المكرمة والمدينة وأيضاً معهد خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة، نريد أن نتعرف على المراحل التي اتبعت بعد أمر خادم الحرمين بتوسيع المسعى تحديداً.
أسامة البار: شكراً جزيلاً أستاذي الكريم، وشكراً للعريبة على التطرق لهذا الموضوع الهام، الواقع كما أسلفت صدر أمر خادم الحرمين الشريفين بدراسة توسعة المسعى ضمن المشروع الضخم لتطوير المسجد الحرام وتوسعته، كان ذلك في شهر شعبان من عام 1426 أي عقب تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله مقاليد الحكم بحوالي شهرين، هذا المشروع الضخم نحن نعرف مدى حرص الدولة السعودية وفقها الله على الالتزام بقواعد الفقه الإسلامي والشريعة الإسلامية في كل التوسعات ليس في هذا الأمر، ولكن في كل توسعات المسجد الحرام التي مضت سواء التوسعة السعودية الأولى التي بدأت في عام 1375 من الهجرة النبوية المباركة، أو التوسعة السعودية الثانية مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله في عام 1409، وأيضاً مشروع توسعة المسجد الحرام الذي كما أسلفت في مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يحفظه الله لتوسعة المسجد الحرام، كنت أنا أتقلد عمادة معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة وكُلفت بدراسة هذا الموضوع، فبدأنا الدراسة من النواحي التاريخية ومن النواحي الجغرافية ومن النواحي الجيولوجية، كانت بدايتنا من النواحي التاريخية وتتبع المصادر التاريخية، طبعاً أسهم معنا في البحث عدد من كبار المؤرخين المعنيين بتاريخ مكة المكرمة وتاريخ المسجد الحرام، وأيضاً في الدراسة الجغرافية كان معنا الجغرافي الأول لمدينة مكة المكرمة، وكان أيضاً معنا بعض الفقهاء أستاذاً مشاركاً في قسم الكتاب والسنة بجامعة أم القرى، وكان معنا مهندساً معمارياً مختصاً بدراسات المسجد الحرام وله خبرة تزيد عن العشرين عاماً في هذا المجال، كان هذا هو فريق البحث الذي رأسته وبدأنا بتتبع المصادر التاريخية من المعروف أن به ..
الضوابط الشرعية للتوسعة
محمود الورواري: دكتور سنحاول أن نقف أمام هذه المصادر التاريخية بتفصيل كبير جداً لأنها محك فصل في هذا الأمر، ولكن دعني أذهب إلى موضوع الضوابط ومن الجانب الشرعي تحديداً إلى الدكتور سعود، دكتور سعود هناك ضوابط شرعية إذا ما قيل هناك تطوير يعني شيء من هذا القبيل يعني وهو شريعة ومنسك مهم بالنسبة للمسلمين أكيد هناك ضوابط شرعية يجب أن يلتزم بها من يسعى إلى تطوير هكذا أمر يخص جميع المسلمين، هلا أطلعتنا على هذه الضوابط الشرعية تحديداً؟
الشيخ سعود الفنيسان: نعم بسم الله أولاً المسعى منسك من مناسك الحج كسائر المناسك كعرفة ومزدلفة ومنى كل هذه المناسك، والمسعى مثلها وقد حدد الله سبحانه وتعالى لنا هذا المسعى في القرآن الكريم في قوله: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أي يطوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شافع حليم)، هذان الجبلان الطواف بينهما هو الرابط الأصلي والرابط الوحيد والمساندة ما بين الجبلين طولاً هذا هو المنصوص عليه في القرآن وهذا ما أجمع عليه علماء وفقهاء العالم الإسلامي قديماً وحديثاً، يبقى الآن النظر في تحديد قضية الجبل هل هو ممتد من الناحية الشرقية والغربية أو لا بين الصفا والمروة هذا ما يقرره الباحثون المختصون يقررون امتداده من الجهة الشرقية، وحتى من الناحية الشرعية قامت الشهود وشهد الشهود وثبتت شهادة قرابة الثلاثين شاهداً معدلين في المحكمة الشرعية في مكة بأن جبل الصفا هو أوسع وأعرض مما هو مشاهد ومحسوس، في الوقت ذاته كان معلوماً أن قبل البناء السعودي وتوسعة السعودية للحرم الشريف ومنه المسعى لم يكن محدوداً بجدران لا من ناحية الشرق ولا من ناحية الغرب كان مفتوحاً، وكان فيه أسواق للبيع والشراء وكان فيه بيوت مبنية من هنا وهناك، وكان الذي يسعون يتخللون بين هذه البيوت ساعة زمناً بعد زمن، ولم يُعهد أن أحداً من العلماء أبطل سعي الساعين ومن الحكم أنه في فترة من الفترات كانوا يسعون خارج المسعى، لأن إذا يسعوا داخل الحرم فالحرم كله مسعى كما هو معلوم أو يسعون ربما في جزء من خارجه ومع ذلك لم يبطل سعيهم بإجماع هذا أمر، الأمر الآخر أن حتى من الناحية الجيولوجية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/209)
والناحية معرفة طبقات الأرض المعلوم عند المختصين أن الجبل أي جبل يظهر ما يظهر منه على الأرض أو على سطح الأرض يمثل الثلث ثلث عمق هذا الجبل طولاً وعرضاً وثلثاه هما في الأرض وهذا أمر معلوم، وفضلاً عن شهادة الشهود الذين شهدوا بأن امتداده ما يزيد أو يقرب من 25 متراً تقريباً شرقاً.
محمود الورواري: طيب هناك نقطة أحيلها للشيخ الدكتور عبد العزيز القاسم، دكتور عبد العزيز نحن مرتبطون بشكل كبير بالنص القرآني وأنا أسألك هل هناك نص في القرآن أو إشارة في السنة أو قول بعض المجتهدين وأهل القياس يشير إلى تحديد المكان أو عدم التوسعة أو يبطل السعي في الأدوار أو يجيز السعي في الأدوار ويبطله في المناطق الجانبية بجوار هذا المكان؟
الشيخ عبد العزيز القاسم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محمود الورواري: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الشيخ عبد العزيز القاسم: شكراً لكم وأخبرك بأني لا أحمل شهادة الدكتوراه، وإجابة على السؤال الوصف الوارد في الشريعة في تحديد مناسك السعي بين الصفا والمروة مرتبط بالمسافة بين الجبلين شمالاً وجنوباً، أما الاتساع فلا يوجد تعريف وتحديد لحدود السعي من الناحيتين الشرقية والغربية، ولذلك في مراحل تاريخية من ممارسات المسلمين كان المسعى يتسع ويضيق بحسب أحوال الناس وبحسب احتياجاتهم، فهذا على سبيل المثال تلميذ ابن عباس مجاهد بن جبر المتوفى في السنة في أوائل السنة الثانية يقول أن المسعى في وقته أضيق مما كان عليه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك بعض الفقهاء المؤرخين مثل ابن كثير وغيره يذكرون أيضاً تغيرات في اتساع وضيق المسعى، كذلك لدينا أيضاً نصوص كثيرة للفقهاء يذكرون فيها بصراحة أن الفقهاء ما اشتغلوا بتحديد عرض المسعى بل أبانوا ما أبانه النص الشرعي من حيث امتداد المسعى شمالاً وجنوباً، وهذا وارد في نصوص عدد يعني من فقهاء المسلمين منهم ابن حجر الهيثمي، منهم الرملي، وهذه النصوص تدل على أن التبسيط العملي للمسلمين فيما يتعلق بالسعي أن المحدد هو الأطوال الممتدة شمالاً وجنوباً، أما الاتساع ما بين الشرق والغرب الاتساع الممتد شرقاً وغرباً فهذا مرتبط بتفسير يعني دعني أقولها بطريقة مباشرة هذه المسألة ليست مسألة فقهية هذه مسألة جغرافية.
محمود الورواري: أهل الجيولوجيا كما يقولون.
الشيخ عبد العزيز القاسم: يحددها المؤرخون والجغرافيون، وربما كان وهذا من الأشياء الطريفة أن الذي تحدثوا في حظر أو في عدم شرعية السعي في خارج المسعى القديم من الطريف أنهم استدلوا بإجراءات إدارية سابقة ولم يستدلوا بنصوص شرعية، والطريف الآخر فيها أيضاً أنهم استدلوا بالممارسة التاريخية ولم يورودوا شواهد على هذه الممارسة، بل الشواهد التي أثبتت في ممارسة المسلمين تدل على عكس هذا الرأي، وبالتالي أعتقد أن تحديد المسعى من ناحية الامتداد الشرقي والغربي ليست من المسائل التي يفصل فيها الفقهاء بل هي من مسائل المؤرخين.
محمود الورواري: شيخ عبد العزيز واضح، وهذه النقطة سأحيلها للدكتور أسامة وهو معني بهذا الأمر بشكل كبير الحقيقة وهو ماذا قاله الجيولوجيون وأهل الجغرافيا حينما تم رأيهم أو أُخذ رأيهم في هذا الأمر وهو هل يتسع من الناحية الشرقية، هل امتداد الجبل من الناحية الشرقية يكفي لأن يشمل مسألة التطوير؟ ولكن قبل أن نتوجه إلى هذه النقطة نتوقف مع رأي الشيخ عبد الله بن منيع وهو عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، والذي كان من الرافضين لتوسعة المسعى بين الصفا والمروة في البداية وذلك لصدور قرار من كبار العلماء والمشايخ بحصر عرض المسعى في وضعه الحالي، إلا أنه تراجع عن هذا الرفض وأوضح أنه بعد إعادة النظر في موقفه السابق خلص إلى أن أعمال التوسعة لا تتعارض مع نص من كتاب الله ولا من سنة رسوله بل إنها مبنية للاجتهاد فلنستمع إلى رأي الشيخ بن منيع.
بن منيع: أعمال التوسعة لا تتعارض مع الكتاب والسنة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/210)
الشيخ عبد الله بن منيع (عضو هيئة كبار العلماء في السعودية): مجموعة من إخواننا وكنت مع إخواني على أساس أن التوسعة قد لا تكون قد لا يعني يوجد لها مسوغ شرعي، وفي نفس الأمر صدر القرار من هيئة كبار العلماء بالأغلبية على أنه لا تجوز الزيادة، ثم بعد ذلك صار هناك مزيد نظر وإعادة نظر كذلك وجاء مجموعة شهود تجاوزوا الثلاثين شاهداً وفي نفس الأمر صدر حكم أو صدر صك شرعي من المحكمة بإثبات شهادة سبعة منهم أصغرهم يتجاوز السبعين عاماً، وكلهم يشهدون بأن المسعى أو بأن الصفا والمروة ممتدان نحو الشرق امتداداً الزيادة هي في الواقع مشمولة بهذا الامتداد، فهذه الزيادة إذاً لا تخرج عن أن تكون بين الصفا والمروة، وبناءً على ذلك فعلى كل حال فأنا رجعت عن الاعتراض وسرت في صف الذين يقولون بالجواز لماذا؟ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يتطوف بهما) والمقصود بهما أن يتطوف بينهما أن يطوف بينهما، وطالما أن هذه الزيادة لم تخرج عن البينية بين الصفا والمروة فهي إذاً زيادة صحيحة والسعي فيها سعي صحيح.
محمود الورواري: يعني هناك نقطة الحقيقة تتعرض يعني قبل أن أذهب للدكتور أسامة مرة أخرى لنتعرف عليه الإثباتات التي تثبت فعلاً بشكل كبير أن الامتداد من الناحية الشرقية يكفي لهذه التوسعة والتي يحتاجون فيها حوال 20 متر، قبل أن أذهب للدكتور أسامة أعود مرة أخرى للدكتور سعود يعني دكتور سعود هناك قواعد فقهية وردت في هذا السياق وفي هذا الحديث وهي المصلحة المرسلة مصدر من مصادر التشريع، ومصلحة الحجيج في هذا الأمر أن امتداد المسجد حينما يضيق يعتبر مسجداً، حينما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على عرفة لم يقف على كل عرفة وإنما وقف على جزء من عرفة، وهكذا الأمر حينما طاف، كل هذه الأدلة وهذه الأشياء حينما تورد في سياق حديث عن توسعة هكذا أمر يعني كيف يمكن أن يكون تأثيرها على عامة المسلمين وليس على النخبة العالمة بذلك؟
الشيخ سعود الفنيسان: لا شك أن القواعد الشرعية غير الكبيرة في تأصيل الحكم وتعقيده وأيضاً توضيحه للعامة أو الخاصة، فالمصالح المرسلة سميت مرسلة لأن ليس هناك دليل على الحكم وليس دليل على رفضه، فهي مطلقة من الدليل وهي مصدر من مصادر التشريع في الإسلام، وهناك قواعد حقيقة تؤكد هذا المعنى مثل القاعدة الفقهية إذا ضاق الأمر اتسع، وأيضاً الزيادة لها حكم المزيد، وغيرها زيادة الفرع تتبع للأصل، وغير ذلك من القواعد الفقهية عند العلماء كلها تحكي هذا المعنى، ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو مثلاً يؤدي مناسك الحج ومنه السعي ومنه الطواف ومنه الرمي إلى غير ذلك لا يشغل هو ولا حتى جميع الصحابة إلا حيزاً قليلاً من المسعى أي كان، لو نظرنا للذين حجوا معه كلهم ذكوراً وإناثاً وحجوا على الإبل وعلى الأقدام وعلى الخيل، وكان من يطوفون راكبين وراجلين ويرمون راكبين وراجلين ويسعون راكبين وراجلين لا يتجاوزون مئة ألف خلال الذين حجوا معه حجة الوداع، ومعلوم أن مكان الرمي على سبيل المثال أو مكان السعي لا يساوي إلا عدة أمتار، فهذه المسعى بحد ذاته سعى الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يحدد لنا المسافة العرضية ولا حجمها وإنما حدد لنا أو أمرنا قال: "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي" وهذا تقسيم وبيان للآية النصية السابقة في آية السعي، وهذه القواعد وهذه النصوص، ثم الفعل التطبيق العملي لعامة المسلمين منذ التشريع الأول إلى يومنا هذا كله يدل على أن المسعى مشعر من مشاعر كسائر المشاعر الأخرى فإذا ضاق الأمر اتسع، ولا سيما والاتساع الآن ليس خارجاً عن مداره لأن شهد الشهود وقامت البينة وحتى فريق الحفريات الآن ..
محمود الورواري: دكتور سعود هذا ما أريد أن أعرفه الآن.
الشيخ سعود الفنيسان: على امتداد الجبل جبل الصفا والمروة من الناحية الشرقية.
محمود الورواري: هذا ما أريد أن أعرفه من الدكتور أسامة فعلاً وهو سؤال واضح وصريح، دكتور أسامة يعني هل هناك ما يثبت بشكل واضح ونريد أن نعرف الإثباتات أيضاً تحديداً أن جبلي الصفا والمروة من الناحية الشرقية امتدادهم يكفي لما تحتاجونه في التوسعة وهو العشرين متراً تحديداً دكتور أسامة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/211)
أسامة البار: الامتداد الشرقي لجبلي الصفا والمروة أثبت بأكثر من طريق، الطريقة الأولى هي الدراسة التاريخية كما ذكرت كانت هناك بعض المصادر التاريخية التي تقول كما ورد في الأزرقي، الأزرقي هو أقدم مؤرخ لمكة المكرمة كتابه عن تاريخ مكة المكرمة صدر في العام 150 من الهجرة النبوية المباركة، والأزرقي كان معاصراً لأول توسعة كبيرة للمسجد الحرام وهي توسعة المهدي والتي حدثت في عام 146، إذاً نحن أمام شاهِد شاهدَ أول توسعة للمسعى وكان هناك بعض كبار العلماء من التابعين والذين أقروا المهدي على توسعته مع أن فيها يعني حرفاً للمسعى إلى الناحية الشرقية، لأن توسعة المسعى لم تكن كما كانت قبل ذلك في توسعة المهدي، دار الأرقم بن أبي الأرقم هناك دلائل ودليل في المستدرك للحاكم أن دار الأرقم بن أبي الأرقم كانت تحد المسعى من الناحية الشرقية، ودار الأرقم بن أبي الأرقم كانت معروفة إلى ما قبل التوسعة السعودية الثانية كانت موجودة، واستطعنا بواسطة الخرائط التاريخية لمنطقة المسعى هناك خريطتان الخريطة الأولى التي عملتها هيئة المساحة العثمانية عام 1880م عام 1298 من الهجرة النبوية المباركة، وكانت هناك الخريطة التي عملتها هيئة المساحة المصرية عام 1367 أي قبل توسعة المسعى التوسعة السعودية الأولى بحوالي 8 سنوات.
محمود الورواري: يعني 1947.
