الطريقة المحدثة في الدين مضاهاة للشريعة الإسلامية، واستعمال المكبرات لا يقصد به القربة ولا الزيادة في الثواب، وإنما المقصود تكبير الصوت حتى يسمعه من لا يسمع صوت المؤذن أو الخطيب، بل قد يكون قُربَة من القُرَب إذا احتيج إلى ذلك
.
ولا بأس باستعمال مكبر الصوت إذا احتاج الإمام إلى ذلك لسعة المسجد وكثرة المصلين، أما بدون حاجة فالأحسن تركه. ومن استعمله عليه مراعاة ما يلي:-
- أن يحذر من التشويش على المساجد والبيوت المجاورة، وهو يحصل بفتح الصوت على المكبرات في المنارة ولاسيما إذا كان أهل المساجد المجاورة ممن يصلون في رحبة المسجد وساحته فهؤلاء يكون إيذاؤهم أشد. وقد قال رسول الله ?: «أَلا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ، فَلا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَلا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي القِرَاءَةِ» أو قال: «فِي الصَّلاةِ» ().
2 - أن الإمام إنما يصلي بمن كان داخل المسجد، لا بمن كان خارجه، وحينئذٍ يكون إظهار الصوت من مكبرات المنارة عديم الفائدة (). وهذا وصف ينبغي أن تُنَزَّهَ عنه الصلاة.
3 - أن بعض الأئمة يبالغ في القرب من لاقطة الصوت فيجعلها مقابل فمه، وهذا يؤدي إلى حركات كثيرة عند الركوع والسجود والقيام ليبتعد عنها، وهي حركات متوالية ليست الصلاة بحاجة إليها، و بإمكان الإمام وضع اللاقطة عن يمينه، ولن يؤثر هذا في الصوت ضعفاً.
4 - أنه ينبغي أن يكون صوت المكبِّر داخل المسجد بقدر المصلين، ومما يؤسف عليه أننا نرى كثيراً من المساجد رُفع فيها ميزان المكبر حتى أصبح يزعج المصلين، ويؤثر على متابعتهم لقراءة إمامهم وخشوعهم، والله المستعان
..
جزاك الله خيرا أخي ابو المقداد المبارك جعلك الله كذلك أينما كنت ...
نقلت ما كان في المرفق إلى الموضوع نفسه حتى يستفيد الإخوة من القراءة فلعل أحدهم لا يستطيع التحميل و بالطبع هذا النقل ما هو إلا قص ولزق فعليك بالمرفق نفسه فكل الصيد في جوف الفرا ...
ـ[أبو المقداد المبارك]ــــــــ[16 - 08 - 08, 10:14 م]ـ
وإياك أبا الحسن
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 03:14 ص]ـ
جزى الله الشيخ عبد الله الفوزان خيرا
وجزاكما الله خيرا
ـ[أبو المقداد المبارك]ــــــــ[23 - 08 - 08, 02:25 ص]ـ
وإياك
ـ[أبو حازم فكرى زين]ــــــــ[26 - 08 - 08, 08:22 م]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[أبو المقداد المبارك]ــــــــ[29 - 08 - 08, 08:38 ص]ـ
وإياك أبا حازم ..
ـ[أبو المقداد المبارك]ــــــــ[01 - 09 - 08, 03:37 م]ـ
للرفع(100/102)
حكم الاشتراك مع مجموعة في "جداول محاسبة النفس"
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 01:44 م]ـ
حكم الاشتراك مع مجموعة في "جداول محاسبة النفس"
السؤال: انتشر في العديد من المنتديات مواضيع تدعو الأعضاء إلى أن يسجل كل عضو حضوره على المشاركين في المسابقة أن يحافظوا على الصلوات الخمس في المسجد طيلة مدة المسابقة، والتي ستدوم مدة أسبوع إن شاء الله , وعلى غرار هذا الأمر سيقوم المتسابق بتلوين شجرة أعدت لهذا الغرض، والتي ستستعملها الإدارة للتنقيط، وتحديد الفائز. للشجرة 7 أغصان، تمثل أيام الأسبوع، ولكل غصن 5 أوراق، تمثل صلوات اليوم، وثمرة إذا صليت في الوقت وفي المسجد، لون ورقة بالأخضر، إذا أضعت صلاة الجماعة لون الورقة بالأصفر، والثمرة لعمل خيري، ولا تحسب في التنقيط، فما حكم الشرع في مثل هذه المواضيع؟ وهل هذا الأمر يعتبر أمراً مبتدعاً؟.
الجواب:
الحمد لله
المسلم يعبد ربَّه تعالى اتباعاً لما أمر الله به في كتابه الكريم، ورسوله صلى الله عليه وسلم في سنَّته، وما يكون من عبادة فبينه وبين ربه عز وجل، ولا حاجة له أن يطلع الناس عليها ليروا ماذا فعل، وبماذا قصَّر؟
والذي يظهر أن الفعل الوارد في السؤال وأمثاله ليس موافقاً للشرع؛ لعدة اعتبارات، منها:
1. أنه ليس سائراً على هدي سلف هذه الأمة، فلا هو فعل أحدٍ من الصحابة، ولا من بعدهم، إنما هو فعل مبتدع في هذا الزمان.
2. أن المسلم يصلي لربه تعالى، ولا يصلي ليحصِّل جوائز من الخلق.
3. أن مثل هذه الجداول تفتح باب الكذب على ضعفاء النفوس، فقد يستحي أحدهم من أن يراه إخوانه مقصراً، فيقع في الكذب.
4. أن مثل هذا التنافس بين الأعضاء المشاركين في المسابقة قد يفتح باباً عليهم من الفخر والإعجاب بالعمل.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: يتبع بعض الناس طريقة لمحاسبة أنفسهم في أداء الصلوات المفروضة والسنن الرواتب، وهي أن يضع جدولاً، هذا الجدول عبارة عن محاسبة لأدائه الصلوات خلال أسبوع واحد، بحيث يضع أمام كل وقت صلاة مربعين، أحدهما للفرض والآخر للسنة الراتبة، فإذا صلى الفرض مع الجماعة وضع لصلاته تلك درجة، وإذا صلى الراتبة وضع لها درجة أيضاً، وإذا لم يصل لم يضع درجة وهكذا، ثم في آخر الأسبوع يخرج مجموع الدرجات، وتشتمل الورقة على أربعة جداول لشهر واحد، ويقول هؤلاء: إن مثل هذه الوسيلة تعين على المحافظة على أداء الفرائض والسنن، فما رأي فضيلتكم في هذه الطريقة؟ هل هي مشروعة أم لا؟ وما رأيكم في نشرها أثابكم الله؟
فأجاب: " هذه الطريقة غير مشروعة، فهي بدعة، وربما تسلب القلب معنى التعبد لله تعالى، وتكون العبادات كأنها أعمال روتينية كما يقولون، وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا حبل ممدود بين ساريتين، فقال: (ما هذا)؟، قالوا: حبل لزينب تصلي فإذا كسلت، أو فترت أمسكت به فقال: (حلوه، ليصل أحدكم نشاطه فإذا كسل، أو فتر فليقعد)، ثم إن الإنسان قد يعرض له أعمال مفضولة في الأصل ثم تكون فاضلة في حقه لسبب، فلو اشتغل بإكرام ضيف نزل به عن راتبة صلاة الظهر لكان اشتغاله بذلك أفضل من صلاة الراتبة.
وإني أنصح شبابنا من استعمال هذه الأساليب في التنشيط على العبادة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من مثل ذلك حيث حث على اتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين، وحذر من البدع، وبين أن كل بدعة ضلالة، يعني وإن استحسنها مبتدعوها، ولم يكن من هديه ولا هدي خلفائه وأصحابه رضي الله عنهم مثل هذا " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (16/ 111).
وقد سئل الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله:
نحن ستة أصدقاء، نجتمع كل 15 يوماً في بيت أحدنا على برنامج يتضمن القرآن، والأربعين النووية، ومنهاج المسلم، وموعظة صاحب البيت، ورجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم، والافتتاح بالقرآن، والختم بالدعاء، ومن بين برامجنا: ورقة نملؤها كل شهر، نسميها " جدول التنافس "، وتتضمن ورداً من القرآن، والصلوات الخمس في المسجد، والصيام، وصلة الرحم، وعندما نواظب على ملئها تكون النتائج طيبة، وعند عدم ملئها تكون النتائج سلبية، من تفريط في تلاوة القرآن، فما حكم الشرع في هذا الجدول؟
فأجاب:
" الحمد لله: الذي يظهر لي أن اتخاذ هذا الجدول والتنافس على فقراته: بدعة؛ لأنه يتضمن التفاخر، والإعجاب بالعمل، ويتضمن كذلك إظهار العمل الذي إخفاؤه أفضل؛ لأن إخفاء العمل من الصدقة، وتلاوة القرآن، أو الذكر: أبعد عن الرياء، قال تعالى: (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية) الأعراف/ 55، وقال: (ذكر رحمت ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفياً) مريم/ 2، 3، وأحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله: (رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).
فالذي ينبغي: التواصي بالتزود من نوافل الطاعات، والإكثار من ذلك، وكلٌّ يعمل ما تيسر له فيما بينه وبين ربه، وبهذا يحصل التعاون على البر والتقوى، وتحصل السلامة مما يفسد العمل، أو ينقص ثوابه، والله الموفق، والهادي إلى سبيل الرشاد، والله أعلم " انتهى.
http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa&iw_a=view&fatwa_id=8762
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islamqa.com/ar/ref/109125
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/103)
ـ[أبو حازم فكرى زين]ــــــــ[16 - 08 - 08, 02:54 م]ـ
الشيخ المبارك / إحسان العتيبي
جزاكم الله خيراً على هذا النقل الطيب؛ خاصة في هذه المسألة التي عمت بها البلوي
ـ[أبو طلحة الحضرمي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 03:08 م]ـ
جزاك الله خيرًا يا شيخنا الفاضل إحسان العتيبي على هذه التنبيه لهذه البدع التي انتشرت مؤخرًا
وقبل سنتين وفي شهر رمضان بالتحديد وُزعت ورقة بعنوان (التركيبة الرمضانية) وهي عبارة عن جدول لمتابعة الأعمال فالله المستعان
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 04:32 م]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
وأذكر يوم كنا نكتب هذه الجداول (أيام الحزبية) أكثر ما كان يقلقنا هو الفكرة السيئة التي سيأخذها الأمير! عنا، فلا ينجو الصادق من الرياء، ولا الكاذب من الإثم
وأرى لو جعل الإنسان هذا لنفسه فهو أفضل، ولعله يدخل في " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا " وإن كان ليس بالطريقة ذاتها كتابة، لكن المقصود أن يراجع حساباته وأعماله كل يوم، ماذا قدَّم، وبماذا قصَّر
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 12:50 م]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
وأذكر يوم كنا نكتب هذه الجداول (أيام الحزبية) أكثر ما كان يقلقنا هو الفكرة السيئة التي سيأخذها الأمير! عنا، فلا ينجو الصادق من الرياء، ولا الكاذب من الإثم
وأرى لو جعل الإنسان هذا لنفسه فهو أفضل، ولعله يدخل في " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا " وإن كان ليس بالطريقة ذاتها كتابة، لكن المقصود أن يراجع حساباته وأعماله كل يوم، ماذا قدَّم، وبماذا قصَّر
بارك الله فيك شيخنا
لكن ما المانع من الكتابة فهي أضبط وانفع!!
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 12:52 م]ـ
وأرى لو جعل الإنسان هذا لنفسه فهو أفضل، ولعله يدخل في " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا " وإن كان ليس بالطريقة ذاتها كتابة، لكن المقصود أن يراجع حساباته وأعماله كل يوم، ماذا قدَّم، وبماذا قصَّر
[/
السؤال
UOTE]
بارك الله فيك شيخنا
لكن ما المانع من الكتابة فهي أضبط وأسرع في المحاسبة!!
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 12:56 م]ـ
[وأرى لو جعل الإنسان هذا لنفسه فهو أفضل، ولعله يدخل في " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا " وإن كان ليس بالطريقة ذاتها كتابة، لكن المقصود أن يراجع حساباته وأعماله كل يوم، ماذا قدَّم، وبماذا قصَّر [/
السؤال
UOTE]
بارك الله فيك شيخنا ونفع بك
لكن ما المنع من الكتابة اذا كانت تزيده ضبطا ومحاسبة للنفس!!
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 02:09 م]ـ
عفوا على التكرار
آمل من المشرف تثبيت الاخيرة
علما انني أعني بالكتابة الشخصية لا الجماعية
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 02:43 م]ـ
جزاك الله خيراً
المهم تكون بين الإنسان ونفسه
وأخشى أن الكتابة تؤدي للكسل عن المتابعة
أما المحاسبة الذاتية فقد تكون في الفراش قبل النوم!(100/104)
اعتبار اللون الوردي لونا نسائيا هل هو من قبيل اتباع سنن الاجانب؟؟
ـ[سيدي محمد اندي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 02:10 م]ـ
السلام عليكم
ايها الاخوة كنت في بيئة لا فرق عندها بين ان يلبس الرجل نعالا باللون الوردي او ساعة بلون احمر او نظارات باي لون كانت
ولكن لاحظت وبعد ان خرجت من تلك البيئة ان بعض الشعوب المسلمة الاكثر تحضرا لها تشدد قوي فيما يتعلق بالاوان فيحظر على الرجال ان يقتنوا اي شيء بلون وردي او احمر ويسمونها لونا نسائيا
ولاحظت ان المنتديات النسائية كلها بهذا الون وكل الاعلانات الدعوية المتعلقة بالنساء لابد من تتويجها بورود والوان حمراء او وردية
فهل عرف سلف الامة هذه المسالة ام انها جاءت من الغرب الذين يحتفلون بما يسمونه عيدالحب ويعظمون فيه هذه الالوان وتضاء البيوت في الليل بمصابيح حمراء؟
ارجو الاجابة بارك الله فيكم
ملاحظة
اذا صحة في المسالة شيء فارجو من المشرف تغيير لون مشاركتي
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[16 - 08 - 08, 03:08 م]ـ
هذا والله أعلم يخضع للعرف
والقاعدة: العرف محكم والعادة متبعة
ـ[سيدي محمد اندي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 06:31 م]ـ
هذا والله أعلم يخضع للعرف
والقاعدة: العرف محكم والعادة متبعة
العرف الان يقتضي ان نحلق اللحى ونطيل الثياب ونصلي الفريضة في البيوت
ويحتم على النساء السفور والخروج متى شاءوا باي هيئة شاءوا يقع هذا كله في المجتمعات الاسلامية وصار عرفا متبعا ومع ذلك فلا يحل لاحد تجويزه معللا اياه بانه عرف
وجزاكم الله خيرا
ـ[مسلمه مصريه]ــــــــ[16 - 08 - 08, 06:41 م]ـ
أخي" اندي"،
ليكن في علمك أنه لا اعتبار للعرف إذا كان في العمل به تعطيل لنص شرعي ثابت،فتأمل.
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[16 - 08 - 08, 06:51 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من باب المناقشة والمذاكرة ...
الظاهر والله أعلم أن قاعدة: ((العرف محكم والعادة متبعة)) في هذه المسألة نافذة, لأن النبي عليه الصلاة والسلام نهي عن تشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء.
والظاهر أن الألوان التي اختص بها نساء مكان ما أو عصر ما ولم يشاركهم فيها الرجال أولى تركها لأسباب:
1. مشابهة النساء التي نهى عنها النبي عليه الصلاة والسلام.
2. الظاهر انها تدخل في لباس الشهرة - والله أعلم - لأن اللون من مكونات اللبس, وكن الرجل يلبس ما تعارف عليه أنه من ألوان النساء جعل من هذا اللباس داخل في لباس الشهرة المذموم.
والله تعالى أعلم
ـ[أبو الحسن السكندري]ــــــــ[17 - 08 - 08, 01:20 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
من واقع تجربتي الشخصية أكاد أزعم أن حب ذلك اللون جبلي عند الإناث، فهاهي ابنتي الصغيرة التي لا تتعدى الرابعة تعشق ذلك اللون عشقاً، وودت لو كانت الحياة من حولها بذلك اللون، ولم يعلمها أحد ذلك.
ومسألة الألوان، هي مسألة عادات، ألا ترى أن اللون الأحمر أو الأصفر والبرتقالي الفاقع لو لبسته إمرأة فضلاً عن رجل في مجتمعاتنا لكان ذلك مستهجناً، بينما يلبسه إخواننا في أفريقيا وهو من عادتهم، ولا يرون في ذلك بأساً. فكذلك ما يتعارف عليه المجتمع من كون ذلك اللون خاصاً بالنساء أو بالرجال. والله أعلم.
ـ[سيدي محمد اندي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 01:30 م]ـ
أخي" اندي"،
ليكن في علمك أنه لا اعتبار للعرف إذا كان في العمل به تعطيل لنص شرعي ثابت،فتأمل.
في علمي هذا وشكرا على التذكير
فهل العرف المتعلق باتباع الغرب لا يعارض نصا بل نصوصا كثيرة مذكورة في كتاب شيخ الاسلام
اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة اصحاب الجحيم
ـ[سيدي محمد اندي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 01:32 م]ـ
بلال حسن وابا حسن السكندري
شكرا لكما
الظاهر ان هذه العادة تخص بعض البلدان الاسلامية دون غيرها
وجزى الله خيرا الجميع فقد افدوا واجادزا
ـ[مسلمه مصريه]ــــــــ[17 - 08 - 08, 01:46 م]ـ
أخي "اندي" وفقني الله و إياك:
كتبت كلامي أعلاه تعقيبا على ردك الذي جعلت فيه" عرف" ألوان اللباس السائد في مجتمع ما، مثله مثل ترك حلق اللحى و ترك صلاة الجماعة و السفور بحجة اتباع الغرب،و هناك فرق بين الأمرين.
لأن الأمثلة التي تحدثتَ عنها ورد فيها نص شرعي فلا اعتبار للعرف هنا،هذا إن صح تسمية اتباع عادات الكفار و تقليدهم " عرفا" ...
أما مسألة الألوان فلم يرد فيها نص شرعي ثابت يوجب ترك لون معين أو ينهى عنه أو تخصيصه للرجل دون المرأة أو العكس،فلا بأس إذن بتحكيم العرف فيها. (عدا ما ورد في التزعفر" للرجل و لبس الثوب المعصفر،وما ورد في المسالة من خلاف في أقوال الفقهاء).
ـ[الجعفري]ــــــــ[17 - 08 - 08, 02:13 م]ـ
في ظني أن اللون الوردي من جنس الأحمر المنهي عنه - إن كان خالصاً للرجال - ثم هو مناسب جداً للأنثي إذ هو لون رقيق وجميل ولا يناسب خشونة الرجال ...
وللفائدة:
عنوان الفتوى لبس اللون الأحمر للرجال
المفتي د. عبدالكريم بن عبدالله الخضير
رقم الفتوى 16259
تاريخ الفتوى 14/ 7/1427 هـ -- 2006 - 08 - 09
تصنيف الفتوى الفقه-> قسم اللباس والزينة-> كتاب اللباس والزينة-> باب للباس الرجل وزينته
السؤال.ما حكم لبس اللون الأحمر للرجال؟
الجواب لبس الأحمر الخالص محرم على الرجال؛ لما روى أبو داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: "مرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ وعليه ثوبان أحمران فسلم عليه، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم" أخرجه الترمذي وحسنه، وفي الباب أحاديث أخرى ذكرها ابن القيم في زاد المعاد، وأما ما أخرجه الشيخان (البخاري ومسلم) من حديث البراء بن عازب (أن النبي صلى الله عليه وسلم رُأى عليه حلة حمراء) فقد قال العلاّمة ابن القيم: غلط من ظن أنها كانت حمراء بحتا لا يخالطها غير الحمرة، بل كانت مخططة بخطوط حمراء مع الأسود. والله أعلم.
المصدر: http://www.islamlight.net/index.php?option=com_ftawa&task=view&Itemid=0&catid=586&id=16259
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/105)
ـ[أبو عبد المحسن العنابي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 04:15 م]ـ
قال ابن حجر في الفتح (10/ 306):
قال الطبري بعد أن ذكر غالب هذه الأقوال:
الذي أراه جواز لبس الثياب المصبغة بكل لون، إلا أني لا أحب لبس ما كان مشبعا بالحمرة ولا لبس الأحمر مطلقا ظاهرا فوق الثياب لكونه ليس من لباس أهل المروءة في زماننا، فإن مراعاة زي الزمان من المروءة ما لم يكن إثما، وفي مخالفة الزي ضرب من الشهرة، وهذا يمكن أن يلخص منه قول ثامن.
والتحقيق في هذا المقام:
أن النهي عن لبس الأحمر إن كان من أجل أنه لبس الكفار فالقول فيه كالقول في الميثرة الحمراء كما سيأتي،
وإن كان من أجل أنه زي النساء فهو راجع إلى الزجر عن التشبه بالنساء فيكون النهي عنه لا لذاته
وإن كان من أجل الشهرة أو خرم المروءة فيمنع حيث يقع ذلك، وإلا فيقوى ما ذهب إليه مالك من التفرقة بين المحافل والبيوت. اهـ
ـ[صخر]ــــــــ[17 - 08 - 08, 04:25 م]ـ
والعرف معمول به إذا ورد. ... حكم من الشرع الشريف لم يحد
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[17 - 08 - 08, 06:40 م]ـ
والعرف معمول به إذا ورد. ... حكم من الشرع الشريف لم يحد
أخي "اندي" وفقني الله و إياك:
كتبت كلامي أعلاه تعقيبا على ردك الذي جعلت فيه" عرف" ألوان اللباس السائد في مجتمع ما، مثله مثل ترك حلق اللحى و ترك صلاة الجماعة و السفور بحجة اتباع الغرب،و هناك فرق بين الأمرين.
لأن الأمثلة التي تحدثتَ عنها ورد فيها نص شرعي فلا اعتبار للعرف هنا،هذا إن صح تسمية اتباع عادات الكفار و تقليدهم " عرفا" ...
أما مسألة الألوان فلم يرد فيها نص شرعي ثابت يوجب ترك لون معين أو ينهى عنه أو تخصيصه للرجل دون المرأة أو العكس،فلا بأس إذن بتحكيم العرف فيها. (عدا ما ورد في التزعفر" للرجل و لبس الثوب المعصفر،وما ورد في المسالة من خلاف في أقوال الفقهاء).
بارك الله فيكما
ـ[ابو عاصم النبيل]ــــــــ[11 - 09 - 08, 09:13 م]ـ
العرف الان يقتضي ان نحلق اللحى ونطيل الثياب ونصلي الفريضة في البيوت
ويحتم على النساء السفور والخروج متى شاءوا باي هيئة شاءوا يقع هذا كله في المجتمعات الاسلامية وصار عرفا متبعا ومع ذلك فلا يحل لاحد تجويزه معللا اياه بانه عرف
وجزاكم الله خيرا
الأخ آندي سلمه الله
العادة محكمة , محكمة بماذا سلمك الباري
الظاهر أنك لم تعرف معنى القاعدة حتى تورد ما أوردت
ومسائل العادات غير مسائل العبادات فالفرق واضح فتأمل ما سطرت أخي الحبيب قبل تسطيره
دمت في حفظ الله
ـ[عبد الرحمن بن شيخنا]ــــــــ[12 - 09 - 08, 06:10 ص]ـ
قال الناظم
والعرف ان خالف أمر الباري ..... وجب أن ينبذفي البراري
ولاكن قولك حفظك الله انه تشبه
لابد من دليل قاطع على انا نحن الذين تشبهنا بهم فقد يكونواهم أخذو ذالك من عادات الشعوب المسلمة ما المانع وقد تكون من عاداتنا وعاداتهم
وعليه فالأمر من العادات التي ينبغى الإتزام بها في لاتخالف نصا
ـ[محمد بن أبي أحمد]ــــــــ[12 - 09 - 08, 05:40 م]ـ
فما رأيكم إن أخبرتكم أنّ لبس الوردي للرجال صار "موضة" الآن؟
معلوم أن أن أشهر صانعي الأزياء في الغرب مخنثون (نسأل الله العافية) وقد روّجوا للون الوردي في ما يصنعونه من ألبسة رجالية تشبها بالنساء.
فكان في - أول الأمر - المخنثون منهم يلبسون هذا اللون إخباراً وإعلاما بحالهم ...
ثم صار الآن - شيئاً فشيئاً - "موضة" للرجال، لأنه كما أسلفت .. جل صانعي الأبسة الغربيين المشهورين مخنثون ويريدون إزالة كل الفروق بين ألبسة الرجال وألبسة النساء والعياذ بالله.
ـ[سيدي محمد اندي]ــــــــ[10 - 03 - 09, 12:20 ص]ـ
الأخ آندي سلمه الله
العادة محكمة , محكمة بماذا سلمك الباري
اسأل من وضع القاعدة أومن استشهد بها هنا
الظاهر أنك لم تعرف معنى القاعدة حتى تورد ما أوردت
ما شاء الله على هذه الأخلاق ...
لا بأس كل إناء بالذي فيه يرشح
وكل أحد ينفق من بضاعته
فتأمل ما سطرت أخي الحبيب قبل تسطيره
ليتك انتفعت بما نصحت به
*
*
*
احبتي في الله لا تكونوا منفرين ومسببين للعزوف عن طرح الاسئلة هنا فلقد هجر هذا القسم كثير من الاخوة والله اعلم ما السبب يأتيكم المرء متعلما ومستفسرا معتبرا انه اصغر تلميذ امام اكبر شيوخه فيفاجأ بأسلوب ساخر احيانا وتبدو منه نبرة التكبر احيانا ويجهل السائل احيانا أخر
لست أدري هل في سؤالي غرابة او شذوذ
لم أزد على ان استشكلت اعتبار اللون الوردي لونا نسائيا وهو ما بدا لي انه محل اجماع عرفي من خلال اجوبة الاخوة جزاهم الله خيرا
وكل ما ذكر عن الغرب وتحول رجالهم الى لبسه تخنثا يدل على ان المسألة غربية ليست من عاداتنا ولا من ديننا
وجزى الله الجميع خير الجزاء ورزقنا واياهم التواضع وحسن الخلق
ـ[صالح جزره]ــــــــ[10 - 03 - 09, 01:20 ص]ـ
ومثل هذه المسالة مسالة الطيب للنساء
اولا كان الطيب لون بلا رائحه او رائحته خفيفه الان الرائحة قويه اقوى من رائحة عطر الرجال لينتبه نساءنا الخيرات الطيبات(100/106)
تَهْذِيبُ النُّفُوسِ بَيْنَ يَدَي رَمَضَانَ (1) ((أَسْبَابُ شَرْحِ الصّدُورِ))
ـ[أبو حازم فكرى زين]ــــــــ[16 - 08 - 08, 03:22 م]ـ
تَهْذِيبُ النُّفُوسِ بَيْنَ يَدَي رَمَضَانَ (1) (أَسْبَابُ شَرْحِ الصّدُورِ)
قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ((أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ))
قَالَ ابنُ كثيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} يعني: أَمَا شَرَحْنَا لكَ صَدْرَكَ، أي: نَورنَاهُ وجَعْلنَاهُ فَسيحًا رَحيبًا وَاسِعًا كَقَولِهِ: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ} [الأنعام: 125]، وَكَمَا شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ كَذَلِكَ جَعَلَ شَرْعَهُ فَسيحاً واسعًا سَمْحًا سَهْلاً لا حَرَجَ فيهِ ولا إِصْرَ ولا ضِيقَ.
وقال ابنُ جريرٍ الطبري رَحِمَهُ اللَّهُ: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مذكِّره آلاءه عنده، وإحسانه إليه، حاضا له بذلك على شكره، على ما أنعم عليه، ليستوجب بذلك المزيد منه: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ) يا محمد، للهدى والإيمان بالله ومعرفة الحقّ (صَدْركَ) فنلِّين لك قلبك، ونجعله وعاء للحكمة.
وقال ابن الجوزي رَحِمَهُ اللَّهُ في ((زاد المسير)): {ألم نشرح لك صَدْرك} الشرح: الفتح بإذهاب ما يصد عن الإدراك. والله تعالى فتح صدر نبيه للهدى والمعرفة بإذهاب الشواغل التي تصدر عن إدراك الحق.
قُلْتُ: ولشهاب الدين محمود ابن عبد الله الحسيني الألوسي رَحِمَهُ اللَّهُ كلام رائق حول تفسير هذه الآية فليراجع في (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني).
والسؤال الآن ما هو السبيل إلى شرح الصدور وتوسيعها على أكمل وجه؛ ليشعر الإنسان بحلاوة الْإِيمَان، التي من نتائجها أن يستغرق العبد في طرائق العبادة شاعراً بلذتها، مقبلاً عليها بكليته، باذلاً كل ما يملك لكي يشعر بلذة القرب والمناجاة والإنس بربه جلّ وعلا، وسأترك المجال لابن القيم رَحِمَهُ اللَّهُ فهو أبو عُذرة هذه النفائس ومالك أزمتها.
فقد ذَكَرَ ابنُ القيم رَحِمَهُ اللَّهُ في كتابهِ ((زاد المعاد)) فصلاً في هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي صَدَقَةِ التّطَوّعِ ومما قَالَ فيه: "وَكَانَ هَدْيُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَدْعُو إلَى الْإِحْسَانِ وَالصّدَقَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَلِذَلِكَ كَانَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَشْرَحَ الْخَلْقِ صَدْرًا وَأَطْيَبَهُمْ نَفْسًا وَأَنْعَمَهُمْ قَلْبًا فَإِنّ لِلصّدَقَةِ وَفِعْلِ الْمَعْرُوفِ تَأْثِيرًا عَجِيبًا فِي شَرْحِ الصّدْرِ وَانْضَافَ ذَلِكَ إلَى مَا خَصّهُ اللّهُ بِهِ مِنْ شَرْحِ صَدْرِهِ بِالنّبُوّةِ وَالرّسَالَةِ وَخَصَائِصِهَا وَتَوَابِعِهَا وَشَرْحِ صَدْرِهِ حِسّا وَإِخْرَاجِ حَظّ الشّيْطَانِ مِنْهُ ". ((زاد المعاد)) (2/ 5)
ثم قَالَ: " فَصْلٌ فِي أَسْبَابِ شَرْحِ الصّدُورِ وَحُصُولِهَا عَلَى الْكَمَالِ لَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ.
فَأَعْظَمُ أَسْبَابِ شَرْحِ الصّدْرِ: التّوْحِيدُ وَعَلَى حَسَبِ كَمَالِهِ وَقُوّتِهِ وَزِيَادَتِهِ يَكُونُ انْشِرَاحُ صَدْرِ صَاحِبِهِ. قَالَ اللّهُ تَعَالَى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبّهِ} [الزّمَرُ 22]. وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ يُرِدِ اللّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيّقًا حَرَجًا كَأَنّمَا يَصّعّدُ فِي السّمَاءِ} [الْأَنْعَامُ 125] [ص 23] فَالْهُدَى وَالتّوْحِيدُ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ شَرْحِ الصّدْرِ وَالشّرْكُ وَالضّلَالُ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ ضِيقِ الصّدْرِ وَانْحِرَاجِهِ.
وَمِنْهَا: النّورُ الّذِي يَقْذِفُهُ اللّهُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ وَهُوَ نُورُ الْإِيمَانِ فَإِنّهُ يَشْرَحُ الصّدْرَ وَيُوَسّعُهُ وَيُفْرِحُ الْقَلْبَ.
فَإِذَا فُقِدَ هَذَا النّورُ مِنْ قَلْبِ الْعَبْدِ ضَاقَ وَحَرَجَ وَصَارَ فِي أَضْيَقِ سِجْنٍ وَأَصْعَبِهِ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/107)
وَقَدْ رَوَى التّرْمِذِيّ فِي " جَامِعِهِ " عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّهُ قَالَ ((إذَا دَخَلَ النّورُ الْقَلْبَ انْفَسَحَ وَانْشَرَحَ. قَالُوا: وَمَا عَلاَمَةُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ: الْإِنَابَةُ إلَى دَارِ الْخُلُودِ وَالتّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ وَالِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِهِ)) (1)
فَيُصِيبُ الْعَبْدَ مِنْ انْشِرَاحِ صَدْرِهِ بِحَسْبِ نَصِيبِهِ مِنْ هَذَا النّورِ وَكَذَلِكَ النّورُ الْحِسّيّ وَالظّلْمَةُ الْحِسّيّةُ هَذِهِ تَشْرَحُ الصّدْرَ وَهَذِهِ تُضَيّقُهُ.
وَمِنْهَا: الْعِلْمُ فَإِنّهُ يَشْرَحُ الصّدْرَ وَيُوَسّعُهُ حَتّى يَكُونَ أَوْسَعَ مِنْ الدّنْيَا وَالْجَهْلُ يُورِثُهُ الضّيقُ وَالْحَصْرُ وَالْحَبْسُ فَكُلّمَا اتّسَعَ عِلْمُ الْعَبْدِ انْشَرَحَ صَدْرُهُ وَاتّسَعَ وَلَيْسَ هَذَا لِكُلّ عِلْمٍ بَلْ لِلْعِلْمِ الْمَوْرُوثِ عَنْ الرّسُولِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُوَ الْعِلْمُ النّافِعُ فَأَهْلُهُ أَشْرَحُ النّاسِ صَدْرًا وَأَوْسَعُهُمْ قُلُوبًا وَأَحْسَنُهُمْ أَخْلَاقًا وَأَطْيَبُهُمْ عَيْشًا.
وَمِنْهَا: الْإِنَابَةُ إلَى اللّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَمَحَبّتُهُ بِكُلّ الْقَلْبِ وَالْإِقْبَالُ عَلَيْهِ وَالتّنَعّمُ بِعِبَادَتِهِ فَلَا شَيْءَ أَشْرَحُ لِصَدْرِ الْعَبْدِ مِنْ ذَلِكَ. حَتّى إنّهُ لَيَقُولُ أَحْيَانًا: إنْ كُنْتُ فِي الْجَنّةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنّي إذًا فِي عَيْشٍ طَيّبٍ وَلِلْمَحَبّةِ تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي انْشِرَاحِ الصّدْرِ وَطِيبِ النّفْسِ وَنَعِيمُ الْقَلْبِ لَا يَعْرِفُهُ إلّا مَنْ لَهُ حِسّ بِهِ وَكُلّمَا كَانَتْ الْمَحَبّةُ أَقْوَى وَأَشَدّ كَانَ الصّدْرُ أَفْسَحَ وَأَشْرَحَ وَلَا يَضِيقُ إلّا عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَطّالِينَ الْفَارِغِينَ مِنْ هَذَا الشّأْنِ فَرُؤْيَتُهُمْ قَذَى عَيْنِهِ وَمُخَالَطَتُهُمْ حُمّى رُوحِهِ.
وَمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ ضِيقِ الصّدْرِ الْإِعْرَاضُ عَنْ اللّهِ تَعَالَى وَتَعَلّقُ الْقَلْبِ بِغَيْرِهِ وَالْغَفْلَةُ عَنْ ذِكْرِهِ وَمَحَبّةُ سِوَاهُ فَإِنّ مَنْ أَحَبّ شَيْئًا غَيْرَ اللّهِ عُذّبَ بِهِ وَسُجِنَ قَلْبُهُ فِي مَحَبّةِ ذَلِكَ الْغَيْرِ فَمَا فِي الْأَرْضِ أَشْقَى مِنْهُ وَلَا أَكْسَفَ بَالًا وَلَا أَنْكَدُ عَيْشًا وَلَا أَتْعَبُ قَلْبًا فَهُمَا مَحَبّتَانِ مَحَبّةٌ هِيَ جَنّةُ الدّنْيَا وَسُرُورُ النّفْسِ وَلَذّةُ الْقَلْبِ وَنَعِيمُ الرّوحِ وَغِذَاؤُهَا وَدَوَاؤُهَا بَلْ حَيَاتُهَا وَقُرّةُ عَيْنِهَا وَهِيَ مَحَبّةُ اللّهِ وَحْدَهُ بِكُلّ الْقَلْبِ وَانْجِذَابُ قُوَى الْمَيْلِ وَالْإِرَادَةُ وَالْمَحَبّةُ كُلّهَا إلَيْهِ. وَمَحَبّةٌ هِيَ عَذَابُ الرّوحِ وَغَمّ النّفْسِ وَسِجْنُ الْقَلْبِ وَضِيقُ الصّدْرِ وَهِيَ سَبَبُ الْأَلَمِ وَالنّكَدِ وَالْعَنَاءِ وَهِيَ مَحَبّةُ مَا سِوَاهُ سُبْحَانَهُ.
وَمِنْ أَسْبَابِ شَرْحِ الصّدْرِ دَوَامُ ذِكْرِهِ عَلَى كُلّ حَالٍ وَفِي كُلّ مَوْطِنٍ فَلِلذّكْرِ تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي انْشِرَاحِ الصّدْرِ وَنَعِيمِ الْقَلْبِ وَلِلْغَفْلَةِ تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي ضِيقِهِ وَحَبْسِهِ وَعَذَابِهِ. وَمِنْهَا: الْإِحْسَانُ إلَى الْخَلْقِ وَنَفْعُهُمْ بِمَا يُمْكِنُهُ مِنْ الْمَالِ وَالْجَاهِ وَالنّفْعِ بِالْبَدَنِ وَأَنْوَاعِ الْإِحْسَانِ فَإِنّ الْكَرِيمَ الْمُحْسِنَ أَشْرَحُ النّاسِ صَدْرًا وَأَطْيَبُهُمْ نَفْسًا وَأَنْعَمُهُمْ قَلْبًا وَالْبَخِيلُ الّذِي لَيْسَ فِيهِ إحْسَانٌ أَضْيَقُ النّاسِ صَدْرًا وَأَنْكَدُهُمْ عَيْشًا وَأَعْظَمُهُمْ همّا وَغَمّا. وَقَدْ ضَرَبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الصّحِيحِ ((مَثَلًا لِلْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدّقِ كَمَثَلِ رَجُلَيُنِ عَلَيْهِمَا جُنّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ كُلّمَا هَمّ الْمُتَصَدّقُ بِصَدَقَةِ اتّسَعَتْ عَلَيْهِ وَانْبَسَطَتْ حَتّى يَجُرّ ثِيَابَهُ وَيُعْفِيَ أَثَرَهُ وَكُلّمَا هَمّ الْبَخِيلُ بِالصّدَقَةِ لَزِمَتْ كُلّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا وَلَمْ تَتّسِعْ عَلَيْهِ))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/108)
فَهَذَا مَثَلُ انْشِرَاحِ صَدْرِ الْمُؤْمِنِ الْمُتَصَدّقِ وَانْفِسَاحِ قَلْبِهِ وَمَثَلُ ضِيقِ صَدْرِ الْبَخِيلِ وَانْحِصَارِ قَلْبِهِ.
وَمِنْهَا الشّجَاعَةُ فَإِنّ الشّجَاعَ مُنْشَرِحُ الصّدْرِ وَاسِعُ الْبِطَان مُتّسِعُ الْقَلْبِ وَالْجَبَانُ أَضْيَقُ النّاسِ صَدْرًا وَأَحْصَرُهُمْ قَلْبًا لَا فَرْحَةٌ لَهُ وَلَا سُرُورٌ وَلَا لَذّةٌ لَهُ وَلَا نَعِيمٌ إلّا مِنْ جِنْسِ مَا لِلْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيّ وَأَمّا سُرُورُ الرّوحِ وَلَذّتُهَا وَنَعِيمُهَا وَابْتِهَاجُهَا فَمُحَرّمٌ عَلَى كُلّ جَبَانٍ كَمَا هُوَ مُحَرّمٌ عَلَى كُلّ بَخِيلٍ وَعَلَى كُلّ مُعْرِضٍ عَنْ اللّهِ سُبْحَانَهُ غَافِلٍ عَنْ ذِكْرِهِ جَاهِلٍ بِهِ وَبِأَسْمَائِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ وَدِينِهِ مُتَعَلّقِ الْقَلْبِ بِغَيْرِهِ.
وَإِنّ هَذَا النّعِيمَ وَالسّرُورَ يَصِيرُ فِي الْقَبْرِ رِيَاضًا وَجَنّةً وَذَلِكَ الضّيقُ وَالْحَصْرُ يَنْقَلِبُ فِي الْقَبْرِ عَذَابًا وَسِجْنًا. فَحَالُ الْعَبْدِ فِي الْقَبْرِ كَحَالِ الْقَلْبِ فِي الصّدْرِ نَعِيمًا وَعَذَابًا وَسِجْنًا وَانْطِلَاقًا وَلَا عِبْرَةَ بِانْشِرَاحِ صَدْرِ هَذَا لِعَارِضِ وَلَا بِضِيقِ صَدْرِ هَذَا لِعَارِضِ فَإِنّ الْعَوَارِضَ تَزُولُ بِزَوَالِ أَسْبَابِهَا وَإِنّمَا الْمُعَوّلُ عَلَى الصّفَةِ الّتِي قَامَتْ بِالْقَلْبِ تُوجِبُ انْشِرَاحَهُ وَحَبْسَهُ فَهِيَ الْمِيزَانُ وَاَللّهُ الْمُسْتَعَانُ
وَمِنْهَا بَلْ مِنْ أَعْظَمِهَا: إخْرَاجُ دَغَلِ القْلبِ مِنْ الصّفَاتِ الْمَذْمُومَةِ الّتِي يَكُونَ لَهُ مَادّتَانِ تَعْتَوِرَانِ عَلَى قَلْبِهِ وَهُوَ لِلْمَادّةِ الْغَالِبَةِ عَلَيْهِ مِنْهُمَا.
وَمِنْهَا: تَرْكُ فُضُولِ النّظَرِ وَالْكَلَامِ وَالِاسْتِمَاعِ وَالْمُخَالَطَةِ وَالْأَكْلِ وَالنّوُمِ فَإِنّ هَذِهِ الْفُضُولَ تَسْتَحِيلُ آلَامًا وَغُمُومًا وَهُمُومًا فِي الْقَلْبِ تَحْصُرُهُ وَتَحْبِسُهُ وَتُضَيّقُهُ وَيَتَعَذّبُ بِهَا بَلْ غَالِبُ عَذَابِ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْهَا فَلَا إلَهَ إلّا اللّهُ مَا أَضْيَقَ صَدْرَ مَنْ ضَرَبَ فِي كُلّ آفَةٍ مِنْ هَذِهِ الْآفَاتِ بِسَهْمِ وَمَا أَنْكَدَ عَيْشَهُ وَمَا أَسْوَأَ حَالِهِ وَمَا أَشَدّ حَصْرِ قَلْبِهِ وَلَا إلَهَ إلّا اللّهُ مَا أَنْعَمَ عَيْشِ مَنْ ضَرَبَ فِي كُلّ خَصْلَةٍ مِنْ تِلْكَ الْخِصَالِ الْمَحْمُودَةِ بِسَهْمِ وَكَانَتْ هِمّتُهُ دَائِرَةً عَلَيْهَا حَائِمَةً حَوْلَهَا فَلِهَذَا نَصِيبٌ وَافِرٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} [الِانْفِطَارُ 13] وَلِذَلِكَ نَصِيبٌ وَافِرٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنّ الْفُجّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الِانْفِطَارُ 14] وَبَيْنَهُمَا مَرَاتِبُ مُتَفَاوِتَةٌ لَا يُحْصِيهَا إلّا اللّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
وَالْمَقْصُودُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ أَكْمَلَ الْخَلْقِ فِي كُلّ صِفَةٍ يَحْصُلُ بِهَا انْشِرَاحُ الصّدْرِ وَاتّسَاعُ الْقَلْبِ وَقُرّةُ الْعَيْنِ وَحَيَاةُ الرّوحِ فَهُوَ أَكْمَلُ الْخَلْقِ فِي هَذَا الشّرْحِ وَالْحَيَاةِ وَقُرّةِ الْعَيْنِ مَعَ مَا خُصّ بِهِ مِنْ الشّرْحِ الْحِسّيّ وَأَكْمَلُ الْخَلْقِ مُتَابَعَةً لَهُ أَكْمَلُهُمْ انْشِرَاحًا وَلَذّةً وَقُرّةَ عَيْنٍ وَعَلَى حَسَبِ مُتَابَعَتِهِ يَنَالُ الْعَبْدُ مِنْ انْشِرَاحِ صَدْرِهِ وَقُرّةِ عَيْنِهِ وَلَذّةِ رُوحِهِ مَا يَنَالُ فَهُوَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي ذُرْوَةِ الْكَمَالِ مِنْ شَرْحِ الصّدْرِ وَرَفْعِ الذّكْرِ وَوَضْعِ الْوِزْرِ وَلِأَتْبَاعِهِ مِنْ ذَلِكَ بِحَسْبِ نَصِيبِهِمْ مِنْ اتّبَاعِهِ وَاَللّهُ الْمُسْتَعَانُ. وَهَكَذَا لِأَتْبَاعِهِ نَصِيبٌ مِنْ حِفْظِ اللّهِ لَهُمْ وَعِصْمَتِهِ إيّاهُمْ وَدِفَاعِهِ عَنْهُمْ وَإِعْزَازِهِ لَهُمْ وَنَصْرِهِ لَهُمْ بِحَسْبِ نَصِيبِهِمْ مِنْ الْمُتَابَعَةِ فَمُسْتَقِلّ وَمُسْتَكْثِرٌ. فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللّهَ. وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنّ إلّا نَفْسَهُ.
((زاد المعاد)) (2/ 5 - 8) طبعة دار الآثار
ـــــــــــــــــــــ
(1) ضعفه الألباني رَحِمَهُ اللَّهُ في ((السلسلة الضعيفة)).(100/109)
مجلة البيان:حوار مع الشيخ يحيى اليحيى
ـ[الرايه]ــــــــ[16 - 08 - 08, 03:36 م]ـ
نشر الحوار في مجلة البيان
العدد (252) شعبان 1429هـ - اغسطس 2008م
جاء فيه من الأسئلة:
متى بدأت هذه الدورات؟
هل تقتصر على حفظ السنة؟
أهداف الدورة؟
لماذا الاقتاصر على الحفظ دون الفهم؟
ما المتون المحفوظة في الدورة؟
لماذا لم يجر اختيار الكتب المتعلقة بأحاديث الأحكام؟
ماذا عن الكلمة المشهور من حفظ سريعا نسي سريعا؟
ابرز الصعوبات التي تواجه هذه الدورة؟
شروط المشاركة في الدورة والتواصل معها.
موقع حفاظ الوحيين
http://www.alwahyain.net/
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[11 - 07 - 09, 09:09 ص]ـ
مكرر
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[11 - 07 - 09, 09:28 ص]ـ
حفَّاظ السنَّة النبوية يعودون من جديد
في كل عام وحين يشتد الصيف تبترد القلوب برؤية حفّاظ السنة النبوية، يتوزَّعون بقاع المسجد الحرام والمسجد النبوي، ويتناثرون عند أعمدتها، ويمسكون بدفتي كتاب يجرعون منه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، إنها «دورات حفظ السنة في الحرمين»، التي أعادت التذكير بأهمية حفظ السنَّّة النبوية، وبدأنا نرى - ولله الحمد - حفَّاظ الصحيحين، وحفَّاظ السنن، وحفَّاظ المسانيد.
والشيخ يحيى بن عبد العزيز اليحيى، المشرف العام على الدورات من مواليد بريدة عام (1380هـ)، طلب العلم على ثلة من علماء عصره؛ كالشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ ابن عثيمين، والشيخ عبد الله الدويش وكانت له معهم ملازمة خاصة، وله مشاركات علمية ودعوية مختلفة.
سكن بريدة، وتخلل ذلك إقامة يسيرة في الرياض، ثم انتقل للسكنى في المدينة النبوية، واشتغل بالتدريس في التعليم العام، ثم تفرَّغ بعدها لتحفيظ السنة والتدريس في المسجد النبوي ولإتمام مشاريعه العلمية.
كان معه الحوار التالي للاطِّلاع على هذه الدورات وما تقدِّمه للأمة الإسلامية من خير عميم والوقوف عند أهدافها وغاياتها:
* لا شك أنّ هذه الدورات مشروع يبهج كل مؤمن، فهلّا حدثتمونا - حفظكم الله - عن هذا المشروع؟
الحمد لله. المشروع مؤلَّف من دورات سنوية مكثفة لحفظ أصول الأحاديث النبوية، وتقام في بيت الله الحرام في مكة المكرمة، ومسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة النبوية.
وتعتني الدورات بحفظ أصول السنة الحديثية ومعرفة غريبها وبيان مشكلها.
وتشتمل الدورات على فروع؛ كل فرع في جزء من كتب السنة؛ ولا يكون دخول فرع جديد حتى يتم تجاوز ما قبله.
والدورات تحت رعاية الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وعملي فيها - بحمد الله - هو الإشراف عليها، مستنداً - بعد عون الله - إلى لفيف من المشايخ وطلبة العلم.
* متى بدأت هذه الدورات؟
يسَّر الله - تعالى - لي القيام ببرنامج شخصي في تحفيظ السنة في بريدة، واستمر هذا البرنامج عدة سنين، وتخرَّج منه ثلة من المشايخ والقضاة وأساتذة الجامعات.
ثم بدا لي مع بعض المشايخ القيام بدورة عالمية مكثفة في مكة المكرمة في حفظ الجمع بين الصحيحين خلال شهرين، ولقيت هذه الدورة في البداية معارضة في الفكرة لصعوبتها، إلا أن الله - تعالى - يسَّر العزم وقدمنا لها بتجربة، ثم قمنا بأول دورة في صيف عام 1422هـ، تعاون فيها مجموعة من المشايخ، وحققت - بحمد الله - نجاحاً باهراً في فكرتها ونتائجها.
واستمرت على ذلك بحمد الله، مع تعديل في مدة الدورة، وتطوير تدريجي في الإدارة وطريقة الاختبارات وغيرها، وجرى فتح فروع أخرى، وها هي الدورة الثامنة تقام الآن بشكل إداري جديد فيما نرجو إن شاء الله تعالى.
* هل تقتصر الدورة على تحفيظ السنة النبوية؟
تقتصر الدورات بحكم طبيعتها على تحفيظ أصول السنة الحديثية، التي نرى أنها من الأولويات العلمية لطلبة العلم ولغير طلبة العلم أيضاً، ومع ذلك فهي تحثُّ طلابَها على العناية بباقي أنواع العلوم الشرعية؛ لسببين:
1 - أن في حفظ السنة علماً كثيراً، لكنه لا يكفي لمطلق الفتوى أو الاستنباط ما لم تعضده معرفة بمعاني القرآن والأصول واللغة والناسخ والمنسوخ، ونحو ذلك من الآلات.
2 - أن الدورات لا تشكل من العام إلا جزءاً من عشرة أجزاء منه؛ مما يدفع إلى استثمار باقي العام في المراجعة والتفقُّه.
* إذن؛ فاقتصار الدورات على تحفيظ السنة هو من باب التخصص؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/110)
تماماً؛ فهو اقتصار عملي لا منهجي، تقتضيه الظروف العلمية وغيرها، فعلاقتها مع باقي الدورات العلمية والدروس علاقة تكاملية تساندية تتمِّم إحداها الأخرى.
والدورة تمثِّل نفسها ببرنامجها، وهي بذلك تتسع لعموم طلاب العلم الراغبين في الانتفاع بها، ولهم أن يكملوا طريقهم في العلم بحسب ما يرونه.
* هلّا ذكرتم لنا - حفظكم الله - أهداف هذه الدورات؟
تهدف الدورات إلى:
1 - تفعيل الاهتمام بكتاب الله - تعالى - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - والابتعاد عن الأُغلوطات.
2 - قطع شوط مهم من طريق العلم في مدة وجيزة.
3 - تربية طالب العلم على الجِدِّية والحافظة على الوقت.
4 - الإثبات الواقعي أن هذه الأمة أمة نصٍّ ونَقْل وحفظ، ينقله المتأخر عن المتقدم.
* لكن لماذا الاقتصار على حفظ الأحاديث؛ أليس فهمها أَوْلى؟
هذا السؤال يُطرَح أيضاً على من حفظ القرآن؛ فيقال: أليس فهمه أَوْلى؟ والجواب على الأمرين أن يقال:
ليس هناك تعارض؛ فالمعارضة إنما تكون بين المتنازعين على المحلِّ الواحد لا بين الواقعين في المحلّين المختلفين، فالفهم يقابل (العيَّ أو غير الفهم)، والحفظ يقابل (النسيان أو غير الحفظ)، ولا يتقابلان أصلاً.
ثم إن الحفظ سبيل للفهم؛ فإن الحفظ يأتي بالتكرار، والتكرار من أقوى سبل الفهم؛ فهذه واحدة، وأغلب الحفَّاظ إنما يتأتَّى لهم الحفظ بفهم المحفوظ؛ وهذه ثانية، ثم إن فهم المسألة الواحدة يستلزم استحضاراً لما يُحفَظ من أدلة مختلفة في أبواب مختلفة بتفاعلات ذهنية؛ وهذه ثالثة.
صدرك جنة الفردوس فيه ثمار الخلد تجني ما تريدُ
مع أن الذي يقتصر على حفظ الحديث بغير فهم قد حصَّل خيراًً، ولكنه قصَّر.
فالغلط ليس في الحفظ، بل هو ترك الفهم مع تيسُّر أعظم سُبُله، وإن كون الرجل لا يحفظ أو ينتقد من يحفظ لا يدل على أنه في حيِّز من يفهم.
* لكن الحاجة إلى فهم الحديث تبقى ضرورية؟
- هذا صحيح، ولكن فهم الحديث فهمان:
الأول: فهم الدلالة المباشرة للحديث؛ بفكِّ تركيبه وإيضاح غريبه، فهذه قاعدة أساس، والدورات تقوم بذلك عن طريق تقريب كتب الغريب، والشروح، واستضافة طلاب العلم.
غير أن عامة الأحاديث ظاهرة الدلالة، وإن حديثاً كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»؛ لا يحتاج عامة الحفاظ إلى غريب ابن الأثير أو أعلام السنن لفهمه.
الثاني: فهم متعلقات الحديث؛ من مفاهيمه والخلافات المندرجة في أحكامه والكلام على إسناده ورواته وأصول ألفاظه ونحو ذلك، فهذا باب آخر زائد على منهجية الحفظ، وليس من المناسب إقحام حفَّاظ السنة به؛ لأن دراسته تأتي في مرحلة لاحقة.
* ألا يوجد في الأحاديث عمومٌ يحتاج إلى تخصيص، ومطلَقٌ يحتاج إلى تقييد؛ فكيف تُحفَظ بغير شرح؟
إن طالب العلم لا يفتي في المسألة إلا وعنده آلتها من جمع النصوص الواردة في الباب الواحد، ونحو ذلك.
ثم إن العموم - عند جماهير الأصوليين - من عوارض الألفاظ، فإذا كان جارياً على كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فهو كذلك في القرآن الكريم؛ فهل نتوقف عن قراءته وتدبُّره - بَلْهَ حفظه - للعموم الذي فيه؟
ثم إن كلام العلماء بل كلام البشر قاطبة فيه العموم والإطلاق والإجمال؛ لأن العموم من عوارض النطق؛ فهل نتوقف عن معرفته حتى نعرف بيان العموم الذي فيه؟ مآل هذا إلى الدور.
* وهذه العلة موجودة أيضاً في القراءة.
صحيح؛ فالعلة التي يمنعون بها حفظ الحديث جارية على القراءة كما هي جارية على الحفظ، والعلة أيضاً جارية على القرآن والمتون الاصطلاحية وكلام كل عالم كما هي جارية على حفظ الحديث.
وأما الذين يحفظون ويتكلمون بغير علمٍ فهم صنفٌ من خلق الله تقحَّموا ما ليس لهم؛ وهم موجودون فيمن حفظ الحديث كما هم موجودون فيمن حفظ القرآن، وفيمن حفظ المتون العلمية، بل هم موجودون فيمن قرأ وحضر الدروس، وكل واحد من هؤلاء يمثِّل نفسه وقصوره، ولا يمثل البرنامج الذي انتفع به.
ولا يمتنع العاقل عن هذا ولا عن هذا.
* ما المتون المحفوظة في الدورة؟
للدورة خمسة فروع هي بمنزلة مستويات؛ كل مستوى يتبع ما قبله:
الفرع الأول: حفّاظ المتفق عليه: يحفظ فيه الطالب الذي حفظ القرآن: الجمع بين الصحيحين – أي المتفق عليه وهو (4 أجزاء)، وذلك بحفظ عشرين وجهاً يومياً تقريباً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/111)
الفرع الثاني: حفّاظ المفردات: يراجع فيه الطالب محصل المتفق عليه مع ضبط الحاشية الخاصة بلفظ مسلم؛ وذلك بمراجعة أربعين وجهاً يومياً، ثم يحفظ المفردات (جزأين)، بحفظ عشرين وجهاً يومياً.
الفرع الثالث: حفّاظ السنن: يحفظ من حفظ الصحيحين زوائد محصلِ السنن الأربعة ومالك والدارمي (4 أجزاء)، وذلك بحفظ عشرين وجهاً يومياً.
الفرع الرابع: حفّاظ المسانيد: يراجع فيه محصل السنن، وذلك بمراجعة أربعين وجهاً يومياً، ثم يحفظ محصلَ زوائد المسند (جزأين)، وذلك بحفظ عشرين وجهاً يومياً.
الفرع الخامس: استظهار المعاجم والمصنفات والزهديات والأدبيات.
* لماذا هذه الكتب حصراً؟
الكتب التي اعتنت باختصار أحاديث السنة كثيرة، وبعضها مصنَّف بأيدي أئمة جهابذة، ولكن الغالب عليها أنها لم تصنَّف للحفظ؛ فكانت الحاجة إلى جمعٍ للأحاديث يهتم بالصناعة الحفظية قبل اهتمامه بالصناعة الإسنادية أو الفقهية، فكانت هذه الكتب المذكورة.
غير أن النسخة الحالية هي في صورتها الأولية، ولم تخرج للمكتبات بعدُ، وهي قابلة للتنقيح والتعديل ولإبداء الملحوظات العلمية.
* لماذا لم يجرِ اختيار الكتب المتعلقة بأحاديث الأحكام فقط؟
إذا اتفقنا على حفظ كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - فالحمد لله، وتأتي المفاضلة بين الأولويات بعدُ.
ولا ينبغي أن نجعل طرق الاجتهاد في حفظ السُّنة – التي أمرت بالائتلاف - طرقاً للاختلاف، ومن أثقل الأشياء أن يتنازع طلاب العلم كما يتنازع تجار البضاعة الواحدة.
فكان المقصد جمع أصول الحديث في الأبواب المختلفة؛ دون الاقتصار على الأحكام الاصطلاحية، والمسلم - فضلاً عن طالب العلم - بحاجة إلى مجموع كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - في أبواب الفقه والتفسير والأدب والرقائق والسيرة وغيرها؛ لأن صلاح النفس بمجموع ذلك، كما أن كمال العلم بمجموع ذلك، خاصة أن طلاب العلم لا يقتصرون على طلاب الفقه الاصطلاحي.
حتى الفقه - مثلاً - لا يختص بأحاديث؛ بل يؤخذ من أحاديث المغازي كما يؤخذ من أحاديث التفسير وأحاديث الرقائق ... وهكذا التفسير والتوحيد؛ فمواطن الاستدلال تتعدد.
ثم إنه لا يشترط حفظ جميع الحديث النبوي من قِبَل جميع طلبة العلم، بل نقول: إن القدرات تتفاوت كما أن الهمم تتفاوت، وقد يعجز طالب العلم عن حفظ الجميع لشغل أو كسل أو ضعف، لكن ما دام حفَّاظ الدورة في نشاط الشباب وفي الهمم العجاب فلماذا نثبِّطهم عن حفظ الحكمة البالغة؟ بل هي من أَنْفس ما بُذِلت فيه الأنفاس.
* لكن ألا ترى أن حفظ عشرين وجهاً في اليوم صعب جداً؟
هناك حاجز وهمي، ولكل طريق مائة عقبة؛ تسعون منها قبل البداية، والأمر كما قال أبو الطيب:
كل ما لم يكن من الصعب في الأن فس؛ سهل فيها إذا هو كانا
وقد أثبتت التجربة إمكانية ذلك لمن وفَّقه الله للحرص، وقد حفظ في الدورات المئات ومنهم من هو دون البلوغ، ومنهم من هو فوق الخمسين! من قضاة وأساتذة في الجامعات وأطباء ومشرفين تربويين وأساتذة فضلاً عن طلاب الجامعات.
وحِفْظُ عشرون وجهاً ممكن مع الحرص والتفرغ والبيئة المشجعة، بل كثير من الحفاظ يزيدون على العشرين وجهاً في اليوم إلى ثلاثين وأربعين، ومنهم من يصل إلى الستين ويزيد؛ مع الضبط التام، وكل هذا رأيناه.
وحديث صدق عنك أفرط حسنه حتى ظننا أنه موضوعُ
* لكن ربما كان هؤلاء أصحاب نبوغ.
أعتقد أن نبوغهم الحقيقي هو في استعانتهم بالله تعالى، وكسرهم حاجز الوهم، وتجاوزهم عقبة التثبيط، وأما قدراتهم فلن أقول: إنها عادية؛ لكن أقول: إنها لا تزيد عن كثير من محبي العلم الذين رهبوا.
وعامة من شارك في الدورة يتوهم أن الأمر صعب وأنه لا يقدر؛ ويخرج من الدورة ولسان حاله يقول:
ومن لم يجرِّب ليس يعرف قدره فجرِّب تجد تصديق ما قد ذكرناهُ
* ماذا عن الكلمة المشهورة: ما حُفظ سريعاً نُسي سريعاً؟
ما حُفظ سريعاً ثم رُوجع سريعاً ثبت سريعاً بإذن الله، فلا غنى للحافظ عن المراجعة؛ بل ينبغي له أن يحفظ محفوظه بالتكرار، وأن يعود عليه مع كرِّ الليل والنهار.
نعم! لن تكفي الدورة للحفظ، كما لا تكفي من يحفظ خارج الدورة خلال سنة وسنتين وخمس، وسواء حفظ الحديث في شهر أو حفظه في قرن؛ لا بد له من المراجعة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/112)
وليس كل ما حُفظ سريعاً نُسي سريعاً؛ والمرء يرى من نفسه تفاوت محفوظاته، ومنها ما حُفظ سريعاً وثبت طويلاً، ومنها ما حُفظ بطيئاً وذهب سريعاً.
ثم إن حفظهم «السريع» كحفظ باقي الناس؛ فإذا كان عامة الحفاظ في أثناء العام يجلسون يحفظون الصفحة فإذا ختموها سمَّعوها؛ فحفاظ الدورة كذلك سواء بسواء، فالزمن الذي بذلوه في حفظ الصفحة متقارب.
وليس من الإنصاف أن نستنكر على من حفظ محصل المتفق عليه في شهرين؛ مع أنه يبذل كل يوم بضع عشرة ساعة بمجموع يزيد على 600 ساعة، ولا نستنكر على من حفظ في سَنَة ولو لم يبذل إلا نصف هذا الوقت، مع أن التركيز على نمطية الحفظ يعطي قوة حفظ إضافية؛ مع ما في الدورة من التفرغ الذهني والزمني والبيئة المشجعة.
ثم إن الأمر نسبي؛ فمن حفظ في أسبوع قال له من حفظ في شهر: من حفظ بسرعة نسي بسرعة.
ومن حفظ في شهر قال له من حفظ في شهرين: من حفظ بسرعة نسي بسرعة، والذين حفظوا في شهرين يقول لهم من يريد أن يحفظ في سنة وسنتين وعشر وعشرين سنة: من حفظ بسرعة نسي بسرعة!
ثم لو افتُرض في سيِّئ الأحوال أنهم سينسون نصف المحفوظ أو ثلثيه ويبقى الثلث؛ فإن الثلث من ملخص الصحيحين أكثر من بلوغ المرام، والثلث كثير!
فحفظ السنة مكسب علمي كبير جداً، والنظر الشرعي والمنهجي يدعو إلى بذل أضعاف هذا الوقت له.
* هل الكثير من محفوظاتهم يبقى؟ أعني: لو سألناهم عن الأحاديث فهل تبقى في ذاكرتهم؟
أولاً: يبقى لهم الأجر إن شاء الله، وعسى أن تشملهم المغفرة ولو كان فيهم الخطّاء الذي جاء لحاجة، فلو افترض أنه نسي كل ما حفظه في الدورة ولم يبق منه حرف ففي سلوك طريق العلم خير كثير.
وثانياً: إن العلة نفسها جارية على كل الدورات العلمية، بل على كل قراءة، فأنت لو سألت عامة الذين يحضرون الدروس العلمية أو يقرؤون الكتب بعد مدة يسيرة؛ لخفيت عليه كثير من المسائل التي تلقاها؛ بل تلك التي كتبها في دفتره؛ ولا يكون هذا مانعاً من حضور الدروس وقراءة الكتب؛ فليس من الإنصاف أن تُسقِط أي دورة لأنك سألت أحداً شارك فيها عن حديث أو مسألة فلم يضبط ذلك.
وثالثاً: إن كثيراً مما حفظه يبقى في الذاكرة.
ورابعاً: إن من أتقن حفظه في الدورة فإن أدنى مراجعة تسترجع له محفوظه الغائب؛ حتى لو كانت هذه المراجعة على سبيل القراءة المركَّزة.
فالأمر يعود - بعد توفيق الله - إلى شيئين: الحفظ المتقن أثناء الدورة، والمراجعة المتكررة - ولو قراءةً - بعد الدورة، والنماذج الضابطة من هذه موجودة.
والمقصود معرفة أكبر قدر من السنة ليُعمَل بها، وحفظها ليُتفقَّه بها، للناس عامة؛ بَلْهَ طلبة العلم، ويبقى الأمر في الطريقة متسعاً للاجتهاد، مع بقاء التعاون بين الجميع، فالعلم رحم موصول بين أهله.
* ما أبرز الصعوبات التي تواجه هذه الدورة؟
الدورة نسيج وحدها؛ وهذا يزيد الثقل من جهتين:
1 - من جهة العملية الإدارية؛ فهي لجدَّتها تحتاج إلى أن تصنع لنفسها رؤية إدارية مستقلة؛ وأن تستنبت المدرِّسين والمشرفين من داخلها، مما يبطئ عملية التطوير، خاصة مع قلة جمهورها؛ لأن حفظ السنة بل الاطلاع عليها أصبح - للأسف - مرحلة متقدمة لطلاب العلم؛ مع أنه مطلوب من كل مسلم.
2 - ومن جهة انضمامها إلى الحركة العلمية؛ فهي لجدَّتها تحتاج إلى مزيد تعريف وتطوير، وهذه مسؤولية تقع على منسوبي الدورة، وتقع على رواد التعليم الشرعي بأن يتعرفوا على الدورة وأهميتها في ذاتها وفي دعمها للحركة العلمية، وأن يساهموا في تصحيحها وارتقائها، وأن يحكموا عليها من الرؤية لا من السماع أو النماذج الفردية.
* أخيراً: هل من شروط لراغب المشاركة في الدورة؟ وكيف يمكن التواصل معها؟
يشترط لحفّاظ المتفق عليه: حفظ القرآن الكريم، ويشترط لكل مستوى تالٍ: تجاوزُ المستوى السابق بنجاح في اختبار شفوي وتحريري.
وتتكفل إدارة الدورات بتكاليف السكن قرب المسجد الحرام والمسجد النبوي، مع التغذية وتوفير المادة العلمية والمدرِّسين.
ويمكن التواصل معها عبر موقعها الشبكي (حفاظ الوحيين) أو الاتصال بالرقم المخصص أو بأحد مشرفيها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجلة البيان 252، بتصرف يسير.
http://www.islamweb.net.qa/ver2/archive/readArt.php?id=147906
ـ[أبو السها]ــــــــ[11 - 07 - 09, 11:57 ص]ـ
كلل الله جهود الشيخ يحي وإخوانه من المشايخ القائمين على هذه الدورة بالنجاح والتوفيق والحمد لله الذي جعل الله في أمة محمد مثل هؤلاء يحفظ الله بهم نصوص الوحيين فأقل القليل -بل هو أكثر الكثير -أن ندعو الله لهم بأن يسدد خطاهم وأن يقر الله أعيننا وأعينهم بشباب يستظهرون كتب السنة كما يستظهرون القرآن
ـ[أبو عدي القحطاني]ــــــــ[01 - 07 - 10, 03:36 ص]ـ
أعجبني كلامه عن العقبات - نفع الله به - في قوله:
* لكن ألا ترى أن حفظ عشرين وجهاً في اليوم صعب جداً؟
هناك حاجز وهمي، # ولكل طريق مائة عقبة؛ تسعون منها قبل البداية #.(100/113)
مناقشة العلامةعطية بن محمد سالم لاشتراكي في موسم الحج، ورجوعه إلى الحق.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 04:25 م]ـ
قال العلامة محمد عطية سالم في شرح البلوغ في حديث (الناس شركاء في ثلاثة ... ):
[في سنة من السنوات في موسم الحج، كان شخص له ضلع كبير جداً في عمل الاشتراكية، وحصلت هناك بعض المناقشات وتساءلت من يكون؟! وكانت هناك أمور كما يقال شخصية أو سياسية، وكان الرجل فيه عنصر خير، فذهب وجاء بشيء من الخبز والملح والماء، وقال: أريد أن تأكل معي ليكون بيننا ارتباط بالعيش والملح، فقلت: كلنا إن شاء الله عندنا ارتباط بالإسلام قبل العيش والملح، ماذا عندك؟ قال: سألتك بالله -تأملوا هذا يا إخوان- الاشتراكية من الإسلام أو ليست منه؟ قلت له: ما ثقافتك أولاً وما عملك؟ فعرفت أن له ضلعاً كبيراً في عمل الاشتراكيات ودرس حقوق، قلت له: أنت رجل عاقل ومتعلم، وسترجع إلى بلدك سل جميع العلماء: كلمة (اشتراكية) هل توجد في مصدر من مصادر الشريعة، حديث فقه تفسير أم لا؟ لا، لن تجدها في كتب التفاسير، ولا في كتب شراح الحديث، ولا في كتب الفقه، فضرب صدغيه، وقال: ومن أين جاءوا بها؟ قلت: سلهم وأنت أعلم، ثم قلت له: لعلك درست التاريخ والقانون الوضعي، ومن أصول القانون الوضعي: أنه إذا لم يوجد في القانون نص على مسألة أخذ حكمها من الشريعة الإسلامية، فهل وجدت في القانون مصدراً إسلامياً عن الاشتراكية؟ قال: لا، قلت: اذهب واسأل؛ فإذا أخبرك واحد عن موضع ومرجع واحد فأخبرني، ولك ما سميت من الجائزة.
فأخذ الرجل يبكي وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ما بال العلماء يسكتون؟ قلت له: من المشانق التي نصبتموها، ثم كانت أشياء كثيرة بيني وبينه، فقال: أعاهدك، قلت: على ماذا؟ قال: أني إذا رجعت سآخذ المصحف معي من المدينة، قلت: المصاحف تأتينا من بلادكم، فخذها من هناك، قلت: ولماذا؟ قال: لأحفظ أبنائي كتاب الله، فلقد حفظتهم كتاب الميثاق، وسوف أحفظهم كتاب الله من المصحف كما حفظتهم الميثاق، وقال: جزاك الله خيراً.
ثم قلت له: أنت درست التاريخ الإسلامي كمادة، فهل كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عثمان بن عفان جهز جيش العسرة؟ وأن عبد الرحمن بن عوف تصدق بقافلة بما تحمل من مواد التجارة وما فيها من عبيد وإبل في سبيل الله؟ وكان هناك أبو هريرة يصرع من الجوع في المسجد، وقال: كنتم تشتغلون بالصفقات والزراعة، وأتبع رسول الله على ملء بطني، فهل أخذ رسول الله من عثمان شيئاً يعطيه لـ أبي هريرة ليقيم صلبه؟ قال: لا.
بل الرسول صلى الله عليه وسلم انتقل من الدنيا بكاملها ودرعه مرهونة عند يهودي في آصع من شعير، فهل أخذ من ابن عوف أو عثمان أو غيره لنفسه ولبيته؟ قال: لا، قلت: إذاً: ما لم يكن في ذلك الصدر وفي ذلك التاريخ المبارك النير هل يكون في هذا الوقت؟! ما كان لنا أن نتكلم في هذا الموضوع وقد انتهت الشيوعية وتقوضت أركانها بحمد الله، وعرف الناس الحق، وهم يرجعون الآن عن الباطل تدريجياً إلا لمرور هذا الحديث، لأنه كان عدتهم.
ثم قلت له: أنتم تناقضون مبدأكم الآن، قال: لماذا؟ قلت: الماء الذي تدخلونه في العمارات الناس فيه شركاء، وأنتم تضعون عداداً باللتر أو المتر المكعب وتأخذونها وتبيعونها عليهم، تيار الكهرباء الذي يدخل البيوت ويشغل الأجهزة، أليست هذه نار وطاقة أو هل جعلتموهم شركاء فيها أو جعلتم عدادات تعد بالإمبير وتأخذون القيمة؟ إذاً: ناقضتم أنفسكم.
إذاً: يا إخوان نحن وللأسف تعرضنا لهذه النواحي وإن كانت قد انتهت، لكن لنبين زيف ما كانوا يتمسكون به، ولنبين لإخواننا الذين يغترون بمقالات الآخرين بأن الشركة في هذه الثلاث إنما هي حينما تكون عامة، أما بعد الاختصاص فلا دخل لأحد فيما عند الآخر، وبالله تعالى التوفيق] اهـ.
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[17 - 08 - 08, 10:52 ص]ـ
نعم هناك من يكون فيه خير و لكنه ملبس عليه فتجده يصلي و يقوم ببعض العبادات إلا أنه لديه أفكار غير صحيحة عن الدين، و مثل الإشتراكي في هذه الأيام الديموقراطيين و الليبراليين منهم من يظن أن دين الإسلام دين الديموقراطية و أن الرسول صلى الله عليه و سلم أرسى دعائم الديموقراطية نسأل الله السلامة و ذلك لأنهم لم يأخذوا معلوماتهم الشرعية من مصادرها الصحيحة.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 05:51 م]ـ
بارك الله فيكم أبا بدر، صدقت.(100/114)
كلام جميل للشيخ الخضير-حفظه الله- في تسوية الصفوف
ـ[فاطمة السمرقندي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 04:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلام جميل للشيخ الخضير -حفظه الله - في تسوية الصفوف في الدقيقة:02:40:
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=22140(100/115)
هل يصح تسمية مسجد بمسجد السيدة آمنة
ـ[أبو عبيدة التونسي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 06:19 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
يوجد بمنطقتنا مسجد يسمى مسجد السيدة آمنة و هم يقصدون بذلك آمنة أم النبي صلى الله عليه و على آله وسلم. فهل تجوز هذه التسمية.
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[16 - 08 - 08, 07:35 م]ـ
ان كانوا يقصدون امنة ام المصطفى صلى الله عليه وسلم فهذا من افعال الصوفية لانهم يعتقدون ان ام الرسول مؤمنة والتسمية هذه لاتجوز لان ام الرسول كما ثبت ماتت على الكفر.
ـ[أبو السها]ــــــــ[16 - 08 - 08, 09:36 م]ـ
(311) سئل فضيلة الشيخ - حفظه الله -: عندنا عدد من المساجد بأسماء الأنبياء مثل جامع النبي يونس وغيره من الجوامع ويوجد داخل المسجد مرقد ذلك النبي ويذهب الناس ويصلون في داخل هذه المساجد وفي الحديث الذي ما معناه (لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ما حكم عملهم هذا؟.
فأجاب - حفظه الله - بقوله: تسمية المساجد بأسماء الأنبياء لا ينبغي لأن هذا إنما يتخذ على سبيل التقرب إلى الله-عز وجل- أو التبرك بأسماء الأنبياء،والتقرب إلى الله بما لم يشرعه، والتبرك بما لم يجعله الله سبباً للبركة لا ينبغي، بل هو نوع من البدع.
قلت: فإذا كانت تسمية المساجد بأسماء الأنبياء لا تجوز فما بالك بمن دونهم، فما بالك بمن مات على الكفر
ـ[أبو السها]ــــــــ[16 - 08 - 08, 09:37 م]ـ
عفوا، الفتوى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
ـ[أبو عبيدة التونسي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 11:20 م]ـ
جزاكما الله خيرا
هل من أدلة على ثبوت موت والدي النبي صلى الله عليه و على آله و سلم على الكفر من السنة الصحيحة.
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[17 - 08 - 08, 02:11 ص]ـ
1 حديث (ابي وابوك في النار).مسلم: الإيمان (203) , وأبو داود: السنة (4718) , وأحمد (3/ 119).
2 استأذنت ربي في أن أزورها فأذن لي واستأذنته في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي مسلم: الجنائز (976) , والنسائي: الجنائز (2034) , وأبو داود: الجنائز (3234) , وابن ماجه: ما جاء في الجنائز (1572) , وأحمد (2/ 441).
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[17 - 08 - 08, 02:12 ص]ـ
وهذا سؤال اجاب عنه الشيخ عبد العزيز الراجحي
رقم الفتوى: 1338
موضوع الفتوى: الجمع بين قوله "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا" وبين قوله صلى الله عليه وسلم لرجل "أبي وأبوك في النار"
تاريخ الإضافة: 7/ 7 / 1424 هـ - 3/ 9 / 2003 م
السؤال: يقول السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كيف الجمع بين قوله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا وبين قوله -صلى الله عليه وسلم-: لرجل أبي وأبوك في النار؟
الإجابة:
هذا محمول على أنه بلغته الدعوة يعني أهل الفترات على أحوال: منهم من بلغته الدعوة، ومنهم والد الرسول قال: إن أبي وأباك في النار أما من لم تبلغه الدعوة فإنه يمتحن يوم القيامة، مثل أم الرسول عليه الصلاة والسلام قال: استأذنت ربي في أن أزورها فأذن لي واستأذنته في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي فبكى وبكى من حوله، صار هو بكى ومن حوله؛ لأنها ماتت في الجاهلية، وأهل الجاهلية منهم من بلغته الدعوة، منهم من كان موحدا: قس بن ساعدة الإيادي وزيد بن عمرو بن نفيل يطلبون دين إبراهيم كانوا على التوحيد، ومنهم بلغته الدعوة فغير وبدل، ومنهم ما هو مسكوت عنه وهؤلاء يمتحنون يوم القيامة نعم. ... ، وهذا بينه شيخ الإسلام وابن القيم وغيرهم، أنهم جاءت فيهم أحاديث أهل الفترات يمتحنون فيها أحاديث ضعيفة، لكن يشد بعضها بعضا، تدل على أنهم يمتحنون، نعم.
ـ[أبو عبيدة التونسي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 02:45 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي أبا حمدان و بارك الله لك في علمك و عمرك.
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[17 - 08 - 08, 03:09 ص]ـ
امين واياكم اخي ابو عبيدة.(100/116)
في مغني المحتاج: سُئل بعضهم عن الحنبلي يقول إن لم يكن الله على العرش فامرأتي طالق
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[16 - 08 - 08, 07:05 م]ـ
قال الخطيب الشربيني (977 هـ)
في كتابه (مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج):
وَلَوْ حَلَفَ شَافِعِيٌّ وَحَنَفِيٌّ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ إمَامَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْآخَرِ لَمْ يَحْنَثْ تَشْبِيهًا بِمَسْأَلَةِ الْغُرَابِ، وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِمَامَيْنِ قَدْ يَعْلَمُ مَا لَا يَعْلَمُهُ الْآخَرُ، وَلَوْ حَلَفَ سُنِّيٌّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ، وَعَكَسَ الرَّافِضِيُّ حَنِثَ لِقِيَامِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ، وَلَوْ حَلَفَ السُّنِّيُّ أَنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَحَلَفَ الْمُعْتَزِلِيُّ أَنَّهُمَا مِنْ الْعَبْدِ حَنِثَ لِقِيَامِ الْأَدِلَّةِ أَنَّهُمَا مِنْ اللَّهِ، وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْحَنْبَلِيِّ يَقُولُ: إنْ لَمْ يَكُنْ اللَّهُ عَلَى الْعَرْشِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَعَكَسَ الْأَشْعَرِيُّ.
فَقَالَ: إنْ أَرَادَ الْحَنْبَلِيُّ الْمَعْنَى الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ
ا. هـ.
ـ[مسلمه مصريه]ــــــــ[16 - 08 - 08, 08:06 م]ـ
قال الخطيب الشربيني (977 هـ)
في كتابه (مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج):
وَلَوْ حَلَفَ شَافِعِيٌّ وَحَنَفِيٌّ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ إمَامَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْآخَرِ لَمْ يَحْنَثْ تَشْبِيهًا بِمَسْأَلَةِ الْغُرَابِ، وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِمَامَيْنِ قَدْ يَعْلَمُ مَا لَا يَعْلَمُهُ الْآخَرُ، وَلَوْ حَلَفَ سُنِّيٌّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ، وَعَكَسَ الرَّافِضِيُّ حَنِثَ لِقِيَامِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ، وَلَوْ حَلَفَ السُّنِّيُّ أَنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَحَلَفَ الْمُعْتَزِلِيُّ أَنَّهُمَا مِنْ الْعَبْدِ حَنِثَ لِقِيَامِ الْأَدِلَّةِ أَنَّهُمَا مِنْ اللَّهِ، وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْحَنْبَلِيِّ يَقُولُ: إنْ لَمْ يَكُنْ اللَّهُ عَلَى الْعَرْشِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَعَكَسَ الْأَشْعَرِيُّ.
فَقَالَ: إنْ أَرَادَ الْحَنْبَلِيُّ الْمَعْنَى الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ
ا. هـ.
يعني (الخطيب الشربيني) سلم بعدم وقوع طلاق الأشعري، على حين قيد طلاق الحنبلي بشرط كونه قصد المعنى الذي ورد به القرآن!
هذا ما فهمته من النص.
ـ[أبو راشد*]ــــــــ[17 - 08 - 08, 02:08 م]ـ
سبحان الله تحس أحيانا أن الفقهاء تعرضوا لما يتعرض له الناس في هذه الأيام حين يسلمون خوفاً لليهود بدعاواهم حتى إنه لم يجرؤا أحد حتى الآن على مناقشة قضية الهلوكوست من أصلها وأشجع الناس من ناقش القضيةمن ناحية العدد.
فكل من يريد في العصور الماضية الحصول على جواز مرور في الأوساط العلمية كان لا بد له من إعلان عدم المعارضة للعقائد الأشعرية وإلا فتحت عليه نيران النقد وتهمة " معاداة الأشعرية " وحرم الوظائف وهرب منه الطلاب حتى إنه سوف يطارد في كتب التراجم.
أذكرني بذلك هذا الإنجراف من قبل بعض الفقهاء خلف الأشاعرة في عقائد فلسفية لا وقت للفقهاء أصلاً للنظر فيها.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[05 - 10 - 08, 02:04 م]ـ
وانظروا ماذا جاء في كتاب المعيار المعرب والجامع المغرب قال:
(سئل الشيخ أبو عبد الله محمد بن مرزوق: عن فتوى أفتى بها رجل ممن تصدى للإقراء، وهي: أنه يجب على كل من له زوجة أن يسألها عن عقيدتها، فإن وجدها معتقدة ما يستحيل في حقه تعالى كالجهة مثلاً فإنه يجب عليه أن يفارقها، لأنها مشركة.
فأجاب: هذه إحدى الطوام، فمهما فتح هذا الباب على العوام: اختل النظام، فلا تُحرك على العوام العقائد، وليكتف بالشهادتين كما قال الإمام أبو حامد، وبهذا جاءت الأحاديث الصحاح، ولو وجب سؤال النساء عن هذا بعد التزويج لوجب قبله، فلا يقدم نكاح امرأة تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله إلا بعد اختيار عقيدتها، لأن من أصولهم: أن ما إذا طرأ: قطع، فهو إذاً قارن: منع.
نعم، إن بدا من بعض الزوجات معتقد سوء من دون أن يطلب ذلك منها: نظر فيه بما يقتضي الحكم فيه، لأنه كثير جداً لا ينضبط.
وسئل عبد الله العبدوسي عن مثل ذلك فقال: تُحمل النساء المسلمات على ظاهرهن من صحة إسلامهن وعقائدهن، ونكل سرائرهن إلى الله سبحانه، غير أنه إذا غلب على ظنه فساد في عقيدتها فإنه يباحثها في ذلك، ويجب عليه تعليمها ما جهلت من ذلك، وكان بعض الفقهاء المقتدى بهم يأمر شهود عقد النكاح باختيار عقيدة المرأة عند إرادة العقد عليها لغلبة الفساد على عقائدهن، فكانوا يفعلون ذلك، فهدى الله بذلك أمة عظيمة منهن إلى عقائد الحق) إهـ المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب (3/ 87) للعلامة أبو العباس الونشريسي.
لا حول ولا قوة إلا بالله
النبي صلى الله عليه وسلم امتحن الجارية وكان جوابها القول بـ"الجهة" فشهد لها بالإيمان، ويأتي هذا "المفتي" المذكور في السؤال ويفتي بشرك من تقول بذلك!!
نسأل الله العافية والسلامة
اللهم ثبت قلوبنا على دينك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/117)
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[05 - 10 - 08, 02:07 م]ـ
، وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْحَنْبَلِيِّ يَقُولُ: إنْ لَمْ يَكُنْ اللَّهُ عَلَى الْعَرْشِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَعَكَسَ الْأَشْعَرِيُّ.
فَقَالَ: إنْ أَرَادَ الْحَنْبَلِيُّ الْمَعْنَى الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ
ا. هـ.
هذا فيه رد على قول المفوضة بأن معنى آيات الصفات ومنها الإستواء غير معلومة.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[18 - 12 - 08, 12:14 م]ـ
فكل من يريد في العصور الماضية الحصول على جواز مرور في الأوساط العلمية كان لا بد له من إعلان عدم المعارضة للعقائد الأشعرية وإلا فتحت عليه نيران النقد وتهمة " معاداة الأشعرية " وحرم الوظائف وهرب منه الطلاب حتى إنه سوف يطارد في كتب التراجم.
هذا ما ظهر لي أيضا
والله المستعان
ـ[أبو عبد الرحمن بن حسين]ــــــــ[18 - 12 - 08, 03:37 م]ـ
وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْحَنْبَلِيِّ يَقُولُ: إنْ لَمْ يَكُنْ اللَّهُ عَلَى الْعَرْشِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَعَكَسَ الْأَشْعَرِيُّ.
فَقَالَ: إنْ أَرَادَ الْحَنْبَلِيُّ الْمَعْنَى الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ
يقصد بقوله (المعنى) اللفظ في القرآن و ليس الحقيقة و لا يثبت الإستواء و الله أعلم
هذا فيه رد على قول المفوضة بأن معنى آيات الصفات ومنها الإستواء غير معلومة.
الخطيب الشربيني أشعري فيما رأيت فقد قال في مقدمة مغني المحتاج هذا: (الرَّحْمَةُ لُغَةً: رِقَّةٌ فِي الْقَلْبِ تَقْتَضِي التَّفَضُّلَ وَالْإِحْسَانَ، فَالتَّفَضُّلُ غَايَتُهَا، وَأَسْمَاءُ اللَّهِ - تَعَالَى - الْمَأْخُوذَةُ مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ إنَّمَا تُؤْخَذُ بِاعْتِبَارِ الْغَايَاتِ الَّتِي هِيَ أَفْعَالٌ دُونَ الْمَبَادِئِ الَّتِي تَكُونُ انْفِعَالَاتٍ، فَرَحْمَةُ اللَّهِ - تَعَالَى - إرَادَةُ إيصَالِ الْفَضْلِ وَالْإِحْسَانِ أَوْ نَفْسُ إيصَالِ ذَلِكَ)
النبي صلى الله عليه وسلم امتحن الجارية وكان جوابها القول بـ"الجهة" فشهد لها بالإيمان، ويأتي هذا "المفتي" المذكور في السؤال ويفتي بشرك من تقول بذلك!!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(فيقال أولا لفظ الجسم و الحيز و الجهة الفاظ فيها اجمال وابهام وهى ألفاظ اصطلاحية وقد يراد بها معان متنوعة ولم يرد الكتاب والسنة فى هذه الالفاظ لا بنفى ولا اثبات ولا جاء عن أحد من سلف الأمة وأئمتها فيها نفى ولا اثبات أصلا فالمعارضة بها ليست معارضة بدلالة شرعية لا من كتاب ولا من سنة ولا اجماع بل ولا أثر لا عن صاحب او تابع ولا امام من المسلمين بل الأئمة الكبار أنكروا على المتكلمين بها وجعلوهم من أهل الكلام الباطل المبتدع وقالوا فيهم أقوالا غليظة معروفة عن الأئمة كقول الشافعى رحمه الله حكمى فى أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال ويطاف بهم فى القبائل والعشائر ويقال هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام
وبالجملة فمعلوم أن الألفاظ نوعان
لفظ ورد فى الكتاب والسنة او الاجماع فهذا اللفظ يجب القول بموجبه سواء فهمنا معناه أو لم نفهمه لأن الرسول لا يقول الا حقا والأمة لا تجتمع على ضلالة والثانى لفظ لم يرد به دليل شرعى كهذه الالفاظ التى تنازع فيها هل الكلام والفلسفة هذا يقول هو متحيز وهذا يقول ليس بمتحيز وهذا يقول هو فى جهة وهذا يقول ليس هو فى جهة وهذا يقول هو جسم أو جوهر وهذا يقول ليس بجسم ولا جوهر فهذه الالفاظ ليس على أحد أن يقول فيها بنفى ولا اثبات حتى يستفسر المتكلم بذلك فان بين أنه اثبت حقا أثبته وان أثبت باطلا رده وان نفى باطلا نفاه وان نفى حقا لم ينفه وكثير من هؤلاء يجمعون فى هذه الاسماء بين الحق والباطل فى النفى والاثبات
فمن قال انه فى جهة وأراد بذلك أنه داخل محصور فى شىء من المخلوقات كائنا من كان لم يسلم اليه هذا الاثبات وهذا قول الحلولية
وان قال أنه مباين للمخلوقات فوقها لم يمانع فى هذا الاثبات بل هذا ضد قول الحلولية
ومن قال ليس فى جهة فان أراد أنه ليس مباينا للعالم ولا فوقه لم يسلم له هذا النفى) مجموع الفتاوى 5 - 298
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[19 - 12 - 08, 04:07 م]ـ
يقصد بقوله (المعنى) اللفظ في القرآن و ليس الحقيقة و لا يثبت الإستواء و الله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/118)
الخطيب الشربيني أشعري فيما رأيت فقد قال في مقدمة مغني المحتاج هذا: (الرَّحْمَةُ لُغَةً: رِقَّةٌ فِي الْقَلْبِ تَقْتَضِي التَّفَضُّلَ وَالْإِحْسَانَ، فَالتَّفَضُّلُ غَايَتُهَا، وَأَسْمَاءُ اللَّهِ - تَعَالَى - الْمَأْخُوذَةُ مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ إنَّمَا تُؤْخَذُ بِاعْتِبَارِ الْغَايَاتِ الَّتِي هِيَ أَفْعَالٌ دُونَ الْمَبَادِئِ الَّتِي تَكُونُ انْفِعَالَاتٍ، فَرَحْمَةُ اللَّهِ - تَعَالَى - إرَادَةُ إيصَالِ الْفَضْلِ وَالْإِحْسَانِ أَوْ نَفْسُ إيصَالِ ذَلِكَ)
لم أقصد أنه على عقيدة السلف الصالح
فأنا لا أعرف عقيدة الشربيني رحمه الله
قلت بأن كلامه رد على القول بتفويض المعنى (أن المعنى غير معلوم)
فمن الأشاعرة من يرى التأويل ويرفض تفويض المعنى
وهناك من يأخذ بتفويض المعنى ويرى أنها عزيمة، ويقول بأن التأويل رخصة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(فيقال أولا لفظ الجسم و الحيز و الجهة الفاظ فيها اجمال وابهام وهى ألفاظ اصطلاحية وقد يراد بها معان متنوعة ولم يرد الكتاب والسنة فى هذه الالفاظ لا بنفى ولا اثبات ولا جاء عن أحد من سلف الأمة وأئمتها فيها نفى ولا اثبات أصلا فالمعارضة بها ليست معارضة بدلالة شرعية لا من كتاب ولا من سنة ولا اجماع بل ولا أثر لا عن صاحب او تابع ولا امام من المسلمين بل الأئمة الكبار أنكروا على المتكلمين بها وجعلوهم من أهل الكلام الباطل المبتدع وقالوا فيهم أقوالا غليظة معروفة عن الأئمة .... الخ
أنا لم أثبت لفظ الجهة ولو ركزت عند قراءتك لكلامي لرأيت أنني وضعت كلمة الجهة بين علامتي التنصيص " ... ".
كان قصدي بها الإعتقاد بالفوقية (أن الله فوق عرشه فوق سماواته) وليس المقصود اثبات لفظ الجهة.
فعندما يقول أهل البدع (يعتقدون الجهة) يعنون بذلك الإعتقاد أن الله فوق خلقه حقيقةً
فقولي أن الجارية قالت بـ"الجهة" يعني أنها قال بأن الله في العلو (في السماء)، والذي ينكره أهل البدع.
ولم أقصد أنها قالت "الله في جهة".
فالمقصود هو المعنى وليس اللفظ.
أرجو أن يكون مقصودي قد اتضح.
ـ[أبو عبد الرحمن بن حسين]ــــــــ[20 - 12 - 08, 05:12 ص]ـ
أنا لم أثبت لفظ الجهة ولو ركزت عند قراءتك لكلامي لرأيت أنني وضعت كلمة الجهة بين علامتي التنصيص " ... "
عهدي بعلامات التنصيص أنها تكون للتنبيه و البيان
كان قصدي بها الإعتقاد بالفوقية ...
فقولي أن الجارية قالت بـ"الجهة" يعني أنها قال بأن الله في العلو (في السماء)، والذي ينكره أهل البدع ...
ولم أقصد أنها قالت "الله في جهة" ...
قال شيخ الإسلام: ... وهذا يقول هو فى جهة وهذا يقول ليس هو فى جهة وهذا يقول هو جسم أو جوهر وهذا يقول ليس بجسم ولا جوهر فهذه الالفاظ ليس على أحد أن يقول فيها بنفى ولا اثبات حتى يستفسر المتكلم بذلك فان بين أنه اثبت حقا أثبته وان أثبت باطلا رده وان نفى باطلا نفاه وان نفى حقا لم ينفهو قد أوضحت قصدك أخيراً و الحمد لله(100/119)
توسعة حوض وشاخص الجمرات ما مستندها الشرعي ظ
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[16 - 08 - 08, 08:43 م]ـ
هذا ما قاله لي أحد طلاب العلم فهل أحد من الأخوان عنده شئ يفيدنا فيه
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[18 - 08 - 08, 01:55 ص]ـ
يا طلاب العلم هل من جواب(100/120)
جواب المحدث حاتم الشريف عن صحة الأحاديث الواردة في ليلة النصف من شعبان
ـ[العوضي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 09:38 م]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
جواب الشّيخ المحدّث حاتِم الشّريف
عَن صحّة الأحاديث الواردة في فضل ليلة النّصف من شعبان
وحكم تخصيصها بعبادة
http://www.archive.org/download/shareef/sha3baan.doc
pdf :
http://www.archive.org/download/shareef/sha3baan.pdf
صفحة الملف:
http://www.archive.org/details/shareef
أخُوكُم المُحبّ
سَلمَانُ بْنُ عَبْدِ القَادِرِ أبُوْ زَيْدٍ(100/121)
مسجد النجاشي بالحبشة , هل صح فيه شئ؟؟
ـ[أبو أسامه المهاجر]ــــــــ[17 - 08 - 08, 12:15 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياأفاضل , إثيوبية تقول لإحدى قريباتي بأنهم في اثيوبيا يسمعون من آبائهم بأن الصلاة في مسجد النجاشي رحمه الله تعدل حجة او عمرة مع النبي صلى الله عليه وسلم!!
فهل صح شئ في مسجد النجاشي؟؟
أريد الإجابة عاجلاً وللضرورة رعاكم المولى(100/122)
حدث هذه الليلة خسوف للقمر فلا تنسوا الصلاة معشر المؤمنين
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[17 - 08 - 08, 01:26 ص]ـ
وكالة الأنباء الكويتية - كونا
--------------------------------------------------------------------------------
الرياض: يشاهد مساء اليوم في المملكة العربية السعودية الظاهرة الفلكية المتمثلة في الخسوف الجزئي للقمر. (بعد مشيئة الله تعالى)
وقال رئيس قسم الفيزياء في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور علي الشكري في تصريح لصحيفة (الوطن) السعودية اليوم ان السبب وراء الخسوف الجزئي للقمر هو مرور القمر في ظل الأرض اثناء دورانه حولها لوقوعها في تلك الفترة بين القمر والشمس أي أن الأرض تقوم بحجب أشعة الشمس عن القمر.
وأضاف الشكري انه بالامكان رؤية الخسوف الجزئي للقمر في القارة القطبية الجنوبية واستراليا ما عدا نيوزيلندا واسيا ما عدا الجزء الشرقي منها وأوروبا وافريقيا وأمريكا الجنوبية ما عدا الجزء الشمالي الشرقي منها.
وأوضح الشكري أن هذا الخسوف سيكون الخسوف الثاني والأخير للقمر في العام الحالي حيث شهدت عدد من الدول خسوفا كليا للقمر في ال21 من شهر فبراير الماضي.
بعض مسائل الخسوف والكسوف للشيخ خالد الهويسين ( http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?t=128029&highlight=%C7%E1%CE%D3%E6%DD)
فلا تنسوا الصلاة بارك الله فيكم
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[17 - 08 - 08, 01:36 ص]ـ
صور متعددة لخسوف القمر الجزئي نقلا عن بعض الإخوة في فلسطين المحتلة
http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/attachment.php?attachmentid=59061&stc=1&d=1218922199
http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/attachment.php?attachmentid=59062&stc=1&d=1218922460
http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/attachment.php?attachmentid=59063&stc=1&d=1218922460
http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/attachment.php?attachmentid=59064&stc=1&d=1218922460
http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/attachment.php?attachmentid=59065&stc=1&d=1218922460
ـ[صالح العقل]ــــــــ[17 - 08 - 08, 01:39 ص]ـ
عدد الكسوفات في العهد المدني ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=145903)
ـ[صالح العقل]ــــــــ[17 - 08 - 08, 01:49 ص]ـ
معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: " يخوف الله بهما عباده " ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=38911)
ـ[محمد العوني]ــــــــ[17 - 08 - 08, 01:49 ص]ـ
اللهم اغفر لنا و أرحمنا يا ذا الجلال والإكرام
ـ[ابو عاصم النبيل]ــــــــ[17 - 08 - 08, 01:56 ص]ـ
غفرانك ربنا
{اللهم أنت ربنا لا إله إلا أنت خلقتنا ونحن عبيدك ونحن على عهدك ووعدك ما استطعنا نعوذ بك من شر ما صنعنا نبوء لك بنعمتك علينا ونبوء لك بذنوبنا فاغفر لنا فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت}
__________________(100/123)
حقيقة الرجل الأول ((رجل العصر الحجري)) ... [دعوة للمشاركة]
ـ[أبو أيوب السليمان]ــــــــ[17 - 08 - 08, 08:53 ص]ـ
حقيقة الرجل الأول ((رجل العصر الحجري))
الحمد لله وحده، وبعد:
فلو نظرنا إلى ما جاء في كتاب الله لوجدنا أن أول من نزل من البشر على الأرض هو آدم وحواء عليهما السلام قال الله تعالى (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ)
ومنه خرج البشر، قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً)
وآدم قد فضله الله على الملائكة بتعليمه الأسماء كلها، فقال تعالى (وعَلَّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ كُلَّهَا) يقول العلامة السعدي رحمه الله: " أي: أسماء الأشياء، وما هو مسمى بها، فعلمه الاسم والمسمى، أي: الألفاظ والمعاني، حتى المكبر من الأسماء كالقصعة، والمصغر كالقصيعة. "
فآدم لم ينزل في مكان لا يعرفه، بل علمه الله الأسماء كلها، وهكذا أبناؤه وذريته تعلموا منه.
وهنا يأتي السؤال: متى كان الرجل الأول؟ هل هو قبل آدم؟ أم بعده؟
فإن قلنا قبل آدم، فالقرآن يكذب هذا إذ أن آدم أبو البشر ولم يكن قبله أحد.
وإن قلنا بعده، فظاهر القرآن يكذب هذا أيضا إذ أن آدم نزل وقد علمه الله ما في الأرض من مسميات ولا يخفى عليه منها شي.
فالذي يظهر لي والعلم عند الله: أن ما يقال عن الرجل الأول وجهله وبساطته إنما هي من تحليات علماء الغرب المبنية على عقائدهم الفاسدة والتي لا يصدقها الكتاب والسنة.
أما بالنسبة للأحافير وعلمها ووجود بقايا لحيوانات كبيرة جدا كانت موجودة على الأرض وهي ما تعرف بالديناصورات، فهذه ثبوتها لا يتعارض مع الكتاب والسنة، فقد تكون موجودة قبل آدم أو بعده ولا إشكال.
بحثت عن كلام لأهل العلم في هذا ولم أجد إلا القليل
فآمل من الإخوة الأفاضل التعقيب والمشاركة والإفادة
رزقنا الله وإياكم الحسنى وزيادة
والله تعالى أعلم.
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 01:10 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=142903
ـ[أبو أيوب السليمان]ــــــــ[17 - 08 - 08, 10:53 م]ـ
جزاك الله خيرا
بعض الروابط فيما ذكرت أشارت إلى الموضوع
لكني ما زلت أرغب بكلام وبحوث أهل العلم حول هذه المسألة
ـ[أبو أيوب السليمان]ــــــــ[20 - 08 - 08, 08:33 م]ـ
ألا يتفضل علينا الأخوة بالنقل عن أهل العلم أو التعليق
ـ[مصطفى الشقيري]ــــــــ[21 - 08 - 08, 03:50 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحد الشيوخ المصريين سمعته في إحدى خطب الجمعه يقول إذا كان آدم طوله ستون ذراعا في السماء فهل يعقل أنه كان يركب الحصان الذي في زماننا الذي طوله ذراعان؟
إن حصان زماننا سيكون بمثابة الفأر تحت رجلي آدم , فالحصان الذي يركبه يجب أن يكون مقاربا ومناسبا لطوله - أي طول آدم -
:لقول الله عز وجل
{والخيل والبغال والحمير لتركبوها}
وعليه فإن الحفريات الضخمة التي يجدونها اليوم ويسمونها بالديناصورات قد تكون ما هي إلا الحيوانات التي نعرفها اليوم من الأبراص والسحالي والزواحف والتي كانت ساعتها بأحجامها الضخمة المناسبة لبيئتها
وهذا اعتمادا على الحديث من أن الخلق ما زال ينقص إلى الآن
إلى هنا انتهى نقل كلامه بالمعنى
والله أعلم
ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[21 - 08 - 08, 05:52 م]ـ
صحيح حتى أنه في آخر الزمان تعود للأرض بركتها فتكفي اللقحة الواحدة الفئام من الناس
ـ[ابن المهلهل]ــــــــ[22 - 08 - 08, 03:43 ص]ـ
أوافقك أبا أيوب تماما
ـ[أبو أيوب السليمان]ــــــــ[22 - 08 - 08, 07:42 ص]ـ
أخي مصطفى الشقيري
أخي أبا عبدالرحمن بن أحمد
أخي ابن المهلهل
بوركتم جميعا على مروركم ومشاركتم
ـ[أبي يحيى المكاوي]ــــــــ[22 - 08 - 08, 11:26 ص]ـ
الحمد لله وكفى وصلاةً وسلاما على نبينا الذي اصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
وبعد فإن ذلك الخلل الذي إجتاح العقل البشري والذي تزعمه المقبوح داروين بنظرية التطور المشئومة الذي أثبت الشرع والعلم الحديث معا كذبها وفضح الله أمرها في كتابه , وبين للناس الآيات من بعد ذلك ليتفكروا فسبحانه ما خلق هذا باطلا
أولا: زعم هذا المقبوح زورا وبهتانا أن الإنسان كان أصله من نوعٍ خاص من القردة نسميه في الحفريات homo erectus ثم تطور بعد ذلك إلى الإنسان والذي هو ال homo sapienas sapienas بتكرار الأخير وهذا والذي نفسي بيدي زورا وبهتانا فهولاء السذج من الكائنات لم يكونوا من أبائنا ولا ينبغي لهم بل هم أنواع من القردة المتقدمة في تكوينها العقلي , والدليل على ذلك الإنقطاع الزمني بين هؤلاء وبينا ظهور جنس البشر على سطح الأرض مما هو معلوم لدي علماء التكوينات الأرضية ولكن الله يهدي من يشاء و يضل من يشاء فسبحان الله رب العالمين.
أما أخواني عن حديثكم عن الديناصورات فليس من الصحيح مطلقا أنهم كانوا موجودين في بدء زمان الإنسان على الأرض فلقد ظهرت فى عصر ال traissic وانتشرت في عصر ال jurrasic ثم أستبدلهم الله من على الأرض في العصر الجيري وذلك يفصل عن ظهور الإنسان ملايين السنيين والله تعالى أعلم
وبهذا بتضح للعيان أن هؤلاء ممن سكنوا الأرض قبلنا ولم يكونوا من جنسنا ولا كرم الله أباهم كما كرم آبانا فخلقه بيده و أسجد له ملائكته فلله الحمد على ذلك حمدا كثيرا مباركا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/124)
ـ[عصام فرج محمد مدين]ــــــــ[23 - 08 - 08, 02:46 ص]ـ
بارك الله فيكم وللاسف ليس الغرب فقط اصحاب هذه الخرافات ولكن عندنا مؤلف كتاب ابى ادم ينسج على منوالهم الا ان وقفة العلماء لهم اخرستهم والحمد لله رب العالمين.
ـ[أبو أيوب السليمان]ــــــــ[25 - 08 - 08, 06:53 ص]ـ
بارك الله فيكم على المرور والمشاركة(100/125)
فوائد منتقاة من شرح الشيخ الزامل على الأربعين التيمية
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[17 - 08 - 08, 02:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فهذه بعض الفوائد المنتقاة من شرح فضيلة الشيخ عبد المحسن بن عبد الله الزامل وفقه الله على كتاب الأربعين التي رواها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بسنده، وقد بدأ الشيخ بشرحها يوم السبت 15/ 8/1429.
وهذه الرسالة موجودة في مجموع الفتاوي، وطبعت مفردة بتحقيق الشيخ الفاضل: محمد بن ناصر العجمي.
وكان شرح الشيخ للمتون دون الأسانيد، وإن كان قد عرج على بعض الأسانيد صحة وضعفا.
ملاحظة: الفوائد مدونة بالمعنى القريب لا باللفظ المحقق.
قال الشيخ: حرص أهل العلم رحمهم الله على جمع أربعينات من الأحاديث النوبية وعمدتهم في ذلك الأحاديث العامة الواردة في فضل حفظ السنة وتبليغها، والحديث الوارد في ذلك لا يصح.
- من الأربعينات كتب موضوعة كالأربعين الودعانية التي جمعها أبو نصر محمد بن علي ابن ودعان الموصلي، وهو شخص متهم، وجزم أبو طاهر السلفي بكذبه.
- قال شيخ الإسلام (ونشهد ألا إله إلا الله).
قال شيخنا: الوارد في الرواية: أشهد، وهو الأصح؛ لأن الشهادة لا تدخلها النيابة، بخلاف الدعاء والاستغفار وغيرهما من العبادات.
- قال شيخ الإسلام (بالهدى ودين الحق).
قال شيخنا: الهدى العلم النافع، ودين الحق: العمل الصالح.
- قال شيخ الإسلام: (وعلى آله وصحبه).
قال شيخنا: آله أزواجه وبنو هاشم.
- من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به بعد موته فلا يسمى صحابيا، ولا يعلم من حصل له ذلك إلا أبا ذؤيب الهذلي، فقد قدم المدينة ورأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو ميت.
الحديث الأول:
عن البراء ابن عازب قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأحرمنا بالحج قال: فلما قدمنا مكة قال: (اجعلوا حجكم عمر) ة قال: فقال الناس: يا رسول الله قد أحرمنا بالحج فكيف نجعلها عمرة؟. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (انظروا الذي آمركم به فافعلوا) قال: فردوا عليه القول فغضب ثم انطلق حتى دخل على عائشة رضي الله عنها غضبان فرأت الغضب في وجهه فقالت: من أغضبك أغضبه الله؟ قال: (ومالي لا أغضب وأنا آمر بالأمر ولا أتبع).
قال شيخنا: مسألة فسخ الحج إلى العمرة اختلف فيها أهل العلم فمنهم من أوجبها وهو ابن عباس وتبعه ابن القيم، ومنهم من حرمها وهم الجمهور، ومنهم من استحبها وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
وصورتها أن المفرد إذا طاف وسعى ثم أراد أن يقلب نسكه تمتعا فإنه يقصر أو يحلق بنية التحلل، فينقلب طوافه وسعيه عمرةً، ثم يكمل بقية أنساك حج التمتع. وهذا من غرائب الحج، فالنية لا تنقلب بعد الفراغ من العمل إلا في هذه المسألة.
- قال سلمة بن شبيب للإمام أحمد: يا أبا عبد الله! كل أمرك عندي حسن إلا خلة واحدة. قال: وما هي؟ قال تقول بفسخ الحج إلى العمرة. فقال: يا سلمة كنت أرى لك عقلا، عندي في ذلك أحد عشر حديثا صحاحا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أأتركها لقولك؟
يتبع بعون الله ...
ـ[صخر]ــــــــ[17 - 08 - 08, 04:22 م]ـ
ماشاء الله ..
أخي الكريم أين أجدها في الشبكة .. (أعني الأربعين) ...
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[17 - 08 - 08, 06:23 م]ـ
بوركت أخي صخر!
انظر هنا:
حمل: أربعون حديثا مخرجة عن كبار مشيخة الحافظ شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله.
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=8951
أربعون حديثا مخرجة عن كبار مشيخة شيخ الإسلام ابن تيمية مع السماعات الملحقة.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=691123
رابط التحميل لم يعمل معي!
سلسلة التعريف بالأجزاء الحديثية المطبوعة: ((9)): الأربعون حديثا لابن تيمية رحمه الله.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=108357
ـ[صخر]ــــــــ[17 - 08 - 08, 06:30 م]ـ
عسلك الله أخي الحبيب!
ـ[محمد العوني]ــــــــ[17 - 08 - 08, 07:48 م]ـ
جَزَاكَ اللهُ خيراً، ونفعَ بك
ـ[أبو معاذ باوزير]ــــــــ[18 - 08 - 08, 06:19 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل أبا المقداد وجعله في ميزان حسناتك وجزى الله الشيخ الفاضل عبدالمحسن خير الجزاء وجعل مايقدم في موازين حسناته يوم يلقاه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/126)
لازلتم مباركين ياأعضاء الملتقى.
ـ[أبو معاذ باوزير]ــــــــ[19 - 08 - 08, 02:16 م]ـ
أخي أبا المقداد أكمل ودع عنك التواني والكسل.
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[19 - 08 - 08, 06:28 م]ـ
شيخنا الهاشمي! ها قد أكملت وَوَدَعْتُ التواني والكسل.
الحديث الثاني:
عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي فنظرت فإذا هو نور ساطع عمد به إلى الشام ألا إن الإيمان - إذا وقعت الفتن – بالشام.
قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إني رأيت) في رواية: (بينا أنا نائم) فبينت هذه الرواية أن الرؤية منامية.
* لا يحصل قيام أمر الدين بوجود الكتاب فقط، بل لابد من قيام أهل العلم به.
الحديث الثالث:
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدعى نوح يوم القيامة فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد فيقال لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته. فذلك قوله: ? وكذلك جعلناكم أمة وسطا ?. قال: الوسط العدل.
* هذا من باب إقامة الحجة على قومه، وإلا فالله يعلم ما كان من نوح عليه السلام.
(قال: الوسط العدل) هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وليس بمدرج، ومن فسره بالوسط الذي بين الطرفين فتفسيره صحيح.
الحديث الرابع:
عن أنس: أن الربيع بنت النضر عمته لطمت جارية فكسرت سنها فعرضوا عليهم الأرش فأبوا فطلبوا العفو فأبوا فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم بالقصاص فجاء أخوها أنس بن النضر فقال: يا رسول الله انكسر سن الربيع؟ والذي بعثك بالحق لا تكسر سنها - قال: - يا أنس كتاب الله القصاص فعفا القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره.
* جاء في رواية أن التي كَسَرت أخت الربيع وأن التي أقسمت الربيع والصواب ما هنا.
الحديث السادس:
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.
* جمهور العلماء على أن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم من كبائر الذنوب، واختار الجويني الأب أنه كفر.
* جاء عند البزار: من كذب علي ليضل الناس. وهذا لا مفهوم له.
الحديث السابع:
عن أنس بن مالك قال: عطس عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلان فشمت - أو فسمت - أحدهما ولم يشمت الآخر - أو فشمته ولم يشمت الآخر - فقيل: يا رسول الله عطس عندك رجلان فشمت أحدهما ولم تشمت الآخر - أو فسمته ولم تسمت الآخر - فقال: إن هذا حمد الله فشمته وأن هذا لم يحمد الله فلم أشمته.
* زيادة (رب العالمين) ثابتة.
* (سمته) سلك به السمت الحسن.
* (شمته) أزال عنه الشماتة، وقيل: هما بمعنى.
* قال ابن القيم بوجوب تشميت العاطس.
* إذا علمت أنه حمد الله لكون ذلك من عادته أو لكونه من أهل العلم، لكنك لم تسمعه، فهل تشمته؟ الأظهر أنه يشمت بناء على غلبة الظن.
الحديث الثامن:
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: آية المنافق ثلاثة: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان.
* الديانة قائمة على القول والفعل والنية، ففساد القول بالكذب، وفساد الفعل بالخيانة، وفساد النية بخلف الوعد.
* قال الحسن: ما خافه إلا مؤمن وما أمنه إلا منافق (يعني النفاق). رواه البخاري تعليقا.
الحديث التاسع:
عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين وعن لبستين: أن يلبس الرجل الثوب الواحد ويشتمل به ويطرح أحد جانبيه على منكبه ويحتبي في الثوب الواحد. وأن يقول: انبذ إلي ثوبك وأنبذ إليك ثوبي من غير أن يقلبا.
* العلة عن النهي خشية انكشاف العورة.
* (الحبوة) مثلثة، ويقال: هي حيطان العرب؛ لأن الجالس على تلك الهيئة كأنه متكئ على حائط.
الحديث العاشر:
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أعتق رقبة أعتق الله عز وجل بكل عضو منها عضوا منه من النار حتى فرجه بفرجه.
* العتق: التخليص، يقال عتق الطائر إذا تخلص، وعتق الفرخ إذا طار.
* عتق الرجل أفضل من عتق المرأة، لكن قد يعرض للمفضول ما يجعله فاضلا.
* المرأة على النصف من الرجل في: 1 - الميراث 2 - الشهادة 3 - العقيقة 4 - الدية 5 - العتق.(100/127)
كيف كانت تربية الإمام ابن باز رحمه الله في بيته لعائلته وأقاربه؟
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 04:58 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
وبعد، فرحم الله الإمام ابن باز رحمةً واسعةً، وأسكنه فسيح جنّاته، فهو ممّن تميّز بالخلال الحميدة، والخصال الرشيدة، وجميل الأخلاق، وطيب الفعال، وعظيم التواضع، وهو ممّن يُقتدى به في الأدب والعلم والأخلاق، وفي تصرّفاته وسمته وهديه المبني على كتاب الله العظيم وسنّة رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الكريم، وخاصة في زهده وعبادته وأمانته وصدقه وكثرة التجائه وتضرّعه إلى الله عزّ وجلّ، وعظيم خشيته لله، وزكاء فؤاده، وسخاء يده، وطيب معشره، مع اتّباعه للسنّة الغرّاء، وكثرة عبادته، رحمه الله وجعل الفردوس مثواه.
وعبرةً لنفسي ثم لإخواني وأخواتي في الله، سأتكلّم عن هدي الإمام رحمه الله مع أفراد أسرته وأقاربه، وذلك بنقل بعض أقوالهم عنه التي ذُكِرَت في كتاب " موسوعة إمام المسلمين في القرن العشرين " (1/ 24 - 66/ ط. مؤسسة الريّان).
والشيخ رحمه الله توفّي عن زوجتين:
- أم عبد الله (الأولى).
- وأم أحمد (الثانية)، وقد أصرّت زوجته الأولى أن يتزوّج الثانية لعدم مقدرتها على خدمته بعد أن كبر سنّها.
وللشيخ أربعة أولاد:
- عبد الله (وبه يُكنّى) وعبد الرحمن، من زوجته أم عبد الله.
- وأحمد وخالد، من زوجته أم أحمد.
وله ست بنات: سارة، هند، مضاوي، جوهرة، هياء، نوف.
وجميع بناته متزوّجات، وما يُنقل عنه أن أصغر بناته تُسَمّى ندى أو هدى وقد مضى من عمرها عشر سنوات فغير صحيح.
وسأبدأ بذكر بعض أقوال أسرته وأقاربه مستعيناً بالله عزّ وجلّ:
- الابن الأكبر عبد الله
سؤال: رغم انشغال سماحته، كيف كان يختار الوقت المناسب لأفراد أسرته وأبنائه وأحفاده؟
حقيقة، كان رحمه الله يخصّص يومين في الأسبوعين، منه يوم واحد للرجال من أبنائه وأحفاده وعائلته من أسرته رحمه الله، ويوم آخر للنساء من بناته وزوجاته وحفيداته ونساء عائلته، يجلس معهم جميعاً ويحدّثهم في مختلف الأمور الحياتية والعامة وأمور الدين، ويوجّههم لما فيه الخير والصالح العام لأفراد أسرته، وإذا كان هناك عوائق أو مشاكل عند بعض أفراد الأسرة يتم طرحها على سماحته ويأخذ فيها القرار المناسب، يراعي أسرته الصغيرة مثلما يراعي أسرته المسلمة الكبيرة بدون تمييز أو فوارق، وكان يوازن في كلّ الأمور.
- الابن الثاني عبد الرحمن
سؤال: هل كانت له نصائح خاصة يلقيها عليك أو إلى أيٍّ من أبنائه وبناته؟
كان كثير النصيحة لنا مثل كل الذين يقابلونه، وتنصب على الجانب الديني، ويركّز على الاهتمام بالصلاة وطلب العلم للعلم.
سؤال: كيف كان ينظر لتعليم بناته؟
الحمد لله، كل بنات الشيخ وحفيداته حصلن على التعليم الكافي وبعضهن تجاوز المرحلة الجامعيّة، وكان حريصاً على تعليمهنّ.
سؤال: كم مرّة حجّ الوالد؟
(60) مرّة.
- الابن الثالث الشيخ أحمد
سؤال: كيف كنتم ترون سماحة الوالد تجاه أخيه وشقيقه الأكبر الشيخ محمد وأولاده؟
الوالد رحمه كان يزوره وعلى اتصال به، فلا يمر يوم أو يومان إلاّ ويزوره رغم مشاغل الوالد رحمه الله، وإذا لم يتمكّن فإنه يتصل عليه بشكل يومي من أي مكان يكون، وكان بينهما الكثير من المحبّة والتقدير.
سؤال: كان أكثر وقته رحمه الله مع الناس، فهل كان يتناول بعض الوجبات مع العائلة؟
لم يكن يتناول مع العائلة أي وجبات إلاّ وجبة العشاء في بعض الأحيان عندما يجمع العائلة في جلسة أسبوعيّة.
- زوجته أم عبد الله
سؤال: لدى سماحة الشيخ زوجتان ... فكيف كان يعدل بينهما؟ وما الطريقة التي اتّبعها في تجميع قلوب الأبناء؟
كان يحرص رحمه الله على العدل دائماً في كل الأمور سواء في النفقة أو المبيت وجميع الأمور، وكذلك في الحج، فكنت أحج معه سنة وهي سنة وهكذا، أما الأبناء فكان يشجّعهم دائماً على التواصل وزيارة بعضهم بعضاً ويحثهم على ذلك دائماً.
- زوجته أم أحمد
سؤال: في الاجتماع الأسري، هل كان سماحة الوالد يتناول قضايا أسريّة خاصّة أم قضايا اجتماعيّة ودينيّة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/128)
عادة في الاجتماعات الأسريّة، كان يطلب من أولاده قراءة القرآن ثم يشرع في تفسير ما يتيسّر من الآيات، ثم بعد ذلك يعرضون عليه ما يشكل عليهم من أسئلة واستفسارات ونحو ذلك.
- ابنته الكبرى سارة
سؤال: من ضمن المواقف التربوية الكثيرة التي تلقّيتيها من سماحة الوالد، هل تذكرين موقفاً تربويًّا أثّر فيك وتحاولين تطبيقه على أبنائك؟
لا يمكن تحديد موقف تربوي معيّن، حيث إن حياته معنا - غفر الله له - كانت كلّها عبارة عن تربية وتوجيه، لكن من أهم ما يُذكر هنا حرصه على توجيهنا للمحافظة على الصلاة في أوقاتها منذ سن مبكرة، ومداومته على متابعتنا في ذلك والتزامنا به صغاراً وكباراً، وقد حرصتُ على تربية أبنائي على نفس المنهج - ولله الحمد -، وقد تمكّنتُ بفضل الله من ذلك، فأصغر أبنائي عبد العزيز وعمره الآن تسع سنوات لا يفوته بإذن الله فرض منذ سنتين تقريباً.
- ابنته جوهرة
سؤال: ما طريقة سماحة الوالد في أمركن بالصلاة وأنتنّ صغار، ومنذ أي سن يبدأ بإيقاظكن لصلاة الفجر؟
بدأ في سن السابعة، أمر بها باستمرار ويتحدّث عن فضلها ويحذّر دائماً من إهمالها أو تأخيرها، ويقول إذا أخّرتها كأنّي تركتها، أذكر أنني كنتُ صغيرة ونسيتُ أداء صلاتَي الظهر والعصر، فلمّا علم غضب كثيراً وقال لي: (تعوّدي إذا سمعتِ الأذان أن تهبّي لأداء الصلاة، وإن لم تنتبهي للوقت اسألي النساء لتعرفي الوقت).
وإذا صار عمرنا تقريباً تسع سنوات يبدأ بإيقاظنا لصلاة الفجر، يمرُّ علينا كلّنا واحداً واحداً، يوقظنا وهو يردِّد أذكار الاستيقاظ من النوم ويهلِّل ويقول لنا: (قُل كذا وكذا)، فيكرّر على مسامعنا الأذكار، ثم يذهب قليلاً ويرجع مرّة أخرى للتأكّد أننا استيقظنا، ولمّا صار عندنا هاتف فيه توصيل داخلي، أصبح يكلِّم كلّ واحد بغرفته ليوقظه لصلاة الفجر، حتى أخي المتزوّج الذي يسكن بجوارنا يتصل عليه.
سؤال: وماذا عن الحجاب واللباس؟
كنا نلبس العباءات في سنٍّ مبكرة - العاشرة تقريباً - .. وكان يحرص على أن تكون العباءة سميكة ولا تشف، ويذكّرنا بهذا باستمرار، ولمّا كبرنا كان يحذِّرنا دائماً من موديلات العباءات غير الساترة، واللباس كان يحب الثياب الطويلة ذات الأكمام الطويلة، ولمّا كانت والدتي في حالات قليلة تحضر لنا ثياباً أكمامها قصيرة ونحن صغار ينزعج منها ويطلب منها أن تنتبه وتجعل أكمامها طويلة، حتى قبيل وفاته رحمه الله كان أثناء سلامنا عليه أو حينما تمسك إحدانا بيده لتوصيله فكان يلمس يدها ليرى طول كمّها، فإن رآه قصيراً نصحها بالسّتر.
سؤال: في حال صدور ما لا يرضيه من قول أو فعل من أحدكن وأنتنّ صغار، كيف كان يعاقبه على هذا؟
كانت شخصيّته قويّة وكنا نحسب لها حساباً كبيراً فلا نحب فعل أو قول ما يغضبه، فإذا حصل خطأ أتى بالمخطئ فأخبره بما صدر منه وعلّمه ما ينبغي له، وكانت تظهر عليه علامات الغضب في حال كهذا، ولا أذكر أنه ضربنا ألبتة، لم يكن يضرب، بل يعلِّم بالكلام.
سؤال: من ضمن المواقف التربويّة الكثيرة التي تلقّيتيها من سماحة الوالد، هل تذكرين موقفاً تربويًّا أثّر فيكِ وتحاولين تطبيقه على أبنائك؟
من ضمن المواقف التي أذكرها عندما كنتُ صغيرة، كنت أُخطئ في ترتيب طريقة الوضوء للصلاة، واختلفتُ في ذلك مع أحد إخوتي، فأخبر والدي بهذا الموقف، فجمعنا الوالد رحمه الله أنا وأخي وطلب منِّي أن أحضر له أحد كتب الفقه، ثم طلب منِّي أن أفتح على الكتاب على صفة الوضوء، ثم طلب منِّي القراءة، وعندما قرأتُ في الكتاب اتّضح لي خطئي في ترتيب الوضوء، فقال: هل عرفتِ الآن؟ فقلتُ: نعم، فقال: الحمد لله، ثم شرح لي صفة الوضوء زيادة في الإيضاح، وهذا يدل على أنه رحمه الله كان حريصاً على تنبيهنا وتشجيعنا على الاطِّلاع والبحث عن جميع المسائل في الكتب الجيدة.
- ابنته الصغرى نوف
سؤال: في معاملته لأبنائه، هل كان يعامل البنات معاملة خاصة؟
كانت معاملته لأبنائه معاملة واحدة لا يميز فيها أحدنا عن الآخر، ولم يفرد البنات رحمه الله بمعاملة خاصة، بل كان عادلاً بيننا في كلّ شيء.
- حفيدته وفاء (بنت ابنته سارة)
سؤال: وأنتن صغار، هل كنتن تشاهدن التلفزيون عند جدّكن؟
لا يوجد في منزل جدّي أيٌّ من وسائل الترفيه المتداولة مثل التلفزيون وغيره.
سؤال: ماذا عن علاقته بنساء العائلة؟
كان لطيفاً ليِّن الجانب وبشوشاً مع الجميع، لديه روح دعابة محبّبة، وكان يرحِّب بجميع النساء الموجودات في اجتماع العائلة الدوري ويسأل عنهن وعن أحوالهن.
- فاطمة (زوجة حفيده وليد بن عبد الله)
سؤال: هل تذكرين موقفاً حدث لك مع سماحة الوالد؟
بعد زواجي بيومين أتيتُ لزيارته في منزله، وعندما سلَّمتُ عليه أمسك بيدي حتى المرفق وكنتُ ألبس كمًّا قصيراً، فنصحني أن ألبس الكمّ الطويل لأنه أستر لي، ثم دعا لي، فهذا الموقف لن أنساه.
- حفيدته مها (بنت ابنته)
سؤال: هل لكِ أن تنقلي لنا بعض المواقف الطريفة في مداعبة أطفاله أو أحفاده؟
كان رحمه الله لطيفاً في مداعبة أطفاله أو أحفاده وأطفال العائلة عموماً، وكان أكثر ما يسألهم عنه أسئلة معيّنة، مثل: من ربّك؟ من نبيّك؟ ما دينك؟ هل تحفظ شيئاً من القرآن؟ ثم يعلِّمهم الإجابة بعد ذلك إذا لم يعرفوها، ولكن كان وقته قصيراً للجلوس معهم بحكم مشاغله الكثيرة.
رحم الله الإمام المربّي القدوة ابن باز رحمةً واسعةً، وحشره مع النبيين والصّدّيقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/129)
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 05:02 م]ـ
أرجو من المشرف الإبقاء على هذه المشاركة المعدّلة،
وحذف المشاركة السابقة من "منتدى السيرة والتاريخ"،
وجزاكم الله خيراً.
ـ[العوضي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 10:15 م]ـ
بارك الله فيك على ما أفدتنا به
ورحم الله الامام ابن باز
ـ[بلال اسباع الجزائري]ــــــــ[20 - 08 - 08, 11:25 م]ـ
رحمه الله رحمة واسعة، بارك الله فيك يا أبا معاوية.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[01 - 03 - 10, 05:48 م]ـ
وفيكم بارك الله.
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[01 - 03 - 10, 05:56 م]ـ
رحمَ الله شيخنا الحبيب " الإمام العلّامة " {سماحة ُ الشيخ ِ ابن باز} تغمده الله
وغفر لابنه الأكبر " عبد الله " ورده إلى الحقِّ ردَّا ً جميلا ًَ.
آمين.
ـ[أبوراكان الوضاح]ــــــــ[02 - 03 - 10, 01:37 م]ـ
بارك الله فيك أخي المكرم أبو معاوية البيروتي ..
رحم الله ابن باز .. قدوة في التربية و الأخلاق ..(100/130)
ما حدود لباس المرأة أمام النساء الأخريات؟
ـ[سعدان]ــــــــ[17 - 08 - 08, 09:04 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حدود لباس المرأة أمام النساء الأخريات, وهل يجوز لها إظهار جزء من صدرها وظهرها أمامهن؟
وهل يصح أن يكرهها الرجل -أخا أو زوجا- بلباس ساتر يستر كل شيء عدا الكفين والوجه والأقدام؟
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[17 - 08 - 08, 09:48 م]ـ
عورة المرأة الحرة أمام المسلمات ( http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?t=41814&highlight=%DA%E6%D1%C9)
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[17 - 08 - 08, 09:49 م]ـ
عورة المرأة أمام المرأة ( http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?t=20523&highlight=%DA%E6%D1%C9)
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[17 - 08 - 08, 09:50 م]ـ
عورة المرأة أمام المرأة (بحث فقهي) ( http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?t=3126&highlight=%DA%E6%D1%C9)(100/131)
ها فعلا السيوطي كتب هذه الرسالة؟
ـ[ابن عبدِ الحميد]ــــــــ[17 - 08 - 08, 10:10 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حيّاكم الله أحبتي جميعا ونفع بكم عندي سؤال وهو: هل فِعْلا السيوطي كتب رسالة سماها {تنوير الحلك بإمكان رؤية النبي والملَك} يدّعي فيها أنه يمكن للإنسان أن يرى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقظة لا مناما، لأنني قرأتُ في كتاب (جماعة العدل والإحسان من الخلافة إلى الخرافة) لمؤلفه الدكتور أبي جميل العلمي السجلماسي، قال في الصفحة 13 من الطبعة الثالثة أن السيوطي كتب هذه الرسالة فماهو ردّكم على ذلك بارك الله فيكم
ـ[عبدالرحيم الجزائري]ــــــــ[17 - 08 - 08, 11:11 م]ـ
هذه الرسالة مشهورة النسبة إلى السيوطي، و قد نسبها له حاجي خليفة في "كشف الظنون" .....
وهي مطبوعة ضمن "الحاوي للفتاوي"
و قد كتبها ردا على السخاوي - أو أصحابه - لأنهم يرون خلاف هذا القول ....
و هي مليئة بالأباطيل و الخرافات، ولذلك يعتمد عليها الصوفية، كما يعتمدون على بعض كتبه الأخرى، كالخصائص الكبرى، و تنبيه الغبي في تبرئة ابن عربي .... ونحوها ...
و للسيوطي - رحمه الله - مزالق أخرى، كقوله بإيمان والدي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد صنف في ذلك رسائل!
و كزعمه - فيما أذكر - أن النبي صلى الله عليه وسلم زاره في بيته، والله المستعان ..
ـ[ابن عبدِ الحميد]ــــــــ[18 - 08 - 08, 01:06 ص]ـ
جزاكَ الله خيرا أخي الحبيبُ وأسأل الله تعالى أن ينفع بك، فأنا اليوم كنتُ أقرأ في كتاب {جماعة العدل والإحسان من الخلافة إلى الخرافة} للدكتور أبي جميل العلَمي السجلماسي، وهذا الكتاب ألفه ردا على هذه الجماعة الضالة الموجودة عندنا في المغرب ومن أقوالهم أنهم يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة ومناما ويستدلون برسالة السيوطي والله المستعان.
على العموم جزاكَ الله خيرا ونفع بك(100/132)
50 إشارة تربوية. لابن الجوزي ...
ـ[الخبوبي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 11:57 م]ـ
50 إشارة تربوية رائعة لابن الجوزي
فرحان العطار
*وقوع الذنب على القلب كوقوع الدهن على الثوب، إن لم تعجل غسله وإلا انبسط " وإنْ منكُمْ لَمَن لَيُبْطِئَنَّ ".
*ما حظي الدينار بنقش اسم الملك، حتى صبرت سبيكته على التردد على النار، فنفت عنها كل كدر، ثم صبرت على تقطيعها دنانير ثم صبرت على ضربها على السكة، فحينئذٍ ظهر عليها رقم النقش "كتب في قلوبهم الإيمان".
*يا هذا! دبر دينك كما دبرت دنياك، لو علق بثوبك مسمار رجعت إلى وراء لتخلصه، هذا مسمار الإضرار قد تشبث بقلبك، فلو عدت إلى الندم خطوتين تخلصت.
*إذا صب في القنديل ماء ثم صب عليه زيت صعد الزيت فوق الماء، فيقول الماء: أنا ربّيت شجرتك فأين الأدب؟ لم ترتفع علي؟ فيقول الزيت: أنت في رضراض الأنهار تجري على طريق السلامة، وأنا صبرت على العصر وطحن الرحا، وبالصبر يرتفع القدر، فيقول الماء: ألا أني أنا الأصل، فيقول الزيت: استر عيبك فإنك لو قارنت المصباح انطفأ.
*جاء رجل إلى أبي علي الدقاق، فقال: قد قطعت إليك مسافة، فقال: " ليس هذا الأمر بقطع المسافات، فارق نفسك بخطوة وقد حصل لك مقصود "ا. هـ، لو عرفت منك نفسك التحقيق لسارت معك في أصعب مضيق، لكنها ألفت التفاتك، فلما طلبت قهرها فاتك، هلا شددت الحيازم، وقمت قيام حازم، وفعلت فعل عازم، وقطعت على أمر جازم، تقصد الخير ولكن ما تلازم
*خلق قلبك صافياً في الأصل، وإنما كدرته الخطايا، وفي الخلوة يركد الكدر، تلمح سبب هذا التكدير، فما يخفى الحال على متلمح، كنت مقيماً في دار الإنابة نظيفاً، فسافرت فعلاك وسخ، أفلا تحن إلى النظافة؟.
*قال محمد بن واسع لو رأيتم رجلاً في الجنة يبكي، أما كنتم تعجبون؟ قالوا بلى، قال: فأعجب منه في الدنيا رجل يضحك ولا يدري إلى ما يصير!.
*كان بعض الأغنياء كثير الشكر، فطال عليه الأمد فبطر وعصى فما زالت نعمته ولا تغيرت حالته، فقال: يا رب تبدلت طاعتي، وما تغيرت نعمتي، فهتف به هاتف: يا هذا لأيام الوصال عندنا حرمة حفظناها وضيعتها.
*الجاهل ينام على فراش الأمن فيثقل نومه، فتكثر أحلام أمانيه، والعالم يضطجع على مهاد الخوف وحارس اليقظة يوقظه، من فهم معنى الوجود علم عزة النجاة.
*سبعة يظلهم الله في ظله، منهم رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخشى الله، اسمع يا من أجاب عجوزاً على مزبلة، ويحك إنها سوداء، ولكن قد غلبت عليك، عرضت على نبيينا صلى الله عليه وسلم بطحاء مكة ذهباً فأبى، يا محمد ممن تعلمت هذه القناعة؟ قال لسان حاله: من عجلة أبي، الحريص دائم السرى وما يحمد الصباح، من لا همة له سوى جمع الحطام معدود في الحشرات.
*يا أطيار القلوب إلى كم في مزبلة الحبس؟ اكسري بالعزم قفص الحصر، واخرجي إلى فضاء صحراء القدس، روحي خماصاً من الهوى، تعودي بطاناً من الهدى.
*من أراد من العمال أن يعرف قدره عند السلطان فلينظر ماذا يوليه.
*إخواني: انبعاث الجوارح في العمل دليل على قوة العلم بالأجر، فإذا حصل تسليم النفوس في الجهاد إلى القتل كان النهاية في كمال اليقين، فإذا وقع الفرح بأسباب التلف دل على كمال المحبة، كما قال عبد الله بن جحش اللهم سلِّط علي غداً عدواً يبقر بطني ويجدع أنفي، فإذا لقيتك قلت هذا فيك ومن أجلك.
*أرواح الأسحار أقوات الأرواح
*كان فضالة بن صيفي كثير البكاء، فدخل عليه رجل وهو يبكي فقال لزوجته ما شأنه؟ قالت: زعم أنه يريد سفراً بعيداً وماله زاد.
*كانوا يتراسلون بالمواعظ لتقع المساعدة على اليقظة، كصياح الحارس بالحارس. يا نيام السحور.
*كلما شرف المطلوب طالت طريقه، الهرة تحمل خمسين يوماً، والخنزيرة أربعة أشهر، والخف والحافر سنة، فأما الفيل فسبع سنين، عموم الشجر يحمل في عامه، والصنوبر بعد ثلاثين سنة، شرف النمل يوجب القلة، الشاة تلد واحداً أو اثنين، والخنزيرة تلد عشرين، وأم الصقر مقلات نزور، يا هذا ينبغي أن تكون همتك على قدرك، ولك قدر عظيم لو عرفته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/133)
*إنه لا عجب من ترك الشكر إنفاق النعم في مخالفة المنعم، هذا عود العنب يكون يابساً طول السنة فإذا جاء الربيع دب فيه الماء فاخضر وخرج الحصرم، فإذا اعتصر الناس منه ما يحتاجون إليه طول السنة قلب في ليلة خلاً، فبانقلابه يوجب للعقل الدهش من صنع صانعه وقدرة خالقه، فينبغي أن يفرغ العقل للتفكر فيأخذ الجاهل العنب فيجعله خمراً، فيغطي به العقل، الذي ينبغي أن يحسر عن رأسه قناع الغفلة "ومن يُضللِ اللهُ فما له مِن هاد" ويحك، قد أطعمتك إياه حصرماً وعنباً وزبيباً وخلاً، فدع الخامس لي، فقد سمعت في كلامي "فإنَّ للهِ خُمُسَهُ".
*واعجباً لك، تعد التسبيحة بسبحة، فهلا جعلت لعد المعاصي أخرى، يا من يختار الظلام على الضوء، الذباب أعلى همة منك، متى أظلم البيت خرج الذباب إلى الضوء، أما ترى الطفل في القماط؟ يناغي المصباح، ويحك، خذ بتلابيب نفسك، قبل أن يجذبها ملك الموت، وقل أيتها النفس الحمقاء، إن كان محمد صادقاً فالمسجد وإلا فالدير.
*إنها إذا صفت حلالاً، كدرت الدين، فكيف إذا أخذت من حرام؟، إن لحم الذبيحة ثقيل على الأمعاء، فكيف إذا كان ميتة؟
*يا هذا: بدل اهتمامك بك واسرق منك لك فالعمر قليل تظلم إلى ربك منك واستنصر خالقك عليك، يأمرك بالجد وأنت على الضدّ.تفر إلى الزحف ولكن لا إلى فئة , تطلب نيل العلى وما ارتقيت درج المجاهدة أتروم الحصاد، ولم تبذر لولا إيثار " يوسف " (السِجنُ أَحبُ إِليّ) ماخرج إلى راحة (وَكَذلِكَ مَكَنَّا) رُب خفض تحت السرى، وغنى من عنا، ونضرة من شحوب.
*القلب جوهر في معدن البدن، فاكشف عنه بمعول المجاهدة ولا تطينه بتراب الغفلة، رميت صخرة الهوى على ينبوع الفطنة، فاحتبس الماء، انقب تحتها إن لم تطق رفعها لعل الجرف ينهار.
*بعت قيام الليل بفضل لقمة، شربت كأس النعاس ففاتك الرفقة، ضرب على أذنك لا في مرافقة أهل الكهف، تناولت خمر الرقاد، فوقع بك صاحب الشرطة فعمل في حقك بمقتضى قم وانم، فجعل حدك الحبس عن لحاق المتهجدين، والله لو بعت لحظة من خلوة بنا بعمر نوح في ملك قارون لغبنت لا بل بما في الجنان كلها ما ربحت ومن ذاق عرف.
*يا واقفاً في صلاته بجسده والقلب غايب، ما يصلح ما بذلته من التعبد مهراً للجنة فكيف ثمناً للجنة، رأت فأرة جملاً فأعجبها فجرت خطامه فتبعها فلما وصل إلى باب بيتها وقف ونادى بلسان الحال: إما أن تتخذي داراً يليق بمحبوبك أو محبوباً يليق بدارك، خذ من هذه إشارة إما أن تصلي صلاة تليق بمعبودك أو تتخذ معبوداً يليق بصلاتك.
*لا تحتقرن يسير الطاعات فالذود إلى الذود إبل، وربما احتبج إلى عويد منبوذ، لا تحتقرن يسير الذنب فإن العشب الضعيف يفتل منه الحبل القوي فيختنق به الجمل المغتلم.
*يا هذا، أنت أجير وعليك عمل فإذا انقضى الشغل فالبس ثياب الراحة
*طريق الوصول صعبة وفي رجلك ضعف، ويحك دم على السلوك تصل، أول النخلة السحوق فسيلة، بداية الآدمي الشريف مضغة، ثمن المعالي جد الطلب والفتور داء مزمن
*يا هذا، إنك لم تزل في حبس، فأول الحبوس صلب الأب، والثاني بطن الأم، والثالث القماط، والرابع المكتب، والخامس الكد على العيال، والسادس الموت، والسابع القبر فإن وقعت في الثامن. نسيت مرارة كل حبس.
يا هذا، ادخل حبس التقوى باختيارك أياماً. ليحصل لك الإطلاق في الأغراض على الدوام، ولا تؤثرن إطلاق نفسك فيما تحب، فإنه يؤثر حبس الأبد في النار، إلى متى تسجن عقلك في مطمورة هواك
*غاب الهدهد من سليمان ساعة فتواعده، فيا غائباً عنا طول عمره، أما تحذر غضبنا؟ خالف موسى الخضر، في طريق الصحبة ثلاث مرات، فحل عقدة الوصل بكف "هذا فراق بيني وبينك" أما تخاف يا من لم يف لنا قط، أن نقول في بعض زلاتك "هذا فراق بيني وبينك".
*من ركب الهوى هوى به، والنفس إذا استعملت التقوى تقوى به
*يا هذا إذا هممت بخير فبادر لئلا تغلب، وإذا هممت بشر فسوف هواك لعلك تغلب، ثقف نفسك بالآداب قبل صحبة الملوك فإن سياسة الأخلاق مراقي المعالي.
*يا موثق الأقدام بقيد العوائق، أجود ما للعصفور قطع السباق، لو تفكر الطائر في الذبح ما حام حول الفخ، من طلب المعالي سهر الليالي، لولا صبر المضمر على قلة العلف ما قيل سباق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/134)
*كان بعض النجارين يبيع الخشب وكان عنده قطعة آبنوس ملقاة تحت الخشب فاشتريت منه فدخل دار الملك بعد مدة فإذا بها قد جعلت سريراً للملك فوقف متعجباً وقال: لقد كنت لا أعبأ بهذه فكيف وصلت إلى هذا المقام؟ فهتف به لسان المفهم نائباً عنها: كم صبرت على ضرب الفوس ونشر المناشير؟ حتى بلغت هذا المقام
*إياك والذنوب فإنها أذلت أباك بعد عز (اِسجدوا) وأخرجته من أقطار (اسكُن) مذ سبى الهوى آدم هوى دام حزنه فخرج أولاده العقلاء محزونين وأولاده السبايا أذلة أعظم الظلمة ما تقدمها ضوء وأصعب الهجر ما سبقه وصل واشد عذاب المحب تذكاره وقت القرب كان حين إخراجه لا تمشي قدمه والعجب كيف خطا.
*الدنيا سوق فيها ضجيج الشهوات فإذا اشتغلت بها فمن يسمع المواعظ.
*ويحك تبصر عن الهوى تحمد عواقب السلامة فإِنّ المُر حينَ يَسُرّ حِلوٌ، وَإِنّ الحِلوَ حينَ يَضُرُ مُرُّ ف، خُذ مُرّاً تُصادِف عَنهُ حِلواً، وَلا تَعدِلُ إلى حِلوٍ يَضرُّ، إياك والذنوب فلو لم يكن فيها إلا كراهة اللقاء كفى عقوبة.
*إذا كان القلب نقيا ضج لحدوث المعصية فإذا تكررت مرت عليه ولم ينكر كانت الخطيئة عنده غريبة فاستوحش فلما صارت بليد الطبع لم ينفر. لابس الثوب الأسود لا يجزع من وقوع الحبر عليه.
*أيها الشاب: جوهر نفسك بدراسة العلم وحلها بحلة العمل فإن قبلت نصحي لم تصلح، إلا لصدر سرير أو لذروة منبر، من لم يعمل بعلمه لم يدر ما معه حامل المسك إذا كان مزكوما فلا حظ له فيما حمل.
*العاقل صابر للشدائد لعلمه بقرب الفرج والجاهل على الضد كما أن النار إذا اشتعلت في حطب الزيتون لم يدخن بخلاف السوس ألا إن الطبع طفل والعقل بالغ.
*واعجبا يتحبب إليك وهو عنك غني وتتمقت إليه فقير إن تأخرت قربك وإن توانيت عاتبك ما آثر عليك من المخلوقات شيئا وأنت تؤثر عليه كل شيء فنكس رأس الندم قبل العتاب فمالك عن هذا جواب.
صَحائِفُ عِندي لِلِعِتابِ طَويتُها سَتُنشَرُ يَوماً وَالحِسابُ يَطولُ
*لا يحصل خطير إلا بخطر فاخنس في خيسك يا مخنث العزم الربح في ركوب البحر الدر في قعر اليم العلم في ترك النوم الفخر في هجر النفس.من يحب العز يدأب إليه فكذا من طلب الدر غاص عليه لولا التخلل بالعبا ما جاءت مدحة " أنا عنك راض " لأبي بكر " ولولا إرسال البراءة إلى الضرة: طلقتك ثلاثا ما اشتاقت الجنة إلى " علي ".لَو قُرِب الدَرُّ عَلى جٌلاّبِهِ ما لَجَّ الغائِصُ في طِلابِهِ وَلَو أَقامَ لازِماً أَصدافَهُ لَم تَكُنن التَيجانُ في حِسابِهِ مَن يَعشَق العَلياءَ يَلِق عِندَها ما لَقي المُحِبُّ مِن أَحبابِهِ
*وَكُلُ الشَّر في الشَّرِه وكم من شارب شرق قبل الري وإنما اللذة خناق من عسل.
*وقع نحل على نيلوفر فأعجبه ريحه فأقام على ورقه المنتشر فلما جاء الليل تقبض الورق: حرصك غيم وعقلك شمس والغيم يحجب القلب عن مشاهدة الآخرة فابعث شمال العزم يمزق شملة شملة.
*إنما المراد من الدنيا ما يصلح البدن ليسعى فيما خلق له فالاشتغال بالتزيد عائد بالنقص في المقصود إن جامع الأموال لغير البلاغ خازن للورثة فهو يحرق نفسه بنار الحرص وينتفع بربح جمعه غيره كانتفاع الناس بعرف العود المحترق.
*أبواب الملوك لا تطرق بالأيدي ولا تضرب بالحجر بل بنفس المحتاج وعذري إقراري بأن ليس لي عذر.
*كيف يصل الى الله من لا يسير وهو في قبضة العوائق أسير الأمر كله في حرفين احدهما الإعراض عما سوى الله والآخر الإقبال عليه فمن لم ينقطع عما سواه لم يمله الاتصال به ولا الوصول إليه
*انظر بعين التفكير والاعتبار لو ان طبيبا نصرانيا نهاك عن شرب الماء البارد لاجل مرض من امراض الجسد لاطعته في ترك ما نهاك عنه وانت تعلم ان الطبيب قد يصدق وقد يكذب ويصيب ويخطىء وينصح ويغش فما بالك لا تترك ما نهاك عنه انصح الناصحين واصدق القائلين لاجل مرض القلب الذي اذا لم تشف منه فأنت من اهلك الهالكين.
*من يكن شيخ نفسه في الطريق لم ينل رتبة من التحقيق، لا يتم السلوك في الطرق إلا بخفير ومرشد ورفيق
*عسى الله الذي اخرج الورق من الشجر اليابس ان ينقلنا عن الاحوال المبغوضة الى احوال رضية ويبدلنا بهم الدنيا الدنية همما علية فطالما اغاث المجدبين عندما قحطوا وانزل الغيث من بعد ما قنطوا.
*و أخيراُ هذا الهتاف:
" الهي! ما أكثر المُعترضين عليك، و المُعرضين عنك، و ما أقل المُتعرضين لك "
ـ[عادل علي]ــــــــ[18 - 08 - 08, 12:10 ص]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك
وغفر لنا ولك
ـ[قيس بن سعد]ــــــــ[18 - 08 - 08, 01:22 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ورحم الله ابن الجوزي(100/135)
هجر أصحاب الكبائر (ابن باز رحمه الله)
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[18 - 08 - 08, 01:14 ص]ـ
هجر أصحاب الكبائر
الأخ/ م. م من الجزائر بعث إلينا سؤالا يقول فيه:
ما القول في معاملة أصحاب الكبائر كاللواط والزنا وغيرها من الذنوب التي جاءت النصوص بالوعيد الشديد لمن يقترفها. هل يجوز الكلام مع أصحاب هذه الجرائم. وهل يجوز إلقاء السلام عليهم؟ وهل تجوز مصاحبتهم بقصد تذكيرهم بوعيد الله وأليم عقابه إذا كان فيهم بوادر التوبة؟
من يتهم بهذه المعاصي تجب نصيحته وتحذيره منها ومن عواقبها السيئة وأنها من أسباب مرض القلوب وقسوتها وموتها، أما من أظهرها وجاهر بها فالواجب أن يقام عليه حدها، وأن يرفع أمره إلى ولاة الأمور، ولا تجوز صحبتهم ولا مجالستهم بل يجب هجرهم لعل الله يهديهم ويمن عليهم بالتوبة إلا أن يكون الهجر يزيدهم شرا، فالواجب الإنكار عليهم دائماً بالأسلوب الحسن والنصائح المستمرة حتى يهديهم الله. ولا يجوز اتخاذهم أصحابا، بل يجب أن يستمر في الإنكار عليهم وتحذيرهم من أعمالهم القبيحة، ويجب على ولاة الأمور في البلاد الإسلامية أن يأخذوا على أيديهم وأن يقيموا عليهم الحدود الشرعية، ويجب على من يعرف أحوالهم أن يساعد الدولة في ذلك لقول الله سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [1] وقوله عز وجل: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [2] الآية .. وقوله سبحانه وتعالى: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [3] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) رواه الإمام مسلم في صحيحه، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة)) قيل لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) أخرجه مسلم أيضا. والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يمنحهم الفقه في الدين وأن يوفقهم للتواصي بالحق والصبر عليه، وأن يجمع كلمتهم على الهدى ويصلح ولاة أمرهم إنه خير مسؤول.
http://www.binbaz.org.sa/mat/1859
ـ[أبوفاطمه الأثري]ــــــــ[18 - 08 - 08, 01:57 ص]ـ
جزاك الله خيرا ورحم الله الشيخ ابن باز(100/136)
نصيحة الشيخ ابن باز (رحمه الله) بمناسبة استقبال شهر رمضان
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[18 - 08 - 08, 01:19 ص]ـ
نصيحة بمناسبة استقبال شهر رمضان
سماحة الشيخ ما نصيحتكم للمسلمين ونحن نستقبل هذا الشهر الفضيل؟
نصيحتي للمسلمين جميعاً أن يتقوا الله جل وعلا، وأن يستقبلوا شهرهم العظيم بتوبة صادقة من جميع الذنوب، وان يتفقهوا في دينهم وأن يتعلموا أحكام صومهم وأحكام قيامهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) [1]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وسلسلت الشياطين)) [2] ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وصفدت الشياطين ويناد منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة)) [3].
وكان يقول صلى الله عليه وسلم للصحابة: ((أتاكم شهر رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء فأروا الله من أنفسكم خيراً فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله)) [4].
ومعنى: ((أروا الله من أنفسكم خيراً)): يعني سارعوا إلى الخيرات وبادروا إلى الطاعات وابتعدوا عن السيئات.
ويقول صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) [5].
ويقول صلى الله عليه وسلم: يقول الله جل وعلا: ((كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من اجلي للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)) [6].
ويقول صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم)) [7].
ويقول صلى الله عليه وسلم: ((من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) [8] رواه البخاري في الصحيح.
فالوصية لجميع المسلمين أن يتقوا الله وان يحفظوا صومهم وأن يصونوه من جميع المعاصي، ويشرع لهم الاجتهاد في الخيرات والمسابقة إلى الطاعات من الصدقات والإكثار من قراءة القرآن والتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار؛ لأن هذا شهر القرآن: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [9].
فيشرع للمؤمنين الاجتهاد في قراءة القرآن، فيستحب للرجال والنساء الإكثار من قراءة القرآن ليلاً ونهاراً، وكل حرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع الحذر من جميع السيئات والمعاصي، مع التواصي بالحق والتناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فهو شهر عظيم تضاعف فيه الأعمال، وتعظم فيه السيئات، فالواجب على المؤمن أن يجتهد في أداء ما فرض الله عليه وأن يحذر ما حرم الله عليه، وأن تكون عنايته في رمضان أكثر واعظم، كما يشرع له الاجتهاد في أعمال الخير من الصدقات وعيادة المريض واتباع الجنائز وصلة الرحم، وكثرة القراءة وكثرة الذكر والتسبيح والتهليل والاستغفار والدعاء، إلى غير هذا من وجوه الخير، يرجو ثواب الله ويخشى عقابه، نسأل الله أن يوفق المسلمين لما يرضيه، ونسأل الله أن يبلغنا وجميع المسلمين صيامه وقيامه إيماناً واحتساباً، نسأل الله أن يمنحنا وجميع المسلمين في كل مكان الفقه في الدين والاستقامة عليه، والسلامة من أسباب غضب الله وعقابه، كما أسأله سبحانه أن يوفق جميع ولاة أمر المسلمين وجميع أمراء المسلمين، وأن يهديهم وأن يصلح أحوالهم، وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في جميع أمورهم، في عبادتهم وأعمالهم وجميع شئونهم، نسأل الله أن يوفقهم لذلك، عملاً بقوله جل وعلا: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ [10]، وعملاً بقوله جل وعلا: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [11]، وعملاً بقوله سبحانه: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [12]، وعملاً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/137)
بقوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [13]، وعملاً بقول الله سبحانه: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [14]، وقوله سبحانه: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [15].
هذا هو الواجب على جميع المسلمين وعلى أمرائهم، يجب على أمراء المسلمين وعلى علمائهم وعلى عامتهم أن يتقوا الله وأن ينقادوا لشرع الله، وأن يحكموا شرع الله فيما بينهم؛ لأنه الشرع الذي به الصلاح والهداية والعاقبة الحميدة وبه رضا الله وبه الوصول إلى الحق الذي شرعه الله وبه الحذر من الظلم.
نسأل الله للجميع التوفيق والهداية وصلاح النية والعمل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] رواه البخاري في العلم باب من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين برقم 71، ومسلم في الزكاة باب النهي عن المسألة برقم 1037.
[2] رواه البخاري في بدء الخلق باب صفة إبليس وجنوده برقم 3277، ومسلم في الصيام باب فضل شهر رمضان برقم 1079.
[3] رواه الترمذي في الصوم باب ما جاء في فضل شهر رمضان برقم 682، وابن ماجة في الصيام باب ما جاء في فضل شهر رمضان برقم 1642.
[4] ذكره المنذري في الترغيب والترهيب باب الترغيب في صيام رمضان برقم 1490، وقال رواه الطبراني.
[5] رواه البخاري في الصوم باب من صام رمضان إيماناً واحتساباً برقم 1901، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها باب الترغيب في صيام رمضان برقم 760.
