وفي رواية له: فقال أَنَسٌ: " إن كان الرَّجُلُ لَيُسْلِمُ ما يُرِيدُ إلا الدُّنْيَا فما يُسْلِمُ حتى يَكُونَ الْإِسْلَامُ أَحَبَّ إليه من الدُّنْيَا وما عليها ". ولماذا شرعت الهدية، وهي مادية؟ أليس لما لها من أثر في القلوب وكسب ودها؟ ولهذا حذر من هدايا العمال لأنها تعمل عملها في قلوبهم ثم في تصرفاتهم.
وفي ديوان الشافعي رحمه الله:
وإن كثرت عيوبك في البرايا وسرك أن يكون لها غطاء
تستر بالسخاء فكل عيب يغطيه كما قيل السخاء
ثم قال المؤلف في ص 50: " الذي يوفر لأولاده وزوجته المال والطعام والشراب لم يكسب قلوبهم، وإنما كسب بطونهم ".
أقول: من وفر ذلك لأهله فقد أحسن إليهم في هذا الجانب، وأدى ماأوجبه الله عليه من النفقة عليهم ويرجى له الأجر والثواب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:"إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ من أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ الناس وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بها وَجْهَ اللَّهِ إلا أُجِرْتَ بها حتى ما تَجْعَلُ في في امْرَأَتِكَ " متفق عليه. وقال عليه الصلاة والسلام:" دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ في سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ في رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ على مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ على أَهْلِكَ؛ أَعْظَمُهَا أَجْرًا الذي أَنْفَقْتَهُ على أَهْلِكَ"رواه مسلم.
وهذه النفقة سبب من أسباب كسب قلب الزوجة والأولاد، وقد ذكر المؤلف حديث أم زرع في كتابه، فليتأمل قول أم زرع وهي تعدد مناقب زوجها ومنها إنفاقه عليها بالحلي وبالطعام فقالت:" زَوْجِي أبو زَرْعٍ فما أبو زَرْعٍ! أَنَاسَ من حُلِيٍّ أُذُنَيَّ، وَمَلَأَ من شَحْمٍ عَضُدَيَّ، وَبَجَّحَنِي فَبَجحَتْ إلي نَفْسِي، وَجَدَنِي في أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ، فَجَعَلَنِي في أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فلا أُقَبَّحُ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فأتقنح " متفق عليه.
وقال البخاري رحمه الله: بَاب وُجُوبِ النَّفَقَةِ على الأهل وَالْعِيَالِ. حدثنا عُمَرُ بن حَفْصٍ حدثنا أبي حدثنا الْأَعْمَشُ حدثنا أبو صَالِحٍ قال: حدثني أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:" أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ ما تَرَكَ غِنًى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ من الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ". تَقُولُ الْمَرْأَةُ: إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي، وَيَقُولُ الْعَبْدُ: أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي، وَيَقُولُ الِابْنُ: أَطْعِمْنِي! إلى من تَدَعُنِي؟. فَقَالُوا: يا أَبَا هُرَيْرَةَ سَمِعْتَ هذا من رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قال: لَا هذا من كِيسِ أبي هُرَيْرَةَ [يعني الزيادة المذكورة في آخره].وهذا يبين عاقبة التقصير في واجب النفقة، وأثره في موقف الزوجة والأولاد والمماليك تجاه من يعولهم عندما يقصر في واجبه.
والمقصود أن الزوج يكسب قلب زوجته وأولاده بإحسانه، والإحسان نوعان: نوع مادي، وهو النفقة ومايتعلق بنفعهم في جانب دنياهم، ونوع معنوي وهو نفعهم في جانب دينهم، وطيب العشرة والمعاملة.
ولايغني أحد النوعين عن الآخر. فالمؤلف يرى أن الذي يوفر النفقة لزوجته وأولاده لايكسب قلوبهم وإنما يكسب بطونهم، ويرى أنه إنما يكسب قلوبهم بابتسامته ولطفه وحسن حديثه. وأقول: لو أن الزوج فعل ماذكره المؤلف فاقتصر على الابتسامة واللطف، ولم ينفق على زوجته وأولاده شيئا، وهو قادر وتركهم في فقر وحاجة يتكففون الناس، أكان سيكسب قلوبهم أيضا بابتسامته العريضة؟!
ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 56: " عائشة كانت شخصيتها انفتاحية ".
أقول: الشخصية الانفتاحية مصطلح معروف في علم النفس، ولها صفات وعيوب مذكورة في ذلك العلم وأرى أنه لاينبغي إطلاق هذه المصطلحات على الصحابة لما قد يترتب على ذلك من مفاسد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(96/496)
ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 290 بعنوان الشجاعة: " قال لي بعدما خرجنا من الوليمة: تصدق كنت أعرف اسم الصحابي الذي ذكرتم قصته، ولم تتذكروا اسمه؟ قلت: عجبا! لماذا لم تذكره، وقد رأيتنا متحيرين؟!. خفض رأسه وقال: خجلت أن أتكلم. قلت في نفسي: تبا للجبن ".
أقول: لايكون ذلك جبنا في كل الأحوال، بل ربما كان أمرا يحمد عليه. ومن هذا مارواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ من الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي ما هِيَ؟ " فَوَقَعَ الناس في شَجَرِ الْبَوَادِي، قال عبد اللَّهِ: وَوَقَعَ في نَفْسِي أنها النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قالوا: حَدِّثْنَا ما هِيَ يا رَسُولَ اللَّهِ قال: "هِيَ النَّخْلَةُ ". وفي رواية لهما:فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ وَثَمَّ أبو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وفي رواية لمسلم: فَجَعَلْتُ أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهَا فإذا أَسْنَانُ الْقَوْمِ فَأَهَابُ أَنْ أَتَكَلَّمَ. قال ابن القيم في فوائد هذا الحديث: " وفيه ما كان عليه الصحابة من الحياء من أكابرهم وإجلالهم وإمساكهم عن الكلام بين أيديهم " (زاد المعاد 4/ 397).
وقال ابن حجر في فوائد الحديث: " وفيه توقير الكبير وتقديم الصغير أباه في القول، وأنه لا يبادره بما فهمه وإن ظن أنه الصواب " (فتح الباري 1/ 147).
ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 291: " أسمع هذه التصرفات كثيرا، فأتمنى أن أصرخ فيهم: ياجبناء إلى متى؟ الجبان لايبني مجدا، هو صفر على الشمال دائما. إن حضر مجلسا تلحف بجبنه ولم يشارك برأي أو ينطق بكلمة. وإن ذكروا نكتة ضحكوا وعلقوا أما هو فخفض رأسه وتبسم. وإن حضر اجتماعا لم ينتبه أحد لوجوده ".
أقول: هذا الكلام على إطلاقه غير صحيح؛ لأن معناه أن الإنسان مطلوب منه أن يتكلم في أي مجلس يجلس فيه، وأن يشارك في أي شيء يطرح فيه ولو كان الضحك على نكتة والتعليق عليها ولايكتفي بالتبسم فهذا غير كاف عند المؤلف ليخرج الشخص من الجبن!
ليس في كل الأحيان تكون المشاركة في الحديث مطلوبة أو محمودة، فأحيانا يكون الامتناع عن المشاركة هو المطلوب والمحمود. قال الله تعالى: {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين} (القصص:55) قال الطبري في تفسيرها: " وإذا سمع هؤلاء القوم الذين آتيناهم الكتاب اللغو، وهو الباطل من القول أعرضوا عنه، وقالوا: لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين، لا يجارون أهل الجهل والباطل في باطلهم، أتاهم من أمر الله ما وقذهم عن ذلك " (تفسير الطبري 20/ 90).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" متفق عليه. قال النووي: معناه أنه إذا أراد أن يتكلم فإن كان ما يتكلم به خيرا محققا يثاب عليه واجبا أومندوبا فليتكلم وإن لم يظهر له أنه خير يثاب عليه فليمسك عن الكلام سواء ظهر له أنه حرام أو مكروه أو مباح مستوي الطرفين فعلى هذا يكون الكلام المباح مأمورا بتركه مندوبا إلى الإمساك عنه مخافة من انجراره إلى المحرم أو المكروه وهذا يقع في العادة كثيرا أو غالبا وقد قال الله تعالى {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} (شرح النووي على صحيح مسلم 2/ 19).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن قيل وقال كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث المغيرة رضي الله عنه. قال النووي: وأما قيل وقال فهو الخوض في أخبار الناس وحكايات مالا يعني من أحوالهم وتصرفاتهم (شرح النووي على صحيح مسلم 12/ 11).
وأحيانا يكون الامتناع من المشاركة والكلام في المجلس لاعتبارات أخرى، كوجود من هو أكبر سنا أو علما أو خشية مفسدة. ففي الصحيحين قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يتكلم ومعه من هو أكبر منه:"كَبِّرْ كَبِّرْ "يُرِيدُ السِّنَّ. قال ابن بطال: " يريد ليتكلم الأكبر، وهذا من باب أدب الإسلام " (شرح صحيح البخاري لابن بطال 1/ 64)
وقال سلمة بن كهيل: كان إبراهيم والشعبي إذا اجتمعا لم يتكلم إبراهيم بشيء؛ لسنه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(96/497)
وقال الحسن بن علي الخلال:كنا عند معتمر بن سليمان يحدثنا إذ أقبل ابن المبارك فقطع معتمرحديثه، فقيل له: حدثنا، فقال: إنا لا نتكلم عند كبرائنا (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 1/ 320)
وروى البخاري عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما أنه قال: فلما تَفَرَّقَ الناس خَطَبَ مُعَاوِيَةُ قال: من كان يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ في هذا الْأَمْرِ فَلْيُطْلِعْ لنا قَرْنَهُ فَلَنَحْنُ أَحَقُّ بِهِ منه وَمِنْ أبيه. قال حَبِيبُ بن مَسْلَمَةَ: فَهَلَّا أَجَبْتَهُ قال عبد اللَّهِ: فَحَلَلْتُ حُبْوَتِي وَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ: أَحَقُّ بهذا الْأَمْرِ مِنْكَ من قَاتَلَكَ وَأَبَاكَ على الْإِسْلَامِ فَخَشِيتُ أَنْ أَقُولَ كَلِمَةً تُفَرِّقُ بين الْجَمْعِ وَتَسْفِكُ الدَّمَ وَيُحْمَلُ عَنِّي غَيْرُ ذلك فَذَكَرْتُ ما أَعَدَّ الله في الْجِنَانِ، قال حَبِيبٌ: حُفِظْتَ وَعُصِمْتَ.
ومن الصفات المحمودة عند أهل العلم قلة الكلام وكثرة السكوت وطول الصمت، فكثيرا مايثنون على شخص بأنه كثير السكوت طويل الصمت. بل جاء في مسند أحمد عن سِمَاكٍ أنه قال: قلت لِجَابِرِ بن سَمُرَةَ: أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم فَكَانَ طَوِيلَ الصَّمْتِ قَلِيلَ الضَّحِكِ، وكان أَصْحَابُهُ يَذْكُرُونَ عِنْدَهُ الشِّعْرَ وَأَشْيَاءَ من أُمُورِهِمْ فَيَضْحَكُونَ وَرُبَّمَا تَبَسَّمَ. والجزء الأخير رواه مسلم في صحيحه، وهو أن الصحابة رضي الله عنهم َكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ في أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَيَضْحَكُونَ، وَيَتَبَسَّمُ النبي صلى الله عليه وسلم. وفي رواية الترمذي قال جَابِرِ بن سَمُرَةَ: جَالَسْتُ النبي صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ من مِائَةِ مَرَّةٍ فَكَانَ أَصْحَابُهُ يَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ وَيَتَذَاكَرُونَ أَشْيَاءَ من أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، وهو سَاكِتٌ فَرُبَّمَا تَبَسَّمَ مَعَهُمْ. لاحظ: الصحابة يضحكون، والرسول صلى الله عليه وسلم يتبسم، والدكتور العريفي يقول عن الجبان في نظره: وإن ذكروا نكتة ضحكوا وعلقوا، أما هو فخفض رأسه وتبسم!
ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 292: " أحيانا يكون من مبادئك عدم أخذ الرشوة ... مهما ملحوا أسماءها بخشيش هدية عمولة فاثبت على مبدئك ".
أقول: هذا المبدأ يجب أن يكون دائما لا أحيانا كما ذكر المؤلف، وهو لايقصده لكن التعبير خطأ.
ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 332 تحت عنوان (المفتاح) بعد أن ذكر أن المدح هو مفتاح القلوب وساق عدة أمثلة يرى أنها تشهد لقاعدته ثم ختم ذلك كله بقوله: " باختصار: أسرف في المديح، واقتصد في النقد ".
أقول: الإسراف مذموم، وقد قال تعالى: {ولاتسرفوا إنه لايحب المسرفين} (الأعراف:31)، فكيف إذا كان في المدح؟! وقد روى الشيخان في صحيحيهما عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه قال: مَدَحَ رَجُلٌ رَجُلًا عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ - مِرَارًا - إذا كان أحدكم مَادِحًا صَاحِبَهُ لَا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ أَحْسِبُ فُلَانًا وَاللَّهُ حَسِيبُهُ ولا أُزَكِّي على اللَّهِ أَحَدًا أَحْسِبُهُ، إن كان يَعْلَمُ ذَاكَ كَذَا وَكَذَا "، وروى الشيخان أيضا في صحيحيهما عن أبي مُوسَى رضي الله عنه قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يثني على رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ في الْمِدْحَةِ، فقال:" لقد أَهْلَكْتُمْ أو قَطَعْتُمْ ظَهْرَ الرَّجُلِ "
وروى مسلم في صحيحه عن أبي مَعْمَرٍ قال: قام رَجُلٌ يثني على أَمِيرٍ من الْأُمَرَاءِ فَجَعَلَ الْمِقْدَادُ يَحْثِي عليه التُّرَابَ وقال: أَمَرَنَا رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَحْثِيَ في وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ.
وروى عن هَمَّامِ بن الْحَارِثِ أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ يَمْدَحُ عُثْمَانَ فَعَمِدَ الْمِقْدَادُ فَجَثَا على رُكْبَتَيْهِ وكان رَجُلًا ضَخْمًا فَجَعَلَ يَحْثُو في وَجْهِهِ الْحَصْبَاءَ فقال له عُثْمَانُ: ما شَأْنُكَ؟ فقال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال "إذا رَأَيْتُمْ الْمَدَّاحِينَ فَاحْثُوا في وُجُوهِهِمْ التُّرَابَ "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(96/498)
وروى ابن ماجه بسنده عن معاوية رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إياكم والتمادح؛ فإنه الذبح"، وحسنه الألباني في الصحيحة ح1284.
قال البغوي: وفي الجملة المدح والثناء على الرجل مكروهٌ، لأنه قلما يسلم المادح من كذب يقوله في مدحه وقلما يسلم الممدوح من عجبٍ يدخله (شرح السنة 13/ 151).
وأما ماورد من أحاديث تدل على إباحة المدح في بعض الأحيان أو الأحوال أو بقيود فذكر النووي أن العلماء جمعوا بينها بأنه إن كان الممدوح عنده كمال إيمان ويقين ورياضة نفس ومعرفة تامة بحيث لا يفتتن ولا يغتر بذلك، ولا تلعب به نفسه فليس بحرام ولا مكروه، وإن خيف عليه شيء من هذه الأمور كره مدحه في وجهه كراهة شديدة (رياض الصالحين 326).
ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 23 معلقا على قول النبي صلى الله عليه وسلم:" لَيُتِمَّنَّ الله هذا الأَمْرَ حتى تَخْرُجَ الظَّعِينَةُ مِنَ الْحِيرَةِ حتى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ في غَيْرِ جِوَارِ أَحَدٍ" قال الدكتور: " أي سيقوى الإسلام إلى درجة أن المرأة المسلمة الحاجة تخرج من الحيرة حتى تصل إلى مكة ليس معها إلا محرم ".
أقول: لم أجد أحدا من العلماء السابقين فسر الحديث بمافسره به الدكتور العريفي أعني حمل الحديث على وجود محرم مع المرأة، لأن ظاهر الحديث وسياقه يخالفه.
وقد استدل بالحديث من جوز سفر المرأة للحج الواجب بلامحرم، إذ لم يذكر لها زوجا ولامحرما، قالوا: فلولا جوازه لما أقر عليه (انظر شرح فتح القدير 2/ 420، الحاوي الكبير 11/ 265، فتح الباري 4/ 76)
والمانعون من ذلك لم يجيبوا عن هذا بماذكره العريفي من أنه محمول على أن معها محرما، وإنما أجابوا عنه بأن ماذكر فيه لايقصد إقراره وإنما يقصد به بيان ماسيقع بالفعل دون بيان حكمه، كما جاء الإخبار في أشراط الساعة من بيع أمهات الأولاد أو أنه يكثر القتل، وليس هذا إقرارا عليه، وإنما هو بيان لماسيكون.
(انظر المغني 3/ 97، فتح الباري 4/ 76)
ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 22 معرفا الركوسية: ديانة نصرانية مشربة بشيء من المجوسية.
أقول: الذي قاله العلماء في تعريف الركوسية أنه دين بين النصارى والصابئين.
قال أبوعبيد القاسم بن سلام: فيروى تفسير الركوسية عن ابن سيرين أنه قال: هو دين بين النصارى والصابئين (غريب الحديث 3/ 87). وبهذا فسره كل من وقفت عليه من العلماء الذين فسروا هذه اللفظة.
والصابئون غير المجوس كماهو معلوم، وقد قال تعالى: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا} (الآية من سورة الحج 17).
المحور الرابع: الأحاديث المذكورة في الكتاب
لم يذكر المؤلف في كتابه منهجه في اختيار الأحاديث التي يوردها في كتابه، وقد تتبعت مافي هذا الكتاب من الأحاديث فوجدت فيه خمسة وثلاثين ومائتي حديث (235) تقريبا، ويؤخذ على المؤلف في طريقته في ذكر الأحاديث مايلي:
1 - المأخذ الأول: أنه لم يذكر تخريجا إلا لأربعة وتسعين حديثا منها، وأما الباقي فقد ذكرها من غير تخريج ولاعزو، ولابيان لدرجة الحديث من حيث الثبوت وعدمه.
2 - المأخذ الثاني: أن التخريج الذي يذكره أحيانا ليس دقيقا في بعض المواضع.
من أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 53: وقال صلى الله عليه وسلم:" أكمل المؤمنين إيمانا أحاسنهم أخلاقا الموطنون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون، ولا خير فيمن لايألف ولا يؤلف" رواه الترمذي (صحيح).
أقول: هذا الحديث بهذا التمام لم يروه الترمذي، وإنما الذي رواه الطبراني في معجمه الصغير ح605، ومعجمه الأوسط ح 4422 بسنده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وقد حسنه الألباني وذكره في الصحيحة ح 751. وإنما روى الترمذي حديث أبي هريرة رضي الله عنه:" أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا"، وحديث عائشة رضي الله عنها:" إِنَّ من أَكْمَلِ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنهُمْ خُلُقًا وَأَلْطَفهُمْ بِأَهْلِهِ "
ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 53: وقال صلى الله عليه وسلم:"إن الرجل ليبلغ بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار" رواه الترمذي (صحيح).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(96/499)
أقول: اللفظ المذكور ليس للترمذي، وإنما الذي رواه الترمذي حديث أبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"ما من شَيْءٍ يُوضَعُ في الْمِيزَانِ أَثْقَلُ من حُسْنِ الْخُلُقِ، وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الْخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ ". والحديث الذي ذكره المؤلف رواه أحمد في مسنده عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:"إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَاتِ قَائِمِ اللَّيْلِ صَائِمِ النَّهَارِ "
ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 88: وفي الحديث: "لايقضي القاضي وهو غضبان". رواه أبوداود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
أقول: كان الأولى أن يذكر ما في الصحيحين، وهو حديث أبي بكرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لَا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بين اثْنَيْنِ وهو غَضْبَانُ ". والأصل أن الحديث لايكتفى بعزوه إلى مصدر، وهو في مصدر أعلى منه، فلايقتصر على عزو الحديث إلى أبي داود، دون البخاري وهو فيه كماهو معروف عند أهل العلم.
ومن أمثلة عدم الدقة في ذكر الحديث قول المؤلف في ص 37: دخل عليه عمر وهو صلى الله عليه وسلم غضبان على نسائه لما أكثرن عليه مطالبته بالنفقة، فقال عمر: يارسول الله، لو رأيتنا وكنا معشر قريش نغلب النساء فكنا إذا سألت أحدنا امرأته نفقة قام إليها فوجأ عنقها، فلما قدمنا المدينة إذا قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم.
أقول: خلط الدكتور العريفي بين حديثين: الأول حديث جَابِرِ بن عبد اللَّهِ رضي الله عنهما، وفيه قول عمر رضي الله عنه: يا رَسُولَ اللَّهِ لو رَأَيْتَ بِنْتَ خَارِجَةَ سَأَلَتْنِي النَّفَقَةَ فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَوَجَأْتُ عُنُقَهَا فَضَحِكَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وقال: هُنَّ حَوْلِي كما تَرَى يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَةَ .... الحديث رواه مسلم.
والحديث الآخر حديث عمر رضي الله عنه، وفيه قوله: يا رَسُولَ اللَّهِ لو رَأَيْتَنِي وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ فلما قَدِمْنَا على قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ ..... الحديث متفق عليه.
قال ابن حجر: قوله " وكنا معشر قريش نغلب النساء " أي نحكم عليهن ولا يحكمن علينا بخلاف الأنصار فكانوا بالعكس من ذلك، وفي رواية يزيد بن رومان "كنا ونحن بمكة لا يكلم أحد امرأته إلا إذا كانت له حاجة قضى منها حاجته" وفي رواية عبيد بن حنين "ما نعد للنساء أمرا " وفي رواية الطيالسي "كنا لا نعتد بالنساء ولا ندخلهن في أمورنا" (فتح الباري 9/ 281)
ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 330: ومرة أراد أن ينصح ابن عمر بقيام الليل فقال:"نعم الرجل عبدالله لو كان يقوم الليل"، وفي رواية قال:"ياعبدالله لا تكن مثل فلان،كان يقوم الليل فترك قيام الليل".
أقول: ظاهر ماذكره أن الحديث الثاني موجه لابن عمر أيضا، وهذا خطأ، وإنما هو لعبدالله بن عمرو بن العاص فقد أخرجه الشيخان في صحيحيهما من طريق أبي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن قال: حدثني عبد اللَّهِ بن عَمْرِو بن الْعَاصِ رضي الله عنهما قال: قال لي رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" يا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كان يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ "
ومن أمثلة عدم الدقة أن المؤلف قد يكرر الحديث في مبحث واحد، كما فعل في ص 96 تحت عنوان اهتم بالآخرين فقال: قام صلى الله عليه وسلم على منبره يوما يخطب الناس فدخل رجل من باب المسجد نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: يارسول الله، رجل يسأل عن دينه مايدري مادينه ... نزل عن منبره الشريف ودعا بكرسي فجلس أمام الرجل ... ثم ذكر العريفي قصة كعب بن مالك رضي الله عنه ثم عاد فذكر الحديث السابق في آخر ماذكره تحت عنوان اهتم بالآخرين ص 105، وقال: انظر إليه وقد قام يخطب على منبره يوم جمعة، وفجأة فإذا بأعرابي يدخل إلى المسجد ويتخطى الصفوف وينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصيح قائلا: يارسول الله، رجل لايدري مادينه فعلمه دينه، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم من منبره وتوجه إلى الرجل وطلب كرسيا فجلس عليه ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(96/500)
وهذا مما يدل على أنه الكتاب لم يراجع، وإلا لما كرر الكلام نفسه في أول المبحث وآخره.
3 - المأخذ الثالث: أن المؤلف لم يقتصر على الأحاديث الثابتة، بل ذكر أحاديث ضعيفة ومنكرة ولم ينبه على ضعفها واحتج بها. وربما تكون القصة مروية في الصحيحين أو أحدهما، ومروية في كتب السيرة بسياق أطول وتفصيلات أكثر لكن بأسانيد لاتثبت، فيفضل المؤلف ذكر الرواية المطولة بزياداتها غير الثابتة على الرواية المختصرة الثابتة، لأجل الغرض الذي سيأتي ذكره في المأخذ الرابع.
من أمثلة هذا المأخذ أن المؤلف ذكر في ص 36 حديث "زوجك الذي في عينه بياض "، وجزم به، ولم يبين ضعفه، وهو حديث ضعيف رواه زيد بن أسلم مرسلا كما ذكر العراقي في تخريج أحاديث الإحياء.
وذكر المؤلف في ص 135 قصة إسلام خالد بن الوليد رضي الله عنه بطولها وقد استغرقت ثلاث صفحات وهي من رواية الواقدي وقد تفرد بها (انظر البداية والنهاية 6/ 405طبعة التركي)، والواقدي متروك كما هو معروف عند أهل العلم، فالقصة لاتصح، ولم ينبه المؤلف على ذلك، وإنما ذكرها محتجا بها.
وذكر في ص 154 حديث دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قافلا من الطائف: "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس " الحديث، ولم ينبه على أنه ضعيف كما ذكر الألباني رحمه الله في الضعيفة ح 2933.
وقال المؤلف في ص 166 في آخر ماذكره عن سرية مؤتة: " فلما أقبلوا إلى المدينة لقيهم الصبيان يتراكضون إليهم ولقيتهم النساء فجعلوا يحثون التراب في وجوه الجيش ويقولون: يافرار فررتم في سبيل الله فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك علم أنهم لم يكن أمامهم إلا ذلك وأنهم فعلوا مابوسعهم فقال صلى الله عليه وسلم مدافعا عنهم: ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله عزوجل. نعم انتهى الأمر وهم أبطال ماقصروا لكنهم بشر والأمر كان فوق طاقتهم، إذن الصلاة على الميت الحاضر .. أحيانا انتهى الأمر فلافائدة من اللوم. كان هذا منهجه صلى الله عليه وسلم دائما ".
أقول: هذا الخبر لايصح كمانبه عليه أهل العلم.
قال ابن كثير: " وهذا مرسل من هذا الوجه وفيه غرابة. وعندي أن ابن إسحاق قد وهم في هذا السياق فظن أن هذا لجمهور الجيش، وإنما كان للذين فروا حين التقى الجمعان، وأما بقيتهم فلم يفروا بل نصروا، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين وهو على المنبر في قوله: "ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله ففتح الله على يديه "، فما كان المسلمون ليسموهم فرارا بعد ذلك، وإنما تلقوهم إكراما وإعظاما " (البداية والنهاية 6/ 431).
وقال الألباني: " فهذا منكر بل باطل ظاهر البطلان؛ إذ كيف يعقل أن يقابل الجيش المنتصر مع قلة عدده وعُدده على جيش الروم المتفوق عليهم في العدد والعُدد أضعافا مضاعفة، كيف يعقل أن يقابل هؤلاء من الناس المؤمنين بحثو التراب في وجوههم ورميهم بالفرار من الجهاد، وهم لم يفروا، بل ثبتوا ثبوت الأبطال حتى نصرهم الله وفتح عليهم كمافي حديث البخاري "حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم " (دفاع عن الحديث النبوي والسيرة /31).
وذكر المؤلف في ص 171 قصة وفد الصدف، واحتج بها، وهي لاتصح فهي من رواية الواقدي، وهو متروك.
وذكر في ص 172قصة كلثوم بن الحصين حين أصاب رجل النبي صلى الله عليه وسلم وهو لايشعر، ولم يذكر من أخرجها، ولم ينبه على ضعفها، وإنما ذكرها محتجا بها، وهي ضعيفة كماذكر الألباني في ضعيف الأدب المفرد ح116.
وقال المؤلف في ص 387: " ثم مضى أبو سفيان حتى وصل المدينة فتوجه إلى بيت ابنته أم حبيبة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما دخل أقبل ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطوته من تحته، فقال: يا بنية ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش أم رغبت به عني؟ قالت: بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت مشرك نجس فلم أحب أن تجلس على فراشه فعجب منها وقال: يابنية والله لقد أصابك بعدي شر".
أقول: ذكر الألباني رحمه الله في تخريج أحاديث فقه السيرة أن هذا الحديث ضعيف، وأن ابن إسحاق رواه بدون إسناد.
وذكر المؤلف في ص 208 غزوة ذات السلاسل، وقال في آخرها: " فقال صلى الله عليه وسلم: يرحم الله أباعبيدة بن الجراح ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/1)
أقول: لم ينبه المؤلف على أن هذه الزيادة لاتصح، فقد تفرد بروايتها الواقدي (انظر البداية والنهاية 6/ 499)، وهو متروك.
وقال المؤلف في ص 288: قال صلى الله عليه وسلم:"يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب" ثم ذكر المؤلف في الحاشية أن الحديث رواه أحمد وأبويعلى ورجاله رجال الصحيح.
أقول: كلمة "رجاله رجال الصحيح" لاتقتضي صحة الحديث كماهو معروف عند أهل الحديث. وهذا الحديث ضعيف كما حكم عليه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب ح1749. والصواب أن هذا الحديث موقوف على سعد بن أبي وقاص وليس مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر الإمامان أبوزرعة الرازي والدارقطني.
وقال المؤلف في ص 288: " وسئل صلى الله عليه وسلم فقيل له: يارسول الله، أيكون المؤمن جبانا؟ قال: نعم، فقيل: أيكون المؤمن بخيلا؟ فقال: نعم، فقيل: أيكون المؤمن كذابا؟ فقال: لا. ثم قال المؤلف في الحاشية: مالك في الموطأ وهو مرسل ".
أقول: كثير من القراء لايعرفون معنى المرسل، ولا أن المرسل من أنواع الحديث الضعيف، فكان ينبغي التصريح باللفظ المعروف عند أكثر قراء هذا الكتاب، كماحكم عليه الألباني في ضعيف الترغيب ح 1752 بقوله: مرسل ضعيف.
4 - المأخذ الرابع، وهو أخطرها وأقبحها وهو أن المؤلف يزيد في الأحاديث زيادات من عند نفسه دون أن يبين ذلك، واضطره إلى ذلك استعماله للأسلوب التمثيلي في ذكر الأحاديث بمعنى أنه يريد أن يصور مشهد الحديث ويمثله (أي يجعله تمثيلية)، فيحتاج إلى أن يزيد في الحديث زيادات قائمة على الاستنتاج العقلي يمط بها الرواية مطا لتكتمل صورة المشهد التمثيلي الذي يريد أداءه. وهذا من جنس مايفعله مؤلفو مايسمى بالمسلسلات التاريخية فإنهم يضعون قصة كاملة بكافة أحداثها وتفصيلاتها قد لا تمثل الحقيقة منها سوى العشر أو أقل، والباقي كله مخترع. وهذا أحد الأمور التي أنكرها العلماء على القصاص قديما. روي عن أبي الوليد الطيالسي قال: كنت مع شعبة، فدنا منه شاب، فسأل عن حديث فقال له: أقاص أنت؟ قال: نعم قال: اذهب؛ فإنا لا نحدِّث القصاص. فقلت له: لم يا أبا بسطام؟ قال: يأخذون الحديث منا شبرا؛ فيجعلونه ذراعا (الجامع للخطيب 2/ 164، القصاص لابن الجوزي /308)
وقال ابن الجوزي: وقد صنف من لا علم له بالنقل كتبا فيها الموضوع والمحال، فترى القصاص يوردون منها ويزيدون فيها ما يوجب تحسينا لها (القصاص /309)
وقد ذكر المؤلف في هذا الكتاب مايدل على عنايته بتمثيل القصة، وتأمُّل أثر ذلك التمثيل في وجوه الحاضرين، فقال في ص 84: " أذكر أني ألقيت يوما خطبة ضمنتها قصة مقتل عمر رضي الله عنه، ولماوصلت إلى كيفية طعن أبي لؤلؤة المجوسي لعمر رضي الله عنه قلت بصوت عال: وفجأة خرج أبولؤلؤة من المحراب على عمر ثم طعنه ثلاث طعنات، وقعت الأولى في صدره، والثانية في بطنه، ثم استجمع قوته وطعن بالخنجر تحت سرته ثم ج1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - رر الخنجر حتى خرجت بعض أمعائه .. لاحظت وأنا أنظر في الوجوه أن الناس تنوعوا في كيفية تأثرهم، فمنهم من أغمض عينيه فجأة وكأنه يرى الجريمة أمامه، ومنهم من بكى، ومنهم من كان يستمع دون أدنى تأثر، وكأنه ينصت إلى حكاية ماقبل النوم!! "
ومما يدخل في هذا مايفعله بعض من يذكر حديثا في خطبة أو محاضرة أو نحوذلك، فيلتزم ألفاظ الحديث لكنه يزيد عليها انفعالات لم تشر إليها الرواية. مثال ذلك أني سمعت الدكتور العريفي في إحدى محاضراته يذكر حديث أبي ذر رضي الله عنه المتفق على صحته قال: إني سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم:" يا أَبَا ذَرٍّ، أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ. إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ الله تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كان أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ ولا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ"، فالدكتور العريفي حين ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: " يا أَبَا ذَرٍّ، أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ" قال ذلك بصراخ وغضب شديد، مع أن الرواية لم يذكر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/2)
فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم صرخ في وجه أبي ذر، وقال له ذلك بصوت الغاضب، وإنما ذلك مجرد احتمال، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خاطب أباذر بهدوء، ولم يصرخ في وجهه.
فالأسلوب التمثيلي الذي اتبعه الدكتور في سرد الحديث جعل المشاهد والمستمع يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم صرخ في وجه أبي ذر، وكلمه بصوت الغاضب، وليس في الرواية شيء من ذلك، وإنما هو استنتاج من الدكتور العريفي. فأين هذا ممن كان يتحرج من حكاية إشارة النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال الإمام مالك رحمه الله: أما سمعت قول البراء حين حدث أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يضحى بأربع من الضحايا وأشار البراء بيده كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده، قال البراء: ويدي أقصر من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكره البراء أن يصف يد رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له (التمهيد 7/ 146، الفتاوى الكبرى 5/ 94)
والمقصود أن الواجب الالتزام بذكر ماجاء في الرواية وتجنب الزيادة عليها، ولاسيما إذا كانت زيادة يضيفها المتكلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تواترت الأحاديث في النهي عن الكذب عليه، وتوعد من يفعل ذلك، كقوله صلى الله عليه وسلم:" من كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" متفق عليه، وقوله:" إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ ليس كَكَذِبٍ على أَحَدٍ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ من النَّارِ" متفق عليه، وقوله:" من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " رواه مسلم في المقدمة. واتفق العلماء على أن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم من أشد المحرمات، وأنه فاحشة عظيمة، وموبقة كبيرة، وأن من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمدا فى حديث واحد فُسِّق، ورُدَّت رواياته كلها وبطل الاحتجاج بجميعها كما ذكر النووي رحمه الله. وقال النووي: لافرق فى تحريم الكذب عليه صلى الله عليه وسلم بين ما كان فى الأحكام وما لا حكم فيه كالترغيب والترهيب والمواعظ وغير ذلك فكله حرام من أكبر الكبائر وأقبح القبائح بإجماع المسلمين (شرح النووي على صحيح مسلم 1/ 70)
وحذر العلماء من الإدراج في الحديث بإدخال جملة فيه ليست منه؛ لمايتضمن من عزو الشيء لغير قائله.
قال السيوطي: وَكُلُّه أي الإدراج بأقسامه حرام، بإجماع أهل الحديث والفقه. وعبارة ابن السمعاني وغيره: من تعمد الإدراج فهو ساقط العدالة، وممن يحرف الكلم عن مواضعه، وهو ملحق بالكذابين (تدريب الراوي 1/ 460)
من أمثلة المأخذ الرابع قول المؤلف في ص 128: في يوم من الأيام، وفي خيمة أعرابي في الصحراء، جعلت امرأة تتأوه تلد، وزوجها عند رأسها ينتظر خروج المولود. اشتد المخاض بالمرأة حتى انتهت شدتها وولدت لكنها ولدت غلاما أسود!! نظر الرجل إلى نفسه، ونظر إلى امرأته فإذا هما أبيضان، فعجب كيف صار الغلام أسود. أوقع الشيطان في نفسه الوساوس، لعل هذا الولد من غيرك، لعلها زنى بها رجل أسود فحملت منه لعل .. اضطرب الرجل وذهب إلى المدينة النبوية حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أصحابه، فقال: يارسول الله، إن امرأتي ولدت على فراشي غلاما أسود، وإنا أهل بيت لم يكن فينا أسود قط؟ نظر النبي صلى الله عليه وسلم إليه فإذا الرجل عليه آثار البادية، وإذا هو مضطرب تتزاحم الأفكار في رأسه حول امرأته، فقال له صلى الله عليه وسلم: هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: فما ألوانها؟ قال: حمر، قال: فهل فيها أسود؟ قال: لا، قال: فيها أورق؟ قال:نعم، قال: فأنى كان ذلك؟ فكر الرجل قليلا ثم قال: عسى أن يكون نزعه عرق، فقال صلى الله عليه وسلم: " فلعل ابنك هذا نزعه عرق ". قال المؤلف في تخريجه: رواه مسلم، وابن ماجه واللفظ له.
أقول: ذكر المؤلف أن اللفظ الذي نقله هو لفظ ابن ماجه فإليك أيها القارئ الكريم لفظ رواية ابن ماجه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/3)
عن ابن عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا من أَهْلِ الْبَادِيَةِ أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ على فِرَاشِي غُلَامًا أَسْوَدَ وَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لم يَكُنْ فِينَا أَسْوَدُ قَطُّ؟ قال: هل لك من إِبِلٍ؟ قال: نعم، قال: فما أَلْوَانُهَا؟ قال: حُمْرٌ، قال: هل فيها أَسْوَدُ؟ قال: لَا، قال: فيها أَوْرَقُ؟ قال: نعم، قال: فَأَنَّى كان ذلك؟ قال: عَسَى أَنْ يَكُونَ نزعة عِرْقٌ، قال: فَلَعَلَّ ابْنَكَ هذا نزعة عِرْقٌ (سنن ابن ماجه ح 2003).
والحديث أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة بنحو حديث ابن عمر، وليس في أول الحديث كماترى ماذكره الدكتور العريفي من زيادات من ذكر الخيمة والمرأة التي تتأوه وغير ذلك مما ذكره ليحكم المشهد التمثيلي. وهذا لايجوز، فالواجب الاقتصار على مافي الرواية.
ومن أمثلة ذلك أن المؤلف ذكر في ص19 قصة إسلام عدي بن حاتم رضي الله عنه وأطال في ذكر تفصيلاتها في خمس صفحات وحين انتهى من ذكرها في ص 24 عزا القصة كلها في الحاشية إلى مسلم وأحمد.
وهذا يوهم القارئ أن كل ماذكره في هذه القصة رواه مسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده، وهذا غير صحيح، فمسلم لم يرو من تلك القصة التي استغرقت خمس صفحات سوى سطرين، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"ما مِنْكُمْ من أَحَدٍ إلا سَيُكَلِّمُهُ الله ليس بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ منه فلا يَرَى إلا ما قَدَّمَ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ منه فلا يَرَى إلا ما قَدَّمَ وَيَنْظُرُ بين يَدَيْهِ فلا يَرَى إلا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ "
وأماباقي مافي الصفحات الخمس فبعضه رواه البخاري، وبعضه رواه أحمد، وبعضه مماليس له إسناد، وإنما ذكره ابن إسحاق في السيرة بلاإسناد كمانبه على ذلك ابن كثير في البداية والنهاية (7/ 290 طبعة التركي)، ومنه ماهو مجرد استنتاجات من الدكتور العريفي، كقوله في ص 21:" عدي وهو يمشي بجانب النبي صلى الله عليه وسلم يرى أن الرأسين متساويان؛ فمحمد صلى الله عليه وسلم ملك على المدينة وماحولها، وعدي ملك على جبال طي وماحولها، ومحمد صلى الله عليه وسلم على دين سماوي، وعدي على دين سماوي النصرانية، ومحمد صلى الله عليه وسلم عنده كتاب منزل: القرآن، وعدي عنده كتاب منزل: الإنجيل، كان عدي يشعر أنه لافرق بينهما إلا في القوة والجيش ".
أقول: ومايدريك أن هذا كان رأيه وشعوره؟!
والحاصل أن الدكتور العريفي عفا الله عنه جمع ذلك كله، وعزاه إلى مسلم، وهذا خطأ كبير، فالعزو إلى مسلم يفهم منه القارئ أن كل ماذكر في القصة صحيح، والأمر بخلاف ذلك.
ومن أمثلة ذلك ماذكره المؤلف في أثناء قصة إسلام خالد بن الوليد في ص 135: " قضى النبي صلى الله عليه وسلم عمرته، وجعل ينظر في طرقات مكة وبيوتها ويستعيد الذكريات ".
أقول: لم يذكر المؤلف مصدر ماذكره، ولم أجد أحدا ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن قضى عمرته جعل ينظر في طرقات مكة وبيوتها ويستعيد الذكريات، فإن كان هذا استنتاجا من المؤلف فهو خطأ كبير، كما تقدم بيانه.
ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 300 في وصف حال النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة:
شريط طويييييل (كذا) من الذكريات المؤلمة يمر أمام ناظريه صلى الله عليه وسلم، وهو ينظر إلى وجوه كفار قريش بين يديه، ويقلب طرفه في فجاج الحرم، وربما امتد بصره إلى جبال مكة حول الحرم أو إلى شوارعها وطرقاتها، ليس هو فقط بل تمر هذه الذكريات أمام ناظري أبي بكر وعمر، وعثمان وعلي، وبلال وعمر، فكل واحد من هؤلاء له مع قريش قصة حزينة.
أقول: من أين لك أن النبي صلى الله عليه وسلم استرجع شريط الذكريات الذي تقول عنه، وكذلك أصحابه؟!
ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 330: وفي يوم آخر لاحظ صلى الله عليه وسلم أن عمر رضي الله عنه إذا طاف بالكعبة وحاذى الحجر الأسود زاحم الناس وقبله، وكان صلبا قوي البدن، وربما زاحم الضعفاء، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يقدم له نصيحة، فقال على سبيل التهيئة لقبول النصيحة: ياعمر إنك رجل قوي .. فرح عمر بهذا الثناء .. فقال صلى الله عليه وسلم: فلاتزاحمن عند الحجر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/4)
أقول: من أين لك أن عمر رضي الله عنه فرح بهذا الثناء؟ وهل هذه الكلمة يقصد منها الثناء أصلا؟ إنما المقصود بيان العلة من نهيه عن المزاحمة على الحجر فهو قوي البدن فإذا زاحم الضعفاء آذاهم لقوة بدنه، فالكلمة لايفهم منها ثناء ليفرح بها عمر كماذكر المؤلف، ولهذا لم أجد أحدا ذكر هذا الحديث في مناقب عمر رضي الله عنه. وليس في الروايات أنه صلى الله عليه وسلم قال "إنك رجل قوي" ثم سكت ثم أكمل الجملة ليقال: إن عمر حين سمع الجملة الأولى فرح، ففي رواية أحمد: "يا عُمَرُ إِنَّكَ رَجُلٌ قوي لاَ تُزَاحِمْ على الْحَجَرِ فَتُؤْذِىَ الضَّعِيفَ "، وفي رواية الطبري في تهذيب الآثار "يا أبا حفص إنك رجل قوى وإنك تزاحم على الركن فتؤذي الضعيف"، وفي رواية أخرى للطبري أيضا "إنك رجل شديد تزاحم على الحجر "
ومن أمثلة ذلك أن المؤلف ذكر في ص 28 قصة زاهر بن حرام رضي الله عنه، ولم يذكر من أخرجها، وقد أخرجها أحمد وابن حبان وغيرهما، لكن المؤلف ذكر فيها زيادة لم أجد لها مصدرا، وهي قوله: (خرج زاهر يوما من باديته فأتى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجده، وكان معه متاع فذهب به إلى السوق، فلماعلم به النبي صلى الله عليه وسلم مضى إلى السوق يبحث عنه فأتاه فإذا هو يبيع متاعه، والعرق يتصبب منه، وثيابه ثياب أهل البادية بشكلها ورائحتها).
ولفظ الحديث عند أحمد:" أَنَّ رَجُلاً من أَهْلِ الْبَادِيَةِ كان اسْمُهُ زَاهِراً كان يهدي للنبي صلى الله عليه وسلم الْهَدِيَّةَ مِنَ الْبَادِيَةِ فَيُجَهِّزُهُ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن زَاهِراً بَادِيَتُنَا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُحِبُّهُ وكان رَجُلاً دَمِيماً، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يَوْماً وهو يَبِيعُ مَتَاعَهُ فَاحْتَضَنَهُ من خَلْفِهِ وهو لا يُبْصِرُهُ " الحديث، ونحوه في غيره من المصادر ولم أجد ماذكره المؤلف.
ومن أمثلة ذلك أن المؤلف ذكر ص 370 في مبحث فن الاستماع قصة إسلام ضماد وقال: فلما لقيه ضماد وتأمل في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا وجه مشرق وزين، لكن ضمادا صرح بما جاء لأجله وقال: يامحمد إني أرقي من هذه الرياح وإن الله يشفي على يدي من شاء فهلم أعالجك، وجعل يتكلم عن علاجه وقدراته، والنبي صلى الله عليه وسلم ينصت إليه، وذاك يتكلم، والنبي صلى الله عليه وسلم ينصت أتدري ينصت إلى ماذا؟ ينصت إلى كلام رجل كافر جاء ليعالجه من مرض الجنون! آآآه ماأحكمه صلى الله عليه وسلم حتى إذا انتهى ضماد من كلامه قال صلى الله عليه وسلم بكل هدوء: إن الحمدلله نحمده ونستعينه ...
أقول: الحديث رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهماأَنَّ ضِمَادًا قَدِمَ مَكَّةَ، وكان من أَزْدِ شَنُوءَةَ، وكان يَرْقِي من هذه الرِّيحِ، فَسَمِعَ سُفَهَاءَ من أَهْلِ مَكَّةَ يَقُولُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ، فقال: لو أني رأيت هذا الرَّجُلَ لَعَلَّ اللَّهَ يَشْفِيهِ على يَدَيَّ، قال فَلَقِيَهُ فقال: يا محمد إني أَرْقِي من هذه الرِّيحِ وَإِنَّ اللَّهَ يَشْفِي على يَدِي من شَاءَ فَهَلْ لك؟ فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُه الحديث.
فقارن بين ماذكره المؤلف والقصة في مصدرها، ولاحظ كيف زاد المؤلف في القصة مايجعلها تؤدي مقصوده من الاستدلال بها على فن الاستماع، فأطال في تقرير إنصات النبي صلى الله عليه وسلم لضماد، وأن ضمادا تكلم عن قدراته وعلاجه، والنبي صلى الله عليه وسلم ينصت وينصت، وهذا كله ليس في الرواية كما ترى.
ومن أمثلة ذلك ماذكره المؤلف في ص 40 في قصة الرجل الذي اخترط سيف النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم، فقال فيها: كان الرسول صلى الله عليه وسلم وحيدا ليس عليه إلا إزار.
أقول: لم يذكر المؤلف مصدر هذه الزيادة، والحديث في الصحيحين وغيرهما من كتب الحديث، ولم يذكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن عليه آنذاك إلا إزار.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/5)
ومن أمثلة ذلك ماذكره المؤلف في ص 44 في قصة حصين والد عمران بن حصين، فقال: يدخل أبوعمران على النبي صلى الله عليه وسلم، وحوله أصحابه فيردد عليه ماتردده قريش دوما: فرقت جماعتنا شتت شملنا والنبي صلى الله عليه وسلم ينصت بلطف حتى إذا انتهى قال له صلى الله عليه وسلم بكل أدب: أفرغت ياأباعمران؟ قال: نعم قال: فأجبني عما أسألك عنه، قال: قل أسمع، فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا عمران كم إلها تعبد اليوم ..
أقول: لم يذكر المؤلف مصدر هذه القصة، ولم ينبه على ضعفها.
وإليك أقرب لفظ من ألفاظ هذا الحديث لماذكره المؤلف فيما وقفت عليه، وهو ماأخرجه ابن خزيمة في كتاب التوحيد 1/ 278 بسنده عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن قريشا جاءت إلى الحصين وكانت تعظمه فقالوا له: كلم لنا هذا الرجل فإنه يذكر آلهتنا ويسبهم فجاؤوا معه حتى جلسوا قريبا من باب النبي صلى الله عليه وسلم، ودخل الحصين فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أوسعوا للشيخ"، وعمران وأصحابه متوافدون، فقال حصين: ما هذا الذي يبلغنا عنك أنك تشتم آلهتنا وتذكرهم، وقد كان أبوك جفنة وخبزا. فقال:" يا حصين إن أبي وأباك في النار، يا حصين كم إلها تعبد اليوم؟ "، قال: سبعة ... الحديث.
أقول: قارن بين اللفظين، لتعرف الزيادات التي زادها المؤلف في الرواية، ولاندري مصدرها.
والحديث ضعيف كما ذكر الألباني في ضعيف سنن الترمذي ح 690، ولم ينبه المؤلف على ذلك.
ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 53: وإن شئت فانظر إلى أم سلمة رضي الله عنها، وقد جلست مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذكرت الآخرة وماأعد الله فيها، فقالت: يارسول الله، المرأة يكون لها زوجان في الدنيا فإذا ماتت وماتا ودخلوا جميعا إلى الجنة فلمن تكون؟ فماذا قال؟: تكون لأطولهما قياما؟ أم لأكثرهما صياما؟ أم لأوسعهما علما؟ كلا وإنما قال: تكون لأحسنهما خلقا، فعجبت أم سلمة فلما رأى دهشتها قال عليه الصلاة والسلام: ياأم سلمة ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخرة.
أقول: أولا: لم يذكر المؤلف مصدر هذه الرواية، وذكر فيها زيادات في الحديث لم أجد من خرجها، فلم أقف في طرق هذا الحديث على ماذكره من أن أم سلمة تذكرت الآخرة وماأعد الله فيها وأنها عجبت وأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى دهشتها فقال.
ثانيا: لم ينبه المؤلف على أن هذا الحديث لايصح، بل قال الإمام أبوحاتم الرازي: هذا حديث موضوع لا أصل له (علل الحديث 1/ 416). وحكم عليه الألباني بأنه منكر، وقال: هو مع ضعف إسناده مخالف للحديث الصحيح بلفظ "المرأة لآخر أزواجها"، وهذا مخرج في الصحيحة 1281 (ضعيف الترغيب والترهيب 2/ 190)
ومن أمثلة ذلك أن المؤلف حين ذكر في ص 60 قصة الأعرابي الذي بال في المسجد، ذكر في أولها زيادات من استنتاجاته لم ترد في الرواية ثم ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الأعرابي يكمل بوله ثم نصحه برفق ثم جاء وقت الصلاة فصلى الأعرابي معهم، ثم قال المؤلف: فلما رفع صلى الله عليه وسلم من ركوعه قال: سمع الله لمن حمده، فقال المأمومون: ربنا ولك الحمد، إلا هذا الرجل قالها وزاد بعدها: اللهم ارحمني ومحمدا ولاترحم معنا أحدا ... إلى أن قال: فناداه النبي صلى الله عليه وسلم فلما وقف بين يديه فإذا هو الأعرابي نفسه، وقد تمكن حب النبي صلى الله عليه وسلم من قلبه حتى ود لو أن الرحمة تصيبهما دون غيرهما .. فانظر كيف ملك قلبه لأنه عرف كيف يتصرف معه.
أقول: الذي جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري أن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قام في صَلَاةٍ وَقُمْنَا معه، فقال أَعْرَابِيٌّ وهو في الصَّلَاةِ: اللهم ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا ولا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا ... الحديث، ولم أقف على رواية ذكر فيها أن الأعرابي قال ذلك بعد الرفع من الركوع كما نقل الدكتور العريفي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/6)
والأمر الآخر أن المؤلف جعل بول الأعرابي سابقا على صلاته ودعائه المذكور، وجعل سبب تخصيص الأعرابي نفسه مع النبي صلى الله عليه وسلم دون غيرهما أنه صلى الله عليه وسلم كسب قلب الأعرابي برفقه به بعد بوله، والواقع أن الروايات تفيد عكس ماذكره المؤلف أي أن دعاء الأعرابي سبق بوله. ففي سنن أبي داود عن أبي هُرَيْرَةِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا دخل الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فَصَلَّى ثُمَّ قال اللهم ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا ولا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا، ثُمَّ لم يَلْبَثْ أَنْ بَالَ في نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَأَسْرَعَ الناس إليه ... الحديث.
وهكذا هو عند الشافعي والحميدي وأحمد والترمذي وابن الجارود وغيرهم، ولم أجد من ذكر أن بوله سبق دعاءه كماذكر المؤلف.
ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 19: " فكان [أي عمرو بن العاص] إذا لقي النبي صلى الله عليه وسلم في طريق رأى البشاشة والبشر والمؤانسة، وإذا دخل مجلسا فيه النبي صلى الله عليه وسلم رأى الاحتفاء والسعادة بمقدمه، وإذا دعاه النبي صلى الله عليه وسلم ناداه بأحب الأسماء إليه. شعر عمرو بهذا التعامل الراقي، ودوام الاهتمام والتبسم أنه أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يقطع الشك باليقين، فأقبل يوما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وجلس إليه، ثم قال: يارسول الله، أي الناس أحب إليك ".
أقول: ذكر المؤلف هذه القصة وتفصيلاتها، ولم يذكر مصدرها، وقد بحثت عن بعض ماذكره من تفصيلات في مظانها فلم أجدها. ولعله اعتمد في بعض ماذكره على مارواه الترمذي في الشمائل /285 من طريق محمد بن إسحاق عن زياد بن أبي زياد عن محمد بن كعب القرظي عن عمرو بن العاص قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بوجهه وحديثه على أشر القوم يتألفهم بذلك، فكان يقبل بوجهه وحديثه علي حتى ظننت أني خير القوم فقلت: يا رسول الله، أنا خير أو أبو بكر؟ فقال: أبو بكر .... الحديث. وقد ذكر الألباني رحمه الله هذا الحديث في السلسلة الضعيفة ح1461 وضعفه.
والحديث في الصحيحين بسياق آخر وهو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عَمْرَو بن الْعَاصِ على جَيْشِ ذَاتِ السلَاسِلِ قال، فَأَتَيْتُهُ، فقلت: أَيُّ الناس أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قال: عَائِشَةُ، قلت: من الرِّجَالِ؟ قال: أَبُوهَا، قلت: ثُمَّ من؟ قال: عُمَرُ، فَعَدَّ رِجَالًا، فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَنِي في آخِرِهِمْ.
استطراد للفائدة
مماوقفت عليه في سبب سؤال عمرو بن العاص النبي صلى الله عليه وسلم عن أحب الناس إليه غير ماذكره الدكتور العريفي مايلي:
1 - ماجاء في رواية ابن أبي شيبة في مصنفه 11/ 108 أن عمرا علل ذلك بقوله:"لنحب من تحب".
وكذلك ماجاء عن ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 2/ 103، ففيه قول عمرو:"يا رسول الله من أحب الناس إليك؟ قال: لِمَ، قال: لأحب من تحب "، ومثله عند ابن حبان في صحيحه (الإحسان 10/ 404)، وكذلك ماجاء عند الطحاوي في مشكل الآثار 13/ 328، ففيه قول عمرو:"أي الناس أحب إليك فأحبه".
2 - مارواه البيهقي في دلائل النبوة 4/ 401 عن عمرو بن العاص قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش ذي السلاسل، وفي القوم أبو بكر وعمر، فحدثت نفسي أنه لم يبعثني على أبي بكر وعمر إلا لمنزلة لي عنده، فأتيته حتى قعدت بين يديه فقلت: يا رسول الله من أحب الناس إليك؟ الحديث.
وأما سبب تأمير النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص على تلك السرية وفيها أبوبكر وعمر فروى ابن أبي شيبة أن أبابكر الصديق قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما: دعه فإنما ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا لعلمه بالحرب. وسنده ضعيف لانقطاعه كما قال ابن حجر في المطالب العالية 10/ 80.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/7)
وفي مسند أحمد 4/ 203 أن رجلا قال لِعَمْرِو بن الْعَاصِ: أَرَأَيْتَ رَجُلاً مَاتَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهو يُحِبُّهُ أَلَيْسَ رَجُلاً صَالِحاً؟ قال: بَلَى. قال: قد مَاتَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهو يُحِبُّكَ وَقَدِ اسْتَعْمَلَكَ. فقال: قَدِ استعملني فَوَاللَّهِ ما أدري أَحُبًّا كان لي منه أَوِ اسْتِعَانَةً بي وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ بِرَجُلَيْنِ مَاتَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهو يُحِبُّهُمَا عبد اللَّهِ بن مَسْعُودٍ وَعَمَّارُ بن يَاسِرٍ.
وسنده ضعيف لانقطاعه أيضا.
وروى الطبري في تاريخه 2/ 146، والبيهقي في دلائل النبوة 4/ 399 أن النبي صلى الله عليه وسلم اختار عمرو ابن العاص لأن من بعثه إليهم كانوا أخوال أبيه، فأراد أن يتألفهم بذلك. ولكنه ضعيف لإرساله.
المحور الخامس: الآثار المذكورة في الكتاب
ذكر المؤلف في كتابه نحو خمسة عشر أثرا، ولم يخرج منها سور أثر واحد فقط، وذكر سائر الآثار بلا عزو ولا تخريج، وبعض هذه الآثار غير ثابت، وبعضها باطل، ومع ذلك احتج بها.
من أمثلة ذلك ماذكره الدكتور العريفي في ص182 فقال: " وزع عمر رضي الله عنه ثيابا على الناس، فنال كل واحد قطعة قماش تكفيه إزارا أو رداء، ثم قام يخطب الناس يوم الجمعة فقال في أول خطبته: إن الله كتب لي عليكم السمع والطاعة. فقام رجل من القوم وقال: لاسمع لك ولاطاعة، فقال عمر: لمه؟ قال: لأنك قسمت علينا ثوبا ثوبا وأنت تلبس ثوبين جديدين أي إزارك ورداؤك كلاهما نلحظ أنه جديد، فتلفت عمر في المصلين كأنه يبحث عن أحد حتى وقعت عينه على ابنه عبدالله فقال: ألست دفعت إلي ثوبك لأخطب به؟ قال: نعم. فقعد الرجل وقال: الآن نسمع ونطيع. وانتهت المشكلة. عزيزي لاتعجل علي أنا معك أن أسلوب الرجل لمااعترض على عمر غير مناسب لكن العجب هو من قدرة عمر على استيعاب الموقف وإطفاء النار ".
أقول: هذه القصة تذكر في كتب الأدب ونحوها بلا إسناد، وهي قصة منكرة باطلة ظاهرة البطلان، ومع ذلك احتج بها العريفي عفا الله عنه، والعجيب أنه مختص في العقيدة الإسلامية ولم يتنبه لمافيها من مناقضة لمعتقد أهل السنة والجماعة. إن الرجل الذي اعترض على عمر رضي الله عنه هو سلمان الفارسي رضي الله عنه كما في مصادر هذه القصة، فكيف يتصور أن سلمان يعلن عصيانه لأمير المؤمنين الخليفة الراشد عمر على الملأ لأنه ظن أنه استأثر بثوب زيادة عليهم؟! هل هذه هي أخلاق الصحابة رضي الله عنهم؟ هل كانوا عبيدا لبطونهم فإذا فاتهم أي نفع ولو حقيرا عصوا إمامهم وتمردوا عليه؟ حاشاهم رضي الله عنهم. أين معتقد أهل السنة والجماعة في أنه لايجوز الخروج على الإمام المسلم ولوكان ظالما جائرا؟ أليس ممايقوله أهل السنة في عقائدهم:" ولا نرى الخروج على الأئمة ولا القتال في الفتنة ونسمع ونطيع لمن ولاه الله عز وجل أمرنا ولا ننزع يدا من طاعة، نتتبع السنة والجماعة ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة "؟ أين قول النبي صلى الله عليه وسلم:"عَلَيْكَ السَّمْع وَالطَّاعَة في عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ "، وقوله لأصحابه:"إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا" قالوا: فما تَأْمُرُنَا يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال:" أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ "، وقوله صلى الله عليه وسلم:" من كَرِهَ من أَمِيرِهِ شيئا فَلْيَصْبِرْ فإنه من خَرَجَ من السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً "، ومافي حديث عبادة رضي الله عنه: دَعَانَا النبي صلى الله عليه وسلم فَبَايَعْنَاهُ فقال فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا على السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ في مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إلا أَنْ ترو كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ من اللَّهِ فيه بُرْهَانٌ. ونحوها من الأحاديث وكلها في الصحيح. فكيف يتصور أن ينقض سلمان رضي الله عنه أمام الصحابة كل تلك الأحاديث، ولاأحد ينهاه عن ذلك ويبين له خطأه؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/8)
والأمر الآخر الذي يشهد ببطلان هذه القصة أنها تدل على أن عمر لم يكن يفاضل بين الناس في العطاء، وهذا مناقض لما هو معروف من سيرة عمر رضي الله عنه أنه كان يفضل بعض الصحابة على بعض في العطاء على قدر السابقة في الإسلام والقربى من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عبدالبر: والآثار عنه في قسمته وسيرته في الفيء وتفضيله كثيرة لم تختلف في التفضيل (الاستذكار 3/ 248).
وقال الإمام ابن تيمية: كان [يعني عمر] يقدمهم [يعني آل البيت] في العطاء على جميع الناس ويفضلهم في العطاء على جميع الناس حتى إنه لما وضع الديوان للعطاء وكتب أسماء الناس قالوا: نبدأ بك قال: لا، ابدأوا بأقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضعوا عمر حيث وضعه الله فبدأ ببني هاشم وضم إليهم بني المطلب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد إنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام" فقدم العباس وعليا والحسن والحسين وفرض لهم أكثر مما فرض لنظرائهم من سائر القبائل، وفضل أسامة بن زيد على ابنه عبد الله في العطاء فغضب ابنه وقال: تفضل علي أسامة؟ قال: فإنه كان أحب إلى رسول الله منك، وكان أبوه أحب إلى رسول الله من أبيك. وهذا الذي ذكرناه من تقديمه بني هاشم وتفضيله لهم أمر مشهور عند جميع العلماء بالسير لم يختلف فيه اثنان (منهاج السنة 6/ 33).
ومن أمثلة ذلك ماذكره المؤلف في ص 278 فقال: كان أبوبكر رضي الله عنه إذا صلى الفجر خرج إلى الصحراء، فاحتبس فيها شيئا يسيرا، ثم عاد إلى المدينة. فعجب عمر رضي الله عنه من خروجه فتبعه يوما خفية بعدما صلى الفجر فإذا أبوبكر يخرج من المدينة، ويأتي على خيمة قديمة في الصحراء فاختبأ له عمر خلف صخرة، فلبث أبوبكر في الخيمة شيئا يسيرا ثم خرج فخرج عمر من وراء صخرته ودخل الخيمة فإذا فيها امرأة ضعيفة عمياء وعندها صبية صغار، فسألها عمر: من هذا الذي يأتيكم، فقالت: لا أعرفه، هذا رجل من المسلمين يأتينا كل صباح منذ كذا وكذا، قال: فماذا يفعل؟ قالت: يكنس بيتنا، ويعجن عجيننا ويحلب داجننا ثم يخرج. فخرج عمر وهو يقول: لقد أتعبت الخلفاء من بعدك ياأبابكر، لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبابكر.
أقول: لم يذكر المؤلف مصدر هذه القصة، ولم أجدها بهذا السياق، وإنما وجدتها في عدة مصادر أقدمها تاريخ دمشق لابن عساكر 30/ 322 رواها بسنده عن أبي صالح الغفاري أن عمر بن الخطاب كان يتعاهد عجوزا كبيرة عمياء في بعض حواشي المدينة من الليل، فيستقي لها ويقوم بأمرها، فكان إذا جاءها وجد غيره قد سبقه إليها، فأصلح ما أرادت، فجاءها غير مرة كيلا يسبق إليها، فرصده عمر فإذا هو بأبي بكر الصديق الذي يأتيها وهو يومئذ خليفة، فقال عمر: أنت هو لعمري.
وأبوصالح الغفاري هو سعيد بن عبدالرحمن، وهو لم يدرك عمر، فالسند منقطع، لكن قارن بين القصة في مصدرها، والقصة كما ذكرها المؤلف ومازاده فيها!
ومن أمثلة ذلك ماذكره المؤلف في ص 296 فقال: ذُكِر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يعس ليلة من الليالي يراقب وينظر فمر بأحد البيوت في ظلمة الليل فسمع فيه أصوات ضحك وعبث وكأنها أصوات رجال سكارى، فكره أن يطرق عليهم الباب ليلا وخشي أن يكون ظنه خاطئا، وأراد أن يتثبت من الأمر، فتناول كسرة فحم من على الأرض ووضع بها علامة على الباب ومضى. سمع صاحب الدار صوتا عن (كذا) الباب فخرج فرأى العلامة ورأى ظهر عمر موليا ففهم القصة، فكان الأصل أن يمسح العلامة وينتهي الأمر لكن الرجل لم يفعل ذلك، وإنما أخذ كسرة الفحم وأقبل إلى بيوت جيرانه، وجعل يرسم على أبوابها علامات، وكأنه يريد أن ينزل الناس إلى مستواه ليكونوا سكارى مثله، ولايريد أن يرتفع إلى مستواهم.
أقول: ليس فيما فعله الرجل مايدل على أنه يريد أن يكون الناس مثله، وإنما الذي يظهر أنه فعل ذلك تعمية على من يبحث عنه، فإنه إذا وجد العلامة نفسها على الأبواب كلها لم يهتد إلى البيت المقصود، أما مسح العلامة فقد لايحقق المقصود بسبب بقاء بعض أثرها أو أثر المسح ونحو ذلك. وربما أراد أن يوصل رسالة وهي أن لكل بيت أسراره، والمؤمن منهي عن التجسس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/9)
وقد بحثت عن هذه القصة فلم أجد من ذكرها، ولم يذكر المؤلف مصدرها، والقصة المشهورة عن عمر في هذا الباب مارواه عبدالرزاق بسنده عن عبد الرحمن بن عوف أنه حرس ليلة مع عمر بن الخطاب فبينا هم يمشون شب لهم سراج في بيت، فانطلقوا يؤمونه حتى إذا دنوا منه إذا باب مجاف على قوم لهم فيه أصوات مرتفعة ولغط، فقال عمر - وأخذ بيد عبد الرحمن -: أتدري بيت من هذا؟ قال: لا، قال: هو ربيعة بن أمية بن خلف، وهم الآن شرب، فما ترى؟ قال عبد الرحمن: أرى قد أتينا ما نهانا الله عنه، نهانا الله فقال {ولا تجسسوا}، فقد تجسسنا، فانصرف عنهم عمر، وتركهم (مصنف عبد الرزاق 10/ 231).
ومن أمثلة ذلك ماذكره المؤلف في ص 325 فقال: وصدق أبوبكر لما قال: ماشيء أحوج إلى طول سجن من لسان.
أقول: هذه الكلمة تروى عن عبدالله بن مسعود لا أبي بكر رضي الله عنهما. وممن رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 5/ 320 بسنده عن عبدالله بن مسعود أنه قال: والذي لا إله غيره ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان. وكذلك أخرجه أبوداود في الزهد، وابن أبي عاصم في الزهد، وابن أبي الدنيا والطبراني، وأبونعيم، وغيرهم.
ومن أمثلة ذلك ماذكره المؤلف في ص 85 فقال: كان عمر رضي الله عنه مشهورا بين الناس بقوته وصرامته. وفي يوم من الأيام اختلف رجل مع زوجته، وجاء يسأل عمر كيف يتعامل معها فلما وقف عند بيت عمر ومد يده ليطرق الباب سمع زوجة عمر تصرخ به، وعمر ساكت لم يصرخ لم يضرب فولى الرجل ظهره للباب وكر راجعا متعجبا. وذكر المؤلف قول عمر للرجل: إنها امرأتي حليلة فراشي وصانعة طعامي وغاسلة ثيابي أفلا أصبر منها على بعض السوء.
أقول: لم يذكر المؤلف مصدر هذه القصة، وهل هي ثابتة عن عمر رضي الله عنه أو لا. وهذه القصة يكثر ذكرها على ألسنة كثير من الدعاة وفي المجالس والمنتديات، ولم أجد من ذكر لها إسنادا، أو حكم عليها بالثبوت، وإنما تذكر في بعض الكتب من باب الحكايات من غير إسناد، وأقدم مصدر لهذه القصة وقفت عليه هو كتاب تنبيه الغافلين للسمرقندي المتوفى سنة 373 هـ، فقال في ص 242:
وَذُكِرَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلى عُمَرَبن الخطاب يَشْكُو إليه زوجته فَلَمَّا بَلَغَ بَابَهُ سَمِعَ امْرَأَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ تَطَاوَلَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ الرَّجُلُ: إنِّي أَرَدْت أَنْ أَشْكُوَ إلَيْهِ زَوْجَتِي، وَبِهِ مِنْ الْبَلْوَى مِثْلُ مَا بِي، فَرَجَعَ، فَدَعَاهُ عُمَرُ رضي الله تعالى عنه فَسَأَلَهُ فقال: إني أردت أن أشكو إليك زوجتي فلما سمعت من زوجتك ماسمعت رجعت، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله تعالى عنه: إنِّي أَتَجَاوَزُ عَنْهَا لِحُقُوقٍ لَهَا عَلَيَّ: أولها: أَنَّهَا ستر بَيْنِي وَبَيْنَ النَّارِ فَيَسْكُنُ بِهَا قَلْبِي مِنْ الْحَرَامِ.والثَّانِي: أَنَّهَا خَازِنَةٌ لِي إذَا خَرَجْت مِنْ مَنْزِلِي، وتكون حَافِظَة لمالي.والثَّالِثُ: أَنَّهَا قَصَّارَةٌ لِي تَغْسِلُ ثِيَابِي.والرَّابِعُ: أَنَّهَا ظِئْرٌ لِوَلَدِي.والْخَامِسُ: أَنَّهَا خَبَّازَةٌ وَطَبَّاخَةٌ لي، فَقَالَ الرَّجُلُ: إنَّ لِي مِثْلَ مَا لَك فَكَمَا تَجَاوَزْت عَنْهَا أَتَجَاوَزُ عَنْهَا.
وممن ذكرها ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر2/ 50 فقال:
وروي أن رجلا جاء إلى عمر رضي الله عنه ليشكو إليه خلق زوجته، فوقف ببابه ينتظره، فسمع امرأته تستطيل عليه بلسانها، وهو ساكت لا يرد عليها، فانصرف قائلا: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين فكيف حالي! فخرج عمر فرآه موليا فناداه: ما حاجتك؟ فقال: يا أمير المؤمنين،جئت أشكو إليك خلق زوجتي واستطالتها علي، فسمعت زوجتك كذلك، فرجعت وقلت: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين مع زوجته فكيف حالي! فقال له عمر: يا أخي إني احتملتها لحقوق لها علي؛ إنها طباخة لطعامي، خبازة لخبزي، غسالة لثيابي، مرضعة لولدي، وليس ذلك بواجب عليها، ويسكن قلبي بها عن الحرام، فأنا أحتملها لذلك فقال الرجل: يا أمير المومنين وكذلك زوجتي. قال: فاحتملها يا أخي فإنما هي مدة يسيرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/10)
ومن أمثلة ذلك ماذكره المؤلف في ص 198 تحت عنوان جلد الذات في قصة للأحنف بن قيس سيد بني تميم قال: ولم يكن ساد قومه بقوة جسد، ولاكثرة مال ولا ارتفاع نسب، وإنما سادهم بالحلم والعقل، حقد عليه قوم فأقبلوا إلى سفيه من سفهائهم وقالوا له: هذه ألف درهم على أن تذهب إلى سيد بني تميم الأحنف ابن قيس فتلطمه، فذكر القصة من ذاكرته مطولة. وقال المؤلف في آخرها: وقديما قيل: الفائز هو الذي يضحك في النهاية.
أقول: سأذكر القصة من أحد مصادرها ليتبين المراد منها، فقد رواها العسكري في تصحيفات المحدثين 2/ 519 بسنده عن أحمد بن عبيد قال: بينا الأحنف في الجامع بالبصرة فإذا رجل لطمه فأمسك الأحنف يده على عينيه، وقال: ما شأنك؟ فقال: اجتعلت جُعلا على أن ألطم سيد بني تميم، فقال: لست بسيدهم إنما سيدهم جارية بن قدامة. وكان جارية في المسجد فذهب إليه فلطمه، فأخرج جارية من خفه سكينا وقطع يده، وناوله، فقال الرجل: ما أنت قطعت يدي إنما قطعها الأحنف بن قيس. قال ابن الجوزي: وذلك ما أراده الأحنف (الأذكياء /105)
أقول: أحمد بن عبيد هو أبوجعفر النحوي، وهو ضعيف، وقد مات سنة 273 هـ، والأحنف بن قيس مات سنة 64 هـ، فبينهما رجلان على الأقل، فالسند معضل. ولم أقف لهذه القصة على سند ثابت، وفيها نكارة؛ فجارية بن قدامة صحابي فيستبعد أن يقع في مثل هذا الظلم الواضح.
وعلى فرض صحة هذه القصة فليس فيها منقبة للأحنف لأنه انتقم ممن لطمه شر انتقام، فتسبب في قطع يد الرجل لأجل لطمة، ولهذا قال الرجل: ما أنت قطعت يدي إنما قطعها الأحنف بن قيس. وهذا لايجوز شرعا، فقد قال تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها}، وقال: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ماعوقبتم به}، وقال: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل مااعتدى عليكم}، فالجزاء يكون بالمثل، وأي تجاوز له يكون ظلما وعدوانا. ولأن هذه القصة ليس فيها منقبة للأحنف فقد عدت أحد المآخذ الستة التي أخذت على الأحنف.
(انظر أنساب الأشراف 4/ 180، جمهرة الأمثال 1/ 141، الأوائل للعسكري/38)
تنبيه: ذكر المؤلف الرجل الذي قطع يد السفيه باسم حارثة بن قدامة، وهذا تصحيف، والصواب: جارية ابن قدامة.
المحور السادس: القصص والأمثال المذكورة في الكتاب
قد أكثر المؤلف من ذكر القصص في هذا الكتاب، فذكر نحو ست وعشرين قصة من القديم، وثمانيا وعشرين قصة من العصر الحاضر حدثت لأصحاب له أومعارف ونحوهم، واثنتين وخمسين قصة كان هو أحد أطرافها. والذي يعنينا هنا القصص التي نقلها عن السابقين فقد نقلها بلاتوثيق ولاعزو، وبعض هذه القصص لايثبت، ومع ذلك احتج بها.
من أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 217: "وفي يوم رق فيه القلب وأسبلت الدمعة كان الفضيل جالسا يتعبد في الحرم فاشتاق لصاحبه ابن المبارك وتذكر اجتماعهما في مجالس الذكر، فكتب الفضيل إلى ابن المبارك كتابا يدعوه فيه إلى المجيء والتعبد في الحرم، فلما قرأ ابن المبارك الكتاب أخذ رقعة وكتب إلى الفضيل:
ياعابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب
إلى آخر الأبيات المشهورة، ثم قال: إن من عباده من فتح الله له في الصيام فيصوم مالايصومه غيره ومنهم من فتح له في قراءة القرآن ومنهم من فتح له في طلب العلم ... وليس ماأنت عليه بأفضل مما أنا عليه، وماأنا عليه ليس بأفضل مما أنت عليه وكلانا على خير. وهكذا انتهى الخلاف بينهما بهدوء، هكذا ببساطة: كلانا على خير ".
أقول: لم أجد أحدا ذكر القصة بهذا السياق، والذي في مصادر قصة ابن المبارك والفضيل أن ابن المبارك هو الذي أرسل إلى الفضيل بتلك الأبيات ابتداء وليس ردا على رسالة للفضيل، ولم يذكر في رسالة ابن المبارك سوى الأبيات. وإليك القصة من أقدم مصادرها، وهوكتاب الفوائد المنتقاة والغرائب الحسان عن الشيوخ الكوفيين لمحمد بن علي الصوري المتوفى سنة 441 هـ في ص 50 قال الصوري:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/11)
أخبرنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني قال: أملى علينا أبو محمد عبد الله بن سعيد بن يحيى الكريزي القاضي بنصيبين حفظا في سنة سبع عشرة وثلاثمائة قال: أملاه علي محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة البهراني من كتابه بحلب سنة ست وثلاثين ومائتين قال: أملى علي عبد الله بن المبارك هذه الأبيات بطرسوس وودعته بالخروج للحج وأنفذها معي إلى الفضيل بن عياض وذاك في سنة سبع وسبعين ومائة: يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك في العبادة تلعب [إلى آخر الأبيات]، قال ابن أبي سكينة: فلقيت الفضيل في المسجد الحرام بكتابه فلما قرأه ذرفت عيناه وقال: صدق أبو عبد الرحمن، ونصح ثم قال لي: أنت ممن يكتب الحديث؟ قلت: نعم يا أبا علي قال: فاكتب هذا الحديث جزاء لحملك كتاب أبي عبد الرحمن إلينا، فأملى علي الفضيل: حدثنا منصور بن المعتمر عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رجلا قال: يا نبي الله علمني عملا أنال به ثواب المجاهد في سبيل الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "هل تستطيع أن تصلي ولا تفتر وتصوم ولا تفطر "قال: يا نبي الله أنا أضعف من أن أستطيع ذلك قال:" فوالذي نفسي بيده لو طوقت ذلك ما بلغت فضل المجاهد في سبيل الله أما علمت أن فرس المجاهد ليستن في طوله فيكتب لصاحبه بذلك الحسنات "
والذي يظهر أن الدكتور العريفي خلط بين قصتين: قصة ابن المبارك والفضيل، وقصة أخرى وقعت للإمام مالك، وهي ماذكره ابن عبدالبر في التمهيد 7/ 185أن عبدالله بن عبدالعزيز العمري العابد كتب إلى مالك يحضه إلى الانفراد والعمل ويرغب به عن الاجتماع إليه في العلم، فكتب إليه مالك أن الله عز وجل قسم الأعمال كما قسم الأرزاق، فرب رجل فتح له في الصلاة ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصيام، وآخر فتح له في الجهاد ولم يفتح له في الصلاة. ونشر العلم وتعليمه من أفضل أعمال البر، وقد رضيت بما فتح الله لي فيه من ذلك، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كلانا على خير، ويجب على كل واحد منا أن يرضى بما قسم له، والسلام.
فالذي يظهر أن الأمر اختلط على العريفي فجعل كلام الإمام مالك لابن المبارك في رسالته إلى الفضيل.
تنبيه
قصة ابن المبارك مع الفضيل التي فيها تلك الأبيات المشهورة تفرد بروايتها محمد بن عبدالله بن المطلب أبو المفضل الشيباني فيما وقفت عليه من مصادر هذه القصة، وأبوالمفضل هذا كذبه الدارقطني ووصفه بعدو الله وقال الخطيب: كتب الناس عنه بانتخاب الدارقطني ثم بان كذبه فمزقوا حديثه وأبطلوا روايته وكان بعد يضع الأحاديث للرافضة (تاريخ بغداد 5/ 466)
ومما يقوي الشك في ثبوت هذه القصة أن الحديث الذي أملاه الفضيل على رسول ابن المبارك من رواية منصور بن المعتمر عن أبي صالح عن أبي هريرة، وقد صرح الإمام أحمد بأن منصور بن المعتمر لم يرو عن أبي صالح ذكوان (انظر الجرح والتعديل 3/ 450). وهذا الحديث ثابت في صحيح البخاري وغيره من رواية أبي حصين عن أبي صالح ذكوان عن أبي هريرة، وفي صحيح مسلم وغيره من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وأستبعد أن يصف الإمام عبدالله بن المبارك اشتغال الفضيل بن عياض بالعبادة باللعب، فالعبادة لايجوز أن توصف بأنها لعب، ومن قرأ ماورد في علاقة ابن المبارك بالفضيل يستبعد أن يخاطب ابن المبارك الفضيل بذلك، فقد كان كثير التوقير للفضيل، ومما نقل عنه قوله: ما بقي على ظهر الأرض عندي أفضل من الفضيل بن عياض، وقوله: إن الفضيل بن عياض صدق الله فأجرى الحكمة على لسانه، فالفضيل ممن نفعه علمه، وقوله: ما بقي في الحجاز أحد من الأبدال إلا فضيل بن عياض وابنه علي، وقوله: إذا نظرت إلى الفضيل جدد لي الحزن ومقتُّ نفسي، ثم بكى (سير أعلام النبلاء 8/ 432)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/12)
ومن أمثلة ذلك ماذكره المؤلف في ص 224 بعد أن ذكر قصة أبي حنيفة وتلميذه أبي يوسف في مسألة الثوب والقصار: فقال أبوحنيفة في جواب المسألة: ننظر في مقدار تقصير الخياط للثوب، فإن كان قصره على مقاس الرجل، فمعنى ذلك أنه قام بالعمل كاملا، ثم بدا له أن يجحد الثوب، فيكون قام بالعمل لأجل الرجل، فيستحق عليه الأجرة، وإن كان قصره على مقاس نفسه فمعنى ذلك أنه قام بالعمل لأجل نفسه فلايستحق على ذلك أجرة. فقبل أبويوسف رأس أبي حنيفة، ولازمه حتى مات أبوحنيفة.
أقول: قد بحثت في مصادر هذه القصة فلم أجد جواب أبي حنيفة كماذكره العريفي، وإنما الذي فيها قول أبي حنيفة: إن كان قصره بعدما غصبه فلا أجرة له لأنه إنما قصره لنفسه، وإن كان قصره قبل أن يغصبه فله الأجرة لأنه قصره لصاحبه، ثم قال: من ظن أنه يستغني عن التعلم فليبك على نفسه.
(انظر أخبار أبي حنيفة /29، الفقيه والمتفقه 2/ 79، تاريخ بغداد 13/ 350، المنتظم 8/ 130)
ولم أجد في مصادر هذه القصة التي وقفت عليها ماذكره العريفي من أن أبايوسف بعد هذه القصة قبل رأس أبي حنيفة، ولازمه حتى مات أبوحنيفة.
ومن أمثلة ذلك أن المؤلف ذكر في ص 15 قصة تاجر في الأندلس فقال: ذكر ابن حزم في كتابه طوق الحمامة أنه كان في الأندلس تاجر مشهور وقع بينه وبين أربعة من التجار تنافس فأبغضوه وعزموا على أن يزعجوه ... ثم ذكر القصة بطولها إلى أن قال: قال ابن حزم: فلقد كنت أراه بعدها في شوارع الأندلس مجنونا يحذفه الصبيان بالحصى. ثم علق في الحاشية بقوله: القصة على ذمة ابن حزم رحمه الله.
أقول: قد استعرضت كتاب طوق الحمامة لابن حزم أبحث فيه عن القصة التي نسبها المؤلف إليه وجعل عهدتها في ذمته، فلم أجد لها أي أثر في هذا الكتاب. وقد وجدت كثيرين في المنتديات يذكرون القصة وينسبونها إلى ابن حزم ويجعلون عهدتها في ذمته نقلا عن الدكتور العريفي!
ومن أمثلة ذلك أن المؤلف استشهد في ص25 بقصة الشاعر علي بن الجهم مع الخليفة العباسي المتوكل، وذكر أن ابن الجهم كان أعرابيا جلفا لايعرف من الحياة إلا ماكان في الصحراء، وأنه مدح الخليفة بقوله:
أنت كالكلب في حفاظك للود وكالتيس في قراع الخطوب إلى آخر ماذكره.
أقول: هذه القصة مكذوبة، كما ذكر خليل مردم محقق ديوان علي بن الجهم، ود/عبدالله بن سليم الرشيد في مقال له منشور في المجلة العربية العدد250، وذكر الرشيد أنه بحث عنها فلم يجد لها أصلا في كتب المتقدمين، ولم يجدلها ذكرا إلا في مصدر واحد وهو محاضرات الأبرار لابن عربي الصوفي، وقد ذكرها بلاإسناد، واكتفى بقوله (حكى لنا بعض الأدباء)، قال الرشيد: بين ابن الجهم (ت 249)، وابن عربي (638) مايقارب أربعة قرون، فأين انزوت هذه القصة الطريفة طوال أربعمائة سنة. زد إلى ذلك أن ابن عربي نفسه متهم في دينه، مطعون في إيمانه، بل متهم بالكفر.ثم ذكر الدكتور الرشيد مايدل على بطلان القصة من متنها، وأن ابن الجهم لم يكن بدويا، وإنما ولد في بغداد، وله صلة بالخلفاء العباسيين قبل المتوكل
إلى آخر ماذكره، وقد أحسن. ويؤيد ماذكره الدكتور الرشيد أن المرزباني ذكر في ترجمة ابن الجهم في معجم الشعراء ص 44 أنه مدح المعتصم والواثق وجالس المتوكل، فصلته بالخلفاء لم تبدأ بالمتوكل، بل إن له ذكرا مع المأمون كمافي محاضرات الأدباء 1/ 293، والمأمون كان قبل المعتصم كماهو معروف.
والعجيب أن القصة مع كونها مكذوبة لم يرد فيها كثير مماذكره العريفي فيها كقوله: (فثار الخليفة وانتفض الحراس واستل السياف سيفه وفرش النطع وتجهز للقتل)، فهذا لم يذكر في مصدر القصة الوحيد، وإنما ذُكر أن المتوكل بعد أن سمع ماقاله ابن الجهم عرف المتوكل حسن مقصده، وخشونة لفظه، وأنه مارأى سوى ماشبهه به، لعدم المخالطة وملازمة البادية، فأمر له بدار حسنة على شاطئ دجلة، فيها بستان حسن .. إلى آخر القصة.
ومن الأمثال التي ذكرها المؤلف ماذكره في ص 30 فقال: " كان جدي يستشهد بمثل قديم" من غاب عن عنزه جابت تيس" بمعنى أن من لم تجد عنده زوجته مايشبع عاطفتها ويروي نفسها فقد تحدثها نفسها بالاستجابة لغيره ممن يملك معسول الكلام ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/13)
أقول: لم يصب الدكتور العريفي في بيان المراد من هذا المثل. والمعنى الذي ذكره لايساعده لفظ المثل، لأن الأصل في استعمال "من" إطلاقها على العاقل كماهو معروف، كما أن واقع العنز يخالفه أيضا، فهي تبع لمالكها وراعيها فإذا أبعد التيس عنها لم تملك أن تأتي لها بآخر.
وإنما المراد من هذا المثل بيان سوء عاقبة من يهمل متابعة أمواله، ويعتمد في ذلك على غيره. هذا ماأعرفه، وقد أفادني جمع من الناس بأنهم لايفهمون منه غير ذلك.
وقد وقفت على مقالة في الشبكة شرح فيها صاحبها هذا المثل، فقال: وهو مثل يضرب للعواقب السيئة التي يحصل عليها من أهمل عمله وماله. والعرب يفضلون أن تلد العنز عناقا (أنثى) لكي تلد مستقبلا ويكثر الحلال، أما أن تلد تيسا فلاخير فيه، فالتيس لايحمل، والتيس الواحد يغني عن مائة تيس، ولكنه لايغني عن عناق واحدة. وطبعا العنز لن تلد إلا ماحملت به حضر صاحبها أم غاب ولكنه إذا غاب ووكل عليها فقد يبدل الوكيل العناق التي ولدتها –إن ولدت عناقا- بتيس لكي يستفيد هو. فصاحب التجارة حين يتركها لعماله يبشر بالخسارة لأنه غاب عنها فلعب عماله فيها على طريقة المثل الشعبي الآخر (غاب القط العب يافار)، ومن غاب عن المقاول الذي يبني بيته أو عمارته فالغالب أن المقاول سوف يغش ويقلل الحديد للاسمنت ويمشي الأمور بأكبر كسب له، وأكبر خسارة ممكنة للمالك، وقس على هذا. وهناك مثل شعبي يختصر ذلك (مال تودعه بعه) فالذي يودع نخله عند غيره سوف يجده مهملا عطشان ردئ التمر، والذي يودع غنمه عند غيره سيجدها نصفها هزيل ونصفها قد مات. والمثل يحض على مباشرة أمورك بنفسك، وعدم الاتكال على الآخرين في الأعمال الهامة وإدارة الأموال فإن المخلص قليل، والأمين أقل. ومثله قولهم (ماحك جلدك مثل ظفرك).
ووقفت على مقالة أخرى ذكر فيها صاحبها أن المقصود بهذا المثل الدعوة إلى الاعتماد على النفس، وذكر له ألفاظا تختلف باختلاف الدول، ومؤداها واحد فذكر أن في سوريا يقال (اللي مايحضر ولادة عنزته تجيب له جرو)، وفي مصر (اللي ولَّد معزته جابت له اثنين وعاشوا، واللي ماولدهاش جابت واحد ومات) وفي الجزيرة العربية (من غاب عن عنزه جابت تيس)، وفي الكويت (من حضر عنزه جابت توم).
وقال المؤلف في ص 325: لا أنسى خبر ذلك الخليفة الذي جلس يوما مع نديمه يضاحكه ويمازحه، فلعب الشيطان برؤوسهما فشربا خمرا، فلما غابت العقول وسيطرت أم الخبائث وصار الواحد منهما أضل من الحمار التفت الخليفة إلى حاجبه وأشار له إلى النديم، وقال: اقتلوه .. فقتلوه وألقوه في بئر مهجورة فلما أصبح الخليفة ... وأخبروه بالقصة فسكت وخفض رأسه متندما ثم قال: رب كلمة قالت لصاحبها دعني.
أقول: الذي ذكره أهل الاختصاص في قصة هذا المثل يختلف عماذكره المؤلف ولم يذكر مصدره.
قال الميداني في مجمع الأمثال 1/ 306: "رب كلمة تقول لصاحبها دعني" يضرب في النهي عن الإكثار مخافة الإهجار. ذكروا أن ملكا من ملوك حمير خرج متصيدا، ومعه نديم له كان يقربه ويكرمه، فأشرف على صخرة ملساء ووقف عليها، فقال له النديم: لو أن إنسانا ذُبِح على هذه الصخرة إلى أين كان يبلغ دمه؟ فقال الملك اذبحوه عليها ليرى دمه أين يبلغ، فذبح عليها، فقال الملك: رب كلمة تقول لصاحبها دعني.
ونحوه في عيون الأخبار لابن قتيبة /138، ونهاية الأرب 3/ 29.
وذكر المؤلف في ص 334 قصة رجل حمَّل جمله مالايطيق حمله، ثم أخذ حزمة من تبن، وقال: هذه خفيفة وهي آخر المتاع فلما طرحها على ظهره سقط البعير على الأرض فصارت قصته مثلا، وقيل: قشة قصمت ظهر بعير.
أقول: هذا المثل ليس من الأمثال العربية، ولم أجد له ذكرا في كتب الأمثال ولاغيرها، وقد وقفت على عدة مقالات في النت ذكر فيها أصحابها أن هذا مثل إنجليزي منقول إلى العربية.
هذا آخر ماتيسر لي التعليق عليه من كتاب (استمتع بحياتك) لأخي الدكتور محمد العريفي، ولم أجد من الوقت مايكفي للتعليق على كل ماجاء في الكتاب، وقديما قيل: يكفيك مابلغك المحل، وحسبك من غنىً شِبَعٌ ورِيُّ. أسأل الله تعالى أن يغفر لي ولأخي الدكتور محمد العريفي ولسائر إخواننا المسلمين، وأن يجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، وأن يجعل أعمالنا كلها صالحة، ولوجهه خالصة، وألا يجعل لأحد فيها شيئا، وأسأله تعالى أن ينفع بهذه التعليقات كاتبها وقارئها، والحمدلله رب العالمين.
وكتبها حامدا ومصليا ومسلما الدكتور بسام الغانم العطاوي أستاذ السنة وعلومها في جامعة الملك فيصل في الدمام، وخطيب جامع الزبير بن العوام، في غرة شهر جمادى الآخرة 1429هـ.
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[12 - 06 - 08, 11:06 ص]ـ
شكر الله لك يادكتور بسام على ملحوظاتك القيمة.
وبارك الله في الشيخ الكريم العريفي على جهوده الدعوية، ولعله ينتفع بمثل هذا التوجيه
وإني أدعوه إلى الإقلال نوعا ما من المشاركة في البرامج المتنوعة بغية الإتقان والتركيز أكثر، فالشيخ وفقه الله غزير الإنتاج، وهذا يؤثر بلا شك على جودة المنتج، وقد ألمح إلى هذا الشيخ بسام وفقه الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/14)
ـ[عادل علي]ــــــــ[12 - 06 - 08, 11:47 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[12 - 06 - 08, 12:44 م]ـ
شكر الله للشيخ بسام هذا التعليق والنصح الذي جمع المادة العلمية والأسلوب الحسن، ولعل الشيخ العريفي ينتفع به، وكذا من كان ينهج هذا الأسلوب من الدعاة والوعاظ.
وحسن القصد وإرادة الخير = لا يكفيان.
ـ[أنس الشهري]ــــــــ[12 - 06 - 08, 04:13 م]ـ
ما شاء الله تبارك الله
عرض رائع
وأدب رفيع
وكلام علمي
ونقد دقيق
لله درك يا شيخ بسام
ـ[أبو علي المصراوي]ــــــــ[12 - 06 - 08, 04:39 م]ـ
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
وانتهز الفرصة و أتسأل لماذا لا يُطبق هذا المنهج العلمى الرصين فى ملتقانا المبارك
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[12 - 06 - 08, 05:46 م]ـ
جزاكم الله خيرا
و أسأل الله أن ينتفع الدكتور العريفي حفظه الله بهذا الكلام النفيس
ـ[المسيطير]ــــــــ[12 - 06 - 08, 08:23 م]ـ
بارك الله فيكم شيخنا الكريم.
وقد أرسلت للشيخ العريفي وفقه الله وأخبرته عن التعليقات.
ـ[أبومحمد والبراء]ــــــــ[12 - 06 - 08, 10:33 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أم جمال الدين]ــــــــ[12 - 06 - 08, 10:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم على إطلاعنا على هذه الرسالة الجميلة حقّاً .. شكر الله لكم حسن صنيعكم
ـ[بلال اسباع الجزائري]ــــــــ[12 - 06 - 08, 11:51 م]ـ
جزاك الله خيرا.
ـ[عبد العزيز التميمي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 01:08 ص]ـ
لله درك
هذا نموذج تطبيقي للنقد الهادف
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[13 - 06 - 08, 01:10 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا دكتور بسام
أردت سلمك الله أن توضح لي وللأخوة هنا أهمية المحور السادس: القصص والأمثال المذكورة في الكتاب
لا سيما أنه قد يعتذر للشيخ العريفي كما يعتذر لغيره أن هذا من باب السير التي يتساهل فيها وليس الدكتور العريفي وفقه الله ونفع به هو الأوحد في هذا الباب فكثير ممن سبقه يذكر مثل هذه القصص والأمثال من غير تحري للدقة
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[13 - 06 - 08, 02:40 ص]ـ
جزاك الله خيرا
وقد نسقت البحث ورقمت الصفحات حتى يسهل على القارئ
وأعتذر عن اختلاف الترقيم والتنسيق عن الأصل الذي كتبته على جهازك
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[13 - 06 - 08, 03:16 ص]ـ
قال لي الشيخ العريفي عن التعليق:
سأراجعه
ـ[أم سليم]ــــــــ[13 - 06 - 08, 06:37 ص]ـ
جزى الله الدكتور بسام العطاوي على هذا النقد الهادف وجزى الله الدكتور محمد العريفي على جهوده في الدعوة إلى الخير .. وجزى الله الأخ خالد بن عمر على تنسيقه للبحث ليسهل حفظه والاطلاع عليه والانتفاع به
سددكم الله جميعا
ـ[أبو الحارث الحنبلي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 08:02 ص]ـ
بارك الله فيكم ..
أسلوب جميل، وأدب رفيع، ومتانة في الطرح.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[13 - 06 - 08, 03:04 م]ـ
[ CENTER]
بسم الله الرحمن الرحيم
تعليقات بسام
على كتاب (استمتع بحياتك)
للدكتور محمد العريفي
كتبها الدكتور بسام الغانم العطاوي
أستاذ السنة وعلومها في جامعة الملك فيصل في الدمام
من أمثلة ذلك ماذكره المؤلف في ص 44 في قصة حصين والد عمران بن حصين، فقال: يدخل أبوعمران على النبي صلى الله عليه وسلم، وحوله أصحابه فيردد عليه ماتردده قريش دوما: فرقت جماعتنا شتت شملنا والنبي صلى الله عليه وسلم ينصت بلطف حتى إذا انتهى قال له صلى الله عليه وسلم بكل أدب: أفرغت ياأباعمران؟ قال: نعم قال: فأجبني عما أسألك عنه، قال: قل أسمع، فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا عمران كم إلها تعبد اليوم ..
أقول: لم يذكر المؤلف مصدر هذه القصة، ولم ينبه على ضعفها.
وإليك أقرب لفظ من ألفاظ هذا الحديث لماذكره المؤلف فيما وقفت عليه، وهو ماأخرجه ابن خزيمة في كتاب التوحيد 1/ 278 بسنده عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن قريشا جاءت إلى الحصين وكانت تعظمه فقالوا له: كلم لنا هذا الرجل فإنه يذكر آلهتنا ويسبهم فجاؤوا معه حتى جلسوا قريبا من باب النبي صلى الله عليه وسلم، ودخل الحصين فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أوسعوا للشيخ"، وعمران وأصحابه متوافدون، فقال حصين: ما هذا الذي يبلغنا عنك أنك تشتم آلهتنا وتذكرهم، وقد كان أبوك جفنة وخبزا. فقال:" يا حصين إن أبي وأباك في النار، يا حصين كم إلها تعبد اليوم؟ "، قال: سبعة ... الحديث.
أقول: قارن بين اللفظين، لتعرف الزيادات التي زادها المؤلف في الرواية، ولاندري مصدرها.
والحديث ضعيف كما ذكر الألباني في ضعيف سنن الترمذي ح 690، ولم ينبه المؤلف على ذلك.
.
وكتبها حامدا ومصليا ومسلما الدكتور بسام الغانم العطاوي أستاذ السنة وعلومها في جامعة الملك فيصل في الدمام، وخطيب جامع الزبير بن العوام، في غرة شهر جمادى الآخرة 1429هـ.
هذا انتقال ذهن من الشيخ العريفي بين هذه القصة وقصة عتبة بن ربيعة
وفيه (أفرغت يا أبا الوليد)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/15)
ـ[الطائفي ابو عمر]ــــــــ[13 - 06 - 08, 04:42 م]ـ
لقد اجدت وافدت ياشيخ بسام
ـ[د. بسام الغانم]ــــــــ[13 - 06 - 08, 08:54 م]ـ
جزاك الله خيرا ياشيخ خالد على تنسيق البحث وبارك فيك، وتجدون هذه التعليقات كاملة على الملف المرفق بصيغة وورد.
ـ[مصلح]ــــــــ[13 - 06 - 08, 09:20 م]ـ
أثابك الله وجزاك خيراً على ما تفضلت به فأحسنت وأجملت
بيد أن بعض الملحوظات ليست ذات بال -فيما أرى-
فهي قابلة لاختلاف وجهات النظر، فقد يراها الناقد خلاف الصواب، بينما يراها غيره كالمؤلف -مثلاً- عين الصواب!!
ومع ذلك فمثل هذا النقد نافع للجميع، نسأل الله أن ينفع به ويتقبله بقبول حسن
اللهم آمين
ـ[ابوعبدالله الحوالي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 11:24 م]ـ
بارك الله في الشيخين
لكن ألا تلحظ يا شيخ بسام أن هناك تقاعس كبير من طلاب العلم عن الدعوة
فلماذا لا يكون سهم طلاب العلم أكبر؟؟
وهل يخشى طالب العلم من لقب واعظ إذا بدأ يدعو إلى الله؟؟
ـ[بندر البليهي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 12:18 ص]ـ
أسأل الله أن يبارك في الشيخ محمد العريفي والشيخ بسام الغانم.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[14 - 06 - 08, 12:42 ص]ـ
بيد أن بعض الملحوظات ليست ذات بال -فيما أرى-
فهي قابلة لاختلاف وجهات النظر، فقد يراها الناقد خلاف الصواب، بينما يراها غيره كالمؤلف -مثلاً- عين الصواب!!
هل تكرمنا بذكرها بارك الله فيك؟
ـ[العوضي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 01:28 ص]ـ
بارك الله فيك ونفع بك ...
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[14 - 06 - 08, 01:56 ص]ـ
ومن أمثلة ذلك قول المؤلف في ص 300 في وصف حال النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة:
شريط طويييييل (كذا) من الذكريات المؤلمة يمر أمام ناظريه صلى الله عليه وسلم، وهو ينظر إلى وجوه كفار قريش بين يديه، ويقلب طرفه في فجاج الحرم، وربما امتد بصره إلى جبال مكة حول الحرم أو إلى شوارعها وطرقاتها، ليس هو فقط بل تمر هذه الذكريات أمام ناظري أبي بكر وعمر، وعثمان وعلي، وبلال وعمر، فكل واحد من هؤلاء له مع قريش قصة حزينة.
أقول: من أين لك أن النبي صلى الله عليه وسلم استرجع شريط الذكريات الذي تقول عنه، وكذلك أصحابه؟!
روى الحاكم في المستدرك من طريق عبد الله بن أبي بكر المقدمي، ثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال: «دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وذقنه على رحله متخشعا» وقال: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه».
ورواه أبو يعلى عن المقدمي بلفظ قريب منه.
وقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمّا انْتَهَى إلَى ذِي طُوًى وَقَفَ عَلَى رَاحِلَتِهِ مُعْتَجِرًا بِشُقّةِ بُرْدٍ حِبَرَةٍ حَمْرَاءَ، وَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِيَضَعَ رَأْسَهُ تَوَاضُعًا لِلّهِ حِينَ رَأَى مَا أَكْرَمَهُ اللّهُ بِهِ مِنْ الْفَتْحِ حَتّى إنّ عُثْنُونَهُ لَيَكَادُ يَمَسّ وَاسِطَةَ الرّحْلِ.
ونقل هذا المعنى كثير ممن ألف في السيرة من أهل العلم.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[14 - 06 - 08, 02:17 ص]ـ
ثم أورد ثلاثة أمثلة على عفو النبي صلى الله عليه وسلم: الأول حديث "اذهبوا فأنتم الطلقاء" [وهو حديث ضعيف]، وقدأطال في سرد تفصيلات ماحدث يوم فتح مكة في أربع صفحات، ومقصوده الاستشهاد بهذه الجملة "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، ....
2 - المأخذ الثاني أن المؤلف في كثير من المباحث يذكر أمثلة، غيرها أولى منها من حيث الثبوت أو من حيث الدلالة. وإليك مثالا على هذا، وهو المثال السابق
يظهر لي صحة الاستدلال بحادثة الفتح ولو لم يثبت هذا الحرف؛ فالمعنى ظاهر وهو عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن عامة أهل مكة الذين آذوه وحاربوه وأخرجوه، ولم يُقتل منهم ذاك اليوم إلا نفر قليل، وهو حدث عظيم وعفو كبير واسع أعظم من عفوه عن ابن أبي الذي كان له أسباب أخرى كخشية أن يتحدث الناس أنه صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه، وخشيته أن ترعد له أنوف من قومه.
مع تأييدي لك في التقرير الذي ذكرته في أول هذا الموضع.
والله أعلم.
ـ[محمد بن فهد]ــــــــ[14 - 06 - 08, 02:33 ص]ـ
يظهر لي صحة الاستدلال بحادثة الفتح ولو لم يثبت هذا الحرف؛ فالمعنى ظاهر وهو عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن عامة أهل مكة الذين آذوه وحاربوه وأخرجوه، ولم يُقتل منهم ذاك اليوم إلا نفر قليل، وهو حدث عظيم وعفو كبير واسع أعظم من عفوه عن ابن أبي الذي كان له أسباب أخرى كخشية أن يتحدث الناس أنه صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه، وخشيته أن ترعد له أنوف من قومه.
مع تأييدي لك في التقرير الذي ذكرته في أول هذا الموضع.
والله أعلم.
يشهد لهذا الحرف كما تفضلت
حديث أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ الْتَقَى هَوَازِنُ، وَمَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةُ آلاَفٍ وَالطُّلَقَاءُ فَأَدْبَرُوا قَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ لَبَّيْكَ، نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ فَنَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ، فَأَعْطَى الطُّلَقَاءَ وَالْمُهَاجِرِينَ وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا فَقَالُوا؛ فَدَعَاهُمْ فَأَدْخَلَهُمْ فِي قُبَّةٍ، فَقَالَ: أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا لاَخْتَرْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ
وهذا مما اتفق عليه الشيخان
1036 - " المهاجرون بعضهم أولياء بعض في الدنيا و الآخرة و الطلقاء من قريش و العتقاء
من ثقيف بعضهم أولياء بعض في الدنيا و الآخرة ".
ذكره الألباني في " السلسلة الصحيحة " 3/ 31
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/16)
ـ[د. بسام الغانم]ــــــــ[14 - 06 - 08, 12:00 م]ـ
ماذكرته ياشيخ عبدالرحمن حفظك الله وبارك فيك ليس فيه ماتساءلتُ عنه فليس في الروايتين اللتين ذكرتهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسترجع شريطا طويلا من الذكريات المؤلمة. وأما مايتعلق بالاستدلال بالطلقاء على العفو فأنا لم أنف أن فيه دلالة على العفو، وإنما ذكرت أن هناك أمثلة أصح فذكرها أولى. وماذكرتُه مثال لا أريد به الحصر على أن المؤلف يستدل بأمثلة غيرها أدل أو أصح منها، ولو تتبعتم الكتاب لوجدتم ذلك بوضوح.
وأما ماذكره بعض الإخوة من أن بعض ماذكرته من قبيل وجهات النظر فهو يؤكد ماأردت بيانه، وهو أن الدكتور العريفي يذكر أمثلة يقرر بها قواعد، وهذه الأمثلة يراها آخرون من زاوية أخرى لاتخدم تلك القاعدة التي يريد تقريرها، فكيف تبنى قواعد على مجرد وجهات نظر معارضة بغيرها؟! وكيق يستفاد من قواعد هذه حالها؟
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[14 - 06 - 08, 02:18 م]ـ
ماذكرته ياشيخ عبدالرحمن حفظك الله وبارك فيك ليس فيه ماتساءلتُ عنه فليس في الروايتين اللتين ذكرتهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسترجع شريطا طويلا من الذكريات المؤلمة.
أسعدك الله في الدنيا والآخرة ذكرت الروايتين لتأكيد كلامك في تغليط الشيخ حين قال: "وهو ينظر إلى وجوه كفار قريش بين يديه، ويقلب طرفه في فجاج الحرم، وربما امتد بصره إلى جبال مكة حول الحرم أو إلى شوارعها وطرقاتها "
فكيف يكون ذلك وفي الرويات أنه لم يرفع رأسه تواضعا لله في ذاك الموقف.
وأما مايتعلق بالاستدلال بالطلقاء على العفو فأنا لم أنف أن فيه دلالة على العفو، وإنما ذكرت أن هناك أمثلة أصح فذكرها أولى.
بارك الله فيكم وأنا لم يخف علي عدم نفيكم لذلك، وإنما اعتراضي على هذا المثال من جهة أني أراه صالحا من جهة ثبوته ومعناه؛ أما الثبوت فلا يخفى أنه عفى عنهم سوى نفر يسير، وأما المعنى فلأنه عفوا عام وموقف كبير.
والله أعلم.
ولو تتبعتم الكتاب لوجدتم ذلك بوضوح.
لم أر هذا الكتاب ولم أسمع به إلا من موضوعكم هذا، ومن خلال ما ذكرتم فالكتاب لا يشجع.
وفق الله مؤلفه لكل خير.
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[14 - 06 - 08, 03:25 م]ـ
الدكتور الغانم بسام الغانم ...
وفقك الله.
جهد متميز لاحرمك الله الأجر.
حبذا لو أتحفتنا بقراءة نقدية مماثلة لكتاب ... لاتحزن للقرني
فهو أكثر انتشارا
فقد اقتناه النساء قبل الرجال
والعامة قبل الخاصة
بل لم يخل منه محل من محلات البضائع المخفضة الا ماندر ...
شكر الله سعيك.
ـ[أبو طعيمة]ــــــــ[14 - 06 - 08, 03:40 م]ـ
نقد علمي ماتع ..
عسى أن ينتفع به الدعاة!.
ـ[د. بسام الغانم]ــــــــ[15 - 06 - 08, 07:01 م]ـ
بارك الله فيك ياشيخ عبدالرحمن فقد أحسنت في توضيح استدلالك، وكم لك في هذا الملتقى من نفائس، فلله درك.
وأشكر جميع الإخوة ممن قرأ التعليقات أوقرأ وشارك، وأحب أن أفيدكم بالتالي:
1 - بعث إلي أخي الكريم الشيخ الدكتور محمد العريفي برسالة جوال، هذا نصها:
حبيبنا د. بسام قرأ محبكم تنبيهاتكم الجياد على [استمتع بحياتك] واستفدت منها وأشكر أدبك ولطفك ونصحك لاحرمك الله أجرك محبك: محمد العريفي.
2 - تلقيت اتصالات كثيرة من أهل العلم ومن محبي الشيخ العريفي وقراء كتابه (استمتع بحياتك) أثنوا فيها على التعليقات، ورأوا أنها ضرورية لقراء الكتاب، وللمؤلف أيضا ليعيد النظر في كتابه خصوصا أنه يقال: إن هذا الكتاب يراد له أن ينشر على مستوى العالم ككتاب (لاتحزن) للشيخ القرني.
3 - بعض الإخوة وهم قلة كان لهم عتب على نشر هذه التعليقات، ورأوا أن يكتفى بإرسالها إلى المؤلف.
وهذا إنما يكون لو لم ينشر الكتاب، أو كان نشره محدودا، لكن هذا الكتاب طبع طبعتين، وانتشر انتشارا كبيرا، وهناك حرص كبير على توزيع أكبر قدر ممكن منه، فما فائدة كتمان هذه التعليقات، وقد نشر من الكتاب ألوف النسخ، فكيف يعرف هؤلاء الذين اقتنوا الكتاب ما على الكتاب من ملحوظات؛ ليحذروا الخطأ؟
4 - هناك جمع من طلبة العلم ومن المثقفين عموما لم يكونوا يعرفون شيئا عن ملتقى أهل الحديث فلما أثير موضوع هذه التعليقات ودُلُّوا على مكانها، ودخلوا هذا الملتقى ليقفوا على التعليقات دهشوا مما في هذا الملتقى العظيم من كنوز ودرر، وتمنوا أنهم عرفوه من قبل.
ـ[مصلح]ــــــــ[15 - 06 - 08, 09:02 م]ـ
4 - هناك جمع من طلبة العلم ومن المثقفين عموما لم يكونوا يعرفون شيئا عن ملتقى أهل الحديث فلما أثير موضوع هذه التعليقات ودُلُّوا على مكانها، ودخلوا هذا الملتقى ليقفوا على التعليقات دهشوا مما في هذا الملتقى العظيم من كنوز ودرر، وتمنوا أنهم عرفوه من قبل.
مكسب كبير حقاً
أثابك الله يا دكتور بسام
ـ[ابوعبدالرحيم]ــــــــ[15 - 06 - 08, 09:24 م]ـ
أرجو أن تنظر لطلب الأخ عبدالمصور
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/17)
ـ[علي بن سليمان]ــــــــ[16 - 06 - 08, 12:45 ص]ـ
1 - بعث إلي أخي الكريم الشيخ الدكتور محمد العريفي برسالة جوال، هذا نصها:
حبيبنا د. بسام قرأ محبكم تنبيهاتكم الجياد على [استمتع بحياتك] واستفدت منها وأشكر أدبك ولطفك ونصحك لاحرمك الله أجرك محبك: محمد العريفي.
بسم الله الرحمن الرحيم
جزيت خيرا أخي بسام.
ولئن كنت قد أفرحني لطفك وحسن صياغتك للتعليقات وإرادتك الحق ــ فيما نحسب ــ فقد أفرحني وأعجبني أكثر موقف الحبيب في الله، الشيخ العريفي، برسالته التي تدل على نفس للحق قابلة، وفي الفلاح راغبة ـ فيما نحسب ـ والله يتولى الجميع بلطفه.
جزاكما الله خيرا من شيخين كريمين.
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[17 - 06 - 08, 01:51 ص]ـ
بارك الله في الشيخين
لكن ألا تلحظ يا شيخ بسام أن هناك تقاعس كبير من طلاب العلم عن الدعوة
فلماذا لا يكون سهم طلاب العلم أكبر؟؟
وهل يخشى طالب العلم من لقب واعظ إذا بدأ يدعو إلى الله؟؟
؟؟؟؟؟؟
لله درك: ذكرتني بابن الجوزي رحمه الله حين يتكلم عن مزالق القوم!!
وجزاك الله خيرا ياشيخ بسام على هذه الجواهر النفيسة وسدد الله الشيخ محمد العريفي ووفق الجميع لكل خير
وليتك ياشيخ بسام تعلق على كلام الاخ الحوالي!
وكأني بالقوم سيحتجون بمقولة الامام مالك (كل منا على خير) ومَن مثل الامام مالك قدس الله روحه واعلى منزلته؟!
ـ[أبو محمد القحطاني]ــــــــ[18 - 06 - 08, 02:07 ص]ـ
جزاك الله خيراً على نقدك الممتع
وإن كان هناك بعض الانتقادات الأمر فيها سهل جداً نحو الاستشهاد بالقصص التي لم يثبت إسنادها. .. وغير ذلك.
ـ[سعيد السلفي]ــــــــ[20 - 06 - 08, 07:18 م]ـ
بارك الله في الشيخ الحبيب محمد العريفي
و جزي الله الشيخ بسام خير الجزاء
و ان كنت اظن ان بعض ما انتقده الشيخ علي الكتاب في غير محله
و الله الموفق
ـ[أبو سليمان التميمي]ــــــــ[21 - 06 - 08, 12:05 ص]ـ
د. بسام بارك الله فيك ...
نقدك دقيق ويدل على تمكنك من أصول البحث العلمي نفع الله بك ...
لكن يجدر الانتباه إلى أن الكتاب ليس بحثا علميا، بل كتاب ثقافي موجه للعامة، فمن المعقول أن يتجوز فيه ويتوسع ..
وعلى سبيل المثال انتقادك لعنوان الكتاب لو كان بحثا علميا لكان دقيقا ...
لكن في مثل هذا الكتاب يفهم المقصود وهو إراحة النفس وتطييب الخاطر وعدم التكدير بأمور تافهة ... وهذا لا يتنافى مع النصوص الشرعية .. ولذلك دلت النصوص أن المؤمن يصيبه الهم والغم فهو بهذه الأساليب يتمكن من دفع هذه الدواخل بعون الله ....
وبقية النقاط الأخرى .. مثلا عدم تأصيل المبحث في البداية بآيات وأحاديث، عدم ذكر أقوال أهل العلم ...
أنا أوافقك لو كان بحثا علميا، ولكن في مثل هذا الكتاب فالأمر يختلف ...
الكتاب موجه للعامة بأسلوب بسيط لتعديل بعض السلوكيات الخاطئة ...
وبالمناسبة: لو خرج الكتاب بالأسلوب العلمي لكتابة البحوث فلا أظن أنه سينتشر كما انتشر الآن، ولن ينتفع به إلا النزر اليسر ممن وصل إليهم بقالبه هذا .. وأنا لو علمت أنه سيعدل لبادرت إلى شراء عدد من النسخ قبل أن تظهر الطبعة المعدلة ..
ولا يفوتني أن أنبه إلى أن ملحوظاتكم مهمة وخصوصا طلب التثبت من صحة الأحاديث وتصحيح الأخطاء اللغوية فهذ أمر مهم في كلا الحالين ...
وهذا الكتاب برأيي يعتبر درة نادرة ... فبعد أن قرأت كثيرا من الكتب السلوكية لدينا ومن الكتب المترجمة رأيت قصورا واضحا يجعل الآخرين يتجهون للكتب المترجمة ومنها ما ذكره في البداية: كيف تكسب الأصدقاء .... وغيرها مما يدخلها الغبش والتأثير على المعتقدات في بعض الأحيان ....
فلما خرج هذا الكتاب، بأسلوب مناسب للمجتمع، رأيت أنه قد سد ثغرة كبيرة ...
عموما: تبقى الآراء ووجهات النظر متفقة في الأكثر، وإن حصل اختلاف في بعض الأمور ..
ـ[أبو العباس الحضرمي]ــــــــ[21 - 06 - 08, 12:07 م]ـ
قد اطلعت على الكتاب ووجدت فيه بعض الزلات ومنها قوله في أحد المواضع يريد أن يعلم القارئ كيف تكون الكلمة الطيبة سببا في استجلاب محبة الناس:
[قل له: خدمنا أناسا ما يساوون أثر رجليك]!!
ولا أذكر الصفحة ولعل من يعرفها يفيدنا، #####
#####
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/18)
وثم أُخَرُ ولكني لم أقيدها وجزى الله الدكتور بسام خيرا على تنبيهه وكون الكتاب موجها للعوام يجعله أولى وأحرى بالتمحيص لأن طالب العلم يستطيع أن يميز بخلاف العامي والحق أحق أن يتبع والله أعلم
ـ[ابوفيصل44]ــــــــ[21 - 06 - 08, 07:30 م]ـ
تعليقات د بسام على كتاب استمتع بحياتك للعريفي
على صيغة ( pdb) للأجهزة الكفية ( PDA)
حمل من المرفقات .....
ـ[د. بسام الغانم]ــــــــ[21 - 06 - 08, 09:48 م]ـ
أشكركم جميعا أيها الإخوة الكرام على حسن ظنكم ودعواتكم الطيبة، وأسأل الله أن يحفظكم ويبارك فيكم. وأود التعليق بإيجاز على تساؤلات بعض الإخوة.
أما ماذكره الشيخ أبوالحسن الأثري وفقه الله عما يتعلق بأهمية المحور السادس وهو القصص والأمثال المذكورة في الكتاب، وأنه هذا مما يتساهل فيه، وماذكره الشيخ أبومحمد القحطاني من أن بعض الانتقادات الأمر فيها سهل جداً نحو الاستشهاد بالقصص التي لم يثبت إسنادها؛
فالجواب أن مقصودي من ذلك أن الشيخ العريفي حفظه الله لم يتحر الدقة في تلك القصص والأمثال التي ذكرها، ولو أنه ذكرها كما هي في مظانها لماانتقدناه مالم تحمل معنى باطلا. فقصة الفضيل مع ابن المبارك ذكرها وزاد فيها أمورا لم تذكر في مصادر القصة، وقد خلط بين قصتين مختلفتين. والعجيب أنه لماذكر أبيات ابن المبارك أعقبها بالتتمة المذكورة وفيها:" كلانا على خير"، وجعل ذلك كله لابن المبارك، وهذا لايستقيم مع سياق القصة، فكيف يخاطب ابن المبارك الفضيل بأنه يلعب بالعبادة ثم يقول له: أنت على خير، هذا تناقض! والحاصل أن هذه قصة منقولة لها مصادرها فإذا نقلتها للناس لابد أن تكون أمينا في نقلك، هذا هو المقصود، وليس المقصود الاعتراض عليه في أصل ذكر القصة.
وهكذا في قصة تاجر الأندلس حين ذكر أنها في كتاب طوق الحمامة وأنها على ذمة ابن حزم، ولم نجدها في هذا الكتاب، فالتساهل في القصص لا يعني أن تقدم للناس معلومات مغلوطة، ولاسيما إذا كانت قصة لأعلام معروفين فلابد من تحري الدقة في ذلك.
لو أنك يا أبا الحسن الأثري أو يا أبا محمد القحطاني جرت لك قصة ما، هل يجوز لي أن أنقل قصتك للناس مع اختراعات وزيادات فيها من عندي، وأنسب إليك مالم تقل ومالم تفعل، وأقول: هذه قصة وهو مما يتساهل فيه، هل يجوز هذا؟ وهل تقبل أنت بهذا؟
وقل مثل هذا في الأمثال العربية أو العامية لها مفهوم معروف فتأتي أنت وتنقل المثل للقراء بمفهوم آخر، وتدعي أن هذا هو المقصود من المثل هل هذا يقبل؟ إن تقديم المعلومة المغلوطة للناس مرفوض أيا كان نوع تلك المعلومة.
وسأجيب لاحقاعن سؤال الشيخ الحوالي إن شاء الله. وكذلك سؤال الشيخ التميمي.
ـ[بسام قاروت]ــــــــ[22 - 06 - 08, 09:52 م]ـ
د بسام
بارك الله لك في أهلك ومالك
ـ[د. بسام الغانم]ــــــــ[23 - 06 - 08, 12:29 م]ـ
أما ماذكره الشيخ أبوعبدالله الحوالي من أن هناك تقاعسا كبيرا من طلاب العلم عن الدعوة وتساؤله لماذا لايكون سهم طلاب العلم أكبر؟
فالجواب نعم هناك تقاعس من بعض طلاب العلم عن الدعوة. وهناك طلاب علم ليس عندهم نشاط في الدعوة بالمعنى الضيق أعني المحاضرات والندوات العامة لكن عندهم نشاط في مجالات أخرى للدعوة، فمنهم من يمارس الدعوة في تدريسه الطلاب في المدرسة والجامعة، ومنهم من يعلم جماعة مسجده وحيه، ومنهم من يخطب، ومنهم من يدعو غير المسلمين إلى الإسلام وهكذا، فمجالات الدعوة متنوعة وليست محصورة في المحاضرات العامة.
وهناك طلبة علم عاكفون على التزود من العلم وتحقيق المسائل لترسخ أقدامهم في العلم فيكون نفعهم أعظم، ويرون تأجيل الاشتغال بالمحاضرات والندوات ليتفرغوا لما هم فيه، ولكلٍّ وجهةٌ هو موليها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/19)
لكن هناك نشاطا كبيرا لكثير من طلاب علم آخرين، فلهم دروسهم ومحاضراتهم وخطبهم، ويحرصون في كل مايقدمونه للناس على التزام المنهج الصحيح في الدعوة والتعليم؛ لكن المشكلة في تبني الإعلام لهؤلاء الذين هم أنفع للناس من كثير ممن يبرزهم الإعلام في قنواته. يأتي كبار علماء البلاد إلى مدينة من المدن فيلقون فيها محاضرات متنوعة مليئة بالخير فتذهب للتسجيلات فلاتجدهم سجلوا شيئا من تلك المحاضرات، ولاتجد وسائل الإعلام قد سجلت منها شيئا. ويأتي آخر أقل من أولئك بمراحل، وأغلب محاضرته تهريج إن صح هذا التعبير فتجد التسجيلات تتنافس على التسجيل له وإبراز محاضرته بعناوين بارزة، ووضع أشرطته بطرق جذابة ليقبل الناس على شرائها، وبالتالي يشتهر هؤلاء عند العوام وتكون كلمتهم فيهم أقوى من كلمة أولئك العلماء الكبار.
وقد نقل الذهبي في السير 5/ 447 عن أبي حنيفة قال: قدمت المدينة، فأتيت أبا الزناد، ورأيت ربيعة، فإذا الناس على ربيعة، وأبو الزناد أفقه الرجلين، فقلت له: أنت أفقه أهل بلدك، والعمل على ربيعة؟! فقال: ويحك! كف من حظ خير من جراب من علم.
وقال في ميزان الاعتدال 4/ 95: " قال الليث: رأيت أبا الزناد وخلفه ثلاثمائة تابع من طالب علم وفقه وشعر وصنوف، ثم لم يلبث أن بقي وحده، وأقبلوا على ربيعة، وكان ربيعة يقول شبر من حظوة خير من باع من علم - قال الذهبي معلقا-: اللهم اغفر لربيعة، بل شبر من جهل خير من باع من حظوة؛ فإن الحظوة وبال على العالم، والسلامة في الخمول، فنسأل الله المسامحة ".
والمقصود أنه يمكن أن يشتهر من غيره أولى منه؛ لأسباب وعوامل.
والحاصل أن العلماء لم يقصروا في واجبهم فهم يحاضرون ويدرسون، ولكن هناك توجهات إعلامية لاتخفى عليكم يهمها أن تبرز للناس نوعية معينة من المتكلمين، وتبعد نوعية أخرى عنهم لأهداف معينة.
وأما قول الأخ الحوالي: وهل يخشى طالب العلم من لقب واعظ إذا بدأ يدعو إلى الله؟
فالجواب أن هذا اللقب لايخشى منه، فالله تعالى وعظ عباده: {يعظكم لعلكم تذكرون}، {قد جاءتكم موعظة من ربكم}، والوعظ من مهمة الأنبياء {وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا} {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}. وفي السنن حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه: صلى بِنَا رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ منها الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ منها الْقُلُوبُ.
لكن لقب واعظ صار له مفهوم خاص، فيطلق على من يشتغل بتذكير الناس دون عناية بصحة مايذكره، فيكون همه التأثير فيهم ولو كان بذكر أحاديث مكذوبة أو قصص باطلة.
وطالب العلم عليه أن يلزم السنة في وعظه الناس فيتحرى الصواب ويستظل بالمنهج الصحيح في وعظه وتذكيره. وقد رأينا وسمعنا مواعظ كثيرة لأئمة أهل السنة في زماننا كالشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين والشيخ الألباني رحمهم الله وغيرهم، فكانت كلماتهم مؤثرة وصادقة ومليئة بالخير والبركة مع التزام الحق وتحري السنة واجتناب الخرافات والتمثيل الممجوج.
والمشكلة أن بعض الوعاظ هداهم الله الذين يذكرون كل ماهب ودرج في سبيل التأثير على الناس يتوهمون أن هذا يؤثر في الناس أكثر من تأثير الكتاب والسنة فيهم، وهذا في غاية البطلان، ويغيب عن بالهم أن التأثر الناتج عن تمثيل وتهريج تأثر عارض لافائدة منه، بخلاف التأثر الناتج عن الكتاب والسنة فإنه التأثر النافع الأصيل.
وعلى طالب العلم الذي يعظ الناس أن يتجنب كل الأسباب التي تحوله إلى واعظ بالمصطلح المذكور، وتجعله يخل بالمنهج العلمي الصحيح، كالعناية بالشكل على حساب المضمون، وجعل تأثر الناس غاية يسعى إلى تحقيقها بأي وسيلة ولو كانت مخالفة للشرع، والخوض في كل المجالات التي تقربه للناس ولو كان لايحسنها، وليعتبر بحال من تحول إلى واعظ وليتجنب الأسباب التي أدت به إلى ذلك، والسعيد من وعظ بغيره.
ـ[د. بسام الغانم]ــــــــ[23 - 06 - 08, 12:31 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/20)
أما الشيخ أبوسليمان التميمي فأنا أتعجب من قوله:"وأنا لوعلمت أنه سيعدل لبادرت إلى شراء عدد من النسخ قبل أن تظهر الطبعة المعدلة " مع أنه يقول:" ملحوظاتكم مهمة وخصوصا طلب التثبت من صحة الأحاديث "، فإذا كانت الملحوظات مهمة، والتثبت من الأحاديث مطلوبا فكيف يفضل بقاء الكتاب على صورته الأولى قبل التعديل؟ هذا تناقض؟!
وأما قوله:" الكتاب ليس بحثا علميا، بل كتاب ثقافي موجه للعامة، فمن المعقول أن يتجوز فيه ويتوسع " فأرد عليه بالتالي:
1 - هل الكتاب الثقافي الموجه للعامة يجوز أن تذكر فيه المعلومات مغلوطة؟ وصدق الأخ الشيخ أبوالعباس الحضرمي حين قال:" وكون الكتاب موجها للعوام يجعله أولى وأحرى بالتمحيص لأن طالب العلم يستطيع أن يميز بخلاف العامي"، وهذا حق، ولو كان الكتاب موجها لطلبة العلم لما كتبت في نقده لأن طلاب العلم يعرفون ذلك ويميزون، ولكنه لما كان موجها للعامة، فسيأخذون مايقوله الشيخ العريفي مسلمات، لثقتهم فيه لشهرته، ولكونه مختصا في الشريعة. ولأضرب مثلا: لو أن جماعة من قراء الكتاب تأثروا بقصة سلمان وعمر رضي الله عنهما التي ذكرها العريفي وهي باطلة، وقالوا: مادام الصحابي ثار على الخليفة عمر وأعلن نقض السمع والطاعة لأجل ثوب استأثر به عليهم، فنحن لنا العذر في أن نثور على الحاكم لاستئثاره علينا بالأموال، فماذا ترى ياأبا سليمان؟ هل تؤيد إبقاء هذه القصة الباطلة المخالفة للنصوص الشرعية ولعقيدة أهل السنة والجماعة، هل تؤيد إبقاءها في الكتاب الذي تريد أن تشتري منه نسخا قبل أن يعدل؟!
وليُعلم أن أصل نقد الكتاب منصب على عدم التثبت من بعض مايذكره من الأحاديث والأخبار، فلو أن المؤلف التزم التثبت في كل مايذكره لما كتبت في نقده، وبقيت المسائل الأخرى محل نقاش لاتفرد بنقد، لكن المؤلف لما أورد في كتابه من الأحاديث والأخبار مايجب التنبيه عليه، وكتبت نقدي في ذلك، رأيت أن أعلق على كل ماأرى التعليق عليه مناسبا وإن كان خطأ يسيرا، والشيء بالشيء يذكر.
2 - الأمر الآخر الذي أحب أن أنبه أخي التميمي عليه أن العامة لاتنتظر من الشيخ العريفي وأمثاله من المختصين في الشريعة أن يؤلف كتابا فيه قصص وحكايات يسليهم بها، فهذا أمر يفعله العوام فمنهم قصاص يأسرون قلوب الحاضرين في المجالس حين يذكرون ماعندهم من القصص. وإنما المنتظر منه أن يؤلف كتابا يقرب فيه ماعنده من العلم الشرعي بأسلوب يقبله جمهوره من العوام، لا أن يعرض عن نصوص الكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة كمايرى الأخ التميمي بحجة أن الكتاب ليس علميا وإنما هو كتاب ثقافي موجه للعامة، أقول: هل الكتاب والسنة خاصان بالعلماء دون عامة الناس؟ إنه لايصلح آخر هذه الأمة إلا ماأصلح أولها كما قال الإمام مالك، فالواجب ربط العامة بدينهم، فيربون على الكتاب والسنة بمنهج سلف الأمة، ويُعَلَّمون أن كل مايحتاجون إليه يجدونه في دينهم، فالمادة العلمية واحدة، ولكن هنا يأتي دور الأسلوب فيستعمل المؤلف خبرته في تقديم تلك المادة في أسلوب يجذب جمهوره من العوام، ولامانع بعد أن يؤصل المسألة من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة بإيجاز وبأسلوب مناسب أن يذكر تجاربه وقصصه وذكرياته التي تخدم المسألة.
وغالب الموضوعات التي طرقها ليست جديدة كماذكرت بل فيها نصوص شرعية وعناية من العلماء ببحثها، فلماذا نترك هذا الأصل الأصيل بمافيه من الخير والنور، ونذهب نعلم العامة تلك الموضوعات من قصص وحكايات ونكت؟ {أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير}.
3 - أننا لم نطالب بأن يخرج الكتاب في صورة بحث علمي فيه توثيق كامل للمعلومات، وإنما نطالب بوضع منهج صحيح يلتزم به المؤلف، كأن يقول في أول الكتاب: إنني لن أشتغل بالعزو والتخريج، لكنني لن أضع في كتابي إلا ماهو ثابت، ومنقول من مصدره المعتبر، حتى يثق القارئ فيما يقدم إليه. لو فعل ذلك والتزم به لما انتقدناه.
4 - أن نفي الأخ التميمي كون الكتاب علميا وإصراره على أنه كتاب ثقافي للعامة فقط هذا شيء لايسلم به المؤلف نفسه فقد كتب على غلاف الكتاب: فنون التعامل مع الناس في ظل السيرة النبوية، حصيلة بحوث ودورات وذكريات أكثر من عشرين سنة، وذكر في مقدمته أن هذا الكتاب ليس وليد شهر أو سنة بل هو نتيجة دراسات قام بها لمدة عشرين عاما.
فكلام الأخ التميمي فيه إزراء بالكتاب وإن لم يشعر بذلك، فقد ظل المؤلف عشرين سنة يؤلف فيه فهو حصيلة بحوث ودورات ودراسات، وكتاب بذل فيه مؤلفه هذا كله لايرقى في نظر الأخ التميمي إلى أن يكون كتابا علميا، وإنما هو كتاب ثقافي موجه للعامة فقط.
والمؤلف لم يرد لكتابه أن يكون مجردكتاب ثقافي للتسلية، بل قال في ص16: " مهارات مدروسة منورة بنصوص الوحيين ". ولهذا ذكر فيه كثيرا من الأحاديث وقصص السيرة، واستنبط منها واستدل بها على قواعد في التعامل هو يراها، لكن فاته ماهو أهم كمابينت ذلك في تعليقاتي.
وأشكركم جميعا أيها الإخوة، وأسأل الله أن يحفظكم، ويبارك فيكم، وأن يجعلنا جميعا هداة مهتدين موفقين مسددين مستمسكين بالحق دائرين معه حيثما دار.
وليكن هذا التعليق آخر مشاركة لي في هذا الموضوع، حرصا على الوقت، والواجبات أكثر من الأوقات، وقد قال تعالى: {كلا لما يقض ماأمره}، قال مجاهد: لا يقضي أحد أبدا كل ما فرض عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/21)
ـ[أبو حفص المكي]ــــــــ[24 - 06 - 08, 05:40 م]ـ
شكر الله لك يا دكتور بسام .. فنحسبك والله حسيبك انك ارد الخير ويدل على ذلك عنوان الموضوع ..
وليتك خاطبت الشيخ قبل انزال التعليقات، وتناقشت معه، فالوصول للشيخ سهل جدا، بالذات مع وجود البريد الالكتروني ...
شكر الله سعيك وبارك في جهدك ..
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[24 - 06 - 08, 05:58 م]ـ
وليتك خاطبت الشيخ قبل انزال التعليقات، وتناقشت معه، فالوصول للشيخ سهل جدا، بالذات مع وجود البريد الالكتروني ... ..
بما أن الشيخ ترك المشاركة فسأتبرع بنقل كلامه السابق وهو جواب على هذا الإيراد الذي ذكره ألأخ:
3 - بعض الإخوة وهم قلة كان لهم عتب على نشر هذه التعليقات، ورأوا أن يكتفى بإرسالها إلى المؤلف.
وهذا إنما يكون لو لم ينشر الكتاب، أو كان نشره محدودا، لكن هذا الكتاب طبع طبعتين، وانتشر انتشارا كبيرا، وهناك حرص كبير على توزيع أكبر قدر ممكن منه، فما فائدة كتمان هذه التعليقات، وقد نشر من الكتاب ألوف النسخ، فكيف يعرف هؤلاء الذين اقتنوا الكتاب ما على الكتاب من ملحوظات؛ ليحذروا الخطأ؟
.
ـ[العزومى]ــــــــ[24 - 06 - 08, 10:18 م]ـ
جزاكم الله خيراً أخى د. بسام على تعليقاتكم الطيبة ..
وبارك الله فى الشيخ العريفى وفى قلمه ..
وهذا نقل لموضوعكم فى منتدى أنا المسلم:
http://www.muslm.net/vb/showthread-t_300591.html
تح ـياتى
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[08 - 07 - 08, 06:24 ص]ـ
أشكر الشيخ بساما على هذا الرد الراقي الذي ينبئ عن علم، وحكمة،وأقول: أكثر الله من أمثالك يا شيخ.
والأمر الآخر أن المؤلف جعل بول الأعرابي سابقا على صلاته ودعائه المذكور، وجعل سبب تخصيص الأعرابي نفسه مع النبي صلى الله عليه وسلم دون غيرهما أنه صلى الله عليه وسلم كسب قلب الأعرابي برفقه به بعد بوله، والواقع أن الروايات تفيد عكس ماذكره المؤلف
في مصنف عبد الرزاق:
عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أعرابيا (بال) في المسجد، فقام إليه القوم فانتهروه وأغلظوا له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعوه، وأهريقوا على بوله سجلا من ماء - أو دلوا من ماء - فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين، ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم والأعرابي خلفه، فبينا هم يصلون إذ قال الأعرابي: اللهم ارحمني ومحمدا، ولا ترحم معنا أحدا فلما انصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: لقد تحجرت واسعا.
ـ[حسام1]ــــــــ[08 - 07 - 08, 11:09 ص]ـ
أول علة فيه هو أنه مرسل،،،
والثانية قلبه ومخالفته لرواية الثقات،،،
فكيف يعارض بالمتصل الصحيح!
ـ[الموسى]ــــــــ[08 - 07 - 08, 12:25 م]ـ
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
وانتهز الفرصة و أتسأل لماذا لا يُطبق هذا المنهج العلمى الرصين فى ملتقانا المبارك
اضم صوتي لصوتك
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[08 - 07 - 08, 12:45 م]ـ
أول علة فيه هو أنه مرسل،،،
والثانية قلبه ومخالفته لرواية الثقات،،،
فكيف يعارض بالمتصل الصحيح!
أخي هذه فائدة دونها عندك، وليس القصد هو الترجيح، وإنما القصد أن هناك رواية، خاصة أن مفهوم كلام الشيخ بسام أنه لم تمر عليه رواية بالتقديم والتأخير، وإلا فأنا أعلم سلفا أنها ضعيفة، ولكن: أولا لأن الأخ الشيخ بسام استنكر وجود مثلها، وثانيا: ولأنها فائدة كنت أعرفها قديما لكني لم أعد أذكر أين مصدرها فكتبتها، وإلا فإن الرواية لو صحت لم يستفد منها حكم زائد على الروايات الصحيحة.
والله أعلم.
ـ[حسام1]ــــــــ[08 - 07 - 08, 02:40 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الفائدة،،،
ـ[فواز وهيب]ــــــــ[21 - 12 - 09, 08:26 م]ـ
جزاك الله خير ا فلو ان اهل العلم سكتوا عن اخطاء بعضهم لضاعت الشريعة وفقك الله وجميع الذابين عن الدين بل مثل هذا من اعظم الجهاد وتنزيه الشريعة من كل ما يدخلها
ـ[أبو حاتم المهاجر]ــــــــ[30 - 12 - 09, 11:37 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ..
والاجدار بالدعاة سؤال المشايخ والكل في فنه حتى لاتتكرر هذه الاخطاء ونشر بعض الاحاديث والقصص الضعيفة والمكذوبة.
ونفع الله بالشيخ العريفي.
ـ[أبو عبد الرحمان القسنطيني الجزائري]ــــــــ[17 - 01 - 10, 10:32 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[احمد ابو انس]ــــــــ[17 - 01 - 10, 06:08 م]ـ
جزاكم الله خيرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/22)
ـ[يوسف محمد القرون]ــــــــ[19 - 05 - 10, 02:31 م]ـ
نقول جزى الله الدكتور بسام خيراً على هذه التعليقات المفيدة
و الشيخ الدكتور العريفي نحسبه من أهل الصدع بالحق في الدعوه فهو ممن لم يتلوّن كغيره من الدعاه و هو من الذين أتقنو استخدام الوسائل الحديثة في الدعوة مع الثبات على المبادئ
و الشيخ ليس من الوعاظ فقط كما يقول البعض .. لا .. يجب أن ننزل الناس منازلهم فهو لم يكن يوماً حفظه الله من الذين يعظون أو يُدرسون من غير علم و لا بصيره فالشيخ له قدم سبق في الدعوة و الافتاء أيضاً و هو ممن لا تضعف همتهم (في الظاهر) يجوب الأرض للدعوه على علم و هدى وفقه الله لكل خير
و في كتاب الشيخ الأخير المسمى بـ"نهاية العالم" استدرك ما أخطأ به من كتابة الأحاديث الضعيفه فقد عرض الكتاب قبل نشره على الشيخ المحدث / عبدالعزيز الطريفي -حفظه الله- مع أنه يصغره سناً و هذا من تواضعه و معرفة قدر النفس و كذلك عرض الكتاب الشيخ سلمان العوده و الشيخ عبدالعزيز العبدللطيف -حفظهم الله جميعاً-
و أحسب أنه طبق نصيحة الدكتور بسام وفقه الله .. و للعلم فالكتاب طبع منه 320 ألف نسخه! و لعله طبق نصيحة الدكتور بسام في عرض الكتاب على المختصين فيكون للدكتور بسام نصيب من الثواب!
و هذه سيرة الشيخ محمد العريفي حتى لا يظن الظان أنه من القصاصين أو من الذين برزو قبل وقتهم و لم يتتلمذو على يد المشايخ المعروفين ..
+ بيانات شخصية:
· من مواليد عام 1390هـ (1970م).
· ينتسب إلى فخذ الجبور من قبيلة بني خالد.
+المؤهلات العلمية:
· شهادة الدكتوراه في أصول الدين، في العقيدة والمذاهب المعاصرة، وعنوان الرسالة "آراء شيخ الإسلام ابن تيمية في الصوفية، جمع ودراسة" بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى عام 1421هـ (2001م) من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.
· شهادة الماجستير في أصول الدين، في العقيدة والمذاهب المعاصرة، وعنوان الرسالة "الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية، لابن القيم، تحقيق ودراسة، وهي نونية ابن القيم" بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى عام 1416هـ (1996م) من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.
· شهادة البكالوريوس في أصول الدين عام 1411هـ (1991م) من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.
+الإجازات العلمية:
· إجازة في القرآن الكريم من شيخ قراء اليمن الشيخ يحي الحليلي.
· إجازة في القرآن الكريم من شيخ قراء مصر الشيخ المعصراوي.
· إجازة في القرآن الكريم من الشيخ القارئ محمد الطبلاوي
· إجازة حديثية من الشيخ القاضي المحدث إسماعيل بن علي الأكوع.
· إجازة حديثية من الشيخ القاضي المحدث محمد بن إسماعيل العمراني اليمني.
· إجازة حديثية من الشيخ المسند المغربي أبي خبزة.
+التزكيات:
يحمل تزكيات من مشايخه الذين قرأ عليهم.
+العضويات المتخصصة:
· عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
· عضو الهيئة العليا للتنمية البشرية التابعة لرابطة العالم الإسلامي
· عضو مجلس الأمناء بالهيئة العليا للإعلام الإسلامي التابعة لرابطة العالم الإسلامي
· عضو في عدد من المكاتب الدعوية والهيئات الإسلامية.
+أنشطة أخرى:
· مستشار غير متفرغ لعدد من الهيئات الإسلامية.
· محاضر متعاون لعدد من الجامعات في الداخل والخارج.
+السيرة الوظيفية:
· خطيب جامع البواردي بالرياض منذ عام 1426هـ (2006م) إلى الآن.
· عضو هيئة تدريس بجامعة الملك سعود منذ عام 1413هـ (1993م) إلى الآن.
· إمام وخطيب جامع الكلية الأمنية من 1413هـ إلى 1426هـ (1993م- 2006م)
· موجهاً ومستشاراً شرعياً في الشئون الدينية بالقوات المسلحة لمدة عام 1412هـ (1992م).
+مشائخه:
· درس شيئاً من الفرائض على الشيخ الفرضي د. عبد الكريم اللاحم عام 1423هـ (2003م).
· درس الفقه والتوحيد والملل والنحل على الشيخ د. عبد الله بن جبرين رحمه الله من عام 1413 - 1421هـ (1993م – 2001م).
· درس التفسير والفقه وغيرها على سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله بدروس متفرقة من عام1413 - 1419هـ (1993م – 1999م).
· درس الفقه على الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك خلال 1415 - 1418هـ (1995م – 1998م).
· درس التوحيد وغيره على الشيخ عبد الله بن قعود رحمه الله خلال 1413هـ - 1418هـ (1993م- 1998م).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/23)
· قرأ في الفقه على عدد من المشايخ في المدينة النبوية في أعوام متفرقة.
+الدروس العلمية:
· درس يلقيه في التفسير في جامع الدخيل بالرياض بدأ عام 1427هـ. (وحضور هذه الدروس يتراوح ما بين ال400 - 600طالب علم أسبوعياً).
· درس يلقيه في شرح سلم الوصول في جامع الحديثي بالرياض بدأ عام 1422هـ.
· درس يلقيه في شرح عمدة الفقه في جامع الحديثي ثم جامع الدخيل بالرياض بدأ عام 1422هـ.، وقد توقفت هذه الدروس مؤقتاً.
· دورات علمية متنوعة في شرح أصول الإيمان، وأشراط الساعة، والسيرة النبوية، وغيرها ..
+المشاركات والمؤتمرات:
· شارك بمئات المحاضرات العامة في المساجد والمخيمات الشبابية في الداخل والخارج.
· شارك في تقديم عدد من الدورات العلمية الشرعية، في داخل المملكة وخارجها.
· شارك في عدد من الملتقيات والمؤتمرات في الداخل والخارج (منها: مؤتمر الحوار الوطني بالمملكة، ومؤتمر حقوق المسنين بقطر، ومؤتمر نصرة النبي صلى الله عليه وسلم بالبحرين، ومؤتمر الإسلام والحضارات بالأرجنتين، ومؤتمر أطباء الحرمين بالمملكة، ومؤتمر حقوق النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، وغيرها .. ).
· حضر وقدم دورات تدريبية متنوعة في مهارات تطوير الذات، وفنون التعامل مع الآخرين، وفنون التفاوض والإقناع، ومهارات الإلقاء، وعلم الاتصال، وغيرها.
· مشاركات إعلامية في القنوات الفضائية المتنوعة (بلغت خلال عشر سنوات أكثر من ألف لقاء ما بين مسجل ومباشر).
+المؤلفات:
بلغت أكثر من عشرين عنواناً، تباع بسعر رمزي:
· كتاب: الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية، لابن القيم، تحقيق ودراسة، وهي نونية ابن القيم، في مجلدين، وهي رسالة الماجستير.
· كتاب: " موقف ابن تيمية من الصوفية " في مجلدين، وهي رسالة الدكتوراه.
·كتاب نهاية العالم (في أشراط الساعة) طبع منه فب الـ100يوم الأولى 320ألف نسخة.
· كتاب: استمتع بحياتك، صدر 1428هـ (2008م) وطبع منه 3مليون نسخة.
· كتاب: المفيد في تقريب أحكام المسافر (طبع ثلاث طبعات).
· كتاب: المفيد في تقريب أحكام الأذان (طبع طبعتان).
· كتاب: الدرر البهية في الألغاز الفقهية (طبع طبعتان).
· كتاب: هل تبحث عن وظيفة (في الدعوة إلى الله، طبع منه مليونا نسخة).
· كتاب: اركب معنا (في أهمية التوحيد، طبع منه أربعة ملايين نسخة).
· كتاب: إنها ملكة (طبع منه مليون ونصف نسخة).
· كتاب: في بطن الحوت (طبع منه مليون ونصف نسخة).
· كتاب: إلا ليعبدون (شرح مصور للعبادات: الصلاة والزكاة والصوم والحج، طبع منه مليون نسخة).
· كتاب: رحلة إلى السماء (طبع منه مليون ونصف نسخة).
· كتاب: عاشق في غرفة العمليات (توجيهات للأطباء والمرضى، طبع منه 700ألف نسخة).
· كتاب: صرخة في مطعم الجامعة (رواية حول الحجاب وأدلته) (طبع منه مليون ونصف نسخة).
· كتاب: الدرر البهية من فتاوى ابن تيمية.
· كتاب: زبدة الفوائد من كتب ابن تيمية.
· مطوية: أذكار المسلم اليومية (طبع منها عشرون مليون نسخة، خلال ثلاث سنوات).
· مطوية: أين تذهبون؟ (في السحر والعين، طبع منها ثمانية ملايين نسخة).
· مطوية: ماذا تفعلين هناك؟ (توجيهات للأخوات، طبع منها سبعة ملايين نسخة).
· مطوية: هل طرقت الباب؟ (في قصص تائبين، طبع منها خمسة ملايين نسخة).
· مطوية: كم إلهاً تعبد؟ (في أهمية التوحيد، طبع منها أربعة ملايين نسخة).
+الخطب والمحاضرات المسجلة:
· محاضرات المسجلة المنشورة، في الانترنت وغيره.
· خطب جمعة وعيد واستسقاء مسجلة صوتاً وصورة منشورة.
+المشاركات الصحفية:
وهي ليست زوايا ثابتة، بل في مواضيع متفرقة بين الفينة والأخرى.
(رقم جوال الشيخ العام 00966505845140)
والله أعلى وأجل .. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله ..
اللجنة العلمية بمكتب د. محمد العريفي
1/ 4/1431هـ (17/ 3/2010م)
http://www.arefe.com/PCV.aspx[/CENTER](97/24)
الدورة الصيفية2 بجامع البواردي بحي العزيزية بالرياض
ـ[أبوحبيب2]ــــــــ[12 - 06 - 08, 01:05 م]ـ
تم الإعلان عن الدروس العلمية الصيفية 2 بجامع البواردي بحي العزيزية بالرياض
في الفترة بين 24/ 6 - -7/ 7/1429هـ
مميزات الدورة:
1. توزيع كتب الدورة مجاناً.
2. سكن خاص للطلاب من خارج الرياض.
3. بث مباشر للدورة على موقع البث الاسلامي.
4. مكان للنساء ولذوات الأعذار.
5. شهادات حضور واجتياز للطلاب.
وإليك إعلان الدورة بالصور عن الدروس والمشائخ:
http://up3.m5zn.com/get-6-2008-4zgeytpxak9.jpg
http://up3.m5zn.com/get-6-2008-uaq8o442gj9.jpg
http://up3.m5zn.com/get-6-2008-vvakv5mq2wh.jpg(97/25)
أحتاج ملفات باللغة الانجليزية تخص العلم والزواج
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[12 - 06 - 08, 01:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإخوة الأفاضل
أحد العرب تزوج من ابنة خالته الأمريكية المسلمة
فلا هو يتقن الانجليزية
ولا هي تعرف العربية
فهو يلح عليكم أن تساعدوه على الحصول على كتب أو ملفات صوتية أو مرئية
تخص
- طلب العلم ومصادره التي يؤخذ منها
- أحكام العقيدة والتوحيد
- أحكام الحيض
- أحكام الزواج والطلاق
* * *
باللغة الانجليزية
* * *
الأمر مستعجل
بارك الله فيكم
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[12 - 06 - 08, 03:14 م]ـ
موقع دار الإسلام ( http://www.islamhouse.com/pg/9661/books/1) تجد فيه مبتغاك إن شاء الله،
و في موقع الشّيخ بن عثيمين ( http://www.ibnothaimeen.com/all/eBook-i.shtml) رحمه الله تعالى تجد كتبا بالإنجليزيّة كذلك.
و للملتقى قسم خاص باللّغة بالإنجليزيّة ( http://www.ahlalhdeeth.cc/vbe/)،
فلعلّ المشرفين هناك يزوّدونك بالمزيد.
وفّقكم الله.
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[12 - 06 - 08, 05:14 م]ـ
جزاك الله خيراً يا أخي عبد الله
****
قسم الشبكة الإسلامية باللغة الانجليزية ( http://www.islamweb.net/ver2/MainPage/indexe.php)
المزيد المزيد يا إخوة
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[13 - 06 - 08, 12:44 م]ـ
للرفع
ـ[المطلبي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 06:52 م]ـ
ويمكن الإستفادة هذا القسم أيضاً
http://www.mktaba.org/vb/forumdisplay.php?f=45
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[18 - 06 - 08, 01:34 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أخي الكريم(97/26)
هل تعتبر تغطية الرجلين للمرأة شرط في صحة الصلاة
ـ[فاضيل خليد]ــــــــ[12 - 06 - 08, 04:01 م]ـ
هل تعتبر تغطية الرجلين للمرأة شرط في صحة الصلاة
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[12 - 06 - 08, 04:18 م]ـ
يجب ستر القدمين، عند جمهور العلماء.
وفّقكم الله.
ـ[أبو السها]ــــــــ[12 - 06 - 08, 08:39 م]ـ
قدم المرأة
رُوِيَ عن محمد بن زيد بن قنفذ عن أمه (أم حرام) عن أم المؤمنين أم سلمة t أنها سألت النبي r: « أتصلي المرأة في دِرْع (أي قميص) وخمار (غطاء الرأس) ليس لها إزار؟». فقال: «لا بأس إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها (أي أعلاهما وظاهرهما، وليس أسفلهما)». وهذا الحديث احتجوا به على مذهب أبي حنيفة (والثوري والمزني) الذي أجاز فيه للمرأة إظهار قدمها في الصلاة قياساً على الكف. وليس في الحديث إشارة إلى خارج الصلاة ولا إلى باطن القدم. والحديث أخرجه أبو داود والحاكم مرفوعاً، ولم يصح من هذا الطريق. فقد أخرجه مالك موقوفاً في موطّئِه (1|142) عن محمد بن زيد بن قنفذ عن أمه أنها سألت أم سلمة زوج النبي r: « ماذا تصلي فيه المرأة من الثياب؟». فقالت: «تصلي في الخمار والدرع السابغ، إذا غيب ظهور قدميها». ورجح الحافظ الدارقطني الموقوف فقال إنه الصواب. ووافقه الحفاظ على ذلك.
وهذا واضحٌ فقد رواه مالك وابن أبي ذئب وهشام بن سعد وبكر بن مضر وحفص بن غياث وإسماعيل بن جعفر ومحمد بن إسحاق وأبو عسال محمد بن مطرف والدراوردي عن محمد بن زيد عن أمه عن أم سلمة موقوفاً. ورواه عثمان بن عمر عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن محمد بن زيد عن أمه عن أم سلمة مرفوعاً. وعبد الرحمن هذا ضعيف. ضعفه يحيى، وقال أبو حاتم الرازي لا يحتج به، وقال عنه ابن حجر صدوق يخطئ. وقد خالف الجمع الكبير ممن هم أوثق منه. فمثل هذا الحديث الموقوف ليس بحجة، لأن راوية الحديث –أم حرام– مستورة، قال عنها الذهبي في ميزان الاعتدال (7|477): «لا تُعرَف». ولذلك قال الألباني في "تمام المنة" (ص161): «لا يصح إسناده لا مرفوعاً ولا موقوفاً، لأن مداره على أم محمد بن زيد، وهي مجهولة لا تُعرف».
وأخرج النسائي والترمذي وصححه عن ابن عمر قال: قال رسول الله r: « من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة». فقالت أم سلمة: «فكيف يصنع النساء بذيولهن؟». قال: «يرخين شِبراً». قالت: «إذاً ينكشف أقدامهن!». قال: «فيرخينه ذراعاً، لا يزدن عليه». قلت: أصل الحديث صحيحٌ متفقٌ عليه، ولكن زيادة "فقالت أم سلمة ... "، فما بعدها هي مدرجة من قول نافع وليس من قول ابن عمر. ولذلك لم يخرجها لا البخاري ولا ومسلم مع إخراجهم لهذا الحديث عن نافع وعن غيره عن ابن عمر t. وهي مرسلة، فقد ذكر ابن الجوزي أنه لا يصح لنافع سماع من أم سلمة أم المؤمنين t.
وللقصة شاهد ضعيف جداً عن أحمد (2|18) وأبي داود (4|65): من طريق زيد العَمّي (ضعيف جداً) عن أبي الصديق الناجي عن ابن عمر قال: «رخّص رسول الله r لأمهات المؤمنين في الذيل شبراً. ثم استزدنه، فزادهن شبراً. فكنّ يرسلن إلينا، فنذرع لهن ذرعاً». وهذا الحديث أنكره ابن عدي في الكامل (3|201).
ولكن للحديث طرقٌ أخرى لا بأس بها، كلها عن نافع. وقد استوعب النسائي هذه الطرق في سننه الكبرى (5|493) مرتبة منسقة مبتدئاً بالرواية الخطأ كعادته. وذكر هذا ابن السني مختصراً في المجتبى (8|209). قال الحافظ ابن رجب في "شرح علل الترمذي" عن سنن النسائي: «تجد النسائي إذا استوعب طرق الحديث، بدأ بما هو غلط، ثم يذكر بعد ذلك الصواب المخالف له». وخلاصة هذه الطرق هي:
1– أيوب ويحيى بن أبي كثير عن نافع عن أم سلمة.
3– حماد بن مسعدة عن حنظلة بن أبي سفيان قال سمعت نافعا يقول حدثتنا أم سلمة.
4– الوليد بن مسلم عن حنظلة بن أبي سفيان قال سمعت نافعا يحدث قال حدثني بعض نسوتنا عن أم سلمة.
5– أيوب بن موسى ومحمد بن إسحاق عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد (امرأة ابن عمر، أخت المختار) عن أم سلمة.
6 – عبيد الله عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة. قال النسائي: مرسل!
7– محمد بن عبد الرحمن بن غنج عن نافع عن أم سلمة. قال النسائي: مرسل. وهذه تشبه الرواية الأولى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/27)
وسماع نافع من أم سلمة t الراجح أنه وهم، والصواب أنه لا يصح له سماعٌ منها. فبقيت روايتين: رواية نافع عن صفية عن أم سلمة، ورواية نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة. وكلتا الروايتين متصلتين، ولكن ظاهر فعل النسائي أن رجح الثانية، وجعلها مرسلة. وهذا عجيب إذ لا أعلم أين الانقطاع فيه. فالحديث إذاً فيه اضطرابٌ، ولكن رجاله ثقات، ونافع ثقة ثبت يجوز عليه تعدد الأسانيد. لكن يبقى في النفس شيء بسبب ترجيح النسائي، والله أعلم.
وأحسن إسنادٍ لهذا الحديث ما رواه مالك في الموطأ برواية يحيى (2|915): عن أبي بكر بن نافع عن أبيه نافع مولى بن عمر عن صفية بنت أبي عبيد أنها أخبرته عن أم سلمة زوج النبي r أنها قالت حين ذُكِر الإزار: «فالمرأة يا رسول الله؟». قال: «ترخيه شبراً». قالت أم سلمة: «إذاً ينكشف عنها!». قال: «فذراعاً لا تزيد عليه». وأخرجه أبو داود من طريق مالك بلفظه. وليس في الحديث ذِكر الرِّجْل، ولعله مرويٌّ بالمعنى، والله أعلم.
وأحسن منه ما رواه النسائي في المجتبى (8|209): عن محمد بن عبد الأعلى عن النضر بن سليمان قال حدثنا عبيد الله عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة قالت: «سئل رسول الله r كم تجر المرأة من ذيلها؟ قال: شبراً. قالت: إذاً ينكشف عنها! قال: ذراع لا تزيد عليه». وهذا الحديث ليس فيه ذكر الصلاة كما ترى.
قال شيخ الإسلام في فتاواه (22|114): «القدم يجوز إبداؤه عند أبي حنيفة، وهو الأقوى. فإن عائشة جعلته من الزينة الظاهرة، قالت: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قالت: "الْفَتْخُ" حَلَقٌ من فِضةٍ تكون في أصابع الرجْلين. رواه ابن أبي حاتم. فهذا دليلٌ على أن النساء كُنّ يُظهرن أقدامهن. أوّلاً: كما يُظهِرن الوجه واليدين، كنّ يُرخين ذُيولَهُن. فهي إذا مشت، قد يظهر قدمها. ولم يكنّ يمشين في خِفافٍ وأحذية. وتغطية هذا في الصلاة فيه حرجٌ عظيم. وأم سلمة قالت: "تصلي المرأة في ثوبٍ سابِغٍ يغطي ظهر قدميها". فهي إذا سجدت، قد يبدو باطن القدم ... ».
و سبب الخلاف في مسألة قدم المرأة هو في قوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} هل القدم مما ظهر منها أم لا؟ قال الإمام السّرخسي الحنفي في كتابه المبسوط (10|153): «لا شك أنه يباح النظر إلى ثيابها ولا يعتبر خوف الفتنة في ذلك، فكذلك إلى وجهها وكفها. وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه يباح النظر إلى قدمها أيضاً. وهكذا ذكر الطحاوي، لأنها كما تبتلى بإبداء وجهها في المعاملة مع الرجال، وبإبداء كفها في الأخذ والإعطاء، تبتلى بإبداء قدميها إذا مشت حافية أو متنعلة، وربما لا تجد الخف في كل وقت. وذكر في جامع البرامكة عن أبي يوسف أنه يباح النظر إلى ذراعيها أيضاً، لأنها في الخَبز وغسل الثياب تبتلى بإبداء ذراعيها أيضاً».
منقـ ـول
ـ[محمود المدني]ــــــــ[12 - 06 - 08, 09:02 م]ـ
الجمهور على أنهما عورة وخالف في ذلك الأحناف وصوّبه بعض الحنابلة وقال ابن عثيمين إنه هو الأقرب للصواب, وانظري هذه الروابط:
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Option=FatwaId&Id=4523
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_3872.shtml
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_3010.shtml
ـ[فاضيل خليد]ــــــــ[12 - 06 - 08, 10:44 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم والسؤال المطروح هو:
ماهو الراجح عند أهل العلم في صلاة المرأة مكشوفة الرجلين هل عليها شيء أم صلاتها غير صحيحة
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[13 - 06 - 08, 12:58 ص]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم والسؤال المطروح هو:
ماهو الراجح عند أهل العلم في صلاة المرأة مكشوفة الرجلين هل عليها شيء أم صلاتها غير صحيحة
وجزاكم الله خيرا
مشاركة الأخ محمود المدنيّ، تجد فيها الجواب،
وفّقكم الله.(97/28)
قربت الإجازة: زواج المتعة (والزواج بنية الطلاق)!!!
ـ[صالح الديحاني]ــــــــ[12 - 06 - 08, 04:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأخوة: قد قربت الإجازة وبدأ بعض الناس يعد عدته للسفر بنية السياحة والزواج بنية الطلاق!
فأحب أن أسأل ما هي الفوارق الحقيقية - التي تؤثر في الحكم - بين المتعة والزواج بنية الطلاق ..
لأن الكثير من الشيعة يقول أن "الزواج بنية الطلاق" مجرد حيلة لإباحة المتعة ..
ولا يفرق إلا بوجود ورقة تثبت الزواج مع إذن الولي ..
لأن واقع الزواج بنية الطلاق في هذا الزمن مشابه للمتعة من ناحية التوقيت (وهو من أهم الفوارق) فإن الزوج ينوي الفراق بمجرد نهاية الرحلة .. والزوجة والولي يعلمان ذلك وإن لم يصرح لهما الزوج بذلك .. وهدفهما المال فقط .. ويذهب الزوج ولا يعلم ما يجري لها فيما بعد .. ولو حملت منه فإنه لا يعلم عنها شيئاً ..
فما هو الفارق الحقيقي المؤثر بين هذا الزواج وبين المتعة .. ؟؟!!!
ـ[عبد الله القحطاني]ــــــــ[12 - 06 - 08, 04:48 م]ـ
بارك الله فيك أخي على هذا السؤال الذي كُنت أود أن أسأله، لقد انتشر بيننا كطلاب خليجيين على الخصوص و المسلمين في العموم، الزواج بنية الطلاق أو ما يُسمى المسفار ..
و أواجه شخصيًا بعض الملاحظات من الإخوة الشيعة على مثل هذه الفتوى، و فرقها عن المتعة، و كذلك أحد اليهود الذين لهم جهد الآن كبير في دراسة القرآن و السنة و الإسلام بالعموم، و الذي له علم لا يستهان به كونه أمريكي يهودي، و يود أن يلتحق بالجيش الأمريكي الذي يشترط عليه أخذ كورسات لغة عربية، يسألني هذا الرجل عن مثل هذه الأنواع من الزيجات، و كيف يُبيح علماء السنة و الذي حسب وصفه - أعقل بكثير من الصوفية و الشيعة - في فكرهم و منهجهم، كيف يجيزون هذا النوع من الزيجات، و أُجيبه بأن الأركان مُستوفية، فَيجيبني حسب ما فهم من إطلاعه بالدين الإسلامي أنه لا يهتم هذا الدين فقط بالظواهر فَحسب أي أن الإسلام يسعى لترويض البواطن على حسن الخلق و التهذب، و البناء، فكيف يؤخذ الزواج من ظاهرة، و يسألني أليس الإسلام يسعى لبناء الأسر الصالحة القوية، ألا يسبب هذا النوع من الزيجات هدم البيوت و الأسر المسلمة من الداخل!! فحقيقة سَكت و لم أُجبه .. لأنه لم يَكن لي حيلة في الرد عليه ..
تذكرت .. أحد المرات و بعد هذه الحادثة، قام بتشغيل محاضرة لابن عثمين رحمه الله من موقع الشيخ نفسه، و كان فيه سؤال عن هذا النوع من الزيجات، فأوقف الشيخ أحد طلبة العِلم الذين سألوا عن هذا النوع من الزيجات، و سأله هل ترضاه لأختك أو ما شابه، فقال الطالب: لا .. فقال الشيخ إذًا لا نرضى بذلك لبنات المسلمين أو ما شابه ..
عمومًا، أتمنى منكم يا أكارم التكرم بالجواب على سؤال الأخ لعلنا ننتفع جَميعًا ...
شكرًا لكم ..
ـ[حارث همام]ــــــــ[12 - 06 - 08, 08:53 م]ـ
هذه مسألة مشكلة وقد أطال شيخ الإسلام في تقرير الفرق، ومع ذلك يرى بعض مشايخنا المحققين أنه لا كبير فرق، وكلاهما حرام.
ـ[صالح الديحاني]ــــــــ[12 - 06 - 08, 08:56 م]ـ
هذه بعض الفروق وأحب أن أذكرها، وأذكر مثالاً افتراضياً .. يبين أثر هذه الفروق على عقد الزواج بنية الطلاق:
* الفرق بين المتعة والزواج بنية الطلاق:
1 - المتعة فيه تحديد المدة.
2 - المتعة فيه عدم لزوم إذن الولي.
3 - المتعة فيه: أنها لا ترث لو مات عنها.
المثال:
لو أن أهل حي من أحياء مدينتنا فقراء واعتادوا على الزواج بنية الطلاق من أجل المال .. بحيث يأتي الرجل فيخطب ابنة أحدهم ويأتي العاقد ويعقد عليها ويدفع المهر .. وهم يعلمون أنه سيبقى مدة يسيرة يأتيهم في بعض الأحيان و يطلق وينتهي .. واعتاد أهل المدينة على هذا الأمر فكل يأتي ويدفع المبلغ والولي يأخذ المهر ويُكتب العقد .. ويزوج الرجل .. ثم في وقت يسير يطلق وينتهي .. وقد يذهب إلى امرأة أخرى من باب التجديد .. ويفعل نفس الفعل .. !! واشتهر الحي بهذا النوع من الزواج .. وكل من شاء التجديد ذهب إليهم!!
فالسؤال ما الفرق بين هذا وبين المتعة؟!!
وتُرى هل عدم تحديد المدة في العقد له أثر في المدة مع أن (التوقيت) معمول به في أرض الواقع وإن لم يُصرَّح به!
وهل إذن الولي له أثر في الحكم مع أن همه المال ولا يعلم عن المتزوج ولا يسأل عنه لأن الهدف مادي فصار وجود الولي كعدمه .. ؟؟!!
أنتظر الإجابة والمشاركة من الأخوة ..
ـ[حمود الكثيري]ــــــــ[13 - 06 - 08, 08:42 ص]ـ
عفوا انا لم افهم
هل الزواج بنية الطلاق حلال؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟(97/29)
النية في تعلم اللغة الفرنسية
ـ[رعد السلفي]ــــــــ[12 - 06 - 08, 07:41 م]ـ
اردت ان اتعلم هذه اللغة منذ زمن ولكني لم اجد النية المناسبة الى الان فهل من مساعدة؟ وجزاكم الله خيرا
ـ[وليد النجدي]ــــــــ[12 - 06 - 08, 09:27 م]ـ
قرأتها لأول وهلة: (النية في تعلم الفروسية).:)
ـ[أبو الخير الجزائري]ــــــــ[12 - 06 - 08, 09:48 م]ـ
سافر إلى إفريقيا للدعوة إلى الله
ـ[عبد الله القحطاني]ــــــــ[12 - 06 - 08, 09:52 م]ـ
يوجد موقع أسمه (لي قطر) بإذن الله تستفيد منه ..
وفقك الله
ـ[أبو إبراهيم الجنوبي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 02:18 ص]ـ
عليك باقتناء برنامج (الكافي في تعلم اللغة الفرنسية) وهو متوفر في 8 سيديهات مع كتاب،، وله نظير بالإنجليزية.
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[13 - 06 - 08, 02:28 ص]ـ
كم تمنيت لو سافرت لبلد من البلدان للدعوة لكن لحى الله الفقر
ـ[تلميذة الأصول]ــــــــ[13 - 06 - 08, 02:42 ص]ـ
هو يقول أن النية ارتجت عليه،، فلايدري هل سيتعلمها لأنها يتمنى ويريد وحسب،، أم أن له نية صالحة في تعلمها،،،فهو يريد الأجر من الله تعالى ..
هذا مافهمت .. والله أعلم ...
تعلمها بنية الدعوة لله تعالى ... وتوجيه الجاليات العربية في فرنسا من مغاربة ونحوهم،،
ـ[محبة لطيبه]ــــــــ[14 - 06 - 08, 01:10 ص]ـ
شد الهمة واحتسب عند الله أن تستخدمها في الدعوة وإنقاذ أنفس من النار بفضل من الله
نحن جميعاً مقصرين في الدعوة ولو تفكرنا في الحسنات التي ستجري من هذه الدعوة لما تهاونا ....
صراحة أتمنى أن أتعلم لغة أهل التبت ...
نسأل الله من فضله وأن يهدينا ويهدي بنا إنه ولي ذلك والقادر عليه
.
ـ[العوضي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 01:29 ص]ـ
خير طريقة للتعلم الممارسة
ـ[رعد السلفي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 06:35 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[تلميذة الأصول]ــــــــ[14 - 06 - 08, 11:34 م]ـ
جزاكم الله خيرا
واياك جزا الله خيراً،،
لكن ليتك توضح مقصدك من السؤال ..(97/30)
أعجب فتوى .. قرأتها في حياتي! ولا عجب إذا ..
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[12 - 06 - 08, 11:17 م]ـ
منع أحد المتعصبين لمذهبه (زواج من مذهبه المذهب الشافعي من الحنفية والعكس إلا أن أحدهم أجاز زواج الحنفي من الشافعية (لماذا) تنزيل لها منزلة أهل الكتاب!) والله المستعان.
هل بعد هذا التعصب شي ..
وإذا أردت أن يزول عنك العجب فانظر إلى الأحاديث الموضوعة على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم .. من أجل ماذا .. من أجل نصرة مذهب ما .. أو غير ذلك ..
هذا أحدها (يكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس أضر على أمتي من إبليس، ويكون في أمتي رجل يقال أبو حنيفة هو سراج أمتي) قالوا وفي إسناده وضاعان أحدهما مأمون بن أحمد السلمي والآخر أحمد بن عبد الله الخونباري ..
نسأل الله الثبات .. وحسن القصد .. والعمل في رضى الرحمن وإن أسخطت الأهل والخلان.!
ـ[أم جمال الدين]ــــــــ[12 - 06 - 08, 11:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حقّاً هذا شيء عجيب .. كنت قد قرأتُ عنه في (فقه السنة، للسيد سابق)
فقد قال " كان من آثار ذلك أن اختلف الامة شيعا وأحزابا، حتى إنهم اختلفوا في حكم تزوج الحنفية بالشافعي، فقال بعضهم: لا يصح، لانها تشك (1) في إيمانها، وقال آخرون، يصح قياسا على الذمية
(1) لان الشافعية يجوزون أن يقول المسلم: أنا مؤمن إن شاء الله "
فالحمد لله الذي خلق لنا عقولناً! والحمد كلّ الحمد لله حينما نستعمل هذه العقول ..
ـ[أبو يوسف النجدي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 12:18 ص]ـ
جزاك الله خيراً
شيء عجيب إلى هذا الحد وصل التعصب للمذاهب الفقهية!!
ولكني أظن أن مثل هذا التعصب قد قل و خف في مثل هذا الزمان.
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[13 - 06 - 08, 03:07 ص]ـ
خذ كذلك ..
قال الصاوي في حاشيته على تفسير الجلالين:
(ولا يجوز تقليد ماعدا المذاهب الأربعة ولو وافق قول الصحابة والحديث الصحيح والآية، فالخارج عن المذاهب الأربعة ضال مضل، وربما أداه ذلك للكفر، لأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر)
!!!!!!
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 05:32 م]ـ
جزاكم الله .. ونفع الله بكم ..
سبحان الله أين نحن من قوله تعالى (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)
أو قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك
قال الألباني:
رواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة بإسناد حسن
والله أعلم(97/31)
هل يلزم على من عرف الحدث بأنه: (وصف حكمي مقدر قيامه بالأعضاء) أن يكون التمم ....
ـ[أبو دجانة السلفي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 02:39 ص]ـ
هل يلزم على من عرف الحدث بأنه: (وصف حكمي مقدر قيامه بالأعضاء)
أن يكون التمم عنده مبيح لما تجب له الطهارة وليس رافعا للحدث؟
فهمت ذلك من كلام ابن دقيق العيد في شرحه لحديث (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث ..... الحديث)
ـ[أبو دجانة السلفي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 04:37 ص]ـ
وسؤال آخر بارك الله فيكم
في شرحه لحديث ويل للأعقاب لم يستحن الاستدلال بهذا الحديث على أن مسح الأرجل غير مجزئ قال (لأنه قد فسر في الرواية الأخرى أن لأعقاب كانت تلوح لم يمسها الماء ولا شك أن هذا موجب للوعيد باتفاق)
والسؤال لماذا قال موجب للوعيد باتفاق مع أن من يرى إجزاء المسح يكفي عنده مسح ظاهر القدم فقط
وإذا كان الأمر كذلك فإن الاستدلال بالحديث في محله
أليس كذلك؟
ـ[أبو دجانة السلفي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 02:49 ص]ـ
للرفع
ـ[أبو دجانة السلفي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 12:58 ص]ـ
?????????????????????????????????????????????????? ?????????(97/32)
كِتابُ سِبيويهَ لايُعلِّمُ طالبَ العلمِ النحوَ [نَظَرِيَّة رَصِينَةٌ غَرَّاء]
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[13 - 06 - 08, 02:46 ص]ـ
لك أن تجعل هذه النظرية الغرّاء (أو سمِّها ماشئت) نبراسًا مجيدًا لكل طالب علم يريد الاهتداء إلى أقوم سبيل ينال فيه العلم على أصوله المحرَّرَة إذا علمت أنها خرجت من رجلٍ -يندب حاضرنا حظه من فقدان أمثاله- في إثر ردمهِ أولَ صدعٍ حدث في تراث الأمة العربية الإسلامية (1) ...
أبو فهر .. وما أدراك ماأبو فهر ..
لله أبو العربية إذ أتت بمثله ..
ماأعظم شأوه .. وماأجل قدره .. وماأرسخ قدمه ..
نظرة خاطفة في كلمات سطرتها أنامله تنبيك عنه .. وتجعلك تَرِد إليه قسرًا بلا إجبار ومُرغمًا بلا إعسار ..
فأنت إذ ذاك .. منه إليه .. وعن غيره به ..
لما أخذ أبو فهر (محمود محمد شاكر) يعالج قضية الاستهانة بعلوم الأوائل في مطلع تحقيقه لكتاب (أسرار البلاغة) للجرجاني انتثرت من مكنونِ فرائدهِ بعضُ قواعدَ كانت قبل انكشافها دفينةً لم يرعَها كثير من أدعياء العلم ..
أذكر منها:-
(الاستهانة داء وبيل يطمس الطرق المؤدية إلى العلم والفهم)
(ذهبت نظية الدكتور طه في الشعر الجاهلي بددًا لأنها لم تقم على أساس صحيح من العلم والنظر)
وليس المقام مقام استقصاء فماذكرته إنما هو في مقدمة يسيرة لسِفر من الأسفار .. فما الظن بغيرها مما هو على نسجها، بل فوق ذلك؟!
أقول:
أعجبتني عبارة أملاها الشبخ أبو فهر تمثل منهجًا عظيمًا ينبغي لكل طالب علم أن يترسمّه ..
قال رحمه الله تعالى:
(كتاب سبيويه لايعلم طالبَ العلمِ النحوَ، إلا إذا مهَّد له الطريق ابنُ عقيل وابنُ هشام والأشموني، وإلا فقد قذف نفسه في المهالك) [مقدمة تحقيق كتاب أسرار البلاغة/27]
أيها الأحبة ..
طرحت هذا الموضوع لأنهل من مكنون تجاربكم ماستبدونه بإذن الله ...
فهاهو أبو فهر قد بين المنهج في دراسة علم من علوم الشريعة .. أعني به علمَ النحو ..
والأمر يحتاج منكم أيها المباركون إلى إسهام في طرح منهجية قويمة لفهم كتب الأسلاف من العلماء ..
ماالسبيل إلى فقه منهاج شيخ الإسلام، وماالسبيل إلى فقه موافقات الشاطبي، وهلم جرّا ..
إن هذا الموضوع لمن الأهمية بمكان .. فإن كثيرا من طلبة العلم يتخبطون في معمعة من التصانيف .. لاتستقيم لهم في معاملتها قناة .. ولاتَبينُ لهم في سبل فهمها جادة ..
قال العلامة الطاهر ابن عاشور رحمه الله تعالى بعد أن رأى معالم ماذكرتُ في فن من فنون العلم:
( ... فإني رأيت طلبة العلم يزاولون علم البلاغة بطريقة بعيدة عن الإيفاء بالمقصود إذ يبتدؤون بمزاولة رسالة الاستعارات لأبي القاسم الليثي السمرقندي وهي زبدة مستخلصة من تحقيقات المطول والمفتاح يحتسونها قبل إبانها ثم يتناولون مختصر التفتازاني قبل أن يأخذوا شيئا من علم المعاني وفي ابتدائهم شوط وفي انتقالهم طفرة) [موجز البلاغة/2]
من هنا أحببت أن أطرح هذا الموضوع بين أيديكم ..
وآمل منكم معاشر الإخوة الإسهامَ في إثراء هذا الموضوع بما منَّ به اللهُ عليكم ..
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبيه ..
-----------------------------------------------------------
(1) انظر تفاصيل ذلك في مقدمة أبي فهر لكتاب (أسرار البلاغة) للجرجاني
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[13 - 06 - 08, 06:38 م]ـ
37مشاهد .. ولامجيب
للرفع رفع الله أقداركم
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[19 - 06 - 08, 03:07 م]ـ
أخي العزيز:
راعَنِي ما زَبَرَتْهُ شَنَاتِرُكَ أعْلاه، بَيْد أنَّ سؤالاً عنَّ لي أثناء إجالة البصر في موضوعك، مالإخاذ؟
-لا زلتَ مؤيَّدا-.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[22 - 06 - 08, 03:03 م]ـ
وفقك الله وأحسن إليك
قال ابن الخباز في مقدمة النهاية في شرح الكفاية:
(( .............. فلما أكمل كتاب الجمل شاور إنسانا كان يصطفيه أيام صباه فيما يقرؤه، فأشار عليه بقراءة كتاب سيبويه، فأخذ يحفظ الكتاب على نفسه. فما أدري من أي شيء أعجب؟ أمن المشير؟ أم من المشار عليه؟ أم من المشار به؟))
ـ[عبد العزيز التميمي]ــــــــ[23 - 06 - 08, 07:08 م]ـ
راعَنِي ما زَبَرَتْهُ شَنَاتِرُكَ أعْلاه، بَيْد أنَّ سؤالاً عنَّ لي أثناء إجالة البصر في موضوعك، مالإخاذ؟
هل من البلاغة الإتيان بغريب الألفاظ؟
ـ[عبد العزيز التميمي]ــــــــ[23 - 06 - 08, 07:33 م]ـ
أيها الأحبة ..
طرحت هذا الموضوع لأنهل من مكنون تجاربكم ماستبدونه بإذن الله ...
فهاهو أبو فهر قد بين المنهج في دراسة علم من علوم الشريعة .. أعني به علمَ النحو ..
والأمر يحتاج منكم أيها المباركون إلى إسهام في طرح منهجية قويمة لفهم كتب الأسلاف من العلماء ..
ماالسبيل إلى فقه منهاج شيخ الإسلام، وماالسبيل إلى فقه موافقات الشاطبي، وهلم جرّا ..
إن هذا الموضوع لمن الأهمية بمكان .. فإن كثيرا من طلبة العلم يتخبطون في معمعة من التصانيف .. لاتستقيم لهم في معاملتها قناة .. ولاتَبينُ لهم في سبل فهمها جادة ..
شكر الله لللناقل والمنقول عنه
وإن أيسر طريق لفهم كتب السلف رضي الله عنهم هو عدم العجلة، فما أهلك طالب العلم مثل العجلة، حتى صح فيه قول القائل: لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع، ولذا ربما مرت به الأيام والسنون وهو لم يحصل شيئاً.
وإن أسلم طريقة هي التدرج مع الإتقان، مع وضع خطة زمنية للوصول
وهي ما سارت عليه المعاهد والكليات العلمية عندنا بحمد الله تعالى.
ولذا رأيت فضيلة الشيخ الدكتور عبدالعزيز السدحان - وهو من هو علما وفضلا - يوصي طلبة العلم المبتدئين بالكتب المدرسية.
ومن جرب هذا في علوم الشريعة واللغة العربية حصّل علما كثيرا، خصوصا إذا حرص على حل التمرينات والتطبيقات.
ثم يتبع ذلك بقراءة المتون الأولية، ويستمع إلى أحد شروحها، وأوصي ثم أوصي بموقع سماحة العلامة الجليل الشيخ محمد بن صالح العثيمين، فإن قدرت ألا تتجاوزه إلى غيره حتى تتقن ما عنده فإني أرجو لك سيرا صحيحا نحو الرسوخ في العلم
وأما قراءة المطولات فيأتي بعد تحصيل الأساسات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/33)
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[24 - 06 - 08, 03:36 م]ـ
أخي العزيز:
راعَنِي ما زَبَرَتْهُ شَنَاتِرُكَ أعْلاه، بَيْد أنَّ سؤالاً عنَّ لي أثناء إجالة البصر في موضوعك، مالإخاذ؟
-لا زلتَ مؤيَّدا-.
لم أذكر كلمة (الإخاذ) هنا في هذا الموضوع .. وإنما ذكرته في ملتقى أهل التفسير ..
وعلى كلٍّ، فالإخاذ: هو مجتمع الماء، شبيه بالغدير.
قال مسروق: "جالست أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فوجدتهم كالإخاذ فالإخاذ يروي الرجل، والإخاذ يروي الرجلين، والإخاذ يروي العشرة، والإخاذ يروي المائة، والإخاذ لو نزل به أهل الأرض لأصدرهم".
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[24 - 06 - 08, 03:47 م]ـ
منهجيةٌ في فقه السنة النبوية ..
جاء في كتاب (الإمام البخاري رضي الله عنه-إمام الحفاظ والمحدثين) لـ د. تقي الدين الندوي المظاهري (92 - 93) مانصُّه:
(قال العلامة المحدث الكبير الشيخ الجليل محمد زكريا: (والأوجه عندي في ترتيب التحصيل أن يقدم الترمذي ثم أبو داود ثم البخاري ثم مسلم ثم النسائي ثم ابن ماجه ثم الموطأ؛ لأن طالب الحديث أول مايحتاج إليه تحقيق المذاهب وأنواع الحديث، ثم دلائله، ثم طرق الاستنباط، ثم جمع الروايات، ثم التنبيه على الضعاف، ثم التأييد بالآثار، وهكذا وظائف الكتب المذكورة) قيل: إن وظيفة الترمذي بيان المذاهب وأنواع الحديث، ومقصود أبي داود جمع دلائل الأئمة، ومعظم خواص البخاري طرق الاستنباط، ودأب مسلم جمع الروايات الكثيرة، وأشار النسائي إلى علل الحديث، وجمع ابن ماجه الصحاح والضعاف)
ـ[أبو حفص ماحية عبد القادر]ــــــــ[22 - 08 - 08, 10:02 ص]ـ
السلام و رحمة الله على الجميع
صدق - و الله أبو فهر -
إعلم رحم الله الجميع أن للعلم أبوابا تطرق و مناقل و أدراج و مسالك تؤدي اليه.
لو شبهنا - و هذا التشبيه هو أصدق شيء عندي مماثلة لطالب العلم - بالمولود الجديد من حيث الحركة و الأكل؛ هل يمكنه أن يأكل لحما للوهلة الأولى؟؟ ... هل يمكنه الوقوف على رجليه أو يمكنه الركض للوهلة الأولى؟؟ ... فهكذا طالب العلم ضعيف القُوَى يعتمد على غيره ... ثم كلما زاد الطلب بدأ يدرك الأمور و يتجه نحو المكنة و نحو الإستقلال ... يتجه من المتون القليلة إلى المتون الجليلة ... يسعى في فهم أهل العلم.
فكتاب سيبويه و ما كان في منزلة هذا الكتاب العظيم لحم؛ لا يمكن لطالب علم أن يهضمه حتى تبدو له أسنان و أنياب و أضراس و قواطع و تتقوى عضلات المضغ عنده. و هل رأى راءٍ رضيعا] أكل لحما؟؟ أ ليس بالله عليكم هذا هو العجب العجيب و الأمر الغريب الذي يحار له اللبيب.
أما المنهجية لفهم كتب المتقدمين - أظن - هي الآتي:
1/- ابدأ بالمتون الميسورة و التي تعتمد على الإيضاح بيسر مع كثرة التمثيل و جودته.
2/- احفظ الأصول و القواعد و أرجع الفوائد و الفروع الى أصولها و قيد ذلك.
3/- تعلم اصطلاحات أهل العلم في كل باب و اضبط ذلك ضبطا جيدا موثقا.
4/- شاور أهل العلم المتخصصين.
5/- لج الكتب الصعبة و خذ نتفة و كررها قراءة و تدبرا و سجل كل ما يبدو لك منها.
6/- انظر في الكتاب و في شرحك و ما بدا لك مع الأيام و راجعه.
أنا أجرب هذا منذ أمد و الطريقة و الحمد لله تمكنك من التحصيل و الفهم.
و النصيحة لا تسرع و تمهل و تدبر ما تقرأ و كرر فالخير كامن في طي الزمن و صفحات الأيام.
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[07 - 09 - 08, 01:21 ص]ـ
قال أحد مشايخنا الفضلاء في نظم له لحلية طالب العلم [مخطوط]:
لاتشتغل بتفاريق المسائل والـ ... أقوال قبل حصول الأصل مكتملا
لاتبتدئ بكتاب غير ماابتدئا ... به -بلا حاجة- ذا يورث المللا
قيد ضوابط مما تستفيد وكن ... ذا همة ونشاط في بلوغ علا(97/34)
فائدة وإن شاء الله يعجبكم [الفائدة في قص إهلاك الأمم علينا ... ]
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[13 - 06 - 08, 02:50 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لقد احضرت لكم فائدة بإذن يعجبكم من الكتاب
(المنتقى من الفرائد الفوائد)
لفضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
فائدة
إن قيل: ((ما الفائدة في قص إهلاك الأمم علينا، مع أن هذه الأمة لن تهلك كما هلك من قبلها على سبيل العموم؟)):
فالجواب: أن لذلك فائدتين:
إحداهما: بيان نعمة الله علينا برفع العذاب العام عنا، وأننا مستحقون لذلك لولا منة الله.