أسامة البار: نعم 47 .. واعتماداً على هذه الخرائط تم تحديد البعد بعد دار الأرقم بن أبي الأرقم عن مشعر الصفا جدار المسعى القديم ب22 متراً، أيضاً كانت هناك دراسة لتتبع الصور التاريخية ووجدنا صوراً تاريخية للمسعى ولمشعر الصفا أثناء عملية تطوير المسعى في التوسعة السعودية الأولى التي تمت في عام 1375، وتثبت هذه الصور امتداد جبل الصفا شرقاً إلى ما يزيد عن 32 متر في منطقة الصفا التوسع ممكن يصل إلى 32 متر، في منطقة البروة كان هناك قلة في عدد الصور التاريخية فلذلك استعنا بالخرائط الجيولوجية، وكانت هناك خريطة جيولوجية أعدتها هيئة المساحة الجيولوجية السعودية عام 1986 أي قبل ما يزيد عن 20 عاماً، وهذه الخريطة تثبت أن هناك امتداداً لجبل الصفا امتداداً سطحياً فضيلة الشيخ سعود الفنيسان يحفظه الله، ذكر أنه ربما يكون جذر الجبل يمتد شرقاً، ولكن الخريطة تثبت أن هناك امتداداً سطحياً لجبل المروة يزيد يعني بما يقارب ال25 متراً، ولذلك احتياطاً أخذنا ال25 متراً في التوسعة الشرقية.
البار: تُحدد النقاط الإحداثية للجبلين ثم تبدأ التوسعة
محمود الورواري: طيب دكتور حتى نضع المشاهد الكريم معنا في الصورة نحن تريدون 20 أم 25 متر للتوسعة؟
أسامة البار: الذي يزيد هو عشرون متراً، ولكن الآن نحن بصدد تحديد النقاط الشرعية لحدود جبل الصفا ولحدود جبل المروة وتحديد النقاط الإحداثية وذلك لتكون شهادة عبر التاريخ، ربما يحتاج توسعة في القابل من الأيام فتكون محددة شرعاً بإذن الله.
محمود الورواري: طيب نوضح فقط للسادة المشاهدين أننا حينما نتحدث عن الجانب الشرقي لأن الجانب الغربي هو الذي يفيه الحرم، فالجانب الذي قابل للتوسعة في الصفا والمروة هو الجانب الشرقي، ونتحدث عن امتداد حدود الجبل حتى يكون السعي شرعي وهذا هو ما قاله الدكتور أسامة، شيخ عبد العزيز أنا مصر أن تكون دكتور يا شيخ عبد العزيز اليوم، يعني هناك سؤال يفرضه أو يطرحه البعض وهو ما هو الركن القابل لأن يتم توسعته وتطويره من أركان الحج وما الركن غير القابل؟ لأن قد يقول البعض ما الذي يعني يجعل أن عرفة نحن ممكن نقول تطوير لعرفة مثلاً يعني هل هناك ضوابط أيضاً وما زلنا نتحدث؟
الشيخ عبد العزيز القاسم: نعم هذه المسألة ترتبط بجانبين، الجانب الأول هو ما وُصف وحُدد في الشرع فيجب أن نلتزم به، وهذه قاعدة كلية في مسائل العبادات لا يكاد يُختلف عليها، ومع ذلك فيها استثناءات مقررة أيضاً بقواعد متفق عليها أن ما كان من الواجبات يؤدي إلى عنت ومشقة يمكن أن يكون سبيلاً أو وسيلة للرخصة، ولذلك يعني رخّص العلماء في مسائل متعلقة بالمبيت في منى بالرمي بمسائل كثيرة من مسائل الحج، الجانب الآخر المتعلق بما يمكن أن يعني الجانب الثاني غير التوقيفي في مسائل الحج هو مسائل التطبيقات، فمثلاً إذا تحدثنا عن الرمي فالرمي محدد في جانب منه، ولكن جوانب منه غير محددة بمعنى تستطيع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/212)
أن ترتفع في العلو وترمي ويمكن أن تتسع في هذا العلو بحيث تستطيع أن تستوعب أكبر عدد من الأشخاص وأنت لا تخالف أصل العبادة التي شرعت موصوفة شرعاً، وأوضح من هذا هي مسألتنا التي نحن فيها وهي قضية تعلق السعي بمصطلح الصفا وبمصطلح المروة، وهي وقائع وهي موجودات المرجع فيها ليس إلى الفقهاء لأنها مرتبطة بوصف تاريخي جغرافي واقعي، وربما يشير إلى هذه الحقيقة لم يعني لفتات في التاريخ تنبه على هذه القضية، كل التوسعات التي حدثت للحرم أو لمرافق الحرم أو لبعض المشاعر في الحرم مثل المسعى أو ما يتعلق بالمقام قام بها حكام إداريون بمعنى قام بها سياسيون لم نكن بحاجة إلى فتاوى تحدد المواصفات والأضلاع والأطوال لينفذها المهندس، كانت الحاجة إلى قرار إداري يرتبط بالإمكانيات المالية وبالاحتياجات الفعلية الدنيوية، ثم هناك معالم رئيسية يعرفها الناس، ولذلك لم يعترض العلماء في توسعة المهدي على سبيل المثال وهي في 146 وشهدها كبار الفقهاء من مؤسسي المذاهب، ولم تثر أي جدل رغم أنها توسعة مرتبطة بالمسعى، ولم تثر أي جدل، الشيء الغريب حالياً هو أننا في السنوات الأخيرة تحولنا من قضية إناطة الأمر بالمختص إلى أن نبحث عن الفتاوى في كل صغيرة وكبيرة حتى لو لم تكن من اختصاص الفقهاء، فنحن في موضوع تحديد معنى الصفا والمروة أمام بحث تاريخي وجيولوجي وجغرافي، لا يعني لا مبرر للرجوع إلى الفتوى لتحديد هذا طالما أننا وجدنا النصوص الفقهية التي تقول أن عرض المسعى شرقاً وغرباً لا حد له شرعياً بشكل ..
محمود الورواري: وتم الرجوع شيخ عبد العزيز لأولي الأمر وأهل العلم الجيولوجيين والجغرافيين وهذا لا يمكن أن يتم التغاضي عنه، وهناك نقطة أيضاً تتعلق بمسألة إجماع المسلمين بشكل كبير لأن هذا منسك يخص المسلمين عامة، سنأتي إلى هذه النقطة ولكن نقف مع هذا الفاصل وبعد ذلك نواصل حوارنا في بانوراما الليلة.
[فاصل إعلاني]
محمود الورواري: أهلاً بكم من جديد. ونعود إلى آراء علماء الدين والمشايخ حول توسعة المسعى بين الصفا والمروة ولنتوقف مع ما قاله الشيخ محمد حسين مفتي القدس والديار المقدسة من أن التوسعة المرتقبة ستوفر مزيداً من الراحة للحجيج أثناء أداء مناسك الحج والعمرة.
مفتي القدس: التوسعة ستسهل أداء المناسك
الشيخ محمد حسين (مفتي القدس والديار المقدسة): في الواقع تقوم حكومة المملكة العربية السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتوسيعات في المسجد النبوي وفي المسجد الحرام، وهناك توسعة كبيرة في المسجد الحرام تشمل هذه التوسعة الصفا والمروة، بالتأكيد الصفا والمروة سيزاد مسرب الطواف ليحقق راحة للأخوة الذين يسعون بين الصفا والمروة، يعني هو الآن موجود مساران الآن للسعي بين الصفا والمروة أعتقد أنه في التوسعة الجديدة ستكون زيادة يعني مسار ثالث وربما مسار رابع مع توسعات المسار، وهذا يساعد تماماً في التسهيل على الحجاج من حيث أداء هذا السعي الذي هو بعض المذاهب تعده ركناً من أركان الحج وبعضها تقول أن السعي واجب من واجبات الحج، على أية حال هو منسك من مناسك الحج، وبالتالي كلما دخلت تحسينات وتوسيعات على هذه الأماكن كلما كانت أسهل للإخوة الحجاج الذين يؤدون السعي ثم الطواف حول الكعبة المشرفة.
محمود الورواري: نحن خلال هذه الحلقة الحقيقة نتعرض لآراء العلماء من كل أنحاء العالم الإسلامي بشكل كبير لأن الأمر كما قلنا يخص المسلمين بشكل كامل، وأيضاً أتواصل الآن مع الشيخ عائض القرني الداعية الإسلامية، شيخ عائض إلى أي حد يكون هناك ضرورة ملحة وواجبة أن يكون لعلماء المسلمين في كل أنحاء المعمورة رأي في تطوير أو توسعة منسك من مناسك الحج ونحن نتحدث الحقيقة على توسعة المسعى بين الصفا والمروة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/213)
عائض القرني: أولاً أحييكم وأشكركم على هذا البرنامج وعلى هذه الفكرة الرائدة للمسلمين بهذه الخطوة المباركة لخادم الحرمين الشريفين التي تبناها لتوسعة الحرمين، وتوسعة المسعى في الحرم المكي، والمسألة مسألة إنه العلماء نعم أهل العلم والعلم الشرعي يستشاروا في هذه المسألة لأنهم موكلون عن رب العالمين، وهم يعني المسلمون يعبرون عن رأيهم في هذه المسألة، ولكني بالمناسبة أقول أن العلماء الذين أفتوا في التوسعة والذين أيدوا خادم الحرمين في هذه المسألة هم علماء لهم قدرهم ومن أهل الفتيا المعتبرة، والآن وضح مع هذه التغطية ومع كلام المؤرخين والباحثين والحال الذي نشهده من الضرورة القصوى الذي رأيناه نحن وشاهدناها في ازدحام الحجاج والضيق الذين عاشوه وأرى أنه أصبح الآن من الحاجة التي يدعى إليها أن يبدأ هذا المشروع الذي ننتظره، والحمد لله المسألة مدروسة وقد اطلعت على أقوال العلماء والباحثين والمؤرخين في هذه المسألة.
محمود الورواري: طيب شيخ عائض ابقَ معي، أنا سأعود للدكتور أسامة مرة أخرى لأنه الحقيقة يفيدنا بالأرقام، دكتور أسامة حتى نقرب المسألة للمشاهد الكريم الذي لم تكتب له الظروف أن يقوم بأداء الحج أو العمرة فيرى بأم عينيه الأمر بشكل واضح، نريد أن نعرف بالأرقام بعد التوسعة كيف سيستفيد الحجيج بالأرقام يعني نحن نعرف أن هناك توسعة لعشرين متر الأمر كان ضيقاً في البداية؟ وكيف كان الضرر الواقع سابقاً؟ لأن هذه الخطوة أكيد كان لها أسباب في إطار خدمة الحجيج وخدمة المسلمين؟
أسامة البار: بالتاكيد أستاذي الكريم كان هناك كان عرض المسعى السابق هو عشرون متراً، طبعاً قبل ذلك كان العرض يتراوح ما بين 9 أمتار إلى 11 متراً وذلك أثناء قبل التوسعة السعودية الأولى، ثم أصبحت التوسعة إلى عشرين متراً وهذه العشرين متراً كان منها عشرة مخصصة للقاصدين من جبل الصفا إلى المروة وعشرة أمتار للعائدين من جبل المروة إلى جبل الصفا، الآن بعد التوسعة بإذن الله سبحانه وتعالى سوف يكون هناك عشرون متراً للقاصدين من جبل الصفا إلى جبل المروة وعشرون متراً للعائدين من جبل المروة إلى جبل الصفا، سوف تخصص من هذه العشرين متراً ثلاثة أمتار للعربات ولكبار السن، وهذا سوف يكون في الأدوار الأرضي والأول والثاني والسطح، حيث ستتم زيادة دور كامل أيضاً، توسعة التوسعة الجديدة سوف تضاعف استيعابية المسعى بما يزيد عن 150% من السابق، وذلك بإضافة دور كامل وأيضاً إضافة الجزء الممتد شرقاً في التوسعة الجديدة، كانت استيعابية المسعى في ذلك الوقت في حدود 28 ألف ساعي في الساعة الواحدة، وفي الثلاثة الأدوار إذا كان هناك وقت الذروة لا تزيد الاستيعابية عن 45 ألف ساعي في الساعة، الآن التوسعة الجديدة إن شاء الله سوف تزيد بالطاقة الاستيعابية إلى ما يزيد عن 100 ألف ساعي في الساعة، وهذا سوف يضاعف الاستيعابية مشعر المسعى وسوف ييسر على المسلمين أيضاً، وسوف ييسر على كبار السن والمعاقين حركياً في وجود مساحة كبيرة مخصصة لهم ضمن مشروع تطوير المسعى الجديد الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يحفظه الله.
محمود الورواري: أنا أشير فقط إلى أن الشيخ سعود الدكتور سعود الفنيسان نحن فقدنا الاتصال معه، ولكن هو يستحق أن نشكره ونقدم له التحية لانضمامه إلينا طوال هذه الحلقة سابقاً طبعاً، أعود للشيخ عبد العزيز قاسم مرة أخرى ونحن نتحدث عن أمر المسلمين في هكذا أمور، أيضاً هناك مؤسسات شيخ عبد العزيز مؤسسات إسلامية وهناك منظمة المؤتمر الإسلامي، وهكذا أمور كيف يمكن أن تشرك؟ وهل تشرك بشكل إيجابي؟ وهل يمكن أن تؤدي دور أكبر في هكذا أمور؟
الشيخ عبد العزيز القاسم: طبيعي أن تشارك المؤسسات التي تمثل أو تعكس رأي المسلمين سواء كانوا المؤسسات العلمية مثل المجمع الفقهي أو المؤسسات الأخرى وهذا كان يعني كان يجب أن يتم لشرح الفكرة وإيضاح مستنداتها، ولكن حتى الآن لا بد من إيضاح الجوانب العلمية لحجج المشروع، خصوصاً فيما يتعلق بالتحديد الجغرافي والتاريخي والمساحي لجبل المروة وجبل الصفا، وهذا من الأشياء التي للأسف لم تغطَّ بشكل يعني يوضح للناس حدود هذه التوسعة وهي من المسائل التي تهم عموم المسلمين.
محمود الورواري: ولكن شيخ عبد العزيز الدكتور أسامة تحدث ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/214)
الشيخ عبد العزيز القاسم: أنا أريد أن أؤكد هنا على نقطة مهمة.
محمود الورواري: تفضل شيخ عبد العزيز.
الشيخ عبد العزيز القاسم: وهي أن الاختلاف في مسائل الحج في مجمل مسائل الحج كثيرة، فلا يمكن أن تصل إلى إجماع في كل التفاصيل سيبقى لدينا خلاف، وستبقى لدينا آراء وكما لاحظنا سابقاً هناك من تحفظ على بعض التيسيرات المتعلقة بالرمي، ولكن بعد فوات الأوان وذهاب مئات الأنفس تحركوا في الفتوى وأوضحوا فيها رخصاً كان يقول بها بعض العلماء من عقود.
محمود الورواري: طيب شيخ عبد العزيز أنا أعتذر منك ولكن الوقت ضيق ومعي دقيقة أحاول أحيلها للشيخ عائض مرة أخرى ليكمل هذه الرؤية يعني نحن تابعنا حتى الدكتور أسامة وقرأنا أنه كان هناك حرص من المملكة على استقدام بعض علماء المسلمين ليروا بأم عينيهم التطور والمشروع على أرض الواقع، ثم بعد ذلك يقدموا فتواهم بشكل واضح، وهناك مؤسسات ربما تابعناها يعني أدت الدور بشكل كبير وبشكل وهناك استعانة بالعلماء، هل هذا يكفي أيضاً لأن تسد الثغرة التي تحدث عنها الشيخ عبد العزيز بأن قد يكون هناك نواقص أو إجماع عالرأي قد يكون من المستحيل في هكذا أمور؟
عائض القرني: عموماً لا يلزم الإجماع في مثل هذا المسائل، بل أنا أقول بصراحة حتى لو كان الرأي المرجوح لو قال العلماء بالرأي المرجوح في هذه المسألة ورأوا هذه الضرورة من ازدحام الناس وكثرتهم أنا مع الرأي المرجوح مع احترامي للذين قالوا في رأيهم من العلماء ولو خالفوا في هذه المسألة، لكن المسألة هناك إجماع لأهل العلم إجماع نادر، والإجماع قد لا يتحصل في مثل هذا أنا أرى إنه لو أفتى علماء من أهل الثقة أمام هذه الحالة من الازدحام ومن ضرورة أن يكون هناك يعني راحة للحجاج أرى أن يُؤخذ بهذا الرأي، خاصة عندنا علماء قالوا به ومع مؤسسات ودعاة فأرى أن ينطلق من هذا ويحترم رأي المخالفين، كثير من الإسلام خالف العلماء ولا عتاب ويحترم والاجتهاد والحمد لله يعني وارد في شرع الله سبحانه وتعالى.