[6] رواه البخاري في التوحيد باب قول الله تعالى: يريدون أن يبدلوا كلام الله برقم 7492، ومسلم في الصيام باب فضل الصيام برقم 1151، وابن ماجة في الصيام باب ما جاء في فضل الصيام برقم 1638.
[7] رواه البخاري في الصوم باب هل يقول إني صائم إذا شتم برقم 1904.
[8] رواه البخاري في الصوم باب من لم يدع قول الزور برقم 1903.
[9] سورة البقرة، الآية 185.
[10] سورة المائدة، الآية 49.
[11] سورة المائدة، الآية 50.
[12] سورة النساء، الآية 65.
[13] سورة النساء، الآية 59.
[14] سورة النور، الآية 54.
[15] سورة الحشر، الآية 7.
ـ[العويشز]ــــــــ[31 - 08 - 08, 08:26 م]ـ
بارك الله في الشيخ وفي الناقل(100/138)
هل زيت الزيتون يمنع الوضوء
ـ[النعيمية]ــــــــ[18 - 08 - 08, 01:20 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله ..
لقد أخبرنا شيخنا أن الزيت إذا وضعناه على الشعر ثم جئنا لنتوضأ أحدث حائلا بين الشعر و الماء وبذلك يكون الوضوء غير تام والصلاة غير صحيحة ..
ولكني لما أخبرت من أخبرت بذلك .. أنكرو علي هذا وقالو تشدد ..
ثم قالو زيت الزيتون غير .. لايحول ..
فهل هذا الكلام صحيح وهل زيت الزيتون يختلف عن بقية الزيوت وهل إذا وضعته ومسحت رأسي يكون وضوئي صحيحا بارك الله فيكم ...
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[18 - 08 - 08, 01:43 ص]ـ
للمدارسة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدهن شعره؛ فهل كان هذا يحول؟
http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa&iw_a=view&fatwa_id=23081
ـ[مستور مختاري]ــــــــ[18 - 08 - 08, 02:52 ص]ـ
حديث: [إني لبدت شعري] يقوي بأن الزيت لا يحول .. .. أفاده شيخنا المختار حفظه الله
ـ[النعيمية]ــــــــ[18 - 08 - 08, 09:36 م]ـ
جزاكما الله خيرا .. لكن الشيخ على أي مذهب؟؟ أقصد الفتوى خاصة بأحد معين أم كل المذاهب تقول بذلك؟
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[18 - 08 - 08, 11:02 م]ـ
مواصفات الزيتون في القرآن الكريم:
من الآيات السالفة الذكر يتضح لنا أن القرآن الكريم وصف شجرة الزيتون وثمارها وزيتها وبعض منتجاتها بالمواصفات التالية:
1. الزيتون يتشابه أو لا يتشابه مع الخل والعنب وفعلاً تختلف النباتات السابقة من حيث الطبيعة النباتية، والشكل الظاهري والمواصفات الزهرية، والنسب غرضه، ولكن الثابت علمياً أن هذه النباتات غير متشابهة في أشياء كثيرة، ولكن هناك تشابه أيضاً في أشياء أخرى، فأشجار الرمان والزيتون من النباتات المتشابهة في الحجم، وفي طبيعة الأوراق، ولكنهما يختلفان في طبيعة الثمار، أما العنب فإنه يختلف عن الزيتون في طبيعة النباتات وتتشابه الثمار في التركيب والمنشأ والشكل العام.
2. الزيتون شجرة مباركة
3. شجرة الزيتون تنتج الدهن وصبغ للآكلين
ثانياً: الزيتون في السنة النبوية المطهرة:
لقد نبهتنا السنة النبوية المطهرة القولية والفعلية على أهمية استعمال زيت الزيتون سواء في الطعام أو في الدهان، وكان عليه الصلاة والسلام يأكل زيت الزيتون ويدهن به، وأعلمنا أن شجرة الزيتون شجرة مباركة.
http://www.55a.net/firas/ar_photo/9/180px-Olives.jpg قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلوا الزيت وادهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة
1. عن أبي أسيد رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلوا الزيت وأدهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة) (رواه الترمذي وأحمد والحاكم).
والزيت هنا هو زيت الزيتون، كما قال ابن منظور في كتابه لسان العرب والشجرة المباركة هي شجرة الزيتون، الدهن الذي يخرج من ثمرة زيت الزيتون.
2. عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد يُحرم غسل رأسه بخطمي وأشنان، ودهنه بزيت غير كثير.
الزيتون في القرآن الكريم والعلم الحديث
تحدثنا فيما سبق عن " الزيتون في القرآن الكريم ومواصفات الزيتون في القرآن الكريم، والزيتون في السنة النبوية المطهرة، ونواصل الحديث معكم عن أقوال علماء المسلمين عن الزيتون، والزيتون في العلم الحديث فنقول وبالله التوفيق:
ثالثاً: قالوا عن الزيتون:
(1) قال ابن عباس رضي الله عنه:
" في الزيتون منافع، يسرج الزيت، وهو إدام ودهان، ودباغ ووقود يوقد بحطبه وتفله، وليس في شيء إلا فيه منفعة، حتى الرماد يغسل به الإبريسم وهي أ ول شجرة نبتت في الدنيا، وأول شجرة نبتت بعد الطوفان، ونبتت في منازل الأنبياء والأرض المقدسة، ودعا لها سبعون نبياً بالبركة منهم إبراهيم ومنهم محمد صلى الله عليه وسلم فإنه قال: "اللهم بارك في الزيت والزيتون ".
(2) قال داوود:" الزيتون من الأشجار الجلية القدر، العظيمة النفع، تغرس من تشرين (أكتوبر) إلى كانون (ديسمبر)، فتبقى أربع سنين ثم يثمر فيدوم ألف عام.
(3) قال ابن سينا في كتابه (القانون في الطب):"الزيتون شجرة عظيمة توجد في بعض البلاد وقد يعتصر من الزيتون الفج الزيت، وقد يعتصر من الزيتون المدرك، وزيت الإنفاق هو الزيت المعتصر من الفج، والزيت قد يكون من الزيتون البستاني وقد يكون من الزيتون البري".
(4) قال الدكتور صبري القباني في كتابه الغذاء لا الدواء " لقد عرف الإنسان شجرة الزيتون منذ أقدم العصور فاستغلها خير استغلال إذا ائتدم بثمرها واستضاء بزيتها واستوقد وجزل حطبها.
(5) قال الدكتور حسان شمسي باشا في كتابه زيت الزيتون بين الطب والقرآن: قال الدوس هكسلي في كتابه شجرة الزيتون " لو كنت استطيع الرسم، وكان لدي الوقت الكافي لقضيت عدة سنوات وأنا أرسم لوحات تصور شجرة الزيتون، فكم هناك من أشكال مختلفة لشجرة واحدة؟ هي شجرة الزيتون.
http://www.55a.net/firas/arabic/?page=show_det&id=1167&select_page=7(100/139)
حكم الصلاة على من كان لا يصلي ولكن ختم حياته بالشهادتين (الشيخ ابن باز رحمه الله)
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[18 - 08 - 08, 01:24 ص]ـ
حكم الصلاة على من كان لا يصلي ولكن ختم حياته بالشهادتين
من كان يُعرف أنه لا يصلي في حياته إلا أنه ختم حياته بالشهادتين عند احتضاره، هل يصلى عليه، أم أنه من الذين قال الله فيهم: ((وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ)) [النساء:18]؟
إذا لم يصرح بالتوبة، ذكر الشهادة هو يقولها وهو حي، الشهادة، هو يقولها وهو حي، والمنافقون يقولونها، فلا تنفعهم إذا لم يكن معها توبة من الكفر بالله، فإذا كان لا يصلي، أو يعرف أنه يسب الدين، أو أنه لا خير فيه، فالنطق بالشهادتين لا تنفعه، لا في حياته ولا عند الموت، إلا إذا كان عن توبة، فأمره إلى الله يوم القيامة، فظاهره الشر فلا يصلى عليه ولا يغسل عليه، نسأل الله العافية، أما إذا قال: تبت إلى الله من عملي، وأنا كنت لا أصلي وأنا أشهدكم إني تائب، أو صرح عندهم أني تبت إلى الله من ترك الصلاة، وكذا، ثم مات وكذا يكون حكمه كم التائبين.
http://www.binbaz.org.sa/mat/14058
ـ[عمر السلمي]ــــــــ[19 - 08 - 08, 01:06 م]ـ
انظر كتاب المغني لابن قدامه بعد باب صلاة الاستسقاء فقد ذكر بابًا كاملا في حكم تارك الصلاة وهو مفيد جدًا.(100/140)
مسائل في الحجامه؟
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[18 - 08 - 08, 03:12 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
هل يوجد دليل على ان الحجامه لا يفطر والحجامه يفطر؟
مع ذكر المسائل واقوال العلماء وفقكم الله
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[18 - 08 - 08, 04:41 ص]ـ
اختلف العلماء رحمهم الله في الحجامة هل هي مفطرة أم لا؟ على ثلاثة أقوال مشهورة:
- القول الأول: أنه يفطر كل من الحاجم والمحجوم له؛ لحديث شداد بن أوس: (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أتى على رجل بالبقيع وهو يحتجم في رمضان فقال: أفطر الحاجم والمحجوم). رواه الخمسة إلا الترمذي، وصححه أحمد والبخاري وغيرهم، وقيل إنه متواتر.
وهذا هو قول علي وعطاء والأوزاعي وإسحاق و أحمد بن حنبل وابن خزيمة وابن حبان رحمهم الله.
وأصحاب هذا القول يوجبون عليه القضاء فقط، ولكن ذهب عطاء إلى إيجاب القضاء والكفارة.
- القول الثاني: أنه لا يفطر أحد منهم، وأجابوا عن الحديث بأنه منسوخ بحديث ابن عباس: (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم). رواه البخاري.
وهذا القول رأيت ابن حجر والصنعاني قدنسباه للجمهور ثم ذكر الصنعاني في سبل السلام أحاديث أخرى تؤيد النسخ، وبعض أصحاب هذا القول قد وجه الحديث الأول بتوجيهات أخرى غير النسخ.
- القول الثالث: أنه يفطر المحجوم له وأما الحاجم فلا يفطر، ولا أعرف لهذا القول دليلا، ولكن ذكر الصنعاني شيئا عجيبا وهو أن أصحاب هذا القول عملوا بالطرف الأول من الحديث، ثم قال: " فلا أدري ما الذي أوجب العمل ببعضه دون بعض ".
وأنا أعجب من هذا لأمرين، الأول: أنه يبعد أن يستدل عالم بهذه الطريقة في نظري. والثاني: أنه إن عمل ببعض الحديث فإنه سيكون قد عمل بالطرف الثاني لا الأول بخلاف ما قاله الصنعاني رحمه الله!
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[18 - 08 - 08, 05:12 ص]ـ
اولآ:
يعني العمل بالقول الاول بأنه يفطر
ثانيا
الحاجم الان غير مفطور لان في هذا العصر يوجد الآله
اليس كلامي صحيح ام لا
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[18 - 08 - 08, 06:21 ص]ـ
اولآ:
يعني العمل بالقول الاول بأنه يفطر
معذرة فلم أفهم عبارتك جيدا , لكن إذا كنت تقصد توجيه قول الصنعاني الأخير بأنه أراد بالطرف القول فهذا بعيد جدا جدا؛ وذلك لوضوح الفرق بين الطرف والقول، ولأنه قال: " عملا بالحديث هذا في الطرف الأول ".
فكلامه واضح في أنه يعني طرف الحديث لا طرف الأقوال!
ثانيا
الحاجم الان غير مفطور لان في هذا العصر يوجد الآله
اليس كلامي صحيح ام لا
هذا يصلح ردًّا على من يقول بفطر الحاجم دون المحجوم له ويعلل ذلك بدخول شيء من الدم في فمه.
وفي الحقيقة لا أدري كيف يقول أصحاب القول الثاني إذا دخل شيء من الدم في فم الحاجم؛ لأنهم يطلقون القول بعدم الفطر ولم يقيدوا ذلك بعدم دخول شيء من الدم.
فليت الإخوة يفيدونا بارك الله فيهم.
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[18 - 08 - 08, 09:02 ص]ـ
اقصد بأن القول الاول بأن الحجامة تفطر ولا شك والفتوى الترجيح بابن باز يقول بان الحجامة يفطر
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[31 - 08 - 08, 05:33 م]ـ
- القول الثاني: أنه لا يفطر أحد منهم، وأجابوا عن الحديث بأنه منسوخ بحديث ابن عباس: (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم). رواه البخاري.
وهذا القول رأيت ابن حجر والصنعاني قدنسباه للجمهور ثم ذكر الصنعاني في سبل السلام أحاديث أخرى تؤيد النسخ، وبعض أصحاب هذا القول قد وجه الحديث الأول بتوجيهات أخرى غير النسخ.
- القول الثالث: أنه يفطر المحجوم له وأما الحاجم فلا يفطر، ولا أعرف لهذا القول دليلا، ولكن ذكر الصنعاني شيئا عجيبا وهو أن أصحاب هذا القول عملوا بالطرف الأول من الحديث، ثم قال: " فلا أدري ما الذي أوجب العمل ببعضه دون بعض ".
وأنا أعجب من هذا لأمرين، الأول: أنه يبعد أن يستدل عالم بهذه الطريقة في نظري. والثاني: أنه إن عمل ببعض الحديث فإنه سيكون قد عمل بالطرف الثاني لا الأول بخلاف ما قاله الصنعاني رحمه الله!
[/ quote]
اخي السلام عليكم
يوجد كلمة (النسخ) ما ما معنى هذا؟
ـ[ابن المهلهل]ــــــــ[02 - 09 - 08, 12:39 ص]ـ
طيب!
هل جرب أحدكم الحجامة فشفي
افيدونا!! ا
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[04 - 09 - 08, 08:38 ص]ـ
اخي السلام عليكم
يوجد كلمة (النسخ) ما ما معنى هذا؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،،
أخي الكريم (النسخ) الذي أريده هو نفسه النسخ المعروف عند الإصوليين وهو:
رفع الحكم الشرعي بدليل متأخر.
ومرادي أن من الجمهور القائلين بعدم فطر الحاجم والمحجوم من يقول بأن الأحاديث التي نصت على فطرهما _ كحديث شداد بن أوس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - السالف _ منسوخة بالأحاديث التي أفادت أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رخص في الحجامة بعد ذلك وأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - احتجم وهو صائم، وكذلك بما ثبت عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم من أنهم احتجموا وهم صائمون.
ومن الجمهور من لا يقول بالنسخ وإنما يوجه حديث شداد بن أوس بأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعلهم مفطرين لأنهم كانوا يغتابون! ووصف ابن خزيمة هذا التوجيه بأنه أعجوبة؛ لأن الغيبة لا تفطر بالأجماع.
ومن الجمهور من أول قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أفطر الحاجم والمحجوم) أنهما سيفطران على المستقبل كما في قوله تعالى: {إني أراني أعصر خمرا} فأتى المستقبل بصيغة الماضي.
وأذكر أني قرأت أن من الجمهور من حمل حديث شداد بن أوس ونحوه على الكراهة، ولكن لا أذكر أين قرأت ذلك.
وللفائدة راجع فتح الباري لابن حجر ونيل الأوطار وسبل السلام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/141)
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[04 - 09 - 08, 10:58 ص]ـ
المسألة سبق بحثها هنا أخي الكريم:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=93487(100/142)
شرح قوله تعالى (الخبيثات للخبيثين) والتوفيق بينها وبين حال امرأتي نوح ولوط
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[18 - 08 - 08, 04:04 ص]ـ
شرح قوله تعالى (الخبيثات للخبيثين) والتوفيق بينها وبين حال امرأتي نوح ولوط
السؤال: ما تفسير الآية التالية: (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات) سورة النور، وكيف نوفق بين الآية وبين ما نسمعه من أنه قد تكون الزوجة صالحة والزوج فاسقاً كأن لا يصلي أو يشرب الخمر؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
قال الله تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) النور/26.
وقد اختلف المفسرون في معناها على أقوال متقاربة، لا يناقض بعضها بعضا.
فمن معاني " الخبيث " و " الطيب " في الآية:
1. الخبث والطيب في الأقوال.
فيكون معنى الآية: الكلمات الخبيثات من القول للخبيثين من الرجال، وكذا الخبيثون من الناس للخبيثات من القول، وكذا الكلمات الطيبات من القول للطيبين من الناس، والطيبون من الناس للطيبات من القول.
وهذا قول عبد الله بن عباس، ومجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، والشعبي، والحسن البصري، وحبيب بن أبي ثابت، والضحاك، واختاره ابن جرير الطبري.
قال النحاس في كتابه " معاني القرآن ":
وهذا من أحسن ما قيل في هذه الآية.
ودل على صحة هذا القول: قوله تعالى (أولئك مبرءون مما يقولون) أي: عائشة وصفوان مبرَّآن مما يقول الخبيثون والخبيثات.
قال الطبري – رحمه الله -:
وأولى هذه الأقوال في تأويل الآية: قول من قال: عنى بالخبيثات: الخبيثات من القول، وذلك قبيحه وسيئه، للخبيثين من الرجال والنساء، والخبيثون من الناس للخبيثات من القول، هم بها أولى؛ لأنهم أهلها، والطيبات من القول، وذلك حسنه وجميله، للطيبين من الناس، والطيبون من الناس للطيبات من القول ; لأنهم أهلها وأحقّ بها.
وإنما قلنا هذا القول أولى بتأويل الآية: لأن الآيات قبل ذلك إنما جاءت بتوبيخ الله للقائلين في عائشة الإفك، والرامين المحصنات الغافلات المؤمنات، وإخبارهم ما خصهم به على إفكهم، فكان ختم الخبر عن أولى الفريقين بالإفك من الرامي والمرمي به: أشبه من الخبر عن غيرهم.
وقوله: (أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ) يقول: الطيبون من الناس مبرّءون من خبيثات القول، إن قالوها فإن الله يصفح لهم عنها، ويغفرها لهم، وإن قيلت فيهم ضرّت قائلها ولم تضرّهم، كما لو قال الطيبَ من القول الخبيثُ من الناس لم ينفعه الله به؛ لأن الله لا يتقبله .. "
" ولو قيلت له لضرّته؛ لأنه يلحقه عارها في الدنيا، وذلها في الآخرة ".
" تفسير الطبري " (19/ 144، 145).
2. الخبيث والطيب من الأفعال:
ويكون معنى الآية: الأفعال الخبيثات للخبيثين من الرجال، وكذا الخبيثون من الناس للخبيثات من الأفعال، وكذا الأفعال الطيبات للطيبين من الناس، والطيبون من الناس للطيبات من الأفعال.
وهو قول حبيب بن أبي ثابت، وعطاء بن أبي رباح، وقتادة، وروي عن هؤلاء الأئمة أنهم أضافوا الأقوال إلى الأفعال في معنى الآية؛ فجمعوا بين القولين السابقين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
قال جمهور السلف: الكلمات الخبيثة للخبيثين، ومن كلام بعضهم: الأقوال والأفعال الخبيثة للخبيثين.
وقد قال تعالى (ضرب الله مثلاً كلمة طيبة)، (ومثل كلمة خبيثة)، وقال الله: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)، والأقوال والأفعال صفات القائل الفاعل، فإذا كانت النفس متصفة بالسوء والخبث: لم يكن محلها ينفعه إلا ما يناسبها.
" مجموع الفتاوى " (14/ 343).
3. الخبث والطيب من الأشخاص في النكاح:
ويكون معنى الآية: الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، وكذا الخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء.
وهو قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/143)
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طيِّباً، وكان أولى بأن يكون له الطيبة، وكانت عائشة الطيبة , وكانت أولى بأن يكون لها الطيب.
قال القرطبي – رحمه الله -:
وقيل: إن هذه الآية مبنية على قوله: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة) النور/3، الآية، فالخبيثات: الزواني، والطيبات: العفائف، وكذا الطيبون، والطيبات.
واختار هذا القول النحاس أيضاً، وهو معنى قول ابن زيد.
" تفسير القرطبي " (12/ 211).
ثانياً:
لا إشكال في الآية، على القول الأول أو الثاني، ولا تعارض بينها وبين ما ذكر السائل، ويراه الناس، من أن الزوجة ربما كانت صالحة والزوج فاسقا، أو العكس.
وإنما الإشكال – عند بعض الناس – في القول الثالث في مسألتين:
1. ما يرونه من عموم تزوج طيب بفاسقة، وتزوج فاسق بطيبة.
2. ما ورد بخصوص زوجتي نوح ولوط عليهما السلام ووصف الله لهما بالخيانة، وما ورد في تزوج امرأة فرعون المؤمنة بفرعون الطاغية.
فيقال هنا: إن معنى الآية ـ على تقدير أن يكون المراد بالخبث والطيب: خبث الأزواج وطيبهم ـ: أنه لا يليق بالطيب أن يتزوج إلا طيبة مثله، ولا يليق بالخبيثة إلا خبيث مثلها، ومن رضي بالخبيثة مع علمه بحالها: فهو خبيث مثلها، ومن رضيت بخبيث مع علمها بحاله: فهي خبيثة مثله.
قال ابن كثير – رحمه الله -:
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء.
وهذا - أيضاً - يرجع إلى ما قاله أولئك باللازم، أي: ما كان الله ليجعل عائشة زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهي طيبة؛ لأنه أطيب من كل طيب من البشر، ولو كانت خبيثة لما صلحت له، لا شرعاً ولا قَدَراً؛ ولهذا قال: (أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ) أي: هم بُعَداء عما يقوله أهل الإفك والعدوان.
(لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) أي: بسبب ما قيل فيهم من الكذب.
(وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) أي: عند الله في جنات النعيم.
وفيه وعد بأن تكون زوجة النبيّ صلى الله عليه وسلم في الجنة.
" تفسير ابن كثير " (6/ 35).
وفي الآية بيان براءة عائشة رضي الله عنها، حيث زكاها الله تعالى بوصفها بالطيبة لأنها كانت تحت الطيب، وهو النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن الله تعالى ليختارها زوجة لنبيه صلى الله عليه وسلم لو كانت خبيثة! ومن هنا كان الطاعن في عرض عائشة طاعناً في النبي صلى الله عليه، ومستحقّاً للحكم بالردة والقتل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
قال أبو السائب القاضي: كنتُ يوماً بحضرة الحسن بن زيد الداعي بطرستان، وكان يلبس الصوف، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويوجِّه في كل سنَة بعشرين ألف دينار إلى مدينة السلام يفرِّق على سائر ولد الصحابة، وكان بحضرته رجلٌ فذكَر عائشة بذكرٍ قبيحٍ من الفاحشة، فقال: يا غلام اضرب عنقه، فقال له العلويون: هذا رجل من شيعتنا، فقال: معاذ الله، هذا رجل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (النور:26) فإن كانت عائشة خبيثة فالنبي صلى الله عليه وسلم خبيث، فهو كافر، فاضربوا عنقه، فضربوا عنقه، وأنا حاضر، رواه اللالكائي
" الصارم المسلول " (1/ 568).
والأثر في " شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة " للالكائي (1958).
فلله دره من حاكم، ونسأل الله تعالى أن يجزيه خير الجزاء، وأن يكرم نزله بما ذبَّ عن عرض نبينا صلى الله عليه وسلم.
وأما ما كان من زوجتي لوط ونوح عليهما السلام، حيث وصفهما الله تعالى بالخيانة في قوله (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) التحريم/10، فالخيانة هنا هي خيانة في الإيمان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/144)
قال ابن كثير – رحمه الله -:
(فَخَانَتَاهُمَا) أي: في الإيمان، لم يوافقاهما على الإيمان، ولا صدَّقاهما في الرسالة، فلم يُجْدِ ذلك كلَّه شيئاً، ولا دفع عنهما محذوراً؛ ولهذا قال: (فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) أي: لكفرهما.
(وَقِيلَ) أي: للمرأتين: (ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ).
وليس المراد (فَخَانَتَاهُمَا) في فاحشة، بل في الدين، فإنَّ نساء الأنبياء معصوماتٌ عن الوقوع في الفاحشة؛ لحرمة الأنبياء، كما قدمنا في " سورة النور ".
قال سفيان الثوري عن موسى بن أبي عائشة عن سليمان بن قتة: سمعت ابن عباس يقول في هذه الآية (فَخَانَتَاهُمَا) قال: ما زنتا، أما امرأة نوح: فكانت تخبر أنه مجنون، وأما خيانة امرأة لوط: فكانت تدل قومها على أضيافه.
وقال العَوفي عن ابن عباس قال: كانت خيانتهما أنهما كانتا على عَورتيهما، فكانت امرأة نُوح تَطَلع على سر نُوح، فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به، وأما امرأة لوط فكانت إذا أضاف لوط أحداً أخبرت به أهل المدينة ممن يعمل السوء.
وهكذا قال عكرمة، وسعيد بن جبير، والضحاك، وغيرهم.
وقال الضحاك عن ابن عباس: ما بغت امرأة نبي قط، إنما كانت خيانتهما في الدين.
" تفسير ابن كثير " (8/ 171).
وهذه فتوى جامعة من علماء اللجنة الدائمة لكل ما سبق من المسائل نرجو أن تكون نافعة للسائل والقارئ، وفيها الجواب على القسم الثاني من الإشكال الثاني، وهو بخصوص تزوج امرأة فرعون المؤمنة من فرعون الطاغية.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
حدثت مناظرة بيني وبين شخص مسيحي، وقد فاجأني بقوله لي: هناك آية في القرآن تتضمن قول الله سبحانه وتعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) إلخ الآية، والآية الأخرى تتضمن قوله تعالى (رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ)، (يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ)، وهناك آية أخرى وهي قوله تعالى (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ. وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ) إلخ الآية، وأن هناك على حد زعمه تناقضاً، فكيف يقول الله سبحانه وتعالى (وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ) إلخ الآية، بينما زوجات أنبياء الله نوح ولوط خبيثات، وفرعون كما جاء فيه في القرآن وزوجته طيبة، وحيث ليس لدي جواب مقنع آمل التكرم بإفتائي عن ذلك، جزاكم الله خيراً.
فأجابوا:
أولاً:
قال الله تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) هذه الآية ذُكرت بعد الآيات التي نزلت في قصة الإفك تأكيداً لبراءة عائشة رضي الله عنها مما رماها به عبد الله بن أبيّ بن سلول رأس المنافقين، زوراً وبهتاناً، وبياناً لنزاهتها، وعفتها في نفسها، ومن جهة صلتها برسول الله صلى الله عليه وسلم، وللآية معنيان:
الأول: أن الكلمات الخبيثات والأعمال السيئات أولى بها الناس الخبيثون، والناس الخبثاء أولى وأحق بالكلمات الخبيثات والأعمال الفاحشة، والكلمات الطيبات والأعمال الطاهرة أولى وأحق بها الناس الطيبون ذوو النفوس الأبية والأخلاق الكريمة السامية، والطيبون أولى بالكلمات والأعمال الصالحات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/145)
والمعنى الثاني: أن النساء الخبيثات للرجال الخبيثين، والرجال الخبيثون أولى بالنساء الخبيثات، والنساء الطيبات الطاهرات العفيفات أولى بالرجال الطاهرين الأعفاء، والرجال الطيبون الأعفاء أولى بالنساء الطاهرات العفيفات، والآية على كلا المعنيين دالة على المقصود منها، وهو نزاهة عائشة رضي الله عنها عمَّا رماها به عبد الله بن أبيّ بن سلول من الفاحشة ومن تبعه ممن انخدع ببهتانه واغتر بزخرف قوله.
ثانياً:
قال الله تعالى (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ. قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ)، ومعنى الآيتين:
أن الله تعالى أخبر عن رسوله نوح عليه السلام أنه سأله تعالى أن ينجز له وعده إياه بنجاة ولده من الغرق والهلاك بناء على فهمه من ذلك من قوله تعالى له (احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ) فقال: (فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي)، وقد وعدتني بنجاة أهلي، ووعدك الحق الذي لا يخلف وأنت (أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ)، (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) أي: الذين وعدتك بإنجائهم؛ لأني إنما وعدتك بإنجاء مَن آمن مِن أهلك، بدليل الاستثناء في قوله تعالى (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ)؛ ولذلك عاتبه الله تعالى على تلك المساءلة وذلك الفهم بقوله: (يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ)، وبيَّن ذلك بقوله (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ)؛ لكفره بأبيه نوح عليه السلام؛ ومخالفته إياه، فليس من أهله ديناً، وإن كان ابناً له من النسب، قال ابن عباس وغير واحد من السلف رضي الله عنهم: " ما زنت امرأة نبي قط " وهذا هو الحق، فإن الله سبحانه أغْيَر مِن أن يمكِّن امرأة نبي من الفاحشة؛ ولذلك غضب سبحانه على الذين رموا عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم بالفاحشة، وأنكر عليهم ذلك وبرَّأها مما قالوا فيها، وأنزل في ذلك قرآناً يُتلى إلى يوم القيامة.
ثالثاً:
قال الله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا) الآيتين من سورة التحريم.
بعد أن عاتب الله تعالى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخاصة عائشة وحفصة رضي الله عنهن جميعاً على ما بدَر منهن مما لا يليق بحسن معاشرة النبي صلى الله عليه وسلم حتى حلف أن يعتزلهن شهراً، وأنكر تعالى عليهن بعض ما وقع منهن من أخطاء في حقه عليه الصلاة والسلام، وأنذرهن بالطلاق وأن يبدله أزواجاً خيراً منهن: ختم سورة التحريم بمثلَين: مثل ضربه للذين كفروا بامرأتين كافرتين امرأة نوح وامرأة لوط، ومثل ضربه للذين آمنوا بامرأتين صالحتين بآسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران؛ إيذاناً بأن الله حكم عدل لا محاباة عنده، بل كل نفس عنده بما كسبت رهينة، وحث العباد على التقوى، وأن يخشوا يوماً يرجعون فيه إلى الله، يوماً لا يجزي فيه والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً، يوم يفرُّ المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه، يوم لا تزر فيه وازرة وزر أخرى، وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى، يوم لا تنفع فيه الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً، فبيَّن سبحانه أن امرأة نوح وامرأة لوط كانتا كافرتين، وكانتا تحت رسوليْن كريميْن من رسل الله، وكانت امرأة نوح تخونه بدلالة الكفار على مَن آمن بزوجها، وكانت امرأة لوط تدل الكفار على ضيوفه، إيذاء وخيانة لهما، وصدّاً للنَّاس عن اتباعهما، فلم ينفعهما صلاح زوجيهما نوح ولوط، ولم يدفعا عنهما من بأس الله شيئاً، وقيل لهاتين المرأتين: ادخلا النار مع الداخلين، جزاءً وفاقاً بكفرهما وخيانتهما؛ بدلالة امرأة نوح على من آمن به، ودلالة امرأة لوط على ضيوفه، لا بالزنى، فإن الله سبحانه لا يرضى لنبي من أنبيائه زوجة زانية، قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى (فَخَانَتَاهُمَا) قال: " ما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/146)
زنتا "، وقال: " ما بغت امرأة نبي قط إنما كانت خيانتهما في الدين "، وهكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وغيرهم.
وبيَّن الله سبحانه بالمثل الذي ضربه للذين آمنوا بآسية زوجة فرعون، وكان أعتى الجبابرة في زمانه، أن مخالطة المؤمنين للكافرين لا تضرهم، إذا دعت الضرورة إلى ذلك، ما داموا معتصمين بحبل الله تعالى متمسكين بدينه، كما لم ينفع صلاحُ الرسولين: نوح ولوط زوجتيهما الكافرتين، قال الله تعالى: (لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً)، ولذلك لم يضر زوجة فرعون كفرُ زوجها وجبروته، فإن الله حكم عدل لا يؤاخذ أحداً بذنب غيره بل حماها وأحاطها بعنايته وحسن رعايته، واستجاب دعاءها وبنى لها بيتاً في الجنة، ونجَّاها من فرعون وكيده، وسائر القوم الظالمين
مما تقدم في تفسير الآيات من أن ابن نوح ليس ابن زنى، وأن عائشة رضي الله عنها برَّأها الله في القرآن مما رماها به رأس النفاق، ومن انخدع بقوله من المؤمنين والمؤمنات، وأن كلا من امرأة نوح وامرأة لوط لم تزن وإنما كانتا كافرتين، ودلت كل منهما الكفار على ما يسوؤهما ويصد الناس عن اتباعهما، وأن زواج المؤمن بالكافرة كان مباحاً في الشرائع السابقة، وكذا زواج الكافر بالمؤمنة، وأن الله حمى امرأة فرعون من كيده وحفظ عليها دينها ونجاها من الظالمين: يتبين أن الآيات المذكورة متوافقة، لا متناقضة، وأن بعضها يؤيِّد بعضاً.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان
" فتاوى اللجنة الدائمة " (3/ 270 – 276).
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islamqa.com/ar/ref/95733
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[18 - 08 - 08, 05:40 ص]ـ
رحمهما الله تعالى ورضي عنهما
وجزاك الله خيرا وبارك فيك
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[18 - 08 - 08, 05:42 ص]ـ
شرح قوله تعالى (الخبيثات للخبيثين) والتوفيق بينها وبين حال امرأتي نوح ولوط
السؤال: ما تفسير الآية التالية: (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات) سورة النور، وكيف نوفق بين الآية وبين ما نسمعه من أنه قد تكون الزوجة صالحة والزوج فاسقاً كأن لا يصلي أو يشرب الخمر؟.
الجواب: ....
فيقال هنا: إن معنى الآية ـ على تقدير أن يكون المراد بالخبث والطيب: خبث الأزواج وطيبهم ـ: أنه لا يليق بالطيب أن يتزوج إلا طيبة مثله، ولا يليق بالخبيثة إلا خبيث مثلها، ومن رضي بالخبيثة مع علمه بحالها: فهو خبيث مثلها، ومن رضيت بخبيث مع علمها بحاله: فهي خبيثة مثله.
قال ابن كثير – رحمه الله -:
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء.
وهذا - أيضاً - يرجع إلى ما قاله أولئك باللازم، أي: ما كان الله ليجعل عائشة زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهي طيبة؛ لأنه أطيب من كل طيب من البشر، ولو كانت خبيثة لما صلحت له، لا شرعاً ولا قَدَراً؛ ولهذا قال: (أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ) أي: هم بُعَداء عما يقوله أهل الإفك والعدوان.
(لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) أي: بسبب ما قيل فيهم من الكذب.
(وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) أي: عند الله في جنات النعيم.
وفيه وعد بأن تكون زوجة النبيّ صلى الله عليه وسلم في الجنة.
" تفسير ابن كثير " (6/ 35).
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islamqa.com/ar/ref/95733
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل إحسان العتيبي على هذا النقل الموفق.
ذكرني هذا الموضوع بالموضوع التالي:
هل يجوز أن يستخير الإنسان في أمر هو مجبر عليه؟
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=122595
فهل تستخير الله من تجبر على خبيث، فالاستخارة نوع من الرضى.
ـ[يزيد المسلم]ــــــــ[18 - 08 - 08, 06:55 ص]ـ
السلام عليكم
سمعت الشيخ الشعراوي في تفسيرة لهذه الأيه يقول ما معناة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/147)
الخبيثين للخبيثات والطيبين للطيبات هذا المفروض أن يكون أن تزوجوا الطيبات للخبيثين ولا تزوجوا الخبيثات للطيبين هذا المفروض على الناس أن يعملوة تماماً كأن يكون المجتمع الاسلامي خالي من الكذب وهذا غير واقع وكأن يكون خالي من الحقد فالله سبحانه وتعالى يخبرنا عن كيف يكون المجتمع او كيف المفروض أن يكون
والله أعلم
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[18 - 08 - 08, 06:14 م]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
ولم أفهم علاقة سؤالك بالموضوع أخي الفاضل
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[18 - 08 - 08, 08:10 م]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
ولم أفهم علاقة سؤالك بالموضوع أخي الفاضل
شيخنا الفاضل إحسان العتيبي أنا مدين لك باعتذار فسامحني لم أوضح مقصودي.
أما السؤال:
هل يجوز أن يستخير الإنسان في أمر هو مجبر عليه؟
فهو عبارة عن عنوان الموضوع الذي أحلت إليه، وهذا ما نصح به المشايخ، قالوا أن نكتب أسماء الموضوعات التي نحيل إليها حتى إذا وضع مافي المنتدى على ملف في الشاملة لا يضيع ترابط الموضوعات التي تكمل بعضها بعضا.
أما عن علاقة الموضوع بما أشرت إليه فضيلتكم بنقلكم لهذه الفائدة، فهو ما اخترته من الموضوع وهو:
فيقال هنا: إن معنى الآية ـ على تقدير أن يكون المراد بالخبث والطيب: خبث الأزواج وطيبهم ـ: أنه لا يليق بالطيب أن يتزوج إلا طيبة مثله، ولا يليق بالخبيثة إلا خبيث مثلها، ومن رضي بالخبيثة مع علمه بحالها: فهو خبيث مثلها، ومن رضيت بخبيث مع علمها بحاله: فهي خبيثة مثله.
فإذا تابعت الرابط فضيلتكم سترى أني قد دخلت في نقاش في مسألة الاستخارة فيما إذا كان الإنسان فيها مجبرا على الأمر الذي يستخير فيه، والقصة هناك كانت عن فتاة أجبرها أهلها على الزواج من خبيث، فالاستخارة نوع من الرضى، فكيف تستخير في مثل هذا الأمر، فما أردته هو أن أدعم الرأي الذي ذهبت إليه، فبصراحة يشغلني كثيرا ما أقوم بمناقشته هنا فهو في ذمتي، وقد نصح المشايخ بأن نكمل موضوعاتنا وندعمها خير من أن نفتح موضوعات جديدة.
أما عن مانقلته زيادة وهو:
قال ابن كثير – رحمه الله -:
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء.
وهذا - أيضاً - يرجع إلى ما قاله أولئك باللازم، أي: ما كان الله ليجعل عائشة زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهي طيبة؛ لأنه أطيب من كل طيب من البشر، ولو كانت خبيثة لما صلحت له، لا شرعاً ولا قَدَراً؛ ولهذا قال: (أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ) أي: هم بُعَداء عما يقوله أهل الإفك والعدوان.
(لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) أي: بسبب ما قيل فيهم من الكذب.
(وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) أي: عند الله في جنات النعيم.
وفيه وعد بأن تكون زوجة النبيّ صلى الله عليه وسلم في الجنة.
" تفسير ابن كثير " (6/ 35).
فلإعجابي الشديد بهذا الكلام الرائق الرائع، فيعلم الله كم أحب عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وأبغض مبغضيها.
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[19 - 08 - 08, 02:55 ص]ـ
فهو عبارة عن عنوان الموضوع الذي أحلت إليه، وهذا ما نصح به المشايخ، قالوا أن نكتب أسماء الموضوعات التي نحيل إليها حتى إذا وضع مافي المنتدى على ملف في الشاملة لا يضيع ترابط الموضوعات التي تكمل بعضها بعضا.
أنا صاحب هذا الاقتراح (ابتسامة)
وفقك الله ونفع بك
وضح المقصود(100/148)
استفسار حول الحكم على بني قريظة بالقتل والسبي
ـ[مُصْعَب]ــــــــ[18 - 08 - 08, 08:24 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جميعكم يعلم خبر غزوة الخندق وما حدث من خيانة بني قريظة للعهد وما انتهى بحكم سعد بن معاذ (الذي أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم) بقتل مقاتليهم وسبي ذريتهم وأموالهم.
هذه القصة كثيرًا ما تُطرح في الإعلام وفي الحوارات مع اليهود والنصارى حيث يُستنكر هذا الحكم أو هذه "الإبادة" كما يسمونها.
والحقيقة أن من نظر في حال المسلمين يوم الأحزاب وما كادت أن تسفر عنه خيانة بني قريظة لا يمكن أن يتخيل أقل من القتل حكما على هذه الجريمة.
لكني لم أجد بعدُ جوابا شافيا لبعض ما يطرح، مثل:
- لم قتل "جميع" البالغين من الذكور
- لم سُبيَ النساء والأطفال
فهل أجد عندكم الجواب؟
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
ـ[أبو السها]ــــــــ[18 - 08 - 08, 12:09 م]ـ
إن من المعلوم لدينا أن للحرب أحكاما ما ليس للسلم قال تعالى (الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون (56) فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون (57) الأنفال،
يقول الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره: (الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون (56) فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون (57) الأنفال
يقول الشيخ السعدي في تفسيره 1/ 324:
(هؤلاء الذين جمعوا هذه الخصال الثلاث: الكفر، وعدم الإيمان، والخيانة، بحيث لا يثبتون على عهد عاهدوه ولا قول قالوه، هم شر الدواب عند الله فهم شر من الحمير والكلاب وغيرها، لأن الخير معدوم منهم، والشر متوقع فيهم، فإذهاب هؤلاء ومحقهم هو المتعين، لئلا يسري داؤهم لغيرهم، ولهذا قال: {فإما تثقفنهم في الحرب} أي: تجدنهم في حال المحاربة، بحيث لا يكون لهم عهد وميثاق.
{فشرد بهم من خلفهم} أي: نكل بهم غيرهم، وأوقع بهم من العقوبة ما يصيرون [به] (1) عبرة لمن بعدهم {لعلهم} أي من خلفهم {يذكرون} صنيعهم، لئلا يصيبهم ما أصابهم، وهذه من فوائد العقوبات والحدود المرتبة على المعاصي، أنها سبب لازدجار من لم يعمل المعاصي، بل وزجرا لمن عملها أن لا يعاودها.)
-حدثنا علان، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم .. الآية، يعني نكل بهم من بعدهم (الأوسط لابن المنذر)
ولما كان بنو قريظة قد نقضوا العهد استحقوا العقوبة بما يراه الإمام أو قائد الحرب لأن المسألة مسألة اعتداء على الحوزة واستباحة البيضة، وإنما كانت هذه القسوة في الحكم من قبل سعد رضي الله عنه لان خيانة بني قريظة كانت كبيرة - (كان المسلمون في حرب وقتها مع الكفار- غزوة الخندق-، وكانو في شدة وبلاء .. ) فجاء الجزاء من جنس العمل، يقول ابن القيم،3/ 116:زاد المعاد: (وأما قريظة فكانت أشد اليهود عداوة لرسول الله صلى الله عليه و سلم وأغلظهم كفرا ولذلك جرى عليهم ما لم يجر على إخوانهم)
-ثم إنه كان من هديه صلى الله عليه و سلم أنه إذا صالح قوما فنقض بعضهم عهده وصلحه وأقرهم الباقون ورضوا به غزا الجميع وجعلهم كلهم ناقضين كما فعل بقريظة والنضير وبني قينقاع وكما فعل في أهل مكة فهذه سنته في أهل العهد. (انظر: زاد المعاد:3/ 121)
- وعقوبة الجميع -أعني من نقض العهد ومن رضي به وأقره عليه- هو مذهب الفقهاء من أصحاب أحمد، وهو ظاهر النصوص كما قدمت، ولهذا أفتى أبن القيم رحمه الله ولي الأمر- في عهده- لما أحرقت النصارى أموال المسلمين بالشام ودورهم وراموا إحراق جامعهم الأعظم حتى أحرقوا منارته وكاد - لو لا دفع الله - أن يحترق كله وعلم بذلك من علم من النصارى وواطؤوا عليه وأقروه ورضوا به ولم يعلموا ولي الأمر فاستفتى فيهم ولي الأمر من حضره من الفقهاء فأفتيناه بانتقاض عهد من فعل ذلك وأعان عليه بوجه من الوجوه أو رضي به وأقر عليه وأن حده القتل حتما لا تخيير للإمام فيه كالأسير بل صار القتل له حدا والإسلام لا يسقط القتل إذا كان حدا ممن هو تحت الذمة ملتزما لأحكام الله بخلاف الحربي إذا أسلم فإن الإسلام يعصم دمه وماله ولا يقتل بما فعله قبل الإسلام فهذا له حكم والذمي الناقض للعهد إذا أسلم له حكم آخر وهذا الذي ذكرناه هو الذي تقتضيه نصوص الإمام أحمد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/149)
وأصوله ونص عليه شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه وأفتى به في غير موضع (زاد المعاد:3/ 123)
-ثم إن حكم سعد هذا هو هي الأصل حكم الله (والله يحكم ما يريد) ولهذا قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (
لقد حكمت فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبعة أرقعة) -والرقيع من أسماء السماء -
- كذلك يمكن القول بأن هؤلاء- أعني بني قريظة -صاروا أسرى في يد المسلمين، وحكم الأسير في يد الإمام يقضي فيهم بما يراه صالحا لأمر المسلمين فإن شاء الإمام قتل الأسير وإن شاء جعله غنيمة وإن شاء فاداه.قال تعالى: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء .. ) محمد
وأختم بكلام قيم في هذا الموضوع لفضيلة الشيخ جاد محمد أحمد رمضان نشر في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (عدد16) تحت مقال بعنوان (كيف سلمت الدولة الإسلامية من تآمر يهود بني قريظة وخيبر عليها) قال:
لقد جر بنو قريظة أنفسهم إلى هذا الحكم الذي حل بهم؛ فأودى بحياة رجالهم وسلبت نسائهم وأولادهم نعمة الحرية، ولو أنهم ثبتوا على عهدهم لما أصابهم ما أصابهم، ولظلوا آمنين في ديارهم، لكنها الأحقاد تدفع الناس إلى الهلاك وتسوقهم إلى الفناء.
إن الجزاء الذي حل ببني قريظة من جنس عملهم؛ فلو قدر للأحزاب أن ينجحوا في اقتحام المدينة لصار المسلمون إلى هذا المصير الذي صار بنو قريظة إليه، وهل كان في وسع النبي صلى الله عليه وسلم أن يعاملهم كما عامل بني قينقاع وبنى النضير من قبل؛ فيكتفي بإبعادهم عن المدينة كما أبعد أولئك؟ لا! لم يكن في إمكانه ذلك لأن التجربة أثبتت أن الإبعاد لا يكفي؛ فقد يجيشون الجيوش ويستعدون القبائل على الرسول وأصحابه كما حدث في المرة السابقة.
ثم إن طبيعة الجريمة التي اقترفها بنو قريظة تختلف عن جريمة كل من بنى قينقاع وبنى النضير؛ نعم إن الجرائم كلها جرائم خيانة وغدر لا مبرر لها، غير أن جريمة بنى قريظة كانت أشد خطرا من الجريمتين السابقتين؛ لأن المسلمين كانوا في كل منها في حال تمكنهم من الدفاع عن أنفسهم، أما موقفهم وقت جريمة بنى قريظة فقد كان محفوفا بالخطر من جراء الحصار المحكم الذي ضربه الأحزاب حول المدينة؛ فلم يكن في إمكانهم أن يدافعوا عن أنفسهم، ولولا عطف الله بهم لأبيدوا عن آخرهم.
لذلك لم يكن في الإمكان الإبقاء على هؤلاء؛ حتى يرسموا خطة أحكم ويدبروا مكيدة أنكى يقضون بها على دولة الإسلام، ويفتنون الناس عن دينهم ويعيدونها جاهلية كما كانت قبل ظهور النبي عليه الصلاة والسلام.
لقد كان في وسع هؤلاء الذين عرضوا أنفسهم للقتل، وأسلموا نسائهم وأولادهم للسبي، وعرضوا أموالهم للضياع؛ كان في وسعهم ألا يتعرضوا لما تعرضوا له لو أنهم أسلموا كما أسلم الثلاثة من منهم؛ فأمنهم الرسول عليه الصلاة والسلام على أنفسهم وأموالهم وأولادهم، لكنه الغي المودى بأهله في النار والعناد المفضي بأصحابه إلى الدمار.
ليتهم ثابوا إلى رشدهم كما ثاب هؤلاء الثلاثة، وأقلعوا عن غيهم كما أقلعوا، وتخلوا عن عنادهم كما تخلوا؛ إذن لعصموا دماءهم وأموالهم من رسول الله، وكان أجرهم على الله، ولما عرضوا نساهم وأولادهم للرق وساقوهم إلى الذل وأسلموهم للهوان أبد الدهر.
إن قوانين الحرب وقوانين السلم على السواء تقر ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ببني قريظة؛ لأنه عقاب عادل وإجراء وقائي سليم لحماية المسلمين من شرهم ووقايتهم من كيدهم، حتى يتمكنوا من نشر دعوة الحق وإقرار الأمن والسلام على ربوع الأرض، وإزالة الفحشاء والمنكر من جميع أصقاعها.
إن المسؤول الأول عما أصاب هؤلاء التعساء من كوارث، وما حل بهم من نكبات هو حيى بن أخطب؛ فهو الذي زين لهم الخيانة وأغراهم بالنكث وحملهم على الغدر، ولا يعفيه من المسؤولية أنه قتل معهم؛ فهو سبب هلاكهم ومعول خرابهم، كما أنه تسبب في إساءتهم الظن بمن بعده من اليهود.
هذا ما صرح به سلام بن مشكم أحد بنى النضير عندما بلغه خبر بنى قريظة، حيث قال: هذا كله عمل حيى بن اخطب، لا قامت يهودية بالحجاز أبدا.
وما تنبأ به كعب بن أسد حينما دق عليه حيى بن أخطب بابه يغريه بنقض العهد؛ فأجاب: ويحك يا حيى! إنك امرؤ مشئوم؛ جئتني والله بذل الدهر وبجهام لا غيث فيه.
ومهما يكن فقد قضت هذه الغزوة القضاء الأخير على قبائل اليهود في المدينة، وحرمت المنافقين من حليف كان يؤازرهم في الإساءة إلى المسلمين؛ فكسرت شوكتهم وخفت حدتهم وقل خطرهم، وقوي جانب المسلمين بما خلفه لهم بنو قريظة من أدوات القتال، واستغنوا بما امتلكوه بعدهم من أموال؛ فتمكنوا من توسيع أفق الدعوة الإسلامية، ونشطوا لنشر النور والهداية بين البرية.
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[18 - 08 - 08, 12:28 م]ـ
للفائدة
http://www.aljame3.net/ib/index.php?showtopic=700
http://www.aljame3.net/ib/index.php?showtopic=5898
- لم قتل "جميع" البالغين من الذكور
-ثم إنه كان من هديه صلى الله عليه و سلم أنه إذا صالح قوما فنقض بعضهم عهده وصلحه وأقرهم الباقون ورضوا به غزا الجميع وجعلهم كلهم ناقضين كما فعل بقريظة والنضير وبني قينقاع وكما فعل في أهل مكة فهذه سنته في أهل العهد. (انظر: زاد المعاد:3/ 121)
- لم سُبيَ النساء والأطفال
http://www.aljame3.net/ib/index.php?showtopic=6006
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/150)
ـ[مُصْعَب]ــــــــ[18 - 08 - 08, 10:12 م]ـ
أبو السها وعبدالملك السبيعي، بارك الله فيكما.
وجدت ما أريد، وزيادة!.(100/151)
هيا يا اخواني اخواتي الصيام قررب
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[18 - 08 - 08, 09:07 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هيا يا اخواني اخواتي نضع موضوعآ عن الصيام لان الشهر رمضان قرب ونسأل الله ان يبلغنا رمضان اللهم آمين
شدوا حيلكم
اذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث منها (او علم ينتفع به) صدق رسول الله صلى الله وعليه وسلم(100/152)
تهذيب منحة العلام في شرح بلوغ المرام كتاب الصيام
ـ[ابو العابد]ــــــــ[18 - 08 - 08, 12:54 م]ـ
- أخترت هذا الشرح؛ لأنه أفضل من شرح البلوغ عندي إلى الآن
أما عن عملي في الكتاب
_هذبت 30 حديثا من كتاب الصيام واختصرته.
- تخريج الحديث لم أعتمد على الحافظ ابن حجر وإنما اعتمدت على حكم المؤلف
وهو الشيخ العلامة عبدالله بن صالح الفوزان
- تركت صوم التطوع وما بعده وهو 20 حديث المتبقي إلى وقت لاحق لضيق الوقت.
- هذبت الشرح واختصرته قدر المستطاع وكتبته ولونته بألوان
- رسمت الإسناد للطالب لكي يسهل عليه فهمه وحفظه ,
ولو ابتدأ طالب العلم بهذا الكتاب لكان أحسن أقصد بذلك الأصل وهو الشرح
نظرا لأن مؤلفه قال في مقدمته
أكتفي بالمسائل الفقهية التي تستنبط من الحديث، دون الاستطراد إلى مسائل أخرى؛ لأن المراد بيان فقه الحديث، وليس ذكر المسائل الفقهية عموماً، فهذا محله كتب الفقه؛ لأني لم أُرِدِ الإطالة، لئلا يزيد حجم الكتاب، وقد ذكرت مراجع المسائل الفقهية ـ غالباً ـ وما نقلته عن الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله فهو منسوب إلى مصدره وإلا فمن أشرطة شرح «البلوغ»، وسيكون في آخر الكتاب ـ إن شاء الله ـ فهارس شاملة.
لا أتعرض للمسائل الخلافية ومناقشات الأدلة بل أكتفي بالقول المختار الذي يعضده الدليل، وأعرض عن ما لا يقوم عليه دليل، إلا إن كان الخلاف قوياً، أو أن الحافظ قد ذكر ضمن كتابه أدلة الفريقين ـ مثلاً ـ فإني أذكر الخلاف وأبين الراجح؛ للخروج من التعارض الذي قد يفهم من دليل هذا الفريق أو ذاك.
وفي الختام أرجو من القارئ الكريم إذا رأى فيما كتبته زلة قلم أو نبوة فهم، أن يكتب إليَّ مأجوراً مشكوراً لتلافي ذلك مستقبلاً، فالأذن مصغية، والصدر منشرح، وما يكتبه الإنسان عرضة للخطأ، فالتقصير وارد، والنقص موجود، وقد سميت هذا الشرح: «منحة العلام في شرح بلوغ المرام».
والله تعالى أسأل أن يجعل عملي صالحاً، ولوجهه خالصاً، ولعباده نافعاً، وصلى الله وسلَّم على نبيّنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ـ[ابو العابد]ــــــــ[25 - 08 - 08, 12:20 ص]ـ
الأولى يوجد فيها أخطاء
أما الثانية كانت مراجعتي لها دقيقة
فحمل يا طالب العلم
ولا تنساني من الدعاء
ـ[ابو العابد]ــــــــ[27 - 07 - 09, 06:27 ص]ـ
جاء الوقت لمراجعة مسائل الصيام
فأسأل الله التوفيق والسداد(100/153)
تعليق الإعلانات في المسجد
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[18 - 08 - 08, 03:49 م]ـ
:: تعليق الإعلانات في المساجد::
السؤال: نعيش في بلد أوروبي وتواجهنامشكلة الحصول على لحم حلال، مذبوح على الشريعة الإسلامية، وقد اتفقنا مع جزارنصراني على أن يذبح لنا على الشريعة الإسلامية، بهدف توفير اللحم الحلال لإخوانناالمسلمين وسمينا المشروع: "اللحم الحلال". فهل يجوز الإعلان للإخوة المسلمين عنهذا الأمر – توفر لحوم حلال - بعد صلاة الجمعة، ومناقشة مثل هذه الأمور معهم،وجمع المال منهم من أجل ذلك؟ حيث إن هذا الوقت - بعد الجمعة - هو ربما الوقتالوحيد الذي يمكن أن يجتمع فيه المسلمون، ولا يوجد مكان آخر غير المسجد لنجتمع فيه، فمن الصعب إيجاد مكان آخر للاجتماع، فهل يشرع لنا ذلك؟ وهل نستطيع وضع ملصقإعلان على الباب الخارجي للمسجد كبديل للإعلان داخل المسجد؟
الجواب:
الحمد لله
الإعلان في المساجد، إن كان عن طاعة فلا حرج فيه أن يكون داخل المسجد، وإن كان عن أمر دنيوي، كالأمور التجارية الربحية، فلا يجوز أن يكون داخل المسجد، ولا حرج من الإعلان عنه خارج أبواب المسجد أو على جدرانه الخارجية.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة":
" لا يجوز أن تتخذ المساجد ولا ساحاتها ولا أسوارها ميدانا لعرض الإعلانات التجارية، سواء كانت هذه الإعلانات مقصودة أو جاءت تبعا في النشرات واللوحات الدينية الخيرية؛ لأن المساجد إنما بنيت لعبادة الله تعالى من صلاة وذكر وتعلم العلم وتعليمه وقراءة القرآن ونحو ذلك، فالواجب تنزيه المساجد عما لا يليق بها من أمور التجارة، ومن ذلك الإعلانات التجارية الدعائية، سواء كانت مقصودة أو تابعة لغيرها في النشرات الدينية الخيرية، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك) وعرض الإعلانات التجارية من التجارة " انتهى.
"فتاوى اللجنة" (المجموعة الثانية 5/ 270).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما حكم وضع بعض الإعلانات في المسجد؟ كالإعلان عن حملة للحج أو للعمرة، أو الإعلان عن وجود محاضرات أو دروس علم؟
فأجاب رحمه الله:
"أما ما كان إعلانا عن طاعة فلا بأس به؛ لأن الطاعة مما يقرب إلى الله، والمساجد بنيت لطاعة الله سبحانه وتعالى.
وأما ما كان لأمور الدنيا، فإنه لا يجوز، ولكن يعلن عنه على جدار المسجد من الخارج. فالحملات - حملات الحج - أمر دنيوي، فلا نرى أن نعلن عنها في الداخل.
وحلق الذكر - كدورات العلم - خيرٌ محض، فلا بأس أن يعلن عنها في داخل المسجد؛ لأنها خير " انتهى باختصار.
"شرح منظومة القواعد الفقهية" (ص/52).
وقال أيضا رحمه الله:
" لا يجوز أن تعلق الإعلانات للحج والعمرة داخل المسجد؛ لأن غالب الذين يأخذون هذه الرحلات يقصدون الكسب المالي، فيكون هذا نوعاً من التجارة، لكن بدلاً من أن تكون في المسجد تكون عند باب المسجد من الخارج " انتهى.
"لقاءات الباب المفتوح" (لقاء رقم 151، سؤال رقم 10).
وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله: تقوم بعض الدوائر الحكومية والشركات والمؤسسات بإلصاق إعلاناتها على أبواب المساجد من الخارج، وفيها إعلان عن بيع بعض الأدوات القديمة والمستعملة لديهم، وتفعل ذلك أيضًا بعض حملات الحج والعمرة في الإعلان عن خدماتها، وأحيانًا تفتح هذه الأبواب فتكون الإعلانات داخل المسجد، فما الحكم في ذلك؟
فأجاب رحمه الله:
" لا يجوز جعل هذه الإعلانات في لوحات المسجد الداخلة فيه، ولا في الأبواب التي إذا فُتحت كانت الدعايات والإعلانات في داخل المسجد، وأما إلصاق هذه الإعلانات على الحيطان الخارجية فلا مانع من ذلك، سيما إذا كان فيها شيء من الأعمال الخيرية، أو كانت تلك الشركات والمؤسسات والحملات ممن يُساعد على الخير، ويُساهم في الجمعيات الخيرية ومدارس التحفيظ، فلهم أن يُمكنوا من جعل إعلاناتهم على حيطان المسجد الخارجة " انتهى.
وبناء على ما سبق، فإن كان مشروع "اللحم الحلال" مشروعاً ربحيا تجاريا فلا يجوز الإعلان عنه داخل المسجد.
أما إذا كان المشروع خيريا، ولا يقصد به الربح والتجارة، وإنما يقصد منه إعانة المسلمين بتوفير اللحم الحلال لهم، فلا حرج من الإعلان عنه داخل المسجد.
ويقتصر في الإعلان على قول: يتوفر هذا الأسبوع لحم حلال، فمن أراد فليرجع إلى مكتب فلان أو الأخ فلان (خارج المسجد).
أما الاجتماع من أجل ذلك في المسجد وجمع الأموال فهذا يحول المسجد إلى ما يشبه السوق، وهذا يتنافى مع تعظيم المسجد.
والله أعلم.(100/154)
استفسار حول قول النبي من رأى منكم منكرا فليغيره
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[18 - 08 - 08, 03:50 م]ـ
هل يدخل تحت قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "فمن لم يستطع" عدم الاستطاعة الإيمانية يعني
لم يكن عنده إيمان كاف لتجرئه على رد المنكر ولو كان قادرا ماديا دون وقوع ضرر عليه
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[18 - 08 - 08, 04:59 م]ـ
هل من مشارك
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[18 - 08 - 08, 06:15 م]ـ
طيب أجتهد في الإجابة ريثما يتفضل علينا الإخوة الأفاضل بالمشاركة
نعم يؤثر ضعف الإيمان في القادر بحيث لا نلزمه بالأمر والنهي باليد أو باللسان، وعلى هذا لا يلحقه الإثم. شريطة أن يكون في عصر أو مصر لا يجد على الحق معينا لإنه إن وجد ذلك انجبر ضعفه بأخيه
قَالَ الْقَارِي: أَوْ ذَلِكَ الشَّخْص الْمُنْكِر بِالْقَلْبِ فَقَطْ أَضْعَف أَهْل الْإِيمَان، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ قَوِيًّا صُلْبًا فِي الدِّين لَمَا اِكْتَفَى بِهِ، يُؤَيِّدهُ الْحَدِيث الْمَشْهُور " أَفْضَل الْجِهَاد كَلِمَة حَقّ عِنْد سُلْطَان جَائِر " اِنْتَهَى.
{عون المعبود}
كلامي كله يدور على
القادر الذي تعين عليه ويجبن
هل يلحقه الإثم؟
ـ[أبو السها]ــــــــ[18 - 08 - 08, 08:38 م]ـ
لم أفهم سؤالك بالضبط، ولكن أقول:إن الإثم في ترك الإنكار غير متعلق بالإيمان، وإنما الإثم منوط بالاستطاعة من عدمها، بمعنى إذا كان مستطيعا إنكار المنكر بيده وأنكره بلسانه أو بقلبه فهو مؤمن ضعيف الإيمان آثم من أجل تركه الإنكار باليد، وكذا لو فرضنا أنه كان قادرا على تغيير المنكر باللسان فلم ينكر إلا بقلبه فهو ضعيف الإيمان آثم - كما هو في الصورة الأولى-
وكذا لو رأى منكرا ولم يكن قادرا على التغيير باليد واللسان وأنكر بالقلب فهذا قد يكون مؤمنا حقا غيرآثم لأنه أتى الذي عليه، أما إذا لم ينكر حتى بقلبه عند العجز عن التغيير باليد واللسان فهذا ليس مؤمنا لقوله صلى الله عليه وسلم: (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.) رواه مسلم
فالقادر الذي تعين عليه الإنكار بحسب نوعه ويجبن آثم لا محالة، بل لا إيمان له إذا لم ينكر بالقلب.
هذا ما حررته في المسألة فإن كان صوابا فمن الله وحده وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان الرجيم والله ورسوله بريئان منه.
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[19 - 08 - 08, 01:56 م]ـ
لم أفهم سؤالك بالضبط، ولكن أقول:إن الإثم في ترك الإنكار غير متعلق بالإيمان، وإنما الإثم منوط بالاستطاعة من عدمها، بمعنى إذا كان مستطيعا إنكار المنكر بيده وأنكره بلسانه أو بقلبه فهو مؤمن ضعيف الإيمان آثم من أجل تركه الإنكار باليد، وكذا لو فرضنا أنه كان قادرا على تغيير المنكر باللسان فلم ينكر إلا بقلبه فهو ضعيف الإيمان آثم - كما هو في الصورة الأولى-
وكذا لو رأى منكرا ولم يكن قادرا على التغيير باليد واللسان وأنكر بالقلب فهذا قد يكون مؤمنا حقا غيرآثم لأنه أتى الذي عليه، أما إذا لم ينكر حتى بقلبه عند العجز عن التغيير باليد واللسان فهذا ليس مؤمنا لقوله صلى الله عليه وسلم: (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.) رواه مسلم
فالقادر الذي تعين عليه الإنكار بحسب نوعه ويجبن آثم لا محالة، بل لا إيمان له إذا لم ينكر بالقلب.
هذا ما حررته في المسألة فإن كان صوابا فمن الله وحده وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان الرجيم والله ورسوله بريئان منه.
جزاك الله خيرا
بل لعلك فهمتني وقد دارت إجابتك -وفقني الله وإياك-في فلك السؤال،
فمدار السؤال على قادر بلا ضرر لكنه يتهيب النقد والرد والنظر ونحو ذلك لضعف إيمانه.
لكنك بإجابتك خالفت ما أرتأيه
وهو هل هو آثم
فضيلتك قلت "آثم"
والذي اجتهدت فيه أنه ليس كذلك ما دام في عصر أو مصر انتشر فيه المعصية عموما أو هذه المعصية بعينها خصوصا فليس بآثم، ولكنه ضعيف الإيمان
وربما تنفع هذه الآثار
{عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الفتنة فقال إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم وخفت أماناتهم وكانوا هكذا وشبك بين أصابعه قال فقمت إليه فقلت كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك قال الزم بيتك واملك عليك لسانك وخذ بما تعرف ودع ما تنكر وعليك بأمر خاصة نفسك ودع عنك أمر العامة.}
{قال الخلال أخبرنا سليمان بن الأشعث، قال: سمعت أبا عبد الله، يقول: «نحن نرجو إن أنكر بقلبه فقد سلم، وإن أنكر بيده فهو أفضل»}
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/155)
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[19 - 08 - 08, 04:07 م]ـ
اللهم يسر لنا جليسا صالحا
ـ[أبو السها]ــــــــ[19 - 08 - 08, 09:03 م]ـ
جزاك الله خيرا
بل لعلك فهمتني وقد دارت إجابتك -وفقني الله وإياك-في فلك السؤال،
فمدار السؤال على قادر بلا ضرر لكنه يتهيب النقد والرد والنظر ونحو ذلك لضعف إيمانه.
لكنك بإجابتك خالفت ما أرتأيه
وهو هل هو آثم
فضيلتك قلت "آثم"
والذي اجتهدت فيه أنه ليس كذلك ما دام في عصر أو مصر انتشر فيه المعصية عموما أو هذه المعصية بعينها خصوصا فليس بآثم، ولكنه ضعيف الإيمان
وربما تنفع هذه الآثار
{عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الفتنة فقال إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم وخفت أماناتهم وكانوا هكذا وشبك بين أصابعه قال فقمت إليه فقلت كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك قال الزم بيتك واملك عليك لسانك وخذ بما تعرف ودع ما تنكر وعليك بأمر خاصة نفسك ودع عنك أمر العامة.}
{قال الخلال أخبرنا سليمان بن الأشعث، قال: سمعت أبا عبد الله، يقول: «نحن نرجو إن أنكر بقلبه فقد سلم، وإن أنكر بيده فهو أفضل»}
والله أعلم
الحديث وقول الإمام أحمد محمول على حالة الخوف، أي إذا خاف على نفسه أو ماله أو خاف السجن فيكفيه الإنكار بالقلب، وإن أنكر بيده فهو أفضل،
يقول ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم (1/ 323 من الشاملة):قال في رواية أبي داود نحن نرجو إن أنكر بقلبه فقد سلم وإن أنكر بيده فهو أفضل وهذا محمول على أنه يخاف كما صرح بذلك في رواية غير واحد وقد حكي القاضي أبو يعلي روايتين عن أحمد في وجوب إنكار المنكر على من يعلم أنه لا يقبل منه وصح القول بوجوبه وهذا قول أكثر العلماء وقد قيل لبعض السلف في هذا فقال يكون لك معذرة وهذا كما أخبر الله تعالى عن الذين أنكروا على المعتدين في السبت أنهم قالوا لمن قال لهم أتعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون الأعراف وقد ورد ما يستدل به على سقوط الأمر والنهي عند عدم القبول والانتفاع به ففي سنن أبي داود وابن ماجه والترمذى عن أبي ثعلبة الخشني أنه قيل له كيف تقول في هذه الآية عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم المائدة قال سألت عنها خبيرا أما والله لقد سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال بل ائتمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوي متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك ودع عنك أمر العوام وفي سنن أبي داود عن عبدالله بن عمر قال بينما نحن جلوس حول رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم إذ ذكر الفتنة فقال إذا رأيتم الناس مرجت عهودهم وخفت أماناتهم وكانوا هكذا وشبك أصابعه فقمت إليه فقلت له كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك فقال الزم بيتك واملك عليك لسانك وخذ بما تعرف ودع ما تنكر وعليك بأمر خاصة نفسك ودع عنك أمر العامة وكذلك روى عن طائفة من الصحابة في قوله تعالى عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم المائدة قالوا لم يأت تأويلها بعد إنما تأويلها في آخر الزمان وعن ابن مسعود قال إذا اختلفت القلوب والأهواء وألبستم شيعا وذاق بعضكم بأس بعض فيأمر الإنسان حينئذ نفسه فهو حينئذ تأويل هذه الآية وعن ابن عمر قال هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا إن قالوا لم يقبل منهم وقال جبير بن نفير عن جماعة من الصحابة قالوا إذا رأيت شحا مطاعا وهوي متبعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك حينئذ بنفسك لا يضرك من ضل إذا اهتديت وعن مكحول قال لم يأت تأويلها بعد إذا هاب الواعظ وأنكر الموعوظ فعليك حينئذ بنفسك لا يضرك من ضل إذا اهتديت وعن الحسن أنه كان إذا تلا هذه الآية قال يا لها من ثقة ما أوثقها ومن سعة ما أوسعها وهذا كله قد يحمل على أن من عجز عن الأمر بالمعروف أو خاف الضرر سقط عنه وكلام ابن عمر يدل على أن من علم أنه لا يقبل منه لم يجب عليه كما حكي رواية عن أحمد وكذا قال الأوزاعي اأمر من تري أن يقبل منك.
انتهى
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[20 - 08 - 08, 12:55 م]ـ
جزاك الله خيرا وجعلك من الصالحين
طيب
بقي لي حجة، وهي قول القاري المذكور في المشاكرة الثانية، وأنقله له:
قَالَ الْقَارِي: أَوْ ذَلِكَ الشَّخْص الْمُنْكِر بِالْقَلْبِ فَقَطْ أَضْعَف أَهْل الْإِيمَان، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ قَوِيًّا صُلْبًا فِي الدِّين لَمَا اِكْتَفَى بِهِ، يُؤَيِّدهُ الْحَدِيث الْمَشْهُور " أَفْضَل الْجِهَاد كَلِمَة حَقّ عِنْد سُلْطَان جَائِر " اِنْتَهَى.
فهذا يدل على أن ضعف قوة الإيمان يؤثر والله أعلم، فإذا حملنا الكلام على خوف الضرر لم يكن قوله "لو كان قويا صلبا في الدين" له فائدة، لأن قوي البدن وصلب الدين أيضا له ترك ذلك إذا خشي الضرر ولا يأثم
فما قولكم دام فضلكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/156)
ـ[أبو السها]ــــــــ[20 - 08 - 08, 09:46 م]ـ
جزاك الله خيرا وجعلك من الصالحين
طيب
بقي لي حجة، وهي قول القاري المذكور في المشاكرة الثانية، وأنقله له:
قَالَ الْقَارِي: أَوْ ذَلِكَ الشَّخْص الْمُنْكِر بِالْقَلْبِ فَقَطْ أَضْعَف أَهْل الْإِيمَان، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ قَوِيًّا صُلْبًا فِي الدِّين لَمَا اِكْتَفَى بِهِ، يُؤَيِّدهُ الْحَدِيث الْمَشْهُور " أَفْضَل الْجِهَاد كَلِمَة حَقّ عِنْد سُلْطَان جَائِر " اِنْتَهَى.
فهذا يدل على أن ضعف قوة الإيمان يؤثر والله أعلم، فإذا حملنا الكلام على خوف الضرر لم يكن قوله "لو كان قويا صلبا في الدين" له فائدة، لأن قوي البدن وصلب الدين أيضا له ترك ذلك إذا خشي الضرر ولا يأثم
فما قولكم دام فضلكم
بارك الله فيك، إن كلام القارئ جاء في سياق شرحه لمعنى قوله صلى الله عليه وسلم " وذلك أضعف الإيمان" ولا علاقة له بمسألة التأثير من عدمه، فقال رحمه الله: (وذلك أي الإنكار بالقلب وهو "الكراهية" أضعف الإيمان أي شعبه أو خصال أهله والمعنى أنه أقلها ثمرة فمن غير المراتب مع القدرة كان عاصيا ومن تركها بلا قدرة أو يرى المفسدة أكثر ويكون منكرا بقلبه فهو من المؤمنين وقيل معناه وذلك أضعف زمن الإيمان إذ لو كان إيمان أهل زمانه قويا لقدر على الإنكار القولي أو الفعلي ولما احتاج إلى الاقتصار على الإنكار القلبي أو ذلك الشخص المنكر بالقلب فقط أضعف أهل الإيمان فإنه لو كان قويا صلبا في الدين لما اكتفى به ويؤيده الحديث المشهور أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر وقد قال تعالى ولا يخافون لومة لائم المائدة هذا وقد قال بعض علمائنا الأمر الأول للأمراء والثاني للعلماء والثالث لعامة المؤمنين وقيل المعنى إنكار المعصية بالقلب أضعف مراتب الإيمان لأنه إذا رأى منكرا معلوما من الدين بالضرورة فلم ينكره ولم يكرهه ورضي به واستحسنه كان كافرا ولعل الإطلاق الدال على العموم لإفادة التهديد والوعيد الشديد ... ) مرقاة المفاتيح (5/ 2)
ثم ساق قول النووي-رحمه الله -فكان مما قال (قال النووي رحمه الله في شرح مسلم قوله فليغيره بيده هو أمر إيجاب وقد تطابق على وجوبه الكتاب والسنة وإجماع الأمة وهي أيضا من النصيحة التي هي الدين ولم يخالف في ذلك إلا بعض الروافض ولا يعتد بخلافهم قال إمام الحرمين أبو المعالي لا نكترث بخلافهم ووجوبه بالشرع لا بالعقل خلافا للمعتزلة فمن وجب عليه وفعله ولم يمتثل المخاطب فلا عتب بعد ذلك عليه لكونه أدى ما عليه وما عليه أن يقبل منه وهو فرض كفاية ومن تمكن منه وتركه بلا عذر أثم وقد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو أولا يتمكن من إزالته إلا هو وكمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر قالوا ولا يسقط عن المكلف لظنه أن لا يفيد بل يجب عليه فعله فإن الذكرى تنفع المؤمنين وما على الرسول إلا البلاغ المبين ... ) ن م
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[23 - 08 - 08, 04:28 م]ـ
في الحقيقة أبى علي فهمي قبول تفسيرك لقول القاري
فلا زلت أرى أنه يقصد -على قول البعض-أنهم يتركون اليد واللسان إلى القلب مع قدرتهم خشية لو اللائم، فهؤلاء ضعفاء الإيمان غير آثمين
والله أعلم(100/157)
سؤال للمحدثين فقط؟
ـ[فهد الطائي]ــــــــ[18 - 08 - 08, 05:20 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ما رأيكم في حفظ كتاب تقريب التهذيب لابن حجر - عليه رحمة الله تعالى -،
وماأفضل الطرق لحفظ الرجال؟؟
افيدونا - وجزاكم المولى -جل جلاله- خيراً
ـ[فهد الطائي]ــــــــ[19 - 08 - 08, 12:31 ص]ـ
للرفع، -والله المستعان-
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[19 - 08 - 08, 02:43 ص]ـ
للفائدة أخى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=145778 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=145778)(100/158)
(المكتبة العلمية الثانية للاسرة) لاتترد باقتنائها ...
ـ[مكتب منهج الحياة]ــــــــ[18 - 08 - 08, 06:01 م]ـ
صدر حديثًا بمدار الوطن للنشر (المكتبة الثانية للأسرة) تحتوي على 6 مختصرات هي:
اسم الكتاب
نبذة مختصرة
1
مختصر الفصول في سيرة الرسول r
مختصر مبارك في سيرة خير البشر محمد رسول الله r مع شيء من معجزاته وخصائصه عليه الصلاة والسلام.
وقد كان محمد بن سعد بن أبي وقاص يعلم أبناءه أيام رسول الله r ومغازيه ويقول: هذه مآثر آبائكم فلا تضيعوا ذكرها.
2
مختصر الوابل الصيب
كتاب جامع لأذكار النبي r ودعواته وتعوذاته ورقاه المشروعة، وقد اشتمل على أكثر من سبعين فائدة للذكر إضافة إلى أذكار النبي r المطلقة والمقيدة في كافة المناسبات وهذا من أعظم ما ينبغي للمسلم تحريه والمحافظة عليه.
3
مختصر جامع العلوم والحكم
كتاب عظيم حافل يتضمن شرح خمسين حديثًا منتقاة من جوامع كلم النبي r تشمل الأربعين النووية وغيرها، وهذه الأحاديث يندرج تحتها معانٍ كثيرة، وأحكام مهمة، وفوائد لطيفة، وقد أجاد المؤلف في شرحه فجاء بحمد الله كتابًا فريدًا في بابه.
4
مختصر صيد الخاطر
هذا الكتاب عبارة عن تجارب واقعية، وخواطر من جرب الأمور وعرف طبائع البشر، فهو أفكار ولطائف وفوائد جادت بها قريحة المؤلف بعد كثير من الفكر والتأمل في الكون والحياة والناس والنفس، فجاءت فريدة في طرحها، بديعة في عرضها وأهدافها.
5
مختصر لطائف المعارف
كتاب فريد في بابه تحدث فيه المؤلف عن وظائف أشهر وأيام العام من الطاعات والعبادات التي يتقرب بها المرء إلى ربه عز وجل، وهو مما يعين المسلم على استثمار الوقت فيما يفيد ويعرفه بمواسم الخير والأوقات الشريفة من العام.
6
مختصر كتاب الكبائر
من أنفع الكتب في معرفة الكبائر التي حذر منها الله ورسوله r، وقد قال الله عز وجل (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريما) فقد تكفل الله عز وجل بهذه الآية لمن اجتنب الكبائر بأن يغفر له ما سوى ذلك ويدخله الجنة.
اطلبها من مدار الوطن للنشر – الرياض - هاتف: 014792042 فاكس: 014723941(100/159)
استفسار عن معنى (التولة)
ـ[أبو الوليد العمراني]ــــــــ[18 - 08 - 08, 06:04 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل كل مايقرب بين الزوجين يكون من باب التولة (حتى الدعاء مثل أن يقرأ الشخص (وألقيت عليك محبة مني) ثم يدعو قائلا: اللهم كما ألقيت محبة منك على موسى. فألقي محبتي في قلب زوجتي.
هل مثل هذا وغيره من الآيات والدعوات يكون من باب التولة. أم المقصود ماكان من باب السحر فقط؟
أرجو الفائدة من الجميع وجزاكم الله خيرا.(100/160)
كانت امه تمتلك قطعة ارض .... وارادت ان تبنى عليها
ـ[ابو طالب السلفى]ــــــــ[18 - 08 - 08, 08:29 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
هذا سؤال يتعلق باحد الاخوان ارجو الاهتمام بالاجابع غليه لما يترتب عليه من حقوق
كانت امه تمتلك قطعة ارض .... وارادت ان تبنى عليها
فساعدها زوجها الذى هو الاب بنصف تكاليف البناء
وسجل البيت ملك للام
ثم اعطت الام البيت للابن وسجل ذلك رسميا فى عقد .. ووافق الاب
ثم باع الابن البيت
ابوه يطالبه بمال ويقول ان له نصيب من هذا البيع
علما بان هذ الاب طاعن فى السن فقد تجاوز الثمانين واحيانا يتصرف دون وعى ولا حكمه
والسؤال
هل لهذا الاب فعلا حق فى هذا المال الذى هو ثمن بيع البيت
وان كان له حق فكيف يقدر
ارجو الاهتمام .. بارك الله فيكم
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[18 - 08 - 08, 11:37 م]ـ
ردو يا اخوان تفاعلوا اين انتم تشاهدون ثم تخرجون وفقكم الله
ـ[أيمن بن خالد]ــــــــ[19 - 08 - 08, 04:32 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أخي المريم حفزكم الله اعذر اخوانك فمنهم من رأى السؤال و لا يعرف الإجابة و منهم من رأى السؤال و تورع عن الإجابة و منهم من رأى السوال و عرف الإجابة و لكن مشغول و منهم من رأى السؤال و تجرأ على الرد و الله المستعان و هذا حالي و ما جاوبت إلا لشعوري بضرورة السؤال و لمضي الوقت دون رد من أحد و عليه لا يظن أني شيخ أو عالم أو حتى طالب علم فحالي حال الكثير ممن جهله أعظم من علمه و علمه ما هو إلا قتات (و عذرا على طول الكلام و لكن حتى لا يساء فهم قولي و يعتر بحالي ممن لا يعرفني)
أقول و بالله أستعين:
شرعاَ: البيت من حق الإبن لا يشاركه فيه أحد. و قد يستشكل البعض الحديث المروي في سنن أبي داود من حديث عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: "أنت ومالك لوالدك؛ إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم" و هو و إن كان ظاهره ملك الأب لما يملك الإبن و لكن المعنى كما شرح الطحاوي في شرح معاني الأثار حين قال في ما معناه: أن قول الأب نافذ في مال الإبن لا ملكه إياه على الحقيقة. و لكن بما أن الأب على الحال التي ذكرن بأنه لا يستطيع التمييز في أغلب أحيانه فإن قوله لا يعتبر لخوف تضييع المال (و الله أعلم)
على كل حال: من حق الأب على ابنه أن ينفق عليه خصوصاَ إن كان الإبن موسرا أو يستطيع ذلك و هو يستطيع كما فهم من السؤال.
لكن أقول: ليتلطف الإبن مع أبيه و أمه فالمال ما ال اليه إلا لحبهما إياه و ثقتهما فيه لذا فليكن تعامله معهما على أساس أنهما أصحاب المال لا هو - و إن كان المال من حقه - و لينفق عليهما بسخاء فهذا من البر و ما أعظمه من بر و ليخفض لهما جناح الذل من الرحمة عسى الله أن يكتب له الأجر و يحفظ له أبواه فما بقي من العمر إلا القليل فلا يضيعن على نفسه بابا من أبةاب الجنة. و لأن الأب قد يضيع المال لعدم تمييزه فليعطيه ما لو أضاعه لا يؤثر و ليكم دائم النفقة عليه.
و اليك فتوى معتبرة
هل لأبي الحقّ أن يأخذ من مالي ما يشاء
السؤال:
أبي يقتبس حديث "أنت ومالك لأبيك" أو "ما يملك الابن ملك للأب" فهل هذا صحيح؟ وهل هذا يعني أنه يحق للأب أن يأخذ ما يشاء حتى لو كان ضد رغبة الابن؟ أعلم أنه واجب على الأبناء مراعاة الآباء.
الجواب:
الحمد لله
1. الحديث: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالا وَوَلَدًا وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي فَقَالَ أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ رواه ابن ماجه (2291) وابن حبان في صحيحه (2/ 142) من حديث جابر، و (2292) وأحمد (6902) من حديث عبد الله بن عمرو.
ورواية أحمد عن عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ أَتَى أَعْرَابِيٌّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي قَالَ أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَمْوَالَ أَوْلَادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ فَكُلُوهُ هَنِيئًا.
وله طرق وشواهد يصح بها.
انظر: " فتح الباري " (5/ 211)، و " نصب الراية " (3/ 337).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/161)
2. اللام في الحديث: ليست للملك بل للإباحة.
قال ابن القيم:
واللام في الحديث ليست للملك قطعا .. ومن يقول هي للإباحة أسعد بالحديث وإلا تعطلت فائدته ودلالته. " إعلام الموقعين " (1/ 116).
3. ومما يدل على أنها ليست للملك أن الابن يرثه أولاده وزوجته وأمه، فلو كان ماله ملكاً لوالده: لم يأخذ المال غير الأب.
وقال الشافعي:
لأنه لم يثبت فإن الله لما فرض للأب ميراثه من ابنه فجعله كوارث غيره وقد يكون أنقص حظا من كثير من الورثة دل ذلك على أن ابنه مالك للمال دونه. " الرسالة " (ص 468).
4. وليست الإباحة على إطلاقها، بل هي بشروط أربعة:
قال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله:
هذا الحديث ليس بضعيف لشواهده، ومعنى ذلك: أن الإنسان إذا كان له مال: فإنَّ لأبيه أن يتبسَّط بهذا المال، وأن يأخذ من هذا المال ما يشاء لكن بشرط بل بشروط:
الشرط الأول: ألا يكون في أخذه ضرر على الابن، فإن كان في أخذه ضرر كما لو أخذ غطاءه الذي يتغطى به من البرد، أو أخذ طعامه الذي يدفع به جوعه: فإن ذلك لا يجوز للأب.
الشرط الثاني: أن لا تتعلق به حاجة للابن، فلو كان عند الابن أمَة يتسراها: فإنه لا يجوز للأب أن يأخذها لتعلق حاجة الابن بها، وكذلك لو كان للابن سيارة يحتاجها في ذهابه وإيابه وليس لديه من الدراهم ما يمكنه أن يشتري بدلها: فليس له أن يأخذها بأي حال.
الشرط الثالث: أن لا يأخذ المال مِن أحد أبنائه ليعطيه لابنٍ آخر؛ لأن ذلك إلقاء للعداوة بين الأبناء، ولأن فيه تفصيلاً لبعض الأبناء على بعض إذا لم يكن الثاني محتاجاً، فإن كان محتاجاً: فإن إعطاء الأبناء لحاجة دون إخوته الذين لا يحتاجون: ليس فيه تفضيل بل هو واجب عليه.
وعلى كل حال: هذا الحديث حجة أخذ به العلماء واحتجوا به، ولكنه مشروط بما ذكرنا، فإن الأب ليس له أن يأخذ من مال ولده ليعطي ولداً آخر.
والله أعلم. " فتاوى إسلامية " (4/ 108، 109).
وهناك شرط رابع مهم وهو أن تكون عند الأب حاجة للمال الذي يأخذه من ولده، وقد جاء مصرَّحاً بهذا الشرط في بعض الأحاديث.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم هبة الله لكم {يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور} فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها.
رواه الحاكم (2/ 284) والبيهقي (7/ 480).
والحديث صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " (2564)، وقال:
وفي الحديث فائدة فقهيَّة هامَّة وهي أنه يبيِّن أن الحديث المشهور " أنت ومالك لأبيك " (الإرواء 838) ليس على إطلاقه بحيث أن الأب يأخذ من مال ابنه ما يشاء، كلا، وإنما يأخذ ما هو بحاجة إليه. والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
المصدر: http://islamqa.com/ar/ref/9594
و الله أعلم(100/162)
هل القرين يعلم ما يجول في الخاطر؟
ـ[محمد العياشي]ــــــــ[18 - 08 - 08, 10:14 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله,
هل القرين يعلم ما يجول في الخاطر؟ و هل من دليل على السلب أو الأيجاب؟
و جزاكم الله خيرا.
ـ[يزيد المسلم]ــــــــ[18 - 08 - 08, 11:02 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته
ما يجول في الخاطر من الغيبيات ولا يعلم الغيب الا الله
والملك الموكل بالحسنات والسيئات يكتبون ويسجلون الاعمال ولهم بالظاهر ويوم القيامه تتبين النية الصالحة من النيه غير الصالحه يوم يقال مثلاً للعالم تعلم ليقال عالم وقد قيل وقاتل المقاتل ليقال قاتل وقد قيل وهكذا القرين لا يعلم الغيب قل لا يعلم الغيب الا الله
ـ[يزيد المسلم]ــــــــ[18 - 08 - 08, 11:08 م]ـ
هل الشيطان يعلم خواطر الإنسان ونواياه؟
السؤال: هل الشيطان يعلم ما يحاك في صدورنا من كلام لا يعلمه إلا الله فيوسوس ما يناسب خواطرنا أم ماذا؟
الجواب:
الحمد لله
دلت الأدلة الصحيحة على أن الشيطان قريب من الإنسان، بل يجري منه مجرى الدم، فيوسوس له في حال غفلته، ويخنس في حال ذكره، ومن خلال هذه الملازمة فإنه يعلم ما يهواه الإنسان من الشهوات فيزينها له، ويوسوس له بخصوصها.
روى البخاري (3281) ومسلم (2175) عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ رضي الله عنها أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وهم وإن شموا رائحة طيبة ورائحة خبيثة [أي الملائكة تشم ريحا طيبة حين يهم العبد بالحسنة كما جاء عن سفيان بن عيينة]، فعلمهم لا يفتقر إلى ذلك، بل ما في قلب ابن آدم يعلمونه، بل ويبصرونه ويسمعون وسوسة نفسه، بل الشيطان يلتقم قلبه؛ فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل قلبه عن ذكره وسوس، ويعلم هل ذكر الله أم غفل عن ذكره، ويعلم ما تهواه نفسه من شهوات الغي فيزينها له.
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكر صفية رضي الله عنها (إن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم).
وقرب الملائكة والشيطان من قلب ابن آدم مما تواترت به الآثار، سواء كان العبد مؤمنا أو كافرا " انتهى من "مجموع الفتاوى" (5/ 508).
فالشيطان يطلع على وسوسة الإنسان لنفسه، ويعلم ما يميل إليه ويهواه من الخير والشر، فيوسوس له بحسب ذلك.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله – ضمن سؤال طويل -: وإذا نويت عمل خير في قلبي هل يعلم به الشيطان ويحاول صرفي عنه؟
فأجاب: " كل إنسان معه شيطان ومعه ملك , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا ومعه قرينه من الجن وقرينه من الملائكة. قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير). وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يملي على الإنسان الشر ويدعوه إلى الشر وله لَمَّة في قلبه، وله اطلاع بتقدير الله على ما يريده العبد وينويه من أعمال الخير والشر , والملَك كذلك له لمَّة بقلبه يملي عليه الخير ويدعوه إلى الخير، فهذه أشياء مكنهم الله منها: أي مكن القرينين، القرين من الجن والقرين من الملائكة , وحتى النبي صلى الله عليه وسلم معه شيطان وهو القرين من الجن كما تقدم الحديث بذلك ...
والمقصود أن كل إنسان معه قرين من الملائكة وقرين من الشياطين , فالمؤمن يقهر شيطانه بطاعة الله والاستقامة على دينه , ويذل شيطانه حتى يكون ضعيفا لا يستطيع أن يمنع المؤمن من الخير ولا أن يوقعه في الشر إلا ما شاء الله , والعاصي بمعاصيه وسيئاته يعين شيطانه حتى يقوى على مساعدته على الباطل , وتشجيعه على الباطل , وعلى تثبيطه عن الخير. فعلى المؤمن أن يتقي الله وأن يحرص على جهاد شيطانه بطاعة الله ورسوله والتعوذ بالله من الشيطان , وعلى أن يحرص في مساعدة ملَكه على طاعة الله ورسوله والقيام بأوامر الله سبحانه وتعالى " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (9/ 369).
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
ـ[صدقه]ــــــــ[19 - 08 - 08, 02:06 ص]ـ
سبحان الله كنت أسأل نفسي هذا السؤال اليوم؟
جزاكم الله خيراً
ـ[صدقه]ــــــــ[19 - 08 - 08, 02:07 ص]ـ
سبحان الله كنت أسأل نفسي هذا السؤال اليوم؟
جزاكم الله خيراً
ـ[صدقه]ــــــــ[19 - 08 - 08, 02:07 ص]ـ
سبحان الله كنت أسأل نفسي هذا السؤال اليوم؟
جزاكم الله خيراً
ـ[محمد العياشي]ــــــــ[19 - 08 - 08, 04:14 ص]ـ
سبحان الله للكون رب يدبره.
جزاكم الله خيرا.
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[19 - 08 - 08, 04:00 م]ـ
لا أعتقد هذا، فإن عمومات القرآن تنفي العلم بذلك من قبل الشياطين، ومن هذه العمومات آيات الغيب ونفي العلم به عن الجميع حتى الأنبياء، ومثل قوله سبحانه: (فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين) وقوله تعالى اسمه: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه ... وما كان له عليهم من سلطان) وقوله: (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم) ولاشك أن الاطلاع من الشيطان على ما في نفس الإنسان سلطان له عليه يعرف به ثغرات نفسه، ولو كان له هذا العلم لكان حجة للعصاة يوم القيامة لتوجيه اللوم على الشيطان.
والله أعلم.(100/163)
الانكار في اكل لحوم الابل
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[18 - 08 - 08, 11:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
اخواني والمشايخ حياكم الله
سؤالي انا في الرياض ومن الحنابله لكن اذا رأيت احد (شخص) من مذاهب الحنفيه ما يتوضأمن لحم الأبل هل انكر عليه (واقول الحديث انتوضأمن لحم الابل قال نعم) ام لا؟؟
ـ[الغُندر]ــــــــ[20 - 08 - 08, 06:50 م]ـ
نعم وان لم يقتنع وكان امام مسجد تصلي خلفه وان لم يتوضأ بعد اكلها , وهذا عمل اهل السنة
وقرات للشيخ محمد بن عثيمين نحو هذا في فتاوى اركان الاسلام.
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 01:30 م]ـ
من بلغه أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم " لم يقتنع " [!] فكيف أصلي خلفه؟
وهو بهذا أخل بشرط من شروط صحة الصلاة وهو الطهارة.
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[21 - 08 - 08, 02:22 م]ـ
طيب لدي مثالين هل صحيح مثلآ: (1)
بأن يقال ان هذا الامام (امام المسجد) من اتباع ابوحنيفة اكل لحم الابل ولم يتوضأ وهو الان يؤم بالناس ولم يتوضأ من لحم الابل وفي احد من اتباع الحنابله توضأ من الابل ثم صلى خلف الامام (تابع ابوحنيفة) اذا قلت له ان صلاتك باطله ايها الامام لانك لم تتوضأ من لحوم الابل فيقول لك الامام انا معي دليل؟؟ ماهو رأيكم يا اخواني
المثال الثاني اذا طلع عكس ما رأيكم فيه وفقكم الله يا اخواني
ـ[الطائفي ابو عمر]ــــــــ[21 - 08 - 08, 02:37 م]ـ
أكل لحم الإبل ينقض الوضوء
السؤال: هل ينقض أكل لحم الإبل الوضوء؟.
الجواب:
الصحيح: أنه يجب الوضوء من أكل لحوم الإبل صغيراً كان أو كبيراً ذكراً أو أنثى مطبوخاً أو نيئاً، وعلى هذا دلّت الأدلّة:
1 - حديث جابر، سئل النبي صلى الله عليه وسلم أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم، قال: أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال:إن شئت. رواه مسلم (360).
2 - حديث البراء، سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن لحوم الإبل؟ قال: توضئوا منها، وسئل عن لحوم الغنم فقال لا يتوضاٌ. رواه أبو داود (184) الترمذي (81) وصححه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه.
وأما الذين لم يوجبوا الوضوء من لحم الإبل، فإنهم ردوا بأشياء، منها:
أ. بأن هذا الحكم منسوخ، ودليلهم:
حديث جابر: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مسّت النار. رواه أبو داود (192) والنسائي (185).
وهذا الرد لا يقابل النص الخاص السابق في " صحيح مسلم ".
ثم إنه ليس فيه دليل على النسخ؛ لأنهم سألوا أنتوضأ من لحوم الغنم؟ فقال: إن شئت.
فلو كان هذا الحديث منسوخاً لنسخ حكم لحم الغنم ولما قال: " إن شئت ": دل على أن هذه الأحاديث لاحقة لحديث جابر.
والنسخ لا بد فيه من دليل يفيد أن الناسخ مقدم في التاريخ ولا دليل.
ثم إن حديث النسخ عام، وهذا خاص يخصص عموم الحديث.
ثم إن سؤاله عن لحوم الغنم يبين أن العلة ليست في مس النار لأنه لو كان كذلك لتساوت لحوم الإبل ولحوم الغنم في ذلك.
ب. واستدلوا بحديث: " الوضوء مما يخرج لا مما يدخل ".
والرد:
الحديث: رواه البيهقي (1/ 116) وضعفه، والدار قطني (ص 55)، وهو حديث ضعيف فيه ثلاث علل، انظر تحقيقها في " السلسلة الضعيفة " (959).
وإن صح - تنزلاً -: فهو عام، وحديث إيجاب الوضوء خاص.
ج. وقال بعضهم: إن المراد من قوله " توضئوا منها ": غسل اليدين والفم لما في لحم الإبل من رائحة كريهة ودسومة غليظة بخلاف لحم الغنم!
والرد:
أن هذا بعيد، لأن الظاهر منه هو الوضوء الشرعي لا اللغوي، وحمل الألفاظ الشرعية على معانيها الشرعية واجب.
د. واستدل بعضهم بقصة لا أصل لها وخلاصتها:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب ذات يوم، فخرج من أحدهم ريح، فاستحيا أن يقوم بين الناس، وكان قد أكل لحم جزور، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ستراً عليه!: من أكل لحم جزور فليتوضأ! فقام جماعة كانوا أكلوا من لحمه فتوضأوا!.
والرد:
قال الشيخ الألباني رحمه الله:
لا أصل لها في شيء من كتب السنة ولا في غيرها من كتب الفقه والتفسير فيما علمت. " السلسة الضعيفة " (3/ 268).
والراجح في المسألة: أن الوضوء مما مست النار منسوخ.
وأنه يجب الوضوء من لحوم الإبل.
قال النووي:
وذهب إلى انتقاض الوضوء به أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن يحيى وأبو بكر ابن المنذر وابن خزيمة واختاره الحافظ أبو بكر البيهقي، وحُكي عن أصحاب الحديث مطلقا وحُكي عن جماعة من الصحابة.
واحتج هؤلاء بحديث جابر بن سمرة الذي رواه مسلم: قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا حديثان حديث جابر وحديث البراء وهذا المذهب أقوى دليلا وإن كان الجمهور على خلافه.
وقد أجاب الجمهور عن هذا الحديث بحديث جابر: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار , ولكن هذا الحديث عام وحديث الوضوء من لحوم الإبل خاص والخاص مقدم على العام. " شرح مسلم " (4/ 49).
وقال به من المعاصرين: الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ ابن عثيمين والشيخ الألباني.
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
http://www.islamqa.com/ar/ref/7103
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/164)
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[21 - 08 - 08, 02:43 م]ـ
اذا ملخص انا من اتباع الحنابله سأصلي خلف الحنفي حتى لو هو لم يتوضأمن الابل لانه معه دليل ولم اعيد الصلاة
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[22 - 08 - 08, 01:07 ص]ـ
من بلغه أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم " لم يقتنع " [!] فكيف أصلي خلفه؟
وهو بهذا أخل بشرط من شروط صحة الصلاة وهو الطهارة.
ليس الأمر بهذه الصورة أخي الكريم!
هل رَدَّ أمرَ رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لهوى في نفسه أو جحود؟ لو فعل ذلك لكفر!
أما صاحبنا فهو متأول، وهو متبع لجماهير علماء الأمة، وليس هو ملزما بالرجوع عن قول إمامه الذي يتبعه كلما أتى له شخص بدليل.
وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن الصلاة خلف من لا يرى النقض من مس الذكر، فأجازها. تجد هذا في مسائل الإمام أبي داود له.
وعليه فالصلاة خلف هذا الشخص صحيحة لا غبار عليها، ما دام أن الأمر مقتصرٌ عليه ولا يتعدى للمأموم الذي يخالفه.
أرجو أن يفهم كلامي على الوجه الذي أردتُه وبالله التوفيق.
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[22 - 08 - 08, 01:57 ص]ـ
جزاك الله خيرا أبا المقداد ونفع بك
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[22 - 08 - 08, 10:13 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
نعم وان لم يقتنع وكان امام مسجد تصلي خلفه وان لم يتوضأ بعد اكلها , وهذا عمل اهل السنة
وقرات للشيخ محمد بن عثيمين نحو هذا في فتاوى اركان الاسلام.
أحسنتَ،
باركَ اللهُ فيكَ.
و سمعتُ الشّيخَ رحمه اللهُ في أَحدِ أشرطته يقول عن نفسه ما معناه:
أنا أُصَلِّي خَلفَهُ و لا أُبَالي، و صلاتي و صلاتُه صحيحةٌ.
و عهدي بالشّريط بعيدٌ،
و لكنّي أذكر أنّه كان يتحدّثُ عن الخلافات بين طلبة العلم و خصوماتِهم بسبب اختلافات في أمورٍ فقهيّةٍ إجتهاديّةٍ،
لا ينبغي التّدابرُ و التّباغضُ بسببها.
هذا الشّريط ينبغي أن يستمع إليه كلُّ طالبِ علمٍ،
و سأبحث عنه إن شاء الله،
و أضعه للفائدة.
هذا و أدعو إخواني وفقهم الله إلى التريث قبل التعليق أو إطلاق حكم،
ثم إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه.
و باللهِ التّوفيق.
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[22 - 08 - 08, 10:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
اخواني والمشايخ حياكم الله
سؤالي انا في الرياض ومن الحنابله لكن اذا رأيت احد (شخص) من مذاهب الحنفيه ما يتوضأمن لحم الأبل هل انكر عليه (واقول الحديث انتوضأمن لحم الابل قال نعم) ام لا؟؟
جزاك الله خير الجزاء,
تستطيع أن تقول له بأسلوب مهذب,
((أخي الحبيب, أنت إذا توضأت من لحوم الابل لن ينكر عليك أي الفريقين, ولكنك إذا لم تتوضأ فقد خالفت أحد القولين, فاستبرئ لدينك وعرضك -لحديث النعمان بن بشير- وتوضأ))
و سُق له الأحاديث التي ذكرها الاخوة الأفاضل ...
ومشاركة الأخ الطائفي قيمة.
أكرمك الله وأحسن إليك
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[23 - 08 - 08, 12:40 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إلى متى هذا الخلاف؟ ( http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=526)
الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
يتحدث الشيخ رحمه الله عن موضوع سؤال أخينا أبي عبد الله العضوية وفقه الله في بداية الشريط الثاني.
أرجو أن يستمع الإخوة إلى الشريطين،
ففيهما توجيهات و نصائح لاغنى لطالب العلم عنها.
رزقني الله و إياكم العلم النافع و العمل الصالح.
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[23 - 08 - 08, 02:51 ص]ـ
الاخ ابومحمد انا ضعيف السمع ممكن كتابة لابن عثيمين الله يوفقك
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[23 - 08 - 08, 11:53 ص]ـ
السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
أَبْشِرْ يَا أَبَا عَبْدِ الله.
قال الشّيخُ رحمه الله:
مِثالٌ آخر:
رَجُلان مَدْعُوَّانِ إلى وليمةٍ و فيها لحمُ إبلٍ فأكلا مِنَ اللّحمِ، و قاما للصّلاةِ جميعًا.
أمَّا أحَدُهُما فتَوَضَأ و أمَّا الآخَرُ فلم يَتَوَضَأ، المَسأَلَةُ هذه كبيرةٌ جدًّا.
الذي تَوَضَّأ يَرَى أَنَّه يَجِبُ الوُضُوءُ من أكلِ لحمِ الإبلِ، و الذي لم يَتَوَضَأ يَرَى أَنَّه لا يَجِبُ الوُضُوءُ من أكلِ لحمِ الإبلِ.
الخِلَافُ هُنَا كبيرٌ لأنَّ الذي يَرَى وُجُوبَ الوُضُوءِ من لحمِ الإبلِ يَرَى أنّهُ لَوْ صَلَّى بِلَا وُضُوءٍ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ،
و المَسأَلَةُ خَطِيرةٌ [لأنّه] مَعْنَاهُ أنّه لَمْ يُصَلِّ.
فَيَتَخِذُ بَعضُ النَّاسِ مِنْ هذا الخِلافِ سَبَبًا لِاخْتِلَافِ القُلُوبِ مَعَ أنَّ الوَاجِبَ أنْ لا يَكُونَ مِثْلُ هذا الخِلافِ سَبَبًا لاختِلافِ القُلُوبِ لأنّه أَمْرٌ اجْتِهَادِيٌّ،
أنا أسْتَطِيعُ أن أُصَلِّيَ خَلْفَ هذا الذي صَلَّى بِدونِ وُضوءٍ بَعْدَ أن أَكَلَ لحمَ الإبل،
أسْتَطِيعُ أن أُصَلِّيَ خَلْفَهُ فَيَكُونُ هُوَ إِمَامًا لِي.
لماذا؟ لأنَّنِي أعْتَقِدُ أنّ الصَّلاةَ في حَقِّهِ صَحِيحَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ؟ في حَقِّهِ هُوَ صَحِيحَةٌ
لكن أنا لَوْ صَلَّيْتُ بِلَا وُضُوءٍ و أنا أعْتَقِدُ وُجُوبَ الوُضُوءِ من لحمِ الإبلِ فَصَلَاتِي بَاطِلَةٌ، لكن هُوَ [صَلَاتُهُ] صَحِيحَةٌ.
إذن لا يَجُوزُ أبَدًا أنْ أَحْمِلَ عليهِ ضَغِينَةً أو عَدَاوَةً أو كَرَاهَةً لأنّ هذه مَسَائِلُ اجْتِهَادٍ يَسُوغُ فيها الاجْتِهَادُ،
إنْ أَصَابَ المُصِيبُ فَلَهُ أجْرَانِ وَ إنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أجْرٌ وَاحِدٌ. اهـ
اللَّهُمَّ إنَّا نَسأَلُكَ عِلمًا نَافِعًا وَ رِزْقًا طَيِّبًا و عَمَلًا مُتَقَبَلًا.
و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/165)
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[24 - 08 - 08, 01:02 ص]ـ
السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
أَبْشِرْ يَا أَبَا عَبْدِ الله.
قال الشّيخُ رحمه الله:
أنا أسْتَطِيعُ أن أُصَلِّيَ خَلْفَ هذا الذي صَلَّى بِدونِ وُضوءٍ بَعْدَ أن أَكَلَ لحمَ الإبل،
أسْتَطِيعُ أن أُصَلِّيَ خَلْفَهُ فَيَكُونُ هُوَ إِمَامًا لِي.
لماذا؟ لأنَّنِي أعْتَقِدُ أنّ الصَّلاةَ في حَقِّهِ صَحِيحَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ؟ في حَقِّهِ هُوَ صَحِيحَةٌ
.
هذا معناه ان الشيخ كلامه يقصد اذا كان الامام (من اتباع ابوحنيفه) واكل لحم الابل ولم يتوضأ وأم بناس فأن المأموم (متبع احمد) ما يعيد الصلاة بعد اذا صلاها لانه الامام (متبع ابوحنيفه) معه دليل فيعتبر الصلاة صحيحة للأمام والمأموم ولا يعيدون الصلاة لا أمام ولا مأموم
اليس كلامي صحيح ام لا
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[28 - 08 - 08, 11:11 ص]ـ
كلامكَ صحيح يا أبا عبد الله،
أحسنتَ.(100/166)
لا تقل: " لاحياة لمن تنادي " ولكن: " لا منادي ينادي "
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[19 - 08 - 08, 12:35 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[ SIZE=6] لا تقل: " لاحياة لمن تنادي " ولكن: " لا منادي ينادي "
بقلم: رابح مختاري / قسم الدكتوراه أصول الفقه
هذه كلمة فائقة وعبارة عميقة من الإمام المربِّي باعث النهضتين الأدبية والعلمية في الشمال الافريقي العلامة عبد الحميد ابن باديس - رحمه الله تعالى - حين زار بعض القرى التي خيَّم فيها الجهل وضرب بِجِرانه وجثمت على صدرها الأمية، فشكى إليه بعض مثقفيها حال الأمة بها وما آل إليه أمرها وقال له كلمة تدل على أنَّ اليأس قد سكن قلبه وسرى في أوصاله: " يا شيخ لا حياة لمن تنادي "، أي إن الناس قد أصبحوا موتى لا يستجيبون لدعوة أحد ولا ينفع فيهم وعظ ولا إرشاد، وهل ينفع تحريك جسم هامد أو يجدي ضرب في حديد بارد؟ إن كلمات الشيوخ ووعظهم لا يعدو أن يكون صرخة في واد أو نفخة في رماد على حدِّ قول الأول:
لقد أسمعت لو ناديت حيا * ولكن لا حياة لمن تنادي
ونار لو نفخت بها أضاءت * ولكن أنت تنفخ في رماد
فبادره الإمام ابن باديس مصحِّحا ومرشدا وباعثا الأمل في نفوس السامعين فقال: (لا تقل" لا حياة لمن تنادي "، ولكن قل:" لا منادي ينادي "، فأكثروا إذن من المناداة إن أردتم أن يستجاب لكم ولا تخافوا من الراقدين ولا سيما إذا طال رقادهم كما هي الحالة عندنا) اهـ.
إنها كلمة صادرة من نفس مليئة ثقة بربها يشع منها الأمل والتفاؤل، والبعد عن اليأس والتخاذل، والشيء من معدنه لا يستغرب فصاحبها راسخ الإيمان قويُّ العزيمة عميق الفكرة بعيد النظر واسع الأفق، قرأ أمته وفهمها كما يقرأ الكتاب ويفهم، ودرسها كما تدرس الحقائق العلمية فعرف مكمن الداء وسر الأدواء، واتضحت له الرؤية واستقام له الطريق فسار على هدى من ربه مستضيئا بنور العلم وحسن القصد ورباطة الجأش وقوة التوكل ما ضعفت له عزيمة ولا لانت له قناة، ولا فُلَّت له صفاة، لسان حاله ما قاله الأول عما يصيبه من حوادث وبلايا:
فما ليَّنت منا قناةً صليبةً * ولا ذلَّلتنا للذي ليس يجمُل
ولكن رحلناها نفوسا كريمةً * تُحمَّل ما لا يستطاع فتحمل
وقَينا بحسن الصبر منا نفوسَنا * فصحَّت لنا الأعراضُ والناسُ هزَّل
هناك فرق عظيم وبون شاسع بين النائم والميت، فهذه الأمة لم تمت ولن تموت ما تمسكت بالإسلام وحافظت على لسانها العربي وأخوتها الحقة، ولكنها نامت مدة من الزمان لا تلبث أن تستيقظ إن وجد فيها من يوقظها وينادي في أذنها أن استيقظي لطلب المعالي وتسنُّم ذرى الأمجاد.
إنها أمة تعيش في ظلام دامس وليل بهيم، ولكن ما دام فيها رمق من حياة فهو ليل يرتجى بروز فجره وبزوغ شمسه إذا أخذت بأسباب الحياة ومقومات النجاة ونفضت عن كاهلها غبار الجهل والتخاذل وليست هي أمةً ميتةً ليلُها كليل الضرير صبحه غير منتظر.
لقد أدرك ابن باديس أن اليأس في وقت الشدة وخناق البلاء قاتل للهمم وناقض للعزائم ومثبط للرجال وأنه مزلق خطير من مزالق الشيطان إذ الواجب انشراح الصدر بالتفاؤل واستنهاض الهمم وزرع البشرى في النفوس الضعيفة الخائفة، ونشر الأمل في زمان القنوط لتحويل الضيق إلى سعة والمنحة إلى محنة والألم إلى أمل، ولهذا كان يقول:
واهزز نفوس الجامدين * فربما حيي الخشب
وهذا أسوتنا وقدوتنا محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - لما شكا إليه الصحابة - رضي الله عنهم - ما أصابهم من المشركين من شدة قال لهم: «والله ليَتِمَّنَّ هذا الأمرُ حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون» (رواه البخاري).
فاليأس ليس مطلوبا شرعا ولا مقصودا أصلا بل هو إطفاء لجذوة التفاؤل وإذكاء لشعلة التشاؤم وسوءِ الظن، ولا يجني منه صاحبه إلا ضعف العبادة والأمراض النفسية والقعود عن العمل النافع.
فيا أُخَيّ لا تسلم قيادك لليأس ولا تلق بنفسك في أحضان القنوط، فالشدائد بتراء لا تدوم وإن طالت، وللبلايا أوقات ثم تنصرم.
وكل الحادثات وإن تناهت * فمقرون بها الفرج القريب
رحمة الله على الإمام ابن باديس فقد كان خير منادٍ في أمته فاستيقظت بعد رقاد وانتبهت بعد سهاد فما ذهبت كلماته سدى ولا جهوده ضياعا وتلك هي آثار الإخلاص في أعمال الرجال.
المصدر: موقع " منار الجزائر ": http://www.manareldjazair.com/index....d=370&Itemid=1 (http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&task=view&id=370&Itemid=1)
ـ[صدقه]ــــــــ[19 - 08 - 08, 01:58 ص]ـ
جزاك الله خير ... نصيحة قيمة
رحمة الله على الإمام ابن باديس
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[19 - 08 - 08, 02:45 ص]ـ
(لا تقل" لا حياة لمن تنادي "، ولكن قل:" لا منادي ينادي "، فأكثروا إذن من المناداة إن أردتم أن يستجاب لكم ولا تخافوا من الراقدين ولا سيما إذا طال رقادهم كما هي الحالة عندنا)
كلمات كالدرر
جزاك الله خيرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/167)
ـ[أبو السها]ــــــــ[19 - 08 - 08, 10:51 ص]ـ
(لا تقل" لا حياة لمن تنادي "، ولكن قل:" لا منادي ينادي "، فأكثروا إذن من المناداة إن أردتم أن يستجاب لكم ولا تخافوا من الراقدين ولا سيما إذا طال رقادهم كما هي الحالة عندنا)
كلمات كالدرر
جزاك الله خيرا
صدقت درر ولكنها على آذان البقر.
ذكرتني كلمات ابن باديس هذه -رحمه الله- بما قاله الشاعر:
أرانب غير أنهمو ملوك ............... مفتحة عيونهم نيام.
إن قول الشاعر هذا يعكس بالضبط حالة الأمة، فهي في ضعفها كالأرانب غير أنهم ملوك في ظاهرهم نائمون ولكنهم غيرمستغرقين في النوم ما يلبثوا إلا أن يهبوا ويجيبوا المنادي.
وجزى الله خيرا الأخ على نقله لهذه الدرر.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 12:07 ص]ـ
الإخوة الفضلاء: صدقه، أبا مالك المصري وأبا السها: جزاكم الله خيراً على مروركم وتعليقكم ...(100/168)
(الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به) مَن مِن العلماء خذله تلامذته؟؟؟
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[19 - 08 - 08, 02:27 ص]ـ
إشتهر هذا القول عن الشافعي رحمه الله
الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به
فواجب التلاميذ عظيم في نقل مذهب شيخهم .... مَن مِن العلماء خذله تلامذته كما حدث مع الليث؟؟؟
سمعت أن الطبري رحمه الله كان له مذهب فقهي مستقل ولكنه لم ينقل إلينا؟؟ فما صحة ذلك؟؟
ـ[أبو مشاعل]ــــــــ[19 - 08 - 08, 05:20 ص]ـ
الطبري رحمه الله صرح العلماء بأنه بلغ رتبة الإجتهاد المطلق ..
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[19 - 08 - 08, 05:58 ص]ـ
نعم، الطبري رحمه الله كان له مذهب وله أتباع، ويعرف أتباعه بالجريريين، ولعل من أشهرهم الإمام الجوزجاني.
ـ[محمد بن أبي عامر]ــــــــ[20 - 08 - 08, 12:30 ص]ـ
الامام الاوزاعي
الامام الثوري
ـ[العوضي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 05:08 م]ـ
اسحاق بن راهويه
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[20 - 08 - 08, 05:18 م]ـ
قال الإمام أحمد بن حنبل: لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس ما زال يخالف بعضهم بعضا.
وقال الإمام ابن خزيمة: والله، لو كان إسحاق في التابعين لأقروا له بحفظه وعلمه وفقهه.
توفي ـ رحمه الله ـ سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وله سبع وسبعون سنة.
سير اعلام النبلاء ج11/ 371
ـ[عزالدين المعيار الإدريسي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 05:48 م]ـ
القول المشهور بأن الليث بن سعد أفقه من مالك بن أنس لا يصح في الواقع فعند التأمل يتحقق أن علم مالك بالأصلين لا يدانيه فيه أحد من معاصريه شهد بذلك الإمامان الشافعي و أحمد و محمد بن الحسن الشيباني و غيرهم و رأى خلفاء بني العباس أن أحرى مصنف بفرضه على الأمة هو موطأ مالك و ذلك لما تميز به من مميزات تجعله محل الرضى والقبول و الله أعلم ....
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[20 - 08 - 08, 06:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
ومن المعاصرين نم ضعيه تلاميذه كثر، فمن يذكرهم لنا؟
ـ[الديولي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 07:14 م]ـ
القول المشهور بأن الليث بن سعد أفقه من مالك بن أنس لا يصح في الواقع فعند التأمل يتحقق أن علم مالك بالأصلين لا يدانيه فيه أحد من معاصريه شهد بذلك الإمامان الشافعي و أحمد و محمد بن الحسن الشيباني و غيرهم و رأى خلفاء بني العباس أن أحرى مصنف بفرضه على الأمة هو موطأ مالك و ذلك لما تميز به من مميزات تجعله محل الرضى والقبول و الله أعلم ....
فالشافعي -رحمه الله- هو الذي قال:
الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به
وليس معنى هذا أنه ينكر علم الإمام المالك- رحمه الله -
ـ[العوضي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 09:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
ومن المعاصرين نم ضعيه تلاميذه كثر، فمن يذكرهم لنا؟
لو تذكره أنت لنا لكان أفضل
ـ[عزالدين المعيار الإدريسي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 11:30 م]ـ
من الثابث عن الشافعي أنه قال: إذا ذكر العلماء فمالك النجم الثاقب و ناشد الله محمد بن الحسن أي الرجلين أعلم بكتاب الله و سنة رسوله {مالك أم أبو حنيفة} فقال بل مالك و قدبسط القول في تقدم مالك و فقه المدينة في القرون الثلاثة الأولى شيخ الإسلام ابن تيمية بما يشفي ويكفي
هذا حسب ما صح عن أهل العلم من سلف هذه الأمة و خلفها فإذا لم يكن فيه مقنع فيبقى ثرات الرجلين الحكم العدل الرافع في المسألة لكل خلاف
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[20 - 08 - 08, 11:36 م]ـ
يبقى الحديث عن صحة الرواية المنقولة عن الشافعي رحمه الله بشأن الليث رحمه الله
فهل من منجد لنا ببيان صحتها أو سقوطها؟؟؟
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[20 - 08 - 08, 11:44 م]ـ
وَأَمَّا اللَّيْث بْن سَعْد
رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَإِمَامَته وَجَلَالَته وَصِيَانَته وَبَرَاعَته وَشَهَادَة أَهْل عَصْره بِسَخَائِهِ وَسِيَادَته وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ جَمِيل حَالَاته أَشْهَر مِنْ أَنْ تُذْكَر، وَأَكْثَر مِنْ أَنْ تُحْصَر. وَيَكْفِي فِي جَلَالَته شَهَادَة الْإِمَامَيْنِ الْجَلِيلِينَ الشَّافِعِيِّ، وَابْنِ بَكِيرٍ - رَحِمَهُمَا اللَّه تَعَالَى - أَنَّ اللَّيْث أَفْقَه مِنْ مَالِك رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ. فَهَذَانِ صَاحِبَا مَالِك رَحِمَهُ اللَّه وَقَدْ شَهِدَا بِمَا شَهِدَا، وَهُمَا بِالْمَنْزِلَةِ الْمَعْرُوفَة مِنْ الْإِتْقَان وَالْوَرَع، وَإِجْلَال مَالِك، وَمَعْرِفَتهمَا بِأَحْوَالِهِ. هَذَا كُلُّهُ مَعَ مَا قَدْ عُلِمَ مِنْ جَلَالَة مَالِك وَعِظَم فِقْهه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
شرح النووي على مسلم / باب تفاضل الإسلام وأي اموره أفضل
ـ[أبو بكر الغنامي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 11:47 م]ـ
نعم، الطبري رحمه الله كان له مذهب وله أتباع، ويعرف أتباعه بالجريريين، ولعل من أشهرهم الإمام الجوزجاني.
قال الحافظ فى "تهذيب التهذيب" 1/ 182:
و قال ابن حبان فى " الثقات ": كان حرورى المذهب، و لم يكن بداعية، و كان
صلبا فى السنة حافظا للحديث إلا أنه من صلابته ربما كان يتعدى طوره.
وقال أيضا:
و رأيت فى نسخة من كتاب ابن حبان: حريزى
المذهب.
و هو بفتح الحاء المهملة و كسر الراء و بعد الياء زاى نسبة إلى حريز بن عثمان
المعروف بالنصب، و كلام ابن عدى يؤيد هذا.
و قد صحف ذلك أبو سعد بن السمعانى فى " الأنساب "، فذكر فى ترجمة الجريرى بفتح
الجيم أن إبراهيم بن يعقوب هذا كان على مذهب محمد بن جرير الطبرى، ثم نقل كلام
ابن حبان المذكور، و كأنه تصحف عليه، و الواقع أن ابن جرير يصلح أن يكون من
تلامذة إبراهيم بن يعقوب لا بالعكس.
و قد وجدت رواية ابن جرير عن الجوزجانى فى عدة مواضع من التفسير و التاريخ.
اهـ.
فالحافظ الجوزجاني , لم يكن جريرياً بل كان حريزياً , والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/169)
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[21 - 08 - 08, 02:06 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
أنا لا أعرفهم، ولكنهم كثر فأرى أنهم أجدر بالذكر فالسلف سيرهم مسطرة، وهؤلاء مغمورون.
ـ[حميد بن احمد المغربي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 03:40 ص]ـ
قال الشيخ حماد الانصاري: ان الشيخ تقي الدين الهلالي ضيعه تلاميذه
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[21 - 08 - 08, 06:37 م]ـ
قال الشيخ حماد الانصاري: ان الشيخ تقي الدين الهلالي ضيعه تلاميذه
و أنا أضيف اسم شيخنا الشيخ الفاضل / السيد بن سعد الدين الغباشي.
هو أول مشايخ الشيخ / و ليد إدريس بالإسكندرية، و له من الفضل علينا الكثير و الكثير، ولكنَّ أصحابه ضيعوه!!!
ليتَ أخانا الشيخ / وليد يتفضل علينا بترجمة للشيخ / السيد الغباشي حفظه الله تعالى، فلقد ألححتُ عليه كثيرًا - على الخاص- و لا إجابة!
و للأسف الشديد، فما أعلمه أنا عن الشيخ لا يكفي لترجمته الصحيحة، حفظه الله تعالى.
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[21 - 08 - 08, 10:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
أرى أن تقي الدين الهلالي ما ضيعه تلاميذه أبدا، ولعل حماد قالها منذ زمن، أما الىن، فلا تخلو مكتبة من كتب الشيخ وسيرته لا تخفى على أحد، وقد سطرها الشيخ في كتابه الهدية الهادية للطريقة التيجانية.
ولكن أنا أرى أن من علماء المغرب الذي ضيعه تلاميذه وأهل بلدته هو الشيخ بوخبزة حفظه الله، ولعل هذه سنة إلاهية، فلا يعرف الرجل إلا بعد موته، وهناك يتحسر طالب العلم، فان في مدينتي لا أجد في أي مكتبة زرتها مع كثر المكاتب كتابا واحدا لأبي خبزة، وأشرطته في النت أو الأسواق قليلة جدا مع تقدم التكنولوجيا في أيامنا هذه، فالى الله المشتكى.
ـ[عصام فرج محمد مدين]ــــــــ[23 - 08 - 08, 02:51 ص]ـ
الشيخ محمد عمرو عبداللطيف رحمه الله
ـ[أبو أنس مصطفى البيضاوي]ــــــــ[07 - 09 - 08, 04:28 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
أرى أن تقي الدين الهلالي ما ضيعه تلاميذه أبدا، ولعل حماد قالها منذ زمن، أما الىن، فلا تخلو مكتبة من كتب الشيخ وسيرته لا تخفى على أحد، وقد سطرها الشيخ في كتابه الهدية الهادية للطريقة التيجانية.
ولكن أنا أرى أن من علماء المغرب الذي ضيعه تلاميذه وأهل بلدته هو الشيخ بوخبزة حفظه الله، ولعل هذه سنة إلاهية، فلا يعرف الرجل إلا بعد موته، وهناك يتحسر طالب العلم، فان في مدينتي لا أجد في أي مكتبة زرتها مع كثر المكاتب كتابا واحدا لأبي خبزة، وأشرطته في النت أو الأسواق قليلة جدا مع تقدم التكنولوجيا في أيامنا هذه، فالى الله المشتكى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أصبت أخي الفاضل وأذكر لكم علما ضيعه طلابه ألا وهو الشيخ أبو مالك باقشيش لم يقم به الطلبة وإنما تجرؤوا عليه بالسب والشتم عافانا الله من ذلك
ـ[أبو عبدالرحمن عبد القادر]ــــــــ[09 - 09 - 08, 02:15 ص]ـ
من المتقدمين أذكر الشيخ أبو محمد على بن حزم و هو يعترف في حياته بذلك
قال الامام الاوحد، البحر، ذو الفنون والمعارف، أبو محمد، علي ابن أحمد بن حزم ثم الاندلسي القرطبي الفقيه الحافظ، المتكلم، الاديب، الوزير الظاهري، صاحب التصانيف:
أنا الشمس في جو العلوم منيرة
ولكن عيبي أن مطلعي الغرب
ولو أنني من جانب الشرق طالع
لجد علي ما ضاع من ذكري النهب
ولي نحو أكناف العراق صبابة
ولا غرو أن يستوحش الكلف الصب
فإن ينزل الرحمن رحلي بينهم
فحينئذ يبدو التأسف والكرب
فكم قائل: أغفلته وهو حاضر
وأطلب ما عنه تجيء به الكتب!
هنالك يدري أن للبعد قصة
وأن كساد العلم آفته القرب!
فَوا عَجَباً مَنْ غابَ عَنْهُم تشَوَّقُوا
لَهُ ودُنُوُّ المَرْءِ مِنْ دَارِهِمْ ذَنْب
وإن مكاناً ضاق عنى لضيق
على أنه فيح مذاهبه سهب
وإن رجالاً ضيعوني لضيع
وإن زماناً لم أنل خصبه جدب
] ولكن لي في يوسفٍ خير أسوةٍ
وليس على من بالنبي ائتسي ذنب
يقول مقال الحق والصدق إننى
حفيظ عليم ما على صادقٍ عتب
و بعد موته فقدنا كتابه المجلى الذي مختصره المحلى
و مما يدمي القلب أيضا
ضياع مسند بقي ابن مخلد الذي هو أكبر مسند في الإسلام
و من المعاصرين
اعلموا بارك الله فيكم أن الله يذيق الناس بعض الذي عملوه من ظلم علهم يرجعون و من أعظم العقوبات و ضياع علم العالم حيا و أشد منه بعد وفاته فالعلم حياة القلب فإذا ضاع هلك
أخص بالذكر الشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي
هانوا عليه فعصوه و لو عزوا عليه لعصمهم
اللهم اهدي شعوبنا لكلمة التوحيد حتى يصلح الزمان ثم الى توحيد الكلمة فإن الله قال إعتصموا بحبل الله جميعا و لم يقل إعتصمو جميعا بحبل الله(100/170)
أقوال العلماء في أكثر مدة الحمل
ـ[أبو عبد الله مصطفى]ــــــــ[19 - 08 - 08, 11:27 ص]ـ
أقوال العلماء في أكثر مدة الحمل
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: أما أكثر أمد الحمل فلم يرد في تحديده شيء من كتاب ولا سنة والعلماء مختلفون فيه وكلهم يقول بحسب ما ظهر له من أحوال النساء فذهب الإمام أحمد والشافعي إلى أن أقصى أمد الحمل أربع سنين وهو إحدى الروايتين المشهورتين عن مالك والرواية المشهورة الأخرى عن مالك خمس سنين وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن أقصاه سنتان وهو رواية عن أحمد وهو مذهب الثوري وبه قالت عائشة رضي الله عنها وعن الليث ثلاث سنين وعن الزهري ست وسبع وعن محمد بن الحكم سنة لا أكثر وعن داود تسعة أشهر
وقال ابن عبد البر هذه مسألة لا أصل لها إلا الاجتهاد والرد إلى ما عرف من أمر النساء وقال القرطبي روى الدارقطني عن الوليد بن مسلم قال قلت لمالك بن أنس إني حدثت عن عائشة أنها قالت لا تزيد المرأة في حملها على سنتين قدر ظل المغزل فقال سبحان الله من يقول هذا هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان تحمل وتضع في أربع سنين وكانت تسمى حاملة الفيل، وروي أيضاً بينما مالك بن دينار يوماً جالس إذ جاءه رجل فقال يا أبا يحيى ادع لامرأتي حبلى منذ أربع سنين قد أصبحت في كرب شديد فغضب مالك وأطبق المصحف ثم قال ما يرى هؤلاء القوم إلا أنا أنبياء ثم قرأ ثم دعا ثم قال اللهم هذه المرأة إن كان في بطنها ريح فأخرجه عنها وإن كان في بطنها جارية فأبدلها غلاماً فإنك تمحو وتثبت وعندك أم الكتاب ورفع مالك يده ورفع الناس أيديهم وجاء الرسول إلى الرجل فقال أدرك امرأتك فذهب الرجل فما حط مالك يده حتى طلع الرجل من باب المسجد على رقبته غلام جعد قطط ابن أربع سنين قد استوت أسنانه ما قطعت سراره.
وروي أيضاً أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا أمير المؤمنين إني غبت عن امرأتي سنتين فجئت وهي حبلى فشاور عمر الناس في رجمها فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه يا أمير المؤمنين إن كان لك عليها سبيل فليس لك على ما في بطنها سبيل فاتركها حتى تضع فتركها فوضعت غلاماً قد خرجت ثنيتاه فعرف الرجل الشبه فقال أبني ورب الكعبة فقال عمر عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ لولا معاذ لهلك عمر.
وقال الضحاك وضعتني أمي وقد حملت بي في بطنها سنتين فولدتني وقد خرجت سني، ويذكر عن مالك أنه حمل به في بطن أمه سنتان وقيل ثلاث سنين ويقال إن محمد بن عجلان مكث في بطن أمه ثلاث سنين فماتت به وهو يضطرب اضطراباً شديداً فشق بطنها وأخرج وقد نبتت أسنانه وقال حماد بن سلمة إنما سمي هرم بن حيان هرماً لأنه بقي في بطن أمه أربع سنين.
وذكر الغزنوي أن الضحاك ولد لسنتين وقد طلعت سنه فسمي ضحاكاً
وعن عباد بن العوام قال ولدت جارة لنا لأربع سنين غلاماً شعره إلى منكبيه فمر به طير فقال له كش.
قال مقيده عفا الله عنه أظهر الأقوال دليلاً أنه لا حد لأكثر أمد الحمل وهو الرواية الثالثة عن مالك كما نقله عنه القرطبي لأن كل تحديد بزمن معين لا أصل له ولا دليل عليه وتحديد زمن بلا مستند صحيح لا يخفى سقوطه والعلم عند الله تعالى.
أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشيخ محمد الأمين الشنقيطي 2/ 227
ـ[بندر لنبهان]ــــــــ[20 - 08 - 08, 02:31 ص]ـ
فذهب الإمام أحمد والشافعي إلى أن أقصى أمد الحمل أربع سنين وهو إحدى الروايتين المشهورتين عن مالك والرواية المشهورة الأخرى عن مالك خمس سنين وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن أقصاه سنتان وهو رواية عن أحمد وهو مذهب الثوري وبه قالت عائشة رضي الله عنها وعن الليث ثلاث سنين وعن الزهري ست وسبع وعن محمد بن الحكم سنة لا أكثر وعن داود تسعة أشهر.
قالت لي جدتي مره انه وجد منذ زمن ان امرأه طالت مدة حملها حتى انه لما ولدت كان بعض اسنانه قد نبتت وكنت استغربها جدا ولكن بعد هذا النقل فلا. وجزاك الله خيرا
ـ[أبو عبد الله مصطفى]ــــــــ[22 - 08 - 08, 12:33 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[أبو عبدالرحمن المقدسي]ــــــــ[22 - 08 - 08, 10:50 م]ـ
قالت لي جدتي مره انه وجد منذ زمن ان امرأه طالت مدة حملها حتى انه لما ولدت كان بعض اسنانه قد نبتت وكنت استغربها جدا ولكن بعد هذا النقل فلا. وجزاك الله خيرا
هذا الامر ليس له أي علاقة بمدة الحمل
وهذا موضوع للشيخ إحسان على موقع صيد الفوائد
http://www.saaid.net/Doat/ehsan/148.htm
ـ[بندر لنبهان]ــــــــ[23 - 08 - 08, 12:06 ص]ـ
هذا الامر ليس له أي علاقة بمدة الحمل
وهذا موضوع للشيخ إحسان على موقع صيد الفوائد
http://www.saaid.net/Doat/ehsan/148.htm
جزاك الله خير اخي فالظاهر اني كنت ممن ذكرهم الشيخ احسان بقوله
ومن أسباب الوهم أيضاً أن المرأة قد تحمل حملاً حقيقياً ثم يموت الجنين في بطنها دون أن ينزل، وبمرور الوقت يتكلس الجنين ويبقى في بطنها مدة طويلة إلى أن ينزله الأطباء، لكنه في مثل هذه الحالات ينزل ميتاً (انظر: مولود)، ومما يعزز الاعتقاد الخاطئ أيضاً بأن المرأة يمكن أن تحمل لسنوات أيضاً، ظهور أسنان عند بعض المولودين حديثاً ( Newborn ) فإن كانت أعراض الحمل الكاذب قد ظهرت على المرأة قبل ذلك، ثم حملت حملاً حقيقياً ووضعت طفلاً قد نبتت بعض أسنانه، تعزَّز الاعتقاد بأن مدة حملها كانت فعلاً سنتين أو ثلاث أو أربع، وليس هذا بصحيح!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/171)
ـ[ابن السكندري]ــــــــ[04 - 07 - 10, 02:49 م]ـ
كيف جمع هؤلاء العلماء العظام بين القول بهذه المدد العجيبة و ظاهر نصوص الكتاب و السنة في عدة النساء لعل اقرب هذه الاقوال التي مبناها التخمين و الوهم هو قول داود الظاهري الموافق لظاهر الكتاب الكريم(100/172)
مسافر أراد أن يجمع بين صلاتين ويغلب على ظنه إدراك الثانية منهما في بلده
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[19 - 08 - 08, 02:41 م]ـ
مسافر أراد أن يجمع بين صلاتين ويغلب على ظنه إدراك الثانية منهما في بلده
السؤال: ما حكم من أراد أن يجمع في السفر بين صلاتين جمع تقديم، مع العلم بأنه يغلب على ظنه أن يدرك الأخرى في بلده؟ وما يترتب عليه إذا وصل أثناء أداء الصلاة بالمساجد؟
الجواب:
الحمد لله
"ما دام الإنسان مسافراً فله أن يجمع حتى لو كان سيقدم إلى بلده قبل دخول وقت الفريضة الثانية، لكنه في هذه الحالة الأفضل ألا يجمع؛ لأن الجمع إنما يكون للحاجة، وهذا الرجل الذي علم أنه سوف يقدم قبل أن يدخل وقت الثانية لا حاجة له في الجمع، لكن مع ذلك لو فعل فلا بأس. وإذا قدم والوقت لم يدخل فقد أبرأ ذمته وليس عليه صلاة؛ لأنه أداها جمعاً مع الأولى" انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"لقاءات الباب المفتوح" (1/ 203).
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islamqa.com/ar/ref/121118
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[19 - 08 - 08, 07:33 م]ـ
جزاكم الله خيرًا
ـ[أبو أحمد بن خليل سلامة]ــــــــ[19 - 08 - 08, 09:32 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
نريد وجه هذا قول الشيخ رحمه الله، فقد يقول قائل، رجل مقيم غير مسافر، حضرته الصلاة، هل يجوز له أن يكتفي بالصلاة السابقة،، وما هي حجة من يقول بأننا لا نوجب عليه صلاة!؟ هل من أقوال أخرى، أو أقوال لآخرين؟
هذه واحدة، أما الثانية، وهي في نظري المسألة الأهم، هل يصلي قصرا أم إتماما؟
ـ[يزيد الماضي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 02:47 ص]ـ
تخرج هذه المسألة على قاعدة:
هل العبرة بالحال أم بالمآل؟
فأين أهل الأصول؟!(100/173)
الرباني
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[19 - 08 - 08, 02:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الرباني
الشيخ / عبد الكريم الخضير
"الرباني" منسوب إلى الرب، أو إلى التربية، إما لأنه يربي الناس، أو لأنه مطيع لربه فاعل لأوامره مجتنب لنواهيه، معتنٍ بخلقه، وقيل في الرباني: إنه الذي يتعلم ثم يعمل ويعلم، فالمتعلم والمعلم هذا رباني، وعن ابن عباس أنه الذي يعلم الناس بصغار العلم قبل كباره، يعلم الناس بصغار العلم قبل كباره، وعلى هذا عليه أن يتدرج مع الطلاب من الصغر إلى أن يكبروا، فيعلمهم المتون الصغيرة، ويحفظهم إياها، ويشرحها لهم بالطريقة المناسبة لاستيعابهم، وعقولهم ثم يتدرج إلى ما هو أكبر منها، ثم إلى ما هو أكبر، ويكون نظره إلى مصلحة الطالب لا إلى مصلحة نفسه؛ لأن بعض من يتصدى للتعليم ينظر إلى مصلحته، يأتي مجموعة من الطلاب يطلبون منه درساً فلا ينظر إلى مصلحتهم وما يناسبهم؛ بل ينظر إلى مصلحته هو، هو يحتاج هذا الكتاب، بغض النظر هل يستفيدون منه أو لا يستفيدون؟ هذا ليس برباني، هذا متعلم يريد أن يتعلم من قراءته في هذا الكتاب؛ لكن الذي ينظر إلى مصلحة الطالب ويوجهه إلى ما يفيده وينفعه ويناسبه هذا هو الرباني.
أيضاً لو قدر أن شخصاً يعلم الطلاب، نظر إلى هؤلاء المجموعة فوجدهم من المبتدئين أو المتوسطين وأراد أن يرفع من هممهم وينهض فجعل درساً في علل الدارقطني، وآخر في موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول لشيخ الإسلام وإلا در التعارض، هذا نصح للطلاب و إلا ما نصح؟ والله ما نصح للطلاب، وهؤلاء الطلاب المجزوم به أنهم سوف يتركون الطلب، فعليه أن يتدرج بهم ينظر فيما يحتاجون يتلمس حاجاتهم ويعلمهم إياها.
قد يقول قائل: إن بعض الشيوخ لا يستطيع أن ينزل بطريقته وأسلوبه إلى صغار المتعلمين، هل هو من هذا النوع؟ نقول: إذا لم يقم بحاجة صغار المتعلمين لا بد أن ينزل، إذا لم يقم بها أحد، وإذا وجد من يعينه عليها ويقوم بها ويكفيه إياها لا مانع أن يعلم من فوقهم بطريقته وأسلوبه الذي يراه نافعاً.
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: الرباني هو المعلم، وأخذه من التربية أي يربي الناس بعلم كما يربي الطفل أبوه، وقال سعيد بن جبير: هو الفقيه العليم الخبير، وقال سيبويه: زادوا ألفاً ونوناً في الرباني إذا أرادوا تخصيصاً بعلم الرب، كما قالوا: شعراني ولحياني لعظيم الشعر واللحية، وقال أبو نعيم الزاهد ... أبو عمر مو أبو نعيم، هذا معروف اللغوي الذي ينقل عن ثعلب: سألت ثعلباً عن هذا الحرف وهو الرباني فقال: سألت ابن الأعرابي فقال: إذا كان الرجل عالماً عاملاً معلماً قيل له: رباني، فإن حرم خصلة منها لم يقل له رباني، وفي مفتاح دار السعادة للإمام المحقق ابن القيم: معنى الرباني: الرفيع الدرجة في العلم، العالي المنزلة فيه، وعلى ذلك حملوا قوله تعالى: {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ والأحبار} [(63) سورة المائدة] .. إلى آخره.
قبله في البخاري: "الذي يربي بصغار العلم قبل كباره" هناك أقوال كثيرة لكن أشهرها ما ذكرنا أنه إما الذي يربي الطلاب بصغار العلم قبل كباره، أو أنه الذي يعتني بنفسه وبغيره فيتعلم ويعمل ويعلم، ويكون وقته لله.
ـ[ابن عبدِ الحميد]ــــــــ[19 - 08 - 08, 09:39 م]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع الأمة بأمثالكم
ـ[أبو شوق]ــــــــ[20 - 08 - 08, 01:27 ص]ـ
احسن الله اليكم وللشيخ الفاضل
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[06 - 05 - 10, 03:48 م]ـ
على غلاف كتاب العلامة عبدالمحسن العباد حفظه الله (الشيخ محمد بن عثيمين من العلماء الربَّانيَّين)
قال ابن الأعرابي كما في فتح الباري (1/ 162): " لا يُقال للعالِم ربَّاني حتى يكون عالِماً معلِّماً عاملاً ".
و أزيد- الشيخ عبدالمحسن-: و أن يكون ذلك على فهم السلف الصالح و طريقتهم. انتهاء كلامه(100/174)
قراءة كتب الروايات والقصص للشيخ عبدالكريم الخضير حفظه الله
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[19 - 08 - 08, 02:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قراءة كتب الروايات والقصص والكتب الفكرية
الشيخ / عبد الكريم الخضير
ما رأيكم في قراءة كتب الروايات والقصص والكتب الفكرية لطالب العلم؟
هذه تضييع وقت، الروايات والقصص لا سيما التي كتبت بأساليب المعاصرين تضيع الوقت، لكن أهل العلم مع قراءتهم لما ينفعهم في دينهم ودنياهم من العلوم الشرعية، وما يعين على فهمها يقرؤون في كتب التاريخ، ويقرؤون في كتب الأدب، وكل هذا للاستجمام والاعتبار، وفيها فوائد تعين أيضاً على فهم العلم، ومن سمع الدروس المشروحة وجد أهل العلم يذكرون النكت والطرائف من كتب الأدب والتاريخ تشجع على قرأتها.
ذكرنا مراراً قصة الحافظ ابن حجر مع قول أبي حاتم: "بين يدي عدل" وقد كان الحافظ العراقي يظنها تعديل فلما ابن حجر توقف فيها وكونها تدل على التعديل مع تشديد أبي حاتم وتضعيف الراوي من قبل الأئمة التي قيلت فيه هذه الكلمة ابن حجر تحرى لما قال أبو حاتم الرازي في جبارة بن المغلس: "بين يدي عدل" والأئمة على تضعيفه وأبو حاتم متشدد، الحافظ العراقي يقول: "بين يدي عدل" يعني تعديل للرجل، الحافظ ابن حجر أوجس خيفة من هذه الكلمة، فوجد قصة في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، يقول: كان طاهر القائد معروف على مائدة مع أولاد الرشيد، كان له ولد صغير اسمه: إبراهيم على مائدة، أخذ إبراهيم هذا هندوبات، إما كوسة أو قرعة و إلا باذنجان و إلا شيء أخذها من الطعام فرمى بها عين طاهر، وكان أعور طاهر لا يبصر إلا بواحدة، فضرب السليمة، فشكاه إلى أبيه فقال: إن إبراهيم اعتدى على عيني السليمة، والأخرى بين يدي عدل، الحافظ ابن حجر مسك طرف الخيط الآن وذهب يبحث عن العدل هذا، ما معنى العدل؟ فوقف في أدب الكتاب لابن قتيبة أن العدل بن جزء بن سعد العشيرة كان على شرطة تبع، وكان معروف بالشدة والقسوة، إذا أراد تبع أن يقتل أحد سلمه إلى العدل هذا، فإذا هلك أحد قيل: بين يدي عدل، خلاص انتهى، فعلى هذا قول أبي حاتم: "بين يدي عدل" يعني هالك، وهو المناسب لحال الرجل وهو المناسب لتشدد أبي حاتم، فعرفنا هذا من أي شيء؟ يعني ما عرفناه إلا من خلال الأغاني أول الأمر ثم من أدب الكاتب لابن قتيبة، فهذه الكتب ما تسلم من فائدة، نعم فيها أشياء وفيها سقط كثير وفيها .. ، لكن يقرأ فيها طالب العلم على حذر ويستفيد منها، ووجدنا نسخ من الأغاني عليها أسماء شيوخنا المعروفين بالعلم والعمل أهل الزهد والورع الذين ما يظن أنهم يقتنون كتاب الأغاني، لكن نشره بين الصغار بين الشباب الذين يتأثرون ببعض القصص؛ لأن الرجل ما يؤمن على الأخبار، متشيع لا يؤمن على الأخبار، لكن الكتاب لا يخلو من فائدة.
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[19 - 08 - 08, 03:36 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[لولو12]ــــــــ[19 - 08 - 08, 09:57 م]ـ
جزاكم الله خير
ـ[مصطفى الشقيري]ــــــــ[21 - 08 - 08, 03:59 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 02:03 ص]ـ
جزاكم الله خيرا و بارك الله فيكم
ـ[حسن البركاتي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 05:36 ص]ـ
سمعتها ولا ادري من أي شريط، فهلا ذكرتني؟
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 04:37 م]ـ
http://www.khudheir.com/ref/3187
ـ[حسن البركاتي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 06:49 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الدغيلبي
وجزى الله خيراً كاتب الموضوع
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[06 - 12 - 08, 11:15 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الدغيلبي
وجزى الله خيراً كاتب الموضوع
بارك الله فيك أخي البركاتي(100/175)
سؤال حول الزكاة
ـ[أحمد بن عطيه]ــــــــ[19 - 08 - 08, 08:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
1 - جزاكم الله خير .. لو أحد أخرج زكاه ماله وأشترى بها تمر وغيره من الطعام .. هل تجزيه عن الزكاه أم أنها صدقة ويخرج مالاً وليس تمر أو أي طعام ..
2 - وهل الذهب الذي تلبسه المرأة للزينة عليه زكاة أم فقط الذهب الذي للبيع والشراء عليه زكاة ..
أفيدونا جزاكم الله خير
ـ[أحمد بن عطيه]ــــــــ[22 - 08 - 08, 09:52 م]ـ
أين مشايخنا الكرام
ألا يوجد مفتي في هذا المنتدى
جزاكم الله خير(100/176)
أين أجد كتاب حكم رواية المبتدع
ـ[أبو عبد المعين]ــــــــ[19 - 08 - 08, 11:29 م]ـ
الأخوة الكرام
أين أجد كتاب حكم رواية المبتدع
وكتاب البيان والتوضيح لمن أخرج له في الصحيح ومس بضرب من التجريح
وحبذا لو كان على شكل Word
ولكم الشكر سلفا(100/177)
هل صحيح: لا يوجد نصّ يحرّم الاختلاط بين الجنسين؟
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 12:29 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هل صحيح: لا يوجد نصّ يحرّم الاختلاط بين الجنسين؟
[بقلم: عبد الحليم توميات / إمام خطيب مسجد عمر بن الخطاب - الجزائر العاصمة]
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:
فاعلم أيّها - القارئ الكريم - أنّ منهجنا في الردّ على ما يقال أو يكتب هنا أو هناك، قائم على الردّ على الأقوال بغضّ النّظر عن الأشخاص، ذلك لأنّ الشّخص لا ندري هل صحّ عنه ذلك فعلا؟ أو قاله بشروط ما ذكرها، أو لم تُنقل عنه .. إلى غير ذلك من الموانع الّتي تمنعنا من الحكم على الشّخص.
وهذا المقال يتضمّن بيانا لضعف القول بإباحة الاختلاط بين الجنسين في أماكن العمل وغيره.
وقد حاول بعضهم النّقل عن بعض الفضلاء بأنّه يقول إنّه ليس هناك دليل شرعيّ يمنع من ذلك!! ولو فرضنا أنّه قال ذلك:
فإنّه يقال له حينها: وهل هناك قائل بجوازه من العلماء السّابقين من الصّحابة والتّابعين، والفقهاء المجتهدين، والأئمة المتَّبَعين؟!
فإن قال: لا، فيقال له: فهم إمّا جهلوا ما ذكرت، أو كتموا ما أعلنت، أو لم يفهموا ما فهمت!! وفي كلّ هذه الأحوال نكون قد حكمنا أنّ الأمّة عاشت طوال هذه القرون في غيبوبة تامّة عن هذا الحكم الشّرعي الّذي تتوفّر الهمم والدّواعي إلى نقله، لأنّ الدّواعي إلى الاختلاط أمور يوميّة، ما يكون للفقهاء أن يُغفلوها أو يكتموها.
ولو قال قائل بهذه المقولة في ذلك الزّمان الّذي عرف بالنّور والهدى، والعلم والتّقى لساغ الأمر، أمّا أن يُثار هذا الموضوع في واقع مرّ مثل الّذي نعيشه، فهذا فيه نظر بيّن .. وما كان أحدٌ يظنّ أنّه سيصل الاختلاط إلى هذا الحدّ الّذي وصل إليه في بلاد المسلمين، وصاروا يتبجّحون ويجهرون وعلى اللاّفتات يكتبون: " المدرسة المختلطة " ..
حين نادى بنو علمان (العلمانيّون) بالاختلاط بين الجنسين قلنا: لا ينتظر منهم غير ذلك، فبعد أن كنّا نبكي على ذهاب دين هؤلاء ازددنا بُكاءً على ذهاب عقولهم، لأنّ عقولهم أصابها مخدّر الجنس، وهذا مصداق لما يذهب إليه الدّكتور ألكسيس كاريل إذ يقول: " عندما تتحرّك الغريزة الجنسيّة لدى الإنسان تُفرِز نوعا من المادّة الّتي تتسرّب في الدم إلى دماغه، وتخدّره، فلا يعود قادرا على التّفكير الصّافي ". وما أحسن قول المولى - تبارك وتعالى -: (فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحجّ: 46].
فأولئك لا تسوقهم عقولهم، وإنّما تسوقهم شهواتهم، وهم يبتعدون عن الاعتبار بمصارع الأمم الّتي ينادي مفكّروها ورجالها وكتّابها وأدباؤها بضرورة الفصل بين الرّجال والنّساء.
تقول إحدى الباحثات من الصحفيّات المشهورات الأميريكيّات واسمها " هيليسون ستانسبري " بعد ما زارت البلدان الإسلاميّة:
" إنّ المجتمع العربيّ مجتمع كامل وسليم، ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسّك بتقاليده الّتي تُقيِّد الفتاة والشّباب في حدود المعقول. فعندكم تقاليد تحتّم عدم الإباحيّة الغربيّة الّتي تهدّد اليوم المجتمع والأسرة في أوروبا وأميريكا. لهذا أنصح بأن تتمسّكوا بتقاليدكم وأخلاقكم، وامنعوا الاختلاط، وقيّدوا حرّية الفتاة، وارجعوا إلى عصر الحجاب. لقد أصبح المجتمع الأميريكيّ مجتمعا معقَّدا، مليئا بكلّ صور الإباحيّة والخلاعة، وإنّ ضحايا الاختلاط والحرّية قبل سنّ العشرين تملأ السّجون والأرصفة والحانات والبيوت السرّية! ".
الأدلّة على تحريم الاختلاط بين الجنسين:
روى عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ» فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: «الْحَمْوُ الْمَوْتُ». والحمو: هو قريب الزّوج كأخيه وعمّه وابن عمّه الخ ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/178)
فالشّريعة الإسلاميّة أغلقت منافذ الشّيطان حتّى لا يتسلّل إلى قلب المسلم فيثير فيه الشّهوة، فحرّم الله إطلاق البصر والدّخول على النّساء ولمسَهنّ، فكيف بالاختلاط!؟ ومن كان يريد الأدلّة المؤيّدة لذلك فما عليه إلاّ أن يُلْقِي نظرة سريعة خاطفة على أحكام المرأة عند الخروج من بيتها عموما، ثمّ أحكامها في أشرف البقاع، وهي المساجد خصوصا.
أوّلا: أحكام المرأة عند خروجها من بيتها:
الأصل الّذي اتّفق عليه العلماء هو أنّ المرأة مبناها على القرار في البيوت، قال - تعالى -: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنّ) [الأحزاب: 33]. حتّى إنّ الله - تعالى - جعل صلاة المرأة في بيتها أفضلَ من صلاتها في مسجد قومها، وصلاتها في مسجد قومها أفضل من صلاتها في مسجد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأنّه ما تقرّبت المرأة إلى الله بشيء كما تقرّبت بقرارها في بيتها.
فإن اضطرّت أو احتاجت إلى الخروج من بيتها لأيّ سبب ولو إلى المسجد فعليها أن تُراعِي الشّروط الّتي ذكرت في الكتاب والسنّة وأقوال علماء الأمّة. كلّ ذلك استجابة لقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه التّرمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ».
فأوّل الشّروط: تستّرها وألاّ تخرج متعطّرة، وإن وضعت في بيتها عطرا وطرأ عليها ما يوجب خروجها فعليها أن تُزيله، وإلاّ دخلت تحت الوعيد الشّديد الّذي جاء على لسان أشرف العبيد!
روى أبو داود والتّرمذي والنّسائي وأحمد عَنْ عبدِ الله بْنِ قَيس أبي موسى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ».
ألاّ تخضع بالقول، قال - تعالى -: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) [الأحزاب: 32]، هذا الخطاب وُجِّه لأمّهات المؤمنين أطهر النّساء سيرة، وأصفاهنّ سريرة، والخضوع بالقول نوعان:
الأوّل: هو الكلام اللّيّن الّذي فيه تغنّج وتغنّ، فلا يحلّ للمرأة أن تخاطب الأجانب على الطّريقة الّتي تخاطب بها زوجها.
الثّاني: هو الكلام الزّائد عن الحاجة، وللأسف فإنّك ترى المرأة تحدّث البائع في المحلاّت وكأنّه محرما لها.
المشي بالسّكينة والوقار، وهذا أمر عامّ للرّجال والنّساء، قال - تعالى -: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) [لقمان: 19]، وهذا الأمر في حقّ المرأة آكد، فلا يحلّ لها أن تمشي وتتحدّث كما لو أنّها في بيت أهلها، ولتتذكّر قول قتادة - رحمه الله - في تفسير قوله - تعالى -: (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) [الأحزاب: 33] قال: كانت لهنّ مِشية تخنّث وتغنّج.
أمن الفتنة: وهو الاعتداء عليها بالقول والفعل.
ترك الاختلاط بالرّجال، في الأسواق، والحافلات، وفي الطّريق، وفي الدّراسة، بل وفي المسجد.
ثانيا: وأحكامها عند الخروج إلى المسجد:
فعليها أن تُراعي الشّروط الّتي سبق ذكرها، روى مسلم عَنْ زَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةَ كَانَتْ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْعِشَاءَ فَلَا تَطَيَّبْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ». وروى مسلم أيضا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ».
ثمّ نلاحظ أنّ:
النبيّ - صلى الله عليه وسلم - جعل بابا خاصّا للنّساء بالمسجد لا يدخل منه الرّجال، روى أبو داود عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ». قَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ - رضي الله عنه - حَتَّى مَاتَ. هذا في المسجد فلا تتحدّث عن غيره!؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/179)
أنّه جعل خير صفوف النّساء آخرها، مع أنّ هناك فاصلا بين الرّجال والنّساء ليجد المسبوق من الرّجال مكانا يُصلّي فيه. روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا».
إذا ناب الإمامَ شيء فعليها التّصفيق، والتّسبيح للرّجال، ففي الصّحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ».
على النّساء أن يخرجن قبل الرّجال، وعلى الرّجال أن يمكثوا قليلا بعد كلّ صلاة حتّى ينصرف النّساء لئلاّ يحدُث اختلاط بينهم، روى البخاري وأبو داود - واللّفظ له - عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَلَّمَ، مَكَثَ قَلِيلًا، وَذَلِكَ كَيْمَا يَنْفُذُ النِّسَاءُ قَبْلَ الرِّجَالِ».
كلّ هذا في المسجد، أطهر البقاع، وأفضل الأماكن، فما القول في الأسواق؟ وما الحكم في المدرسة؟ وما الرّأي في الحافلة والطّريق؟
شبهة والردّ عليها؟
وفي الحقيقة هذه ليست شبهة على من يجلس على مائدة العلم والفقه، وإنّما هي شبهة ترد على من يجلس إلى المستغرِبِين، فإنّهم أذاعوا في النّاس وأشاعوا دسيسة مفادها أنّ الاختلاط بين الجنسين يُهذّب الطّباع، ويصبح نظر كلّ منهما إلى الآخر عادةً، فيقلّل من التّفكير في قضايا الجنس!!