الثانية: أن مثل عذابهم قد يكون لمن عمل عملهم في يوم القيامة إذا لم تحصل العقوبة في الدنيا، ولعله يفهم من قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (102) (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ (هود:102،103)؛ فلعل ظاهره: أن مثل هذا العذاب يكون في الآخرة، والله أعلم.
وفقكم الله العلم النافع والعمل الصالح.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[13 - 06 - 08, 11:17 ص]ـ
بارك الله فيك، وجزاك خير الجزاء أخي الكريم.(97/35)
مكتوب بمسمى"تجويز مد المسعى أفقيا"
ـ[ابو مهند العدناني]ــــــــ[13 - 06 - 08, 03:26 ص]ـ
بين يدي ورقات بمسمى"تجويز مد المسعى أفقيا"
انتزعت لكم منها هذا:
إذا كان لماهية الظرفية البينية حد تنتهي إليه أفقيا فلابد أن يكون لها حد تنتهي إليه رأسيا.
فإذا كان الحد الذي تنتهي إليه أفقيا هو عرض الجبلين فالحد الذي تنتهي إليه رأسيا هو رأس الجبلين.
وإذا كان تجاوز رأسيهما لا يخرجه عن مفهوم البينية فكذلك تجاوز أطرافهما لا يخرجه عن مفهوم البينية.
وإذا كان الخروج عن أطرافهما يُصيّر الساعي ساعيا بجانبهما فكذلك الخروج عن قمتيهما يُصيّر الساعي ساعيا فوقهما.
وإن قيل ببقاء صد ق البينية وإن حصل التجاوز لرأسيهما قيل ببقاء صدق البينية وإن حصل التجاوز لأطرافهما.
وإن تصور بقاء الصدق بتصور أخذ خطين متوازيين يمتدان رأسيا من رأس الجبلين فلا يزال الذاهب علوا متحققا فيه مناط البينية ما لم يخرج عن حد الخطين المتوازيين، أمكن أن يتصور مثله في عرض الجبلين بأخذ خطين متوازيين يمتدان أفقيا من طرفي الجبلين فلا يزال الذاهب أفقيا متحققا فيه مناط البنية ما لم يخرج عن حد الخطين المتوازيين.
فإذا كان متعلق الترخص والمنع هو تحصيل مفهوم البينية وانتفاؤها؛ فاعتبار تحققها أفقيا يستلزم اعتبار تحققها رأسيا، والقول بتحققها رأسيا ولو حصل التجاوز لقمتيهما يستلزم القول بتحققها أفقيا ولو حصل التجاوز لأطرافهما.
فبقاء الصدق فيهما أو نفيهما عنهما يجمعهما المدلول اللغوي، وادعاء أن البينية منحصرة أفقيا وغير منحصرة راسيا تحكم.
وذلك لان الظرفية البينية تستدعي طرفين يحققان ماهيتها، بخلاف الظرفية الفوقية والظرفية الأمامية والظرفية الورائية فإن هذه الظروف تستدعي طرفا واحدا يحقق ماهيتها، فلا يزال الشيء فوق الجبل مهما ابتعد عنه، ولا يزال الشيء أمام الجبل مهما ابتعد عنه؛ لأن الانحصار فيهما متحقق من جهة واحدة.
فلو ثبت لزوم الانحصار لغة لم يصلح التفريق بين التجاوز الرأسي والتجاوز الأفقي.
.................................................. ...................
وفي موضع آخر:
قولكم: البينية تستلزم الانحصار والمحدودية بين الشيئين.
أتعنون به المحدودية التامة بحيث لا يخرج شيء من المحدود عن الحد، أم مطلق المحدودية بحث يكون صدق البينية حاصلا ولو بدخول جزء من المحدود في الحد.
الأول: ممنوع.
والثاني مسلم.
وبيانه:
أنه يصدق لغة على الشيء الكبير جدا والموضوع بين شيئين صغيرين أنه بينهما ولو خرجت أطرافه عن حد الشيئين، وهو من ضرورات اللغة.
فإنهم مازالوا يصفون وقوع المدينة بين المدينتين، والدولة بين الدولتين ولا يعنون بذلك الانحصار التام بحيث لو خرج أحد طرفي المدينة عن الحد ارتفعت البينية، ولو بُني بيت بين جبلين بحث لا يخرج طرفاه عن البيتين ثم زيد فيه بحث يخرج عن حد الجبلين فإنه لا يخرج بذلك عن مسمى البينية.
فان قالوا: سلمنا أن هذا البناء المسمى بالمسعى والذي حصلت فيه الزيادة هو بين الصفا والمروة، وأنه يصدق عليه لغة مفهوم البينية، لكن حكم الطواف متعلق بفعل المكلف، لا بالبناء، فالمكلف نفسه إذا خرج عن حد الجبلين لم يكن فعله واقعا بينهما، فالنزاع فيه لا في الأول.
والجواب بطرق:
1 - إذا حصل التسليم بكون المسعى بالزيادة الحاصلة فيه يحقق مفهوم البينية، كان المكلف الدائر فيه دائرا في المكان الذي صدق عليه أنه بين الصفا والمروة فيكون دورانه واقعا بين الصفا والمروة لغة وعرفا.
2 - أن المسعى ظرف والساعي فيه مظروف، وحكم الظرف ينسحب على المظروف لكونه متضمنا فيه.
3 - ...........
وفيه:
وإن سوغ التوسع الرأسي لدليل يقيمه، ولو لم يكن مفهوم البينية متحققا، ساغ مثله في التوسع الأفقي.
وأيضا: هذا يوجب طرح الاعتماد على مفهوم البينية كسند للمنع من التوسع الأفقي، لأنها لما لم تكن متعلقا للمنع في التوسع الرأسي لم تكن متعلقا للمنع في التوسع الأفقي، وإذا لم يطلب حضور الظرفية البينية هناك لم يطلب حضورها هنا.
فإذا كان نصب الدليل الموجب للترخص في التوسع الراسي لا يشترط فيه مصاحبة الظرفية البينية له، كذلك لم يشترط في نصب الدليل الموجب للترخص في التوسع الأفقي .............
ـ[ابن وهب]ــــــــ[13 - 06 - 08, 03:30 ص]ـ
كلام عجيب غريب
ـ[محمد الحمدان]ــــــــ[16 - 09 - 08, 06:20 ص]ـ
لمن هذه الورقات؟
ويا ليتك تنزل هذا البحث كاملا لنطلع عليه(97/36)
تساؤلات مهمة عن كتاب (الحيدة)؟
ـ[عادل المامون]ــــــــ[13 - 06 - 08, 03:38 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فقد قرأت كتاب اسمه (الحيدة وانتصار المنهج السلفي) للإمام عبد العزيز بن يحيى بن مسلم الكناني المتوفى سنة 240هـ.
وقد وجدت في هذا الكتاب المسائل الجميلة والردود الصائبة في الرد على قضية خلق القرآن
قام فيه مؤلفه بالرد على أحد أعمدة القائلين بخلق القرآن والدعاة إليه،وكانت مناظرة المؤلف أمام الخليفة المأمون.
ولكن المهم أن المؤلف انتصر في المناظرة وقد أقره المأمون وشهد وحكم بانتصاره على القائل بخلق القرآن، ولكني أعلم أن المأمون كان من القائلين بخلق القرآن.
فهل تكون نسبة الكتاب هذا صحيحة؟
وجزاكم الله خيرًا، ولي معكم متابعات أخرى حول هذا الكتاب، لأني استخرجت بعضًا من الأشياء التي لا يجب الغفلة عنها.
ـ[حمود الكثيري]ــــــــ[13 - 06 - 08, 05:19 ص]ـ
نعم أخي لاحظت هذا أيضا
مثل عندما سئل هل نثبت لله السمع فكان الرد حسب علمي غير موفق!!
بإنتظار إضافات الاخوة
ـ[ابو معاذ العمري]ــــــــ[13 - 06 - 08, 02:09 م]ـ
قال الذهبي في ميزان الأعتدال عند ترجمة عبدالعزيز الكناني:
(عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز الكنانى المكى الذى ينسب إليه الحيدة في مناظرته لبشر المريسى، فكان يلقب بالغول لدمامته.
وذكر داود الظاهرى أنه صحب الشافعي مدة.
روى عن ابن عيينة وجماعة يسيرة.
روى عنه أبو العيناء، والحسين بن الفضل البجلى، وأبو بكر يعقوب بن إبراهيم التميمي.
وله تصانيف.
قلت: لم يصح إسناد كتاب / الحيدة إليه، فكأنه وضع عليه.)
وفي إسناده: محمد بن حسن بن أزهر الدعاء
قال فيه الذهبي في ميزان الأعتدال (محمد بن الحسن بن أزهر (1) الدعاء.
عن عباس الدوري.
اتهمه أبو بكر الخطيب بأنه يضع الحديث.
قلت: هو الذي انفرد برواية كتاب الحيدة.
رواه عنه أبو عمرو بن السماك، ورأيت له حديثا أسناده ثقات سواه، وهو كذب: في فضل عائشة.
ويغلب على ظنى أنه هو الذي وضع كتاب الحيدة، فإنى لاستبعد وقوعها جدا.)
وأتهمه الخطيب بوضع الحديث
ـ[المقدادي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 02:22 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=28777&highlight=%C7%E1%C3%D4%C7%DA%D1%C9
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[13 - 06 - 08, 05:23 م]ـ
كتاب ممتع ومفيد بالجملة.
أما بالنسبة لتحقيق نسبته وواقعته فقد قال الشيخ أبو إسحاق الحويني في شرحه للموقظة:
كونُ كتابٍ مهم كهذا يحكي أحداث واقعة هامة كهذه قد توافرت الهمم الداعية إلى نقله ـ و لم يُنقل ـ دل هذا على عدم ثبوته.
اهـ بمعناه
و الكتاب مع صحة ما فيه من حججٍ دامغة: ليس له إسناد و لا سماع ثابت.
و قد حققه أيضا ـ فيما أذكر ـ الشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله.
وهذه مواضيع سابقة طرحت عنه:
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=13061
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=28777
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=120389
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=140195
ـ[عادل المامون]ــــــــ[13 - 06 - 08, 08:19 م]ـ
جزاكم الله خيرًا، ولكن أشد ما لاحظت هو أن الخليفة المأمون كان معظم المناظرة موافقًا لكلامه وكان يظهر من كلامه أنه كان يبجله،رغم أنه يتكلم على غير ما يوافق مذهب المأمون
(ابتسامة) المأمون الخليفة غير المأمون أبي رحمه الله ........
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[03 - 08 - 08, 03:04 م]ـ
جزيت خيرا على رفع اللبس بين المأمونَين.(97/37)
الإصلاح حين يكون احتسابا
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[13 - 06 - 08, 04:57 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
الإصلاح حين يكون احتسابا
قبلَ عقودٍ من الزَّمنِ كانَ الحديثُ عن بُيوتِ الرِّبا والعملياتِ المصرفيةِ الربويةِ أمراً يقعُ ضمنَ نطاقِ المحذوراتِ أو المحظورات، وفيما مضى من السنينِ اتَّخذَ بعضُ المتخصصينَ والمثقفينَ أيَّ مقترحٍ لإقامةِ مستشفى نسائيةٍ مَدْعَاةً للشماتةِ والسخرية، وفي سوالفِ الأيامِ لمْ يكنْ أمثلُ النَّاسِ طريقةً يحلمُ -مجرَّدَ حلم- بشاشةٍ نقيةٍ أو بفضاءٍ يزاحمُ الطهرُ فيهِ قنواتِ العهر.
واليومَ نعيشُ واقعاً مختلفاً والحمدُ لله؛ فها هيَ ذي المصارفُ الإسلاميةُ تنافسُ غيرَها بقوةٍ ممَّا حدا بمنافسيها إلى فتحِ نوافذَ شرعيةٍ لكثيرٍ من العملياتِ المصرفيةِ بلغتْ نسبتُها 50 % - 70% من إجمالي أعمالها؛ ويتوقعُ خبراءُ مصرفيونَ مطلعونَ تحولاً كُلِّياً إلى نظامِ المصرفيةِ الإسلاميةِ في السعوديةِ خلالِ السنواتِ القليلةِ القادمة؛ مستندينَ إلى عدَّةِ معطياتٍ منها ارتفاعُ حصَّةِ الخدماتِ الإسلاميةِ في المصارفِ التقليدية، والنُّمو السنويُ المتواصلُ في حجمِ أصولِ المصارفِ الإسلامية.
وتنتشرُ في طولِ البلادِ وعرضِها المستشفياتُ والعياداتُ النسائيةُ الخاصَّة؛ وتحرصُ كُبرياتُ المؤسساتِ الصِّحيةِ التجاريةِ على توفيرِ فريق نسائي متكاملٍ خاصَّةً لأمراضِ النِّساءِ والولادة، ولمْ يتوقف التقدُّمُ عندَ هذا الحدِّ فقطْ؛ ففي الأيامِ الماضيةِ أعلنتْ وزارةُ الصِّحةِ السعوديةِ -مشكورةً- عن نيتِها في تحويلِ عددٍ من مشافيها إلى مراكزَ نسائيةٍ كاملةٍ؛ مراعاةً لخصوصيةِ المرأةِ، وتلبيةً لمطالبِ المجتمعِ المحافظِ، ورغبةً في توطينِ المهنِ الصحيةِ التي تنفِرُ منها كثيرٌ من السعودياتِ بسببِ الاختلاط. ومن اللافتِ للنَّظرِ أنَّ هذا الخبرَ الرسمي غابَ عن أكثرِ صفحاتِ صحافتِنا التي تزعمُ الحرصَ على الوطنِ والدَّفاعَ عن المرأة!
والمتتبعُ للشاشةِ وأقمارِ الفضاءِ يلحظُ نمواً مطَّرداً في عددِ القنواتِ النَّقيةِ المحافظةِ التي تقدِّمُ جملة منوعةً من البرامجِ الاجتماعيةِ والثقافيةِ والأسريةِ والدينيةِ والأدبيةِ والوثائقيةِ والترفيهيةِ والإخباريةِ والطبيةِ وبرامجِ المرأةِ وروائعِ الأطفال؛ مع حرصِ هذه القنواتُ على المسلَّماتِ الشرعيةِ والأعرافِ المرعيةِ، ممَّا جعلَها موضعَ ثقةِ عامَّةِ النَّاسِ لأنَّها لا تخدِشُ حياءَ المخَدَّراتِ ولا تعلِّمُ الفتيانَ ما يسوء.
وتسعى هذهِ المنظوماتُ الإعلاميةُ إلى التطورِ ومواكبةِ كلِّ جديدٍ حتى تقدِّمَ مادَّةً منافسةً ماتعةً مفيدةً من غيرِ صوتِ شيطانٍ أو فتنةِ إنسانٍ أو فكرةٍ نشاز. وما يقالُ في الفضاءِ يُعادُ في المجلاتِ العلميةِ والسياسيةِ والأسريةِ والترفيهيةِ ومجلاتِ الأطفال، ولا تزالُ الأمَّةُ تنتظرُ سماعَ صوتِ "الأمَّة" الذي يسعى البعضُ إلى وأْدِهِ أو التضييقِ عليهِ ويأبى اللهُ إلاَّ أنْ يتمَّ نوره.
والمستقبلُ بفضلِ اللهِ وتوفيقِه يحملُ الكثيرَ من المبشراتِ وفرصِ النجاحِ ومجالاتِ التجديدِ والابتكارِ ومزاحمةِ أهلِ الباطلِ حتى يخرجوا من حياتِنا أو تضيقَ عليهم الأرضُ بما رحبت، فجمهورُ المسلمين -المحسنُ والمقصر- لا يرضونَ بما يغضبُ اللهَ العظيمَ المتفضلَ بالنِّعمِ التي لا تُحصى والمننِ المتتابعة، وكمْ من روضٍ أُنفٍ لمْ يُرعَ بعدُ، وكمْ تركَ الأولُ للآخر.
لقدْ كانتْ هذه الأعمالُ الجليلةُ والمشاريعُ العملاقةُ ثمرةً للاحتسابِ، ونتيجةً للإصلاحِ الطويلِ النَّفَس؛ وهل الاحتسابُ إلاَّ إصلاحُ المجتمعِ وحمايةُ الأمَّةِ ورعايةُ الهُويةِ والدِّفاعُ عن الحريةِ الشرعية؛ وهل الإصلاحُ إلا نوعٌ من الاحتسابِ العملي المتقنِ الرشيد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/38)
وقدْ تجاوزَ غالبُ هؤلاءِ المحتسبينَ المصلحينَ الغاياتِ الشخصيةَ إلى التعبدِ المحضِ -نحسبُهم واللهُ حسبهم- متلذِّذينَ بالعملِ، متحمِّلينَ كلَّ مشقةٍ في سبيلِ القضاءِ على الفسادِ وإصلاحِ الخللِ، مخلِّفينَ الدُّخلاءَ على الإصلاحِ، ومترَّفعينَ على كلِّ جعجعةٍ تنتقصُ الاحتساب. وبينَ الاحتسابِ والإصلاحِ من التلازمِ ما يجعلُ كلَّ "محتسب" مصلحاً؛ وكلَّ "مصلح" محتسباً؛ ويا باغيَ الحسناتِ أقبلْ فثمَّ الربحُ الأكيد.
ولما لهذينِ الأمرينِ من أثرٍ حميدٍ علينا في ديننا ودنيانا، واقتداءً بما درجَ عليهِ عددٌ من العلماءِ والأدباءِ والكتَّابِ في المشاركةِ الكتابيةِ مع المصلحين؛ رأيتُ الإشارةَ إلى بعضِ الأفكارِ والمداخلِ والمحاذيرِ حولَ هذينِ البابينِ الكبيرينِ من أبوابِ الجهادِ والفضلِ والخيريةِ، وهم القومُ لا يشقى بهم جليسهم، ولوْ لمْ يكنْ منهم؛ فمنها:
1 - أهميةُ التخصص؛ لأنَّ كلَّ متخصصٍ سيكونُ مشروعَ دراسةٍ وافيةٍ ومقنعة. وثمَّ تخصصاتٌ تشتدُّ الحاجةُ إليها؛ كالإعلامِ والإدارةِ والمالِ والقانونِ، على أنْ يُسبقَ القانونُ بدراسةٍ شرعيةٍ مستفيضة، والواجبُ تحديدُ الفنونِ التخصصيةِ الملِحّةِ والمهمَّةِ حتى يحتسبَ الأخيارُ والنوابغُ بدراستها والتعمقِ فيها.
2 - ضرورةُ إجراءِ دراساتٍ محكمةٍ من قِبَلِ المختصينَ تحتَ إشرافِ عالمٍ أو أكثر؛ فكلُّ دراسةٍ متقنةٍ تعني قربَ ميلادِ مشروعٍ ناجح.
3 - من المهمِّ أنْ تكونَ بدايةُ كلِّ عملٍ مباركٍ بدايةً قويةً صحيحة؛ ولهذهِ البدايةُ أركانٌ هي: المتخصصون، والدراساتُ، والمواردُ البشريةُ والمالية، وحسنُ الإدارةِ مع براعةِ التسويق. ولا يعني هذا تأخيرَ كلِّ مشروعٍ حتى تتكاملَ هذهِ الأركانُ، غيرَ أنَّ وجودَ ما فوقَ الحدَّ الأدْنى منها عاملٌ مهم في نجاحِها بعدَ توفيقِ الله.
4 - العنايةُ الخاصةُ بمؤسسي المشروعِ وجمهورهِ المباشرِ وتلبيةِ حاجاتِهم الفطريةِ والاستجابةِ لرغباتِهم ما دامتْ شرعيةً ولا تخالفُ أهدافَ المشروع؛ مع إيجادِ سبلٍ وقنواتٍ للتواصلِ وإبداءِ الآراءِ والمقترحات.
5 - إبرازُ الإيجابياتِ التي تعودُ على المجتمعِ والدولةِ كأثرٍ ميمونٍ لمشاريعِ الخير؛ فحلقُ القرآنِ المنتشرةُ في المساجدِ تعينُ النَّاسَ على تربيةِ أولادهم وتخرِّجُ للمجتمعِ جيلاً محافظاً وللدولةِ شباباً متشبعينَ بالقيمِ الدينيةِ التي ترى الطاعةَ بالمعروف، وما هذهِ المحاضنُ الراقيةُ إلاَّ جهدُ محتسبٍ وسعيُ مصلحٍ والأجرُ على الله. وقدْ قاربتْ أرباحُ أحدِ المصارفِ التي حولتْ عملياتِها إلى مصرفيةٍ شرعيةٍ كاملةٍ ألفي مليونِ ريالٍ عام 2006م، وهي السنةُ التي اكتمل بنهايتها التحول، في حين توقفتْ هذهِ الأرباحُ عندَ ثمانمائةِ مليونٍ قبلَ ذلكَ بعامٍ واحد؛ أي سنةَ 2005هـ.
6 - حمايةُ كلِّ فكرةٍ وعملٍ من المفسدين؛ وهؤلاءِ هم الفئةُ الضالةُ من الجفاةِ الذينَ لا يرقبونَ في مؤمنٍ عهداً ولا قرابةً، ولا يرعونَ مصلحةَ مجتمعٍ أو دولة، ويشاطرُهم على الطرفِ الآخرِ غلاةٌ تعجلوا فأفسدوا، ونسألُ اللهَ لنا ولهم جميعاً الهدايةَ والصلاح.
7 - يظلُّ التقويمُ والتطويرُ مطلباً ملِحًّا على صعيدِ القياداتِ الإداريةِ والأفكارِ والإجراءاتِ والخطط؛ فالدُّنيا في تطورٍ مذهلٍ، والرَّكبُ لا ينتظرُ أحداً، والتطويرُ لا يغيرُ من حقيقةِ العملِ شيئاً.
8 - ستبقى مشاريعُ المصلحينَ المحتسبينَ محكومة بضوابطِ الشرعِ الحكيمِ ومتماشيةً مع مقتضياتِ الأدبِ ولوازمِ احترامِ الأنظمةِ المرعية؛ وقدْ نبَّأنا اللهُ -سبحانه- عن سخريةِ الكفارِ والمنافقينَ بالمصلحين وعمَّا يقارفونه من إرجافٍ وتخذيل؛ والحكماءُ وأصحابُ الرسالةِ يمضونَ نحوَ مطلوبِهم الأعلى؛ فهم كالغيث المباركُ يحيي البلادَ ويسعدُ العبادَ ولا عزاءَ للكارهين.
9 - مشوارُ الإصلاحِ طويلٌ طويل؛ والصبرُ سلاحُ المؤمن، ومن الحكمةِ أنْ يكونَ الإصلاحُ بعدَ الاحتسابِ وأن يسيرا في طريقينِ متوازيينِ بتعاونٍ وتنسيق، ومن الكياسةِ ضبطُ خطواتِ الاحتسابِ ومراتبِه حتى لا تؤخرَ أو تعوقَ مسيرةَ الإصلاح؛ فالنُّفوسُ قدْ تستكبرُ عن الاعترافِ بالخطأ، لكنَّها لا تمانعُ من وجودِ الصوابِ؛ إحلالاً له مكانَ الباطلِ أو مزاحماً له.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/39)
10 - في القربِ من بعضِ الكُبَراءِ خيرٌ كثيرٌ بعدَ دراسةِ عواقبهِ وضوابطهِ الشرعيةِ ومدى تحققِ المصلحةِ فيهِ، إضافةً إلى المهارةِ في اختيارِ الطرفين، وقدْ كانَ للشيخِ أحمد الفارسي (ت1352هـ) -رحمه الله- تأثيرٌ على الشيخِ سالمِ الصباحِ الذي حكمَ الكويتَ أربعةَ أعوام؛ إذ ربطتهُما صداقةٌ متينةٌ حينَ سكنَ الشيخُ سالم قريةَ الفنطاسِ بعدَ خلافِه مع أبيهِ، وكانَ الشيخُ الفارسي يقطنُ حينذاكَ في بستانهِ بالقريةِ نفسها؛ فتوثقتْ عُرى الصلةِ بينهما، واستفادَ الشيخُ سالم من علمِ الشيخِ أحمد وممَّا يلقيهِ من دروسٍ ومواعظَ، وكانَ لذلكَ أثرٌ علمي على الشيخِ سالم في النحو والشعرِ وحبِّ المطالعةِ إضافةً إلى محافظتهِ على شعائرِ الدِّين.
ومنْ أعمالِ سالمٍ الإصلاحيةِ تخفيضُ أو إلغاءُ الجمركِ، وتطهيرُ البلادِ من الفسقةِ والبغايا وتعيينُ مختارينَ في الأحياءِ لإزالةِ الرجسِ؛ وكانَ يجولُ ليلاً في المدينةِ لحفظِ الأمن.
11 - ومنْ أنجحِ الأساليبِ جعلُ الاحتسابِ والإصلاحِ همَّاً عامَّاً وشعاراً يشتركُ الجميعُ في تبنيه؛ فالمرأةُ في عالمِها محتسبةٌ مصلحة، والمهنيُّ كذلكَ في مجاله، والعامَّةُ في نواديهم، والمثقفونَ في ميدانِ الكلمةِ والرأي، والمسؤولُ على كرسي الأمانة، والإعلاميُ خلفَ منبره، وكلُّ راعٍ في رعيته، وحينها فقط يُسقطُ في أيدي المجرمينَ، ويقع بهم ما لمْ يكونوا يحتسبون.
12 - اشتراطُ الإصلاحِ عندَ قبولِ المناصبِ إذا كانَ الاشتراطُ ممكناً، ولمَّا تولى الشيخُ علي الشارخ القضاءَ في الكويتِ اشترطَ على الأميرِ عبدِ اللهِ بنِ صباحٍ الأولِ ألاَّ تُغلَّ يدُه عن تنفيذِ الأحكامِ خاصةً مع الوجهاءِ، فوعدَه الحاكمُ بذلكَ ولوْ على نفسِه، وكانتْ أولُ أعمالِه حرقُ أكواخٍ يأوي إليها طلابُ الفسادِ، وأوعزَ ببناءِ مسجدٍ مكانهَا سنةَ 1225هـ.
13 - تصحيحُ بعضِ المفاهيمِ المغلوطةِ حولَ الاحتسابِ والإصلاح؛ ومنْ أبرزِها ثلاثةُ مفاهيم:
الأول: أنَّ محاربةَ الفسادِ مقصورٌ على الجوانبِ الماليةِ والإدارية -مع أهميتهما- فلا نُغفِلُ باقي الجوانبِ، وبعضُها أعلى منزلةً ولا ريب.
الثاني: أنَّ الإصلاحَ يستلزمُ المعارضةَ أو الهياجَ والشغب؛ وليست الطريقُ هنالك.
الثالث: أنَّ رأيَ المجتمعِ معتبر في المسائلِ الاجتماعيةِ فقطْ (!)؛ وشرع اللهِ هو الحاكمُ على كلِّ الشؤونِ، وعلى المؤمنِ التسليمُ والإذعان.
14 - وهذهِ عدَّةُ أفكارٍ تحتاجُ مزيداً من النَّظر:
- تنويعُ ساحاتِ الاحتسابِ والإصلاحِ عبرَ البيتِ والعائلةِ والقبيلةِ والمهنةِ والمسجدِ والمدرسةِ والإعلامِ والملتقياتِ. ومنْ التنويعِ تباينُ مستوياتِ الطرحِ حتى يفهمها النَّاسِ كافة.
- نقلُ التجارِبِ الناجحةِ مع التعديلِ حسبَ البيئةِ المحليةِ.
- تجليةُ البعدِ التعبدي والاجتماعي والنظامي لكلِّ مشروعٍ احتسابي أو عملٍ إصلاحي.
- التحالفُ مع القطاعاتِ الحكوميةِ والخاصَّةِ والخيريِّةِ وغير الربحية في سبيلِ الإصلاح؛ فالجميعُ يتفقونَ على قداسةِ الدِّينِ واستقلاليةِ القضاءِ وقيمةِ الأمنِ وضررِ المخدراتِ وخطرِ العنوسةِ وبؤسِ الفقرِ وأهميةِ تربيةِ الجيلِ وتحصينِه وتأهيلِه وهلَّمَ جرا من محاورَ وطرائقَ لا تخفى على أصحابِ الشأنِ، والحكمةُ ضالةٌ تبحثُ عمَّنْ يلتقطُها.
- من المهمِّ الكتابةُ عن شؤونِ الاحتسابِ والإصلاحِ، والحديثُ عنهما؛ وبثُّ الحياةِ في هذهِ المعاني الساميةِ لدى النقابيين والفضلاءِ والكبراءِ والأثرياءِ، والنَّاسُ معادن.
ومعْ تعدُّدِ مجالاتِ الحياةِ وتشعبِ شؤونِها يطيبُ التفكيرُ والإبداع؛ وينفسحُ الميدانُ لشفقةِ المحتسبين ونصحِ المصلحين الذينَ يبتغونَ ما عندَ اللهِ -سبحانه- ويتبعونَ هديَ النَّبي الخاتمِ -صلى الله عليه وسلم- وهو خيرُ هديٍ وأكملُه وأحسنُه، وعندَ اللهِ الجزاءُ الأوفى.
أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف
الرابط ( http://www.alukah.net/articles/0/2876.aspx)(97/40)
معنى سبحان الله
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[13 - 06 - 08, 05:04 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
معنى سبحان الله
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
إلى الموقع العظيم الألوكة، بعد التَّحيَّة عندي سؤال ديني أرجو منكم أن تجيبوني،
أريد منكم أن أعرف وأفهم معنَى سُبْحَان الله، فالذي أفهمه: معنى سبحان الله يعنى تنزيه الله من النَّقْصِ والعَيْبِ، لكني سَمعْتُ ورأيتُ في النت أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول يعني معنى سبحان الله: تنزيه الله من السُّوء، ماذا يقْصِدُ الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - بكلمة السوء؟ هل يقصد السُّوء يعني النَّقص؟ أرجوكم تجيبوني بالتَّفصيل لأني متحيِّر جدًّا، وما أعرف ولا أفهم معنَى سُبحان الله، والذي أفهمه: السوء يعني إذا واحدٌ يقول: فلانٌ شخصٌ عنده سوء يعني هو ظالِمٌ و .. وإلى آخره.
وإني منتظِرٌ جوابَكُم إنْ شاءَ اللَّه، وجزاكُم الله خيرًا.
الجواب:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فتَسبيحُ اللَّه أصلٌ عظيمٌ من أصولِ التَّوحيد، ورُكنٌ أساسيٌّ من أركان الإيمان بالله - عزَّ وجلَّ وإثبات الأسماء الحُسنَى والصِّفات العُلى، وذكر عظيمٌ لِله تعالى لا يصلُح لغيره.
والتَّسبيح تبرئة اللهِ من السُّوءِ، وتَنْزِيهُهُ عَنْ كُلِّ ما لا يَنْبَغِي أَنْ يُوصَفَ به، وليس معنَى هذا أنَّه عدَمٌ مَحض ولا يتضمَّن مدحًا، بل إنَّه متضمِّن لكمالِ ضدِّ المنفيّ الذي ينزَّه اللهُ عنه.
قال شيخ الإسلام ابْنُ تيمية في "مجموع الفتاوى": "الأمْرُ بِتَسبيحِه يقتضي أيضًا تنزيهَه عن كُلِّ عيبٍ وسُوء وإثباتَ صفاتِ الكَمال له؛ فإنَّ التَّسبيحَ يقتضي التنزيهَ والتَّعظيمَ، والتَّعظيمُ يَستلزِمُ إثباتَ المَحامِد التي يُحمَد عليها، فيقتضي ذلك تنزيهَه وتَحميدَه وتكبيرَه وتوحيدَه.
قال ابنُ أبي حاتم: حدَّثنا أبي ثنا ابن نفيل الحرَّاني ثنا النَّضر ابن عربي قال: سأل رجلٌ ميمونَ بْنَ مهران عن "سبحان الله" فقال: "اسم يعظَّم اللهُ به ويُحاشَى بهِ من السّوء".
وقال: حدَّثنا أبو سعيد الأشج ثنا حفص بن غياث عن حجاجٍ عن ابْنِ أبي مليكة عن ابنِ عبَّاس قال: "سبحان" قال: تنزيهُ اللهِ نفسَه من السُّوء ...
وقد جاء عن غير واحدٍ من السَّلف، مثل قول ابنِ عبَّاس: "إنه تنزيهُ نفسِه من السوء"، ورُوِي في ذلك حديثٌ مُرسلٌ وهو يقتضي تنزيهَ نفسِه من فِعْلِ السَّيِّئات، كما يَقتَضِي تنزيهَه عن الصِّفاتِ المَذمومة، ونفيُ النَّقائصِ يَقتضي ثُبوت صِفات الكَمال وفيها التعظيم كما قال ميمون بن مهران: "اسم يعظَّم الله به ويُحاشَى به من السوء".
وروى عبدُ بن حُميد: حدثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن عثمان بن عبدالله بن موهب عن موسى بن طلحة قال: سُئِلَ النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - عن التَّسبيحِ فقال: ((إنزاهُه عن السُّوء)) ". اهـ.
وقال في "منهاج السنة النبوية": "وهذا أصل مستمرّ وهو أنَّ العدم المَحْضَ الذي لا يتضمَّن ثبوتًا: لا مَدْحَ فيه ولا كمال؛ فلا يَمْدَح الرَّبُّ نفسَه به بل ولا يَصِفُ نفسَه به، وإنَّما يصِفُها بالنَّفي المتضمِّن معنى ثبوتٍ؛ كقوله: {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ}، وقولِه: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}، وقولِه: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ}، وقولِه: {وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ} [البقرة: 255]، وقولِه: {لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ} [سبأ: 3]، وقوله: {وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} [ق: 38]، ونحو ذلك من القضايا السلبيَّة التي يصِفُ الرَّبُّ تَعالى بِها نفسَه، وأنَّها تتضمَّن اتِّصافَه بصفاتِ الكمال الثُّبوتيَّة مثل كمال حياته وقيوميَّتِه ومُلكه وقُدرته وعِلمه وهِدايته وانفِراده بالرُّبوبية والإلهيَّة ونَحو ذلك، وكل ما يُوصَف به العدم المحض فلا يَكونُ إلا عدما مَحضًا، ومعلومٌ أنَّ العدم المحْض يُقالُ فيه إنَّه لا يُرى فعُلِمَ أنَّ نَفي الرُّؤية عدمٌ مَحض، ولا يُقال في العدم المحض
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/41)
لا يُدْرَك وإنَّما يُقال هذا فيما لا يدرك لعَظَمَتِه لا لعدمه، وإذا كان المنفي هو الإدراك فهو - سبحانه وتعالى - لا يُحاط به".
وقال ابن القيّم في "حادي الأرواح": "وإنَّما يُمدح الرَّبُّ - تبارك وتعالى - بالعدم إذا تضمَّن أمرًا وجوديًّا؛ كتمدُّحه بنفْيِ السِّنَة والنَّوم المتضمِّن كمال القيوميَّة، ونفْيِ الموتِ المتضمِّن كمالَ الحياة، ونفْيِ اللغوب والإعياءِ المتضمِّن كمال القُدرة، ونفْيِ الشَّريك والصَّاحبة والولَدِ والظَّهير المتضمِّن كمال ربوبيَّته وإلهيتة وقَهْره، ونفْيِ الأكْلِ والشُّرب المتضمِّن كمالَ الصَّمديَّة وغِناه، ونفْيِ الشَّفاعة عنده بدونِ إذْنِه المتضمِّن كمال توحيدِه وغناه عن خلْقِه، ونَفْيِ الظُّلم المتضمِّن كمالَ عدله وعلمه وغناه، ونفْيِ النِّسيانِ وعُزوبِ شيءٍ عن عِلْمِه المتضمِّن كمالَ عِلْمِه وإحاطَتِه، ونَفْيِ المِثْلِ المتضمِّن لكمال ذاتِه وصفاتِه، ولهذا لم يتمدَّح بعدمٍ مَحضٍ لا يتضمَّن أمرًا ثبوتيًّا، كما كان المعنى في قوله: {وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ} [يونس: 61] أنَّه يعلم كل شيء، وفي قوله: {وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} [ق: 38] أنَّه كامل القدرة، وفي قوله: {وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف: 49] أنَّه كامل العدل، وفي قوله: {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} [البقرة: 255] أنَّه كاملُ القيّوميَّة".
وما ذكرناه هو معنَى التَّسبيح عند أهْلِ السُّنَّة والجماعة، أمَّا التَّسبيحُ عند الفِرق الضالة كالمعتزلة والأشاعرة ومَن لفَّ لفَّهم وضلَّ ضلالَهم فعَدَمٌ ونَفْيٌ مَحض، بلْ وتَستلْزِمُ عندَهُم تحريفًا وتعطيلاً وإنكارَ صفاتِه وجَحْدِها، فعلى قولهم الباطل يكون التَّسبيح غيْر مَحمود بل يُذمُّ غايةَ الذَّمِّ - تعالى الله عما يقولون علوا عظيما - فالتَّسبيحِ عندهم إنكارٌ وجحودٌ وضلالٌ ومُباهتة.
وقال ابن رجب في معنى التسبيح: "سبِّحه بِما حمِد به نفسَه، إذْ ليس كلُّ تسبيح بِمحمود، كما أنَّ تسبيح المعتزلة يقتضي تعطيلَ كثيرٍ من الصِّفات" اهـ.
وقال ابن القيم في "حادي الأرواح": "فلو أَرِيدَ بها نفْيُ الصِّفات لكان العدم المَحض أوْلَى بِهذا المدحِ منه، مع أنَّ جَميع العُقلاءِ إنَّما يفهمونَ من قَوْلِ القَائل: فلان لا مثلَ له، وليس له نظيرٌ ولا شبيهٌ ولا مثل: أنَّه قد تميَّز عن النَّاس بأوصافٍ ونعوتٍ لا يُشاركونه فيها، وكلَّما كثُرتْ أوصافُه ونعوتُه فاتَ أمثالَه، وبعُدَ عن مشابَهة أضرابِه؛ فقولُه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] مِن أدلِّ شيءٍ على كثرةِ نُعوتِه وصِفاته، وقولُه: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام: 103] " اهـ.
هذا؛ ومعنى التَّسبيح في اللغة دائرٌ على ما ذكرْنا؛ قال سيبويه في "الكتاب": زَعَمَ أبو الخطَّاب أنَّ "سبحان الله" كقولِك: براءة الله من السوء، كأنَّه يقول: "أبرئ" براءة الله من السُّوء، وزعم أنَّ مِثْلَه قول الشَّاعر، وهو الأعْشَى:
أَقُولُ لَمَّا جَاءَنِي فَخْرُهُ سُبْحَانَ مِنْ عَلْقَمَةَ الفَاخِرِ
وقال ابْنُ فارس في "مقاييس اللغة": "العرب تقول: سبحان مِن كذا، أي ما أبعدَه"،، والله أعلم.
إجابة الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي مراجعة وإجازة الشيخ سعد الحميد
الرابط ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=310&FatwaID=2839)(97/42)
دورة في مقدمة صحيح البخاري
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[13 - 06 - 08, 05:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
دورة في مقدمة صحيح البخاري
نظمت هيئة "الهداية" نشاطًا مهمًا على شكل دورة تعليمية في أربع محاضرات، تحت عنوان "مقدمة في صحيح البخاري" أيام 7 و14 و21 و28 من شهر مايو الجاري، وتعدُّ هذه الدورة فريدة؛ لأنها باللغة الهولندية في هذا الموضوع وبهذا الحجم.
واشتملت المحاضرات على مقدمة في علم الحديث، وحياة الإمام البخاري، وجامع صحيح البخاري.
وألقى المحاضرات السيدة "تسنيم صديق" في جامعة "إيراسمس" بمدينة "روتردام" الهولندية، وكانت مدة المحاضرة الواحدة ساعة ونصف، من الساعة السادسة حتى السابعة والنصف مساءً.
وسوف يكون هناك تتمه لهذه الموضوع من قبل الشيخ "محمد رمضان كادري"، وذلك بعد العطلة الصيفية إن شاء الله.
خبر مترجم من اللغة الهولندية
المصدر: موقع "اكتشف الإسلام" الهولندي.
المصدر ( http://www.alukah.net/articles/217/2868.aspx?cid=214)(97/43)
طلب شرح لهذا الحديث فسألوه عن بني عامر فقال جمل أزهر يأكل من أطراف الشجر
ـ[أبو الحسن المكي العتيبي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 07:47 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أطلب من إخواني توضيح و شرح هذا الحديث وتخريجه
(ذكرت القبائل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن بني عامر فقال جمل أزهر يأكل من أطراف الشجر وسألوه عن هوازن فقال زهرة تنبع ماء وسألوه عن بني تميم فقال ثبت الأقدام رجح الأحلام عظماء الهام أشد الناس على الدجال في آخر الزمان هضبة حمراء لا يضرها من ناوأها)(97/44)
طلب شرح وتوضيح و تخريج لهذا الحديث
ـ[أبو الحسن المكي العتيبي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 07:59 ص]ـ
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: ذكرت القبائل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألوه عن بني عامر، فقال:" جمل أزهر يأكل من أطراف الشجر "، وسألوه عن هوازن، فقال:" زهرة تنبع ماء "، وسألوه عن بني تميم فقال: " ثبت الأقدام، رجح الأحلام، عظماء الهام، أشد الناس على الدجال في آخر الزمان، هضبة حمراء لايضرها من ناوأها "
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[13 - 06 - 08, 07:44 م]ـ
6796 - (يأبى الله لبني تميم الأ خيراً، ثبت الأقدام، عظام الهام، رجح الأحلام، هضبة حمراء، لايضرها من ناوأها، أشد الناس على الدجال في آخر الزمان).
ضعيف جداً.
أخرجه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (ق 124/ 1 - بغية الباحث)، وعنه أبو نعيم في "الحلية " (3/ 60) من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم.
والبزار في " مسنده " (3/ 1 1 3/ 2823)، والطبراني في " المعجم الأوسط " (9/ 95 - 96/ 2 0 82)، والرامهرمزي في " الأ مثال " (235 - 236/ 154) والخطيب في "التاريخ " (9/ 195) - واللفظ له - من طريق أبي معاوية؛ كلاهما: حدثنا سلام بن صبيح - وقال الحارث: ابن سلم عن زيد العمى - عن منصور بن
زاذان عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: ذكرت القبائل عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله! ما تقول في (هوازن)؟
فقال:"زهرة تينع". قالوا: فما تقول في بني عامر؟ قال: " جمل أزهر، يأكل من أطراف الشجر ". قالوا: ما تقول في بني تميم؟ قال: فقال: ... فذكره. قال أبو الأحوص محمد بن حيان: لت لأبي معاوية: من سلام؟ قال: كان يسكن المدائن.
قلت: وفي ترجمة (سلام بن صبيح) هذاساقه الخطيب، ولم يزد؛ مما يشعر أنه غير معروف عنده؛ لكنه قد أتبعه بترجمة سلام بن سلم المعروف بـ: (الطويل) سكن المدائن، وحدث عن زيد العمي ... روى عنه أبو النضر هاشم بن القاسم ... إلخ، وأفاض في نقل أقوال الأئمة فيه وهي مجمعة على تركه، وبعضهم كذبه؛ فهو آفة هذا الحديث، وأبو النضر ثقة ثبت - كما في " التقريب " -، فروايته مقدمة على رواية أبي معاوية - وهو: محمد بن خازم الضرير -؛ لأنه - وإن كان ثقة؛ فقد - كان يهم في غير حديث الأعمش - كما قال الحافظ -؛ ولذلك فقد أصاب البزار في تعقيبه على الحديث بقوله:
" سلام هذا أحسبه سلام المدائني، وهو ليّن الحديث".
وأقره الهيثمي في موضع من" المجمع " (10/ 47)، وقال في موضع أخر منه (10/ 43):
" رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه (سلام بن صبيح)، وثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح "!
وهذا من تساهله، واكتفائه على مجرد النقل دون أي تحقيق؛ فابن حبان مشهور بتساهله في التوثيق، وهو إنما أورد (سلاماً) هذا في " الثقات " (8/ 295 - 296) لرواية أبي معاوية عنه هذا الحديث وذكر طرفه الأول، ولم يزد! ولم يذكر راوياً آخر عنه؛ فهو مجهول - على ما تقتضيه القواعد العلمية -؛ بل هو عدم ... لا وجود له، وإنما هو: (سلام المدائني الطويل) .. ابن سلم - كما حفظه لنا الثقة الثبت أبو النضر -، وَهِم أبو معاوية في اسم أبيه، كما وهم في إسقاط شيخه (زيد العمي) من إسناده!! ولقد قارب الصواب الحافظ الذهبي في قوله في ترجمته - بعدما ساق حديثه من رواية الخطيب -:
" وأنا أحسبه سلاماً الطويل المدائني " (1). وأقره الحافظ في " اللسان "، وزاد عليه قوله:
" وقد ذكره ابن حبان في " الثقات"، وساق له هذا الحديث مختصراً".
قلت: وأنا أعتقد أنهما لو وقفا أو على الأقل استحضرا رواية أبي النضر هذا؛ لجزما بما حسباه وظناه. وقد فاتت الحافظ الطبراني؛ فقد قال عقب الحديث: " لم يروه عن محمد بن سيرين إلا منصور، ولا عن منصور إلا سلام بن
صبيح، تفرد به أبو معاوية "!
وزيد العمي - شيخ سلام، هو: ابن الحواري، وهو -: ضعيف - كما في " التقريب " -:
لكن الجملة الأخيرة من الحديث لها شاهد قوي بإسناد آخر عن أبي هريرة
قال:
لا أزال أحب بني تميم من ثلاث سمعتهن من رسول الله، سمعت رسول الله ويقول:
" هم أشد أمتي على الدجال ".
أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في "الصحيحة " تحت الحديث (3114). وروي نحوه بزيادة في أوله، وهو الآتي بعد حديث. (السلسلة الضعيفة للإمام الألباني رحمه الله) من الشاملة
ـ[أبو الحسن المكي العتيبي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 04:22 ص]ـ
جزاك الله خير(97/45)
مات في حادث سيارة بسبب سرعته فهل يُعتبر منتحرا؟؟
ـ[عبدالرحمن الناصر]ــــــــ[13 - 06 - 08, 12:43 م]ـ
شخص كان يسير بالسيارة فوق السرعة المسموحة، وأصابه حادث فمات، فهل يعتبر منتحرا؟
ـ[عبدالرحمن الناصر]ــــــــ[14 - 06 - 08, 10:17 ص]ـ
الشيخ ابن باز رحمه الله يقول أنه يأخذ حكم المنتحر ..
فما تقولون؟؟
ـ[عبدالرحمن الناصر]ــــــــ[16 - 06 - 08, 01:35 ص]ـ
.................................................. .
ـ[ابو هبة]ــــــــ[16 - 06 - 08, 02:12 ص]ـ
سبق:
هنا. ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=778824)(97/46)
النوم على البطن وفيه (نومة جهنمية) و (ضجعة أهل النار) ما معناها بالتفصيل
ـ[اسامة عبد الرافع]ــــــــ[13 - 06 - 08, 02:52 م]ـ
حديث أخرجه ابن ماجه في نهي رسول الله صلى الله عليو وسلم عن النوم على البطن وفيه (نومة جهنمية) و (ضجعة أهل النار)
ما معناها بالتفصيل , هل أهل النار ينامون أو يضطجعون؟
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[13 - 06 - 08, 03:05 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=5001
ـ[اسامة عبد الرافع]ــــــــ[13 - 06 - 08, 11:35 م]ـ
اخي الكريم:
اطلعت على الملف وكل الردود حول الحديث من حيث الصحة أو الضعف , وأريد شرح المتن وخاصة ما طرحته في السؤال فهل من مجيب؟
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 05:10 م]ـ
المسمّون له بـ (ضجعة أهل النار) أو (نومة جهنمية) لعلهم يريدون بذلك الإشارة لقول الله تعالى عن أهل جهنّم {يومَ يُسْحَبُونَ في النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ}
ـ[اسامة عبد الرافع]ــــــــ[14 - 06 - 08, 07:18 م]ـ
المسمّون له بـ (ضجعة أهل النار) أو (نومة جهنمية) لعلهم يريدون بذلك الإشارة لقول الله تعالى عن أهل جهنّم {يومَ يُسْحَبُونَ في النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ}
جزاك الله خيرا على بيانك هذا , بارك الله فيك
ـ[نزيه حرفوش]ــــــــ[14 - 06 - 08, 07:47 م]ـ
جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للملا علي قاري: (
هو يحتمل أن يكون المراد أن هذه عادة الكفار أو الفجار في هذه الدار أو هذه تكون ضجعتهم حال كونهم في النار والله أعلم)
ـ[اسامة عبد الرافع]ــــــــ[16 - 06 - 08, 02:58 م]ـ
جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للملا علي قاري: (
هو يحتمل أن يكون المراد أن هذه عادة الكفار أو الفجار في هذه الدار أو هذه تكون ضجعتهم حال كونهم في النار والله أعلم)
بارك الله فيك أخي نزيه على بيانك وردك , جزاك الله خيرا كثيرا
ـ[نزيه حرفوش]ــــــــ[16 - 06 - 08, 06:43 م]ـ
وبارك الله فيك أيضاً
ـ[كريم أحمد]ــــــــ[08 - 07 - 08, 04:14 ص]ـ
جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للملا علي قاري: (
هو يحتمل أن يكون المراد أن هذه عادة الكفار أو الفجار في هذه الدار ....
قال أبو العباس أحمد بن ابراهيم القرطبي رحمه الله في المفهم شرح مختصر مسلم:
و قيل (أي عن سبب نهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن يصلي الرجل مختصرا): لأنه من فعل اليهود؛ كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:" الاختصار راحة أهل النار "؛ يعني اليهود و المتكبرين؛ لا أنّ لهم في النار راحة. إهـ
فالظاهر أن المراد: لأنها من فعل الكفار أهل النار و قد نهينا عن التشبه بهم، لا أن لأهل النار ضجعة أو نومة في جهنم، و الله تعالى أعلم.
ـ[اسامة عبد الرافع]ــــــــ[08 - 07 - 08, 06:08 ص]ـ
قال أبو العباس أحمد بن ابراهيم القرطبي رحمه الله في المفهم شرح مختصر مسلم:
و قيل (أي عن سبب نهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن يصلي الرجل مختصرا): لأنه من فعل اليهود؛ كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:" الاختصار راحة أهل النار "؛ يعني اليهود و المتكبرين؛ لا أنّ لهم في النار راحة. إهـ
فالظاهر أن المراد: لأنها من فعل الكفار أهل النار و قد نهينا عن التشبه بهم، لا أن لأهل النار ضجعة أو نومة في جهنم، و الله تعالى أعلم.
بارك الله فيك أخي (كريم أحمد) على هذه الإضافة في بيان الحديث وتوثيق معناه كما ذكر الإخوة , جزيتم خيرا كثيرا.(97/47)
تشبيه الإيمان بالبطارية الكهربائية ... هل هذا جائز شرعاً؟
ـ[بندر البليهي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 04:06 م]ـ
تشبيه الإيمان بالبطارية الكهربائية ... تشبيه قراءة القرآن وزيادة الإيمان بـ " الفيش أو الأفياش "
هل هذا جائز شرعاً؟
جواب الشيخ عبدالرحمن السحيم:
ما كان من باب التشبيه، فلا بأس به، إذ لا يُشترط التوافق والتماثل بين الْمُشَبَّه و الْمُشَبَّه به، ومن هذا القبيل تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم بعض أنواع الوحي بِصلصلة الجرس، مع كون الجرس مما نَهَى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
ويُشكل عليّ مما في السؤال تشبيه قراءة القرآن وزيادة الإيمان بـ " الفيش أو الأفياش "!
والقرآن كلام الله، لا يُشبهه شيء، ولا شيء يُشَبَّه به.
ولو شُبِّه قارئ القرآن لكان له أصل، أما القرآن وآياته فلا يُشبّه بشيء.
والله تعالى أعلم.
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?goto=newpost&t=9658
ـ[المسيطير]ــــــــ[13 - 06 - 08, 10:49 م]ـ
بارك الله فيك ياأباعبدالمجيد ..... أسعدتنا بمشاركتك ..... لا عدمناك.
ـ[بندر البليهي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 11:49 م]ـ
وفيك بارك أخي الحبيب ...
ـ[العوضي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 01:39 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم وفي الشيخ السحيم
ـ[بندر البليهي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 08:53 م]ـ
بارك الله فيك اخي العوضي وأشكرك.
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[15 - 06 - 08, 01:32 ص]ـ
هذا من أهازيج التبليغ الصوفية
ومرة الايمان مثل التيار في اسلاك الكهرباء!
ومرة اخرى مثل الدينمو!
وكلما ابتعد الانسان من مشكاة النبوة اقترب من وحي الشيطان!
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 12:21 م]ـ
صدقت أخي
خرابيط التبليغيين كثيرة جدا ولم يفتصر الامر على هذه التشبيهات
بل طالت السنتهم اهل العلم وطلابه
كما قال احدهم ((لا يهمونك طلاب العلم))!!
وقال آخر عندما سمع بقصة من افتراءتهم الدعوية التي يزعمونها
((علمت ان قوم ينبغي ولا ينبغي ويجب ولا يجب-- يقصد اهل العلم-- يدورون بوش)) كما هي اللهجة العامية لايقصد الرئيس المعروف
قال تعالى ((الشيطان سول لهم وأملى))
والله المستعان
ـ[أبو خليل النجدي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 03:10 م]ـ
صدقت أخي
خرابيط التبليغيين كثيرة جدا ولم يفتصر الامر على هذه التشبيهات
بل طالت السنتهم اهل العلم وطلابه
كما قال احدهم ((لا يهمونك طلاب العلم))!!
وقال آخر عندما سمع بقصة من افتراءتهم الدعوية التي يزعمونها
((علمت ان قوم ينبغي ولا ينبغي ويجب ولا يجب-- يقصد اهل العلم-- يدورون بوش)) كما هي اللهجة العامية لايقصد الرئيس المعروف
قال تعالى ((الشيطان سول لهم وأملى))
والله المستعان
((علمت ان قوم ينبغي ولا ينبغي ويجب ولا يجب-- يقصد اهل العلم-- يدورون بوش))
أضحك الله سنك يا أخي:) أجل يدورون بوش!!
معنى الكلمة لغير الناطقين بلهجة أهل نجد = أي: يدورون في أماكنهم .. و تطلق على من ليس لفعله أي تأثير!
ـ[عبد الملك السلفى]ــــــــ[15 - 06 - 08, 03:24 م]ـ
هدى الله اخواننا من جماعة التبليغ والاخوان المسلمين
ولا أعلم الى متى هذا الاصرار الذي هم عليه؟! أيظنون أنهم على شيء؟!
الحمد الله الذي عفانا(97/48)
كيف تصبح فصيح اللسان؟
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 05:49 م]ـ
الحق أنني ترددتُ أين أطرح هذا الموضوع، أفي قسم اللغة العربية، أم في المنتدى العام، و آثرتُ العام، فأرجو أن لا تثريب عليّ يغفر الله لنا و هو أرحم الراحمين
كيف تصبح فصيح اللسان؟
هذا عنوان كتاب لمحمد محمد صافي مستغانميّ من طبع مكتبة الصحابة الطبعة الأولى 1427 هـ
يشتمل الكتاب على بابين: الباب الأول تحدث فيه المؤلف عن البيان العربي و صناعة الإنشاء، و الباب الثاني ذكر فيه عن جملة مختارة من خطب العرب و رسائلهم و وصاياهم و حكمهم و أمثالهم.
تكلم المؤلف مجيباً عن هذا السؤال العريض (كيف تصبح فصيح اللسان؟)
و لخص الإجابة: بأنه ينبغي أن تؤخذ اللغة من معينها الحقيقيّ، و ذلك يكون بحفظ كتاب الله و سنة رسول الله – صلى الله عليه و سلم -، و أشعار العرب و حكمهم و أمثالهم، و خطبهم، و نوادرهم، و العناية بعلوم الآلة كالنحو و الصرف و البلاغة، و ما أشبه ذلك، و في هذه المشاركات سأهتمُّ أولاً بالفوائد من هذا الكتاب، ثمَّ بعد ذلك نأتي على الجانب العملي، و ربما جاء ذكرٌ للجانب العملي أثناء ذلك، لكن محله بعد الانتهاء من سرد الفوائد، و الكتاب في نظري كان جميلاً، و سأنتقي من فوائده – إن شاء الله – ما تيسر، و من نافلة القول التذكير باختلاف الناس في الاختيار، تبعاً لاهتماماتهم، و أذواقهم، و علمهم، و غير ذلك من العوامل.
أما الإجابة المجملة عن سؤال هذا الكتاب فقد تقدمت آنفاً، و إليك أخي الحبيب شذراتٍ من الأجوبة التفصيلية عن هذا السؤال إما تصريحاً، أو تلميحاً، أو فوائد شوارد، و أنا في هذا كلِّه طالب للاستفادة من إخواني الأكارم، لن أعدم من أحد منهم فائدة، أو تصحيحاً، أو سؤالا، أو مناقشةً، و إن كنتُ أقترح أن يكون ذلك بعد انتهائي من سرد هذه الفوائد؛ حتى يتسنى للقارئ المبارك القراءة المتواصلة من دون تشويش، و أنقل الفائدة من الكتاب و قد يكون المؤلف نقلها من كتبٍ أخرى، فإن نشطتُ ذكرتُ المصدر، و إلاّ كانت خلواً منه – و هي الأغلب أعاذنا الله من الكسل - و علمَ الله أني أفرح بأي فائدة , أو تصحيح خطأ، فالمرء إنما هو بإخوانه.
استعنَّا بالله
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 05:52 م]ـ
- 1 -
- أفاض أبو هلال العسكريّ في الصناعتين، و أبو إسحاق الحصري في زهر الآداب في ذكر الأقوال المتعلقة بالبلاغة و البلغاء، و منها:
- البلاغة قولٌ يسير، يشتمل على معنىً خطير.
- البلاغة تقرير المعنى في الأفهام من أقرب وجوه الكلام.
- البلاغة صواب في سرعة جواب.
- ثم قال المؤلف: و إذا أردنا تلخيص هذه التعاريف في كلمات موجزة يمكن أن نقول كما رجحه كثير من الباحثين بأن البلاغة: هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته.
- و قيل في وصف الكلام البليغ:
- كلامٌ يمتزج بأجزاء النفس لطافةً، و بالهواء رقةً، و بالماء عذوبةً
- أبلغ الكلام: ما حسُن إيجازه، و قلَّ مجازه، و كثر إعجازه، و تناسبت صدوره و أعجازه.
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 05:53 م]ـ
وماذا عن الارتقاء بالكتابة؟
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 05:56 م]ـ
- 2 -
- و من حِكَم العرب المأثورة: المرء مخبوء تحت لسانه، و لسان المرء جماله في المحافل، و سلاحه في الجحافل، و المرءُ لا يُعرف قدره إلا بعد تحدثه، فإن تكلم و أحسن و أجاد، تطلعت إليه العيون و ساد، و إن أصابه عِيٌّ أو حصرٌ أعرض عنه السامعون، و انصرف عنه الحاضرون.
يوضحه قول زهير:
و كائن ترى من صامتٍ لك معجِبٍ زيادته أو نقصه في التكلمٍ
لسان الفتى نصفٌ، و نصفٌ فؤاده فلم يبقَ إلا صورة اللحم و الدم
- و قد تطلق كلمة اللسان و يراد بها الذِّكر الحسن، و الصيتُ الجميل، قال تعالى على لسان خليله إبراهيم – صلى الله عليه و سلم – " و اجعل لي لسان صدق في الآخرين " أي اجعل لي ثناءً حسناً فيمن بعدي.
- "و عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أنَّ رجلاً أتاه فقال له: ما تقول في رجلٍ ماتَ و ترك أخوه و أبوه؟ فقال ابن عمر: ويحك، أباه و أخاه، فقال الرجل: فما لأباه و أخاه؟ قال ابن عمر: أبيه و أخيه، قال الرجل: قد قلتُ فأبيتَ. قال ابن عمر: إنا لله و إنا إليه راجعون، ما فاتكَ من أدبك أضرُّ بك مما فاتك من ميراثك " الإبانه.
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 05:59 م]ـ
- 3 -
- لعلماء البلاغة أقوالٌ عديدة في تعريف الفصاحة. و هم متفقون على أن الأصل اللغوي لكلمة الفصاحة مأخوذٌ من صِفة اللبن، إذ تقول العرب: فصُحَ اللبن إذا أُخذت منه الرغوة. قال ابن منظور في لسان العرب: " أفصح اللبن: ذهب اللّبأ عنه، و فصُح اللبن إذا أُخِذت عنه الرغوة ... و الفصاحة: البيان، و فصُح الرجل فصاحةً، فهو فصيح من قومٍ فصحاء و فِصَاح و فُصُح " ثم عرف الرجل الفصيح بأنه " المنطلق اللسان في القول الذي يعرف جيّد الكلام من رديئه "
- قال ابن الأثير: " إن الكلام الفصيح هو الظاهر البيّن "
- و قال " ... فالفصيح إذن من الألفاظ هو الحسن " المثل السائر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/49)
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 06:05 م]ـ
- 4 -
- تكلم المؤلف عن الكتب المفيدة في الارتقاء باللغة، و اهتم بالأوائل لبعدهم عن اللحن و الخطل في الغالب فمن هذه الكتب:
- فصيح ثعلب و شروحه.
- إصلاح المنطق لابن السكّيت.
- تهذيب الألفاظ للتبريزي.
- فقه اللغة للثعالبيّ.
- أدب الكاتب لابن قتيبة.
- الصحاح للجوهري.
- المجمل و معجم مقاييس اللغة لابن فارس.
- الجمهرة لابن دريد.
- المخصص و المحكم لابن سيده.
- تهذيب اللغة للأزهري.
- لسان العرب لابن منظور.
- قال: و أحيل القارئ الذي يتعشَّق دقائق الأفعال و الأسماء و وجوه استعمالها إلى كتاب:
- تهذيب اللغة للتبريزي.
- كتاب الألفاظ لعبد الرحمن بن عيسى الكاتب.
- كتاب الألفظ لابن مرزبان الباحث.
- جواهر الألفاظ لقدامة بن جعفر.
- ففيها غنىً و مقتعٌ و بالله التوفيق.
- ثم أثنى على كتب متنوعة في أماكن متفرقة منها:
- شذا العرف في فن الصرف.
- جواهر البلاغة للسيّد الهاشمي.
- الإيضاح للقزويني.
- الصناعتين.
- النثر و الشعر لأبي هلال العسكري.
- سر الفصاحة للخفّاجي.
- المثل السائر لابن الأثير.
- أسرار البلاغة للجُرجاني.
- عروس الأفراح بشرح تلخيص المفتاح لبهاء الدين السبكي.
- عيون الأخبار لابن قتيبة.
- زهر الآداب للحصري.
- صبح الأعشى للقلقشندي.
- البيان و التبيين للجاحظ.
- العقد الفريد لابن عبد ربه.
- المفرد العلم في رسم القلم (كتاب في الإملاء)
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 06:07 م]ـ
- 5 -
القرآن المجيد
- سجَّل الحصري في زهر الآداب عن بعض فصحاء عصره كلماتٍ حول فضل القرآن الكريم على سائر الكلام فقال: " و فضل القرآن على سائر الكلام معروف غير مجهول، و ظاهر غير خفي، يشهد بذلك عجز المتعاطين، ووهن المتكلفين، و تحيّر الكذّابين، و هو المبلّغ الذي لا يُملّ، و الجديد الذي لا يخلق، و الحق الصادع، و النور الساطع، و الماحي لظلم الضلال، و لسان الصدق النافي للكذب، و نذيرٌ قدمته الرحمة قبل الهلاك، و ناعي الدنيا المنقولة، و بشير الآخرة المخلدة، و مفتاح الخير و دليل الجنة، إن أوجز كان كافياً، و إن أكثر كان مذكّراً، و إن أومأ كان مقنعاً، و إن أطال كان مفهما، و إن أمرَ فناصحاً، و إن حكمَ فعادلاً، و إن أخبر فصادقاً، و إن بيّن فشافياً، سهلٌ على الفهم، صعبٌ على المتعاطي، قريب المأخذ، بعيد المرام، سراجٌ تستضيء به القلوب، حلوٌ إذا تذوقَتْهُ العقول، بحر العلوم، و ديوان الحكم، و جوهر الكلم، و نزهة المتوسمين، و روح قلوب المؤمنين "
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 06:09 م]ـ
- 6 -
الشِّعْر
- أورد صاحب زهر الآداب تعريفاً للشعر الجميل لأبي العباس الناشئ حيث قال: " الشعر قيد الكلام، و عقل الآداب، و سور البلاغة، و معدن البراعة، و مجال الجَنان، و مسرح البيان، و ذريعة المتوسّل، و وسيلة المتوصّل، و ذِمام الغريب، و حرمة الأريب، و عصمة الهارب، و عدَّة الراهب، و رجلة الداني، و دوحة المتمثّل، و روحة المتحمّل، و حاكم الإعراب، و شاهد الصواب "
- يُنصح المتهمون بالشعر بحفظ الشعر الرصين الجزل، و الرائق الشائق، بدءاً من المعلقات، و المفضليات، و الأصمعيات، و ديوان الحماسة، مروراً بديوان هذيل، و أشعار المولَّدين الفطاحل أمثال: جرير و الفرزدق، و انتهاء إلى الشعراء المطبوعين المجيدين من المحْدثين كأبي تمّام و البحتري المتنبي و من حذا حذوهم، و بلغ شأوهم.
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 06:10 م]ـ
- 7 -
متفرقات
- جاء في وصيَّة عبد الله بن شدّاد لابنه " يا بنيّ: إذا أحببتَ فلا تفرط، و إذا أبغضتَ فلا تشطط " ا. هـ
- صاحبُ المعروف لا يقع، فإذا وقعَ وجدَ متكأً.
- قال أكثم بن صيفيّ: " يتشابه الأمر إذا أقبل، فإذا أدبر عرفه الكيّس و الأحمق "
- لن تعدَم الحسناء ذامَاً.
- الحرُّ حرٌ و إن مسَّه الضرُّ، و العبدُ عبدٌ و إن ساعده جَدّ.
- كل مبذول مملول.
- إنما الناس أحاديث، فإن استطعتَ أن تكون أحسنهم حديثاً فافعل.
- إن لكل داخلٍ وحشةٌ، فآنِسوه بالتحيّة.
- قال عمر للأحنف: " من كثر ضحكه قلّت هيبته، و من أكثر من شيء عُرِف به، و من كثر مزاحه كثر سقطه، و من كثر سقطه قلَّ ورعه، و من قلَّ ورعه ذهبَ حياؤه، و من ذهبَ حياؤه مات قلبه ".
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 06:14 م]ـ
- 8 -
- العبدُ حرٌ ما قنع، و الحرُّ عبدٌ ما طمع.
- إن الدنيا تنطق بغير لسان، فتخبر عما يكون بما قد كان.
- أساء سمعاً فأساءَ جابة: يضرب لمن يخطئ السمع فيسيء الإجابة.
- إنَّ الشفيقَ بسوء ظنٍّ مولعُ.
- أعلم بها من غصَّ بها: أي من علم الأمر و مارسه كان أعلم به ممن بعُد عنه و فارقه.
- جاءَ سبهللاً: يقولون ذلك للرجل إذا جاء فارغاً، و منه قولهم: جاءَ يضرب أصْدريه.
- أسمعُ صوتاً و أرى فوتاً: يُضرب لمن يعد و لا يُنجز.
- أصمُّ عما ساءه سميعٌ: أي أصم عن القبيح الذي يؤذيه و يغمّه، و سميع لما يسرُّه.
- العبد يُقْرَعُ بالعصا، و الحرُّ تكفيه الإشارة.
- أقصرَ لمّا أبصرَ: أي أمسك عن الطلب لمّا رأى سوء العاقبة.
- عليه من الله لسانٌ صالحة: يُضرب لمن يُثنى عليه بالخير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/50)
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 12:53 م]ـ
المقصود الأول من هذه الكتابة طرح الفوائد، ذلك أني كنتُ كثيراً ما أقرأ عدداً من الكتب، و أؤجل نقل الفوائد التي تحويها إلى وقتٍ آخر، و لا أدري متى يأتي هذا (الوقت الآخر) حتى أعمل مانويته، هذا هو المقصود، فأحببتُ أن أشجع نفسي على هذا العمل، فأطرح ما بين الفينة و الأخرى، جملةً من الفوائد المنتقاة من كتابٍ مّا، و هكذا كنتُ في هذا الموضوع، و إن كان الأولى أن يغير العنوان إلى " فوائد من كتاب كيف تصبح فصيح اللسان؟ " فإن أمكن ذلك كان حسناً.
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 01:01 م]ـ
ثمَّ بعد ذلك نأتي على الجانب العملي، و ربما جاء ذكرٌ للجانب العملي أثناء ذلك، لكن محله بعد الانتهاء من سرد الفوائد
هذه لعلها تكون من إضافة الإخوان و تعليقاتهم المباركة
ـ[تلميذة الأصول]ــــــــ[14 - 06 - 08, 11:14 م]ـ
ماشاء الله أمر جيد،،فليتك تواصل بارك الله فيكم ..
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[16 - 06 - 08, 02:10 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 11:05 ص]ـ
وماذا عن الارتقاء بالكتابة؟
ننتظر الإضافة في هذا الجانب من الإخوة الذين لهم فيه باع، و علمي و قلمي يقصر دون ذلك.
و في الإخوان البركة
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 11:08 ص]ـ
تلميذة الأصول بارك الله فيكِ أمَّا عن أبرز فوائد الكتاب فقد انتهيتُ من كتابتها، و بقي ما تجود به أزرار حاسبات الإخوة الذين لهم قصب السبق في الجانب العمليّ و كيفية تطويره
شكراً جزيلاً
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 11:13 ص]ـ
أبا مالك جزيتَ خيراً(97/51)
سؤال حول ما يجوز قوله في الشعر؟
ـ[أبو عائشة التميمي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 06:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده
أخوتي في الله
هل يجوز أن يقول الشخص مثلاً (دنياي رفقاً بي ارحميني
و هو طبعاً يؤمن بوحدانية الله في ألوهيته
و هل يجوز له أن يكتب شعر عن البحر يحاكي فيه البحر
و يقول فيه مثلاً (حررني من أحزاني - علمني كيف أواجه الدنيا - و أنت علمتني الرقة .... الخ)
و ما قول العلماء السلف و المعاصرين في هذا النوع من الشعر؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً.
ـ[أبو عائشة التميمي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 08:24 م]ـ
اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً
ـ[أبو عائشة التميمي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 02:05 ص]ـ
الحمد لله وحده, ...
فقد قرأت لكثير من الناس يكتبون مثل هذا النوع من الشعر
للأهمية بارك الله فيكم
منذ زمن و أنا أبحث عن هذا
اللهم أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه
ـ[أبو عائشة التميمي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 03:39 م]ـ
اللهم أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[19 - 06 - 08, 11:35 ص]ـ
وهذا السؤال فى ذهنى من فترة
الادباء والشعراء من عادتهم الاستطراد مع مشاعرهم وأحاسيسهم وهذا طبيعة ذلك الفن
هما العلماء قالوا لايجوز استعمال الفاظ غير شرعية فى تقرير العقيدة اما عند الشرح والبيان فيجوز (فهل هذا الكلام له علاقة بالموضوع)
وللشيخ سلمان فى حلقة الفن من برنامج الحياة كلمة كلام على رواية اولاد حارتنا مهم فى هذا الباب لكن الكلام ضاع من نظرى وسط الحلقتين(97/52)
إني في حيرة من أمري ((((هل هاجر زوجة إبراهيم عليه السلام)))
ـ[المسلم أحمد]ــــــــ[13 - 06 - 08, 08:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انتشر عند عامة الناس أن هاجر أم أسماعيل عليه السلام هي زوجة نبي الله إبراهيم، ولكننا نعلم بأن هاجر كانت مملوكة لسارة وسارة أهدتها لإبراهيم عليه السلام لما علمت في نفسها العقم وذلك حتى ينجب الولد وسؤالي هو:-
هل تزوج إبراهيم عليه السلام من السيدة هاجر أم إسماعيل أم أن هاجر ماتت وهي من الإماء؟ وما الدليل على ذلك؟.
بالطبع أنا أبحث عن دليل شرعي وليس دليلا من التوراة مثلا، وأنا في انتظار الإجابة إن شاء الله والسلام عليكم.
ـ[أبو عبدالرحمن السبيعي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 11:50 م]ـ
كتاب البداية والنهاية لابن كثير
ذكر مولد اسماعيل عليه السلام من هاجر قال أهل الكتاب: إن إبراهيم عليه السلام سأل الله ذرية طيبة وأن الله بشره بذلك وأنه لما كان لابراهيم ببلاد بيت المقدس عشرون سنة قالت سارة لابراهيم عليه السلام إن الرب قد أحرمني الولد فادخل على أمتي هذه لعل الله يرزقني منها ولدا فلما وهبتها له دخل بها إبراهيم عليه السلام فحين دخل بها حملت منه قالوا فلما حملت ارتفعت نفسها وتعاظمت على سيدتها فغارت منها سارة فشكت ذلك إلى إبراهيم فقال لها افعلي بها ما شئت فخافت هاجر فهربت فنزلت عند عين هناك فقال لها ملك من الملائكة لا تخافي فإن الله جاعل من هذا الغلام الذي حملت خيرا
وأمرها بالرجوع وبشرها أنها ستلد ابنا وتسميه إسماعيل ويكون وحش الناس يده على الكل ويد الكل به ويملك جميع بلاد إخوته فشكرت الله عزوجل على ذلك.
ولما رجعت هاجر وضعت اسماعيل عليه السلام قالوا وولدته ولابراهيم من العمر ست وثمانون سنة قبل مولد اسحاق بثلاث عشرة سنة *
ـ[أبو ظفير]ــــــــ[14 - 06 - 08, 02:28 ص]ـ
بارك الله فيك أخي
وددنا لو تبحث المسألةأكثر
ـ[المسلم أحمد]ــــــــ[14 - 06 - 08, 01:27 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد قرأت في البداية والنهاية وكذلك في الكثير من كتب التاريخ والسيرة ولم أجد أحدا قد قال أن هاجر قد تزوجت بإبراهيم عليه السلام فأردت أن أعرف إن كانت قد تزوجته بالفعل فما الدليل؟
ـ[نزيه حرفوش]ــــــــ[14 - 06 - 08, 07:56 م]ـ
جاء في صحيح مسلم:
حدثني أبو الطاهر أخبرنا ابن وهب أخبرني حرملة ح وحدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثنا ابن وهب حدثني حرملة (وهو ابن عمران التجيبي) عن عبدالرحمن بن شماسة المهري قال سمعت أبا ذر يقول
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما فإذا رأيتم رجلين يقتتلان في موضع لبنة فاخرج منها
قال فمر بربيعة وعبدالرحمن ابني شرحبيل بن حسنة يتنازعان في موضع لبنة فخرج منها) لعل في ذلك إشارة إلى عتق أم إبراهيم عليهما السلام
ـ[المسلم أحمد]ــــــــ[14 - 06 - 08, 10:45 م]ـ
أبحث عن دليل قاطع أيها الإخوة جزاكم الله خيرا، فهل أعتقت هاجر أم إسماعيل عليه السلام وتزوجت بنبي الله إبراهيم أم لا؟.
ـ[نزيه حرفوش]ــــــــ[14 - 06 - 08, 11:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الفاضل هي جدة العرب وأم اسماعيل عليه السلام الذي هو من صلب إبراهيم سواء كانت جارية ام أعتقت وتزوجها إبراهيم عليه السلام
ـ[المسلم أحمد]ــــــــ[15 - 06 - 08, 11:54 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا لا أريد أن أشغلكم بمثل ذلك الأمر فقط من كان عنده علم بهذا فليخبرني بالدليل وأنا أعلم أن إسماعيل هو ابن إبراهيم عليهما السلام
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[23 - 07 - 08, 08:49 ص]ـ
للرفع(97/53)
تعليقات بسام على كتاب (استمتع بحياتك) للدكتور العريفي على ملف وورد
ـ[د. بسام الغانم]ــــــــ[13 - 06 - 08, 09:11 م]ـ
قد استحسن جمع من الإخوة وضع الكتاب في ملف ليسهل الانتفاع به فأجبتهم إلى ذلك، بارك الله في جهود الجميع، وجزى الله القائمين على هذا الملتقى العظيم عن الإسلام والسنة خير الجزاء.
ـ[أبو عبيد السلفي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 10:42 م]ـ
جزاك الله خيراً
أظن أن هذا الموضوع قد ثُبِّتَ من قِبَل الإدارة
الله المستعان ...
ـ[أبو عبيد السلفي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 10:44 م]ـ
ثُبِّتَ ولكن الموضوع بصيغة أخرى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=140134
وفقك الله ...(97/54)
ما حكم قول (كان الله له)
ـ[أبو عبيد السلفي]ــــــــ[13 - 06 - 08, 10:39 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشايخنا الأفاضل - حفظكم الله -
ما حكم قول (كان الله له)
أفيدونا بارك الله فيكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محبكم
أبو عبيد السلفي(97/55)
محمد بن عبدالعزيز ابن مانع رحمه الله
ـ[أبو عبد بن أحمد]ــــــــ[14 - 06 - 08, 12:23 ص]ـ
السلام عليكم
الشيخ محمد بن عبدالعزيز ابن مانع رحمه الله من أبرز علماء الدعوة في المملكة العربية السعودية
وكان رئيسا للمعارف أول إنشائها.
هل هناك حصر لآثاره العلمية؟
ومن هم أبرز تلامذته؟
ـ[العوضي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 01:31 ص]ـ
أخي الكريم هذا موقع خاص بالشيخ - رحمه الله - وستجد فيه الكثير عن الشيخ ومؤلفاته , ولو راسلت الموقع ستحصل على مرادك
http://almana.info/almana/pictures/new_bannar4.gif
http://almana.info(97/56)
(عبرة)! قصيدة الألبيري الأندلسي لملك (غرناطة)!
ـ[العوضي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 01:43 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين: أما بعد:
فهذه قصيدة إبراهيم بن مسعود الألبيري الأندلسي، والتي نظمها حينما نفاه ملك (غرناطة) الناصر: باديس بن حبوس بن ماكس الصنهاجي بتحريض من الوزير (اليهودي): يوسف بن إسماعيل بن غريرة، والذي عينه الملك في مرتبة (الوزير الأول)! لكنه كان طموحًا قويًا مغامرًا؛ فنجح في عزل الملك عن قومه! وبدأ يفرض حكمه على (غرناطة) حتى صار قصره مرجع الحكم! وأتباعه من اليهود هم أهل الحل والعقد، فألف من منفاه قصيدة حرض فيها الملك وقومه (صنهاجة) على الفتك باليهود ووزيرهم؛ فقتلوه؛ وقتل منهم جمع كبير!
ألا قُلْ لـ (صنهاجةٍ) أجمعين ... بُدُور الزماني وأُسْدُ العرين:
مقالة ذي مقة مُشفق ... يعدُ النصيحة زلفى ودين
لقد زَلَّ (سيدُكُمْ) زلةً ... تَقَرُّ بها أعينُ الشامتين
تخيَّرَ كاتبهُ كافرًا؛ ولو ... شاءَ كانَ مِنْ المؤمنين!
فعزَّ اليهودُ بِهِ، وانْتخوا ... وتاهوا، وكانوا مِنْ الأرذلين
ونالوا مناهم، وجازوا المدى ... فحان الهلاك، وما يشعرون
فكم مسلمٍ راغبٍ راهبٍ ... لأرذلِ قردٍ من المشركين
وما كانَ ذلك من سعيهم ... ولكنَّ منَّا يقُومُ المعين
فهلا اقتدى فيهم بالألى ... من القادة الخيرة المتقين
وأنزلهم حيث يستاهلون ... وردهم أسفل السافلين
وطافوا لدينا بأخراجهم ... عليهم صغار وذل وهون
وقموا المزابل عن ... خرقة ملونة لدثار الدفين
ولم يستخفوا بأعلامنا ... ولم يستطيلوا على الصالحين
ولا جالسوهم؛ وهم هجنة ... ولا واكبوهم مع الأقربين
أباديسُ! أنت أمرئٌ حاذقٌ ... تُصِيبُ بظنِّك نفسَ اليقين
فكيف اختفت عنك أعيانهم؟ ... وفي الأرض تُضرب منها القرون
وكيف تُحِبُّ فِراخَ الزنا؟ ... وقد بغضُوكَ إلى العالمين
وكيفَ يتمُّ لك المُرتقى؟ ... إذا كنتَ تبني، وهم يهدمون
وكيف استنمت إلى فاسقٍ ... وقارنتَهُ؟ وهو بئس القرين
وقد أنزلَ اللهُ في وحيه ... يُحذرُ من صُحْبَةِ الفاسقين
فلا تتخذ منهم خادمًا ... وذرهم إلى لعنة اللاعنين
فقد ضجَّتِ الأرضُ من فِسقهم ... وكادت تميد بنا أجمعين
تأمل بعينك أقطارها! ... تجدهم كلابًا بها خاسئين
فكيفَ انفردتَ بتقريبهم؟ ... وهم في البلادِ من المبعدين
على أنك الملك المرتضى ... سليل الملوك من الماجدين
وأن لك البق بين الورى ... كما أنت من جلة السابقين!
وإني احتللت بـ (غرناطة) ... فكنت أراهم بها عابثين
وقد قسموها، وأعمالها ... فمنهم بكل مكان لعين
وهم يقبضون جباياتها ... وهم يخضمون، وهم يقضمون
وهم يلبسون رفيع الكِسا ... وأنتم لأوضعها لابسون
وهم أمناكم على سركم! ... وكيف يكون أمين خؤون؟
ويأكل غيرهم درهمًا ... فيقصى، ويدنون إذ يأكلون
وقد ناهضوكم إلى ربكم ... فما تمنعون، وما تنكرون
وقد لابسوكم بأسحارهم ... فما تسمعون، ولا تبصرون
وهم يذبحون بأسواقنا ... وأنتم لأطرافها آكلون!
ورخمَّ قردهُمُ دارهُ ... وأجرى إليها نَمِيْرَ العيون
وصارت حوائجُنَا عندَهُ ... ونحنُ على بابِهِ قائمون
ويضحكُ منا، ومن ديننا! ... فإنا إلى ربنا راجعون
ولو قلت في ماله إنه: ... كمالك كنتُ من الصادقين
فبادرْ إلى ذبحِهِ قربةً ... وضح به؛ فهو كبشٌ سمين
ولا ترفع الضغطَ عن رهطِهِ ... فقد كنزوا كلَّ علقٍ ثمين
ومزِّق عُُراهُم، وخذْ مالهم ... فأنتْ أحقُ بما يجمعون!
ولا تحسبنْ قتلهُمْ غدرةً ... بل الغدرُ في تركهم يعبثون
فقد نكثوا عهدنا عندهم ... فكيف نلام على الناكثين؟
وكيف تكون لنا همة؟ ... ونحن خمول، وهم ظاهرون!
ونحن الأذلة من بينهم ... كأنا أسأنا؛ وهم محسنون!
فلا ترض فينا بأفعالهم ... فأنت رهين بما يفعلون
وراقبْ إلهكَ في حزبِهِ ... فحزبُ الإلهِ هُمُ المفلحون
قلت: وفي أبياتها عبرة وعظة، وصيحة نذير لـ (أهل السنة والجماعة) في عصرنا - الحاضر -
ليحذروا أفراخ اليهود من الباطنية خاصةً، وأهل البدع والضلال والأهواء عامة
خاصة مع تقريبهم فب بعض البلدان، أو توليهم المناصب العليا العسكرية منها والمدنية!
أو تسليطهم على رقاب وقوت (أهل السنة والجماعة)!
ولنا في أحوال (العراق) صيحة وعبرة وعظة
منقول من شبكة سحاب
ـ[أبو الريان]ــــــــ[15 - 06 - 08, 12:47 ص]ـ
الله المستعان ..
عظة وعبرة ..
(جزاك الله خيرا .. أخي العوضي)
ـ[احمد ابن صالح]ــــــــ[15 - 06 - 08, 01:12 ص]ـ
هل التاريخ يعيد نفسه:اندريه ازولاي (64 عاما) هو مستشار سياسي للعاهل المغربي محمد السادس. يهودي الديانة ومن النخب الاجتماعية والسياسية الرفيعة في المغرب. زار إسرائيل مؤخراً للحصول على شهادة الدكتوارة الفخرية من جامعة بن غوريون تقديراً له كيهودي جذوره مزروعة في المغرب كرّس حياته من أجل تعزيز التعايش بين اليهود والعرب في شمال إفريقيا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/57)
ـ[قيس بن سعد]ــــــــ[15 - 06 - 08, 03:19 م]ـ
إنا لله وإنا إليه راجعون
ـ[أبو أسامة الأزدي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 04:26 م]ـ
فقتلوه؛ وقتل منهم جمع كبير!
أخي العوضي حفظك الله ..
من الذي قتل صاحب القصيدة أم الوزير اليهودي .. ؟
ـ[أبو أسامه المهاجر]ــــــــ[16 - 06 - 08, 08:19 ص]ـ
اخي العوضي
كيف تنقل من شبكة الخراب سحاب
عفى الله عنك(97/58)
دفن الميت في البحر ... (إلقاؤه فيه) ..
ـ[أبو ظفير]ــــــــ[14 - 06 - 08, 01:58 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
مسألة إلقاء الميت في البحر أو ما يعبر عنه بعض أهل العلم بدفنه فيه من المسائل المشهورة في كتب الفقه من المذاهب الأربعة ..
وقبل عرض الأقوال أنبه:
أولا: أجمعوا على وجوب غسله وتكفينه والصلاة عليه.
ثانياً: أجمعوا على وجوب دفن الميت في البر إذا كان البر قريبا, ولم يخش تعفنه وتغيره.
وأريد في هذه العجالة إيراد أقوال المذاهب الأربعة في المسألة ويا ليت الإخوة يذكرون لنا أقوال العلماء المعاصرين:
المذهب الحنفي: أنه يلقى في البحر بعد الغسل والتكفين والصلاة عليه, ويرمى في البحر وهو مقيد, وذلك إذا لم يمكن دفنه في الأرض.
[شرح فتح القدير 2/ 141 , البحر الرائق 2/ 208]
المذهب المالكي: أنه يلقى في البحر مكفناً إن لم يرج البر, قبل تغيره, فإن رجي البر في اليوم وشبهه ليدفنوه فيه فإنه ينتظر البر, وإن كان البر بعيداً أو خيف عليه التغير شدت عليه أكفانه ورمي في البحر مستقبل القبلة, محرفاً على شقه الأيمن, وقيل يقال: بسم الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
واختلف هل يثقل بحجر أم لا؟ والمذهب الإثقال بالحجر.
ومنعه البعض لأنه قد يلقيه البحر إلى الأرض فيدفنه فيها من وجده.
[مختصر خليل ص: 58 , جواهر الإكليل 1/ 117 ,حاشية العدوي 1/ 370]
المذهب الشافعي: إن لم يستطيعوا دفنه في الأرض فإنه يجعل بين لوحين ويربطوهما بحبل ليحملاه إلى أن ينبذه البحر بالساحل, فلعل المسلمين أن يجدوه؛ فيواروه, قال الشافعي: وهو أحب إلي من طرحه للحيتان يأكلوه, فإن لم يفعلوا وألقوه في البحر رجوت أن يسعهم.
وحمل بعضهم قول الشافعي في ربطه بين لوحين فيما إذا كان أهل الجزائر الذين يرجى أن يصلهم الميت مسلمين وأما إن كانوا كفاراً فيلقى مثقلا بحجر.
[الأم 1/ 304 , روضة الطالبين 1/ 660 , المجموع 5/ 249]
المذهب الحنبلي: أنه يغسل ويحنط ويكفن ويجعل في رجله شي ثقيل ويصلى عليه ويطرح في الماء, وهذا فيما إذا لم يرجوا أن يجدوا له موضعاً يدفنوه فيه, وإلا فإنهم يحبسوه يوما أو يومين ما لم يخافوا عليه الفساد.
ويلقى في البحر سلاً كإدخاله في القبر.
[مسائل أحمد برواية عبد الله 2/ 459 ,المغني 3/ 431 , الإنصاف 2/ 505]
استفدت هذا من كتاب إسعاف أهل العصر بأحكام البحر لأبي محمد الشمراني.(97/59)
سئل فضيلة الشيخ ابن العثيمين: عن حكم التسمي بإيمان؟
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[14 - 06 - 08, 09:24 ص]ـ
سئل فضيلة الشيخ ابن العثيمين رحمه الله: عن حكم التسمي بإيمان؟
فأجاب بقوله: الذي أرى أن اسم إيمان فيه تزكية وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه غير اسم (بره) خوفا من التزكية ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن زينب كان اسمها بره فقيل تزكي نفسها فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم، زينب (10/ 575 الفتح)، وفي صحيح مسلم (3/ 1687) عن ابن عباس – رضي الله عنهما قال كانت جويرية اسمها بره فحول النبي صلى الله عليه وسلم اسمها جويرية وكان يكره أن يقال خرج من عند بره، وفيه أيضا ص 1638 عن محمد بن عمرو ابن عطاء قال سميت بنتي بره فقالت لي زينب بنت أبي سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهي عن هذا الاسم وسميت بره فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم " فقالوا: بم نسميها؟ قال: (سموها زينب) فبين النبي صلى الله عليه وسلم وجه الكراهة للاسم الذي فيه التزكية وإنها من وجهين:
الأول: أنه يقال خرج من عند بره وكذلك يقال خرج من بره.
والثاني: التزكية والله أعلم منا بمن هو أهل التزكية.
وعلى هذا لا ينبغي اسم إيمان لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عما فيه تزكية، ولا سيما إذا كان اسماً لامرأة لأنه للذكور أقرب منه للإناث لأن كلمة (إيمان) مذكرة
ـ[ابوعواض]ــــــــ[14 - 06 - 08, 10:56 ص]ـ
جزاك اللة خير
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[14 - 06 - 08, 09:59 م]ـ
وخيراً جزاك الله أخي الكريم(97/60)
عندي إشكال في دليل البدء بالشق الأيمن في الغسل فمن يعين؟
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[14 - 06 - 08, 01:02 م]ـ
الحمد لله
الثابت حديثان لعائشة رضي الله عنها:
أولاهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في شأنه حتى في ترجله، ونعله وطهوره
ثانيهما: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الْحِلَابِ فَأَخَذَ بِكَفِّهِ فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ فَقَالَ بِهِمَا عَلَى وَسَطِ رَأْسِهِ
كلاهما متفق عليه.
والإشكال أن في صفة غسله عليه الصلاة والسلام في حديث عائشة وميمونة رضي الله عنهما
ليس فيه إلا (أفاض الماء على سائر جسده)
ليس فيهما ذكر لليمين
أما ذكر اليمين فذكرته عائشة رضي الله عنها في الرأس فقط
ولذا بوب البخاري رحمه الله بقوله:
(بَاب مَنْ بَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ فِي الْغُسْلِ) وذكر فيه قولها
(كُنَّا إِذَا أَصَابَتْ إِحْدَانَا جَنَابَةٌ أَخَذَتْ بِيَدَيْهَا ثَلَاثًا فَوْقَ رَأْسِهَا ثُمَّ تَأْخُذُ بِيَدِهَا عَلَى شِقِّهَا الْأَيْمَنِ وَبِيَدِهَا الْأُخْرَى عَلَى شِقِّهَا الْأَيْسَرِ)
أما البداءة باليمين ففي كتب الحنابلة رحمهم الله يستدلون بعموم (يحب التيامن)
وهو ما فعله ابن خزيمة رحمه الله فقال: (باب استحباب بدء المغتسل بإفاضة الماء على الميامن قبل المياسر)
وذكر أول حديثين في هذه المشاركة.
وموطن الإشكال عندي أن الوصف للغسل ليس فيه ذكر للتيامن إلا في الرأس
ثانيا: ألا يصلح قول عائشة الموقوف دليلا للتيامن في سائر البدن؟ لكن البخاري بوب عليه في الرأس!
هل هناك شيء في الباب يفيد
فهل من مساعدة حفظكم الله
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[16 - 06 - 08, 12:40 م]ـ
للرفع
ـ[عبد الكريم آل عبد الله]ــــــــ[16 - 06 - 08, 04:11 م]ـ
لا يوجد دليل ينص على البدء بشق البدن الأيمن في الغسل, أما الرأس فنعم كما ذكرت, وهناك من يستدل بحديث:"ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها" ولا يخفى ما يعترض هذا الدليل!! والله أعلم,,,
ـ[النحووي]ــــــــ[17 - 06 - 08, 12:09 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بوب البخاري رحمة الله عليه في كتاب الوضوء (31) باب التيمن في الوضوء والغسل، وذكر حديث أم عطية رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهن في غسل ابنته ((ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها))
وحديث عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (1/ 270) وفي الحدبث استحباب البداءة بشق بشق الرأس الأيمن في الترجل والغسلوالحلق ........... وبالشق الأيمن في الغسل.ا. هـ
وقال ابن رجب في فتح الباري في بَابُ من بَدأ بِشِق رأسِهِ الأيمَنِ في الْغُسْلِ:
وكذلك البداءة بجانب البدن الأيمن، فليس فيهِ حديث صريح، وإنما يؤخذ من عموم قول عائشة: كانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يستحب التيمن في طهوره.
ومن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في غسل ابنته لما ماتت -: ((ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء منها)). والله - سبحانه وتعالى - أعلم ا. هـ
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[17 - 06 - 08, 12:30 م]ـ
بارك الله فيكما
أحسنت النقل أخي النحوي فقد أفادني
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[17 - 06 - 08, 01:29 م]ـ
ما وجه الإعتراض أخي عبد الكريم فقد خفي علي
إلا أن يكون أن هذا ليس فيه رفع حدث وإنما قدمت الميامن تشريفاً؟
ـ[عبد الكريم آل عبد الله]ــــــــ[18 - 06 - 08, 01:53 ص]ـ
وجه الإعتراض يا أبا ندى أن نقول أن النبي صلى الله عليه وسلم الذي أمر بالتيامن في الحديثين هو نفسه صلى الله عليه وسلم لم يتيامن كما ثبت ذلك, ثم إن الغسل في حديث أسماء غسل جنازة, والغسل الذي تسأل عنه غسل جنابة, والقياس مع الفارق كما هو معلوم, وأيضاً فقد يقال بأن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "ابدأن يميامنها" أي ميامن أعضاء الوضوء عند توضئتها قبل الغسل, والله أعلم,,,,
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[22 - 06 - 08, 11:55 ص]ـ
990 - عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني نافع عن اغتسال عبد الله بن عمر من الجنابة قال: كان يفرغ على يديه فيغسلهما، ثم يغرف بيده اليمنى فيصب على فرجه فيغسله بيده الشمال،
فإذا فرغ من غسل فرجه غسل الشمال ثم مضمض، واستنثر ونضح في عينيه،
ثم بدأ بوجهه فغسله، ثم برأسه، ثم بيده اليمنى، ثم بالشمال،
ثم غرف بيديه كلتيهما على سائر جسده بعد فغسله
قال: ولم يكن عبد الله ابن عمر ينضح في عينيه الماء إلا في غسل الجنابة فأما الوضوء للصلاة فلا.(97/61)
من مواقف الشيخ عبد الرحمن بن قاسم - رحمه الله -
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 03:31 م]ـ
" و قد ذكرتْ جدتي - رحمها الله - أنه سأل مرةً: أين المصحف؟
كي يقرأ فيه، و لم يكن المصحف قريباً فقالتْ له متساءلة:
ألستَ تحفظ القرآن؟!
فقال - رحمه الله -:
بلى، و لكن اشتقتُ لحروفه " (277)
الشيخ عبد الرحمن بن قاسم، حياته و سيرته و مؤلفاته
إعداد عبد الملك القاسم (حفيد الشيخ)
ـ[سعود3]ــــــــ[14 - 06 - 08, 04:12 م]ـ
أولَئِكَ آبَائي، فَجئْني بمِثْلِهِمْ إذا جَمَعَتْنا يا جَرِيرُ المَجَامِعُ
ـ[الجنوبية]ــــــــ[14 - 06 - 08, 04:52 م]ـ
أعد ذكر نعمان أعد إن ذكره لكالمسك ما كررته يتضوع
جزاك الله خير
ـ[مسلم المساعد]ــــــــ[15 - 06 - 08, 12:11 م]ـ
نعم لتنشر مواقف اهل الخير السلفيين مصابيح الدجى
هم والله من تقر العيون بمطالعة سيرهم
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[17 - 06 - 08, 10:36 ص]ـ
سعود
الجنوبية
مسلم
بارك الله فيكم ..(97/62)
هل الأصوب أن يقال الأولويات أم الأوّلِيات؟
ـ[أنس الشهري]ــــــــ[14 - 06 - 08, 05:00 م]ـ
هل الأصوب أن يقال الأولويات أم الأوّلِيات؟
ولماذا؟
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[14 - 06 - 08, 05:11 م]ـ
هل الأصوب أن يقال الأولويات أم الأوّلِيات؟
ولماذا؟
الأولويات أصلها أولى
الأوّلِيات أصلها أول
ـ[أنس الشهري]ــــــــ[14 - 06 - 08, 05:14 م]ـ
الله يعطيك العافية يا أبا الحسن
ما الصواب حينما أقول-مثلاً-:الواجب على الدعاة مراعاة (الأولويات) أم (الأوليات)؟
ـ[أنس الشهري]ــــــــ[15 - 06 - 08, 08:12 ص]ـ
رأيكم؟
ـ[أبو هداية]ــــــــ[15 - 06 - 08, 12:51 م]ـ
الصواب والله أعلم أن يقول: الواجب على الدعاة أن يراعوا الأولويات، أي: الأهم فالمهم بالاعتبار الذي ينظر إليه الداعية.
أما إن قلت: الواجب على الدعاة أن يراعوا الأوليات، فمعناه: أن يراعوا ما جاء أولاً بغض النظر عن أهميته.
ـ[أبو معاذ باوزير]ــــــــ[15 - 06 - 08, 07:17 م]ـ
الصواب والله أعلم أن يقول: الواجب على الدعاة أن يراعوا الأولويات، أي: الأهم فالمهم بالاعتبار الذي ينظر إليه الداعية.
أما إن قلت: الواجب على الدعاة أن يراعوا الأوليات، فمعناه: أن يراعوا ما جاء أولاً بغض النظر عن أهميته.
أحسنت أخي أبا هداية وبارك الله فيك.
لازلتم مباركين ياأعضاء الملتقى.
ـ[أبو ياسر الغامدي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 09:02 م]ـ
سؤال /
من المعلوم أن مصطلح الأولويات يستخدمه كثير من الدعاة والعلماء فما أصلها الشرعي؟
ـ[أبو هداية]ــــــــ[16 - 06 - 08, 06:20 م]ـ
الأولويات في الدين أمر عظيم مهم لا أظن مسلمين يختلفان عليه كمبدأ ولكن قد يختلفان في التطبيق، ومن النصوص الصريحة في الدلالة عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ حين بعثه إلى اليمن ((فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأعلمهم أن الله قد كتب عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة .. إلى آخر الحديث المشهور)).
وفيه بيان أهمية مراعاة الأولويات في الدعوة فالعقيدة أهم شيء، ولا تنفع الصلاة والزكاة والصيام مع الشرك فكان الواجب أولا دعوتهم إلى التوحيد.
وهكذا لو كنت في مجتمع من الموحدين ولا يوجد عندهم شركيات أو بدع، ولكن عندهم تحلل خلقي وفساد فالأولى نصحهم فيما يحتاجونه.(97/63)
الايمان لمصلحة العقل والاسلام لمصلحة البدن والاحسان لمصلحة الروح ما معنى هذا؟
ـ[عبد الملك السلفي الأثري]ــــــــ[14 - 06 - 08, 05:30 م]ـ
ما هي العناصر التي هيأها الله تعالى في الإنسان؟ الله سبحانه وتعالى جعل الإنسان مؤلفاً من ثلاثة عناصر هي: العنصر الأول: البدن: الذي هو مادي مما في هذه الأرض. العنصر الثاني: الروح: التي هي نفخة من أمر الله مجهولة: http://audio.islamweb.net/audio/s
السؤال
oos.gif وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا http://audio.islamweb.net/audio/e
السؤال
oos.gif[ الإسراء:85]. العنصر الثالث: العقل الذي شرف الله به الإنسان على غيره من الحيوانات. فهذه العناصر الثلاثة على أساسها شرع الله الدين، فجعله ثلاثة عناصر: الإيمان لمصلحة العقل. والإسلام لمصلحة البدن. والإحسان لمصلحة الروح. هذا الكلام قرأته للشيخ الددو الشنقيطي ما وجه تخصيص مصلحة العقل في الايمان وكذلك البدن والروح وجزاكم الله خيرا(97/64)
إشكال فقهي إذا دخلت مع الإمام في الركعة الثانية من الظهر هل السنّة بالنسبة لي التورك
ـ[مصطفى المدني]ــــــــ[14 - 06 - 08, 05:41 م]ـ
الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد
أيها الإخوة أرجو الجواب عن سؤالي:
إذا دخلت مع الإمام في الركعة الثانية من الظهر , هل السنّة بالنسبة لي التورك في ركعة الإمام الرابعة وهي بالنسبة لي الثالثة أو التورك في الركعة الأخيرة اللي سأقضيها أو فيه كلهم؟
ـ[حمود الكثيري]ــــــــ[14 - 06 - 08, 06:52 م]ـ
أخي الفاضل
الذي أعلمه أنك لابد أن تتبع الإمام في توركه و أن تتورك حتى لو تكن هذه ركعتك الاخيرة اتباعاً لحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم إنما جعل الإمام ليؤتم به
ثم هناك نقطة تجعلك تطمئن لهذا الذي قلت لك
مثلا لو دخلت في صلاة العصر و أنت مسبوق بركعة فإنك سو تجلس مع الإمام للتشهد الثاني بالنسبة له و هي الركعة الأولى بالنسة لك و سوف تقوم مع الإمام للركعة الثالثة بالنسبة له و تكون هي الركعة الثانية بالنسبة لك و التي كان الواجب عليك ان تجلس للتشهد الأول فيها و في الركعة الرابعة بالنسبة للإمام سوف تجلس معه مرة أخرى للتشهد الثاني و سوف يتورك و هو نفس الإتباع الذي جعلك تغير من كيفية صلاتك يجعلك تتبعه و تتورك معه ......
طبعا هذا التورك في حالة أن الإمام تراه أمامك متوركاً أو إمامك الراتب الذي حفظت صلاته فتعلم و أنت في الصف الاخير انه سوف يتورك
أتمنى أن المعلومة وصلت ......
رحم الله العلامة الالباني ....
ـ[أبو إبراهيم الحربي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 07:49 م]ـ
هذه المسألة تنبني على ما يدركه المسبوق هل هو أول صلاته أم آخرها كما هو مذهب الحنابلة
والمرجح أن ما يدركه المسبوق هو أول صلاته وعليه فلا يتورك(97/65)
سؤال عن التجارة بالهامش
ـ[فراس عبد]ــــــــ[14 - 06 - 08, 07:13 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية اعلمكم اني احبكم في الله
وارفق في مشاركتي بحث مقدم من الدكتور محمد علي القرى عن المتاجرة باستخدام نظام الهامش في التجارة بالعملات (فوركس)
راجيا من فضيلتكم الاطلاع عليه وابداء رايكم في ذلك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(97/66)
التوجيهات المهمة للرُّقاة والقُرّاء , لفضيلة الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله.
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 09:31 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه إلى يوم الدين و وبعد:
فقد ذاع في العالم اليوم وشاع توجه الكثير من المرضى والمنكوبين إلى الرقاة والقراء المداوين بالقرآن , وقام بالمهمة العظيمة من ليس أهلاً لها من أقوامٍ أقرب للشياطين منهم إلى المداوين كما يقول القرني: يداوون الحُمى بالطاعون , عليهم من الله ما يستحقون , وقام بالمهمة بعض المحبين للخير الذين يحتاجون إلى التقويم والتسديد والتثبيت , وقد وقفت على هذا الكلام النفيس والتوجيهات النافعة لفضيلة الشيخ الدكتور: محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله فرأيت في نشرها ونسخها وإهدائها لمن عُلم منه شغل بذلك خيراً كثيراً, قال حفظه الله:
بالنسبة للشخص الذي يقوم بالرقية فلابد أن يتصف بعدة أمور:
الأمر الأول: ينبغي عليه أن يصحح نيته فيما بينه وبين الله عز وجل، وأن يصلح سريرته في مداواته ومعالجته للناس، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن أصلح سريرته زكى الله علانيته. فأول ما يجب عليه أن يصدق مع الله عز وجل، وأن لا يجعل الدنيا أكبر همه ولا مبلغ علمه، ولا غاية رغبته وسؤله، فمن جعل الدنيا كذلك جعل الله الفقر بين عينيه، فهو فقير ولو كان أغنى الناس، وفتح عليه أبواب الدنيا حتى أصبح يلهث فيها، فلا يبالي الله به في أي أوديتها هلك. فالواجب على الإنسان أن يعلم أن الآخرة هي الأصل، خاصة وأنه يرقي الناس بكتاب الله، وبما ورد في سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فيعلم أن هناك جانباً شرعياً لابد من حفظه.
الأمر الثاني: أن يعتقد أنه لا حول له ولا قوة في معالجة الناس، وأن الحول حول الله، وأن القوة من الله وحده لا شريك له. ولذلك فإن من كنوز الجنة: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، وكان أفضل الخلق عند الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول: (يا حي يا قيوم! برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين)، فإن الشيطان يتسلط على الراقي بالوساوس والخطرات، ويأتيه من أبواب لم تخطر له على بال، وقد يأتيه من باب يظن الرجل الراقي أنه باب خير، وإذا به باب فتنة عليه في دينه ودنياه. فالواجب عليه أن يوطن نفسه بالله عز وجل، ومن ذكر الله عصمه من هذه الوساوس، فهو إذا اعتقد في جميع أمره وشأنه وما أصبح ولا أمسى إلا وهو بريء من حوله وقوته، كثير الالتجاء إلى الله، كثير الاعتماد على الله؛ إلا كفاه الله أمره، وأصبح بخير حال.
وإذا أصبح يعتقد أنه وصل إلى درجة يؤثر فيها على الناس، وإلى درجة تنفع فيها رقيته، وأنه الشخص الذي إذا رقى وضعت لرقيته القبول والتأثير؛ فقد يهلكه الله عز وجل بهذا الاعتقاد. وأكثر ما تأتي الآفات من نيات القلوب: {إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا} ومفهوم ذلك: إذا سُلب هذا الخير فبقدر ما يُسلب من هذا الخير بقدر ما يكون محروماً والعياذ بالله!
فالواجب تصحيح النية، واعتقاد الفضل لله وحده لا شريك له، الذي علمه ما لم يكن يعلم، علمه كيفية الرقية، وعمله ما يرقي به، وفتح له من أبواب الفضل؛ فيعتقد دائماً أنه لله ومع الله، ولا حول له ولا قوة إلا بالله عز وجل.
الأمر الثالث: تَعلم الرقية، فلا يرقي الناس جاهل يتعلم. ولابد أن يتعلم أموراً في الرقية منها: ما هو هدي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الرقية؟ وما الذي ورد عنه من صحاح الأحاديث والأخبار والآثار التي شُرعت للرقية؟ فلا يرقي الناس بشيء من عنده، ولا يأتي للناس ببدع ومحدثات، وإنما يوطن نفسه بالخوف من الله والأمانة والنصيحة لهذه الأمة ولعامتها، ويتحرى هدي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
ومن كان على السنة أصاب الإخلاص، وهداه الله الصراط المستقيم، وبارك له.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/67)
الأمر الرابع: عليه أن يجعل هذا الهدي الذي ورد عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مطبقاً على الصفة الواردة، فلا يزيد عليها ولا ينتقص منها؛ بل يتعلم الوارد ثم يتقيد به، ولا يزيد عليه ولا ينقص منه، ويحاول قدر استطاعته عند قراءة الأذكار وقراءة القرآن أن يكون مستحضراً لعظمة الله جل جلاله، ومستحضراً لهيبته سبحانه وتعالى، فهي الخير كله والبركة كلها؛ لأن المعرفة بالله والإيمان به وتوحيده والإخلاص له عز وجل خير للعبد في جميع أحواله، ولو كان الإنسان في أي حالة فإنه يمكنه أن يوحد الله على تلك الحالة، ففي أي حالة من الأحوال يستطيع أن يتفكر ويعتبر ويدكر. فإذا كان في حال رقيته كلها يتلو كلام الله، ويستشعر أثناء تلاوته عظيم البركة التي وضعها الله عز وجل في كتابه: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ} بحيث إذا رقي به المريض شفي، وإذا قرئ على اللديغ نشط كأنما نشط من عقال، وإذا قرئ على الممسوس إذا به يفيق.
ووالله إن العقول لتحار! فكم رأيت بعيني شخصاً يرقى فتراه أمامك كالطفل الصغير، وإذا به بفضل الله سبحانه وتعالى، ثم بآيات الله التي أنزلها على رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إذا به يخرج من تلك البلية ومن ذلك البلاء كأن لم يكن به شيء، وقد يكون لا يعرف حتى نفسه التي بين جنبيه، وإذا به يرجع في أقل من طرفة العين بقدرة الله جل جلاله الذي هو على كل شيء قدير!
فعندها تعلم أنه لا يمكن أن يخرج عن أمر الله في هذا الكون ولا في غيره شيء: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} فينبغي لأهل الرقية أن يكونوا من أكمل الناس توحيداً وإخلاصاً لو اعتبروا وادكروا، والراقي الذي يصل إلى هذه الدرجة ترى من سمته أنه يزداد توحيداً لله وتعظيماً له سبحانه وتعالى، فأبشر منه بكل خير.
أما الراقي الذي يبدأ أول رقيته وهو لا يعرف شيئاً، فقد يستدرجه الشيطان. وكيف يعرف صلاح الراقي؟ يعرف كما إذا جاء المريض يشتكي فقال له: -إذا كان موحداً مؤمناً- أنا ليس عندي شيء من الأمر، بل الأمر لله إن شاء الله يشفيك ويداويك، فنسأل الله أن يذهب عنك الباس، وأبشر بخير، فالله رحيم بعباده، ولطيف بهم .. فيغرس في القلوب الإيمان. وهذه هي النصيحة لعامة المسلمين،
والإمام أحمد رحمه الله لما دخلت عليه امرأة فقالت: يا إمام! إن ابني مريض فادع الله أن يشفيه. قال: يا أمة الله! إنك مضطرة، والله يجيب دعاء المضطر. فلما خرجت رفع كفه وقال: اللهم اشفِ مريضها. فقيل له: لم فعلت ذلك؟ قال: أخشى إن شفى الله ولدها أن تقول: شفى الله ولدي بدعوة أحمد .. !!
فهو يريدها أن تقول: شفى الله مريضي بدعائي وإخلاصي وتوحيدي له. والله ينزل البلاء من أجل أن ندعوه، فإذا دعوته وأجاب دعاءك ازددت إيماناً به، وتوحيداً وإخلاصاً له، وعرفت أنه لا منجى ولا ملجأ من الله إلا إليه، فسبحان من أنزل الداء والدواء! وسبحان من لا يعجزه شيء! فإذا بالراقي يزداد إيماناً.
وقد أدركت رجلاً كبير السن كان من حملة كتاب الله، ومن خيار عباده، فجاءته امرأة في لدغة حية، فقرأ عليها ورقاها، ثم جلسنا من بعد صلاة الفجر حتى انبلج النهار في الضحى، وقد كانت بحالة كادت أن تموت، وأهلها يصيحون ويقولون: إن شاء الله يضع الله البركة، وجعل هذا الرجل يرقيها من بعد صلاة الفجر حتى شفاها الله، ثم قامت وهي تعاني بعض الشيء، فلما صار الضحى جاءه البشير وقاله له: الحمد لله لقد شفيت. فبكى وقال: الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله، وما ضحك وما اغتر بنفسه.
فالراقي ينبغي أن يوطن نفسه على الإيمان بالله؛ لأن الجن والشياطين تخادع، وربما يستدرج؛ وهذا باب خطير. ولذلك تجد بعض القراء الصالحين الناصحين إذا ابتدأ الرقية بدأ بكتاب الله يرقي به، ولا يتكلم مع أحد، ولو حاولت الجن أن تقطعه فلا يلتفت إليهم؛ لأنه مشغول بلذة كلام الله، ولا يمكن الشيطان من ذلك؛ لأن الشيطان يريد أن يقطعه عن التلاوة والذكر؛ لأن التلاوة والذكر تتنزل لها الملائكة، وهم لا يريدون أن يستمر في خشوعه، فيشغلونه بالأحاديث والأخبار. ولذلك تجد بعض القراء إذا رقى شفي الإنسان شفاءً تاماً، ومنهم من هو بين بين، فالواجب على الراقي أن لا يجعل من رقيته ما يخسر به دينه وآخرته، وعليه أن يجعل من الرقية ما يعنيه على الإيمان بالله والإخلاص لله عز وجل، ولذلك إذا كمل هذا الشعور عنده عف عن الدنيا ولم يلتفت إلى المال، ولا إلى شيء من زخرف الدنيا، وإنما يلتفت إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى وحده. انتهى.
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 11:42 ص]ـ
للرفع ونحن على أعتاب رمضان وإقبال المرضى فيه على الرقية.
ـ[المغربي أبو عمر]ــــــــ[16 - 10 - 08, 03:44 م]ـ
جزيت خيراً ابو زيد
ـ[ابو انس المكي]ــــــــ[16 - 10 - 08, 04:10 م]ـ
جزاكما الله خيرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/68)
ـ[محمود غنام المرداوي]ــــــــ[16 - 10 - 08, 04:17 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[مستور مختاري]ــــــــ[16 - 10 - 08, 10:02 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[جعفر بن مسافر]ــــــــ[16 - 10 - 08, 10:24 م]ـ
جزاك الله خير.
ـ[العوضي]ــــــــ[16 - 10 - 08, 10:48 م]ـ
بارك الله فيك وفي الشيخ ونفع الله بكما
ـ[الطالبة أحلام]ــــــــ[23 - 10 - 08, 03:13 ص]ـ
جزاك الله خيرا(97/69)
لماذا نفرح برمضان؟؟
ـ[الطالبة الصغيرة]ــــــــ[14 - 06 - 08, 10:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وجدت هذه المقالة في موقع الشيخ عبد السلام الحصين، وهذا رابطه:
http://www.t-elm.com/alhusayen/play.php?catsmktba=23
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين، وبعد: فكلما أقبل هذا الشهر الكريم المبارك المعظم تطلعت النفوس المؤمنة إلى لقائه، واستبشرت بمقدمه، وفرحت بقربه فرح الأبوين بمولودهما. إن هذا الشهر نعمة إلهية عظيمة، ليس في الأجور الكثيرة التي أودعها الله فيه، ولا في العتق من النيران فحسب، بل لما اشتمل عليه من دروس عظيمة لا يقدرها حق قدرها إلا من عرف حكمة الصوم وفائدته، وآثاره على القلب والنفس والبدن، والمجتمع كله. لقد أضاف الله الصيام إليه ثلاث إضافات: الإضافة الأولى: ((كل عمل ابن آدم له؛ الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)) (متفق عليه). الإضافة الثانية: ((لكل عمل كفارة، والصوم لي وأنا أجزي به)) (رواه البخاري عن أبي هريرة). الإضافة الثالثة: ((كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم فإنه لي)) (متفق عليه). ففي الأولى فائدة الإضافة أن تضعيف الأجر في الصيام لا ينحصر في عدد، بل يضاعفه الله أضعافًا كثيرة بغير حصر عدد. وفي الثانية فائدة الإضافة أن الصيام يكفر عن العبد المظالم التي عجزت سائر أعماله عن تكفيرها، وذلك أنه إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عبده ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله، حتى لا يبقى إلا الصوم، فيتحمل الله عز وجل ما بقي عليه من المظالم ويدخله بالصوم الجنة (روى هذا المعنى عن سفيان بن عيينة البيهقي في السنن الكبرى وشعب الإيمان). وفي الثالثة فائدة الإضافة أن سائر الأعمال للعباد، والصيام اختصه الله تعالى لنفسه من بين أعمال عباده، وجعله له. وهذه الإضافة هي أوسع هذه الإضافات وأشملها؛ إذ الاستثناء فيها لم يتقدمه شيء خاص؛ إذ الأولى فيها تضعيف الأجر بغير عدد، وفي الثانية التكفير بالصوم، وأما الثالثة فليس فيها إلا أن أعمال العباد لهم بدون تخصيص هذه الإضافة بشيء، إلا الصوم فإنه لله. فما ظنك بعمل أضافه الله إلى نفسه؟! إن فيه من الفوائد والبركات ما لا يمكن حصرها ولا عدها ولا إحصاؤها، كما أن أجره والتكفير به لا يمكن حصره ولا عده. إن في الصوم تركَ شهوةٍ حاضرةٍ لموعِدِ غَيبٍ لم نره، لا نعلم عنه إلا أنَّا وُعِدْنا به، وفي هذا تصفية للقلب من التعلق بالدنيا وحظوظها، والتطلع إلى ذلك الغيب، الذي هو أفق واسع لا يُحد، وبهذا تتهاوى جميع لذائذ الدنيا تحت قدمي العبد الصادق الصابر؛ لما يرى من ذلك الأفق الفسيح، الذي لا يحول بينه وبين بلوغه إلا خروج هذه الروح من هذا الجسد الذي حلت فيه ابتلاء واختبارًا. إن النفس الإنسانية مجبولة في الدنيا على حب الشهوات والتطلع إليها، وهذه الشهوات إنما وضعت في النفس لأن الحياة لا تقوم إلا بها، فالبدن لا قوام له إلا بالأكل والشرب، والمجتمع لا يمكن استمرار بقائه إلا بشهوة النكاح والجماع، فامتناع العبد عن هذه الشهوات التي بها قوام حياته طاعةً لله معناه أنه قادر على ترك الشهوات التي بها فساد بدنه وهلاك دنياه طاعة لله تعالى. ولهذا لما سئل ذو النون المصري: متى أحب ربي؟ قال: إذا كان ما يكرهه أمرَّ عندك من الصَّبِر (الصبر دواء مر، وانظر الأثر في: لطائف المعارف لابن رجب). فإذا كان الواحد منا يكره الفطر في رمضان، ولو أُكره عليه بالضرب والحبس ما فعل، إلا أن يضطر إلى ذلك اضطرارًا، فكيف نقع بعد ذلك فيما نهى عنه دائمًا؟!! وهو سبب فساد ديننا ودنيانا؛ من هضم حق الفقير والمسكين، والغيبة، والنميمة، والكذب، والغش، والخداع، والخيانة، والتباغض، والتحاسد، والتدابر، والهجر المذموم، والفواحش، والمشارب المحرمة، وغير ذلك من المعاصي التي ابتليت بها الأمة!! إن رمضان شهر مدارسة القرآن وفهمه، والتعلق به علمًا وعملا، تلاوة وتدبرًا، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدارسه جبريل القرآن في رمضان، ويعرضه كله فيه، ولهذا ينفتح للعباد من أسرار القرآن في شهر رمضان شيء كثير. إن النفوس تقوى في رمضان على العمل ما لا تقوى في غيره، ويحصل لها من النشاط والإقبال على الخير شيء عجيب. هذا غيض من فيض رمضان، ولهذا تفرح النفوس الصادقة المؤمنة بمقدمه؛ لما يحصل لها فيه من المواعظ والدروس والفوائد والبركات والخيرات والنشاط، ومن بغض المعاصي والمنكرات كبغضها للفطر في نهار رمضان. اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه، ووفقنا للتزود من معين بركاته وخيراته.(97/70)
اراد السفر بعد العصر هل يجوز ان يؤخر الظهر ليجمعه مع العصر؟
ـ[حاتم الدوسي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 02:06 ص]ـ
السلام عليكم
شخص اراد السفر بعد العصر هل يجوز ان يؤخر الظهر ليجمعه مع العصر؟
وهل يقصره؟
او نام عن الظهر هل يجوز ان يقصره في سفره مع العصر؟
--------------------------------------------------------------------
بعض الناس يصلي العشاء ركعتين خلف من يصلي المغرب بحيث ان الامام اذا قام للركعة الثالثة سلم هو وخرج هل يجوز عمله؟
ـ[ابن عبد السلام الجزائري]ــــــــ[15 - 06 - 08, 02:42 ص]ـ
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر قبل الزوال (الظهر) أخر صلاة الظهر إلى أن يجمعها مع العصر ,وإن سافر بعد الزوال قدم العصر لوقت الظهر هذه هي السنة, وأما القصر فكان يفعله إذا جد به السير ,ولم يكن يقصر وهو مقيم.
ـ[حاتم الدوسي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 05:25 ص]ـ
جزاك الله خير ولكن قبل الزوال وبعد الزوال كله وقت للظهر
انا اقصد بعد خروج وقت الظهر
شخص اراد السفر بعد العصر هل يجوز ان يؤخر الظهر ليجمعه مع العصر؟
وهل يقصره؟
او نام عن الظهر هل يجوز ان يقصره في سفره مع العصر؟
بعض الناس يصلي العشاء ركعتين خلف من يصلي المغرب بحيث ان الامام اذا قام للركعة الثالثة سلم هو وخرج هل يجوز عمله؟
ـ[ابن عبد السلام الجزائري]ــــــــ[15 - 06 - 08, 05:53 ص]ـ
إذا كان إنما نوى السفر بعد خروج وقت الظهر وكان لم يصلها بعد الى أن دخل وقت العصر ,فقد أثم بإخراجها عن وقتها
ووجب في حقه صلاتها قضاء ثم يصلي العصر بعدها ,وحتى لو سافر فإنه يصلي الظهر قضاء أربعا لأنها وجبت عليه في الذمة أربعا ثم يصلي العصر قصرا لأنه وجبت عليه قصرا لأجل سفره.
وأما أن يدخل ليصلي العشاء بنية القصر مع إمام يصلي المغرب ,ثم يسلم فهذا فيه مخالفتان
مخالفته لإمامه في نية الفريضة وهذا معارض لوجوب المتابعة, وتجب عليه الاعادة عند مالك
ومخالفته لإمامه بتسليمه قبله وهذا لا يجوز بحال للمأموم ,ويجوز للامام أن يسلم إذا كان مسافرا ثم يخبر من كان خلفه من المقيمين بقوله (أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر) كما وردت به السنة وأما المأموم فلا ينصرف جتى يسلم الامام.
*والأصل أنه لو صلى المسافر خلف إمام مقيم أن يتم صلاته ولا يقصر إلا إذا صلى فذا (بمفرده) أو صلى خلف من يقصر الصلاة.
وما ذكرته أخي كثير من الناس يفعله ولا دليل عليه ولم يقل به إمام معتمد ,وبعضهم يعكس الصورة فيقول اذا صلى المأموم المغرب خلف إمام يصلي العشاء فإنه إذا صلى الثالثة جلس وانتظر جالسا حتى يكمل الامام الرابعة ويسلم معه وهذا لادليل عليه وهو مخالف للمتابعة, والاصل ان يصلي المغرب ثم يلتحق بامامه في العشاء فما ادرك صلى وما فاته اتمه.
ـ[حاتم الدوسي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 06:09 ص]ـ
هذه افتى فيها ابن عثيمين رحمه الله بس الصورة التي ذكرتها انا فما ادري الحكم هل افتى بها احد؟
وفي المسألة الاولى حسب ما فهمت من كلامك ان العبرة بالنية يعني لو نويت من الظهر ان اسافر العصر فيحوز لي ان أؤخر الظهر واجمعه مع العصر وليست العبرة باْنشاء السفر؟ اليس كذلك؟
وجزاك الله خير على التوضيح
ـ[ابن عبد السلام الجزائري]ــــــــ[15 - 06 - 08, 06:17 ص]ـ
نعم هذا صحيح فالاصل في جواز الجمع النية وعقد العزم على السفر (ويمثلون له بشد الراحلة وتهيأة الزاد) وفي وقتنا لك أن تمثل لعقد العزم بتحضير الحقيبة (الشنطة) وقطع التذكرة ونحوها.
ـ[حاتم الدوسي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 06:26 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء
ـ[ابن عبد السلام الجزائري]ــــــــ[15 - 06 - 08, 06:32 ص]ـ
وإياكم أجمعين.(97/71)
هل يجوز للمسلم أن يعمل في مقابر الكفار؟
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 02:35 ص]ـ
هل يجوز للمسلم أن يعمل في مقابر الكفار؟
السؤال:
ما حكم من يعمل في مقابر النصارى؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
العمل في مقابر الكفار محرَّم لعدة أسباب:
الأول: أنها أمكنة عذاب، وقد نهينا عن قربان تلك الأمكنة إلا باكين، ونهينا عن الشرب من مائها.
قال القرطبي – رحمه الله – في شرح قوله تعالى (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ) الحِجْر/ 80 - :
روى البخاري عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحِجر – ديار ثمود - في غزوة تبوك أمرهم ألا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها، فقالوا: قد عجنَّا، واستقينا،
فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا الماء، وأن يطرحوا ذلك العجين.
وفي الصحيح عن ابن عمر أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر أرض ثمود، فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجين، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا ويعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي تردها الناقة.
وروى أيضا عن ابن عمر قال: مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحِجر فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، إلا أن تكونوا باكين؛ حذراً أن يصيبكم مثل ما أصابهم، ثم زجر فأسرع.
قلت: ففي هذه الآية التي بيَّن الشارع حكمها وأوضح أمرها ثمان مسائل، استنبطها العلماء واختَلف في بعضها الفقهاء، فأولها: كراهة دخول تلك المواضع، وعليها حمل بعض العلماء دخول مقابر الكفار، فإن دخل الإنسان شيئاً من تلك المواضع والمقابر: فعلى الصفة التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم من الاعتبار، والخوف، والإسراع.
" تفسير القرطبي " (10/ 46).
الثاني: أن عمل المسلم في مقابر الكفار لن يخلو تنظيفها وترتيبها وتجميلها، وهي تحوي منكرات واضحة، كالصلبان التي توضع فوق كثير من قبورهم، وقد أُمر المسلم بنقض الصلبان لا بتعظيمها ورعايتها وحراسها، والعامل المسلم في تلك المقابر لا يستطيع – بالتأكيد – أن ينقض تلك الصلبان، فهو عاجز عن ذلك، بل لا يجوز له هدمها لما يترتب على ذلك من مفاسد، لكن هذا لا يجيز له رعايتها، وتنظيفها، وحراستها.
عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلَّا نَقَضَهُ. رواه البخاري (5608).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
هذا الصليب تعظمه النصارى، وتعلقه في أعناقها، وترسمه على أبواب بيوتها، وفي مجالسها، وفي كل شيء، تعظمه بحجة أن المسيح عليه الصلاة والسلام قُتل، وصُلب عليه، ونحن نرى أنه منكر عظيم؛ لأنه شعار كفر؛ وأنه مبني على كذب لا حقيقة له، والمبني على الكذب - والكذب باطل - يكون باطلاً.
فإذا كسرَ إنسانٌ صليباً: فإنه لا يضمنه؛ لأنه لا يجوز إقراره؛ فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان لا يدع شيئاً فيه صليب إلا نقضه، ولكن لو أتلفه ضمن، وهل يضمنه بقيمته صليباً أو بقيمته مكسراً؟ يضمنه بقيمته مكسراً؛ لأنه ليس له قيمة شرعاً.
ولكن هل للإنسان أن يكسر الصلبان التي ينصبها النصارى مثلاً؟ الجواب: لا؛ لأنه ليس له ولاية حتى يمكن من كسر هذه الصلبان، ثم لو فرض أن النصراني أظهر الصليب وأعلنه في لباسه أو غير ذلك: فهنا يجب على ولاة الأمر في البلاد الإسلامية أن يمنعوهم من إظهار الصليب؛ لأنه شعار كفر، وهم يعتقدون تعظيمه ديناً يدينون لله تعالى به.
" الشرح الممتع " (10/ 224، 225).
الثالث: أن في العمل في تلك المقابر نوع إذلال للمسلم، لا ينبغي أن يعرِّض نفسه له.
ثانياً:
ويجوز للمسلم أن يدفن الكافر، لكن بشرط أن لا يوجد أحد من غير المسلمين من يفعل ذلك، ومثل ذلك يكون طارئاً، لا أن يعمل المسلم به بانتظام.
قال علماء اللجنة الدائمة:
إذا وُجد من الكفار مَن يقوم بدفن موتاهم: فليس للمسلمين أن يتولوا دفنهم، ولا أن يشاركوا الكفار، ويعاونوهم في دفنهم، أو يجاملوهم في تشييع جنائزهم عملا بالتقاليد السياسية؛ فإن ذلك لم يُعرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن الخلفاء الراشدين، بل نهى الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقوم على قبر عبد الله بن أبي بن سلول، وعلَّل ذلك بكفره، قال تعالى: (وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ) التوبة/ 84، وأما إذا لم يوجد منهم مَن يدفنه: دفنه المسلمون، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم بقتلى بدر، وبعمِّه أبي طالب لما توفي، قال لعلي: (اذهب فواره) – رواه أبو داود (3214) والنسائي (190) وصححه الألباني في " سنن أبي داود -.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9/ 11).
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
http://islamqa.com/ar/ref/105774
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/72)
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 05:31 ص]ـ
بارك الله فيكم شيخنا أبا طارق ..
ـ[حاتم الدوسي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 06:25 ص]ـ
عندي اقتراح حتى يفرق القاري بين السؤال والحكم
بعض الناس يقرا العنوان ويعتقد انه سؤال ثم يمضي ولا يدخل الى الموضوع بحجة انه لا يعرف الجواب
لكن لو جعل عنوان السؤال الذي عليه جواب هكذا مثلا:
حكم عمل المسلم في مقابر الكفار
او هل يجوز للمسلم أن يعمل في مقابر الكفار؟ الجواب في الداخل
هذا مجرد رأي شخصي
وجزاكم الله خير يا شيح احسان على مواضيعك المفيده والهادفة
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 11:34 ص]ـ
جزاكما الله خيرا ونفع بكما
نعم، أخي حاتم، أنا أفعل هذا عادة، لكن غاب عني فعله هنا
فلو عدَّله أحد المشرفين أكن له من الشاكرين
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[19 - 06 - 08, 08:53 ص]ـ
سمعت شيخنا عبد العظيم بدوى وهو يجيب على سائل بجواز العمل فى الكنيسة
لم اسمع شيخنا لانخفاض الصوت لكن سألت السائل فأخبرنى
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[19 - 06 - 08, 08:55 ص]ـ
لا أظن يا أخ خالد أن الدكتور عبد العظيم يقول ذلك!
كيف يجوز العمل في أماكن الكفر؟؟
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[19 - 06 - 08, 09:01 ص]ـ
وانا استغربت مثلك
عموما سأساله ان شاء الله
ـ[الفاضل]ــــــــ[19 - 06 - 08, 01:46 م]ـ
سمعت شيخنا عبد العظيم بدوى وهو يجيب على سائل بجواز العمل فى الكنيسة
لم اسمع شيخنا لانخفاض الصوت لكن سألت السائل فأخبرنى
السلام عليكم ورحمة الله:
يا طالب العلم! أهكذا يكون النقل عن أهل العلم!
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[19 - 06 - 08, 01:55 م]ـ
هذه منتديات حوارية للنقاش
طالما لم أتقول على الشيخ فما فيها شئ - ومن اسند فقد أعذر
فقد يكون قول الشيخ على مقال السائل له وجهه وقول معروف فيوجهنى اخ بمن قال به ايضا من اهل العلم
أفهمت
ولاداعى لقولك يا طالب العلم
انا اسمى ظاهر عندك نادينى باسمى(97/73)
هل هذا من نشر الفاحشة؟
ـ[أبو أنس النجدي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 12:44 م]ـ
أيها الأحبة
إن من المواضيع المقلقة في بعض المجالس، ما نراه من تداول بعض الناس لبعض مقاطع الجوال التي تشتمل على اتصال بين رجل وامرأة ـ سواء أكانت امرأة حقيقة أو تمثيلاً لصوت امرأة ـ وما يشتمل عليه هذا الاتصال من كلمات فاحشة وعبارات لا تكون إلا بين الرجل وزوجته
ونحو ذلك من المقاطع التي تحتوى على ما لا يليق.
والمؤسف أن بعض من يفعل ذلك ـ ناشراً أو مستمعاً ـ أناسٌ ينظر إليهم على أنهم قدوات، وأفعالهم يُحتج بها عند العامة.
والذي دفع الكثيرين إلى ذلك هو مجرد التسلية، والترويح عن النفس.
وقد تأملت هذا الأمر، فتذكرت قوله تعالى {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة}
وذلك أن كثيراً من أولئك يسعى إلى إسماع غيره هذه المكالمات وإرسالها عن طريق البلوتوث.
وبعد الرجوع إلى تفسير هذه الآية وجدت كلاماً جميلاً للشيخ السعدي، يقول ـ رحمه الله تعالى ـ:
({إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ} أي: الأمور الشنيعة المستقبحة المستعظمة، فيحبون أن تشتهر الفاحشة {فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: موجع للقلب والبدن، وذلك لغشه لإخوانه المسلمين، ومحبة الشر لهم، وجراءته على أعراضهم، فإذا كان هذا الوعيد، لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة، واستحلاء ذلك بالقلب، فكيف بما هو أعظم من ذلك، من إظهاره، ونقله؟ " وسواء كانت الفاحشة، صادرة أو غير صادرة.
وكل هذا من رحمة الله بعباده المؤمنين، وصيانة أعراضهم، كما صان دماءهم وأموالهم، وأمرهم بما يقتضي المصافاة، وأن يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه. {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} فلذلك علمكم، وبين لكم ما تجهلونه).
آمل من الإخوة إثراء الموضوع لأهميته 0
ـ[أبو أنس النجدي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 01:52 م]ـ
لقد كررت الموضوع خطأً
فآمل من المشرف حذف الثاني.
ـ[أبو أنس النجدي]ــــــــ[22 - 06 - 08, 11:11 ص]ـ
لا زلت بانتظار تعليقات الإخوة على هذا الموضوع المهم 0(97/74)
الإنكار في المسائل الخلافية؟
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[15 - 06 - 08, 02:48 م]ـ
السلام عليكم
قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرحه للأربعين
فالمهم أن هذا الحديث مؤيَّدٌ بالقرآن الكريم كما سبق، وينبغي للإنسان أن ينظر إلى الحوادث التي تقع نسياناً أو جهلاً أو إكراهاً نظرة حازم ونظرة راحم.
نظرة حازم: بأن يلزم الإنسان إذا علم أن فيه تقصيراً.
ونظرة راحم: إذا علم أنه لم يقصّر، لكنه جاهل لايدري عن شيء.
وكان شيخنا عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - يقول في المسائل الخلافية: إذا كان الإنسان قد فعل وانتهى فلا تعامله بالأشد، بل انظر للأخف وعامله به، لأنه انتهى ولكن انهَهُ أن يفعل ذلك مرّة أخرى، إذا كنت ترى أنه لايفعل. والله الموفّق.
__________________________
سؤالي هو
كيف يقول الشيخ بالإنكار على الإنسان في المسألة الخلافية وفهمت من كلام الشيخ العثيمين رحمه الله في شرحه للأربعين أننا لا ننكر على الشخص إذا كان ما فعله من المسائل الخلافية إلا في حالة ضعفها
وهذا كلام الشيخ العثيمين رحمه الله الذي اتحدث عنه:
3أنه لابد أن يكون المنكر منكراً لدى الجميع، فإن كان من الأمور الخلافية فإنه لا ينكر على من يرى أنه ليس بمنكر، إلا إذا كان الخلاف ضعيفاً لا قيمة له، فإنه ينكر على الفاعل، وقد قيل:
وليس كل خلاف جاء معتبراً إلا خلافاً له حظ من النظر
فلو رأيت رجلاً أكل لحم إبل وقام يصلي، فلا تنكر عليه، لأن المسألة خلافية، فبعض العلماء يرى أنه يجب الوضوء من أكل لحم الإبل، وبعضهم لا يرى هذا، لكن لا بأس أن تبحث معه وتبين له الحق.
ولو رأيت رجلاً باع عشرة ريالات من الورق بأحد عشر، فهل تنكر عليه أو لا تنكر؟
الجواب: لا أنكر، لأن بعض العلماء يرى أن هذا جائز، وأنه لا ربا في الأوراق، لكني أبين له في المناقشة أن هذا منكر، وعلى هذا فقس.
فإن قال قائل: ما موقفنا من العوام، لأن طالب العلم يرى هذا الرأي فلا ننكر عليه، لكن هل نقول للعوام اتبعوا من شئتم من الناس؟
الجواب: لا، العوام سبيلهم سبيل علمائهم، لأنه لو فتح للعامي أن يتخير فيما شاء من أقوال العلماء لحصلت الفوضى التي لا نهاية لها، فنقول: أنت عامي في بلد يرى علماؤه أن هذا الشيء حرام، ولا نقبل منك أن تقول: أنا مقلد للعالم الفلاني أو العالم الفلاني. ا. هـ.
أرجو التوضيح
أحسن الله إليكم
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[19 - 06 - 08, 08:50 ص]ـ
فى ملف الحسبة فى مجلة البيان
فى احدى المقالات قال
ان تبيين الصواب فى المسائل الخلافية (هو الانكار)
يقصد الراجح انت اذا بينت الراجح عندك فهذا يسمى انكارا بخلاف الانكار المعروف فى المسائل التى يسوغ فيها الخلاف
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[19 - 06 - 08, 05:15 م]ـ
فى ملف الحسبة فى مجلة البيان
فى احدى المقالات قال
ان تبيين الصواب فى المسائل الخلافية (هو الانكار)
يقصد الراجح انت اذا بينت الراجح عندك فهذا يسمى انكارا بخلاف الانكار المعروف فى المسائل التى يسوغ فيها الخلاف
من الذي قال أخي الفاضل؟
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أم غيره؟
وجزاك الله خيرا
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[20 - 06 - 08, 01:37 ص]ـ
أتطفل عليكم وأقول:
إن هناك مسائل خلافية، وهناك مسائل اجتهادية ...
فأما الخلافية فهي أعم من الاجتهادية، إذ تدخل فيها المسائل التي هي محل للاجتهاد كما تدخل فيها المسائل التي ليست هي محلا للخلاف، وبعض العلماء يخصون المسائل الخلافية بما هو ليس محلا للاجتهاد.
وأما المسائل الاجتهادية فهي التي كان لها مجال ومحل للخلاف والاجتهاد.
فمثال المسائل الخلافية بالمعنى الذي ذكرته: خلاف العلماء في مسألة خلق القرآن، فهذا خلاف في محل لا يسمح الخلاف فيه، فالقرآن كلام الله منزل غير مخلوق.
ومثال المسائل الاجتهادية بالمعنى الذي ذكرته: خلاف العلماء في مسألة طهارة المني، فهذا خلاف واقع في محل يسمح فيه الخلاف والنظر، إذ لا صراحة واضحة في أدلة الفريقين.
فالمسائل الخلافية يجب الانكار فيها، فمن قال بخلق القرآن وجب علينا الانكار عليه.
والمسائل الاجتهادية يتسامح العلماء رحمهم الله في الانكار فيها، فمن قال بطهارة المني يتسامح في الانكار عليه.
لذلك قال بعض العلماء كابن تميمة في موضع لا أذكره الآن وابنِ القيم في إعلام الموقعين أن قاعدة ((لا إنكار في مسائل الخلاف)) خطأ والصواب ((لا إنكار في مسائل الاجتهاد)).
وهناك كتاب لطيف للشيخ فضل إلهي اسمه << حكم الانكار في مسائل الخلاف >> لعلكم تستفيدون منه فقد فصل تفصيلا جميلا.
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[21 - 06 - 08, 11:36 ص]ـ
القائل واحد من العلماء الذين شاركوا فى كتابه الملف عدد المجلة 241(97/75)
فتوى نادرة: (حكم فصل السيامين) للشيخ ابن باز رحمه الله.
ـ[المسيطير]ــــــــ[15 - 06 - 08, 03:24 م]ـ
قال الشيخ الدكتور / عمر العيد وفقه الله تعالى في محاضرة له بعنوان: (ابن باز ومنهجه في الفتوى):
سُئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله:
إذا أنجبت المرأة طفلين توأمين متلاصقين من ناحية الظهر؛ أي أنهما مختلفان في الوجوه، فإذا ماتا جميعا، أو مات أحدهما، فكيف يتم دفنهما؟، وهل يجب فصلهما؟، وكيف يتصرف أهلهم؟، وجزاكم الله خيرا.
فأجاب رحمه الله تعالى:
(إذا وقع مثل هذا؛ فتعرض على الأطباء المختصين؛ فإذا وجدوا طريقة في فصله فعلوا ذلك؛ حتى يتخلص هذا من هذا.
وإذا لم يجدوا حيلة:
- فإذا ماتا جميعا دفنا جميعا.
- وإذا مات أحدهما فُصل الميت عن الحي بالصورة التي يراها الأطباء، ثم يُغسل الميت - إن كان مسلما - ويصلى عليه، ويدفن وحده، ويبقى الحي على حاله، فلا يُضر الحي بسبب الميت؛ بل يستعمل الأطباء الطريقة التي يفصلونه بها). انتهى.
-
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 05:36 م]ـ
جزاكم الله خيراً على هذه الفائدة، ورحم الله الشيخ ابن باز ونفع بعلمه، آمين ...
ـ[أبو ياسر الغامدي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 09:05 م]ـ
رحمه الله كان عنده نظر ثاقب وبعد نظر لكثير من الأمور في مختلف المجالات
ـ[ابوعبدالرحيم]ــــــــ[15 - 06 - 08, 09:22 م]ـ
أحسن الله إليك يا أبا محمد، على هذه النقول المفيدة
ـ[أبو يوسف النجدي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 09:59 م]ـ
بارك الله فيك أخي المسطير، ونفعك الله كما نفعت إخوانك.
ـ[بن نصار]ــــــــ[15 - 06 - 08, 11:57 م]ـ
أحسن الله إليك. . وجزاك الله خير
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 12:29 ص]ـ
رحمة الله على الإمام، و بارك الله فيك أبا محمد على هذه الفائدة ..
ـ[بندر البليهي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 01:20 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الحبيب أبا محمد.
ـ[المسيطير]ــــــــ[16 - 06 - 08, 06:56 م]ـ
الإخوة الأكارم /
فريد المرادي
أباياسر الغامدي
أباعبدالرحيم
أبايوسف النجدي
بن نصار
سامي السلمي
بندر البليهي
جزاكم الله خير الجزاء، وأجزله، وأكمله، وأوفاه .... وأسأل الله أن يتقبل دعائكم.
ـ[المسيطير]ــــــــ[16 - 06 - 08, 07:07 م]ـ
سُئل الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة استشاري جراحة الأطفال ورائد فصل التوائم السيامية بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني بالرياض في مقابلة معه عن السياميين:
بالنسبة لو مات واحد منهما هل الثاني سوف يلحقه بالوفاة؟.
فقال وفقه الله:
(نعم؛ العلم لم يثبت أي حالة أن توفي توأم وفصل وعاش، حيث إذا مات أحد التوائم وعلى ما يتم تجهيز العمليات وتبدأ الفصل يكون التوأم قد مات، فالحياة مرتبطة مع بعض ولكن المشاعر مختلفة).
والله أعلم وأحكم.
واللقاء ماتع ومفيد ... لعلي أنقل المناسب منه إن شاء الله.
ـ[المسيطير]ــــــــ[03 - 08 - 08, 08:14 م]ـ
لطيفة: أول عملية جراحية لفصل توأمين ملتصقين. (السيامية). ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=117160)
ـ[المسيطير]ــــــــ[29 - 10 - 08, 04:24 م]ـ
أجريت عملية جراحية قبل أيام لطفلين سياميين عراقيين ... وقد وفق الله الأطباء للقيام بها على الوجه الذي قدره سبحانه وتعالى.
فلله الحمد في الأولى والآخرة.
ـ[مالك السلفي]ــــــــ[29 - 10 - 08, 08:00 م]ـ
نشكر الأخ " المسيطير " على هذا الجهد المتواصل لا حرمك " ربي " الأجر ....
ـ[المسيطير]ــــــــ[11 - 02 - 09, 02:23 م]ـ
الأخ الكريم / مالك السلفي
جزاك الله خير الجزاء، وأجزله، وأوفاه .... وأسأل الله أن يستجيب الدعاء.
ـ[أبو عبد الرحمن بن حسين]ــــــــ[11 - 02 - 09, 03:28 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=945446&postcount=15
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[11 - 02 - 09, 04:34 م]ـ
جزاك الله خيرا
ما معنى " سيامي " يا سامي؟:)
وهل هي عربية؟؟
وهل منها " سيم سيم "؟!!
ـ[المسيطير]ــــــــ[11 - 02 - 09, 04:51 م]ـ
أضحك الله سنك ... شيخنا الكريم ... :)
تصدق أول مرة أنتبه لها:) ...
أسباب تسمية التوائم السيامية بهذا الاسم:
سميت التوائم السيامية بهذا الاسم نسبة إلى منطقة سيام (تايوان حالياً) , حيث أن أشهر توأمين متصلين وهما " أنج وتشانج بنكر " ولدا عام 1811 في سيام في الصين.
وعندما أصبح عمرهما 18 سنة نقلا إلى الولايات المتحدة حيث عرضا في جميع أنحاء البلاد وفي أوروبا.
فحصهم العديد من الأطباء والجراحين وأعلنوا بأن عملية فصلهم في هذا العمر خطيرة.
تزوج إنج وتشانج أختين وأنجبا أطفالاً وكون كل منهما عائلة.
وفي عمر 62 توفي تشانج بمرض ذات الرئة , أما أخوه إنج فمات بعد ساعتين , وقيل إنه مات خوفاً.
بعد تشريح الجثتين اكتشف أن التوأمين كانا متصلين من مؤخرة القص إلى الصرة , وكان الاتصال خارجياً فقط فيما عدا رباط نسيجي كان يصل بين الكبدين , بينما باقي الأعضاء الداخلية منفصلة.
إن فصل هذين التوأمين ممكن الآن ويقال إنه كان ممكناً آنذاك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/76)
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[11 - 02 - 09, 05:49 م]ـ
الحمد لله
استفدنا جميعاً:)
ـ[المسيطير]ــــــــ[17 - 12 - 09, 08:57 م]ـ
جزاك الله خيرا
ما معنى " سيامي " يا سامي؟:)
وهل هي عربية؟؟
وهل منها " سيم سيم "؟!!
أسعدكم الله شيخنا.
(سيم سيم): تقال - عرفا - للأشياء المتشابهه .. وتقال لغير الناطقين بالعربية .. عند إرادة إيصال معلومة لهم بالتقريب .. فيقولون: أريد كذا سيم سيم كذا .. وهكذا *.
ـ[أبو طلحة الحضرمي]ــــــــ[17 - 12 - 09, 09:33 م]ـ
جزاك الله خيرًا شيخنا المسيطير
ـ[عيسى عبدالله السعدي]ــــــــ[17 - 12 - 09, 10:03 م]ـ
اللهم اغفر للشيخ ابن باز وارفع درجته واجزه عن المسلمين خيرالجزاء
ـ[المسيطير]ــــــــ[06 - 04 - 10, 11:58 م]ـ
ومن فتاوى الشيخ الدكتور / عبدالله الطيار وفقه الله تعالى:
س1 - ما حكم إجراء عملية فصل التوأم الملتصق (السيامي) إذا كان الأطباء المتخصصون يعلمون أنه بإجراء العملية سيموت أحد التوأمين؟ أو بعبارة أخرى: ما حكم التضحية بأحدهما في سبيل الآخر؟.
س2 - ما حكم إجراء فصل التوأم الملتصق إذا أذن أحدهما بإجراء العملية دون الآخر؟.
ج 1 - 2: لا شك أن عملية فصل التوائم الملتصقة عملية رائدة تتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية التي تبيح كل ما هو في مصلحة الإنسان من أجل عمارة الكون وبناء على ذلك نقول: إن كان الفصل لا يترتب عليه أي ضرر بقطع عضو أو إبطال منفعة عضو فهنا لا إشكال فيه بوجه من الوجوه. أما إذا كان يترتب عليه إبطال منفعة عضو او قطع عضو فهنا يجوز برضا التوأمين الملتصقين وذلك لأن الحق لهما لا يتعداهما لغيرهما.
فإن رضي أحدهما وأبى الآخر أجبر عليه، وإن كان الضرر الناتج عن الفصل هو الموت لأحدهما فلا يخلو الأمر:
- إن أمكن أن يعيش التوأمان على هذه الصورة فهنا لا يجوز الفصل مطلقاً ولا يسوغ لأحد أن يتعرض لهما سواء كان المستشفى أو الطبيب، وكل من عاون على ذلك، لأن في الفصل إزهاقاً للروح وقتلاً للنفس، وصيانة النفس المعصومة واجب بكل الأحوال.
- وإن كان يستحيل أن يعيش التوأمان، بل لو ظل الالتصاق لأدى إلى موتهما معاً، فهنا يجوز الفصل، ولو تم الموت لأضعفهما بدناً وأكثرهما مرضاً وأقلهما اشتراكاً في العضو، وذلك عملاً بارتكاب أخف الضررين لدفع أعلاهما، ولأنه يجوز قطع عضو من البدن في حال المرض لأجل أن يبقى البدن كله.
وعلى كل حال فلا بد أن يقطع بذلك على سبيل الجزم واليقين فريق طبي مسلم موثوق به ومتمكن في هذا الجانب تحقيقاً للمصلحة ودرءاً للمفسدة.
--
س3 - إذا اشترك التوأمان بعضو لا تتوقف عليه حياتهما، فما حكم إيثار أحدهما بالعضو دون الآخر؟.
ج 3 - أعضاء بدن الإنسان فد تكون فردية، وقد تكون ثنائية. فإن كان العضو المشترك من الأعضاء الفردية فلا يجوز التبرع به لأنه يؤدي إلى إبطال منفعته في بدنه، هذا إذا أمكنت قسمته، أما إذا لم تمكن قسمته وأدى ذلك إلى الموت لأحدهما كالقلب والدماغ ونحوهما، فهنا لا تجوز الهبة ويعيش التوأمان معاً دون فصل تحقيقاً للمصلحة ودرءاً للمفسدة.
وإن كان العضو من الأعضاء الثنائية- الزوجية- كالكليتين ويستطيع البدن أن يعيش بواحدة منهما دون الأخرى، فهنا يجوز التبرع من أحد التوأمين للآخر لكن بالضوابط التالية:
(1) إذا كان هذا التبرع يحل مشكلة الالتصاق بينهما.
(2) إذا كان هذا الالتصاق القائم بينهما يؤدي إلى ضررهما جميعاً
(3) إذا قطع فريق طبي مسلم موثوق فيه ومتمكن في هذا الباب أن هذا التبرع لا يترتب عليه أي ضرر للمتبرع.
(4) إذا كانت قسمة العضو المشترك بينهما سوف تؤدي إلى تلفه عليهما.
وهذا مبني على التبرع في الهبة بجزء من الشيء المملوك على المشاع وهو جائز عند بعض أهل العلم، ومنعه الآخرون لعدم القدرة على القبض في الحال بسبب الاشتراك. فهنا يجوز التبرع لأنه يؤدي إلى القبض للآخر بمجرد الفصل، إذ يجوز لكل شخص واحد من المشتركين.
ولا شك أن في ذلك توسعة على الناس، وقد قال صلى الله عليه وسلم لوفد هوازن {ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم} وهذا هبة مشاع.
--
س4 - ما حكم إجهاض الجنين إذا ثبت بالكشف الطبي أنه توأم ملتصق مع العلم أن الطب يمكنه اكتشاف ذلك من الأسبوع العاشر فما فوق؟.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/77)
ج4 - إذا كان التوأمان ملتصقين وتم التعرف على ذلك بعد نفخ الروح فيهما لم يجز إسقاطهما لأن كلاً منهما صار نفساً وإسقاطه قتل للنفس لمعصومة، وقد حرم الله قتل النفس بغير حق.
وإن تم التعرف على الالتصاق قبل نفخ الروح فإن أمكن علاج الالتصاق عن طريق المناظير وعمل جراحة الفصل وهو ما زال في البطن لم يجز الإسقاط.
وكذلك إذا قطع الأطباء أن الفصل بعد الولادة يكون ممكناً أو أنهما يعيشان معاً دون فصل ففي هذه الأحوال كلها لا يجوز الإسقاط. وإن قطع الأطباء بأن الالتصاق لا يمكن معه أن يعيش التوأمان حياة سوية مستقرة وأن ذلك سوف يكون عائقاً كبيراً لهما عن الحركة وسيترتب عليه أضرار لهما، فهنا يجوز الإسقاط برضا الوالدين بعد أن يقطع بذلك فريق طبي مسلم موثوق به ومتمكن في هذا الباب. وهذا مقيس على إسقاط الجنين المشوه.
وقد أجاز مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية عشرة ذلك كما أفتت به اللجنة الدائمة في فتواها رقم 2484 وتاريخ 16/ 7/1399هـ.
--
س5 - ما الحكم الشرعي في نكاح التوأمين الملتصقين سواء كانا ذكرين أو أنثيين؟.
ج 5 - إذا كان التوأمان الملتصقان أنثيين لم يجز نكاحهما مطلقاً لما يأتي:
(1) عدم القدرة على الوفاء بالتزامات عقد النكاح من حقوق الزوج كالطاعة والقرار في البيت ونحو ذلك.
(2) أنه لا يجوز الجمع بين الأختين في عقد النكاح قال تعالى: ?وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف? وفي هذا عقد على أختين لأنه يعقد على امرأة واحدة كاملة الأعضاء ويوجد بينهما اشتراك في بعض الأعضاء فدل على أنه يعقد على جزء من المرأة الثانية.
(3) أن هذا يؤدي إلى عدم تمكن الزوج من استيفاء حقه الممنوح له بعقد النكاح كالوطء إذ لا يمكن أن يستوفيه إلا بتأثر الثانية وتضررها، ومثله الحمل والولادة والسفر معه وغير ذلك، والقاعدة أنه لا ضرر ولا ضرار والضرر يزال.
وإذا كان التوأمان الملتصقان ذكرين، فإن كان الالتصاق في الجهاز التناسلي كأن يكون لهما معاً جهاز واحد، فهنا لا يجوز لأحدهما النكاح لما يأتي:
(1) أنه لا يجوز بحال أن يجتمع على المرأة الواحدة رجلان في وقت واحد.
(2) أنه إذا كان العقد لأحدهما فإن الآخر يكون الفعل منه زنا.
(3) أنه يشكل على ذلك نسبة الولد فلمن ينسب؟
وإذا كان الالتصاق بموضع لا يقيد الحركة بصورة كبيرة كأن يكون الالتصاق في أصبع من قدم أو يد أو نحوهما، فهنا يجوز نكاح أحدهما إذا كان النكاح في حقه واجباً، كأن يخشى على نفسه الزنا، ولا يصون نفسه إلا بالنكاح، ولابد هنا من رضا المرأة والتوأم الآخر، ويتم الجماع عن طريق الساتر بين التوأمين إلا من اليد فقط أو القدم فقط التي فيها الالتصاق.
وإذا كان الالتصاق بجزء كبير من البدن، فإنه لا يجوز له النكاح مطلقاً.
وكذلك الحكم إذا كان التوأمان الملتصقان رجلاً وامرأة، فإن كان الالتصاق خفيفاً جاز النكاح بالضوابط السابقة، وإن كان كبيراً لم يجز مطلقاً.
وإذا كان التوأمان برأس واحدة حتى العنق جاز عقد النكاح له، وذلك على اعتبار أنه شخص واحد له ذكران. والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
http://www.m-islam.net/news.php?action=show&id=1089(97/78)
سيدة نساء أهل الجنة , لماذا هي؟؟
ـ[أم خباب]ــــــــ[15 - 06 - 08, 06:07 م]ـ
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الهادي الأمين، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أما بعد،
لا يخفى عليكم _ إن شاء الله _ ما للصحابيات من فضل، وقد نقل ما يدل على اختصاص
بعضهن دون البعض الآخر.
ومن أولئك، فاطمة _ رضي الله عنها _
فقد وردت أحاديث كثيرة في فضلها ومنها:
إنا كنا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده جميعا، لم تغادر منا واحدة، فأقبلت
فاطمة عليها السلام تمشي، ولا والله لا تخفى مشيتها من مشية رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فلما رآها رحب وقال: (مرحبا بابنتي). ثم أجلسها عن يمينه أو
عن شماله، ثم سارها، فبكت بكاء شديدا، فلما رأى حزنها سارها الثانية، فإذا هي
تضحك، فقلت لها أنا من بين نسائه: خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسر
من بيننا، ثم أنت تبكين، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها: عم
سارك؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره، فلما
توفي، قلت لها: عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني، قالت: أما الآن
فنعم، فأخبرتني، قالت: أما حين سارني في الأمر الأول، فإنه أخبرني: أن جبريل
كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرة. (وإنه قد عارضني به العام مرتين، ولا أرى الأجل
إلا قد اقترب، فاتقي الله واصبري، فإني نعم السلف أنا لك). قالت: فبكيت بكائي
الذي رأيت، فلما رأى جزعي سارني الثانية، قال: (يا فاطمة، ألا ترضين أن تكوني
سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة).
الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: [صحيح]- المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 6285
إن عليا خطب بنت أبي جهل، فسمعت بذلك فاطمة، فأتت رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقالت: يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك، وهذا علي ناكح بنت أبي
جهل. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعته حين تشهد يقول: (أما بعد
، أنكحت أبا العاص بن الربيع، فحدثني وصدقني، وإن فاطمة بضعة مني، وإني
اكره أن يسوءها، والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله
عند رجل واحد). فترك علي الخطبة. وزاد محمد بن عمرو بن حلحلة، عن ابن
شهاب، عن علي بن الحسين، عن مسور: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
وذكر صهرا له من بني عبد شمس، فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن، قال:
(حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي).
الراوي: المسور بن مخرمة - خلاصة الدرجة: [صحيح]- المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3729
وغيرهما الكثير.
وسؤالي: ما الذي استحقت به فاطمة _ رضي الله عنها _ هذا الفضل؟
هي سيدة نساء أهل الجنة , لماذا؟ ما الذي كانت تفعله واستحقت هذا الشرف؟
مع وجود صحابيات جليلات، أمهات المؤمنين _ رضي الله عنهم وأرضاهم؟
وجدت أنها كانت تلقب بـ (أم أبيها) , اشتركت في مداواة الجرحى في الغزوات , تدافع عن أبيها
وتنافح _ صلى الله عليه وسلم _ و _ رضي الله عنها وأرضاها _، ولكن هل هذا العمل فقط ,
هو الذي استحقت به تلك المنحة؟
ـ[أبو معاذ باوزير]ــــــــ[15 - 06 - 08, 07:23 م]ـ
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الهادي الأمين، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أما بعد،
لا يخفى عليكم _ إن شاء الله _ ما للصحابيات من فضل، وقد نقل ما يدل على اختصاص
بعضهن دون البعض الآخر.
ومن أولئك، فاطمة _ رضي الله عنها _
فقد وردت أحاديث كثيرة في فضلها ومنها:
إنا كنا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده جميعا، لم تغادر منا واحدة، فأقبلت
فاطمة عليها السلام تمشي، ولا والله لا تخفى مشيتها من مشية رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فلما رآها رحب وقال: (مرحبا بابنتي). ثم أجلسها عن يمينه أو
عن شماله، ثم سارها، فبكت بكاء شديدا، فلما رأى حزنها سارها الثانية، فإذا هي
تضحك، فقلت لها أنا من بين نسائه: خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسر
من بيننا، ثم أنت تبكين، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها: عم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/79)
سارك؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره، فلما
توفي، قلت لها: عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني، قالت: أما الآن
فنعم، فأخبرتني، قالت: أما حين سارني في الأمر الأول، فإنه أخبرني: أن جبريل
كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرة. (وإنه قد عارضني به العام مرتين، ولا أرى الأجل
إلا قد اقترب، فاتقي الله واصبري، فإني نعم السلف أنا لك). قالت: فبكيت بكائي
الذي رأيت، فلما رأى جزعي سارني الثانية، قال: (يا فاطمة، ألا ترضين أن تكوني
سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة).
الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: [صحيح]- المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 6285
إن عليا خطب بنت أبي جهل، فسمعت بذلك فاطمة، فأتت رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقالت: يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك، وهذا علي ناكح بنت أبي
جهل. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعته حين تشهد يقول: (أما بعد
، أنكحت أبا العاص بن الربيع، فحدثني وصدقني، وإن فاطمة بضعة مني، وإني
اكره أن يسوءها، والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله
عند رجل واحد). فترك علي الخطبة. وزاد محمد بن عمرو بن حلحلة، عن ابن
شهاب، عن علي بن الحسين، عن مسور: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
وذكر صهرا له من بني عبد شمس، فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن، قال:
(حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي).
الراوي: المسور بن مخرمة - خلاصة الدرجة: [صحيح]- المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3729
وغيرهما الكثير.
وسؤالي: ما الذي استحقت به فاطمة _ رضي الله عنها _ هذا الفضل؟
هي سيدة نساء أهل الجنة , لماذا؟ ما الذي كانت تفعله واستحقت هذا الشرف؟
مع وجود صحابيات جليلات، أمهات المؤمنين _ رضي الله عنهم وأرضاهم؟
وجدت أنها كانت تلقب بـ (أم أبيها) , اشتركت في مداواة الجرحى في الغزوات , تدافع عن أبيها
وتنافح _ صلى الله عليه وسلم _ و _ رضي الله عنها وأرضاها _، ولكن هل هذا العمل فقط ,
هو الذي استحقت به تلك المنحة؟
ياأم خباب أعرضي عن هذا فلا خير في التدقيق في مثل هذه المسائل التي قد يكون ضررها أكثر من نفعها , وكفى فاطمة أنها بنت حبيبنا وقدوتنا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ورضي الله تعالى عنها وأرضاها.
ـ[أم خباب]ــــــــ[16 - 06 - 08, 08:12 ص]ـ
عفواً أخي , ولكن ما الضرر من معرفة هذا؟ ((نعرف، فنقتدي)).
ـ[المعلمي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 02:15 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أختنا أم خباب:
السيادة تكون بالنسب، ولا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الناس.
لكن قد يشكل على هذا تميزها دون سائر بناته؟
فالأظهر أن السيادة مرتبة من مراتب الفضل المجعولة شرعا وتكوينا، كالصديقية والهادوية وغيرها.
ـ[اسامة عبد الرافع]ــــــــ[16 - 06 - 08, 02:52 م]ـ
ما الضرر في معرفة ذلك , والمعروف أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع بنات فما السر في تميز فاطمة - رضي الله عنها - عنهن وكذلك عن أمهات المؤمنين - رضوان الله عليهم -؟
أم هو من المسائل التي يجب عدم البحث عنها والتوقف عندها وأن ذلك علمه عند الله تعالى؟
ـ[أبو محمد الشايعي الكويتي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 03:55 م]ـ
الحمدلله وحده لا شريك له
أظن الاخت تسأل للاقتداء وفقها الله.
و الجواب على السؤال
يمكن لانها رضي الله عنها هي الوحيده التي حضرت وفاة ابيها الرسول عليه الصلاة والسلام من اولاده فكان مصابها عظيم
وكما هو معلوم ان المصائب ترفع بها الدرجات.
ما رأي المشايخ؟؟
اسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يوردنا حوض النبي الكريم عليه الصلاة والسلام الذي لم نحضر وفاته ونشعر في مصيبه كيف لو كنا احد اولاده و عشنا معه
سامحوني على التطفل و الكتابه في هذا الموضوع
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[16 - 06 - 08, 05:08 م]ـ
وسؤالي: ما الذي استحقت به فاطمة _ رضي الله عنها _ هذا الفضل؟
هي سيدة نساء أهل الجنة , لماذا؟ ما الذي كانت تفعله واستحقت هذا الشرف؟
وفقكم الله
تأملوا أولا هذا الآيات:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/80)
{وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيمًا}
وقال تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}
{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ}
{وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ}
{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ * أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ}
{وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}
{قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}
{وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}
{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}
وغيرها من النصوص
فهو محض فضل تفضل الله به على من شاء من عباده والله عليم حكيم يضع فضله ورحمته حيث شاء، ومن ذلك اختياره للرسل والصديقين والشهداء والصالحين،
ولا بد أن يستحضر المعنى الذي ذكره بكر بن عبد الله المزني رحمه الله:" ما فضلهم أبو بكر بفضل صوم ولا صلاة ولكن بشيء وقر في قلبه".
وما رواه البيهقي في الشعب من طريق أحمد بن أبي الحواري، قال: سمعت أبا سليمان، يقول: «إن الله تعالى اطلع على قلوب الآدميين، فلم يجد قلبا أشد تواضعا من قلب موسى عليه السلام، فخصه بالكلام لتواضعه».
وما رواه أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ قَدْ تَعَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِ الْأُولَى فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الْأُولَى فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ إِنِّي لَاحَيْتُ أَبِي فَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ فَعَلْتَ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَنَسٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثَ فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ وَتَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَبَّرَ حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلَّا خَيْرًا فَلَمَّا مَضَتْ الثَّلَاثُ لَيَالٍ وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ قُلْتُ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنِّي لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ وَلَا هَجْرٌ ثَمَّ وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلَاثَ مِرَارٍ فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ فَأَقْتَدِيَ بِهِ فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ قَالَ فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي فَقَالَ مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ". رواه أحمد وغيره.
إذا تقرر هذا ظهر جواب قولك: "ما الذي كانت تفعله واستحقت هذا الشرف؟ "
والله تعالى أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/81)
ـ[أم خباب]ــــــــ[16 - 06 - 08, 10:56 م]ـ
الرفع، لمزيد إثراء، بارك الله فيكم.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[17 - 06 - 08, 09:54 م]ـ
قد قال رسول الله r لابنته زينب: «هي أفضل بناتي، أُصيبت فيّ». أخرجه البخاري في الصغير (1\ 7) بإسناد قوي كما قال ابن حجر، وصححه ابن خزيمة والحاكم (انظر تخريجه في آخر المقال). وهذا بعد أن هاجرت زينب من مكة إلى المدينة وأصيبت في الطريق. وقوله عليه الصلاة والسلام «هي أفضل بناتي» واضحٌ جليٌّ لا يحتاج لتأويل. ولم يقل أنها أفضل في شيء معيّن بل أطلق الفضل. وكونها أصيبت فيه (وقد أدت الإصابة لوفاتها) فضيلة عظيمة لها ليست عند أحد من أخواتها، فتأمّل!
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[17 - 06 - 08, 10:00 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أختنا أم خباب:
السيادة تكون بالنسب، ولا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الناس ..
صدقت.
قال رسول الله r: « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة». ومع ذلك لا خلاف بين أحد من الناس في أن علياً أفضل من ولديه الحسن والحسين. لا يخالف في ذلك أحد من السنة أو من الشيعة. وهذا صحيح، لأن السيادة غير الفضل. فالحسن والحسين أشرف نسباً من علي، لأن أمهما هي بنت محمد r. وهذا شرفٌ لا يدانيه شرف. لكن فرقٌ بين الشرف والفضل. وأبوهما خيرٌ منهما وأفضل بلا خلاف.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - 06 - 08, 11:43 م]ـ
قال شيخ الاسلام رحمه الله في الفتاوى 4/ 394
وأفضل نساء هذه الامة خديجة و عائشة و فاطمة
وفى تفضيل بعضهن على بعض نزاع وتفصيل ليس هذا موضعه وخديجة وعائشة من أزواجه
فإذا قيل بهذا الاعتبار أن جملة أزواجه أفضل من جملة بناته = كان صحيحا لأن أزواجه أكثر عددا والفاضلة فيهن أكثر من الفاضلة فى بناته.
وقال ابن القيم في الزاد:
وكل أولاده توفي قبله إلا فاطمة فإنها تأخرت بعده بستة أشهر فرفع الله لها بصبرها واحتسابها من الدرجات ما فضلت به على نساء العالمين.
وفاطمة أفضل بناته على الإطلاق
وقيل: إنها أفضل نساء العالمين
وقيل: بل أمها خديجة
وقيل: بل عائشة
وقيل: بل بالوقف في ذلك.
وقال في بدائع الفوائد:
فائدة التفضيل بين عائشة وفاطمة
الخلاف في كون عائشة أفضل من فاطمة أو فاطمة أفضل إذا حرر محل التفضيل =صار وفاقا، فالتفضيل بدون التفصيل = لا يستقيم
فإن أريد بالفضل كثرة الثواب عند الله عز وجل = فذلك أمر لا يطلع عليه إلا بالنص لأنه بحسب تفاضل أعمال القلوب لا بمجرد أعمال الجوارح، وكم من عاملين أحدهما أكثر عملا بجوارحه والآخر أرفع درجة منه في الجنة وإن أريد بالتفضيل التفضل بالعلم فلا ريب أن عائشة أعلم وأنفع للأمة وأدت إلى الأمة من العلم ما لم يؤد غيرها واحتاج إليها خاص الأمة وعامتها
وإن أريد بالتفضيل شرف الأصل وجلالة النسب فلا ريب أن فاطمة أفضل فإنها بضعة من النبي صلى الله عليه وسلم وذلك اختصاص لم يشركها فيه غير إخواتها،
وإن أريد السيادة ففاطمة سيدة نساء الأمة
وإذا ثبتت وجوه التفضيل وموارد الفضل وأسبابه = صار الكلام بعلم وعدل.
وأكثر الناس إذا تكلم في التفضيل لم يفصل جهات الفضل ولم يوازن بينهما فيبخس الحق، وإن انضاف إلى ذلك نوع تعصيب وهوى لمن يفضله =تكلم بالجهل والظلم.
والنصوص التي في الباب كثيرة، وينظر فتح الباري لابن حجر 6/ 447و471، و7/ 105 و109، وغيرها.(97/82)
بغية الرائد من الفوائد
ـ[أمين حماد]ــــــــ[15 - 06 - 08, 08:06 م]ـ
مجموعة لا تخلو من فائدة(97/83)
ممكن سؤال عن الزكاة
ـ[الوافي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 10:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمته وبركاته
سؤالي الله يسلمكم عن الزكاة الف ريال سعودي كم زكاتها وكيف تتم حسبتها واستخرجها
ولكم مني جزيل الشكر والتقدير
ـ[أبو معاذ باوزير]ــــــــ[15 - 06 - 08, 11:45 م]ـ
رب يسر بخير
بارك الله فيك أخي وزادك حرصاً.
أما زكاة الألف فهي خمسة وعشرون ريالاً.
وتتم حسبتها بأن تقسم الألف على أربعين فما خرج فهو الواجب إخراجه.
وللفائدة: إذا كنت ستخرج الزكاة بالذهب فلن يكون في الألف زكاة إلا أن تشاء لأن قيمة غرام الذهب مرتفعة جدا , وللتوضيح أضرب لك مثالاً: قيمة الغرام حالياً مائة وعشرون ريالاً تقريباً , قم بضربها في خمسة وثمانين التي هي نصاب الذهب فسيخرج لك الناتج ومقداره: عشرة آلاف ومائتا ريال ثم اقسم الناتج على أربعين يخرج لك الواجب إخراجه وهو مائتان وخمسة وخمسون ريالاً ,وعليه فلا زكاة في الألف التي عندك إلا أن تشاء كما ذكرت لك آنفاً , وهذا كما ترى لاحظ للفقراء فيه , ولعل الأحظ للفقراء أن تخرج الزكاة بالفضة والحالة ماذكر , والله تعالى أعلم بالصواب.
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 11:51 م]ـ
اخي الحبيب
اذا اردت ان تعرف زكاة اي مبلغ عندك فاقسمه على ((اربعين)) فيخرج عندك ربع العشر مباشرة
اما الالف ريال ففيها خلاف هل بلغت النصاب ام لا اذا حال عليها الحول 00
والله اعلم واحكم
ـ[أبو معاذ باوزير]ــــــــ[16 - 06 - 08, 12:14 م]ـ
هلا بينت الخلاف أخي أبا العز ?
ـ[الوافي]ــــــــ[18 - 06 - 08, 07:03 م]ـ
يعطيكم العافيه واشكر لكم اهتمامكم وتفاعلكم والمبلغ الي عندي اكثر من الف لكن سئلة عن الف ريال
حتى استطيع حسبته ولكم مني جزيل الشكر والتقدير(97/84)
((من هو)) الخطيب او العالم ((الذي كان يتعثر في لفض الراء فكان ينطقها قاف))
ـ[يوسف اللمتوني البربر]ــــــــ[16 - 06 - 08, 12:30 ص]ـ
اشتهر على السنة بعض القصاص قصة الشخص الذي كان يتعثر في لفض الراء فكان ينطقها قاف وان هذا الشخص قام بمجموعة خطب او خطبة خلت جميعها من كلمة الراء
فارجوا افادتني من هذا الشخص وماهي خطبه واين اجدها مهم جدا اتمنى تلبية الطلب ممن لديه اطلاع وشكرا
ـ[ابن عبد السلام الجزائري]ــــــــ[16 - 06 - 08, 01:33 ص]ـ
هو واصل بن عطاء المعتزلي ومما قاله في آخر خطبته: (وأستعتب الله لي ولكم فاستعتبوه ,) بدل قوله واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
ـ[يوسف اللمتوني البربر]ــــــــ[16 - 06 - 08, 05:21 م]ـ
أين أجد هذه الخطبة غفر الله لك
ـ[عصام البشير]ــــــــ[16 - 06 - 08, 05:54 م]ـ
الحمد لله
تجد الخطبة في المجلد الأول من كتاب (نوادر المخطوطات) الذي جمعه وحققه الأستاذ عبد السلام هارون رحمه الله تعالى.
ونصها:
" الحمد لله القديم بلا غاية, والباقي بلا نهاية, الذي علا في دنوه, ودنا في علوه, فلا يحويه زمان, ولا يحيط به مكان, ولايؤوده حفظ ما خلق, ولم يخلقه على مثال سبق, بل أنشأه ابتداعاً, وعد له اصطناعاً, فأحسن كل شيء خلقه وتمم مشيئته, وأوضح حكمته, فدل على ألوهيته, فسبحانه لا معقب لحكمه, ولا دافع لقضائه, تواضع كل شيء لعظمته, وذل كل شيء لسلطانه, ووسع كل شيء فضله, لايعزب عنه مثقال حبة وهو السميع العليم, وأشهد أن لا إله إلا وحده لا مثيل له, إلهاً تقدست أسماؤه وعظمت آلاؤه, علا عن صفات كل مخلوق, وتنزه عن شبه كل مصنوع, فلا تبلغه الأوهام, ولا تحيط به العقول ولا الأفهام, يُعطي فيحلم, ويدعى فيسمع, ويقبل التوبة عن عباده, ويعفو عن السيئات ويعلم ما يفعلون. وأشهد شهادة حق, وقول صدق, بإخلاص نية, وصدق طوية, أن محمد بن عبد الله عبده ونبيه, وخاصته وصفيه, ابتعثه إلى خلقه بالبينات والهدى ودين الحق, فبلغ مألكته, ونصح لأمته, وجاهد في سبيله, لا تأخذه في الله لومة لائم, ولا يصده عنه زعم زاعم, ماضياً على سنته, موفياً على قصده, حتى أتاه اليقين. فصلى الله على محمد وعلى آل محمد أفضل وأزكى, وأتم وأنمى, وأجل وأعلى صلاة صلاها على صفوة أنبيائه, وخالصة ملائكته, وأضعاف ذلك, إنه حميد مجيد.
أوصيكم عباد الله مع نفسي بتقوى الله والعمل بطاعته, والمجانبة لمعصيته, فأحضكم على ما يدنيكم منه, ويزلفكم لديه, فإن تقوى الله أفضل زاد, وأحسن عاقبة في معاد. ولا تلهينكم الحياة الدنيا بزينتها وخدعها, وفوائن لذاتها, وشهوات آمالها, فإنها متاع قليل, ومدة إلى حين, وكل شيء منها يزول, فكم عاينتم من أعاجيبها, وكم نصبت لكم من حبائلها, وأهلكت ممن جنح إليها واعتمد عليها, أذاقتهم حلواً, ومزجت لهم سماً. أين الملوك الذين بنوا المدائن, وشيدوا المصانع, وأوثقوا الأبواب, وكاثفوا الحجاب, وأعدوا الجياد, وملكوا البلاد, واستخدموا التلاد , قبضتهم بمخلبها , وطحنتهم بكلكلها , وعضتهم بأنيابها , وعاضتهم من السعة ضيقا , ومن العز ذلاً , ومن الحيلة فناء , فسكنوا اللحود , وأكلهم الدود , وأصبحوا لاتعاينُ إلا مساكنهم , ولا تجد إلا معالمهم , ولا تحسس منهم أحد ولا تسمع لهم نَبساً.
فتزودوا عافاكم الله فإن أفضل الزاد التقوى, واتقوا الله يا أولى الألباب لغلكم تفلحون. جعلنا الله وإياكم ممن ينتفع بمواعظه, ويعمل لحظه وسعادته, وممن يستمع القول فيتبع أحسنه, أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب. إن أحسن قصص المؤمنين, وأبلغ مواعظ المتقين كتاب الله, الزكية آياته, الواضحة بيناته, فإذا تلي عليكم فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم تهتدون.
أعوذ بالله القوي, من الشيطان الغوي, إن الله هو السميع العليم. بسم الله الفتاح المنان. قل هو الله أحد, الله الصمد, لم يلد ولم يولد, ولم يكن له كفواً أحد.
نفعنا الله وإياكم بالكتاب الحكيم, وبالآيات والوحي المبين, وأعاذنا وإياكم من العذاب الأليم. وأدخلنا جنات النعيم. وأقول ما به أعظكم, وأستعتبُ الله لي ولكم.
نقلتها من هذا الرابط:
http://www.55a.net/firas/arabic/?page=show_det_bot&id=27&select_page=islam
وتأمل اختياره سورة الإخلاص، واجتنابه التعوذ والبسملة باللفظ المشهور. واجتنابه بعض الألفاظ المشتهرة نحو (أستغفر والذكر .. )(97/85)
السجود بالنظارة كيف يكون؟؟؟
ـ[أبو أسامة الأزدي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 03:08 ص]ـ
أرى بعض الأشخاص يصلون وهم واضعي النظارة ..
فخطر في نفسي الحديث المتفق عليه قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة وأشار بيده إلى أنفه ... الحديث
فقلت: هل النظارة تعيق التصاق جزء من الجبهة أو الأنف فلا يصح السجود وبهذا تبطل الصلاة ..
أفتونا أيها الفقهاء لابسي النظارات ..
ـ[ابو عبد الرحمن التهامي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 12:59 م]ـ
لا تعيق خاصة اذا كانت ذات الحجم الصغير
اما اذا كانت ذات العدسات الكبيره فهي تمنع وصول الانف الي الارض (غالبا)
وهذه فتوي خبير (ابتسامه)
ـ[عدنان القاهرى]ــــــــ[17 - 06 - 08, 04:32 ص]ـ
ليس كل نظارة يمكن السجود بها فهناك انواع لاتعيق وضع الانف وهناك انواع يستحيل وضع الانف بها
ـ[أنس الشهري]ــــــــ[18 - 06 - 08, 08:12 ص]ـ
يسوي ليزر
ـ[أبو أسامة الأزدي]ــــــــ[18 - 06 - 08, 07:06 م]ـ
جزاكم الله خيراً جميعا ..
فكرة جميلة أخي أبا أنس لكن المشكلة ا (لدراهم ما به شي)
ـ[أنس الشهري]ــــــــ[18 - 06 - 08, 07:42 م]ـ
(فكرة جميلة أخي أبا أنس)!!!!!
أنس وليس أبا أنس
الظاهر بأن الليزر أصبح ضروري (ابتسامة)
وإذا ما فيه دراهم كل جزر
ـ[اياس]ــــــــ[19 - 06 - 08, 02:04 ص]ـ
ما معنى السجود على الأنف هل هو إلصاق الجزء المواجه منه بالأرض أم يكفي بعضه يعني لو سجد على أرنبة أنفه فقط.
ـ[أبو أسامة الأزدي]ــــــــ[21 - 06 - 08, 04:47 ص]ـ
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟(97/86)
ما حكم الاستمرار على الموعظة بعد العصر يوميا في المسجد؟
ـ[العماري القرني]ــــــــ[16 - 06 - 08, 05:52 ص]ـ
السلام عليكم
إمام مسجد عندما طلب منه جماعة مسجده أن يقرأ عليهم كل يوم بعد صلاة العصر من كتاب رياض الصالحين أويعضهم
فأجاب أن هذا ليس من السنة واستدل بأثر ابن مسعود عند مسلم أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يتخولهن بالموعظة
هل أحد قال ذلك من قبل
السؤال
uestion
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[16 - 06 - 08, 06:57 ص]ـ
لا حول ولا قوة الا بالله!!!
بناء على فتوى هذا المتفيقه
فإن السلف كابراً عن كابر ليسوا على السنة ...
أقول قد يكون الداعي إلى هذا الدعة والكسل وضعف الإيمان
فإن من ضعف إيمانه ضعف تعليمه ودعوته و لابد ..
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 12:08 م]ـ
سبحان الله العظيم.!
أما سمع قول الله تعالى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ @ رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ} فلم يقيد ربنا تعالى ذكرهم إياه بزمان محدد أبداً.
ألم يبلغه أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال {ما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وحفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده}
لو استشعر هذا الرجل ما سيجنيه من حسناتٍ لبادر لذلك قبل طلب الجماعة له, وليتهم سألوه عن السنة في قراءة السنة النبوية في أي ساعة تكون , ليوقت للأمة ساعةً معينة من ليل أو نهار يصيبون السنة فيها بقراءة السنة.؟
وهل يخلو رياض الصالحين من غير موعظة.؟
يقول أحد الأئمة:
يصلي عندي في المسجد مصلون غير كثير عددهم , ومنذ إمامتي لهم قلت في نفسي , لو قرأت عليهم كل يوم حديثاً واحداً فقط , فصليت على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في أو قراءتي وأثناءها عند قول الصحابي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كذا وكذا , وفي آخرقراءتي عند ختم المجلس فتتحصل لي ثلاث صلوات عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يصلي الله علي بها ثلاثين صلاةً إضافة إلى ثلاث صلوات مضاعفات إلى ثلاثين من السامعين عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ,وكل أجر ذلك لي , وما تركت القراءة لهم إلا ما ندر والحمد لله. انتهى.
والمُوفق من أعانه الله على سبل الخير.
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[16 - 06 - 08, 02:51 م]ـ
[
السؤال
UOTE= أبو معاذ الحسن;841668] لا حول ولا قوة الا بالله!!!
بناء على فتوى هذا المتفيقه
فإن السلف كابراً عن كابر ليسوا على السنة ...
السؤال
UOTE]
هل معنى هذا أن السلف كانوا يداومون على القراءة بعد العصر؟
ـ[أبو مسلم السلفي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 03:05 م]ـ
يا أخي هذا من الترتيب الذي لا شيء فيه وهذه الترتيبات ما دام أنه لا تدخل في نطاق العبادات فهذا مباح أرأيت لو قال واحد أنا سأشرب شاياً كل يوم بعد صلاة المغرب أيكون فيه شئ هذا مثله
وأما على تخول النبي الصحابة بالموعظة فهذا صحيح فلابد أن يحرص على عدم ملل من يقرأ عليهم سواء أكان بالموعظة أو شئ آخر
هذا والعلم عند الله
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[16 - 06 - 08, 03:54 م]ـ
فأجاب أن هذا ليس من السنة واستدل بأثر ابن مسعود عند مسلم أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يتخولهن بالموعظة، هل أحد قال ذلك من قبل
تعليم العلم غير الوعظ الذي يخشى منه الملل كما قال ابن مسعود رضي الله.
وقد سبق أن تكلم الإخوة هنا قديما في هذا الموضوع لعلي أهتدي لذكر موضعه لكي لا يكرر الكلام.
ـ[أبو مسلم السلفي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 04:13 م]ـ
شيخنا الكريم
بارك الله فيكم
هل ألم يكن مشهورا عند السلف أنهم كانوا يحدثون الطلبة على قدر نشاطهم قال أبو العباس محمد بن يزيد المبرد فيما بلغني عنه من أطال الحديث وأكثر القول فقد عرض أصحابه للملال وسوء الإستماع ولأن يدع من حديثه فضلة يعاد إليها أصلح من أن يفضل عنه ما يلزم الطالب استماعه من غير رغبه فيه ولا نشاط له
وهذا قد يكون أشبه بالمتواتر المعنوي من حالهم
فهنا قد نقول بأن دفع السآمة والملل يشترك فيهما الموعظة و درس العلم
أفيدونا بارك الله فيكم وأحسن الله إليكم
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[16 - 06 - 08, 04:16 م]ـ
وفقكم الله
ولعل ما ذكر المشايخ في هذا الرابط فيه كفاية
الإكثار من الوعظ ....... هل هو مخالف للسنة .. ؟ ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=21261)
والله أعلم.
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 04:54 م]ـ
شيخنا الكريم
بارك الله فيكم
هل ألم يكن مشهورا عند السلف أنهم كانوا يحدثون الطلبة على قدر نشاطهم قال أبو العباس محمد بن يزيد المبرد فيما بلغني عنه من أطال الحديث وأكثر القول فقد عرض أصحابه للملال وسوء الإستماع ولأن يدع من حديثه فضلة يعاد إليها أصلح من أن يفضل عنه ما يلزم الطالب استماعه من غير رغبه فيه ولا نشاط له
وهذا قد يكون أشبه بالمتواتر المعنوي من حالهم
فهنا قد نقول بأن دفع السآمة والملل يشترك فيهما الموعظة و درس العلم
أفيدونا بارك الله فيكم وأحسن الله إليكم
أخي الكريم أبا مسلم
الرد عليك مُضمّنٌ في كلامك القيم حفظك الله , لأنك قلت: يحدثون الطلبة على قدر نشاطهم.
وليس عامة المصلين في المساجد طلبة ,ففيهم من لا يسمع ذكر الله إلا في المساجد فإن منع التعلم والوعظ فيها فأنى له به.؟
كالمهندسين والعاملين بتحاليل الدم والطيارين والباعة وغيرهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/87)
ـ[أبو محمد المقبل]ــــــــ[16 - 06 - 08, 05:25 م]ـ
رياض الصالحين كتاب في دروس علمية وآداب
أليس الدروس العلمية التي تقام تكون بعد الصلاة مباشرة ويكون في يوم محدد وبعضها يستمر عشر سنوات في يوم واحد
ثم الذي أعرفه ان الإمام بعض الأحيان لا يقرأ
أعرف أحد المشايخ وهو إمام مسجد يقول لنا (قرأت على جماعة المسجد رياض الصالحين أكثر من خمس مرات وكتاب التوحيد قرأته عليهم كثير وقرأت مختصر الرافعي على تفسير ابن كثير أظنه قال ثلاث مرات ويقول قرأت عليهم الفتح الرباني شرح وترتيب مسند الإمام أحمد ووصلت إلى الجزء الحادي عشر)
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[16 - 06 - 08, 05:26 م]ـ
شيخنا عبدالله الغنيمان يذهب إلى البدعية.