محمود الورواري: لأن أولي الأمر قد لو قصروا يحاسبوا شيخ عائض في هذا الأمر، يعني الحقيقة نحن حتى معنا رأي الشيخ عبد المعطي بيومي عميد كلية أصول الدين كان من مصر وشيخ الأزهر وكل يعني .. جمعنا كم من الآراء، ولكن لم يستطع الوقت أو يسمح لنا الوقت أن نقدم الأفكار بشكل كامل وصلنا إلى الختام وفي ختام هذه الحلقة لا يسعني إلا أن أقدم الشكر للشيخ عائض القرني الداعية الإسلامي شكراً جزيلاً لك، والشيخ عبد العزيز القاسم القاضي السابق والمحامي، والدكتور أسامة البار أمين عام الجامعة المقدسة، وكان معنا سابقاً الدكتور الشيخ سعود الفنيسان المحامي وعميد كلية الشريعة لضيوفي الكرام التحية والتقدير، ولكم مشاهدينا الكرام لحسن متابعتكم طوال هذه الحلقة إلى اللقاء.
http://www.alarabiya.net/programs/2008/04/03/47814.html
===================================
ما حكم السعي في المسعى الجديد؟؟
المفتي: د. سعد بن تركي الخثلان
20/ 3/1429 هـ -- 27/ 3/2008
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد:-
فقد كثر الحديث والتساؤلات عن المسعى الجديد، وهل يجزىء السعي فيه فأقول - وبالله التوفيق-:- لم يختلف العلماء في أن الواجب في السعي هو مابين جبلي الصفا والمروة لقول الله تعالى (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما)،ولكن وقع الخلاف بين العلماء المعاصرين في تحقيق مناط هذه المسألة –بعد التوسعة الجديدة- فمنهم من يرى أن حدود جبلي الصفا والمروة لايتجاوز حدود المسعى الحالي (القديم)، ومنهم من يرى أن حدود جبلي الصفا والمروة أوسع من ذلك، والعلماء والمؤرخون قاموا بجهد كبير في تحديد كثير من المواضع في المسجد الحرام وفي مكة عموما تحديدا دقيقا حتى إنه كانوا يحددون بالأصابع، ولم أقف على تحديد لعرض جبلي الصفا والمروة، وربما أنه لم يخطر ببالهم احتياج الناس لتوسعة المسعى نظرا لقلة الناس فيما مضى، وقد ذكر الأزرقي في كتابه (أخبار مكة) (2/ 119) أن عرض المسعى خمسة وثلاثون ذراعا ونصف (أي سبعة عشر مترا و4 سنتيمترات)، وذكر غيره تحديدات قريبة من هذا،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/215)
وهي إنما كان فيها تحديد لعرض المسعى في زمانهم وليس فيها تحديدا لجبلي الصفا والمروة، فلا يصح الاحتجاج بها، قال مجاهد بن جبر (هذا بطن المسيل الذي رمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الناس انتقصوا منه) (رواه ابن أبي شيبة)، والذي يظهر – والله أعلم – أن حدود جبلي الصفا والمروة أوسع بكثير من حدود المسعى الحالي (القديم) كما تشير لذلك بعض أشعار العرب، ومن ذلك قول الأعشى الشاعر المشهور (المتوفى في السنة السادسة من الهجرة) هاجيا عمير بن المنذر:-
فما أنت من أهل الحجون ولا الصفا ولا لك حق الشرب من ماء زمزم
(ديوان الأعشى ص214)
وهذا يدل على اتساع جبل الصفا وأنه موضع للسكن والاستقرار، وليس هو الحجر الأملس بدليل أنه قابله بذكر الحجون وهو جبل متسع محل للسكنى
ويقول مضاض بن عمرو بن الحارث:-
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس ولم يسمر بمكة سامر
(أخبار مكة (1/ 97)
ويقول قصي بن كلاب في قصيدة مشهورة:-
أنا ابن العاصمين بني لؤي بمكة مولدي وبها ربيت
ولي البطحاء قد علمت معد ومروتها رضيت بها رضيت
(السيرة النبوية لابن هشام 1/ 135)، أخبار مكة (1/ 107)
والشاهد قوله (ومروتها رضيت بها رضيت) وهو يشير إلى اتساع المروة وأنها محل للرغبة والتملك والسكنى ولهذا أشار إلى رضاه بها
وهذه الأشعار وغيرها مما هو مذكور في كتب الشعر والأدب تدل على اتساع جبلي الصفا والمروة وأنه قد كان هناك من الناس من كان ساكنا على جبلي الصفا والمروة، و في الوقت الحاضر شهد بذلك أكثرمن عشرة شهود من كبار السن الذين عاصروا بعض معالمهما قبل إزالتها.
والحاصل:- أن الأقرب في هذه المسألة هو أنه لابأس بالسعي في المسعى الجديد، وأن المسعى الجديد يحده الصفا والمروة فمن سعى فيه فقد سعى بين الصفا والمروة وأتى بهذا الركن - أو الواجب- المطلوب شرعا عند أداء النسك.والله أعلم
حرر في 17/ 3/1429هـ
كتبه: د/ سعد بن تركي الخثلان
الأستاذ المشارك في قسم الفقه بكلية الشريعة
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض
http://www.islamlight.net/index.php?option=com_ftawa&task=view&id=24895&Itemid=35
ـ[نصر]ــــــــ[05 - 04 - 08, 02:54 م]ـ
حسنُ المسعى في تاريخ المسعى
سلطان بن عبد الرحمن العيد - إمام وخطيب جامع خالد بن الوليد بالرياض
إن تاريخنا - نحن المسلمين - هو تاريخُ الإسلام، هناك عند الحجر الأسود وزمزم، والحِجر والملتزم، هناك على الصفا والمروة، كان لنا تاريخُ عز ونصر، وبركة وتأييد، وتوبة وإنابة لرب ذلك البيت العتيق {إِنَّ أول بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إبراهيم وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ استطَاعَ إليه سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فإن الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}
إن تاريخنا - نحن أهل الإسلام - مُشرقٌ وضَّاء، مبدوء بما بدأ به الرسل والأنبياء، لما أقبل رسول - صلى الله عليه وسلم - على الصفا قرأ الآية {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّه} ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: (أبدأ بما بدأ الله به).
قال الله - جل وعلا - في بيان هذه الشعائر التي هي من شعائره: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أو اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فإن اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)} عن عروة عن عائشة قال: (قلتُ: أرأيتِ قول الله تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أو اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} قلتُ: فو الله ما على أحد جناح ألا يطوف بهما. فقالت عائشة - رضي الله عنها -: بئس ما قلتَ يا ابن أختي، إنها لو كانت على ما أوَّلتها عليه كانت (فلا جناح عليه ألا يطوف بهما)، ولكنها إنما أنزلت: أن الأنصار قبل أن يسلموا كانوا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المُشلَّل، وكان من أهلَّ لها يتحرج أن يطوف بهما، فسألوا عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة في الجاهلية فأنزل الله - عز وجل -: (إِنَّ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/216)
الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أو اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أن يَطَّوَّفَ بِهِمَا) قالت عائشة: ثم قد سنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطواف بهما، فليس لأحد أن يدع الطواف بهما). رواه الإمام أحمد والشيخان.
وفي رواية عن الزهري أنه قال: (فحدثتُ بهذا الحديث أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال: إن هذا العلم ما كنت سمعته، ولقد سمعت رجالاً من أهل العلم يقولون: إن الناس - إلا من ذكرت عائشة - كانوا يقولون: إن طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية، وقال آخرون من الأنصار: إنما أُمرنا بالطواف بالبيت ولم نؤمر بالطواف بين الصفا والمروة؛ فأنزل الله - عز وجل - (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ)، قال أبو بكر بن عبد الرحمن: فلعلها نزلت في هؤلاء وهؤلاء).
روى البخاري عن عاصم بن سليمان قال: سألت أنساً - رضي الله عنه - عن الصفا والمروة فقال: (كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما جاء الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل الله - عز وجل -: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ .. ).
المسعى في الجاهلية
* وأما حال المسعى في الجاهلية فقد ذكر القرطبي في تفسيره عن ابن عباس قال: (كانت الشياطين تفرَّقُ بين الصفا والمروة الليل كله، وكانت بينهما آلهة - أي أصنام- فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الطواف بينهما فنزلت هذه الآية).
وقال الشعبي - رحمه الله -: (كان إساف على الصفا، وكانت نائلة على المروة، وكانوا يستلمونهما، فتحرجوا بعد الإسلام من الطواف بينهما فنزلت هذه الآية).
وقد ذكر الإمام محمد ابن إسحاق في كتاب (السيرة)، أن إسافاً ونائلة كانا بشرين، فزنيا داخل الكعبة، فمسخا حجرين، فنصبتهما قريش تجاه الكعبة ليعتبر بهما الناس، فلما طال عهدهما عُبِدا، ثم حُولا إلى الصفا والمروة فنصبا هنالك، فكان من طاف بالصفا والمروة يستلمهما، فلهذا يقول أبو طالب في قصيدته المشهورة:
وحيث ينيخ الأشعرون ركابهم
لمفضى السيول من إساف ونائلِ
أصل السعي
* وأما أصل السعي بينهما .. فهو ما عملته هاجر عليها السلام؛ وكان من خبرها ما رواه ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (أول ما اتخذ النساء المِنطَق - وهو ما تشد المرأة في وسطها عند الشغل؛ لئلا تعثر في ذيلها - من قِبَل أم إسماعيل؛ اتخذت مِنطقاً لتخفي أثرها على سارة، فلما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان خرج بهاجر وابنها إسماعيل وهي ترضعه إلى مكة، فوضعهما هناك عند البيت، أي: عند المكان الذي سيبنى فيه البيت، عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء فوضعهما هناك، ووضع عندهما جراباً فيه تمر وسقاءً أو شنة فيها ماء؛ فجعلت أم إسماعيل تشرب من الشنة فيدر لبنها على صبيها، ثم قَفَّي إبراهيم - عليه السلام - منطلقاً إلى أهله، فتبعته أم إسماعيل حتى لما بلغوا كداء نادته من ورائه فقالت: (يا إبراهيم أين تذهب؟! وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟! فقالت له ذلك مراراً، وجعل - عليه السلام - لا يلتفت إليها. فقالت: إلى من تتركنا: قال - عليه السلام -: إلى الله. فقالت له: آالله الذي أمرك بهذا؟! قال: نعم. قالت: إذاً لا يضيِّعنا، ثم رجعت.
فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت أي: موضع البيت، ثم دعا بهؤلاء الكلمات ورفع يديه فقال: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}.
وجعلت هاجر ترضع إسماعيل، وتشرب من ذلك الماء، ويدر لبنها على صبيها، حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى، أو قال: يتلبَّط.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/217)
قالت: لو ذهبت فنظرت لعلي أحس أحدا، قال: فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا، فلم ترَ أحد، فهبطت من الصفا، حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود، حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحداً، فلم تر أحداً، ثم قالت: لو ذهبت فنظرت ما فعل - تعني الصبي - فذهبت فنظرت فإذا هو على حاله كأنه ينشغ للموت، فلم تقرها نفسها فقالت: لو ذهبت فنظرت لعلي أحس أحداً؟ فذهبت فصعدت الصفا فنظرت ونظرت فلم تحس أحدا، ففعلت ذلك سبع مرات. قال ابن عباس: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فذلك سعي الناس بينهما)، فلما أشرفت على المروة سمعت صوتاً فقالت: صهٍ - تريد نفسها - أي: اسكتي، ثم تسمَّعت، فسمعت أيضاً، فقالت: (قد أسمعتَ إن كان عندك غواث، أغث إن كان عندك خير).
فإذا هي بالملَك جبرائيل عند موضع زمزم فبحث بعقبه هكذا، وغمز عقبه على الأرض حتى ظهر الماء، فدهشت أم إسماعيل، فجعلت تحوِّضه وتقول بيدها هكذا، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف، قال ابن عباس: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم) أو قال: (لو لم تغرف من الماء)، وفي رواية: (لولا أنها عجلت لكانت زمزم عيناً معيناً)، وفي رواية:0لو تركته كان الماء ظاهراً). فقال ابن عباس: فشربت من الماء، وأرضعت ولدها، ويدر لبنها على صبيها، فقال الملك: لا تخافوا الضيعة، فإن ها هنا بيت الله - عز وجل - يبنيه هذا الغلام وأبوه؛ فإن الله لا يضيِّع أهله. أخرجه الإمام البخاري وغيره.
* ثم شرع الله السعي بينهما بعد ذلك لإبراهيم - عليه السلام -، قال الإمام ابن كثير في تفسير الآية (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ .. ): (بيَّن الله أن الطواف بين الصفا والمروة من شعائر الله، أي: مما شرع الله لإبراهيم في مناسك الحج، وقد تقدم في حديث ابن عباس أن أصل ذلك مأخوذ من تطواف هاجر - عليها السلام - وتردادها بين الصفا والمروة في طلب الماء لولدها لما نفد ماؤهما وزادهما حين تركهما إبراهيم - عليه السلام - هناك، وليس عندهما أحد من الناس، فلما خافت الضيعة على ولدها هنالك ونفد ما عندهما، قامت تطلب الغوث من الله - عز وجل -، فلم تزل تتردد في هذه البقعة المشرفة بين الصفا والمروة متذللة خائفة وجلة مضطرة فقيرة إلى الله - عز وجل - حتى كشف الله كربتها، وآنس غربتها، وفرج شدتها، وأنبع لها زمزم التي ماؤها طعام طُعم وشفاء سقم، فالساعي بينهما ينبغي له أن يستحضر فقره وذله وحاجته إلى الله - عز وجل - في هداية قلبه وصلاح حاله وغفران ذنبه، وأن يلتجأ إلى الله - عز وجل - ليزيح ما هو به من النقائص والعيوب، وأن يهديه إلى الصراط المستقيم، وأن يثبته عليه إلى مماته، وأن يحوله من حاله الذي هو عليه من الذنوب والمعاصي إلى حال الكمال والغفران والسداد والاستقامة كما فعل بهاجر عليها السلام.
قال العلامة ابن قاسم في حاشية الروض المربع [4 - 118]: (فجُعل ذلك - أي: السعي بين الصفا والمروة - نسكاً إظهاراً لشرفها، وتفخيماً لأمرها عليها السلام).
موضع الصفا والمروة
* وأما موضع الصفا والمروة ووصفهما .. فالصفا هو مبدأ السعي، وهو في أصل جبل أبي قُبيس، وهو واقع في الجهة الجنوبية من المسجد الحرام، على مقربة من الباب المسمى باب الصفا، وهو موضع مرتفع من جبل، وكان له درج وثلاثة عقود، وجبل الصفا يقابل ركن الحجر الأسود من الكعبة، وهو جبل صلد أملس.
وأما المروة فهي واقعة جهة المُدَّعى، وإليها ينتهي السعي، وجبل المروة رخو بالنسبة لجبل الصفا، وهو في أصل جبل قُعيقعان، يقع في الجهة الشمالية الشرقية من المسجد، قال في القاموس: (قعيقعان: جبل بمكة وجهه إلى أبي قبيس، وسمي بذلك؛ لأن جُرهُمْ كانت تجعل فيه أسلحتها فتقعقع فيه، أو لأنهم لما تحاربوا وقطوراء قعقعوا بالسلاح في ذلك المكان، والمروة في الأصل: الحجر الأبيض البراق).
وقد كان بُني على الصفا والمروة أبنية حتى سترتهما، حيث لا يظهر منهما غير يسير من الصفا، على ما ذكره المحب الطبري، وقد أزيلت هذه الأبنية بحمد الله - عز وجل -.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/218)
ولم يكن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - درج على الصفا ولا على المروة، وقد بقي على هذه الحال إلى زمن أبي جعفر المنصور الخليفة العباسي - رحمه الله - المتوفى سنة 158هـ ففي عهده بني عليهما الدرج.
روى الأزرقي في تاريخه عن جده أحمد بن محمد أنه قال: (كان الصفا والمروة يسند فيهما من سعى بينهما، ولم يكن فيهما بناء ولا درج، حتى كان عبد الصمد ابن علي في خلافة أبي جعفر المنصور، فبنى درجهما التي هي اليوم درجهما، فكان أول من أحدث بناءها).
وقد أزيل هذا الدرج في التوسعة السعودية الجديدة، وأصبح موضع الدرج منحدراً مبلطاً متصلاً ببقية المسعى؛ ليكون أيسر على الطائفين بهما.
جبل الصفا
* جبل الصفا وما أدراك ما جبل الصفا .. لقد جرى على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - عنده من الابتلاء والأذى، ثم النصر والتأييد ما جرى.