وهذا محض افتراء على الشّريعة الغرّاء، وقد ردّها علماء النّفس أنفسهم وعدّوها من الضّلالات الفكريّة، ويكذّبه الواقع من وجهين:
الأوّل: الاختلاط التّام بين الزّوجين لم يكن قط سببا لرغبة كلّ منهما عن الآخر، بل إنّ صاحب الفطرة السّليمة والشِّرعة القويمة يعلم جيّدا أنّ حبّ الزّوجين كليهما للآخر يكبر مع الأيّام ويزداد مع الأعوام.
الثّاني: إنّنا نرى الاختلاط على أشدّه في دول الغرب، ومع ذلك فإنّنا نرى الرّجال والنّساء يتسافدون كتسافد الحمير، ويعيشون عيشة القردة والخنازير، فيزدادون شبقا حتّى أضحت الأسرة إلى زوال.
وما عليك إلاّ أن تقرأ الإحصاءات الرّهيبة - وهي في ازدياد -، ففي إحدى المدارس الثّانويّة بأمريكا بلغت نسبة الفتيات الحُبالى 48 %!!
وما أحسن قول أحد الكُتّاب- وهو الأستاذ فتحي يكن -: " لا بدّ من الاعتراف بأنّ الغرائز - كلّ الغرائز - عُرضةٌ للانطلاق والانكماش والمدّ والجزر تَبَعًا للمثيرات أو المهدّئات .. فالّذي يجلس على مائدة تزدحم بأنواع التّوابل يكون إقباله على الطّعام أشدّ ممّن حُرِم منها، وهذا من شأنه أن يعمل يوما بعد يوم على مضاعفة حاجته الغذائيّة تَبَعًا لامتداد أمعائه، وصدق .. حيث قال:
فلا ترُم بالمعاصي كسر شهوتها * إنّ الطعام يقوّي شهوة النّهِمِ
والنّفس كالطّفل إن تهمله شبّ على * حبّ الرّضاع، وإن تفطمه ينفطم
فاصرف هواها وحاذر أن تولّيه * إنّ الهوى ما تولّى يُصمّ أو يصِمِ
والّذين يعيشون في أحضان المغريات والمفاتن يكونون عُرضةً للإرهاق والكبت الجنسيّ أكثر من غيرهم، لأنّ توابل الشّهوة ومقبّلاتها ستثِير غرائزهم الجنسيّة، وتدفعهم إلى تصريفها بمختلف الوسائل والطّرق دونما تفكير أو تقدير .. وهنا تدقّ إشارة الخطر ".
والله أعلم وأعزّ وأكرم.
المصدر: موقع " منار الجزائر "
http://www.manareldjazair.com/index....d=362&Itemid=6 (http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&task=view&id=362&Itemid=6)
ـ[الجعفري]ــــــــ[20 - 08 - 08, 07:04 ص]ـ
جزاك الله خيراص عل نقلك المميز المفيد ...
وإنه لعجيب كيف يضع بعض المنتسبين للعلم يده بيد المفسدين المنادين للاختلاط والفساد ..
أهذا من السذاجة؟؟
الله المستعان ...
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 04:40 م]ـ
جزاك الله بمثله أخي الجعفري ...
ـ[علي عبدالله]ــــــــ[22 - 08 - 08, 11:17 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/180)
الا يؤخد من قوله تعالى: (ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمةً من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير) دليلا على تحريم الاختلاط؟
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[22 - 08 - 08, 11:40 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ...
الاختلاط قسم ظهر هذه الأمة فتفشى الفساد بسببه فلا حول و لا قوة إلا بالله و لله تعالى المشتكى.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[23 - 08 - 08, 11:11 م]ـ
جزاكم الله خيراً على مروركم وتعليقكم ...
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 12 - 08, 06:35 ص]ـ
قال شيخنا العالم الزاهد الفقيه المجتهد حقا
عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله -
(وأمر الله سبحانه للمرأة بقرارها في بيتها ونهيها عن التبرج معناه: النهي عن الاختلاط وهو: اجتماع الرجال بالنساء الأجنبيات في مكان واحد بحكم العمل أو البيع أو الشراء أو النزهة أو السفر أو نحو ذلك; لأن اقتحام المرأة في هذا الميدان يؤدي بها إلى الوقوع في المنهي عنه, وفي ذلك مخالفة لأمر الله وتضييع لحقوقه المطلوب شرعا من المسلمة أن تقوم بها.
والكتاب والسنة دلا على تحريم الاختلاط وتحريم جميع الوسائل المؤدية إليه قال الله جل وعلا: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} (1) {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا} (2) فأمر الله أمهات المؤمنين- وجميع المسلمات والمؤمنات داخلات في ذلك- بالقرار في البيوت لما في ذلك من صيانتهن وإبعادهن عن وسائل الفساد; لأن الخروج لغير حاجة قد يفضي إلى التبرج كما يفضي إلى شرور أخرى, ثم أمرهن بالأعمال الصالحة التي تنهاهن عن الفحشاء والمنكر وذلك بإقامتهن الصلاة وإيتائهن الزكاة وطاعتهن لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم , ثم وجههن إلى ما يعود عليهن بالنفع في الدنيا والآخرة وذلك بأن يكن على اتصال دائم بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية المطهرة اللذين فيهما ما يجلو صدأ القلوب ويطهرها من الأرجاس والأنجاس ويرشد إلى الحق والصواب, وقال الله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما} (3) فأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام- وهو المبلغ عن ربه- أن يقول لأزواجه وبناته وعامة نساء
المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن وذلك يتضمن ستر باقي أجسامهن بالجلابيب وذلك إذا أردن الخروج لحاجة مثلا لئلا تحصل لهن الأذية من مرضى القلوب. فإذا كان الأمر بهذه المثابة فما بالك بنزولها إلى ميدان الرجال واختلاطها معهم, وإبداء حاجتها إليهم بحكم الوظيفة, والتنازل عن كثير من أنوثتها لتنزل في مستواهم وذهاب كثير من حيائها ليحصل بذلك الانسجام بين الجنسين المختلفين معنى وصورة.
قال الله جل وعلا: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون} (1) {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن} (2) الآيتان.
يأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام أن يبلغ المؤمنين والمؤمنات أن يلتزموا بغض النظر وحفظ الفرج عن الزنا ثم أوضح سبحانه أن هذا الأمر أزكى لهم. ومعلوم أن حفظ الفرج من الفاحشة إنما يكون باجتناب وسائلها ولا شك أن إطلاق البصر واختلاط النساء بالرجال والرجال بالنساء في ميادين العمل وغيرها من أعظم وسائل وقوع الفاحشة, وهذان الأمران المطلوبان من المؤمن يستحيل تحققهما منه وهو يعمل مع المرأة الأجنبية كزميلة أو مشاركة في العمل له. فاقتحامها هذا الميدان معه واقتحامه الميدان معها لا شك أنه من الأمور التي يستحيل معها غض البصر وإحصان الفرج والحصول على زكاة النفس وطهارتها.
وهكذا أمر الله المؤمنات بغض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة إلا ما ظهر منها, وأمرهن الله بإسدال الخمار على الجيوب المتضمن ستر رأسها ووجهها; لأن الجيب محل الرأس والوجه, فكيف يحصل غض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة عند نزول المرأة ميدان الرجال واختلاطها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/181)
معهم في الأعمال؟ والاختلاط كفيل بالوقوع في هذه المحاذير, كيف يحصل للمرأة المسلمة أن تغض بصرها وهي تسير مع الرجل الأجنبي جنبا إلى جنب بحجة أنها تشاركه في الأعمال أو تساويه في جميع ما تقوم به؟
والإسلام حرم جميع الوسائل والذرائع الموصلة إلى الأمور المحرمة , وكذلك حرم الإسلام على النساء خضوعهن بالقول للرجال لكونه يفضي إلى الطمع فيهن كما في قوله عز وجل: {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض} (1) يعني مرض الشهوة. فكيف يمكن التحفظ من ذلك مع الاختلاط؟
ومن البدهي أنها إذا نزلت إلى ميدان الرجال لا بد أن تكلمهم وأن يكلموها, ولا بد أن ترقق لهم الكلام وأن يرققوا لها الكلام, والشيطان من وراء ذلك يزين ويحسن ويدعو إلى الفاحشة حتى يقعوا فريسة له, والله حكيم عليم حيث أمر المرأة بالحجاب, وما ذاك إلا لأن الناس فيهم البر والفاجر والطاهر والعاهر فالحجاب يمنع- بإذن الله- من الفتنة ويحجز دواعيها, وتحصل به طهارة قلوب الرجال والنساء, والبعد عن مظان التهمة قال الله عز وجل: {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} (2) الآية.
وخير حجاب المرأة بعد حجاب وجهها باللباس هو بيتها. وحرم عليها الإسلام مخالطة الرجال الأجانب; لئلا تعرض نفسها للفتنة بطريق مباشر أو غير مباشر, وأمرها بالقرار في البيت وعدم الخروج منه إلا لحاجة مباحة مع لزوم الأدب الشرعي, وقد سمى الله مكث المرأة في بيتها قرارا, وهذا المعنى من أسمى المعاني الرفيعة ففيه استقرار لنفسها وراحة لقلبها وانشراح لصدرها. فخروجها عن هذا القرار يفضي إلى اضطراب نفسها وقلق قلبها وضيق صدرها وتعريضها لما لا
تحمد عقباه, ونهى الإسلام عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق إلا مع ذي محرم وعن السفر إلا مع ذي محرم, سدا لذريعة الفساد وإغلاقا لباب الإثم وحسما لأسباب الشر, وحماية للنوعين من مكايد الشيطان, ولهذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء» (1) وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» (2).
وقد يتعلق بعض دعاة الاختلاط ببعض ظواهر النصوص الشرعية التي لا يدرك مغزاها إلا من نور الله قلبه وتفقه في الدين وضم الأدلة الشرعية بعضها إلى بعض وكانت في تصوره وحدة لا يتجزأ بعضها عن بعض, ومن ذلك خروج بعض النساء مع الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الغزوات, والجواب عن ذلك أن خروجهن كان مع محارمهن لمصالح كثيرة لا يترتب عليه ما يخشى عليهن من الفساد, لإيمانهن وتقواهن وإشراف محارمهن عليهن وعنايتهن بالحجاب بعد نزول آيته بخلاف حال الكثير من نساء العصر, ومعلوم أن خروج المرأة من بيتها إلى العمل يختلف تماما عن الحالة التي خرجن بها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغزو فقياس هذه على تلك يعتبر قياسا مع الفارق. وأيضا فما الذي فهمه السلف الصالح حول هذا, وهم لا شك أدرى بمعاني النصوص من غيرهم, وأقرب إلى التطبيق العملي لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فما هو الذي نقل عنهم على مدار الزمن؟ هل وسعوا الدائرة كما ينادي دعاة الاختلاط فنقلوا ما ورد في ذلك إلى أن تعمل المرأة في كل ميدان من ميادين الحياة مع الرجال تزاحمهم ويزاحمونها وتختلط معهم ويختلطون معها؟ أم أنهم فهموا أن تلك قضايا معينة لا تتعداها إلى غيرها؟
وإذا استعرضنا الفتوحات الإسلامية والغزوات على مدار التاريخ لم نجد هذه الظاهرة, أما ما يدعى في هذا العصر من إدخالها كجندي يحمل السلاح ويقاتل, كالرجل فهو لا يتعدى أن يكون وسيلة لإفساد وتذويب
أخلاق الجيوش باسم الترفيه عن الجنود; لأن طبيعة الرجال إذا التقت مع طبيعة المرأة كان منهما عند الخلوة ما يكون بين كل رجل وامرأة من الميل والأنس والاستراحة إلى الحديث والكلام, وبعض الشيء يجر إلى بعض, وإغلاق الفتنة أحكم وأحزم وأبعد من الندامة في المستقبل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/182)
فالإسلام حريص جدا على جلب المصالح ودرء المفاسد وغلق الأبواب المؤدية إليها, ولاختلاط المرأة مع الرجل في ميدان العمل تأثير كبير في انحطاط الأمة وفساد مجتمعها كما سبق; لأن المعروف تاريخيا عن الحضارات القديمة: الرومانية واليونانية ونحوهما أن من أعظم أسباب الانحطاط والانهيار الواقع بها هو خروج المرأة من ميدانها الخاص إلى ميدان الرجال ومزاحمتهم مما أدى إلى فساد أخلاق الرجال, وتركهم لما يدفع بأمتهم إلى الرقي المادي والمعنوي .. وانشغال المرأة خارج البيت يؤدي إلى بطالة الرجل وخسران الأمة, وعدم انسجام الأسرة وانهيار صرحها, وفساد أخلاق الأولاد, ويؤدي إلى الوقوع في مخالفة ما أخبر الله به في كتابه من قوامة الرجل على المرأة. وقد حرص الإسلام أن يبعد المرأة عن جميع ما يخالف طبيعتها فمنعها من تولي الولاية العامة كرئاسة الدولة والقضاء وجميع ما فيه مسئوليات عامة لقوله صلى الله عليه وسلم: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» (1) رواه البخاري في صحيحه. ففتح الباب لها بأن تنزل إلى ميدان الرجال يعتبر مخالفا لما يريده الإسلام من سعادتها واستقرارها. فالإسلام يمنع تجنيد المرأة في غير ميدانها الأصيل, وقد ثبت من التجارب المختلفة- وخاصة في المجتمع المختلط- أن الرجل والمرأة لا يتساويان فطريا ولا طبيعيا, فضلا عما ورد في الكتاب والسنة واضحا جليا في اختلاف الطبيعتين والواجبين. والذين ينادون بمساواة الجنس اللطيف - المنشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين- بالرجال, يجهلون أو يتجاهلون الفوارق الأساسية بينهما.
لقد ذكرنا من الأدلة الشرعية والواقع الملموس ما يدل على تحريم الاختلاط واشتراك المرأة في أعمال الرجال ما فيه كفاية ومقنع لطالب الحق, ولكن نظرا إلى أن بعض الناس قد يستفيدون من كلمات رجال الغرب والشرق أكثر مما يستفيدون من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام علماء المسلمين, رأينا أن ننقل لهم ما يتضمن اعتراف رجال الغرب والشرق بمضار الاختلاط ومفاسده لعلهم يقتنعون بذلك, ويعلمون أن ما جاء به دينهم العظيم من منع الاختلاط هو عين الكرامة والصيانة للنساء وحمايتهن من وسائل الإضرار بهن والانتهاك لأعراضهن.
قالت الكاتبة الإنجليزية اللادي كوك: (إن الاختلاط يألفه الرجال, ولهذا طمعت المرأة بما يخالف فطرتها, وعلى قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا وهاهنا البلاء العظيم على المرأة ... إلى أن قالت: علموهن الابتعاد عن الرجال أخبروهن بعاقبة الكيد الكامن لهن بالمرصاد).
وقال شوبنهور الألماني: (قل هو الخلل العظيم في ترتيب أحوالنا الذي دعا المرأة لمشاركة الرجل في علو مجده وباذخ رفعته, وسهل عليها التعالي في مطامعها الدنيئة حتى أفسدت المدنية الحديثة بقوى سلطانها ودنيء آرائها).
وقال اللورد بيرون: (لو تفكرت أيها المطالع فيما كانت عليه المرأة في عهد قدماء اليونان لوجدتها في حالة مصطنعة مخالفة للطبيعة ولرأيت معي وجوب إشغال المرأة بالأعمال المنزلية مع تحسن غذائها وملبسها فيه وضرورة حجبها عن الاختلاط بالغير) اهـ.
وقال سامويل سمايلس الإنجليزي: (إن النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل مهما نشأ عنه من الثروة للبلاد فإن نتيجته كانت هادمة لبناء الحياة المنزلية, لأنه هاجم هيكل المنزل, وقوض أركان الأسرة, ومزق
الروابط الاجتماعية, فإنه يسلب الزوجة من زوجها والأولاد من أقاربهم فصار بنوع خاص لا نتيجة له إلا تسفيل أخلاق المرأة, إذ وظيفة المرأة الحقيقية هي القيام بالواجبات المنزلية مثل ترتيب مسكنها وتربية أولادها والاقتصاد في وسائل معيشتها مع القيام بالاحتياجات البيتية, ولكن المعامل تسلخها من كل هذه الواجبات بحيث أصبحت المنازل خالية وأضحت الأولاد تشب على عدم التربية, وتلقى في زوايا الإهمال وطفئت المحبة الزوجية وخرجت المرأة عن كونها الزوجة الظريفة والقرينة المحبة للرجل, وصارت زميلته في العمل والمشاق, وباتت معرضة للتأثيرات التي تمحو غالبا التواضع الفكري والأخلاقي الذي عليه مدار حفظ الفضيلة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/183)
وقالت الدكتورة إيدايلين: (إن سبب الأزمات العائلية في أمريكا وسر كثرة الجرائم في المجتمع هو أن الزوجة تركت بيتها لتضاعف دخل الأسرة فزاد الدخل وانخفض مستوى الأخلاق ثم قالت: إن التجارب أثبتت أن عودة المرأة إلى الحريم هو الطريقة الوحيدة لإنقاذ الجيل الجديد من التدهور الذي يسير فيه).
وقال أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي: (إن المرأة تستطيع أن تخدم الدولة حقا إذا بقيت في البيت الذي هو كيان الأسرة).
وقال عضو آخر: (إن الله عندما منح المرأة ميزة إنجاب الأولاد لم يطلب منها أن تتركهم لتعمل في الخارج بل جعل مهمتها البقاء في المنزل لرعاية هؤلاء الأطفال).
وقال شوبنهور الألماني أيضا: (اتركوا للمرأة حريتها المطلقة كاملة بدون رقيب ثم قابلوني بعد عام لتروا النتيجة ولا تنسوا أنكم سترثون معي للفضيلة والعفة والأدب وإذا مت فقولوا: أخطأ أو أصاب كبد الحقيقة). ذكر هذه النقول كلها الدكتور مصطفى حسني السباعي رحمه الله في كتابه (المرأة بين الفقه والقانون).
ولو أردنا أن نستقصي ما قاله منصفو الغرب في مضار الاختلاط التي هي نتيجة نزول المرأة إلى ميدان أعمال الرجال لطال المقال ولكن الإشارة المفيدة تكفي عن طول العبارة.
والخلاصة: أن استقرار المرأة في بيتها والقيام بما يجب عليها من تدبيره بعد القيام بأمور دينها هو الأمر الذي يناسب طبيعتها وفطرتها وكيانها, وفيه صلاحها وصلاح المجتمع وصلاح الناشئة فإن كان عندها فضل ففي الإمكان تشغيلها في الميادين النسائية كالتعليم للنساء والتطبيب والتمريض لهن ذلك مما يكون من الأعمال النسائية في ميادين النساء كما سبقت الإشارة إلى ذلك, وفيها شغل لهن شاغل وتعاون مع الرجال في أعمال المجتمع وأسباب رقيه, كل في جهة اختصاصه, ولا ننسى هنا دور أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ومن سار في سبيلهن, وما قمن به من تعليم للأمة وتوجيه وإرشاد, وتبليغ عن الله سبحانه وعن رسوله صلى الله عليه وسلم فجزاهن الله عن ذلك خيرا, وأكثر في المسلمين اليوم أمثالهن مع الحجاب والصيانة والبعد عن مخالطة الرجال في ميدان أعمالهم.
والله المسئول أن يبصر الجميع بواجبهم, وأن يعينهم على أدائه على الوجه الذي يرضيه, وأن يقي الجميع وسائل الفتنة وعوامل الفساد ومكايد الشيطان, إنه جواد كريم وصلى الله على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.)
ـ[أيمن بن خالد]ــــــــ[03 - 12 - 08, 08:14 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أظنّ الإستدلال بما ورد من الأدلة ليس في مكانه وإن كان يفهم منه الأمر كما استدل به، فسابق الأدلة متعلق بما يجب على المرأة أن تفعل إن خرجت من المنزل، أو متعلق بما هو الأفضل لها. وقد كانت النساء ومازالوا يخرجون في الأسواق وما إلى ذلك من شؤون حياتهم، فقد يقع في قلب بعض أهل الأهواء أو العوام أن يقول: وماذا في الأمر إن كان مكان العمل مختلطاً والتزمت المرأة بالشروط المذكورة آنفاً.!!!
نقول: أظهر دليل على عدم الإختلاط هو ما رواه أبو داود في سننه من حديث أبو أسيد أنه سمع الرسول صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق فكانت المرأة تلتصق بالجدار إن ثوبها ليتعلق من لصوقها به "
والتعلق بأوهام المجيزين يستحيل عقلاً وشرعاً، فكيف برجل أو امرأة تعمل وهي تغض بصرها من جهة، وكيف لرجل أن يعمل في مكان يرى فيه امرأة بجانبه ولا تثار غريزته إلا من لم يكن سوي الفطرة!! والدليل السابق هو خاص في خروج المرأة وصريح أنّ المرأة لا يحق لها الإختلاط مع الرجال وإن كان مما هو من الضرورة! فتأمل
والله أعلم
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 12 - 08, 01:09 م]ـ
قال الإمام الشافعي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -
(قال) والتعزية من حين موت الميت ان المنزل والمسجد وطريق القبور وبعد الدفن ومتى عزى فحسن فإذا شهد الجنازة أحببت أن تؤخر التعزية إلى ان يدفن الميت إلا أن يرى جزعا من المصاب فيعزيه عند جزعه ويعزى الصغير والكبير والمرأة إلا أن تكون امرأة شابة ولا أحب مخاطبتها إلا لذي محرم)
سبحان الله
يكره الإمام الشافعي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - للرجل أن يخاطب الشابة في التعزية
فهل يجيز الإمام الشافعي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - للشابة مجالسة الرجال في قاعات الدراسة والمخالطة في الجامعات والمدارس
أيهما أولى تعزية شابة تعزية وليس تسلية
أم مجالسة الفتيات في الجامعات
حتى أصبحت الجامعات المختلطة مكان قلة الحياء
وكذا المستشفيات المختلطة وكذا كل مكان مختلط بين الشبان والشابات
ولا يعرف من أجاز الاختلاط في الجامعات والمدارس قبل الاستعمار
بل لا يعرف الاختلاط في بلاد المسلمين في المدارس والجامعات قبل الاستعمار
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/184)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[04 - 12 - 08, 12:25 م]ـ
قال شيخنا العالم الشيخ عطية سالم - رحمه الله -في تكملة أضواء البيان
(ومما يؤيد ما ذكره أننا ونحن في بعثة الجامعة الإسلامية لإفريقيا، سمعنا ونحن في مدينة أطار وهي على مقربة من مدينة شنجيط المذكورة، سمعنا من كبار أهلها أنه كان يوجد بها سابقاً مائتا فتاة يحفظن المدونة كاملة.
وقد سمعت في الآونة الأخيرة، أنه كانت توجد امرأة تدريس في المسجد النبوي، الحديث، والسيرة، واللغة العربية وهي شنقيطية.
ويجب أن تكون النظرة لهذه المسألة على ضوء واقع الحياة اليوم وفي كل يوم، وقد أصبح تعليم المرأة من متطلبات الحياة، ولكن المشكلة تكمن في منهج تعليمها، وكيفية تلقيها العلم.
فكان من اللازم أن يكون منهج تعليمها قاصراً على النواحي التي يحسن أن تعمل فيها كالتعليم والطب وكفى.
أما كيفية تعليمها، فإن مشكلتها إنما جاءت من الاختلاط في مدرجات الجامعات، وفصول الدراسة في الثانويات في فترة المراهقة، وقلة المراقبة، وفي هذا يكمن الخطر منها وعليها في آن واحد، فإذا كان لا بد من تعليمها، فلا بد أيضاً من المنهج الذي يحقق الغاية منه ويتضمن السلامة فيه، والتوفيق من الله سبحانه.
)
)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[04 - 12 - 08, 12:59 م]ـ
موجز تاريخ التعليم المختلط ونتائجه
بقلم: محمد ضياء الرحمن الأعظمي العمري
إن من ثمرات الحضارة الغربية التعليم المختلط, والمتصفح لتاريخ الأمم الماضية لا يجد ذكرا لهذا التعليم, فهذه الحضارة اليونانية التي بلغت شأوا بعيدًا في الرقي والتمدن مع هذا فإنها تفرق في نظام التعليم بين الرجال والنساء, وهذه الحضارة الرومانية التي كانت داعية إلى حرية لم يسبق إليها غيرها لا نجدها قد أباحت هذا التعليم ولم تتصور هذا الفكر الجديد, وعندنا أمثال للدراسات العليا في الحضارة الصينية قد قطعت في التعليم شوطا بعيدا منذ أقدم العصور ومع ذلك لم تتعرض للتعليم المختلط مثلما تعرضت لها الحضارة الغربية وقلدها بعض البلدان الإسلامية.
أول دولة أخذت بهذا النظام هي الولايات المتحدة الأمريكية فلفظ ( co-education) ( التعليم المختلط) قد استعمل أول مرة سنة 1774م, وبقي الأمر مقصورا عليها ولم تأخذ به أي دولة إلا قبل خمسين سنة حيث أخذت به الدول الأوروبية ثم انتشر بعد ذلك إذ أخذت به معظم الدول
)
انتهى
كذا وليحرر
وليراجع
http://en.wikipedia.org/wiki/Coeducational
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[04 - 12 - 08, 01:58 م]ـ
بارك الله فيكم، وفي صاحب الموضوع الأصلي أخي المرادي.
إذا أردت أن تسقط أي دولة - وليس بالضرورة سقوطا آنيا- ولو بعد حين، ما عليك إلا أن تدعو إلى اختلاط الرجال بالنساء، سواء في العمل أو الحدائق أو البيوت أو المطاعم، وحينئذ فإنك لن تحتاج إلى مدفعية ولا طائرة، فبالاختلاط تكون قد صنعت جيلا مائعا حريصا على التزين للمرأة، حريصا على المشط! وحف الوجنات! وخضوع الأصوات! ومحاربا للفضيلة والديانات.
والله المستعان.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[09 - 12 - 08, 10:42 م]ـ
بارك الله فيكم على مروركم وإضافاتكم المفيدة ...
ـ[سيدي محمد اندي]ــــــــ[06 - 06 - 09, 03:13 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم(100/185)
ماذا كتب في الملتقى عن رمضان
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[20 - 08 - 08, 01:34 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=82890
الاستعداد لرمضان
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=145011
دعوة عامة قبل رمضان
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=110621
حكم التهنئة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=62816
هدية من أخ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=880221
يومك في رمضان
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=675128
فوائد تربوية
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=13637
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=82875
للعائلة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=880441
فتاوى وفقه
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=13697
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=221422
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=81989
كتب
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=478418
دروس
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=82777
أحاديث لا تصح
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4014&highlight=%D1%E3%D6%C7%E4
الاعتكاف
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=84200
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=82789
أفضل ما ألف
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=876504
ليلة القدر
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=23969
قراء رمضان
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=81475
ماذا بعد الصيام
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=680416
ـ[عبدالله العلاف]ــــــــ[20 - 08 - 08, 02:28 م]ـ
اسمحوا لي بهذه الإضافة
الجامع .. والبيان ... لأحكام .. وآداب شهر رمضان ...
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=144974
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[25 - 08 - 08, 04:06 م]ـ
يرفع للفائدة
ـ[عادل علي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 04:31 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وأعاننا وإياكم على طاعته
ـ[وكيع الكويتي]ــــــــ[02 - 08 - 09, 07:59 ص]ـ
للفائدة
ـ[المغربي أبو عمر]ــــــــ[02 - 08 - 09, 08:27 ص]ـ
وفقك الله 0000جهد متميز
ـ[فتحى حسين طه محمد]ــــــــ[02 - 08 - 09, 09:31 م]ـ
الله يبارك فيك وفى جهدك ووقتك يا شيخ محمد
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[23 - 08 - 09, 10:24 م]ـ
وفقك الله 0000جهد متميز
جزاك الله خيرا
جزاكم الله خيرا
وأعاننا وإياكم على طاعته
ءآمين وإياكم
الله يبارك فيك وفى جهدك ووقتك يا شيخ محمد
أكرمك الله وفيك يا أيها الشيخ فتحي وطمنا على التراويح عندك(100/186)
ادعية لتيسيير الزواج
ـ[عبدالرحمن علي عبدالرحمن آلحمود]ــــــــ[20 - 08 - 08, 12:45 م]ـ
تنبيه من المشرف:
هذه الأدعية وغيرها مما ينشره البعض باسم أدعية تيسير الزواج لم ترد في الكتاب ولا السنة وليس عليها دليل معين، فلا يصح نشرها بهذه الطريقة بدون تنبيه، خاصة مع اشتمالها على تخصيص بعص السور من القرآن وغير ذلك
فينبغي الحذر من نشر مثل هذه الأمور بدون عرضها على أهل العلم.
هذه أدعية تم جمعها بإجتهاد شخصي لتيسير الزواج وإن شاءالله بها تعم الفائدة ويجب إتباع الاتي كثرة الإستغفاركثرة تلاوة سورة الزلزلةالكافرون النصرالصمدصلاة ركعتين لله ثم الدعاءرب إني لما أنزلت إلي من خير فقيراللهم هب لي من لدنك زوجازوجةهينا لينامرفوعاذكره في السماءوالأرض وأرزقني منه منهاذرية طيبة عاجلا غير اّجل إنك سميع الدعاءاللهم إرزقني فلانافلانةزوجازوجةلي إنك علي كل شيء قديراللهم بحق قولك والله يرزق من يشاء بغيرحساب وبحق قولك إن الله على كل شيء قديروقولك الحق بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون اللهم اجمع بيني وبين فلان فلانةبالحق وافتح بيننا بالحق وأنت الفتاح العليم وقولك فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجاارزقني زوجازوجةتقر به عيني وتقر بي عينه اللهم إني أعوذ بك من بوار الأيم وتأخر الزواج وبطئه وأسألك أن ترزقني خيرامما أستحق من الزوج الزوجةومما اّمل وأن تقنعني واهلي به بهااللهم حصن فرجي ويسر لي أمري وأكفني بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك اللهم إنك تقدر ولاأقدروتعلم ولاأعلم وأنت علام الغيوب والقادراللهم إن كنت تعلم في فلان فلانةخيرافزوجنيه وأقدره لي وإن كان في غيره خير لي في ديني ودنياي واّخرتي فاقدره لي اللهم إني إستعففت فأغنني من فضلك بحق قولك تعالي وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتي يغنيهم الله من فضله اللهم إرزقني الزوجة الصالحة إن أمرتها أطاعتني وإن نظرت إليها سرتني وإن أقسمت عليها أبرتني وإن غبت عنها حفظتني في نفسها ومالي اللهم عجل بقبول دعوتنااللهم يا مطلع علي جميع حالاتنا اقض عنا جميع حاجتنا وتجاوزعن جميع سيئاتنا وزلاتنا وتقبل جميع حسناتنا وسامحناونسألك ربنا سبيل نجاتنا في حياتنا ومعادنااللهم يا مجيب الدعاء يا مغيث المستغيثين ياراحم الضعفاء أجب دعوتنا وعجل بقضاء حاجاتنا ياأرحم الراحمين اللهم إستجب للجميع وأرزقنا جميعا الخير
منقول(100/187)
زجر العوام و الدهماء عن الجدال و المراء بغير علم
ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[20 - 08 - 08, 01:56 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمابعد.
هناك ناس من أتاه الله عقلا راجحا، وبصيرة نافذة، وفكرا ثاقبا، وذهنا وقادا، يدرك الحقائق ويستنبط النكت من جميع الجوانب و النواحي، وفي مقابل هذا الطراز من الناس يوجد ناس دون ذلك عنده قصور في النظر وضبابية في الفكر و التفكير وتحجر في الذهن فلا يستطيع الإحاطة بالمدارك ولايدأب في البحث و التفتيش عن الحقيقة إلى النهاية. فمثل هذاإذا تصدر إلى إصدار الأحكام وطعن في الموجودات وجرح الناس وتعديلهم وتصنيفهم مثل هذا تختلف معه النتائج سلبيا، بخلاف عما يصل إليه من كان من الطراز الأول.فهذاتحصل منه الفوضى ويجر الويلاة إلى الأجانب و الناس.
وفي هذا المعنى قال أحدالعلماء في معنى كلامه: إنك تجد كثيرا من الناس يكون جيد التخيل دقيق التمييز سريع التصور ذكروا - بفتح الذال - فطنا صاحيا مع نفسه ومنهم من يكون بليدا بطيء الذهنأعمى القلب و البصيرة ساهي النفس فهذا أيضا بعض أسباب اختلاف العلماء في الآراء والمذاهب. فمثل هذا يجب عليه التريث و تعلم الأدب و اكتساب التقوى و الورع كي لايغلط فيهلك ويهلك.
يقول القدوة في الأصول و الفروع و الجدل و المناظرة إمامالحرمين أبي المعالي الجويني - رحمة الله عليه - {وقوم دأبهم التطفل في المناظرة، ويستنكفون عن السؤال، لقصورهم فيه، ولم يبلغوا مبلغ أن يسألوا، وربما لايفهمون أكثر ماجرى، ينتظرون فرصة أحد الخصمين على الآخر فيأخذون في الشغب و الصياح،إيهاما منهم لمن حضر المجلس من العوام و أهل النقض انهم من جملتهم، وهم صفر من صناعتهم، فهؤلاء لايعدون في جمله أهل الجدل و النظر} الكافية في الجدل ص 559.
ويقول الإمام الباجي - رحمة الله عليه - {ولايناظر من عادته التسفه في الكلام، ولامن عادته التفظيع، فإنه لايستفيد بكلامه فائدة} المنهاج في ترتيبالحجاج ص 10.
و إن مشأ هذه الهناة وهذه الفوضى و الأوصاف من قلة العلم وقصور في النظر و الفهم، فيدخلون أصحاب هذا في جملة العوام الذين فرضهم التعلم وسلوك الجادة
و الله المستعان
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه
فيصل بن المبارك أبو حزم
صبيحة يوم الأثنين 16 - شعبان - 1429ه(100/188)
شرح عمدة الفقة (مميز بتنوع الشراح)
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 02:00 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد ..
هذا شرح لعمدة الفقة لبعض المشائخ الفضلاء حيث انه لايوجد فيما اعلم شرحا كاملا لهذا الكتاب من المعاصرين مطبوع .. حيث ان هذا الشرح يتميز بتنوع الشراح
وهم 1 - الطهارة والصلاة .. الشيخ / عبد الله العمار
2 - الزكاة والصيام .. الشيخ / سعد الخثلان
3 - الحج .. الشيخ / عبدالله السلمي
4 - المعاملات .. الشيخ / عبد الله العمار
5 - احكام الدين .. الشيخ / سعد الخثلان
6 - كتاب النكاح .. الشيخ / عبدالله السلمي
7 - كتاب الطلاق .. الشيخ / سعد الخثلان
8 - الجنايات والقتل. الشيخ / خالد المصلح
وسوف اقوم بإذن الله بتنزيل كتاب الصيام اولا لاننا على مشارف هذا الشهر الكريم
اسال الله ان يلغنا واياكم هذا الشهر ويجلعنا فيه من المقبولين.
ثم اتبعه الترتيب المعروف كما هو في الاعلى.
واسال الله ان يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم وان ينفع به طلاب العلم
** علما ان المرجع هو قناة المجد العلمية.
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 02:07 م]ـ
ـ[مستور مختاري]ــــــــ[20 - 08 - 08, 03:34 م]ـ
طريقة سقيمة جدا ..
وعفوا على هذه العبارة ..
والمنهج السليم أخذ الفقه من شيخ واحد ضابط لما يشرح ..
ولكن الذي يعتبر أصولاً في باب،، قد يكون الشيخ الآخر لا يعتبرها فتضطرب المنهجية عند الدارس ..
إلى غير ذلك من المساويء المنهجية في التلقي
ـ[العوضي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 04:54 م]ـ
طريقة سقيمة جدا ..
وعفوا على هذه العبارة ..
والمنهج السليم أخذ الفقه من شيخ واحد ضابط لما يشرح ..
ولكن الذي يعتبر أصولاً في باب،، قد يكون الشيخ الآخر لا يعتبرها فتضطرب المنهجية عند الدارس ..
إلى غير ذلك من المساويء المنهجية في التلقي
لا مانع أخي الكريم من أن يستفيد الإنسان من هذا الشرح مع قراءة الكتب على شيخ آخر ...
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[23 - 08 - 08, 07:01 م]ـ
طريقة سقيمة جدا ..
وعفوا على هذه العبارة ..
والمنهج السليم أخذ الفقه من شيخ واحد ضابط لما يشرح ..
ولكن الذي يعتبر أصولاً في باب،، قد يكون الشيخ الآخر لا يعتبرها فتضطرب المنهجية عند الدارس ..
إلى غير ذلك من المساويء المنهجية في التلقي
انت لست مجبور ان تاخذ هذا العلم
علما ان الدوراة التي تقام يكون فيها اكثر من عالم يشرح نفس المتن وانتفع الناس بها انتفاعاً كثيرا
وقد يكون الانسان يريد شرح لكتاب معين ككتاب النكاح او كتاب الحج لشيخٍ معين فيجد بغيته
فلا تفرض على الناس طريقة معينة فقد يصلح لك ما لا يصلح لغيرك
علما ان هذا الكتاب لم يشرح كاملا من المعاصرين
اخي الكريم (لا تكن كالذبابة لاتقع الا على ..... )
فلا تنظر الى الامر من عين واحدة
اسال الله لي ولك الاخلاص في القول والعمل
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[23 - 08 - 08, 07:15 م]ـ
كتاب الصيام
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا, ونسألك اللهم علماً نافعاً ينفعنا.
كما استمعنا من الشيخ معمر بأن من التوفيق تزامن شرح كتاب الصيام مع قرب دخول شهر رمضان المبارك ما بقي إلا قرابة ثلاثة أسابيع على شهر رمضان, نسأل الله- - عز وجل- أن يبلغنا هذا الشهر ويوفقنا جميعاً إلى صيامه وقيامه.
وفي هذه السلسلة من الدروس سوف نشرح - إن شاء الله تعالى- أحكام الصيام. والمتابع لهذه السلسلة من الدروس سوف يخرج - إن شاء الله تعالى- بحصيلة جيدة فيما يتعلق بأحكام الصيام لأننا سنتعرض لأبرز المسائل التي تكلم عنها العلماء في كتبهم، ولهذا أؤكد على ما ذكره الشيخ معمر من ضرورة متابعة الدروس ولابد- أيها الإخوة المشاهدون- من أن يحرص كل مسلم ومسلمة على مثل هذه الدروس العلمية فهي نعمة من الله- تعالى- أن يأتيك العلم في بيتك، فقد كان السلف يرحلون من أجل طلب العلم، بل من أجل سماع حديث واحد فقط، ها هو العلم الآن يصلك في البيت ما عليك فقط إلا أن تتابع هذه الدروس وتحرص على الاستفادة منها.
نبدأ أولا بقراءة عبارة المؤلف:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/189)
بسم الله الرحمن الرحيم, كتاب الصيام يقول المصنف ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: (ويجب صيام رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم ويؤمر به الصبي إذا أطاقه ويجب بأحد ثلاثة أشياء: كمال شعبان ورؤية هلال رمضان ووجود غيم أو قتر ليلة الثلاثين يحول دونه وإذا رأى الهلال وحده صام فإن كان عدلاً صام الناس بقوله ولا يفطر إذا رآه وحده ولا يفطر إلا بشهادة اثنين وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يوماً أفطروا وإن كان بغيم أو قول واحد لم يفطروا إلا أن يروه أو يكملوا العدة وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير تحرى وصام فإن وافق الشهر أو ما بعده أجزأه وإن وافق ما قبله لم يجزئه).
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: (كتاب الصيام) نحتاج أولاً إلى أن نعطي مقدمة نذكر فيها تعريف الصيام ووقت مشروعيته وكيف فرض صيام شهر رمضان نبدأ أولاً بتعريف الصيام:
الصيام معناه في اللغة: الإمساك ومنه قول الله- تعالى- عن مريم: ? إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّ?26?? [مريم: 26]، ومعنى صوماً أي: إمساكاً عن الكلام، ويقال للساكت: صائم لإمساكه عن الكلام ومنه قول الشاعر:
خيل صيام وأخرى غير صائمة ... تحت اللجاج وأخرى تعلق اللجم
وقوله:" خيل صيام" يعني: ممسكة عن الصهيل "وأخرى غير صائمة" يعني: أنها ليست كذلك.
وتعريف الصوم اصطلاحاً:
إمساك بنية عن أشياء مخصوصة في زمن معين لشخص معين.
وقولنا: "إمساك بنية" في هذا إشارة إلى أنه لا يصح الصوم إلا بنية ولو أن رجلاً لم يأكل ولم يشرب ولم يرتكب أي مفطر من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس لكنه لم ينوِ الصيام فإنه لا يعتبر صائماً شرعاً بعض الناس يمضي أكثر يومه وهو لم يأكل ولم يشرب هل نقول: إن هذا صائم؟ لا .. لابد من نية الصوم وسيأتي - إن شاء الله تعالى- الكلام عن هذه النية وأنه يجب تبييت النية في الصوم الواجب, سيأتي - إن شاء الله تعالى- الكلام عن ذلك بالتفصيل.
قولنا: "إمساك بنية عن أشياء مخصوصة" وهي مفطرات الصيام, وسيأتي الكلام عنها أيضاً بالتفصيل - إن شاء الله تعالى-.
"في زمن معين" وهو ما بين طلوع الفجر الصادق الذي يسمى الفجر الثاني إلى غروب الشمس هذا هو المقصود بالزمن المعين. "من شخص معين" وسيأتي الكلام عنه وهو الإنسان البالغ العاقل المكلف.
متى فرض الصيام؟
فرض الصيام في شهر شعبان من السنة الثانية من الهجرة والنبي -صلى الله عليه وسلم- توفي في السنة الحادية عشرة، معنى ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صام كم رمضان؟ تسعة رمضانات -صلى الله عليه وسلم-، وكان فرض صيام شهر رمضان على ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: فرض صيام عاشوراء فإنه كان في أول الأمر كان صوم عاشوراء واجباً.
المرحلة الثانية: فرض صيام رمضان, لكن على التخيير بينه وبين الإطعام كما في آية البقرة ? وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ? [البقرة: 184]، يعني: أن الصيام خير من الإطعام فكان في المرحلة الثانية من شاء صام ومن شاء لم يصم وأطعم عن كل يوم مسكيناً.
المرحلة الثالثة: فرض صيام شهر رمضان على التعيين من غير تخيير بينه وبين الإطعام وإنما على التعيين وذلك لقول الله- تعالى-: ? فَمَن شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ? [البقرة: 185].
فإذن: مر فرض الصيام بهذه المراحل الثلاث والحكمة في ذلك- والله أعلم- هو التيسير على المكلفين لأنه لو فرض صيام شهر رمضان مرة واحدة لربما كان في ذلك حرج ومشقة والنفس تقبل الشيء الشاق إذا أتاها بالتدريج ولكن إذا أتاها دفعة واحدة قد لا تتقبل النفوس مثل هذا الأمر الشاق وهذا له نظائر مثلاً تحريم الخمر لما كان الناس في ذلك الوقت قد أدمنوا شرب الخمر لم يأتِ تحريمه دفعة واحدة أو مرة واحدة وإنما أتى على مراحل, أتى بالتدريج كما هو معلوم, كان أول ما نزل قول الله- تعالى-: ? وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ? [النحل: 67] ثم نزلت ? لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ? [النساء: 43]، ثم نزلت ? إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ? [المائدة: 90].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/190)
فإذن: نجد أن الشيء الشاق على النفوس تأتي فرضيته إذا كان واجباً أو منعه إذا كان محرماً بالتدرج وليس دفعة واحدة وهذا من مراعاة أحوال النفوس، وقد فرض الله- تعالى- الصيام على جميع الأمم قيل: إنه من زمن نوح والصيام مفروض على الأنبياء وعلى أممهم كما في قول الله- - عز وجل-: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ ? [البقرة: 183] "كُتب" معناه: فُرض فهو مفروض على الأمم التي قبلنا لكن مع اختلاف في بعض الأمور وفي الكيفية.
الصيام له حكم عظيمة ومن أبرز حكمه ما ذكره الله - عز وجل- في قوله: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ?183?? [البقرة: 183] هذه أبرز الحِكَم: تحقيق التقوى لله - عز وجل- ولا شك أن الصيام من أعظم ما يعين المسلم على تحقيق التقوى لله –سبحانه- ولهذا نرى كثيراً من المسلمين في شهر رمضان يكثرون من الأعمال الصالحة ومن التطوعات ومن البذل ومن الصدقات ومن تلاوة القرآن ومن صلاة النافلة, نجد أن الصوم له أثر كبير على حياة المسلمين وهذه من أبرز حِكَم الصيام تحقيق التقوى لله - عز وجل-.
وهناك حِكَم كثيرة منها أيضاً: أن في الصوم فوائد صحية عظيمة ففيه فوائد للبدن وقد وجد في الوقت الحاضر الآن مدارس في الغرب للاستشفاء بالصيام وهذه موجودة الآن وهي مدارس معروفة ومشهورة ففيه فوائد صحية عظيمة والله- تعالى- لا يشرع شيئاً لعباده إلا وفيه حكمة- الحكم وغاية الحكم-.
أيضاً الصوم يعتبر مدرسة تربوية للمسلم, صيام شهر رمضان فيه تربية للمسلم حتى يتخرج من مدرسة الصوم وقد تربى على الأخلاق الفاضلة والأخلاق الحميدة وتخلص من كثير من العادات الذميمة وذلك أن الصوم ليس فقط إمساكاً عن الأكل والشرب والجماع فحسب ولكنه أيضاً إمساك عن جميع المحرمات ولهذا مَنْ أكثر مِنْ فعل المعاصي في شهر رمضان قد يفوته أجر الصيام كما في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (من لم يدعْ قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) [أخرجه البخاري في صحيحه].
ومعنى ذلك: أنه إذا أكثر من قول الزور والعمل به والجهل يعني: أكثر من المعاصي فقد يصل إلى مرحلة أنه لا يثاب ولا يؤجر على هذ الصيام فالمعاصي إذن تنقص من أجر الصائم مثلاً الغيبة تنقص من أجر الصائم, النميمة تنقص من أجر الصائم، النظر المحرم ينقص من أجر الصائم، السباب ينقص من أجر الصائم ... وهكذا, جميع المعاصي تنقص من أجر الصائم، فإذا أكثر منها الصائم فقد يصل إلى هذه المرحلة وهو أنه لا يؤجر ولا يثاب على هذا الصوم وهذا معنى قوله -عليه الصلاة و السلام-: (فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).
ولهذا فإن الصائم مطلوب منه مع إمساكه عن الأكل والشرب والمفطرات الحسية مطلوب منه كذلك أن يمسك جوارحه عن المعاصي, عن النظر المحرم, عن السماع المحرم, عن القول المحرم, عن جميع المعاصي؛ ولهذا كان كثير من السلف إذا صام جلسوا في المساجد وأقبلوا على تلاوة القرآن وقالوا: نحفظ صومنا ولا نغتاب أحداً حرصاً منهم ألا ينقص أجر صيامهم.
فإذا تربى الصائم في مدرسة الصوم خلال شهر رمضان على هذه المعاني وهو أنه يمسك عن جميع المحرمات خلال فترة صومه فإنه خلال ثلاثين يوماً يكون قد تخرج من مدرسة الصوم وقد حصل تهذيب لكثير من سلوكه ومن عاداته الذميمة.
والذين كتبوا في العادات وفي السلوك يقولون: إن أي عادة ذميمة يستطيع الإنسان أن يتخلص منها إذا تركها ثلاثة أسابيع على الأقل, ما بين ثلاثة أسابيع إلى شهر, وأية عادة حميدة يستطيع أن يرسخها إذا مارسها ثلاثة أسابيع إلى ثلاثين يوماً.
فنجد أن هذا متحقق في شهر الصيام, فالإنسان يتربى في شهر رمضان على البذل وعلى الإنفاق وعلى كثرة النوافل وعلى تلاوة القرآن وعلى كثير من أمور الطاعة, كذلك يتربى على الإمساك عن كثير من المعاصي, يحفظ بصره وسمعه وجوارحه عن المعاصي, فيتخرج من مدرسة الصوم في شهر رمضان وقد تهذبت كثير من أخلاقه، ولهذا فإن الذي تصوم جوارحه مع صيامه عن المفطرات الحسية ينتفع ويستفيد كثيراً من مدرسة الصيام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/191)
هذا وجه من وجوه الحكمة في مشروعية صيام شهر رمضان. والحِكَم في هذا كثيرة ولا نستطيع الإحاطة بها ويكفينا أن نعرف أن حكم الله- تعالى- هو حكمة الحكم وهو غاية الحكم.
ولكن قبل أن نتجاوز هذه النقطة- من أكثر من المعاصي وقلنا: إنه لا يؤجر ولا يثاب على هذا الصوم- هل تبرأ ذمته بهذا الصوم أم لا تبرأ؟ شخص مثلاً وقع في معاصٍ وأكثر منها وقلنا له: إنك على خطر ألا يقبل منك هذا الصوم وألا تؤجر ولا تثاب على هذا الصوم لقوله -عليه الصلاة والسلام-: (فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) لكن هل تبرأ ذمته بهذا الصوم أم أنه يصبح كأنه لم يَصُمْ؟
لا تبرأ ذمته
فهل يؤمر بقضاء؟
إذا فاته الصوم يؤمر بالقضاء
يعني: هذا إنسان أكثر من المعاصي, افترضْ: أكثر مثلاً من الغيبة, أكثر من السباب, أكثر من النظر المحرم, وقلنا له: إنك على خطر ألا يقبل الله صومك وأن يفوت أجر الصيام لهذا الحديث الصحيح (فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) فهو يسأل, يقول: هل تبرأ ذمتي بهذا الصوم أم أنني أؤمر بقضائه؟ نستمع جواباً آخر.
صيامه جائز, لكنه يأثم مع ذلك
تبرأ ذمته, لكن ليس له أجر، هو يأثم على فعل المعصية لكونها معصية, لكن ذمته تبرأ بهذا الصوم، لأنه قد تحققت شروط الصيام وأركانه ولم يقع في مفطر من المفطرات الحسية, لم يأكل, لم يشرب, لم يحصل منه جماع, وهكذا سائر المفطرات.
فإذن: ذمته تبرأ عند الله - عز وجل- لكنه لا يؤجر ولا يثاب ولذلك لاحظ الحديث (فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) أي: أنه لا يؤجر ولا يثاب وهذا له نظير بالنسبة للصلاة: من صلى صلاة لم يخشع فيها, من حين أن كبَّر إلى أن سلَّم وهو في هواجس ووساوس, لم يعقل منها شيئاً فهذا صلاته صحيحة, يعني: تبرأ بها الذمة لأنها تحققت فيها الأركان والشروط والواجبات ولكن ليس له من الأجر إلا بمقدار ما عقل منها, كما جاء في الحديث: (إن أحدكم ليصلي وما يكتب له من صلاته إلا نصفها إلا ثلثها إلا ربعها حتى قال: إلا عشره).
فإذن: ليس له من أجر صلاته إلا بمقدار ما عقل منها أما من جهة براءة الذمة فتبرأ ذمته ولو كان في هواجيس ووساوس من أول الصلاة إلى آخرها وهذا المعنى قرره كثير من المحققين من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم.
فإذن: من أتى بالعبادة بصورتها الصحيحة مكتملة الأركان والشروط والواجبات فتقع بها براءة الذمة، ومسألة القبول: هذه مسألة أخرى مسألة القبول والأجر والثواب مسألة أخرى ففي الصلاة مثلاً ليس له من أجر الصلاة إلا بمقدار ما عقل منها.
في الصيام إن أمسك عن المحرمات وصامت جوارحه عن المحرمات فإنه يؤجر ويثاب على هذا الصيام، إن لم يحترم الصوم وأكثر من المعاصي فقد يصل إلى مرحلة أنه لا يؤجر ولا يثاب على هذا الصوم أي أن الله- تعالى- (يدع طعامه وشرابه) كما ورد ذلك في الحديث الصحيح، هذا هو حاصل كلام أهل العلم في هذه المسألة.
نعود بعد ذلك إلى عبارة المؤلف -رحمه الله تعالى- قال: (يجب صيام رمضان) وهذا بإجماع العلماء ومن جحد وجوب صيام رمضان فإنه يكون كافراً بإجماع المسلمين.
(على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم) أفادنا المؤلف بهذه العبارة
شروط صحة الصوم: نريد أن نستنبط هذه الشروط من عبارة المؤلف، من يستنبطها لنا الشرط الأول؟
الإسلام
أخذناه من قوله: (على كل مسلم).
الشرط الثاني؟
البلوغ
البلوغ أخذناه من قوله: (بالغ).
الشرط الثالث؟
العقل
أخذناه من قوله: (بالغ عاقل).
الرابع: نأخذها من قول المؤلف؟
القدرة على الصوم
أخذناه من قوله: (قادر على الصوم).
فإذن: استفدنا من عبارة المؤلف هذه: شروط وجوب الصوم فإذن شروط وجوب الصوم هي: الإسلام,, والبلوغ,, والعقل,, والقدرة. هذه هي شروط وجوب الصوم:
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[23 - 08 - 08, 07:24 م]ـ
اني اعتذر من ادارة المنتدى اولا ثم من الاخوان الافاضل على ماحصل من خطاء من انزال الموضوع اكثر من مرة
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[23 - 08 - 08, 07:58 م]ـ
أما الشرط الأول وهو الإسلام: فكما ذكرنا في شرح كتاب الزكاة قلنا: إنها لا تجب على كافر. هكذا نقول في الصوم أيضاً: إنه لا يجب على الكافر؛ لأنه عبادة والعبادة لابد فيها من نية والنية لا تصح من كافر ولكنه مع ذلك محاسب على ترك الصوم لأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/192)
وسبق أن ذكرنا هذه المسألة لما تكلمنا عن وجوب الزكاة وذكرنا الدليل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وهو قول الله - عز وجل-: ? عَنِ الْمُجْرِمِينَ?41?مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ?42?قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ?43?? [المدثر: 42]، وفي آخر الآيات قال: ? وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ?46?? [المدثر: 46]، فهذا يدل على أنهم كفار لأن التكذيب بيوم الدين كفر وقالوا في أول الأمر: ? قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ? فدل ذلك على أنهم حوسبوا على ترك الصلاة وهكذا على ترك الزكاة على ترك الصيام على ترك الحج فإذن الكافر يحاسب على ترك هذه الفرائض، وإذا أراد الكافر أن يصح منه الصوم فإنه يصحح الأصل يأتي بالشهادتين أولاً ويصحح الأصل فإذا صح منه الأصل صحت منه سائر العبادات.
(على كل مسلم بالغ) وهذا هو الشرط الثاني: البلوغ وذلك أن البلوغ هو مناط التكليف فالإنسان قبل بلوغه غير مكلف, بل مرفوع عنه القلم كما في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رفع القلم عن ثلاثة) وذكر منهم (عن الصبي حتى يبلغ) وهو حديث صحيح.
فالصبي إذن مرفوع عنه القلم فلا يحاسب على ترك الصلاة ولا ترك الصوم وذلك لأنه -كما ذكرنا- لم يبلغ فهو مرفوع عنه القلم.
لكن الصبي يصح منه الصوم ويصح منه كذلك الصلاة إذا كان مميزاً ويؤجر على ذلك ويثاب والدليل على ذلك قصة (المرأة التي أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- ورفعت صبياً وقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر) [أخرجه مسلم في صحيحه] فدل ذلك على أن الصبي إذا كان مميزاً فإنه يؤجر ويثاب على الطاعات ولكنه لا يعاقب على ترك الفرائض بل حتى لا يعاقب على فعل المعاصي.
ولكن ليس معنى ذلك أن يترك له الحبل على الغارب- كما يقال- ولكن يعزر على ذلك ويؤدب لكنه شرعاً مرفوع عنه القلم ولكن ينبغي أن يعود على الصوم, كذلك يؤمر بالصلاة كما قال -عليه الصلاة والسلام-: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر).
فينبغي تعويده على الصوم وأمره بالصلاة ولكنه لو لم يصلِّ أو لم يصم فإنه لا شيء عليه لكونه مرفوعاً عنه القلم إذ لا معنى لكون القلم مرفوعاً عنه إلا أنه لا يحاسب.
فإن قال قائل: كيف لا يحاسب على ترك الصلاة والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (واضربوهم عليها لعشر) وهل يكون الضرب إلا على معصية؟ فكيف نجيب عن هذا؟ يقول: الضرب لا يكون إلا على معصية ونحن نقول: إنه ما دام أنه لم يبلغ فإنه لا يحاسب على ترك الصلاة فكيف نجيب عن هذا الإيراد؟
ضربه على سبيل التربية
أحسنت, نقول: لا يلزم من الضرب أن يكون عن معصية وإنما ضربه هنا على سبيل التعويد والتربية والتأديب لأن الصبي أن يؤمر ثلاث سنوات من السن السابعة إلى سن العاشرة ومع ذلك لم يتعود على الصلاة ولم يصلِّ فإنه بحاجة إلى شيء من الحزم لأن بعض النفوس لا يمكن أن تستقيم إلا إذا استخدم معها شيء من القسوة ومن الحزم فهذا ضرب من ضروب التربية والتأديب لكن ليس معنى ذلك أنه مكلف هو لم يبلغ سن التكليف لأنه لا يبلغ سن التكليف إلا إذا بلغ (عن الصبي حتى يبلغ) والبلوغ يتحقق بإحدى علامات ثلاث:
العلامة الأولى: إنزال المني يقظة أو مناماً.
العلامة الثانية: بلوغ تمام خمسة عشر سنة. لاحظ العبارة بلوغ تمام خمسة عشر سنة يعني: أتم خمسة عشرة ودخل في السنة السادسة عشرة وليس معنى ذلك أنه أتم أربعة عشرة سنة ودخل الخامسة عشرة ليس هذا هو المقصود وإنما المقصود أنه أتم خمسة عشرة سنة.
العلامة الثالثة: نبات الشعر الخشن حول الفرج وتزيد الأنثى علامة رابعة وهي الحيض فهذه هي علامات البلوغ إذا وجد واحدة منها فنقول: إن هذا الصبي أو هذه الفتاة قد بلغا سن التكليف.
قال: (بالغ عاقل) قوله: (عاقل) هذا هو الشرط الثالث من شروط وجوب الصوم فالمجنون لا يجب عليه الصوم لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رفع القلم عن ثلاث) وذكر منهم (عن المجنون حتى يفيق) ومادام أنه قد رفع عنه القلم فهو غير محاسب على الصيام وبالتالي نقول: إنه لا يجب عليه الصيام وهذا بإجماع العلماء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/193)
(قادر على الصوم) هذا هو الشرط الرابع القدرة على الصوم أما إن كان عاجزاً عن الصوم فإنه لا يجب عليه أن يصوم, لكن يجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً ما دام عقله معه كأن يكون مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه كمرض السرطان مثلاً ونحوه من الأمراض التي لا يرجى برؤها في علم البشر وإلا فالله على كل شيء قدير.
نقول: حينئذ لا يجب عليه أن يصوم ولكن يجب عليه أن يأتي بالبدل وهو أن يطعم عن كل يوم مسكيناً. هذه هي شروط وجوب الصوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: (ويؤمر به الصبي إذا أطاقه) المقصود بالصبي الصبي المميز فإنه ينبغي أمره بالصوم وإن لم يكن الصوم واجباً عليه ولكنه يؤمر من باب التعويد حتى يتعود على الصوم كما أنه يؤمر بالصلاة حتى يتعود عليها، وقد كان السلف يأمرون صبيانهم بالصوم كان الصبي إذا بكى يجعلون له العهن من الصوف يلعب به ويتسلى حتى يمضي عليه النهار.
هكذا نقول: إنه ينبغي تعويد الصبيان على الصوم ما لم يشق ذلك عليهم مشقة شديدة وبعض الآباء والأمهات ينهون صبيانهم عن الصوم, هذا خطأ. ما دام أن هذا الصبي عنده القدرة على الصوم فينبغي أمره بذلك وتشجيعه وحثه عليه ولا ينهَ عن هذا الصوم ما لم يضره الصوم أو يشق عليه مشقة كبيرة فمادام يطيق الصوم فإنه ينبغي أن يشجع على ذلك وأن يقتدى بالسلف -رحمهم الله تعالى- حيث كانوا يأمرون صبيانهم بالصوم ويشجعونهم على ذلك إذا بكى الواحد منهم جعلوا له اللعبة من العهن يتسلى بها.
ثم قال -رحمه الله تعالى- (ويجب) يعني: صيام رمضان (بأحد ثلاث أشياء)
الأول: قال: (كمال شعبان) يعني: ثلاثين يوماً وذلك أنه إذا تحري الهلال لرمضان بعد غروب شمس التاسع والعشرين من شهر شعبان ولم يرَ الهلال فإن الواجب حينئذ إكمال شعبان ثلاثين يوماً لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوم).
الأمر الثاني: قال: (ورؤية هلال رمضان) إذا رؤي هلال رمضان فيجب الصوم بالإجماع فمثلاً إذا تحرى الناس الهلال مساء التاسع والعشرين من شهر شعبان فرؤي الهلال فإنه يجب صوم رمضان.
الأمر الثالث: قال: (ووجود غيم أو قتر ليلة الثلاثين يحول دونه) يعني: أنه يجب الصوم عند وجود غيم أو قتر ليلة الثلاثين وذلك من باب الاحتياط لرمضان وهذا كلام غريب من المصنف -رحمه الله تعالى- ولكن هذا هو إحدى الروايات عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- إحدى الروايات في المذهب, وذكرها صاحب الزاد وغيره قالوا: إنه يجب الصيام إذا حال دون رؤية الهلال ليلة الثلاثين من شعبان غيم أو قتر قالوا: إنه يجب الصوم في هذه الحالة واستدلوا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له) قالوا: معنى (فاقدروا له) أي ضيقوا عليه وذلك بأن يجعل شعبان تسعة وعشرين يوماً، كما في قول الله - عز وجل-: ? وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ? [الطلاق: 7]، يعني ضيق عليه رزقه، قالوا: فمعنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (فاقدروا له) يعني ضيقوا عليه وذلك بأن يجعل شعبان ثلاثين يوماً.
قالوا: ويؤيد ذلك أن ذلك مروي عن ابن عمر: (كان إذا حال دون رؤية الهلال ليلة الثلاثين من شعبان غيم أو قتر أصبح صائم) قالوا: وهو راوي الحديث وهو أعلم بما روى، ولكن هذا محل نظر إذ إن هذا هو يوم الشك, قد وردت أحاديث في النهي عن صيام يوم الشك.
ولهذا فإن بعض المحققين من أهل العلم قال: إن الصحيح من مذهب الحنابلة في هذه المسألة أنه لا يجب الصوم في هذه الحالة، لا يجب الصوم في الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر كما قال ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- قال: هي المذهب الصريح المنصوص عليه عن الإمام أحمد, فبعض المحققين من أهل العلم قال: إن هذه الرواية ليست هي الصحيح من مذهب الحنابلة بل الصحيح من المذهب أنه لا يجب الصوم في هذه الحالة، وكثير من فقهاء الحنابل يقولون: إن هذا اليوم يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية هلاله غيم أو قتر ليس هو يوم الشك وإنما يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا كان الجو صحواً ليلة الثلاثين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/194)
وأما إذا كان غائماً أو به قتر فإنه ليس هو يوم الشك، ولكن هذا محل نظر والصحيح أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر لأنه حينئذ يحصل الشك للناس هل هلَّ هلال شهر رمضان أم لم يهل؟
أما إذا كان الجو ليلة الثلاثين من شعبان صحواً تراءى الناس الهلال فلم يروه لم يصبح عندهم شك إنما يكون عند الناس الشك إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر ولهذا فإن مؤدى هذا القول أنه يجب صيام يوم الشك.
قد اختلف العلماء في حكم صيام يوم الشك على أقوال فهذا القول الذي حكاه المؤلف يجب صوم يوم الشك.
والقول الثاني: يحرم صيام يوم الشك, يعني: عكسه تماماً قول بأنه يجب والقول الثاني بأنه يحرم.
وقال بعضهم: إنه يكره.
وقال بعضهم: إنه يجوز صومه ويجوز إفطاره, وهو منقول عن بعض السلف.
ولكن إذا تأملنا في النصوص الواردة نجد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن تقدم صيام رمضان بيوم أو يومين احتياطاً لرمضان كما في حديث أبي هريرة في الصحيحين (لا تقدموا رمضان بالصوم يوماً ولا يومين إلا رجلاً كان يصوم صومه فليصمه) [أخرجه البخاري ومسلم].
بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصيام إذا انتصف شهر شعبان تحقيقاً لهذا المعنى كما عند أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد بسند صحيح على شرط مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا) قال عنه ابن القيم: إن إسناده على شرط مسلم.
وهذا الحديث على ظاهره قال شيخنا عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى-: هذا الحديث يحمل على من لم يكن من عادته الصيام قبل منتصف شعبان فأصبح يصوم بعد منتصف شعبان احتياطاً لرمضان, فنقول هذا لا يجوز.
بعض الناس قد يقول: أنا لا أدري عن كيفية حساب الأشهر أنا من منتصف شعبان أبدأ أصوم كل هذا احتياطاً لرمضان. نقول: إن هذا منهي عنه (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا).
وأيضاً صح عن عمار بن ياسر -رضي الله تعالى عنها- أنه قال: (من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-) فنجد أن هذه الأدلة كلها تدل على تحريم صيام يوم الشك فالأقرب من حيث الدليل هو تحريم صيام يوم الشك لأن الأصل في النهي أنه يقتضي التحريم ويؤيد ذلك الأثر المروي عن عمار: (فقد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-) والعصيان لا يكون إلا على ارتكاب أمر محرم.
ولهذا فإن القول الصحيح هو تحريم صيام يوم الشك إلا من كان من عادته الصيام كأن يوافق مثلاً الثلاثين من شعبان يوم اثنين أو خميس وهذا من عادته أنه يصوم يومي الاثنين والخميس فنقول: هذا لا بأس أن يصوم لأن صيامه ليس احتياطاً لرمضان وإنما للعادة التي كان عليها في الصيام.
إذن: حاصل كلام أهل العلم في هذه المسألة:
أولاً: القول الصحيح في تحديد يوم الشك أنه يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر.
ثانياً: أن العلماء اختلفوا في حكم صيام يوم الشك ما بين قائل بالوجوب وقائل بالتحريم وقائل بالكراهة وقائل بالجواز وأن الأقرب- والله تعالى أعلم- هو تحريم صيام يوم الشك.
بعد ذلك نقول: العبرة في رؤية الهلال بعد غروب الشمس من اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان, لابد من أن تكون رؤية الهلال بغد غروب الشمس وهذا باتفاق العلماء ولذلك لو أنه رأى الهلال قبل غروب الشمس ولو بدقيقة ثم لم يره بعد غروب الشمس فإنه لا تكون هذه رؤية صحيحة. إذن: لابد من أن تكون رؤية هلال رمضان بعد غروب شمس التاسع والعشرين من شهر شعبان وهذا هو الذي عليه العمل.
ولهذا في بعض السنوات بعض الشهود رأوا الهلال عصر يوم التاسع والعشرين لكنهم لم يروه أتى سحاب أو غيم فغم الهلال فلم يروه بعد غروب الشمس فلم تعتبر تلك الرؤية صحيحة.
إذن: الرؤية الصحيحة لابد أن تكون بعد غروب الشمس من يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان من الشهر الهلالي الهجري عموماً, لكن بالنسبة لدخول رمضان من التاسع والعشرين من شهر شعبان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/195)
والمعول عليه هو الرؤية ولا يشترط أن تكون الرؤية بالعين المجردة بل تقبل الرؤية عن طريق المراصد وعن طريق المكبر وعن طريق ما يسمى بالدرابيل فتقبل الرؤية بذلك وهي معتبرة شرعاً قد صدر في هذا قرار قبل نحو عشرين عاماً من المجلس القضائي الأعلى ومن الهيئة القضائية في مجلس القضاء الأعلى باعتبار قبول الرؤية عن طريق المراصد وعن طريق المكبرات والدرابيل ونحوها فإنه سواء رؤي الهلال بالعين المجردة أو رؤي الهلال عن طري المراصد فإنها رؤية معتبرة شرعاً.
وأما الحساب الفلكي فلا شك أن الحسابات الفلكية تقدمت في الوقت الحاضر تقدماً عظيماً ولا شك في دقتنا ولكن الشريعة أناطت الحكم بالرؤية ولم تجعل المناط في ذلك الحساب وإنما المناط الرؤية (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) فنقول: حتى وإن كانت هذه الحسابات دقيقة إلا أنه لا يعتمد عليها شرعاً وإنما المعتمد عليه هو الرؤية.
ولهذا لو أن الحسابات الفلكية تدل على أنه سوف يمكن رؤية الهلال بعد غروب شمس اليوم التاسع والعشرين بوضوح ولكن في ذلك اليوم كان هناك سحاب أو قتر فلم يمكن الرؤية فإنه لا يعتمد على تلك الحسابات وقد نقل اتفاق العلماء على ذلك ولكن هناك من قال بالاعتماد على الحساب من المتقدمين لكنهم قلة كابن سريج من الشافعية وبعض الفلكيين في الوقت الحاضر وأخذ بهذا بعض العلماء المعاصرين فيرى أنه لا يمكن أن يرى الهلال قبل ولادته وأنه يجب رد شهادة الشهود إذا رؤي الهلال قبل ولادته وقلت: إنه أخذ بهذا بعض العلماء المعاصرين ولكن هذا القول محل نظر إذ إن مصطلح ولادة الهلال ليس مصطلحاً معروفاً عند العلماء المتقدمين وإنما هو مصطلح غربي فنقول: ماذا يقصد بولادة الهلال؟
قالوا: يقصد به انفصال القمر عن الشمس، بعد الاقتران. ماذا يقصد بالاقتران هل المقصود بالاقتران أن يكون القمر والشمس على مستوى واحد؟ لو كان ذلك كذلك لكان معنى ذلك أن تكسف الشمس نهاية كل شهر ولكن ليس هذا هو المقصود، بل المقصود أن يكون القمر أو الهلال قريباً من الشمس لكن ليس على نفس المستوى لأنه إذا كان على نفس المستوى فإنه يحصل كسوف للشمس.
ولهذا فهناك إشكالية في هذا المصطلح فلا يعول عليه لكن هناك مثلاً بعض الأشياء التي يمكن أن تكون قرينة قوية كغروب القمر فإن القمر له شروق وغروب كل يوم كشروق الشمس وغروب الشمس شروق الكواكب الزهرة مثلاً زحل لها شروق ولها غروب.
فإذا غرب القمر قبل الشمس وأتى شاهد وادعى رؤية الهلال بعد غروب الشمس مع أن الحسابات الفلكية تدل على أن القمر غرب قبل الشمس مثلاً بربع ساعة فأتى شاهد وقال: إني رأيت الهلال بعد غروب الشمس فهنا هو موضع البحث فبعض العلماء يقول: برد شهادة الشاهد في هذه الحالة ولكن هذا أيضاً محل نظر إذا كان هذا الشاهد ثقة عدلاً فكيف ترد شهادته؟
لا سيما أنه جاء في صحيح مسلم (أن الناس تراءوا الهلال على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال بعضهم: هو ابن ليلتين وقال بعضهم: هو ابن ثلاث فقال -عليه الصلاة والسلام- إن الله قد أمده لكم لتروه) والعبرة بعموم هذا اللفظ (إن الله قد أمده لكم لتروه) هذا يدل على أنه قد يحصل شيء ليس في حسابات البشر يمد الله- تعالى- هذا الهلال لكي يراه الناس حتى يهل هذا الشهر فيكون هذا أمراً خارقاً للعادة هذا هو ظاهر الحديث- والله تعالى أعلم- (إن الله قد أمده لكم لتروه).
ومع هذا الحديث لا يستطيع أن يعتمد على غروب القمر في مثل هذا ولذلك نقول: إن هذا الشاهد إذا كان عدلاً ثقة فإنه يؤخذ بشهادته ولكن ينبغي التشدد في قبول الشهادة في هذه الحال يعني: إذا كان القمر قد غرب قبل الشمس بربع ساعة في الحسابات الفلكية ثم أتى الشاهد وادعى رؤيته ينبغي التشدد في قبول شهادته وذلك بأن يكون إنساناً ثقةً عدلاً عنده خبرة ومعرفة ومجرباً بمثل هذه الأمور وأيضاً يتأكد من أنه ليس هناك كواكب أو نجوم تشبه الهلال في تلك الليلة لأنه أحياناً يلتبس هذا على الرائي فيرى كوكباً يشبه الهلال كالزهرة مثلاً فيظن أن هذا هو الهلال وهذا الشاهد ثقة عدل وهو صادق فيما رأى يقول: أنا رأيت الهلال ولكنه ما رأى الهلال في حقيقة الأمر وإنما رأى كوكباً أو نجماً يشبه الهلال.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/196)
وهنا المسؤولية تكون على القاضي المثبت لهذه الشهادة فلابد من التأكد من عدم وجود نجوم أو كواكب تشبه الهلال ومعرفة هذا في الوقت الحاضر متيسرة جداً, الآن أصبح هناك برامج فلكية تبين الكواكب والنجوم والأجرام التي تكون في الأفق ليلة الرصد فإذن: يتشدد في قبول رؤية هذا الشاهد لكن القول برد شهادته قول صعب يصعب أن نقول برد شهادته لكن نقول: إنه إذا غرب القمر قبل الشمس فإنه يتشدد في قبول شهادته في هذه الحالة.
قبل أن نواصل في شرح عبارة المؤلف نأخذ بعض الإجابات.
يقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: يحرم صيام يوم الشك إلا لمن وافق عادته أو كان عليه صيام فرض يقول: يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان روى البخاري عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه)
يقول أيضاً في السؤال الآخر: يجوز الإفطار في نهار رمضان للمسافر الذي لا تلحقه مشقة لأنها صدقة تصدق الله بها على عباده وإن كان الصوم أفضل لأنه أسرع لإبراء الذمة- والله أعلم-.
أما إجابته الأولى فصحيحة لكن قوله إن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان بإطلاق يعني ليس دقيقاً وإنما يوم الثلاثين إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر أما إذا كان الجو صحواً فلا يعتبر يوم شك.
وأما إجابته الإجابة الثانية فقوله: إن الصوم أفضل. محل نظر بل الفطر أفضل كما سيأتي - إن شاء الله تعالى- الفطر أفضل من الصوم إلا إذا كان تساوى عنده الأمران الصوم والفطر فالصوم أسرع في إبراء الذمة ولعل الأخ يقصد أنه إذا لم يحصل له أدنى مشقة فالصوم أفضل لأنه أسرع في إبراء الذمة وسيأتي - إن شاء الله تعالى- تفصيل هذه المسألة.
تقول: يراد بيوم الشك تقول: هو إما أن تكون السماء صافية أو بها علة من سحاب أو غبار أو نحو ذلك فإذا كانت السماء صافية ولم يثبت الهلال فاليوم التالي هو الثلاثون من الشهر فإذا كان الشهر فهذا اليوم هو الثلاثون منه ويجب صيامه لا خلاف في ذلك بين الفقهاء
يجب صيامه لا خلاف؟ نعم لا .. هذا محل نظر نحن ذكرنا فيه أقوالاً والصحيح: أنه يحرم صيام يوم الشك خلاف ما ذكرت الأخت.
تقول: إذا كان في السماء علة ولم يرَ الناس الهلال فإذا كان ذلك اليوم هو اليوم التاسع والعشرين من رمضان وجب صيام اليوم التالي على أنه الثلاثون من رمضان وهذا لا خلاف بين الفقهاء
هذه طبعاً إجابة غير صحيحة. نريد من يأتي بإجابة خاطئة أن يستفيد من خطئه هذا هو الغرض من هذه الأسئلة لأن من أجاب وأخطأ ثم صحح له يستقر الجواب الصحيح في ذهنه.
هناك مسألة وهي إذا رأي الهلال في بلد هل يلزم جميع المسلمين الصوم؟
اختلف العلماء في هذه المسألة والمشهور من مذهب الحنابلة أنه إذا رُئيَ الهلال في بلد لزم الصوم لجميع أقطار المسلمين لعموم حديث (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) وقال بعضهم: إن لكل أهل بلد رؤيتهم ولا شك أن المطالع تختلف قد يغرب القمر قبل الشمس مثلاً في الشرق أو مثلاً نقول: عندنا في المملكة يغرب القمر قبل الشمس مثلاً بدقيقتين لكن في أقصى الغرب في أمريكا مثلاً يغرب القمر بعد الشمس بدقائق ويمكن رؤيته فإذن: مطالع الهلال تختلف؛ ولهذا القول الصحيح: أن لكل أهل بلد رؤيتهم.
وقد بحث المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي مسألة توحيد الأهلة بحثها في عام ألف وأربعمائة وواحد للهجرة وأصدر فيها قراراً مضمونه:
«درس مجمع الفقه الإسلامي مسألة اختلاف المطالع فرأى أن الإسلام بني على دين يسر .. إلى أن قرر في آخر قرار قال: إن اختلاف المطالع هو المعتبر عند كثير من العلماء وقد روى ابن عبد البر الإجماع على أنه لا تراعى الرؤية فيما تباعد من البلدان ورأى المجمع الفقهي أن تترك قضية إثبات الهلال إلى دور الإفتاء والقضاء في الدول الإسلامية لأن ذلك أولى وأجدر بالمصلحة الإسلامية العامة وأنه لا حاجة إلى الدعوة إلى توحيد الأهلة والأعياد في العالم الإسلامي لأن توحيدها لا يكفل وحدتهم كما يتوهمه كثير من المقترحين بتوحيد الأهلة والأعياد وإن الذي يكفل توحيد الأمة وجمع كلمتها هو اتفاقهم على العمل بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- في جميع شؤونهم والله ولي التوفيق».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/197)
هذا صدر عام ألف وأربعمائة وواحد فرأوا أن يترك الأمر للعلماء في كل بلد ليختار علماء كل بلد ما يرونه في هذه المسألة و (الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس) ولهذا يجب على كل أهل بلد أن يجتمعوا وألا يتفرقوا وأن يأخذوا برأي علمائهم في هذه المسألة، فمثلاً إذا رأى علماء أهل البلد مثلاً في مصر أن الشهر قد دخل أو أن الشهر
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[23 - 08 - 08, 08:00 م]ـ
لم يدخل ينبغي أن يكون الإنسان مع الجماعة هكذا رأى علماء أهل البلد في قطر من الأقطار أن شهر رمضان قد دخل أو لم يدخل فينبغي أن يكون الإنسان مع الجماعة في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس) وهذا دليل على أنه ينبغي الحرص على الاجتماع في الصوم وفي الفطر لأهل البلد الواحد.
ولكن توحيد الأمة الإسلامية في دخول شهر رمضان أو في العيد نقول: هل هذا أمر مقصود شرعاً؟ ليس في الواقع أن هذا- فيما يظهر والله أعلم- أنه أمر مقصود وليس هذا هو الذي يكفل وحدة الأمة الإسلامية كما ذكر في القرار إنما الذي يكفل وحدتها هو العمل بالكتاب والسنة ولذلك لا ضير في أن يختلف المسلمون في دخول شهر رمضان أو في العيد كما أنهم مختلفون في أوقات الصلوات نحن مثلاً نصلي الآن الظهر ومَنْ في الغرب يصلون الظهر بعدنا بساعات ومن في الشرق قد صلوا الظهر قبلنا فالمسلمون يختلفون في أوقات الصلوات هكذا أيضاً في وقت الصيام ولذلك نقول: الأمر في هذا فيه سعة.
ثم قال المؤلف -رحمه الله تعالى- (وإذا رأى الهلال وحده صام) يعني: هذا شخص رأى هلال رمضان وذهب عند القاضي وشهد ولكنه ردت شهادته يرى المؤلف أنه يلزمه الصوم لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صوموا لرؤيته) وهذا قد رأى الهلال.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يصوم في هذه الحال وإنما يفطر مع الجماعة لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس) وهذا هو القول الراجح في المسألة- والله تعالى أعلم- وهو اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- أنه لا يصوم وإنما يكون مع الناس (الصوم يوم يصوم الناس).
ولأن الهلال مأخوذ من الاستهلال والشهر من الاشتهار فلابد أن يستهل يعني: يعلن الهلال ويشتهر الشهر حتى يكون هلالاً شرعياً ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: إن الهلال إذا طلع في الأفق ولم يره الناس فإنه لا يكون هلالاً شرعاً حتى وإن كان قد هَلَّ في واقع الأمر ولو أنه أخطأ الناس في رؤيته فأُهِلَّ وأُعلِنَ عن رؤية الهلال واشتهر ذلك فإنه يكون هلالاً شرعاً حتى وإن لم يكن قد هلَّ في واقع الأمر.
فإذن: المناط هو الاستهلال والإعلان واشتهار إعلان ورؤية الهلال هذا هو المناط في هذه المسألة ولهذا نقل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- إجماع العلماء على أن الناس لو وقفوا خطأً بعرفة فإن حجهم صحيح بإجماع المسلمين وهذه مسألة مهمة لأن بعض الناس خاصة عندما يُرى الهلال كبيراً مثلاً يبدأ يشكك الناس لعله قد هَلَّ الهلال ولم يره الناس لعله كذا فنقول: الهلال من الاستهلال إذا لم يعلن ولم يشتهر فليس بهلال شرعاً وإن كان قد هلَّ في واقع الأمر والأمر ميسور- ولله الحمد- في شريعة الإسلام فلا ينبغي التنازع في هذه المسألة وإثارتها وتشكيك الناس وربما أحدثوا شيئاً من البلبلة بسبب رؤية الهلال بل الأمر يسير (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) إذا رأى الناس الهلال صاموا وإذا لم يروه فإنهم يكونون مفطرين للثلاثين من شعبان- والحمد لله-.
إذن: المعول عليه هو الإعلان والاستهلال والاشتهار لرؤية الهلال ولهذا فإن القول الصحيح في هذه المسألة: إنه من رأى الهلال وحده فإنه يكون مع الناس ولا يصوم. هذا هو القول الصحيح في هذه المسألة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/198)
قال: (فإن كان عدلاً صام الناس بقوله) أفادنا المؤلف -رحمه الله تعالى- أن شهر رمضان يثبت برؤية شاهد واحد فقط ويدل لذلك حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: (تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي -صلى الله عليه وسلم- أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه) وهذا الحديث [أخرجه أبوا داود وهو حديث صحيح] وأما حديث ابن عباس (جاء أعرابي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني رأيت الهلال قال: تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قال: نعم قال: يا بلال قم فأذن في الناس أن يصوموا غد) فهذا الحديث [أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة] لكن سنده ضعيف ضعفه كثير من أهل العلم لكن يغني عنه حديث ابن عمر.
ولذلك نقول: إن شهر رمضان يثبت دخوله برؤية شاهد واحد فقط وأما شهر شوال فلابد من شاهدين فأكثر ولهذا قال المؤلف: (ولا يفطر إلا بشاهدة عدلين) لابد من رؤية شاهدين وذلك لحديث عبد الرحمن بن زيد الخطابي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطرو) [أخرجه النسائي بسند حسن].
فدل ذلك على أنه في هلال شهر شوال لابد من شهادة شاهدين عدلين لأن ذلك أحوط وفي دخول شهر رمضان يكتفى بشهادة شاهد واحد فقط لأن ذلك أيضاً أحوط للصوم ففي دخول شهر رمضان نكتفي بشهادة شاهد واحد لأنه أحوط لصوم رمضان في خروج شهر رمضان أيضاً نحتاط لصيام رمضان فنقول: إنه لابد من شهادة شاهدين فأكثر وهكذا بقية الشهود لابد من شهادة شاهدين عدلين.
قال: (ولا يفطر إذا رآه وحده) وذلك لأنه لا يثبت دخول شهر شوال إلا بشهادة عدلين وحينئذ لا يثبت دخول شهر شوال بشهادة واحد فقط ولهذا فإنه إذا رآه وحده فإنه لا يفطر ولهذا نقول: من رأى الهلال وحده سواءً في دخول شهر رمضان أو في خروجه فإنه لا يعتد برؤيته وإنما يكون صومه يوم يصوم الناس وفطره يوم يفطر الناس.
قال: (وإن صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يوماً أفطرو) (وإن صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يوم) يعني: من رمضان (أفطرو) بإكمال رمضان ثلاثين يوماً (وإن كان بغيم أو قول واحد لم يفطروا إلا أن يروه أو يكملوا العدة) يعني: إذا كان دخول شهر رمضان بشهادة شاهد واحد فقط أو أنه على رأي المؤلف أنه يجب صيام الثلاثين من شعبان إذا كان هناك غيم أو قتر وقلنا: إن هذا قول مرجوح, لكن على المسألة الثانية وهو أنه إذا ثبت دخول شهر رمضان بشهادة شاهد واحد فقط فلابد من رؤية هلال شوال.
ومعنى كلام المؤلف: ولو صام الناس ثلاثين يوماً بشهادة شاهد واحد فقط, أي: كان شهر رمضان قد دخل بشهادة شاهد واحد فقط ثم صاموا ثلاثين يوماً ولم يروا الهلال فيصوموا أيضاً اليوم الذي بعده, معنى ذلك: أنهم صاموا واحداً وثلاثين يوماً هذا هو المشهور من مذهب الحنابلة ولكن القول الصحيح في هذه المسألة أنهم إذا صاموا ثلاثين يوماً فإنهم يفطرون بعد ذلك ولو كان دخول شهر رمضان بشهادة شاهد واحد فقط لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين).
ولأن الشهر لا يمكن أن يزيد على ثلاثين يوماً ولو كان دخوله بشهادة شاهد واحد فقط لأن دخوله إنما كان بطريق شرعي ولهذا إذا صام الناس ثلاثين يوماً فإنهم يفطرون اليوم الذي بعده فيكون الصواب هو خلاف ما ذهب إليه المؤلف -رحمه الله تعالى-.
آخر مسألة معنا في هذا الباب قال: (وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير تحرى وصام فإن وافق الشهر أو ما بعده أجزأه وإن وافق قبله لم يجزئه) الأسير إذا كان إنسان أسيراً عند كفار ولم يستطع معرفة دخول الشهر فإنه يجتهد في ذلك ويتحرى ثم بعد ذلك إن تبين له أنه وافق الشهر فالحمد لله وإن تبين أنه صام أياماً بعد شهر رمضان فإن ذلك يقع مجزئاً لأنه يكون قضاءً أما إن تبين أنه صام أياماً قبل دخول شهر رمضان فإن ذلك لا يجزئه لأن العبادة لا تصح قبل دخول وقتها وهو أشبه ما لو صلى الصلاة قبل وقتها.
وبهذا نكون قد انتهينا من أحكام ومسائل هذا الباب.
السؤال الأول: ما هو الأفضل في الصيام بعد صيام خمسة عشر من شعبان لمن أراد التأسي بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما ورد من كثرة صومه -عليه الصلاة و السلام-؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/199)
السؤال الثاني: أيهما أفضل في رمضان سواءً كان ليلاً أم نهاراً: طلب العلم أم التفرغ لقراءة القرآن؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
السؤال الأول: هل من السنة تحري دخول شهر رمضان فقط أو في جميع الأشهر؟ ولماذا لا يتم إعلانها؟
السؤال الأخير نبتدئ به يقول: لماذا لا يكون التحري لجميع الأشهر؟
الحقيقة أن هناك تحرياً وأعرف أن قسم الفلك بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية أنه نهاية كل شهر يتحرى في عدة مناطق من المملكة وعندهم عناية كبيرة وتحرٍ للأشهر لكن ربما أنها لا تعلن ولذلك قد يكون قصد الأخ هو أنها لا تعلن لكن التحري موجود ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية تقوم بهذا بالرؤية بالعين المجرة وعن طريق المراصد يعني: ليس اعتماداً على الحساب وإنما بالرؤية الشرعية, ولكن الذي يعلن هو المتعلق بالصوم و الحج مثل مثلاً شهر شعبان ورمضان وشوال وذي القعدة وذي الحجة هو الذي يعلن باعتبار ارتباطه بهاتين العبادتين ولكن بقية الأشهر هناك تحرٍ من الإخوة في قسم الفلك بمدينة الملك عبد العزيز.
تسأل عن: الأفضل بعد خمسة عشر شعبان.
من كان قد صام قبل منتصف شهر شعبان لا إشكال في أن يصوم بعد النصف من شعبان ولا يدخل في النهي الوارد في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (إذا انتصف شعبان فلا تصومو) ولكن من لم يصم لكنه أراد أن يصوم بعد منتصف شعبان هذا هو الذي يشمله النهي ونقول: نحن الآن لازلنا في النصف الأول من شعبان في اليوم السابع من شهر شعبان فمن أراد أن يصوم ويستكثر من صيام شعبان يبدأ من الآن في الصيام وبذلك إذا انتصف شهر شعبان لا يشمله النهي وقد كان -عليه الصلاة و السلام- يكثر من الصيام في شهر شعبان كما قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: (ما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في شهر أكثر منه صوماً بعد رمضان منه في شعبان) كان -عليه الصلاة والسلام- يكثر من الصيام في شهر شعبان وهذا في صحيح البخاري فالسنة الإكثار من الصيام في هذ الشهر ولكن كما ذكرنا من أراد أن يصوم بعد منتصف شهر شعبان وكان قد صام قبل المنتصف لا إشكال في ذلك وهكذا أيضاً إذا كان له عادة صيام كان يصوم مثلاً يوم الاثنين والخميس وأراد أن يصوم بعد منتصف شهر شعبان فلا إشكال في ذلك أيضاً, هكذا أيضاً من أراد أن يصوم قضاء لكن المنهي عنه هو أن يصوم بعد منتصف شهر شعبان احتياطاً لرمضان هذا هو الذي يختص به النهي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: بالنسبة لصيام كل شعبان هل هذا وارد وممكن إعادة شرح حديث (إن الله قد أمده لكم لتروه؟)
إذا لم يكن له عادة في صيام ما بعد الخامس عشر من شعبان لكنه أراد أن يحقق السنة في الصيام بعد شعبان فهل له ذلك مع أنه لم يقصد الاحتياط؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عندي سؤالان: بالنسبة لصاحب الدش هل يعطى من الزكاة؟
الثاني: امرأة التي ليس لها أولاد هل تعطي إخوانها وأخواتها من الزكاة؟
يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: يقوم بعض الناس بالصوم والفطر في بلادنا وفقاً لتقويم المملكة العربية السعودية وكثيراً ما يصومون قبلنا بيوم ويفطرون قبلنا كذلك فما رأي الشرع في مثل هذا الكلام؟
النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس) هذا يدل على أنه ينبغي للمسلم ألا يخالف المجتمع الذي يعيش فيه وأن يكون مع المسلمين (الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس) والذي أعرفه أنه في المغرب عندهم رؤية شرعية يعني: لا يعتمدون على الحساب وإنما يعتمدون على الرؤية وإن كانوا يتأخرون في أكثر الأحيان عن الصيام عندنا في المملكة لكن الذي أنصح به الإخوة هناك هو أن يصوموا مع الجماعة أن يصوموا مع الناس وألا يشذوا عن الجماعة فيكون صومهم مع المسلمين في بلاد المغرب ويكون فطرهم مع المسلمين في بلاد المغرب لأن الطريقة التي يثبت بها الشهر هناك طريقة شرعية عن طريق الرؤية فهم يتراءون الهلال هناك ولذلك ما دامت الطريقة هذه طريقةً شرعية فينبغي للمسلم أن يكون مع الناس في صومه وفي فطره لقوله -عليه الصلاة والسلام- (الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس).
شخص أسلم قبل رمضان بيوم هل نعمل معه التدرج بحيث لا نلزمه بصيام رمضان؟.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/200)
مادام أنه قد أسلم فإنه يطالب بالصيام، التدرج كان في أول الأمر, فرضية الصيام على الناس كانت في أول الأمر ثم بعد ذلك تعين صيام شهر رمضان ولهذا فإن التدرج لا يبقى بعد ذلك إنما كان في وقت فرضية صوم شهر رمضان.
لهذا من أسلم يبين له أن صيام شهر رمضان واجب وأنه ركن من أركان الإسلام ويؤمر بالإسلام ولا يقال بالتدرج في هذه الحال, نعم التدرج يمكن في بعض الأمور التي تقبل التأجيل كالختان مثلاً, لا يؤمر بالختان مباشرة ولكن ينتظر حتى يقوى إيمانه فيمكن أن يسلك مسلك التدرج في هذا لكن بالنسبة للصيام فهو الركن الرابع من أركان الإسلام فيبين له ويؤمر بصيام شهر رمضان.
تسأل عن صيام شهر شعبان كاملاً؟
جاء في بعض الروايات أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصومه كله وقال بعض أهل العلم: إن هذا يكون خاصاً بشهر شعبان لقول عائشة: (ما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم شهراً كامل) فإذا صامه كله, الأقرب أن ذلك لا بأس به لأن هذا الصوم نافلة ويستحب للمسلم أن يستكثر من صوم النوافل وإنما الذي ورد فيه النهي هو أن يصوم الدهر كله, السنة كلها أما إذا كان فقط يقتصر على صيام شهر شعبان فلا يظهر أن هناك مانعاً- والله تعالى أعلم-.
تسأل عن حديث (إن الله قد أمده لكم لتروه)
نعم هذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه (قال: تراءى الناس الهلال فقال بعضهم: هو ابن ليلتين. وقال بعضهم: هو ابن ثلاث. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن الله قد أمده لكم لتروه) يعني: إن الله- تعالى- قد أمد هذا الهلال حتى تروه فيبدو كبيراً أو يعني: أكبر من حجمه في أعين الناظرين أو نحو ذلك.
وهذا يدل على أن الله- تعالى- قد يمد الهلال حتى يراه الناس وهذا- كما ذكرت- يؤيد القول الذي رجحناه هو أنه إذا شهد الشاهد العدل الثقة برؤية الهلال فيجب الأخذ بشهادته ولا ترد شهادته لقول حاسد مثلاً وذلك لأن الله- تعالى- قد يمد هذا الهلال لكي يراه الناس فالعبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب، قد يمد الله الهلال فيكون هذا أمراً خارقاً للعادات هذا هو أحد المعاني التي يحتملها هذا الحديث أخذاً من عموم اللفظ لأن قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله قد أمده لتروه) يفيد هذا الاحتمال وهذا كما ذكرت يقوي القول بأنه لا ترد شهادة الشاهد العدل الثقة لقول حاسد.
ذكرتم أن الكافر مخاطب بفروع الشريعة ويعاقب عليها فهل إذا أتى بها وهو كافر مع عدم صحتها منه يسقط عنه العقاب, أعنى: العقاب على الفروع ويبقى العقاب على أصل الكفر؟
هذا مذكور في قول الله - عز وجل-: ? وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورً?23?? [الفرقان: 23] فجميع أعمال الكفار يجعلها الله - عز وجل- يوم القيامة هباءً منثوراً لا يقبل الله منهم صرفاً ولا عدلاً ويعاقب على كفره ويعاقب على ترك فروع الإسلام وذلك لأنه قد كفر بالله - عز وجل-.
لكن قد دلت السنة على أن الكافر إذا عمل لله- تعالى- حسنة من الأمور التي لا يشترط فيها الإسلام مثل: بذل النفقات في وجوه الخير ونحو ذلك فإن الله- تعالى- يجزيه عليها في الدنيا لقوله -عليه الصلاة و السلام- في صحيح مسلم: (إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة يُعطى بها في الدنيا ويُطعم بها في الآخرة وأما الكافر فيعطى بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا).
فبين -عليه الصلاة و السلام- أن الكافر يجزى على ما عمل من حسنات لله - عز وجل- مما يقبله الله- سبحانه- كما ذكرنا كبذل الأموال في وجوه الخير وفي الصدقة على الفقراء والمساكين وفي إغاثة الملهوف ونحو ذلك هذا يجزى عليه الكافر في الدنيا يجزيه الله- تعالى- على هذا العمل في الدنيا وأما في الآخرة فإن الله- تعالى- يجعل أعمال الكافر كلها هباءً منثوراً ? وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورً?23??.
يتساءل عن صرف الزكاة لصاحب الدش؟
على كل حال المسلم إذا كان عاصياً- بغض النظر عن السؤال الذي طرحه الأخ المسلم- العاصي يجوز أن يعطى من الزكاة مادام أنه مسلم وليس هناك أحد يخلو من التقصير سواء كان مما ذكره الأخ أو بغيره ليس هناك أحد يخلو من التقصير فمن الذي يكون سليماً من التقصير؟!!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/201)
فلذلك ما دام أنه مسلم فإنه يعطى من الزكاة إذا كان من أهلها كأن يكون فقيراً أو مسكيناً أو من الغارمين أو أحد أصناف الزكاة الثمانية, الذين شرحنا أوضاعهم بالأمس وأحوالهم بالأمس ? إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ? [التوبة: 60]، إذا كان واحداً من هؤلاء الثمانية فإنه يعطى من الزكاة ولو كان عنده شيء من التقصير.
يسأل عن المرأة التي ليس لها أولاد يقول: هل تعطي صدقتها وزكاتها لإخوانها؟
الأخ السائل يلمح إلى أن هذه المرأة يرثها إخوانها وإذا كان يرثها إخوانها, تجب النفقة على الوارث إذا كان قريبه محتاجاً، ولكن هذا فيما لو كان الأخ هو الذي سوف يدفع الزكاة ولكن المرأة هي غير مطالبة بالنفقة على إخوانها وأخواتها وإنما هي لأنها امرأة وليست مطالبة بالنفقة, وحينئذ نقول: ما دام أنها امرأة وإخوانها وأخواتها من أهل الزكاة فيجوز أن تدفع الزكاة إليهم إذا كانوا من أهل الزكاة وكانوا فقراء أومساكين ونحو ذلك، الذي يمنع من الزكاة هو من تجب نفقته عليه هذا هو الذي ليس له أن يعطي هذا القريب من زكاته- كما شرحنا هذا بالأمس- فهذا الذي تجب نفقته عليه أما إذا كان لا تجب نفقته عليه فيجوز أن يعطيه من الزكاة إذا كان من أهل الزكاة.
نحن في أوروبا نختلف في بعض المرات خاصةً مع الجالية الإفريقية حول أول رمضان حيث يصومون مع بلدانهم والآخرون يصومون مع المملكة عندكم والطرف الثالث يصوم مع بلد الإقامة فكيف نحل هذه المشكلة في الشرع؟
هذه المشكلة كبيرة خاصة- كما ذكر الأخ السائل- في أوروبا ودول الغرب عموماً فقد عايشت فترة من الفترات جزءاً من هذه الإشكالية الكبيرة.
والحقيقة أن الجالية المسلمة في تلك البلدان قد حمَّلت المسألة أكثر مما تحتمل, الأمر ميسور في الشريعة (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته).
نقول: البلدان التي تقع في الغرب إذا ثبت رؤية الهلال في البلدان الإسلامية وهي تقع عنها شرقاً فينبغي لهم أن يبادروا بالصيام وألا يكون هذا الاختلاف وهذا التنازع الذي ربما يصل للفرق بينهم إلى ثلاثة أيام, يصل الفرق بين بعض المراكز الإسلامية في دول الغرب إلى ثلاثة أيام, هؤلاء يصومون وأولئك الطائفة يصومون بعدهم بيوم وربما طائفة أخرى يصومون بعدهم بيومين ومادام أنهم في بلد واحد ينبغي أن يتوحدوا لقوله -عليه الصلاة والسلام- (الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس).
وأقول: مادامت أن البلاد الإسلامية تقع شرق تلك الدول ومعنى ذلك أنه إذا رؤي الهلال في البلاد الإسلامية لابد أن يرى الهلال في الغرب فحينئذ يتفقون في الاعتماد على رؤية الهلال في البلاد الإسلامية التي تعتمد على الرؤية وسوف يصلهم الخبر قبل ذلك, يعني مثلاً الفرق بينهم يصل ربما إلى ثلاث ساعات أو أكثر أو أقل فإذا أعلن عن دخول شهر رمضان في البلاد الإسلامية فينبغي لهم أن يبادروا إلى توحيد الكلمة وجمع الصف وأن يصوموا جميعاً أما ما يرى من هذا الاختلاف وهذا التنازع بين الجالية المسلمة في الغرب فإنه لا ينبغي مثل هذا الأمر, بل ينبغي أن يتوحد المسلمون على كلمة واحدة- وكما ذكرت- ينبغي أن يتوحدوا على الاعتماد على الرؤية في البلاد الإسلامية.
سوف نعطي أسئلة فيما سيشرح - إن شاء الله تعالى-:
السؤال الأول: ما الواجب على العاجز عن الصيام لمرض لا يرجى برءه؟
السؤال الثاني: ما الحكم فيمن ترك قضاء الصيام الواجب عليه حتى مات؟
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 09:08 ص]ـ
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 09:13 ص]ـ
الدرس الثامن عشر
شرح كتاب الصيام/ باب أحكام المفطرين
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا ونسألك اللهم علماً نافعاً ينفعنا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/202)
كنا في الدرس السابق قد شرحنا جملة من المسائل المتعلقة بالصيام تكلمنا عن شروط وجوب الصوم وعن الطرق التي يثبت بها دخول شهر رمضان وأنه يجب إما بإكمال شعبان ثلاثين يوماً أو برؤية هلاله، ثم تكلمنا أيضاً عن يوم الشك: المقصود به وحكم صومه وكيفية الشهادة برؤية الهلال، هلال رمضان أو هلال شوال أو غيره من الشهور وعن حكم العمل بالحساب الفلكي في إثبات الشهور وعما إذا رأى الإنسان الهلال وحده سواء كان برمضان أو بشوال وتوقفنا عند ذلك وكانت آخر مسألة: إذا اشتبهت الأشهر على الأسير فما الحكم؟ كانت هذه هي آخر مسألة معنا في الدرس السابق.
في هذا الدرس سوف ننتقل إلى باب جديد وهو باب أحكام المفطرين في رمضان وسنتكلم عن أقسام هؤلاء المفطرين نبدأ أولاً بقراءة عبارة المؤلف -رحمه الله تعالى-:
يقول ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: (ويباح الفطر في رمضان لأربعة أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرر به, والمسافر الذي له القصر فالفطر لهما أفضل وعليهما القضاء وإن صاماً أجزأهما.
الثاني: الحائض والنفساء تفطران وتقضيان وإن صامتا لم يجزئهما.
الثالث: الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما أفطرتا وقضتا وأطعمتا عن كل يوم مسكيناً وإن صامتا أجزأهما.
الرابع: العاجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فإنه يطعم عنه لكل يوم مسكيناً وعلى سائر من أفطر القضاء لا غير)
قال -رحمه الله تعالى-: (باب أحكام المفطرين في نهار رمضان) أوجب الله- - عز وجل- صيام شهر رمضان على كل مسلم مكلف وذكرنا شروط وجوب الصوم في الدرس السابق وذكرنا أن فرض شهر رمضان مر بعدة مراحل:
أول ما فرض: صيام يوم عاشوراء.
ثم بعد ذلك فرض صيام شهر رمضان على التخيير بينه وبين الإطعام ? وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ? [البقرة: 184] يعني: خير من الإطعام.
ثم المرحلة الثالثة التي استقر عليها الأمر هي فرض صيام شهر رمضان على وجه التعيين بقول الله - عز وجل-: ? فَمَن شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ? [البقرة: 185] ولكن من رحمة الله - عز وجل- بعباده أن خفف عن بعض من تلحقهم مشقة في الصوم فأباح لهم الفطر في نهار رمضان، وقد ذكر الله- تعالى- من هؤلاء: المريض والمسافر في قوله- سبحانه-: ? فَمَن كَانَ مِنْكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ? [البقرة: 184] ذكر الله- تعالى- هذا في موضعين.
وأيضاً جاءت السنة بإباحة الفطر كذلك للحائض والنفساء, بل بوجوب الفطر على الحائض والنفساء- كما سيأتي- كذلك أيضاً العاجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه يباح له الفطر وهو في حكم المريض ونتكلم بعد ذلك عن هذه الأقسام الأربعة بالتفصيل.
قال -رحمه الله تعالى-: (يباح الفطر في رمضان لأربعة أقسام) وبدأ بالقسم الأول قال: (أحدها: المريض) وهذا منصوص عليه في الآية الكريمة, فالمريض يجوز له الفطر في نهار رمضان ولكن ما الضابط للمرض الذي يباح بسببه الفطر في نهار رمضان؟
قال المؤلف: (الذي يتضرر به) فأفادنا المؤلف أن الضابط: هو حصول الضرر لهذا المريض ولكن كلام المؤلف ليس شاملاً للضابط الذي يمكن أن نجعله ضابطاً للمرض الذي يباح بسببه الفطر لأن المؤلف ذكر فقط المرض الذي يتضرر به المريض، ولكن أحياناً المريض قد لا يتضرر بالفطر لكن يشق عليه الصوم بسبب المرض فهذا المريض الذي يشق عليه الصوم يباح له الفطر أيضاً فنستطيع إذن بعبارة جامعة شاملة أن نقول: إن الضابط في المرض الذي يباح بسببه المرض هو الذي يشق بسببه الصوم أو يتضرر به المريض, بعبارة مختصرة جامعة هي الذي يتضرر به المريض أو يشق عليه مشقة كبيرة.
أما إذا كان المرض يسيراً كزكام أو صداع أو نحو ذلك فإن هذا المرض لا يبيح الفطر في نهار رمضان. إذن: لابد أن يكون هذا المرض يحصل به الضرر لهذا المريض أو يشق عليه مشقة ظاهرة فيباح له بسببه الفطر.
والذي يحدد مدى تضرر المريض بهذا المرض هو الطبيب الثقة إذا قال الطبيب الثقة العدل لهذا المريض: إنك لو لم تفطر في نهار رمضان فإنه يحصل لك ضرر إما بزيادة المرض أو بتأخر البرء فإنه يباح له بسببه الفطر أو أنه بسبب هذا المرض يحصل له مشقة واضحة ظاهرة فهنا يباح له بسببه الفطر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/203)
قال: (والمسافر الذي له القصر) وهذا منصوص عليه في الآية الكريمة ? فَمَن كَانَ مِنْكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ? وقيد المؤلف المسافر بمن له القصر يعني: من يحل له الترخص برخص السفر، وهذا يقودنا إلى معرفة المسافر الذي له القصر: اختلف العلماء في هذه المسألة اختلافاً كثيراً من هو المسافر الذي يباح له القصر؟.
أولاً: من جهة تحديد المسافة هل تحدد مسافة السفر أم لا تحدد؟ من العلماء من قال: إنها لا تحدد وأنها ترجع للعرف فما عُدَّ في عرف الناس سفراً فهو سفر.
وأما جمهور العلماء فحددوا المسافة على اختلاف بينهم ولكن أكثرهم على تحديد مسافة السفر بيوم وليلة وبعضهم يعبر عن هذا بيومين قاصدين كما هو المشهور من مذهب الحنابلة وأخذوا هذا من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم) [متفق عليه].
قالوا: فذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث أقل مسافة للسفر, أقل ما يمكن أن يسمى سفراً، ولو كان هناك شيء أقل من هذا لذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن السياق يقتضي ذلك.
ومسيرة اليوم والليلة أو مسيرة يومين قاصدين جاء تحديدها عن بعض السلف من الصحابة وغيرهم جاء عن ابن عباس وابن عمر أنهم حددوا ذلك بأربعة بردك (يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد) وهي تعادل بالكيلو مترات تقريباً ثمانين كيلو متر تقريباً.
وهذا هو القول الأظهر في هذه المسألة- والله تعالى أعلم- أولاً لدلالة هذا الحديث عليه ولأن هذا هو المنقول عن كثير من الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- ولا شك أن الصحابة أعلم منا بشريعة الله وأعلم منا بدين الله وأعلم بمدلول لغة العرب.
وأما القول بإطلاق المسافة وعدم تحديدها وأنها ترجع للعرف. في الواقع أن هذا وإن كان قولاً متجهاً إلا أنه لا ينضبط وذلك أن الناس يختلفون في تحديد العرف اختلافاً كثيراًَ خاصة في زمننا هذا نجد أن طلاب العلم أنفسهم يختلفون هل هذا سفر أم ليس سفراً؟ وبعضهم يقول: إنه سفر وإن العرف يقتضي أنه سفر وآخر يقول: هذا ليس بسفر وأن العرف يقتضي أن هذا ليس بسفر ولذلك فإن قول الجمهور هو أضبط وأقرب أيضاً لمدلول النص وهو موافق لفهم بعض الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- كما نقلنا ذلك عن ابن عباس وابن عمر وهو الذي عليه المذاهب الأربعة، المذاهب الأربعة على التحديد بمسافة على اختلاف بينهم في قدر هذه المسافة.
فيكون القول الراجح في هذه المسألة -والله تعالى أعلم- هو أن المسافة التي يترخص بها المسافر هي مسيرة يومين قاصدين أو يوم وليلة بسير الإبل وهي تعادل تقريباً ثمانين كيلو متر من سافر هذه المسافة فأكثر ثمانين كيلومتر فأكثر فإنه يترخص برخص السفر ومنها الفطر في نهار رمضان ومنها قصر الصلاة والجمع بين الصلاتين بين الظهر والعصر, والمغرب والعشاء وكذلك أيضاً تكون مدة المسح على الخفين بالنسبة له ثلاثة أيام إذن: هذا هو المسافر الذي له القصر.
ولكن المسافر الذي له القصر إذا أقام في بلد فهل له القصر والفطر في نهار رمضان والترخص بسائر الرخص أم لا؟ هذه أيضاً مسألة اختلف فيه أهل العلم اختلافاً كثيراً على أقوال أوصلها بعضهم إلى نحو عشرين قولاً وأقرب هذه الأقوال: هو ما عليه جمهور أهل العلم وهو أن إقامة هذا المسافر إن كان هذا المسافر لم يحدد زمناً لإقامته وإنما له حاجة يقول: اليوم أرجع غداً أرجع فهذا يترخص برخص السفر وإن طالت المدة وإن مضى على ذلك أشهر أو سنون أما إذا حدد مدة إقامته كأن يحدد مدة إقامته بأسبوع أو عشرة أيام أو أكثر أو أقل فهذا هو الذي وقع فيه النزاع يعني الصورة الأولى محل اتفاق بين العلماء أنه إذا لم يجمع الإقامة فله الترخص برخص السفر ولو طالت المدة.
المسألة التي هي محل الخلاف هي ما إذا حدد زمن إقامته كأن يحددها مثلا بأسبوع أو عشرة أيام أو أكثر أو أقل فهل له الترخص برخص السفر من الفطر في نهار رمضان؟ هذه محل خلاف بين أهل العلم، والأظهر- والله تعالى أعلم- هو ما عليه جمهور أهل العلم وهو أنه إذا كانت إقامته في حدود أربعة أيام فأقل فإن له الترخص برخص السفر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/204)
أما إذا كانت أكثر من أربعة أيام فليس له الترخص برخص السفر ويدل لذلك ما جاء في صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يحل للمهاجر أن يبقى بعد طواف الصدر أكثر من ثلاثة أيام) فالمهاجر ممنوع أن يبقى بمكة التي هاجر منها لله - عز وجل- أن يبقى فيها لكن سومح في ثلاثة أيام فنجد أن ثلاثة أيام هذه يتسامح فيها في أمور كثيرة منها هذه المسألة منها مثلاً مسألة الإحداد على غير الزوج (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على غير زوجها أكثر من ثلاثة أيام) منها مثلاً هجر مسلم (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) فنجد أن الثلاثة أيام هي الحد الفاصل بين القليل والكثير وأن ما كان قليلاً في حدود ثلاثة أيام يتسامح فيه الشرع.
وفي حجة النبي - صلى الله عليه وسلم- أقام -عليه الصلاة والسلام- أربعة أيام يقصر الصلاة ومعلوم أن ثلاثة أيام بيومي الدخول والخروج تقرب من أربعة أيام ولهذا فإذا كانت إقامة المسافر في حدود هذه المدة ثلاثة أيام أو أربعة أيام فيترخص برخص السفر وما زاد على ذلك فإننا لا نعتبره مسافراً.
ولهذا قال بعض أهل العلم: إن العرب ما كانت تعرف أن الإنسان يقيم في بلد ويسمى مسافراً لأن السفر من الإسفار وهو البروز في الصحراء ولكن يتسامح في ذلك في المدة اليسيرة، والمدة اليسيرة عرفنا أنها ثلاثة أيام أو إذا أضفنا لها يومي الدخول والخروج يعني: تصبح في حدود أربعة أيام فهذه المدة اليسيرة يترخص فيها المسافر برخص السفر إذا زادت المدة على هذا القدر فإن هذه المدة لا تصبح يسيرة وإنما تصبح مدة كبيرة ولذلك فإنه لا يترخص برخص السفر.
والقول بأنه يترخص برخص السفر مطلقاً قول فيه إشكال وفيه خطورة كبيرة في الحقيقة لو قلنا بهذ القول يعني: مثلاً عندنا هنا في المملكة أنه يقارب ثلث المجتمع من الإخوة المقيمين، يترتب على هذا القول أن هؤلاء كلهم مسافرون وأنه يباح لهم الفطر في نهار رمضان والقصر والجمع, ثلث المجتمع نعتبره مسافراً ونقول لهم: يجوز لكم أن تفطروا في نهار رمضان هذا فيه خطورة كبيرة لهذا ينبغي أن ينظر ما يترتب على القول بالإطلاق في هذه المسألة بأن المسافر يترخص برخص السفر وإن طالت المدة، فيترتب على هذا القول مثل هذه المسائل الكبيرة.
ولهذا فإن الأظهر والأقرب في هذه المسألة هو رأي جمهور الفقهاء وهو أنه إذا كان في حدود أربعة أيام فأقل فإن له الترخص وما زاد على ذلك فليس له الترخص وهو اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى-.
إذن: يكون هذا هو المسافر الذي له القصر يستطيع أن نحدد هذا المسافر, أن نقول: الذي سافر مسافة تزيد على ثمانين كيلو متر وكذلك المسافر الذي أقام مدة لا تزيد على أربعة أيام وكذلك المسافر الذي أقام وله حاجة لا يدري متى تنقضي بل يقول: اليوم أرجع, غداً أرجع.
المسافر بالنسبة للفطر له ثلاث أحوال:
الحال الأولى: أن يشق عليه الصوم مشقة شديدة فالصحيح أنه يكره أو يحرم عليه الصوم يعني: الحكم دائر بين الكراهة وبين التحريم لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لما كان ذات مرة في سفر وأمر بالإفطار وبلغه أن أناساً لم يفطروا فقال: أولئك العصاة أولئك العصاة) والعصيان لا يكون إلا على ارتكاب معصية، ولهذا فإن الصوم في هذه الحال يحرم أو أنه يكره يعني: دائر بين الكراهة وبين التحريم.
الحال الثانية: أن يشق عليه الصوم مشقة غير شديدة فيكره الصوم في حقه وذلك لما فيه من العدول عن رخصة الله- تعالى- فإن الله تعالى رخص للمسافر أن يفطر في نهار رمضان ? فَمَن كَانَ مِنْكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ? وفي صحيح مسلم عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال: (قلت: يا رسول الله إني أجد في قوة على الصيام في السفر قال -عليه الصلاة والسلام-: هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه والله يحب أن تؤتي رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه).
ولهذا فإن الأفضل في حقه الفطر ويكره في حقه الصوم إذا كان يشق عليه مشقة غير شديدة، ولهذا نقول مثلاً لمن ذهب إلى مكة معتمراً وشق عليه الصوم نقول: الأفضل أن تفطر وبعض الإخوة المعتمرين تجد أنه يشق عليه الصوم ويجهده الصوم, لكنه يصر على عدم الإفطار وهذا مكروه الحقيقة فالأفضل في حقه أن يفطر وأن يأخذ برخصة الله - عز وجل-.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/205)
الحالة الثالثة: أن لا يشق عليه الصيام، وحينئذ يفعل ما هو الأيسر في حقه لقول الله - عز وجل-: ? يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ? [البقرة: 185] والإرادة هنا بمعنى: المحبة لأن الإرادة تنقسم إلى قسمين: إرادة كونية قدرية ,,,,, وإرادة شرعية, الإرادة الكونية القدرية بمعنى المشيئة, وأما الإرادة الشرعية فهي بمعنى المحبة فالإرادة في قول الله - عز وجل-: ? يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ? هي إرادة شرعية بمعنى المحبة فيفعل ما هو الأيسر في حقه من الفطر أو الصوم.
فإن تساويا يعني: بعض الناس يقول: ليس علي مشقة في الصوم في السفر, يكون مثلاً في طائرة يكون في سيارة مكيفة ما عليه أدنى مشقة نقول: افعل ما هو الأيسر في حقك قال: الصوم والفطر متساويان في حقي فإن تساويا الصوم والفطر في حقه فإن الأفضل في هذه الحال الصوم وذلك لأنه فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي الدرداء -رضي الله تعالى عنه- قال: (خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في يوم شديد الحر وما فينا صائم إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن رواحة) وما كان -عليه الصلاة والسلام- يختار إلا ما هو الأفضل.
إذن: يكون صوم المسافر في هذه الأحوال الثلاث، من يلخص لنا هذه الأحوال الثلاث مرة أخرى؟
إذا كان الصيام يشق عليها مشقة شديدة فإنه بين التحريم والكراهية
نعم, يحرم أو يكره.
الحالة الثانية؟
إذا كان يشق عليه مشقة غير شديدة فإنه يكره في حقه الصوم
يكره في حقه الصوم.
الحالة الثالثة؟
إذا تساويا يفعل ما هو الأيسر فإن تساوى الصوم والإفطار في حقه فالأفضل الصوم.
هذا هو حاصل كلام أهل العلم في مسألة صوم المسافر وإفطاره في السفر.
نعود لعبارة المؤلف قال -رحمه الله تعالى-: (فالفطر لهم) يعني: للمريض والمسافر (أفضل) لكن على التفصيل الذي ذكرناه (وعليهما القضاء) وهذا بالنص والإجماع ? فَمَن كَانَ مِنْكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ?.
(وإن صاما أجزأهم) بل حتى ولو صام المريض أو المسافر وإن كان يشق عليه مشقة شديدة فإنه يجزئه ذلك الصوم لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه) هذا رد على أبي محمد ابن حزم -رحمه الله تعالى- لأنه قال: لا يجزئ الصوم في هذه الحال يعني: لو صام وهو مسافر أو مريض ولكن الصحيح هو ما عليه أكثر أهل العلم وهو أنه يجزئ إذا صام المسافر ولو كان الصوم يشق عليه فإنه يجزئه وهكذا المريض إذا صام ولو كان الصوم يشق عليه فإن هذا الصوم يجزئه هذا هو القسم الأول.
القسم الثاني: قال: (الحائض والنفساء تفطران وتقضيان وإن صامتا لم يجزئهم) الحيض: هو دم طبيعة وجبلة يخرج من الأنثى من الرحم وفي أوقات معلومة والغالب أنه يخرج من الأنثى كل أربعة أسابيع وقد كتبه الله - عز وجل- على بنات آدم ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لما دخل على عائشة في حجة الوداع وهي تبكي قال: ما يبكيك؟ لعلك نفست؟) يعني: لعلك حضت (قالت: نعم. قال: إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فافعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت) وإذا نزل دم الحيض من المرأة فإنها لا تصوم ولا تصلي بل يحرم عليها أن تصوم وأن تصلي ويجب عليها الفطر وبناء على ذلك لو أن امرأة حاضت وخجلت من أهلها وصامت وهي حائض فإنها تأثم لهذا الصوم فيجب عليها الإفطار.
وهكذا أيضاً (النفساء) ودم النفاس: هو دم يرخيه الرحم بسبب الولادة ويكون بعد الولادة أو قبلها بيوم أو يومين وأيضاً النفساء حكمها حكم الحائض بالنسبة للصوم والصلاة إلا أن الحائض والنفساء لا تقضي الصلاة وتقضي الصيام بإجماع العلماء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/206)
ولكن متى يكون الدم دم نفاس؟ قال الفقهاء: إن الدم إنما يكون دم نفاس إذا حصل التخليق في الجنين والتخليق إنما يكون بعد مرور ثمانين يوماً فأكثر ما بين الثمانين إلى التسعين في هذه المدة يكون التخليق للجنين لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم علقة مثل ذلك ثم مضغة مثل ذلك) قد قال الله- تعالى- في المضغة: ? مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ? [الحج: 5] فعلم أن التخليق إنما يكون في مرحلة المضغة، وأما ما قبل الثمانين يوماً فإن هذ الدم ليس بدم نفاس, فلو أن امرأة أسقطت قبل مرور ثمانين يوماً على حملها فإن هذا دم فساد تصوم معه المرأة وتصلي.
أما إذا كان بعد مرحلة التخليق وقلنا: التخليق يكون ما بين ثمانين إلى تسعين يوماً وذلك بأن يظهر في الجنين أي مظهر من مظاهر التخليق كأن يبدو رجله أو يده أو أي عضو من أعضائه وهذا لا يكون إلا في هذه الفترة ما بين الثمانين إلى التسعين يوماً فإنه يعتبر دم نفاس.
قال المؤلف: (تفطران وتقضيان) قلنا: الفطر في حقهما متعين والقضاء واجب (وإن صامتا لم يجزئهم) لنفترض أن هذه المرأة الحائض أو النفساء صامت كما نقول إما خجلا أو لغير ذلك من الأسباب فإن هذا الصوم لا يجزئها وتأثم بذلك وهذا باتفاق العلماء هذا هو القسم الثاني من أحوال المفطرين في نهار رمضان.
القسم الثالث: قال: (الحامل والمرضع) فالحامل والمرضع يجوز لهما الفطر في نهار رمضان وذلك لأن المرأة الحمل قد تحتاج إلى الفطر لأجل تغذية الحمل وكذلك المرأة المرضع تحتاج للفطر لأجل إرضاع طفلها ولكن الحامل والمرضع بالنسبة للإفطار والقضاء على تفصيل ذكره المؤلف.
قال: (إذا خافتا على أنفسهما أفطرتا وقضتا وإن خافتا على ولديهما أفطرتا وقضتا وأطعمتا عن كل يوم مسكيناً) فالمؤلف -رحمه الله تعالى- فصَّل في مسألة الحامل والمرضع لكن إذا خافتا على أنفسهما وعلى ولديهما في نفس الوقت فتلحق بالحالة الأولى أفطرتا وقضتا فيكون إذن على المذهب عند الحنابلة حمل المرضع إذا خافتا على أنفسهما أو خافتا على أنفسهما وعلى ولديهما أفطرتا وقضتا أما إذا خافتا على ولديهما فقط أفطرتا وقضتا وأطعمتا عن كل يوم مسكيناً فتكون أحوال الحامل والمرضع على ثلاثة أحوال:
الحالة الأولى: خافتا على أنفسهما فقط فتفطران وتقضيان.
الحالة الثانية: خافتا على أنفسهما وعلى ولديهما في الوقت نفسه وهنا تفطران وتقضيان أيضاً.
الحالة الثالثة: خافتا على ولديهما فقط فتفطران وتقضيان وتطعمان عن كل يوم مسكيناً.
أما فطر الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على أنفسهما وولديهما قالوا: قياساً على المريض والمريض إنما يجب عليه القضاء فقط.
أما إذا خافتا على ولديهما فقالوا: هنا تفطران وتقضيان وتطعمان عن كل يوم مسكيناً واستدلوا على ذلك بقول ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: (والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمت) [أخرجه أبو داود بسند جيد] ولكن إذا تأملنا هذا الأثر المروي عن ابن عباس نجد أن ابن عباس قال: (أفطرتا وأطعمت) هل ذكر ابن عباس القضاء؟ ما ذكر القضاء لكن أصحاب هذا القول قالوا: إن ابن عباس لم يذكر القضاء لكونه معلوماً للناس.
ولكن بعض أهل العلم أخذ بظاهر هذا الأثر المروي عن ابن عباس وقال: إن الحامل والمرضع تفطران وتطعمان فقط بدون قضاء، (أفطرتا وأطعمت) بدون قضاء وهذا قال به بعض أهل العلم.
والراجح -والله أعلم- في هذه المسألة هو أن الحامل والمرضع تفطران وتقضيان مطلقاً ولا يلزمهما الإطعام في جميع الأحوال وقولنا: مطلقا أو في جميع الأحوال نعني به: سواء خافتا على أنفسهما أو على أنفسهما وولديهما أو على وولديهما فيجب عليهما القضاء فقط ولا يجب عليهما الإطعام وذلك قياساً على المريض وأما الأثر المروي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- في هذا فهو:
أولاً: اجتهاد منه -رضي الله تعالى عنه- والله تعالى إنما أوجب على المريض القضاء
ثانياً: أنتم قلتم: إن الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما تفطران وتقضيان قياساً على المريض فينبغي أن يطرد هذا القياس كذلك فيما إذا خافتا على ولديهما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/207)
ثالثاً: إذا أردتم الأخذ بظاهر الأثر المروي عن ابن عباس فإن ابن عباس إنما قال: (أفطرتا وأطعمت) ولم يذكر القضاء والقول بأن ابن عباس لم يذكر القضاء لكونه معلوماً محل نظر ورد في بعض الروايات أنه قال: (أفطرتا وأطعمتا ولم تقضي) والأقرب -والله تعالى أعلم- كما ذكرنا أن الحامل والمرضع عليهما القضاء فقط ولا يجب عليهما الإطعام وهذا هو اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى-.
إذن: الحامل والمرضع إذا أفطرتا بسبب الحمل أو بسبب الرضاعة فيجب عليهما القضاء فقط ولا يجب عليهما الإطعام على الصحيح من قولي الفقهاء.
إذن: خلاصة الكلام في هذه المسألة أن الحامل والمرضع إذا أفطرتا بسبب الحمل والرضاعة فعلى المذهب أن لهما ثلاث أحوال:
الحالة الأولى: إذا أفطرتا خوفاً على أنفسهما فعليهما القضاء فقط.
الحالة الثاتية: إذا أفطرتا خوفاً على أنفسهما وولديهما فعليهما القضاء فقط.
الحالة الثانية: إذا أفطرتا خوفاً على ولديهما فقط قولان:
القول الأول: عليهما القضاء والإطعام عن كل يوم مسكيناً.
القول الثاني: ليس عليهما إلا الإطعام ولا يجب عليهما القضاء.
القول الثالث: عليهما القضاء فقط وقلنا: إن هذا هو القول الراجح في المسألة وهو الأقرب لظاهر الآية الكريمة ? فَمَن كَانَ مِنْكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ? وإيجاب الإطعام على الناس يحتاج إلى دليل ظاهر وأما ما روي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- فهو من اجتهاده -رضي الله تعالى عنه- على أن القول بأن الحامل والمرضع تطعمان ولا تقضيان فيه إشكال لأن ظاهر الآية الكريمة أن كل من أفطر وهو قادر على القضاء فإنه يجب عليه القضاء فالمسافر يجب عليه القضاء إذا أفطر, المريض يجب عليه القضاء وكان مرضه يرجى برؤه يجب عليه القضاء, هكذا أيضاً الحامل والمرضع.
ومما يؤيد هذا ما جاء في حديث أنس بن مالك الكعبي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة والصوم وعن الحبلى والمرضع الصوم) [أخرجه أبو داود وغيره بسند جيد].
فهنا قرن النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الحبلى والمرضع وبين المسافر ومن المعلوم أن المسافر يجب عليه القضاء بإجماع هكذا أيضاً الحبلى والمرض يجب عليهما القضاء قياساً على المسافر وأيضاً قياساً على المريض.
فإذن يكون القول الراجح في هذه المسألة: أن الحامل والمرضع إذا أفطرتا يجب عليهما القضاء فقط مطلقاً سواء خافتا على أنفسهما أو على أنفسهما وولديهما أو على ولديهما هذا هو حاصل كلام أهل العلم في هذه المسألة.
القسم الرابع: العاجر عن الصيام لكبر أو مرض لا يرجى برؤه قال: (فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكين) ويصح أن يقول: يُطعِم عن كل يوم مسكيناً.
(العاجز عن الصيام لكبر) بعض الناس إذا تقدمت به السن يشق عليه الصوم فلا يستطيع أن يصوم وهذا الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة إذا شق عليهما الصيام جاز لهما الفطر ويطعمان عن كل يوم مسكيناً ويدل على ذلك قول ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- في قول الله - عز وجل-: ? وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ? قال: (كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما لا يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكين) فكانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما لا يطيقان الصيام يعني: لا يستطيعان الصيام فيفطران ويطعمان مكان كل يوم مسكيناً، هذا مروي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- وأن الآية ليست منسوخة في حق الشيخ الكبير والشيخة الكبيرة وإنما منسوخة في حق غيرهما.
وكذلك أيضاً (المريض مرضاً لا يرجى برؤه) فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً وتقدير المرض الذي لا يرجى برؤه يرجع للأطباء إذا قال الأطباء إن هذا المرض لا يرجى برؤه في علم البشر فيطعم عن كل يوم مسكيناً.
هناك أمراض معروفة أنها لا يرجى برؤها في علم البشر- إلا أن يشاء الله تعالى- كمرض السرطان والفشل الكلوي ونحو ذلك فمثل هذه الأمراض نقول: يفطر أصحابها مع الإطعام عن كل يوم مسكيناً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/208)
قال: (وعلى سائر من أفطر القضاء لا غير) يعني: كل من أفطر فعليه القضاء إلا من أفطر بجماع فسيأتي الكلام عنه حتى ولو كان متعمداً فإنه يجب عليه القضاء وأما ما يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من أفطر يوماً من رمضان متعمداً لم يجزه صيام الدهر كله وإن صامه) هو حديث ضعيف ولكن الفطر في نهار رمضان كبيرة من كبائر الذنوب ومن وقع في هذا فعليه التوبة إلى الله - عز وجل- أولاً وعليه قضاء ذلك اليوم إلا أن يكون الفطر بجماع فسيأتي الكلام عنه -إن شاء الله تعالى-.
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 09:16 ص]ـ
نعرض إجابات الأسئلة
أجاب يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بالنسبة للسؤال الأول استهل بقول ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: (ورخص للشيخ الكبير أن يفرط ويطعم عن كل يوم مسكيناً ولا قضاء عليه) يقول: [رواه الدارقطني والحاكم وصححه] فالشيخ الكبير والمرأة العجوز والمريض الذي لا يرجى برؤه هذا هو مكان السؤال والعاجز هؤلاء جميعاً يرخص لهم في الفطر إذا كان الصوم يشق عليهم مشقة شديدة في جميع فصول السنة وعليهم أن يطعموا عن كل يوم مسكيناً وقدر ذلك بنحو صاع أو نصف صاع أو مد على خلاف في ذلك ولم يأتِ في السنة ما يدل على التقدير
بالنسبة للسؤال الآخر كان على من ترك قضاء الصيام الواجب يقول: ذهب جمهور العلماء منهم أبو حنيفة ومالك -رحمهما الله تعالى- والمشهور عن الشافعي -رحمه الله تعالى- إلى أن وليه لا يصوم عنه ويطعم عنه مداً عن كل يوم وعند الحنفية أن الواجب نصف صاع من قمح وصاع من غيره والمختار عند الشافعية أنه يستحب لوليه أن يصوم عنه ويبرأ به الميت ولا يحتاج إلى إطعام عنه يقول: والمراد بالولي القريب سواء كان عصبة أو وارثاً أو غيرهما واستدلوا بما رواه أحمد عن الشيخين عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) زاد البزار (إن شاء) سنده حسن يقول: وروى أحمد وأصحاب السنن عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- (أن رجلاً جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إن إمي ماتت وعليها صيام شهر أفأقضيه عنها؟ قال: لو كان على أمك دين أكنت قاضيه؟ قال: نعم قال: فدين الله أحق أن يقضى) قال النووي: وهذا القول هو الصحيح المختار الذي نعتقده وهو الذي صححه المحقق وأصحابنا الجامعون بين الفقه والأحاديث الصحيحة الصريحة- والله تعالى أعلم-.
جزاه الله خيراً على هذه الإجابة والحقيقة أن حرص الإخوة على البحث ومعرفة أقوال الفقهاء يعني تحقق الهدف الذي رجوناه, نحن رجونا من هذه الأسئلة أن يبحث الإخوة ويطلعوا على أقوال العلماء في المسائل التي سوف تشرح فنشكر الأخ جزاه الله خيراً على هذه الإجابة المفصلة الجيدة, هو ذكر الأقوال في المسألة الأولى من أفطر لمرض لا يرجى برؤه فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً كما ذكرنا.
المسألة الثانية: هي المتعلقة بمن مات وعليه صوم: الصحيح أنه يستحب لوليه أن يصوم عنه مطلقاً سواء كان صوم نذر أو صوماً واجباً فيستحب لوليه أن يصوم عنه فإن لم يتيسر فيطعم عن كل يوم مسكيناً وسنتكلم- إن شاء الله تعالى- عنها في نهاية الدرس بالتفصيل.
أجابت بالنسبة للسؤال الأول: يطعم عنه كل يوم مسكيناً.
بالنسبة للسؤال الثاني تقول: إن كان لعذر فعليه كفارة وإن أفطر متعمداً ليس عليه كفارة.
يقول: في السؤال الثاني: من ترك قضاء الصيام الواجب حتى مات فله ثلاث حالات:
1 - إن كان تركه لعذر فلا شيء عليه.
2 - وإن كان ترك قضاء رمضان لغير عذر أطعم عنه بكل يوم مسكيناً.
3 - وإن كان ترك صيام نذر لغير عذر يصام عنه.
نشكرهم جميعاً سيأتي الكلام بالتفصيل في الإجابة عن هذا السؤال, إذا كان لعذر فإنه لا يجب أن يطعم عنه, وسيأتي الكلام عن هذا بالتفصيل إن شاء الله تعالى.
بعد ذلك ننتقل لمسألة الجماع في نهار رمضان وما يتعلق بها من أحكام: نستمع لعبارة المؤلف.
يقول -رحمه الله تعالى-: (وعلى سائر من أفطر القضاء لا غير إلا من أفطر بجماع في الفرج فإنه يقضي ويعتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً فإن لم يجد سقطت عنه فإن جامع ولم يكفر حتى جامع ثانية فكفارة واحدة وإن كفر ثم جامع فكفارة ثانية وكل من لزمه الإمساك في رمضان إذا جامع فعليه كفارة)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/209)
قال: (إلا من أفطر بجماع في الفرج فإنه يقضي ويعتق رقبة ... ) إلى آخره أفادنا المؤلف -رحمه الله تعالى- أن من أفطر بجماع فإنه يجب عليه القضاء ويجب كذلك كفارة مغلظة ويجب عليه أيضاً التوبة. فإذن: من جامع في نهار رمضان يجب عليه ثلاثة أمور:
الأمر الأول: التوبة.
الأمر الثاني: القضاء.
الأمر الثالث: الكفارة المغلظة.
والكفارة المغلظة هي كفارة الظهار وهي كما قال المؤلف: (عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً) وعتق رقبة هل يوجد الآن رقاب هل يوجد في الوقت الحاضر إعتاق رقيق؟
في أفريقيا يوجد
على كل حال لا يوجد الآن رقيق إلا ما ذكر أنه في بعض الدول الإفريقية أنه يوجد كموريتانيا- والله تعالى أعلم- بشرعية هذا الرق لكن على كل حال ذكر بعض العلماء من تلك البلدان أنه يوجد لديهم رق شرعي فإذا تحقق من أنه رق شرعي صحيح فإنه يجزئ الإعتاق فإن لم يجد أو لم يستطع أن يعتق رقبة أو أنه مستطيع لكنه لا يجد رقاباً فإنه ينتقل إلى الصيام, صيام شهرين متتابعين والتتابع هنا واجب لابد منه ولذلك لو أنه صام ثمانية وخمسين يوماً ثم أفطر فيجب عليه أن يعيد الصيام من جديد فلابد من التتابع في الصيام وبعض الناس عندما يؤمر بصيام شهرين متتابعين يقول: إنه لا يستطيع لكن عندما يسأل هل تستطيع صيام شهر رمضان؟ يقول: نعم، إذن: ما دمت تستطيع صيام شهر رمضان فأنت تستطيع صيام شهرين متتابعين ولكن فيه مشقة لا شك أن صيام شهرين متتابعين فيها مشقة هذه المشقة لابد من أن يحتملها هذا الذي وقع في المعصية يعني لا شك أن صيام شهرين متتابعين فيها مشقة ولكن أيضاً المعصية التي وقع فيها هذا الإنسان كبيرة مادام أنه يستطيع أن يصوم شهر رمضان معنى ذلك أنه مستطيع أن يصوم شهرين متتابعين ولكن بعض الناس لأجل هذه المشقة يقول: أنا لا أستطيع مع أنه في حقيقة الأمر مستطيع ولكن المفتي يدين هذا السائل بينه وبين ربه إذا قال: لا أستطيع نقله إلى الإطعام، وليس له أن يحقق معه ويقول: لا .. بل أنت تستطيع لأن أمور العبادات الإنسان مؤتمن فيها فإذا قال: لا أستطيع فإن المفتي ينقله إلى الإطعام لكن ينبغي أن ينبه من يقول مثل هذا بأن من كان مستطيعاً لصيام شهر رمضان فمعنى ذلك أن عند القدرة على صيام شهرين متتابعين لكن يلحقه مشقة وهذه المشقة لابد منها, صيام شهرين متتابعين لاشك أن فيه مشقة لكن لو قدر أنه لا يستطيع أن يصوم شهرين متتابعين فإنه ينتقل إلى الإطعام يطعم ستين مسكيناً والأصل في هذا هو قصة ذلك الرجل (الذي أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: هلكت هلكت) وهذا يدل على أنه يعرف تحريم الجماع في نهار رمضان ولذلك قال: (هلكت, هلكت يا رسول الله. قال: مالك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا. قال: هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا.) وفي رواية: (قال: وهل أوقعني إلا الصيام. قال: فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ قال: لا.) وفي بعض الروايات أنه قال: (يارسول الله على أفقر مني؟!! ووالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا. فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم- وأتي -عليه الصلاة والسلام- بعرق فيه تمر) والعرق: هو مكتل يسع نحو خمسة عشر صاعاً (فأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بعرق فيه تمر فقال: أين السائل؟ قال: خذ هذا فأطعمه أهلك).
فدل هذا الحديث على أن هذه هي الكفارة كفارة الجماع في نهار رمضان ولنا وقفة هنا مع هذه القصة في الصحيحين كيف تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع هذا الرجل الذي أتى تائباً نادماً خائفاً يقول: (هلكت هلكت) لم يعنفه النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يوبخه وإنما أرشده فقط إلى الكفارة ويستفاد من هذا أنه إذا أتى الإنسان تائباً فينبغي ألا يعنف وإنما يرفق به لهذا أتى هذا الرجل للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: (هلكت هلكت) وخرج ومعه طعام يطعمه أهله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/210)
فنستفيد من هذا أن من أتى تائباً ينبغي أن يرفق به وألا يعنف لأنه أتى تائباً نادماً وبعض الناس إذا حصل للإنسان مثل هذا العمل يعنفونه ويوبخونه ربما تكلم معهم كلاماً غير لائق أما فيك صبر؟ أما كذا؟ وهذا لا يليق خاصة فيمن أتى تائباً انظروا إلى حسن خلقه -عليه الصلاة و السلام- وحسن تعامله مع أصحابه ولهذا جاء في بعض الروايات أن هذا الرجل عاتب قومه لأنهم عنفوه تعنيفاً شديداً ولهذا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: (هلكت هلكت) فلما رجع قال لهم: (ما وجدت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما وجدت منكم) يعني: من التعنيف.
إذن: هذه كفارة الجماع في نهار رمضان ولكن هذه الكفارة المغلظة إنما تكون إذا حصل الوطء في الفرج يعني: حصل معه إيلاج ولهذا قال المؤلف: (فمن أفطر بجماع في الفرج) أقول هذا الكلام لأن بعض العامة ومن واقع أسئلتهم واستفساراتهم يظنون أن مجرد المباشرة يوجب الكفارة المغلظة وهذا ليس بصحيح فالمباشرة لا توجب الكفارة المغلظة إنما الذي يوجب الكفارة المغلظة هو الإيلاج إذا حصل إيلاج في الفرج فهذا هو الذي يوجب الكفارة المغلظة بل جاء في صحيح البخاري (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يباشر وهو صائم) يقبل وهو صائم فمجرد القبلة أو المباشرة لا توجب الكفارة المغلظة بل إنها تجوز في حق من يأمن على نفسه أما من لا يأمن على نفسه فإنه ينبغي عليه أن يتجنبها. إذن: الذي يوجب الكفارة المغلظة هو الوطء والإيلاج في الفرج.
قال: (فإن لم يجد سقطت عنه) يعني: إن لم يجد إطعام ستين مسكيناً سقطت عنه الكفارة لأن هذا الأعرابي لما أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- في المرة الثالثة بأن يطعم ستين مسكيناً وقال: (لا استطيع وقال: على أفقر مني يا رسول الله) لم يأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بكفارة أخرى.
فإن قال قائل: أليس هذا الطعام الذي أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأعطاه هذا الرجل قال: (خذ هذا فأطعمه أهلك) أليس هذا كفارة من هذا الرجل على أهله باعتبار أنهم فقراء فيكون إطعاماً؟ كيف نجيب عن هذا الإيراد لو قال قائل: إن هذ الرجل أطعم لكن أطعم أهله باعتبار أنهم فقراء فكيف نجيب عن هذا؟
أنه يجب عليه إطعام أهله وهو واجب عليه النفقة
هل أهله يصلون إلى الستين مسكيناً لا يمكن هذا, هذا دليل على أنه ليس على سبيل الكفارة وإنما لأنه ذكر فقراً وحاجة بل ذكر أنه أفقر بيت في المدينة فأعطاه النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنه فقير لكن ليس على سبيل الكفارة ولهذا أهل بيت هذا الرجل لا يصلون إلى الستين مسكيناً ولا حتى إلى نصفهم ولا إلى ربع هذا العدد نعلم أن هذا الطعام ليس كفارة وإنما لكونه ذكر فقراً وحاجة أهله فأعطاه النبي -صلى الله عليه وسلم- من هذ الباب.
قال: -رحمه الله تعالى- (فإن جامع ولم يكفر حتى جامع ثانية فكفارة واحدة) يعني: إن جامع ولم يكفر حتى جامع في اليوم نفسه مرة ثانية فيجب عليه كفارة واحدة, هذا رجل جامع في أول النهار ولم يكفر ثم جامع في آخر النهار فيجب عليه كفارة واحدة ولا يجب عليه أن يكفر مرتين وذلك لأنها جناية واحدة تكرر سببها قبل استيفائها فتداخل كالحدود كما لو زنى ثم زنى فإن عليه حد واحد.
قال: (وإن كفَّر ثم جامع فكفارة ثانية) هذا رجل جامع أهله في نهار رمضان ثم كفَّر ثم جامع مرة ثانية فيجب عليه بالجماع الثاني كفارة أخرى.
قال: (وكل من لزمه الإمساك في رمضان فجامع فعليه كفارة) من يوضح لنا هذه العبارة؟ ما مثالها؟
أي أن المسافر والمريض أو من لهم أعذار فلا يجوز لهم الجماع
يعني: هذا رجل مسافر قدم من السفر ولزمه بهذا القدوم أن يمسك بقية يومه ثم جامع بقية يومه فعليه كفارة يعني: هو مسافر مثلاً هو مقيم في الرياض سافر ثم رجع أول النهار إلى الرياض ثم إنه في آخر النهار جامع فعليه كفارة لأن الكفارة إنما تجب لأجل انتهاك حرمة الشهر هذا على القول بأن المسافر إذا قدم وقد أفطر أول النهار يجب عليه أن يمسك بقية يومه وهكذا الحائض والنفساء إذا طهرتا أول النهار يجب عليهما الإمساك بقية يومهما فهي مسألة خلافية فمن أهل العلم من قال: إنه يجب الإمساك في حق المسافر إذا قدم وفي حق الحائض والنفساء إذا طهرتا وقال بعضهم: إنه لا يجب الإمساك لأن الإمساك في هذه الحالة لا يستفيد منه وقد روي عن ابن مسعود أنه قال: (من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/211)
أفطر في أول النهار فليفطر في آخره) رواه البيهقي ولكن القول الأظهر هو ما مشى عليه المؤلف من أنه يلزم الإمساك للمسافر إذا قدم وكذلك الحائض والنفساء إذا طهرتا وذلك لحرمة الشهر لأن هذا الإمساك من باب مراعاة حرمة الشهر ولأنه لو قامت البينة في أثناء النهار وجب الإمساك بالاتفاق ولا يقال: إنه لا يستفيد شيئاً في هذه الحال يعني: مثلاً لو أن أناساً لم يبلغوا دخول شهر رمضان إلا بعد الظهر لزمهم الإمساك مع القضاء ولا يقال: إنهم لا يستفيدون شيئاً من هذا الإمساك.
ثم إن القول بأن المسافر إذا قدم والحائض والنفساء إذا طهرتا وحصل الإمساك منهم أنهم لا يستفيدون شيئاً هذا ليس بمسلم ولتحصل الفائدة بالأجر والثواب إذا حصل الإمساك مراعاة لحرمة الشهر فإن هذا الإمساك يؤجر ويثاب عليه الإنسان لأنه فعله على وجه التعبد لله - عز وجل- وإن كان لا يسمى صوماً وليس بصوم لأنه حصل إفطار في أول النهار لكن مجرد الإمساك هذا مما يثاب ويؤجر عليه الإنسان في هذه الحالة كما لو قامت البينة في أثناء النهار وأمسك فإن هذا الإمساك أيضاً يؤجر ويثاب عليه.
فالقول بأنه لا يستفيد شيئاً ليس على إطلاقه فالصواب هو ما مشى عليه المؤلف وهو أن المسافر إذا قدم فإنه يلزمه الإمساك والحائض والنفساء إذا طهرتا فإن عليهما الإمساك ويرى المؤلف أن هؤلاء الذين لزمهم الإمساك إذا حصل منهم الجماع في نهار رمضان فإن عليهم الكفارة المغلظة رغم أنه مفطر في أول النهار لكن هذه كفارة لأجل انتهاك حرمة الشهر وما قلناه بالنسبة للجماع في نهار رمضان بالنسبة للرجل يشمل المرأة إذا كانت مطاوعة لزوجها أما إذا كانت مكرهة فإنه لا شيء عليها لكن إذا طاوعت زوجها في ذلك فيلزمها ما يلزم الرجل من الكفارة المغلظة على التفصيل الذي ذكرناه وحينئذ إذا جامع الرجل زوجته مع اختيارها فعلى الزوج كفارة وعلى الزوجة كفارة أخرى.
نقف عند قول المصنف ومن (أخر قضاء لعذر) إلى آخره.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، من جامع في رمضان ولم يستطع الصيام وكذلك الإطعام فهل تبرأ ذمة هذا الذي جامع في رمضان؟
السؤال الثاني: رجح الشيخ أن الزوجة كذلك عليها الكفارة إذا كان عن تراض منها ولكن الدليل أن النبي -عليه الصلاة و السلام- لم يسأل هذا الرجل عن زوجته وكذلك البيان وقت الحاجة واجب فلماذا نوجب على هذه المرأة الكفارة؟
إذا كان الشخص عنده أرض معدة للتجارة فإذا حال عليها الحول فهل لابد من إجادة مال مقداراً للزكاة أو يصبر متى إذا ما باع هذه الأرض فإنه يخرج زكاة ما سبق حتى ولو كانت سنوات كثيرة؟
السؤال الآخر: من كانت عنده أرض أراد أن يحفظ بها ماله ولكنه نوى أنها متى ما جاءت له بربح جيد سوف يبيعها ويشتري بها أرضاً أخرى فهل هذا من باب نية التجارة؟
من أتى أهله في نهار رمضان وهو في الأصل لا يصلي إلا الجمعة فبعد أن منَّ الله عليه بالهداية فهل عليه كفارة؟
عندي سؤالان: ما حكم الاحتلام في نهار رمضان؟
السؤال الثاني: ما حكم تأخير القضاء إلى حين حلول رمضان المقبل من غير عذر؟
يقول: من جامع في نهار رمضان ولم يستطع الصيام ولا الإطعام فهل تجب عليه الكفارة؟
إذا عجز عن إعتاق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً فسبق أن ذكرنا أنها تسقط الكفارة عنه وأن هذا هو رأي المؤلف -رحمه الله تعالى- وهو المشهور من مذهب الحنابلة ومن أهل العلم من قال: إنها تبقى في ذمته ولكن الأقرب من حيث الدليل أنها تسقط عنه لأن هذا الرجل لما ذكر أنه لا يستطيع إطعام ستين مسكيناً سكت النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يقل له: إن هذه الكفارة بقيت في ذمتك وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ومثل هذا الرجل يجهل الكفارة لأنه أتى وهو يقول: (يا رسول الله هلكت) لا يدري ما الواجب عليه فبين -عليه الصلاة والسلام- أن الواجب عليه إعتاق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً فهذا الرجل كان يجهل الكفارة فلو كانت الكفارة تبقى في ذمته إذا عجز عن الإطعام لبين ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ إن هذا مما تدعو الحاجة إلى بيانه خاصة بالنسبة لمثل هذا الرجل الذي كان يجهل هذه الكفارة أصلاً وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/212)
فدل ذلك على أن الكفارة تسقط عند العجز عنها ولكن أشرنا إلى هناك من الفقهاء من قالوا: بأنها تبقى في ذمته والأقرب من حيث الدليل هو ما قرره المؤلف -رحمه الله تعالى-.
يقول: في الحديث لم يرد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل عن الزوجة.
أولاً: كونه لم ينقل لا يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر الزوجة بالكفارة خاصة وأن ذلك الرجل كان يعرف أن الجماع في نهار رمضان محرم ولذلك قال: (هلكت هلكت) فيحتمل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر بأن على زوجته كفارة ويحتمل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اكتفى بإعلام الزوج من باب أن الرجل سوف يعلم أهله بمثل هذه الأحكام ويحتمل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى من حال الرجل وحال بيته أن هذه المرأة عاجزة عن الكفارة ولكن بكل حال هذا لا يدل على أن المرأة لا تجب عليها الكفارة لأن النساء شقائق الرجال والأصل أن ما وجب على الرجال يجب على النساء إلا بدليل يقتضيه تخصيص الرجال أو تخصيص النساء كمثلاً صلاة الجماعة تجب على الرجال دون النساء للدليل المقتضي لذلك وإلا الأصل أن ما وجب على الرجال فإنه يجب على النساء.
فإذن: الأصل أن المرأة مخاطبة بالتكاليف الشرعية كالرجل ولذلك نقول: إنه يجب عليها ما يجب على الرجل بالنسبة للجماع في نهار رمضان.
يقول: إذا أفطرت المرضع في رمضان وأطعمت عن هذا الشهر ظناً منها أن ذلك يجزئ وبعد ذلك علمت أن عليها القضاء على القول الراجح وكانت الأيام الباقية من شعبان لا تكفي لقضاء جميع الأيام التي أفطرتها يقول يا شيخ: ماذا عليها؟ وإن كان عليها الصيام والفدية بعد رمضان المقبل عن الأيام التي لم تصمها قبله فهل تجزئ عنه الفدية التي دفعتها سابقاً؟
بالنسبة لمثل هذه الأخت تقضي بقية الأيام بعد رمضان ولا فدية عليها على القول الراجح وسيأتي- إن شاء الله تعالى- بحث هذه المسألة بالتفصيل في الدرس القادم والقول الصحيح أن من أخر قضاء رمضان حتى أدركه رمضان آخر أنه يأثم ويجب عليه القضاء فقط ولا يجب عليه الإطعام وسوف نبين -إن شاء الله تعالى- وجه هذا وكلام أهل العلم في هذه المسألة في الدرس القادم- إن شاء الله تعالى-.
بالنسبة لمن يجامع أهله قبل أذان الفجر وطلعت عليه الصلاة وهو لم يغتسل فماذا عليه؟
قبل طلوع الفجر وليس قبل صلاة الفجر
بعد الجماع ولم يغتسل إلا بعد صلاة الفجر فماذا عليه؟
يقول: رجل وضع مبلغاً في المصرف لم يتجاوز مبلغ الزكاة لكنه مع الفوائد بعد الحول أصبح المبلغ يجاوز الحد فهل تجب الزكاة عليه وإن وجبت فهل له ثوابها؟
ما فهمته من السؤال: أن المبلغ لم يصل للنصاب لكنه لما أتى مع الفوائد, هل يقصد الفوائد الربوية أم يقصد الأرباح؟ على كل حال إن كان يقصد أرباحاً كأن تكون مضاربة مثلاً وحصل له أرباح فوصل المال بهذه الأرباح إلى النصاب فإنه حينئذ من حين بلوغه النصاب بهذه الأرباح يحسب حولاً يبتدئ حولاً لكن قبل ذلك لم يبلغ النصاب لا يجب في هذا المال الزكاة يعني: مثلاً لو قلنا: النصاب خمسمائة لكن ما عنده إلا أربعمائة لكن بعد مضي ثلاثة أشهر أصبح بالأرباح خمسمائة حينئذ يكون قد بلغ النصاب يبتدئ في الحول من حين بلوغ النصاب وهذه سبق أن شرحناها في أحكام الزكاة.
تقول: أرض معدة للتجارة وحال عليها الحول هل تزكي من المال من غير الأرض أو تنتظر حتى تباع الارض؟
هي بالخيار إن شاءت أخرجت الزكاة عن كل سنة وإن شاءت أخرت إخراج الزكاة حتى تبيع الأرض ثم تزكي عما مضى من السنوات وهذا سبق أن شرحناه في باب عروض التجارة وقلنا: إن صاحب الأرض في هذه الحال مخير ولا شك أن الأفضل والأبرأ للذمة هو أن يزكي عن كل سنة لكن يجوز له أن يؤخر إخراج الزكاة حتى يبيع الأرض ثم يزكيها عن السنوات الماضية كلها لأن السنوات مبناها على المواساة فلا تجب قبل بيع الأرض وهذا منصوص عليه من كلام الفقهاء.
تقول: شخص حفظ ماله بشراء أرض فلو بيعت بسعر طيب واشترى أرضاً أخرى فهل تجب الزكاة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/213)
إذا كان مقصود صاحب الأرض حفظ ماله يعني: تكون رأس مال له لكونه مثلاً لو بقي المال عنده أنفقه بعض الناس مثلاً لا يحسن تصريف المال فإذا كان المال في يده سوف ينفقه فيقول: أشتري به أرضاً لكي أحفظ بها مالي تكون رأس مال لي لكن إذا أتاني فيها ربح بعتها فهذه الأرض لا زكاة فيها لأنه لم يرد بها التجارة وإنما أراد بها حفظ ماله وأراد بها أن تكون رأس مال له وأما قوله: إن أتاني فيها ربح بعتها, أي إنسان يأتيه ربح في أي شيء فإنه يبيعه أي إنسان عاقل إذا أعطي ربحاً في أي شيء خاصة إذا كان الربح كثيراً فإنه يبيعه سيارتك الآن لو أعطيت فيه ربحاً فإنك تبيعها, بيتك لو أعطيتك فيه ربحاً فإنك تبيعه هذا لا يقتضي القول بوجوب الزكاة فيها لكن المعول عليه هو النية في الأصل مادام أنها ليست نية تجارة فإنه لا تجب الزكاة.
يسأل الجماع في نهار رمضان وكان لا يصلي ثم تاب فهل تجب عليه الكفارة؟
أنا سألت الأخ وفهمت من سؤاله أنه يصلي أحياناً لذلك قال: إنه يصلي الجمعة ومن كان لا يصلي بالكلية فإنه يكفر كفراً أكبر لكنه إن كان يصلي أحياناً ويدع الصلاة أحياناً فهل يكفر أم لا؟ اختلف العلماء في هذه المسألة والأظهر- والله تعالى أعلم- هو أنه لا يكفر لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) ولم يقل: ترك للصلاة وإنما قال ترك الصلاة وحينئذ عليه كفارة عن الجماع في نهار رمضان عن كل جماع في نهار رمضان إلا إذا جامع ثم جامع في يوم واحد فعليه كفارة واحدة هذا على التفصيل الذي ذكرناه، لكن مادام أنه لم يحصل منه التكفير فعليه عن الجماع كفارة عن كل يوم.