ـ[المسيطير]ــــــــ[16 - 06 - 08, 05:34 م]ـ
الموعظة بعد العصر
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
السؤال /
كثير من أئمة المساجد يقرؤون من أحد كتب الحديث بعد صلاة العصر، ما عدا الجمعة. ما الأسباب؟
الجواب /
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فما ذكرته أخي العزيز مما يدخل في الموعظة وتعليم العلم، وتوقيته بدبر صلاة العصر ليس لاعتقاد فضيلة مخصوصة فيه، بل لأنه أنسب الأوقات للتذكير لفراغ المصلين بعد غدائهم، وقبل أن يسعوا إلى أعمالهم وتجارتهم.
وأما ترك التذكير يوم الجمعة فاستغناءً بخطبة الجمعة، ولا ينبغي جمع موعظتين في يوم واحد، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يتخوَّل أصحابه بالموعظة مخافة السآمة عليهم. انظر: البخاري (68)، ومسلم (2821).
وفقك الله لكل خير، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=30044
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[16 - 06 - 08, 07:34 م]ـ
وجواز هذا هو الذي عليه عامة أهل العلم في بلدنا من الأحياء والأموات رحم الله الجميع.
ـ[أبو مسلم السلفي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 09:09 م]ـ
شيخنا عبدالله الغنيمان يذهب إلى البدعية.
أخي الكريم هلا أبرزت دليل ما قاله الشيخ
فليس قول أحد حجة إلا قول الله ورسوله فلا بد عند قيامك بنقل قو أحد إبراز الدليل فالعلماء يستدل لهم ولا يستدل بهم
فعلماء الأصول اختلفوا في قول الصحابي وبعضهم قال ليس بحجة (((قول الصحابي))) فما بالك بمن دونه حتى اللذين قالوا بحجية قول الصحابي منهم اشترطوا له شروطا ليس الموضع موضع ذكرها
وفقك الله
أرجو أن تحسن الظن بي
ـ[ناصر العلي]ــــــــ[29 - 09 - 10, 06:14 م]ـ
أريد يا أحبتي إفتاءات لأهل العلم والذكر بخصوص هذا الموضوع،
لأني وجدتُ بعض المصلين المسبوقين يتشوشون من القراءة،
فيأتي بعضهم منكرا على الإمام صنيعه، بل يحكم ببدعية هذا الفعل
محتجا بأن الوقت الذي عقيب الصلاة إنما هو للأذكار وليس للكلمات والدروس علاوة على التشويش.
فهلا نقلتم لنا فتاوى أهل العلم في ذلك.
* وخذوا مني فتويين فيهما إشارة إلى هذا الموضوع:
المواعظ بعد الصلاة
الفتوى رقم (5186) - فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (8/ 280)
س: لا يخفى على سماحتكم أنه لم يرو في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء ولا التابعين وتابعيهم والسلف الصالح: أنه جرى الخطبة أو الوعظ بعد صلاة الجمعة مباشرة، ولا يخفى على سماحتكم ما جاء في الحديث الصحيح: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» و: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» وحديث: «إياكم ومحدثات الأمور» وأهم من ذلك كله قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} ومن يعظ بعد الصلاة مباشرة يدخل في معصية أمر الله، بحيث لا ينفذ الأمر بالانتشار؛ لهذا كله أستفتيكم بما تدينون الله به: هل يجوز الخطبة أو الوعظ بعد صلاة الجمعة؟ ولا يفهم من ذلك أنا نكره الوعظ فيما عدا ذلك بعد الفروض الأخرى بل نؤيده ونحبذه، حفظكم الله ورعاكم.
ج: لا نعلم دليلا يدل على منع الموعظة بعد الصلاة، ومعلوم أن الدواعي لإلقاء الموعظة تختلف باختلاف أحوال من يلقيها، وحاجة الناس لها، وأحوال الأئمة الذين يقومون بإلقاء الخطب، وأما الآية التي ذكرتها فلا تتعارض مع إلقاء الموعظة، فمن أراد الجلوس للاستماع أو أراد الخروج- فالأمر في ذلك واسع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
هل يقدم النافلة أم يستمع للموعظة
السؤال الثاني من الفتوى رقم (10739) - فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (7/ 234)
س2: بعض الناس إذا صلى المغرب أخذ يحدث بكلام كثير فهل يترك الركعتين النافلة أو يجلس يستمع للمتحدث؟ وأيضا إذا قام لصلاة الصبح والوقت قد فات هل يبتدئ بركعتي النافلة إذاً مع الجماعة أو منفرداً وبعد ذلك يصلي الفريضة؟
ج2: أولا: يشرع للمسلم إذا ألقيت الموعظة بعد الصلاة أن يستمع لها ثم يصلي الراتبة كالظهر والمغرب والعشاء
ثانيا: إذا جاء المصلي لصلاة الفجر بعد دخول الوقت ولم تقم الصلاة فإنه يصلي سنة الفجر، وتكفيه عن تحية المسجد، وإن كانت الصلاة قد أقيمت فإنه يدخل مع الجماعة في صلاة الفريضة وبعد الفراغ منها يصلي النافلة الراتبة، وإن أخرها إلى ما بعد ارتفاع الشمس كان أفضل.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبد الله بن غديان نائب الرئيس: عبد الرزاق عفيفي الرئيس: عبد العزيز بن باز
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/88)
ـ[عادل بن عبدالله العمري]ــــــــ[01 - 10 - 10, 02:32 ص]ـ
حيا الله أبا أحمد
أولا: يجاب على المستدل بالبدعية بقول بن مسعود رضي الله عنه بفعل بن مسعود رضي الله عنه فقد و قت يوم الخميس , فهذه ليست بدعة تخصيص لعدم اعتقاد الفضيلة ,
و لازال أهل العلم من السابق و اللاحق يخصصون اوقات لتعليم الناس العلم , و قد خصص النبي صلى الله عليه وسلك وقتا لتعليم من قدم عليه من الصحابة كما في حديث أوس بن حذيفة من وفد ثقيف في قصة تحزيب القرآن و خصص يوما للنساء و خصص الصحابة كابن مسعود و غيره , و لازال علمائنا حفظه الله الحي و رحم الميت من أهل السنة والاتباع يجلسون للناس بعد العصر في تعليم العامة أما الوعظ فلا شك بأنه لا يكثر على الناس فيه.
ثانيا: ليس لكل قائل في أمر عليه عمل علماء المسلمين بالبدعية حتى يتيقن و يسأل اهل العلم.
ثالثا: رياض الصالحين ليس و عظ فحسب كما ذكر الاخوة , و الله الموفق و الهادي الى سواء السبيل.
رابعا: اليك بعض الآثار في تخصيص وقت مناسب لتعليم الناس يختلف باختلاف أزمانهم و أحوالهم:
قال البخاري: بَابُ مَنْ جَعَلَ لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَيَّامًا مَعْلُومَةً
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللهِ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِي كُلِّ خَمِيسٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوَدِدْتُ أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ قَالَ أَمَا إِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا
عن أَوْسُ بْنُ حُذَيْفَةَ - قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ، قَالَ: فَنَزَلَتِ الأَحْلاَفُ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَأَنْزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي مَالِكٍ فِي قُبَّةٍ لَهُ - قَالَ مُسَدَّدٌ: وَكَانَ فِي الْوَفْدِ الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ثَقِيفٍ - قَالَ: كَانَ كُلَّ لَيْلَةٍ يَأْتِينَا بَعْدَ الْعِشَاءِ يُحَدِّثُنَا، - وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَائِمًا عَلَى رِجْلَيْهِ حَتَّى يُرَاوِحُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ - وَأَكْثَرُ مَا يُحَدِّثُنَا مَا لَقِيَ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ قُرَيْشٍ ... الحديث.
عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدِّثِ النَّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً فَإِنْ أَبَيْتَ فَمَرَّتَيْنِ فَإِنَّ أَكْثَرْتَ فَثَلاَثَ مِرَارٍ، وَلاَ تُمِلَّ النَّاسَ هَذَا الْقُرْآنَ، وَلاَ أُلْفِيَنَّكَ تَأْتِي الْقَوْمَ وَهُمْ فِي حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِهِمْ فَتَقُصُّ عَلَيْهِمْ فَتَقْطَعُ عَلَيْهِمْ حَدِيثَهُمْ فَتُمِلُّهُمْ وَلَكِنْ أَنْصِتْ فَإِذَا أَمَرُوكَ فَحَدِّثْهُمْ وَهُمْ يَشْتَهُونَهُ فَانْظُرِ السَّجْعَ مِنْ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ لاَ يَفْعَلُونَ إِلاَّ ذَلِكَ يَعْنِي لاَ يَفْعَلُونَ إِلاَّ ذَلِكَ الاِجْتِنَابَ.
و قال البخاري: باب العلم والعظة بالليل ,
وقال: باب السمر في العلم ,
وقال: باب هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم.
و الله اعلم وصلى الله على نبينا محمد.(97/89)
حكم الصلاة خلف الشيعي؟
ـ[خالد بن محمد الحربي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 02:28 م]ـ
لقد قرأت خبرا جاء فيه أن وفدا سنيا يتقدمهم أحد شيوخ القبائل (وهو معروف عنه أنه موالي للشيعة) قد أدى صلاة الجمعة بأحد مساجد الشيعة بالقطيف خلف أحد أئمتهم وهذا مما يثير العجب كيف يصلى خلف الشيعة وهم معروفون بعقيدتهم الضالة ........
قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله:
كل إمام عُلم أنه يغلو في آل البيت فإنه لا يُصلى خلفه، ومن لم يُعرف بذلك أو غيرهم من المسلمين فإنه يصلى خلفه.
فتاوى الشيخ ابن باز م/12 ص/107
وقد وجدت كلاما في الملتقى العلمي للعقيدة والمذاهب المعاصرة لأحد الكتاب فيه وهو د/منصور وفقه الله حيث كتب ما نصه:
أقول لأخي السائل الكريم الذي سأل عن حكم الصلاة خلف الشيعي الإمامي:
إن الجواب المباشر لسؤالك هو؛ عدم صحة الصلاة خلف من كان شيعيا، ولكن ربما تتسائل أو يتساءل البعض؛ كيف يكون ذلك وهو قوم يقولون (أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) وهو من أهل القبلة.
فأقول لك يا أخي الكريم: أرجو أن تقرأ هذه الأسطر عن مفهوم الطهارة عندهم، وعن كيفية الصلاة، ثم بعد ذلك تحكم بنفسك إن كنت ترى أن صلاة هؤلاء القوم مثل صلاتنا أم أنها تختلف عنها كلية، وبهذا تستطيع أن تجيب نفسك على سؤالك وتجيب غيرك.
أقول:
في مسألة الطهارة يرى الشيعة أن سؤر الكافر نجس، والكافر عندهم هو كل من لايدين بدين الإمامية.فكيف تصلي خلف من يرى أنك كافر نجس!!!!.
كما ذهب الشيعة إلى أن المذي والودي ليسا من موجبات الوضوء، ومن هذا المنطلق فنحن نشك وبقوة بأن الشيعي قد يكون على غير طهارة، فكيف نصلي خلف من نشك في طهارته أصلاً، والطهارة شرط في صحة الصلاة.
غسل الوجه:
وفي مسألة غسل الوجه في الوضوء، خالف الشيعة في تحديد الوجه، فوافقوا أهل السنة في تحديد الطول وخالفوهم في تحديد العرض، فقالو عرض الوجه بما تشتمل عليه الإبهام والوسطى، وبهذا فنحن نتيقن من أن وضوأهم لم يكتمل.
وفي غسل اليدين أوجبوا الابتداء باليمنى ولاشك أن هذا هو الأولى، ولكن القول بالوجوب يتحتاج إلى دليل صريح، ناهيك عن أن الشيعة لايوجوبون ذلك في القدمين، بل يخصونه باليدين فقط، وكذلك أوجبوا الابتداء بالمرفق، وهذا لا يستقيم لهم فيه دليل.
وفي مسألة مسح الرأس، فإنهم يوجبون مسح مقدم الرأس ببقية البلل، وهم في هذا متفقون مع الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة، في جواز مسح بعض الرأس، ولكنهم يوجبون المقدم، ويختلفون مع الجميع في إيجاب المسح ببقية البلل.
وأجمعت المذاهب الأربعة على وجوب غسل الرجلين، غلا الشيعة فقد أجمعوا على وجوب مسحهما ببقية البلل إلا في حال التقية. ومنعوا المسح على الخفين في السفر والحضر، مخالفة لجميع المذاهب الأربعة (هناك رواية عن مالك تمنع المسح على الخفين في الحضر فقط)، وبهذا نجزم يقيناً بعدم صحة وضوئهم، وعدم تحقق شرط الطهارة، لصحة الصلاة.
يقول الشيعة ببدعية المرة الثالثة في تكرار غسل العضو في الوضوء، حيث يرون أن المرى الأولى مجزأة والثانية مستحبة، والثالثة بدعة. وهذا مخالفة لما ثبت عن النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - وعن أصحابه في غسل أعضاء الوضوء ثلاثاً.
اتفق الشيعة مع المذاهب الأربعة في وجوب الماء لغسل موضوع الغائط إذا تعدى المخرج، وخالفوا المذاهب الأربعة في إيجاب الماء لغسل مخرج البول، مفرقين بذلك بين الطهارة من البول والغائط، ومخالفين ما ثبت في السنة من إجزاء الأحجار.
انفرد الشيعة دون بقية المذاهب بالقول بجواز الجمع بين الصلاتين بلا عذر.
زاد الشيعة في الأذان قول (حي على خير العمل)
يرى الشيعة عدم جواز السجود على ما ليس بأرض كا الجلود والأصواف، ويجيزون السجود على الأرض وعلى نباتها غير المأكول والملبوس عادة، عدا الكتان والقطن ففيه عندهم خلاف.
أجاز الشيعة تشميت العاطس في الصلاة، وأوجبوا رد السلام، وحرموا قول (آمين) آخر الحمد على خلاف بينهم في ذلك، وأكثرهم على بطلان صلاة فاعله.
يشترطون في صحة صلاة الجمعة السلطان العادل أو نائبه، ويقصدون بالسلطان العادل؛ النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - أو أحد أئمتهم.
وأخيرا وليس آخراً فإن القرآن الكريم الذي لاتصح الصلاة بغيره، يرونه محرفاً، ويقرأونه محرفاً، ولا يعترفون ببعض مافيه.
فهل تتصور يا أخي الفاضل أن يقرأ الرافضي بك سورة النور!!!!! ويتلو آيات البرآءة لأم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها -.
ويستشعر ما تشتشعره
http://www.alagidah.com/vb/showthread.php?t=427
ـ[اسامة عبد الرافع]ــــــــ[16 - 06 - 08, 02:45 م]ـ
جزاك الله خيرا كثيرا على هذا البيان والتوضيح الذي لا يعلمه كثير من المسلمين
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[17 - 06 - 08, 02:01 م]ـ
بارك الله فيك على هذه التنبيهات القيمة
وفي حقيقة الامر ليس هناك وفد ولا وافدون بل هو شخص مريض لم يذكره قومه بخير , وهو اقل من ان يذكر خبره!
وجزيت خيرا اخي الكريم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/90)
ـ[أبو ممدوح]ــــــــ[17 - 06 - 08, 08:59 م]ـ
يكفي أن نقول بأن ارتكابهم الشرك بالله يجعل صلاتهم باطلة و صلاة من صلى خلفهم بدلاً من البحث في الاختلافات الفقهية!!!(97/91)
من عنده شيء عن الدنيا من حديث أو خبر
ـ[اسامة عبد الرافع]ــــــــ[16 - 06 - 08, 02:39 م]ـ
طلب من الإخوة الكرام في الملتقى:
من عنده شيء عن الدنيا من حديث أو خبر أو قول أو فائدة فليضعه هنا , وذلك لمعرفة الدنيا على حقيقتها وكما هو معروف فالدنيا أساس البلايا , وللتحذير منها هناك الايات الكثيرة في كتاب الله و فأرجو من عنده شيء أن لا يبخل وجزاه الله خيرا كثيرا
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[16 - 06 - 08, 04:23 م]ـ
هذا الموضوع واسع جدا
وعليك بكتاب "ذم الدنيا" لابن أبي الدنيا، فلعل فيه كفاية.
ـ[اسامة عبد الرافع]ــــــــ[16 - 06 - 08, 11:33 م]ـ
جزاك الله خيرا كثيرا
إنه كتاب قيم فيه من الأحاديث والأخبار والأشعار الكثير عن الدنيا
بارك الله فيك
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[19 - 06 - 08, 08:42 ص]ـ
اسمع شريط فقه الحياة للشيخ سلمان العودة
وشريط الحياة فى سبيل الله من برنامج الحياة كلمة للشيخ سلمان
وللشيخ عبد العظيم بدوى فى كتاب خير الناس تجد فى الفهرس خطبة (الذى يشنأ الدنيا ويحب الاخرة
ـ[اسامة عبد الرافع]ــــــــ[19 - 06 - 08, 10:36 ص]ـ
اسمع شريط فقه الحياة للشيخ سلمان العودة
وشريط الحياة فى سبيل الله من برنامج الحياة كلمة للشيخ سلمان
وللشيخ عبد العظيم بدوى فى كتاب خير الناس تجد فى الفهرس خطبة (الذى يشنأ الدنيا ويحب الاخرة
أخي الكريم:
جزاك الله خيرا على ردك
هل أجد ما ذكرت مكتوبا ومقروءا؟
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[19 - 06 - 08, 11:00 ص]ـ
برنامج الحياة كلمة كله مفرغ أما شريط فقه الحياة فأكيد على الاقل له اختصار وأسأل عنه فى موقع فضاء الفضائيات
وكتاب خير الناس فمتوفر فى المكتبات
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[20 - 06 - 08, 03:36 ص]ـ
وشريط الدنيا وما يذم منها وما يمدح
للشيخ محمد اسماعيل المقدم
ـ[اسامة عبد الرافع]ــــــــ[20 - 06 - 08, 06:02 ص]ـ
بارك الله فيك وجعل ما تقوم به من خير في صحيفة حسناتك يوم القيامة
ـ[علاء المسلم]ــــــــ[20 - 06 - 08, 11:08 ص]ـ
ولماذا لا تضعوا روابط لهذه الأشياء لتسهيل الأمر فأنا أيضاً بحاجة لها
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[20 - 06 - 08, 11:47 ص]ـ
فقه الحياة
http://radio.islamtoday.net/arshefinfo.cfm?st=1700
الحياة في سبيل الله
http://www.hklive.tv/archive_view.php?arc_no=55
http://media.islamtoday.net/real/m/1391.zip
ما هو المذموم من أمر الدنيا؟ ( http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=51923)
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=51923
ـ[اسامة عبد الرافع]ــــــــ[20 - 06 - 08, 01:09 م]ـ
رابط محاضرة: ما هو المذموم من أمر الدنيا؟ ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=audioinfo&audioid=140880) للشيخ محمد إسماعيل المقدم
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=lecview&read=0&lg=0&sid=337&Next=160 (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=lecview&read=0&lg=0&sid=337&Next=160)
رابط فيه كتابة من محاضرة: بين الدين والدنيا .. لماذا تأخرت الأمة؟ لمحمد العبدة
http://almoslim.net/node/83672
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[21 - 06 - 08, 04:34 ص]ـ
رابط فيه كتابة من محاضرة: بين الدين والدنيا .. لماذا تأخرت الأمة؟ لمحمد العبدة
http://almoslim.net/node/83672 (http://almoslim.net/node/83672)
انا ابحث عن هذه الرسالة منذ زمن
الرابط لا يعمل أصلحه من فضلك لانى محتاجه
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[21 - 06 - 08, 04:37 ص]ـ
سبحان الله
الرابط عمل من مشاركتى(97/92)
هل من بحث يتكلم عن السرقة عبر الانترنت وتكييفها؟
ـ[عبد الرحمن خالد]ــــــــ[16 - 06 - 08, 05:04 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[بنت الأزهر]ــــــــ[16 - 06 - 08, 05:12 م]ـ
عن اى سرقة تتحدث
هل تقصد سرقه الكتب
ام المواضيع التى تتعلق بالهاكرز
ام شيء اخر
ارجو التوضيح
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[16 - 06 - 08, 06:33 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=836060(97/93)
دوري في الرِّحْلَة القادمة
ـ[سعود3]ــــــــ[16 - 06 - 08, 05:43 م]ـ
دوري في الرِّحْلَة القادمة
كل مَنًّا لَه رَحَلْة مُقْبِلَة يخطط لَهَا اسْأَل اللّه لَنا وَلَكُم التوفيق
وهنالك دَوْر مُهِمّ أَكْثَرَنَا نغْفُل عنه
الا وَهو دُورَنَا الدعوي.
س لماذا أَقُول هذا الكلام
الجواب لأسباب
أولا: اننا ننتمي إلى عقيدة صَافِيَة وَلِلَّه الحمد ..
ثانيا: اننا أَهَل لُغَة الْقُرْآن فغالب النَّاس يَنْتَظِرُون مَنًّا أُكَثِّر مِمَّا نَحْن عليه.
ثالثا: أننا نَرْجِع إلى الْبِلَاد الَّتِي انْطَلَقَت مِنها دَعَوْت الْإِسْلَام فالعالم الاسلامي يَنْظُرُون الينا بنظرة الْقُدْوَة وان كَان البعض مَنًّا ....
س قَد نَسْأَل كَيْف أَدْعُو وَلَيْس عِنْدِي أسلوب أوعلم
ج الْأَمْر سَهُل للغاية وَلِلَّه الحمد
بامكان احدنا زِيَارَة مكتب توعية الجاليات قَبَّل السَّفَر واخبارهم عن وجهته وسيفيدونه
بما يَحْتَاج من كَتَب واشرطة
وأجمل ما رَأَيْتَه كِتَاب يُبَاع بلغات مُخْتَلِفَة وسعره مغري جَدًّا 1.80 ريال وَثَمَانِين هللة
اسمه تَفْسِير الْعَشْر الْأَخِير ويتوفر بعشرات اللغات
ويشمل الْكِتَاب عَلَى أُمُور كَثِيرَة يَحْتَاج إِلَيْهَا الْمُسَلِّم مثل:
-ثلاثة الاجزاء الْأَخِيرَة مَع تفسيرها
-أحكام مهمة حَوْل أَرْكَان الْإِسْلَام الخمسة
-شرح مُصَوَّر بالالوان لِصِفَة الْوَضُوء وَصَفَت الصلاة
والكتاب مفسوح وَلَيْس عليه مشاكل أمنية
س كَيْف أدعو
ج كُل ماعليك هَو تَقْدِيم الْكِتَاب بِصِفَة إهداء لِكُلّ شَخَص تتعامل مَعَه
موظف الفندق
سائق التاكسي
المرشد السياحي
الخادم
س هَل هُنَالِك طَرَق اخرى
ج نَعَم هُنَالِك طَرَق كَثِيرَة للدعوة
أولا: وأهمها الْقُدْوَة الْحَسَنَة فَيَجِب عَلَيْنَا ان نَكُون قدوة نَنْقُل الصُّورَة الْحَسَنَة عن دينيا وبلادنا
ثانيا: يمكنك اخذ بَعْض الأشرطة وَتَرَكَهَا مَع صَاحَب التاكسي فَقَد يَسْمَعَهَا ويُسْمِعها بَعْض الرِّكَاب مَعَه لَأَن يَهْدِي اللّه بِك رَجَل وَاحِد خَيْر لَك من حُمُر النَّعَم
وللحديث بقية(97/94)
برنامج مصحف المدينة بالرسم العثماني تماماً كما في المصحف [إصدار مجمع الملك فهد]
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[16 - 06 - 08, 07:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا رسم المحصف العثماني تماماً كما في المصحف، للتو تم إصداره بهذا البرنامج سهل الاستخدام، حجمه 67 ميغا، بعد فتح البرنامج انقر أيقونة SETUP ليتم تنصيبه تلقائياً
http://saaikq.googlepages.com/moshaf.jpg
من هنا التحميل
http://www.qurancomplex.com/Downloads/Fonts/AllApp.zip
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 10:51 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[طارق محمد سمير]ــــــــ[16 - 06 - 08, 11:49 م]ـ
بارك الله فيك وجارى التحميل
وعند التجربة سأوافيك بالنتيجة بإذن الله
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[21 - 06 - 08, 08:30 ص]ـ
أحسن الله أعمالكم
وهذا تنسيق آخر للمصحف عن طريق الوورد، وهو أصغر من سابقه بكثير وألطف في الاستعمال
لكن لا بد من تحميل الخطوط العثمانية وتنصيبها على الجهاز من خلال هذا الرابط
http://www.qurancomplex.org/font.asp?notMenu=false
ثم تحميل برنامج الوورد الذي يحول على المصحف منسقاً بالتنسيق العثماني
حمل من هنا ( http://www.almeshkat.net/vb/attachment.php?attachmentid=6989&d=1159856914)
ـ[مصطفى رضوان]ــــــــ[21 - 06 - 08, 01:19 م]ـ
جزاكم الله خيرا وجعله فى موازين حسناتكم
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[17 - 10 - 08, 04:32 ص]ـ
وإياكم
ـ[خالد الحماد]ــــــــ[31 - 01 - 09, 11:09 ص]ـ
للتو حملته
واستفدت منه كثيراً
بارك الله بالجهود(97/95)
جنايات على العلم والمنهج (6) .. هجر جناحي الاجتهاد أو التقصير في رعايتهما ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 11:01 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد ..
فسبيل تقرير ما تضمنه عنوان هذا الموضوع يرجع إلى بابين:
الأول: بيان مرادنا بالعربية والحديث ..
والثاني: تعليل كونهما في المنزلة التي وصفنا ..
أما العربية فتُدرس كما يقول المحدثون عبر أربعة مستويات وإن شئت فقل: محاور ...
المستوى النحوي.
المستوى الصرفي.
المستوى الصوتي.
المستوى الدلالي.
وهجر العربية والتقصير في رعايتها في زماننا هذا وفي الأزمنة قبله بصورة أقل =يُمثله حصر العربية –اهتماماً واشتغالاً-في المستويين النحوي والصرفي .. والاهتمام بالمستوى الصوتي من قبل علماء التجويد فحسب ..
أما المستوى الدلالي فهُجر أيما هجران وقصر الناس في رعايته أيما تقصير ..
والمراد بالمستوى الدلالي هو النظر في ألفاظ العربية وما تدل عليها من المعاني عند المتكلمين بها ..
وهذا المحور من محاور دراسة العربية هو أجل ما يعتني به المجتهد والباحث عن تفسير كلام الله وكلام رسوله، والبون من جهة الأهمية بينه وبين باقي محاور دراسة العربية= شاسع جداً وأقرب المحاور إليه من جهة الأهمية هو الصرف لا النحو كما يظن الناس ..
والفقه في العربية عبر مستواها الدلالي هو جناح المجتهد الذي لا ينبغي أبداً أن يهيض أو يضعف؛ إذ هو الاشتغال بلسان العرب قوم النبي http://majles.alukah.net/images/smilies/salah.gif وما كانت تدل عليه الألفاظ عندهم من المعاني والاستعانة بذلك على تفسير كلام الله وكلام رسوله ..
وللتمكن من هذه الآلة طريقان لابد من سلوكهما معاً:
الأول: إدامة النظر في كتب المعاجم مع التنبه إلى التالي:
http://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gif في المعاجم رواية ورأي فاحذر أن تضع أحدهما موضع الآخر
http://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gif ليس أئمة العربية المنقول عنهم على درجة واحدة من الثقة والضبط.
http://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gif المعاجم تخلط المعاني المولدة للفظ بغيرها من المعاني ولا تُمحض معاني الألفاظ عند العرب قوم النبي http://majles.alukah.net/images/smilies/salah.gif وحدها، بل تخلطها بمعاني تلك الألفاظ عند غيرهم ممن بعدهم.
الثاني: إدامة الاطلاع والاستكثار من النظر في شعر عرب الجاهلية ومن بعدهم إلى رأس المائة الهجرية، وأن يكون هذا الاطلاع بعين يقظة وبصر نافذ. يعرف الألفاظ والمعاني التي كانت العرب قوم النبي http://majles.alukah.net/images/smilies/salah.gif تستعمل هذه الألفاظ للدلالة عليها ...
واعلم أن هذا هو السبيل إلى تمحيص كثير من ركام التقريرات الأصولية واللغوية المتصلة بمنهج الاستنباط والتشريع وغير ذلك من الأبواب المتصلة بتفسير كلام الله وكلام رسوله.
واعلم أنه بمقدار استكثار الواحد منا من العربية بهذا المعنى بمقدار ما يحسن ويصيب في تفسير كلام الله وكلام رسوله ..
أما الحديث ..
فمرادنا به هنا أصول نقد الروايات وتمحيصها،والبصر بالحكم على الأسانيد والمتون جميعاً ... حتى يكاد يدخل في ذلك قراءات القرآن نفسها وأصول نقدها ..
ولعلك قد أنكرت نفسُك أنا عددنا هذا مما قصر فيه طلبة العلم، وأنت إنما جرك إلى هذا الإنكار ما تراه من الكثرة الكاثرة المتزرين بإزار علم الحديث ..
وأقول لك: لا تُنكر علي يا صاحبي ..
ففي هذه الكثرة الكاثرة من الخلل المنهجي في دراسة هذا العلم ما لم ينج منه إلا أقلهم،ومن صور هذا الخلل:
http://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gif قلة الاحتفال بالتفريق بين مناهج أهل العلم في نقد المروايات، وأحسنهم حالاً من يُفرق بين طبقة سماها هم (المتقدمين) وطبقة سماهم (المتأخرين) وهل سلم هذا المفرق (؟؟) لا والله ما سلم على الرغم من كونه لم يبلغ غاية الإصابة في ذلك ...
http://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gif قلة الاحتفال بنقد الإسناد ورعايته في المنقولات غير المرفوعة وقد أفردنا هذا بموضوع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/96)
http://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gif قلة الاحتفال بنقد المتون والرجوع في نقدها غالباً إلى علل تُلتمس في الاسناد .. فأصبح نقد المتن عندهم شئ نظري ليس له في واقعهم العملي إلا أمثلة قليلة وعندي أنه لولا وقوفهم على من علل هذا المتن قبلهم لما عللوه ..
http://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gif قلة الاحتفال بتحرير اللفظ المعين الذي قاله النبي http://majles.alukah.net/images/smilies/salah.gif من بين الألفاظ التي رواها الثقات مادام ليس في هذه الألفاظ لفظ شاذ وليس بينها تضاد في المعنى .. وعندي أن الاشتغال بتتحرير ذلك باب عظيم من أبواب العلم والأمانة في نقل الدين.
http://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gif الجرأة على الحكم على الروايات قبل استيفاء جمع طرقها وقبل النظر في فقهها، وعندي أن معرفة أقوال الفقهاء في فهم الحديث مما يعين على الحكم على إسناده ومتنه ..
http://majles.alukah.net/images/smilies/mid.gif الظن أن كل رواية قالها النبي http://majles.alukah.net/images/smilies/salah.gif قد وصلتنا في زماننا هذا، وأن كل قول عالم قد وصلنا في زماننا هذا،وهذا يجر إلى خلل كبير في العلم وفي الفهم عن أهل العلم ..
/// قلة الاحتفال بالموقوفات والمقطوعات، والاستعانة بمضامينها في معرفة عرف التشريع وما هو الأليق بنسبته للنبي (ص) ..
وبين ظاهر أنه ما كل الناس يجمع كل هذا الخلل في نفسه،وإنما هي سمات توجد في البعض وتخفي في البعض وتوجد واحدة وتغيب أخرى ..
أما لماذا كان هذان الجناحان هما الجناحان لا غيرهما (؟؟)
فاعلم –هديت للرشد-أن الخطأ العلمي والمنهجي إنما يدخل على المجتهد من بابين اثنين:
الأول: أن يدخل عليه الخلل بسبب تصديق الكذب، والكذب هنا هو كل مالم يكن ...
الثاني: أن يدخل عليه الخلل بسبب الخطأ في تفسير الصدق.
ولا عصمة –إن طلبت العصمة-من تصديق الكذب إلا بالحديث واتقان أصول نقد الأخبار ..
ولا عصمة من الخطأ في تفسير الصدق إلا بمعرفة العربية على الوجه الذي ذكرناه قبل ..
فإذا استوفى الناظر هذان فقد استوفى جناحي الاجتهاد ولايبقى عليه بعد ذلك إلا حسن التأتي في الاستدلال وموافقة الدليل للدعوى،وهو الذي يطلب له البعض علم المنطق .. وعندنا أنه لا المنطق ولا غيره ينفع في هذا فهذا خلل لا ينجو منه أحد حتى أئمة الفقه ويحتاج إلى قدر كبير من الذكاء الشخصي المحلى بالصبر والأناة والروية مجلل كل ذلك بتوفيق الله عز وجل ...
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[17 - 06 - 08, 03:11 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[17 - 06 - 08, 02:31 م]ـ
وجزاك الله خير الجزاء وأوفاه ...
ـ[أبو العباس الشمالي]ــــــــ[18 - 06 - 08, 12:09 ص]ـ
أفدت وأجدت ...
جزيت خيرًا ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[19 - 06 - 08, 04:05 م]ـ
جزاك الله خيراً ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[22 - 06 - 08, 03:33 م]ـ
الشيخ الفاضل أبو فهر
بالنسبة للمعاجم ..
ما هو المعجم الذي توصي به من حيث الدقة والبراءة من الخلط الذي حذرت منه وما هي أفضل طبعة له ..
وماهي أفضل طريقة لمطالعته هل بحسب تسلسل الكتاب أم هناك طريقة أفضل؟
وماهي كتب الشعر الأساسية لطالب العلم .. وجزاك الله خيرا
بارك الله فيك ..
1 - هذا الخلط -غالباً-ليس عيباً في كتب المعاجم، وإنما هو منهجهم في الجمع، وإنما العيب على من يتناول المعاجم ويعدها مصدراً أصيلاً من غير تنبه لهذا المنهج ..
2 - وإذا كنا نتكلم عن الرواية والرألي في المعاجم فهذا لا يخلو منه معجم، وإذا كنا نتكلم عن الثقة الثبت من أهل اللغة ومن هو أقل منه فهذا لا يكاد يخلو منه معجم ..
3 - من أجل المعاجم المتقدمة: تهذيب اللغة للأزهري ..
4 - قراءة الشعر والإكثار منها أولى من جرد المعاجم ..
5 - كتب الشعر الأساسية للطالب هي:
1 - المعلقات العشر ..
2 - شعر الهذليين ..
3 - ديوان زهير بن أبي سلمى
4 - المفضليات.
5 - الأصمعيات.
6 - نقائض جرير والفرزدق.
7 - ديوان الأخطل الذي جمعه السكري.
8 - ثم مجموع كبير مهم جداً وفي بعضه خلل يسير وهو منتهى الطلب لابن ميمون الذي طبعته دار صادر ..
ـ[صخر]ــــــــ[22 - 06 - 08, 05:14 م]ـ
جزاك الله خيرا أستاذنا أبا فهر
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[23 - 06 - 08, 09:07 م]ـ
وجزاك الله خيراً
ـ[أبو حازم فكرى زين]ــــــــ[25 - 06 - 08, 07:08 م]ـ
الشيخ الحبيب، جُعِلْتُ فِداكَ: أدامَ اللهُ أيامَكَ بالسرورِ عامرة، وأمطركَ بسحائبِ البهجةِ الغامرةِ، وأسْبَغَ عليكَ نِعَمَهُ ظاهرةً وباطنة، أَصْحَبَ اللهُ مُدَّتكَ السعادةَ والسلامةَ، وقَرَنَهَا بالعافيةِ والسرورِ، وَوَصَلهَا بالنعمةِ التي لا تَزول، والكرامةِ التي لا تَحُول.
عَلِمَ اللهُ أني وددت أن تكتبَ هذه الكلمات في بَياضِ النواظرِ بأطرافِ الخناجرِ ليستصحبها طالبُ العلمِ مِنْ مَهْدهِ إلى لَحْدِهِ.
أيها الحبيبُ
قلبي يراكَ على بُعْدِ من الدارِ ... وأنْتَ بالقُرْبِ مِنْ قلبي وتِذْكَارِي
إنْ غَابَ شَخْصُكَ عَنْ عيني فلمْ أَرَهُ ... فإنّ حُبّكَ مَعْقُودٌ بإضْمَارِي
وإنْ تكلمْتُ لمْ ألفُظْ بغيركم ... و إنْ سكنتُ فأنتم عقد أسراري
إيقاظ وتنبيه: إدامة النظر في المعاجم أمر عسير، وأيسر منه مَعَ حصول المقصود ونيل المرغوب؛ أن يمعن الطالب النظر في شروح أكابر العلماء على كتب السنة – خاصة من لهم عناية فائقة بالألفاظ كالنووي وابن حجر رحمهم الله – فهذا خير معوان على فهم معاني لغتنا الجميلة في إطار مقاصد الشريعة، وهذا لا يقلل من شأن المعاجم فهي الملاذ عند الحاجة، والله من وراء القصد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/97)
ـ[تامر الجبالي]ــــــــ[26 - 06 - 08, 09:54 ص]ـ
أبشر يا أبا فهر لقد آتى كلامك ثمره ... فقد قررتُ أن أكون مجتهدا ... (ابتسامة)
أسأل الله تعالى أن يزيدك توفيقا وتسديدًا، ويزيدنا من الانتفاع بك
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[28 - 06 - 08, 12:21 ص]ـ
لا يرجع هذا إلى مجرد قرارك واختيارك يا أبا حفص ...
بل الاجتهاد واجب على كل مسلم، كل بحسبه ...
وحشتني يا بني ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[18 - 12 - 08, 06:21 م]ـ
للفائدة ...
ـ[مهداوي]ــــــــ[18 - 12 - 08, 11:08 م]ـ
موضوع قيم بارك الله فيك
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[21 - 12 - 08, 01:13 ص]ـ
وفيك بارك الله
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[04 - 04 - 09, 02:01 م]ـ
للفائدة
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[29 - 06 - 09, 01:59 ص]ـ
للفائدة ...
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[29 - 06 - 09, 03:21 ص]ـ
جزاك الله خيرا
فإذا استوفى الناظرُ (هذين) .. أم هو على لغة رفع المثنى مطلقا؟
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[29 - 06 - 09, 03:56 ص]ـ
بل هو لحن مني ...(97/98)
هل ورد حديث بأن التكبير يطفئ النار
ـ[العماري القرني]ــــــــ[16 - 06 - 08, 11:29 م]ـ
السلام عليكم
ذكر لي أحد الاخوة بأن هناك أثر عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
بأ ن كثرة التكبير يطفئ النار
ـ[عمرو فهمي]ــــــــ[17 - 06 - 08, 12:38 ص]ـ
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " إذا رأيتم الحريق فكبروا فإن التكبير يطفئه ".
ضعيف: [(السلسلة الضعيفة: 2603) - (ضعيف الجامع: 504) - (ضعيف الجامع: 505)]
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - 06 - 08, 11:49 ص]ـ
هذا الحديث رواه ابن السني والطبراني وغيرهما، وقد ضعفه الحافظ ابن رجب في فتح الباري.
وقواه من جهة المعنى والتجربة ابن القيم في زاد المعاد.(97/99)
ماذا قال الامام ابن القيم حول علم ابن تيميه في هذه المسئله؟
ـ[البيضاني اليمني]ــــــــ[17 - 06 - 08, 04:46 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
كنت اتصفح كتاب زاد المعاد،
ووجدت كلام ابن القيم يتكلم عن منقبه من مناقب شيخه وشيخ الاسلام ابن تيميه – رحم الله الجميع –
اتركم مع كلام ابن القيم وانظروا الى دقة وفهم علم شيخ الاسلام ابن تيميه،
(فصل في ملابسه صلى الله عليه و سلم
كانت له عمامة تسمى: السحاب كساها عليا وكان يلبسها ويلبس تحتها القلنسوة وكان يلبس القلنسوة بغير عمامة ويلبس العمامة بغير قلنسوة وكان إذا اعتم أرخى عمامته بين كتفيه كما رواه مسلم في صحيحه عن عمرو بن حريث قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم على المنبر وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين كتفيه
وفي مسلم أيضا عن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه و سلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء ولم يذكر في حديث جابر: ذؤابة فدل على أن الذؤابة لم يكن يرخيها دائما بين كتفيه وقد يقال: إنه دخل مكة وعليه أهبة القتال والمغفر على رأسه فلبس في كل موطن ما يناسبه
وكان شيخنا أبو العباس ابن تيمية قدس الله روحه في الجنة يذكر في سبب الذؤابة شيئا بديعا وهو أن النبي صلى الله عليه و سلم إنما اتخذها صبيحة المنام الذي رآه في المدينة لما رأى رب العزة تبارك وتعالى فقال: [يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري فوضع يده بين كتفي فعلمت ما بين السماء والأرض] الحديث وهو في الترمذي وسئل عنه البخاري فقال صحيح قال: فمن تلك الحال أرخى الذؤابة بين كتفيه وهذا من العلم الذي تنكره ألسنة الجهال وقلوبهم ولم أر هذه الفائدة في إثبات الذؤابة لغيره)(97/100)
العلامة العثيمين: هذا طيب افعلوا إن شئتم-يعني طرد الخدم الكفار إذا انتهى عقدهم-.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[17 - 06 - 08, 05:48 م]ـ
السؤال:
فضيلة الشيخ: ما جرى في البوسنة والهرسك للمسلمين أمر لا يوصف، لماذا لا يكون منا إنكار وذلك بطرد الخدم من الكافرين والكافرات الذين في بيوتنا إذا انتهت عقودهم، ووفينا ما بيننا وبينهم، لم لا نفعل ذلك حتى يسمع بنا أهل الكفر ويعرفوا أن أهل الإسلام أمة واحدة؟ ا
الجواب:
[نقول: هذا طيب فافعلوا إن شئتم، إننا نوافق أنه إذا انتهت عقود الخدم الكافرين أن تنهى عقودهم، ولكن بعض قومنا نسأل الله لنا ولهم الهداية لا يوافقون على هذا، بل إن بعضهم نسأل الله السلامة يصرح بأن خدمة غير المسلم أقوى من خدمة المسلم، بمعنى: أن غير المسلم يؤدي عملاً أكثر، وكأنه لم يسمع قول الله تعالى: وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ [البقرة:221] .. وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [البقرة:221].] اهـ.
الشيخ العلامة ابن عثيمين: ((اللقاء الشهري)).(97/101)
الحكم الشرعي للبيرة بدون كحول - بحث ممتاز
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[17 - 06 - 08, 10:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى كل محتار في الحكم الشرعي للبيرة بدون غَول (كحول)
وإلى كل من يقول حلال ... وإلى كل من يقول حرام
أنقل لكم في الملف المرفق فتوى مستفيضة في هذا الأمر. راجياً من الله أن يكون فيها الفائدة للجميع.
ملاحظات:
· الفتوى قامت على دراسة علمية كاملة عن الموضوع قام بها عدة مختصين وأخذت الوقت الكبير (إن شاء الله سأحاول الحصول على وثائق هذه الفتوى)
· الفتوى بصوت الشيخ أسامة الرفاعي حفظه الله خطيب وإمام مسجد عبد الكريم الرفاعي بمدينة دمشق.
· سبب الفتوى السؤال الكثير عن هذا الموضوع مما دفع الشيخ حفظه الله إلى البحث العلمي عن هذا الموضوع بمساعدة فريق من المختصين.
-------------
نبذة عن الشيخ العلامة أسامة الرفاعي
· ولد في دمشق عام 1944 , و تخرج في مدارس دمشق و ثانوياتها , ثم التحق بجامعة دمشق و درس اللغة العربية و علومها في كلية الآداب قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1971
· لازم والده العلامة الداعية الشيخ عبد الكريم الرفاعي رحمه الله تعالى و تلقى عنه العلوم الشرعية و اللغوية.
· تنقل الشيخ حفظه الله تعالى في عدد من العواصم الإسلامية أثناء مسيرته الدعوية.
· تولى الخطابة في عدد من مساجد دمشق منذ شبابه و هو الآن خطيب و مدرس جامع الشيخ عبد الكريم الرفاعي في دمشق.
---------
منقول عن إيميل أرسله لي صديق لي. ونحتاج لدراسة مشابهة للأنواع الموجودة في السعودية: موسي، بربيكان، هولستن، فيروز ... الخ وإن كنت أظن أن الحكم واحد. ونحتاج أيضاً لدراسة للمشروبات التي قيل أن فيها غول مثل مشروبات الطاقة (ريد بول وأمثاله).
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[17 - 06 - 08, 10:59 م]ـ
ماشاء الله اجتهد الشيخ في البحث عن حكمها الشرعي
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[18 - 06 - 08, 01:26 ص]ـ
لقاء الباب المفتوح - (ج 63 / ص 17)
حكم شرب ما يسمى بـ (البيرة)
السؤال
ما حكم شرب ما يسمى بالبيرة مع العلم أن فيه نوعين: نوع فيه نسبة من الكحول، ونوع لا يوجد فيه نسبة من الكحول وهل هي من المسكرات؟
الجواب
البيرة الموجودة في أسواقنا كلها حلال؛ لأنها مفحوصة من قبل المسئولين، والأصل في كل مطعوم ومشروب وملبوس الأصل فيه الحل، حتى يقوم الدليل على أنه حرام، لقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً} [البقرة:29] فأي إنسان يقول: هذا الشراب حرام، أو هذا الطعام حرام، قل له: هات الدليل، إن جاء بدليل فالعمل على ما يقتضيه الدليل، وإن لم يأت بدليل فقوله مردود عليه؛ لأن الله عز وجل يقول: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً} كل ما في الأرض، وأكد هذا العموم بقوله: {جَمِيعاً} فأي إنسان يقول لنا: هذا حلال وهذا حرام فإننا نطالبه بالدليل، إن أتى بالدليل عملنا بمقتضى هذا الدليل، وإن لم يأتِ بدليل فإن قوله مردود عليه، فالبيرة الموجودة في أسواقنا هنا في السعودية كلها حلال ولا إشكال فيها إن شاء الله.
ثم النسبة فلا تظن أن أي نسبة من الخمر تكون في شيء تجعله حراماً، النسبة إذا كانت تؤثر بحيث إذا شرب الإنسان من هذا المختلط بالخمر سكر صار حراماً، أما إذا كانت نسبة ضئيلة تضاءلت واضمحل أثرها ولم تؤثر فإنه يكون حلالاً.
فمثلاً: نسبة (1%) أو (2%) أو (3%) لا تجعل الشيء حراماً، وقد ظن بعض الناس أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) أن معناه: ما خلط بيسير فهو حرام ولو كان كثيراً، وهذا فهم خاطئ، الحديث: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) يعني: الشيء الذي إذا أكثرت منه حصل السكر، وإذا خففت منه لم يحصل السكر، يكون القليل والكثير حرام، لماذا؟ لأنك ربما تشرب القليل ثم تدعوك نفسك إلى أن تكثر فتسكر، وأما ما اختلط بمسكر والنسبة فيه قليلة لا تؤثر فهذا حلال ولا يدخل في الحديث.
ـ[عبد الله القحطاني]ــــــــ[18 - 06 - 08, 02:12 ص]ـ
كلام الشيخ الرفاعي ممتاز و جزاه الله كل خير، و لكن أعتقد أن الشركات تختلف في طريقة تركيبها للمشروب الذي تصنعه، فكان من الأولى نشر مااسم المشروب الذي عُملت الدراسة عليه؟
فهناك شركات كثيرة، كموسي، و باربيكان، و بيدوايزر، و غيرها الكثير ..
و كان كذلك من الأولى أن لا يعتمد على عينة واحدة بل على عينات أكثر .. للسبب المذكور سلفًا ..
شكرا لك اخي الكريم
ـ[ابو هبة]ــــــــ[18 - 06 - 08, 02:28 ص]ـ
لقاء الباب المفتوح - (ج 63 / ص 17)
حكم شرب ما يسمى بـ (البيرة)
( ............ )
فمثلاً: نسبة (1%) أو (2%) أو (3%)
.
رحم الله الشيخ العلامة ابن عثيمين.
أما هذه النسب فإن كان المقصود بها نسبة الإيثانول في المشروب فهي مسكرة قطعاً. سيما ال 3% منها.
ولعل الشيخ قصد نسبة المشروب بمحتوى الماء فيه فتكون مثلاً 3% من 3.5% وهذه نسبة تعدل جزءاً من 10000 محتوى الكحول الإيثيلي ولا تكون مسكرة هنا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/102)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[18 - 06 - 08, 06:30 ص]ـ
الأصل في كل مطعوم ومشروب وملبوس الأصل فيه الحل، حتى يقوم الدليل على أنه حرام،
القاعدة صحيحة، والدليل قد قام على أن البيرة (الخالية من الكحول بزعم الشركة) فيها نسبة قليلة من الغول، وهي تكفي للسكر إذا شرب المرء كمية تعادل "الفرق".
أخرج أحمد وأبو داود والترمذي من طريق أبي عثمان الأنصاري (عمرو بن سالم، ثقة)، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر، عن عمته عائشة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كل مسكر حرام. ما أسكر الفرق منه، فملء الكف منه حرام».
وصححه الألباني وشعيب الأرناؤوط.
الفرْق أو الفَرَق هو إناء كان يغتسل به النبي عليه الصلاة والسلام قيل أنه يأخذ ستة عَشَرَ رطلاً. وفي النهاية في غريب الأثر: الفَرَق بالتحريك: مِكْيَال يسع سِتَّةَ عشر رِطْلا وهي اثنا عشر مُدّاً أو ثلاثة آصُع عند أهْل الحجاز. وقيل: الفَرَق خمسة أقْسَاط والقِسْط: نصف صاع فأمّا الفَرْق بالسكون فمائةٌ وعشرون رِطْلا.
ـ[أبو لجين]ــــــــ[18 - 06 - 08, 12:11 م]ـ
الشيخ محمد الأمين وفقه الله
هل معنى ذلك لو كانت نسبة السكر قليلة جداً وتبلغ 0,004 ولو شرب الإنسان ملء ما يستطيع في يوم كامل لم يسكر فهو يدخل في الشراب المحرم؟ يعني ما ضابط قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أسكر كثيره)
ـ[ابن المنير]ــــــــ[18 - 06 - 08, 07:26 م]ـ
ثمت مأخذ آخر لتحريم البيرة الخالية من الكحول وهو أنها كان فيها كحول تم سحبه_ كما يقرر ذلك المختصون _ فيكون حكمها حكم الخمر إذا خللت
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[18 - 06 - 08, 07:29 م]ـ
إعادة تلخيص للأرقام الواردة في البحث، وطبعا هذا لا يغني عن الاستماع للبحث:
الصاع = 3.1 لتر
الفَرَق = ثلاثة آصُع = 9.3 لتر
نسبة الغَوْل في "البيرة بدون كحول" = أربعة بالألف = %.4 أو 0.004 (بالأرقام العربية) أو 0,004 (بالأرقام الهندية)
اللتر من الماء =1 كغ = 1000 غ
كمية الغول في الفرق من البيرة = 4 * 9.3 = 37 غ
هل هذه نسبة تكفي للسكر أم لا؟ حسب الطب الفرنسي فإن وجود غول بنسبة 0.8 في لتر الدم = السكر، ويتعرض سائق السيارة للعقوبات، و وجود هذه النسبة يتسببها شرب 6 غ فقط من الغول الخالص.
النتيجة: نسبة الغول في فرَق من "البيرة بدون كحول" = 37 غ بينما يكفي 6 غ للتسبب بالسكر
فإن قيل أن من غير المعقول أن يشرب أحد 9.3 لتر، والجواب في الحديث: "ما أسكر الفرق منه، فملء الكف منه حرام" وطالما أن شرب 9.3 لتر يسبب السكر، فشرب ولو نقطة حرام.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[18 - 06 - 08, 07:40 م]ـ
وبالحساب العكسي يظهر أنه ليكون الشراب حلالاً، فيجب أن تكون نسبة الغول فيه أقل من 0.000645161
أي 0.0645% وهي نسبة بالغة الصغر.
ـ[ابن المنير]ــــــــ[18 - 06 - 08, 08:59 م]ـ
يقول المختصون أن الخبز والزبادي يحتويان على نسبة من الكحول تتراوح مابين (0.001 و 0.005)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[18 - 06 - 08, 09:26 م]ـ
أين المصدر؟
ـ[ابن المنير]ــــــــ[19 - 06 - 08, 04:12 م]ـ
من المصادر انظر مثلاً
http://www.bdr130.net/vb/t228537.html
http://www.alhadeeqa.com/vb/showthread.php?p=8506
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[19 - 06 - 08, 09:36 م]ـ
المنتديات ليست مصدراً موثوقاً للمعلومات ...
ـ[عبدالملك]ــــــــ[20 - 06 - 08, 12:06 ص]ـ
بصراحة كلام الشيخ أسامة الرفاعي لي اعتراض عليه:
كان الأولى من الشيخ أسامة الرفاعي أن يفصل أنواع البيرة:
هناك بيرة تباع في دول الشام كلبنان وسوريا وغيرهما يقال لها بيرة وهي تحتوي نسبة غير قليلة من المسكر فهي مسكرة كالجعة التي في الغرب تسمى بيرة ولكنها مسكرة.
وهناك بيرة لا يوجد فيها مسكر كالتي تباع في السعودية والخليج مثل موسي وبربيكان ونحوها فهذه لا يوجد فيها مسكر اطلاقا وهي شراب الشعير
والله أعلم
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 06 - 08, 04:05 ص]ـ
هو يتكلم عن مشروب يباع في سوريا تحت اسم "بيرة بدون كحول" هكذا جاء في الشريط، وطبعاً تبين بعد التحليل أن زعم الشركة البائعة غير صحيح.
أما مسوي وبربيكان وغيرها فتحتاج لفحص مخبري حتى نعلم نسبة المسكر الذي فيها
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 06 - 08, 05:21 ص]ـ
وأرجو أن لا يكون هذا البحث نهاية المطاف بل يكون البداية فقط، فعلى علماء كل بلد الاهتمام بهذا الأمر وتحليل المشروبات التي تدخل لبلدهم، والقيام بنفس التجربة، وهي سهلة إن شاء الله.
ـ[ابن المنير]ــــــــ[20 - 06 - 08, 03:49 م]ـ
قال الطيبي: (الفرق وملء الكف عبارتان عن التكثير والتقليل لا التحديد).انتهى.
ويدل على صحة ما ذكره الطيبى ثلاثة أمور:
أولها: قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: (ما أسكر كثيره فقليله حرام).
وثانيها: لو كان المقصود التحديد لجاز شرب ما كان أقل من ملء الكف.
وثالثها:أنه لا يتصور أن إنساناً يستطيع أن يتناول فرقاً في وقت واحد.
فالعبرة بما أسكر كثيره شرباً لا تحليلاً لأن التحليل لم يكن موجوداً وقت الخطاب فلا يحمل الخطاب عليه والعبرة بالسكر في المصطلح الشرعي وليس في مصطلح القانون الفرنسي أو الأمريكي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/103)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 06 - 08, 05:03 م]ـ
من الممكن للإنسان شرب فرق كامل وأعلم امرأة تفعل مثل هذا
ثم ما هو السكر في المصطلح الشرعي؟ من قال أن نسبة 0.8 في لتر الدم غير كافية للتسبب بالسكر بالمصطلح الشرعي؟
ـ[ابن المنير]ــــــــ[20 - 06 - 08, 07:44 م]ـ
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ضَابِطِ السُّكْرِ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ - إِلَى أَنَّ ضَابِطَ السُّكْرِ هُوَ مَنِ اخْتَلَطَ كَلاَمُهُ وَكَانَ غَالِبُهُ هَذَيَانًا،وأن يَجْمَعُ بَيْنَ اضْطِرَابِ الْكَلاَمِ فَهْمًا وَإِفْهَامًا، وَبَيْنَ اضْطِرَابِ الْحَرَكَةِ مَشْيًا وَقِيَامًا، فَيَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ مُنْكَسِرٍ، وَمَعْنًى غَيْرِ مُنْتَظِمٍ، وَيَتَصَرَّفُ بِحَرَكَةِ مُخْتَبِطٍ، وَمَشْيِ مُتَمائل وَقَدْ قَال الشَّافِعِيُّ فِي حَدِّهِ: إِنَّهُ الَّذِي اخْتَل كَلاَمُهُ الْمَنْظُومُ وَانْكَشَفَ سِرُّهُ الْمَكْتُومُ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ السُّكْرَ هُوَ الَّذِي يُزِيل الْعَقْل بِحَيْثُ لاَ يَفْهَمُ السَّكْرَانُ شَيْئًا، وَلاَ يَعْقِل مَنْطِقًا، وَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ، وَالأَْرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَهُوَ قَوْل الْمُزَنِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ.فما الذي يثبت أن هذا هو الذي قصده القانون الفرنسي أو الأمريكي ومتى أصبحت الأحكام الشرعية تبني على ما قررته القوانين الغربية؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 06 - 08, 08:48 م]ـ
طيب لنختصر الأمر، كيف تحدد السكر بنظرك؟ ما هي نسبة الغول في الدم التي تجعل المرء سكراناً؟
ـ[ابن المنير]ــــــــ[20 - 06 - 08, 09:24 م]ـ
أولاً: هذا البحث أجري على نوع واحد مبهم في بلد واحد فلا يصح تعميمه على جميع الأنواع في كل البلدان.
ثانيا: الطريقة الصحيحة أن نعرض المصطلح الشرعي للسكر على أهل الخبرة في الطب ونسألهم ماهي نسبة الكحول في الدم التي يحصل عندها السكر بالمصطلح الشرعي ثم نسألهم ماهي كمية الكحول المتناولة التي توصل إلى هذه النسبة ثم نسألهم ماهي أقصى كمية يمكن للإنسان تناولها من هذا المشروب ثم بعد ذلك تخرج لنا النتيجة مع ملاحظة أن سوء التخزين قد يزيد من نسبة الكحول في العينة.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 06 - 08, 10:37 م]ـ
أولاً: نعم هذا صحيح، ولذلك قلت أن هذه الدراسة يجب أن تكون البداية لدراسات أخرى في باقي بلاد المسلمين
ثانياً:
- نسبة 0.08 في أميركا وفرنسا هي النسبة القصوى عالمياً للسماح بالقيادة تحت تأثير الغول. وكثير من الدول تضع نسبة أقل من هذا، إذ أن تأثير المسكر يكون من أول كأس. ويصل إلى حد الهذيان عند 0.11 تقريباً، أما التخدر وفقدان العقل فهو عند 0.21 تقريباً.
- الدراسة نقلت عن أهل الاختصاص أن شرب 6 غ فقط من الغول يؤدي لوجود غول بنسبة 0.8 في لتر الدم (وطبعاً هذا يختلف باختلاف حجم الجسم). انظر هذا الموقع: http://www.dot.wisconsin.gov/safety/motorist/drunkdriving/calculator.htm
- سوء التخزين يفترض أنه لا علاقة له بنسبة الغول لأن تلك المشروبات معها مواد حافظة توقف عملية التخمّر
ـ[ابن وهب]ــــــــ[22 - 06 - 08, 01:11 ص]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
ـ[السيد زكي]ــــــــ[22 - 06 - 08, 12:42 م]ـ
زادكم الله حرصا على الوصول الى الحق ونفع الامة
ـ[أبو الوفاء]ــــــــ[22 - 06 - 08, 10:10 م]ـ
بارك الله فيكم، وأرى أن هذا الموضوع يحتاج إلى مزيد من البحث التفصيلي فيه، مع الاعتماد على تحليل ما يكتب عليه أنه بدون كحول للتأكد من ذلك، ففي نفسي شك ....
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[23 - 06 - 08, 02:02 ص]ـ
اعتمد الشيخ اسامه الرفاعي في بحثه على أمر هو خطأ محض
وهو اعتباره أن نسبة 8.% كحول في الدم وهي النسبة المعتبرة في قوانين المرور الفرنسية لاعتبار أن الشخص قد تناول الكحول هي نفسها نسبة السكر
وهذا خطأ محض
فلنفرق بين ما هو معروف لدى القوانيين الفرنسية أو الأمريكية أنه دليل على أن هذا الشخص قد تناول المسكر وبين ما هو حد للسكر في الشرع
يقول أخونا محمد الأمين
حسب الطب الفرنسي فإن وجود غول بنسبة 0.8 في لتر الدم = السكر،
وهذا خطا وإنما هو علامة ودليل على تناول المسكر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/104)
وهذا أقوال أئمتنا في بيان حد السكر
قال ابن المنذر: واختلف العلماء فى حد السكر والذى يلزم صاحبه اسم السكر، فقال مالك: إذا تغير من طباعه التى هو عليها، وهو قول أبى ثور.
وقال الثورى: لا يجلد إلا فى اختلاط العقل، وهو أن يُستقرأ، فإن أقام القراءة وسئل فتكلم بما يعرف لم يحد، وإن لم يقم ذلك حُد.
وقال أبو حنيفة: هو ألا يعرف الرجل من المرأة. وقال مرة: ألا يعرف قليلاً ولا كثيرًا.
وقال أبو يوسف: لا يكون هذا، ولا يُحد سكران إلا وهو يعرف شيئًا، فإذا كان الغالب عليه اختلاط العقل واستقرئ سورة فلم يقمها وجب عليه الحد.
وقال الشافعى: أقل السكر أن يغلب على عقله فى بعض ما لم يكن عليه قبل الشرب.
قال ابن المنذر: وهذا أولى بالصواب؛ لقوله تعالى: {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} وقد كان الذين خوطبوا بهذه الآية قبل نزول تحريم الخمر يقربون الصلاة قاصدين لها فى حال سكرهم، عالمين بالصلاة التى لها يقصدون، وسموا سكارى؛ لأن فى الحديث أن أحدهم أمهم فخلط فى القراءة؛ فأنزل الله: {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} فقصدهم إلى الصلاة دلالة أن اسم السكران قد يستحق من عرف شيئًا وذهب عليه غيره، ولو كان السكران لا يكون إلا من لا يعرف شيئًا ما اهتدى سكران لمنزله أبدًا، إذ معروف أن السكران يأتى منزله، ويقال: جاءنا وهو سكران.
وهذه جملة من الآثار أوردها السرخسي في المبسوط في الفقه الحنفي من المفيد الاطلاع عليها
قال:
فَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ الشُّرْبِ فِي الْأَوَانِي، فَقَدْ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ نَهَاهُمْ عَنْ الشُّرْبِ فِي الْأَوَانِي الْمُتَثَلِّمَةِ تَحْقِيقًا لِلزَّجْرِ عَنْ الْعَادَةِ الْمَأْلُوفَةِ، وَلِهَذَا أَمَرَ بِكَسْرِ الدِّنَانِ، وَشَقِّ الرَّوَايَا، فَلَمَّا تَمَّ انْزِجَارُهُمْ عَنْ ذَلِكَ أَذِنَ لَهُمْ فِي الشُّرْبِ فِي الْأَوَانِي، وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْمُحَرَّمَ شُرْبُ الْمُسْكِرِ، وَأَنَّ الظَّرْفَ لَا يُحِلُّ شَيْئًا، وَلَا يُحَرِّمُهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُسْكِرَ مَا يَتَعَقَّبُهُ السُّكْرُ، وَهُوَ الْكَأْسُ الْأَخِيرُ.
وَعَنْ إبْرَاهِيمَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أُتِيَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَعْرَابِيٍّ سَكْرَانَ مَعَهُ إدَاوَةٌ مِنْ نَبِيذٍ مُثَلَّثٍ، فَأَرَادَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ مَخْرَجًا، فَمَا أَعْيَاهُ إلَّا ذَهَابُ عَقْلِهِ، فَأَمَرَ بِهِ، فَحُبِسَ حَتَّى صَحَا، ثُمَّ ضَرَبَهُ الْحَدَّ، وَدَعَا بِإِدَاوَتِهِ، وَبِهَا نَبِيذٌ، فَذَاقَهُ، فَقَالَ: أَوَّهْ هَذَا فَعَلَ بِهِ هَذَا الْفِعْلَ، فَصَبَّ مِنْهُ فِي إنَاءٍ، ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ، فَشَرِبَ، وَسَقَى أَصْحَابَهُ، وَقَالَ إذَا رَابَكُمْ شَرَابُكُمْ، فَاكْسِرُوهُ بِالْمَاءِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَحْتَالَ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ بِشُبْهَةٍ يُظْهِرُهَا كَمَا قَالَ: عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ}، وَقَدْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا، وَفِي حَدِيثِ الشُّرْبِ عَلَى الْخُصُوصِ لِضَعْفٍ فِي سَبَبِهِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ أُقِيمُ عَلَيْهِ حَدًّا، فَيَمُوتُ، فَآخُذُ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إلَّا حَدَّ الْخَمْرِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِآرَائِنَا، فَلِهَذَا طَلَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَخْرَجًا لَهُ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السَّكْرَانَ يُحْبَسُ حَتَّى يَصْحُوَ، ثُمَّ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الزَّجْرُ، وَذَلِكَ لَا يَتِمُّ بِالْإِقَامَةِ عَلَيْهِ فِي حَالِ سُكْرِهِ، فَإِنَّهُ لِاخْتِلَاطِ عَقْلِهِ رُبَّمَا يَتَوَهَّمُ أَنَّ الضَّارِبَ يُمَازِحُهُ بِمَا يَضْرِبُهُ، وَالْمَقْصُودُ إيصَالُ الْأَلَمِ إلَيْهِ، وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَصْحُ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/105)
وَتَأْخِيرُ إقَامَةِ الْحَدِّ بِعُذْرٍ جَائِزٌ كَالْمَرْأَةِ إذَا لَزِمَهَا حَدُّ الزِّنَا بِالرَّجْمِ، وَهِيَ حُبْلَى لَا يُقَامُ عَلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِشُرْبِ نَبِيذِ الزَّبِيبِ إذَا كَانَ مَطْبُوخًا، وَإِنْ كَانَ مُشْتَدًّا، فَإِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ شَرِبَ مِنْهُ بَعْدَ مَا صَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ، وَسَقَى أَصْحَابَهُ، ثُمَّ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ أَذِنَ لَهُ فِي الشُّرْبِ مِنْ إدَاوَتِهِ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ شَرِبَ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ حَتَّى رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ أَتَضْرِبُنِي فِيمَا شَرِبْته، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّمَا حَدَدْتُك لِسُكْرِكَ، فَهُوَ دَلِيلٌ أَنَّهُ إذَا سَكِرَ مِنْ النَّبِيذِ الَّذِي يَجُوزُ شُرْبُ الْقَلِيلِ مِنْهُ يَلْزَمُهُ الْحَدُّ، وَعَنْ حَمَّادٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ دَخَلْت عَلَى إبْرَاهِيمَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَهُوَ يَتَغَذَّى، فَدَعَا بِنَبِيذٍ، فَشَرِبَ، وَسَقَانِي، فَرَأَى فِي الْكَرَاهَةَ، فَحَدَّثَنِي عَنْ عَلْقَمَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَيَتَغَدَّى عِنْدَهُ، وَيَشْرَبُ عِنْدَهُ النَّبِيذَ يَعْنِي نَبِيذَ الْجَرِّ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَعْتَادُ شُرْبَهُ حَتَّى ذُكِرَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ أَرَاهُمْ الْجَرَّ الْأَخْضَرَ الَّذِي كَانَ يَنْبِذُ فِيهِ لِابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَعَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَكَانَ يُحَدِّثُنَا بِحُرْمَةِ النَّبِيذِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَقَالَ اُسْكُتْ يَا صَبِيُّ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ شَرِبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَبِيذًا مُشْتَدًّا صُلْبًا، وَكَذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَبِيذًا مُشْتَدًّا كَانَ يَعْتَادُ شُرْبَهُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ سَقَانِي عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَبِيذًا، فَلَمَّا رَأَى مَا بِي مِنْ التَّغَيُّرِ بَعَثَ مَعِي قَنْبَرًا يَهْدِينِي، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ إنَّ الْقَوْمَ لَيَجْتَمِعُونَ عَلَى الشَّرَابِ، وَهُوَ لَهُمْ حَلَالٌ، فَلَا يَزَالُونَ يَشْرَبُونَ حَتَّى يُحَرَّمَ عَلَيْهِمْ يَعْنِي إذَا بَلَغُوا حَدَّ السُّكْرِ
وَكَذَلِكَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَشْرَبُ الْمُثَلَّثَ، وَيَأْمُرُ بِاِتِّخَاذِهِ لِلنَّاسِ حَتَّى رُوِيَ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدَ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ الطِّلَاءُ الَّذِي يَأْمُرُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِاِتِّخَاذِهِ لِلنَّاسِ، وَيَسْقِيهِمْ مِنْهُ كَيْفَ كَانَ قَالَ كَانَ يُطْبَخُ الْعَصِيرُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ، وَيَبْقَى ثُلُثُهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ يَسْقِيهِمْ بَعْدَ مَا يَشْتَدُّ لِمَا ذُكِرَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إنَّا نَنْحَرُ جَزُورًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَالْعُنُقُ مِنْهَا لِآلِ عُمَرَ، ثُمَّ يَشْرَبُ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا النَّبِيذِ، فَيُقَطِّعُهُ فِي بُطُونِنَا، وَلِكَثْرَةِ مَا رُوِيَ مِنْ الْآثَارِ فِي إبَاحَةِ شُرْبِ الْمُثَلَّثِ ذَكَرَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا عَدَّ مِنْ خِصَالِ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَأَنْ لَا يُحَرَّمَ نَبِيذُ الْجَرِّ، وَعَنْ بَعْضِ السَّلَفِ قَالَ: لَأَنْ أَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ، فَأَنْقَطِعَ نِصْفَيْنِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُحَرِّمَ نَبِيذَ الْجَرِّ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِمَا فِي التَّحْرِيمِ مِنْ رَدِّ الْآثَارِ الْمَشْهُورَةِ، وَإِسَاءَةِ الْقَوْلِ فِي الْكِبَارِ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/106)
مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ لَا يَحِلُّ، فَأَمَّا مَعَ الْإِبَاحَةِ، فَقَدْ لَا يُعْجِبُ الْمَرْءَ الْإِصَابَةُ مِنْ بَعْضِ الْمُبَاحَاتِ لِلِاحْتِيَاطِ، أَوْ لِأَنَّهُ لَا يُوَافِقُ طَبْعَهُ، وَهَذِهِ الرُّخْصَةُ ثْبُتُت بَعْدَ التَّحْرِيمِ، فَقَدْ كَانُوا فِي الِابْتِدَاءِ نُهُوا عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لِتَحْقِيقِ الزَّجْرِ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: شَهِدْت تَحْرِيمَهُ كَمَا شَهِدْتُمْ، ثُمَّ شَهِدْت تَحْلِيلَهُ، فَحَفِظْت ذَلِكَ، وَنَسِيتُمْ.
فَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ مَا يُرْوَى مِنْ الْآثَارِ فِي حُرْمَتِهِ قَدْ انْتَسَخَ بِالرُّخْصَةِ فِيهِ بَعْدَ الْحُرْمَةِ،
ولا يعدو ماء الشعير (البيرة) بدون الكحول أن يكون نبيذا
وحل ذلك ما لم يشتد فيصير مسكرا لا خلاف فيه وفيه عدة أحاديث
ففي رواية النسائي، قال: «كنا نَنبِذُ لرسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فيشربه من الغد وبعد الغد، فإذا كان مساءُ الثالثة، فإن بقِيَ في الإناء شيء، لم يشربه، وأمر به فأُهرقَ».وصححه الشيخ الألباني
وفي صحيح مسلم
5345 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَحْيَى الْبَهْرَانِىِّ قَالَ ذَكَرُوا النَّبِيذَ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُنْتَبَذُ لَهُ فِى سِقَاءٍ - قَالَ شُعْبَةُ مِنْ لَيْلَةِ الاِثْنَيْنِ - فَيَشْرَبُهُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَالثَّلاَثَاءِ إِلَى الْعَصْرِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَىْءٌ سَقَاهُ الْخَادِمَ أَوْ صَبَّهُ.
وعن عائشة قالت كنا ننبذ لرسول الله صلى الله عليه و سلم في سقاء. فنأخذ قبضة من تمر أو قبضة من زبيب فنطرحها فيه. ثم نصب عليه الماء فننبذه غدوة فيشربه عشية. وننبذه عشية فيشربه غدوة
وقال أبو معاوية نهارا فيشربه ليلا. أو ليلا فيشربه نهارا.
قال الشيخ الألباني: صحيح لغيره
هذا وقد أفتى جلة علمائنا كالشيخ ابن باز والعثيمين بجواز شرب البيرة الخالية من الكحول فماذا بعد والله الموفق للصواب
ـ[فرات الشام]ــــــــ[23 - 06 - 08, 06:38 ص]ـ
جزاك الله خير بحث مهم ويستحق القراءة
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[23 - 06 - 08, 06:54 ص]ـ
يقول أخونا محمد الأمين
حسب الطب الفرنسي فإن وجود غول بنسبة 0.8 في لتر الدم = السكر،
وهذا خطا وإنما هو علامة ودليل على تناول المسكر
هذا وقد أفتى جلة علمائنا كالشيخ ابن باز والعثيمين بجواز شرب البيرة الخالية من الكحول فماذا بعد والله الموفق للصواب
أولا قولك خطأ. ليس دليلاً على تناول المسكر بل دليل على السكر نفسه. حيث أن القانون الفرنسي والأميركي لا يعاقب على شرب كأس أو كأسين من الخمر لأن هذا لا يسبب السكر لمن اعتاد عليه. وفي بلدان أخرى يكون الحد أدنى من هذا.
وقد ذكرت من قبل "ويصل إلى حد الهذيان عند 0.11 تقريباً، أما التخدر وفقدان العقل فهو عند 0.21 تقريباً."
أما عن فتوى العلماء السابقين فهي مبنية على ادعاء الشركة بخلو مشروبها من الغول، لكن بعد هذه الدراسة، فقد ثبت وجود الغول في المشروب.
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[28 - 06 - 08, 12:10 ص]ـ
أولا قولك خطأ. ليس دليلاً على تناول المسكر بل دليل على السكر نفسه. حيث أن القانون الفرنسي والأميركي لا يعاقب على شرب كأس أو كأسين من الخمر لأن هذا لا يسبب السكر لمن اعتاد عليه. وفي بلدان أخرى يكون الحد أدنى من هذا.
وقد قلت من قبل
- الدراسة نقلت عن أهل الاختصاص أن شرب 6 غ فقط من الغول يؤدي لوجود غول بنسبة 0.8 في لتر الدم (وطبعاً هذا يختلف باختلاف حجم الجسم). انظر هذا الموقع:
فكيف توفق بين هذا وذاك
شرب 6 جرامات يؤدي لوجود النسبة المعاقب عليها
والآن تقول شرب كأس أو كأسين لا يعاقب عليه
ما هذا الكلام
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 06 - 08, 01:06 ص]ـ
الكأس يعني من الخمر وليس من الغول الخالص
ـ[ابوطلال]ــــــــ[30 - 06 - 08, 02:19 ص]ـ
المواصفات السعودية كما سمعت تسمح بنسبة ثلاثة من عشرة في المائة في الأطعمة والأشربة
وفي البرتقال موجود الغول طبيعيا بأكثر من هذه النسبة
بعض الأشربة بها نكهة الغول وليس بها أي نسبة منه
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 - 11 - 08, 01:29 ص]ـ
من الممكن للإنسان شرب فرق كامل وأعلم امرأة تفعل مثل هذا
ثم ما هو السكر في المصطلح الشرعي؟ من قال أن نسبة 0.8 في لتر الدم غير كافية للتسبب بالسكر بالمصطلح الشرعي؟
ثم خطر ببالي، أن هذا ممكن أن يتم طوال اليوم، لكن في هذه الحالة لن يدوم الغول في الدم، وإنما ليتحقق المراد، يجب شرب الفرق كله في الساعة نفسها لا على دفعات طوال اليوم. ولا أظن أحداً يستطيع ذلك.
الفَرَق = ثلاثة آصُع = 9.3 لتر
اللتر = أربع أكواب تقريبا
فكيف يعرف أدنى مستوى مقبول للغول؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/107)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 11 - 08, 05:26 م]ـ
في صحيح مسلم (#5344) عن ابن عباس قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُنْتَبَذُ له أول الليل، فيشربه إذا أصبح يومه ذلك، والليلة التي تجيء، والغدَ (أي اليوم الثاني) والليلةَ الأخرى، والغدَ (اليوم الثالث) إلى العصر. فإن بقي شيء، سقاه الخادم أو أمر به فَصُبَّ.
أي إن كان بدا في طعمه بعض تغير ولم يشتد سقاه الخادم وإن اشتد أمر بإهراقه
وفي حديث آخر (#5346) عن ابن عباس قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُنْقَعُ له الزبيب فيشربُه اليومَ والغدَ وبعد الغد إلى مساء الثالثة ثم يَأْمُرُ به فيسقى أو يُهَرَاقُ.
ففي هذا دليل على جواز شرب نبيذ التمر ونبيذ الزبيب إن لم يمض على النبيذ أكثر من ثلاثة أيام. فإذا قمنا بتحديد نسبة الغول في ذلك النبيذ المتواجد في بيئة حارة، أمكننا معرفة النسبة القصوى من الغول المسموح به.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[21 - 12 - 08, 09:27 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=948945&postcount=6
أحدثكم بالامر اليقين
أحد اخوتي مصاب بإلتهاب الكبد (أجاركم الله) عمل بعض الفحوصات لمعرفة مدى تأثير الالتهاب
فتفاجئ بقول الطبيب له: لو لم يكن على محياك الالتزام لحلفت بالله بأنك تشرب الكحول لوجود نسبة ضئيلة في الدم
والسبب يعود لكثرة شربه للبربيكان
ـ[أحمد عبد الغفار]ــــــــ[23 - 12 - 08, 01:55 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الكريم محمد الامين
بحثكم قيم ويستحق الاهتمام به والله
معذرة يا إخوان بعيدا قليلا عن الناحية الشرعية، وقريبا قليلا من الناحية الاخلاقية.
هذه المشروبات إنما كان دخولها إلى بلادنا محاولة لتقليد غير المسلمين في اهتمامهم الغير عادي بالشراب، وخاصة المسكر منه، فمحاولة نزع الغول من هذه المشروبات فقط عملية تسويقية لها بين المسلمين
وكثير من الشركات المنتجة لهذه المشروبات تنتج المشروبات الكحولية، مثل باور هورس وموسي، ثم إن الطريقة التي تقدم بها إلى أسواقنا والطريقة التي يتم الإعلان عنها بها طريقة فجة تستثير الحفيظة، كإعلانات باربيكان مثلا مجموعة من الشباب المستهتر المنحل من كل دين ووازع، وهذي حياته علبة البربيكان
صراحة هذه دعوى تمهيدية يتبعها ما هو أخطر منها
ومن استمرأ شرب هذا - إن قلنا أنه لا يسكر - سهلعليه شرب المسكر منه.
ثم رأي شخصي أنني أقسم بالله شممت بقايا بعض هذه المشروبات رائحتها لا يطيقها من له ذوق سليم يعلم الله (بالمصري حاجه تطرش)
سامحوني إن كان الكلام ليس على مستواكم العلمي الرفيع ولكنها نظرة أظنها واقعية
بارك الله فيكم أجمعين وهدانا وإياكم صراطه المستقيم
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[15 - 07 - 09, 05:37 م]ـ
اعتمد الشيخ اسامه الرفاعي في بحثه على أمر هو خطأ محض
وهو اعتباره أن نسبة 8.% كحول في الدم وهي النسبة المعتبرة في قوانين المرور الفرنسية لاعتبار أن الشخص قد تناول الكحول هي نفسها نسبة السكر
وهذا خطأ محض
فلنفرق بين ما هو معروف لدى القوانيين الفرنسية أو الأمريكية أنه دليل على أن هذا الشخص قد تناول المسكر وبين ما هو حد للسكر في الشرع
يقول أخونا محمد الأمين
حسب الطب الفرنسي فإن وجود غول بنسبة 0.8 في لتر الدم = السكر،
وهذا خطا وإنما هو علامة ودليل على تناول المسكر
وهذا أقوال أئمتنا في بيان حد السكر
قال ابن المنذر: واختلف العلماء فى حد السكر والذى يلزم صاحبه اسم السكر، فقال مالك: إذا تغير من طباعه التى هو عليها، وهو قول أبى ثور.
وقال الثورى: لا يجلد إلا فى اختلاط العقل، وهو أن يُستقرأ، فإن أقام القراءة وسئل فتكلم بما يعرف لم يحد، وإن لم يقم ذلك حُد.
وقال أبو حنيفة: هو ألا يعرف الرجل من المرأة. وقال مرة: ألا يعرف قليلاً ولا كثيرًا.
وقال أبو يوسف: لا يكون هذا، ولا يُحد سكران إلا وهو يعرف شيئًا، فإذا كان الغالب عليه اختلاط العقل واستقرئ سورة فلم يقمها وجب عليه الحد.
وقال الشافعى: أقل السكر أن يغلب على عقله فى بعض ما لم يكن عليه قبل الشرب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/108)
قال ابن المنذر: وهذا أولى بالصواب؛ لقوله تعالى: {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} وقد كان الذين خوطبوا بهذه الآية قبل نزول تحريم الخمر يقربون الصلاة قاصدين لها فى حال سكرهم، عالمين بالصلاة التى لها يقصدون، وسموا سكارى؛ لأن فى الحديث أن أحدهم أمهم فخلط فى القراءة؛ فأنزل الله: {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} فقصدهم إلى الصلاة دلالة أن اسم السكران قد يستحق من عرف شيئًا وذهب عليه غيره، ولو كان السكران لا يكون إلا من لا يعرف شيئًا ما اهتدى سكران لمنزله أبدًا، إذ معروف أن السكران يأتى منزله، ويقال: جاءنا وهو سكران.
وهذه جملة من الآثار أوردها السرخسي في المبسوط في الفقه الحنفي من المفيد الاطلاع عليها
قال:
فَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ الشُّرْبِ فِي الْأَوَانِي، فَقَدْ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ نَهَاهُمْ عَنْ الشُّرْبِ فِي الْأَوَانِي الْمُتَثَلِّمَةِ تَحْقِيقًا لِلزَّجْرِ عَنْ الْعَادَةِ الْمَأْلُوفَةِ، وَلِهَذَا أَمَرَ بِكَسْرِ الدِّنَانِ، وَشَقِّ الرَّوَايَا، فَلَمَّا تَمَّ انْزِجَارُهُمْ عَنْ ذَلِكَ أَذِنَ لَهُمْ فِي الشُّرْبِ فِي الْأَوَانِي، وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْمُحَرَّمَ شُرْبُ الْمُسْكِرِ، وَأَنَّ الظَّرْفَ لَا يُحِلُّ شَيْئًا، وَلَا يُحَرِّمُهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُسْكِرَ مَا يَتَعَقَّبُهُ السُّكْرُ، وَهُوَ الْكَأْسُ الْأَخِيرُ.
وَعَنْ إبْرَاهِيمَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أُتِيَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَعْرَابِيٍّ سَكْرَانَ مَعَهُ إدَاوَةٌ مِنْ نَبِيذٍ مُثَلَّثٍ، فَأَرَادَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ مَخْرَجًا، فَمَا أَعْيَاهُ إلَّا ذَهَابُ عَقْلِهِ، فَأَمَرَ بِهِ، فَحُبِسَ حَتَّى صَحَا، ثُمَّ ضَرَبَهُ الْحَدَّ، وَدَعَا بِإِدَاوَتِهِ، وَبِهَا نَبِيذٌ، فَذَاقَهُ، فَقَالَ: أَوَّهْ هَذَا فَعَلَ بِهِ هَذَا الْفِعْلَ، فَصَبَّ مِنْهُ فِي إنَاءٍ، ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ، فَشَرِبَ، وَسَقَى أَصْحَابَهُ، وَقَالَ إذَا رَابَكُمْ شَرَابُكُمْ، فَاكْسِرُوهُ بِالْمَاءِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَحْتَالَ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ بِشُبْهَةٍ يُظْهِرُهَا كَمَا قَالَ: عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ}، وَقَدْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا، وَفِي حَدِيثِ الشُّرْبِ عَلَى الْخُصُوصِ لِضَعْفٍ فِي سَبَبِهِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ أُقِيمُ عَلَيْهِ حَدًّا، فَيَمُوتُ، فَآخُذُ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إلَّا حَدَّ الْخَمْرِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِآرَائِنَا، فَلِهَذَا طَلَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَخْرَجًا لَهُ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السَّكْرَانَ يُحْبَسُ حَتَّى يَصْحُوَ، ثُمَّ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الزَّجْرُ، وَذَلِكَ لَا يَتِمُّ بِالْإِقَامَةِ عَلَيْهِ فِي حَالِ سُكْرِهِ، فَإِنَّهُ لِاخْتِلَاطِ عَقْلِهِ رُبَّمَا يَتَوَهَّمُ أَنَّ الضَّارِبَ يُمَازِحُهُ بِمَا يَضْرِبُهُ، وَالْمَقْصُودُ إيصَالُ الْأَلَمِ إلَيْهِ، وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَصْحُ.
وَتَأْخِيرُ إقَامَةِ الْحَدِّ بِعُذْرٍ جَائِزٌ كَالْمَرْأَةِ إذَا لَزِمَهَا حَدُّ الزِّنَا بِالرَّجْمِ، وَهِيَ حُبْلَى لَا يُقَامُ عَلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِشُرْبِ نَبِيذِ الزَّبِيبِ إذَا كَانَ مَطْبُوخًا، وَإِنْ كَانَ مُشْتَدًّا، فَإِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ شَرِبَ مِنْهُ بَعْدَ مَا صَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ، وَسَقَى أَصْحَابَهُ، ثُمَّ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ أَذِنَ لَهُ فِي الشُّرْبِ مِنْ إدَاوَتِهِ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ شَرِبَ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ حَتَّى رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ أَتَضْرِبُنِي فِيمَا شَرِبْته، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّمَا حَدَدْتُك لِسُكْرِكَ، فَهُوَ دَلِيلٌ أَنَّهُ إذَا سَكِرَ مِنْ النَّبِيذِ الَّذِي يَجُوزُ شُرْبُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/109)
الْقَلِيلِ مِنْهُ يَلْزَمُهُ الْحَدُّ، وَعَنْ حَمَّادٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ دَخَلْت عَلَى إبْرَاهِيمَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَهُوَ يَتَغَذَّى، فَدَعَا بِنَبِيذٍ، فَشَرِبَ، وَسَقَانِي، فَرَأَى فِي الْكَرَاهَةَ، فَحَدَّثَنِي عَنْ عَلْقَمَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَيَتَغَدَّى عِنْدَهُ، وَيَشْرَبُ عِنْدَهُ النَّبِيذَ يَعْنِي نَبِيذَ الْجَرِّ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَعْتَادُ شُرْبَهُ حَتَّى ذُكِرَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ أَرَاهُمْ الْجَرَّ الْأَخْضَرَ الَّذِي كَانَ يَنْبِذُ فِيهِ لِابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَعَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَكَانَ يُحَدِّثُنَا بِحُرْمَةِ النَّبِيذِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَقَالَ اُسْكُتْ يَا صَبِيُّ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ شَرِبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَبِيذًا مُشْتَدًّا صُلْبًا، وَكَذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَبِيذًا مُشْتَدًّا كَانَ يَعْتَادُ شُرْبَهُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ سَقَانِي عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَبِيذًا، فَلَمَّا رَأَى مَا بِي مِنْ التَّغَيُّرِ بَعَثَ مَعِي قَنْبَرًا يَهْدِينِي، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ إنَّ الْقَوْمَ لَيَجْتَمِعُونَ عَلَى الشَّرَابِ، وَهُوَ لَهُمْ حَلَالٌ، فَلَا يَزَالُونَ يَشْرَبُونَ حَتَّى يُحَرَّمَ عَلَيْهِمْ يَعْنِي إذَا بَلَغُوا حَدَّ السُّكْرِ
وَكَذَلِكَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَشْرَبُ الْمُثَلَّثَ، وَيَأْمُرُ بِاِتِّخَاذِهِ لِلنَّاسِ حَتَّى رُوِيَ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدَ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ الطِّلَاءُ الَّذِي يَأْمُرُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِاِتِّخَاذِهِ لِلنَّاسِ، وَيَسْقِيهِمْ مِنْهُ كَيْفَ كَانَ قَالَ كَانَ يُطْبَخُ الْعَصِيرُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ، وَيَبْقَى ثُلُثُهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ يَسْقِيهِمْ بَعْدَ مَا يَشْتَدُّ لِمَا ذُكِرَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إنَّا نَنْحَرُ جَزُورًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَالْعُنُقُ مِنْهَا لِآلِ عُمَرَ، ثُمَّ يَشْرَبُ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا النَّبِيذِ، فَيُقَطِّعُهُ فِي بُطُونِنَا، وَلِكَثْرَةِ مَا رُوِيَ مِنْ الْآثَارِ فِي إبَاحَةِ شُرْبِ الْمُثَلَّثِ ذَكَرَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا عَدَّ مِنْ خِصَالِ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَأَنْ لَا يُحَرَّمَ نَبِيذُ الْجَرِّ، وَعَنْ بَعْضِ السَّلَفِ قَالَ: لَأَنْ أَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ، فَأَنْقَطِعَ نِصْفَيْنِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُحَرِّمَ نَبِيذَ الْجَرِّ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِمَا فِي التَّحْرِيمِ مِنْ رَدِّ الْآثَارِ الْمَشْهُورَةِ، وَإِسَاءَةِ الْقَوْلِ فِي الْكِبَارِ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ لَا يَحِلُّ، فَأَمَّا مَعَ الْإِبَاحَةِ، فَقَدْ لَا يُعْجِبُ الْمَرْءَ الْإِصَابَةُ مِنْ بَعْضِ الْمُبَاحَاتِ لِلِاحْتِيَاطِ، أَوْ لِأَنَّهُ لَا يُوَافِقُ طَبْعَهُ، وَهَذِهِ الرُّخْصَةُ ثْبُتُت بَعْدَ التَّحْرِيمِ، فَقَدْ كَانُوا فِي الِابْتِدَاءِ نُهُوا عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لِتَحْقِيقِ الزَّجْرِ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: شَهِدْت تَحْرِيمَهُ كَمَا شَهِدْتُمْ، ثُمَّ شَهِدْت تَحْلِيلَهُ، فَحَفِظْت ذَلِكَ، وَنَسِيتُمْ.
فَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ مَا يُرْوَى مِنْ الْآثَارِ فِي حُرْمَتِهِ قَدْ انْتَسَخَ بِالرُّخْصَةِ فِيهِ بَعْدَ الْحُرْمَةِ،
ولا يعدو ماء الشعير (البيرة) بدون الكحول أن يكون نبيذا
وحل ذلك ما لم يشتد فيصير مسكرا لا خلاف فيه وفيه عدة أحاديث
ففي رواية النسائي، قال: «كنا نَنبِذُ لرسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فيشربه من الغد وبعد الغد، فإذا كان مساءُ الثالثة، فإن بقِيَ في الإناء شيء، لم يشربه، وأمر به فأُهرقَ».وصححه الشيخ الألباني
وفي صحيح مسلم
5345 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَحْيَى الْبَهْرَانِىِّ قَالَ ذَكَرُوا النَّبِيذَ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُنْتَبَذُ لَهُ فِى سِقَاءٍ - قَالَ شُعْبَةُ مِنْ لَيْلَةِ الاِثْنَيْنِ - فَيَشْرَبُهُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَالثَّلاَثَاءِ إِلَى الْعَصْرِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَىْءٌ سَقَاهُ الْخَادِمَ أَوْ صَبَّهُ.
وعن عائشة قالت كنا ننبذ لرسول الله صلى الله عليه و سلم في سقاء. فنأخذ قبضة من تمر أو قبضة من زبيب فنطرحها فيه. ثم نصب عليه الماء فننبذه غدوة فيشربه عشية. وننبذه عشية فيشربه غدوة
وقال أبو معاوية نهارا فيشربه ليلا. أو ليلا فيشربه نهارا.
قال الشيخ الألباني: صحيح لغيره
هذا وقد أفتى جلة علمائنا كالشيخ ابن باز والعثيمين بجواز شرب البيرة الخالية من الكحول فماذا بعد والله الموفق للصواب
للفائدة رفعتها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/110)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[15 - 07 - 09, 08:07 م]ـ
هذا وقد أفتى جلة علمائنا كالشيخ ابن باز والعثيمين بجواز شرب البيرة الخالية من الكحول
وهل عرفوا أنها غير خالية من الكحول؟
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[15 - 07 - 09, 08:23 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الحقيقة أنا لم أقرأ كل ما كتب هنا
لكن أحببتُ أن أقول كلمة فلعل فيها منفعة
يعني ولو كل الأمة اتفقت على خلوها من الكحول وعلى حلها
فأقول:
[يا إخوتي ألا يستحيي الواحد منا وهو يحمل تلك القارورة المشابهة تماماً لقارورة الخمر والتي اسمها بيرة؟؟؟
بالأخص إن كان بالزي الإسلامي
أو كانت أختا مسلمة بجلبابها تحمل تلك القارورة وتشرب منها
أو ندخلها للمسجد لنشرب منها مثلما ندخل القارورات الأخرى؟
أم نغلفها في كيس من الورق كما يفعل شربة الخمور؟
يعني هذا أمر عادي ما فيه بأس؟
أليس فيه تشبه بأهل الفسوق والفجور وشربة الخمور؟
يعني يجوز التشبه بهؤلاء في تلك الصفة؟
أليس من خوارم المروءة على الأقل؟]
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[15 - 07 - 09, 08:25 م]ـ
استمع إلى فتوى الشيخ ابن عثيمين وأنت تعرف
الفتوى في المرفقات
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[15 - 07 - 09, 09:00 م]ـ
لم يذكر في الفتوى أنه يعلم أنها تحتوي على الغول
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[16 - 07 - 09, 01:55 م]ـ
أود أن أنبه الجميع إلى شئ في كلمات مختصرات قليلات
ألا فاصغوا إلي
قد قدمت فيما هو لا خلاف فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد المتقين كان ينتبذ له
كما في صحيح مسلم وغيره
عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ أَبِي عُمَرَ الْبَهْرَانِيِّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُا
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْتَبَذُ لَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَيَشْرَبُهُ إِذَا أَصْبَحَ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَاللَّيْلَةَ الَّتِي تَجِيءُ وَالْغَدَ وَاللَّيْلَةَ الْأُخْرَى وَالْغَدَ إِلَى الْعَصْرِ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ سَقَاهُ الْخَادِمَ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَصُبَّ
يعني أن رسول الله عليه صلوات ربي وتسليماته كان يشرب هذا النبيذ ليلتين إلى عصر الثالثة
ثم إذا بقي منه شئ بعد العصر هراقه أو سقاه الخادم
إلى هاهنا كلنا متفقون
السؤال
لماذا كان يهريقه أو يسقيه الخادم
الجواب
لأنه في هذا الوقت مظنة التغير
السؤال الثاني
هل كان يتغير شيئا فشيئا أم كان يتغير دفعة واحدة
الجواب
لا شك أنه يتغير شيئا فشيئا
هنا وصلنا إلى حل الإشكال الذي في مسألتنا
وأظن أن كل لبيب فهم ما أقصد
إذن الشرع
جعل مناط علة التحريم على التغير الذي يكون به الإسكار غالبا
لكن أن تقول لي
عملوا تحاليل وإيش كلام مثل هذا
ليس هذا هو مناط الحكم أيها الأحباب
مناط الحكم كما سقت لكم من كلام أئمتنا هو الإسكار
أن يكون هذا الشراب من شربه هذي وتغير عقله ولم يدر ما يكون منه
وأرجوا أن تراجعوا ما كتبت منذ سنة
تنبيه
وأخيرا أوجه النصح الخالص لمن يريد تحريم ما أحل الله بغير حجة بينة
أقول لك أنت موقوف بين يدي الله غدا وسائلك فاعدد للسؤال جوابا لا شبهة فيه فاليوم يوم عصيب
وأذكركم بقول الله تعالى
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ
وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ
قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ
قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّآ أَنزَلَ الله لَكُمْ مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى الله تَفْتَرُونَ
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 - 07 - 09, 04:28 م]ـ
هنا وصلنا إلى حل الإشكال الذي في مسألتنا
وأظن أن كل لبيب فهم ما أقصد
إذن الشرع
جعل مناط علة التحريم على التغير الذي يكون به الإسكار غالبا
للأسف هذا الكلام لا يقدم ولا يؤخر لأننا متفقون على هذه النقطة. وبقي أن نعرف هل الغول الموجود في البيرة كافٍ لأن يسبب الإسكار أم لا؟ الذي ينفي ليس عنده لا دراسة ولا أرقام، ولذلك أرى أن المسألة تحتاج لمزيد من البحث المخبري أولاً.
ـ[طه أبو هنطش]ــــــــ[16 - 07 - 09, 05:52 م]ـ
النتيجة: نسبة الغول في فرَق من "البيرة بدون كحول" = 37 غ بينما يكفي 6 غ للتسبب بالسكر.
تصحيح
النتيجة: نسبة الغول في فرَق من "البيرة بدون كحول" = 37 غ بينما يكفي 6 غ للتسبب في تعرض السائق للعقوبة حسب الطب الفرنسي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/111)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 - 07 - 09, 10:39 م]ـ
أولا قولك خطأ. ليس دليلاً على تناول المسكر بل دليل على السكر نفسه. حيث أن القانون الفرنسي والأميركي لا يعاقب على شرب كأس أو كأسين من الخمر لأن هذا لا يسبب السكر لمن اعتاد عليه. فنسبة 0.08 تحتاج عادة إلى ثلاثة كؤوس أو أكثر. وفي معظم البلاد الأخرى يكون الحد أدنى من هذا.
وقد ذكرت من قبل "ويصل إلى حد الهذيان عند 0.11 تقريباً، أما التخدر وفقدان العقل فهو عند 0.21 تقريباً."
وهذا مذكور في المشاركة رقم 29 فكأنك لم تقرأها؟
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[17 - 07 - 09, 12:12 ص]ـ
أولا قولك خطأ. ليس دليلاً على تناول المسكر بل دليل على السكر نفسه. حيث أن القانون الفرنسي والأميركي لا يعاقب على شرب كأس أو كأسين من الخمر لأن هذا لا يسبب السكر لمن اعتاد عليه. فنسبة 0.08 تحتاج عادة إلى ثلاثة كؤوس أو أكثر. وفي معظم البلاد الأخرى يكون الحد أدنى من هذا.
وقد ذكرت من قبل "ويصل إلى حد الهذيان عند 0.11 تقريباً، أما التخدر وفقدان العقل فهو عند 0.21 تقريباً."
وهذا مذكور في المشاركة رقم 29 فكأنك لم تقرأها؟
أخي محمد الأمين
أستحلفك بالله
إن كان الأمر يسبب لك حرجا فسأمتنع عن المشاركة
لكن وسع صدرك قليلا
بأي حجة حكمت أن ستة غرامات تسبب في السكر
هل لأن القانون الفرنسي والأمريكي جعل ذلك حدا
يا اخي أنت قلت
حسب الطب الفرنسي فإن وجود غول بنسبة 0.8 في لتر الدم = السكر، ويتعرض سائق السيارة للعقوبات، و وجود هذه النسبة يسببها شرب 6 غ فقط من الغول الخالص.
النتيجة: نسبة الغول في فرَق من "البيرة بدون كحول" = 37 غ بينما يكفي 6 غ للتسبب بالسكر
هل هذا معقول
ياشيخ محمد
ما ينفع نترك كلام الفقهاء قديما وحديثا في حد السكر ثم نلجأ إلى الطب الفرنسي أو الأمريكي
يا أخي الكريم
أنا أستميحك في أن تراجع المشاركة التي كتبتها قديما ونقلت فيها أقوال الفقهاء في ذلك
وأنا على يقين أنك بتدبر أقوالهم سيشرح الله صدرك للحق
ومرة أخرى لا تجد علي
نحبك في الله
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[17 - 07 - 09, 12:23 ص]ـ
لا أخي، لا يسبب لي حرج ... ومن قال أني أترك كلام الفقهاء؟!
كل ما في الأمر أني أكيّف كلام الفقهاء على المقاييس العلمية. وقد ذكرت بوضوح أن الإنسان يصل إلى حد الهذيان عند 0.11 تقريباً، وهذا هو حد الإسكار عند الفقهاء.
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[17 - 07 - 09, 12:29 ص]ـ
لا أخي، لا يسبب لي حرج ... ومن قال أني أترك كلام الفقهاء؟!
.
جزاك الله خيرا أخي
عموما بارك الله فيك وفي كل إخواننا الذين أثروا الموضوع
وكما قلت أنت الموضوع لا يزال يحتاج إلى بعض الوضوح أو كلاما قريبا من هذا
والله نسأل أن ينفعنا وإياكم
ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[19 - 07 - 09, 06:20 ص]ـ
جزاكم الله كل خير اخوتي
الموضوع جيد جيداً و يستحق هذا الشرح المستفيض لما له من انتشار.
ـ[سامر المصري]ــــــــ[19 - 07 - 09, 11:35 م]ـ
عفوا يا أخوتي لو تسمحوا لي،،،
أولا الحديث هنا بين أمرين: الأول كيميائي وحيوي حول نسبة الكحول في الدم وما يسكر شربه وإلى ذلك، والآخر فقهي وشرعي حول الحكم. لا أجرؤ الحديث في الشرعي فلست من ذوي العلم بل أنا طالب مبتدئ، فلكم الساحة يا أخوة ولكم الشكر والأجر من الله على الاجتهاد وتحري الورع. ولكن في الكيمياء والعلوم الدنيوية لي باع فأرجو أخذ الكلام في الاعتبار لتقيموا الرأي على بينة أكثر وأتمنى أن أفيد لا غير.
أما نسبة الكحول في المشروبات فبالنسب، وتسمى نسب الحجم درجات جي لوساك، وكأمثلة فإن البيرة تتراوح بين %3.5 مثل البيرة التي يسمونها خفيفة (لايت) وحتى 6% مثل جينيس التي يهواها الأيرلنديون، وهناك نوع يصل إلى 12%. أما النبيذ فما بين 9 و18%، وأما الروحيات الثقيلة مثل الويسكي والتكيلا فمنها ما يصل إلى 60%، ولا يبقى إلا الروم والكحول المنكه ويتراوح بين 80% وحتى أكثر من 95%. وبعض ولايات أمريكا تعتمد على نسب الوزن وبسبب أن الكحول أخف من الماء، فإن مؤشر نسبة الوزن ينخفض عن نسب الحجم بحوالي الخمس، وهذا للعلم وليس مهما هنا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/112)
المهم هو أن إحدى المعلومات الكيميائية التي ذكرت في الموضوع وسمعتها في نص الفتوى من ضمن البحث ليست دقيقة، وهي هامة لأنها اعتمدت عليها الفتوى الصادرة من العلامة. هذه المعلومة هي أن للوصول إلى مستوى كحول في الدم 0.08 يحتاج إلى 6 غرامات من الكحول (ذكرت عدة مرات بأنها 0.8 وهذا بالطبع خطأ نقلي، ولكن للعلم 0.8 يكون الإنسان ميتا!). هذه المعلومة الحسابية خطأ، والصحيح هو (ويبدو أنه أيضا خطأ نقلي) أنه 50 غراما وليس 6.
(هناك أيضا مسألة مستوى السكر، فذكر مستوى 0.03 على أنه الحد القانوني في أمريكا، وذلك غير دقيق فالصحيح هو 0.08 مثل فرنسا وذلك المتبع في عديد من الدول الغربية)
بالعودة إلى الخطأ النقلي فإن الرجل الذي يزن 75 كيلوغرام يحتاج إلى 1.6 إلى 1.8 أونصة من الكحول الصافي 100% لأن يتم شربها في أقل من ساعة للوصول إلى 0.08 كمستوى كحول بالدم، هذا طبقا لإجماع المصادر الطبية العالمية وبناءا على قياسات عديدة. 1.6 أونصة سائلة تساوي 47.337 غرام. بناءا على ذلك يكون شرب الكمية المذكورة 9.3 ليتر والتي تحتوي على 37 غراما لن تصل بمستوى الكحول إلى هذه الدرجة من التركيز في الدم.
ومن المعروف أن كأس البيرة العادية "الباينت" والتي يتناولونها في أمريكا مع الغداء تحتوي على 5% كحول أي 20 غراما، ونعلم أنه يتناولونها ويقودون سياراتهم عائدين إلى مكاتبهم وأعمالهم فلا يعقل بديهيا أن يكون ثلاث أضعاف الحد المسموح جزء من غداء العمل عندهم. وهذا الاختلاط في الأرقام هو ما أراه وراء خلاف الأخوة حول نقطة "حيث أن القانون الفرنسي والأميركي لا يعاقب على شرب كأس أو كأسين من الخمر لأن هذا لا يسبب السكر لمن اعتاد عليه" وبين بقية الأرقام.
توجد أيضا نقطة أهم تتعلق بما "يسكر كثيره" و"ما أسكر الفرق منه" وهي لأهل العلم الشرعي لتفصيل معناها ومدى الحكم منها (أي هل القرف للتحديد أم وصفا للكثرة)، وهذه النقطة هي أن جسد الإنسان يتخلص من الكحول تلقائيا بمرور الوقت (بفضل الكبد) ولذا فإن الرقم المذكور هو كمية الكحول المطلوبة شربها في الساعة. فإذا توقف الشرب استمر مستوى الكحول في الانخفاض حتى يتلاشى. فقدرة الإنسان على السكر تعتمد على وزنه وكذلك على قدرته على استيعاب السوائل في وقت محدد، فلا يمكن مثلا أن يشرب أحد القرف مرة واحدة لأن سعة المعدة لن تحتمل. ليس ذلك وحسب بل إن الجسد يتعرض لخطر الموت إذا شربت حتى ماءا صافيا بكميات كبيرة بدون انتظار (تسمى تسمم مائي حيث يفقد الجسم تركيز الإليكترولايت والصوديوم لدرجة تموت معها الخلايا ويموت الشخص). هذه الكمية هي أكثر من جالون (معظم الناس لن يتمكنوا من ذلك أصلا ولكن حالات الموت كانت عند تعدي ذلك الكمية في فترة محدودة). ولذا فنأخذ من ذلك أنه هناك تركيز منخفض من الكحول لا يستطيع الإنسان أن يحصل منه نشوة أو سكر مهما شرب لانعدام قدرته الحيوية على ذلك، فقياسا إن شرب القرف (9 ليترات) لا يمكن أن يتم إلا على مدى ثلاثة ساعات وإلا مات الشخص من التسمم المائي والفشل الكلوي. بناءا على ذلك إذا أردتم كعلماء فقه حساب السكر بناءا على مستوى 0.08 وليس 0.11 أو 0.21، يكون أقل كمية كحول مطلوبة للوصول إلى ذلك للرجل البالغ وزنه 75 كغ هي 47 غراما كما ذكرت.
لذا يكون أضعف تركيز يمكن فعل ذلك باعتبار قدرة الشرب القصوى جالونا أي 4 ليترات في الساعة، هي 47\ 4 = 11.75 غراما في الليتر أو 1.175%. فحتى إذا تم شرب جالون من هذا الشراب كل ساعة سيتمكن الجسد من التخلص من الكحول قبل أن يصل إلى مستوى 0.08.
فإذا أردتم أخذ مقاييس فربما اعتبرتم بذلك المستوى أو غيره (مستوى 0.11 حيث يضعف القدرة على التحكم بحتى الوقوف، أو مستوى 0.59 والذي يكون هناك نقص في الحكمة وشعور واضح بالنشوة) أو إذا أردتم اعتبار الوزن عند 60 كغ، فوفقكم الله في اجتهادكم الفقهي وأتمنى أن أكون أفدتكم بالمعلومات الدنيوية قدرما أفدتموني بعلمكم الشرعي والفقهي، فلكم الآن التحليل والمناقشة وليوفقكم الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/113)
ملحوظة أخيرة: أولا، الحسابات المجراه مبسطة ولكن صحيحة، إذا أردتم الدقة الشديدة لحساب سرعة تكسر الكحول في الدم ومستوى السكر أخبروني بأي اعتبارات ومستويات تستهدفون لأطبق عليها. ثانيا، لا يخلو أي عصير فاكهة طبيعي من نسبة من الكحول ولو ضئيلة تصل إلى 0.1% أو واحد في الألف، فلا يمكن أن تحصل على عصير فاكهة طبيعي أو معلب خالي تماما من الكحول لتكونه طبيعيا في العصير مع الوقت، ولا يصح الاعتقاد بأنه يمكن الوصول إلى ذلك إلا أن تأكل الفاكهة أو تعصرها في فمك مباشرة وهي لا تزال على الشجرة.
ـ[سامر المصري]ــــــــ[19 - 07 - 09, 11:46 م]ـ
عفوا يا أخوتي لو تسمحوا لي،،،
أولا الحديث هنا بين أمرين: الأول كيميائي وحيوي حول نسبة الكحول في الدم وما يسكر شربه وإلى ذلك، والآخر فقهي وشرعي حول الحكم. لا أجرؤ الحديث في الشرعي فلست من ذوي العلم بل أنا طالب مبتدئ، فلكم الساحة يا أخوة ولكم الشكر والأجر من الله على الاجتهاد وتحري الورع. ولكن في الكيمياء والعلوم الدنيوية لي باع فأرجو أخذ الكلام في الاعتبار لتقيموا الرأي على بينة أكثر وأتمنى أن أفيد لا غير.
أما نسبة الكحول في المشروبات فبالنسب، وتسمى نسب الحجم درجات جي لوساك، وكأمثلة فإن البيرة تتراوح بين %3.5 مثل البيرة التي يسمونها خفيفة (لايت) وحتى 6% مثل جينيس التي يهواها الأيرلنديون، وهناك نوع يصل إلى 12%. أما النبيذ فما بين 9 و18%، وأما الروحيات الثقيلة مثل الويسكي والتكيلا فمنها ما يصل إلى 60%، ولا يبقى إلا الروم والكحول المنكه ويتراوح بين 80% وحتى أكثر من 95%. وبعض ولايات أمريكا تعتمد على نسب الوزن وبسبب أن الكحول أخف من الماء، فإن مؤشر نسبة الوزن ينخفض عن نسب الحجم بحوالي الخمس، وهذا للعلم وليس مهما هنا.
المهم هو أن إحدى المعلومات الكيميائية التي ذكرت في الموضوع وسمعتها في نص الفتوى من ضمن البحث ليست دقيقة، وهي هامة لأنها اعتمدت عليها الفتوى الصادرة من العلامة. هذه المعلومة هي أن للوصول إلى مستوى كحول في الدم 0.08 يحتاج إلى 6 غرامات من الكحول (ذكرت عدة مرات بأنها 0.8 وهذا بالطبع خطأ نقلي، ولكن للعلم 0.8 يكون الإنسان ميتا!). هذه المعلومة الحسابية خطأ، والصحيح هو (ويبدو أنه أيضا خطأ نقلي) أنه 47 غراما على الأقل وليس 6 غرامات.
(هناك أيضا مسألة مستوى السكر القانوني، فذكر مستوى 0.03 على أنه الحد القانوني في أمريكا، وذلك غير دقيق فالصحيح هو 0.08 مثل فرنسا وذلك المتبع في عديد من الدول الغربية، وذلك الحد للقيادة فقط فلهم حدود أخرى للعمل أو قبول الشهادة في المحكمة وغير ذلك)
بالعودة إلى الخطأ النقلي فإن الرجل الذي يزن 75 كيلوغرام يحتاج إلى 1.6 إلى 1.8 أونصة من الكحول الصافي 100% لأن يتم شربها في أقل من ساعة للوصول إلى 0.08 كمستوى كحول بالدم، هذا طبقا لإجماع المصادر الطبية العالمية وبناءا على قياسات عديدة. 1.6 أونصة سائلة تساوي 47.337 غرام. بناءا على ذلك يكون شرب الكمية المذكورة 9.3 ليتر والتي تحتوي على 37 غراما لن تصل بمستوى الكحول إلى هذه الدرجة من التركيز في الدم.
ومن المعروف أن كأس البيرة العادية "الباينت" (أقل قليلا من نصف ليتر) والتي يتناولونها في أمريكا مع الغداء تحتوي على 5% كحول أي حوالي 24 غراما، ونعلم أنهم يتناولونها ويقودون سياراتهم عائدين إلى مكاتبهم وأعمالهم فلا يعقل بديهيا أن يكون أربعة أضعاف الحد المسموح وهو 6 غرامات جزء من غداء العمل عندهم بدون مشكلة هكذا. هذا الاختلاط في الأرقام هو ما أراه وراء خلاف الأخوة حول نقطة "حيث أن القانون الفرنسي والأميركي لا يعاقب على شرب كأس أو كأسين من الخمر لأن هذا لا يسبب السكر لمن اعتاد عليه" وبين بقية الأرقام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/114)
توجد أيضا نقطة أهم تتعلق بما "يسكر كثيره" و"ما أسكر الفرق منه" وهي لأهل العلم الشرعي لتفصيل معناها ومدى الحكم منها (أي هل القرف للتحديد أم وصفا للكثرة)، وهذه النقطة هي أن جسد الإنسان يتخلص من الكحول تلقائيا بمرور الوقت (بفضل الكبد) ولذا فإن الرقم المذكور هو كمية الكحول المطلوبة شربها في الساعة. فإذا توقف الشرب استمر مستوى الكحول في الانخفاض حتى يتلاشى. فقدرة الإنسان على السكر تعتمد على وزنه وكذلك على قدرته على استيعاب السوائل في وقت محدد، فلا يمكن مثلا أن يشرب أحد القرف مرة واحدة لأن سعة المعدة لن تحتمل. ليس ذلك وحسب بل إن الجسد يتعرض لخطر الموت إذا شربت حتى ماءا صافيا بكميات كبيرة بدون انتظار (تسمى تسمم مائي حيث يفقد الجسم تركيز الإليكترولايت والصوديوم لدرجة تموت معها الخلايا ويموت الشخص). هذه الكمية هي أكثر من جالون (معظم الناس لن يتمكنوا من ذلك أصلا ولكن حالات الموت كانت عند تعدي ذلك الكمية في فترة محدودة). ولذا فنأخذ من ذلك أنه هناك تركيز منخفض من الكحول لا يستطيع الإنسان أن يحصل منه نشوة أو سكر مهما شرب لانعدام قدرته الحيوية على ذلك، فقياسا إن شرب القرف (9 ليترات) لا يمكن أن يتم إلا على مدى ثلاثة ساعات وإلا مات الشخص من التسمم المائي والفشل الكلوي. بناءا على ذلك إذا أردتم كعلماء فقه حساب السكر بناءا على مستوى 0.08 وليس 0.11 أو 0.21، يكون أقل كمية كحول مطلوبة للوصول إلى ذلك للرجل البالغ وزنه 75 كغ هي 47 غراما كما ذكرت.
لذا يكون أضعف تركيز يمكن فعل ذلك باعتبار قدرة الشرب القصوى جالونا أي 4 ليترات في الساعة، هي 47\ 4 = 11.75 غراما في الليتر أو 1.175%. فحتى إذا تم شرب جالون من هذا الشراب كل ساعة سيتمكن الجسد من التخلص من الكحول قبل أن يصل إلى مستوى 0.08.
فإذا أردتم أخذ مقاييس فربما اعتبرتم بذلك المستوى أو غيره (مستوى 0.11 حيث يضعف القدرة على التحكم بحتى الوقوف، أو مستوى 0.59 والذي يكون هناك نقص في الحكمة وشعور واضح بالنشوة) أو إذا أردتم اعتبار الوزن عند 60 كغ، فوفقكم الله في اجتهادكم الفقهي وأتمنى أن أكون أفدتكم بالمعلومات الدنيوية قدرما أفدتموني بعلمكم الشرعي والفقهي، فلكم الآن التحليل والمناقشة وليوفقكم الله.
ملحوظة أخيرة: أولا، الحسابات المجراه مبسطة ولكن صحيحة، إذا أردتم الدقة الشديدة لحساب سرعة تكسر الكحول في الدم ومستوى السكر أخبروني بأي اعتبارات ومستويات تستهدفون لأطبق عليها. ثانيا، لا يخلو أي عصير فاكهة طبيعي من نسبة من الكحول ولو ضئيلة تصل إلى 0.1% أو واحد في الألف، فلا يمكن أن تحصل على عصير فاكهة طبيعي أو معلب خالي تماما من الكحول لتكونه طبيعيا في العصير مع الوقت، ولا يصح الاعتقاد بأنه يمكن الوصول إلى ذلك إلا أن تأكل الفاكهة أو تعصرها في فمك مباشرة وهي لا تزال على الشجرة.
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[20 - 07 - 09, 01:13 ص]ـ
الحبيب سامر المصري
أسأل الله لك فرجا من كل ضيق
وعافية من كل بلاء
لو فعلا ما ذكرته مضبوط
فأنا أظن أن الأمر وضح
ـ[سامر المصري]ــــــــ[20 - 07 - 09, 04:25 م]ـ
الأخ العزيز أبو القاسم،
جزاك الله على دعواتك وأكثر الله نصيبنا من دعوات آل العلم،
وجدت بعض المصادر التي تؤكد معظم ما ذكرت وتوضحه لمن أراد الاستدلال والتفصيل:
تفصيل مستويات الكحول في مختلف المشروبات بأنه 0.6 أونصة (أي 17 غرام) للكأس الواحد وأنه يحتاج الرجل البالغ وزنه 150 رطلا (حوالي 70 كغ) إلى ثلاثة كؤوس للوصول إلى 0.08، صفحة 5 من ملف pdf الموجود على الرابط التالي: http://chavesdwiprogram.us/pdf/Effects%20of%20Alcohol%20Intoxication.pdf
صفحة من wikipedia تظهر مستويات الكحول في الدم والتصرفات الناتجة عنها بالإضافة إلى مستوى الكحول في الكأس الواحد (0.6 أونصة) وقائمة توضيحية لكمية الكحول المشروبة ومستوى الكحول في الدم لمختلف الأوزان، والرابط هنا: http://en.wikipedia.org/wiki/Blood_alcohol_*******#Effects_at_different_levels
وأيضا دراسة تمت في جامعة الرياض تؤكد أن كل المشروبات الصادرة من فواكه أو مشروبات الشعير الخالية من الكحول بها نسبة ما بين 0.009 و0.36% من الإيثانول والرابط هنا:
http://www.springerlink.com/*******/y36m775056r73741/fulltext.pdf
وأنه لا يمكن التخلص من الكحول تماما لأنه مادة طبيعية تتكون بعد التعبئة.
أما بالنسبة للمشاركة التي ذكرت أن شراب الشعير كان بيرة وانسحب منها الكحول فذلك غير دقيق، والصحيح أن شراب الشعير الخالي من الكحول هو الأصل وهو ما يتم تعبئته، أما البيرة فتأخذ ذلك الشراب ويجب تخزينه ليتخمر ويرفع نسبة الكحول.
وبارك الله فيكم وأفاد بكم المسلمين، وعذرا على النشر المكرر سابقا
ملحوظة: كلما نشرت الروابط، تتم إزالة كلمة "مضمون" بالانجليزية "*******" ووضع نجوم مكانها (مقسومة: ent و cont). إن كان الوضع كذلك بالنسبة لكم فرجاء كتابة الكلمة (بدون الفراغ) مكان النجوم يدويا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/115)
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[20 - 07 - 09, 04:56 م]ـ
أخي سامي بارك الله فيك على توثيق هذه المعلومات
وفعلا أنتفعنا بها كثيرا
أرجو أن تراجع مشاركتي هذه
هل هذا الكلام صحيح علميا
أود أن أنبه الجميع إلى شئ في كلمات مختصرات قليلات
ألا فاصغوا إلي
قد قدمت فيما هو لا خلاف فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد المتقين كان ينتبذ له
كما في صحيح مسلم وغيره
عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ أَبِي عُمَرَ الْبَهْرَانِيِّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُا
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْتَبَذُ لَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَيَشْرَبُهُ إِذَا أَصْبَحَ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَاللَّيْلَةَ الَّتِي تَجِيءُ وَالْغَدَ وَاللَّيْلَةَ الْأُخْرَى وَالْغَدَ إِلَى الْعَصْرِ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ سَقَاهُ الْخَادِمَ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَصُبَّ
يعني أن رسول الله عليه صلوات ربي وتسليماته كان يشرب هذا النبيذ ليلتين إلى عصر الثالثة
ثم إذا بقي منه شئ بعد العصر هراقه أو سقاه الخادم
إلى هاهنا كلنا متفقون
السؤال
لماذا كان يهريقه أو يسقيه الخادم
الجواب
لأنه في هذا الوقت مظنة التغير
السؤال الثاني
هل كان يتغير شيئا فشيئا أم كان يتغير دفعة واحدة
الجواب
لا شك أنه يتغير شيئا فشيئا
هنا وصلنا إلى حل الإشكال الذي في مسألتنا
وأظن أن كل لبيب فهم ما أقصد
لأني أرى أنها تتطابق مع كلامك هذا
عفوا يا أخوتي لو تسمحوا لي،،،
ثانيا، لا يخلو أي عصير فاكهة طبيعي من نسبة من الكحول ولو ضئيلة تصل إلى 0.1% أو واحد في الألف، فلا يمكن أن تحصل على عصير فاكهة طبيعي أو معلب خالي تماما من الكحول لتكونه طبيعيا في العصير مع الوقت، ولا يصح الاعتقاد بأنه يمكن الوصول إلى ذلك إلا أن تأكل الفاكهة أو تعصرها في فمك مباشرة وهي لا تزال على الشجرة.
ـ[سامر المصري]ــــــــ[20 - 07 - 09, 07:29 م]ـ
أخي أبو القاسم،
نعم الكلام صحيح علميا لأن فترة التخمر لعصير العنب الطبيعي (معصور مباشرة دون بسترة أو مواد حافظة كما في معلبات وزجاجات العصير في المحلات) هي بين 4 أيام و أسبوعين. أنظر هذا الرابط: http://www.cheresources.com/winezz.shtml
فأربعة أيام يبدأ ظهور مستوى من الكحول يمكن ملاحظته ويصل إلى قوة كاملة بعد أسبوعين، حيث يمكن التعتيق لإنتاج النبيذ المسكر كما يفعلون اليوم. ما يحدث هو أن البكتيريا الخميرية تتكاثر على السكر في العصير وتنتج الإيثانول وهو نوع الكحول المتواجد في كل المشروبات الكحولية، وخلال يومين لثلاثة في العراء لا تكاد البكتريا أن تكون أنتجت شيئا ولكن استمرار التكاثر وإنتاج الكحول عند الوصول لليوم الثالث يكون وصل لحد تغير الطعم وظهور الرائحة.
ولا يعتبر هذا نبيذا ولكن عصير يفسد به كحول يتزايد (يجب معالجته لأجل ذلك، من الأمور المساعدة أن الكحول المتزايد يبدأ في تحجيم بل وقتل البكتيريا التي بدأته، ولكن يحتاج معالجة ليصير نبيذا منها التعتيق والفلترة والبسترة وإلى ذلك). إذا تمت إضافة بعض الخل الطبيعي والتي بها الخمائر الخلية (تختلف وتكاد تكون عكس الخمائر الأولى)، فإن العملية تكاد أن تنعكس ويبدأ مستوى الكحول بالانخفاض لاستهلاكه في انتاج الحمض الخلي حتى يصبح خلا طبيعيا.
ولذا فإن ثلاثة أيام لعصير طبيعي هو حدود مناسبة لأيام الرسول عليه الصلاة والسلام، ورغم أن العصير اليوم مبستر وبه مواد حافظة، فإنه ستطول المدة التي يكون فيها صالحا، ولكن لا يمكن إيقاف العملية تماما لأن انتاج الكحول عملية طبيعية لتكسر وفساد المواد الغذائية والتفاعلات الخمائرية والتي يستحيل إيقافها تماما بدون جعل الغذاء ساما كليا لكل ما هو حي. (لهذا السبب نستفيد من ونستمتع بطعم الطعام الطازج أكثر من غيره)
وسبحان الذي قدر كل شيء وجعله بحساب، فبدون الخمائر وفساد الأغذية وبلاء أجساد الحيوان والنبات ما عادت العناصر الأساسية إلى الأرض والتربة بصورة تسمح للنباتات باستخدامها ثانية في طرح الخضراوات والفاكهة من جديد لنا ولحيواناتنا التي نأكل منها.
والله ولي التوفيق
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[20 - 07 - 09, 07:44 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[ابو اسحاق فيصل الاحمداني]ــــــــ[23 - 12 - 09, 10:42 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احبتي الافاضل اعذروني على تعقيبي البسيط
اخرج الترمذي وابن ماجة من حديث عبد الله بن يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يبلغ البعد ان يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به مما به بأس
وقال ايضا دع ما يريبك الى ما لا يريبك وقد روي هذا الكلام موقوفا على جماعة من الصحابة منهم عمر وابن عمر وابو الدرداء وعن ابن مسعود قال ما تريد الى ما يريبك وحولك اربعة الاف لا تريبك وقال عمر دعوا الربا والريبة
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا على الفوائد الجمة والدرر الثمينة التي تفضلتم بها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/116)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[24 - 12 - 09, 02:13 م]ـ
الأخ الفاضل سامر المصري وفقه الله
جزاك الله خيراً على تصحيح الخطأ (أعني 47 غراما على الأقل وليس 6 غرامات)
ولي سؤال متعلق بالمسألة: لماذا الفواكه لا تتخمر حتى تُعصر؟ أعني العنب لا يصير خمراً بدون عصر. والتمر لا يصير خمراً بغير نقع في الماء. والسؤال الآخر: كيف يمنع الغلي العصير من التخمر؟ معنى أن العصير إذا تم غلوه حتى يفقد ثلثي حجمه، يُسمى عن العرب: الطلاء. وهي أشبه بالمربى المائع. لماذا لا يتخمر؟
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[24 - 12 - 09, 07:05 م]ـ
ولي سؤال متعلق بالمسألة: لماذا الفواكه لا تتخمر حتى تُعصر؟ أعني العنب لا يصير خمراً بدون عصر. والتمر لا يصير خمراً بغير نقع في الماء. والسؤال الآخر: كيف يمنع الغلي العصير من التخمر؟ معنى أن العصير إذا تم غلوه حتى يفقد ثلثي حجمه، يُسمى عن العرب: الطلاء. وهي أشبه بالمربى المائع. لماذا لا يتخمر؟
سؤال وجيه
ـ[سامر المصري]ــــــــ[24 - 12 - 09, 10:51 م]ـ
شيخنا محمد الأمين بارك الله لنا بك وأطال لنا في عمرك،
الخمائر هي كائنات حية مجهرية مثل البكتريا غير الضارة، تأكل النشا والسكر وتستهلك الأكسجين وتنتج ثاني أكسيد الكربون وكحول الإيثانول. سبب عدم تخمر الفاكهة قبل عصرها ينقسم لاثنين:
أولا، الفاكهة مثلها مثل الشجر الذي نبت منه فيه الوسائل الدفاعية التي تحميه من المرض. لأن النبات بطبيعته ليس به دم يتحرك، خلقه الله بوسائل ومواد دفاعية مركبة في كل خلية تدافع عنها ضد الميكروبات والفطريات، بل ومن خلال إفراز إنزيمات خاصة تطلقها بعذ أنواع الشجر تستطيع الدفاع عن نفسها ضد هجوم أمراض محددة عند ملامستها جدار الخلايا. من المواد حمض الأسكوربيك (فيتامين سي) ورايبوفلافين ومضادات الأكسدة، وهي من الأسباب في أن العديد من الفاكهة خاصة العنب والتوت والحمضيات يعتبر تناولها من أهم أساسيات الصحة للإنسان. فالفاكهة حتى بعد القطف تحتفظ بهذه المواد في خلاياها ولفترة طويلة ولذا لا تستطيع الخمائر التمكن من الحياة جيدا في هذه البيئة ولا تستطيع تكسير الفاكهة، ولكن بعد الفترة الطويلة تكون تطايرت فيها معظم هذه المواد تتمكن الخمائر (وكذلك فطريات وعفن وبكتريا) من النمو والتكاثر. عصر الفاكهة وبالذات تصفيتها من المواد الصلبة يترك سائلا مختلطا تتطاير منه مضادات الأكسدة ويفسد حمض الأسكوربك سريعا، مما يفتح المجال للخمائر أن تبدأ عملها السريع بحرية.
ثانيا، الخمائر تحتاج إلى أكسجين وماء وبيئة مناسبة للتكاثر والنمو، ونسبة الكحول العالية التي تنتجها الخمائر تكون قاتلة لها في الأساس، ففي الفاكهة الصلبة لا تستطيع تكسير السكر والحصول على الأكسجين ثم ترك الكحول المنتج يذوب في الماء ويحافظ على ميوعة السائل حول الخمائر دون أن يقتلها التركيز المتزايد في هذه النقطة من الثمرة، فعصر الفاكهة وتركها يسمح للخمائر على الحصول على ما تحتاج وانتاج الكحول الذي يمتزج بالعصير ولا يتركز في نقطة محددة حول الخلية المنتجة.
أما الغلي فإنه يقتل كل الميكروبات والخمائر تماما فيصبح العصير خالٍ منها، وإذا حفظ في أوعية محكمة ومعقمة صار مبسترا، ويبقى آمنا لفترة طويلة إلا لو تم الفتح وتعريضه للطبيعة فتبدأ البكتريا والخمائر في السقوط فيه والنمو من جديد. أما إذا تم غليه حتى يفقد ثلثي حجمه فذلك يحفظه بسببزيادة تركيز مستوى السكر وبقية خلاصة الفاكهة لدرجة عالية لا تقدر الميكروبات على العيش بها، فمثلها مثل التخليل بالملح للخضراوات أي بكتريا أو خمائر تهبط فيه تموت بسرعة لأن الرطوبة تسحب من داخلها فيما يعرف بالظاهرة الأزموزية أو التناضح (يتسرب الماء دائما خلال الأغشية من البيئة الأقل تركيزا إلى الأخرى المركزة).
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[25 - 12 - 09, 01:18 ص]ـ
كلامك مفيد جداً جزاك الله خيرا(97/117)
هل يجوز استخدام المال المعد لبناء مسجد في بناء دورات مياه لمسجد أخر
ـ[الاعتصام]ــــــــ[17 - 06 - 08, 10:51 م]ـ
يقول السائل: اعطاني شخص مبلغا من المال لبناء مسجد وحيث ان المبلغ قليل لا يكفي لبناء مسجد وكان بجوارنا مسجد يحتاج الى دورات مياه، فهل يجوز وضع المبلغ في بناء دورات المياه للمسجد؟
هل ثمة بحث للمسألة؟
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[18 - 06 - 08, 12:53 ص]ـ
لا يجوز؛ بل عليه أن يخبر صاحب المال بالأمر، ويحول المبلغ للمشاركة في بناء مسجد آخر، إن لم يكف لبناء مسجد مستقل.
والله أعلم.
ـ[الاعتصام]ــــــــ[19 - 06 - 08, 09:02 م]ـ
بارك الله فيك(97/118)
اسطوانة الا رسول الله ... للتحميل
ـ[ابوعبدالله القزلان]ــــــــ[18 - 06 - 08, 01:46 ص]ـ
السلام عليكم
تفضلوا والله يوسع صدوركم
http://www.henawhenak.com/board/showthread.php?t=10845(97/119)
أصلي في البيت للسبب التالي، فهل أُعذر في ذلك؟
ـ[عبد الله القحطاني]ــــــــ[18 - 06 - 08, 01:47 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
لا أخُفيكم أني أؤدي صلاتي في المنزل يوميًا و لا أُصليها في المسجد، ما عدا صلاة الجمعة فإني أُصليها جماعة مع المسلمين، و السبب هو:-
بُعدُ مسافة المسجد عن منزلي ..
أي أن الذهاب فقط للمسجد يستهلك من وقتي قرابة العشرون دقيقة، و أحيانا تمتد حتى النصف ساعة و ذلك حسب زحمة الطرق، و كذلك عند العودة حوالي عشرون دقيقة، أي أنه حوالي، أربعون دقيقة ذهابا و إيابًا من غير الصلاة جماعة و التي تأخذ حوالي عشرة دقائق، و أنا طالب مبتعث للدراسة و عامل الوقت أمرٌ مهم بالنسبة لي لأداء ما علي من دروس و مشاريع و أقضي معظم وقتي في المذاكرة، فهل في هذه الحالة أُعذر عند أدائي لها في المنزل؟
علمًا أنه إن كان معي أحد صليتها جماعة معه ..
شكرًا للمسؤولين عن هذا الملتقى
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[18 - 06 - 08, 02:11 ص]ـ
http://www.binbaz.org.sa/mat/15869
http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/FatawaSearch/tabid/70/Default.aspx?PageID=1322
http://www.ibnothaimeen.com/all/sound/article_16222.shtml
هل يصلي المسافر قصرا في بيته أم جماعة في المسجد؟
إذا أقمت ببلد إقامة مؤقتة أثناء سفري فهل الأفضل أن أقصر الصلاة في بيتي أو أصليها جماعة في المسجد تامة؟.
الحمد لله
صلاة الجماعة واجبة لا يجوز لمسلم تركها إلا لعذر، وقد سبق ذكر الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة.
راجع السؤال رقم (8918).
وعلى هذا، فعليك أداء الصلاة جماعة في المسجد، وإذا كان الإمام مقيماً (غير مسافر) فإنك تصلي معه الصلاة تامة غير مقصورة.
سئل الشيخ ابن باز: إذا سافر الإنسان إلى جدة مثلا، فهل يحق له أن يصلي ويقصر أم لا بد أن يصلي مع الجماعة في المسجد؟
فأجاب:
"إذا كان المسافر في الطريق فلا بأس، أما إذا وصل البلد فلا يصلي وحده، بل عليه أن يصلي مع الناس ويتم، أما في الطريق إذا كان وحده وحضرت الصلاة فلا بأس أن يصلي في السفر وحده ويقصر الرباعية اثنتين" اهـ.
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبد العزيز بن باز (12/ 297)
وسئل الشيخ ابن عثيمين متى وكيف تكون صلاة المسافر؟
فأجاب:
"صلاة المسافر ركعتان من حين أن يخرج من بلده إلى أن يرجع إليه , لقول عائشة رضي الله عنها: (الصلاة أول ما فرضت ركعتين , فأقرت صلاة السفر , وأتمت صلاة الحضر). رواه البخاري (1090) ومسلم (685) وفي رواية (وزيد في صلاة الحضر).
وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: (خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فصلى ركعتين، ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة) رواه البخاري (1081) ومسلم (693)
لكن إذا صلى مع إمام يتم صلى أربعاً سواء أدرك الصلاة من أولها, أم فاته شيء منها لعموم قول النبي صلي الله عليه وسلم: (إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة , وعليكم السكينة والوقار, ولا تسرعوا, فما أدركتم فصلوا , وما فاتكم فأتموا). رواه البخاري (636) مسلم (602). فعموم قوله: (ما أدركتم فصلوا , وما فاتكم فأتموا) يشمل المسافرين الذين يصلون وراء الإمام الذي يصلي أربعاً وغيرهم.
وسئل ابن عباس رضي الله عنهما ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد , وأربعاً إذا ائتم بمقيم؟! فقال: تلك السنة. رواه مسلم (688) وأحمد (1865)
ولا تسقط صلاة الجماعة عن المسافر؛ لأن الله تعالى أمر بها في حال القتال فقال: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ) النساء/102. وعلى هذا فإذا كان المسافر في بلد غير بلده وجب عليه أن يحضر الجماعة في المسجد إذا سمع النداء إلا أن يكون بعيداً أو يخاف فوت رفقته, لعموم الأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة على من سمع النداء أو الإقامة " اهـ.
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (15/ 252)
وسئل أيضاً:
إذا كنت في سفر وسمعت النداء للصلاة فهل يجب علي أن أصلي في المسجد , ولو صليت في مكان إقامتي فهل في ذلك شيء؟ إذا كانت مدة السفر أكثر من أربعة أيام متواصلة فهل أقصر الصلاة أم أتمها؟
فأجاب قائلاً: إذا سمعت الأذان وأنت في محل الإقامة وجب عليك أن تحضر إلى المسجد , لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال للرجل الذي استأذنه في ترك الجماعة: (أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: فأجب) رواه مسلم (653). وقال عليه الصلاة والسلام: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر) رواه الترمذي (217). وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وليس هناك دليل يدل على تخصيص المسافر من هذا الحكم إلا إذا كان في ذهابك للمسجد تفويت مصلحة لك في السفر مثل أن تكون محتاجاً إلى الراحة والنوم فتريد أن تصلي في مقر إقامتك من أجل أن تنام , أو كنت تخشى إذا ذهبت إلى المسجد أن يتأخر الإمام في الإقامة وأنت تريد أن تسافر وتخشى من فوات الرحلة عليك , وما أشبه ذلك.
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (15/ 422)
http://www.islamqa.com/ar/ref/40299/ جماعة%20مسافر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/120)
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[18 - 06 - 08, 02:19 ص]ـ
حكم الصلاة في المنزل إذا كان المسجد بعيداً ( http://www.binbaz.org.sa/mat/1117)
بارك الله فيك يا أبا الحسن
ولكن الأخ / عبد الله لم يذكر أنه مسافر , إنما هو مقيم هناك للدراسة.(97/121)
(((شرح حديث))) "الآن يا عمر "
ـ[توبة]ــــــــ[18 - 06 - 08, 02:35 ص]ـ
في فتح الباري،باب (حب الرسول):
والمراد بالمحبة هنا حب الاختيار لا حب الطبع، قاله الخطابي.
وقال النووي: فيه تلميح إلى قضية النفس الأمارة والمطمئنة، فإن من رجح جانب المطمئنة كان حبه للنبي صلى الله عليه وسلم راجحا، ومن رجح جانب الأمارة كان حكمه بالعكس.
وفي كلام القاضي عياض أن ذلك شرط في صحة الإيمان؛ لأنه حمل المحبة على معنى التعظيم والإجلال.
وتعقبه صاحب المفهم بأن ذلك ليس مرادا هنا؛ لأن اعتقاد الأعظمية ليس مستلزما للمحبة، إذ قد يجد الإنسان إعظام شيء مع خلوه من محبته. قال: فعلى هذا من لم يجد من نفسه ذلك الميل لم يكمل إيمانه، وإلى هذا يومئ قول عمر الذي رواه المصنف في " الأيمان والنذور " من حديث عبد الله بن هشام أن عمر بن الخطاب قال للنبي صلى الله عليه وسلم " لأنت يا رسول الله أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي. فقال: لا والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك. فقال له عمر: فإنك الآن والله أحب إلي من نفسي. فقال: الآن يا عمر " انتهى.
فهذه المحبة ليست باعتقاد الأعظمية فقط، فإنها كانت حاصلة لعمر قبل ذلك قطعا. ومن علامة الحب المذكور أن يعرض على المرء أن لو خير بين فقد غرض من أغراضه أو فقد رؤية النبي صلى الله عليه وسلم أن لو كانت ممكنة، فإن كان فقدها أن لو كانت ممكنة أشد عليه من فقد شيء من أغراضه فقد اتصف بالأحبية المذكورة، ومن لا فلا. وليس ذلك محصورا في الوجود والفقد، بل يأتي مثله في نصرة سنته والذب عن شريعته وقمع مخالفيها. ويدخل فيه باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وفي هذا الحديث إيماء إلى فضيلة التفكر، فإن الأحبية المذكورة تعرف به، وذلك أن محبوب الإنسان إما نفسه وإما غيرها. أما نفسه فهو أن يريد دوام بقائها سالمة من الآفات، هذا هو حقيقة المطلوب. وأما غيرها فإذا حقق الأمر فيه فإنما هو بسبب تحصيل نفع ما على وجوهه المختلفة حالا ومآلا. فإذا تأمل النفع الحاصل له من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان إما بالمباشرة وإما بالسبب علم أنه سبب بقاء نفسه البقاء الأبدي في النعيم السرمدي، وعلم أن نفعه بذلك أعظم من جميع وجوه الانتفاعات، فاستحق لذلك أن يكون حظه من محبته أوفر من غيره؛ لأن النفع الذي يثير المحبة حاصل منه أكثر من غيره، ولكن الناس يتفاوتون في ذلك بحسب استحضار ذلك والغفلة عنه. ولا شك أن حظ الصحابة رضي الله عنهم من هذا المعنى أتم؛ لأن هذا ثمرة المعرفة، وهم بها أعلم، والله الموفق.
وقال القرطبي: كل من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم إيمانا صحيحا لا يخلو عن وجدان شيء من تلك المحبة الراجحة، غير أنهم متفاوتون. فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظ الأوفى، ومنهم من أخذ منها بالحظ الأدنى، كمن كان مستغرقا في الشهوات محجوبا في الغفلات في أكثر الأوقات، لكن الكثير منهم إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم اشتاق إلى رؤيته، بحيث يؤثرها على أهله وولده وماله ووالده، ويبذل نفسه في الأمور الخطيرة، ويجد مخبر ذلك من نفسه وجدانا لا تردد فيه. وقد شوهد من هذا الجنس من يؤثر زيارة قبره ورؤية مواضع آثاره على جميع ما ذكر، لما وقر في قلوبهم من محبته. غير أن ذلك سريع الزوال بتوالي الغفلات، والله المستعان. انتهى ملخصا.
ـ[توبة]ــــــــ[18 - 06 - 08, 02:36 ص]ـ
و في الفتح أيضا،باب (كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه و سلم):
حديث عبد الله بن هشام أي ابن زهرة بن عثمان التيمي من رهط الصديق.
قوله (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب)
تقدم هذا القدر من هذا الحديث بهذا السند في آخر مناقب عمر، فذكرت هناك نسب عبد الله بن هشام وبعض حاله، وتقدم له ذكر في الشركة والدعوات.
قوله (فقال له عمر يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي)
اللام لتأكيد القسم المقدر كأنه قال: والله لأنت إلخ.
قوله (لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك)
أي لا يكفي ذلك لبلوغ الرتبة العليا حتى يضاف إليه ما ذكر. وعن بعض الزهاد: تقدير الكلام لا تصدق في حبي حتى تؤثر رضاي على هواك وإن كان فيه الهلاك. وقد قدمت تقرير هذا في أوائل كتاب الأيمان.
قوله (فقال له عمر فإنه الآن يا رسول الله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر)
قال الداودي: وقوف عمر أول مرة واستثناؤه نفسه إنما اتفق حتى لا يبلغ ذلك منه فيحلف بالله كاذبا، فلما قال له ما قال تقرر في نفسه أنه أحب إليه من نفسه فحلف، كذا قال.
وقال الخطابي: حب الإنسان نفسه طبع، وحب غيره اختيار بتوسط الأسباب، وإنما أراد عليه الصلاة والسلام حب الاختيار إذ لا سبيل إلى قلب الطباع وتغييرها عما جبلت عليه.
قلت: فعلى هذا فجواب عمر أولا كان بحسب الطبع، ثم تأمل فعرف بالاستدلال أن النبي صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه لكونه السبب في نجاتها من المهلكات في الدنيا والأخرى فأخبر بما اقتضاه الاختيار، ولذلك حصل الجواب بقوله " الآن يا عمر " أي الآن عرفت فنطقت بما يجب. وأما تقرير بعض الشراح الآن صار إيمانك معتدا به، إذ المرء لا يعتد بإيمانه حتى يقتضي عقله ترجيح جانب الرسول. ففيه سوء أدب في العبارة، وما أكثر ما يقع مثل هذا في كلام الكبار عند عدم التأمل والتحرز لاستغراق الفكر في المعنى الأصلي، فلا ينبغي التشديد في الإنكار على من وقع ذلك منه بل يكتفى بالإشارة إلى الرد والتحذير من الاغترار به لئلا يقع المنكر في نحو مما أنكره
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/122)
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[18 - 06 - 08, 02:42 ص]ـ
بارك الله فيك يا بنت بلادي
رزقنا الله واياك وكل الاخوة حبا شديدا للنبي صلى الله عليه وسلم
وفقكم الله
ـ[توبة]ــــــــ[18 - 06 - 08, 03:13 ص]ـ
بارك الله فيك يا بنت بلادي
رزقنا الله واياك وكل الاخوة حبا شديدا للنبي صلى الله عليه وسلم
وفقكم الله
آمين،وفقنا الله و إياكم إلى ما فيه رضاه- عز و جل-و صلاحنا.
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[19 - 06 - 08, 08:38 ص]ـ
الشيخ الحوينى قال معناه
ان عمر لم يكن يعلم انه يجب عليه حب الرسول اكثر من نفسه وفى نفس الوقت لم يكن مقصرا وكان بانتظار ان يسمع الاوامر الجديدة ثم بعد ان يسمع ينفذ وما أن سمع انه لايكتمل ايمانه الا بهذا الحب فنفذ فى الحال اذ ليس مانع يمنعه أو يعرقله لأنه كان من اشد المجتهدين فى الطاعة والتزكية(97/123)
ما حكم خل الكحول؟؟
ـ[مسلم أبو علاء]ــــــــ[18 - 06 - 08, 02:56 ص]ـ
السلام عليكم:
حيا الله الأخوة الكرام أهل هذا المنتدى الطيب,
قد يكون السؤال مكرراً ولكن أحببت أن أخرج معكم بالفائدة إن شاء الله,
والمكرر أحلى كما يقولون,
-يوجد على زجاجات الخل هذة العبارة أحياناً: خل كحول.
-فما حكم تناول هذا الخل؟؟
-هناك كلام كثير حول هذا الموضوع ولكن أريد أن أقف على الحكم الأرجح فى المسألة.
-وليت الأخوة الكرام يتفضلون بذكر أحكام الخل بالمناسبة.
جزاكم الله خيراً.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[18 - 06 - 08, 09:39 م]ـ
النقاش هنا: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=843419#post843419
وحبذا عدم التكرار
ـ[مسلم أبو علاء]ــــــــ[18 - 06 - 08, 10:26 م]ـ
جزاكم الله خيراً
والرابط السابق نظراً لأن الموضوع قديم فخشيت ألا يتابعه أحد بعد أخر مشاركة ,
وعذراً على التكرار.(97/124)
أليست الرابعة أن الخضر أخبر موسى بقوله (إنك لن تستطيع معي صبرا)
ـ[احمد العثيمين]ــــــــ[18 - 06 - 08, 03:02 ص]ـ
اللهم صل وسلم على محمد وبعد:
يقول أحد الأخوة أن الخبر الغيبي الأول في قصة موسى مع الخضر هو أنه أخبره بعدم الصبر معه ثم أخبره بالثلاثة الأخرى فيكون المجموع أربعة أمور من الغيب أخبر الخضر بها موسى عليه السلام.
قال تعالى: (إنك لن تستطيع معي صبراً)
ثم أيضاً قال: (ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً)
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[18 - 06 - 08, 03:11 ص]ـ
بورك فيك ..
وهذه من الدلائل على نبوة الخضر عليه السلام.(97/125)
هل من توبه؟ قام هذا الأخ بالإشتراك في منتدى سحره ظاهرهم التدين وباطنهم السحر والشعوذه
ـ[صدقه]ــــــــ[18 - 06 - 08, 08:13 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة على رسوله الأمين - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخ تائب يسأل
هل لي من توبه؟
لقد قام هذا الأخ بالإشتراك في منتدى سحره ظاهرهم التدين وباطنهم السحر والشعوذه
سأترككم مع الرساله:
يا اخوان هل لي من توبه .. وهل يقبل الله صلاتي!!!
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاه والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد
وعلى اله واصحابه اجمعين
اما بعد:
قبل فتره ليست طويله سجلت في احدى منتديات السحر والشعوذه وهو منتدى عربي والقائمين عليه عرب
من جنسيات مختلفه ويوجد في المنتدى عده اقسام واقسام سحر كثيره وتعليم السحر
وطلاسم وعبارات شركيه و .... الخ
ورأيت هناك قسم للخروج من الجسد (الاسقاط النجمي) وهناك عدد كبير من الاعضاء الذين لايستطعون ممارسته
فقمت بأضافه مدير المنتدى وهو كبير السحره والمشعوذين هناك
وقلت له بمشكلتي مع الاسقاط النجمي فقال لي
الاسقاط النجمي لابد له من تدريب
قلت له انا اريد ان اتدرب لاكن لايوجد لدينا في السعوديه بل في الخليج بأكمله وممكن يكون العرب ايضا دورات تدريب لهذا المجال
فقال لي الساحر اللعين انا ممكن اساعدك
طبعا انا كنت فرح جدا وكنت اضن انه سوف يدربني فقط وليس الا
وشكرته ... الخ
ثم قال لي بس هذا راح يكلفك 1000 دولار
انا صراحه صدقته لاكن الذي منعني من ان اتعامل معه المبلغ المرتفع
وبعدها كم يوم ندمت ندم شديد جدا انني ذهبت له وصدقته
وخفت ان ينطبق فيني حديث الرسول صلى الله عليه وسلم
(من اتى كاهنا او اعرافا فصدقه لاتقبل صلاته 40 يوما)
والحديث الاخر (من اتى كاهنا كفر بما انزل على محمد)
علما ان اتيان الساحر يتضمن الاتيان له مباشره او تلفون او محادثه ... الخ (من فتاوي العلماء)
وانا صراحه صدقته لاكن الذي منعني ارتفاع المبلغ
يا اخوان الان هل لاتقبل صلاتي؟؟
وهل انا كافر بما انزل على محمد؟؟
هل لي من توبه وهل استطيع ان اصلي وتقبل صلاتي؟؟
وشكرا
بماذا يكون الرد عليه ... أثابكم الله
ووفقكم إلى ما يحب ويرضى.
ـ[أبو عمر الفاروقي]ــــــــ[18 - 06 - 08, 07:58 م]ـ
إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر, واجتهد في ملاقاة أهل العلم عندك واستفتهم واطلب منهم النصيحة والعون, وحقق في نفسك شروط التوبة الصحيحة. وأسأل الله أن يدركك بتوبة منه (آمين).
ـ[صدقه]ــــــــ[19 - 06 - 08, 05:40 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أخي الفاضل الفاروقي
وبارك الله بكم ولكم
اللهم أمين
إذا لا بد من سؤال أهل العلم؟
وماذا عن صلاته؟
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[19 - 06 - 08, 08:49 م]ـ
أخي الكريم ...
راجع هذا الرابط عله ينفعك
قامت الرئاسة العامة للإفتاء بافتتاح موقع رسمي للإفتاء ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=140617)
ـ[صدقه]ــــــــ[20 - 06 - 08, 06:01 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
هي رسالة من تائب يتسآئل
وما أنا إلا ناقلة لها
بارك الله بكم ولكم
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[20 - 06 - 08, 06:39 ص]ـ
قال البيهقي في السنن الكبرى ج8:ص136
باب قبول توبة الساحر وحقن دمه بتوبته16281 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أنبأ عبد الله بن جعفر الأصبهاني ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود الطيالسي ثنا شعبة عن عمرو بن مرة سمع أبا عبيدة يحدث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار وبالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها رواه مسلم في الصحيح عن بندار عن أبي داود وكفاك بسحرة فرعون وقصتهم في كتاب الله عز وجل في قبول توبة الساحر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/126)
16282 أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي من أصله قالوا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا الربيع بن سليمان ثنا عبد الله بن وهب حدثني بن أبي الزناد حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت قدمت على امرأة من أهل دومة الجندل جاءت تبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته حداثة ذلك تسأله عن شيء دخلت فيه من أمر السحر ولم تعمل به قالت عائشة رضي الله عنها لعروة يا بن أختي فرأيتها تبكي حين لم تجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت تبكي حتى أني لأرحمها تقول أني لأخاف أن أكون قد هلكت كان لي زوج فغاب عني فدخلت على عجوز فشكت إليها ذلك فقالت إن فعلت ما آمرك به فأجعله يأتيك فلما كان الليل جاءتني بكلبين أسودين فركبت أحدهما وركبت الآخر فلم يكن كثير حتى وقفنا ببابل فإذا برجلين معلقين بأرجلهما فقالا ما جاء بك فقلت أتعلم السحر فقالا إنما نحن فتنة فلا تكفري وارجعي فأبيت وقلت لا قالا فاذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه فذهبت ففزعت ولم تفعل فرجعت إليهما فقالا فعلت فقلت نعم فقالا هل رأيت شيئا قلت لم أر شيئا فقالا لم تفعلي ارجعي إلى بلادك ولا تكفري فأربت وأبيت فقالا اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه ثم ائتي فذهبت فاقشعر جلدي وخفت ثم رجعت إليهما فقلت قد فعلت فقالا فما رأيت فقلت لم أر شيئا فقالا كذبت لم تفعلي فارجعي إلى بلادك ولا تكفري فإنك على رأس أمرك فأربت وأبيت فقالا اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه فذهبت إليه فبلت فيه فرأيت فارسا مقنعا بحديد قد خرج مني حتى ذهب في السماء وغاب عني حتى ما أراه فجئتهما فقلت قد فعلت فقالا فما رأيت فقلت رأيت فارسا مقنعا خرج مني فذهب في السماء حتى ما أراه فقالا صدقت ذلك إيمانك خرج منك اذهبي فقلت للمرأة والله ما أعلم شيئا وما قال لي شيئا قالت بلى إن تريدي شيئا لا كان خذي هذا القمح فابذري فبذرت فقلت اطلعي فطلعت فقلت احقلي فأحقلت ثم قلت افركي فأفركت ثم قلت أيبسي فأيبست ثم قلت اطحني فأطحنت ثم قلت اخبزي فأخبزت فلما رأيت أني لا أريد شيئا إلا كان سقط في يدي وندمت والله يا أم المؤمنين ما فعلت شيئا قط ولا أفعله أبدا فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يومئذ متوافرون فما دروا ما يقولون لها وكلهم هاب وخاف أن يفتيها بما لا يعلم إلا أنه قد قال لها بن عباس أو بعض من كان عنده لو كان أبواك حيين أو أحدهما قال هشام فلو جاءتنا اليوم أفتيناها بالضمان قال بن أبي الزناد وكان هشام يقول إنهم كانوا أهل ورع وخشية من الله وبعداء من التكلف والجرأة على الله ثم يقول هشام ولكنها لو جاءت اليوم مثلها لوجدت نوكى أهل حمق وتكلف بغير علم والله أعلم
أسأل الله لنا وله التوبة النصوح والصدق والاخلاص.
ـ[صدقه]ــــــــ[20 - 06 - 08, 07:31 م]ـ
أخي الفاضل عبد المصور السني
بارك الله فيك وفي علمك
قصة إقشر منها جلدي وأنا أقرأها .. نسأل الله تعالى أن يثبت لنا ديننا
يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
أخي الكريم هو لم يتعلم السحر ولكنه أتى ساحراً
ويسأل هل لي من توبه أو كفاره؟
؛؛؛؛؛؛؛؛
أخي ابو زارع المدني
تسلم الموقع
شكرا لك(97/127)
ما حكم مشاركة المرأة في الإذاعة؟
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[18 - 06 - 08, 12:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم مشاركة المرأة في الإذاعة؟
الذي يظهر لي أنه لا حاجة للمرأة لمخاطبة رجال أجانب و إسماع الآلاف لصوتها و أن مثل هذا الأمر يفقدها حياؤها.
و الشيء الآخر أنه هناك من النساء من يستخدم عبارات فيها خضوع و لين، فقد كنت استمع بالصدفة لإذاعة القرآن الكريم في الكويت فسمعت كلاما مخجلا من امرأة و كان برنامجا سخيفا يحل مشاكل الأزواج و لم ينكر عليها المذيع أو "خبير مشاكل العلاقات الزوجية"!
ـ[اسامة عبد الرافع]ــــــــ[19 - 06 - 08, 11:19 ص]ـ
لا حول ولا قوة إلا بالله
مصيبة وكارثة عظيمة حلت بالأمة في مشاركة المرأة الرجل وخاصة العمل بالإعلام
قال سيد قطب - رحمه الله - في تفسيره ءايات من سورة الأحزاب:
00وإن خروج المرأة لتعمل كارثة على البيت تبيحها الضرورة , أما أن يتطوع بها الناس وهم قادرون على اجتنابها , فتلك هي اللعنة التي تصيب الأرواح والضمائر والعقول , في عصور الانتكاس والشرور والضلال
انظر كتاب (السلام العالمي والإسلام) فصل (سلام البيت) ص54 - 55 دار الشروق
وقال في الظلال:
فأما خروج المرأة لغير العمل , خروجها للاختلاط ومزاولة الملاهي والتسكع في النوادي والمجتمعات , فذلك هو الارتكاس في الحمأة الذي يرد البشر إلى مرتع الحيوان!
وفي الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: كان نساء المؤمنين يشهدن الفجر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يرجعن متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس
وفي الصحيحين أيضا أنها قالت: لو أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء لمنعهن من المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل 1
فماذا أحدث النساء في حياة عائشة - رضي الله عنها -؟
وماذا كان يمكن أن يحدثن حتى ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان مانعهن من الصلاة؟
ماذا بالقياس إلى ما نراه هذه الايام؟!
00000000000000انظر في ظلال القرءان وما قال حول ءايات الوقر وتبرج الجاهلية الأولى
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[23 - 06 - 08, 01:17 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أخي أسامة و إن كانت هذه المرأة لا تعمل في الإذاعة و إنما هي مشاركة اتصلت للمشاركة في برنامج من البرامج.
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[23 - 06 - 08, 01:26 م]ـ
نعم يجوز إذا عدم الرجال!
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[23 - 06 - 08, 02:09 م]ـ
بل من حقها المشاركة برأيها خاصة في المواضيع المتعلقة بها وبأبنائها كالحياة الزوجية والتربية والتعليم وحقوق المرأة في الإسلام وغيرها.
بشرط أن تلتزم بالآداب الشرعية فإذا لم تلتزم يُقطع اتصالها
والمرأة المتصلة غير معروفة، سوى الدكتورات والأستاذات المستضافات في بعض البرامج المتعلقة بتخصصهن.
وما ذكرته من فعل تلك المرأة في إذاعة القرآن الكريم في الكويت، فاللوم على تلك المرأة وعلى العامل في الإذاعة وليس على كل المسلمات
فلا يحق منع نساء المسلمين من المشاركة لأجل امرأة أو امرأتين لم يلتزمن بالآداب الشرعية.
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[23 - 06 - 08, 03:22 م]ـ
الأصل أن تقر المراة في بيتها،وقال تعالى:
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) الاحزاب
فإذا كان هذا لأطهر النساء وهن أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فما بالكم بباقي النساء؟؟
والخطاب من وراء حجاب جائز للحاجة فقط كما هو بنص كتاب الله تعالى .......
ونرى حاليا المفاسد الهائلة التي اجتاحت المجتمعات نتيجة الأختلاط وخروج النساء. وكان أول المتضررين المرأة!! فهل اطلعتم على معدلات العنوسة في العالم العربي؟؟ شي مخيف جدا ....
ومعروف ان الزواج سكن وطمأنينة، كما قال الحق تعالى:
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)}. الروم.
وغير ذلك من انتشار الفاحشة والشذوذ والله المستعان .........
والله لا يعجزه شيء تبارك وتعالى، فالعقوبة بأن كثرت النساء ..... كما اخبر الصادق المصدوق، فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثاً لاَ يُحَدِّثُكُمْ بِهِ غَيْرِي قَالَ: مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَظْهَرَ الْجَهْلُ وَيَقِلَّ الْعِلْمُ وَيَظْهَرَ الزِّنَا وَتُشْرَبَ الْخَمْرُ وَيَقِلَّ الرِّجَالُ وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمُهُنَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ". متفق عليه
فكل من يخاف الله تعالى يجب أن يقف موقفا صارما في هذا الشأن، كونه معصية لله تعالى، وثانيا لما له من الأثار التدميرية على الفرد المسلم والأسرة والمجتمع عموما .....
والله أعلم والله الموفق ......
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/128)
ـ[صخر]ــــــــ[23 - 06 - 08, 04:27 م]ـ
لادليل يمنع المرأة من المشاركة في الإذاعة ..
ومن قال بالتحريم فقد تشدد وغلا ...
ولاأدري ماعلاقة القرار في البيت بالمسألة أصلا ..
ولاينبغي الخلط بين الأخطاء التي تقع وبين أصل المسألة والحكم الشرعي فيها ...
هل هناك مانع يمنع المرأة من التكلم في الإذاعة في موضوع من المواضيع .. سواء كان دينيا أو اجتماعيا او سياسيا أو كيفماكان هذا الموضوع ...
بل أرى تقصيرا كبيرا من الداعيات وطالبات العلم في هذا المجال ...
والله أعلم
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[23 - 06 - 08, 06:06 م]ـ
الأصل أن تقر المراة في بيتها،وقال تعالى:
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) الاحزاب
فإذا كان هذا لأطهر النساء وهن أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فما بالكم بباقي النساء؟؟
والخطاب من وراء حجاب جائز للحاجة فقط كما هو بنص كتاب الله تعالى .......
ونرى حاليا المفاسد الهائلة التي اجتاحت المجتمعات نتيجة الأختلاط وخروج النساء. وكان أول المتضررين المرأة!! فهل اطلعتم على معدلات العنوسة في العالم العربي؟؟ شي مخيف جدا ....
ومعروف ان الزواج سكن وطمأنينة، كما قال الحق تعالى:
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)}. الروم.
وغير ذلك من انتشار الفاحشة والشذوذ والله المستعان .........
والله لا يعجزه شيء تبارك وتعالى، فالعقوبة بأن كثرت النساء ..... كما اخبر الصادق المصدوق، فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثاً لاَ يُحَدِّثُكُمْ بِهِ غَيْرِي قَالَ: مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَظْهَرَ الْجَهْلُ وَيَقِلَّ الْعِلْمُ وَيَظْهَرَ الزِّنَا وَتُشْرَبَ الْخَمْرُ وَيَقِلَّ الرِّجَالُ وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمُهُنَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ". متفق عليه
فكل من يخاف الله تعالى يجب أن يقف موقفا صارما في هذا الشأن، كونه معصية لله تعالى، وثانيا لما له من الأثار التدميرية على الفرد المسلم والأسرة والمجتمع عموما .....
والله أعلم والله الموفق ......
الموضوع لا علاقة له بخروج المرأة من بيتها
فهي تتصل بالإذاعة عن طريق الهاتف لتشارك برأيها فقط
لا خروج من البيت ولا اختلاط بالرجال
ـ[ابن وهب]ــــــــ[23 - 06 - 08, 06:11 م]ـ
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?id=51023&sid=
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[23 - 06 - 08, 06:28 م]ـ
الموضوع لا علاقة له بخروج المرأة من بيتها
فهي تتصل بالإذاعة عن طريق الهاتف لتشارك برأيها فقط
لا خروج من البيت ولا اختلاط بالرجال
حتى ولو، بارك الله بك، فقط إن كان لحاجة لا يستطيع أن يؤديها عنها وليها، فنعم ....
هذا مقتضى الآية الكريمة وفعل السلف الصالح أيضا .....
فعن مسروق وغيره إذا أرادوا أن يسألوا عائشة رضي الله عنها (بعد وفاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) عن شيء، فمن وراء حجاب ... مع أنها أم المؤمنين .......... (والحاحة: لما عندها من العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم)
فالأمر يشترط له شرطان: لحاجة و ومن وراء حجاب.
والآن التخاطب عن بعد يعتبر من وراء حجاب، والله أعلم، وبقي الحاجة!! هل يوجد حاجة؟
والله أعلم والله الموفق.
ـ[صخر]ــــــــ[23 - 06 - 08, 08:01 م]ـ
لم حذفتم كلامي؟
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[23 - 06 - 08, 08:43 م]ـ
حتى ولو، بارك الله بك، فقط إن كان لحاجة لا يستطيع أن يؤديها عنها وليها، فنعم ....
هذا مقتضى الآية الكريمة وفعل السلف الصالح أيضا .....
فعن مسروق وغيره إذا أرادوا أن يسألوا عائشة رضي الله عنها (بعد وفاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) عن شيء، فمن وراء حجاب ... مع أنها أم المؤمنين .......... (والحاحة: لما عندها من العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم)
فالأمر يشترط له شرطان: لحاجة و ومن وراء حجاب.
والآن التخاطب عن بعد يعتبر من وراء حجاب، والله أعلم، وبقي الحاجة!! هل يوجد حاجة؟
والله أعلم والله الموفق.
وهل ترى أن ابداء رأيها في أمور تخص المرأة والأبناء والمجتمع عموما من الأمور التي ليس لها حاجة؟
ـ[صخر]ــــــــ[23 - 06 - 08, 11:15 م]ـ
مادليل الحاجة؟
بارك الله فيكم ..
سواء في خروج المرأة أو في مشاركتها في الإذاعة ..
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[23 - 06 - 08, 11:37 م]ـ
وهل ترى أن ابداء رأيها في أمور تخص المرأة والأبناء والمجتمع عموما من الأمور التي ليس لها حاجة؟
بارك الله بك وجزاك الله خيرا ........
ألم يكن على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والخلفاء الراشدين والصحابة والتابعين: إمرأة وابناء ومجتمع؟؟
إذن يسعنا ما وسعهم ..
وفي أي العصرين كانت المرأة محترمة أكثر، يا ترى في عصرنا أ في عصرهم؟؟
لا خلاف أبدا أن الجواب: في عصرهم ..
والله اعلم والله الموفق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/129)
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[24 - 06 - 08, 02:47 م]ـ
أتعجب ممن يجوزون ذلك ويضعون الشروط القرضاوية
ألا تنظلاون إلى فساد مجتمعاتنا
لتكن يا إخوة شروطنا في التجويز والمنع مناسبة لظروف مجتمعاتنا
أنت يا من تجيز ذلك انظر إلى ما يحدث بين الموظفين رجالا ونساء
لا تقل لا يضر الحكم خطأ الناس
أقول بل يضر
يقول الناس يقتل محمد ...
لولا أن قومك حديثو عهد ...
إيييه
الله المستعان
ـ[صخر]ــــــــ[24 - 06 - 08, 04:26 م]ـ
الله المستعان ..
مادخل الشيخ القرضاوي بالموضوع ...
اولا أخي الكريم ليس من حقك أن تحرم شيئا بغير دليل ..
أما تعلقك بتلك التعليلات فهذا لايسلم لك به أصلا ..
وإلا فأنصحك أن تنتقد كبار علماء المملكة وأيضا المشرفين العلميين لقناة المجد وقناة الحكمة والرحمة الذين يسمحون بمشاركة الاخوات عبر الهاتف ..
أولسن يسمعن صوتهن لكل من هب ودب؟
أولسن يتكلمن في كثير من الاحيان لغير الحاجة؟
أخي الفاضل ..
سد الذريعة الذي يترنم به الكثير إن لم يكن وقوع المحظور متيقنا وأو غلب الظن على وقوعه فلاداعي أن نلزم الناس به
وإلا فإني رأيت الكثير اتخذوا هذا الأصل (المختلف فيه) اتخذوه طاغوت يحرمون به ماأحل الله ..
والله المستعان
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 06 - 08, 05:02 م]ـ
--------
ـ[ابن وهب]ــــــــ[25 - 06 - 08, 01:05 ص]ـ
انظر كيف ينقل العلماء الخلاف في مثل هذه المسائل
كلام الشيخ العلامة عبد الكريم الخضير - حفظه الله
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=51382
الدقيقة 31
الثانية 30(97/130)
هل إبليس من الملائكة
ـ[عبدالله حجازى]ــــــــ[18 - 06 - 08, 02:05 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..... يقول الله تعالى فى كتابه العزيز {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين} ... فهل كان إبيس -عليه لعنة الله-من الملائكة؟ وهل مايردده بعض الخطباء أنه طاووس الملائكة صحيح؟ ..... جزى الله الجميع خير الجزاء
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[18 - 06 - 08, 02:10 م]ـ
يا اخي راجع الآية التي في سورة الكهف تجده أنه من الجن عليه لعنة الله
- قال تعالى {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن} ...
ـ[عبدالله حجازى]ــــــــ[18 - 06 - 08, 02:59 م]ـ
جزاك الله خيرا أبا سلمى فليس بعد قول الله قول .... ورضى الله تعالى عن عمر وعن الصحابة أجمعين عندما توفى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وحدث ماحدث منه رضوان الله عليه ذكره أبو بكر الصديق1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - بقول الله تعالى {ومامحمد إلا رسول .... } الآية فجزاك الله خيرا بتذكيرى بالآية .... ولعلى أجد أجابة على بقية سؤالى عندكم
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[18 - 06 - 08, 03:04 م]ـ
وما هي بقية سؤالك؟ تفضل
ـ[توبة]ــــــــ[18 - 06 - 08, 03:58 م]ـ
... يقول الله تعالى فى كتابه العزيز {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين} ... يا اخي راجع الآية التي في سورة الكهف تجده أنه من الجن عليه لعنة الله
- قال تعالى {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن} ...
بارك الله بكم،و يؤكد هذا ما ورد في الآية الكريمة (أنا خير منه،خلقتني من نار و خلقته من طين)
و قد قال الله تعالى في سورة الرحمن (و خلق الجان من مارج من نار) و كذلك في سورة الحجر (و الجان خلقناه من قبل من نار السموم).
و كذلك عن رسول الله صلى الله عليه و سلم:قال الله تعالى:.
(خلقت الملائكة من نور، و خلق الجان من مارج من نار، و خلق آدم مما وصف لكم) راوه مسلم
و لكن الاشكال هو:لم استثناه الله تعالى من الملائكة،ما دام ليس منهم؟ كما جاء في الآيتين اللتين استدل بهما السائل و المجيب.
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[18 - 06 - 08, 09:11 م]ـ
و لكن الاشكال هو:لم استثناه الله تعالى من الملائكة،ما دام ليس منهم؟ كما جاء في الآيتين اللتين استدل بهما السائل و المجيب.
على الأقل راجعي تفسيرا مثل الطبري أو ابن كثير
ـ[توبة]ــــــــ[18 - 06 - 08, 09:35 م]ـ
قد سبق و فعلت ... بارك الله فيك.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=28931
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[18 - 06 - 08, 10:43 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله كل خير وبارك فيكم.
لقد أشبع الكلام في هذه المسألة الإمام الشنقيطي محمد الأمين عليه رحمة أرحم الراحمين، وذلك في تفسير قوله تعالى عن إبليس: (قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين).
وهناك أدلة أخرى - وقفت عليها ولله الحمد - تدل على أن إبليس أصله من الجن منها:
1 - أن الجن يأكلون ويشربون وإبليس منهم يأكل ويشرب، والملائكة صمد لا يأكلون ولا يشربون.
2 - أن الجن فيهم ذكور وإناث، والملائكة لا يوصفون لا بالذكورية ولا الأنوثة.
3 - أن الجن يتناكحون ولهم ذرية كما قال تعالى عن إبليس: (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني)، بعكس الملائكة عليهم السلام.
4 - أن الجن مكلفون ومخاطبون بالشريعة الإسلامية، بعكس الملائكة عليهم السلام.
والله أعلم.
ـ[خالد البحريني]ــــــــ[19 - 06 - 08, 02:04 ص]ـ
[للفائدة]
قال ابن القيم في مدارج السالكين: (الجزء الأول الصفحة 318)
" فصل تحقيق معنى الاستثناء المنقطع "
وضابط الانقطاع: أن يكون له دخول في جنس المستثنى منه، وإن لم يدخل في نفسه. ولم يتناوله لفظه. كقوله تعالى "لا يسمعون فيها لغواً إلا سلاما" فإن السلام داخل في الكلام الذي هو جنس اللغو والسلام. وكذلك قوله " لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا * إلا حميما وغساقا " فإن الحميم والغساق داخل في جنس الذوق المنقسم. فكأنه قيل في الأول: لا يسمعون فيها شيئاً إلا سلاما. وفي الثاني: لا يذوقون فيها شيئاً إلا حميما وغساقا. ونص على فرد من أفراد الجنس تصريحاً، ليكون نفيه بطريق التصريح والتنصيص، لا بطريق العموم الذي يتطرق إليه تخصيص هذا الفرد. وكذلك قوله تعالى "ما لهم به من علم إلا اتباع الظن" فإن الظن داخل في الشعور الذي هو جنس العلم والظن.
وأدق من هذا: دخول الانقطاع فيما يفهمه الكلام بلازمه، كقوله تعالى "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف" إذ مفهوم هذا: أن نكاح منكوحات الآباء سبب للعقوبة إلا ما قد سلف منه قبل التحريم، فإنه عفو. وكذلك "وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف" وإن كان المراد به: ما كان في شرع من تقدم فهو استثناء من القبح المفهوم من ذلك التحريم والذم لمن فعله، فحسن أن يقال إلا ما قد سلف.
فتأمل هذا فإنه من فقه العربية.
وأما قوله "لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى" فهذا الاستثناء هو لتحقيق دوام الحياة وعدم ذوق الموت. وهو يجعل النفي الأول العام بمنزلة النص الذي لا يتطرق إليه استثناء ألبتة. إذ لو تطرق إليه استثناء فرد من أفراده لكان أولى بذكره من العدول عنه إلى الاستثناء المنقطع. فجرى هذا الاستثناء مجرى التأكيد، والتنصيص على حفظ العموم. وهذا جار في كل منقطع. فتأمله فإنه من أسرار العربية.
فقوله وما بالربع من أجد الأواري يفهم منه لو وجدت فيها أحداً لاستثنيته ولم أعدل إلى الأواري التي ليست بأحد.
وقريب من هذا لفظة أو في قوله تعالى " ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة " وقوله "وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون" هو كالتنصيص على أن المراد بالأول الحقيقة لا المبالغة. فإنها إن لم تزد قسوتها على الحجارة فهي كالحجارة في القسوة لا دونها. وأنه إن لم يزد عددهم على مائة ألف لم ينقص عنها. فذكر أو ههنا كالتنصيص على حفظ المائة الألف، وأنها ليست مما أريد بها المبالغة. والله أعلم.) انتهى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/131)
ـ[عبدالله حجازى]ــــــــ[19 - 06 - 08, 06:27 م]ـ
وما هي بقية سؤالك؟ تفضل
وبقية السؤال: هل مايتردد على ألسنة بعض الخطباء "أنه طاووس الملائكة" صحيح؟
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[19 - 06 - 08, 07:30 م]ـ
ليس صحيحًا أن إبليس كان طاووس الملائكة ولا رئيسًا لهم كما يزعم بعض الجهال.
قال الحسن البصري: ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين، وإنه لأصل الجن، كما أن آدم عليه السلام أصل البشر.
قال ابن كثير في تفسيره (3/ 89): " رواه الطبري بإسناد صحيح ".
ويدل على ذلك قوله تعالى: {وإذ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} (سورة الكهف آية 50).
وقوله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} (سورة الحجر آية 30)، فلو كان من الملائكة لم يعص ربه؛ لأن الله تعالى وصفهم في القرءان الكريم بقوله: {لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (سورة التحريم آية 6).
وقد ورد عن بعض السلف آثار غير صحيحة منها أنه طاووس الملائكة، وأنه من خزنة الجنة .. الخ، وقد علَّق على ذلك الإمام ابن كثير فقال:
وقد رُوي في هذا آثار كثيرة عن السلف وغالبها من الإسرائيليات التي تُنقل لينظر فيها والله أعلم بحال كثير منها، ومنها ما قد يُقطع بكذبه لمخالفته للحق الذي بأيدينا، وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة؛ لأنها لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان، وقد وضع فيها أشياء كثيرة، وليس لهم من الحفاظ المتقنين الذي ينفون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين كما لهذه الأمة من الأئمة والعلماء والسادة والأتقياء والبررة والنجباء من الجهابذة النقاد والحفاظ الجياد الذين دونوا الحديث وحرروه وبينوا صحيحه من حسنه من ضعيفه من منكره وموضوعه ومتروكه ومكذوبه وعرفوا الوضاعين والكذابين والمجهولين وغير ذلك من أصناف الرجال كل ذلك صيانة للجناب النبوي والمقام المحمدي خاتم الرسل وسيد البشر صلى الله عليه وسلم أن ينسب إليه كذب أو يحدث عنه بما ليس منه فرضي الله عنهم وأرضاهم وجعل جنات الفردوس مأواهم. أ. هـ
تفسير القرآن العظيم (3/ 90).
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[20 - 06 - 08, 06:25 م]ـ
الإستثناء الوارد في الآية محمول على الإنفصال لا على الإتصال، و على ذلك فإبليس ليس من الملائكة.
ـ[العوضي]ــــــــ[20 - 06 - 08, 06:36 م]ـ
السؤال: هل إبليس من الملائكة؟
المفتي: محمد بن صالح العثيمين
الإجابة: إبليس ليس من الملائكة، لأن إبليس خلق من نار والملائكة خلقت من نور، ولأن طبيعة إبليس غير طبيعة الملائكة، فالملائكة وصفهم الله تعالى بأنهم: {لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}، ووصفهم الله تعالى بقوله: {ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون * يسبحون الليل والنهار لا يفترون}، أما الشيطان فإنه على العكس من ذلك فإنه كان مستكبراً، كما قال تعالى: {إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين}.
ولكن لما وجه الخطاب إلى الملائكة بالسجود لآدم وكان إبليس من بينهم أي معهم مشاركاً لهم في العبادة وإن كان قلبه والعياذ بالله منطوياً على الكفر والاستكبار صار الخطاب متوجهاً إلى الجميع، فلهذا صح استثناؤه منهم فقال تعالى: {فسجدوا إلا إبليس} وإلا فأصله ليس منهم بلا شك، كما قال تعالى: {فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه}، والله أعلم.
ـــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الأول - باب الجن.
http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa&iw_a=view&fatwa_id=13656
ـ[العوضي]ــــــــ[20 - 06 - 08, 06:38 م]ـ
هل إبليس من الجن أو من الملائكة
السؤال:هل إبليس ملك أم جني؟ فإن كان ملكاً فكيف عصى الله والملائكة لا يعصون الله؟ وإن كان جنياً فإن هذا يوضح أن له اختيار الطاعة أو المعصية. أرجو الإجابة.
الجواب: الحمد لله
إبليس - لعنه الله - من الجن، ولم يكن يوماً ملكاً من الملائكة، ولا حتى طرفة عين؛ فإن الملائكة خلق كرام لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وقد جاء ذلك في النصوص القرآنية الصريحة التي تدل على أن إبليس من الجن وليس من الملائكة، ومنها:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/132)
1 - قال الله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآِدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) الكهف / 50.
2 - وقد بيّن الله تعالى أنه خَلَقَ الجن من النار، قال تعالى: (وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ) الحجر/27، وقال: (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ) الرحمن/15. وجاء في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خُلِقَت الملائكة من نور، وّخُلِقَ الجَّان من مارجٍ من نار، وخُلِقَ آدم مما وُصِفَ لكم " رواه مسلم في صحيحه برقم 2996، ورواه أحمد برقم 24668، والبيهقي في السنن الكبرى برقم 18207، وابن حبان برقم 6155.
فمن صفات الملائكة أنها خُلِقت من نور، والجن خُلِق من نار، وقد جاء في الآيات أن إبليس - لعنه الله - خُلِقَ من النار، جاء ذلك على لسان إبليس لما سأله الله سبحانه وتعالى عن سبب رفضه السجود لآدم لمّا أمره الله بذلك، فقال - لعنه الله -: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) الأعراف/12، ص/76، فيدل هذا على أنه كان من الجن.
3 - وقد وَصَفَ الله عز وجل الملائكة في كتابه الكريم، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم /6. وقال سبحانه: (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمون * لا يَسْبِقُوْنَهُ بالقَولِ وهُم بِأمْرِهِ يَعْمَلُونَ) الأنبياء / 26 - 27. وقال: (وَلِلّهِ يَسجُدُ مَا فِي السَمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ والمَلاَئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُوْنَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُوْنَ مَا يُؤْمَرُوْنَ) النحل / 49 - 50. فلا يمكن أن يعصي الملائكة ربهم لأنهم معصومون من الخطأ ومجبولون على الطاعة.
4 - وكون إبليس ليس من الملائكة فإنه ليس مجبراً على الطاعة، وله الاختيار، كما لنا نحن البشر، قال تعالى: (إناّ هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً)، وأيضاً فإن هناك المسلمين والكافرين من الجن؛ جاء في الآيات من سورة الجن: (قل أوحي إلي أنه استمع نفرٌ من الجنّ فقالوا إنّا سمعنا قرآناً عجباً * يهدِي إلى الرُّشد فآمنّا به ولن نُشرِك برنا أحداً) الجن / 1 - 2. وجاء في نفس السورة على لسان الجن: (وأنّا لمّا سمعنا الهدى آمنّا به فمن يُؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رَهَقاً * وأنّا منّا المسلمون ومنّا القاسطون .. ) الآيات.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: (قال الحسن البصري: " ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين، وإنه لأصل الجن، كما أن آدم عليه السلام أصل البشر " رواه الطبري بإسناد صحيح) ج3/ 89.
وقد قال بعض العلماء إن إبليس ملَكٌ من الملائكة، وأنه طاووس الملائكة، وأنه كان من أكثر الملائكة اجتهاداً في العبادة .. إلى غير ذلك من الروايات التي معظمها من الإسرائيليات، ومنها ما يُخالِف النصوص الصريحة في القرآن الكريم ..
وقد قال ابن كثير مبيّناً ذلك: " وقد روي في هذا آثار كثيرة عن السلف، وغالبها من الإسرائيليات - التي تُنْقَلُ لِيُنْظَرَ فيها - والله أعلم بحال كثير منها، ومنها ما قد يُقْطَعُ بكذِبِهِ لمُخَالَفَتِهِ للحقّ الذي بأيدينا، وفي القرآن أخبار غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة؛ لأنها لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان، وقد وضع فيها أشياء كثيرة، وليس لهم من الحفاظ المتقنين الذي ينفون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين كما لهذه الأمة من الأئمة والعلماء والسادة والأتقياء والبررة والنجباء من الجهابذة النقاد والحفاظ الجياد الذين دَوّنوا الحديث وحرروه وبينوا صحيحه من حسنه من ضعيفه من منكره وموضوعه ومتروكه ومكذوبه وعرفوا الوضاعين والكذابين والمجهولين وغير ذلك من أصناف الرجال كل ذلك صيانة للجناب النبوي والمقام المحمدي خاتم الرسل وسيد البشر صلى الله عليه وسلم أن ينسب إليه كذب أو يحدث عنه بما ليس منه فرضي الله عنهم وأرضاهم وجعل جنات الفردوس مأواهم " تفسير القرآن العظيم ج 3/ 90. والله تعالى أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
http://www.islam-qa.com/ar/ref/8976
ـ[عبدالله حجازى]ــــــــ[24 - 06 - 08, 10:39 م]ـ
جزى الله كل من شارك فى هذه المسألة خير الجزاء وقد كانت الردود عظيمة احتشدت بآراء علماء أجلاء-رحم الله منهم من قضى وحفظ الله من بقى- وجزى الله الجميع خير الجزاء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/133)
ـ[السيد زكي]ــــــــ[26 - 06 - 08, 03:30 م]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع بكم(97/134)
لطائفٌ في القرآنِ الكريم
ـ[أم جمال الدين]ــــــــ[18 - 06 - 08, 04:01 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إّنها لطائف .. نُصادفها أثناء قراءتِنا للقرآن الكريم ..
تعجبنا بلاغتها .. فهيّا بنا نجمعها ..
:: اللطيفة الأولى::
قال تعالى {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الآيات 4، 5 من سورة الشرح]
تعريف " العسر " في الآيتين، يدل على أنه واحد، وتنكير " اليسر " يدل على تكراره، فلن يغلب عسر يسرين ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn1)).
قَوْله: (مَعَ الْعُسْر يُسْرًا قَالَ اِبْن عُيَيْنَةَ: أَيْ إِنَّ مَعَ ذَلِكَ الْعُسْر يُسْرًا آخَر، كَقَوْلِهِ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ)
وَهَذَا مَصِير مِنْ اِبْن عُيَيْنَةَ إِلَى اِتِّبَاع النُّحَاة فِي قَوْلهمْ إِنَّ النَّكِرَة إِذَا أُعِيدَتْ نَكِرَة كَانَتْ غَيْر الْأُولَى، وَمَوْقِع التَّشْبِيه أَنَّهُ كَمَا ثَبَتَ لِلْمُؤْمِنِينَ تَعَدُّد الْحُسْنَى كَذَا ثَبَتَ لَهُمْ تَعَدُّد الْيُسْر، أَوْ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمُرَاد بِأَحَدِ الْيُسْرَيْنِ الظَّفَر وَبِالْآخَرِ الثَّوَاب فَلَا بُدّ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ أَحَدهمَا ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn2)).
(1) تفسير السعدي لسورة الشرح.
(2) فتح الباري في شرح صحيح البخاري، ج: 14، ص 125.
ـ[أبو عمر الفاروقي]ــــــــ[18 - 06 - 08, 07:48 م]ـ
هل الاقتصار على اللطائف البلاغية فقط؟
ـ[أم جمال الدين]ــــــــ[18 - 06 - 08, 08:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هل الاقتصار على اللطائف البلاغية فقط؟
لا .. من أي نوعٍ كانت فلا بأس ... فإن في عرضها أمامنا الفائدة الجّمّة ..
بارك الله فيكم
ـ[أم جمال الدين]ــــــــ[18 - 06 - 08, 10:07 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:: اللطيفة الثّانية::
قال تعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10)} [الآيات من سورة النّور]
والسّؤال هُنا:
لماذا خُصّ الرّجل باللعنة، وخصّت المرأة بالغضب؟!
- فخصها بالغضب، كما أن الغالب أن الرجل لا يتجشّم فضيحة أهله ورميها بالزنى إلا وهو صادق معذور، وهي تعلم صدقه فيما رماها به. ولهذا كانت الخامسة في حقها أن غضب الله عليها. والمغضوب عليه هو الذي يعلم الحق ثم يحيد عنه (1).
- ثم الرجل يدعو على نفسه باللعن إن كان من الكاذبين، واللعن: هو الطرد والإبعاد من رحمة الله، ولا شك أنه والحال هذه يكون وعيداً شديداً، إذا دعا على نفسه وهو كاذب بهذا اللعن فقد عرض نفسه للعقوبة. المرأة اختير لها الغضب، أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ [النور:9] وغضب الله تعالى هو ما تشدد عقوبته، فإن الله تعالى إذا غضب فقد يعاقب من غضب عليه عاجلاً، وقد يؤخر عقوبته آجلاً -يعني في الدار الآخرة- هذا هو الصحيح في اختيار الغضب، والغضب أشد من اللعن؛ لأنه يسبب دخول النار والعياذ بالله، واللعن والغضب كلاهما يسبب العذاب. وبدئ بالرجل لأنه أقوى جانباً؛ وذلك لأنه غالباً ليس بمتهم، ولا غرض له في أن يلاعن امرأته؛ لأنه إذا أبغضها فلا حاجة له إلى أن يقذف وبإمكانه أن يطلقها ويخلي سبيلها، فلا حاجة له إلى أن يلاعن وهو كاذب، فالقرائن تدل على صدقه، كما في قصة هلال، حيث إن امرأته ولدت مولوداً شبيهاً بذلك الرجل الذي قذفت به، فدلت القرائن على أنه أقرب إلى الحق وإلى الصدق، وكذلك في قصة امرأة هلال أنها تلكأت عند اليمين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/135)
الخامسة، أو عند الغضب، وكادت أن تعترف، ومع ذلك أقدمت، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لولا الأيمان لكان لي ولها شأن) أي: لولا الأيمان لأقام عليها الحد، فدل ذلك على أن جانب الرجل أقوى من جانبها (2).