أما النصر والعاقبة الحسنى؛ فقد ظهر ذلك في حجة الوداع، بعد أن هزم الله المشركين وفتحت مكة، وكان الاعتراف لله بهذه النعمة وهذا النصر والتأييد هناك؛ قال جابر - رضي الله عنه - في وصف حجة الوداع: ثم خرج رسول - صلى الله عليه وسلم - يعني بعد الطواف من باب الصفا إلى الصفا، فلما دنى من الصفا قرأ (إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ) (أبدأ بما بدأ الله به) فبدأ بالصفا فرقي عليه، حتى رأى البيت فاستقبل القبلة، فوحَّد الله وكبره ثلاثاً وحمده، وقال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده)، ثم دعا - صلى الله عليه وسلم - بين ذلك، وقال مثل ذلك ثلاث مرات.
بهذه الكلمات أقرَّ نبينا - صلى الله عليه وسلم - واعترف لله سبحانه وتعالى بهذه النعمة، وهو على الصفا وحوله ألوف الموحدين يقتدون به، ويذبون عنه وهو في رفعة ونصر وعز، أقر بأن ذلك النصر من الله وحده.
نعم .. قبل سنوات من ذلك جرى للنبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا الجبل نفسه، ما آلمه وأحزنه؛ يقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: (لما نزلت هذه الآية (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى الصفا فصعد عليه، ثم نادى: (يا صباحاه)، قال: فاجتمع الناس إليه، فبين رجل يجئ وبين رجل يبعث رسوله فقال - صلى الله عليه وسلم -: (يا بني عبد المطلب، يا بني قُصيّ، يا بني عبد مناف، يا بني، يا بني: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح الجبل تريد أن تغير عليكم أصدقتموني)، قالوا: نعم، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد)، فقال أبو لهب: تباً لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟!، قال فنزلت الآية (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ).
وكان من تعنُّت قريش ما رواه ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (قالت قريش للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهباً! فإن أصبح ذهباً اتبعناك!).
* وأما المروة فقد كان لنبينا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عليها موقف؛ قال جابر - رضي الله عنه -: (حتى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال - صلى الله عليه وسلم -: (يأيها الناس: لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، ولجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي، فليحل وليجعلها عمرة). فقام سُراقة بن مالك بن جعشم - وهو في أسفل المروة - فقال: يا رسول الله، أرأيت متعتنا هذه، ألعامنا هذا، أم لأبد الأبد؟! قال: فشبك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابعه واحدة في الأخرى، وقال: (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، لا بل لأبد أبد، لا بل لأبد أبد). ثم سأله سراقة هناك عند المروة، والناس مجتمعون في هذا الموقف العظيم، قال يا رسول الله: بيِّن لنا ديننا كأن خلقنا الآن فيم العمل؟ أفيما جفت به الأقلام، وجرت به المقادير، أو فيما نستقبل؟ فقال (#65018;: زلا بل في ما جفت به الأقلام، وجرت به المقادير). قال سراقة: ففيم العمل إذن؟!، قال - صلى الله عليه وسلم -: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له).
الدعاء على الصفا والمروة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/219)
* إن الصفا والمروة من مواضع الدعاء، فأكثروا الدعاء على الصفا وعلى المروة، وألحوا واجتهدوا كما فعل نبيكم محمد - صلى الله عليه وسلم - قال جابر - رضي الله عنه -: (فبدأ - صلى الله عليه وسلم - بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة فوحَّد الله وكبره، قال: ثم دعا - صلى الله عليه وسلم - بين ذلك).
وروى الفاكهي عن إبراهيم قال: (كانوا يقومون على الصفا والمروة قدر ما يقرأ الرجل عشرين أو خمساً وعشرين آية من سورة البقرة).
وقال صالح ابن مسعود: (رأيت محمد بن الحنيفة على الصفا، رافعاً يديه حتى خرج إبطاه، وهو يدعو). وصحح العلامة الألباني عن ابن مسعود وابن عمر - رضي الله عنهما - أنهما كانا يدعوان في السعي يقولان: (رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم).
* ويسن قراءة الآية عند الدنو من الصفا، أي: قبل أن يرقى الصفا كان - صلى الله عليه وسلم - بعد الطواف إذا دنا من الصفا، أي: قرب منها لا إذا صعدها، يفعل ما رواه جابر قال: (إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما طاف وصلى خلف المقام، ثم أتى الحجر، فاستلمه ثم خرج إلى الصفا وقال: (أبدأ بما بدأ الله به) فبدأ بالصفا وقرأ (إن الصفا والمروة من شعائر الله).
وهذه الآية لا تقرأ في غير هذا الموضع، أي أنها تقرأ مرة واحدة فقط في هذا الموضع الذي فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -.
* ومن سنته - عليه الصلاة والسلام -: الإسراع في بطن الوادي بين العلمين الأخضرين؛ لما سعى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الصفا والمروة أسرع في بطن الوادي، قال جابر: (ثم نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني من الصفا ماشياً إلى المروة، حتى إذا انصبت قداماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صعدتا - يعني قدماه - الشق الاخر مشى، حتى أتى المروة، تقول أم ولد شيبة: (إنها أبصرت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسعى بين الصفا والمروة وهو يقول: (لا يقطع الأبطح إلا شدا) رواه الفاكهي وغيره
وكان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وادياً أبطح فيه دقاق الحصى؛ قال ابن عمر - رضي الله عنهما -: (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسعى في بطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة). خرجه الفاكهي.
وعن عباس - رضي الله عنهما -: (أنه رآهم يسعون بين الصفا والمروة؛ ليري المشركين قوته).
* ولا بأس بالمشي والركوب إن شق عليه السعى، قال كثير بن جمهان: (رأيت ابن عمر - رضي الله عنهما - يمشي في المسعى بين الصفا والمروة، فقلت يا أبا عبد الرحمن: أتمشي بين الصفا والمروة؟!، فقال: (إن سعيتُ فقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسعى، وإن أمشي فقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يمشي، وأنا شيخ كبير). رواه الفاكهي.
وعند مسلم من حديث جابر أنه - صلى الله عليه وسلم - طاف بين الصفا والمروة على بعير؛ ليراه الناس وليشرف وليسألوه، فإن الناس غشوه، فهو - صلى الله عليه وسلم - طاف أولاً ماشياً، فلما كثر الناس عليه ركب، كما صرح به ابن عباس عند مسلم.
مواقف للنبي - صلى الله عليه وسلم - في المسعى الشريف
* في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصة فتح مكة أنه قال: أقبل رسول - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل إلى الحجر فاستلمه وطاف بالبيت، وأتى إلى صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه، وفي يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوسٌ وهو آخذ بسيتها (أي: ما عطف من طرفها)، فلما أتى على الصنم جعل يطعن في عينه ويقول: (جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إن الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً)، فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت فرفع يديه وجعل - صلى الله عليه وسلم - يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو.
* وعلى الصفا كان موعد اجتماع الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه يوم فتح مكة، ففي المسند عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه ذكر فتح مكة ودخوله - صلى الله عليه وسلم - إليها ذلك اليوم، قال: فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (يا أبا هريرة) قلت: لبيك يا رسول الله - قال عليه الصلاة والسلام -: (اهتف لي بالأنصار ولا يأتيني إلا أنصاري)، قال فهتفت بهم، فجاؤا فأطافوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال - عليه الصلاة والسلام -: (أترون إلى أوباش قريش وأتباعهم، ثم قال بيديه - إحداهما على الأخرى - احصدوهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/220)
حصداً حتى توافوني بالصفا).
ثم ذكر أبو هريرة طوافه - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك بالكعبة، وما جرى على الصفا من المعاتبة، وإظهار الأنصار محبتهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخوفهم أن يمكث بمكة بعد الفتح، ويدع مدينتهم، قال - رضي الله عنه -: (ثم أتى - صلى الله عليه وسلم - الصفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت فرفع يديه فجعل يذكر الله بما شاء أن يذكره ويدعوه، قال: والأنصار تحته، قال: يقول بعضهم لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته - يعنون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: وجاء الوحي، فقال - عليه الصلاة والسلام -: (يا معشر الأنصار أقلتم: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته؟ قالوا: قلنا ذلك يا رسول الله، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (إني عبد الله ورسوله هاجرت إلى الله وإليكم، فالمحيا محياكم، والممات مماتكم. قال فأقبلوا إليه يبكون، ويقولون: والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضن (أي: البخل بالله ورسوله). قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم).
* وعلى الصفا كانت البيعة بعد فتح مكة كما ذكر الإمام جرير فقد قال: (ثم اجتمع الناس بمكة لبيعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام فجلس لهم فيما بلغني على الصفا، وعمر بن الخطاب أسفل من مجلسه، فأخذ على الناس السمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا). تاريخ ابن كثير (6 - 616).
التعدّي على المسعى
* لقد ذكر المؤرخون للمسعى تعديات بعض الناس عليه؛ لِيُعْرف الفرقُ بين المصلح والمفسد؛ وليشكر المؤمنون نعمة الله عليهم بالأمن حال أداء نسكهم، وبضدها تتبين الأشياء.
فمما أوذي به الناس في ذلك المكان المعظَّم المشرَّف ما جرى في سنة تسع عشرة وست مائة، فقد ذكر صاحب (إتحاف الورى) (3 - 34) أن صاحب اليمن المسعود بن يوسف سار إلى مكة فقاتل صاحبها حسن بن قتادة بالمسعى بين الصفا والمروة ببطن مكة، وهزمه وولّى مدبراً، وملكها مسعود، ونهبها عسكره إلى العصر؛ حتى أخذوا الثياب عن الناس وبدا منه تجبّرٌ وقلة دين، ومن ذلك:
ضرب غلمانه الناس بالمسعى بالسيوف في أرجلهم وهم يسعون! ويقولون: اسعوا قليلاً قليلاً (أي: بهدوء) فإن السلطان نائم في دار السلطنة بالمسعى!! والدم يجري من سيقان الناس.
* ولا تعجب فما فعله أتباع المهدي المزعوم الكذّاب بالصفا والمروة أعظم وأطمّ، فقاتل الله جماعات (التكفير) والتفجير التي تزعم الدعوة والجهاد والحياة (في ظلال القرآن) وتنادي بإعادة الخلافة الإسلامية والخروج في سبيل الله و (التبليغ)، فتسرق شبابنا وتجندهم للتخريب في بلادنا، وتسفك دماء الموحدين من رجال الأمن والعلماء الناصحين؛ فاحذروا ما يسمى (الجماعات الإسلامية) فإن غالبها بُنِي على فكر (الصوفية) القبوريين أو (الخوارج) التكفيريين.
قال النهرواني في (الإعلام بأعلام بيت الله الحرام) ص139: ومن عجيب ما نُقل في التعدي على المسعى واغتصابه ما وقع قبل عصرنا هذا بنحو مائة عام في أيام دولة الجراكسة في سلطنة الأشرف قايتباي المحمودي سامحه الله تعالى، ثم أورد الحادثة وأوردها غيره كالنجم بن فهد في (إتحاف الورى) وحاصلها: أنه كان للسلطان الأشرف تاجر يستخدمه قبل السلطنة اسمه ابن الزّمن وكان مقرباً منه بعد سلطنته، وأرسله إلى مكة ليقوم ببعض شؤونه هناك، وكان مما أقدم عليه ابن الزمن هذا: أنه بنى ميضأة أمر بعملها السلطان الأشرف، وقيل بل بناها لنفسه، يحدها من الغرب: المسعى الشريف، ومن الجنوب: مسيل وادي إبراهيم الذي يقال له الآن: سوق الليل، فشرع ابن الزمن في بناء الميضأة، وهدم من المسعى مقدار ثلاثة أذرع واستولى عليه، فمنعه قاضي الشرع برهان الدين ابن ظهيرة الشافعي؛ فلم يمتنع من ذلك فجمع القاضي علماء المذاهب الأربعة منهم القاضي علاء الدين المرداوي الحنبلي، وحضر ابن الزمن؛ فسألهم القاضي عن تعدي ابن الزمن على أرض المسعى؛ فأفتوا بأن ذلك حرام.
قال ابن فهد: وأنكر القاضي علاء الدين المرداوي ذلك إنكاراً قوياً، وقام بأعباء المجلس جزاه الله خيراً وأكثر من أمثاله، ثم توجه القاضي برهان الدين ومنع البنائين من العمل، وأرسل إلى السلطان الأشرف بذلك، وكتب ابن الزمن الظالم أيضاً إلى السلطان وزوَّق وبدَّل وافترى على القاضي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/221)
قال في (الإعلام): وكانت الجراكسة لهم تعصب وقيام في مساعدة من يلوذ بهم ولو على الباطل، فلما وقف على تلك الأحوال السلطان قايتباي نصر ابن الزمن، وعزل القاضي برهان الدين، وولى خصمه المنصب، وأمر أمير الحاج أن يضع الأساس على مراد ابن الزمن، ويقف عليه بنفسه، وجعل ابن الزمن ذلك رباطاً وسبيلاً.
قال: (ويالله العجب من ابن الزمن؛ كيف ارتكب هذا المحرم بإجماع المسلمين طالباً به الثواب، وكيف تعصب له سلطان عصره الأشرف قايتباي مع أنه أحسن ملوك الجراكسة عقلاً وديناً وخيريةً، وهو يأمر بفعل هذا الأمر المجمع على حرمته في مشعر من مشاعر الله تعالى، وكيف يعزل قاضي الشرع الشريف لكونه نهى عن منكر ظاهر الإنكار فرحم الله الجميع وغفر لهم). انتهى كلام النهرواني.
الإصلاح في المسعى والاعتناء بتدوينه
* الناس في هذا المشعر الحرام صنفان: محسنٌ وظالم لنفسه مبين، وتقدم ذكر شيء من الظلم هناك، وأما الإحسان والإصلاح فهو الأصل بحمد الله ومنّه وكرمه.
ولقد اعتنى العلماء بتدوين تاريخ المسجد الحرام والمشاعر العظام، وذكروا ما جرى فيها من إصلاحات وتيسير للحجاج والمعتمرين؛ اعترافاً بالجميل، وترغيباً لمن يأتي من بعد، وتعظيماً لحرمات الله، واحتفاءً بشعائره (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)، (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ).
نعم .. إن في تدوين العلماء هذا التاريخ منافع جليلة فرحمهم الله وغفر لهم.
ومن ذلك: أنهم قيدوا ما عمله الملوك والسلاطين من إصلاحات في المسعى، وذكروا أموراً كانت عندهم جليلة:
* فها هو الإمام الفاكهي من علماء القرن الثالث الهجري يثبت في كتابه: (أخبار مكة) [2 - 245] ما قام به بعض الحكام من إنارة المسعى بالمصابيح حيث قال:
ذِكْر أول من استصبح بين الصفا والمروة: وقال بعض أهل مكة: إن خالد بن عبد الله القسري أول من استصبح بين الصفا والمروة في خلافة سليمان بن عبد الملك في الحج وفي رجب.
قال: وأول من استحدث هذه النفاطات، (وهي نوع من السرج) التي بين الصفا والمروة أمير المؤمنين المعتصم بالله، يُستصبح في المواسم إلى يومنا هذا. انتهى
وذكر السنجاري في كتابه (منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم) [3 - 33] أعمال بعضِ السلاطين في سنة ثمانمائة وثلاث أربعين فقال: (وعين لميلي المسعى قنديلين من قناديل الحرم تعلق في رجب وشعبان ورمضان تضيء للمعتمرين، وجعل قنديلاً على الصفا وآخر على المروة).
وذكر ما قام به بعض الولاة في سنة ألف واثنتين وسبعين للهجرة فقال: (ودُهن علميّ المسعى وعيّن نحو ثمانين قنديلاً تسرج في الثلاثة الأشهر: رجب وشعبان ورمضان، منتشرة من الصفا إلى المروة من الجانبين في أماكن متفرقة وعمَّر سبيلاً بالمسعى). أي: لشرب الساعي بين الصفا والمروة منها.
إصلاح المسعى دونه عقبات
إن محاولة إصلاح المسعى كانت يعترضها عقبات، نعم .. لقد كان إصلاح المسعى شرفاً مدَّخراً لهذه الدولة السعودية السَّنِيَّة، ولقد حاول من قبلهم ذلك فلم يقدّر لهم.