يسأل عن حكم الاحتلام في نهار رمضان
الاحتلام في نهار رمضان لا يفطر الصائم وسوف نبين- إن شاء الله تعالى- هذا بالتفصيل في درسنا القادم لأنه بغير اختيار الإنسان وبهذا نص الفقهاء أنه لا يحصل به التفطير.
يسأل أيضاً عن تأخير القضاء إلى رمضان القادم؟
تأخير القضاء إلى رمضان آخر لا يجوز بل يجب على المسلم أن يبادر إلى القضاء قبل حلول رمضان آخر وإن أخره فيجب عليه القضاء والتوبة عن كل يوم مسكيناً هذا محل خلاف بين الفقهاء سيأتي بحثه- إن شاء الله تعالى- في الدرس القادم.
يسأل عن من جامع أهله قبل طلوع الفجر ولكنه لم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر؟
من جامع أهله قبل طلوع الفجر وأخر الاغتسال ولم يغتسل إلا قبل الصلاة فلا حرج عليه وصومه صحيح وقد روت عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يفعل ذلك كانت تكون عليه الجنابة من جماع أهله ثم لا يغتسل إلا بعد طلوع الفجر فنقول: لا حرج في ذلك بل حتى الحائض أيضاً لو طهرت ولم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر فصومها صحيح، النفساء من كانت عليه جنابة عموماً وأخر الاغتسال إلى ما بعد طلوع الفجر فصومه صحيح فتأخير الاغتسال لا يضر.
السؤال الأول: هل يحصل الفطر بالنسبة بخروج الدم؟
السؤال الثاني: من أكل ظاناً أن الشمس قد غربت ثم تبين له أنها لم تغ
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:48 ص]ـ
الدرس التاسع عشر
تابع باب أحكام المفطرين / باب ما يفسد الصوم
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين, أما بعد: ففي هذا الدرس نكمل مسألتين بقيتا في باب أحكام المفطرين في رمضان، ثم ننتقل بعد ذلك إلى باب ما يفسد الصوم, فنبدأ أولاً بآخر مسألتين في باب أحكام المفطرين في رمضان ونبدأ بقراءة عبارة المؤلف -رحمه الله تعالى-:
بسم الله الرحمن الرحيم, يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: (ومن أخر القضاء لعذر حتى أدركه رمضان آخر فليس عليه غيره وإن فرَّط أطعمَ مع القضاء لكلِّ يوم مسكيناً وإن ترك القضاء حتى مات لعذر فلا شيء عليه وإن كان لغير عذرٍ أُطعِمَ عنه لكلِّ يومٍ مسكينٌ إلا أن يكون الصوم منذوراً فإنه يصام عنه وكذلك كل نذر طاعة.)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/214)
قال -رحمه الله تعالى-: (ومن أخرَّ القضاء لعذر حتى أدركه رمضان آخر فليس عليه غير القضاء) الواجب على من أفطر في نهار رمضان؛ لعذر؛ لسفر أو مرض أو غيره أن يبادر إلى القضاء وهذا هو المستحب في حقه ويتأكد ذلك إذا ضاق الوقت بحيث قرب وقت رمضان الآخر فمثلاً نحن الآن في هذه الأيام في شهر شعبان نحث الإخوة على أن يبادروا بقضاء الصوم الواجب عليهم ولكن لو قدِّر أن هذا الذي أفطر أياماً من رمضان لعذر أنه لم يبادر حتى أدركه رمضان آخر فهذا فيه تفصيل.
قال المؤلف: (إن كان هذا لعذر فليس عليه غير القضاء) يعني:: إن كان هذا التأخير إنما حصل لعذر فليس عليه إلا القضاء كأن يفطر لمرض ثم يستمر معه المرض، ثم بعد ذلك يدركه رمضان من العام الذي يليه ثم يشفى بعد وهنا لا يلزمه إلا القضاء فقط, أي أنه لا يلزمه مع القضاء الإطعام.
قال: (وإن فرط أطعم مع القضاء لكل يوم مسكيناً) يعني: إن كان التأخير ليس لعذر وإنما من باب التفريط والتساهل والإهمال والتسويف, كل يوم يقول: أصوم غداً حتى أدركه رمضان من العام الذي يليه فيقول المؤلف: (إنه يلزمه مع القضاء أن يطعم عن كل يوم مسكيناً) فإذا كانت الأيام التي أفطرها خمسة أيام قضى خمسة أيام وأطعم خمسة مساكين, عشرة أيام قضى عشرة أيام وأطعم عشرة مساكين أما القضاء فالدليل عليه ظاهر: ? فَمَن كَانَ مِنْكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ?.
وأما الإطعام فلم يثبت دليل من السنة يدل على ذلك ولكنه روي في حديث ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من مات وعليه صيام شهر رمضان فليطعم عنه مكان كل يوم مسكين) ولكن هذا الحديث لا يصح مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لهذا قال الترمذي: الصحيح أنه موقوف على ابن عمر فيكون هذا من كلام ابن عمر.
كذلك روي أيضاً عن عائشة -رضي الله عنها- وابن عباس مثل هذا أنه يطعم مع القضاء عن كل يوم مسكيناً ولكن قال بعض أهل العلم: إن الله - عز وجل-إنما أوجب القضاء فقط في قوله – سبحانه-: ? فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ? [البقرة: 184] وأطلق - جل وعلا- وإيجاب الإطعام مع القضاء يحتاج إلى دليل ظاهر لأن إيجاب مثل هذا الأمر على عباد الله – تعالى- يحتاج إلى دليل صحيح صريح ولم يرد في السنة دليل صحيح صريح يدل على وجوب الإطعام.
وأما ما روي عن بعض الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- فهو اجتهاد منهم لعلهم قصدوا من ذلك حث الإنسان على المبادرة إلى القضاء ولهذا فإنه يحمل على الاستحباب لأنه يستحب مع القضاء الإطعام وهذا القول هو الأقرب في هذه المسألة - والله تعالى أعلم- هو أن من أخر القضاء لغير عذر حتى أدركه رمضان من العام الذي يليه فيلزمه القضاء وأيضاً يأثم بهذا التأخير وأما وجوب الإطعام فالأظهر أنه لا يجب، وإنما يستحب له ذلك أخذاً بما روي عن بعض الصحابة في هذا من آثار وخروجاً من الخلاف وهذا هو القول الأظهر في هذه المسألة - والله تعالى أعلم-.
قال: (وإن ترك القضاء حتى مات لعذر فلا شيء عليه) هذا إنسان أفطر لعذر, ثم إن هذا العذر استمر معه فلم يتمكن من القضاء فهذا لا شيء عليه، لكن هذا إذا كان الواجب عليه القضاء أما إذا كان الواجب عليه الإطعام ابتداء فإنه لابد أن يُخرَج عنه من تركته يعني: مثلاً المريض إذا كان مرضه لا يرجى برؤه فإنه تعين ابتداء الإطعام، فيطعم عنه ولذلك لو مات مثلاً بعد رمضان مباشرة فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكيناً لكن لو كان مرضه يرجى برؤه ولكنه لم يتمكن من القضاء لكون المرض استمر معه مع كونه مرجو البرء استمر معه هذا المرض ثم تفاقم معه حتى مات فهنا لا شيء عليه هذا معنى قول المؤلف: (إنه لا شيء عليه).
قال: (وإن كان لغير عذر أُطعِمَ عنه لكل يوم مسكينٌ) يعني: إن كان التأخير لغير عذر كأن يكون مريضاً مرضاً يرجى برؤه وأخر القضاء وفرط ثم مات فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/215)
قال: (إلا أن يكون الصوم منذوراً فإنه يصام عنه) أفادنا المؤلف أن من مات وعليه صوم نذر فإنه يصام عنه والذي يصوم عنه وليه يعني: قريبه الوارث ويدل لذلك ما جاء في الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- (أن امرأة أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأقضيه عنها؟ قال: أرأيت لو كان على أمك دين أكنت تقضينه؟ قالت: نعم. قال: فصومي عن أمك) وأيضاً ما جاء في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (من مات وعليه صوم صام عنه وليه) ولكن المؤلف حمل هذا على صوم النذر خاصة استدلالاً بقصة هذه المرأة التي استفتت النبي -صلى الله عليه وسلم-.
والقول الثاني في المسألة: أنه لا يختص بصوم النذر وإنما يشمل كل صوم واجب بأصل الشرع أو بالنذر لعموم الحديث (من مات وعليه صوم صام عنه وليه) وحمل هذا الحديث على صوم النذر غير مسلَّم. لماذا لا يسلم حمل هذا الحديث على صوم النذر؟ لأن صوم النذر بالنسبة لسائر أنواع الصوم قليل بالنسبة للصوم الواجب فكيف يحمل الصوم على شيء قليل من أفراده فقلَّ من ينذر صوماً وقلَّ من يموت وعليه صوم نذر ولكن من يموت وعليه صوم واجب هذا كثير فكيف يحمل هذا الحديث على الشيء القليل ويترك الشيء الكثير.
وأما هذه المرأة التي سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فهذه واقعة عين ما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- من مات وعليه صوم نذر فليصم عنه وليه وإنما هذه المرأة قالت: (إن أمي ماتت وعليها صوم نذر) هي التي سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (صومي عن أمك) ولم يقيد هذا بصوم النذر وهذا هو القول الراجح في المسألة، وهو أن الصوم عن الميت لا يختص بصوم النذر وإنما يشمل كل صوم واجب هذا هو القول الصحيح الذي عليه المحققون من أهل العلم أنه يشمل كل صوم واجب.
وبناء على ذلك نعود للمسألة السابقة التي ذكرها المؤلف قال: (وإن كان لغير عذر أطعم عنه عن كل يوم مسكين) فنقول: إن ترك صوماً بغير عذر فإنه يصام عنه, مثلاً شخص عليه خمسة أيام من رمضان مات ولم يصمها بغير عذر فيستحب لوليه أن يصوم عنه والمراد بالولي هنا: القريب الوارث لقوله -عليه الصلاة و السلام-: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر).
فيستحب لأقاربه أن يصوموا عنه ولا مانع من أن يصوم عنه أكثر من واحد يعني: لو كان الصوم الذي عليه خمسة أيام وله خمسة إخوة, قالوا: نتقاسم هذه الأيام الخمسة. لا بأس, حتى ولو صام هؤلاء الخمسة في يوم واحد لا بأس بهذا إلا ما يشترط فيه التتابع فلا بد من أن يكون من شخص واحد كأن يكون عليه مثلاً كفارة ظهار أو كفارة قتل أو كفارة الجماع في نهار رمضان وفرَّط وترك الصوم الواجب لم يجد رقبة وكان عليه صيام شهرين متتابعين لكنه فرط حتى مات فهنا لابد أن يكون هذا الصوم من شخص واحد لأنه لا يتحقق التتابع إذا كان الصوم من أكثر من واحد.
ولكن صوم القريب عن الميت هل هو واجب؟ إنسان توفي وقيل لأقاربه مثلاً, لإخوانه, لأمه, لأبيه: ينبغي أن تصوموا عن قريبكم هذا الذي مات وعليه أيام لم يصمها. نفترض أنهم ما صام أحد منهم. هل يأثمون؟
لا يأثمون
لماذا؟ ما الدليل؟
لأنه يفترض أن يكون له عذر أو ما استطاع أحد منهم أن يصوم
افترض أنه ليس لهم عذر ? وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ? [الأنعام: 164] هذا الذي فرط وتساهل حتى مات ما نلزم أقاربه أن يصوموا عنه, لكن نقول: يستحب لهم أن يصوموا عنه من باب الاستحباب أما أن نلزمهم, هذا لا يجب ? وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ?.
إذن نقول: إن هذا يستحب لوليه أن يصوم عنه من باب الاستحباب فقط ولهذا لو أن أولياء الميت رفضوا, يفترض أن إخوانه مثلاً رفضوا كأن يكون عليه مثلاً صيامُ شهر كامل فرفض الأقارب أن يصوموا عنه فلا يأثمون والصوم في حقه مستحب عن قريبه وإذا لم يتيسر أن يصام عنه فحينئذ نعدل إلى البدل عن الصيام وهو ماذا؟ الإطعام, يُطعَم عنه عن كل يوم مسكينٌ.
لو أراد أن يصوم عنه شخص من غير أقاربه كصديق له, إنسان صديق لآخر ثم توفي صديقه وهو يعلم أن عليه أياماً فقال من باب الوفاء: أنا أريد أن أصوم عن صديقي فلان. فهل يشترط أن يكون الصوم من أقاربه أم أنه يصح أن يكون الصوم من غير أقاربه؟
يصح الصوم من غير أقاربه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/216)
نعم أحسنت يصح أن يكون الصوم من غير أقاربه. إذن: لا يشترط أن يكون الصوم من أقاربه، لكن أقاربه أولى بأن يصوموا عن قريبهم.
إذن: خلاصة القول في هذه المسألة: أن من مات وعليه صوم إن كان تأخيره القضاء لعذر كأن يكون مريضاً واستمر به المرض وهذا المرض مما يرجى برؤه لكنه استمر به حتى مات فإنه لا شيء عليه.
أما إن أخر القضاء لغير عذر فمات فإنه يستحب لوليه أن يصوم عنه من باب الاستحباب وليس من باب الوجوب فإن لم يتيسر الصيام عنه فإنه يُطعَم عنه عن كل يوم مسكينٌ وأن هذا ليس خاصاً بصيام النذر بل يشمل كل صوم واجب.
قال: (وكذلك كل نذرِ طاعةٍ) أفادنا المؤلف بهذا أن المنذورات تقضى عن الميت يعني: أن هذا لا يختص بالصوم بل يشمل كذلك الحج، يشمل الصدقة، بل حتى يشمل الصلاة أيضاً قد روي ذلك عن بعض الصحابة فكما في البخاري وغيره. والنذر عقده مكروه يكره عقد النذر, وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه كما في الصحيحين وقال: (إنه لا يأتي بخير إنما يستخرج من البخيل) , ولكن هذا النهي محمول عند أهل العلم على الكراهة وليس على التحريم لأن الله- تعالى- أثنى على الموفين بالنذر ? يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرً?7?? [الإنسان: 7] ولو كان عقد النذر محرماً لما أثنى الله- تعالى- على الموفين بالنذر فدل ذلك على أن عقد النذر ابتداءً أنه مكروه وليس محرماً. ولكن ما معنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن النذر لا يأتي بخير)؟ يعني: أن النذر يندم صاحبه على نذره هذا في الغالب. كم من إنسان نذر ثم ندم, فهو لا يأتي بخير لا يأتي هذا النذر بشيء ولا يرد من قدر الله شيئاً يعني: لا يظن الظانٌّ أنه إذا نذر: إن شفى الله مريضه مثلاً فعل كذا أنه سيشفى المرض بسبب هذا النذر؛ فالنذر لا يرد من قدر الله- تعالى- شيئاً ولكن قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما يستخرج من البخيل) ما معنى إنما يستخرج النذر من البخيل؟
لأنه لو كان كريم ما احتاج إلى النذر
نعم أحسنت يعني: الإنسان غير البخيل يتصدق من غير حاجة للنذر, يفعل الطاعة من غير حاجة للنذر, أما البخيل لا يمكن أن يبذل وينفق ويتصدق إلا بشيء يلزمه بالنذر ولهذا قال: (إنما يستخرج من البخيل)، ولذلك ترد أسئلة كثيرة في النذر وفي الوفاء بالنذر وفي مسائل النذر نقول للإخوة المشاهدين: ينبغي للمسلم ألا يلجأ للنذر لا داعي لأن ينذر وليستحضر بأن هذا النذر لا يرد من قدر الله شيئاً.
وإذا كان نذر طاعة يجب عليه أن يفي به, إذا كان النذر نذر طاعة فإنه هو الذي أوجب على نفسه شيئاً لم يوجبه الله - عز وجل- عليه ومن نذر نذر طاعة ولم يفِ بهذا النذر فإنه على خطر عظيم كما قال الله - عز وجل-: ? وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ?75?فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُم مُّعْرِضُونَ?76? ? [التوبة: 75، 76] ما هي العقوبة؟ انتبه العقوبة عقوبة شديدة, عقوبة معنوية لكنها عقوبة شديدة ? فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ?77?? [التوبة: 77] إذن: عقوبة من عاهد الله- تعالى- ولم يفِ بهذا العهد من نذر طاعة هي هذه العقوبة الشديدة هو أن يجعل في قلبه النفاق إلى الممات- والعياذ بالله-: ? فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ?77??.
فمن نذر مثلاً أن يصوم ولم يصم, نذر أن يتصدق ولم يتصدق, نذر نذر طاعة ولم يفعله هو على خطر من أن تحل به هذه العقوبة العظيمة وهو أن يجعل النفاق في قلبه إلى أن يموت وهذا أشد ما يكون من العقوبة وربما تكون هذه العقوبة أشد من العقوبة الحسية لأن هذه العقوبة ربما تحل بالإنسان من حيث لا يشعر فيكون في قبله النفاق إلى أن يموت فلا يوفق لتوبة ولا لإنابة ولهذا فالإنسان في سعة من أمره, لماذا يوجب على نفسه شيئاً لم يوجبه الله عليه؟ لماذا؟!! هو يضيق على نفسه ويدخل نفسه في الحرج ولهذا نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن هذا قال: (إنه لا يأتي بخير) تأملوا- أيها الإخوة- هذه العبارة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/217)
(إنه لا يأتي بخير) النذر لا يأتي بخير أبداً ولا يرد من قدر الله شيئاً ولكنه إنما يستخرج من البخيل.
ولهذا أكرر النصيحة للإخوة المشاهدين لأنه ترد- الحقيقة- أسئلة كثيرة حول هذا الموضوع فالإنسان مادام في السعة لا يوقع نفسه في الحرج, لا ينذر نذر طاعة ثم بعد ذلك يذهب يستفتي ويريد الخلاص والمخرج فهذا إذن معنى كلام المؤلف (وكذلك كل نذر طاعة) وبهذا نكون قد انتهينا من هذا الباب ننتقل بعد ذلك إلى باب جديد.
باب ما يفسد الصوم:
باب ما يفسد الصوم يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: (ومن أكل أو شرب أو استعطى أو وصل إلى جوفه شيئاً في أي موضع كان أو استقاء أو استمنى أو قبَّلَ أو لمس فأمنى أو أمذى أو كرر النظر حتى أنزل أو حجم أو احتجم عامداً ذاكراً لصومه فسد صومه وإن فعله ناسياً أو مكرها لم يفسد صومه).
قال: (باب ما يفسد الصوم) ما يفسد الصوم يعني: ما ينافي الصوم، تسمى عند الفقهاء بالمفطرات وقد ذكر الله - عز وجل- أصولها في قوله- سبحانه- ? فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ? [البقرة: 187] فذكر الله - عز وجل- أصول هذه المفطرات وهي ثلاثة: الأكل والشرب والجماع. هذه هي أصول المفطرات.
ولهذا بدأ المؤلف بها: أما الجماع فقد سبق أن تكلمنا عنه وقلنا: هو أشد المفطرات وأعظمها وهو الموجب للكفارة المغلظة وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً مع القضاء والتوبة أيضاً.
قال: (من أكل أو شرب)
الأكل: هو إيصال جامد إلى الجوف عن طريق الفم.
وأما الشرب: فهو إيصال مائع إلى الجوف عن طريق الفم. ولا يشترط المضغ, متى ما وصل جامد إلى جوفه فيقال: إنه أكل ولا يشترط مضغ هذا الجامد حتى ولو كان هذا الذي يصل إلى الجوف لا تحصل به التغذية فإنه يحصل به التفطير كما لو بلغ خرزة أو حصاة أو نحوها فإنه يحصل به التفطير.
قال الموفق ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: (أكل ما لا تغذى به يحصل به الفطر في قول عامة أهل العلم) إذن: الأكل والشرب محل إجماع أنه يحصل به التفطير.
قال: (أو استعطى) قوله: استعطى أي جعل في أنفه سعوطاً والسعوط: هو ما يجعل في الأنف من الأدوية وذلك أن الأنف منفذ يصل إلى المعدة فإذا جعل في أنفه دواء وصل إلى جوفه فإنه يحصل بذلك التفطير الدليل على ذلك حديث لقيط بن سبرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (وبالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائماً) وهو حديث صحيح من جهة السند فقوله: (إلا أن تكون صائم) دليل على أن وصول ماء الوضوء عن طريق الأنف أنه يفطر الصائم.
إذن: الأنف يعتبر منفذاً إلى المعدة ويحصل به التفطير ولهذا بعض المرضى إذا تعذر إيصال الأكل عن طريق الفم فإنه يوصل الأكل له عن طريق الأنف فإذن: الأنف يعتبر منفذاً إلى المعدة وبهذا نعلم بأن قطرة الأنف إذا وصلت إلى الحلق فإنها تفطر الصائم.
إذن: الأنف منفذ إلى المعدة فهو كالفم ولهذا فإن من كان يستخدم قطرة أنف يجب عليه أن يتجنب استخدام هذه القطرة وهو صائم إلا إذا اضطر لذلك فإن حكمه يكون حكم المريض, والله- تعالى- قال: ? فَمَن كَانَ مِنْكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ? [البقرة: 184] أي: أنه يفطر بذلك ويقضي.
قاس بعض العلماء على ذلك قاسوا الكحل والحقنة للصائم وكذلك قطرة الأذن هذا هو المشهور من المذهب عند الحنابلة وقالوا: إن هذه يحصل بها التفطير للصائم:
أما الكحل فقد جاء في سنن أبي داود عن عبد الرحمن بن النعمان بن معبد عن أبيه عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- (أمر بالإثمد المروح عند النوم وقال: ليتقه الصائم) ومعنى المروح يعني: المطيب بالمسك ولكن قال أبو داود بعد أن أخرج هذا الحديث قال: قال يحيى بن معين: حديث منكر. هذا الحديث إذن حديث ضعيف من جهة الإسناد وقد جاء في سنن أبي داود أيضاً عن أنس -رضي الله تعالى عنه- (أنه كان يكتحل وهو صائم) وأيضاً جاء عند ابن ماجة عن عائشة -رضي الله عنها- (أن النبي-صلى الله عليه وسلم- اكتحل في رمضان وهو صائم) لكن كلا الحديثين إسناده ضعيف ولهذا قال الترمذي -رحمه الله تعالى-: لم يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/218)
الكحل شيء. جميع الأحاديث الواردة في الكحل للصائم كلها ضعيفة لم يصح فيها شيء سواء حديث عبد الرحمن بن النعمان بن معبد حديث ضعيف كما قال يحيى بن معين: حديث منكر، حديث أنس أيضاً (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اكتحل وهو صائم) حديث ضعيف، حديث عائشة (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اكتحل في رمضان وهو صائم) حديث ضعيف.
إذن: لم يصح في الكحل للصائم شيء كل الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة, هم قاسوا ذلك على السعوط قالوا: كما أن السعوط يحصل به التفطير فكذلك الكحل، وقال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-: «حدثني إنسان أنه اكتحل بالليل فتنخعه بالنهار».
قالوا: فهذا دليل على أن العين لها نفوذ على الجوف وعلى الحلق.
والقول الثاني في المسألة: أن الكحل لا يحصل به التفطير للصائم وذلك لأنه لم يرد دليل صحيح يدل على حصول التفطير به ولأن العين ليست منفذاً إلى الجوف ولأن الكحل حتى لو وصل إلى الجوف أو وصل إلى الحلق ليس أكلاً ولا شرباً ولا في معنى الأكل والشرب وهذا القول هو الأقرب- والله أعلم- في المسألة, أن الكحل لا يحصل به التفطي, ر ولكن إذا كان للكحل نفوذ قوي فالأولى أن يتجنبه الصائم خروجاً من الخلاف لأن الكحل إذا كان له نفوذ يجد الصائم طعمه في حلقه كما قال الإمام أحمد: حدثني إنسان أنه اكتحل بالليل فتنخعه بالنهار، يجد طعمه في حلقه ولذلك فالأولى أن يجتنبه لكن من حيث الدليل ليس هناك دليل ظاهر يدل على أن الكحل يحصل به التفطير للصائم لكن إن احتاج الإنسان للكحل كالمرأة مثلاً تكتحل مثلاً لزوجها أو أمام النساء فلو جعلت الكحل خارج العين لا تجعله داخل العين وإنما خارج العين فإنه بذلك يزول الإشكال يعني: الإشكال هو أنه إذا كان الكحل داخل العين ربما وجد طعمه في حلقه لو جعل الكحل- إن احتيج إليه- خارج العين على الرموش من جهة الخارج فيزول بهذا المحظور أو ما يخشى منه.
قال: (أو أوصل إلى جوفه شيئاً من أي موضع كان) ومعنى كلام المؤلف: حتى ولو كان ذلك عن طريق حقنة عن طريق مثلاً الشرج أو عن طريق الإحميل على المذهب يحصل به التفطير ولكن ليس هناك دليل ظاهر يدل على حصول التفطير بالحقنة ونحوها في الوقت الحاضر يستخدم التحاميل التي تجعل لبعض المرضى عن طريق الدبر، على كلام المؤلف أنه يحصل بها التفطير للصائم ولكن ليس هناك دليل ظاهر, هذا ليس منفذاً إلى المعدة, الصواب أنه لا يحصل التفطير بالحقنة ولا بالكحل ولا بقطرة الأذن فإن هذه ليست منافذ إلى المعدة ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: الأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك, فإن الصيام دين مسلمين الذي يحتاج إلى معرفته الخاص والعام فلو كانت هذه الأمور مما حرمه الله ورسوله في الصيام ويفسد الصيام بها لكان هذا مما يجب على النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبينه للأمة ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة ونقلوه -رضي الله تعالى عنهم- فلما لم ينقل أحد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك شيئاً دل على أنه لا يحصل به التفطير.
إذن: خلاصة الكلام السابق أن الأكل والشرب يحصل بهما التفطير أما السعوط ومثله قطرة الأنف يحصل به التفطير أيضاً أما قطرة الأذن وقطرة العين والكحل والحقنة التي تكون عن طريق الدبر: القول الصحيح أنه لا يحصل بها التفطير للصائم وأما الإبر التي يتداوى بها إن كانت هذه الإبر غير مغذية فإنه لا يحصل بها التفطير للصائم لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا في معنى الأكل والشرب أما إذا كانت إبراً مغذية فإنها لا شك أنها تقوم مقام الأكل والشرب فيحصل بها التفطير للصائم.
قال -رحمه الله تعالى-: (أو استقاء) يعني: فإنه يفطر، ومعنى استقاء يعني: استدعى القيء, تعمد استدعاء القيء فإنه يفطر بذلك في حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من استقاء عمداً فليقض ومن ذرعه القيء فلا شيء عليه) هو [حديث أخرجه أبو داود والترمذي وابن خزيمة والحاكم والبيهقي] وهو حديث صحيح من جهة السند وهو نص في هذه المسألة.
فيكون إذن خروج القيء على هذا التفصيل إذا كان عن عمد فيحصل به التفطير للصائم فإذا كان ليس عن عمد وإنما ذرعه القيء وغلبه القيء فإنه لا يحصل به التفطير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/219)
قال: (أو استمنى) يعني: طلب خروج المني بأية وسيلة فأمنى فإنه يفسد صومه بذلك وعلى هذا قول عامة أهل العلم لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما قاله عن ربه - جل وعلا- في الحديث القدسي: (يدع طعامه وشهوته من أجلي) والاستمناء شهوة بدليل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (وفي بضع أحدكم صدقة قالوا: يارسول الله أيأتي أحدنا شهوته فيكون له أجر؟ قال: أرأيت إن وضعها في حرام أيكون عليه وزر؟ قالوا: نعم. قال: فكذلك إذا وضعها في حلال) والذي يوضع هو المني فاعتبره النبي -صلى الله عليه وسلم- شهوة فيدخل في هذا الحديث (يدع طعامه وشهوته من أجلي) إذن: استدعاء المني بأية وسيلة سواء كان بمباشرة سواء كان باستمناء بأية وسيلة كانت يحصل به التفطير للصائم وينتقض به الصوم.
قال المؤلف: (أو قبَّل) يعني: قبَّل فأنزل فإنه ينتقض صومه وهذا يقودنا إلى معرفة حكم تقبيل الصائم نقول: تقبيل الصائم لزوجته ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن يأمن على نفسه من الإنزال فيجوز التقبيل في هذه الحال والدليل على ذلك ما جاء في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقبل وهو صائم) ولا قول لأحد مع قول النبي -صلى الله عليه وسلم- كون النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعل هذا دليل على جوازه لكن كما قالت عائشة -رضي الله عنها- (أيكم أملككم لإربه؟) هذا إذا كان الإنسان يأمن من الإنزال كذلك أيضاً من باب أولى الوطأ.
القسم الثاني: إذا كان لا يأمن على نفسه من الإنزال ويعرف من نفسه ويغلب على ظنه أنه لو قبَّل لأنزل, هنا لا يجوز له التقبيل فإن فعل أثم وانتقض صومه.
قال: (أو لمس) يعني: بمباشرة أو بلمس بأية طريقة فأنزل فإنه يحصل به التفطير للصائم وينتقض به الصوم قال: (أو أمذى) بالذال المذي: هو سائل لزج رقيق يخرج عند اشتداد الشهوة ويخرج من الإنسان وهو لا يشعر به وخروجه ينقض الوضوء وهو نجس إلا أن نجاسته مخففة فإنه يكفي فيه النضح.
وقد جاء عن علي -رضي الله تعالى عنه-أنه قال: (كنت رجلاً مذاء فاستحييت أن أسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- لمكان ابنته مني فأمرت المقداد بن الأسود أن يسأله فسأله فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: فيه الوضوء).
فإذن: خروج المذي يوجب الوضوء وهو - كما قلنا- نجس إلا أن نجاسته مخففة لأنه يكفي فيه النضح. إذا أمذى الإنسان وهو صائم فهل خروج المذي يفسد الصوم؟ يرى المؤلف أنه يفسد الصوم وعده من المفسدات وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة والمالكية أيضاً ويعتبر من المفسدات عندهم وذلك للحديث السابق (يدع طعامه وشهوته من أجلي)، وأيضاً قياساً على المني قالوا: لأنه خارج تخلله شهوة فأشبه المني.
القول الثاني في المسألة: أن خروج المذي لا يفسد الصوم وهذا هو مذهب الحنفية والشافعية قد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- وهو اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن عثميمين -رحمة الله تعالى على الجميع- لأنه لم يرد هناك دليل صحيح صريح يدل على أن المذي يفسد الصوم.
واعتبار المذي داخلاً في قوله: (وشهوته) غير ظاهر فإن هذا إنما يختص بالمني بدليل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم كما في صحيح البخاري ومعلوم أن القبلة والمباشرة تحرك الشهوة ولا يخلو ذلك من خروج مذي في الغالب ولو كان يفسد الصوم لبين ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- للأمة, وأما قياس المذي على المني فقياس مع الفارق فإن المني يوجب الاغتسال والمذي لا يوجب الاغتسال والمني كذلك يكون مع تحلل الجسم والمذي ليس كذلك وهناك فروق كثيرة بينهما فلا يصح قياس أحدهما على الآخر وهذا هو القول الراجح في المسألة، إذن: القول الراجح في هذه المسألة- والله أعلم- هو أن المذي لا يفسد الصوم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/220)
قال: (أو حجم أو احتجم) الحجامة: هي يأتي حجَّام إلى موضع من البدن فيجرحه بمشرط ونحوه ثم يأتي بما يسحب به الدم وهي معروفة من قديم الزمان وقد ورد ذكرها في الحديث الصحيح من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- وفعله -عليه الصلاة و السلام- قد جاء في صحيح البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن أمثل ما تداويتم به الحجامة) فهي من أنفع ما يكون للبدن وقد جاء أيضاً في الحديث الآخر وهو حديث صحيح (من احتجم لسبعة عشرة أو تسعة عشرة أو إحدى وعشرين كانت شفاء من كل داء).
وقد أثبت الطب الحديث الفوائد العظيمة للحجامة فوائد عظيمة جداً فهي مما يستشفى منه فقد احتجم النبي -صلى الله عليه وسلم- عدة مرات وقد أصبحت الآن الحجامة تمارس في بعض المستشفيات فيما يسمى بالطب البديل, المقصود أنها مما يستشفى به ويجب أن يعتقد المسلم أن ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- حق فإنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وقد قال -عليه الصلاة و السلام- في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه: (إن أمثل ما تداويتم به الحجامة) وقد ذكر ابن القيم فوائد عظيمة لها وكذلك أيضاً وجدت بعض الكتب المعاصرة التي تكلمت عن فوائدها, المقصود أن الحجامة هل يحصل بها التفطير للصائم أم لا؟
يرى المؤلف أن الحجامة يحصل بها التفطير لللصائم ولهذا قال: (أو حجم أو احتجم) حتى ولو حجم ولم يحتجم يعني: هو الذي فعل الحجامة هو الذي قام بالحجامة, الحاجم يفطر والمحجوم يفطر أيضاً وهذا القول من المفردات عند الحنابلة وإذا قلنا: إن هذا القول من المفردات فما المقصود بذلك؟
لم يقله أحد من المذاهب
يعني: انفرد به مذهب الحنابلة بينما المذاهب الأخرى على قول آخر فهذا القول من المفردات عند الحنابلة يعني: أن الحنابلة قالوا بهذا القول بينما المذاهب الأخرى على خلافه نجد أن مذهب الحنفية والمالكية والشافعية على أن الحجامة لا تفطر الصائم وأما الحنابلة فقالوا: إنها تفطر الصائم.
والحنابلة استدلوا لذلك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لما مر على رجل يحجم آخر قال: أفطر الحاجم والمحجوم) وهذا الحديث [أخرجه أبو داود وبن ماجة والدارمي وابن حبان وأحمد بإسناد صحيح] وهذا الحيث من جهة الإسناد صحيح قد صححه ابن المديني والبخاري وقال ابن خزيمة: ثبتت الأخبار بذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو صريح الدلالة (أفطر الحاجم والمحجوم).
وأما جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية قالوا: إن الحجامة لا تفطر الصائم واستدلوا بما جاء في صحيح البخاري (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو صائم محرم) وقالوا: النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو صائم ولو كانت الحجامة تفطر الصائم لما فعل ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- والذي عليه أكثر المحققين من أهل العلم هو أن الحجامة تفطر الصائم وذلك لحديث شداد بن أوس (أفطر الحاجم والمحجوم) وهو من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-.
معلوم أن القول أصرح من الفعل وأن الفعل يرد عليه احتمالات كثيرة ولذلك فإن الحديث الذي استدل به الجمهور (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو صائم) يرد عليه عدة احتمالات يرد أنه منسوخ ويرد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك في صوم نافلة ويحتمل أنه فعله في السفر والمسافر يجوز له أن يفطر فيرد عليه عدة احتمالات, وأما (أفطر الحاجم والمحجوم) فهو من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- ولهذا فالقول الصحيح الذي عليه أكثر المحققين من أهل العلم هو أن الحجامة تفطر الصائم لهذا الحديث وما جاء في معناه كما ذكرنا هذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وأيضاً اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز -رحمة الله على الجميع-.
تفطير الحجامة للصائم من أجل الضعف الذي يصيبه فإن الإنسان إذا حجم خاصة في أول النهار يصيبه شيء من الضعف يحتاج إلى أن يأكل ويشرب ليجبر هذا الضعف الذي حصل بسبب الحجامة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/221)
وأما الحاجم فلأنه يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: إن الحاجم عادة يمص قارورة الحجامة وإذا مصها فإنه يصعد إلى جوفه أجزاء لطيفة من الدم وربما من شدة الشفط يصل الدم إلى جوفه من حيث لا يشعر فلما كان هذا مظنة لوصول الدم إلى جوفه أقيمت هذه المظنة مقام الحقيقة كالنوم فإن النوم مظنة لأن يخرج من الإنسان شيء وهو لا يشعر فأقيمت هذه المظنة مقام الحقيقة كذلك أيضاً هنا فإن مصَّ الحاجم لهذه القارورة مظنة لأن يصل إلى جوفه شيء من الدم فأقيمت هذه المظنة مقام الحقيقة.
ولهذا لو أن الحاجم حجم بالآلات من غير مصٍّ- الآن يوجد عند بعض الحجامين آلات يستطيع أن يسحب بها الدم ولا يحتاج إلى أن يمص هذا الدم بفمه- إذا كانت الحجامة عن طريق هذه الآلات من غير مصٍّ فلا يفطر الحاجم قولاً واحداً لا يفطر الحاجم بذلك لكن المحجوم فإنه يفطر على كل تقدير.
قاس العلماء على ذلك سحب الدم إذا كان كثيراً في معنى دم الحجامة فإنه يحصل به التفطير للصائم، إذن: سحب الدم يحصل به التفطير للصائم إذا كان كثيراً وضابط الكثير أن يكون في معنى دم الحجامة وبهذا نقول: إن التبرع بالدم إذا كان هذا الدم كثيراً فإنه يحصل به التفطير للصائم كذلك تحليل الدم أحياناً يكون الدم كثيراً وأحياناً يكون قليلاً فإذا كان الدم المسحوب كثيراً فإنه يحصل به التفطير للصائم أما إذا كان قليلاً فإنه لا يحصل به التفطير ولهذا نقول لمن أراد أن يتبرع بدمه في نهار رمضان نقول: ينبغي أن يؤجل ذلك إلى الليل حتى لا يفسد صومه وكذلك من أراد تحليل الدم ونقول: إذا كان التحليل يسيراً مجرد عينة فهذا لا بأس به ولا يحصل به التفطير أما إذا كان كثيراً فإنه يفسد الصوم والدليل على ذلك هو القياس على الحجامة (أفطر الحاجم والمحجوم) فإنه إذا كان خروج الدم كثيراً في معنى دم الحجامة فإنه يحصل به التفطير للصائم وإلا فلا. وهذه إجابة عن السؤال الذي طرحناه وهو هل يحصل التفطير بخروج الدم؟
فيكون الجواب على هذا التفصيل: إن كان كثيراً في معنى دم الحجامة فإنه يحصل به التفطير سواء كان تحليلاً أو كان تبرعاً أو غير ذلك أما إذا كان قليلاً فإنه لا يحصل به التفطير هذا إذا كان خروج الدم باختياره كما في التبرع وكما في التحليل لكن لو كانت بغير اختياره كما لو رعف أنفه أو وقع له حادث فخرج منه دم كثير فإنه لا يفطر بذلك, لا يحصل به التفطير لأنه بغير اختياره فهو أشبه ما لو ذرعه القيء إذن كلامنا هذا هو خاص بما كان في معنى الحجامة وهو خروج الدم الكثير باختياره أما إذا كان بغير اختياره فإنه لا يحصل بذلك التفطير للصائم. هذا ما يتعلق بخروج الدم والحجامة بالنسبة للصائم.
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:52 ص]ـ
أعرض إجابات الإخوة
أجاب جمع من الإخوة يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بالنسبة للسؤال الأول يقول: لا يحصل الفطر بخروج الدم إلا دم الحيض والنفاس فقد روى البخاري (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو صائم) ويقول: الحجامة هي أخذ الدم من الرأس إلا إذا كانت تضعف الصائم فإنها تكره له قال ثابت البناني لأنس -رضي الله عنه-: (أكنتم تكرهون الحجامة للصائم على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا, إلا من أجل الضعف) [رواه البخاري وغيره] والفصد مثل الحجامة وهو أخذ الدم من أي عضو وعليه فخروج الدم عمداً أو بغير عمد لا يفطر والله أعلم.
على كل حال- جزاه الله خيراً- نحن أردنا أن نعرف اجتهادات الإخوة، الأخ ذكر رأي الجمهور حقيقة في المسألة ولكن الأقرب من جهة الدليل هو القول بأن الحجامة تفطر الصائم لحديث (أفطر الحاجم والمحجوم) وأما احتجام النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو صائم فأجبنا عليه وقلنا: يحتمل عدة احتمالات والقول مقدم على الفعل على تقدير التعارض لأنه لا تعارض لكن على تقدير التعارض فالقول مقدم على الفعل لأنه أصرح والفعل يرد عليه عدة احتمالات فنقول إذن للأخ: إن الراجح من حيث الدليل هو أن الحجامة تفطر الصائم ويقاس على ذلك خروج الدم باختيار الإنسان إذا كان كثيراً في معنى دم الحجامة.
السؤال الثاني: سألتم يا شيخ عن من أكل ظاناً أن الشمس غربت ثم تبين له أنها لم تغرب؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/222)
أجاب: يقول: من أكل ظاناً أن الشمس غربت ثم تبين له أنها لم تغرب فالجمهور على أنه يقضي ذلك اليوم لأن الأصل بقاء النهار وسئل الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- عن ذلك فقال: عليه أن يمسك حتى تغيب الشمس وعليه القضاء عند جمهور أهل العلم ولا إثم عليه إذا كان إفطاره عن اجتهاد وتحرٍّ لغروب الشمس.
وذهب بعض أهل العلم إلى صحة الصوم حينئذ وعدم لزوم القضاء وهو مروي عن مجاهد والحسن وقال به إسحاق وأحمد في رواية والمزني وابن خزيمة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشيخ ابن عثيمين –رحم الله الجميع- واحتجوا بما رواه البخاري عن هشام بن عروة عن فاطمة عن أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- قالت: (أفطرنا على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم غيم ثم طلعت الشمس) يقول: ولم تذكر في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرهم بالقضاء قالوا: لو كان أمرهم بالقضاء لاشتهر ذلك، قال ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: ولم يأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقضاء ولو كان القضاء واجباً لكان من شريعة الله ولكان محفوظاً فلما لم يحفظ ولم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فالأصل براءة الذمة وعدم القضاء.
الأخ- جزاه الله خيراً- ذكر أقوال العلماء في المسألة وإذا وصلنا إلى موضعها نشير إلى هذه الأقوال, هناك قولان: هناك من قال بأنه يلزمه القضاء وهناك من قال: إنه لا يلزمه القضاء والقول بعدم لزوم القضاء في هذه الحال هو الأقرب لحديث أسماء الذي ذكره الأخ وهو من صحيح البخاري (أفطرنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم طلعت الشمس) ولم ينقل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرهم بالقضاء ولو نقل لكان ذلك محفوظاً ولأنه يقاس على من أكل أو شرب ناسياً فإن النسيان والجهل بابهما واحد هذا جهل لأنه يظن أن الشمس قد غربت أخطأ بهذا فالقياس أيضاً يقتضي هذا.
أيضاً هناك أدلة أخرى كحديث عروة وما جاء في معناها سوف نذكرها- إن شاء الله تعالى- في حينها لكن باختصار: المسألة محل خلاف بين أهل العلم والأقرب- والله أعلم- هو أنه لا يلزم القضاء في هذه الحالة.
يقول: لقد سألت البارحة سؤالاً عن الرجل يضع مبلغاً ثابتاً في البنك ولا يجهز مبلغ الزكاة ولكن القصد من المبالغ التي تضاف على المبلغ الأصلي هي المبالغ الربوية وليست مضاربة فهل تجب عليه الزكاة؟
أولاً: أقول للأخ السائل نصاب الأوراق النقدية قليل فهو نصاب الفضة انظر كم تساوي خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضة الأخ من سوريا نقول للأخ السائل: انظر كم تساوي خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً بالليرة السورية يكون هذا هو نصاب الليرة السورية عندكم يكون هذا هو النصاب، فإذا كان المبلغ الذي عندك لا يصل إلى النصاب فلا زكاة فيه فإذا وصل إلى النصاب ولو كان المال الذي وصل النصاب لو كان مالاً محرماً- كما ذكر- فإنه تجب فيه الزكاة لكن ينبغي أن يفهم الأخ المفهوم من النصاب: النصاب هو أن ينظر خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضة كم قيمتها بالليرات السورية يكون هذا هو النصاب في الأوراق المالية فيزكيها بناء على هذا وإذا كان ما عنده من المبلغ قليل ولم يصل إلى النصاب إما عن طريق أرباح أو ما ذكر عن طريق مال محرم فإنه يبدأ به حولا يستأنف به حولاً جديداً فإذا مضى عليه الحول وجب عليه أن يزكيه وأن يخرج ربع العشر.
بين يدي الآن التقرير النهائي للمرحلة الأولى من مشروع دراسة الشفق صادر من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية والذي كان من ضمن المشاركين الشيخ سعد- حفظه الله تعالى- شيخنا الكريم أفتيتم فيما مضى بالاحتياط للصلاة أن تؤخر ثلث ساعة عن تقويم أم القرى الآن وأفتيتم بأن يحتاط للصيام بأن يمسك على الأذان الآن وبعد انتهاء المرحلة الأولى وقد تبين أن التقويم متقدم على الفجر الصادق بمقدار ربع إلى ثلث ساعة حسب اختلاف الفصول فهل يحتاط الآن بالإمساك مع المؤذنين مع أنهم متقدمون عن الوقت الحقيقي؟
من كان عليه نذر الطاعة ودخل عليه رمضان وهو لم يوفِ بنذره هل عليه شيء هل يأخذ حكم القضاء هنا؟
كان عليه نذر صوم ولم يصمه حتى دخل رمضان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/223)
مسألة الشفق ودراسات الشفق موضوع وقت صلاة الفجر سبق أن تكلمنا عنه في برنامج الجواب الكافي ولكن نقول للأخ والإخوة المشاهدين: هذا الرأي الذي اطلع عليه الأخ وسمع به لا يزال رأياً أولياً يعني: رأي اللجنة فقط لم يعتمد من الجهات المختصة لم يعتمد بعد من لجنة تقويم أم القرى ولا من سماحة المفتي وهو قابل لأن يعتمد وقابل لأن لا يعتمد أيضاً وليس رأياً قاطعاً ولهذا فالذي أرى أن يحتاط للصوم ويحتاط للصلاة وبذلك يزول الإشكال.
فكونه يحتاط للصوم لأنه- كما ذكرت- الرأي رأي محل اجتهاد رأي لجنة فقط لم يعتمد بعد من الجهات المختصة لا من لجنة أم القرى ولا من سماحة المفتي ولذلك أقول للإخوة: يحتاطون للصوم وذلك بالإمساك مع الأذان ومع التقويم.
لكن أيضاً باعتبار ما قيل يحتاط أيضاً للصلاة لا يصلي قبل ثلث ساعة وكون الإنسان يصلي الصلاة في وقتها بيقين لا شك أنه أولى من كونه يصلي صلاة قد قال بعض الناس: إنها قبل الوقت ولكن ينبغي أيضاً بهذه المناسبة عدم إثارة البلبلة بين الناس لأن بعض الإخوة يأخذ هذه المسألة ويثيرها ويسبب بلبلة في بعض المساجد وبعض المجالس وهذا لاشك أنه يحدث تشويشاً وبلبلة لكن يؤمر الناس بالاحتياط حتى يتم الأمر حتى يعتمد، يؤمر الناس بالاحتياط للأمرين وإذا قيل للناس: احتاطوا لعبادة الصوم وللصلاة زال الإشكال وزالت البلبلة كلها ولم يحصل في ذلك تشويش يقال للناس: أمسكوا مع التقويم وعلى أئمة المساجد ألا يتعجلوا في إقامة صلاة الفجر وهناك تعميم وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد وجميع أئمة المساجد في المملكة بأن يجعلوا فاصلاً بين الأذان والإقامة خمساً وعشرين دقيقة فينبغي الالتزام بهذه التعليمات ولا أدري لماذا يتعجل بعض الأئمة خاصة في رمضان في صلاة الفجر؟ ينبغي الالتزام بتعليمات ولي الأمر في هذا وألا تقام الصلاة قبل هذا الوقت فإنه أولاً: التزام بتعليمات ولي الأمر. ثانياً: يطمئن أنه أدى الصلاة في وقتها بيقين.
بالنسبة لبعض الأخوات بمجرد الأذان تبدأ في الصلاة فهل تشيرون ألا يتعجلن؟
وكذلك نوجه النصيحة للأخوات في البيوت لا يتعجلن في إقامة صلاة الفجر لا يصلين قبل ثلث ساعة بل ينتظرن حتى يحصل اليقين بدخول الوقت ولا داعي للعجلة في مثل هذا الأمر وهذا الكلام خاص بصلاة الفجر ولا يشمل بقية الأوقات وإنما هو خاص بصلاة الفجر وهناك جهود مبذولة للتصحيح ولكن أرجو ألا يحدث بسبب ذلك تشويش وبلبلة لأن العام الماضي حصل من بعض الناس شيء من هذا حصل شيء من البلبلة والتشويش والتشكيك, العامة لا يمكن أن يضبطهم شيء في مثل هذا ولهذا نقول للجميع: ينبغي الاحتياط للصوم والصلاة يحتاط للصوم بأن يمسك مع التقويم ويحتاط للصلاة بألا تصلي قبل ثلث ساعة ونقول هذا للجميع للرجال والنساء.
ذكرتم في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- (أفطر الحاجم والمحجوم) أن علة إفطار الحاجم الذي يحجم انتقال الدم إلى حلقه أو ما أشبه ذلك وأنه إن استخدم الأدوات الموجودة حالياً فإنه لا يفطر قولاً واحداً هل هذا القول يا شيخ؟
والشيء الثاني: أليس هذا تفسير لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- بشيء لم يكن موجود في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- يعني: لم يكن معروفاً هذه الأدوات والحديث عام وإنما هذا الذي فسر بدخول شيء إلى الحلق أو أجزاء من الدم تفسير قد يكون يحتمل وقد لا يحتمل؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عندي سؤالان:
السؤال الأول: من أكل قبل الفجر وفوجئ أنه انتهى من الأكل بعد الأذان بخمس دقائق؟
السؤال الثاني: من نذر صوماً وسبب النذر ألا يزور إخواناً له هل هذا النذر يوفي به أو أنه نذر معصية ولا يوفى به؟
يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: ما حكم صيام المريض بالربو المضطر لاستعمال البخاخ مع العلم أنه يحتوى على الدواء وليس الأكسجين فقط؟
هذا حقيقة جعلناه سؤالاً سوف أطرحه في هذه الحلقة التفطير ببخاخ الربو نقول: باعتبار أن الأخ سأل نحن جعلناه سؤالاً يجيب عليه الإخوة لكن باختصار وأنا أريد من الإخوة أن يجيبوا بالتفصيل ويقرؤوا ويبحثوا لكن باعتبار أن الأخ سأل يتعين أن نجيب عن سؤال الأخ فنقول: إن بخاخ الربو على قسمين إذا كان مجرد بخاخ يجعله في فمه يوصل إلى الرئة فقط فهذا لا يحصل به التفطير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/224)
القسم الثاني: أن يكون هذا العلاج للربو فيه شيء من العقاقير والحبوب تجعل في هذا الجهاز ثم تنفجر فيذهب عن طريق أنفه فيكون بطريق الدواء فهذا يحصل به التفطير للصائم.
فإذن: علاج الربو على قسمين إن كان مجرد بخاخ فهذا لا يحصل به التفطير أما إذا كان دواء عن طريق عقاقير فإنه يحصل به التفطير أحياناً يكون أيضاً دواء وبخاخ أيضاً يحصل به التفطير.
تسأل تقول: من نذر أن يصوم ثم أدركه رمضان ولم يصم؟
على كل حال لا اتباط بين صوم النذر وبين صوم رمضان من نذر أن يصوم يجب عليه أن يصوم وإذا أدرك رمضان يصوم هذا النذر بعد رمضان فليس بينهما ارتباط.
لعله أشكل عليه تعليلكم إفطار الحاجم بوصول الدم إلى حلقه؟
كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- مبنى على أمر يعقله الناس قوله: (أفطر الحاجم والمحجوم) لا معنى لإفطار الحاجم إلا لأنه يصل إلى الجوف شيء من الدم وإلا لم يكن لهذا معنى, فكلام النبي -صلى الله عليه وسلم- مصان عن العبث لهذا فمعناه أن هذا المحجوم أفطر لما يلحقه من الضعف وأن هذا الحاجم- كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية- أفطر لما يصل إلى جوفه من الدم، وقد كان في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت الحجامة عن طريق مص هذا الآلة التي يحجم بها لكن وجد في الوقت الحاضر آلات يمكن أن يحصل بها الحجامة من غير مص وحينئذ إذا حصلت الحجامة بهذا الطريق ما معنى القول بأن الحاجم يفطر؟ خاصة وأن الحجامة أصلاً محل خلاف قوي بين العلماء هذا يحصل به التفطير أم لا؟
يقول: إن أكثر أهل العلم على أنه لا يحصل به التفطير أصلاً فكيف إذا كان ذلك عن طريق مثل هذه الآلات وإلا لو قلنا: إن الحاجم عن طريق الآلات من غير نص يفطر أيضاً لأفطر الطبيب وأفطر كذلك الممرض هذا لم يقل به أحد من أهل العلم.
تقول: ما دليل المالكية في قولهم: إن المفطر ناسياً عليه القضاء؟
على كل حال هذه مسألة سوف نتعرض لها أيضاً في الدروس القادمة ولكن هذا القول الذي أشارت إليه الأخت السائلة قول ضعيف فإن النص الصحيح الصريح في الصحيحين يقول فيه -عليه الصلاة والسلام-: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) ولعل أصحاب هذا القول لعلهم يستدلون بظاهر هذا الحديث قالوا: إنه قال: (فيتم صومه) ولم يقل: فلا قضاء عليه قال: (فيتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) ولم يقل: فلا قضاء عليه لكن جاء في رواية الحاكم (ولا قضاء عليه ولا كفارة) وهذه الرواية فيها رد عليه وسيأتي- إن شاء الله تعالى- شرح هذه المسألة بالتفصيل.
من استمنى في نهار رمضان كم يقضي من يوم؟
إذا استمنى في يوم واحد يقضي يوماً واحداً وإذا استمنى في يومين يقضي يومين وهكذا لكن لعلك تقصد لو استمنى أكثر من مرة في يوم واحد فإنه يقضي يوماً واحداً والاستمناء لا يوجب الكفارة وإنما يوجب القضاء وكذلك التوبة.
تساءل عمن يأكل قبل الفجر ثم ظهر أنه بعد صلاة الفجر؟
إذا أكل وهو يظن أنه بليل لم يطلع الفجر بعد, ثم تبين له أن الفجر قد طلع فهل صومه صحيح؟ اختلف العلماء في المسألة والأقرب- والله أعلم- أن صومه صحيح لأنه أكل وهو يعتقد أنه لم يطلع الفجر ولأنه جاء في قصة عدي بن حاتم في الصحيحين (أنه لما نزل قول الله- تعالى-: ? وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ? [البقرة: 187] أتى بعقالين عقال أبيض وعقال أسود وجعلهما عند رأسه -رضي الله تعالى عنه- فجعل يأكل ويشرب حتى يتبين له هذا العقال الأبيض من العقال الأسود فلما ذهب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن وسادك إذن لعريض إنما هو بياض النهار من سواد الليل) وجه الدلالة من هذا الحديث أن عدي بن حاتم أكل وشرب بعد طلوع الفجر جهلاً منه لم يعلم بهذا ومع ذلك لم يأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقضاء هكذا من أكل وشرب وهو يعتقد أن الفجر لم يطلع ثم تبين له أنه قد طلع الفجر فصومه صحيح على أن الأخ السائل أيضاً ذكر أن أكله كان بعد خمس دقائق هو على ما ذكر من إشكالية التقاويم يكون بها الأمر واسع ولا حرج عليه وصومه صحيح.
يتساءل عن من ينذر ألا يزور بعض إخوانه
إذا نذر ألا يزور بعض إخوانه فهذا نذر معصية ونذر المعصية يجب عدم الوفاء به لأنه إذا وفى به يكون قد وقع في معصية ولكن نذر المعصية فيه كفارة يمين (لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين) كما ورد ذلك في حديث عائشة -رضي الله عنها- وحينئذ نقول للأخ: إن عليه كفارة يمين: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة. طبعاً لا يوجد رقاب فما بقي إلا الإطعام أو الكسوة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فيكون الواجب عليه هو كفارة يمين بالنسبة لهذا النذر.
يقول: ما هو الدليل على أنه يمكن أن يصوم عنه أقاربه وأصدقاؤه
الدليل هو قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من مات وعليه صوم صام عنه وليه) [أخرجه البخاري ومسلم] فهذا الدليل صريح أن من مات وعليه صوم واجب فإنه يندب لوليه من أقاربه ويقاس عليهم غيرهم أيضاً أن يصوموا عنه وأن الذمة تبرأ بذلك لكن- كما قلنا- هذا على سبيل الاستحباب بالنسبة للأقارب وغيرهم وليس واجباً لقول الله- تعالى-: ? وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ?.
السؤال الأول: نحن ألمحنا الإجابة عن هذا السؤال لكن نريد من إخواننا أن يبحثوا وأن يقرؤوا ونود أن تأتي إجابات فيها شيء من التفصيل: هل يحصل التفطير ببخاخ الربو؟
السؤال الثاني: ما حكم السواك للصائم بعد الزوال؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/225)
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:57 ص]ـ
الدرس العشرون
مفسدات الصيام
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين ... أما بعد ..
فكنا قد بدأنا في الدرس السابق في مفسدات الصيام وذكرنا جملة من هذه المفسدات وذكرنا أن أصول هذه المفسدات مذكور في قول الله - عز وجل-: ? فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ? [البقرة: 187].
فذكر الله - عز وجل- أصول المفطرات وهي الأكل والشرب والجماع وذكرنا أيضاً جملة أخرى من المفطرات على ضوء ما ورد من النصوص والأحاديث في السنة وكان مما ذكرناه: مسألة ما إذا استعطى أو وصل إلى جوفه من أي موضع كان, عرفنا أن السعوط هو دواء يوضع عن طريق الأنف وقلنا: إن قطرة الأنف يحصل به التفطير للصائم إذا وصل ماء القطرة إلى الحلق وإلى الجوف.
وأيضاً ذكرنا مسألة من استقاء وقلنا: إن من استقاء متعمداً فإنه يفطر أما من ذرعه القيء فإن صومه صحيح ولا قضاء عليه وذكرنا حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- الوارد في هذا وأيضاً ذكرنا ما إذا استمنى متعمداً فإنه يفسد صومه كذلك أيضاً إذا جامع زوجته في نهار رمضان فإنه يفسد صومه ويجب عليه- مع ذلك- التوبة والكفارة المغلظة وتكلمنا عنها بالتفصيل, أيضاً ذكرنا خلاف الفقهاء في المذي هل يفسد الصوم أم لا يفسد؟ ذكرنا أن القول الراجح أنه لا يفسد الصوم ثم كانت آخر مسألة تكلمنا عنها في الدرس السابق هي الحجامة وهل تفطر الصائم أم لا؟ ذكرنا خلاف الفقهاء في ذلك وأن القول الراجح في هذه المسألة هو أن الحجامة تفطر الصائم لحديث (أفطر الحاجم والمحجوم).
في هذا الدرس نكمل بقية المفسدات ونبتدئ أولاً: بقراءة عبارة المؤلف -رحمه الله تعالى-.
يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: (أو حجم أو احتجم عامداً ذاكراً لصومه فسد صومه وإن فعله ناسياً أو مكرهاً لم يفسد صومه وإن طار إلى حلقه ذباب أو غبار أو تمضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء أو فكر فأنزل أو قطر في إحليله أو احتلم أو ذرعه القيء لم يفسد صومه ومن أكل يظنه ليلاً فبان نهاراً أفطر ومن أكل شاكاً في طلوع الفجر لم يفسد صومه وإن أكل شاكاً في غروب الشمس فسد صومه).
قبل أن نشرح عبارة المؤلف وما ذكره من مسائل نضيف بعض المفطرات أو بعض ما تكلم فيه العلماء من جهة كونه له أثر على الصوم أو ليس له أثر ثم بعد ذلك نربط هذه المفطرات أو التي قيل: إن لها أثراً على الصوم بعبارة المؤلف -رحمه الله تعالى-.
السواك:
مما تكلم عنه الفقهاء في هذه المسائل وفي هذا الباب مسألة السواك للصائم وهل يكره السواك للصائم أو لا يكره؟ اختلف العلماء فلي هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه يكره السواك للصائم مطلقاً.
والقول الثاني: أنه يكره السواك للصائم بعد الزوال ولا يكره قبل الزوال وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة.
القول الثالث: أنه لا يكره السواك للصائم مطلقاً سواء قبل الزوال أو بعده بل هو مستحب للصائم ولغير الصائم قبل الزوال وبعد الزوال.
هذه مجمل أقوال العلماء في هذه المسألة، أما من كره السواك للصائم مطلقاً فاستدل بحديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) حديث طويل موضع الشاهد منه قوله: (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) والخلوف: هو الرائحة التي تنبعث من فم الصائم عند خلو المعدة من الطعام وهي رائحة كريهة مستقذرة ولكن لما كانت ناشئة عن عبادة كانت محبوبة عند الله - عز وجل- كما أن دم الشهيد أطيب عند الله من ريح المسك ولهذا قالوا: إن استعمال السواك للصائم يزيل هذه الرائحة فكان مكروهاً.
وأما من قال بأن السواك يكره للصائم بعد الزوال ولا يكره قبله فاستدلوا على ذلك بحديث على -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (استاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي) أخرجه الدار قطني في سننه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/226)
وأما أصحاب القول الثالث الذين قالوا: لا يكره السواك للصائم لا قبل الزوال ولا بعده قالوا: لأنه لم يرد ما يدل على كراهة السواك للصائم, لم يرد في ذلك دليل صحيح صريح وأما ما استدل به من قال بالكراهة مطلقاً أو من قال بالكراهة بعد الزوال أما حديث أبي هريرة فهو في الصحيحين (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) لكن هذا الحديث وإن كان صحيحاً إلا أنه لا دلالة فيه على كراهة السواك للصائم وذلك أن هذا الخلوف وهذه الرائحة المستكرهة إنما تنبعث من المعدة ولا تنبعث من الفم, صحيح أن مصدرها من الفم لكن منشؤها من المعدة ولذلك لا أثر للسواك في إزالة هذه الرائحة ولهذا فإن الصائم مهما استاك فإن هذه الرائحة تبقى لأن منشأ هذه الرائحة المستكرهة إنما هو من المعدة وليس منشؤها من الفم وإن كانت تنبعث من الفم إلا أن منشأها من المعدة فالسواك ليس له أثر في إزالة هذه الرائحة فنجد أن هذا الدليل وإن كان صحيحاً وهو في الصحيحين إلا أنه لا دلالة فيه على كراهة السواك للصائم.
وأما حديث على -رضي الله تعالى عنه-: (استاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي) هو حديث ضعيف أخرجه الدارقطني في سننه لكنه حديث لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وبذلك يعلم أنه لم يثبت في كراهة السواك للصائم دليل صحيح صريح وإذا كان ذلك كذلك فالأصل هو استحباب السواك للمسلم مطلقاً وهذا هو القول الصحيح في هذه المسألة وهو أن السواك لا يكره في حق الصائم بل هو مستحب للصائم قبل الزوال وبعده ويؤيد ذلك حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب) وهو حديث صحيح.
وأيضاً حديث عامر بن ربيعة وإن كان في سنده مقال (رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر مما لا أحصيه يتسوك أو قال يستاك وهو صائم) ولكن هذا الحديث ضعيف وإن كان البخاري قد ذكره في صحيحه معلقاً له لكن بصيغة التمريض [أخرجه أبو داود والترمذي لكنه حديث ضعيف].
وعلى كل حال نستدل بعموم الأدلة التي تدل على استحباب السواك للمسلم ويشمل ذلك الصائم, المسألة إذن ليس فيها دليل يدل على كراهة السواك للصائم لا قبل الزوال ولا بعده وبهذا نعرف أن السواك مستحب للصائم ولغير الصائم.
ننتقل بعد ذلك إلى مسألة لها ارتباط بالسواك وهي استعمال الفرشاة والمعجون للصائم وهذه مسألة يكثر السؤال عنها خاصة استعمال المعجون نقول أولاً: استعمال الفرشاة والمعجون هو في الحقيقة داخل في معنى وفي مسمى السواك يعني السواك لا ينحصر في عود الأراك وإنما هو اسم للآلة التي يستاك بها، السواك يعرفه العلماء بأنه: اسم للآلة التي يستاك بها لكن قالوا: إن أفضل ما يستاك به عود الأراك لكن ليس معنى ذلك حصر السواك في عود الأراك ولهذا تكلم الفقهاء عن حكم الاستياك بالإصبع والخرقة ورجح الموفق ابن قدامة -رحمه الله تعالى- في المغني أن من يستاك بالإصبع والخرقة يصيب من السنة بقدر ما يحصل له من الإنقاء فإذا كان الفقهاء قد ذكروا أن من استاك بالإصبع والخرقة يصيب من السنة بقدر ما يحصل من الإنقاء فكيف باستعمال الفرشاة والمعجون؟!! مع أن استعمال الفرشاة والمعجون قد يفوق في بعض الأحيان عود الأراك لأنك تستعمل الفرشاة والمعجون في وقت وجيز فيحصل به تنظيف للفم ما لا يحصل بعود الأراك في وقت كثير, وربما يكون استعمال الفرشاة والمعجون أبلغ في التنظيف من استعمال عود الأراك ولذلك نقول لمن أراد أن يستعمل الفرشاة في تنظيف فمه: ينبغي أن يستحضر النية في هذا وأن ينوي بذلك إصابة السنة حتى يثاب ويؤجر على ذلك لأن كثيراً من الناس يغفل عن هذه المسألة تجد أنه يستعمل الفرشاة والمعجون لكن يغيب عن باله مسألة استحضار نية أنه يستاك امتثالاً لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال -عليه الصلاة و السلام-: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) (والسواك مطهرة للفم مرضاة للرب) وإذا كان كذلك كان أمراً مندوباً إليه في كل وقت وإن كان يتأكد في بعض الأوقات وحينئذ يكون استعمال الفرشاة هو استعمال للسواك فمن يستعمل الفرشاة مع المعجون ينبغي أن يستحضر وأن ينوي بذلك إصابة السنة حتى يؤجر ويثاب على ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/227)
أما من جهة تأثير الفرشاة والمعجون على الصوم فالفرشاة فكما ذكرنا حكمها حكم السواك تماماً وقد قلنا: إن السواك مسنون للصائم قبل الزوال وبعد الزوال لكن محل البحث هو المعجون الذي يكون مع الفرشاة فنقول: إذا لم ينزل المعجون إلى المعدة فإنه لا بأس باستعماله للصائم. إذا لم ينزل المعدة يعني: كان يستعمل المعجون في فمه ثم يمج ذلك المستعمل بحيث لا يصل إلى معدته منه شيء فإنه لا يحصل به التفطير للصائم، ولكن ينبغي أن يعلم أن هناك بعض أنواع المعاجين لها نفوذ قوي وربما يصل منها شيء إلى المعدة من حيث لا يشعر الإنسان ولهذا نقول: إنه- من باب الأولوية فقط- ينبغي للصائم أن يجعل استعمال المعجون في الليل ولا يجعله في النهار احترازاً من تأثير ونفوذ بعض أنواع المعاجين وقد قال -عليه الصلاة والسلام- في حديث لقيط بن سبرة: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائم) فنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المبالغة في الاستنشاق خشية أن يصل ماء الوضوء إلى المعدة عن طريق الاستنشاق.
فكذلك نقول هنا: إن بعض أنواع المعاجين لها نفوذ قوي وربما تصل إلى المعدة من حيث لا يشعر الإنسان ولهذا فينبغي من باب الأولوية أن يؤخر ذلك إلى الليل يعني يجعل استعمال المعجون في الليل لكن لو استعمله في النهار فإنه لا بأس في ذلك مادام أنه لم يتحقق من وصول المعجون إلى المعدة لكن أيضاً حتى لو استعمله في النهار ووصل المعجون إلى معدته بغير اختياره فإن صومه صحيح كما سيأتي أنه يشترط أن يكون عامداً مختاراً. إذن: هذا ما يتعلق بالسواك واستعمال الفرشاة والمعجون.
الأطياب: هل يجوز للصائم أن يستعمل الأطياب التي لها روائح نفاذة نقول: لا بأس أن يستعمل الصائم الطيب وإن كان له رائحة نفاذة لكن يستثنى من ذلك البخور فالبخور يجوز شمه ولكن استنشاق البخور ربما يؤثر على الصوم وذلك لأن البخور له دخان يتصاعد وله جرم يصل معه إلى الجوف ولذلك فإنه في قول كثير من العلماء إذا قصد استنشاقه يحصل به التفطير للصائم.
أما إذا لم يقصد استنشاقه فإنه لا يحصل به التفطير لكن إذا قصد استنشاقه فإنه يحصل به التفطير للصائم ومثل ذلك الدخان أيضاً التبغ فإنه لو شرب إنسان دخاناً فإنه يفطر به هكذا أيضاً البخور لا فرق بينهما إذا قصد الإنسان استنشاق هذا البخور فلهذا نقول: إنه ينبغي بل يتعين تجنب استنشاق البخور للصائم لأن له جرماً ويتصاعد إلى الجوف ويحصل به التفطير للصائم وبهذا أفتى بعض مشايخنا ومنهم الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله تعالى- ولهذا نقول: إنه ينبغي تجنيب الصائمين البخور لأن بعض الناس يسيء للصائمن من جهة أنه يأتي لهم ببخور ويعرض صومهم للإفساد لأنه ربما يأتي بعض الناس ويستنشق هذا البخور فيقع في هذا خاصة يوم الجمعة مثلاً فينبغي أن تجنب الجوامع مثل هذا البخور, وأما غيره من الأطياب فإنه لا بأس به.
الحقن:
أيضاً مما يكثر السؤال عنه استعمال الحقن وهذه الحقن إما أن تكون على شكل إبر وهذه الإبر إذا كانت مغذية فإنه يحصل بها التفطير للصائم لأنها تقوم مقام الأكل والشرب.
أما إذا كانت هذه الإبر غير مغذية وإنما تسعمل للتداوي فقط فالقول الصحيح أنه لا يحصل بها التفطير للصائم لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا في معنى الأكل والشرب.
الحقن الشرجية:
وأما بالنسبة للحقن الشرجية, الحقن التي توضع في الدبر فإن هذه الحقن محل خلاف بين العلماء هل يحصل بها التفطير للصائم أم لا؟ والقول الراجح أنه لا يحصل بها التفطير لأنها ليست أكلاً ولا شرباًَ ولا في معنى الأكل والشرب ولا تقوم مقام الأكل والشرب وإنما هي دواء يتداوى به عن طريق الدبر وهو ليس بمنفذ للأكل ولا للشرب والأصل صحة صيام الصائم إلا إذا وجد ما يقتضي إفساده بشيء واضح, فإذن: هذه الحقن والإبر كلها لا تفطر الصائم إلا إذا كانت الإبر مغذية.
الدم الذي يخرج عند قلع السن ما تأثيره على الصيام؟ ذكرنا في الدرس السابق مسألة خروج الدم وهل يفسد الصوم أم لا يفسد؟ فمن يلخص لنا ما قلناه في الدرس السابق, خروج الدم هل يفسد الصوم أم لا؟
إذا كان كثيراً كثيراً في معنى دم الحجامة فإنه يفسد الصوم وإذا كان قليلاً لا يفسد الصوم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/228)
إذا كان كثيراً في معنى دم الحجامة فإنه يفسد الصوم وإذا كان قليلاً فإنه لا تأثير له على الصوم وعلى هذا قلنا: مسألة التبرع بالدم ومسألة سحب الدم للتحليل إذا كان هذا الدم كثيراً في معنى دم الحجامة فإنه يفسد به الصوم وإذا كان قليلاً فإنه لا بأس به ولا أثر له على الصوم.
أما بالنسبة للدم الذي يخرج عند قلع السن فهو دم يسير في الغالب ولهذا نقول: إنه لا يفسد الصوم والصوم معه صحيح ولهذا نقول: لا بأس بقلع السن أثناء النهار ولا بأس بأن يعمل أطباء الأسنان أثناء نهار رمضان وذلك بحشو السن وقلع السن وسائر الأعمال التي يمارسونها بالليل لأن هذه لا تضر ولا تؤثر على صحة الصيام والدم حتى إن خرج دم من الإنسان فإنه دم يسير والدم هنا لا يؤثر على صحة الصيام، ولكن ينبغي لمن خرج منه دم ألا يبلعه لأنه لو تعمد بلعه فإنه يحصل به التفطير لكن لو أنه وصل إلى جوفه دم بغير اختياره فإن صومه صحيح أما إذا تعمد بلعه فهذا هو الذي يحصل به التفطير ولكن أيضاً هناك بعض الناس عندهم وسوسة فيما يتعلق بمسألة الدم ومسألة بلع الريق أيضاً ونحو ذلك من المسائل فتجد أنهم يبالغون في مثل هذه المسائل وربما وصلت معهم إلى مرحلة الوسواس وندرك هذا من خلال الأسئلة التي ترد فنجد بعض الناس يشغل نفسه بمثل هذه المسائل هل بلع الريق يفطر أم لا؟ إذا خرج منه دم يسير بدأ يسأل هل له أثر على الصوم أم لا؟ فنقول: خروج الدم اليسير وبلع الريق لا يؤثر على صحة الصوم والصوم صحيح وبلع الريق يصح معه الصوم بإجماع العلماء, لكن قال بعض الفقهاء: إنه إذا جمع ريقه فبلعه فيكره فقط مجرد كراهة وعلى القول الصحيح أيضاً أنه حتى لو جمع ريقه وبلعه أنه لا يكره لأنه إنما خرج من الفم ولأنه ليس أكلاً ولا شرباً ولا في معنى الأكل والشرب ولأنه انعقد الإجماع على أن بلع الريق أصلاً لا يؤثر على صحة الصوم فالصوم صحيح مع بلع الريق وهكذا خروج الدم اليسير إذا لم يبلعه فالصوم صحيح وينبغي عدم التشدد في هذه المسائل لأنها ربما تصل إلى مرحلة الوسواس.
وهذا يقودنا أيضاً إلى مسألة يكثر السؤال عنها وإن كانت هذه المسألة ربما تستقذر لكن لابد أن نذكرها لأنها يكثر السؤال عنها وهي:
بلع النخامة أو النخاعة هل تؤثر على صحة الصوم أم لا؟
هذه المسألة يذكرها الفقهاء ولابد أن نشير إليها لأنها مما يكثر السؤال عنه ويلحق بعض الناس بسبب ذلك حرج كبير.
فنقول أولاً: إذا كانت هذه النخامة والنخاعة لم تصل إلى الفم وإنما نزلت من الرأس إلى الحلق فإنه لا يحصل بها التفطير للصائم، ولكن إذا وصلت هذه النخامة أو النخاعة وصلت إلى الفم ثم بلعها فهل يحصل بذلك التفطير أم لا؟
بعض الفقهاء يرى أنه يحصل بها التفطير ولهذا قال في الزاد: ويحرم بلع النخامة ويفطر بها إن وصلت إلى فمه. ولكن هذا القول محل نظر إذ إنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا في معنى الأكل والشرب بل هي تقاس على الريق والريق لا يحصل به التفطير بالإجماع ولهذا فإن القول الراجح في هذه المسألة أن بلع النخامة لا يفسد الصوم وأن الصوم معها صحيح لأن الأصل صحة الصوم ولا نقول بأن صوم أحد من المسلمين فسد إلا بأمر واضح ظاهر أما كونه حصل منه هذا الأمر فبلع نخامة وربما يكون ذلك أيضاً من غير قصد فإن صومه صحيح حتى ولو كان ذلك بقصد فإنه على القول الراجح صومه صحيح لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا في معنى الأكل والشرب بل هي أشبه بالريق الذي انعقد الإجماع على أنه لا يحصل به التفطير للصائم. وأقول مثل هذا لأن بعض الإخوة يشدد في مثل هذه المسائل على نفسه وكما ذكرت تصل إلى مرحلة الوسوسة فتجد أنه يتحرج تحرجاً عظيماً من مسألة الريق ومسألة البلغم ومسألة النخامة فيشدد على نفسه وربما يشغل نفسه عن كثير من الطاعات, يشغل نفسه عن تلاوة القرآن يشغل نفسه عن أمور كثيرة بسبب هذا التشديد الذي سوف يتطور معه ويصل إلى مرحلة الوسواس و أقول هذا من واقع الأسئلة التي ترد فنقول إذن: كل هذه الأمور لا يحصل بها التفطير للصائم سواء كان بلع ريق أو كان كذلك بلغماً أو كان نخامة لكن خروجاً من الخلاف ينبغي إذا حصل مثل هذا خاصة فيما يتعلق بالبلغم والنخامة أن يلفظه الإنسان ولا يقصد بلعه خروجاً من خلاف العلماء في هذه المسألة لكن لو قدر أن هذا حصل فإن الصوم صحيح على الراجح من قولي الفقهاء في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/229)
هذه المسألة.
أيضاً من المسائل التي نذكرها هنا ولها صلة بمسألة مفسدات الصيام حكم استعمال علاج الربو وعلاج الربو على قسمين:
القسم الأول: بخاخ من بخار أو غاز يجعله المصاب بالربو في فمه وهذا لا يحصل به التفطير للصائم هذا البخاخ الذي من بخار أو غاز يجعله في فمه لا يحصل به التفطير للصائم وذلك لأنه لا يصل إلى المعدة وإنما هو لتوسيع القصبات الهوائية فقط لتفتيحها ولأنه لا يعد أكلاً ولا شرباً ولا في معنى الأكل والشرب وإن كان قد يقول بعض الناس: إنه قد يصل أجزاء يسيرة جداً من هذا البخاخ إلى المعدة ونقول: حتى لو قدر وصول أجزاء يسيرة إلى المعدة من هذا العلاج فإن الصوم صحيح وذلك لأن المتوضئ أيضاً أثناء المضمضة تصل ملوحة الماء إلى فمه وقلنا: إن الصائم يجوز له بلع ريقه بالإجماع ومع هذا لم ينقل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن هذا يفطر الصائم بل انعقد الإجماع على أنه لا يفطر الصائم مع أن ملوحة الماء تبقى في الفم بعد الوضوء فمثل هذا الشيء اليسير جداً لا أثر له.
فنقول إذن: البخاخ الذي يستعمل في علاج الربو العلاج لا يفسد الصوم حتى ولو قدر وصول أجزاء يسيرة جداً منه إلى المعدة على أنه إنما يصل للقصبات الهوائية لتوسيعها وتفتيحها ولكن يقول بعض الأطباء: إنه قد يصل أجزاء يسيرة جداً منه إلى المعدة فنقول: حتى على هذا التقدير فإن الصوم معه صحيح وبهذا أفتى مشايخنا سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين -رحمهما الله تعالى-.
القسم الثاني من علاج الربو: العلاج الذي يكون عن طريق كبسولات يستعملها المصاب بالربو وذلك بأن تجعل الكبسولة في الفم ويكون فيها شيء من الدقيق المشتمل على الدواء فتوضع في الفم فتنفجر في الفم ويتعالج بها المصاب بالربو فهذه لا شك أن هذا الدواء له جرم ويصل إلى المعدة وهذا يحصل به التفطير للصائم لأن هذه الكبسولات لها جرم ويختلط هذا الدواء مع الريق فيبلعه الصائم فيحصل به التفطير للصائم.
فإذن: يكون علاج الربو على هذين القسمين: قسم لا يحصل به التفطير وهو البخاخ المشتمل على الغاز أو البخار.
القسم الثاني: العلاج الذي يكون عن طريق الكبسولات التي تكون في الفم وتختلط بالريق فهذه يحصل بها التفطير للصائم ولهذا لابد من التفصيل عندما نتكلم عن علاج الربو ولا يجاب بجواب واحد ولكن لابد من التفصيل في هذا على هذا النحو هذا ما يتعلق بعلاج الربو.
مسألة ذوق الطعام للصائم:
أيضاً من المسائل التي تذكر هنا مسألة ذوق الطعام للصائم وهذه المسألة ربما يحتاج لها الطباخون وكذلك النساء في البيوت. فيحتاج إلى أن يذوق الطعام فنقول: إنه لا باس بذوق الطعام للصائم إذا كان لحاجة من غير كراهة, وقد روي ذلك عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أما إذا كان ذلك لغير حاجة فقد قال كثير من الفقهاء: إنه يكره ذوق الطعام بلا حاجة وذلك لأنه لا يأمن من أن يصل إلى حلقه فيكون بهذا قد عرض صومه للفساد فإذن نقول: ذوق الطعام إن كان لحاجة فإنه يجوز دون كراهة, أما إن كان لغير حاجة فإنه يكره فقط, غاية ما فيه أنه يكره في قول كثير من الفقهاء.
نعود بعد ذلك إلى عبارة المصنف -رحمه الله تعالى- لما ذكر مفسدات الصوم قيد ذلك بقوله: (عامداً ذاكراً لصومه) أفادنا المؤلف أنه لو وقع في شيء من المفسدات ناسياً أو جاهلاً فإن صومه صحيح ويدل لذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو حديث متفق على صحته: (من أكل أو شرب ناسياً فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) فلو أن صائماً نسي خاصة يحصل هذا في أول يوم من رمضان شرب ناسياً أو أكل ناسياًَ بل حتى لو أفطر أو تغدى ناسياً فإن صومه صحيح (فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه).
وهكذا إذا وقع في شيء من المفطرات ناسياً حتى لو كان صومه صوم نافلة مثلاً نوى أن يصوم يوم الإثنين ثم إنه نسي أنه صائم مع أنه قد نوى ذلك وبيت النية فأفطر كعادته فنقول: يكمل صومه, صومه صحيح وهذا الأكل وهذا الشرب (إنما أطعمه الله وسقاه) ولكن لو رأيت صائماً يأكل ويشرب في نهار رمضان ناسياً فهل تنكر عليه أم تتركه وتقول: دعه ما دام أن الله أطعمه وسقاه, إذن: أتركه حتى يتم أكله؟ ماذا نقول؟
لا أتركه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/230)
لابد من الإنكار عليه لأنه هو معذور لكن أنت غير معذور في الإنكار عليه فينبغي أن تبين له وأن تذكره بالصيام وتقول له: أنت صائم فتذكره بالصوم أما قول بعض العامة: اتركه حتى يكمل أكله لأن هذا طعمة من الله أطعمه الله وسقاه هذا غير صحيح لأنه هو معذور لكن أنت غير معذور في تذكيره بالصوم. إذن: يشترط أن يكون عامداً ذاكراً قال: (إذا كان عامداً ذاكراً لصومه فسد صومه) أي: إذا وقع في شيء من المفطرات, فإذا كان جاهلاً جهل مثلاً أن وضع القطرة في الأنف يحصل به التفطير إذا وصل ماء القطرة إلى الجوف, شخص مثلاً يحتاج لوضع القطرة في أنفه فأتى بالقطرة ووضعها في أنفه فوصل ماء القطرة إلى جوفه جاهلاً الحكم فلما تبين له قال: والله أنا كنت جاهلاً ما كنت أعلم بأن هذا يفسد الصوم فهل صومه صحيح؟
صومه صحيح لأنه يعذر بجهله
نعم يعذر بجهله إذن يعذر الإنسان بالجهل وبالنسيان وبالخطأ ? رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ? [البقرة: 286]، والعذر بالجهل والنسيان يكون في باب ارتكاب المحظور ولا يكون في باب ترك المأمور وهذه قاعدة مفيدة لطالب العلم, فمثلاً في باب الصيام إذا أكل أو شرب ناسياً أو جاهلاً ومثله يجهل كما مثلنا مثلاً بقطرة الأنف فصومه صحيح لأن هذا من باب ارتكاب المحظور ويعذر فيه بالجهل والنسيان لكن لو أنه لم يبيت النية من الليل فهنا لا يعذر ولو كان ناسياً لأن هذا من باب فعل المأمور هكذا أيضاً في باب الصلاة إذا صلى وعلى ثوبه نجاسة ناسياً لها أو أنه كان ذاكراً له لكن لما حان وقت الصلاة نسيها فصلاته صحيحة كما يدل لذلك قصة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بنعليه ثم أخبره جبريل بأن فيهما قذراً فخلع نعليه وأكمل النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاته ولم يستأنف صلاته من جديد لكن لو صلى بغير وضوء ناسياً فصلاته غير صحيحة حتى وإن كان ناسياً لأنه لا يعذر بالنسيان لأن هذا من باب ترك المأمور هكذا أيضاً في الحج لو كان المحرم ذكراً وغطى رأسه ناسياً فلا شيء عليه لأن هذا من باب ارتكاب المحظور لكن لو أنه لم يقف بعرفة ناسياً أو جاهلاً فلا حج له لأن هذا من باب ترك المأمور.
فإذن: نجد أن هذه القاعدة مطردة ما كان من باب ترك المأمور لا يعذر فيه بالجهل والنسيان أما ما كان من باب ارتكاب المحظور فإنه يعذر فيه بالجهل والنسيان وهذه قاعدة مطردة وهي قاعدة مفيدة لطالب العلم.
هكذا نقول بالنسبة للصوم: من أكل أو شرب أو وقع في مفسد من مفسدات الصوم ناسياً أو جاهلاً أو مخطئاً فإن صومه صحيح.
قال: (وإن فعله ناسياً أو مكرهاً لم يفسد صومه) لما ذكرنا قال: (وإن طار إلى حلقه ذباب أو غبار) يعني: بغير اختياره فصومه صحيح لم يفسد صومه فلو أنه طار إلى حلقه ذباب أو حشرة أو غبار أو حتى مثلاً ماء أتى يتوضأ فدخل في جوفه ماء بغير اختياره فإن صومه صحيح، ولهذا قال المصنف: (أو تمضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء لم يفسد صومه) فما كان بغير اختيار الإنسان لا يؤثر على صحة الصوم لأنه بغير اختياره.
قال: (أو فكر فأنزل) فإن صومه صحيح لأن التفكير غير مؤاخذ به المسلم لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله وضع عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) [أخرجه مسلم في صحيحه] وهذا من رحمة الله بعباده أن الهواجس وأمور التفكير التي تعتري المسلم هذا لا يؤاخذ به المسلم ما لم يصحب هذا التفكير وحديث النفس كلام أو فعل ما لم تعمل أو تتكلم (إن الله وضع عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) فإذن: حديث النفغس والتفكير لا يؤاخذ به المسلم ما لم يصحبه كلام أو عمل فلو فكر فأنزل فإن صومه صحيح لم يفسد صومه بذلك.
قال: (أو قطر في إحليله) يعني: لو أنه وضع قطرة في الإحليل أو حتى في الفرج أو في الدبر فسبق أن قلنا: إن صومه صحيح لأن هذا ليس أكلاً ولا شرباً ولا في معنى الأكل والشرب ولأن هذا ليس بمنفذ للأكل والشرب أو ما كان في معناهما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/231)
(أو احتلم) إذا احتلم الإنسان في منامه فأنزل فإن صومه صحيح ولا يفسد وذلك لأن هذا الاحتلام بغير اختياره ولكن هنا نشير إلى مسألة ترد فيها أسئلة وهي أن بعض الناس يظن أنه لو استمنى فإن صومه صحيح ويقيس ذلك على الاحتلام وهذا غير صحيح وإنما قلت هذا لأنه ترد فيه أسئلة من بعض العامة فالمقصود بقوله: (احتلم) يعني: في المنام أما لو أنه استمنى في حال اليقظة فأنزل فإن صومه يفسد قولاً واحداً وإذا جامع فسد صومه وعليه كفارة مغلظة كما ذكرنا لكن الكلام في هذه المسألة فيما إذا احتلم في منامه فأنزل فإن صومه صحيح لأن هذا بغير اختياره.
قال (أو ذرعه القيء) إذا غلبه القيء بغير اختياره فإن صومه صحيح أما لو تعمد أن يستقيء فإنه صومه يفسد ويدل لذلك حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمداً فليقضِ) [أخرجه الترمذي] وله طرق متعددة يصل بمجموعها إلى درجة الحسن أو الصحيح.
أيضاً لو خرج منه دم بغير اختياره فإن صومه صحيح كما لو حصل له حادث أو نزيف مثلاً أو رعف أنفه فخرج منه دم ولو كان كثيراً فإن صومه صحيح.
القاعة أن ما خرج وما دخل بغير اختيار الإنسان فإنه لا يؤثر على صحة الصوم بل الصوم معه صحيح.
ثم قال المصنف -رحمه الله تعالى-: (ومن أكل يظنه ليلاً فبان نهاراً فعليه القضاء) هذه مسألة مهمة (أكل يظنه ليلاً فبان نهار) قام إنسان من نومه يظن أنه لازال بليل ثم تسحر ثم إذا هو بعد دقيقة يسمع إقامة الصلاة أكل نهاراً فيقول المؤلف هنا: إن عليه القضاء (من أكل يظنه ليلاً فبان نهاراً فعليه القضاء) وهكذا أيضاً لو أكل يظن أن الشمس قد غربت فتبين أنها لم تغرب أو أكل بناء على سماع صوت المؤذن سمع مؤذناً يؤذن فظن أن الشمس قد غربت فأكل ثم تبين أنها لم تغرب أو كان هناك سحاب أو غيم أو قتر فظن أن الشمس قد غربت فأكل ثم طلعت الشمس فيقول المصنف: إنه يفسد صومه وعليه القضاء وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة.
والقول الثاني في هذه المسألة: أن صومه صحيح وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- وشيخنا محمد بن عثيمين -رحمه الله تعالى- أنه في هذه المسائل كلها إذا أفطر يظنه ليلاً فبان نهاراً أو أفطر يظنه الشمس قد غربت فتبين أنها لم تغرب في هذه المسائل صومه صحيح والدليل على ذلك ما جاء في صحيح البخاري عن أسماء -رضي الله تعالى عنها- قالت: (أفطرنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في يوم غيم ثم طلعت الشمس) ولم ينقل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرهم بالقضاء ولو أمروا بالقضاء لنقل كما نقل إفطارهم ولو أمروا بالقضاء لكان ذلك محفوظاً لأن هذا من تمام حفظ شريعة الله.
وأما أصحاب القول الأول الذين قالوا: إن عليهم القضاء في هذه الحال فقالوا: إن أسماء -رضي الله تعالى عنها- ذكرت أنهم أفطروا ثم طلعت الشمس ولم تذكر القضاء لأنه معلوم قالوا: ويدل لذلك قول هشام أحد رواة الحديث لما سئل: هل أمروا بالقضاء؟ قال: وهل بد من ذلك؟!!) [أخرجه أبو داود في سننه]، لكن جاء في رواية عنه أنه سئل: هل أمروا بالقضاء؟ قال: لا أدري.
وعلى كل حال هذا رأي لهشام واجتهاد من عنده ولكن العبرة بالنص فأسماء -رضي الله تعالى عنها- تذكر أنهم (أفطروا في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم طلعت الشمس) ولم تذكر أنهم أمروا بالقضاء ولو أمروا بالقضاء لكان هذا من دين الله ولكان هذا محفوظاً وقد نصر ابن القيم -رحمه الله تعالى- في تهذيب السنن هذا القول وأنه لا يجب عليهم القضاء كذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- وهو القول الصحيح في هذه المسألة وقد روي عن عمر -رضي الله تعالى عنه- (أنه أفطر هو والناس معه في عهده ثم طلعت الشمس لم يأمر الناس بالقضاء وقال: إنا لم نتجانف الاثم) يعني: لم نتعمد ولم نقصد لكن الآثار عن عمر -رضي الله تعالى عنه- متعارضة كما ذكر ذلك ابن القيم -رحمه الله تعالى- ولكن الأصول والقواعد الشرعية تدل لهذا القول وذلك أن الجهل ببقاء اليوم كنسيان ذلك اليوم كنسيان نفس الصوم ومن أكل ناسياً فإن صومه صحيح وكذلك أيضاً الجهل ببقاء اليوم، فنقول إذن: هذا جاهل يظن أن الشمس قد غربت فهو كما لو أكل أو شرب ناسياً كذلك هذا جاهل يظن أنه لازال بليل فتبين أنه نهار فهو كمن أكل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/232)
أو شرب ناسياً ومما يدل لهذا أيضاً قصة عدي بن حاتم -رضي الله تعالى عنه- وهي في الصحيحين (أنه لما نزل قول الله- تعالى-: ? وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ? [البقرة: 187] أتى بعقالين أبيض وأسود وجعل يأكل ويشرب حتى يتبين له الأبيض من الأسود فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعاه وقال: إن وسادك إذن لعريض, إنما ذلك بياض النهار من سواد الليل).
ووجه الدلالة من هذه القصة أن عدي بن حاتم بناء على هذا لابد أن يكون قد أكل بعد طلوع الفجر لا يتبين سواد هذا العقال من بياضه إلا بعدما يطلع الفجر ومعنى ذلك أن عدياً أكل بعد طلوع الفجر ومع ذلك لم يأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بقضاء تلك الأيام التي كان يأكل ويشرب فيها حتى يتبين له العقال الأسود من العقال الأبيض فدل ذلك على أن من أكل أو شرب جاهلاً أو ناسياً أو معتقداً أنه ليل أو أن الشمس قد غربت فإن صومه صحيح ولا قضاء عليه.
إذن نقول: خلاصة الكلام في هذه المسألة أن من أكل أو شرب معتقداً أنه ليل فبان نهاراً أو أكل أو شرب معتقداً أن الشمس قد غربت فتبين أنها لم تغرب أن الفقهاء اختلفوا على قولين: فمنهم من قال: إن صومه غير صحيح وأن عليه القضاء وهذا ما ذهب إليه المصنف -رحمه الله تعالى-.
والقول الثاني في المسألة: أن صومه صحيح وأنه لا يجب عليه القضاء وقلنا: هذا هو القول الصحيح في المسألة وهو الأقرب للأصول والقواعد الشرعية وهو الذي عليه أكثر المحققين من أهل العلم.
من أكل أو شرب شاكاً في طلوع الفجر أو شاكاً في غروب الشمس:
بقي معنا مسألة واحدة في هذا الباب وهي من أكل أو شرب شاكاً في طلوع الفجر أو شاكاً في غروب الشمس قال المصنف -رحمه الله تعالى-: (ومن أكل شاكاً في طلوع الفجر لم يفسد صومه) وذلك لأن الأصل بقاء الليل أما من أكل أو شرب شاكاً في غروب الشمس فعليه القضاء وذلك لأن الأصل بقاء النهار وقد نقل اتفاق العلماء على ذلك أن من أكل أو شرب شاكاً في غروب الشمس فإن عليه القضاء ولهذا نقول: إنه ينبغي ألا يتعجل الإنسان بالأكل أو الشرب حتى يستيقن غروب الشمس، أما أنه يتعجل ويأكل مع الشك في غروب الشمس فإنه لو فعل ذلك فإن صومه غير صحيح وعليه القضاء.
أما لو أكل أو شرب شاكاً في طلوع الفجر فإن صومه صحيح لأن الأصل بقاء الليل وبالنسبة لغروب الشمس في الوقت الحاضر التقاويم في هذا دقيقة وهي تقاويم عالمية تتفق على شروق وغروب الشمس فالتقاويم في هذا دقيقة جداً ولذلك فإنه يعتمد عليها بل إن التقاويم فيها تأخير يسير وهو ما يسمونه بالتمكين يعني: يضيفون دقائق أو دقيقتين أو ربما أكثر من أجل التمكين للوقت احتياطاً فنقول: الاعتماد على التقاويم بالنسبة لغروب الشمس لا بأس به وذلك لأنها في الوقت الحاضر دقيقة جداً بالنسبة لغروب الشمس ولهذا فبإمكان الإنسان الصائم أن يعتمد على التقويم.
وأما بالنسبة لطلوع الفجر فإنه لا يجب الإمساك إلا إذا تبين له طلوع الفجر إما بأن يرى الفجر قد طلع خاصة إذا كان في البرية لكن من كان في المدن لا يظهر له ذلك ولا يتضح له ذلك ولذلك يعتمد على قول المخبر الثقة وعامة التقاويم في الوقت الحاضر متقدمة عن الوقت الحقيقي لطلوع الفجر الصادق.
ولهذا فالأمر فيه سعة يعني: لو أكل وشرب وهو يؤذن أو شاكاً في طلوع الفجر فالأمر في هذا واسع لأن المؤذنين في الوقت الحاضر يؤذنون مع التقاويم والتقاويم متقدمة عن الوقت الحقيقي لطلوع الفجر خاصة التقاويم الموجودة عندنا هنا في المملكة وفي العالم الإسلامي.
إذن نقول: من أكل أو شرب شاكاً في طلوع الفجر فإن صومه صحيح لأن الأصل بقاء الليل ومن أكل أو شرب شاكاً في غروب الشمس فعليه القضاء لأن الأصل بقاء النهار وبهذا نكون قد انتهينا من هاذ الباب باب ما يفسد الصوم ونقف عند باب صيام التطوع.
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 11:08 ص]ـ
نعود إلى مسألة طرقتموها وهي مسألة طبيب الأسنان قلت: عند خروج الدم يكون يسيراً ولا يفطر لكن يا شيخ المعتاد أنه عند عمل حشو أنه يحتاج إلى خروج بعض الذرات ويحتاج أحياناً إلى استخدام الماء فهل إذا لم يأمن الصائم نزول هذا الماء إلى جوفه هل تكون مفطرة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/233)
بالنسبة لاستخدام الحشوات عند إصلاح السن عند وضع الحشو في السن أو حتى عند قلع السن هو الأصل أنه إذا لم يصل شيء من تلك الحشوة أو الدم أو نحوهما إلى الجوف فإن الصوم صحيح وهو أشبه بالمضمضة والاستنشاق ولكن إذا كان الصائم يخشى من أن يصل إلى جوفه شيء من ذلك فنقول: الأولى له أن يؤخر مثل هذا العمل إلى الليل لأنه ما يخشى أن يصل إلى الجوف ينبغي أن يتقيه الصائم والأصل في هذا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكن صائم) فنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المبالغة في الاستنشاق للصائم وذلك لأن هذه المبالغة قد يصل معها شيء إلى الجوف مع أن الغالب أنه إذا وصل شيء إلى الجوف يكون بغير اختيار الإنسان ولكن لما كانت هذه الوسيلة تؤدي إلى مثل هذا نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها مع أنها أمر مسنون في الأصل, المبالغة في المضمضة والاستنشاق أمر مسنون في الأصل لكن لما كانت قد تؤدي إلى وصول الماء إلى الجوف نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المبالغة والمضمضة والاستنشاق في حق الصائم هكذا نقول: بالنسبة لمن يريد علاج أسنانه عن طريق مثلاً استخدام الحشوة أو قلع سنه إذا لم يكن محتاجاً إلى فعل ذلك في النهار فإن الأولى أن يؤخره إلى الليل خشية أن يصل شيء إلى جوفه لكن لو احتاج إلى ذلك كأن يكون يتألم من سنه ويشق عليه أن ينتظر إلى الليل مثلاً إنسان تألم من سنه بعد صلاة الفجر ويصعب عليه أن ينتظر إلى الليل فنقول: لا بأس يذهب إلى الطبيب والطبيب يعالج هذا السن ولو بقلعه حتى وإن خرج منه دم فإن هذا الدم دم يسير لا يؤثر على صحة الصوم.
هناك مسألة فقط بالنسبة لباب ما يفسد الصوم نحن ذكرنا أنه إذا فعل ذلك ناسياً أو مكرهاً فإنه لا شيء عليه وكذلك أيضاً إذا كان جاهلاً على القول الراجح وإلا على المذهب عند الحنابلة يفسد الصوم إن كان جاهلاً ولهذا المصنف قال: (عامداً ذاكراً لصومه) ولم يشر إلى مسألة الجهل وإنما أشار إلى مسألة كونه يفعل ذلك عامداً ذاكراً لصومه غير ناسٍ أما لو كان جاهلاً فعلى المذهب أن صومه يفسد ولكن على القول الراجح أن صومه لا يصح.
يرد سؤال: عندما يزول العذر في منتصف النهار كأن تطهر الحائض أو يصل المسافر في هذه الحالة هل يستمر مفطراً أو يجب عليه الإمساك؟
هذه مسألة اختلف فيها العلماء والخلاف فيها خلاف قوي إذا قدم المسافر مفطراً هل يلزمه الإمساك بقية نهاره, إذا طهرت الحائض بقية النهار هل يلزمها الإمساك بقية يومها يعني: مثلاً امرأة طهرت في منتصف النهار بعد الظهر طهرت فطبعاً يلزمها قضاء هذا اليوم لكن هل يلزمها الإمساك بقية هذا اليوم أم نقول: إنه مادام فسد صوم هذا اليوم فلا يلزم معه الإمساك هذه المسألة اختلف فيها العلماء على قولين مشهورين:
القول الأول: أنه لا يلزم الإمساك وذلك لقول ابن مسعود: (من أكل أول النهار فليأكل آخره) [رواه البيهقي] ولأن هذا الصائم قد أفطر أول النهار فلا يستفيد من الإمساك بقية نهاره شيئاً.
والقول الثاني في هذه المسألة: أنه يلزمه الإمساك إذا قدم المسافر أو طهرت الحائض أو النفساء فليزمهما الإمساك بقية النهار وذلك احتراماً للصوم وقياساً على ما لو قامت البينة أثناء النهار مثلاً إنسان ما علم بأنه دخل شهر رمضان إلا بعد الظهر وكان هذا يحصل كثيراً في السابق لما لم يكن فيه وسائل اتصال ولا وسائل إعلام فكان الناس لا يعلمون بدخول شهر رمضان إلا في أثناء النهار فإذا قامت البينة في أثناء النهاء فباتفاق العلماء أنه يلزم الناس الإمساك ولا يقال بأنهم لا يستفيدون شيئاً من إمساكهم بقية يومهم مع وجوب القضاء أيضاً وهذا القول الأخير هو القول الراجح وهو اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- يلزم الإمساك المسافر إذا قدم والحائض إذا طهرت والنفساء إذا طهرت يلزمهم الإمساك وذلك احتراماً لزمن الصوم وأما القول بأنه قد أفطر فلا يستفيد شيئاً فهذا غير مسلم بل نقول: يستفيد الأجر والثواب من الله - عز وجل- على هذا الإمساك وإن كان ليس صوماً لكن احترامه لهذا الصوم وإمساكه مما يؤجر ويثاب عليه فهو أشبه ما لو قامت البينة أثناء النهار فإنه يلزم الإمساك باتفاق فكذلك أيضاً إذا قدم المسافر وطهرت الحائض والنفساء فالقول الصحيح أنه يلزمهم الإمساك بقية نهارهم وهم بذلك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/234)
مأجورون ومثابون على ذلك ويستفيدون بذلك الأجر والثواب.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: يكثر في شهر رمضان السفر للعمرة ولكن موضوع السفر هل كل مسافر يطبق أحكام السفر؟ وهل الصيام في حقه أفضل أم الإفطار؟
لدي سؤالان بالنسبة للسواك: بعض الأحيان يكون له طعم أو حرارة هل إذا ابتلعتها تفطر؟
السؤال الثاني: بالنسبة لمن أكل وهو ناسٍ أكل وجبة كاملة ثم تذكر بعد ساعة أو ساعتين هل يعيد هذا اليوم؟
لكنه قد نوى الصوم فأكل ناسياً.
هذا الصوم نافلة نوى صوم نافلة ثم مع زملائه في العمل أفطر ناسياً ثم تذكر بعد ساعة أنه صائم؟
هناك كثير من الناس يفطر على الأذان مع العلم بأن المؤذنين يؤذنون على التقويم ونحن تأكدنا من أن غروب الشمس لا يكون دقيقاً على التقويم فما حكم صيامنا في هذا الحال يعني: نسمع الأذان الذي على التقويم مع العلم أن قرص الشمس كامل أو النصف ما زال في كبد السماء في منطقة الباحة؟
هل رأيتم القرص؟
نعم رأينا القرص كاملاً أو نصفه على الأقل ومع ذلك الناس يؤذنون ويفطرون فما حكم صيامنا في هذه الحال؟
يسأل عن السفر للعمرة وأحكام السفر وتطبيق الرخص الواردة في ذلك؟
نعم السفر للعمرة نقول: أولاً إذا كان الإنسان ضارباً في الأرض يعني: في الطريق فله أن يترخص بجميع رخص السفر في أثناء الطريق يفطر في نهار رمضان, يقصر, يجمع هذا لا إشكال فيه هذا بالاتفاق إذا وصل إلى مكة وهنا ننظر إذا كانت إقامته أكثر من أربعة أيام فإن القول الصحيح الذي عليه أكثر أهل العلم أنه يعتبر في هذه الحال مقيماً ولا يعتبر مسافراً يعني: ليس له أن يترخص برخص السفر.
أما إذا كانت إقامته في حدود أربعة أيام فأقل فإن له أن يترخص برخص السفر وهذا هو القول الصحيح في هذه المسألة وهو اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- وموضع بسط أدلة هذه المسألة وتفاصيلها في غير هذا الموضع وإنما سبق أن تكلمنا عنه في دروس سابقة وفي حلقات أخرى ومواضع أخرى, المقصود أنه إذا كانت إقامة المسافر أكثر من أربعة أيام فإنه ليس له أن يترخص برخص السفر. إذا كانت إقامته في حدود أربعة أيام فأقل فإن له أن يترخص برخص السفر.
وبناء على ذلك نقول: من ذهب للعمرة فنقول: في أثناء الطريق لك أن تفطر في نهار رمضان إذا وصلت إلى مكة فننظر إلى إقامتك إن كانت أكثر من أربعة أيام فليس لك أن تترخص برخص السفر أما إن كانت أربعة أيام فأقل فإن لك أن تترخص برخص السفر ومنها الفطر في نهار رمضان.
وأما مسألة أيهما أفضل الفطر أم الصوم؟ فالأصل أن الفطر أفضل من الصوم خاصة إذا كان الصوم يشق على الإنسان فيتأكد في حقه الفطر (والله- تعالى- يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه) وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (ليس من البر الصيام في السفر) وقال في حق الذين لم يفطروا وقد أمر بالفطر قال: (أولئك العصاة أولئك العصاة).
لكن إذا كان يستوي في حقه الصوم والفطر لأن بعض الناس يستوي في حقها الصوم والفطر كأن يسافر عن طريق الطائرة مثلاً ولا يلحقه أدنى مشقة فيستوي في حقه الصوم والفطر فنقول: يفعل ما هو الأيسر له فإن استويا فالصوم في حقه أفضل لأنه فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث أبي الدرداء قال: (سافرنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في يوم حار وما فينا صائم إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن رواحة) ولأنه أسرع في إبراء الذمة هذا ما يتعلق بمسألة أيهما أفضل الصوم أم الفطر؟.
يسأل عن السواك يقول: أحياناً يكون له طعم أو حرارة هل تؤثر في صحة الصيام؟
هو الأصل أن السواك لا يؤثر على صحة الصوم حتى لو وجد له طعماً لكن إذا كان رطباً وكان طعمه واضحاً وجلياًَ فهذا ينبغي تجنبه لأن هذا الطعم ربما لو اختلط بالريق وبلعه الإنسان متعمداً فقد يؤثر على صحة الصوم في هذه الحالة لذلك نقول: إذا كان السواك رطباً فإنه يتجنبه الصائم أما إذا لم يكن رطباً فالأصل أنه مسنون للصائم ولغير الصائم حتى لو وجد طعمه فإنه لا يضر.
يسأل أيضاً عمَّن أكل ناسياً وجبة كاملة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/235)
نعم حتى لو أكل وجبة كاملة (أطعمه الله وسقاه) حتى وإن كان هذا الصوم نافلة لأنه أكثر ما يرد النسيان في صوم النافلة ينوي الإنسان مثلاً صيام الإثنين أو الخميس أو ينوي صيام الأيام البيض ثم ينسى فمثلاً كما ذكر الأخ السائل أفطر مع زملائه وأكل وجبة كاملة فنقول: هذه طعمة من الله - عز وجل- وليتم صومه وصومه صحيح.
يقول: إنه تحرى للغروب وأن الناس يفطرون قبل الأذان؟
سؤال الأخ سؤال غريب لأن التقاويم في الجملة دقيقة بالنسبة لغروب الشمس فأقول: بعض الإخوة ربما يظن يرى الحمرة التي تكون بعد القرص فيقول: إن الشمس ما غربت وهذه الحمرة لا اعتبار لها المعتبر هو القرص ما دام أنه قد سقط القرص وغرب القرص فإنه حل الفطر للصائم أما وجود هذه الحمرة فلا يضر, بعض الناس حدثني قال: إني رأيت الشمس لم تغرب والمؤذنون يؤذنون فلما تأكدت تبين أنه يقصد الحمرة ومثل هذه الحمرة لا تضر المهم سقوط القرص إذا سقط قرص الشمس فقد حل الفطر للصائم.
لكن على تقدير أن ما ذكره الأخ السائل أنه صحيح وأنه لم يسقط قرص الشمس بعد وأن المؤذنين يؤذنون وأن التقويم هكذا إذا كان هذا صحيحاً فأطلب من الأخ السائل أن يكتب لنا بذلك أو يكتب لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وهي الجهة المسؤولة عن إعداد التقويم هذه مسألة مهمة جداً لكن أوصي الأخ بالتثبت والتأكد من هذه المسألة إذا كان ما ذكره صحيحاً فأرى أنه يتأكد في حقه أن يكتب للجهات المختصة أو يكتب لي شخصياً وأنا أوصله لهم يكتب لي بما رآه والأحسن أن يحضر معه شهوداً شاهدين أو ثلاثة ويوقعوا على ذلك ونحن نوصلهم للجهة المسؤولة عن إعداد تقويم أم القرى إذا كان هناك خطأ لعله يعدل لكن أوصي الأخ السائل أن يتأكد من هذه النقطة من أن قرص الشمس لا يزال موجوداً والمؤذن يؤذن على التقويم وتكون الساعة مضبوطة أيضاً لأن ساعات بعض المؤذنين تكون غير مضبوطة فربما أذن قبل الوقت والإشكال في ساعة المؤذن لكن يتأكد أولاً: من ضبط الساعة ويتأكد من أن المؤذن على التقويم ويتأكد من بقاء القرص إذا كانت هذه المعلومات كلها صحيحة وكان هناك خطأ فيخاطب الجهات المسؤولة أو يكتب لي شخصياً وأنا أوصله للجهة المسؤولة عن إعداد تقويم أم القرى لمعالجة هذه الإشكالية.
بالنسبة لأقراص صغيرة لمرضى القلب توضع تحت اللسان فتتحلل ويكون فيها حرارة ولها طعم في الفم لكن لا يصل إلى الحلق فهل هذا يفطر أم لا؟
الموضوع الآخر وهو قضية غروب الشمس والفجر أنا خرجت في رمضان الماضي ثلاث مرات ووجدت الغروب دقيق نعم تغرب الشمس على التقويم ما يتأخر غروب الشمس على التقويم أما الفجر فثلاث مرات يخرج الفجر أكثر من ربع ساعة بعد التقويم, متأخر عن التقويم إلى سبعة عشر دقيقة تقريباً التقويم متقدم أما الغروب فهو دقيق؟
يسأل عن الأقراص مثل هذه الأقراص التي توضع لمرضى القلب ما دام أنها لا تصل للجوف ولا يحصل بها التغذية للصائم فلا بأس بها ولا تفطر الصائم لأنها كما ذكرنا لا تصل إلى الجوف ولا يحصل بها التغذية فهي أشبه بالإبر ونحن قلنا على القول الصحيح: إن الإبر إذا لم تكن مغذية فإنها لا تفطر الصائم فإذا كانت إبراً أو كانت أقراصاً لكنها لا تصل للجوف وليست أكلاً ولا شرباً ولا في معنى الأكل والشرب فإنها لا تفطر الصائم.
هو كما ذكر الأخ ذكر أن غروب الشمس ذكرت أنه دقيق وما ذكر الأخ السائل قبل قليل كما ذكرت عليه أن يتأكد وإذا تأكد أكثر من مرة وشهد بذلك أكثر من شاهد فيخاطب الجهات المختصة لمعالجة هذه الإشكالية لكن الغالب أن التقاويم بالنسبة لغروب الشمس دقيقة وهي التقاويم العالمية تتفق على هذا التوقيت.
أما بالنسبة للفجر فما ذكره صحيح ما ذكره من و جود التقديم هو صحيح في هذا لكن على كل حال أنا أشرت في درس سابق إلى أن هذه الإشكالية الموجودة سوف تعالج وهناك جهود قائمة لتصحيح هذا الخطأ في بعض التقاويم ونسأل الله - عز وجل- أن تكلل هذه الجهود بالنجاح لكنني في الوقت نفسه أقول: حتى تعالج هذه الإشكالية وهذه الأخطاء في بعض التقاويم أوصي بالاحتياط للصوم وللصلاة أما الصوم فيمسك مع التقويم وأما بالنسبة للصلاة لا تصلى صلاة الفجر قبل ثلث ساعة وهو بهذا إذا احتاط للصوم والصلاة يكون قد أدى العبادة بيقين أما أنه يأكل ويشرب حتى بعد الأذان هذا قد يسبب شيئاً من البلبلة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/236)
والإشكال وربما النزاع بين العامة ونحن نقول: لا حاجة لهذا كله فهو يحتاط للعبادة لعبادة الصوم ويحتاط لعبادة الصلاة فيمسك مع التقويم لكن لا يصلي صلاة الفجر إلا بعد مضي ثلث ساعة على الأقل.
ما حكم استخدام فرشاة الأسنان في نهار رمضان؟
صائم قضاء والمؤذن أذن قبل الوقت فما مدى صحة هذا الصوم هل هو صحيح أم لا؟
يعني: أذن قبل الوقت فأفطر قبل الوقت
نعم أذن المؤذن قبل دخول الوقت وأفطر الصائم؟
يسأل عن حكم استخدام الفرشاة
تكلمنا في أثناء الشرح عن هذه المسألة بالتفصيل لكن لعل الأخ السائل ما حضر أو ما سمع لكن على كل حال نعيدها باختصار نقول: استعمال الفرشاة بدون معجون هذا حكمه حكم السواك بل هذه الفرشاة تعتبر من السواك لا ينحصر السواك في عود الأراك لكن استخدام المعجون نقول: لا بأس به إذا لم يصل إلى الجوف إذا لم يصل إلى معدته لكن لما كانت بعض المعاجين لها نفوذ قوي نقول: ينبغي أن يجعل استخدام المعجون مع الفرشاة في الليل ولا يجعله في النهار لكن لو جعله في النهار وتأكد أنه لن يصل إلى جوفه فلا بأس بذلك.
لعلنا نختم بهذا السؤال عن أن المؤذن يؤذن قبل الوقت
تكلمنا عن هذه المسألة وقلنا: إنه من أكل أو شرب يظن أن الشمس قد غربت إما بنفسه أو اعتماداً على مؤذن قد أذن يعتقد أن الشمس قد غربت فالمذهب عند الحنابلة أن عليه القضاء.
والقول الصحيح في هذه المسألة وهو الذي عليه أكثر المحققين أن صومه صحيح وأنه لا قضاء عليه لحديث أسماء -رضي الله عنها- قالت: (أفطرنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم طلعت الشمس) ولم ينقل أنهم أمروا بالقضاء فدل ذلك على صحة الصوم.
فمن أكل وهو يعتقد أن الشمس قد غربت فتبين أنها لم تغرب أو اعتقد أنه في ليل فتبين أنه قد طلع الفجر فالقول الراجح أن صومه صحيح وأنه لا قضاء عليه لكن في الوقت نفسه نؤكد على الإخوة المؤذنين ينبغي أن يتحروا الدقة في الأذان خاصة بالنسبة لأذان المغرب عليهم أن يتقوا الله - عز وجل- في هذا وألا يؤذن المؤذن إلا وهو متأكد من أن الشمس قد غربت وكما ذكرنا التقاويم في جملة دقيقة بالنسبة لغروب الشمس على الأقل أن يتأكد من ضبط ساعته وألا يؤذن إلا مع التقويم أما أن يتساهل المؤذن ويؤذن قبل الوقت ويكون فيه شيء من الإهمال والتقصير هذا لا شك أنه خطأ وربما تحمل شيئاً من المسؤولية في هذا يعني كونها يفطر على أذانه الصائمون حتى وإن كان هذا في غير رمضان نحن نعرف أن بعض الفقهاء يرون أن الصوم غير صحيح وأن الواجب عليه القضاء وأن هذا هو المشهور من مذهب الحنابلة فمثل هذه المسألة فيها خطورة نحن لو أخذنا بالقول بأن الصوم يفسد معنى هذا: أن المؤذن تسبب في إفساد صوم هؤلاء كلهم ولذلك على المؤذن أن يتحرى الدقة في هذا وألا يؤذن إلا وهو متأكد من أن الشمس قد غربت أو على الأقل يضبط ساعته على التقويم ويؤذن على التقويم حتى تبرأ ذمته بهذا أما ما يرى من تساهل بعض المؤذنين يكونون مستعجلين في الأذان قبل الوقت فيترتب على ذلك أن بعض الصائمين يفطر على أذان هذا المؤذن وربما قلد هذا المؤذن مؤذنٌ آخر وقلد المؤذنَ الآخر مؤذنٌ آخر فتتابعوا على هذا الأذان فأفطر عدد كثير بسبب هذا الخطأ وربما نقول بسبب هذا التقصير والإهمال من هذا المؤذن الذي لم يتحر الدقة في أذانه.
سؤالا الحلقة القادمة سيكون- إن شاء الله تعالى- الشرح في الدرس القادم في باب صيام التطوع ونحن منهجنا أن نجعل الأسئلة في الدرس الذي سوف يشرح حتى نرى اجتهادات الإخوة وأيضاً يكون في هذا تشجيع لهم على البحث وعلى الاطلاع على أقوال العلماء وأدلتهم.
السؤال الأول: ما حكم تقديم صيام ست من شوال على القضاء الواجب؟
السؤال الثاني: ما حكم قطع صيام التطوع؟
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 11:15 ص]ـ
الدرس الواحد والعشرين
صيام التطوع
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين أما بعد فقد وصلنا في هذا الدرس إلى باب صيام التطوع وقبل أن نقرأ عبارة المؤلف ثم نشرحها وما تضمنته من مسائل وأحكام نبدأ أولا بذكر بعض ما يسن للصائم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/237)
فمن ذلك أنه يسن للصائم تعجيل الفطر وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث سهل بن سعد المتفق على صحته لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ومفهوم هذا الحديث أن الناس إذا أخروا الفطر فهم ليسوا بخير وفي هذا رد على بعض الطوائف الذين يرون تأخير الفطر حتى تشتبك النجوم وهذا مخالف للسنة والسنة أنه متى ما تحقق من غروب الشمس فيبادر الصائم إلى الإفطار ويكون ذلك بغروب قرص الشمس فمتى ما سقط قرص فقد حل الفطر للصائم ولا يضر وجود الحمرة بعد سقوط القرص.
والسنة أن يفطر الصائم على رطب فإن لم يجد فعلى تمر فإن لم يجد فعلى ماء ويدل لذلك حديث سلمان بن عامر -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور) أخرجه أبوا داوود والترمذي وبن ماجة وأحمد وهو حديث صحيح أو حسن ولحديث أنس -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- (كان يفطر على رطب فإن لم يجد فعلى تمر فإن لم يجد حسى حسوات من ماء).
والسنة أن يدعو عند فطره فقد ورد (أن للصائم عند فطره دعوة لا ترد) قد ورد ذلك في سنن أبي داوود بسند صحيح فالسنة للصائم عند الفطر أن يدعو بما يحضره من خيري الدنيا والآخرة وهذا الموضع من المواضع التي هي أحرى ما تكون لإجابة الدعاء وقد جاء في حديث بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أفطر قال: (اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت فتقبل مني إنك أنت السميع العليم) ولكن هذا الحديث لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حديث ضعيف مادام أنه ضعيف فإنه لا يعمل به وما صح فيه غنيه عن ما لم يصح وجاء في حديث بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أفطر قال ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله) وهذا الحديث أخرجه أبو داوود والنسائي والدار قطني والحاكم وهو حديث حسن بمجموع طرقه فيكون هذا الحديث ثابتا ويكون هذا هو الذكر الثابت ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ولكن إذا كان الصائم لم يلحقه ظمأ كأن يكون مثلا صيامه أيام البرد في الشتاء أو أنه مثلا كان طيلة نهاره عند المكيف ولم يلحقه ظمأ فهل يقول عند فطره ذهب الظمأ وابتلت العروق أم أنه لا يقول ذلك؟ نريد أن نسمع الإجابة منكمن، إذا لم يلحق الصائم الظمأ في نهاره فهل السنة له أن يأتي بهذا الذكر فيقول ذهب الظمأ وابتلت العروق؟
يستحب له أن يقول
إذا قال ذهب الظمأ يكون قد كذب بذلك ما لحقه ظمأ لم يلحقه ظمأ حتى يقول ذهب الظمأ ولذلك الصحيح أنه إذا لم يلحقه ظمأ فإنه لا يقول ذلك لأنه إذا قال ذهب الظمأ وهو لم يلحقه ظمأ يكون بهذا قد كذب في هذه العبارة وإنما إذا لحقه الظمأ يأتي بهذا الذكر، وكما ذكرنا أن للصائم عند فطره دعوة ما ترد ولذلك فإنه يدعوا بما يتيسر وبما يحضره من خيري الدنيا والآخرة.
كذلك أيضا يستحب للصائم أن يتسحر وأن يؤخر السحور إلى قبيل الفجر وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالتسحر فقال تسحروا فإن في السحور بركة وأقل ما يفيده هذا الأمر الاستحباب فيكون إذن التسحر مستحبا يكون مستحبا للصائم ولهذا نقول إن السنة للصائم أن يتسحر قبيل طلوع الفجر وأن ينوي بذلك إصابة السنة فإنه إذا فعل ذلك يثاب ويؤجر على ذلك والسنة أن يؤخر السحور فيجعله في آخر الليل يعني قبيل الفجر وقد جاء في حديث زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- في صحيح البخاري (قال تسحرنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فسئل زيد -رضي الله تعالى عنه- كم كان بين سحوره وإقامة الصلاة قال قدر قراءة خمسين آية) وهذا في صحيح البخاري.
وجاء عند الطبراني أنه بقدر قراءة سورة الحاقة وسورة الحاقة عدد آياتها اثنان وخمسون آية وقدر ذلك الحافظ بن حجر -رحمه الله تعالى- قال بثلث خمس ساعة يعني في حدود أربع إلى خمس دقائق قال وذلك بمقدار ما يتوضأ الرجل هذا دليل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يؤخر السحور إلى آخر الليل ثم يؤذن المؤذن ثم ينتظر في حدود أربع إلى خمس دقائق ثم تقام الصلاة يعني يجعل ما بين الأذان والإقامة قدر قراءة خمسين آية ثم تقام الصلاة ومع ذلك كان ينفتل من صلاة الفجر حين يعرف الرجل جليسه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/238)
إذن السنة تأخير السحور وينبغي للصائم أن يحرص على هذه السنة أقول هذا لأننا في هذه الأزمنة قد فرط كثير من الناس في هذه السنة أعنى سنة السحور تجد بعض الناس ينام ولا يستيقظ إلا مع أذان الفجر ولا يتسحر وهذا وإن كان لا يلحقه إثم لأن التسحر مستحب وليس واجبا ولكن ينبغي الحرص على السنة في هذا وأن يقدم الإنسان استيقاظه قبيل الفجر فيتسحر وذلك حتى يأتي بهذه السنة وقد أخبر -عليه الصلاة والسلام- بأن هذا السحور فيه بركة وهذه البركة تأتي من عدة وجوه:
أولا: من بركتها امتثال سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وما يحصل من ذلك من الأجر والثواب للصائم.
ومن بركة السحور أيضا أن الصائم يتقوى به طيلة نهاره فإن المتسحر يجد نشاطا وقوة في نهاره بخلاف غير المتسحر ومن ذلك أيضا أن في السحور مخالفة أهل الكتاب فإن أهل الكتاب لا يتسحرون قال -عليه الصلاة والسلام-: (فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر).
فكل هذه الوجوه وربما غيرها مما لم يذكر من بركة السحور فالسنة إذن أن يحرص المسلم على السحور وأن لا يدعه فإن فيه بركة بقي أن نشير إلى أنه إذا أذن المؤذن والإنسان يشرب ماء أو نحوه فإن له أن يكمل شرب هذا الماء وقد ورد في ذلك حديث صحيح أخرجه أبو داوود والحاكم والبيهقي وأحمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه) وهذا الحديث كما ذكرنا هو عند أبي داوود وغيره وقد ذكره الالباني -رحمه الله تعالى- في سلسلة الأحاديث الصحيحة وذكر له ستة شواهد فالحديث بمجموع شواهده صحيح.
وهذا يدل على التوسع على الصائم وأنه إذا كان يشرب ماء مثلا أو يأكل وأذن المؤذن فله أن يستمر في ذلك في شرب ذلك الماء ولا يضع الإناء حتى يقضي حاجته منه وأن في هذه الأمر سعة لأن بعض العامة يتشدد في هذه المسألة خاصة في الوقت الحاضر الذي قد قيل بأن أذان الفجر الآن الذي يؤذن على التقاويم أن فيه تقديما على الوقت الحقيقي لطلوع الفجر فنقول مادام أن الأمر كذلك فالأمر فيه سعة لكن الحديث الوارد على تقدير أن المؤذن يؤذن على طلوع الفجر ومع ذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه) أي أنه يجوز لك إذا كنت تشرب ماء والمؤذن يؤذن يجوز أن تكمل شرب هذا الماء ولا تضع الإناء حتى تقضي حاجتك من هذا الإناء، هذه بعض السنن الواردة بالنسبة الإفطار والسحور.
بعد ذلك ننتقل للصيام المسنون أو صيام التطوع ونبدأ بقراءة عبارة المؤلف -رحمه الله تعالى-.
بسم الله الرحمن الرحيم باب صيام التطوع يقول المصنف -رحمه الله تعالى- (أفضل الصيام صيام داوود -عليه السلام- كان يصوم يوما ويفطر يوما وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي يدعونه المحرم وما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من عشر ذي الحجة ومن صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر وصيام عاشوراء كفارة سنة وصيام يوم عرفة كفارة سنتين ولا يستحب لمن كان بعرفة أن يصومه ويستحب صيام أيام البيض والاثنين والخميس والصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر ولا قضاء عليه وكذلك سائر التطوع إلا الحج والعمرة فإنه يجب إتمامهما وقضاء ما أفسد منهما ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صوم يومين يوم الفطر ويوم النحر ونهى عن صوم أيام التشريق إلا أنه رخص في صومهما للمتمتع إذا لم يجد الهدي وليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان)
قال المصنف -رحمه الله تعالى- باب صيام التطوع من رحمة الله عز وجل بعباده أن شرع لهم التطوع مع الفريضة وهذا في جميع العبادات فنجد مثلا الله تعالى شرع في الصلاة صلاة التطوع من السنن الرواتب ومن الوتر ومن الضحى ومن غيرها من أنواع التطوعات كذلك أيضا في الصيام شرع الله عز وجل صيام التطوع كذلك مع صيام الفريضة كذلك أيضا في الزكاة نجد أن الله شرع صدقة التطوع مع الزكاة الواجبة كذلك أيضا في الحج شرع الله تعالى حج التطوع مع حج الفريضة وهكذا وذلك من رحمة الله بعباده وحتى يزدادوا تقربا إليه بتلك التطوعات وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي (وما تقرب إلي عبدي بأحب مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/239)
الذي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه).
فأخبر الله عز وجل في هذا الحديث القدسي المتفق على صحته أخبر الله تعالى بأن أحب الأعمال إليه الفرائض وأن كثرة النوافل سبب لنيل محبة الله عز وجل للعبد ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ومن ذلك صيام التطوع وسبق أن قلنا في أول كتاب الصيام إن عبادة الصوم قد رتب عليها من الأجر والثواب ما لم يرتب على غيرها من العبادات وذلك أن جميع العبادات الثواب عليها من باب الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة إلا الصوم كما قال الله تعالى في الحديث القدسي (كل عمل بن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به).
فإذن الصوم يجزي ربنا عز وجل عليه جزاء خاصا من عنده وهو سبحانه أكرم الأكرمين وأجود الأجودين فما بالك بهذا الجزاء الذي يجزي به الله عز وجل على هذه العبادة العظيمة وسبق أن ضربت لكم مثلا في درس سابق لكن لا بأس أن أذكر به الآن أقول لو قال أستاذ لطلابه قال لكل طالب أنت لك جائزة قدرها كذا وأنت لك جائزة قدرها كذا وأما أحد الطلاب قال وأما أنت فلك عندي جائزة خاصة فما الذي يفهم من هذا يفهم أن هذ الجائزة جائزة عظيمة ليست كجوائز زملائه جائزة عظيمة لها قدر هكذا أيضا عبادة الصوم اختص الله تعالى بأن يجزي عليها جزاء خاصا من عنده وهو سبحانه أكرم الأكرمين كما يقال العطية بقدر معطيها فما بالك بهذا الجزاء الخاص من أكرم الأكرمين وأجود الأجودين وهذا ال فضل العظيم للصوم لا يختص بصوم الفريضة بل يشمل صوم النافلة وإن كان صوم الفريضة أفضل وأعظم أجرا عند الله عز وجل ولكن أيضا هذا الفضل وهذا الأجر يشمل حتى صوم التطوع ثم ذكر المصنف -رحمه الله تعالى- أنواعا من صيام التطوع وبدأ بأفضلها قال أفضل الصيام صيام داوود -عليه السلام- كان يصوم يوما ويفطر يوما وقد أخبر -عليه الصلاة والسلام- بأن أفضل الصيام صيام داوود وأفضل القيام قيام داوود فصيام داوود أنه كان يصوم يوما ويفطر يوما وقيام داوود أنه كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه أي أنه قسم الليل إلى ستة أقسام الأقسام الثلاثة الأولى يعني السدس الأول والثاني والثالث ينامها ويقوم السدس الرابع والخامس التي تعادل الثلث أنت إذا جمعت سدس مع سدس ثلث والسدس السادس ينامه.
كان إذن ينام السدس الأول والثاني والسادس أما الرابع والخامس فكان يقومه وأخبر -عليه الصلاة والسلام- بأن هذا أفضل القيام وكذلك بالنسبة للصيام كان يصوم يوما ويفطر يوما وقد أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا عبد الله بن عمرو بن العاص لما بلغه (أنه كان يصوم النهار ويقوم الليل ويختم القرآن كل ليلة فدعاه النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال صم في الشهر ثلاثة أيام فإن لك بالحسنة عشر أمثالها وإذا صمت ثلاثة أيام في الشهر فكأنما صمت الدهر كله) لأنه إذا صام ثلاثة أيام إذا ضربت ثلاثة في عشرة الناتج ثلاثون يعني إذا صام ثلاثة أيام كأنه صام ثلاثين يوما فيكون بذلك كأنه قد صام السنة كلها (فقال عبد الله إني أطيق أكثر من ذك قال صم يوما وأفطر يومين قال إني أطيق أكثر من ذلك قال صم يوما وأفطر يوما قال إني أطيق أفضل من ذلك لما قال صم يوما وأفطر يوما قال وذلك صيام أخي داوود -عليه السلام- قال إني أطيق أكثر من ذلك قال لا أكثر أو قال لا أفضل من ذلك).
فدل ذلك على أنه هذا هو الحد الأعلى في صيام التطوع ودل ذلك على أنه لا يشرع صيام الدهر كله أو السنة كلها بل ذلك مكروه وإن كان قد روي عن بعض السلف أن منهم من كان يصوم السنة كلها ولا يفطر أبدا كعبد الله بن الزبير روي أنه كان يصوم الدهر كله ولكن الذي يدل له ظاهر السنة أن هذا غير مشروط وأن أفضل الصيام صيام داوود ويفطر يوما هذه هي أعلى درجات الصوم وأفضل صوم التطوع، ولكن هل كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم يوما ويفطر يوما نحن قلنا إن هذا أفضل الصيام أفضل صيام التطوع أن يصوم يوما ويفطر يوما ولكن هل كان نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- يصوم يوما ويفطر يوما؟
لم يكن يصوم يوما ويفطر يوم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/240)
نعرف من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لم يكن يصوم يوما ويفطر يوما وكان يصوم حتى يقول القائل لا يفطر ويفطر حتى يقول القائل لا يصوم وذلك لأنه -عليه الصلاة والسلام- كان مشغولا بقيادة الأمة كلها فربما انشغل عن الصيام ولهذا كان يصوم حتى يقول القائل لا يفطر ويفطر حتى يقول القائل لا يصوم ولكنه أخبر -عليه الصلاة والسلام- بقوله أن هذا أفضل صيام التطوع.
قال: (وافضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي يدعونه المحرم) وهذا قد جاء في صحيح مسلم (أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم) فدل ذلك على أن أفضل صيام التطوع أنه صيام شهر المحرم فيصوم ما تيسر منه تأكد من ذلك صيام عاشوراء كما سيأتي.
قال: (وما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من عشر ذي الحجة) يعني أفادنا المؤلف بأنه أيضا يستحب صيام التسعة الأيام الأولى من عشر ذي الحجة وهذا هو مراد المصنف -رحمه الله تعالى- لأنه سيذكر أنه يحرم صيام يومي العيدين فإذن يستحب صيام التسعة الأيام الأولى من عشر ذي الحجة وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من الأيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهار في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) [أخرجه البخاري في صحيحه].
فبين -عليه الصلاة والسلام- أن العمل في عشر ذي الحجة هو أفضل ما يكون ما من أيام العمل فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر حتى إن العمل في هذه العشر عشر ذي الحجة أفضل من الجهاد في سبيل الله مع عظيم شأن الجهاد في سبيل الله وعظيم مكانته ومنزلته ومع ذلك العمل الصالح ومع ذلك فالعمل الصالح في هذه العشر أفضل حتى من الجهاد في سبيل الله إلا في حالة واحدة في حالة رجل خرج بنفسه وماله وقتل في سبيل الله وأنفق جميع ماله في سبيل الله وما عدا ذلك فإن العمل الصالح في هذه العشر أفضل ومن أعظم أنواع العمل الصالح الصيام فإذن السنة الصيام التسعة الأيام الأولى من عشر ذي الحجة.
قال: (ومن صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله) ومعنى الدهر يعني السنة من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال وهذا قد ورد من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- ووجه ذلك أن صيام رمضان يعادل صيام عشرة أشهر لأن الحسنة بعشر أمثالها إذن صيام شهر واحد وهو شهر رمضان عن عشرة أشهر بقي شهران حتى يكمل السنة فإذا صام ستة أيام نضرب ستة في عشرة لأن الحسنة بعشر أمثالها الناتج إذا ضربنا ستة في عشرة الناتج ستين يوما تعادل شهرين فإن أضفت شهرين إلى عشرة أشهر فإنه يكون قد عدل السنة كلها وهذا معنى قوله -عليه الصلاة والسلام- (من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر كله) يعني كأنما صام السنة كلها لأن رمضان عن عشرة أشهر وستة أيام عن ستين يوما يعني عن شهرين فإذا أتبع رمضان بست من شوال كان كأنه صام السنة كلها.
ولكن صيام ست من شوال إنما يتحقق هذا الفضل المذكور في هذا الحديث وهو أنه يكون كأنه صام الدهر كله لمن صام شهر رمضان كاملا بناء على ذلك من كان عليه قضاء واجب فلابد من أن يأتي به قبل صيام الست من شوال وإلا لما حصل على هذا الفضل لأنه لا يصدق عليه أنها صام رمضان وإنما صام بعد رمضان وبناء على ذلك لو أن المرأة كان عليها أيام قضاء من رمضان بسبب الحيض أو النفاس فإنها لابد إذا أرادت أن تحوز على هذا الفضل المذكور في هذا لحديث لابد أن تقدم الصوم الواجب لابد أن تقدم القضاء ثم تصوم بعد ذلك الست من شوال أما إذا صامت الست من شوال وعليها أيام قضاء لم تصمها فإنها لا تحصل على هذا الفضل المذكور في هذا الحديث وهو أنه يكون كمن صام الدهر كله لأنه لا يصدق عليها أنها صامت رمضان وإنما صامت بعد رمضان وما ورد في النصوص مقيدا بوصف معين فلابد أن يحقق معه هذا الوصف وإلا لما حاز على الفضل المذكور في تلك النصوص.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/241)
فإذن نقول من كان عليه صيام واجب من كان عليه قضاء فلابد من أن يبادر به (قطع ... ) قضاء واجب ثم بعد ذلك يصوم ستا من شوال قال وصيام عاشوراء كفارة سنة عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر المحرم وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على صومه وقد كانت اليهود تعظم هذا اليوم تصومه وذلك أن الله نجى فيه موسى وقومه وفرعون وقومه فوجد النبي -صلى الله عليه وسلم- اليهود يصومونه فقال نحن أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه وكان -عليه الصلاة والسلام- في أول الأمر يصوم هذا اليوم فقط ولكن بعد فتح مكة كان -عليه الصلاة والسلام- يحب مخالفة أهل الكتاب لما انتصر على أهل الأوثان كان يحب مخالفة أهل الكتاب كان في أول الأمر يحب موافقة أهل الكتاب ومخالفة المشركين إلى فتح مكة لما فتح الله عليه مكة وانتصر على أهل الأوثان كان يحب بعد ذلك مخالفة أهل الكتاب ولذلك قال لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع فالسنة إذن أن يصام مع عاشوراء يوم قبله أو يوم بعده تحقيقا لمخالفة اليهود.
قال (وصيام عاشوراء كفارة سنة) كما ورد في حديث أبي قتادة صيام عاشوراء أحتسبه على الله أن يكفر السنة التي قبله وصيام يوم عرفة يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده.
قال: (وصيام يوم عرفة كفارة سنتين) يعني تأكد صيام عرفة لكن لغير الحاج وقد أخبر -عليه الصلاة والسلام- بأنه يكفر سنتين ولهذا قال المؤلف (ولا يستحب لمن بعرفة أن يصومه) وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان مفطر بعرفة فإنه -عليه الصلاة والسلام- لما خطب الناس وصلى بهم الظهر والعصر جمعا وقصرا سار بناقته حتى بلغ موضع الصخرات عند الجبل واستقبل القبلة والجبل وجعل يدعو رافعا يديه وهو راكب على بعيره إلى أن غربت الشمس وقد شك الصحابة هل كان النبي -صلى الله عليه وسلم- صائما لأنه تفرغ تفرغا كاملا للدعاء في ذلك المقام فأرسلت إليه أم الفضل بلبن بعد العصر فشرب منه والناس ينظرون فعلم الصحابة أنه -عليه الصلاة والسلام- لم يكن في عرفة صائما وإنما كان مفطرا بل إنه قد ورد نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن كان بعرفة أن يصوم بعرفة والحكمة من ذلك والله أعلم حتى يتقوى الحاج على الدعاء وعلى الأذكار وعلى العمل الصالح لأن الإنسان مع الصوم يضعف فحتى يتقوى على الدعاء ونحوه شرع له الإفطار في ذلك اليوم أما غير الحاج فالسنة له أن يصوم ذلك اليوم.
قال: (ويستحب صيام أيام البيض وأيام البيض) هي اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من شهر الهجري القمري وسميت بالبيض لبياض نورها نور قمرها وذلك أن القمر يبلغ منتهاه في هذه الأيام خاصة في الرابع عشر والخامس عشر وقريبا منها الثالث عشر وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بصيام أيام البيض كما في حديث أبي ذر قال (إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم ثالث عشرة ورابع عشرة) [أخرجه الترمذي] وهو حديث حسن بمجمع طرقه وشواهده والسنة صيام ثلاثة أيام من كل شهر كما وصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك أبا هريرة وأبا الدرداء وأن تكون هذه الأيام الثلاثة في أيام البيض يعني في الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر الهجري القمري ولكن إذا لم يتيسر للإنسان أن يجعل الثلاثة أيام أيام البيض فإنه يصوم في أي وقت شاء من أول الشهر أو من وسطه أو من آخره فالسنة للمسلم إذن أن يصوم من الشهر ثلاثة أيام وقد وصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك عددا من الصحابة وصى أبا هريرة وأبا الدرداء وكذلك أيضا وصى عبد الله بن عمرو في أو الأمر قال (صم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها فإذا صمت من الشهر ثلاثة أيام كان كصيام الدهر كله) لأن ثلاثة إذا ضربتها في عشرة الناتج ثلاثون إذا صمت ثلاثة أيام كأنك صمت ثلاثين يوما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/242)
إذن قلنا أن السنة أن يصوم ثلاثة أيام من الشهر وأن السنة أن يجعل هذا الصيام في أيام البيض وقد ذكر بن القيم -رحمه الله تعالى- وبعض أهل العلم أن الحكمة في اختيار هذه الأيام لماذا كانت السنة صيام هذه الأيام في منتصف الشهر الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر لماذا لم تكن في أول الشهر لماذا لم تكن في آخر الشهر استنتبط بعض العلماء وبن القيم -رحمهم الله تعالى- استنبطوا الحكمة من هذا قالوا لأن الدم يكون أكثر فوراننا في منتصف الشهر ولهذا نجد أن لهذا علاقة في مسألة المد والجزر وتأثير جاذبية القمر على الأرض وعلى البحار وعلى مسألة المد والجزر والمد والجزر هذا أمر معلوم فكذلك أيضا يكون له تأثير أيض على الإنسان فيكون الدم في هذه الفترة أكثر تهيجا وفورانا ولذلك شرع الصيام في هذه الفترة لتسكين هذا الهياج وهذا الفوران فيكون لذلك فائدة من الناحية الصحية والله تعالى أعلم.
قال (والاثنين والخميس) أي أنه يتأكد استحباب صيام هذين اليومين يومي الاثنين والخميس وذلك لحديث أسامة بن زيد (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم الاثنين والخميس فسئل عن ذلك فقال إن أعمال الناس تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) وهذا الحديث [أخرجه أبوا داوود والنسائي وهو حديث حسن].
وأيضا في الحديث الآخر (إن أعمال العباد تعرض يومي الاثنين والخميس فيغفر الله تعالى لكل عبد إلا من كان بينه وبين أخيه شحناء فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا أنظروا هذين حتى يصطلح) فإذن في هذين اليومين يومي الاثنين والخميس تعرض الأعمال أعمال العباد على الله عز وجل ولذلك استحب صيامهما وكذلك أيضا ورد في صيام يوم الاثنين ما جاء في حديث أبي قتادة (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن صيام يوم الاثنين فقال يوم ولدت فيه وأنزل علي فيه) [أخرجه مسلم في صحيحه].
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ولد في ذلك اليوم يوم الاثنين كذلك أيضا كان نزول القرآن أول ما نزل في يوم الاثنين في ليلة القدر ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحرص على صيام هذا اليوم يوم الاثنين وكذا يوم الخميس.
ولكن إذا المفاضلة بين يومي الاثنين والخميس فالذي يظهر والله أعلم أن يوم الاثنين آكد من يوم الخميس وذلك لأنه ورد في يوم الاثنين ما لم يرد في يوم الخميس أن يوم الاثنين والخميس ورد فيها أنها يومان تعرض الأعمال فيهما على الله عز وجل لكن يوم الاثنين أيضا ورد فيه ما لم يرد في يوم الخميس من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر أن هذا اليوم يوم ولد فيه وأنزل عليه فيه فهذا يقتضي مزيد خصوصية ليوم الاثنين فيترجح على يوم الخميس ولذلك لو قال شخص أن أريد أن أصوم إما الاثنين أو الخميس أيهما أفضل فنقول يوم الاثنين أفضل من يوم الخميس.
ما دمنا اليوم في أيام الأسبوع صوم يوم الجمعة ورد في السنة النهي عن إفراده بالصوم كما جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم) وهذا الحديث [أخرجه مسلم في صحيحه].
أيضا جاء في الصحيحن عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده) فنجد في هذه النصوص النهي عن إفراد يوم الجمعة وتخصيصه بالصوم وتخصيص يوم الجمع بالصوم لكن هذا النهي محمول على الكراهة أو محمول على التحريم؟ أقول ورد النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصيام هل هذا النهي يحمل على الكراهة أو على التحريم؟
يحمل على التحريم
اختلف العلماء في ذلك منهم من قال أنه يحمل على الكراهة وهو المشهور من مذهب الحنابلة وقول الجمهور ومنهم من قال إنه يحمل على التحريم وذلك أن الأصل في النهي أنه يقتضي التحريم وهذا القول هو الأقرب لأن الأصل في النهي هو أنه يقتضي التحريم ولا صارف يصرف هذا النهي من التحريم إلى الكراهة.
ولهذا فالأقرب والله أعلم هو تحريم إفراد يوم الجمعة بالصوم على وجه التخصيص أما إذا لم يكن على وجه التخصيص فإنه لا يدخل في هذا لكن يخص يوم الجمعة طلبا لفضله فهذا هو الذي قد ورد النهي عنه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/243)
أما بالنسبة ليوم السبت فكره بعض العلماء إفراده بالصوم وذهب أيضا بعض العلماء إلى أنه لا يصام إلا إذا وافق الفريضة فقط وأخذوا بظاهر حديث الصماء بنت بسر -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضعه) هذا الحديث [أخرجه أبو داوود والتمرمذي والنسائي وبن ماجة وأحمد]، وضعفه كثير من أهل العلم قال أبو داوود أنه منسوخ وأنكره الإمام مالك وقال بعضهم إنه نقل عن الإمام مالك أنه كذب وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- «هذا الحديث شاذ أو منسوخ».
ولهذا فإن أكثر أهل العلم على تضعيف هذا الحديث ولكن من العلماء من صححه منهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله تعالى- وقد كان -رحمه الله تعالى- يضعف هذا الحديث ثم رجع عن رأيه هذا وقال بتصحيحه وأفتى بموجبه قال إنه لا يصام يوم السبت إلا إذا وافق الصوم واجبا إلا فيما افترض عليكم ولكن الصحيح في هذه المسألة هو الحق في هذ الحديث هو ما عليه أكثر أهل العلم من أن هذا الحديث حديث لا يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قال الإمام مالك وأبو داوود وجماعة من أهل العلم ولو صح سندا فهو شاذ وذلك لمخالفته للأحاديث الصحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنها ما ذكرناه قبل قليل لا تخصوا يوم الجمعة بصوم من بين الأيام وفي الحديث الآخر (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده) وما اليوم الذي بعد جمعة؟ يوم السبت وهذا الحديث في الصحيحين بينما حديث الصماء بنت بسر متكلم فيه أيضا ورد (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لإحدى زوجاته كانت صائمة يوم الجمعة قال صمت أمس قالت لا قال تصومين غدا قالت لا قال فأفطري) وقوله تصومين غدا يقصد به يوم السبت هذه أحاديث صحيحة فكيف نترك هذه الأحاديث الصحيحة ونأخذ بحديث قد أنكره أكثر أهل العلم.
ثم إن متن هذا الحديث فيه شيء من النكارة فإن في قوله فإن لم يجد أحد كم إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغها هذا فيه شيء من النكارة لأن الإنسان إذا لم يجد شيئا فلا حاجة لأن يأخذ لحاء عنب أو عود شجرة ويمضغه وإنما يفطر بقلبه ينوى الفطر بقلبه أما أنه يأخذ لحاء عنب لكي يحقق الفطر أو يأخذ عود شجرة ويمضغه لكي يحقق الفطر فهذا فيه شيء من النكارة ولذلك يبعد أن يكون هذا الحديث من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- كما يقول بعض أهل العلم هذا الحديث ليس عليه نور النبوة ففيه نكارة في متنه وفي سنده ولذلك فإن أكثر أهل العلم قديما وحديثا قد أنكروا هذا الحديث وضعفوه ولم يأخذوا به وذلك لضعفه وحتى ولو صح سندا فإنه شاذ لمخالفته الأحاديث الصحيحة التي تدل على جواز صيام يوم السبت.
ولكن قال بعض الفقهاء إنه يكره إفراده وهذا هو مشهور من مذهب الحنابة وهذا ليس عليه دليل إنما الدليل ورد فقط في حديث الصماء بنت بسر وقد سمعتم كلام أهل العلم فيه أما إفراده ما ورد فيه شيء يدل على كراهة إفراده ومعلوم أن الكراهة حكم شرعي تحتاج إلى دليل ظاهر وليس هناك دليل ظاهر يدل على كراهة إفراد يوم السبت.
ولهذا نقول القول الصحيح أن يوم السبت لا بأس بصومه ولا بأس بإفراده ولم يثبت فيه شيء لم يثبت في صيام يوم السبت شيء بل إنه ورد في حديث أم سلمة (أن أكثر ما يصوم النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأيام يومي السبت والأحد ويقول إنهما يوما عيد للمشركين فأحب أن أخالفهم) وهذا الحديث [أخرجه النسائي] ومن العلماء من ضعفه وحسنه آخرون فهو يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم يوم السبت بل كان يكثر من صيام يوم السبت.
إذن أيام الأسبوع الذي فقط ثبت فيه النهي هو يوم الجمعة إذا أفرده بتخصيص خصه فقط لكونه يوم جمعة هذا هو الذي ورد فيه النهي أما يوم السبت لم يثبت فيه شيء بقية أيام الأسبوع كذك له أن يصوم من أيها شاء يتأتى ذلك في يومي الإثنين والخميس هذا فيما يتعلق بصيام أيام الأسبوع.
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 11:26 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/244)
ثم قال المصنف -رحمه الله تعالى- (والصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر) وهذا يصلح أن يكون قاعدة الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر مادام أنه متطوع فالأمر إليه إن أراد أن يتم صومه فله ذلك إن أراد أن يقطعه فله ذلك فهو أمير نفسه.
وأفادنا المؤلف بهذا أن المتطوع يجوز له أن يقطع صومه من غير كراهة قد دل على ذلك ما جاء في صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها يوما وهو صائم فقال هل عندكم شيء قالت نعم فأفطر -عليه الصلاة والسلام-) فدل ذلك على أن من صام صوم التطوع فيجوز له أن يفطر (لكون النبي -صلى الله عليه وسلم- لما دخل على إحدى زوجاته وقيل له أهدي لنا حيث فأفطر -عليه الصلاة والسلام- وقال قد كنت أو قد أصبحت صائما أرنيه فلقد أصبحت صائما فأكل) وهذا دليل صريح الدلالة في أنه -عليه الصلاة والسلام- قطع صيام النافلة فدل ذلك على أنه لا بأس بقطع صوم النافلة، فالصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر.
كما أن صوم التطوع يجوز أن ينشيء فيه النية من النهار ولا يجب تبييت النية فيه من الليل فالتطوع بابه واسع ليس كصيام الفريضة صيام الفريضة يجب تبييت النية فيه من الليل ولا يجوز قطعه حتى وإن كان قضاء واجبا بل حتى إن كان على سبيل القضاء أما صوم التطوع فبابه واسع يجوز إنشاء النية فيه من النهار بشرط ألا يكون قد أكل أو شرب قبل ذلك وكذلك أيضا يجوز قطعه.
قال -رحمه الله تعالى- (وكذلك سائر التطوع إلا الحج والعمرة فإنه يجب إتمامهما) هذا استطراد من المصنف -رحمه الله تعالى- يقول وكذلك سائر التطوع أي يجوز قطعها وسائر أنواع التطوع إلا أن بعض أهل العلم قالوا إنه يكره قطع التطوع يعني صلاة التكوع من غير حاجة لقول الله تعالى ? وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ?33?? [محمد: 33]، لكن من حيث الجواز يجوز فيجوز إذن قطع صيام التطوع ويجوز قطع صلاة التطوع وهكذا سائر التطوعات إلا الحج والعمرة فإن الحج والعرمة يلزمان بالشروع فيهما، ما الدليل على أن الحج والعمرة يلزمان بالشروع فيهما؟
? وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ ? [البقرة: 169]،
أحسنت ? وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ ? هذه الآية دليل ظاهر على وجوب إتمام الحج والعمرة بعد الشروع فيها وهذا مما يختص به الحج والعمرة ولهذا لو أن شخصا مثلا ذهب ليعتمر فوجد زحاما أحرم بالعمرة ثم وجد زحاما وقال إذن أرجع إلى بلدي وأعتمر فيما بعد هل له ذلك ليس له ذلك ما دام أنه قد شرع في العمرة وكذا الحج فيلزمه إتمامه والإحرام لا يرتفض برفضه مادام أنه قد أحرم يلزمه الإتمام ولا يرتفض الإحرام برفضه.
ثم قال -رحمه الله تعالى- (وقضاء ما أفسد منهما) يعني يجب الإتمام ويجب هذا استطراد أيضا من المؤلف يجب قضاء ما أفسد منهما أي من الحج أو العمرة ويأتي إن شاء الله تعالى بيان ذلك وتفاصيله في باب الحج والعمرة.
قال: (ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صوم يومين يوم الفطر ويوم الأضحى) والنهي ثابت في الصحيحين وقد أجمع العلماء على ذلك فيحرم الصيام في يوم عيد الفطر وفي يوم عيد الأضحى ونهى عن صوم أيام التشريق إلا أنه رخص في صومها للمتمع إذا لم يجد الهدي أيام التشريق هي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة هذه تسمى أيام التشريق هذه أيضا يحرم صومها إلا في حالة واحدة وهي في حق من لم يجد الهدي فإن من لم يجد الهدي ما الواجب عليه إذا تمتع إنسان بالعمرة إلى الحج يعني كان اختار نسك التمتع فالواجب عليه أن يذبح هديا فإن لم يجد الهدي أو لم يستطع تحصيل قيمة الهدي فما الواجب عليه؟
صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع
صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع صيام ثلاثة أيام في الحج هذه يصح أن تكون في أيام التشريق يجوز أن يجعلها في أيام التشريق ويدل لذلك حديث عائشة وبن عمر (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي) [أخرجه البخاري في صحيحه].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/245)
ثم قال المؤلف -رحمه الله تعالى- (وليلة القدر في الوتر الأواخر من رمضان) ليلة القدر، القدر إما أنه يراد به الشرف والتعظيم ولذلك يقال فلان ذو قدر أي ذو شرف أو يراد بالقدر هنا التقدير وذلك أن الله تعالى يقدر في هذه الليلة ما يقضيه في العام من الأرزاق والآجال وما يحدث في ذلك العام كما قال الله عز وجل ? فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ?4?? [الدخان: 4]، يعني يفصل من اللوح المحفوظ إلى الصحف التي بأيدي الملائكة ما يقدره الله عز وجل في ذلك العام.
فليلة القدر إذن هي ليلة قدر وشرف عظيم وكذلك يقدر الله عز وجل فيها ما يكون من الأعمال والأرزاق والآجال في تلك السنة وهذه الليلة ليلة عظيمة قد أعلى الله عز وجل شأنها ورفع قدرها وأنزل فيها سورة كاملة تتلى إلى يوم القيامة وجعل عز وجل العمل الصالح فيها أفضل من العمل في ألف شهر ? إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ?1? وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ?2? لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ?3?? [القدر: 1: 3]، يعني أن العمل الصالح في ليلة القدر خير من العمل في ألف شهر ليس مساويا له بل خير منه أنا أسألكم الآن ألف شهر كم تساوى بالسنين؟
أربعة وثمانون عام
إذا جبرت الكسر قلت أربعة وثمانون يعني هي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر ألف شهر تعادل ثلاثا وثمانين سنة وأربعة أشهر هذا عمر مديد ومع ذك العمل في هذه الليلة خير من العمل في ألف شهر في ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر وهذا فضل الله عز وجل والله يختص بفضله من يشاء، ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في العشر الأواخر من رمضان يتفرغ تفرغا كاملا للعبادة ينقطع عن الدنيا انقطاعا كاملا فكان -عليه الصلاة والسلام- يعتكف في العشر الأواخر ويبقى في المسجد معتكفا طلبا لهذه الليلة العظيمة هذه الليلة الشريفة فينبغي أن نقتدي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا وأن يحرص المسلم على تخفيف أعمال الدنيا في شهر رمضان خاصة في العشر الأواخر من رمضان يعني يجتهد في الطاعة ويزيد من أعمال البر وأعمال الطاع والأعمال الصالحة ويتخفف من أشغال الدنيا التي لا تنقضي في الحقيقة ويقتدي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- لأنه -عليه الصلاة والسلام- كان يجتهد في رمضان وكان يتفرغ للعبادة تماما في العشر الأواخر من رمضان وأما تحديد هذه الليلة ووقتها فلعلنا نرجيء الكلام عنه مع الكلام عن باب الاعتكاف لأن الكلام مرتبط بالاعتكاف لأن الاعتكاف إنما هو طلب لهذه الليلة اعتكاف النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما كان طلبا لهذه الليلة فنرجيء الكلام عن تحديد ليلة القدر وهي وإن كانت في العشر الأواخر من رمضان إلا أننا سنتطرق لمسألة ما إذا كانت متنقلة أو ثابتة وما أرجى الليالي هذا كله نشرحه في الدرس القادم إن شاء الله مع أحكام ومسائل الاعتكاف.