- أما كونها مقرونة باللعن فمن جهة الزوج، وأما كونها مقرونة بالغضب فمن جهة الزوجة، والمراد باللعن والغضب: لعن الله عز وجل وغضب الله، فالزوج يحلف اليمين الخامسة وهي -والعياذ بالله- الموجبة، ووصفت بكونها موجبة؛ لأنه إذ حلفها أوجبت عليه لعنة الله -والعياذ بالله-، وأوجبت عليه عقوبة الآخرة إذا كان كاذباً فاجراً في يمينه، وفيما ادعاه من زنا زوجته أو نفي ولده منها، ولذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه الزوج لما حلف الزوج الأربعة الأيمان والشهادات الأربع الأولى أوقفه بعدها، وجاء في بعض الروايات: أنه أُخذ على فمه، وكل هذا خوفاً عليه من لعنة الله، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (اتق الله! فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، ويحك إنها الموجبة)، أي: اتق الله في نفسك، ولا تحمل ما لا تطيق، فإن كنت كاذباً فارجع عما قلته، فحلف الرجل. وأما بالنسبة للمرأة فالغضب في حقها، فتحلف اليمين الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين -أي زوجها-، وهذه الخامسة -والعياذ بالله- موجبة لغضب الله عز وجل، وإذا حل غضب الله على العبد فقد هوى، يعني: هلك هلاكاً عظيماً؛ ولذلك جاء في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام أوقف المرأة عند الخامسة وقال لها: (اتقي الله! عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وفضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة، إنها الموجبة)، فلما قال لها: إنها الموجبة، أي: أنك لو حلفت هذه الخامسة بأن غضب الله عليكِ، فإنه سيحل عليك غضب الله، والله تعالى يقول في كتابه: وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى [طه:81]، وهذا إشارة إلى عظيم ما يصيبه من البلاء، حتى هوى وسقط سقوطاً قد لا يسلم معه أبداً، وهذا أمر عظيم جداً، ولذلك إذا حدث اللعان على هذه الصورة تنتقل الخصومة من خصومة الدنيا إلى خصومة الآخرة، ويكون أمر الزوجين إلى الله عز وجل، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (حسابكما على الله، الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل من تائب؟)، أي: منكما، وقد جاء في رواية أنس رضي الله عنه: أن المرأة لما أوقفت، وقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (إنها الموجبة)؛ تلكأت وكادت أن تعترف ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فحلفتها! ...... (3)
- لماذا خص الله سبحانه وتعالى الرجال باللعنة والنساء بالغضب في آية اللعان؟
فقد ذكر أهل العلم لذلك توجيهين. الأول: أن المرأة لما كانت معتادة على ذكر اللعن على لسانها، جعل في حقها أمراً آخر هو الغضب. والثاني: ما ذكره ابن كثير رحمه الله إذ قال بعد أن ذكر الآية: فخصها بالغضب، كما أن الغالب أن الرجل لا يتجشم فضيحة أهله ورميها بالزنا إلا وهو صادق معذور، وهي تعلم صدقه فيما رما ها به، ولهذا كانت الخامسة في حقها أن غضب الله عليها والمغضوب عليه هو الذي يعلم الحق ثم يحيد عنه. انتهى (4)
----------------------------------
(1) تفسير ابن كثير.
(2) باب اللعان، جزء من محاضرة الظهار للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=Full*******&audioid=145879).
(3) شرح زاد المستقنع - كتاب اللعان [1] للشيخ: محمد مختار الشنقيطي ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=Full*******&audioid=129532).
(4) مركز الفتوى، الشبكة الإسلامية ( http://www.islamweb.net/ver2/fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=55459&Option=FatwaId).
ـ[أبو عمر الفاروقي]ــــــــ[20 - 06 - 08, 10:53 م]ـ
من كتاب الأنموذج الجليل في أسئلة وأجوبة من غرائب آي التنزيل لزين الدين الحنفي: (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه) فإن قيل: ما فائدة الوحي إلى أم موسى بإرضاعه وهي ترضعه طبعا سواء أمرت بذلك أم لا؟ قلنا: أمرهابإرضاعه ليألف لبنها فلا يقبل ثدي غيرها بعد وقوعه في يد فرعون, فلو لم يأمرها بإرضاعه ربما كانت تسترضع له مرضعة فيفوت ذلك المقصود. ا.ه وقال السيوطي في (الإكليل) عن هذه الآية: استدل بها من قال بنبوة أم موسى, وفيها وجوب سقي الود اللبأ (وهو اللبن أول الولادة) لأنه لا يعيش بدونه غالبا, وقال ابن العربي: هذه الآية من أعظم آي القرآن: فيها أمران ونهيان وخبران وبشارتان. ا.ه (بتصرف).(97/136)
هل أذاكر موضوع المسرحية والقصة لإختبار مادة البلاغة؟
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[18 - 06 - 08, 04:04 م]ـ
السلام عليكم
إخواني في الله ................ اختبار بلاغتي يوم السبت ومن موضوعات الكتاب القصة والمسرحة ولا يخفى عليكم الخلاف في حكم المسرحيةوالتمثيل وأما القصة المختلقة فلا أعلم إن كان هناك من أباحها ولكن بعدا عن الشبهات وأخذا بظاهر الدليل أن الكذب لا يجوز فهل ترون حرجا في مذاكرة هذين الموضوعين؟
جزاكم الله خيرا(97/137)
قرآنت / محاولة جديدة لليهود لتحريف القرآن الكريم
ـ[أبو صهيب]ــــــــ[18 - 06 - 08, 05:34 م]ـ
هذه ليست المحاولة الأولى ولن تكون الأخيرة من اليهود لتحريف كلام الله تعالى فقد فعلوها مع التوراة الذي ترك الله حفظه لهم فما أسرع أن بدلوه وحرفوه وفعلوها ثانية لتحريف الإنجيل من خلال بولس (شاؤول اليهودي) الذي كرس في النصرانية أن المسيح ابن الله. وهذه عبارة العهد الجديد.
وهم حاولوا مع الإسلام من خلال ابن سبأ ومن جاء بعده وكان الفشل حليفهم في كل مرة لسبب واحد فقط هو أن الله جل في علاه هو الذي تكفل بحفظ دينه وكتابه ولم يتركه لنا.
لكن هذه المرة خطيرة جداً إذ التحريف قام عليه علماء نفسانيون وبأيدي عربية من بني جلدتنا ربما يدعون الإسلام!! وهو أيضاً تدريجي يبدأ أشياء طفيفة جداً جداً ثم ينتهي بمحاولة إفساد هذا الدين.
لا شك أيها المسلمون أن الله حافظ دينه وكتابه لكنه مبتليكم بفعل هؤلاء فناظر ما أنتم فاعلون، فاعتذروا لربكم بعمل شيء ما؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!
الخبر انتشر من مدة غير قصيرة وهذا رابط الخبر ونصه:
http://www.alarabiya.net/save_print.php?print=1&cont_id=51666
إسرائيل تطلق مشروعا لتفسير القرآن للعالم عبر "قرآنت"
أعده أكاديميون بدو وحذرت منه القيادات الإسلامية
القاهرة- منى مدكور، القدس - منى جبران:
أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن إصدار مشروع إلكتروني لتفسير القرآن الكريم قام بإعداده أكاديميون من عرب إسرائيل معتبرة ذلك همزة وصل بين العالم الإسلامي والغرب، وهو ما حذر منه قيادات إسلامية داخل إسرائيل وخارجها واعتبروه محاولة لإيجاد جيل من المسلمين يفهم القرآن على النمط الذي تديره إسرائيل والولايات المتحدة. وأعد المشروع الذي حمل اسم "قرآنت" 15 أكاديميا من المسلمين البدو في إسرائيل في إطار دراستهم لنيل درجة الماجستير في مجال الاستشارات التربوية تحت إشراف الأستاذ الجامعي اليهودي عوفر غروزيرد وراجعه 3 من المشايخ المسلمين، وتم إصدار النسخة الأولى منه في هيئة كتاب طبعته جامعة بئر سبع، كما شارك المشروع في مؤتمر (آفاق الغد) الذي أقيم تحت رعاية الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريس في مركز المؤتمرات الدولي في أورشليم القدس في الفترة ما بين 13 و15 من مايو/ايار الماضي بعد أن تم اختياره كواحد من أفضل 60 اختراعًا وتجديدًا إسرائيليًا قد يؤدي إلى تغيير المستقبل.
تفاصيل الكتاب
واعتبر موقع الخارجية الإسرائيلية أن "قرآنت" مشروع فريد من نوعه يجعل الذكر الحكيم وسيلة تربوية يستخدمها كل مربٍّ ورب عائلة. ويبحث المستخدم في "الفهرست" لقرآنت عن المسألة التربوية التي تعنيه، وعندها يحصل على الآية الكريمة التي تتعلق بمسألته. بعد ذلك تُعرض أمامه قصة قصيرة من وحي الحياة اليومية، حيث يكون في نهايتها دليل حسي أمام المعلم أو رب العائلة ليستخدم الآية القرآنية الواردة، ويعي رسالتها في خطابه للطفل. وفي الختام يحصل المستخدم على توضيح أو تعليل سيكولوجي – تربوي موجز يبين سيرورة ما جرى.
ويهدف المشروع إلى تقديم خدماته للمسلمين باللغات العبرية والتركية والفارسية والإنجليزية والفرنسية بالإضافة إلى العربية.
وفي نموذج تجريبي لتفسير آية عبر "قرآنت" عرض موقع الخارجية الإسرائيلية الآية 34 من سورة «فصلت» " (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).
وصاحبها التفسير الإسرائيلي قائلا: "إنه من الممكن أن يتحول العدو إلي أفضل الأصدقاء في يوم ما".
كيف بدأت الفكرة؟
قصة إطلاق المشروع رواها موقع الخارجية الإسرائيلية على لسان الطالبة البدوية بشرى مزاريب التي كانت صاحبت فكرته، قالت: "درسنا في السنة الماضية – نحن خمسة عشر طالبًا بدويًا – موضوع الاستشارة التربوية، بهدف الحصول على شهادة الماجستير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/138)
وكان ضمن هذه الدراسة مساق "علم النفس التطوري" الذي يحاضر فيه د. عوفر غروزبرد. وبينما كانت المحاضرات تمضي كالمعتاد، توجهتُ للمحاضر، وقلت له: "أتريد أن أقول لك الحقيقة؟! إن كل ما تعلمناه لا يجدي ولا يساعدنا". سألني متعجبًا: "ولماذا؟ " فأوضحت له أنه ربما سيأتيني أحدهم غدًا -وأنا المستشارة التربوية-، وهو يقول لي مؤكدًا: "مسني الجن"، أو يقول شيئًا من هذا القبيل مما يتردد في مجتمعنا (المسلم) ومعتقداته. فكيف -بالله عليك- تفيدني موادك هذه التي تعلمنا إياها?".
تقول: سألني عوفر: "إذن، ما الذي يساعد؟ " فأجبته: "إنه القرآن الكريم"، فسألني أن أوضح له جلية الأمر. فقلت له إن "اقتباس آية من القرآن في سياقها، يترك تأثيرًا عظيمًا على جماعة المسلمين لا يضاهيه تأثير آخر".
وفي المحاضرة التالية -حسبما قالت الطالبة- حضر عوفر إلى قاعة الدراسة وهو يحمل أجزاء القرآن الثلاثين. ووزعها فيما بيننا ودعانا لأن نستخرج الآيات التي تتطرق إلى الناحية التربوية العلاجية في كل جزء من القرآن، وسرعان ما اتضح لنا أنها كثيرة في القرآن، وذلك على غرار الآيات التي تدعو الإنسان إلى أن يتحمل المسؤولية، أن يقول الحق ويصدُق، أن يحترم الآخرين ... إلخ.
وتضيف: "ثم دعانا عوفر إلى أن نؤلف قصة قصيرة تلائم كل آية من الآيات التي اخترناها، وتكون القصة من وحي حياتنا اليومية، بحيث تمثل صورة يعرضها الأب أو المعلم (المربي)، ومن خلالها يتم نقل رسالة الآية أو فحواها.
لقد جمعنا معًا أكثر من ثلاثمائة قصة، وكان أن أضاف عوفر بعد كل قصة تعليلاً سيكلوجيًا- تربويًا، يسيرًا وقصيرًا، ومن هنا كان الاسم .. قرآنِت.
أهداف المشروع
وبحسب موقع وزارة الخارجية الاسرائيلية، فإن الكتاب يقدم لمستخدمه المسألة التربوية التي تعنيه، وعندها يحصل على الآية الكريمة التي تتعلق بمسألته، بعد ذلك تُعرض أمامه قصة قصيرة من وحي الحياة اليومية، حيث يكون في نهايتها دليل حسي أمام المعلم أو رب العائلة ليستخدم الآية القرآنية الواردة، ويعي رسالتها في خطابه للطفل، وفي الختام يحصل المستخدم على توضيح أو تعليل سيكولوجي – تربوي موجز يبين أسباب ما جرى.
وعددت الخارجية الإسرائيلية بين مميزات المشروع أنه يحول ما وصفته بـ"الذكر الحكيم" إلى وسيلة تربوية يستخدمها كل مربٍ وكل رب عائلة "وبذا يظهر عظمة القرآن المجدية لتكون في خدمة كل البشر – الأمر الذي لم يتحقق من ذي قبل".
وأضافت أنه يدمج القرآن مع التوجهات التربوية الحديثة ويبني جسرًا ذا اتجاهين بين العالم الإسلامي وأبناء الحضارة الغربية، كما "يعكس جمال الذكر الحكيم، حيث يعرض كرامة الإنسان، ويجعلها في مركز اهتمامه، وبذلك يكون ردًا قاطعًا على من يدعي أنه يمكن أن يُستخدم القرآن لأهداف من شأنها أن تحفز على الإرهاب".
اعتراضات مسلمي فلسطين
من جانبه حذر الناطق باسم الحركة الاسلامية في الأراضي المحتلة عام 1948م الشيخ زاهي نجيدات في تصريحات لـ"العربية. نت" من خطر المشروع الإسرائيلي لتفسير القرآن الكريم الذي أعلنته وزارة الخارجية الاسرائيلية واكد ان الهدف من ورائه هو ايجاد جيل على النمط الذي تريده اسرائيل وامريكا.
كما أكد أن محاولة وضع القرآن الكريم في القالب الذي يروق لاسرائيل وامريكا يكون بالتعامل الانتقائي مع آيات القرآن الكريم بل التعامل التحريفي لانشاء جيل بعيد كل البعد عن هذه العقيدة السمحة.
وقال الشيخ نجيدات ان الموضوع بحاجة الى بحث كبير وتدقيق مؤكدا ان عمل المؤسسة الاسرائيلية لا يدل على انها فعلا تعاملت مع شيوخ معتمدين كمرجعية للقرآن الكريم واصفا ذلك بالخديعة الإسرائيلية.
ومن جانبها استبعدت وزارة الأوقاف الفلسطينية أن تكون التفاسير التي يقدمها مثل هذا المشروع صحيحة، مؤكدة انه لا يوجد سبب مقنع لإطلاق مثل هذا المشروع في هذا الوقت والزمان، خاصة وان هناك من المسلمين من قام بتفسير القرآن بالطريقة الصحيحة، وان اصدار كتاب من هذا القبيل يثير الشكوك حول تلك التفسيرات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/139)
وتعليقا على نموذج التفسير الذي قدمته الخارجية الإسرائيلية لآية سورة فصلت اعتبرها الشيخ حسين ابو أرميله للعربية. نت دليلا على التزوير والتحريف الذي تهدف إليه المؤسسة الإسرائيلية المعادية للإسلام والمسلمين مؤكدا أن التفسير الصحيح للآية هو ان على الناس جميعا ان يدفعوا الصدقات حتى لا يبقى أي شخص فقيرا، وبالتالي تسود المحبة بين الناس.
تحذير من الأوقاف المصرية
وبدورهم حذر مسؤولون في وزارة الأوقاف المصرية من المشروع الإسرائيلي، حيث قال الشيخ د. شوقي عبد اللطيف نائب وزير الأوقاف ورئيس قطاع شؤون الدعوة الدينية لـ"العربية. نت" إن ما يهدف له هذا المشروع هو استقطاب المسلمين وإيقاعهم في فخ الخديعة الإسرائيلية، حيث اخذ من القرآن الكريم ما يتناسب مع أفكارهم ومشاريعهم.
وأكد د. عبد اللطيف أن وزارة الأوقاف ستصدر خلال الأيام القليلة القادمة ردا واضحا تجاه هذا المشروع وما يحتويه من أكاذيب و أفكار مسمومة، كما أن الوزارة ستقوم باتخاذ خطوات ضده لمنع التعامل معه في العالم الإسلامي، و إصدار بيان للتحذير مما يحتويه من تفسير ملفق على القرآن الكريم ومعانيه سيتم نشره على موقع الوزارة على شبكة الانترنت لكي يطلع عليه الجميع.
الشك طريق الوصول إلى الحقيقة
وعلق د. إبراهيم البحراوي أستاذ الإسرائيليات في جامعة عين شمس لـ"العربية.نت" قائلا: "لا نستطيع أن نثق في وجود نوايا حسنة تجاه هذا التفسير، ولا يمكن الأخذ في الاعتبار أي نوايا حسنة يحاولون الترويج لها، ولنا الحق تماما في استخدام قاعدة (الشك طريق الوصول إلى الحقيقة).
وأضاف البحراوي: هناك عدة نقاط لابد من استيفائها، من أهمها الإطلاع على نسخة الكتاب المتداولة، ومراجعة النص القرآني وتفسيره المقدم من جانب علماء التفسير في الجامعات الاسلامية المتخصصة، ونوعية الآيات القرآنية المختارة دون سواها من القرآن، ووقتها نستطيع ادارك الحقيقة الكامنة وراء هذا الكتاب".
ويفسر البحراوي كلام الباحثة الإسرائيلية حول أهمية تفسير القرآن لعلاج المس والجان بأنه اهتمام جاء في سياق عرف اجتماعي عربي عند المسلمين والمسيحيين بالتداوي بالرموز الدينية بغض النظر عن طبيعة الديانة، بمعنى أن المسلمين يذهبون في مصر مثلا إلى كنيستي العذراء وما جرجس، والمسيحيون يذهبون إلى مسجد السيدة زينب للتداوي برموز الطرف الآخر، إلا انه ليس مبررا على الإطلاق لكي يكون علاج المس والجان سببا لتفسير القرآن على الهوى الإسرائيلي، لأن القرآن كتاب عبادة يحتوى على كافة مناحي الحياة، ولا يمكن الاعتماد علي تفسيره لأجل هذه الزاوية فقط.
جدير بالذكر أن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة كان قد قام بإعداد ترجمة صحيحة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة العبرية في يونيو من عام 2001(97/140)
أسأل أحبتي عن ترجمة الحسن بن صالح، وهل رأيه في بعض المسائل الفقهية يخرق الإجماع؟
ـ[أبو عبد الله القصيمي]ــــــــ[18 - 06 - 08, 07:01 م]ـ
أسأل أحبتي عن ترجمة الحسن بن صالح، وهل رأيه في بعض المسائل الفقهية يخرق الإجماع؟(97/141)
هل هذا الحديث القدسي صحيح؟
ـ[هارون يوسف]ــــــــ[18 - 06 - 08, 10:05 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف أحوالكم أخواني وأخواتي في الله
لقد وجدت هذا الحديث القدسي الناس يتداولونه ويكتبونه كشعار لهم ولا أستطيع الجزم بصحته فليس هذا من حقي
لكن أترك النص الذي وجدته وأريد الجواب الشافي وجزاكم الله خيرا.
الحديث (النص كما وجدته مكتوبا):
قال الله تعالى في الحديث القدسي المشهور: (يامحمد لولاك ما خلقت الأفلاك , ولولا علي ما خلقتك ولولا فاطمة ما خلقتهما)
أفيدوني وجزاكم الله خيرا
ـ[أم جمال الدين]ــــــــ[18 - 06 - 08, 10:11 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ألا تشمّ رائحة للروافض في هذا الحديث؟!
ـ[أم جمال الدين]ــــــــ[18 - 06 - 08, 10:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال:
"لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك" أهذا حديث موضوع أو ضعيف?
المفتي: فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية
الإجابة:
ذكره العجلوني في [كشف الخفا ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس] وقال: قال الصغاني: إنه موضوع، ثم قال: وأقول: لكنه معناه صحيح وإن لم يكن حديثاً. نقول: بل هو باطل لفظاً ومعنى؛ فإن الله تعالى إنما خلق الخلق ليعبدوه، كما قال سبحانه: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، ولم يثبت حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن الخلق خلقوا من أجله لا الأفلاك ولا غيرها من المخلوقات.
وذكره محمد بن علي الشوكاني في [الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة] وقال: قال الصغاني: موضوع، ومما يدل على ذلك قوله تعالى: {الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً}.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية - المجلد العاشر (العقيدة).
http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa&iw_a=view&fatwa_id=11505
وسئل الشيخ ابن باز عن هذا الحديث فقال:
الجواب: هذا ينقل من كلام بعض العامة وهم لا يفهمون، يقول بعض الناس إن الدنيا خلقت من أجل محمد ولولا محمد ما خلقت الدنيا ولا خلق الناس وهذا باطل لا أصل له، وهذا كلام فاسد، فالله خلق الدنيا ليعرف ويُعلم سبحانه وتعالى وليُعبد جل وعلا، خلق الدنيا وخلق الخلق ليُعرف بأسمائه وصفاته، وبقدرته وعلمه، وليعبد وحده لا شريك له ويطاع سبحانه وتعالى، لا من أجل محمد، ولا من أجل نوح، ولا موسى، ولا عيسى، ولا غيرهم من الأنبياء، بل خلق الله الخلق ليعبد وحده لا شريك له اهـ فتاوى نور على الدرب (46).
http://www.islamqa.com/ar/ref/23290
ـ[هارون يوسف]ــــــــ[18 - 06 - 08, 10:32 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركات
كنت أريد أن أستوثق من صحة الحديث وكي نستطيع توجيه من لا يعلمون ذلك لذلك عرضته هنا وجزاكم الله خير
اشكرك اخت ام جمال على هذا الفتوى والحمد لله(97/142)
إشكال في كتاب حملة رسالة الإسلام الأولون لمحب الدين الخطيب
ـ[محمد عمارة]ــــــــ[18 - 06 - 08, 11:31 م]ـ
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
أما بعد
فقد قرأت كتاب الشيخ محب الدين الخطيب و أعجبني جدا
لكن حدث لي إشكال في الكتاب و هو قوله
(إن هذا الشيطان هو عبد الله بن سبأ من يهود صنعاء و كان يسمى ابن السوداء و كان يبث دعوته بخبث و تدرج و دهاء و استجاب له ناس من مختلف الطبقات فاتخذ من بعضهم دعاة ..................... - إلى أن قال - أما المدينة فلم يندفع في هذا الأمر من أهلها إلا ثلاثة نفر و هم محمد بن أبي بكر و محمد ابن أبي حذيفة بن عتبة ابن ربيعة بن عبد شمس و عمار بن ياسر)
فقلت لعله خطأ في فهمي و قلت لعله تصحيف
ثم قلت لعل الأخوة يعلمون في هذا ما لا أعلم
فهل من حل لهذا الإشكال بارك الله فيكم
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ـ[محمد عمارة]ــــــــ[21 - 06 - 08, 03:03 م]ـ
للرفع
ـ[محمد عمارة]ــــــــ[23 - 06 - 08, 12:39 ص]ـ
للرفع
ـ[محمد عمارة]ــــــــ[25 - 06 - 08, 10:35 م]ـ
للرفع(97/143)
هذا الحديث يدل على فضل الموت في المدينة الا يدل على فضل الصلاة فيها عن الصلاة في مكة
ـ[عبد الرحمن بن شيخنا]ــــــــ[19 - 06 - 08, 03:43 ص]ـ
هذا الحديث يدل على فضل الموت في المدينة الا يدل على فضل الصلاة فيها عن الصلاة في مكةالمكرمه
لاسيما ولامام مالك رحمه الله يرى ذالك
لعله لعدم صحة حديث فضل الصلاة بمائة الف بالمسجد الحرام عنده(97/144)
رأفة الأنبياء ودعاء سيدنا نوح صلى الله عليه وسلم
ـ[حمد بن صالح المري]ــــــــ[19 - 06 - 08, 08:55 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، واُصلّي وأُسلّمُ على مَن بُعِثَ رحمةً للعالمين، وعلى آلهِ وصحبه أجمعين، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين، أما بعد:
فهذه خواطر حول دعاء سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام؛ كتبْتُها هنا لأستخرجَ دررَ شيوخي وإخواني الفضلاء في هذا الملتقى المبارك، فأقول وبالله التوفيق:
من المعلوم أنّ الأنبياء عليهم الصلاةُ والسلام أكثر الخلقِ رحمةً ورأفةً على أقوامهم، والمتتبع لسير الأنبياء في القرآن يرى من ذلك العجاب ... ، فانظر إلى سيّدنا نوح عليه الصلاة والسلام كيف دعا قومَه ألفَ سنةٍ إلاّ خمسين عاماً؛ فضربَ أروعَ الأمثلة على استقامة الداعي، وعدم يأسهِ، ولم يدعُ على قومهِ طيلة هذه الفترة الطويلة.
وقد ذكر المفسرون آثاراً كثيرة حول الأذى الذي تعرّض له سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام. وقد تأمّلتُ كثيراً قولَ نوح عليه الصلاة والسلام: {ربِّ لا تَذَرْ على الأرضِ منَ الكافرينَ ديّاراً}، فإنه لم يدعُ عليهم إلا بعدما أخبره المولى جلّ وعلا أن بابَ الهداية قد أغلِقَ على من تبقّى من قومه: {وأوُحِيَ إلى نوحٍ أنّهُ لن يُؤمِنَ من قومِكَ إلا من قد آمَنَ فلا تبتئسْ بما كانوا يفعلون}، هنا دعا سيّدنا نوح عليه الصلاةُ والسلام؛ وذكر السببَ في قوله: {إنَّكَ إن تَذَرْهُم يُضِلّوا عبادَك ولا يَلِدُوا إلاّ فاجراً كفّاراً}، فذكر سببين اثنين؛
الأول: الخوف على المؤمنين الصالحين من هؤلاء الكافرين.
الثاني: أنّ في بقائهم زيادة عدد المعذّبين في النار.
فدعاؤه ليس مبنياً على الغضب والانتقام -كما قاله بعض المفسرين-، وهذا من عجائب سيرهم عليهم الصلاة والسلام، فانظر إلى صبرهم وتحملهم، وما يحملونه في قلوبهم من العواطف.
فاللهم ارزقنا رحمةَ في قلوبنا؛ تقودنا إلى الحزن والشفقة على أنفسنا وإخواننا وعبادك الغافلين، واجعلنا دعاةً إليك وإلى سنة رسولك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على نهج الأنبياء عليه أفضل الصلاة والتسليم.
وأسأل الله تعالى أن يوفق جميع شيوخي وإخواني لما يُحبّ ويرضى.
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[19 - 06 - 08, 05:45 م]ـ
جزاك الله خيرا ياشيخ حمد على هذه الفوائد الطيبة ونحن بانتظار المزيد.
ـ[حمد بن صالح المري]ــــــــ[22 - 06 - 08, 08:31 ص]ـ
مرحباً بأبي عبد الله السبيعي ...
ومما زادني شرفاً وفخراً مرورك على الموضوع ... وفقني الله وإياك لما يحبّ ويرضى ...
ـ[أبو أسيد]ــــــــ[23 - 11 - 09, 08:41 م]ـ
بوركت أخي على هذه الدرر , وهذا كثير في حال الأنبياء مع أقوامهم أرسلوا هداية للخلق و رحمة بهم وشفقة عليهم ..
ومن أكملهم رحمة بقومه بل بجميع أمته نبينا صلى الله عليه وسلم الذي قال الله عنه ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ))
وقال جل شأنه: ((لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ))
ـ[حمد بن صالح المري]ــــــــ[24 - 11 - 09, 07:24 ص]ـ
أشكرك أخي أبا أسيد ...(97/145)
حكم جمع الصلاتين لأجل "الغبار الشديد"! .. الذي تلحق منه مضرة!! تفضل
ـ[عبدالملك]ــــــــ[19 - 06 - 08, 01:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:
سأطرح هذا الموضوع للنقاش نظرا لكثرة الفتيا والسؤال عنه هذه الأيام ولاختلاف الآراء فيه
الظروف الجوية في دول الخليج العربي تغيرت هذا العام وطرأ على الجو مالا يعرفه أو يشاهده الناس من قبل ألا وهو:
الغبار الشديد الذي تكاد الرؤية تنعدم أو قد تنعدم معه وثبت طبا ضرره قطعا على صحة الانسان.
ماذا يقول السادة العلماء في حكم الجمع بين الصلاتين لأجل الغبار الشديد؟
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
الثاني:
قوله: «ووحل» الوحل: الزلق والطين؛ فإذا كانت الأسواق قد ربصت من المطر فإنه يجوز الجمع، وإن لم يكن المطر ينزل، وذلك لأن الوحل والطين، يشق على الناس أن يمشوا عليه.
وعلم من قوله: بين العشائين أنه لا يجوز الجمع بين الظهرين لهذه الأسباب وهو المذهب. والراجح أنه جائز لهذه الأسباب وغيرها بين الظهرين والعشائين عند وجود المشقة بترك الجمع، كما يفيده حديث ابن عباس رضي الله عنه.
الثالث:
قوله: «وريح شديدة باردة» اشترط المؤلف شرطين للريح:
1 ـ أن تكون شديدة.
2 ـ وأن تكون باردة.
وظاهر كلامه: أنه لا يشترط أن تكون في ليلة مظلمة، بل يجوز الجمع للريح الشديدة الباردة في الليلة المقمرة أيضاً.
فإذا قال قائل: ما هو حد الشدة والبرودة؟
فالجواب على ذلك: أن يقال: المراد بالريح الشديدة ما خرج عن العادة، وأما الريح المعتادة فإنها لا تبيح الجمع، ولو كانت باردة، والمراد بالبرودة ما تشق على الناس.
فإن قال قائل: إذا اشتد البرد دون الريح هل يباح الجمع؟ قلنا: لا لأن شدة البرد بدون الريح يمكن أن يتوقاه الإِنسان بكثرة الثياب، لكن إذا كان هناك ريح مع شدة البرد فإنها تدخل في الثياب، ولو كان هناك ريح شديدة بدون برد فلا جمع؛ لأن الرياح الشديدة بدون برد ليس فيها مشقة، لكن لو فرض أن هذه الرياح الشديدة تحمل تراباً يتأثر به الإِنسان ويشق عليه، فإنها تدخل في القاعدة العامة، وهي المشقة، وحينئذٍ يجوز الجمع.
فإذا قال قائل: ما الدليل على اختصاص الجمع للريح الشديدة والمطر والوحل بالعشائين.
قلنا: الدليل أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «جمع بين العشائين في ليلة مطيرة» [(568)] ولكن هذا الحديث فيه نظر، والذي رواه النجاد، وليس البخاري كما في بعض نسخ الروض.
وأيضاً كونه جمع في ليلة مطيرة لا يمنع أن يجمع في يوم مطير، لأن العلة هي المشقة، ولهذا كان القول الصحيح في هذه المسألة: أنه يجوز الجمع بين الظهرين لهذه الأعذار، كما يجوز الجمع بين العشائين، والعلة هي المشقة، فإذا وجدت المشقة في ليل أو نهار جاز الجمع.
فأسباب الجمع هي: السفر، والمرض، والمطر، والوحل، والريح الشديدة الباردة، ولكن لا تنحصر في هذه الأسباب الخمسة، بل هذه الخمسة التي ذكرها المؤلف كالتمثيل لقاعدة عامة وهي: المشقة، ولهذا يجوز الجمع للمستحاضة بين الظهرين، وبين العشائين لمشقة الوضوء عليها لكل صلاة، ويجوز الجمع أيضاً للإِنسان إذا كان في سفر وكان الماء بعيداً عنه، ويشق عليه أن يذهب إلى الماء ليتوضأ لكل صلاة، حتى وإن قلنا بعدم جواز الجمع في السفر للنازل، وذلك لمشقة الوضوء عليه لكل صلاة.
المصدر:
المكتبة المقروءة: الفقه: الشرح الممتع على زاد المستقنع - المجلد الرابع
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18060.shtml
الموضوع له بقية ...
وانتظر أقلامكم ومشاركاتكم ...
ـ[عبدالملك]ــــــــ[19 - 06 - 08, 02:01 م]ـ
الإخوة المشرفون
الإخوة الأعضاء
كل باسمه
يشرفني الانضمام لأسرة المنتدى وارجو الله ان استفيد من أقلام العلماء وطلبة العلم في هذا الصرح الشامخ
واعتذر إن كنت كتبت الموضوع قبل السلام عليكم شكر الله لكم جميعا
ـ[عبدالملك]ــــــــ[19 - 06 - 08, 05:59 م]ـ
المشرف الكريم
أرجو نقل الموضوع الى المنتدى الشرعي العام
لأنني وضعت الموضوع هنا خطأ
أرجو قبول اعتذراي وشكرا
ـ[زاحم الشمري]ــــــــ[11 - 02 - 09, 04:55 م]ـ
بارك الله فيك ... نقل موفق
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[12 - 02 - 09, 11:58 ص]ـ
بارك الله فيك ورحم الله الشيخ رحمة واسعة.
من باب المذاكرة
ينبغي أن يقال في هذا المقام:
«المحافظة على الوقت أولى من المحافظة على الجماعة»؛ لأن الجماعة عند أكثر العلماء دون الوقت الذي هو شرط، فهي إما واجبة، أو فرض كفاية، أو سنة، وشذ قول من جعلها شرطا وهو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية؛ ولرأيه هذا جعل الجماعة في الجمع للغذر أفضل من الانفراد في الوقت.
وقد جاء نصوص كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنه كان في يوم المطر ونحوه يأمر المنادي أن يقول: «الصلاة في الرحال». من الصحيحين.
ومن جهة النظر:
فإخراجه في الغبار الشديد أو المطر = يتضمن إلحاق المشقة على المكلف؛ إذ إنه يتعرض لذلك، وربما كان وقت الثانية سالما من وجود المشقة.
والله أعلم.(97/146)
سلسلة حلقات ردّ الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر الجزائري
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[19 - 06 - 08, 03:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة السلام عليكم ورحمة الله
كثيراً ما نشاهد في هذا المنتدى (منتدى أهل الحديث) وغيره، أسئلة يضعها بعض طلاب العلم أو بعض أبناء أمة الإسلام المتصفحين للشابكة (الإنترنت)، يستفسرون فيها عن أمر ما، وهم طبعاً ينتظرون إجابةً عليه، والمزيّة المفترضة لهذه الإجابة في هذا المنتدى أنها ستحمل صبغة شرعيّة يركنُ إليها السائل ويعدّها صالحة للنشر والتداول.
ومن ذلك أن أحد الإخوة وضع سؤالاً يستفسر فيه عن شخص الأمير عبد القادر الجزائري، وسبب سؤاله فيما يبدو أنه سمع أو اطلع على كلام عن الأمير جعله يتشكك في أمره، لذلك وضع هذا السؤال لكي يحصل على إجابة علمية شرعية يطمئن إليها.
ولكن، ويا للأسف، فقد استنفر للإجابة عن هذا السؤال أشخاص فيما يبدو ليسوا من أهل العلم والورع في الحكم على الرجال، فكانت النتيجة أنهم أساؤوا بتسرعهم ونشرهم كلاماً يؤاخذون عليه دنيا وآخرة. ومن هذه الأجوبة إحالة إلى مقال الأخ المتسمي بـ (محمد المبارك) لا أدري هل هذا اسمه الحقيقي أم لا؟ والموسوم بـ (فك الشفرة الجزائريّة وفتح الأيقونة الباريسيّة).
وطبعاً القارئ لهذا العنوان المبهرج يظن أنه سيقع على جواب دسم ومفيد، والحقيقة خلاف ذلك!
وسأبدأ إن شاء الله بالرد على الشبهات التي أثارها صاحب المقال، وذلك ضمن حلقات تأتيكم تباعًا إن شاء الله، تحت عنوان:
(الأمير عبد القادر الجزائري؛ بين عدل أهل الحديث وظلم أهل التدليس) وقبل أن أبدأ بالرد على مغالطات صاحب المقال، أود أن أبدأ بمسألة ذكرها صاحب المقال معتمدًا عليها؛ ويذكرها بعضُ من خاض في عرض الأمير عبد القادر ويظنون أنها ثابتة أو صحيحة ويبنون عليها أحكامهم، ويبالغ بعضهم كاذبًا فيقول إنها متواترة!! ويحاول البعض أن يدلّس على الناس فيوهمهم أنّ بعض علماء الحديث الكبار في عصرنا هذا؛ قد أثبتها!!
وهذه المسألة هي ما رواه عبد الرحمن الوكيل في المقدمة التي كتبها لكتاب الإمام برهان الدين البقاعي رحمه الله (تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي) نقلاً عن الصفحة الأولى من نسخة الشيخ محمد نصيف الذي أهدى هذا الكتاب إلى الشيخ محمد حامد الفقي ليطبعه حيث قال: وقد كتب الشيخ الجليل محمد نصيف على نسخته ما يأتي: "أقول أنا محمد نصيف بن حسين بن عمر نصيف: سألت السائح التركي ولي هاشم عند عودته من الحج في محرم سنة 1355هـ عن سبب عدم وجود ما صنفه العلماء في الرد على ابن عربي، وأهل نحلته الحلولية والاتحادية من المتصوفة؟ فقال: قد سعى الأمير السيد عبد القادر الجزائري بجمعها كلها بالشراء والهبة، وطالعها كلها، ثم أحرقها بالنار، وقد ألف الأمير عبد القادر كتاباً في التصوف على طريقة ابن عربي. صرّح فيه بما كان يلوّح ابن عربي، خوفاً من سيف الشرع الذي صرع قبله:" أبو الحسين الحلاج "، وقد طبع كتابه بمصر في ثلاث مجلدات، وسماه المواقف في الواعظ والإرشاد، وطبع وقفاً، ولا حول ولا قوة إلا بالله".انتهى [ص14]
وأقول: إذا كان ما رواه الوكيل عن الشيخ محمد نصيف صحيحًا، فإننا مع احترامنا للشيخ محمد نصيف ولمنزلته، لا يمكن أن نقبل هذا الكلام لأنه كلام غير مقبول أبداً وليس علمياً ولا منطقياً!! والذين يقبلونه هكذا على علاّته عندهم مشكلة ولا ريب، ونحن مسلمون نكتب في منتدى أهل الحديث، فيجب علينا أن نقتفي طريقة أهل الحديث في قبول الروايات وردّها، فما بالك برواية عجيبة كهذه؟!
أوّلاً ـ لماذا لم يترجم الشيخ نصيف لشخصية السائح التركي ولي هاشم؟ من هو، وما منزلته العلمية، ومتى ولد، وما عمله واختصاصه، وعَمَّن تلقى تلك الرواية عن الأمير؟ أسئلة كثيرة يجب أن تُعرف قبل القبول برواية شخص مجهول الحال!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/147)
ثانياً ـ من المعروف أن الشيخ محمد نصيف من أشهر أصحاب المكتبات في مدينة جُدّة والمهتمّين بالكتب، فما حاجته إلى سؤال أحد السّائحين الأتراك عن تلك الكتب؟ وهل ذلك التركي أعلم بالكتب والمخطوطات من الشيخ نصيف؟ وقد ذكر عبد الرحمن وكيل ص13 أنّ السيد أحمد زكي أهدى صورة مخطوط (تنبيه الغبي) للشيخ محمد نصيف سنة (1352هـ) أي قبل اجتماعه بالسائح التركي بثلاث سنوات!! إذن عمَّ كان يسأله والكتاب عنده؟!
ثالثاً ـ إنّ سؤال الشيخ نصيف غريب، فما هي الكتب التي صُنّفت في الرد على ابن عربي؟ نحن لم نسمع أو نقرأ عن كتاب صنّف لأجل الرّد على ابن عربي غير كتاب الإمام البقاعي (تنبيه الغبي)، فلماذا لم يذكر لنا الكتب المفقودة التي صنّفت في الرد على ابن عربي؟ وجواب السائح التركي أغرب منه فقد زعم أنّ الأمير اشترى جميع (انتبه جميع) تلك الكتب والمخطوطات وأحرقها!!
ونحن نرى أنّ كتاب البقاعي كان موجوداً عند الشيخ نصيف وقد طُبع! إذن فالمخطوط لم يُحرق والحمد لله، وكذلك كتب التراجم التي ترجمت لابن عربي وانتقدته، مثل (ميزان الاعتدال) و (لسان الميزان) و (سير أعلام النبلاء) و (العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين) وغيرها من الكتب كلّها موجودة ومطبوعة، إذن فمخطوطاتها لم تحرق والحمد لله، فعن أي كتب يسأل الشيخ نصيف؟ وأيّ جواب هذا الذي افتراه السائح التركي؟!!
رابعاً ـ إنّ الأمير عبد القادر توفي سنة (1300هـ)!، والشيخ نصيف من مواليد (1302هـ)! () أي بعد وفاة الأمير بسنتين، والسائح التركي لا نعرف من هو ولا تاريخ مولده، ولكنّ اللقاء جرى بينه وبين الشيخ نصيف سنة (1355هـ)!!! أي بعد وفاة الأمير بخمس وخمسين سنة! فمن أين لهذا السائح التركي تلك المعلومات؟ شراء جميع تلك المخطوطات أو استيهابها ثمّ الاطلاع على ما فيها وبعد ذلك إحراقها!!
إنّ واحدة من تلك المعلومات تحتاج من راويها أن يكون معاصراً للأمير ومخالطاً له ومطلعاً على أعماله واتصالاته، فما بالها غابت عن كل من خالط الأمير واجتمع به وعاش معه من العلماء والوجهاء والأدباء والأعيان الذين ترجموا له وكتبوا عن سيرته، وظفر بها السائح التركي المجهول والذي يفتقر إلى كل تلك الصفات؟!
خامساً ـ إن حادثة مثل هذه (إحراق مخطوطات) هي حادثة كبيرة جداً، ومن الغريب والمستبعد جداً ألاّ يعلم بها أحدٌ من أهل الشام على مختلف طبقاتهم، فكل من ترجم للأمير عبد القادر، وهم من تيارات مختلفة: ففيهم الصوفي وفيهم السلفي وفيهم الكافر وفيهم المسلم وفيهم المستشرق والمغرض وفيهم المؤرخ الحر وفيهم الأدباء، كل هؤلاء لم يذكروا هذه الحادثة أو يشيروا إليها لا من قريب ولا من بعيد!! فكيف علم بها السائح التركي وحده؟ وكيف قَبِل منه هذا الخبر الشيخ محمد نصيف؟!
وهؤلاء العلماء ذكروا ما للأمير وما عليه بإنصاف وعدل.
سادساًـ من المعلوم عند أهل العلم أن السلطان سليم العثماني هو من أشد الناس تعظيماً وتقديساً لابن عربي، وبعد دخوله إلى الشام أسرع وأمر ببناء مقام للشيخ ابن عربي بصالحية دمشق في أعلى الجبل وفق إشارة الشيخ ابن عربي في أحد كتبه!! [انظر (منتخبات التواريخ لدمشق) للحصني 2/ 573] (وكان يعبّر عن هذه الإشارة بعض شيوخ المتصوفة بقولهم: إذا دَخَلَت السِّين في الشين ظَهَرَ مقام محيي الدين! إذن فلتكن السين هي رمزٌ للسلطان سليم والشين رمزٌ للشام)
ومن المعلوم أيضاً عند أهل العلم أن السلطان سليم قام بمصادرة مخطوطات الحديث والسنة من الشام ومصر وألقاها في أقبية الآستانة (وهذا قبل أن يولد أجداد الأمير عبد القادر)، وآخر من اطلع على هذه المخطوطات من العلماء المشاهير الحافظ ابن حجر العسقلاني،رحمه الله، فلماذا لم يذكر أحد من أهل التواريخ أن السلطان سليم أحرق الكتب التي ترد على ابن عربي؟ ولماذا لم يقم بهذا الفعل أصلاً مع تعصبه الشديد لابن عربي؟ [والدليل على ما قاله أهل العلم من المؤرخين هو عثور الأستاذ أحمد زكي على مخطوط (تنبيه الغبي) في خزائن القسطنطينية (استنبول)!!. انظر مقدمة عبد الرحمن الوكيل ص13
فائدة: [الأستاذ أحمد زكي باشا والملقّب بشيخ العروبة كان من أصدقاء الأمير سعيد الجزائري حفيد الأمير عبد القادر]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/148)
سابعاً ـ إنّ الدولة العثمانيّة في كلّ أطوارها كانت ترسّخ التصوّف وتشجّعُ عليه في كلّ أرجاء دولتها، وهي التي أنشأت الأضرحة والقباب والمقامات والزوايا وأجرت لها الأوقاف، وعيّنت كبار شيوخ التصوف مُتَولِّين على الأوقاف الإسلامية. وكما نعلم فإنّ المتصوفة يعظّمون ابن عربي ويقدّسونه فهل يريد منا الشيخ نصيف أن نقبل أن جميع هؤلاء المتعصبين لابن عربي من السلطان سليم وباقي السلاطين والولاة مروراً بمشيخة الطرق والأضرحة لم يتعرّضوا للكتب الرادة على ابن عربي عبر تلك القرون كلها وحافظوا عليها واعتنوا بها، وتركوا التفكير بإحراقها، حتى إذا أهلَّ زمان الأمير عبد القادر؛ ذلك القائد الفذ والأديب الشريف، أقدم على التفكير بهذه الطريقة وقام بتنفيذها؟!!!
إنّ هذا حقاً لأمر عجيب ولا يمكن القبول به عند العقلاء.
وألفت الانتباه إلى أنّ السيوطي نفسه؛ وهو الذي ردّ على كتاب الإمام البقاعي؛ كان يعتقد بولاية ابن عربي ولكن كان يقول بحرمة قراءة كتبه!
وجلّ شيوخ التصوف كان هذا مذهبهم ينهون أتباعهم عن نسخ كتب ابن عربي أو قراءتها مع إقرارهم بولايته!! ويقولون للناس إن الفقهاء الذين ينتقدون ابن عربي لم يفهموا كلامه ونحن نعذرهم فهم أهل الظاهر وابن عربي من أهل الباطن!!
إذن فما الحاجة إلى إحراق كتب العلماء التي انتقدت ابن عربي؟
ليس هناك حاجة طبعاً سوى أن مختلق هذه القصّة (السائح التركي!) أراد أن يشوّه صورة الأمير عبد القادر فحسب، فالأمير صوفي المشرب في الأصل وهذا يكفي عند البعض لأن يكون مباح العرض والدم فيفترى عليه بالباطل وتلصق به التهم.
ثامناً ـ أنا أعلم أنّ الأمير عبد القادر كان صوفيّ المشرب وقرأ "الفتوحات المكيّة"، ولكن هذا لا يسمح لي أن أجزم من عند نفسي بأنّه كان موافقاً لابن عربي في كلّ شذوذاته وانحرافاته، كيفَ لي ذلك وأنا أقرأُ في كتاب المواقف؛ الذي نَسَبه الشيخ محمد نصيف للأمير! (وليس له)؛ قولَ الأمير: "وما يُنسَبُ لسيدنا خاتم الولاية محيي الدين مِنَ الكتب المؤلّفة في علم التدبير والكيمياء، ولغيره من الأولياء الدّاعين إلى الله تعالى؛ فزورٌ وافتراء، فإنّه مُحالٌ أنْ يَدُلَّ وليٌ من أولياء الله، عبادَ الله على ما يقطعهم عن الله تعالى ... وكذا ما يُنسَبُ لسيدنا محيي الدين، من الكتب المؤلّفة في الملاحم والجِفْر كالشّجرة النعمانيّة وغيرها .. وكذا الفتاوى المنسوبة إليه، كذبٌ وزور".انتهى [المواقف 2/ 709]
فكما ترون فإنّ الأمير عندما اطّلَعَ على كلامٍِ يُنسبُ للشيخ ابن عربي ووجَدَه مخالفاً للشريعة أسرعَ فنفاه عنه وذلك في كتابه الخاص بعلوم القوم، والسبب في ذلك أنّ الأمير نشَأ على محبّة من يُسمّونهم أولياء الله، ومنهم ابن عربي. فمن باب حُسنِ ظنّه به نفى عنه ما رآه مخالفاً للشرع.
ولَسْتُ هنا في معرض تصويب أو تخطئة كلام الأمير في نفي تلك الكتب أو إثباتها، ولكنّ الذي أُريد بيانه أنّ الأمير صرَّح بعدم موافقته على الكلام المخالف للشرع الذي نُسِبَ لابن عربي، فكيفَ يسمح البعض لأنفسهم أن يجزموا بأنّ الأمير كان على معتقد الشيخ ابن عربي من الحلول والاتحاد؟!
كما فعل الشيخ محمد نصيف الذي لم يكتف بذلك بل قال: ((وقد ألف الأمير عبد القادر كتاباً في التصوف على طريقة ابن عربي. صرّح فيه بما كان يلوّح ابن عربي)). سبحان الله!
وانظروا إلى تحذير الأمير من ذلك عندما كان يشرحُ بعض إشارات الصوفيّة قال في آخر كلامه:
" واحذر أن ترميَني بحلولٍ أو اتّحاد أو امتزاج أو نحو ذلك، فإني بريء من جميع ذلك ومِنْ كل ما يُخالف كتابَ الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم .. ".انتهى [المواقف 2/ 869]
وانظروا إلى قوله: " ... فإنّ هلاكه أقرب، ونجاته أغرب، إذ للشيطان فيه مدخلٌ واسع وشبهة قويّة فلا يزال أبو مُرّة (يعني إبليس) معه يستدرجه شيئاً فشيئاً يقول له: الحقُّ ـ تعالى ـ حقيقَتُكَ، وما أنتَ غيرُه، فلا تُتْعِب نفسك بهذه العبادات، فإنّها ما وُضعت إلا للعوام الذين لم يصلوا إلى هذا المقام، فما عرفوا ما عَرَفت، ولا وصلوا إلى ما إليه وصلت. ثمّ يُبيحُ له المحرّمات، ويقول له: أنتَ ممَّن قال لهم: اعملوا ماشئتم فقد وجبت لكم الجنّة، فيُصبِحُ زنديقاً إباحيّاً حلوليّاً، يمرقُ من الدِّين كما يمرق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/149)
السهم من الرميَّة".انتهى [المواقف 3/ 1043]
يقول شارل هنري تشرشل: ((إن العرب ينسبون نجاح وحظّ عبد القادر السعيد إلى تعضيد سميّه العظيم (يقصد بسميّه الشيخ عبد القادر الجيلاني)، ولكن كلّما سُئلَ عبد القادر عن عقيدته في هذه الخرافة، أجاب بلا تغيير، مُشيراً بإصبعه إلى السماء، "إنّ ثقتي في الله وحده")).انتهى [(حياة الأمير عبد القادر) ترجمة أبي القاسم سعد الله ص46]
وهذا نصٌّ واضح يرويه هنري تشرشل (البريطاني المسيحي) مباشرة عن الأمير ـ فقد لازمه مدة خمسة أشهر في دمشق سنة 1860م يسأله عن حياته العائلية ووقائعه في الجزائرـ وبعد أن سأله مراراً عن عقيدته فيما يعتقده بعض المتصوفة من أنّ نجاح الأمير كان بسبب عناية الولي الجيلاني به ومساندته له، كان جواب الأمير ثابتًا دائماً، كان يُشير بإصبعه إلى السماء ويقول:"إنّ ثقتي بالله وحده"!!
وهذه النصوص التي سقتها لكم هي نصوص ظاهرة الدلالة يصرّح فيها الأمير عن معتقده، فلا يجوز أن يُتغافل عنها ويُصار إلى الكلام عنه بالتخرّص والتوهّم!! بل يتعيّن الاعتماد عليها وطرح ما يخالفها.
وسيأتي مزيدٌ لبيان فكر وعقيدة الأمير عبد القادر عند الحديث على كتاب المواقف إن شاء الله.
أعتقد أنّ هذه الأشياء التي ذكرتها لكم تبيّن بوضوح عدم صحة الرواية التي أوردها الشيخ محمد نصيف عن السائح التركي، على جميع الصُعد، فهي لا تصح سنداً ولامتناً ولا مقبولة عقلاً، ومتعارضة مع الحقيقة والواقع، فقد زعم راويها أنّ الأمير اشترى كل تلك الكتب وأحرقها، وها نحن نرى اليوم جميع تلك الكتب موجودة ومحفوظة! فالأخذ بهذه الرواية ليس من الدّين في شيء.
وأعجب من ذلك أنّ بعض الذين أوردوا هذه الرواية فهموا منها شيئاً لم يُذكر فيها! وصاغوه كما يروق لهم، فقالوا: إن الأمير عبد القادر من ألد أعداء دعوة شيخ الإسلام ابن تيمية وكان يُحرق كُتبه وكتب ابن القيّم!!
ودليلهم على ذلك هو الرواية التي ساقها الشيخ محمد نصيف.
ولا أدري من أين ظهر لهم اسم شيخ الإسلام ابن تيمية في كل تلك الرواية؟!
لعلّهم ظنوا أنّ الإمام ابن تيميّة، رحمه الله، كان الوحيد الذي يُنكر على ابن عربي، ومِنْ ثَمَّ فالكتب التي أحرقها الأمير عبد القادر هي كتب الإمام ابن تيميّة، ومن هنا استشفّوا العداوة بين الرجلين!
وهذا والله أمرٌ عجيب! أيكون الحكم على العلاقات بين الرجال بهذه الطريقة السقيمة؟!
توهّمٌ أوّل مضافٌ إلى توهّمٍ ثان والتوهمان مبنيان على رواية باطلة، وبعد ذلك الخروج بحكم ما أنزل الله به من سلطان. ثم "نحن أهل الإسلام وأهل الحديث!! "
إنّ الواجب على الذي يدّعي هذا الكلام أن يأتي بالبرهان والدليل على كلامه، وإلاّ فهو ساقط الرواية وليس بثقة؛ هذا في الدنيا، وأما في الآخرة فالموقف عصيب والدّيان شديد العقاب.
وأنبّه هنا إلى أمر هام وهو أنّ علماء عصرنا الذين ترجموا لابن تيمية وابن القيم وكذلك المحققين الذين تولوا إخراج تراثهما المكتوب، لم يشيروا لا من قريب ولا من بعيد إلى حادثة إحراق كتبهما. وتفرّد بذكر هذه الحادثة صاحب مقال فك الشيفرة وأمثاله من الذين يلقون أوهامهم هنا وهناك في (الإنترنت)، وهم ليسوا من أهل العلم بل وغير معروفين.وليس لهم أي مستند أو برهان لما ذكروه وافتروه!!
والأمير له بعض الكتب والرسائل، لا يوجد في أي منها تعريض بشيخ الإسلام أو بغيره.
وبعد مطالعتي لتراث الأمير عبد القادر لم أقف على شيء يدل على نفور الأمير من ابن تيمية. ولكنني وقفت على بعض النصوص، التي كتبها السيد أحمد بن محيي الدين الحسني الأخ الأصغر للأمير عبد القادر وتلميذه النجيب وهو صوفي المشرب أيضًا (وهو من أصفياء العلاّمة جمال الدين القاسمي)، هي أقوى في الدلالة وأظهر من تلك التي اعتمد عليها أدعياء العداوة بين الرجلين؛
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/150)
1ـ جاء في كتاب (نثر الدر وبسطه) لأحمد بن محيي الدين الحسني (وهو مطبوع سنة 1324هـ) في الصفحة 102: (( .. ثمّ إنّ مما يُستغرب منه ويُتعجّب ما كنتُ سمعته من بعض طلبة وقتنا، وهو أنّ العلاّمة المحقق الشيخ ابن تيميّة رحمه الله تعالى ألّف كتاباً حاول فيه تعليل المسائل الفقهيّة التي عجز فحول العلماء عن تعليلها، واستنبطَ لها جميعها تعليلات مقبولة، فاستبعدتُ ذلك منه كل البعد، وعددته من الأشياء المحالة أو الشبيهة بالمحال، إذ لا يمكن للإنسان أن يلتمس لتلك الأشياء تعليلاً مقبولاً إلاّ أن يكون بقوة كشفيّة أو ملكة وهبيّة. فلربما يصحّ ذلك لمن أطلعه الحق تعالى على ما هنالك وتخرج وقتئذ عن كونها تعبّديّة .. )) انتهى
إذن فالسيد أحمد الأخ الأصغر للأمير وتلميذه المخلص إذا أورد اسم شيخ الإسلام قال عنه: ((العلاّمة المحقق الشيخ)) ثمّ يقول ((رحمه الله تعالى))، مع أنّ الكلام الذي سيسوقه إنما هو في معرض الرد والمخالفة، فهل يمكن أن يُفهم من كلامه أنّه من ألدّ أعدائه؟
وانظروا إلى ما قال الهيتمي بحق شيخ الإسلام ابن تيمية عندما سُئل عنه فأجاب بقوله: ((ابن تيمية عبدٌ خذَلَه الله وأضلّه وأعماه وأصمّه وأذله وبذلك صرّح الأئمة الذين بينوا فساد أحواله وكذب أقواله)).انتهى [انظر فتاوى الهيتمي ص114].
بمقارنة بسيطة بين كلام السيد أحمد الحسني وبين كلام الهيتمي يستطيع العاقل أن يميّز بين من هو مبغضٌ وعدوّ، وبين من يحترم الآخر مع مخالفته له في المذهب الفقهي. ومِِنْ ثَمَّ يستطيع القول إنّ الهيتمي مبغضٌ وعدوٌ لابن تيميّة، ولكنه لا يستطيع أن يقول ذلك أبداً عن السيد أحمد، وغرضي من هذا أن موقف السيد أحمد هو بالضرورة يعبّر عن موقف أخيه وأستاذه الأمير عبد القادر.
2ـ وجاء في كتاب السيد أحمد بن محيي الدين الحسني (نُخبة ما تُسرُّ به النواظر) وهو مخطوط موجود عندي، وقد قدَّم له العلاّمة جمال الدين القاسمي؛ يقول السيد أحمد في الصفحة 173
: (( .. وما أحسن قول العلاّمة محمد بن أبي بكر المعروف بابن القيّم الدمشقي الحنبلي في وصف الحور العين في نونيّته المشهورة رحمةُ الله عليه .... )).انتهى، ثم أورد (32) بيتاً منها.
أهذا وصف الأعداء الألداء بعضهم لبعض؟! وابن القيّم هو من أخص تلاميذ ابن تيميّة ووارث منهجه.
إذن أستطيع أن أرى من خلال هذين النصين أن من زعم أنّ الأمير يكره ابن تيميّة وابن القيم هو متخرّص ومتكلّم بغير علم ولا تقوى.
وللفائدة فإن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لم يكن مكروهاً من قِبَل العلماء ولا الناس ولا المتصوفة؛ لا في عصره ولا بعد ذلك، وإنما كان له بعض المنافسين الذين حاولوا أن ينالوا منه، ولكن هذا لم يكن له أي أثر عند الناس، وفقهاء المذاهب الأربعة المتأخرون نقلوا عنه واستشهدوا بكلامه في كتبهم؛ ولم يظهر التحامل على ابن تيمية والتعريض به على نحو عريض إلاّ في هذا العصر وذلك لأسباب أظن أنني غير محتاج إلى ذكرها في هذا المقام. والشيء نفسه يُقال بحق ابن القيّم رحمه الله.
وإنني أشهد أنني رأيت أناساً من المتصوفة، بل ومن غلاتهم يقفون على قبر الشيخ ابن تيمية في دمشق خلف مشفى التوليد الجامعي وفي حرم كلية طب الأسنان القديمة، ومدخل رئاسة جامعة دمشق، ويقرؤون له الفاتحة كما هي عادتهم إذا زاروا القبور. (وقبره مع قبر صاحبيه) هي القبور الوحيدة المتبقّية من مقابر الصوفية! (المقبرة التي دُفن فيها ابن تيمية اسمها مقابر الصوفية).
والآن سآتي على بيان فساد الادعاء الثاني، وهو توهّم أن الأمير أحرق كتب ابن تيمية.
إن شيخ الإسلام لم يتعرّض فيما أعلم لتأليف جزءٍ خاص في الرد على ابن عربي، وإنما هو ذكره في فتاويه ورسائله خلال حديثه عن انحرافات الصوفية. وكان يذكر عباراته التي في (فصوص الحكم والفتوحات) وينتقدها ويصفها بما تستحق من الضلال إلى الكفر، ولكنّه لم يتعرّض لتكفير شخص ابن عربي مباشرة، بل انظروا ماذا قال عنه في الفتاوى: (( .. المَقَالَةُ الأُولَى مَقَالَةُ ابنِ عَرَبِيٍّ صَاحِبِ فُصُوصِ الحكم. وَهِيَ مَعَ كَونِهَا كُفْرًا فَهُوَ أَقْرَبُهُم إلَى الإِسلامِ لِمَا يُوجَدُ فِي كَلامِهِ مِنْ الكَلامِ الجَيِّدِ كَثِيرًا وَلأَنَّهُ لا يَثبُتُ عَلَى الاتِّحَادِ ثَبَاتَ غَيرِهِ بَل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/151)
هُوَ كَثِيرُ الاضْطِرَابِ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ قَائِمٌ مَعَ خَيَالِهِ الوَاسِعِ الَّذِي يَتَخَيَّلُ فِيهِ الحَقَّ تَارَةً وَالبَاطِلَ أُخرَى. وَاَللَّهُ أَعلَمُ بِمَا مَاتَ عليه)) انتهى. [مجموع الفتاوى 1/ 141]
وقال: ((وَهُوَ قَوْلُ بَقِيَّةِ الاتِّحَادِيَّةِ لَكِنَّ ابنَ عَرَبِيٍّ أَقْرَبُهُم إلَى الإسلام وَأَحسَنُ كَلامًا فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ فَإِنَّهُ يُفَرِّقُ بَينَ الظَّاهِرِ وَالمَظَاهِرِ فَيُقِرُّ الأَمرَ وَالنَّهيَ وَالشَّرَائِعَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيهِ وَيَأْمُرُ بِالسُّلُوكِ بِكَثِيرِ مِمَّا أَمَرَ بِهِ الْمَشَايِخُ مِن الأَخْلاقِ وَالعِبَادَاتِ وَلِهَذَا كَثِيرٌ مِن العِبَادِ يَأخُذُونَ مِن كَلامِهِ سُلُوكَهُم فَيَنتَفِعُونَ بِذَلِكَ وَإِن كَانُوا لا يَفقَهُونَ حَقَائِقَهُ وَمَن فَهِمَهَا مِنهُم وَوَافَقَهُ فَقَد تَبَيَّنَ قَولَهُ)). انتهى [مجموع الفتاوى 1/ 196]
وفي الجزء الثاني من مجموع الفتاوى ص464: ((وإنما كنتُ قديماً ممن يُحسن الظن بابن عربي ويُعظّمه: لِمَا رأيت في كتبه من الفوائد مثل كلامه في كثيرٍ من "الفتوحات"، و"الكُنْه" ()، و"المحكم المربوط"، و"الدرة الفاخرة"، و"مطالع النجوم"، ونحو ذلك. ولم نكن بعد اطلعنا على حقيقة مقصوده، ولم نطالع الفصوص ونحوه، وكنا نجتمع مع إخواننا في الله نطلب الحق ونتبعه، ونكشف حقيقة الطريق، فلما تبيّن الأمر عرفنا نحن ما يجب علينا ... )) ثمّ ذكرَ طامّات من أقوال ومعتقدات غلاة الصوفية الفلاسفة وختمها بقوله: ((وهذه المعاني كلها هي قول صاحب الفصوص (يعني ابن عربي) والله تعالى أعلم بما مات الرجل عليه، والله يغفر لجميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات {ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم})). انتهى [مجموع الفتاوى2/ 469]
فهل في هذا الكلام ما يحمل على الحقد على ابن تيميّة؟ وهل في كلام ابن تيمية أي رائحة شدّة وتعسّف أو حقد على ابن عربي؟
وروى الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة ابن عربي، قال: وقد حكى العلامة ابن دقيق العيد شيخُنا أنه سمع الشيخ عز الدين ابن عبد السلام يقول عن ابن العربي: ((شيخ سوء كذّاب، يقول بقدم العالم ولا يحرِّم فرجاً)).انتهى
وقال تقي الدين السبكي: ((ومَنْ كان مِنْ هؤلاء الصوفية المتأخرين كابن عربي وغيره، فهم ضُلال جهالٌ، خارجون عن طريقة الإسلام، فضلاً عن العلماء)). انتهى. قال ذلك في باب الوصية من شرح المنهاج ونقله الكمال الدَّميري والتقي الحصني.
إننا إذا قارنا بين ما قاله الإمام العز بن عبد السلام أو السبكي وأبو حيان الأندلسي والبقاعي وغيرهم في ابن عربي وبين ما قاله ابن تيميّة، تبيَّن لنا كم كان الإمام ابن تيميّة متلطفاً في العبارة، ورعاً في الوصف مع الجرأة في بيان الحق ودحض الباطل. والشيء نفسه يُقال بحق ابن القيّم.
إذن فإحراق كتب هؤلاء أولى من إحراق كتب ابن تيمية وابن القيم!
ومع ذلك أقول للذين يصرّون بغير حق على اتهام الأمير بحرق كتب ابن تيميّة وابن القيّم.
هل تدرون أين وُجِدَت كُتب شيخ الإسلام ابن تيمية؟ وهل تدرون أين كانت تُحفظ وتتعهد بالرعاية؟ إلى أن يسّر الله طبعها ونشرها.
لقد وُجد مجموع فتاوى ابن تيمية بتمامه تقريباً في دمشق، موطنِ الأمير عبد القادر ومكان نفوذه وسلطته، في المكتبة الظاهريّة غير البعيدة عن دار الأمير عبد القادر! فكيف يزعمون أنه أحرقها؟
أم أنهم سيقولون إنها فاتته، إذن ماذا كان يحرق؟! وكيف لم يستحوذ عليها كما ادّعى السائح التركي، مع أنها تحت يده في دمشق؟
وإليكم ما قاله الشيخ محمد بن عبد الرحمن العاصمي، في مقدّمة مجموع الفتاوى المطبوع، قال: ((إن أباه الشيخ عبد الرحمن العاصمي الحنبلي رحمه الله بدَأَ بجمع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميّة في نجد سنة 1340 هـ (انتبه للتاريخ) فوجد منها ثلاثة مجلّدات عند الشيخ محمد بن عبد اللطيف ثمّ قال:" وكانت نجدٌ وما زالت ـ بحمد الله ـ أسعد الأقاليم بالانتفاع بمؤلّفات شيخ الإسلام، وتداولها وتدريسها"
[طبعاً هذا الكلام بعد وفاة الأمير عبد القادر وقبل قصّة الشيخ نصيف مع السّائح التركي فتنبَّه!]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/152)
ثمّ استخرَج من مكتبة الحرم المكي عدداً منها؛ كما تحصّل على مسائل من بعض العلماء الأفاضل. وأمّا فَرَحُه الكبير فقد كان عندما عَثَرَ في المكتبة الظّاهريّة بدمشق على الكمّ الأكبر من الفتاوى قال:" .. ثمّ تصفّحتُ ((المجاميع)) وهي تزيد على (150) مجموعة، وقد اشتَمَلَت على مسائل ونبذٍ لا توجد في غيرها، وهي بخطوط قديمة، وفيها من خطّ شيخ الإسلام بيده ما يزيد على (850) صحيفة. ومن تلك المجاميع ((مجموعة مسودة)) كلّها بخطّه، لا يوجد شيء منها في المكاتب، ولا غيرها عدد صفحاتها (664) .. "
ويتابع الحديث عن بحثه في المكتبات الأهليّة (الخاصّة) بدمشق فيقول: " فوجدتُ عند الشيخ حسن الشطي كتابين في الوقف ضمن مجاميع لشيخ الإسلام، وعند محمد حمدي السفرجلاني مسائل في التراويح والإمامة وغيرها .. وعند أحمد عبيد وإخوانه مسائل ... ".انتهى انظر مقدّمة مجموع الفتاوى بقلم الشيخ محمد بن عبد الرحمن العاصمي النجدي الحنبلي.
إذن بعض كتب شيخ الإسلام كانت في بلاد الحرمين قديماً، ولكن عُثر على معظم تراثه في دمشق! حيث كان يعيش الأمير عبد القادر، وحيث كانت دار الكتب الظاهرية التي أنشأها ومدّها بالمخطوطات والكتب أحدُ ألمع تلامذة الأمير عبد القادر والمقرّبين منه إنه الشيخ طاهر الجزائري السمعوني السَّلَفي، والأمير كان يمدّه بالمال والمخطوطات، ومعظم المخطوطات التي كانت عند الأمير أعطاها للشيخ طاهر، والمكتبة الظاهرية أُسِّسَت سنة 1879م يعني قبل وفاة الأمير بخمسة أعوام. والشيخ طاهر يُجلّ الأمير كثيرًا ورثاه بمرثيّة من أبدع ما قيل.
والذي أرشد الشيخ عبد الرحمن العاصمي إلى مجموع فتاوى ابن تيميّة، هو الأمير عبد المجيد حفيد الأمير عبد القادر، الذي كان أمينًا للمكتبة الظاهرية قرابة أربعين سنة! وللفائدة فإن الأمير عبد المجيد هو الذي كان يقدم التسهيلات للشيخ المحدّث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله، أثناء وجوده في المكتبة الظاهرية. وكان الأمير عبد المجيد يأخذ برأي الإمام ابن تيمية في بعض المسائل!
وبالمناسبة فإن هواة الطعن في الرجال بالتشهي يتّهمون الشيخ طاهر الجزائري بالماسونية!
إذن على طريقتهم فإنّ الماسون هم الذين حافظوا على تراث شيخ الإسلام ابن تيمية! وحسبنا الله ونعم الوكيل.
أعتقد أن في هذا القدر من التوضيح والبيان كفاية لمن يريد الحق.
وفي المشاركة القادمة إن شاء الله سأبدأ بالرد على التهم والتخرصات التي ساقها صاحب فك الشيفرة الجزائريّة. وسأجعل الرد مقسمًا على حلقات أتناول فيها التهم واحدة إثر أخرى.
والحمد لله ربّ العالمين
خلدون بن مكّي الحسني
للبحث صِلة
هناك ملف منسّق يمكنك تحميله من المرفقات!
ـ[صخر]ــــــــ[19 - 06 - 08, 04:12 م]ـ
بوركت ... وسبق أن أثير هذا الموضوع في الألوكة ..
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[19 - 06 - 08, 05:23 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل هذه السلسلة هي نتاج مداخلتك عبر قناة المستقلة؟
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[19 - 06 - 08, 06:21 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله
أخي صخر: الموضوع أثير دون بيان الحق من الباطل وأنا اليوم أعالج المسألة علميًا وبعدل وإنصاف إن شاء الله
الأخ عبد القادر: سلسلة الردود التي سأنشرها، كنت كتبتها من أشهر، أي قبل مشاركتي في قناة المستقلة
وشكر لكم.
ـ[أبو مصعب البكري]ــــــــ[20 - 06 - 08, 01:09 م]ـ
جزاكم الله خيراً
معكم بالانتظار
ـ[محمد بن سليمان الجزائري]ــــــــ[20 - 06 - 08, 02:56 م]ـ
عش ساعة تسمع عجبا
سيأتيكم البيان للرجل الذي تدافعون عنه بإذن الله ..
.
ـ[أبو عبدالله بن جفيل العنزي]ــــــــ[20 - 06 - 08, 06:39 م]ـ
الذي أعرفه عن الرجل هو ما ذكره الشيخ العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله تعالى في كتابه (ابن القيم حياته آثاره موارده) (ص 310) " إن ابن القيم رحمه الله تعالى كما لاقى عناء الخصوم في حياته، فإن السخط والخصام ما يزالان يتوارثان بتطاول الألسنة وامتداد المداد وبإيقاد نار السخط والكراهية لهذه المدرسة السلفية وأساتذتها التي قام بإحيائها على هدي الشريعة ونورها شيخا الإسلام ابن تيمية وابن القيّم رحمهما الله تعالى. ونتيجة لهذا الطيش تصدّى لكتبه وكتب شيخه ابن تيمية أعداء هذه الدعوة السلفية بالجمع والتحريق لها، وكان من أعظم من تولى كِبر ذلك: الأمير المجاهد عبدالقادر الجزائري إبان إقامته في دمشق بلد ابن القيم وموطن كتبه" إهـ
إضافةً إلى ما في (الأعلام) للزركلي (4/ 170) في ترجمته: " أسرف في متابعة ابن عربي الحاتمي صاحب وحدة الوجود، توفي سنة 1300 هـ ".
ولذلك فينبغي للمتحقق الذي يريد إصابة كبد الصواب أن يأتي بكلام لعبدالقادر نفسه باعتقاده، أو ممن مارسه من الثقاة آثِرًا عنه وناقلاً.
فإن لم يحصل ذلك؛ فلا يخفى ضعف التدليل على سلامة معتقد عبدالقادر الحسيني الجزائري من خلال عبارات أخيه احمد الحسيني لأنه ليس من شرط كون الرجل معظّمًا لشيخ الإسلام أن يكون أخاه عبدالقادر كذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/153)
ـ[عبدالرحمن المقري]ــــــــ[20 - 06 - 08, 07:05 م]ـ
السلام عليكم
أخي الحسني
بارك الله في إنتاجكم العلمي، ورزقنا وإياكم الإنصاف وتنكب الإجحاف.
ـ[أبو عثمان_1]ــــــــ[20 - 06 - 08, 07:23 م]ـ
المسألة تحتاج على بحث وأدلة صريحة
((قولَ الأمير: "وما يُنسَبُ لسيدنا خاتم الولاية محيي الدين مِنَ الكتب المؤلّفة في علم التدبير والكيمياء، ولغيره من الأولياء الدّاعين إلى الله تعالى؛ فزورٌ وافتراء، فإنّه مُحالٌ أنْ يَدُلَّ وليٌ من أولياء الله، عبادَ الله على ما يقطعهم عن الله تعالى ... وكذا ما يُنسَبُ لسيدنا محيي الدين، من الكتب المؤلّفة في الملاحم والجِفْر كالشّجرة النعمانيّة وغيرها .. وكذا الفتاوى المنسوبة إليه، كذبٌ وزور".انتهى [المواقف 2/ 709]))
كما هي عادة الصوفية القول بالدس دون أي دليل وإلا هذا الامر ثابت عن ابن عربي فكتاب الشجرة نسبه له غير واحد من علماء الصوفية أما عن السيمياء والكيمياء فابن عربي نفسه اعترف أنها من علوم الاولياء قال في الفتوحات: ((ومنهم الساحرون السحر بالإطلاق صفة مذمومة وحظ الأولياء منها ما أطلعهم الله عليه من علم الحروف وهو علم الأولياء فيتعلمون ما أودع الله في الحروف والأسماء من الخواص العجيبة التي تنفعل عنها الأشياء لهم في عالم الحقيقة والخيال فهو وان كان مذموماً بالإطلاق فهو محمود بالتقييد وهو من باب الكرامات وهو عين السحر عند العلماء فقد كانت سحرة موسى مازال عنهم علم السحر مع كونهم آمنوا برب موسى وهرون ودخلوا في دين الله وآثروا الآخرة على الدنيا ورضوا بعذاب الله على يد فرعون مع كونهم يعلمون السحر ويسمى عندنا علم السيمياء مشتق من السمة وهي العلامة أي علم العلامات التي نصبت على ما تعطيه من الانفعالات من جمع حروف وتركيب أسماء وكلمات فمن الناس من يعطي ذلك كله في بسم الله وحده فيقوم له ذلك مقام جميع الأسماء كلها وتنزل من هذا العبد منزلة كن وهي آية من فاتحة الكتاب ومن هنا تفعل لا من بسملة سائر السور وما عند أكثر الناس من ذلك خبر والبسملة التي تنفعل عنها الكائنات على الإطلاق هي بسملة الفاتحة وأما بسملة سائر السور فهي لأمور خاصة وقد لقينا فاطمة بنت مثنى وكانت من أكابر الصالحين تتصرف في العالم ويظهر عنها من خرق العوائد بفاتحة الكتاب خاصة كل شيء رأيت ذلك منها وكانت تتخيل أن تلك يعرفه كل أحد وكانت تقول لي العجب ممن يعتاص عليه شيء وعنده فاتحة الكتاب لأي شيء لا يقرؤها فيكون له ما يريد ما هذا إلا حرمان بين خدمتها وانتفعت بها)) [ص 201 – 202/ 3]
على كل حال الصوفية في الجملة يعظمون ابن عربي، فالسؤال لماذا يعظمونه ما السبب الداعي لتعظيمه وغالب مؤلفاته في اثبات الكفر والالحاد والبدع؟؟!!
============
أبو عثمان
ـ[محمّد محمّد الزّواوي]ــــــــ[21 - 06 - 08, 04:26 ص]ـ
كفانا بعض أهل الأهواء شغل الردِّ على أمثالكَ خذها منهم و دع أهل الحديث يشتغلون بالسنَّة و العلم النافع و الردِّ على من قويت شبهاتهم من أهل البدع.
قال بعضهم رادًّا على خلدونِنا!!
... وأقصد هنا السَّيد خلدون بن مكي الجزائري حيث ظهر في بعض القنوات وكتب شيئا من الرسائل زاعما أن الأمير عبد القادر كان سلفيا وهابيا على طريقة ابن تيمية, وبعد هذا ذهب يطعن في نسبة كتاب المواقف الى السيد عبد القادر الجزائري.
ثم أخذ ينتشر على حساب السيد الجفري وتقريظات كريم راجح الذي يقرظ لكل من هب ودب, وإن كان الجفري أخطأ في بعض الاحاديث!! ثم اتجه بعد ذلك خلدون الى الطعن في انساب الاشراف من غير تدقيق في هذا العلم, ولا يعرف هذا الرجل في الشام بالعلم أو الخوض في الانساب.
و قديما طعن كثيرون في أنساب السادة فمن طاعن في السيد الرفاعي والسيد القادري بل حتى الأمير عبد القادر الجزائري طعنوا في نسبه, وكل هذه مجازفات غير صحيحة وكلهم أشراف على العين والرأس.
فأذكر بعض الومضات حول هذه الادعاءات التي يزعمها السيد خلدون الجزائري.
اولا: يزعم السيد خلدون و يتكلم في القنوات على أنه حفيد السيد عبد القادر الجزائري, و كان الأولى و الأجدر أن يوضح صلة قرابته بالأمير عبد القادر الجزائري و أنه من ذرية أخيه لا حفيده كما يزعم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/154)
فهو خلدون بن محمد مكي بن عبد المجيد بن عبد الباقي بن محمد السعيد بن محيي الدين الجزائري الادريسي
فهو من ذرية أخ السيد عبد القادر و هو السيد محمد السعيد!!
ثانيا: زعم أن كتاب المواقف ليس للأمير و لا يعرف أحد ذكر هذا ممن عاصر الأمير من العلماء, و أن نسخ المواقف كلها مكذوبة و انها لمجهولين هكذا قال.
فأقول:
إن أعظم ما يرد به على خلدون هو تلميذ الأمير عبد القادر الجزائري و هو عالم معاصر قرأ و لازم الأمير عبد القادر الجزائري و هو أعلم بالأمير من حفيد حفيد ابن أخي الأمير و هو الشيخ عبد الرزاق البيطار.
قال الشيخ بهجة البيطار في ترجمة جده عبد الرزاق: ((لازم فقيدنا المرحوم الأمير الملازمة التامة, و أخذ عنه الفصل بالعدل في القضايا العامة, و لقد كان يرد على الأمير قدس سره كثير من الخصومات بين الخلق, إذ كان هو المرجع للناس في دمشق فكان يحولها إليه, و يحيل أصحابها عليه, فيكون قوله الفصل بإجراء الحكم على سنة العدل, و لقد استفاد المرحوم من أخلاق الأمير و آدابه, حتى عد ثاني الأمير في حياته و عهد إليه بتربية أولاده و تعليمهم)) حلية البشر 1/ 10.
يقول الشيخ عبد الرزاق البيطار في (حلية البشر) 2/ 904: ((و كان لي بحمد الله منه الحظ الأوفى الأوفر و الإلتفات الأجدى الأجدر, و العناية العالية و البشاشة السامية, و حضرت عليه مع من حضر كتاب فتوحات الشيخ الأكبر, و رسالة عقلة المستوفز له, و كتاب المواقف للمترجم المرقوم و هو كتاب كبير في الواردات التي وردت عليه و نسبت إليه)).
و هذا النص يكفي في الرد على خلدون في زعمه أن الأمير كان سلفيا و أنه لم يدرس شيئا من كتب ابن عربي, و أن كتاب المواقف كتاب مكذوب عليه, و هذا تلميذ المؤلف و ملازمه يقول أنه حضر درس الأمير عبد القادر في الفتوحات المكية و المواقف للأمير!!
فمن نصدق بعد هذا؟!
و قد نسب إليه هذا الكتاب ابنه الأمير محمد باشا, و زعم خلدون أن الكتاب لا يعتمد عليه لأنه حرق و أعاد محمد باشا كتابته و أعانه عليه آخرون فلهذا لا يمكن الإعتماد عليه!! و لا أدري هل يعتبر خلدون الأمير محمد باشا مختلط العقل أم مجنونا حتى لا يدرك أن لوالده كتابا اسمه المواقف!! أفنصدق ابن الأمير أم حفيد حفيد ابن أخي الأمير!!
و هذا الشيخ الأديب علي الطنطاوي يقول في ذكرياته 1/ 138:
((و أنا أكتب هنا للحق و التاريخ فلا أستطيع أن أختم الكلام عن جدنا -محمد بن مصطفى الطنطاوي- من غير ما أعرض إلى أمر صنعه, ما أدري هل أحسن فيه أم أساء؟
هو أن الأمير عبد القادر العالم المجاهد كان (و ليته لم يكن) ممن يقول بوحدة الوجود, و شيخ القائلين بها ابن عربي و أكبر كتبه الفتوحات المكية, و كان منه نسخة كاملة في قونية بخط المؤلف فبعث الأمير جدنا الشيخ محمدا و تلميذه محمد الطيب المدفون في المزة في أجمل بقعة منها إلى قونية لنسخ صورة عنها و طبعها, هذا هو الذي صنعه, وللأمير عبد القادر كتاب اسمه (المواقف) مملوء بمذهب وحدة الوجود.
ألزمت و انا صغير بالمشاركة بتصحيح تجارب طبعه فلما رأيت ما فيه استعذت بالله و تركته)). و قد أشار أيضا الطنطاوي في فتاويه إلى أن جده هو الذي قدم بالفتوحات.
فإذا لم يكن الأمير صوفيا بل و غارقا فلماذا يرسل اثنين من تلامذته لنسخ فتوحات الشيخ الأكبر قدس سره؟!!
و يؤيده ما جاء في روض البشر للشطي ص 181 نقلا عن محمد باشا بن الأمير و هو أعلم بوالده من غيره فضلا عن حفيد حفيد ابن أخ الأمير:
((و في سنة 1289هـ قرأ الفتوحات المكية مرتين بعد أن أرسل عالمين لتصحيحها على نسخة مؤلفها الشيخ الأكبر الموجودة في قونية)).
و السيد خلدون هداه الله يزعم أن عم جد جده كان على طريقة ابن تيمية و غيرهم, و يتجاهل كل هذا التصوف الذي كان عليه,
و ينسى أن الأمير عبد القادر رحمه الله أخذ الطريقة القادرية و لبس الخرقة القادرية من يد السيد عبد القادر بن محمود القادري نقيب الأشراف,
و أخذ الطريقة النقشبندية عن خالد النقشبندي,
و أخذ الطريقة المولوية عن الدرويش صبري شيخ الطريقة المولوية في الشام,
و أخذ الطريقة الشاذلية عن العارف الشيخ محمد الفاسي شيخ الطريقة الفاسية
و اختلى الأمير في غار حراء!! و مجد شيخه بقصيدة و قال فيها:
و أعني به شيخي الإمام و عدتي ... لهيبته تغضي له الأسد و النمر
و من الفوائد أن الأمير عبد القادر الجزائري التقى بالعارف بالله مولاي سيدي محمد بن علي السنوسي في مكة و كان صغيرا و قد بشره السنوسي بعدد السنوات التي يحارب فيها الفرنسيين كما هو في الفوائد الجلية للشيخ عبد المالك بن علي الدرسي.
و يقول المؤرخ الشيخ أحمد الحضراوي في نزهة الفكر 2/ 222 و هو أحد من لازم الأمير و صحبه في الحجاز و ترجم له ترجمة جميلة جدا: ((و أما هو فعالم فاضل صوفي أخذ الطريقة الشاذلية عن أهلها)).
إنتهى نقل المقصود المفيد هدى الله كاتبه لمحض الصواب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/155)
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[21 - 06 - 08, 05:08 ص]ـ
أيها الإخوة السلام عليكم جميعًا
1ـ بدايةً أشكر الشيخ الفاضل أبا مصعب البكري على مروره الكريم.
2ـ وأشكر الأخ أبو عبد الله بن جفيل على مشاركته، وأحب أن أنبّهه إلى أنّ ما أورده عن الشيخ العلامة بكر أبو زيد رحمه الله إنما مصدره فيما يبدو هو رواية الشيخ محمد نصيف التي نحن بصدد بيان عدم صحتها، لذلك لا يُعد هذا نقلاً جديدًا يعضد الرواية الأولى، ثم إن رواية الشيخ نصيف ليس فيها ذكر إحراق كتب ابن تيمية أو ابن القيّم!!! والذي يريد اتهام الأمير بحرقها فعليه أن يأتي بدليل على ذلك وإلاّ كان مفتريًا عليه بغير حق!! ونحن إذا أردنا أن نثبت القضية على الأمير فيجب علينا إحضار رواية صحيحة مسندة تثبت تلك الحادثة وهذا ما لم يفعله أحدٌ إلى الآن!!!، فلا يجوز للمسلم شرعًا وديانةً أن ينسب مثل هذا الفعل لأي شخص مهما كانت عقيدته دون إحضار دليل صحيح.
ومسألة أنّ الأمير يتابع ابن عربي أو يوافقه على مذهبه لا تعني أبدًا أن من لازم ذلك أن يحرق كتب ابن تيمية!!
وإلاّ فإنّ كل محبي ابن عربي وأتباعه يمكن أن تتهمهم بالتهمة نفسها! وهذا غير مقبول عقلاً وشرعًا!
وعلى طريقتك يمكن أن يفهم البعض من كلامك أنه عليهم أن يتهموا الحافظ السيوطي بإحراق الكتب التي ترد على ابن عربي، أو كتب ابن تيمية، لأن السيوطي هو الذي ألّف كتابًا يُدافع فيه عن ابن عربي ويردُّ فيه على الإمام البقاعي وعلى كل من يُكفّر ابن عربي. وبالطبع هذا شيء لا يقرّ به مؤمن بالله.
ثم يا أخي ألم تنتبه لما ذكرته لك من أنّ كتب شيخ الإسلام لم تحرق أبدًا وبقيت محفوظة في دمشق وفي المكتبة الظاهرية التي أنشئت بدعم من الأمير وتلميذه الشيخ طاهر!!
إذن فدعوى إحراق كتب ابن تيمية باطلة أصلاً، فكيف يجوّز البعضُ لأنفسهم ذكرها دون أي دليل؟!
أرجو أن تتأمل في ردي الذي كتبته مرة أخرى، وأن تعيد النظر في المسألة فنحن هنا للتناصح إن شاء الله، وليس هناك شخص من البشر فوق النقد (حاشا الأنبياء)، وأنا لا أتكلّم عفو الخاطر ولا أتعصّب لشخص الأمير، فإذا بيّن لي أي أخ منكم دليلاً على تلك الحادثة فأنا أوّل الشاهدين.
وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لو يُعطى الناسُ بدعواهم لادَّعى ناسٌ دماءَ رجالٍ وأموالهَم ولكن اليمين على المدعى عليه))
وبما أنّك استشهدت بكلام الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله، فأنا أُحيلك أيضًا إلى كتابه القيّم [تصنيف الناس بين الظنّ واليقين]، فقد ذكر فيه القواعد التي يجب على من يريد تصنيف الناس أو جرحهم أن يتبعها بحيث يكون على مأمن من غضب الله تعالى.
والأصل يا أخي كما تعلم أن المسلم على البراءة الأصلية مالم تكن هناك بيّنة.
فالذي يريد أن يتهم الأمير هو المطالب بإحضار البينة الصحيحة وليس العكس!!!
ولقد ذكرت في ردّي أنه لا يوجد في تراث الأمير المكتوب أو المنقول أي عبارة فيها نقد أو تعريض بشيخ الإسلام!!! وهذا الأمر هو الذي يجب الاعتماد عليه لا على الأوهام. واستشهادي بكلام أخي الأمير أقوى بكثير من استشهادك بكلام الزركلي الذي لم يُعاصر الأمير و لا أبناءه، وهو ليس من علماء الشريعة وما رواه ليس فيه أي دليل على ما ذهبتَ إليه. بارك الله فيك وهداني وإيّاك إلى الحق بإذنه.
3ـ الأخ عبد الرحمن المقّري شكرًا لمشاركتك الطيبة، نفعني الله وإيّاك بالعلم.
4ـ الأخ أبو عثمان، أشكر لك مشاركتك أيضًا. ولكن اسمح لي أن أقول لك يا أخي:أنك ابتعدت عن المقصود من كلامي!
مع أنني نبّهت في ردّي أنني لست بصدد إقرار صحة ما قاله الأمير أو بطلانه، فيما يخص نسبة بعض الكتب لابن عربي. ولكن يا أخي أنا أبحث في مسألة أخرى. قضيتي هي أننا أمام نصٍّ صريح للأمير يرفض فيه أن يصدَّق نسبة تلك الكتب لابن عربي. وهذا يُستفاد منه أنه لا يُقرّ بما فيها، ولا يُستفاد منه بطلان نسبة تلك الكتب لابن عربي.
وأنت تعلم يا أخي موقفي من المتصوفة وبدعهم وانحرافاتهم، أظن أنّ هذا لا يخفى عليك!
وأنا هنا لا أدافع عن كتب ابن عربي أو عن معتقداته، وإنما أبحث في قضيّة يُتّهم بها الأمير عبد القادر دون أي بيّنة وهذا هو العجيب في الموضوع.
وبحثي سيأتيكم في سلسلة حلقات، أتعرّض في كل واحدة منها لمواضيع مستقلّة.
والحلقة الأولى هذه: الغرض منها الحديث عن تهمة إحراق الكتب التي ترد على ابن عربي، أو إحراق كتب شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيّم.
فهل وجدت فيها أي كلام غير علمي؟ وإذا كان لديك أي نقل علمي صحيح يتعلّق بإثبات حادثة إحراق الكتب فليتك تخبرني به , وأنا لك من الشاكرين.
والحديث عن فكر وعقيدة الأمير سيأتي في حلقة مستقلة إن شاء الله فأرجو أن تترفقوا بي وتصبروا قليلاً إلى حينها. وحتى إذا ثبت أن الأمير له بعض المعتقدات التي لا يُقر عليها شرعًا فهذا لا يعني أنه مُباح العرض فيتهمه كل أحد بما شاء! جزاك الله خيرًا لغيرتك على شرع الإسلام، وجعلني وإيّاك ممن يغارون للحق بالحق.
وأرجو من جميع الإخوة القرّاء أن يكون التعليق منحصرًا في موضوع كل حلقة على حدة، حتى لا يتشتت البحث.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/156)
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[22 - 06 - 08, 03:06 ص]ـ
الاستاذ الفاضل خلدون الحسني حفظه الله.
السلام عليكم و رحمةالله وبركاته
استاذي الفاضل:
انتم عقدتم هذا الموضوع لمناقشة ما ورد في مقال "كاتب الموضوع" من سردٍ لبعض مقالات اهل العلم و المؤرخين بشأن الامير عبدالقادر الجزائري
و بالتالي فإن "كاتب الموضوع" يجد نفسه مدعواًّ للنقاش العلمي في هذا الموضوع ـ شاء هو ذلك أم أبى ـ.
===================
و لكن تقديراً لفضلكم فإنِّي سأرجئ أي مداخلة لي في الموضوع حتى تنتهون من مشاركاتكم النافعة بإذن الله.
و لذلك فإنِّي أرجو تقديراً لعلمكم و فضلكم ألاَّ يشطَّ بنا النقاش عن جادة البحث العلمي الموضوعي الى "الشخصنة" المرفوضة في مثل هذا المنتدى العلمي فإنَّها حيلة من لا دليل معه، او التعصب الأسري البعيد عن ميزان العدل والانصاف.
============================
كما ارجو ان نسلك منهجاً علمياً واضحاً، فعلى سبيل المثال هل كتاب "المواقف" للأمير عبدالقادر فنحتج به ـ له أو عليه ـ، أم أنَّه منحول و منسوبٌ اليه فنربأ بأنفسنا عن التشبُّع به.
و في المقابل فلتعلم استاذي الفاضل اني ـ كغيري من روَّاد هذا المنتدى ـ من احرص الناس على الذب عن اي شخصية مسلمة سليمة المعتقد.
=========================
و لذلك فإني أجعل القُرَّاء الكرام حكماً عدلاً بيننا ـ ولا أراكم إلاَّ كذلك فاعلين ـ، فمتى ما قامت البينة للقرَّاءالكرام ـ على عدم صحة ماورد في الموضوع عن اولئك الاعلام من نسبة الامير عبدالقادر الى الحلول و الاتحاد و التصوف المذموم، و كذلك الماسونية او التخذيل عن مواجهة المستعمر في بلاد الشام ـ فإني ارجع عن كل ما نقلتُه عنهم، بل و التزم بأن أراسل المنتديات المنشور فيها الموضوع لحذفه، متى ما اتخذ النقاش الطابع العلمي الرصين الذي يليق بكم.
بارك الله فيكم و نفع بكم.
محبكم: "كاتب الموضوع"
.
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[24 - 06 - 08, 03:31 م]ـ
أيها الإخوة السلام عليكم
أخي الكريم محمد المبارك: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وهذه مبادرة طيبة منك. وتصريحك بأنك إذا ظهر لك الحق ستعدل إليه وترجع عن الخطأ لهو مما يبشّر بالخير، وهذا هو الظنّ بك. وأنا ألتزم بهذا أيضًا!
وأنا لم أفهم ما تقصده من قولك ((الشخصنة)) في هذا المقام! فالشخصنة مثل "الأنسنة" أي جعل الشيء كالأشخاص أو كالإنسان.
وأما حديثك عن التعصب الأسري، فهل لمست في الحلقة الأولى شيئًا من ذلك؟
أرجو أن لا يُعوّل على هذه المسألة، ولا يخاطبني بها أحد، فهي كما قلتَ حيلة من لا دليل معه!
ولو أنني يا أخي وجدتُ في مقالك إحالات إلى العلماء أو المؤرّخين الذين نقلتَ عنهم ما كتبت، لكان ردّي موجهًا إليهم! ولكنني لم أجد أي إحالة سوى إحالة إلى كلام د. عبد الجليل التميمي ودون ذكر المصدر، ومع ذلك فإنّ الكلام الذي نقلته عنه لم تقف عنده، وإنما ذهبت تبني عليه أشياء أخرى، لذلك وجدتني مضطرًا للرد على كلامك. أقول لك هذا لتعلم أنه لا يوجد أي شيء شخصي بيني وبينك، فاطمئن.
والموضوع علمي بحت لا دخل للعواطف فيه، وأعتقد أنّك لمست من الحلقة الأولى أنني ملتزم بجادة البحث العلمي لا أحيد عنها، وهذا هو طبعي ومذهبي.
وأمّا ما ذكَرْتَه عن كتاب المواقف. فيا أخي أنا ملتزم بمنهج علمي واضح. وعندما استشهدت بكتاب المواقف، كان ذلك من باب إلزام القائلين بصحة نسبته إليه بما فيه. فكل من يقول بأن الأمير هو مؤلّف المواقف يلزمه ضرورة أن يقبل احتجاجنا عليه به.
وأمّا أنا فأنفي أن يكون الأمير مؤلّف ذلك الكتاب، لذلك لا يُحتج عليّ بما فيه.
وهذا ميزان علمي صحيح.
وأرجو منك يا أخي أنّك إذا وجدت في كلامي أيّ شدة أن تتقبلها بصدر رحب من أخيك، فطبيعة الكتابة النقدية كما تعلم جافة، بل إنّ الكتابة بحد ذاتها فيها جفاف إذا لم تكن تسمع أو ترى الكاتب، وأنت تعلم من خلال تصدّيك للكتابة في الرجال وذكر مثالبهم والمؤاخذات عليهم، طبيعة الكلام النقدي فمثلك أدرى به. وأنا إن شاء الله إذا رددتَ عليّ بعلم لن أغضب لنفسي، فأرجو أن لا تغضب أنت أيضًا لنفسك، وليكن غضبنا جميعًا لله وحده. وفي الحقيقة فإنّ ردّي ليس موجهًا إليّك، وإنما هو لمجموع من تكلّم في عرض الأمير.
وأما الحاكم على ما نقول فهو العلم والميزان العلمي بثوابته وقواعده، وأما المحكّمين فهم أهل العلم وطلاّبه من القرّاء الكرام، أما عموم القرّاء ففيهم قليل ممن لا يُلتفت إلى حكمه، وأنت رأيت كيف بدأ بعضهم في هذا المنتدى يرد بكلام لا يمت إلى العلم أو الأدب والأخلاق بصلة، بل ويستقوون بكلام أهل البدع والضلال علينا، وذلك على مرأى من المشرفين!.
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[أبو الحسين الزواوي]ــــــــ[24 - 06 - 08, 07:38 م]ـ
الفاضل أبو إدريس الحسني، وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
شكر الله جهدكم وحرصكم، ووفقنا وإياكم لاتباع الحق والانقياد إليه على بصيرة ..
لقد أطلعني أخي الفاضل الكريم مالك الطيبي على رابط هذا البحث، فأبحرت إليه وأنا الذي لم أعد أدخل إلى الملتقى إلا لماما .. فوجدت في قراءة بحثكم متعة لم تتركني حتى أكملت قراءة ما كتبتم كاملا، وكذا تعليق بعض إخواننا الأفاضل.
آمل أن يكون هذا الملتقى منبرا علميا مؤسسا على تقوى من الله، تسود فيه الروح العلمية وتتأسس فيه أخلاقيات الحوار كما أمر الله: بالعدل والعلم.
وأنا أربأ بكل متدخل هنا ـ مهما كان موقفه ومشربه ـ أن يجعل البحث مطية للطعن في عقائد الباحثين والمشاركين، وحتى في عقائد أعلام الأمة ورجالها، فرجاء ليبقى تحري الحق هو غايتنا ومطلبنا، وما كان الثلب دينا أبدا ..
آسف على التطفل ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/157)
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[25 - 06 - 08, 02:15 ص]ـ
أخي الفاضل أبا الحسين الزواوي؛ السلام عليكم ورحمة الله
أشكر لك مشاركتك القيمة، وكلماتك الطيّبة
وأقول آمين (تأمينًا على دعائكم)
ولا غنى لي عن ملاحظاتكم، ودمتم في رعاية الله
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[25 - 06 - 08, 02:25 م]ـ
بارك الله فيك يا شيخ خلدون
وسر على بركة الله
فطُلبتُنا جميعا الحق
فالشخصنة مثل "الأنسنة" أي جعل الشيء كالأشخاص أو كالإنسان.
لا اظن يا شيخ انه يغيب عنك المعنى الاصطلاحي للشخصنة، و هو اصطلاح ادبي معاصر يُعنى به استهداف الشخص المناقَش لدى الحوار اوالنقاش دون الفكرة المتناقَش فيها.
و على العموم مقبولة منك يا شيخ (ابتسامة).
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[25 - 06 - 08, 03:39 م]ـ
المشكلة في طريقة الأخ أبي إدريس هي التركيز على الجدل غير المثمر، بعيداً عن البحث العلمي المثمر!!
تقرأ كلامه عن تلك الحكاية، فلا تدري أيريد تكذيب الشيخ نصيف رحمه الله، أم تكذيب الرجل التركي، أم تكذيبهما معاً!
يقول ما حاصله تكذيب الشيخ، وإن لم يصرِّح:
ما حاجته إلى سؤال أحد السّائحين الأتراك عن تلك الكتب؟ وهل ذلك التركي أعلم بالكتب والمخطوطات من الشيخ نصيف؟ وقد ذكر عبد الرحمن وكيل ص13 أنّ السيد أحمد زكي أهدى صورة مخطوط (تنبيه الغبي) للشيخ محمد نصيف سنة (1352هـ) أي قبل اجتماعه بالسائح التركي بثلاث سنوات!! إذن عمَّ كان يسأله والكتاب عنده؟! ... إنّ سؤال الشيخ نصيف غريب ... فلماذا لم يذكر لنا الكتب المفقودة التي صنّفت في الرد على ابن عربي؟ وجواب السائح التركي أغرب منه فقد زعم أنّ الأمير اشترى جميع (انتبه جميع) تلك الكتب والمخطوطات وأحرقها!!
فهذه طريقة المحامين الذين يستخدمون بلاغتهم لتبرئة موكِّليهم بالحق أو بالباطل، لا طريقة المؤرِّخين الذين يعتمدون على الوثائق والبراهين.
وإذا كان الأخ يرى أن الشيخ نصيف كذّاب فليقل ذلك بوضوح، بدلاً من هذه الأسئلة الجدلية التي لا طائل من ورائها!!
وقد حفظ لنفسه خطَّ الرجعة، وأقام خطًّا ثانياً للدفاع، إن لم يقتنع القارئ بكذب الشبخ، وهو تكذيب الرجل التركي:
والسائح التركي لا نعرف من هو ولا تاريخ مولده، ولكنّ اللقاء جرى بينه وبين الشيخ نصيف سنة (1355هـ)!!! أي بعد وفاة الأمير بخمس وخمسين سنة! فمن أين لهذا السائح التركي تلك المعلومات؟ شراء جميع تلك المخطوطات أو استيهابها ثمّ الاطلاع على ما فيها وبعد ذلك إحراقها!!
إنّ واحدة من تلك المعلومات تحتاج من راويها أن يكون معاصراً للأمير ومخالطاً له ومطلعاً على أعماله واتصالاته، فما بالها غابت عن كل من خالط الأمير واجتمع به وعاش معه من العلماء والوجهاء والأدباء والأعيان الذين ترجموا له وكتبوا عن سيرته، وظفر بها السائح التركي المجهول والذي يفتقر إلى كل تلك الصفات؟!
وهذا كله جريٌ في غير ميدان، كعادة أهل الجدل، لأن الشيخ سأل رجلاً سمَّاه عن مسألة، وأورد جوابه الذي يتفق من حيث الجملة مع ما هو مشهور عن الأمير عبدالقادر من الإغراق في التصوف. والظن بالشيخ أن يختار للسؤال رجلاً يعرفه له منزلة من العلم ومعرفة بالأمر المسؤول عنه، لا أن يسأل رجلاً من العامَّة.
فالرد على هذه الرواية لا يكون بالجدل، بل بالإقرار أولاً بأن الشيخ نصيف غير متَّهم في الرواية، ثم البحث عن حال الرجل التركي وأهليَّته للحكم في المسألة، وإثبات أنه شاهد زور. وظاهر أن الأخ يجهله جهلاً مطلقاً، بل لم يبحث عنه أصلاً، ويطالب الآخرين ـ وأولهم الشيخ نصيف - بالبحث عن البرتقالة وتقشيرها له، أي أن يجمعوا له البراهين على أنهم كذّابون مفترون!
الذي يريد تكذيب الناس يجب أن يعمل، والذي لا يعرف يجب عليه أن يتوقَّف إلى أن يعرف!
ولو شمر عن ساعد الجد فلعله يجد في تركيا من بعرف الرجل!!
وطبعاً لم يفطن الأخ إلى أن كذب التركي معناه بالضرورة صدق الشيخ نصيف!!
وعندما حاول الأخ تقديم شيء ما فشل فشلاً ذريعاً!! فتمسك بكلمة (جميع)، وقال (انتبه جميع).
وخلاصة كلامه: أنه ما دام أنه يوجد في الدنيا ولو نسخة واحدة لم تحترق، فالتركي كذاب أو نصيف كذاب، وهذا هو المطلوب إثباته!!
ألم يقرأ الأخ قوله تعالى (تدمِّر كل شيء)؟!
والثناء على شيخ الإسلام لم يجده في كلام الأمير، فيقتبسه من كلام أخي الأمير، وكلهم جزائريون!!
وأما الإسراف في التصوف الموجود في كتب الأمير وفي سيرته، وشهرته تغني عن حكايته، إلى حدِّ أنه دُفن بجوار ابن عربي، فيلغيه الأخ كلَّه بكلمة وجدها للأمير، فهي المُحكمة وسيرة الأمير كلها متشابه!!
ويسوق التواريخ التي لا تثمر عن النتيجة المطلوبة مطلقاً!! الأمير مات سنة كذا، والكتاب الفلاني طبع سنة كذا! والسؤال سنة كذا! ما علاقة ذلك كله بصدق الرواية وكذبها؟!
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[27 - 06 - 08, 12:32 ص]ـ
الأخ الكريم، محمد المبارك، وبارك الله فيك أيضًا،
نعم الحقُّ هو طُلبتُنا لا شيء سواه، ولو كان المقام للحديث عن رأيي في الأمير عبد القادر، لسمعت مني مؤاخذاتي على الأمير والأشياء التي أستنكرها وأتبرّؤ منها.
ولكنّ المقام الآن هو مقام إنصاف الرجل من أشياء أُلصِقت به دون أي دليل!
وبعد أن شرحتَ لي ما تقصده من ((الشخصنة))، فأظن أنني أجبتك عليها سابقًا.
فأنا؛ يعلم الله؛ لا غرض لي في نقد شخصك أبدًا، ولست متعصّبًا للأمير كذلك. وأظن أنك لمست ذلك في الحلقة الأولى، وأظن أنك ستلمسه اليوم في الحلقة الثانية.
وإنّك إذا قرأت مشاركة الأخ [خزانة الأدب]؛ فستجد التعصبَ واضحًا، والابتعاد عن النهج العلمي بالكليّة أوضح، وربّما ستلمس شيئًا من ((الشخصنة)).والله أعلم.
اللهم اغفر لي، ولإخواني.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/158)
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[27 - 06 - 08, 12:45 ص]ـ
بارك الله في الأستاذين الفاضلين
أبي إدريس الحسني
و
محمد المبارك
وأحمد الله على روح الأخوة التي ظهرت في مشاركاتهما الأخيرة ... فهذا دليل فضلهما ووفور عقليهما
وأتمنى من الأخوة الكرام المشاركين في الموضوع ألا ينسوا وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأمته في آل بيته .. والدكتور خلدون واحد منهم
وليس مرادي أن يسكت الأخوة عما يرونه خطأ في كلامه ... معاذ الله
بل المراد أن يرفق الأخوة في ردودهم وأن يتقوا الله عز وجل في آل بيت نبيه عليه السلام
فمن هو (خلدوننا)؟!!
أليس هو من يرد على المنحرفين عن الجادة من الصوفية؟!
هب أنه أخطأ في مسألة أو أكثر ... أنستقوي عليه بمن نصفه أنه (من أهل الأهواء)!!!!
على كل حال ..
لقد كان الدكتور واضحاً ... فهو الآن يناقش مسألة صحة ما روي من حرق الكتب ويطلب أن ينحصر النقاش الآن فيها، وهذا عدل وإنصاف وسير على جادة البحث العلمي المتجرد
وأما ما يذكر عن اعتقاد الأمير وغير ذلك فهو يعده شبهات يريد الرد عليها ...
فمن حقه علينا (جميعاً) أن نسمعه ثم من أراد الرد بعلم وحلم فليفعل ...
أما أن نستبق كلامه بنقل ما وصفه هو بشبهات يريد الرد عليها فليس هذا من العدل والإنصاف والبحث العلمي في شيء.
فلنتجرد إخوتي الكرام ... وليفترض كل واحد أنه يسمع باسم الأمير لأول مرة ... ثم لينظر في كلام الطرفين بالعدل الذي أمرنا الله به.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[27 - 06 - 08, 12:50 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
رابط الحلقة الأولى:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=140814
الحلقة الثانية
نُشر في الكثير من المواقع الإسلامية!! مقال للأخ (محمد المبارك) بعنوان ((فك الشفرة الجزائريّة وفتح الأيقونة الباريسيّة)) والقارئ للعنوان يظن أنه سيطلع على خفايا ووثائق تكشف شيئًا عن السياسة في الجزائر وفرنسة، ولكن سرعان ما يتلاشى هذا الظن عندما يجد القارئ نفسه أمام مقال يترجم للأمير عبد القادر فحسب!! ولكن أيّ ترجمة؟ إنها ترجمة غير مسبوقة ولا يُقرُّ الكاتب عليها، فهي وإنْ بدأَتْ بذكر شيء من مآثره ومزاياه، إلاّ أنها في صلبها لا تُبقي للأمير أي خصلة حميدة إلاّ جرّدته منها، وألصقت به خصال السوء.
كل ذلك دون ذكر أي مصادر أو مراجع أو إحالات لكتب أو علماء. اللهم ما كان من ذكر لأقوال بعض رجال الماسون ولكن أيضًا دون ذكر المصادر والإحالات!
وإذا راجعنا تاريخ تلك الحقبة، وترجمة الأمير عبد القادر في كتب المغاربة والمشارقة الذين عاصروه أو كانوا قريبًا من عصره، وهم بالعشرات، فسنجد خلاف ما ذكره صاحب المقال!
وتحت إلحاح الكثير من الإخوة والأساتذة الكرام، كتبتُ ردًا على ذلك المقال، أُبيّن فيه ما وقفتُ عليه في كتب العلماء والمؤرّخين من الحقائق والوثائق، وذلك لتجلية الموضوع وإظهار الحقيقة.
وتشمل حلقات الرد على بعض التوضيحات التاريخية والتراجم، إضافة إلى دفع الشُّبه والاتهامات.
وأنا في ردي هذا إنما أنطلق من مبدأ الذَّب عن أعراض المسلمين الذي أُمِرْنا به، فلا يجوز لي وأنا أرى ظلمًا واقعًا بأحدٍ من المسلمين ـ أيًّا كان مذهبه ـ وأعلم أنه بريء منه، أن أسكت عنه أو أتجاهله. لا يجوز هذا لي ولا لغيري أبدًا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه)). [وعِرْضُ الرجل: موضع المدح والذم فيه].
وأنطلق من قوله عليه الصلاة والسلام في الصحيح: [((انصر أخاك ظالماً أو مظلومًا)). فقال رجل يا رسول الله أنصره إذا كان مظلومًا أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: ((تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره))]
وأنا ـ إن شاء الله ـ في بحثي هذا سأنتصر للأمير عبد القادر (المظلوم) والذي انتقل إلى الدار الآخرة فلا يستطيع أن ينتصر لنفسه، وسأنصفه وأدافع عن عرضه بالحق. وذلك لأنني على اطّلاع جيد على تاريخ حياته وسيرته وآثاره. وهو في حياته لم توجه إليه أي تهمة من هذه التهم الجديدة!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/159)
وسأنصر الأخ محمد المبارك والإخوة الخائضين في هذا الموضوع بإبداء النصح لهم، وذلك بعرض الحقائق والبيّنات التي لم يقفوا عليها، وأدعوهم إلى الاعتماد على الحقائق عوضًا عن الظنون. والاطمئنان لأقوال المسلمين العدول، والانصراف عن الأخذ بأقوال غيرهم وخصوصًا الماسون.
يقول الله عزَّ وجلّ: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [الأحزاب:58]
ويقول تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور:15]
وإذا وجد الأخ محمد المبارك في خطابي شدّة فليعلم أنني لا أضمر له في نفسي بغضًا أو كرهًا، وإنما خاطبته بلهجة النقد العلمي فحسب، وقد ترفّقت به كثيرًا، مع أنه في مقاله لم يترفّق بالأمير، ولم يترك فضيلة إلاّ جرّده منها، ولم يدع نقيصة إلاّ ووصمه بها، حتى إن القارئ لمقاله ليظن نفسه أمام أبشع شخصية عرفتها الإنسانية.
وأرجو أن تجد كلماتي عنده وعند الذين خاضوا خوضه، صدرًا سليمًا، وقبولاً حسنًا. وأسأل الله تعالى أن يرشدنا جميعًا إلى سواء السبيل وصراطه المستقيم، وكلي أمل ألاّ نصل إلى آخر حلقات هذا البحث إلاّ وقد آب الأوّابون وانصلح الحال.
فأقول مستعيناً بالله العظيم:
يقول الأخ محمد المبارك في مقاله (فكّ الشفرة): ((ومما حُفِظ عن الأمير خلال تلك الحوارات قوله:" لو كان العالم يسمعني لجعلت من المسلمين والمسيحيين إخوةً ولعملنا معاً من أجل إرساء السلام في العالم"ولعلَّ هذه الجملة كانت هي البروتوكول الذي انتهجه فيما بعد الأمير و التزم به كلالالتزام)).انتهى
يقول مما حُفظ! طيِّب، مَنْ حفظه لنا يا أخي؟ سمِّ لنا العلماء المسلمين الذين حفظوا هذه المقولة كما ذكرتها! وأين أوردوها؟
ويبدو أنّ الأخ كاتب المقال لم يتنبّه إلى أمر هام وهو أنه أمام جملة شرطية مبدوءة بأداة الشرط [لو]! وهي: حرفُ امتناعٍ لامتناع، أي تدلُّ على امتناع الجواب لامتناع الشرط!!! ففي قولكَ: (لو درسَ لنجح) امتناعُ النجاح لامتناعِ الدَّرْس!
إذن عندما يقول الأمير: ((لو أصغى إليَّ المسلمون والنصارى لرفعت الخلاف بينهم))
فالذي يُفهم من هذا الكلام امتناعَ رفعِ الخلاف بين المسلمين والنصارى لامتناع إصغائهم!
فكيف تكون هذه الجملة منهجًا يلتزمه الأمير وهي ممتنعة؟!!
وللعلم فإنّ هذه المقولة أوردها عدّة أشخاص في الإنترنت وكل واحد منهم يأتي بها في صيغة مختلفة عن الأخرى، وذلك لأنهم ينقلونها بالمعنى أو مترجمة عن لغات أخرى. ولكن أغرب ما رأيت في نقل هذه المقولة هو ما كتبه (عبد الحق آل أحمد)؛ ولا أدري إن كان هذا اسمه الحقيقي؛حيث قال:" قال الأمير عبد القادر الجزائري: ((لو أصغى إلي المسلمون و النصارى، لرفعت الخلاف بينهم، ولصاروا إخوانا، ظاهرا و باطنا، ولكن لا يصغون إلي)).اهـ من [ذكرى العاقل و تنبيه الغافل: ص/107] ". انتهى
والغرابة في هذا النقل أنّ كاتبه ينقله هذه المرة من مصدره الأصلي وهو رسالة ((ذكرى العاقل وتنبيه الغافل)) للأمير عبد القادر الجزائري. ولكنّه نقَلَه بعد أن سلخه عن سياق الكلام، فحذف ما سبقه وما لحقه لكي يُظهر العبارة بوجهٍ يساعده على ما يريد. ومِنْ ثَمَّ حَكَمَ على الأمير بأنه يدعو إلى المؤاخاة مع النصارى!!!
وأقول: إنّ رسالة (ذكرى العاقل) هي رسالة كتبها الأمير عبد القادر إلى علماء فرنسة يدعوهم فيها إلى الإسلام؛ وقد بدأها بالكلام على ضرورة إعمال النظر وترك التقليد، ثم بيّن فضل العلم والعلماء، وبيان انقسام العلم إلى محمود ومذموم، ثم بيّن فضل العلم الشرعي، وتحدث عن ضرورة إثبات النبوة التي هي منبع العلوم الشرعية، وتحدث عن قصور المكذبين للأنبياء، وبرهن لهم أن سيدنا محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم هو خاتم الأنبياء، ثم تحدث عن الكتابة وضرورة التصنيف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/160)
وبالطبع فإن هذه الرسالة موجهة إلى غير المسلمين وطريقة الخطاب فيها تراعي حال المخاطبين من أهل الكتاب، كما أمرنا الله تعالى في قوله: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل:125].
فينبغي على القارئ لها أن يستحضر هذا الأمر، ولا ينظر إليها بوصفها رسالة إلى علماء المسلمين في بيان عقيدة المؤلف! هذا أولاً
وأمّا ثانيًا؛ فهذه الرسالة المطبوعة إنما هي الترجمة العربية للنص الفرنسي المترجم عن الأصل العربي!
فيجب على القارئ لها أن يدرك أنّ الألفاظ التي صيغت بها ليست من إنشاء المؤلِّف (الأمير) وإنما هي ألفاظ المترجِم لها من الفرنسية، وكذلك المعاني هي ما فهمه المترجِم من النص الفرنسي!
وكذلك يجب أن يدرك أنّ النص الفرنسي أيضًا صِيْغَ على النحو الذي فهمه المترجم الفرنسي من النص العربي!
إذن نحن أمام نصّ تعرّض لشيء من التشويه عندما تُرجِمَ من العربية إلى الفرنسية وكذلك عندما تُرجِمَ من الفرنسية إلى العربية!!
ليس هذا فحسب وإنما يجب على القارئ أن يعلم أنّ النص الفرنسي الموجود هو نصٌّ محرّف!! والفرنسيون يخفون الأصل العربي الذي كتبه الأمير بخطّه، ولا يروّجون إلاّ للنص الفرنسي أو النص العربي المترجم عن الفرنسي.
وهذا الذي أقول ليس ظنًا أو تخمينًا، وإنما عندي دليل عليه. فقد ذكر محمد باشا في كتابه (تحفة الزائر) قصة هذه الرسالة فقال: ((إنّ علماء باريس تذاكروا في علماء الإسلام المشاهير، وانتهى بهم الحديث إلى ذكر الأمير ومؤلفاته التي اتصلت بأيديهم ومواعظه التي كان يلقيها على من يجتمع به منهم، وأجوبته على أسئلتهم التي كانوا يبعثونها إليه، فوقع اتفاقهم على أن يثبتوا اسمه في ديوان العلماء من كلِّ أُمّة وملّة من أهل القرون الماضية، فأثبتوه وكتبوا إليه يخبرونه بذلك فكتب إليهم رسالةً ضمّنها علومًا جمّة ذَكرَ في خطبتها ما نصّه: (((الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين، ورضي الله تعالى عن العلماء العاملين، أمّا بعد: فإنه بلغني أنّ علماء باريس كتبوا اسمي في ديوان العلماء، ونَظَموني في سلك العظماء، فحمدت الله على ستره عليَّ حتى نظر عباده بالكمال إليّ؛ وقد أشار عليَّ بعض المحبين منهم أن أكتب إليهم بعض الرسائل، فكتبتُ هذه العجالة، وسميّتها "ذكرى العاقل وتنبيه الغافل" ورتبتها على مقدمة وثلاث أبواب ... إلخ))).انتهى
هذا هو الأصل العربي الذي افتتح به الأمير رسالته، وللأسف ليس لدينا إلاّ هذا الجزء الذي نقله محمد باشا. وإذا قارناه بما كُتبَ في الرسالة المطبوعة باللغة العربية المترجمة عن الفرنسية وجدنا أنه حتى في هذه الافتتاحية الصغيرة (خمسة أو ستة أسطر) وقع حذفٌ وزيادة وتحريف للنص الأصلي!!
وإليكم النص المطبوع والمنشور (المحرّف): (() الحمد لله ربّ العالَمين. ورضي الله تعالى عن العالِمين. أما بعد: فإنه بلغني أن علماء بريز. وفّقهم العليم الحكيم العزيز. كتبوا اسمي في دفتر العلماء. ونظموني في سلك العظماء. فاهتززت لذلك فرَحا. ثم اغتممت ترَحا. فرِحت من حيث ستر الله عليّ. حتى نظر عبادُه بحسن الظن إليّ. واهتممت من كون العلماء استسمنوا ذا ورم. ونفخوا في غير ضرم. ثم أشار عليّ بعض المحبين منهم بإرسال بعض الرسائل إليهم. فكتبتُ هذه العجالة للتشبه بالعلماء الأعلام. ورميت سهمي بين السهام.
فتشبهوا إن لم تكونوا منهمُ ***** إن التشبه بالكرام رباحُ
وسميتُ هذه الرسالة (ذكرى العاقل. وتنبيه الغافل) ورتبتها على مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة ... إلخ ()). انتهى
إنّ كل قارئ يقظ وسليم الصدر، سيرى بوضوح الفوارق الكثيرة بين النصين (الأصلي والمحرّف)!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/161)
لقد حذف المزور الصلاة على النبي بدايةً ـ التي وصفه فيها الأمير بخاتم النبيين لأنّ الرسالة تتضمن إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم النبيين ـ، ثمّ حذف كلمة العلماء العاملين، ووضع مكانها كلمة العالِمين!!، ثم غير كلمة باريس فجعلها باريز، وأضاف جملةً كاملة فيها دعاء وثناء على علماء باريس أتى بها مسجوعة، وبعد ذلك حذف المزوّر الجملة التي حمِد اللهَ فيها الأمير، ووضع مكانها جملاً ليس فيها معنى الحمد، ثم أضاف كلامًا وشعرًا، وكل ذلك ليس له وجود في كلام الأمير!!
حتى بيت الشعر جاء بصيغة غير الصيغة المعروفة والتي لا تخفى على الأمير الشاعر! وهي:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلَهمْ ***** إن التشبه بالكرام فلاحُ
وسيدرك القارئ الفطن أنّ المحرّفين للنص الأصلي هم من المستشرقين الفرنسيين أو من عملائهم من نصارى الشرق (لبنان) بخاصة! (وأعني بذلك أنّه كان بحوزتهم النص العربي الأصلي يستعملون ألفاظه ومبانيه، في صياغة النص المحرّف).
وللعلم فإنّ النص المترجم إلى العربية طُبِع أوّل مرة في لبنان دون ذكر اسم الناشر أو دار النشر!!
وقبل أن أنقل لكم كامل الصفحة التي اقتُصّت منها تلك العبارة. سأنقل لكم بعض الجمل والعبارات التي وردت في رسالة الأمير حتى تكونوا على شيء من الاطلاع على فحوى هذه الرسالة.
(والرسالة مطبوعة وأنا أدعو الجميع لقراءتها بأنفسهم).
قال الأمير عبد القادر في مقدمة الرسالة في معرض حثّ علماء فرنسة (والغرب) على إعمال عقولهم لكي يصلوا إلى الدين الحق: ((اعلموا أنه يلزم العاقلَ أن ينظر في القول ولا ينظرَ إلى قائله، فإن كان القول حقًا قبِلَه سواء كان قائله معروفًا بالحق أو الباطل، فإنَّ الذَّهب يُستخرج من التراب والنرجسَ من البصل والتِرياقَ من الحيّات ويُجْتنى الورد من الشوك؛ فالعاقل يعرفُ الرجال بالحق ولا يعرف الحقَّ بالرجال)).انتهى [ص5]، ثمّ قال: ((والمتبوعون من الناس على قسمين، قسمٌ عالمٌ مُسْعِدٌ لنفسه ومسعدٌ لغيره وهو الذي عرف الحق بالدليل لا بالتقليد ودعا الناس إلى معرفة الحق بالدليل لا بأن يقلّدوه، وقسمٌ مُهلِكٌ لنفسه ومهلك لغيره وهو الذي قلَّد آباءَه وأجداده فيما يعتقدون ويستحسنون وتَرَكَ النَّظرَ بعقله ودعا الناسَ لتقليده، والأعمى لا يصلح أن يقود العميان؛ وإذا كان تقليد الرجال مذمومًا غيرَ مرضيّ في الاعتقادات فتقليد الكُتب أولى وأحرى بالذم، وإنّ بهيمةً تُقاد أفضل من مقلِّدٍ يَنْقَاد. وإن أقوال العلماء والمتدينين متضادّةٌ في الأكثر واختيارُ واحد منها واتِّبَاعُه بلا دليل باطلٌ لأنّه ترجيحٌ بلا مرجِّح فيكون مُعارَضًا بمثله)).انتهى [ص6ـ7]؛ وفي معرض كلامه على فضل العلم والعلماء قال: ((ويُدرَكُ شرفُ العلم مطلقًا من حيث هو علمٌ بشيئين، أحدهما شرف الثمرة والثاني قوة الدليل. وذلك كعلم الأحكام الدينية الشرعية وعلم الطب، فإن ثمرة علم الدين السلامة في الدارة الآخرة وهي الحياة الأبدية. وثمرة الطب السلامة في الدنيا وهي سلامة بدنية منقطعة. فيكون علم الدين أشرف لأنه سببٌ لسلامة أبدية لا تنقطع)).انتهى [ص22]؛ وقال: ((وأشرفُ العلوم النافعة معرفةُ الله تعالى ومعرفة حكمته في أفعاله وفي خلق السموات والأرض وما فيهما وما بينهما)).انتهى [ص33]؛ وفي معرض كلامه عن الفرق بين الإنسان وغيره من المخلوقات قال: ((ولما كان المقصود الأعظم من خلق الإنسان هو معرفة خالقه وعبادته أكرمَ اللهُ الإنسان وميّزه بصفة أخرى أشرفَ من الكل وهي العقل، فبه يعرف الإنسان خالقَه ويدرك المنافع والمضار في الحال والمآل)).انتهى [ص35ـ36]؛ وفي معرض نقده لعلماء فرنسة قال: ((وقد اعتنى علماء افرنسا ومن حذا حذوهم باستعمال العقل العملي وتصريفه فاستخرجوا الصنائع العجيبة والفوائد الغريبة فاقوا بها المتقدمين وأعجزوا المتأخرين، رقوا بها أعلى المراقي، وحصل لهم بها الذكر الباقي، فلو استعملوا مع هذا العقلَ النظري في معرفة الله وصفاته وفي معرفة حكمته في خلق السموات والأرض وما يلزم للإله من الكمال وما يتقدس عنه من النقص وما يمكن في حقّه أن يفعله وأن لا يفعله لكانوا حازوا المرتبة التي لا تدرك والمزية التي لا تُشرَك، ولكنهم أهملوا استعمال هذه القوة النظرية حتى إنهم لا يُسمَع منهم لها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/162)
ذاكر ولا يعثر عليها في كتبهم ناظر)).انتهى [ص40]؛ وقال: ((وأقلّ أحوال من يقصد بعلم النجم الاطلاعَ على المغيبات أنه خوض في فضول لا ينفع، فإن المقدورَ واقعٌ والاحتراز منه غير ممكن، وأحكام النجوم ظنٌ خالصٌ والحكم بالظن حكمٌ بجهل)).انتهى [49]؛ وقال ((اعلموا وفّقكم الله أنَّ العقل وإن بلغ من الشرف والاطلاع على حقائق الأشياء ما بلغ فثَمَّ علوم لا يصل إليها ولا يهتدي إلى الاطلاع عليها إلاّ بتصديق الأنبياء واتباعهم والانقياد إليهم)).انتهى [ص50]؛
وقال: ((فالذي يدعو الناس إلى التقليد المحض مع عزل العقل جاهل، والمكتفي بمجرد العقل عن العلوم الشرعية مغرور، فإياكم أن تكونوا من أحد الفريقين وكونوا جامعين بينهما، فإن العلوم العقلية كالأغذية والعلوم الشرعية كالأدوية، وقلوب الخلق كلها مرضى ولا علاج لها إلاّ بالأدوية التي ركّبها الأنبياء، وهي وظائف العبادات، فمن اكتفى بالعلوم العقلية تضرر بها كما يتضرر المريض بالغذاء. كما وقع لبعض الناس فإنهم قالوا الإنسان إذا حصل له المعقول وأثبتَ للعالم صانعًا وصل إلى الكمال المطلق فتكون سعادته على قدر علمه وشقاوته على قدر جهله، وعقلُه هو الذي يوصله إلى هذه السعادة. وإيّاكم أن تظنوا أنّ العلوم الشرعية مناقضةٌ ومنافرةٌ للعلوم العقلية، بل كلُّ شيء جاء عن الأنبياء مما شرعوه للناس لا يخالف العقول السليمة؛ نعم يكون في شرائع الأنبياء ما تستبعده العقول لقصورها عنه، فإذا عرفتْ طريقَه عرفتْ أنه الحقُّ الذي لا ينبغي العدول عنه. مثاله في شرع الإسلام الذهب والفضة فإن الشرع يمنع من اختزانهما من غير إعطاء بعضها للفقراء والمساكين، ويمنع من اتخاذ الأواني للأكل والشرب منها، ويمنع من بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة بزيادة، فإذا قيل لإنسان أعطِ بعضها للفقراء وإلاّ تُحرق بالنار! يقول أنا تعبت وجمعتُها فكيف أعطيها مَنْ كان نائمًا مستريحًا هذا خارج عن العقل؟ وإذا قيل له لا تأكل ولا تشرب في أواني الذهب والفضة وإلاّ تُحرق بالنار! يقول أنا أتصرف في ملكي ولا ينازعني فيه أحدٌ فكيف أُعاقب على التصرف في ملكي هذا خارج عن العقل؟ وإذا قيل له لا تبعْ الذهب بالذهب ولا الفضة بالفضة بزيادة وإلاّ تُحرق بالنار! يقول أنا أبيع وأشتري بِرِضًا مني ومن الذي أتعامل معه ولولا البيع والشراء لخربت الدنيا وتعطلت المنافع هذا شيء خارج عن العقل. وكلامه هذا صحيح فإن العقل غير مدركٍ للعقاب على هذه الأمور، فيحتاج العقل إلى التعريف، فيُقال له الحكمة التي خلق الله الذهبَ والفضة لأجلها هي أنّ قِوامَ الدنيا بهما وهما حجران لا منفعة في أعيانهما إذ لا يرُدَّان حرًّا ولا بردًا ولا يُغذيان جسمًا، والخلق كلهم محتاج إليهما من حيث أنّ كل إنسان محتاج إلى أشياء كثيرةٍ في مطعمه وملبسه، وقد لا يملك ما يحتاج إليه ويملك ما يستغني عنه كمن يملك القمح مثلاً وهو محتاج إلى فرس، والذي يملك الفرس قد يستغني عنه ويحتاج إلى البُرّ فلا بدّ بينهما من معاوضة ولابُدَّ من تقدير العِوَض إذ لا يعطى صاحب الفرس فرسَه بكل مقدار من البُر، ولا مناسبة بين البُر والفرس حتى يُقال يُعْطَى منه مثلَه في الوزن أو الصورة فلا يدري أن الفرس كم يسوى بالبُر فتتعذر المعاملات في هذا المثال وأشباهه. فاحتاج الناس إلى متوسط يحكم بينهم بالعدل فخلق الله الذهب والفضة حاكمين بين الناس في جميع المعاملات، فيُقال هذا الفرس يسوى مئة دينار وهذا القَدر من البُر يسوى مثلَه؛ وإنما كان التعديل بالذهب والفضة لأنه لا غرض في أعيانهما وإنما خلقهما الله لتتداولهما الأيدي ويكونا حاكمين بالعدل، ونسبتهما إلى جميع الأموال نسبة واحدة، فمن ملكهما كأنه ملَكَ كلَّ شيء، ومن ملك فرسًا مثلاً فإنه لا يملك إلاّ ذلك الفرس، فلو احتاج إلى طعام ربما لم يرغب صاحب الطعام في الفرس لأنّ غرضه في ثوبٍ مثلاً فاحتيج إلى ما هو في صورته كأنه ليس بشيء وهو في معناه كأنه كل الأشياء. والشيء إنما يستوي نسبته إلى الأشياء المختلفات إذا لم تكن له صورة خاصّة؛ كالمرآة لا لون لها وتحكي كل لون. فكذلك الذهب والفضة لا غرض فيهما وهما وسيلتان إلى كل غرض؛ فكل من عمل فيهما عملاً لا يليق بالحكمة الإلهية فإنه يُعاقب بالنار إن لم يقع السّماح)).انتهى [54ـ57]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/163)
وفي معرض كلامه على إثبات النبوّة واحتياج كافة العقلاء إلى علوم الأنبياء قال: ((وإذا ثبت أنّ اللهَ تعالى فاعلٌ مختار لا عِلّةٌ موجبة وثبت أن إرسال الأنبياء ممكن غير محال في حقه، وجاءت الأنبياء بما يصدقهم من المعجزات الخارقة للعادة لزم تصديقهم)).انتهى [ص65]؛ ثم قال: ((ولو أن قائلاً قال إن هذا الإبريق تكوّن بنفسه من غير قصد قاصدٍ حكيم، ولا فعلِ فاعلٍ بل اتفق تكوُّنه بنفسه كما اتفق تشكل هذه القطعة بهذا الشكل الخاص من غير قصد قاصد حكيم ولا جعل جاعل، لشهدت الفطرة السليمة بأن هذا القول باطل محال؛ ومتى ثبت القول بالفاعل المختار ثبتَ حدوث العالم، ومن عرف هذا سهل عليه معرفة النبيّ)).انتهى [ص67]؛ وقال: ((فإذا قال قائل إن هذا المنقول عنهم (يعني الأنبياء) خرافات وكذب! فنقول له ما بال الناس لا ينقلون نقلاً متواترًا عن غير الأنبياء مثلَ ما نقلوا عن الأنبياء؟)).انتهى [ص68]
وقال: ((وأساس الديانة وأصولهُا لا خلاف فيها بين الأنبياء من آدم إلى محمد، فكلّهم يدعون الخلقَ إلى توحيد الإله وتعظيمه واعتقاد أن كل شيء في العالم صُنعه. وإلى حفظ النفس والعقل والنسل والمال، فهذه الكلّيات الخمس لا خلاف فيها بين الأنبياء، وجميعُ الشرائع متفقة عليها، وحاصلها يرجع إلى تعظيم الإله والشفقة على مخلوقاته، وطريان النسخ على هذه الكلّيات الخمس مُحال، وإنما النسخ يمكن في الشرائع الوضعية، وهي الأشياء التي يجوز ويصح أن لا تكون مشروعة، دون الأحكام العقلية كتوحيد الإله وما ذكرنا معه من الكلّيات)).انتهى [ص71].
والآن إليكم النص الذي وردت فيه عبارة الأمير التي يُراد من اجتزائها وتدليسها الطعن فيه بغير حق. وقد وردت في معرض احتجاجه على النصارى بأن سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين قال: ((والنسخُ في الحقيقة ليس هو إبطال وإنما هو تكميل .... واليهود هم الذين اعتدوا في السبت فمسخهم الله قردةً وخنازير. وقال المسيح ما جئتُ لإبطال التوراة بل جئتُ لأكملها، قال صاحب التوراة "النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والجروح قصاص" وأنا أقول "إذا لطمك أخوك على خدّك الأيمن فضع له خدك الأيسر. وجوابُ النصارى لليهود هو جواب المسلمين للنصارى، والذي قاله المسيح قاله محمد، فإنه قال "ما جئتُ لأُبطل الإنجيل والتوراة وإنما جئتُ لأكملهما. ففي التوراة أحكام السياسة الظاهرة العامة، وفي الإنجيل أحكام السياسة الباطنة الخاصة، وأنا جئتُ بالسياستين جميعًا، جئتُ بالقصاص {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} وهو إشارة إلى السياسة الظاهرة العامة، وجئتُ بالعفو {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} وهو إشارة إلى السياسة الباطنة الخاصة. وهذا دليلٌ على أنّ محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين؛ لأن النبوّة حكمةٌ، والحكمةُ إمّا عملية أو علمية أو جامعة بينهما، وحكمة موسى كانت عمليةً لاشتمالها على تكاليفَ شاقة وأعمال متعبة، وحكمة المسيح كانت علمية لاشتمالها على التجرد والروحانيات والتصوف المحض، وحكمة محمدٍ جامعةٌ بينهما، فلا يجيءُ نبيٌّ بعده غير المسيح فإنه ينزل ثانيًا إلى الأرض لأنّ الذي يجيء بعد محمد إن كانت حكمته عملية فموسوي وإن كانت حكمته علمية فمسيحي، وإن كانت جامعة بينهما فمحمدي، فقد انختمت عليه النبوّة بالضرورة. فالدين واحدٌ باتفاق الأنبياء، وإنما اختلفوا في بعض القوانين الجزئية، فهم كرجالٍ أبوهم واحد وأمهاتهم متعددة؛ فتكذيب جميعهم أو تكذيب البعض وتصديق البعض قصورٌ؛ ولو أصغى إليَّ المسلمون والنصارى لرفعتُ الخلاف بينهم ولصاروا إخوانًا ظاهرًا وباطنًا، ولكن لا يصغون إليّ لِمَا سبق في علم الله أنه لا يجمعهم على رأي واحد؛ ولا يرفعُ الخلافَ بينهم إلاّ المسيح عند نزوله ولا يجمعهم لمجرَّد كلامه مع أنه يحيي الموتى ويبرئُ الأكمه والأبرص، ولا يجمعهم إلاَّ بالسيف والقتل، ولو جاءَني مَنْ يريد معرفة طريق الحق وكان يفهم لساني فهمًا كاملاً لأَوصلته إلى طريق الحق من غير تعب لا بأن يُقلّدني بل بأن يَظْهَرَ الحقُّ له حتى يعترف به اضطرارًا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/164)
وعلوم الأنبياء من حيث خطابهم للعامة دائرةٌ على ما يصلح الناس في معاشهم ومعادهم، وما جاؤوا ليجادلوا الفلاسفة ولا لإبطال علوم الطب ولا علوم النجم ولا علوم الهندسة وإنما جاؤوا باعتبار هذه العلوم على وجهٍ لا يناقض التوحيد، ونسبة كل ما يحدث في العالم إلى قدرته وإرادته سبحانه .. )).انتهى [ص75ـ78].
هذا ما قاله الأمير عبد القادر، والقارئ يرى بوضوح الاختلاف الكبير بين إيراد تلك المقولة ضمن سياقها، وبين سلخها عن سياقها!. فالأمير يتحاور مع العلماء النصارى ويبيّن لهم الحقائق بطريقة تتناسب مع طبائعهم وتفكيرهم، فضرب لهم المثل بداية باليهود وكيف اعترضوا على النصارى وأنكروا نبوّة المسيح، ورفضوا مبدأ النسخ والتكميل في الشرائع .. إلى غير ذلك من الاعتراضات. ثم ذكّرهم بما ردّت به النصارى على اليهود! ثم قال لهم لقد اعترضتم على المسلمين بمثل ما اعترض عليكم اليهود، ونحن نجيبكم بمثل ما أجبتم اليهود! فإذا كنتم تعدّون أنفسكم على الحق وأنّ ما رددتم به على اليهود حق، فيلزمكم من ذلك أن تقبلوا ردّنا عليكم وتُقِرّوا بأنّ الإسلام هو آخر الشرائع وأنّ محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الأنبياء. ولا يليق بكم أن تعترضوا علينا بما اعترض به اليهود عليكم، لأنكم في ردّكم عليهم بيّنتم بطلان أصل اعتراضهم.
والقارئ يلاحظ أن الأمير لم يقل: لو أصغى إليّ المسلمون واليهود!! وإنما قال والنصارى، إذن نحن لسنا أمام فكرٍ يدعو إلى توحيد الأديان أو إزالة الفوارق بين المسلمين والكافرين، كما يتوهّم البعض، وإنما نحن أمام محاورة يُجْرِيها مسلمٌ مع أهل الكتاب من النصارى حصرًا ـ لأنّهم تعرّضوا لمثل ما تعرّض له المسلمون ـ يحاولُ فيها إلزامهم بالقواعد العقلية التي استندوا إليها في صراعهم مع اليهود.
ومع ذلك أعود فأقول إنّ العبارة ليس فيها الإشكال الذي يظنه البعض. فالجملة صدّرها الأمير بحرف الشرط (لو)، وهو كما يعرف دارسو العربية: حرفُ امتناعٍ لامتناع، أي يدلُّ على امتناع الجواب لامتناع الشرط!!! ففي قولك: (لو درسَ لنجح) امتناعُ النجاح لامتناعِ الدَّرْس!
إذن عندما يقول الأمير: ((لو أصغى إليَّ المسلمون والنصارى لرفعت الخلاف بينهم))
فإنّ العربي يفهم من هذا الكلام امتناعَ رفعِ الخلاف بين المسلمين والنصارى لامتناع إصغائهم!
ومع ذلك فإنّ الأمير أوضح العبارة كي لا تلتبس على أحد، فقال: ((ولكن لا يُصغون إليّ لِمَا سبق في علم الله أنه لا يجمعهم على رأي واحد؛ ولا يرفعُ الخلافَ بينهم إلاّ المسيح عند نزوله ولا يجمعهم لمجرَّد كلامه مع أنه يحيي الموتى ويبرئُ الأكمه والأبرص، ولا يجمعهم إلاَّ بالسيف والقتل)).انتهى
فهل يبقى بعد هذا البيان أي غموض في العبارة؟ لقد قرر الأمير ما استقرّ في عقيدة كل مسلم أنّ النصارى ـ في مجموعهم ـ لن يصغوا إلى المسلمين ولن يعترفوا بالإسلام إلاّ بعد نزول المسيح عليه السلام، ليس هذا فحسب، بل إنهم حتى بعد نزول المسيح لن يستعملوا عقولهم ولن يصغوا بآذانهم وقلوبهم، وإنما سيدفعهم المسيح إلى ذلك بالسيف والقتل!!
فهل في هذا الكلام أي مطعن في عقيدة الأمير الإسلامية؟!
وما كان الأمير ليتودد إلى النصارى ولو ظاهرًا، وهو عندما كان في أَسْرِهم وفي متناولهم، وسمع من بعض أعيانهم ورجالاتهم كلامًا ينتقصون فيه دين الإسلام، كتبَ كتابًا يرد فيه عليهم ووضع له عنوانًا جريئًا قويًا لا يهابُ فيه أحدًا منهم مع أنه يعلم أنه تحت سلطانهم، ولكنّه الإيمان الراسخ بالله وحده، والعزّة بدين الإسلام، والقوة في الدفاع عن هذا الدين. وعنوان الكتاب:
[المقراضُ الحادّ لقطع لسان منتقص دين الإسلام بالباطل والإلحاد]؛وهو مطبوع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/165)
وحتى لا أدع أيّ مجال للمشككين أقول: لقد صرّح الأمير عبد القادر ـ بكل اطمئنان وبأوضح بيان ـ بعقيدته في اليهود والنصارى وذلك في رسالته الجوابية إلى مفتي الشام السيد محمود أفندي الحمزاوي، الذي سأله عن بعض الطوائف والأديان. وقد أثبتَ هذه الرسالة محمد باشا في تحفة الزائر وهي من آخر رسائل وفتاوى الأمير!!؛ جاء فيها: (( ... وأمّا قولك أنّ منطوق الآية الشريفة في سورة الحج أنّ المشركين ليسوا هم النصارى ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn1)) .. الخ. فاعلم أنّ النصارى هم أتباع المسيح عليه السلام، وأُمَّته ممن كان تابعًا للمسيح قبل ظهور محمد عليه السلام فهو من أفضل الخلق وأعلاهم درجة، وبعد ظهور محمد عليه السلام مَنْ آمن به فله أجران ويحشر مع الناجين الآمنين ومَنْ كفرَ بما جاء به محمد من النصارى وغيرهم فيُسمّى كافرًا لا مشركًا، إلاّ من قال في المسيح عليه السلام أنه ابن الله ومن اليهود في عُزير أنه ابن الله فهو مشرك والنصارى الحقيقيون هم الذين يعتقدون أن المسيح عليه السلام روحُ اللهِ وكلمتُه ألقاها إلى مريم العذراء البتول عليها السلام وأنه رسول الله إلى بني إسرائيل بشرعٍ ناسخ لبعض شرع موسى عليه السلام والإنجيل المُنزّل عليه كلام الله تعالى حقيقةً لا مجازًا. وفِرَقُ النصارى واعتقاداتهم المختلفة أنتَ أعلم بها فلا نطيل الكلام بذكر مذاهبهم وفِرَقهم. وبالجملة فالنصارى أجهل الناس بالمعقول والإلهيات. والكفرُ: إمّا كفر إنكار، وهو أن يكفر بقلبه ولسانه، وإما كفر جحود وهو أن يعرف الحق بقلبه ولا يقرّ بلسانه، وإما كفر عناد وهو أن يعرف بقلبه ويقر بلسانه ولا يدين به، وكفر نفاق وهو أن يقر بلسانه ولا يعتقد بقلبه، والجميع سواء في أنه من لقيَ اللهَ تعالى بواحد منهم لا يُغفر له. فقد بان لك أنّ أهل الكتاب لا يُقال فيهم مشركون وإنما يُقال لهم كفّار؛ فإنّ الكافر اسمٌ لمن لا إيمان له بمحمد وبما جاء به من الشرائع والأحكام، ومَنْ أخفى الكفرَ وأظهر الإيمان فهو المنافق، وإن طرأَ عليه الكفر بعد الإيمان فهو المرتد، وإن كان متدينًا ببعض الأديان والكتب المنسوخة فهو الكتابي، وإن قال بقدم الزمان والدهر ونسبَ الحوادث له فهو الدّهريّ، وإن كان لا يُثبتُ الباري تعالى فهو المعطّل، وإن كان يجعل مع الله إلهًا آخر فهو المشرك؛ وشريعة محمدٍ عليه السلام نسخت الشرائع المتقدمة كلّها، فلا يقبل الله تعالى دينًا اليوم من أحدٍ ولو عبدَ اللهَ بعبادة الثّقلين؛ الإنس والجن؛ إلاّ مَنْ عبدَ اتّباعًا بمحمدٍ عليه السلام)).انتهى [تحفة الزائر2/ 246]
وبعد فإنني أعتقد أنّ الأمر أصبح جليًا لا لبسَ فيه.
وأُذكّرُ كل من يتسرّع في اتّهام الآخرين ويُطلق عليهم أحكام الردة والكفر وموالاة الكفرَة، بقول الله تعالى: {ستُكتَبُ شهادتهم ويُسْألون} [الزخرف:19]
وهناك أمر هام جدًّا أريد أن أنبّه عليه: وهو أنّ بعض الأوربيين قرؤوا أو سمعوا عبارات وكلمات من الأمير عبد القادر ففهموا منها معنىً ما، ثمّ ترجموها إلى لغاتهم بحروفهم وأدبيّاتهم، ثمّ جاء بعد ذلك بعض العرب ليقرؤوها ويفهموا منها فهمًا جديدًا قريبًا من المعنى الأجنبي ثمّ بعد ذلك يعيدوا ترجمتها إلى العربيّة. فماذا تكون النتيجة؟ النتيجة أننا نقرأ كلامًا بعيدًا عن الأصل في المعنى. أو لا وجود له، وسأضرب بعض الأمثلة:
استمعَ شارل هنري تشرشل (البريطاني) لخطبة من خطب الأمير عبد القادر وكان من ضمن الخطبة استشهادٌ بآيات من القرآن، فانظروا كيف ترجم تشرشل الآيات التي قرأها الأمير:
1ـ الآية الأولى: يقول تشرشل نقلاً عن الأمير: (( .. فأنتم تعلمون ما نصّ عليه القرآن الكريم من أنّ {النمل يغلب الفيلة وأنّ الجرذان تقتل الأسود}.انتهى [حياة الأمير لتشرشل ص150]
2ـ الآية الثانية: {دع الظلم يسقط على رأس صاحبه}.انتهى [المرجع السابق ص168]
3ـ الآية الثالثة: {من الأفضل أن تكون مظلومًا من أن تكون ظالماً}.انتهى [المرجع السابق ص168]
4ـ الآية الرابعة يقول تشرشل: ((وألقى خطبة كان موضوعها آية قرآنية يلوم فيها محمدٌ صهره عليًا على قتل خمسمئة كافر بعد أن استسلموا)).انتهى [المرجع السابق ص207]
5ـ الآية الخامسة {أنا لا أوجّه الطلقة بل الله هو الذي يوجّهها}.انتهى [المرجع السابق ص146].
أرأيتم كيف تتحرّف الأشياء! هل سمعتم بتلكم الآيات؟ هل يظن عاقلٌ أن الأمير (الحافظ لكتاب الله) يقول تلك الآيات وعلى مسمعٍ من المسلمين أيضًا؟!
الواضح تمامًا أن تشرشل البريطاني فهم معنىً ما من الآيات التي ذكرها الأمير ثم ترجمه للغته ثم أتى المترجم العربي ففهم معنى آخر من الترجمة الأجنبية فصاغه بالعربية على النحو الذي رأيناه.
وقد قال الأستاذ أبو القاسم سعد الله عن ترجمة الآية الأولى: ((ولعل الأقرب إلى هذا المعنى قوله تعالى: {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله}، وقال عن الآية الثانية: والأقرب إلى هذا المعنى هو قوله تعالى: {ولا يحيق المكر السيئ إلاّ بأهله})).انتهى.
وأما الآية الخامسة فالمقصود ولا ريب قوله تعالى: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}.
هكذا يفعل العقلاء والمنصفون.
وهناك أمثلة أخرى كثيرة وأظن أن ما أوردته يكفي لتوضيح الفكرة.
والحمد لله رب العالمين
خلدون بن مكيّ الحسني
للبحث صِلَة إن شاء الله
([1]) في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [الحج:17]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/166)
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[27 - 06 - 08, 05:38 م]ـ
وإنّك إذا قرأت مشاركة الأخ [خزانة الأدب]؛ فستجد التعصبَ واضحًا، والابتعاد عن النهج العلمي بالكليّة أوضح، وربّما ستلمس شيئًا من ((الشخصنة)).والله أعلم.
سبحان الله!
تجري عكس التيار، وتجعل الأمير عبدالقادر سلفياً، مع أن إغراقه في التصوف وعنايته بتراث ابن عربي، ومدفنه إلى جواره، أمور يكاد يعرفها حتى أطفال المدارس! فإذا لفت قارئٌ أنظار القراء إلى الخروق المنهجية لديك، رميتَه بالتعصُّب!!
يعني باختصار: اسمعوا وإطيعوا ولا تناقشوا، وإلا فأنتم متعصِّبون!!
أزيدك والقراء إيضاحاً:
نحن الآن في عام 1429، وعبدالقادر مات سنة 1300، وأنت لا تستكثر على نفسك أن تكون مطَّلعاً على أحواله إلى الحدِّ الذي تكذِّب به الناس وترميهم بالافتراء عليه! أما إذا روى عنه رجلٌ رواية في عام 1355، فهو كذَّاب بناء على تأخُّر زمنه!! مع أنه من الجيل التالي لعبدالقادر، وربما يكون قد يكون عاصره بعض المعاصرة! ومع أنك تعترف بأنك لا تعرف الرجل لأن الشيخ نصيف لم يقشِّر لك البرتقالة!
أنا طالبتك باتباع المنهج التاريخي ما دام أنك تريد تصحيح التاريخ، فتقول لنا: بحثت في كل مكان - ولا سيما في تركيا - عن السائح التركي المذكور فلم أجد أحداً يعرفه!
أما أن تجعل ميزان التاريخ والجرح والتعديل بيدك وأنت متكئ على أريكتك، فهذا خلل غير مقبوب في منهجك!
وأما النوايا والأغراض، فعلمها عند رب العالمين
أما تهمة ((الشخصنة)) فقد جريتَ فيها أيضاً على غير الإنصاف!! لأنني أقول إن الخلل في منهجك، ولم أتعرَّض لشخصك!!
وأنت رميتني بالعصُّب والشخصنة، وهما خصلتان شخصيَّتان!!
وأنا أطرح عليك سؤالاً: لماذا دُفن عبدالقادر بجوار ابن عربي؟
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[27 - 06 - 08, 06:15 م]ـ
وفي الحلقة الثانية أيضاً نفس الجدل غير المثمر! 1
انتهيتَ بعد كلام طويل إلى أن العبارة المنسوبة إلى عبدالقادر صحيحة
فلماذا إذن تلك المقدمات الطويلة التي تتهم فيها الأخ المبارك وعبدالحق والمترجمين ومستشرقي أوربا ونصارى لبنان بتزوير كلام عبدالقادر؟!
كان ينبغي أن تقول: الأخ المبارك لم ينسبها إلى مصدر، وهي موجودة في كتاب تنبيه الغافل، ولها تخريج مقبول، وأختلف مع الأخ وأمثاله في تفسيرها وتوجيهها.
فهذا الاختلاف في التوجيه من حقِّك وحقّ الأخ المبارك، ولكنك تملأ الصفحات بالكلام على التزوير، واتّهام الآخرين، ثم يتمخَّض أمرك عن لا شيء!!
أنت مع الأسف تحاول أن توحي للناس بأن كل من ينتقد عبدالقادر على أنه كذَّاب مفتري: نصيف والتركي والمبارك وعبدالحقّ ... إلخ
ـ[الجيرودي]ــــــــ[28 - 06 - 08, 05:24 م]ـ
أنا طالبتك باتباع المنهج التاريخي ما دام أنك تريد تصحيح التاريخ، فتقول لنا: بحثت في كل مكان - ولا سيما في تركيا - عن السائح التركي المذكور فلم أجد أحداً يعرفه!
أما أن تجعل ميزان التاريخ والجرح والتعديل بيدك وأنت متكئ على أريكتك، فهذا خلل غير مقبوب في منهجك!
إن أمرك عجب يا خزانة الأدب ,أفتثبت التهمة على الأمير من رواية عن شخص مجهول!! كان الأولى بك أن تتأمل في كلام الشيخ خلدون قبل أن تنطق بهذا الكلام:
(
والأصل يا أخي كما تعلم أن المسلم على البراءة الأصلية مالم تكن هناك بيّنة فالذي يريد أن يتهم الأمير هو المطالب بإحضار البينة الصحيحة وليس العكس
)
فطالما أن الشيخ خلدون في موقف درء الشبهة ,وأنت في موقف إثباتها فأنت المطالب بإحضار البينة وتعريفنا بسائحك التركي ,وإلا لتهيأ لكل من يريد أن يتهم كل من يريد ,ولاستباحت ألسنة أصحاب الأهواء أحوال الرموز ,ولا أحسب أن الدكتور خلدون يقف موقفه في الدفاع عن الأمير عبد القادر إلا لأنه رمز في تطبيق شرع الجهاد الذي استيأست منه نخب كثيرة في عصرنا هذا.
أسأل الله أن أكون قد قشرت لك البرتقالة بكلامي هذا يا خزانة الأدب , و أرجو منك أن تحسن الكلام مع الشيخ خلدون ,ولا أظنك
تجهل الشيخ خلدون وما له من رسائل علمية قيمة استفاد منها
أصحاب هذا المنتدى وآخرون.
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[28 - 06 - 08, 09:10 م]ـ
ونعم المنهج!!
أنا المطالَب بالبيِّنة!!
واللائق بجانبك أن لا تفتري على مناظرك بأنه يُثبت التهمة على الأمير، فأنا لم أقل إن الأمير فعل أو لم يفعل شيئاً، وإنما وصفت أسلوب صاحبك بأنه جدل غير مثمر.
وأوصيكما بتقوى الله وترك نون الجماعة في المناظرات العلمية!!
ـ[عبد الرشيد الهلالي]ــــــــ[29 - 06 - 08, 12:24 ص]ـ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون)
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)
وعن المغيرة بن شعبة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء)
*قال الامام ابو اسحاق الشاطبي: (كل مسألة لا ينبني عليها عمل،فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي)
أنتم يا من تلهثون في تطلب كل شبهة تقضي بكفر هذا الرجل، تشتغلون عما طلب منكم بما لم يطلب منكم،بل بما على لسان الشرع عنه نهيتم. هبكم كفرتموه وأقرت لكم الدنيا جميعا بذلك،فأي نصر للإسلام حققتم وأي نفع للمسلمين جلبتم، وأي كسربأعداء الدين أوقعتم وأي حزن على الكافرين أدخلتم؟؟؟؟
ألا يسعكم أن تبينوا الحق للناس،في مثل هذه المسائل،دون أن تتعرضوا للأموات بالسب والثلب؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/167)
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[29 - 06 - 08, 01:55 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن كل من يريد أن يتصدى لدراسة الأمير عبد القادر وفهم شخصيته عليه أن يأخذ في اعتباره عدة عوامل ومواقف في حياته , وأن يبذل جهده في الابتعاد عن كل مجازفة , ويسعى أن يكون موضوعياً قدر المستطاع , والموضوعية مما يتغنى بها كثير من المعاصرين , لكنك لا تراها في أعمالهم إلا قليلاً , وهاهنا كلمة للأستاذ عمر بن قينة جعلها منهاجاً لدراسته عن الدّيسي قال:" جعلت نصب عيني في البحث الحقيقة العلمية هدفاً لا أتردد في إعلانها لحظة عند العثور عليها , ولو نقضت لي رأياً سابقاً , أو أغضبت صديقاً عزيزاً , إلى أن قال: فكنت أثني على الديسي عندما يستدعي الموقف ثناء , وأذم أفكاره وأحمله وزرها عندما أراه يتنكر لعقله , أو يسهو عن عقيدته, كنت راصداً له أسجل ما له وما عليه , , , "
لكن ينبغي أن يعلم أيضاً أن ما ذهب إليه بعض الإخوة من نقد لبعض الأمور التي قال بها الأمير أو غيره , ليس الغرض منه الحكم على الأشخاص المنتقدين في نفس الأمر ولا استنقاصهم ,بل هو بيان الحق بحسب علمي , فإننا منهيون أن تمنعنا مهابة أي كان من قول الحق, أما الناس فمرجعهم إلى الله , ثم ينبئهم بما كانوا يعملون.
والله أعلم
ـ[الجيرودي]ــــــــ[29 - 06 - 08, 02:12 ص]ـ
ونعم المنهج!!
أنا المطالَب بالبيِّنة!!
واللائق بجانبك أن لا تفتري على مناظرك بأنه يُثبت التهمة على الأمير، فأنا لم أقل إن الأمير فعل أو لم يفعل شيئاً، وإنما وصفت أسلوب صاحبك بأنه جدل غير مثمر.
وأوصيكما بتقوى الله وترك نون الجماعة في المناظرات العلمية!
أولاً -أنا لم أفتر عليك بشيء ,ولكن ما ذنبي أن فهمت من جملتي:
(إن أمرك عجب يا خزانة الأدب ,أفَتَثبُت التهمة على الأمير من رواية عن شخص مجهول) ولم أقصد أنك من يثبت ,فأنت من افترى على نفسك.
ثانياً-إذا كنت ترى دفع الشبهات عن رجال الأمة و مجاهديها, جدلاً غير مثمر ,وإذا كانت استباحتهم أمراً هيناً عليك ,فأنا لا أحسب غيوراً يرضى بذلك ,فهم قدوة لغيرهم في جهادهم وصبرهم.
ثالثاً- ما دمت تريد منهجاً علمياً: فلماذا لا تقفز عن مسألة شبهة حرق كتب ابن تيمية التي بين الدكتور بطلانها ,بل تأبى إلا أن تستدل عليها (أو تهون من شأنها مستأنساً) بدفن الأمير بجوار ابن عربي!! وما علاقة هذا بذاك؟ (هذا إن كان الأمير قد طلب أن يدفن بجوار ابن عربي) ,أو إغراق الأمير بالتصوف ,و لست أدري أي إغراق تقصد؟
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[29 - 06 - 08, 06:58 م]ـ
الجواب:
1 - الآن ضبطت الكلمة بالشكل!
وأنا أصدِّقك بأن هذا مرادك، وأنَّك قصَّرت في ضبطها بالشكل أول الأمر. ولكنّ ذلك لا يغني عنك شيئاً! لأنك جعلت ثبوت التهمة على عبدالقادر أمراً من أموري أنا، بقولك (إن أمرك عجب)، فإذا كنتُ في نظرك لا أُثْبِتُ التهمة فأين موضع العجب؟
وماذا تفعل بقولك الذي يفيض بالتعالي والسخرية (سائحك التركي). وهذا الرجل هو الذي اتَّهم عبدالقادر بتلك التهمة، فلا معنى لنسبته إليَّ إلا أنني أُثبتها أيضاً!
وبدلاً من الاعتذار عن تقصيرك في ضبط الكلمة، تقول (أنت من افترى على نفسك)!!
2 - قولك (إذا كنت ترى دفع الشبهات عن رجال الأمة و مجاهديها, جدلاً غير مثمر, وإذا كانت استباحتهم أمراً هيناً عليك ,فأنا لا أحسب غيوراً يرضى بذلك ,فهم قدوة لغيرهم في جهادهم وصبرهم).
ما الذي سوَّغ لك اتهامي بهذه التهم الخطيرة:
أ - أنني أرى أن دفع الشبهات عن رجال الأمة و مجاهديها جدلاً غير مثمر!
ب - أنني أرى استباحتهم أمراً هيناً عليَّ؟؟
ج - أن الغيورين لا يرضون بقولي!
ربما تقول كما قال أبو إدريس: الكلام لغو لأنه مشروط!!
فأقول لك: أنا أنتقد منهج الكاتب أبي أدريس وأصفه بالجدل غير المثمر، وأنت تؤوِّل كلامي لتجعلني معتدياً على المجاهدين واستباحتهم!!
فاحذر عافاك الله عاقبة الفجور في الخصومة، واعلم أنك لا تضرّ إلا نفسك، وأن كلامك لا يضرّني شيئاً، وأن أعضاء هذا المنتدى المبارك يعرفون مبلغ كلينا من الإنصاف.
4 - يسرُّني أن أوضِّح لك مناسبة الإشارة إلى دفن الأمير بجوار ابن عربي، مع أنها واضحة لغيرك فيما أظنّ!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/168)
فلا علاقة للحادثة طبعاً بإحراق الكتب، ولكنها في الصميم من مقالة أبي إدريس، الذي جعل مسألة إحراق الكتب مدخلاً إلى الموضوع الأصلي، بقوله (وقبل أن أبدأ بالرد على مغالطات صاحب المقال، أود أن أبدأ بمسألة ذكرها صاحب المقال).
إن أبا أدريس يصف غير الأمير من الصوفية، كالسلطان سليم، بعبارة (تقديس ابن عربي)، وبقوله (جميع هؤلاء المتعصبين لابن عربي من السلطان سليم وباقي السلاطين والولاة مروراً بمشيخة الطرق والأضرحة)، وأما عبدالقادر فيقول عنه (كان صوفيّ المشرب وقرأ "الفتوحات المكيّة"، ولكن هذا لا يسمح لي أن أجزم من عند نفسي بأنّه كان موافقاً لابن عربي في كلّ شذوذاته وانحرافاته). فالمقالة كلها تدور على إنكار غلوّ الأمير في التصوف، حتى لتكاد تخرج منها بأنه وسائر الصوفية كان يموتون في حبّ ابن تيمية!
وبالطبع يستطيع أبو إدريس أن يصوغ الألفاظ كما يشاء ليصل إلى ما يريد، ولكنه لا يستطيع إنكار هذه الحادثة المادية الملموسة، وإذا زعم أنها لا تعني شيئاً فالقراء لهم عقول وأفهام.
وإذن فهذه مناسبة سؤالي عن مغزى دفنه بجوار ابن عربي!!
5 - لقد ضرب الأخ محمد المبارك مثالاً واضحاً لما أسميتُه بالجدل غير المثمر، وهو أن أبا إدريس ينفي نسبة كتاب المواقف إلى عبدالقادر، وإذا وجد فيه نصًّا يظنّ أنه يوافق المطلوب فلا بأس بنسبته إليه! فكان جوابه:
أنا ملتزم بمنهج علمي واضح. وعندما استشهدت بكتاب المواقف، كان ذلك من باب إلزام القائلين بصحة نسبته إليه بما فيه. فكل من يقول بأن الأمير هو مؤلّف المواقف يلزمه ضرورة أن يقبل احتجاجنا عليه به. وأمّا أنا فأنفي أن يكون الأمير مؤلّف ذلك الكتاب، لذلك لا يُحتج عليّ بما فيه. وهذا ميزان علمي صحيح.
أقول: استعمال الأخ لهذا الميزان وتصحيحه له يدلّ على مبلغه من إتقان المنهج العلمي والالتزام به!
فلننظر علام استشهد بهذا النصّ، وكيف استدلّ به! يقول:
ثامناً ـ أنا أعلم أنّ الأمير عبد القادر كان صوفيّ المشرب وقرأ "الفتوحات المكيّة"، ولكن هذا لا يسمح لي أن أجزم من عند نفسي بأنّه كان موافقاً لابن عربي في كلّ شذوذاته وانحرافاته، كيفَ لي ذلك وأنا أقرأُ في كتاب المواقف؛ الذي نَسَبه الشيخ محمد نصيف للأمير! (وليس له)؛ قولَ الأمير: "وما يُنسَبُ لسيدنا خاتم الولاية محيي الدين مِنَ الكتب المؤلّفة في علم التدبير والكيمياء، ولغيره من الأولياء الدّاعين إلى الله تعالى؛ فزورٌ وافتراء، فإنّه مُحالٌ أنْ يَدُلَّ وليٌ من أولياء الله، عبادَ الله على ما يقطعهم عن الله تعالى ... وكذا ما يُنسَبُ لسيدنا محيي الدين، من الكتب المؤلّفة في الملاحم والجِفْر كالشّجرة النعمانيّة وغيرها .. وكذا الفتاوى المنسوبة إليه، كذبٌ وزور".انتهى [المواقف 2/ 709] فكما ترون فإنّ الأمير عندما اطّلَعَ على كلامٍِ يُنسبُ للشيخ ابن عربي ووجَدَه مخالفاً للشريعة أسرعَ فنفاه عنه وذلك في كتابه الخاص بعلوم القوم، والسبب في ذلك أنّ الأمير نشَأ على محبّة من يُسمّونهم أولياء الله، ومنهم ابن عربي. فمن باب حُسنِ ظنّه به نفى عنه ما رآه مخالفاً للشرع. ولَسْتُ هنا في معرض تصويب أو تخطئة كلام الأمير في نفي تلك الكتب أو إثباتها، ولكنّ الذي أُريد بيانه أنّ الأمير صرَّح بعدم موافقته على الكلام المخالف للشرع الذي نُسِبَ لابن عربي، فكيفَ يسمح البعض لأنفسهم أن يجزموا بأنّ الأمير كان على معتقد الشيخ ابن عربي من الحلول والاتحاد؟!
فمن الواضح أن عبدالقادر ينفي عن ابن عربي كتب التدبير والكيمياء والملاحم والجِفْر كالشّجرة النعمانيّة وغيرها، ولم يَنْفِ عنه الفصوص ولا الفتوحات، وهما عمدة الناس في الإنكار عليه، ولم يقل إن السبب هو مخالفة تلك الكتب للشريعة، ولا تطرَّق إلى الحلول والاتحاد أصلاً، بل قال (فإنّه مُحالٌ أنْ يَدُلَّ وليٌ من أولياء الله، عبادَ الله على ما يقطعهم عن الله تعالى)، فالسبب إذن هو مخالفة تلك الكتب لأصول الطريقة الصوفية!
فالغريب كل الغرابة أن يستشهد أبو إدريس بهذا النصّ على (عدم موافقة عبدالقادر لابن عربي في كلّ شذوذاته وانحرافاته)، مع أنه أقرب إلى الدلالة على التوافق والتمازج التام بينهما، إذ حاصل كلامه أنه يعرف الصحيح من كلام ابن عربي بذوقه، وأنه موافق على مضمون كل كتاب ثبتت نسبته إليه!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/169)
لقد صرف أبو إدريس النصّ - مع الأسف - للوصول إلى المطلوب، وتغافل عن الكتب المسمَّاة فيه، وجعله دليلاً على استقلال عبدالقادر عن ابن عربي وغيرته على الشريعة، وإنكاره لعقيدة الحلول والاتحاد، واستسمن النصّ إلى أن جعله مُلزماً للذين ينسبون كتاب المواقف إلى عبدالقادر! ثم قال (وهذا ميزان علمي صحيح)!!
والواقع أن هذا النصّ لا يُثبت إلا شيئاً واحداً، وهو أن مؤلف كتاب المواقف - عبدالقادر أو غيره - يرى أن كتب الكيمياء وأمثالها خاصةً، مكذوبة على ابن عربي، لأنها مخالفة لروح التصوّف. وهذا كلام رجل ينافح عن ابن عربي، لا كلام رجل لا يتردَّد في مخالفته، فضلاً عن أن يكون كلام رجل يرى أن ابن عربي لديه شذوذ وانحرافات! ومن البديهي أن الذين ينسبون كتاب المواقف إلى عبدالقادر لم ينكروا أن المؤلف ينكر نسبة تلك الكتب لابن عربي، ويرون في إنكاره لها هروباً من مواجهة الواقع!
وإذن فليس في هذا النصّ أيّما حجَّة لأبي إدريس، ولا دلالة على عدم التوافق بين عبدالقادر وابن عربي، ولا إلزام للطرف الآخر بأي شيء!
وإذا كان هناك خلاف فهو بين عبدالقادر وأبي إدريس، لأن عبدالقادر يصرِّح بافتراء تلك الكتب على ابن عربي، وأبو إدريس لم يحزم أمره بعد! بدليل قوله (ولَسْتُ هنا في معرض تصويب أو تخطئة كلام الأمير في نفي تلك الكتب أو إثباتها)!!
ما أسرع ما نقض الأخ غزله أنكاثاً! يقول عن عبدالقادر (لا أجزم من عند نفسي بأنّه كان موافقاً لابن عربي في كلّ شذوذاته وانحرافاته)، فإذا نفى عبدالقادر كتباً هامشية عن ابن عربي لم يستطع أبو إدريس متابعته حتى على القدر الضئيل من الإنكار! وإذن أين الشذوذ والانحرافات التي ثبت عند أبي إدريس أنها موجودة عند ابن عربي؟!
6 - وأقول في الختام:
من الواضح أن أبا إدريس لم يستطع إحضار نصوص صريحة صحيحة من أقوال عبدالقادر، تدلّ على المطلوب، وتربو بمجموعها على النصوص التي تدلّ على عكس ذلك، فلم يجد مناصاً من الاستعانة بنصوص يرى هو أنها منحولة، واتماس نصوص الأقارب والتلاميذ ونسبة مدلولاتها إلى عبدالقادر بدعوى أنهم من مدرسته! هذا مع المبالغة الظاهرة في الجدل غير المثمر، وتزويق الكلام بدعاوى التزوير وأخطاء الترجمة وفساد النويا، لعله من أجل صرف نظر القارئ عن الفارق الهائل بين عِظَم الدعوى وهشاشة الدليل!
ففي هذا المنهج أبلغ الدلالة عن حظّ الرجل من منهج البحث التاريخي الصحيح!
ـ[أبو الحسين الزواوي]ــــــــ[29 - 06 - 08, 07:13 م]ـ
إخواننا الأكارم، بحكم اطلاع الفاضل أبي إدريس الحسني عل تراث الأمير عبد القادر، وبحكم تتبع كل من الأفاضل محمد المبارك وخزانة الأدب والجيرودي عبد القادر بن محي الدين (سمي الأمير) وغيرهم لموضوع النقاش، آمل أن يبقى النقاش علميا لكشف اللبس وتوضيح قضايا تاريخية، وأخشى أن ينزلق إلى الحديث عن عقيدة الأمير ورأيه في ابن عربي و .... لقد سعدت بهذا الموضوع وتتبعته تتبع مستفيد، فاسمحوا للفائدة بالاكتمال .. بارك الله فينا وفيكم أجمعين.
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[30 - 06 - 08, 01:49 ص]ـ
الأخ "أبو عبد الله بن جفيل"
في مشاركتكم الكريمة ذكرتم ما يلي:
إضافةً إلى ما في (الأعلام) للزركلي (4/ 170) في ترجمته: " أسرف في متابعة ابن عربي الحاتمي صاحب وحدة الوجود، توفي سنة 1300 هـ ".
وقد رجعت إلى كتاب الأعلام للزركلي فلم أجد هذه الجملة في الترجمة؟!
فأحببت تنبيهكم إلى هذا، والسلام عليكم.
ـ[الجيرودي]ــــــــ[30 - 06 - 08, 03:56 ص]ـ
أخي خزانة الأدب ,قولك:
(الآن ضبطت الكلمة بالشكل! وأنا أصدِّقك بأن هذا مرادك، وأنَّك قصَّرت في ضبطها بالشكل أول الأمر. ولكنّ ذلك لا يغني عنك شيئاً! لأنك جعلت ثبوت التهمة على عبدالقادر أمراً من أموري أنا، بقولك (إن أمرك عجب)، فإذا كنتُ في نظرك لا أُثْبِتُ التهمة فأين موضع العجب؟ وماذا تفعل بقولك الذي يفيض بالتعالي والسخرية (سائحك التركي). وهذا الرجل هو الذي اتَّهم عبدالقادر بتلك التهمة، فلا معنى لنسبته إليَّ إلا أنني أُثبتها أيضاً! وبدلاً من الاعتذار عن تقصيرك في ضبط الكلمة، تقول (أنت من افترى على نفسك)!!)
إني متعجب من شأنك ,تكثر ترداد كلمة (المنهج العلمي) وتظن نفسك قد وقفت على خروق منهجية في مقالة الشيخ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/170)
خلدون ,ولا أرى أي علمية أو منهج يضبط كلامك ,على أي حال لن أتردد في تحمل مؤونة توضيح الواضح وتجلية الجلي علك تخرج من زمرة من قصده أبو الطيب:
وكم من عائب قولاً صحيحاً وآفته من الفهم السقيم
أولاً –قولك:
(وماذا تفعل بقولك الذي يفيض بالتعالي والسخرية (سائحك التركي). وهذا الرجل هو الذي اتَّهم عبدالقادر بتلك التهمة، فلا معنى لنسبته إليَّ إلا أنني أُثبتها أيضاً!)
إن كنت تقصد النسبة عند أهل النحو والصرف فقد أخطأت الإطلاق إذ أن عبارتي إضافة السائح التركي إليك ,وإن كنت تقصد النسبة بمعنى:إيقاع التعلق بين الشيئين ,فتعلق السائح التركي بك واضح ,فهو كتعلق الرجل ضعيف الحجة بحجته ,فما بالك تقول للدكتور خلدون:
(أنا طالبتك باتباع المنهج التاريخي ما دام أنك تريد تصحيح التاريخ، فتقول لنا: بحثت في كل مكان - ولا سيما في تركيا - عن السائح التركي المذكور فلم أجد أحداً يعرفه أما أن تجعل ميزان التاريخ والجرح والتعديل بيدك وأنت متكئ على أريكتك، فهذا خلل غير مقبول في نهجك .. )
أخي خزانة الأدب افهم عني ما يلي:
إن رواية الشيخ نصيف رواية عن شخص مجهول الحال ,والدكتور خلدون لم يفعل شيئاً سوى أنه احتكم إلى منهج أهل الحديث في رد أمثال هذه الروايات ,ألم تر إلى ابن حجر في
شرح نخبة الفكر يقول:
(ولا يقبل حديث المبهم ما لم يسم ,لأن شرط قبول الخبر عدالة رواته ,ومن أبهم اسمه لا يعرف عينه فكيف عدالته؟ وكذلك لا يقبل خبره ولو أبهم بلفظ التعديل.كأن يقول الراوي عنه أخبرني الثقة ,لأنه قد يكون ثقة عنده مجروحاً عند غيره)
وعلى فرض أن هناك من يعرف السائح التركي ,وحاله من أهل العلم والعدل ,فدعوى الدكتور خلدون في إبطال الخبر تظل قائمة إلى أن يأتي المعارض.أخي خزانة الأدب أنا لم
أضف السائح التركي إليك إلا لما شعرت في كلامك السابق من تحمس وتفاؤل في وجود من يعرفه –على إهمال كتب المحققين له ولشأن الخبر أصلاً –فلم لا تضرب في الأرض تبتغي
لنا خبره ث
ثانياً –أما كلامك عن السخرية والتعالي فلا أرى مسوغاً له ,فنحن في مجال بيان الحق ,وإن شعرت
بهذه المعاني في قلبك فذلك لا لشيء إلا لضعف حجتك.أما كلامك عن الاعتذار فأنا لم أشتمك ولم
أتعرض أصلاً لشخصك فلم أعتذر؟ لأني لم أضبط كلمة (أتثبت) بالشكل ففهمتها خطأ!!
ثالثاً -قولك (ما الذي سوَّغ لك اتهامي بهذه التهم الخطيرة ... )
أليس الأمير رجلا من مجاهدي الأمة ,ألم تثن أكثر كتب النحققين على مواقفه الجهادية وصبره في الجزائر وفي الشام ,فإذا كنت متفقاً معي في هذه لا بد إن يشكل عليك ما يورده البعض من شبهات حوله ,ولكنني أرى منك النقيض ,وكأنك لم تقرأ في الكتب إلا عن رجل مغرق في ضلالات الصوفية ,
وحين يأتي شيخ محقق مثل الدكتور خلدون ليزيل اللبس تصدر منك نعوت أنت إليها أحوج: (خروق منهجية ,جدل غير مثمر ... ) ,إنني قرأت مقالة الدكتور خلدون فأعجبني منه قوة منطقة ,فهو يعتمد أسلوب مسايرة الخصم ليثبت قوله لا بطريق واحد بل بطرق شتى ,وسأبين لك ذلك في مقالته الثانية:
إن ما تسميه في رأيك عن المقالة الثانية بالجدل غير المثمر هو أسلوب منهجي في مناقشة المقولة ,
فالدكتور خلدون أكد أن المقولة لم تحفظ كذلك عن الأمير ,وإنما وردت في كتاب ليس إلا رسالة كتبها الأمير إلى علماء فرنسا يدعوهم فيها إلى الإسلام ,فأقام الدكتور خلدون اعتبارات قبل تفسيرها:
1) ليست عبارة إلى علماء المسلمين في بيان عقيدة المؤلف -وقد صرح الأمير بها في رسالته إلى مفتي الشام وكانت واضحة دالة على سلامة معتقده –وإنما رسالة دعوية إلى علماء فرنسا.
2) الألفاظ التي صيغت بها ليست من ألفاظ الأمير ,بل ألفاظ المترجم والمعاني ما فهمه المترجم من النص الفرنسي.
3) النص الفرنسي صيغ على النحو الذي فهمه المترج الفرنسي من النص العربي.
4) عدم ائتمان الفرنسيين على ما يبدونه من نصوص.
ثم ساير الدكتور خلدون خصمه الذي ما زال متمسكاً بالعبارة فأولها له تأويلاً يتناسب مع قواعد اللغة وحال الأمير.
أرجو أن يكون ما كتبته اليوم كفيلاً بأن يجعلك تعيد النظر في أسلوبك ومنهجك! إن شئت فلدي مزيد.
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[30 - 06 - 08, 07:18 م]ـ
أيها الإخوة السلام عليكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/171)
أشكر الأخ الجيرودي على مشاركته الكريمة، وعلى حسن ظنّه بي، وحسن فهمه لقصدي؛ ولي عنده رجاء (لو تكرّم)
أن يقبل نصيحة الأخ الفاضل أبي الحسين الزواوي، ويتابع معنا الحلقات، ويدع أمر المناقشات الجانبيّة
التي قد تشوش بعض القرّاء. وأجركم على الله
وأشكر الأخ أبا الحسين على تلطّفه.
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[01 - 07 - 08, 12:31 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الثالثة
لقد بدأ الكاتب مقاله متعجبًا من سبب اهتمام العالَم بشخصيّة الأمير عبد القادر، وتحدَّث عن أفلام تبثُّها قناة العربيّة وغيرها، وقال: ((وكأن الرجل إنما توفي عن وقتٍ قريب جداَّ)). وبصرف النظر عن صياغة عبارته، فإنها عبارة عجيبة! وهل الاهتمام بالأشخاص يكون تَبَعًا لتاريخ وفاتهم أم بحسب مكانتهم وقَدْرِهم وما تركوه من أثر؟
وحتى لا أطيل أقول للأخ الكاتب ولغيره: لا تعجب أبدًا من اهتمام العالم العربي والغربي بالشخصيات المرموقة والفذّة في أي وقت وعصر، فهذا أمر طبيعي ومطلوب.
ولكن تعجّب من فعلهم ومن خبثهم! نعم إنّ الذي يفعلونه اليوم هو مكرٌ شديد، مستغلين جهل بعض أبناء أمّة الإسلام وغفلتهم.
ثمّ لماذا تتعجب والسيناريو الذي اعتمد عليه الفيلم قريب جدًا من محتوى مقال (فكّ الشفرة)؟!
أمّا قناة العربيّة فليس لها من ذلك الفيلم اللّعين أي دور سوى الترويج له. لأنّ الفيلم قد أعدته قناة أوربية (فرنسية ألمانية) وبثّته في الغرب موجهاً للجالية المسلمة هناك من أجل أغراض فاسدة سأبينها لاحقاً.
فمنذ سنوات اتصلت بي مندوبة تلك القناة وأخبرتني أنّ فريقاً من العاملين في القناة جاء إلى دمشق ويريدون أن يجتمعوا بي ليجروا معي لقاءً تلفزياً، فقلت لها وما الموضوع؟ قالت فيلم وثائقي عن الأمير عبد القادر. قلت لها الأمير مات في القرن التاسع عشر (1883م) ونحن اليوم في القرن الواحد والعشرين فكيف تصورون فيلمًا وثائقيًا عنه؟! ولم يبق أحدٌ ممن عاصره على قيد الحياة! ولا توجد لديكم أي أفلام مصورة في حياته! فما معنى فيلم وثائقي؟ قالت نحن نجتمع مع أفراد من أسرته في عدّة بلدان ونسألهم عنه ثم يكون الفيلم!
قلت وبمن التقيتم؟ قالت لا عليك نحن نريد أن نتحدث معك الآن. قلت حسنًا فأين (سيناريو) الفيلم حتى أطلع عليه. قالت نأتيك به لاحقًا. قلت هل من الممكن أن أرى ما صورتموه إلى الآن؟
قالت سأسأل المدير وأردّ لك الجواب. وبعد أيام اتصلت بي وقالت هل أنت جاهز للتصوير؟ قلت لا حتى أرى ما عملتم سابقًا. قالت أعدك أن ترى كل شيء. قلت هذا لا ينفع. ثم ما جنسية من سيجري معي اللقاء عربي أم فرنسي؟ قالت فرنسي. قلت ومن سيترجم كلامي؟ قالت لدينا مختصون في هذا المجال سيعتنون بذلك. قلت هذا لا يروق لي لأنني أخشى من سوء الترجمة والموضوع حساس فأنتم تريدون الحديث عن تصوّف الأمير وعن سيرته في دمشق. قالت كن مطمئنًا. قلت ومع من سأجتمع؟ قالت مع (المدموزيل) الآنسة فلانة! وفريق التصوير. قلت لها والله أنا لا يمكن أن أجلس مع امرأة فرنسية أو غيرها للحديث أصلاً، فكيف مع التصوير هذا لا يمكن. ثم عاودت الاتصال بي فرفضتُ الأمر جملةً.
ثمّ إنهم ذهبوا والتقوا ببعض أفراد الأسرة (الفاتح بن سعيد بن علي بن الأمير عبد القادر) والسيدة (بديعة بنت مصطفى بن محيي الدين بن مصطفى الأخ الأصغر للأمير عبد القادر)
وقد لامني بعض الأصحاب على امتناعي من اللقاء التلفزي في حينها.
وبعد مدّة ظهر الفيلم إلى الوجود وأذيع في أوربة، ثمّ اشترته قناة العربيّة فيما يبدو.
وعندما شاهدتُ الفيلم حمدتُ الله أنني لم أقع في شَرَك هؤلاء الخبثاء.
فالفيلم لم يعرّج أبدًا على جهاد الأمير للفرنسيين في الجزائر سبعة عشر عامًا وتفاصيلِ ذلك، وإنما بدأ الفيلم بالحديث عن الأمير ومساعدته للمسيحيين وحبّه ومساندته لهم، وعن "ماسونيّته"، ثم صاروا يصورون بعض الشبّان من السياح الفرنسيين في الجزائر فيقول له أحدهم: نعم أذكر أنّ الأمير كان يقول كن مع اليهودي يهوديًا ومع المسيحي مسيحيًا بل ومع المشرك مشركًا!!!
ثم زعموا أن الأمير دفن بجانب قبر الرئيس هواري بومدين!! وكأنّ هواري بومدين مات قبل الأمير! لقد حمل هواري بومدين رُفات الأمير عندما نقلوه من الشام إلى الجزائر، وأوصى أن يُدفن هو بجانب الأمير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/172)
وأما عن لقاءات الأسرة فلم يظهروا أيًا منها واكتفوا بمقطع مجتزأ مع السيد الفاتح يصرح فيه بأن الأمير ليس ماسونيًا ويطالب بالعناية بآثاره وأملاكه.
إذن الفيلم يريد أن يصور للعرب والمسلمين أنّ الأمير عبد القادر إنما هو رجل ماسوني يحب اليهود والمشركين، فإذا كان له منزلة في قلوبكم فما عليكم إلاّ أن تتبعوه! أو تنبذوه وتعادوه!
ـ وللفائدة فإن الفرنسيين لمّا خسروا حربهم في الجزائر واضطروا إلى الخروج منها خائبين، صاروا يدّعون أنّ خروجهم كان لأغراض سياسية أو لأسباب تكتيكية أو أو .... ثمّ صاح بهم أحد عقلائهم وقال مخاطبًا الشعب الفرنسي المصعوق بخروجه من الجزائر بعد 132سنة: ((باختصار القرآن أقوى من فرنسة)) فهذا اعتراف منه أنّ الثورة في الجزائر كانت ثورة دينيّة. لذلك عمدت السلطات الفرنسيّة بكل ما لديها من أدوات الإعلام لزرع فكرة معاكسة، فما كان من الرئيس هواري بو مدين (واسمه الحقيقي محمد بو خروبة) إلاّ أن قرر نقل رُفات الأمير من دمشق إلى الجزائر ليُحْيي عند الناس ذكرى جهاد الأمير للفرنسيين ذلك الجهاد الإسلامي!! وليوصل رسالة للفرنسيين أن حربنا معكم كانت منذ البداية حرب جهاد وأن الشعب الجزائري شعب مسلم يعتز بدينه!
والحقيقة أن الغرب يحسب ألف حساب لشخصيّة الأمير بسبب أنه يرسم للمسلمين المثال الذي يمكن أن يحتذوا به في خلق الإمارة الإسلاميّة وإعلان الجهاد المسلح على الصليبيين والمعتدين؛ لأنهم يعلمون أن الأمير استطاع مع ثلّة من الرجال المؤمنين أن يؤسس دولة دستورها الإسلام وينشئ جيشاً ضمن أرض الجزائر، المحتلة أصلاً من قبل أكبر قوة عسكرية في ذلك الوقت (فرنسة)، وأن يجاهدها ويكبدها الخسائر الفادحة ويحطم كبرياءها.
الغرب يخشى من شخصيّة الأمير عبد القادر لأنه أحد رواد ثورة الإصلاح الديني، لقد حارب الأمير الصوفي بعض شيوخ الطرق الصوفية المنحرفين في الجزائر وقاومهم وحارب الشعوذة والتدجيل وعبادة الشيوخ، وكل هذا مدوّن في كتب تاريخ الجزائر ومسجل بالوثائق، ولكن من المؤسف أنّ أمّة {اقرأ} لا تقرأ!!