* وممن أراد ذلك على ما ذكره الغازي في تاريخه عن البلد الحرام [التاريخ القويم 5 - 351] المشير الحاج محمد حسيب باشا، الذي تولى مكة من قِبل الدولة العثمانية عام ألف ومائتين وأربعة وستين، فقد أراد المذكور أن يوسع المسعى ويهدمها ليتسع على الحجاج حال السعي ويأخذ من الدور الداخلة في مشعر المسعى، ويجعل طريقاً للذاهب في السعي وأخر للآيب، ونصب حبلاً كان مراده أن يجعل عِوضه دربزاناً من الحديد أو غيره، وهدم بعض الدور الداخلة بالمشعر، فكتب فيه بعض أهالي مكة ونقموا عليه، وتوجه بالكتب إلى الخليفة العثماني السيد عبد الله بن عقيل توجه خفية على ناقة إلى التنعيم، ثم أخذ براً من طريق الحديبية وتوجه إلى الاستانة وشكى حاكم مكة فأمر الخليفة العثماني بعزله ووئدت فكرة توسيع المسعى في مهدها. وها هو أحد المؤرخين في الدولة العثمانية (أيوب صبري باشا المتوفى سنة ألف ومائتين وتسعين للهجرة) يتألم من حال المسعى فيقول في كتابه (رآة الحرمين الشريفين) (2 - 480): ويصيب الإنسان حيرة وهو يرى على جانبي طريق المسعى المحال والدكاكين، ووسط هذه المحال مكان للعبادة، ويدور في خاطره استحسان رفع هذا السوق من هناك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/222)
انتهى.
وقد تحققت رغبة هذا المؤرخ العثماني على يد دولتنا السعودية أعزها الله بالسنة وأدام عليها نعمة خدمة البيتين الكريمين والحرمين الشريفين (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أو اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فإن اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ).
عناية الدولة السعودية الأولى بالمسعى
لقد كانت العناية بالمسجد الحرام والمسعى الشريف من أولويات الدولة السعودية الأولى، ومما قامت به تلك الدولة السعودية من خدمةٍ وتطهير للمسعى: ما جرى منهم لما ضموا مكة أول مرة للدولة السعودية قبل أكثر من مائتي عام على يد الإمام سعود بن عبد العزيز بن الإمام محمد بن سعود، وقد ذكر المؤرخ الجبرتي، وهو من علماء مصر وقد كان صادقاً في وصفه لدعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب، منكراً الأكاذيب الذي يروجها أعداؤها من عباد القبور والخرافيين، كان مما ذكره هذا المؤرخ المصري - رحمه الله -: أن الدولة السعودية دخلت الحجاز، وفي سنة ألف ومائتين وإحدى وعشرين أمرت بمنع المنكرات والتجاهر بها، ومنعت شرب التنباك (أي: الدخان) في المسعى بين الصفا والمروة، وأمرت بملازمة الصلوات في الجماعة، ودفع الزكاة، وأبطلت المكوس والمظالم، وأمرت بترك ما حدث في الناس من الالتجاء لغير الله من المخلوقين الأحياء والأموات في الشدائد، وما أحدثوه من بناء القباب على القبور والزخارف وتقبيل الأعتاب والخضوع والتذلل والمناداة والطواف والنذور والقربان لها، واختلاط الرجال بالنساء، ثم قال الجبرتي: فعند ذلك أمنت السبل وانحلت الأسعار. (أي: رخصت)
عناية الدولة السعودية الثالثة بالمسعى
واستمرت جهود الدولة المباركة في خدمة المسعى وإصلاحه:
* ومما قامت به الدولة السعودية الثالثة من خدمة للمسعى الشريف على يد الملك عبد العزيز: فرش أرض المسعى بالبلاط وتسقيفه، ففي أوائل عام ألف وثلاثمائة وخمسة وأربعين أمر الملك عبد العزيز بفرش أرض المسعى بالبلاط الحجري المربّع من الصفا إلى المروة، وهذه أول مرة تفرش فيها أرض المسعى بالبلاط الحجري، بعد أن كانت أرضيته ترابية يثور منها الغبار عند المشي عليها، وبذلك استراح الناس من تلك الأتربة والغبار.
قال المؤرخ باسلامة في) تاريخ عمارة المسجد الحرام (ص296: فكان هذا أول مرة رصف فيها شارع المسعى من الصفا إلى المروة منذ فرض الله على المسلمين الحج بل منذ سكن الحجاز، وكان الملك عبد العزيز السعود أول ملك اعتنى برصفه، ولا شك أن هذا العمل من أجل الأعمال التي قام بها رجال الإصلاح في مكة، وأعظم مفخرة من مفاخر الملوك المسلمين. اهـ
وفي عام ألف وثلاثمائة وستة ستين أمر الملك عبد العزيز بعمل مظلة على المسعى، فتمَّ عملها في العام نفسه؛ وكانت بطول المسعى من الصفا إلى المروة إلا يسيراً.
* ولقد كان الإصلاح الأعظم للمسعى على يد الملك سعود بن عبد العزيز - غفر الله له -، نعم .. إن مساحة المسجد الحرام قد وقفت منذ مئات السنين عند حد معين، حتى كانت الزيادة السعودية بحمد الله، وكذلك المسعى فإن البناء حوله لم يتوقف عند حد، بل ظل يزحف إليه حتى اتصلت به البيوت ودور الأهالي، وحالت المباني والدور الخاصة بينه وبين المسجد الحرام، وأصبح المسعى ضيقاً تقوم على جوانبه الحوانيت المتعددة تملؤها السلع، وترتفع فوقها المساكن طبقات، وتختلط أصوات البائعين بأصوات الساعين والعابرين، وصاحب ذلك تيسر السبل للحج والعمرة؛ فضاقت تلك العرصات المباركة، وكلما مرت الأعوام وازداد العدد كثرة، والازدحام اشتداداً، وازداد من في مكة سكاناً وحجيجاً شعوراً بهذا الضيق: ارتفعت أكف الضراعة إلى الله بأن يهيئ للحجاج والمعتمرين من يسهل عليهم أداء نسكهم، وكان ذلك على يد الملك سعود فقد عمل في المسعى ما لم يعمله أحد من الملوك والسلاطين قبله عبر تاريخ هذا المشعر العظيم، فما الذي عمله؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/223)
لقد أمر - رحمه الله - بتوسعة المسجد الحرام وتوسيع المسعى وبنائه وعمل ما يلزم للتيسير على الساعين؛ فتم شراء جميع المنازل المحيطة بالمسجد الحرام من جهاته الأربع، وكذلك المحيطة بالمسعى وكان الثمن باهظا، ومع ذلك كان يقول للجنة التعويضات: (اظلمونا للناس، ولا تظلموهم لنا).أي: لا تبخسوهم حقهم. وبدأ العمل في المسعى الشريف.
* لقد كان المسعى مكشوفاً مئات السنين، ويتأذى الناس من حرارة الشمس، والغبار، والأتربة والسيول والمياه تحت أقدامهم وضاق المسعى لما يحيط به من مساكن وأبنية، وتقدم أن بعض الناس في أزمنة خلت تعدى على هذا المشعر وغصب جزءاً منه، فكان رفع هذا الظلم والتعدي على يد دولتنا السعودية أعزها الله بالسنة، فبدأ العمل في شهر ربيع الآخر عام خمسة وسبعين وثلاثمائة وألف للهجرة، فهدم ما كان بالمسعى من بيوت ودكاكين، وخُلِّصت أرض المسعى من التعديات عليها، ثم حفرت أساسات الجدار الخارجي للتوسعة التي تضم المسعى، واستمر العمل إلى عام ثمانية وسبعين وثلاثمائة وألف للهجرة، وقد تم فيها - بحمد الله - بناء المسعى بطابقيه؛ وطوله من الداخل ثلاثمائة وأربعة وتسعون متراً ونصف المتر وعرضه عشرون متراً، وارتفاع الطبقة الأولى اثنا عشر متراً، والثانية تسعة أمتار، وأقيم في وسط المسعى حاجز قليل الارتفاع يقسمه قسمين:
أحدهما للذاهب من الصفا إلى المروة والآخر للعائد منها إلى الصفا؛ لئلا يقابل الناس بعضهم بعضاً فيتضررون.
وقد سُرَّ المسلمون بهذا العمل العظيم الذي لم يسبق مثله في التاريخ ألا وهو بناء المسعى وتبليطه وصرف السيول عنه وجعله متعدد الطوابق.
* وتتابع الملوك من آل سعود على العناية بالمسعى الشريف، حتى كانت التوسعة العظمى على يد الملك الراحل فهد - غفر الله له - وتيسر في زمنه للمسلمين الصلاة في سطح المسجد الحرام بعد تهيئته، وكذلك السعي بين الصفا والمروة فصار للمسعى دور ثالث ولله الحمد والمنة.
العَلَمان الأخضران في المسعى
ولعلك تسأل ما شأن العلمين الأخضرين في المسعى ولماذا وضعا في التوسعة السعودية؟
اعلم أن في المسعى ميلين أخضرين وضعا علامة لطلب الهرولة بينهما في السعي ذهاباً وإياباً، أحدهما كان تحت منارة باب علي، وثانيهما كان متصلاً بدار العباس بن عبد المطلب، والميل التي تحت منارة باب علي كان مسامتاً لابتداء السعي الشديد في بطن الوادي؛ كما فعل النبي - عليه السلام - وكان السيل يهدمه فأخروه أي: الميل الأخضر عن مبدأ السعي بستة أذرع؛ فلذلك تسن الهرولة قبل هذا الميل الأخضر بنحو ستة أذرع.
قال في (الروض المربع شرح زاد المستنقع): ثم ينزل من الصفا ماشياً إلى أن يبقى بينه وبين العلم الأول وهو الميل الأخضر في ركن المسجد نحو ستة أذرع، ثم يسعى سعياً شديداً إلى العلم الآخر. اهـ
قال الفاسي في (الزهور المقتطفة) ص81: ومقتضى هذا أن الساعي إذا قصد الصفا من المروة لا يزال يهرول حتى يجاوز هذين العلمين بنحو ستة أذرع؛ لأجل العلة التي شرع لأجلها الإسراع في التوجه إلى المروة. اهـ
* والعلمان الأخضران أعيد وضعهما في مكانهما ضمن توسعة السعودية، وعليهما أنوار خضراء.
* والظاهر أن العلم الأخضر في المسعى وضع في أواخر القرن الأول الهجري فإن الناس في صدر الإسلام كانوا يعرفون موضع هرولة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - لما سعى، ومع طول العهد رأوا أن يضعوا علامة للدلالة على ذلك الموضع؛ حتى لا يختلف الناس أو يخفى عليهم الأمر كما في (التاريخ القوي) 5 - 350 - للكردي رحمه الله.
المسعى في عهد الملك عبد الله
وفي حج هذا العام ألف وأربعمائة وثمانية وعشرين بدأ العمل في مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله - أيده الله - للمسعى الشريف وبنائه على طوابق متعددة، بعد هدم وإزالة المبنى القديم للمسعى، وعمل ما يلزم لإراحة الحجاج والمعتمرين، فجزى الله القائمين على هذا العمل خير الجزاء ورفع درجاتهم وكبت أعاديهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/224)
وهذا العمل الجليل لملكنا عبد الله - سدده الله - في المسعى مع مشروع الجمرات هو والله خير لأهل الإسلام وخدمة جليلة لحجاج بيت الله الحرام، وإذا كان العلماء كما تقدم دونوا وضع قنديل أو قنديلين في المسعى فكيف بهذا العمل العظيم، نسأل الله أن يبارك للمسلمين فيه وأن يجعله عونا على الطاعة وأن يجعلنا من المعظمين لشعائره ولنكن أهل الإسلام على سنة أبينا إبراهيم لما بنى الكعبة المشرفة كان يسأل ربه ويدعو: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
إن هذه الخدمة الجليلة للمسجد الحرام والمسعى الشريف؛ لتؤكد جدارة الدولة السعودية - أعزها الله - بخدمة وحماية الحرمين الشريفين، فنسأل الله أن يبارك في الجهود ويسدد الخطى.
خروج الدابة من المسعى؟!
يتردد عند بعض الناس أن الدابة تخرج من الصفا قال الله - جل وعلا -: (وإذاوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أن النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُون) فهل تخرج هذه الدابة من الصفا؟ روى ابن أبي حاتم عن عبد الله أنه قال: تخرج الدابة من صدع من الصفا. وعن أبي الطفيل أنه قال: تخرج الدابة من الصفا أو المروة. أخرجه البيهقي.
قال الإمام ابن كثير في تاريخه (19 - 259): وقد ورد في ذلك حديث غريب رواه الطبراني في معجمه). ثم أورد الحديث من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً وفيه: (ثم تخرج دابة الأرض من صدع في الصفا). وعقّب الحافظ ابن كثير بقوله: (وهذا حديث غريب جداً ورفعه فيه إنكاره، ولعله من الزاملتين اللتين أصابهما عبد الله بن عمرو يوم اليرموك من كتب أهل الكتاب فكان يحدث منهما أشياء وغرائب. انتهى كلامه.
والله أعلم بموضع خروج الدابة فلا يجزم أنها تخرج من الصفا حتى يثبت الحديث عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - بذلك، والواجب الإيمان بأن خروجها من علامات الساعة، أما موضعه فربك أعلم به.
(إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أو اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فإن اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ).
http://www.al-jazirah.com/1240787/rk1d.htm
ـ[أبي عبدالله المكي]ــــــــ[06 - 04 - 08, 03:04 ص]ـ
السلام عليكم أحيلكم علي شريط اللقاء المفتوح 1 للشيخ عبدالكريم الخضير
ـ[نصر]ــــــــ[07 - 04 - 08, 02:48 م]ـ
لا داعي للتشويش فالسعي بالتوسعة الجديدة صحيح
سعد بن ناصر بن عبدالعزيز الشثري
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
فتشهد جميع مواطن المناسك ومنها محل السعي بين الصفا والمروة ازدحاماً شديداً بسبب كثرة الحجاج والمعتمرين مع توقع زيادة أعدادهم في الأعوام الآتية، ومراعاة لذلك رئي مناسبة توسعة محل السعي وجوازه شرعاً وموافقته للنصوص الشرعية بناء على قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ولم يقل بينهما؛ واعتماداً على عدم ورود تقييد لمحل السعي في السنة النبوية، ولكون زوجة إبراهيم -عليه السلام- لم تكن تتقيد في سعيها بمجرى واحد بين الصفا والمروة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن سعيها: (وذلك سعي الناس اليوم) متفق عليه، وبذلك أفتى جماعة من علماء هذه البلاد المباركة بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية، ومن هنا رأى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -وفقه الله- توسعة محل السعي؛ عملاً بفتوى علمية صادرة من طائفة من علماء هذه البلاد المعتبرين الموثوقين رغبة منه -حفظه الله- في التوسعة على الحجاج والمعتمرين وتسهيلاً عليهم في أداء المناسك ودرءاً لتدافعهم ليتحقق بذلك مقصود الشرع من جلب المصالح ودرء المفاسد لتكون هذه التوسعة من الأعمال الخيرة التي تحسب في سيرة خادم الحرمين الشريفين بحيث ينال بذلك الأجر العظيم والدرجة العالية دنيا وآخرة، ومن المعلوم أن ولي الأمر يختار أصلح ما يراه من أقوال الفقهاء عند اختلافهم في المسائل الاجتهادية التي ليس فيها أدلة قاطعة مما يرى موافقته لمقاصد الشرع، وبناء على ما سبق ينبغي لمن كان له اجتهادات شخصية ألا يشوش على الراغبين في أجر أداء المناسك لتعلق ذلك بذمة أصحاب الاختصاص فلا نحتاج إلى المزايدة عليهم باجتهادات أخرى، وربط الموضوع بذمتهم لا يعني القول بتأثيمهم كما غلط بعضهم ففسر به هذا الكلام، بل معناه أنه في مسؤوليتهم وضمانهم وعهدهم مما لا نحتاج معه لاجتهادات غيرهم، فإننا نقول الأبناء في ذمة والدهم والمرضى في ذمة الطبيب والطلاب في ذمة الأستاذ، ومن هنا كان للمؤسسات والشركات ذمة مستقلة وهذا هو المفهوم عند عامة الناس فإنه إذا ورد خبر قيل للمتكلم به: في ذمتك فيقول: نعم في ذمتي، وفي الحديث: (من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي)، وعلى كل فالعمرة عبادة شرعية ومنسك يتقرب به لله عز وجل فينبغي ترغيب الناس في أدائها وتسهيلها عليهم ولا يحسن تزهيدهم فيها من أجل خلاف فقهي في مسألة اجتهادية، وبناء على ما سبق فإن من سعى في هذه التوسعة فقد تم نسكه ولا يجب عليه شيء آخر. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www.al-jazirah.com/415035/fe2.htm
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/225)
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[13 - 04 - 08, 03:30 م]ـ
لا مانع من نشره
ومن رغب في نشره عن طريقي
فليرسل رسالة على
0565672222
POSTED BY TO BLOGGER AT 1:11 PM 0 COMMENTS
أخي الشيخ سعد بن ناصر الشثري أتنكر السعي بين الصفا والمروة؟؟!!