تقول: امرأة نوت الصيام للقضاء دون علم زوجها ثم أرادها بعد الفجر؟
قد جاء في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه) فنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أن تصوم المرأة وزوجها شاهد يعني حاضر إلا بإذنه ولكن حمل العلماء ذلك على صيام التطوع أما الصوم الواجب فليس للزوج أن يمنع زوجته من الصيام والأخت السائلة تذكر أنها صامت صوم القضاء ومعلوم أن صوم القضاء أنه يجب إتمامه بالشروع فيه من صام صوما واجبا لابد أن يتمه ولا يجوز له أن يقطعه وكان ينبغي لهذه المرأة أن تستأذن من زوجها حتى في صيام القضاء ولكن حيث إن هذا لم يحصل فإذا أرادها زوجها فإنها تخبرها بأنها صائمة وأنه لا يحل لها ولا يباح لها أن تفطر ولكن لو قدر أن زوجها وطئها فإنه يفسد صومها وعليها أن تقضي يوما مكانه ولا يجب عليها كفارة لأن الكفارة إنما تجب إذا حصل الجماع في نهار رمضان لأن الكفارة لأجل انتهاك حرمة شهر رمضان ولكن في غير رمضان ولو كان صوما واجبا إنما الواجب عليها فقط قضاء ذلك اليوم إذا حصل الوطء.
من شرع في قضاء صيام واجب ثم قطعه بغير مقصد فهل يقضي يوم غيره؟
السؤال الثاني: هل للحاج يصوم عشرة ذي الحجة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/246)
عندي سؤال عن ليلة القدر تعلمون الشيخ الخلاف في تحديد ليلة القدر وأن بعض الصحابة أقسم على أنها في ليلة السابع والعشرين ودنا لو تذكرون القول الراجح في تحديد ليلة القدر وهل هي خاصة بالعشر الأواخر أو الأوتار من العشر الأواخر أم أنها قد تأتي قبل العشر الأواخر يعني في رمضان كله؟
تقول من شرع في قضاء واجب ثم أفطر لغير سبب؟
لا يجوز لمن شرع في قضاء واجب أن يفطر وإذا فعل ذلك فإنه يأثم بهذا إنما ذلك يصح في التطوع خاصة فالمتطوع كما سبق أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر لكن من شرع في واجب فيجب عليه إتمامه ولهذا نقول من شرع في صيام القضاء يجب عليه إتمامه وليس علييه أن يفطر ليس له أن يفطر فإن فعل ذلك فإنه يأثم ويعيده في وقت آخر ? فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ?يعني هذا يشمل صوم الفريضة وكذلك إذا أفطر من صوم القضاء ولكن كما ذكرنا أيضا مع الإثم إذا أفطر في صيام القضاء الواجب فإنه يأثم بذلك.
تسأل عن الحاج هل يصوم عشرة ذي الحجة؟
نعم الحاج قبل أيام الحج إذا أقام في مكة هل يشرع له أن يصوم تلك الأيام باعتبارها زمنا فاضلا؟
هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في ذلك أنهم لم يكونوا يصوموا تلك الأيام أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدم مكة صبيحة رابعة من ذي الحجة وأقام بالأبطح إلى اليوم الثامن ولم يصم -عليه الصلاة والسلام- هذه الأيام بل كان مفطرا هو وأصحابه -رضي الله تعالى عنهم- ولاشك أن أكمل الهدي هو هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ولهذا نقول إن السنة أن يبقى الحاج في تلك الأيام مفطرا كذلك لكن لو صام فإنه لا بأس بذلك ولكن الأكمل والأفضل هو عدم الصيام تأسيا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لو فيه شخص ذكر أن صيام السبت والأحد من السنة كصيام الاثنين والخميس أو الثلاثة أيام البيض؟
السؤال الثاني: برنامج تفصيلي مبسط للشخص في رمضان
يسأل عن تحديد ليلة القدر بليلة محددة
أولا ليلة القدر جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان وهذا نص صحيح صريح في أن ليلة القدر منحصرة في العشر الأواخر من رمضان والقول بأنها قد تكون في غير العشر الأواخر من رمضان قول ضعيف وهذا الحديث كما ذكرت نص صحيح صريح في المسألة.
إذن هي منحصرة في العشر الأواخر من رمضان ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتكف في هذه الأيام كان قد اعتكف في العشر الأولى ثم العشر الأواسط ثم استقر الأمر في اعتكافه -عليه الصلاة والسلام- في العشر الأواخر من رمضان إذن ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان لكن تحديدها أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبينها للأمة يبين وقتها للأمة فتلاحى رجلان فرفع ذلك يعني نسيه النبي -صلى الله عليه وسلم- وعسى أن يكون خيرا ولذلك فإنها لا أحد يستطيع أن يعرف وقتها بشكل قاطع ولكن هناك أمارات أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنها أمارات لليلة القدر منها أن صبيحتها تطلع لا شعاع لها تطلع الشمس لا شعاع لها ومنها ما ورد في بعض الآثار أنها ليلة ساكنة هادئة إلى غير ذلك مما رود.
وقد رأى بعض الصحابة ليلة القدر في المنام فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- (أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر) وإذا نظرنا إلى مجموع ما ورد من النصوص والآثار عن السلف فالذي يظهر والله أعلم أن ليلة القدر أنها ثابتة في ليلة معينة وأنها لا تتنقل وإن كان بعض أهل العلم قال إنها تتنقل والذي حملهم على ذلك هو أنه لا يمكن الجمع بين النصوص الواردة إلا بهذا القول لأنه جاء في حديث عبد الله بن أنيس (أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- صبيحة ثلاث وعشرين وأثر الماء والطين على جبهته) وهذا في صحيح مسلم وجاء في حديث أبي سعيد (أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- صبيحة إحدى وعشرين وأثر الماء والطين على جبهته) وأيضا جاء في سبع وعشرين جاء فيها بعض النصوص والآثار قالوا لا تجتمع النصوص إلا بالقول بالتنقل ولكن الأقرب والله أعلم أنها ثابتة وذلك لأمور الأمر الأول أنها قد نزل فيها قرآن ? إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ?1?? [القدر: 1]، والقرآن إنما نزل في ليلة معينة محددة ثم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/247)
أيضا ما يدل لذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج لإخبار أصحابه بهذه الليلة فتلاحى فلان وفلان فنسيها –عليه الصلاة السلام- ولو كانت تتنقل لكان أخبرهم بها في العام الذي يليله ولقال إنما نسيها في ذلك العام فقط فدل ذلك أنها لا تتنقل وأقرب ما ترجى فيه ليلة القدر هو ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان وقدر ورد في ذلك حديث في سنن أبي داوود ليلة القدر ليلة السابع والعشرين وهذا قد صححه بعض أهل العلم منهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله تعالى- وقد كان بعض الصحابة يجزم بأن ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان ومنهم أبي بن كعب كما في صحيح مسلم بل كان يستتثنى ويقول (والله الذي لا إله غيره إني لأعلم أي ليلة هي ليلة القدر هي الليلة التي أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بقيامها هي ليلة سبع وعشرين) وجاء في رواية أخرى في غير مسلم (و لقد راقبت الشمس عشرين سنة فوجدتها تطلع صبيحة سبع وعشرين لا شعاع له) كذلك بن عباس -رضي الله تعالى عنها- ذهب إلى أنها ليلة سبع وعشرين واستدل على ذلك بأدلة لعلنا إن شاء الله تعالى نأتي لها في الدرس القادم.
الحاصل أن ما ورد في ذلك من الأحاديث والآثار يدل على أن أقرب ما يرجى من الليالي هو ليلة سبع وعشرين ولهذا فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- (قام بأصحابه ثلاث ليال فقط قام بأصحابه وصلى بهم صلاة التراويح ثلاث ليال فقط ليلة الثالث والعشرين والخامس والعشرين والسابع والعشرين.
أما ليلة الثالث والعشرين فقد صلى بهم إلى ثلث الليل وليلة الخامس والعشرين قام بهم إلى نصف الليل (قالوا يا رسول الله لو نفلتنا الليل كله فقال إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له أجر قيام ليلة).
أما ليلة السابع والعشرين فقام بهم -عليه الصلاة والسلام- وجمع أهله وأيقظهم قام بهم إلى السحر حتى قال الصحابة حتى خشينا الفلاح يعني السحور) يعني السحور فهذا يدل على أن هذه الليلة هي أرجى ما يكون من الليالي ويأتي إن شاء الله تعالى الكلام عنها في الدرس القادم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: بالنسبة للأطفال أو البالغين من بداية بلوغهم في سن الثالثة عشر الرابعة عشر والخامسة عشر إذا أفطروا إذا نوو الفطر بالنية يعني ما أفطروا لكن في النية نوى أن يفطر يعني مثلا اشتهى رائحة الأكل أو مثل هذا ونوى الفطر لكنه لم يفطر فهل صيامه صحيح؟
في مسألة الدرس السابق عندي إشكالية ما الفرق بين من أكل أو شرب شاكا والمسألة الأخرى التي فيها الظن من ظن طلوع الفجر؟
السؤال الثاني: بالنسبة لتعيين المدة التي يجوز فيها للمسافر المقيم أن يترخص فيها برخص السفر أنا ما تصورت موضع الاتفاق هل إذا لم يعرف متى سيعود لكنه يعرف أنه سيجلس أكثر من أربعة أيام فهل له الترخص على القول المحدد؟
بالنسبة لطعم الطعام في اللسان أحيانا قد يكون الريق متلون بلون الطعام فهل لا بأس ببلعه بعد أذان الفجر؟
تقول البالغين في بداية بلوغهم عندما ينوي الإفطار فقط ولا يفطر؟
الفقهاء نصوا على أنه من نوى الإفطار أفطر فإذا نوى الإنسان سواء كان بالغا أو غير بالغ إذا نوى الإفطار فإنه يفسد صومه نعم لأن الإفطار قد يكون بالنية.
تقول: الفرق بين الشك والظن في غروب الشمس؟
نحن قلنا في الدرس السابق من أكل يظنه ليلا فبان نهارا وذكرنا خلاف الفقهاء في هذه المسألة وقلنا إن القول الراجح أن صومه صحيح وذكرنا حديث أسماء قالت (أفطرنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في يوم غيم ثم طلعت الشمس) ولم ينقل أنهم أمروا بالقضاء وذكرنا أيضا حديث عدي بن حاتم (لما وضع عقالين أحدهما أبيض والآخر أسود كان يأكل حتى يتبين له العقال الأبيض من العقال الأسود) مع أنه إذا فعل ذلك فإنه سيأكل قطعا بعد طلوع الفجر ومع ذلك لم ينقل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره بالقضاء فهذه النصوص تدل على أن من أكل يظنه ليلا فبان نهارا أن صومه صحيح.
لكن مسألة الشك تختلف من أكل شاكا في طلوع الفجر أيضا صومه صحيح لأن الأصل بقاء الليل لكن من أكل شاكا في غروب الشمس فهذا صومه غير صحيح ونقل إجماع العلماء عليه لماذا لأن الأصل بقاء النهار ولأنه لا يحل له أن يفطر وهو شاك في غروب الشمس.
تقول: إذا الصائم لم يلحقه ظمأ كأن فهم من كلامكم أنه ليس له دعاء ميسور
لا نقول ليس له دعاء مأثور نقول لا يأتي بهذا الذكر بخصوصه ذهب الظمأ وابتلت العروق أقول إذا لم يظمأ الصائم فقوله ذهب الظمأ يكون خبرا غير صحيح يكون كذبا فلابد أن يكون قد لحقه الظمأ حتى يصدق عليه أن يكون صادقا في قوله ذهب الظمأ وابتلت العروق ولكن ليس معنى ذلك أنه لا يدعو بدعاء غيره كما قلنا أنه قد صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال (إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد) يدعوا بما يحضره من خيري الدنيا والآخرة لكن كلامي فقط في هذا الذكر بخصوصه.
تسأل عن مدة الترخص في السفر
هي تقول إنها اشتبه عليه المسألة أو الصورة المتفق عليها مع الصورة المختلف فيها الصورة المتفق عليها هي أن يقول المسافر إذا أقام في بلد يقول اليوم أرجع غدا أرجع له حاجة لا يدري متى تنقضي بل يقول اليوم أرجع غدا أرجع فهذا يترخص برخص السفر ولو طالت المدة ولو بقي أشهرا أو سنين أما إذا حدد زمن إقامته ولو على وجه التقريب فهذا هو موضع النزاع بين أهل العلم وذكرنا أن العلماء اختلفوا في هذه المسألة على أكثر من عشرين قولا وأن القول الأظهر في هذه المسألة هو قول الجمهور وهو أنه إذا كانت إقامته أكثر من أربعة أيام فإنه لا يترخص برخص السفر.
وإذا كانت إقامته في حدود أربعة أيام فأقل فإنه يترخص بر خص السفر ومنها الفطر في نهار
رمضان هذا ملخص الكلام في هذ المسألة.
السؤال الأول: هل يصحب للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها أم لا؟
السؤال الثاني: ما حكم زيارة المريض واتباع الجنازة للمعتكف؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/248)
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 11:39 ص]ـ
الدرس الثاني والعشرين
باب الاعتكاف
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذا هو الدرس الأخير في عمدة الفقه في هذه السلسلة من الدروس وسوف نتوقف بعد هذا الدرس فترة ثم تعود الدروس بعد شهر رمضان- إن شاء الله تعالى- وهذا الدرس سيكون أيضاً في آخر باب معنا من كتاب الصيام سوف نشرح مسائل الاعتكاف.
ولعل من التوفيق أيضاً أننا مقبلون على شهر رمضان وما بقي إلا أسبوعان أو أقل ولذلك فإن شرح مسائل هذا الباب مفيدة ومهمة نظراً لتوافقها مع مناسبة الزمان.
ليلة القدر
ولكن قبل أن نبدأ في شرح عبارة المؤلف في باب الاعتكاف بقيت معنا مسألة في الباب الذي قبله نبدأ بشرحها ثم ننتقل بعد ذلك إلى باب الاعتكاف بقيت معنا كلام المؤلف حول ليلة القدر وقد اختصر المؤلف -رحمه الله تعالى- الكلام حولها بقوله:
(وليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) فأفادنا المؤلف -رحمه الله تعالى- بأن ليلة القدر إنما تكون في العشر الأواخر من رمضان وقد دل لذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان) [أخرجه البخاري ومسلم] فهذا دليل على أن ليلة القدر لا تكون في غير العشر الأواخر وإنما هي منحصرة في العشر الأواخر وقد أخفى الله –تعالى- علمها عن العباد حتى يجتهدوا في العبادة وفي تحري هذه الليلة ليتبين من كان جاداً في طلبها ممن كان كسلانَ متهاوناً.
وهذا له نظائر فمثلاً ساعة الإجابة التي في يوم الجمعة كذلك أخفيت حتى يجتهد الناس في طلب هذه الساعة وحتى يكثروا من التعبد لله -عز وجل- وكذلك أيضاً ساعة الإجابة التي تكون بالليل فإن في كل ليلة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئاً من خيري الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وقد أخفيت هذه الساعة كذلك حتى يجتهد الناس في طلبها فنجد أن هذا له نظائر والحكمة من هذا الإخفاء: حتى يجتهد الناس في طلب تلك الأوقات الفاضلة وأيضاً حتى يكثروا من التعبد لله -عز وجل- فإنه لو حددت ليلة القدر بليلة معينة اعتمد الناس واتكلوا على التعبد لله -عز وجل- في تلك الليلة وتركوا بقية الليالي ولكن لما أخفي علمها وقيل: إنها تكون في إحدى هذه الليالي العشر فإن هذا يكون دافعاً للمسلم لكي يجتهد في العبادة طيلة الليالي العشر من رمضان وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتني بهذه الليلة كثيراً فكان -عليه الصلاة والسلام- يعتكف في العشر الأواخر من رمضان طلباً لهذه الليلة.
وبهذا نعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتفرغ تفرغاً كاملاً للعبادة في العشر الأواخر من رمضان وذلك كله طلباً لهذه الليلة العظيمة فكان ينقطع عن الدنيا انقطاعاً كاملاً ويتفرغ للآخرة في هذه العشر المباركة طلباً لهذه الليلة وهذه الليلة ليلة عظيمة ذكرها الله -عز وجل- في القرآن في موضعين:
الموضع الأول في سورة الدخان: ? إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ?3?? [الدخان: 3] إلى آخر الآيات كذلك أيضاً أنزل الله- تعالى- في شأنها سورة كاملة تتلى إلى يوم القيامة ? إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ?1? وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ?2? لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ?3? تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ?4? سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ?5?? [سورة القدر] فبين –سبحانه- أن هذه الليلة ليلة عظيمة شريفة ? وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ? هذا استفهام للتفخيم ولبيان عظيم شأنها ومنزلتها وقدرهها عند الله -عز وجل- وبين -عز وجل- أنه اختص هذه الليلة بإنزال القرآن فيها وللعلماء في ذلك رأيان:
القول الأول: أن المعنى أن القرآن نزل دفعة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا وذلك مروي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- فيكون المعنى أن القرآن نزل دفعة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/249)
والقول الثاني: أن ابتداء نزول القرآن إنما كان في ليلة القدر فيكون معناه ? إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ? ? إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ? يعني ابتداء نزول القرآن في هذه الليلة وإلا فإننا نعلم أن القرآن نزل على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في ثلاث وعشرين سنة لأنه نزل وعمره أربعون وبقي ينزل على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- منجماً مفرقاً إلى أن توفي -عليه الصلاة والسلام- وكان آخر ما نزل ? وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون? [البقرة: 281] فنعرف أن القرآن لم ينزل على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-دفعة واحدة وإنما نزل مفرقاً في عدة سنين.
فيكون المعنى إذن: أن ابتداء نزول القرآن إنما كان في هذه الليلة وهذا القول الثاني أقرب وأرجح وهو أن المعنى: ابتداء نزول القرآن إنما هو في ليلة القدر.
وأما القول بأنه نزل دفعة واحدة إلى بيت العزة في السماء الدنيا فهذا يرد عليه إشكال يعني: هل تكلم الله -عز وجل- به أكثر من مرة, يرد عليه بعض الإشكالات ولكن على القول الثاني لا يرد أي إشكال فيكون المعنى أن ابتداء نزول القرآن إنما كان في ليلة القدر.
وسميت هذه الليلة بهذا الاسم لأنها ليلة شريفة عظيمة فهي ذات قدر ولهذا سميت بليلة القدر وأيضاً وجه آخر وهو أن هذه الليلة تقدر فيه الأعمار والأرزاق والآجال ونحو ذلك مما يقضيه الله -عز وجل- في تلك السنة وذلك كما قال- سبحانه-: ? فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ?4? أَمْرًا مِّنْ عِنْدِنَا ? [الدخان: 4] فمعنى يفرق: يفصل من اللوح المحفوظ إلى الصحف التي بأيدي الملائكة كل ما قدره الله -عز وجل- وقضاه من أوامره المحكمة المتقنة التي لا خلل فيها ولا نقص بأي وجه من الوجوه وتكون بأيدي الملائكة فيكتب بأن فلان بن فلان أنه سيموت في هذه السنة وفلان بن فلان سيرزق وفلان بن فلان سيحصل له كذا وفلان بن فلان سيحصل له كذا جميع ما يقدره الله- تعالى- في تلك السنة يفصل من اللوح المحفوظ إلى الصحف التي بأيدي الملائكة.
بين الله -عز وجل- فضل هذه الليلة بقوله: ? لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ? أي: أن العمل الصالح في هذه الليلة خير من العمل في ألف شهر, ليس مساوياً له بل خير منه وهذا يدل على الفضل العظيم للعمل الصالح في هذه الليلة وألف شهر تعادل ثلاثة وثمانين سنة وأربعة أشهر يعني: تعادل عمراً مديداً ثلاثة وثمانين سنة وأربعة أشهر.
ومع ذلك العمل في هذه الليلة خير من العمل في هذا العمر المديد وهذا يدل على أن الله -عز وجل- يوفق من شاء من عباده لاغتنام بعض الأوقات الفاضلة يعني من وفق لليلة القدر وتقبل منه فقد وفق لخير عظيم, العمل فيها خير من العمل في ألف شهر في ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر وهذا فضل الله وفضل الله يؤتيه من يشاء.
وأخبر -عز وجل- بأن الملائكة أنها تنزل في هذه الليلة تنزل إلى الأرض تنزل الملائكة بما فيهم أعظم الملائكة وهو الروح وهو جبريل -عليه السلام- يتنزلون للسلام على المؤمنين ? تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ?4? سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ?5?? فيتنزلون للسلام على المؤمنين ورؤية تعبدهم لله -عز وجل- فالملائكة إذن تنزل في تلك الليلة والدعاء فيها أيضاً حري بالإجابة ولذلك ينبغي للمسلم أن يجتهد طيلة العشر الأوخر من رمضان حتى يدرك هذه الليلة العظيمة وقدوتنا في هذا هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يتفرغ تفرغاً كاملاً للعبادة طيلة العشر الأواخر من رمضان وذلك باعتكافه -عليه الصلاة والسلام.
هل هي ثابتة أم تنتقل؟
وقد اختلف العلماء في هذه الليلة هل هي ثابتة في جميع السنوات أو أنها تتنقل فتكون مثلاً في سنة ليلةَ إحدى وعشرين وفي سنة أخرى مثلاً ليلة سبع وعشرين وفي سنة أخرى مثلاً ليلة خمس وعشرين أم أنها ليلة ثابتة في جميع السنوات؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/250)
فمن أهل العلم من قال: إنها تتنقل قالوا: لأنه لا يمكن الجمع بين الأحاديث الواردة فيها إلا بهذا القول, فإنه قد جاء في حديث أبي سعيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إني رأيت أني أسجد في صبيحتها في ماء وطين) فلما كانت صبيحة إحدى وعشرين قال: (قد رأيت أثر الماء والطين على جبهته -عليه الصلاة والسلام-) وهذا الحديث [أخرجه البخاري ومسلم] وجاء في حديث عبد الله بن أنيس (أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأثر الماء والطين على جبهته صبيحة ثلاثة وعشرين] وهذا أيضاً في صحيح مسلم وجاءت أيضاً بعض الأحاديث تدل على أنها ليلة سبع وعشرين وقال أصحاب هذا القول: إنه لا يمكن الجمع بين هذه الأحاديث إلا بالقول بأنها تتنقل.
والقول الثاني: في المسألة أن ليلة القدر ثابتة ولا تتنقل وذلك لأن الله- تعالى- أخبر بأنه قد أنزل فيها قرآناً يعني: أنه على القول الذي رجحناه كان ابتداء نزول القرآن في هذه الليلة وهذا لا يكون إلا في ليلة واحدة ولأن هذه الليلة إنما كانت ليلة شريفة اختصها الله -عز وجل- بهذا الفضل لنزول القرآن فيها ولذلك قال- سبحانه-: ? إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ? وقال: ? إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ? والقول بأنها تتنقل ينافي هذا المعنى.
قالوا: ومما يدل لذلك (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج ليخبر أصحابه بها فتلاحى فلان وفلان فرفعت فنسيها النبي -صلى الله عليه وسلم) رفع علم تحديدها فنسيها النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا: ولو كانت تتنقل لكان النبي -صلى الله عليه وسلم- لمَّا نسيها في تلك السنة أخبر بها في السنة الأخرى فدل ذلك على أنها ثابتة وهذا القول الأخير كما ترون أرجح.
فيكون القول الراجح هو أن ليلة القدر ثابتة لا تتنقل, ولكن قد أخفى الله- تعالى- علمها, وقد يطلع بعض العباد على بعض أماراتها ولهذا كان بعض الصحابة يجزمون بأن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين وكان منهم: أُبَيُّ بن كعب -رضي الله تعالى عنه- كما في صحيح مسلم كان يقول: (والله الذي لا إله غيره إني لأعلم أي ليلة هي ليلة القدر: هي الليلة التي أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بقيامها وهي ليلة سبع وعشرين) وجاء في رواية أخرى عنه أنه قال: (ولقد راقبت صبيحتها عشرين سنة فوجدت الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها) وذلك أن من أبرز علامات ليلة القدر أن صبيحتها تطلع الشمس لا شعاع لها ومراقبة أبي بن كعب هي مراقبة الخبير لا مراقبة بعض الناس الذين يراقبون الشمس وتظهر لهم بعض التهيئات النفسية فيقول: طلعت الشمس بعد هذه الليلة لا شعاع لها وأذكر ممن حدثني في سنة من السنوات مجموعة من طلاب العلم قالوا: إنا رأينا الشمس صبيحة تسع وعشرين لا شعاع لها وبعد قليل أتى أناس آخرون وقالوا: إنا رأينا الشمس صبيحة سبع وعشرين لا شعاع لها, فهذا أحياناً تكون عند بعض الناس تهيئات نفسية يرى أن الشمس قد طلعت صبيحة هذ اليوم لا شعاع لها لكن أبي بن كعب راقبها مراقبة الإنسان العارف الخبير فرأى أنها طلعت نحواً من عشرين سنة طلعت الشمس صبيحة سبع وعشرين لا شعاع لها.
أيضاً ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- كان يرى أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين واستدل على ذلك بدليلين وهذه من لطائف التفسير وهي مروية عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- وموجودة في بعض كتب التفسير لكنها تعتبر من اللطائف:
الأمر الأول: ? إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ? هذه السورة عدد كلماتها ثلاثون كلمة لو حسبت كلمات هذه السورة ? إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ? فإنك تجد أن عدد كلماتها ثلاثون كلمة, الكلمة رقم سبع وعشرين سَلامٌ ? سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ? فكأن فيها إشارة -والله أعلم- إلى أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين.
الأمر الثاني: قالوا: إن ليلة القدر تكررت في هذه السورة ثلاث مرات ? إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ? واحدة ? وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ?2?? اثنتان ? لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ? ثلاثة, قالوا: وعدد حروف ليلة القدر تسعة حروف, فإذا ضربت تسعة في ثلاثة كان الناتج سبعاً وعشرين فهذه بعض اللطائف التي ذكرها بعض المفسرين في هذا- والله تعالى أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/251)
وجاء في سنن أبي داود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين) صحح هذا الحديث بعض أهل العلم وممن صححه الألباني -رحمه الله تعالى- وكان يرجح أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين ولكن الأقرب- والله أعلم- أن نقول: إن ليلة سبع وعشرين هي أرجى ما تكون من الليالي لكننا لا نجزم بأنها هي ليلة القدر هذا هو الأقرب- والله أعلم- لكن لو أحد من الناس جزم بأن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين هل ينكر عليه؟
لا ينكر عليه لورود الأدلة
لأنه ورد ذلك الجزم عن بعض الصحابة بل كان أبي بن كعب ليس فقط يجزم بل يحلف إنها ليلة سبع وعشرين كذلك ابن عباس -رضي الله عنهما- روي عنه نحواً من هذا فلو أن أحداً من الناس ظهرت له قرائن أو أمارات تدل على أن هذه الليلة هي ليلة سبع وعشرين لا ينكر عليه لأنه أثر ذلك عن بعض الصحابة, وبكل حال مطلوب من المسلم أن يجتهد في جميع الليالي العشر فإنه يكون قد أدرك قطعاً ليلة القدر إذا اجتهد في جميع ليالي العشر الأواخر من رمضان؛ لأن بعض الناس أيضاً يركز على ليلة سبع وعشرين ولا يجتهد في العبادة في غيرها من الليالي فربما أيضاً تكون ليلة القدر غير ليلة سبع وعشرين فيكون قد فوت على نفسه هذا الفضل وأيضاً بعض الناس تعبده ليلة سبع وعشرين كاجتهاده في غيرها من الليالي والذي ينبغي أن يكون اجتهاده ليلة سبع وعشرين أكثر لأنها آكد كما سمعتم وورد فيها من الأحاديث ومن الآثار عن الصحابة والنبي (- صلى الله عليه وسلم –صلى بأصحابه صلاة التراويح ثلاث ليال فقط ليلة ثلاث وعشرين صلى بهم إلى ثلث الليل, ثم ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل فقالوا: يارسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه فقال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له أجر قيام ليلة، وليلة سبع وعشرين قام بهم تلك الليلة وأيقظ أهله قال الصحابة: حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح وهو السحور) [سنن أبي داود بسند صحيح] وهذا دليل على تأكد هذه الليلة فإذن تكون آكد الليالي وأرجى الليالي موافقة لليلة القدر ليلة سبع وعشرين هذا ما يتعلق بليلة القدر.
باب الاعتكاف
ننتقل بعد ذلك إلى باب الاعتكاف ونبدأ أولاً بقراءة عبارة المؤلف -رحمه الله تعالى-.
بسم الله الرحمن الرحيم, باب الاعتكاف يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: (وهو لزوم المسجد لطاعة الله- تعالى- فيه وهو سنة لا يجب إلا بالنذر ويصح من المرأة في كل مسجد غير مسجد بيتها، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تقام فيه الجماعة واعتكافه في مسجد تقام فيه الجمعة أفضل ومن نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد فله فعل ذلك في غيره إلا المساجد الثلاثة فإذا نذر ذلك في المسجد الحرام لزمه فيه وإن نذره في مسجد المدينة فله فعله في المسجد الحرام وحده وإن نذره في المسجد الأقصى فله فعله فيهما ويستحب للمعتكف الاشتغال بالقُرَبِ واجتناب ما لا يعنيه من قول وفعل ولا يخرج من المسجد إلا لما لابد له منه إلا أن يشترط ولا يباشر امرأة وإن سأل عن المريض أو غيره في طريقه ولم يعرج إليه جاز.)
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: (باب الاعتكاف)
الاعتكاف معناه في اللغة: لزوم الشيء وحبس النفس عليه يعني: لزوم الشيء والإقامة عليه ومنه قول الله -عز وجل-: ? مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ? [الأنبياء: 52].
وتعريفه شرعاً كما عرفه المؤلف: هو لزوم المسجد لطاعة الله- تعالى- فيه. فيكون إذن معنى الاعتكاف أنه لزوم المسجد وذلك للتفرغ لعبادة الله -عز وجل- والتقرب بجميع أنواع القرب من الصلاة والذكر وتلاوة القرآن كذلك الصوم وغير ذلك من أنواع القرب فكأنه بهذا الاعتكاف يتفرغ للآخرة وينقطع من أشغال الدنيا وأفضل وقت يعتكف فيه هو العشر الأواخر من رمضان وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم – يعتكف من كل سنة عشرة أيام واعتكف العشر الأولى من رمضان واعتكف العشر الأواسط من رمضان ثم لما أخبر بأن ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان استقر اعتكافه على العشر الأواخر من رمضان إلا في السنة التي توفي فيها فقد اعتكف عشرين يوماً قد جاء ذلك في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في صحيح البخاري.
واعتكافه -عليه الصلاة والسلام- في السنة التي توفي فيها عشرين يوماً اختلف في السبب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/252)
- فقيل لأن جبريل كان يعرض على النبي - صلى الله عليه وسلم – القرآن في كل سنة مرة إلا في السنة التي توفي فيها عرض عليه المصحف مرتين فكأنه اعتكف عشرين يوماً بهذا المعنى.
- ورجح الحافظ ابن حجر وجماعة أن السبب هو أن النبي -صلى الله عليه وسلم – كان في السنة التي قبلها مسافراً فلم يتيسر له الاعتكاف فكأن اعتكافه- عليه الصلاة والسلام- قضاء لتلك السنة وقد كان الأمر الذي استقر عليه اعتكاف النبي - صلى الله عليه وسلم – كما قلنا في العشر الأواخر من رمضان إلا أنه في سنة من السنين (لما اعتكف أتت عائشة ووضعت لها خباء, ثم أتت حفصة ووضعت لها خباء, وأتت زينب ووضعت لها خباء فلما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم– قال: ما هذا؟ قال: آلبر أردتن؟ ثم أمر بنزع الأخبية كلها ولم يعتكف في تلك السنة في العشر الأواخر من رمضان) لكنه- عليه الصلاة والسلام- اعتكف بدلاً من ذلك في العشر الأولى من شهر شوال وهذا يدل على أن الاعتكاف لا يختص بالعشر الأواخر من رمضان وإنما وقته يمكن أن يكون في جميع أيام السنة ولذلك اعتكف النبي -صلى الله عليه وسلم– في العشر الأواخر من رمضان واعتكف كذلك في العشر الأولى من شهر شوال فدل ذلك على أن الاعتكاف لا يختص بالعشر الأواخر من رمضان.
ولا يشترط لصحة الاعتكاف الصوم وإن كان بعض أهل العلم قد قالوا: إنه يشترط لصحة الاعتكاف الصوم. والصحيح أنه لا يشترط لصحة الاعتكاف الصوم فلو أنه اعتكف يوماً من الأيام ولم يصم جاز ذلك ولو اعتكف ليلة فقط صح ذلك.
والدليل على أنه لا يشترط لصحة الاعتكاف الصوم ما جاء في صحيح البخاري عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: (يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال النبي -صلى الله عليه وسلم –: أوفِ بنذرك) ومعلوم أن الليل ليس فيه صوم لكن قيل: إنه قد جاء في بعض الروايات أنه قال: (إني نذرت أن أعتكف ليلة أو قال: يوم) لكن الحديث الذي ذكرناه قبل قليل وهو في صحيح البخاري وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم – لما رأى تنافس زوجاته على الاعتكاف ووضع الأخبية في المسجد ولم يعتكف في تلك السنة من العشر الأواخر اعتكف بدلاً منها في الأيام العشر الأولى من شهر شوال ومعلوم أن أول يوم من شهر شوال هو يوم عيد الفطر ومعلوم أنه يحرم صوم يوم عيد الفطر فدل ذلك على أنه لا يشترط لصحة الاعتكاف الصوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: (وهو سنة) أفادنا المؤلف بأن حكم الاعتكاف أنه سنة ومستحب وليس واجباً قال: (إلا أن يكون نذراً فيلزم الوفاء به) يعني: الاعتكاف حكمه أنه مسنون.
إذا كان نذراً فإنه يصبح واجباً بالنذر فمن نذر أن يعتكف يوماً أو ليلةً أو أياماً فإنه يجب عليه أن يفي بنذره كما ذكرنا حديث عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- لما قال: (يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال: أوفِ بنذرك) فالاعتكاف إذن بالنذر يكون واجباً ولكن سبق أن أشرنا إلى حكم ابتداء النذر فما حكمه؟
مكروه
قلنا: إنا حكم ابتداء النذر أنه مكروه لما جاء في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم – نهى عن النذر وقال: (إنه لا يأت بخير إنما يستخرج من البخيل) ولذلك ينبغي للإنسان ألا ينذر وإذا أراد أن يعمل طاعة يعملها من غير نذر وبعض الناس يضيق على نفسه تجد أن بعض الناس عندما يحصل له أمر يسر به أو يرجو حصول أمر ينذر فيقول: مثلاً إن شفى الله مريضي فلله عليّ نذر أن أفعل كذا .. إن حصل كذا فلله عليّ نذر أن أفعل كذا .. ثم إذا حصل الأمر الذي كان يرجوه بدأ يضعف ويبحث عن المخارج وبدأ يستفتي وربما قال: إنه لا يستطيع فلماذا توقع نفسك في الحرج؟ ونذر الطاعة يجب الوفاء به مطلقاً وذلك أن النذر ينقسم إلى خمسة أقسام:
1 - نذر الطاعة وهذا يجب الوفاء به. 2 - نذر المعصية لا يجوز الوفاء به لكن يكفر عنه كفارة يمين. 3 - النذر المباح هو مخير بين أن يفي به وبين أن يكفر كفارة يمين. 4 - نذر اللجاج والغضب هو أيضاً مخير بين أن يفي به وبين أن يكفر كفارة يمين. 5 - وكذلك أيضاً النذر المطلق إذا قال: لله عليّ نذر ولم يسمِ شيئاً ففيه كفارة يمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/253)
فنجد أن النذر إما أنه يجب الوفاء به كما في نذر الطاعة أو أنه إذا لم يفِ به في غير نذر الطاعة يجب عليه كفارة يمين في جميع أنواع النذر ولو كان نذر معصية يجب عليه أن يكفر كفارة يمين.
فنقول: إذن الاعتكاف يجب بالنذر ولذلك قال المصنف: (فيجب الوفاء به)
قال: (ويصح من المرأة في كل مسجد) أفادنا المؤلف أن الاعتكاف يكون من النساء كما يكون من الرجال ولكن يشترط لصحة الاعتكاف أن يكون في مسجد ولذلك إذا أرادت المرأة أن تعتكف لابد أن تعتكف في مسجد ولكن هنا ينبغي أن يلاحظ مسألة أمن الفتنة إذا أرادت أن تعتكف في مسجد فلابد أن يكون المكان الذي تعتكف فيه مأموناً وليس فيه تعريضاً لهذه المرأة للفتنة أما إذا كانت هذه المرأة لو اعتكفت لتعرضت للفتنة منها وبها فهنا لوليها أن يمنعها من ذلك لكن لو كان مكاناً مهيأً للنساء تماماً ومأموناً وليس فيه تعريض للفتنة فإن المرأة كالرجل في هذا يسن لها أن تعتكف وقد اعتكف نساء النبي -صلى الله عليه وسلم– معه وبعده فدل ذلك على أن النساء كالرجال في هذه المسائل وأن السنة أن يعتكفن كما يعتكف الرجال لكن بهذا القيد وهو أمن الفتنة.
قال المصنف: (ويصح من المرأة في كل مسجد غير مسجد بيته) فأفادنا المؤلف أن مسجد بيتها وهو المكان الذي تصلي فيه في بيتها أنه لا يصح الاعتكاف فيه لأنه يشترط لصحة الاعتكاف أن يكون في مسجد, فلو كان للمرأة مكان تصلي فيه دائماً في بيتها ليس لها أن تقول: أنا أريد أن أعتكف في هذا المكان الاعتكاف لابد أن يكون في مسجد ولهذا روي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- (أنه سئل عن امرأة أرادت أن تعتكف في مسجد بيتها فقال ابن عباس- رضي الله عنها-: هذا بدعة. قال: وأبغض الأعمال إلى الله البدع لا اعتكاف إلا في مسجد تقام فيه الصلاة) ذكره ابن مفلح في الفروع وقال: إسناده جيد.
إذن: لابد أن يكون الاعتكاف في مسجد سواء كان من الرجال أو من النساء وبهذا يعلم أن ما يسمى مصلى وليس مسجداً لا يصح الاعتكاف فيه لو كان مثلاً هناك مصلى في مدرسة مثلاً أو في دائرة حكومية أو في أي مؤسسة لا يصح الاعتكاف فيه لابد أن يكون الاعتكاف في مسجد وذلك بأن تكون أرضه موقوفة ليست ملكاً لأحد ويصلى فيه الصلوات الخمس أو بعضها لكن المهم أن تكون أرضه موقوفة أما إذا كانت أرضه مملوكة فإن هذا مصلى وليس مسجداً ولا يصح الاعتكاف فيه.
إذن: يشترط لصحة الاعتكاف أن يكون في مسجد.
قال: (ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تقام فيه الجماعة) وذلك لأن الجماعة واجبة على الرجل واعتكافه في مسجد لا تقام فيه الجماعة يفضي إلى كثرة خروجه من المسجد وذلك لإدراك الجماعة وهذا الخروج المتكرر ينافي الاعتكاف ولذلك قال المصنف: (لا يصح من الرجل إلا في مسجد تقام فيه الجماعة) والأفضل أيضاً أن يكون في مسجد تقام فيه الجمعة ولهذا قال المصنف: (واعتكافه في مسجد تقام فيه الجمعة أفضل) وذلك حتى لا يحتاج إلى الخروج إلى الجمعة ولكن لو اعتكف في مسجد تقام فيه الجماعة ولا تقام فيه الجمعة هل اعتكافه صحيح أم لا؟
اعتكافه صحيح
لأنه يشترط فقط أن يكون المسجد تقام فيه الجماعة ولا يشترط أن تقام فيه الجمعة ولكن يستحب من باب الاستحباب أن يكون في مسجد تقام فيه الجمعة.
ولا يشترط أن يكون في المساجد الثلاثة والحديث المروي في ذلك (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام ومسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- والمسجد الأقصى) الحديث الوارد في ذلك ضعيف ضعفه أكثر أهل العلم وإن صح هذا الحديث فالمعنى لا اعتكاف كامل جمعاً بينه وبين النصوص الأخرى ومنه قول الله -عز وجل-: ?وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ? [البقرة: 187] وأطلق وما روي في ذلك من آثار عن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- فيكون المعنى لو صح هذا الحديث: لا اعتكاف كامل وهو كقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا صلاة بحضرة طعام) لكن لو أنه صلى وهو بحضرة الطعام فصلاته صحيحة.
إذن: أقول هذا لأن بعض العلماء المعاصرين قال: إنه لا يصح الاعتكاف إلا في المساجد الثلاثة واعتمد على هذ الحديث لكنه كما ذكرنا ضعفه أكثر أهل العلم ولو صح فإنه لا يدل على أنه لا يصح الاعتكاف إلا في المساجد الثلاثة وإنما يدل على أن أفضل وأكمل ما يكون الاعتكاف في المساجد الثلاثة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/254)
قال: (ومن نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد فله فعل ذلك في غيره إلا في المساجد الثلاثة) من نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد يقول المصنف: لا يتعين ذلك المسجد لاعتكافه بل له أن يعتكف في غيره من المساجد وذلك لأن المساجد لا مزية لأحدها على الآخر وكلها في الفضيلة سواء وقال بعض أهل العلم: إن كان ذلك المسجد الذي عينه ونذر الاعتكاف فيه إن كان له مزية لكونه مثلاً تقام فيه الجمعة أو لكونه أكثر جماعة فإنه يلزمه أن يعتكف فيه وهذا قول أقرب وأرجح-والله تعالى أعلم.
نقول: إذا كان المسجد له مزية كأن يكون تقام فيه الجمعة أو كان أكثر جماعة فيتعين ذلك المسجد وليس له أن يعتكف في غيره من المساجد وذلك لأن هذا النذر نذر طاعة ونذر الطاعة يجب الوفاء به كما نذره صاحبه فإذا كان ذلك المسجد له مزية فليس له أن يعتكف في غيره.
أما إذا لم يكن له مزية عن غيره من المساجد فله أن يعتكف في أي مسجد وكذا لو نذر أن يعتكف في مسجد تقام فيه الجماعة ثم أراد أن ينتقل إلى مسجد تقام فيه الجمعة, فهنا أراد أن ينتقل لما هو أفضل فهذا لا بأس به, وهكذا لو نذر أن يعتكف في مسجد تقام فهي الجمعة ثم أراد أن يعتكف في أحد المساجد الثلاثة: المسجد الحرام أو المسجد النبوي أو المسجد الأقصى فلا بأس بذلك؛ ولهذا قال المصنف (إلا المساجد الثلاثة فإذا نذر ذلك في المسجد الحرام لزمه) لأن الصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة فيما سواه والصلاة في المسجد الحرام أفضل من غيره من بقاع الأرض فالصلاة في المسجد الحرام كما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه قال: (صلاتهم في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) [أخرجه مسلم].
وهذا يدل على فضل الصلاة في المسجد الحرام ومائة ألف صلاة حسَبَهَا بعض أهل العلم وقال: إنها تعادل ما لو صلى الإنسان الصلوات الخمس خمساً وخمسين سنة, يعني: لو صلى مثلاً صلاة فريضة في المسجد الحرام فهي أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه, لو أن الإنسان صلى في غير المسجد الحرام الصلوات الخمس لاستغرق ذلك من عمره خمساً وخمسين سنة، وهذا يدل على فضل الصلاة في المسجد الحرام ولذلك من نذر الاعتكاف أو الصلاة في المسجد الحرام لزمه ذلك وتعين عليه ولم يجز له أن ينتقل إلى غيره.
قال: (وإن نذر الاعتكاف في مسجد رسول -صلى الله عليه وسلم- جاز له أن يعتكف في المسجد الحرام) لماذا؟ لماذا يجوز له ذلك؟
لأنه أفضل
نعم لأنه انتقل إلى ما هو أفضل نحن قلنا: إذا أراد الانتقال إلى ما هو أفضل جاز له ذلك ويدل لذلك ما جاء في سنن أبي داود (أن رجلاً قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إني نذرت إن فتح الله عليك) يعني: مكة (أن أصلي في المسجد الأقصى أو قال في بيت المقدس فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: صلِّ ها هن) يعني: في المسجد الحرام (فكرر عليه فقال: صلِّ ها هنا, فأعاد عليه فقال: صلِّ ها هنا, فأعاد عليه فقال: شأنك إذن) [أخرجه أبو داود بسند صحيح].
فهنا هو أراد أن يصلي في المسجد الأقصى فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يفي بنذره بالصلاة في المسجد الحرام لماذا؟ لأنه إذا صلى في المسجد الحرام انتقل إلى ما هو أفضل ونحن قلنا: إنه في باب النذر إذا انتقل إلى ما هو أفضل لا بأس بذلك. فإذن: من نذر أن يصلي في المسجد الأقصى أو مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- يجوز له أن يفي بذلك النذر في المسجد الحرام، ولذلك قال المصنف: (وإن نذر أن يعتكف في المسجد الأقصى فله فعله في أيهما أحب) فعله في أيهما يرجع على ماذا؟
المسجد النبوي والمسجد الحرام
أحسنت. المسجد النبوي والمسجد الحرام لأن الصلاة في المسجد النبوي أفضل من الصلاة في المسجد الأقصى والصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في المسجد النبوي والمسجد الأقصى, وقد ورد في الحديث الصحيح (أن الصلاة في المسجد الأقصى أفضل من خمسمائة صلاة فيما سواه والصلاة في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد والصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد).
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 11:52 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/255)
قال: (ويستحب للمعتكف الاشتغال بفعل القرب واجتناب ما لا يعنيه من قول أو فعل) يستحب للمعتكف الاشتغال بفعل القرب، الغرض من اعتكاف المعتكف هو التفرغ للعبادة والتقرب إلى الله -عز وجل- بأنواع القرب من الصلاة وتلاوة القرآن ومن الذكر ونحو ذلك والدعاء فلذلك ينبغي أن يشتغل بفعل القرب وفعل الطاعات لا أن يجعل وقت اعتكافه وقتاً للأحاديث الجانبية مع الناس فإن من الناس من إذا ما اعتكفوا أمضوا جُلَّ وقتهم في أحاديث وفي سواليف وفي أمور بالإمكان تأجيلها إلى وقت آخر وهذا وإن كان جائزاً من حيث الأصل إلا أنه ينبغي ألا يكثر منه المعتكف وإلا (فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- زارته صفية فبقي معها ساعة يتحدث ثم لما قامت ذهب يشيعها -عليه الصلاة والسلام) [الحديث في الصحيح].
فدل ذلك على أنه لا بأس أن يتكلم المعتكف في أمور الدنيا بكلام مباح ولكن ينبغي ألا يكثر من ذلك وأن يشتغل بفعل القرب والطاعات من الدعاء, من تلاوة القرآن, من الصلاة لأن هذا هو الغرض من اعتكافه. أقول هذا لأن بعض المعتكفين ربما جعل جُلَّ وقته للأحاديث الجانبية والقيل والقال وربما وقع في كلام محرم.
ولهذا قال المصنف: (واجتناب ما لا يعنيه من قول وفعل) يعني: ينبغي أيضاً أن يجتنب ما لا يعنيه, يعني: لا يتكلم إلا فيما يعنيه (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) يجتنب ما لا يعنيه من قول أو فعل لأنه إنما أراد بهذا الاعتكاف التفرغ للعبادة ولذلك ينبغي أيضاً أن يجعل هذا الوقت للتقرب وللعبادة ولا بأس أن يتحدث بكلام مباح فيما يعنيه وأن يجتنب ما لا يعنيه من قول أو فعل.
قال: (ولا يبطل الاعتكاف بشيء من ذلك) يعني: حتى لو وقع في فعل محرم أو قول محرم فإنه لا يبطل اعتكافه إلا الجماع, لو جامع أهله بطل اعتكافه لقول الله -عز وجل-: ? وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ? [البقرة: 187] لكن لنفترض أنه في معتكفه زاره أحد الناس ووقع هذا المعتكف في غيبة هل يبطل اعتكافه؟ لا يبطل, اعتكافه صحيح ولكن هذا لا شك أنه يؤثر في نقصان أجره ولهذا فإن على المعتكف أن يشتغل بالعبادة ويجتنب ما لا يعنيه من قول وفعل.
قال: (ولا يخرج من المسجد إلا لما لابد له منه) وذلك لقول عائشة -رضي الله عنها-: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا اعتكف لا يدخل البيت إلا لحاجة) وهذا لفظ البخاري ولفظ مسلم (لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان) وهذه الحاجة اتفق العلماء أن الأكل والشرب يدخل في الحاجات فلو كان في المسجد معتكفاً ولم يجد من يأتيه بالأكل والشرب فإنه لا بأس أن يخرج ويأتي بأكله وشربه إما من البيت أو من مطعم قريب أو نحو ذلك لا بأس أن يأتي بأكل وشرب وكذلك أيضاً إذا احتاج إلى قضاء الحاجة ولم يكن قريباً من المسجد دورة مياه لا بأس أن يذهب إلى بيته لقضاء حاجته فكل ما يحتاج إليه الإنسان من الأمور الطارئة من أكل أو شرب أو قضاء حاجة أو نحو ذلك فإنه لا بأس بخروج المعتكف لتلك الحوائج.
قال: (إلا أن يشترط) يعني: لا يخرج من المسجد إلا لحاجة إلا أن يشترط فإذا اشترط جاز له الخروج ولو لغير حاجة لكن ذكر الفقهاء أن الاشتراط إنما يكون في عيادة المريض وفي تشييع الجنازة وفي زيارة أهله وفي نحو ذلك من الأمور, ولكن القول بالاشتراط لا نجد عليه دليلاً من السنة بل ولا يوجد آثار عن الصحابة تدل على صحة الاشتراط في الاعتكاف ولكن قال به جمع من الفقهاء من فقهاء الحنابلة قياساً على الاشتراط في الحج فإن الاشتراط في الحج سائغ والأصل فيه حديث ضباعة بنت الزبير (لما أرادت أن تحرم وهي شاكية) يعني: مريضة فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: (حجي واشترطي فإن لك على ربك ما استثنيتِ) وقالوا: يقاس الاشتراط في الاعتكاف على الاشتراط في الحج.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/256)
ولكن هذ القياس في الحقيقة قياس مع الفارق إذ إن الاشتراط في الحج إنما هو اشتراط فيما إذا حبسه حابس أن يتحلل من الحج, وأما الاشتراط في الاعتكاف: فهو اشتراط لفعل أمور تنافي الاعتكاف وليس اشتراطاً فيما إذا حبس الإنسان حابس عن الاعتكاف لأن الاعتكاف أصلاً سنة فلا يتوجه القول بأن له أن يشترط فيما إذا حبسه حابس، وحينئذ يكون القياس قياساً مع الفارق. نعم, ربما يقال بهذا القياس في حق من قال: إن الاعتكاف يجب بالشروع فيه لكنه قول ضعيف والصحيح أن الاعتكاف سنة وحينئذ الاعتكاف ما دام أنه سنة وليس واجباً ولا يجب بالشروع فيه, فكيف يكون الاشتراط؟!! إذن: إذا قسناه على الاشتراط في الحج فإن الاشتراط في الحج فيما يكون حتى يتحلل الحاج فيما إذا حبسه حابس أو حصل له عائق يعوقه وهذا غير وارد في الاعتكاف لأن الاعتكاف ليس واجباً أصلاً وإنما هو مستحب فيكون هذا القياس أيضاً قياساً مع الفارق وقاسه بعض الفقهاء على الشرط في الوقف وهذا أيضاً قياس غير صحيح لأن الشرط في الوقف إنما هو شرط في تفريعات هذا الوقف وتفاصيله فيشترط الواقف بعض الشروط ولكن الشرط في الاعتكاف هو شرط لأمر ينافي الاعتكاف وهو الخروج.
ولهذا لا نجد في الحقيقة دليلاً من السنة ولا آثاراً عن الصحابة تدل على صحة الاشتراط في الاعتكاف والقياس الذي ذكره بعض الفقهاء لا يصح فالصواب إذن عدم صحة الاشتراط في الاعتكاف وهذا هو القول الصحيح في المسألة وكذلك لأن الاعتكاف مستحب وليس واجباً فإذا أراد الإنسان أن يقطعه جاز له ذلك وقد مر معنا في الدرس السابق أن جميع النوافل يجوز لمن شرع فيها أن يقطعها إلا نافلة واحدة فإنها تلزم بالشروع فيها, ما هي العبادة التي تلزم بالشروع فيها؟ الحج والعمرة فيلزمان بالشروع فيهما, فالاعتكاف إذن: لا يلزم بالشروع فيها فإذا أراد الإنسان أن يقطعه قطعه.
أما القول بأنه يعتكف ثم يشترط الخروج فإن هذا الخروج ينافي الاعتكاف وأما عيادة المريض وتشييع الجنازة فروي عن بعض الصحابة أنه رخص في ذلك من غير اشتراط, فقد روي ذلك عن علي -رضي الله تعالى عنه- وعن عمرو بن حريث لكن روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت تقول: (إن كنت لأدخل البيت للحاجة- والمريض فيه- فما أسأل عنه) وهذا ما أشار إليه المؤلف بقوله: (وإن سأل عن المريض في طريقه أو عن غيره ولم يعرج إليه جاز) هذا مروي عن عائشة -رضي الله عنها- كما في صحيح مسلم وإن كان قد ورد في سنن أبي داود مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكنه لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكن ليس هناك شيء صريح عن الصحابة في منع عيادة المريض وتشييع الجنازة وإنما المروي عن عائشة أنها (كانت تمر على المريض فتسأل عنه وتتحاشى المكث عنده) ولهذا قال بعض أهل العلم: إنه لا بأس بعيادة المريض واتباع الجنازة للمعتكف وأن هذا يدخل في حاجة الإنسان.
ولكن نقول: إذا كان ذلك المريض حقه متأكد عليك كأن يكون والداً أو ولداً أو نحو ذلك فلا بأس أن تخرج لعيادته وهكذا بالنسبة للجنازة أما إذا كان حقه ليس متأكداً عليك فالأولى أن تبقى في معتكفك ولا تخرج منه لعيادة المريض ولا لاتباع الجنازة هذا قول وسط بين القولين في هذه المسألة وأما الاشتراط لغير عيادة المريض واتباع الجنازة فإن قول الاشتراط لا يصح, لكن الخروج لغير ذلك خروج ينافي الاعتكاف لأن الخروج في الحقيقة ينافي الاعتكاف إلا إذا كان خروجا لما لابد منه (والنبي -صلى الله عليه وسلم- لما زارته صفية زوجه بقي معها يتحدث ساعة ثم لما أرادت أن ترجع إلى بيتها ذهب معها النبي -صلى الله عليه وسلم- ليشيعها فرآه رجلان من الأنصار فقال: على رسلكما إنها صفية فقالوا: يا رسول الله إنا لا نشك فيك فقال: إني خشيت أن يقذف الشيطان في قلوبكما شراً, إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) فتشييع النبي -صلى الله عليه وسلم- زوجه هنا يدخل في الحاجة التي حاجة الإنسان فكذلك أيضاً عيادة المريض واتباع الجنازة لكن قلنا: ينبغي أن يقصر ذلك على من كان له عليك حق متأكد كوالد أو ولد ونحو ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/257)
وأما الخروج لغير ذلك من قضاء الحوائج ونحو ذلك فإن هذ الخروج ينافي الاعتكاف لكن نحن قلنا: إن الراجح أنه لا يصح الاشتراط لو قدر أن إنساناً معتكفاً في مسجد ثم اضطر للخروج جاز له ذلك بل لو أراد قطع هذا الاعتكاف جاز له ذلك لأن هذا الاعتكاف في الأصل إنما هو مستحب وليس واجباً.
قال المصنف -رحمه الله تعالى: (ولا يباشر امرأة) لا يجوز له أن يباشر امرأة وهذا بنص الآية ? وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ? وانعقد الإجماع على هذا ولهذا فإن باشر المرأة ووطأ فسد اعتكافه بإجماع العلماء.
وقال: (وإن سأل عن المريض في طريقه أو عن غيره ولم يعرج إليه جاز) قوله: ولم يعرج إليه التعريج: معناه الإقامة والميل من الطريق إلى جانبه ومعنى ولم يعرج إليه أي: ولم يمكث عنده، فيرى المصنف أنه إن سأل عن المريض في طريقه ولم يمكث عنده جاز ذلك وهكذا غيره, أيضاً لو خرج مثلاً لأن يأتي بطعام فتحدث مع أحد ولم يمكث عنده وإنما هو في الطريق تحدث معه حديثاً عابراً فيجوز ذلك وأخذ المصنف هذا الحكم من قول عائشة -رضي الله عنها-: (وإن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فما أسأل عنه) والحديث الآخر عند أبي داود (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو فلا يعرج ويسأل عنه) [رواه أبو داود] لكن قلنا: إن هذ الحديث ضعيف من جهة السند ولا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقلنا: إن زيارة المريض واتباع الجنازة خاصةً لمن كان له حق عليك أولى بالجواز من تشييع الزائر وقد شيع النبي -صلى الله عليه وسلم- زوجه صفية -رضي الله تعالى عنها- فتكون عيادة المريض أو زيارة المريض واتباع الجنازة أولى من ذلك فالأقرب أنه يجوز لمن كان له عليك حق متأكد، وأما القول بأنه لا يعرج عليه ولا يمكث عنده فيحتاج إلى دليل وقلنا: إن الحديث الوارد في ذلك حديث ضعيف ولا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولو صح لكان حجة في هذه المسألة ولكنه أخرجه أبو داود بسند ضعيف.
وأما ما روي عن عائشة -رضي الله عنها- في هذا فهو اجتهاد منها -رضي الله عنها- أنها كانت تدخل البيت للحاجة والمريض فيه فما تسأل عنه اجتهاداً منها لأنها ترى أن سؤالها عليه ومكثها عنده ربما ينافي ذلك الاعتكاف لكن روي عن عمرو بن حريث أنه قال: (لا بأس أن يعود المعتكف مريض) وروي نحو ذلك بالنسبة لاتباع الجنازة عن علي -رضي الله تعالى عنه.
هذه هي أبرز المسائل المتعلقة بهذا الباب وبالجملة ينبغي أن يستشعر المعتكف أنه إذا اعتكف فهو في عبادة عظيمة وأن الغرض من هذا الاعتكاف هو التفرغ للعبادة والانقطاع عن أشغال الدنيا فينبغي أن يستشعر هذا الهدف وهذا الغرض الذي لأجله اعتكف وحينئذ ينبغي أن يجعل جل وقته اشتغالاً بالعبادة وبالتقرب وأن يتجنب مالا يعنيه من قول أو فعل.
سألتم في المحاضرة الماضية عن حكم اعتكاف المرأة في مسجد بيتها؟
يقول: اعتكاف المرأة: جمهور الفقهاء على عدم جواز اعتكاف المرأة في مسجد بيتها قالوا: لأن مسجد البيت ليس بمسجد حقيقة ولا حكماً ولا يسمى مسجداً إلا على سبيل التجويز والدليل قوله تعالى: ? وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ? دليل على أن الاعتكاف يكون في المسجد الذي لا يحل فيه مكث الجنب وقضاء الحاجة وغير ذلك. يقول: وهذا غير متحقق في مسجد البيت والمقصود بمسجد البيت المكان المهيأ للصلاة فيه.
يقول: ولو جاز لفعلته أمهات المؤمنين ولو مرة لبيان الجواز ولأنهن استأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الاعتكاف في المسجد فأذن لهن وكن يعتكفن في المسجد بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم- ولو كان اعتكاف المرأة في بيتها جائزاً لأرشدهن النبي -صلى الله عليه وسلم- إليه. يقول: لأن استتار المرأة في بيتها أفضل من خروجها إلى المسجد ولما ورد عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أنه سئل عن امرأة نذرت أن تعتكف في مسجد بيتها فقال بدعة. يقول: وذهب الحنفية إلى جواز اعتكاف المرأة في مسجد بيتها قالوا: لأن صلاتها في بيتها أفضل فيكون الاعتكاف فيه أفضل ولا شك أن قول الجمهور أقوى والأصل في العبادات أنه لا فرق بين الرجل والمرأة إلا بدليل ومن تلك العبادات الاعتكاف.
هذه الإجابة تعتبر إجابة نموذجية لهذا السؤال.
سألتم عن خروج المعتكف لزيارة مريض أو اتباع جنازة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/258)
تقول: الاعتكاف هو لزوم المسجد لطاعة الله وهو سنة مؤكدة في كل زمان والسنة ألا يزور المعتكف مريضاً أثناء اعتكافه ولا يجيب الدعوة ولا يقضي حوائج أهله ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يبشارها ولا يخرج لحاجة إلا لما لابد له منه, وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعتكف ترقباً لليلة القدر والمعتكف يبتعد عن أعمال الدنيا فلا يبيع ولا يشتري ولا يخرج من المسجد ولا يتبع جنازة ولا يعود مريض
يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, بالنسبة للسؤال الأول: لا يصح للمرأة الاعتكاف في مسجد بيتها لأنه ليس بمسجد حقيقة ولا حكماً حيث يقصده الناس للصلوات الخمس ويرفع فيه أذان وله أحكام المسجد من تحية المسجد واعتزال الحائض له وما إلى ذلك من أحكام المساجد
لاشك أن مثل هذه الإجابات تنبئ عن تواصل الإخوة المشاهدين واهتمامهم بهذه الدروس بل اهتمامهم أيضاً بالبحث كما سمعنا الآن بحث الأخ في مسألة اعتكاف المرأة في مسجد بيتها وذكره لآراء العلماء هذه شيء طيب ونشكر عليه الأخ وغيره من الإخوة المشاهدين على هذا التواصل وهذا الاهتمام على الإجابات عن هذه الأسئلة.
هل الساحات الخارجية في المسجد النبوي تأخذ حكم المسجد من جهة أنها داخلة في حكم المسجد ويجوز للمعتكف الصلاة فيها لا من جهة فضل الصلاة في المسجد النبوي؟
السؤال الثاني: إن قيل: إن ليلة القدر ثابتة فهل اختلاف أسباب دخول الشهر في البلدان الإسلامية هل يعني هذا تعدد ليلة القدر في أكثر من ليلة أول ما ليلة القدر في بلد تكون ليلة سبع وعشرين على القول بأنها ثابتة مثلاً فتكون ليلة ستة وعشرين في بلد ثانٍ, ليلة ثمان وعشرين في بلد آخر كيف نجيب عن هذا الإشكال؟
هناك سؤال آخر خارج باب الاعتكاف: المؤذن الذي يؤذن للفطر هل يبدأ بالفطر قبل الأذان أو ينوي الفطر ثم يؤذن؟ وهل في الباب آثار أو أحاديث لترجيح أحد القولين؟
هل ورد دليل في فضل الاعتكاف؟ وما أقل مدة للاعتكاف؟
ذكرت آنفاً قول ليلة القدر قال بعضهم بأن جمع الكلمات يبين أنها في ليلة سبعة وعشرين وبعض الناس من المتكلمين وغيرهم اتخذ هذا المنهج حتى إنهم وصلوا بالقول بأن الساعة في كذا بناء على الآيات التي وردت في الساعة أرقام السور وأرقام الكلمات تعطينا تنبيه على هذا الموضوع؟
أريد أن أسأل عن الصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة فيما سواه لأنه ورد في الحاكم أنه بمائتين وخمسين (صلاة في مسجدي هذا تعدل أربع صلوات في المسجد الأقصى)؟
يقول: ما حكم الصلاة في الساحات الخارجية للمسجد أو خروج المعتكف؟
هذه الساحات إذا كانت حكمها حكم المسجد فإنه يجوز الاعتكاف فيها أما إذا كانت خارجة عن المسجد فلا يصح الاعتكاف فيها ونص الفقهاء على أن رحبة المسجد داخلة في المسجد فنقول: الساحات المحاطة بسور المسجد بحيث تكون أرضها موقوفة وليست مملوكة لأحد فهذه تكون حكمها حكم المسجد أما إذا لم تكن محاطة بسور المسجد وإنما هي ساحات خارجية يصلي فيها الناس عند امتلاء المسجد كما في الساحات الموجودة مثلاً في المسجد الحرام التي خلف المسعى هذه ليست من المسجد الحرام ولذلك فإنه لا يصح الاعتكاف فيها, لو أراد أحد أن يعتكف في الساحة الخارجية المجاورة للمسعى نقول: لا يصح الاعتكاف لأن هذه الساحة ليست للمسجد لأنه إذا كان المسعى ليس من المسجد الحرام فالساحة التي بعده من باب أولى ليست من المسجد الحرام أما الساحات في المسجد النبوي فهي على هذا التفصيل الذي ذكرناه إذا كانت محاطة بسور المسجد فإنها تأخذ حكم المسجد أما إذا لم تكن محاطة بسور المسجد وإنما يصلي فيها الناس عند الازدحام في المسجد النبوي فإنها لا تأخذ حكم المسجد والقاعدة في هذا: أن الساحة التي تأخذ حكم المسجد يصح الاعتكاف فيها والساحة التي لا تأخذ حكم المسجد لا يصح الاعتكاف فيها.
السؤال الأول: فيما يتعلق بالزكاة إذا كان لدينا دائن وآخر مدين موسر باذل, فإذا أوجبنا الدائن بإخراج زكاة ماله باعتباره على مليء باذل وأوجبنا الزكاة على مدينه حيث حال عليه الحول وبلغ النصاب ألا نكون قد أوجبنا في نفس المال زكاتين زكاة عند مالكه وزكاة عند المدين؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/259)
السؤال الثاني: فيما يتعلق بزكاة الحلي هل إذا كانت زكاته عارية كما ورد عن بعض الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- وورد عن شيخ الإسلام هل يجب أن تكون الإعارة للمستحقين للزكاة أو يمكن أن تعيره لغني أم لا يجزئ؟
السؤال الثالث: إنشاء صيام المتنفل هل له حد معين يعني: قبل الزوال أم بعد الزوال إذا نوى الصيام بعد الزوال هل يصح أيضاً إذا كان ... (كلمة غير مفهومة)
يقول: إن بعض الناس اتخذ من مسألة الجمع بين الحروف والكلمات منهجاً للوصول إلى أمور غير جائزة كتحديد علم الساعة ونحو ذلك ولا شك أن هذا منج خطأ والقرآن لم ينزل لذلك إنما نزل للتعبد به والعمل به وكذلك تدبر آياته ? كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ? [ص: 29].
ولكن أيضاً هذا القرآن جعله الله –تعالى- آية ومعجزاً فهو آية في كل شيء ولذلك لا يمتنع أن تكون في القرآن إشارات إلى بعض الأمور هذا ليس ببعيد ولذلك ذكروا ابن برجان استنبط من القرآن السنة التي يفتح فيها بيت المقدس قبل فتح بيت المقدس بعشرات السنين قالوا: وقد وقع ما قاله حين استنبط أن بيت المقدس تفتح في سنة 583هـ من خلال النظر في الآيات القرآنية وقد كان كما قال مع أنه توفي -رحمه الله تعالى- لكن بعض الأمور أيضاً قد يكون فيها بعض الإشارات التي يوفق الله -عز وجل- لاستنباطها بعض الناس لكن المبالغة في هذا واتخاذه منهجاً فإن هذا منهج غير سديد وأيضاً إنكاره بالكلية منهج غير سديد والمبالغة فيه واتخاذه منهجاً أيضاً هو في الحقيقة منهج غير سديد ولكن الاعتدال في هذا نقول: الأشياء خاصة إذا كانت مأثورة عن السلف مثل ليلة القدر فإن هذا مأثور عن بعض السلف ما ذكرناه من الحروف مأثور عن بعض السف فإذا كان مأثوراً عن بعض السلف وقال به بعض العلماء المتقدمين من أهل العلم والفضل فإن هذا لا بأس به أما أن يأتي إنسان ويجمع حروفاً ويريد أن يصل به إلى مقاصد دنيئة فإن هذا لا يجوز وربما يتخذ هذا مجالاً للطعن في القرآن كأن يستنبط من الحروف ومن الآيات أنه ستقع حوادث بناء على هذا الاستنباط ثم لا يكون الأمر كذلك فيكون هذا مجالاً للطعن في القرآن، وهذا لا شك أنه خطأ ومنهج فاسد ولذلك نحن نحذر من هذ المنهج.
لكن أيضاً المبالغة في إنكار مثل هذه الأمور أرى أنه غير مناسب, قد يوجد في القرآن بعض الإشارات إلى بعض الأمور وبعض الحوادث كما قال الله -عز وجل-: ? الم ?1? غُلِبَتِ الرُّومُ ?2? فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ?3? فِي بِضْعِ سِنِينَ ? [الروم:1: 4] هذه الآية صريحة لكن يوجد في بعض الآيات التي يكون فيها إشارات لا يفهمها إلا بعض أهل العلم الراسخين في العلم ولكن كما ذكرت هذا لابد أن يكون بضوابط وأيضاً ألا يتوسع في ذلك ولا يبالغ فيه وألا يتخذ منهجاً بحيث يتوصل به إلى أمور محرمة كمثلاً معرفة علم الساعة كما ذكر الأخ السائل لأن الساعة لا يمكن لأحد أن يعرفها أبداً لا من ملك مقرب ولا نبي مرسل ومن ادعى ذلك نعلم قطعاً بأنه كاذب ولهذا فنحن نقول بأن من اتخذ هذا منهجاً فينكر عليه ويحذر منه.
سأل عن القول بأن ليلة القدر ثابتة يقول: ما العمل مع اختلاف المطالع؟
سؤاله جيد يقول: إذا اختلفت رؤية هلال رمضان في المملكة ليلة الثلاثاء وفي بلد آخر ليلة الأربعاء فعلى القول بأن ليلة القدر ثابتة لا تتنقل فهل معنى ذلك أن ليلة القدر تتعدد؟ نقول: لا تتعدد وإنما هي ثابتة في ليلة معينة وهذا يؤكد ما قلناه من أنه ينبغي للمسلم أن يجتهد طيلة الليالي العشر لأنه ربما يكون هناك خطأ في دخول شهر رمضان ويكون البلد الآخر هم الذين أصابوا الوقت الصحيح لشهر رمضان وليلة القدر واحدة لا تتعدد وهي التي تنزل فيها الملائكة ? تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ? ومعلوم أن هذا لا يحصل إلا مرة واحدة ولأن ليلة القدر لما نزلت في ليلة واحدة فلذلك هذا يؤكد ما قلناه من أنه ينبغي الاجتهاد في جميع الليالي العشر لأنه حتى وإن قلنا: إن ليلة سبع وعشرين هي آكد الليالي فربما تكون ليلة سبع وعشرين هي ليلة ست وعشرين عند قوم وتكون ليلة سبع وعشرين هي الليلة الآتية ولذلك ينبغي الاجتهاد في جميع الليالي فإن المسلم إذا اجتهد في جميع الليالي يكون قد وافق ليلة القدر قطعاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/260)
تقول: ذكرتم- حفظكم الله- أن الاحتياط الانتظار ثلث ساعة وقت الفجر من حين الأذان فهل يجوز أداء الوتر خلال الثلث ساعة هذه وبالنسبة لطلوع الشمس هل ستكون على توقيتها أم أن الطلوع سيختلف تبعاً لتوقيت الفجر؟
طبعاً طلوع الشمس ثابت ومحدد ومتفق عليه في جميع التقاويم, التقاويم العالمية وغيرها بل حتى أجهزة الإحداثيات مثلاً جهاز ماجلان أو جارن أو غيرها كلها متفقة على وقت الشروق والغروب فلا إشكال في ذلك.
وأما بالنسبة للفجر نحن أشرنا إلى أنه ينبغي الاحتياط وعدم الاستعجال في إقامة صلاة الفجر بعد الأذان مباشرة وأن ينتظر المسلم وكذلك المرأة في بيتها ما لا يقل عن ثلث ساعة حتى يطمئن إلى أنه أتى بالصلاة في وقتها بيقين.
وأما بالنسبة لسؤالها عن صلاة الوتر بعد أذان الفجر فحتى على تقدير أن يكون أذان الفجر يؤذن مع طلوع الفجر وأن الأذان على الوقت الصحيح, روي عن بعض السلف ما يدل على الترخيص في أداء صلاة الوتر بعد أذان الفجر وقبل إقامة الصلاة بل روي في ذلك حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (أن من نام عن وتره فإنه يصليه أو يقضيه إذا أصبح قبل أن يصلي صلاة الفجر) وفي ذلك حديث حسن وروي عن بعض الصحابة أنهم كانوا يفعلون ذلك ولهذا نقول: من كان يوتر وأذن عليه المؤذن لا بأس أن يصلي صلاة الوتر بعد أذان الفجر خاصة مع القول بأن أذان الفجر متقدم على الوقت وأقول: حتى لو قلنا: إنه ليس متقدماً على الوقت فقد روي عن بعض السلف ما يدل على التوسعة في هذا.
يقول: كيف نجمع بين أن يزكي المدين والدائن؟
يقول: إذا كان الدين على مليء باذل فإنه تجب الزكاة في ذلك الدين فكيف يزكي ذلك المال والمدين أيضاً يزكي ذلك المال فكيف مال واحد يزكي مرتين؟ المدين يزكي ماله والدائن يزكي ماله.
أولاً: نقول: المدين لا يزكي ذلك المال إلا إذا بقي عنده سنة كاملة أما إذا صرفه أو أنفقه فإنه لا يجب عليه أن يزكيه.
أما بالنسبة للدائن فهو في الحقيقة إنما يزكي الدين الذي له في ذمة المدين ولا يزكي الدين بعينه وإنما الدين الذي في ذمة المدين لأن هذا الدين الذي أخذه المدين يتصرف فيه فهو حر فيه انقطعت علاقة الدائن به يشتري به يقرضه يتصدق به انقطعت علاقة الدائن به لكن الدائن يملك مقدار هذا الدين في ذمة المدين فهو إنما يزكي الدين الذي له في ذمة هذا المدين وبذلك يزول الإشكال الذي طرحه السائل فنقول: الجهة هنا منفكة فلا يقال: إن مالاً واحداً يزكى مرتين لأن هذا الدائن لم يزكِ دينه في ذمة المدين والمدين لا تجب عليه الزكاة في هذا الدين الذي استدانه إلا إذا بقي عنده سنة كاملة من بعد استدانته أما إذا أنفقه أو اشترى به أو تصرف فيه فإنه لا تجب فيه الزكاة.
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 11:56 ص]ـ
وبهذا تم بحمد الله تنزيل كتاب الصيام كاملاً للشيخ /سعد الخثلان
نسال الله لنا ولكم العلم النافع والعمل الصالح
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[26 - 08 - 08, 04:00 ص]ـ
جزاك الله خيرا
لو أمكن وضعه في ملف لتتم الفائدة
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[26 - 08 - 08, 10:33 ص]ـ
حاولت ولكن للاسف لاني لا اعرف طريقة وضعه في ملف فان امكن المساعدة فحسن
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 02:46 م]ـ
(كتاب الطهارة)
بسم الله الرحمن الرحيم، يقول المؤلف -رحمه الله:- (الحمد لله، أهل الحمد ومستحقه، حمداً يفضل كل حمداً؛ لفضل الله على خلقه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة قائم لله بحقه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم – غير مرتاب في صدقه -صلى الله عليه وعلى آله، ما جاد سحاب بودقه، وما رعد بعد برقه-)
هذه المقدمة للافتتاحية، بالحمد على مستحق الحمد - سبحانه وتعالى – وعادة المؤلفين عموماً أنهم يستفتحون مؤلفاتهم بمثل هذه الافتتاحية التي تتضمن الثناء بالحمد على مستحق الحمد - سبحانه وتعالى – كما تتضمن الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – والشهادتين: الشهادة لله - عزّ وجلّ – يعني شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمداً رسول الله، وقوله (غير مرتاب في صدقه) يعني هذا لا شك، ولا ريب في تصديق رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وأنه رسول من عند الله حقاً وصدقاً، وكذا الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم – وقوله (ما جاد سحاب بودقه) الودق هو المطر (
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/261)
وما رعد بعد برقه) يعني الرعد والبرق معلومان.
يقول (أما بعد هذا كتاب أحكام في الفقه، اختصرته حسب الإمكان، واقتصرت فيه على قول واحد؛ ليكون عمدة لقارئه، ولا يلتبس عليه الصواب باختلاف الوجوه والروايات، سألني بعض أصحابنا تلخيصه؛ ليقرب على المتعلمين ويسهل حفظه على الطالبين، فأجبته إلى ذلك معتمداً على الله –سبحانه- في إخلاص القصد لوجهه الكريم، والمعونة على الوصول إلى رضوانه العظيم، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وأودعته أحاديث صحيحة؛ تبركاً بها، واعتماداً عليها، وجعلتها من الصحاح، لأستغني عن نسبتها إليه)
نعم، هذا كما لاحظتم وسمعتم كتاب في الفقه؛ ولهذا قال: (هذا كتاب أحكام في الفقه) وإنما قال: كتابُ أحكامٍ بصيغة النكرة هنا؛ ليشير إلى أنه كتاب مختصر شامل لبعض أحكام وليس كل الأحكام التي ينبغي ذكرها في كل باب، وهو كما قال: تضمن أحكاماً انتقاها، تعتبر أساسيات لهذا العلم في كل باب من الأبواب المختلفة.
(اختصرته حسب الإمكان) يعني قدر الاستطاعة، (واقتصرت فيه على قول واحد) وهو كما قال: أنه صار في الكتاب على قول واحد، وباعتبار أن ابن قدامة من علماء الحنابلة فهو اختصر على قول واحد في المذهب الحنبلي قال: (ليكون عمدة لقارئه) يعتمد عليه من يقرأ، أو من يتعلم، أو من يدرس هذا الكتاب في معرفة أساسيات هذا العلم العظيم، ولا يلتبس عليه الصواب باختلاف الوجوه والروايات، يقولون أنني لم أذكر الخلاف في مثل هذا الكتاب وهو موجه للمبتدئين؛ خشية من أن يلتبس الأمر، ويشوش الذهن على المبتدئين في التعليم.
وهذا المنهج ينبغي أن يسلك في التعلم، عند بداية التعلم ينبغي أن يسار على قول واحد، وأن تعتمد الكتب أو المؤلفات التي لا تشتت ذهن طالب العلم في الأقوال المختلفة، وفى المناقشات المختلفة؛ لأن هذا يشوش ذهنه، وبينما اعتماد كتاب على قول واحد هذا مما يؤسس طالب العلم، ويجمع ذهنه على مسائل الفقه.
أفادنا في قوله (سألني بعض أصحابنا) يعني أن تأليف هذا الكتاب بناءً على طلب ولا سيماً تلخيص، يعني تأليف مؤلف مختصر على هذا النحو بناء على طلب بعض طلاب العلم أو بعض الأصحاب.
قوله (معتمداً على الله - سبحانه وتعالى – في إخلاص القصد لوجهه الكريم) هذا أمر معلوم وهو من عادة أيضاً المؤلفين أن يقصد بتأليفهم وجه الله -تبارك وتعالى- وأن يطلب منه أيضاً العون والسداد والتوفيق كما قال.
أشار أيضا في نهاية هذه المقدمة إلى ما ذكرته في بداية ذلك من أنه اعتمد بعض الأحاديث الصحيحة، في بداية الأبواب أو على أهم المسائل، وإنما اختار هذه الأحاديث الصحيحة؛ ليستغني بذلك عن أن ينسبها ويخرجها أو يعزوها إلى مراجعها.
(كتاب الطهارة، باب أحكام المياه، خلق الماء طهوراً يطهر من الأحداث والنجاسات، ولا تحصل الطهارة بمائع غيره، فإذا بلغ قلتين، أو كان جارياً لم ينجسه شيء إلا ماغير لونه أو طعمه أو ريحه).
المؤلف -رحمه الله تعالى- بدأ بأحكام المياه، وأحكام المياه وما يذكر فيما يتعلق بالمياه باب من أبواب الطهارة، والطهارة: كلمة أشمل تشمل المياه، وتشمل ما سيأتي من أبواب مرتبة بعضها على بعض، وبعضها يكمل بعض قد يسأل سائل ويقول: لماذا يبدأ المؤلفون في كتب الفقه -عادة أو غالباً- مؤلفاتهم بكتاب الطهارة؟ لماذا لم يبدءوا –مثلا- بكتاب الصلاة، أو بكتب العقيدة، فيما يتعلق بالتوحيد، فيما يتعلق بالاعتقاد، وفيما يتعلق بذلك؟
الجواب على هذا: أننا لما ننظر في الأحاديث التي بينت أركان الإسلام، وأركان الإسلام هي الواجبات الدينية العظيمة، هي العمد التي يقوم عليها هذا الدين، نجد أن هذه الأحاديث كحديث ابن عمر وغيره (بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله .... ) إلخ.
هذه الأحاديث ذكرت أولاً: الشهادتين، ثم الصلاة، ثم أداء الزكاة، ثم الصوم، ثم الحج بهذا الترتيب، فالترتيب المنطقي في التأليف أن ينطلق مع هذا الترتيب النبوي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/262)
ولهذا ينبغي أن يبدأ أولاً بما يتعلق بالشهادتين، ثم بالصلاة، ثم بالزكاة، ثم بالصيام، ثم بالحج، ولكن ما يتعلق بالشهادتين هو فن مستقل بعلوم الشريعة، وهو فن التوحيد والاعتقاد، ولكونه فناً مستقلاً أفرد بمؤلفات خاصة تبينه، تبين ما يتعلق به، فلهذا لم توجد مباحث العقيدة، أو مباحث التوحيد في مؤلفات الفقه؛ لأن مؤلفات الفقه خاصة بالأحكام العملية، وما يتعلق بأحكام الاعتقاد أو بالتوحيد وما ينافيه من الشرك، هذا له مؤلفات خاصة تبحث فيها هذه الأمور، فإذًا ما يتعلق بالركن الأول من أركان الإسلام له مؤلفات خاصة.
ننتقل إلى الركن الثاني وهو الصلاة، لماذا لم نبدأ بالصلاة؟ قال: هناك أمور تشترط للصلاة وتسبقها وهي الطهارة؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث، حتى يتوضأ) وهكذا من الأدلة -غير هذا الحديث- التي تدل على أن الطهارة من الأحداث والأنجاس شرط لصحة الصلاة.
إذاًَ لابد أن يبدأ بالطهارة، الطهارة بماذا تكون؟ تكون بالماء، ولهذا يبدءون بباب المياه.
ثم المياه لابد لها من أواني توضع فيها؛ لأنها سائلة، فيعقبون على ذلك بباب الأواني، وهكذا على حسب ما يأتي بيانه -إن شاء الله تعالى- إن تمكنا منه اليوم وإلا ففي دروس قادمة.
عندي الآن كلام في الطهارة قبل أن ننتقل إلى هذا.
لكون موضوعنا في الطهارة، لابد أن نأخذ تمهيداً أو مقدمة يسيرة عن الطهارة، الطهارة في الإسلام نوعان:
طهارة معنوية.
وطهارة حسية.
الطهارة المعنوية تعني طهارة القلوب من النفاق، والشرك، والاعتقادات الباطلة الفاسدة، وكذا تطهير القلوب من أمراضها كالحقد، والحسد، والبغضاء، والشحناء، وغير ذلك.
أيضاً يدخل في الطهارة طهارة الجوارح من الذنوب والآثام والمعاصي؛ ولهذا جاء في بعض الأحاديث أن الوضوء يطهر الأعضاء، وكذلك الأعمال الصالحة تطهر وتذهب السيئات، فهذه طهارة معنوية.
أما الطهارة الحسية، وهي موضوعنا وهي التي يذكرها الفقهاء في كتبهم، فهي التي يسبقها أو تشتمل على فعل تطهير، الطهارة من الأحداث، والطهارة من النجاسات.
الطهارة من الأحداث تطهيرها بالوضوء بالنسبة للحدث الأصغر، وبالغسل بالنسبة للحدث الأكبر، تطهير النجاسات بتنقيتها، تنقية ما طرأت عليه النجاسة بوسائل التطهير المختلفة: بالماء، أو بغيره كما سيأتي.
ومن هنا نلاحظ أن الإسلام اهتم بالطهارة اهتماماً كاملاً، جعلها شرطاً لصحة الصلاة، بالوضوء من الحدث الأصغر، وبالغسل من الحدث الأكبر، حث على الاغتسال للعبادات التي يجتمع لها: كالاغتسال للجمعة، والعيدين وغيرهما.
أيضاً من اهتمام الإسلام بالطهارة أنه حث على خصال الفطرة، ومن ذلك السواك، ونظافة الفم، وغير ذلك.
حث أيضاً على نظافة البيئة ولا سيما الطرق إن الله - سبحانه وتعالى – يجب المتطهرين كما يحب التوابين، وهذا أيضاً من قيمة ومكانة الطهارة في الإسلام.
ما الطهارة؟
الطهارة في اللغة: تعني النظافة والنزاهة من الأقذار والأدناس والأوساخ.
مصدر: طهر، يطهر، طهارة.
أما تعريفها الفقهي أو الشرعي: فهي ارتفاع الحدث وزوال الخبث أي النجاسة.
ما الحدث الذي يراد رفعه بهذه الطهارة؟ هو وصف معنوي يكون بالبدن، إذا وجد سببه، يمنع الصلاة حال وجوده.
مثلاً إنسان خرج منه بول أو الغائط، هذا نقول إنه محدث متصف بالحدث، لا يجوز له أن يصلى وهو على هذه الحالة، حتى يرفع هذا الحدث بالوضوء، والحدث الذي يحصل بالبول أو بالنوم أو بالغائط أو ما أشبه ذلك، هذا حدث أصغر يرفعه الوضوء، لو أن إنساناً حصل منه جنابة فقد اتصف بحدث أكبر، ويرفع هذا الحدث الطهارة بالغسل تعميم البدن كله بالماء.
نخلص من هذا إلى أن معنى الطهارة ارتفاع الحدث، يعني أن يحصل من الإنسان فعل يرفع هذا الحدث، وهذا الفعل هو الوضوء أو الغسل على حسب نوع الحدث، ارتفاع الحدث وزوال الخبث، زوال النجاسة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/263)
زوال النجاسة: أي تنقيتها، زوالها من المكان الذي طرأت عليه، فإذا تعرض الثوب –مثلا- لنجاسة، أو طرأ عليه نجاسة من بول أو من غيره، فتطهيره بتنقيته من هذه النجاسة حتى يذهب أثر النجاسة، عين النجاسة وأثرها، فإذا ما حصل رفع للحدث بالتطهير بالوضوء أو بالغسل وإذا ما حصل تنقية للنجاسة مما طرأت عليه فحينئذ نقول تمت الطهارة، أو وجدت الطهارة، أو اتصف هذا الشخص -الذي كان محدثاً- بأنه طاهر أو متطهر، وإذا نُقي المكان الذي طرأت عليه النجاسة سواء بالماء، أو بغيره من المنقيات، فحينئذ نقول: هذا المكان، أو هذا الثوب، أو هذا الشيء طهر أصبح طاهراً من النجاسة.
إذاً تعريف الطهارة: هي تعريف الحدث، وزوال النجاسة.
التعبير بارتفاع أولى من رفع، لاحظ، بعض الفقهاء يقولون: رفع الحدث، وزوال الخبث. يقول بعضهم: إن التعبير بارتفاع أولى من التعبير برفع لماذا؟
قال: لأن الرفع هو الفعل هو التطهير، يعني الوضوء نفسه هذا عملية رفع للحدث، إذا تم الوضوء تمت الطهارة؛ ولهذا الطهارة هي الارتفاع الناشئ عن الرفع.
فالطهارة: هي ما ينشأ عن التطهير.
الحدث -كما قلت- نوعان: أصغر، وأكبر.
النجاسة نوعان: نجاسة عينية هذه لا تزال، النجاسة العينية أي الذاتية التي هي نجاسة مثل البول ذاته، أو مثل الغائط ذاته، أو مثل الدم المسفوح، أو مثل الكلب، أو الخنزير، هذه أعيان نجسة لا تطهر، إنما الذي يَرِدُ عليه التطهير من النجاسة، هو محل طاهر في الأصل، ولكن طرأ عليه نجاسة.
ما الذي يجب التطهر له؟ الذي يجب التطهر له الصلاة، والطواف، ومس المصحف، الذي يجب التطهر منه الحدث الأصغر، والحدث الأكبر، الأصغر بالوضوء كما سبق، والأكبر بالغسل. الذي يجب التطهر به هو الماء، ولا تحصل الطهارة من الحدث إلا بالماء.
أما الطهارة من النجاسة فلا يشترط لها الماء على الصحيح، كل وسيلة تمت تنقية النجاسة وإزالتها، وإزالة أثرها، فإنها تتم الطهارة بذلك.
الطهارة في الأصل تتم بالماء، هذا هو الأصل، ولكن إذا عدم الماء ينوب عن الماء بالنسبة للطهارة من الأحداث التيمم.
أبواب الطهارة: المياه أولاً باعتبارها هي الوسيلة الأساسية في الطهارة، ثم الآنية؛ لأن الماء لابد أن يوضع في أواني: ثم الاستنجاء والاستجمار؛ لأنه يسبق الوضوء، فهو شرط من شروط الوضوء، ثم الكلام عن الوضوء، والمسح على الحوائل باعتبار أنه قد يلجأ ويحتاج إلى المسح على الحوائل، إذا كان مثلاً لابساً خفين، ثم نواقض الوضوء؛ لأن الوضوء يتعرض لناقضاً من النواقض، ثم الغسل في حالة وجود الحدث الأكبر، التيمم عند فقد الماء، وأخيراً ما يتعرض له النساء وهو الحيض والنفاس وما يتعلق بهما.
هذه هي الأبواب التي تبحث في كتاب الطهارة.
بعد هذا ننتقل إلى المياه قال المؤلف –رحمه الله كما سمعتم قبل قليل (خلق الماء طهوراً، يطهر من الأحداث والنجاسات، ولا تحصل الطهارة بمائع غيره)
الفقهاء -رحمهم الله تعالى- لهم طريقتان في تقسيم المياه:
الطريقة الأولى: تقسيم المياه إلى ثلاثة أقسام:
- طهور.
- وطاهر.
- ونجس.
والطريقة الثانية: تقسيم المياه إلى نوعين فقط أو قسمين فقط:
- طاهر.
- ونجس.
ويقول: إنه لا وجود لقسم ثالث، وممن تزعم هذا الرأي الأخير شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله تعالى-.
على كل حال، الناظر في هذا التقسيم، والناظر في واقع كلام الفقهاء -رحمهم الله تعالى- حول هذه المياه، يجد أن هناك ملحظ لاحظه الفقهاء-الذين قسموا الماء إلى ثلاثة أقسام- جعلهم يقسمون المياه إلى ثلاثة أقسام، وهناك ملحظ لاحظه شيخ الإسلام ومن وافقه جعله يقسم المياه إلى قسمين.
الفقهاء -رحمهم الله تعالى- الذين قسموا الماء إلى ثلاثة أقسام نظروا إلى أن هذا الماء الذي معنا، هل هو طاهر ومطهر؟ أو أنه طاهر فقط، ولا يمكن التطهر به؟
نعم، طاهر في نفسه، ولا يمكن التطهر به، أو أنه نجس؟
لما ننظر فيما ذكروه في قسم الطاهر، نجد أنهم ذكروا أنواعاً هي في حقيقتها ليست ماء، كما سيأتي في الكلام عن قسم الطاهر، ولهذا لا مشاحة، سواء قلنا إن الماء ثلاثة أقسام: طهور، وطاهر، ونجس، أو قلنا: إنه طاهر، ونجس، على كل حال سنبدأ بهذه الأقسام الموجودة معنا التى ذكرها المؤلف، وننظر فيها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/264)
النوع الأول: هو الطهور، وهو الماء المطلق الذي لم يقيد بوصف، الماء المطلق الباقي على خلقته التي خلق عليها، ويشمل ماء البحار، والأنهار، والآبار، والعيون وغير ذلك.
فهذا الماء المطلق الباقي على أصله، وعلى خلقته التي خلقه الله - تبارك وتعالى – عليها يعتبر طهوراً، يرفع الأحداث، وتزال به النجاسات، وهذا لا خلاف فيه أنه طاهر في نفسه، ومطهر لغيره، يرفع الأحداث ويزيل الأنجاس.
وقد دلت على ذلك أدلة كثيرة منها قول الله - تبارك وتعالى – ? وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً ? [الفرقان: 48].
وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم – في ماء البحر (هو الطهور ماؤه، الحل ميتته) وقوله - صلى الله عليه وسلم – (اللهم اطهرني بالماء، والثلج، والبرد).
وتوضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم – من الآبار، وغير ذلك.
فحكم هذا الماء أنه طاهر في نفسه -كما سبق- مطهر لغيره، يرفع الأحداث، ويزيل الأنجاس، إلا أن هذا الماء قد يرد عليه شيء.
يعني معنى الكلام الذي قلته هو معنى قول المؤلف هنا خلق الماء طهوراًَ، الماء الباقي على خلقته طهور، يطهر من الأحداث، يعني بالوضوء، والغسل، ويطهر أيضاً من النجاسات التى تطرأ أيضاً على المحل النجس.
قال: (ولا تحصل الطهارة بمائع غيره) أما بالنسبة للحدث، فهذا لا إشكال فيه لا يرفع الحدث، يعني لا يتوضأ، ولا يغتسل عن الجنابة إلا بالماء، ولا يرفع الحدث غير الماء من السوائل الأخرى، وهذا لا خلاف فيه.
وأما النجاسات، فالمسألة فيها كلام لأهل العلم، بعضهم يقول: حتى النجاسات لا يطهرها إلا الماء، بينما البعض الآخر يقول: لا، المقصود بالتطهير من النجاسات، أو بالطهارة من النجاسات تنقية المحل منها، فلا يشترط الماء، بأي وسيلة حصلت التنقية، بأي وسيلة حصل النقاء التام فإنها تحصل الطهارة من النجاسات، وهذا هو الأولى هو الأرجح.
قال: (فإذا بلغ الماء قلتين، أو كان جارياً لم ينجسه شيء) معنى كلام المؤلف، الماء عند الفقهاء أو بعض الفقهاء لا يخلو أما يكون قليلاً، أو كثيراً، ما حد القليل؟ وما حد الكثير؟ قالوا: حد القليل ما كان أقل من قلتين، وما كان فوق قلتين فهو كثير.
ما حكم الماء القليل؟ وما حكم الماء الكثير؟
قالوا: الماء القليل الذي أقل من قلتين هذا ينجُس ولو لم يتغير بالنجاسة، والماء الكثير الذي هو قلتان فأكثر هذا لا ينجس إلا بالتغير بالنجاسة، إما أن يتغير لونه أو طعمه أو ريحه بها، فإذا تغير بالنجاسة حكمنا بأنه نجس، وإذا لم يتغير بالنجاسة لا بلون، ولا بطعم، ولا بريح، فإنه يعتبر طهوراً.
ما قدر القلتين؟ قدر القلتين قالوا خمس قرب تقريباً، ولكن لما أراد المعاصرون أن يحددوا هذه الكمية بالواحدات المعاصرة قالوا: تقدر القلتان بما يقارب مائتي كيلو جرام، أو بما يقارب مائتين وسبعين لتر من الماء.
على كل حال هذا منهج ورأي لكثير من أهل العلم، كثير من الفقهاء، أن التفريق بين القلتين فأكثر وما هو دون القلتين، ولكن الرأي الذي يرجحه المحققون من أهل العلم: أنه لا فرق بين القليل والكثير، الماء لا ينجُس إلا إذا تغير بالنجاسة، بطعم أو بلون أو بريح، إذا تغير بها فيعتبر نجساً، وإذا لم يتغير بها يعتبر طهوراً، فكلام المؤلف بناء على منهج كثير من الفقهاء في التفريق بين ما دون القلتين وما هو أكثر؛ ولهذا قال: (فإذا بلغ الماء القلتين، أو كان جارياً لم ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه)
إذا تغير طعم الماء، أو لونه، أو ريحه بالنجاسة، فهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم أنه يعتبر نجساً، وما سوى ذلك ينجس بمخالطة النجاسة، فما دون القلتين ينجس بمجرد مخالطة النجاسة، ولو لم يتغير بالنجاسة وهذا بناء على المذهب الحنبلي، ومن يوافقه من المذاهب في هذا.
ثم قال: (والقلتان ما قارب مائة وثمانية أرطال بالدمشقي) وبينت لكم أن هذا وحدات قديمة على عهد المؤلف -رحمه الله تعالى- إنما الآن هي تقدر بما ذكرت قبل قليل.
قبل أن ننتقل إلى الطاهر، نريد أن نفتح المجال لكم إذا كان هناك سؤال بما يتعلق بالطهور أو لا.
أحسن الله إليكم يا شيخ: كيف نجمع بين حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – (إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء) وحديث (إن الماء طهور لا ينجسه شيء)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/265)
هذان الحديثان الحقيقة هما المنشأ، أو العمدة التي اعتمد عليها بعض الفقهاء في قضية التفريق بين الماء القليل، والماء الكثير، وعندنا حديث آخر (إذا بلغ الماء القلتين لم يحمل الخبث).
أما حديث (إن الماء طهور لا ينجسه شيء) فهذا حديث صحيح، وجاء في حديث آخر، الحديث الأول هذا حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: (إن الماء طهور لا ينجسه شيء) والحديث الثاني: هو حديث أبي أمامة - رضي الله تعالى عنه – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: (إن الماء طهور لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على ريحه أو لونه أو طعمه).
الحديث الأول- كما قلت- حديث صحيح، صححه غالب الحفاظ، غالب المحققين من المحدثين.
الحديث الثاني: جزأه الأول وافق الحديث الأول، إنما الجزء الثاني هذا ضعيف قد ضعفه المحققون من المحدثين، وعلى هذا قالوا: إن الماء طهور لا ينجسه شيء إلا إذا تغيرت رائحته، أو لونه، أو طعمه بريح، لا بهذا الحديث الضعيف، وإنما بالإجماع، قالوا: أجمع العلماء على أن الماء الكثير إذا تغير بنجاسة لونه أو طعمه أو ريحه فإنه ينجُس؛ لأن إطلاق الحديث و عموم الحديث يدل على أنه لا ينجسه شيء مطلقاً؛ لأنه قال: إن الماء طهور لا ينجسه شيء، لكن الإجماع قام على أنه إذا تغيرت رائحة الماء بالنجاسة، أو تغير طعمه بالنجاسة، أو تغير لونه بالنجاسة، فإنه يعتبر نجاساً.
هناك سؤال: ماء طهور وتغير بالتراب؟ أو بالطين فما رأيك، هل هو طهور أو طاهر أم نجس؟
إنه طهور؛ لأن التراب لا يمكن أن نحجزه عن الماء
سؤال آخر-ونؤجل الجواب عن الأسئلة هذه كلها جميعاً- ماء تغير بالصابون، أنت تغسل الماء، ثم وضعت فيه صابون فتغير لونه أو رائحته، هل يعتبر هذا طاهر أم نجس؟
طهور أو طاهر أو نجس؟
في هذه الحالة يخرج عن تعريف الماء، فلا نطلق عليه ماء
لا يطلق عليه ماء، أنت تتوضأ بالماء، وتريد أن تغسل بالماء، ووضعت قليلاً من الصابون فيه إذا ما يمنعك؟
إذا اختلط بالماء فهو خرج من الماء
فيه أحد عنده إجابة ثانية؟
هو طهور يا شيخ؛ لأنه مطهر لغيره نفس الماء واختلط بالصابون
الواقع يا إخواني، جواباً على هذه الأسئلة، عندنا ماء الطهور قد يرد عليه أشياء، قد تغيره إلى مسمى آخر، وقد لا تغيره، وهذه الأشياء الواردة عليه قد تكون طاهرة، وقد تكون غير طاهرة مثلاً: الماء يتعرض لسقوط الأوراق فيه، يتعرض لنبات ينبت فيه، يتعرض لوجود الطحالب فيه، يتعرض لوجود التراب لما يجري الماء، تلاحظون الآن مياه الأمطار لما تجري السيول متغيرة بالتراب وبالطين، قد يتغير أيضاً بالعجين، قد تتغير بالجلود لما توضع في قرب، هذه الأشياء الطاهرة التي يتغير بها الماء ولا تنقله عن مسماه لا تؤثر فيه، فيعتبر باقيًا على طهوريته، ويعتبر ماءً طهوراً يجوز رفع الأحداث به وإزالة النجاسات به.
أيضاً قد يتغير بسبب التسخين، يسخن الماء سواء بالشمس، أو بالحطب، أو بالغاز، أو بالكهرباء أو غير ذلك، فما حكم هذا الماء المسخن، هل يجوز استخدامه أو لا؟
أنت الآن في الشتاء والجو بارد جداً، هل يكره أن تسخن الماء؟ لا، لا يكره الذي قيل إنه يكره المسخن بالشمس، قال بعض الفقهاء: إنه يكره وذكروا علة لذلك، قالوا: إنه يسبب البرص، ولكن الصحيح أنه لا يكره، وأن هذه العلة واهية وليست صحيحة، والحديث الوارد في ذلك حديث مردود، حديث لم يصح، الحديث الوارد في هذا هو حديث عائشة أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال لها: (لا تفعلي فإنه يورث البرص) هذا حديث لا يصح؛ ولهذا فالصحيح أن الماء المسخن لا يؤثر فيه التسخين، قالوا: إلا إذا اشتد حره، فحينئذ يكرهون هذا؛ لأنه قد يصعب الوضوء به، فقد لا يتم الوضوء به، قد لا يحصل الإسباغ به، ومثل ذلك الماء البارد جداً الذي قد لا يتم الإسباغ به مع برودته الشديدة.
أما إذا ورد على الماء الطهور شيء، أو شيء غير مسماه إلى مسمى آخر فهذا سيأتي بحثه في الطاهر. تفضل.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى:- (وإن طبخ في الماء ما ليس بطهور، أو خالطه فغلب على اسمه، أو استعمل في رفع حدث سلب طهوريته، وإذا شك في طهارة له)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/266)
المؤلف -رحمه الله تعالى- اختصر اختصاراً كبيراً هنا فيما يتعلق بالطاهر، قال: (وإن طبخ في الماء ما ليس بطهور، أو خالطه فغلب على اسمه أو استعمل في رفع حدث سلب طهوريته) المؤلف يشير بهذا إلى النوع الثاني من أنواع من الماء وهو الطاهر، بناء على تقسيم الفقهاء -رحمهم الله تعالى- إلى أن الماء ثلاثة أنواع: طهور، وطاهر، ونجس.
قال: (وإن طبخ في الماء ما ليس بطهور) ليس معناه أنه نجس، ليس المقصود هنا أن المطبوخ بالماء الطهور شيء نجس، لا، يريد شيئاً طاهراً في ذاته، غير مطهر لغيره، يعني سواء كان من السوائل أو من غيرها، يدخل في ذلك الماء الذي طبخ فيه لحم، الماء الذي طبخ فيه اللحم ماذا نسميه هل نسميه ماء؟ ماذا يسمى؟ يسمى مرق، الماء الذي طبخ فيه خضار ماذا نسميه؟ مرق أيضاً أو ما أشبه ذلك.
الماء طبخ فيه شاي نسميه ماذا؟ هل يسمى ماء؟ طبخ فيه قهوة، إذاً إذا طبخ في الماء الطهور شيئاً طاهراً، فنقل مسماه إلى مسمى آخر، فهذا عند الفقهاء يجعلونه من الطاهر، ولكن في الحقيقة هل نسميه ماء، في هذه الحالة خرج عن مسمى الماء، ومن هنا يأتي الفرق بين أصحاب الطريقة الأولى، الذين يقسمون الماء إلى ثلاثة أقسام، والذين يقسمونه إلى قسمين.
الذين يقسمونه قسمين يقولون: هذا القسم نخرجه من الماء، هذا ليس مما نحن فيه، ليس من الماء، وإنما هو مسمى آخر، انتقل عن الماء إلى أمر آخر أو إلى مادة أخرى هي هذا الشيء المسمى، نسميه شاي نسميه مرق، نسميه قهوة، نسميه كذا، نسميه شوربة نسميه إلخ.
هذا الجزء الأول (وإن طبخ في الماء ما ليس بطهور) قال: (أو خالطه امتزج معه) مزج معه المسألة الأولى في عملية الطبخ.
الثانية: خلط به مزج معه شيء، فتغير أيضاً مسماه إلى مسمى آخر، ماء وضعنا عليه مادة حبرية، أصبح الماء إيش حبر، هل نسميه ماء؟ لا، نسميه حبر.
وضع فيه حليب، فأصبح حليباً.
وضع فيه مثلاً هذا البيبسي أو الميرندا، المادة التي تكون هذا الشيء أصبح إيش يسمى بيبسي، ويسمى ميرندا، ويسمى أي مشروب من المشروبات هذه.
فانتقل بسبب المخالطة، أو بسبب الممزاجة هذه إلى مسمى آخر، خرج عن كونه ماء إلى أمر آخر.
إذاً نقول الماء الطهور إذا طبخ فيه شيء، فغير مسماه إلى مسمى آخر فلا يرفع الحدث ولا يزيل النجس؛ لأنه أصبح شيئاً غير الماء لا يطهر.
ولا يمنع هذا أن يكون طاهراً في نفسه، يعني لو وقع جزء من الشاي على الثوب، أو على البقعة، جزء من الميرندا، جزء من البيبسي جزء من القهوة، جزء من الشاي، جزء من المرق، هذا طاهر لا يؤثر، لا نقول يجب عليك أن تغسل هذا الماء للصلاة.
أو قد يخالط الماء أمر يغير بعض صفاته، ولكن لا ينقله إلى مسمى آخر، مثل قضية تغير الماء بورق الشجر، بالطين، بالتراب، بالصابون، بالصدأ، بأي أمر آخر، هذا نسميه ماء وهو متغير بعض التغير بهذه الأشياء، هل نقول أنه نقله عن الماء، لا، هو باق ماء، وعلى هذا فهذا يعتبر طهوراً.
إذاًَ ما جعل من قسم الطاهر، إما أنه انتقل عن الماء إلى شيء آخر، أو أنه بقي على مسماه، وهذا الشيء الذي ورد عليه لا ينقله عن مسماه، فيبقى طهوراً يتطهر به من الأحداث والأنجاس.
قال: (أو استعمل في رفع حدث) هذه في الحقيقة مسألتان عندنا، هما المسألتان اللذان يبقى فيهما الكلام بين الفقهاء، هل نعتبر الماء الذي تعرض لحكم هاتين المسألتين، هل نعتبره من الطهور أم من الطاهر؟ الماء المستعمل في رفع الحدث، والماء الذي غمست فيه يد القائم من نوم الليل قبل غسلها ثلاثا، إما أن يجعل هذا من الطهور، أو أن نجعله من الطاهر الذي لا يتطهر به.
شخص توضأ بماء، والمقصود بالماء المستعمل ليس الذي تغرف منه في إناء الفضلة، لا، المقصود أن ما يجري على أعضائك يجمع في إناء، فهذا هو المستعمل، أو إنسان يتوضأ في إناء كبير ويعود الماء عليه، أو أنه يغتسل بإناء فيه ماء فى وسطه مثلاً، فهذا نسميه ماء مستعمل، هل الماء المستعمل من الطهور الذي يمكن أن يتوضأ به مرة أخرى، أو ليس من الطهور؟ هذا محل خلاف بين الفقهاء، والذي رجحه شيخ الإسلام، وكثير من المحققين أنه يعتبر من الطهور الذي يتطهر به، بينما غالب الفقهاء يعتبرونه من الطاهر الذي لا يتطهر به، يعني بعض الفقهاء ولاسيماً الحنابلة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/267)
الماء الذي غمست فيه يد القائم من نوم الليل أيضاً، فيه هذا الخلاف بعضهم يجعله من الطهور وبعضهم ينقلهم إلى الطاهرية، ويستدلون بهذا (إذا قام أحدكم من نوم الليل، فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده).
على كل حال هذا الحديث، أو ظاهر هذا الحديث يدل على أنه يمنع الشخص من أن يغمس يده في الإناء قبل أن يغسلها، ولكن معنى هذا أن الحديث تعرض لحكم هل هو طهور أو طاهر أو غير ذلك؟ لا، ولهذا فالصحيح في هذه المسألة أن الماء الذي غمست فيه يد القائم من نوم الليل قبل غسلها ثلاثاً من الطهور، ولكن من فعل هذا فقد خالف، فالحديث دل على أنه يجب غسل اليدين ثلاثاً، قبل غمسها في الإناء إذا كان قائماً من نوم الليل.
إذا تكرمتم حفظكم الله الخلاف في التقسيم إلى ثلاثة أقسام، وقسمين هل من هل له ثمرة عملية أم فقط تسميته طهور أو طاهر
هذه الثمرة العملية، الثمرة العملية في أقسام الماء هل نعتبرها من الطهور، وبالتالي يجوز الوضوء به، ويجوز تنقية أو غسل النجاسات به، أو أن نعتبرها من الطاهر على تقسيم الجمهور، وبالتالي لا يكون مطهراً لا يتوضأ به، وستأتي بعض المسائل المبنية على هذا.
يقول -رحمه الله:- (وإذا شك في طهارة الماء أو غيره أو نجاسته بنى على اليقين، وإن خفي موضع النجاسة من الثوب أو غيره غسل ما يتقين به غسلها)
قال (إذا شك في طهارة الماء أو غيره أو نجاسته بنى على اليقين) هذه في الحقيقة قاعدة فقهية كبيرة بُني عليها أحكام كثيرة، ومن الأحكام الكثيرة التي بنيت على قاعدة أن اليقين لا يرفعه الشك، أو أن الشك لا يرفع اليقين، هذه مسألة.
شك في طهارة الماء المؤلف ذكر هذه الأمثلة؛ لأنه في موضوع المياه، لأنه في باب المياه، وإلا فإن هذه القاعدة قد ترد في باب المياه، ممكن أن ترد في باب الصلاة وفى غيرها من الأبواب في أبواب متعددة جداً، بل يمكن أن ترد في أبواب الفقه المختلفة، إذا شك في طهارة الماء، عندي ماء، ولا أدري هل هو طهور يصلح التطهر به، يصلح الوضوء به، أو أنه طاهر لا يصلح التطهر به، ما الحكم؟ هل أتوقف أو ماذا؟
نقول انظر في اليقين، انظر فيما تيقنته، هل هذا الماء الذي شككت في نجاسته، عندي إناء فيه ماء، وأعرف مثلاً أنه طاهر، أنا عندي يقين أنه طهور؛ لأني أحضرته من البئر، أو أخذته من صنابير الماء الموجودة عندي، وهي طاهر ثم وضعت، ثم شككت بأنه مر من عند الماء طفل متنجس، أو مر من عند الماء كلب، ولا أدري هل الكلب ولغ فيه أو لم يلغ؟ هل الطفل نجسه أو لم ينجسه؟ هل تعرض لنجاسة، الأصل ما هو الآن؟ الأصل عندي واليقين عندي أن الماء طهور، والنجاسة مشكوك فيها، فما الذي أطرحه؟ أطرح الشك وأبني على اليقين وأعتبر أن الماء طهور، المفروض العكس، أنه قال شك في طهارة الماء أو نجاسته، لا، هو في المسألة الأولى شك في طهارة الماء، يعني الأصل أنه نجس وشك في الطهارة، وقال: (أو في نجاسته) يعني شك هل هو طهور، وشك في نجاسته.
إذا شك في طهارة الماء، أو في نجاسته الأصل أن عندي إناء فيه ماء، وأنا أعرف أنه نجس هذا الشك في الطهارة، الأصل عندي والمتيقن أنه نجس، وحصل الشك في الطهارة، هل هو طاهر أو غير طاهر، أعتمد إيش؟ أنه نجس.
إذا كان عندي متيقن أنه طاهر أو طهور وحصل الشك في النجاسة، فأطرح الشك، وأعتبره طهوراً، وكما قال: ليس هذا خاص في الماء، وإنما هو أيضاً في غير الماء.
وإن خفي موضع النجاسة من الثوب أو غيره غسل ما يتيقن به غسله، عندك ثوب مثلاً عندك يقين أنها فيها نجاسة، عندك يقين أنها متعرضة لنجاسة، ولكن ما تدري أين النجاسة، هل هي في الكم، أو في الصدر، أو في أسفل الثوب وغيره، ما الحكم؟
قال الحكم: أنك تغسل حتى تتيقن أن النجاسة أزيلت، إذا فرضنا أنك تعلم أن في كمك نجاسة، ولكن لا تدري هل هي في نهايته، أو في وسطه فاغسل الكم كله، إذا كنت متيقن أن الثوب قد تعرض لنجاسة وخفي عليك موضعها فاغسل الثوب كاملاً، لا يجب أن تخرج بها هكذا.
يقول رحمه الله (وإن اشتبه ماء طاهر بنجس، ولم يجد غيرهما تيمم وتركهما، وإن اشتبه طهور بطاهر توضأ من كل واحد منهما)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/268)
عندنا مسألتان: المسألة الأولى: اشتباه الماء الطاهر بالنجس، عندك إناءان واحد فيه ماء نجس قطعاً، وعندك إناء آخر فيه ماء طهور قطعًا، واشتبها عليك، فماذا تعمل؟ قال اتركهما كلهما وتيمم.
هذه المسألة ترد على تقسيم الفقهاء ثلاثي؛ لأنه يتصور أن يكون عندنا ماء نجس وهو غير متغير بالنجاسة أم لا؟
وما يجري أيضاً على مسألة أن ما دون القلتين ينجس لو لم يتغير، فعندنا إناء فيه ماء نجس، إناء فيه ماء نجس باعتبار أنه يمكن أن ينجس، ولو لم يتغير، وعندنا إناء فيه ماء طهور، لم يتبين لك بالنظر في الإنائين أيهما الطاهر وأيهما النجس؛ لأن بناء على ما دون القلتين ينجس ولو لم يتغير ما فيه علامة ظاهرة في الإناءين.
هنا يقول أنك تترك الماءين وتتيمم لئلا تستخدم النجس، ولكن بناء على المذهب الذي رجحناه وهو أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، هل يرد عندك هذا؟ لا يتصور، لماذا لا يتصور؟ لأنك ستصب الماء أو ستنظر في لونه، أو ربما في طعمه، فسيتبين لك من خلال النظر والتمحيص في الإناءين أيهما الطهور وأيهما النجس.
المسألة الثانية: إذا اشتبه الطهور بالطاهر، هذه ترد على تقسيم الأول، طهور وطاهر عندنا طهور وعندنا طاهر، قال (يتوضأ من كل واحد منهما) بعض الفقهاء يقول: يتوضأ وضوء كامل من الأول، ثم يتوضأ وضوء كامل من الثاني، وبعضهم يقول: لا، يتوضأ وضوء واحد من الإناءين، يأخذ من هذا غرفة، ومن هذا غرفة، ويصلي صلاة واحدة، ولكن هذا أيضاً يرد على مسألة تقسيم الثلاثي، أما على مسألة أن الماء طهور إلا إذا تغير بالنجاسة، لا يرد هذا.
يقول رحمه الله: (وإن اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة، صلى في كل ثوب بعدد النجس، وزاد صلاة، وتغسل نجاسة الكلب)
قال: (وإن اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة، صلى في كل ثوب بعدد النجس، وزاد صلاة) يتصور هذا، إن كان الإنسان عنده مثلاً خمسة ثياب، واحد منها يعلم أنه قد تعرض لنجاسة البول، والأربعة الباقية لم تتعرض لذلك، ولكن لكونها لون واحد، ولكونها نجاسة غير ظاهرة الصورة، يعني ما هو واضح لون النجاسة في الثوب، اشتبهت عليه وليس عنده ماء، لو كان عنده ماء نقول اغسل الثياب أو اغسل منها واحد وصلي فيه، لكن ما عنده إطلاقاً ما عنده وسيله ينقي فيها النجاسة، أو يغسل فيها أحد هذه الثياب من أجل أن أن يصلي فيها، فماذا يعمل؟
المؤلف يقول: يصلي في كل ثوب صلاة بعدد النجس، إذا كان يعلم أن الثوب واحد نجس يصلي صلاتين إذا كان اثنين نجسين يصلي ثلاث صلوات، وبعض أهل العلم يقول: يتحرى حتى ما يغلب على ظنه أنه طاهر؛ فيصلي فيه، وهذا ما فيه شك أنه أبعد للحرج، أو يبعد الحرج عنه المصلي.
لعلنا نكتفي بهذا اليوم، ونكمل إن شاء الله تعالى في الدرس القادم، والآن نفتح المجال للأسئلة.
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 02:55 م]ـ
السلام عليكم، والله يا شيخ عندي سؤال لو سمحت، يا شيخ نحن طبعاً شباب طالعين الصحراء وفيه إناء واحد نحن ثلاثة أشخاص نتوضأ في الإناء هل هذا فيه شيء؟
قصده يغترفون من الإناء، على كل حال فيما يظهر من السؤال لا شيء في ذلك، يعني يمكن لإنسان أو ثلاثة أو أربعة أو مجموعة يغتسلون من إناء أو يتوضأون من إناء واحد، لا إشكال فيه، ولكن ينتبه إلى قضية إذا كانوا قائمين من الليل أنه ما يغمس الإنسان يده في الإناء قبل أن يغسلها ثلاثاً، كما دل على ذلك الحديث الذي أشرت إليه قبل قليل (إذا استيقظ أحدكم من نوم الليل حتى يغسلها ثلاثاً، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده) أو كما قال - صلى الله عليه وسلم –.
في مسألة الماء المستعمل رجحتم أنه يعتبر طهور ويتوضأ منه، فهل هناك تفريق بين الماء المستعمل في رفع الحدث والماء المستعمل في رفع النجاسة، بحيث يكون هناك ما يخالط النجاسة مع هذا الماء المستعمل، فهل يأخذ نفس الحكم؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/269)
على كل حال السؤال جيد، والفقهاء رحمهم الله تعالى تكلموا عن هذا، على قول بعض الفقهاء: أن الماء المستعمل لا يرفع به الحدث ولا يزال به النجاسة، والبعض الآخر يقول: لا، يرفع به الحدث، ولكن ويمكن إزالة به النجاسة؛ لأن النجاسة المقصود بها التنقية والإزالة؛ فإذا حصلت التنقية والإزالة بذلك، فذلك يتم، إنما بناء على ما رجحه بعض المحققين كشيخ الإسلام رحمه الله، ومن وافقه أيضاً من المعاصرين كالشيخ محمد بن العثيمين رحمه الله وغيرهم، لم ترد هذا لا يرد هذا؛ لأن المستعمل يعتبر ماءً طهوراً ترفع به الأحداث، وتزال به الأنجاس.
السلام عليكم، كيف حالك يا شيخ؟ الذين يقولون أن الماء لا يحكم بنجاسته إلا إذا تغير، فإذا كان ماء قليل، ورأيت أن نجاسة سقطت فيه، رأيت هذا بعيني، يعني مثل أن بال الطفل فيه لكن لم يتغير شيء من أوصاف الماء، هل يحكم بنجاسة هذا الماء وهو قليل؟
السؤال -الله يرعاك يا شيخ- لو وجدنا إناءين: الإناء الأول يكون مثلاً طهور، والإناء الآخر يكون نجس الله يرعاك، وما أدري في هذه الحال ولم أتيقن أن الإناء هذا مثلاً طاهر أو نجس ما نعمل الله يرعاك؟
يقول إن الماء قليل وسقطت فيه نجاسة لكن لم يتغير لا لونه ولا طعمه؟ فما رأيكم يا شيخ
هذا بناء على الخلاف الذي أشرنا إليه، وأنا الحقيقة باعتبار أن المنهج الذي سنسلكه هو منهج مبتدئين، موجه إلى أناس ما زالوا في بداية الطلب، وهذا هو الذي خصصت له هذا الفصل، وهذه الدورة، يعني أعرض بقدر ما أستطيع عن التوسع في الخلاف.
المسألة هذه محل خلاف بين الفقهاء، مبني على الحديث الذي أشرنا إليه قبل قليل، وهو ما روي عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال: (إذا بلغ الماء قلتين، لم يحمل الخبث) قالوا: إن مفهوم الحديث إنه إذا كان أقل من قلتين فإنه ينجس، بغض النظر عن تغيره، الآخرون الذين يقولون: لا ينجس إلا بالتغير، يقولون: حتى إذا كان أكثر من قلتين إذا تغير فإنه ينجس بالإجماع، ولهذا عندنا سواء منطوق الحديث وارد عليه، ومفهوم الحديث أيضاً يرد عليه.
منطوق الحديث لا ينجسه شيء يرد عليه، أنه إذا تغير ينجس، فأصبح الحديث على عمومه؛ لأن عموم الحديث أن ما زاد عن قلتين لا ينجس مطلقاً، ولكن الإجماع قائمٌ على أن الماء إذا تغير بالنجاسة؛ فإنه يعتبر نجس، ولو كان كثيراً ولو كان أكثر من قلتين.
أيضاً ما دون القلتين مفهوم الحديث أنه ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة، إذا تغير بالنجاسة، فهذا لا إشكال فيه أنه ينجس، الإجماع قائم على أنه ينجس، ولهذا المسألة قائمة على خلاف في هذه القضية.
الذين قالوا: إن ما دون القلتين ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة يعتبر نجس، وبالتالي لا يجوز له أن يتوضأ به ولا أن يرفع به حدث.
أما على المذهب الذي رجح فإذا لم يتغير لا بلون ولا بطعم ولا بريح، فهذا يعتبر طهوراً يرفع الحدث، ويزيل النجاسة، ولكن ينبغي أيضاً أن يلحظ أمر، ينبغي أن يلحظ أمر، وهو قضية هل هذا الماء مضطر إليه، أو غير مضطر إليه.
إذا كان غير مضطر إليه وفيه ماء غيره يتجنبه من باب الاحتياط ومن باب أيضاً الخروج من الخلاف؛ ليتحقق أو ليسلم من قضية الإشكال في هذا الماء، بناء على القول الذي يرى أنه نجس.
أيضاً هل هذا الماء، أو النجاسة الواردة على الماء، هل ممكن أن تؤثر عليه صحياً أو غير صحياً، أحياناً يكون الماء ما ظهر على أوصافه أثر النجاسة، لا بلون، ولا بطعم، ولا بريح، ولكن ثبت أنه مضر بوجود ميكروبات فيه، مثل الماء المنقى الآن، الماء المنقى بالوسائل الحديثة، المجاري، مياه المجاري الآن تنقى بوسائل التقية الحديثة فتصبح عديمة اللون، وعديمة الطعم، وعديمة الرائحة، يعني لا فيها أثر نجاسة، لا بلون ولا بطعم ولا بريح.
الماء الذي خالطه الصابون أو العطر أعتبره طهور أم طاهر؟
نعم، أقول إن قرارات الهيئات العلمية، وهيئة كبار العلماء، وقرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وغيرهم يرون أن الماء المنقى بوسائل التنقية الحديثة، إذا ذهب لون النجاسة فيه أو طعمه أو ريحها فهذا يعتبر طهوراً يرفع الأحداث ويزيل الأنجاس.
ولكن نبهوا على قضية مهمة، قالوا: إلا إذا ثبت ضرره، يعني التنقية فيه من الميكروبات ليست مائة بالمائة؛ ويمكن أن يخشى من ضررها الصحي أن يتجنب.
كذلك هذا المسئول عنه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/270)
شيخ يقول صليت على غير طهارة ثم اتضح أنه غير متطهر، لكن لم يوضح في السؤال هل كان في وقت الصلاة أم بعد الصلاة
هنا بعض الفقهاء يفرق بينما إذا كان قد علم بالنجاسة فنسيها، ثم تذكرها فيما بعد أنه يعيد وهذا هو المذهب.
أما إذا كان لم يعلم بها مطلقاً إلا بعد الصلاة فتعتبر صلاته صحيحة -إن شاء الله تعالى- ولا شيء عليه.
تقول ما خالطه صابون أو عطر، هل يعتبر من الطاهر أو الطهور
يعتبر طهورًا، بناء على ما قررناه قبل قليل، إن الماء الطهور إذا تغير بشئ طاهر ولم ينقله إلى مسمى آخر فإنه يعتبر طهوراً مطهراً.
أحسن الله إليك يا شيخ: إذا كان في تعدد الصلوات بعدد الثياب النجسة مشقة مثل إن كان عشرين ثوب أو خمسين ثوب
ولهذا رجحنا الرأي الآخر، وقلنا لكم إن هذه المسألة فيها رأيان لأهل العلم:
الرأي الأول: هو المذهب وهو الذي ذكره المؤلف أنه يصلى بعدد الثياب النجسة ويزيد صلاة ليتأكد ويتيقن أنه صلى فى ثوب طاهر.
لكن الرأي الثاني في المسألة، وهو رأي شيخ الإسلام ومن وافقة، وهو رأي كثير من أهل العلم أنه يتحرى، يجتهد ويتحرى فما غلب على ظنه أنه طاهر من هذه الثياب يصلي بصلاة واحدة ولا يكرر الصلوات.
وهذا هو الأرجح إن شاء الله وهو الأوفق والأيسر.
جزاكم الله خير يا شيخ على هذا البرنامج، السؤال، حديث أبو أمامة الباهلي - رضي الله عنه – (إن الماء لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه) فذكرت الإجماع هل الإجماع هنا عليه دليل؟
أشرنا إلى هذه المسألة في الحقيقة قبل قليل، وقلنا إن حديث (إن الماء طهور لا ينجسه شيء) حديث أبي سعيد هذا حديث صحيح، وحديث أبي أمامة (إلا ما غلب على ريحه أو طعمه أو لونه) هذه الزيادة ضعيفة، غالب المحدثين بل اتفاق المحدثين على أن هذه الرواية ضعيفة، أو هذه الزيادة ضعيفة، ولكن قالوا: قام الإجماع على أن الماء إذا تغير بالنجاسة؛ فإنه يعتبر نجساً، إذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة؛ فإنه يعتبر نجساً؛ لأنه في هذه الحالة يعني ظهرت النجاسة فيه، وقد دلت الأدلة الأخرى على أن المتنجس لا يجوز التطهر به، فدخل هذا في النجس بهذا التغير الذي حصل به.
أحسن الله إليك يا شيخ أجبت السؤال قبل قليل: أنه إذا ذكر بعد الصلاة، أنه ليس على طهارة فتجزأ الصلاة
قلنا أن هذه المسألة هي مسألة خلافية أيضاً بعضهم يقول إذا نسي النجاسة سواء كان قد علم بها من قبل أو لم يعلم بها، ولم يتذكرها إلا بعد الانتهاء من الصلاة فتعتبر صلاته صحيحة مطلقاً، هذا قول.
والقول الثاني: وهو المذهب، أنه يفرق بين ما إذا كان علم النجاسة، قبل الصلاة، ثم نسيها ثم تذكرها فيما بعد في هذه الحالة يعيد الصلاة.
أما إذا كان لم يعلم بها مطلقاً قبل الصلاة، وإنما رآها بعد الانتهاء من الصلاة، ففي هذه الحالة صلاته صحيحه ولا إعادة عليه.
أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ، المؤلف رحمه الله في بداية الباب ذكر: فإذا بلغ الماء قلتين أو كان جارياً لم ينجسه شيء، جعل الماء الجاري في مقابل القلتين، يعني لم يفرق في الماء الجاري بين القليل والكثير، فما وجه ذلك؟
إي نعم، الجاري، يقول: لأنه ليس ثابتاً أو دائماً في مكان واحد؛ ولهذا يقول الفقهاء: كل جارية من الماء، كل جزء من الماء يعتبر له حكم مستقل، فهو غير ثابت؛ ولهذا قالوا: إنه ليس كحكم الماء الدائم، وإنما يعتبر كحكم ماء الكثير، باعتبار أن النجاسة لا تستقر فيه.
فإذا ما كان فيه أسئلة نكمل موضوع الدرس.
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه: أن الماء طهور، فما حكم الطعام الذي يوجد في البحر هل هو مباح أكله كله أم هناك كلام للعلماء في ذلك؟
إي نعم الأخ السائل يعني نقلنا عن موضوعنا نحن موضوعنا في الماء أو في المياه، ولكن لا بأس، الحيوانات البحرية هل هي حلال كلها، أو ليست حلالاً كلها؟ يعني فيه ممكن أن يقال إن بعضها حلال، وبعضها حرام، نجد أن الفقهاء رحمهم الله مختلفون في هذا.
بعضهم يقول: إنه لا يباح من الحيوانات البحرية إلا الأسماك، ما يطلق عليه أسماك فقط، وما عداه مما لا يأخذ هذا المسمى ليس حلالاً.
وبعضهم يقول: كل حيوانات البحر مباحة إلا ثلاثة، التمساح، والضفدع، وحية البحر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/271)
وبعضهم يقول: كل حيوانات البحر مباحة بالإطلاق؛ لأن الله يقول ? أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ) [المائدة: 96].
فهذه الأقوال الثلاثة، والأظهر والله أعلم بالصواب أن حيوانات البحر كلها مباحة لعموم الآية.
تقسيمات كتب الفقهاء، عندما يقول في أول الكتاب، كتاب الطهارة مثلا باب المياه، باب الآنية هل هي من وضع المصنف أو من وضع المحقق فيما بعد؟
لا، هي عادة التأليف أو المؤلفون هم الذين يقسمون الكتاب، يعني المُؤَلَّف نفسه، الكتاب يقسم إلى أقسام، كتاب، وباب، وفصل، المؤلفون القدامى - في الغالب- مؤلفاتهم على هذا النمط.
الكتاب: وهذا يجمع عدة أبواب، يكون عنوان الكتاب أعم، والأبواب أخص، والباب يتضمن فصولاً أخص، الفصل يتضمن مسائل.
هذا غالب المؤلفين القدماء، المعاصرون لهم منهج آخر في التقسيم، يجعلون مثلاً أبواب والأبواب فصول، الفصول مباحث، المباحث مطالب، المطالب فروع، والفروع مسائل.
على كل حال هي تقسيمات منهجية.
بعض المؤلفين القدماء لا يعنونون يمكن أن يعنون بكتاب، فيأتي بعض المحققين، ويعنونون عناوين جانبية؛ لتوضيح الكتاب وتقسيمه وتجزئته، إنما الكتاب الذي معنا الآن الكتب، والأبواب وهذه من وضع المؤلف.
قلت في مقدمتك يا شيخ ارتفاع الحدث وزوال النجاسة، لماذا فرقت بين النجاسة والحدث لم تقل ارتفاع النجاسة والحدث؟
إي نعم، أحسنت هذا السؤال حقيقة جيد، وكان بودي إن ذكرته أثناء الشرح.
يقول العلماء والفقهاء رحمهم الله، هذا ما كلامي أنا هو كلام الفقهاء رحمهم الله الفقهاء يقولون عبر في جانب الحدث بالارتفاع، وعبر في جانب النجاسة بالزوال لماذا؟
عبر في موضوع الحدث بالارتفاع؛ لأن الحدث وصف معنوي، وعبر عن تطهير النجاسة بالزوال؛ لأن المقصود تنقية المكان من النجاسة، المقصود إزالتها حسياً النجاسة أمر حسي، لا يناسب أن يعبر عن زوال هذا الأمر الحسي بالزوال، بينما الحدث أمر معنوي وصف معنوي يكون بالبدن بسبب وجود سبب الحدث فيعبر عنه بالارتفاع إذا حصل التطهير الحاصل بالوضوء أو بالغسل.
جزاكم الله خير يا شيخ عندي سؤال القائم من الليل إذا وضع يده في الإناء هل يسلب طهوريته أم لا؟ الشيء الثاني أنه فيه أخ سأل قبلي، يقول: إنه صلى وهو ليس على طهارة، والشيخ قال: إن صلاته صحيحه، لكن الرجل ليس على طهارة من البداية، أرجو التوضيح
يقول القائم من الليل إذا وضع يده في الإناء
هذه المسألة تحدثنا عنها قلنا إن غمس اليد بالإناء قبل غسلها ثلاثاً وهذا فيه مخالفة للحديث، ولهذا نقول إنه يجب على من قام من الليل ويريد أن يتوضأ بإناء ولاسيما إناء صغير أن يغسل يديه، يفرغ من الإناء على يديه ويغسلها ثلاثاً ثم يتوضأ هذا من حيث الحكم التكليفي في هذه القضية.
إنما من حيث تأثير هذا الغمس على الماء الصحيح أنه لا يؤثر فيه لا يعتبر طهوراً.
السلام عليكم حفظك الله يا شيخ، تعقيب فقط لا غير الأخ خالد قبل قليل سأل وقال إنه إمام مسجد وصلى بالجماعة بدون وضوء، ثم بعد أن انصرف من الصلاة تذكر أنه لم يتوضأ، ولم يسأل عن النجاسة فأنت قلت يا شيخ إن صلاة الإمام جائزة حسب ما نعرف يا شيخ إنه يعيد الصلاة، وصلاة المأمومين صحيحة
أشكر الأخوين على التنبيه؛ لأنه يظهر أنه توجه ذهني إلى مسألة أو وقوع نجاسة على الثوب، ولكن المسألة في قضية شخص صلى بغير طهارة وهو ناسٍ، هذه فيها خبر وارد أو أثر أنه إذا صلى الجنب بالقوم أعاد صلاته وتمت للقوم صلاتهم ولهذا فما أشار إليه الأخ المعقب الأخير هو الحق، أن صلاة الجماعة صحيحة وهو عليه أن يعيد الصلاة باعتباره تيقن أنه صلى على غير طهارة.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
في البداية هذا البيان الذي سمعناه الآن حقيقة أثلج الصدر، وأفادنا بأن أمتنا -بحمد لله- ما زالت بخير، وأن الأمة في جميع أرجاء الأرض، في جميع أقطارها متعطشة إلى العلم، بحاجة إلى العلم، ومقبلة على العلم، وليس ذلك بغريب، فالعلم النافع هو الطريق إلى الله - تبارك وتعالى - أسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يوفقني وجميع الحاضرين، وجميع المشاهدين، وجميع المسجلين في هذه الأكاديمية إلى كل خير، وأن يوفقنا إلى الاستزادة من العلم النافع، وأن يوفقنا للعمل الصالح، وأن يجعل عملنا جميعاً في مرضاة الله، إنه سميع مجيب.
موضوعنا بدايته تتمة للدرس الماضي، الدرس الماضي كان عن المياه، وقبل المياه أخذنا مقدمة أو تمهيداً عن الطهارة بعامة.
أريد في بداية هذا الدرس أن أتحقق من إخواني الحاضرين الطلاب أنهم معنا، والسؤال أيضاً موجه إلى المشاهدين، الطلاب والطالبات في بيوتهم ودورهم، هل المتابعة والطلب جاد، أو أن المسألة يعني مجرد طفرة وتنتهي؟
أريد إن شاء الله -تعالى- من الجميع الجد، والإخلاص في الطلب، والاجتهاد والحرص التام، والمذاكرة، والمتابعة، والاستذكار الدائم؛ لأن المقصود هو التحصيل الجيد الذي ينفع -إن شاء الله تعالى-.
السؤال الأول هو: ما الماء الطهور؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/272)
ـ[ابوخالد الحنبلى]ــــــــ[06 - 06 - 10, 04:31 م]ـ
المشكلة يا اخى ان اذهان البشر مختلفة فهناك من قرا جمع الشروح للاصول الثلاثة وهو ل10شيوخ وانتقل الى غير الكتاب فكل شيخ يشرح جزء قد يراه غيره ليس مهما
لكن الافضل اتبع شيخ واحد تفهم منه وريح دماغك(100/273)
حكم شراء العقار قبل أن يُبْنى. (فتوى للعلامة العثيمين).
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 03:47 م]ـ
السؤال:
لقد قمت بتسليم إحدى الشركات مبلغا من المال، وذلك لتمليك منزل في مجمع سكني، علما بأن هذا المجمع لم يبْنَ بعد، وقد طالبت بعد ذلك باسترجاع المبلغ، فوافقوا على ذلك، وكان بعد فترة من الزمن، فهل على هذا المبلغ زكاة؟ وهل هذا البيع جائز؟ علما أن هذا المجمع لم يبْن بعد.
الجواب:
[يقول العلماء: إن بيع العقار لا تكفي فيه الصفة، لا تكفي فيه الصفة، فلو كان عند الإنسان بيت، وعرضه للبيع، فلابد أن يعلمه المشتري بالرؤية، لأنك مهما وصفت البيت لن تصل إلى غاية ما نفس المشتري، لو قلت: مثلا: الحُجَر أربع، كل حجرة أربعة أمتار في ستة أمتار، ووصفته تماما، فإنه لن يبلغ غاية ما نفس المشتري إلا بالرؤية، ولهذا قالوا: بيع العقار لابد فيه من الرؤية بالعين، ولا يكفي فيه الوصف؛ وهذا القول حقّ.
لكن فيه قول آخر يقول: يجوز بيعه بالوصف، وللمشتري الخيار إذا رآه، وِشْ معنى له الخيار إذا رآه؟ يعني إذا رآه إن شاء أمضى البيع، وإن شاء رده.
أما إذا لم يُبْنَ فهذا علة العلل، علة العلل، لأنه: أولا: ليس قائما.
ثانيا: رأينا أنَّ بعض الناس يلعب بعقول الناس وأموالهم، يجْبِي الأموال الكثيرة على أنه سيقيم في هذا مشروعا،ثم تبقى السنوات بعد السنوات، والناس يطالبونه وهو يماطل! إما لأنه أشغل الدراهم بشيء آخر، وإما لأن المؤونة كثرت وشقت، أو لغير ذلك، ولهذا نرى أن بيع البيوت والدكاكين التي لم تُعْمر لا يجوز، وما الذي جعله يستعجل؟!! ينتظر، إما أن يبيعها وهي لم تقم بعد، يحصل بهذا مشاكل.
وكم من أناس جاؤوا يَشْكون بمثل هذا، يقولون: نحن تبرعنا وساهمنا، وما زلنا نطالب صاحب المشروع بإقامته وهو يماطل، فتحصل بهذا مشاكل، وتتعطل دراهم الناس عند هذا الرجل، فلهذا ننْهى عن ذلك، ونقول: الحمد لله، لا تستعجل، تأن، وإذا تأنّيت فالغالب أن في التأني السلامة] اهـ.
الشيخ العلامة ابن عثيمين – رحمه الله تعالى – (فتاوى ودروس الحرم) شريط (2) وجه ب دقيقة 37.20.
ـ[العوضي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 04:45 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم على نقلك لهذه الفتوى , ورحم الله العلامة ابن عثيمين
وهذا هو طابع أغلب المشاريع الضخمة التي تبنى الآن , ومنهم من يبيع العقار بعد أن يشتريه بهذه الصورة , فليتك أخي الكريم إن حصلت على فتوى بخصوص هذا الأمر أن تزودني به لأني سألت أكثر من شيخ عندنا وقالوا نحن متوقفون في المسألة
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 05:13 م]ـ
وبكم بارك أخي المكرم العوضي.
وأنبه على أن الفتوى السابقة من فتاوى الحرم لعام 1418هـ.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 07:05 م]ـ
جزاكم الله خيرًا، ورحم الله الشيخ.
والمسألة مما عمت بها البلوى؛ لأن مثلًا شراء العقار قبل بنائه يكون سعره أقل بحوالي (مئة ألف جنيه مثلًا أو أقل)!
لذلك أخذ بعض العلماء باستحسان الأحناف رحمهم الله تعالى لعقد الاستصناع.
ـ[الديولي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 07:22 م]ـ
هل العله في المنع لذات العقد أم لما يترتب عليه من مشكلات
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[20 - 08 - 08, 07:30 م]ـ
بحث
عقد الاستصناع
كتبه أبو زيد
الفصل الأول: مقدمة في الاستصناع
المبحث الأول: تعريف الاستصناع في اللغة:
الاستصناع استفعال من صنع، فالألف والسين للطلب، يقال: استغفار لطلب المغفرة، والصنع: يقول الرازي: " (الصنع): بالضم مصدر قولك صنع إليه معروفاً وصنع به صنيعاً قبيحاً أي: فعل"1، والصناعة - بكسر الصاد: حرفة الصانع، واصطنعه: اتخذه، قال تعالى: " واصطنعتك لنفسي "2، يقول ابن منظور: " ويقال اصطنع فلان خاتما إذا سأل رجلا أن يصنع له خاتما "3 واستصنع الشيء: دعا إلى صنعه، فالاستصناع لغة: طلب الفعل 4.
المبحث الثاني: تعريف الاستصناع في الاصطلاح:
اختلفت عبارات العلماء في تعريف الاستصناع، ويرجع ذلك إلى اختلافهم في حقيقة الاستصناع وتكييفه - كما سيأتي إن شاء الله5 - حيث أدخله الجمهور ضمن السلم، أما الأحناف فعدوه عقداً مستقلاً، لكنهم اختلفوا في تعريفه، ومرجع ذلك الاختلاف إلى إدخال بعض القيود أو إخراجها، ومن تلك التعريفات:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/274)
* تعريف الكاساني: " هو عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل " 6.
وهنا قد بيّن كونه عقداً، لكن لم يذكر اشتراط تحديد الثمن، فلم يكن جامعاً.
* تعريف ابن الهمام: " الاستصناع طلب الصنعة وهو أن يقول لصانع خف أو مكعب أو أواني الصفر اصنع لي خفا طوله كذا وسعته كذا أو دستا أي برمة تسع كذا وزنها كذا على هيئة كذا بكذا ويعطى الثمن المسمى أولا يعطي شيئا فيعقد الآخر معه "7.
وهو تعريف بالرسم لا الحد، حيث عرف الاستصناع بذكر بعض صوره.
* تعريف السمرقندي: " هو عقد على مبيع في الذمة وشرط عمله على الصانع "8.
وهو تعريف مختصر جيد، لكن يلاحظ عليه عدم ذكر الثمن واشتراطه.
* تعريف مجلة الأحكام العدلية: " مقاولة مع أهل الصنعة على أن يعمل شيئاً "9.
وهو من أجود التعريفات، لكن يلاحظ عليه كذلك عدم ذكر الثمن واشتراطه،وكذلك فهو غير مانع حيث يدخل فيه الإجارة.
ويمكننا من خلال التعريفات السابقة وما لوحظ عليها أن نقول: إن الاستصناع هو:
" عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل على وجه مخصوص بثمن معلوم ".
* شرح التعريف:
o عقد: يخرج ما هو وعد، وهو الصحيح خلافاً لأكثر فقهاء الأحناف.
o على مبيع: يخرج الإجارة، فهي عقد على منافع لا على عين.
o في الذمة: قيد ثالث احترز به عن البيع على عين حاضرة.
o شرط فيه العمل: أخرج السلم، حيث لا يشترط فيه كون المسلم فيه مصنوعاً.
o على وجه مخصوص: أي: جامع لشروط الاستصناع ببيان الجنس والنوع والقدر وغير ذلك مما تصير به معلومة، بحيث لا يؤدي إلى نزاع.
o بثمن معلوم: أي: قدره ونوعه، ولا يلزم قبضه في مجلس العقد على ما سيتم تفصيله قريباً - إن شاء الله -10
المبحث الثالث: أهميته:
تتضح أهمية عقد الاستصناع بالحاجة العظيمة إليه في الحياة البشرية، حيث بين الله أن البشر متفاوتون فيما بينهم تسخيرا منه سبحانه لبعضهم البعض، فقال سبحانه: " نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاُ سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون " 11، ومن صور تسخير البشر لبعض: عقد الاستصناع، فإن المستصنع محتاج لمن يصنع له حاجته بالشكل الذي يريد، والصانع محتاج إلى المال الذي يأخذه مقابل صنعته ليستعين به على مصارف الحياة هذا على وجه الإجمال، وأما على التفصيل فللاستصناع أهمية كبيرة تتضح فيما يلي:
* من جهة الصانع: فبالرفق في كون ما يصنعه جرى بيعه مسبقاً، وتحقق أنه ربح فيه، وعرف مقدار ربحه، فهو يعمل بطمأنينة، وعلى هدى وبصيرة، أما بغير عقد الاستصناع فإن الصانع قد يحتاج إلى مدة لتسويقه وربما يخسر خسائر كبيرة على حفظه لحين البيع، وقد تكسد البضاعة فتكون الخسارة مضاعفة - من جهة العمل ومن جهة المواد -.
* من جهة المستصنع: فبكونه يحصل على ما يريد بالصفة والنوع الذي يريد، فلا يضطر لشراء ما قد لا يناسبه من البضائع الجاهزة، بل إن بعض الأمور لا توجد جاهزة بل لا بد من طلب صنعها من الصانع فتصنع حسب الطلب، كبعض البيوت والأبنية، كما أن المستصنع يكون مطمئناً بالاستصناع لكونه يتابع الصنع بنفسه، فيتأكد من عدم وجود غرر أو تدليس في المصنوع، مما يجعله مرتاح النفس مطمئناً.
* من جهة المجتمع: فبالاستصناع تتحرك الأموال من جهة إلى أخرى مما ينعش الحركة الاقتصادية في البلد، ولذلك يدعو كثير من الاقتصاديين المسلمين إلى أهمية جعل أطراف الاستصناع من المسلمين لتنعش اقتصادهم وتزيد من مصادر دخلهم، كما أن فيه تفريغاً لأصحاب التخصصات في تخصصاتهم، فلو أن العالم أراد أن يبني بيتاً ولم يجد من يصنع له، لكان في ذلك ضرر كبير على المجتمع بإشغال هذا العالم مما يحرم المجتمع من علمه ونفعه، ومثل ذلك الطبيب والمفكر وغيرهم.12
الفصل الثاني: حقيقته وحكمه
المبحث الأول: الاستصناع بين العقد والوعد:
هناك سؤال يطرحه الفقهاء حول الاستصناع، ألا وهو: هل الاستصناع عقد أم وعد؟ وقبل الإجابة على ذلك نعرض لمحة مختصرة عن معنى العقد والوعد.
العقد لغة: من عقد الحبل إذا وثقه وأحكم ربطه، ومنه: عقد اليمين إذا وثقها وغلظها، وعقد البيع إذا أحكمه وأكده، والمعاقدة: المعاهدة، وتعاقد القوم فيما بينهم أي: تعاهدوا. 13
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/275)
العقد اصطلاحاً: العهد، وهو: ما أحل الله وحرم، قال تعالى: " والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولائك لهم اللعنة ولهم سوء الدار " 14، ويدخل في ذلك كافة العقود: كعهد الله، وعقد الحلف، وعقد الشركة، وعقد البيع، وغير ذلك، ولعل أصل تسمية العقد ما كان يفعلونه من الحلف عند إقامة العهود بينهم لتوثيق ذلك العهد، ثم أطلق ذلك على كثير مما يكون فيه اتفاق مؤكد بين طرفين كالبيع والنكاح وغيره.15
الوعد لغة: وعد يعد وعداً و عدة، والوعد والعدة يطلقان على الخير والشر، فيقال: وعد خيراً، ووعد شراً، لكن إذا أسقط الخير والشر قالوا في الخير: الوعد والعدة، وفي الشر: الإيعاد والوعيد.16
الوعد اصطلاحاً: ما يطلبه الطالب فيعده صاحبه بإنفاذ ما يطلب، وصورته في الفقه: أن يعد غيره أن يبيعه داره أو أرضه أو نحو ذلك، فيلزمه ديانة لا قضاء 17.
من خلال ما سبق يتضح معنى العقد والوعد، لكن ما الآثار المترتبة بين كون الاستصناع عقداً أو وعداً؟
فالجواب: إن كان الاستصناع عقداً، فإنه يكون لازماً عند الاتفاق فلا يحق لأحدهما فسخه - على الصحيح -، أما إن كان وعداً، فإنه يلزمهما الإتمام ديانة، ويأثم بعدم الإمضاء، ولا ضمان على كل واحد منهما.18
وبعد اتضاح الفرق بين العقد والوعد يأتي السؤال: هل الاستصناع عقد أم وعد؟
اختلف علماء الأحناف19 في ذلك على قولين:
الأول: أن الاستصناع عقد وليس وعداً، وهو رأي أكثر الأحناف، ورجحه أكثر المعاصرين، وعلى رأسهم المجمع الفقهي الإسلامي.
الثاني: أن الاستصناع وعد وليس عقداً، وذهب إليه بعض من علماء الأحناف، ومنهم: الحاكم الشهيد20، ومحمد بن مسلمة، وأبو القاسم الصفار، ومحمد بن سلمة21، والسمرقندي، وغيرهم، واختاره من المعاصرين: د. علي السالوس22.
أدلة القائلين بأنه وعد:
1. أن الصانع له ألا يعمل، فلا يجبر عليه، فيكون ما بينهما وعد لا عقد؛ لأنه لو كان ما بينهما عقد للزم الصانع العمل.
2. أن المستصنع له الحق في أن يرد المصنوع، وله الرجوع فيما استصنعه قبل رؤيته تسليمه، ولو كان عقداً لما كان بإمكانه الرجوع، بل يلزمه القبول.
3. أنه لو كان عقداً لما بطل بموت أحد طرفي العقد، بينما نجد أنه يبطل بموت أحدهما.
4. أنه لو كان عقداً لما صح؛ لأنه بيع معدوم.23
المناقشة:
* نوقش القول بأن للصانع عدم العمل وأن للمستصنع الرد وعدم القبول بعدم التسليم بثبوت الخيار لكل منهما، بل الاستصناع لازم بمجرد العقد، وعلى فرض التسليم فإن ثبوت الخيار لكل منهما لا يدل على أنه مواعدة فإن مثل ذلك البيع عرضاً بعرض، فإن لهما خيار الرؤية عند رؤية المبيع إذا لم يسبق لهما رؤيته، ومثل ذلك الاستصناع.
* وأما قولهم: إنه لو كان عقداً لما بطل بموت أحد الطرفين، فإنه إنما بطل بموت أحد الطرفين لشبهه بالإجارة وهي تنفسخ بموت أحد الطرفين، والإجارة عقد، فمثلها الاستصناع.
* وأما قولهم: إنه لو كان عقداً لم يصح؛ لأنه بيع معدوم؛ فلا نسلم أن بيع المعدوم منهي عنه شرعاً، فإن النهي هو عن الغرر وعن بيع الإنسان ما لا يملك.
فأما الغرر: فكما في المزابنة والمحاقلة؛ لأنه لا يدري هل ينبت ذلك المكان أم لا، أما الاستصناع فإنه يغلب على الظن وجوده بصفته في وقت طلبه؛ لتوفر أدواته وآلاته وقدرة الصانع على صناعته.
وأما بيع الإنسان ما لا يملك: فإذا على كان البيع حالّاً معيناً كما في حديث حكيم بن حزام مرفوعاً: " لا تبع ما ليس عندك " حيث كان يبيع الناسَ السلعةَ ثم يدخل السوق فيشتريها لهم، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم؛لوجود الغرر وإفضاءه إلى النزاع إذا علم البائع الأول أنه باعها بأعلى - بعد شرائها مباشرة -، أما الاستصناع فليس كذلك إذ هو بيع آجل موصوف في الذمة ويغلب على الظن إمكان إيجاده وقته طلبه، ففرق فيما بينهما.
ولو سلمنا بالنهي عن بيع المعدوم؛ فإن إلحاق الاستصناع بالسلم أقيس من إلحاقه ببيع المعدوم المنهي عنه؛ إذ إن الاستصناع كالسلم في كونه بيع آجل موصوف في الذمة يغلب على الظن وجوده وقت التسليم، فإلحاقه به أولى.24
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/276)
على أن بعض الفقهاء - ممن منع بيع المعدوم - أجاز بيع المعدوم عند القدرة على تسليمه؛لانتفاء الغرر عن المشتري، وانتفاع البائع بالمال لعدم قدرته على تحصيل ذلك المعدوم، ففيه من المصلحة ما لا يخفى.
يقول ابن القيم - رحمه الله -: " في "السُّنن" و"المسند" من حديث حكيم بن حزام قال: قلت يا رسول الله يأتيني الرجلُ يسألني من البيع ما ليس عندي، فأبيعه منه، ثم أبتاعُه من السوق، فقال: "لا تَبع ما لَيسَ عِندَك" قال الترمذي: حديث حسن 25.
وفي "السنن" نحوه من حديث ابن عمرو رضي الله عنه، ولفظه: "لا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيعٌ، وَلاَ شَرطَانِ في بَيعٍ، وَلاَ رِبحُ مَا لَم يُضمَن، وَلاَ بَيعُ مَا لَيسَ عِندَك" قال الترمذي: حديث حسن صحيح26.
فاتفق لفظُ الحديثين على نهيه عن بيعِ ما ليس عنده فهذا هو المحفوظُ من لفظه وهو يتضمن نوعاً من الغَرر، فإنه إذا باعه شيئاً معيناً، ولَيس في ملكه، ثم مضى ليشتريه، أو يسلمه له، كان متردداً بينَ الحصول وعدمه، فكان غرراً يشبه القِمَار، فَنُهِيَ عنه.
وقد ظن بعضُ الناس أنه إنما نهى عنه، لكونه معدوماً، فقال: لا يَصِحُّ بيعُ المعدوم، وروى في ذلك حديثاً أنه نهى عن بيع المَعدُومِ، وه?ذا الحديث لا يُعرف في شيء من كتب الحديث، ولا له أصل، والظاهر أنه مروي بالمعنى من هذا الحديث، وغلطَ مَن ظَن أن معناهما واحد، وأن هذا المنهي عنه في حديث حكيم وابن عمرو رضي الله عنهما لا يلزمُ أن يكون معدوماً، وإن كان، فهو معدوم خاص، فهو كبيع حَبَلِ الحَبَلةِ وهو معدوم يتضمن غرراً وتردداً في حصوله " 27.
ثم قال - رحمه الله -: " والمعدوم ثلاثة أقسام:
1. معدوم موصوف في الذمة، فه?ذا يجوز بيعه اتفاقاً، وإن كان أبو حنيفة شرط في هذا النوع أن يكون وقت العقد في الوجود من حيث الجملة، وه?ذا هو المُسلم، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
2. والثاني: معدوم تبع للموجود، وإن كان أكثرَ منه وهو نوعانِ: نوع متفق عليه، ونوع مختلف فيه، فالمتفق عليه بيعُ الثمار بعد بُدو صلاح ثمرة واحدة منها، فاتفق الناسُ على جواز بيع ذلك الصنف الذي بدا صلاحُ واحدة منه، وإن كانت بقية أجزاء الثمار معدومةً وقتَ العقد، ولكن جاز بيعها للموجود، وقد يكون المعدوم متصلاً بالموجود، وقد يكون أعياناً أُخر منفصلة عن الوجود لم تُخلق بعد.
3. والنوع المختلف فيه كبيع المقاثىء والمباطخ إذا طابت. فهذا فيه قولان: أحدهما: أنه يجوز بيعها جملة، ويأخذها المشتري شيئاً بعد شيء، كما جرت به العادة ويجري مجرى بيع الثمرة بعد بُدُو صلاحها، وهذا هو الصحيح من القولين الذي استقر عليه عمل الأمة، ولا غنى لهم عنه، ولم يأت بالمنع منه كتابٌ ولا سنة ولا إجماع، ولا أثر ولا قياس صحيح، وهو مذهب مالك وأهل المدينة، وأحد القولين في مذهب أحمد، وهو اختيارُ شيخ الإسلام ابن تيمية "28.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " وهذا الذي ذكرناه في الإجارة بناء على تسليم قولهم: إن بيع الأعيان المعدومة لا يجوز. وهذه المقدمة الثانية والكلام عليها من وجهين:
أحدهما: أن نقول: لا تسلم صحة هذه المقدمة، فليس في كتاب الله ولا سنة رسوله؛ بل ولا عن أحد من الصحابة أن بيع المعدوم لا يجوز، لا لفظ عام ولا معنى عام، وإنما فيه النهي عن بيع بعض الأشياء التي هي معدومة كما فيه النهي عن بيع بعض الأشياء التي هي موجودة، وليست العلة في المنع لا الوجود ولا العدم بل الذي ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه نهي عن بيع الغرر، والغرر ما لا يقدر على تسليمه سواء كان موجوداً أو معدوماً، كالعبد الآبق والبعير الشارد ونحو ذلك مما قد لا يقدر على تسليمه، بل قد يحصل وقد لا يحصل، هو غرر لا يجوز بيعه وان كان موجوداً، فإن موجب البيع تسليم المبيع، والبائع عاجز عنه، والمشتري إنما يشتريه مخاطرة ومقامرة، فإن أمكنه أخذه كان المشتري قد قمر البائع. وإن لم يمكنه أخذه كان البائع قد قمر المشتري.