حتى إن بعض الكتّاب والمؤرخين عدّوا الأمير عبد القادر وعبد الكريم الخطابي من المتأثّرين بالحركة الوهّابيّة (انظر حاضر العالم الإسلامي، والحركة الوطنية الجزائرية)، وهذا طبعًا بتعريفها العام كحركة إصلاح ديني لها جيش يدعمها، لا من حيث الاتفاق على كل مبادئ الحركة ومعتقداتها.
فالأمير مشربه صوفي ويختلف مع الفكر الوهابي، ولكنه متفق معه على وجوب إزالة الفساد الديني والجهل الشرعي.
((وكذلك الأمر كان مع الشيخ محمد بن علي السنوسي شيخ الطريقة السنوسية الذي رحل إلى مكّة وتأثّر بالإصلاح الوهابي دون تقليده، والسنوسية تشبّعت بأفكار الشرق، ولا سيما الفكر الوهّابي)) والكلام للدكتور أبي القاسم سعد الله. [انظر الحركة الوطنية الجزائرية لسعد الله ص373 و403]
وكذلك من المتأثرين بالفكر الوهابي من صوفية الجزائر (شريف ورقلة: إبراهيم بن أبي فارس) [المصدر السابق ص372]
على أيّة حال، الدروس التي يمكن أن تستفاد من سيرة الأمير عبد القادر تمثل خطرًا كبيرًا على الغرب وأتباعه، لذلك هم حريصون على تشويه هذه الشخصيّة، فلا مسوغ لتعجّب كاتب المقال لأن كل تلك الأفلام التي تحدَّثَ عنها إنما هي للتشويه والتضليل.
قال بعض المؤرخين الفرنسيين (( ... إنّ عبد القادر قد تحدّى أكبر الجيوش في وقته، واخترع حرب العصابات، ووضع أسس الوطنية الجزائرية، وأعطى لغيره دروسًا في المهارة والالتزام للدبلوماسيين ... )) انتهى [لاتياد ص43]. وكما قيل: والفضل ما شهدت به الأعداء.
وقد علّق على هذا الكلام كبير المؤرخين في الجزائر الأستاذ الدكتور أبو القاسم سعد الله فقال: ((ولكن هذا الكاتب نسيَ أن ينبّه إلى أنّ عبد القادر هزَمَ أكبر جنرالات وماريشالات فرنسا عندئذ، وأنها (أي فرنسا) نَكَبَته في وطنه وقومه وتآمرت عليه مع جيرانه وعزلته حتى عن علماء الدين، ونصَبَت ضده شبكة من الجواسيس والخونة، وتقوّلت عليه الأقاويل الكاذبة، وخانت وعدها معه بتركه يذهب حيث اختار. ولكن هناك كتّاب آخرون يذكرون أن الأمير كان باعث الوطنية الجزائرية. فقد وصَلَ خطابه أعماق الشعب، وحرّك نداؤه ضمير الأرض، وهزّ صوته أركان الوطن فإذا بريح الوطنية تطوي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/173)
المسافات وتجتاز الحدود القَبَلِيّة والطرق الصوفية والإقليمية لتصبح شعلة واحدة تحرق وجه العدو الدخيل، لم يكن الجهاد وحده هو الذي جعل الناس يضحّون ويتبعون راية الأمير، بل كانت هناك مشاعر متأججة حباً في الأرض وحباً للوطن الجديد الذي رسم حدوده الأمير، وجعل عليه قُضَاتَه وخلفاءه وممثليه، واعترف له العدو بحدوده.
وكان الأمل أكبر من الواقع وكان الزمن أقصر من الأجل، ولو طال العهد لازدهرت الدولة الجديدة وأثمرت الآمال العريضة ولأخصب الدِّين والفكر والعلم والفن في عصرٍ كان العالم الإسلامي كله فيه ينتظر مثلَ هذا الوليد.
لقد ظهرت قبل ذلك الحركة الوهّابية فإذا بها تُضرب قبل أن تكشف عن وجهها الحقيقي، وكشَفت "نهضة" محمد علي عن وجهها فإذا هو وجهٌ علماني سلطاني يبتسم في وجه الأجنبي ويُكشّر في وجه المواطنين. وأخذ سلاطين آل عثمان " يُنظّمون" دولتهم المتداعية فإذا الإصلاحاتُ مفاسدٌ، وإذا الأعداءُ هم المصلحون جالسين يملون على (السلطان) محمود وعبد المجيد وعبد العزيز وأنور (باشا) ومصطفى أتاتورك ما عليهم أن يفعلوا وما عليهم أن يتركوا.
إنّ دولة الأمير الوليدة لم تحاربها فقط جيوش فرنسا حبًا في التسلط والبطولة وطمعًا في إنشاء إمبراطوريّة، ولم يقف ضدّها فقط "الكولون" (يعني المستوطنين الأوربيين) بمحاريثهم وأموالهم لكي يستغلوا الأرض المغتصبة ويَسْتَثْروا على حساب الجزائريين، بل حاربتها أيضًا ظاهرًا وباطنًا، الكنيسة والماسونية (الصهيونية)، كما حاربها سلاطين المسلمين وحتى بعض علمائهم النائمين!
حاربتها الكنيسة لأنها اعتبرتها حركة جهاد إسلامي متوثب فيه انتعاش ونهضة للإسلام الراكد إذا انتصرت، واعتبرت الكنيسةُ نفسُها عمَلَها ذلك استمراراً للصليبية التي خاضت في الشرق والغرب حروباً ضارية ضد الإسلام والمسلمين، بما فيها الأندلس ووهران، وتآمرت عليها الماسونية خصوصًا في الدوائر المحيطة بالحكومة الفرنسية وحاشية الملك وقطعان التراجمة والمستشرقين الذين توافدوا على الجزائر، لأنّ دولة الأمير كانت دولة عربيّة سلفيّة، شريفة، لو انتصرت لكانت خطراً عظيماً على مخططات الماسونية ـ الصهيونية في الشرق!!، ولكانت أول دولة توحّد العرب على كلمة الجهاد كما وحّدتهم عليها زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وزمن الخلفاء الراشدين)).انتهى [(الحركة الوطنية الجزائرية) لأبي القاسم سعد الله ص274ـ275]. [وأظنّ أن الدكتور سعد الله يقصد بالسلفية هنا المعنى العام لها، لا المفهوم الذي استقرّت عليه اليوم].
ويتابع الأستاذ أبو القاسم فيقول: ((وقال فريق من الكتّاب الفرنسيين: إنّ الأمير رجل دين وجهاد وتصوّف، وقالوا: إنّ الدِّين تغلّب على دولته في جميع مجالاتها ومظاهرها: الجيش، المالية، القضاء، حتى العملة والسكّة)) [بيسه شينار "عبد القادر وعبد الكريم" في مجلة الدراسات الآسيوية والإفريقية) ص143ـ 160].
((ويرى فريقٌ آخر أنّ الأمير هو مؤسس الوطنية والسيادة في الجزائر، وأنه جَدَّدَ في الاقتصاد بإبطال الخَرَاج على الرعيّة والامتيازات "للمخزن"، والإبقاء فقط على الزكاة والعشور، وجدد في القضاء فسوى بين الناس وطبّق نصوص القرآن على الجميع، وخصص راتباً قارًّا للقاضي، وجدد في العسكرية فجعل خدمة الوطن واجبة على الجميع، وجدد في مفهوم الدين والتصوف فلم تعد القادريّة هي المثل وإنما جعل وحدة الشعب كله هي الهدف)). [رينيه كاليسو في (هيسبريس ـ ثمودا) ص120ـ 124].
ثمّ يقول الدكتور سعد الله: ((إنّ الأمير في نظري هو موقظ الضمير الوطني الجزائري بأفعاله وأقواله طيلة عهد جهاده الذي بلغ سبعة عشر عامًا. لقد كان هدفه الأساسي إيقاظ وإذكاء ذلك الضمير بجعله الجهادَ في سبيل الله وسيلة، والوحدة الشعبية هدفاً. ولعلّ الأمير قرأ جيداً واستفاد كثيراً من مقولة ابن خلدون:"إنّ العربَ لا تجتمع إلاّ على عصبيّة أو دين" فجعل الأمير العصبية نصب عينيه واستحضر عهد البعثة النبوية وعهد الصحابة، ولم يكن يفرّق في ذلك بين أبناء الجزائر في الأصل فقد كانوا عنده جميعاً عرباً ومسلمين، سواء كانوا سكان مدن أو جبال أو صحار، وسواء كانوا يتكلّمون العربية أو لهجات محليّة. وإنما ظهر عليه أنه لم يرتح لبعض زعماء الكراغلة (وهم أبناء الأتراك من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/174)
أمهات جزائريات) لأنهم بدؤوه بالإساءة إليه وتعاونوا مع عدوّه. وبينما لم يتدخل في العادات القبلية ولا في سلوكات الطرق الصوفية فإنه كان يُخاطب الجميع بلغة الدِّين والوطن والوحدة ويُذكرهم بماضيهم المجيد ويرغّبهم في التحرر والنهضة والاعتماد على النفس. ولذلك أحبّه الجميع وندم الذين خالفوه أحياناً على فعلهم وجاؤوه تائبين متوسلين. وقد عرفوا قدره أكثر بعد أن غاب عنهم وترك فراغاً لم تملأه أيّة شخصيّة من بعده، لأنّ كل من ظهر بعده كان يفتقر إلى العناصر التي تمتع بها الأمير، وهي تحديد الهدف وخدمته بكل الوسائل: الحرب والدبلوماسية والشجاعة والرأي والإخلاص.
ولعلّ هذه القِيَم هي التي جعلت الأمير هو البطل المغوار الذي تتحدث عنه قصص الفروسية العربية والفارس الغازي الذي ذكَّرَ الناس بعلي بن أبي طالب وخالد بن الوليد وعقبة بن نافع، في وقت لم تبق من هؤلاء إلا ذكريات الكتب وأحاديث الأسمار. وقد لاحظ أعداؤه المعاصرون له أن الأمير لا يمكن خيانته مِمَّن تبعه، رغم أن كثيرًا من عظماء الرجال انتهوا بخيانة بعض المخلصين لهم، وقد حاول الفرنسيون أن يجدوا خائناً يغتال الأمير أو يضع له السم فباؤوا بالفشل. فهو محاربٌ مِقْدَام لا تجده إلاّ متقدّماً أمام الجميع، وهو في نظر البعض مجاهدٌ يطلب الموت لتوهب له الحياة. ولذلك لم يكن بحاجة إلى حراسة ولا بوابين. وقد وصفه الواصفون عندئذ بأنه كان بسيط اللباس والأكل والمظهر، وأن التواضع والزهد والذكاء والحزم من سماته، وأن في إمكانه أن يأكل (الكسكسي) تحت أية خيمة (وهي أكلة جزائريّة مشهورة)، وأن يشرب من أي نهر ومن أي كوب يشاء دون أن يخاف سماً، وأن يضع رجله حيث يشاء دون أن يخشى كميناً من أحد [بوجولا (دراسات) 2/ 103]. فهو فارس الفوارس وحامي الذِّمار وربُّ السيف والشعر.
إنّ كبار العسكريين الفرنسيين الذين حاربوا الأمير (وكذلك وزيرهم للحربية ـ الماريشال سولت) قد فهموا جيداً خطّة الأمير، وعملوا ما في وسعهم على عرقلة تنفيذها لأنها تُخرجهم من الجزائر، وتُعيد مجدَ الإسلام، وتبعثُ تيارًا جديدًا اسمه القوميّة العربية. وقد تعاونوا في ذلك، كما قلنا، مع الكنيسة والماسونية وأغبياء المسلمين (سلاطين وعلماء) لكسر شوكة الأمير، الممثل لهذا الفجر الجديد. ولنرجع إلى كتابات بوجو، وسولت، وفاليه، ودوفيفييه، ولاموريسيير الخ. فإن فيها الجواب اليقين عمّا كانوا يحسونه منه ويلاحظونه عليه في هذا المجال، وكيف خططوا وعملوا على إطفاء شعلته قبل أن تحرقهم)).انتهى كلام د. سعد الله.
ويقول هنري تشرشل (البريطاني المسيحي): ((إن سياسة عبد القادر السامية لا تستطيع صبرًا على هذا الخرق الفاضح لمبادئ القرآن الواضحة الصريحة. إن ذلك الكتاب المقدس لم يُؤيّد ولم يُقرّ مبدأ الخضوع. فشعاره الذي لا يقبل المساومة ولا الرحمة هو الانتصار أو الموت والسيف في اليد في سبيل الله. ولمّا كان عبد القادر مفسِّراً غيوراً، ومدافعاً جسوراً عن ذلك الكتاب المؤثر بكل عظمته البطولية، فإنّه قد جعل واجبه الأساسي حمايةَ القرآن بيقظةٍ لا تعرف الكلل ولا التواني، ومقابَلَةَ أبسط خروج عن مبادئه بشدة لا تعرف التراجع)).انتهى [(حياة الأمير لتشرشل) ترجمة سعد الله ص69]
ويروي تشرشل ردّ الأمير على الجنرال تريزل وفيه: (( .. وبالإضافة إلى ذلك فإنّ ديني يمنعني من السماح لمسلم أن يكون تحت سلطة المسيحي)).انتهى [المصدر السابق ص96]
وفي جواب آخر ((إن العرب لا يمكن أن يقبلوا حتى أن يسمعوا بالعيش تحت سلطة المسيحيين، ولو كانت سلطة اسمية، وإذا كانت فرنسا ساعية لوضع العربي تحتها بالقوة فمعنى ذلك أنها ستدخل حرباً لا نهاية لها)).انتهى [المصدر السابق ص110؛ الكاتب البريطاني يصوغ كلام الأمير بطريقته الإنكليزية فهم يستعملون كلمة عربي مقابل مسلم فتنبّه]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/175)
ويقول تشرشل: ((لم يتردد الأمير في أن يطلب أن يكون كل مسلم مقيم في منطقة فرنسية يجب أن يكون تحت سلطته الشرعية هو فقط! وهو في هذا الطلب كان يسعى أن يُطبق ويُنفّذ مبدأً كان، في نظره، أولى من كل اعتبارات دنيوية، لأنه مبدأ قائم على ماهية القرآن الأساسية وهو أنه لا يجوز لأي مسلم مهما كانت الظروف، إذا أمكن، أن يعترف عن طواعية أو يستسلم إلى حكم مسيحي)).انتهى [المصدر السابق ص113]
وجاء في جواب الأمير لأحد الفرنسيين قوله: ((سوف أنزل من هذه الصخرة الشماء،كما ينزل النسر من عشه، لكي أطهّر مدن الجزائر وعنّابة ووهران من المسيحيين)).انتهى [المصدر السابق ص139]
لقد ضرب الأمير نقودًا خاصّة بإمارته الإسلاميّة، فهل تعلمون ما نُقِشَ عليها؟ أما القطعة الأولى فنُقش عليها الآية الكريمة {ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يُقبل منه}، وأما القطعة الأصغر منها فنُقش عليها الآية الكريمة {إنّ الدين عند الله الإسلام}.
والحديث في هذا الشأن طويل جدًا لا يمكن اختزاله في أسطر ضمن رد على مقال.
ومَن يريد التوسع في الموضوع فما عليه إلاّ الرجوع إلى كتاب "الحركة الوطنية الجزائرية" وكتاب "تاريخ الجزائر الثقافي" و"أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر" و"محاضرات في تاريخ الجزائر" (بداية الاحتلال) كلّها لمؤرّخ الجزائر الكبير الدكتور أبي القاسم سعد الله، وكتاب "كفاح الجزائر من خلال الوثائق" للدكتور يحيى بو عزيز، وكتاب "حاضر العالم الإسلامي" للأمير شكيب أرسلان، وكتاب "تحفة الزائر" لمحمد باشا، وكتاب "المقاومة الجزائرية تحت لواء الأمير عبد القادر" لإسماعيل العربي، وكتاب (حلية البشر) للعلاّمة عبد الرزاق البيطار. وهناك الكثير غيرها أيضًا. وكذلك يمكن للباحثين الرجوع للكثير من المخطوطات والوثائق التي حققها بعض العلماء، مثل (منشور الهداية في كشف حال من ادَّعى العلم والولاية) للشيخ عبد الكريم الفكون الجزائري؛ تحقيق د. أبو القاسم سعد الله.
وأنتقل الآن إلى الفقرة الثانية من المقال:
ذكر الكاتب في بداية مقاله في ترجمة الأمير فقال: هو الشيخ عبد القادر بن محيي الدين الحسني!!
ثمّ قال حيث يصل نسبه بالإمام الحسين بن علي!! (وأظن هذا خطأً كتابيًا) والصواب: الحسن بن عليّ.
ثم نقل عمود النسب الخاص بالأمير فقال: " ..... عبد القادر ابن محي الدين ابن مصطفى ابن محمد ابن المختار ابن عبد القادر ابن أحمد ابن محمد ابن عبد القوي ابن يوسف ابن أحمد ابن شعبان ابن محمد ابن أدريس ابن أدريس ابن عبدالله (المحض) أبن الحسن (المثنى) أبن الحسن (السبط) ...... انظر:"الأمير عبد القادر" – سلسلة الفن والثقافة – وزارة الإعلام والثقافة الجزائرية – الجزائر / ص 1974" انتهى
العجيب حقًا أن ينقل سلسلة نسب الأمير من مجلة (سلسلة الفن والثقافة) من مقال كتبه أحدهم (لم يذكره لنا الكاتب) وساق فيه نسب الأمير على نحو لا وجود له في كتب التاريخ والأنساب التي كَتَبَت عن أسرة الأمير عبد القادر أو حياته، وكل من ينظر في سلسلة النسب هذه يجدها مبتورة وقد سقط منها اثنا عشر جدًّا فقط!! وفيها أسماء محرّفة.
ثم عقد الكاتب المقارنة بين هذه السلسلة العجيبة وبين السلسلة الصحيحة التي ساقها محمد باشا مؤلّف كتاب (تحفة الزائر في مآثر الأمير عبد القادر وأخبار الجزائر)، والعجيب أن الكاتب لا يعرف أنّ محمد باشا هو ابن الأمير عبد القادر، فقال عنه إنه قريب الأمير!!
وبعد ذلك خرج الكاتب بنتيجة وهي أنّ نسب الأمير غير موثوق به!!
فقال: ((.إلاَّ أن قريبه الأمير محمد أورد سلسلة أخرى تختلف كلياً في كتابه:" تحفة الزائر في مآثر الأمير عبدالقادر وأخبار الجزائر "، ممَّا يُضعف الثقة في هذه النسبة الشريفة، لا سيما إذا عرفنا أ ن النسبة الشريفة من شروط الوصول الى مرتبة القطبية عند المتصوفة، كما أننا إذا علمنا أيضاً أن الصوفية يجوِّزون الاكتساب الروحاني للنسبة الشريفة تقلُّ الثقة عندنا بتلك السلاسل النسبية المسبوكة)).انتهى
ثم زاد في التشكيك في نسب الأمير فقال (إن النسبة الشريفة هي من شروط الوصول للقطبية عند الصوفية)، فهذا يعني أنه ربما ادعى الأمير هذه النسبة كي يدّعي القطبية فيما بعد! وكذلك زعم أن الصوفيّة يقولون بالاكتساب الروحاني للنسب!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/176)
وأقول: ما هذا الكلام أيها الكاتب؟ وكيف رضيته لنفسك وأنت الذي صدّرت مقالك بعنوان فك الشفرة الجزائريّة؟!!
إنّ من يعتمد على مقالة في مجلة ثقافة وفنون ويقرأ فيها كلامًا فيه سقط طباعي وتصحيف شنيع، عليه ألاّ يخوض في الأنساب!!
كيف يتكلم في الأنساب وهو لا يعرف أنّ مؤلف كتاب (تحفة الزائر) هو الابن الأكبر للأمير عبد القادر، أمير الجزائر الذي يريد أن يفكّ شيفرته!!
وبعد كل هذا ذهب الكاتب يتدخّل بباطن الأمير، ويزعم أنّه كان يسعى للوصول إلى القطبية الصوفية!! ولا أدري من أين أتى بتلك المعلومة؟!
إنّ قبيلة الأمير في الجزائر اسمها قبيلة بني هاشم، وأسرة الأمير عبد القادر من أشهر الأسر الإدريسيّة في المغرب ورجال هذه الأسرة جلّهم من العلماء والشيوخ وأصحاب السيادة والوجاهة في تلك الأقطار، وتراجمهم زاخرة في كتب ومؤلفات علماء المغرب والجزائر والشام، وذِكْرُ نسبهم وفروعهم أشهر من أن يدلّ عليه، لا في عهد الأمير عبد القادر بل قبله بقرون!!
فإذا كان الكاتب لا يريد أن يقرّ بنسب الأمير، فماذا سيفعل في كتب العلماء التي ألّفت قبل أن يولد الأمير بل وقبل أن يولد جدّه وجدّ جدّه وجدّهم!!
كل ما على الكاتب أن يفعله هو أن يرجع إلى الكتب التالية ليعلم فداحة خطئه.
1. كتاب "عِقْدُ الجُمان النَّفيس في ذكر الأعيان من أشراف غَريس" للشيخ عبد الرحمن بن عبد الله التوجيني.
2. كتاب "جوهرة العقول في ذكر آل الرّسول" للشيخ عبد الرحمن بن محمد الفاسي.
3. كتاب "فتح الرحمن شرح عقود الجمان" للشيخ محمد بن محمد بن أحمد بن أبي القاسم الجوزي الراشدي المزيلي.
4. كتاب "البستان في ذكر العلماء الأعيان" للفقيه عبد الله الونشريسي.
5. كتاب "رياض الأزهار في عدد آل النبي المختار" للمَقَّرِيِّ التلمساني.
6. كتاب "حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر" للشيخ عبد الرزاق البيطار.
7. كتاب "تعطير المَشام في مآثر دمشق الشام" للعلاّمة جمال الدين القاسمي.
وغيرها ....
هذه الكتب ذكرتْ عمود النسب الخاص بأسرة الأمير باتفاق، وأمّا الكتب التي ترجمت للأمير أو لإخوته أو لآبائه واكتفت بالتنبيه على نسبه الإدريسي الحسني فهي بالعشرات.
وإليكم عمود النسب الخاص بالأمير عبد القادر والمتفق عليه عند أهل العلم، والذي لا يجوز اعتماد غيره: [هو عبد القادر بن محي الدّين بن مصطفى بن محمد بن المختار بن عبد القادر بن أحمد المختار ابن عبد القادر بن أحمد بن محمد بن عبد القوي بن علي بن أحمد بن عبد القوي بن خالد بن يوسف بن أحمد بن بشّار بن محمد بن مسعود بن طاوس بن يعقوب بن عبد القوي بن أحمد بن محمد بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله المحض ابن الحسن المثنّى ابن الحسن السبط ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه].
فلو أنّ باحثًا متخصصًا بالتاريخ والأنساب قرأ هذه الكتب وغيرها ثم قرّر صحة نسب الأمير من عدمها بطريقة علمية لكان كلامه مقبولاً ومحترمًا.
أما أن يأتي شخص لا خبرة له بالأنساب فيقرأ سلسلة نسب مغلوطة في جريدة أو مجلة ثم يقرر من تلقاء نفسه صحة ذلك النسب أو عدمها، فهذا لا يمكن القَبول به أو السكوت عنه.
ثمّ من أين أتى الكاتب بمسألة ادعاء القطبية عند الأمير؟ نريد مرجعًا!
وكما أسلفت فلا حاجة بالأمير إلى أن يدعي النَّسب ونَسَبُه ثابت قبل أن يولد هو وأبوه وجدّه!!
ولقد غفل الكاتب عن حقيقة دامغة وهي أنّ الشعب الجزائري التفّ حول السيد محيي الدين والد الأمير، لأنه مِنْ أشهر الأدارسة في تلك الأقطار، وهذا مدوّن في كل الكتب التي وثّقت تلك المرحلة!!
وليس للأخ الكاتب أي سلف من العلماء والمؤرّخين! فيما ذهب إليه من التشكيك بنسب الأمير.
وللفائدة فإن درجة القطبية عند المتصوفة لا يشترط فيها النسب أبدًا، وهذا معروف في كتبهم الكبرى، وهناك بعض جهلة الصوفية المتأخرين اشترطوا ذلك فردّ عليهم علماء الصوفية أنفسهم (انظر رسالة الشيخ عبد الله الغماري الصوفي ((كرامات وأولياء)) التي بيّن فيها بطلان قول من قال بشرط النسب الشريف للقطبيّة)
ثم إن ادعاء الكاتب بجواز اكتساب النسب روحانيًا عند الصوفية، ادعاءٌ بدون بيّنة، فليته ذكر لنا مرجعًا من مراجع الصوفيّة ينص على ذلك.
أيها الإخوة إنّ الله تعالى يقول في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء: 135]
والحمد لله ربّ العالمين
خلدون بن مَكِّي الحسني
للبحث صِلَة
ـ[أبو الحسين الزواوي]ــــــــ[02 - 07 - 08, 05:48 م]ـ
الأخ الكريم أبو إدريس الحسني ..
السلام عليكم ورحمة الله ..
لقد وقفت على هذه الحلقة (صدفة)، وكنت إخال موضوعك الأول يحوي البحث بكامله.
أما وإذ أفردت الحلقة الثالثة في موضوع جديد، حبذا لو تكرمت ووضعت رابطا لها داخل موضوعك الأول .. ليتنبه إليها الباحثون والقراء.
والله الموفق لكل خير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/177)
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[03 - 07 - 08, 03:14 م]ـ
ملاحظة: تم نقل هذه المشاركة من السيرفر الآخر، مع تعديلها والإضافة عليها
الجيرودي:
مع الأسف، لا أظن أنني سأستفيد منك شيئاً، لأنه ليس لديك إلا الافتراء والشتائم والتطاول على خلق الله، لأن لهم مشرباً غير مشربك!!
كقولك:
سائحك التركي!!
الفهم السقيم!!
أرى منك النقيض!!
كأنك لم تقرأ في الكتب إلا عن رجل مغرق في ضلالات الصوفية!!
نعوت أنت إليها أحوج!!
الشيخ خلدون في موقف درء الشبهة ,وأنت في موقف إثباتها!
سبحان الله: تعرف عني ما قرأت وما لم أقرأ!!
وتظنّ أنني لم أسمع عن جهاد عبدالقادر في الجزائر!!
وتكاد تطَّلع على مكنون ضميري، وتصرِّح بالنيابة عنِّي بأغراضي وأهدافي!
وأما تعليمك لي المنهج العلمي فيكفي في بيان مبلغك من المنهج العلمي أنك تريد منِّي أنا أن أضرب أنا في الأرض بحثاً عن الرجل التركي!! مع أن الذي يتصدَّى لتصحيح التاريخ وتكذيب الناس هو أبو إدريس وفقه الله، فلماذا لا تطالبه هو بأن يضرب في الأرض؟! علماً بأنني لم أطالبه بأن يضرب في الأرض، وإنما طلبت منه أن يقول: حاولتُ!! لا أن يقول بالحرف الواحد (لماذا لم يترجم الشيخ نصيف لشخصية السائح التركي ولي هاشم؟). وإذن فأنا الذي عندي فهمٌ سقيم، وخلل في المنهج العلمي، وأحتاج إلى أن أتعلَّمه على يديك!!
فاسمح لي أن أنصرف إلى مخاطبة الأخ أبي إدريس، صاحب الموضوع، وأن أرجو منه أن يجيب على الاعتراضات المنهجية على طروحاته، وها هي باختصار:
1 - لم تقدِّم أيها الأخ الكريم مسوِّغاً لحكمك الصريح على الرجل التركي بالافتراء والاختلاق، إلا قولك (لماذا لم يترجم الشيخ نصيف لشخصية السائح التركي ولي هاشم؟)، فقرَّرت أولاً أنه مجهول لمجرَّد أن نصيفاً لم يترجم له، ولم تبذل أي جهد للبحث عنه، وقرَّرت ثانياً أنه كذَّاب مختلق! فهل هذا كله يتَّفق مع المنهج العلمي، أم مع التعصُّب للرأي والهوى؟ لماذا يجب على الشيخ أن يترجم للرجال الذين يغشون مجلسه فيروي عنهم حكاية ما؟ ها أنت مثلاً نقلت روايةً ت بل روايات ـ لشارل هنري تشرشل، هي في الصميم من قضية عقيدة عبدالقادر لأنها في موضوع القضاء والقدر، وقد نسبها تشرشل إلى المجاهيل بقوله (كلّما سُئلَ عبد القادر عن عقيدته في هذه الخرافة، أجاب ... إلخ). إن من حقِّك أن تنسب الكلام إلى تشرشل لأنه لا مسوِّغ للتشكيك في ناشر كتابه ومترجمه، ولكنَّك لم تترجم له ولم تُثبتّ عدالته! وأنت تعرف بالطبع أنه نصراني! فضلاً عن أن تُشير إلى انقطاع السند! وكذلك لم تضع احتمالات الخطأ في الترجمات المتكررة لعبارة الأمير عبدالقادر من العربية إلى الإنجليزية ثم إلى العربية (مع أنك أثرت ذلك في موضع آخر!!). أما عندما يروي رجل من فضلاء المسلمين رواية عن رجل سمَّاه، الأصل فيه أن يكون مستور الحال، فأنت تفزع إلى منهج أهل الحديث في الجرح والتعديل، وتتفنَّن في الجدل لإثبات أنه مفترٍ كذَّاب، وتلوِّح إلى أن الراوي عنه مفترٍ كذَّاب أيضا! فالظاهر أن العمدة عندك هي في موافقة الرواية لغرضك أو مخالفتها!! فالرواية المخالفة تُثير عليها كل إشكال تستطيعه، والموافقة تمرِّرها مرور الكرام ولو كنت تقرِّر أنها منحولة ما دام الخصم يقبلها!
2 - إذا صحَّ عندك أن البلاء من التركي، وأنك تحترم الشيخ نصيف ومنزلته، فلماذا التشكيك بصدق الشيخ واستغراب سؤاله ... إلخ؟
3 - لماذا إضاعة جوهر الموضوع بالقضايا الجانبية؟! فلان لم يذكر مصدر العبارة الذي ذكره فلان! إحراق كتب ابن تيمية! التزوير! مشاكل الترجمة! أخطاء تشرشل ... إلخ. اتهام الآخرين بعداء الأمير لأنه مجاهد!! قريب الأمير قال كذا وحفيده فعل كذا!
المسألة لها جانبان رئيسان لا ينبغي الاشتغال بغيرهما:
- الإغراق في التصوف ووحدة الوجود
- العمالة لفرنسا في السنوات الشامية
ونحن نريد أن نسمع ونستفيد منك ومن مناظريك، ولا سيما في تهمة العمالة، ووالله إنني لمرتاب في صحَّتها، وقد ذُهلتُ عندما قرأتها، فأنا أنتظر من الطرفين مزيداً من البيان، ولا أحبَّ إلي من تبرئة ساحة الأمير منها. والمهمّ عندي هو صحة الدليل وصحة الاستدلال.
وأما مسألة التصوف فهي عندي من البديهيات، إلا إذا وجدتُ لديك برهان يسوِّغ لك نسف الصورة المستقرَّة، ولم أجد ذلك إلى الآن، لأن منهجك يقوم على الاستدلال على الدعوى بدعوى هي أحوج إلى الإثبات من الدعوى الأولى (كدعوى تزوير كتاب المواقف)، وبتشعيب الموضوع بالكلام المطوَّل على المسائل الجانبية.
وقد خطر لي أن لك معرفة بالمحاماة، لأن أسلوبك يشابه أسلوبهم في إثبات براءة موكِّليهم!!
ملاحظة:
العبارة المنسوبة إلى الزركلي كنت أظن أنني أحفظها عن كتابه، ولكنني لم أجدها في الطبعة الرابعة الأخيرة، وراجعت الطبعة الثالثة (بيروت 1970)، وهي مصورة عن الثانية (مصر 1957)، وملاحق الثالثة ومستدركاتها، فلم أجد العبارة، مع أنها مرَّت عليَّ من قبل، ولكن أين؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/178)
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[04 - 07 - 08, 02:45 ص]ـ
أخي أبا الحسين السلام عليكم ورحمة الله
جزاكم الله خيرًا، وقع هذا سهوًا مني، شكرًا للتنبيه
إن شاء الله تصلح الأمور
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[04 - 07 - 08, 02:56 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الثالثة
لقد بدأ الكاتب مقاله متعجبًا من سبب اهتمام العالَم بشخصيّة الأمير عبد القادر، وتحدَّث عن أفلام تبثُّها قناة العربيّة وغيرها، وقال: ((وكأن الرجل إنما توفي عن وقتٍ قريب جداَّ)). وبصرف النظر عن صياغة عبارته، فإنها عبارة عجيبة! وهل الاهتمام بالأشخاص يكون تَبَعًا لتاريخ وفاتهم أم بحسب مكانتهم وقَدْرِهم وما تركوه من أثر؟
وحتى لا أطيل أقول للأخ الكاتب ولغيره: لا تعجب أبدًا من اهتمام العالم العربي والغربي بالشخصيات المرموقة والفذّة في أي وقت وعصر، فهذا أمر طبيعي ومطلوب.
ولكن تعجّب من فعلهم ومن خبثهم! نعم إنّ الذي يفعلونه اليوم هو مكرٌ شديد، مستغلين جهل بعض أبناء أمّة الإسلام وغفلتهم.
ثمّ لماذا تتعجب والسيناريو الذي اعتمد عليه الفيلم قريب جدًا من محتوى مقال (فكّ الشفرة)؟!
أمّا قناة العربيّة فليس لها من ذلك الفيلم اللّعين أي دور سوى الترويج له. لأنّ الفيلم قد أعدته قناة أوربية (فرنسية ألمانية) وبثّته في الغرب موجهاً للجالية المسلمة هناك من أجل أغراض فاسدة سأبينها لاحقاً.
فمنذ سنوات اتصلت بي مندوبة تلك القناة وأخبرتني أنّ فريقاً من العاملين في القناة جاء إلى دمشق ويريدون أن يجتمعوا بي ليجروا معي لقاءً تلفزياً، فقلت لها وما الموضوع؟ قالت فيلم وثائقي عن الأمير عبد القادر. قلت لها الأمير مات في القرن التاسع عشر (1883م) ونحن اليوم في القرن الواحد والعشرين فكيف تصورون فيلمًا وثائقيًا عنه؟! ولم يبق أحدٌ ممن عاصره على قيد الحياة! ولا توجد لديكم أي أفلام مصورة في حياته! فما معنى فيلم وثائقي؟ قالت نحن نجتمع مع أفراد من أسرته في عدّة بلدان ونسألهم عنه ثم يكون الفيلم!
قلت وبمن التقيتم؟ قالت لا عليك نحن نريد أن نتحدث معك الآن. قلت حسنًا فأين (سيناريو) الفيلم حتى أطلع عليه. قالت نأتيك به لاحقًا. قلت هل من الممكن أن أرى ما صورتموه إلى الآن؟
قالت سأسأل المدير وأردّ لك الجواب. وبعد أيام اتصلت بي وقالت هل أنت جاهز للتصوير؟ قلت لا حتى أرى ما عملتم سابقًا. قالت أعدك أن ترى كل شيء. قلت هذا لا ينفع. ثم ما جنسية من سيجري معي اللقاء عربي أم فرنسي؟ قالت فرنسي. قلت ومن سيترجم كلامي؟ قالت لدينا مختصون في هذا المجال سيعتنون بذلك. قلت هذا لا يروق لي لأنني أخشى من سوء الترجمة والموضوع حساس فأنتم تريدون الحديث عن تصوّف الأمير وعن سيرته في دمشق. قالت كن مطمئنًا. قلت ومع من سأجتمع؟ قالت مع (المدموزيل) الآنسة فلانة! وفريق التصوير. قلت لها والله أنا لا يمكن أن أجلس مع امرأة فرنسية أو غيرها للحديث أصلاً، فكيف مع التصوير هذا لا يمكن. ثم عاودت الاتصال بي فرفضتُ الأمر جملةً.
ثمّ إنهم ذهبوا والتقوا ببعض أفراد الأسرة (الفاتح بن سعيد بن علي بن الأمير عبد القادر) والسيدة (بديعة بنت مصطفى بن محيي الدين بن مصطفى الأخ الأصغر للأمير عبد القادر)
وقد لامني بعض الأصحاب على امتناعي من اللقاء التلفزي في حينها.
وبعد مدّة ظهر الفيلم إلى الوجود وأذيع في أوربة، ثمّ اشترته قناة العربيّة فيما يبدو.
وعندما شاهدتُ الفيلم حمدتُ الله أنني لم أقع في شَرَك هؤلاء الخبثاء.
فالفيلم لم يعرّج أبدًا على جهاد الأمير للفرنسيين في الجزائر سبعة عشر عامًا وتفاصيلِ ذلك، وإنما بدأ الفيلم بالحديث عن الأمير ومساعدته للمسيحيين وحبّه ومساندته لهم، وعن "ماسونيّته"، ثم صاروا يصورون بعض الشبّان من السياح الفرنسيين في الجزائر فيقول له أحدهم: نعم أذكر أنّ الأمير كان يقول كن مع اليهودي يهوديًا ومع المسيحي مسيحيًا بل ومع المشرك مشركًا!!!
ثم زعموا أن الأمير دفن بجانب قبر الرئيس هواري بومدين!! وكأنّ هواري بومدين مات قبل الأمير! لقد حمل هواري بومدين رُفات الأمير عندما نقلوه من الشام إلى الجزائر، وأوصى أن يُدفن هو بجانب الأمير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/179)
وأما عن لقاءات الأسرة فلم يظهروا أيًا منها واكتفوا بمقطع مجتزأ مع السيد الفاتح يصرح فيه بأن الأمير ليس ماسونيًا ويطالب بالعناية بآثاره وأملاكه.
إذن الفيلم يريد أن يصور للعرب والمسلمين أنّ الأمير عبد القادر إنما هو رجل ماسوني يحب اليهود والمشركين، فإذا كان له منزلة في قلوبكم فما عليكم إلاّ أن تتبعوه! أو تنبذوه وتعادوه!
ـ وللفائدة فإن الفرنسيين لمّا خسروا حربهم في الجزائر واضطروا إلى الخروج منها خائبين، صاروا يدّعون أنّ خروجهم كان لأغراض سياسية أو لأسباب تكتيكية أو أو .... ثمّ صاح بهم أحد عقلائهم وقال مخاطبًا الشعب الفرنسي المصعوق بخروجه من الجزائر بعد 132سنة: ((باختصار القرآن أقوى من فرنسة)) فهذا اعتراف منه أنّ الثورة في الجزائر كانت ثورة دينيّة. لذلك عمدت السلطات الفرنسيّة بكل ما لديها من أدوات الإعلام لزرع فكرة معاكسة، فما كان من الرئيس هواري بو مدين (واسمه الحقيقي محمد بو خروبة) إلاّ أن قرر نقل رُفات الأمير من دمشق إلى الجزائر ليُحْيي عند الناس ذكرى جهاد الأمير للفرنسيين ذلك الجهاد الإسلامي!! وليوصل رسالة للفرنسيين أن حربنا معكم كانت منذ البداية حرب جهاد وأن الشعب الجزائري شعب مسلم يعتز بدينه!
والحقيقة أن الغرب يحسب ألف حساب لشخصيّة الأمير بسبب أنه يرسم للمسلمين المثال الذي يمكن أن يحتذوا به في خلق الإمارة الإسلاميّة وإعلان الجهاد المسلح على الصليبيين والمعتدين؛ لأنهم يعلمون أن الأمير استطاع مع ثلّة من الرجال المؤمنين أن يؤسس دولة دستورها الإسلام وينشئ جيشاً ضمن أرض الجزائر، المحتلة أصلاً من قبل أكبر قوة عسكرية في ذلك الوقت (فرنسة)، وأن يجاهدها ويكبدها الخسائر الفادحة ويحطم كبرياءها.
الغرب يخشى من شخصيّة الأمير عبد القادر لأنه أحد رواد ثورة الإصلاح الديني، لقد حارب الأمير الصوفي بعض شيوخ الطرق الصوفية المنحرفين في الجزائر وقاومهم وحارب الشعوذة والتدجيل وعبادة الشيوخ، وكل هذا مدوّن في كتب تاريخ الجزائر ومسجل بالوثائق، ولكن من المؤسف أنّ أمّة {اقرأ} لا تقرأ!!
حتى إن بعض الكتّاب والمؤرخين عدّوا الأمير عبد القادر وعبد الكريم الخطابي من المتأثّرين بالحركة الوهّابيّة (انظر حاضر العالم الإسلامي، والحركة الوطنية الجزائرية)، وهذا طبعًا بتعريفها العام كحركة إصلاح ديني لها جيش يدعمها، لا من حيث الاتفاق على كل مبادئ الحركة ومعتقداتها.
فالأمير مشربه صوفي ويختلف مع الفكر الوهابي، ولكنه متفق معه على وجوب إزالة الفساد الديني والجهل الشرعي.
((وكذلك الأمر كان مع الشيخ محمد بن علي السنوسي شيخ الطريقة السنوسية الذي رحل إلى مكّة وتأثّر بالإصلاح الوهابي دون تقليده، والسنوسية تشبّعت بأفكار الشرق، ولا سيما الفكر الوهّابي)) والكلام للدكتور أبي القاسم سعد الله. [انظر الحركة الوطنية الجزائرية لسعد الله ص373 و403]
وكذلك من المتأثرين بالفكر الوهابي من صوفية الجزائر (شريف ورقلة: إبراهيم بن أبي فارس) [المصدر السابق ص372]
على أيّة حال، الدروس التي يمكن أن تستفاد من سيرة الأمير عبد القادر تمثل خطرًا كبيرًا على الغرب وأتباعه، لذلك هم حريصون على تشويه هذه الشخصيّة، فلا مسوغ لتعجّب كاتب المقال لأن كل تلك الأفلام التي تحدَّثَ عنها إنما هي للتشويه والتضليل.
قال بعض المؤرخين الفرنسيين (( ... إنّ عبد القادر قد تحدّى أكبر الجيوش في وقته، واخترع حرب العصابات، ووضع أسس الوطنية الجزائرية، وأعطى لغيره دروسًا في المهارة والالتزام للدبلوماسيين ... )) انتهى [لاتياد ص43]. وكما قيل: والفضل ما شهدت به الأعداء.
وقد علّق على هذا الكلام كبير المؤرخين في الجزائر الأستاذ الدكتور أبو القاسم سعد الله فقال: ((ولكن هذا الكاتب نسيَ أن ينبّه إلى أنّ عبد القادر هزَمَ أكبر جنرالات وماريشالات فرنسا عندئذ، وأنها (أي فرنسا) نَكَبَته في وطنه وقومه وتآمرت عليه مع جيرانه وعزلته حتى عن علماء الدين، ونصَبَت ضده شبكة من الجواسيس والخونة، وتقوّلت عليه الأقاويل الكاذبة، وخانت وعدها معه بتركه يذهب حيث اختار. ولكن هناك كتّاب آخرون يذكرون أن الأمير كان باعث الوطنية الجزائرية. فقد وصَلَ خطابه أعماق الشعب، وحرّك نداؤه ضمير الأرض، وهزّ صوته أركان الوطن فإذا بريح الوطنية تطوي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/180)
المسافات وتجتاز الحدود القَبَلِيّة والطرق الصوفية والإقليمية لتصبح شعلة واحدة تحرق وجه العدو الدخيل، لم يكن الجهاد وحده هو الذي جعل الناس يضحّون ويتبعون راية الأمير، بل كانت هناك مشاعر متأججة حباً في الأرض وحباً للوطن الجديد الذي رسم حدوده الأمير، وجعل عليه قُضَاتَه وخلفاءه وممثليه، واعترف له العدو بحدوده.
وكان الأمل أكبر من الواقع وكان الزمن أقصر من الأجل، ولو طال العهد لازدهرت الدولة الجديدة وأثمرت الآمال العريضة ولأخصب الدِّين والفكر والعلم والفن في عصرٍ كان العالم الإسلامي كله فيه ينتظر مثلَ هذا الوليد.
لقد ظهرت قبل ذلك الحركة الوهّابية فإذا بها تُضرب قبل أن تكشف عن وجهها الحقيقي، وكشَفت "نهضة" محمد علي عن وجهها فإذا هو وجهٌ علماني سلطاني يبتسم في وجه الأجنبي ويُكشّر في وجه المواطنين. وأخذ سلاطين آل عثمان " يُنظّمون" دولتهم المتداعية فإذا الإصلاحاتُ مفاسدٌ، وإذا الأعداءُ هم المصلحون جالسين يملون على (السلطان) محمود وعبد المجيد وعبد العزيز وأنور (باشا) ومصطفى أتاتورك ما عليهم أن يفعلوا وما عليهم أن يتركوا.
إنّ دولة الأمير الوليدة لم تحاربها فقط جيوش فرنسا حبًا في التسلط والبطولة وطمعًا في إنشاء إمبراطوريّة، ولم يقف ضدّها فقط "الكولون" (يعني المستوطنين الأوربيين) بمحاريثهم وأموالهم لكي يستغلوا الأرض المغتصبة ويَسْتَثْروا على حساب الجزائريين، بل حاربتها أيضًا ظاهرًا وباطنًا، الكنيسة والماسونية (الصهيونية)، كما حاربها سلاطين المسلمين وحتى بعض علمائهم النائمين!
حاربتها الكنيسة لأنها اعتبرتها حركة جهاد إسلامي متوثب فيه انتعاش ونهضة للإسلام الراكد إذا انتصرت، واعتبرت الكنيسةُ نفسُها عمَلَها ذلك استمراراً للصليبية التي خاضت في الشرق والغرب حروباً ضارية ضد الإسلام والمسلمين، بما فيها الأندلس ووهران، وتآمرت عليها الماسونية خصوصًا في الدوائر المحيطة بالحكومة الفرنسية وحاشية الملك وقطعان التراجمة والمستشرقين الذين توافدوا على الجزائر، لأنّ دولة الأمير كانت دولة عربيّة سلفيّة، شريفة، لو انتصرت لكانت خطراً عظيماً على مخططات الماسونية ـ الصهيونية في الشرق!!، ولكانت أول دولة توحّد العرب على كلمة الجهاد كما وحّدتهم عليها زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وزمن الخلفاء الراشدين)).انتهى [(الحركة الوطنية الجزائرية) لأبي القاسم سعد الله ص274ـ275]. [وأظنّ أن الدكتور سعد الله يقصد بالسلفية هنا المعنى العام لها، لا المفهوم الذي استقرّت عليه اليوم].
ويتابع الأستاذ أبو القاسم فيقول: ((وقال فريق من الكتّاب الفرنسيين: إنّ الأمير رجل دين وجهاد وتصوّف، وقالوا: إنّ الدِّين تغلّب على دولته في جميع مجالاتها ومظاهرها: الجيش، المالية، القضاء، حتى العملة والسكّة)) [بيسه شينار "عبد القادر وعبد الكريم" في مجلة الدراسات الآسيوية والإفريقية) ص143ـ 160].
((ويرى فريقٌ آخر أنّ الأمير هو مؤسس الوطنية والسيادة في الجزائر، وأنه جَدَّدَ في الاقتصاد بإبطال الخَرَاج على الرعيّة والامتيازات "للمخزن"، والإبقاء فقط على الزكاة والعشور، وجدد في القضاء فسوى بين الناس وطبّق نصوص القرآن على الجميع، وخصص راتباً قارًّا للقاضي، وجدد في العسكرية فجعل خدمة الوطن واجبة على الجميع، وجدد في مفهوم الدين والتصوف فلم تعد القادريّة هي المثل وإنما جعل وحدة الشعب كله هي الهدف)). [رينيه كاليسو في (هيسبريس ـ ثمودا) ص120ـ 124].
ثمّ يقول الدكتور سعد الله: ((إنّ الأمير في نظري هو موقظ الضمير الوطني الجزائري بأفعاله وأقواله طيلة عهد جهاده الذي بلغ سبعة عشر عامًا. لقد كان هدفه الأساسي إيقاظ وإذكاء ذلك الضمير بجعله الجهادَ في سبيل الله وسيلة، والوحدة الشعبية هدفاً. ولعلّ الأمير قرأ جيداً واستفاد كثيراً من مقولة ابن خلدون:"إنّ العربَ لا تجتمع إلاّ على عصبيّة أو دين" فجعل الأمير العصبية نصب عينيه واستحضر عهد البعثة النبوية وعهد الصحابة، ولم يكن يفرّق في ذلك بين أبناء الجزائر في الأصل فقد كانوا عنده جميعاً عرباً ومسلمين، سواء كانوا سكان مدن أو جبال أو صحار، وسواء كانوا يتكلّمون العربية أو لهجات محليّة. وإنما ظهر عليه أنه لم يرتح لبعض زعماء الكراغلة (وهم أبناء الأتراك من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/181)
أمهات جزائريات) لأنهم بدؤوه بالإساءة إليه وتعاونوا مع عدوّه. وبينما لم يتدخل في العادات القبلية ولا في سلوكات الطرق الصوفية فإنه كان يُخاطب الجميع بلغة الدِّين والوطن والوحدة ويُذكرهم بماضيهم المجيد ويرغّبهم في التحرر والنهضة والاعتماد على النفس. ولذلك أحبّه الجميع وندم الذين خالفوه أحياناً على فعلهم وجاؤوه تائبين متوسلين. وقد عرفوا قدره أكثر بعد أن غاب عنهم وترك فراغاً لم تملأه أيّة شخصيّة من بعده، لأنّ كل من ظهر بعده كان يفتقر إلى العناصر التي تمتع بها الأمير، وهي تحديد الهدف وخدمته بكل الوسائل: الحرب والدبلوماسية والشجاعة والرأي والإخلاص.
ولعلّ هذه القِيَم هي التي جعلت الأمير هو البطل المغوار الذي تتحدث عنه قصص الفروسية العربية والفارس الغازي الذي ذكَّرَ الناس بعلي بن أبي طالب وخالد بن الوليد وعقبة بن نافع، في وقت لم تبق من هؤلاء إلا ذكريات الكتب وأحاديث الأسمار. وقد لاحظ أعداؤه المعاصرون له أن الأمير لا يمكن خيانته مِمَّن تبعه، رغم أن كثيرًا من عظماء الرجال انتهوا بخيانة بعض المخلصين لهم، وقد حاول الفرنسيون أن يجدوا خائناً يغتال الأمير أو يضع له السم فباؤوا بالفشل. فهو محاربٌ مِقْدَام لا تجده إلاّ متقدّماً أمام الجميع، وهو في نظر البعض مجاهدٌ يطلب الموت لتوهب له الحياة. ولذلك لم يكن بحاجة إلى حراسة ولا بوابين. وقد وصفه الواصفون عندئذ بأنه كان بسيط اللباس والأكل والمظهر، وأن التواضع والزهد والذكاء والحزم من سماته، وأن في إمكانه أن يأكل (الكسكسي) تحت أية خيمة (وهي أكلة جزائريّة مشهورة)، وأن يشرب من أي نهر ومن أي كوب يشاء دون أن يخاف سماً، وأن يضع رجله حيث يشاء دون أن يخشى كميناً من أحد [بوجولا (دراسات) 2/ 103]. فهو فارس الفوارس وحامي الذِّمار وربُّ السيف والشعر.
إنّ كبار العسكريين الفرنسيين الذين حاربوا الأمير (وكذلك وزيرهم للحربية ـ الماريشال سولت) قد فهموا جيداً خطّة الأمير، وعملوا ما في وسعهم على عرقلة تنفيذها لأنها تُخرجهم من الجزائر، وتُعيد مجدَ الإسلام، وتبعثُ تيارًا جديدًا اسمه القوميّة العربية. وقد تعاونوا في ذلك، كما قلنا، مع الكنيسة والماسونية وأغبياء المسلمين (سلاطين وعلماء) لكسر شوكة الأمير، الممثل لهذا الفجر الجديد. ولنرجع إلى كتابات بوجو، وسولت، وفاليه، ودوفيفييه، ولاموريسيير الخ. فإن فيها الجواب اليقين عمّا كانوا يحسونه منه ويلاحظونه عليه في هذا المجال، وكيف خططوا وعملوا على إطفاء شعلته قبل أن تحرقهم)).انتهى كلام د. سعد الله.
ويقول هنري تشرشل (البريطاني المسيحي): ((إن سياسة عبد القادر السامية لا تستطيع صبرًا على هذا الخرق الفاضح لمبادئ القرآن الواضحة الصريحة. إن ذلك الكتاب المقدس لم يُؤيّد ولم يُقرّ مبدأ الخضوع. فشعاره الذي لا يقبل المساومة ولا الرحمة هو الانتصار أو الموت والسيف في اليد في سبيل الله. ولمّا كان عبد القادر مفسِّراً غيوراً، ومدافعاً جسوراً عن ذلك الكتاب المؤثر بكل عظمته البطولية، فإنّه قد جعل واجبه الأساسي حمايةَ القرآن بيقظةٍ لا تعرف الكلل ولا التواني، ومقابَلَةَ أبسط خروج عن مبادئه بشدة لا تعرف التراجع)).انتهى [(حياة الأمير لتشرشل) ترجمة سعد الله ص69]
ويروي تشرشل ردّ الأمير على الجنرال تريزل وفيه: (( .. وبالإضافة إلى ذلك فإنّ ديني يمنعني من السماح لمسلم أن يكون تحت سلطة المسيحي)).انتهى [المصدر السابق ص96]
وفي جواب آخر ((إن العرب لا يمكن أن يقبلوا حتى أن يسمعوا بالعيش تحت سلطة المسيحيين، ولو كانت سلطة اسمية، وإذا كانت فرنسا ساعية لوضع العربي تحتها بالقوة فمعنى ذلك أنها ستدخل حرباً لا نهاية لها)).انتهى [المصدر السابق ص110؛ الكاتب البريطاني يصوغ كلام الأمير بطريقته الإنكليزية فهم يستعملون كلمة عربي مقابل مسلم فتنبّه]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/182)
ويقول تشرشل: ((لم يتردد الأمير في أن يطلب أن يكون كل مسلم مقيم في منطقة فرنسية يجب أن يكون تحت سلطته الشرعية هو فقط! وهو في هذا الطلب كان يسعى أن يُطبق ويُنفّذ مبدأً كان، في نظره، أولى من كل اعتبارات دنيوية، لأنه مبدأ قائم على ماهية القرآن الأساسية وهو أنه لا يجوز لأي مسلم مهما كانت الظروف، إذا أمكن، أن يعترف عن طواعية أو يستسلم إلى حكم مسيحي)).انتهى [المصدر السابق ص113]
وجاء في جواب الأمير لأحد الفرنسيين قوله: ((سوف أنزل من هذه الصخرة الشماء،كما ينزل النسر من عشه، لكي أطهّر مدن الجزائر وعنّابة ووهران من المسيحيين)).انتهى [المصدر السابق ص139]
لقد ضرب الأمير نقودًا خاصّة بإمارته الإسلاميّة، فهل تعلمون ما نُقِشَ عليها؟ أما القطعة الأولى فنُقش عليها الآية الكريمة {ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يُقبل منه}، وأما القطعة الأصغر منها فنُقش عليها الآية الكريمة {إنّ الدين عند الله الإسلام}.
والحديث في هذا الشأن طويل جدًا لا يمكن اختزاله في أسطر ضمن رد على مقال.
ومَن يريد التوسع في الموضوع فما عليه إلاّ الرجوع إلى كتاب "الحركة الوطنية الجزائرية" وكتاب "تاريخ الجزائر الثقافي" و"أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر" و"محاضرات في تاريخ الجزائر" (بداية الاحتلال) كلّها لمؤرّخ الجزائر الكبير الدكتور أبي القاسم سعد الله، وكتاب "كفاح الجزائر من خلال الوثائق" للدكتور يحيى بو عزيز، وكتاب "حاضر العالم الإسلامي" للأمير شكيب أرسلان، وكتاب "تحفة الزائر" لمحمد باشا، وكتاب "المقاومة الجزائرية تحت لواء الأمير عبد القادر" لإسماعيل العربي، وكتاب (حلية البشر) للعلاّمة عبد الرزاق البيطار. وهناك الكثير غيرها أيضًا. وكذلك يمكن للباحثين الرجوع للكثير من المخطوطات والوثائق التي حققها بعض العلماء، مثل (منشور الهداية في كشف حال من ادَّعى العلم والولاية) للشيخ عبد الكريم الفكون الجزائري؛ تحقيق د. أبو القاسم سعد الله.
وأنتقل الآن إلى الفقرة الثانية من المقال:
ذكر الكاتب في بداية مقاله في ترجمة الأمير فقال: هو الشيخ عبد القادر بن محيي الدين الحسني!!
ثمّ قال حيث يصل نسبه بالإمام الحسين بن علي!! (وأظن هذا خطأً كتابيًا) والصواب: الحسن بن عليّ.
ثم نقل عمود النسب الخاص بالأمير فقال: " ..... عبد القادر ابن محي الدين ابن مصطفى ابن محمد ابن المختار ابن عبد القادر ابن أحمد ابن محمد ابن عبد القوي ابن يوسف ابن أحمد ابن شعبان ابن محمد ابن أدريس ابن أدريس ابن عبدالله (المحض) أبن الحسن (المثنى) أبن الحسن (السبط) ...... انظر:"الأمير عبد القادر" – سلسلة الفن والثقافة – وزارة الإعلام والثقافة الجزائرية – الجزائر / ص 1974" انتهى
العجيب حقًا أن ينقل سلسلة نسب الأمير من مجلة (سلسلة الفن والثقافة) من مقال كتبه أحدهم (لم يذكره لنا الكاتب) وساق فيه نسب الأمير على نحو لا وجود له في كتب التاريخ والأنساب التي كَتَبَت عن أسرة الأمير عبد القادر أو حياته، وكل من ينظر في سلسلة النسب هذه يجدها مبتورة وقد سقط منها اثنا عشر جدًّا فقط!! وفيها أسماء محرّفة.
ثم عقد الكاتب المقارنة بين هذه السلسلة العجيبة وبين السلسلة الصحيحة التي ساقها محمد باشا مؤلّف كتاب (تحفة الزائر في مآثر الأمير عبد القادر وأخبار الجزائر)، والعجيب أن الكاتب لا يعرف أنّ محمد باشا هو ابن الأمير عبد القادر، فقال عنه إنه قريب الأمير!!
وبعد ذلك خرج الكاتب بنتيجة وهي أنّ نسب الأمير غير موثوق به!!
فقال: ((.إلاَّ أن قريبه الأمير محمد أورد سلسلة أخرى تختلف كلياً في كتابه:" تحفة الزائر في مآثر الأمير عبدالقادر وأخبار الجزائر "، ممَّا يُضعف الثقة في هذه النسبة الشريفة، لا سيما إذا عرفنا أ ن النسبة الشريفة من شروط الوصول الى مرتبة القطبية عند المتصوفة، كما أننا إذا علمنا أيضاً أن الصوفية يجوِّزون الاكتساب الروحاني للنسبة الشريفة تقلُّ الثقة عندنا بتلك السلاسل النسبية المسبوكة)).انتهى
ثم زاد في التشكيك في نسب الأمير فقال (إن النسبة الشريفة هي من شروط الوصول للقطبية عند الصوفية)، فهذا يعني أنه ربما ادعى الأمير هذه النسبة كي يدّعي القطبية فيما بعد! وكذلك زعم أن الصوفيّة يقولون بالاكتساب الروحاني للنسب!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/183)
وأقول: ما هذا الكلام أيها الكاتب؟ وكيف رضيته لنفسك وأنت الذي صدّرت مقالك بعنوان فك الشفرة الجزائريّة؟!!
إنّ من يعتمد على مقالة في مجلة ثقافة وفنون ويقرأ فيها كلامًا فيه سقط طباعي وتصحيف شنيع، عليه ألاّ يخوض في الأنساب!!
كيف يتكلم في الأنساب وهو لا يعرف أنّ مؤلف كتاب (تحفة الزائر) هو الابن الأكبر للأمير عبد القادر، أمير الجزائر الذي يريد أن يفكّ شيفرته!!
وبعد كل هذا ذهب الكاتب يتدخّل بباطن الأمير، ويزعم أنّه كان يسعى للوصول إلى القطبية الصوفية!! ولا أدري من أين أتى بتلك المعلومة؟!
إنّ قبيلة الأمير في الجزائر اسمها قبيلة بني هاشم، وأسرة الأمير عبد القادر من أشهر الأسر الإدريسيّة في المغرب ورجال هذه الأسرة جلّهم من العلماء والشيوخ وأصحاب السيادة والوجاهة في تلك الأقطار، وتراجمهم زاخرة في كتب ومؤلفات علماء المغرب والجزائر والشام، وذِكْرُ نسبهم وفروعهم أشهر من أن يدلّ عليه، لا في عهد الأمير عبد القادر بل قبله بقرون!!
فإذا كان الكاتب لا يريد أن يقرّ بنسب الأمير، فماذا سيفعل في كتب العلماء التي ألّفت قبل أن يولد الأمير بل وقبل أن يولد جدّه وجدّ جدّه وجدّهم!!
كل ما على الكاتب أن يفعله هو أن يرجع إلى الكتب التالية ليعلم فداحة خطئه.
1. كتاب "عِقْدُ الجُمان النَّفيس في ذكر الأعيان من أشراف غَريس" للشيخ عبد الرحمن بن عبد الله التوجيني.
2. كتاب "جوهرة العقول في ذكر آل الرّسول" للشيخ عبد الرحمن بن محمد الفاسي.
3. كتاب "فتح الرحمن شرح عقود الجمان" للشيخ محمد بن محمد بن أحمد بن أبي القاسم الجوزي الراشدي المزيلي.
4. كتاب "البستان في ذكر العلماء الأعيان" للفقيه عبد الله الونشريسي.
5. كتاب "رياض الأزهار في عدد آل النبي المختار" للمَقَّرِيِّ التلمساني.
6. كتاب "حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر" للشيخ عبد الرزاق البيطار.
7. كتاب "تعطير المَشام في مآثر دمشق الشام" للعلاّمة جمال الدين القاسمي.
وغيرها ....
هذه الكتب ذكرتْ عمود النسب الخاص بأسرة الأمير باتفاق، وأمّا الكتب التي ترجمت للأمير أو لإخوته أو لآبائه واكتفت بالتنبيه على نسبه الإدريسي الحسني فهي بالعشرات.
وإليكم عمود النسب الخاص بالأمير عبد القادر والمتفق عليه عند أهل العلم، والذي لا يجوز اعتماد غيره: [هو عبد القادر بن محي الدّين بن مصطفى بن محمد بن المختار بن عبد القادر بن أحمد المختار ابن عبد القادر بن أحمد بن محمد بن عبد القوي بن علي بن أحمد بن عبد القوي بن خالد بن يوسف بن أحمد بن بشّار بن محمد بن مسعود بن طاوس بن يعقوب بن عبد القوي بن أحمد بن محمد بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله المحض ابن الحسن المثنّى ابن الحسن السبط ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه].
فلو أنّ باحثًا متخصصًا بالتاريخ والأنساب قرأ هذه الكتب وغيرها ثم قرّر صحة نسب الأمير من عدمها بطريقة علمية لكان كلامه مقبولاً ومحترمًا.
أما أن يأتي شخص لا خبرة له بالأنساب فيقرأ سلسلة نسب مغلوطة في جريدة أو مجلة ثم يقرر من تلقاء نفسه صحة ذلك النسب أو عدمها، فهذا لا يمكن القَبول به أو السكوت عنه.
ثمّ من أين أتى الكاتب بمسألة ادعاء القطبية عند الأمير؟ نريد مرجعًا!
وكما أسلفت فلا حاجة بالأمير إلى أن يدعي النَّسب ونَسَبُه ثابت قبل أن يولد هو وأبوه وجدّه!!
ولقد غفل الكاتب عن حقيقة دامغة وهي أنّ الشعب الجزائري التفّ حول السيد محيي الدين والد الأمير، لأنه مِنْ أشهر الأدارسة في تلك الأقطار، وهذا مدوّن في كل الكتب التي وثّقت تلك المرحلة!!
وليس للأخ الكاتب أي سلف من العلماء والمؤرّخين! فيما ذهب إليه من التشكيك بنسب الأمير.
وللفائدة فإن درجة القطبية عند المتصوفة لا يشترط فيها النسب أبدًا، وهذا معروف في كتبهم الكبرى، وهناك بعض جهلة الصوفية المتأخرين اشترطوا ذلك فردّ عليهم علماء الصوفية أنفسهم (انظر رسالة الشيخ عبد الله الغماري الصوفي ((كرامات وأولياء)) التي بيّن فيها بطلان قول من قال بشرط النسب الشريف للقطبيّة)
ثم إن ادعاء الكاتب بجواز اكتساب النسب روحانيًا عند الصوفية، ادعاءٌ بدون بيّنة، فليته ذكر لنا مرجعًا من مراجع الصوفيّة ينص على ذلك.
أيها الإخوة إنّ الله تعالى يقول في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء: 135]
والحمد لله ربّ العالمين
خلدون بن مَكِّي الحسني
للبحث صِلَة
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[04 - 07 - 08, 04:04 م]ـ
أرجو من الإخوة في الإشراف أن يعدلوا العنوان الأصلي ليكون على النحو الآتي:
[سلسلة حلقات ردّ الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر الجزائري]
جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/184)
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[04 - 07 - 08, 10:41 م]ـ
بارك الله فيكم يا شيخنا العزيز خلدون الحسني.
و بالتوفيق ان شاء الله.
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[07 - 07 - 08, 03:11 ص]ـ
الأخ الكريم محمد المبارك؛ السلام عليكم ورحمة الله
وبارك الله فيكم أيضًا،
وفي الحقيقة إنني أُثمّن مشاركاتكم الطيبة وهي تبيّن صفاء روحكم.
وإنه مما يسر أن يرى الإخوة القرّاء هذا السجال النقدي العلمي الأدبي الذي؛ إن شاء الله؛
لن يعكر أو يخدش أواصر الإخوّة في الله.
سددني الله وإياك.
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[07 - 07 - 08, 06:37 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الرابعة
نلاحظ أن الأخ محمد المبارك في مقاله (فك الشفرة) إذا ذَكَرَ الشيخ محيي الدين الحسني وسبب التفاف الشعب الجزائري حوله قال: هو شيخ الطريقة القادرية، وإذا تكلّم عن ثقافة الأمير عبد القادر قال عنه إنه كان يُعد لاستلام الطريقة القادرية بعد أبيه، ولمّا تكلم على جهاد الأمير ونهايته وضع له عنواناً (نهاية الحركة القادريّة!!)
أقول: أيها الإخوة إن والد الأمير عبد القادر وكذلك جدّه كانا من الصوفيّة ولهم طريقة هي القادريّة، هذا أمر لا ينكره أحد. ولكن أن يُقال إنّ الشعب الجزائري التفّ حول الشيخ محيي الدين لأنه قادري فهذا بعيد.
أولاً هناك عدّة طرق كانت منتشرة في الجزائر والقادريّة ليست أوسعها بل التجانية هي أوسع الطرق انتشاراً وكذلك الشاذلية والدرقاوية والرحمانية وغيرها كثير ..
فلماذا يلتف الشعب حول القادرية فحسب ويترك باقي الطرق؟ مع العلم أنّ الذين بايعوا السيد محيي الدين كانوا من مختلف الطرق!
والحقيقة كما أسلفت أن سبب التفاف الشعب حول السيد محيي الدين هو كونه من أعلى وأثبت الأشراف الأدارسة نسباً في تلك الأقطار، ولأنّه من أهل العلم ومن أهل الصلاح والرأي، كما ترجم له علماء المسلمين.
ثمّ إن اقتصار الكاتب على وصف السيد محيي الدين بأنه شيخ الطريقة القادريّة، لا يُعطي الصورة الحقيقية للرجل.
فكل من ترجم للسيد محيي الدين وصفه بالعالم العامل، المشتغل بتدريس الفقه والحديث والتفسير واللغة وغيرها من علوم الشريعة، إضافة إلى تصوّفه.
إذن فهناك فرق بين السيد محيي الدين، وبين من يسمون بشيوخ الطرق الصوفية، الذين ليس لهم أي نصيب من العلم والمعرفة، وإنما حسبهم أنهم يجمعون الناس في زواياهم لأورادهم وأناشيدهم والرقص الصوفي والأكل والشرب.
إنّ زاوية السيد محيي الدين وصفها العلماء بأنها كانت معهداً للعلوم الشرعيّة يدرّس فيها جميع أصناف العلوم. (وللفائدة فإنّ مذهب السيد محيي الدين هو محاربة الرقص الصوفي "الحضرات")
فإذا أردنا أن نصف السيد محيي الدين بإنصاف فإننا نقول عنه: إنه من أهل الدين، صاحب علم وعمل، وجمع إلى ذلك النسب الشريف والخلق الأصيل وكان له معهد للعلوم الشرعيّة، وكان صوفيًا تلقى الطريقة القادريّة ونشرها، وأجاز الناس بأورادها، ولكنه متفقه بالمذهب المالكي ومنضبط به .. وهو من الذين يصنّفون ضمن ما يُسمِّيه الأستاذ سعد الله (بالتصوف السلفي)؛ لا أن نقتصر على وصفه بالقادري وانتهى الأمر، لأننا بذلك نكون قد وجّهنا أذهان القراء إلى صورة واحدة (وهي الطرقيّة أو التصوف الجاهل).
[من الذين وصفهم الأستاذ سعد الله بأنهم من دعاة التصوف السلفي، الشيخ عبد الرحمن الأخضري، والشيخ محمد بن علي الخروبي، والشيخ أحمد زروق، والشيخ عبد الكريم الفكون. انظر تاريخ الجزائر الثقافي 1/ 507؛ 527؛530]
والعجيب من الكاتب أنه لمّا تكلّم عن ثقافة الأمير قال: إن والد الأمير كان يُعدّه لمشيخة القادرية من بعده!!!! وأنا أسأله ما مصدر معلوماتك عن هذا الأمر؟
يقول الدكتور أبو القاسم سعد الله: ((إن الأمير عبد القادر فوق الطرق الصوفية كلها، أي إنه كان يعمل من أجل فكرة أشمل وهي الدين والوطنية)).انتهى [الحركة الوطنية الجزائرية ص400]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/185)
قال الكاتب: ((لقد كان الأمير عبدالقادر ذا ثقافةعلمية واسعة، فقد كان أبوه الشيخ محيي الدين يُعِدُّه لمشيخة الطريقة القادرية منبعده، وحتى تكتمل صورة الأمير عبد القادر، فقد تلقى الشاب مجموعة من العلوم فقد درس الفلسفة (رسائل إخوان الصفا - أرسطوطاليس - فيثاغورس) ودرس الفقه والحديث فدرس صحيح البخاري ومسلم، وقام بتدريسهما، كما تلقى الألفية في النحو، والسنوسية، والعقائد النسفية في التوحيد، وايساغوجي في المنطق، والإتقان في علوم القرآن)) انتهى
والسؤال: هل هذه العلوم يتلقاها من يُعدّ ليصبح شيخ طريقة؟!
وأقول للكاتب من أين علمت أنه درس رسائل إخوان الصفا؟ ففيما قرأتُه عن الأمير من تراجم لم أجد أحدًا ذكرها، مع أنهم ذكروا الكثير مما لم يورده الكاتب أصلاً! وسؤالي ليس استنكارياً وإنما يهمني أن أعرف المصدر.
يقول شارل هنري تشرشل: ((إن الأمير قرأ أعمال أفلاطون، وفيثاغورث، وأرسطو، ودرس كتابات مشاهير المؤلفين من عهود الخلافة العربية عن التاريخ القديم والحديث، وعن الفلسفة، واللغة، الفلك، والجغرافية، بل حتى عن الطب، وقد تجمّعت لديه مكتبة ضخمة)).انتهى [حياة الأمير عبد القادر ص47. تفرّد تشرشل بذكر كتب أفلاطون وفيثاغورث وأرسطو!!]
لقد قرأتُ في كتاب الدكتور أبي القاسم سعد الله (تاريخ الجزائر الثقافي) 1/ 520، كثيراً من التعليقات على زوايا الطرق الصوفية التي كانت منتشرة في تلك الأيام، وكان ينقلُ كلام العلماء المعاصرين لتلك الزوايا والطرق والمنتقدين لبعض شيوخها وانحرافهم وتعاونهم مع الاستعمار، ولما وصل إلى الحديث عن جدّ الأمير وهو الحاج مصطفى والطريقة القادريّة، وصفه بأنه من علماء الوقت وصلحائه وأنه أنشأ زاوية بغرض أن تكون مركزًا للتعليم ومبعثًا للطريقة القادريّة، وبعد وفاته تولى أمر الزاوية ولده السيد محيي الدين الذي كان من شيوخ العلم المشهود لهم، وأصبح الشيخ محيي الدين يلقن أوراد الطريقة القادرية وينشر العلم من الزاوية التي كانت عبارة عن معهد ... إلى أن قال: كما أن القادرية قد اندمجت غداة الاحتلال في تيار الحركة الوطنية مستعملة نفوذها الروحي للدعوة إلى الجهاد ضد الفرنسيين)).انتهى كلام سعد الله.
ولم يذكر أي طعن فيه أو في زاويته كما فعل بباقي الزوايا والطرق. وما ذلك إلاّ للفرق الكبير بينها.
ملاحظة: [ينبغي أن نفرّق بين العلماء أو الفقهاء المتصوّفين الذين تلقوا أورادًا لبعض الطرق الصوفية، وبين رجال الطرق (الطرقيين) الذين ـ في أغلبهم وعامتهم ـ جهّال وأصحاب أغراض شخصية، ويعتمدون على الدجل والشعوذة!!]
وقال الدكتور سعد الله في معرض كلامه عن الأمير: (( .. إن المقاومة قد أخذت عليه كل الوقت وأصبح رمزاً لجمع الكلمة وتوحيد الشعب تحت راية الوطنيّة وليس مرابطًا يلقن أوراد الطريقة القادرية)).انتهى [المرجع السابق1/ 522]
والآن سأعرض لكم بعض النقول العلمية المتصلة بالموضوع:
أولاً؛ ترجمة السيد مصطفى بن محمد بن المختار الراشدي الحسني؛
ترجَمَهُ حفيدُه السيد أحمد الحسني فقال: ((كان رحمه الله عالماً عابداً زاهداً يُلقّب بسيبويه الإقليم، وكان يحفظ كتاب التصريح على التوضيح للشيخ خالد الأزهري عن ظهر قلب كحفظه الفاتحة، وأَقْرَأَ ألفيّة ابن مالك قراءة تحقيق وبحثٍ وتدقيق في محلٍّ واحد ثماني عشْرة مرّة، وأجازه إجازة عامّة الشيخ مرتضى الزَبيدي صاحب "تاج العروس" وكتَبَها له في نحو كرَّاسة، وقد كانت له المشيخة التّامة على جميع علماء الإقليم وكانت له الكلمة المسموعة عند الباي محمد حاكم وهران، وقد كان المذكور يُجلّه ويُوقّره وجعلَ له رئاسة المسجد الكبير "بمُعسْكَر".
ثمَّ انتقَلَ إلى وادي الحمام واختطَّ به قريةً سمّاها الراشديّة ثمّ غلَبَ عليها اسم "القيطنة" وذلك سنة 1198هـ وبنى بها مسجدًا ومحلاًّ لقراءة القرآن العظيم ومحلاًّ لطلبة العلم، وعيّنَ لهم مصروفًا من عنده في كل يوم، وتوفّي سنة اثنتي عشرة ومئتين وألف (1212هـ) عن ثلاثٍ وستين سنة عند ماءٍ يُعرف بعين غزالة)).انتهى [ترجمته في (نخبة ما تُسر به النواظر) لأحمد الحسني ص120]
ـ وقال عنه الشيخ عبد الرزاق البيطار في (حلية البشر): ((الفاضل الإمام والكامل الهمام، كعبة الأفاضل ومعدن الفضائل ... )).انتهى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/186)
ثانيًا؛ ترجمة السيد محيي الدين بن مصطفى (والد الأمير)، قال عنه العلاّمة جمال الدين القاسمي: ((كان عالماً زاهدًا عابدًا مربيًا صوفيًا تشدّ إليه الرِّحال، ذا أُبّهة وصولة وعظمة، وقد كساه الله تعالى من الهيبة والعظمة عند أهل إقليم الجزائر ما لم يتفق لغيره، وكان مقصوداً لقضاء الحوائج الدينية والدنيوية .. )). انتهى من كتاب (تعطير المشام).
وقال عنه الشيخ عبد الرزاق البيطار: ((هو الشيخ العالم العامل، والفرد الأوحد الفاضل، بقيّة السلف .... العفيف الحسيب والشريف النسيب .. )).انتهى انظر (حلية البشر).
ومما قاله فيه الأستاذ المهدي البوعبدلّي في بحثه بعنوان " وثائق أصيلة تُلقي الضوء على حياة الأمير عبد القادر" نُشِرَ في مجلّة الثقافة التي تصدرها وزارة الثقافة الجزائريّة وفي عددها الخاص بالذكرى المئويّة لوفاة الأمير عبد القادر العدد 75 رجب وشعبان 1403 أيار ماي 1983
((" ... وهناك وثائق من بينها مرثيّة لأحد تلامذة الشيخ محيي الدين، ضمّنها الفنون التي كان يدرّسها الشيخ محيي الدين بمعهد القيطنة، التي أسسها والده السيد مصطفى بن المختار الذي كان بدوره أمثلَ فقهاء عهده وأدبائه، وقد تركَ عدّة رسائل بخطّه. وهي تعطينا صورة حقيقيّة عن ثقافة السيد محيي الدين، وتُبيِّن أنّ معهد القيطنة لم يقتصر على تعليم القرآن ومختصر خليل، بل كانت تدرس فيه فنون كالتفسير والحديث وعلوم اللغة، وصاحب هذه المرثيّة هو العالم المحدّث الشيخ محمد بن معروف الونشريسي المتوفى في تونس سنة 1265هـ كما ذكرَ ذلك تلميذه علي بن الحاج موسى إمام ضريح الثعالبي بالجزائر في عهده، وقد هاجر من الجزائر بعد الاحتلال وكان الأمير كلّفه بترشيح القضاة بناحية "شْلف" و " ونشريس " وقد عثرنا على وثائق تُثبت ذلك، وهذه بعض الأبيات من المرثيّة المذكورة:
يحقّ لجفني أن تسيلَ دموعُه * * على سيدٍ ذي حكمة وبراعة
سما وارتقى وسادَ أهل زمانِه * * بذا يشهدُ العدول كالمستفيضة
إلى أن قال:
ترى كتُبَ ابن حاجب وخليلنا * * وألفيّة ابن مالك مع غنية
وسعد وسلّم وجمع جوامع * * وتفسير ما يتلى كتاب وسنُّة
يقولون: من لنا بكشف رموزها ** وحلّ غريب اللفظ عند القراءة
ومعرفةِ الصحيح من ضده إذا * * تعارضت الآثار من غير ميزة
إلى أن قال:
فيا أسفي على ربيع قلوبنا ** مزيل الصدا عنها بعلم وحكمة
ويا أسفي على خليفةِ مالكٍ ** إمامنا محيي الدين شيخي وقدوتي
وُلِدَ رحمه الله سنة تسعين ومئة وألف وتوفّي يوم الأحد سنة تسع وأربعين ومئتين.
هذه ترجمة مختصرة لوالد وجدّ الأمير، وأمّا تراجم باقي آبائه وأجداده المذكورين في سلسلة نسبه الإدريسي الحسني، فهي مثبتة في كتب التواريخ والتراجم وغيرها، وقد جمعتُها في كتاب أُعِدُّه للتعريف برجال وأعلام أسرة الأمير عبد القادر، وكذلك أبحث فيه السيرة الذاتية للأمير بحثًا تاريخيًا، وأتعرّض فيه للشبهات التي أثيرت حوله، وما هذه الحلقات إلاّ اختصار لبعض مباحث هذا الكتاب، وأسأل الله أن ييسر لي إتمامه قريبًا.
وما ذكرته في هذه الحلقة من تراجم ونقول إنما هو بيانٌ يوضِّح بعض الحقائق؛ حتى تكون الصورة كاملة عند القارئ، وفيه فوائد تاريخية.
ولكن الأمر العجيب حقًا هو قول الكاتب واصفاً نهاية جهاد الأمير عبد القادر (الأمير الشرعي للجزائر) المبايع من قبل الشعب الجزائري، والذي دام 17 عاماً، بقوله ((نهاية الحركة القادرية))!!!
سبحان الله! ماذا سيُفهم من هذا العنوان؟
ومن أين أتى بهذا الوصف؟ ومن سلفه فيه؟ وما هي مراجعه ومصادره؟
الذي يُفهم منه أنّ الكاتب سمّى قيادة الأمة والبيعة للأمير وحمل راية الجهاد بالحركة القادرية!! وعدَّ نهاية الحرب بأنها نهاية للحركة القادرية!!
والذي يُفهم من كلامه أنّ جهادَ الصليبيين المعتدين، وجمع كلمة المسلمين والقيام بشؤون الدولة الإسلامية إنما هي تعاليم الطريقة القادريّة فحسب! ولذلك فإنّ الأمير لمّا أُسقط في يديه وحوصر واضطر إلى التسليم، انتهت بذلك الحركة القادرية وانتهت أطول وأعنف مرحلة كفاح عسكري تعرّض لها الفرنسيون في الجزائر. وهذا حقًا؛ كلام عجيب!!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/187)
وكان يكفي الكاتب أن يعنون لتلك الفقرة كما عنون لها كل المؤرخين والعلماء من جميع المشارب بـ (انتهاء مرحلة المقاومة الجزائرية بقيادة الأمير عبد القادر).
ـ ومن أغرب ما وصف به كاتب المقال الأمير قوله: ((و ممَّا يُؤخذ على الأمير حبه للمال و السلطة الذينيخلطهما بحب العفو و المسامحة في أحيان كثيرة)).انتهى
لماذا لا يذكر لنا الكاتب مصادره التي يستقي منها معلوماته؟! فهذا الوصف لا يصدر إلاّ عن شخص معاصر للأمير يعرفه عن قرب، فمن أين حصل الكاتب على معلوماته هذه؟
المعروف عن الأمير والمشهور عنه أنه كان متقشفاً لا يلبس إلاّ البسيط من الثياب، ويُرى عليه ثوب واحد سنواتٍ طويلةً لا يغيّره! والمشهور والثابت عنه كثرة إنفاقه للمال في وجوه الخير، وقد مات وعليه ديون من كثرة ما كان يمنح الناسَ، علماءَهم وعامَّتَهم.
وانظروا كيف كان أعداء الأمير عبد القادر يصفونه!
يقول أحد المؤرّخين الفرنسيين: (( .. كان احتقاره للثروة وعزوفه عن مظاهر البذخ من المظاهر المميزة لشخصيّته)).انتهى [(المقاومة الجزائرية تحت لواء الأمير عبد القادر) لإسماعيل العربي ص218]
ويقول الجنرال بيجو (وهو من ألدّ أعداء الأمير) واصفاً الأمير: (( .. وقبل أن أدخل في الحديث معه، أخذتُ أتأمّل وجهه وكسوته لحظة. إنه شاحب اللون، وصورته قويّة الشبه بالصورة التقليدية المعروفة للمسيح. وعيناه مثل لحيته، كستنائيّة اللون. ومظهره العام يدل على التقوى والخشوع. وهو بعد النظرة الأولى يخفض عينيه ثم لا يحدّق في الأشياء أبداً. وأما كسوته فهي عادية ومستعملة في حدود ثلاثة أرباعها. إنه لمن الواضح أنّ الرجل يلتزم التقشّف والبساطة)).انتهى [المصدر السابق ص160ـ 161].
ومليحة شهدت لها ضرَّاتها ** والفضل ما شهدت به الأعداء
ويقول الكولونيل تشرشل: ((لقد كان عبد القادر معارضًا لكل المصاريف التي تصرف فيما لا فائدة فيه، حتى إنَّ المبلغ الذي اعتاد المسلمون أن يخصصوه للاحتفالات والمهرجانات في أهم الأعياد الدينية، وجَّهه هو إلى أغراض خيرية. ففي مناسبة ختان أحد أبنائه استغرب أهل (بروسة) أنه بدلاً من المسيرة الغالية العادية، مع كل ما تستلزمه من أُبَّهة وبهرجة الفرسان والأعلام والموسيقا، كان هناك جمعٌ من الفقراء مجتمعين أمام منزله يتلقون من يديه هدايا الخبز والملابس والنقود. إنّ هذا كان في عين عبد القادر أفضلَ احتفال بهذه الشعيرة المقدسة)).انتهى [حياة الأمير عبد القادر ص275].
وقد ذكر هذه الحادثة محمد باشا فقال: ((التمس (الأمير) من أعيان البلد (بروسة) أن يقيّدوا له أولاد الفقراء المحتاجين للختان فقيّدوا (يعني كتبوا) نحو الخمسمئة، فأمر بختانهم (مع أبنائه) على نفقته ... وتعجب أهل بروسة لأن من عادة أعيانهم أنهم يحتفلون للختان وسائر الأفراح بضرب الموسيقا والطبول والزمور، والأمير احتفل بكثرة الصدقات والمبرات فترى جماهير الفقراء والمحتاجين حول داره يتناولون أنواع الأطعمة والألبسة والدراهم، وكانوا على كثرتهم يرفعون أصواتهم بالدعاء له، وهو يقول اربعوا على أنفسكم واشكروا الله تعالى)).انتهى [تحفة الزائر 2/ 62]
وأمّا علماء المسلمين الذين ترجموا للأمير، فقد وصفوا شدة كرمه وسخائه وزهده. وسيأتي مزيد من التوضيح لهذه المسألة لاحقاً.إن شاء الله
******************************
قال صاحب (فك الشفرة): ((ورحل الأمير عبد القادر إلى الشرق براتب من الحكومة الفرنسية، وبوعدٍ غير واضحٍ من الإمبراطور الفرنسي بتنصيبه إمبراطوراً على البلاد العربية)).انتهى
أقول: لماذا لا يذكر لنا الكاتب مصادر معلوماته؟
والمعلومة الجديدة هي وعد نابليون بتنصيب الأمير إمبراطوراً على البلاد العربيّة!!
لقد طالعت كثيرًا من الكتب (العربية والأجنبيّة) التي تحدّثت عن قصة تسريح الأمير، وليس في واحد منها هذه المعلومة!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/188)
ومما يُذكر في هذا المقام، أنّ الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث عندما قرر إطلاق سراح الأمير من سجنه، أمر الماريشال "بيجو" أن يكتب للأمير يخبره بأنّ الحكومة الفرنسية كانت تريد أن تطلق سراحه وترسله إلى مكّة حيث يريد، ولكن الأصوات في مجلس العموم أجبرتها على ترك ذلك، وأنه ربما تمضي سنوات عديدة ولا يتيسّر له التوجه إلى المواضع التي طلبها، ثمّ أشار بيجو على الأمير فقال: ((أشير عليك .. أن توطّن نفسك على جعل فرنسا وطنًا لك، فتطلب من الحكومة أن تعطيك أملاكًا جيدة في أرضها ينتج لك منها ما تعيش به كواحد من كبرائها مع مداومتك على أداء وظائفك الدينية كما تريد وبلوغ مرادك في تربية أولادك .... فهذا ما أشير به بحسب حقوق الإنسانية وبالخصوص عليك لِمَا ألمَّ بك من المصائب مع اتصافك بالصفات الحسنة التي وهبها الله لك، راجيًا قبول تحياتي المقدمة مع الإكرام والاحترام.في 28/ 1/1849م))
فأجابه الأمير بقوله: ((لو جمَعَت فرنسا سائرَ أموالها ثمّ خيّرتني بين أخذها وأكون عبدًا، وبين أن أكون حرًّا فقيرًا مُعْدمًا، لاخترت أن أكون حرًّا فقيرًا، فلا تراجعوني بمثل ذلك الخطاب فإنه ليس عندي بعد هذا الخطاب جواب، وإلى الله تُرجعُ الأمور، وبيده كشْفُ هذا الديْجور)).انتهى [تحفة الزائر 2/ 26ـ27]، (وكان عمر الأمير في حينها 41 عامًا!)
وما ترويه كتب السياسة المعاصرة هو أنّ الدولة العثمانية لمّا توالت هزائمها أمام روسيا وغيرها، وبدأ الوهن والضعف في حكمها وسقط كثير من الأقطار التي كانت تحت سلطتها (ومنها الجزائر)، قامت في بلاد الشام طليعة من دعاة الاستقلال وبحثوا مصير سورية، وعقدوا المؤتمرات السريّة في دمشق سنة 1877م (وكان عُمر الأمير في حينها 72 عاماً!) واقترحوا فصل البلاد عن الدولة العثمانية، وتنصيب الأمير عبد القادر مليكاً عليها، لأنهم وجدوا فيه الحلّ الأمثل للوضع البائس الذي كانت عليه البلاد، لما يتمتّع به الأمير من هيبة واحترام عند العثمانيين والعرب على حدٍّ سواء! وعندما عرضوا على الأمير هذا الموضوع لم يتحمّس له، ولم يرفضه، ولكنّه نصح أن يظلّ الارتباط الروحي بين البلاد الشاميّة والخلافة العثمانية قائماً، وأن يبقى السلطان العثماني سلطاناً على الشام أيضاً.
وأمّا المشروع الفرنسي الجديد الذي ظهر سنة 1870م!!! والذي كان يرمي إلى إنشاء إمبراطوريّة عربيّة تمتد من شمالي بلاد الشام حتى قطاع عكّا يرأسها الأمير عبد القادر، فقد رفضه الأمير بشدّة!
وهذا معروف عند المتابعين لتلك الشؤون في ذلك الوقت.
لقد رفض الأمير عبد القادر هذا المشروع لأنّه مطلب فرنسي استعماري. وبعد سبع سنوات، عندما ظهر المشروع العربي القومي تردّد في قبوله، كان عدم تحمّس الأمير لهذا الأمر ناشئاً عن احترامه لمبدأ الخلافة الإسلاميّة. ثم جاء مؤتمر برلين وتولّى عبد الحميد الخلافة وأصبح سلطاناً فتأخّر الحلّ العربي.
أما علماء المسلمين المتابعون لشؤون الأمير، أمثال الشيخ عبد الرزاق البيطار، وجمال الدين القاسمي، وأديب الحصني، وجميل الشطي، وأمثالهم فلم يذكروا شيئاً عن ذلك أبداً. حتى إنّ السياسي الكبير والمؤرخ المخضرم الأمير شكيب أرسلان صاحب الاطلاع الكبير وشبكة المعارف الواسعة،لم يشر إلى شيء من ذلك عند ترجمته للأمير في حاضر العالم الإسلامي!!
ولكي أزيل اللبس أقول مختصرًا ما قاله المؤرّخون لتلك الحقبة:
عندما خُلِّي سبيل الأمير عبد القادر كانت الدولة العثمانية مقطّعة الأوصال، وبدأت تخسر ممالكها الواحدة تلو الأخرى، وأصبح السلطان العثماني مضطراً إلى التساهل مع الدول الأوربيّة والخضوع للكثير من رغباتها، وفي الوقت نفسه كثُر المفتونون بأوربا وأنظمتها ضمن رجالات السلطان المتنفّذين وكانوا من المعادين للحكم الإسلامي، كما قويت الدعوات القوميّة والعصبيّة التركية، وزاد النفوذ اليهودي في الدولة، وزاد اتفاق الدول الأوربيّة على ضرورة الإجهاز على الدولة العثمانية، هذا إضافةً إلى تردي الأحوال المعيشية في بلاد الشام وشدّة جَور الولاة على الناس، وظهور الحروب الطائفيّة، ثمّ انتصار الروس على الدولة العثمانية. في هذه الأجواء عقد زعماء بلاد الشام مؤتمر دمشق السري للنظر في استقلالها عن العثمانيين، واجتمع رأيهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/189)
على تنصيب الأمير عبد القادر أميراً عليها: ((ورأوا فيه أملهم الوحيد، لأنه الشخصية التي تستطيع إقناع الأتراك بحق العرب في الاستقلال، وهو الذي يمكن أن تتفق عليه كلمة الدول الأوربيّة ذات المصالح المتصارعة في المنطقة بعد ما قام به أثناء الفتنة، وفوق كل ذلك فهو المجاهد ذو النسب الشريف والعالم ذو المقام الرفيع والمحايد الذي يمكن أن تهابه وتنضوي تحت لوائه مختلف الطوائف والملل والعشائر في المنطقة)).انتهى [مقدمة "حياة الأمير عبد القادر" لسعد الله ص26]
ومع ذلك لم يتحمّس الأمير لذلك، وما هي إلاّ أيام ويتسلّم السلطان عبد الحميد الثاني الخلافة وبدأ يبطش بكل من يدعو إلى اعتماد الفكر الغربي، واهتمّ بالجيش وقَوَّى مركز الخلافة، وأخذ يدعو للجامعة الإسلامية، فعندها ارتاح الأمير واطمأن وصار يرفض أي عرض له بتسلُّم الحكم إلى أن مات. [وقد عاصر الأمير خلال وجوده في الشرق أربعة من الخلفاء العثمانيين هم: عبد المجيد وعبد العزيز ومراد الخامس وعبد الحميد الثاني]
هذا الذي أقول هو كلام شديد الاختصار لأنّ الحديث عن تلك الحقبة يقتضي وقتاً طويلاً وليس محل بحثنا الآن،
ولكن إليكم بعض النقول التاريخيّة للاستئناس؛ جاء في كتاب"التاريخ الإسلامي" للأستاذ محمود شاكر 8/ 185: ((ومن الذين فُتنوا بأوربا وأفكارها رجال كان لهم دور خطير في الدولة أمثال أحمد مدحت باشا رئيس مجلس الدولة، وصاحب اليد الأولى في خلع الخليفة عبد العزيز وقتله، وفي خلع الخليفة مراد الخامس. وهؤلاء المفتونون كانوا بعيدين عن معرفة الإسلام، لذا كانوا يتّهمون الخلفاء بالحكم المطلق، ويُطالبون بوضع دستور للدولة إذ يريدون أن تكون على نمط الدول الأوربيّة النصرانية، وأن يكون دستورها من وضع البشر بالشكل الذي عليه الدساتير الأوربيّة، ولا يقبلون أن يكون القرآن الكريم (كتاب الله) دستور الأمّة، وهو الذي يحدّ من تصرفات الخليفة وصلاحياته، وما ذلك إلاّ عِداءً للإسلام، وانبهاراً بالحياة الأوربيّة، وانهزاماً نفسياً، وتحقيقاً للشهوات والأهواء الذاتية.
وزاد النفوذ اليهودي في الدولة مع أطماع اليهود، ومع تَسَلُّم يهود الدونمة عدداً من المراكز الرئيسيّة، وقد نسيَ الناسُ أصلَهم وحقيقتهم، وطبيعة اليهود، إذ أظهروا الإسلام وعاشوا مع أبنائه واختلطوا بهم، يؤدّون الصلاة أمامهم بل يُؤدّون الحج ..
وزاد اتفاق الدول الأوربيّة على الإجهاز على حياة الرجل المريض، إذ كانوا يطلقون هذا اللقب على الدولة العثمانية، وإن ظهرت الاختلافات بين تلك الدول، فظهرت روسيا من جهة، والدول الأخرى من جهة ثانية.
في وسط هذه التيارات والأمواج المتلاطمة تسلّم عبد الحميد الثاني الخلافة .. )).انتهى
ويقول الدكتور أبو القاسم سعد الله: ((وإذا صدقنا ما جاء في كتاب "سطور من رسالة" فإنّ الأمير كان لا يرفض الدعوة التي تجعل منه رأسًا للحركة ولكنه كان يرى أنّ الوقت لم يحن بعد وأن الفكرة في حاجة إلى نضج، ... ولا ندري إن كان الأمير جسّ نبض الموضوع مع السلطات العثمانية وممثلي الدول الأجنبية في المنطقة قبل اتخاذ موقف نهائي. ومهما يكن الأمر فإن الدولة العثمانية قد دخلت من جديد في حرب مع اليونان، وجاء مؤتمر برلين (1878) وتولى السلطنة عبد الحميد الثاني (1876)، وتقدمت السن بالأمير، فتجمّد المشروع مؤقتاً)). انتهى [مقدمة (حياة الأمير عبد القادر) ص27]
ومرّ معنا سابقاً ما قاله الأستاذ سعد الله: (( .. وأخذ سلاطين آل عثمان " يُنظّمون" دولتهم المتداعية فإذا الإصلاحاتُ مفاسدٌ، وإذا الأعداءُ هم المصلحون جالسين يملون على (السلطان) محمود وعبد المجيد وعبد العزيز وأنور (باشا) ومصطفى أتاتورك ما عليهم أن يفعلوا وما عليهم أن يتركوا)).انتهى
إذن المؤرخون المتخصصون لا يستطيعون الجزم في تصورهم لحقيقة الأحداث، وإنما تعاملوا مع المعلومات الواردة بإنصاف وحذر! فليتنا نقتدي بهم.
ـ وأما قول الكاتب أنّ الأمير توقف في اسطنبول ثم استقر في الشام، فيحتاج إلى توضيح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/190)
لأنّ الاتفاقيّة التي تمت بين نابليون الثالث والسلطان العثماني تقضي بإقامة الأمير في مدينة (بروسة)! إذن الأمير سيسافر من فرنسا إلى الحاضرة العثمانية ليستقر في بروسة، وكان السلطان قد خصص للأمير داراً كبيرة هناك (على جهة التمليك) مع مخصصات مالية، إلاّ أنّ السلطان رأى أنّه من الأفضل أن ينتقل الأمير عبد القادر إلى الشام كي يساعده في تحسين الأوضاع هناك!، فتشاور السلطان مع نابليون، وتعلل بأن الأمير لم يطب له المقام في بروسة بسبب كثرة الزلازل، فوافق نابليون على انتقال الأمير إلى دمشق.
وقد نظم الأمير قصيدة جميلة يبيّن فيها حزنه على مفارقة مدينة بروسة التي عاش فيها ثلاث سنوات وله فيها أطيب الذكريات فقال:
أبى القلبُ أن ينسى المعاهد من بُرْسا * * وحبّي لها؛ بين الجوانح، قد أرسى
أكلّفه سلوانها، وهو مغرمٌ * * فهيهات! أن يسلو وهيهات! أن ينسى
تباعدتُ عنها؛ ويحَ قلبي! بعدها ** وخلّفتها، والقلبُ،خلفي، بها أمسى
بلادٌ لها فضلٌ على كل بلدة ** سوى، مَن يشدّ الزائرون، لها الحِلسا
عليَّ محالٌ بلدةً غيرها، أرى * * بها الدين، والدنيا، طهورًا ولا نجسا
وجامعها المشهور؛ لم يك مثله * * به العلم مغروسٌ. به كم ترى درسا
سقى الله غيثًا، رحمةً وكرامةً * * أراضٍ، بها حلَّ الأحبّة، من بُرْسا
[نزهة الخاطر في قريض الأمير عبد القادر ص33]
وقد منح السلطانُ الأميرَ ألف كيس ذهبي عوضاً عن داره التي تركها في بروسة.
أمّا الراتب السنوي الذي خصصه نابليون للأمير فهو تعويض عن الإساءة التي تعرّض لها الأمير بخيانة الحكومة الفرنسية لعهودها معه، وتعويض عن أملاك أسرته التي صادرتها الحكومة الفرنسية في الجزائر، ومنعتهم من حق العودة إلى الجزائر، والأمير كان مضطراً إلى الإنفاق على أسرته كلها وعلى الجالية التي كانت معه، وكان هذا الراتب قد اتفق عليه السلطان العثماني مع نابليون ورضي نابليون بدفع هذه الأموال في مقابل أن يتكفّل السلطان ببقاء الأمير في المشرق وعدم عودته إلى الجزائر. والأموال التي تفرضها الدول الغربية تعويضاً عن إساءة صدرت منها تجاه أي شخص أمرٌ معروف.
ثمّ إنّ السلطان العثماني عندما عرض على الأمير عبد القادر أن يخصص له من بيت مال المسلمين مرتبًا شهريًا يفي بحاجته وحاجات من معه، رأى الأمير باجتهاده أنه من الأفضل أن يقبل المرتب الذي خصصته الحكومة الفرنسية ليوفّر مالَ خزينة المسلمين. وهذا أحد الأسباب التي دفعت الأمير للقبول بالتعويض المالي من فرنسة.
يقول محمد باشا:"ولأول وصول الأمير إلى بروسة عرضَ عليه واليها بإذن السلطنة العظمى تعيين مرتب شهري يقوم بشؤونه، فسُرَّ الأمير بذلك ودعا للدولة العليّة وشكرها على اهتمامها بأمره الشكرَ الجزيل، ثم قال له إن الإمبراطور نابليون عيّن لي من النقود ما يكفي من النّفقة، وأمّا مولانا السلطان المعظّم فقد تفضّل علينا بما هو أعظم من الدنيا بما فيها وهو تنازل عظمته وإنعامه عليَّ بالكفالة عند الدولة الفرنساوية وهذه الكفالة هي السبب الأقوى في حياتنا الجديدة ولولاها ما خرجنا من قبضة الأسر، وهذا الإنعام لا يوازيه شيءٌ ولا يقابله شكرٌ".انتهى [تحفة الزائر 2/ 54]
فلو كان الأمير يحب المال وجمع الثروة كما يتهمه البعض لما وقف هذا الموقف الذي لم نسمع بمثله إلاّ في النادر من الرجال على مرّ العصور.
على كل حال الحديث عن الحالة المادية للأمير سيأتي في حلقة قادمة إن شاء الله.
والحمد لله ربِّ العالمين
خلدون بن مكِّي الحسني
للبحث صِلَة إن شاء الله
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[09 - 07 - 08, 04:04 م]ـ
الحمد لله رب العالمين ...
أخي الكريم خزانة الأدب وفقه الله وسدد خطاه.
قد أوافقك أخي الكريم على بعض الجزئيات التي تذكرها، كما قد أخالفك في بعضها كذلك، وحيث إن مشاركتك الأخيرة تمثل نوعاً ما تلخيصاً لاعتراضاتك فإنني أتمنى أن تنظر فيما يلي:
= لا شك أننا جميعاً -أخي الكريم- نتفق على أن الأصل فيمن ظاهره الإسلام هو البراءة من كل ما يخالف عقيدة الإسلام من قول أو فعل أو اعتقاد ولا يُنتقَل في الحكم عليه عن هذا الأصل الثابت بيقين إلا بيقين، فالآن:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/191)
إذا ثبت أن الأصل في الأمير أنه مسلم ولم يثبت عند الدكتور خلدون حفظه الله دليل يقيني على إتيانه بما يخالف ذلك فإنه عندما يأتي بكلام تشرشل أو غيره لا يأتي به مستدلاً بل مستأنساً لأنه يستصحب البراءة الأصلية، فليس بحاجة للكلام عن السند أو العدالة أو الترجمة وغير ذلك، وهذا الصنيع أخي الكريم من باب تكثير الحجج وليس بغريب؛ فمن أهل العلم من يقول في معرض نفي التهمة عن يوسف عليه السلام إن ممن شهد له بالبراءة كذلك إبليس حيث قال: {إلا عبادك منهم المخلصين}، ولم أسمع أن أحداً من العلماء اعترض على ذلك رغم أن هذا عند المخالف الذي يرميه عليه السلام لا يصلح أن يكون دليلاً، وأنت لو تأملت صنيع أهل العلم حيث يقول الواحد منهم: والرد على ذلك من أربعين وجهاً -مثلاً- ستجد أحياناً بعض هذه الوجوه لا تنهض كأدلة مستقلة، ولكنه كما قلت من باب تكثير الحجج وتقوية القول.
أما عندما يجد الدكتور في الشبه التي يرد عليها ما ينقل عن البراءة الأصلية فلا بد أن يكون هذا الناقل عن البراءة دليلاً صحيحاً فكلامه وفقه الله عن السند والمتن وصحة نسبة الكتب وصحة الترجمة وغير ذلك متوجه هنا ولا يناقض تصرفه حيال كلام تشرشل وغيره، للفرق بين الأمرين.
= على الطرف الآخر فإن من يرمي الأمير بالحلول والاتحاد وغير ذلك مما يخرج من الإسلام عليه أن يأتي بدليل يقيني، ولا يخفى أن من احتمل كلامه الكفر من تسعة وتسعين باباً واحتمل الإيمان من باب فإنه لا يحكم عليه بكفر، ومعلوم أن الحدود تدرأ بالشبهات، فإذا كان في كتاب المواقف أو غيره ما قد يفهم منه القول بالحلول وفيه أو في غيره التصريح بما ينفي ذلك فإن الدكتور يطلب ممن صحت عنده نسبة الكتاب ألا يأخذ منه شيئاً ويدع غيره وألا يأخذ بالمفهوم والمظنون ويدع ما صرح به الأمير، هذا على فرض أن ما يدل على الحلول إنما هو مفهوم قول الأمير فحسب.
وأنا في هذه النقطة أؤيد الأستاذ الفاضل محمد المبارك في أن نسبة الكتاب ينبغي أن تحرر ليعلم هل يصح الاستدلال به للأمير أو عليه أم لا، كما أنني أوافقك وأخالف الدكتور في قوله إنه يمكن الاحتجاج على من يصحح نسبة المواقف بما فيه مما ينفي الحلول بينما ما فيه مما يثبته إن وجد -وأرجو التنبه لهذا الشرط كي لا يظن التناقض مع ما سبق- لا يمكن الاحتجاج به على الدكتور لأنه لا يصحح نسبته، لأن أقل ما يقال: إن هذا الكلام لا يرد الشبهة التي يريد الدكتور وفقه الله ردها عند من يصحح نسبة الكتاب، وهذا مخالف لمراد الدكتور من موضوعه.
= أما قولك أخي الكريم أن الكلام ينبغي أن يكون في نقطتين وأن ما عداهما ابتعاد عن صلب الموضوع وتفريع وغير ذلك، فهذا الموضوع أخي الكريم موضوع الدكتور ولا شك أن له وجهة نظره فيما يعرضه، وإذا رأى أن هناك عشر شبهات -مثلاً- يريد الرد عليها فليس لي أو لك أن نعترض أو نفرض عليه مناقشة شبهات بعينها من هذه العشر، ولكن إن لم نكن نهتم ببعض ما يورده فليس لنا سوى الانتظار ريثما يعرض ما نراه مهماً.
= إذا وافقتني على النقطة السابقة فإن ما تناوله الدكتور من مسألة حرق الكتب مسألة رئيسة وليست فرعية عنده، وربما أنها كذلك عند كثيرين -أنا واحد منهم- بل رغم أنها ليست رئيسة عندك إلا أنها أخذت كثيراً من كلامك ونقاشك لكلام الدكتور حتى أن اهتمامك بها استمر إلى مشاركتك الأخيرة.
فأنا الآن أخي الكريم أسألك: هل صح عندك أن الأمير قام بجمع وإحراق كتب الرد على ابن عربي؟
إن قلت نعم، فما هو دليلك؟
إن قلتَ: ما ذكره الشيخ محمد نصيف رحمه الله لا غير، أقول لك فلننظر في هذا الدليل:
الشيخ رحمه الله ثقة -لا ريب في ذلك- وهو يروي عن سائح تركي اسمه ولي هاشم فهل تعرف هذا السائح؟
إن قلتَ: نعم.
قلتُ لك: عرفنا به وبحاله لننظر فيها ولتوفر على الدكتور ما طالبته به ولتوفر على القراء كذلك، أما إن قلت لا فكيف تستدل بهذه القصة إذاً؟!
أخي الكريم إنني أختلف مع الدكتور الكريم خلدون ومع الأخ الكريم الجيرودي فالسائح التركي ليس مجهول الحال، وأختلف معك كذلك فليس بمستور الحال، لكنه بالنسبة للقراء حتى هذه اللحظة مجهول العين كذلك!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/192)
فلا ترتفع جهالة الراوي إلا برواية اثنين مشهورين، وفي التدريب للسيوطي رحمه الله: " [ثمَّ من روى عنه عَدْلان عيَّناهُ, ارتفعت جَهَالة عينه. قال الخَطِيب] في «الكِفَاية» وغيرها: [المَجْهُول عند أهل الحديث من لم يَعْرفه العُلماء] ولم يشتهر بطلب العلم في نفسه [ولا يُعرف حديثه إلاَّ من جهة] راو [واحد, وأقل ما يرفع الجَهَالة] عنهُ [رِوَاية اثْنين مَشْهورين] فأكثر عنه, وإن لم يَثبت له بذلك حُكم العدالة."ا. هـ
ونحن حتى اللحظة لا نعلم من روى عن السائح التركي سوى الشيخ نصيف رحمه الله وهو على شهرته واحد، فهذا السائح مجهول العين فضلاً عن الحال، فأنى لي أو لك أن نقبل قصة هذه حالها؟
أخي الكريم .. إن كلام الدكتور عن سند هذه القصة ومتنها هو أقوى حججه في نفيها وليس في القصة أن السائح -لو ثبتت عدالته- رأى بعينه ما يشهد به من إحراق الكتب، وليس فيها أنه سمع القصة من ثقة شهد الحادثة، ولو لم يكن من حجج الدكتور في نفيها سوى ذلك لكفى فكيف وقد ذكر غيرها من الحجج -حول متنها- التي لم ترد على بعضها رغم أنه ظاهر القوة مثل:
• تفرد السائح بهذه القصة دون كل من ترجم للأمير من عدو أو صديق هذا رغم أنها قصة غير عادية تتوافر الهمم والدواعي لنقلها.
• وكذلك: ما هي هذه الكتب التي أحرقت مخطوطاتها، ما أسماؤها وأين ذكرت؟
بقي الآن ما يتعلق بطلبك من الدكتور خلدون أن يبحث ويسأل عن هذا السائح حيث قلت له سابقاً:
أنا طالبتك باتباع المنهج التاريخي ما دام أنك تريد تصحيح التاريخ، فتقول لنا: بحثت في كل مكان - ولا سيما في تركيا - عن السائح التركي المذكور فلم أجد أحداً يعرفه!
فيا أخي الكريم -بارك الله فيك- نحن سمعنا عن رحلة العلماء منذ عهد الصحابة لطلب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنني شخصياً لم أسمع عن رحلة العلماء للتعرف على أحوال الرجال، بمعنى أنني لم أسمع أن عالماً جاءته رواية -لحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم- في سندها رجل لا يعرفه فرحل لبلده للسؤال عنه وعن حاله، لكنه يقول فيه فلان ولا أعرفه -مثلاً- ثم قد يقرأ غيره كلامه فيقول لكن عرفه فلان وفلان ممن ذكروا ترجمة هذا الراوي.
مقصودي من الكلام أن الدكتور خلدون وغيره ممن يتصدى لتصحيح التاريخ كما قلتَ لو فعل ما تطلبه منه مع كل رواية حالها كحال رواية السائح التركي لأفنى عمره قبل أن يصل إلى حقيقة بضع حوادث.
فالخلاصة أخي الكريم: السائح التركي مجهول عند الدكتور فحكم على روايته بناء على ذلك، وليس مطالباً بالبحث عن هذا الرجل، ولكن على من يخالفه ويصحح هذه الرواية -ولست أعنيك شخصياً- أن يبين لنا سبب تصحيحه لها، وليس من هذه الأسباب المقبولة ما تفضلت به من أن هذه الرواية توافق ما هو معلوم عن الأمير من تصوف وميل لابن عربي، فلا يلزم من ذلك ثبوت القصة.
أخي الكريم إن انتقاد هذه القصة وتخطئة الدكتور خلدون للشيخ نصيف رحمه الله في قبولها شيء وكونه يتهمه بالكذب شيء آخر -بارك الله فيك- وهو أمر لم يثبت في كلام الدكتور ولم تأت عليه بدليل، فإن أغضبك بعض ما ذكره من نقد للشيخ رحمه الله فرد عليه ولكن دون أن تتهم الدكتور بلا دليل.
لكن الثابت أنه اتهم السائح بالكذب والافتراء واستغرب أن يقبل الشيخ كلامه، وأنا في الحقيقة لا أوافق الدكتور على اتهام السائح فربما أنه سمع بذلك عن غيره وربما وهم وربما وربما ... فنحسن الظن به إن شاء الله، وحسن ظننا به شيء، وثبوت القصة شيء، والرد على الشيخ نصيف رحمه الله شيء آخر.
= أما قولك إن تصوف الأمير عندك من البديهيات:
فلا يخفى عليك أن الكلام ليس عن التصوف بإطلاق بل عن القول بالحلول والاتحاد وليس هذا قول كل الصوفية؛ لا الصوفية السنية ولا الصوفية البدعية، بل هو قول الصوفية الفلسفية.
الأمر الثاني .. كيف يكون عندك من البديهيات والأمور البديهية إنما تعلم بدون نظر وإعمال فكر؟!
أخيراً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/193)
= لم أعرف -أخي الكريم- مرادك من التعليق على العبارة المنسوبة للزركلي رحمه الله، لكن حيث إن الأخ الكريم ابن جفيل نسبها له، وقلت أنت إنه مستقر في ذهنك أنها له وأنك بحثت فلم تجدها، ومن ثم تتساءل أين قرأتها، فإنني أخشى أن تكون والأخ الكريم قد قرأتما مقالةً فيها نسبة هذا الكلام نسبة خاطئة للإعلام فنقله الأخ من المقالة بينما استقر الأمر في ذهنك، وهذا -إن صح- يعطي لدافع الدكتور لنشر الردود زخماً وقوة إذ يُظهر كيف يمكن أن تتناقل مثل هذه المعلومات الخاطئة بحيث تستقر في أذهان القراء حتى إنها لتصير قريبة من البديهيات،،،، والله أعلم.
وفقني الله وإياك والجميع لما يحب ويرضى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[10 - 07 - 08, 01:47 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الخامسة
بدايةً أريد أن أنبّه الأخ محمد المبارك، والإخوة القرّاء إلى موضوع هام في هذا المقام: لقد أُنشِأت في الدول الكبرى كالاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية وأوربا وزارة اسمها (وزارة الحقيقة) هدفها غسل الأدمغة وتشويه الحقيقة وإعادة كتابة التاريخ وفق ما يناسب توجهاتها السياسية والثقافية. ومما قاله أحد المؤسسين لهذه الفكرة:"الخطوة الأولى في تصْفِيَة شعبٍ ما: هي أن تمسح ذاكرته. دمّر كُتُبَه، وثقافَتَه، وتاريخه، ثم اجعلْ شخصًا ما يكتبُ كتُبًا جديدة، واصنع ثقافة جديدة، واخترع تاريخًا جديدًا. ولن يمرَّ وقتٌ طويل حتى تبدأ الأمّة بنسيان ماذا تكون وماذا كانت".انتهى [من كتاب (موت الغرب) لـ باتريك بوكانان؛ عن مجلّة الحرس الوطني العدد 256 شعبان 1424هـ]
********
والآن نصل إلى العنوان العريض الذي وضعه الأخ محمد المبارك صاحب (فك الشفرة): (التحول الكبير في حياة الأمير)
وشرح هذا العنوان في أسطر قليلة بدأها بقوله: ((لم تُحيِّرني شخصية مثل شخصية الأمير عبد القادر الجزائري، فهذا الأسد الهزبر و الفارس الضرغام نجده يتحول بعد مجيئه من فرنسا إلى خادم مطيع و مريد متحمس للدولة الفرنسية و إلى كل ما يمت إلى الفرنسيين بِصِلة)).انتهى
هذه والله كبيرة!! من أين للكاتب أن الأمير تحوّل إلى خادم مطيع ومريد متحمس لفرنسا وإلى كل ما يمت إلى الفرنسيين بصلة؟!! ما هي مصادرك؟ وأين هي مراجعك؟ وكيف طاوعتك يدك في خطّ هذا الكلام؟! أهكذا يكون أدب الكلام مع أحد أكبر الشخصيات الإسلامية المجاهدة في العصر القريب؟!
من أين أتيت بهذا الوصف وهذا التحليل؟! وما هي الخدمات التي قدّمها الأمير لفرنسا وللفرنسيين؟ ليت الكاتب أشار إلى بعضها على الأقل! ليبيّن لنا على ماذا اعتمد في تشنيعه وطعنه بالأمير عبد القادر!
أما إلقاء الكلام هكذا وعلى عواهنه والتشهير بعظماء الأمّة بالتشهي، فهذا غير مقبول ولا نرضاه لكاتب المقال.
ثم بدأ الكاتب يعلل أسباب التحول المزعوم للأمير. فقال إنّ الأسباب التي تقف وراء ذلك هي أنّ الفرنسيين عرفوا كيف يخاطبونه وهم الذين تعرّفوا إلى الشخصيّة الشرقيّة جيداً بعد دخولهم إلى مصر!!! والأمر الآخر أنّ الأمير كان ذا ثقافة واطلاع واسعين، وهو من أهل الذكاء ودقّة المشاهدة. لذلك استطاع الفرنسيون أن يقلبوا كيان الأمير ويؤثّروا على عقله الراجح!! هكذا زعم.
وأقول: إذا كان الفرنسيون قد تعرَّفوا الشخصية الشرقية جيدًا في مصر فما دخل ذلك بالشخصيّة المغربية الجزائريّة؟! وكلنا يعلم الفوارق الشخصيّة بين أهل مصر وأهل الجزائر، ولا يمكن أن يقال إن التعامل مع كلتا الشخصيتين واحد. أو أن التخاطب معهما يكون بالطريقة نفسها.
ثمّ إذا كان تمتّع الشخص بالذكاء ودقة المشاهدة والاطلاع الواسع والثقافة الغزيرة يجعله عرضة للوقوع في فخّ المستشرقين، فما حال قليل العلم والبليد ومنعدم الثقافة والغبي؟!
أيها الإخوة ما الداعي لكل سوء الظن هذا، والكاتب أمام شخصيّة مسلمة قادت شعبها إلى الجهاد والعزّة.
ثمّ يضعنا الأخ كاتب (فك الشيفرة) أمام إحدى تحليلاته لسبب تحوّل الأمير من مجاهد إلى خادم (حسب زعمه)!
وهي قوله: ((ذلك البغض الشديد للدولة العثمانيّة)).انتهى
وأقول: البغض والحب صفتان قلبيتان لا يمكن الاطلاع عليهما إلاّ إذا صرّح صاحبهما بما في قلبه.
فمن أين للكاتب هذا الادّعاء؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/194)
إنّ الأمر الثابت أنّ الجزائريين (والأمير واحد منهم) كانوا ساخطين على الولاة الأتراك في الجزائر (الدايات والبايات) وذلك بسبب ظلمهم وتسلّطهم وتفريطهم بحق الرّعية، وإطلاق يد التجار اليهود في الجزائر، بل وتسليم الكثير منهم مناصب في الدولة. ولكنهم لم يكونوا ساخطين على الخليفة العثماني!!! ونحن نعلم أن الذريعة التي اتخذها الفرنسيون لغزو الجزائر هي لطم الداي حسين القنصلَ الفرنسي على وجهه [والذين حرّضوا الداي على ذلك هم تجار اليهود الذين يريدون الحصول على ديونهم ورباها من الحكومة الفرنسية]، وبعد وصول الأسطول الفرنسي وتغطرس الداي حسين بنفسه وغروره بقوته سقطت مدينة الجزائر بسهولة وسلّم الداي التركي نفسه، وجمع أهله وأمواله وغادر الجزائر وتركها للفرنسيين، وكذلك فعل الباي حسن والي وهران.
(وهنا يجب أن يتنبّه الجميع لأمر هام جدًا وهو أنّ الذريعة التي احتجّ بها الفرنسيون هي لطم الداي حسين لقنصل فرنسا، وهاهو يستسلم لهم فيتركونه يجمع أهله وأمواله ويُغادر الجزائر بسلام! في حين استمرت الجيوش الفرنسية بالتوغل في أراضي الجزائر واحتلالها. وفي هذا أكبر دليل على أنّ نية الاحتلال كانت مُبيّتة من قبل والاستعداد لها كان قبل حادثة اللطم وإنما كانت فرنسا تتحين الظروف).
فماذا يريد الكاتب من الشعب الجزائري أن يفعل؟ ولو رجع الكاتب إلى أوّل مقاله لوجد نفسه يذكر سبب التفاف الشعب حول والد الأمير. وإليكم ما ذكره الكاتب: ((ولم يمض وقت طويل حتى تعرضت الجزائر لحملة عسكرية فرنسية شرسة، وتمكنت فرنسا من احتلال العاصمة فعلاً في 5 يوليو 1830م، واستسلم الحاكم العثماني سريعًا، ولكن الشعب الجزائري كان له رأي آخر.
المبايعة: فرّق الشقاق بين الزعماء كلمة الشعب، وبحث أهالي وعلماء "وهران" عن زعيم يأخذ اللواء ويبايعون على الجهاد تحت قيادته، واستقر الرأي على "محيي الدين الحسني" شيخ الطريقة القادرية في وقته، ووالد الأمير عبد القادر،وعرضوا عليه الأمر، ولكن الرجل اعتذر عن الإمارة إلاَّ أنَّه قبل قيادة الجهاد. فأرسلوا إلى صاحب المغرب الأقصى ليكونوا تحت إمارته، فقبل السلطان "عبد الرحمن بن هشام" سلطان المغرب، وأرسل ابن عمه "علي بن سليمان" ليكون أميرًا على وهران)).انتهى
ويقول الأستاذ الدكتور سعد الله: ((أمّا سلاطين المسلمين فقد رأينا أن بني عثمان كانوا في غفلة من الزمان، لم يبق لهم من الإسلام إلا الشعارات والطقوس والظلال، ولم يبق لهم من لغة القرآن إلا العبارات الدينية التي تقال في المناسبات، بل لم يبق لهم من القوة إلاّ قوة التآمر على بعضهم البعض وقوة الاستبداد بالمسلمين وقوة الحريم والمَحْظيّات الأوربيات. فمن أين لهم نجدة عبد القادر بن محيي الدين ولم ينجدوا حتى غرقاهم في (نفارينو)؟! ([1] ( http://majles.alukah.net/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=124823#_ftn1)) ثم كيف ينجدونه وقد أعلن أنّه عربي هاشمي وشريفٌ من آل البيت، ولم يطلب منهم لقبًا أو قفطانًا؟ ألم يَذُقْ شعبُه ووالده وهو شخصيًا من ممثلي أولئك السلاطين في بلاده أنكى المعاملات وأقسى الإهانات؟)).انتهى [الحركة الوطنية ص275]
فماذا يريد الكاتب من الأمير أن يفعل؟ السلطان العثماني لم يتحرك لمساعدة الجزائر، والوالي العثماني سلّم المدينة وهرب، ودبّ الشقاق بين الناس وبدأت الفوضى، والشعب اجتمعت كلمته على واحد منهم ليقود فرض العين (جهاد الصليبيين الغزاة) والسيد محيي الدين رفض القبول بالبيعة احترامًا للخليفة العثماني ولسلطان المغرب، وحتى لا يفرّق شمل المقاومة الجزائريّة اقترح مبايعة سلطان المغرب، لأنّه أقرب جهة إسلامية حاكمة منهم، وبعد إخفاق كل تلك المحاولات ماذا يفعلون؟ الواجب الشرعي يحتّمُ تأْميرَ رجل عليهم ليقودهم ويوحّد كلمتهم، وهذا كان بمشورة كل أهل العلم في تلك النواحي ووقع اختيارهم على شخص الأمير عبد القادر، فهل هذا دليل على البغض الشديد للدولة العثمانية كما يقول الأخ الكاتب؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/195)
وقد أثبت د. عبد الجليل التميمي في كتابه (بحوث ووثائق في التاريخ المغربي) المراسلات التي جرت بين الأمير عبد القادر وبين السلطان العثماني عبد المجيد، والصدر الأعظم، والتي شرح فيها الأمير لهما وضع البلاد، والنكبات المتوالية التي يُلحقها جيش الاحتلال الفرنسي بها، ثم طلب منهما المساعدة والتأييد، والدعم العسكري والسياسي. [انظر الكتاب المذكور ص195 ـ 199؛ نقلاً عن كتاب مع تاريخ الجزائر للدكتور يحيى بو عزيز]، كما أثبت هذه المراسلات غيره من المؤرخين، ولكنني تعمدت إيراد النقل عن التميمي بالذات لأنّ كاتب (فك الشيفرة) يعتمد عليه في بعض التهم التي يوجهها إلى الأمير.
وإليكم نص البيعة الذي حرّره العالم الجزائري الشهير محمود بن حوّا المجاهري. جاء في النص بعد الديباجة: ((لمّا انقرضت الحكومة الجزائريّة من سائر المغرب الأوسط واستولى العدو على مدينة الجزائر ومدينة وهران، وطمحتْ نفسُهُ العاتية إلى الاستيلاء على السهول والجبال، والفدافد والتلال، وصار الناسُ في هرج ومرج وحيص وبيص ... قام مَنْ وفّقهم الله للهداية من رؤساء القبائل وكبرائها وصناديدها وزعمائها، فتفاوضوا في نصب إمامٍ يُبايعونه على الكتاب والسنّة فلم يجدوا لذلك المنصب الجليل إلاّ ذا النسب الطاهر، والكمال الباهر، ابن مولانا السيد محيي الدين، فبايعوه على كتاب الله العظيم وسنّة نبيّه الكريم)).انتهى [(المقاومة الجزائرية) لإسماعيل العربي ص43]
وكما هو ثابت في جميع المراجع فإن الأمير عبد القادر كان منذ اللحظة الأولى من تسلّمه لراية الإمارة والجهاد وإلى آخر أيامه على اتصال مستمر مع الخليفة العثماني، وهذه قصائد الأمير تتوالى في مدح الخليفة العثماني ورسائله إليه معروفة مشهورة وعندما أُفرج عن الأمير سافر إلى الآستانة، ونزل تحت حكم السلطان والخليفة الذي كَفِلَه، فأين ذلك البغض المتوهّم في ذهن الكاتب؟!
كان ينبغي على الأخ محمد المبارك أن يُفرّق بين استياء الشعب من الوُلاة المتخاذلين وبين بغضهم للخلافة العثمانيّة.
ثم هل إذا كان الأمير لا يحب العثمانيين ـ بزعم الكاتب ـ يجعله يتحوّل من مجاهد للفرنسيين مدّة 17سنة أذاقهم فيها الويلات ونكّس أعلامهم ورؤسهم وتكسّرت عصا الماريشالية الفرنسية عشرات المرّات بسببه، إلى خادم للفرنسيين!!! والله هذا قولٌ عجيب!!!
والله تعالى يقول: {وإذا قلتم فاعدلوا} [الأنعام: 152]
وإليكم بعض ما قاله المؤرّخون الثقات حول هذه المسألة.
يقول الدكتور أبو القاسم سعد الله شيخ المؤرخين في الجزائر (وهو ليس من المتصوفة): (( .. لقد ملّ كثير من الناس ظُلْمَ الأتراك العثمانيين وجمودهم على حالة واحدة، ونظرتهم الأرستقراطية ـ الدكتاتورية، وابتزازهم للمال دون تقديم البديل من علم وفكر وتقنيات، برغم أنهم في قرارة قلوبهم يعرفون أنهم يشتركون معهم في الدين، ولو لم يبق من هذا الدين المشترك إلا القشور))
وفي معرض حديثه عن الباي حسن والي وهران قال: ((ولم يكن التقدم في السن هو السبب الوحيد في انسحاب الباي حسن. فقد كان يحس بأنه حاكم لا تربطه بالمحكومين أيّة رابطة ماعدا التسلط والإرهاب والفائدة المالية. وقد ظلّ في الحكم طيلة سنوات فلم يصلح الأوضاع المعاشية للناس ولم يجعل نفسه حاكمًا محبوبًا أو قريبًا من المواطنين ..... يُضاف إلى ذلك أنه خيّرهم بين الوقوف معه أو تسليم نفسه للفرنسيين، ولم يخيرهم بين الجهاد والاستسلام. ولو فعل لوجدهم، كما كانوا في الماضي، سبّاقين لدعوة الجهاد والدفاع عن الوطن ضد العدو الفرنسي ..... ولكن الباي حسن فضّل أن يسلّم مفاتيح المدينة إلى العدو بعد أن ضمن له هذا الخروج سالماً من وهران ثم من الجزائر إلى حيث يريد))
ثم قال: ((أما أهل المدن فقد فكّروا في حل ديني وسياسي يضمن الأمن والاستقرار وذلك بالدخول في طاعة حاكم مسلم يمنحونه البيعة التي كانت في أعناقهم للباي حسن .... لقد فكّروا في السلطان العثماني (انتبه أخي القارئ) فإذا هو بعيد كلّ البعد عاجز كل العجز عن توفير ما يرغبون فيه ما دام قد عجز عن إنقاذ مدينة الجزائر، وإذا هو مشغول بحروبه في البلقان وفي غيره))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/196)
إلى أن قال: ((وها هو حصار وهران (حصار ضربه المجاهدون على الجيش الفرنسي) لا يقوده الموظفون الإداريون في حكومة الباي حسن، الذين حنّكتهم التجارب وعرفوا أسرار المدينة، ولا يقوده أعيان الحضر من أمثال ابن نونة أو حمادي الصقال الذين امتلأت جيوبهم بالمال وبطونهم بالشحم، ولا يقوده أيضًا أولئك "الأتراك" الطامعون في السلطة والاستبداد أمثال إبراهيم بوشناق ومصطفى المقلش، ومحمد المرصالي، ومصطفى بن عثمان، وإنما قاده رجلٌ خرج من زاوية القيطنة، يقرأ القرآن ويدعوا إلى الجهاد (يقصد الحاج محيي الدين الحسني والد الأمير).)).انتهى
وخلال حديثه عن مبايعة الشعب للأمير قال الأستاذ سعد الله: ((فالرجل شريف من آل هاشم ومن آل البيت؛ أو المَحْتِدُ العربي والنَّسَبُ النَّبوي .... وهو المتعبّد في مسجد القيطنة والعاكف في مكتبة الوالد: يذكر الله ويتأمل في خلقه ويقرأ كتابه، ويحفظ أشعار وآثار الأقدمين، وهو الواقف على ما كان في الشرق من تخلّف وتحوّل، وما كان في الغرب من تقدم وتسلط .... وتجمهر الفقراء والفلاحون والجنود في سهل غريس يؤمّنون على البيعة ويدخلون في حزب الجهاد تحت راية أمير المؤمنين الجديد .... وجلس الأمير يضع الخطط للمستقبل، فعيّن كتابه ووزراءه، وقوّاده وولاته، ولم يراعِ فيهم إلا الكفاءة والإيمان وتحرير البلاد ..... ولكي يُسْكِتَ الأصوات التي قد تنتقده، اعتمد على الشريعة الإسلامية في أحكامه وجعل دستوره هو القرآن، مستعينًا بسيرة السلف الصالح))
وكان د. سعد الله قال قبل ذلك في وصف الأمير والفَرْق بينه وبين البايات التركية: ((إنه بطل كأبطال اليوم يرجع إلى الشعب ويحسّ بنبضاته، ويتقمص آماله، ويحتكم إلى القرآن والسنة وآثار السلف، وينفتح على الحضارة والعلم والعقل، ويستمد طموحه من الشرف والجهاد والوطنيّة)).انتهى [من كتاب الحركة الوطنية الجزائرية ص157إلى 173]
وفي ص122 قال الأستاذ سعد الله يصف الأمير في معرض الحديث عن القيادة الدنيوية والقيادة الروحية: ((ولكن الحاج عبد القادر (الأمير) تقمّص القيادتين معًا، ولذلك أصبح أميرًا للمؤمنين وليس شيخ زاوية (مرابطا) أو شيخ عرش (قائد أو آغا .. )).انتهى
وقال عنه ص400: ((الأمير عبد القادر فوق الطرق الصوفية كلها، أي إنه كان يعمل من أجل فكرة أشمل وهي الدين والوطنية)).انتهى
وكان الأخ محمد المبارك في (فك الشيفرة) قد أتحفنا بنقل كلام للأمير فقال: وقد وجّه خطابه الأول إلى كافة العروش قائلاً: "… وقد قبلت بيعتهم (أي أهالي وهران وما حولها) وطاعتهم، كما أني قبلت هذا المنصب مع عدم ميلي إليه، مؤملاً أن يكون واسطة لجمع كلمة المسلمين، ورفع النزاع والخصام بينهم، وتأمين السبل، ومنع الأعمال المنافية للشريعة المطهرة، وحماية البلاد من العدو، وإجراء الحق والعدل نحو القوي والضعيف، واعلموا أن غايتي القصوى اتحاد الملة المحمدية، والقيام بالشعائر الأحمدية، وعلى الله الاتكال في ذلك كله".انتهى
وأنا أسوقه للتذكير به،
ثم ساق الأخ الكاتب ظاهرةً، فقال إن الأمير قد اعتمد عَلَمًا مغايرًا للعلم العثماني الخاص بالجزائر، ثم راح يصف العَلَم، ثمّ خرج منها بتحليل عجيب،فقال:"ولم يكن ظهور هذا العلم بمحض الصدفة في هذه الفترة بل كان يرمز إلى استقلال سياسي عن الدولة العثمانية، فكانت بذلك من أوائل الحركات الانفصالية التجزيئية التي أعلنت الخروج على الخلافة الاسلامية العثمانية".انتهى
أقول: لقد كانت المقاومة في الجزائر على أقسام، أهمها: قسم الشرق وقسم الغرب، وكان هناك أشخاص مازالوا متمسكين بالولاية التركية في الجزائر كالباي أحمد في قسنطينة مثلاً، وهم رافضون للاتحاد مع الأمير أو مبايعته، وكانوا يوجهون له الضربات من الخلف خلال معاركه مع فرنسا، فليس من الحكمة في شيء أن يرفع الأمير علمًا مماثلاً لِعَلَمهم فتختلط الأمور على الجند والمجاهدين، والأمير مع أنه لم يتفق مع أولئك الأشخاص إلاّ أنه لم يحاربهم أبدًا، ولم يَكِدْ لهم مع فرنسا كما فعلوا هم به، فهؤلاء الأتراك أو الموالين لهم في النهاية قد سلّموا البلاد للفرنسيين ومنهم من تعاون مع فرنسا وطعنوا المجاهدين من الخلف. [والكلام للأستاذ سعد الله]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/197)
ولكن أغرب ما في كلام كاتب (فك الشفرة) هو قوله عن جهاد الأمير والبيعة له:"فكانت بذلك من أوائل الحركات الانفصالية التجزيئية التي أعلنت الخروج على الخلافة الاسلامية العثمانية".انتهى
إذا كان جهاد الأمير للفرنسيين، ومقاتلته للصليبيين الغزاة يُعد عند الكاتب خروجًا على الخلافة، فماذا سيقول عمن كان واليًا للسلطان ثمّ انقلب عليه وتفرّد بالحكم؟ وماذا سيقول عمّن كان مسلمًا فقاتل الجيش العثماني المسلم، وخرج على الخليفة؟ كل هذا وليس هناك أي وجود لا للصليبيين ولا لأي محتل أجنبي!!
لقد انفصل الوالي محمد علي باشا عن الخلافة العثمانية وانفرد بحكم مصر ووجه جيوشه إلى الشام ووصل إلى مشارف اسطنبول. وكذلك الحال في بلاد "نجد" حيث قام محمد بن سعود وحارب العثمانيين وأسس الدولة السعودية الأولى التي وصلت حتى حوران في الشام، وهذا قبل ولادة الأمير عبد القادر!!
فإذا كان الكاتب مقتنعًا بأنّ الأمير خرج على الخلافة!!، فكيف ساغ له أن يقول عن جهاده إنه من أوائل الحركات الانفصالية التجزيئيّة التي أعلنت الخروج على الخلافة، وهناك من سبقه إلى ذلك بعقود بل قبل ولادته؟!! مع أن تلك القناعة هي من الغرائب حقًا، إذ كيف يسمى المجاهد للجيش الفرنسي الصليبي خارجًا عن الخلافة؟!
وأين أعلن الأمير الخروج عن الخلافة؟ ومن روى هذا الخبر؟ وأعجب من ذلك أننا نتحدث عن بلاد تابعة للخلافة العثمانية سقطت تحت الاحتلال الفرنسي الصليبي فتخلّت عنها الخلافة فقام الشعب يجاهد هذا المعتدي، فإذا بكاتب (فك الشفرة) يصف مقاومة الأمير للغزو الصليبي بأنها من أوائل الحركات الانفصالية التجزيئيّة التي أعلنت الخروج على الخلافة!!!!
والله كلام عجيب غريب.
ولم يكتف الكاتب بذلك، فتابع يقول:"وقد عاد الأمير ليكمل ذلك الدور في بلاد الشام، فقد كانت الجمعية الماسونية قد أخذت على عاتقها محاربة الخلافة العثمانية لكونها كانت تقف سداً منيعا أمام الأطماع العالمية في العالم العربي والاسلامي، ولذلك فقد حاولت الجمعية آنذاك بتدبيرٍ من الأمير عبد القادر الجزائري رئيس المحفل السوري الماسوني آنذاك اغتيال متصرف جبل لبنان العثماني للاستقلال عن الدولة العثمانية".انتهى
أقول: عن أي دور يتكلم الكاتب؟ طبعًا هو يقصد الخروج عن الخلافة، وقد رأيتم بطلان هذا الادّعاء، وأمّا اتهامه الأمير بأنه دبّر لاغتيال متصرف جبل لبنان، نزولاً عند رغبة الجمعية الماسونية التي يرأس أحد محافلها!
فنقول له: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} [النمل: 64]
لم يكن هناك متصرف لجبل لبنان إلاّ بعد حادثة 1860م، وكان أول متصرف هو داود باشا الأرمني، ولم يقتله أحد! فمن أين أتى الكاتب بهذه الأخبار؟!
وأُعيد ما قاله المؤرخ الكبير أبو القاسم سعد الله لمناسبة الحال: ((إنّ دولة الأمير الوليدة لم تحاربها فقط جيوش فرنسا حباً في التسلط والبطولة وطمعاً في إنشاء إمبراطوريّة، ولم يقف ضدّها فقط "الكولون" (يعني المستوطنين الأوربيين) بمحاريثهم وأموالهم لكي يستغلوا الأرض المغتصبة ويستثروا على حساب الجزائريين، بل حاربتها أيضاً ظاهراً وباطناً، الكنيسة والماسونية (الصهيونية)، كما حاربها سلاطين المسلمين وحتى بعض علمائهم النائمين.
حاربتها الكنيسة لأنها اعتبرتها حركة جهاد إسلامي متوثب فيه انتعاش ونهضة للإسلام الراكد إذا انتصرت، واعتبرت الكنيسةُ نفْسُها عمَلَها ذلك استمراراً للصليبية التي خاضت في الشرق والغرب حروباً ضارية ضد الإسلام والمسلمين، بما فيها الأندلس ووهران، وتآمرت عليها الماسونية خصوصًا في الدوائر المحيطة بالحكومة الفرنسية وحاشية الملك وقطعان التراجمة والمستشرقين الذين توافدوا على الجزائر، لأنّ دولة الأمير كانت دولة عربيّة سلفيّة، شريفة، لو انتصرت لكانت خطراً عظيماً على مخططات الماسونية ـ الصهيونية في الشرق!!، ولكانت أول دولة توحّد العرب على كلمة الجهاد كما وحّدتهم عليها زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وزمن الخلفاء الراشدين)).انتهى [الحركة الوطنية الجزائرية ص274ـ275].
لقد أفشل الأمير مخططات الكنيسة والماسونية في الجزائر وكذلك في الشام، ولكن كاتب (فك الشيفرة) للأسف؛ يعتمد فيما يبدو على ما يروّجه بعض الحاقدين على الأمير.
تنبيه: بعد هزيمة الأمير عبد القادر وغدر الحكومة الفرنسية به وسجنه في فرنسا، اعترفت الدولة العثمانية على لسان سلطانها بالسيادة الفرنسية على الجزائر وذلك سنة (1847م)، وبعد ذلك حدث تقارب بين الفرنسيين والعثمانيين، وشاركت قوات جزائرية فرنسية في حرب القرم إلى جانب الدولة العثمانيّة!!! [انظر الحركة الوطنية ص342،ص373]
فما رأي الكاتب في هذا؟!
والحديث عن الماسونية سأتناوله في الحلقات القادمة إن شاء الله.
وختامًا أنبه إلى مسألة هامّة وهي أنّ الخلافة العثمانيّة حفَّت الأمير عبد القادر برعاية كاملة وحفاوة مطلقة منذ قدومه إلى الآستانة إلى أن مات، وخصصت له الأموال والامتيازات وكان مسموع الكلمة عند السلاطين والولاة، وعُيّن أبناؤه في مناصب حكومية عليا في اسطنبول وحصلوا على أعلى الأوسمة والألقاب، وكذلك أبناء إخوته كانوا مقرّبين جداً من الخليفة وأوكل إليهم العديد من الوظائف الدينيّة كالإفتاء ونقابة الأشراف على كامل الممالك العثمانية؛ وغيرها من الوظائف، وفَرَضَ لهم الخليفة بعد وصولهم إلى بلاد الشام مرتبات شهريّة، وعندما مات الأمير شيَّعته فِرَقٌ من الجنود العثمانيين، واستمرّت الدولة العثمانية على هذا الاحترام والإكرام للأمير وأهله إلى أن خُلِع السلطان عبد الحميد وبدأت جماعة الاتحاد والترقي بالحكم.
فهل كاتب (فك الشفرة) مقتنع بأنّ الخلافة العثمانية بكل رجالاتها وسلاطينها لم تشعر بخطط ونيّات الأمير المعادية لها، سواء عندما كان الأمير في الجزائر أو بعد قدومه إلى دمشق إلى أن مات؟! مع العلم أن السلاطين العثمانيين كانوا بمجرد ظهور بعض الشبهات حول أي شخص وسوء نيّتِه تجاههم يسرعون لاستئصاله.
ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله
خلدون مكي الحسني
للبحث صِلَة إن شاء الله
[1]ـ أثناء حربها مع اليونان قبل ذلك بقليل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/198)
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[11 - 07 - 08, 09:29 م]ـ
السلام عليكم
أخي الحسني
بارك الله في إنتاجكم العلمي، ورزقنا وإياكم الإنصاف وتنكب الإجحاف.
آمين ...
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[11 - 07 - 08, 10:45 م]ـ
خطأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأ
أرجو من المشرف الحذف
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[12 - 07 - 08, 02:21 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة السادسة
ثمّ ينتقل الأخ محمد بن حسن المبارك؛ كاتب (فك الشفرة) إلى حَدَثٍ جديد وهو بيان مدى تصوّف الأمير عبد القادر، فيقول: "الأمير تربَّى في بيئة صوفية، بل قد نشأ على تقديس يصل إلى حد الجنون لشخصية ابن عربي الحلولي الاتحادي، و أمثاله من الاتحادية الحلولية كالحلاج والتلمساني وابن الفارض وغيرهم".انتهى
وأقول: لو اكتفى الكاتب بقوله إن الأمير تربّى في بيئة صوفية لسلّمنا له ذلك، ولكنه أبى إلاّ أن يُضرِب عن كلامه الأول فقال: بل ... الخ
وسؤالي للكاتب: من أين له أن الأمير نشأ على تقديس ابن عربي والحلاّج والتلمساني وابن الفارض تقديسًا يصل إلى حد الجنون؟!! إنه لم يكتف بذكر التقديس وحدَه، بل وصل به إلى حدّ الجنون! وهذا والله من العجائب.
والأمير بدأ اهتمامه بابن عربي وكتبه بعد قدومه إلى دمشق، فمن أين للكاتب أنّ الأمير نشأ على تقديسه؟!
لقد ألّف السيوطي ردًا على كتاب (تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي) يردّ فيه على الإمام البقاعي، وكذلك ألّف ردًا مماثلاً على كتاب (المقراض القارض في تكفير ابن الفارض) يردّ فيه على البقاعي رحمه الله، ومع ذلك لم نجد من يصف السيوطي بأنه يقدس ابن عربي إلى درجة الجنون! ونحن ليس لنا أن نقول سوى أنه دافع عن ابن عربي وردّ على من كفّره. وأما دعوى التقديس إلى حد الجنون فهذه تحتاج إلى برهان واضح. ولذلك كان على الكاتب أن يبرهن على دعواه!!
ولكنه بدلاً من البرهنة على هذه الدعوى راح يأتي بأفكار ظنيّة تساعده على تقوية الموضوع وجعله من المسلمات. فقال:"بل قد أتمَّ الأمير تدريسكتاب الفتوحات لابن عربي على طلبته مرارا، وألف كتابه "المواقف" على مذهب ابنعربي، بل و قد اختار السكنى في دمشق لكونها بلد ابن عربي الذي أقام فيه، ويقالأنه سكن في نفس البيت الذي عاش فيه ابن عربي بعد أن قام بإصلاحه و دُفِن ـ أيضاً ـ بجوار ابن عربي".انتهى
وأقول: الذي ذكره المؤرّخون أن الأمير قرأ الفتوحات المكيّة مرّتين فقط!
ثم هل كل من قرأ أو قرّأ الفتوحات يكون بالضرورة مقدِّسًا لابن عربي أو موافقًا له في كل مذهبه؟!!
إنّ كتاب الفتوحات المكيّة ليس من الكتب التي يدرّسها الصوفية لطلابهم، وإنما هو كتاب للخاصّة منهم، وتجتمع تلك الخاصّة لقراءته محاولين فكّ معمّياته ورموزه كما يقولون!.
وأنا لا أحب هذا النوع من الكتب ولا أرضى به أبدًا، ولكن أريد أن أنبّه الإخوة على أنّ الإمام الذهبي قال في ترجمة ابن عربي: ((ولا ريب أن كثيرًا من عباراته له تأويل إلا كتاب "الفصوص"!)).انتهى [سير أعلام النبلاء]
ومرّ معنا في الحلقة الأولى أنّ شيخ الإسلام ابن تيميّة قرأ الفتوحات وقال: ((وإنما كنتُ قديماً ممن يُحسن الظن بابن عربي ويُعظّمه: لِمَا رأيت في كتبه من الفوائد مثل كلامه في كثيرٍ من "الفتوحات" .. )).انتهى [الفتاوى2/ 464]
وللعلم فإنّ الأمير أَرْسَلَ إلى قونية في تركيا الشيخ محمد الطنطاوي (جد الشيخ علي رحمه الله) والشيخ محمد بن محمد المبارك الدلسي سنة 1289هـ، لتصحيح نسخته من الفتوحات التي اقتناها في دمشق على نسخةٍ بخط ابن عربي نفسه موجودة هناك. وبعد عودتهما بدأ الأمير بقراءة الفتوحات ومات بعد ذلك سنة 1300هـ يعني بعد عشر سنوات من حصوله على النسخة المصححة!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/199)
وسبب إرسال الشيخين لتصحيح النسخة، أنّ الأمير لمّا اقتنى نسخة الفتوحات استشكل بعض العبارات فيها، وغلب على ظنّه أنها محرّفة أو مزيدة (هكذا ظن)، وذلك لأنّ المشهور والثابت أنّ ابن عربي عالمٌ كبير , وفقيه أصوليّ، وهو ظاهري المذهب، وهو الذي اختصر كتاب (المحلّى لابن حزم)، وله رسائل في أصول المذهب الظاهري، وكتبه ومؤلّفاته كثيرة جدًّا، إذن هو ليس من الجهلاء والمشعوذين أو أدعياء العلم المخرّفين، لذلك فإنّ الأمير شكّ في بعض العبارات فأراد أن يتيقّن من ثبوتها فأرسل من يطابق له المخطوط. فلمّا أتته النسخة محققةً، سلك في شرح العبارات الخطيرة الواردة فيها مسلك كثير من أهل العلم، الذين ذهبوا إلى قبول كلام ابن عربي الموافق للشرع، وأخذوا في تأويل كلامه الذي يخالف الشرع، وحمْلِه على محامل حسنة، وذلك من باب إحسان الظنّ به واستبعاد كون عالم مثله يتكلّم بما يُخالف الشريعة. هذا ما ذهب إليه القوم!
وفي أيّامنا هذه اجتمعتُ بشيخ من شيوخ التصوف المعروفين في الشام، وكان يمدح ويثني على ابن عربي كثيرًا، فسألتُه: ما تقول في وحدة الوجود؟ فأجابني قائلاً: "وحدة الوجود بمعنى أنّ كل ما في الكون هو عينُ الله، الشجر والبشر والحجر، هي كفرٌ وقائلها كافر!! وكلام ابن عربي ليس على هذا المعنى".انتهى
إذن هكذا يعتقد هذا الرجل المعظّم لابن عربي، فهل يجوز لي بعد أن سمعتُ منه أن عقيدة وحدة الوجود كفرٌ وقائلها ومعتقدها كافر، أن أصفه بأنه على عقيدة وحدة الوجود لأنّه يعظّم ويوقّر ابن عربي؟! لا يجوز هذا أبدًا.
إنّ العلاّمة جمال الدين القاسمي، رحمه الله، أحد أكبر علماء السلف في بلاد الشام، بل هو رائد التوجه السلفي فيها، كان يستشهد في كتبه ومؤلّفاته بكلام ابن عربي في "الفتوحات المكّية"، ويصفه بالشيخ الأكبر قُدِّس سرّه! [انظر (قواعد التحديث) ص359]، فهل سيجرؤ أحد على وصف العلاّمة القاسمي بأنّه على مذهب ابن عربي لأنه يحترمه ويستشهد بكلامه؟!!
هذا سيكون من البلاء العظيم، والشر الجسيم!
وهذا المسلك الذي سلكه الأمير وغيره، سلكَه مِنْ قبلهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فإنّه كان إذا وقف على كلام مُريب وفاسدٍ في ظاهره لأشخاص يرى أنهم من أهل الصلاح أو العلم، يؤوله أو يلتمس لهم الأعذار، ولا يطعن فيهم!
مثال: قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: ((فهذا التوحيد: هو الذي جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب، وإليه تشير مشايخ الطريقة وعلماء الدين؛ لكن بعض ذوي الأحوال قد يحصل له في حال الفناء القاصر سكرٌ وغيبة عن السِّوى؛ والسكر وجدٌ بلا تمييز.
فقد يقول في تلك الحال سبحاني أو ما في الجبة إلا الله أو نحو ذلك من الكلمات التي تؤثر عن أبى يزيد البسطامي أو غيره من الأصحّاء، وكلمات السكران تُطوى ولا تُروى ولا تؤدّى؛ إذا لم يكن سكره بسببٍ محظور من عبادة أو وجه منهي عنه. فأما إذا كان السبب محظورًا لم يكن السكران معذورًا لا فرق في ذاك بين السكر الجسماني والروحاني فسكر الأجسام بالطعام والشراب، وسكر النفوس بالصور، وسكر الأرواح بالأصوات)).انتهى [الفتاوى 2/ 461]
وفي معرض حديثه عن مذهب الحلول والاتحاد ووحدة الوجود، ووروده في كلام ابن عربي وغيره قال: ((وكثير من أهل السلوك، الذين لا يعتقدون هذا المذهب: يسمعون شعر ابن الفارض وغيره، فلا يعرفون أن مقصوده هذا المذهب، فإن هذا الباب وقع فيه من الاشتباه والضلال، ما حيّر كثيرًا من الرجال)).انتهى [الفتاوى 2/ 297]
ويقول ابن تيمية: ((ولهذا قال أهل العلم والدين، كأبي يزيد البسطامي وغيره، لو رأيتم الرجل يطير في الهواء أو يمشي على الماء فلا تغتروا به حتى تنظروا وقوفه عند الأمر والنهي، وقال الشافعي لو رأيتم صاحب بدعة يطير فى الهواء فلا تغتروا به)).انتهى [الفتاوى 11/ 666]
وقال شيخ الإسلام: ((قد جمع أبو الفضل الفلكي كتابًا من كلام أبي يزيد البسطامي سمّاه "النور من كلام طيفور" فيه شيء كثير لا ريب أنه كذب على أبي يزيد البسطامي، وفيه أشياء من غلط أبي يزيد، رحمة الله عليه، وفيه أشياء حسنة من كلام أبي يزيد وكل أحد من الناس يؤخذ قوله ويترك إلا رسول الله)).انتهى [الفتاوى13/ 257]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/200)
والأشد وضوحًا في هذا المسلك هو الإمام ابن القيّم، وكتابه (مدارج السالكين) الذي شرح فيه كتاب "أبي إسماعيل الهروي" (منازل السائرين) أكبر برهان على ذلك. فإن القارئ يقف على كلامٍ للهروي، مخالفٍ للشريعة، وفيه عقيدة وحدة الوجود، ومع ذلك فإنّ الإمام ابن القيّم كان يعتذر له ويؤوّله بحيث ينفي عن الهروي تهمة القول بوحدة الوجود أو غيرها. وحجّة ابن القيّم في ذلك هي أنّ الهروي من أهل الدين والصلاح، ولا يُتصوّر منه أن يتكلّم بخلاف الشرع! (وهي حجّة الأمير نفسها مع ابن عربي)
قال الهروي: ((الدرجة الثالثة: صفاء اتصال. يُدْرِج حَظَّ العبودية في حق الربوبيّة! ويُغرق نهايات الخبر في بدايات العيان، ويطوى خِسَّة التكاليف في عين الأزل))!!!
فعلّق عليه الإمام ابن القيّم قائلاً: ((في هذا اللفظ قلق وسوء تعبير، يَجْبُرُه حُسْنُ حالِ صاحبه وصدقُه، وتعظيمُه لله ورسوله. ولكن أبى الله أن يكون الكمال إلاّ له. ولا ريب أن بين أرباب الأحوال وبين أصحاب التمكن تفاوتًا عظيمًا .. )) إلى أن قال ((ولولا مقَامُه في الإيمان والمعرفة، والقيام بالأوامر، لكُنَّا نُسيء به الظنّ)).انتهى [مدارج السالكين3/ 150ـ155]
وقال الهروي: ((وأمّا التوحيد الثالث: فهو توحيدٌ اختصّه الحقُّ لنفسه، واستحقّه لقدره، وألاح منه لائحًا إلى أسرار طائفةٍ مِنْ أهل صفوته، وأخْرَسَهم عن نَعْته، وأعجزهم عن بثِّه))!!! 3/ 511
ثم أنشد هذه القوافي الثلاثة 3/ 513 وهي:
ما وحَّدَ الواحِدَ مِنْ واحد * إذْ كلُّ مَنْ وحَّدَه جاحدْ
توحيدُ مَنْ يَنْطِقُ عن نَعْتِه * عاريّة أبطَلَها الواحد
توحيده إيَّاه توحيده * ونَعْتُ مَنْ يَنْعَتُه لاحد
فراح الإمام ابن القيّم رحم الله يؤول هذا الكلام والشعر ويحمله على محامل حسنة، قال 3/ 515: ((فيُقال ـ وبالله التوفيق ـ: في هذا الكلام من الإجمال والحق والإلحاد مالا يخفى))
إلى أن قال: ((والكلمة الواحدة يقولها اثنان يريد بها أحدهما: أعظم الباطل، ويريد بها الآخر محض الحق، والاعتبار بطريقة القائل وسيرته ومذهبه وما يدعو إليه ويناظر عليه. وقد كان شيخ الإسلام (يقصد الهروي) ـ قدس الله روحه ـ راسخًا في إثبات الصفات، ونفي والتعطيل، ومعاداة أهله وله في ذلك كتب مثل كتاب (ذم الكلام) وغير ذلك مما يخالف طريقة المعطلة والحلولية والاتحادية)).انتهى [مدارج السالكين3/ 521]
وكان ابن القيّم قال قبل ذلك: ((وقد خبط صاحب المنازل في هذا الموضع، وجاء بما يرغب عنه الكُمَّل من سادات السالكين والواصلين إلى الله. فقال: "الفكرةُ في عين التوحيد: اقتحامُ بحرٍ الجحود"، وهذا بناءً على أصله الذي أصَّله، وانتهى إليه كتابه في أمر الفناء، فإنه لمّا رأى أن الفكرة في عين التوحيد تُبعِدُ العَبْدَ من التوحيد الصحيح عنده، لأن التوحيد الصحيح عنده:لا يكون إلا بعد فناء الفكرة والتفكّر، والفكرة تدل على بقاء رسمٍ، لاستلزامها مفكِّرًا، وفعلاً قائمًا به، والتوحيد التامّ عنده: لا يكون مع بقاء رسم أصلاً، كانت الفكرة عنده علامة الجحود واقتحامًا لبحره، وقد صرَّحَ بهذا في أبياته في آخر الكتاب)).انتهى [مدارج 1/ 147]
إلى أن قال: ((فرحمة الله على أبي إسماعيل فتحَ للزنادقة باب الكفر والإلحاد، فدخلوا منه وأقسموا بالله جهد أيمانهم: إنه لمنهم وما هو منهم وغَرَّه سراب الفناء، فظن أنه لُجّة بحر المعرفة، وغاية العارفين، وبالغ في تحقيقه وإثباته، فقاده قَسْرًا إلى ما ترى)).انتهى [مدارج1/ 148]
وفي عبارة أوضح يقوا ابن القيّم: ((وأما صاحب "المنازل" ـ ومن سلك سبيله ـ فالتوحيد عندهم نوعان: أحدهما غير موجود ولا ممكن، وهو توحيد العبد ربه فعندهم:
ما وحد الواحد من واحد ... إذ كل من وحده جاحد
والثاني توحيدٌ صحيح، وهو توحيد الربّ لنفسه، وكل من ينعته سواه فهو ملحد، فهذا توحيد الطوائف، ومَن الناسُ إلاّ أولئك؟ والله سبحانه أعلم)).انتهى [مدارج السالكين 3/ 449]
إذن عندما يغلب على ظنّ الإنسان صلاح وعلم وتديّن شخص ما، فإنّه إذا وجد في كلامه عبارات تخالف الشريعة في ظاهرها، يسارع إلى تحسين الظنّ به، وحمل كلامه على محمل حسن والاعتذار له.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/201)
وهذا هو عينُ ما فعله الأمير عبد القادر مع الشيخ ابن عربي، والأمير لم يكن مبتدعًا في ذلك وإنّما سبقه إلى ذلك الكثير من علماء الإسلام، من زمن ابن عربي إلى زمن الأمير!!
والذي يتّهم الأمير بأنه على معتقد وحدة الوجود لأجل احترامه لابن عربي، فهو في الواقع يتّهم جماهير كبيرة من العلماء الذين أثنوا على ابن عربي أو على الهروي، ودافعوا عنهما.
روى المقَّري في كتابه (نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب) فقال: ((وفي الكتاب المسمى بـ "الاغتباط بمعالجة ابن الخيّاط" تأليف شيخ الإسلام قاضي القضاة مجد الدين محمد بن يعقوب بن محمد الشيرازي الفيروزآبادي الصدّيقي صاحب القاموس، قدّس الله تعالى روحه، الذي ألّفه بسبب سؤالٍ سئل فيه عن الشيخ سيدي محيي الدين بن عربي الطائي قدّس الله تعالى سرّه العزيز في كتبه المنسوبة إليه، ما صورته:
ما تقول السادة العلماء شدّ الله تعالى بهم أزر الدين، ولمَّ بهم شعث المسلمين، في الشيخ محيي الدين بن عربي في كتبه المنسوبة إليه كالفتوحات والفصوص، هل تحلّ قراءتها وإقراؤها ومطالعتها؟ وهل هي الكتب المسموعة المقروءة أم لا؟ أفتونا مأجورين جواباً شافياً لتحوزوا جميل الثواب، من الله الكريم الوهّاب، والحمد لله وحده.
فأجابه بما صورته: الحمد لله، اللّهم أنطقنا بما فيه رضاك، الذي أعتقده في حال المسؤول عنه وأدين الله تعالى به، أنّه كان شيخ الطريقة حالاً وعلماً، وإمام الحقيقة حقيقة ورسماً، ومحيي رسوم المعارف فعلاً واسماً:
إذا تغلغل فكر المرء في طرفٍ ... من بحره غرقت فيه خواطره
وهو عباب لا تكدره الدّلاء، وسحاب لا تتقاصر عنه الأنواء، وكانت دعواته تخترق السبع الطّباق، وتفترق بركاته فتملأ الآفاق ( ... )
وأما كتبه ومصنّفاته فالبحار الزواخر، التي لجواهرها وكثرتها لا يُعرف لها أول ولا آخر، ما وضع الواضعون مثلها ( ... ) ومن خواص كتبه أن من واظب على مطالعتها والنظر فيها، وتأمّل ما في مبانيها، انشرح صدره لحل المشكلات، وفك المعضلات، وهذا الشأن لا يكون إلا لأنفاس من خصّه الله تعالى بالعلوم اللدنية الربانية، ووقفت على إجازة كتبها للملك المعظم فقال في آخرها: وأجزته أيضاً أن يروي عني مصنّفاتي، ومن جملتها كذا وكذا، حتى عد نيّفاً وأربعمائة مصنف، منها التفسير الكبير الذي بلغ فيه إلى تفسير سورة الكهف عند قوله تعالى " وعلّمناه من لدنّا علماً " وتوفّي ولم يكمل، وهذا التفسير كتاب عظيم، كل سفر بحر لا ساحل له، ولا غرو فإنّه صاحب الولاية العظمة، والصديقية الكبرى، فيما نعتقد وندين الله تعالى به. وثم طائفة، في الغي حائفة، يعظمون عليه النكير، وربّما بلغ بهم الجهل إلى حد التكفير، وما ذاك إلا لقصور أفهامهم عن إدراك مقاصد أقواله وأفعاله ومعانيها، ولم تصل أيديهم لقصرها إلى اقتطاف مجانيها:
عليّ نحت القوافي من معادنها ... وما عليّ إذا لم تفهم البقر
هذا الذي نعلم ونعتقد، وندين الله تعالى به في حقه، والله سبحانه وتعالى أعلم، وصورة استشهاده: كتبه محمد الصديقي الملتجئ إلى حرم الله تعالى عفا الله عنه)).انتهى [نفح الطيب2/ 176]
والمجد الفيروزآبادي هو شيخ الحافظ ابن حجر العسقلاني (والحافظ لم يطعن في شيخه لأجل هذا الكلام، وإنّما كان يكتفي بالاعتراض على إيراد شيخه الفيروز آبادي لكلام ابن عربي في كتبه، ومعلوم موقف الحافظ ابن حجر الرافض بحزم لمذهب ابن عربي!!)
فعندما يقرأ الأمير أو غيره مثل هذه الترجمة، مضافًا إليها عشرات الإشادات والثناءات من علماء وفقهاء، في شخص ابن عربي، مع ما يتصف به الرجل من سعة العلم والأدب، فإنهم لا شك سيحسنون الظن به. وهذا لا يعني أبدًا أنهم على معتقده.
فكيف إذا كان في كلامهم ما يصرّحون فيه برفض هذه العقائد الفاسدة، واستنكارهم لها؟
وقد مرّ معنا في الحلقات السابقة، تبرّؤ الأمير من عقائد الحلول والاتحاد والوحدة، وانتقاده الدهريين والمعطلة، والفلاسفة!!!
قال الأمير: ((واحذر أن ترميَني بحلولٍ أو اتّحاد أو امتزاج أو نحو ذلك، فإني بريء من جميع ذلك ومِنْ كل ما يُخالف كتابَ الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم .. )).انتهى [المواقف 2/ 869]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/202)
وقال: (( ... فإنّ هلاكه أقرب، ونجاته أغرب، إذ للشيطان فيه مدخلٌ واسع وشبهة قويّة فلا يزال أبو مُرّة (يعني إبليس) معه يستدرجه شيئاً فشيئاً يقول له: الحقُّ ـ تعالى ـ حقيقَتُكَ، وما أنتَ غيرُه، فلا تُتْعِب نفسك بهذه العبادات، فإنّها ما وُضعت إلا للعوام الذين لم يصلوا إلى هذا المقام، فما عرفوا ما عَرَفت، ولا وصلوا إلى ما إليه وصلت. ثمّ يُبيحُ له المحرّمات، ويقول له: أنتَ ممَّن قال لهم: اعملوا ماشئتم فقد وجبت لكم الجنّة،فيُصبِحُ زنديقاً إباحيّاً حلوليّاً، يمرقُ من الدِّين كما يمرق السهم من الرميَّة".انتهى [المواقف 3/ 1043]
[ملاحظة: سأتكلّم على كتاب المواقف بالتفصيل لاحقًا إن شاء الله، ولكن حتى لا يلتبس على بعض الإخوة استشهادي بكتاب المواقف أقول: نعم إن كتاب المواقف المطبوع ليس من تأليف الأمير، ولكن له فيه كلام كثير، جمعه وضمّه إلى أمثاله حتى خرج في ثلاثة مجلدات الشيخ محمد الخاني، لذلك فإنني أستشهد بكلام الأمير الموجود في المواقف! وألزم به الذين يقطعون بنسبته إليه]
وليس من الضروري أن يكون الأمير قرأ كلام الإمام الذهبي في ابن عربي، ومع ذلك فإنّه إذا قرأه ربّما يجد فيه ما يدفعه لحسن الظن به! قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء: ((ابن العربي: العلاّمة صاحب التواليف الكثيرة محيي الدين أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن أحمد الطائي الحاتمي المرسي ابن العربي، نزيل دمشق.
ذكر أنه سمع من ابن بشكوال وابن صاف، وسمع بمكة من زاهر بن رستم، وبدمشق من ابن الحرستاني، وببغداد. وسكن الروم مدة، وكان ذكيًا كثير العلم، كتب الإنشاء لبعض الأمراء بالمغرب، ثم تزهد وتفرد، وتعبد وتوحد، وسافر وتجرد، وأتهم وأنجد، وعمل الخلوات وعلق شيئًا كثيرًا في تصوف أهل الوحدة.
ومن أردئ تواليفه كتاب "الفصوص" فإن كان لاكفر فيه، فما في الدنيا كفر، نسأل الله العفو والنجاة فواغوثاه بالله! وقد عظّمه جماعة وتكلّفوا لما صدر منه ببعيد الاحتمالات، وقد حكى العلامة ابن دقيق العيد شيخنا أنه سمع الشيخ عز الدين ابن عبد السلام يقول عن ابن العربي: شيخ سوء كذاب، يقول بقدم العالم ولا يحرّم فرجًا.
قلتُ: إن كان محيي الدين رجع عن مقالاته تلك قبل الموت، فقد فاز، وما ذلك على الله بعزيز.
توفي في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وست مئة. وقد أوردت عنه في "التاريخ الكبير".
وله شعر رائق، وعلم واسع، وذهن وقاد، ولا ريب أن كثيرًا من عباراته له تأويل إلا كتاب "الفصوص"!)).انتهى
وأما قول الأخ الكاتب إن الأمير اختار الإقامة بدمشق لأنها دار إقامة ابن عربي فهو ظنّ منه فيما يبدو؛ وطبعًا ظنٌ غير صحيح، وليته أتى بدليل على ذلك. وقد ذكرنا سابقًا أن الأمير اختار مكّة لإقامته، والذي يُذكر في المراجع التاريخية أنه طلب من الحكومة الفرنسية تأمين سفينة توصله إلى ميناء الإسكندرية أو عكّا، وذلك لأنّ هذين الميناءين هما المنفذ للوصول إلى مكّة المكرّمة.
وما ذكره الكاتب من سكنى الأمير في دار ابن عربي بعد أن قام بإصلاحه فأيضًا غير صحيح،
إن الأمير بعد قدومه إلى دمشق استقبله واليها واستضافه في أحد الدور التابعة للحكومة، وبعد بقائه في تلك الدار مدّةً قصيرة اشترى الأمير عدة دور صغيرة في حيّ العمارة بدمشق القديمة وهدمها وبنى مكانها دارًا واسعة وانتقل إليها وهي أبعد ما تكون عن مقام ابن عربي! [فمكان إقامة ابن عربي ومقامه يقعان خارج أسوار مدينة دمشق بمسافة بعيدة جدًا. في أعلى سفح جبل قاسيون]
وأما أنه دُفن بجانب قبر ابن عربي فصحيح، ومازال قبره باقيًا إلى اليوم مع أنّ الحكومة الجزائريّة نقلت رفاته إلى الجزائر سنة 1966م.
ولكن أحب أن أنبّه هنا على أمر هام جدًّا، وهو أنّ الأمير كان قد اشترى أرضًا بجانب مقبرة الدحداح القريبة من حي العمارة شمال الجامع الأموي، وجعلها مقبرة وأوقفها على أسرته، ولمّا ماتت أمّه دفنها في وسطها، وأوصى أن يُدفن إلى جوارها (وهذا ثابت ومشهور عند أفراد أسرته إلى اليوم)، وحبّه لأمه وتعلقه بها معروف وذَكَرَه جلّ الذين ألّفوا عن حياته. ولكن عندما مات الأمير أشار بعض الشيوخ على أولاده أن يُدفن إلى جوار ابن عربي، وترددوا في الأمر إلى أن اجتمعت الآراء على دفنه بجوار ابن عربي، فاجتمع مجلس إدارة الولاية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/203)
للمذاكرة في هذا الأمر ووافق عليه بعد ترخيصٍ من الباب العالي.
إذن من ادّعى أن الأمير أوصى أن يُدفن بجانب قبر ابن عربي فادّعاؤه باطل. ووصيّة الأمير موجودة وليس فيها هذا الطلب!
من المعلوم كيف كان ـ وما زال ـ المعتقدون بابن عربي يعقدون دروسهم في مقام ابن عربي!
وللفائدة فإنّ الأمير عبد القادر لم يُدرّس أبدًا في مقام ابن عربي، وإنما كانت دروسه في دار الحديث، أو في الجامع الأموي، أو في المدرسة الجقمقيّة، أو في داره الخاصّة.
وإذا كانت هذه الظنون من الكاتب إنما وضعها ليبرهن على شدة تقديس الأمير لابن عربي، فماذا عن ادّعاءاته بخصوص تقديس الحلاج والتلمساني؟ هل سكن في دورهم أيضًا أو رحل واستوطن في بلادهم؟!!
ثمّ لماذا الزج بأمثال هؤلاء في معرض الحديث عن علاقة الأمير بابن عربي؟!!
من المعلوم الفرق الكبير بين هذه الشخصيات الثلاثة، وإذا كان البعض يلصق الأمير بابن عربي بحجة كتاب المواقف أو بتلك الظنون والأوهام، فما هي حجّتهم عندما يلصقون به الحلاج والتلمساني؟؟
مرَّ معنا سابقًا قول ابن القيّم في دفاعه عن الهروي: ((ولولا مقَامُه في الإيمان والمعرفة، والقيام بالأوامر، لكُنَّا نُسيء به الظنّ)) وكذلك قوله: ((والكلمة الواحدة يقولها اثنان يريد بها أحدهما: أعظم الباطل، ويريد بها الآخر محض الحق، والاعتبار بطريقة القائل وسيرته ومذهبه وما يدعو إليه ويناظر عليه))
إذن هناك قرائن تدل على حال الرجل وما يريد. والإنكار الذي وجّه إلى ابن عربي إنما هو في اشتمال عباراته وأشعاره لكلامٍ مخالف لظاهر الشرع، ولا يجوز السكوت عنه.
أمّا الحلاّج فكل من يقرأ سيرته يعلم أنه كان مشعوذًا ودجالاً، وليس من أهل العلم والتديّن، وظهرت منه أفعال منافية للدين. [انظره في (سير أعلام النبلاء) للذهبي]، وأما التلمساني فأمره أشد وأدهى، فقد كان يتُهم بالخمر والفسق والقيادة. [انظره (تاريخ الإسلام) للذهبي]
وكذلك كل من اتهمهم العلماء بأنهم يقولون بالحلول والاتحاد أو وحدة الوجود حقيقةً، نجد في سيرهم أنهم كانوا إما تاركين للصلاة أو منتهكين للمحارم أو منحطين إلى أرذل الأخلاق.
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[12 - 07 - 08, 02:27 ص]ـ
وأنا الآن لست بصدد الحديث عن ابن عربي، والناس فيه على فرق ثلاث.
وإنما أنا بصدد الحديث عن الأمير عبد القادر، فإذا كان العلماء يدافعون عن أشخاص تلفّظوا بكلام مرفوض شرعًا، بحجة أنهم أهل علم وصلاح ومقامهم في الإيمان عال. فكيف يكون موقفنا ممن يحترم أولئك الأشخاص فحسب ولم يتلفّظ بكلامهم بل تبرّئ من تلك المعتقدات؟ والذي شُهِد له بالصلابة في الدين، والتقوى والصلاح، والذي حَفِظَ القرآن وعمره خمسة عشر سنة، وتلقى الفقه والحديث، وجاهد في سبيل الله، وحكّم القرآن والسنة في شؤون إمارته كلها، وواظب على حضور الجمع والجماعة إلى آخر يوم من حياته، بل لم يفوّت الصلاة على وقتها جماعة وهو في بلاد الصليبيين وفي معاقلهم (قصر فرساي) وذلك أثناء زيارته لفرنسة مبعوثًا من قِبَل السلطان عبد المجيد خان، يقول محمد باشا: ((ثم نزل الأمير إلى الجنينة في ساحة السراية وصلى الظهر بمن معه من رفاقه، ثمّ ودّع الجنرال، وركب العربة المعدّة له وتوجه إلى غابة بلونيا وصلى العصر بمرأى من جموع كثيرة اجتمعت لرؤيته. أخبرني بعض من كان حاضرًا معه أنّ جميع من كان موجودًا في ذلك اليوم بتلك الغابة من الفرنساويين وغيرهم وقفوا صفوفًا ينظرون إلى صلاته ويمدحونه على إظهار شعائر دينه، ثم قال: والحق يُقال إن منظر الأمير منتصبًا للصلاة أمام الجميع خاشعًا لحضرة الحق تعالى، لَمِنَ المناظر التي تتحرك بها القلوب وتصرفها إلى جانب الحق تعالى، وبعد أن أتمّ صلاته توجّه إلى محلّ نزوله؛ واتّخذت الحكومة على محل صلاته سياجًا من حديد احترامًا له، وهو موجود لهذا العهد)).انتهى [تحفة الزائر2/ 158]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/204)
و هو الذي درّس الفقه المالكي والحديث النبوي، في الجامع الأموي ودار الحديث والمدرسة الجقمقيّة، وأجاز العلماء وطلاب العلم بصحيح البخاري ومسلم وموطّأ مالك، وإجازاتهم مازالت محفوظة إلى اليوم، ودرّس كتاب (الإتقان في علوم القرآن) للسيوطي و (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) للقاضي عياض، و (الرسالة) لابن أبي زيد القيرواني، وراسل أكابر علماء عصره وراسلوه أمثال الإمام الفقيه علي بن عبد السلام التسولي المالكي المغربي (الذي وضع كتابًا يعرض فيه أسئلة الأمير والجواب عليها وهو مطبوع)، والشيخ محمد الهادي العلوي الحسني القاضي بفاس (وجوابه للأمير موجود في تحفة الزائر 1/ 251)، ومفتي المالكية بمصر العلاّمة محمد عليش (الذي كان يُنكر بشدة على منحرفي الصوفيّة) وقد أثبت أسئلة الأمير في كتابه الشهير [فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب مالك (ص 328)]، والعلاّمة الشيخ حسن العدوي المالكي (وجوابه مثبت في تحفة الزائر 2/ 124)، وغيرهم من علماء الشام والحجاز وتركيا، ولم يرد أي طعن فيه من جميع علماء عصره!!! وكان محلّ تقدير عندهم، وكل من ترجم له من العلماء في عصره أو قريبًا منه إنما كانوا يثنون عليه وعلى دينه؟ وأشرفَ على غسله وتكفينه الشيخ الأزهري عبد الرحمن عليش ابن الشيخ محمد المذكور آنفًا.
يقول الشيخ جميل الشطي في وصف الأمير: ((هو السيد عبد القادر ابن السيد محيي الدين ابن السيد مصطفى الجزائري المغربي الحسني نزيل دمشق، الأمير الشهير، السيد الخطير، العالم العارف، بحر العلوم والمعارف .... وبالجملة فقد كان إمامًا جليلاً عالمًا عاملاً، نبيلاً نبيهًا، زاهدًا ورِعًا، مُهابًا شجاعًا كريمًا حليمًا، رحمه الله تعالى وجعل الجنّة مثواه)).انتهى [(أعيان دمشق) للشطي ص179]
وهؤلاء العلماء الذين مدحوا الأمير وراسلوه أو لازموه، وعرفوه عن قرب، وحضروا دروسه في العقيدة والحديث، كانوا لا يسكتون عن فضح المنحرفين والزنادقة، بل يشنّعون فيمن ظهرت منه أفعال تعارض الشريعة، فهذا الشيخ عبد الرزاق البيطار في كتابه (حلية البشر) وفي الجزء الذي ترجم فيه لشيخه الأمير عبد القادر؛ يترجم قبله لـ "سعيد الخالدي الدمشقي الشاذلي اليشرطي" فيقول عنه:
ولد سنة إحدى وعشرين بعد المائتين والألف ونشأ من أول عمره في العبادة، والطاعة والزهادة، وزيارة الأولياء والجلوس في مجالس العلماء ... وقد بدأ المترجم بتعلم ما لا بد منه، وما لا يستغني المكلف عنه، ثم التفت إلى التعلم، والاستفادة والتفهم ... ولم يزل مستقيمًا على حاله متخلصًا من أوحاله، إلى أن حضر إلى "داريا"خليفة من خلفاء الشيخ علي المغربي اليشرطي الشاذلي وكان قد أرسله من عكا، واسمه الشيخ أحمد البقاعي، فأخذ المترجم عنه الطريق، ثم بعد ذلك ذهب إلى زيارة الشيخ في عكا فحضر من عنده وقد انعكست حالته، وانقلبت إلى ضدّها في الظاهر طاعته، وعلاه طيشٌ وجنون، ومن المعلوم أن الجنونَ فنون، فذهب رونقه، وبان نورقه، واستثقل أمره وانخفض قدره، فترك الفقه والأصول والمعقول والمنقول، واستخف بالعلماء، وجحد فضيلة الفضلاء، وأنكر العلم والعمل، وعن كثير من التكليفات اعتزل، وقال هذه واجبة على المحجوبين لا على المحبوبين؟! وكان كثيراً ما يتكلم بالكلام، الذي لا يرتضيه مَنْ في قلبه ذرةٌ مِنَ الإسلام، وصار لا يقول بواجب ولا مسنون، ويقول إن التمسك بذلك محض جنون، ومن دخل في الطريق وترقى في المقامات صارت ذاته عين الذات، وصفاته عين الصفات، وهل يجب على الله صلاة أو صيام بحال، وهل يقال في حقه عن شيء حرام أو حلال، وأمثال ذلك كثير لا يرام، ولو أردنا أن نطيل به لخرجنا عما يقتضيه المقام. وقد وافقه على ذلك عدة أشخاص، قد خرجوا من الدين ولات حين مناص، فتجاهروا بالآثام، ولم يتقيدوا بحلال أو حرام مع أن شيخهم الأستاذ (يعني: علي المغربي) قد أنكر عليهم، ووجه أشدّ الملام إليهم، وكتب لهم ينهاهم عن ذلك، ويزجرهم عن هذه المسالك، وهم يؤولون كلامه، حتى صاروا فرقة ذات متانة وحمية، وما زال يتفاقم أمرهم، ويكثر جمعهم، إلى أن نفى الحاكمُ بسببهم أستاذَهم إلى جزيرة قبرص، ناسبًا القصور إليه، وكان المترجم خطيبًا في قرية كفرسوسيا وهي قرية من الشام تبعد قيد ميل، وكان منها معاشه، مع التعظيم والتبجيل، ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/205)
ثم بعد مدة طويلة عفت الحكومة عنهم على أنهم لا يعودون إلى أمثال هذه الرذيلة، ولا إلى الملابس البذيلة، فعاد المترجم إلى قريته، ومحل إقامته وخدمته، ورجع إلى حاله الأول وما رجع عن زيغه ولا تحول، فأعرض عنه أهل البلد ونصبوا له شرك النكد، إلى أن فصلوه، ووضعوا مكانه تلميذه وبمصلحته وصلوه، فعاد المترجم بعياله إلى الشام، وتزايد أمره بما يقتضي الاعتراض والملام، إلا أنه قد ضاقت يده، وهبط قدره وسؤدده، وذهب جماله وسقط كماله، فذهب إلى داريا يقري الأولاد، ودنياه تعامله بعكس المراد، وذلك كله لاتّباعه الباطل، وتمسكه بما ليس تحته سوى الشقاء من طائل، وكنت أنصحه بالرجوع إلى المطلوب، فيقول لي أنت عن الحقيقة محجوب، لو قطع رأسي وتفصلت أوصالي لا رجعت عن طريقي وحالي. فمرة كنت أمشي وإياه في الصحراء فرأى امرأة قروية قد لبست لباساً أحمر فقال لها يا حبيبي عملتَ نفسكَ امرأة ولَبِسْتَ اللباس الأحمر! ومرة رأى هرًا فصرخ وقال له عملتَ نفسكَ هرًّا وتظن أني ما عرفتك. وكان يقول عن إبليس إنسان كامل. وأمثال هذا كثير، مما لا يقول به جليل ولا حقير، ويقول للاّئمين أنتم أهل الرسوم، المتمسكون بظاهر العلوم، ونحن الصوفية أهل الطريقة، والوجدان والحقيقة. وما علم أن ذلك من أكبر الغلط، ومن قال به فقد سلك مسلك الشطط، وهل تجدي من غير شريعة طريقة، أو تصلح بما لا تمسك له بالقرآن والسنة حقيقة. قال صاحب الأسفار في شرحه على رسالة الخلوة للشيخ الأكبر قدس الله سرهما: (("وصية" يا أخي رحمك الله قد سافرت إلى أقصى البلاد، وعاشرت أصناف العباد، فما رأت عيني، ولا سمعت أذني، أشرّ ولا أقبح ولا أبعد عن جناب الله من طائفة تدعي أنها من كمل الصوفية وتنسب نفسها إلى الكمال، وتظهر بصورتهم، ومع هذا لا تؤمن بالله ورسله ولا باليوم الآخر ولا تتقيد بالتكاليف الشرعية، وتقررُ أحوال الرسل وما جاءوا به بوجه لا يرتضيه مَنْ في قلبه مثقال ذرة من الإيمان، فكيف من وصل إلى مراتب أهل الكشف والعيان، ورأينا منهم جماعة كثيرة من أكابرهم في بلاد أذربيجان وشيروان وجيلان وخراسان لعن الله جميعهم*، فالله الله يا أخي لا تسكن في قرية فيها واحد من هذه الطائفة، لقوله تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}،وإن لم يتيسر لك ذلك فاجهد أن لا تراهم ولا تجاورهم فكيف أن تعاشرهم وتخالطهم؟ وإن لم تفعل فما نصحتَ نفسك والله الهادي)).انتهى، وما زال المترجم على حاله خائضًا في أوحاله، إلى أن تمرض وتوفيرابع عشر جمادى الأولى سنة ألف ومائتين وأربع وتسعين. ودفن في جوار سيدنا بلال الحبشي نسأل الله أن يكون رجع عمّا كان عليه وتاب إلى الله وآب إليه)).انتهى [حلية البشر 2/ 669ـ673]
*وقد علّق الشيخ محمد بهجة البيطار، من شيوخ دمشق السلفيين، على هذا الكلام فقال: ((أقول:وقد وصل شرّهم وضرّهم إلى أرض الشام، وسمعنا ورأينا بعض من يرتكب تلك الآثام، عليهم من الله ما يستحقّون)).انتهى
والشيخ بهجة البيطار يصف الأمير عبد القادر فيقول: ((العالم المجاهد الكبير. وعين الشام وهامها وسيدها وهمامها)) وليس في كلامه عليه إلاّ الثناء والتوقير!! [وذلك في تعليقاته على (حلية البشر)]
وحين ترجم الشيخ عبد الرزاق للأمير: فإنه أثنى عليه الثناء كلّه وبالغ في مدحه، ولم يشر إلى أي شيء يخدش دينه. ولا أريد الإطالة في عرض وإيراد كل ما قيل في الأمير من الثناء والمدح.
ولكن هناك هام أمرٌ أحب أن أنبّه عليه:
وهو أنّ الشيخ عبد الرزاق البيطار يُعدُّ في ذلك العصر من أوائل علماء الشام الذين أخذوا بمذهب السلف، ولاقى بسبب ذلك كثيرًا من الفتن والمصائب، وعاداه كثير من شيوخ الشام، واتّهموه بتأسيس مذهب جديد، وكذلك كان الحال مع تلميذه العلاّمة جمال الدين القاسمي الذي سُجن وحُورِبَ بسبب عقيدته السلفيّة، ومحاربته للخرافات والانحرافات!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/206)
يقول الشيخ محمد بهجة البيطار في ترجمة جدّه الشيخ عبد الرزاق: ((فهو في بلاد الشام من أوّل العلماء بلا شبهة ولا مراء، لأنّه أوّل من أخذ بالدليل، وجاهد في هذا السبيل، ورفع فوق رؤوس أهل الحق راية السنّة والتنزيل)) ثمّ نقل قول العلاّمة القاسمي فيه: ((إن الشيخ عبد الرزاق البيطار ذاك العالم الجليل؛ ممن اشتهر بالإنكار على أرباب الخرافات، وممن يقاوم بلسانه وبراهينه تلك الخزعبلات، فإنّه ممن لا تأخذه في إبانة الحق لومة لائم، ولا يصده عتب عاتب ولا قومة قائم، وله صدع بالحق عجيب، وعدم محاباة ومداراة، وكل ما يروى من حكايات المتمفقرين فإنه يزنه بميزان العقل فإنْ أباه ردَّه جهارًا، وقابل قائله بالصد إنكارًا، وطالما صرّح بالإنكار على من يُنادي مَنْ يعتقد فيه العامّة من الأموات ويستشفع به في قضاء الحاجات، ويعرّفهم ما قاله السلف في هذا الباب مِنْ أنه أمرٌ ما أَذِنَ اللهُ به، إذ أمر بدعائه وحده، فدعاء غيره مما لا يرضيه كما صرّح به في غير آية من كريم الكتاب، وقصْده ترقية العامّة عن نداء أحدٍ إلاّ الله، وعدم تعليق القلب إلاّ بالخالق تبارك وتعالى)).انتهى [انظر مقدمة (حلية البشر) 1/ 12ـ17]
هذا العالمُ الصادع بالحق كتبَ مقالةً سنة 1296هـ إثر ذيوع خبر وفاة الأمير، ثم ظهور بقائه حيًّا وإنما كان مريضًا، يحمد الله فيها فقال: ((نحمدُك يا منعم على إحسانك، ونشكرك على جزيل امتنانك، حمدًا وافيًا بوافر آلائك، وشكرًا مكافيًا لمُتكاثِر نَعْمائك، يا راحم المتضرّعين، ما أرأفك، ويا منّان على المنقطعين ما أعطفك، ويا ذا الرحمة والجود ما أحلمك، ويا دافع النقمة بلطفك ما أحكمك وأعظمك، قد غمرتنا بجميل المعروف، وأغرقتنا في بحر لطفك الموصوف، وأسبلت علينا سترك الجميل، وأدمت لنا حصنك الجليل، مَنْ أنقذتنا به من أودية الغواية، إلى فسيح الرشاد والهداية، وعرّفتنا به المطلوب، وهديتنا بهدايته إلى الصراط المرغوب، وكشفت به لنا عيوبًا كنّا نعتقدها طاعة، ودللتنا به على نهج السنّة والجماعة؛ الأمجد الأوحد، والعَلَم المفرد، بحر الأكارم، وحبر العوالم، .... يد السماحة لكل طالب، وباب الدخول لكل راغب، الرافع بفضائله أعلام الرايات الدينيّة، والقامع بدلائله معاندي الشريعة المحمديّة، أمير الأمراء، وقطب مدار الفضلاء، .... الحسيب النسيب، والشريف الماجد الأريب، السيد عبد القادر الحسني، أدام الله بقاءه وجُوْدَه الهني، .... إلخ)).انتهى
وليس غرضي من هذا النقل ذكر ما فيه من مبالغة في المديح وتعداد الأوصاف (على عادة أهل ذلك العصر)، وإنما غرضي ما قاله الشيخ البيطار مِنْ كون الأمير عبد القادر هو الذي دلّهم على نهج السنة والجماعة، ونفّرهم من البدع التي كانوا يظنون أنها طاعات!