أخي الشيخ سعد بن ناصر الشثري أتنكر السعي بين الصفا والمروة؟؟!!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه أجمعين
فضيلة الشيخ سعد بن ناصر بن عبد العزيز أبو حبيب الشثري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
فقد اطلعت مقالة لكم نشرتها صحيفة الجزيرة السعودية
بتاريخ
29 - 3 - 1429 من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم
الموافق 6 شهر 4 عام 2008 بالتأريخ النصراني
يقول فضيلتكم في عنوانها
:
لا داعي للتشويش
فالسعي بالتوسعة الجديدة صحيح
[[]] [] [] [[]]
وفيها تقول يا شيخ سعد الشثري
:
وبذلك أفتى جماعة من علماء هذه البلاد المباركة بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية،
@
أقول
هذا فيه شيء من ... إخفاء الحق
كان الأولى أن تقول
وبمنع توسعة المسعى
أفتى معظم علماء هذه البلاد المباركة بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية،
أقول
بل العلماء الكبار الذين يعتد برأيهم والذين شاهدوا جبلي الصفا والمروة قبل التوسعة
منعوا توسيع جبلي الصفا والمروة
لأن المسعى شعيرة مكانية
غير قابلة للتوسيع!! مثل عرفات والمزدلفة
وأظن أن النقول التي ستأتي بعد قليل توضح ذلك
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله
:
"
قال الشيخ محمد الأمين الشنيقيطي - رحمه الله -
:
الأمر الأولى: أن الأمكنة المحددة من قبل الشرع لنوع من أنواع العبادات
لا تجوز الزيادة فيها ولا النقص إلا بدليل يجب الرجوع إليه من كتاب أو سنة.
الأمر الثاني: أن الأمكنة المحددة شرعًا لنوع من أنواع العبادات ليست محلاً للقياس!!!!؛ لأنه لا قياس ولا اجتهاد مع النص الصريح المقتضي تحديد المكان المعين للعبادة
، ولأن تخصيص تلك الأماكن بتلك العبادات في دون غيرها من سائر الأماكن ليست له علة معقولة المعنى!!!! حتى يتحقق المناط بوجودها في فرع آخر حتى يلحق بالقياس، فالتعبدي المحض ليس من موارد القياس.
الأمر الثالث: هو أنه لا نزاع بين أهل العلم في أن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الوارد لبيان إجمال نص من القرآن العظيم له حكم ذلك النص القرآني الذي ورد لبيان إجماله.
فإن دلت آية من القرآن العظيم على وجوب حكم من الأحكام، وأوضح النبي - صلى الله عليه وسلم - المراد منها بفعله – فإن ذلك الفعل يكون واجبًا بعينه وجوب المعنى الذي دلت عليه الآية، فلا يجوز العدول عنه لبدل آخر.
"
إلى أن قال
:
"
إن زيادة مكان نسك على ما كان عليه المسلمون من عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليوم تحتاج إلى تحر وتثبت ونظر في العواقب، ودليل يجب الرجوع إليه من كتاب الله، أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، مع العلم بأن الزحام في أماكن النسك أمر لا بد منه، ولا محيص عنه بحال من الأحوال، والله الذي شرح ذلك على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - عالم بما سيكون، والعلم عند الله تعالى
انتهى كلامه رحمه الله.
قال الله تعالى
إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ
وقال في آية أخرى
وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ
فلا يزاد فيها شبرا
أما مفتي روسيا والشيشان وجزر القمر
ومن جاورهم في قارة آسيا وأفريقيا وأوربا
فلن يخطر على بالهم أننا سنزيد في جبل الصفا ونخالف لجنة علماء وأعيان مكة برئاسة مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ محمد بن إبرهيم رحمه الله
[[]]
وقلتم يا شيخ سعد الشثري
:
قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ
فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ
فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا}
ولم يقل بينهما؛
انتهى كلامك
إن قولك هذا شاذ غريب جدا
بعيد جدا عن الحق والصواب والسنة
نقضت به اتفاق الأمة
فكيف تقول:
فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا
ولم يقل بينهما
انتهى كلامك
بينما تتابعت الأمة على أن السعي بينهما!!!
بين الصفا والمروة!!
عجباً لك يا شيخ سعد الشثري
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/226)
إذا لم يسع الحاج بين الصفا والمروة فأين سيسعى!!؟؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن قيس رضي الله عنه
طُفْ بالبيت واسْعَ بين الصفا والمروة ثم حل
رواه البخاري
#
قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه
باب: قوله:
{إن الصفا والمروة من شعائر الله
فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما
ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم}
شعائر: علامات، واحدتها شعيرة.
#
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
طوافك بالبيت و سعيك بين الصفا و المروة
يكفيك لحجك و عمرتك رواه أبو داود من حديث عائشة
@@
قالت عائشة
قد سَنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما هـ رواه مسلم
#
بينهما
بينهما
بينهما
#
قالت عائشة
ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة. هـ رواه مسلم
#
قال ابن عمر رضي الله عنهما
:
قدم النبي صلى الله عليه وسلم، فطاف بالبيت سبعا،
وصلى خلف المقام ركعتين، فطاف بين الصفا والمروة سبعا:
{لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}. رواه مسلم
#
قال عروة بن الزبير:
قالوا: يا رسول الله! إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة.
فأنزل الله عز وجل: {إن الصفا والمروة من شعائر الله. فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوّف بهما}.
قالت عائشة: قد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما.
فليس لأحد أن يترك الطواف بهما.
رواه مسلم في باب
بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به!!!
#
وفي رواية عند البخاري
قالت عائشة رضي الله عنها:
وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم
الطواف بينهما،
فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما.
[] []ـــــ[] []
لو سعى بمحاذاة المسعى وليس بين الصفا والمروة
لم يصح صعيه
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
لو سعي في مسامتة المسعى وترك السعي بين الصفا والمروة لم يجزه
شرح العمدة ص 599
#
قال في تاج العروس والمصباح المنير
سامَتَهُ مُسَامَتَةً بمعنى: قابلَهُ ووازَاهُ.
#
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما
نفى الجناح لأجل الشبهة التي عرضت لهم من الطواف بينهما
لأجل ما كانوا عليه في الجاهلية
من كراهة بعضهم للطواف بينهما
والطواف بينهما مأمور به باتفاق المسلمين هـ
مجلد 24 ص 20
#
قال النووي:
قال الشافعي والأصحاب: لا يجوز السعي في غير موضع السعي،
فمن مرّ وراء موضع السعي في زقاق العطارين أو غيره
لم يصح سعيه، لأن السعي مختص بمكان فلا يجوز فعله في غيره، كالطواف.
قال الشافعي في القديم فإن التوي شيئاً يسيراً أجزأه ولو عدل حتى يفارق الوادي المؤدي إلى زقاق العطارين لم يجزئه.
قال الدرامي: إن التوى في السعي يسيراً جاز، وإن دخل المسجد أو زقاق العطارين فلا.
قال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان:
اعلم أنه لا يجوز السعي في غير موضع السعي،
فلو كان يمر من وراء المسعى حتى يصل إلى الصفا والمروة من جهة أخرى لم يصح سعيه
؛ وهذا لا ينبغي أن يختلف فيه.
###
قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله
وقوله اسعو بينهما فإن لله كتب عليكم السعي وكتب بمعنى أوجب
التمهيد م 2 ص 99
[[]]
ومن تعظيم هذه الشعيرة إتمام السعي بينهما
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره
:
فكل ما فعله في حجته تلك واجب
لا بد من فعله في الحج إلا ما خرج بدليل والله أعلم
وقال أيضاً
صلى الله عليه وسلم لما طاف بالبيت خرج من باب الصفا
وهو يتلو قوله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} ثم قال [أبدأ بما بدأ الله به] لفظ مسلم ولفظ النسائي [ابدؤوا بما بدأ الله به] وهذا لفظ أمر وإسناده صحيح
فدل على وجوب البداءة بما بدأ الله به وهو معنى كونها تدل على الترتيب شرعا والله أعلم
"
انتهى
قال في عمدة القارئ: لو بقي منها بعض خطوة لم يصح سعيه
قال في الشرح الكبير
قال القاضي: لكن يجب عليه أن يستوعب ما بين الصفا والمروة
فيلصق عقيبة بأسفل الصفا ثم يسعى إلى المروة
فإن لم يصعد عليها ألصق أصابع رجليه بأسفل المروة
قال في الشرح الكبير
فإن ترك مما بينهما شيئا ولو ذراعا لم يجزه حتى يأتي به
ويجب أن يبدأ بجبل الصفا لقوله صلى الله عليه وسلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/227)
[ابدءوا بما بدأ الله به]
قال ابن كثير
من حديث جابر الطويل وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
لما فرغ من طوافه بالبيت عاد إلى الركن فاستلمه ثم خرج من باب الصفا
وهو يقول {إن الصفا والمروة من شعائر الله}
ثم قال: [أبدأ بما بدأ الله به]
وفي رواية النسائي [ابدأوا بما بدأ الله به]
"
انتهى
والسعي أن يمر سبع مرات بين الصفا والمروة
لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [نبدأ بالذي بدأ الله به]
وبدأ بالصفا حتى فرغ من آخر سعيه على المروة
فإن مر من الصفا إلى المروة حسب ذلك مرة وإذا رجع من المروة إلى الصفا حسب ذلك مرة أخرى
وقال أبو بكر الصيرفي: لا يحتسب رجوعه من المروة إلى الصفا مرة
@@
انتهى
[[]]
[[]]
[[]]
ثم قلت يا شيخ سعد الشثري في عنوان مقالتك
لا داعي للتشويش
لعلك الآن بعد أن قرأت السطور السابقة
عرفت من الذي شوش على الأمة؟؟!!
[[]]
[[]]
[[]]
أم أنك يا شيخ سعد الشثري
ترى التشويش
في نشر قرار اللجنة التي شكلت زمن مفتي الديار السعودية المباركة
الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله
والتي نصت على أن حدود المسعى هي التي توارثتها أجيال أمة الإسلام
وأنه ينبغي المحافظة عليها وتسليمها للأجيال القادمة كما هي
دون زيادة
# #
أم تقصد نشر ما جاء
في المجلد الخامس من فتاوى الشيخ العلامة مفتي الديار السعودية المباركة
الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله
أن ما يلي باب الصفا لا يسوغ السعي فيه.!!!!!!!!!
وأن ذلك بناء على
قرار الهيئة!! المنتدبة من لدن سمو وزير الداخلية حينها
وهم الشيخ عبد الملك بن إبراهيم آل الشيخ والشيخ عبدالله ابن دهيش. و الشيخ علوي مالكي.
وأنهم قالوا: هذا ما تقرر متفقًا عليه بعد بذلنا الوسع، سائلين من الله تعالى السداد والتوفيق
وأن الشيخ مفتي الديار السعودية
اصطحب مهندسًا فنيًا!!!
وأنه وقف على هذا الموضع مع عدة رجال من الثقات!!!
وأنه رأى هذا القرار صحيحًا!!!
وأنه أفتى بمقتضاه!!!
وأن الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله أكد في خطابه أنه عند إزالة هذا الحاجز الخشبي والتحديد!!! للمسعى بالفعل
ينبغي ومن المهم حضور المشايخ!!!
الشيخ عبد الملك، والشيخ علوي المالكي، والشيخ عبد الله بن جاسر والشيخ عبد الله بن دهيش،
حتى يحصل تطبيق!!! ما قرر بدقة
هذا ما جاء في المجلد الخامس من فتاواه
هذه شهادة أعيان مكة وعلمائها
وقد استعانوا بغيرهم من أهل المعرفة
سيما أن اللجنة
قالت:
هذا ما تقرر متفقًا عليه بعد بذلنا الوسع، سائلين من الله تعالى السداد والتوفيق
فكيف نترك أقوالهم ونأخذ بشهادة رجال في أيامنا هذه،
شهودٌ من كبار السن
الله أعلم بأعمارهم هل جاوزوا المائة أم قاربوها
إذا كان أصغرهم قد تجاوز عمره سبعين عاماً!!!
كما قال الشيخ ابن منيع في مقالة له
فكيف هي ذاكرتهم وحافظتهم
سيما أنهم يشهدون في أمر حصل قبل قرابة ستين عاما!!!!
وفي شهادتهم هذه تخطئة أو تخوين لمن أدلوا بشهادتهم قبل ستين عاما!!!
وبصحبة مهندس فني مع بذلهم لوسعهم في ذلك
وهم المشايخ الشيخ عبد الملك آل الشيخ والشيخ علوي المالكي،
والشيخ عبد الله بن جاسر والشيخ عبد الله بن دهيش
وكانت لجنتهم بإشراف مفتي الديار السعودية الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم حفظه الله.
###
قال الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله في المجلد الخامس من فتاواه
(1185 – ترك حجارة الصفا والمروة كما كانت وما يكفي العربات في استكمال السعي)
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم رئيس ديوان جلالة الملك
وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
فقد أطلعنا على المعاملتين المحالتين إلينا بخطابكم رقم 15/ 5/1466 وتاريخ 19/ 4/1377هـ ورقم 15/ 5/1617 وتاريخ 19/ 4/1377هـ
حول اقتراح عضو اللجنة التنفيذية لتوسعة المسجد الحرام محمد طاهر الكردي
تأليف لجنة من علماء المذاهب الأربعة لبيان مبدأ السعي ومنتهاه في الصفا والمروة،
وذلك بأن يكسر صخر الصفا والمروة، ولا يبقى درج مطلقًا،
بل يبقى جدار سميك فقط في آخر الصفا.
وجدار آخر ينتهي في آخر المروة يبدأ السعي منه وينتهي إليه،
معللآً ذلك بتيسير حصول السعي في العربات على استكمال السعي بين الصفا والمروة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/228)
وبعد تأمل الاقتراح المذكور
ظهر لنا أنه
يتعين ترك الصفا والمروة على ما هما عليه أولاً.
ويسعنا ما وسع من قبلنا في ذلك،
ولو فتحت أبواب الاقتراحات في المشاعر لأدى ذلك إلى أن تكون في المستقبل مسرحًا للآراء،
وميدانًا للاجتهادات،
ونافذة يولج منها لتغيير المشاعر وأحكام الحج،
فيحصل بذلك فساد كبير.
ويكفي في حصول وصول العربات التي تحمل المرضى والعاجزين
إلى ما يحصل به الوصول إلى ما يكفي الوصول إليه في استكمال السعي،
يكفي في ذلك إعادة أرض المسعى إلى ما كانت عليه قبل هذا العمل الجديد،
أو يجمع بين هذه المصلحة ومصلحة انخفاض المسعى،
بأن يجعل ما يلي كلا من الصفا والمروة متصاعدًا شيئًا فشيئًا
حتى يكون ما يلي كلا منهما على حالته قبل هذا العمل الجديد،
ولا مشقة في ذلك،
مع المحافظة على ما ينبغي المحافظة عليه من بقاء المشاعر بحالها
وعدم التعرض لها بشيء،
ولا ينبغي أن يلتفت إلى أماني بعض المستصعبين لبعض أعمال الحج واقتراحاتهم،
بل ينبغي أن يعمل حول ذلك البيانات الشرعية بالدلائل القطعية
المشتملة على مزيد البحث والترغيب في الطاعة
والتمسك بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته في المعتقدات والأعمال،
وتعظيم شعائر الله ومزيد احترامها، والله يحفظكم في 4/ 5/1377هـ.
انتهى م 5 ص 146
##
علما بأن
اللجنة رأت أنه لا مانع شرعًا من توسيع مصعد الصفا بقدر عرض الصفا.
وقالوا حينها إن ذلك لكون العقود الثلاثة القديمة لم تستوعب كامل الصخرات عرضًا.
وان التوسعة قبل خمسين عاما تمت على هذا
لكنهم نَصُّوا لكنهم نَصُّوا
لكنهم
نَصُّوا
على أن
ما يلي باب الصفا لا يسوغ السعي فيه.!!!!!!!!!
نَصُّوا
على أن
ما يلي باب الصفا لا يسوغ السعي فيه.!!!!!!!!!
نَصُّوا
على أن
ما يلي باب الصفا لا يسوغ السعي فيه.!!!!!!!!!
@@
تقول يا شيخ سعد في عنوان مقالك
:
لا داعي للتشويش
فالسعي بالتوسعة الجديدة صحيح
@@
هل تقصد بالتويش
نشر كلام رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي أنت في عمر أحفاده
الشيخ صالح اللحيدان حفظه الله
الذي قال
أنا لست ممن وافق على المسعى الجديد
و لا أرضى بتلك التوسعة،
أكثر أعضاء هيئة كبار العلماء لم يرضوا بذالك
و لا أعرف أن أحدا وقّع سوى اثنين من الأعضاء,
و الذي سألني لا أرى له السعي في المسعى الجديد
لكني أرى إذا أدى عمرة أنه يكون في حكم من ترك فرضا من العمرة يجبره بدم ذبيحة،
فإن السعي على قول من يقول انه ركن ما تصح العمرة أصلا
و على قول من يقول إن السعي واجب من واجبات العمرة، المسألة فيها خلاف بين العلماء،
يقول هذا الواجب إذا تعذر الحصول عليه يجزئ عنه أن يذبح ذبيحة لفقراء مكة,
و من اتصل بنا نصحته أن لا يعتمر ما دام المسعى القديم لم يفتح للناس,
و عسى الظن بولاة الأمر لم يستمروا على المنع, إن شاء الله يوفقهم الله جل و علا ليسعهم ما وسع المسلمين خلال ألف و أربعة مئة و أكثر من ثمان و عشرين سنة،
بحول الله نعتقد أن الله جل و علا لا يتركها كذالك
و نثق بحول الله أن الله جل و علا سوف يهدي ولاة أمرنا لترك الأمر على ما كان عليه خلال هذه المدة الطويلة و الله المستعان.