وهكذا المعدوم الذي هو غرر، نهى عن بيعه لكونه غرراً لا يكونه معدوماً، كما إذا باع ما يحمل هذا الحيوان أو ما يحمل هذا البستان، فقد يحمل وقد لا يحمل، وإذا حمل فالمحمول لا يعرف قدره ولا وصفه، فهذا من القمار، وهو من الميسر الذي نهى الله عنه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/277)
ومثل هذا إذا أكراه دواب لا يقدر على تسليمها؛ أو عقاراً لا يمكنه تسليمه، بل قد يحصل وقد لا يحصل، فإنه إجارة غرر.
الوجه الثاني: أن نقول بل الشارع صحح بيع المعدوم في بعض المواضع؛ إنه ثبت عنه من غير وجه انه نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه، ونهى عن بيع الحب حتى يشتد، وهذا من أصح الحديث، وهو في الصحيح عن غير واحد من الصحابة، فقد فرق بين ظهور الصلاح وعدم ظهوره، فأحل أحدهما وحرم الآخر. ومعلوم أنه قبل ظهور الصلاح لو اشتراه بشرط القطع كما يشتري الحِصْرِم ليقطع حصر ما جاز بالاتفاق. وإنما نهى عنه إذا بيع على أنه باق؛ فدل ذلك على أنه جوزه بعد ظهور الصلاح أن يبيعه على البقاء إلى كمال الصلاح. وهذا مذهب جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد وغيرهم.
ومن جوز بيعه في الموضعين بشرط القطع؛ ونهى عنه بشرط التبقية أو مطلقاً؛ لم يكن عنده لظهور الصلاح فائدة، ولم يفرق بين ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلّم وما أذن فيه.
وصاحب هذا القول يقول: موجب العقد التسليم عقيبه فلا يجوز التأخير. فيقال له: لا نسلم أن هذا موجب العقد: إما أن يكون ما أوجبه الشارع بالعقد أو ما أوجبه المتعاقدان على أنفسهما، وكلاهما منتف، فلا الشارع أوجب أن يكون كل بيع مستحق التسليم عقب العقد، ولا العاقدان التزما ذلك، بل تارة يعقدان العقد على هذا الوجه كما إذا باع معيناً بدين حال، وتارة يشترطان تأخير تسليم الثمن كما في السلم؛ وكذلك في الأعيان.
وقد يكون للبائع مقصود صحيح في تأخير التسليم كما كان لجابر حين باع بعيره من النبي صلى الله عليه وسلّم واستثنى ظهره إلى المدينة؛ ولهذا كان الصواب انه يجوز لكل عاقد أن يستثنى من منفعة المعقود عليه ماله فيه غرض صحيح، كما إذا باع عقاراً واستثنى سكناه مدة، أو دوابه واستثنى ظهرها، أو وهب ملكاً واستثنى منفعته، أو أعتق العبد واستثنى خدمته مدة؛ أو ما دام السيد، أو وقف عيناً واستثنى غلتها لنفسه مدة حياته، وأمثال ذلك. وهذا منصوص أحمد وغيره، وبعض أصحاب أحمد قال: لا بد إذا استثنى منفعة المبيع من أن يسلم العين إلى المشتري ثم يأخذها ليستوفي المنفعة، بناء على هذا الأصل الفاسد، وهو أنه لا بد من استحقاق القبض عقب العقد. وهو قول ضعيف وهو أن موجب العقد استحقاق التسليم عقبه، والشرع لم يدل على هذا الأصل؛ بل القبض في الأعيان والمنافع كالقبض في الدين، تارة يكون موجب العقد قبضه عقبه بحسب الإمكان، وتارة يكون موجب العقد تأخير التسليم لمصلحة من المصالح ... "29.
أدلة القائلين بأنه عقد:
1. أنه قد أجري في الاستصناع القياس والاستحسان، فلو كان وعداً لما احتاج إلى ذلك.
2. أن الاستصناع يثبت فيه خيار الرؤية، والوعد لا يحتاج إلى خيار رؤية لأنه لم يلزم أصلاً.
3. أن الاستصناع يجوز فيما فيه تعامل بين الناس، لا فيما لا تعامل فيه.
4. أن الصانع يملك الدراهم بقبضها، ولو كان وعداً لم يملكها.
5. أن الاستصناع يجري فيه التقاضي، والتقاضي يكون غي المعقود لا الموعود.
6. أن الاستصناع لو كان وعداً لما صح أن يحكم فيه بعدم الصحة؛ لأن الوعد لا يوصف بالصحة أو عدمها، وإنما تختص العقود بذلك الوصف.30
الترجيح:
يتبين من الأدلة السابقة: أن الراجح هو أن الاستصناع عقد لا وعد؛ لقوة أدلتهم ومناقشة أدلة القول الأول.
بعد بيان كون الاستصناع عقداً، فإننا نحتاج لمعرفة مسألتين:
* هل عقد الاستصناع من قبيل البيع أم من قبيل الإجارة؟
* وهل عقد الاستصناع جائز أم لازم؟
* المسألة الأولى: هل عقد الاستصناع من قبيل البيع أم من قبيل الإجارة؟
اختلف جمهور فقهاء الأحناف في ذلك على أقوال:
القول الأول: أنه بيع.
وهو قول جمهور فقهاء المذهب الحنفي؛ إلا أنه بيع من طبيعة خاصة، فكان له وضع خاص مثل السلم، فهو نوع من أنواع البيوع، لكن لكونه ذا طبيعة خاصة استحق تسمية خاصة وأحكاماً مميزة.
يقول محمد بن الحسن: " الاستصناع جائز بإجماع المسلمين وهو بيع عند عامة المشايخ "31.
ويقول الكاساني: " وقال بعضهم هو بيع لكن للمشتري فيه خيار وهو الصحيح "32.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/278)
ويقول السرخسي: " اعلم بأن البيوع أنواع أربعة بيع عين بثمن وبيع دين في الذمة بثمن وهو السلم وبيع عمل العين فيه تبع وهو الاستئجار للصناعة ونحوهما فالمعقود عليه الوصف الذي يحدث في المحل بعمل العامل والعين هو الصبغ بيع فيه وبيع عين شرط فيه العمل وهو الاستصناع "33.
ومن هذه النقول يتبين أن الاستصناع بيع، لكنهم ذكروا في هذا البيع أموراً يختص بها عن بقية البيوع، أبرزها أمران:
o اشتراط الخيار وهو خيار الرؤية.
o واشتراط العمل في الاستصناع.
ونوقش هذا القول:
* بأن الاستصناع بيع معدوم فلا يصح أن يكون بيعاً.
وأجيب: بما سبق ذكره من التفصيل في حكم بيع المعدوم34.
* لو كان الاستصناع بيعاً لما بطل بموت أحد العاقدين، لكن يبطل بموت أحدهما، فهو أشبه بالإجارة.
وأجيب: بأن الاستصناع فيه شبه بالإجارة من جهة طلب العمل، وفيه شبه بالبيع من جهة كون المقصود هو المستصنع لا العمل، فلشبهه بالإجارة يبطل بموت أحد العاقدين، ولشبهه بالبيع لم يجب تعجيل الثمن في مجلس العقد، وأُثبت فيه الخيار.
القول الثاني: أنه إجارة:
فالاستصناع شبيه بالإجارة، ويتضح هذا الشبه في الصباغ حيث يقوم بصباغة الثوب ونحوه بمادة من عنده، ففيه شبه كبير بالاستصناع.
وأجيب: بأن الأصل في الصباغ العمل، وإذا كان عمله يستلزم وضع الصبغ من عنده -لأنه أعرف بالمواد - فهو تبع للعمل، كما أن المستصنع يأتي إلى الصانع صفر اليدين، بينما صاحب الثوب يأتي إلى الصباغ بثوبه ليصبغه، فيتضح الفرق في ذلك.
الترجيح:
الراجح أن الاستصناع نوع من البيع، لكن يتميز بشروط خاصة كالسلم.35
* المسألة الثانية: هل عقد الاستصناع جائز أم لازم؟
اختلف الأحناف في عقد الاستصناع من حيث اللزوم والجواز على أقوال، وقد رتب بعض المعاصرين تلك الأقوال بجعلها في قولين:
القول الأول: التفصيل: وذلك حسب مراحل العقد كما يأتي:
1. بعد التعاقد وقبل الصنع.
2. بعد التعاقد والفراغ من العمل، وذلك قبل أن يراه المستصنع.
فالعقد في هاتين الحالتين غير لازم، قال الكاساني: " بلا خلاف "36.
3. بعد الفراغ من العمل ورؤية المستصنع للمصنوع، وفي هذه الحالة اختلفوا على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن للمستصنع الخيار دون الصانع، وعللوا ذلك بأن الصانع بائع والمستصنع مشترٍ، وقد أسقط الصانع خياره بإحضار المصنوع، فبقي الخيار للمستصنع، وهذا قول جمهور الأحناف.
القول الثاني: أن لكل من الصانع والمستصنع الخيار، وعللوا ذلك بأن الخيار لدفع الضرر، وفي تخيير كل منهما دفع للضرر عنه، فتخيير الصانع لكون السلعة تستحق أكثر مما دفع المستصنع، وتخيير المستصنع لأن السلعة قد تكون أقل من القيمة التي دفعها، أو لأمر آخر، ففي تخييرهما دفع للضرر عنهما، وهو رواية عن أبي حنيفة.
القول الثالث: سقوط الخيار عنهما، وعللوا بأن الصانع فلأنه بائع، وإحضاره للمستصنع دليل على إسقاطه الخيار، وأما المستصنع فلأن في إبقاء الخيار له ضرر بالصانع لكونه تعب في صنعه واجتهد ليصل إلى بدله - وهو الثمن - ففي إثبات الخيار للمستصنع ضرر بيّن به، وهو رواية عن أبي يوسف.
القول الثاني: أن الاستصناع لازم بمجرد العقد:
وهذا القول رواية عن أبي يوسف، وهو الذي نصت عليه مجلة الأحكام العدلية، واختاره المجمع الفقهي الإسلامي الدولي،وعليه فلو تم العقد بين الطرفين فليس لأحدهما الفسخ إلا بإذن الآخر،واستدلوا بعدة أدلة منها:
1. قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود "، وجميع النصوص الدالة على وجوب الوفاء بالعقود.
2. أن في عدم إلزام الطرفين بالعقد ضرر على أحدهما، إما أن يكون ضررا على البائع لكونه قد بذله جهده وتكلف الأدوات وأنهى العمل، أو لكونه قد جهز الأدوات وبدأ العمل، أو استعد بترتيب وقته وإلغاء أعماله للبدء في العمل، ففي عدم لزومه ضرر بيّن عليه، وإما أن يكون ضررا على المستصنع لحاجته إلى العين المصنوعة، وربما تكون حاجته عاجلة، ففي إثبات الخيار للصانع ضرر عليه بانتظاره مرة أخرى أو بحثه عن صانع آخر، والشريعة قد جاءت بإزالة الضرر عن الجميع.
3. أن عقد الاستصناع هو عقد بيع - كما ذكرنا - فيكون لازماً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/279)
4. أن عقد الاستصناع لو لم يكن لازماً؛ لابتعد الناس عنه؛ لكونه غير مضمون النتيجة، فالمستصنع قد يطلب من صانع عملاًُ ثم يفاجئ أن الصانع قد باع ما طلب منه، أو العكس فيعمل الصانع عملاً - وربما يكون مكلفاً - ثم يفاجئ بالمستصنع وقد رغب عن العين المصنوعة، فلا يجد الصانع من يشتريها، وإن وجد فإنه سيبيعها بأقل من تكلفتها، فتذهب ثمرة مشروعية الاستصناع، أو ربما يلجأ الناس إلى اشتراط اللزوم في الاستصناع عن التعاقد، فيصبح اللزوم شرطاً - لكن من جهة المتعاقدين -.
5. أن في عدم لزوم الاستصناع إثارة للنزاع بين الناس، وذلك لإلغاء أحد الطرفين العقد في أثنائه، وفي ذلك ضرر على الآخر، مما يثير النزاع والمخاصمات بين الطرفين، وهذا مما جاءت الشريعة بنفيه وسد بابه.
الترجيح:
يتضح مما سبق أن الراجح هو أن عقد الاستصناع عقد لازم بمجرد العقد؛ لما في ذلك من المصلحة بتحقق أهداف الاستصناع، وإزالة للضرر عن المتعاقدين.37
والله أعلم.
المبحث الثاني: حكم عقد الاستصناع:
اختلف الاستصناع في حكم عقد الاستصناع بين مبيح وحاظر، وقد كان هذا الاختلاف بسبب اختلافهم في تكييف عقد الاستصناع، حيث يرى جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة: أن الاستصناع ملحق بالسلم؛ فيشترط فيه ما يشترط في السلم، وأما الأحناف: فيرون أن الاستصناع عقد مستقل بذاته وله خصائصه وأحكامه.
ومن هذا المنطلق اختلف العلماء في حكم عقد الاستصناع كعقد مستقل بذاته إلى قولين:
* القول الأول: عدم جواز عقد الاستصناع إذا كان على غير وجه السلم.
وهو قول جمهور العلماء من الأحناف والمالكية والشافعية.
* القول الثاني: جواز عقد الاستصناع.
وهو قول الأحناف.
أدلة القول الأول:
1. ما رواه ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ.
وجه الدلالة: دل الحديث على عدم جواز بيع الكالئ بالكالئ38 - وهو الدين بالدين -، وفي عقد الاستصناع بيع دين بدين؛ لأن السلعة في ذمة الصانع والثمن في ذمة المستصنع، وقد أجمع العلماء على منعه.
وأجيب: بأن الحديث ضعيف، وسبب ضعفه: أن موسى بن عبيدة تفرد به عن نافع وهو ضعيف، قال أحمد: لا تحل الرواية عن موسى بن عبيدة، ولا أعلم هذا الحديث لغيره، وقد ضعفه الإمام الشافعي والبيهقي 39، وأما ادعاء الإجماع، فعلى فرض التسليم إلا أنه لا ينطبق على جميع الصور التي يشملها الدين بالدين، وقد اضطرب النقل في الصورة التي ينطبق عليها الإجماع، فلا يجوز حينها التمسك بالإجماع على عدم جواز الاستصناع لكونه دينا بدين.
2. أن الاستصناع بيع معدوم، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم المرء عن بيع ما ليس عنده40.
وقد سبقت الإجابة على هذا 41.
3. وجود الجهالة في السلعة المستصنعة؛ لكونها قد تزيد وقد تنقص فيضر بأحد الطرفين.
وأجيب: أن ما يحتمل وجوده من الجهالة مغتفر إذا كان يسيراً، كما في السلم، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجره42، مع أن مقدار الحجامة وكمية الدم المستخرج غير معروفة عند التعاقد.
أدلة القول الثاني:
1. ما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- أن النبي ? اصطنع خاتما من ذهب وجعل فصه في بطن كفه إذا لبسه فاصطنع الناس خواتيم من ذهب فرقي المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقال إني كنت اصطنعته وإني لا ألبسه فنبذه فنبذ الناس ... "43 الحديث.
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم استصنع خاتماً من ذهب، ففيه مشروعية الاستصناع، وأما إلقاؤه له فلأنه كان من الذهب وقد حُرّم على الرجال التزين به، بدليل أنه اتخذ بعد ذلك خاتماً من فضة44.
2. ما ثبت في الصحيحين من حديث سهل قال: أرسل رسول الله ? إلى فلانة - امرأة قد سماها سهل -:مري غلامك النجار أن يعمل لي أعوادا أجلس عليهن إذا كلمت الناس، فأمرته فعملها من طرفاء الغابة ثم جاء بها فأرسلت إلى رسول الله ? فأمر بها فوضعت ها هنا ... "45 الحديث.
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من المرأة أن تأمر غلامها بصنع المنبر، فدل على مشروعيته ونوقش: باحتمال أن يكون صناعته على سبيل التبرع لا على سبيل التعاقد.
3. التعامل من غير نكير على مر العصور في المباني والأحذية والأثاث ونحوها، وهو يتضمن إجماعاً عملياً.
ونوقش: بعدم التسليم للإجماع، بدليل مخالفة جمهور العلماء للقول بمشروعية الاستصناع.
4. ومن المعقول: فإن حاجة الناس إلى الاستصناع كبيرة 46، وفي الشرع مراعاة لحاجات الناس بل هو من مقاصده؛ لما في ذلك من التيسير عليهم والرفق بهم، كما في التيمم والمسح على الخفين وعقد السلم وغير ذلك، فجاز الاستصناع استحساناً.
ونوقش: بأن الحاجة تندف بما أباحه الله من العقود، كالسلم.
وأجيب: بأن الحاجة إلى الاستصناع كبيرة، وقد سبق بيان شيء من ذلك، وفي ترك ضرر بالمسلمين، فليس كل ما يباع جاهزاً مناسب، بل ليس كل ما يحتاجه المرء يجده جاهزاً، خاصة وأن الباعة لا يصنعون ما يقل شراؤه؛ لما في ذلك من الخسارة بكساد البضاعة وعدم وجود مشترٍ لها، فيحتاج الناس إلى من يصنع ما يحتاجونه حال طلبهم وبالصفة التي يريدونها، وهذا هو الاستصناع، أما السلم فلا يكفي للوفاء بحاجة المجتمع لكونه يشترط لصحته تعجيل الثمن ولا يصح فيه اشتراط الصانع.
يقول الكاساني عنه: " فيه معنى عقدين جائزين وهو السلم والإجارة لأن السلم عقد على مبيع في الذمة واستئجار الصناع يشترط فيه العمل وما اشتمل على معنى عقدين جائزين كان جائزا "47.
الترجيح:
الراجح هو القول بجواز عقد الاستصناع، لما يأتي:
1. قوة أدلة أصحاب القول الثاني.
2. أن الحاجة داعية للاستصناع، وفي منعه من إلحاق الحرج بالناس ما لا يخفى.
3. ضعف أدلة المانعين بما ورد من مناقشتها.
وقد رجح القول بجوازه المجمع الفقهي الإسلامي الدولي في مؤتمره السابع المنعقد بجدة لعام 1412 هـ.48
والله أعلم
بحث في عقد الإستصناع ( http://http://islamport.com/w/fqh/Web/4455/17.htm)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/280)
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 09:06 ص]ـ
هل العله في المنع لذات العقد أم لما يترتب عليه من مشكلات
نعم، سؤال وجيه ...
فالشاري اليوم لبيت أو عقار يشتريه بناء على الخرائط كما أصبح بإمكانه رؤية البيت من الداخل والخارج من خلال نموذج حاسوبي ثلاثي الأبعاد، وأي تغيير يطرأ لاحقا بغير رضاه يخوله استعادة أمواله من الناحية القانونية ...
ـ[شتا العربي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 11:42 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم(100/281)
العبرة في شهر الصوم لفضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر
ـ[بلال اسباع الجزائري]ــــــــ[20 - 08 - 08, 05:59 م]ـ
العبرة في شهر الصوم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد، فهذه المحاضرة: العبرة في شهر الصوم، فأقول:
الدنيا دار ابتلاء وامتحان
خلق الله عباده ليعبدوه وحده لا شريك له وقال في كتابه العزيز: ?وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون? [الذاريات:56]، وأرسل رسله الكرام ليرسموا لهم طريق العبادة، وقال: ?وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ? [النحل:36]، وجعل حياتهم الدنيوية موطنا لابتلائهم وامتحانهم أيهم أحسن عملاً، وقال: ?الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً? [الملك:2]، ثم قال: ?وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور? مبيناً أن هؤلاء الممتحنين منهم من يحسن في عمله فيجازي بما يقتضيه اسمه الغفور ومنهم من يسيء فيكون مستحقاً للعقوبة بما يقتضيه اسمه العزيز وذلك كقوله تعالى: ?نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيموَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيم? [الحجر:49 - 50].
موسم من مواسم الآخرة
وكما فضل الله بعض البشر على بعض وبعض الأماكن على بعض، فضّل بعض الزمان على بعض، ومن ذلك تفضيل شهر رمضان المبارك وتمييزه على غيره واختياره ليكون محلاً لإيجاب الصوم على الناس ?وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ? [القصص:68]. فلقد فضل الله هذا الشهر وجعله موسماً من مواسم الآخرة يتنافس فيه بعبادة الله المتنافسون ويتسابق فيه لتحصيل الفوز والزلفى عند الله المتسابقون، يتقربون فيه إلى ربهم بصيام النهار وقيام الليل وتلاوة كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ويتقربون إلى الله بهذا وغيره من الطاعة مع الحذر والبعد عن المعصية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور.
زيادة في الخير
ولما فرض الله على العباد صيام شهر رمضان رغبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إنهائه بصيام ست من شوال ليعظم لهم الأجر وليكونوا كمن صام الدهر، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر». قال الحافظ المنذري: رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والطبراني. وزاد وقال: قلت: بكل يوم عشرة. قال: «نعم». ورواته رواة الصحيح. انتهى.
وذلك أن السنة أقصى حد لها ثلاثمائة وستون يوماً، فإذا أضيف إلى شهر رمضان ستة أيام من شوال وصيام كل يوم بعشرة أيام لأن الحسنة بعشر أمثالها يكون المسلم كأنه صام السنة كلها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «كان كصيام الدهر» وذلك فضل عظيم من الله فله الحمد والشكر على نعمه التي لا تحصى ولا تعد.
من خير إلى خير
ومن فضل الله وإحسانه إلى عباده أن يسر لهم الأسباب التي ترفع في درجاتهم وتجعلهم على صلة وثيقة دائمة بعبادة ربهم فإذا مرت بهم أيام وليالي شهر رمضان التي يكفر الله فيها السيئات ويرفع الدرجات ويقيل العثرات تقربوا فيها إلى ربهم فإذا ما تصرمت أيامه وانتهت تلتها مباشرة أشهر الحج إلى بيت الله الحرام فإن يوم عيد الفطر الذي هو أول يوم من شهر شوال هو أول يوم في أشهر الحج التي قال الله تعالى فيها: ?الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَاب? [البقرة:197]. نعم إذا انتهت أيام شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن المبارك الذي تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفد الشياطين، أيام الصيام التي قال الله تعالى عنها في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلاَّ الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، إذا انتهت هذه الأيام جاءت بعدها أيام الحج الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه». رواه البخاري
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/282)
ومسلم وغيرهما، وقال عنه صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلاَّ الجنة». رواه البخاري ومسلم وغيرهما، فلا يكاد المسلم يودع موسما من مواسم الآخرة إلاَّ ويستقبل موسماً آخر ليكون على صلة مستمرة بعبادة خالقه وبارئه الذي أوجده من العدم وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة.
العبرة من شهر الصوم
وهذا الموسم المبارك من مواسم الآخرة قد ودعته الأمة الإسلامية منذ أيام فطوبى لمن وفقه الله فيه للأعمال الصالحة وتفضل عليه بقبولها ويا خسارة من مرت به أيامه دون أن يقدم فيها لنفسه صالحاً يلقاه إذا غادر هذه الدار وما أعظم مصيبته إن كان قد شغل أيامه بما يرضي الشيطان ويتفق مع ما تهواه النفس الأمارة بالسوء والعياذ بالله.
وهذا الموسم العظيم الذي مرت بنا أيامه يشتمل على فوائد جمّة وعلى عبر وعظات تبعث في النفس محبة الخير ودوام التعلق بطاعة الله كما تكسب النفس بغض المعصية والبعد من الوقوع فيما يسخط الله عز وجل.
وسأحاول في هذه الكلمات تسجيل بعض تلك العبر والعظات التي يخرج بها المسلم معه من شهر الصيام والتي هي الحصيلة الطيبة له في تلك الأيام المباركة فأقول مستمداً من الله التوفيق والتسديد:
أوّلاً: إن أيام شهر رمضان إذا مرت بالمسلم فهي فرصة من فرص العمر قد تسنح له هذه الفرصة مرة أخرى أو أكثر وقد يوافيه الأجل المحتوم قبل بلوغ ذلك، والمهم في الأمر أن تكون هذه الفرصة قد انتهزت بشغلها في الطاعة والبعد من المعصية وأهم من ذلك أن تحصل المداومة على ذلك، فإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها كما أن من العقوبة على السيئة السيئة بعدها وذلك أن المسلم الناصح لنفسه إذا وفق لبلوغ هذا الشهر المبارك شغله في طاعة ربه الذي خلقه لعبادته وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة فارتاحت نفسه للأعمال الصالحة وتحرك قلبه للآخرة التي هي المستقر والمنتهى والتي لا ينفع الإنسان فيها إلاَّ ما قدمت يداه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاَّ من أتى الله بقلب سليم، نعم إذا ألفت النفس الطاعة في تلك الأيام المباركة رغبة فيما عند الله وكفت عن المعصية خوفاً من عقاب الله فالفائدة التي يكتسبها المسلم من ذلك والعبرة التي يجب أن تكون معه بعد ذلك أن يلازم فعل الطاعات واجتناب المنهيات لأن الله تعبد عباده حتى الممات?وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِين? [الحجر:99]،?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون? [آل عمران:102]، فلا يليق بالمسلم وقد ذاق طعم الطاعة في شهر الصيام أن يحل محل تلك الحلاوة مرارة المعصية، ولا يسوغ له إذ أرغم عدوه في شهر الصيام أن يدخل عليه السرور في شهر شوال وما بعده من الشهور وليس من صفات المسلم الناصح لنفسه أن يودع فعل الخيرات مع توديع شهر الصيام فيستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير فالمعبود في رمضان وغير رمضان حي لا يموت قيوم لا ينام، يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل وعمل الليل قبل عمل النهار، لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيما.
ثانياً: الصيام سر بين العبد وبين ربه لا يطلع على حقيقته إلاَّ هو سبحانه وتعالى ولهذا جاء في الحديث الصحيح يقول الله تعالى: «كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلاَّ الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي»، وذلك أن بإمكان العبد أن يختفي عن الناس ويغلق على نفسه الأبواب ويأكل ويشرب ثم يخرج إلى الناس ويقول إنه صائم ولا يعلم ذلك إلاَّ الله تبارك وتعالى، ولكن يمنعه من ذلك اطلاع الله عليه ومراقبته له وهذا شيء يحمد عليه الإنسان والعبرة من ذلك أن يدرك أيضاً أن الذي يخشى إذا أخل الإنسان بصيامه هو الذي يخشى إذا أخل الإنسان بصلاته وزكاته وحجه وغير ذلك مما أوجبه الله، فالذي فرض الصيام هو الذي فرض الصلاة، والصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد شهادة أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً رسول الله، ولعظم شأنها وكونها هي الصلة المستمرة ليلا ونهارا بين العبد وبين ربه افترضها الله على نبيه ليلة عرج به إلى السماء فإذا وجد المسلم أن إخلاله بالصيام كبير وعظيم، فيجب أن يجد ويدرك أن حصول ذلك منه في الصلاة أكبر وأعظم وتلك من أجل الفوائد وأعظم العبر التي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/283)
يستفيدها المسلم من شهر الصيام.
ثالثاً: إنَّ مما يشرح الصدر ويدخل السرور على النفوس الطيبة أن تكون المساجد عامرة بالمصلين في شهر رمضان ويكون انشراحها أعظم والسرور أكبر في المداومة على ذلك، فالفائدة التي يليق بالمسلم بعد الذي شاهده في تلك الأيام من اكتظاظ المساجد بالمصلين أن يعقد العزم ويصمم على أن يكون ممن يداوم على هذا الخير ليكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلاَّ ظله، فإن من بينهم الرجل الذي يكون قلبه معلقاً بالمساجد، كما ثبت ذلك في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رابعاً: وجوب الصيام عن الطعام والشراب وسائر المفطرات محله شهر رمضان، أما الصيام عن الحرام فمحله طيلة عمر الإنسان فالمسلم يصوم في أيام شهر رمضان عن الحلال والحرام ويصوم طيلة حياته عن الحرام، فالصيام عن الحلال والحرام معا قد مرت أيامه أما الصيام عن الحرام فهو مستمر دائم، وذلك أن الصوم في اللغة: الإمساك عن الشيء، والصوم الشرعي: هو الإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، والمعنى الشرعي جزء من جزئيات المعنى اللغوي فكما يطلق المعنى اللغوي على المعنى الشرعي فهو يشمله ويشمل غيره ومن ذلك الامتناع عن الحرام، فامتناع العين واللسان والأذن واليد والرجل والفرج عما منعت منه هو صيام من حيث اللغة وذلك أن الله تفضل على العباد بهذه النعم التي لا غنى لهم عنها ولكن الله كما امتن عليهم بها أوجب عليهم استعمالها فيما يرضيه وحرم عليهم استعمالها فيما يسخطه، ومن أعظم شكر الله على هذه النعم أن يكون المسلم مستعملاً لها حيث أمر أن يستعملها فيه ممتنعا عن استعمالها في معصية من تفضل بها وبكل نعمة ظاهرة وباطنة سبحانه وتعالى.
فالعين شرع استعمالها في النظر إلى ما أحل الله ومنع من استعمالها في النظر إلى الحرام وامتناعها عن ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.
والأذن شرع استعمالها في استماع ما أبيح لها وحرم على العبد استعمالها في سماع ما لا يجوز سماعه، وامتناعها عن ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.
واليد شرع استعمالها في تعاطي ما هو مباح ومنع من استعمالها في كل حرام وامتناعها من ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.
والرجل شرع استعمالها في المشي إلى كل خير ومنع من المشي فيها إلى الحرام وامتناعها عن ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.
والفرج أبيح استعماله في الحلال ومنع من استعماله في الحرام وامتناعه من ذلك صيامه وحكمه مستمر دائم.
وقد وعد الله من شكر هذه النعم واستعملها حيث أمر الله أن تستعمل وعده بالثواب الجزيل وتوعد من لم يحافظ عليها ولم يراع ما أريد استعمالها فيه بل أطلقها فيما يسخط الله ولا يرضيه بل يرضي الشيطان الذي هو عدو الله وعدو المخلصين من عباد الله، توعده بعقابه وأخبر أن هذه الجوارح مسؤولة يوم القيامة عنه وهو مسؤول عنها فقال تعالى: ?وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا? [الإسراء:36]، وقال تعالى: ?الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون? [يس:65]، وقال تعالى: ?وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونحَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونوَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون? [فصلت:19 - 21].
وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه بعد أن أمره بحفظ اللسان. وقال له معاذ: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال عليه الصلاة والسلام: «ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلاَّ حصائد ألسنتهم؟». رواه الترمذي. وقال صلى الله عليه وسلم: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة». رواه البخاري في صحيحه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، ورواه الترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه: «من وقاه الله شر ما بين لحييه وما بين رجليه دخل الجنة».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/284)
وقال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت». رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأخرجا من حديث أبي موسى رضي الله عنه مرفوعاً: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده». وقال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار». رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: «حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات». أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
والحاصل أنَّ الله أوجب على العبد أن يصون لسانه وفرجه وسمعه وبصره ويده ورجليه عن الحرام وهو صيام من حيث اللغة، وهذا الصيام لا يختص بوقت دون آخر بل يجب الاستمرار عليه حتى الممات طاعة لله تعالى ليفوز برضى الله ويسلم من سخطه وعقوبته، فإذا أدرك المسلم أنه في شهر الصيام امتنع عما أحل الله له، لأن الله حرم عليه تعاطي ذلك في أيام شهر رمضان فالعبرة من ذلك أن يدرك أن الله قد حرم عليه الحرام مدة حياته وعليه الكف عن ذلك والامتناع منه دائما خوفا من عقاب الله الذي أعده لمن خالف أمره وفعل ما نهى عنه.
وقد أخبر عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي عن ربه أن للصائم فرحتين، فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، فالصائم يفرح عند فطره؛ لأنه قد وفق لإنهاء الصيام الذي جزاؤه عظيم عند الله ويفرح الفرحة الكبرى عند لقاء ربه حيث يجازيه على صيامه الجزاء الأوفى.
ومن حفظ لسانه عن الفحش وقول الزور وفرجه عما حرم الله عليه ويده من تعاطي ما لا يحل تعاطيه وسمعه من سماع ما يحرم سماعه وبصره عما حرم الله النظر إليه واستعمل هذه الجوارح فيما أحل الله من حفظها وحافظ عليها حتى توفاه الله، فإنه يفطر بعد صيامه هذا على ما أعده الله لمن أطاعه من النعيم وأول ما يلاقيه من ذلك ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يجري للمؤمنين عند الانتقال من هذه الدار إلى الدار الآخرة حيث يأتيه في آخر لحظاته في الدنيا ملائكة كأن على وجوههم الشمس معهم كفن من الجنة وحنوط من الجنة يتقدمهم ملك الموت فيقول: «يا أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان»، فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء إلى آخر ما بينه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مما يجري بعد ذلك، وهذه هي البوادر الطيبة التي يجدها أمامه من حرص على سعادة نفسه وسعى في خلاصها مما يفضي بها إلى الهلاك والدمار، ولهذا أرشد النبيُّ صلوات الله وسلامه عليه الرجل الذي سأله عن قيام الساعة إلى ما هو أهم من قيامها وهو الاستعداد لها بالأعمال الصالحة فإنه صلى الله عليه وسلم قال لمن سأله عن قيامها: «وماذا أعددت لها»، مبينا أن الإنسان في حياته الدنيوية عليه الاستعداد لحياته الأخروية وقد قال الله تعالى:?وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَاب? [البقرة:197]، وذلك أن كل سفر لابد فيه من زاد يناسبه والسفر إلى الآخرة زاده تقوى الله والعمل بطاعته والسير على النهج القويم الذي جاء به رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
كلمة ختامية
وأختم هذه المحاضرة بكلمة تخصنا معشر الذين امتن الله عليهم بسكنى طيبة الطيبة دار الهجرة والعاصمة الأولى للمسلمين فأقول: إن شهر رمضان المبارك شهر شرفه الله وخصه بخصائص لا توجد في غيره وقد ودعناه نحن وسائر الأمة الإسلامية منذ أيام، ونرجو أن نكون جميعاً ممن فاز برضى الرب جلّ جلاله والذي أحب أن أذكره هنا هو أنه إذا كان هذا الوقت المفضل والزمن المقدس قد مضى وذهب عنا وعن سائر المسلمين في كل مكان فإن لدينا ولله الحمد والمنة المكان المقدس، فقد جمع الله لنا في شهر رمضان بين شرف الزمان وشرف المكان وإذ ذهب شرف الزمان فإن شرف المكان باق موجود، فها هي بين أيدينا سوق من أسواق الآخرة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال صلى الله عليه وسلم: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلاَّ المسجد الحرام»، إنه لفضل عظيم من الله، صلاة في هذا المسجد المبارك مسجد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام تفوق ألف
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/285)
صلاة في سائر المساجد سوى المسجد الحرام، إن المشتغلين في التجارة الدنيوية يتحرون المواسم التي تنفق فيها السلع وتروج فيها التجارة فيتجشمون الأخطار ويقطعون الفيافي وينتقلون بتجارتهم من مكان إلى آخر إذا علموا أن السلعة التي تساوي ريالاً واحداً قد تباع بريالين اثنين، هذا أمر لا مرية فيه ولا شك، ونحن في هذا البلد الطيب الصلاة الواحدة في مسجد سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام لا تساوي صلاتين أو ثلاثا أو عشراً أو مائة فحسب بل تفوق ألف صلاة في غيره سوى المسجد الحرام. سبحان الله ما أعظم فضله وأوسع جوده وإحسانه فله الحمد والشكر على نعمه.
ولا يفوتني أن أقول: كما أن النعمة من الله علينا في سكنى طيبة الطيبة عظيمة والمنة جسيمة، فإن علينا أن لا ننسى أنه على قدر النعمة تكون المسؤولية فكما أن الإحسان في هذا المكان المقدس أجره عظيم عند الله فإن الإساءة فيه ليست كالإساءة في الأمكنة الأخرى التي لا تفضيل فيها، فمن يعصي الله بعيدا عن الحرم ليس كمن يعصيه في الحرم وليس من يرتكب الحرام وهو في المشرق والمغرب كمن يقترف الذنوب في مكة المكرمة أو المدينة المنورة فإن البون شاسع بين هذا وذاك، فالمدينة المنورة أعز مكان وأقدس بقعة على وجه الأرض بعد مكة المكرمة فهي تلي مكة في الفضل ويليها المسجد الأقصى وهذه المدينة المباركة هي منطلق الرسالة ومنها شع النور إلى سائر أنحاء الأرض وهي المركز الرئيسي والعاصمة الأولى للمسلمين في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم منذ هاجر إليها وفي زمن أبي بكر وعمر وعثمان وبعض من عهد عليّ رضي الله عن الجميع، وفيها قُبِر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وكثير من الصحابة رضوان الله عليهم، وعلى هذه الأرض نزل جبريل عليه السلام بالوحي من الله إلى محمد عليه الصلاة والسلام وهي الأرض المشتملة على أول جامعة إسلامية أبرز خريجيها أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورين وعليّ أبو الحسنين رضي الله عنهم وعن سائر الصحابة أجمعين، وهي الأرض التي مستها أقدام صفوة الصفوة وخلاصة الخلاصة من البشر بعد الأنبياء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين، فجدير بنا وقد أكرمنا الله بالبقاء فيها أن نتزود فيها من الأعمال الصالحة التي تنفعنا بعد الموت وأن نكون على حذر من الوقوع فيها بما يسخط الله عز وجل.
وأسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعاً ممن تقبل الله صيامه وقيامه وأن يرزقنا في هذا البلد الطيب طيب الإقامة وحسن الأدب وأن يحسن لنا الختام، كما أرجوه سبحانه أن يمن على المسلمين في سائر أنحاء الأرض بالرجوع إلى كتاب ربهم وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ليفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخليله وخيرته من خلقه محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيله واهتدى بهديه إلى يوم الدين.
المصدر: http://www.rayatalislah.com/Kadayatarbawiyeh/articles/el-3ibrah-fi-sawm-echahr.htm (http://www.rayatalislah.com/Kadayatarbawiyeh/articles/el-3ibrah-fi-sawm-echahr.htm)(100/286)
رمضان شهر الإقبال على القرآن للشيخ عز الدين رمضاني
ـ[بلال اسباع الجزائري]ــــــــ[20 - 08 - 08, 06:02 م]ـ
اعلم ـ وفّقك الله ـ أنّ من فضائل هذا الشهر العظيمة، التي هي من نعم الله الجسيمة إنزاله لكتابه المجيد هدى للناس، وشفاء للمؤمنين، يهدي للتي هي أقوم، ويدعو إلى سبيل الرشاد في ليلة مباركة من شهر رمضان الخير، قال تعالى: ?شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ? [البقرة: 185].
فوصف شهر رمضان بأنّه أنزل فيه القرآن، وبنى ما بعده عليه بحرف الفاء التي تفيد السببية والتعليل ?فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ?، وهذا يفيد بطريق الإيماء إلى العلّة، وهي أنّ سبب اختيار رمضان ليكون شهر الصوم هو إنزال القرآن فيه، وذلك أكبر نعمة من الله على هذه الأمّة الطيّبة المباركة، ألا ترى أنّ الله حين عدّد نعمه على الإنسان بدأ بذكره فقال: ?الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الإِنسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَان? [الرحمن: 1 - 4].
«فقدّم من نعمة الدين ما هو في أعلى مراتبها، وأقصى مراقيها، وهو إنعامه بالقرآن وتنزيله وتعليمه؛ لأنه أعظم وحي الله رتبة، وأعلاها منزلة، وأحسنه في أبواب الدين أثرًا، وهو سنام الكتب السماوية ومصداقها، والعيار عليها (1)، وأخّر خلق الإنسان عن ذكره، ثم أتبعه إياه ليعلم أنه إنما خلقه للدين، وليحيط علما بوحيه وكتبه، وقدم ما خلق الإنسان من أجله عليه، ثم ذكر ما تميز به من سائر الحيوان من البيان، وهو المنطق الفصيح المعرب عمّا في الضمير» (2).
وعليه فإذا علم أن أكرم يوم عند الله هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن، فيجب أن يُعتنى به حق الاعتناء، وأن يُخص بعمل زائد، ويشهد لهذا ما جاء في تحرّي ليلة القدر وتخصيصها بمزيد من العمل والاجتهاد في الطاعة حيث كان النبي صلى الله عليه وسلّم إذا دخل العشر شدّ مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله (3)، والنعمة إذا حصلت للمسلمين استوجبت مزيدًا من العمل والاجتهاد، شكرا الله وقياماً بحق النعمة، كما أمر البارئ جلّ وعلا عباده أن يذكروه بالحمد والثناء لما وفّقوا إليه من أداء العبادة والفراغ منها، قال تعالى بعد تمام نعمة شهر الصيام: ?وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ? [البقرة: 185]، وقال بعد تمام مناسك الحجّ: ?فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا? [البقرة: 200]، وقال تعالى بعد الفراغ من أداء الجمعة: ?فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ? [الجمعة: 10]، وقال بعد انقضاء المكتوبة: ?فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ? [النساء: 103].
وقد تقرر أن مضاعفة أجر الأعمال تكون بأسباب منها شرف المكان، كالأمكنة التي بارك الله فيها من المسجد الحرام ومسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومنها شرف الزمان فإنّ الأعمال تضاعف في الأزمنة الفاضلة كعشر ذي الحجة ويوم عرفة وشهر رمضان وليلة القدر، ومنها شرف العامل عند الله وقربه منه وخلوص نيته وصفاء قلبه وكثرة تقواه، ومعلوم أنّ الصائم يتهيّأ له في هذا الشهر جلّ هذه المذكورات، ويوفّق لكثير الأعمال والطاعات، فهو في شهر صفّد الله تعالى فيه الشياطين وضاعف فيه مواهب الإحسان، وفتح فيه أبواب الخير والغفران، وأعطى السبق فيه لتلاوة القرآن، شهر تؤدى فيه التراويح، المساجد فيه معمورة، ونعم الله فيه منشورة، فيه تعتق الرقاب من النار، وفيه يتزود المقيم في هذه الدار، عمرة في أيّامه تعدل حجّة في الأجر والثواب، وقيام ليلة من لياليه تفضل ألف شهر كما هو مرقوم في الكتاب، قال صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمها فقد حرم الخير كلّه، ولا يحرم خيرها إلاّ محروم» (4).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/287)
ومن أعظم القربات وأجلّ الطاعات التي يتقرّب بها إلى الله في مثل هذا الشهر، تلاوة كتابه وتدبّر آياته قال خبّاب بن الأرتّ رضي الله عنه: «تقرّب إلى الله ما استطعت، فإنّك لن تتقرّب إليه بشيء، أحبّ إليه من كلامه» (5) فكيف يحرم مؤمن نفسه من التغذي بكلام الله ربّ العالمين، وإله الأوّلين والآخرين بعدما ترك من شهوات نفسه لله حين جاعت أحشاؤه وظمئت أمعاؤه، إيمانا بالله واحتسابا للأجر والثواب.
وهذه الأيّام والليالي التي تتعاقب علينا في هذا الشهر الكريم هي مائدة الغذاء المبارك الذي لا تنقضي عجائبه، ولا تملّ تلاوته، ولا يشبع منه حافظوه وحاملوه، هذا الكتاب الخالد الذي لا يزيده الزمان وتطوّر العلوم إلاّ رسوخًا في صدق أخباره وعدل أحكامه، من عرفه استغنى به عمّا سواه، ومن أخطأه أخطأه كلّ خير وأظلم قلبه، فهو أفضل كلام أنزله الله جلّ وعلا ?اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ? [الزمر: 23]. وأنزل فيه أحسن القصص ?نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ? [يوسف:3] وأنزله في أحبّ الشهور إلى المسلمين ?شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ? [البقرة: 185] وأنزله إلى سماء الدنيا في خير ليلة ?إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ? [القدر:1 - 3] وأنزله بأفضل لغة وأرقاها ?إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا? [الزخرف: 3] كتاب سمّاه الله نورًا وروحًا وبصيرة وبشرى وهدى ورحمة وموعظة وشفاء وذكرا، ووصفه بأوصاف كثيرة وعظيمة لتستقرّ عظمته في نفوس المتّقين ويزداد احترامهم له ورغبتهم في تلاوته وسماعه خاصّة في مثل هذا الشهر كما كان جبريل يدارسه النبيّ صلى الله عليه وسلّم كلّ عام رمضان.
ولقد كان سلف الأمّة الصالح يعيشون مع القرآن في رمضان كما نعيش نحن اليوم مع بطوننا، ليس لهم جليس إلاّ القرآن، يفزعون إليه آناء الليل وأطراف النهار، ويقيمون حروفه ويتدبّرون معانيه، ويعملون بأحكامه ويقفون عند حدوده، كان الزهري رحمه الله إذا دخل رمضان قال: «إنّما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام»، وقال ابن عبد الحكم: «كان مالك إذا دخل رمضان يفرّ من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف»، وكانوا إذا قاموا به صلاتهم يجهدون أنفسهم إلى حدّ اعتمادهم على العصيّ من طول القيام، ففي موطأ مالك بإسناد صحيح عن السائب بن يزيد أنّه قال: «أمر عمر بن الخطّاب أبيّ بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة فكان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنّا تعتمد على العصيّ من طول القيام، وما كنّا ننصرف إلاّ في فروع الفجر» كلّ هذا طلبا للغنيمة، وطمعا في الأجر والثواب، وانتهازًا للفرص السوانح.
فاحشر نفسك يا عبد الله الصائم مع القوم المقبلين على كتاب الله تلاوة وحفظاً، وسماعًا وإنصاتًا، وتعلُّمًا وتعليما، وتذكُرًا وتدبرًا، ولا تكن هاجرًا له معرضًا عنه فيلحقك الخسران وتكتب مع القوم الذي قال فيهم المولى جلّ وعلا على لسان رسوله: ?وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا? [الفرقان:30].
قال ابن القيّم: «هجر القرآن أنواع:
1 - هجر سماعه والإيمان به.
2 - هجر العمل به وإن قرأه وآمن به.
3 - هجر تحكيمه والتحاكم إليه.
4 - هجر تدبّره وتفهّم معانيه.
5 - هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب.
وكلّ هذا داخل في قوله تعالى: ?إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا?وإن كان بعض الهجر أهون من بعض».
فلو وفّقك الله في هذا الشهر الكريم، إلى حفظ آيات من كتاب ربّك، ثم تحفيظه مَن استطعت من إخوانك أو أهلك أو أولادك لكنتَ من خيار عباد الله، فإنّ نبيّك صلى الله عليه وسلّم يقول: «خيركُم من تعلّم القرآن وعلَّمَهُ» (6).
قال أبو عبد الرحمن السلمي: «ذلك أقعدني مقعدي هذا» وكان يعلّم من خلافة عثمان إلى إمرة الحجّاج (7).
قال أبو إسحاق: «كان أبو عبد الرحمن السلمي يقرئ الناس في المسجد الأعظم أربعين سنة، ولم يكن يتخلّف قطّ، بل كان يحمل في اليوم المطير إلى المسجد لأنّه كان أعمى لما يرى من الشرف والذكر في تعليم القرآن».
قال ابن حجر في شرح هذا الحديث: ولا شك أنّ الجامع بين تعلّم القرآن وتعليمه مكمّل لنفسه ولغيره، جامع بين النفع القاصر والنفع المتعدّي، ولهذا كان أفضل وهو من جملة من عنى سبحانه وتعالى بقوله: ?وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ? [فصلت: 33].
والدعاء إليه تقع بالأمور شتّى من جملتها: تعليم القرآن وهو أشرف الجميع وعكسه الكافر المانع لغيره من الإسلام كما قال تعالى: ?فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا? [الأنعام: 157]».
فأغنَمُ الناس من كان لهم النعم راصدًا وعلى شكرها مداوماً، وعلى فضائل الطاعات مقبلا ومساومًا، وأعجزهم من فاتته تلك النفحات في الليالي المباركات، ولم يتقرّب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات، يشهد منازل السابقين وهو في زمرة المنقطعين، ويسهد بضاعة التجار وهو في رفقة المحرومين.
فرّغكم الله من هموم الدنيا وشواغل، البطون ورزقكم اغتنام الأوقات في ذي المهلة قبل النقلة، وختم لكم بالباقيات الصالحات أعمالكم إنّه سبحانه على كلّ شيء قدير وبالإجابة جدير.
1 - العبارة عليها: أثقلها وزنا.
2 - مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسقي (6/ 3/4).
3 - متفق عليه البخاري (224/ 4) ومسلم رقم الحديث 1174.
4 - رواه ابن ماجة في سنته باب ما جاء في فضل شهر رمضان رقم 1644 وحسن إسناده في صحيح الترغيب رقم 986.
5 - شرح السنة للبغوي (437/ 4).
6 - حديث صحيح رواه البخاري في صحيحه في فضائل القرآن باب خيركم من تعلم القرآن.
7 - شرح السنة للبغوي (428/ 4).
المصدر: http://www.rayatalislah.com/Kadayatarbawiyeh/articles/ramadhan-chahr-el-ikbal-ala-Coran.htm(100/288)
رمضان شهر القيام والصيام وتلاوة القرآن للشيخ د/ رضا بوشامة
ـ[بلال اسباع الجزائري]ــــــــ[20 - 08 - 08, 06:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، به سبحانه نستهدي، وإياه نستكفي، ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله العليّ العظيم، وهو المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبعد:
ففي هذه الأيام المباركة يحل علينا ضيف عظيم وشهر كريم، يهلُّ علينا هلاله، وهو شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، أوجب الله تعالى صيامه، وشرع لنا نبينا صلى الله عليه وسلم عند رؤية هلاله وهلال كلِّ الشهور أن نذكر الله بذكر فيه بيان عظمة الرب الذي سخر لنا هذه الأهلَّة ومنازلها لنعرف أوقات زماننا فنعرف وقت حجنا وصيامنا وانقضاء شهورنا، وقد قال الله تعالى في بيان فوائد الأهلة: ?يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ?.
أي يسألونك يا محمد عن الأهلة ومحاقها وتمامها واستوائها، وتغير أحوالها بزيادة ونُقصان واستسرارها، وما المعنى الذي خَالف بينه وبين الشمس التي هي دائمة أبدًا على حال واحدة لا تتغير بزيادة ولا نقصان؟ - فقلْ يا محمد: خالف بين ذلك ربُّكم لتصييره الأهلة التي سألتم عن أمرها مواقيتَ لكم ولغيركم من بني آدم في معايشهم، ترقبون بزيادتها ونقصانها ومحاقِها واستسرارها وإهلالكم إياها، أوقات حَلّ ديونكم، وانقضاء مدة إجارة من استأجرتموه، وتصرُّم عدة نسائكم، ووقت صومكم وإفطاركم وحجِّكم، فجعلها مواقيت للناس.
فالقمر والهلال الذي جعله الله ميقاتا للناس من أعظم الأدلة التي دلَّت على عظمة هذا الخالق سبحانه وكمال قدرته، يقول ابن القيم رحمه الله: «وانظر إلى القمر وعجائب آياته، كيف يُبديه الله كالخيط الدَّقيق، ثم يتزايد نورُه ويتكامل شيئاً فشيئاً كلَّ ليلة حتى ينتهي إلى إبداره وكماله وتمامه، ثمَّ يأخذ في النقصان حتى يعود على حالته الأولى؛ ليظهر من ذلك مواقيتُ العباد في معاشهم وعباداتهم ومناسكهم، فتميَّزت به الأشهر والسنون، وقام به حسابُ العالم مع ما في ذلك من الحكَم والآيات والعبر التي لا يُحصيها إلاَّ الله». اهـ.
وقد عدَّ الله في القرآن الكريم هذا ضمن آياته العظام وبراهينه الجسام، يقول الله تعالى: ?وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُون وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيموَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيملاَ الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُون?.
وقوله: ?وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ? أي: يَنْزِلُها، كلَّ ليلة ينْزل منها واحدة، إلى أن يصغر جدًّا فيكون كالعرجون القديم، أي: كعذقة النخل إذا قدم وجفَّ وصغر حجمه وانحنى، ثمَّ يُهلُّ في أول الشهر ويبدأ يزيد شيئاً فشيئاً حتَّى يتمَّ نورُه ويتسق ضياؤه، فما أعظمها من آية، وما أوضحها من دلالة على عظمة الخالق، وعظمة أوصافه سبحانه، ولا ريب أنَّ التَّأملَ في هذه الآية وغيرها مِمَّا دعا الله عباده في كتابه إلى التفكر فيها وتأمُّلها يهدي العبدَ إلى العلم بالربِّ سبحانه بوحدانيته وصفات كماله ونعوت جلاله من عموم قدرته وسعة علمه وكمال حكمته، وتعدد برِّه وإحسانه، ومن ثمَّ يُخلص الدِّينَ له ويُفردُه وحده بالذُّلِّ والخضوعِ والحبِّ والإنابة والخوف والرجاء، فهي دلائلُ ظاهرة وبراهينُ واضحة على تفرُّد الله بالربوبية والألوهية والعظمة والكبرياء.
وأما الذكر الذي حث عليه نبينا صلى الله عليه وسلم أن نقوله عند رؤية هلال رمضان وغيره من الشهور هو ما أخرجه الترمذي عن طلحة رضي الله عنه: «أَنَّ النَبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا رَأَى الهِلاَلَ قَالَ: اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِاليُمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلاَمَةِ وَالإِسْلاَمِ، رَبِيَ وَرَبُّكَ اللهُ».
فقوله: «إذا رأى الهلال» الهلال هو طلعة القمر لليلتين أو لثلاث، وفي غير ذلك يُقال له قمر.
وقوله: «أهلَّه علينا» أي أطلعه علينا، وأرنا إيَّاه.
وقوله: «باليُمن والإيمان» واليمن هو السعادة، وفي رواية أخرى (بالأمنُ) والأمن هو الطمأنينة والراحة والسكون والسلامة من الآفات والشرور.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/289)
والإيمان هو الإقرار والتصديق والخضوع لله، وهو الإيمان بالله وكتبه وملائكته ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
والإيمان بالله هو الإيمان والإقرار بوجوده وتفرده بالخلق والرَّزق والإماتة والإحياء والتصرف في الكون وأنه لا شريك له في ذلك.
والإيمان بأنه المستحق بالعبادة المتفرد بالألوهية فلا يُعبد إلا هو ولا يصلى ولا يُسجد إلا له، ولا يُذبح ويُنذر إلا له سبحانه.
والإيمان بأن له الأسماء الحسنى والصفات العلى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
والإيمان بملائكته وأنهم خلق من خلقه خلقهم من نور، وهم ذوو أجنحة، وعدد كثير لا يعلم عددهم إلا هو سبحانه.
والملائكةُ منهم الموكَّلون بالوحي، والموكَّلون بالقَطر، والموكَّلون بالموت، والموكَّلون بالأرحام، والموكَّلون بالحفظ، والمُوكَّلون بالجنَّة، والمُوكَّلون بالنار، والمُوكَّلون بغير ذلك، وكلُّهم مستسلمون منقادون لأمر الله، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمَرون.
والإيمان بالكتب المنزلة على أنبياء الله، كصحف إبراهيم والتوراة والإنجيل، والقرآن وأنه كلام الله تعالى.
والإيمان بالرسل والأنبياء، وما أخبر الله عنهم في كتابه، أولهم آدم وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم فتجب محبتهم ومحبة نبينا ويجب اتباعه والعمل بما شرع، فمحبته محبة لله عز وجل واتباعه هو تباع الله عز وجل.
والإيمان بالقدر خيره وشره، وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وكلُّ شيءٍ لا يخرج عن قضاء الله وقدره وخلقه وإيجاده.
وقوله: «والسلامة والإسلام» السلامة هي الوقاية والنجاة من الآفات والمصائب، والإسلام هو الاستسلام لله والانقياد لشرعه.
وجاء تفسير الإسلام في حديث جبريل الطويل الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث عمر، قال: والإسلام أن تشهدَ أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسولُ الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحجَّ البيتَ إن استطعت إليه سبيلاً.
ثم قال في آخر الحديث: أي حديث رؤية الهلال: «ربِّي وربُّك الله» ففيه بيان أنَّ الكلَّ مربوب مخلوق لهذا الرب العظيم، الذي لا يستحق العبادة والإنابة والخضوع إلا هو سبحانه، لا أكبر المخلوقات كالسموات والأرض والشمس والقمر، ولا أحقرها وأصغرها كالإنسان الذي لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا فكيف يملكه لغيره من بني جنسه، وفي هذا ردٌّ على مَن عبد أحداً من المخلوقات من دون الله ?ومن آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُون?.
ثمَّ إنَّ الحديثَ فيه فوائد كثيرة أشير إلى شيء منها، فمنها أنَّ فيه بياناً للفرق بين الإيمان والإسلام وأنَّهما ليسا شيئاً واحداً عندما يجتمعان في الذِّكر، بل لكلِّ واحد منهما معنى خاص، فالإيمان يُراد به الاعتقادات الباطنة، والإسلام يُراد به الأعمال الظاهرة، أمَّا عند إفراد كلِّ واحد منهما بالذِّكر فإنَّه يكون متناولاً لمعنى الآخر.
وفيه أنَّ الأمنَ مرتبطٌ بالإيمان، والسلامةَ مرتبطةٌ بالإسلام، فالإيمان طريق الأمن والأمان، والإسلام طريق السلامة، ومن رام الأمن والسلامة بغيرهما ضلَّ، والله تعالى يقول: ?الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُون?، وما نراه اليوم ونلمسه من انعدام الأمن في كثير من بلدان المسلمين فضلا عن بلاد الكفرة والملحدين سببه البعد عن الله وعن دينه الذي فرضه على عباده، وأوجب عليهم اتباعه والعمل به وتحكيمه في أنفسهم قبل كل شيء، ثم فيمن جعلهم الله تحت ولايتهم، فلا بد من صدق الرجوع إلى الله حتى يرفع ما حلَّ بالمسلمين من بلاء ومحن ومصائب وإحن، قال صلى الله عليه وسلم: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تدعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: و من قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير و لكنكم غثاء كغثاء السيل و لينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم و ليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله و ما الوهن؟ قال حب الدنيا و كراهية الموت».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/290)
فهذا سبب من أسباب المحن التي حلت بالأمة الإسلامية، حب الدنيا وكراهية الموت، وحب الدنيا يجر إلى ارتكاب المحرمات وتحليلها، وترك الواجبات والتنفير منها، وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام: «إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لاينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم».
فترك المأمور واجتناب المحظور يؤدي إلى تسليط الكافر وتسليط الذل والمهانة والانتكاس، والدواء هو الرجوع إلى الله والفرار إليه، ?فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِين?،?وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون ?.
ومن فوائد الحديث أنَّ فيه لفتةً كريمةً إلى أنَّ أهمَّ ما تُشغل به الشهور وتُمضى فيه الأوقات هو الإيمانُ بالله وبما أمر عباده بالإيمان به، والاستسلامُ له سبحانه في كلِّ أحكامه وجميع أوامره.
قال ابن القيم رحمه الله: «السَّنَةُ شجرة، والشهورُ فروعها، والأيامُ أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمرها، فمن كانت أنفاسه في طاعة فثمرة شجرته طيبة، ومن كانت في معصية فثمرته حنظل، وإنَّما يكون الجَذَاذ يوم المعاد، فعند الجَذاذ يتبيَّن حلوُ الثمار من مُرِّها». اهـ.
وأعظم الشهور مرورا على الإنسان هو شهر رمضان المبارك، شهر النفحات والخيرات وإقالة العثرات، يستوجب من العبد القيام بحقه من صيام وقيام وقراءة القرآن، وبر وإحسان وصدقة على الفقراء والمحتاجين، الذين هم في أشد الحاجة إلى من يعنيهم على صيام الشهر حتى لا يشغلهم طلب الرزق والسعي وراءهم عن عبادة ربهم في هذا الشهر الكريم، والعبد مطالبٌ بأن يكون في هذا الشهر العظيم من المحسنين الكرماء، اقتداء بخير الخلق عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، فقد كان أجود الناس على الإطلاق، وكان أجود ما يكون في رمضان، روى الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسُه القرآن، فَلَرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة».
ففي الحديث بيان أن َّ سبب جوده وكرمه عليه الصلاة والسلام ناتج عن كثرة مدارسة القرآن؛ وذلك أنَّ القرآنَ خلقُه صلى الله عليه وسلم كما قالت عائشة رضي الله عنها، يأتمر بأوامره، ويجتنب نواهيه. فمدارسته له تجدِّد له العهد بمزيد غنى النفس، فإذا حصلت في رمضان وهو موسم الخيرات وفيه أنزل الله القرآن، والنازل به جبريل، فهذا كله من دواعي زيادة جوده وكرمه صلى الله عليه وسلم، فمَن رام زيادة جوده في هذا الشهر فعليه بكثرة ذكر الله تعالى وتلاوة كلامه وتدبره، والعمل بما أمر به وترك زواجره، يوفقه ربُّه للخيرات، ويفتح عليه من البركات.
ورحم الله الإمام محمد البشير الإبراهيمي إذ يقول: «إن رمضان يحرك النفوس إلى الخير، ويُسكنها عن الشر، فتكون أجود بالخير من الريح المرسلة، وأبعد عن الشر من الطفولة البلهاء، ويطلقخها من أسْر العادات، ويُحررها من رق الشهوات، ويجتثُّ منها فساد الطباع ورعونة الغرائز، ويطوف عليها في أيامه بمحكمات الصبر ومثبَّتات العزيمة، وفي لياليه بأسباب الاتصال بالله والقُرب منه».
نسأل الله الكريم رب العرش العظيم التوفيق لمرضاته، واغتنام أوقات الخير بالذكر والتوبة والإنابة والاستغفار، وأن يتقبل منا شهر الصيام والقيام، وأن يرفع ما حلَّ بهذه الأمة من هموم وغموم، وبلاء ومحن، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.
المصدر: http://www.rayatalislah.com/kalimah/archive/Ramadhan-chahr-el-qiyam-wa-essiyam-wa-tilewet-el-quran.htm(100/291)
ما حكم هذا الأمر
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[20 - 08 - 08, 08:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
إذا داعب الرجل زوجته حتى أنزل ولم يمسك عن الطعام، وقال: ما دام أني أفطرت بالإنزال فلا شيء في الأكل، فماذا عليه؟
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 04:08 ص]ـ
أخي الفاضل لا بد من توضيح معنى المداعبة فهل هي مباشرة فيما دون الفرج، أو مجرد نظر، أو كلام ..... إلخ
لأن لكل واحد من هذه الأشياء حكمه، والخلاف بين العلماء رحمهم الله تعالى موجود في هذه التفاصيل، فمنهم - على سبيل المثال - من لا يبطل الصوم بالإنزال عن طريق النظر ولو مع الاستدامة، ومنهم من يبطله بالاستدامة فقط، ومنهم من يبطله بالاستدامة أو عدمها.
كذلك الفكر اختلفوا فيه.
عمومًا من أفطر في رمضان دون عذر، فيلزمه الإمساك لحرمة اليوم.
يعني باختصار نزول المني في حالات يبطل بها الصوم، فعلى هذا هو آثم إثمًا عظيمًا، ومرتكب لكبيرة أشد من الزنا وشرب الخمر، ويلزمه الإمساك بقية يومه، والقضاء، والكفارة - وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يجد فإطعام ستين مسكينًا- إن كان الإنزال عن وطء، أما إن لم يكن من غير وطء فالجمهور على عدم وجوب الكفارة خلافًا للمالكية والأحناف - وإن وجد بينهما بعض الخلاف في بعض التفصيلات -.
وفي حالات لا يبطل بها الصوم، فعليه إتمام صومه.
بارك الله فيكم.
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[21 - 08 - 08, 10:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
لعل السؤال غير واضح، وتوضيحه بما يلي:
رجل داعب زوجته بمباشرتها دون الفرج، فأنزل، فعلم انه أفطر، وهو يتبنى أن ما فعله مفطر، فلم يمسك عن الطعام، وهنا السؤال:
هل عدم إمساكه عن الطعام بعد أن علم انه أفطر يوجب عليه شيئا؟
وجزاكم الله خيرا أخي محمد العبادي.(100/292)
خرافة السر "قراءة تحليلية لكتاب (السر) و (قانون الجذب) " بتقديم الشيخ محمد المنجد
ـ[عبدالله العجيري]ــــــــ[20 - 08 - 08, 11:15 م]ـ
فيطيب لي أن أتقدم إليكم بهذا البحث الذي قد كتبته حول كتاب (السر) ( the Secret) ، والذي ملأ الدنيا جعجعة، وحقق شهرة واسعة، وبيع منه ملايين النسخ، وتُرجم مؤخراً للعربية، وسُوّق له على مستوى عالٍ، فظهرت إعلاناته في الشوارع وعلى بعض القنوات، أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن ينفع به كاتبه وقارئه، إنه خير مسؤول، وأترككم مع الكتاب.
http://www.islamselect.com/themes/secret/banner/468222JUsd.gif (http://www.islamselect.com/secret)
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[21 - 08 - 08, 01:28 ص]ـ
أين البحث وفقك الله
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 01:53 ص]ـ
أين البحث وفقك الله
اضغط على الصورة
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 01:54 ص]ـ
فيطيب لي أن أتقدم إليكم بهذا البحث الذي قد كتبته حول كتاب (السر) ( the Secret) ، والذي ملأ الدنيا جعجعة، وحقق شهرة واسعة، وبيع منه ملايين النسخ، وتُرجم مؤخراً للعربية، وسُوّق له على مستوى عالٍ، فظهرت إعلاناته في الشوارع وعلى بعض القنوات، أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن ينفع به كاتبه وقارئه، إنه خير مسؤول، وأترككم مع الكتاب.
http://www.islamselect.com/themes/secret/banner/468222JUsd.gif (http://www.islamselect.com/secret)
جزاك الله خيراً ونفع بك وبالشيخ المنجد
ـ[أبوعبد الرحمن حسن بن محمد]ــــــــ[21 - 08 - 08, 02:10 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ..
ـ[أم الليث]ــــــــ[21 - 08 - 08, 02:10 ص]ـ
ما طلعت لي الصورة
ولا الرابط
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[21 - 08 - 08, 03:16 ص]ـ
الأخ الفاضل عبد الله العجيري
بارك الله في عملك ووقتك، وقد وضعته في الساحة، وبناء.
وفقك الله، ورزقنا وإياك الإخلاص في القول والعمل.
ـ[أبو فراس الخزاعي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 03:53 ص]ـ
شاهدت فلما عند أحد الإخوة حمله من النت عن نفس الموضوع حاول مترجمه الربط بينه وبين الإسلام بوضع نصوص من القرآن والسنة توافق كلام الأشخاص الذين يظهرون في الفلم
في الواقع لم أركز كثيرا في مشاهدته ولا أستطيع الحكم عليه لكن على كل حال لا تعجبني هذه القضايا وأجزم أن بها آثارا أو ارتباطا ما بديانات وثنية وعقائد باطنية خبيثة وأنصح بتجنبها والبعد عنها
شكرا للشيخ عبد الله على الكتاب القيم
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[21 - 08 - 08, 05:46 ص]ـ
اضغط على الصورة
ما طلع لي صورة يا أبا طارق
ـ[عبدالله العجيري]ــــــــ[21 - 08 - 08, 05:53 ص]ـ
الشيخ إحسان العتيبي ..
جزاكم الله خيراً على هذا المرور .. ومشتاقين لرؤيتكم ..
الشيخ عبدالله زقيل ..
جزاكم الله خيراً .. وكتب ما تقدمون في ميزان حسناتكم ..
أبو عبدالرحمن وأبو فراس .. وجزاكما خيراً
أبو الحسن .. وأم الليث
إليكم رابط الصفحة:
http://www.islamselect.com/secret
ـ[مصلح]ــــــــ[21 - 08 - 08, 06:29 ص]ـ
رائع جداً
ما شاء الله لا قوة إلا بالله
أرجو التفضل بالدلالة على مواقع بيع هذا السفر النفيس
ـ[وكيع الكويتي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 06:53 ص]ـ
أين طبع هذا الكتاب بارك الله فيك
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 07:04 ص]ـ
http://www.islamselect.com/themes/secret/banner/468222JUsd.gif (http://www.islamselect.com/secret)
هذه الصورة المقصودة
حفظك ربي شيخ عبد الله وزادك نت فضله
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 11:26 ص]ـ
بارك الله فيك ياشيخ عبدالله
ـ[أبومحمد سالم]ــــــــ[22 - 08 - 08, 06:03 ص]ـ
أثابك الله يا شيخ عبدالله ونفع بك
ـ[راجح]ــــــــ[22 - 08 - 08, 11:44 ص]ـ
هذه النوعية من الكتب والأفكار ومن يروجون لها في نظري ضرب من النصب والاحتيال وبيع الأوهام للناس
ولي ملاحظة على ما كتبه الأستاذ العجيري في الصفحة 27 من كتابه حول عزوه بعض الأحداث لما سماه بالصدفة المحضة
هل هو مفهوم صحيح؟
ـ[الزبيدي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 04:43 ص]ـ
حقيقة قانون الجذب هو انه هناك خالق غير الله ...
ـ[أبو عبدالله الخليلي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 09:12 ص]ـ
جزاكم الله خيرا(100/293)
هل يوجد شرح مختصر للزاد المستقنع لابن عثيمين
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[21 - 08 - 08, 02:12 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هل يوجد شرح مختصر للزاد المستقنع لابن عثيمين؟؟
انتظركم
ـ[أبو أيوب السليمان]ــــــــ[21 - 08 - 08, 03:34 ص]ـ
انظر هذا الرابط:
http://saaid.net/book/search.php?do=title&u=%C7%E1%E3%E3%CA%DA
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[21 - 08 - 08, 03:35 ص]ـ
جزآك الله خير اخي سؤال اخر ممكن شرح عمدة الاحكام لابن عثيمين
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[21 - 08 - 08, 03:40 ص]ـ
بارك الله فيك يا أبى عبدالله
وزادك الله حرصا
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[21 - 08 - 08, 03:43 ص]ـ
واياك اخواني اريد شرح عمدة الاحكام لابن عثيمين رحمه الله كتابة
ـ[أبو أيوب السليمان]ــــــــ[21 - 08 - 08, 04:12 ص]ـ
جزآك الله خير اخي سؤال اخر ممكن شرح عمدة الاحكام لابن عثيمين
بارك الله فيك
لا يوجد الشرح على الشبكة فيما أعلم
ـ[طالبة العلم سارة]ــــــــ[21 - 08 - 08, 04:20 ص]ـ
نعم وأنا بحثت أيضا فلم أجد
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[22 - 08 - 08, 03:21 ص]ـ
الله يوفقكم وجزآكم الله خير(100/294)
إشكال حول حديث أحصوا لي كل من تلفظ بالإسلام
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[21 - 08 - 08, 03:21 ص]ـ
لدى إشكال حول حديث فى السلسلة الصحيحة برقم 246 الشاملة
عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أحصوا لي كل من تلفظ بالإسلام قلنا يا رسول الله أتخاف علينا ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم لا تدرون لعلكم أن تبتلوا قال فابتلينا حتى جعل الرجل منا ما يصلي إلا سرا))
متى حدث هذا الابتلاء الذى جعل الرجل من الصحابة _رضى الله عنهم_ ما يصلى إلا سرا؟ وهذا الحديث بعد الهجرة إلى المدينة
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[21 - 08 - 08, 07:00 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
أخي الفاضل أبو مالك المصري.
ورد في صحيح البخاري:
بَاب كِتَابَةِ الْإِمَامِ النَّاسَ.
2832 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اكْتُبُوا لِي مَنْ تَلَفَّظَ بِالْإِسْلَامِ مِنْ النَّاسِ فَكَتَبْنَا لَهُ أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةِ رَجُلٍ فَقُلْنَا نَخَافُ وَنَحْنُ أَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا ابْتُلِينَا حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي وَحْدَهُ وَهُوَ خَائِفٌ.
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ فَوَجَدْنَاهُمْ خَمْسَ مِائَةٍ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ مَا بَيْنَ سِتِّ مِائَةٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةٍ.
ورد في فتح الباري:
" ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْح اِبْن التِّين الْجَزْم بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْد حَفْر الْخَنْدَق "
وهذا هو الراجح في وجهة نظري:
أولا:
قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12) وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (14)}
ثانيا:
واضح من ألفاظ الحديث أن ما حصل حصل في عصر النبي صلى الله عليه وسلم:
"فَكَتَبْنَا لَهُ أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةِ رَجُلٍ فَقُلْنَا نَخَافُ وَنَحْنُ أَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا ابْتُلِينَا حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي وَحْدَهُ وَهُوَ خَائِفٌ"
ولا أدل على ذلك من ما رواه البخاري في نفس الباب بعد الحديث السابق:
2833 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي حَاجَّةٌ قَالَ ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ"
قال ابن حجر:
2833 - حَدِيث اِبْن عَبَّاس " قَالَ رَجُل يَا رَسُول اللَّه إِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَة كَذَا " وَهُوَ يُرَجِّح الرِّوَايَة الْأُولَى بِلَفْظِ " اُكْتُبُوا " لِأَنَّهَا مُشْعِرَة بِأَنَّهُ كَانَ مِنْ عَادَتهمْ كِتَابَة مَنْ يَتَعَيَّن لِلْخُرُوجِ فِي الْمَغَازِي، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْح الْحَدِيث فِي الْحَجّ مُسْتَوْفى." أهـ
فالكتابة كانت عادتهم قبل الخروج للغزو.
وأحداث غزوة الأحزاب كانت شديدة.
ومن تأمل السيرة شعر بما أشار إليه ابن التين رحمه الله.
والله أعلى وأعلم وأحكم.
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[22 - 08 - 08, 01:09 ص]ـ
بارك الله فيك أخى أبا الأشبال على إزالة الإشكال
أدامك الله على طاعتك.
عذرا أبو الأشبال لقب أم اسم أجد كثيرا من المشايخ بهذا الاسم
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[22 - 08 - 08, 05:56 ص]ـ
بارك الله فيك أخى أبا الأشبال على إزالة الإشكال
الحمد لله هذا من فضل ربي.
أدامك الله على طاعتك.
اللهم آمين، جزاك الله خيرا على هذا الدعاء الطيب.
عذرا أبو الأشبال لقب أم اسم
" أبو الأشبال عبدالجبار " لقب وفقط.
أجد كثيرا من المشايخ بهذا الاسم
الحقيقة أني أطلقت على نفسي أبا الأشبال، بسبب رؤيا رأيتها، أما عبدالجبار، لأذكر قوة ربي وحاجتي إليه وقلة حيلتي ورحمته بالضعفاء أمثالي أنا العبد الفقير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/295)
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[24 - 08 - 08, 01:09 ص]ـ
بارك الله فيك أخى جعلك الله أبا لأشبال يدافعون عن العقيدة
ـ[أبو الحسن السكندري]ــــــــ[24 - 08 - 08, 04:14 ص]ـ
قوله: "قال فابتلينا" إلخ: هذا قول حذيفة رضي الله عنه، ويشبه أن يكون أشار بذلك إلى ما وقع في أواخر خلافة عثمان رضي الله عنه من ولاية بعض أمراء الكوفة، كالوليد بن عقبة، حيث كان يؤخر الصلاة أو لا يقيمها على وجهها، وكان بعض الورعين يصلي وحده سرًا، ثم يصلي معه خشية من وقوع الفتنة. وقيل: كان ذلك حين أتم عثمان الصلاة في السفر وكان بعضهم يقصر سرًا وحده خشية الإنكار عليه، ووهم من قال: إن ذلك كان أيام قتل عثمان؛ لأن حذيفة لم يحضر ذلك. وفي ذلك علم من أعلام النبوة من الإخبار بالشيء قبل وقوعه، وقد وقع أشد من ذلك بعد حذيفة في زمن الحجاج وغيره. اهـ
فتح الملهم بشرح صحيح الإمام مسلم (2/ 118) - شبير أحمد العثماني
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[24 - 08 - 08, 09:09 ص]ـ
بارك الله فيك أخى جعلك الله أبا لأشبال يدافعون عن العقيدة
اللهم آمين.
وبارك الله لك أخي الفاضل أبا مالك في ذريتك وأهلك ومالك.
بواسطة أبو الحسن السكندري.
قوله: "قال فابتلينا" إلخ: هذا قول حذيفة رضي الله عنه، ويشبه أن يكون أشار بذلك إلى ما وقع في أواخر خلافة عثمان رضي الله عنه من ولاية بعض أمراء الكوفة، كالوليد بن عقبة، حيث كان يؤخر الصلاة أو لا يقيمها على وجهها، وكان بعض الورعين يصلي وحده سرًا، ثم يصلي معه خشية من وقوع الفتنة. وقيل: كان ذلك حين أتم عثمان الصلاة في السفر وكان بعضهم يقصر سرًا وحده خشية الإنكار عليه، ووهم من قال: إن ذلك كان أيام قتل عثمان؛ لأن حذيفة لم يحضر ذلك. وفي ذلك علم من أعلام النبوة من الإخبار بالشيء قبل وقوعه، وقد وقع أشد من ذلك بعد حذيفة في زمن الحجاج وغيره. اهـ
فتح الملهم بشرح صحيح الإمام مسلم (2/ 118) - شبير أحمد العثماني
أخي الفاضل السكندري:
ولي حذيفة إمرة المدائن لعمر، فبقي عليها إلى بعد مقتل عثمان، وتوفي بعد عثمانبأربعين ليلة.
قال ابن سعد: مات حذيفة بالمدائن.
فهل يعقل أن يخاف والي المدائن من والي الكوفة.؟!
والمدائن مع ذلك بعيدة نسبيا عن الكوفة في ذلك الزمان:
: سمعت أبا إسحاق يقول: كان حذيفة يجيء كل جمعة من المدائن إلى الكوفة. قال أبو بكر: فقلت له: يمكن هذا؟ قال: كانت له بغلة فارهة.
فكيف يستقيم كل ذلك مع ما ذكر؟
عدا أن نص الأثر يعارض هذا الفهم كما سبق ووضحت.
وأيضا:
وقال رجل من أهل الكوفة قال لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه:
يا أبا عبد الله أرأيتم رسول الإسلام وصحبتموه؟ قال: نعم يا ابن أخي. قال: فكيف كنتم تصنعون؟ قال: والله لقد كنا نجتهد. قال: والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض ولحملناه على أعناقنا. فقال حذيفة: يا ابن أخي والله لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هويا من الليل ثم التفت إلينا فقال: من رجل يقول فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع أسأل الله أن يكون رفيقي في الجنة؟ فما قام رجل من شدة الخوف وشدة الجوع والبرد. فلما لم يقم أحد دعاني فلم يكن لي بد من القيام حين دعاني فقال: يا حذيفة اذهب فادخل في القوم فانظر ماذا يفعلون ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا. قال فذهبت فدخلت في القوم والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل لا تقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء، فقام أبو سفيان فقال يا معشر قريش لينظر امرؤ من جليسه قال حذيفة فأخذت بيد الرجل الذي كان إلى جنبي فقلت: من أنت؟ قال: فلان ابن فلان. ثم قال: يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام لقد هلك الكراع والخف وأخلفتنا بنو قريظة وبلغنا عنهم الذي نكره ولقينا من شدة الريح ما ترون ما تطمئن لنا قدر ولا تقوم لنا نار ولا يستمسك لنا بناء فارتحلوا فإني مرتحل ثم قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب به على ثلاث فما أطلق عقاله إلا وهو قائم. ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي أن لا تحدث شيئا حتى تأتيني لقتلته بسهم. قال حذيفة: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي في مرط لبعض نسائه مرحل، فلما رآني أدخلني إلى رجليه وطرح علي طرف المرط ثم ركع وسجد وإني لفيه ولما أخبرته الخبر وسمعت غطفان بما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/296)
فعلت قريش فانشمروا راجعين إلى بلادهم.
والله أعلم وأحكم.
ـ[أبو الحسن السكندري]ــــــــ[24 - 08 - 08, 03:21 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
أما بعد، أخي المكرم حفظك الله ورعاك، فكما تعلم أخي الحبيب أن العلماء اختلفوا متى كان الأمر بكتابة المقاتلة على أقوال، فقيل في أحد، وقيل في الحديبية وجزم بن التين كما ذكرتم بأن ذلك كان في الخندق.
1 - كان كلام ابن التين رحمه الله عن الأمر بالكتابة لا عن الابتلاء بصلاة المرء وحده سرًا.
2 - ما نقلتُه عن الشيخ شبير رحمه الله، نقله هو بدوره عن الحافظ بن حجر، وقد أورده الحافظ بعد كلام ابن التين مباشرة، فقال رحمه الله: "وأما قول حذيفة "فلقد رأيتنا ابتلينا إلخ" فيشبه أن يكون أشار بذلك إلى ما وقع في أواخر خلافة عثمان ... " إلخ.
3 - ما نقلتَه أخي الحبيب من أحاديث إنما تدل على مدى الخوف الذي كان فيه المسلمون في هذه الغزوة المباركة، ولا عجب في ذلك وقد ذكر الله تعالى في كتابه أن قلوبهم بلغت الحناجر من الخوف، ومع ذلك فمع ما نقل من شدة الخوف حتى إن أحدهم كان يخاف أن يذهب لقضاء حاجته، وشدة البرد كما في حديث حذيفة، والجوع، إلا أنهم لم يبتلوا بالإسرار بالصلاة في هذه الغزوة، وكيف يبتلوا بذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أمرهم الله بالهجرة إلى المدينة إلا ليتمكنوا من إظهار الدين.
4 - إن إسرار المسلم بالعبادة، لا يتصور حدوثه - بعد أن أظهر الله دينه - إلا في زمن الفتن، وزمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن أبداً زمن فتنة، بل وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم كان دون الفتن باب هو عمر رضي الله عنه. وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلزوم البيوت في الفتن وعدم شهودها إلى غير ذلك، ولذلك قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم (2/ 180 - 181): "فلعله كان في بعض الفتن التي جرت بعد النبي صلى الله عليه وسلم فكان بعضهم يخفي نفسه ويصلي سرًا مخافة من الظهور والمشاركة في الدخول في الفتنة والحروب والله أعلم".
وللحديث بقية بإذن الله
ـ[أبو الحسن السكندري]ــــــــ[24 - 08 - 08, 03:31 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أما بعد، فأنقل إليك أخي قول بعض أهل العلم في شرح ذلك الحديث، مستعيناً بالله عز وجل ثم بما يسره الله لنا من برنامج المكتبة الشاملة:
1 - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - (ج 22 / ص 157)
والحديث أخرجه البخاري أيضا عن عبدان عن أبي حمزة في هذا الباب وأخرجه مسلم في الإيمان عن أبي بكر وابن نمير وأبي كريب وأخرجه النسائي في السير عن هناد وأخرجه ابن ماجه في الفتن عن ابن نمير وعلي بن محمد قوله أكتبوا وفي رواية مسلم احصوا بدل أكتبوا وهي أعم من أكتبوا وقد يفسر احصوا باكتبوا وقال المهلب كتابة الإمام الناس سنة عند الحاجة إلى الدفع عن المسلمين حينئذ فرض الجهاد على كل إنسان يطبق المدافعة إذا أنزل بأهل ذلك البلد مخافة قوله فقلنا نخاف تقديره هل نخاف وهو استفهام تعجب يعني كيف نخاف ونحن ألف وخمسمائة رجل وكان هذا القول عند حفر الخندق جزم بذلك ابن التين وقيل يحتمل أن يكون ذلك عند خروجهم إلى د وعن الداودي بالحديبية قوله فلقد رأينا بضم التاء التاء التي للمتكلم أي فلقد رأيت نفسنا ويروى فلقد رأينا قوله ابتلينا على صيغة المجهول من الإبتلاء وحاصل الكلام يقول حذيفة كنا نتعجب من خوفنا والحال أنا نحن ألف وخمسمائة رجل فصار أمرنا بعد رسول الله إلى أن الرجل يصلي وحده وهو خائف مع كثرة المسلمين وقال النووي لعله أراد أنه كان في بعض الفتن التي جرت بعد رسول الله وكان بعضهم يخفي نفسه ويصلي سرا يخاف من الظهور والمشاركة في الدخول في الفتنة والحرب
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 08 - 08, 03:55 م]ـ
******
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[24 - 08 - 08, 07:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
الاخوة الأفاضل.
لا شك أن الله تعالى أعلم بالصواب، لكن طالب العلم يرجح الرأي الذي يظهر له قوته.
وفق الله الجميع لكل خير, وأقول والله المستعان:
ورد في فتح الباري:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/297)
حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ}
قَالَتْ كَانَ ذَاكَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ.
3794 - قَوْله: (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ)
قَالَتْ: " كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ " هَكَذَا وَقَعَ مُخْتَصَرًا، وَعِنْدَ اِبْن مَرْدُوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ) قَالَ: عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ.
(وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ): أَبُو سُفْيَان بْن حَرْب. وَبَيَّنَ اِبْن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي صِفَةَ نُزُولِهِمْ قَالَ: نَزَلَتْ قُرَيْش بِمُجْتَمَعِ السُّيُولِ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ مِنْ أَحَابِيشِهِمْ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ بَنِي كِنَانَة وَتِهَامَة، وَنَزَلَ عُيَيْنَةُ فِي غَطَفَانَ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ إِلَى جَانِبِ أُحُدٍ بِبَابِ نُعْمَانَ، وَخَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ حَتَّى جَعَلُوا ظُهُورَهُمْ إِلَى سِلَع فِي ثَلَاثَة آلَافٍ، وَالْخَنْدَقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوْمِ، وَجَعَلَ النِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ فِي الْآطَامِ، قَالَ: وَتَوَجَّهَ حُيَيُّ بْن أَخَطَبَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى غَدَرُوا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي، وَبَلَغَ الْمُسْلِمِينَ غَدْرُهُمْ فَاشْتَدَّ بِهِمْ الْبَلَاءُ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْطِيَ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ وَمَنْ مَعَهُ ثُلُثَ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ عَلَى أَنْ يَرْجِعُوا، فَمَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَقَالَا كُنَّا نَحْنُ وَهُمْ عَلَى الشِّرْكِ لَا يَطْمَعُونَ مِنَّا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَكَيْفَ نَفْعَلُهُ بَعْدَ أَنْ أَكْرَمَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْإِسْلَامِ وَأَعَزَّنَا بِك؟ نُعْطِيهِمْ أَمْوَالنَا، مَا لَنَا بِهَذَا مِنْ حَاجَة، وَلَا نُعْطِيهِمْ إِلَّا السَّيْفَ. فَاشْتَدَّ بِالْمُسْلِمِينَ الْحِصَارُ، حَتَّى تَكَلَّم مُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْرٍ وَأَوْس بْن قَيْظِيّ وَغَيْرهمَا مِنْ الْمُنَافِقِينَ بِالنِّفَاقِ، وَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى: (وَإِذْ يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَاَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا) الْآيَات قَالَ: وَكَانَ الَّذِينَ جَاءُوهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ بَنُو قُرَيْظَةَ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَان، قَالَ اِبْن إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ: وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ إِلَّا مُرَامَاةٌ بِالنَّبْلِ لَكِنْ كَانَ عَمْرو بْن عَبْد وُدّ الْعَامِرِيّ اِقْتَحَمَ هُوَ وَنَفَر مَعَهُ خُيُولَهُمْ مِنْ نَاحِيَةٍ ضَيِّقَةٍ مِنْ الْخَنْدَقِ حَتَّى صَارُوا بِالسَّبْخَةِ فَبَارَزَهُ عَلِيٌّ فَقَتَلَهُ، وَبَرَزَ نَوْفَل بْن عَبْد اللَّه بْن الْمُغِيرَة الْمَخْزُومِيّ فَبَارَزَهُ الزُّبَيْر فَقَتَلَهُ، وَيُقَال قَتَلَهُ عَلِيّ، وَرَجَعَتْ بَقِيَّةُ الْخُيُولِ مُنْهَزِمَة. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي " الدَّلَائِل " مِنْ طَرِيق زَيْد بْن أَسْلَمَ " أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِحُذَيْفَة: أَدْرَكْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ نُدْرِكْهُ، فَقَالَ: يَا بْن أَخِي، وَاَللَّهِ لَا تَدْرِي لَوْ أَدْرَكْته كَيْفَ تَكُونُ، لَقَدْ رَأَيْتنَا لَيْلَةَ الْخَنْدَقِ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ مَطِيرَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ يَذْهَب فَيَعْلَم لَنَا عِلْمَ الْقَوْم جَعَلَهُ اللَّه رَفِيقَ إِبْرَاهِيمَ يَوْمَ الْقِيَامَة، فَوَاَللَّهِ مَا قَامَ أَحَدٌ، فَقَالَ لَنَا الثَّانِيَة. جَعَلَهُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/298)
اللَّه رَفِيقِي، فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ. فَقَالَ أَبُو بَكْر: اِبْعَثْ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: اِذْهَبْ، فَقُلْت أَخْشَى أَنْ أُؤْسَرَ، قَالَ: إِنَّك لَنْ تُؤْسَرَ، فَذَكَرَ أَنَّهُ اِنْطَلَقَ، وَأَنَّهُمْ تَجَادَلُوا، وَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الرِّيحَ فَمَا تَرَكَتْ لَهُمْ بِنَاء إِلَّا هَدَمَتْهُ وَلَا إِنَاء إِلَّا أَكْفَأَتْهُ " وَمِنْ طَرِيق عَمْرو بْن سَرِيع بْن حُذَيْفَة نَحْوُهُ وَفِيهِ: " إِنَّ عَلْقَمَةَ بْن عُلَاثَة صَارَ يَقُول: يَا آلَ عَامِرٍ، إِنَّ الرِّيحَ قَاتِلَتِي وَتَحَمَّلَتْ قُرَيْش وَإِنَّ الرِّيحَ لَتَغْلِبُهُمْ عَلَى بَعْضِ أَمْتِعَتِهِمْ " وَرَوَى الْحَاكِم مِنْ طَرِيق عَبْد الْعَزِيز اِبْن أَخِي حُذَيْفَة عَنْ أَبِي حُذَيْفَة قَالَ: " لَقَدْ رَأَيْتنَا لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ وَأَبُو سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ فَوْقِنَا، وَقُرَيْظَةُ أَسْفَلَ مِنَّا نَخَافُهُمْ عَلَى ذَرَارِيِّنَا، وَمَا أَتَتْ عَلَيْنَا أَشَدُّ ظُلْمَةً وَلَا رِيحًا مِنْهَا، فَجَعَلَ الْمُنَافِقُونَ يَسْتَأْذِنُونَ وَيَقُولُونَ: إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ، فَمَرَّ بِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا جَاثٍ عَلَى رُكْبَتَيّ وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا ثَلَاثُمِائَة فَقَالَ: اِذْهَبْ فَأْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ، قَالَ: فَدَعَا لِي فَأَذْهَب اللَّهُ عَنِّي الْقَرَّ وَالْفَزَعَ، فَدَخَلْت عَسْكَرَهُمْ فَإِذَا الرِّيحُ فِيهِ لَا تُجَاوِزُهُ شِبْرًا، فَلَمَّا رَجَعْت رَأَيْت فَوَارِسَ فِي طَرِيقِي فَقَالُوا: أَخْبِرْ صَاحِبَك أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَفَاهُ الْقَوْمَ " وَأَصْل هَذَا الْحَدِيث عِنْد مُسْلِم بِاخْتِصَارٍ، وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَلِيه شَيْء يَتَعَلَّق بِحَدِيثِ عَائِشَةَ.
وورد في صحيح البخاري:
3802 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ مَلَأَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ.
3803 - حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ:
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ جَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا فَنَزَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُطْحَانَ فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وَتَوَضَّأْنَا لَهَا فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَمَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ.
* وهناك أمر أريد الإشارة إليه أحسبه لطيف، وهو:
أن الإمام البخاري رحمه الله تعالى أخرج الحديث السابق مع حديث معه تحت باب واحد كالتالي:
بَاب كِتَابَةِ الْإِمَامِ النَّاسَ
2832 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اكْتُبُوا لِي مَنْ تَلَفَّظَ بِالْإِسْلَامِ مِنْ النَّاسِ فَكَتَبْنَا لَهُ أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةِ رَجُلٍ فَقُلْنَا نَخَافُ وَنَحْنُ أَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا ابْتُلِينَا حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي وَحْدَهُ وَهُوَ خَائِفٌ
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ فَوَجَدْنَاهُمْ خَمْسَ مِائَةٍ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ مَا بَيْنَ سِتِّ مِائَةٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةٍ.
2833 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي حَاجَّةٌ قَالَ ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ.
والأمر اللطيف الذي أريد الإشارة إليه هو:
أن الأمام البخاري وضع هذا الباب في كتاب الجهاد، والأحاديث السابقة تحت باب كتابة الإمام الناس، وواضح أن مقصد الإمام البخاري الكتابة قبل الغزو أو الجهاد، أليس كذلك؟
وإذا قلنا نعم،
فالحديث الأول يخص نوعا من أنواع الجهاد وهو جهاد الدفع،
والحديث الثاني يخص جهاد الطلب.
والفرق في الكتابة واضح، فالكتابة في الحديث الأول تشعر بأن الذين يخاف منهم هنا هم المنافقين، لاحظوا:
" اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس "، فمن يمكن أن يكون أخطر من المنافقين في جهاد الدفع!
أما جهاد الطلب فالأمر يختلف.
هذا والله أعلى و أعلم وأحكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/299)
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[27 - 08 - 08, 10:01 م]ـ
للفائدة:
نشيد: هي قريش.
» صاحب المقطع:
أبو حذيفة [هاني مقبل]
» المصدر: ملحمة الهداية والبطولة
هذه القصيدة تختصر أحداث غزوة الأحزاب أعجبتني وأنا أتصفح فقلت أنقلها.
http://epda3.net/iv/clip-801.html
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[13 - 09 - 08, 07:06 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
والفرق في الكتابة واضح، فالكتابة في الحديث الأول تشعر بأن الذين يخاف منهم هنا هم المنافقين، لاحظوا:
" اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس "، فمن يمكن أن يكون أخطر من المنافقين في جهاد الدفع!
أما جهاد الطلب فالأمر يختلف.
هذا والله أعلى و أعلم وأحكم.
وأنا أقرأ القرآن تذكرت الذي كتبته هنا عندما وصلت لهذه الآية الكريمة، فقد قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (المائدة:41)
والله أعلم وأحكم.(100/300)
بمناسبة رمضان: الرؤية أم الحساب
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 11:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(1)
يهل علينا شهر الصيام، والبركة والغفران، فيطرح السؤال: كيف يثبت دخول الشهور عامة وشهر رمضان خاصة؟ هل بالاعتماد على الرؤية المجردة أم بالاعتماد على حسابات أهل الفلك وقياساتهم؟ هل تكلف الدولة كل شهر لجنة تراقب الهلال، وتضع رقم هاتفها عند سائر أهل البلد ليخبرها أي واحد منهم بثبوت الرؤية، أم أنها تعتمد على تقويم جاهز معتمد على أدق المقاييس العلمية؟.
في الحقيقة لا زلت أقدم رجلا وأؤخر أخرى قبل الخوض في هذا الموضوع، لما ترسب في ذهني من خلال قراءاتي لكتب علماء السنة والأثر، من أن القول بالحساب قول شنيع باطل لا يقول به سني، بل نقل بعضهم الإجماع على ذلك، ولا زالت كلمات شيخ الإسلام بن تيمية في تشنيع القول بالحساب ترن في أذني، مما جعلني أعتقد مدة أن الأمر جازم لا يحتمل النظر والمناقشة. إلا اني أثناء دراستي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة راع انتباهي أن الدولة السعودية تعتمد في دخول الشهر وخروجه على الرؤية كما هو الأصل، لكنها في التواريخ الرسمية والمعاملات الإدارية،وتواريخ العطل والإجازات، وإثباتات العقود، تعتمد تقويما فلكيا حسابيا معتمدا على قياسات أهل الهيئة وجداولهم، حتى إنك قد تسأل الواحد عن تاريخ اليوم فيجيبك:5 بحسب الرؤية،6 حسب التقويم.
والذي دفعهم إلى الصنيع هو أن الاعتماد على الرؤية لا يسهل وضع جداول ومواعيد مستقبلية دقيقة، لأن الشهر لا يدرى أيكتفي بتسع وعشرين يوما أم سيتم الثلاثين،ومعرفة ذلك لا تكون إلا بالرؤية التي تكون عند بداية الشهر، وبالتالي لو اتفقنا على أن الشروع في إنجاز عقد من العقود مثلا سيكون في العشرين من محرم السنة القادمة ونحن في شوال، فإن هذا اليوم يحتمل موافقته لستة أيام من أيام الأسبوع، لأن شوال قد يكتفي بتسع وعشرين وقد يتم الثلاثين، ومثل ذلك في ذي القعدة وذي الحجة، فالعشرون من محرم قد يوافق الإثنين وقد يوافق الثلاثاء ...... وهكذا، ولا نستطيع الجزم بذلك إلا بعد دخول هذه الأشهر جميعا، ومثل هذه المواعيد غير الدقيقة لا يمكن العمل بها في مثل هذا العصر، الذي تصعد فيه أسهم، وتفلس شركات في ثانية من الزمن، والذي تضبط فيه مواعيد بعض الأحداث سنوات قبل وصولها، فاضطرت الدولة السعودية إلى الاكتفاء باعتماد الرؤية في مجالات التعبد، كرمضان والحج،واعتماد التقويم الحسابي في المعاملات الرسمية والإدارية، فجعلت أسائل نفسي هل التقويم القمري عاجز عن تدبير أمور الدولة وتصريف شؤونها بدقة وعملية؟ وهل هذه الآلات الفلكية الحديثة الصنع والمتطورة جدا، والدقيقة جدا، لا يمكن استغلالها لحل كثير من الإشكالات المتعلقة بهذا الموضوع؟.
ولماذا يتم اعتماد التقويم الحسابي في معرفة أوقات الصلوات،ونحن نستعمل ساعات يدوية صنعها علماء الفلك ترشد إلى أوقات الصلوات ومكان القبلة بكل دقة، ولانعتمده في إثبات دخول الشهر وخروجه؟.
ومع أن هذه الأمثلة راجت في ذهني إلا أني لم أستطع التجرأ على هذا الباب، لما ذكرته آنفا من شدة نكير أهل الأثر على القائلين بذلك، حتى وقفت
على بحث قيم في هذا الباب،للحافظ أحمد بن الصديق الغماري في كتابه "توجيه الأنظار"،والذي أجاز فيه بل أوجب العمل بالحساب بشروط اشترطها لذلك، فرأيت بعد ذلك ان لا حرج في خوض غمارهذا الموضوع والجرأة فيه.
يتبع
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 12:48 ص]ـ
(2)
وأعظم ثقل أزاحه الحافظ من على كاهلي , هو نقض دعوى الإٌجماع , وذكر أسماء المخالفين والنقل عنهم, مما فتح لي الباب على مصراعيه للمناقشة والترجيح والرد , فرأيت بعد طول تأمل وتدبر أن الدولة المسلمة لابد لها من اعتماد الحساب في إثبات بيانات الشهور ونهاياتها, ولا يسع الدولة المسلمة المعاصرة إلا العمل بهذا القول والذي دفعني إلى هذا الاختيار هو قوة الأدلة وظهورها بغض النظر عن القائل أو المخالف, وأهم هذه الأدلة ما يلي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/301)
1 - أن هذا القول ليس ببدعة ولا بمحدث, بل هو مذهب طائفة من أهل العلم , فبه قال مطرف بن عبد الله بن الشخير أحد كبار التابعين وسادتهم , وبه قال أبو العباس بن سريج أحد كبار أئمة الشافعية حتى قيل عنه أنه مجدد الأمة على رأس المائة الثالثة, وقد حكى ذلك عن نص الإمام الشافعي, وهو مذهب محمد بن مقاتل الرازي تلميذ محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة, وهو قول لابن قتيبة , ورجحه كثير من الشافعية،كالقفال الشاشي الكبير، وابن دقيق العيد، والسبكي الذي ألف رسالة بعنوان: "العلم المنشور في إثبات الشهور"،وهو قول عند المالكية ,ذكره القرافي وعليش ,وهو مذهب الإمام جعفر الصادق وأصحابه وكفى وبه علما وفضلا.
أما من المعاصرين فالشيخ طنطاوي جوهري له رسالة في الموضوع بعنوان "الهلال"،يذهب فيها إلى هذا القول، والشيخ مصطفى المراغي ذهب مذهب السبكي في ترجيح الحساب على الرؤية عند التعارض، وللشيخ محمد بخيت المطيعي مؤلف ضخم بعنوان: "إرشاد أهل الملة إلى إثبات الأهلة".
ومن أشهر من تبنى هذا الرأي الشيخ رشيد رضا صاخب المنار، وكذلك العلامة المحدث الأثري أحمد شاكرفي رسالته: "أوائل الشهور العربية هل يجوز إثباتها بالحساب الفلكي؟ "،والحافظ الغماري أحمد بن الصديق.
واختاره الشيخ يوسف القرضاوي، والشيخ محمد فتحي الدريني، والشيخ مصطفى الزرقا، وغيرهم.
وما ذكرته هنا ليس بدليل ,وإنما فقط أثبت فيه أن المسألة ليست كما يتصورها البعض لا تقبل النقاش ولا تحتمل الأخذ والرد , ولئلا يحمل على أحد عصا الإجماع التي طالما حملت في وجه الباحثين عن الحق , فأخرست ألسنتهم, وقيدت أقلامهم.
2 - أن القول بالحساب هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم (صوموا لرؤيته, وأفطروا لرؤيته , فإن غم عليكم فاقدروا له) فالراجح في تفسير التقدير , أي ما قدره الله من المنازل والسير فيها , وهذا التفسير هو الذي خلا من التناقض والتعارض على عكس الأقوال الأخرى ¸ولا يعترض عليه بقوله صلى الله عليه وسلم في رواية أخرى (فأكملوا العدة) فهذا خطاب للعامة ممن ليس عندهم عالم بالحساب و المنازل , والتقدير خطاب خصه الله تعالى بهذا العلم. وهكذا فسره ابن سريح وابن عربي والطحاوي إلا أنه ادعى نسخه بدون دليل , ووافقه على ذلك ابن رشيد الكبير.وأما رواية (فاقدروا له الثلاثين) فذلك خطأ من الرواية وتصرف منهم كما أوضح ذلك الحافظ في كتابه بإسهاب وبيان.
3 - القياس على الصلاة , فكما أنه يعتمد قول الحاسب في مواقيت الصلاة في سائر مساجد المسلمين فكذلك يعتمد في دخول الشهر وخروجه، ولهذا شيخ الإسلام ابن تيمية كان منضبطا مع قوله ببطلان الحساب حين رأى أن المؤذن عليه أن يراقب بعينيه دخول وقت كل صلاة، خاصة وأن المواقيت تختلف، أما القول ببطلان الحساب في الصوم واعتماده في الصلاة فهذا تناقض ظاهر وبين لا تقبله الشريعة.
4 - أن علم الفلك قد تقدم تقدما مهولا وكبيرا، وحساباته أصبحت دقيقة جدا، خاصة مع اعتماد الأقمار الاصطناعية والوسائل التكنولوجية الحديثة، التي تحدد لك وقت اجتماع القمر بالشمس بالثانية من الزمن، مما يجعل الخطأ بعيدا جدا، فهل المقصود هو الرؤية بذاتها، أم المقصود هو العلم بدخول الشهر؟ لاشك أن المقصود العلم بدخول الشهر، فكيف نترك المعطيات العلمية الدقيقة، والتي كانت مفقودة في عهد النبوة للاعتماد على الرؤية التي أصبحت عسيرة خاصة في عصر ناطحات السحاب وتلوت المحيط الجوي، فالقول باعتماد الحساب فيه إسكات حتى للأفواه التي تتهم المسلمين بالتخلف واعتمادهم على وسائل بدائية أكل الدهر عليها وشرب.
يتبع
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 08:15 ص]ـ
(2)
4 - أن علم الفلك قد تقدم تقدما مهولا وكبيرا، وحساباته أصبحت دقيقة جدا، خاصة مع اعتماد الأقمار الاصطناعية والوسائل التكنولوجية الحديثة، التي تحدد لك وقت اجتماع القمر بالشمس بالثانية من الزمن، مما يجعل الخطأ بعيدا جدا
علم الفلك تقدم تقدما كبيرا مع تطور علم الرياضيات ودقة المعادلات الرياضية التي تحسب حركة النجوم والكواكب ومداراتها. أما الوسائل التكنولوجية الحديثة كالمراصد والأقمار الإصطناعية فلم تفعل شيئا، في بابنا هذا، سوى زيادة اطمئنان القلب إلى هذه الحسابات الدقيقة.
وأنا أميل لهذا الرأي في حال كان الحساب ينفي ولادة القمر وبالتالي إستحالة الرؤية. فحينها إن جزم أحد برؤيته لا يُعبأ بقوله.
لكن مازال يُشكل على كلامكم مسألة واحدة أخي الفاضل ... هب أن الحساب يُثبت إمكانية رؤية القمر، لكن أحدا لم يتمكن من مشاهدته بعينه، فما العمل حينها؟
ـ[أبو جابر الجزائري]ــــــــ[25 - 08 - 08, 08:43 ص]ـ
للفائدة
أغلب المواضيع التي تطرقت لموضوع الحساب الفلكي في هذا الملتقى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=884020#post884020
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:45 ص]ـ
حوار هادئ حول إثبات رؤية الهلال ( http://www.ibnamin.com/hilal_dialog.htm)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/302)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:48 ص]ـ
وأنا أميل لهذا الرأي في حال كان الحساب ينفي ولادة القمر وبالتالي إستحالة الرؤية. فحينها إن جزم أحد برؤيته لا يُعبأ بقوله.
وذهب الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله– في شرحه لزاد المستقنع (نهاية الشريط الأول) إلى رد شهادة رؤية الهلال، بقول أهل المرصد من الفلكيين –العاملين بالحساب– إذا قرروا عدم إمكانية رؤيته. وقال الشيخ عبد الله المنيع (عضو هيئة كبار العلماء وعضو لجنة تقويم أم القرى): «وأما حكم العمل بالحساب الفلكي من حيث النفي، فيجب الأخذ بذلك ... لأن الرؤية شهادة، ومن أسباب رد الشهادة أن تكون مرتبطة بما يكذبها». والقائمة طويلة.
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 02:32 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد ..
فان القول باعتماد الحساب فيه إسكات حتى للأفواه التي تتهم المسلمين بالتخلف واعتمادهم على وسائل بدائية أكل الدهر عليها وشرب ..
هذا ليس بحجة اخي ابو عائشة انما نحن امرنا باتباع الدليل اما ما يقوله البعض ان هذه وسائل بدائية وما اشبه ذلك فهذا مردود لعدم عمله بالشريعة المحكمة وان وجد عنده العلم فالمقصود ليس العلم انما العلم فكم من حاملا للعلم فاصبح حجة عليه
فلقد قرات مقال اخي المسيطير في السواك وكيف هناك من الغرب من يحتقر هذا السواك ويرى انها طريقة بدائية كما يظنون وبعد الابحاث علم انها شريعة ربانية تنفع في كل زمان ومكان وكان تنظف الاسنان افضل مما تقوم به الفرشات والمعجون الحديث الصنع
هذه مقدمه احببت ان اتقدم بها
اما القول بالحساب فانه لايرفض تماما ولا يبنى عليه ايضا حكم لان النبي صلى الله عليه وسلم علق الحكم بالروية ولم يعلقه بالحساب فلو توافق روية الهلال مع قول اهل الحساب قبلنا ام اذا لم تتوافق فان العمل بالروية وليس بالفلك وليس هناك حاجة لان اذكر الاقوال وانه قول الجمهور فهذا معلوم لدى الجميع
ولا يخفى عليك قول النبي عليه الصلاة والسلام (إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا - وَعَقَدَ الإِبْهَامَ فِى الثَّالِثَةِ - وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». يَعْنِى تَمَامَ ثَلاَثِينَ. في الصحيح ولفظ لمسلم
ولم يعتمد النبي على الحساب علما مع وجود من لديه علم بالنجوم في ذلك الزمان
قال ابن بطال: في حديث ابن عمر في الرؤية في الحديث دفع لمراعاة المنجمين وإنما المعول عليه رؤية الأهلة وقد نهينا عن التكلف وقد قال الباجي في الرد على من قال إنه يجوز للحاسب والمنجم وغيرهما الصوم والإفطار اعتماداً على النجوم: إن إجماع السلف حجة عليهم وقال ابن بزيزة: هو مذهب باطل قد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم لأنها حدس وتخمين ليس فيها قطع
قال الصنعناني:والجواب الواضح عليهم ما أخرجه البخاري عن ابن عمر أنه صلى صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: " إنا أمّة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا. يعني تسعاً وعشرين مرة وثلاثين مرة
[رح4] ولهُ في حديث أَبي هُريرةَ: " فأَكملوا عدة شعْبان ثلاثين "
(وله) أي البخاري (في حديث أبو هريرة " فأَكملوا عدة شعبان ثلاثين ") وهو تصريح بمفاد الأمر بالصوم لرؤيته في رواية " فإن غم فأكملوا العدة " أي عدة شعبان
وهذه الأحاديث نصوص في أنه لا صوم ولا إفطار إلا بالرؤية للهلال أو إكمال العدة
علما اخي: ان علماء الفلك انفسهم مختلفين في امور فتجدهم يقولون امور فلا تقع وقد تقع احيانا
فلذلك العمل على الرؤيا واذا وافق ذلك قول اهل الفلك فبها ونعمة والا فلا عمل على الحساب وحده والله اعلم
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 10:27 م]ـ
أنا تركت مناقشة الإخوة الكرام الذين تفضلوا مشكورين بالتعقيب حتى أنتهي من نقل البحث،
وفقكم الله
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[28 - 08 - 08, 10:30 م]ـ
(3)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/303)
5 - إن العمل بالتقويم الحسابي هو الملائم والمناسب لتدبير شؤون الدولة المسلمة المعاصرة، إذا كنا لا نريد اعتماد التقويم الشمسي، ونعتبر التقويم القمري مكونا من مكنات الثقافة الإسلامية، وعنصرا من عناصر هويتنا، فلا يمكن لهذه الدولة أن تحدد تواريخ إلتزامتها وعقودها ومواعيدها وبرامجها المستقبلية، والتي تضبط في عصرنا بالدقيقة والثانية اعتمادا على تقويم غير منضبط، لا يمكن ضبطه مقدما لأننا بحاجة إلى انتظار نهاية كل شهر لنعلم إن كان تسعا وعشرين أو ثلاثين، مما يضطر الدولة إن لم تعتمد على الحساب إلى الالتجاء إلى التقويم الشمسي لانضباطه وفعاليته أو وضع تقويم حسابي يعتمد إداريا وفي نفس الوقت اعتماد الرؤية لضبط أوقات العبادة، كما هو معمول في دولة آل سعود، وهذا يسبب بللا وتشويشا الدولة المسلمة في غنى عنه، فلم يبق إلا اعتماد التقويم الحسابي المنضبط.
6 - إن العمل بالتقويم الحسابي يسهل مهمة المؤرخين، في ضبط الأيام والأحداث بالساعة واليوم والسنة بدقة بالغة، وهذا ما لا يتأتى مع التقويم المعتمد على الرؤية، فإن لو أردنا أن مثلا أن نعرف اليوم الذي وافق الثالث والعشرين من شهر شنبر في السنة السابعة والستين من القرن السابع العشر الميلادي، فإننا لن نجد أي عناء في معرفة اليوم الذي صادف هذا التاريخ، وهو يوم الجمعة، وهذا له أهمية عند المؤرخين، إذ يساعده ذلك في تدقيق تاريخه، وفي حل بعض الإشكالات التاريخية التي تعترضه، وكذلك الأمر فيما استقبل من الأيام، فلو أردنا مثلا أن نعرف اليوم الذي سيوافق السابع عشر من مايو عام سبع وتسعين وخمسمائة من القرن الحادي والعشرين فإننا بإطلالة بسيطة على التقاويم الموجودة في كثير من الأجهزة الإلكترونية سنجد أنه يوافق يوم الأربعاء.وهذه الدقة غير متيسرة في التقويم القمري، فلو أننا مثلا لم يتيسر لنا في حدث معين معرفة يومه، وليس معنا إلا تاريخ اليوم وسنته، فلن نتمكن من معرفة لذلك اليوم لحاجتنا إلى معرفة كل الشهور من شهرنا الحاضر إلى وقت الحدث هل أتمت الثلاثين أم لم تتمها، وهذا أمر مستحيل، وكذلك لا نستطيع أن نعرف اليوم الذي سيوافق أي تاريخ مستقبل لأننا لا نعلم الشهور القادمة هل ستتم الثلاثين أو لا تتمها. فيجب الاعتراف بأن التقويم القمري المعتمد على الرؤية غير دقيق وغير منضبط وأن العمل بالحساب هو الطريقة الوحيدة لحل هذا الإشكال.
7 - أن الاعتماد على الحساب في تحديد التقويم الزمني سوف يحل الإشكال المتعلق بدخول رمضان وتفرق المسلمين في صومهم وإفطارهم، ذلك أن الحساب لا يعطينا إلا يوما واحدا تحدده الجنة الفلكية المكلفة بالأمر وبهذا ننهي الجدالات والنقاشات التي تطفوا كلما اقترب شهر رمضان، وما يتلو ذلك من تفرق المسلمين بين صائم ومفطر حسب البلدان، بل في البلد الواحد يفترق الناس بين صائم يقول بتوحيد الصيام، ومفطر يقول لكل أهل بلد مطلعهم، بل في البيت الواحد، تفترق العائلة بين صائم ومفطر، وينعكس هذا بشكل أفظع على يوم العيد،فالذي وحد الصيام يأكل والناس ممسكون ولا يستطع أن يظهر فرحته بالعيد ولا أن يعيش مراسيم العيد، ولا يحضر الصلاة مع جمع المسلمين، وبعض الناس يجتمعون في بعض البيوت ليصلوا صلاة عيدهم في منأى عن أعين السلطة، وعددهم لا يتجاوز بضع عشرات على الأكثر، وبعضهم يكتفي بصلاة عيده منفردا في بيته أو مع أهله وأبنائه في أحسن الأحوال، فهل هذا هو المقصود بصلاة العيد؟ حيث يخرج الناس جميعا إلى مصلى فسيح، ليعقدوا اجتماعا عاما، وقد لبسوا أحسن ثيابهم، وليهني بعضهم بعضا ويبارك بعضهم لبعضا في جو بهيج يحضره النساء والأطفال، ويخرج الناس قبل الصلاة في الأزقة والشوارع مكبرين ومهللين، ويعودون من غبر طريق ذهابهم فرحين مسرورين، هذا هو العيد، وهذا هو المقصود من تشريعه، فهذه الخلافات والحدود السياسية أفقدت هذا العيد بهجته عند كثير من الناس، فإذا كنت ممن يرى وجوب توحد المسلمين في صيامهم، فيوم العيد عندك يصومه الناس، وهم بالمقابل يرونك مفطرا شاذا غريبا، مما يخلق جوا مستفزا داخل البيت الواحد،وقل مثل ذلك في عيد الأضحى فإن كان كثير من الموحدين يؤخرون ذبح أضحيتهم يوم ذبح أبناء بلدهم، لأن الشارع قد أنقدهم من هذا الحرج حين أباح تأخير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/304)
الذبح إلى آخر أيام التشريق، فإن البعض يصر على ذبح أضحيته اليوم الذي يذبح فيه المسلمون في الأقطار الأخرى وهكذا تسيل الدماء وتفوح رائحة الشواء، ويلهو الأطفال، وعموم الناس منهم من لم يشتر أضحيته بعد.
فهذه المشاكل وغيرها سنتفاداها إذا اعتمدنا التقويم الحسابي المنضبط، والذي يحدد بداية رمضان أو ذي الحجة يوما واحدا في سائر أقطار المعمور فيكون الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس و الأضحى يوم يضحي الناس.
8_ من الناحية الأصولية، فهل الرؤية مقصد أو وسيلة؟
لعله من المكابرة الزعم بأن الرؤية مقصودة لذاتها، وأي تعبد وتكليف في مجرد الرؤية؟،وإنما هي وسيلة من الوسائل أرشد الشارع إليها لتحديد وقت العبادة وزمنها، وإذا ثبت هذا فما كان وسيلة وخرج عن التعبد المحض، الأصل فيه التعليل، ومعرفة الباعث على الحكم، والعلة الظاهرة في الرؤية هي أمية الأمة، بل هي علة منصوصة قوية الدلالة والاعتبار، (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، ............. )،ووجود المناسبة بين هذه العلة والحكم واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، فلما كانت الأمة أمية ناسب توجيهها إلى وسيلة لا حساب ولا كتابة فيها، وهي الرؤية.
وإذا ثبت تعليل الحكم فإن الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما، وقد عدمت الأمية في الأمة فعدم الحكم، فكيف إذا تيسرت الوسيلة المحققة لنفس المقصد بشكل أكثر قطعية ويقينا؟ لا شك أن كل متأمل عميق النظر سينتهي إلى ضرورة الانتقال إلى هذه الوسيلة المحققة للغاية والمقصد.
قال الحافظ ابن حجر _رحمه الله_ في تفسير قول المصطفى: (لا نحسب):ذلك قول الحافظ ابن حجر: المراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها، ولم يكونوا يعرفون من ذلك إلا النزر اليسير. فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية، لرفع الحرج عنهم في معاناة التسيير)،وقد رفع الحرج اليوم، بل ربما وجد من الحرج في الرؤية مالا يوجد في الحساب.
9 - الذي يظهر لي والله تعالى أعلم أن السبب في اعتماد النبي صلى اله عليه وسلم على الرؤية هو ضعف وسائل العرب إذ ذاك في معرفة المنازل ورصد النجوم فلم يكن عندهم مناظير ولا تليسكوبات ولا أقمار صناعية ولا مراكب فضائية ولا حسابات رياضية دقيقة ولا غير ذلك من وسائل الرصد، نعم كان لهم إلمام بعلم النجوم وحساب المنازل والأبراج وكانوا يعتمدون ذلك في أسفارهم وفي معرفة مواقع القطر والنبات، وأوقات الزرع والثمار وحلول الأمراض وال’فات، ولذلك امتن الله عليهم بذلك (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب). لكن مع هذا كله فوسائلهم ضعيفة خاصة مع بعد النجوم وبدائية الآلات إن كان هناك آلات أصلا، فلم يكن لهم إلا الاعتماد على الرؤية، أما الآن فقد سخر الله تعالى هذه الآلات الفلكية البالغة الدقة ويسر الله تعالى هذه الأقمار الاصطناعية القريبة من مواقع النجوم، وبلغ علم الحساب مراحل جد متقدمة كل هذا وغيره يجعل نتائج هذا التقويم أمرا قطعيا برهانيا لاسبيل إلى جحده وإنكاره، والمقصود عندنا هو معرفة دخول الشهر وليس الرؤية لذاتها، فكيف نترك جهدا علميا دقيقا ومتقنا لوسيلة قديمة (الرؤية) فرضتها ظروف العصر وحيثياته.؟
10 - أن أقصى ما استدل به المنكرون للعمل بالحساب هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا أمة أمية لا نحسب ولا نكتب، الشهر هكذا وهكذا، ........ ) الحديث، فأنكر فيه عمل الأمة بالحساب، والاستدلال بهذا الحديث وبهذا الفهم لايستقيم مع ما نرفع به أصواتنا من أن هذه الأمة أمة العلم، وأمة الحضارة، وأمة الرقي، ولا زلنا نتباهى على غيرنا، بسالف مجدنا في العلوم التجريبية، ولا زلنا نفتخر بالخوارزمي وابن سينا وابن حيان وابن النفيس والشريف الإدريسي وغيرهم، ولدينا نصوص كثيرة تحث على العلم وتحض عليه، وحاجة الناس إليه ظاهرة، فهل يليق بنا ونحن المعتزون بديننا وهويتنا إذا طلب منا أحد الخصوم الاعتماد على الوسائل العلمية الحديثة، والاستفادة مما وصلته الحضارة الإنسانية، أن نستدل بهذا الحديث؟ كيف سيكون موقفنا حينئذ؟،وهذا ليس ردا للحديث_حاشا لله_،فلأن تشق الأرض فتبلعني خير لي من أرد حديثا صحيحا عن الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه، ولكني اناقش في فهمه والاستدلال به، خاصة وأن علماء الأمة اختلفوا اختلافا كبيرا في تحديد معناه، وقد ألف الإمام أبو عبد الله السائح
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/305)
رسالة لطيفة، أسماها (تحقيق الأمنية، في شرح حديث إنا أمة أمية)،ومهما كان الراجح في تفسير هذا الحديث،فإن التفسير الذي لايمكن أن نقبله، وهو باطل قطعا، هو القول بأن هذا الحديث فيه أمر أو تقرير لبقاء هذه الأمة على جهلها بعلم الكتابة والحساب، فينبغي ترجيح التفسير الملائم مع النصوص الأخرى الحاضة على طلب العلم،والمثنية على طالبه، والذي يشجع هذه الأمة على بذل جهدها من أجل التقدم والتطور الحضاري.
وقد رجح الحافظ الغماري أن المقصود هو أنه هو_عليه الصلاة والسلام_ أمي لا يكتب ولا يحسب، وهذا فيه معجزة ظاهرة له، وبرهان صادق على رسالته، إذ كيف يتمكن الأمي من أن يأتي بدين عظيم مكتمل الجوانب، وكتاب معجز في لفظه، بديع في معانيه، اللهم إلا أن يكون رسولا حقا من الله تعالى.
وهذا تفسير لطيف ليس فيه ما يدل على أن هذه الأمة ملزمة باتباع وسيلة تقليدية في إثبات دخول الشهر وخروجه.
فهذه أدلتي على هذا الرأي الذي تجرأت على القول به، وإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
بقي لي التنبيه على مسألة، وهي أن الحافظ أحمد بن الصديق مع أنه رجح وجوب العمل بالحساب، إلا انه اشترط لذلك شرطين:
الأول: أن يكون المخبر بذلك من أهل الحساب جماعة متعددة يؤمن معهم الخطأ.
الثاني:أن يكون ذلك في حالة الغيم لا في حالة الصحو.
وانا وإن كنت أوافقه على الشرط الأول، بل أدعو إلى تكوين هيئة فلكية إسلامية عليا، تهيأ لها أحدث الوسائل العصرية، والإمكانات المادية، تتكلف بإصدار تقويمات هجرية، وبتحديد بدايات مواسم العبادة ونهاياتها، فإنني لا أوافقه على الشرط الثاني.
وبناء على ما ذكرته سابقا فإني أرى اعتماد الحساب جملة وتفصيلا، لأن الأمر لا يتعلق بقضية دخول رمضان فقط، بل هو أعم من ذلك، فتعلقه بتسيير شؤون الدولة عامة، وتدبير شؤونها، وضبط برامجها، وهذا كما ذكرت لا يتأتى مع الاعتماد على الرؤية، والله تعالى أعلى وأعلم.
ـ[يزيد المسلم]ــــــــ[28 - 08 - 08, 11:11 م]ـ
السلام عليكم
شغلت هذه القضيه الناس هذه الايام واخذت من وقتهم الكثير وهم بين مؤيد ومعارض
والمسأله احبتي في الله شأنها شأن سائر العبادات دافعها السمع والطاعه
صوموا فنصوم
أفطروا فنفطر
فلماذا نختلف وقد وضعنا الرسول صلى الله عليه وسلم على المحجة البيضاء حيث قال صوموا لرؤيته
ولعل أفضل ما يقال في هذا المقام حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيح
عن إسحاق بن جعفر بن محمد قال:
حدثني عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: " الصوم يوم تصومون، و الفطر يوم تفطرون، و الأضحى يوم تضحون "
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1/ 389:
أخرجه الترمذي (2/ 37 - تحفة)
فما يهمك اخي المسلم ان كانت الدولة أخطأت في تحديد بداية الشهر أو أصابت أنت عليك بإتباع الإمام حتى لو أخطأ فرمضان يبدأ مع الجماعة ولا يصح ولا ينبغي لك أن تصوم حتى لو كنت معتقداً أنك على صواب فالخلاف شر
ونحن مأمورين بإتباع الجماعه والحديث الآنف الذكر دليل قاطع على ما ذكرت وهو يحاكي واقعنا اليوم ويضع القاعدة التي ينبغي لكل الناس التقيد بها وهي إلتزام الامر النبوي بثبوت دخول الشهر بالرؤية بالعين المجردة وإن غم علينا ان نتم 30 وعدم الإنقياد للدعوات التي تطالب بإثبات رؤية الهلال بإستخدام الآلات الحديثة والتي ليس لها والذات هنا لازم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 08 - 08, 11:49 م]ـ
عن إسحاق بن جعفر بن محمد قال:vحدثني عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الصوم يوم تصومون، و الفطر يوم تفطرون، و الأضحى يوم تضحون "
الأخرمي عن الأخنسي عن المقبري صحيح؟!
حتى الترمذي -على تساهله- لم يصححه
ـ[سلطان القرني]ــــــــ[29 - 08 - 08, 01:40 ص]ـ
من باب المشاركة ..
القول بأن علم الفلك تقدم وتطور وصار دقيقا جدا، قول لا ينكره أحد ...
لكن هذا لا يصلح أن يكون مستندا، لأن الله جل في علاه علم بسابق علمه، بأن علم الفلك سوف يتقدم ويصبح على ما هو عليه الان، ومع هذا فقد أوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقول لأمته: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين" في الصحيحين.
إذن الأمر سهل ولله الحمد وأيسر من شرب الماء فلما نصعب على أنفسنا، فإن الرؤية يحسنها كل أحد، العامي قبل العالم، فنتحرى الهلال إن رأيناه فبها ونعمت وصمنا بهذه الرؤية، وإن لم نره أكملنا شعبان ثلاثين يوما، فهل ثمة أمر أيسر من هذا؟!، والحمد لله رب العالمين.
ولا شك فيما أرى، أن القول باعتماد الحساب الفلكي هو أخذ بالعسير وترك لليسير، وهذا مناف لمقاصد الشريعة.
أما قياس الرؤية على أوقات الصلوات، فهو قياس فاسد الاعتبار، لوجود النص، والقاعدة: لا اجتهاد مع النص.
وفقنا الله جميعا لما يحبه ويرضاه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/306)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:47 ص]ـ
أوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقول لأمته: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين" في الصحيحين.
نعم، و الرؤية تتحقق في أيامنا هذه بالحساب الدقيق. فالرؤية في اللغة العربية تحتمل كل ذلك بل أكثر. فالله سبحانه وتعالى يقول: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ}. ويقول كذلك: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}. ومعلوم أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم ير الحادثة "بعينه" بل بالإخبار، فتأمل. فإذا كان الإخبار بمرتبة اليقين، صح لك أن تقول أنك رأيت الأمر. ومثال ذلك قول الله في سورة التكاثر: {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ}. فالمراد بالمرة الأولى رؤيتها قبل يوم القيامة رؤية البصيرة، و هي رؤية القلب التي هي من آثار اليقين. والرؤية الثانية هي الرؤية البصرية التي تكون في يوم القيامة.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[29 - 08 - 08, 03:49 ص]ـ
ولا شك فيما أرى، أن القول باعتماد الحساب الفلكي هو أخذ بالعسير وترك لليسير، وهذا مناف لمقاصد الشريعة.
إن هذا الأمر صحيح في الزمان الأول، حيث لم يكن في الإمكان أفضل من ذلك، فلم يكن من المناسب تكليف الناس ما لا يطيقون. أما اليوم بعد أن أصبحت مبادئ هذا العلم ومقدماته تدرس في المراحل الأولى بالمدارس، وخصصت لعلوم الفلك كليات ومعاهد، وأصبح الحصول على نتائج دراساتهم يتم بأسرع من لمح البصر، فأين العسر والتشديد في هذا؟!
نعم لو أننا كلفنا كل شخص بهذا، لكان في الأمر حرج شديد قد انتفى عن شريعتنا السمحة. بل إن هذه الوسيلة لمعرفة بداية الشهر القمري ونهايته قد غدت أسهل وأقرب من الرؤية البصرية، وذلك لما يعرض للرؤية من وهم وخطأ، زيادة على التلوث البيئي الذي أضحي يزداد يوما بعد يوم مما يسبب عائقا كبيرا في بعض مناطق الرؤية البصرية، إلى غير ذلك من أمور استجدت في هذا الكون. هذا مقابل التقدم الكبير الذي حدث في مباحث الحاسبين في مسألة إمكانية الرؤية، خاصة في السنوات الأخيرة. بل إن الحسابات تلك صارت متوفرة كبرنامج حاسب سهل الاستعمال.
إذاً فالعسر المدعى في الحساب أمر نسبي كما هو في الرؤية في أول الشهر. فهل كل الناس يرونه وقد أمسي كالفتيل؟ لا شك أنه لن يتمكن من رؤيته إلا من كان حاد البصر العارف بموقعه. وأما الذي يتيه بصره في السماء، فيدعي ما لا يوجد وما لا يكون.
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 05:33 ص]ـ
لكن مازال يُشكل على كلامكم مسألة واحدة أخي الفاضل ... هب أن الحساب يُثبت إمكانية رؤية القمر، لكن أحدا لم يتمكن من مشاهدته بعينه، فما العمل حينها؟
العمل بالحساب أخي الحبيب، فهو أكثر قطعية.
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 05:39 ص]ـ
ولا يخفى عليك قول النبي عليه الصلاة والسلام (إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا - وَعَقَدَ الإِبْهَامَ فِى الثَّالِثَةِ - وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا». يَعْنِى تَمَامَ ثَلاَثِينَ. في الصحيح ولفظ لمسلم
ولم يعتمد النبي على الحساب علما مع وجود من لديه علم بالنجوم في ذلك الزمان
قال ابن بطال: في حديث ابن عمر في الرؤية في الحديث دفع لمراعاة المنجمين وإنما المعول عليه رؤية الأهلة وقد نهينا عن التكلف وقد قال الباجي في الرد على من قال إنه يجوز للحاسب والمنجم وغيرهما الصوم والإفطار اعتماداً على النجوم:
الحديث قد أجبنا عنه اخي الحبيب، أما الحديث عن المنجمين و ..... فهذا كان قديما، أما اليوم فنتائج هذا العلم متيسرة، وقطعية أيضا.
[
السؤال
UOTE] علما اخي: ان علماء الفلك انفسهم مختلفين في امور فتجدهم يقولون امور فلا تقع وقد تقع احيانا
فلذلك العمل على الرؤيا واذا وافق ذلك قول اهل الفلك فبها ونعمة والا فلا عمل على الحساب وحده والله علم
السؤال
UOTE]e]
ليس ذلك اليوم، اليوم التوقعات جد دقيقة ومتطورة كثيرا.
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 05:45 ص]ـ
السلام عليكم
شغلت هذه القضيه الناس هذه الايام واخذت من وقتهم الكثير وهم بين مؤيد ومعارض
والمسأله احبتي في الله شأنها شأن سائر العبادات دافعها السمع والطاعه
صوموا فنصوم
أفطروا فنفطر
فلماذا نختلف وقد وضعنا الرسول صلى الله عليه وسلم على المحجة البيضاء حيث قال صوموا لرؤيته
ولعل أفضل ما يقال في هذا المقام حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيح
عن إسحاق بن جعفر بن محمد قال:
حدثني عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: " الصوم يوم تصومون، و الفطر يوم تفطرون، و الأضحى يوم تضحون "
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1/ 389:
أخرجه الترمذي (2/ 37 - تحفة)
فما يهمك اخي المسلم ان كانت الدولة أخطأت في تحديد بداية الشهر أو أصابت أنت عليك بإتباع الإمام حتى لو أخطأ فرمضان يبدأ مع الجماعة ولا يصح ولا ينبغي لك أن تصوم حتى لو كنت معتقداً أنك على صواب فالخلاف شر
ونحن مأمورين بإتباع الجماعه والحديث الآنف الذكر دليل قاطع على ما ذكرت وهو يحاكي واقعنا اليوم ويضع القاعدة التي ينبغي لكل الناس التقيد بها وهي إلتزام الامر النبوي بثبوت دخول الشهر بالرؤية بالعين المجردة وإن غم علينا ان نتم 30 وعدم الإنقياد للدعوات التي تطالب بإثبات رؤية الهلال بإستخدام الآلات الحديثة والتي ليس لها والذات هنا لازم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نحن أخي الكريم نناقش حتى في الاختيار الذي يجمل للدولة الأخذ به، والأمر ليس بالبساطة التي تتصور أخي الحبيب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/307)
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 05:54 ص]ـ
أما قياس الرؤية على أوقات الصلوات، فهو قياس فاسد الاعتبار، لوجود النص، والقاعدة: لا اجتهاد مع النص.
لم تفهم أخي المقصود، المقصود أن الأمة كما أنها تستعمل التقاويم الفلكية في الصلاة، فلم لا تستعملها في الصيام، وأين هذا الفارق الفاسد الاعتبار، أيوجد نص في استعمال التقاويم في الصلاة، فأجزتم فيها ولم تجيزوا في الصيام لوجود النص المعارض؟
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 09:46 ص]ـ
لإثراء الموضوع، أنقل لكم هذه المقالة التي أوردها الشيخ العلامة محمد رشيد رضا رحمه الله في مجلة المنار، المجلد الثامن والعشرون، عدد شعبان 1345هـ، الموافق مارس 1927م، وهي تتكون من قسمين، أرفع إليكم القسم الثاني منها لفائدته ولكونه في صميم موضوعنا.
مباحث العمل بالحساب في مواقيت العبادة
قال الحافظ في شرح الحديث المتفق عليه: (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا: يعني مرة 29 ومرة 30) من فتح الباري ما نصه:
والمراد هنا حساب النجوم وتسييرها، ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضًا (أي: كالكتابة) إلا النزر اليسير، فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية؛ لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير، واستمر الحكم في الصوم، ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك، بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلاً. ويوضحه قوله في الحديث الماضي: (فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) ولم يقل: فسلوا أهل الحساب. والحكمة فيه: كون العدد عند الإغماء يستوي فيه المكلفون فيرتفع الخلاف والنزاع عنهم ا. هـ.
ثم ذكر أن الروافض وبعض الفقهاء قالوا بالرجوع إلى أهل التسيير في ذلك، ورده بما ورد من النهي عن علم النجوم (قال): (لأنها حدث وتخمين ليس فيها قطع، ولا ظن غالب، مع أنه لو ارتبط الأمر بها لضاق؛ إذ لا يعرفها إلا قليل).
وأقول: إن ما ذكره من حكمة التشريع صحيح الأصل، فالاتفاق مطلوب شرعًا، وكون أوقات العباة منوطة بما يعرفه كل الناس، والحساب الفلكي لا يعرفه إلا قليل منهم صحيح أيضًا، ولكن المسلمين على زعمهم أنهم يعملون بنصوص هذه الأحاديث مختلفون غير متفقين، فهم في حال الصحو التام الذي يمكن أن يرى الهلال فيه السواد الأعم من الناس إن كان موجودًا يستهلون - أي: يتراءون - الهلال فرادى وجماعات في مواضع كثيرة من كل بلد فلا يراه أحد، وبعد انصرافهم يشهد واحد أو اثنان برؤيته؛ فيحكم الحاكم بهذه الشهادة الظاهر خطؤها بعدم رؤية الجماهير، أو يكملون عدة شعبان ثلاثين يومًا بعد العلم بعدم وجود الهلال؛ إذ لو كان موجودًا لرآه الجمهور، والعبرة برؤية معتدلي البصر؛ لأنه هو الذي يشترك فيه الناس، ويرتفع به الخلاف، ولا عبرة برؤية حديد البصر وحده؛ لأنه أندر من العالم بالحساب، فلا يكون مناطًا عامًّا، ولا يمكن معه اتفاق، وليس فيه قطع، ولا ظن غالب إلا في حالة الإغمام مع عدالة الشهود، وعدم مخالفة شهاداتهم للعلم القطعي.
وقوله: (إن ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلاً) إلخ، غلط ظاهر، وما ذكر من توضيحه بالأمر بإكمال العدة دون الأمر بسؤال أهل الحساب غير واضح، بل خلاف المتبادر من منطوق الحديث، وهو أن الأمة أمية لا تعرف الحساب، وهذا بيان لما كانت عليه، وهو قد بعث لإخراجها منه بنص القرآن، فكيف تؤمر بما لا تعرف؟! ومفهومه الظاهر أنه لو وجد الحاسبون لصح الرجوع إليهم، وما احتج به من النهي عن الخوض في علم النجوم – لأنها حدث وتخمين ليس فيها قطع، ولا ظن غالب - لا يرد على الحساب الذي نعنيه، فإن علم النجوم الذي ذكره هو استنباط أخبار الغيب من حركاته وتنقلاتها، ومقارنة بعضها لبعض، وليس منه حساب البروج والمنازل للشمس والقمر الثابتة باليقين القطعي، والمشروع العمل بها في قوله تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} (الرحمن: 5)، مع قوله: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} (يونس: 5)، فهو صريح في إثبات هذا النوع من الحساب، وإفادته للعلم بضبط السنين والشهور، ولهذا قال بعض العلماء - في حديث (فإن غم عليكم فاقدروا له) -: فاقدروه بحساب المنازل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/308)
قال الحافظ: قاله العباس بن سريج من الشافعية، ومطرف بن عبد الله من التابعين، وقتيبة من المحدثين. نقله الحافظ عنهم، وذكر أن ابن عبد البر لم يعبأ بقولهم، ثم قال: ونقل ابن العربي عن ابن سريج أن قوله صلى الله عليه وسلم: (فاقدروا له) خطاب لمن خصه الله بهذا العلم، وأن قوله: (فأكملوا العدة) خطاب للعامة، فصار وجوب رمضان عنده مختلف الحال، يجب على قوم بحساب الشمس والقمر، وعلى آخرين بحساب العدد، قال: وهذا بعيد عن النبلاء ا هـ.
وأقول: إنه يمكن حمل اختلاف الحالين على اختلاف الأوقات، فإذا وجد الحاسبون عمل بقولهم؛ لأنه علم يقيني قطعي، وإن لم يوجدوا أكملت عدة الشهر ثلاثين بشرطه؛ إذ لا يمكن الاتفاق على غيره.
ومثل ما ذكر - من الاستدلال على منع العمل بالحساب بأنه لا يفيد علمًا ولا ظنًّا غالبًا - ما ذكره الحافظ عن ابن بطال، قال في شرحه للحديث المذكور: في الحديث رفع لمراعاة النجوم بقانون التعديل، وإنما المعول عليه رؤية الأهلة، وقد نهينا عن التكلف، ولا ريب أن ما غمض حتى لا يدرك إلا بالظنون غاية التكلف. ا هـ. من الفتح. وهو رد لا يرد على الحساب الذي نقول به؛ لأن هذا لا تكلف فيه ولا غموض، وهو يدرك باليقين لا بالظنون، بل أقول: إن حساب التعديل الذي أشار إليه صحيح في نفسه، وإنما التكلف في حفظ قواعده، والنظر في الزيج والإصطرلاب، وقد استغني عن ذلك في هذا الزمان.
وقد اختلف فقهاء الشافعية في العمل بالحساب على أقوال:
(1) يجوز ولا يجزئ عن الفرض.
(2) يجوز ويجزئ.
(3) يجوز للحاسب ويجزئه لا للمنجم.
(4) يجوز لهما ولغيرهما تقليد الحاسب دون المنجم.
(5) يجوز لهما ولغيرهما مطلقاً.
ذكر هذه الأقوال الحافظ في الفتح، وقال بعدها: وقال الصباغ: (أما بالحساب فلا يلزمه بلا خلاف بين أصحابنا).
(قلت): ونقل ابن المنذر قبله الإجماع على ذلك، فقال في (الأشراف):
(صوم يوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال مع الصحو لا يجب بإجماع الأمة، وقد صح عن أكثر الصحابة والتابعين كراهته). هكذا أطلق، ولم يفصل بين حاسب وغيره، فمن فرق بينهم كان محجوجًا بالإجماع قبله ا هـ.
وظاهر هذا القول الذي اعتمد عليه الحافظ في الإجماع، بل نص منطوقه أنه لا يجوز إكمال عدة شعبان ثلاثين في حال الصحو مطلقًا، ولا يعتد بقول أحد يجيزه كائنًا من كان؛ لأنه محجوج بالإجماع قبله، فإثبات رمضان هذا العام في هذا اليوم (الجمعة) مخالف للإجماع، فهو باطل، ويجب إبطال هذا النوع من إثباته.
وأما الحساب فيظهر أنه لم يكن في عهد السلف، الذين أجمعوا على ما ذكر، قد وصل إلى الدرجة المعهودة عندنا في هذا العصر من العلم اليقيني، والصورة التي أجمعوا عليها لا يمكن أن تخالف الحساب، أعني أنه لا يمكن أن لا يرى الهلال في مساء اليوم الذي يثبت الفلكيون الحاسبون إمكان رؤيته فيه عند انتفاء المانع، فهم يبينون وقت ولادة الهلال - أي: مفارقته للشمس - في آخر الشهر بالساعات والدقائق، ومنه يعلم إمكان رؤيته لمعتدلي البصر وعدم إمكانها، فإذا كان من الدقة بحيث لا يرى لا يثبتون الشهر الشرعي بولادته، وإذا كان بحيث يرى قطعًا عند انتفاء المانع من غيم أو قر يثبتون الشهر، فهنا يقال: إن الشهر قد ثبت برؤية الهلال حقيقة أو حكمًا، وذلك أنهم إذا تراءوه رأوه قطعًا، فلا يكون إثبات وجوب الصيام بقول الفلكيين الحاسبين بل بوجود الهلال، وإنما هم يبينون للناس متى يرى، وقد ظهر باختبار السنين صدقهم لكل من يرى تقاويمهم، ونحن في أشد الحاجة إلى علمهم في حال وجود المانع من رؤية الهلال؛ لأنه علم يقيني كرؤية الهلال، وإكمال عدة الشهر كثيرًا ما تكون خطأ كما تقدم بيانه، وهي تبنى في كل شهر على رؤية هلاله، وإلا كانت مسألة حسابية، وقد تمر في بعض الأقطار التي تكثر فيها الأمطار عدة أشهر لا يرى فيها هلال، فكيف يمكن العمل فيها بإكمال عدة الشهر ثلاثين؟! ومن المعلوم حسابًا وشرعًا أن الشهر يكون تارة 30 وتارة 29.
إذا تمهد هذا فنحن نلخص الكلام في هذا الموضوع في مسائل:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/309)
(1) إن إثبات أول شهر رمضان وأول شهر شوال هو كإثبات أوقات الصلوات الخمس، قد ناطها الشارع كلها بما يسهل العلم به على البدو والحضر؛ لما تقدم من بيان حكمة ذلك، وغرض الشارع من ذلك العلم بهذه الأوقات، لا التعبد برؤية الهلال، ولا بتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر؛ أي: انفصال كل من الآخر برؤية ضوء الفجر المستطير من جهة المشرق، ولا التعبد برؤية ظل الزوال وقت الظهر، وصيرورة ظل الشيء مثله وقت العصر، لا برؤية غروب الشمس وغيبة الشفق لوقتي العشاءين، فغرض الشارع من مواقيت العبادة معرفتها، وما ذكره صلى الله عليه وسلم من نوط إثبات الشهر برؤية الهلال، أو إكمال العدة بشرطه قد علله بكون الأمة في عهده كانت أمية، ومن مقاصد بعثته إخراجها من الأمية لا إبقاؤها فيها، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} (الجمعة: 2)، وفي معناها ما ذكره من دعوة إبراهيم صلى الله عليه وسلم بذلك في سورة البقرة، ويؤخذ منه أن لعلم الكتابة والحكمة حكمًا غير حكم الأمية.
(2) إن من مقاصد الشارع اتفاق الأمة في عباداتها ما أمكن الاتفاق وسيلة ومقصدًا، فإما أن تتفق كلها، أو أهل كل قطر منها على العمل بظواهر نصوص الشرع، وعمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الصدر الأول في مواقيت الصلاة والصيام والحج من رؤية الفجر والظل والغروب والشفق والهلال عند الإمكان، وبالتقدير، أو رؤية العلامات عند عدم الإمكان، وفي هذه الحالة لا يجوز لمؤذن الفجر أن يؤذن إلا إذا رأى ضوءه معترضًا في جهة المشرق، وهو يختلف باختلاف الليالي، ففي النصف الثاني من الشهر - ولاسيما أواخره - يرى متأخرًا عن الوقت الذي يرى فيه ليالي النصف الأول المظلمة بقدر تأثير نور القمر في جهة المشرق، وقد قال صلى الله عليه وسلم في رمضان: (إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم)، قال بعض رواته: وكان رجلاً أعمى لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت أصبحت. رواه الشيخان وغيرهما. وإما أن تعمل بالحساب والمراصد عند ثبوت إفادتها العلم القطعي بهذه المواقيت التي جرى عليها العمل في جميع بلاد الحضارة الإسلامية في الصلاة مع المحافظة على الاستهلال ورؤية الهلال في حال عدم المانع من رؤيته؛ للجمع بين ظاهر النص والمراد منه، ومن المعلوم من الدين بالضرورة أن الصلاة عماد الدين، فهي أفضل من الصوم وأعم، وفي غير حالة الصحو وعدم المانع من رؤية الهلال يكون إثبات الشهر بإكمال العدة ثلاثين ظنيًّا، أو دون الظني، ومن قواعد الشريعة المتفق عليها: إن العلم مقدم على الظن، فلا يعمل بالظن مع إمكان العلم، فمن أمكنه رؤية الكعبة لا يجوز له أن يجتهد في التوجه إليها ويعمل بظنه الذي يؤديه إليه الاجتهاد.
(3) إذا قيل: إن إفادة الحساب للعمل القطعي بوجود الهلال، وإمكان رؤيته خاص بالفلكي الحاسب، وقد اختلف العلماء في العلم به كما ذكرتم، ولا يكون علمهم حجة على غيرهم. قلنا: إن الذين لم يبيحوا العمل بالحساب قد عللوه بأنه ظن وتخمين لا يفيد علمًا ولا ظنًّا، كما نقلناه عن شرح البخاري للحافظ ابن حجر آنفًا، والحساب المعروف في عصرنا هذا يفيد العلم القطعي كما تقدم، ويمكن لأئمة المسلمين وأمرائهم الذين ثبت ذلك عندهم أن يصدروا حكمًا بالعمل به فيصير حجة على الجمهور، وهذا أصح من الحكم بإثبات الشهر بإكمال عدة شعبان ثلاثين يومًا، مع عدم رؤية الهلال ليلة الثلاثين، والسماء صحو ليس فيها قتر ولا سحاب يمنع الرؤية، فإن هذا مخالف لنصوص الأحاديث الصحيحة كما تقدم في هذا المقال، فهو حكم باطل.
(4) يؤيد هذا الوجه الأخير القول الثالث للإمام أحمد فيما يجب العمل به إذا غم على الناس رؤية الهلال وهو: أن يرجعوا إلى رأي الإمام (أي: السلطان ولي الأمر الشرعي) في الصوم والفطر، وقد تقدم مع القولين الآخرين.
(5) إذا تقرر لدى أولي الأمر بالعمل بالتقاويم الفلكية في مواقيت شهري الصيام والحج كمواقيت الصلاة وصيام كل يوم من الفجر إلى الليل امتنع التفرق والاختلاف بين المسلمين في كل قطر، أو في البلاد التي تتفق مطالعها، وهذه لا ضرر في الاختلاف في صيامها، كما أنه لا ضرر في الاختلاف في صلواتها.
وجملة القول أننا بين أمرين: إما أن نعمل بالرؤية في جميع مواقيت العبادات أخذًا بظواهر النصوص وحسبانها تعبدية، وحينئذ يجب على كل مؤذن أن لا يؤذن حتى يرى نور الفجر الصادق مستطيرًا منتشرًا في الأفق، وحتى يرى الزوال والغروب إلخ، وإما أن نعمل بالحساب المقطوع به؛ لأنه أقرب إلى مقصد الشارع، وهو العلم القطعي بالمواقيت وعدم الاختلاف فيها، وحينئذ يمكن وضع تقويم عام تبين فيه الأوقات التي يرى فيها هلال كل شهر في كل قطر عند عدم المانع من الرؤية وتوزع في العالم، فإذا زادوا عليها استهلال جماعة في كل مكان، فإن رأوه كان ذلك نورًا على نور، وأما هذا الاختلاف وترك النصوص في جميع المواقيت عملاً بالحساب ما عدا مسألة الهلال فلا وجه ولا دليل عليه، ولم يقل به إمام مجتهد، بل هو من قبيل {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} (البقرة: 85) والله أعلم وأحكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/310)
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 05:17 م]ـ
بارك الله فيك الاخ أبا حسن
ففيما نقلته دعم لما رجحته
نسأل الله تعالى التوفيق
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[29 - 08 - 08, 06:52 م]ـ
ابو عائشة المغربي
اعتقد والله أعلم أنك ككثير من الشباب حدثاء الأسنان تستهويه مسألة ثم يبحث للإنتصار لها بل ويدلس في بحثه ويلوي اعناق النصوص ليثبت مايريده وإلا كبار الفلكيين مختلفين حيث قرروا أن حركة القمر فيها اضطراب كبير فتجد منهم من يقول تستحيل الرؤية ومنهم من يقول يمكن الرؤية وهناك بحوث كثيرة تنقض كلامك من علماء كبار وباحثين معروفين أعلم وأكبر واشهر من ابو عائشة فالرجو منك أخي العزيز الأناه وعدم الاستعجال وانظر إلى من هو اعلم منك رزقني الله وإياك الحق في القول والعمل
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[29 - 08 - 08, 10:23 م]ـ
الأهلة بين الرؤية والحسابات الفلكية
8/ 24/2008
الأهلة بين الرؤية والحسابات الفلكية
الشيخ حاتم محمد
في كل عام يتكرر ذات السؤال: هل نتبع الحسابات الفلكية في تحديد بداية شهر الصيام أم نعتمد على رؤية الهلال؟.
في حين أن الشريعة الإسلامية شريعة سمحة رفعت الحرج عن أتباعها، فلما فرضت الصوم في شهر قمري شرعت إثباته بوسيلة طبيعية سهلة ميسورة لجميع الأمة، لا غموض فيها ولا تعقيد رحمةً بها، إذ لم يكلفها الله العمل بالحسابات الفلكية.
والأمر ليس جمود على حرفية النص النبوي، أو عدم ثقةٍ بنتائج هذا العلم أو تنكر له فإنه لا يمكن أن يحدث أي تعارض بين العلم وأحكام التشريع الإسلامي مهما تقدمت الحضارة والكشوف العلمية.
هذا؛ والخلاف القائم حول مسألة الأخذ بالحسابات الفلكية سببه لدى القائلين به من ثلاث فرضيات:
الأولى: أن تلك العلوم الفلكية لم تكن ذائعة الصيت وبالتالي فقواعدها لم تكن قطعية الثبوت ومن ثم نتج عدم ثقة السلف بها وإنكارهم لها بعكس هذا الزمان. وهذا غير صحيح فقد ذكر ابن عبد البر أن ارتقاب منازل القمر:" علم كانت العرب تعرف منه قريبا من علم العجم" (التمهيد (7/ 155)).
ولا شك أن كل طائفة في كل زمن تظن أنها بلغت دقة المنتهى في علمها ثم لا تلبس إلا قليلا فتكتشف ما كانت فيه من قصور؛ وسيتبين لك حقيقة هذا وما كانوا يعتقدون فيه من دقة علم الفلك في العصور المتقدمة من خلال كلام القرفي؛ فتأمله جيدا.
الثانية: وبناء على الفرضية الأولي خالفوا أهل العلم المتقدمين لهم في تأويل قوله صلى عليه وسلم:" فإن غم عليكم فاقدروا له" ولم يقضوا بالمفسر في قوله صلى عليه وسلم: «فأكملوا العدة ثلاثين» [رواه البخاري] على المجمل وإنما تأوله على الحساب؛ وذلك المسلك فيه من الإخلال بقواعد الأصول ما فيه.
الثالثة: اعتبروا أن العلة في ترك العمل بالحسابات الفلكية هي كون الأمة كانت أمية لقوله صلى عليه وسلم: «إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا ... » [رواه البخاري].
ومادامت أن تلك هي العلة فالحكم يجري مع علته وجودا وعدما فإذا انتفت صفة الأمية عن الأمة وجب الرجوع إلى الحساب بزوال علة منعه.
ومن طالع ما ذكره الإمام القرافي في الفروق يعرف مدى تهافت الفرضية الأولى؛ فيقول رحمه الله تعالي في الفرق الثاني والمائة: " (بين قاعدة أوقات الصلوات يجوز إثباتها بالحساب والآلات وكل ما دل عليها وبين قاعدة الأهلة في الرمضانات لا يجوز إثباتها بالحساب)، وفيه قولان عندنا وعند الشافعية رحمهم الله تعالى والمشهور في المذهبين عدم اعتبار الحساب فإذا دل حساب تسيير الكواكب على خروج الهلال من الشعاع من جهة علم الهيئة لا يجب الصوم قال: سند من أصحابنا فلو كان الإمام يرى الحساب فأثبت الهلال به لم يتبع لإجماع السلف على خلافه.
مع أن حساب الأهلة والكسوفات والخسوفات قطعي فإن الله تعالى أجرى عادته بأن حركات الأفلاك وانتقالات الكواكب السبعة السيارة على نظام واحد طول الدهر بتقدير العزيز العليم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/311)
قال الله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [سورة يس: 39]، وقال تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [سورة الرحمن: 5]، أي هما ذوا حساب فلا ينخرم ذلك أبدا، وكذلك الفصول الأربعة لا ينخرم حسابها، والعوائد إذا استمرت أفادت القطع كما إذا رأينا شيخا نجزم بأنه لم يولد كذلك بل طفلا لأجل عادة الله تعالى بذلك وإلا فالعقل يجوز ولادته كذلك، والقطع الحاصل فيه إنما هو لأجل العادة، وإذا حصل القطع بالحساب ينبغي أن يعتمد عليه كأوقات الصلوات فإنه لا غاية بعد حصول القطع".
فانظر كيف يقرر دليل المخالف، وانظر أيضا كيف يحكم بقطعية الحسابات الفلكية في زمنه وكيف ينظر إليها لا كما يدعيه أهل ذلك الزمان عنهم.
ولنكمل مع الإمام فيقول والفرق ـ أي بين العمل بالحسابات في مواقيت الصلوات وعدم العمل بها في الأهلة ـ وهو المطلوب هاهنا وهو عمدة السلف والخلف أن الله تعالى نصب زوال الشمس سبب وجوب الظهر. وكذلك بقية الأوقات لقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [سورة الإسراء: 78] أي لأجله، وكذلك قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [سورة الروم: 17 - 18]، قال المفسرون هذا خبر معناه الأمر بالصلوات الخمس في هذه الأوقات حين تمسون المغرب والعشاء وحين تصبحون الصبح وعشيا العصر وحين تظهرون الظهر والصلاة تسمى سبحة، ومنه سبحة الضحى أي صلاتها فالآية أمر بإيقاع هذه الصلوات في هذه الأوقات وغير ذلك من الكتاب والسنة الدال على أن نفس الوقت سبب فمن علم السبب بأي طريق كان لزمه حكمه، فلذلك اعتبر الحساب المفيد للقطع في أوقات الصلوات.