وإن شاء الله أتابع الحديث عن تطور فكر الأمير، وأثره في تلامذته وأصحابه، وآثاره في بعث الصحوة في بلاد الشام، لاحقًا.
والحمد لله ربّ العالمين
خلدون بن مكّي الحسني
للبحث صِلة إن شاء الله
ـ[ابن عبدالكريم]ــــــــ[12 - 07 - 08, 07:26 ص]ـ
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل / خلدون الحسني على هذا البحث الماتع , و جعل ما تكتبونه في ميزان حسناتكم يوم القيامة ... و لكن عندي تنبيه بسيط على هذا المقطع ..
بدايةً أريد أن أنبّه الأخ محمد المبارك، والإخوة القرّاء إلى موضوع هام في هذا المقام: لقد أُنشِأت في الدول الكبرى كالاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية وأوربا وزارة اسمها (وزارة الحقيقة) هدفها غسل الأدمغة وتشويه الحقيقة وإعادة كتابة التاريخ وفق ما يناسب توجهاتها السياسية والثقافية. ومما قاله أحد المؤسسين لهذه الفكرة:"الخطوة الأولى في تصْفِيَة شعبٍ ما: هي أن تمسح ذاكرته. دمّر كُتُبَه، وثقافَتَه، وتاريخه، ثم اجعلْ شخصًا ما يكتبُ كتُبًا جديدة، واصنع ثقافة جديدة، واخترع تاريخًا جديدًا. ولن يمرَّ وقتٌ طويل حتى تبدأ الأمّة بنسيان ماذا تكون وماذا كانت".انتهى [من كتاب (موت الغرب) لـ باتريك بوكانان؛ عن مجلّة الحرس الوطني العدد 256 شعبان 1424هـ]
لعلك وهمت شيخنا الفاضل , أو وهمت مجلة الحرس الوطني في النقل عن " باتريك بوكانان ". فلا يوجد في أي من هذه الدول - و لم يوجد في يوم من الأيام - وزارة باسم وزارة الحقيقة. و إنما هي وزارة خيالية إخترعها الكاتب الشهير " جورج أورويل " في روايته ذائعة الصيت " 1984 " * , ثم صارت مثلا شهيرا يضربه الناس في الغرب - خاصة مثقفوهم - ليسخروا به من الأكاذيب التي تضلل بها بعض الحكومات شعوبها.
أما أنه يوجد - أو وجد في يوم ما - وزارة حقيقية بهذا الاسم , فلا. و إنما هو - كما أسلفنا - تشبيه يضرب لتقريب الصورة.
---------------------------------------------------
* و المقطع الذي تفضلتم بذكره من أشهر مقاطع الرواية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/207)
ـ[محمد بن الحسني]ــــــــ[12 - 07 - 08, 06:53 م]ـ
أخي خلدون الحسني سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
لقد تابعت ما تكتب في هذه الحلقات حول الأمير عبدالقادر الجزائري، و لاحظت هذه الملاحظات العابرة حول منهجية بحثك و إجاباتك مع الخصوم، و علم الله أنني من المحبين لك و الداعين لكم بظهر الغيب، و ليس هذا بسبب هذا الموضوع، بل إ - ا نفرح بوجود أهل السنةو أنصارها في مثل دياركم و لو لم نعرف اعيانهم، و أسأله عز و جل أن يثبتكم ويهديكم سواء السبيل ..
أخي الحبيب أحصر كلامي معك في أمرين:
الأمر الأول: تضخيم عنوان البحث بما لا يتناسب مع منزلته العلمية.
أولاً: ألاحظ أنك تجعل من عبدالقادر إماماً كبيراً من أئمة الدين و الاسلام .. وتاريخه يتناقض مع ذلك؟! و من ثم فأنت تضخم الرجل و الموضوع حتى في عنوانه، فتجعله (رد الشبهات المثارة .. )، لاحظ أنه لم يثر أحد أو يدعي أحد ذلك .. بل هذا ما سطره التاريخ عنه ..
ثانياً: أن رد الشبهات إنما يكون عن الأمور البينات التي يحصل فيها اللبس واللغط، و لا ريب أن تاريخ أخي جدكم الأكبر ليس من الأمور البينات الواضحات المشتهرات في الأمة ..
ثالثاً: تاريخه لم يكتبه كتاب مقالات الانترنت، و إنما دونه الموافق و المخالف.
رابعاً: الرد من قبلكم فيه شائبة العصبية، و هو ظاهر للأسف في كتاباتك مع محاولتكم العلمية أن تبتعدوا عن ذلك .. و أنا هنا أتساءل: هل دعاة السلفية و المنهج العلمي يقعون فيما يحذرون منه؟ و ما السبب لذلك؟
خامساً: أسلوب دفاعك المستميت عن عبدالقادر الجزائري يجعل من الممكن قبول أي دفاع عن أي علم صوفي قديم أو معاصر، ولو نقل عنه الأعلام و الأئمة أنه من الملاحدة و الزنادقة؟ و بالتالي فكلامك و ردك على الجفري يمكن أن يفسر بتفسيرات أخرى؟! لاحظ أنك تقتات في دفاعك عن جدكم الصوفي الشهير بفروع ونقول في محال عامة، لتثبت بها مقمات ضخمة .. إن طريقة القص واللصقهذه لا تصلح في كتابة التاريخ .. التاريخ ليس كما تريد أنت .. التاريخ من قدر الله، ولا تملك أنت تغييره بمجرد نصب اهدف وتمحل و تكلف الجواب؟!
سادساً: يؤسفني أن ألاحظ في كلامك عدم وضوح من موقفكم حول موضوع ابن عربي .. داعية وحدة الوجود .. أو ليس هو من ملاحدة الصوفية؟ قد تستدل بكلام ابن تيمية المعروف - الذي نقلته - لكن في باب التحذير والبيان، يذكر أن كلام رجل كفر و إلحاد و خروج عن الملة .. ، و أراك تمتحل المعاذير له و لأتباعه ومعظميه في أمر أصيل من الإسلام .. و لهذا نراك تقول ((إذن هكذا يعتقد هذا الرجل المعظّم لابن عربي، فهل يجوز لي بعد أن سمعتُ منه أن عقيدة وحدة الوجود كفرٌ وقائلها ومعتقدها كافر، أن أصفه بأنه على عقيدة وحدة الوجود لأنّه يعظّم ويوقّر ابن عربي؟! لا يجوز هذا أبدًا))
و السؤال: لماذا لاتفرق بين القول والقائل؟ قد يكون من سألته من شيوخ التصوف في الشام لا يعلم كفر ابن عربي .. و أن أقواله هي عين الكفر و الالحاد .. ؟ و هذا لا إشكال فيه على امثالهم .. لكن أن ينطلي ذلك على مثلك .. ؟ فهذه مصيبة؟!
و هذا يقودنا إلى وجوب مراجعة ومباحثة أصول الاسلام ومنطلقات الاستدلال العلمي قبل أن نخوض في الرجال و تصنيفهم .. !!
الأمر الثاني: الغلو و العصبية في أخي جدكم محمد سعيد (الأمير عبدالقادر)؟
أخي مهما حاولت ستظل شهادتك مجروحة في عبدالقادر الجزائري؟ لأنك من نفس بيته ..
و لا ادري لماذا لا تقول: اخطأ جدنا عبدالقادر في كذا، و ما كان له أن يقول كذا، و كلامه هذا كفر و ذاك ردة عن الاسلام، و معلوم أن هناك فرق بين الحكم على القول و القائل؟
لا حظ أنك تجعل منه محيي لمنهج اهل السنة والجماعة؟ فهل صحوة اهل السنة كانت من أفكار جدكم؟! نرجو احترام عقولنا لو سمحتم؟!
أي طريق سوى ذلك سنثبت مدى هشاشة المنهج الذي ننتسب له، لأنه عندما يأتي رجل كالجفري نبحث في تصوفه ونرد عليه بكل عنف، و عندما يأتي موضوع الرفاعية نفعل نفس الأمر .. و نتصيد في كلام أبي الهدى ما لا يخطر على بال .. لكن عندما يأتي جدنا عبدالقادر،، نرد الأمور المشهورة البينة، و نقول: إنها مجرد شبهات .. مثارة .. يا غربة الحق و أهله .. هل هذا صراع خفي على نفوذ عوائل صوفية قديمة .. نرجو أن لا تنقل لنا معارك قديمة و ترحل لعصرنا من أفريقيا إلى آسيا .. فسيظل كل منكم له مقام معلوم في الدين لن يتجاوزه، وليس هذا إلا بما ظهر من الأعمال إن خيراً فخير و إن شراً فشر، و السرائر يتولاها الله تعالى ...
و لهذا أختم تعليقي بتذكيرك بتقوى الله قبل كل شيء و الانعتاق من الهم الأسري و العائلي الضيق و البرستيج الخادع الكاذب و التاريخ الحافل لأجدادنا، فإنه لن ينفعك و لن ينفع جدكم عبدالقادر الجزائري بشيء؟!! و لن ينفع إلا الايمان و العمل الصالح، و الله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/208)
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[13 - 07 - 08, 05:27 ص]ـ
- الأخ الكريم ابن عبد الكريم، جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم، وشكرًا لمشاركتك الكريمة، وتنبيهك المفيد.
ولقد أعدت قراءة المقال المنشور في مجلة الحرس الوطني، وكنت قرأته سنة 1424، فوجدت الأمر كما تفضّلت أخي الكريم فإنّ باترك بوكانان (وفقًا للمجلة) يشبّه أساليب الكتّاب الذين يدمّرون التاريخ بأساليب (الأخ الأكبر) في رواية جورج أوريل "1984"، ولكن المقطع الذي نقلتُه عنه، عزاه إلى كتاب (تفريق أمريكا) فقال: ينقل آرثر شليسنجر عن شخصية من كتاب ميلان كونديرا، كتاب الضحك والنسيان؟، تقول: الخطوة الأولى في تصفية شعب هي ... الخ
وفي الحقيقة إن طريقة عرض الكتاب في المجلة فيها تداخل فأحيانًا لا تميّز الكلام لمن لبوكانان أم لأوريل أم للآخرين الذين ينقل عنهم. فلذلك اكتفيت بالعزو إلى كتاب بوكانان الذي ينقل عن أولئك.
وأما فيما يخص وزارة الحقيقة فالوهم منّي ولاشك، فهذا الاسم أطلقه فيما يبدو أوريل على الهيآت والمؤسسات التي أنشأتها الدول بغرض تشويه التاريخ والحقائق وهذه المؤسسات موجودة ولكن ليس بهذا الاسم وإنما تحت مسمّيات أخرى تتخفى بها. ويقصد الكاتب بـ (وزارة الحقيقة) أي التي تشوّه الحقيقة!
وعليه فإنّ عبارتي غير دقيقة، وسأعيد صياغتها، والفضل يعود إليكم في تنبيهي إلى هذا الخطأ، فجزاكم الله عني خير الجزاء.
وتجدون في المرفقات صورتين لصفحتين من المقالة في مجلة الحرس.
http://file9.9q9q.net/img/19347197/scanimage2.jpg[/url
[URL="http://file9.9q9q.net/preview/65735591/scanimage3.jpg.html"]http://file9.9q9q.net/img/65735591/scanimage3.jpg (http://file9.9q9q.net/prev iew/19347197/scanimage2.jpg.ht ml)
والتحميل من هنا:
http://file9.9q9q.net/Download/19347...mage2.jpg.html (http://file9.9q9q.net/Download/19347197/scanimage2.jpg.html)
http://file9.9q9q.net/Download/65735...mage3.jpg.html (http://file9.9q9q.net/Download/65735591/scanimage3.jpg.html)
ـ[حذافة]ــــــــ[14 - 07 - 08, 09:55 م]ـ
الأخ محمد بن الحسني لقد قرأت تعليقك على الحلقات التي يكتبها الشيخ أبو إدريس فلاحظت عليك بعض الملاحظات العابرة.
1ـ أنّك تعيش في ديار غير ديار الشام وأنك تجهل علماءها ودعاتها، وأنك فرح لوجود أهل السنة في مثل ديار الشام!! ولا أدري ما هذا الكلام.
إنّ ديار الشام هي التي ظهر فيها أئمّة الإصلاح وأئمّة الدفاع عن السنة وأئمة محاربة البدع وقمعها على مر العصور والأيام أمثال العز بن عبد السلام والنووي وابن تيمية والمزّي والبرزالي والذهبي وابن القيم وابن كثير ..
وأمثال عبد الغني الغنيمي وتلميذه الشيخ طاهر الجزائري ومحمد كرد علي وبهجة البيطار وأمين المصري وعبد الرحمن الباني وناصر الدين الألباني وعبد القادر الأرناؤوط ومهدي الاسطانبولي وعيد عبّاسي وخير الدين وانلي وغيرهم كثير رحمة الله عليهم أجمعين. ولم تزل بلاد الشام ولله الحمد تخرّج دعاة الإصلاح وإحياء السنة الذين يتّصفون بالعلم الواسع والأدب المحمّدي والشفقة على المسلمين
وهم أبعد الناس عن انتهاج أسلوب السب والشتم والتكفير.
2ـ أنك لم تقرأ الحلقات فيما يبدو حتى وصفتها بما وصفتها.
والعنوان الضخم الذي كان عليك أن تنتقده هو عنوان المقال الذي يرد عليه الشيخ أبو إدريس
وعنوانه ((فك الشفرة الجزائرية وفتح الأيقونة الباريسية)) وهو يقع في عشر صفحات أتى فيها صاحبه بالعجائب والمنكرات عقلا ونقلا وهو الذي أثار تلك الشبهات والشيخ يرد عليها.
3ـ أنك تزعم أن التاريخ يثبت على الأمير الجزائري تلك الشبهات ولكنك لن تذكر لنا أي كتاب أو مصدر تاريخي في حين أن الشيخ أبو إدريس لا ينقل إلا من المراجع التاريخية المشهورة كما هو واضح في بحثه (لمن يقرأ)
4ـ أنك تنكر كون الأمير الجزائري هو جد الشيخ أبي إدريس ولم تذكر مرجعك في ذلك وأخشى ما أخشاه أن تكون اعتمدت على كلام بعض الصوفية الكذبة الذين يحاربون الشيخ ونقل كلامهم بعض المشاركين هنا في منتدانا ويا للعار.
5ـ تصف الشيخ بالمتعصب لجدّه وتقول إن ذلك ظاهر في كلامه وأنا وكثيرون غيري لم نلمس أي شائبة عصبيّة في كلامه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/209)
6ـ أنك أنت الذي تستميت في محاولة الإساءة للشيخ أبي إدريس ولم تأت بأي اعتراض علمي أو بأي دليل على كلامك وللأسف صرت تريد أن تشكك بصدق دعوته وغيرته على السنة وأنت الذي قلت أنك تحب الشيخ وتدعو له بظهر الغيب.
7ـ الواضح أنك تكره الأمير وعندك فكرة مسبقة عنه مستقرة في ذهنك ولذلك لم يعجبك قول العلماء والمؤرخين الذين أثنوا عليه فرحت تتهم الشيخ أبا إدريس بأنه يغير التاريخ وهذا والله عيب عليك. فإذا لم تستطع أن تبرهن على عكس ما ذكره الشيخ فلا تتهم وتفتري.
8ـ أعيد فأقول إنك لم تقرأ الحلقات لأن الشيخ بين فيها موقفه من ابن عربي ومن التصوف المنحرف بكل وضوح فلماذا لم تنتبه لتصريحاته؟ وكما قلت أنت فإن عليك أن تراجع أصول الإسلام وقواعد الاستدلال العلمي قبل أن تتكلم في الرجال وتتهمهم بالهوى.
9ـ الأمير هو جد الشيخ أبي إدريس، وإذا كنت تجهل ذلك فكان الواجب عليك أن تسأله عن صلته به، لا أن تقول له أخي جدكم! والظاهر يا أخي أن شهادتك هي المجروحة وبشدة لأنّك سجّلت الآن في المنتدى وبهذا الاسم الوهمي (محمد بن الحسني) لا لشيء وإنما لتفرغ ما في نفسك من مشاعر متحاملة على الشيخ أبي إدريس، ولهجة كلامك وألفاظك تفضحك وأنت لم تأت بأي نقد علمي وإنما كان كل همّك أن تؤذي الشيخ بكلامك. وأقول لك إنّ ما فعلت لن يؤثر في الشيخ ولا في نظرة الإخوة فيه وإنما فضحت فيه نفسك ولو كنت صادقا لكتبت باسمك الحقيقي.
ولو كنت محبا لأبي إدريس وللحق لكنت أرسلتها رسالة خاصة إليه تستفهم منه ما لم تفهمه وتجهله.
10ـ كيف تريد من الشيخ أن يتهم أحدا بكلام لم يثبت عليه. هل كونك تتوهم ثبوته يجعله حجة عند من يحقق في ثبوت الكلام.
11ـ أين وجدت في كلام الشيخ أنه يجعل من الأمير محييا لمنهج السنة والجماعة؟ الشيخ نقل كلام علاّمة الشام الشيخ عبد الرزاق البيطار والذي هو تلميذ الأمير. والحقيقة الثابتة والتي لا تقبل أي نقد هي أن العلامة البيطار كان من الذين أخذوا بعقيدة السلف وترك ما كان يعتقده من كلام الأشاعرة وغيرهم، وقد تعرّض لهجوم شديد هو تلميذه الجمال القاسمي شيخ السلفية في الشام.
والبيطار هو الذي وصف الأمير بذلك. فإذا كان هذا مما لا يعجبك أو لا تريده فاحترم عقول الآخرين الذين يبحثون عن الحقيقة لا عن الأكاذيب ولا تحاول يائسا أن تشوش عليهم.
12ـ إنك مع اقتراب تعليقك من النهاية تكثفت فيه مادة غيظك الداخلي.
وإلا فكيف تصف النقد العلمي الهادئ الموجه من الشيخ لداعية التصوف الجفري في كتابه إلى أين بأنه هجوم عنيف؟ لماذا هذا التحامل. إن الكثير من المتصوفة لم يصفوا الكتاب بالهجوم العنيف.
وأنا عن نفسي لم أجد أيّ كتاب نقدي قديم أو معاصر بلطف ذلك النقد وهدوئه مع كامل الحجة والبرهان. وأما كلامك على الرفاعية وأبي الهدى فهذا يجعلني أتشكك في أمرك.
ومن العيب عليك أن تتحدث عن إفريقية وآسيا ونحن وأنتم. ثم تتهم الآخرين بالصراع على النفوذ الأسري.
وأختم كلامي بتذكيرك أخي بحديث النبي صلى الله عليه وسلم (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) وبقوله عليه الصلاة والسلام (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)
واتق الله في نفسك وفي الآخرين واتق الله فيما تكتب وتبثّ.
ـ[محمد بن الحسني]ــــــــ[15 - 07 - 08, 04:29 م]ـ
أخي الكريم حذيفة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أعجبني قولكم - جزاك الله خيراً -:
[و أختم كلامي بتذكيرك أخي بحديث النبي صلى الله عليه وسلم (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) وبقوله عليه الصلاة والسلام (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) .. ].
ـ[حذافة]ــــــــ[16 - 07 - 08, 02:50 م]ـ
ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل
ـ[محمد بن الحسني]ــــــــ[16 - 07 - 08, 02:59 م]ـ
إذن أنت أبو إدريس!
واصل حلقاتك .. !!
ـ[حذافة]ــــــــ[16 - 07 - 08, 04:46 م]ـ
ما شاء الله حولك ما كنت أعلم أنك تعلم الغيب
مسجل من أيام ومشاركاتك الثلاث في يوم واحد
رمتني بدائها وانسلت
ـ[محمد بن الحسني]ــــــــ[16 - 07 - 08, 09:04 م]ـ
أخي الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
اللهم غفرا .. !
هل أثارك كلامي إلى هذا الحد؟ إني أعتذر عن أي إساءة لم أقصدها لك اخي ..
المهم واصل الحلقات ... سواءً كنت أبا إدريس أم لا؟!
تحياتي
ـ[حذافة]ــــــــ[17 - 07 - 08, 02:53 ص]ـ
أخي محمد بن الحسني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في مشاركتك السابقة افتراء علي وعلى الشيخ أبي إدريس الحسني
ليكن بمعلومك أن معرفي (حذافة) أكتب به في أكثر من ستين منتدى خاصة منها منتديات أهل البدع والأهواء من الرافضة والصوفية .... وقد كان لي الشيخ أبو إدريس الحسني نعم المعين في الرد على المبتدعة في بعض هذه المنتديات، وقد عرفته من أهل العلم والهمة، فألمني أنه في الوقت الذي يثخن الشيخ أبو إدريس في أهل البدع بحكمته وعلمه يتلقى الطعنات في منتديات أهل السنة من أمثالك .....
ولكي تكون على ثقة من كلامي إليك بعض المنتديات التي أكتب بها بمعرفي (حذافة) منتدى الصوفية ـ شبكة القطيف الثقافية ـ منتديات المهندس ـ ملتقى أهل السنة والجماعة في السودان ـ في منتدى الدفاع عن السنة ـ النيلين ـ بحريني ـ الحوار الوطني ـ روح الإسلام ـ الأنصارـ الاستقامة ـ العزة ـ الدررـ رسالة الإسلام ـ هوازن ـ منتدى الأنبار ـ بوابة العرب ـ الركن الليبي ـ الإمارات الذهبية ـ منتديات المنداة الدعوية ـ من هم الاباصية ـ الصايرة ـ الوفاق ـ سوالف ـ مشار ـ بلاد الشام ـ طريقك للتشيع يبدأ من هنا ـ منتديات إسلامنا ـ منتدى التوحيد ـ منتدى المدينة المنورة ـ الجازي ـ المشكاة ـ منتدى الجزيرة ـ شبكة فلسطين ـ منتدى الاصلاح ـ منتدى الفقه ـ منتدى الأحساء ـ منتدى الأسد ـ منتدى صفحات ـ منتدى المعالي ـ منتدى الكاشف ـ منتدى الإبداع الإسلامي ـ منتدى الوسطية ـ منتدى المدينة المنورة ـ المجلس اليمني ـ الشلة ـ سوريا ستار ـ سقيفة الشبامي ـ منتدى حضرموت ـ منتدى عمرو خالد ـ السرداب ـ منتديات المهاجر ـ الشاملة ..........
على كل أنا عن نفسي قد سامحتك لله، والعذر منك أخي
غفر الله لي ولك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/210)
ـ[محمد بن أبي أحمد]ــــــــ[25 - 07 - 08, 11:26 م]ـ
شيخنا أبا إدريس، الذي كنت أعرفه عن الأمير هو قوله بالحلول وتحريقه لكتب شيخ الإسلام وكنت قد قرأت ولا أذكر المصدر أن تحريقه لكتب شيخ الإسلام هو الذي دفع الشيخ الطاهر إلى البحث عنها وشرائها وجمعها فكان المحرق جزائريا والجامع جزائريا ...
المهم الحقيقة أتمنى أن يكون ما تقوله هو الصواب ولكن وجدت في صفحات الأنترنت هذه النقول عن الأمير فما مدى صحة النقل عنه؟
ـ قال الأمير عبد القادر الجزائري: ((لو أصغى إلي المسلمون و النصارى، لرفعت الخلاف بينهم، ولصاروا إخوانا، ظاهرا و باطنا، ولكن لا يصغون إلي)).اهـ من [ذكرى العاقل و تنبيه الغافل: ص/107]
ـ قال الأمير عبد القادر الجزائري كما في [المواقف: م1/ص20]:
فطورا تراني مسلما أي مسلم//زهودا نسوكا خاضعا طالبا مدا
وطورا تراني للكنائس مسرعا//وفي وسطي الزنار أحكمته شدا
وطورا بمدارس اليهود مدرسا//أقرر توراة و أبدي لهم رشدا
ـ قال الأمير عبد القادر الجزائري في [الديوان: ص152، والمواقف: م2/ص942]:
يا سيدي رسول الله يا سندي//ويا رجائي ويا حضني ويا مددي
ويا ذخيرة فقري يا عياذي يا//غوثي ويا عدتي للخطب و النكد
يا كهف ذلي ويا حامي الدمار ويا//شفيعنا في غد أرجوك يا سندي
إن أنت راض فيا فخري ويا شرفي//ماذا علي إذا واليت من أحد
ـ قال الأمير عبد القادر الجزائري في [المواقف: م2/ص872]:
((فمن الأقطاب من يكون على قدم عيسى و موسى و نوح و إبراهيم و صالح وغيرهم من الأنبياء، وليس في الأقطاب من هو على قدم محمد-صلى الله عليه سلم-بأن يكون وارثا له-صلى الله عليه و سلم-وإنما يكون على قدمه بعض الأفراد، والشيخ الأكبر محي الدين منهم، وهو خاتمهم، فليس بعده وارث محمدي)).اهـ
ـ قال الأمير عبد القادر الجزائري في [الديوان/ص201]:
عيادي ملاذي وعمدتي ثم عدتي//وكهفي إذا أبدى نواجذه الدهر
غياثي من أيدي العداة و منقذي//منيري مجيري عندما غمني الغمر
ومحي رفاتي بعد أن كنت رمة//وأكسبني عمرا لعمري هو العمر
قال كذلك في [الديوان/ص203 - 204]:
حريص على هدي الخلائق جاهدا // رحيم بهم خبير له القدر
كساه رسول الله ثوب خلافة // له الحكم و التصريف و النهي و الأمر
وقيل له: إن شئت قل: قدمي علا // على كل فضل أحاط به العصر
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[11 - 09 - 08, 07:56 م]ـ
المسألة لها جانبان رئيسان لا ينبغي الاشتغال بغيرهما:
- الإغراق في التصوف ووحدة الوجود
- العمالة لفرنسا في السنوات الشامية
نعم صدقت
ـ[أبو عبد الله المقدسي]ــــــــ[11 - 09 - 08, 08:42 م]ـ
ذكر بعض معلمينا أنه رأى صحيفة من صحيح البخاري في متحف بالجزائر أو ب"فرنسا"، و قال: كان الأمير يلازمها أو قال حين موته، وأرجوا من الإخوة الجزائريين ألا يبخلوا في ذكر المصادر.
تسجيل متابعة.
ـ[النذير1]ــــــــ[12 - 09 - 08, 12:24 ص]ـ
نعم صدقت
وصدقت أنت أيضا
فالمسألة ليست في إحراق المخطوطات ولكن في الجانبين الذي لا ينبغي الاشتغال بغيرهما كما ذكر الأخ الفاضل خزانة الأدب مع تعديل بسيط:
- الإغراق في التصوف ووحدة الوجود
- االعلاقة مع فرنسا في السنوات الشامية
وعين الرضا عن كل عيب كليلة **** لكن عين السخط تبدي المساويا
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[08 - 10 - 08, 03:15 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لأسباب قدّرها الله تغيّبت مدة تزيد على الشهرين
وإن شاء الله نتابع معكم سلسلة حلقات رد الشبهات
والسلام عليكم
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[08 - 10 - 08, 03:16 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الثامنة
انتقل الأخ محمد مبارك في مقاله (فك الشفرة) بعد كل تلك المقدمات عن تصوف الأمير وتقديس ابن عربي وغيره، إلى الحديث عن ابن عربي ذاته. ولا يهمني الآن ما ذكره الأخ الكاتب عن ابن عربي فليس هو موضوع بحثي؛ وكلُّ كلامٍ صدر من ابن عربي أو غيره، فيه مخالفة للشريعة أو استخفاف بأصول الدين وقطعيّاته فهو مردود ومرفوض، وأما شخص ابن عربي فقد تحدّث عنه علماء الإسلام الأثبات المعاصرين له أمثال الإمام العز ابن عبد السلام، ومن جاء بعدهم، وقد أوردتُ بعضًا من كلامهم في كتابي [إلى أين أيها الحبيب الجفري؟!]، ولكن الذي يهمني هو النتيجة التي خرج بها الكاتب بعد حديثه عن ابن عربي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/211)
لقد استنتج أن عقيدة وحدة الوجود عند ابن عربي تصحح عقيدة وحدة الأديان التي يكثر الحديث عنها اليوم وتتلاقى مع الماسونية!
وطبعًا هذا كلام غير دقيق. والكاتب لم يفرّق بين هذه المسميات في مقاله، لذلك نجد أنها متداخلة، والقارئ سيفهم أن الحلول يقابل وحدة الوجود، ووحدة الوجود تقابل الماسونية، والماسونية تقابل وحدة الأديان، ووحدة الأديان تقابل وحدة الوجود!
نعم إنّ بعض هذه المسميات يتقاطع مع بعضها الآخر في جزء من الأجزاء من الناحية الفلسفية ولكن ليس ضمن المفاهيم المستقرّة اليوم والتي يجري التعامل مع تلك المسميات وفقًا لها.
يقول الكاتب: ((ونظرية وحدة الوجود تقول بأن الله عز و جل موجود ـ و العياذ بالله ـ في كل مكان، و بذلك تصحِّح نظرية وحدة الأديان الذي أسماه ابن عربي (دين الحب) أيما تصحيح، بحيث تنضوي تحته كل عقيدة)).انتهى
تعريف وحدة الوجود عند الكاتب غير دقيق! وما ذكره هو عقيدة ومذهب الجهميّة!
وأنا لا أريد الخوض في تفاصيل هذا الموضوع حتى لا نشتت القرّاء ولكن سأنبّه على أشياء منه.
أولاً، الحلول: ((مذهبٌ يعتقد أصحابه أنّ الله تعالى حالٌّ في كل شيء، وفي كل جزء من كل شيء متحدٌ به، حتى صار يصح أن يطلق على كل شيء أنه الله، تغليبًا للاهوت على الناسوت.
والعقيدة الحلولية نجدها عند فرقة من المتصوّفة، وهي ليس وقفًا عليهم، وإنما لها جذورها في الديانات المجوسية والهندية واليهودية والنصرانيّة. فاليعاقبة، من النصارى القائلين بحلول الله سبحانه في جسد المسيح عليه السلام: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة:72]
وعقيدة الحلول الموجودة عند المتصوفة تخالف المعتقدات الإسلامية؛ لأنهم يقصدون بها أن روح الله تعالى حلّت في بعض الأجسام التي اصطفاها واختارها، فانقلبت هذه الأجسام البشرية إلى آلهة تسير على الأرض وتعيش بين الناس.
أشهر القائلين بالحلول (الحلاّج)، وقد شرح عقيدة الحلول بقوله:"مَنْ هذَّبَ نفسه في الطاعة، وصبر على اللذات والشهوات، ارتقى إلى مقام المقرّبين، ثم لا يزال يصفو ويرتقي في درجات المصافاة حتى يصفو عن البشرية، فإذا لم يبق فيه من البشرية حظّ حلَّ فيه روح الإله الذي حلَّ في عيسى ابن مريم، ولم يُرِدْ حينئذ شيئًا إلاّ كان كما أراد، وكان جميع فعله فعل الله تعالى"
وكذلك (أبو يزيد البسطامي)، فقد روي عنه أنه دخل مدينة فتبعه فيها خلقٌ كثير، فالتفت إليهم وقال: {إني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدون}. فقال الناس: "جُنَّ أبو يزيد" وتركوه.
وتُشبه عقيدة الحلول عند المتصوفة عقيدة التجلّي، إذ يكون فيها تجلي الذات الإلهية باسمٍ أو صفة. يقول (عبد الكريم الجيلي):"ومنهم من تجلّى الله عليه بصفة السمع، فيسمع نُطقَ الجمادات والنباتات والحيوانات وكلام الملائكة واختلاف اللغات ... وفي هذا التجلّي سمعتُ علم الرحمانية من الرحمن، فتعلمت قراءة القرآن، فكنتُ الرطل وكان الميزان، وهذا لا يفهمه إلاّ أهل القرآن"
من أشهر الفرق القائلة بالحلول، الحلاّجيّة والعذاقرة، إذ تعتقد الأولى أنّ روح الله حلّت في الحلاّج، والأخرى أنها حلّت في محمد بن السلمقاني الملقّب بأبي العذاقرة.
وقد أفتى الفقهاء بكفر هذه الفرق، وقالوا إنّ غايتها إفساد عقيدة التوحيد عند المسلمين، فالله مُنَزَّهٌ عن أن يحلَّ بشيء أو يحل به شيء)).انتهى [الموسوعة الإسلامية الميسّرة 5/ 936]
ثانيًا؛ إنّ وحدة الوجود: (مذهب فلسفي يوحِّد بين الله والعالم،ولا يُقِر إلاّ بوجود واحد هو الله، وكل ما عداه أعراضٌ له. وقد نشأت هذه الفكرة عن أصل ديني صدر عن البراهمة، وعن آراء علميّة ترمي إلى تفسير التغير والثبوت في العالم، وقد قال هذا إكسانوفان والرّواقيون، وظهر في الأفلاطونيّة الحديثة والفلسفة الحديثة إذ مَثّله سبينوزا، وتجلّت آثاره في مثاليّة نيتشه وهيغل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/212)
أمّا المسلمون فقد ظهر هذا المذهب بتوضيح جديد عندهم، ذكره الشيخ محيي الدين ابن عربي وابن سبعين وسواهما، وقد حاولوا شرحه بما لا يناقض عقيدتهم، فصعب الأمر، ووقعوا في إشكالات عجزوا عن تأييدها. ولذا جاء غير هؤلاء ليتحدّث عن وحدة الشهود بديلاً عن وحدة الوجود، بأن يُشاهد العارف هذه الحقيقة (وحدة الوجود) في ذات الله سبحانه وتعالى، واتفق الجميع على ضرورة التركيز على وحدة المعبود، وهذا الأسلم والأوضح، وقد دعا إلى هذا الأنبياء والمرسلون عليهم الصلاة والسلام)).انتهى [الموسوعة الإسلاميّة الميسّرة 10/ 2194]
وأقول: إن وحدة الوجود هي عقيدة ونظرية ظهرت قبل الإسلام وكان يقول بها كثير من الفلاسفة، والمصيبة الكبرى أن الذين خاضوا في الفلسفة من الصوفية اعتمدوا هذه النظرية. وبدأت هذه النظرية عندما ظنّ الفلاسفة أن الإله ـ الذي أثبتوا وحدانيّته بدايةً ـ لمّا أراد أن يوجد الخلق أوجَدَه من ذاته أي فصله عن ذاته، فالخلق كلّه جزء من الإله!! وهكذا راحت تكبر هذه النظرية وتحوّل الفلاسفة المثبتون للوحدانية بالأمس إلى ملاحدة ومشركين. وهذه النظرية لا ترى وجودًا لشيء اسمه أديان أصلاً.فهي لا تثبت ربًا ولا تثبت عبدًا فالكل واحد!! (والعياذ بالله)
ثالثًا، وأما وحدة الأديان فالمعروف أن أصحاب هذه الدعوة اليوم يزعمون أنّ جميع الأديان متفقة على الجوهر والكل يعبد الإله الواحد، فلا داعي للتصادم بين أهل تلك الأديان، وعليهم أن يتعايشوا وينسوا الفوارق بينهم ليحيوا بسلام. وهم لا ينطلقون من مفهوم وحدة الوجود أبدًا، وأصحاب هذه الدعوة اليوم يتمثلون في بعض الجمعيات الاجتماعية والإنسانية الموجودة في أوربة.
رابعًا، إن وحدة الوجود ووحدة الأديان لا علاقة لها بالحلول والاتحاد. الذي هو حلول الإله في مخلوقاته واتحاده معها! (عياذًا بالله)
خامسًا، إنّ الماسونية التي اتخذ المجمع الفقهي الإسلامي قراره الشرعي حولها في دورته 15/ 7/1978م =10/شعبان/1398هـ، كما جاء في البند السابع لقرار المجمع هي:"في أصلها وأساس تنظيمها يهودية الجذور، ويهودية الإدارة العليا العالمية السرية، وصهيونية النشاط".انتهى
والكل بات يعلم اليوم أنها دعوة لمحو الدين الإسلامي والديانة المسيحية وجعل الديانة اليهودية هي الوحيدة التي تحكم العالم، فالشعب اليهودي هو الذي يمثل الإنسان الكامل وهو الوحيد الذي يستحق الحياة، وأما ما سواه فهم خدم أو بهائم! ولذلك هم يسعون لإعادة بناء هيكل سليمان فوق كامل المسجد الأقصى. إذن فهم لا يقولون بوحدة الأديان أبدًا، ولا شأن لهم بوحدة الوجود، وإنما هم يهودٌ فحسب يؤمنون بكتبهم التي وضعوها وبنبوآتهم، وينتظرون مليكهم الأعور الدجال! ومن هذه الحيثية (أي الديانة اليهودية) يكون لعقيدة الحلول مدخلٌ في الماسونية، لا لكونها تدعوا للقضاء على الأديان الأخرى وإنما لأن العقيدة اليهودية فيها مفهوم حلول الرب في العبد!
هذه أهم التعاريف باختصار وإجمال.
ولنرجع إلى ما يقوله الكاتب:"و بالتالي فإن الوجودية والماسونية يدوران في فلكٍ واحد ".انتهى
لقد أورد الكاتب بدايةً خلال حديثه عن ابن عربي أقوالاً له تثبت اعتقاده بوحدة الوجود، ثم استنتج أن وحدة الوجود والماسونية يدوران في فلك واحد.
وقد تبيّن لكم الفرق الكبير بين نظرية وحدة الوجود وبين الماسونية، فالربط بينهما بعيد وغير مقبول!
يقول الكاتب: ((و بالتالي فإن الوجودية و الماسونية يدوران في فلكٍ واحد، و لذلك لم يكُن بِدعاً من الرأي أن ينتهج الأمير الخط الماسوني بعد المذهب الوحدوي لكونه بذلك لم يخرج عن نفس المسار، و إنَّما انتقل من مدار إلى مدار)).انتهى
إن طريقة إثبات التُّهم بالاستدلال النظري مرفوضة، فكيف إذا كان هذا الاستدلال غير صحيح؟!
وكان الأولى بالكاتب أن يبرهن على دعوى انتهاج الأمير للمذهب الوحدوي، وأن يبرهن على انضمام الأمير إلى الماسونية، ثم بعد ذلك يتابع استنتاجاته!
مع العلم أنّ الطريقة التي يتّبعها الأخ الكاتب في حديثه عن الأمير إنما هي طريقة وضع النظريات، والاستدلال لها بالظنون والأشياء البعيدة أو بكلام غير ثابت، ثم يجعلها من الثوابت المبرهن عليها!!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/213)
وهذا شيء لا يمت للدراسات العلمية بصلة عمومًا، فكيف إذا كان الموضوع يتعلّق بإطلاق حكم الكفر والردة على رجل مسلم مشهود له بالعلم والتديّن والجهاد؟!!
ثم قال الكاتب الأخ محمد المبارك:"وقد يقال أن ناحية التصوف كانت ناحية فلسفية بحتة عند الأمير ولكن ذلك ليس بصحيح، فنجد أن الجزائري يعتقد بمخاريق وكرامات الصوفية".انتهى
إن رأي الكثير من الأساتذة المتخصصين والدارسين لفكر الأمير عبد القادر هو أنّ كلام الأمير في مسائل التصوف التنظيري كان من ناحية فلسفية فحسب، وذلك لأنّه كان ملتزمًا بالفتوى على المذهب المالكي، ولم يوجد في سلوكه حتى موته أي مظهر من مظاهر اعتقاد تلك الفلسفات، مثلما وُجد في سلوك غيره من أمثال ابن سبعين والتلمساني وابن هود الأندلسي وغيرهم ممن كانوا في زمن الأمير أيضًا وقد ذكرتُ سيرة أحدهم في الحلقات السابقة!!
ورأيُ أولئك الأساتذة ـ وهم من مشارب وأديان مختلفة ـ مبني على قواعد وأدلة وبراهين عرضوها في كتبهم ودراساتهم. ولكن الأخ محمد المبارك رفض هذا الرأي وقال عنه إنه غير صحيح دون أن يأتينا ببرهان أو دليل؟! وإنما اكتفى بقوله:" ولكن ذلك ليس بصحيح، فنجد أن الجزائري يعتقد بمخاريق وكرامات الصوفية".انتهى!!
طبعًا هو يقصد خوارق وكرامات، لأنّ المخاريق هي المناديل، أو الخِرَق المفتولة، أو السيوف، أو السياط!!
وما أغرب هذا الاستدلال! هل الاعتقاد بالكرامات أو الخوارق التي قد تقع لبعض الصالحين ويجريها الله لهم أو على أيديهم هو الدليل على أنّ صاحب هذا الاعتقاد يكون ضرورة من القائلين بالفكر الصوفي المنحرف؟! إذن ما أكثرهم إذا لم نقل بأنهم جمهور المسلمين. وهذا كلام غير مقبول أن يُتّهم جمهور المسلمين بالانحراف لأجل الاعتقاد بالكرامات!
لقد ساق الأخ الكاتب قصّة يستدل بها على الكرامات والخوارق التي كان يعتقدها الأمير، وهي قصّة وقوف الأمير عند قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم. روى الكاتب نقلاً عن النبهاني أنّ الأمير قال:"…لما بلغت المدينة طيبة، وقفت تجاه الوجه الشريف بعد السلام عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلى صاحبيه الذين شرفهم الله تعالى بمصاحبته؛حياةً وبرزخًا؛ وقلت: يارسول الله، عبدك ببابك، يارسول الله،كلبك بأعتابك (في المواقف كليمك!)، يارسول الله، نظرة منك تغنيني، يارسول الله، عطفة منك تكفيني، فسمعته ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول لي: ((أنت ولدي، ومقبول عندي))، بهذه السجعة المباركة. وما عرفتُ هل المراد ولادة الصلب،أو ولادة القلب، والأمل من فضل الله أنهما مرادان معًا، فحمدتُ الله تعالى".انتهى النقل الذي أورده الكاتب. مع أنّ القصّة لم تنته ولها تتمة طويلة، سأكتفي بنقل الجزء المباشر لقوله فحمدتُ الله تعالى. قال الأمير:"ثمّ قلتُ في ذلك الموقف: اللهم حقق هذا السماع برؤية الشخص الشريف، فإنّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ضمِنَ العصمة في الرؤية فقال: ((من رآني فقد رأى الحق، فإن الشيطان لا يتمثل بصورتي)). وما ضَمِنَ العصمة في سماع الكلام. ثم جلستُ تجاه القدمين الشريفين، معتمدًا على حائط المسجد الشرقي، أذكرُ الله تعالى فصعقت وغبت عن العالم وعن الأصوات المرتفعة في المسجد بالتلاوة والأذكار والأدعية وعن نفسي، فسمعتُ قائلاً يقول: هذا سيدنا التّهامي، فرفعتُ بصري في حال الغيبة؛ فاجتمع به بصري، وهو خارج من شباك الحديد، من جهة القدمين الشريفين. ثمّ تقدَّم إلى الشباك الآخر، وخَرَقَه إلى جهتي؛ فرأيته ـ صلى الله عليه وسلم ـ فخمًا مفخّمًا بادنًا متماسكًا، غيرَ أنّ شيبه الشريف أكثر، وحُمرة وجهه أشدّ مما ذكَرَه أصحاب الشمائل. فلمّا دنا منِّي، رجعتُ إلى حسّي، فحمدتُ الله تعالى".انتهى [المواقف1/ 16]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/214)
وهذه القصّة أوردها الأمير ضمن حديثه على قوله تعالى {وأمّا بنعمة ربّك فحدّث}، وأنا لا أجد فيها شيئًا من الخوارق أو العجائب، كل ما في الأمر أن الرجل دفعه شوقه وحبّه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن تكلّم بتلك الكلمات أمام واجهة القبر الشريف، فظنّ أنه سمع جوابًا ولكنّه لفقهه ومعرفته بأصول الدين أقرّ بأنّ هذا السماع قد يكون توهمًا أو شيطانيًا، فقال:" اللهم حقق هذا السماع برؤية الشخص الشريف، فإنّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ضمِنَ العصمة في الرؤية فقال: ((من رآني فقد رأى الحق، فإن الشيطان لا يتمثل بصورتي)). وما ضَمِنَ العصمة في سماع الكلام"
فهل هذا كلام الخرافيين أو أدعياء الكرامات؟
وبعد أن حصلت له الرؤية المناميّة لشخص النبيّ صلى الله عليه وسلم، نجده صادقًا مع نفسه ومع الآخرين عندما قال:" فرأيته ـ صلى الله عليه وسلم ـ فخمًا مفخّمًا بادنًا متماسكًا، غيرَ أنّ شيبه الشريف أكثر، وحُمرة وجهه أشدّ مما ذكَرَه أصحاب الشمائل"
وهذا أيضًا دليل على علمه واطلاعه وصدقه.
وهذه القصّة لا تقدّم ولا تؤخّر وليس فيها أي مستند لمن يريد أن يثبت أن الفكر الصوفي للأمير هو على طريقة المنحرفين، فضلاً عن جعلها حجة في رفض قول الباحثين إن الناحية الصوفية كانت عند الأمير ناحية فلسفية بحتة.
تنبيه: بعض المتسرّعين جعل من هذه القصّة دليلاً على ادّعاء الأمير للنسب الشريف! وهذا عجيب منهم فليس فيها ما يساعد على هذا الاستنتاج. وربما قالوا ذلك لعدم فهمهم المقصود من القصة. فنسب الأمير مشهور ومستفيض قبل هذه القصة بل وقبل ولادة الأمير، فآباؤه وأجداده من المشاهير والكبراء في المغرب العربي ونسبهم معروف وهو من أثبت الأنساب وأشهرها، فليس هناك ما يدفع الأمير لادعاء النسب.
ولو كان هذا المقصود لقال الأمير هذا دليلٌ على نسبي الشريف، لكنه لم يفعل وإنما قال:" وما عرفتُ هل المراد ولادة الصلب،أو ولادة القلب" والسبب أن ولادة الصلب معروفة ومتحققة، والمهم عنده هو ولادة القلب ـ أي يكون بذلك وارثًا محمّديًا ـ ولصدقه وأمانته لم يتحكّم في تأويل الكلام وإنما أبقاه على إطلاقه وعمومه.
وأنا هنا أتعامل مع هذا القصص والأحوال بتجرّد وأضعها ضمن سياقها الصحيح وأشرحها ضمن مصطلح أهلها.
وماذا سيقول الأخ محمد المبارك عن الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي (541ـ620هـ) فقد قال في كتابه الكبير "المغني": ((وقال أحمد، في رواية عبد الله، عن يزيد بن قُسَيْط، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أحد يسلم عليَّ عند قبري، إلا ردَّ الله عليّ روحي، حتى أرُدَّ عليه السلام). قال: وإذا حج الذي لم يحجَّ قطُّ ـ يعني من غير طريق الشام ـ لا يأْخُذُ على طريق المدينة، لأني أخاف أن يحدُثَ به حَدَثٌ، فينبغي أن يقصد مكة من أقصر الطرق، ولا يتشاغل بغيره.ويروى عن العتبي، قال: كنت جالسًا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابيٌّ، فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعتُ الله يقول: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابًا رحيمًا} وقد جئتك مستغفرًا لذنبي، مستشفعًا بك إلى ربي، ثم أنشأ يقول:
يا خيرَ من دُفِنَت بالقاعِ أعْظُمُهُ ***** فطابَ مِنْ طيبهِنَّ القاعُ والأَكَمُ
نفسي الفداءُ لِقَبْرٍ أنت سَاكِنُه ***** فيه العفافُ وفيه الجودُ والكَرَمُ
ثم انصرف الأعرابي، فحَمَلَتْنِي عيني، فنمتُ، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال: يا عُتبيُّ، الْحَقِ الأعرابيَّ، فبشِّرْهُ أن الله قد غفرَ له)).انتهى [المغني 5/ 465]، وقد أورد هذه القصّة أيضًا صاحب الشرح الكبير الإمام عبد الرحمن المقدسي الحنبلي (682هـ) 3/ 494؛ وكذلك الإمام ابن كثير في تفسيره.
فهل سيقول الكاتب عن هؤلاء الأئمّة أنهم يعتقدون بكرامات وخوارق الصوفية، إذن فهم من المنحرفين أصحاب العقائد الباطلة؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/215)
مع العلم أنّ هؤلاء أوردوا هذه الحكاية معتقدين بها، بدليل أن الإمام ابن قدامة قال خلال حديثه عن آداب زيارة القبر الشريف والأدعية التي يستحب ذكرها: ((اللهم إنك قلت وقولك الحق: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابًا رحيمًا} وقد أتيتك مستغفرًا من ذنوبي، مستشفعًا بك إلى ربي، فأسألك يا رب أن توجب لي المغفرة، كما أوجبتها لمن أتاه في حياته، اللهم اجعله أول الشافعين، وأنجح السائلين، وأكرم الآخرين والأولين، برحمتك يا أرحم الراحمين)).انتهى [المغني 5/ 467]
فما قول الأخ الكاتب؟ وأنا أسوق هذه القصّة لوجه التشابه مع قصة الأمير.
وماذا سيقول إذا قرأ قول عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل؛ قال "سمعتُ أبي يقول: حججتُ خمس حجج منها ثنتين [راكبًا] وثلاثة ماشيًا، أو ثنتين ماشيًا وثلاثة راكبًا، فضللتُ الطريق في حجة، وكنتُ ماشيًا فجعلتُ أقول: يا عباد الله دلّونا على الطريق؛ فلم أزل أقول ذلك حتى وقعتُ على الطريق!!!، أو كما قال".انتهى [مسائل الإمام أحمد، رواية ابنه عبد الله ص245]
وماذا سيقول إذا قرأ كلام الإمام ابن القيّم؟ قال ابن القيّم: ((فصل: ومن الرُّقى التي ترُدُّ العين ما ذكر عن أبي عبد الله الساجي، أنه كان في بعض أسفاره للحج أو الغزو على ناقة فَارِهة، وكان في الرفقة رجلٌ عائن، قَلَّما نظر إلى شيء إلا أتلفه، فقيل لأبي عبد الله: احفَظْ ناقَتك من العائن، فقال: ليس له إلى ناقتي سبيل، فأُخْبِرَ العائِنُ بقوله، فتحيَّن غيبة أبي عبد الله، فجاء إلى رحْله، فنظر إلى الناقة، فاضطربت وسقطت، فجاء أبو عبد الله فأُخْبِرَ أن العائنَ قد عانها، وهي كما ترى، فقال دلُّوني عليه، فدُل، فوقف عليه، وقال: بسم الله، حَبْسٌ حَابسٌ، وحَجَرٌ يابِسٌ، وشِهابٌ قابسٌ، رَدَدْتُ عينَ العائن عليه، وعلى أحبِّ الناس إليه!!!، {فارجعِ البصرَ هل ترى من فُطور، ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئًا وهو حسير} فخرجتْ حدقتا العائن!!!، وقامت الناقةُ لا بأس بها)).انتهى [زاد المعاد 4/ 174]
إنّ هذه القصص (وهناك الكثير من مثلها) أغرب بكثير من القصّة التي ساقها الأخ الكاتب عن الأمير، وعلى طريقة الاستنتاج التي يعتمدها الكاتب يمكن للبعض أن يصف هؤلاء العلماء بالانحراف والاعتماد على الخرافة والأوهام، وتبني عقائد باطلة!!
إنّ عدم قبول الكثير من العلماء لأمثال هذه القصص لم يحملهم على الطعن برواتها أو القائلين بها، وإنما اكتفوا بنقدها وعدم الرضا بحجيتها، مع الاعتذار للعلماء الذين احتجوا بها أو رووها.
وعلينا ملاحظة أنّ القصّة السالفة المروية عن الإمام أحمد سندها صحيح وهي في غاية الغرابة، فمن يُنادي؟ وبمن يستعين؟ ومع ذلك لا نجد أحدًا يطعن في توحيد الإمام أحمد أو في معتقده لأجل هذه القصة.
والأغرب منها قصّة ابن القيّم رحمه الله، فهي تشتمل على مخالفات شرعية إضافة إلى أسطوريتها وخرافيتها!! ومع ذلك فنحن نلتمس العذر للإمام وذلك من باب حسن الظن به، ولدينه وعلمه.
والغرض من كل ما سبق أن الباحث الذي يريد أن يتكلّم في الرجال وفي التاريخ يجب عليه أن يلتزم منهجًا ثابتًا وميزانًا واحدًا، وإذا كان من المسلمين فإنّ دينه يحتّم عليه ذلك لأنّ الدين هو تقوى الله وهو العدل والإنصاف، فمن غير المقبول أن يطعن في رجل بسبب قصّة ما، ولا يطعن بآخر يعتقد القصة نفسها. لأنه إذا كان الإنسان يتعامل مع الأشياء بعدل وتجرد بعيدًا عن التعصب والأهواء فإنّ حكمه سيبقى واحدًا لا يتغير مع تغير الأشخاص المحكوم عليهم.
فإمّا أن يكون الحكم منصرفًا إلى القصّة بحد ذاتها فيُقال عنها قصة باطلة أو غير صحيحة أو لا تجوز شرعًا، دون التعرض للأشخاص المحتجين بها. وإما أن يُحكم على الأشخاص بسببها حكمًا واحدًا لا يتغيّر بتغيرهم.
والحمد لله ربّ العالمين
خلدون مكّي الحسني
للبحث صِلة إن شاء الله
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[09 - 10 - 08, 02:02 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة التاسعة
والآن مع السبب الرابع الذي وضعه الأخ محمد مبارك كاتب (فك الشيفرة) لتعليل التحول في شخصية الأمير؛ قال الكاتب:"حب الأمير للسلطة وبالتالي احتياجه الشديد للمال".انتهى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/216)
ثمّ نقلَ قول عبد الجليل التميمي: ((إن المتتبع لحياة الأمير عبد القادر بدمشق، سوف يثير انتباهه تكالب الأمير على اقتناء الدور والأراضي الفلاحية، والحصول على المال مهما كانت الوسائل المتبعة في ذلك. ففي البداية أقرت الحكومة الفرنسية منح الأمير راتباً سنوياً بما قدره 15.000 فرنك فرنسي (كذا)، وقد بلغ مع السنين ما قدره 300.000 فرنك فرنسي وهو في ذلك الوقت مبلغ خيالي للغاية، بل يفوق ميزانيات كثير من المصالح الحكومية العثمانية، ولسنا من السذاجة بحيث نعتقد أن ذلك الكرم الفرنسي إنما كان حُباًّ من الامبراطورية الفرنسية لشخص الأمير عبد القادر، و تقديراً منها لجهاده ضد الفرنسييين، دون أجندة عمل فرنسية كان الأمير ـ في المقابل ـ مطالبٌ (كذا) بتنفيذها بكلِّ دقَّة، ولعلَّ تلك الأجندة قد أسفرت عنها المواقف الأميرية المتضامنة مع المصلحة الفرنسية "العليا" خلال ما سيمر بنا من الأحداث المتتالية!!!)).انتهى
(والأخ محمد المبارك ينقل كلام التميمي من كتاب الماسوني إسكندر شاهين، فيما يبدو، دون الإشارة إلى ذلك!! والله أعلم)
وأقول: مازال الأخ كاتب (فك الشفرة) يصر على وضع الأوهام التي في ذهنه بصورة عناوين ثم يحتار كيف يأتي بما يبرهن عليها!
فهاهو يعود لاتهام الأمير بأنه يحب السلطة ـ وهو اتهام لم يُسبق إليه ـ والعجيب أنه يستدل بكلام لآخرين ليس فيه أنّ الأمير يحب السلطة!!
وقد بيّنت سابقًا عدم حرص الأمير على تكبير وارده المالي، وعدم سعيه للسلطة في الحلقات السابقة.
على كل حال، إن عبد الجليل التميمي كاتب من هذا العصر فهو طبعًا لم يعاصر الأمير ولا أبناءه وهو في كثير مما كتب لم يكن متحريًا للحق، وهو متحامل فيما يبدو على الأمير إلى درجة أنه يبالغ في تخيّلاته وتحليلاته المبنية على أسس باطلة وكتابات فرنسية زائفة، بل إنّ الاتهامات التي وجهها للأمير لا وجود لها حتى في تلك الكتابات، وأمَّا ألفاظه! فالقارئ يلمس تدنّيها!
وعلى كل حال إنّ وصف الأمير بأنه متكالب على شراء الأراضي والدور، عجيب.
إن الأمير لم يكن مختلفًا عن غيره من أصحاب الأموال في عدد ما يملكه من عقارات، بل إن بعض أثرياء الشام كانوا يملكون أكثر منه بكثير، مع أنه يختلف عنهم في حجم مسؤولياته وأضيافه ومبرّاته!
وإنّ كثيرًا من الأراضي التي اشتراها إنما كان يهبها للذين رافقوه من الجزائر أو للمهاجرين الذين لحقوا به، وبعضها كان لتأمين فرص العمل لهم، وقد أوقف الكثير منها للجزائريين المهاجرين، فمثلاً هناك قرية "الهوشة" في فلسطين اشتراها الأمير ووهبها للجزائريين هناك، وكذلك الأمر في أطراف دمشق وغوطتها، كما اشترى طاحونة (الإحدى عشريّة) وجعلها لتوفير حوائج الفقراء , وهكذا.
وإذا قارنا بين أملاك الأمير وأملاك كبار التجار والوجهاء في الشام لوجدناها قليلة، فقد كان لبعضهم قرىً كاملةٌ وقصورٌ فارهة وأكياس مكدّسة من الذهب. فما بالك بالولاة العثمانيين والباشاوات؟
إنّ دار الأمير الكبيرة التي في زقاق النقيب بحي العمارة والمقرّ الرئيسي له يسميها البعض قصر الأمير! (ودور الأمير سمّيت قصورًا لأن ساكنها هو الأمير لا لأنها تشبه القصور) وبمقارنة بسيطة بينها وبين قصر أسعد باشا العظم الشهير بدمشق يتبيّن الفارق الكبير جدًا بينهما. فقصر الأمير لا يعدو أن يكون بيتًا كبيرًا واسعًا قياسًا إلى بيوت الطبقة المتوسطة في دمشق، في حين أنّ قصر (العظم) هو قصر بكل معنى الكلمة، فمساحته كبيرة جدًا وفيه حدائق كثيرة وساحات وباحات وبحيرات ماء متعددة وأجنحة وغرف وكله أقواس ومقرنصات مذهّبة وأسقف أخشبية موشّاة بالذهب والصدف، واللوحات الفسيفسائية وغيرها .. يحتاج المرء ساعات طويلة حتى يتجول في أنحائه.وهو من المعالم المعمارية الأثرية في دمشق. وليس شيء من ذلك في دار الأمير.
وانظروا إلى طريقة التهويل التي اتبعها التميمي، فهو يضاعف الأرقام من عند نفسه من (150.000) إلى (300.000) ثمّ يقول: ((وهو في ذلك الوقت مبلغ خيالي للغاية، بل يفوق ميزانيات كثير من المصالح الحكومية العثمانية)).انتهى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/217)
أرأيتم إلى التهويل! وحتى أبيّن لكم حجم تلك الأرقام، أقول: لقد اشترى ميشال بوشناق ـالتاجر اليهودي الجزائري ـ حليةً من فرنسا بمبلغ (30.000) فرنك، وباعها لباي قسنطينة بمبلغ (3.520.000) فرنك، أي بربح يقرب من ثلاثة ملايين وربع المليون!! (وهذا في عصر الأمير عبد القادر) [المقاومة الجزائرية تحت لواء الأمير عبد القادر) لإسماعيل العربي ص8]
فإذا كان والي مدينة من مدن الجزائر يشتري حلية بملغ (3.520.000) دفعة واحدة، فكيف ساغ للتميمي أن يزعم أن مبلغ (300.000) وهو أقل من عُشر ذلك المبلغ، يفوق ميزانيات كثير من المصالح الحكوميّة العثمانيّة؟!
وفي الحقيقة إنّ ما ذكره التميمي غير صحيح أصلاً!
فقد فرضت فرنسا للأمير مبلغًا قدره (5.000) ليرة ذهبية فرنسية في السنة! وهي تساوي (100.000) فرنك، ثمّ بعد سنوات ولمّا تبيّن للحكومة الفرنسية أن ذلك المبلغ لا يكفي لسدّ نفقات الأمير (الذي يُنفق على أسرته ومن لحق به من المهاجرين وبعض أهل الشام)، زادوا المبلغ بالاتفاق مع السلطان العثماني، فصار (7.500) ليرة ذهبية في السنة وهي تساوي (150.000) فرنك في السّنة،وهذا آخر ما تلقّاه الأمير.
والتميمي قام بمضاعفة الرقم من (150.000) إلى (300.000) جهلاً منه أو لأغراض أخرى!
إذن الرقم الحقيقي والثابت في جميع المراجع المعتمدة هو (150.000)؛ وكما بينتُ آنفاً فإنّ هذا الرقم ـ وإن كان كبيرًا ـ فهو ليس بالكبير جدًّا فضلاً عن أن يكون خياليًا كما يظن التميمي!
إنّ رجلاً واحدًا من رجال الكنيسة الفرنسية الذين أقاموا في الجزائر وهو (الأسقف ديبوش) كان يتقاضى راتبًا سنويًا قدره (25.000) فرنك! بصرف النظر عن واردات الكنيسة الخاصة. [الحركة الوطنية ص387]
ولكي تتضح الصورة أكثر أقول: لقد كان المرتّب الذي يتقاضاه خلفاء الأمير الثمانية في الجزائر أثناء حكم الأمير لها، يبلغ (52.800) فرنك سنويًا، هذا بصرف النظر عن التموين واللباس والنفقات المتفرقة. [انظر المقاومة الجزائرية ص220]
ثم يحاول التميمي أن يتحذلق فيقول:"ولسنا من السذاجة بحيث نعتقد أن ذلك الكرم الفرنسي إنما كان حُباًّ من الامبراطورية الفرنسية لشخص الأمير عبدالقادر، و تقديراً منها لجهاده ضد الفرنسييين، دون أجندة عمل فرنسية كان الأمير ـ في المقابل ـ مطالبٌ بتنفيذها بكلِّ دقَّة،و لعلَّ تلك الأجندة قد أسفرت عنها المواقف الأميرية المتضامنة مع المصلحة الفرنسية "العليا" خلال ما سيمر بنا من الأحداث المتتالية!!! "
وأقول: صدق أبو الطيب عندما قال:
إذا ساء فِعْلُ المرء ساءت ظُنُونُه ... وصدَّق ما يعتادُهُ من تَوَهُّمِ
وعادى مُحبّيه بقول عُدَاته ... وأصبح في ليلٍ من الشك مظلمِ
أيها الإخوة سأعرض لكم بعض الوقائع حتى يتضح لكم حجم تلك الأرقام وسبب دفعها.
بعد دخول القيادة الفرنسية إلى مدينة الجزائر سنة 1830م قامت بنهب خزينة المدينة وكان فيها ما مقداره (400.000.000) أربعمئة مليون فرنك فرنسي كما ذكرت ذلك المصادر الفرنسية [مذكرات شانكا رنييه] انظر (الحركة الوطنية الجزائرية لسعد الله ص22).
ولكي تتوضح الصورة أكثر، فإن الداي علي باشا الذي كان قد نقل مقر الحكم من قصر الجنينة إلى أعالي القصبة، استعمل لنقل محفوظات الخزينة خمسين بغلاً كل ليلة طَوال خمسة عشر يومًا!!! [المرجع السابق ص21].
وفي سنة واحدة كانت واردات الأوقاف الإسلامية التي اغتصبتها فرنسا في مدينة الجزائر العاصمة وحدها قد بلغت حسب إحصاءاتهم (1.035.914.25) فرنك!! [انظر تابلو سنة 1842،ص298] (الحركة الوطنية لسعد الله ص257).
هذه مدينة واحدة فما بالكم بمدن الجزائر جميعها؟ بل وقراها ومزارعها. طبعًا هذه كانت أموالاً جاهزة، ولكن فيما بعد توالت الغلال وثروات الجزائر لتصب في الخزينة الفرنسية وهي بالمليارات، ((وكما صرّح الفرنسيون أنفسهم أنهم لم يقوموا بحملة سابقة في أي مكان مثل حملة الجزائر إذ إن الحملات الأخرى كانت تكلّفهم ـ ولو نجحوا فيها ـ أموالاً طائلة وخسائر مالية معتبرة، بينما حملة الجزائر قد فاضت على تعويض التكاليف)) [المرجع السابق ص21]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/218)
وإنّ أملاك أُسْرة الأمير عبد القادر في الجزائر كبيرة، أضف إليها أملاك المهاجرين مع الأمير، وقد استولت عليها وعلى غلالها وعائداتها الحكومة الفرنسية، ومن ثَمَّ أحبَّ نابليون الثالث أن يعوّض الأمير ومن معه عن تلك الأملاك المغتصبة، بعد أن سرّحوهم إلى بلاد الشام، وذلك حتى يضمنوا لهم سبل العيش ولا يرجعوا إلى الجزائر!! فليس هذا من الكرم الفرنسي ولا من حب فرنسا للأمير، وكذلك ليس مقابل أي وظيفة تطلبها فرنسا من الأمير.
وأنا أطالب التميمي والأخ محمد مبارك أن يذكرا لنا أجندة العمل التي طلبت فرنسا من الأمير أن ينفذها بدقة!!! .. بزعمهم.
يقول العلاّمة جمال الدين القاسمي، رحمه الله: ((ثُم إنّ إخوة الأمير لمّا أطلقت فرنسة سراحهم من سجونها، عادوا إلى الجزائر واستقرّوا في مدينة (عنّابة) على الساحل الجزائري الشرقي، ورتّبَت لهم الحكومة الفرنسيّة المرتّبات الكافية، ثمّ بدا للسيد محمد السعيد الأخ الأكبر للأمير أن يسيرَ إلى تونس ويستوطنها مع إخوته وأبنائه لوَفْرَة علمائها وفُضَلائها، فكاتَبَ أحدَ أمرائها يستشيره؛ فرحّبَ به ووَعَدَه أن يقوم بجليل شأنه؛ فَعَرَضَ أمرَ الرِّحلَة على وكيل الفرنسيين في عنّابة؛ فأُجيب بأنّه لا يُسرَّح ما لم يُسلِّم راتبه؛ فأَجابَ بالتّسليم عن نفسه وإخوته، فهيّأت فرنسا باخرةً، ونقلته مع إخوته من عنّابة إلى الشام، وأَلْحَقَتهم بأخيهم الأمير عبد القادر، ورَفَضَت لهم سُكنى تونس إبعادًا لهم عن قارة المغرب كليًا، خوفًا من إقبال العموم عليهم، لِمَا لهذا البيت في المغرب من عِظم الشهرة وكبر الاعتقاد في نفوس العامة والخاصة، فقضت سياستهم إلحاقهم بأخيهم الأمير، فقدموا دمشق سنة 1273 هـ أي بعد قدوم الأمير عبد القادر بسنة)).انتهى [(طبقات مشاهير الدمشقيين) للعلاّمة القاسمي ص83]
فهل هذه المرتبات كانت أيضًا في مقابل تنفيذ أجندة فرنسيّة بدقة؟! وانظر كيف أنهم أرادوا التحول إلى تونس لوفرة العلماء هناك، ولأجل ذلك تخلّوا عن تلك المرتبات (والتي هي تعويض عن أملاكهم التي اغتصبتها فرنسة)، ومع ذلك أبعدتهم فرنسة إلى الشام خوفًا منهم!
ثمّ إن هذه المخصصات المالية بقيت مستمرة حتى بعد وفاة الأمير، وكان أولاده الستة عشر وبعض إخوته يقبضونها وينفقونها على الأسرة والأتباع، فهل هم برأي التميمي ينفذون الأجندة الفرنسية بدقّة لقاء هذا المرتب؟! وكان بعض أولاد الأمير يشغلون مناصب عليا في الدولة العثمانية (في مجلس الأعيان) كالأمير محيي الدين والأمير علي، وعندما دخلت تركيا الحرب العالمية على الحلفاء (وفيهم فرنسا) كان أبناء الأمير يساندون تركيا في مواجهة فرنسة، وكان الأمير عليّ يقوم بمهمّات سياسية وعسكرية لمصلحة الدولة العثمانية، فعن أي أجندة عمل يتحدث التميمي؟!
يقول الكولونيل تشرشل في معرض حديثه عن المخصصات المالية التي يقبضها الأمير من الحكومة الفرنسية: (( .. وعند التأمل في عادات عبد القادر يصبح هذا الدخل أكثر مما يحتاجه، بل يصبح بذخًا، وكان يمكنه أن يعيش عيشة أمير بهذه الثروة وينغمس في التباهي، ولكنه كان خاضعًا لمبادئ أخرى. فعبد القادر الذي كان دائمًا معارضًا لإرضاء النفس قد نظر إلى هذا المرتّب الكبير كأمانة، لذلك قرر أن يأخذ منه ما هو ضروري لمصاريفه الخاصة، وأن يصرف الباقي على الآخرين. فقد كرّس دخْلَه على تلبية حاجات كثير من أولئك الذين رفضوا بنبلٍ أن ينفصلوا عن مصيره، بل إنّه كان قادرًا على أن يغمر بكرمه جهات أخرى. ولم يكد يحتفظ لنفسه ولعائلته بسوى النصف من ذلك المبلغ أما الباقي فقد وزّعه في شكل رواتب على قوّاده وأتباعه الذين كانوا في حاجة ماسة، وفي شكل صدقات على الفقراء، وهبات إلى المساجد، وغير ذلك من الأغراض الخيرية، كما أنه كان يصرف من دخله على أخويه وعائلتيهما)).انتهى [حياة الأمير ص274]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/219)
أقول: وهذا الكلام فيه إنصاف بخلاف كلام التميمي، إلاّ أنه غير دقيق. أولاً للأمير أربعة إخوة في دمشق وليس اثنان. ثانيًا ما كان ينفقه الأمير شهريًا كمرتبات ثابتة للعلماء والمشايخ وأعمال الخير أكبر بكثير من إنفاقه على أسرته وموظفيه. وعندي وثيقة نادرة، وهي المخطوط الخاص بالنفقات الشهرية للأمير، وهو بخط كاتبه الخاص وفيه بيانات تفصيلية وبأسماء الأشخاص أيضًا تُثْبت ما أقول.
ويتابع الأخ كاتب (فك الشفرة) مسلسل الاتهامات فيقول:"و عندما قرر الأمير أن يقوم ببعض الإصلاحات على الدارين اللتين سلمتهما له الإدارة العثمانية في الشام ـ بعد أن قامت بتأثيثهما ـ ألحَّ الأمير لدى وزير خارجية فرنسا والسفير الفرنسي باستانبول للقيام بتدخلات لدى الحكومة العثمانية في تمليكه للدارين، لأنهما محتاجان إلى الإصلاح والزيادة ولايمكن اصلاحهما قبل استملاكهما، ـ كما ألح على السفير نفسه للتوسط لدى الدولة العثمانية للحصول على مبلغ مالي من الحكومة العثمانية لذلك، وقد قدمت له الدولة العثمانية مبلغاً قدره ألف بورسه، أي 100.000 فرنك. وكان ذلك المبلغ يساوي ثلاثة أضعاف المبلغ الذي قرر أن يشتري به مسكنا".انتهى
وأقول: كُل هذا الكلام غير صحيح، والمراجع التاريخيّة التي تحدثت عن أملاك الأمير في دمشق تذكر خلاف هذا الكلام. والكاتب لم يُبيّن مصدر هذا الكلام المتناقض!
إنّ الدولة العثمانية استأجرت للأمير دار عزّت باشا الرئيس لينزل فيها وقتيًا، وبعد ذلك أصدرت الدولة العليّة أمرها إلى والي الشام ليساعد الأمير في اختيار دارٍ لإقامته الدائمة تكون لائقة به، فوقع اختيار الوالي والأمير على دارٍ، فاشتراها الأمير من ماله الخاص (وكان السلطان قد أنعم على الأمير عند رحيله إلى دمشق بألف كيس ذهبي بدلاً من الدار التي كان أهداها إليه في بروسة) وكان المكان الذي وقع عليه الاختيار مؤلفًا من دارين واسعتين بينهما دار صغيرة (في زقاق النقيب ـ نقيب الأشراف ـ بالعمارة وكان أصل تلك الدار لآل القباقيبي).
وبعد شراء المكان أُصلِحت الداران وجُهِّزَتا، وانتقل إليها الأمير وترك الدار التي استأجرتها له الدولة العثمانية. وكانت ضيافة الأمير وعائلته في ولايتي بيروت ودمشق جارية من الولايتين بأمر الدولة العليّة!! وكان السلطان العثماني قد خصص لأفراد الأسرة مرتبات شهريّة. [انظر تحفة الزائر 2/ 66، وغيرها من المراجع]
وهذا يُظهر بكل جلاء بطلان الكلام الذي ساقه الكاتب.
وللعلم فإن أثمان البيوت في ذلك الوقت كانت أقل بكثير مما يظن الكاتب أو صاحب ذلك الكلام.
وأمّا التهمة الجديدة فهي ادّعاؤه أنّ الأمير كان يطلب وساطة وزير الخارجيّة الفرنسي والسفير الفرنسي في اسطنبول للحصول على المال من السلطان!!!!
وهذا قلبٌ للحقائق، فالأمير كان محلّ عناية وتكريم واهتمام السلاطين العثمانيين الذين عاصرهم، والرسائل المتبادلة بينهم لهي من الأدلّة على شدة صلته بهم وشدة حبّهم له.
وأعجب من ذلك إصرار الكاتب على إيهام القرّاء بأن صلة الأمير بفرنسا كانت أشد من صلته بالدولة العثمانية!!
يقول محمد باشا: ((إنّ الأمير جاء إلى القسطنطينية منفيًا سنة 1269هـ/1853م، وبعد وصوله إليها دُعيَ للاجتماع بحضرة السلطان الغازي عبد المجيد خان فتشرّف بلقائه، ورحّب به السلطان وأحسن السؤال عن أحواله وشَكَرَه على ما كابده في الدفاع عن الدين والوطن، وحَمِدَه على صبره على ما قاساه أيام احتجازه عند الفرنسيس، ومدح الإمبراطور نابليون الثالث على وفائه بالعهد والقيام بشأنه، وكان السلطان غاية في التلطف والتعطف ولين الجانب، وكان بصحبة الأمير رفيقاه في الجهاد السيد قدور بن علال وخادمه قره محمد. وكان الإمبراطور نابليون الثالث طلبَ من السلطان عبد المجيد كفالة عن الأمير!! (وذلك عندما قرر إطلاق سراح الأمير وإرساله إلى اسطنبول)، فعقد السلطان جلسة خاصة للمذاكرة في شأن الكفالة فقال شيخ الإسلام عارف حكمت بك للسلطان: "إذا لم تكن لمولانا السلطان حسنة مع كثرة حسناته إلاّ هذه لكفى أن يكفل هذا الرجل المجاهد وينقذه من الأسر"، فحينئذ أجاب السلطان له بالكفالة)).انتهى [انظر تحفة الزائر 2/ 51ـ53]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/220)
فهل يُعقل أن يطلب الأمير من الفرنسيين التوسط له عند السلطان والسلطان هو الذي كفله وأراحه من أَسْر الفرنسيين وأنزله في جواره؟!
وهل يُعقل أن يطلب الأمير وساطة أحد عند السلطان، والناس كانوا يتوسّطون الأمير لدى السلطان لما له عنده من منزلة وحظوة؟
سبحان الله!
ثم يذكر الكاتب أنّ الأمير كان يعيش في دمشق عيشة الملوك!!
أقول: إنَّ الأمير كان في وضع مالي جيد جدًّا، ولكن لا يصل إلى حد عيشة الملوك!!
وأنى له عيشة الملوك وهو يتقاضى راتبًا شهريًا لينفقه على نفسه وأهله وأتباعه، والأمير مات وعليه ديون!
ثم يفسّر لنا الكاتب عيشة الملوك فيقول: "إنّ الأمير كان محاطاً بـ 180 شخصاً من عائلته"
فلا أدري أهكذا تكون حياة الملوك؟ أن تكون مسؤولاً عن 180 فردًا من أسرتك يجعلك من الملوك؟
ثم من أين للكاتب هذا العدد؟ ليسمّهم لنا! إنّ أفراد أسرة الأمير في حياته لا يتجاوزون الأربعين. (وهذا الرقم يشمل أولاد الأمير وحريمه وإخوته وأبناءهم!)
ثم يقول: وكان يعمل عند الأمير (2000) حارس ومزارع وموظف، وشيئًا فشيئًا التحق بهم (15.000) جزائري ومغربي وتونسي لخدمة الأمير!!!!
وكما يقولون في المثل الدارج (كيف عرفت أنها كذبة؟ قال: من كبرها!)
سبعة عشر ألف خادم للأمير!! سبحان الله.
أتدري أخي الكاتب كم كان عدد سكان مدينة دمشق في حينها؟
إن عددهم كان قرابة (250.000) أو أكثر بقليل، وهذا العدد يشمل الرجال والنساء والأطفال، فإذا صرفنا النظر عن عدد النساء والأطفال، يكون عدد الرجال العاملين على أكبر تقدير (60.000) تقريبًا!! فهل يريد الكاتب أن يُقنعنا أنّ ثلث أو ربع السكان كانوا حرسًا وخدمًا للأمير؟؟!!
وهل يدري كم يحتاج هؤلاء لنفقات وتأمين سكن وغيرها ... ؟
وكأنّ الأمير كان يعيش وحده في دمشق، ونسي الكاتب أن دمشق كانت من أهم الولايات العثمانية وفيها عدد كبير من الباشاوات وأصحاب النفوذ والمال.
إنّ الأمير لمّا كان في الجزائر حالة حربه مع فرنسة والتي كانت تحاول شراء بعض الخونة ليغتاله لم يكن له حرّاس! فما حاجته للحرس في الشام؟
وقبل كل ذلك من أين للكاتب هذه المعلومات وهذه الأرقام الخيالية أصلاً؟؟؟
في الوثائق التي بين يديّ ـ ومنها دفتر بيان النفقات الشهرية والسنوية للأمير ـ لا يوجد فيها أيّ ذكر لحرّاس!! ومجموع الموظفين والخدم فيها هو (30) فقط! منهم عَشْرُ خادمات لحريم الأمير (الزوجات والبنات والأخوات) ولبعض أبنائه الصغار. وباقي العدد يشمل كاتب الأمير، ووكيل الحسابات، وعامل الحديقة والبواب و (العشّي) و (الصُفْرَجي) و (القَهْوجي)، والجمَّالين وسُيّاس الخيل، و (الخولي)!
فانظروا كيف ارتفع العدد من (30) إلى (2000) إلى (17.000)!!! في سِباحة خيالية، بل فوق الخيال!
ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.
خلدون بن مكي الحسني
للبحث صِلَة إن شاء الله
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[10 - 10 - 08, 07:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة العاشرة
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[16 - 10 - 08, 03:30 م]ـ
السلام عليكم ظننت أن الحلقة قد عرضت ولكن يبدو أنه حدث خلل ما أثناء التنزيل فإليكم الحلقة العاشرة الآن، وهي في مقاطع متتابعة!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة العاشرة
قال الأخ محمد مبارك، صاحب (فك الشفرة):"و من ثمَّ تَمَّت سرقة المخطط برًمَّته ـ انجليزيا ـ من الحقيبة الفرنسية.ليتم بعد ذلك تطبيقه بحذافيره على يد الجنرال البريطاني الشهير "اللنبي" لتنصيب دمية أخرى هي "الشريف فيصل بن الحسين".انتهى
تحدّث الأخ محمد مبارك في (فك الشفرة) عن المخططات الفرنسية وإخفاقها والمخططات الإنكليزية التي حلّت محلّها، وأتى بكلام غريب. وليس الآن مجال بيان تاريخ تلك الحقبة.
ووصَفَ الكاتب الملك فيصل بن الحسين بالدمية الأخرى موحيًا أن الأمير هو الدمية الأولى!!
ثم جعل سيرة الملك فيصل كأنها تتمة أو مشابهة لسيرة الأمير عبد القادر، وشتان ما بين السيرتين، فالأمير عبد القادر لم يتحالف مع فرنسا في حياته ولم يأمنها قط! بل جاهدها وقاتلها، ولم يستعن في حياته كلها بالأجنبي الصليبي!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/221)
وهذا الكلام شَهِد به أعداء الأمير وخصومه؛ فقد ذكر الأستاذ المهدي البوعبدلي: ((أنه في الملتقى الذي أقامه "الكوليج دو فرانس" بباريز سنة 1977م، والذي كان موضوعه ((حياة الأمير عبد القادر في المشرق))، ألقى أحد الباحثين الفرنسيين وهو الأستاذ "شوفالي فاجرون" محاضرةً هامة، وكانت لدراسته أهمية عظمى حيث أثبت الجانب السياسي من حياة الأمير في المشرق، وهي أنّه لمّا وقف موقفه المشرّف إزاء مذابح المسيحيين الذين دافع عنهم دفاعَ من لا تأخذه في الله لومة لائم، انقلب الرأي العام الفرنسي وتبيّن لهم قيمة الرجل، فرأى نابليون أنّ الفرصة سانحة لعرض مملكة المشرق على الأمير، إلاّ أن الأمير لم يسعه إلاّ الاعتذار عن قَبولها رغم المغريات، وقال لرسول نابليون:"إنّ هدفي لم يكن في يوم من الأيّام تولية المملكة، وإنما ظروف بلادي جعلتني أتولى الدفاع عنها، فقُدْتُ جيوشَها، وشاء الله أن تطوى صفحة الجهاد فانتقلت للجهاد الأكبر وهو خدمة العلم والدين" [طبعًا الكلام مترجم عن الفرنسية]، وهنا علّق المحاضر على هذه الصفحة والظروف التي اجتازتها بلاد المشرق، فقال: ((لم تكن أمنية رجال الحكم الفرنسي العثور على رجل عربي قوي يتولى حكم بلاد المشرق بإعانتهم؛ بل كان يشارك الفرنسيين في البلوغ إلى هذا الهدف الإنكليز أيضًا،وقد بلَغَت إنكلترا هدفها إذا وجدت الملك فيصل، إلاّ أنّ فرنسا من سوء حظّها وجدت في طريقها الأمير عبد القادر، وشتّان ما بين الشخصيّتين)).انتهى [من مقال للأستاذ المهدي البوعبدلي بعنوان (وثائق أصيلة تلقي الضوء على حياة الأمير عبد القادر) منشور في مجلة الثقافة الصادرة عن وزارة الثقافة في الجزائر العدد 75 رجب 1403هـ،أيار 1983م؛ ص134]
ويتابع صاحب (فك الشفرة) فيقول:" لقد كان المخطط الفرنسي لوراثة التركة العثمانية يقضي بالسعي للقضاء على الخلافة العثمانية من خلال تأجيج ثورة عربية يترأسها بعض المنتسبين للبيت النبوي،و يقوم بجر جميع تلك البلدان الى حظيرة الهيمنة الفرنسية".انتهى
ولا بأس هنا من كلمات لكشف بعض المغالطات التاريخية التي أوردها الكاتب.
أولاً، إنّ الدولة العثمانية التي يتحدث عنها الكاتب ويسميها الخلافة العثمانية، لم تعد في حقيقتها تمثّل الخلافة الإسلاميّة في ذلك الوقت، فقد صعد رجال حزب الاتحاد والترقي إلى سدّة الحكم وكانوا هم المتصرفين في البلاد، وليس للخليفة أي ثقل حقيقي، ورجال الاتحاد والترقي كانوا يسيرون على النهج الأوربي ويرفضون الحكم الإسلامي (وسيأتي معنا قريبًا كيف يصفهم الكاتب بالماسونيين) وأنا وإن كنت لا أقبل وصفه ذلك لأنه بلا دليل؛ فإنني أعلم أنهم ((كانوا أصحاب طموحات واسعة وخبرة قليلة وتعصب للقومية التركية وابتعاد عن الدين، فاستطاعت المخابرات البريطانية واليهود أن يستغلوهم ويضعوا لهم الخطط سِرًّا وهم لا يدرون إلى أين يسيرون، منهم المخلص لبلده ونفسه، ومنهم ما هو دون ذلك، ولكن لا يدري ماذا يُفعل به!)) [كما يقول الأستاذ محمود شاكر،انظر التاريخ الإسلامي 8/ 208]
وكانت البلاد العربية تعيش في حالة من الضياع والبؤس، والناس قد ضاقوا ذراعًا بسياسات رجال الاتحاد والترقي الذين ينقلون البلاد من حرب إلى حرب، ومن بؤس إلى بؤس، وفوق ذلك ضاعت عندهم الرابطة الإسلاميّة! (اقرؤوا عن وحشية جمال باشا السفاح في بلاد الشام)
فهل إذا أراد بعض المصلحين العرب المسلمين أن يفصلوا بلادهم عن هؤلاء صاروا خونة ومدمرين للخلافة الإسلامية المزعومة؟ وماذا سيقول الكاتب عن دولة آل سعود التي حاربت العثمانيين وانفصلت عنهم؟
ومع ذلك فإنّ المرحلة التي يتحدث عنها الكاتب هي مرحلة ما بعد وفاة الأمير عبد القادر، وكل تلك الأحداث التي ساقها إنما جرت بعد وفاة الأمير بعقود،بـ (36سنة) تحديدًا، فما شأن الأمير بها؟ ولماذا يحمّله تبعاتها؟ وأغرب من ذلك أنّ الكاتب صنَّف الأمير موظفًا لفرنسا، ثم قال:"واستلم الدور بعده الملك فيصل الموظف لبريطانيا"، ومعلوم أنّ فرنسا وبريطانيا كانتا متنافستين ومتخالفتين، وكل واحدة منهما تساند العرب والمسلمين لأجل الحد من توسّع الأخرى.وقد نبّهتُ آنفًا إلى فساد المقارنة بين الأمير والملك فيصل!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/222)
ويقول صاحب (فك الشفرة):"و من الغرابة بمكان أن يقوم الطابور الخامس الماسوني السوري وقبل يومين من وصول الأمير فيصل بإعلان استقلال البلاد باسم الشريف حسين، ورفع العلم العربي على سارية دار الحكومة، و من ثمَّ تبدأ عملية تنظيم وإكمال تشكيلات الدولة العربية و الجيش العربي، و إزالة كل ما يمت للعهد العثماني و اللغة التركية بِصلة، كل ذلك بسرعة غريبة و سطوة عجيبة، بينما لم يكن من أعلن استقلال البلاد، و حَكَم البلاد خلال ذَين اليومين الطويلين في تاريخ الأمة الاسلامية إلا الأمير محمد سعيد الجزائري القطب لأعظم للمحفل الأكبر السوري العربي الماسوني، وحفيد الأمير عبدالقادر الجزائري".انتهى
لقد تحدّث الكاتب في مقاله عن دخول جيش الملك فيصل إلى الشام، ثمّ تعجّب من كون الأمير سعيد حفيد الأمير عبد القادر هو الذي أعلن استقلال سورية ورفع العلم العربي على السراي قبل وصول الملك فيصل بيومين، وبدأ الكاتب كلامه فوصف الأمير سعيد ومن معه بالطابور الخامس الماسوني!!!
المطّلعون على تاريخ الأمير سعيد يعلمون أنه انتسب إلى الجمعية الماسونية، وقد صرّح هو بذلك في مذكراته ولم يستره، وذلك لأنّه ـ مثل كثيرٍ من وجهاء وعلماء الشام ومصر في ذلك الوقت ـ انخدع بما تروّجه تلك الجمعية عن نشاطاتها وأهدافها، فقد كانت تزعم أنها جمعية عالمية تدعوا إلى التضامن ومساعدة المنكوبين في العالم أجمع، وغير ذلك من الأعمال الخيرية، فالمنتسب إليها كان يفتخر بذلك، ولكنّ الأمير سعيد بعد مدّة ارتاب في أمرها وصار يتهرّب من أعضائها ثم تركها وانفصل عنها، تمامًا مثلما فعل كثيرٌ من الذين انتسبوا إليها في تلك الحقبة! (وكتبَ مقالاً يهاجم فيه الماسونية سنأتي على بيانه في حلقة الماسونية)
ونحن اليوم بعد أن انكشفت حقيقة الماسونية عمومًا، وإن كنّا لا نقرّ هؤلاء على انتسابهم إليها، ونعدُّ ذلك من الغفلة الشديدة، وضعف النظر، فإننا لا نتّهمهم في نيّاتهم، وخصوصًا بعد أن انفصلوا عن تلك الجمعيّة وتبرّؤا منها، وكذلك عندما نجد في سِيَرِهم ما يتعارض مع أغراض الماسونية وتوجهاتها.
وأنا لا أريد في هذا المقام أن أنتقل عن موضوعنا الأصلي إلى موضوع الأمير سعيد، ولكن لضرورة المقام سأعرض موجزًا سريعًا يبيّن كيف أعلن الأمير سعيد استقلال سورية وحقيقة علاقته بشريف مكّة الحسين وابنه فيصل.
وسأعتمد على بعض المراجع المستقلة والمحايدة والمعتمدة ومنها كتاب (جهاد نصف قرن) للأستاذ الجامعي أنور الرفاعي، ومزيّة هذا الكتاب أن كاتبه شخص أكاديمي محايد، ومعاصر لتلك الحقبة وينقل الأحداث من وثائق مشهورة وثابتة مع ذكر المصدر وتاريخه، وأحيانًا يرفق صورة الوثيقة التي ينقل عنها،ولكن سأبدأ بذكر ترجمة الأمير سعيد في كتب التراجم الكبيرة والشهيرة:
أولاً ـ قال المؤرّخ الشهير محمد أديب آل تقي الدين الحصني؛ وهو معاصر للأمير سعيد؛ في كتابه (منتخبات التواريخ لدمشق) في ترجمة الأمير محمد سعيد:
((منهم الأمير سعيد بن الأمير علي باشا، وقد أحيا ذكر أبيه وجدّه الأمير عبد القادر بالكرم والأخلاق الحسنة وقد قلّدته الأتراك وكالة الحكم المباشر لهذه البلاد بعد تركهم لها بأن يدافع أهلها عنها وتكون مستقلة تحكم نفسها بنفسها ولها الحق بأن تختار أي دولة تسعفها على نهضتها وذلك قبل دخول الجيش الإنكليزي لها! ولما دخل الأمير فيصل على رأس ذلك الجيش كما أسلفنا لك ذلك مفصلاً، أَخَذَ الحكم المؤقت من يد الأمير سعيد وبهذه البرهة اغتالت يدٌ أثيمة أخاه الأمير عبد القادر، وأبعدته السلطة الإنكليزية إلى خارج سورية، إلى أن دخلت الجيوش الإفرنسية عندئذ رجع إلى دمشق وهو خير خلَف لذلك السلف ولولا ضيق المقام لسردنا جميع الوقائع المبرورة التي جاهد بها)).انتهى [منتخبات التواريخ 2/ 742]
ثانياً ـ قال خير الدين الزركلي؛ وهو مؤرخ وسياسي كبير معاصر للأمير سعيد؛ في كتابه الشهير (الأعلام):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/223)
((الجزائري (1300 - 1390هـ = 1883 - 1970م) محمد سعيد بن علي بن عبد القادر بن محيي الدين الحسني الجزائري: حفيد الأمير عبد القادر صاحب الثورة الأولى على الفرنسيين في الجزائر. ولد وعاش في دمشق وتعلم بها، وبالأستانة. وقام برحلة إلى المدينة المنورة (سنة 1332هـ) صنف بها نور الدين بن عبد الكريم بن عزوز التونسي (الرحلة المدينية - ط) وأشرف صاحب الترجمة على تصنيف كتاب عن والده سمي (تاريخ الأمير علي الجزائري - ط) وكان له موقف كريم في دمشق، يوم خرج الجيش العثماني منها وبقي فيها جمال باشا الصغير آخر قواد ذلك الجيش فقابله الأمير سعيد وأخذ منه (500) بندقية سلح بها بعض الدمشقيين والمغاربة لحفظ الأمن. وأعلن استقلال سورية قبل دخول الجيشين العربي والبريطاني.
وألَّف حكومة وطنية مؤقتة أقرَّها أول داخل من الجيشين (الشريف ناصر بن علي) فعاشت يومين. وأَبْعَدَه عن الحكم مندوبون آخرون عن فيصل بن الحسين قبل دخول فيصل، منهم لورنس، ونوري السعيد!! ثم نفاه الإنكليز إلى مصر.
وعاد إلى دمشق بعد الاحتلال الفرنسي (1920م) فأقام إلى سنة 1966م ورافق جثمان جدّه (عبد القادر) يوم نقله من دمشق إلى الجزائر، واستقر إلى أن توفي بها)).انتهى
من هاتين الترجمتين يتضح أن ما تعجّب منه الكاتب من إعلان الأمير سعيد لاستقلال سورية، ووصفه إيّاه بأنه من الطابور الخامس الماسوني، غير صحيح ومخالف للحقيقة!!!
ثالثاً ـ يروي لنا الأستاذ أنور الرفاعي في كتابه (جهاد نصف قرن) الحادثة التالية:
((نادى جمال باشا السفاح الأميرَ سعيدًا وقال له:"سأسافر مع الحملة إلى (الترعة) ويجب أن تكون أنت معي عندما أدخل مصر"
الأمير:"ما نفعي مع الحملة وما فائدة دخولي مصر إلى جانبك؟ "
جمال:"سأكلفك بقيادة فرقة خاصة"
الأمير:"ماذا تراني أُعِد؟ "
جمال:"استصحب معك اثنين من رجالك ليكونوا خدامًا لك، ونحن نكفيك مؤونة كل ما يلزمك"
وبعد أيّام، بينما كان الأمير مضطرًا لإعداد وسائل السفر مع موكب جمال، هبط دمشق الجنرال الألماني (فافيوس) الذي أعطاه العثمانيون اسم (عبد الكريم باشا)! وكان فيما سبق واليًا على بعض المستعمرات الألمانية في إفريقيا، وأستاذًا لأولاد الإمبراطور غليوم الثاني، وكان الناس في دمشق يتساءلون عن معنى وجود الجنرال الألماني في دمشق وبصحبته حاشية خاصة، منها ثلاثة مترجمين أحدهم مستشرق ألماني يتقن العربية، وثانيهم مسيحي لبناني، وثالثهم شيخ مسلم بعمامة من بخارى، وفي تلك الأثناء قابل قنصل ألمانيا في حيفا (لوتفيت) الأميرَ سعيدًا في داره وقال له:"يا سمو الأمير! إني أعلم أنك تعمل من مدة في سبيل إثارة الجزائريين ضد فرنسا؛ وأنت تتمنى أن تصل إلى الجزائر لتقودها إلى الاستقلال، وها هي الفرصة سانحة، فإن هناك بعثة ألمانية ستذهب إلى شمال إفريقيا فيمكنك مرافقتها وتحقيق برنامجك"
وفي اليوم التالي دُعي الأمير لمقابلة جمال باشا الذي ابتدره قائلاً:"تغيّرت خطتي، فلن ترافقني إلى مصر، وإنما سترافق بعثة عبد الكريم باشا الألمانية، وهي ذاهبة إلى شمال إفريقيا، وستمر في طريقك على طرابلس الغرب، وسترى السيد السنوسي فيها، فاكتب له قبل أن تصل وأخبره بقدومك وبأنك تحمل رسالة شخصية مني إليه، وأخبره شفهياً بأني سأهاجم ترعة السويس، فيجب على السنوسي عندما يسمع بوصول حملتي إلى الترعة لمهاجمة مصر، أن يهاجم من ناحيته مصر أيضاً فنضعها بين نارين، وليضرب المصريين على رؤوسهم ويسوقهم إلى الحرب كالـ ... " وسلّم جمال باشا في الحال الأمير سعيداً رسالة مختومة؛ وأمره بالاستعداد للرحيل في الغد.
صدّق الأمير سعيد أقوال جمال، وخفق قلبه فرحاً لسيره إلى بلاده الأولى، وفي الغد كان في محطة الحجاز في عربة خاصة تُقلّ بعثة عبد الكريم باشا الألماني ..
وفي الطريق التفت الأمير إلى الجنرال الألماني وقال له:"أين نحن ذاهبون؟ وما هي خطتنا؟ وما هو طريقنا؟ " فأجاب الجنرال:"نحن ذاهبون إلى إفريقيا الشمالية" فاطمأن قلب الأمير وأخذ يطلّ من نافذة القطار، وينظر إلى الأفق البعيد ويتخيل الرحلة الجميلة، ويتصور وصوله إلى طرابلس واتصاله بالسيد السنوسي و ...........
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/224)
وصادف عندما أشرف القطار على محطّة (العُلا) أنّ الأمير التفت إلى أحد كبار مرافقي البعثة الأتراك وهو (سامي بك) متصرّف (نجد) وأراد أن يتحقق من سلامة الطريق و .... وقال له:"يا سامي بك هل طريقنا جميعه في أمان؟ أم هو محفوف بالأخطار؟ وما هي تفاصيل مخطط السير؟ "
فأومأ سامي بك إلى الأمير أن يخرجا معاً إلى رواق القاطرة، وظنّ الأمير أنّ مثل هذا الحديث عن مخطط الرحلة يجب أن يبقى سرًا لا يبلغ مسامع الجنود خشية الجاسوسية وافتضاح الأسرار، فترك مقعده، وانتحى بمتصرّف نجد ناحيةً ودار بينهما حديثٌ لم يسمعه غيرهما:
سامي بك:"يا سمو الأمير إني أقدّر فيك وطنيتك وأعترف بشجاعتك، ولأنك أمير من سلالة الأمراء فمن واجبي أن أصدقك القول ولا أخدعك. ليس هدف هذه البعثة الألمانية الذهاب إلى إفريقيا الشمالية، وإنما هدفها الوصول إلى مستعمرات ألمانيا في إفريقيا الوسطى، ولها مهمة خاصة في البلاد العربية، فقد زوّد جمال باشا الجنرال الألماني بصلاحيات واسعة في الجزيرة العربية! وسوف تصل هذه البعثة إلى المدينة المنوّرة، مدينة الرسول عليه السلام، وستدخل هذه البعثة الأماكن المقدسة!! وطريقها هذا سرٌّ لم يطلعوك عليه"
وكان الإيمان والحماس الديني باديًا على وجه والي نجد وهو يتحدَّث، فأطرق الأمير سعيد هنيهة، وعلِم أنّ حديث قنصل ألمانيا في حيفا له وحديث جمال باشا، والرسالة التي يحملها، وجواب عبد الكريم باشا في الطريق، كان كله مؤامرة عليه، وخشي أن تكون أوامر جمال أن يقتله في الطريق.
فالتفت إلى محدِّثه وقال له:"ولكن هل يجوز لك أن ترافق هذه البعثة وأنت تعلم هدفها، وتسمح لها أن تكشف عورات المسلمين في أماكنهم المقدسة؟ .. "
سامي بك:"نحن مأمورون وليس باستطاعتي الرفض، مع أن سير البعثة إلى الحجاز ليس من رأيي"
الأمير:" وكيف السبيل إذن لنمنعها من تحقيق برنامجها؟ "
سامي بك:"اكتب برقية سريّة إلى محافظ المدينة المنورة وأخبره أن يحذّر الجنرال الألماني من القدوم إلى المدينة، والمحافظ لا بد وأن يثق فيك لمكانتك الممتازة في قلوب الجميع"
الأمير:"حسنًا! عندما أنزل مدينة (العُلا) سأبرق إلى بصري باشا والي المدينة البرقية التالية: (أنا مع بعثة ألمانية مُرادها المرور من المدينة المنورة، وذلك فيه ضرر على مصالح الدولة، فأرجو أن تعارض قدومنا ببرقية جوابية بقولك إن مرورنا من الأراضي المقدسة فيه خطر على حياتنا وعلى هياج السكان)
ونجحت الخطة، فإن جواب بصري باشا والي المدينة وصل كما نرجو؛ واطّلع الجنرال الألماني على فحواه، وتمتم وكأنه أدرك أن في الأمر سرًّا، وأخذ ينظر إلى الأمير سعيد شَزْرًا، ورضي أن يغيّر خطة سفره، وأن يتجه إلى ساحل البحر الأحمر، فيكون طريقه إلى الجنوب بحريًا على حذاء الشواطئ العربية ثم تأخذه نقّالة بُخارية إلى الشواطئ الإفريقية حيث يصل إلى هدفه.
وفي (العُلا) كلّف رِفادة باشا شيخ عشيرة (البلي) أن يُهيّئ قافلة للبعثة، وأن يؤمن بمفرده سلامة البعثة من (العلا) إلى (الوجه) على ساحل البحر الأحمر.
وبعد سبعة أيام من رحلة صحراوية بحماية ورفقة رفادة باشا أشرفت البعثة على (الوجه)، وهنا بدأت الخلافات بين قائد البعثة الجنرال الألماني وبين الأمير سعيد فقد رفض الأمير الخضوع لأوامر الجنرال بتركه البعثة والسير مع القافلة التي تحمل العتاد والذخيرة، ذلك لأن هذا ليس من خصائص الأمير، فالأمير مرافق للجنرال وليس مرافقًا للمؤن والحاجيات، وخاصة أن ذلك يسير بحماية رفادة باشا.
وفي (الوجه) وزّع الجنرال رجاله على ثلاثة مراكب شراعية، وضَعَ الأمير في أحقرها، ولم يكتف بذلك، بل كان نصيب الزورق الذي يُقِلّ الأمير أن يحمل جميع ما تحمله البعثة من مواد متفجرة وبنزين، فشعر الأمير أن الجنرال يضمر له الشر، وأن أقل حادثة يمكن أن تفجر البارود أو تحرق البنزين وبذلك تنتهي حياة المركب ومَنْ عليه ... وبعد أربعة أيام من رحلة بحرية وصلت البعثة إلى (ينبُع)، فنزل الجنرال وقام بمهمة خاصة لم يدر الأمير شيئًا عنها لأنه مُنِعَ من النزول إلى البر، وكذلك مُنع من أن يطأ اليابسة عندما وصلت البعثة إلى (جُدّة)، وحاول الجنرال أن يفعل مثل ذلك عندما وصلت إلى (القنفذة)؛ أحد موانئ (عسير)؛ بعد سير سبعة عشر يومًا، ولكن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/225)
الأمير، مخالفًا لجميع الأوامر الصادرة إليه، غادر المركب ومعه خادمه الخاص (مسعود الجزائري) وبقي في (القنفذة) رافضًا جميع المحاولات التي قام بها الجنرال ليحمله على تغيير عزمه، وكاد الخلاف ينتهي بينهما إلى تحكيم النار والبارود، واضطر عبد الكريم باشا الألماني إلى ترك الأمير في (القنفذة)، وأن يتابع سيره دونه.
عرّف الأمير بنفسه لشيخ (القنفذة)، فاحترمه أيما احترام، وقدّم له المعونة الكافية، وأرسل من يرافقه إلى مدينة (الليث)، وهنا اتصل الأمير بالقائمقام فأكرم وفادته، وقدّم له الرواحل وأدِلاَّء ليسير إلى مكة ومنها إلى المدينة ثم يعود أدراجه إلى دمشق.
وفي مكة كانت أولى مقابلات الأمير سعيد بالشريف حسين شريف مكة، ولم يكن الأمير على علم بمساعي بريطانيا لتهيئة الثورة العربية، ومفاوضاتها للشريف حسين. فظنّ الأمير أن واجبه المقدس أن يُقنع الشريف بضرورة تأييد الدولة العَليّة صاحبة الخلافة الإسلامية، فبعد أن أكرمه الشريف وأنزله في جناح خاص من قصره بمكة المكرمة، اجتمع به، وكان مما قاله الأمير بعد التعارف وتبادل عبارات الترحيب والشكر:
الأمير:"أنت تعلم أن الصليب يحارب الهلال اليوم. وأنت ابن رسول الله. فيجب أن تكون على وفاق مع الخليفة العثماني"
الشريف:"ولكن الاتحاديين كَفَرَة لا يتبعون تعاليم الدين، ولقد قاوموني. ولقد حاول الوالي وهيب باشا قتلي، وهاجمني في قصري، ووضع يده على أوراقي ورسائلي الخاصة"
الأمير:"ولكنك يا شريف! أنت ثاني رجل في الدولة العلية بعد الخليفة، وإذا حدث للحكومة حادث فلا أحق منك أن يتقلدها، لنسبك من رسول الله، ولمقامك العظيم عند جميع المسلمين، ومن لنا أمير غيرك إذا أصيب الخليفة؟ "
الشريف:"أبداً! أبداً! لا أطمع بالملك، ولا أطمع بمنصب يزيد عن حماية الكعبة الشريفة"
الأمير:"أنا على رأيك أيها الشريف، لسوء إدارة الاتحاديين، وإني أكره جمال باشا شخصيًا، ولكن أرى أن واجبي في تأييد الخليفة الشرعي ... "
وأخذ الأمير يشرح للشريف حسين ما جرى له مع جمال باشا وتفصيلات الرحلة الشاقة ... وانتهى الأمر بالشريف حسين أن فوّض إلى الأمير سعيد أن يُحسِّن العلاقات بينه وبين جمال.
وقد حمل الأمير سعيد ذلك إلى جمال باشا في دمشق ومهّد السبيل للتفاهم بين الطرفين. والراجح أن اتفاق جمال باشا مع الشريف فيصل ابن الشريف حسين في دمشق؛ يوم أقام فيصل في دمشق كان على أثر وساطة الأمير سعيد.
وقد جاء وصف هذه المقابلة ونتيجتها في جريدة الجامعة الإسلامية التي تصدر في (يافا)، في عددها (562) وتاريخ الأربعاء في 23 صفر 1353هـ الموافق 6 حزيران 1934م بتوقيع الأمير نفسه)).انتهى [من كتاب (جهاد نصف قرن) لأنور الرفاعي ص54 إلى ص59]
ويتابع الأستاذ أنور الرفاعي فيقول: ((وكان الأمير سعيد قد كتب رسالة شكر من المدينة المنورة إلى الشريف حسين بمكة، وكتب من دمشق رسالة أخرى شرحَ فيها للشريف حسين مساعيه لدى جمال باشا. ووصلته رسالة جوابية بخط الشريف حسين وتوقيعه تُعدّ وثيقة من الوثائق التاريخية، وفيها يُبيّن الشريف حسين أنه لابد وأن الشريف فيصلاً قد قابل الأمير.
ونصّها: (((عزيزنا الكامل السيد الشريف الأمير محمد سعيد بن الأمير علي ابن مولانا المرحوم السيد الأجلّ عبد القادر الحسني؛ حفظه الله ورعاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد فقد تناولنا بغاية السرور كتابيك الأول من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ والثاني من دمشق الفيحاء وفرحنا بهما لأنهما قد وافيا ببشائر عافيتك التي نتمنى من الله أن يديمها عليك وعلى والدك وأهلك وعشيرتك موفقين لكل ما فيه سعادة الأمة وخير الإسلام. ويكفيك يا بني من الفخار أن تمثل بمناهجك السامية جلال فضائل شرفكم الباذخ الذي تتوجت به مفارق آبائك وأجدادك من سلالة ذلك البيت الطاهر الكريم.
إنا لا نعد خدماتنا التي ذكرتها بالإطراء والثناء إلا جزءًا من بعض ما تفرضه الإسلامية علينا لخدمة الدين الحنيف والخلافة العظمى والبلاد العزيزة المحبوبة، مؤملين من الله عزَّ وجلّ أن يوفقنا لإيفاء تلك الواجبات حقها وأن يمنحنا السداد في الأقوال والأعمال بما تقرّ به عين جدك الأعظم صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/226)
أدعو لوالدك بنجاح مساعيه وأن يرده إليك سالماً في دينه ودنياه وأن يسمعنا عن أخباره ما تسر به الأفئدة.
أنجالنا يهدوك سلامهم. ولابد أن فيصل قد حظي بمشاهدة طلعتك البهيّة بالفيحاء. إننا لا نزال نذكرك كما تذكرنا والله يتولى رعايتك أيها العزيز.
20/ 5/1333هـ أمير مكة
حسين))).انتهى [جهاد نصف قرن ص63ـ65]
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[16 - 10 - 08, 03:33 م]ـ
ويتابع الأستاذ أنور فيقول: ((قدم فيصل دمشق في 26 آذار عام 1915م، فتلقاه جمال باشا بحرارة .... وبقي في دمشق هذه المرة ستة أسابيع .... وكانت أولى مقابلات الأمير سعيد مع الشريف فيصل خلال تلك الإقامة القصيرة ... وقد زاره في منزل آل البكري وذكر له ما سعاه لدى جمال باشا عن حسن التفاهم بين قادة الدولة العثمانية وشريف مكة، مع العلم أنّ انضمام الحسين إلى جانب الحلفاء لم يكن قد تم بعد .. )) [المرجع السابق ص63]
((وعاد فيصل من الأستانة، وتردد على دمشق مرات، وتم الاتفاق بينه وبين قادة العرب فيها على الثورة، وكان والده قد أتم اتفاقه مع البريطانيين، وكان جمال باشا في دمشق يكرم فيصلاً من ناحية ويراقبه من ناحية أخرى، وكان الأتراك يتوددون للشريف حسين وأولاده ويكرمونهم، ولكنهم كانوا يخشونهم ويخافون أن يقوموا عليهم؛ وكأن تلك المراسلات السرية بين حسين ـ مكماهون، قد شمّ الأتراك رائحتها أو تنبّؤوا حدوثها دون أن يتمكنوا من كشف أسرارها والوقوف على حقيقتها، فكانت كل حركة وسكنة من الأشراف أولاد الحسين تؤوَّل لدى المقامات التركية. ويروي الأمير سعيد إحدى قصص جمال باشا والشريف بقوله:"بينما كنتُ في دارٍ لي "بالجسر الأبيض"، قدم الشريف فيصل، فاستقبلته استقبالاً يليق بمثله، .. وبعد أن استوى بنا المكان أخذ يحدثني والدمع يترقرق في عينيه:
فيصل:"أحب أن أحدثك يا أمير بحديث جرى لي اليوم مع جمال باشا، وآخذ به رأيك"
الأمير:"خيراً إن شاء الله"
فيصل:" طلبني جمال (باشا السفاح) وقال لي:"بلغني أنّ أخاك الشريف علي، قد وصل المدينة المنوّرة وأخذ يتصرف بأمور ليست من اختصاصاته، وأخشى أن يكون غير مخلص النية نحو الدولة العثمانية، وأنت تعلم أنني لا أسكت عن إنسان مهما علت منزلته، ولن أسمح له أن يحيد عن طريق الإخلاص للدولة، لذلك أرى أن تكتب لأخيك الشريف علي حالاً، بأن يغادر المدينة ويعود من حيث أتى، وإلاّ فسأضطر لشنقه .. "
الأمير:"يا سمو الشريف! نحن أبناء عمومة، ننتمي إلى الأسرة النبوية الشريفة، ونحن على السرَّاء والضرَّاء، ومن واجبي أن أحميك وأمنع عنك وعن أخيك أذى جمال السفاح، وخاصة أنني أنا الذي كنت واسطة الصلح بين الشريف والدك وبين جمال، فإن شئت سرتُ أنا إلى جمال ودافعت عنك وعن أخيك وأفهمته أن الحجاز تحت إمارتكم، وأنتم تتنقلون أينما شئتم وحيثما أردتم، وليس لأحد عليكم سلطان، ولا لرجل مهما علت مرتبته في الدولة أن يمنعكم من دخول المدينة أو غيرها من مدن السلطان، وإما أن تترك دمشق وتعود إلى والدك، تخبره بسوء نيات جمال، وأنا على استعداد لإيصالك إلى الحجاز سالماً آمنًا مع عدد من رجالي الذين أعتمد عليهم دون أن يتمكن جمال وعيونه من معرفة شيء من أمركم، وإما أن تعود إلى دار آل البكري وتمتنع عن الحضور إلى مقر جمال باشا حتى ينجلي الموقف، ويرجع عن ظلمه لكم أو ترى فيه رأيًا"
فيصل:"ولكنك تعلم أنني لا أستطيع أن أقوم بعمل إلا بما يأمرني به والدي وقد كتبت له بتفصيل ذلك اليوم. وأنا بانتظار جوابه"
الأمير:"إنني أخشى أن يكون جمال قد أضمر لكم الشر، ولا بد أنكم ستنتقمون منه شر انتقام، ولكن الزمن لم يحن لمثل هذا العمل، وعلى كلٍ إذا امتنعتَ عن المجيء إلى مقرّه، فإنه لابد سيسترضيك لأنه بحاجة إلى مساعدتك أنت وجميع عائلة والدك الكريم"
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/227)
وقد اعتكف فيصل بالفعل في دار آل البكري لم يخرج منها يومه وليلته، فأرسل إليه جمال يسأله عن سبب تغيبه واعتذرَ له عما بدر منه، وقال له:"نحن في حالة حرب، ولذلك كنت حريصًا على أن أراقب كل حركة وسكنة حتى لا يقع ما يضر بصالحنا، وقد علمتُ بحسن نية أخيك، وأرى أن نكون دائمًا على وفاق، لذلك سأرسل برقية إلى بصري باشا بأن يلاطف أخاك ويحسن معاملته؛ وأنت أبرق إلى أخيك أن يتفاهم مع الوالي حتى لا يحدث ما يشوش الحالة في المدينة ويقلق بال الباب العالي")). انتهى [المرجع السابق ص 65 إلى ص67]
((انتهت حملة الترعة التي أعدّها (جمال باشا السفاح) لغزو مصر إلى الفشل، وظهرت نيات جمال باشا نحو العرب وزعمائهم، فأخذ ينفي العائلات إلى الأناضول ويراقب حركات سادة العرب، وألّف ديوانًا عرفيًّا في (عاليْه) وأمر بالقبض على عدد من كبار رجالات القوم من مسلمين ومسيحيين وأخذ يحاكمهم بتهمة التآمر على سلامة الدولة العثمانية والاتصال بالدول الأجنبية ... وفي 6 أيار 1916م أُعدم شنقًا واحد وعشرون شخصًا مِنْ عِلْيَةِ القوم .. )) [المرجع السابق ص68ـ72]
((وكانت الأمور في الدولة العثمانية تسير من سيِّىء إلى أسوأ؛ فإن إعدام الشهداء في 6 أيار لم يزد العرب إلاّ بغضاً بجمال والأتراك، وإن الشريف فيصل الذي كان في مزرعة آل البكري يوم الحادثة المشؤومة، صاح صيحته الشهيرة:"طاب الموت يا عرب" وكانت اتفاقات الشريف حسين مع البريطانيين قد انتهت، والعرب استعدوا لإعلان الثورة)) [المرجع السابق ص76]
يقول الأستاذ محمود شاكر في (التاريخ الإسلامي) 8/ 227: ((وقد أثارت هذه الإعدامات شيئًا من النقمة على جمال باشا خاصّةً، وسُمّي الذين أُعدموا بالشهداء، وكان حجةً لثورة الشريف حسين على الدولة إذ أرسل ابنه فيصلاً ليتوسط لدى هؤلاء فأراد جمال باشا أن يُلقي القبض عليه فاختبأ وأرسل لوالده فاندلعت الحركة من مكّة، وكان قد تمّ التفاهم مع الإنكليز، وهُزِم العثمانيون)).انتهى
قال الأستاذ أنور الرفاعي: (( .. يمَّمَ الأمير عبد القادر الحفيد (شقيق الأمير سعيد) وجهه شطر الحجاز كعبة آمال المسلمين. وفي مكة تعرّف بالشريف حسين ..... وقبل أن يُغادر الأمير عبد القادر (المشهور بالأمير عبدو) مكة المكرمة، حضر موسم الحج، وكان موسمًا مزدحمًا كثير الحجاج من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وأخرج الحسين عَلَماً وصلى عليه أربعون ألف مسلم من الحجاج، وطاف بالعلم سبع مرات حول الكعبة، ثم سلّمه للأمير عبدو ليرفعه على سراي دمشق باسم الحسين ملك العرب.
وقد جاء في جريدة البيرق البيروتية في عددها (984) وتاريخ 19 تموز 1932م وصفٌ لرحلة الأمير عبدو (الشهيد) إلى الحجاز من مقال بتوقيع الأمير محمد سعيد، نقتطف منه ما يلي:"وفي الحقيقة إن الخدمة الجليلة التي قام بها الشهيد عبد القادر نحو الوطن سوف تقدرها الأجيال المقبلة حق قدرها ويدونها التاريخ في أمجد صفحة من صفحاته بمداد الفخر والإعجاب، وقد كان هذا الشهيد السبب في تأخير احتلال سورية مدة سنة، وإذا علم الناس بأن الاحتلال كان مقررًا لسورية وليس هناك معاهدة يستند عليها، كما صرّح لي الأمير فيصل بنفسه في وهيد، لعرفوا عندئذ مقدار الخدمة التي أداها الشهيد لوطنه. ومما يدل على شدة تعلقه بالله وفرط إخلاصه لوطنه وأمته أنه حين فرّ من بروسة مقر منفى عائلته وقطع تلك المسافة الشاسعة إلى أن وصل إلى مكة بقي متنكرًا عن الناس لابسًا النعل الحجازي والثوب الأبيض البسيط حتى تمكن من القيام بشعائر الحج خير قيام لا يشغله من مشاغل الدنيا وسفاسفها شاغل. ولما علم ملك العرب الحسين بن علي بمقدمه نصب له مضربًا إلى جانب مضاربه وخطب في السوريين قائلاً: (هذا أميرٌ من أمرائكم، وزعيمٌ من زعمائكم، تعرض لأشد الأخطار رغبة بأداء الفريضة وحبًّا بخدمة بلاده وأمته وهو يتوارى عن الناس لكي يكون عمله خالصًا لله وحده فعليكم أن تقتدوا به وتسيروا في أثره) ثم أمر بتسليمه عَلَمَ القيادة الذي جاء ذكره وطلب منه الذهاب للعقبة ليكون إلى جانب نجله الأمير فيصل".انتهى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/228)
((واجتمع الأمير عبدو في العقبة بالأمير فيصل قائد الجيش العربي، فأكرمه فيصل كما أكرم جميع قادة العرب ومشايخها وزعمائها، وكان (لورنس البريطاني) يرافق الأمير فيصل، ويدبر الخطط الحربية، ويقدّم الذهب الوهّاج إلى الأمير فيصل ليوزعه على القبائل العربية دون ما حساب ... وسار لورنس والأمير عبدو إلى (الأزرق)، وطلب لورنس من الأمير عبد القادر أن يسير برجاله ـ وقد أصبحت تحفّ به ثلة من المتطوعين الذين أُعجبوا ببطولته وشهامته ـ وأن ينسف الجسر الحديدي في وادي خالد قرب تل شهاب، فأبى الأمير عبدو وقال:"إن مهمتي أنا هي قتل جمال باشا الذي شنق أحرار العرب وأبرياءها، وهزئ بعائلتنا وكرامتها وأهانها بشنق الأمير عمر، أمّا نسفُ جسرٍ حديدي يسبب قطع خط الرجعة على آلاف من الجيوش المسلمة التابعة للدولة العثمانية فليس من الإيمان في شيء، فهم مسلمون قبل أن يكونوا أتراكًا، وهم عرب على الغالب، وقد حاربوا إلى جانب تركيا لأنها كانت هي صاحبة البلاد، واليوم عندما يطلب إليهم الانضمام إلى جيوش الثورة العربية فلا يرفضون، ولا يجوز لي أن أعمل على إيقاعهم أسرى في أيديكم أو على قتلهم برصاصكم ... "
ومن هنا نقم لورنس على الأمير عبدو وأضمر له ولأسرته الشر، وترك الأمير عبدو لورنس غاضبًا، وسار برجاله نحو دمشق فلما وصل جبل الدروز اتصل بزعمائها ورفع علم الحسين الذي كان معه، وكان ذلك إخلاصًا منه للحسين الملك الجديد على العرب، وإن خالف أوامر حليفه لورنس الإنكليزي ..
ثمّ عفت الدولة العثمانية عن الأمير عبدو، ونزل دمشق، واحتفظ بعلم الحسين في دار أبيه)).انتهى [جهاد نصف قرن) لأنور الرفاعي ص79 إلى ص81]
وأما قصة رفض الأمير عبدو لطلب الضابط البريطاني لورنس بنسف الجسر الحديدي، وتركه له فقد ذكرها أكثر من مرجع. وأهمها ما ذكره لورنس نفسه في كتابه (أعمدة الحكمة السبعة) ص390، وكتابه (ثورة الصحراء) ص103، حيث خصص صفحات تحدّث فيها عن الأمير عبدو وشقيقه الأمير سعيد، ووصف الأول بالتعصّب الديني وأنّ إسلامه وقف ضد مسيحيّته، وكان يصفه بعدوّه القديم. وفي تلك الصفحات برزت نفسيته العِدائية نحوهما بوضوح تام.
يتابع الأستاذ أنور الرفاعي فيقولك: (( .. وما كاد الأمير سعيد يستقر بدمشق ويتصل بأنصاره وأعوانه ـ وكانت الثورة العربية قد اندلعت وتراجع الترك عن الجزيرة العربية وأصبحت فلسطين وسورية مهددة، وأُسندت قيادة الجيش في فلسطين إلى جمال باشا المرسيني المعروف بجمال باشا الصغير تمييزًا له عن جمال السفاح ـ حتى رأت الدولة العثمانية حاجتها إلى الأمير شديدة، ليقوم بمهمة الوسيط بينها وبين الأمير فيصل قائد جيوش الثورة العربية، فلقد حاولت تركيا أن تسترضي فيصلاً، بعد أن سبق السيف العذل، وبعد أن أطلق والده الملك حسين أول رصاصة إيذانًا بثورة العرب الكبرى وبعدما تقدمت جيوش الثورة العربية وضيّقت على الأتراك في الحجاز، وضربت سكة حديد الحجاز وتقدمت شمالاً وأخذت تستعد لدخول سورية في الوقت الذي أصرّ فيه الملك حسين على الحلفاء تسيير حملة إلى فلسطين تساند الجيش العربي، وكانت بريطانيا تهيئ حملة الجنرال (اللنبي) التي حررت فلسطين عن قريب من أيدي العثمانيين ولكنها مع الأسف حررتها من حكم، لتكبلها بحكم أشد وأقسى، نعم في هذه الوقت وصلت إلى الأمير سعيد رسالةٌ شخصية مع موفد خاص من قبل جمال باشا المرسيني يرجوه فيها التكرم بزيارته في مقر قيادته في (السّلط) في شرقي الأردن وكان ذلك في أواخر شهر تموز عام 1918م.
وقد أخذ جمال المرسيني يشرح للأمير موقف الجيوش العثمانية المتخاذل، وقوة الأمير فيصل والجيوش العربية، ويستفز حماسة الأمير الدينية، ويقول له:"لقد هاجمت جيوش الأمير فيصل جيوشنا وأعملت فيها السيف، ونحن مسلمون قبل كل شيء، ويجب حقن دماء المسلمين، والصلح خير الحلول بيننا، ولقد جرت بين الأتراك والأمير فيصل مراسلات من عدة شهور لم تأت بطائل، وإني لم أجد الآن خيرًا منك ليذهب إلى فيصل ويقوم بدور الوسيط في الصلح بيننا وبينه، وذلك لشرف عائلتك، ولانتسابك إلى الرسول العربي الكريم صلى الله عليه وسلم كانتساب الأمير فيصل، فأنتم أبناء عم، ولمقدرتك ومقامك عند الجميع ولإخلاصك إلى الخليفة العثماني وحبك لحقن دماء المسلمين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/229)
.. "
((فرضي الأمير سعيد هذه المهمة الخطرة ولكن المشكلة كانت كيف يستطيع الأمير سعيد اجتياز الحدود بين الجيشين التركي والعربي، وكيف يتوصل إلى الاجتماع بالأمير فيصل ... واقترح الأمير سعيد أن يتصل هو بالأمير فيصل ويستمزج رأيه بالاجتماع به وبعد الاتفاق معه سيذهب إليه، وأعجبت الفكرة جمال باشا وترك أمر ذلك جميعه للأمير سعيد ... وأرسل الأمير سعيد أحد رجاله الذين يعرفون البلاد معرفة تامة برسالة خاصة منه إلى الأمير فيصل فجاءه الجواب:
((قيادة الجيوش العربية الشمالية
ديوان الأمير
تاريخ 3 ـ 2 القعدة 1336هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده.
حضرة الأخ الكريم؛
تلقيت كتابك وسررت على صحتك، عسى الباري يحفظك، ولعلمي بصفاء نيّتك وخلوصك وما بيننا من الروابط الودية، أُحرّرُ لك هذا، أولاً لإعلامك عن صحتي ولله الحمد، ثانيًا لئلا تتهمني بقلة الوفاء، وإلا ما كنتُ أرى لزومًا للرد على كتابك لأنني قد جربت أصحابك، وجرَت بيننا أحاديث تحريرية ولم أر لذلك أدنى ثمرة، وتأكدت من ذلك بأنهم يريدون المماطلة لاكتساب الفرص ليس إلاّ.
إنْ كنتَ تريد المواجهة شخصيًا فأهلاً وسهلاً وإنني على العهد، وإن جئت لإبداء بعض ما يُظهرونه لك ويُضمرون خِلافَه، فلا أرى لزومًا لتعبك، ولذلك فهنا أمرين: إن كانوا أعطوك ما تتوثق به عن صفاء نيتهم وبيدك ما يثبت ذلك، فمرحبًا بك، وتأتي الليلة القابلة الموافق 3 - 4 القعدة 1336هـ وهي ليلة الأحد الموافق مساء 10 أغسطس إفرنجي، وفي الساعة الواحدة عربي في وادي (عقيقه) الواقع جنوب سمنة القبلية، وسيكون في ذلك المحل "فانوس" أحمر مع من يلزم لخدمتكم، فاعتمدوا عليهم وامشوا بمشورتهم. وإن كانوا قد أجبروك على المجيء ولا بيدك ما يطمئن به قلبك، فأنت بمحلك والعرب وشأنهم.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التوقيع: أخوك فيصل)).انتهى
[كتاب (جهاد نصف قرن) لأنور الرفاعي ص88]
ولي هنا تنبيه: كما ترون فالجميع يخاطب الأمير سعيد والأمير عبدو على أنّهما تابعان مخلصان للدولة العثمانية، وكذلك تصرفاتهما تدل على ذلك، والولاة العثمانيون أيضًا يتعاملون معهما بوصفهما مخلصان للخلافة العثمانية، ولم يمر معنا أنهما فعلا شيئًا يخالف ذلك!!
(( .. وكان اجتماع الأمير فيصل بالأمير سعيد في (وهيد) بحضور نوري باشا السعيد وفائز بك الغصين أمين سر سمو الأمير فيصل الخاص في ذلك العهد، واستمعوا جميعًا إلى أقوال الأمير سعيد الداعية إلى إحلال الوفاق بين الأتراك والعرب، والضنّ بدماء المسلمين، وكان الأمير فيصل يصر على انسحاب تركيا من البلاد العربية وإعلان استقلالها استقلالاً ناجزًا والاعتراف بتتويج الملك حسين ملكًا عليها، وهي نفس الاتفاقات التي كانت بين والده الشريف حسين ومكماهون البريطاني والتي قامت الثورة العربية على أساسها، ولما كان الأمير سعيد لا يملك مثل هذه الصلاحية وإعطاء مثل هذه الوعود، هنّأ الأمير فيصل على إيمانه بمستقبل العرب وعلى تشبثه باستقلال العرب، وتمنى له التوفيق واستأذنه عائدًا يحمل رسالة الأمير فيصل الجوابية إلى جمال المرسيني، وقد أملاها الأمير فيصل باللغة التركية على أمين سره فائز بك الغصين وترجمتها:
""إلى حضرة جمال باشا قائد الجيش الرابع:
يا حضرة القائد العام
تسلمت كتابكم المؤرخ في 5/ 8/1336هـ والذي تفضلتم بإرساله مع الأمير سعيد وليس لي ما أقوله بالنسبة إلى شخصكم لما أعرفه فيكم قديمًا من الشعور الطيب والعواطف النبيلة التي خبرتها بالذات ولكن هذا لا يمنعني من القول بأن هذه الكتب والرسائل التي لا أزال أتلقاها من وقت إلى آخر وأجيب عليها منذ نحو تسعة أشهر سواء من حضرتكم وسواء من غيركم من كبار القوم ليست سوى إضاعة للوقت فيما لا يفيد إذ لم أر فيها ما يدل على روح إسلامية صحيحة وبذلك لم يبق لي أمل ما في الوفاق والاتفاق. ومع أن زيارة الأمير سعيد بعثت شيئًا من الأمل في نفسي إلا أن هذا لا يمنعني من تنبيهكم إلى حالتكم العامة، ووضعكم العسكري صار في أقصى درجة من الخطر وستؤيد الأحداث قولي هذا الذي أقوله بلسان المسلم المخلص الصادق لا بطريق التهديد، والله يعلم أن ما أكتبه إليكم بهذا الشأن مصدره الوجدان الذي يهيب بي إلى نصحكم وتحذيركم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/230)
إن العرب لا يطلبون شيئًا من الترك، إن كل ما يطلبونه هو أن يعيشوا أحرارًا وعلى وفاق تام واتحاد معهم.
إن للعرب مطلبًا صريحًا وواضحًا يلحّون في تحقيقه وإجابته ولا يتنازلون عنه وإني أصارحكم به وهو: (إن العرب يريدون منكم أن يكون حالهم معكم كحال بافاريا مع ألمانيا)، إن قبول هذا الاقتراح يربط بين قلبي الأمتين برباط متين لا تنفصم عراه كما إني أَعُدُّ القَبولَ بأقلَّ منه جناية تُجنى على هاتين الأمتين الإسلاميتين فلا يتجدد بعد ذلك الزمن الذين يعودون فيه إلى دواوين الحرب العرفية وإلى أحكام الإعدام والشنق وإلى الفتاوى المزيفة وإلى ترديد عبارات (الأصابع الأجنبية) أو الخروج على السلطان فتجدد القلاقل والمصائب.
والخلاصة إنني أختم كتابي قائلاً بأنني على أتم استعداد للدخول في المفاوضات متى قبلت الحكومة التركية اقتراحي هذا مقدمًا احترامي إليكم. في 5/ 11/1336هـ
فيصل "".انتهى
(نص الكتابين نشرته جريدة الكفاح عدد 1652 وتاريخ الخميس 26/ربيع الأول/1365هـ،و28/شباط/ 1946 بتوقيع الأمير سعيد نفسه). [وانظر كتاب (جهاد نصف قرن) ص89 إلى ص92]
((ويضيف الأمير سعيد زيادة عما ذكرناه في وصف مقابلته للأمير فيصل ما جاء في سلسلة مقالاته في جريدة الجامعة الإسلامية الذي نقتطف منه بعض فقرات وردت في عدد 9 تموز 1934م وهي:"" .. وبعد العناق والسلام بدأنا بالحديث وسلمته كتاب جمال باشا فقرأه وأكثر الإمعان فيه، وما لبث أن استأذن بالذهاب ودخل إلى فرع متصل بالصيوان وهو عبارة عن خيمة صغيرة فيها منضدة للكتابة، وجلس حوله فائز بك الغصين ونوري باشا السعيد. وبعد محادثة نصف ساعة على التقريب جاء الأمير (فيصل) وأرباب معيّته وبيده كتاب يحتوي على جوابه لجمال باشا فناولني إيّاه قائلاً:"هاك جواب جمال باشا اقرأه. وبعد قراءته عرضتُ رأيي على الأمير بوجوب كتابة (دردنجي أردو قومانداني جمال باشا حضرتلرينه) بدلاً من (جمال باشا به) تبعًا لحسن المجاملة التي ما أنقص جمال فيها شيء. فرأى الأمير رأيي وضرب على هذه العبارة وكتب حسبما اقترحت.
.. وبعد هذا تداولنا في الشؤون وما يجب اتخاذه من تدابير إذا امتنع الترك عن الموافقة على الاستقلال وسألت الأمير عن العهود والشروط التي تقررت بينهم وبين الإنكليز فيما يتعلق بسورية وما هي الخطة التي تقررت بين الجانبين، فأجابني بما يأتي حرفيًا: "ليس هناك لا عهود ولا شروط يا أخي، إنما الذي تم القرار عليه هو أننا سنهاجم سورية وفلسطين، فكل قوة من القوى الثلاثة الإنكليز والإفرنسيين والعرب تسبق فتحتل بلدًا تسيطر عليها إلى أن تنظر الدول المتحالفة في أمرها، من أجل ذلك إذا أردتم أن تضمنوا استقلال بلادكم فلا تنتظرونا، بل عندما تسمعون بقرب الجيوش منكم أعلنوا الاستقلال ولو بتضحية إذ ربما تأخر الجيش العربي وتقدم غيره".انتهى [المرجع السابق ص93]
(ونشرت جريدة الأيام والمقطم عام 1923 تصريحات الأمير سعيد كاملة حول هذا الموضوع)
وحمل الأمير سعيد الرسالة الجوابية من الأمير فيصل واتجه إلى مقر جمال باشا المرسيني.
(( .. وكان الأمير سعيد قد أخذ يناقش جمال باشا في مستقبل البلاد العربية وموقف الأتراك من حركة العرب؛ ويقنعه بضرورة الاتفاق مع العرب والقَبول بمطالب الملك حسين جميعها وكان مما قاله:"هل تعتقد أن باستطاعة الجيوش العثمانية الصمود أمام هجمات الجيش العربي والإنكليزي؟ "
جمال:"لا أعتقد هذا أبدًا"
الأمير:"إذن أليس من الأنسب أن تعلنوا أنتم استقلال البلاد فتكون لكم يد بيضاء على الأهالي، وسوف تنتهي الحرب بشكل ما، وستبقى العلاقات بينكم وبين العرب حسنة، ولا يشعر الأهالي بفرق بين حكومتكم والحكومة العربية المقبلة، لأنهما حكومتان مسلمتان"
وقَبِلَ جمال المرسيني وجهة نظر الأمير سعيد وعقد هيئة أركان حربه وعرض عليهم الفكرة ووافق الجميع إلاّ واحدًا.
وكتبوا إلى العاصمة التركية لأخذ موافقة أولي الشأن، ووافق السلطان محمد رشاد، وكتب بذلك أمرًا، ولكن (طلعت) و (أنور) و (جاويد) قادة الاتحاديين أهملوه ولم يرسلوه إلى سورية وكانت الحوادث تمر بسرعة؛ ولم يجدوا الوقت الكافي لتحقيق اقتراح الأمير سعيد)).انتهى [المرجع السابق ص94] و [انظر مذكرات عن القضايا العربية والعالم الإسلامي ص126]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/231)
وكانت أخبار تقدم الجيش العربي والإنكليزي وانهزامات الجيش التركي تَرِدُ إلى مدينة دمشق، والأهالي يشاهدون ارتباك الأتراك وحلفائهم الألمان فيها، وكان الناس ينتظرون سقوط مدينتهم على أيدي الجيوش العربية أو الجيش البريطاني بين لحظة وأخرى. (( ... وكان جمال باشا المرسيني؛ بعد أن عاد الأمير سعيد من (وهيد) وأيقن أن الصلح مع الأمير فيصل ضربٌ من المحال؛ كلّف الأمير سعيدا بأن يُؤلف من المغاربة الموجودين في سورية قوة محلية لحفظ الأمن ولمساعدة الجيوش التركية وأعطى قيادة هذه القوة إلى أخيه الأمير عبدو الذي سار بها إلى (إزرع) ليحول دون اتصال الجيش العربي بجبل الدروز، وبقي أفراد من هذه القوة المغربية حول الأمير سعيد بدمشق، ولكن الترك لم يستطيعوا أن يصمدوا أمام زحف العرب والإنكليز فتراجعوا إلى الكسوة ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=911309#_ftn1)) وأخلوا حوران وجبل الدروز وتراجع الأمير عبدو إلى دمشق، وكانت المدينة في حالة فوضى مستحكمة، فقناصل الدول تغادر المدينة، والناس في هرج ومرج، والشائعات تبلبل الأفكار، والوالي العثماني لم يُعرَف مقرُّه، فقد فرَّ في الظلام من المدينة؛ وخشيَ عقلاء القوم من حدوث فتنة في المدينة، وانتشار الغوغاء واللصوص في أسواق المدينة للسلب والنهب، وسارع الأمير سعيد إلى مقابلة جمال باشا المرسيني الذي كان قد نقل مركزه إليها وقال له:"إن المدينة أصبحت في حالة فوضى لا مثيل لها، والناس لا يعرفون ما يعملون، وأخشى وقوع حوادث تسيء إلى سمعة المدينة؛ وإني كجدّي عبد القادر العظيم في عام 1860م أرغبُ في المحافظة على الأرواح، ومنع الاعتداء على النساء والأطفال، والوقوف دون النهب والسلب، وما قد يحدث بين الطوائف من أناس لا خلاق لهم .. "
جمال:"كيف العمل؟ والجيش مشغول بالانسحاب والأعداء يتقدمون نحو العاصمة والإشاعات أن طلائعهم أصبحت في الغوطة وسيدخلون المدينة بين لحظة وأخرى"
الأمير:"أرى أن نجمع زعماء الأحياء ليتفقوا على المحافظة على أحيائهم ويؤلفوا حرسًا وطنيًا كما كان الحال في فرانسا وقت الثورة الإفرنسية وبذلك نأمن وقوع حوادث محلية أهلية"
جمال:"حسناً، افعل ما بدا لك"
ولكن اجتماع زعماء الأحياء لم يُثمر ثمرته المطلوبة، فعاد الأمير سعيد إلى جمال باشا وقال له:"لم يعد وقت للتفكير والاستشارة، فالبلد في غليان شديد، ومُرَوّجو الإشاعات يقلقون الناس ويعملون على إشعال الفتنة. وأنا سأقوم بتوزيع رجالي المغاربة على مداخل الحارات لأمنع التعدي وأحفظ النظام"
جمال:"حسنًا! وأرجو أن يحافظ رجالك عليّ أنا أيضًا"
الأمير:"بما أني سآخذ على عاتقي حماية المدينة فإني أرى أن تأمر الفرق الباقية لديك بالانسحاب من دمشق هي والجنود الألمانية الموجودة فيها بمعدّاتهم وأسلحتهم حتى لا يقع أي اشتباك بين جيشكم المنسحب وجيوش الثورة العربية الظافرة وحتى تسْلم المدينة من الخراب والتدمير .. "
جمال:"رأيك في مكانه، وسأنفذ اقتراحك". واعتبر الأمير سعيد نفسه مسؤولاً عن دمشق فأسرع إلى داره في حي العمارة وجمع أصحابه وأنصاره، وأصدر لهم الأوامر المختلفة بالمحافظة على الأمن والنظام وتسهيل انسحاب الجيش التركي المنهزم. وكان ممن تطوع للمحافظة على الأمن والنظام في المدينة ومنع التعدي وحماية الأقليات الدينية العالم الجليل الشيخ رضا العطار، وكان ضابطًا في الجيش التركي)).انتهى [جهاد نصف قرن ص96ـ 97]
(والشيخ محمد رضا العطار كان قاضيًا في دمشق ومن العلماء الكبار فيها وله عدة رسائل وكتب ودواوين شعر، توفي في دمشق سنة 1372هـ وهو والد الداعية الكبير عصام العطار صهر الشيخ علي الطنطاوي. والجميع أصولهم من الجزائر!)
(( .. ثم قصدَ (الأمير سعيد) إلى دار الحكومة أمام ضفة بردى يحفّ به ثلاثة من أسرته الأمراء وهم الأمير جعفر والأمير محمد الباقر والأمير حسن، يحمل كلٌّ منهم بندقية، ووجد على طول الطريق بين السراي وأوتيل فيكتوريا صفّين من الخيّالة (الدَّرك) المحلّي بقيادة أمين بك الطرابلسي، فجاوزهم، وصعد درج السراي ولم يجد فيها أحدًا ودخل غرفة الوالي .. وجلس في كرسيّه، يأمر وينهي.
وشَعَرَ الأمير سعيد أن واجبه الآن أن ينفِّذ ما وعد به الشريف حسين يوم اجتمع في مكّة أثناء رحلته الأولى في طليعة الحرب، وأن يحقق وعد أخيه الأمير عبدو للشريف حسين عندما استلم منه العلم وحمله إلى دمشق واحتفظ به في الدار؛ فنادى صديقه المرحوم معروف الأرناؤوط والمرحوم عثمان قاسم وقال لهما:"اذهبا إلى بيتنا في العمارة واتياني بعلم الحسين بن علي الذي أحضره أخي عبد القادر معه من مكة"، وما هي إلا لحظات حتى شهدت دمشق موكبًا من المواكب الضخمة يذكرنا بمواكب الحج وسفر المحْمَل الشريف، فقد حمل الأرناؤوط وعثمان العلم العربي، وركبا في عربة الأمير سعيد الخاصة، وسار أمامهما عدد من المتطوعين المغاربة يحمون العلم بسلاحهم ودمائهم؛ وهرع السكان من كل حدب وصوب ينشدون ويهزجون أهازيج الفرح والسرور، ويعلنون ولاءهم لهذا العلم العربي، وانضمامهم إلى الثورة العربية، وما كاد يصل إلى ساحة الشهداء (المرجة) حتى أصبح ألوفًا مؤلفة، وخرج الأمير سعيد من السراي، واستلم العلم بيده ورفعه على سراي الحكومة بين الهتافات والتحيات .....
[1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=911309#_ftnref1) ـ من مقال لجميل بيهم: المنار الجديد العدد (13).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/232)
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[16 - 10 - 08, 03:39 م]ـ
ونترك وصف هذه الساعة التاريخية إلى جريدة المقتبس التي كان يصدرها العلاّمة الجليل الأستاذ محمد كرد علي، التي صدرت ذلك اليوم ووصفت رفع علم الحسين على السرايا وبيان الأمير سعيد وصفَ شاهد عيان، قالت المقتبس:""كان يوم أمس الاثنين سنة 1918 تشرين الأول من الأيام الكبرى في تاريخ الناطقين بالضاد عامة وقاطني حاضرة الشام خاصّة؛ خَفَقَ فيه العلم العربي ذو الألوان الأربعة على الرؤوس بعد أن طال العهد ونَسيت الأمة العربية أنّ الدهر ربما أعادها سيرتها الأولى وبدلها من عسرها يسرًا ومن يأسها أملاً.
اخفُقْ علَمَ محمد بن عبد الله القرشي النبي الأمين ومَثِّلْ للبشر عظمة الأمويين ببياضك والعباسيين بسوادك واليمانيين باحمرارك وجيش النبوة باخضرارك، واتلُ على الناس:
إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفًا ... أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا
بيضٌ صنائعنا، سودٌ وقائعنا ... خضرٌ مرابعنا، حمرٌ مواضينا "")).انتهى
ونقلتْ هذا المقال مع كلمة الأمير سعيد التي ألقاها في حينها جريدةُ النضال في عددها 1226 الصادر في يوم الجمعة 10/صفر/1363هـ الموافق 4/شباط/1944م. [كتاب (جهاد نصف قرن) ص98 ـ 101]
دمشق في آخر عام 1918م
بقي الأمير سعيد طوال الليل يتابع الأحداث مع رفاقه (( .. وفي الصباح الباكر كلّف شاكر بك الحنبلي كتابة كتابين أحدهما للقائد الإنكليزي والآخر للقائد الإفرنسي لإبلاغهما تأسيس الحكومة الوطنية ولإنذارهما بعدم جواز دخول الجنود الأجنبية قبل إشعار هذه الحكومة، عِلمًا منه بأن جيش الأمير فيصل لا يزال بعيدًا عن الشام وكان هو على علم واتفاق مع الأمير فيصل في (وَهيْد) غربي معان يوم اجتمع إليه فطلب منه فيصل أن يُعلن هذا الاستقلال وأن لا ينتظر قدومه خشية أن تسبقه جيوش الاحتلال.
وما طلع فجر 1/ 10/1918م حتى أحاطت بالمدينة جنود جيش يتجاوز العشرة آلاف جندي من جنود الإنكليز يتقدمه ماجور أوسترالي اسمه (الماجور آرتر أولدن) فأرسل الأمير رسولاً قابل القائد وسأله عن مطلبه فقال إنه يقصد احتلال فندق فكتوريا ورفع العلم الإنكليزي عليه بصفته أول جيش دخل، كما كان مقررًا بين الجيش الإنكليزي والجيش الإفرنسي وقيادة الجيوش الشمالية التابعة للجنرال (اللنبي).
وأمر الرسول بالرجوع ثانيًا وإبلاغ قائد الحملة ودعوته إلى الحضور إلى قيادته فأخَذَتِ القائد ريبةٌ لعلمه أن جمال الصغير كان بالأمس يسكن الفندق ولم يعلم ما حصل في الليل.
وما طال تردده بل ذهب إلى دار الحكومة ولما وصل إلى رتاج السراي خاطب السيد عبد الحليم اللاذقاني بالإنكليزية قائلاً:"إذا كان هناك حاكمٌ فليأت لعندي" وبقي حذرًا وسلاحه بيده مع زملائه الضباط. وخرج الأمير إلى الشرفة وخاطب القائد باللغة الإنكليزية قائلاً له:"اصعد إلى هنا، هنا الأمير سعيد" فبغت القائد حينما سمع صوتًا جهوريًا بالإنكليزية يُملي عليه أمرًا عسكريًا فما وسعه إلا الامتثال.
ولما دخل الميجر الاسترالي (آرتر أولدن) قائد الطليعة الإنكليزية التي دخلت دمشق، على الأمير في دار الحكومة بادره قائلاً بواسطة الترجمان:"ولماذا دخلت شاهرًا السلاح لمدينة مستقلة لها نظامها ولها تقاليدها؟ "
فردّ الضابط قائلاً:"دخلت بأمر من الجنرال (اللنبي) لمدينة يحكمها الترك لاحتلالها احتلالاً عسكريًا"
وردَّ عليه الأمير:"إذن ينبغي أن تعلم أنك على خطأ بقولك أنك دخلت لاحتلال مدينة تركية وما كان ينبغي لك أن تدخل وجيشك شاهرين سلاحكم لمدينة تملك حريتها واستقلالها، ولولا أنكم تنتسبون إلى حكومة حليفة لما اعتبرناكم ضيوفًا عندنا وطلبنا إليكم أن تنسحبوا"
وإزاء هذا الأمر الواقع لم يسع الماجور إلا أن يتراجع بنظام مجيبًا الأمير بقوله:"يا سمو الأمير! نحن لم ندخل إلى العاصمة بقصد الإساءة إلى حكومة حليفة لنا بل جئنا لنضع هذا الجيش تحت تصرفكم لتتمكنوا بواسطته من توطيد الأمن بعاصمةٍ خلت من رجال الأمن والشرطة"
فقال الأمير:"إن الأمن في البلاد كان بيد أهل البلاد زمن الترك وأنت حينما دخلت بجيشك هل وجدت غير الهدوء والسكينة والنظام؟ ولما كان عندنا من الجند المتطوع ورجال الدّرك والشرطة ما يخولنا إمدادكم بصفتكم حلفاء فنحن على استعداد لمعونتكم"
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/233)
فانحنى الماجور وشكر الأمير ورجاه أن يمدّه بأدلاّء يذهبون معه لجهة باب شرقي حيث لايزال في تلك الجهة فلول من بقايا الجيش التركي والألماني.
ونادى الأمير الأميرالاي زكي بك العظمة وعزت بك الخوجة وأمرهما بالذهاب مع الجيش الإنكليزي شرطَ أن لا يتدخلا بأي أمر حين لقاء فلول الترك بل عليهما أن يأمراهم بالتسليم باسم الحكومة المؤقتة. وهكذا حصل، وقد سلّم الترك لمجرد إخطارهم بالتسليم من قِبَل الضابطين العربيين.
وما كادت هذه الحادثة تنتهي حتى دخل الشريف ناصر ووراءه 30 فارسًا فدخل على سمو الأمير وسلم عليه ولمّا علم أنه رسول الأمير فيصل وأول طليعة له؛ ولمّا كان الأمير ليس ممن يشتغلون في خدمة الوطن لطمعٍ وهو يعلم أخلاق الناس ما يعلم، وخوفًا من أن يحدث تصدع في الصفوف من أجل هذا الكرسي المؤقت الذي شغَلَه بكل جرأة ودراية، كلّف الشريف ناصر بإشغال كرسي الحكم ريثما يصل الأمير فيصل، فاعتذر هذا بمرضه الشديد وقال له:"يا للعجب أما تلقيت كتابًا من الأمير يرجوك فيه إدارة الحكم حتى حضوره؟ " فأجابه بالنفي.
وقد ظهر أن الأمير فيصل بعث بكتاب مع فائز بك الغصين سلّمه بالفعل لجماعة زعمت أنها من أنصاره، وقد لعبت أيدي الطامعين بهذه الرسالة؛ وبناءً على إصرار الشريف ناصر بعدم إمكانه إشغال هذا المنصب لمرضه كلّفه الأمير سعيد أن يكتب له تفويضًا بإدارة الحكومة حتى حضور الأمير فيصل، فكتب ما يلي: (إن سمو الأمير محمد سعيد مكلّف بإدارة الحكومة لحين حضور مولانا سمو الأمير فيصل) الإمضاء ناصر بن راضي رسول الأمير))
((وأمر الأمير سعيد جماعته باستصحاب الشريف ناصر وجنوده إلى داره العامرة بالعمارة والقيام بضيافتهم. وما كاد يذهب الشريف إلى دار الإمارة حتى دخل (لورنس) ومِنْ ورائه جموع العرب وفي مقدمتهم سلطان باشا الأطرش والشيخ عودة أبو تايه وغيرهم.
فتقدم الأمير من لورنس وأبلغه بأن هنا حكومة مؤقتة أعلنها باسم جلالة الملك حسين وأراه العلم الذي أتى به الأمير عبدو أخوه من الحجاز، فدخل لورنس البهو الكبير وهناك أخذ ذوو المطامع بدس الدسائس بحق الأمراء الذين كان لهم الفضل بتوطيد الأمن ولولا قيامهم بعملهم المفاجئ وإعلانهم الاستقلال لَنَسَفَ الألمان العاصمة بالمدافع التي وضعت بجبل قاسيون وأُعدت لنسفها في آخر لحظة، ولكن إعلان الاستقلال بتلك الجرأة أوقعهم بتلاشٍ فلم يتمكنوا من غايتهم وإن تمكنوا من إحراق الذخائر ونسف باركات السيارات في أطراف المدينة ولا تزال آثارها باقية إلى الآن في باب شرقي والقدم)).
((ولما كانت هناك خطة مدبّرة ترمي إلى وضع الحكومة تحت نفوذ الإنكليز الذين لم يمكنهم الأمراء الجزائريون من بغيتهم فقد أصبح وجود الأمراء على رأس الحكم عقبة كأداء في سبيل المطامع الإنكليزية وتأمينًا لهذه الغاية فقد دسّ بعضهم على الأمراء بأنهم يتآمرون مع الشريف ناصر الذي أخذوه إلى دارهم مع أن دعوتهم للشريف ناصر صدرت بناءً على حقوق الضيافة، ولصلة الأمير سعيد بالأمير فيصل صلةً سبقت كل هذه الحوادث يوم مقابلته له في 6 آب بمقر جيوشه بـ (وهيد) غربي معان وما قام الأمير سعيد بكل هذه الحركات إلا لإنقاذ البلاد من الفوضى وإبعاد مطامع الأجانب عنها وكان يصرف على الفرقة المتطوعة من ماله الخاص مما لم يُسبق له نظير بين الذين اشتغلوا بالسياسة ومع ذلك فقد تنحى عن الحكم بملء إرادته واختياره تاركًا الحكم لذوي المطامع وإن ما كتبه (لورنس) في كتابه (ثورة في الصحراء) لأعظم دليل على صدق ما نقول.
وبينما كان الشريف ناصر على وشك الجلوس على مائدة الأمير سعيد جاء رسول (لورنس) وهمس في أذن الأمير طاهر، بوجوب ذهاب الشريف ناصر مع أحد الأمراء إلى مقرّ الحكومة حالاً، فرفض الأمير عبدو أخو الأمير سعيد الطلب وأجاب الرسول بأن الشريف يحضر بعد تناول الطعام.
وما ذهب الرسول إلا ليعود بسرعة البرق لينذر الشريف ناصر بهذا القول:"إذا لم يحضر الشريف ناصر إلى دار الحكومة سريعًا، فإني أحضره بالقوة وألقي القبض على الأمير سعيد"
وامتنع الشريف ناصر عن الطعام حينما سمع هذا الإنذار وطلب من الأمير سعيد أن يرافقه قائلاً:"ربما حدث حادث مهم أو جاء خبر من الجبهة يدعو إلى ذهابنا حالاً"
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/234)
جرت هذه الحوادث بينما كان الأمير (سعيد) منهمكًا في الإشراف على الموائد لمئات الضيوف والحاضرين وقد تصرف الأمير عبدو دون علم أخيه وكان .. كثير الاعتداد بنفسه وله مواقف مع لورنس يوم كلّفه بنسف الجسور فوق نهر اليرموك للخط الحجازي (ورفض ذلك).
وما كادت السيارة تذهب، حتى انتخب الأمير عبدو عشرة من فرسانه المغاربة يحملون البنادق الألمانية والسيوف فوصل إلى السراي حينما كان أخوه يهمّ بدخولها، وكان في الصالون الكبير رضا باشا الركابي، ونوري الشعلان، وشكري الأيوبي، ورضا العابد، وأحمد قدري، وشريف الكيلاني وغيرهم، وكانت الجنود الإنكليزية التي لحقت بلورنس تحيط بالسراي مع فرسان من جماعة نوري الشعلان!.
ولما دخل (الأمير عبدو) كان الشرر يتطاير من بين عينيه لِما سمع من تهديد لورنس ـ وهو البطل الوحيد الذي لم يقهر لورنسَ في الصحراء سواه ـ وقد اعترف لورانس بشجاعته في كتابه (ثورة في الصحراء) وعدّ ذلك تعصّبًا دينيًا.
وقد ضحى الأميران بالمال والروح في هذا السبيل دون أن تبدو منهما بادرة طمعٍ بالمناصب والمقامات ومع ذلك كانا عرضة للدسائس التي كادت تودي بحياتهما معًا لولا مشيئة الله أن تنحصر الكارثة بواحد منهما)).
((واقترب الأمير عبدو من أخيه وهمس في أذنه مستأذنًا بالكلام فنصحه بالصبر ولكن هذا، وكان الغضب آخذًا منه كل مأخذ، قال بصوت جهوري مخاطبًا لورنس:"يالورنس! أنت تهدد أبناء عبد القادر بالسجن مساقًا بدسائس الدسّاسين وأنت تعلم أننا لا نخشى الحبس ولا الموت بل لا نخشى أحداً سوى الله، نحن أتينا بهذا العَلَم الذي يخفق منذ الأمس وقد استلمته من الملك حسين بن علي بعد أن طيف به حول الكعبة وصلى عليه أربعون ألف مسلم، وهو يخفق الآن فوق الرؤوس ولن يتزحزح من مكانه حتى تراق آخر نقطة من دمائنا حسبنا أننا أعلنا الاستقلال ووطدنا الأمن وإذا كان الخصام على هذا الكرسي فنحن نرفسه بأرجلنا"
وما كاد يصل إلى هنا، وكان لورانس قابعًا لا يتكلم، بل يحمرّ ويصفرّ، حتى وقف الدكتور أحمد قدري، فقال للأمير عبدو:"هناك سوء تفاهم يا أمير". فغضب وقال:" لا يجوز لأحد أن يقاطعني" واستمرّ في كلامه وتقدم من شكري الأيوبي ووضع يده على رأسه وقال له:"ألم نتعاهد يا شكري على خدمة هذه البلاد بكل تضحية دون أن نطمع بالمناصب؟ فقال: نعم.
فقال:"إذن استلموا هذا الكرسي المؤقت، المفروض علينا المحافظة على هذا العلم وعلى استقلال البلاد"
وما كاد يصل إلى هذا الحد حتى قام أخوه؛ وقد عَرَفَ بالدسيسة؛ فقبّله وقال له: حقًا يا أخي أنت جدير بأن تكون حفيدًا لعبد القادر. والتفت للحاضرين وقال لهم:"إني تنازلت مقدمًا عن هذا الكرسي للشريف ناصر ولم أشغله إلا للضرورة المحتمة وها أنا نزولاً على رأي أخي أتنازل عنه باختياري"
ثم انصرف الأميران، وما كاد يصلان إلى دارهما حتى اضطرب حبلُ الأمن واضطرت السلطة لوضع المدافع الرشاشة على منافذ الطرق لأن العشائر من عربان ودروز كانت تملأ المدينة وما أوقفها عن الاصطدام ببعضها سوى الخضوع للأمراء الذين لهم محبتهم وشعبيتهم في نفوس أبناء الوطن ولأنهم كانوا يبذلون المال بكرم في سبيل إعلاء كلمة الوطن.
ومرّ بعض الفرسان الدروز متجهين نحو حي الأكراد لغزوه لثأر قديم عليه، فما كان من وطنية الأمير عبدو إلا أن ركب فرسه بمفرده وأرجعهم من قرب جادة الشيخ محيي الدين .. وكان هذا خاتمة أعمالهم.
وامتلأت الساحات بالقتلى ويربو عددها على الثلاثين ملقاة جثثهم بالطرق ورُفِعت أعواد المشانق أمام دار الحكومة للإرهاب ولولا خوف هياج الشعب لرُفِعَ على أعواد المشانق كثيرٌ من الأبرياء.
وإنّا رعايةً لهذه الظروف نضرب صفحًا عن التفصيل وفيه ما تبيض له وجوه وتسودّ له وجوه)).انتهى [من كتاب (جهاد نصف قرن) لأنور الرفاعي ص103 إلى ص 109]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/235)
كان الضابط البريطاني لورنس شديد الكره للجزائريين وبخاصة للأمير عبدو لأنه لمس فيه قوة، ووجده عقبة كبيرة في طريق مخططاته، ووصفه فيما بعد في كتابه (أعمدة الحكمة السبعة) بعدوّه القديم، ورفض باسم بريطانيا تأليف هذه الحكومة المؤقتة، وعيّن شكري بك الأيوبي سرًا حاكمًا عسكريًا على جميع المناطق في حالة دخول القوات البريطانية التي أرسلها الجنرال (اللنبي) لاحتلال المدن، ودخول مدينة دمشق، ورفع العلم البريطاني على مقر الوالي التركي المنسحب، قبل دخوله إلى جانب الأمير فيصل.
إنّ الكولونيل لورنس البريطاني والجهات الاستعمارية وعملاءهم أدركوا منذ أمدٍ أن الأمير سعيدًا وأخاه الأمير عبد القادر الحفيد (عبدو) لن يكونا متعاونين معهم وأنهما أصحاب مبادئ إسلامية يصعب تجاوزها، ومِنْ ثَمَّ فإنهما سيكونان عقبةً في طريق الاستعمار، فلا بد من إزاحتهما عن الطريق وبسرعة!!
وفي صباح اليوم التالي حصل حادث أليم ومفجع؛ لقد اغتيل الأمير عبدو في شارع العفيف، وهو على صهوة حصانه، بطلقات نارية أُطلقت عليه من الخلف فأصابت ظهره وكان فيها حتفه، رحمه الله.
((وبينما كان الأمير سعيد ذاهبًا لملاقاة محمد علي التميمي الذي عينه مديرًا للشرطة يوم إعلانه الاستقلال، لقيه هذا المدير ومعه قائد الدرك سعدي كحّالة فوق جسر المرجة فأشارا لسيارته بالوقوف، فوقف الأمير وهو خالي الذهن من كل حادث فسألهم ماذا تريدون؟ فأجابوه: إن رضا باشا الركابي يطلبك. فقال ها أنا ذاهب إليه. وهكذا صعد الأمير إلى السراي، وما كاد رضا باشا الركابي يشعر بمجيئه من ياوره حتى دخل غرفة معاونه وكان يومئذ عادل أرسلان فسأله الأمير:"ماذا تريدون مني؟ " فأجابه: ليس الباشا هو الذي طلبك وإنما الماجور (ستيرلنك). فترك الغرفة وأراد الذهاب لعند الماجور فاعترضه سعدي كحّالة ومحمد علي التميمي وسألاه فيما إذا كان يحمل سلاحًا فنهره الأمير وقال:"ألا تستحي من توجيه هذا السؤال إلى من ولاّك هذا المنصب وله الفضل فيما حصلت عليه البلاد؟ " فوجم التميمي واحمرّ خجلاً ولم يزد كلمة واحدة، ولمّا أراد الأمير أن يركب سيارته أُبلِغ أنها صودرت بأمر الحاكم العسكري وقدّم له رجال البوليس عربة حقيرة فامتنع عن ركوبها وفضّل المشي على الأقدام، ولمّا مُنع عن ذلك قال للشرطة:"إما أن أسير على قدمي وإما أن تركبوني هذه العربة وأشار إلى عربة الحاكم الواقفة أمام دار الحكومة، وهذه العربة أيضًا صودرت من جنرال تركي اسمه مصطفى رمزي باشا، وهكذا ركب الأمير العربة وحولها عشرات من فرسان الدرك المدججين بالسلاح ووجهتُهم سراي المشيرية التي كانت مشغولة من الإنكليز فأدخلوه على الماجور (ستيرلنك) فرحّب به، ولمّا سأله عن سبب طلبه بهذا الشكل الذي يتنافى مع العدل ولا يتناسب مثل هذا الإجراء مع أمير له عمله الإنساني وخدمة الوطنية، فأجابه ستيرلنك بأنك موقوف لإرسالك (للرملة) أنت وأخوك لعند الجنرال (اللنبي). وقد كتم عنه قتل أخيه خشية أن يثور. فأجابه الأمير:"إن مثلنا لا يحتاج أن يرسل موقوفًا فنحن على استعداد للذهاب حيث شئتم من تلقاء أنفسنا ونحن مستعدون أيضًا أن نأتيكم بكفلاء، ونحن جبيننا ناصع ولا نخشى من أحد إلا الله الواحد الأحد ما دمنا لم نفعل شيئًا يخالف القانون"
فقال ستيرلنك: إن ما تقوله صحيح ولكني مأمور بإرسالكم مخفورين إلى الرملة. فأخذوا الأمير إلى غرفة خاصة بقي فيها إلى المساء.
وبعد هذا جاء ضابط إنكليزي واستصحب الأمير مع نفرين من البوليس الإنكليزي إلى معتقل (المزّة) فوضعوه بغرفة على التراب لا تحتوي على شيء من مقاعد ولا فرش .. )) [جهاد نصف قرن ص122]
وعند منتصف الليل سُمِح لابن عمّه الأمير كاظم أن يدخل عليه ليُخبره باستشهاد أخيه.
وعندما سأل الأمير سعيد الجنرال البريطاني عن سبب اعتقاله ((أجابه الجنرال بأن الحكومة تتهمه وأخاه بأنهما ادّخرا السلاح وساعدا الأتراك!! (انتبه أخي الكاتب والقارئ) وغير ذلك من التهم التي لا تنطبق إلا على الذين سوف يكشف الزمان عن ماضيهم الأسود)) [المرجع السابق ص125]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/236)
ثمّ سُمِحَ للأمير سعيد بالذهاب إلى بيته وقتيًّا. ((وما كاد الأمير سعيد يعود إلى بيته ويستقرّ به المقام حتى أخذت وفود المدينة تأتي للسلام والتعزية وكان في مقدمة من حضر العلماء وعلى رأسهم المحدّث الشيخ بدر الدين الحسني والعلاّمة السيد محمد بن جعفر الكتّاني)) [المرجع السابق ص125]
وبعد يومين من دفن الأمير عبدو، أي في 5/ 10/1918 أذاع الأمير فيصل بلاغًا أعلن فيه تشكيل حكومة سورية دستورية عربية مستقلة [انظر (الوثائق التاريخية المتعلقة بالقضية السورية في العهدين الفيصلي والفرنسي) لـ حسن الحكيم ص37].
وفي 10/ 12/1918، زار الأمير فيصل (لندن) العاصمة البريطانية، وفوجئ بتأكيد البريطانيين له أن اتفاقية سايكس ـ بيكو بتقسيم البلاد العربية أمر واقع، وأن ما حملهم على إخفائه عن والده الشريف حسين إنما هو رغبتهم في متابعة العرب الحرب إلى جانب الحلفاء على تركيا، كما أكدوا له بما لا لبس فيه أن بريطانيا العظمى غير مستعدّة للتراجع عن وعد بلفور الذي أعطته لليهود، وأن في نيّة بريطانيا منح فرنسا المناطق الساحلية الواقعة غربي دمشق ومدن حمص وحماة وحلب، وأما وعد بلفور فقد قضت به ظروف دولية. [انظر (السياسة الدولية في الشرق العربي) لـ عادل إسماعيل الجزء الرابع]
وعاد الملك فيصل خائبًا، وكان يَعِدُ نفسه منذ سنين لتولي عرش سورية ولبنان وفلسطين ووالده خليفة للعرب والمسلمين، عاد ليجد أن البلاد أصبحت كالطريدة تتقاسمها الذئاب الجائعة.
وأكتفي بهذا العرض وبتلك النقول التي تبيّن وبجلاء أن الاتهامات التي وجهها الأخ الكاتب للأمير عبد القادر وأحفاده، لاسيما الأمير سعيد، هي اتهامات باطلة.
وأظن أنه أصبح واضحًا للجميع أن الأمير عبد القادر وأبناءَهُ وأحفاده كانوا دائمًا موالين للخلافة العثمانية الإسلامية، ومعادين للسياسات الأوربية الاستعمارية. ولا أظن عاقلاً يصف المواقف التي وقفها الأمير سعيد أو الأمير عبدو بالمواقف الماسونية أو العميلة!
وللفائدة فإنّ الأمير سعيد الذي يتّهمه الكاتب بالعمالة والماسونية، كان يسعى وبكل جهد لأجل دعم الثورة الجزائرية لتحرير الجزائر من الفرنسيين، وكان يجري الاتصالات مع كل الزعماء والملوك العرب للحصول على دعمهم ومساندتهم، ومن هؤلاء الملك سعود بن عبد العزيز، وعندي صورة عن الرسالة الجوابيّة التي أرسلها الملك سعود للأمير سعيد وسأرفق صورتها لكم، وإليكم نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
المملكة العربية السعودية
عدد
15/ 1/2/ 689 في 14من شهر ربيع الأول سنة 1376
((من سعود بن عبد العزيز إلى صاحب السعادة الأمير محمد سعيد الجزائري سلّمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: وبعد فقد تسلمنا رسالة سموّكم المؤرخة 23 محرم 1376 وشكرنا لكم ما أعربتم عنه من عواطف طيبة كما شكرنا لكم هديتكم الثمينة التي هي كتاب الله عزوجل.
أما فيما يتعلق بقضية الجزائر فنحن والحمد لله ما توانينا منذ البداية عن بذل الجهود في مساعدتها كما أننا لن نتوانى بحول الله وقوته على ذلك فهي قضية العرب والمسلمين أجمعين.
نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه خير الإسلام والعروبة والسلام)).انتهى
وبالمناسبة فإنّ الأمير سعيد كان يحترم دولة آل سعود ويرفض أي صدام معها، وكان له دور بارز في منع الصدام وهذا يشهد له به المؤرّخون.
يقول الأستاذ المؤرخ أنور الرفاعي: ((فأخذت الإشاعات تروج بأن الأمير فيصل يرغب بإرسال الجنود العرب السوريين إلى الحجاز لقتال عبد العزيز بن سعود الذي كان قد اختلف مع الملك حسين في الجزيرة العربية، واتّجهت أنظار اللبنانيين إلى الأمير سعيد لترشيحه على عرش سورية ولبنان، فلقد جاء في جريدتي النادي والروضة اللتين تصدران في بيروت بتاريخ 26 تموز 1919 مايلي:""في دار سمو الأمير سعيد عبد القادر
ما بلغ منشور التجنيد في الشام مسامع أهل حلب وحمص وحماه حتى توافدت الجماهير لبيت سمو الأمير سعيد من كل هذه الأقطار المذكورة يستغيثون به ويلتمسون ترشيحه للإمارة السورية حفظًا لحقوقهم وحقنًا لدماء أبنائهم الذين يتهددهم الموت في محاربة ابن سعود، وكلّهم برأي واحد، يؤيّدون هذا المبدأ بكل ما لديهم من القوة ويطلبون راية سورية مستقلة، شعارها حكومة ديموقراطية لا صبغة فيها لملك الحجاز؛ فوعدهم الأمير خيرًا ولو اقتضى الأمر بذل النفس والنفيس، فخرجوا وكلّهم صوت واحد يصرخ: فليحيا الأمير محمد سعيد"")) [جهاد نصف قرن ص135]
فائدة: إنّ المغاربة الجزائريين كانوا ـ ومنذ بداية قيام الدولة السعودية الأولى بمشاركة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب ـ رافضين للانحياز إلى جانب دون آخر من المسلمين!
جاء في رسالة السيد محيي الدين بن مصطفى الحسني؛ والد الأمير عبد القادر؛ والتي أرسلها إلى أخيه السيد علي بو طالب، في رحلة الحج: (( ... فقد أنعم الله علينا بتمام الحج والعمرة، فلله الحمد والمنة؛ فقد يسّره الله علينا مع تضييق الزمان علينا لأنّ أهل مصر امتُحنوا بالفتنة وامتنعوا من الذهاب في البرّ وعطّلونا)) [وقصده بالفتنة ثورة المماليك على أمير مصر] إلى أن قال ((وعطلونا إلى الثاني عشر من ذي القعدة .. ثم قال: وعجّل اللهُ علينا بفضله فمكثنا في البحر ثمانية أيّام، الحاصل بين مكّة ومصر أربعة عشر يومًا، ووقفنا بالأربعاء ... إلى أن قال: ((إنّ السلطان [أي أمير مكّة فيما يظهر] حاصر خلقًا كثيرًا من الحجاج المغاربة وأجبرهم على الخروج ليجعلهم عسكرًا يتقوى بهم على الوهّابيين [والحرب التي تحدث عنها محيي الدين كانت بين أمير مكة وأمراء نجد الوهابيين] ثم قال: ((وكذلك كان مصير الركب الشامي ـ ثمّ ذكرَ أنّ المغاربة رفضوا كما رفضَ أهل الشام التجنيد الإجباري، واستعمل المغاربة السلاح ومات من الجانبين أموات)).انتهى [بحروفه من مقال للأستاذ المهدي البوعبدلي بعنوان (وثائق أصيلة تلقي الضوء على حياة الأمير عبد القادر) منشور في مجلة الثقافة الصادرة عن وزارة الثقافة في الجزائر العدد 75 رجب 1403هـ،أيار 1983م ص134، والتعليقات التي بين المعقوفتين للبوعبدلي].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/237)
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[16 - 10 - 08, 03:40 م]ـ
ونترك وصف هذه الساعة التاريخية إلى جريدة المقتبس التي كان يصدرها العلاّمة الجليل الأستاذ محمد كرد علي، التي صدرت ذلك اليوم ووصفت رفع علم الحسين على السرايا وبيان الأمير سعيد وصفَ شاهد عيان، قالت المقتبس:""كان يوم أمس الاثنين سنة 1918 تشرين الأول من الأيام الكبرى في تاريخ الناطقين بالضاد عامة وقاطني حاضرة الشام خاصّة؛ خَفَقَ فيه العلم العربي ذو الألوان الأربعة على الرؤوس بعد أن طال العهد ونَسيت الأمة العربية أنّ الدهر ربما أعادها سيرتها الأولى وبدلها من عسرها يسرًا ومن يأسها أملاً.
اخفُقْ علَمَ محمد بن عبد الله القرشي النبي الأمين ومَثِّلْ للبشر عظمة الأمويين ببياضك والعباسيين بسوادك واليمانيين باحمرارك وجيش النبوة باخضرارك، واتلُ على الناس:
إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفًا ... أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا
بيضٌ صنائعنا، سودٌ وقائعنا ... خضرٌ مرابعنا، حمرٌ مواضينا "")).انتهى
ونقلتْ هذا المقال مع كلمة الأمير سعيد التي ألقاها في حينها جريدةُ النضال في عددها 1226 الصادر في يوم الجمعة 10/صفر/1363هـ الموافق 4/شباط/1944م. [كتاب (جهاد نصف قرن) ص98 ـ 101]
دمشق في آخر عام 1918م
بقي الأمير سعيد طوال الليل يتابع الأحداث مع رفاقه (( .. وفي الصباح الباكر كلّف شاكر بك الحنبلي كتابة كتابين أحدهما للقائد الإنكليزي والآخر للقائد الإفرنسي لإبلاغهما تأسيس الحكومة الوطنية ولإنذارهما بعدم جواز دخول الجنود الأجنبية قبل إشعار هذه الحكومة، عِلمًا منه بأن جيش الأمير فيصل لا يزال بعيدًا عن الشام وكان هو على علم واتفاق مع الأمير فيصل في (وَهيْد) غربي معان يوم اجتمع إليه فطلب منه فيصل أن يُعلن هذا الاستقلال وأن لا ينتظر قدومه خشية أن تسبقه جيوش الاحتلال.
وما طلع فجر 1/ 10/1918م حتى أحاطت بالمدينة جنود جيش يتجاوز العشرة آلاف جندي من جنود الإنكليز يتقدمه ماجور أوسترالي اسمه (الماجور آرتر أولدن) فأرسل الأمير رسولاً قابل القائد وسأله عن مطلبه فقال إنه يقصد احتلال فندق فكتوريا ورفع العلم الإنكليزي عليه بصفته أول جيش دخل، كما كان مقررًا بين الجيش الإنكليزي والجيش الإفرنسي وقيادة الجيوش الشمالية التابعة للجنرال (اللنبي).
وأمر الرسول بالرجوع ثانيًا وإبلاغ قائد الحملة ودعوته إلى الحضور إلى قيادته فأخَذَتِ القائد ريبةٌ لعلمه أن جمال الصغير كان بالأمس يسكن الفندق ولم يعلم ما حصل في الليل.
وما طال تردده بل ذهب إلى دار الحكومة ولما وصل إلى رتاج السراي خاطب السيد عبد الحليم اللاذقاني بالإنكليزية قائلاً:"إذا كان هناك حاكمٌ فليأت لعندي" وبقي حذرًا وسلاحه بيده مع زملائه الضباط. وخرج الأمير إلى الشرفة وخاطب القائد باللغة الإنكليزية قائلاً له:"اصعد إلى هنا، هنا الأمير سعيد" فبغت القائد حينما سمع صوتًا جهوريًا بالإنكليزية يُملي عليه أمرًا عسكريًا فما وسعه إلا الامتثال.
ولما دخل الميجر الاسترالي (آرتر أولدن) قائد الطليعة الإنكليزية التي دخلت دمشق، على الأمير في دار الحكومة بادره قائلاً بواسطة الترجمان:"ولماذا دخلت شاهرًا السلاح لمدينة مستقلة لها نظامها ولها تقاليدها؟ "
فردّ الضابط قائلاً:"دخلت بأمر من الجنرال (اللنبي) لمدينة يحكمها الترك لاحتلالها احتلالاً عسكريًا"
وردَّ عليه الأمير:"إذن ينبغي أن تعلم أنك على خطأ بقولك أنك دخلت لاحتلال مدينة تركية وما كان ينبغي لك أن تدخل وجيشك شاهرين سلاحكم لمدينة تملك حريتها واستقلالها، ولولا أنكم تنتسبون إلى حكومة حليفة لما اعتبرناكم ضيوفًا عندنا وطلبنا إليكم أن تنسحبوا"
وإزاء هذا الأمر الواقع لم يسع الماجور إلا أن يتراجع بنظام مجيبًا الأمير بقوله:"يا سمو الأمير! نحن لم ندخل إلى العاصمة بقصد الإساءة إلى حكومة حليفة لنا بل جئنا لنضع هذا الجيش تحت تصرفكم لتتمكنوا بواسطته من توطيد الأمن بعاصمةٍ خلت من رجال الأمن والشرطة"
فقال الأمير:"إن الأمن في البلاد كان بيد أهل البلاد زمن الترك وأنت حينما دخلت بجيشك هل وجدت غير الهدوء والسكينة والنظام؟ ولما كان عندنا من الجند المتطوع ورجال الدّرك والشرطة ما يخولنا إمدادكم بصفتكم حلفاء فنحن على استعداد لمعونتكم"
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/238)
فانحنى الماجور وشكر الأمير ورجاه أن يمدّه بأدلاّء يذهبون معه لجهة باب شرقي حيث لايزال في تلك الجهة فلول من بقايا الجيش التركي والألماني.
ونادى الأمير الأميرالاي زكي بك العظمة وعزت بك الخوجة وأمرهما بالذهاب مع الجيش الإنكليزي شرطَ أن لا يتدخلا بأي أمر حين لقاء فلول الترك بل عليهما أن يأمراهم بالتسليم باسم الحكومة المؤقتة. وهكذا حصل، وقد سلّم الترك لمجرد إخطارهم بالتسليم من قِبَل الضابطين العربيين.
وما كادت هذه الحادثة تنتهي حتى دخل الشريف ناصر ووراءه 30 فارسًا فدخل على سمو الأمير وسلم عليه ولمّا علم أنه رسول الأمير فيصل وأول طليعة له؛ ولمّا كان الأمير ليس ممن يشتغلون في خدمة الوطن لطمعٍ وهو يعلم أخلاق الناس ما يعلم، وخوفًا من أن يحدث تصدع في الصفوف من أجل هذا الكرسي المؤقت الذي شغَلَه بكل جرأة ودراية، كلّف الشريف ناصر بإشغال كرسي الحكم ريثما يصل الأمير فيصل، فاعتذر هذا بمرضه الشديد وقال له:"يا للعجب أما تلقيت كتابًا من الأمير يرجوك فيه إدارة الحكم حتى حضوره؟ " فأجابه بالنفي.
وقد ظهر أن الأمير فيصل بعث بكتاب مع فائز بك الغصين سلّمه بالفعل لجماعة زعمت أنها من أنصاره، وقد لعبت أيدي الطامعين بهذه الرسالة؛ وبناءً على إصرار الشريف ناصر بعدم إمكانه إشغال هذا المنصب لمرضه كلّفه الأمير سعيد أن يكتب له تفويضًا بإدارة الحكومة حتى حضور الأمير فيصل، فكتب ما يلي: (إن سمو الأمير محمد سعيد مكلّف بإدارة الحكومة لحين حضور مولانا سمو الأمير فيصل) الإمضاء ناصر بن راضي رسول الأمير))
((وأمر الأمير سعيد جماعته باستصحاب الشريف ناصر وجنوده إلى داره العامرة بالعمارة والقيام بضيافتهم. وما كاد يذهب الشريف إلى دار الإمارة حتى دخل (لورنس) ومِنْ ورائه جموع العرب وفي مقدمتهم سلطان باشا الأطرش والشيخ عودة أبو تايه وغيرهم.
فتقدم الأمير من لورنس وأبلغه بأن هنا حكومة مؤقتة أعلنها باسم جلالة الملك حسين وأراه العلم الذي أتى به الأمير عبدو أخوه من الحجاز، فدخل لورنس البهو الكبير وهناك أخذ ذوو المطامع بدس الدسائس بحق الأمراء الذين كان لهم الفضل بتوطيد الأمن ولولا قيامهم بعملهم المفاجئ وإعلانهم الاستقلال لَنَسَفَ الألمان العاصمة بالمدافع التي وضعت بجبل قاسيون وأُعدت لنسفها في آخر لحظة، ولكن إعلان الاستقلال بتلك الجرأة أوقعهم بتلاشٍ فلم يتمكنوا من غايتهم وإن تمكنوا من إحراق الذخائر ونسف باركات السيارات في أطراف المدينة ولا تزال آثارها باقية إلى الآن في باب شرقي والقدم)).
((ولما كانت هناك خطة مدبّرة ترمي إلى وضع الحكومة تحت نفوذ الإنكليز الذين لم يمكنهم الأمراء الجزائريون من بغيتهم فقد أصبح وجود الأمراء على رأس الحكم عقبة كأداء في سبيل المطامع الإنكليزية وتأمينًا لهذه الغاية فقد دسّ بعضهم على الأمراء بأنهم يتآمرون مع الشريف ناصر الذي أخذوه إلى دارهم مع أن دعوتهم للشريف ناصر صدرت بناءً على حقوق الضيافة، ولصلة الأمير سعيد بالأمير فيصل صلةً سبقت كل هذه الحوادث يوم مقابلته له في 6 آب بمقر جيوشه بـ (وهيد) غربي معان وما قام الأمير سعيد بكل هذه الحركات إلا لإنقاذ البلاد من الفوضى وإبعاد مطامع الأجانب عنها وكان يصرف على الفرقة المتطوعة من ماله الخاص مما لم يُسبق له نظير بين الذين اشتغلوا بالسياسة ومع ذلك فقد تنحى عن الحكم بملء إرادته واختياره تاركًا الحكم لذوي المطامع وإن ما كتبه (لورنس) في كتابه (ثورة في الصحراء) لأعظم دليل على صدق ما نقول.
وبينما كان الشريف ناصر على وشك الجلوس على مائدة الأمير سعيد جاء رسول (لورنس) وهمس في أذن الأمير طاهر، بوجوب ذهاب الشريف ناصر مع أحد الأمراء إلى مقرّ الحكومة حالاً، فرفض الأمير عبدو أخو الأمير سعيد الطلب وأجاب الرسول بأن الشريف يحضر بعد تناول الطعام.
وما ذهب الرسول إلا ليعود بسرعة البرق لينذر الشريف ناصر بهذا القول:"إذا لم يحضر الشريف ناصر إلى دار الحكومة سريعًا، فإني أحضره بالقوة وألقي القبض على الأمير سعيد"
وامتنع الشريف ناصر عن الطعام حينما سمع هذا الإنذار وطلب من الأمير سعيد أن يرافقه قائلاً:"ربما حدث حادث مهم أو جاء خبر من الجبهة يدعو إلى ذهابنا حالاً"
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/239)
جرت هذه الحوادث بينما كان الأمير (سعيد) منهمكًا في الإشراف على الموائد لمئات الضيوف والحاضرين وقد تصرف الأمير عبدو دون علم أخيه وكان .. كثير الاعتداد بنفسه وله مواقف مع لورنس يوم كلّفه بنسف الجسور فوق نهر اليرموك للخط الحجازي (ورفض ذلك).
وما كادت السيارة تذهب، حتى انتخب الأمير عبدو عشرة من فرسانه المغاربة يحملون البنادق الألمانية والسيوف فوصل إلى السراي حينما كان أخوه يهمّ بدخولها، وكان في الصالون الكبير رضا باشا الركابي، ونوري الشعلان، وشكري الأيوبي، ورضا العابد، وأحمد قدري، وشريف الكيلاني وغيرهم، وكانت الجنود الإنكليزية التي لحقت بلورنس تحيط بالسراي مع فرسان من جماعة نوري الشعلان!.
ولما دخل (الأمير عبدو) كان الشرر يتطاير من بين عينيه لِما سمع من تهديد لورنس ـ وهو البطل الوحيد الذي لم يقهر لورنسَ في الصحراء سواه ـ وقد اعترف لورانس بشجاعته في كتابه (ثورة في الصحراء) وعدّ ذلك تعصّبًا دينيًا.
وقد ضحى الأميران بالمال والروح في هذا السبيل دون أن تبدو منهما بادرة طمعٍ بالمناصب والمقامات ومع ذلك كانا عرضة للدسائس التي كادت تودي بحياتهما معًا لولا مشيئة الله أن تنحصر الكارثة بواحد منهما)).
((واقترب الأمير عبدو من أخيه وهمس في أذنه مستأذنًا بالكلام فنصحه بالصبر ولكن هذا، وكان الغضب آخذًا منه كل مأخذ، قال بصوت جهوري مخاطبًا لورنس:"يالورنس! أنت تهدد أبناء عبد القادر بالسجن مساقًا بدسائس الدسّاسين وأنت تعلم أننا لا نخشى الحبس ولا الموت بل لا نخشى أحداً سوى الله، نحن أتينا بهذا العَلَم الذي يخفق منذ الأمس وقد استلمته من الملك حسين بن علي بعد أن طيف به حول الكعبة وصلى عليه أربعون ألف مسلم، وهو يخفق الآن فوق الرؤوس ولن يتزحزح من مكانه حتى تراق آخر نقطة من دمائنا حسبنا أننا أعلنا الاستقلال ووطدنا الأمن وإذا كان الخصام على هذا الكرسي فنحن نرفسه بأرجلنا"
وما كاد يصل إلى هنا، وكان لورانس قابعًا لا يتكلم، بل يحمرّ ويصفرّ، حتى وقف الدكتور أحمد قدري، فقال للأمير عبدو:"هناك سوء تفاهم يا أمير". فغضب وقال:" لا يجوز لأحد أن يقاطعني" واستمرّ في كلامه وتقدم من شكري الأيوبي ووضع يده على رأسه وقال له:"ألم نتعاهد يا شكري على خدمة هذه البلاد بكل تضحية دون أن نطمع بالمناصب؟ فقال: نعم.
فقال:"إذن استلموا هذا الكرسي المؤقت، المفروض علينا المحافظة على هذا العلم وعلى استقلال البلاد"
وما كاد يصل إلى هذا الحد حتى قام أخوه؛ وقد عَرَفَ بالدسيسة؛ فقبّله وقال له: حقًا يا أخي أنت جدير بأن تكون حفيدًا لعبد القادر. والتفت للحاضرين وقال لهم:"إني تنازلت مقدمًا عن هذا الكرسي للشريف ناصر ولم أشغله إلا للضرورة المحتمة وها أنا نزولاً على رأي أخي أتنازل عنه باختياري"
ثم انصرف الأميران، وما كاد يصلان إلى دارهما حتى اضطرب حبلُ الأمن واضطرت السلطة لوضع المدافع الرشاشة على منافذ الطرق لأن العشائر من عربان ودروز كانت تملأ المدينة وما أوقفها عن الاصطدام ببعضها سوى الخضوع للأمراء الذين لهم محبتهم وشعبيتهم في نفوس أبناء الوطن ولأنهم كانوا يبذلون المال بكرم في سبيل إعلاء كلمة الوطن.
ومرّ بعض الفرسان الدروز متجهين نحو حي الأكراد لغزوه لثأر قديم عليه، فما كان من وطنية الأمير عبدو إلا أن ركب فرسه بمفرده وأرجعهم من قرب جادة الشيخ محيي الدين .. وكان هذا خاتمة أعمالهم.
وامتلأت الساحات بالقتلى ويربو عددها على الثلاثين ملقاة جثثهم بالطرق ورُفِعت أعواد المشانق أمام دار الحكومة للإرهاب ولولا خوف هياج الشعب لرُفِعَ على أعواد المشانق كثيرٌ من الأبرياء.
وإنّا رعايةً لهذه الظروف نضرب صفحًا عن التفصيل وفيه ما تبيض له وجوه وتسودّ له وجوه)).انتهى [من كتاب (جهاد نصف قرن) لأنور الرفاعي ص103 إلى ص 109]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/240)
كان الضابط البريطاني لورنس شديد الكره للجزائريين وبخاصة للأمير عبدو لأنه لمس فيه قوة، ووجده عقبة كبيرة في طريق مخططاته، ووصفه فيما بعد في كتابه (أعمدة الحكمة السبعة) بعدوّه القديم، ورفض باسم بريطانيا تأليف هذه الحكومة المؤقتة، وعيّن شكري بك الأيوبي سرًا حاكمًا عسكريًا على جميع المناطق في حالة دخول القوات البريطانية التي أرسلها الجنرال (اللنبي) لاحتلال المدن، ودخول مدينة دمشق، ورفع العلم البريطاني على مقر الوالي التركي المنسحب، قبل دخوله إلى جانب الأمير فيصل.