انتهى كلام الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى
نشر نصا وصوتا في
http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=356119
@@
[[]]
وقلتم سامحكم الله
:
ومراعاة لذلك رئي مناسبة
توسعة محل السعي وجوازه شرعاً وموافقته للنصوص الشرعية
بناء على
قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن
يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ولم يقل بينهما؛
و
اعتماداً على
عدم ورود تقييد لمحل السعي في السنة النبوية اهـ
أقول يا شيخ سعد الشثري
ثبت لك الآن من النقول السابقة
أن الأمة من لدن إبراهيم عليه السلام وهي تسعى بين الصفا والمروة
!!!
وهذه بدهية لا أدري كيف تنكرها
بقولك:
يَطَّوَّفَ بِهِمَا ولم يقل بينهما
!!!
أما أم إسماعيل وزوج إبراهيم عليهم السلام
فقد جاء خبرها صحيحا في السنة
أنها سعت بين الصفا والمروة
ولا أظن أن تريد أن تنكر هذه أيضا!!
فإن كنت تقصد أن أم إسماعيل خرجت في سعيها عما بين الصفا والمروة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/229)
فهذا أمر لا دليل علها ولم يقل به أحد من المسلمين في ما بلغه العلم
فهل عندك بينة ودليل هل وصلك خبر!!
أنها خرجت عما بينهما عما بين الصفا والمروة
يخالف ما تقدم من الأحاديث والنصوص الشرعية
[[]] # [[]]
ثم تقول يا شيخ سعد
:
ومن هنا
رأى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -وفقه الله- توسعة محل السعي؛ عملاً بفتوى علمية صادرة من طائفة من علماء هذه البلاد المعتبرين الموثوقين
@@##@@
أقول
أما خادم الحرمين الشريفين رعاه الله
فهو إمامنا وله علينا حقوقا كثيرة
فوق المحبة الشرعية والطاعة وجمع قلوب الرعية على السمع والطاعة له
فلا تحاول يا شيخ سعد الشثري
أن توهم القراء أن من وافق العلماء الكبار في فتواهم
بعدم جواز الزيادة في جبل الصفا والمروة
أنه لا يقدر لخادم الحرمين جهوده
في توسعة الحرمين وخدمة الحجاج والمعتمرين
ولا توهم القراء
أن من أباح الزيادة في جبل الصفا من مفتي روسيا والشيشان وغيرهم
أنهم أكثر اعترافا بمآثر خادم الحرمين سدده الله
##
لا تحاول إيهام الناس أن
نشر كلام الشيخ محمد بن إبراهيم
وفتوى هيئة كبار العلماء
بتوقيع وتأييد مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ
والشيخ العلامة صالح الفوزان
وكذلك الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى
أن في نشر فتاواهم معارضة لهم لولي الأمر
لا يليق بك هذا يا شيخ
هذا إرهاب فكري في زمن نحاول أن نعلم
أبنائنا في المدارس أدب الحوار
واحترام الرأي الآخر
!!!!!!!!!
فما بالنا سمحنا بالرأي الآخر إلا هذا
نرى بعض الإعلاميين يمارس هذا الإرهاب الفكري
ويصف من ينشر فتاوى العلماء بأنهم لا يقدرون ولاة الأمر
يحصل هذا من بعضهم
لكنه لا يليق بك يا شيخ سعد
[[]]
إن من محاسن خادم الحرمين الشريفين
حرصه على التوسعة على المسلمين
ومن محاسنه أنه كلف هيئة كبار العلماء بتدارس المسألة
ومما لا ينسى له من الإنجازات
أنه أنشأ مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني
لكن الواجب على أهل العلماء
- وهو ما حصل من علمائنا –
بيان الحق بدليله
حتى تكون الحقيقة واضحة عند إمامنا حفظه الله
وعند كل مسؤول في التوسعة
حتى يتم إصلاح أمر المسعى قبل انتهاء العمل به
@@
ومن واجب أهل العلم
إعلام امة أن من الناس من يفتي بمجرد الرأي
مصادما لشهادة الشهود الذين شهدوا بحدود جبلي الصفا والمروة
ومصادما للأدلة الشرعية
ومصادما لقرار هيئة كبار العلماء القديم
ومصادما لقرار هيئة كبار العلماء الجديد بتاريخ 22 شهر 2 عام 1427 هـ برقم 227
الذي قرر بالأكثرية وبتأييد مفتي البلاد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
أن
:
العمارة الحالية شاملة لجميع أرضه
ومن ثم فإنه لا يجوز توسعتها
ويمكن عند الحاجة
حل المشكلة رأسياً بإضافة بناء
فوق المسعى
##
إذاً
أهل العلم تكلموا وكتبوا
ليبينوا حكم الله وما يرونه
حتى يكون ولي أمرنا رعاه الله وسدد خطاه
وكل من كلفهم من لجان
على علم بالحكم الشرعي
لتدارك الأمر قبل انتهاء الأعمال
#
قلتم يا شيخ سعد
:
ومن المعلوم أن ولي الأمر يختار أصلح ما يراه من أقوال الفقهاء عند اختلافهم في المسائل الاجتهادية التي ليس فيها أدلة قاطعة مما يرى موافقته لمقاصد الشرع،
#
أقول
:
إن من أعظم مقاصد الشرع تعظيم شعائر الله
وحفظ الدين وتعظيم شعائر الله أول مقصد من مقاصد الدين
وأول الضروريات
ولهذا بين العلماء ما يرونه حقا
سيما أنها مسألة شرعية تهم المسلمين كلهم
####
إن من حكمة وعقل ونباهة وحسن دين خادم الحرمين حفظه الله
أنه كلف هيئة كبار العلماء بدراسة المسألة شرعيا
وهذا هو الصحيح
قال الله تعالى
فإن تنازعتم في شيء فردُّوه إلى الله والرسول
وقال
وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ
لكنك تحاول يا شيخ سعد أن تقول للناس
إن تنازعتم في أمر فالقول ما يقوله إمامنا
وهذه إساءة لإمامنا وإساءة لكل ملوك هذه الدولة رحمهم الله
الذي أوكلوا المسائل الشرعية لعلماء الكتاب والسنة
دون أهل الرأي والظنون والفلسفة
[[]]
وأما قاعدة:
حكم الحاكم يرفع الخلاف
فهي قاعدة تتعلق بالقضاء أو الحكم في أمور تنظيمية دنيوية أو قضية قضائية شرعية خاصة عينية
وفهمك لها فهم خاطئ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/230)
فخذ كلام أئمة الإسلام في هذه القاعدة
مع التذكير أن نصها ليس من كتاب الله ولا من سنة رسول الله ولا من كلام الصحابة
فلا بد من فهمها كما قال علماء السنة
فدعك من كلامي وخذ كلام أئمة الإسلام
####@####
####@####
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
"
وأما حكم الحاكم فذاك يقال له قضاء القاضي
ليس هو الشرع الذي فرض الله على جميع الخلق طاعته
بل القاضي العالم العادل يصيب تارة ويخطئ تارة
ولو حكم الحاكم لشخص بخلاف الحق في الباطن
لم يجز له أخذه ولو كان الحاكم سيد الأولين والآخرين
كما في الصحيحين عن أم سلمة
قالت
قال رسول الله إنكم تختصمون إليَّ
ولعل بعضكم أَلْحَنَ بحجته من بعضٍ فأَقْضِىَ له بنحوٍ مما أسمع
فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار
فهذا سيد الحكام والأمراء والملوك
يقول إذا حكمت لشخص بشيء يعلم أنه لا يستحقه فلا يأخذه
وقد اجمع المسلمون على ان حكم الحاكم بالاملاك المرسلة لا ينفذ فى الباطن فلو حكم لزيد بمال عمرو وكان مجتهدا متحريا للحق لم يجز له اخذه
####@####
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
[[والأمة إذا تنازعت في معنى آية أو حديث أو حكم خبري و طلبي
لم يكن صحة أحد القولين وفساد الآخر
ثابتا بمجرد حكم حاكم
فإنه إنما ينفذ حكمه في الأمور المعينة دون العامة
ولو جاز هذا لجاز أن يحكم حاكم
بأن قوله تعالى [يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء]
هو الحيض والأطهار ويكون هذا حكما يلزم جميع الناس قوله.
أو يحكم بأن اللمس في قوله تعالى [أو لامستم النساء]
هو الوطء والمباشرة فيما دونه.
أو بأن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج أو الأب والسيد؛ وهذا لا يقوله أحد.]]
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله م 3 ص 238
####@####
قال الإمام ابن القيم رحمه الله"
فمن أنشأ أقوالاً، وأسس قواعدَ بحسب فهمه وتأويله،
لم يجب على الأمّةِ اتباعُها، ولا التحاكم إليهاحتى تُعرَض على ما جاء به الرسولُ، فإن طابقته، ووافقته، وشهد لها بالصحة، قُبِلَتْ حينئذٍ، وإن خالفته، وجب ردُّها واطِّراحُها
"نقلا من مقدمة ك " زاد المعاد في هدي خير العباد
####@####
قال شيخ الإسلام رحمه الله
"
إلزام السلطان في مسائل النزاع بالتزام قول بلا حجة من الكتاب والسنة
فهذا لا يجوز باتفاق المسلمين
ولا يفيد حكم حاكم بصحة قول دون قول في مثل ذلك
إلا إذا كان معه حجة يجب الرجوع إليها
فيكون كلامه قبل الولاية وبعدها سواءا
وهذا بمنزلة الكتب التي يصنفها في العلم
نعم الولاية قد تمكنه من قول حق ونشر علم قد كان يعجز عنه بدونها
وباب القدرة والعجز غير باب الاستحقاق وعدمه
نعم للحاكم إثبات ما قاله زيد أو عمرو
ثم بعد ذلك ان كان ذلك القول مختصا به كان مما يحكم فيه الحكام
وإن كان من الأقوال العامة كان من باب مذاهب الناس
فأما كون هذا القول ثابت عند زيد ببينة أو إقرار أو خط فهذا يتعلق بالحكام
"
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله م 3 ص 239
####@####
قال الإمام ابن القيم رحمه اللهومعلوم أن حكم الحاكم لا يزيل الشيء عن صفتهفإذا كانت صفة هذا الواجب سقوطه بمضي الزمان شرعالم يزله حكم الحاكم عن صفتهزاد المعاد م 5 ص 450
####@####
نعم يا شيخ سعد
لا شك أنه لا تجوز معارضة حكم صدر من ولي الأمر العام أو نائبه
في قضايا أعيان من المسائل الاجتهادية
فحكم الحاكم في واقعة عين اجتهادية يرفع الخلاف ويجب إمضاؤه،
أما ما نحن بصدد فهي مسألة شرعية علمية عامة تتعلق بكل المسلمين
لا تتعلق بأبناء الوطن بل بكل المسلمين
ولا بد من التأكد أن التوسعة لا تسبب اختلافا وكثرة جدل في المستقبل
فلهذا كان من النصح وعدم الغش لولي أمرنا أن يبين له
أن القول الموافق للأدلة هو المتعين
وأن القول الآخر مصادم للأدلة الشرعية ومخالف لفتاوى مفتي هذا البلاد سابقا وحاليا
ويخشى أن الناس مستقبلا تسعى معاكسة لاتجاه الحجاج والمعتمرين
مما يسبب زيادة وفيات
سيما أن بعض الفرق الضالة تتلذذ بمعاكسة طرق المسلمين وإيذائهم
@@ [[]] @@
إن من تعظيم هذه الشعيرة إتمام السعي بينهما
قال الحافظ بن كثير رحمه الله
:
"
قد تقدم قوله عليه السلام [اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/231)
فقد بين الله تعالى أن الطواف بين الصفا والمروة من شعائر الله
أي مما شرع الله تعالى لإبراهيم في مناسك الحج وقد تقدم في
حديث ابن عباس أن أصل ذلك مأخوذ من طواف هاجر وتردادها بين الصفا والمروة في طلب الماء لولدها
لما نفذ ماؤهما وزادهما حين تركهما إبراهيم عليه السلام هنالك
وليس عندهما أحد من الناس
فلما خافت على ولدها الضيعة هنالك ونفذ ما عندهما قامت تطلب الغوث من الله عز وجل
فلم تزل تتردد في هذه البقعة المشرفة بين الصفا والمروة
متذللة خائفة وجلة مضطرة فقيرة إلى الله عز وجل
حتى كشف الله كربتها وآنس غربتها وفرج شدتها وأنبع لها زمزم
التي ماؤها [طعام طعم وشفاء سقم]
فالساعي بينهما ينبغي له أن يستحضر فقره وذله وحاجته إلى الله
في هداية قلبه وصلاح حاله وغفران ذنبه
وأن يلتجئ إلى الله عز وجل لتفريج ما هو به من النقائص والعيوب
وأن يهديه إلى الصراط المستقيم
وأن يثبته عليه إلى مماته وأن يحوله من حاله الذي هو عليه من الذنوب والمعاصي إلى حال الكمال والغفران
والسداد والاستقامة كما فعل بهاجر عليها السلام
"
انتهى من تفسير ابن كثير رحمه الله
[[]]
[[]]
[[]]
الصفا والمروة من شعائر الله
لا يزاد فيهما شبر
ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب
[[]]
[[]]
[[]]
أمر عجيب!!!
ماذا حصل في الدنيا يا شيخ سعد الشثري
قبل سنة ونصف تحدثت يا شيخ سعد الشثري
عمن سعى خارج المسعى المعروف
ففي سنة 1427:
قلت
:
عند الجمهور!!!!!!
فإن سعيه لا يصح لهذا الشوط!!!!!!!!! ولو كان يسيرا
وقلت
إن المراد بالسعي
قطع المسافة التي تكون بين الصفا والمروة
بحيث يبتدئ الإنسان بالصفا ويختم بالمروة
ذهابه من الصفا إلى المروة شوط ورجوعه شوط آخر
هذا المراد بالسعي
المهم أن يكون ذلك في المسعى
[[]]
وكنت تعيب
على بعض الحجاج والمعتمرين صنيعهم
قلت في درس لك عام 1427
:
هذه مسالة قد يغفل عنها بعض الناس!!!
وهو أن بعض الناس!!! يجد الزحام في المسعى فبالتالي
يخرج يسعى خارج المسعى المعهود!! وخارج الأسوار
بحيث يخرج من الباب القريب من الصفا
ولا يعود إلا من الباب القريب من المروة
##
وأكد منع ذلك بقولك
:
وهذه المسالة جمهور!!!! أهل العلم!!!!! يرون المنع منها!!
فيقولون
:
لا يجوز للإنسان أن يسعى إلا في السعى المعروف!!! المعهود!!! المعتاد!!!
وقد حُدَّ أنه كان في زمن النبوة!!!!!!!! خمسة وثلاثين ذراعا
الإمام الشافعي يقول إن التوى يسيرا جاز
عند الجمهور أن ذلك يبطل سعيه!!!!!!!!!!!!!
#
عند الجمهور!!!!!!
فإن سعيه لا يصح لهذا الشوط!!!!!!!!! ولو كان يسيرا
[[]] [[]] [[]]
فخذ هذا نص كلامك في درس قناة المجد العلمية
بتاريخ 01 - 12 - 1427هـ
الأكاديمية الإسلامية المفتوحة
من سلسلة فقه المناسك
حلقة بعنوان أحكام السعي و الدعاء!!
"
##
المراد بالسعي:
قطع المسافة التي تكون بين الصفا والمروة
بحيث يبتدئ الإنسان بالصفا ويختم بالمروة
ذهابه من الصفا إلى المروة شوط ورجوعه شوط آخر
هذا المراد بالسعي
وبأي طريقة قطع الحاج أو المعتمر هذه المسافة فإنه يعد قاطعا لها
سواء كان سعيا أو مشيا أو جريا
[] []ــــــ[] []
المهم أن يكون ذلك في المسعى
هذه مسالة قد يغفل عنها بعض الناس!!!