وأما الأهلة فلم ينصب صاحب الشرع خروجها من الشعاع سببا للصوم بل رؤية الهلال خارجا من شعاع الشمس هو السبب، فإذا لم تحصل الرؤية لم يحصل السبب الشرعي فلا يثبت الحكم، ويدل على أن صاحب الشرع لم ينصب نفس خروج الهلال عن شعاع الشمس سببا للصوم قوله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» [رواه البخاري]، ولم يقل لخروجه عن شعاع الشمس، كما قال تعالى: COLOR="red"]{ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [/ color] [ سورة الإسراء: 78]، ثم قال: «فإن غم عليكم» [رواه البخاري]، أي خفيت عليكم رؤيته «فاقدروا له» [رواه البخاري]، في رواية: «فأكملوا العدة ثلاثين» [رواه البخاري]، فنصب رؤية الهلال أو إكمال العدة ثلاثين، ولم يتعرض لخروج الهلال عن الشعاع.
ثم يقول: "فلأجل هذا الفرق قال الفقهاء رحمهم الله تعالى: إن كان هذا الحساب غير منضبط فلا عبرة به، وإن كان منضبطا لكنه لم ينصبه صاحب الشرع سببا فلم يجب به صوم والحق من ترديد الفقهاء رحمهم الله هو القسم الثاني دون الأول".
أقول: وما ذكره الفقهاء إنما هو من باب التقسيم، وأما كون أن الحساب أمر منضبط الدقة فهذا معلوم ولكنه ليس معصوما من الخلل والخطأ كما يصوره القائلين به كما سنبينه فيما بعد.
الأمر الثاني:
فإما الإجمال الذي في قوله صلى الله عليه وسلم «فاقدروا له» [رواه البخاري]، فهو سبب اختلافهم في معنى التقدير له هل معناه هو أن يصبح المرء صائما وهو مذهب ابن عمر، أم عده بالحساب، أم إكمال الشهر ثلاثين يوما وهو مذهب جمهور أهل العلم في جميع الأزمنة، وقد دلت عليه سائر الأحاديث ومنها حديث ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ مرفوعا قال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له» [رواه البخاري]، فقد رواه عن ابن عمر نافع، وعبد الله بن دينار، وسالم بن عبد الله، ومحمد بن زيد.
فأما نافع فرواه عنه أيوب وعبيد الله بن عمر بلفظ: «فاقدروا له ثلاثين يوما». ورواه عنه عبد العزيز بن أبي رواد: «فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين» أخرجها عبد الرزاق (4/ 156)، وهذا مفسر.
ورواه مالك عنه (أي عن نافع) بلفظ: «فاقدروا له» أخرجه البخاري (1906) ومسلم في الصيام (1080/ 3).
وأما رواية عبد الله بن دينار فرواه عنه إسماعيل بن جعفر، ومالك بلفظ: «فاقدروا له» مجملا؛ وللشافعي عن مالك بلفظ: «فأكملوا العدة ثلاثين» وكذا أخرجه البخاري في الصحيح عن القعنبي عن مالك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/312)
قال البيهقي: "إن كانت رواية الشافعي والقعنبي من هذين الوجهين محفوظة فيحتمل أن يكون مالك رواه على اللفظين جميعا والله اعلم".أهـ
وأما سالم فرواه عنه ابن شهاب بلفظ: «فاقدروا له» لم يختلف عليه فيها [أخرجه البخاري ومسلم].
وأما محمد بن زيد فرواه عنه ابنه عاصم بلفظ: «فأكملوا ثلاثين» أخرجها ابن خزيمة (2/ 202).
فإنما فذهب الجمهور إلى أن تأويله: «فأكملوا العدة ثلاثين»، بحمل المجمل على المفسر.
قال ابن رشد: "وهي طريقة لا خلاف فيها بين الأصوليين، فإنهم ليس عندهم بين المجمل، والمفسر تعارض أصلا، فمذهب الجمهور في هذا لائح، والله أعلم".أهـ
والمراد مما ذكرناه من تفصيل روايات حديث ابن عمر بيان أنها قاضية بالمعنى المراد من الحديث إذ أن جميع من ذكرها مفسرة بلفظة: «أكملوا ثلاثين» ثقات أثبات. فكون بعض الرواة الآخرين قَصُرَ بالرواية على اللفظ المجمل، أو أن نافعا أو ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ كان يحدث به تارة مفسر وأخرى مجملا أو غير ذلك مما يعرض للرواية فهذا لا يطعن في الرواية المفسرة إذ لا تعارض كما هو مقرر. خاصة وأن بعض طرق رواية ابن عمر وردت بلفظ: «فاقدروا له ثلاثين يوما»، وإذ تقرر ذلك تبين أنه لا دليل يستمسك به من يقول بالحساب.
ويقول ابن عبد البر في حق الحساب: "هو مذهب تركه العلماء قديما وحديثا للأحاديث الثابتة عن النبي عليه السلام: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين».
ولم يتعلق أحد من فقهاء المسلمين فيما علمت باعتبار المنازل في ذلك وإنما هو شيء روي عن مطرف بن الشخير وليس بصحيح عنه والله أعلم ولو صح ما وجب إتباعه عليه لشذوذه ولمخالفة الحجة له وقد تأول بعض فقهاء البصرة في معنى قوله: في الحديث:: «فاقدروا له» نحو ذلك والقول فيه واحد وقال ابن قتيبة في قوله:: «فاقدروا له» أي فقدروا السير والمنازل وهو قول قد ذكرنا شذوذه ومخالفة أهل العلم له وليس هذا من شأن ابن قتيبة ولا هو ممن يعرج عليه في هذا الباب" (التمهيد (7/ 156)).
الأمر الثالث:
قوله صلى عليه وسلم: «إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا ... » [رواه البخاري]، فهو ليس تعليل للحكم؛ وإنما هو إنشاء لحكم آخر، يقول القاضي عياض: "وصفه صلى الله عليه وسلم لهم بالأمية وأنهم لا يحسبون ولا يكتبون إذ كانوا لا يجهلون الثلاثين، ولا التسع والعشرين، ولم ينف عنهم معرفة مثل هذا الحساب، وإنما وصفهم بذلك طرحا للاعتداد بالمنازل وطرق الحساب".أهـ
ويقول الصنعاني: "لو كان كلام الحاسب مدركا شرعيا للصوم والإفطار لما أهمله الشارع بل أشار إلى خلافه بقوله: «إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب»، ثم قال: «الشهر هكذا» الحديث؛ فأشار بيده إلى الثلاثين والتسع وعشرين" (حاشية الصنعاني على العدة (3/ 328)).
هذا من جهة النظر الشرعي؛ وأما من جهة علم الفلك فيقول فؤاد محمد سعيد وهو فلكي سوري، وعضو الجمعية الفلكية البريطانية: "أن لحظة تمام غروب قرص الشمس (والتي يجب تعيينها بدقة لأجل مقابلتها مع لحظة ميلاد القمر لمعرفة أي منهما حصل قبل الآخر) لا يمكن تحديدها نظريا ـ أي بالحساب ـ إلا بخطأ في التقدير لا يقل عن بضع ثوان زمنية.
ويذكر أنه: "لو أريد اعتماد الرصد لتحديد وقت تمام غروب قرص الشمس بدقة أكبر بدلاً من اعتماد المعادلة النظرية التقريبية لاستلزم الأمر توافر جملة من الشروط يكاد يستحيل تحققها، ويؤكد أن حساب وقت خروج القمر من المحاق (ميلاد القمر) في علم الفلك السماوي ليس مطلق الدقة كما يظن عامة الناس، بل هو تقريبي. فللقمر حركات معقدة للغاية. ويذكر أن النتيجة المعطاة لموضع القمر في مختلف الأوقات تكون بدقة 0.1 (+ -) دقيقة قوسية، وهذا يقابل دقة أو تفاوتا في حساب موضع القمر تساوي 11 (+ -) ثانية زمنية. وأن اللحظة الحقيقية لخروج القمر من المحاق تبقى مجهولة، وتحديدها بدقة أكبر هو أمر خارج عن إمكانات العلم في الوقت الحاضر" (نقلا عن بحث نشر بمجلة العربي الكويتي).
ومع تداخل هذان الخطأين (لحظة غروب قرص الشمس، ولحظة خروج القمر من المحاق) ينتج عدم الدقة المطلقة والقداسة المحاطة بالحسابات الفلكية؛ وهكذا ترى أن ما هو علمي لا يتعارض مع الشرعي مطلقاً.
وفي الختام نود أن نشير إلى بعض الأمور في عجالة:
أولاها: القول بأن الرؤية ظنية حيث يمكن أن يدخل عليها الخطأ بصورة أو أخرى، نقول هذا ليس فيه أي نوع من الحرج فقد تعبدنا الله بالظنيات في كثير من الأمور كالشهادة وغيرها، ثم إن الدلالة التي يراد عن طريقها العمل بالحساب هي دلالة ظنية.
ثانيها: فمن جهة وقوع الخطأ في الرؤية فقد رفع الشرع نفسه الحرج فيه فقال صلى الله عليه وسلم: «فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون» [أخرجه الترمذي (697) من حديث أبي هريرة وإسناده حسن]. وله شاهد من حديث عائشة رواه الترمذي (802)، ورجح الدارقطني وقفه.
قال ابن عبد البر: "قد أجمعوا على أن الجماعة لو أخطأت الهلال في ذي الحجة فوقفت بعرفة في اليوم العاشر أن ذلك يجزئها فكذلك الفطر والأضحى والله أعلم".أهـ (التمهيد (7/ 159)).
ثالثها: أنه لا مانع من امتحان المخبرين برؤية الهلال لمعرفة مدى صدقهم من عدمه؛ كأن يسأل الشاهد عن زمن ومكان رؤيته للهلال، ومدى ارتفاعه عن الأفق، وغير ذلك من الأسئلة التي تبين صحة ما رآه هل هو الهلال أنه توهمه.
خاص بإذاعة طريق الإسلام
http://www.wathakker.com/show_article_dtls.aspx?survey=300&id=566
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/313)
ـ[سلطان القرني]ــــــــ[29 - 08 - 08, 11:30 م]ـ
لم تفهم أخي المقصود، المقصود أن الأمة كما أنها تستعمل التقاويم الفلكية في الصلاة، فلم لا تستعملها في الصيام، وأين هذا الفارق الفاسد الاعتبار، أيوجد نص في استعمال التقاويم في الصلاة، فأجزتم فيها ولم تجيزوا في الصيام لوجود النص المعارض؟
بل النص جاء في رؤية الهلال، ومع هذا فعندنا في السعودية لم يعتمدوا على التقويم، بل شكلت لجنة في حياة الإمام بن باز رحمه الله تعالى، وعلى رأسهم الشيخ صالح الفوزان، ومكثوا أياما في الصحراء حتى تحققوا من الأوقات.
أما مناقشة أخي محمد الأمين فلعله يعيد النظر فيها، وليس فيها مستمسك لهذا القول والله أعلم.
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 11:52 م]ـ
بل النص جاء في رؤية الهلال، ومع هذا فعندنا في السعودية لم يعتمدوا على التقويم، بل شكلت لجنة في حياة الإمام بن باز رحمه الله تعالى، وعلى رأسهم الشيخ صالح الفوزان، ومكثوا أياما في الصحراء حتى تحققوا من الأوقات.
أما مناقشة أخي محمد الأمين فلعله يعيد النظر فيها، وليس فيها مستمسك لهذا القول والله أعلم.
لكن أين النص في جواز الاعتماد على الحساب في الصلاة؟
أما كون لجنة من العلماء تحققت من الوقت، فهذا امر غير نافع، لانها تحققت من أوقات تلك الفترة، وهي غير منضبطة وغير ثابتة، ولهذا مذهب شيخ الإسلام مراقبة المؤذن للوقت عند كل صلاة، ثم أنت تعلم الخلاف في وقت صلاة الفجر، وهناك بحث اطلعت عليه في الألوكة يثبت بالصور عدم صحة الوقت الذي يؤذن فيه الفجر عندكم، وكثير من المشايخ يؤيدون هذا، وبالأردن كان الشيخ الألباني وأصحابه لا يصلون إلا في المسجد الذي يؤخر الصلاة لأكثر من نصف ساعة عن الأذان الرسمي، لاعتقادهم بعدم صحته، وفي بلادنا، ألف الدكتور تقي الدين الهلالي رسالة في
ذلك، مما أدى بكثير من الإخوة إلى هجر المساجد في صلاة الصبح بدعوى أنها تؤدى قبل وقتها، وحين تسأل أصحاب هذا القول عن الفرق بين الأذان الرسمي ووقت الدخول الصحيح تضطرب الإجابات، فالدكتور تقي الدين الهلالي لما سأله والدي عن الأمر قال من 20 إلى 35 دقيقية، والشيخ زحل يقول 15 دقيقة وغيرهما يقول 30 دقيقة، إذن الحل هو المراقبة عند كل صلاة، وهو امر لا يعمل به احد في أي بلاد فيما أعلم، وإما اعتماد تقويم حسابي منضبط عن طريق لجنة علمية عليا إسلامية تتكفل بتحديد مواعيد العبادة كلها.
بالمناسبة أرجو ان يكون الإخوة شاهدوا آخر حلقة من برنامج (بلا حدود) على قناة الجزيرة.
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[30 - 08 - 08, 12:11 ص]ـ
سبب الخلاف في اعتبار الحساب الفلكي في دخول الشهر هو ما يلي:
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=1324
ـ[سلطان القرني]ــــــــ[30 - 08 - 08, 12:18 ص]ـ
لكن أين النص في جواز الاعتماد على الحساب في الصلاة؟
أما كون لجنة من العلماء تحققت من الوقت، فهذا امر غير نافع، لانها تحققت من أوقات تلك الفترة، وهي غير منضبطة وغير ثابتة، ولهذا مذهب شيخ الإسلام مراقبة المؤذن للوقت عند كل صلاة، ثم أنت تعلم الخلاف في وقت صلاة الفجر، وهناك بحث اطلعت عليه في الألوكة يثبت بالصور عدم صحة الوقت الذي يؤذن فيه الفجر عندكم، وكثير من المشايخ يؤيدون هذا، وبالأردن كان الشيخ الألباني وأصحابه لا يصلون إلا في المسجد الذي يؤخر الصلاة لأكثر من نصف ساعة عن الأذان الرسمي، لاعتقادهم بعدم صحته، وفي بلادنا، ألف الدكتور تقي الدين الهلالي رسالة في
ذلك، مما أدى بكثير من الإخوة إلى هجر المساجد في صلاة الصبح بدعوى أنها تؤدى قبل وقتها، وحين تسأل أصحاب هذا القول عن الفرق بين الأذان الرسمي ووقت الدخول الصحيح تضطرب الإجابات، فالدكتور تقي الدين الهلالي لما سأله والدي عن الأمر قال من 20 إلى 35 دقيقية، والشيخ زحل يقول 15 دقيقة وغيرهما يقول 30 دقيقة، إذن الحل هو المراقبة عند كل صلاة، وهو امر لا يعمل به احد في أي بلاد فيما أعلم، وإما اعتماد تقويم حسابي منضبط عن طريق لجنة علمية عليا إسلامية تتكفل بتحديد مواعيد العبادة كلها.
بالمناسبة أرجو ان يكون الإخوة شاهدوا آخر حلقة من برنامج (بلا حدود) على قناة الجزيرة.
يا أخي "أبو عائشة" بارك الله فيك وزادك علما، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين"
وأنت ومن وافقك تقولون صوموا لقول أهل الفلك وأفطروا لقولهم
فأي القولين نقدم؟!
بالنسبة لي، أقول انظر إلى أيسرهما فاخذ به فهو الأوفق بالشريعة السمحة
ولا شك أن اليسر كل اليسر هو ما دل عليه هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
والله تعالى، يقول: ((ما جعل عليكم في الدين من حرج)) و ((يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)).
إن كان عندكم أيها الأخيار برهان يكون لنا حجة أمام الله تعالى فعلى العين والرأس (فإن الأمر عندنا ليس تشهيا أو مصادمة لتطورات العلم الحديث، بل هو دين ندين الله به على وفق ما جاء في الكتاب والسنة)، وإلا فترك مثل هذا أولى وأسلم.
والله تعالى أعلم بالصواب،،،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/314)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:16 ص]ـ
يا أخي "أبو عائشة" بارك الله فيك وزادك علما، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين"
وأنت ومن وافقك تقولون صوموا لقول أهل الفلك وأفطروا لقولهم
1) ليس بين الأمرين اختلاف لأن الخبر اليقين -في لغة العرب- يسمى رؤية (كما سبق). فما يتحقق بالحساب الدقيق هو رؤية.
2) ثم القول الذي يقول به أكثر أنصار الحساب هو ليس لإثبات الشهر بل لنفي الرؤية المستحيلة بالحساب. فهو لا يعارض الحديث قط ولا حتى يعارض الرؤية البصرية بل يرفض الشهادة الكاذبة (وهما أو عمداً)
3) واليسر يكون بالتأكيد باتباع الحساب الفلكي، وبذلك يعرف الناس متى يبدئ رمضان ومتى ينتهي قبل سنين من حدوث ذلك، وبذلك تنضبط الأيام ويذهب الاضطراب الواقع في كل رمضان، وهو مما يعزز اعتماد التقويم الهجري بدلا من الميلادي. لأنه في المعاملات المالية يحتاج الناس إلى تقويم دقيق معروف. فالتيسير يكون بأن يعرف كل الناس متى يبدئ رمضان ومتى ينتهي، ولا يترك الأمر معلقاً إلى الذي يتيه بصره في السماء، فيدعي ما لا يوجد وما لا يكون.
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 04:20 ص]ـ
يا أخي "أبو عائشة" بارك الله فيك وزادك علما، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين"
وأنت ومن وافقك تقولون صوموا لقول أهل الفلك وأفطروا لقولهم
فأي القولين نقدم؟!
بالنسبة لي، أقول انظر إلى أيسرهما فاخذ به فهو الأوفق بالشريعة السمحة
ولا شك أن اليسر كل اليسر هو ما دل عليه هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
والله تعالى، يقول: ((ما جعل عليكم في الدين من حرج)) و ((يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)).
إن كان عندكم أيها الأخيار برهان يكون لنا حجة أمام الله تعالى فعلى العين والرأس (فإن الأمر عندنا ليس تشهيا أو مصادمة لتطورات العلم الحديث، بل هو دين ندين الله به على وفق ما جاء في الكتاب والسنة)، وإلا فترك مثل هذا أولى وأسلم.
والله تعالى أعلم بالصواب،،،
حياك الله أخي الحبيب وزادك فضلا وعلما،
لا نختلف وإياك في وجوب تعظيم الحبيب المصطفى وتعظيم كلامه والائتمار بأمره، لكن نحن لسنا حرفيين، نعلم أن الألفاظ منها ما هو مقصود لذاته، ومنها ما هو مقصود لغيره، فنحن إن لم نلتزم باللفظ، فلما ترجح لنا من أنه صلى الله وعليه وسلم لم يرد عينه، وإنما أراد معناه، فإذا تحقق هذا المعنى بشكل أفضل مما دل عليه اللفظ كنا قد ائتمرنابأمره وزيادة، ولم نخالف النص البتة، بل زدناه تحقيقا، وهذا هو فقه الفقه وعلم العلل والمقاصد، والله اعلم.
ـ[سلطان القرني]ــــــــ[30 - 08 - 08, 06:09 م]ـ
((ولكل وجهة هو موليها))
أما الاضطراب فلا أثر له، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حين قال "صوموا لرؤيته ... فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين"، فإن من غم عليه وأكمل شعبان ثلاثين، فقد يكون أول رمضان هو اليوم الذي غم عليهم فيه، في الوقت الذي يصوم فيه غيرهم في مكان آخر قريبا منهم لأنهم شاهدوا الهلال في ليلة تسع وعشرين حيث لا مانع من الرؤية حينئذ، فحصل بينهم تفاوت واضطراب.
فهذا يدل على إن الاضطراب أصلا أمر طبيعي ومتوقع، ومع هذا لم يرتب الشارع عليه أثرا، المقصود أن التعليل بتفادي الاضطراب عليل.
وكذلك القول بأن ما يتحقق بالحساب هي الرؤية التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم، فكأنه تحكم والله أعلم.
وفقني الله وإياكم معشر الفضلاء لما فيه الخير والصلاح وزادنا توفيقا ورضوانا،،
والله أعلم،،
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[30 - 08 - 08, 06:50 م]ـ
من موقع فضيلة الإمام العلامة
ابن باز رحمه الله تعالى
ليس لأحد أن يحتج لإبطال الرؤية لقول أصحاب المراصد أو يشترط لصحتها موافقة أصحاب المراصد
اطلعت على ما نشرته صحيفة (الجزيرة) في عددها الصادر يوم السبت 2/ 12/1400هـ تحت عنوان: (رمضان الماضي 30 يوماً وليس 29) بقلم الأخ أحمد المسعري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/315)
واحتج على ذلك بأن المراصد العالمية بما فيها مرصد جامعة الرياض أكدت حسابات أم القرى بأن شهر رمضان الماضي كان 30 يوماً ولم يكن 29. وزعم أن الهلال في مساء يوم الحد الموافق 29 رمضان قد غرب قبل الشمس بمدة لا تقل عن عشر دقائق في جميع أنحاء المملكة ... إلخ
وتعلق أيضاً بأن مؤتمر اسطنبول قد وضع قواعد للرؤية الحكيمة لحل هذه المشكلة.
ولما كان هذا الموضوع له أهمية كبيرة؛ لتعلقه بصوم المسلمين وفطرهم وحجهم رأيت أن أكتب في ذلك كلمة موجزة تتضمن إيضاح الحق وإبطال ضده، فأقول:
إن الأحاديث الصحيحة قد استفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر باعتماد الرؤية وإكمال العدة وعدم الالتفات إلى الحساب. فوجب على المسلمين جميعاً أينما كانوا أن يأخذوا بذلك ويعتمدوه، ولا يجوز لهم أن يكذبوا الثقات في رؤية الهلال بأن المرصد الفلاني زعم كذا، أو بأن المراصد الأخرى زعمت كذا أو بأن مؤتمر استطنبول وضع كذا. وقد سبق الجميع المعلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فوضع للمسلمين قواعد واضحة، يعرفها العالم والجاهل والحضري والبدوي والحاسب وغيره، فقال عليه الصلاة والسلام: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)) [1]، وفي لفظ: ((فصوموا ثلاثين)) [2] وفي لفظ آخر: ((فاقدروا له ثلاثين)) [3]، وفي حديث آخر: ((فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)) [4].
وقال عليه الصلاة والسلام: ((لا تصوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة، ولا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة)) [5].
وعن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب في اليوم الذي يشك فيه فقال: ألا إني جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وساءلتهم، وإنهم حدثوني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وانسكوا لها فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا)) [6].
وعن أمير مكة الحارث بن حاطب رضي الله عنه قال: ((عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما)) [7].
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا)) وأشار بأصابعه العشر ثلاث مرات، وقال: ((الشهر هكذا وهكذا وهكذا)) [8] وخنس إبهامه في الثالثة، والمعنى: أنه يكون تارة ثلاثين ويكون تارة تسعاً وعشرين.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، ولم يحلهم النبي صلى الله عليه وسلم في إثبات الشهور إلى الحساب، بل أحالهم إلى أمر مشاهد يراه الناس في السماء، وعند عدم الرؤية أمرهم بإكمال العدة، وقد أجمع سلف الأمة من الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان من أهل العلم المعتبرين على ذلك.
فلا يجوز لأحد أن يحتج على إبطال الرؤية بمجرد دعوى أصحاب المراصد أو بعضهم مخالفة الرؤية لحسابهم، كما لا يجوز لأحد أن يشترط لصحة الرؤية أن توافق ما يقوله أصحاب المراصد، لأن ذلك تشريع في الدين لم يأذن به الله، ولأن ذلك تقيد لما أطلقه الله ورسوله، واعتراض على صاحب الشريعة الذي لا ينطق عن الهوى، وتكليف للناس بما لا يعرفه إلا نفر قليل من الناس، فيضيقون بذلك ما وسعه الله.
ومن المعلوم أنه لا أحسن ولا أكمل من حكم الله ورسوله في كل شيء كما قال الله سبحانه: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [9]
فنصيحتي لجميع المسلمين ولجميع الحاسبين بوجه أخص أن يتقوا الله، وأن يحذروا مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتشريع للناس بما لم يأذن به الله، وقد قال الله عز وجل: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [10]، وقال سبحانه: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [11]، وقال تعالى: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [12]، وقال تعالى:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/316)
وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [13]. والآيات في هذا المعنى كثيرة
وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله)) [14].
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)) قيل: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: ((من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى)) [15].
والأدلة على إبطال التعلق بالحساب في إثبات الأهلة كثيرة جداً. وقد حكى أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إجماع أهل العلم على عدم الاعتماد على الحساب في إثبات الأهلة، وهو رحمه الله من أعلم الناس بالإجماع والخلاف. وهذا الإجماع يؤيد ما دلت عليه السنة المتواترة عن الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك.
وأرجو أن يكون فيما ذكرناه كفاية ومقنع لطالب الحق. وأسأل الله أن يهدينا وسائر المسلمين صراطه المستقيم، وأن يمن علينا جميعاً بالفقه في دينه والثبات عليه إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] رواه البخاري في الصوم باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا رأيتم الهلال فصوموا)) برقم 1909، والنسائي في الصيام باب ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار برقم 2124
[2] رواه مسلم في الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال برقم 1081
[3] رواه مسلم في الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال برقم 1080
[4] رواه البخاري في الصوم باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا رأيتم الهلال فصوموا)) برقم 1909
[5] رواه النسائي في الصيام باب ذكر الاختلاف على منصور برقم 2126، وأبو داود في الصوم باب إذا أغمي الشهر برقم 2326
[6] رواه النسائي في الصيام باب قبول شهادة الرجل الواحد برقم 2116
[7] رواه أبو داود في الصيام باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال برقم 2338
[8] رواه البخاري في الصوم باب قول النبي: " لا نكتب ولا نحسب " برقم 1913، وفي باب قول النبي: " إذا رأيتم الهلال فصوموا " برقم 1908
[9] سورة المائدة، الآية 50
[10] سورة الشورى، الآية 21
[11] سورة النور، الآية 63
[12] سورة النور، الآية 54
[13] سورة النور، الآية 56
[14] رواه البخاري في الجهاد والسير باب يقاتل من وراء الإمام ويتقي به برقم 2957، ومسلم في الإمارة باب وجوب طاعة الأمراء برقم 1835
[15] رواه البخاري في الاعتصام بالكتاب والسنة باب الاقتداء بسنن الرسول برقم 7280
ـ[أبوفاطمه الأثري]ــــــــ[30 - 08 - 08, 08:25 م]ـ
من موقع فضيلة الإمام العلامة
ابن باز رحمه الله تعالى
ليس لأحد أن يحتج لإبطال الرؤية لقول أصحاب المراصد أو يشترط لصحتها موافقة أصحاب المراصد
اطلعت على ما نشرته صحيفة (الجزيرة) في عددها الصادر يوم السبت 2/ 12/1400هـ تحت عنوان: (رمضان الماضي 30 يوماً وليس 29) بقلم الأخ أحمد المسعري.
واحتج على ذلك بأن المراصد العالمية بما فيها مرصد جامعة الرياض أكدت حسابات أم القرى بأن شهر رمضان الماضي كان 30 يوماً ولم يكن 29. وزعم أن الهلال في مساء يوم الحد الموافق 29 رمضان قد غرب قبل الشمس بمدة لا تقل عن عشر دقائق في جميع أنحاء المملكة ... إلخ
وتعلق أيضاً بأن مؤتمر اسطنبول قد وضع قواعد للرؤية الحكيمة لحل هذه المشكلة.
ولما كان هذا الموضوع له أهمية كبيرة؛ لتعلقه بصوم المسلمين وفطرهم وحجهم رأيت أن أكتب في ذلك كلمة موجزة تتضمن إيضاح الحق وإبطال ضده، فأقول:
إن الأحاديث الصحيحة قد استفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر باعتماد الرؤية وإكمال العدة وعدم الالتفات إلى الحساب. فوجب على المسلمين جميعاً أينما كانوا أن يأخذوا بذلك ويعتمدوه، ولا يجوز لهم أن يكذبوا الثقات في رؤية الهلال بأن المرصد الفلاني زعم كذا، أو بأن المراصد الأخرى زعمت كذا أو بأن مؤتمر استطنبول وضع كذا. وقد سبق الجميع المعلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فوضع للمسلمين قواعد واضحة، يعرفها العالم والجاهل والحضري والبدوي والحاسب وغيره، فقال عليه الصلاة والسلام: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/317)
غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)) [1]، وفي لفظ: ((فصوموا ثلاثين)) [2] وفي لفظ آخر: ((فاقدروا له ثلاثين)) [3]، وفي حديث آخر: ((فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)) [4].
وقال عليه الصلاة والسلام: ((لا تصوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة، ولا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة)) [5].
وعن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب في اليوم الذي يشك فيه فقال: ألا إني جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وساءلتهم، وإنهم حدثوني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وانسكوا لها فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا)) [6].
وعن أمير مكة الحارث بن حاطب رضي الله عنه قال: ((عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما)) [7].
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا)) وأشار بأصابعه العشر ثلاث مرات، وقال: ((الشهر هكذا وهكذا وهكذا)) [8] وخنس إبهامه في الثالثة، والمعنى: أنه يكون تارة ثلاثين ويكون تارة تسعاً وعشرين.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، ولم يحلهم النبي صلى الله عليه وسلم في إثبات الشهور إلى الحساب، بل أحالهم إلى أمر مشاهد يراه الناس في السماء، وعند عدم الرؤية أمرهم بإكمال العدة، وقد أجمع سلف الأمة من الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان من أهل العلم المعتبرين على ذلك.
فلا يجوز لأحد أن يحتج على إبطال الرؤية بمجرد دعوى أصحاب المراصد أو بعضهم مخالفة الرؤية لحسابهم، كما لا يجوز لأحد أن يشترط لصحة الرؤية أن توافق ما يقوله أصحاب المراصد، لأن ذلك تشريع في الدين لم يأذن به الله، ولأن ذلك تقيد لما أطلقه الله ورسوله، واعتراض على صاحب الشريعة الذي لا ينطق عن الهوى، وتكليف للناس بما لا يعرفه إلا نفر قليل من الناس، فيضيقون بذلك ما وسعه الله.
ومن المعلوم أنه لا أحسن ولا أكمل من حكم الله ورسوله في كل شيء كما قال الله سبحانه: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [9]
فنصيحتي لجميع المسلمين ولجميع الحاسبين بوجه أخص أن يتقوا الله، وأن يحذروا مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتشريع للناس بما لم يأذن به الله، وقد قال الله عز وجل: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [10]، وقال سبحانه: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [11]، وقال تعالى: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [12]، وقال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [13]. والآيات في هذا المعنى كثيرة
وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله)) [14].
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)) قيل: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: ((من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى)) [15].
والأدلة على إبطال التعلق بالحساب في إثبات الأهلة كثيرة جداً. وقد حكى أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إجماع أهل العلم على عدم الاعتماد على الحساب في إثبات الأهلة، وهو رحمه الله من أعلم الناس بالإجماع والخلاف. وهذا الإجماع يؤيد ما دلت عليه السنة المتواترة عن الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك.
وأرجو أن يكون فيما ذكرناه كفاية ومقنع لطالب الحق. وأسأل الله أن يهدينا وسائر المسلمين صراطه المستقيم، وأن يمن علينا جميعاً بالفقه في دينه والثبات عليه إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/318)
--------------------------------------------------------------------------------
[1] رواه البخاري في الصوم باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا رأيتم الهلال فصوموا)) برقم 1909، والنسائي في الصيام باب ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار برقم 2124
[2] رواه مسلم في الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال برقم 1081
[3] رواه مسلم في الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال برقم 1080
[4] رواه البخاري في الصوم باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا رأيتم الهلال فصوموا)) برقم 1909
[5] رواه النسائي في الصيام باب ذكر الاختلاف على منصور برقم 2126، وأبو داود في الصوم باب إذا أغمي الشهر برقم 2326
[6] رواه النسائي في الصيام باب قبول شهادة الرجل الواحد برقم 2116
[7] رواه أبو داود في الصيام باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال برقم 2338
[8] رواه البخاري في الصوم باب قول النبي: " لا نكتب ولا نحسب " برقم 1913، وفي باب قول النبي: " إذا رأيتم الهلال فصوموا " برقم 1908
[9] سورة المائدة، الآية 50
[10] سورة الشورى، الآية 21
[11] سورة النور، الآية 63
[12] سورة النور، الآية 54
[13] سورة النور، الآية 56
[14] رواه البخاري في الجهاد والسير باب يقاتل من وراء الإمام ويتقي به برقم 2957، ومسلم في الإمارة باب وجوب طاعة الأمراء برقم 1835
[15] رواه البخاري في الاعتصام بالكتاب والسنة باب الاقتداء بسنن الرسول برقم 7280
جزاك الله خيراً أخي على هذا النقل وفي رأيي هو الحق إن شاء الله الموافق للكتاب والسنة.
وهذا بيان نشر في جريدة المدينة يتعلق بالموضوع:
الجمعة, 22 أغسطس 2008
محمد رابع سليمان - مكة المكرمة
رفضت هيئة كبار العلماء رؤية دخول الأشهر القمرية بالحساب الفلكى مؤكدة الاعتماد على العين المجردة وفقا للقول الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأكد سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتى العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء أن الحساب الفلكى الذى يقوم على حساب ومعادلات رياضية فى صيام رمضان وفطره لاقبول له فى شرعنا موضحا ان علماء الأمة المحمدية، أنكروا على القائل بالحساب ورأوا أنه قول شاذٌ لا اعتبار له.
وقال سماحته: «من شكّك فى رؤيتنا وصومنا أو إفطارنا فذاك دليل على قلة إيمانه ونقص تصوره» ولفت الى ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال قولاً فصلاً صريحا (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غمّ عليكم فأكملوا الشهر) وقال (لاتصوموا حتى تروه ولاتفطروا حتى تروه) وقال (نحن أمةٌ أمّية لانحسب ولانكتب الشهر، هكذا وهكذا، وعدّ تسعاً وعشرين) واضاف: ان سنة رسول الله صريحة، لأن الصوم، المعتبر به رؤية الهلال فإذا رأينا الهلال وجب أن نصوم، قال ابن عباس جاء أعرابى للنبى صلى الله عيله وسلم فأخبره أنه رأى الهلال، فقال له: أتشهد ألا إله إلا الله قال نعم، وأني رسول الله، قال، نعم، قال فصام وأمر الناس بصيامه، وقال ابن عمر تراءى الناس الهلال فأخبرت النبى صلى الله عليه وسلم أنى رأيته فصام وأمر بصيامه، وقال: عند الرؤية البصرية المجردة يجب أن نصوم إذا ادعاها مسلم معروفة عدالته وحسن بصره، اما عن الحساب الفلكى فقال، «هذا لا قبول له فى شرعنا، وشيخ الإسلام ابن تيمية له رسائل فى ذلك موضحا ان بلادنا تسير على هذا المنهج، فمجلس القضاء الأعلى يعلن عن تحرى رؤية هلال شهر رجب وشعبان، ورمضان، وشوال والقعدة والحجة، فتأتيه الرؤية الواضحة بل يراه فى بعض الأعوام عشرات كما فى العام الماضى والحمد لله صومنا على حق، وفطرنا على حق، وحَجُّنا على حق. وقال ان المملكة مأوى أفئدة المسلمين ولا تزال تعمل بهذه الرؤية وتُطبقها وما رأينا إلا الخير، وكانت هيئة كبار العلماء فى المملكة انتهت الثلاثاء الماضى من مناقشة قضية اعتبار دخول الأشهر بالحساب الفلكى بدلاً من الإصرار على الرؤية بالعين المجردة أو المراصد الفلكية، وبعد مناقشات استمرت لعدة جلسات أنهت الهيئة المناقشات وأقرت بالإجماع اعتماد الرؤية لدخول الأشهر وعدم اعتماد الحساب الفلكى، وكان ثلاثة أعضاء فقط قد وافقوا على اعتماد الحساب الفلكى، فيما أجمع بقية الأعضاء على رؤية الهلال.
http://al-madina.com/node/46373
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[30 - 08 - 08, 08:27 م]ـ
يقول الباحث
محمد كعورة وهو متخصص في الحساب
في كتابه مبادئ الكونيات (ص 96 - 97) ما ملخصه:
" كثيرًا ما اختلفت الدول الإسلامية في بداية ونهاية شهر رمضان، والسبب الأساسي في ذلك هو ما سبق أن ذكرت من أن حركة القمر معقدة للغاية، ويكاد يكون في حكم المستحيل وضع تقويم مضبوط للشهور العربية؛ لأن مواقع الأرض والقمر والشمس لا تتكرر في فترات منتظمة، إن الحل في رأيي لهذه المشكلة هو أن يعتمد المسلمون على الرؤية، وذلك يتمشى مع الدين كما جاء في الحديث الشريف «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/319)
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 08:30 م]ـ
وإلا كبار الفلكيين مختلفين حيث قرروا أن حركة القمر فيها اضطراب كبير
هل أنت جادّ في كلامك أخي الفاضل؟
إن كنت جادا فأتني بمرجع علمي واحد فقط يدعم قولك ...
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 08:51 م]ـ
يقول الباحث
محمد كعورة وهو متخصص في الحساب
في كتابه مبادئ الكونيات (ص 96 - 97) ما ملخصه:
" كثيرًا ما اختلفت الدول الإسلامية في بداية ونهاية شهر رمضان، والسبب الأساسي في ذلك هو ما سبق أن ذكرت من أن حركة القمر معقدة للغاية، ويكاد يكون في حكم المستحيل وضع تقويم مضبوط للشهور العربية؛ لأن مواقع الأرض والقمر والشمس لا تتكرر في فترات منتظمة، إن الحل في رأيي لهذه المشكلة هو أن يعتمد المسلمون على الرؤية، وذلك يتمشى مع الدين كما جاء في الحديث الشريف «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين
أخي الفاضل اسمح لي،
زعمك سابقا أن حركة القمر فيها اضطراب، ونقلك آنفا أن حركة القمر معقدة، هو نوع من التدليس فانتبه له بارك الله بكم ...
أعطيك دليلا حسيا واحدا لنقض كلامك ... حساب لحظة الكسوف أو الخسوف بدقة ... فتأمل وفقك الله ...
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 10:29 م]ـ
قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ – رحمَهُ اللهُ تَعالى – في "مجموع فتاويه":
[وَأَمَّا الْعَقْلُ: فَاعْلَمْ أَنَّ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَهْلِ الْحِسَابِ كُلَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ ضَبْطُ الرُّؤْيَةِ بِحِسَابٍ بِحَيْثُ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ يُرَى لَا مَحَالَةَ أَوْ لَا يُرَى أَلْبَتَّةَ عَلَى وَجْهٍ مُطَّرِدٍ وَإِنَّمَا قَدْ يَتَّفِقُ ذَلِكَ أَوْ لَا يُمْكِنُ بَعْضَ الْأَوْقَاتِ وَلِهَذَا كَانَ الْمُعْتَنُونَ بِهَذَا الْفَنِّ مِنْ الْأُمَمِ: الرُّومِ وَالْهِنْدِ وَالْفُرْسِ وَالْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ مِثْلُ بَطْلَيْمُوسَ الَّذِي هُوَ مُقَدَّمُ هَؤُلَاءِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَبَعْدَهُ لَمْ يَنْسُبُوا إلَيْهِ فِي الرُّؤْيَةِ حَرْفًا وَاحِدًا وَلَا حَدُّوهُ كَمَا حَدُّوا اجْتِمَاعَ الْقُرْصَيْنِ وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ بِهِ قَوْمٌ مِنْهُمْ فِي أَبْنَاءِ الْإِسْلَامِ: مِثْلُ كوشيار الديلمي وَعَلَيْهِ وَعَلَى مِثْله يَعْتَمِدُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الرُّؤْيَةِ مِنْهُمْ. وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ حُذَّاقُهُمْ مِثْلُ أَبِي عَلِيٍّ المروذي الْقَطَّانِ وَغَيْرِهِ وَقَالُوا إنَّهُ تَشَوَّقَ بِذَلِكَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا فَهَذَا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ. وَلَعَلَّ مَنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ مِنْهُمْ كَانَ مَرْمُوقًا بِنِفَاقِ فَمَا النِّفَاقُ مِنْ هَؤُلَاءِ بِبَعِيدِ أَوْ يَتَقَرَّبُ بِهِ إلَى بَعْضِ الْمُلُوكِ الْجُهَّالِ مِمَّنْ يُحْسِنُ ظَنَّهُ بِالْحِسَابِ مَعَ انْتِسَابِهِ إلَى الْإِسْلَامِ. وَبَيَانُ امْتِنَاعِ ضَبْطِ ذَلِكَ: أَنَّ الْحِسَابَ إنَّمَا يُقَدِّرُهُ عَلَى ضَبْطِ شَبَحِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَجَرْيِهِمَا أَنَّهُمَا يَتَحَاذَيَانِ فِي السَّاعَةِ الْفُلَانِيَّةِ فِي الْبُرْجِ الْفُلَانِيِّ فِي السَّمَاءِ الْمُحَاذِي لِلْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ مِنْ الْأَرْضِ سَوَاءٌ كَانَ الِاجْتِمَاعُ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَهَذَا الِاجْتِمَاعُ يَكُونُ بَعْدَ الِاسْتِسْرَارِ وَقَبْلَ الِاسْتِهْلَالِ فَإِنَّ الْقَمَرَ يَجْرِي فِي مَنَازِلِهِ الثَّمَانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ كَمَا قَدَّرَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ ثُمَّ يَقْرُبُ مِنْ الشَّمْسِ فَيَسْتَسِرُّ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ؛ لِمُحَاذَاتِهِ لَهَا فَإِذَا خَرَجَ مِنْ تَحْتِهَا جَعَلَ اللَّهُ فِيهِ النُّورَ ثُمَّ يَزْدَادُ النُّورُ كُلَّمَا بَعُدَ عَنْهَا إلَى أَنْ يُقَابِلَهَا لَيْلَةَ الْإِبْدَارِ ثُمَّ يَنْقُصُ كُلَّمَا قَرُبَ مِنْهَا إلَى أَنْ يُجَامِعَهَا وَلِهَذَا يَقُولُونَ الِاجْتِمَاعُ وَالِاسْتِقْبَالُ وَلَا يَقْدِرُونَ أَنْ يَقُولُوا: الْهِلَالُ وَقْتَ الْمُفَارَقَةِ عَلَى كَذَا. يَقُولُونَ: الِاجْتِمَاعُ وَقْتَ الِاسْتِسْرَارِ وَالِاسْتِقْبَالُ وَقْتَ الْإِبْدَارِ. وَمِنْ مَعْرِفَةِ الْحِسَابِ الِاسْتِسْرَارُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/320)
وَالْإِبْدَارُ الَّذِي هُوَ الِاجْتِمَاعُ وَالِاسْتِقْبَالُ فَالنَّاسُ يُعَبِّرُونَ عَنْ ذَلِكَ بِالْأَمْرِ الظَّاهِرِ مِنْ الِاسْتِسْرَارِ الْهِلَالِيِّ فِي آخِرِ الشَّهْرِ وَظُهُورِهِ فِي أَوَّلِهِ وَكَمَالِ نُورِهِ فِي وَسَطِهِ والحساب يُعَبِّرُونَ بِالْأَمْرِ الْخَفِيِّ مِنْ اجْتِمَاعِ الْقُرْصَيْنِ الَّذِي هُوَ وَقْتُ الِاسْتِسْرَارِ وَمِنْ اسْتِقْبَالِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ الَّذِي هُوَ وَقْتُ الْإِبْدَارِ فَإِنَّ هَذَا يُضْبَطُ بِالْحِسَابِ. وَأَمَّا الْإِهْلَالُ فَلَا لَهُ عِنْدَهُمْ مِنْ جِهَةِ الْحِسَابِ ضَبْطٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُضْبَطُ بِحِسَابٍ يُعْرَفُ كَمَا يُعْرَفُ وَقْتُ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ فَإِنَّ الشَّمْسَ لَا تَكْسِفُ فِي سُنَّةِ اللَّهِ الَّتِي جَعَلَ لَهَا إلَّا عِنْدَ الِاسْتِسْرَارِ إذَا وَقَعَ الْقَمَرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَبْصَارِ النَّاسِ عَلَى مُحَاذَاةٍ مَضْبُوطَةٍ وَكَذَلِكَ الْقَمَرُ لَا يَخْسِفُ إلَّا فِي لَيَالِي الْإِبْدَارِ عَلَى مُحَاذَاةٍ مَضْبُوطَةٍ لِتَحَوُّلِ الْأَرْضِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ فَمَعْرِفَةُ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ لِمَنْ صَحَّ حِسَابُهُ مِثْلُ مَعْرِفَةِ كُلِّ أَحَدٍ أَنَّ لَيْلَةَ الْحَادِيَ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ الشَّهْرِ لَا بُدَّ أَنْ يَطْلُعَ الْهِلَالُ وَإِنَّمَا يَقَعُ الشَّكُّ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ. فَنَقُولُ الْحَاسِبُ غَايَةُ مَا يُمْكِنُهُ إذَا صَحَّ حِسَابُهُ أَنْ يَعْرِفَ مَثَلًا أَنَّ الْقُرْصَيْنِ اجْتَمَعَا فِي السَّاعَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَأَنَّهُ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ يَكُونُ قَدْ فَارَقَهَا الْقَمَرُ إمَّا بِعَشْرِ دَرَجَاتٍ مَثَلًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ. وَالدَّرَجَةُ هِيَ جُزْءٌ مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا مِنْ الْفَلَكِ. فَإِنَّهُمْ قَسَّمُوهُ اثْنَيْ عَشَرَ قِسْمًا سَمَّوْهَا " الدَّاخِلَ ": كُلُّ بُرْجٍ اثْنَا عَشَرَ دَرَجَةً وَهَذَا غَايَةُ مَعْرِفَتِهِ وَهِيَ بِتَحْدِيدِكُمْ بَيْنَهُمَا مِنْ الْبُعْدِ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ فِي مَكَانٍ مُعَيَّنٍ. هَذَا الَّذِي يَضْبُطُهُ بِالْحِسَابِ. أَمَّا كَوْنُهُ يُرَى أَوْ لَا يُرَى فَهَذَا أَمْرٌ حِسِّيٌّ طَبِيعِيٌّ لَيْسَ هُوَ أَمْرًا حِسَابِيًّا رِيَاضِيًّا. وَإِنَّمَا غَايَتُهُ أَنْ يَقُولَ: اسْتَقْرَأْنَا أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى كَذَا وَكَذَا دَرَجَةً يُرَى قَطْعًا أَوْ لَا يُرَى قَطْعًا. فَهَذَا جَهْلٌ وَغَلَطٌ؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يَجْرِي عَلَى قَانُونٍ وَاحِدٍ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ. بَلْ إذَا كَانَ بُعْدُهُ مَثَلًا عِشْرِينَ دَرَجَةً فَهَذَا يُرَى مَا لَمْ يَحُلْ حَائِلٌ وَإِذَا كَانَ عَلَى دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَذَا لَا يُرَى وَأَمَّا مَا حَوْلَ الْعَشْرَةِ فَالْأَمْرُ فِيهِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِ الرُّؤْيَةِ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا تَخْتَلِفُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ تَخْتَلِفُ لِحِدَّةِ الْبَصَرِ وكلاله فَمَعَ دِقَّتِهِ يَرَاهُ الْبَصَرُ الْحَدِيدُ دُونَ الْكَلِيلِ وَمَعَ تَوَسُّطِهِ يَرَاهُ غَالِبُ النَّاسِ وَلَيْسَتْ أَبْصَارُ النَّاسِ مَحْصُورَةً بَيْنَ حَاصِرَيْنِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ يَرَاهُ غَالِبُ النَّاسِ وَلَا يَرَاهُ غَالِبُهُمْ: لِأَنَّهُ لَوْ رَآهُ اثْنَانِ عَلَّقَ الشَّارِعُ الْحُكْمَ بِهِمَا بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ الْجُمْهُورُ لَمْ يَرَوْهُ فَإِذَا قَالَ لَا يُرَى بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ كَانَ مُخْطِئًا فِي حُكْمِ الشَّرْعِ وَإِنْ قَالَ يُرَى بِمَعْنَى أَنَّهُ يَرَاهُ الْبَصَرُ الْحَدِيدُ. فَقَدْ لَا يَتَّفِقُ فِيمَنْ يَتَرَاءَى لَهُ مَنْ يَكُونُ بَصَرُهُ حَدِيدًا فَلَا يَلْتَفِتُ إلَى إمْكَانِ رُؤْيَةِ مَنْ لَيْسَ بِحَاضِرِ. السَّبَبُ الثَّانِي: أَنْ يَخْتَلِفَ بِكَثْرَةِ الْمُتَرَائِينَ وَقِلَّتِهِمْ فَإِنَّهُمْ إذَا كَثُرُوا كَانَ أَقْرَبَ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ يَرَاهُ لِحِدَّةِ بَصَرِهِ وَخِبْرَتِهِ بِمَوْضِعِ طُلُوعِهِ وَالتَّحْدِيقِ نَحْوَ مَطْلَعِهِ وَإِذَا قَلُّوا: فَقَدْ لَا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/321)
يَتَّفِقُ ذَلِكَ فَإِذَا ظَنَّ أَنَّهُ يُرَى قَدْ يَكُونُونَ قَلِيلًا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَرَوْهُ وَإِذَا قَالَ: لَا يُرَى فَقَدْ يَكُونُ الْمُتَرَاءُونَ كَثِيرًا فِيهِمْ مَنْ فِيهِ قُوَّةٌ عَلَى إدْرَاكِ مَا لَمْ يُدْرِكْهُ غَيْرُهُ. السَّبَبُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَكَانِ التَّرَائِي فَإِنَّ مَنْ كَانَ أَعْلَى مَكَانًا فِي مَنَارَةٍ أَوْ سَطْحٍ عَالٍ أَوْ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَكُونُ عَلَى الْقَاعِ الصَّفْصَفِ أَوْ فِي بَطْنِ وَادٍ. كَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ أَمَامَ أَحَدِ الْمُتَرَائِينَ بِنَاءٌ أَوْ جَبَلٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ يُمْكِنُ مَعَهُ أَنْ يَرَاهُ غَالِبًا وَإِنْ مَنْعَهُ أَحْيَانًا وَقَدْ يَكُونُ لَا شَيْءَ أَمَامَهُ. فَإِذَا قِيلَ: يُرَى مُطْلَقًا لَمْ يَرَهُ الْمُنْخَفِضُ وَنَحْوُهُ وَإِذَا قِيلَ لَا يُرَى فَقَدْ يَرَاهُ الْمُرْتَفِعُ وَنَحْوُهُ وَالرُّؤْيَةُ تَخْتَلِفُ بِهَذَا اخْتِلَافًا ظَاهِرًا. السَّبَبُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ وَقْتِ التَّرَائِي وَذَلِكَ أَنَّ عَادَةَ الحساب أَنَّهُمْ يُخْبِرُونَ بِبُعْدِهِ وَقْتَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ الشَّمْسِ فَيَكُونُ نُورُهُ قَلِيلًا وَتَكُونُ حُمْرَةُ شُعَاعِ الشَّمْسِ مَانِعًا لَهُ بَعْضَ الْمَنْعِ فَكُلَّمَا انْخَفَضَ إلَى الْأُفُقِ بَعُدَ عَنْ الشَّمْسِ فَيَقْوَى شَرْطُ الرُّؤْيَةِ وَيَبْقَى مَانِعُهَا فَيَكْثُرُ نُورُهُ وَيَبْعُدُ عَنْ شُعَاعِ الشَّمْسِ فَإِذَا ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُرَى وَقْتَ الْغُرُوبِ أَوْ عَقِبَهُ فَإِنَّهُ يُرَى بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ عِنْدَ هُوِيِّهِ فِي الْمَغْرِبِ وَإِنْ قَالَ: إنَّهُ يُضْبَطُ حَالُهُ مِنْ حِينِ وُجُوبِ الشَّمْسِ إلَى حِينِ وُجُوبِهِ فَإِنَّمَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَضْبُطَ عَدَدَ تِلْكَ الدَّرَجَاتِ لِأَنَّهُ يَبْقَى مُرْتَفِعًا بِقَدْرِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْبُعْدِ أَمَّا مِقْدَارُ مَا يَحْصُلُ فِيهِ مِنْ الضَّوْءِ وَمَا يَزُولُ مِنْ الشُّعَاعِ الْمَانِعِ لَهُ فَإِنَّ بِذَلِكَ تَحْصُلُ الرُّؤْيَةُ بِضَبْطِهِ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ - يَصِحُّ مَعَ الرُّؤْيَةِ دَائِمًا أَوْ يَمْتَنِعُ دَائِمًا - فَهَذَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَبَدًا وَلَيْسَ هُوَ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا مُنْضَبِطًا خُصُوصًا إذَا كَانَتْ الشَّمْسُ. السَّبَبُ الْخَامِسُ: صَفَاءُ الْجَوِّ وَكَدَرُهُ. لَسْت أَعْنِي إذَا كَانَ هُنَاكَ حَائِلٌ يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ كَالْغَيْمِ وَالْقَتَرِ الْهَائِجِ مِنْ الْأَدْخِنَةِ وَالْأَبْخِرَةِ وَإِنَّمَا إذَا كَانَ الْجَوُّ بِحَيْثُ يُمْكِنُ فِيهِ رُؤْيَتُهُ أَمْكَنَ مِنْ بَعْضٍ إذَا كَانَ الْجَوُّ صَافِيًا مِنْ كُلِّ كَدَرٍ فِي مِثْلِ مَا يَكُونُ فِي الشِّتَاءِ عَقِبَ الْأَمْطَارِ فِي الْبَرِّيَّةِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ بُخَارٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الْجَوِّ بُخَارٌ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ رُؤْيَتُهُ كَنَحْوِ مَا يَحْصُلُ فِي الصَّيْفِ بِسَبَبِ الْأَبْخِرَةِ وَالْأَدْخِنَةِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَمَا يُمْكِنُ فِي مِثْلِ صَفَاءِ الْجَوِّ. وَأَمَّا صِحَّةُ مُقَابَلَتِهِ وَمَعْرِفَةِ مَطْلَعِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. فَهَذَا مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي يُمْكِنُ الْمُتَرَائِي أَنْ يَتَعَلَّمَهَا. أَوْ يَتَحَرَّاهُ. فَقَدْ يُقَالُ: هُوَ شَرْطُ الرُّؤْيَةِ كَالتَّحْدِيقِ نَحْوَ الْمَغْرِبِ خَلْفَ الشَّمْسِ فَلَمْ نَذْكُرْهُ فِي أَسْبَابِ اخْتِلَافِ الرُّؤْيَةِ. وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا مَا لَيْسَ فِي مَقْدُورِ الْمُتَرَائِينَ الْإِحَاطَةُ مِنْ صِفَةِ الْأَبْصَارِ وَأَعْدَادِهَا وَمَكَانِ التَّرَائِيِ وَزَمَانِهِ وَصَفَاءِ الْجَوِّ وَكَدَرِهِ. فَإِذَا كَانَتْ الرُّؤْيَةُ حُكْمًا تَشْتَرِكُ فِيهِ هَذِهِ الْأَسْبَابُ الَّتِي لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا دَاخِلًا فِي حِسَابِ الْحَاسِبِ فَكَيْفَ يُمْكِنُهُ مَعَ ذَلِكَ يُخْبِرُ خَبَرًا عَامًّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَرَاهُ أَحَدٌ حَيْثُ رَآهُ عَلَى سَبْعٍ أَوْ ثَمَانِ دَرَجَاتٍ أَوْ تِسْعٍ؟!!
أَمْ كَيْفَ يُمْكِنُهُ يُخْبِرُ خَبَرًا جَزْمًا أَنَّهُ يُرَى إذَا كَانَ عَلَى تِسْعَةٍ أَوْ عَشَرَةٍ مَثَلًا؟!!. وَلِهَذَا تَجِدُهُمْ مُخْتَلِفِينَ فِي قَوْسِ الرُّؤْيَةِ: كَمْ ارْتِفَاعُهُ. مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ تِسْعَةٌ وَنِصْفٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ وَيَحْتَاجُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ: إذَا كَانَتْ الشَّمْسُ فِي الْبُرُوجِ الشَّمَالِيَّةِ مُرْتَفِعَةً أَوْ فِي الْبُرُوجِ الْجَنُوبِيَّةِ مُنْخَفِضَةً. فَتَبَيَّنَ بِهَذَا الْبَيَانِ أَنَّ خَبَرَهُمْ بِالرُّؤْيَةِ مِنْ جِنْسِ خَبَرِهِمْ بِالْأَحْكَامِ وَأَضْعَفَ .. ] اهـ المقصود.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/322)
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[30 - 08 - 08, 11:36 م]ـ
أخي عمر الفضلي
شكرا لك على هذا النقل الموافق من ذلك الإمام الموفق شيخ الاسلام ابن تيمية على مزن الرحمة فهو امام عجيب حاز العلوم كلها وابدع فيها ايما ابداع فهو بحق مالئ الدنيا وشاغل الناس
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[30 - 08 - 08, 11:47 م]ـ
أخي الفاضل اسمح لي،
زعمك سابقا أن حركة القمر فيها اضطراب، ونقلك آنفا أن حركة القمر معقدة، هو نوع من التدليس فانتبه له بارك الله بكم ...
أعطيك دليلا حسيا واحدا لنقض كلامك ... حساب لحظة الكسوف أو الخسوف بدقة ... فتأمل وفقك الله ...
أخي حسن الشامي
بالنسبة لقولي اضراب القمر فقد خانني التعبير في هذا اللفظ فأعتذر عن ذلك
وأنا متبع للرسول صلى الله عليه وسلم في قوله ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)) [1]، وفي لفظ: ((فصوموا ثلاثين)) [2] وفي لفظ آخر: ((فاقدروا له ثلاثين)) [3]، وفي حديث آخر: ((فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)) [4].
وقال عليه الصلاة والسلام: ((لا تصوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة، ولا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة)) [5].
على فهم السلف الصالح قديما وحديثا
أما فلسفة وسفسطة علماء الفلك ومن اغتر بهم فهي وراء ظهري ولن التفت لها ولو غضبت
وغضب غيرك لأن معي حديث من لا ينطق على الهوى بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم
فدين الله الاسلام سهل ميسور على كل أحد فهو ليس دين النخبة فكل عبادتة وكل ما يتعلق بها سهلة ميسورة على الجميع
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[31 - 08 - 08, 03:24 ص]ـ
الأولى: أن تلك العلوم الفلكية لم تكن ذائعة الصيت وبالتالي فقواعدها لم تكن قطعية الثبوت ومن ثم نتج عدم ثقة السلف بها وإنكارهم لها بعكس هذا الزمان. وهذا غير صحيح فقد ذكر ابن عبد البر أن ارتقاب منازل القمر:" علم كانت العرب تعرف منه قريبا من علم العجم" (التمهيد (7/ 155)).
ابن عبد البر لا علم له بالفلك. وكل ما كان يمكن حسابه في ذلك الزمن هو ولادة القمر وليس إمكانية رؤيته. قال ابن تيمية: اسْتِقْبَالِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ الَّذِي هُوَ وَقْتُ الْإِبْدَارِ فَإِنَّ هَذَا يُضْبَطُ بِالْحِسَابِ. وَأَمَّا الْإِهْلَالُ فَلَا لَهُ عِنْدَهُمْ مِنْ جِهَةِ الْحِسَابِ ضَبْطٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُضْبَطُ بِحِسَابٍ يُعْرَفُ كَمَا يُعْرَفُ وَقْتُ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ
أما وقت الرؤية فلم يكن ممكن حسابه إلا منذ فترة قريبة أي في القرن العشرين
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[31 - 08 - 08, 08:53 ص]ـ
أكد خبير فلكي استحالة أن يكون اليوم هو أول أيام شهر رمضان بسبب غياب القمر قبل غروب شمس أمس السبت، فيما نفى عالم شرعي متخصص في علوم الأهلة أنه من المستحيل القول بدخول رمضان دون حضور الشهود العدول وفي حال انعدم ذلك فإن المسألة تقف عند اكتمال الشهر 30 يوماً.
وقال الخبير الفلكي الدكتور خالد الزعاق في تصريح لـ"الوطن": إن أول أيام شهر رمضان المبارك لهذا العام هو يوم الاثنين الموافق لليوم الأول من سبتمبر 2008، مبيناً أنه من غير الممكن دخول رمضان اليوم الأحد بسبب أن الحسابات الفلكية تشير إلى غروب القمر قبل موعد غياب شمس أمس.
وأوضح الزعاق أن "غياب القمر قبل غياب الشمس على العالم أجمع لن يسمح بمشاهدته بالعين المجردة، في الوقت الذي يشترط فيه لرؤية الهلال أن يغيب القمر بعد مغيب الشمس".
مضيفاً "لا رؤية لقمر غاب قبل مغيب الشمس أو معها، فالأفق حينها سوف يكون خالياً تماماً من القمر وحتى مغيب شمس اليوم وسوف يرافقها صعوبة شديدة في الرؤية في الوقت الذي تكون فيه ليلة 30 للشهر الهجري قد اكتملت، الأمر الذي ينفي الحاجة لمشاهدة الهلال، موضحاً أن أول الأيام التي سوف يرى فيها القمر بوضوح هي بعد مغيب شمس يوم الاثنين".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/323)
وأكد الزعاق أن "مشكلة الرؤية تكمن في قبول الشهادة لرائي الهلال، حيث تنقص شروط الشهادة بنقص الرؤية من خلال غياب القمر قبل مغيب الشمس كما هو حاصل في هذه الحالة". داعيا القضاة في المملكة إلى "تحقيق شروط الشهادة بالتأكد من وجود "الهلال" الذي تستحيل رؤيته، وأنه إذا تعلقت الشهادة بمستحيل أو اقترنت بما يكذبها فإنها تطرح"، وتساءل الزعاق "كيف تقبل شهادة من يشهد برؤية الهلال والقمر قد غاب قبل مغيب الشمس؟ التقويم القمري الهجري قائم أساساً على الحسابات الفلكية، والحسابات الفلكية لا يعتريها الخلل، قال تعالى "الشمس والقمر بحسبان"، ومرتكز التقاويم إن كانت شمسية أو هلالية هو الحساب الفلكي من بداية خلق البشرية وحتى يرث الأرض ومن عليها، قال تعالى "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس"، وبذلك نص المولى على المواقيت وهي جمع ميقات، وهو الوقت المضبوط". وفي تعليقه على بعض علماء الفلك وتوقعاتهم المغلوطة عبر الصحف، قال "لا يعتمد إلا قول الفلكيين المختصين، أما من يدعي غير كلام أهل الاختصاص بدون أن يقدم دليلاً واحداً فكلامه يرد".
من جهته رد الباحث الشرعي المتخصص في رؤية الأهلة عبد الله علي بن جوير على علماء الفلك ومنهم الزعاق والذين يطالبون برد مسألة الشبهة في رؤية هلال شهر رمضان المبارك وغيره إليهم من خلال 33 نقطة.
موضحا في حديثه لـ"الوطن" أنه عندما يتم الحديث عن هذه المسألة الفقهية من خلال العلم الفلكي فإن المسألة تبقى مشوشة غير مفهومة، قائلاً "الأصل في رؤية الهلال هو الفقه الشرعي الواضح الذي يقربنا من الرأي الراجح الصحيح".
وأوضح بن جوير أن العمل بالحساب الفلكي فيه تلبيس للحق بغيره، وفيه تزهيد للناس في رؤية الهلال وإبعاد لهم عن هذه السنة النبوية، وفيه تشكيك في القضاة والعدول ودفع الناس لظن السوء في الشهود العدول، كما أن الحساب الفلكي للشهور فيه إدخال في الإسلام ما ليس فيه، وأن الحساب على 10 أقوال واختلفوا في حساب مدى قوس الرؤية".
واستعرض بن جوير في الوقفات التالية المؤكدة -حسب رأيه- أن مسألة رؤية الهلال مسألة محسومة شرعا وتدعو إلى وجوب العمل بالرؤية وترك ما سواها:
الوقفة الأولى: جرت السنة على قبول شهادة العدول في رؤية الهلال دون العمل بالحساب أو الاستئناس به أو خلطه بالرؤية.
الوقفة الثانية: ثبوت الأحاديث الواردة في رؤية الهلال لدخول الشهر أو إكمال العدة 30 يوماً وتواترها وصحة إسنادها مما لا يدع مجالاً لغيرها، وقال صلى الله عليه وسلم " لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه .. " وقال صلى الله عليه وسلم "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" أخرجه البخاري ومسلم.
الوقفة الثالثة: صام الرسول صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات وصام خلفاؤه 30 رمضاناً عملاً بالرؤية دون أي ذكر للحساب الفلكي فيكون العمل بالحساب الفلكي بدخول الشهر وخروجه حينئذ من محدثات الأمور، قال صلى الله عليه وسلم "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"رواه مسلم.
الوقفة الرابعة: العمل بالحساب الفلكي فيه تلبيس للحق بغيره حتى يصير الحساب مقدما على الرؤية حاكماً عليها فلا تقبل إلا إذا شهد لها الحاسب بدعوى أن الشهادة لابد أن تكون منفكة عما يكذبها عقلاً وحساً ويرون أن العقل والحس هما ما يقرره الفلكيون.
الوقفة الخامسة: العمل بالحساب الفلكي فيه تزهيد للناس في ترائي الهلال والتبليغ برؤيته وقطع الناس عن هذه السنة بحجة ولادة الهلال أو عدم ولادته، وهذا قد وقع فعلاً في كثير من البلدان التي تعتمد على الحساب الفلكي وتهمل الرؤية.
الوقفة السادسة: في العمل بالحساب الفلكي تشكيك للعامة وربما بعض المتعلمين وبلبلة أفكارهم هل دخول الشهر الذي أعلن عنه بموجب الرؤية صحيح أو خطأ ووهم ويدع مجالاً للقيل والقال في أمور العبادات وتندرج إثارة هذا الموضوع ضمن ما يفعله بعض الناس من الطعن في مسلمات الأمة وما عرف من دينها بالضرورة.
الوقفة السابعة: العمل بالحساب الفلكي وأقوال الحسّابين يتضمن الطعن في القضاة والشهود العدول حينما ينشر الفلكيون قولاً ويقول الشهود شيئاً آخر فيظن بعض الناس بالشهود شراً وأن لهم دافعاً مادياً أو غرض شهرة أو لديهم غفلة كما صرح بشيء من هذا بعض الذين ينادون بالحسابات الفلكية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/324)
الوقفة الثامنة: أسند ولاة الأمر موضوع ثبوت الشهر وخروجه وما يترتب عليه من الوقوف بعرفة ونحوه إلى أعلى هيئة شرعية قضائية في البلاد وحينما يأتي من ينادي بأقوال مخالفة ألا يكون هذا من منازعة الأمر أهله.
الوقفة التاسعة: رد شهادة العدول على رؤية الهلال لقول الحسابات الفلكية أنه يرى أو لا يرى داخل فيمن كذّب بالحق لما جاءه ومازال العلماء يعدون من خرج إلى ذلك (يعني الأخذ بالحساب في إثبات الشهر) قد أدخل في الإسلام ما ليس منه. قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله، مجموع الفتاوى (179/ 25).
الوقفة العاشرة: إيقاع الأمة في الحرج والعسر في صومها وفطرها الذي رفعه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب". رواه البخاري ومسلم.
الوقفة الحادية عشرة: طعن الحسّاب في الرؤية الشرعية ليس جديداً بل هو قديم ولكن درج السلف على عدم الالتفات لطعنهم أو الاستناد إلى أقوالهم، قال شيخ الإسلام "ولا ريب أن أحداً لا يمكنه مع ظهور دين الإسلام أن يظهر الاستناد إلى ذلك" أي إلى الحساب الفلكي، والمشاهد هو أن يعلن الحاسبون باستحالة الرؤية فيتقدم 20 شاهداً من جميع المناطق بإثبات رؤيته على وجه لا يتغير.
الوقفة الثانية عشرة: العمل بالحساب الفلكي في تحديد بداية الشهور هو طريقة النصارى واليهود وهي طريقة الحاكم بأمر الله العبيدي الباطني وغيره من الفرق المارقة عن منهج أهل السنة والجماعة.
الوقفة الثالثة عشرة: أجمع المسلمون على أنه لا اعتماد في دخول الشهر وخروجه على الحساب الفلكي وقد حكى الإجماع ابن المنذر، وشيخ الإسلام ابن تيميه، وأبو الوليد الباجي، وابن رشد، والقرطبي، وابن عابدين وغيرهم، بداية المجتهد لابن رشد (577/ 2) حاشية ابن عابدين (/3 408).
الوقفة الرابعة عشرة: اضطراب الحسّاب وتناقضهم وانقسامهم إلى أكثر من 10 فرق في إثبات الشهور القمرية وإمكان الرؤية وعدمها، وهذا يرفع الثقة بأقوالهم، قال شيخ الإسلام "إنه ليس لأحد منهم طريقة منضبطة أصلاً. فإن الله سبحانه لم يجعل لمطلع الهلال حساباً مستقيماً"، ولهم اختلاف طويل في مقدار قوس الرؤية، وقد ذكر الدكتور محمد صبيان الجهني من "قسم الهندسة النووية جامعة الملك عبد العزيز" في بحثه "الحساب الفلكي بين القطعية والاضطراب" أن القائلين بالحساب الفلكي انقسموا إلى أقسام كثيرة أوجزها في 10 أقوال.
وقد حدث ذلك في عام 1428هـ حيث تناقض الفلكيون واختلفوا وهم في بلد واحد فقد أفاد الباحث الفلكي محمد الشايعي بأن الأربعاء هو اليوم الأول من رمضان وأفاد الباحث الفلكي الزعاق بأن الخميس هو اليوم الأول من رمضان.
الوقفة الخامسة عشرة: كثير ممن يتحمسون للحساب الفلكي يطبقون حسابات غربية دون أن يفكروا أن هذه الحسابات لم تصمم لغرض رؤية الهلال الشرعي أو لتوافق مفاهيم الشريعة الإسلامية.
الوقفة السادسة عشرة: الأخذ بالحساب الفلكي أظهر فوارق عجيبة تخالف العقل والحس فبعض البلدان تعلن الصوم والفطر على الحساب الفلكي وبلدان أخرى تعلن الصوم والفطر في وقت مختلف، وبين البلدين فارق ثلاثة أيام، فهل في كوكب الأرض قمران مما يدل على أن النتائج الفلكية ظنية وتقديرية؟
الوقفة السابعة عشرة: المنصفون من الفلكيين يقولون "إن حركة القمر معقدة للغاية وقد يكون في حكم المستحيل وضع تقويم مضبوط للشهور العربية وأن الحل في هذه المشكلة هو أن يعتمد المسلمون على الرؤية".
وبالنظر إلى كتاب مبادئ الكونيات صفحة (96 - 97) للأمين محمد كعوره، يتضح أن القول بظنية الحساب وعدم قطعيته يعتبر شهادة من أرباب الفلك أنفسهم.
الوقفة الثامنة عشرة: التحدث أو الإعلان عن دخول الشهر وخروجه والكتابة حوله سواء كان الكاتب أو المتحدث من عامة الناس أو من الفلكيين أو من بعض المنتسبين للعلم الشرعي أو غيرهم من الكتاب وهو ممن لم يصرح له يعتبر من باب التحدث فيما لا يعني وقد قال صلى الله عليه وسلم "من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه" لا سيما إذا علمنا أن ولي الأمر أسند موضوع الأهلية إلى هيئة قضائية شرعية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/325)
الوقفة التاسعة عشرة: يحتج بعض الناس بأن الآلات الحسابية الفلكية دقيقة للغاية وأنها متطورة وأن علم الفلك ومراصده تقدمت في العصر الحاضر فيقال هذا الطلب بلغ الدقة والترقي مما هو مشاهد ومع ذلك يقع لكبار الأطباء أخطاء طبية يكون ضحيتها أنفساً معصومة أو أعضاء محترمة.
الوقفة العشرون: يقول بعض المعاصرين يؤخذ بالحساب في باب النفي ولا يؤخذ به في جانب الإثبات وهذا نوع من التكلف لأن النفي في حقيقة أمره أخذ بقول الحساب الفلكي وهو نفي وجود هلال بعد الغروب أو نفي وجود ولادة فلكية، ويرتبون على هذا القول رد الشهادة الشرعية.
الوقفة الحادية والعشرون: الآيات التي يستدل بها بعض أرباب الحساب الفلكي يتضح أنهم استدلوا بها في غير موضعها فلو رجعوا إلى قول أعلم الخلق بتفسير كتاب الله لعلموا من سنته صلى الله عليه وسلم أنه لم يعلق دخول الشهر ولا خروجه بعلم الحساب وإنما علق ذلك بالرؤية وإكمال العدة حال الغيم ولا أحد من المسلمين ينكر أن الله خلق الشمس والقمر لحكم عظيمة ومنها معرفة السنين والحساب وأنهما يعملان بحسبان مع هذا كله أناط الشرع الحكيم دخول الشهر برؤية الهلال أو إكمال العدة فقط.
الوقفة الثانية والعشرون: يقيس بعض الناس على أن الفقهاء يرجعون في كثير من شؤونهم لأهل الخبرة فيرجعون إلى الأطباء في فطر المريض في رمضان وإلى أهل اللغة في تفسير بعض النصوص إلى غير ذلك فليرجع الناس في معرفة بداية الشهور إلى علماء الفلك، فيقال هذا قياس مع الفارق لأنه إنما يرجع لأهل الاختصاص في المسائل التي لا نص فيها، أما إثبات الأهلة فقد وردت فيه النصوص صريحة، لا تقبل التأويل.
الوقفة الثالثة والعشرون: يستشكل البعض فيقول إن تحديد بدء الشهر ونهايته لا يختلف عن توقيت الصلاة فكيف أخذ الناس بالتقويم في أوقات الصلوات وبداية الإمساك وبداية الفطر في اليوم والليلة ولم يأخذوا بالحساب الفلكي في دخول الشهر وخروجه، فيقال إن الشرع الحنيف أناط الحكم في الأوقات بوجودها، قال تعالى (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر)، وقال تعالى (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل) وجاءت السنة وفصلت في بداية ونهاية وقت كل فريضة وأناطت وجوب صوم رمضان برؤية الهلال ولم تعلق الحكم في ذلك على الحساب.
الوقفة الرابعة والعشرون: لو فرضنا أن المسلمين أخطؤوا في إثبات الهلال دخولاً أو خروجاً وهم معتمدون في إثباته على ما صحت به السنة عن نبيهم صلى الله عليه وسلم لم يكن عليهم بأس في ذلك بل كانوا مأجورين مشكورين ولو تركوا ذلك لأجل قول الحساب مع قيام البينة الشرعية برؤية الهلال دخولاً أو خروجاً لكانوا آثمين وعلى خطر عظيم من عقوبة الله عز وجل، الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في مجموع فتاواه (/15 133).
الوقفة الخامسة والعشرون: ليعلم القائلون بالحسابات الفلكية في إثبات الشهر ومن ينادي بأن الرؤية تتوقف على تأييد الفلكيين بأن الله تعالى علم ما كان وما سيكون من تقدم على الفلك وغيره من العلوم وهو القائل جل وعلا "فمن شهد منكم الشهر فليصمه" وبينه صلى الله عليه وسلم بقوله "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته".
الوقفة السادسة والعشرون: القول بالحسابات الفلكية لم يؤثر عن صحابي واحد فكان بمثابة الإجماع، وإنما حكي الخلاف عن ابن سريج وابن السبكي ومطرف بن عبد الله بن الشخير وابن قتيبة، فأما ابن سريج فإنه يحكي عن الشافعي وأنكر علماء الشافعية نسبة هذا القول إلى إمامهم الشافعي، قال ابن عبدالبر الذي عندنا في كتبه أنه لا يصح اعتقاد رمضان إلا برؤية فاشية أو شهادة عادلة أو إكمال شعبان 30 يوماً. وقال الحافظ ابن حجر بعد أن ذكر أن ابن سريج نقل هذا القول عن الشافعي "والمعروف عن الشافعي ما عليه الجمهور"، يعلم من هذا أن ابن سريج رحمه الله قد وهم في نسبة هذا القول للشافعي أما ابن السبكي فهو تبع قول ابن سريج وقد اتضح غلط ابن سريج في نقله عن إمامه، وأما مطرف بن عبد الله بن الشخير فقد نفى ابن عبد البر صحة الأثر عنه فقال ليس بصحيح ولو صح عنه ما وجب اتباعه عليه لشذوذ فيه. انظر الاستذكار لابن عبد البر (19/ 10) وفتح الباري لابن حجر (157/ 4) ومجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد الثالث لعام 1408هـ، وقال شيخ الإسلام
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/326)
ابن تيمية "إن هذا إن صح عنه فهو من زلات العلماء"، مجموع الفتاوى (182/ 25)، وأما ابن قتيبة رحمه الله فقال ابن عبد البر متعقباً له "وأما ابن قتيبة فليس هو ممن يعرج عليه في مثل هذا" فتح الباري (157/ 4).
وما ذكر عن الشيخ أحمد شاكر من القول بالحساب في إثبات دخول الشهر في رسالته "أوائل الشهور العربية هل يجوز شرعاً إثباتها بالحساب الفلكي"، فقد تراجع عن القول وأشار إلى أن ما ذكر في رسالته كان بحثاً لا تقريراً وانتهى إلى القول بالاكتفاء بالرؤية الشرعية واطراح الحساب الفلكي وذلك للنصوص الشرعية الصحيحة الصريحة بذلك (مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد الثالث لعام 1408هـ). وأما غيرهم فقوله مضطرب ولم يأت بجديد يستحق أن يناقش وبعض الأقوال أجيب عنها فيما سبق.
الوقفة السابعة والعشرون: يزعم البعض أن في العمل بالحساب الفلكي توحيداً للمسلمين في صيامهم وعيدهم وكلمتهم وهذا ليس بصحيح وذلك من عدة وجوه:
الأول: أن دخول الشهر وخروجه له ارتباط باختلاف المطالع في البلدان والأقاليم.
الثاني: أن توحيد المسلمين يكون باجتماعهم على الحق في أمور الأصول كنبذ الشرك أو تعظيم القبور ووجوب الحكم بما أنزل الله والسير على العقيدة الصحيحة، أما الاختلاف في دخول الشهر وخروجه فهو من الأمور الفرعية.
الثالث: أن الحساب الفلكي هو إلى الفرقة أقرب لأننا نرى أن دولاً تصوم ودولاً لا تصوم والفارق بينهما في الصوم والفطر ثلاثة أيام وسبب ذلك تعاملهم بالحساب الفلكي.
الوقفة الثامنة والعشرون: قوله صلى الله عليه وسلم "فاقدروا له" هذه رواية واحدة مجملة استدل بها البعض على الأخذ بالحساب الفلكي وهذه الرواية تفسرها 14 رواية وليس من الفقه في شيء بتر هذه الرواية عن الروايات الواردة في نفس الحديث لا سيما الرواية الصحيحة الصريحة عند البيهقي بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الله جعل الأهلة مواقيت فإذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له، أتموه ثلاثين".
الوقفة التاسعة والعشرون: القول بعدم الأخذ بالحساب الفلكي والاقتصار على الرؤية في إثبات دخول الشهر وخروجه امتثالاً للشرع، لا يعني اطراح علم الفلك بجملته بل هو علم من العلوم التي ظهر نفعها للعباد في زروعهم وأسفارهم وفصولهم واتجاهاتهم والكثير من شؤونهم ومصالحهم.
الوقفة الثلاثون: تمحيص شهادة الشهود والتثبت منها مرده إلى القاضي وليس لأرباب الفلك ويندرج تحت تمحيص الشهادة التثبت مما شهدوا به حساً.
الوقفة الحادية والثلاثون: الشهر القمري على حسابات الفلكيين يقصر حيث يصل إلى 29 يوماً و6ساعات و35 دقيقة، ويطول حيث يصل إلى 29يوماً و19 ساعة و55 دقيقة، وهو خلاف ما جاء في الحديث الصحيح من كون الشهر إما 29 يوماً أو 30 يوماً، ومحاولة الجبر لحساب الشهر لكي يصبح 29 يوماً أو 30 يوماً ليس لها معادلة ثابتة لأن ولادة الهلال التي يعولون عليها تحدث في أوقات مختلفة من كل شهر وتصبح طريقة جبر كسر الشهر عند أهل الحساب الفلكي متكلّفة ومعتمدة على العقول المتفاوتة في تقديراتها وخرجت أحياناً بأربابها عن المعقول والمنقول.
الوقفة الثانية والثلاثون: الهلال الشرعي هو الذي تتحقق فيه الرؤية البصرية الواردة في النصوص الشرعية ويهل الناس (الشاهد العدل) برؤيته، وليس متعلقاً بالاقتران، أو الولادة الفلكية، أو كونه يرى في اليوم الثاني، أو طول مدة مكثه في الأفق أو قصرها، أو أنه ليس هلالاً انعكاسياً مقلوباً، أو أنه إذا رؤي في صباح اليوم قبل الشمس فلا يعيب بعدها، أو أنه إذا رؤي في بلدة غربية فإنه موجود في بلدة شرقية، أو أنه إذا استحالت رؤيته في بلدة شرقية تستحيل رؤيته في بلدة عربية أو أنه يختلف مع حسابات الخسوف والكسوف، حيث يمكن أن يرى الهلال الشرعي بلا اقتران وبلا ولادة، ويمكن ألا يرى في اليوم الثاني، ويمكن أن يكون كبير الحجم في اليوم الأول، ويمكن أن يرى في الصباح قبل الشمس ثم يغيب بعدها في المساء، ويمكن أن يرى في بلدة شرقية ولا يرى في بلدة غربية عنها، ويمكن أن يرى في بلدة عربية ولا يرى في بلدة شرقية عنها ومن نفى ذلك وألزم الناس بهذه الافتراضات فهو مطالب بالدليل الشرعي على اعتبارها.
الوقفة الثالثة والثلاثون: التسليم والانقياد للشرع أمر متحتم وليس للمؤمن خيرة بعد ذلك، والفتنة في الدنيا والعذاب في الآخرة والعياذ بالله كثيراً ما تصيب الذين يخالفون عن أمره وترك السنة لقول أحد إنما هو مشاقة للرسول صلى الله عليه وسلم واتباع لغير سبيل المؤمنين كيف وقد تبين الهدى من سنته القولية والعملية في هذا الموضوع، قال تعالى "وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون " (الأنعام 153).
http://www.alwatan.com.sa/news/newsdetail.asp?issueno=2893&id=68220&groupID=0
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/327)
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 11:20 ص]ـ
أخي الفاضل،
لم أجد في كلامكم، ولا كلام غيركم من المعاصرين، حتى الآن أي شيء يثبت أن علم الفلك لا يسمح لنا بمعرفة وقت ظهور الهلال بدقة سوى النقل عن كتاب "مبادئ الكونيات" لكعورة ... والذي لم أجد أي تعريف به وبدرجته في علم الفلك ... زقد قرأت كلاما منسوبا له في أحد المنتديات منقول من كتابه هذا فلم أجده قارب المسألة بطريقة علمية ...
أخي الكريم، الخلاف بيننا ليس في تطبيق السنة، وإنما في كيفية تطبيقها عند من يرون الأخذ بالشهادة وإن خالفت اليقين في استحالة الرؤية ...
وحتى لا أطيل الأخذ والردّ، خذ هذه القصة اللطيفة التي أوردها الشيخ الجليل محمد رشيد رضا رحمه الله في مجلة المنار، حيث يقول:
وقد وقع لي في بعض السنين، وأنا في سورية أن رأيت الشمس غربت كاسفة في اليوم التاسع والعشرين من شعبان، ثم شهد شاهدان ذوا عدل بعد غروبها بساعة زمانية أنهما رأيا الهلال، فحكم القاضي الشرعي بإثبات الشهر بالرؤية، ومن المعلوم باليقين أن رؤية الهلال كانت من المحال؛ لأنه غرب مع الشمس، فلا يمكن أن يكون عاد ورأياه، وأنا أعتقد أن ذينك الشاهدين لم يتعمدا الكذب فهما من أهل التقوى والعلم، ولكنهما تخيلا الهلال تخيلاً، ولأجل مثل هذا الاشتباه قال المحققون من الفقهاء في هذه المسألة: إن الشهادة برؤية الهلال في أيام الصحو لا تثبت إلا برؤية جمع كثير، وينبغي تقييد هذا بما إذا تراءى الهلال كثيرون كما هي العادة، وذلك أن العبرة في الرؤية رؤية معتدل البصر، لا أمثال زرقاء اليمامة في حدة البصر.
ـ[سلطان القرني]ــــــــ[31 - 08 - 08, 04:42 م]ـ
وقد وقع لي في بعض السنين، وأنا في سورية أن رأيت الشمس غربت كاسفة في اليوم التاسع والعشرين من شعبان، ثم شهد شاهدان ذوا عدل بعد غروبها بساعة زمانية أنهما رأيا الهلال، فحكم القاضي الشرعي بإثبات الشهر بالرؤية، ومن المعلوم باليقين أن رؤية الهلال كانت من المحال؛ لأنه غرب مع الشمس، فلا يمكن أن يكون عاد ورأياه، وأنا أعتقد أن ذينك الشاهدين لم يتعمدا الكذب فهما من أهل التقوى والعلم، ولكنهما تخيلا الهلال تخيلاً، ولأجل مثل هذا الاشتباه قال المحققون من الفقهاء في هذه المسألة: إن الشهادة برؤية الهلال في أيام الصحو لا تثبت إلا برؤية جمع كثير، وينبغي تقييد هذا بما إذا تراءى الهلال كثيرون كما هي العادة، وذلك أن العبرة في الرؤية رؤية معتدل البصر، لا أمثال زرقاء اليمامة في حدة البصر.
أخي أراكم أطلتم النفس في هذه المسألة السهلة، إن كان من باب الانتصار للحق وهذا الظن بكم فلا إشكال، لكن الخوف أن يكون انتصارا للنفس وهذا نبرئكم منه.
ما ذكرته هنا هو عين السنة، شهد شاهدان عدلان كما نقلت، وحكم القاضي الشرعي بإثبات الشهر، انتهت القضية هذا هو منهج النبي صلى الله عليه وسلم، والله تعالى لم يكلفنا أكثر من ذلك ولله الحمد، فإن الله تعالى هو الذي أمر بترائي الهلال، وأمر به الناس جميعا ولم يوجه خطابه للفلكيين، وهو أعلم سبحانه وتعالى بتقدم الفلك المزعوم، والأمر بالرؤية يستطيعه كل أحد، ولذا تجد أن هذا الحكم الرباني صالح لكل زمان ومكان، أما القول بالحساب فهو صالح لزمان دون زمان ومكان دون مكان، وهذا خلاف الشريعة الصالحة لكل الأماكن و الأزمان.
فالزموا جماعة المسلمين بارك الله فيكم، وفيهم أكابر العلماء والأخيار الذين نحسب أن منهجهم هو الكتاب والسنة.
أما قولك إن المحققين وكأنك تطلق، يشترطون رؤية الجمع الكثير فهذا غير مقبول، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطرو)).
هذا والله أعلم،،،
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[31 - 08 - 08, 06:36 م]ـ
أخي الفاضل،
لم أجد في كلامكم، ولا كلام غيركم من المعاصرين، حتى الآن أي شيء يثبت أن علم الفلك لا يسمح لنا بمعرفة وقت ظهور الهلال بدقة سوى النقل عن كتاب "مبادئ الكونيات" لكعورة ... والذي لم أجد أي تعريف به وبدرجته في علم الفلك ... زقد قرأت كلاما منسوبا له في أحد المنتديات منقول من كتابه هذا فلم أجده قارب المسألة بطريقة علمية ...
أخي الكريم، الخلاف بيننا ليس في تطبيق السنة، وإنما في كيفية تطبيقها عند من يرون الأخذ
بالشهادة وإن خالفت اليقين في استحالة الرؤية ...
ما هذا اليقين عفا الله عنك هل هو غيم أو غبار يحول بيننا وبين الرؤية وهو المعتبر
أم هو قول بعض الفلكيين حيث أنهم دائما يختلفون ففلان يقول تستحيل الرؤية وفلان يقول الرؤية ممكنة فعجيب اصدارك لحكم يقيني على امر ظني
وحتى لا أطيل الأخذ والردّ، خذ هذه القصة اللطيفة التي أوردها الشيخ الجليل محمد رشيد رضا رحمه الله في مجلة المنار، حيث يقول:
وقد وقع لي في بعض السنين، وأنا في سورية أن رأيت الشمس غربت كاسفة في اليوم التاسع والعشرين من شعبان، ثم شهد شاهدان ذوا عدل بعد غروبها بساعة زمانية أنهما رأيا الهلال، فحكم القاضي الشرعي بإثبات الشهر بالرؤية، ومن المعلوم باليقين أن رؤية الهلال كانت من المحال؛ لأنه غرب مع الشمس، فلا يمكن أن يكون عاد ورأياه، وأنا أعتقد أن ذينك الشاهدين لم يتعمدا الكذب فهما من أهل التقوى والعلم، ولكنهما تخيلا الهلال تخيلاً، ولأجل مثل هذا الاشتباه قال المحققون من الفقهاء في هذه المسألة: إن الشهادة برؤية الهلال في أيام الصحو لا تثبت إلا برؤية جمع كثير، وينبغي تقييد هذا بما إذا تراءى الهلال كثيرون كما هي العادة، وذلك أن العبرة في الرؤية رؤية معتدل البصر، لا أمثال زرقاء اليمامة في حدة البصر.
لماذا لا يكون الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله رحمة واسعة قد اخطأ في تقديره والصواب عند الشاهدين 000لاحظ انهما اثنين وعدول وأهل فضل كما نقل الشيخ والشيخ واحد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/328)
ـ[أبو الحسين باوزير]ــــــــ[12 - 09 - 08, 11:14 م]ـ
لماذا لا يكون الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله رحمة واسعة قد اخطأ في تقديره والصواب عند الشاهدين 000لاحظ انهما اثنين وعدول وأهل فضل كما نقل الشيخ والشيخ واحد
المشكلة ليست في الشيخ محمد رشيد ولكن المشكلة في الواقع، إذ ما الذي يكسف الشمس؟
الجواب في كتاب (مفتاح دار السعادة) لابن القيم.
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[15 - 09 - 08, 04:59 ص]ـ
المشكلة ليست في الشيخ محمد رشيد ولكن المشكلة في الواقع، إذ ما الذي يكسف الشمس؟
الجواب في كتاب (مفتاح دار السعادة) لابن القيم.
اخي ابوالحسين ليتك تنقل لنا ماقاله الإمام ابن القيم كي تعم الفائدة
ـ[أبو الحسين باوزير]ــــــــ[28 - 10 - 08, 12:09 م]ـ
هذا ما قاله الإمام ابن القيم:
فأما سبب كسوف الشمس فهو توسط القمر بين جرم الشمس وبين أبصارنا فان القمر عندهم جسم كثيف مظلم وفلكه دون فلك الشمس فاذا كان على مسامته إحدى نقطتي الرأس أو الذنب أو قريبا منهما حالة الإجتماع من تحت الشمس حال بيننا وبين نور الشمس كسحابة تمر تحتها إلى أن يتجاوزها من الجانب الآخر فإن لم يكن للقمر عرض ستر عنا نور كل الشمس وإن كان له عرض فبقدر ما يوجبه عرضه وذلك أن الخطوط الشعاعية تخرج من بصر الناظر إلى المرئي على شكل مخروط راسه عند نقطة البصر وقاعدته عند جرم المرئي فإن وجهنا أبصارنا إلى جرم الشمس حالة كسوفها فإنه ينتهي إلى القمر أو لا مخروط الشعاع فاذا توهمنا نفوذه منه إلى الشمس وقع جرم الشمس في وسط المخروط وإن لم يكن للقمر عرض انكسف كل الشمس وإن كان للقمر عرض فبقدر ما يوجبه عرضه ينحرف جرم الشمس عن مخروط الشعاع ولا يقع كله فيه فينكسف بعضه ويبقى الباقي على ضيائه وذلك إذا كان العرض المرئي اقل من نصف مجموع قطر الشمس والقمر حتى إذا ساوى العرض المرئي نصف مجموع القطرين كان صفحة القمر تماس مخروط الشعاع فلا ينكسف ولا يكون لكسوف الشمس لبث لأن قاعدة المخروط المتصل بالشمس مساو لقطريها فكما ابتدأ القمر بالحركة بعد تمام الموازاة بينه وبين الشمس تحرك المخروط وابتدأت الشمس بالإسفار إلا أن كسوف الشمس يختلف باختلاف أوضاع المساكن حتى أنه يرى في بعضها ولا يرى في بعضها ويرى في بعضها أقل وفي بعضها أكثر بسبب اختلاف المنظر إذ الكاسف ليس عارضا في جرم الشمس يستوى فيه النظار من جميع الأماكن بل الكاسف شيء متوسط بينها وبين الأبصار وهو قريب منها والمحجوب عنا بعيد فيختلف التوسط باختلاف مواضع الناظرين وكذلك يختلف كسوف الشمس في مباديها وعند انجلائها في كمية ما ينكسف منها وفي زمان كسوفها الذي هو من أول البدو إلى وسط الكسوف ومن وسط الكسوف إلى آخر الانجلاء فإن قيل فجرم القمر أصغر من جرم الشمس بكثير فكيف يحجب عنا كل الشمس قيل إنما يحجب عنا جرم الشمس لقربه منا وبعدها عنا لأن الشيئين المختلفين في الصغر والكبر إذا قرب الصغير من الكبير يرى من أطراف الكبير أكثر ما يرى منها مع بعد الأصغر عنه وكلما بعد الأصغر عنه وازداد قربه من الناظر تناقص ما يرى من أطراف الأكبر إلى أن ينتهي إلى حد لا يرى من الأكبر شيء والحس شاهد بذلك وأما سبب خسوف القمر فهو توسط الأرض بينه وبين الشمس حتى يصير القمر ممنوعا من اكتساب النور من الشمس ويبقى ظلام ظل الأرض في ممره لأن القمر لا ضوء له أبدا وأنه يكتسب الضوء من الشمس وهل هذا الاكتساب خاص بالقمر أم يشاركه فيه سائر الكواكب ففيه قولان لأرباب الهيئة: أحدهما أن الشمس وحدها هي المضيئة بذاتها وغيرها من الكواكب مستضيئة بضيائها على سبيل العرض كما عرف ذلك في القمر والقول الثاني أن القمر مخصوص بالكمودة دون سائر الكواكب وغيره من الكواكب مضيئة بذاتها كالشمس ورد هؤلاء على ارباب القول الأول بأن الكواكب لو استفادت أضواءها من الشمس لاختلف مقادير تلك الأضواء فيما كان تحت فلك الشمس منها بسبب القرب والبعد من الشمس كما في القمر فإنه يختلف ضوؤه بحسب قربه وبعده من الشمس والذي حمل أرباب القول الأول عليه ما وجدوه من تعلق حركات الكواكب بحركات الشمس وظنوا أن ضوءها من ضيائها وليس الغرض استيفاء الحجاج من الجانبين وما لكل قول وعليه والمقصود ذكر سبب الخسوف القمرى ولما كانت الأرض جسما كثيفا فإذا أشرقت الشمس على جانب منها فإنه يقع لها ظل في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/329)
الجهة الأخرى لأن كل ذي ظل يقع في الجهة المقابلة للجرم المضىء فمتى أشرقت عليها من ناحية الشرق وقعت أظلالها في ناحية الغرب وإذا وقعت عليها من ناحية الغرب مالت أظلالها إلى ناحية المشرق والأرض أصغر من جرم الشمس بكثير فينبعث ظلها ويرتفع في الهواء على شكل مخروط قاعدته قريبة من تدوير الارض ثم لا يزال ينخرط تدويره حتى يدق ويتلاشى لأن قطر الشمس لما كان أعظم من قطر الأرض فالخطوط الشعاعية المارة من جوانب الشمس إلى جوانب الأرض تكون متلاقية لا متوازية فإذا مرت على الاستقامة إلى الأرض انقذفت على جوانبها فتلتقي لا محالة إلى نقطة فينحصر ظل الأرض في سطح مخروط فيكون مخروطا لا محالة قاعدته حيث ينبعث من الأرض ورأسه عند نقطة تلافي الخطوط ولو كان قطر الأرض مساويا لقطر الشمس لكانت الخطوط الشعاعية تخرج إليها على التوازي فيكون الظل متساوي الغلظ إلى أن ينتهي إلى محيط العالم ولو كان قطر الشمس أصغر من قطر الأرض لكانت الخطوط تخرج على التلاقي في جهة الشمس وأوسعها عند قطر الأرض ولكان الظل يزداد غلظا كلما بعد عن الأرض إلى أن ينتهي إلى محيط العالم ويلزم من ذلك أن ينخسف القمر في كل استقبال والوجود بخلافه ولما ثبت أن ظل الأرض مخروطي الشكل وقد وقع في الجهة المقابلة لجهة الشمس فيكون نقطة رأسه في سطح فلك البروج لا محالة ويدور بدوران الشمس مسامتا للنقطة المقابلة لموضع الشمس وهذا الظل الذي يكون فوق الأرض هو الليل فإن كانت الشمس فوق الأرض كان الظل تحت الرض بالنسبة إلينا ونحن في ضياء الشمس وذلك النهار والزمان الذي يوازي دوام الظل فوق الأرض هو زمان الليل فإذا اتفق مرور القمر على محاذاة نقطتى الرأس والذنب حالة الاستقبال يقع في مخروط الظل لا محالة لأن الخط الخارج من مركز العالم المار بمركز الشمس ثم بمركز القمر من الجانب الآخر ينطبق على سهم مخروط الظل فيقع القمر في وسط المخروط فينخسف كله ضرورة لأن الأرض تمنعه من قبول ضياء الشمس فيبقي القمر على جوهرة الأصلى فإن كان للقمر عرض ينحرف عن سهم المخروط بقي الضوء فيه بقدره وطبعه وقد يقع كله في المخروط ولكن يمر في جانب منه وقد يقع بعضه في المخروط ويبقي بعضه خارجا وربما يماس مخروط الظل ولا يقع من جرمه شيء وإنما يختلف هذا باختلاف بعده من الخط الخارج من مركز العالم المار بمركز الشمس المطابق لسهم المخروط حتى إذا عظم عرضه بأن لا يبقى بينه وبين إحدى نقطتي الرأس والذنب أكثر من ثلاثة عشر دقيقة لا يماس المخروط أصلا وإذا وقع في جانب منه قل مكثه وربما لم يكن له مكث أصلا وإنما يعرف ذلك بتقديم معرفة قطر الظل وقطر يختلف باختلاف أبعاده عن الأرض وكذلك قطر الظل أيضا يختلف باختلاف أبعاد الشمس عن الأرض فإن الشمس متى قربت من الأرض كان ظل الأرض دقيقا قصيرا وإذا بعدت عنها كان ظل الأرض طويلا غليظا لأنها متى بعدت عن الأرض يرى قطرها أصغر وأقرب تلاقيا منها وكلما كان أعظم مقدارا في رأى العين فالخطوط الشعاعية أقصر وأقرب تلاقيا فلذلك يختلف قطع القمر غلظ الظل في أوقات الكسوفات والموضع الذي يقطعة القمر من الظل يسمونه فلك الجوزهر وإذا عرف عرف قطر الظل وعرف مقدار قطر نصف القمر وجمع بينهما ونصف ذلك وعرف عرض القمر إن كان له عرض فإن كان العرض مساويا لنصف مجموع القطرين فإن القمر يماس دائرة الظل ولا ينكسف وإن كان العرض أقل من نصف مجموعهما فإنه ينكسف فينظر إن كان مساويا لنصف قطر الظل انكسف من القمر مثل نصف صفحته وإن كان العرض أقل من نصف قطر الظل فينتقص العرض من نصف قطر الظل فإن كان الباقي مثل قطر القمر انكسف كله ولا يكون له مكث وإذا لم يكن له عرض انكسف كله ويمكث زمانا أكثر وأطول ما يمتد زمان الكسوف القمري أربع ساعات وأما زمان لكسوف الشمسى فلا يزيد على ساعتين وكسوف القمر يختلف باختلاف أوضاع المساكن إذ الكسوف عارض في جهة وهو عبوره في ظلام ظل الأرض بخلاف كسوف الشمس وإنما يختلف الوقت فقط بأن يكون في بعض المساكن على مضى ساعة من الليل وفي بعضها على مضى نصف ساعة وقد يطلع منكسفا في بعض المساكن وينكسف بعد الطلوع في بعضها وقد لا يرى منكسفا أصلا إذا كانت الشمس فوق الأرض حالة الاستقبال ويرى الخسوف في القمر أبدا يكون من طرفه الشرقي إذ هو الذاهب إلى الاستقبال نحو للشرق والدخول في الظل بحركته ثم ينحرف قليلا قليلا إلى الشمال أو الجنوب في بدء انجلائه أيضا من طرفه الشرقي وأما في الشمس فبدء الكسوف من طرفها الغربي إذ الكاسف لها يأتي إليها من ناحية الغرب وكذلك الانجلاء أيضا من الطرف الغربي لكن بانحراف منه إلى الشمال والجنوب وإنما ذكرنا هذا الفصل ولم يكن من غرضنا لأن كثيرا من هؤلاء الأحكاميين يموهون على الجهال بأمر الكسوف ويؤهمونهم إن قضاياهم وأحكامهم النجومية من السعد والنحس والظفر والغلبة وغيرها هي من جنس الحكم بالكسوف فيصدق بذلك الأغمار والرعاع ولا يعلمون أن الكسوف يعلم بحساب سير النيرين في منازلهما وذلك أمر قد أجرى الله تعالى العادة المطردة به كما أجراها في الأبدار والسرار والهلال فمن علم ما ذكرناه في هذا الفصل علم وقت الكسوف ودوامه ومقداره وسببه وأما انه يقتضي من التأثيرات في الخير والشر والسعد والنحس والإماتة والإحياء وكذا وكذا مما يحكم به المنجمون فقول على الله وعلى خلقه بما لا يعلمون نعم لا ننكر أن الله سبحانه يحدث عند الكسوفين من أفضيته وأقداره ما يكون بلاء لقوم ومصيبة لهم ويجعل الكسوف سببا لذلك ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم عند الكسوف بالفزع إلى ما ذكر الله والصلاة والعتاقة والصدقة والصيام لأن هذه الأشياء تدفع موجب الكسف الذي جعله الله سببا لما جعله فلولا انعقاد سبب التخويف لما أمر بدفع موجبه بهذه.
مفتاح دار السعادة 2/ 463 - 470
فماذا بعد الحق الا الضلال؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/330)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[28 - 10 - 08, 12:32 م]ـ
ذكر الشيخ - رحمه الله
(وأنا في سورية أن رأيت الشمس غربت كاسفة في اليوم التاسع والعشرين من شعبان،)
فلينظر هل فعلا حصل الكسوف فالوهم يرد على الشيخ رشيد رضا - رحمه الله - وعلى غيره
ومعرفة وقوع الكسوف في سوريا سهل جدا
الشيخ رحمه الله عاش
(1282 - 1354) ه (1865 - 1935)
وقد عاش في الشام وينظر وقوع الكسوف في هذه المدة وهل فعلا وقع كسوف للشمس في 29 شعبان في سنة من هذه السنين وفي أي سنة
بل يقتصر على المدة التي كان فيها الشيخ في سوريا تحديدا
ويمكن معرفة ذلك بسهولة
ولعل الشيخ - رحمه الله -لم يقصد الكسوف بمعنى كسوف الشمس فليحرر
ـ[أبو الحسين باوزير]ــــــــ[29 - 10 - 08, 11:20 ص]ـ
ذكر الشيخ - رحمه الله
(ولعل الشيخ - رحمه الله -لم يقصد الكسوف بمعنى كسوف الشمس فليحرر
رحمك الله ..
إذاً ماذا يقصد؟ وهو يقول (أن رأيت الشمس غربت كاسفة في اليوم التاسع والعشرين من شعبان)
أظن أنه يتكلم باللغة العربية!!!
ـ[ابن وهب]ــــــــ[29 - 10 - 08, 02:28 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم الصواب ما أشرتم إليه
فائدة (خارجة عن الموضوع)
في اللسان والتاج
(وكسفت الشمسُ النجومَ إذا غلب ضوءُها على النجوم فلم يبدُ منها شيء فالشمس حينئذ كاسفة النجوم يتعدَّى ولا يتعدى)
ـ[أبو الحسين باوزير]ــــــــ[02 - 11 - 08, 11:41 ص]ـ
---------(100/331)
ماحكم التصوير و لعبة (البلوت)
ـ[أبوعبدالله الحديري]ــــــــ[21 - 08 - 08, 11:54 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شرفني ان أكون عضوا في هذا المنتدى المبارك
ثم أنني أريد أن أستفتيكم إن كنتم تعلمون. بالتوضيح والدليل
===========
في هذا الزمن قد أستفتيت بعض العلماء في حكم التصوير فمنهم من
قال لا بأس فيه ومنهم من له رأي آخر فيه
فمن عنده بحث في هذا فيعطينا الزبده والخلاصة منه
طبعاً التصوير الفيديو وغيره.
فهل يجوز لي ان أصور أو اُصور؟؟
==
الثاني
==
الشيخ إبن باز رحمة الله عليه حرم لعبة (البلوت)
وصراحة أنا لا أعرفها ولا أعرف لعبها لكن لي أصحاب يلعبونها ويعرفون أنها محرمه
ويقولون لم تلهينا عن طاعتة الله ..
هل يجوز لعبها ..
هل يجب إنكارها .. ؟
====
بارك الله فيكم ونفع بكم
أبوعبدالله الحديري
ـ[أبوعبدالله الحديري]ــــــــ[21 - 08 - 08, 08:50 م]ـ
فقط متصفحون!!
ـ[محمد أبو عُمر]ــــــــ[21 - 08 - 08, 09:24 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
==
الثاني
==
الشيخ إبن باز رحمة الله عليه حرم لعبة (البلوت)
وصراحة أنا لا أعرفها ولا أعرف لعبها لكن لي أصحاب يلعبونها ويعرفون أنها محرمه
ويقولون لم تلهينا عن طاعتة الله ..
هل يجوز لعبها ..
هل يجب إنكارها .. ؟
====
-هل نقدم أقوال أصحابك على قول الإمام إبن باز -رحمه الله-؟؟ ...
-وهل طاعة الله هي الصلاة فقط؟؟ ... وما حظ التفقه وما نصيب الدعوة إلى الله من أوقاتهم وما ... وما ...
-الذين تستفتيهم هم أبناء إبن باز.
أما السؤال الأول فقد أخذ حظا وافرا في البحث والقول الرشيد (وأحسبه كذلك) تجده هنا:
http://www.islamqa.com/ar/ref/95322
ـ[طالبة العلم سارة]ــــــــ[21 - 08 - 08, 09:47 م]ـ
من أجمل وأروع ما قرأت في ذلك (لعبة البلوت هذه الكلمات)
السؤال: ما حكم لعب (البلوت) والسهر من أجله إذا كان ذلك لا يؤثر على تأدية الفروض، ولا يتخلله سب ولا حلف بالله؟
الجواب: أعند الإنسان وقت حتى يلعب الورق؟ الله المستعان،
نسأل الله العظيم ألا يبتلينا بالغفلة، وألا يجعلنا من أهل الحرمان، تصور يا أخي أهل القبور وهم الآن في ضيقها وفي لحودها يتمنون التسبيح والاستغفار! تصور أهل القبور الآن وهم في ظلمتها وكربتها وشدتها ومحنتها وهم يتمنون حسنة واحدة تزاد في الأعمال! وهذا العمر الذي أعطاك الله إياه تنفقه في اللعب، أعندك فراغ من الوقت وأنت بين طرفة عين وغمضتها قد تفارق هذه الحياة، وقد تصير إلى ما صار إليه القوم، وتصرع كما صرعوا، وتنزل منازلهم التي نزلوا، وإنا إلى ما صار إليه القوم صائرون، وإلى ما انقلبوا إليه منقلبون؟! فإنا لله وإنا إليه راجعون!
فيا أخي في الله! دع مسألة الورق على جنب، ولكن هذا مرض قلب، فابدأ بقلبك أولاً، هذه غفلة والله حتى لو كان جائزاً، أعندك وقت تضيعه في غير طاعة الله جل وعلا؟ أعندك وقت تضيعه في الفضول؟ فليست المشكلة أن تقول: حرام، ويقول غيرك: جائز، لا، اتركنا في الأصل، هب أنه جائز ومباح، ولو أنه لا يقل عن درجة المكروه؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل لهو باطل) فهذا أقل درجاته أنه مكروه، وإلا فمن العلماء من يرى أنه في حكم النرد الذي حرمه الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه، لكن الذي نسأل عنها الآن هي الغفلة ولو كان مباحاً: هل لإنسان عنده نفس ينعم الله عليه بالحياة، ويجعل هذه الروح تدب في الجسد، أن يجلس ويلعب ورق؟! إنا لله وإنا إليه راجعون! فنسأل الله العظيم ألا يميت قلوبنا!
يا أخي! انتبه من غفلتك واتق الله فيما أنت فيه، واعلم أن الله سائلك، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه …)، فتعرض أمام عينيك، ساعات السهر واللعب بالبلوت والورق وتجدها أمام عينيك لا تفقد منها ثانية واحدة، وتراها أمام عينيك: فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف:49].
فيا أخي! اتق الله في هذا العمر، وفي ساعاته ولحظاته، واحمد الله جل وعلا، كم من أناس على الأسرة البيضاء يتمنون العافية التي أنت فيها، كم من إنسان مريض على فراشه في هذه اللحظة التي تلعب فيها الورق، وهو يتأوه ويقول: يا ليت لي مثل ما لك من العافية، أكان جزاء شكر نعمة الله بالعافية أن تضيعها هدراً؟ أيسرك وأنت واقف بين يدي الله والناس حاف عار في العرض الأكبر أن يأتي في صحيفة عملك ساعة في لهو من هذا اللهو؟ لا والله. فنسأل الله العظيم أن يمن علينا بالتوبة النصوح، وألا يكتب لنا الخزي والفضيحة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
من شريط وصية نبوية
لفضيلة الشيخ: محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله تعالى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/332)
ـ[أبوعبدالله الحديري]ــــــــ[21 - 08 - 08, 10:36 م]ـ
أما السؤال الأول فقد أخذ حظا وافرا في البحث والقول الرشيد (وأحسبه كذلك) تجده هنا:
http://www.islamqa.com/ar/ref/95322
جريت خيراً على تعقيبك .. وأنتظرك تعود مرة أخرى لتزيد الموضوع بأكثر فائده
وفقك الله
ـ[أبوعبدالله الحديري]ــــــــ[21 - 08 - 08, 10:37 م]ـ
من أجمل وأروع ما قرأت في ذلك (لعبة البلوت هذه الكلمات)
السؤال: ما حكم لعب (البلوت) والسهر من أجله إذا كان ذلك لا يؤثر على تأدية الفروض، ولا يتخلله سب ولا حلف بالله؟
الجواب: أعند الإنسان وقت حتى يلعب الورق؟ الله المستعان،
نسأل الله العظيم ألا يبتلينا بالغفلة، وألا يجعلنا من أهل الحرمان، تصور يا أخي أهل القبور وهم الآن في ضيقها وفي لحودها يتمنون التسبيح والاستغفار! تصور أهل القبور الآن وهم في ظلمتها وكربتها وشدتها ومحنتها وهم يتمنون حسنة واحدة تزاد في الأعمال! وهذا العمر الذي أعطاك الله إياه تنفقه في اللعب، أعندك فراغ من الوقت وأنت بين طرفة عين وغمضتها قد تفارق هذه الحياة، وقد تصير إلى ما صار إليه القوم، وتصرع كما صرعوا، وتنزل منازلهم التي نزلوا، وإنا إلى ما صار إليه القوم صائرون، وإلى ما انقلبوا إليه منقلبون؟! فإنا لله وإنا إليه راجعون!
فيا أخي في الله! دع مسألة الورق على جنب، ولكن هذا مرض قلب، فابدأ بقلبك أولاً، هذه غفلة والله حتى لو كان جائزاً، أعندك وقت تضيعه في غير طاعة الله جل وعلا؟ أعندك وقت تضيعه في الفضول؟ فليست المشكلة أن تقول: حرام، ويقول غيرك: جائز، لا، اتركنا في الأصل، هب أنه جائز ومباح، ولو أنه لا يقل عن درجة المكروه؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل لهو باطل) فهذا أقل درجاته أنه مكروه، وإلا فمن العلماء من يرى أنه في حكم النرد الذي حرمه الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه، لكن الذي نسأل عنها الآن هي الغفلة ولو كان مباحاً: هل لإنسان عنده نفس ينعم الله عليه بالحياة، ويجعل هذه الروح تدب في الجسد، أن يجلس ويلعب ورق؟! إنا لله وإنا إليه راجعون! فنسأل الله العظيم ألا يميت قلوبنا!
يا أخي! انتبه من غفلتك واتق الله فيما أنت فيه، واعلم أن الله سائلك، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه …)، فتعرض أمام عينيك، ساعات السهر واللعب بالبلوت والورق وتجدها أمام عينيك لا تفقد منها ثانية واحدة، وتراها أمام عينيك: فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف:49].
فيا أخي! اتق الله في هذا العمر، وفي ساعاته ولحظاته، واحمد الله جل وعلا، كم من أناس على الأسرة البيضاء يتمنون العافية التي أنت فيها، كم من إنسان مريض على فراشه في هذه اللحظة التي تلعب فيها الورق، وهو يتأوه ويقول: يا ليت لي مثل ما لك من العافية، أكان جزاء شكر نعمة الله بالعافية أن تضيعها هدراً؟ أيسرك وأنت واقف بين يدي الله والناس حاف عار في العرض الأكبر أن يأتي في صحيفة عملك ساعة في لهو من هذا اللهو؟ لا والله. فنسأل الله العظيم أن يمن علينا بالتوبة النصوح، وألا يكتب لنا الخزي والفضيحة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
من شريط وصية نبوية
لفضيلة الشيخ: محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله تعالى
نعم الوصية ونعم الشيخ.
ونعم طالبة العلم بورك فيك
...
أنتظر عودتكم مرة أخرى بالإجابة عن الموضوع
ـ[أبوعبدالله الحديري]ــــــــ[21 - 08 - 08, 10:50 م]ـ
.. بحاجة إلى إجابة كافيه شافيه ..
ونقاط البحث أفضل
*
ـ[محمد أبو عُمر]ــــــــ[21 - 08 - 08, 11:32 م]ـ
جريت خيراً على تعقيبك .. وأنتظرك تعود مرة أخرى لتزيد الموضوع بأكثر فائده
وفقك الله
ولك بمثل دعائك لي أبا عبد الله ... لكن هل تريد إجابةحول المسألة (وقد وفرت ذلك والأخت الكريمة) أم دراسة منهجية تستعين بها في دراستك أو تخريج كتاب؟؟
ـ[أبوعبدالله الحديري]ــــــــ[22 - 08 - 08, 02:40 ص]ـ
.. شكراً لك أخي المبارك محمد أبوعُمر على تواجدك وحبك لنفع أخيك ..
شاهدت الرابط كما شاهدته من قبل لكن أنا أريد أن استزيد في هذا الأمر وأفهم أكثر
لإن هذه فتوى من ضمن الفتاوي. هل يجب علينا أن نعمل بها دون الأخرى؟؟
. من المعلوم بأن التصوير مختلف فيه التصوير بكاميرا الديجيتال وكاميرا الفيديو كما في فتاوي بعض العلماء.
أما التصوير الذي جاء فيه الحديث ولم يختلف فيه أحدُ من علماءنا هو (التصوير بالرسم)
==
الآن هل التصوير المختلف فيه < هل نقوم بإنكارهـ؟؟ أم انه يعتبرا مباحاً؟؟ لا يأثم فاعله
نريد أن نخرج بنتيجة
وأعذروني ومن هنا ستكون بداية إنطلاقتي في طلب العلم.
لإنني اُحرجت بمن حولي من الناس العامه الذي يقولون نحن نعمل فتوى الشيخ فلان أو فلان.
وقد يكونوا من متتبعي الرخص.
أحبكم في الله جميعاً
أرجوا أن نأخذ بزبدة الكلام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/333)
ـ[بن نصار]ــــــــ[22 - 08 - 08, 04:43 ص]ـ
العلة في تحريم لعبة البلوت ليس فقط الإلهاء بل بعض المشايخ يحرمها لأنها تعتمد على الحظ فتقاس على النرد
والله أعلم
ـ[محمد أبو عُمر]ــــــــ[22 - 08 - 08, 09:46 ص]ـ
من أفضل ما بُحث لإرواء الغليل في المسألة
حكم التصوير الفوتوغرافي
للأخ وليد بن راشد السعيدان
التحميل ( http://www.saaid.net/Doat/wled/4.zip)
ـ[أبوعبدالله الحديري]ــــــــ[22 - 08 - 08, 03:50 م]ـ
العلة في تحريم لعبة البلوت ليس فقط الإلهاء بل بعض المشايخ يحرمها لأنها تعتمد على الحظ فتقاس على النرد
والله أعلم
بارك الله فيك .. لا أعلم لعبة النرد
ـ[أبوعبدالله الحديري]ــــــــ[23 - 08 - 08, 03:29 ص]ـ
ــ أضيفوا فوائد. ومن عنده فتاوى جديده فلا يبخل علينا ـــ
ـ[أبو ياسر الجنوبي]ــــــــ[23 - 08 - 08, 04:52 ص]ـ
من العلماء الذين يحرمون التصوير:
الشيخ ابن إبراهيم
الشيخ ابن باز
الشيخ عبدالرزاق عفيفي
الشيخ الألباني
الشيخ عبدالرحمن البراك
الشيخ بكر أبو زيد
الشيخ عبدالعزيز الراجحي
الشيخ صالح الفوزان
الشيخ عبدالله بن غديان
الشيخ عبدالكريم الخضير
الشيخ محمد المختار الشنقيطي
وغيرهم ...
وإليك تعليق الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله على فتوى الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله ... ((مفيدة جدا))
ـ[أم صفية وفريدة]ــــــــ[23 - 08 - 08, 06:09 ص]ـ
للتوضيح
البلوت يعرف عندنا بالكوتشينا.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[20 - 02 - 09, 07:07 ص]ـ
فتاوى أهل العلم في حكم لعب البلوت أو الورق أو الشدّة أو الجنجفة:
اللجنة الدائمة:
السؤال:
سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية عن: لعب الورق إذا كان لا يلهي عن الصلاة ومن دون فلوس هل هو حرام أم لا؟
الجواب:
(اللعب بالورق لا يجوز ولو كان بدون عوض لأن الشأن فيه أنه يشغل عن ذكر الله وعن الصلاة وإن زعم أنه لا يصد عن ذلك، ثم هو ذريعة إلى الميسر المحرم بنص القرآن، قال تعالى: (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم) اهـ.
اللجنة الدائمة للبحوث والعلمية والإِفتاء.
الرئيس: عبد العزيز بن عبدالله بن باز نائب الرئيس: عبدالرزاق عفيفي.
عضو: عبد الله بن قعود عضو: عبد الله بن غديان
فتوى رقم 4338 وتاريخ 21/ 1/1402هـ
العلامة المُحَدّث الألباني:
السؤال:
ما حكم لعب البلوت؟
الجواب:
(طبعا لا يجوز، حكمها لا يجوز، التحريم:
أولا: هي لعبة الكفار.
ثانيا: فيها صور .. بلا شك حرام لأسباب كثيرة).
ثم طلب أحد الحاضرين إعادة جوابه لبعض إخوانه الذين تأخر حضورهم،
فقال الشيخ:
(اللعب بالشدة حرام من وجوه:
الوجه الأول: أنها من بدع النصارى، لعلك تعلم قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (هدينا خالف هدي المشركين).، والحديث الثاني: (من تشبه بقوم فهو منهم).
الوجه الثاني أو السبب الثاني في التحريم: هو أنه فيها صور، والصور إذا كانت في مكان، لا تدخله الملائكة، لقوله صلى الله عليه وسلم:
(لا تدخل الملائكة صورة أو كلب).
وثالثا وأخيرا: أن بعض الصور فيها تمثل النصرانية، فما يتعلق بالخوري مثلا، صورة الخوري!، والخوري يمثل الإشراك بالله، كما قال الله تعالى في القرآن:
{لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة}.
وكذلك صورة البنت، وإن كانت صورة يدوية، لكن تمثل صورة بنت كافرة.
فلو أن سببا واحدا من هذه الأسباب، ولم يكن هناك سبب آخر، كان يكفي للمنع من اللعب بهذا الورق، فكيف وقد اجتمعت في اللعب بها هذه الأسباب؟!!
ولذلك ينبغي للمسلم أن ينتهي من اللعب بها.
يأتي أخيرا – وإن كان هذا ليس شرطا أن يقع، لكنه قد يقع – حينما يتلاعب الناس بهذه الأوراق لا يكون هناك قمار، لكن مع الزمن الشيطان قد يذهب بعلهم ويوسوس لهم أن يتعاطوا القمار، فيكون بدء اللعب بهذه الأوراق بدون قمار ذريعة وسبب للعب بهذا القمار .. ) اهـ.
(سلسلة الهدى والنور – شريط"410").
العلامة ابن باز:
السؤال:
هل يجوز لعب الورق (البلوت)؟ وما حكم لعب الشطرنج، مع العلم أنهما لا يلهيان عن الصلاة؟ [1] ( http://www.ibnbaz.org.sa/mat/4052#_ftn1#_ftn1)
الجواب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/334)
(لا تجوز هاتان اللعبتان وما أشبههما؛ لكونهما من آلات اللهو، ولما فيهما من الصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وإضاعة الأوقات في غير حق، ولما قد تفضي إليه من الشحناء والعداء، هذا إذا كانت هذه اللعبة ليس فيها عوض.
أما إن كان فيها عوض مالي، فإن التحريم يكون أشد؛ لأنها بذلك تكون من أنواع القمار الذي لا شك في تحريمه، ولا خلاف فيه. والله ولي التوفيق) اهـ.
[1] ( http://www.ibnbaz.org.sa/mat/4052#_ftnref1#_ftnref1) نشر في كتاب (فتاوى إسلامية)، من جمع الشيخ / محمد المسند، ج2، ص: 437.
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء التاسع عشر.
العلامة العثيمين:
السؤال:
ما حكم لعب البلوت؟
الجواب:
(البلوت- بارك الله فيك- لو سألت الذين يلعبون البلوت:
ماذا يكون الوقت في حقهم؟
لقالوا: إنه يذهب بسرعة، وإننا نقضي الساعات الطويلة ونحن منكبون عليه، وهذا ضياع للوقت، والوقت في الحقيقة أغلى من الأموال، قال الله تعالى:
{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون:99 - 100] ما قال: لعلي أكمل لعب!!.
وهي أيضاً ليس فيها مصلحة للإنسان؛ لا في جسمه، ولا في تفكيره وعقله، إنما هي ضياع وقت محض، وإذا كان لعبها ضياع وقت فلا ينبغي للعاقل أن يمضي وقته بلا فائدة) اهـ.
(لقاء الباب المفتوح) شريط (181) وجه ب.
العلامة صالح الفوزان:
وكذلك لعب الورق - ورق البالوت -؛ هذا أيضًا: إذا كان بعوض؛ فهو الميسر والقمار الذي جعله الله قرينًا للخمر وأخبر أنه رجس من عمل الشيطان وأخبر أنه يوقع العداوة والبغضاء؛ فهو حرام شديد التحريم.
أما إذا كان بدون عوض؛ فإنه يحرم أيضًا؛ لأنه يضيع الوقت على الإنسان، وربما يسهر في هذه اللعبة ويترك صلاة الفجر مع الجماعة أو في الوقت، وأيضًا يختلط الإنسان بأشكال من الناس غير مرغوب فيها، ويحصل في أثناء اللعب من الكلام البذيء والشتم وغير ذلك ما لا يخفى.
فعلى المسلم أن يبتعد عن هذه الألعاب الدنيئة التي تضيع عليه وقته في غير فائدة) اهـ. (فتاوى العلامة الفوزان).
الشيخ مشهور حسن آل سلمان:
السؤال 246:
ما هو حكم لعب الشدة؟
الجواب:
(لعبة الشدة لعبة حادثة، عرفت في زمن الأتراك،وذكرت عائشة أوغلوي في كتاب لها مطبوع اسمه "مذكرات الأميرة عائشة" ذكرت أن لعب الشدة كان محرماً عند علماء العثمانيين، وعلمائنا المعاصرون الذين نثق بعلمهم يحرمون لعب الشدة.
وإذا كان لعب الشدة يدفع فيه المغلوب مالاً، فهذا قمار، وإن كان لا يدفع شيئاً فهذا حرام، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث عبدالله ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من لعب بالنرد شير فقد غمس يده في لحم الخنزير ودمه}، وأخرج أحمد وابن ماجه وأبو داوود وغيرهم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله}، ولعب النرد والشدة والضاما والسيجا كلها على قاعدة واحدة.
وذكر العلماء فائدة نفيسة من قوله صلى الله عليه وسلم: {من لعب بالنرد شير فقد غمس يده بلحم الخنزير ودمه}، فقالوا: الإنسان لا يأكل حتى يغمس، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم من لعب النرد دون قمار كالغامس لأن الغمس مقدمة للأكل، فالإنسان لا يأكل القمار حتى يلعب، فاللعب غمس والقمار أكل، فمنع الشرع لعب النرد وما يلحق به من الشدة، وغيرها حسماً لتعلق القلب بالقمار ولعبها، فالخمر الكأس يدعو إلى كأس، وكذلك القمار الدست يدعو إلى دست، فإن تعلق القلب بالخمر فلا يرتوي من كأس وإن تعلق بالقمار فلا يرتوي من لعبة، وهذا حال الذين يلعبون الشدة.
ومن تعلق قلبه بلعب الشدة والمقاهي فإنه لا ينال إلا شراً، ولا ينال إلا رفاق السوء، ومن يصرف طاقته الذهنية وفكره وعقله في مثل هذه الألعاب، فإنه أكثر الناس تضييعاً لمن يعول من الأولاد، إن ذهب للبيت فلا يستطيع أن يتابع أولاده، لأن كل طاقته العقلية وضعها في المقهى، ويريد الآن أن يستروح.
لذا فإن لعب الشدة حرام وإن لم يكن على شيء، فإن كان مقابل شيء فهو حرام من وجهين) اهـ.
والحمد لله رب العالمين.(100/335)
مسائل في المجاز .. (17) الأسد ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 03:51 م]ـ
إيه أيها الأسد المظلوم؛ألصق المجازيون بك بلايا كثيرة ...
قال أبو عبد الله البصري المعتزلي: ومثل ما نقل من موضوعه , قول القائل: رأيت الأسد , وهو يعني الرجل الشجاع. ا هـ ولعله كان أول من قال ذلك من المتكلمين , واتبعه الباقلاني, وأبو الحسين البصري المعتزلي , وعبد القاهر الجرجاني , وأبو حامد الغزالي , وابن عقيل الحنبلي, والرازي , والسكاكي , وابن الحاجب , والعز بن عبد السلام , والخطيب القزويني , وغيرهم كثير , حتى صار الأسد هو أول ما يذكره المتأخرون في الحقيقة والمجاز , يقولون: هو حقيقة في السبع , مجاز في الرجل , فهو يدل على السبع من غير قرينة , ولا يدل على الرجل إلا بقرينة.
هذا الباطل ... فأين الحق (؟؟)
1 - لفظ أسد ليس في القرآن.
2 - وروى البخاري , عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر , وفر من المجزوم كما تفر من الأسد)) , وروى البخاري , أن أسامة بن زيد أرسل إلى علي لما خرج إلي صفين , يقول له: لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أكون معك فيه , ولكن هذا أمر لم أره ... الحديث , وروى الإمام أحمد , عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليمن , فانتهينا إلى قوم قد بنوا زبية للأسد , فبينا هم كذلك يتدافعون إذ سقط رجل فتعلق بآخر , ثم تعلق رجل بآخر حتى صاروا فيها أربعة فجرحهم الأسد , فانتدب له رجل بحربةٍ فقتله ... )) الحديث في قضاء على بينهم وإجازة النبي صلى الله عليه وسلم قضاءه , وروى الإمام أحمد حديثاً في نزول المسيح عليه السلام في آخر الزمان , وفيه: حتى ترتع الإبل مع الأسد جميعاً , وروى ابن ماجة حديثاً طويلاً في ذكر الدجال , وفيه: الوليدة الأسد فلا
يضرها , والأسد في تلك الأحاديث كلها هو السبع المعروف.
أما الأسد في كلام العرب يراد به الحيوان المعروف =فكثير في كلامهم،ولم نستطع تبين أنهم أرادوا الحيوان المعروف إلا بالقرائن على ما ترى .. وسأضع تحت القرائن الدالة على إرادة الحيوان المعروف خطاً ..
1 - قال تعالى: ((كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة)).
2 - لذاك أهيب عندي إذ أكلمه ... وقيل إنك منسوب ومسؤول
من ضيغم من ضراء الأسد محذرة ... ببطن عثر غيل دونه غيل
يغدو فيلحم ضرغامين عيشهما ... لحم من القوم معفور خراذيل
إذا يساور قرناً لا يحل له ... أن يترك القرن إلا وهو مفلول
منه تظل حمير الوحش ضامزة ... ولا تمشي بواديه لأراجيل
يقول كعب بن زهير: إن رسول اله صلى الله عليه وسلم كان أهيب عنده من ذلك الأسد.
3 - ونَلْبَسُ للْعَدُوِّ جُلودَ أُسْدٍ ... إِذا نَلْقاهُمُ وجُلودَ نُمْرِ
4 - يذل له العزيز وكل ليث ... حديد الناب مسكنه العرين
5 - يمْشُونَ في حلَقِ الحديدِ كمَا مشَتْ ... أسُدُ الغَريفِ بكُلِّ نحْسٍ مُظْلِمِ.
6 - وشبابٌ كأنَّهُمْ أسدُ غيلٍ ... خالَطَتْ فَرْدَ حدِّهِمْ أحلامُ
7 - دربوا كما دربت أسود خفية ... غلب الرقاب من الأسود ضواري
8 - أريحيّاً أمضى على الهولِ منْ ... ليثٍ هموسِ السُّرى أبي أشبالِ
9 - أشدُّ حفيظةً من ليثِ غابٍ ... تخالُ زئيرهُ اللجبَ اللهاما
10 - أجرأُ مِنْ ذي لِبْدَةٍ هَمَّاسِ ... غَضَنْفَرٍ مضَبَّر رهَّاس
مَنَّاعِ أخْيَاس إلى أخْيَاس ... كأنَّمَا عيناهُ في مِراس
شعاعُ مِقْبَاسٍ إلى مِقباس
10 - ولأَنتَ أَشجَعُ حِينَ تتَّجِهُ ال ... أبطالُ مِنْ لَيْثٍ أبي أَجْر
والأسد في تلك الأشعار هو السبع , وقيل في وصفه أشعار أخرى غير ذلك , وكان أبو زيد الطائي يكثر وصفه , وروى الجمحي , عن أبي الغراف , أن أبا زبيد أنشد في مجلس عثمان بن عفان رضي الله عنه قصيدة له ووصف فيها الأسد , فقال له عثمان: تالله تذكر السد ما حييت , والله إني لأحسبك جباناً هداناً , فقال ك كلا يا أمير المؤمنين , ولكني رأيت منه منظراً أو شهدت منه مشهداً لا يبرح ذكره يتجدد في قلبي , ومعذور أنا يا أمير المؤمنين غير ملوم , فقال عثمان: قطع الله لسانك , فقد رعبت قلوب المسلمين. ا هـ مختصراً , وروى أبو الفرج , عن شعبة , قال: قلت للطرماح بن حكيم: ما شأن أبي زبيد وشأن الأسد؟ فقال: أنه لقيه بالنجف , فلما رآه سلح من فرقة ,
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/336)
وقال مرة أخرى: فسلخه , فكان بعد ذلك يصفه كما رأيت
وأما الأسد في كلام العرب لا يريدون به الحيوان المعروف =فهو بين ظاهر في كلامهم ولم يُستدل على أنهم لم يريدوا الحيوان المعروف =إلا بالقرائن، كما أنه لم يُستدل على أنهم ارادوا الحيوان المعروف إلا بالقرائن ...
ومن الأمثلة الظاهرة المشهورة لهذا:
1 - وقال أبو بكر الصديق , لاها الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه
2 - وروى الإمام أحمد وغيره من حديث الحسن البصري عن سمرة بن جندب , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يوشك أن يملأ الله أيديكم من العجم , ثم يكونون أسداً لا يفرون فيقتلون مقاتلكم , ويأكلون فيئكم)) وروى عن الحسن مرسلاً , وهو حديث ضعيف لا يحتج به في الدين , ولا يوثق بإسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه قد يقبل شاهداً في العربية , فهو يوثق بإسناده إلى الحسن البصري , والحسن كان بعض أئمة العربية يكتب كلامه ويستشهد به , فذلك الحديث ليس حجة في الدين , ولكنه قد يقبل شاهداً في العربية , والأسد في هذين الحديثين هو: الرجل الجريء الذي لا يفر.
3 - قال حسان: قد آن أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه .. ففي ذلك الحديث شبه حسان بن ثابت رضي الله عنه نفسه بالأسد الذي هو السبع , فقال: إلى هذا الأسد الضارب بذنبه , ولولا قوله: الضارب بذنبه , لم يتبين أنه أراد السبع , ولو قال: إلى هذا الأسد , وسكت , لكان يمدح نفسه بأنه أسد من الرجال , ولم يك في كلامه تشبيهاً.
وَلَقدْ خَشِيتُ بِأَنْ أمُوتَ، ولم تَكُنْ ... للحَرْبِ دائرةٌ على ابنَيْ ضَمضَيم
الشّاتِمَيْ عِرْضِي، ولم أشتِمْهُمَا، ... والنّاذِرَيْنِ إذا لم أَلْقَهُما دَمي
أُسْدٌ عَلَيَّ وفي العَدُوّ أَذِلّةٌ ... هذا لَعَمرُكَ فِعْلُ مولى الأَشْأَمِ
وقول الشاعر:
وتقولُ جعثنِ إذ رأتكَ مقنعاً ... قبّحتَ منْ أسدٍ أبي أشبالِ
وقول الشاعر:
إنّي أنا البحرُ غَمراً لستَ جاسرَهُ ... وسَبِّيَ النارَ دونَ البحر تستعِرُ
ما زلتَ تنتجعُ الأصواتَ مُعترضاً ... تروحُ في اللُّومِ مُشتقّاً وتبتكِرُ
حتى استثَرتَ أبا شِبلَينِ ذا لِبَدٍ ... وزُبْرَةٍ لم تُواطي خَلْقَها الزُّبَرُ
وأنا أعدل عن الأمثلة المشهورة التي قد يُمثل بها لهذه القضية إلى مثال دقيق من كلام العرب وهو من أروع الشعر وأدقه وأحلاه وهو قول زهير بن أبي سلمى:
لَعَمْري لَنِعْمَ الحيُّ جَرَّ عَلَيْهِمُ ... بما لا يُؤاتِيهِمْ حُصَيْنُ بْنُ ضَمْضَمِ
وكانَ طَوَى كَشحاً على مُسْتَكِنَّةٍ ... فَلاَ أَبْدَاهَا وَلَمْ يَتَجَمْجَمِ
وَقَالَ: سَأَقضِي حَاجَتي ثُمَّ أَتَقَّي ... عَدُوِّي بِأَلْفٍ مِنْ وَرائيَ مُلْجَمِ
فَشَدَّ وَلَمْ يَنْظُرْ بُيُوتاً كَثِيرَةًلَدَى ... حَيْثُ أَلْقَتْ رَحْلَهَا أُمُّ قَشْعَمِ
لَدَى أَسَدٍ شاكي السِّلاحِ مُقَذَّفٍ ... لَهُ لِبَدٌ أَظْفَارُهُ لَمْ تُقَلَّمِ
جَرِيءٍ مَتَى يُظْلَمْ يُعَاقِبْ بِظُلْمِهِ ... سَريعاً وإلاّ يُبْدَ بالظُّلْمِ يَظْلِمِ
وقوله: شاكي السلاح , أي سلاحه شائكة , حديدة ذو شوكة , ومقاذف: مرامي , ويروى: مقذف , وهو الغليظ الكثير اللحم , واللبد: جمع لبدة: وهي زبرة الأسد , وهي شعر متراكب بين كتفي السد إذا أسن: والأظفار: السلاح , يقول: سلاحه تام حديد , وقال الأعلم والخطيب التبريزي: أراد بقوله: لدى أسدٍ , الجيش , وقال الزوزني: البيت كله صفة حصين بن ضمضم , ووافقه البغدادي في موضع من ((خزانة الأدب)) , فقال: وهو الصواب ثم خالفه في موضع آخر ,
فقال: والمراد بالأسد الحارث بن عوف المري , وسواء قاله في حصين أم الحارث أم الجيش كله ,
فالأسد فيه رجل أو رجال.
فالأسد هنا ورغم ذكر اللبد ليس المراد به الحيوان المعروف،وإنما المراد به الجيش الذي سيحاربهم يقوده حصين،أو هو حصين نفسه، وجعل الأسد لفظاً والمثل المراد منه الجيش له نظائر في كلام العرب ذكرها الشراح تحت هذا البيت ....
وقال زهير بن أبي سلمى في قصيدة يمدح بها سنان بن أبي حارثه المري:
إذا فزعوا طاروا إلى مستغيثهم طوال الرماح لا ضعاف ولا عزل
بخيل عليها جنة عبقرية جديرون يوماً أن ينالوا فيستعلوا
عليها أسود ضاريات لبوسهم سوابع بيض لا تخرقها النبل
وقال عنترة بن شداد:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/337)
وخيل قد زحفت لها بخيل عليها الأسد تهتصر اهتصارا
وإنما عليها الرجال.
وقال امرؤ القيس:
قولا لدودان عبيد العصى ما غركم بالأسد الباسل
ودودان: قبيلة من بني أسد , أبوها دودان بن أسن بن خزيمة , وكان ابو امرئ القيس إذا غضب على أحد منهم أمر بضربه بالعصا , فسموا عبيد العصا , أي لا ينقادون إلا على الضرب والهوان , وأراد بالأسد الباسل أباه , وقيل: أراد نفسه. ا هـ
وقال سحيم بن وثبل الرياحي في قصيدة يفخر فيها بنفسه:
وهمام متى أحلل إليه يحل الليث في عيص أمين
ألف الجانبين به أسود منطلقة بأصلاب الجفون
وهمام هو عمه , والعيص: الشجر الكثيف الملتف , والجفون: جمع جفنٍ , وهو قراب السيف , ولعله أراد بأصلاب الجفون سيورها , وإنما ألف به رجال.
وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه في قصيدة , قيل: إنه قال أولها في الجاهلية , ثم وصلها بعد في الإسلام , يصف الخمر:
ونشربها فتتركنا ملوكا وأسداًما ينهنهنا اللقاء
وقالعروة بن أذينة الكناني:
لنا عز بكرٍ وأيامها ونصر قريش وأنصارها
وما عز من حان في حربهم بضغم الأسود وتهصارها
وقال عمر بن لجأ في قصيدة يرد بها على جرير:
ومجال معركة غنمنا مجدها لقي الأسود بها الغضاب أسوداً
وإنما لقي بها الرجال رجالاً.
وقال:
وأهون من عضب اللسان بنت له أسود وسادات بناء مشيداً
وإنما بنت الرجال.
وقال عبد الله بن أبي تغلب الهذلي , في قصيدة يرثى بها من أصيب بالطاعون من هذيل بمصر والشام:
فجعلنا بهم وبأمثالهم من أهل الغناء فأمسوا رماما
جماجم كانوا من أهل الحميم وفي البأس كانوا أسوداً جماما
وقال الفرزدق يهجو جريراً:
ود جرير اللؤم كان عانياً ولم يدن من زأر الأسود الضراغم
وإنما أراد بالأسود نفسه وقومه
وقال جرير في قصيدة يهجو بها الفرزدق:
نحن الملوك إذا أتوا في دارهم وإذا لقيت بنا رأيت بنا رأيت أسوداً
وقال في قصيدة يهجو بها عمر بن لجأ:
قد جربت عركي في كل معترك غلب الأسود فما بال الضغابيس
وإنما عاركته الرجال.
وقال جميل بثينة:
وكانت تحيد الأسد عني مخافتي فهل يقتلني ذو رعاثٍ مطرف
و ذو رعاثٍ: ذو قرط , ومطرف: مخضب اليدين والأصابع: وهو يريد بثينة , يقول: كانت تحيد عنه الأسد من مخافته , فهل يقتلنه حب بثينة , وإنما تحيد عنه أسد الرجال , والأسد في تلك الأشعار كلها هو الرجل الجريء الذي لا يفر.
وقال الفرزدق في قصيدته التي مدح بها زين العابدين بن الحسين بن علي:
مشتقة من رسول الله نبعته طابت عناصره والخيم والشيم
سهل الخليفة لا تخشى بوادره يزينه خلتان الخلق والكرم
من معشر حبهم دين وبغضهم كفر وقربهم منجى ومعتصم
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم في كل بدء ومختوم به الكلم
يستدفع السوء والبلوى بحبهم ويسترب به الغحسان والنعم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم أو قيل من خير خلق الله قيل هم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم ولا يدانيهم قوم وإن كرموا
هم الغيوث إذا أزمة أزمت والأسد أسد الشرى والبأس محتدم
لا يقبض العسر بسطاً من أكفهم سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا
فشبه آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بالغيوث في الأزمة , وبأسد الشرى في البأس , والشرى موضع تنسب إليه الأسد واكتفى به , لكان يمدحهم بأنهم أسد من الرجال , ولم يكن في كلامه تشبيهاً , فلما قال: والأسد أسد الشرى , بين بقوله أسد الشرى أي أسدٍ أراد. وأنه أراد التشبيه
وقال طرفة بن العبد:
وتشكي النفس ما أصاب بها فاصبري إنك من قومٍ صبر
إن تصادف منفساً لا تلفنا فرح الخير ولا نكبوا لضر
أسد غاب فإذا ما فزعوا غير انكاسٍ ولا هوج هذر
ويروي: أسد غيلٍ , وهو الشجر الملتف , والغاب والغيل هي مأوى الأسد , قال الأعلم: آسد ما يكون الأسد عندها , لأنه يحميها ويحمي أشباله ا هـ
فشبه حسان بن ثابت رضي الله عنه:
فطاروا شلالاً وقد أفزعوا وطرنا إليهم كأسد الأجم
والأجم: كذلك الشجر الكثيف الملتف.
وقال يمدح النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه:
كأنهم في الوغى والموت مكتنع أسد ببيشة في أرساغها فدع
وبيشة: موضع تنسب إليه الأسد , فشبههم بالأسد التي تكون بذلك الموضع , وفي أرساغها فدع: فيها إعوجاج إلى ناحيةٍ , والأرساغ: جمع رسغ , والموت مكتنع قريب دانٍ.
وقال عروة بن أذينة الكناني:
صناديد غلب كأسد الغريف خضماً وهضماَ وضغماَ ضباثاَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/338)
والغريف: الشجر الكثير الملتف
وقال الأحوص في قصيدة يمدح بها عمربن عبد العزيز رحمه الله.
حتى كأنك يتقى بك دوانهم من أسد بيشة خادر متبسل
وقال أنيف بن حكيم الطائي:
دعوا لنزار وانتمينا لطيءٍ كأسد الشرى إقدامها ونزالها
وقال كثير في قصيدة يمدح بها عبد الملك بن مروان:
كأنهم آساد حلية أصبحت خوادر تحمى الخيل ممن دنا لها
وحلية مأسدة بناحية اليمن و والمأسدة: الأرض كثيرة الأسد.
وقال امرؤ القيس بن عمرو السكوني:
كأني غداة الروع من أسد زارة أبو أشبل عبل الذراع مجرب
وقال:
فلاقوا مصاعاً من أناسٍ كأنهم أسود العرين صادقاً لا يكذب
وزارة: موضع , والعرين: مأوى السد الذي يألفه.
وقال الأشهب بن رميلة:
أسود شرى لاقت أسود خفية تساقوا على لوحٍ دماء الأساود
وقال آخر:
أسود شرى لاقت أسود خفيةٍ تساقين سما كلهن خوادر
وقال آخر:
ونحن قتلنا الأسد أسد خفية فما شربوا بعداً على لذة خمراً
والخفية: غيضة ملتفة يتخذها الأسد عريناً , وهي: خفية الأسد.
وقال البريق بن عياضٍ الهذلي في قصيدة يرثى بها أخاه:
فما إن شابك من أسد ترج أبو شبلين قد منع الخدارا
بأجرأ جرأة منه وأدهى إذا ما كارب الموت استدارا
وشابك: قد اشتبكت أنيابه واختلفت , وترج: موضع باليمين قبل تبالة , وهي: بلدة خصبة.
وفي تلك الشعار كفاية , والتشبيه بالأسد الذي هو السبع , والتفضيل عليه في الجرأة والإقدام كثير من أشعار العرب , وفي تلك الأشعار كلها ذكر لفظ الأسد متبوعاً بما يدل على أنه السبع:
يقولون: أسد الشرى , وأسد غابٍ , وأسد غيل , وأسد خفيةٍ , وأسد بيشة , وأسد الأجم , وأسد ترج , وأسد الغريف , وأسد حلية , وأسد العرين , وأسد زارةٍ , وأسد أبو أشبال , وأبو شبلين , وما يشبه ذلك ويقاربه , وأكثر ما ينسبون إليه تلك الأسود: هو مواضعها التي تسكنها , ولم أجد شعراً عربياً يوثق به ذكر فيه لفظ الأسد إلا وفي الكلام ما يدل على ما أريد به , هل أريد به السبع أم أريد به الرجل الجريء الذي لا يفر , وذلك يدل على أن الأسد بلسان العرب ليس خاصاً بذلك السبع , ولو كان خاصاً به لم يحتج إلى أن يذكر معه ما يبين أي أسدٍ أريد به.
وقال قيس بن عيزارة أخو بني صاهلة في قصيدة يرثي بها أخاه الحارث بن خويلد:
وإذا جبان صدق روعة حبض القسي وضربة أخدود
ألفيته يحمي المضاف كأنه صبحاء تحمي شبلها وتحيد
صبحاء ملحمة جريمة واحدٍ أسدت ونازعها اللحام أسود
وحبض القسي: وقع الوتر , وضربة أخدود: كأنها شق في الأرض , والمضاف: الضعيف , وصبحاء: لبؤة لونها يضرب إلى البياض والحمرة , وتحيد: تروغ , وملحمة: تطعم ولدها اللحم , وجريمة واحدٍ: كباسة واحدٍ , كأنه يقول: ليس لها غير ذلك الشبل الواحد , وأسدت: كبلت وصارت أسداً , فهو يقول: إذا فزع الجبان وفر من وقع الرمي والضرب , وجدت أخاه الحارث بن خويلد يحمي الضعيف كأنه لبؤة صبحاء ليس لها إلا شبل واحد تحميه وتطعمه اللحم , فهي كلبة أسدة تنازع الأسود اللحم حتى تطعمه شبلها.
ويورى من شعر مغلس بن لقيط:
إذا رأيا لي غفلةً أسداً لها أعادي والأعداء كلبى كلابها
وقالت ليلي الأخيلية في قصيدة ترثي بها توبة بن الحمير الخفاجي:
طوت نفعها عنا كلاب وآسدت بنا أجهليها بين غاوٍ وشاعر
وقال عبيد بن الأبرص يصف ظبياً:
مرابضه القيعان فرداً كأنه إذا ما تماشيه الظباء تطيح
فهاج به حي غداة فآسدوا كلاباً فكل الضاريات شحيح
ويروى:
فهاج له حي غداة فأوسدوا كلاباً فكل الضاريات يسيح
وقال أبو زيد في ((نوادره)): يقال أغريت فلاناً بصاحبه إغراء , وآسدت بينهما إيساداً , إذا حملت كل واحدٍ منهما على صاحبه حتى غري به أي لزق به غرىً شديداً. ا هـ , وقال الأزهري في ((تهذيب اللغة)): يقال: آسدت بين القوم , وآسدت بين الناس , وآسدت بين الكلاب , إذا هارشت بينها , وقال أبو عبيد , آسدت الكلب إيساداً: إذا هيجته وأغريته وأشليته ودعوته , وقال رؤبة: ترمي بنا خندف يوم الإيساد. ا هـ , وقال الجوهري: وآسدت الكلب وأوسدته: أغريته بالصيد , والواو منقلبة عن الألف. ا هـ
وقال زهير بن مسعود يصف ثوراُ وحشياً طاردته كلاب صيدٍ:
فنال شيئاً ثم هاجت به مؤسدة فيهن تدريب
وقال الأزهري: والمؤسد: الكلاب الذي يشلي كلبه , يدعوه ويغريه بالصيد. ا هـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/339)
وقال مهلهل بن ربيعة:
إني وجدت زهيراً في مآثرهم شبه الليوث إذا استأسدتهم أسدوا
يقول: إذا أغريتهم وهيجتهم كانوا أسداً , وقال الصنعاني:: استؤسد: هيج , وقال الأزهري: قال الليث: واستأسد فلان: أي صار في جرأته كالأسد. ا هـ , وكذلك قال أبو عبيد في ((غريب الحديث)) , يقال: قد أسد الرجل واستأسد بمعنى واحد. ا هـ ولا شاهد على ذلك من كلام العرب , وقول مهلهل بن ربيعة: وإذا استأسدتهم أسدوا , يدل على خطئه , والصواب: استأسد: هيج وأغرى , واستؤسد: هيج واغرى.
وقال عامر الخصفي المحاربي في قصيدة يرد بها على الحصين بن الحمام المري:
وكنا نجوما كلما انقض كوكب بدا زاهر منهن ليس بأقتما
بدا زاهر منهن تأوي نجومه إليه إذا مستأسد الشر أظلما
ومستأسد الشر: الذي يغري به ويهيجه , وهو يعني به في ذلك البيت الليل.
وقال أبو النجم يصف نباتاً:
حتى تحنى وهو لما يذبلِ
مستأسداً ذبانه في غيطلِ
يقول للرابدِ أعشبت انزلِ
ويروى: مستأسد بالرفع , وذبانه: ذبابه , وعيطل: غيضة , وهو الشجر الملتف , وقال الأزهري: قال أبو عبيد عن الأصمعي: إذا بلغ النبات والتف , قيل: قد استأسد , وأشد قول أبي النجم.
ا هـ وقد استأسد: قد أغرى وهيج , وهو في قول أبي النجم: مستأسد ذبانه , يقول: إن ذلك
النبات لما طال وانحنى ولما يذبل بعد أغرى الذباب وهيجه فلزق الذباب به وكثر عليه , وقال أبو العباس ثعلب في ((مجالسه)): استأسد الأسل , إذا ارتفع , وكل شيء استأسد فهو مرتفع , وأنشد قول أبي النجم (). ا هـ , والأسل: عيدان تنبت طوالاً دقاقاً , وليس في قولِ أبي النجم ولا غيره شاهداً على أن كل شيءٍ استأسد فهو مرتفع , ولكن استأسد: أغرى وهيج.
وقال الأخطل:
بمستأسدٍ يجري الندي في رياضةِ سقته أهاضيب الصبا فمديمها
قال السكري: المستأسد: الملتف من الكلأ المكتهل ا هـ , والكتهل: الذي تم طوله.
وقال ذو الرمة:
فاكتهل النور بها واستأسدا ولو نأى ساكنها فأبعدا
فاستأسد النبات: أغرى , وإنما يكون ذلك إذا تم واكتهل ولما يذبل بعد.
وقال ابن الأثير في ((غريب الحديث)): ومنه حديث لقمان بن عاد: خذ مني أخي ذا الأسد , والأسد مصدر أسد يأسد أسداً , أي: ذو القوة الأسدية.ا هـ , ونقله ابن منظور في ((لسان العرب)) , وذلك الحديث لم أجده بعد مسنداً , وكثير مما يستشهد به أصحاب الغريب ليس محفوظاً عند المحدثين , وفي ((لسان العرب)): وأسد آسد على المبالغة , وأسد بين الأسد نادر , ونسب بعض ذلك إلى ابن الأعرابي.
فالعرب يقولون: أسداً للرجل الجريء الذي لا يفر , ويقولون: أسداً للسبع المعروف , وما قبله وبعده من الكلام يبين أي أسدٍ أرادوا به , وأكثر ما ينسبون إليه األسد من السباع هي مواطنها التي تسكنها , وقد سمى العرب أبنائهم أسداً , وأسيداً , وأسيداً , وأسيداً , ومن قبائلهم أسد , وهم بنو أسد بن خزيمة , وحمزة بن عبد المطلب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أسد الله , ويقولون: أسد الرجل , وأسدت اللبؤة , وأسد الكلب , إذا أقدم وجرئ وكلب فصار أسداً , ويقولون: آسد بين الناس إيساداً , أغرى بينهم , وأسد وآسد وأوسد الكلب: أغراه بالصيد وهيجه وأشلاه , والواو في أوسد منقلبة عن الألف الثانية في آسد , وهو من اختلاف ألسنة العرب في نطق الهمزتين المتتاليتين في أول اللفظة , ويقولون: كلاب مؤسدة: آسدها المؤسد , ويقولون: استأسد القوم: أغراهم وهيجهم وأغضبهم , واستؤسد: هيج , وقالوا ليل مستأسد الشر , وقالوا للنبات إذا تم واكتمل فأغرى: مستأسد , واستأسد.
ولا حجة على أن العرب كانوا أولاً يقولون الأسد لذلك الأسد من السباع خاصة , ثم نقلوه بعد ذلك للرجل , واشتقوا من أسد وآسد وغيرها , ولسان العرب القديم الأول لم يحفظ لنا , ولا انزل الله كتابه به , ولا ندري أي شيء كان السد بذلك السان الأول , والذي حفظ لنا , وأنزل الله كتابه به , هو لسان العرب الذين بعث النبي صلى الله عليه وسلم منهم , و أولئكم كانوا يقولون الأسد: للرجل والسبع , فقولهم: إنه وضع أولاً للسبع ثم نقل للرجل , هو زعم باطل , لا حجة له.
ـ[ابو عبد الله الهلالى]ــــــــ[21 - 08 - 08, 06:01 م]ـ
أكمل وواصل بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
ـ[شتا العربي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 08:23 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
فقولهم: إنه وضع أولاً للسبع ثم نقل للرجل , هو زعم باطل , لا حجة له.
لاشك أن تسمية الحيوان بهذا الاسم سابقة على تسمية الإنسان به وهذا هو المقصود
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 08, 01:00 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
لاشك أن تسمية الحيوان بهذا الاسم سابقة على تسمية الإنسان به وهذا هو المقصود
جزاكم الله خيرا
بل هناك شك كبير وليس هناك دليل أصلاً على أن لفظ الأسد وضع للحيوان أولاً أو أن إطلاقه على الحيوان سابق على إطلاقه على الإنسان فضلاً عن أن يكون هناك دليل على أنه لاشك فيه .. وإذا كان عندك الدليل فأتحفنا به ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/340)
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[22 - 08 - 08, 07:15 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
لاشك أن تسمية الحيوان بهذا الاسم سابقة على تسمية الإنسان به وهذا هو المقصود
جزاكم الله خيرا
لقد تفنن شيخ الاسلام ابن تيمية في ابطال "الأولية في الوضع" فبأي دليل عرفنا الاول؟
واذا الكلام منه ما هو اولٌ وما ليس باولٍ (يعني منقولا): فاين تصنف المشترك اللفظي وهو مباين للحقيقة والمجاز؟
فلا هو من ذاك ولا هذا!
فان قلت هو حقيقة لكنه اكثر من حقيقة ... طالبناك بالدليل على اولية الوضع .. ولا دليل عليه!
والبعض يفر من هذا الى انها اولية في التبادر الذهني!!
وهيهات ان يحصل ذاك في جملة غير تامة .. وبتجريد عن القرينة المفيدة للمعنى.