إنّ الكولونيل لورنس البريطاني والجهات الاستعمارية وعملاءهم أدركوا منذ أمدٍ أن الأمير سعيدًا وأخاه الأمير عبد القادر الحفيد (عبدو) لن يكونا متعاونين معهم وأنهما أصحاب مبادئ إسلامية يصعب تجاوزها، ومِنْ ثَمَّ فإنهما سيكونان عقبةً في طريق الاستعمار، فلا بد من إزاحتهما عن الطريق وبسرعة!!
وفي صباح اليوم التالي حصل حادث أليم ومفجع؛ لقد اغتيل الأمير عبدو في شارع العفيف، وهو على صهوة حصانه، بطلقات نارية أُطلقت عليه من الخلف فأصابت ظهره وكان فيها حتفه، رحمه الله.
((وبينما كان الأمير سعيد ذاهبًا لملاقاة محمد علي التميمي الذي عينه مديرًا للشرطة يوم إعلانه الاستقلال، لقيه هذا المدير ومعه قائد الدرك سعدي كحّالة فوق جسر المرجة فأشارا لسيارته بالوقوف، فوقف الأمير وهو خالي الذهن من كل حادث فسألهم ماذا تريدون؟ فأجابوه: إن رضا باشا الركابي يطلبك. فقال ها أنا ذاهب إليه. وهكذا صعد الأمير إلى السراي، وما كاد رضا باشا الركابي يشعر بمجيئه من ياوره حتى دخل غرفة معاونه وكان يومئذ عادل أرسلان فسأله الأمير:"ماذا تريدون مني؟ " فأجابه: ليس الباشا هو الذي طلبك وإنما الماجور (ستيرلنك). فترك الغرفة وأراد الذهاب لعند الماجور فاعترضه سعدي كحّالة ومحمد علي التميمي وسألاه فيما إذا كان يحمل سلاحًا فنهره الأمير وقال:"ألا تستحي من توجيه هذا السؤال إلى من ولاّك هذا المنصب وله الفضل فيما حصلت عليه البلاد؟ " فوجم التميمي واحمرّ خجلاً ولم يزد كلمة واحدة، ولمّا أراد الأمير أن يركب سيارته أُبلِغ أنها صودرت بأمر الحاكم العسكري وقدّم له رجال البوليس عربة حقيرة فامتنع عن ركوبها وفضّل المشي على الأقدام، ولمّا مُنع عن ذلك قال للشرطة:"إما أن أسير على قدمي وإما أن تركبوني هذه العربة وأشار إلى عربة الحاكم الواقفة أمام دار الحكومة، وهذه العربة أيضًا صودرت من جنرال تركي اسمه مصطفى رمزي باشا، وهكذا ركب الأمير العربة وحولها عشرات من فرسان الدرك المدججين بالسلاح ووجهتُهم سراي المشيرية التي كانت مشغولة من الإنكليز فأدخلوه على الماجور (ستيرلنك) فرحّب به، ولمّا سأله عن سبب طلبه بهذا الشكل الذي يتنافى مع العدل ولا يتناسب مثل هذا الإجراء مع أمير له عمله الإنساني وخدمة الوطنية، فأجابه ستيرلنك بأنك موقوف لإرسالك (للرملة) أنت وأخوك لعند الجنرال (اللنبي). وقد كتم عنه قتل أخيه خشية أن يثور. فأجابه الأمير:"إن مثلنا لا يحتاج أن يرسل موقوفًا فنحن على استعداد للذهاب حيث شئتم من تلقاء أنفسنا ونحن مستعدون أيضًا أن نأتيكم بكفلاء، ونحن جبيننا ناصع ولا نخشى من أحد إلا الله الواحد الأحد ما دمنا لم نفعل شيئًا يخالف القانون"
فقال ستيرلنك: إن ما تقوله صحيح ولكني مأمور بإرسالكم مخفورين إلى الرملة. فأخذوا الأمير إلى غرفة خاصة بقي فيها إلى المساء.
وبعد هذا جاء ضابط إنكليزي واستصحب الأمير مع نفرين من البوليس الإنكليزي إلى معتقل (المزّة) فوضعوه بغرفة على التراب لا تحتوي على شيء من مقاعد ولا فرش .. )) [جهاد نصف قرن ص122]
وعند منتصف الليل سُمِح لابن عمّه الأمير كاظم أن يدخل عليه ليُخبره باستشهاد أخيه.
وعندما سأل الأمير سعيد الجنرال البريطاني عن سبب اعتقاله ((أجابه الجنرال بأن الحكومة تتهمه وأخاه بأنهما ادّخرا السلاح وساعدا الأتراك!! (انتبه أخي الكاتب والقارئ) وغير ذلك من التهم التي لا تنطبق إلا على الذين سوف يكشف الزمان عن ماضيهم الأسود)) [المرجع السابق ص125]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/241)
ثمّ سُمِحَ للأمير سعيد بالذهاب إلى بيته وقتيًّا. ((وما كاد الأمير سعيد يعود إلى بيته ويستقرّ به المقام حتى أخذت وفود المدينة تأتي للسلام والتعزية وكان في مقدمة من حضر العلماء وعلى رأسهم المحدّث الشيخ بدر الدين الحسني والعلاّمة السيد محمد بن جعفر الكتّاني)) [المرجع السابق ص125]
وبعد يومين من دفن الأمير عبدو، أي في 5/ 10/1918 أذاع الأمير فيصل بلاغًا أعلن فيه تشكيل حكومة سورية دستورية عربية مستقلة [انظر (الوثائق التاريخية المتعلقة بالقضية السورية في العهدين الفيصلي والفرنسي) لـ حسن الحكيم ص37].
وفي 10/ 12/1918، زار الأمير فيصل (لندن) العاصمة البريطانية، وفوجئ بتأكيد البريطانيين له أن اتفاقية سايكس ـ بيكو بتقسيم البلاد العربية أمر واقع، وأن ما حملهم على إخفائه عن والده الشريف حسين إنما هو رغبتهم في متابعة العرب الحرب إلى جانب الحلفاء على تركيا، كما أكدوا له بما لا لبس فيه أن بريطانيا العظمى غير مستعدّة للتراجع عن وعد بلفور الذي أعطته لليهود، وأن في نيّة بريطانيا منح فرنسا المناطق الساحلية الواقعة غربي دمشق ومدن حمص وحماة وحلب، وأما وعد بلفور فقد قضت به ظروف دولية. [انظر (السياسة الدولية في الشرق العربي) لـ عادل إسماعيل الجزء الرابع]
وعاد الملك فيصل خائبًا، وكان يَعِدُ نفسه منذ سنين لتولي عرش سورية ولبنان وفلسطين ووالده خليفة للعرب والمسلمين، عاد ليجد أن البلاد أصبحت كالطريدة تتقاسمها الذئاب الجائعة.
وأكتفي بهذا العرض وبتلك النقول التي تبيّن وبجلاء أن الاتهامات التي وجهها الأخ الكاتب للأمير عبد القادر وأحفاده، لاسيما الأمير سعيد، هي اتهامات باطلة.
وأظن أنه أصبح واضحًا للجميع أن الأمير عبد القادر وأبناءَهُ وأحفاده كانوا دائمًا موالين للخلافة العثمانية الإسلامية، ومعادين للسياسات الأوربية الاستعمارية. ولا أظن عاقلاً يصف المواقف التي وقفها الأمير سعيد أو الأمير عبدو بالمواقف الماسونية أو العميلة!
وللفائدة فإنّ الأمير سعيد الذي يتّهمه الكاتب بالعمالة والماسونية، كان يسعى وبكل جهد لأجل دعم الثورة الجزائرية لتحرير الجزائر من الفرنسيين، وكان يجري الاتصالات مع كل الزعماء والملوك العرب للحصول على دعمهم ومساندتهم، ومن هؤلاء الملك سعود بن عبد العزيز، وعندي صورة عن الرسالة الجوابيّة التي أرسلها الملك سعود للأمير سعيد وسأرفق صورتها لكم، وإليكم نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
المملكة العربية السعودية
عدد
15/ 1/2/ 689 في 14من شهر ربيع الأول سنة 1376
((من سعود بن عبد العزيز إلى صاحب السعادة الأمير محمد سعيد الجزائري سلّمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: وبعد فقد تسلمنا رسالة سموّكم المؤرخة 23 محرم 1376 وشكرنا لكم ما أعربتم عنه من عواطف طيبة كما شكرنا لكم هديتكم الثمينة التي هي كتاب الله عزوجل.
أما فيما يتعلق بقضية الجزائر فنحن والحمد لله ما توانينا منذ البداية عن بذل الجهود في مساعدتها كما أننا لن نتوانى بحول الله وقوته على ذلك فهي قضية العرب والمسلمين أجمعين.
نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه خير الإسلام والعروبة والسلام)).انتهى
وبالمناسبة فإنّ الأمير سعيد كان يحترم دولة آل سعود ويرفض أي صدام معها، وكان له دور بارز في منع الصدام وهذا يشهد له به المؤرّخون.
يقول الأستاذ المؤرخ أنور الرفاعي: ((فأخذت الإشاعات تروج بأن الأمير فيصل يرغب بإرسال الجنود العرب السوريين إلى الحجاز لقتال عبد العزيز بن سعود الذي كان قد اختلف مع الملك حسين في الجزيرة العربية، واتّجهت أنظار اللبنانيين إلى الأمير سعيد لترشيحه على عرش سورية ولبنان، فلقد جاء في جريدتي النادي والروضة اللتين تصدران في بيروت بتاريخ 26 تموز 1919 مايلي:""في دار سمو الأمير سعيد عبد القادر
ما بلغ منشور التجنيد في الشام مسامع أهل حلب وحمص وحماه حتى توافدت الجماهير لبيت سمو الأمير سعيد من كل هذه الأقطار المذكورة يستغيثون به ويلتمسون ترشيحه للإمارة السورية حفظًا لحقوقهم وحقنًا لدماء أبنائهم الذين يتهددهم الموت في محاربة ابن سعود، وكلّهم برأي واحد، يؤيّدون هذا المبدأ بكل ما لديهم من القوة ويطلبون راية سورية مستقلة، شعارها حكومة ديموقراطية لا صبغة فيها لملك الحجاز؛ فوعدهم الأمير خيرًا ولو اقتضى الأمر بذل النفس والنفيس، فخرجوا وكلّهم صوت واحد يصرخ: فليحيا الأمير محمد سعيد"")) [جهاد نصف قرن ص135]
فائدة: إنّ المغاربة الجزائريين كانوا ـ ومنذ بداية قيام الدولة السعودية الأولى بمشاركة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب ـ رافضين للانحياز إلى جانب دون آخر من المسلمين!
جاء في رسالة السيد محيي الدين بن مصطفى الحسني؛ والد الأمير عبد القادر؛ والتي أرسلها إلى أخيه السيد علي بو طالب، في رحلة الحج: (( ... فقد أنعم الله علينا بتمام الحج والعمرة، فلله الحمد والمنة؛ فقد يسّره الله علينا مع تضييق الزمان علينا لأنّ أهل مصر امتُحنوا بالفتنة وامتنعوا من الذهاب في البرّ وعطّلونا)) [وقصده بالفتنة ثورة المماليك على أمير مصر] إلى أن قال ((وعطلونا إلى الثاني عشر من ذي القعدة .. ثم قال: وعجّل اللهُ علينا بفضله فمكثنا في البحر ثمانية أيّام، الحاصل بين مكّة ومصر أربعة عشر يومًا، ووقفنا بالأربعاء ... إلى أن قال: ((إنّ السلطان [أي أمير مكّة فيما يظهر] حاصر خلقًا كثيرًا من الحجاج المغاربة وأجبرهم على الخروج ليجعلهم عسكرًا يتقوى بهم على الوهّابيين [والحرب التي تحدث عنها محيي الدين كانت بين أمير مكة وأمراء نجد الوهابيين] ثم قال: ((وكذلك كان مصير الركب الشامي ـ ثمّ ذكرَ أنّ المغاربة رفضوا كما رفضَ أهل الشام التجنيد الإجباري، واستعمل المغاربة السلاح ومات من الجانبين أموات)).انتهى [بحروفه من مقال للأستاذ المهدي البوعبدلي بعنوان (وثائق أصيلة تلقي الضوء على حياة الأمير عبد القادر) منشور في مجلة الثقافة الصادرة عن وزارة الثقافة في الجزائر العدد 75 رجب 1403هـ،أيار 1983م ص134، والتعليقات التي بين المعقوفتين للبوعبدلي].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/242)
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[16 - 10 - 08, 04:07 م]ـ
وللفائدة: فإن الأمير سعيد ـ الذي يصرّ البعض في أيّامنا هذه على اتهامه بالماسونية مع أنّه تبرّأ منها وتركها! ـ كان مسلمًا محافظًا على صلاته إلى آخر لحظة من حياته، ليس هذا فحسب بل إنه ما ترك صلاته ولا تكاسل عنها حتى وهو في المعتقلات وفي أصعب الظروف. يروي لنا الأستاذ أنور الرفاعي ما جرى مع الأمير سعيد وهو في المعتقل في مصر بأوامر الجنرال (اللنبي): ((وفي (القنطرة) اقتيد الأمير إلى معسكرات الاعتقال الكبرى التي أقامها البريطانيون لأسرى الترك، واستقبله ضابط إنكليزي قاده إلى خباء كبير وسط فسحة صغيرة تحيط بها الأسلاك الشائكة، وفي وسطها سرير واحد أُعدَّ له؛ أما رفيقاه فما كان عليهما إلا افتراش الثرى. وفي الصباح استيقظ الأمير على عادته، وبعد الوضوء خرجَ فأذّنَ بصوت عالٍ وتقدّم لصلاة الصبح، فإذا عشرات من العمال والأسرى المسلمين الذين استيقظوا على صوته وهو يُنادي: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح. وهي أوّل مرّة يسمعونها في تلك المعتقلات، فسارعوا إلى مصدر الصوت واقتدوا به في الصلاة، وبعد أداء فريضة الصبح التفّوا حوله، وعرفوه وحيّوه، مما أزعج قادة المعسكرات وخشوا حدوث فتنة وتمنوا الخلاص منه)).انتهى [جهاد نصف قرن ص153]
وأختم الكلام عن الأمير سعيد بما قاله الأستاذ أنور الرفاعي في نهاية حديثه عن جهود الأمير سعيد إبّان الانتداب الفرنسي: ((ولم يقْصِر الأمير سعيد همّه ونشاطه على هذا الباب من العمل في الحقل الوطني بل كان في طليعة العاملين في شتى ميادين الجهاد الوطني، فلقد ترأس 1ـ جمعية الخلافة الإسلاميةعقب الحرب العالمية الأولى على أثر إخراج أتاتورك سلائل آل عثمان من بلاد الجمهورية التركية وإنهائه الخلافة العثمانية.
2ـ وترأس لجنة الدفاع عن الخط الحديدي الحجازي الذي اغتصبته شركة دمشق ـ حماة وتمديداته واستثمرته. ونجح في المساعي بإعادة الخط إلى الأوقاف الإسلامية.
3ـ وترأس جمعية مقاطعة شركة الكهرباء والترامواي في دمشق لغلوها في استثمار امتيازاتها.
وكان كل من يمر بالبلاد من شخصيات شرقية وغربية يتصل بالأمير ويعجب بنشاطه وثقافته ووطنيته وكرمه، كـ (شوكت علي) زعيم المسلمين في الهند الإسلامية وغيرهم.
كما كان الأمير على اتصال بالسنوسيين زعماء طرابلس الغرب يؤيدهم في أعمالهم ضد الطليان، وكان الأمير سعيد إلى جانب هذا وذاك دائم التفكير بوطنه الأول "الجزائر" الذي جاهد لأجله جدُّه الأكبر عبد القادر ودافع عنه دفاع الأبطال، فكان لا ينقطع عن العمل في سبيل استقلاله في كل فرصة مواتية ... )) [(جهاد نصف قرن) ص183]
وأخيرًا وليس آخرًا فإن الأمير سعيد كان له موقف عظيم من المخطط اللعين الذي يقضي بسلخ فلسطين من الجسد العربي، ((وعندما أوشكت الحرب العالمية الثانية على النهاية وانكسرت دول المحور واستسلمت ألمانيا، شعر الجميع بنشاط الصهيونيين وميل الرأي العام الأوربي والأمريكي المنتصر على الألمان إلى مشاريع اليهود العامة، فشعر الناس بكارثة عظيمة ستنزل بفلسطين وبالعرب فيها، وشعر الأمير سعيد كما شعر كثير غيره من المخلصين أن الاستعداد لحمل السلاح أمرٌ يحتمه قانون تنازع البقاء في فلسطين، فما كاد يُعلَن قرار التقسيم الجائر حتى نشر الأمير نداءً عامًا وزّعه على جميع أنحاء العالَمين العربي والإسلامي يدعوهم فيه إلى حمل السلاح، ويدعو المغاربة أبناء شمال إفريقية الأشاوس بصورة خاصة إلى تلبية نداء الواجب المقدس في بطاح فلسطين، نقلته أكثر الصحف العربية، وقد نشرته مجلة "المصري أفندي" في عددها 16 تاريخ 25/ 12/1947م تحت عنوان: ((هبّوا إلى حمل السلاح معشر العرب))، ونشرته جريدة "الإصلاح" الجزائرية في عددها 71 من السنة الحادية والعشرين بتاريخ 25/ربيع الأول/1367هـ الموافق 5/ 2/1948م بعنوان: ((نداء من حفيد الأمير عبد القادر بمناسبة حادث تقسيم فلسطين .. ))
(( .. ومن أشهر برقياته تلك التي بعثها إلى الجامعة العربية ونشرتها أكثر الصحف السورية والمصرية، منها جريدة "العلم الدمشقية" في عددها 445 تاريخ 19/ 2/1948م وهي:
الأمير الجزائري وموقف الجامعة العربية
فيما يلي نص البرقية التي بعث بها سمو الأمير سعيد الجزائري إلى الجامعة العربية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/243)
مصر: أمين الجامعة العربية
باسم الإفريقيين المغاربة ورجال الثورة في سورية وفلسطين الذين درسوا معنى الموت حق الدراسة، مستعدون وأنا على رأسهم لإنزال ضربة ساحقة على رأس الصهيونية المجرمة آخذين على أنفسنا خوض الحرب حتى النهاية دفاعًا عن أولى القبلتين، معلنين للملأ ولجامعتكم الكريمة أن إفريقية الشمالية بما فيها طرابلس الغرب جزء لا يتجزأ من القارة العربية، ولا يمكن نهوض الإسلام والعرب وتوطيد السلم العام إلا بتحريرٍ كامل. اللهم إنا قدمنا أرواحنا في سبيلك حاكمين على الأثَرَة والأنانية بالموت، اللهم فاشهد. الأمير سعيد. انتهى
ولم يكتف بالبيانات والبرقيات بل تبرّع من ماله الخاص لتأليف فرقة مغربية تحمل السلاح وتحارب إلى جانب المجاهدين العرب والفلسطينيين، وصار يخرج معهم إلى ميدان التدريب العسكري ... )).انتهى [(جهاد نصف قرن) ص227ـ228]
ملاحظة مهمة: كان الأمير سعيد يمتلك أراضي واسعة ومزارع في منطقة الجولان، فعرض عليه بعض اليهود أن يبيعها لهم مقابل قرى كاملة في حوران (وذلك قبل 1948)، فرابه الأمر وشعر أن هذا الإغراء يخفي وراءه أمرًا خطيرًا، فرفض العرض ولم يلتفت للإغراءات المالية.
فبعد هذا العرض هل يُقال عن أمثال الأمير سعيد (الطابور الماسوني الخامس)؟؟!!
لقدكان الأولى بالأخ محمد مبارك صاحب (فك الشفرة) أن لا يتسرّع في إطلاق التهم والأوصاف الشنيعة.
وأظن أنه أصبح واضحًا الآن دور الأمير فيصل ووالده الشريف حسين، ومن وافقهما.
وأسوق تعليق المؤرّخ الكبير الأستاذ محمود شاكر على الأحداث التي جرت مع الشريف حسين وابنه فيصل وحلفائهم من أهل الشام ولبنان، حيث قال: ((ويمكن القول إن عددًا من الزعماء المسلمين العرب كانوا يريدون إصلاح الجهاز الإداري، وتأدية الخدمة العسكرية محليًا، والمحافظة على اللغة العربية ولا يريدون الانفصال عن الدولة العثمانية وتجزئتها أبدًا. غير أنهم وقعوا في شباك أصحاب الفكر القومي، والآراء الغربية، والافتتان بأوربا، وبالتالي بالتأثير النصراني، والتوجيه الخارجي، والاتصالات الأجنبية، والجهل لا يُعفي من المسؤولية، والسذاجة لا يرضى بها الإسلام. أمّا النصارى من رعايا الدولة العثمانية ودعاة القومية فقد كانوا على صلة بالأجنبي، ويطالبون بالانفصال ويدعون إلى ذلك، ويُعادون الإسلام بكل وقاحة)).انتهى [التاريخ الإسلامي 8/ 227]
والحمد لله رب العالمين
خلدون بن مكي الحسني
للبحث صِلَة إن شاء الله
ـ[حذافة]ــــــــ[19 - 10 - 08, 10:12 م]ـ
بارك الله بكم شيخنا الفاضل أبا إدريس الحسني على هذه التوضيحات
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[02 - 11 - 08, 02:13 ص]ـ
أخي حذافة السلام عليكم ورحمة الله، وبارك الله فيكم أيضًا، وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[02 - 11 - 08, 02:35 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الحادية عشرة
والآن مع شبهة جديدة عجيبة؛
قال الأخ محمد مبارك صاحب (فك الشفرة):"فقد عرف عن الامير عبد القادر افتتانه بالحضارة الفرنسية، و علاقته الوطيدة بالفرنسيين".انتهى
ولكي يُبرهن على هذا الادّعاء راح يستدل له بدليلٍ هو: أنّ الأمير كان يُعامل الأسرى الفرنسيين معاملة حسنة؛ يداوي جرحاهم ويطعمهم ويسقيهم ولا يسمح بقتلهم، وبعد ذلك يقوم بمبادلتهم مع الأسرى الجزائريين الذين بقبضة فرنسا!!!
أرأيتم إلى هذا الاستدلال العجيب!
يقول صاحب (فك الشفرة):"و مما يحتفظ به التاريخ عن الأمير عبد القادر الجزائري أنه قد عمل أثناء معاركه ضد الغزو الاستعماري الفرنسي للجزائر، على سن وتطبيق مجموعة قوانين حول كيفية معاملة الأسرى الفرنسيين المعتقلين من جيش العدو، ومن ذلك: "اعتبار أن أي فرنسي يتم أسره في المعارك يجب ان يعتبر أسير حرب، وأن يعامل كذلك إلى أن تتاح فرصة تبادله مقابل أسير جزائري"، مع أن الفرنسيين كانوا حينذاك يستخدمون سياستَي الأرض المحروقة والإبادة الجماعية؟؟.
ـ كما حدد الأمير عبد القادر بأن "على أي عربي في حوزته أسير فرنسي، أن يعامل هذا الأخير معاملة حسنة. وفي حال شكوى الأسير من سوء المعاملة، فلن نكون العقوبة مجرد اسقاط المكافأة، بل قد يرافق ذلك عقوبات أخرى".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/244)
ـ ولضمان عدم قتل الأسير الفرنسي فإن "أي عربي يقدم أسيرا فرنسيا يحصل على مكافأة قدرها 8 دورو (وهي العملة الجزائرية التي تساوي 5 سنتيم).!!!!! انتهى
ولم يكتف بذلك حتى قال:"إن أعدادا من الأسرى الفرنسيين القدامى الذين تلقوا علاجا من قبل الأمير، كانوا يأتون من مناطق نائية في اتجاه قصر "بو" وقصر "أمبواز" حيث كان الأمير معتقلا، لتحية من كان المنتصر بالأمس".انتهى
سبحان الله. لقد جعل الأخ محمد مبارك التزامَ الأمير عبد القادر بأوامر الشريعة الإسلامية في كيفيّة معاملة أسرى الحرب دليلاً على افتتانه بالحضارة الفرنسية!!! وكأنّ الفرنسيين هم الذين يحسنون معاملة الأسرى في حين أنّ الإسلام لا يحض على حُسْن معاملتهم وإنما يأمر بتعذيبهم وتقتيلهم!!
وهذا الادّعاء ليس فيه تشويه لصورة الأمير، وإنما فيه انتقاص للشريعة الإسلامية ـ عن غير قصد ـ التي يُوحي الكلام أنها لا تأمر بالإحسان إلى الأسرى!
فهل نسيَ كيف أمرنا الله تعالى بمعاملة الأسرى؟ وهل نسيَ كيف كان رسول الله يُعامل أسراه؟
قال الله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان:8]
ولمّا أُتي الحجّاج بن يوسف بأسير، قال لعبد الله بن عمر: قم فاقتله، فقال ابن عمر: ما بهذا أُمرنا، يقول الله: {حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منًا بعد وإما فداءً} (محمد: 4)؛ [مصنف ابن أبي شيبة 6/ 498]
والبحث طويل وأساسيّاتُه يعرفها عامة المسلمين.
ثمّ جعل صاحب (فك الشفرة) شعور الأسرى الفرنسيين بفضل الأمير عليهم عندما أحسن معاملتهم وهم أسرى لديه؛ وهم الذين تعوّدوا الإساءة للأسرى الذين في أيديهم ومعاملتهم بوحشية؛ دليلاً على علاقة الأمير الوطيدة بالفرنسيين!!
والله إن هذا لشيءٌ عُجاب!!!
عن أي علاقات يتكلّم الكاتب والأمير في حالة حرب شرسة مع فرنسا يُقتّل جنودها وضباطها ويشردهم ويردهم خزايا وخاسرين ويضطرهم لأكل لحم القطط والكلاب!!، ويأسر منهم الكثير ليبادلهم بالأسرى الجزائريين؟!
عجيب والله! إذا كانت العلاقات وطيدة برأي الكاتب ووقع كل هذا القتل والأسر والتشريد! فكيف إذا كانت العلاقات عدوانية؟!
لقد كان الجنود الفرنسيون معجبون بشخصيّة الأمير الفذّة، فهو عسكريٌ محنّك استطاع أن يهزم الجيوش الفرنسية المدججة بأحدث وأثقل الأسلحة، وهو لا يملك إلاّ سيفه ومسدسه!
وهو السيد الشريف المتخلّق بالآداب الإسلاميّة السامية التي لم يكن الأوربيون المتوحشون يجدون في معاجمهم مفردات لتلك الأخلاق والسجايا!
وتذكر المصادر التاريخية أن عددًا ليس بالقليل من الجنود والضباط الفرنسيين أعلنوا إسلامهم وانضموا إلى جيش الأمير وكانوا يُشرفون على تدريب جيشه وتصنيع المدافع وبعض الأسلحة.
يقول الكولونيل شارل هنري تشرشل: ((لقد كان مدربو جيش الأمير النظامي من المشاة، من الفارّين من الجيش الفرنسي. وقد ازداد هؤلاء الفارّون إلى أن أصبحوا أخيراً يكوّنون كتيبة خاصة بهم، وقد حاربوا ضد مواطنيهم (الفرنسيين المسيحيين) بكل شجاعة وإقدام لا يكاد الجندي المسلم يزاحمهم فيها)).انتهى [انظر (حياة الأمير عبد القادر) لتشرشل ص141]
ويقول تشرشل في صدد حديثه عن انبهار الجيش الفرنسي بأخلاق وأعمال الأمير عبد القادر: ((وقد قال أحد الضباط الفرنسيين الكبار بعد ذلك:"لقد كان علينا أن نخفي هذه الأشياء بقدر ما نستطيع على جنودنا، لأنهم لو اطلعوا عليها لما كان في استطاعتنا أبدًا أن نجعلهم يحاربون عبد القادر بنفس الاندفاع والحماسة)).انتهى [المصدر السابق ص204]
((وكان الأسرى الفرنسيون يتبرعون، عند إطلاق سراحهم، بالسلاح لأحد خلفاء الأمير وهو ابن علال بن مبارك تكريمًا له)).انتهى [المصدر السابق ص204]
ويذكر هنري تشرشل أن: ((الأمير عبد القادر أثار في صدور الجنرالات الفرنسيين مشاعرَ الإعجاب البطولي، وكانوا ينشدون اللقاء به دون جدوى، بينما كلّف مواهبهم العسكرية غالياً)).انتهى [انظر حياة الأمير لتشرشل ص120]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/245)
ولا غرابة في موقف الجنود الفرنسيين من الأمير عبد القادر؛ وإليكم مثالاً قريباً: ففي الحرب العالمية الثانية، وبعدما عُيّن الماريشال "رومل" قائدًا للجيوش الألمانية في شمال إفريقية، راح يُنكّل بالقوات البريطانية والفرنسية ويذيقها الهزائم المتتالية، وكانت مناوراته العسكرية البارعة تُعدّ من المعجزات بنظر قوات التحالف، إلى أن وصل بقواته إلى مدينة "العَلَمين" قرب الإسكندرية.
عندئذ أيقن الإنكليز وحلفاؤهم الفرنسيون أنّ الخطر داهم، فعزلوا قائد قوات الحلفاء في شمال إفريقية الجنرال "ألكسندر"، وعيّنوا بدلاُ منه عبقريّة عسكرية مماثلة لرومل هو الجنرال "المنتوغمري" ... فتسلّم القيادة فورًا، وفوجئ، كما قال في مذكراته، أنّ القائد لجيوش الحلفاء في الواقع رومل وليس ألكسندر!! فأحاديث الجنود البريطانيين والفرنسيين كانت تدور عن معجزات رومل العسكرية ومناوراته الناجحة والرائعة.
ولَمَسَ الإعجاب الشديد لدى جيوشه برومل إلى درجة أنّ البعض لم يتورّعوا عن إلصاق صورته في مهاجعهم!!
مما دعا المنتوغمري إلى عقد ندوات وإلقاء دروس في الوعي القومي وأخطار الإعجاب بالعدو. [انظر (أصحاب الميمنة) ص152]
وأمّا الأمير عبد القادر فإن الأمر لم يكن مقتصرًا على شجاعته ومهارته العسكرية وعبقريّته القتالية! فإنّ التزام الأمير بالأخلاق الإسلامية الحميدة، وتطبيقه للأوامر الشرعيّة الخاصة بشؤون الحرب والقتال والأسرى، حمَلَ أعداءه على محبّته والإعجاب به، وعلى الإعجاب بدين الإسلام، فتحوّل الكثير من الضباط والجنود الفرنسيين إلى الإسلام، وانحازوا إلى معسكر الأمير والجزائريين، وساعدوا في تدريب جيش المجاهدين، وفي بناء معامل الأسلحة، وفي التخطيط الحديث للمعارك مع الجيش الفرنسي المعتدي، وبذلك كان النصر للمجاهدين وللدعوة الإسلامية في ذلك العصر، بعدما كانت الدعاية الأوربيّة تشوّه صورة الإسلام والمسلمين وتظهرهم بمظهر المتوحشين.
فكيف أصبحت هذه المنقبة والمكرمة للأمير بنظر الأخ محمد المبارك مذمّة ومثلبة؟؟!!
ولا حول ولا قوة إلاّ بالله
خلدون مكي الحسني
للبحث صِلة إن شاء الله
ـ[أبو الحسين الزواوي]ــــــــ[02 - 11 - 08, 12:27 م]ـ
إيهِ أبا إدريس .. واصل وصلك الله بطاعته ..
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[11 - 11 - 08, 01:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الثانية عشرة
أريد أن أنبّه إلى شيء هام وهو أن الأخ الكاتب صاحب (فك الشفرة) لم يقف عند الطعن بالأمير عبد القادر وحده، أو بحفيده الأمير سعيد، وإنما تعدّاه إلى الطعن بذرية الأمير عبد القادر، وإلى الطعن بكبار علماء الشام ومفتيها ومحدّثيها وأشرافها!!!
لقد اتّهم كبار رجالات الإسلام في الشام في ذلك العصر بالانخراط في سلك الماسونية معتمدًا على كلام المدعو شاهين مكاريوس؛ منهم: الشريف الشيخ محمود الحمزاوي مفتي دمشق الشام، والشيخ المحدّث سليم العطار، والعلاّمة الشيخ محمد المنيني مفتي دمشق، و المُحدّث وابن شيخ المحدّثين في الشام الشيخ أحمد مسلم بن عبد الرحمن الكزبري، والعلاّمة الكبير الشيخ محمد الطنطاوي (جدُّ شيخنا العلامة علي الطنطاوي رحمه الله)، ونقيب الأشراف بدمشق السيد حسن تقي الدين الحصني، وغيرهم ...
ونحن إذا عدنا إلى الكتب التي ترجمت لهؤلاء الرجال الكبار مثل (الأعلام) للزركلي،و (حلية البشر) للبيطار، و (روض البشر) للشطي، و (منتخبات التواريخ) لأديب الحصني، لوجدنا أنفسنا أمام شخصيات مرموقة نزيهة وصفها العلماء المعاصرون لها بالعلم والتقوى والديانة والفضيلة، والعلماء الذين ترجموا لهم لم يكونوا يجاملون أو ينافقون لأحد، وقد ذكروا بعض الأشياء التي ينتقدونها على بعض تلك الشخصيات، وتعرّضوا كذلك إلى شيء من المؤاخذات، ولكن ليس في شيء منها أي جرح في الإيمان والديانة، ولو كانوا من الماسون لذكروا ذلك عنهم. ولكن فيما يبدو لا يعلم أحد أنهم من الماسون إلاّ مكاريوس هذا!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/246)
وأمّا ذريّة الأمير فليس في كتب التراجم والتاريخ ما يقدح فيهم أو ينسبهم إلى الماسونية، ولعلّ الأخ محمد المبارك استقى كلامه من مكاريوس أو أنه اغترَّ بمقال على الإنترنت لكاتبه: (أبوعبدالله همَّام بن محمد الجزائري)، وفيه أتى بكلام لم يذكر مصدَرَه! وفيه أن أحد رجال الماسون وهو شاهين مكاريوس يزعم أنّ أبناء الأمير محمد ومحيي الدين وعلي وعمر كانوا من الماسون!! هكذا وبكل بساطة! وأنا أتعجّب من الإخوة الذين يكتبون المقالات وينشرونها في الإنترنت كيف يستسيغون الركون إلى كل من هبَّ ودبّ، وكتب وشغّب، أوكان ماسونيًا أو يهوديّا؟!
أنتم تطعنون في رجال مسلمين لم تعاصروهم ولا تعرفونهم ولم تقرؤوا عنهم شيئًا، ولم يسبقكم إلى الطعن فيهم أحدٌ من علماء المسلمين أو مؤرِّخيهم؟! واكتفيتم بكلام شخص ماسوني!!
أمّا الماسوني شاهين مكاريوس هذا فقد ترجم له الزركلي فقال: ((شاهين بن مكاريوس (1853 - 1910م): من مؤسسي جريدة (المقطّم) بمصر، وأحد أصحاب (المقتطف) ومنشئ جريدة (اللطائف) ولد في قرية "إبل السقي" من (مرج عيون - بلبنان) ونشأ في بيروت يتيمًا فقيرًا، قُتِلَ أبوه في حادثة سنة 1860م، وحملته أمه إلى بيروت حيث كانت تعوله من عملها في خدمة الدكتور فانديك، فتعلم فن الطباعة، وتولى إدارة مجلة المقتطف ببيروت سنة (1876م) ورحل إلى مصر مع زميليه يعقوب صرّوف وفارس نمر.
وخدم الماسونية بكتبه: (الجوهر المصون في مشاهير الماسون - ط) و (الحقائق الأصلية في تاريخ الماسونية العملية - ط) و (الدر المكنون في غرائب الماسون - ط) و (الآداب الماسونية - ط).)).انتهى
إذن الرجل ماسوني، فَقَدَ والده بعدما قتله الدروز في لبنان في أحداث 1860م، واضطرّت أمّه للعمل خادمةً لتتمكن من إعالته، فنشأ يتيمًا فقيرًا ناقمًا، وانخرط في الماسونيّة، واستفرغ وسعه في الكتابة عنها والترويج لها.
ولمّا كان الفضل ـ في إنقاذ المسيحيين من مذبحة 1860م ـ لعلماء المسلمين وكبرائهم أمثال الأمير عبد القادر والشيخ الحمزاوي والعطار والمنيني .. وغيرهم، ثقُلَ على أمثال ابن مكاريوس (الذي فقد أباه في تلك المذبحة) أن يشهدوا بالفضل لأصحابه لأنّهم من المسلمين! وغيرُ المسلمين لا يُطيقون أن يُنسَبَ الفضل والخير للمسلمين، فما كان منهم إلاّ أن ألصقوا صفة الماسونية بكل من ساهم في إنقاذ وحماية المواطنين المسيحيين في بلاد الشام! ونحنُ لا نجد في كل ما كتبه الكتّاب المسيحيون عن مذبحة 1860م الغربيون منهم أو الشرقيون؛ أيّ إشارة إلى فضل الشريعة الإسلامية التي طبّقها كبار رجال الإسلام في صيانة أعراض النصارى وحقن دمائهم، وإنما أثنوا على أولئك الرجال وألحقوهم بالماسونية زورًا وبهتانًا!!
على كل حال فإنني سآتي على تفاصيل هذا الموضوع في الحلقات القادمة إن شاء الله، ولكن لي هنا تعقيب سريع حول أبناء الأمير: فالأمير محمد باشا كان من الأعيان الفضلاء، تلقى العلوم الشرعيّة واهتمّ بالتاريخ وكان مقرّبًا عند السلطان عبد الحميد خان وكان برتبة فريق في الجيش العثماني إلى وفاته بالأستانة سنة 1331هـ. وله عدّة رسائل ومؤلّفات منها: "عقد الأجياد في الصافنات الجياد"، ومختصره "نخبة عقد الأجياد" كلاهما في الخيل ومحاسنها وما قيل فيها، و (مجموع ثلاث رسائل) إحداها 1ـ (ذكرى ذوي الفضل في مطابقة أركان الإسلام للعقل)، والثانية (كشف النقاب عن أسرار الاحتجاب)، والثالثة (الفاروق والترياق في تعدد الزوجات والطلاق).
وكل ما ذُكر مطبوع.
وترجمته موجودة في عدة كتب منها [الأعلام، والأعلام الشرقية،وإيضاح المكنون]
وأما الأمير محيي الدين باشا، فمن أهل العلم والأدب، حفظ القرآن عن ظهر قلب وهو ابن تسع سنين، وحفظ المتون وتفقّه على أيدي كبار العلماء في الجزائر والشام، وكان مقرّبًا عند سلاطين آل عثمان، وكان من رجال الدولة العثمانية، ورقّاه السلطان عبد الحميد خان إلى رتبة (مير ميران) أي أمير الأمراء، وفي سنة 1303هـ رقّاه إلى رتبة (روملي بيكلر بيكي)، وعيّن له معاشًا شهريًا كبيرًا، حيث إنه رفض بعد وفاة أبيه معاش دولة فرنسا التي طلبت منه أن يكون من رعيّتها هو وإخوته. وفي سنة 1305هـ منحه السلطان عبد الحميد رتبة الفريقية مع الياورية العظمى (يعني جعله قائدًا لفرقة عسكرية ومساعدًا للسلطان)، وفي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/247)
سنة 1307هـ عيّنه السلطان عبد الحميد عضوًا في مجلس التفتيش العسكري. وكان مقرّبًا من العلماء، وكان قد التحق بالمجاهدين في الجزائر وشارك في ثورة 1871م؛ ومات في الأستانة سنة 1336هـ، وقصّته مشهورة وقد فصّل القول فيها صديقه وخليله العلاّمة الشيخ عبد الرزاق البيطار في كتابه (حلية البشر)، وأثنى عليه كثيرًا العلاّمة السلفي الدمشقي الشيخ محمد بهجة البيطار رحمه الله. وانظر ترجمته في (حلية البشر)، و (الأعلام)، و (تاريخ علماء دمشق).
وأمّا علي باشا، فكان من رجال الدولة العثمانية المشاهير وهو الرئيس الثاني لمجلس الأمة العثماني، والنائب عن ولاية دمشق، وهو من أهل الدين والصلاح ومن الشجعان، وهو عثماني النزعة، وكان مبعوثًا من الحكومة العثمانية إلى ليبيا لدعم المجاهدين، وكانت له جهود كبيرة ومشهودة في مقاتلة الجيوش الإيطالية هو وولده الأمير عبد القادر الحفيد! وكان من أشهر المدافعين عن الجامعة الإسلامية. ومما قاله فيه بعض أفاضل الكتّاب الذين وضعوا كتابًا خاصًّا لتاريخه: ((ولمّا كان الأمير علي باشا محبوبًا من أهالي طرابلس الغرب بصورة خاصة وكان له في قلوب أهالي مراكش وتونس والجزائر أكبر احترام،أحبّت الدولة العثمانية أن تستخدم عاطفة هذا الحب في مصلحتها فأناطت بالأمير مشروع الاتحاد الإسلامي الإفريقي)).انتهى [تاريخ الأمير علي ص27].
وقالوا: ((وكانت حياته جهادًا في سبيل عظمة الخلافة الإسلامية والجامعة المحمّدية التي لا حياة للعالم الإسلامي المنتشر في أقطاع المسكونة بدونها ولا نشور لمجده إلا بالتمسك بها فإنها الجامعة الوثقى التي تنادي بالمسلم العربي إلى أشد وثاق المحبّة مع أخيه الهندي والصيني والجاوي والكردي وغير ذلك من بقية شعوب الإسلام .. )).انتهى [تاريخ الأمير علي ص44]
وتوفي في الأستانة في الثاني من رجب سنة 1336هـ. [انظر ترجمته في (الأعلام) للزركلي، وفي (تاريخ الأمير علي)]
وأمّا ابنه الأمير عبد القادر (الحفيد) ((فقد عاش بين القبائل الرُّحَّل الضاربة في البطحاء الجرداء يُماشي هذه القبائل الجموحة النافرة بأخلاقها وأذواقها ومشاعرها .. ويُحادث كل قبيلة بلسانها ولهجتها ويقدم على تحمّل حرّ الهاجرة والقيظ طروبًا مسرورًا فرحًا كأنما هو لا يشعر بلذة مثل هذه اللذة التي تنشأ فيه من عيش البداوة والقفر .... ترك القصر وضجيجه والبيت وعجيجه ونزل في هذه البطحاء)).انتهى [تاريخ الأمير علي ص173ـ175].
وقد ذكرت في الحلقة العاشرة بعضًا من مواقفه الإسلامية، إلى أن اغتاله رجال الكولونيل البريطاني لورنس في دمشق!
وأمّا الأمير الهاشمي بن عبد القادر فغادر دمشق بعد وفاة أبيه ووصل إلى الجزائر وكان مصدر قلق للسلطات الفرنسية المحتلة ووضعوه في إقامة جبرية، وكان لولده الأمير خالد الدور الأكبر في تأسيس حركة التحرر الوطنية الجزائرية وإظهارها إلى الوجود. [انظر الثورة الجزائرية في عامها الأول للدكتور محمد العربي الزبيري ص70]
وأمّا الأمير عبد المالك فقد التحق بالمجاهدين في المغرب وقُتِل هناك سنة 1343هـ = 1924م.
قال عنه الزركلي في الأعلام: ((عبد المالك بن عبد القادر بن محيي الدين الجزائري: مجاهد كان مع أبيه في المشرق. ورحل إلى المنطقة الخليفية بالمغرب، لمناوشة الدولتين الفرنسية والاسبانية.
وظل يقاوم ويحرض الناس على الجهاد إلى أن قتل في قبيلة "بني تنزين" من الريف برصاصة من بعض الأعداء ونقل إلى تطوان ودفن فيها)).انتهى [ترجمته في الأعلام، والذيل التابع لإتحاف المطالع ـ خ]
وأمّا الأمير الشاب عمر فقد شنقه جمال باشا السفّاح لأنّه كان يُعارض سياسة التتريك ومحو اللسان العربي، وينتقد جمعية الاتحاد والترقي وجماعة حزب تركيا الفتاة! وقد أثنى عليه العلاّمة السلفي محمد بهجة البيطار في جملة الذين شنقوا في ذلك اليوم.
كل هؤلاء ترجم لهم الأمير شكيب أرسلان، وهو سياسي مخضرم ويعرف رجالات الماسون ويذكرهم، ومع ذلك لم يصف أحدًا من أبناء الأمير بالماسونية!! والأمير شكيب على صلة قوية بأبناء الأمير. [انظر حاضر العالم الإسلامي 2/ 172]؛ وكذلك ترجم لهم (عدا الهاشمي وعمر) المؤرّخ السياسي الكبير الزركلي في الأعلام، ولم يذكر أنّهم انتسبوا إلى الماسونية! مع أنه في موسوعته يذكر المنتسبين إلى الماسونية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/248)
وترجم لهم مؤرخون آخرون أيضًا ولم يذكروا عنهم مسألة الماسونية، ونحن إذا نظرنا في سِيَرهم فلا نجد أي شيء ينسجم مع الفكر الماسوني!
وأمّا أحفاد الأمير فلم يُذكر أنّ أحدًا منهم انتسب إلى الماسونية سوى الأمير سعيد وليس الأمر كما يُظن وقد بيّنا شيئًا من سيرته فيما سبق وسيأتي المزيد عند حديثنا عن الماسونية. وقد سجّل لنا التاريخ رجالاً منهم كانوا من المجاهدين والشهداء أمثال الأمير عز الدين والأمير عبد القادر الحفيد، وكان منهم علماء أمثال الأمير جعفر عضو المجمع العلمي بدمشق وقد أثنى عليه كثيرًا العلاّمة محمد كرد علي المشهور بطعنه في الماسونية ورجالها. وكذلك الأمير عبد المجيد أمين المكتبة الظاهرية. والحديث عن أحفاد الأمير وذريته يطول وليس هذا محلّه، المهم أنّ الطعن فيهم واتهامهم بالماسونيّة دون دليل واضح أو برهان لا يجوز.
ثم يعود صاحب (فك الشفرة)، فيقول:"وقد كان الأمير عبد القادر ـ خلال وجوده في الشام ـ دائما ما يفزع الى القنصلية الفرنسية عند تعذُّر بعض مهامه، بل و كذلك في شئونه (كذا) الخاصة كما مرَّ بنا، فقد كانت هناك علاقة وطيدة بينه وبين الدولة الفرنسية الاستعمارية".انتهى
وأقول: بعد هذا الاتهام الشنيع، ألا يجد الأخ الكاتب نفسه بحاجة لإيراد دليل واحد على الأقل ليثبت صحة ما يدّعيه؟ فمن أين له أنّ الأمير كان يفزع إلى القنصلية الفرنسية لتحل له مهامه وشؤونه الخاصة أيضًا!
ثم يضرب لنا مثالاً على دعواه فيقول:"فقد تمت وساطة فرنسية لدى الباب العالي للسماح للأمير عبد القادر بالإقامة في الشام".انتهى
مرَّ معنا سابقًا قول صاحب (فك الشفرة) أن الأمير خرج من سجنه في فرنسا ليمر مرورًا باسطنبول في طريقه إلى دمشق. وبينتُ في حينها بطلان كلامه (فالأمير لم يكن في طريقه إلى دمشق ولم يكن هذا في باله، وإنما اتجه من اسطنبول إلى بروسة وبقي فيها ثلاث سنوات). وهو الآن يناقض نفسه فيقول إن هناك وساطة جرت لينتقل الأمير من تركيا إلى دمشق.
وقد بيّنتُ لكم سابقًا القصّة كاملة كما ذكرها المؤرخون الثقات وهي أنّ السلطان العثماني هو الذي تدخّل لدى إمبراطور فرنسا ليسمح بانتقال الأمير من "بروسة" في تركيا إلى دمشق وليس العكس. لأنّ السلطان هو الذي تكفّل بالأمير وكان الاتفاق بينه وبين نابليون الثالث على أن يقيم الأمير في "بروسة"، فلمّا أراد السلطان أن ينتقل الأمير إلى دمشق، أعلم نابليون بذلك وجرى الانتقال بعد موافقته.
ثم يضرب الكاتب مثالاً آخر فيقول:"فأثناء إقامته في منفاه في سوريا كان الأمير عبد القادر كثيراً ما يتدخل لانقاذ المسيحيين ((العملاء لفرنسا والجواسيس لها ضد المسلمين)) ".انتهى
وهنا أيضًا الاتهام دون أية بيّنة أو برهان! من أين يأتي بهذه الاتهامات؟ ولماذا لا يذكر لنا تلك الحوادث ومَنْ ذكرها؟ ومن هم الجواسيس والعملاء المسيحيين الذين أنقذهم الأمير؟
وهكذا نرى بوضوح سقوط هذه التهمة.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [الأحزاب:58]
ثم يعود الأخ الكاتب إلى التهمة القديمة التي بدأ بها مقاله، وهي تهمة العمالة السافرة لفرنسا والعمل على تمزيق الدولة الإسلامية. وقد بينتُ سقوط هذه التهمة سابقًا فلا أطيل بشرحها، ولكنني أكتفي بتذكير الإخوة القراء بأنّ الأمير هو الذي حافظ على كيان دولة الخلافة الإسلامية العثمانية وخرّب المخططات الأوربية لتفكيك تلك الدولة، فهو الذي صدّ الأسطول الفرنسي الذي نزل بميناء بيروت سنة 1860م لاحتلال بلاد الشام وفصلها عن تركيا. فردّه الأمير بحنكته وصدق فعاله، فعاد الأسطول الفرنسي خائبًا ذليلاً، لكن ليعود مرّة أخرى لينفذ مخططه الماكر والخبيث، وذلك سنة 1920م، وبذلك يكون الأمير قد أخّر تمزيق الدولة العثمانية ستين سنة!!؛ 23سنة في حياته و37 سنة بعد وفاته!! (وسيأتي معنا في الحلقة القادمة تفصيل ذلك كله وبيانه إن شاء الله).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/249)
ويستدل صاحب (فك الشفرة) على فرية العمالة لفرنسا بقول التميمي: ((إننا لانعرف ولا وثيقة واحدة صادرة عن الأمير تشجع الحركات الانتفاضية في بلاده (الجزائر)، أو على الأقل مساندته المعنوية لعدد من الزعماء الجزائريين الذين أبلو البلاء الحسن حتى آخر رمق من حياتهم. بل إن الأمير ذهب لاحترام وعده إلى حد التنكر لابنه محي الدين الذي تحول سراً إلى الجزائر لانقاذ البلاد من فرنسا سنة 1870)).انتهى
وأقول: إنّ الاعتماد على قول التميمي لا يرفع عن الكاتب المسؤولية.
إن التميمي مؤاخذٌ فيما يقول ـ وهو متحامل على الأمير ـ فإنّ عدم معرفته بأي وثيقة صادرة عن الأمير تشجع الثوّار، لا يعني عدم وجود هذه الوثائق، وإنما يعني جهله بها، وإن عدم اطلاعه على حقيقة موقف الأمير من الحركات الانتفاضية في الجزائر لا يسمح له بالتدخل في باطن الرجل! وكان الأولى به أن يقف عند حدود معرفته لا أن يتخرّص ويُعرّض بالأمير!!
ثم عن أية وثائق يتحدث؟ والإدارة الاستعمارية الفرنسية لم تترك لنا أي وثيقة صحيحة يُرجع إليها!
وإنما هم يُفرِجون عن بعض الوثائق التي لا تخدم تاريخنا، أو يروّجون لوثائق مزيفة ومزوّرة.
ولمن يريد الاضطلاع على شيء من هذا فأحيله على كتاب (المقاومة الجزائرية تحت لواء الأمير عبد القادر) للأستاذ إسماعيل العربي من الصفحة 150 إلى الصفحة 155؛حيث تحدث عن كيفية تزوير الفرنسيين للوثائق الجزائرية في الأرشيفات الفرنسية وذلك عندما كان في باريس يجري بعض أبحاثه سنة 1950م؛ يعني قبل استقلال الجزائر!!
وللعلم فإن اسم الأمير ورد في عدّة وثائق تتعلق بثورة بلاد القبائل سنة 1857م، وثورة أولاد سيدي الشيخ سنة 1864 و1881م، وثورة 1871م؛ وكانت السلطات الفرنسية في الجزائر تتوجس من الأمير خيفة وكانت تصرّح بأنه على صلة بأهل الجزائر من الثوار وغيرهم. [انظر (حياة الأمير عبد القادر) ترجمة سعد الله ص25]، ولذلك كانت الحكومة الفرنسية مصرَّة على منع عودة الأمير إلى الجزائر إلى أن مات. ومع ذلك فإنّ الكتّاب الفرنسيين صاروا يروّجون أن الأمير لم يكن راضيًا عن بعض الثورات وخصوصًا ثورة 1871م، لكي يوقفوا تأسّي الشعب الجزائري بسيرة ونضال الأمير عبد القادر الذي بقي اسمه ونضاله ومواقفه موردًا ينهل منه المقاومون الجزائريون وقوة معنوية تحفّز إرادتهم وهمّتهم؛ كما يقول الدكتور أبو القاسم سعد الله. [المرجع السابق ص25]
وعلى كل حال فإن الوثائق التي لم يطلع عليها التميمي اطلع عليها المؤرّخ الدكتور يحيى بوعزيز؛ ونشرها في كتابه (كفاح الجزائر من خلال الوثائق)، ونجد فيها ما يردُّ على التميمي والمعتمدين على كلامه.
فمن ذلك أن الدكتور بوعزيز ذكر في كتابه السابق ص347 تحت عنوان: (وثائق جديدة عن موقف الأمير عبد القادر والدولة العثمانية من الثوار المقرانيين عام 1871م) وهو يرد على المزاعم الفرنسية التي تقول أن الأمير كان مستنكرًا لثورة المقرانيين. فقال ص349: ((إننا لم نلاحظ، فيما عثرنا عليه من رسائل الأمير، على ما يدل على غضبه عن المقرانيين، بل على العكس، فإنه أبدى عطفه عليهم بعد محنتهم الكبرى عام 1871م وما بعده، عندما هاجروا بجموع غفيرة إلى تونس. وهذا يعني عدم وجاهة آراء الفرنسيين تجاه موقف الأمير نحو زعماء ثورة 1871، خاصة المقرانيين منهم. والدليل على أنّ الأمير لم يكن ضدهم، ولا يحقد عليهم، هو قيامه بمراسلة السلطات التونسية ليستوصيها بهم خيرًا بعد أن هاجروا إلى هناك. ومما ذكره في رسالته إلى الوزير التونسي رستم، قوله: (((فإنّ ولدنا الشريف الأثيل السيد الحاج محمد بوزيد المقراني ورَدَ علينا بالديار الدمشقية المحروسة ... ثم المأمول من السيادة أن تستوصوا خيرًا بولدنا المذكور ووالده وإخوته، وأن تلاحظوهم بالمساعدة فيما يعرض لهم من الأمور وأن لا تقطعوا على المهاجرين كافّة ما تعوّدوه من إحسانكم وتواصل أفضالكم))).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/250)
وفي رسالة أخرى إلى الوزير خير الدين قال له: ((( .. وإنه بلغنا وصول الفئة المقرانية وأولاد يلّس إلى الحاضرة ملتجئين إلى سطوتك التي هي أقوى ما يشد به الملتجئ أزره، ويعضد أمره، وهم في هذا لا شك مصيبون في اجتهادهم ظافرون بنجاح مرادهم وكيف لا وقد أمّوا دولةً لم تزل ولا تزال مأوى القاصد وملجأ الوارد .... ومع ذلك فلا نخلّي كتابنا هذا من تقديم الرجاء إلى مقامها الأسما والتوصية النافعة إلى جنابك الأسنى بأن تشملهم بلحظة تخلصهم من غوائل الدهر وتنقذهم من شرك الكدر والقهر))) ولم يكتف بهذا الاقتراح والتوصية فطلب منه، فيما إذا كانت الظروف غير مناسبة بتونس، قائلاً: (((وإلاّ فأشيروا عليهم بالتوجه إلى هذه الأقطار عسى الله أن ييسر عليهم فيها بلوغ الأوطار)))، واستوصاه خيرًا بعد ذلك بمن دعاه: (((عوض ولدنا السيد مصطفى العقبي))).
وفي رسالته إلى الوزير خزندار عبّر عن نفس الرغبة في الاعتناء بالفئة المقرانية، وأولاد يلّس، ورعاية عوض ولده مصطفى العقبي، أو توجيههم جميعًا إلى الديار الدمشقية.
ويتابع الدكتور بوعزيز قائلاً: إن هذه الرسائل دليلٌ واضح على أنّ الأمير عبد القادر يعطف على المقرانيين، وأن معارضته لابنه خلال ثورة هؤلاء لم تكن بسبب كرهه لهم أو مواقف بعضهم ضده خلال ثورته في صدر الاحتلال. وما أحوج تاريخ الجزائر إلى إبراز كل وثائقه الوطنية ونشرها من أجل تصحيح مثل هذه المواقف والآراء المتحيزة، والمغرضة، التي ما انفكّ الكتّاب الفرنسيون يبدونها ويسجلونها حتى مسخوا تاريخ الجزائر مسخًا لا نظير له في تاريخ الشعوب الأخرى، وخاصة فترة الكفاح الوطني خلال القرن التاسع عشر)).انتهى [(كفاح الجزائر) ص349 ـ351]
وبهذا يظهر بوضوح سقوط التهمة التي يروج لها صاحب (فك الشفرة) بالاعتماد على كلام التميمي!
والوثائق التي كان يطالب بها قد ظهرت والحمد لله، فهل سيرجع عن اتهامه للأمير؟
وأحب أن أضيف إلى تلك الوثائق وثائق أخرى هي في حوزتي، وفيها بيان بالمرتبات الشهرية التي كان يخصصها الأمير لآل المقراني في دمشق وذلك بعد هجرتهم إليها بعد محنتهم وفشل ثورتهم في الجزائر، فهل يُعقل أن يكون الأمير غير مؤيد لثورتهم ثم هو بعد ذلك يوصي بهم خيرا، ليس هذا فحسب وإنما يلجؤون إليه ويلوذون به؟ ونحن على علاقات طيبة معهم إلى يومنا هذا.
وأمّا ما زعمه التميمي ونقله عنه كاتب (فك الشفرة) وغيره، مِنْ تنكّر الأمير لذهاب ابنه محيي الدين للمشاركة في الثورة على فرنسة في الجزائر. فهو أيضًا غير صحيح. وما ذكرناه آنفًا من عطف الأمير على المقرانية ومساندته لهم وتوصية الوزراء في تونس بهم، وهم الذين انضم إليهم ولده محيي الدين، لأكبر دليل على أنّ الأمير ليس معارضًا للثورة ولا لمشاركة ابنه فيها من حيث المبدأ.
وتفاصيل القصّة رواها لنا العلاّمة عبد الرزاق البيطار في كتابه (حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر) والبيطار صديقٌ حميم لمحيي الدين وفي الوقت نفسه هو من خواصّ الأمير عبد القادر، إذن هو أدرى الناس بتفاصيل هذه القصّة. وهو لم يذكر أن الأمير استنكر ذهاب ابنه أو غضب عليه! ولم يلمح إلى ذلك أبدًا.
المهم في الموضوع أنّ العلاّمة البيطار بعد سرده لقصة توجه السيد محيي الدين إلى الجزائر ومشاركته في ثورة 1288هـ (1871م)، وتمكن الجيوش الفرنسية في النهاية من السيطرة على الوضع قال: ((والتمست دولةُ فرانسا من حضرة والدِه إرسالَ أمرٍ ونصيحةٍ له)).انتهى
إذن فرنسا طلبت من الأمير أن ينصح ولده ويأمره بالعودة! وذلك تطبيقًا للمعاهدة التي بين الأمير ونابليون الثالث والتي تنصّ على عدم عودة الأمير أو أحد أبنائه إلى الجزائر للمشاركة في أي قتال.
ومن الوثائق التي أوردها الدكتور يحيى بوعزيز، رسالة أرسلها الأمير عبد القادر إلى ابن عمّه الطيب بن مختار قاضي مدينة معسكر. وقد أثبت نصّها في كتابه كفاح الجزائر ص279، وإليكم النص:
(((الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/251)
ابن عمّنا العلاّمة سيدي الطيب ابن المختار قاضي معسكر حفظكم الله ورعاكم ومن كل مكروه حماكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فقد وصلنا مكتوبكم المؤرّخ بأواخر ذي الحجة وحمدنا الله على عافيتكم وكمال الخصب في مواطنكم. ثم اعلمْ أنه بلغني أن محيي الدين ظهر في نواحي الصحراء الشرقية مع أنني لم آذن له إلاّ في الإسكندرية ونواحيها بقصد تغيير الهواء لما كان لازمه من أنواع الأمراض فاحذروا متابعته وحذروا الأحباب منه فإنه محضُ عبث؛ والعاقل من اتعظ بغيره، وتثبت في جميع أموره، فقد ألقى بنفسه فيما يؤول به ما لا خير فيه. إنا لله وإنا إليه راجعون
يُغمى على المرء في أيّام محنته ... حتى يرى حسنًا ما ليس بالحسنِ
والسلام. أخوكم عبد القادر في 20 محرم الحرام 1288))).انتهى
وأريد أن أنّبه إلى أمر هام وهو أنّ الكيفية التي اعتمدها الأستاذ بوعزيز لقَبول الوثائق هي ـ وياللأسف ـ كيفية لا تعتمد على أصول بحثية علمية في التوثيق (كمطابقة الخط وكشف التزوير، ومعارضة الوقائع الصحيحة لها أو اتفاقها معها). لذلك علينا أن نكون حذرين من قبول أي معلومة فيها إذا لم تعضدها قرينة صحيحة.
ومع ذلك فإننا إذا نظرنا في هذه الرسالة نجدها منسجمة مع ما قاله البيطار من أن فرنسا طلبت من الأمير أن يرسل لولده طلب نصيحة وأمر بالعودة، وكذلك نجد أن أسلوب الكلام فيها مشابه لأسلوب الأمير. ومضمونها: أنّ الأمير لم يأذن لولده بالذهاب إلى الجزائر، وهو بذلك ينبّه إخوانه وأحبابه في الجزائر أنّ محيي الدين ليس أهلاً لاستلام قيادة حرب، وأنّه مريض، ولا خبرة له في القتال. (وهذا من حق الأمير أن يقوله؛ تمامًا كما فعل والده من قبل سيدي محيي الدين بن مصطفى عندما أشار على الناس في الجزائر بمبايعة ابنه عبد القادر لما رأى فيه من القوة والحنكة والشجاعة). وليس في كلام الأمير أي اعتراض على محاربة فرنسة أو الثورة عليها! وإنما اعتراضه على جعل محيي الدين قائدًا لتلك الثورة. ولذلك يمكننا مبدئيًا تصديق هذه الرسالة ريثما يجري التحقق من ثبوتها.
في حين أنّ باقي الرسائل التي أثبتها الأستاذ بوعزيز لا يمكن القَبول بها أبدًا والتزوير فيها مُفتضح، وظاهر كل الظهور. وفيها الوثيقة التي اعتمد عليها عبد الجليل التميمي في اتهامه للأمير بتأييد فرنسة والتخلي عن ابنه. وقد قال الدكتور أبو القاسم سعد الله عن هذه الوثيقة: ((والوثيقة المنسوبة إليه (يعني الأمير) قد تكون مزورة لخدمة أغراض داخلية)).انتهى [حياة الأمير، ترجمة سعد الله ص25].
ومن الأسباب التي تدعونا لرفض هذه الرسائل، وتُثبت تزويرها:
1ـ هذه الرسائل موجهة إلى القناصل الفرنسيين بدمشق وطرابلس الغرب يُعْلِمُهم الأميرُ فيها أن ابنه محيي الدين قد توجّه إلى الجزائر.
وهذا خلاف المصادر التاريخية التي أثبتت أن القنصل الفرنسي هو الذي أبلغ الأمير بتوجه ابنه إلى الجزائر، وأنّ الحكومة الفرنسية هي التي طلبت من الأمير أن يأمر ولده بالعودة.
2ـ إن مضمون تلك الرسائل فيه سبٌ ودعاء على ولده محيي الدين بل وفيها يتمنى موته، ويتبرأ منه إلى درجة أن لا ينسبه إليه!!
3ـ الكلام في تلك الرسائل يوحي أن جميع القبائل الجزائرية كانت راضية بالحكم الفرنسي وأن محيي الدين هو الذي جاء ليؤلّبها على فرنسة! وطبعًا هذا غير صحيح. وإنما هو دليل على أنّ الكاتب لهذه الرسائل إنما هي الحكومة الفرنسية!
4ـ إن أسلوب الكلام في جميع تلك الرسائل عامّي ومفكك وفيه تعابير أوربية (فرنسية مترجمة)، وإذا قارناه بأي رسالة ثابتة للأمير نجده لا يشبه أسلوب الأمير مطلقًا. بل ولا يرقى إليه، وإنما صِيغ بقلم فرنسي مقيم في الجزائر.
5ـ في الرسالة الأخيرة نجد فيها أن الحكومة الفرنسية هي التي تتوسط لدى الأمير ليصفح عن ولده!!! وفيها معلومات غير صحيحة ومخالفة للواقع. (وتأمّلوا في هذه المهزلة صارت الحكومة الفرنسية هي التي ترجو من الأمير أن يسامح ابنه الذي ذهب للمشاركة في الثورة عليها ومجاهدتها، يعني فرنسا راضية عن فعل محيي الدين والأمير هو الغاضب! أرأيتم إلى هذا السقوط في التزوير!!)
وإليكم بعض النماذج:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/252)
1ًـ في الرسالة المزعومة والموجهة إلى قنصل فرنسة بدمشق جاء فيها: (( ... فإذا استحسنتم جنابكم تتخابرون (كذا) مع الوزير فإذا أحسن عنك (كذا) مساعدته (كذا) أكتب (كذا) مكاتيب خصوصية لكل قبيلة من القبائل الذين (كذا) مع المفسد (كذا) بعد أن يعرفوني (كذا) أين هو وأسماء القبائل هم (كذا) عندهم (كذا) ليتحقق الناس أنني بريء منه ومن عمله)). انتهى [كفاح الجزائر ص279]
أرأيتم إلى هذا النص المقطع الأشلاء والركيك. أيُعقل أن يكتب شخص عربي كلامًا كهذا؟
فما بالكم بالأمير العالم والأديب والشاعر؟
2ً ـ جاء في النداء المزعوم من الأمير إلى سكان الجزائر: ((إن ولدنا التعيس (كذا) محي (كذا) الدين قد تجاسر من مدة (كذا) وذهب ضد (كذا) إرادتنا إلى نواحي المغرب وبمقتضى (كذا) ما بلغنا أنه اتحد مع بعض الأشقياء وشرعوا في زرع الفساد وعمل الحركات في جهات (كذا) حكومية (كذا) قسنطينة التي من شأنها سلب راحة الأهالي ...... وعليكم أن تردعوا جهالكم من موافقته وعدم المداخلة (كذا) في عمل أو هيجان (كذا) وأن تحرضوهم على الخضوع لأوامر الحكومة الفرنساوية التي تحسب (كذا) سيادتها قد وطدت الراحة التامة في بلادكم وكثرت ثروتكم ورفعتكم إلى أعلى درجة من المجد والترقي محترمة شرائعكم الدينية وعظمة نبيكم وكتابكم. والذين يتجاسرون على المساعدة في سلب الراحة وإلقاء البلاء بل (كذا) يستحقون غضب الله لأنه يكره الشر ويحب الخير .. )) انتهى [كفاح الجزائر ص280]
وكأننا نقرأ كلمة لقسيس في كنيسة فرنسية في الجزائر، سواء من جهة التراكيب الدينية أو التراكيب اللغوية، أو من جهة إظهار فرنسة بأنها راعية للدين الإسلامي. ونحن نعلم كيف كانت الأوضاع في الجزائر في ذلك الوقت من هدم للمساجد أو تحويلها إلى مستودعات واصطبلات وكنائس، ومحاربة الدين ونشر التنصير!! وهذه الرسالة لم تمهر بختم الأمير في النهاية!!! ولم يوضع لها تاريخ محدد كالعادة في سائر الرسائل!! وقد لاحظ الدكتور بوعزيز هذه الأشياء وأشار إلى بعضها في النص.
3ً ـ جاء في الرسالة المزعومة من الأمير إلى وكيل قنصل فرنسا بدمشق: ((فنقول إننا مصممين (كذا) ألا نراه مدة حياتنا قط (كذا) وذلك ليس فقط في بيت واحد بل كنا معتمدين (كذا) على أننا لا نوجد معه (كذا) في مدينة واحدة ولذلك أطردنا (كذا) من دارنا حريمه وأولاده!! ...... والحالة المزعجة الموجود هو بها الآن (كذا) عرفوه (كذا) جرم الجنون الذي ارتكبه ونتأمل أن يكون ذلك كفالة له في المستقبل (كذا)، ولا حراعة (كذا) لنا لإطالة الشرح إذا (كذا) أننا مخجولين (كذا) من تصرف محي (كذا) الدين الخبيث ... )).انتهى [كفاح الجزائر ص281]
وهنا أيضًا نرى بوضوح التحطيم الإعرابي وسقامة النص العربي والأخطاء الإملائية. إضافة إلى المعلومات الخاطئة ففي الرسالة قرأنا أن الأمير يقول أنه طرد حريمَ وأولاد ابنه محيي الدين!!
وهذه سقطة كبيرة من مزوِّري هذه الرسائل، بها انفضح أمرهم وانكشف باطلهم وتزويرهم وكذبهم؛ فمن المعلوم والثابت أن السيد محيي الدين لم يكن له أي زوجة أو أولاد عندما سافر إلى الجزائر ليلتحق بثورة 1871م، وإنما تزوج بعد عودته!! وتأخّر إنجابه للأولاد.
ولكن غاب هذا عن المزورين، ففضحهم الله!! وهذا أكبر دليل وبرهان على بطلان تلك الرسائل وسقوطها، ولا يمكن أن تعدّ من الوثائق ولا يُبنى عليها حكم!
ثم إذا لم يستح مزوّر هذه الرسالة من قوله إن الأمير طرد زوجة ابنه وأولاده من داره؟! فكيف يقبل مؤرّخ جزائري مثل هذا الكلام؟! والأمير كان يصفح ويسامح الذين خانوه في الجزائر ويضمهم إلى جواره وينفق عليهم!
ويزعمون أنّ كل هذا الغضب من الأمير على ابنه لأنه ذهب وشارك في ثورة 1871م، ومرَّ معنا آنفًا كيف كان الأمير يوصي الوزراء في تونس بآل المقراني خيرًا وهم الذي أشعلوا ثورة 1871م!!
وكذلك استضاف الأمير آل المقراني؛ الذين هربوا من الجزائر بعد ثورتهم؛ في دمشق وأكرمهم وكان ينفق عليهم! فما هذا التناقض؟ كيف يغضب الأمير على ابنه لمشاركته في الثورة، ثمّ هو يكرم زعماء الثورة ويوصي بهم خيرًا ويكتب الرسائل والتوصيات ويرسلها، دون أن يخشى من فرنسة وجواسيسها؟ أفلا تعقلون؟!!!!
أظن أنّ ما ذكرته فيه الكفاية لبيان سقوط تلك التهم. وأسأل الله تعالى أن يرزقنا السداد ويلهمنا الصواب.
ولا حول ولا قوة إلا بالله
خلدون مكي الحسني
للبحث صِلة إن شاء الله
ـ[أبو الحسين الزواوي]ــــــــ[12 - 11 - 08, 03:47 م]ـ
والله إن البحث لممتع مفيد، فبارك الله فيك أبا إدريس ..
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[13 - 11 - 08, 10:17 م]ـ
بارك الله فيكم - شيخ خلدون - على هذه الحقائق التاريخية؛ التي تنقض ما نشر هذه الأيام في بعض الصحف عندنا على لسان واسيني الأعرج من إثبات استسلام الأمير عبد القادر وتبرأه من ابنه محيي الدين والوثوق بكتاب (المواقف)، مع الرد على الفاضلة الأميرة بديعة - حفظها المولى -،،،
وفقكم الله لإتمام هذه الحلقات، وأساله - سبحانه - أن يهدينا جميعا لما اختلف فيه من الحق بإذنه،،،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/253)
ـ[أبو مصعب البكري]ــــــــ[16 - 11 - 08, 03:10 م]ـ
بارك الله بكم شيخنا أبا إدريس
إن المعلومة التي أتيت بها في حلقتك الأخيرة من أن ابن الأمير لم يكن متزوجاً بعد، تنقض هذه الفرية من اساسها.
فجزاك الله كل خير على هذه الحقائق
وأنا أستغرب من صاحب المقال (فك الشفرة) بعد كل هذه الحقائق، ماذا ينتظر
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[18 - 11 - 08, 01:48 ص]ـ
أشكر الأخ الكريم أبا الحسين الزواوي على مشاركته وتعليقاته.
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[20 - 11 - 08, 05:39 م]ـ
أشكر الأخ الكريم فريد المرادي على مشاركته الطيبة
وأشكر الشيخ الفاضل أبا مصعب البكري على مشاركته ومتابعته لهذه الحلقات؛ وأشكر له لطفه وتواضعه؛ وأقول له:سلام عليكم أهل الحديث افتقدنا لبحوثكم وتحقيقاتكم!
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[24 - 11 - 08, 05:17 م]ـ
للأخ البكري
و لكن تقديراً لفضلكم فإنِّي سأرجئ أي مداخلة لي في الموضوع حتى تنتهون من مشاركاتكم النافعة بإذن الله.
.
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[29 - 11 - 08, 03:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الثالثة عشرة
إنّ سلسلة التهم السابقة التي وجّهها الأخ محمد المبارك صاحب (فك الشفرة) للأمير، انتهت باتهام الأمير عبد القادر بالماسونية!!
فتحت عنوان الأمير في بلاد الشام، بدأَ التهمة الجديدة، مستدلاً بأحداث جبل لبنان (اقتتال الموارنة والدروز) والتي امتدت إلى دمشق سنة (1277هـ،1860م) فسعى الأمير عبد القادر في حينها لإطفاء نار تلك الفتنة وتخييب آمال مشعليها، فعدَّ كاتبُ المقال أنّ في ذلك دليلاً على ماسونية الأمير وعمالته لفرنسا!!!
قال في (فك الشيفرة):"قبل عام 1860 كان المتصرف العثماني يقيم في جبل لبنان بينما يشرف على جميع لبنان و سورية، و إثر ما عرف في التاريخ اللبناني بفتنة الجبل تدخل الأمير عبدالقادر للتوسط لدى الدولة العثمانية لصالح (ثورة يوسف بك كرم الماروني في (1859 ـ 1860 م) التي ثارت على داود باشا اول متصرف عثماني على الجبل اللبناني، و طالبت بالحكم المحلي لموارنة الجبل، ثم دعت الى التدخل الفرنسي بصوت مطرانها "طوبيا عون" ... وحين أفرزت تلك الفتنة غضباً عارماً في دمشق والشام على المسيحيين الذين راسلوا و جلبوا المستعمر الاجنبي الفرنسي إلى ديار المسلمين، قام الأمير عبد القادر، باعتراف العديد من قادة تلك الفترة بحماية و إنقاذ حوالي 12000 مسيحي ويهودي احتموا بالأمير من غضب جماعات ثائرة، و قد حمل مع أتباعه السلاح من أجل ذلك. وهو ما دفع العديد من ملوك وقادة تلك الفترة ورجالات الدين إلى منح الأمير أوسمة شرف عرفانا لإنقاذ أرواح عدد من رعاياهم بمن فيهم قناصلة روسيا وفرنسا واليونان وأمريكا و قد انتهت تلك الفتنة بالتدخل الاجنبي الفرنسي، و بعد تلك الخدمة الجليلة للتاج الفرنسي تهاطلت على الأمير الأوسمة والنياشين من عدد كبير من رؤساء الدول الأوربية، وعلى الخصوص من نابليون الثالث الذي وشحه وسام الشرف الفرنسي الأول، ((ونتيجة لذلك أخذت تنتشر في أوربا التآليف التي مجدت الجانب الإنساني للأمير وتسامحه".انتهى
ثمّ راح يستدل بأقوالٍ لماسونيين وصليبيين حاقدين معاصرين! (أمثال: جرجي زيدان، وأنطوان عاصي، وشاهين مكاريوس)!!!
وإذا كان بعض الكتّاب ـ غير المسلمين أو غير المتدينين ـ يرضى بأمثال هؤلاء ليحتج بهم على رجال الإسلام ويطعن فيهم، فما كان ينبغي على الأخ محمد المبارك أن يرضى بذلك!
لأنّ المسلمين أصحاب العقيدة الصحيحة والمنهج القويم، لا يقبلون أبدًا بأمثال هؤلاء ولا بمن ينقل عنهم، بل يلقون بهم وبكلامهم، ولا يرضون إلاّ بكلام الثّقات الأتقياء من أهل الإسلام!
وإنّ كل ما نقله الكاتب عن هؤلاء، مِنْ أحداثٍ وتحليلٍ لها باطلٌ وغير صحيح، وكي أُبيّن بطلان تلك المزاعم لا يكلّفني الأمر أكثر من عرض وقائع تلك الحادثة بصدق وأمانة كما وردت في المصادر الموثوقة والمشهورة. وسيظهر للقارئ عندها الحقُ جليًا دون الحاجة لأي شرح أو تحليل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/254)
ولكن هناك أمرٌ هام أريد أن أنبّه عليه: وهو أنّ الأخ محمد مبارك صاحب المقال قام بخلطٍ عجيب للأحداث التاريخية، وأدخل الوقائع في بعضها على نحوٍ لم يُسبق إليه، وبعد ذلك أخذَ يستنتج ما يشاء من هذا الخليط العجيب ويصوغه وكأنّه مسلَّمة تاريخية! وهذه مصيبة كبرى!
لذلك سأضطر لتجلية الموضوع حتى يتبيّن له وللجميع حقيقة ما جرى.
أولاً؛ بدأ الكاتب كلامه متحدِّثًا عن حادثة تاريخية مشهورة وهي المعروفة باسم (فتنة الجبل) سنة 1860م في لبنان والتي امتدت فيما بعد إلى دمشق، فزعم أنَّ الفتنة كانت بثورة يوسف كرم على المتصرف العثماني "داود باشا" وأنّ الأمير تدخل لصالح ثورة يوسف كرم!! وهذا خلط عجيب! ولن أطيل في شرحه ويكفيني أن أعرض لكم ما قاله الأستاذ خير الدين الزركلي في موسوعته "الأعلام" عن يوسف كرم؛ قال: ((يوسف بن بطرس كرم (1238 - 1306هـ = 1823 - 1889م): شجاع لبناني ماروني، يُنْعَت ببطل لبنان. من أهل قرية "إهدن" أقامه الأمير حيدر الشهابي حاكمًا عليها بعد أبيه.
وعيَّنه الوالي "فؤاد باشا" على إثر حادثة 1860م "وكيل قائم مقام" في بلده. ولم يلبث أن اعتزل العمل، طامحًا إلى أن يكون متصرفًا "وطنيًا" للبنان بعد أن تنتهي مدة المتصرف "الأجنبي" داود باشا، فاعتقله "الباشا" فؤاد، ونفاه إلى الآستانة (سنة 1861م) فَفَرَّ (سنة 1864م) عائدًا إلى بلده.
وقلق منه داود باشا فأراد القبض عليه، فقاتله، وكثر أنصار يوسف، وظهرت بسالته، ونشبت بينه وبين العساكر اللبنانية معارك. وتوسط القنصل الفرنسي، فأخرجه "تحت الحماية الفرنسية" إلى فرنسة (سنة 1867م) فتنقل في أوربة. واستقر في "نابلي" بإيطالية، محتفظًا بجنسيته العثمانية، معلنًا أنه لم يخرج على السلطان، بل دفع عن نفسه ظلم "داود" ومات في "نابلي" ونقل أقاربه جثمانه إلى "إهدن" وأقيم له فيها "تمثال" بعد مدة)).انتهى
إذن صار واضحًا الآن أنّ ما يُسمّى ثورة يوسف كرم كانت بعد انتهاء فتنة الجبل المشهورة سنة 1860م، وخروج يوسف كرم على المتصرف العثماني وقتاله كان سنة 1864م!!، والذي توسّط ليوسف كرم لدى العثمانيين هو القنصل الفرنسي!! ولم يحدث أي تدخل عسكري أجنبي!!
ثانيًا؛ إليكم الآن وقائع حادثة 1860م (فتنة الجبل) وذلك من المراجع الإسلامية الموثوقة.
وكنتُ أريد الاختصار في عرضها ولكنني رأيت أن أتوسّع قليلاً في ذلك، والسبب هو أنّه كما يُقال: "التاريخ يُعيد نفسه" وأحداث لبنان اليوم ما هي إلاّ امتداد وتكرار للأحداث التي جرت في السابق (سنة 1841م ثمّ 1845م ثمّ 1860م ثم 1864م .. ثم .. ) وكان كبير الفاتيكان الذي سبق الحالي قال ضمن كلمة له: ((لبنان أكثر من وطن: إنه رسالة!!))، ونحن نرى بوضوح اهتمام الغرب بلبنان واستخدامه دائمًا لزعزعة المنطقة واتخاذه ممرًا لتمرير خططهم ومشاريعهم!! فلعلّنا نستخلص العِبَر!
جاء في التاريخ الإسلامي للعلاّمة محمود شاكر قوله:
((فبعد وفاة الخليفة العثماني محمود الثاني تسلّم الخلافة ولده عبد المجيد الأوّل سنة (1255هـ،1839م)، وكانت الدولة العثمانية قد بدا ضعفها وكان "محمد علي" الوالي على مصر قد أعلن انفصاله عن الدولة العثمانية وصارت له أطماعه الخاصة وزادت قوّته، فخشيت الدول الأوربية الاستعمارية (انكلترا وفرنسا والنمسا وبروسيا) من احتمال استيلائه على إسطنبول، وهنا قد تتدخل روسيا لأنها مرتبطة في ذلك الوقت مع الدولة العثمانية بمعاهدة دفاع مشتركة، لذا فقد قدّمت دول أوربا لائحة مشتركة من (روسيا وانكلترا وفرنسا والنمسا وبروسيا) تطلب من الخليفة الجديد ألاّ يُقرَّ موضوعاً في شأن يتعلّق بوالي مصر دون الرجوع إليهم، وفي الوقت نفسه فإنهم مستعدون للتوسط بينهما، فَقَبِلَ الخليفة اللائحة، واجتمع السفراء عند الصدر الأعظم وتداولوا الرأي، وظهر تباين في وجهات النظر. روسيا تريد أن تحتفظ بالمعاهدة الدفاعية مع الدولة العثمانية التي تُبقيها تحت حمايتها، وانكلترا وفرنسا تخشيان من ذلك وترغبان أن تكون لهما قطعات بحرية في المضائق بحيث تشاركان، وتمنعانها من التفرّد بالتصرف في شؤون الدولة وحدها. ومن ناحية أخرى فإنّ فرنسا تود دعم محمد علي وأن يحتفظ بما أخضعه، وانكلترا لا تريد ذلك منافسةً لفرنسا على مركزها في مصر، وخوفاً من منافستها على طريق الهند،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/255)
والنمسا وبروسيا تريان في قوّة محمد علي خطراً على أوربا خشية من أن يُسيطر على الدولة العثمانية ويُعيد لها الحياة، فهما أقرب إلى انكلترا. وبعد فشل لقاءات، وتهديدات بالانسحاب، ودعوة إلى مؤتمرات، نجحوا في عقد اتفاقيّة عام (1256هـ =1840م) بين انكلترا وروسيا وبروسيا والنمسا بعد انسحاب فرنسا! ومحاولة اتفاقِها مباشرة مع الدولة العثمانية ومحمد علي وتشجيعه على رفض مطالب انكلترا، ودعمه إن عارضته انكلترا)).
[[طبعًا هذه الأحداث تجري والجيوش الفرنسية كانت قد احتلت الجزائر ودخلت في حروب طاحنة مع الأمير عبد القادر، وكان الأمير يجاهد الفرنسيين في الجزائر، ومحمد علي كان يبعث بجنود من مصر لمساعدة الفرنسيين في حربهم على الأمير!!]]
((ولمّا كانت فرنسا قد انسحبت من تلك الاتفاقية، عادت للتحايل على منافستها انكلترا التي بدأت تحرّض سكان جبال لبنان من دروز وموارنة وغيرهم. وبدأ تحرّك الأساطيل الإنكليزية والفرنسية على سواحل بلاد الشام. وكانت خطّة فرنسا هي دعم الموارنة ومحمد علي لكي تضمن نفوذها في بلاد الشام، في حين كانت خطّة انكلترا دعم الدروز وتحريضهم على النصارى!!
ولكنّ الحكومة الفرنسيّة ضَعُفت، وسَحَبَت قواتها البحرية إلى مياه اليونان ثم إلى فرنسا، وتركت سواحل مصر والشام لسفن إنكلترا، فاقتصر العمل على إنكلترا مع دعمٍ قليل من النمسا. وأنزلت إنكلترا قواتها شمال بيروت، وبدأت المعارك، وهُدِّمت أكثر المدينة وأُحْرِقَت، وكذا بقيّة الثغور الشاميّة، وتمكّنت القوات الإنكليزيّة ومَنْ معها من أخذ الموانئ وإجلاء جيش محمد علي.
اعتدى الدروز على الموارنة عام (1257هـ =1841م)، ودخلوا دير القمر، وارتكبوا أبشع الأعمال. (طبعاً الأمير عبد القادر مازال في الجزائر!! وليس له وجود في الشام قبل سنة 1273هـ، 1856م) فَعَزَلَ الخليفةُ الأميرَ "بشير الشهابي"، ووضع والياً عثمانياً مكانه، وحُرِمَ الجبل مما كان له من امتيازات، ولم تقبل الدول الأوربية ذلك، فاضطر (الخليفة) أن يُعيد للجبل امتيازاته، وأن يُعيّنَ قائمقام درزيًا وآخر مارونيًا وذلك عام (1258هـ). ولكن الأمر لم يستقم لاختلاط الطوائف في القرى، فرأى الخليفة ضمّ شمال الجبل ـ أي منطقة الموارنة ـ إلى ولاية طرابلس، فاحتجّ الموارنة، فأرسلَ من يدرس الموضوع ويُقدّم الحلول، فلم يُفد ذلك شيئاً، وأصرّ الدروز أن يبقى الموارنة تحت سلطانهم، وفضّل بعدئذ الموارنة أن يتبعوا ولاية أخرى من أن يكونوا تحت سلطان الدروز، فاستحسن الخليفةُ الرأي، ولكن لم يُعجب الدروز فقاموا باعتداءاتهم الثانية عام 1261هـ)). (أيضًا الأمير مازال في الجزائر)!!
((وبعد ذلك أرسلت الدولة العثمانية جيوشها واحتلت المنطقة كلّها، وأعلَنت فيها الأحكام العرفية. ثمّ اتفقت الدول الأوربيّة مع الخليفة على تشكيل مجلس يضم أعضاء من المجموعتين ومن غيرهم. ولم تنته القضيّة إلاّ بمذابح عام 1277هـ/1860م)).
[كانت الدول الاستعمارية تحتال بكل ما تستطيع لكي توجد لنفسها قدمًا في أراضي الدولة العثمانية، ومن تلك الحيل قضيّة حماية رعايا الدولة من النصارى، وكذلك مقدّسات النصارى!]
((وهاهي فرنسا بحكم الامتيازات القنصلية في الدولة العثمانية تملّكت الإشراف على الكنائس في بيت المقدس، ثمّ انتقل هذا الإشراف لروسيا بسبب انشغال فرنسا بحروب نابليون، فلما انتهت فرنسا مما تعاني أرادت العودة إلى ما كانت عليه فحصل خلاف بين رجال الكنائس الكاثوليك والأرثوذكس، فشكّلت الدولة العثمانية لجنة من رجال كنائس مختلفي المذاهب، فأقرّوا بحق فرنسا في ذلك فاحتجّت روسيا وهددت بالحرب ... ورفض الخليفة أيضاً من السفير الروسي حق حماية روسيا للنصارى المقيمين في الدولة العثمانية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/256)
وبدأ التوتر يرتفع بين الدولتين وتحركت الأساطيل البحرية وتقدمت الجيوش الروسية، ثم عقد مؤتمر للتوفيق بين الدولتين ولكن الخليفة رفض مطالب روسيا، وشجّعت انكلترا وفرنسا الدولة العثمانية في عدم الخضوع لطلبات الروس، وكان موقف فرنسا وانكلترا ضد روسيا خوفاً على مصالحهم لا حباً بالمسلمين. وجرى اتفاق بين الدولة العثمانية وفرنسا وانكلترا على محاربة روسيا وذلك في (12/ 6/1270هـ =11/ 3/1854م)، واقتضى ذلك الاتفاق أن ترسل فرنسا خمسين ألف جندي، وتبعث انكلترا بخمسة وعشرين ألفاً، وأن تجلوَ هذه الجنود عن الدولة العثمانية بعد خمسة أسابيع من الصلح مع روسيا. وبدأت حرب "القرم"، ثمّ جاءت معاهدة باريس وقبلت روسيا بشروط الدول المتحالفة.
وأعقب ذلك بحث بعض الشؤون الأوربية، فاتفقوا على تكوين دولة واحدة من إقليمَي "الأفلاق والبغدان" ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=934572#_ftn1)) شبه مستقلّة تُسمى حكومة الإمارات المتحدة وتكون تحت حماية جميع الدول، أي إخراجها من تَبَعية الدولة العثمانية، ووقع ذلك في باريس عام (1275هـ =1859م)، وكان الخليفة قد أصدر بعض التعليمات الإدارية في سبيل الإصلاح وهو ما عُرِفَ باسم (الخط الهمايوني) وذلك عام (1272هـ =1856م).
وأوجدت الدول النصرانية كذلك مشكلاتٍ في الصرب، والجبل الأسود، والبوسنة والهرسك، لتفصلها عن الدولة العثمانية، فبدأت تقوم الثورات، وتمنع دولُ أوربا الدولةَ العثمانية من قمع هذه الثورات بتهديد الدولة، وقطع العلاقات السياسية معها، بل غالبًا ما كانت الدول الأوربية هي التي تدعم الثورات وتثيرها، وأصبح سفراء هذه الدول شركاء في السلطة تقريبًا!!
وأُثيرت آنذاك مشكلة جزيرة "كريت"، وحدَثَ اعتداءٌ على النّصارى في "جُدّة"، وأُصيب قنصل فرنسا، وهدَّأ والي "مكّة" الوضع غير أنّ الانكليز قد ضربوا "جُدّة" بالمدافع!)).انتهى [انظر التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر الجزء 8 /من ص173 إلى ص181]
كل هذه الأحداث والأمير لم يدخل دمشق بعد! فالأمير رست سفينته في ميناء بيروت في (27/ 3/1273هـ = 24/ 11/1856م).
إذن فرنسا وانكلترا وروسيا وغيرها كانوا يسعون للقضاء على دولة الخلافة العثمانية وكانوا يستعينون بالأقليات النصرانية الموجودة في أراضي الدولة العثمانية لإيجاد الذرائع للتدخل في تلك الأراضي ومن ثَمَّ فصلها عن دولة الخلافة واحتلالها!
فكانت الفتنة الطائفية في الشام: يقول الأستاذ محمود شاكر: ((تساهل السلطان عبد المجيد مع الدول الأوربية فاستقرت الأوضاع في إقليمي الأفلاق والبغدان، والصرب، واشتعلت الفتنة في بلاد الشام، إذ اعتدى الموارنة على الدروز عام (1276هـ =1860م) فقام الدروز يأخذون بالثأر، وامتد اللهيب من جبل لبنان إلى طرابلس، وصيدا، وزحلة، ودير القمر، واللاذقية، ودمشق ... وأسرعت الدولة العثمانية فأرسلت فؤاد باشا، وقضى على الفتنة، وعاقب المسؤولين عنها، كلاً بما يستحق، واحتجّت الدول الأوربيّة وهددت بالتدخل، وكانت متفرّقة الرأي، ثمّ أجمعت واتفقت على أن ترسل فرنسا ستة آلاف جندي لمساعدة الدولة فيما إذا عجزت عن إطفاء الفتنة ـ حسب زعمها والحجّة التي اتخذتها ـ وأنزلت فرنسا قواتها في بيروت في (22 المحرّم 1277هـ= 9/ 8/1860م) بعد اتفاق الدول الأوربيّة الذي تمّ قبل أسبوع (15 المحرم)، وهذا الاتفاق تَدَخَّلَ في شؤون الدولة التي أحسَنَت القيام بمهمّتها لكن كان القصد تقوية النصارى، وإظهارهم بمظهر القوة، وأنّ أوربا كلّها من خلفهم، لتزداد قوتهم، ويخشى خصومهم بأسهم. وجرى الاتفاق مع فؤاد باشا على أن يُعَوَّض النصارى على ما خسروه، ويُمنح أهل الجبل حكومةً مستقلّةً تحت سيادة الدولة، وأن يرأس هذه الحكومة رجل نصراني لمدّة ثلاث سنوات، ولا يحق عزله إلاّ برأي الدول الأوربية، وتقترحه الدولة العثمانية، وتوافق عليه أوربا، وقد اختير أوّل حاكم "داود الأرمني" ... هذا التساهل قد ألزم فرنسا بالانسحاب من الشام، إذ أخلت المناطق التي دخلتها في (27/ 11/1277هـ) أي بعد عشرة أشهر وخمسة أيام من دخولها.
وتوفّي الخليفة العثماني عبد المجيد في (17/ 12/1277هـ))).انتهى [من التاريخ الإسلامي8/ 181ـ182]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/257)
وقال الشيخ عبد الرزاق البيطار في كتابه (حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر):
((وقعت فتنة بين الدروز والنصارى في جبل لبنان واشتد بسببها الضرب والطعان، وعاثت طائفة الدروز وفسقوا، وانتظموا في سلك الطغيان واتّسقوا، ومنعوا جفون أهل الذمة السّنات، وأخذوا البنين والبنات من حجور الأمهات، وخرّبوا القرايا والبلدان، وسفكوا الدماء وحرقوا العمران، ونهبوا الأموال ومالوا عليهم كل الميل، وبادرت لمساعدتهم والغنيمة معهم دروز الجبل الشرقي تجري على خيولها جري السيل، ولم يروا في ذلك معارضًا ولا منازعًا، ولا مدافعًا ولا ممانعًا، والنصارى بين أيديهم كغنم الذبح، هم وأموالهم وأولادهم وبلادهم غنيمة وربح، ودام هذا الأمر واستقام، إلى ابتداء ذي الحجة الحرام، سنة ست وسبعين بعد الألف والمائتين، وقد هرب كثير من النصارى إلى الشام، ظانّين أن الحكومة تحميهم من الدروز اللئام، فصارت الدروز تدخل إلى الشام بأنواع السلاح، ويخاطبون الأشقياء بقولهم كنا نظن بكم الفلاح، لقد أخلينا البَرَّ من النصارى، وأنتم عنهم كأنكم سكارى، فاذبحوهم ذبح الأغنام، وأذيقوهم كأس الحمام، واغنموا ما عندهم من الأموال والأمتعة الكلية، وأن الحكومة بذلك راضية مرضية، ولو لم يكن لها مراد بذلك، ما مكنتنا من إذاقتهم كؤوس المهالك، والوالي ساكت عن هذا الأمر كأنه لم يكن عنده خبر، حتى ظن أكثر القاصرين أن هذا الواقع عن أمر شاهاني صدر .... وما زالت الأشقياء تتطاول أعناقها، وتتزايد لهذه الأفعال أشواقها، والدروز في كل وقت يجددون لهم همة، ويتواردون عليهم أمة بعد أمة، وقد قامت لديهم الأفراح، وزالت عنهم برفع القيد الهموم والأتراح ........... وصاروا يتكلمون بكلام، لا يليق إلا بالأشقياء اللئام، كقولهم حنا يقول لنخلة، إسماعيل الأطرش حرق زحلة، وأمثال ذلك خصوصاً مما يدل على التخويف والتهديد، وصارت الأولاد تقوله على طريقة الأناشيد، فذهب بعض النصارى إلى والي البلد، لينقذهم من هذا الهم والنكد، وكان ذلك يوم الاثنين من ذي الحجة الحرام، سنة ألف ومائتين وست وسبعين من هجرة سيد الأنام، فأمر الوالي بالقبض على بعض الأولاد، فمسكوا منهم جملة وقيدوهم بالحديد وأمروهم بالكنس والرش تأديبًا لهم عن هذا الفساد، فقامت عصبة جاهلية في باب البريد من الجهال الطغام، ونادوا بأعلى صوتهم يا غيرة الله ويا دين الإسلام، وكان الوقت قبيل العصر من ذلك اليوم المرقوم، وتلاحقت الأشقياء إلى حارة النصارى كأنه لم يكن عليهم بعد ذلك عتب ولا أحد منهم على فعله مذموم، وأقبلت عليهم الدروز أفواجاً أفواجا، واشتغلوا بالحرق والقتل والسلب والنهب أفراداً وأزواجا .....................
والوالي ما زال على إهماله، وسكوته وعدم سؤاله، غير أنه عين للمحافظة أربعة من الأعيان، اثنين من المدينة واثنين من الميدان، فقام من كان من الميدان حق الحماية، وقصر من عداهما في البداية والنهاية، غير أن سعادة الأمير المعظم، والكبير المفخَّم، حضرة الأمير السيد عبد القادر الجزائري قد بذل كامل همته في ذلك، وبذل أمواله ورجاله في خلاص من قدر عليه من المهالك، واستقامت النار تضطرم في حارة النصارى سبعة أيام، والناس فوضى كأنه لم يكن لهم إمام، فلما أحضروا من أحضروه من النصارى إلى الميدان، وقد امتلأت البيوت أخذنا نطوف عليهم نهنيهم بالسلامة ونطيب قلوبهم بالأمن والأمان، وكنا ما نرى منهم غير دمع سائل، وبصر جائل، وقلب واجف، ورجاء قليل وبال كاسف، وهذه تقول أين ولدي؟ وهذه تقول قد انفلق كبدي، وهذه تقول مالي، وهذه تقول كيف احتيالي؟ والرجال منهم حيارى وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ...
ولما علم دروز الجبل الشرقي أن أهل الميدان، قد أدخلوا النصارى في حصن الأمان، ووضعوهم في أماكنهم مع عيالهم، واجتلبوا لهم سرورهم بقدر الإمكان وراحة بالهم، تجمعوا وتحزبوا وتوجهوا إلى الشام، إلى أن وصلوا إلى أرض "القدم" بالكبرياء والعظمة والاحترام، ثم أرسلوا خبراً إلى الميدان إمّا أن تسلمونا النصارى لنذيقهم كؤوس المنية، ونبيدهم بالكلية، وإما أن ننشر بيننا راية القتال، ونطوي بساط السلم واستقامة الحال، فبرز أهل الميدان إليهم بروز الأسد، وقالوا لهم بلسان واحد ليس لكم على قتالنا من جَلَد، أظننتم أنكم تصلون إليهم، وتحكمون بما تريدون عليهم، إن ذلك أمر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/258)
محال، إياكم أن تتوهموه بحال، إننا وحق من أحيا الأشباح بالأرواح، لا نسمح لكم منهم بقلامة ظفر وليس لكم في مطلوبكم من نجاح، وكثر القيل والقال، وكانت البيداء قد امتلأت من الفرسان والأبطال، وتجمع الصفان، وتقابل الصنفان، وارتفع العجيج وعلا العجاج، وكثر الضجيج من كل الفجاج، وأشْهَرَ كلٌ سلاحه، واعتقد أن في قتل عدوه فلاحه، وأن شرر الموت ينقدح من ألحاظه، ويفصح بصريح ألفاظه، فلما رأى الدروز ما كان، من المشاة والركبان من أهل الميدان، علاهم الوجل، وقد خاب منهم الأمل، وضاق بهم من الأرض فضاؤها، وتضعضعت من أركانهم أعضاؤها، فتنازلوا عن العناد إلى الوداد، وقالوا نحن العين وأنتم لها بمنزلة السواد، وليس لنا عنكم غنى، وأنتم لنا غاية المنى، ونزيلُكم عندنا مصون، ومن كل ما يضره مأمون، والذي وقع منا كان هفوة مغفورة، وسقطة هي بعفوكم مستورة، فقابِلوها بالسماحة والغفران، ونحن وإياكم أحباب وإخوان، ثم تفرقوا بعد الوداع، وانقاد كل منهما للسلم وأطاع، وتفضل الله وأنعم، وحسم مادة الشر وتكرم ...
ولا زال أهل الميدان في الليل والنهار، يحرسون النصارى من الأشقياء والأشرار، إلى السادس والعشرين من محرم الحرام، دخل الشام محمد معمر باشا ومعه أربعة آلاف جندي من عسكر النظام، وفي غرة محرم سن سبع وسبعين، دخل خالد باشا المصري للنظر في أمر هذه الخيانة، وكان قبل دخوله بيوم قد سافر أحمد باشا المذكور أولاً إلى بيروت متوجهاً إلى الآستانة، وفي حادي عشر المحرم الحرام، دخل ناظر الخارجية فؤاد باشا إلى الشام، مرخَّصاً من قبل الدولة وباقي الدول، مهما شاء أجرى ومهما أراد فعل، ومعه عوضاً عن أحمد باشا المترجم المذكور عبد الحليم باشا المشير المشهور، واجتمع بالشام من العساكر السابقة واللاحقة نحو ثلاثين ألفاً، ثم بعد ثلاثة أيام، أمر بعقد مجلس عام، وطلب فيه مأخوذات النصارى ومسلوباتهم، ومغصوباتهم ومنهوباتهم، وذلك يوم الخميس خامس عشر المحرم، وشدد غاية التشديد، وأكد أعظم تأكيد، ولما أصبح صباح الجمعة سادس عشر المحرم، وجد الناس أثمان الشام قد امتلأت من العساكر، وقد أغلقوا أبواب البلد ولم يعرف أحد ما الأمر إليه صائر، فدخل على الناس من الهم والكدر، ما هو عبرة لمن اعتبر)).انتهى [انظر (حلية البشر) للبيطار 1/ 261ـ267] (وقد كان للشيخ البيطار رحمه الله، دورٌ بارز وموقف حميد في إخماد هذه الفتنة).
هذا عرضٌ تاريخي مختصر لتلك الأحداث، ولكن ما هو دور الأمير عبد القادر الجزائري فيها؟
لقد كان للأمير عبد القادر دور هام في السيطرة على نتائج تلك الحوادث.
أوردتُ في الحلقة الثانية قولَ المؤرخ المحقق الدكتور أبي القاسم سعد الله، وهو: ((أنّ الماسونيّة تآمرت على دولة الأمير عبد القادر في الجزائر، لأنّ دولة الأمير كانت دولة عربيّة سلفيّة، شريفة، لو انتصرت لكانت خطرًا عظيمًا على مخططات الماسونية ـ الصهيونية في الشرق!!، ولكانت أوَّل دولة توحِّدُ العربَ على كلمة الجهاد كما وحّدتهم عليها زمنَ الرسول صلى الله عليه وسلم، وزمن الخلفاء الراشدين)).انتهى [الحركة الوطنية الجزائرية ص274ـ275].
إذن فالأمير كان متيقظًا للمخطط الاستعماري الذي تسعى الصليبيّة العالمية والصهيونية اليهودية لتنفيذه، وأساس هذا المخطط هو القضاء على دولة الخلافة الإسلامية، واقتسام أراضيها وممالكها في الشرق والغرب وجعلها تحت حكمهم. وكان الأمير على خبرة بأساليب المستعمرين التي يحتالون بها للوصول لأغراضهم. وخلال مدّة حربه مع فرنسا في الجزائر أدرك الأمير مدى أهمية بلاد الشام للدول الأوربيّة، والمساعي التي تبذلها تلك الدول لاحتلال تلك البلاد.
وبعد وصول الأمير إلى دار الخلافة واستقراره في "بروسة" قرر السلطان العثماني عبد المجيد خان أن ينتقل الأمير إلى دمشق، وذلك لأن السلطان أدرك أن وجود الأمير في دمشق سيكون مفيداً لدولة الخلافة كما ذكرنا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/259)
(((وبالفعل بعد انتقال الأمير إلى دمشق شعر بالتحركات الأوربية في بلاد الشام، ولمّا بدأت أحداث جبل لبنان راح الأمير يحذّر رؤساء البلد من عاقبة اشتعال هذه الفتنة، ومن العواقب المترتبة عليها، وبيَّن كيف يمكن للغرب أن يستغلّ هذا الحدث، بل وحتمية وقوف الغرب نفسه وراء هذه الفتنة، وكان يحثهم على بذل المجهود في درء هذه الفتنة، لكن لم تلق كلماته آذانًا صاغية، ولا قلوباً واعية!)))
(((ففي سنة (1276هـ،1860م) مازالت تلك الفتنة تتعاظم وتشتعل نيرانها والدولة العثمانية غير ملتفة إلى تسكين تلك الفتنة، إلى أن وصلت نارها إلى دمشق وبدأ الغوغاء من الناس بالتعرض للمسيحيين بالضرب والقتل، وكان موقف والي دمشق أحمد باشا ورؤساء الجند سلبياً من الفتنة وذلك لقلّة عدد الجند، لكنّه قدّم لرجال الأمير المساعدة والسلاح. وتحرّكت إِحَنُ المسلمين على النصارى وتذكروا ما نالهم من "حنّا بك البحري" وطائفته من الاعتداء أيّام دخول جيش مصر بقيادة إبراهيم باشا ابن محمد علي فقام بعض المشايخ والوجهاء في دمشق وشجعوا الغوغاء على قتل المسيحيين، وسبب ذلك هو تجبر النصارى وتكبرهم وتجاوزهم حدّهم وخروجهم عن العهود الذميّة، وتعلّقهم بالدول الإفرنجيّة! وكذلك بسبب المرسوم السلطاني المسمّى بـ (الخط الهمايوني) الذي تضمّن بعض الامتيازات للنصارى على حساب المسلمين))).انتهى ملخصًا [انظر (تحفة الزائر) 2/ 93، و (نخبة ما تسر به النواظر) ص251]
وقد صدر هذا المرسوم كما مرّ معنا سابقاً تحت ضغط من الدول الأوربيّة، قال تشرشل:"فالدول المسيحية، بانتزاعها من الترك قانون (خط همايون) سنة 1856م، قد جعلتهم يضعون السكين على رقبتهم".انتهى [حياة الأمير لتشرشل ص278]
يقول محمد باشا: ((والباعث للأمير على حمل تلك المشاق تأييد الدولة العليّة والدفاع عن حوزتهاإذ لو لم يقف في وجوه الغوغاء لاستأصلوا النصارى واستلحموهم وتفاقم الأمر أكثر مما وقع وبذلك يحصل للدولة من الارتباك ما لا يخفى، ولعناية الله بصاحب الخلافة العظمى ورعايته لسلطنته لم يقع أدنى خلل يتشبّث به الأعداء لإلحاق الضرر بالدولة العليّة، ولم يزل الأمير يعاني المشاق إلى أن حضر صاحب الدولة فؤاد باشا وزير الخارجية إلى دمشق، ولأوّل وصوله أجرى فيها حكومة عرفية خارجة عن القوانين المعتادة فقبض على ألوف من أهلها حتى امتلأت بهم السجون وأمر برد المسلوبات وعيّن لذلك مجالس مخصوصة في محلات البلدة وأنحائها فجمعوا أغلبهم، وأجرى ما أمر بإجرائه من إمعان النظر وتحقيق الدعاوي ثم فعل ما رآه صواباً واقتضته السياسة، فقتل من ثبت عليه القتل أو قامت عليه البينة بأنه أثار الفتنة أو وافق عليها ونفى جماعة من الأعيان والعلماء لتقصيرهم عن تدارك الأمر وكف أيدي الغوغاء ... )) انتهى [تحفة الزائر 2/ 94]
ويقول السيد أحمد بن محيي الدين الحسني: ((ومن الأشخاص الذين قررَ فؤاد باشا أن يشنقهم: الشيخ عبد الله الحلبي، وعمر أفندي الغزي، وعبد الله بيك من رؤساء المجلس، ومفتي البلد طاهر أفندي، ونقيب الأشراف العجلاني وغيرهم من وجوه البلد وأكابرها. فلما سمع الأمير بذلك ذهب إلى فؤاد باشا وعارضه كل المعارضة، فقال له فؤاد باشا: لابُدّ من ذلك ولا مندوحة عمّا هنالك. لأنّ إطفاء نار تلك الفتنة لا يتم إلاّ بقتل أولئك الأشخاص. وما زال الأمير يُعارضه ويُراجعه إلى أن قَبِلَ رجاءَهُ فيهم وصرف عنهم القتل إلى النفي المؤبّد، فنُفيَ بعضهم إلى قبرص، وبعضهم إلى جزيرة رودس. وبعد نفي أولئك أمر فؤاد باشا بقتل الوالي أحمد باشا ومعه بعض باشاوات العسكر.
وإنما عارض الأمير كل المعارضة في دفع القتل عن المذكورين لنِسْبَة بعضهم إلى العلم والبعض إلى الشرف، وفي قتلهم إهانة للدين المحمدي. . وما دافع الأمير عن تلك الجماعة ـ مع شدّة عداوتهم له وهم الذين أمروا بإحراق بيته ـ إلاّ لكون موتهم ثلمة في الإسلام)).انتهى [مخطوط (نُخبة ما تُسر به النواظر .. ) ص254]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/260)
إذن الدّول الأوربيّة الصليبيّة أوجدَت هذه الفتنة لتكون ذريعةً لها في احتلالها لبلاد الشام وفصلها عن الدولة العثمانية، ولم تكد تلك الفتنة تبدأ حتى رأينا القادة والملوك الغربيين يطالبون الدولة العثمانية بحماية المسيحيين وإلاّ سيتدخلون بجيوشهم لحماية إخوانهم في الدين (زعموا)، وما هي إلاّ أيام حتى رأى الناس الأسطول الفرنسي يرسو في ميناء بيروت ويُنزل قواته الغازية!!
وفي هذا أكبر دليل على النية المبيّتة والتخطيط المبيَّت لهذا الغزو، وما قضية المسيحيين إلاّ ذريعة؛ وما أشبه اليوم بالأمس!
وكانت فرنسا قد استطاعت إقناع أوربا أن تتولى هي أمر هذه الحملة بسبب قربها المذهبي من المسيحيين في لبنان، ولكونها المشرفة على الكنائس في بيت المقدس، في حين لم تستطع إنكلترا فعل ذلك لأنها على خلاف كبير في المذهب مع نصارى الشرق (فالإنكليز برتوستانت، ونصارى الشام أرثوذكس وكاثوليك)، لذلك عمدت إنكلترا لدعم الدروز حتى يكون لها مدخل في البلاد لتفويت الفرصة على منافستها فرنسا، والنتيجة واحدة بالنسبة للمسلمين، ففرنسا وإنكلترا في النهاية أعداء لهم! (المهم أنّ التحرّك الفرنسي كان بمباركة الإنكليز!!)
ومن الأدلّة على ضلوع فرنسا في الفتنة وأنها هي المُشعلة لها، أنّ الأمير عبد القادر أثناء قيامه بإطفاء تلك الفتنة والسيطرة على الأوضاع ومطاردة الغوغاء الذين هجموا على حي العمارة حيث دارُ الأمير التي يحتمي بها بعض النصارى، ألقى رجالُه القبضَ على بعض المهاجمين، فإذا فيهم عدد من المسيحيين اللبنانيين!!! نعم نصارى لبنانيون متنكرون بلباس المسلمين يقومون بقتل النصارى في دمشق. لماذا؟ لكي يعطوا فرنسا الذريعة لاحتلال البلاد بحجة الدفاع عن النصارى! [انظر كتاب (أصحاب الميمنة إن شاء الله) ص215]
وهذا التصرف ليس جديدًا، فعلى مرّ العصور كان المستعمرون يلجؤون لقتل بعض رعاياهم أو أبناء دينهم ويلصقون التهمة بالمسلمين (أو غيرهم) لكي يتسنى لهم تهييج شعوبهم وحملهم على القتال والاحتلال. والأمثلة في عصرنا هذا كثيرة كما لا يخفى.
وعندما بدأت الدول الأوربيّة تحرّكها وأرسلت إلى الدولة العثمانية تستنكر ما يجري في الشام، تكفّلت الدولة العثمانية للدول الغربية بأنها ستنتقم من الذين أشعلوا الفتنة وتقتصّ لرعاياها من النصارى ـ وذلك لكي لا تعطي للدول الأوربية الفرصة للتدخل في بلاد الشام ـ فبعثت فعلاً فؤاد باشا (كما مرَّ معنا) أحد وزرائها العظام وفوضت إليه الأمر في جميع ما يفعل، فلما دخل الشام أمر برد الأموال المنهوبة، ثم شرع بالقبض على كل من سعى في تلك الفتنة فقتل منهم مَنْ قتل، ونفى من نفى. وانطفأت الفتنة.
(((ومع ذلك فإنّ الدول الأوربيّة؛ التي كانت عازمة على احتلال بلاد الشام؛ تظاهرت بأنها لم تقنع بما فعلته الدولة العثمانية، وأرسلت جيوشها ومراقبيها تحت قيادة الأسطول الفرنسي الذي رسا في ميناء بيروت، وما كان يخشى الأمير عبد القادر حدوثَهُ قد حدث فعلاً، فقد نزلت القوات الفرنسية في ميناء بيروت وتوجهت قواتها بريًا باتجاه جبال الدروز بحجّة القضاء عليهم، فتدخل الأمير لدى فؤاد باشا وطلب منه أن يبذل كل جهده في منع الجيش الفرنسي من تقدّمه، وبيّن له أن هذا الأمر إذا بدأ فإنه لن ينتهي إلا باحتلال سورية، لأن القتال في الأماكن الجبلية صعب وسيستغرق زمناً طويلاً، ومِنْ ثَمَّ ستجلب فرنسا إلى المنطقة أعدادًا كبيرة من الجنود ومع الوقت سيكون لديها الاستعداد الكامل لغزو المنطقة! (فالأمير خبير بالخطط والحيل الفرنسية)!
وجرت مفاوضات بين فؤاد باشا والجنرال الفرنسي "بوفور" إلاّ أنهما لم يتفقا. فقرر الجنرال الفرنسي الزحف باتجاه دمشق والتي سيبدأ بقصفها أولاً!
فلمّا بلغ الأمير أن قائد الحملة الفرنسية الجنرال بوفور يريد قصف دمشق من الصالحيّة، تمهيدًا لدخول دمشق، بعث الأمير برسالة لبوفور يطلب منه أن يوافيه في البقاع. وتوجّه الأمير ليلاً ومعه بعض أتباعه إلى معسكر الجيش الفرنسي واجتمع بالجنرال وأظهرَ له سوء عاقبة ما اعتمد عليه، فأصرَّ الجنرال على قصف دمشق ودخولها، فهدَّدهُ الأمير وقال له إنّهم إذا قصفوا دمشق أو حاولوا دخولها فإن العهود التي بينه وبين دولة فرنسا تصبح لاغية، وأنه سيكون أوّل المدافعين والمقاومين لأي حملة فرنسية تهاجم البلاد، وسيعود للجزائر ويباشر الجهاد هناك مجدَّدًا! بعد هذا التهديد الخطير عدلت فرنسا عن قصدها ورجعت الجيوش الفرنسية إلى بلادها خائبة وبلا طائل!))).انتهى [(نُخبة ما تُسر به النواظر .. ) ص258، و (تحفة الزائر) 2/ 95].
وهكذا استطاع الأمير عبد القادر بحنكته، وبُعْدِ نظره، والتزامه الكبير بالمسؤولية وبأوامر الشريعة الإسلامية، أن يحافظ على تماسك الدولة العثمانية، ويُبطل المخطط الأوربي لاقتطاع بلاد الشام من الدولة العثمانية، ويمنع جيوش فرنسا من دخول الشام ويردّها على أعقابها خائبة.
ولمّا رأى فؤاد باشا شجاعة المغاربة وما جُبِلوا عليه من قوة الجأش وشدّة الإقدام فاوض الأمير في أن يعيّن منهم كتيبة ليكونوا في خدمة الدولة العليّة، فوافق الأمير على طلب فؤاد باشا واختار منهم أربعمئة فارس وجعل السيد محمد بن فريحة رئيسًا عليهم.
([1]) إقليمان واقعان شمال اسطنبول وغرب البحر الأسود، واليوم هما ضمن أراضي رومانيا وبلغاريا، ويحدهما من الغرب صربيا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/261)
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[29 - 11 - 08, 03:53 م]ـ
ولمّا بلغتْ أخبارُ هذه الواقعةِ الهائلة حَضْرَةَ الخليفة العثماني عبد المجيد خان، وما صنعه الأمير في سبيل طاعة الخليفة وأداء واجب خدمته، أظهر الخليفة رضاه العالي بفعله وأنعم عليه بالنيشان المجيدي العالي الشان من الرتبة الأولى وأرفق معه فَرَمَانًا وحملهما إلى الأمير الصدرُ الأعظم علي باشا، وإليكم نصّ الفرمان:
((قد أحاط علمي الشريف السلطاني بحال الحميّة الدينيّة الثابتة في أصل فطرة الأمير عبد القادر الجزائري، زيدَ فضلُه، وخلوصه الأكيد الوطيد لطرف دولتي العليّة، وقد اضطره كل منهما لاستعمال الهمّة والغيرة الكليّة الفائدة في الخدمة المرغوبة وهي تخليص عدد كثير من تبعة دولتي العليّة الواقعين بأيدي الأشقياء الظالمين عند وَقع الفتنة والعناد مؤخرًا في الشام من بعض ذوي التوحش الجاهلين بالوظائف العليّة الإسلاميّة والأحكام الجليلة الشرعيّةوحيث أنّ حركته الحسنة قد استوجبت لدى سلطنتي زيادة المحفوظيّة ووقعت موقع الاستحسان ولأجل حسن توجهاتي السلطانية الحاصلة في حقّه والمكافأة العلنيّة على خدمته الخيرية الواقعة، أحسنتُ إليه بنيشاني المجيدي الهمايوني من الرتبة الأولى، وأصدرتُ له فرماني السلطاني المعلوم المؤْذن بالمكارم الملوكانية في أول صفر الخير سنة سبع وسبعين ومئتين وألف)).انتهى
فسُرَّ الأمير بهذا الإنعام السلطاني ورفع إلى حضرة الخليفة كتابًا يشكره فيه ويلخص له ما حدث، جاء فيه: (( ... ثمّ لمّا وقعت حادثة الشام وانتُهِكت محارم الله بلا احتشام،وتعيّنَ على كل فردٍ من العباد بذل المجهود في دفع ذلك الفساد، قمتُ بأداء ما قدرت عليه من هذه الفريضة العينية؛ والنيّةُ الصحيحة في ذلك تحصيلُ رضاء الله تعالى ثمّ طاعةُ الدولة العليّة ... )).انتهى [الرسالتان مثبتتان في (تحفة الزائر) لمحمد باشا 2/ 96ـ98]
وتوالت مكاتيب الشكر وقصائد التهنئة بالورود على الأمير من الدول والأدباء والشعراء والعلماء والأعيان اقتداءً بالدولة العثمانية.
ومنها رسالة من قائد الثورة في الداغستان والشيشان الشيخ (محمد شامل الداغستاني) رحمه الله؛ ونصّها:
(( .. إلى من اشتهر بين الخواص والعوام، وامتاز بالمحاسن الكثيرة عن جملة الأنام، الذي أطفأ نار الفتنة قبل الهيجان، واستأصل شجرة العدوان، رأسها كأنه رأس شيطان، المحبّ المخلص السيد عبد القادر المنصف؛ السلام عليكم وبعد: فقد قرع سمعي ما تمجّه الأسماع، وتنفر عنه الطباع، من أنه وقع هناك بين المسلمين والمُعاهَدِين ما لا ينبغي وقوعه من أهل الإسلام، وربما كان يُفضي إلى امتداد العناد بين العباد في تلك البلاد، ولذلك عند سماعه اقشعرّ منه جلدي، وعبست طلاقة وجهي، وقلتُ (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس)، وقد تعجبتُ كيف عميَ من أراد الخوض في تلك الفتنة من الولاة عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألا من ظلم مُعَاهَدًا أو انتقصه حقّه أو كلّفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة"وهو حديث حسن، ثمّ لما سمعتُ أنّك خفضت جناح الرحمة والشفقة لهم وضربت على يد من تعدّى حدود الله تعالى وأخذت قصب السبق في مضمار الثناء واستحقيت لذلك، رضيتُ عنك والله تعالى يرضيك يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون لأنك أحييت ما قال الرسول العظيم الذي أرسله الله رحمة للعالمين، ووضعتَ من يتجرّأ على سنّته بالمخالفة نعوذ بالله من تجاوز حدود الله، ولكوني ممتلأً بالرضى عنك كتبتُ إليك إعلاماً بذلك. والسلام. حرر سنة 1277هـ شامل الغريب)).انتهى
فأجابه الأمير برسالة جاء فيها: ((الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى سائر إخوانه من النّبيين والمرسلين، إنه من الفقير إلى مولاه الغني عبد القادر بن محيي الدين الحسني إلى الأخ في الله تعالى والمُحب من أجله الإمام شامل كان الله لنا ولكم في المقام والرحيل وسلام الله عليكم ورحمته وبعد، فإنه وصلني الأعز كتابكم وسرّني الألذ خطابكم، والذي بلغكم عنّا ورضيتم به منّا من حماية أهل الذمة والعهد، والذَّب عن أنفسهم وأعراضهم بقدر الطاقة والجهد،هو كما في كريم علمكم مقتضى أوامر الشريعة السّنية، والمروءة الإنسانية، فإنّ شريعتنا متممة لمكارم الأخلاق،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/262)
فهي مشتملة على جميع المحامد الموجبة لائتلاف اشتمال الأطواق على الأعناق. والبغيُ في كل الملل مذموم ومرتعه وخيم ومرتكبه ملوم ولكن:
يُقضى على المرء في أيام محنته **** حتى يرى حسنًا ما ليس بالحسنِ
فإنّا لله وإنا إليه راجعون على فقد أهل الدِّين وقلَّة الناصر للحق والمعين، حتى صار يظنُّ من لا علم له أنّ أصل دين الإسلام الغلظة والقسوة والبَلادة والجفوة، فصبرٌ جميل والله المستعان ..
حرر في أول جمادى الأولى 1277)).انتهى [انظر (تحفة الزائر) ص114ـ 115]
إن الناظر في كلام الأمير في جوابه للسلطان وللشيخ شامل يرى بوضوح أنّ الأمير يشرح سبب موقفه من أحداث 1860م بأنه الالتزامُ بأوامر الشريعة الإسلامية في دفع الفساد، والعدلُ مع أهل الذمة ونصرةُ خليفة المسلمين، وكلامه صحيح ولا يستطيع أحدٌ إنكاره، فالواجب على كل مسلم عاقل أن يعتمد هذا الكلام، فهو كلام ثابت صحيح صرّح به الأمير نفسه وهو موافق للشريعة. وأما ما سواه فهو كذب ومفترى وتأباه الشريعة!
ـ والآن ما هو موقف فرنسا وإنكلترا وباقي دول أوربا الصليبيّة؟ تلك الدول التي كانت بالأمس تصرخ وتنادي بالدفاع عن المسيحيين في بلاد الشام وحرّكت جيوشها وأساطيلها لهذا الغرض، وها هي ترتد خائبة لم تصنع شيئًا للمسيحيين وتركتهم دون إمدادهم بالقوة التي وعدتهم بها! بل رضيت بالتدابير العثمانية، التي كانت ترفضها من قبل!
وحقيقة الأمر أنّ الدولة العثمانية المسلمة هي التي حمت النصارى في الشام (سواء من رعاياها أو من الأجانب) وأنقذتهم من الفتنة، وكذلك فإنّ الأمير عبد القادر الجزائري الذي تعرفه الشعوب الأوربيّة بوصفه قاهرَ فرنسا وجيوشها الصليبيّة، والمدافع عن حمى الإسلام والمسلمين في الجزائر، والمتعصّب لدين الإسلام، هو الذي تولّى أمر إطفاء الفتنة وإنقاذ المسيحيين أفرادًا ورجال دين. عملاً بأحكام الشريعة الإسلاميّة! وقد كافأته الدولة العثمانية وشكرت صنيعه.
وفي الوقت نفسه هو الذي أحبط المخطط الأوربي، وخيّب مساعي الجيش الفرنسي، وفوّت الفرصة على الصليبيين لتقويض دعائم الخلافة الإسلاميّة. وهذا ولّدَ غيظًا شديدًا في صدور ملوك فرنسا وأوربا على الأمير، الذي ظنّوا أنهم قد استراحوا منه، وقضوا على حركته المقاومة لهم.
وبالمقابل فإنّ سكوت حكّام الدول الأوربيّة سيفضح أمرهم أمام نصارى الشرق ويكشف كذبهم وادّعاءهم الغيْرَة على أبناء دينهم، وسيُعرّي أغراضهم الدنيئة، ومطامعهم الجشعة، التي هم على استعداد لسفك دماء أبناء دينهم في سبيل تحقيقها!! فما العمل؟
لم يكن أمام ملوك وحكّام أوربا حلٌّ يخرجهم من ورطتهم إلاّ أن ينضموا إلى صفوف المباركين والمهنّئين والشاكرين والمادحين للأمير عبد القادر.
فبدأت كتب الشكر والنياشين والأوسمة والهدايا الاعتبارية، تتوالى على الأمير من الملوك والقياصرة. وسأثبتُ لكم نصوصها نقلاً من كتاب (تحفة الزائر ص99):
1 ـ {صورة المرسوم الممضي بخط يد قيصر الروس المرسَل صحبةَ النيشان}
((نحن اسكندر الثاني إمبراطور وافطركراطور جميع الروسيين .. إلى آخر الألقاب.
إلى الأمير عبد القادر، اقتضت رغبتنا أن نُشْهِرَ التفاتنا إليكم بشهامتكم وعملكم بما اقتضته الإنسانيّة، واجتهادكم في إنقاذ ألوف المسيحيين من أهالي دمشق، الذين وُجدوا في خطر عظيم.
اقتضى الحال أننا سمّيناكم من أعظم فرسان رتبتنا الإمبراطورية الملوكانية المشهورة بالنسر الأبيض، وهذه علامتها واصلة إليكم ونحن لم نزل باقين على المحبّة لنحوكم بالاعتبار الإمبراطوري الملوكي.
حُرر في بطرسبورج في يناير سنة ستين وثمانمئة)).انتهى
2ـ {صورة ما كتبه ملك اليونان}
((نحن "أوتون" بنعمة الله ملك اليونان قد أعطينا الأمير عبد القادر النيشان الكبير رتبة أولى من صنف نيشاننا الملوكي، المدعو بنيشان المخلص. المؤرخ يوليه سنة 1833 وأرسلناه إليه ليحمله ويستعمله بمقتضى أمرنا، وبناءً على ذلك أصدرنا له هذا المرسوم ممضيًا منا، ثمّ من وزير بلاطنا الملوكي والتعلقات الخارجية. حرر في أثينا بتاريخ سبتمبر 1860)).انتهى
3ـ {صورة المرسوم الممضي بخط ملك بروسيا صحبة النيشان}
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/263)
((نحن غليوم بنعمة الله تعالى ملك بروسيا .. إلى آخر الألقاب. قد منحنا الأمير عبد القادر بن محيي الدين نيشان صليب النسر الأحمر من الطبقة الأولى. وقد أعطينا إرادتنا هذه لأجل تملّكه الحقيقي لهذا الوسام، حاوية توقيعنا وإمضانا مع الختم الملوكي من بالسبيرج في 12/ 11/1861)).انتهى
4ـ {نص تحرير ملك إيطاليا}
((إنّ عظيم تصرّفكم في أمر المسيحيين في الحوادث الشاميّة قد أثبتت أمام أوربا أنّكم ممن حاز المزايا الحربية العظيمة، خصوصًا في الحادثة الدمشقية، التي أنقذتم فيها النفوس الكثيرة، فكان ذلك حلية لنفسكم الكريمة المصطفاة، ثم إنه يوجد بيني وبينك أيها الأمير العزيز، مواصلة أفرحُ بذكرها وهي محبّة الحريّة التي تجعل تابعيها محافظين على العدالة الحقيقيّة، وإذا كنتَ في أيّامك السابقة لم يمكنك الحصول على النجاح التام على حسب مرغوبك، فهذا لا يكون مانعًا لاكتسابك ـ بالنظر لشجاعتك القوية ـ الاحترام والاعتبار من جانب أهل الحرب المعاصرين لك، والذين يقاتلون في صالح استقلالية الشعوب. ونظرًا لشهادتي بهذا الاحترام المخصوص لشخصك الكريم، فأنا مرسل إليك الآن الشريطة الكبرى، نيشان موريس والعاذر، وهو أقدم نياشين الخيولية والفروسية، وهو يسلّم لك على يد اثنين من ضباطي، وهما الكاواليردي كاستيلونو، والكونت دي كاستيلونيه، القادمين إلى حضرتك لأجل هذا الأمر. وإني أوصي بهما شديد اعتنائك، وأرجو أن تصادفك السعادة فيما بين يديك أيها الأمير السعيد، نظير النّدا الذي يقطر من السماء ليعطي الإقبال إلى الأرض، والمأمول قبول هذا الدعاء مني لأجلك في المستقبل، كما أرجو أن تعتقد تمام محبّتي.
حرر في مدينة تورين بتاريخ سبتمبر سنة 1860
محبّك فيكتور عمانوئيل)).انتهى
5ـ {نص ما كتبه وزير خارجيّة فرنسا}
((أيها الأمير السامي، إنّ خبر الحوادث الشاميّة قد طرق مسامع الدولة الفرنساوية، وإجابة لطاعة مولاي الإمبراطور وإرادته، بادرتُ الآن بإعلان اعتباره السامي والتشكر الوافر من طرف جلالته على السعي الذي تكرّمتم به على الأهالي المسيحيين والراهبات والمبعوثين الفرنساويين وجمهور القناصل بتلك الواقعة المحزنة.
والمزية العظيمة في ذلك هي مشاهدة همتكم العليّة التي جعلتكم وقاية لحياة ألوف المساكين، وجعلت محلّكم ملاذًا لهم في وقتٍ كان الأشقياء الخارجون عن الطاعة يرتكبون القبائح المخالفة لأوامر الباري تعالى، ولما تقتضيه الإنسانية. أما الإمبراطور نظرًا لمعرفته بعليّ همتكم وكرم أخلاقكم، فإنه لم يتعجب مما أظهرتموه من الإقدام في ذلك الوقت الضنك، وهو الآن يشعر بداعٍ ذاتي يدعوه إلى أن يخبركم عن فرحه الشديد الذي أثّر فيه تأثيرًا قويًا بإجراء ما أجريتموه، وأنا أرجوكم قبول التهاني الشخصية مني التي أضيفت، أيها الأمير السامي، تأكيدات سمو اعتباري لحضرتكم في 31/ 8/1860)).انتهى
ثمّ حضرَ رئيس المترجمين في دائرة الوزراء الفرنساوية مبعوثًا من لدن الإمبراطور إلى حضرة الأمير وقدّم إليه نيشان "الليجون دونور" المرصّع من الرتبة الأولى، وبلّغه اعتبار الإمبراطور وسائر الفرنساوية لمقامه العظيم. انتهى ["الليجون دونور" تعني: وسام الشرف].
6ـ {نص تحرير قنصل دولة إنكلترا في دمشق}
((إلى عظمة الأمير السيد عبد القادر. المعروض لسعادتكم أنني قد أُمرت من الحكومة الإنكليزية الفخيمة أن أبيّن لكم حاسّيتها الفائقة، نظرًا لما أظهرتموه من حقوق الإنسانية بتخليص جماعة كبيرة من المسيحيين، الذين لولا ذلك لهلكوا بين أيدي أهل القَسَاوة في المذبحة الأخيرة بدمشق، وبسلوك عظمتكم عرفت الحكومة الإنكليزية مقامكم الرفيع للغاية، ثم أعرض أنّ هذا الشرف الذي صيّرني واسطة لتقديم حاسيات دولة إنكلترا الفخيمة إلى حضرتكم، أعتبره شرفًا عظيمًا لا مزيد عليه، وقد كنتُ شاهدت اجتهاد عظمتكم في تخليص عدّة أناس كانوا مضطهدين، حتى إنني حصلتُ بذلك على حاسيات التعجب. والآن لي الشرف بأن أكون مبلغًا لكم ما سطرته، وداعيًا لعظمتكم.
حرر في 24/ 8/1860 من قنصلاتو دولة إنكلترا في دمشق))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/264)
وبعد هذا بعثت الملكة بندقيةً هدية للأمير مكتوبًا على ظهر صندوقها: من حضرة جلالة ملكة المملكة المتحدة بريطانيا العظمى إلى صاحب السمو الأمير عبد القادر، تذكارًا للمساعدة الخيرية المبذولة للمسيحيين في دمشق سنة 1860.انتهى
إذن إنّ أوّل مَنْ منح الأمير تقديرًا ونيشانًا ووسامًا هو الخليفة والسلطان العثماني، وباسم الدولة العثمانية. فهذا يدل أنّ موقف الأمير من أحداث فتنة النصارى في الشام، كان في جانب الدولة العثمانية وخدمة مصالحها، ونصرة سلطانها، ولذلك استحقّ هذا التكريم.
وأما النياشين والأوسمة الأوربيّة فقد علمتم سببها ومناسبتها، والقضية كما رأيتم لا علاقة لها بالماسونية لا من قريب ولا من بعيد!! وإنما هي أوسمة منحتها الدول والحكومات، وليس جمعيات سريّة! والأمير لم يضعها إلاّ مرّة واحدة وأُخِذَت له صورة واحدة، ولم يكن سعيدًا بذلك؛ كما روى عنه أبناؤه؛ وكان الغرض من تلك الصورة أن تنشر في الصحف الأوربيّة فيرى الشعب الأوربي بنفسه تكريمَ ملوكه وحكَّامه للرجل الذي كانوا بالأمس يطعنون فيه ويظهرونه بصورة العربي المسلم المتعصِّب والحاقد على المسيحية، والهمجي المتعطش للدماء، وأن حربه مع الفرنسيين كانت فقط لأنهم مسيحيون لا لأنهم غزاة معتدون!! واليوم هم يعترفون بأنه داعية سِلم لا سفّاح، ولا يحقد على الديانة المسيحية وإنما يتعامل مع أصحابها المعاهَدِين (أهل الذمَّة) وفقًا لأحكام الإسلام، فلا يسمح بالاعتداء عليهم وتقتيل العُزَّل منهم، بخلاف المعتدين والغزاة. تقول الأميرة بديعة بنت مصطفى الحسني متحدِّثَةً عن قصة صورة الأمير بالأوسمة: (( ... وما من شيء يُحمل إلا لهدف، وهدف الأمير لم يكن للتزيّن أو التفاخر، لأنه كان يحمل وسامًا واحدًا يعتزّ به، وهو وسام الجهاد. والدليل على ذلك عدم ظهوره في أي مناسبة بهذه الأوسمة، وأنه لم يذهب بها إلى احتفالات افتتاح قناة السويس عام 1864م ولا غيرها. وكانت غايته من أخذ صورة بها هو تحذير جميع الأطراف من العودة إلى مثل تلك المغامرات الخطيرة. لقد أراد من إشهارها القول للمستعمرين إني جعلت خططكم هباءً منثورًا، وما أرسلتموه من تقدير لعملي هو ميثاق منكم بعدم العودة للتفريط في حقّ الإنسانية. وأراد القول للذين أسرفوا على أنفسهم: حذار أن تثقوا بالمستعمرين! فلقد غرّروا بكم ودفعوكم إلى عمل طائش طالما حذّرتكم منه. انظروا، لقد تبرّؤوا منكم وقدموا الأوسمة صاغرين لمن وقف ضد طموحاتهم. هذا ما كنت أسمعه منجدتي زينب عندما كانت تنظر إلى صورته هذه وتقول: كم كان أبي حزينًا عندما وضعنا له هذه الأوسمة لأخذ صورة فوتوغرافية له، وقد وُضعت مرة واحدة ولغاية واحدة كما أسلفت)).انتهى [انظر (أصحاب الميمنة إن شاء الله) ص224].
وقد يتساءل البعض فيقول إنه رأى هذه الأوسمة في عدّة صور مختلفة للأمير عبد القادر.
وفي الجواب أقول: ليس بين أيدينا للأمير عبد القادر الجزائري سوى أربع صور فوتوغرافية شخصية، واحدة منها فقط فيها تلك الأوسمة! أمّا الثلاث الأُخَر فيظهر فيها الأمير بزيّه المعروف (الجبّة والعِمامة) ونحن لا نشاهد هذه الصور الأربع في معظم وسائل الإعلام والنشر! في حين أن الصور الأخرى المنتشرة ـ وياللأسف ـ في الصحافة والإعلام العربي والغربي إنما هي صور مرسومة ومتخيّلة وفيها اختلاف كبير في شكل الأمير وهيئته!
والصور الفوتوغرافية الحقيقية للأمير أُخِذَت له في عدّة مناسبات أشهرها تلك التي كان حاضرًا فيها حفل افتتاح قناة السويس سنة (1869م)، والناظر إلى تلك الصورة يجد الأمير فيها بلباسه البسيط (الجبة والعمامة) ولا وجود لأي أوسمة أو نياشين (سواء التي حصل عليها سنة 1860م أو غيرها!)، مع أنّ الحفل يحضره ملوك وأباطرة العالم، وكانت العادة في ذلك العصر أنّ الشخصيات المرموقة إذا حضرت مثل تلك الاحتفالات تزيّنت بكل ما تملكه من أوسمة ونياشين!
ولو نظرنا إلى صورة بعض رجال الدولة العثمانية في ذلك الوقت لرأينا صدره وبطنه قد غُشّي بالأوسمة والنياشين والأشرطة، والمتصفح لكتب التراجم والأعلام المصوَّرَة يرى صور الوُلاة ورجال الدولة العثمانيين وكثيرًا من الوجهاء في تركيا ومصر والشام وقد غشّيت صدورهم بالأوسمة، وكانت عادة منتشرة!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/265)
في حين أن المعروف عن الأمير أنه لم يكن يضع تلك الأوسمة حتى في المناسبات الرسمية وكان مظهره دائمًا عاديًا وبسيطًا، كيف لا وهو الذي كلما ازدادت شهرته وتعظيم الناس له ازداد تواضعًا وتبسّطًا، هذا كان منهجه وطريقته كما وصفه المترجمون له. والأمير كان ذائع الصيت مُحْتَرَمًا عند الجميع ومآثره معروفة فلا حاجة له إلى إظهار الأوسمة أو ما شابهها ليلفت انتباه الآخرين. بخلاف غيره!!
والناظر إلى الصورة الفوتوغرافية الشخصية للأمير والتي فيها تلك الأوسمة، يجد أنّ الأوسمة الثلاثة التي وُضِعت أعلى الصدر إنما هي الأوسمة العثمانية!، وإلى أسْفَلَ منها يجد الأوسمة الأربعة الأخرى، وأمّا الشريط الأحمر الذي يتقلّده فهو وسام (الليجون دونور) الفرنسي.
والعجيب أنّ بعض الناس المروّجين لتهمة انتساب الأمير إلى الماسونية، إذا سُئِلوا عن دليلهم على ما يزعمون؟ أجابوا بأنّ الشريط الأحمر الذي على صدر الأمير هو شعار الماسونية!!
وهذه سقطة كبيرة منهم، وسببها أنهم يجهلون أوصاف ورتب الأوسمة الخاصة بكل دولة. كما يجهلون شعارات الماسونية. فليس في شعارات الماسونية هذا الشريط (الوسام)، في حين أنه وسام معروف ومشهور وهو وسام (الليجون دونور) الفرنسي، وهذا مثبت في المراجع المتخصصة في هذا الشأن.
ومن بين الأوسمة الأوربية يوجد وسام فيه صليب!
وأنا لا أدافع عن الأمير في وضعه لذلك الوسام الذي فيه صليب، ولكن بناءً على كل ما ذُكر، لا يجوز لأحد أن يزعم أنّ وضعه لذلك الوسام دليل على الماسونية أو العمالة فضلاً عن الردّة!! فالموضوع كلّه عبارة عن اجتهاد فيما يُسمّى بالتكتيك السياسي ربما يُخطئ فيه الرجل وربما يُصيب؛ فهو يضع وسامًا فيه صليب ولا يضع صليبًا مستقلاً وبين الحالين فرق واضح؛ فإذا أراد بعض الباحثين المتخصصين والمطّلعين أن يحكم في القضيّة فله أن يقول: أخطأ الرجل أو أصاب. وليس له أكثر من ذلك، ولا يجوز له أن يسرح بخياله إلى ما هو أبعد من ذلك.
ويبدو أن حقيقة هذه الأوسمة والنياشين غابت عن الأخ محمد مبارك، وكما رأيناه في البداية يزعم أنّ الفتنة بدأت بقتل داود باشا مع أنها في الحقيقة انتهت بتنصيب داود باشا حاكمًا على جبل لبنان!! راح يروّج الآن لفكرة جديدة وهي أنّ الفتنة انتهت بالتدخل الأجنبي في بلاد الشام، وبذلك يكون الأمير قد قدّم خدمة جليلة للتاج الفرنسي!!
إذن الأحداث دائمًا مقلوبة عند الأخ صاحب (فك الشفرة)!!
لقد زعم أنّ الفتنة انتهت بالتدخل الأجنبي مع أنّ جميع المراجع التاريخية ـ والواقع أيضًا ـ تُأكّد أنّ الفتنة انتهت بجلاء القوات الأجنبية مخذولة.
وجميع المراجع ـ بل والوقائع ـ تُبيّن أن الأمير قدّم خدمة جليلة للدولة العثمانية، في حين يصرّ صاحب (فك الشفرة) وغيره على جعل تلك الخدمة في صالح فرنسا!!
ومَنْ هذا الذي يمكنه أن يقبل بهذا الكلام؟! وعن أي خدمة للتاج الفرنسي يتحدث الكاتب؟
الأمير أحبط المخطط الفرنسي الأوربي، وأجبر بحنكته ودهائه الجيوش الفرنسية على الرحيل، وحافظ على التبعيّة لدولة الخلافة، وحاز على رضا الخليفة (أمير المؤمنين)، وأنقذ بلاد الشام من الاحتلال الصليبي (الذي عاد ليحتلّ بلاد الشام ولكن بعد ستين سنة!! من أحداث فتنة النصارى هذه، أي بعد 37 سنة من وفاة الأمير).
ثمّ إنّ الأمير لم يكن المتصرف الوحيد في هذه الأحداث، لقد كان لوزير الخارجيّة العثمانية فؤاد باشا الدور الأكبر في إنهاء تلك الفتنة، وذلك بتوجيهات من الخليفة، وإنما كان دور الأمير هو منع استفحال الفتنة وتدهور الأوضاع ريثما يصل فؤاد باشا، وكما رأينا فإنّ فؤاد باشا هو الذي ردَّ المظالم وهو الذي سجن المتورطين في الفتنة وهو الذي أعدم وقتل ونفى! وهو الذي تفاوض مع الأوربيين، وهو الذي عيّن الحاكم النصراني لجبل لبنان، طبعًا ذلك كلّه بتوجيهات من الخليفة.
وهذا الموضوع لا يحتاج لكثير توضيح، فالأمير ليس له أي صفة حكوميّة رسميّة، وليس له أي منصب عسكري أو قيادي، فلا يمكنه أن يفعل ما فعله الوزير فؤاد باشا، فليس للأمير أي صلاحيات تمكنه من ذلك. والذي دفعَ الخليفة العثماني لشكر الأمير ومكافأته على موقفه، هو أنّ الأمير قام بدورٍ أنقذ فيه الدولة العثمانية من ورطة كبيرة بدافعٍ من التديّن والإخلاص لدولة الخلافة،
وهو غير مؤاخذ إن وقف على الحياد ولزم بيته وانعزل عن الأحداث!
فإذا كان البعض يرى أنّ إنقاذ الرعايا المسيحيين العزّل والنّازلين تحت الحكم الإسلامي هو خدمة للتاج الفرنسي أو الإنكليزي، فعليه أن يقول إنّ الخليفة ووزيره قاما بهذه الخدمة وليس الأمير عبد القادر! وطبعًا فإن هذا الكلام ضربٌ من الجنون.
والسؤال الذي كان يجب على الأخ الكاتب أن يسأله لنفسه قبل أن يتهم الأمير؛ هو:ما الذي استفادته فرنسا من موقف الأمير من أحداث 1860م؟؟ وما الذي استفادته إنكلترا؟؟
لقد مرّ معنا آنفًا كيف أنّ النصارى اللبنانيين كانوا يقتلون النصارى في دمشق بأمر من فرنسا لتتخذ من ذلك ذريعة للاحتلال؛ ومرّ معنا في رسالة الشكر التي بعثتها الحكومة البريطانية للأمير ثناؤها على موقف الأمير الإنساني تجاه المسيحيين!! ونحن نعلم (وفقًا لجميع المصادر التاريخيّة التي مرّت معنا سابقًا) أن بريطانيا هي التي حرّضت الدروز على النصارى!! وهي التي أغرتهم بقتلهم!! واليوم هي تثني على الأمير وتمدحه لأنه حمى النصارى!!!
ثمّ يأتينا البعض ليقول لنا إنّ الأمير خدم التاج الفرنسي أو التاج البريطاني!
أتمنى أن أكون قد أوضحت أحداث جبل لبنان وفتنة النصارى التي وصلت إلى دمشق، ودور الأمير عبد القادر في إطفائها، وإحباطه للمشروع الأوربي القاضي بفصل بلاد الشام عن الدولة العثمانية تمهيداً لاحتلالها. وبذلك تسقط الشبهة التي أوردها صاحب (فك الشيفرة) حول الأمير كسائر الشبه السابقة. وفي الحلقة القادمة سأتابع مسألة الماسونية بتفاصيلها إن شاء الله.
والحمد لله رب العالمين
خلدون مكي الحسني
للبحث صِلة إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/266)
ـ[أبو الحسين الزواوي]ــــــــ[29 - 11 - 08, 04:52 م]ـ
وفقك الله وسدد خطاك أبا إدريس ..
ـ[أبو مصعب البكري]ــــــــ[02 - 12 - 08, 10:31 ص]ـ
للأخ البكري
الفاضل الأخ محمد المبارك
لم تغب عني مشاركتك التي قدمتها، ولكن
الرقع عليك أصبح للناظر مستحيلاً والخرق منك اتسع حتى ذهب بالأصل
والمسألة مسألة أعراض ودين
والأمير عبد القادر إمام في قومه
وأنت نحسبك والله حسيبك من أهل الرجوع للحق ....
وكلمة أستغفر الله على خطت يدي لا تقطع تسلسل كتابات الشيخ الحسني
هذا ما قصدته
بارك الله بكم
ـ[أبو عبد الرحمان نور المهدي الجزائري]ــــــــ[02 - 12 - 08, 04:21 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , أعجبني الموضوع فأحببت أن أشارك فيه , ولكن عندي ملاحظات قبل ذلك منها التحلي بالأدب عند النقاش والابتعاد عن الكلام الجارح , والنقل من المصادر الصحيحة , والتثبت في النقل.
ثم إني أقول , إني اسأل الله أن يكون الامير عبد القادر سلفيا حقا فوالله هذا مكسب عزيز لهذا البلد , وأهل السنة يجب أن يحبوا الخير للناس , بل إننا نتمنى أن يسلم الكافر أو يتبين أن بعضا ممن نعتقد أنهم ماتو على الكفر أنهم تابو ورجعوا إلى جادة الصواب قبل موتهم فنترحم عليهم ونستغفر لهم , ولكن بما أنني جزائري وأقمت بمدينة معسكر مدة لا باس بها وهي مسقط رأس الأمير , لم أشم حتى رائة انتساب الأمير للسنة ومنهج السلف , بل الشيوخ هناك يروون بأسانيدهم إلى الامير أنه كان صوفيا , ولا أدل على ذلك من كتب رأيتها كلها تدور حول علاقة الأمير بالصوفية مثل التصوف عند الأمير عبد القادر وأضراب ذلك فأنا هنا عندي ثلاثة أسئلة أريد الاجابة عنها:
1_ إن كان سلفيا حقا لم لم ينتشر ذلك عنه , ولم لا نجد له ذكرا في أعلام المنهج السلفي أو حتى ثناء أو تزكية لأحد العلماء السلفيين؟؟؟
2_ ثم لم هذا الاهتمام الكبير من قبل الصوفية به وهذه الكتب التي تطبع واللقاءات التي تعقد باسم الأمير والصوفية؟؟؟؟
3_ أرجوا الاجابة عن أسئلة الأخ محمد ابن أبي محمد حول الكلام الذي نقله عن الأمير فهي من الأهمية بمكان ولو ثبتت عنه أظن أنها الفيصل فلا يحكم عن عقيدة شخص أفضل من تصريح صاحبها.
والله أعلم , تقبلو احتراماتي , في انتظار ردكم , السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[04 - 12 - 08, 01:16 م]ـ
الفاضل الأخ محمد المبارك
لم تغب عني مشاركتك التي قدمتها، ولكن
الرقع عليك أصبح للناظر مستحيلاً والخرق منك اتسع حتى ذهب بالأصل
والمسألة مسألة أعراض ودين
والأمير عبد القادر إمام في قومه
وأنت نحسبك والله حسيبك من أهل الرجوع للحق ....
وكلمة أستغفر الله على خطت يدي لا تقطع تسلسل كتابات الشيخ الحسني
هذا ما قصدته
بارك الله بكم
الاخ العزيز ابو مصعب البكري
ما انت بأفرح مني بكسب شحصية في حجم الامير عبدالقادر في خضم الشخصيات السلفية المجاهدة.
بل بالعكس فأنا أؤيد كل ما طرحه الشيخ خلدون حفظه الله.
والمناقشات تأتي فيما بعد!!!!
بارك الله فيك
ـ[أبو مصعب البكري]ــــــــ[07 - 12 - 08, 10:33 ص]ـ
أكرم الله أخانا محمد المبارك
وهذا هو الظن بكم، وما كان استفهامي عن موقفكم إلا من باب (ليطمئن قلبي)
أما عن الأمير عبد القادر الجزائري فأظن أننا سنكسبه كواحد من رجالات الإسلام الذين يفتخر بهم سواء لنسبه الشريف أو لجهاده الطويل أو لمواقفه التي تدل على تمسكه بالإسلام.
ولا أظن أن بإمكاننا أن نصنفه كرجل من رجالات السلفية وفق تعريف السلفية اليوم، فالرجل صوفي كما أثبت ذلك الشيخ أبو إدريس وأكده في أكثر من موضع في حلقاته فيما أذكر، ولكن الأمير لم يكن بالصوفي الأخرق أو المنحرف أو الوجودي ...... وإنما كان صوفياً متديناً محباً لدينه مجاهداً في سبيله له من المكارم الكثير وعليه بعض المآخذ التي تغفر في أمثاله وأهل زمانه.
وأنا أنبه إلى مسألة مهمة لكل من أراد أن يترجم لرجال من تلك الحقبة أن يقيموا الرجال بموازين زمانهم وبين أقرانهم، فإننا نرى كثيراً من رجالات الإصلاح والدعوة السنية (كالشيخ رشيد رضا أو الشيخ أحمد شاكر مثلاً) قد كانوا في زمانهم وبين أقرانهم رؤوس الدعوة السلفية والرد إلى الكتاب والسنة، ولو بحثنا في آثارهم وبعض فتاويهم لوجدنا بعض الأشياء لو قال بها اليوم أحدٌ من الناس لصنف ضمن عتاة الصوفية ولأصبح عرضة للسب والشتم و ..........
وختاما أقول
أنا أشكر الأخ أبا إدريس الحسني فقد أتحفنا بتحقيقاته ونقوله العلمية من بواطن الكتب وفق فهم ودراية وتأصيل، وأثني على الأخ محمد المبارك الذي أسعدنا بخلقه السني الطيب الذي إن شاء الله يدور مع الحق حيثما دار به ولو على نفسه.
فبارك الله بكما.
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[15 - 12 - 08, 03:33 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أشكر الشيخ المفضال أبا مصعب البكري على مشاركته، وأنا أوافقك الرأي، والعجيب من بعض المشاركين أنهم فهموا من كلامي أنني أجعل من الأمير أحد رجالات السلفية!
وفي الحقيقة أرى أنّ السجال بين الأخوين البكري والمبارك، هو سجال أخوي فيه تناصح ومحبّة
فبارك الله فيهما. وأثني على موقف الأخ محمد مبارك.
والحلقة الرابعة عشرة قبل الأخيرة تأتيكم اليوم إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/267)
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[15 - 12 - 08, 10:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الرابعة عشرة
بيّنتُ في الحلقة الماضية كيف اتّخذ الأخ محمد مبارك صاحب (فك الشفرة) من أحداث 1860م التي بدأت في جبل لبنان ثم انتقلت إلى دمشق، حجّة لاتهام الأمير عبد القادر بالعمالة السافرة لفرنسا وبانتسابه إلى الجمعية الماسونية.
وبعد ذلك أكّد تهمة الماسونية بالاستشهاد بكتب وأقوال لبعض رجال الماسونية أمثال: أنطوان عاصي، وإسكندر شاهين، وشاهين مكاريوس، وجرجي زيدان!!
وقبل أن أبدأ بتبيين سقوط هذه التهمة، أرى من الضروري جدًّا (ومن باب الذِّكرى لجميع المؤمنين) التنبيه على مسألة خطيرة وهي مسألة الاستشهاد بكلام أشخاص صليبيين أو ماسونيين للطعن برجال مسلمين!!
قديمًا كان هذا الشيء لا وجود له عند أهل الإسلام على مختلف مشاربهم، فلا يُعقل أن يطعن مسلم في مسلم بناءً على شهادة يهودي حاقد أو صليبي مُغرض! وإنما العمدةُ في ذلك على شهادات الثقات من المسلمين! فصفة الإسلام وحدها لا تكفي بل لا بدّ معها من صفة الثقة.
والله تعالى علّمنا ذلك بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6] (وهذه الآية نزلت في أحد المسلمين!)
إذن إذا كان المُخبر لنا مسلمًا فاسقًا لا تُقبل روايته، فكيف بالفاسق من غير المسلمين؟!
وكيف بالفاسق الحاقد الماسوني؟!!!
ولمّا كان الأخ صاحب (فك الشفرة) يَعُدُّ المنتسب إلى الماسونية شخصًا عميلاً خائنًا، فهو إذن مُقرّ بأن رجال الماسونية أشخاص أشرار أعداء للإسلام وفيهم خصال السوء، فكيف رضي أن يستشهد بكلامهم ويعتمد عليه في الطعن برجال الإسلام؟!
وأنا إن شاء الله سأبيّن بكل وضوح ومع الأدلّة والبراهين الساطعة براءة الأمير من تهمة الانتساب إلى الماسونية ومن تهمة الرِّدة والانحياز للكافرين والعمالة لهم، التي يوجهها إليه بعضهم. ولكن قبل ذلك أنا مضطر لتفنيد (يعني إبطال) المراجع التي يعتمد عليها بعضهم وبيان عدم صحة ما فيها.
لقد بدأ الأخ صاحب (فك الشفرة) كلامه بقوله:"وهناك نص ماسوني موثق كتبه الدكتور انطوان عاصي رئيس معهد الطقوس في المحفل الأكبر اللبناني الموحد راداًّ فيه على بديعة الحسني حفيدة الأمير الجزائري ـ والتي أنكرت ماسونية الأمير ـ لإثبات ماسونية الجزائري ناقلاً فيه عن مصادر معروفة و موجودة".انتهى
أقول: هل أنطوان عاصي شخص موثوق به عند الكاتب ومصادره الماسونية معروفة وموثّقة؟!
ولكي أعطي القرّاء صورة سريعة عن هذا المرجع أقول: أنطوان العاصي هذا هو شخص لبناني مسيحي معاصر، وليس ممن عاصروا الأمير عبد القادر ولا أبناءه.
وكلامه وردَ في كتابٍ للبناني آخر هو إسكندر شاهين وعنوان الكتاب هو ((الماسونية ديانة أم بدعة)) طباعة بيروت 1999م.
والقارئ لهذا الكتاب يدرك بسرعة تفاهته! فمن العنوان يحاول الكاتب إظهار الماسونيّة على أنّها ديانة قديمة أو حالة روحية عند المتدينين، يَبْلغونها بعد قطع أشواط في الترقي الفكري والروحي! ويحاول جاهدًا أن يُفهم القرّاء أن الماسونية لا علاقة لها باليهودية، وأنّ توراة موسى سَرَقَت معالم التوراة الكنعانية وطمست وشوهت معالمها، فلذلك لا يمكن القول إن الماسونية بنت الصهيونية أو إسرائيل، فهي نقيضها تمامًا!! ... ولكن هناك ماسونية صهيونية، وهي التي خططت لمجازر الأرمن في تركيا إبّان الحرب العالمية الأولى. وأنه يجب التفريق بين ماسونية وأخرى وبخاصّة أن هناك [52] مذهبًا ماسونيًا يستحيل اتحادها لأن لكل مذهب نظرة فلسفية خاصّة!!!
وأنّ مؤسس الماسونية هو المهندس (حيرام آبي) باني هيكل سليمان، لا كما يزعم اليهود أن الملك سليمان هو مؤسس الماسونية!! (وهناك من يقول إن سيدنا نوح هو مؤسس الماسونية!) وأنّ سليمان هو الذي أمر بقتل حيرام قبل خروجه من القدس، وأن قبر حيرام في مدينة صور اللبنانية!! وأنّ الماسونية انطلقت من مدينة صور حيث ولِدَ أول مذهب ماسوني وهو المذهب الكنعاني!! (بحسب كلام أنطوان عاصي) وأن الماسونية يعود وجودها إلى 2000 سنة قبل المسيح، فالسنة الماسونية الحالية 5999. (بزعم القطب الأعظم ضاهر ديب؛ ويبدو أنه ضعيف في الحساب!)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/268)
؛ وأن محفل الشرق الأكبر اللبناني، الذي مركزه بيروت أعضاؤه مسلمون!!! وأنّ الماسونية اللبنانية تعُدُّ إسرائيل عدوًا طبيعيًا لها، وأن صراع الماسونية مع اليهود يعود في جذوره إلى اغتيال حيرام آبي على أيدي اليهود في زمن سليمان!! وأن الماسونية كانت على عداء شديد مع منظمة فرسان مالطا، وأنّ اليهود لم يكن يُسمح لهم الانتساب إلى الماسونية قبل القرن العشرين!!!
ثمّ يحاول جاهدًا أن يدلل على فضائل الماسونية ومزاياها بكلام لا يُقنع إلاّ الأغبياء. كل ذلك بلغة ركيكة مبتذلة لا يُفهم منها شيء بوضوح.
ثم يحاول أن يوهم أن الماسونية هي مسيحيّة، ثم يصفها بأنها العلمانية، ويختم تناقضاته بقوله "البابا يوحنا بولس الثاني (قبل الحالي) أَمَرَ بنشر نصّ صريح في مجلة أعمال الكرسي الرسولي في 1/ 3/1984م، يشكل الإعلان النهائي حول موضوع العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية والماسونية (العلمانية)، أكد فيه عدم التوافق بين مبادئ الماسونية وعقيدة الكنيسة".انتهى
وبعد ذلك عمد إلى التفرقة بين الماسونيين؛ فمنهم من هو وطني محب للعربية، ومنهم من هو مرتبط بالغرب وبالأطماع الاستعمارية!!!! زعموا.
كما حاول أن يجعل كل منجزات النهضة في سورية ولبنان من مدارس ومعاهد ومجلات وجمعيات إنما هي بفضل الماسونية، كما أن كل رجال الفكر والنهضة العربية الإسلامية هم من الماسون ومن أعلى الدرجات ... !
وقال عن محمد جميل بيهم! أنه كان رئيسًا للمحفل الماسوني (الاتحاد) ووصفه بأنه معارض بارز للانتداب الفرنسي!!!
وفي لبنان وحده يوجد اليوم ربع مليون ماسوني، بزعمه!
ثم أخذ الكاتب (إسكندر شاهين) يُسمي بعض المحافل فقال: ـ محفل مكة، محفل المدينة، محفل الملائكة، محفل أُميّة، محفل خالد بن الوليد، محفل عمر بن الخطاب، محفل الرياض، محفل العروة الوثقى، محفل محمد علي، محفل الملك حسين .. !!!
وأما أسماء رؤساء المحافل فهي محمد وأحمد ومحمود ومصطفى وحسن وحسين وإدريس .. وهكذا
وأما مواد التكريس (التثبيت) في بعض المحافل التي على طريقة (شراينر) فأُدخلت فيها بعض الآيات القرآنية!!!!
ولما تكلّم على انضمام الملك حسين إلى الماسونية قال: ((وما كاد نبأ انضمام جلالته إلى العشيرة الحرّة يصل إلى أبناء شعبه الوفي حتى زحفت الوفود إلى قصر بسمان مهنّئةً العاهل البطل!!)).انتهى
إذن الشعب الأردني كله مؤيّد للماسونية. فما رأيكم؟
ومن النصوص الشنيعة التي نقلها صاحب الكتاب (إسكندر شاهين) عن أقطاب الماسونية قولهم "وكان موسى يظن أن العالَم لا يشتمل على شيء سوى سيّارتنا هذه (لعله يقصد الأرض) وأنّ موسى قد غلط في زعمه هذا غلطًا فظيعًا".انتهى بهتانهم.
والمضحك أن إسكندر شاهين أورد صيغة القَسَم الماسوني وفيه يتعهدُ المنتسبُ إلى الماسونية ألا يكتب أو ينشر شيئًا عن الأسرار الماسونية. ونحن نقرأ من أول الكتاب إلى آخره أسرار الماسونية على لسان رؤسائها وأساتذتها وأقطابها ومُخرِّفيها!! (إلاّ إذا كان لديهم أسرار أخرى يخفونها عناوهذا يجعل كل ما جاء في الكتاب ساقطًا ولا قيمة له؛ فالحقيقة مخفيَّة ولا يجوز البوح بها وكل ما يُقال إنما هو أكاذيب وضلالات لا تنطلي على القارئ المتيقظ).
هذه هي العناوين العريضة للكتاب الأول الذي يحتج بما ورد فيه الأخ صاحب (فك الشفرة)!!
وفي الفصل الثاني من كتاب إسكندر شاهين تحت عنوان ـ الأمير عبد القادر الجزائري والماسونية في الشرق ـ يقول المؤلف: ((يختلف المؤرخون حول مسألة انتشار الماسونية في لبنان وسورية ففي حين يردها المؤرخ الماسوني جرجي زيدان إلى عام 1864م على يد الأمير عبد القادر الجزائري، تطالعنا المجلة الماسونية "الأكاسيا" عدد حزيران 1994م "بأن الماسونية انتشرت في سورية ولبنان سنة 1738م! وذلك بانضمام نخبة من رجالات دولتي المشرق سورية ولبنان إلى المحفل الأكبر الإقليمي العثماني ومقرّه الأستانة، وكان تابعًا للمحفل الأكبر الإنكليزي)).انتهى
وهكذا نرى كيف اختلف الدجاجلة، فهم يطوّرون كذبتهم وفقًا للأغراض المتوخّاة منها!
ثمّ أورد الكاتب مقالة للأميرة بديعة (حفظها الله) حفيدة الأمير عبد القادر تنفي فيها مسألة انتساب الأمير للماسونية وأثْبَتَتْ فيها وثائق وشهادات وتحقيقات علمية كلها تدعم ما تقول.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/269)
إلاّ أنّ الكاتب إسكندر شاهين لم يعلّق على شيء من ذلك واكتفى بإيراد رد أنطوان عاصي على مقال حفيدة الأمير.
والكاتب إسكندر كلما استغرق في التخليط والهلوسة، استشهد بكلام المدعو أنطوان عاصي. فكان "كضِغْثٍ على إبَّالَة".
والغريب أنّ الأخ صاحب (فك الشفرة) فيما يبدو اطلع على مقاطع من كلام أنطوان عاصي مجتزأة، لأنّه لو قرأ كلامه كاملاً لظهر له بوضوح كم هو مخلِّطٌ كبير، ومدى سقوط كلامه.
مثلاً: يقول أنطوان عاصي في ردِّه على حفيدة الأمير: "4ـ أُنشئ في نيويورك في 26/ 9/1872م نظام تحت اسم (النظام العربي القديم لأشراف المزار الصوفي). وأقيم على أساس (مزار صوفي إسلامي). أُسس هذا النظام سنة (656م)!. قبل تطوره أي بعد موت النبي محمد صلى الله عليه الصلاة والسلام (كذا) بأربع وعشرين سنة!!!
ويقول: فلنا أن نقول عن الماسونية: إنها يهودية، لأنها كذلك في بعض طقوسها ومراسمها ..
ولنا أن نقول: إنها مسيحيّة، لأنها تحث على السلم والوداعة والمحبة، وكل ما أتى به الدين المسيحي، من آيات التساهل واللين ...
ولنا أن نقول أيضًا: إنها محمّدية، لأنها في مجموع وصاياها وفلسفتها، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتشترط في الداخلين في سلكها كل فضيلة ومكرمة".انتهى
كل هذا الكلام قبل أن يبدأ بمسألة ماسونية الأمير.
ثم تابع العاصي كلامه بوصفِ نفسه أنه من الماسونيين العريقين! لا من المتطفّلين!!
إذن فهناك ماسون عريقون وآخرين متطفّلون! يا سلام على هذه الفائدة!
ثمّ راح يستدل على عراقة الماسونية، بتطابق نصوصها مع نصوص التوراة اليهودية التي هي أهم سند للماسون! ثم راح ينفي عن الماسونية تأثّرها باليهودية وأنّ الخطر اليهودي قد انحسر عنها!!! في تخبّطٍ وهلوسة منقطعة النظير وبِلُغةٍ لا تكاد تَفهم منها شيئًا. فضمن أسطر قليلة تجده يثبت الشيء وينفيه وينتسب إلى شيء ويتبرّأ منه وهكذا ... وبعد ذلك راح يبيّن أنّ الماسونية استلهمت أفكارها ومبادئها من الصوفيّة الإسلامية، طبعًا هذه بحد ذاتها طامّة من طوامّه وفِرْيَةٌ من مفترياته؛ ولكنه حتى يزيد الأمر وضوحًا برأيه، أخذ يعدد رموز التصوف الذين استلهمت منهم الماسونية فقال:"ما استلهمته الماسونية من الصوفية الإسلامية من ابن خلدون، وعمر بن الفارض، وأبو العلاء المعري".انتهى
فزاد هذا التوضيح منه الطين بِلَّةً، فما دَخْلُ ابن خلدون وأبي العلاء المعرّي بالتصوف؟! وابن خلدون أوّل ما بدأ مقدّمته هاجم فيها الصوفيّة!
وجميعنا يعلم أنّ أساس المبادىء الماسونية هو القضاء على الإسلام وغيره من الأديان وإبقاء الدين اليهودي حاكمًا للعالم، فكيف تكون الأفكار الماسونية مستمدّة من التصوف الإسلامي ومن كلام مؤرخ الإسلام ابن خلدون أو أبي العلاء المعرّي؟
ونسي العاصي ما كتبه قبل أسطر من أنّ الماسونية مستمدّة بالكليّة من التوراة اليهوديّة!
ثمّ بعد ذلك راح يتحدث عن أحداث 1860م فزعم أنّ تلك الفتنة كان وراءها الإنكليز بالتعاون مع وريث العهد المصري (يعني محمد علي) والدولة العثمانية نفسها، وذلك لإخضاع سورية للحكم العثماني!! فأرسلت فرنسا وبروسيا وإنكلترا (انتبه)! وإيطاليا والنمسا جيوشها البالغ عددهم (12.000) جندي بقيادة الجنرال بوفور الفرنسي لحماية الدروز والموارنة من المجازر التي ارتكبها بحقهم (الطورانيون الأتراك) بقيادة فؤاد باشا!!!
ثمّ قال العاصي: إنّ المجازر كانت بين الدروز والموارنة، وبين الدروز وبقيّة الفِرَق الإسلاميّة. فالدروز هم من أشعلوا الفتنة.
ثم قال: وكلّف نابليون الثالث الأمير عبد القادر بالتصدي للجيش الطوراني التركي للحفاظ على الأقليّات في الشرق!! ونجح الأمير في حماية النصارى فقلّده نابليون وسام الشرف. انتهى
أرأيتم إلى هذا التزوير السافر للتاريخ!!
لقد مرّ معنا في الحلقة السابقة تفصيل أحداث 1860م والعنوان العريض لها هو أنّ فرنسا حرّضت الموارنة على الدروز، وإنكلترا دعمت الدروز، ثمّ سيطرت الدولة العثمانية عن طريق وزيرها فؤاد باشا على مجريات الأمور، بعد أن قام الأمير عبد القادر بتهدئة الأوضاع.
والذي كان يُباشر القتل إنما هم الدروز والموارنة في لبنان، وأما في دمشق فأشقياء البلد مع الدروز، ولم يتدخل في أحداث القتل أي جندي تركي!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/270)
أمّا أنطوان هذا فتارة يقول إنّ إنكلترا هي التي كانت وراء الأحداث وهي التي حرّضت الدروز على قتل الموارنة، وتارة يقول إنّ العثمانيين هم الذين أشعلوا الفتنة وقتّلوا الدروز والموارنة، وتارة يقول إنّ الدورز كانوا يقتّلون الموارنة وباقي الفرق الإسلاميّة، وتارة يقول إنّ الإنكليز تحالفوا مع العثمانيين ومحمد علي على فرنسا، وتارة يقول إنّ فرنسا وإنكلترا أرسلتا جيشًا للتصدي للعثمانيين.
ومحمد علي؛ الذي هو حليف لفرنسا وخارجٌ على السلطان، صار عند أنطوان عاصي حليفًا لإنكلترا وللسلطان، والغرض من الفتنة كما نعلم جميعًا هو فصل سورية عن الدولة العثمانية، ولكنه صار عند العاصي أنطوان لإخضاع سورية للحكم العثماني!!! وكأنّ سورية ليست تحت الحكم العثماني!! والله هذا كلام يسبب الغثيان، لم أرَ في حياتي كتابًا كهذا! فأنطوان هذا يُناقض نفسه في كل سطر فلا تكاد تصل إلى نهاية السطر حتى تجد أن الكلام صار خلاف أوّله!
فانظروا كيف يكون التزوير والتحريف وقلب الحقائق.
ويُتابع أنطوان عاصي فيقول: ((إنّ الأمير عبد القادر كان المناضل الأكثر شراسة على فرنسا في الجزائر، وهذا سبَّبَ له عداء نابليون الثاني الذي قام بسجن الأمير في فرنسا، ولكن بعد إطلاق سراحه كلّفه نابليون الثالث بمهمة إنقاذ المسيحيين في دمشق، ثم بعد ذلك أشاد الماسون بإنسانية الأمير وعرضوا عليه الانضمام إلى جمعيّتهم، ولكن هذا الانضمام تأخر لوجود خلافات بين الأمير وبين الماريشال الفرنسي الذي هو الأستاذ الأعظم للمحفل الماسوني، وبعد سنوات انضم الأمير للجمعية الماسونية)).انتهى
أرأيتم إلى هذا الهذيان! فتارة يزعم أنّ الأمير دخل في الماسونية وهو في السجن في فرنسا وبناء على ذلك كان يتلقى التكاليف من نابليون وأوّل تكليف له كان حماية النصارى في أحداث 1860م، وتارة يزعم أنّ الماسون عرضوا على الأمير الانضمام إليهم بعد أحداث 1860م وأنّه كان على خلاف مع الماريشال الفرنسي فلم ينضم إلاّ بعد خمس سنوات، وأنّه كان يُخفي نفسه وبقي في الظل.
لقد روّج الماسونيون مسألةَ كون الأمير ماسونيًا بِناءً على حمايته للنصارى في دمشق وأنّ ذلك كان بتكليف ماسوني. ثم هم يقولون إنّهم لم يعرضوا عليه الانتساب إلاّ بعد أحداث 1860م، وأنه قبلها لم يكن ماسونيًا. وهكذا كذبهم مفضوح دائمًا!
ولم يأت أنطوان بأي دليل يُثبت انتساب الأمير للماسونية وكذلك إسكندر شاهين في كل كتابه، مع أنّهم يروّجون للماسونية على أنها أمرٌ حسن والمنتسبون إليها هم من الكُمَّل (زعموا). والمحاولة البائسة والوحيدة التي قام بها إسكندر هذا لإيهام القرّاء بأنه يملك وثائق تثبت صحة ما افتراه على الأمير: هي أنّه عَرَضَ في نهاية الكتاب ـ ضمن الصور التي عرضها للشخصيات اللبنانية الماسونية المعاصرة ـ لوحة زيتية مشهورة للأمير عبد القادر وهو يثير حماس جنوده قبل إحدى معاركه مع فرنسا، ولكن بعد أن زوّر إسكندر مناسبتها فكتب تحتها (رسم يمثل الأمير عبد القادر على أبواب دمشق)! ومهما يكن الأمر فأي دليل في هذه اللوحة على صحّة ما يدّعيه؟!!
ووصف ـ في نهاية كلامه الغثّ ـ الماسونية ((بأنها حالة هيولية ما وراء العقل ثم ترتقي إلى الوحي أي "النيرفانا الهندية" وهي المرحلة الأخيرة قبل وصول قمّة التركيز التي هي "اليوغا")).انتهى؛ ورضي الكاتب صاحب (فك الشفرة) بهذا الكلام!!
إذن هذا هو الكتاب الذي عدَّه الأخ كاتب (فك الشفرة) من المصادر الموثوقة التي تثبت ـ برأيه ـ دون أدنى شك إدعاءاته على الأمير.
والجميع أصبح يرى مدى تهافت الكتاب ومؤلّفه ومدى سقوطه وسخافته، ومقدار الكذب المفضوح الذي حواه وانبنى عليه.
والذي يُفهم من كلام أنطوان عاصي وأمثاله أنّ الإمبراطور نابليون الثالث كان ماسونيًا، وأن ماريشالات الجيش الفرنسي كانوا من الماسون، وأن الإنكليز ماسون، وأن حماية الأمير للنصارى في أحداث 1860م كان بتكليف من الماسون، وكل هؤلاء نصارى والخدمة كانت للنصارى، إذن فالنصارى هم الماسون وليس اليهود أليس كذلك؟!
على كل حال سآتي على تفصيل هذا الموضوع وبيانه؛ إن شاء الله؛ عند معالجتي لحقيقة الماسونية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/271)
ونعود الآن إلى الأخ كاتب (فك الشفرة)، فبعد فراغه من نقل كلام أنطوان عاصي، انتقل إلى مرجع ماسوني آخر وهو المدعو شاهين مكاريوس، ولكن على عادته يبدأ بمقدمة تساعده على عرض ما يريد فقال:" بعد أحداث سنة 1860 في جبل لبنان صارت دمشق عاصمة ولاية سورية في الدولة العثمانية". انتهى
يا سبحان الله! وماذا كانت قبل ذلك؟ عاصمة فرنسا!!!
ثمّ زعم أنّ الوالي العثماني الذي استلمها كان ماسونيًا، لأنّ دولة الخلافة العثمانية بزعمه كانت لا تعيّن إلاّ الماسون!! ثم بدأ الوالي العثماني بنشر الماسونية في دمشق بسرعة وجرأة وبعدها طلب من الأمير أن يتولى هو نشر الماسونية ودعمها، ولكي يثبت هذا الادعاء استشهد بكتاب شاهين مكاريوس.
لقد زعم مكاريوس ـ الماسوني الكبير ـ كما نقل كاتب (فك الشفرة) "أن الأمير التحق بالماسونية فأحبها وأحب أهلها، ومال إليها وإليهم كثيراً، وكان لا يخفي نفسه، وطالما جاهر بأنه من أعضائها".انتهى
ورضي الأخ صاحب (فك الشفرة) بهذا الكلام أيضًا!
ولكن من هو شاهين مكاريوس؟ ((إنّه من مواليد (1269 - 1328 هـ = 1853 - 1910م): من مؤسسي جريدة (المقطّم) بمصر، وأحد أصحاب (المقتطف) ومنشئ جريدة (اللطائف) ولد في قرية "إبل السقي" من (مرج عيون - بلبنان) ونشأ في بيروت يتيمًا فقيرًا، قُتِلَ أبوه في حادثة سنة 1860م، وحملته أمه إلى بيروت حيث كانت تعوله من عملها في خدمة الدكتور فانديك، فتعلَّم فن الطباعة، وتولى إدارة مجلة المقتطف ببيروت سنة (1876م) ورحل إلى مصر مع زميليه يعقوب صرّوف وفارس نمر.
وخدم الماسونية بكتبه: (الجوهر المصون في مشاهير الماسون - ط) و (الحقائق الأصلية في تاريخ الماسونية العملية - ط) و (الدر المكنون في غرائب الماسون - ط) و (الآداب الماسونية - ط).)).انتهى [انظر الأعلام للزركلي. (ط) تعني مطبوع]
إذن الرجل ماسوني، فَقَدَ والده بعدما قتله الدروز في لبنان في أحداث 1860م، واضطرّت أمّه إلى العمل خادمةً لتتمكن من إعالته، فنشأ يتيمًا فقيرًا ناقمًا، وانخرط في الماسونيّة، واستفرغ وسعه في الكتابة عنها والترويج لها.
قال عنه حسين حمادة: ((مؤسس محفل (اللطائف) وهو حائز على النيشان الماسوني العالي، وكاتب السر الأعظم للمحفل الأكبر الوطني المصري)).انتهى [شهادات ماسونية ص96] وكل كتبه الخاصة بالماسونية وضعها وطبعها بعد وفاة الأمير بسنوات!
ويروي شاهين مكاريوس في كتابه "الأسرار الخفية في الجمعية الماسونية" المطبوع في مصر سنة 1900م، أنّ نبيَّ الله ((سليمان بن داود ملك إسرائيل كان أوّل معلّم أعظم في الفرانماسونية واسم أمّه (بتشايع)، وأنه لم يكن له من أمه سوى أخ واحد اسمه أبشالوم، وأنّ (حيرام آبي) أستاذ الماسونيين الذين يقيمون له مأتمًا عند دخول الطالبين، وأنّه ابن أرملة من السوريين من سبط (نفتالي) كان أبو صوريًّا يعمل في النحاس، وأنه كان متعرّفًا بالأخوية الديونيسية، وأنه الناشر لأسرار تلك الأخوية)).انتهى [ص97 من كتاب حسين حمادة]
وفي كتابه "فضائل الماسونيّة" المطبوع بمصر سنة 1899م يخبرنا عن إحدى فضائل الماسونية فيقول في الصفحة 53 ((نجا أحد الماسون المدعو جورج كاروتر، إذ وقع في أيدي اللصوص فأرادو قتله لولا أنه أبدى الإشارة الماسونية، ففهم معناها زعيم اللصوص المدعو بيل أندرسن، فترجّل عن جواده، وصافحه مصافحة الإخوان، مما دعا جورج كاروتر ليشكر الماسونية بسبب خلاصه من الموت)) وعلّق الكاتب حسين حمادة على كلام مكاريوس فقال: على أنّ الروائي شاهين مكاريوس نسي أن يهنئ الماسونية على إدخال اللصوص في محافلها، وإلاّ فكيف لهم أن يفهموا إشارات الماسون إن لم يكونوا منهم؟)).انتهى [شهادات ماسونية لحمادة ص97]
هذا ما تيسر لي من كتابات هذا الشخص. فتأمّل!
ولمّا كان الفضل ـ في إنقاذ المسيحيين من مذبحة 1860م ـ لعلماء المسلمين وكبرائهم أمثال الأمير عبد القادر ومفتي الشام الشيخ الحمزاوي والعطار والمنيني .. وغيرهم، ثَقُلَ على أمثال ابن مكاريوس (الذي فقد أباه في تلك المذبحة) أن يشهدوا بالفضل لأصحابه لأنّهم من المسلمين!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/272)
وغيرُ المسلمين لا يُطيقون أن يُنسَبَ الفضل والخير إلى المسلمين، فما كان منهم إلاّ أن ألصقوا صفة الماسونية بكل من ساهم في إنقاذ وحماية المواطنين المسيحيين في بلاد الشام! ونحنُ لا نجد في كل ما كتبه الكتّاب المسيحيون عن مذبحة 1860م الغربيون منهم أو الشرقيون؛ أيّ إشارة إلى فضل الشريعة الإسلامية التي طبّقها كبار رجال الإسلام في صيانة أعراض النصارى وحقن دمائهم، وإنما أثنوا على أولئك الرجال وألحقوهم بالماسونية زورًا وبهتانًا!!
ـ ثم انتقل الأخ كاتب (فك الشيفرة) إلى الاستشهاد بكلام جرجي زيدان (وما أدراك ما جرجي زيدان)
لقد زعم جرجي:"أن الماسونية دخلت إلى الشام بمساعي الأمير وأنه أول من أسس المحافل الماسونية".انتهى، ورضي الأخ الكاتب بهذا الكلام أيضًا!
وانظروا إلى هذا التخبّط: فمرّة يقولون إنّ الماسونية كانت في بلاد الشام قبل الأمير وأن الولاة العثمانيين هم الذين أدخلوها، ومرة يقولون إنّ الماسون أسسوا محافلهم في الشام وسعى الأمير للانضمام إليها، ومرة يقولون إنّ الأمير هو الذي أدخل الماسونية إلى الشام، ومرّة يقولون إن الأمير في البداية كان يُخفي نفسه، ومرّة يقولون إن الأمير كان منذ البداية يُجاهر بنفسه، و ...
وبعد ذلك يرى الأخ صاحب (فك الشفرة) أنّ هذه المصادر الماسونية هي مصادر موثوقٌ بها وعلمية وصالحة للاحتجاج على عمالة وردّة الأمير عبد القادر!! الذي شَهِدَ له المؤرِّخون والعلماء المسلمون أمثال مفتي المالكية العلاّمة محمد عليش وولده الشيخ الأزهري عبد الرحمن عليش، والعلاّمة عبد الرزاق البيطار وحفيده الشيخ محمد بهجة البيطار، والعلاّمة جمال الدين القاسمي، ومفتي الحنابلة الشيخ محمد جميل الشطي، وآخرون كُثر، شهدوا له بالفضل والدِّيانة والغَيْرة على دين الإسلام، وأشادوا بحرصه على إقامة أحكام الشريعة وحدودها، وسعيه الحثيث لنشر علوم الدين، حتى إنه إلى آخر أيّام حياته كان يُقْرِئُ صحيح البخاري ويُجيزُ به الطلبة والمشايخ، وكذلك موطأ مالك وغيره، فضلاً عن سنده في القرآن الذي أخذه عنه جمعٌ من المشايخ والطلاّب، وشهدوا له بمواظبته على حضور صلاة الجماعة في المساجد حتى وفاته، إلى غير ذلك من الخصال التي تدلّ على تمسّك الرجل بدينه وحرصه على اتباع سنّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وأحب أن أنبّه الإخوة القرّاء جميعًا إلى أمر هام وهو أن المدعو جرجي زيدان في كتابه الذي ادّعى فيه أنّ الأمير عبد القادر كان ماسونيًا، ادّعى أيضًا أن خلفاء المسلمين من الأمويين والعباسيين هم أول من أدخل الماسونية إلى المدينة والشام وبغداد، وادّعى أن الخليفة الوليد بن عبد الملك استعان بالماسون لبناء المسجد النبوي والمسجد الأموي بدمشق والمسجد الأقصى!!!
وأنّ الكثير من علماء المسلمين وفقهائهم وأمرائهم انتسبوا إلى الماسونية في حينها!!!
وزعم أنّ القائد صلاح الدين الأيوبي كان ماسونيًا!
ليس هذا فحسب فقد قال:"إنّ الله أسسَ أوّل محفل ماسوني في جنّة عدن وأن ميخائيل رئيس الملائكة كان أوّل أستاذ أعظم"!!
وكتاب (تاريخ الماسونية العام) لجرجي زيدان [مطبعة الهلال بمصر الطبعة الثانية (1920م)] ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=946717#_ftn1)) في المجمل يشبه قصّة روائية خيالية كاتبها سكران! فهو يدّعي أنّ الماسونية قديمة قدمَ الإنسان ومع ذلك تعجّب من نبيّ الله عيسى ابن مريم فقال: ((ولا نعلم ما الدّاعي لإغفال السيد المسيح ذِكرَها مطلقًا، مع أنه تكلّم كثيرًا عن طائفتي الصديقيين والفريسيين المعاصرتين لها)).انتهى [تاريخ الماسونية ص19]، وزعمَ أن الماسون هم عمّالُ بناء، وأنهم كانوا أقوى وسيلة لنشر الديانة المسيحية [انظر ص42]، وأنّ كبار ملوك وحكام أوربا كانوا من الماسون!، وكان الماسون يحظون برعاية بابا روما ورجال الدين المسيحي [انظر ص60]، وأنهم المسؤولون عن بناء جميع المعابد والمساجد، وهم الذين بَنَوا مدينة بغداد وقرطبة وإشبيلية (قصر الحمراء)؛ وفجأة تحوّلوا من عمال بناء إلى دعاة ينشرون العلم والفضيلة!
ثمّ سردَ الوقائع والمنشورات التي تبيّن العداء الشديد الذي تضمره الكنيسة ورجالها تجاه الماسون، وأنهم كانوا يعدّون الماسونية مناقضة لعبادة الله وللديانة المسيحية، بل وللديانة على وجه العموم! (هذا أحد التناقضات الشديدة التي مُلِئ الكتاب بها) [انظر ص126]؛ وأنه لم يكن فيهم أي إسرائيلي، وإنما بدأ قبول الأعضاء الإسرائيليين في الماسونية سنة 1840م!! [انظر ص136].
وهو في كتابه يعترف أن الماسونية جمعية سريّة، ولكنه يعلل ذلك بأنه شأن جميع الحركات الإصلاحية، والأديان، ويضرب على ذلك مثلاً المسيح ابن مريم عليه السلام في أوّل أمره. ولكن غاب عن جرجي أنّ تكتُّم وسِرِّية جمعيته الماسونية استمر على الأقل من 2000 سنة قبل الميلاد إلى ما بعد 2000 سنة من الميلاد وإلى يومنا هذا!!
[1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=946717#_ftnref1) ـ وكذلك في طبعة دار الجيل 1984م (بيروت).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/273)
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[15 - 12 - 08, 10:16 م]ـ
وسأعرض بعض أقواله وافتراءاته الشنيعة بحرفيتها:
يقول المدعو جرجي زيدان في كتابه (تاريخ الماسونية العام) مطبعة الهلال بمصر الطبعة الثانية (1920م) ص50 تحت عنوان ـ الماسون في عهد الخلفاء ـ: ((أمّا فئات الماسون الذين جاؤوا المشرق وكان منهم جماعة في القسطنطينية فإنهم اكتسبوا شهرة عظيمة وكان يدعوهم الملوك من أنحاء فارس وبلاد العرب وسورية لبناء المعاقل والمعابد. من ذلك أنّ الخليفة الوليد بن عبد الملك استعملهم سنة (88) للهجرة في بناء المساجد في المدينة ودمشق وأورشليم وقد ذكر مؤرخو العرب ما يشير إلى شيء من ذلك!!)).انتهى [(تاريخ الماسونية العام) لجرجي زيدان ص50 ـ 51]
ثم عرضَ نصًا من تاريخ ابن خلدون فيه ذِكْرُ كتابةِ الوليد بن عبد الملك لأميره على المدينة عمر بن عبد العزيز يأمره بهدم الحجرات وبناء المسجد النبوي، وأن عُمر شرع في العمل بعد وصول الأموال والفََعَلَة (الذين يدَّعي جرجي أنهم ماسونيون!)
ويتابع جرجي فيقول: ((وما زالت جمعيات الإخوة البنائين الأحرار تتسع نطاقًا في "اسكوتلاندا" و"غاليا" حتى نهاية الجيل السابع وبداية الثامن إلى أيام الفتوحات الإسلامية سنة (718م) فانحطّت وضعفت شوكتها. حتى إذا جاءت أيام الخلفاء العباسيين وبُنِيَت بغداد فازدهرت تلك العاصمة وصارت إليها الصناعة برمّتها، ولا سيما صناعة البناء وكأنّ الماسونية انتقلت في ذلك القرن من أوربا إلى آسيا على أثر التمدن الإسلامي، وأصبحت جماعات البنائين على جانب من الكثرة والصولة في سورية والعراق وبلاد العرب. فانتظم في سلكها كثيرٌ من العلماء والفقهاء والأمراء. ويُستَدل على شيء من ذلك مما ورد في كتب التاريخ عن كيفية بناء مدينة بغداد)).انتهى [(تاريخ الماسونية) لجرجي ص51]
ثم عرض نصًّا من تاريخ ابن الأثير فيه ذِكْرُ كتابة الخليفة المنصور إلى الشام والجبل وغيرها يطلب الصُنَّاع. ثم ذكر حضور الحجاج بن أرطاة وأبي حنيفة! (وكأنه يعرّض بهما بعدما زعم انتساب العلماء والفقهاء إلى الماسونية في ذلك الوقت، كما عرّض بعمر بن عبد العزيز في النص السابق)
ثمّ زعم جورجي في حاشية الصفحة 53: أنه كان يوجد في بغداد أيام بنائها جمعية سريّة تشبه في مبادئها الجمعية الماسونية وبينهما علاقات وارتباطات واسمها (الروزكريسيان) وأن من أعضائها: الفارابي، والفضل بن سهل الفلكي، وخالد بن برمك، والمورياني وغيرهم. انتهى [(تاريخ الماسونية) لجرجي حاشية ص53]
والمطلعون على التاريخ والرجال، يدركون تمامًا لماذا اختار جرجي تلك الأسماء لتمرير فريته الشنيعة!
ويقول جرجي تحت عنوان ـ ريكاردوس قلب الأسد وصلاح الدين الأيوبيـ: (( .. ويستلمح من الحادثة المشهورة التي حصلت بين هذا البطل! والسلطان صلاح الدين الأيوبي أثناء الحروب الصليبية في سورية أن هذا الأخير كان على شيء من الماسونية لأن المعاملة التي عاملها السلطان صلاح الدين لريكاردوس، مع كونه من أعداء وطنه ودينه، لا يمكن أن تحدث إلا عن ارتباط داخلي أشدُّ متانةً من رابطة الوطنية ألا وهي رابطة الأخوية الماسونية، والله أعلم)).انتهى [(تاريخ الماسونية) لجرجي ص60]
ويقول جرجي: ((وفي سنة (1380م) تم بناء حصن الحمراء وقصرها في غرناطة ويعد هذا البناء من أجمل مباني الأندلس (إسبانيا) إلى ذلك العهد، فإن ذلك القصر فريد في بدائعه وقد بني على نمط روماني كان متَّبعًا في القرن الثالث بعد الميلاد.أما بعد ذلك فلم يكن معروفًا عنه شيء، والظاهر أن هذا البناء وغيره من مثله في غرناطة قد بنتها جمعية ماسونية حافظت على ذلك النمط، وكانت في إسبانيا ثم فُقِدت أوراقها فلم يصل إلينا منها ما ينبئنا عن خبرها)).انتهى [تاريخ الماسونية ص65]
فإذا كانت الأوراق مفقودة ولم يصل من أخبار تلك الجمعية شيء فمن أين لهذا الكذّاب هذه المعلومات؟!
ويقول جرجي تحت عنوان ـ الماسونية في سورية ـ: (( ... إن الماسونية العملية انتشرت في أنحاء سورية في أوائل التاريخ المسيحي وأوائل الهجرة، وقد بنى البناؤون الأحرار (الماسون) بنايات عديدة لا تزال آثارها إلى الآن من الكنائس والجوامع والقلاع والأسوار .. )) ....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/274)
ثم قال: ((ويظهر من مراجعة ما تقدّم أن الماسونيين في سورية لم يكونوا مضطهدين في أيّام الدولة الإسلامية كما كانوا في أيّام الدولة الرومانية قبلها، لأنك رأيت كيف كانوا يستدعونهم من أماكن شتى ويعهدون إليهم بناء المعابد والمدن والمعاقل. وقد انضم إليها كثيرون من أفاضلهم وعلمائهم)).انتهى [تاريخ الماسونية ص152]
إذن يريد جرجي أن يقنعنا بأنّ الماسون كانوا مضطهدين أيام الرومان، في حين أنهم لم يكونوا كذلك أيّام الدولة الإسلامية الأولى التي كانت ترعاهم وتتعامل معهم! فأرجو أن يتنبّه لهذا الأخ كاتب "فك الشفرة".
ويقول جرجي: ((أمّا شأن الماسونية عمومًا في تركيا فشأنها في سائر البلاد؛ هذا من قبيل العامّة واعتقاداتهم، أمّا من قبيل الدولة فلم تصادف مقاومة رسميّة مطلقًا. وإن تكن من الجهة الثانية لم تصادف تنشيطًا كبيرًا، على أنّ مولانا أمير المؤمنين قد كان في ريبة من أمرها ولكنّه علِمَ مؤخّرًا صحّةَ مباديها وإخلاصها لجلالته ولسائر الأمّة والوطن وقد تشّرفتْ برضائه عنها)).انتهى [تاريخ الماسونية ص161].
أقول: إنّ جرجي زيدان مات سنة 1914م وكان قد فرغ من تأليف تاريخ الماسونية قبل ذلك بسنوات، إذن فأمير المؤمنين الذي يتحدث عنه هو السلطان العثماني الخليفة عبد الحميد الثاني، على الأغلب (المتوفى سنة 1336هـ = 1919م، وانتهت خلافته سنة 1328هـ = 1911م)، وجرجي يدّعي أنه كان راضيًا عن الماسونية وأن الماسونية كانت مخلصة لجلالته ولسائر الأمّة! فما رأي الأخ محمد مبارك بهذا؟
ـ طبعًا هذه النقول اشتملت على مغالطات تاريخية كثيرة غير مسألة الماسونية!
أرأيتم إلى هذه المصادر التي يعتمد عليها البعض ويثق بما فيها؟!
أرأيتم إلى هذا البلاء! خلفاء المسلمين هم أوّل من أدخل الماسونية إلى بلاد المسلمين!!
فإذا كان الأخ كاتب (فك الشفرة) يرى كلام جرجي زيدان كلامًا يُوثَق به فهذا يعني أنه يقول بقوله في اتهام الخلفاء بالاستعانة بالماسون، وبانضمام علماء التابعين وتابعيهم إلى الماسونية، وكذلك يقرّه على اتهامه صلاح الدين بالماسونية (ولا أظنه يقول بذلك أبدًا) ولكن ما معنى أن يقبل كلامه في الأمير فقط!
إما أن يقبل الكل أو يرفض الكل فالمصدر واحد والاتهام واحد وانعدام البيّنة واحد.
وأمّا فيما يخص الأمير عبد القادر، فإنّ جرجي زيدان تعرّض لذكره في آخر كتابه تحت عنوان ـ الماسونية في دمشق ـ وهي فقرة تتألف من خمسة أسطر فقط!! بدأها بقوله: ((دخلت الماسونية الرمزية إلى دمشق بمساعي الطيب الذكر المغفور له الأمير عبد القادر الجزائري. وأوّل محفل تأسس فيها هو محفل سورية بشرق دمشق تحت (شرق إيطاليا الأعظم) ولا يوجد في دمشق غير هذا المحفل وقد ترأّسَ عليه كثيرون من أعيان البلاد وأمرائها. وقد لاقى اضطهادًا قليلاً إلاّ أنه تغلّبَ على كل الصعوبات فثبتَ بمساعي الإخوة وتنشيطهم)).انتهى [تاريخ الماسونية ص156]،
ثمّ تحدث بعد ذلك عن الماسونية في فلسطين ثم في تركيا إلى أن قرَّر تشرف الماسونية برضا السلطان عبد الحميد!! [ص161].
أقول: إذن الماسوني جرجي زيدان يزعم أنّ الأمير هو الذي أسس محفل "سورية" وأنه لا وجود لمحفل آخر في دمشق! وأنه لاقى اضطهادًا قليلاً! في حين أنّ الماسوني أنطوان عاصي يزعم أنّالأمير بعد عودته من باريس إلى سورية سنة 1865م أصبح عضوًا فخريًا في محفل "سورية" الذي كان ينتمي إلى الشرق الدمشقي. وهذا يعني أنّ المحفل كان موجودًا قبل الأمير!! ولكن يخالفهما الرأي صاحب (فك الشفرة) فهو يقول:تعاون راشد باشا مع الأمير عبد القادر بعد رجوعه من مصر بهذا الخصوص فأسَّسا محفل "سورية" أو الجمعية الماسونية، وكانت هذه الجمعية تتستر تحت اسم: (لجنة الإصلاح)!!! وصاحب (فك الشفرة) يعتمد في نقوله على جرجي وعاصي وأضرابهما!!. ومرَّ معنا قبل ذلك قول جرجي أن السلطان العثماني كان راضيًا عن الماسونية، وصاحب (فك الشفرة) يقول إن مخلص باشا والي دمشق كان ماسونيًا وينشر الماسونية بجرأة وأنه كلّف الأمير بنشر الماسونية!! ونقل عن مكاريوس أن مفتي دمشق ونقيب الأشراف فيها وشيخ الأموي ومحدّث الشام وكبار العلماء في دمشق كانوا من الأعضاء في ذلك المحفل!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/275)
إذن من الذي كان يضطهد الأمير ومحفل "سورية" إذا كان الوالي والسلطان مؤيّدان، وشيوخ البلد والمُفْتُون فيها وأشرافها من الماسون؟!
فما هذا التناقض في الأقوال؟
ثم تحدث جرجي عن الماسونية في مصر إلى أن قال: ((وفي سنة 1845م [يعني عندما كان الأمير يجاهد الغزاة الفرنسيين في الجزائر!] تأسس في الإسكندرية تحت رعاية الشرق الأعظم الفرنساوي محفل اسمه "الأهرام" انضمَّ إليه كثيرون من الإخوة الماسونيينمن جميع الطوائف والنزعات وكثُرَ أعضاؤه وكان يشتغل بعلم الحكومة المحليّة لا يخشى اضطهادًا ولا يبالي بما يقوله القائلون على غير هدى. ولهذا المحفل بالحقيقة الفضل الأعظم في بثّ التعاليم الماسونية في القطر المصري والتحق به قسمٌ عظيم من رجال البلاد من وطنيين وأجانب وفي جملتهم البرنس حليم باشا ابن ساكن الجنان محمد علي باشا والأمير عبد القادر الجزائريالمشهور بالفضل والحلم وعزَّة النفس التي هي الصفات الماسونية الحقة!! وقد تمثلت في شخص هذا الرجل. ولا نزيد القارئ علمًا بما أتاه هذا الأمير في بلاده من البسالة وعلو الهمّة والحزم في حربه مع الفرنساويين في الغرب، وما أبداه من كرم الأخلاق والشهامة أثناء حادثة الشام المشهورة، فإنّه حمى في كنفه ألوفًا من المسيحيين الذين لولاه لهدرت دماؤهم والناس إذ ذاك فوضى لا سراة لهم)).انتهى [تاريخ الماسونية ص166]
ثم قال: ((ومن الرجال الذين شرَّفوا هذه العشيرة بحمايتهم، ورعوها بعين رعايتهم؛ سمو الخديوي إسماعيل باشا الأفخم!)).انتهى [تاريخ الماسونية ص171].
أقول: عندما وجد جرجي زيدان نفسه أمام مشكلة كبيرة وهي الفارق الكبير بين صفات رجال الماسون الذين يتحدث عنهم سواء في أوربة أو في الشرق (من أمثاله وأمثال مكاريوس) وبين صفات الأمير عبد القادر السامية والمخالفة تمامًا لصفاتهم الوضيعة، لم يجد بُدًّا من سرد صفات الأمير الحميدة التي لا يجهلها أحدٌ في ذلك الوقت، ثمّ علّق عليها قائلاً إنها هي صفات الماسونية الحقة!!!
والأمر الذي يستحق الوقوف عنده هو ادّعاء جرجي أن الذين التحقوا بمحفل الأهرام كانوا أصلاً من الماسون، ثمّ عطف عليه فقال والتحق بهم البرنس حليم باشا والأمير!! وكان ذكرَ قبل ذلك في الصفحة 158من تاريخ الماسونية، أنّ ((في الأستانة مجلس عالٍ تركي وهو المجمع الوحيد الوطني أسسه الأخ الكلي الاحترام البرنس حليم باشا وهو رئيسه طول حياته)).انتهى! وهذا يُفهم منه أنّ حليم باشا لمّا التحق بمحفل الأهرام كان ماسونيًا، وكذلك لمّا علّق على أعمال الأمير يُفهم من كلامه أنّ الأمير لمّا التحق بهذا المحفل كان ماسونيًا أيضًا! حيث جعل موقفه من أحداث 1860م من أثر الانضمام للماسونية، وكذلك فعل أنطوان عاصي حيث صرّح بأنّ الأمير كُلِّفَ رسميًا بإنقاذ المسيحيين من قِبَل الماسون!! فالذي يُفهم من هذا الكلام أنّ الأمير انتسب للماسونية قبل 1860م وهذا مخالف لما زعموه سابقًا من أنّ الأمير انتسب للماسونية سنة 1865م!!! ليس هذا فحسب فقد مرَّ معنا في البداية أنهم زعموا أنّ الأمير انضم للماسونية وهو في السجن في أمبواز، وفي هذا المقطع يوحي الكلام للبعض أن انتسابه كان سنة 1845م أي أثناء جهاده في الجزائر! ويؤيّده ما قاله عبد الحميد صمادي في مقالٍ له بعنوان ـ نظرات في الماسونيّة ـ وهو منشور على الإنترنت. قال: ((وفي عام 1845م تمّ تأسيس محفل آخر في الإسكندرية باسم (محفل الأهرام) رُخّص له من الدولة أيضًا، وبهذا المحفل التحق الأمير عبد القادر الجزائري بطل الثورة الجزائريّة المشهور بعد نفيه من السلطات الفرنسيّة إلى دمشق، ثمّ انتقاله إلى القاهرة!! وقبوله ضيافة (حليم باشا بن محمد علي باشا) الذي سبقه إلى الماسونيّة، حيث قام حليم باشا بتقديم الأمير إلى المحفل الأعظم في الإسكندرية، وجرى استثناؤه، ومنحه لقب أستاذ أعظم ـ البعض يعتبر أنّ الأمير كان ماسونيًّا قبل ذلك!! ـ.
و الأمير عبد القادر هو الذي أدخل الماسونيّة إلى الشام ..... ويؤكّد ذلك ما ورد في دائرة المعارف الماسونيّة: بأنّ المغفور له الأمير عبد القادر الجزائري الكبير أسّس أوّل محفل في دمشق، و سمّاه محفل سورية، وكان تابعًا للشرق الأعظم الإيطالي و ذلك سنة 1864م)).انتهى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/276)
طبعًا في كلام الصمادي أشياء عجيبة تفرّد بها وهي قوله أنّ الأمير انتقل من دمشق إلى مصر ونزل بضيافة حليم باشا، وهذا غير صحيح ومخالف لكل مَنْ كتب في سيرة الأمير بل ومعارض لمجريات الأحداث، على كل حال المهم في هذا النقل أنّه يؤكد مسألة ادّعاء الماسون انتساب الأمير للماسونية قبل 1864، وهذا يظهر بوضوح مدى تناقضهم وكذبهم. والمعلوم أنّ البرنس حليم باشا مات في أواخر سنة 1862م، إذن فمن غير المعقول أن يكون التقى بالأمير عبد القادر واستضافه، ((والأمير لم يقدم إلى مصر إلاّ في 5/ 1/1863م، والثابت أنّ الذي استقبل الأمير هو الخديوي سعيد باشا)). [انظر تحفة الزائر 2/ 121].
هذا كل ما استطاع جرجي زيدان أن يروّج له في كتابه بخصوص الأمير، وطبعًا كل ذلك دون أدنى بيّنة أو دليل، وإنما مجرّد افتراءات ضمن سلسلة تناقضات وتخبطات؟!
والعجيب حقًا كيف يرضى البعض الاستشهاد بكلام جرجي؟!
ومحلّ التعجب ليس محصورًا في سقوط وتفاهة كتاب جرجي، وإنما في شخص الكاتب نفسه. فإنّ المدعو جرجي زيدان هو أحد أركان الكذب والدجل في القرن الماضي، وهذا الصليبي الحاقد قد سخَّرَ حياته كلها لتشويه الإسلام والطعن فيه وفي رجاله، بدءًا من رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، مرورًا بأصحابه وذريّته وأئمة المسلمين وانتهاءً بالأمير عبد القادر!! وقد أُلِّف الكثير من الكتب لفضح هذا اللّعين وكشف زوره وبهتانه، أذكر منها كتاب (نبش الهذيان من تاريخ جرجي زيدان) لفضيلة الشيخ أمين حسن الحلواني المدني المتوفى سنة (1316هـ = 1898م) وفيه بيان بالتزييف العجيب الذي قام به زيدان في نقله لأخبار التاريخ الإسلامي وأقوال رجاله، وكتاب (انتقاد تاريخ التمدن الإسلامي لزيدان) تأليف العلاّمة شبلي النعماني، وهو من رجال الإصلاح الإسلامي في الهند، المتوفى سنة (1332هـ = 1914م)، وحكم على جرجي بعد مناقشة أقواله والعودة إلى مصادره بأنه جريء على الكذب، عظيم التدليس. وكتاب (جرجي زيدان في الميزان) لشوقي أبو خليل الصادر سنة 1980م.
وأرى من الضروري إعطاء الإخوة القرّاء لمحة إلى حياة هذا الشخص وآثاره الشنيعة، وذلك لخطورة أمره فهو لا يكتب إلاّ في التاريخ الإسلامي والأدب العربي، وقد يقع بعض الناشئة في شِباك أكاذيبه، وخاصة بعد أن يجدوا في منتديات إسلامية مقالات لمسلمين تستدل بأقول ذلك المأفون!
وسأنقل لكم ما لخّصه الأستاذ الفاضل الدكتور مازن بن عبد القادر المبارك الجزائري في مقاله (جرجي زيدان وتاريخ الإسلام) (مجلة "المنتدى" العدد 99).
((أما جرجي زيدان فهو نصراني من لبنان ولد عام 1861م. اتصل فكريًا بجمعيّة الشبّان المسيحيين التي انتسب إليها. هاجر إلى مصر وعمل في جريدة "الزمان"، وهي الصحيفة التي سمح لها الإنكليز بالصدور بعد أن عطّلوا صحافة مصر الحرة. قيل إنه عمل في الاستخبارات البريطانية، ورافق الحملة الإنكليزية إلى السودان. زار إنكلترا ثم عاد إلى مصر وعمل في مجلة "المقتطف" ولم يلبث أن أصبح صاحب مطبعة الهلال وأصدر مجلة الهلال، ومات سنة 1914م.
وكان اهتمامه فيما ألّف أو ترجم متصلاً بالتاريخ وتاريخ الإسلام، وتاريخ الأدب العربي، واللغة العربية، وهي من الموضوعات التي أثارت وما زالت تثير اهتمام الكثيرين!
ووضع جرجي عددًا من الكتب التاريخية منها تاريخ التمدن الإسلامي، وتاريخ مصر، وتاريخ إنكلترا، وتاريخ الماسونية .. وغيرها، كما أخرج سلسلة من الروايات بعنوان "روايات تاريخ الإسلام".
وعُرِفَ عنه أنه كان يُترجم بعض ما في كتب الفرنسيين ويُضيف ما ترجمه إلى كتبه دون إشارة تدل على الترجمة ليُوهم أنه من تأليفه، اتّهمه بذلك صراحة الأب اليسوعي لويس شيخو، وذكر الدكتور أبو خليل أمثلةً تَدُلُّ على ذلك وتُثْبِتُه))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/277)
((وذَكَرَ الدكتور عمر الدسوقي أن جرجي زيدان رافق الحملة النيلية إلى السودان سنة 1884م مترجماً بقلم المخابرات))، ((وسُئِلَ الدكتور أحمد الشرباصي عن روايات جرجي زيدان فأجاب:"إن هذه الروايات لا تليق بالمسلم قراءتها، لأنها وُضِعَت لتشويه التاريخ الإسلامي وتحريف حوادثه وقلب أموره رأسًا على عقب والنَّيْل من جماله وجلاله. وكأنما كانت هذه الروايات نتيجة لخطة أريد بها مسخ التاريخ الإسلامي في أنظار أهليه ..... ونجد في هذه الروايات أنّ صاحبها يدُسُّ في كل واحدة منها راهبًا من الرهبان يصوره بصورة البطولة، يدافع عن الحريّات أو يدعو إلى المكرُمات، فإن لم يختلق راهبًا اختلق ديرًا يصوّره على أنه معقل الجنود المسلمين الهاربين، وحصن المجاهدين المطَاردين .. ! "))
((قال الدكتور شوقي أبو خليل:"أبرز ما في حياة جرجي أنه أولاً: صَنَعَت شخصيّته المدارس التبشيرية في لبنان. ثانيًا: رجل استخبارات بريطانية" وقال: إنه "أظهر شعوبيةً وحقدًا على العرب، فلقد حقَّر جرجي ـ في ذهنه فقط ـ أمتنا وأظهر مساوئها، بل ما ترك سيئة إلاّ وعزاها لأمتنا، وابتزّ منها كل مكرُمة، لقد جعل جرجي العربَ غرضًا لسهامه .. يرميهم بكل نقيصة وعيب وشر"
وقال:"روايات جرجي زيدان تعمَّدَ فيها التخريب والكذب لأجل تحقير العرب عن سوء قصد لا عن جهل .. تعمّدَ التحريف وتعمّدَ الدسّ والتشويه، وتعمّدَ فساد الاستنباط مع الطعن المدروس! .. لعمالته الأجنبيّة وتعصّبه الديني الذي جعله ينظر إلى تاريخنا العربي الإسلامي وآداب اللغة العربية بعين السخط والحقد")).انتهى
ومن شدّة حقد جرجي زيدان على الإسلام والمسلمين أنه لم يترك أحدًا من أعلامهم إلاّ وتناوله بالتشهير والتشويه والطعن، فبدأ برسول الإسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ بالصحابة والخلفاء والفاتحين ..
لقد نذر حياته الخسيسة لتشويه الإسلام ورجاله، وذلك حتى يصرف غير المسلمين عن التفكير بالإسلام والدخول فيه، وليزرع البغضاء في قلوبهم تجاه المسلمين، وما أظنّه كان يحلم أن يأتي يوم تصبح فيه كتبه وكلماته مرجعًا لبعض المسلمين!!
وإليكم بعض أقواله الساقطة؛
· ((قال عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إن سطوته انتشرت في جزيرة العرب، ويسمى أتباعه المسلمين .... وهو لم يدع قافلة تمر بالمدينة إلاّ غزاها وفرّق أسلابها وأموالها بين رجاله"!!
· ووصف الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بأنه "تشغله فتاة تورّدت وجنتاها وذبلت عيناها، وتكسّرت أهدابها، واسترسل شعرها الأسود على ظهرها وصدرها"!!
· ومحمد بن أبي بكر ومروان بن الحكم يتنافسان على حب فتاة مسيحية.
· والصحابي ابن الحواري عبد الله بن الزبير "ملحد"!!!
· وسُكينة بنت الحسين "أمرت أشعب، وكان مضحكاً لها،أن يقعد على بيض حتى يفقس، وقعد أيامًا ثم فقس البيض وملأت فراريجه الدار، فسمتها بنات أشعب"!!
· وأما السيدة نائلة زوجة عثمان رضي الله عنهما، فيصفها جرجي قبّحه الله وصفًا أخجل أن أنقله [انظر عذراء قريش ص32]
· وعبد الرحمن الغافقي "له خباء من النساء، وفي خبائه عشرات من النساء، وهو هائم بحب إحدى الفتيات، وله قهرمانة تشرف على خباء نسائه .. وهي ذات نفوذ تولي وتعزل من تشاء"!!
· ويقول عن الخليفة المعتصم:"إنه أنشأ كعبة في سامرا ليحوّل المسلمين عن كعبة مكّة ويذهب بما بقي للعرب من مصادر الرزق حتى يميت عرب الحجاز لأنهم يرتزقون من الحُجّاج، فأنشأ كعبة في سامرّا ليغني المسلمين عن الحجاز، ولكنه ليس أول من فعل ذلك من الخلفاء أو الأمراء، فقد حاول ذلك الحَجَّاج والمنصور ولم يُفلحا"!!
يتابع الدكتور مازن المبارك قائلاً: وكأني بجرجي .. يظن أن الحج إلى الكعبة صادر بمرسوم أو أمر من الخليفة! وأن الخليفة يستطيع أن يبني كعبةً حيث يشاء، وأن يأمر المسلمين بالحج إليها، وأن المسلمين يطيعون فيستغنون عن كعبة بيت الله الحرام في مكّة!!
والجدير بالذكر أن التاريخ يقول عن الخليفة المنصور الذي يتهمه جرجي بمحاولة بناء الكعبة أنه مات محرماً في طريقه إلى الحج على بعد أميال من مكّة.
وما لنا نعدد الأسماء؟ ولم لا ننظر إلى ما قاله عن العرب والمسلمين كافّة؟
· يقول جرجي "لم يبق أحدٌ يحاربنا إلاّ ثلاثة: العرب والمغاربة والأتراك؛ والعربيّ بمنزلة الكلب (هكذا!) اطرح له كسرة واضرب رأسه، والمغاربة أكلة راس، والأتراك ما هي إلاّ ساعة حتى تنفد سهامهم، ثم تجول الخيول عليهم فتأتي على آخرهم، ويعود الدين إلى ما لم يزل عليه أيام العجم" [انظر (عروس فرغانة) ص168]
· وفي مجال الصراع بين العرب وخصومهم يقول "إن السِّخال لا تقوى على النطاح، والبغال لا صبر لها على لقاء الأُسْد"!!
· ويقول:"إنّ ما عند كسرى من ذهب وحجارة كريمة ذهبَ كلّه غنيمة للمسلمين، وهم يومئذ أهل بادية، حفاة عراة، لا يفرّقون بين الكافور والملح، ولا بين الجوهر والحصى .. فاقتسموا الآنية، وقطّعوا الأبسطة، ومزّقوا الستائر. وكان نصرهم من آيات تغلب البداوة على الحضارة"!!)).انتهى
هذا غيضٌ من فيض نتن من آثار جرجي زيدان ذلك الكذاب الأشر والحاقد والمزوّر القذر.
وهو المرجع الذي يعتمد عليه المتهجّمون على الأمير!
ومرّ معنا آنفًا كيف اتّهم الكذّاب جرجي القائد صلاح الدين بالماسونية، ومن قبله الخليفة الوليد بن عبد الملك! بل وعلماء المسلمين وفقهاءهم.
فالذي يفتري كل هذا الكذب والبهتان هل يصعب عليه أن يفتري على الأمير عبد القادر ويتهمه بالماسونية؟!
ثمّ إذا كانت الماسونية دخلت إلى سورية من أيام الوليد وصلاح الدين فلماذا يقول جرجي إن الأمير هو أول من أدخلها إلى سورية؟! الجواب: لأنّه كذّاب أشر في كلّ ما قاله وادَّعاه.
والعجيب من الأخ صاحب (فك الشفرة) أنّه لم يطلب من كل هؤلاء الكذّابين الحاقدين الصليبيين أي برهان أو بيّنة!!
والحديث عن تفاصيل قصّة ادعاء الماسونية انضمام الأمير إليهم سيأتيكم إن شاء الله
في الحلقة القادمة.
وإنا لله وإنا إليه راجعون
خلدون مكّي الحسني
للبحث صِلة إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/278)
ـ[أبو مصعب البكري]ــــــــ[18 - 12 - 08, 03:33 م]ـ
بارك الله بهذا الجهد الطيب يا شيخنا الحسني
سرني توسعكم في البحث وإلقاء الضوء على حال الشيخصيات الصليبية الخبيثة ... مكاريوس وجرجي زيدان واسكندر ...... التي وبكل أسف مازال بعض المسلمين ينقلون عنهم ويعتبرون نقلهم وروايتهم للأحداث التاريخية وهم أشر الناس وأكثرهم حقداً على الإسلام والمسلمين
بانتظار بقية البحث لو أنك عجلت به
جزاك الله خيراً
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[18 - 12 - 08, 04:16 م]ـ
بارك الله فيكم شيخنا ...
ـ[الجيرودي]ــــــــ[03 - 01 - 09, 06:11 ص]ـ
بارك الله بالشيخ خلدون على رده الممنهج والموثق. و أود أن ألفت نظر الأخوة أن الدكتور خلدون بدفاعه عن الأمير عبد القادر إنما يذود عن رمز جهادي حاول الغرب وأ تباعه التشويش على تاريخه الجهادي الحافل ... كما حاول مع غيره من رموز الأمة بغرض مسح النماذج العملية للمقاومة والجهاد من ذاكرة الجيل الحاضر.إذ أنها أهم شاحذ للعزيمة في النفوس. ولكن نحمد الله أنه يهيئ لنا في كل عصر نفرا من أبناء الأمة يذودون عن رموزها.
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[10 - 01 - 09, 02:11 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أشكر فضيلة الشيخ أبا مصعب البكري على تعليقاته الطيبة،
وبارك الله فيكم أخي أبا عبد البر المالكي
وجزاكم الله خيرا أخي الجيرودي
وكنتُ أرجأت نشر الحلقة الأخيرة بسبب الحرب العالمية الهمجية على المسلمين في غزّة،
أسأل الله تعالى أن يفرّج عن إخواننا في غزّة ويدفع عنهم عدوّهم، ويثبت أقدام المجاهدين ويُفرغ عليهم صبرا،
وأن يمدّهم بملائكة من عنده، وأن يسدد رميهم.
وأسأله تعالى وهو المنتقم الجبّار أن ينزل عذابه على جيش اليهود ويلقي في قلوبهم الرعب ويجعلهم يقتلون أنفسهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، ويردهم خزايا وخاسرين. آمين آمين آمين
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[10 - 01 - 09, 10:42 ص]ـ
بقي أن نسمع الرأي المقابل حتى تكتمل الصورة
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[11 - 01 - 09, 09:06 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[جلال الجزائري]ــــــــ[14 - 01 - 09, 10:51 ص]ـ
بارك الله فيكم شيخنا خلدون الحسني و ذب الله عن عرضك كما ذببتم عن عرض الأمير و عرض الجزائر من وراءه ...
"ذرية بعضها من بعض".
شيخنا محمد الأمين وفقه الله أليس "فك الشفرة" هو البادئ و رد الشيخ الحسني هو الرأي المقابل له؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[14 - 01 - 09, 11:19 ص]ـ
الأمر كذلك ... لكن لو صح رد الشيخ الحسني فهذه مشكلة، أعني كيف وقع صاحب فك الشفرة بكل هذه الأخطاء؟ هل سيتراجع عنها؟ هل ما زال يعتقد أنها صواب؟ هذا ما أدرت معرفته.
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[28 - 01 - 09, 06:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الخامسة عشرة
إنّ الذين اتّهموا الأمير عبد القادر الجزائري بالماسونية، لم يكن لديهم أي مستند صحيح! وإنما هي مجرّدُ تخرُّصات منشؤها إساءة الظن في فهم بعض الأحداث أو المواقف! ولقد مرَّ معنا سابقًا كيف استند بعضهم إلى حادثة 1860م ـ ومساهمة الأمير مع باقي أعيان دمشق في حماية المواطنين النصارى في دمشق من التقتيل ـ في جعلها دليلاً على ماسونية الأمير، وقد بينتُ سقوط هذا التخرّص وبطلانه.
وكذلك استند بعضهم إلى الأوسمة والنياشين التي مُنحت للأمير، وقد بيّنتُ قصّتها وبطلان هذا الافتراء. والبعض الآخر استند إلى كلام بعض الشخصيات الماسونية الحاقدةِ على الإسلام ورجاله، والمخرِّبَةِ لتاريخهم، أمثال المدعو جرجي زيدان، ومكاريوس! وقد بيّنتُ في الحلقة السابقة بطلان هذا المستند أيضًا.
وفي الفيلم المُغرض الذي تعرضه قناة "العربية" (1) من حين لآخر ـ وهو الذي اقتبس منه الأخ صاحب "فك الشيفرة" فيما يبدو بعض فقرات مقاله ـ وجَّه المُخَطِّطُ للفيلم سؤالاً إلى أستاذ فرنسي يُدعى "برونو إيتيان" وهو عضو في معهد فرنسة الجامعي، عن علاقة الأمير بالماسونية؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/279)
فأجابه الأستاذ الفرنسي قائلاً: ((إن الرسائل والإثباتات موجودة في الأرشيف الفرنسي .. ففي تلك الحقبة كان عبد القادر بحاجة إلى حلفاء في الغرب، إذ كان يُفكر أنّ الغرب لديه التكنولوجيا، والشرق لديه الروحانية. إذن كانت الكنيسة الكاثوليكية مع المسيو ديبوش أحد هذه العناصر الممكنة لهذا التبادل الذي يقوم على الحوار بين المسيحيين والمسلمين:هذه هي الماسونية)).انتهى بحروفه!
أرأيتم إلى هذا الخلط العجيب! الأستاذ الفرنسي عرّف الماسونية أنها تبادل بين الغرب والشرق، الشرق الذي يملك الروحانيات (يعني التديّن) والغرب لديه التِّقَانة الصناعية، فالذي ينقل التقانة من الغرب المسيحي إلى الشرق المسلم، ويجادل المسيحيين بالتي هي أحسن يكون ماسونيًا برأي هذا الأستاذ!!
وبناءً على هذا التقرير الفريد يمكننا إلصاق صفة الماسونية بمعظم رجالات المسلمين في عصرنا هذا!
وكما يرى الجميع فهذه شبهة مردودة بداهةً ولا حاجة إلى التطويل في ردّها.
والعجيب من الأخ محمد مبارك صاحب "فك الشفرة" أنه رضي بكلام هذا الفرنسي على نكارته، ولم يأخذ بكلام السيد الفاتح الحسني ابن سعيد حفيد الأمير عبد القادر الذي عُرِض في نفس الفيلم قبل كلام الأستاذ الفرنسي! والسيد الفاتح قال بكل وضوح وصراحة: ((أنّ والده الأمير سعيد كان ماسونيًا، ولكن جدّه الأمير عبد القادر لم يكن ماسونيًا قط ولديه إثباتات على ذلك!)).
كل هذه الشبهات ـ وغيرها مما سآتي عليه في هذه الحلقة ـ روّج لها بعض الكتّاب والصحفيين المشغولين بالشأن الماسوني إلى حدٍّ زائد! وعنهم وعن أمثالهم من الغربيين اقتبس واعتمد بعض الإخوة طلاب العلم ظنًا منهم أنّ ما كتبه هؤلاء صحيح أو ثابت! (كما جرى مع الأخ محمد المبارك صاحب "فك الشيفرة")، ولكن القارئ لتلك الكتب والمقالات يدرك بوضوح أنها غير علمية ولا يمكن الاعتماد عليها أو وصفها بالمراجع! وهي أشبه ما تكون بالأسلوب الصحفي غير المسؤول! يعني جمع أوراق وقصاصات وكلام من هنا وكلام من هناك، وتفاصيل كثيرة لا أساس لها، ثم دمج الجميع في سياق تسيطر عليه أفكار سابقة وأوهام مطبِقَة، وذلك إمّا رغبة في سَبْقٍ صحفي بخبر مدهش، أو لمرض نفسي مُزْمِن. كما نسمع اليوم مثلاً:
1ـ نهر الفرات موجود في الجزيرة العربية وليس في الشام!
2ـ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لم يُهاجر!!
3ـ كلمة "النساء" في اللغة العربية تعني "الرجال"!!
4ـ القائد التركماني أورخان بن عثمان بن أرطغرل بن سليمان شاه بن قيا ألب، عربي قرشي ومن المدينة!!
5ـ الخليفة الوليد بن عبد الملك استعمل الماسون لبناء المسجد الأقصى!!
6ـ القائد صلاح الدين الأيوبي ماسوني!!
ومن أمثال هذه الأخبار العجيبة السخيفة المخالفة للبدهيات.
في حين أنّ القارئ لكتب العِلْميين المحققين أهل التخصص، يجد الفارق الكبير بينها وبين تلك الكتب الصحفيّة. وأضرب لكم مثالاً على ما أقول بعرضِ مقطعٍ من كلام الأستاذ الدكتور عبد الوهاب المسيري المتخصص في الشؤون اليهودية وتوابعها، وذلك نقلاً من موسوعته الضخمة ((موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية)):ففي المجلد الخامس: الباب الحادي عشر: العبادات الجديدة؛تحت عنوان: الماسونية: تاريخ وعقائد،
يقول الأستاذ المسيري: ((ولكن الماسونية البريطانية لم تكن الماسونية الوحيدة التي انتشرت في المستعمرات، إذ إن الصراع الإمبريالي على العالم انعكس من خلال صراع بين الحركات والمحافل الماسونية، فكان كل محفل ماسوني يخدم مصلحة بلد ويمثله، تمامًا كما حدث صراع بين المبشرين البروتستانت والمبشرين الكاثوليك الذين كانوا يمثلون مصالح بلادهم. ويبدو أن بعض الشخصيات المهمة في العالم العربي أرادت أن تستفيد من هذا الصراع، وخصوصًا أن أعضاء هذه المحافل كانوا من الأجانب ذوي الحقوق والامتيازات الخاصة المقصورة عليهم. فكان الدعاة المحليون ينخرطون في هذه المحافل بغية توظيفها في خدمة أهدافهم، وحتى يتمتعوا بالمزايا الممنوحة لهم. وكان من بين هؤلاء الشيخ جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده والأمير عبد القادر الجزائري. ولعل هذه الشخصيات الدينية والوطنية حذت حذو ماتزيني وغاريبالدي وغيرهما ممن حاولوا الاستفادة من أية أطر تنظيمية قائمة. ولنا أن نلاحظ أن الأفغاني قد اكتشف حقيقة الماسونية في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/280)
وقت مبكر، وتَوصَّل إلى الأسس العلمانية التي يقوم عليها خطابها الديني، ومِنْ ثَمَّ ناهض هذه الأفكار في كتابه الرد على الدهريين. أما عبد القادر الجزائري فلا توجد تفاصيل حول علاقته بالماسونية!! وإن كان قد حاول إيجاد أطر تنظيمية وتأسيسية لحركته مع الاستفادة من أسلوب التنظيمات الماسونية)).انتهى [موسوعة اليهود 5/ 385] {وليت الإخوة المهتمين بالموضوع يرجعون إلى بحث الماسونية في موسوعة المسيري فإنه بحث عميق ومفيد. أقول هذا بعد أن قرأت عشرة مراجع في موضوع الماسونية كان آخرها موسوعة المسيري، فوجدت أنّه قد أحاط بالقضيّة وهضمها واستطاع عرضها على الوجه الصحيح إن شاء الله}
القارئ يرى بوضوح أنّ الدكتور المسيري مستوعبٌ للمسألة من جميع أطرافها، ويضع الأشياء في نصابها. وهو يُحسن التعامل مع المعطيات، فعندما وقف أمام مسألة انضمام الأفغاني إلى الماسونية أثبتها لأنّه استطاع أن يتيقَّنَ هذه المعلومةَ من معطيات علمية وتحقيق فيها، ثم بعد ذلك عالج حقيقة هذا الانضمام ودوافعه، وبعد ذلك نبّه على معارضة الأفغاني للأفكار العلمانية التي يقوم عليها الخطاب الديني الماسوني. في حين نجد الدكتور المسيري عندما وقف أمام مسألة انضمام الأمير عبد القادر إلى الماسونية لم يجزم بثبوتها وإنما أوْرَدَها على صورة خبر يحتاج إلى دليل وعبّر عن ذلك بقوله: ((أما عبد القادر الجزائري فلا توجد تفاصيل حول علاقته بالماسونية!!))
أليس عجيبًا أن إنسانًا مثل الدكتور عبد الوهاب المسيري ـ صاحب الموسوعة الكبيرة التي استغرق في تأليفها ووضعها عدة عقود من الزمن واستند فيها إلى كمٍّ هائل من المراجع والوثائق وهو الخبير في الشؤون الصهيونية ـ لم يجد أي تفاصيل عن علاقة الأمير بالماسونية، في حين نجد أن بعض الكتاب والصحفيين وهواة الكتابة في الإنترنت يسردون عشرات التفاصيل عن هذه العلاقة؟! والدكتور المسيري رحمه الله، توفّي من قريب سنة 2008م، فهو مُطَّلِعٌ على الكتب والمقالات التي صدرت في هذا الخصوص، ولو أنّه رأى أنّ المعلومات التي فيها تصلح للنظر لَنَظَرَ فيها، ولكنه كما هو ظاهر لم يرها ترقى لِيُنْظَر فيها أصلاً! وأظن أنّ الإخوة القرّاء الذين تابعوا معنا هذه الحلقات يشاركون الأستاذ المسيري رأيه، لأنه صار من الواضح أن المعلومات التي أوردها أصحاب تلك الكتب مصدرها واحد، وهو مصدر ساقط الاعتبار. وإذا كان الدكتور المسيري قد اقتصر على بيان عدم وجود تفاصيل حول علاقة الأمير بالماسونية، فأنا في هذه الحلقات أظن أنني أوضحت بجلاء تهافت جميع الشبه المتعلقة بذلك والتي عدَّها البعض ـ ويا للأسف ـ تفاصيل يُعتمد عليها! وسأتابع معكم إن شاء الله بيان سقوط باقي الشبه فيما يأتي.
فاليوم نحن أمام شبهة جديدة اعتمد عليها بعضهم في اتهامهم الأمير عبد القادر بالماسونية؛ إنها الرسالة التي بَعَثَتْ بها (الجمعية الفرانماسونية بفرنسة) إلى الأمير عبد القادر تشكره فيها على موقفه المشرّف من أحداث 1860م. وإليكم نصّها: ((إلى الأمير الأجلّ عبد القادر في دمشق، اعلم أيّها الأمير أنّ العالم المتمدِّن قد كلَّل هامَتَكم الشريفة المقدسة بإكليل الشرف والافتخار ونحن نقدّم إليكم فرحنا بكونكم تَسَمَّيْتُم: مِنَ المحكومِ لهم بحسن السيرة مِنْ أيّ فرقة كانوا أو دين، الذين أظهروا أنفسهم بكمال الإنسانية، وأنتَ أظهرتَ نفسك إنسانًا قبل الكل، ولم تسمع إلاّ إلى إلهامات ربّانية في قلبك أمَرَتك بمقاومة نار مشتعلة من الهيجان البربري والتعصب الجاهلي؛ نعم إنّك النائب الوحيد للأمّة القوية العربية، التي أوربا مديونة لها بقسم عظيم من تمدنها وعلومها التي استنارت بها، ولقد أثبتَّ بأعمالك وبكريم شيمك أنّ هذا الجنس لم ينحطَّ اعتبارُه السابق، وهو وإن كان الآن في سِنَةٍ من النوم فسَيَستيقظ للأعمال العظيمة باستدعاء نفسٍ قويّة نظير نفسِكَ. وانظر فرانسا التي كانت خصيمتك فإنها الآن عَرَفَت كيف تعتبرك وتبتهل بك، وما ذلك إلاّ لكونك أعطيت للتمدّن حقّه؛ أيها الأمير لك المجد والشكر تكرارًا، فالإله الذي نسجد له جميعًا والذي عرشه داخل قلوبنا وقلوب كافّة الكرماء يُتمم عمله بكم في الخير، أفلا يُنْظَر إلى العناية الإلهية، بعد تقلبات عديدة كيف أتت بكم إلى تلك البلاد لأجل تبديد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/281)
ظلمات الجهل وإطفاء نار التعصب الجاهلي، وإنقاذ تعيسيْ الحظ من يد الجهلة. واعلم أيها الأمير الأجلّ أننا واثقون بأن تقبلوا منا هذه الرسالة وإن كانت لا قيمة لها. حرر في باريس 2/ 10/1860م)).انتهى [انظر (تحفة الزائر) 2/ 101]
هذه الرسالة لم تكن مكتومة أو سريّة، ولم يُخفها أحد من أسرة الأمير، وأول من نشَرَها هو محمد باشا ابن الأمير عبد القادر في كتابه المذكور.
وكما يرى القارئ فمضمون الرسالة عبارة عن شكر وثناء وإعجاب أبدته هذه الجمعيّة لشخص الأمير، وكيف لا تفعل ذلك وهي الجمعيّة التي تروّج لنفسها بأنها المعنيّة بحقوق الإنسان والأخوة الإنسانية والنجدة!! وليس في الرسالة أي شيء يشير إلى كون الأمير من أعضاء تلك الجمعية أو المنتسبين إليها، بل ليس فيها ما يدل على أنّ الأمير كان يعرف تلك الجمعية أصلاً! وإن أسلوب الخطاب فيها هو أوضح دليل على أنّ الأمير لا صِلَة له بهذه الجمعيّة.
فهل مجرَّدُ وصول رسالة من جمعيّةٍ ما إلى أي شخصيّة مشهورة، يُعدُّ دليلاً على صِلَة تلك الشخصية بتلك الجمعية؟ الجواب: طبعًا لا!
ولكي أزيد الموضوع وضوحًا أقول: تحدثتُ في حلقات مضت، عن موقف الأمير عبد القادر من الأحداث التي جرت سنة 1860م في دمشق (فتنة النصارى)، وكيف تلقى الأمير بعدها رسائل الشكر والتقدير والأوسمة من الخليفة والسلطان العثماني، وكذلك من ملوك وقياصرة أوربة.
لم يكن هؤلاء وحدهم الذين أرسلوا إلى الأمير رسائل الشكر والتقدير، وإنما شاركهم في ذلك الكثير من الأدباء والعلماء والوجهاء العرب، المسلمين والمسيحيين، الذين نظموا القصائد والمدائح وأهدوها إلى الأمير، وألّفوا الكتب التي تدوّن وقائع تلك الحادثة وأهدوها إليه أيضًا، وكذلك شاركت في ذلك بعض الجمعيات الخاصة والأهلية، ومنها ما هو أوربي أو أمريكي؛ فأرسلت إلى الأمير رسائل تشيد بمواقفه وأخلاقه وشرفه.
أذكر منها:
1ـ (جمعية عمل الخير وإعانة المصابين في البرّ والبحر). وهذا نصُّ ما بعثت به إليه: ((إنّ جمعية المصابين المؤلّفة من أعيان الأمصار ووجوه المدن الشهيرة في فرنسة، قد اتّفقت كلمتها على أن يكون الأمير عبد القادر رئيسَ شرفٍ لها، وإنما فعلتْ هذا لتؤكد له عظيم اعتبارها لجنابه الشريف، وجزيل تشكراتها الفائقة لما أبداه من أعمال الخير الجسيمة في سورية سنة ستين وثمانمئة، وبناءً على ذلك بعثت إليه هذا الرَّقيم كالشاهد على عقدها لِمَا اتّفقت عليه، وذلك في باريس آخر يونيو (حزيران) سنة إحدى وستين)).انتهى [تحفة الزائر 2/ 111ـ112]
2ـ (الجمعية الشرقية). وكانت الجمعية الأمريكية الشهيرة بالشرقية القائمة بتأليف تاريخ العالم، سبقت (جمعية عمل الخير) إلى مثل ما فعلته، وأرسلت إلى الأمير نسخةً من تقريرها؛ وصُورَتُه: ((بناءً على تقرير الجمعية الأميركانية الشرقية، وعلى قرار المجلس قد أعلنت بتعيين الأمير السيد عبد القادر بن محيي الدين، عضوَ شرفٍ لها تتشرف بذِكْرِه، وبعثت إليه بهذه النسخة المطابقة للأصل إعلانًا بما قررته في باريس في الثاني عشر من (تموز) سنة ستين وثمانمئة وألف)).انتهى [تحفة الزائر 2/ 112]
ونلاحظ في خطاب هاتين الجمعيّتين أنّ أعضاءها قاموا بتسمية الأمير رئيسَ شرفٍ للجمعية الأولى، وعضوَ شرفٍ للثانية!! في حين أنّ خطاب الجمعية الماسونية ليس فيه شيء من ذلك!!
فلو أراد أحدُ هواة توجيه التُّهم أنْ يختلق تُهمة ويُلصقها بالأمير، لكانت تلك التهمة هي انتساب الأمير إلى جمعية إعانة المصابين أو الجمعية الشرقية! لأنّه سيجد في نص رسالتيهما ما يُلبّس به على الجهلة من الناس! بخلاف رسالة الجمعية الماسونية التي لن يجد فيها العبارات التي تساعده على إلصاق تلك التهمة! ولكن العجيب أنّ الذي حصل هو العكس!!
ومع ذلك أقول: إنه حتى في نص الرسالتين الموجّهتين إلى الأمير من جمعية إعانة المصابين والجمعية الشرقية، ليس هناك ما يدلّ على انتساب الأمير إليهما البتّة! وكل ما في الأمر أن أعضاء الجمعيّتين عيّنوه عضوَ شرفٍ فيهما من تلقاء أنفسهم ودون أي طلبٍ منه، ولا شأن له هو في ذلك لا من قريب ولا من بعيد! وهذه جمعيات خيريّة وهي تشكره على صنيعه فلم يكن هناك أي ضرورة لرفض تصرفاتها تجاهه، بل لو حدث شيء من ذلك لكان في غير مصلحة المسلمين!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/282)
ونعود إلى ذكر الذين أرسلوا إلى الأمير رسائل الشكر والثناء:
3ـ (جمعية حماية بني الوطن)، وفي أيّام زيارته إلى مدينة "لوندرا" في بريطانيا ـ وذلك بعد زيارته لفرنسة سنة 1865م مُرْسَلاً من قِبَل السلطان للقاء نابليون الثالث ليطلب منه التوسط لدى قيصر روسيا لإطلاق سراح زعيم الجهاد الشيشاني، الشيخ شامل الداغستاني ـ قدَّمَتْ إليه هذه الجمعية تحريرًا صوْرَتُه: ((إلى سمو الأمير عبد القادر أما بعد: فنحن الواضعون اسمنا في هذا التحرير عمدة جمعية حماية بني الوطن قد سررنا وابتهجنا عندما سمعنا بوصولك إلى عاصمتنا لأننا نحب شخصك ونحترمه نظرًا لِمَا نعرفه من حسن أخلاقك، وصفاء طويّتك لسائر عباد الله، ولا يخفى أنّ مبادئ هذه الجمعية التي نحن مرتبطون بها، توجب علينا أن نحبّ ونحترم أبناء الشَّرَف، وتلزمنا بمراعاة مصالحهم؛ وقد رجَحَ ميلنا لنحوك لأنك مملوء بالشفقة والرحمة على عباده تعالى، وبرهان ذلك ما أبديته مع ألوف من مسيحيي دمشق حين التجؤوا إليك، فإنّك آويتهم وبالغت في الإحسان إليهم مع أنهم ليسوا من أبناء دينك! فنحن الآن بالنيابة عن نصارى هذه العاصمة نؤدي لك الشكر والثناء الجميل حيث أنك جبرت المنكسرين، ثم نخبرك أننا قد تمثّلنا بين يدي إمبراطور فرنسة وأدَّينا له ما يليق بعظمته من الشكر على إحسانه إلى سكّان الجزائر، ونفرح الآن بكوننا نخاطبك أيها السيد المحترم ونسأل الله تعالى أن يديمك رحمةً للمساكين زمنًا طويلاً)).انتهى [تحفة الزائر 2/ 160]
4ـ جريدة (مندابلوسنمري) الفرنسية، التي نشرت في عددها الصادر في 4/ 8/1860م تحت عنوان: "عبد القادر أمير (مْعسكر) سابقًا" ما نصّه: ((إنّ حوادث سورية المحزنة قد أظهرت للوجود اسمًا كان محجوبًا بغياهب الغربة، وهو ذاك الاسم الذي طالما كررته ألْسِنَة الأمّة الفرنسوية بالرَّجفة والاضطراب؛ هو ذلك الاسم المرسوم بأحرف دمويّة من شاطئ نهر (شْلف) إلى رمال الصحراء في الجزائر. وقد أبدت له قناصل الدول ونصارى دمشق الشكران الجميل في سورية، وبذلك انكشف عن مزاياه الحجاب الذي كان ساترًا لها، وغدونا جميعًا نتبارك باسم عبد القادر؛ وهو الذي اقتحم الأخطار لأجل أولئك المساكين من أيدي سافكي الدماء ثمّ جمعهم في قصره وأفاض عليهم من سجال كرمه وبرّه، وقام فرسان المغاربة الأمناء بمساعدته أحسنَ قيام فبذلوا وسعهم في انقاذ المسيحيين وحمايتهم من اعتداء سفهاء الشام والدروز، هو ذلك الرَّجل الذي كان يلوح على وجهه أمارات الثبات، وعلامات الحزم والفطنة، مما يدل على شرفه واتّصال نسبه بالرسول! هو ذلك الرَّجل الذي أقام في منفاه سنين ولم يتغيّر عمّا كان عليه من المحافظة على الأوامر الشرعيّة!، وأداء الحقوق الثابتة للإنسانية، هو ذلك الرجل الذي كان عدوًا لدولة فرنسة وأقام مدّة سبع عشرة سنة ينادي بالجهاد فيها؛ ثمّ إنّ ما نَسَبَه إليه أعداؤه من الأفعال غير اللائقة كقتل الأسرى والحنث في اليمين إلى غير ذلك مما نسبوه إليه، ويأباه طبعُه الكريم، قد كذّبه تحريرُه الشهير الذي بعثه إلى لويس فليب ملك فرنسة الدّال على كرم أخلاقه ولطف جانبه ...... وغاية الأمر فإنّ مزايا الأمير وأخلاقه الكريمة كانت دليلاً على شرف نفسه وتقدّمه في الجزائر كما هو الآن في سورية، وبرهانًا قويًا على طهارة قلبه وإرادته الخير إلى سائر عباد الله .... الخ)).انتهى [انظر (تحفة الزائر) 2/ 112ـ113]
5ـ ونشرت جريدة فرنسية أخرى مقالاً فيه: ((الأمير عبد القادر هو ذلك الرجل الباسل الذي أبدى أمورًا وأعمالاً لم يكن أحدٌ يتصورها ولذلك كانت جديرة بأن تدوّن في أجمل تواريخ العالم، وآخر ما نقول إنّ عدونا القديم في الجزائر قد جعله الله الآن سببًا لإنقاذ المسيحيين في الشام)).انتهى [تحفة الزائر 2/ 114]
6ـ ليس هذا فحسب، ((ففي مدّة إقامة الأمير في الحجاز سنة1280هـ = 1864م، توفّي ملك اليونان وانعقد مجلس نواب الأمة اليونانية في أثينا للنظر فيمن يولونه عليهم ملكًا، فكتبوا اسم الأمير في المنتخبين لذلك، ونادى كثيرٌ منهم باسمه،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/283)
7ـ وكذلك أهل إسبانيا قد انتخبوه في جملة من انتخبوهم للمُلك عليهم حين وقوع الفتنة بينهم قبل أن يتولى ملكهم المتوفى أخيرًا. فتشكّر الأمير للأُمّتين على اعتبارهما لمقامه بما دلَّ على ما تكنّه صدورهم من احترامه وإعظامه)).انتهى [6و7 من تحفة الزائر 2/ 145] (يذكرني هذا بما حدث في أيامنا هذه عندما طلب بعض النواب الإسلاميين في الأردن من (هوغو شافيز) رئيس فنزويلة أن يكون رئيسًا للجامعة العربية أو رئيسًا لمنظمة المؤتمر الإسلامي! وما ذلك إلاّ بسبب موقفه الشجاع والرجولي عندما طرد السفير الإسرائيلي من فنزويلة وقطع علاقات بلاده مع إسرائيل فور وقوع الهجوم اليهودي الهمجي على غزّة 1430هـ /2009م، وزيادة على ذلك خطب عدة خُطَب هاجم فيها النظام الإسرائيلي ووبَّخه)
8ـ وكذلك كان معظم الشعب الفرنسي يحترم الأمير عبد القادر ويجلّه، وقد تجلّى ذلك بداية في الاحتفالات التي أقاموها بمناسبة إطلاق سراحه من السجن، وازدحام الناس بشدة في شوارع المدن الفرنسية التي كان يمرّ بها في طريقه من سجنه في "أمبواز" إلى العاصمة "باريس"، وليس لتلك الحشود همٌّ إلاّ النظر إلى الأمير ومحاولة مصافحته أو إلقاء التحيّة عليه. وحتى بعد سفر الأمير من فرنسة متّجهًا إلى "بروسة" في تركيّا وبقائه فيها ثلاث سنوات ثمّ انتقاله إلى دمشق وبقائه فيها تسع سنوات، عاد الأمير فزار فرنسة، بعد اثني عشر عامًا، وذلك خلال رحلته السياسية المشهورة التي بدأها بزيارة الخليفة العثماني في الآستانة؛ والتي كان من جملة أغراضها التوسط والشفاعة في أعيان دمشق الذين حكمت عليهم السلطات العثمانية بالنفي إلى "قبرص" و"روديس" إثر حادثة (فتنة النصارى) سنة1860م التي فصّلت الحديث عنها سابقًا، وقد قَبِل الخليفة شفاعة الأمير وسرّح المنفيين وأعادهم إلى أوطانهم؛ ثم طلب الأمير من الخليفة التوسط لإطلاق سراح الشيخ شامل الداغستاني، فأخبره الخليفة أنه مستعدّ لكفالته واستقباله في أراضي الدولة العثمانية، ثم أرسَلَه إلى فرنسة ليُقابل الإمبراطور لويس نابليون، ويطلب منه التوسط لدى قيصر روسيا لإطلاق سراح الشيخ شامل؛ ((وعند وصول الأمير إلى مدينة "مرسيلية" استقبله حاكمها بالاحترام واهتزّت البلد بأهلها لقدومه، فإذا خرج من محلّ نزوله تبعته زُمَرُ الأهالي ينظرون إليه احتفالاً به واحتفاءً، وكانت جماعات كثيرة تجتمع في ساحة الدار النازل فيها، ويصرخون: "فليعش الأمير عبد القادر". وكذلك الحال في مدينة ليون وباريس.
واستنفرت الجرائد والمجلاّت للحديث عن الأمير وعن لطفه وكماله وافتخار بلادهم بزيارته)).انتهى [انظر (تحفة الزائر) 2/ 157ـ158]
9ـ واحتفل الشعب الأمريكي بتسمية إحدى مدنه في ولاية ( Iowa) باسم الأمير عبد القادر (وذلك بعد وفاته).وهذا الاسم باقٍ إلى اليوم.
إذن الشعوب الغربية كانت تحترم الأمير وتُكن له التقدير والإعجاب،
والسبب الأوّل: هو موقفه الشجاع في الدفاع عن بلده وهو شاب عمره خمس وعشرون عامًا، وإقامته للإمارة الإسلامية التي وقفت في وجه الاعتداء الفرنسي مدّة خمسة عشر عامًا،
والسبب الثاني: هو ثباته على مواقفه وثوابته الدينية مدّة سجنه خمس سنوات، على الرغم من التضييق عليه وصعوبة السجن وفقدانه لبعض أبنائه وأقاربه وأحبابه فيه.
والسبب الثالث: حزمُه في الدفاع عن دين الإسلام ورفضه لجميع المغريات والعروض الفرنسية التي تريد منه البقاء في فرنسة بصفة مواطن فرنسي!
والسبب الرابع: موقفه في الدفاع عن المواطنين النصارى العزّل في بلاد الشام عندما اعتدى عليهم الدروز وبعض أشقياء الشام. والغرب المسيحي كان يظن ويُوهَمُ أنّ جهاد الأمير وحربه على فرنسة إنما هو بسبب الحقد على المسيحيين، فلمّا شاهدوا الأمير يبذل وسعه في مساعدة المسيحيين المنكوبين في الشام، أدركوا أنه لا يضمر الكراهية أو الحقد للديانة المسيحية أو لمعتنقيها. وأنه ليس بالسفاح أو محب سفك الدماء، وإنما هو رجلٌ منضبط بأوامر دينه الإسلامي، الذي يأمره بجهاد المعتدين، وبالوفاء بذمّة الكتابيين النّازلين تحت الحكم الإسلامي!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/284)
والسؤال الموجه إلى الذين استندوا إلى رسالة الشكر الموجهة للأمير من الجمعية الفرانماسونية هو: هل سمعتم عن رجلٍ وُجِّهت إليه مثل كل تلك الرسائل والكتب والمقالات والأوسمة التي وُجِّهَت إلى الأمير عبد القادر؟!
وهل سمعتم عن رجلٍ يُرشَّح اسمُه ليكون رئيسًا لدولتين مثل اليونان وإسبانيا، مع أنّه عربي ومسلم؟!
وهل سمعتم عن رجل عربي مسلم أحبّته شعوب الغرب فأطلقت اسمه على بعض مدنها، وأعلنته رئيسَ شرفٍ لجمعيتها، وهتفت باسمه؟!
وهل سمعتم عن رجل عربي مسلم قاتل دولةً مثل فرنسة ولم يبقَ فيها بيتٌ إلاّ وفيه فقيد أذهبته سيوفُ جنودِ ذلك الرجل، ثم بعد ذلك تتعالى أصوات شعب تلك الدولة لإطلاق سراح ذلك الرجل ويتسابقون لمصافحته والتبرّك به؟!
وهل سمعتم عن رجلٍ تستنفر جرائد وصُحف الدولة، التي كان يقاتلها ويُحمِّلها الخسائر الكبيرة في أموالها وأبنائها، للدفاع عنه والانتصار له، ليس هذا فحسب بل تهاجم حكومَتَها ومواقفها المخزية الرامية إلى تشويه سمعة ذلك الرجل؟!
وهل سمعتم عن رجلٍ عربي مسلم تثني عليه المجتمعات الأوربيّة فتحمد له تمسّكه بشريعة الإسلام، وقيامه بفريضة الجهاد، وتُعلن له تشرّفها به لأنّه من ذريّة نبي الإسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟؟ (2)
إننا لم نسمع أن شيئًا مما سبق حدث لأحدٍ ـ من قرون سلفت إلى أيامنا هذه ـ إلاّ للأمير عبد القادر الجزائري، فهل يُعقل عندكم أن تكون كل تلك المزايا التي حصل عليها دليلاً على ماسونيّته؟!
ألا يوجد ماسوني آخر على وجه الأرض؟ إذن فلماذا لا يُكرّم ويُحتفى به مثل الأمير عبد القادر؟
لقد عرف تاريخنا المعاصر رجالاً كثيرين أعلنوا انضمامهم إلى الماسونية وقدّموا لها خدمات كبيرة ومع ذلك لا نجدهم حصلوا على شيء مما حصل عليه الأمير من التكريم والاحترام العالمي!
إنّ الأمر واضحٌ لكل عاقل ومنصف؛ فإنّ ما جرى للأمير عبد القادر الجزائري لم يكن له أي صلة بأي جمعية خاصة أو سريّة، ولم يكن له أي صلة بعقائد مشبوهة أو انتماءات.
إن الذي جرى له ذو صلةٍ بشخصيّته الفذّة ومواقفه الحميدة المشهودة، بدءًا من قيامه بالجهاد وتأسيسه للدولة الجزائريّة الحديثة بجميع أركانها، وإنشائه للعلاقات الدبلوماسية مع دول العالم، مع أنه لم يتلقَّ أي تعليم عالٍ في الجامعات الأوربيّة المتخصصة بتلك العلوم!!، مرورًا بكريم أخلاقه وحسن تعامله مع خصومه وأعدائه وترفّعه عن الأحقاد والأضغان، وانتهاءً بدوره الكبير في إطفاء نار الفتنة في بلاد الشام، ومساعيه في استرداد دار الحديث الأشرفية وترميمها على نفقته، وروايته لكتب الصحيح (البخاري ومسلم) وغيرها، وعنايته بأهل العلم في الشام وغيرها، وخدماته الجليلة للدولة العثمانية وتوطيده لحكم الخلافة الإسلامية وردّ المعتدين عليها والرامين لتمزيقها، وسعيه الحثيث لإطلاق سراح المجاهد الكبير الشيخ شامل الداغستاني، ورعايته لإخوانه المجاهدين في الجزائر ومتابعة أخبارهم وتقديم العون لهم، إلى غير ذلك من الخصال وجميل الفِعال ..
الأمير عبد القادر شخصيّةٌ محسودة ولها خصوم وأعداء، فهو الشاب الحديث السِّن الذي بويع أميرًا على قبائل الجزائر، وكان هناك رجالٌ أكبر منه سنًّا ولهم في مجال الحكم والعسكرية سابقيّة، فكَبُرَ عليهم أن ينزلوا تحت حكمه ويُبايعوه، فانتصبوا له أعداءً ومخاصمين.
وكذلك هناك من أعلن الجهاد مثله ولكنه لم يستطع أن يصنع شيئًا مما صنعه هو، ولم تكن له الآثار العظيمة كتلك التي تركها الأمير عبد القادر، فثارت غيرته وامتلأ صدره غلاًّ وحسدًا على الأمير.
وفي بلاد الشام كان لحضور الأمير فيها أثرٌ كبير على بعض أعيانها ورجالاتها، حيث انصرفت أنظار الناس عنهم، واتّجهت نحو الأمير منذ الأيّام الأولى لوصوله، وما هي إلاّ أيّام قليلة ويصبح الأمير ملجأً للمحتاجين والمنكوبين وأصحاب الحاجات، ويقصده الولاة والعلماء للتوسط عند السلطان، لِما له عنده من منزلة رفيعة. وهو الذي شفع في بعض الوجهاء المعادين له! الذين كان يريد (الصدر الأعظم) فؤاد باشا أن يعدمهم، فخفف العقوبة إلى النفي، وبعد ذلك شفع فيهم الأمير عند السلطان لكي يرجعهم إلى بلادهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/285)
فماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة أنّ أصحاب تلك الشخصيات أو أبناءهم أو الموالين لهم أخذوا يحاولون تشويه صورة الأمير لكي يجمّلوا صورهم ويُنقذوا سُمعتهم!
فإذا ذُكِرَ الجهاد وتألّق الأمير في مجاله؛ قال المتخاذلون عن الجهاد الذين لا يد لهم فيه ـ وبكل بلاهة وسفاهة ـ إنه صديق فرنسة وهي تُعينه!!
وإذا ذُكِرت الفتنة وتصدي الأمير لها وفقًا لأحكام الإسلام؛ قال المتورّطون فيها والمخالفون لشريعة الإسلام إنّه ماسوني!!
وإذا ذُكِرَت النهضة العلمية والتبصرة الفكريّة والدروس الحديثيّة والتمسّك بالسنّة النبويّة ونبذ التقليد، قال المتحجّرون، والمبتدعون، إنّه فيلسوف وجودي وعلى قدم ابن عربي!!
وإذا ذُكِرَ التزامه بأحكام الشرع الإسلامي في حُسْن معاملته للأسرى، ومحافظته على عهوده، قال الغافلون عن أحكام الشرع وآدابه، إنه مفتون بالحضارة الغربية!!
وإذا ذُكِرَت المواقف السياسية المتمسّكة بالمبادئ الإسلامية والمتحلّية ببعد النظر والحكمة والإخلاص، قال الفاقدون لهذه الصفات إنه يُنفذ المخططات الغربية!! (رمتني بدائها وانسلّت)
وإذا ذُكِرَ الكرم والسّخاء والبذل والعطاء واتّصاف الأمير بها؛ قال المحتكرون والأَشِحّاء والقابضون إنّه يتلقى الأموال من فرنسة لأنه موظف عندها!!
وهذا حال كل ذي نعمة وقدر عظيم؛ يقول الله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا} [النساء:54]
****************************************
([1]) أظن أنه لم يعد خافيًا اليوم ميلُ وانحيازُ هذه القناة إلى الجهات المعادية للإسلام والمسلمين!! ـ بعد حرب اليهود على المسلمين في غزّة والموقف المخزي لقناة "العربية" من أحداث تلك الحرب على وجه الخصوص.
([2]) ملاحظة: يتّخذ بعض الناس ـ في مجتمعاتنا العربية الإسلامية ـ من المديح أو الثناء الصادر من جهة الغرب اليهودي النصراني أو العلماني تجاه شخصيّة عربية مسلمة، وسيلة لاتهام تلك الشخصية! بصرف النظر عن طبيعة تلك الشخصية، وهذا فعلٌ غير صائب، لأنّ بعض كتّاب وعلماء الغرب المنصفين قد يُثني ويمدح رجال الإسلام إذا رأى فيهم فضائل ومحاسن ومزايا لا مجال لنكرانها. وأوضح مثال على ذلك هو كتاب (المئة الأوائل) فإنّ كاتبه اليهودي الأمريكي "د. مايكل هارت" جعل الشخصيّة الأولى في العالم هي شخصية نبيّ الإسلام سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[28 - 01 - 09, 06:26 م]ـ
فإذا كان الحُسّاد يرمون خصومهم بالتهم والأباطيل، فهل يُعقل أن يَقْبل الدارسون للتاريخ والرجال، أو القرّاء من العرب والمسلمين هذه التهم ويُصدِّقوها دون دليل أو برهان؟!
والأمر ليس مقصورًا على الحسّاد والخصوم من العرب والمسلمين، وإنما دخل فيه أيضًا الكتّاب الغربيون الذين وجدوا أنفسهم مضطرين للاعتراف بسمو شخصية الأمير عبد القادر ـ العربي المسلم ـ وبعظيم مآثره! ولكنهم حاولوا أن يصبغوا حديثهم عنه ومديحهم له بشيء من تراثهم المُتَهَرِّئ ومدنيّتهم الزائفة!
فها هو الكولونيل تشرشل عندما يتحدث عن التزام الأمير عبد القادر الديني وقيامه بشعائره وسعيه الدائم لمزيد من القُربات والطاعات، بخلاف حكّام الغرب وقادته العسكريين الذين لا هَمَّ لهم إلاّ الطغيان والزهو بجرائمهم الحربية وإسرافهم في الملاهي والملذات والفحش وصحبة العاهرات!
يقول: ((وطالما اشرأبّت نفس عبد القادر إلى تحقيق أملٍ ورغبة، وهي أن يكون قادرًا عاجلاً أو آجلاً، على إكمال واجباته الدينية بتتويجها بعملٍ آخر من أعمال العبادة. ففي عين المسلم الحقيقي ليس هناك رتبة دنيوية أو تقدير يمكن أن يُقارن بذلك مثل الميزة العالية التي يُطلق على صاحبها (مجاور النبي)، ولكي يحقق المرء هذه الميزة يجب عليه أن يُقيم باستمرار في مكّة أو في المدينة مدّة سنتين، أو على كل حال أن يبقى في الحرمين الشريفين حتى تتعاقب عليه حجّتان ويغادر الحجيج بعدهما الحرمين المذكورين.
وعندما سُئل ذات مرّة كيف يستطيع أن يفصل نفسه في مثل سِنِّه (55سنة) عن عائلته كل تلك المدة؟ أجاب:"حقيقةً إن عائلتي عزيزةٌ عليّ، ولكنّ الله أعزُّ منها".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/286)
ويُتابع تشرشل: ... ووصل إلى مكّة في الموعد المحدد .... وقد أمر له شريف مكّة بغرفتين في فِناء الحرم توضعان تحت تصرفه. وتهاطل عليه الزوّار، وبعد عشرة أيّام أعلن أن مدة الاستقبال قد انتهت. وسأل أن يُترك على انفراد وفي عزلة هادئة. وخلال الاثني عشر شهرًا الثانية لم يُغادر حجرته إلاّ للذهاب إلى الجامع الكبير (كذا). فكل وقته قد كرّسه للدراسات الدينية والتعبد والصلاة، وكان حماس فكره الديني قد استثير بأشد أنواع إنكار الذات، فلم يسمح لنفسه بسوى أربع ساعات من النوم، ولم يوقف صومه خلال الأربع والعشرين ساعة سوى مرة واحدة، وحتى عندئذ فإنه كان لا يتناول سوى الخبز والزيتون، وكان قد أَنهَك هذا التقشف القاسي الطويل قواه حتى ظهر على بدنه الحديدي .... (ثم تحدث كيف سافر إلى المدينة) ...
... وقد بقي عبد القادر في المدينة أربعة أشهر، مستأنفًا العمل الذي كان قد مارسه بينما كان في مكّة قرب قبر النبيّ! (1)، وكان حارس الضريح النبوي يطلب منه دائمًا أن يفحص الأشياء الثمينة التي يحتوي عليها: نذور الماس والجواهر والأحجار الكريمة، والذهب والفضة، المرسلة من الملوك والأمراء ورجال الدين والأعيان من جميع أنحاء العالم الإسلامي. ولكن عبد القادر كان يرفض حتى النظر إلى هذه الأشياء. فقد كان ينظر إليها على أنها تبذيرٌ وبذخ لا فائدة منه وسوءُ تصَرُّفٍ مُذْنِب في الثروة التي كان يمكن استعمالها في أعمال الخير والمصلحة العامة ...
وعندما حان وقت رحيله ..... ووصل مكّة .. في الوقت الذي يجب عليه أن يكون حاضرًا لأداء شعائر وفرائض عيد الأضحى!! للمرة الثانية. وبذلك يكون قد حقق وعده وغرضه فالتفت الآن عائدًا نحو أهله، وفي شهر يونيو سنة 1864 وصلَ إلى مدينة الإسكندريّة.
لقد نجح عبد القادر في تحقيق أعلى المراتب الدينية التي تعتبر أساسية وجليلة، بعد عملٍ شاق وإنكارٍ طويل للذات. ومن جهة أخرى أصبح يحمل شعار جمعيّة تقوم على مبدأ الأخوّة العالميّة. إن الجمعيّة الماسونية في الإسكندرية قد سارعت للترحيب بالعضو الجديد الشهير. فقد دعا المحفل الماسوني، المعروف بمحفل الأهرام، للاجتماع خصيصًا لهذه المناسبة، عشيّة الثامن عشر من يونيو. وأدخل عبد القادر في هذا النظام الصوفي الغامض. وقد أضيف إلى ميزة (مجاور النبي) ميزة (ماسوني حر ومقبول)، وهي العبارة العرفية المستعملة في هذا المقام)).انتهى مختصرًا من [حياة الأمير عبد القادر ص291ـ294]
إذن تحدث تشرشل عن تديّن الأمير عبد القادر من قيامه بالحج والمجاورة في الحرمين والخلوة للتعبد والتقرب إلى الله. في حين أنّ تشرشل نفسه ـ وهو من كبار الضباط البريطانيين ومن النبلاء ـ وكثير من الحكام والملوك وكبار الضباط الأوربيين لم يكن لهم نشاط أو اهتمام ديني، وإنما كانوا ينخرطون في سلك الماسون ويتبجّحون بعناوين عريضة ودعايات فارغة، فما الحل حتى يتساوى الطرفان؟ لقد زعم تشرشل أن الأمير انضمّ ـ كسائر ملوك وحكام أوربة ـ إلى الماسونية. ثمّ أطلق على الماسونية وصفًا عجيبًا فقال: "هذا النظام الصوفي الغامض"!!
إذن على رأي تشرشل الماسونية طريقة صوفية يتبعها الأوربيون فلا مانع من انضمام الأمير العربي المسلم إليها! ومتى كان هذا الانضمام؟ لقد كان في رحلة العودة من الديار المقدسة من الحرمين الشريفين بعد مجاورة دامت أكثر من سنة!! أليس هذا من الأخبار الفجّة والمستهجنة والتي لا يمكن تصديقها إلاّ بدليل قاطع وبرهان ساطع.
ضمن أسطر قليلة نجد تناقضًا عجيبًا، ففي البداية عرّف تشرشل الماسونية فقال:"جمعيّة تقوم على مبدأ الأخوّة العالميّة"، وبعد سطرين وصفها فقال:"هذا النظام الصوفي الغامض". ومرَّ معنا في الحلقة (14) تناقض الماسون أنفسهم في تعريف الماسونية، ومرَّ معنا أيضًا تضارب مزاعمهم في تاريخ انضمام الأمير إليهم، وتبيّن لنا سقوط جميع دعاويهم ومزاعمهم! فيمكنكم الرجوع إلى تلك الحلقة لمراجعة الموضوع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/287)
إنّ تشرشل قال في مقدمة كتابه أن المعلومات التي يوردها عن الأمير مصدرها اللقاءات التي جرت بينهما طيلة الخمسة أشهر التي تردد فيها تشرشل إلى الأمير في دمشق. وذَكَرَ لنا أنّه غادر دمشق في مطلع سنة 1860م! (قبل حادثة النصارى) إذن الأحداث التي جرت للأمير بعد ذلك التاريخ لم يكن تشرشل يُعاينها من قريب، فضلاً عن تلقي تفاصيلها من الأمير. فمن أين إذن حصل تشرشل على هذه المعلومات؟ ولماذا لم يذكر مراجعه أو أدلّته على ما يقول؟
لقد اكتفى بالقول في مقدمته: ((ولم يكن يخطر على بالي وأنا أغادر دمشق في ربيع سنة 1860 أنّ فصلاً آخر كان يوشك أن يُضاف إلى تاريخه الغريب الكثير الوقائع، أو أنّ نجمه المجيد الذي كان يبدو أنه سيظل ساطعًا إلى الأبد، كان مقدّرًا له قريبًا أن يظهر فجأة من جديد بعظمةٍ أخرى ثاقبة. أمّا عن سلوكه الباهر النموذجي خلال المذبحة المخيفة التي تعرّض لها مسيحيو دمشق، وسط تواطئ السلطات التركية المخزية القاسية، فقد حصلتُ على تفاصيل على درجة كبيرة من الأهمية والصحة من مشاهدي العِيان. هذه هي إذن مادتي، ولم يبق لي إلاّ أن أنسقها وأصوغها، وقد فعلتُ ذلك. وإنني أدعو قرّائي، بكل هيبة وتواضع، أن يصدروا حكمهم على العمل نفسه)).انتهى [حياة الأمير عبد القادر ص37]
ولأنّ تشرشل يدعونا لإصدار الحكم على عمله، أقول: إن الباحثين استفادوا من كتاب تشرشل المعلومات التي ذكرها عن الأمير سماعًا منه، وهي في معظمها متّفقة مع ما ذكره عنه المؤرّخون العرب والمسلمون. ولكنه لم يغب عن ذهنهم أنّه أثناء كتابتِه عن الأمير وثنائه عليه كان يدسّ بعض المعلومات الكاذبة ليروّج للسياسة البريطانية المعادية للخلافة العثمانية بشدّة، وكتابه من أوّله إلى آخره طافحٌ بالعبارات الممتلئة بغضًا وكرهًا للأتراك العثمانيين، بل إنه كان يفتري عليهم ويزوّر تاريخهم إلى درجة مفتضحة. كما نرى في النص السابق!
وإذا كان مصدر معلوماته الأخيرة عن الماسونية والأمير، كما صرّح هو،"بأنه من مشاهدي عيان"، فلماذا لم يسمّهم لنا؟ لعلّهم من الماسون أنفسهم! وهم دون أدنى شك مستعدون لافتراء مثل هذه المزاعم بعد أن صدّهم الأمير حين دعوه للانضمام إليهم، وذلك كي لا يظهروا أمام العالم بصورة تُضعِفُ دعايتهم بأنهم جمعيّة الكبار والعظماء!!
على كل حال يبقى هذا الخبر مرفوضًا من الناحية التوثيقية ولا يمكن الاعتماد عليه ولا الركون إليه.
وإذا كان البعض يرى أن القَبول بكلام تشرشل أو جرجي زيدان لا بأس فيه! فأقول لهم إنّ القبول بكلام من هو أصدق منهم أولى وألزم. لقد روى السيد بدر الدين بن أحمد الحسني كلامًا يردّ مزاعم تشرشل وجرجي!
أقول: حدّثني ظافر بن أحمد مختار الحسني قال حدّثني جدّي بدر الدين بن أحمد الحسني قال سمعتُ عمّي الأمير عبد القادر يقول: ((عندما حضرت حفل افتتاح قناة السويس (سنة 1869م) أتاني بعض أعضاء الجمعية الماسونية يدعونني إلى الانضمام إليها، فقلت لهم إلى أي شيء تدعون؟ قالوا ندعو إلى التضامن والتكافل فيما بيننا. فقال لهم الأمير: لا يجوز عندنا نحن المسلمين أن يتكافل البعض دون الكل. فانصرفوا)).انتهى
وبدر الدين هو ابن السيد أحمد شقيق الأمير الأصغر، وهو أيضًا صهر الأمير زوجُ ابنته زهرة! وهو من المُعمَّرين عاش مئة سنة توفي في 1/ 12/1967م. وسأعرض شهادات أخرى لاحقًا.
وبعد انتشار إشاعة انضمام الأمير إلى الماسونية عَقِيْبَ وفاة الأمير، وتداولها من قبل بعض الصحف والجرائد المشبوهة (وبخاصة تلك التي كان يصدرها جرجي زيدان وأمثاله)، قامت بعض الجرائد والصحف المصرية واللبنانية بتكذيبه والاعتراض عليه، ومن الأدلة التي كانت تلك الصحف تعتمد عليها في تكذيب هذا الخبر هو قولهم: "إن الماسون يزعمون أن الأمير استقبل عضوًا في محفل الأهرام الماسوني بتاريخ 18/ 6/1864م!!! الموافق 14/ 1/1281هـ في الإسكندرية. ومع العلم أن الأمير في هذا التاريخ كان لم يزل في الحجاز، وهو لم يصل إلى الإسكندرية إلاّ بعد 14/ 5/1865م!! الموافق 19/ 12/1281هـ؛ ووصل إلى دمشق بتاريخ 19/ 1/1282هـ الموافق 13/ 6/1865م!!!! ".انتهى [كنتُ نقلت هذه المعلومات من صحيفة لبنانية وأخرى مصرية. ورجعت إلى بعض الكتب التي أرّخت للأمير عبد القادر فوجدت أنّ التواريخ المذكورة في تلك الصحيفة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/288)
موافقة لما ذكرته تلك الكتب، وهي (تحفة الزائر 2/ 145) لمحمد باشا، و (حلية البشر 2/ 899) لعبد الرزاق البيطار، و (الأمير عبد القادر الجزائري ص26) لنزار أباظة].
والعجيب أنّ بعض المشتغلين بتلخيص كتب التراجم والتواريخ، وهو الأستاذ نزار أباظة، وضع كتابًا بعنوان (الأمير عبد القادر الجزائري العالمُ المجاهد) وقد جمعه من عدة مصادر أهمها (تحفة الزائر) و (حلية البشر) و (حياة الأمير) لتشرشل وكتاب جواد المرابط (التصوف والأمير عبد القادر)؛ وعندما تحدث فيه عن رحلة الحج وعودة الأمير منها ومروره بالإسكندرية أوردَ هذه المعلومة فقال: ((وفي الإسكندرية عرضَ عليه الماسونيون الدخول في جمعيّتهم (1) ثم توجّه إلى دمشق فوصلها في 19 المحرّم سنة 1282هـ = 13/ 6/1865م)).انتهى [الأمير عبد القادر ص26]
هذا كل ما قاله في هذا الخصوص ولم يزد عليه كلمة واحدة، واكتفى بوضع حاشية في أسفل الصفحة قال فيها: {(1) انظر مجلة الثقافة 269، ومجلة الحقائق مج2،ح2، ص2،78}.انتهى
وترك القارئ يفهم من عبارته وحاشيته ما يشاء! والذي يتبادر إلى ذهن القارئ أنّ هذه المجلاّت التي ذكرها في الحاشية تثبت الخبر الذي أورده في المتن، ثم يقرر القارئ من تلقاء نفسه: أقَبِلَ الأمير العرض أم لا!
راجعتُ مجلّة "الحقائق" لصاحبها السيد عبد القادر الإسكندراني، فوجدتُ أمرًا عجبا!!
أتدرون ماذا وجدت؟ لقد وجدت على الغلاف الخارجي للعدد المذكور نفسه إشارة إلى مقال في داخله ص77 بعنوان: (الأمير عبد القادر والجمعية الماسونية ـ وفيه تبرئة الأمير رحمه الله مما نُسِبَ إليه من دخوله في هذه الجمعيّة المجهولة الحقيقة والشروط) بقلم حفيد الأمير محمد سعيد الجزائري!
وإليكم نص المقال:
الأمير عبد القادر
والجمعية الماسونية
((في سنة ست وثمانين (1286هـ = 1869م) دُعيَ الأمير عبد القادر مع من دعي من ملوك أوربا ليحضر احتفال فتح ترعة السويس، وبينما كان عائدًا لسورية عن طريق الإسكندرية اغتنمت الجمعيّة الماسونيّة فرصة وجوده في ذلك القطر فأوفدت إليه هيئة من أعضائها لتعرض عليه المبادئ الماسونية، وعندما ذَكَرَ الوفدُ المشار إليه فضائلَ الماسون وخدمتها في الإنسانية، شكرها الأمير على عملها الذي ادَّعته شأنَ كلِّ رجل يدّعي له شخصٌ أنه يخدم الإنسانية ويسعى في سبيل خير البشر فيستحسن أعماله ويشكر مقاصده. فاتخذ بعض المنتمين للجمعية ذلك الاجتماع ذريعةً حسنة لِنِسبة دخول الأمير في جمعيّتهم، وبدؤوا يترجمون سيرته ويشكرون عظيم خدماته في الإنسانية. بيد أنّ هذا الاجتماع وتلك الدعوى لا تثبت ولا تحقق دخول الأمير في الجمعيّة الماسونية، لأنّ هذه الحجة ضعيفة تحتاج إلى أدلّة مؤدية؛ ومن المعلوم أن لجمعية الماسون نظامًا كما لسائر باقي الجمعيات، تطبّق أعمالها بموجبه، ومن جملة مواد نظام جمعيّة الماسون أنه لا بد لكل شخص يريد الدخول إلى هذه الجمعية أن يطلب الانخراط بها بموجب استدعاء يلتمس منها قبوله فإذا تمَّ له ذلك واستحسنت الجمعيّة إدخاله، تكلّفه بوضع إمضائه في سجل أعمالها وعليه أن يكتب أنه دخل بإرادته واختياره؛ هذا ما يدّعيه أيضًا بعض أفراد الجمعيّة الذين ينسبون دخول الأمير في هذه الجمعية بمجرّد القول! وحيث أنّ وجودَ مثل هذه المواثيق المادية هي أعظم دليل وأقوى برهان بيد كل من يريد أن يُثبت حجته، فإنني أطالب كل من يدَّعي من أفراد هذه الجمعيّة انتظامَ الأمير بها، بإبراز هذه الوثائق الراهنة مطبوعةً نُسَخُها على الحجر؛ وما من أحدٍ يجهل خطَّ الأمير وإمضاءه؛ هذا ما نطالب به من يفترون على الأمير والجمعيّة معًا الكذب والبهتان. وأمّا نحن فإننا نقول إنّ الأمير عبد القادر الذي اشتهر بالتُقى وبصلابة الدِّين سيما وأنّه كان يُقيم الحدود الشرعيّة في هذه البلاد السوريّة كما أقامها في وطنه، لا يُخالف الآيات القرآنية والأحاديث النبويّة ويدخل في جمعيّة سريّة لا يعلم حقيقتها إلاّ من انخرط بين جماعتها. وإننا بصرف النظر عن كون مبادئ هذه الجمعيّة حسنة أم سيّئة، فالشرع لا يسمح للمسلم أن يدخل بها قبل معرفته حقائقها، وقد قال الله تعالى {يا أيّها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم} الآية، وقوله جلَّ شأنه {لا تجدُ قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يُوادُّون مَنْ حادَّ الله ورسوله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/289)
ولو كانوا آباءهم} الآية.
وقال رسوله عليه الصلاة والسلام (ليس منّا من عمل بسنّة غيرنا) رواه ابن عبّاس، وقال (ليس منا من تشبّه بغيرنا) رواه ابن عمرو رضي الله عنه، وأمثال هذه الآيات الكريمة والأحاديث النبوية كثيرة سيما وأنّ الجمعيّة الماسونية وأصلها (فران ماسون) أي البنائين مأخوذة عن الأمم الغربية والملل الأجنبيّة؛ ولا جرم أنّ جمعية مبدؤها خدمة الإنسانية وخطتها تعميم الأخوة والمساواة والحرية لا ترضى بأن يفتري بعضُ أفرادِها عليها الكذب قصدَ إغراء بعض الناس بنسبة دخول زيد وعمرو بها!
وخلاصة القول إن الجمعية التي هي على يقين من طهارة وجدانها لا تحتاج لترغيب لأنها ترتقي بسنّة طبيعيّة؛ وعليه فإنّا نحذّر كل من يتشدَّقون بنسبة انتظام الأمير بسلك الجمعيّة الماسونية أن يرجِعوا عن غِيّهم أو أن يأتوا لنا ببرهان من البراهين الآنفة {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}.
ابن الأمير
محمد سعيد)).انتهى
فسبحان الله العظيم، الأستاذ أباظة أحال إلى مرجع فيه نصٌّ قاطع كتَبَه حفيد الأمير عبد القادر، ينفي فيه بشدّة وتَحَدٍّ دعوى انتساب الأمير إلى الجمعيّة الماسونية، وهذا المقال نُشِرَ بتاريخ رمضان 1329هـ أي بعد وفاة الأمير بتسع وعشرين سنة!! وقبل مئة سنة من يومنا هذا!!!
لقد تحدّاهم الأمير سعيد أن يبرزوا شيئًا من الأدلّة المادية ولكنّهم لم يفعلوا!
إذن عندما ادّعى بعض الماسون انضمام الأمير إلى جمعيتهم لكي يرغّبوا الآخرين بالانضمام إليها، في الوقت الذي لم تكن فيه الماسونية تُهمةً، تصدى لهم حفيد الأمير ونفى مزاعمهم، ونشرت المجلات هذا النفي في حينها. وانتهت القضيّة، فلماذا نجد اليوم ـ وبعد مئة سنة من ذلك النفي ـ بعض الناس يعيدون الحديث في القضية بعدما انكشفت الماسونية وصارت تهمة؟!
وأرجو أن تلاحظوا معي التباين والاضطراب في قضيّة اجتماع الماسون بالأمير وعرضهم عليه الانضمام إليهم. فتارة يقولون إن ذلك حدث قبل 1860، وتارة يقولون إنه حدث سنة 1864، وتارة يقولون إنه حدث سنة 1869؛ وفي مقال الأمير سعيد أثبتَ أنّ ذلك حدث سنة 1869!! وكذلك الأمر فيما نقله السيد بدر الدين عن عمّه الأمير!
ومحلُّ تعجّبي من فعل الأستاذ أباظة أنّه أورد خبر لقاء الماسون بالأمير في متن كتابه ولم يُعلّق عليه بشيء مع أنه مطلعٌ على مقال الأمير سعيد. فما فائدة إيراد مثل هذا الخبر دون بيان قبول الأمير الانضمام أو لا؟!
على كل حال المهم أنه ظهر للجميع تهافت شبهات المروّجين لقصة انضمام الأمير إلى الماسونية.
ـ وبعد المقال الذي كتبه الأمير سعيد متحديًا فيه الذين يدّعون انتساب الأمير إلى الماسونية، خمدت أصوات أولئك الأشخاص.
طبعًا الشعوب العربية المسلمة بعلمائها وعامّتها لم تكن تلتفت إلى تلك الدعاوى فسُمْعَةُ الأمير عبد القادر عندهم من أصفى ما يكون لا يُعكّر صفوها تشويش المشوّشين!
ولكن بعد نكبة العرب والمسلمين سنة 1948م بسلخ جزء كبير من فلسطين عن جسم الأمّة، وبعد نكستهم سنة 1967م وخسارة ما تبقى من أرض فلسطين، وبعد توالي الهزائم وانحطاط الأمّة وضياع كرامتها، بدأت تظهر في طائفة من أبنائها أعراضٌ لمرض نفسي خطير، مرض يسبب لصاحبه الشلل، إنه مرض الانهزام النفسي الكُلّي، وبعد استحكام الشعور بالهزيمة عند المصاب بهذا المرض يلجأ إلى إيجاد الأعذار التي سيتّكئ عليها، وبعد تراكم عدد كبير من تلك الأعذار عند أولئك المصابين تكوّنت لديهم نظرية صارت تُعرف فيما بعد بنظريّة المؤامرة! وأيّ مؤامرة؟ إنها بزعمهم مؤامرةٌ أحْكَمَ نسج خيوطها وحياكتها حكماءُ صهيون، وتقوم على تنفيذها الحكومة الخفيّة أو الجمعيّة الماسونيّة، فكلّ ما يجري في العالم إنما هو بتدبيرهم وإرادتهم!! (زعموا) لأنّ كل رؤساء العالم ماسون وكل موظفي هيئة الأمم ماسون، وكل من يعارضهم يكون مصيره الهلاك، لأنّ الماسون يعرفون كل شيء ويهيمنون على كل شيء!
سبحان الله! لقد صار الماسون وحكماء صهيون عند أولئك الناس كأنّهم آلهة يشركونهم مع الله! والعياذ بالله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/290)
وبدأت هذه النظرية تأخذ مكانها في كتابات بعض المعتقدين بها أو المروّجين لها، ثمّ تكاثرت مقالاتهم وصارت تغزو الصحف والجرائد اليومية، وكَثُرَ الحديث عن هذه المؤامرة ورجالاتها والمنخرطون في سلكها، أو الذين استُخْدِموا لتمرير خططها، وبدأت التُّهم تُلقى جزافًا ولا رقيب ولا حسيب!
وساهمت بعض الجهات في تغذية هذا التوجّه وتدعيمه، لأنها ستستفيد من رواج هذا الفكر واستقراره. وصحيح أنّ بعض الصحفيين يكتب عن الماسون وعمالتهم، من باب تأثّره بنظرية المؤامرة وبرتوكولات حكماء صهيون. إلاّ أنَّ البعض الآخر كان يكتب من باب استغلال تلك النظرية! والسبب أنّ البعض سيستفيد من هذا الأمر في درء الشبهات عن نفسه وتحييد خصومه، وصرف الأنظار عنهم، وإقناع الناس بالواقع المرير! (2)
ومما ساعد أصحاب هذا التوجّه على ترويج نظريتهم، أنّ بعض رجالات العرب والمسلمين انتسبوا إلى الجمعيّة الماسونية في وقت مضى ـ قبل تلك النكبات والنكسات ـ وأعلنوا انتسابهم إليها، وذلك لأنّه لم يكن هناك شيء ظاهر يبعث على الريبة فيها، بل على العكس كان يُنظر إلى تلك الجمعيّة على أنّها أمرٌ حسن، فهي تُنادي بالقيم الإنسانيّة وتدعو إلى مساعدة الآخرين وإلى النهوض بالأمم والرقي بها. هكذا كانت تروِّج لنفسها. وقد انضمَّ إليها في السابق أشخاص لا يُشك في نزاهتهم وصدق نيّاتهم، وهذا جعل المنتسبين الجدد يشعرون بالارتياح.
ولكن بعد مدّة من انتسابهم أحسّوا أنّ وراء تلك الجمعيّة أغراضًا خبيثة مخفيّة لا يُمكن أن يرضوا بها، وأدركوا أنّ تلك الجمعية ستستفيد من انضمامهم إليها لتمرير شيء من أغراضها، فما كان منهم إلاّ أن انسحبوا منها وانقطعوا عنها. بل أخذوا يحذِّرون منها، ويكتبون لفضحها.
ولعلّ كتابات الدكتور عبد الجليل التميمي عن الأمير عبد القادر والماسونية، كانت المصدر الثاني للصحفيين والمفتونين بالشأن الماسوني، بعد كتابات جرجي زيدان وشاهين مكاريوس!!
وعبد الجليل التميمي كان ينقل أشياء عن بعض الكتّاب الغربيين ولكنه يصبغها فيما بعد بنظرته السوداوية للأشخاص! ومرَّ معنا في حلقات سبقت اعتماد التميمي على رسائل مزوّرة ـ سمحت السلطات الفرنسية له ولغيره بالاطلاع عليها وتصويرها!! ـ في الطعن بالأمير وموقفه من الحركات الانتفاضية في الجزائر بعد خروجه منها. وبيّنتُ وقتها التزوير المفتضح لتلك الوثائق، وكذلك جهل الدكتور التميمي بالوثائق الحقيقية التي تُثبت عكس ما ادّعاه.
وبعد ذلك اعتمد عبد الجليل التميمي على كلام ووثائق "زافيني ياكونو" في دعم نظريته القائلة بانضمام الأمير إلى الماسونية! والوثائق المزعومة هي ثلاث رسائل موجّهة إلى الماسون وُضِعَ في نهايتها اسم الأمير عبد القادر وختمه!! وزعموا أنها بخط الأمير!! [بحث التميمي هو:الأمير عبد القادر الجزائري في السنوات الأولى من إقامته بدمشق]
وكتابات التميمي بهذا الخصوص غير علمية وغير موثّقة وهي تعكس رأيه ونظرته ونفسيّته وقد ضمّنها مواقفه القَبْلِيَّة من الأشخاص والأحداث! وعن التميمي نقل الصحفيون وهواة الماسونية تلك الرسائل واستنتاجات التميمي وزافيني منها!!
وأقول: لو كان التميمي والناقلون عنه في كتبهم يتحرّون الحقيقة لأمكنهم بمجرّد إلقاء نظرة سريعة عليها أن يقطعوا بأن تلك الرسائل ليست بخط الأمير حتمًا، ولو قرؤوها وقرؤوا ما فيها من ألفاظ عامّية وإملاء لا يصدر إلاّ عن شخص أعجمي حديث عهد بتعلّم العربية؛ لأيقنوا أنها ليست للأمير الذي يحفظ كتاب الله تعالى، ويروي حديث رسوله صلى الله عليه وسلم، وينظم الشعر وكتاباته مشهورة ومعلومة!
وقد صدرت دراسات علميّة تُبيّن زيف وبطلان هذه الرسائل. ومن أهم تلك الدراسات والوثائق تقرير الخبرة الفنيّة الذي أعدَّه الخبير المحلّف الأستاذ هشام الغراوي بتاريخ (21/جمادى الأولى/1420هـ = 1/ 9/1999م) الخاص بدراسة إحدى تلك الرسائل وهي الرسالة الموجهة إلى محفل هنري الرابع، ظهرت في زمن متأخر، مضمونها شكر وثناء على جمعية المحفل وعلى أغراضها ودعاء لها ولأعضاء المحفل، وكاتب الرسالة يقول إنه مندرجٌ معهم في الأخوية المحبوبة!
وقد تناولها الأستاذ الغراوي بالدراسة الفنية وكانت النتيجة أنها مزوّرة بكل وضوح!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/291)
يقول الأستاذ هشام الغراوي؛ الخبير المحلّف بشؤون الوثائق: ((الوثيقة 4 تَبيَّنَ بالدراسة الفنية الكاملة عليها أنها مزوّرة أيضًا بكل وضوح في أسطرِها التسعة وختمِها وإمضائِها:
فالنصُّ خالٍ من الحمد بالأعلى (خلافًا لعادة الأمير فيما عهدناه في رسائله الصحيحة)، وجاءت الكتابة بالخط "الرقعي/المشرقي" من العصر التركي، وبعيدٌ كل البعد عن الخط المغربي للأمير بأدلة كثيرة جدًّا ظاهرة بالعين المجرّدة ولا تحتاج إلى تفصيل بعد الذي سبق لنا بيانه، وعدد هذه الأدلة يتجاوز "التسعة" بكثير، وفي مقدمتها التركيب الإنشائي المخالف تمامًا لأسلوب الأمير بكتاباته الصحيحة، فضلاً عن عدم معقولية ما فيها من كلامٍ مرفوض لا يُصدّق صدوره عن الأمير من حيث الدعاء لرجال الماسونية بأن يبلّغهم الله أقصى مرادهم (الذي كان مجهولاً في ذلك العصر، حينما لم تكن الماسونية قد انكشفت عالميًا على حقيقتها السرية الرهيبة)؛ وهي مؤرّخة في 10آب (آغسطوس 1864 وتحمل خاتمًا جديدًا لم نرَ مثله في الوثائق الصحيحة (الثابتة على ختم واحد) .. وكأنّ الأمير رحمه الله كان يملأ جيوبه بمجموعة من الأختام .. ثم يتعمّد أن يختم كل وثيقة بخاتم خاص بها! .. ويمتاز الخاتم المنسوب للأمير بهذه الوثيقة (4) بأنه محاط بإطار شبه دائري، وبمثابة ( out line) منتظم لا نجد له مثيلاً بالأختام الأخرى المزوّرة .. ولا الصحيحة!.)).انتهى [من التقرير الفني ص7ـ8]
طبعًا هذا الكلام ينطبق على الرسالتين الأخريين. وبهذا يتبيّن سقوط هذه الشبهة وهذه التهمة.
(والأستاذ هشام الغراوي خبير في الخطوط والوثائق والمخطوطات، وهو الخبير المحلّف بشؤون الوثائق لدى وزارة العدل السورية مدّة 28 سنة، من 1952 إلى 1979م. ويقيم في "أنقرة" بتركية، متفرّغًا للبحث العلمي بشأن المخطوطات والكتب العربية الأثرية، وهو مرجعٌ لكثير من الباحثين يساعدهم في قراءة المخطوطات وفكّ المستعصي فيها).
ـ وهنا نلاحظ بوضوح جهل هذا الكاتب (تشرشل) بحقائق شهيرة وهي أنّ قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وليس في مكّة!! ولذلك من الخطأ الاعتماد على كل ما يذكره الكتّاب الغربيون عن الإسلام ورجاله!
**************************************
([2]) مثال على ذلك ما يفعله مدير الفضائية العربية من تكرير عرض فيلم الأمير عبد القادر ووصفه بالماسوني! مع أنّ مدير تلك القناة هو أنسب بذلك الوصف وأفعاله أكبر شاهد لا على ماسونيّته بل على ما هو أسوء منها!!
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[28 - 01 - 09, 06:37 م]ـ
والآن مع شبهة جديدة: فبعدما تهاوت وسقطت جميع الحجج التي ساقها متَّهمو الأمير بالماسونية، اضطروا إلى اللّجوء لأشياء أخرى ولو كانت بعيدة، ولكن يمكن بتضافرها أن تخلق شكوكًا عند بعض الناس وتدعم حججهم الأولى!
قال الأخ محمد مبارك في (فك الشيفرة): ((كما لجأ إليه فردينان ديليسبس للتوسط من أجل إقناع العثمانيين بمشروع قناة السويس ـ والذي جلب الاستعمار الانجليزي فيما بعد ـ، و لذلك فقد كان الأميرعبدالقادر في طليعة المدعوين في الحفل الأسطوري الذي صنعه الخديوي إسماعيل في عام1869م احتفالا بافتتاح القناة)).انتهى
أقول: ما هو مصدر هذا الكلام العجيب المخالف لما هو ثابت في المراجع الكبيرة التي تحدَّثت عن قصّة شق قناة السويس؟
إنّ في هذا الكلام عدّة مغالطات! أوّلها الزعم أنّ فردينان دوليسبس لجأ إلى الأمير عبد القادر لإقناع العثمانيين بمشروع القناة.
وهذا طبعًا غير صحيح البتّة ولا دليل عليه. والحقيقة أنّ دوليسبس لجأ إلى الأمير سعيد باشا ابن محمد علي باشا حاكم مصر. والقصّة هي أنّ محمد علي باشا كان على صلة بالدبلوماسي ماتيو دوليسبس المقيم في مصر، وكان ابنه الشاب فردينان صديقًا للأمير سعيد ومعلّمًا له. ودوليسبس له قرابة من الإمبراطورة أوجيني، وكان يعمل في القنصلية الفرنسية وكان أبوه من قبله قنصلاً في القاهرة، فكان دوليسبس وهو صبي يختلط ببيت محمد علي وعرف معظم الأمراء الذين حكموا مصر بعد ذلك، وكان الأمير محمد سعيد الذي صار بعد ذلك واليًا على مصر من خاصة أصدقاء دوليسبس. وسبب اختصاصه به أنّ محمد علي غضب عليه فنفاه إلى باريس فلمّا قصدها وجد بيت دوليسبس أهلاً وسهلاً، فكان يصحب دوليسبس ويرافقه أينما ذهب. [عن مجلة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/292)
الهلال. ملخصًا عن مقالة للمستر كرابيتس القاضيالأمريكي في المحاكم المختلطة نشرها في مجلة "آسيا"]
وسبق أن عرض الفرنسيون مشروع القناة على محمد علي فلم يقبل به (خشية طغيان الماء على البلاد)، وبعد سقوط حكم نابليون وعودة أسرة دوليسبس إلى فرنسة عانت الفقر والضعف. وعندما وصل الأمير سعيد باشا إلى سدّة الحكم وصار خديوي مصر، أسرع فردينان دوليسبس وسافر إلى مصر والتقى بصاحبه القديم الأمير سعيد وعرض عليه مشروع شق قناة سويس، فما كان من الخديوي سعيد إلاّ أن وقّع وثيقة امتياز حفر القناة لدوليسبس وذلك سنة 1854م! (الأمير عبد القادر كان في ذلك الوقت مقيمًا في تركية بعد سنة من إطلاق سراحه). وبعد ذلك بسنوات أقرَّ السلطان العثماني الامتيازَ الممنوح لدوليسبس.
وبكلامٍ جامع يقول المؤرّخ الكبير محمود شاكر: ((وما إن تولّى ـ محمد سعيد ـ حتى عرضَ عليه صديقه المهندس الفرنسي فرديناند دولسبس مشروع قناة السويس فأعطاه امتياز ذلك، ودولسبس ابن قنصل فرنسة في الإسكندريّة وصديق محمد سعيد منذ الطفولة، غير أن هذا المشروع قد لقيَ معارضةً واسعة من قِبل الدولة العثمانية على اعتبار أن مصر ولاية منها، وشجّع على ذلك الرفض الإنكليز الذين يخشون من النفوذ الفرنسي في مصر، على حين تريد فرنسة بحصولها على هذا الامتياز أن يزداد نفوذها وتصبح المشرفة على طريق الهند. إلاّ أنّ نابليون الثالث إمبراطور فرنسة قد أيّد هذا المشروع بصورة تامّة، ومشى وراءه بكل إمكاناته، وحصل في النهاية على موافقة الخليفة)).انتهى [التاريخ الإسلامي 8/ 498]
والعجيب في كلام الأخ صاحب (فك الشفرة) أنّه جعل مشروع شق القناة تهمةً لأنّه كان سببًا في رأيه للغزو الإنكليزي!!
مع العلم أنّ سبب التدخل الأجنبي في شؤون الحكم بمصر، والذي تلاه فيما بعد الغزو البريطاني،لم يكن بسبب القناة وإنّما كان سببه تبذير وضخامة الإنفاق من الخزينة، الذي مارسه الخديوي إسماعيل، وبدأ بالاستدانة من البنوك الغربية بفوائد ربوية فاحشة، واضطر إلى بيع أسهم مصر من القناة فاشترتها إنكلترا، وأصبح لها النفوذ القوي في مصر وازدادت الديون على مصر، وبدأت الدول الأوربيّة تطالب بديونها، فبدأ التدخل الإنكليزي بشؤون الحكم في مصر إلى أن انتهى بالغزو والاحتلال. [راجع تفاصيل الموضوع في التاريخ الإسلامي الجزء الثامن من ص500 إلى ص507].
وبفَرْض أنّ الأمير عبد القادر توسّط عند السلطان للقَبول بهذا المشروع، فلماذا يرى البعض أن ذلك أمرٌ قبيح أو تهمة؟!
مصر كانت ولاية عربية مسلمة يحكمها مسلمون تابعون للسلطان العثماني، فما المانع من إقامة مشروع قناة سويس الذي سيحسّن أوضاع تلك البلاد ويدرّ عليها المال؟! وهل إذا طمع الأعداء فيها بسبب مزايا تلك القناة، يعني عدم صحّة الشروع بها؟! لقد غزت الجيوش الفرنسية مصر واحتلتها قبل شق تلك القناة، ثم تحررت البلاد ورجعت إلى أهلها، وبعد ذلك غزتها الجيوش البريطانية، وعادت وتحررت، ومن حينها إلى اليوم مصر تنعم بالوارد المالي الضخم الذي تدرّه عليها تلك القناة، وتتبوّأ مكانةً عالمية مميزة بسبب ذلك.
على كل حال إن أوّل من تحقق على يديه شق قناة تصل بين البحر المتوسط والبحر الأحمر هو سنوسرت الثالث أحد فراعنة السلالة الثانية عشر (2000ـ1800 قبل الميلاد)، ولمّا حكم ملك الفرس داريوس مصرَ سنة 510 قبل الميلاد أدخل على تلك القناة تحسينات كبيرة، وفي سنة 285 قبل الميلاد أعاد حفر القناة كلها بطلميوس الثاني، وفي سنة 98 قبل الميلاد أعاد الرومان استعمال القناة بعد أن أُهملَت في أواخر عهد البطالسة. [الموسوعة العربية 11/ 364]
وأمّا في عهد المسلمين فتذكر الموسوعة العربية أنه: ((لمّا فتح العرب المسلمون مصر، ووُلِّي عليها عمرو بن العاص (641ـ644م)، خطر له أن يحفر قناة تصل مباشرة بين البحرين المتوسط والأحمر، وتشقّ السهل المنبسط القليل الارتفاع، الممتد جنوبي "فرما"، وهي مدينة كانت قائمة على مقربة من موقع بور سعيد الحالي. ولكن الخليفة عمر بن الخطّاب عارض هذا المشروع، إذ جاء من يُنبّهه إلى أنّ شق البرزخ يُعرّض مصر كلها لطغيان مياه البحر الأحمر، فأمر الخليفة بالاكتفاء بإعادة قناة الرومان القديمة، لكي يتسنّى للسفن السفر إلى الحجاز واليمن والهند،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/293)
وبذلك أعاد العرب قناة الرومان إلى الملاحة من الفسطاط إلى القلزم، في أقل من ستة أشهر (القلزم هو اللفظ العربي لاسم السويس القديم كليسما).
وقد سمّيت هذه القناة بقناة أمير المؤمنين، واستُخدمت زهاء 150سنة، لتنشيط التبادل التجاري بين البلاد العربية وأنحاء المعمورة كافة، وخاصة لنقل الحجاج إلى بيت الله الحرام، على أن الخليفة العبّاسي أبا جعفر المنصور أمر بردمها في نهاية القرن الثامن، كيلا تستخدم في نقل المؤن إلى أهل المدينة الذين تمرّدوا على سلطته، فتعطّلت بذلك الصلة مع البحرين مدة أحد عشر قرنًا.
وفي أثناء إقامة الفرنسيين في مصر، إثر الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت، درس المهندسون الذين رافقوا الحملة العسكرية، النيل والبحر الأحمر وبرزخ السويس، وبحث علماء الآثار عن بقايا الأقنية القديمة. ولم يكن من السهل على "دوليسبس" إقناع المسؤولين بفكرة فتح القناة، بسبب المخاوف القديمة من طغيان مياه البحر التي كانت تراود أفكار الناس. واستمر دوليسبس في بذل مساعيه مستفيدًا من صداقته للخديوي محمد سعيد، الذي أصدر فرمانًا في تشرين الثاني من عام 1854 يُعطي امتياز فتح القناة إلى دوليسبس، وصدَّق الباب العالي امتياز القناة في تشرين الثاني 1858، وكانت مدة الامتياز 99 سنة.
ومع العقبات الكثيرة التي واجهت هذا المشروع، فقد أمكن تدشينها في تشرين الثاني من عام 1869، وحضر الحفلة عدد من ملوك أوربا، ومنهم الإمبراطورة أوجين زوجة نابليون الثالث وامبراطور النمسا وأمير بروسيا {ألمانيا}.
وبقيت القناة التي تمر عبر أراضي مصر، والتي حفرتها أَيْدٍ عربية، ملكًا لشركة السويس العالمية، ومركزها باريس إلى أن أممتها الحكومة المصرية في 26 تموز 1956 {يعني قبل نهاية الامتياز بـ 12سنة}، فغدت شركة مصرية (عربية) وطنية)).انتهى [الموسوعة العربية 11/ 365]
إذن هذه قصّة قناة سويس؛ وألفت انتباه القارئ إلى أنّ بعض الكتّاب يذكرون في كتاباتهم أنّ دوليسبس صديقٌ للأمير عبد القادر! وهذا خطأ أيضًا، ولعلّ السبب في ذلك أنهم أثناء قراءتهم لتاريخ مصر في عهد محمد علي وابنه الأمير سعيد، يكثُرُ الحديث عن الأمير وصديقه دوليسبس! ثم يأتي الحديث عن قناة سويس وعن حضور الأمير عبد القادر. فينصرف ذهنهم إلى أنّ المقصود بصديق دوليسبس هو الأمير عبد القادر مع أنّ المقصود هو الأمير سعيد باشا كما هو ظاهر في جميع النقول التي سقتها.
والعجيب من أولئك الكتاب إطلاقهم هذا الوصف (صديق الأمير) على بعض الأشخاص! فهل كل من يراسله الأمير أو يتصل به لسبب أو لآخر يكون صديقًا له؟ وكلمة صديق يستعملها العرب لدلالة معيّنة بخلاف الدلالة التي يريدها الأوربيون!
ولمزيدٍ من البيان أقول: إنّ معرفة الأمير بدوليسبس كانت بعد قناة السويس، فبعد افتتاح هذه القناة ونجاحها والثناء العالمي عليها، تحمّست فرنسة لإنجاز مشروع "البحر الداخلي الإفريقي" الذي يشتمل على أجزاء كبيرة من الأراضي التونسية والجزائرية، وذلك في عقد السبعينيات وأوائل الثمانينيات من القرن التاسع عشر، ويقع حوض هذا البحر في المنطقة المحصورة بين خليج فابس على الساحل التونسي شرقًا، وجبال أولاد نايل وهضبة ميزاب غربًا، وجبال الأوراس والنمامشة وتبسّة والظهر التونسي شمالاً، وجبال مطمامة والهقّار جنوبًا. ولكن سكّان تلك الأراضي ترددوا في قبول هذا المشروع وعارضوه، لأنّ البحر المفتوح سيغمر قراهم وأراضيهم، فلجأ أصحاب هذا المشروع، وعلى رأسهم دوليسبس، إلى الأمير عبد القادر الجزائري وتَرَجَّوْهُ أن يكاتب أهالي وسكّان تلك المناطق ليقنعهم بفائدة المشروع. وليس ذلك لأن دوليسبس والحكومة الفرنسية أصدقاء للأمير كما يزعم البعض! وإنما لما يعلمه هؤلاء من المكانة العظيمة والمنزلة الرفيعة التي للأمير عند شعبه في الجزائر ومدى تأثيره فيه، على الرغم من كل الحواجز التي وضعتها واختلقتها فرنسة بين الأمير وشعبه!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/294)
فلمّا اقتنع الأمير بجدوى هذا المشروع وما سيجلبه لبلاده من الخيرات الكثيرة في مستقبله المنظور ـ لأنّ الاحتلال الفرنسي لبلاده لن يدوم بل سيزول ـ كتبَ رسالة وأرسلها إلى الجزائريين يحثّهم فيها على تأييد هذا المشروع، وأوضح لهم الأهميّة التي ستنجم عن إنجاز هذا البحر، ودعَمَ آراءه بآيات من القرآن الكريم، وبأحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
ولكن عندما اطلع بعض الناس (من أصحاب فكر الاتهام والتشكيك في سلف الأمّة) بعد قرابة قرنٍ من وفاة الأمير على رأيه في المشروع أسرعوا وأطلقوا أحكامهم المنتقدة للأمير على موقفه هذا.
وقد تأثّر بعض الباحثين بهذه الانتقادات وبما كانت تروّجه بعض الكتابات الفرنسية، ولكنه سرعان ما استدرك الأمر وصدع بالحق.
وأقصد بهذا المؤرّخ الأستاذ الدكتور يحيى بو عزيز رحمه الله، الذي تعرّض لموضوع البحر الداخلي بالدراسة والبحث في عدّة رسائل ومحاضرات ثمّ جمع مضمونها في كتابه (مع تاريخ الجزائر في الملتقيات الوطنية والدُّولية) ومنه نقلتُ الموضوع؛ يقول الدكتور يحيى بو عزيز معلّقًا على مراسلة الأمير للجزائريين بخصوص المشروع: (( .. وراسلهم وذلك مما يدل على بعد نظره وتفهّمه، وإدراكه للأهمية الاقتصادية لهذا المشروع الضخم، رغم أنه كان بعيدًا عن الميدان، وليس صاحب اختصاص في الموضوع. وقد نشرنا عن هذا الموضوع دراسة وثائقيّة بمجلّة الأصاله انتقدنا فيها موقف الأمير، ثمّ لمَّا تعمّقنا في الموضوع بالبحث والدراسة اكتشفنا أنه على حق، فصححنا ذلك في الملتقى الثالث عشر للفكر الإسلامي بـ "تامنراست" عندما تناولنا هذا الموضوع بالبحث والدراسة من جديد)).انتهى [(مع تاريخ الجزائر) ص235]
رحِم الله الأستاذ بو عزيز؛ وهذا الموقف منه يدلّ على حرصه وتمسّكه بالحق، وسرعة رجوعه عن الخطأ بمجرّد ما لاح له الحق. وهذا هو دأب المنصفين والمتّقين من علماء المسلمين.
وقد أَسِفَ الدكتور يحيى بو عزيز على عدم إنجاز مشروع البحر الداخلي وتمنّى لو يُعاد النظر فيه اليوم، فقال: ((إن مشروع هذا البحر الداخلي الإفريقي، عظيم الأهمية، كثير الفوائد والمزايا ويا حبّذا لو يُعاد التفكير في إنجازه مرة أخرى بعد أن تحررت شعوب المنطقة من الاستعمار الأوربي. فتسعى كلٌّ من تونس والجزائر ولربما ليبية، لدراسته من جديد وفقًا للتطورات العلمية والتقنية الحديثة. وتعمل على إنجازه بواسطة الخبرة الدولية، ورؤوس أموال الدول البترولية العربية الغنية التي تملك أرصدة ضخمة في البنوك الأجنبيّة الأوربيّة، والأمريكية، ولربما اليابانية كذلك.
إن هذا البحر، رغم ما سيغمره من أراضٍ وقرى عمرانية كثيرة، ستكون له آثار ونتائج إيجابيّة على مستقبل الصحراء وسكانها في الآماد البعيدة. لأنه سيقضي على الجفاف الحاد والعزلة الشديدة والتخلّف الفظيع. ويسمح للأساطيل البحرية أن تصل إلى أعماق الصحراء لإفراغ وشحن حمولاتها المختلفة، وإيصال مرافق الحضارة إلى السكان العزّل بسهولة، وييسر الاتصال بين أعماق الصحراء والعالم الخارجي.
وإذا ما أنجز هذا البحر الداخلي، فإنه سيضاف إلى قائمة المنجزات العملاقة للجزائر، وجيرانها من بلدان الشمال الإفريقي، وسيقضي على خرافة التفوق الأوربي كذلك، ويفتح المجال على مصراعيه للرأسمالية العربية لتستثمر في مشاريع التنمية الاقتصادية العربية الإسلامية، بدلاً من استثمارها في مشاريع الأغنياء المترفين في أوربا وأمريكا ولربما اليابان)).انتهى [(مع تاريخ الجزائر) ص88]
فرحمة الله على الدكتور يحيى بو عزيز، ورحمة الله على الأمير عبد القادر!
أمّا الشبهة قبل الأخيرة التي أثارها بعض الناس حديثًا حول الأمير فهي حقًا من أعجب الشُّبَه!!
ألا وهي النجمة السداسية الموجودة في شعار الختم الذي تُختم به بعض أوراق الأمير. وقد زعموا أنه ختم الأمير الخاص.
أقول: إنّ هذا الختم الذي يتحدّثون عنه ليس ختمًا خاصًّا بالأمير، وإنما هو ختم الإمارة والدولة! وكانت الأوراق الرسمية (كالمعاهدات والمراسيم) تختم به في أعلاها، وهو دائري الشكل مكتوب في محيطه البيت المشهور من قصيدة البردة للبوصيري:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/295)
((ومن تكن برسول الله نصرَتُه ... إنْ تَلْقه الأُسْد في آجامها تجِمِ)) وفي وسط الختم يوجد نجمة سداسية مرسومة بخطوط متقاطعة كتب في كل رأس من رؤوسها المثلّثة، على التسلسل ((الله، محمد، أبو بكر، عمر، عثمان، عليّ))؛ وفي وسط النجمة يرتسم الشكل المسدس المشهور لخلية النحل وكُتِب في وسطه: ((الواثق بالقوي المتين، ناصر الدين، عبد القادر بن محيي الدين))
وقد نصّ المؤرخون على كون هذا الختم خاصًّا بالإمارة الجزائرية [انظر على سبيل المثال كتاب (المقاومة الجزائرية تحت لواء الأمير عبد القادر) لإسماعيل العربي ص221].
وهذا الختم صنع سنة 1832م يعني قبل قيام إسرائيل بـ (116) سنة!
واليهود لم يتخذوا النجمة السداسية شعاراً لهم إلاّ بعد تأسيسهم لدولتهم المسخ!
وأمّا الماسون قبل الكيان الصهيوني فكان في شعاراتهم النجمة الخماسية وما زالت!
فكان على مثيري هذه الشبهة أن يتّهموا كل مَنْ في شعاره أو ختمه أو علم بلاده أو نقوشه ورسومه نجمة خماسية أنه ماسوني! لأنّها شعار للماسونية منذ نشأتها إلى اليوم بخلاف السداسية. وطبعًا هذا ضربٌ من الجنون أيضًا!
يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري: ((من رموز الماسونية: المثلث، والفرجار، والمسطرة، والمقص، والرافعة، والنجمة الخماسية، والأرقام 3 و5 و7)).انتهى [موسوعة اليهود 5/ 380]؛ ولم يذكر النجمة السداسية.
والنجمة السداسية هي شكل هندسي مشهور وكان يُعدُّ شعارًا لشمال إفريقية، ويمكن للناظر أن يجده منقوشًا أو مرسومًا في الكثير من الأبنية القديمة الباقية في الجزائر أو المغرب أو تونس ومصر ...
وكذلك يمكن أن يراه في الأبنية العثمانية الموجودة في شمال إفريقية أو في المشرق أو في تركية.
وعندنا هنا في دمشق نرى النجمة السداسية موجودة في معظم الأبنية العثمانية كالمساجد أو التكايا، وهي ظاهرة بوضوح ولونها أسود. هذا عدا النجمات السداسية المتشكلة من الرسوم والنقوش الهندسية المعروفة بـ (خط النقش العربي) والتي تظهر بوضوح في قطع الأثاث المصنوع من "الموزاييك" وكذلك في الجدران والأسقف الخشبية التي تزين بها الأبنية الفخمة.
وأكثر من ذلك: فإن كل أحد يستطيع أن يرى النجمة السداسية المفردة بكل وضوح على مآذن الجامع الأموي بدمشق؛ والذي بناه الأمويون قبل ثلاثة عشر قرنًا!!
وإنّ بعض ملوك وسلاطين المغرب وعلمائه أيضًا، اتّخذوا لأنفسهم أختامًا شخصيّة شعارها النجمة السداسية، وهذا قبل عصر الأمير عبد القادر. والناظر في كتب التراجم المصوّرة يقف على بعض هذه الأختام والشعارات. وأضرب لكم مثالاً على ذلك، الختمَ الخاص لسلطان المغرب سليمان بن محمد ويمكن رؤيته في موسوعة "الأعلام" للزركلي. وإليكم ترجمة هذا السلطان:
قال الزركلي: ((المولى سليمان (1180 - 1238 هـ = 1766 - 1822م) سليمان بن محمد بن عبد الله بن إسماعيل، أبو الربيع، الشريف العلوي: من سلاطين دولة الأشراف العلويين في مراكش.
بويع بفاس سنة 1206هـ، بعد وفاة أخيه المولى يزيد. وامتنعت عليه مراكش، فزحف إليها سنة 1211هـ، فبايعه أهلها. وأقام فيها مدة ثم استوبأها، فانتقل إلى مكناسة، وتوفي بمراكش.
كانت أيامه كلها أيام ثورات وفتن وحروب، انتهت باستقرار الملك له، في المغرب الأقصى.
وكان عاقلاً باسلاً، محبًا للعلم والعلماء، له آثار في عمران فاس وغيرها، قال الكتاني: كان من نوادر ملوك البيت العلوي في الاشتغال بالعلم وإيثار أهله بالاعتبار. له حواش وتعاليق على الموطأ والمواهب)).انتهى
وقال عبد الحيّ الكتاني في "فهرس الفهارس" مترجمًا له: ((الفقيه البياني النحرير الناسك، له حواش وتعاليق على الموطأ وشرحها للزرقاني والمواهب وغيرها، وحاشية عليّ الخرشي في مجلدين، حلاّه أبو التوفيق الدمنتي في فهرسته بـ "السلطان الجليل، العلامة النبيل، الشريف الأفضل، الحجة الأكمل" .... وقال القاضي ابن الحاج في "الأشراف": " كان لا يجالس إلا الفقهاء، ولا يبرم أمراً من أمور مملكته إلا بعد مشاورتهم ولا يقبل منهم إلا النص الصريح، ويبالغ في الثناء عليهم وتعظيمهم وصلتهم ومودتهم وتفقد أحوالهم وأحوال كل من له صلة بهم"اهـ. وكان له اشتغال بقراءة التفسير والحديث غريب، انقطع لذلك وعكف عليه)).انتهى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/296)
ولم يكن أحد في السابق ينفر من هذه النجمة أو يستهجن وجودها قبل قيام دولة إسرائيل وجعلهم تلك النجمة شعارًا لهم. ومع ذلك فإنّ اليهود يرسمون شعارهم على شكل مثلثين متداخلين غير متحدين فيظهر الشكل يشبه النجمة السداسية.
وأمّا الماسون فهم لا يتخذون من النجمة السداسية شعارًا لهم وإنما شعارهم الفرجار والزاوية القائمة، وهم يرسمونه بحيث تتداخل الزاوية القائمة مع الفرجار فيظهر بشكل يشبه النجمة السداسية، وذلك لأنهم يرمزون بهذا الشكل إلى زعيمهم الذي يدعونه بـ "مهندس الكون الأعظم"
فليس من المقبول عقلاً أن يُقال إن دولة الأمير اتخذت رسم النجمة السداسية ضمن خاتمها الرسمي تشبّهًا باليهود أو تقليدًا لهم. واليهود لم يتخذوا ذلك الشعار إلاّ بعد أكثر من قرن من تصميم ختم الإمارة الجزائرية. ليس ذلك فحسب بل إن قائل ذلك لا يتهم الأمير وإنما يتهم كل الدولة الجزائرية في ذلك الوقت: القواد العسكريين والوزراء والخلفاء والشيوخ والشعب عامّة.
وكل ما في الأمر أنه رسم هندسي لا علاقة له بأي جهة لا من قريب ولا من بعيد.
أمّا الأمير عبد القادر فاتخذ لنفسه خاتمًا شخصيًا يختم به رسائله أو إجازاته. وهو ختم دائري صغير مكتوبٌ فيه: (عبد القادر بن محيي الدين) وكان يختم به الرسالة في نهايتها آخر الصفحة، بخلاف ختم الإمارة الذي يوضع في رأس الصفحة. وختم الأمير الخاص لا يوضع إلا في نهاية الرسائل أو الإجازات.
وأمّا آخر شُبهة وقفتُ عليها في اتهام الأمير، فهي ما ذكره الأخ صاحب"فك الشفرة" بقوله: ((كما قام بإنشاء مصرف دولي كان يموّل الطريق التي تربط ما بين دمشق وبيروت، ومن خلاله قام باستقبال أسرة آل روتشيلد اليهودية العالمية المُريبة "صانعة الملوك")).انتهى
أقول: هذا الكلام باطلٌ جملةً وتفصيلاً! وأنا لم أقف عليه في أي مرجع ولم أسمعه من أي شخص عارف مطلع، وأوّل مرّة سمعت به كان على لسان الفرنسي"برونو إيتيان" في الفيلم المُغرض الذي بثّته وتبثّه القناة المشبوهة "العربية"! ويبدو أنّ الأخ محمد مبارك اعتمد عليه كسائر الأقوال التي اقتبسها من هذا الفيلم! وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وكل معطيات هذا الكلام مردودة بالوقائع الثابتة!
إنّ مهمّة إنشاء الطرق بين المدن والولايات والإنفاق عليها هي من صلاحيات الحاكم أو الوالي وبموافقة الباب العالي، ويُرصد لها ميزانيّة كبيرة؛ فكيف يُنسب هذا المشروع ـ شق الطريق بين دمشق وبيروت ـ إلى الأمير عبد القادر الذي لا يحمل أي صفة رسمية في الدولة؟ ومن أين للأمير أن يموّل مثل هذا المشروع وهو يحصل على مرتب شهري من الحكومة الفرنسية، وعطاءات من السلطان العثماني؟
وحقيقة الأمر أنّ الذي قام على مشروع الطريق بين دمشق وبيروت إنما هو "رشدي شرواني باشا" والي دمشق العثماني (من 1277 إلى 1280هـ تقريبًا) وفتحُ هذا الطريق يُعدُّ من منجزاته وآثاره. هذا ما تذكره المراجع التاريخية المتخصصة في هذا الشأن: قال أديب تقي الدين في "منتخبات التواريخ لدمشق": ((ثم جاء رشدي شرواني باشا، وهو من المطلعين على حقائق هذه البلاد، لأنه كان في معيّة فؤاد باشا بعمامة بيضاء سالكًا سلوك العلماء، وهو من أعضاء مجلس فوق العادة، ومن المريدين لهذه البلاد الإصلاح والسعادة، فانتفع به الوطن وحَمِدَ الناسُ أيّامَ ولايته، وأبقى من الآثار الحسنة ما يستوجب عليه الثناء لأنه كان فخر الأمراء وعين العلماء. وكان متقلدًا لمنصب الصدارة، وفي زمنه صار تشكيل الولايات، وطريق "الشوسة" بين بيروت ودمشق)).انتهى [منتخبات التواريخ 1/ 269]؛ و"الشوسة" اسم الشركة التي شقت الطريق.
والقارئ لتراجم وسِيَر الولاة العثمانيين على مدينة دمشق يرى أنّ شق الطرق وإصلاحها وبناء المدارس ومدّ الأسلاك البرقية وبناء الجسور وغير ذلك إنما هو من مهامهم، وتمويله يكون من خزينة الولاية! والدولة العثمانية كانت تستعين بشركات أجنبية إيطالية وألمانية وغيرها لإنجاز كثير من تلك المشاريع. (من بين تلك المشاريع إنشاء شبكة للاتصالات البرقية بين دمشق والمدينة المنورة).
ولكن الأمر العجيب الذي لا أدري كيف استساغه الأخ محمد مبارك أو غيره ممن خاض في هذا الموضوع، هو زعمه أنّ الأمير أنشأ مصرفًا دوليًا للتمويل ومن خلاله استقبل آل روتشيلد!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/297)
فإمّا أنه غاب عنه معنى مصرف دولي أو أنه غاب عنه ما معنى آل روتشيلد!
الأمير عبد القادر كان ميسور الحال، هذا صحيح، ولكن هذا لا يعني أنّه كان من عمالقة الرأسماليين بل ولا من صغارهم. فدخله الشهري يكاد لا يبقى منه شيء آخر الشهر فهو يخصص منه مرتبات ثابتة لعشرات العلماء ولأبنائهم وكذلك لأُسَر الفقراء وللأعمال الخيرية، وطبعًا لأسرته وعائلته، وتحدّثنا بشيء من التفصيل عن وضعه المالي في حلقات سبقت فيمكن الرجوع إليها.
كانت تأتيه السندات المالية (الكمبيالات) بمرتبه الشهري، ويقوم ببيعها إلى صرّاف في بيروت وكانت قيمة السند تساوي (12,375) فرنك فرنسي!!
فرجل هذا هو دخله الشهري، كيف يمكن له أن يؤسس مصرفًا دوليًا أو يموّل مشروعًا بملايين الفرنكات؟! (وللفائدة فإن تَرِكَة الأمير المالية ليس فيها مصارف ولا بنوك ولا أموال نقدية كبيرة، وإنما هي دُوْرُه وأراضيه)
أمّا آل روتشيلد: ((فهم عائلة من رجال المال ويهود البلاط الأوربي الذين تحوَّلوا بالتدريج إلى رأسماليين من أعضاء الجماعات اليهودية. واكتسب نيثان ماير روتشيلد مكانة مرموقة في عالم المال أثناء الحروب النابليونية حيث ساهم في تمويل إنفاق الحكومة الإنجليزية على جيشها في أوربا، واستعان في ذلك بأخيه جيمس روتشيلد المقيم في فرنسة، كما ساهم في تمويل التحويلات البريطانية إلى حلفائها في أوربا. وقد استطاعت عائلة روتشيلد، خلال تلك الفترة، تدبير ما يقرب من 100 مليون جنيه إسترليني للحكومات الأوربية. وبعد الحرب، كانت هذه العائلة هي الأداة الرئيسية في تحويل التعويضات الفرنسية إلى الحلفاء وفي تمويل القروض والسندات الحكومية المخصصة لعمليات إعادة البناء. وأكسبته هذه المعاملات المالية مكانة متميِّزة في جميع أنحاء أوربا ودعمت مركز مؤسسته كواحدة من أبرز المؤسسات المالية الأوربية في تلك الفترة.
ولـ "ليونيل روتشيلد" أعمال مالية شهيرة: من بينها تدبير قرض قيمته 16 مليون جنيه لتمويل حرب القرم (التي خاضتها الدولة العثمانية مع حلفائها بريطانيا وفرنسة لمواجهة روسيا). كما قدم ليونيل التمويل اللازم لدزرائيلي رئيس وزراء بريطانيا، الذي كانت تربطه به صداقة وثيقة، لشراء نصيب مصر في أسهم قناة السويس عام 1875، وهي عملية تمت في كتمان وسرية تامة بعيداً عن الخزانة البريطانية، ولم يُبلَّغ البرلمان البريطاني بها إلا بعد إتمامها. ولا شك في أن مساهمة بيت روتشيلد في تقديم القروض للخديوي إسماعيل ولأعيان مصر، وما تبع ذلك من تَضخُّم المديونية المالية لمصر، ثم ما جر ذلك وراءه من امتيازات أجنبية ثم تَدخُّل بريطاني في آخر الأمر بحجة الثورة العرابية، كل ذلك تم في إطار المصالح الإمبريالية الرأسمالية التي كانت تسعى لفصل أهم أجزاء الإمبراطورية العثمانية عنها تمهيداً لتحطيمها وتقسيمها.
وقد اشترك ليونيل روتشيلد أيضاً في إقامة السكك الحديدية في فرنسة والنمسا ....
وأما جيمس ماير دي روتشيلد فكان مقرباً لملك فرنسة لويس فيليب حيث تولى إدارة استثماراته المالية الخاصة، كما قدَّم قروضاً عديدة للدولة. كما شارك مدة طويلة من عمره في رسم السياسة الخارجية الفرنسية. وفي أعقاب ثورة 1848، استمر بيت روتشيلد في تقديم خدماته المالية وقام بتدبير القروض لنابليون الثالث ....
وشارك بيت روتشيلد في تمويل الجيوش والحروب، وفي تسوية التعويضات والديون، وفي تمويل مشاريع إعادة بناء ما دمرته الحروب وفي تقديم القروض للعديد من الملوك والزعماء، وفي تمويل المشاريع والمخططات الاستعمارية والتي كان المشروع الصهيوني في فلسطين في نهاية الأمر يشكل جزءاً منها)).انتهى [باختصار من موسوعة اليهود للمسيري 3/ 88]
إذن فآل روتشيلد كانوا يموّلون الحروب والجيوش والمشاريع الضخمة في أوربة، وكانت الدول العظمى كبريطانية وفرنسة تقترض من بنوك آل روتشيلد عشرات الملايين من الجنيهات، وبلغت بعض القروض الممنوحة لعدة حكومات أوربية مئة مليون جنيه إسترليني، وكانت مصر ترزح تحت وطأة ديونها العائدة لمؤسسات روتشيلد، بل إن الدولة العثمانية ترتبت عليها ديون كبيرة لبنوك آل روتشيلد! فكيف صدّق الأخ صاحب "فك الشفرة" بأن الأمير يمكن أن يؤسس مصرفًا دوليًا، يستقبل من خلاله أسرة آل روتشيلد؟! والأمير كان يحصل على مرتبه من نابليون
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/298)
الثالث الذي كان يقترض لدولته من مؤسسة آل روتشيلد!!!
وللفائدة أذكره بأنّ توجهات أسرة آل روتشيلد في حياة الأمير عبد القادر لم تكن صهيونية!
يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري: ((ومن الجدير بالذكر أن عائلة روتشيلد، مثلها مثل غيرها من عائلات أثرياء اليهود المندمجين في المجتمع البريطاني، كانت في البداية رافضة لصهيونية هرتزل السياسية بسبب تَخوُّفهم مما قد تثيره من ازدواج في الولاء، وهو ما يشكل تهديداً لمكانتهم ووضعهم الاجتماعي. وقد ساهمت العائلة في تأسيس "عصبة يهود بريطانيا المناهضة للصهيونية". لكن هذا الموقف تبدَّل فيما بعد حيث تبيَّن أن وجود كيان صهيوني استيطاني في المشرق العربي يخدم مصالح الإمبراطورية البريطانية، وذلك إلى جانب أن الصهيونية كان يتم تقديمها في ذلك الوقت كحل عملي لتحويل هجرة يهود شرق أوربا إلى فلسطين بعيداً عن إنجلترا وغرب أوربا)).انتهى [موسوعة اليهود 3/ 89 ـ90]؛ توفّي الأمير، وهرتزل عمره عشرون سنة!
وختامًا أقول: أرجو أن أكون قد وفّقت في رد الشبهات المثارة حول شخص الأمير عبد القادر الجزائري، تلك الشبهات التي ما كان لها أن تجد مجالاً للقَبول أو الانتشار لو أنّ المتلقّين لها كانوا على شيء من الاطلاع أو المعرفة بتاريخ تلك الحقبة، فضلاً على تاريخ الأمير عبد القادر وسيرته، أو أنّهم تريّثوا وتبيّنوا قبل أن يقبلوها ويروّجوا لها.
وللَّذين يريدون معرفة سيرة الأمير عبد القادر الجزائري أقول: إنّ هذه الحلقات ليست السبيل إلى ذلك، فأنا في هذه الحلقات كنتُ معنيًّا ببحث الشبهات والتهم ثم معالجتها وردّها. ولم أتطرّق إلى سيرة الأمير إلاّ عَرَضًا ولضرورات البحث. وإنما السبيل إلى ذلك هي قراءة الكتب والمراجع المتخصصة في هذا الشأن. وليس من ترجمة وسيرة الأمير التي تنشر في الإنترنت ويتناقلها الجميع وينشرونها في منتديات ومواقع كثيرة، وهي ترجمة غير دقيقة بل فيها الكثير من الخلل، ومع ذلك فهي لا تتعرض لتفاصيل سلوك وأخلاق ومبادئ الأمير. ولعلّي في القريب إن شاء الله أضع لكم ترجمة عن حياة هذا الرجل من المراجع الموثوقة تُبيّن بوضوح خصاله وشمائله.
وكنت أود أن أتطرّق إلى كشف حقيقة بعض الكتب التي تعرّضت للحديث عن الماسونية والتحذير منها وأورَدَت أسماء بعض رجالات العرب والمسلمين ضمن المنتسبين إليها في محاولة للتشهير بهم! ولكن أرجأت هذا إلى وقت آخر خشية التطويل.
بقي أمر وهو أنني سأنهي قريبًا بحثي في كتاب "المواقف" وديوان الأمير، وسيأتيكم في رسالة مستقلة في أقرب فرصة إن شاء الله.
والحمد لله أولاً و آخرًا، وأشهد ألا إله إلاّ الله وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، وأستغفر الله العظيم من كل خلل أو زلل. {ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم}.
خلدون بن مكّي الحسني
دمشق أول المحرّم 1430هـ
ـ[أبو مصعب البكري]ــــــــ[03 - 02 - 09, 07:04 ص]ـ
شيخنا الكريم أبا إدريس الحسني
نحن بانتظار المقال الذي كتبته وتحدثت عنه في قناة المستقلة بخصوص كتاب (المواقف)
وكنت أظن أنك سوف تضعه هنا
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[09 - 02 - 09, 04:59 م]ـ
حيّاكم الله شيخنا الحبيب أبا مصعب البكري
إنّ بحثي في كتاب المواقف سيأتيكم قريبًا إن شاء الله.
أسأل الله أن يبارك لي ولكم في وقتنا.
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[10 - 02 - 09, 02:49 م]ـ
بارك الله فيك ونفع بك
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[13 - 02 - 09, 02:05 م]ـ
وفيكم بارك الله أخي عبد القادر
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[29 - 03 - 09, 11:21 ص]ـ
بارك الله فيكم شيخنا الكريم أبا إدريس
فقد أضاء بحثكم القيم جوانب عديدة من حقبة تاريخية بالغة الأهمية والخطورة في حياة أمتنا
أعني تلك الحقبة التي كانت بعض أحداثها مقدمة لسقوط الخلافة
فجزاكم الله خيراً
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[29 - 03 - 09, 11:26 ص]ـ
الشيخ الكريم محمد المبارك
مر شهران منذ آخر حلقة للشيخ أبي إدريس ولم نر تعليقاتكم أو مناقشاتكم التي سبق وأجلتموها لانتهاء كلام الدكتور
فإن كنتم توافقون على كل ما ذكره -كما كتبتم بعد إحدى الحلقات- فنرجو بيان ذلك ...
وإن كان الأمر كذلك ... فماذا بشأن موضوعكم "فك الشفرة" شيخنا الكريم؟!
فالموضوع ما زال كما هو ولم تبينوا فيه موقفكم الجديد ... إن كان ثمت.
جزاكم الله خيراً ونفع بكم(97/299)
الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء ... سؤال مطروح من أوروبا؟
ـ[أمغار عبد الواحد]ــــــــ[19 - 06 - 08, 03:43 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعض اخواننا في اوروبا يعانون من التاخر الحاصل في آذان صلاة العشاء حيث يؤذن عندهم الساعة الثانية عشر والنصف فيسألون هل يمكنهم الجمع في هذه الحالة خاصة انهم يجدون مشقة في الاستيقاظ لآذان صلاة العشاء؟
ـ[أمغار عبد الواحد]ــــــــ[19 - 06 - 08, 11:39 م]ـ
عاجل جدا .. للرفع
ـ[أمين حماد]ــــــــ[21 - 06 - 08, 03:00 ص]ـ
أخي بارك الله فيك سؤالك موجه للعلماء والطالب وظيفته الاستماع وأخوك طالب
واحتسب ما يكتبه لك فائدة فقط وليست فتوى
أخرج مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع من غير خوف ولاسفر} سبعا وثمانيا وفي رواية من غير خوف ولا مطر
وقد ترك العمل بهذا الحديث معظم الفقهاء حتى قال الإمام الترمذي في نهاية جامعه أنه من
الأحاديث الأربعة التي لم يعمل بها،
وقد عمل به أئمة من السلف وقالوا لاينبغي أن يكون ذلك عادة للمسلم
وسئل التابعي الجليل جابربن زيد ابن عباس ما الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم
من هذا الجمع فأجابه:أراد ألايحرج أمته، وفي رواية ألاتحرج أمته
وانظر غير مأمور شرح الحديث في صحيح مسلم ومعالم السنن للخطابي
ولوكان عندي الآن مراجع لأتحفتك بما أمكن لكن للأسف ليست عندي
هذا ماعلق بالذاكرة في الموضوع
وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[21 - 06 - 08, 10:02 ص]ـ
اخي الكريم
هذا التأخر ليس له مبرر اذ أن وقت العشاء يدخل بعد غروب الشمس بساعة وربع تقريبا
فعلى هذ لكم ان تصلوا ولا تنتظروا الآذان اذا تأكدتم من دخول الوقت عن طريق التقاويم الدقيقة
كتقويم ((الاسنا))
نظر
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=134566
ـ[ابو هبة]ــــــــ[21 - 06 - 08, 11:26 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعض اخواننا في اوروبا يعانون من التاخر الحاصل في آذان صلاة العشاء حيث يؤذن عندهم الساعة الثانية عشر والنصف فيسألون هل يمكنهم الجمع في هذه الحالة خاصة انهم يجدون مشقة في الاستيقاظ لآذان صلاة العشاء؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هنا ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=649671)(97/300)
السلام عليكم ممكن إستفسار في البيوع عرض علي شخص جواله لأشتريه فوافقت مبدئيا ولم نتفق
ـ[أبوقتادة السعدي الأثري]ــــــــ[19 - 06 - 08, 08:38 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عرض علي شخص جواله لأشتريه فوافقت مبدئيا ولم نتفق على سعر معين وظل معه الجوال لمدة أكثر من شهرين لأنه ينتظر جوال آخر ثم بدا لي ألا أشتري مستعمل فلما اعتذرت له عن هذا الشراء قال أنه لا يجوز شرعا وأنه لا يقليني مع العلم أننا لم نتفق على سعر نهائي وأنا تكاسلت في الإعتذار لأنه من رحمي خشية الإحراج لكن في النهاية اتخذت القرار واعتذرت له فما الحكم الشرعي في هذه المسألة وجزاكم الله خير
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[19 - 06 - 08, 09:10 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الظاهر والله اعلم ان البيع باطل ولم ينعقد ولا يلزمك شيء.
لأن من شروط صحة البيع ان يكون الثمن معلوما , والذي يظهر من كلامك انكما لم تتفقا على سعر معين , وعليه فالبيع باطل للجهالة في الثمن.والله أعلم.
وهذا مني على سبيل المذاكرة وليس على سبيل الفتوى فتنبه!(97/301)
سؤال محيّر في حديث "الذهب بالذهب سواء بسواء"؟؟
ـ[معتصم المقدسي]ــــــــ[19 - 06 - 08, 10:41 م]ـ
هذا الحديث ما زال مشكلا علي، فحبذا لو أعنتمونا بشرح يذهب الإشكال ..
وحبذا لو ضربنا مثلا وحالة تحقق شرط هذا الحديث.
وبارك الله فيكم
ـ[معتصم المقدسي]ــــــــ[20 - 06 - 08, 10:45 م]ـ
وحبذا لو ضربنا مثلا وحالة تحقق شرط هذا الحديث.
ـ[معتصم المقدسي]ــــــــ[06 - 07 - 08, 02:19 ص]ـ
هذا الحديث ما زال مشكلا علي، فحبذا لو أعنتمونا بشرح يذهب الإشكال ..
وحبذا لو ضربنا مثلا وحالة تحقق شرط هذا الحديث.
وبارك الله فيكم
افيدونا
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[06 - 07 - 08, 08:08 ص]ـ
انظر هنا وفقك الله:
http://www.saaid.net/fatwa/f51.htm
وهنا:
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=audioinfo&audioid=134950(97/302)
استشارة حول العمل في صناعة الريسيفر
ـ[ taleb-ilm] ــــــــ[20 - 06 - 08, 02:49 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العمل الذي اريد ان استشيركم حول مشروعيته هو عمل مع شركة اجنبية يثمثل في برمجة اجهرة استقبال القنوات الاجنبية الريسيفر واجراء تجارب عليها.
يا ريت احد المتفقهين في الدين يعطينا رايه.
وبارك الله فيكم
ـ[ taleb-ilm] ــــــــ[23 - 06 - 08, 01:15 ص]ـ
يا اخوة استفتوا لنا احد العلماء او دلوني على موقع للفتوى عن طريق الانترنت لان الامر مهم جدا.
بارك الله فيكم(97/303)
الزكاة على المال المقروض
ـ[ taleb-ilm] ــــــــ[20 - 06 - 08, 02:53 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اقرضت شخصا مبلغا ارجعه لي بعد 3 سنوات فهل يدخل هذا المبلغ المقروض في ما يجب ان يزكى عليه طيلة هذه المدة
بارك الله فيكم
ـ[مصطفى رضوان]ــــــــ[21 - 06 - 08, 01:36 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
فضلا أنظر هذه الفتوى:
رقم الفتوى: 7368
عنوان الفتوى: الأحوال التي يزكي فيها الدائن أو المدين
تاريخ الفتوى: 01 محرم 1422/ 26 - 03 - 2001
السؤال
إذا استدان شخص مبلغا من المال يبلغ النصاب وحال عليه الحول قبل رده فعلى من تجب الزكاة. على الدائن أم المدين؟
أفتونا جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزكاة المال تجب على صاحبه، فمن أقرض غيره مبلغاً من المال، وكان هذا المال يبلغ نصاباً بنفسه أو بما ضم إليه، فيجب على المقرض زكاة هذا المال إذا كان المدين مليئاً غير مماطل، لأن هذا المال في حكم الوديعة، متى طلبه الدائن رده إليه المدين.
وإن كان هذا المال عند رجل معسر أو غني ولكنه مماطل، فيزكي صاحب المال هذا الدين عند قبضه لسنة واحدة وإن مكث عند المدين أعواماً، هذا فيما يتعلق بالدائن.
وأما المدين فقد اختلف أهل العلم فيه على أقوال: هل يجب عليه أن يزكي ما بيده أم لا؟ وأقرب هذه الأقوال إلى الصواب - إن شاء الله - هوأنه إذا كان له مال آخر لا زكاة فيه ويفي بقيمة الدين، وجبت عليه زكاة الدين وإلا فلا.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى
،، وتفصيلها على حالتك:
إذا كان هذا الشخص الذى أقرضته، يمكنه رد هذه الدين فى اى وقت من هذه السنوات الثلاث، فعليك اخراج الزكاة عن كل سنة (اذا بلغ نصابا بنفسه، او اذا ضممت اليه بقية مالك)
،، واما اذا كان هذا الشخص قد ماطلك طيلة هذه السنين، او انه كان معسرا لايملك مايرده لك، فعليك تزكية المبلغ حين تقبضه لمرة واحده فقط.
والله اعلى واعلم
ـ[ taleb-ilm] ــــــــ[23 - 06 - 08, 12:52 ص]ـ
جزاك الله خيرا(97/304)
ردي على الشيخ د. القرضاوي بخصوص بناء الكنائس
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[20 - 06 - 08, 03:05 ص]ـ
الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله ...
قرأتُ ما نشره ملحق " الدين والحياة " (الخميس 17 جمادى الأولى 1429هـ - العدد 2531)، وتداول الخبر بعض المواقع على الشبكة منها موقع " مفكرة الإسلام " http://www.islammemo.cc/akhbar/American/2008/05/22/64316.html (http://www.islammemo.cc/akhbar/American/2008/05/22/64316.html) بخصوص فتوى الشيخ د. يوسف القرضاوي – حفظه الله – عن حكم بناء الكنائس في بلاد المسلمين، ومشاركة المسلمين في ذلك، والتي نُشرت في موقعه بناء على سؤال ورد إليه.
وكان جوابه – عفا الله عنه – بتجويز ذلك ولكن بشرطين:
الأول: إذا كان للنصارى حاجة حقيقة لذلك!.
الثاني: إذا أذن ولي الأمر بذلك!.
ثم ذكر أن من حق ولي الأمر السماح بذلك بناء على فقه السياسية الشرعية، والحقيقة أن السياسية الشرعية تقتضي عكس ذلك تماما، فيجب على ولاة الأمر أن لا يمكنوا من بناء الكنائس والبيع في بلاد المسلمين، لأنه مع التوسع في بناء الكنائس مستقبلا، وتكاثر النصارى في بلاد المسلمين، ينطمس معلم الإسلام، ويعلو صوت جرس الكنيسة على أذان التوحيد، بل ربما يحتلها النصارى عند تكاثرهم وتمكنهم من الدولة مع ضعف المسلمين والضغط عليها من المؤسسات الغربية وبدعوى تقرير حق المصير، فتتحول بلاد المسلمين من أيديهم إلى أيدي أولئك النصارى، وخير دليل على ذلك في الماضي البعيد بلاد الأندلس " أسبانيا " الآن، وفي السنوات الأخيرة انفصال سنغافورة عن ماليزيا عندما تحكم الصينيون الكفار في مفاصل الدولة الاقتصادية، وأصبحت لهم الشوكة وقوة فانقلبوا على ماليزيا وطالبوا بالاستقلال ونُفذ لهم تحت مسمى " حق تقرير المصير "، وجزر الملوك في اندونيسا عندما عمل النصارى فيها عملهم أيضا تحت مسمى " تقرير المصير ".
ثم ختم د. القرضاوي: داعيا ولي الأمر في الوقت نفسه إلى الرجوع إلى فتوى العلماء الراسخين في هذا الشأن “حتى لا يقع فيما لا يحبُّه الله ولا يرضاه!، وهنا تناقض عجيب.
وجوز د. القرضاوي بناء الكنائس بناءً على قولٍ لأبي حنيفة النعمان يجيز فيه بناء الكنائس في بلاد المسلمين.
وسألخص الرد في النقاط التالية:
أولا: حكم بناء الكنائس في بلاد المسلمين عامة:
إن مسألة بناء الكنائس في بلاد المسلمين من المسائل الخطيرة التي لم تترك دون بيان وتفصيل من علماء الإسلام، ومنع بناء الكنائس في بلاد الإسلام يحفظ هوية المجتمع المسلم وكيانه إلى جانب الخطر العقدي فإن استحداث بناء الكنائس إقرار بالكفر في ديار المسلمين.
ومن أفضل من فصل في المسألة وأبانها حق البيان العلامة ابن القيم – رحمه الله – في كتابه الرائع " أحكام أهل الذمة "، فقد أتى على تفصيلها بتقسيم البلاد التي تفرق فيها أهل العهد والذمة من جهة الكنائس إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: بلاد أنشأها المسلمون في الإسلام مثل البصرة والكوفة وواسط وبغداد والقاهرة، فقد قال عنها الإمام ابن القيم بعد أن ذكر الأدلة على التحريم: " وهذا الذي جاءت به النصوص والآثار هو مقتضى أصول الشرع وقواعده، فإن إحداث هذه الأمور إحداث شعار الكفر، وهو أغلظ من إحداث الخمارات والمواخير، فإن تلك شعار الكفر وهذه شعار الفسق.
ولا يجوز للإمام أن يصالحهم في دار الإسلام على إحداث شعائر المعاصي والفسوق، فكيف إحداث مواضع الكفر والشرك؟! ".ا. هـ.
الثاني: بلاد المشركين التي فتحها المسلمون عنوة وقهرا بالسيف، فهذه لا يجوز أن يحدث فيها شيء من البيع والكنائس.
الثالث: بلاد المشركين التي فتحت صُلحا، فهذه ذكر الإمام ابن القيم تفصيلا يُرجع إليه في موطنه.
والذي يهمنا من هذه الأقسام القسم الأول، فبلاد المسلمين لا يجوز أن يحدث فيها كنيسة ولا بيعة ولا أي شعار من شعائر كفرهم، وهذا ما أجمع عليه أهل العلم، كما سيأتي.
ثانيا: الرد على استدلال الشيخ القرضاوي برأي أبي حنيفة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/305)
أما استدلال الشيخ د. القرضاوي برأي أبي حنيفة فهو رأي مخالف للإجماع، وقد رد على رأي الإمام أبي حنيفة النعمان – رحمه الله - الإمام السبكي فقال في فتواه في منع ترميم الكنائس ما نصه: " لعل أبا حنيفة إنما قال بإحداثها في القرى التي ينفردون بالسكنى فيها على عادتهم في ذلك المكان، وغيره من العلماء يمنعها لأنها في بلاد المسلمين وقبضتهم، وإن انفردوا فيها فهم تحت يدهم فلا يمكنون من إحداث الكنائس لأنها دار الإسلام، ولا يريد أبو حنيفة أن قرية فيها مسلمون فيمكن أهل الذمة من بناء كنيسة فيها. فإن هذه في معنى الأمصار فتكون محل إجماع ".
وقال في موضع آخر: " وقول أبي حنيفة بإبقائها في القرى بعيد لا دليل عليه، ولعله أخذه من مفهوم قول ابن عباس الذي سنحكيه في المصر، ونحن نقول: إنما يعني بالمصر أي موضع كان مدينة أو قرية ".
وقال أيضا عن قول ابن عباس: " وأما قول ابن عباس فاشتهر اشتهارا كثيرا ... وقد أخذ العلماء بقول ابن عباس هذا وجعلوه مع قول عمر وسكوت بقية الصحابة إجماعا ".ا. هـ.
وقال السبكي أيضاً عند حكاية الإجماع في المسألة: " فإن بناء الكنيسة حرام بالإجماع وكذا ترميمها، وكذلك قال الفقهاء: لو وصَّى ببناء كنيسة فالوصية باطلة، لأن بناء الكنسية معصية وكذلك ترميمها، ولا فرق بين أن يكون الموصي مسلماً أو كافراً، فبناؤها وإعادتها وترميمها معصية - مسلماً كان الفاعل لذلك أو كافراً - هذا شرع النبي صلى الله عليه وسلم ".ا. هـ.
وقال المرداوي في " الإنصاف ": " قوله (ويمنعون من إحداث الكنائس والبيع). قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: إجماعا ".ا. هـ.
ثالثا: بناء الكنائس في جزيرة العرب أشد أثما:
ما سبق ذكره فيما يتعلق ببناء الكنائس والبيع في بلاد المسلمين عامة، أما جزيرة العرب بالذات فالحكم فيها أشد.
قال ابن الهمام الحنفي في " فتح القدير ": " (قوله: وفي أرض العرب يمنعون من ذلك في أمصارها وقراها) فلا يحدث فيها كنيسة ولا تقر ; لأنهم لا يمكنون من السكنى بها فلا فائدة في إقرارها , إلا أن تتخذ دار سكنى، ولا يباع بها خمر ولا في قرية منها ولا في ماء من مياه العرب ويمنعون من أن يتخذوا أرض العرب مسكنا ووطنا , بخلاف أمصار المسلمين التي ليست في جزيرة العرب يمكنون من سكناها ولا خلاف في ذلك. وذلك (لقوله صلى الله عليه وسلم " لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ").ا. هـ.
وقال العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله - في تقديمه لرسالة " حكم بناء الكنائس والمعابد الشركية في بلاد المسلمين " للشيخ إسماعيل الأنصاري – رحمه الله -: " وقد أجمع العلماء رحمهم الله على تحريم بناء الكنائس في البلاد الإسلامية، وعلى وجوب هدمها إذا أُحدثت، وعلى أن بناءها في الجزيرة العربية كنجد والحجاز وبلدان الخليج واليمن أشد إثما وأعظم جرما؛ لأن الرسول r أمر بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب، ونهى أن يجتمع فيها دينان، وتبعه أصحابه في ذلك
ولما استخلف عمر t أجلى اليهود من خيبر عملا بهذه السنة، ولأن الجزيرة العربية هي مهد الإسلام ومنطلق الدعاة إليه ومحل قبلة المسلمين فلا يجوز أن ينشأ فيها بيت لعبادة غير الله سبحانه كما لا يجوز أن يقر فيها من يعبد غيره. ".ا. هـ.
وقد صدرت فتوى اللجنة الدائمة رقم (21413) في 1/ 4/1421هـ بشأن المعابد الكفرية مثل الكنائس، وتحريم بنائها في الجزيرة العربية بالذات فقالت: " وأجمع العلماء - رحمهم الله تعالى - على أن بناء المعابد الكفرية ومنها: الكنائس في جزيرة العرب أشد إثماً وأعظم جرماً، للأحاديث الصحيحة الصريحة بخصوص النهي عن اجتماع دينين في جزيرة العرب، منها قول النبي: "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب". رواه الإمام مالك وغيره وأصله في الصحيحين ".ا. هـ.
رابعا: تحريم الإعانة على بناء الكنائس بأي نوع منها:
أما الإعانة على بناء الكنائس في بلاد المسلمين بأي نوع من الإعانة فهو أمر خطير جدا.
قال الإمام الشافعي في " الأم " (4/ 203): وأكره للمسلم أن يعمل بنّاء، أو نجاراً، أو غير ذلك في كنائسهم التي لصلاتهم ".ا. هـ.
والكراهة عند السلف تعني التحريم كما قرر غير واحد من أهل الأصول، فلا يفهم من كلام الإمام الشافعي أنها كراهة التنزيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/306)
وقال الحجاوي في " الإقناع " عند " باب حكم المرتد " نقلا عن شيخ الإسلام ابن تيمية: " من اعتقد أن الكنائس بيوت الله، وأن الله يعبد فيها، أو أن ما يفعله اليهود والنصارى عبادة لله، وطاعة لرسوله، أو أنه يحب ذلك أو يرضاه، أو أعانهم على فتحها وإقامة دينهم، وأن ذلك قربة أو طاعة، فهو كافر ".ا. هـ.
وقال في موضع آخر: " من اعتقد أن زيارة أهل الذمة كنائسهم قربة إلى الله ; فهو مرتد , وإن جهل أن ذلك محرم عُرِّف ذلك , فإن أصر صار مرتدا ; لتضمنه تكذيب قوله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ) ".ا. هـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الاقتضاء " (2/ 41) عند تقرير مذهب الإمام أحمد في الإجارة: " وأما مذهب أحمد في الإجارة لعمل ناقوس ونحوه، فقال الآمدي لا يجوز. رواية واحدة، لأن المنفعة المعقود عليها محرمة، وكذلك الإجارة لبناء كنيسة، أو بيعة، أو صومعة، كالإجارة لكتب كتبهم المحرفة ".ا. هـ.
وقد سئلت اللجنة الدائمة في " فتاويها " (14/ 482) عن المسلم الذي وظيفته البناء، هل يجوز له أن يبني كنيسة، فأجابت: " لا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبني كنيسة أو محلا للعبادة ليس مؤسسا على الإسلام الذي بعث اللهُ به محمداً صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذلك من أعظم الإعانة على الكفر وإظهار شعائره، والله عز وجل يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) ".ا. هـ.
وأفتت أيضا (14/ 481) بتحريم العمل في حراسة الكنيسة، لما في ذلك من الإعانة على الإثم.
وأفتى المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بحرمة عمل المسلم لتصاميم معابد شركية أو الإسهام فيها.
خامسا: حكم من بنى كنيسة يكفر فيها بالله؟
قال القرافي في الفروق (1/ 124): " وقال الشيخ أبو الحسن الأشعري: إرادة الكفر كفر وبناء كنيسة يكفر فيها بالله كفر لأنه إرادة الكفر" انتهى
وبعد هذا البيان؛ أسأله أن يوفق الشيخ د. يوسف القرضاوي للرجوع إلى الصواب في المسألة، وأن يعيد النظر في هذه الفتوى لما لها من آثار خطيرة على الأمة والأفراد، والتي تخدم الهجمة الصهيونية على العالم الإسلامي، وهو من أشد الناس محاربة لها، والإجماع في المسألة ظاهر واضح من خلال النصوص التي نقلتها.
http://www.lojainiat.com/index.php?action=showMaqal&id=4054
ـ[اسامة عبد الرافع]ــــــــ[20 - 06 - 08, 02:40 م]ـ
لا حول ولا قوة إلا بالله
ما أكثر الفتاوى الشاذة الغريبة الخارجة عن إجماع الأمة هذه الأيام!
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[20 - 06 - 08, 04:23 م]ـ
إنا لله و إنا إليه راجعون.
نسأل الله تعالى أن يهديه إلى الحق و أن يتوب من هذه الفتاوى المنحرفة و لا حول و لا قوة إلا بالله.
ـ[أبو معاذ باوزير]ــــــــ[21 - 06 - 08, 05:53 ص]ـ
في الحقيقة لقد بليت الأمة بمثل هؤلاء , نسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
ـ[عبد الملك السلفي الأثري]ــــــــ[21 - 06 - 08, 06:26 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,هداه الله ورزقه السداد والتوفيق
ويبدو أنه كما قال الشيخ المحدث أبو اسحاق الحويني-حفظه الله ورعاه- أنه يريد أن يجعل لنفسه اختيارات فقهية! من كثرة الفتاوى المنحرفة. والله المستعان. اللهم احفظ لنا علماء الدعوة السلفية
ـ[أبو ممدوح]ــــــــ[21 - 06 - 08, 01:24 م]ـ
على أن بناءها في الجزيرة العربية كنجد والحجاز وبلدان الخليج واليمن أشد إثما وأعظم جرما؛ لأن الرسول r أمر بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب، ونهى أن يجتمع فيها دينان، وتبعه أصحابه في ذلك
يجب على المشايخ أن يحرروا المقصود بجزيرة العرب لأننا سمعنا فتاوى تقول بأن جزيرة العرب مختلف في تحديدها ومن هنا يلج أهل الأهواء قيقولون بأن جزيرة العرب فقط الحجاز!!!
وبالتالي يجوز بناء الكنائس فيما عداها و العياذ بالله. هذا أولاً
ثانياً بعضهم يقول أن بناء الكنائس هو من باب رد الجميل!! حيث أن المسلمين في الغرب لهم حرية في بناء المساجد فإذا منعنا اقامة الكنائس في بلداننا سيعود علينا بالضرر بفقدان المشاريع الدعوية و اغلاق المراكز الاسلامية و كأنهم تناسوا نهي الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الاقامة في بلاد المشركين.
كفانا الله شرهم
ـ[عادل آل رشيد السعدي]ــــــــ[21 - 06 - 08, 08:47 م]ـ
يجب على المشايخ أن يحرروا المقصود بجزيرة العرب لأننا سمعنا فتاوى تقول بأن جزيرة العرب مختلف في تحديدها ومن هنا يلج أهل الأهواء قيقولون بأن جزيرة العرب فقط الحجاز!!!
وبالتالي يجوز بناء الكنائس فيما عداها و العياذ بالله. هذا أولاً
ثانياً بعضهم يقول أن بناء الكنائس هو من باب رد الجميل!! حيث أن المسلمين في الغرب لهم حرية في بناء المساجد فإذا منعنا اقامة الكنائس في بلداننا سيعود علينا بالضرر بفقدان المشاريع الدعوية و اغلاق المراكز الاسلامية و كأنهم تناسوا نهي الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الاقامة في بلاد المشركين.
كفانا الله شرهم
لتحديد معنى جزيرة العرب راجع رسالة العلامه بكر ابو زيد تغمده الله بواسع الرحمة والغفران وهي خصائص جزيرة العرب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/307)
ـ[عبدالملك]ــــــــ[21 - 06 - 08, 09:54 م]ـ
الأخ عادل آل رشيد السعدي
وفقك الباري
بناء الكنائس محرم في الاسلام حسب الادلة الشرعية
لكن لا أعتقد أن هناك مانع من تخصيص مكان خاص بالنصارى يمارسون فيه ديانتهم؟
الاسلام لا يمنع النصراني أو غيره من ممارسة طقوسه اذا كانت خاصة به ولو كانت في جزيرة العرب
اذا كان لايظهر ذلك والاسلام هو من يحفظ له حقه في ذلك.
والله تعالى اعلى وأعلم
ـ[ابن وهب]ــــــــ[22 - 06 - 08, 12:21 ص]ـ
الأخ عادل آل رشيد السعدي
وفقك الباري
بناء الكنائس محرم في الاسلام حسب الادلة الشرعية
لكن لا أعتقد أن هناك مانع من تخصيص مكان خاص بالنصارى يمارسون فيه ديانتهم؟
الاسلام لا يمنع النصراني أو غيره من ممارسة طقوسه اذا كانت خاصة به ولو كانت في جزيرة العرب
اذا كان لايظهر ذلك والاسلام هو من يحفظ له حقه في ذلك.
والله تعالى اعلى وأعلم
أخي الكريم الأستاذ القرضاوي أفتى بجواز بناء الكنائس في (قطر)
ولا نكون كاليهود نتحايل على الشرع فنقول هذا ليس اسمه كنيسة هذا اسمه مكان مخصص لعبادة النصارى
هذا اسمه كنيسة
ـ[أبو عبدالرحمن التميمي]ــــــــ[22 - 06 - 08, 12:43 ص]ـ
وبعد هذا البيان؛ أسأله أن يوفق الشيخ د. يوسف القرضاوي للرجوع إلى الصواب في المسألة، وأن يعيد النظر في هذه الفتوى لما لها من آثار خطيرة على الأمة والأفراد، والتي تخدم الهجمة الصهيونية على العالم الإسلامي، وهو من أشد الناس محاربة لها، والإجماع في المسألة ظاهر واضح من خلال النصوص التي نقلتها.
من أجمل الردود الإنصاف مع المخالف.
البعض بدأ يهمز و يلمز في الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي , فليتق الله من فعل هذا , وليحذّر من بعض الفتاوي أو الأفعال التي خالف الشيخُ بها الإجماعَ.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[22 - 06 - 08, 01:09 ص]ـ
أخي الكريم
نحن لا نغمز و لا نلمز بل نصرح بأن القرضاوي خالف الإجماع وردنا كان على ما قد يتوهم منه الانتصار لفتوى القرضاوي فليعلم
ـ[عبد الملك السلفي الأثري]ــــــــ[22 - 06 - 08, 02:18 ص]ـ
الله المستعان .....
يبدو أن العاطفة لم تملكها وملكتك بحيث أنك طرحت هذا العرض العلمي من الاخوة عرض الحائط ولم تركز الا ما أملته عاطفتك
تركت كل هذا الطرح العلمي كله وذهبت الى وهم اسمه انصاف وياليتك أخي الكريم اتكأت على شيء علمي تحآج به له ولو كان مرجوحا -ولكن هيهات هيهات فإن علامتكم لا يعرف المرجوح في اختياراته وإنما الخرق ((وإلا بلاش)) -
آخر شيئ أقوله لك ارسل أنت الى شيخك وقل له ((مهلا علامة الزمان بمحبينك فإنك تصعب عليهم دفاعهم عنك)) والله وحده المستعان
ـ[أبو عبدالرحمن التميمي]ــــــــ[22 - 06 - 08, 06:42 م]ـ
أخي الكريم
نحن لا نغمز و لا نلمز بل نصرح بأن القرضاوي خالف الإجماع وردنا كان على ما قد يتوهم منه الانتصار لفتوى القرضاوي فليعلم
الأستاذ الفاضل
يبدوا أنك فهمت ردي بقصد آخر , قصدي من الرد , هو الثناء على الأخ عبدالله زقيل على رده وإنصافه , و وعظ من همز ولمز الشيخ الدكتور يوسف في بعض الردود في هذا الموضوع , أعد قراءة الردود تجد أن بعضهم بدأ بالهمز واللمز , وفقك الله.
ـ[الاعتصام]ــــــــ[22 - 06 - 08, 07:39 م]ـ
هل تلحظون عدم وجود دليل صريح صحيح لدى المعارض (لا يجتمع دينان) لا يدل بالضرورة على أن بناء كنيسة محرم .. ثم ان بناء كنيسة أقل خطرا من بناء قواعد عسكرية أو جلب جيوش صليبية على الاراضي الاسلامية.
رحم الله الامام ابا حنيفة والحمد لله |أن الهمز لم يتعدى القرضاوي اليه
ـ[ابن وهب]ــــــــ[22 - 06 - 08, 07:43 م]ـ
هل تلحظون عدم وجود دليل صريح صحيح لدى المعارض (لا يجتمع دينان) لا يدل بالضرورة على أن بناء كنيسة محرم .. ثم ان بناء كنيسة أقل خطرا من بناء قواعد عسكرية أو جلب جيوش صليبية على الاراضي الاسلامية.
رحم الله الامام ابا حنيفة والحمد لله |أن الهمز لم يتعدى القرضاوي اليه
ما معنى الحديث حسب فهمكم
وللفائدة أبو حنيفة لم يخالف إجماع الأمة في عدم جواز بناء الكنائس في قطر
والمخالف للإجماع هو الشيخ القرضاوي
فليعلم
ولا يمكن أن نترك كلام العلماء قاطبة بما فيهم الحنفية ونفهم الحديث بفهم جديد
ولو كان هذا الفهم من رجل مولود عام 1926
فمهما بلغ من الجلالة فلن نقدم فهمه للنصوص على إجماع الأمة
وراجع كتب الحنفية وهذا الكلام لمن تعلق بكلام مروي عن أبي حنيفة - رحمه الله -
ـ[ابن وهب]ــــــــ[22 - 06 - 08, 08:57 م]ـ
ولنتق الله في أن نتكلم في حديث رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بغير علم أو نقول يدل أو لا يدل
ولنتق الله في أن نخالف إجماع المسلمين
فنحن لسنا في منزلة أن نقول للعلماء كافة أنتم ما فهمتم النص ونحن الذين فهمناه
قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله
(إيَّاكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي مَسْأَلَةٍ لَيْسَ لَك فِيهَا إمَامٌ)
قال تعالى
(فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/308)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[22 - 06 - 08, 09:22 م]ـ
تنبيه على سقط
(
في حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
ـ[الاعتصام]ــــــــ[22 - 06 - 08, 11:19 م]ـ
الحمد لله ها هو القرضاوي له إمام في هذه المسألة
ثم (لا يجتمع في جزيرة العرب .. ) الحديث (اخرجوا ... ) الحديث هناك فهومات في مدلوله واختلاف في حدوده .. قال الشيخ سلمان:
أن المتيقن من جزيرة العرب: الحجاز، وما وراء ذلك فمختلف فيه، ولا يجزم بأنه مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد ترك عمر اليهود بتيماء وما جاورها، لأنها ليست داخلة في هذا المصطلح.
وأجلى أبو بكر قوماً فلحقوا بخيبر.
وفي تحديد المصطلح اختلاف كبير ذكره شراح السنة، وأهل المعاجم اللغوية والجغرافية، وهم المرجع في ذلك، إذ لم يحدد الشرع معنى مختلفاً لذلك عما تعرفه الناس.
وشيوع معنى عرفي في ظرف تاريخي متأخر لا يقتضي إسقاطه على النص النبوي المتقدم.
والمقصود أن الاعتصام بالخطاب الديني الرشيد هو الكفيل بدحض ذريعة المتعسفين، فإذا توفرت في لغة هذا الخطاب المصداقية والنضج والاستقلالية والهدوء والحضور أمكن أن يكون عصمةً قويةً لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية,
سلمان العودة
ـ[ابن وهب]ــــــــ[22 - 06 - 08, 11:40 م]ـ
ذكرتم
(الحمد لله ها هو القرضاوي له إمام في هذه المسألة)
حسب علمي الشيخ القرضاوي لم يقل أن حديث (لا يحتمع دينان) لا يعني بالضرورة عدم إحداث كنائس
فهذا الكلام لم يقله الشيخ القرضاوي
ولو قاله فرضا فهو محجوج بالإجماع قبله
ومسألتنا أخي الحبيب أعظم من تحديد جزيرة العرب
بل قطر بلد من بلاد المسلمين التي أجمع أهل العلم أنه لا يجوز احداث كنيسة بها
والخلاف المحكي عن أبي حنيفة = في قرى السواد في العراق ونحوها
لا في قطر
فالإجماع حاصل بغض النظر عن تحديد جزيرة العرب
ومن خالف ذلك فليكيف لنا
(كيف أجاز إحداث كنائس في قطر وهي بلد إسلامي 100 %
ـ[ابن وهب]ــــــــ[22 - 06 - 08, 11:50 م]ـ
وإن كنت ظننت أن أحدا سبق القرضاوي في هذا فأقول لك لا يوجد ومن خالف فليأت بالبينة
اللهم إلا أن يكون أصحاب المدرسة العقلية الحديثة جدا وهم في القرن الرابع عشر
و مع هذا فالإجماع سابق على خلافهم فلا عبرة به
ـ[ابن وهب]ــــــــ[23 - 06 - 08, 12:32 ص]ـ
ثم أنت أخي الحبيب قلت في البداية لا يعني بالضرورة والآن أتيت في الكلام على تحديد جزيرة العرب
فهل هدفكم الانتصار لرأي القرضاوي فحسب أم الوصول إلى الحق
فالقرضاوي بشر في أفضل الأحوال لن يكون أفضل من الحسن البصري - رحمه الله - والحسن شذ في أمور
اعتبر القرضاوي شذ في هذه المسألة وانتهى الأمر
أما أن ننتصر له فقط لأن القرضاوي قاله فهل القرضاوي صحابي رأى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أو حتى تابعي أو من أتباع التابعين
لا
فلماذا الانتصار لقوله فهل نحن نعتقد ثم نستدل نقررفي البداية المسألة ثم نبحث عن أدلة
أو نبحث عن قائل بمثل قولنا
والشيخ سلمان العودة الذي نقلتم كلامه في تحديد الجزيرة لا يجيز إحداث كنيسة في قطر أو السعودية
هذا حسب علمي لتعلموا أن الشيخ الذي نقلتم كلامه لا يوافقكم فيما تريدون الانتصار له من فتوى القرضاوي
فكلام الشيخ سلمان في مسألة أخرى
ونبهت على هذا حتى يظن ظان أن الشيخ أبامعاذ موافق للشيخ أبي محمد
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[24 - 06 - 08, 10:29 م]ـ
أسامة عبد الرافع
صدقت وخاصة في هذه الأزمان المتأخرة.
الإدريسي
آمين
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[25 - 06 - 08, 01:13 م]ـ
ما حكم من يفتح الكنائس للكفار في بلاد المسلمين و إذا أنكر عليه تحجج بأنه يعلم أن دينهم باطل و لكن بسبب الضغوطات الدولية فتح لهم الكنيسة أو المعابد الوثنية؟
ـ[بن نصار]ــــــــ[25 - 06 - 08, 01:50 م]ـ
قطر أعلنت أنه ستبني الكنائس ثم جاء القرضاوي يلوي أعناق النصوص و الأدلة بل كسر أعناقها. . فالله المستعان
استدل ثم أعتقد. . ولا تعتقد ثم تستدل.
ـ[محمد أبو عُمر]ــــــــ[26 - 06 - 08, 11:50 م]ـ
ما حكم من يفتح الكنائس للكفار في بلاد المسلمين و إذا أنكر عليه تحجج بأنه يعلم أن دينهم باطل و لكن بسبب الضغوطات الدولية فتح لهم الكنيسة أو المعابد الوثنية؟
هذا عذر أقبح من ذنب وما تساوي الضغوطات الدولية أمام الضغوطات الجهنمية يوم لا ينفع ...(97/309)
عاجل ارجوا المساعدة ماحكم ((توبة المنافق))
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[20 - 06 - 08, 06:36 ص]ـ
اخواني
حدث خلاف شديد بين بعض المعلمين المتدينين حول سؤال كتبه أحد المعلمين حيث كتب
السؤال التالي في اختبار مادة من المواد الشرعية
توبة المنافق
1 - تقبل 2 - لا تقبل 3 - الله أعلم
والجواب عند المعلم هو رقم 2 انها تقبل وأعترض البعض (أكثر من واحد) وقال أن رقم 3 الله أعلم صحيح ايضا
ولكن المعلم يرفض ذلك فما رأيكم وهل عندكم رأي لأحد العلماء في مثل هذه المسألة فنحن نحتاج الجواب سريعا وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو جابر الجزائري]ــــــــ[20 - 06 - 08, 08:11 ص]ـ
www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18169.shtml
شرح العقيدة السفارينية
الباب الثالث: في الأحكام والإيمان ومتعلقات ذلك.
قال الشيخ العلامة ابن عثيمين عليه سحائب الرحمة:
اتفق العلماء على أن كل من تاب من كفر فإنه يقبل منه، ويرتفع عنه القتل؛ لعموم قول الله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53)، وهذه الآية نزلت في التائبين، فكل ذنب يتوب الإنسان منه فإن الله تعالى يتوب عليه.
....................................
كذلك الزنديق، والزنديق هو المارق عن الدين كله، وقيل: الزنديق هو المنافق، ولعل الزنديق أشد من المنافق؛ لأن المنافق ربما يتصنع للمسلمين ويظهر أنه مسلم، كما هو الشأن في المنافقين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
قوله: (وسائر الطوائف المنافقة) أي: الدروز والزنادقة والمنافقون وغيره، (وكل داع لابتداع) أي كل إنسان يدعو للبدعة،والمراد البدعة المكفرة، (يقتل) وهذا مقول القول، يعني يقتل ولو تاب، فإنها لا تقبل توبته، (كمن تكرر نكثه لا يقبل) يعني تكررت ردته؛ بحيث يرتد ثم يتوب، ويرتد ثم يتوب؛ ويرتد ثم يتوب، وهكذا. قالوا: هذا لا تقبل توبته لقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) (النساء:137)، فقال: (لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) (النساء: الآية 137) وهذا يقتضي أنه لا تقبل توبتهم.
قوله: (لأنه لم يبد من إيمانه) لأنه: الضمير يعود على هؤلاء باعتبار الجنس، 0 لم يبد من إيمانه إلا الذي أذاع من لسانه) أذاع: يعني أظهر من لسانه، فالمنافق مثلاً إذا قلنا: إنه يجب قتله، فقال: أنا مسلم أشهد لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وأصلي معكم و أزكى، نقول: ولو كنت كذلك، فإذا قال: أنا تائب، فنقول: ولو تبت نقتلك؛ لأن قولك الآن أنك تائب وتصلي وتزكي هو قولك أولاً لأنك تنافقنا، فلم يبد من إيمانك إلا ما أذاعه لسانك، وما أذعته اليوم كالذي أذعته بالأمس، أنت تنافقنا فلا نقبل منك.
ولكن الصحيح أن المنافق تقبل توبته لقول الله تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا) (النساء:145) (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً) (النساء:146) وهذه الآية صريحة في أنه تقبل توبة المنافق، ولكن الله ذكر شروطاً لابد منها، حيث قال: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ) (النساء: الآية 146)، وذلك حتى نعرف إصلاحهم.
والذين عللوا عدم قبول توبة المنافقين، يقولون: إن من تكرر نكثه فإننا لا نقبل توبته، للآية التي ذكرناها، ولأننا لو قبلنا إسلامه اليوم فسوف يرتد غداً؛ لأن هذه عادته؛ يؤمن ويكفر، ويؤمن ويكفر، فلا نثق به فنقتله، ولكننا نقول إن الله تعالى يقول في الآية الكريمة: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) (النساء:137)، فكانت نهايتهم الزيادة في الكفر، ولم تكن نهايتهم التوبة، وعلى هذا فإذا تابوا وعرفنا أن توبتهم صحيحة باستقامة أحوالهم، فالصحيح أنها تقبل.
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[20 - 06 - 08, 12:53 م]ـ
جزاك الله خير اخي ابو جابر الجزائري
طيب والذين يقولون الله اعلم صحيحة
كيف يرد عليهم
ـ[أبو جابر الجزائري]ــــــــ[20 - 06 - 08, 01:22 م]ـ
أخي الفاضل ماجد حفظك الله ورعاك.
يقصد بعبارة " الله أعلم" إذا وضعت في اختيارات لإجابة عن سؤال ما: (تقبل، لا تقبل، الله أعلم)، معناها: توقف العلماء في قبولها أو عدم قبولها.
مثال ذلك، إذا طُرح سؤال: هل يعذب أصحاب الكبائر من الموحدين في النّار، وكانت الاختيارات: "نعم، لا، الله أعلم"، فإن الإجابة الصحيحة، هي: الله أعلم، كما هو القول المعتمد عن أهل السنّة والجماعة، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم.
مثال آخر: هل تقبل صلاة من آتى بكل أركان وواجبات الصلاة، وكانت الاختيارات: "نعم، لا، الله أعلم"، فإن الإجابة الصحيحة، هي: الله أعلم، لأنه يُقال: صلاته صحيحة أم القبول فلا يعلمها إلا الله.
أرجوا أن تكون إجابة شافية، والله الموفق.
ولا تنس من الإكثار من الصلاة على الحبيب، فاليوم يوم جمعة.(97/310)
العزلة والخلطة
ـ[أبو زياد المرواني]ــــــــ[20 - 06 - 08, 04:25 م]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين
أما بعد
قال تعالى:
(الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ)
هذا مبحث في مسألة الفتن والعزلة والخلطة أسأل الله أن يعصمنا من الفتن ,فقد كثرت الفتن في هذا الزمان وأصبح الحليم حيران في أمور كثيرة تعرض له فمن فتن الشبهات التي انتشرت وبكثرة في الآونة الأخيرة إلى فتن الشهوات التي زخت بها اغلب المواقع والفضائيات والصحف والمجلات ,ومن أمثلة فتن الشهوات عروض الأزياء والرقص والغناء وحفلات مايسمى بالجنس الثالث وتغيير الجنس واللباس المنتشر بين الشباب الذي يخرج نصف الإلية نسأل الله السلامة والعافية , فكل سنة يأتينا شيء جديد نستغربه ونتعجب منه وهذا مصداق قول المصطفى صلى الله عليه وسلم لايأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه
عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، قَالَ أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ " اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ ". سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري
ومن الفتن الافتتان بالنساء ومدى انتشار البرامج الفضائية التي ترتكز على المرأة بل وتركز عليها ,أيضا من الفتن المنتشرة فتنة المال وكلنا يعرف أحوال الأسهم والمساهمين فكثير منهم يكتتب رغم انه يعلم أن الشركة التي يكتتب فيها شركة ربوية ,ومنها كثرة القتل حتى بين الابن وأبيه والابن وأمه والأقارب ناهيك عن القتل الذي يحصل للمسلمين اليوم في كل بقاع الدنيا
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ " يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ ". قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّمَ هُوَ. قَالَ " الْقَتْلُ الْقَتْلُ ". رواه البخاري
ومن الفتن فتن الشبهات كانتشار البدع وظهور الخرافات وانتشار السحروالمشعوذين , ومنها الطواف على القبور والتمسح بها
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ ". رواه البخاري
ومنها كثرة المفتين والقراء سواء على القنوات أو على الشريط المكتوب أسفل الشاشات فقد قرأت لفتاه تشتكي بعض الأعراض فرد احدهم أن بها سحر وبعد فترة من الزمن إذا الفتاة ترد وتوبخ ذلك الشخص قائلة أنها عرضت نفسها على قراء وليس بها شيء وذهبت للمستشفى فاكتشفت أن الذي بها اضطرابات في القناة الهضمية!! ,ومن فتن الشبهات من يجعل شرع الله عرضة للاستفتاء من يؤيد ومن يعارض!! حتى وان كانت المسألة محسومة بأحاديث من البخاري ومسلم وقد تلقت الأمة الكتابين بالقبول لأنهما تجاوزا القنطرة , كذلك من الفتن في الدين غرائب الفتوى فمن مجيز إرضاع المرأة زميلها في العمل لمنع الخلوة المحرمة بينهما إلى من يفتي بجواز التدخين في نهار رمضان, إلى ممثلة تقرأ الرقية الشرعية من كتاب الله على مخرج نصراني.
إنها فتن متتابعة في كل مكان وزمان وقد ألف أهل العلم مؤلفات في الفتن والحوادث حري بك أخي القارئ العودة إليها والاستفادة مما فيها لمعرفة كيفية الخروج من هذه الفتن عبر المنهج الرباني.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ " لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(97/311)