اخي ابا فهر .. جزاك الله خيرا
ـ[شتا العربي]ــــــــ[22 - 08 - 08, 12:20 م]ـ
أتوقف عن الإجابة الآن (ابتسامة)
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم وأورثكم الفردوس الأعلى
ـ[أبو بكر الغنامي]ــــــــ[22 - 08 - 08, 05:47 م]ـ
بل هناك شك كبير وليس هناك دليل أصلاً على أن لفظ الأسد وضع للحيوان أولاً أو أن إطلاقه على الحيوان سابق على إطلاقه على الإنسان فضلاً عن أن يكون هناك دليل على أنه لاشك فيه .. وإذا كان عندك الدليل فأتحفنا به ..
فليكن الحيوان المفترس ليس أولى بلفظة أسد من الرجل الشجاع!
وقد فهمت من كلامك -وقد أكون واهماً - أن لفظة أسد يعلم معناها سواء أريد بها السبع أم الرجل الشجاع ,بتوسط القرائن؟
فإن قلت لك: رأيت أسداً , ثم سكت , ماذا تفهم من كلامي؟
وشكراً.
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[22 - 08 - 08, 06:44 م]ـ
فإن قلت لك: رأيت أسداً , ثم سكت , ماذا تفهم من كلامي؟
أليس الأصل أن نبقى على ظاهر الكلام
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 08, 07:38 م]ـ
بارك الله في المبارك شتا العربي.
والفاضل العامري
========
وجواب الفاضل الغنامي ..
أنه لا يمكنني بغير قرينة زائدة من كلامك أو أحواالك تبين مرادك .. فقد تكون في حديقة الحيوان قبلها بيوم فالحيوان تعني ... وقد تكون شاهدت فيلماً عن خطاب فالرجل الشجاع المقدام تعني (ابتسامة)
وأياً ما تعني؛فلا يمكنني الوقوف عليه بمجرد قولك: رأيت أسداً ..
كما أني لم أعرف مراد الشاعر الجاهلي في كل النصوص التي أوردتُها =بغير القرينة الموجودة في كلامه ..
أما ظاهر اللفظ على هذا المعنى الذي ربما أراده الفاضل أسامة =فقد بينا بطلانه كطريق من طرق تفسير كلام المتكلم ..
ـ[أبو بكر الغنامي]ــــــــ[22 - 08 - 08, 10:38 م]ـ
أولا , أنا أغبطك على أدبك الرفيع
ثانيا: أظن أنه لافرق بيننا , إلا إذا لم ترد قرينة , فأنت تجعها مجملة , وأنا أجعلها ظاهرة فيما نسمية بالحقيقة اللغوية.
نفع الله بك
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 02:41 ص]ـ
بارك الله فيك ...
لا يكون كلام من عاقل أبداً يخلو من قرينة من قاله أو حاله تبين وتكشف عن مراده ..
غاية ما يحدث: أن يغمُض على الناظر في تفسير الكلام =موضع القرينة ...
فالآفة من السامع لا من المتكلم ...(100/341)
(أعوذ برضاك من سخطك) متى يقال في الوتر؟ بحيثٌ صغير يقبل التعقيب
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[21 - 08 - 08, 04:58 م]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وبعد:
فهذا بُحيثٌ صغير في قوله عليه الصلاة والسلام (اللهمَّ اعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبتكَ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْكَ لا أحْصِي ثَنَاءً عَلَيكَ، أنْتَ كَمَا أثْنَيْتَ عَلَى نَفسِكَ)
متى يقال؟
وذلك نظراً لقرب رمضان ولتعلقه بالوتر.
وليس لي فيه إلا الجمع فقط والله المستعان.
• كان الذي شدني للبحث في المسألة قول أخينا وشيخنا الفاضل ابن وهب حفظه الله:
تنبيه:
وممن وقع في الخطأ الشيخ العلامة بكر أبو زيد - حفظه الله
حيث ذكر الدعاء ضمن دعاء القنوت
فذكر - وفقه الله
(وهنا يحسن بيان الدعاء المشروع في ((قنوت الوتر))
بضوابطه الشرعية وهي
وعن أَمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أَن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره:
((اللهم إِنَّا نعوذ برضاك من سخطك, وبعفوك من عقوبتك, وبك منك, لاَ نُحْصي ثَنَاءً عليك, أَنت كما أَثنيت على نفسك)).
ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت عن بعض الصحابة رضي الله عنهم في آخر قنوت الوتر, منهم: أُبي ابن كعب, ومعاذ الأنصاري رضي الله عنهما)
انتهى
وهذا الدعاء في آخر الوتر إما عقب السلام كما جاء في رواية مفسرة عند النسائي
وإما في السجود كما جاء في روايات أخرى
و كثير الشراح على كونها بعد السلام
ويدل على ذلك قوله (آخر وتره)
وقد ورد حديث سبحان الملك القدوس بذات الحرف
وفيه آخر وتره
فتبين أن هذا الدعاء هو عقب السلام على الأرجح
لا في دعاء القنوت
فظن أن هذا الدعاء مما يختم به في القنوت هو ظن خاطىء
والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب وصلى على نبينا محمد وعلى آله وسلم
ومن أراد أن يتأكد فلينظر في تبويب الأئمة ابن أبي شيبة والنسائي في الكبير
وغير ذلك
أما في الكتب المختصرة فيقع الاختصار وذكره ضمن الدعاء
وممن وقع في الخطأ الامام الجليل ابن قدامة - رحمه الله في المغني فيما أذكر
فقد استدل به على دوام دعاء القنوت
قد وقع في هذا الخطأ علماء أجلاء
وهو اجتهاد منهم
إلا أن الأصح - والله أعلم
أن لا علاقة لهذا الدعاء بدعاء القنوت فليعلم
** هنا موضعان لقول: (اللهمَّ اعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبتكَ، وَاعُوذُ بِكَ مِنْكَ لا احْصِي ثَنَاءً عَلَيكَ، انْتَ كَمَا اثْنَيْتَ عَلَى نَفسِكَ)
الأول: لا خلاف فيه: في السجود.
ودليله حديث عائشة رضي الله عنها قالت:
فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَلَمَسْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ وَقَدَمَاهُ مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ.
رواه مسلم وأبو داود – واللفظ له - وغيرهم كثير.
-------------
** الموضع الثاني: يحتمل موضعين
أ) في دعاء قنوت الوتر
ب) بعد السلام من الوتر أو قبل السلام.
والوارد حديثان:
الأول:
حديث عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سُخْطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ.
رواه جمع من اهل السنن والمسانيد كلهم من طريق حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَمْرٍو الْفَزَارِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ عن علي رضي الله عنه.
وإليك تبويب الأئمة رحمهم الله:
أبوداود (بَاب الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ)
الترمذي (بَابٌ فِي دُعَاءِ الْوِتْرِ)
النسائي في الكبرى (ما يقول في آخر وتره)
وفي الصغرى (بَاب الدُّعَاءِ فِي الْوِتْرِ) وذكر في الباب أيضاً حديث الحسن رضي الله عنه (اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/342)
ابن ماجه (بَاب مَا جَاءَ فِي الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ)
الطبراني في الدعاء: (باب القول في قنوت الوتر)
ومعه حديث (اللهم اهدني فيمن هديت)
ابن أبي شيبة (مَا يَقُولُ الرَّجُلُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ) وهذا مثل لفظ الحديث
أما البيهقي رحمه الله فقال
البيهقي (باب مَا يَقُولُ بَعْدَ الْوِتْرِ)
وفي الدعوات قال (باب القول والدعاء عقيب الوتر)
الثاني:
عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِّيِّ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ:
بِتُّ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ، إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ، وَتَبَوَّأَ مَضْجَعَهُ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، اللَّهُمَّ لاَ أَسْتَطِيعُ ثَنَاءً عَلَيْكَ، وَلَوْ حَرَصْتُ، وَلَكِنْ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ.
رواه النسائي في الكبرى وفي عمل اليوم والليلة وابن السني والطبراني في الأوسط من طريق يزيد بن خصيفة عنه به.
قال الهيثمي رحمه الله: ورجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن عبد الله بن عبد القارئ وقد وثقه ابن حبان. اهـ
قال المزي رحمه الله في تهذيب الكمال: روى عن: على بن أبى طالب (سى): مرسل: " بت عند النبى صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فكنت أسمعه إذا فرغ من صلاته و تبوأ مضجعه يقول. . . الحديث ".
روى عنه: يزيد بن عبد الله بن خصيفة (سى).
و قيل عن ابن خصيفة عن عبد الله بن عبد عن على.
و قيل عن ابن خصيفة عن يزيد بن عبد الله الكندى عن إبراهيم بن عبد الله القارى: إن عليا كان يقول.
وقال في التحفة: إبراهيم بن عبد الله بن عبدٍ القاريِّ، عن علي - وقيل: لم يدركه. اهـ
فمن حمل الحديثين على بعضهما كابن القيم والعظيم آبادي رحمهما الله وغيرهما ومحمد بازمول أوردوا احتمال كون الدعاء بعد السلام. بسبب الحديث الثاني إن صحّ.
توسط ابن القيم رحمه الله في الزاد فقال: وفي إحدى الروايات عن النسائي: كان يقولُ إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلاته، وتبوَّأَ مضجعه، وفي هذه الرواية: "لاَ أُحْصِي ثنَاءً عَلَيْكَ وَلَوْ حَرَصْتُ" وثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال ذلك في السجود، فلعله قاله في الصلاة وبعدها. اهـ
قال الألباني رحمه الله: ومن السنة أن يقول في آخر وتره (قبل السلام أو بعده): (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك). قيام رمضان.
وللسندي احتمال آخر
قال رحمه الله في حاشيته على النسائي:
قَوْله (كَانَ يَقُول فِي آخِر وِتْره)
يَحْتَمِل أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي آخِر الْقِيَام فَصَارَ هُوَ مِنْ الْقُنُوت كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَام الْمُصَنِّف وَيَحْتَمِل أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي قُعُود التَّشَهُّد وَهُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ.اهـ
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ:
(يَقُولُ فِي آخِر وِتْره)
: أَيْ بَعْد السَّلَام مِنْهُ كَمَا فِي رِوَايَة قَالَ مَيْرَك: وَفِي إِحْدَى رِوَايَات النَّسَائِيِّ كَانَ يَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاته وَتَبَوَّأَ مَضْجَعه. اهـ
ومما يقوي أنه في الدعاء:
قال الترمذي على حديث الحسن رضي الله عنه (اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ).
قال العيني: قال الترمذي " وفي الباب عن علي رضي الله تعالى عنه " ولم يرد هذا وإنما أراد والله أعلم ما رواه هو في الدعوات وبقية أصحاب السنن من رواية عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن علي بن أبي طالب (أن النبي كان يقول في آخر وتره اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك)
فيكون مراده أن هذا الدعاء يقال في نفس دعاء الوتر.
ووافقه المباركفوري على أن المراد بحديث علي هو هذا.
* ذكرت اللجنة الدائمة هذا الدعاء في دعاء القنوت
* وفي شرح منتهى الإرادات وزاد المستقنع وغيرها من كتب الحنابلة رحمهم الله: ذكروه ضمن ما يدعو به المصلي في القنوت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/343)
* قال الشوكاني رحمه الله: وَالْأَحَادِيث الْمَذْكُورَةُ تَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقُنُوتِ بِهَذَا الدُّعَاءِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ. اهـ
** أما النووي رحمه الله فقال: في المجموع: يستحب أن يقول بعد الوتر ثلاث مرات سبحان الملك القدوس وأن يقول اللهم انى اعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك واعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت علي نفسك ففيهما حديثان صحيحان في سنن أبي داود وغيره. اهـ
وهذا ما يبدو من فعله في الأذكار حيث ذكر هذا الحديث بعد حديث (سبحان الملك القدوس) الذي يقال بعد السلام.
وكأن النووي تبع ترتيب البيهقي في الكبرى فهو يشبهه.
... قال الشيخ محمد بن عمر بن سالم بازمول في (بغية المتطوع في صلاة التطوع)
لكن أخرج هذا الحديث النسائي من كتاب " عمل اليوم والليلة" وكذا ابن السني باللفظ التالي
[وذكر الحديث الثاني].
وهذه الرواية فيها تعيين موضع هذا الدعاء، وهو ما بوب عليه النسائي في كتابه "عمل اليوم والليلة"، حيث قال: " باب ما يقول إذا فرغ من صلاته وتبوأ مضجعه". اهـ
الذي يظهر أن النسائي بوب تبويبين , فالحديث الأول تبويبه (ما يقول في آخر وتره) - راجع كلام السندي - والحديث الثاني تبيوبه (باب ما يقول إذا فرغ من صلاته وتبوأ مضجعه) , وجعل مورد الحديثين مختلفاً ولكل منهما موضعاً, أما ظاهر تبويب الأئمة فهم جعلوه من الدعاء في الوتر وفي آخره , وهذا ما فهمه الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله فيما يظهر.
أما البيهقي والنووي فكما مرّ فقد جعلوه بعد السلام.
وأما ابن القيم والألباني – رحم الله أئمتنا جميعاً – فقد جعلوه على التخيير.
ويبقى للبحث مجال في صحة الحديث الثاني الذي من طريق إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِّيِّ , عَنْ عَلِيِّ.
أما حديث (سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ) فقد جاء صريحاً أنه بعد السلام
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ فِي الْوِتْرِ قَالَ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ.
وفي لفظ (فإذا فرغ من وتره)
كما عند أبي داود والنسائي وغيرهما.
والله تعالى أعلم.
فما رأي مشايخنا الكرام
ـ[ابن وهب]ــــــــ[21 - 08 - 08, 08:36 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
أخطأت وأصبتم وقد كتبت ما كتبت سابقا واتكلت فيه على الحفظ
والذي دفعني إلى ذلك ما ذكره غير واحد من أهل العلم من عدم ثبوت شيء في قنوت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الوتر
ومما فاتكم - نفع الله بكم ورفع قدركم -
أن ابن أبي شيبة - رحمه الله -
ذكر الحديث في موضعين ففي الموضع الأول بوب
(مَا يَقُولُ الرَّجُلُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ) وقد أشرتم إليه
والموضع الثاني
(ما يدعو به الرجل في آخر وتره ويقوله)
حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن هشام بن عمرو عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك
حدثنا وكيع عن سفيان عن زبيد عن زر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أمه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر ويقرأ في آخر صلاته إذا جلس سبحان الله الملك القدوس ثلاثا يمد بها صوته
حدثنا محمد بن أبي عبيدة قال حدثنا أبي عن الأعمش عن طلحة عن زر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر صلاته سبحان الملك القدوس ثلاثا
)
انتهى
وكما ترون ذكر ابن أبي شيبة الحديث في الموضع الثاني باللفظ المشهور
دليل على أن الخلاف قديم
فحتى ولو لم يصح الحديث الصريح (الثاني) فالاحتمال قائم
والله أعلم بالصواب
وأما قول صاحب المغني - رحمه الله -
(وَعَنْهُ لَا يَقْنُتُ فِي صَلَاةٍ بِحَالٍ.
وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى هِيَ الْمُخْتَارَةُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ.
وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: كُنْت أَذْهَبُ إلَى أَنَّهُ فِي النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ إنِّي قَنَتُّ، هُوَ دُعَاءٌ وَخَيْرٌ.
وَوَجْهُهُ مَا رُوِيَ عَنْ أُبَيٍّ، {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ، فَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ}.
وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ: {اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ}.
وَكَانَ لِلدَّوَامِ،)
انتهى المقصود منه
وهذا محل بحث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/344)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[21 - 08 - 08, 09:18 م]ـ
وفي الباب
ما رواه ابن أبي عاصم
(حدثنا يعقوب بن حميد، نا سفيان بن حمزة، أن كثير بن زيد حدثهم عن خالد بن الطفيل بن مدرك الغفاري رضي الله عنه، عن جده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد ورفع قال: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بعفوك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أبلغ ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك»)
انتهى
وقد وقع في غير موضع من الإصابة (إذا سجد وركع)
من ذلك
(خالد بن الطفيل بن مدرك الغفاري قال بن منده ذكره بن منيع في الصحابة وفيه نظر وروى من طريق سفيان بن حمزة عن كثير بن زيد عن خالد بن الطفيل بن مدرك الغفاري أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث جده مدركا إلى مكة ليأني بابنته قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وركع قال أعوذ برضاك من سخطك الحديث قلت لم يورده بن منيع إلا في ترجمة مدرك وكلام بن منده يوهم أنه ذكر خالدا في الصحابة وليس كذلك)
(2173 - خالد بن الطفيل بن مدرك الغفاري قال بن منده ذكره بن بنت منيع في الصحابة وفيه نظر قلت لم أره في كتاب بن بنت منيع وإنما أورد حديثه في ترجمة جده مدرك فأخرج من طريق سفيان بن حمزة عن كثير بن زيد عن خالد بن الطفيل بن مدرك الغفاري أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث جده مدركا يأتي بابنته من مكة قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وركع قال اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك الحديث فهذا الحديث لا تصريح فيه بصحبة خالد إلا أنه على الاحتمال)
تنبيه: فعل النسائي في الكبير يؤيد كلام السندي - رحمه الله -
(ما يقول في آخر وتره (1444) أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك قال نا سليمان بن حرب وهشام بن عبد الملك قالا ثنا حماد بن سملة عن هشام بن عمرو الفزاري عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك أعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك باب قدر السجود (1445) أخبرنا يوسف بن سعيد قال نا حجاج قال نا ليث قال حدثني عقيل عن بن شهاب عن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إحدى عشرة ركعة فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر بالليل سوى ركعتي الفجر ويسجد قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية التسبيح بعد الفراغ (1446) أخبرنا محمد بن بشار قال نا أبو داود قال نا شعبة عن قتادة قال سمعت عزرة يحدث عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بسبح اسم ربك الاعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد فإذا فرغ قال سبحان الملك القدوس ثلاثا)
انتهى
فجعل التسبيح بعد الفراغ أما الدعاء فجعله آخر الوتر وفصل بينهما بقدر السجود
والذي كان في الذاكرة أنه جمع هذا الحديث وحديث سبحان الملك القدوس في باب واحد
وأنا أستفغر الله من العجلة وحيث أن المسألة ذكرها غير واحد من أهل العلم قديما وحديثا
فهي من مسائل الخلاف
وأستغفر الله من الخطأ الذي وقعت فيه
وكلام العلماء هو المقدم والمعول عليه
ولا يحق لي تخطئة العلماء الكبار فاللهم اغفر لنا وتب علينا
(اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إِنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
ـ[محمد أبو عُمر]ــــــــ[21 - 08 - 08, 11:37 م]ـ
ما شاء الله لا قوة إلا بالله ...
الذي مثلي يقول:
هو يوم خرجت منه بفائدة فجزاكما الله خيرا شيخانا الفاضلين وليس مثلي من يعقّب عليكما ... والله اعلم
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[23 - 08 - 08, 02:41 م]ـ
اللهم اغفر لي ولشيخنا ابن وهب واعف عنا وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين
شيخنا ابن وهب جزاك الله خيرا
والله ما تقدمت بين يديكم بهذا الكلام تخطئة لكم واستغفر الله , بل إنما حاولت جمع ما تفرق من كلام الأئمة والعلماء بواسطة الشاملة لا أكثر , ولو كُلّفتُ ببحث المسألة في الكتب ما سطّرتُ سطراً , فليس لي من الأمر شيء.
وقد تعلمت منكم كثيرا , واليوم أتعلم من أدبكم وتواضعكم حفظك الله ورعاك.
أخي محمد أبو عمر , جزاك الله خيرا
ولست بشيخ ولا طالب علم ... وأرجو.
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[25 - 08 - 08, 12:48 ص]ـ
عفواً
هنا رابط كلام شيخنا ابن وهب حفظه الله
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=4408&highlight=%C7%E1%E3%CD%C7%D0%ED%D1
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[31 - 08 - 08, 04:30 م]ـ
للفائدة(100/345)
سؤال ...... أرجو الإفادة ....
ـ[أم عمر المسلمة]ــــــــ[21 - 08 - 08, 08:07 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
السؤال:
علمنا أن للعمل الصالح الذي يقبله الله تعالى (عاجل بشرى للمؤمن) في الدنيا من انشراح في الصدر و سعادة في القلب كما ذكر ذلك ابن القيم في كتاب الداء و الدواء
فهل إذا جوزي الإنسان بعمله هذا في الدنيا
كأن يتصدق بمقدار من المال و بعد فترة يرزقه الله بنفس مقدار المال من حيث لا يحتسب
فهل هذا يقطع ثواب الأخرة؟؟ أو ينقصه؟؟
أرجو الإفادة ...............................
ـ[أيمن بن خالد]ــــــــ[21 - 08 - 08, 08:21 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
للتأمل و فيها الجواب، و الله أعلم:
{وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} النحل41
ـ[أبوعبدالله الحديري]ــــــــ[21 - 08 - 08, 09:28 م]ـ
الحمد لله .. ولإجر الآخر أكبرُ لوكانوا يعلمون
ـ[محمد أبو عُمر]ــــــــ[21 - 08 - 08, 09:51 م]ـ
وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته
ثبت في صحيح مسلم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لا يظلم مؤمناً حسنةً، يُعطي بها في الدنيا، ويُجزى بها في الآخرة، وأما الكافر: فيُطعم بحسناته ما عمل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزي بها) هذا لفظ مسلم في صحيحه.
وفي لفظ له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة في الدنيا، وأما المؤمن فإن الله يدخر له حسناته في الآخرة، ويعقبه رزقاً في الدنيا على طاعته)
فهذا الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه التصريح بأن الكافر يُجازى بحسناته في الدنيا فقط، وأن المؤمن يجازى بحسناته في الدنيا والآخرة معاً، وبمقتضى ذلك يتعين تعييناً لا محيص عنه أن الذي أذهب طيباته في الدنيا، واستمتع بها هو الكافر؛ لأنه لا يجزى بحسناته إلا في الدنيا خاصة.
وأما المؤمن الذي يُجزى بحسناته في الدنيا والآخرة معاً: فلم يُذهب طيباته في الدنيا؛ لأن حسناته مدخرة له في الآخرة، مع أن الله تعالى يثيبه بها في الدنيا، كما قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) الطلاق/ 2،3 , فجعل المخرج من الضيق له، ورزقه من حيث لا يحتسب ثواباً في الدنيا، وليس ينقص أجر تقواه في الآخرة،
والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة.(100/346)
محنة الأندلسيين لصيام رمضان
ـ[هشام زليم]ــــــــ[22 - 08 - 08, 12:21 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسولنا محمد و على أله و صحبه أجمعين.
قال الله تعالى:** شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (185) سورة البقرة
إن من النعم التي أكرم الله بها عباده و أقرّ أعين المؤمنين بها أن بلّغهم شهر رمضان, هذا الشهر الفضيل الذي ُأنزل فيه القرآن العظيم على محمد صلى الله عليه و سلّم هو من خصائص الدين الإسلامي التي جمعت كل العبادات من صلاة و صيام و ذكر وصدقة و عمرة إضافة إلى تبني مكارم الأخلاق و أعفّها و أنبلها. قال عليه الصلاة و السلام: ((الصوم جُنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم))::: رواه البخاري ومسلم
و قد و عد الله عز وجل من قامه حقّ قيامه بالعتق من النار و المغفرة و الأجر الكريم. قال رسول الله صلى الله عليه و سلّم: ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه))::: رواه البخاري ومسلم.
فطوبى لمن عرف كيف يقوم رمضان و أحسن استغلاله في طاعة الرحمان.
و ياحسرة من ضيّعه و زادته غفلته بعدا عن الرحمان.
و ما أشد حسرة من ضيعه و هو له آخر رمضان.
من خلال هذا الموضوع – الذي أسأل الله أن يكون خالصا لوجهه الكريم- أريد أن أستعرض محنة طائفة من المسلمين عاشت دهرا طويلا في أرض كانت إسلامية تُدعى الأندلس. و قد غلب الكفار سنة 1492م على أرضهم فساموهم سوء العذاب و أرغموهم على التنصّر واعتقاد الكفر و التثليث و أكل لحم الخنزير و شرب الخمر و التسمّي بالأسماء النصرانية و لباس الزي النصراني ... , هذا و أجبروهم على التنصّل من كل اعتقادات المسلمين و التخلي عن المظاهر الإسلامية الظاهرة و الباطنة. و قد حكموا على من خالف ذلك بالموت شنقا و حرقا أو بالسجن المؤبد أو المؤقت أو بمصادرة الأموال أو بالأشغال الشاقة و .... و ... و لائحة الإرهاب النصراني طويلة.
و قد أطلق النصارى الإسبان على هذه الطائفة من المسلمين اسم "الموريسكيون" Moriscos أي "المسلمون الأصاغر" تمييزا لهم و تصغيرا من شأنهم. كما أطلقوا عليهم اسم " النصارى الجدد" Cristianos nuevos.
و بما أننا في شهر رمضان المبارك فقد اخترت أن أتناول حياة هؤلاء المسلمين -الذين عاشوا كنصارى ظاهرا و مسلمين باطنا – في شهر رمضان. كيف كانوا يرون رمضان؟ هل كانوا يصومونه؟ كيف كانوا يعيشونه؟ ماذا لحقهم جرّاء ذلك؟ إلى غير ذلك من الاستفسارات التي قد تُطرح عن حياة هاته الفئة من المسلمين التي –صراحة- تجاهلها المؤرخون المسلمون و كما ستلاحظون فأغلب الوثائق التي سأنقلها ذات مصدر إسباني و محفوظة في أرشيفهم.
و لعل هذا أوّل موضوع من نوعه يتطرّق بصفة شبه مفصلة لحياة المورسكيين في شهر رمضان وما لقوه من شدة و محنة في سبيل صيام و لو يوم واحد منه دون أن يلحقهم أذى النصارى.
1 - لمحة تاريخية:
سقطت دولة الإسلام بالأندلس سنة 1492م بتسليم أبي عبد الله ابن الأحمر –غفر الله له- مدينة غرناطة آخر معقل إسلامي بالأندلس إلى الملكين الكاثوليكيين فرديناند و إيزابيلا – عليهما من الله ما يستحقان- فرفعا الصليب على أعلى أسوار قصر الحمراء و أدى النصارى صلاة الحمد شكرا للرب على هذا الفتح -زعموا – , و قد وعد الملكان الكاثوليكيان في اتفاقية تسليم غرناطة المسلمين باحترام دينهم و تركهم أحرارا في اعتقادهم و عباداتهم. لكن ما أن غادر أبو عبد الله قصر الحمراء حتى حُوّلت مساجده إلى كنائس و قد كان هذا أول ناب كشّر عنه النصارى في خطة افتراس الأندلسيين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/347)
أما الناب الثاني فقد كشّروا عنه سنة 1499م بإصدار مرسوم ملكي يقضي بتنصير المسلمين و تعميدهم قسرا و تخليهم عن أسمائهم و أزيائهم الإسلامية و لغتهم العربية و كل ما يمتّ للإسلام بصلة. فرفض أهل الأندلس هذا القرار فثاروا في غرناطة لكن ثورتهم أٌخمدت. و أمام إصرار النصارى على تنصيرهم عاش الأندلسيون حياة مزدوجة فهم ظاهرا نصارى و باطنا مسلمون. و أنشأ الأسبان محاكما للتفتيش لمراقبة تصرفاتهم و محاكمة كل من يتشبت بالإسلام. و استمر الأندلسيون على هذا الحال حتى سنة 1567م حيث أصدر الملك فيليب الثاني قرارا صارما بالتشديد على الأندلسيين و عدم التسامح مع من يٌبدي أي مظهر من مظاهر الإسلام فقام الأندلسيون سنة 1568م بثورة كبرى في غرناطة استمرت 4 سنوات انتهت بقمعها و اشتداد الوطأة على الأندلسيين الذين ظلوا رغم كل ذلك يحفظون شيئا من الإسلام. و جاءت سنة 1609م التي شكلت سنة الفرج للأندلسيين حيث أعلن الملك فيليب الثالث بإيعاز من القساوسة قرارا بطرد كل الأندلسيين من إسبانيا حفاظا على وحدة العقيد ة الكاثوليكية الإسبانية من خطر"المورسكيين" الذين لازالوا مسلمين يحملون دين محمد صلى الله عليه و سلم. و بالفعل تمّ طردهم إلى شمال إفريقيا حيث بلاد الإسلام و هكذا أنجاهم الله عزّ و جل من الكفر النصراني.
2 - رمضان عند المورسكيين
حاول المؤرخون الإسبان الذين عاصروا المورسكيين بإسبانيا رسم صورة لحياتهم الدينية السرية و قد خرجوا جميعا بخلاصة مفادها أن صيام شهر رمضان و احترامه و تعظيمه هو أكثر ما تشبّت به المورسكيون رغم مرور العقود على تنصيرهم.
يقول المؤرخ الإسباني بورونات إي باراتشينا ( Boronat y Parrchina) محاولا رسم صورة عن حياة المورسكيين الدينية كما كانوا يؤدونها خفية عن أعين الوشاة النصارى , وقد أورد عدة مظاهر أساسية في حياة المسلمين بينها الصيام حيث ذكر عن شهر رمضان:
" و مدته ثلاثون يوما, لا يأكل المسلم خلال اليوم إلا في الليل عند بزوغ النجم, وفي كل ليلة يتسحر المسلم, فيأكل بقية ما خلفه في أكل الليل. يأكل قبل الفجر و يغسل فمه و يؤدي الصلاة, ويتطهر المسلم قبل بدئ رمضان. يبدأ الصوم برؤية الهلال و ينتهي برؤية الهلال. بعد ذلك ينتظر أحد عشر شهرا, و الشهر الثاني عشر يكون هو رمضان, بحيث أن رمضان يبدأ قبل رمضان السابق له بنحو عشرة أيام, إذ هكذا يكون حساب الأهلة.
بعد أن ينتهي شهر رمضان – و مدته ثلاثون يوما – يحتفل المسلمون بعيد الفطر. و في أول أيام العيد يُقبّل الابن المسلم يد أبيه و يطلب منه أن يُسامحه, و الآباء يباركون الأبناء فيضعون أيديهم على رؤوسهم و يقولون "جعلك الله مؤمنا (أو مؤمنة) صالحا (أو صالحة) " , و يطلب كل مسلم من أخيه المغفرة قائلا:"غفر الله لي و لك". (1)
و استخلصت الباحثة الإسبانية غارسيا مرثيدس أرينال بعض طول دراسة لمحاضر محاكم التفتيش الإسبانية أن: " العبادات الأكثر رسوخا في حياة المورسكيين , و التي يتردد ذكرها في كل محاضر التفتيش تقريبا, هي صيام رمضان و الطهارة و الصلاة."
و واصلت الباحثة "و بدون أدنى شك, صيام رمضان هو العبادة الدينية الأكثر تأصلا في حياة المسيحي الجديد, و في الغالب هي أكثر عبادة يحافظ عليها الجميع. و يمكن القول بأنه أخر مظهر إسلامي من حيث التلاشي ... فصيام رمضان كما تصفه المحاضر, يرتكز أساسا على الإمتناع عن الطعام و الشراب و المحافظة على ذلك من الفجر إلى الليل عندما تطلع النجوم خلال شهر رمضان بأكمله. على وجه التحديد, طابع الرفض و الإمتناع في الصيام, مثل ذلك طابعه الجماعي, يجعل منه العبادة الإسلامية الأكثر تأصلا, و بالتالي الأكثر تميزا" (2).
أما الباحث الإسباني الشهير خوليو كارو باروخا فقد ذكر نقلا عن كتاب"سرفنتس و المورسكيون:" أنه في بداية القرن السابع عشر كان أهل مرسية و جيان و من بقي في غرناطة يصومون رمضان." (3) أي بعد 110 سنوات على سقوط غرناطة حافظ الأندلسيون على صيام رمضان. و هذا إن كان يدلّ على شيء فإنما يدل على عظم مكانة هذا الشهر عندهم رغم بطش النصارى بهم و ليعتبر اليوم من فرّط في صيام رمضان.
3 - تشوق المورسكيين لرمضان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/348)
شكلت مراقبة هلال رمضان للأندلسيين مهمة محفوفة بالمخاطر نظرا لانتشار أعين الوشاة الذين يترصدون الحركة الكبيرة و الصغيرة التي قد توحي بأن فاعلها مسلم. لكن شدة شوقهم لصيام رمضان كانت أكبر من خوفهم من النصارى فصعدوا إلى المرتفعات لرؤية الهلال حرصا على صيام رمضان في وقته الشرعي.
في هذا الإطار تروي الباحثة الإسبانية أرينال نقلا عن محاضر محاكم التفتيش بكوينكا:
"يبدأ الصيام بظهور هلال رمضان الذي كان يدور حوله توقع كبير. و كان هناك قلق عند انتظار الهلال و مراقبته, و كانوا ينقلون خبر ظهوره بين القرى المجاورة و يتناقشون حوله. و تسبب هذا الاهتمام بهلال رمضان في محاكمة عدد ليس بالقليل من المورسكيين. تجدر بالذكر حالة ديثا, ففي عام 1570م (أي بعد 78 سنة على تنصير المسلمين) تم القبض على نصف القرية لأنهم خرجوا إلى أماكن الفضاء لرؤية ظهور هلال رمضان, و لما دار جدل حول ما إذا كان الهلال ظهر أم لا انقسموا إلى جماعات متفرقة و بدأت كل جماعة تدافع عن موقفها بصوت عال, و بالبتالي علمت السلطات و قبضت عليهم. (4)
و الحالات التي يظهر فيها المورسكيين و هم يستطلعون الهلال عديدة: ماريا دي أليخير ( Maria de Aliger) من ديثا- (5): "لشغفها بمعرفة متى سيبدأ شهر رمضان حتى تصوم, قالت لأحد المورسكيين إنها ذهبت لرؤية الهلال في فضاء هذه القرية".
و خيرونيمو, نقاش أركوس, رآه جاره ذات ليلة و هو ينظر إلى الهلال و قال له هذا الشاهد: إلام تنظر و ما الذي جاء بك إلى هنا؟ قال هذا النقاش: إنه جاء لرؤية الهلال, قال الشاهد: تريد أن تصوم؟ قال له النقاش: أجل فهناك في أراغون يصوم الجميع" (6)
4 - محنة الأندلسيين لصيام رمضان
لتسهيل الوشاية بالمسلمين من طرف النصارى و لمنعهم من أداء شعائرهم الإسلامية, نشرت السلطات الكنسية التابعة لمحاكم التفتيش لائحة طويلة من ستة و ثلاثين مظهرا من المظاهر الإسلامية التي وجب الإخبار عنها و منها:
" – إذا قاموا بصيام رمضان, و راعوا ذلك أثناء عيد الفصح و سلموا بعض الصدقات و أنهم لم يأكلوا و لم يشربوا حتى يلاحظوا النجمة الأولى.
- إذا قاموا بالسحور, واستفاقوا ليأكلوا قبل طلوع النهار أو غسلوا أفواههم و رجعوا إلى فراشهم" (7)
هكذا عاش الأندلسيون في حالة خوف و حذر من الوشاة و أخفوا عقيدتهم و التمسوا الخلوات و الأماكن المنعزلة لأداء فرائضهم و منها الصيام و كان النصارى إذا حل رمضان يمتحنوهم لمعرفة ما إذا كانوا ممسكين و رغم اعتذار الأندلسيين بأعذار مختلفة لتبرير عدم أكلهم فإنهم كانوا يتابعون من طرف محاكم التفتيش. و هذا ما جعل عدد المورسكيين المدانين في شهر رمضان أكثر من الشهور الأخرى. فهذا الأندلسي فرانسيسكو القرطبي ( Francisco Cordoba)" الذي كان يصوم رمضان من طلوع الفجر إلى غروب الشمس خلال شهر كامل, لم تعرض له دعوات كثيرة من جيرانه مثل تلك التي جاءت خلال شهر رمضان, وقد كان حريصا على احترام الصيام, و أنه إذا دُعي للغداء فإنه كان يرفض بحجة أنه فاقد للشهية, و إذا دُعي أثناء الأكل, فإنه كان يرد أنه أكل قبل ذلك في مكان أخر" (8)
و قد سجلت محاضر محاكم التفتيش الإسبانية أعدادا كبيرة من حالات ضُبط فيها الأندلسيون في حالة صيام (عندما يصبح الصيام جريمة و لا حول و لا قوّة إلا بالله) وتبقى أشهر قضية عرفتها محاكم التفتيش هي ضد عائلة ابن عامر المسلمة (سليلة المنصور ابن أبي عامر الشهير) ببلنسية سنة 1567م و تبيّن لنا هذه القضية تعظيم المورسكيين لشهر رمضان و إصرارهم على صيامه رغم المنع و الحضر النصراني لأي مظهر إسلامي ..
و قد ذكر محضر الإتهام بعض شهادات المقرّبين من عائلة ابن عامر كشهادة الخادمة المورسكية أنخيلا زوجة خايمي أليمان و التي شهدت " أنها – و عمرها ستة عشر عاما – قد أدت شعائر المسلمين, فصامت رمضان, و أنها كانت خادمة للسيد خيرونيمو بن عامر في بناغواتيل بعد أن كانت تعمل خادمة في بيت هاشم في سيغوربي, و في بيت السيد خيرونيمو صامت رمضان معه و مع زوجته و أبنائه, وهم السيد كوسمي و السيد خوان و السيد أيرناندو و السيدة أغرايدا, وقد احتفل كل هؤلاء بعيد المسلمين فارتدوا أفضل الثياب لديهم. و هذا ما حدث بالضبط في بيت هاشم في سيغوربي – و السيد هاشم متزوج من السيدة أغرايدا ابنة السيد خيرونيمو – فلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/349)
يكونوا يأكلون طوال اليوم حتى حلول الليل" (9).
و جاءت شهادة بيرنات المعلم – المسؤول في بناغواتيل عن ذهاب المورسكيين لسماع الوعظ النصراني بالكنائس – لتأكد التزام عائلة ابن عامر بالتعاليم الإسلامية , حيث يذكر محضر الإتهام عن بيرنات أنه" شاهدهم يصومون رمضان من أول شهر يوليو" (9).
أما سيبستيان القواغازي من مواليد أوريا بنهر المنصورة فقد حكم عليه سنة 1574م بمصادرة جميع ممتلكاته و التجديف ست سنوات في سفن الملك و ذلك لتلبسه بممارسة شعائر إسلامية منها:
"أنه كان يتوضأ مرات عديدة و صلى على طريقة المسلمين و صام الصيام الذي يقولون عنه صيام رمضان ممتنعا عن الطعام و الشراب حتى دخول الليل و طلوع النجوم ... "
و قد اعترف سيبستيان قائلا:
" إن مسلمي البربر ممن شاركوا في ثورة غرناطة علموه صيام رمضان, وهو يصوم شهر كامل ... " (10).
و " كان الإتهام يوجّه أحيانا إلى المورسكيين جملة على أثر بعض الحملات الفجائية على المحلات المورسكية, فقد حدث مثلا في سنتي 1589م-1590 أن سجلت مائة قضية في قرية "مسلاته"المورسكية بالقرب من بلنسية و سجلت في قرية "كارليت" مائتان, و اتهمت أربعون أسرة بصوم رمضان." (11)
و لتفادي المراقبة النصرانية عمل الأندلسيون على احتراف مهن تٌبعدهم عن أعين الوشاة حتى يتمكنوا من أداء شعائرهم الإسلامية في اطمئنان نسبي. و هكذا فقد اشتغلوا بمهنة نقل البضائع حيث كانوا يقضون رمضان في قرى غير قراهم أو في طريقهم إلى مدينة أخرى. و قد شكل لهم هذا فرصة لدعوة الأندلسيين إلى الإسلام و تعليمهم أمور دينهم, فلله ذرهم قد كانوا دعاة في قلب البلد الكاثوليكي المتعصّب.
ف"في إحدى الرحلات التي كان يسيرها بدرو زامورانو ( Pedro Zamorano) اجتهد هذا الأرقوني لإقناع المورسكي الوحيد الذي رفض الصوم – إذ كانت الرحلة في شهر رمضان –بحتمية احترامه لهذه القاعدة الإسلامية" (12)
و لننظر من خلال القضايا أدناه المحفوظة في أرشيفات محاكم التفتيش إلى هم الدعوة عند الأندلسيين:
"في عام 1524م كان أغوستين دي ثيلي Agustin de celei, وهو نسّاج من ديثا, غالبا ما يذهب إلى أراغون لزيارة أقاربه و أصدقائه. و كان ميغيل دي ديثا يذهب إلى مولد سان أندرس دي داروقا San Andres de Daroca و قام ماتيو ألموتثان Mateo Almotazan برحلة من ديسا إلى سرقسطة و علّمه المورسكيون الأراغونيون كيف يصوم رمضان و متى. "
و كان غريغوريو غورغاث Gregorio Gorgaz, العمدة الإعتيادي لديثا, يمتلك بعض خلايا النحل في سيستريكا و كان يذهب إلى هناك كثيرا, قام المورسكيون بهذا الإقليم بتعليمه صيام رمضان و الصلاة و الطهارة ... و كان لويس إيرناندبيث, أحد ناقلي البضائع, قد تعلّم كل ما يتعلق بالإسلام في أراغون التي كان يمرّ بها في أسفاره, وهناك و بإرادته قطع على نفسه عهدا أن يكون مسلما. و سافر لويس دي أورتوبيا إلى قطالونيا لبيع حمولنه عندما بدأ رمضان, و أراد أصدقاؤه الأراغونيون أن يصوم معهم, ولما لم يتمكنوا من إقناعه حملوه إلى قرية بها فقيه مشهور كي يعلمه الصيام و يحوله إلى الاسلام. " (13)
وقد ساعد بعض النصارى القدامى المورسكيين على أداء شعائرهم الدينية بما فيها الصلاة و الصيام لكن محاكم التفتيش كانت لهم بالمرصاد و حاكمتهم بتهمة حماية المورسكيين و إبقائهم على دينهم الإسلامي. و أذكر هنا حالة النصراني سانشو دي كاردونا أدميرال المقيم ببلنسية و الذي اتهم في 14 مايو 1568م بحماية المورسكيين و تمكينهم من أداء شعائرهم الإسلامية حيث قام ببناء مسجد لهم. و جاء في محضر الإتهام:
" كان أمر تشييد المسجد معلوما , و كان وفود المورسكيين إليه معلوما, وكانت الفضيحة كبيرة وصلت إلى مسامع أسقف بلنسية, ثم إلى مسامع جلالة الملك فيليبي سيدنا, و بأمر صاحب الجلالة –كمسيحي مخلص – هُدم المسجد, و رغم هدمه فقد استمر قائما كمكان يعيش فيه المورسكيون بدعم من السيد سانشو. إن رعايا السيد سانشو من المتنصرين (المورسكيون) قد واصلوا أداء شعائر طائفتهم الخاصة بالزفاف و الزواج, و الخاصة بصيام رمضان, و الإحتفال بالأعياد التي يحتفل بها المسلمون, وختان الذكور كبارا و صغارا" (14)
و الشاهد هنا هو استمرار المورسكيين في صيام رمضان حتى بعد عقود من فرض التنصير عليهم و محاولة طمس هويتهم الإسلامية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/350)
و قد أبدى أسقف مدينة سيقوربي مارتين دي سالبترا سنة 1587م (حوالي 95 عاما على سقوط غرناطة) امتعاضه من استمرار المورسكيين في صيام شهر رمضان قائلا:
" إنه من المشهور أنهم لم يصوموا أي صيام مسيحي, بل يصومون صيام المسلمين, خاصة ما يُسمى برمضان .... و لكي يخفي المورسكيون ذلك فإنهم يذهبون إلى مزارعهم, ويقضون وقتهم هناك إلى أن يحل الظلام, فيعدون عشاءهم و طعامهم في سرية, و يؤدون بقية شعائرهم كالصلاة و الوضوء, وهي شعائر يأمر بها محمد في القرآن." (15)
و قد امتد الوجود الأندلسي المورسكي حتى القارة الأمريكية رغم منعهم من السفر إلى أمريكا و سجلت دواوين التفتيش بمكسيكو اصطباغ حياة العديد من الأسر بالمظاهر الإسلامية. و كان صيام رمضان أهم هذه المظاهر و هذا ما أكدته دراسة بالمؤتمر الأول للأدب الخميادو-المورسكي بمدينة أفييدو الإسبانية سنة 1972, حيث جاء في هذه الدراسة:"و في حالات أخرى فقد ضبط المسلمون, على حين غفلة عندما يقيمون الصلاة أو يصومون رمضان"
وختاما لهذا الموضوع الذي بيّن جزءا بسيطا من محنة الأندلسيين في شهر رمضان, أسأل الله أن يرحم أولئك الأندلسيين الذين قضوا على يد محاكم التفتيش الإسبانية و أن يسكنهم فسيح جنانه.
و صلى الله و سلّم على محمد و على أله أجمعين. و الحمد لله رب العالمين.
كتبه: أبو تاشفين هشام بن محمد المغربي.
الهوامش
(1) (من كتاب "المورسكيون الأندلسيون للإسبانية مرثيدس غارسيا أرينال و ترجمة الدكتور جمال عبد الرحمان. ص 100)
(2) كتاب "محاكم التفتيش و المورسكيون" لللإسبانية غارسيا مرثيدس أرينال. ترجمة الدكتور جمال عبد الرحمن. ص 66
(3) كتاب "مسلمو مملكة غرناطة بعد عام 1492م" لخوليو كارو باروخا. ترجمة جمال عبد الرحمان. ص129.
(4) أرشيف محاكم التفتيش بكوينكا. ملف 249. رقم3363.
(5) أرشيف محاكم التفتيش بكوينكا. ملف 375. رقم5322.
(6) أرشيف محاكم التفتيش بكوينكا. ملف 237. رقم3072.
Llorente : Historia critica…t2 p 283 (7)
كتاب المورسكيون الأندلسيون و المسيحيون: المجابهة الجدلية للفرنسي لوي كاردياك. ص 115
(8) الأرشيف التاريخي الوطني الإسباني ملف 192 رقم4.
كتاب المورسكيون الأندلسيون و المسيحيون: المجابهة الجدلية للفرنسي لوي كاردياك. ترجمة الدكتور عبد الجليل التميمي. ص 25.
(9) (من كتاب "المورسكيون الأندلسيون" للإسبانية مرثيدس غارسيا أرينال و ترجمة الدكتور جمال عبد الرحمان. ص 167و 168)
(10) كتاب "محاكم التفتيش و المورسكيون" لللإسبانية غارسيا مرثيدس أرينال. ترجمة الدكتور جمال عبد الرحمن. ص 149.
(11) ص 375. كتاب "المسلمون المنصّرون" للدكتور عبد الله محمد جمال
(12) (أرشيف دواوين محاكم التفتيش بكوينكا. ملف 376.رقم 5335)
كتاب المورسكيون الأندلسيون و المسيحيون: المجابهة الجدلية للفرنسي لوي كاردياك. ص 74.
(13) كتاب "محاكم التفتيش و المورسكيون" لللإسبانية غارسيا مرثيدس أرينال. ترجمة الدكتور جمال عبد الرحمن. ص 92.
(14) (من كتاب "المورسكيون الأندلسيون للإسبانية مرثيدس غارسيا أرينال و ترجمة الدكتور جمال عبد الرحمان. ص 147)
(15) (من كتاب "المورسكيون الأندلسيون للإسبانية مرثيدس غارسيا أرينال و ترجمة الدكتور جمال عبد الرحمان. ص 157)
ـ[بلال اسباع الجزائري]ــــــــ[22 - 08 - 08, 01:02 ص]ـ
جزاك الله خيرا، بارك الله فيك، محنة سبحان الله ...
ـ[هشام زليم]ــــــــ[23 - 08 - 08, 01:42 ص]ـ
جزاك الله خيرا، بارك الله فيك، محنة سبحان الله ...
و لك بالمثل أخي.
ـ[محمد بن عبد المجيد المصري]ــــــــ[23 - 08 - 08, 02:10 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي أبو تاشفين.
محبك/محمد المصري.
ـ[هشام زليم]ــــــــ[23 - 08 - 08, 02:24 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي أبو تاشفين.
محبك/محمد المصري.
و لك بالمثل أخي الكريم أبو مريم.
ـ[الزبيدي]ــــــــ[23 - 08 - 08, 11:07 ص]ـ
حقيقةً لقد تأثرت بحالهم ..
لا حول ولا قوة الا بالله .. ليس بين الناس وبين الله نسب اذا عصوه سلط عليهم عدوهم
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[23 - 08 - 08, 12:00 م]ـ
بارك الله فيكم أخي أبا تاشفين، لقد أثرت المواجع، وحرّكت الجرح، وأدمعت العيون.
ولكن: قال الله تعالى ((ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)).
فليعتبر العصاة من المسلمين الذين يعصون الله عيانا جهارا في نهار رمضان.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ـ[هشام زليم]ــــــــ[24 - 08 - 08, 12:42 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على مروركم الطيب.
ـ[هشام زليم]ــــــــ[29 - 08 - 08, 02:39 م]ـ
------------------
ـ[هشام زليم]ــــــــ[03 - 09 - 08, 02:36 م]ـ
رابط جديد للموضوع
http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=4541
ـ[هشام زليم]ــــــــ[18 - 09 - 08, 09:41 م]ـ
موعظة رمضان الأندلسية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=147165)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/351)
ـ[أبو أنس مصطفى البيضاوي]ــــــــ[19 - 09 - 08, 08:53 م]ـ
بارك الله فيك على هذا الموضوع(100/352)
لبس السواد للنساء
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[22 - 08 - 08, 12:51 ص]ـ
السلام عليكم
أرجو المشاركة في بيان حكم لبس السواد للنساء هل هو سنة أم عادة، وما حكم لبس المزركش لهن؟؟
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[22 - 08 - 08, 01:53 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=141714
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=51031
حُكْمُ لبْسِ السَوادِ بالنِّسْبَةِ للنِّساء
الشيخ عطاء بن عبد اللطيف
http://ia360938.us.archive.org/2/items/7km_sawad_1/1.rm
http://ia360908.us.archive.org/3/items/7km_sawad_2/2.rm
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[22 - 08 - 08, 11:57 ص]ـ
أما حكم لبس المزركش فإذا كان في الحجاب فهو لا يجوز لأنه من الزينة.
أما ما دون ذلك مع المحارم أو النساء فلا حرج ...
ـ[أيوب بن عبدالله العماني]ــــــــ[27 - 07 - 10, 04:05 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=141714
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=51031
حُكْمُ لبْسِ السَوادِ بالنِّسْبَةِ للنِّساء
الشيخ عطاء بن عبد اللطيف
http://ia360938.us.archive.org/2/items/7km_sawad_1/1.rm
http://ia360908.us.archive.org/3/items/7km_sawad_2/2.rm
يا إخوة الروابط انتهت صلاحيتها أو غير فعالة الان .. هل من حرّ يقوم برفعها ثانية جزاكم الله خيرا؟
ـ[محمد الدلمي]ــــــــ[27 - 07 - 10, 04:54 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=205434(100/353)
أفيدوني هل (العورة) تمنع الملائكة من الدخول للمنزل
ـ[ابو هيلة]ــــــــ[22 - 08 - 08, 02:35 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
روى مسلم في كتاب الجنائز: (و لم يكن يدخل - اي جبريل - وقد وضعت ثيابك)
هل هذا الحديث دليل على ان الملائكة لا تدخل المكان الذي تظهر فيه العورة.؟
ارجو من الاخوة ان يفيدوننا مع الدعاء لهم.
ـ[أبو عبدالله بن جفيل العنزي]ــــــــ[22 - 08 - 08, 01:55 م]ـ
الحديث في جبريل خاصةً، ولا يخفى أن الملائكة الحفظة والكاتبين لا يفارقان صاحبهما.
ـ[ابو هيلة]ــــــــ[22 - 08 - 08, 09:15 م]ـ
الاخ ابو عبدالله:
اولا الخصوصية تحتاج الى دليل.
ثانيا هل الملائكة الحفظة لا يفارقان حتى لو وجد كلب او صورة؟
ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[23 - 08 - 08, 02:08 م]ـ
الكلام عن جبريل ليس عن عموم الملائكة، فالتعميم يحتاج إلى دليل، لأنه إخبار عن جبريل عليه السلام، وليس حكما شرعيا حتى يُقال الأصل العموم.
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[23 - 08 - 08, 03:02 م]ـ
ألا يشكل عليه هذا الحديث
قال النبي صلى الله عليه وسلم (يَا أُمَّ سَلَمَةَ لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ
وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا) رواه البخاري
والذي نزل بالوحي جبريل عليه السلام
أم يقال إنه لا يلزم من نزول جبريل بالوحي والنبي صلى الله عليه وسلم في لحاف عائشة أن تكون واضعة ثيابها؟
ـ[ابو هيلة]ــــــــ[24 - 08 - 08, 12:33 ص]ـ
ابو ندى رعاه الله
نزول الوحي وهو في لحافها لا يلزم منه ظهور العورة.
اما من يقول بالخصوصية فالاصل عدم الخصوصية الا بدليل.(100/354)
هل صحيح يقال بهذا الكلام
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[22 - 08 - 08, 10:41 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني المشايخ هل صحيح بأن يقال بأن الزمن الرسول محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يختلف عن زمننا وبأن الصحابة ايمانهم اقوى من ايماننا هل صحيح هذا الكلام ام لا؟؟
ـ[أيمن بن خالد]ــــــــ[22 - 08 - 08, 11:12 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لست من المشايخ و لكن لفت نظري الموضوع من كثرة ما سمعت هذه الجملة من الناس.
ظاهر الكلام صحيح و لكن تطبيقه عند الناس هو الخاطئ!! فهو عندهم يستعمل عادة كعذر للتخاذل و الكسل عن الطاعة بينما الأصل أن يكون محفز لهمهم معينا على العبادة.
بالنسبة للإيمان فعلمها عند ربي و لمن بالمجمل قد يمون في الكلام صحة أما أن يقال كل من عاصر في ذلك الوقت عنده من الإيمان ما هو أقوى من كل شخص في وقتنا الحاضر فهو تنزيل خاطئ لمعنى الكلام.
أما بالنسبة للزمن فنعم فالتطور حاصل و واضح كما هي الفتن تزيد و تتنوع لما كثر من المفاسد و العصيان
و الله أعلم(100/355)
نريد من كل قارئ لهذا الحديث خمس فوائد فقط.لعلها أن تصل إلى مائة فائدة
ـ[أبو عبد الله مصطفى]ــــــــ[22 - 08 - 08, 12:28 م]ـ
نريد من كل قارئ لهذا الحديث خمس فوائد فقط.لعلها أن تصل إلى مائة فائدة
أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما -: قالت: «تزوَّجني الزُّبَيْرُ، وماله في الأرض من مال ولا مملوك، ولا شيء غيرَ فَرَسه، - وفي رواية: غير ناضح، وغير فرسه - قالت: فكنتُ أعلفُ فَرَسَهُ وأكفِيه مُؤونَتَه وأسُوسُه، وأدُقُّ النَّوى لناضحه، فأعلفه، وأَسْتقي الماءَ، وأخْرِزُ غَرْبَه، وأَعجِنُ، ولم أكن أُحْسِنُ أخبزُ، فكان تخبِزُ لي جارات من الأَنصار، وكنَّ نسوةَ صِدْق، قالتْ: وكنتُ أنقُلُ النَّوى من أرض ال**ير التي أقْطَعَهُ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- على رأسي، وهي على ثُلَثي فَرْسَخ، قالت: فجئتُ يوما والنَّوَى على رأسي، فلقيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ومعه نفر من أصحابه - وفي رواية: من الأَنصار - فدعاني، وقال: إِخْ، إِخْ، ليحملني خلفَه، قالت: فاستحييتُ وذكرتُ غَيْرَتك - وفي رواية: فاستحييْتُ أَن أسيرَ مع الرجال، وذكرتُ الزُّبيرَ وغيرَتَهُ، وكان أغْيَرَ الناس - فعرَف رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أني قد استحييتُ، فمضى، فجئتُ الزُّبَيْرَ، فقلتُ: لَقِيَني رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى رأسي النوى، ومعه نفر من أصحابه، فأَناخ لأركبَ فاستحييتُ منه، وعرفتُ غَيْرَتَكَ، فقال: والله لَحَملكِ النَّوى على رأْسكِ أشدُّ عليَّ من ركوبك معه، قالت: حتى أرسل إِليَّ أبو بكر بعد ذلك بخادم، فكَفتْني سياسة الفرَس، فكأنما أعتقني».
متفق عليه: البخاري رقم (4926)، ومسلم رقم (2182).
ـ[أبو عبد الله مصطفى]ــــــــ[22 - 08 - 08, 12:31 م]ـ
اثنا عشر فائدة من حديث أسماء رضي الله عنها
الفائدة الأولى
أن الكفاءة في الدين وليست في المال أو الجاه.
الفائدة الثانية
جواز خدمة المرأة لزوجها ولو أدى ذلك إلى تحمل المشاق ولا ينكر ذلك عليها لأن ذلك من مكارم الأخلاق والتطوع وليس بواجب عليها.
الفائدة الثالثة
جواز خدمة الجيران بعضهم لبعض وأن ذلك من باب التراحم والتضامن الاجتماعي بين الجيران والأقارب لما فيه من فضل صلة الأرحام.
الفائدة الرابعة
فضيلة نساء الأنصار وأنهم متصفين بالصدق والأمانة.
الفائدة الخامسة
جواز مخاطبة النساء عند الحاجة كما قال الله تعالى وقلن قولا معروفاً، وكما قال: وإذا سألتموهن متاعاً فسألوهن من وراء حجاب.
الفائدة السادسة
رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته وحرصه على سعادتهم في الدنيا والآخرة.
الفائدة السابعة
جواز ارتداف المرأة خلف الرجل في موكب الرجال.
الفائدة الثامنة
منقبة عظيمة لأسماء رضي الله عنها لاتصافها بالحياء وهكذا يجب على المرأة المسلمة أن تتصف بالحياء لأنه الذي فيه عزها وسعادتها في الدنيا والآخرة.
الفائدة التاسعة
جواز غيرة المفضول على الفاضل.
الفائدة العاشرة
وجوب طاعة الزوج والوفاء بعهده ومراعاة مشاعره والحرص على ذلك لأن عزة المرأة المسلمة لا تكون إلا في طاعة ربها وطاعة زوجها والبعد عن كل ما يخالف ذلك.
الفائدة الحادية عشر
غيرة الرجل عند ابتذال أهله وخاصة فيما يشق من الخدمة وتأسفه وأنفة نفسه من ذلك لا سيما إذا كانت ذات حسب ودين.
الفائدة الثانية عشر
جواز إكرام الرجل لبناته وأولاده وبذله لهم المال والخدم وذلك من المروءة والإحسان وذلك دأب السلف الصالح رضي الله عنهم
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[23 - 08 - 08, 01:40 ص]ـ
1 - ذكر المرأة حسن عشرة المطلق.
2 - تسمية الفرس مالاً.
3 - عدم الاستحياء من ذكر بعض عيوب النفس التي لا تقدح (ولم أكن أُحْسِنُ أخبزُ).
ـ[أبو عبد الله مصطفى]ــــــــ[25 - 08 - 08, 11:03 ص]ـ
من فوائد حديث أسماء جمعها عقيل الشمري
1 - جواز تزويج الفقير الذي ليس له مال مادام صالحا في دينه.
2ـ قول المرأة " تزوجني فلان " وليس: تزوجت فلانا.
3ـ ذكر الإنسان فضائل نفسه وصبرها وجلدها من غير فخر وكبر.
4ـ على الإنسان العناية بالدواب خاصة ما كان لنفسه منها.
5ـ الاستفادة من فضلة الطعام، كما فعلت أسماء في النوى.
6ـ إيجاد حلول لما يستصعب في الحياة، فأسماء لا تحسن الخبز لكنها وجدت حلا لهذه المشكلة.
7ـ حسن الجوار.
8ـ الصبر مع الزوج على شغف العيش حتى يأتي الله بالفرج.
9ـ فيه سير المرأة لوحدها ما لم يكن سفرا، والفتنة مأمونة.
10ـ فيه نظر المرأة للرجل، ولهذا عرفت أسماء النبي صلى الله عليه وسلم.
11ـ فيه الحياء الذي ينبغي أن تكون عليه المرأة المسلمة ولو مع أهل الخير والصلاح.
12ـ التكلم مع الحيوان بما يفهمه كقول "إخ إخ ".
ـ[أيمن بن خالد]ــــــــ[25 - 08 - 08, 04:42 م]ـ
و من الفوائد:
1. اخبار الزوجة زوجها بما جرى لها خلال يومها و الإسراع بذلك إن كان أمرا جللا
2. تعريف الزوجة زوجها أنها صانت نفسها و بيتها من أجله
3. عدم الشكوى من جهد العمل في خدمة الزوج و الصبر على ذلك
4. قراءة أحوال الناس و قبول أعذارهم فلا يصار الى اعادة الطلب إن عرف سبب الرفض كما فعل المصطفى - صلوات ربي و سلامه عليه مع اسماء رضي الله عنها
5. ذكر مناقب من له فضل كما مدحت اسماء نسوة الأنصار بأنهم نسوة صدق
6. التعريض بما يفهم مع النساء صونا لحيائهم كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم فإناخته كانت للإشارة لها بالركوب ليحملها و لم يقل لها دعيني أحملك
و الله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/356)
ـ[احمد العثيمين]ــــــــ[26 - 08 - 08, 11:36 ص]ـ
- أسماء رضي الله عنها كانت تعيش حالة نفسية صعبة جداً وذلك بقولها:فكأنما أعتقني،ومع ذلك لم تكن تؤذي زوجها أن يأتي لها بخادم لعلمها بفقره.
- حتى أرسل أبوبكر إلي بخادم: الظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أبا بكر رضي الله عنه بما حدث وفي هذا ينبغي للصاحب ذكر ما جرى لأهل صاحبه أو أن يشفع لهم عند صاحبه لما يرى مابهم من بأس.
- لم ينسى النبي صلى الله عليه وسلم خدمة أسماء له يوم أن كان في الغار فأراد أن يرد الجميل لها لما أراد أن يردفها وقد رد الجميل لما شفع لها عند أبي بكر.
-أسماء كانت تسوس الفرس وتسوس زوجها وذلك لما قالت لزوجها: وذكرت غيرتك.فعرفت ما يرضي زوجها وما يغضبه.(100/357)
ما حكم الاكتتاب في الاسهم
ـ[احمد السعد]ــــــــ[22 - 08 - 08, 12:42 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
س/ ماحكم الإكتتاب بالاْسهم في السعودية , وكيف نعرف الشركات المحلل الإكتتاب بها والشركات المحرم الإكتتاب بها.
وجزاكم الله خيراً
ـ[احمد السعد]ــــــــ[22 - 08 - 08, 04:06 م]ـ
افيدوني اخواني الكرام
فلم ارى اجابة لسؤالي لحد الاْن
ـ[أبوعبدالله الحديري]ــــــــ[22 - 08 - 08, 04:26 م]ـ
أنتظر وستجد إن شاء الله كلاماً شافيا.
==
كنت مع أحد القضاة فقال أنا شخصياً لا أرها.
ثم قلت له .. ولماذا؟
قال من يضمن لك أن الشركات لم تقترض فيها قروض ربويه.
هذارأيه
==
أنتظر بارك الله فيك
ـ[احمد السعد]ــــــــ[22 - 08 - 08, 04:35 م]ـ
جزاك الله خيراً اْخي الكريم
هل ترى إذا اْن الإكتتاب محرم على الإطلاق ,اْم في المساْلة سعه
ـ[احمد السعد]ــــــــ[22 - 08 - 08, 04:38 م]ـ
يقال اْخي الكريم اْن الاكتتاب في الشركات عن طريق بنك الراجحي محلل لاْنه إسلامي فماذا تقول بارك الله فيك
ـ[منير عبد الله]ــــــــ[22 - 08 - 08, 06:58 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
لعل هذا يفيدك ..
http://www.halal2.com/
http://www.islammessage.com/
ـ[عبد الرحمن بن شيخنا]ــــــــ[22 - 08 - 08, 06:59 م]ـ
الحكم على الاكتتاب تابع لحال الشركة المكتتب فيها
فإن كانت ملتزمة بالشريعة في تعاملاتها يجوز الاكتتاب فيها
وانصحك ان تد خل موقع الشيخ الشبيلي وموقع الشيخ العصيمي فقد كفونا متابعة هذا الامر وهم شيوخ افاضل ورعين نحسبهم كذالك والله حسيبهم
اما الكتتاب في شركة حلال فيجوز عن طريق جميع البنوك سامبا والرياض والافضل والاحوط ان يكون عن طريق البنوك التي مثل الرجحي والجزيره والتي تلتزم بالشريعة في جميع تعاملاتها(100/358)
حول عورة الصبي والصبية؟
ـ[عَبْدُ الله]ــــــــ[22 - 08 - 08, 08:55 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....
بحثت حول موضوع عورة الصبي والصبية ووجدت أن الأختلاف دائر في المذاهب الأربعة جميعها؟
فهل من عنده علم في المسألة يفيدنا بما هو راجح فيها؟
ومتى يصح مضاجعة الصبي والصبية في فراش واحد؟ دون ساتر؟ بالنسبة للبالغ والمحارم وغير المحارم؟
وجزاكم الله خيراً(100/359)
الجلوس أمام المصلي حتى لا تقطع صلاته بدعة
ـ[آل عامر]ــــــــ[22 - 08 - 08, 10:51 م]ـ
رى بعض المحبين للخير، والنفع لإخوانهم إذا مر بجماعة أو شخص يصلي وليس له سترة جلس أمامه حتى يكون له سترة ويحول بينه وبين من يمر بين يديه حفاظا على صلاة أخيه، واحتسابا للأجر عند الله،ولكن كما قال أبوسليمان الداراني رحمه الله وغفر له: ليس لمن ألهم شيئا من الخيرات أن يعمل به حتى يسمعه من الأثر.
لذا سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة أن هناك بعض الشباب إذا رأى أناس يصلون جلس أمام إمامهم ليكون له سترة، قال الشيخ: لا أعلم أن هذامأثور فهو بدعة.
ـ[أبو عبدالرحمن السبيعي]ــــــــ[22 - 08 - 08, 11:53 م]ـ
جزاك الله خير تنبيه في محله
ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[23 - 08 - 08, 02:12 م]ـ
صح عن ابن عمر أنه كان يأمر نافعا بإن يوليه ظهره إذا لم يجد سترة، وهذا يفعله بدون طلب من المصلي تبرعا بالخير، فليس هناك فرق بين الصورتين إلا الطلب، وإلا فنافع كان يتعمد أن يكون سترة لابن عمر، والله أعلم
ـ[عبدالرحمن الواعد]ــــــــ[23 - 08 - 08, 06:51 م]ـ
ليت الأخوة جزاهم الله خيرا إذا ذكروا فائدة علمية أن يسندوا ففتوى ابن عثيمين أين مصدرها وكذا أثر ابن عمر وهذا من تعويد الطالب على الإسناد
وفق الله الجميع
ـ[آل عامر]ــــــــ[23 - 08 - 08, 11:20 م]ـ
أخي الفاضل ذكر ذلك الشيخ في شرحه لصحيح البخاري
تحت باب استقبال الرجل صاحبه ..
ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[24 - 08 - 08, 03:46 ص]ـ
أثر ابن عمر مخرج في (أخطاء المصلين) للشيخ مشهور بن حسن
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 06:46 ص]ـ
أثر ابن عمر مخرج في (أخطاء المصلين) للشيخ مشهور بن حسن
الأثر في مصنفي عبد الرزاق، وابن أبي شيبة.وهو صحيح.
ولكن هنا الفرق ظاهر، فابن عمر كان يقول ذلك لنافع إذا لم يجد سترة وقبل أن يتلبس بالصلاة، بينما الصورة التي أنكرها العلامة العثيمين، أنهم يمرون فيتطوعون بأن يكونوا سترة لمن كان يصلي، فهذا -على حد علمي القاصر - ليس له أصل من فعل السلف.
وهنا مسألة تُفرع على ما سبق، ألا وهي: إذا سلم الإمام، وكان هناك مسبوق، وأنا أمامه، هل يلزمني أو يُشرع لي أن أبقى جالسا؟
الصحيح أنه لا يلزمني ذلك على القول بوجوب السترة، ولكن هل يشرع؟ الظاهر أنه يشرع لظاهر أثر ابن عمر آنف الذكر، لكنه لا يلزم، والفرق بينه وبين الصورة التي أنكرها العلامة العثيمين، أنني في هذه الصورة جالس أمامه فعلا، لا أنني تقصدت الجلوس بعد أن لم أكن جالسا.
والله أعلم.
ـ[أبو جابر الجزائري]ــــــــ[24 - 08 - 08, 09:35 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
يجب أن نفرق في هذه المسألة بين صورتين:
الصورة الأولى: وهي الحالة الأكثر شيوعا، بأن يبقى المسبوق نتيجة انصراف المصلين بدون سترة، فيتعرض للمرور أمامه ويتحرج الناس في المرور بين يديه، فيقوم الواحد بالجلوس أمامه حتى لا يجعل أحد يمر بين يديّه وحتى يرفع الحرج على باقي المصلين الذين انتهوا من صلاتهم، وهذا عمل يشكره عليه المسبوق (بل يحبذه أحدنا إذا أصبح بدون سترة،) ويكون قد ساهم في رفع الحرج على الآخرين، وفيه تحقيق لمصلحة شرعية ولا يخالف أي أصل، بل هو من باب التعاون ونفع الآخرين.
الصورة الثانية والتي ـ والله أعلم ـ قصدها الشيخ العلامة عليه سحائب الرحمة، هي أن تجد شخص يصلى منفردا، ولا يقطع الطريق على المصلين، فيقوم الفرد بالجلوس أمامه، بنية أنه لم يتأخذ سترة، فهذا فيه تكلف ظاهر، لأنه لم يقم هو باتخاذ سترة أو لا يعتقد وجوبها، فكيف يقوم بها غيره.
وإن كان السؤال الذي وجّه لفضيلة الشيخ كما نقله الأخ الفاضل، فهذا يؤكد أن المقصود به الصورة الثانية:
لذا سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة أن هناك بعض الشباب إذا رأى أناس يصلون جلس أمام إمامهم ليكون له سترة، قال الشيخ: لا أعلم أن هذامأثور فهو بدعة
والله أعلم
المشاركة للمدارسة لا غير وليس للتعقيب على أحد.
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 10:43 ص]ـ
بارك الله فيك
قال ابن قدامة في المغني
فصل: ولا بأس أن يستتر ببعير أو حيوان وفعله ابن عمر وأنس وحكي عن الشافعي أنه لا يستتر بدابة
ولنا ما روى ابن عمر [أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى إلى بعير] رواه البخاري و مسلم وفي لفظ [كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعرض راحلته ويصلي إليها قال: قلت فإذا ذهب الركاب قال: يعرض الرحل ويصلي إلى آخرته]
فإن استتر بإنسان فلا بأس فإنه يقوم مقام غيره من السترة وقد روي عن حميد بن هلال قال: رأى عمر بن الخطاب رجلا يصلي والناس يمرون بين يديه فولاه ظهره وقال بثوبه هكذا وبسط يديه هكذا وقال: صل ولا تعجل
وعن نافع قال: كان ابن عمر إذا لم يجد سبيلا إلى سارية من سواري المسجد قال ولني ظهرك رواهما النجاد بإسناده
وما قاله ابوجابر جيد ولم أجد أثر عمر بعد بحث ليس بالمرضي
والله اعلم واحكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/360)
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[24 - 08 - 08, 11:47 ص]ـ
وقد روي عن حميد بن هلال قال: رأى عمر بن الخطاب رجلا يصلي والناس يمرون بين يديه فولاه ظهره وقال بثوبه هكذا وبسط يديه هكذا وقال: صل ولا تعجل
للرفع.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 12:01 م]ـ
بارك الله فيك
وقد روي عن حميد بن هلال قال: رأى عمر بن الخطاب رجلا يصلي والناس يمرون بين يديه فولاه ظهره وقال بثوبه هكذا وبسط يديه هكذا وقال: صل ولا تعجل
وأما أثر عمر -رضي الله عنه - إن صحّ- لا يعارض ما قاله العلامة ابن عثيمين، فظاهر هذا الأثر أنه كان ضرورة، حيث كان الناس يمرون، وأما ما أنكره العلامة ابن عثيمين هو أن يُتخذ عادة وديدنا كما هو ظاهر السؤال.
والله أعلم.
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[25 - 08 - 08, 01:04 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=115702
ـ[أبو جابر الجزائري]ــــــــ[25 - 08 - 08, 09:03 ص]ـ
أخي الفاضل علي ـ حفظه الله ورعاه ـ
وأما ما أنكره العلامة ابن عثيمين هو أن يُتخذ عادة وديدنا كما هو ظاهر السؤال.
لايظهر هذا الاحتمال في كلام الشيخ، وأين القرينة التي تدل على هذا التفريق؟
وهناك سؤال قد يطرح: إذا كان هناك مصلي واضعا سترة، ثم زالت لسبب من الأسباب، هل يشرع أن يُعيد المار تنصيبها أم لا؟ فإن كان الجواب بالجواز وهو الظاهر، فما الفرق أن أنصب سترة ما، أو أُوليه ظهري؟
والله أعلم
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 12:04 م]ـ
أخي الفاضل علي ـ حفظه الله ورعاه ـ
لايظهر هذا الاحتمال في كلام الشيخ، وأين القرينة التي تدل على هذا التفريق؟
وهناك سؤال قد يطرح: إذا كان هناك مصلي واضعا سترة، ثم زالت لسبب من الأسباب، هل يشرع أن يُعيد المار تنصيبها أم لا؟ فإن كان الجواب بالجواز وهو الظاهر، فما الفرق أن أنصب سترة ما، أو أُوليه ظهري؟
والله أعلم
أخي المكرم أبا جابر - حفظكم الله تعالى ورعاكم -:
القرينة هي صيغة السؤال:
لذا سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة أن هناك بعض الشباب إذا رأى أناس يصلون جلس أمام إمامهم ليكون له سترة، قال الشيخ: لا أعلم أن هذامأثور فهو بدعة.
فصيغة السؤال ظاهرة في أن هذا الفعل منهم عادة وديدن، فصيغة الشرط هذه تفيد الاستمرارية.(100/361)
ما حكم اداء صلاة الجمعه هناك؟
ـ[عصام فرج محمد مدين]ــــــــ[23 - 08 - 08, 12:18 ص]ـ
ماحكم اداء صلاة الجمعه فى المساجد او ما يطلق عليها الزوايا التى تقام اسفل العمارات والمبانى الكبيره ولاسيما اذا كان مسجد الحى الجامع لايتسع لجميع المصلين فى الحى
ـ[عصام فرج محمد مدين]ــــــــ[24 - 08 - 08, 03:21 م]ـ
جزى الله كل من شارك خيرا والحمد لله رزقنا الرد من مكان اخر(100/362)
طلاق الزوجة صوريا في المحكمة للزواج بثانية
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[23 - 08 - 08, 12:24 ص]ـ
السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
رجلٌ متزوّج من أوروبية و مقيم في أوروبا، رغِب في الزّواج بثانيةٍ في بلده،
و لكن حيث أنّ التّعدّد ممنوعٌ في قانون البلدين، أي بلد النشأة و بلد الإقامة،
و حتّى يتجنّب المشاكل التي قد تحصلُ له خاصّة إذا رُزِق بأبناء من الثّانية،
اتّفق مع زوجته الأولى على القيام بإجراءات الطّلاق في بلده،
ثمّ تزوّج الثّانية و وثّق العقد في بلده.
أمّا في وثائقه الرّسميّة في بلد الإقامة فهو لازال متزوّجًا بالأولى.
فهل هذه الحيلة سائغة؟
جزى الله خيرا كل من أفاد.
لحظ: السؤال يهم أحد الإخوة، و لا علاقة لي بالأمر،
فأخوكم أبو محمد عبد الله الحسن لازال أعزبا،
أسأل الله من فضله.
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[23 - 08 - 08, 10:57 ص]ـ
سُبْحَانَ الله وَ بِحَمْدِهِ سُبْحَانَ الله العَظِيمِ
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[23 - 08 - 08, 06:42 م]ـ
سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم
ـ[صالح بن علي]ــــــــ[23 - 08 - 08, 10:13 م]ـ
لست أهلا لأن أتكلم في هذه المسئلة لكن يا أخي أنت أدرى بأن بلاد الغرب محاكم كافرة فالله أعلم قد ينفع هذا في الفتوى
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[29 - 08 - 08, 06:48 م]ـ
السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
لست أهلا لأن أتكلم في هذه المسئلة لكن يا أخي أنت أدرى بأن بلاد الغرب محاكم كافرة فالله أعلم قد ينفع هذا في الفتوى
جزاك الله خيرًا أخي و باركَ فيك،
في انتظار مشاركة إخواننا و نقولاتِهم المفيدة.(100/363)
حكم ... ((الطعن المبطن بالحديث)) ...
ـ[الزبيدي]ــــــــ[23 - 08 - 08, 12:48 م]ـ
يجري احيانا بين الناس مايسمى الطعن المبطن بالحديث
وهو أن يتكلم بكلام ظاهره السلامة لكنه في الباطن يقصد الطعن بمن أمامه أو من يحادثه
وهو على نية المتحدث أن قصد به الايذاء فهو حرام لانه يدخل في قوله تعالى ((ويل لكل همزة لمزة))
والطعن باللسان أشد وأنكى من طعن الحسام أي السيف لان ضرره يصل الى النفس ويبقى أثره زمناً طويلاً
والله تعالى أمر بحسن أنتقاء الحديث وأجتناب مايسبب الاذى فقال تعالى ((وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن أن الشيطان ينزغ بينهم))
وهو يدل على جبن المتكلم وبعده عن المصارحة الى هذا النوع من الاذى
وإن قصد التأديب فهو حسن كأن لايصرح بالاسم بل يقول مابال هؤلاء أو ما بال أقوام وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله
فالحاصل أن الطعن المبطن بالحديث على نوعين:
الأول:المقصود به التشفي و الأذى وهو حرام
الثاني؛التأديب .. وهو لا يسبب الأذى أنما يحصل به الأدب وترك الأمر المنكر
والله أعلم(100/364)
المفتي آل الشيخ: الاحتفال بأعياد الزواج والميلاد باطلة
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[23 - 08 - 08, 04:39 م]ـ
سماحة المفتي: أعياد الزواج وميلاد الأطفال باطلة
جدة (سبق) متابعة:
أكد سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ إن الدعوة إلى الاحتفال بأعياد الزواج والميلاد "باطلة"، مشيرا في رده على سؤال لصحيفة "المدينة" حول إجازة بعض الدعاة الاحتفال بأعياد الميلاد أو أعياد الزواج، بقوله أن "المسلمين لهم عيدان: عيد الفطر وعيد الأضحى، أعياد مرتبطة بأركان الإسلام، ولهم يوم الجمعة عيد الأسبوع، وما سوى ذلك فلا".
وأضاف "عند النصارى (المسيحيون) عيد الأم، عيد الشجرة، عيد في كل شيء، وكل عام عيد بمناسبة مولد فلان، شموع تِضاء وأطعمة تِوزع إلى غير ذلك".
وكان الشيخ سلمان العودة قد أجاز في برنامج تلفزيوني الاحتفال بمناسبات اجتماعية دون إطلاق كلمة عيد عليها.
----------------
انتهى.
ملاحظة: تعذّر النقل من موقع صحيفة " المدينة " نفسها لوجود مشاكل على صفحتها، فنرجو ممّن عنده عدد صحيفة " المدينة " المذكور نقل المقالة بحروفها.(100/365)
شرح عمدة الفقة (مميز بتنوع الشراح)
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[23 - 08 - 08, 07:12 م]ـ
كتاب الصيام
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا, ونسألك اللهم علماً نافعاً ينفعنا.
كما استمعنا من الشيخ معمر بأن من التوفيق تزامن شرح كتاب الصيام مع قرب دخول شهر رمضان المبارك ما بقي إلا قرابة ثلاثة أسابيع على شهر رمضان, نسأل الله- - عز وجل- أن يبلغنا هذا الشهر ويوفقنا جميعاً إلى صيامه وقيامه.
وفي هذه السلسلة من الدروس سوف نشرح - إن شاء الله تعالى- أحكام الصيام. والمتابع لهذه السلسلة من الدروس سوف يخرج - إن شاء الله تعالى- بحصيلة جيدة فيما يتعلق بأحكام الصيام لأننا سنتعرض لأبرز المسائل التي تكلم عنها العلماء في كتبهم، ولهذا أؤكد على ما ذكره الشيخ معمر من ضرورة متابعة الدروس ولابد- أيها الإخوة المشاهدون- من أن يحرص كل مسلم ومسلمة على مثل هذه الدروس العلمية فهي نعمة من الله- تعالى- أن يأتيك العلم في بيتك، فقد كان السلف يرحلون من أجل طلب العلم، بل من أجل سماع حديث واحد فقط، ها هو العلم الآن يصلك في البيت ما عليك فقط إلا أن تتابع هذه الدروس وتحرص على الاستفادة منها.
نبدأ أولا بقراءة عبارة المؤلف:
بسم الله الرحمن الرحيم, كتاب الصيام يقول المصنف ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: (ويجب صيام رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم ويؤمر به الصبي إذا أطاقه ويجب بأحد ثلاثة أشياء: كمال شعبان ورؤية هلال رمضان ووجود غيم أو قتر ليلة الثلاثين يحول دونه وإذا رأى الهلال وحده صام فإن كان عدلاً صام الناس بقوله ولا يفطر إذا رآه وحده ولا يفطر إلا بشهادة اثنين وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يوماً أفطروا وإن كان بغيم أو قول واحد لم يفطروا إلا أن يروه أو يكملوا العدة وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير تحرى وصام فإن وافق الشهر أو ما بعده أجزأه وإن وافق ما قبله لم يجزئه).
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: (كتاب الصيام) نحتاج أولاً إلى أن نعطي مقدمة نذكر فيها تعريف الصيام ووقت مشروعيته وكيف فرض صيام شهر رمضان نبدأ أولاً بتعريف الصيام:
الصيام معناه في اللغة: الإمساك ومنه قول الله- تعالى- عن مريم: ? إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّ?26?? [مريم: 26]، ومعنى صوماً أي: إمساكاً عن الكلام، ويقال للساكت: صائم لإمساكه عن الكلام ومنه قول الشاعر:
خيل صيام وأخرى غير صائمة ... تحت اللجاج وأخرى تعلق اللجم
وقوله:" خيل صيام" يعني: ممسكة عن الصهيل "وأخرى غير صائمة" يعني: أنها ليست كذلك.
وتعريف الصوم اصطلاحاً:
إمساك بنية عن أشياء مخصوصة في زمن معين لشخص معين.
وقولنا: "إمساك بنية" في هذا إشارة إلى أنه لا يصح الصوم إلا بنية ولو أن رجلاً لم يأكل ولم يشرب ولم يرتكب أي مفطر من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس لكنه لم ينوِ الصيام فإنه لا يعتبر صائماً شرعاً بعض الناس يمضي أكثر يومه وهو لم يأكل ولم يشرب هل نقول: إن هذا صائم؟ لا .. لابد من نية الصوم وسيأتي - إن شاء الله تعالى- الكلام عن هذه النية وأنه يجب تبييت النية في الصوم الواجب, سيأتي - إن شاء الله تعالى- الكلام عن ذلك بالتفصيل.
قولنا: "إمساك بنية عن أشياء مخصوصة" وهي مفطرات الصيام, وسيأتي الكلام عنها أيضاً بالتفصيل - إن شاء الله تعالى-.
"في زمن معين" وهو ما بين طلوع الفجر الصادق الذي يسمى الفجر الثاني إلى غروب الشمس هذا هو المقصود بالزمن المعين. "من شخص معين" وسيأتي الكلام عنه وهو الإنسان البالغ العاقل المكلف.
متى فرض الصيام؟
فرض الصيام في شهر شعبان من السنة الثانية من الهجرة والنبي -صلى الله عليه وسلم- توفي في السنة الحادية عشرة، معنى ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صام كم رمضان؟ تسعة رمضانات -صلى الله عليه وسلم-، وكان فرض صيام شهر رمضان على ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: فرض صيام عاشوراء فإنه كان في أول الأمر كان صوم عاشوراء واجباً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/366)
المرحلة الثانية: فرض صيام رمضان, لكن على التخيير بينه وبين الإطعام كما في آية البقرة ? وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ? [البقرة: 184]، يعني: أن الصيام خير من الإطعام فكان في المرحلة الثانية من شاء صام ومن شاء لم يصم وأطعم عن كل يوم مسكيناً.
المرحلة الثالثة: فرض صيام شهر رمضان على التعيين من غير تخيير بينه وبين الإطعام وإنما على التعيين وذلك لقول الله- تعالى-: ? فَمَن شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ? [البقرة: 185].
فإذن: مر فرض الصيام بهذه المراحل الثلاث والحكمة في ذلك- والله أعلم- هو التيسير على المكلفين لأنه لو فرض صيام شهر رمضان مرة واحدة لربما كان في ذلك حرج ومشقة والنفس تقبل الشيء الشاق إذا أتاها بالتدريج ولكن إذا أتاها دفعة واحدة قد لا تتقبل النفوس مثل هذا الأمر الشاق وهذا له نظائر مثلاً تحريم الخمر لما كان الناس في ذلك الوقت قد أدمنوا شرب الخمر لم يأتِ تحريمه دفعة واحدة أو مرة واحدة وإنما أتى على مراحل, أتى بالتدريج كما هو معلوم, كان أول ما نزل قول الله- تعالى-: ? وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ? [النحل: 67] ثم نزلت ? لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ? [النساء: 43]، ثم نزلت ? إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ? [المائدة: 90].
فإذن: نجد أن الشيء الشاق على النفوس تأتي فرضيته إذا كان واجباً أو منعه إذا كان محرماً بالتدرج وليس دفعة واحدة وهذا من مراعاة أحوال النفوس، وقد فرض الله- تعالى- الصيام على جميع الأمم قيل: إنه من زمن نوح والصيام مفروض على الأنبياء وعلى أممهم كما في قول الله- - عز وجل-: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ ? [البقرة: 183] "كُتب" معناه: فُرض فهو مفروض على الأمم التي قبلنا لكن مع اختلاف في بعض الأمور وفي الكيفية.
الصيام له حكم عظيمة ومن أبرز حكمه ما ذكره الله - عز وجل- في قوله: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ?183?? [البقرة: 183] هذه أبرز الحِكَم: تحقيق التقوى لله - عز وجل- ولا شك أن الصيام من أعظم ما يعين المسلم على تحقيق التقوى لله –سبحانه- ولهذا نرى كثيراً من المسلمين في شهر رمضان يكثرون من الأعمال الصالحة ومن التطوعات ومن البذل ومن الصدقات ومن تلاوة القرآن ومن صلاة النافلة, نجد أن الصوم له أثر كبير على حياة المسلمين وهذه من أبرز حِكَم الصيام تحقيق التقوى لله - عز وجل-.
وهناك حِكَم كثيرة منها أيضاً: أن في الصوم فوائد صحية عظيمة ففيه فوائد للبدن وقد وجد في الوقت الحاضر الآن مدارس في الغرب للاستشفاء بالصيام وهذه موجودة الآن وهي مدارس معروفة ومشهورة ففيه فوائد صحية عظيمة والله- تعالى- لا يشرع شيئاً لعباده إلا وفيه حكمة- الحكم وغاية الحكم-.
أيضاً الصوم يعتبر مدرسة تربوية للمسلم, صيام شهر رمضان فيه تربية للمسلم حتى يتخرج من مدرسة الصوم وقد تربى على الأخلاق الفاضلة والأخلاق الحميدة وتخلص من كثير من العادات الذميمة وذلك أن الصوم ليس فقط إمساكاً عن الأكل والشرب والجماع فحسب ولكنه أيضاً إمساك عن جميع المحرمات ولهذا مَنْ أكثر مِنْ فعل المعاصي في شهر رمضان قد يفوته أجر الصيام كما في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (من لم يدعْ قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) [أخرجه البخاري في صحيحه].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/367)
ومعنى ذلك: أنه إذا أكثر من قول الزور والعمل به والجهل يعني: أكثر من المعاصي فقد يصل إلى مرحلة أنه لا يثاب ولا يؤجر على هذ الصيام فالمعاصي إذن تنقص من أجر الصائم مثلاً الغيبة تنقص من أجر الصائم, النميمة تنقص من أجر الصائم، النظر المحرم ينقص من أجر الصائم، السباب ينقص من أجر الصائم ... وهكذا, جميع المعاصي تنقص من أجر الصائم، فإذا أكثر منها الصائم فقد يصل إلى هذه المرحلة وهو أنه لا يؤجر ولا يثاب على هذا الصوم وهذا معنى قوله -عليه الصلاة و السلام-: (فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).
ولهذا فإن الصائم مطلوب منه مع إمساكه عن الأكل والشرب والمفطرات الحسية مطلوب منه كذلك أن يمسك جوارحه عن المعاصي, عن النظر المحرم, عن السماع المحرم, عن القول المحرم, عن جميع المعاصي؛ ولهذا كان كثير من السلف إذا صام جلسوا في المساجد وأقبلوا على تلاوة القرآن وقالوا: نحفظ صومنا ولا نغتاب أحداً حرصاً منهم ألا ينقص أجر صيامهم.
فإذا تربى الصائم في مدرسة الصوم خلال شهر رمضان على هذه المعاني وهو أنه يمسك عن جميع المحرمات خلال فترة صومه فإنه خلال ثلاثين يوماً يكون قد تخرج من مدرسة الصوم وقد حصل تهذيب لكثير من سلوكه ومن عاداته الذميمة.
والذين كتبوا في العادات وفي السلوك يقولون: إن أي عادة ذميمة يستطيع الإنسان أن يتخلص منها إذا تركها ثلاثة أسابيع على الأقل, ما بين ثلاثة أسابيع إلى شهر, وأية عادة حميدة يستطيع أن يرسخها إذا مارسها ثلاثة أسابيع إلى ثلاثين يوماً.
فنجد أن هذا متحقق في شهر الصيام, فالإنسان يتربى في شهر رمضان على البذل وعلى الإنفاق وعلى كثرة النوافل وعلى تلاوة القرآن وعلى كثير من أمور الطاعة, كذلك يتربى على الإمساك عن كثير من المعاصي, يحفظ بصره وسمعه وجوارحه عن المعاصي, فيتخرج من مدرسة الصوم في شهر رمضان وقد تهذبت كثير من أخلاقه، ولهذا فإن الذي تصوم جوارحه مع صيامه عن المفطرات الحسية ينتفع ويستفيد كثيراً من مدرسة الصيام.
هذا وجه من وجوه الحكمة في مشروعية صيام شهر رمضان. والحِكَم في هذا كثيرة ولا نستطيع الإحاطة بها ويكفينا أن نعرف أن حكم الله- تعالى- هو حكمة الحكم وهو غاية الحكم.
ولكن قبل أن نتجاوز هذه النقطة- من أكثر من المعاصي وقلنا: إنه لا يؤجر ولا يثاب على هذا الصوم- هل تبرأ ذمته بهذا الصوم أم لا تبرأ؟ شخص مثلاً وقع في معاصٍ وأكثر منها وقلنا له: إنك على خطر ألا يقبل منك هذا الصوم وألا تؤجر ولا تثاب على هذا الصوم لقوله -عليه الصلاة والسلام-: (فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) لكن هل تبرأ ذمته بهذا الصوم أم أنه يصبح كأنه لم يَصُمْ؟
لا تبرأ ذمته
فهل يؤمر بقضاء؟
إذا فاته الصوم يؤمر بالقضاء
يعني: هذا إنسان أكثر من المعاصي, افترضْ: أكثر مثلاً من الغيبة, أكثر من السباب, أكثر من النظر المحرم, وقلنا له: إنك على خطر ألا يقبل الله صومك وأن يفوت أجر الصيام لهذا الحديث الصحيح (فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) فهو يسأل, يقول: هل تبرأ ذمتي بهذا الصوم أم أنني أؤمر بقضائه؟ نستمع جواباً آخر.
صيامه جائز, لكنه يأثم مع ذلك
تبرأ ذمته, لكن ليس له أجر، هو يأثم على فعل المعصية لكونها معصية, لكن ذمته تبرأ بهذا الصوم، لأنه قد تحققت شروط الصيام وأركانه ولم يقع في مفطر من المفطرات الحسية, لم يأكل, لم يشرب, لم يحصل منه جماع, وهكذا سائر المفطرات.
فإذن: ذمته تبرأ عند الله - عز وجل- لكنه لا يؤجر ولا يثاب ولذلك لاحظ الحديث (فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) أي: أنه لا يؤجر ولا يثاب وهذا له نظير بالنسبة للصلاة: من صلى صلاة لم يخشع فيها, من حين أن كبَّر إلى أن سلَّم وهو في هواجس ووساوس, لم يعقل منها شيئاً فهذا صلاته صحيحة, يعني: تبرأ بها الذمة لأنها تحققت فيها الأركان والشروط والواجبات ولكن ليس له من الأجر إلا بمقدار ما عقل منها, كما جاء في الحديث: (إن أحدكم ليصلي وما يكتب له من صلاته إلا نصفها إلا ثلثها إلا ربعها حتى قال: إلا عشره).
فإذن: ليس له من أجر صلاته إلا بمقدار ما عقل منها أما من جهة براءة الذمة فتبرأ ذمته ولو كان في هواجيس ووساوس من أول الصلاة إلى آخرها وهذا المعنى قرره كثير من المحققين من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم.
فإذن: من أتى بالعبادة بصورتها الصحيحة مكتملة الأركان والشروط والواجبات فتقع بها براءة الذمة، ومسألة القبول: هذه مسألة أخرى مسألة القبول والأجر والثواب مسألة أخرى ففي الصلاة مثلاً ليس له من أجر الصلاة إلا بمقدار ما عقل منها.
في الصيام إن أمسك عن المحرمات وصامت جوارحه عن المحرمات فإنه يؤجر ويثاب على هذا الصيام، إن لم يحترم الصوم وأكثر من المعاصي فقد يصل إلى مرحلة أنه لا يؤجر ولا يثاب على هذا الصوم أي أن الله- تعالى- (يدع طعامه وشرابه) كما ورد ذلك في الحديث الصحيح، هذا هو حاصل كلام أهل العلم في هذه المسألة.
نعود بعد ذلك إلى عبارة المؤلف -رحمه الله تعالى- قال: (يجب صيام رمضان) وهذا بإجماع العلماء ومن جحد وجوب صيام رمضان فإنه يكون كافراً بإجماع المسلمين.
(على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم) أفادنا المؤلف بهذه العبارة
شروط صحة الصوم: نريد أن نستنبط هذه الشروط من عبارة المؤلف، من يستنبطها لنا الشرط الأول؟
الإسلام
أخذناه من قوله: (على كل مسلم).
الشرط الثاني؟
البلوغ
البلوغ أخذناه من قوله: (بالغ).
الشرط الثالث؟
العقل
أخذناه من قوله: (بالغ عاقل).
الرابع: نأخذها من قول المؤلف؟
القدرة على الصوم
أخذناه من قوله: (قادر على الصوم).
فإذن: استفدنا من عبارة المؤلف هذه: شروط وجوب الصوم فإذن شروط وجوب الصوم هي: الإسلام,, والبلوغ,, والعقل,, والقدرة. هذه هي شروط وجوب الصوم:(100/368)
سؤال عن حكم زيادة سعر السلعة في المواسم
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[23 - 08 - 08, 10:43 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحد اإخوة يقول: كنت أبيع بطائق شحن الجوالات في موسم الحج للحجاج , وكنت أبيعها بسعر
" 25 " فستوقفني رجل ممن يظهر عليه الخير والصلاح فسألني بكم تشتري هذه البطاقة فقلت
" 9 ريال وهلللات " فقال لي: لا يجوز لك بيعها بأكثر من الضعف " 19 " ولو بعتها بأكثر من الضعف فمالك حرام.
وضابط الأخ الناصح " الا يزيد سعر السلعة على الضعف "
فما رأيكم.(100/369)
تنبيه مهم من أبناء الشيخ محمد بن صالح العثيمين حول دعاء [اللهم إني أسألك الأنس بقربك] الذي نسب للشيخ
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[24 - 08 - 08, 08:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
تنبيه مهم جداً
ورد إلينا عبر البريد الإلكتروني أنه نُسب إلى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله قوله:
أفضل الدعاء:
[اللهم إني أسألك الأنس بقربك]
يتحقق للمؤمن فيها أربع:
1 - عز من غير عشيرة.
2 - علم من غير طلب.
3 - غنى من غير مال.
4 - أنس من غير جماعة.
وهذه النسبة إلى الشيخ غير صحيحة إطلاقاً حيث كان فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى يتحرى أن يدعو بالدعاء الوارد ويختار الجوامع من الدعاء إتباعاً للسنة وكان من عباراته المشهورة قوله رحمه الله: (عليك بالدعاء الوارد ودع عنك الجمل الشوارد).
ولا شك أن هذا الدعاء المنقول غير وارد فلا تصح نسبته إلى الشيخ ولذا جرى التنبيه.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ,,,
القسم العلمي
في مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
http://www.ibnothaimeen.com/all/shaikh/article_18079.shtml
ـ[ابو البدر الالمعي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 09:12 ص]ـ
2 - علم من غير طلب.
اليس هذا ايضا مخالف لقانون السببية .. كيف علم بدون طلب .. قد جعل الله لكل شيئ سببا ..
والله المستعان
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 09:43 ص]ـ
2 - علم من غير طلب.
جزاكم الله خيرا.
لو لم تنبه المؤسسة على هذا، لم أصدق أن الشيخ يقول هذا!
بقي -رحمه الله تعالى - يعلم العلم وينظر له، ويسبره ويقسمه، ويفتي الفتاوى، ويحث الناس على طلب العلم، فكيف يمكن أن يُصدق أن الشيخ يقول مثل هذا الهراء الذي هو ألصق بالصوفية الممخرقين.
كيف والنبي -صلى الله عليه وسلم - يقول:
((إنما العلم بالتعلم .. )).
جزاكم الله خيرا أخي أبا زارع على النقل والتنبيه.
ـ[منير عبد الله]ــــــــ[24 - 08 - 08, 06:45 م]ـ
جائتني هذه الرسالة بالجوال,, وشككت في نسبتها للشيخ رحمه الله,,
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[26 - 10 - 09, 11:37 م]ـ
للنفع نفع الله بكم.
ـ[احمد ابو معاذ]ــــــــ[27 - 10 - 09, 12:24 ص]ـ
جزاك الله خير علي التنبيه
ـ[ابن الحميدي الشمري]ــــــــ[27 - 10 - 09, 09:20 م]ـ
أما أن الشيخ: ابن عثيمين لم يقلها، فربما؛ و أما الدعاء المذكور و ما يتحقق للمسلم به؛ فحق عندي، إذ ما المانع أن يكون علم بلا طلب؟
لا مانع!!
.
.
.
ولعل الإخوة يفيدونا، أحسن الله إلينا و إليهم
ـ[حلية الأولياء]ــــــــ[28 - 10 - 09, 07:33 ص]ـ
قبل ثلاث سنوات ونصف بيّن بطلان نسبة هذه الرسالة إلى الشيخ رحمه الله أحد طلابه، وتجد هذا البيان على هذا الرابط:
http://www.islamtoday.net/nawafeth/artshow-34-7343.htm(100/370)
تفضلوا هذه الفائدة من الشيخ ابن عثيمين (من مات وعليه صيام .. )
ـ[النابلسي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 09:15 ص]ـ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح حديث (من مات وعليه صيام صام عنه وليه).
قال رحمه الله:
متى يكون على الإنسان صيام من رمضان؟
هل كل من مات ولم يصم رمضان يكون عليه صام من رمضان؟ لا، التفصيل كما سيأتي؟
إذا مضى رمضان على إنسان وهو مريض مرضا يرجى برؤه ففرضه عدة من أيام أخر، فإن قُدّر أن هذا المرض استمر به حتى مات، فلا شيء عليه، لا صيام ولا طعام، لماذا؟ لأن هذا الإنسان كان الواجب عليه عدة من أيام أخر، فمات قبل أن يتمكن منها فهو كالذي مات في شعبان قبل رمضان فلا يلزمه شيء
الثاني: إنسان مرّ عليه رمضان وهو مريض مرضاً لا يرجى برؤه، فهذا لا شيء عليه، الواجب عليه فدية طعام مسكين وعلى هذا فلا يدخل في الحديث، لأنه ليس عليه صيام.
الثالث: رجل مرّ عليه رمضان وهو مريض مرض يرجى برؤه فشفاه الله، أو كان مسافراً مفطراً، ثم صار يقول: الأمر واسع ولي أن أتأخر بالقضاء إلى شعبان ومات، هذا هو الذي مات وعليه صيام رمضان، هذا هو الذي يصوم عنه وليه.
شرح مسلم الشريط 5 الدقيقة العاشرة
رحم الله الشيخ رحمة واسعة
ـ[أبو هداية]ــــــــ[24 - 08 - 08, 09:23 ص]ـ
الرابع: لو مات في نصف الشهر مثلاً فلا يصام عنه ما بقي، لأنه لم يجب عليه الباقي.
وهذا من كلام الشيخ رحمه الله
ـ[النابلسي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 09:40 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[24 - 08 - 08, 01:36 م]ـ
وهو قول شيخ الإسلام (للفائدة)(100/371)
قال الشيخ الداعية: ويقف كالجبل يتحدى أوهام الموت الموهومة!!
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 09:17 ص]ـ
قال بعض الدعاة -في معرض الكلام عن حياة شيخ الإسلام ابن تيمية-:
(ويقف كالجبل يتحدى أوهام الموت الموهومة!! التي بثها الناس في قلوب الناس!!) اهـ.
الحقيقة هذه الكلمة –في نظري القاصر- قبيحة جدا،
فمن الذي يستطيع أن يتحدى الموت من هذه المخلوقات الضعيفة؟!! قال تعالى ((وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ))، وقال تعالى ((يود أحدهم لو يعمر ألف سنة .. )) وقال تعالى ((كل نفس ذائقة الموت))، وقال تعالى ((كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام))، وسماه النبي – صلى الله عليه وسلم – (هاذم اللذات).
وقوله (أوهام الموت الموهومة)!!
هل الموت أوهام؟!! وأيضا: موهومة؟!!
أظن أنّ التركيز على الأساليب الأدبية دون التأمل في مضمون ومعاني الكلمات يلقي صاحبها في مطبات ومهاوي لا تُحمد عقباها.
فهل توافقونني الرأي أيها الإخوة الكرام؟
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[24 - 08 - 08, 01:56 م]ـ
أظن أنّ التركيز على الأساليب الأدبية دون التأمل في مضمون ومعاني الكلمات يلقي صاحبها في مطبات ومهاوي لا تُحمد عقباها.
فهل توافقونني الرأي أيها الإخوة الكرام؟
ولعل بعض الإخوة الدعاة وفقهم الله يحرص على أن لا يخرج شريط المحاضرة إلا بعد أن يراجعه غيره من طلبة العلم ...
ونماذج زلات اللسان أكثر من هذا يا شيخ علي والظن والعلم عند الله لو بصر بمعنى هذه المقولة ولوازمها لتراجع عنها .. والأسلم من التراجع أن لا تخرج المحاضرة إلا بعد المراجعة
والله يغفر للجميع ..
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[24 - 08 - 08, 02:08 م]ـ
################
ـ[أبو الحسين الزواوي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 06:41 م]ـ
السلام عليكم .. ليسمح لي الإخوة الأفاضل بإبراز وجهة نظر مغايرة في فهم كلام الداعية المنقول أعلاه، وفقه الله وسائر دعاة المسلمين وعلمائهم لما فيه خيرهم ورضاه ..
نقل هنا عن داع قوله: (ويقف كالجبل يتحدى أوهام الموت الموهومة!! التي بثها الناس في قلوب الناس!!) اهـ، وتم استنكار ما قاله، مع أن عبارته في ـ نظري ـ لا غبار عليها.
فالرجل لم يقل إن من ذكره يتحدى الموت، وإنما يتحدى "أوهام الموت"، وفرق واضح بين الكلمتين، لأن المراد بـ"أوهام الموت" تلك الوساوس والخطرات والأفكار التي تجعل الناس يُحجمون عن بذل أنفسهم في سبيل الله، سواء كان ذلك خوف فاقة عيال، أو حزنهم وانكسارهم، أو استضعافهم واستذلالهم من بعده، إلى غير ذلك.
فالرجل حين يتحدى أوهام الموت، فإنه يتحدى هذه الأفكار والوساوس التي تثنيه عن الموت، لهذا سُميت هنا "أوهاما"، وقد قال الله تعالى في شأن تثبيط الشيطان المؤمن عن الإنفاق والبذل: "الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء"، فمخافة الفقر بالنسبة للمنفق من الأوهام التي تثنيه عن البذل، كما أن مخافة ضياع الأبناء ـ مثلا ـ بعد الموت من الأوهام.
نعم، بقي أن يُقال: أما وإننا نقر بأن ما ذكر يُعتبر من الأوهام، فهل تصح نسبته ـ أي ما ذكر ـ إلى الموت؟ فإن هذا الإسناد مجازي، لأن الموت ليس حقيقة متجسدة في شخص ـ كما هو في بعض الثقافات الوثنية ـ وإنما هو قطع مادة الحياة الدنيوية وأسبابها بواسطة الملائكة (ملك الموت ومن معه من الملائكة): "توفته رسلنا وهم لا يُفرّطون"، أما تمثيل الله سبحانه الموت على هيئة كبش أقرن بعد دخول أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، فهو موضوع آخر، ولا علاقة له بمقصودي هنا.
وعلى العموم، إذا تبيّن هذا، عُلم أن ما ذُكر هنا من التشنيع على هذا الداعي إلى الله لا يلزمه، ويظهر ذلك جليا عند الانتقال إلى العبارة الثانية: "التي بثها الناس في قلوب الناس"، فالأوهام مما يبثه الناس تثبيطا وخذلانا .. أولم يكن قول المنافقين بعد وقعة أحد: "لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قُتلوا"؟ من الأوهام التي يتوهمونها عن الموت؟
والمقصود: أن أوهام الموت هي غير الموت .. وهي الخطرات والأفكار التي ترد على الإنسان ـ من الشيطان أو من نفسه أو من الناس ـ لتثنيه عن غايته التي قد تؤدي به إلى الموت.
هذه وجهة نظر عرضتها على إخواني، والله ـ سبحانه وتعالى ـ أعلم.
ـ[منير عبد الله]ــــــــ[24 - 08 - 08, 07:15 م]ـ
.............
ـ[منير عبد الله]ــــــــ[24 - 08 - 08, 07:17 م]ـ
ولعل بعض الإخوة الدعاة وفقهم الله يحرص على أن لا يخرج شريط المحاضرة إلا بعد أن يراجعه غيره من طلبة العلم ...
..............
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[24 - 08 - 08, 07:19 م]ـ
العبارة واضحة ليس فيها ما يعاب على قائلها - وليت كاتب الموضوع يذكره لنا- فهو يعني أن الشيخ يتحدى (أوهام) الموت التي يؤكدها بقوله: (الموهومة) ويؤكد هذا أيضًا بقوله: (التي بثها الناس في قلوب الناس) فما هي أوهام الموت التي يبثها الناس في قلوب الناس؟
أمثل لهذه الأوهام الموهومة بالاعتقال، والفصل من العمل، وقطع العطاء والرزق من الجهات الرسمية، والترحيل والنفي، ووضع العراقيل في طريق قضاء مصالحه، وتخويف الناس منه، إضافة إلى أساليب التعذيب الفظيعة التي يفضل كثير من الناس الموت عليها.
فالكثرة من الناس ومن يفعلون مثل هذه الأمور في الدعاة في كل عصر يتصورون بذلك أنهم يقضون على الدعاة ودعوتهم، وبخوف الناس من هذه الأساليب المتتالي والمتوارث يصبح الناس أكثر خشية لهؤلاء الظلمة من الله! ويصبح عندهم الموت أهون ومحبب إلى نفوسهم من أن يقع تحت وطأة هؤلاء.
وهذا أمر بنيته على ما هو مشاهد في الواقع المعاش بيننا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/372)
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[24 - 08 - 08, 07:29 م]ـ
وأذكر هنا مثالاً واقعيًا شخصيًا؛ حيث التحق قريب لي بمعهد أمناء الشرطة وتخرج منه ليعمل بالشرطة، ثم فًل منها بعد سنوات لقرابته مني نظرا لالتزامي بكتاب الله وسنة نبيه واللحية والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فهذا القريب حي الآن باستنشاق الهواء وأكل الضروري من الطعام فقط، أما بالإحساس بالحياة والتعايش مع الأحياء فلا، وكذا أصبحت أسرته، حتى إنهم ليتمنون أن قد كان مات بدلا من ذلك، وهو جالس ببيته ينفق عليه وعلى زوجته وأولاده أبوه، وليس له أمل في الحياة ولا في البحث عن عمل آخر مع قدرته على ذلك وجود كثير من الوظائف التي عرضت عليه.
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[25 - 08 - 08, 02:14 ص]ـ
############
ـ[ابو عاصم النبيل]ــــــــ[25 - 08 - 08, 03:47 ص]ـ
سلمت أخي عليا
وتنزلا مع قول من قال بصحة القول ولا غبار!!!!!! عليه والظاهر أن الإخوة كانوا في جو مغيم فلم يروا الغبار
نقول مع التنزل ألم يقل الله تبارك وتعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقوا انظرنا
فأمر الله تعالى بالعدول عن القول الموهم إلى القول الجلي الواضح في الخطاب الشرعي كما هو مقرر في كتب التفسير
فبدلا من قول عبارة موهمة قد تلتبس على الناس وقد يحمل منها العامة معنى مغلوطا وجب البيان وتحري العبارة القوية المؤدية للمعنى لا العبارة الرنانة الأدبية التي قد تودي بصاحبها في النار والعياذ بالله تعالى من النار
فكثير من كتاب العصر ممن أفضوا إلى الله تعالى ممن اشتهروا بين العامة وأنصاف المثقفين والمتعلمين بسلاسة الأسلوب وجزالة المعنى تجد عندهم من الطامات التي تكلف أتباعهم وتكلفوا وتكلفوا وتكلفوا ليظهروهم بمظهر حسن وعبارة جيدة وأنى لهم ذلك فالحق أبلج والباطل لجلج
تأمل في مقالات ابن باز والألباني وابن عثيمين رحمهم الله وحفظ من بقي من الأحياء فلا تجد في عباراتهم الاهتمام بالتنميق والظهور بالمظهر الفني ولكن تجد الحرص على قوة المعنى الذي يكون سلسلا ميسر الفهم لدى العام والخاص خاصة إذا وعظوا الناس ففيهم العامي وطالب العلم
وأذكر أني لما سمعت خطبة للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى لأول مرة استغربت من ضعف الاسلوب الوعظي كما بدا لي ولكن لما انتهت الخطبة أحسست بالاستفادة العلمية والوعظية لهذا الحبر.
فالعبرة رعاكم الله ليس بقوة العبارة فقط وإنما بموافقتها للشريعة أيضا حسب ما تقرر في الاصول العلمية
فالمعنى الموهم مرفوض شرعا قطعا
والبيان الواضح مطلوب شرعا قطعا
سلمتم أحبتي وجزاكم الله خيرا
وفقك الباري أخي عليا ودمت حبيبا محبوبا
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 12:18 م]ـ
أشكر الإخوة الأكارم على مشاركاتهم، أبا الحسن الأثري، أبا القاسم، الزواوي، إسماعيل، أبا عاصم النبيل.
والحقيقة للشيخ - حفظه الله تعالى - من هذه العبارات الأدبية التي أيضا تحتاج وقفة، بل في نفس هذه المحاضرة.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 12:21 م]ـ
ولعل بعض الإخوة الدعاة وفقهم الله يحرص على أن لا يخرج شريط المحاضرة إلا بعد أن يراجعه غيره من طلبة العلم ...
ونماذج زلات اللسان أكثر من هذا يا شيخ علي والظن والعلم عند الله لو بصر بمعنى هذه المقولة ولوازمها لتراجع عنها .. والأسلم من التراجع أن لا تخرج المحاضرة إلا بعد المراجعة
والله يغفر للجميع ..
بارك الله فيكم الشيخ الفاضل أبا الحسن، هذا اقتراح جيد، حتى يتفادى الداعي إلى الله عزوجل الوقوع في مثل هذه العبارات التي أقل أحوالها أنها موهمة.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 12:26 م]ـ
سلمت أخي عليا
وتنزلا مع قول من قال بصحة القول ولا غبار!!!!!! عليه والظاهر أن الإخوة كانوا في جو مغيم فلم يروا الغبار
نقول مع التنزل ألم يقل الله تبارك وتعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا
فأمر الله تعالى بالعدول عن القول الموهم إلى القول الجلي الواضح في الخطاب الشرعي كما هو مقرر في كتب التفسير
فبدلا من قول عبارة موهمة قد تلتبس على الناس وقد يحمل منها العامة معنى مغلوطا وجب البيان وتحري العبارة القوية المؤدية للمعنى لا العبارة الرنانة الأدبية التي قد تودي بصاحبها في النار والعياذ بالله تعالى من النار
فكثير من كتاب العصر ممن أفضوا إلى الله تعالى ممن اشتهروا بين العامة وأنصاف المثقفين والمتعلمين بسلاسة الأسلوب وجزالة المعنى تجد عندهم من الطامات التي تكلف أتباعهم وتكلفوا وتكلفوا وتكلفوا ليظهروهم بمظهر حسن وعبارة جيدة وأنى لهم ذلك فالحق أبلج والباطل لجلج
تأمل في مقالات ابن باز والألباني وابن عثيمين رحمهم الله وحفظ من بقي من الأحياء فلا تجد في عباراتهم الاهتمام بالتنميق والظهور بالمظهر الفني ولكن تجد الحرص على قوة المعنى الذي يكون سلسلا ميسر الفهم لدى العام والخاص خاصة إذا وعظوا الناس ففيهم العامي وطالب العلم
وأذكر أني لما سمعت خطبة للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى لأول مرة استغربت من ضعف الاسلوب الوعظي كما بدا لي ولكن لما انتهت الخطبة أحسست بالاستفادة العلمية والوعظية لهذا الحبر.
فالعبرة رعاكم الله ليس بقوة العبارة فقط وإنما بموافقتها للشريعة أيضا حسب ما تقرر في الاصول العلمية
فالمعنى الموهم مرفوض شرعا قطعا
والبيان الواضح مطلوب شرعا قطعا
سلمتم أحبتي وجزاكم الله خيرا
وفقك الباري أخي عليا ودمت حبيبا محبوبا
آمين وإياكم أخي الحبيب أبا عاصم، كلام مسدد من أخ موفق، فالحقيقة أن الشريعة جاءت أيضا لتراعي الألفاظ، لا يقل أحدكم خبثت نفسي، لا تقولوا الكرم، أنت زرعة (لرجل اسمه صرمة)، وغير عاصية إلى جميلة، إلى آخره، فالشريعة تراعي هذه المسألة، ولذا جاء في حديث آخر: (إياك وما يعتذر منه) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
دمت موفقا سالما أبا عاصم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/373)
ـ[الزبيدي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 12:59 م]ـ
قال بعض الدعاة -في معرض الكلام عن حياة شيخ الإسلام ابن تيمية-:
(ويقف كالجبل يتحدى أوهام الموت الموهومة!! التي بثها الناس في قلوب الناس!!) اهـ.
قد يكون الكلام أعلاه في سياق الحديث عن معركة شقحب .. فيكون الاسلوب مقبولا والمعنى معقولاً .. والمقصود أن الجبان يتوهم الموت في المعارك فلا يقدم.
نبذة:
معركة شقحب أو مرج الصفر التي وقعت يوم السبت للأول من رمضان من عام 702هـ، واستمرت إلى اليوم الثاني بين التتار والجيوش الإسلامية، وشارك فيها شيخ الإسلام ابن تيمية وانتصر فيها المسلمون على التتار
يقول ابن كثير: "أفتى ابن تيمية الناس بالفطر مدة قتالهم، وأفطر هو أيضا، وكان يدور على خيام الأمراء والجند، فيأكل من شيء معه في يده، ليعلمهم أن إفطارهم ليتقووا على القتال أفضل من صومهم، فكان الناس يأكلون اقتداء به".
لله دره
ـ[ابو عاصم النبيل]ــــــــ[25 - 08 - 08, 01:53 م]ـ
قد يكون الكلام أعلاه في سياق الحديث عن معركة شقحب .. فيكون الاسلوب مقبولا والمعنى معقولاً .. والمقصود أن الجبان يتوهم الموت في المعارك فلا يقدم.
نبذة:
معركة شقحب أو مرج الصفر التي وقعت يوم السبت للأول من رمضان من عام 702هـ، واستمرت إلى اليوم الثاني بين التتار والجيوش الإسلامية، وشارك فيها شيخ الإسلام ابن تيمية وانتصر فيها المسلمون على التتار
يقول ابن كثير: "أفتى ابن تيمية الناس بالفطر مدة قتالهم، وأفطر هو أيضا، وكان يدور على خيام الأمراء والجند، فيأكل من شيء معه في يده، ليعلمهم أن إفطارهم ليتقووا على القتال أفضل من صومهم، فكان الناس يأكلون اقتداء به".
لله دره
سلمت أخي الحبيب لعلك لم تر ما علقت به على كلام الإخوة أعلاه وما سطره الأخ علي الفضلي في بيان أن المعنى الموهم مرفوض شرعا
فهاكه
فأمر الله تعالى بالعدول عن القول الموهم إلى القول الجلي الواضح في الخطاب الشرعي كما هو مقرر في كتب التفسير
فبدلا من قول عبارة موهمة قد تلتبس على الناس وقد يحمل منها العامة معنى مغلوطا وجب البيان وتحري العبارة القوية المؤدية للمعنى لا العبارة الرنانة الأدبية التي قد تودي بصاحبها في النار والعياذ بالله تعالى من النار
فكثير من كتاب العصر ممن أفضوا إلى الله تعالى ممن اشتهروا بين العامة وأنصاف المثقفين والمتعلمين بسلاسة الأسلوب وجزالة المعنى تجد عندهم من الطامات التي تكلف أتباعهم وتكلفوا وتكلفوا وتكلفوا ليظهروهم بمظهر حسن وعبارة جيدة وأنى لهم ذلك فالحق أبلج والباطل لجلج
تأمل في مقالات ابن باز والألباني وابن عثيمين رحمهم الله وحفظ من بقي من الأحياء فلا تجد في عباراتهم الاهتمام بالتنميق والظهور بالمظهر الفني ولكن تجد الحرص على قوة المعنى الذي يكون سلسلا ميسر الفهم لدى العام والخاص خاصة إذا وعظوا الناس ففيهم العامي وطالب العلم
وأذكر أني لما سمعت خطبة للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى لأول مرة استغربت من ضعف الاسلوب الوعظي كما بدا لي ولكن لما انتهت الخطبة أحسست بالاستفادة العلمية والوعظية لهذا الحبر.
فالعبرة رعاكم الله ليس بقوة العبارة فقط وإنما بموافقتها للشريعة أيضا حسب ما تقرر في الاصول العلمية
فالمعنى الموهم مرفوض شرعا قطعا
والبيان الواضح مطلوب شرعا قطعا
سلمتم أحبتي وجزاكم الله خيرا
وفقك الباري أخي عليا ودمت حبيبا محبوبا
وأيضا
آمين وإياكم أخي الحبيب أبا عاصم، كلام مسدد من أخ موفق، فالحقيقة أن الشريعة جاءت أيضا لتراعي الألفاظ، لا يقل أحدكم خبثت نفسي، لا تقولوا الكرم، أنت زرعة (لرجل اسمه صرمة)، وغير عاصية إلى جميلة، إلى آخره، فالشريعة تراعي هذه المسألة، ولذا جاء في حديث آخر: (إياك وما يعتذر منه) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
دمت موفقا سالما أبا عاصم.
وبعد هذا كله تأمل قولك رعاك الله
قد يكون الكلام أعلاه في سياق الحديث عن معركة شقحب
نحن لا نتكلم عن النيات سلمت؟ لإخوانك
الكلام يدور حول المعنى المغلوط والذي يفهم منه عند العامة خاصة معنى سيئا
تأمل ما سُطٍر ثم انظر فيه لعلك تتفهم مرادي
سلمت ودمت في خير وعافية وصحة فهم وعلم وتقى
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 02:09 م]ـ
الاخوة الفضلاء
يبدو أن هذا الداعية يقصد ما فعله ابن تيميه مع البطائحية واهل الضلال الذين تحداهم شيخ الاسلام
حيث أوهموا الناس أنهم يدخلون النار ولا تضرهم وخوفوا الناس بذلك
فأراد الشيخ أن يدخل النار معهم بعد أن يدهن جسمه مثلهم فتراجعوا ونكصوا على رؤوسهم
في قصة مشهورة
وهو موجود في الفتاوى فراجعه
أما ما ذكره أخونا الفضلي من الأيات في الموت فهذا غريب منه
فهل يشك أحد أنه سيموت حتى اهل الالحاد والزندقة فهل ترى أن هذا الداعية الذي وصمته =بالشيخ=
يعتقد أن أحدا لا يموت فضلا عن التحدي!!
والله أعلم وأحكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/374)
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 02:40 م]ـ
شيخ الإسلام قدس الله روحه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين؛ وأشهد أن لا إله إلا الله رب السموات والأرضين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تسليما دائما إلى يوم الدين (أما بعد فقد كتبت ما حضرني ذكره في المشهد الكبير بقصر الإمارة والميدان بحضرة الخلق من الأمراء والكتاب والعلماء والفقراء العامة وغيرهم في أمر " البطائحية " يوم السبت تاسع جمادى الأولى سنة خمس لتشوف الهمم إلى معرفة ذلك وحرص الناس على الاطلاع عليه فإن من كان غائبا عن ذلك قد يسمع بعض أطراف الواقعة ومن شهدها فقد رأى وسمع ما رأى وسمع ومن الحاضرين من سمع ورأى ما لم يسمع غيره ويره لانتشار هذه الواقعة العظيمة ولما حصل بها من عز الدين وظهور كلمته العليا وقهر الناس على متابعة الكتاب والسنة وظهور زيف من خرج عن ذلك من أهل البدع المضلة والأحوال الفاسدة والتلبيس على المسلمين. وقد كتبت في غير هذا الموضع صفة حال هؤلاء " البطائحية " وطريقهم وطريق (الشيخ أحمد بن الرفاعي وحاله وما وافقوا فيه المسلمين وما خالفوهم؛ ليتبين ما دخلوا فيه من دين الإسلام وما خرجوا فيه عن دين الإسلام؛ فإن ذلك يطول وصفه في هذا الموضع وإنما كتبت هنا ما حضرني ذكره من حكاية هذه الواقعة المشهورة في مناظرتهم ومقابلتهم. وذلك أني كنت أعلم من حالهم بما قد ذكرته في غير هذا الموضع - وهو أنهم وإن كانوا منتسبين إلى الإسلام وطريقة الفقر والسلوك ويوجد في بعضهم التعبد والتأله والوجد والمحبة والزهد والفقر والتواضع ولين الجانب والملاطفة في المخاطبة والمعاشرة والكشف والتصرف ونحو ذلك ما يوجد - فيوجد أيضا في بعضهم من الشرك وغيره من أنواع الكفر ومن الغلو والبدع في الإسلام والإعراض عن كثير مما جاء به الرسول والاستخفاف بشريعة الإسلام والكذب والتلبيس وإظهار المخارق الباطلة وأكل أموال الناس بالباطل والصد عن سبيل الله ما يوجد. وقد تقدمت لي معهم وقائع متعددة بينت فيها لمن خاطبته منهم ومن غيرهم بعض ما فيهم من حق وباطل وأحوالهم التي يسمونها الإشارات وتاب منهم جماعة وأدب منهم جماعة من شيوخهم وبينت صورة ما يظهرونه من المخاريق: مثل ملابسة النار والحيات وإظهار الدم واللاذن والزعفران وماء الورد والعسل والسكر وغير ذلك وإن عامة ذلك عن حيل معروفة وأسباب مصنوعة وأراد غير مرة منهم قوم إظهار ذلك فلما رأوا معارضتي لهم رجعوا ودخلوا على أن أسترهم فأجبتهم إلى ذلك بشرط التوبة حتى قال لي شيخ منهم في مجلس عام فيه جماعة كثيرة ببعض البساتين لما عارضتهم بأني أدخل معكم النار بعد أن نغتسل بما يذهب الحيلة ومن احترق كان مغلوبا فلما رأوا الصدق أمسكوا عن ذلك.
وقال ايضا
. وقال شيخهم الذي يسيح بأقطار الأرض كبلاد الترك ومصر وغيرها: أحوالنا تظهر عند التتار لا تظهر عند شرع محمد بن عبد الله. وأنهم نزعوا الأغلال من الأعناق وأجابوا إلى الوفاق. ثم ذكر لي أنه جاءهم بعض أكابر غلمان المطاع وذكر أنه لا بد من حضورهم لموعد الاجتماع. فاستخرت الله تعالى تلك الليلة واستعنته واستنصرته واستهديته وسلكت سبيل عباد الله في مثل هذه المسالك حتى ألقي في قلبي أن أدخل النار عند الحاجة إلى ذلك وأنها تكون بردا وسلاما على من اتبع ملة الخليل وأنها تحرق أشباه الصابئة أهل الخروج عن هذه السبيل
وقال
وأنا قد استخرت الله سبحانه أنهم إن دخلوا النار أدخل أنا وهم ومن احترق منا ومنهم فعليه لعنة الله وكان مغلوبا وذلك بعد أن نغسل جسومنا بالخل والماء الحار. فقال الأمير ولم ذاك؟ قلت: لأنهم يطلون جسومهم بأدوية يصنعونها من دهن الضفادع وباطن قشر النارنج وحجر الطلق وغير ذلك من الحيل المعروفة لهم وأنا لا أطلي جلدي بشيء فإذا اغتسلت أنا وهم بالخل والماء الحار بطلت الحيلة وظهر الحق فاستعظم الأمير هجومي على النار وقال: أتفعل ذلك؟ فقلت له: نعم قد استخرت الله في ذلك وألقى في قلبي أن أفعله ونحن لا نرى هذا وأمثاله ابتداء؛ فإن خوارق العادات إنما تكون لأمة محمد صلى الله عليه وسلم المتبعين له باطنا وظاهرا لحجة أو حاجة فالحجة لإقامة دين الله والحاجة لما لا بد منه من النصر والرزق الذي به يقوم دين الله وهؤلاء إذا أظهروا ما يسمونه إشاراتهم وبراهينهم التي يزعمون أنها تبطل دين الله وشرعه وجب علينا أن ننصر الله ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم ونقوم في نصر دين الله وشريعته بما نقدر عليه من أرواحنا وجسومنا وأموالنا فلنا حينئذ أن نعارض ما يظهرونه من هذه المخاريق بما يؤيدنا الله به من الآيات
وقال
أنا أخاطب كل أحمدي من مشرق الأرض إلى مغربها أي شيء فعلوه في النار فأنا أصنع مثل ما تصنعون ومن احترق فهو مغلوب؛ وربما قلت فعليه لعنة الله؛ ولكن بعد أن نغسل جسومنا بالخل والماء الحار؛ فسألني الأمراء والناس عن ذلك؟ فقلت: لأن لهم حيلا في الاتصال بالنار يصنعونها من أشياء: من دهن الضفادع. وقشر النارنج. وحجر الطلق. فضج الناس بذلك فأخذ يظهر القدرة على ذلك فقال: أنا وأنت نلف في بارية بعد أن تطلى جسومنا بالكبريت. (فقلت فقم؛ وأخذت أكرر عليه في القيام إلى ذلك فمد يده يظهر خلع القميص فقلت: لا حتى تغتسل في الماء الحار والخل فأظهر الوهم على عادتهم فقال من كان يحب الأمير فليحضر خشبا أو قال حزمة حطب. فقلت هذا تطويل وتفريق للجمع؛ ولا يحصل به مقصود؛ بل قنديل يوقد وأدخل إصبعي وإصبعك فيه بعد الغسل؛ ومن احترقت إصبعه فعليه لعنة الله؛ أو قلت: فهو مغلوب. فلما قلت ذلك تغير وذل. وذكر لي أن وجهه اصفر. ثم قلت لهم: ومع هذا فلو دخلتم النار وخرجتم منها سالمين حقيقة ولو طرتم في الهواء؛ ومشيتم على الماء؛ ولو فعلتم ما فعلتم لم يكن في ذلك ما يدل على صحة ما تدعونه من مخالفة الشرع. ولا على إبطال الشرع؛ فإن الدجال الأكبر يقول للسماء أمطري فتمطر
الى آخر كلامه رحمه
أفلا يصح أن نقول كما قال الداعية!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/375)
ـ[ابو عاصم النبيل]ــــــــ[25 - 08 - 08, 05:26 م]ـ
دمت في عز أبا العز
ما ذكره الأخ علي هو من باب دفع المعنى الظاهر المتبادر للذهن أو قل المعنى الذي يورده اللفظ المنمق المزخرف المتكلف المراد به تزيين الكلام وتحسينه والمبالغة في هذا
بل ولعل هذا سلمت لأخيك من التنطع المذموم
هذا هو الاعتراض فحسب سلمت.
ولا نتكلم في النيات وفقك الباري فلفظتي أوهام وموهومة تؤكدان بعضهما البعض كما لا يخفى عليكم سلمتم
أرجوا أن أكون قد أزلت اللبس عن كلام أخي علي
دمت في حفظ الباري
ـ[الزبيدي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 05:38 م]ـ
أبو عاصم النبيل دمت موفقاً مسدداً
ـ[ابو عاصم النبيل]ــــــــ[25 - 08 - 08, 06:01 م]ـ
أبو عاصم النبيل دمت موفقاً مسدداً
ودمت ووفقت وسددت
ـ[أبو أحمد الحنبلي]ــــــــ[26 - 08 - 08, 10:26 ص]ـ
السلام عليكم
أما عبارة
(ويقف كالجبل يتحدى أوهام الموت الموهومة!! التي بثها الناس في قلوب الناس!!) اهـ.
فهي ليست أسلوب أدبي ومن تبصر فيها وجدها عبارة ركيكة فقوله:" أوهام الموت الموهمة" فالموت ليس وهم وأن كان له وهم ... فالخوف من الموت أمر فطري لا يعيب الإنسان أن يخاف منه ..
و|أما قوله يتحدى أوهام الموت فهذا الأسلوب فيه نظر ..
وأنفعال الواعظ وبحثه عن عبارات يثير بها المستمع قد تجره إلى أسلوب ركيك ليس من أساليب العرب.
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[26 - 08 - 08, 01:15 م]ـ
ألتمس من إخواني ذكر اسم الشيخ، فلا أعتقد أنه ممنوع أو به حرج.
ـ[ابو عاصم النبيل]ــــــــ[09 - 09 - 08, 04:03 ص]ـ
ألتمس من إخواني ذكر اسم الشيخ، فلا أعتقد أنه ممنوع أو به حرج.
وهو من باب ما بال أقوام
ـ[محمد بن أبي أحمد]ــــــــ[09 - 09 - 08, 07:41 ص]ـ
أنا أوافق الإخوة الذين لم يروا في هذه الكلمة بأساً
فكلامه ظاهر فيه أنه لا يقصد به الموت والدليل إتباعه لكلمة (أوهام الموت الموهومة) بقوله (التي بثها الناس في قلوب الناس)
ومن اقتصر على الجملة الأولى ثم قال هذه جملة منكرة محتملة فإنما هو المخطئ حين اقتصر على نصف كلام الرجل ولم يأت به كله كمن اقتصر على قوله تعالى (فويل للمصلين) والله أعلم.(100/376)
دخول الأطفال للمسجد والصلاة في الصف الأول
ـ[محمود بن محمد ريان]ــــــــ[24 - 08 - 08, 02:52 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإخوة الفضلاء بارك الله فيكم وكل عام أنتم بخير بمناسبة اقتراب الشهر المبارك
كنت أرغب في مساعدتكم بشكل عاجل بخصوص موضوع دخول الأطفال المسجد وصلاتهم في الصف الأول حيث إني مبتلى في مسجدي بكثير من الناس الذين ينكرون على الأطفال دخول المسجد أصلا بحجة تشويشهم على المصلين كما أنهم إذا وجدوا طفلا في الصف الأول مثلا أو الثاني فإنهم يعيدونه إلى الصفوف الأخيرة مع العلم بأني أتكلم عن أطفال مميزين وليسوا رضعا مثلا أو غير مميزين يعني في حوالي العاشرة أو أقل أو أكثر قليلا
أرجو موافاتي ببحث شامل بخصوص هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال في الصلاة داخل المسجد
أنا سمعت أيضا أن هناك قولا للإمام أحمد بخصوص من أبعد طفلا عن الصف لكي يقف مكانه فحكمه حكم الصلاة في الأرض المغصوبة
بالإضافة إلى قول الشيخ ابن العثيمين في تفسير حديث ليلني منكم أولوا الأحلام
فقال رحمه الله لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم "لا يلني" وإنما قال "ليلني" وهذا حث لأولي الأحلام والنهى على الصلاة في الصف الأول وليس قصرا عليهم
ولكني أرجو لو كان هناك بحثا شافيا في المسألة بارك الله فيكم
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[24 - 08 - 08, 03:19 م]ـ
يا أخي الكريم بارك الله فيك على حرصك على الخير لأولاد المسلمين
لكن يا أخي لست معك في ذلك
كيف يتقدم طفل له تسع سنوات أمام شيخ له من العمر الستين والسبعين
ومن منهم أولى بذلك
إن كنت مبتلى بمن ينكر على الصبيان فغيرك مبتلى بالصبيان أنفسهم
قد يكون من الصبيان في هذا السن من لا يحسن إزالة النجاسة عن نفسه
ثم أغلبهم لا يزال يتلبس بأفعال الصغار
ثم كيف لنا أن نميز بين المتميز منهم وغيره
فنقدم هذا ونؤخر ذاك
ثم الأطفال يحصل منهم الغيره
ثم ما المضرة التي تحصل من تقديم الكبار عليهم
في حين المفسدة متحققه من العكس
والله أعلم
أخوك محمد أبو القاسم
إمام مسجد
ـ[محمود بن محمد ريان]ــــــــ[24 - 08 - 08, 03:38 م]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ محمد على مداخلتك التي أحترمها وأقدرها ولكن كما تعلم فالمرجعية هو سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ما طلبته فأنت أكيد تعلم أن هذا الباب، دخول الأطفال في المسجد، ككثير من الأبواب يتصرف فيه الناس بين إفراط وتفريط وأنا لا أطلب هذا ولا هذا إنما أطلب سنة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا وهديه في هذا الأمر، وقد سقت لك ما قد علمته من قول الإمام أحمد في مسألة تنحية الطفل من مكانه الذي يصلي فيه والصلاة مكانه، على كل حال لعل الله عز وجل ييسر لنا من يأتي بجواب شافٍ في هذا المسألة
جزاك الله خيرا مرة أخرى
ـ[أبو عبدالله الخليلي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 03:47 م]ـ
السلام عليكم
ننتظر معكم لتوضيح الأمر لمن حولنا
جزاك الله خيرا أخي محمود على إثارتك الموضوع
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[24 - 08 - 08, 04:07 م]ـ
السؤال الثاني من الفتوى رقم (19503)
س2: هل يجوز أن يصلي الصبي أو الصبيان الصغار في الصف الأول خلف الإمام في صلاة الجماعة؟ أفيدونا حفظكم الله بالجواب الشافي الكافي في هذه المسألة التي كثر فيها عندنا اللغط والخلط، وجزاكم الله خيرا.
ج2: ثبت في السنة الصحيحة الحث على تقدم أهل العلم والفضل في الدين في صفوف الصلاة والقرب من الإمام، لأنهم أولى بالإكرام، ولأنه ربما احتاج الإمام إلى استخلاف فيكونون هم أولى، ولأنهم يتفطنون لتنبيه الإمام على السهو لما لا يتفطن له غيرهم، ومن تلك الأحاديث الدالة على ذلك: ما ثبت في صحيح مسلم وغيره عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال: «ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» (1) وثبت من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يليه المهاجرون والأنصار في الصلاة ليأخذوا عنه» (2) رواه أحمد وأهل السنن إلا أبا داود بسند جيد.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/377)
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية - (ج 6 / ص 333)
ـ[محمود بن محمد ريان]ــــــــ[24 - 08 - 08, 04:10 م]ـ
الأخ أبو عبد الله مرحبا بك وجزاك الله خيرا على المشاركة
الأخ أبو القاسم جزاك الله خيرا على هذه الفتوى وإن شاء الله إلى مزيد من الإيضاح من بقية الإخوة
ـ[محمود بن محمد ريان]ــــــــ[24 - 08 - 08, 04:36 م]ـ
من موقع فضيلة الشيخ ابن العثيمين رحمه الله
شرح زاد المستقنع
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18059.shtml
وهذا الذي ذكرنا في تقديم الرِّجالِ، ثم الصبيان، ثم النساء، إنَّما هو في ابتداءِ الأمرِ، أما إذا سَبَقَ المفضولُ إلى المكان الفاضلِ؛ بأنْ جاءَ الصَّبيُّ مبكِّراً وتقدَّمَ وصار في الصَّفِّ الأولِ، فإن القولَ الرَّاجحَ الذي اختاره بعضُ أهلِ العِلم ـ ومنهم جَدُّ شيخِ الإِسلامِ ابنِ تيمية، وهو مَجْدُ الدِّين عبد السلام ـ أنه لا يُقامُ المفضولُ مِن مكانِه، وذلك لقولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «مَن سَبَقَ إلى ما لم يَسبقْهُ إليه مسلمٌ فهو له» [(453)] وهذا العمومُ يشمَلُ كلَّ شيءٍ اجتمع استحقاقُ النَّاسِ فيه، فإنَّ مَن سَبَقَ إليه يكون أحقَّ به. ولأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِن مجلِسِه ثم يَجلسُ فيه» [(454)]. ولأنَّ هذا عدوان عليه.
فإنْ قال قائلٌ: «مَنْ سَبَقَ إلى ما لم يَسبقْ إليه أحدٌ فهو أحقُّ به» عامٌّ. وقولُه: «لِيَلِني منكم أُولُو الأحلامِ والنُّهَى» [(455)] خاصٌّ، والقاعدةُ: أنَّه إذا اجتمعَ خاصٌّ وعامٌّ فإنَّ الخاصَّ يُخَصِّصُ العامَّ؟.
فالجواب عنه: أن نقولَ: إنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يقلْ: لا يَلِني منكم إلا أُولو الأحلامِ والنُّهَى. ولم يقل: لِيُقِمْ منكم أُولُو الأحلامِ والنُّهَى مَن كانوا دونهم. وإنما قال: «لِيَلِني منكم أُولُو الأحلامِ والنُّهى» فأمر أولي الأحلام والنُّهى أن يلوه. وهذا حَثٌّ لهؤلاء الكِبارِ على أن يتقدَّموا لِيَلُوا رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم. فهذا هو وَجْهُ الحديثِ، ولأنَّ فيه مفسدةَ تنفيرِ هؤلاء الصبيان بالنسبة للمسجد، لا سيَّما إذا كانوا مراهقين، أي: إذا كان للواحد منهم ثلاث عشرة سَنَةً، أو أربع عشرة سنة، ثم نقيمه مِن مكانه، فسيكون هذا صعباً عليه؛ لأنه قد فرح أن كان في الصَّفِّ الأولِ، وكذلك مِن مفاسده أنَّ هذا الصَّبيَّ إذا أخرجه شخصٌ بعينه فإنه لا يزال يَذكرُه بسوءٍ، وكلَّما تذكَّره بسوءٍ حَقَدَ عليه، لأنَّ الصَّغيرَ عادةً لا يَنسى ما فُعِلَ به.
فتوى الشيخ الفوزان حفظه الله
http://www.denana.com/articles.php?ID=3168
حضور الصبيان المساجد
لفضيلة الشيخ / عبدالله الفوزان
الصبيان: جمع صبي.
وفي اللغة: من حين يولد إلى أن يفطم.
أما الفقهاء فيقولون: الصبي من دون البلوغ [1].
وهذا هو المراد بموضوعنا هنا، ويؤيد ذلك الحديث الآتي: ((مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين)).
فسماه صبياً وقد جاوز السابعة. فإن كان مميزاً وهو من بلغ سبع سنين، فإن وليه يحضره إلى المسجد؛ لأنه مأمور بتكليفه بالصلاة إذا بلغ هذه السن. لما ورد عن سبرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين. وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها)) [2].
وقد دل هذا الحديث على مسألتين:
المسألة الأولى: أن ولي الصبي من أب أو جد أو أخ أو وصي أو غيرهم مكلّف من قبل الشرع بأن يأمر الصغير بالصلاة: ذكراً كان أم أنثى، وتعليمه ما تتوقف عليه صحة الصلاة من الشروط والأركان، وذلك إذا أكمل سبع سنين؛ لأن التمييز يحصل بعدها غالباً.
وكثير من الأولياء قد تساهل في هذا الأمر العظيم، ولا سيما مع البنات.
وهذا الأمر للصغير وإن كان أمر تدريب لا أمر إيجاب، لكن له فوائد عظيمة، والشارع الحكيم لا يأمر إلا بما فيه مصلحة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/378)
المسألة الثانية: إن الحديث يدل على الإذن للصبيان بدخول المساجد؛ لأنها أماكن أداء الصلاة. وعلى ولي الصغير أن يعوده الذهاب إلى المسجد وحضور الجماعة، فيأخذه معه، ويجعله بجانبه، لينشأ على حب العبادة والتعلق بالمسجد، فيسهل عليه الأمر بعد البلوغ.
وأما إذا كان الصبي غير مميز، فقد ورد في نصوص الشريعة ما يدل على جواز دخوله المسجد، وهي نصوص صحيحة صريحة، رواها عدد من الصحابة – رضي الله عنهم – بألفاظ متعددة. .
ومن ذلك ما روى أبو قتادة الأنصاري رضي الله عنه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس، فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها)).
وفي لفظ: (((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يؤم الناس، وأمامة بنت أبي العاص على عاتقه)) [3].
فهذا الحديث دل على مسألتين:
الأولى: جواز إحضار الصبي إلى المسجد وإن كان صغيراً، لما ورد في بعض الروايات: ((بينما نحن في المسجد جلوساً خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل أمامة وهي صبية)) [4].
وجواز حمله في الصلاة ولو كانت فريضة لقوله: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم الناس)) الحديث.
الثانية: أن ثياب الأطفال وأبدانهم طاهرة ما لم تعلم نجاستها [5]، وعليه فلا يجوز منعهم من المساجد لمجرد احتمال تنجيسهم لها.
ومن الأدلة أيضاً ما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم في العشاء حتى ناداه عمر: قد نام النساء والصبيان)) الحديث [6].
فدل هذا الحديث على مسألتين:
الأولى: جواز دخول الصبيان المساجد، وحضورهم الصلوات، وهو صريح في أن ذلك وقت صلاة العشاء في ظلمة الليل. وقد بوب البخاري – رحمه الله – على هذا الحديث بقوله: (باب وضوء الصبيان إلى قوله: وحضورهم الجماعة والعيدين والجنائز وصفوفهم)، وهذا يدل على أن البخاري فهم أن هؤلاء الصبيان كانوا حضوراً في المسجد، وهذا هو الظاهر. خلافاً لمن قال: إن المراد: ناموا في البيوت؛ لأن عمر – رضي الله عنه – نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنهم ناموا، ولو كان ذلك النوم في البيوت لكان طبيعياً ولا حاجة للتنبيه إليه [7].
وإنما خصهم بذلك؛ لأنهم مظنة قلة الصبر عن النوم، ومحلّ الشفقة والرحمة، بخلاف الرجال [8].
الثانية: أن لفظ (الصبيان) في الحديث جمع معرف باللام، فيعم كل صبي صغيراً كان أو كبيراً.
وأما منع الصبيان من دخول المساجد بحجة التشويش على المصلين بما يحدث منهم من بكاء أو صراخ أو لعب، فهذا مردود؛ لأن الصبي إن كان مميزاً أمكن تأديبه وتعليمه السلوك الطيب والأخلاق الحميدة، لا سيما في بيوت الله. فيتعلم الإنصات، وحسن الاستماع، والهدوء؛ لأن ما يسمع من هؤلاء المميزين من الألفاظ السيئة، والعبارات البذيئة، والحركات التي لا تناسب المسجد إنما هو بسبب إهمال الأولياء، وعدم العناية بهذه الناشئة.
ومن أسباب ذلك: ترك الصغار في الصف متجاورين فيحصل منهم اللعب والحركات التي تشوش على المصلين عموماً وعلى من يجاورهم خصوصاً. أما إذا فرّق بينهم، أو صلى صبي بجانب وليه فإنه يزول هذا المحذور. وهذا هو الواجب على الأولياء وجماعة المسجد الذين يكثر الصبيان فيهم، وإن تركوهم وشأنهم صاروا مصدر إزعاج. وقد يصعب علاج الأمر إن لم يتدارك من أوله. وهذا أمر مشاهد وملحوظ. وإن كان الصبي غير مميز فيمكن حمله في الصلاة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، أو تلهيته بشيء من اللعب، كما ثبت في السنة [9].
وإذا تقدم الصبيان – ولا سيما المميزون – إلى الصف الأول أو كانوا وراء الإمام فإنه لا ينبغي إبعادهم – على الراجح من قولي أهل العلم – لما يلي:
* ما ورد في حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم الرجل أخاه من مقعده ويجلس فيه، وفي لفظ: (أن يقيم الرجلُ الرجلَ) [10].
* فهذا نهي صريح في إقامة الرجل أخاه من مكانه ثم يجلس فيه، والصبي المميز داخل في هذا الحكم.
قال القرطبي: (نهيه صلى الله عليه وسلم عن أن يقام الرجل من مجلسه إنما كان ذلك لأجل أن السابق لمجلس قد اختص به إلى أن يقوم باختياره عند فراغ غرضه، فكأنه قد ملك منفعة ما اختص به من ذلك، فلا يجوز أن يحال بينه وبين ما يملكه) [11].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/379)
* أن إبقاءهم في أماكنهم فيه ترغيب لهم في الصلاة، واعتياد المسجد. أما طردهم وإبعادهم – كما يفعله كثير من الناس [12] – فهذا فيه محاذير عديدة منها:
* أن هذا مخالف لما كان عليه سلف الأمة، فإنه لو كان تأخير الصبيان أمراً مشهوراً لاستمر العمل عليه، كتأخير النساء، ولنقل كما نقلت الأمور المشهورة نقلاً لا يحتمل الاختلاف [13].
وأما ما ورد من أن بعض السلف أخّر الصبي فهو إما رأي صحابي، أو محمول على صبي لا يعقل الصلاة، ويعبث فيها [14].
أن طرد الصبي من الصف الأول يؤدي إلى كسر قلبه، وتنفيره من الصلاة، وبغضه المسجد. والشارع الحكيم يحرص على ترغيبهم في الصلاة وحضور المسجد.
* أن هذا قد يؤدي إلى اجتماع الصبيان في مكان واحد متأخر، وهو سبب في عبثهم وتشويشهم.
* أن هذا الصبي يكره الرجل الذي أقامه من مكانه ويحقد عليه، ويدوم على ذكره بسوء؛ لأن الصغير عادة لا ينسى ما فعل به [15].
ثم إن إحضار الصبيان للمسجد ليس مقصوراً على تعليمهم الصلاة وترغيبهم في المسجد، بل هناك مقاصد أخرى منها:
أن يكون الصبي صغيراً وليس له في البيت من يرعاه وقت الصلاة فيصحبه المصلي معه. أو يكون الإنسان في السوق أو في الطريق ومعه ابنه فتحضر الصلاة فيدخله المسجد معه. ونحو ذلك مما يعرض ولا سيما في أوقات الصلاة.
أما ما ورد في حديث أبي مسعود – رضي الله عنه – من قوله صلى الله عليه وسلم: ((ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)) [16].
فهذا لا يفيد تأخير الصغار عن أماكنهم، وإنما هو حث لأولي الأحلام والنّهى – وهم أصحاب العقول – على التقدم ليكونوا وراء الإمام، لتنبيهه على سهو إن طرأ، أو استخلاف أحدهم إن احتاج إلى ذلك. ولو كان المراد النهي عن تقدم الصبيان لقال: لا يلني إلا أولو الأحلام والنهى [17].
وتجوز مصافة الصبي، وذلك بأن يقف معه رجل بالغ في صف واحد، أو يصلي بالغ بعدد من الصبيان، فيكونون صفاً – وهذا على الراجح من قول أهل العلم، وهو قول الجمهور – لورود أدلة صحيحة صريحة تفيد ذلك.
ومن ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: ((أن جدته مليكة – رضي الله عنها – دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته، فأكل منه، فقال: قوموا فلأصل بكم، فقمت إلى حصير لنا قد اسودّ من طول ما لبث فنضحته بماء، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم واليتيم معي، والعجوز من ورائنا، فصلى بنا ركعتين)) [18].
فهذا الحديث دليل على جواز مصافة البالغ الصبي؛ لأن هذا اليتيم صفّ مع أنس – رضي الله عنه – خلف النبي صلى الله عليه وسلم. واليتيم: من مات أبوه ولم يبلغ.
________________________________________
[1] اللسان (14/ 450)، الدر النقي لابن عبد الهادي (1/ 170)، الأشباه والنظائر للسيوطي ص (311)، فتح الباري (2/ 346).
[2] أخرجه أبو داود (494) والترمذي (407) وقال: حديث حسن صحيح، وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – عند أبي داود (495).
[3] أخرجه البخاري (516) ومسلم (543)، والرواية المذكورة له. وقوله: (ولأبي العاص. .) معطوف على (زينب) والتقدير: بنت لزينب ولأبي العاص.
[4] أخرجه أبو داود (918) وإسناده صحيح.
[5] انظر معالم السنن للخطابي (1/ 431)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (3/ 156).
[6] أخرجه البخاري (566) وقوله: (أعتم) أي: دخل في العتمة مثل: أصبح، دخل في الصباح. والمعنى: أخّر صلاة العشاء إلى العتمة، وهي: ثلث الليل بعد مغيب الشفق، ومثل حديث عائشة حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – عند البخاري (7239) ومسلم (642).
[7] فتح الباري (2/ 344) تحذير الساجد (25).
[8] فتح الباري (2/ 48).
[9] ورد ذلك في حديث الربيع بنت معوّذ – رضي الله عنها – أخرجه البخاري (4/ 200) ومسلم (1136).
[10] أخرجه البخاري (911) ومسلم (2177).
[11] المفهم (5/ 509).
[12] قد يحتج من يرى إبعاد الصبيان عن المساجد بحديث "جنبوا مساجدكم صبيانكم" وقد أخرجه ابن ماجه (750) والطبراني في الكبير (22/ 57) من طريق الحارث بن نبهان حدثنا عتبة عن أبي سعيد عن مكحول عن واثلة بن الأسقع – رضي الله عنه – والحارث هذا ضعيف جداً، قال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي وأبو حاتم: متروك، وقال ابن معين: ليس بشيء، ومرة قال: لا يكتب حديثه. ذكر ذلك الذهبي في الميزان (1/ 444) والحديث له شواهد لا يصح منها شيء. انظر: نصب الراية (2/ 491).
[13] حاشية ابن قاسم على الروض المربع (2/ 341).
[14] انظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام لابن الملقن (2/ 533) الفروع (1/ 406، 407).
[15] الشرح الممتع (3/ 21).
[16] أخرجه مسلم (432) ومثله حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – وهو عند مسلم أيضاً.
[17] الشرح الممتع (3/)، وانظر: أحكام القرآن لابن العربي (3/ 1116).
[18] أخرجه البخاري (380) ومسلم (658) وقوله: "فلأصلّ لكم" اللام لام الأمر وهي ساكنة لوقوعها بعد فاء العطف، والفعل مجزوم بحذف الياء. وفي رواية: "فلأصل" بكسر اللام على أنها للتعليل. والفعل بعدها منصوب بفتح الياء. (تنبيه الأفهام) لابن عثيمين (1/ 172).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/380)
ـ[محمود بن محمد ريان]ــــــــ[24 - 08 - 08, 04:39 م]ـ
سؤال: بعض الأولاد يبكرون يوم الجمعة ويأتي أناس أكبر منهم ويقيمونهم ويجلسون مكانهم ويحتجون بقوله صلى الله عليه وسلم: (ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى)، فهل هذا جائز؟.
الجواب:
الحمد لله
هذا يقوله بعض أهل العلم ويرى أن الأولى بالصبيان أن يصفوا وراء الرجال، ولكن هذا القول فيه نظر، والأصح أنهم إذا تقدموا لا يجوز تأخيرهم، فإذا سبقوا إلى الصف الأول أو إلى الصف الثاني فلا يقيمهم من جاء بعدهم، لأنهم سبقوا إلى حق لم يسبق إليه غيرهم فلم يجز تأخيرهم لعموم الأحاديث في ذلك، لأن في تأخيرهم تنفيراً لهم من الصلاة، ومن المسابقة إليها فلا يليق ذلك.
لكن لو اجتمع الناس بأن جاءوا مجتمعين في سفر أو لسبب، فإنه يصف الرجال أولاً، ثم الصبيان ثانياً، ثم النساء بعدهم إذا صادف ذلك وهم مجتمعون، أما أن يؤخذوا من الصفوف ويزالوا ويصف مكانهم الكبار الذين جاءوا بعدهم فلا يجوز ذلك لما ذكرنا.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى)، فالمراد به التحريض على المسارعة إلى الصلاة من ذوي الأحلام والنهى وأن يكونوا في مقدم الناس، وليس معناه تأخير من سبقهم من أجلهم، لأن ذلك مخالف للأدلة الشرعية التي ذكرنا.
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - ج/12 ص/399.
( www.islam-qa.com)
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[24 - 08 - 08, 05:56 م]ـ
الشكر للجميع
مع مراعاة الآتي
نحن نعلم إخواني أن المسألة خلافية ونعلم أيضا أن من علمائنا الأجلة من قال بجواز تقدم الصبي للصف الأول
كالشيخ ابن عثيمين وغيره
لكن نحن هنا في معرض الترجيح
وإذا كان الأمر كذلك
فلا يحتج بقول عالم على آخر
وإنما الحجة لمن معه الدليل
وأما قول الشيخ الفوزان
أن هذا مخالف لما كان عليه سلف الأمة، فإنه لو كان تأخير الصبيان أمراً مشهوراً لاستمر العمل عليه، كتأخير النساء، ولنقل كما نقلت الأمور المشهورة نقلاً لا يحتمل الاختلاف
فهذا مما يخالف فيه أشد المخالفة
فقد وقع الخلاف فيما هو أشهر واصرح في الحكم من ذلك
وفي عجالة من الوقت نقلت لكم كلام بعض أئمتنا لعلكم تنتفعون به
وأبدا بذكر كلام خير الورى صلى الله عليه وسلم
قال مسلم رحمه الله في صحيحه
صحيح مسلم - (ج 2 / ص 30)
1000 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِى الصَّلاَةِ وَيَقُولُ «اسْتَوُوا وَلاَ تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ لِيَلِنِى مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلاَمِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ أَشَدُّ اخْتِلاَفًا
والحديث حجة في نفسه
فالقوم خلف النبي صلى الله عليه وسلم
على مراتب
الرجال والصبيان والنساء
وهذا معنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم
وأنا أطالب إخواني جميعا أن ياتوا لي بتفسير عملي
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم
غير ما ذكرت
أقول تفسير عملي
أستطيع أنا وأنت وكل إمام في مسجده أن يطبقه
ولهذا قول الجمهور من أهل العلم
هو تأخير الصبيان عملا بذلك
وإليكم ما استطعت نقله من كلامهم
جاء في إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام
باب الذكر عقيب الصلاة ...
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته
وفي لفظ: "ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير
وقد يؤخذ منه تأخير الصبيان في الموقف لقول ابن عباس ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله إلا بالتكبير فلو كان متقدما في الصف الأول لعلم انقضاء الصلاة بسماع التسليم
وفي سنن أبى داود
- باب مُقَامِ الصِّبْيَانِ مِنَ الصَّفِّ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(100/381)