وهو أن بعض الناس!!! يجد الزحام في المسعى فبالتالي
يخرج يسعى خارج المسعى المعهود!! وخارج الأسوار
بحيث يخرج من الباب القريب من الصفا
ولا يعود إلا من الباب القريب من المروة
##
وهذه المسالة جمهور!!!! أهل العلم!!!!! يرون المنع منها!!
فيقولون
:
لا يجوز للإنسان أن يسعى إلا في السعى المعروف!!! المعهود!!! المعتاد!!!
وقد حُدَّ أنه كان في زمن النبوة!!!!!!!! خمسة وثلاثين ذراعا
والإمام الشافعي يقول إن التوى يسيرا جاز
يعني إن خرج يسيرا مع السكك فإنه يجوز له
لكن إن خرج كثيرا فإنه لا يجزئه
وذلك أن المسعى في الزمان الأول لم يكن مبنيا
وإنما كانت الأسواق عليه وكانت البيوت عليه
فحينئذ في مرات قليلة قد يذهب الإنسان مع إحدى الطرق
فيعود مع طريق أخرى
##
عند الجمهور أن ذلك يبطل سعيه!!!!!!!!!!!!!
##
وعند الإمام الشافعي يقول:
إن كان هذا الالتواء يسيرا ولم يذهب بعيدا
وليس التواء كثيرا
وليس ابتعادا عن المسعى مسافة كثيرة
فإن ذلك يجزئه
أما إن كان كثيرا أو بعيداً
فإن الإمام الشافعي يقول:
يلغي ذلك الشوط ويعود إلى الصفا مرة أخرى
##
وأما عند الجمهور!!!!!!
فإن سعيه لا يصح لهذا الشوط!!!!!!!!! ولو كان يسيرا
انتهى المنقول
المصدر
وهذا كلامك في أول التسجيل تقريبا هنا!!
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=58396&scholar_id=588&series_id=3179
هذا كلامك يا شيخ سعد قبل عام ونصف
في ذي الحجة 1427
فما حصل حتى تحولت هذا التحول
؟؟؟!!!
من كنت تبطل سعيهم اليوم قبل سنة ونصف
اليوم تصحح سعيهم
!!!
أخيرا
هذه وصلة إلى مقال الشيخ سعد بن ناصر الشثري
http://www.al-jazirah.com/415035/fe2.htm
وكتب
الفقير إلى الله
حاتم الفرائضي
السادس من ربيع الآخر 1429
من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم
.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/232)
ـ[السني]ــــــــ[14 - 04 - 08, 10:22 م]ـ
علماء ومشائخ يشيدون في "ندوة الثلاثاء" بالتوسعة الجديدة:
حكومة خادم الحرمين بذلت في سبيل التيسير على ضيوف الرحمن مئات المليارات وتوسعة المسعى اقتضتها الحاجة والضرورة
إعداد: محمد الغنيم
ثمَّن عدد من أعضاء هيئة كبار العلماء والمشائخ والمختصين الجهود الجبارة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - في خدمة الإسلام والمسلمين ورعاية الحرمين الشريفين وانفاق مئات المليارات في سبيل التيسير على ضيوف الرحمن الذين يفدون للمشاعر المقدسة بالملايين من شتى بقاع العالم لأداء عباداتهم بكل يسر وسهولة.
وأجمع العلماء والمشائخ والدعاة في أحاديثهم ل "الرياض" على أن المشروع الضخم والهام الذي أمر به خادم الحرمين - رعاه الله - لتوسعة المسعى هو أحد هذه المشاريع العظيمة التي سيعود نفعها على عموم المسلمين من الحجاج والمعتمرين وستنعكس إيجاباً في التسهيل عليهم في أداء نسكهم في ظل التزايد المستمر في أعداد الحجاج والمعتمرين كل عام، مستشهدين في ذلك بمشروع الجمرات الذي قضى على إشكالات الزحام في الرمي وغيرها من المشاريع العظيمة التي كان لها الأثر الواضح في التيسير على المسلمين وحفظ أرواحهم.
وأكد العلماء والمشائخ في هذا الصدد على أن توسعة المسعى لم تخرج عن حدوده الشرعية اطلاقاً نافين بذلك ما يتردد لدى البعض عكس ذلك، وطمأنوا عموم المسلمين بصحة السعي في التوسعة الجديدة، موضحين أن أكثر من (30) شاهداً عدلاً كل واحد منهم لا يقل عمره عن (70) عاماً تقدموا بشهادة حول امتداد جبلي الصفا والمروة نحو الشرق بأكثر من التوسعة مما يثبت أن زيادة عرض المسعى لم تخرج عن أن تكون بين الصفا والمروة والسعي إذا كان بينهما فهو سعي صحيح باجماع أهل العلم.
وطالب المشاركون في (ندوة الثلاثاء) بالتفريق بين الفتوى الفقهية التي تنبني على الاجتهاد في فهم النصوص وتحرير الأحكام بناء على ذلك الفهم والاجتهاد وبين ما يقرره العالم أو ما يحكم به القاضي بناء على شهادة أهل الخبرة مثل تحديد مشعر من المشاعر، مؤكدين أن الشريعة الإسلامية شريعة "اليسر والسماحة" وعدم التنطع والتكلف كما قال عمر رضي الله عنه: "نهينا عن التعمق والتكلف".
وحول عدم وجود تحديد سابق للحدود الشرعية للمسعى .. أوضح العلماء أن الحاجة في ذلك الوقت لم تستدع وضع حدود شرعية ثابتة يعول عليها عند الاختلاف لقلة الناس ولعدم حاجتهم إلى ذلك، مشيرين إلى أنه لم يثبت بدليل أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حدد لأصحابه عرض المسعى، وأكدوا أن (التوسعة الجديدة للمسعى) جاءت لحاجة الناس إلى ذلك، مطالبين في هذا الصدد من كان لديه رؤية خاصة حول عرض المسعى بإعادة النظر فيما قال حتى يتبين له وجه الصواب ولا يحكم بمجرد الظن أو القياس لأن هذه المسألة من أهم مسائل الدين لأنها ترتبط بجميع المسلمين وليست رأياً خاصاً، ودعوا في هذا الإطار كل طالب علم ألا يتعصب لرأيه فإذا ظهر له خطؤه فالحق أحق أن يتبع.
@ "الرياض": بداية .. كيف تثمِّنون حرص واهتمام القيادة الرشيدة وجهودها الحثيثة في خدمة الإسلام والمسلمين والعناية بالحرمين الشريفين وزوار الأماكن المقدسة من خلال تهيئة وعمل المشاريع العملاقة التي تشهدها تلك البقاع لاستيعاب الملايين من المسلمين الذين يفدون إليها من كل بقاع العالم طوال العام؟
مئات المليارات
- الشيخ عبدالله المنيع: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:
فلا شك أن لحكومة خادم الحرمين الشريفين مجهودات مشكورة ومذكورة في مجالات خدمة ضيوف الرحمن وذلك بانفاق مئات المليارات من النقود في سبيل تيسير أداء الحج والعمرة من تعبيد الطرق وفتح الأنفاق وتحديد المشاعر وحمايتها عن مضايقتها بمناطق سكنية وذلك بايجاد أحمية للمشاعر، وكذلك تطوير الإقامة في منى بمخيم بذلت في سبيل تأمينه الراحة والأمن والاستقرار عشرات المليارات من النقود، وحسبك بمشروع الجمار في منى ذلك المشروع الذي قضى وسيقضي على إشكالات الازدحام في رمي الجمار، وكذلك ما يتعلق بمشروع توسعة المسعى وتوسعة ساحات الحرم وما في أفكار خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - من مخططات تكمل مسيرة الإشادة والعمارة ومتطلبات خدمة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/233)
الحرمين الشريفين ومن ذلك توسعة المطاف وايجاد ساحات للحرم من الناحية الجنوبية الشرقية حيث إن الحرم من هذه الجهة مخنوق وخال من ساحات التنفيس، ولا شك أن اختيار ملوكنا للواحد منهم لقباً خادم الحرمين الشريفين يعني ملازمة الشعور بخدمة هذين الحرمين الشريفين ومتابعة الخدمة والاستهانة بما يبذل في سبيلها ..
جعل الله عملهم خالصاً لوجهه الكريم وأجزل لهم الأجر والثواب.
خدمة الإسلام والمسلمين
- الشيخ عبدالمحسن العبيكان: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فقد دأب ولاة أمر هذه البلاد المباركة على خدمة الإسلام والمسلمين في جميع قضاياهم والاهتمام بها والدفاع عنها في المحافل الدولية كما أنهم اهتموا اهتماماً كبيراً أجزل الله مثوبتهم بتطوير المشاعر المقدسة وبناء مسجدي مكة والمدينة على أحسن طراز وتوسعتهما كلما دعت الحاجة إلى ذلك وقد انفقت الأموال الطائلة في المشاريع العملاقة الخاصة بالأماكن المقدسة ومن أبرز المشاريع الحديثة مشروع الجمرات ومشروع توسعة المسعى، جعل الله ذلك في ميزان حسناتهم.
جهود متواصلة
- الشيخ عبدالله الشثري: تقوم قيادة المملكة العربية السعودية بريادة عظيمة وجهود متواصلة لخدمة الإسلام والمسلمين ونصرة قضاياهم في كل مكان وفي العسر واليسر، والمنشط والمكره؛ لأنها تدرك مكانتها بين العالم الإسلامي حيث يوجد فيها الحرمان الشريفان افضل البقاع وأطهر الأماكن، وهي منطلق الرسالة، ومتنزل الوحي ومنها انتشرت دعوة الإسلام وعم الخير جميع ارجاء الأرض، ونالت هذه البلاد خصوصية خاصة وهي خدمة الحرمين الشريفين والعناية بضيوف الرحمان وزوار المشاعر المقدسة، ومن المعلوم ان قلوب المسلمين في كل مكان تتعلق بالحرمين محبة ورغبة وعبادة، كما قال الله تعالى: "فاجعل أفئدة من الناس تهوى اليهم" ومن هذا المنطلق سعت الدولة الى الاهتمام البالغ والعناية التامة بتوسعة الحرمين الشريفين وتنفيذ المشاريع الكبيرة التي تستوعب الأعداد الغفيرة الذين يفدون اليها من كل بقاع الأرض حتى سجلت هذه التوسعة اكبر توسعة للحرمين الشريفين في تاريخ الإسلام وهي تتسع الآن للأعداد بالملايين.
@ "الرياض": ماهي وجهة نظركم الشرعية حول مشروع توسعة المسعى .. وكيف ترون انعكاساته الايجابية في التيسير والتسهيل على المسلمين من حجاج ومعتمرين خلال أدائهم لمناسكهم وحفظ ارواحهم ورفع الحرج والمشقة عنهم؟
عزمة مباركة
- الشيخ عبدالله المنيع: اما ما يتعلق بتوسعة المسعى فقد كانت الفكرة محل ملاحظة واعتراض من اكثر اعضاء هيئة كبار العلماء وكنت احد المعترضين، ولم يوافق على الفكرة حينما طرحت على هيئة كبار العلماء الاعدد قليل من الأعضاء، ولكن لولاة المسلمين منذ عهد الخلفاء الراشدين الى عصرنا الحالي عزمات كانت تقابل بالاعتراض ويقابلها ولي الأمر بالحزم والعزم والاصرار على التنفيذ ومن ذلك عزمة ابي بكر رضي الله عنه على محاربة ما نعي الزكاة وعزمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على تحبيس اراضي سواد الرافدين وتعشيرها وعزمة صلاح الدين الأيوبي على تحرير بيت المقدس من الاحتلال الصليبي وتطهير مصر الحبيبة من افكار وعقائد الشيعة ولاشك ان عزمة خادم الحرمين - حفظه الله - على توسعة عرض المسعى بمثله عزمة مباركة من عزمات ولاة الأمور المسلمين حيث اتضح وجه الصواب وتحقق المصلحة وانتفاء الدليل عند المعارض مطلقاً. حيث تقدم اكثر من "ثلاثين" شاهداً عدلاً كل واحد منهم لا يقل عمره عن سبعين عاما وهو يشهد بامتداد جبلي الصفا والمروة نحو الشرق بأكثر من التوسعة حيث ثبت بذلك ان هذه الزيادة لعرض المسعى لا تخرج عن ان تكون بين الصفا والمروة والسعي واذا كان بين الصفا والمروة سعي صحيح باجماع اهل العلم وبدليل قول الله تعالى "ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما" اي بينهما .. فحفظ الله مليكنا وادام توفيقه، ولعل عزمته الأخرى تتجه الى جبل أبي قبيس لتنزيله واضافة ساحة للحرم من الجهة الجنوبية الغربية وما ذلك على عزمات أبي متعب بعزيز.
التيسير على المسلمين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/234)
- الشيخ عبدالمحسن العبيكان: ان اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالتيسير على المسلمين في أداء عبادتهم لهو واضح وجلي حيث قضى على ما يعانيه الحجاج عند رمي الجمار بالمشروع العملاق الذي سينتهي قريبا ان شاء الله وكذلك توسعة المسعى بما لا يخرج عن حدوده الشرعية والواقع ان ولاة الأمر لا يقررون امرا من الأمور المتعلقة بالشرع والعبادة الا بناء على فتاوى شرعية، الا انه لا يلزمهم الا يأخذوا الا بما اتفق عليه العلماء او قال به الأكثر بل متى ما صدرت فتوى من بعض العلماء الثقات ومن عرفوا بالفقه الصحيح فإنه يسوغ لولي الأمر ان يعمل بها وهذا ما جرى في توسعة المسعى وخاصة ان هذه الفتاوى وافقت ما قرره اهل الخبرة وما شهد به العدول، وأحب ان اوضح هذا القضية من عدة وجوه.
اولا: هناك من لا يعرف التفريق بين الفتوى الفقهية التي تنبني على الاجتهاد في فهم النصوص وتحرر الأحكام بناء على ذلك الفهم والاجتهاد وبين ما يقرره العالم او ما يحكم به القاضي بناء على شهادة اهل الخبرة مثل تحديد مشعر من المشاعر فقضية السعي انما تبنى على معرفة حدود جبلي الصفا والمروة ولا يحسن بمن لا يعرف هذه الحدود ان يصدر فتوى مبنية على الظنون وما استقر في الذهن.
ثانيا: شهد عدد كبير من العدول من اهل مكة من كبار السن ان التوسعة الجديدة لم تخرج عن حدود الصفا والمروة لمعرفتهم القديمة بهذين الجبلين وكما قيل اهل مكة ادرى بشعابها وقد اثبتت شهادة بعضهم في المحكمة العامة بمكة المكرمة، كما شهد الشيخ العلامة عبدالله بن جبرين بمثل تلك الشهادة ولا اعلم ان احدا من اهل مكة خالف هؤلاء الشهود في التحديد.
ثالثا: اخبرني صاحب المعالي الشيخ صالح الحصين الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف انهم حفروا في الأرض الى ان وصلوا الى اصل الصفا كما نقل عنه انهم تركوا الجبل واضحا لمن اراد مشاهدته في القبو، وهذا يتوافق مع الشهادة وربما توجد مصورات جوية في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تؤكد هذا الأمر.
رابعا: ان الأمور الشرعية وأمور العبادات ثبت بالشهادة الصحيحة المنفكة عما يكذبها فليس امر تحديد مشعر بأعظم من اباحة دم مسلم في القصاص ونحوه التي تبنى على الشهادة مع ان حرمة المسلم اعظم من حرمة الكعبة كما جاء في الحديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
خامسا: ان من الخطأ الاعتماد على ما ليس بواضح الدلالة ويعارض به شهادة اهل الخبرة والواقع المحسوس فاللجنة التي الفها الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله لم تتعرض لتحديد الصفا ولا المروة وإنما رأت هدم بعض البيوت المقامة في بطن المسعى لتوسعة المسعى ذلك الوقت حسب ما اطلعت عليه ولم تحدد تلك اللجنة عرض المسعى من بدايته او نهايته حيث ان الفقهاء رحمهم الله لم يحددوا ذلك.
سادسا: اعدت بحوث من بعض العلماء تؤيد هذا الاتجاه ومن ضمنها بحث العلامة الشيخ عبدالرحمن المعلمي رحمه الله، وذكر بعضهم انه كان على الصفا عدة بيوت فلا يمكن ان يستوعبها عرض المسعى القديم.
سابعا: ان التوسعة التي حصلت في عهد الملك سعود - رحمه الله - قد لوحظ فيها عرض المسعى الذي يحصل به التيسير ولا يمكن ان يقبل قول من يدعي ان جداري المسعى وضعا على نهاية حدود الصفا والمروة، لأن العرض الموجود لا يختلف سعته من اي جهة ولا يتصور ان يكون عرض جبل الصفا يماثل تماما عرض المروة فلا بد ان يكون بينهما اختلاف، علما بأن البحوث ذكرت ان الصفا يمتد كثيرا الى جهة قصر الضيافة.
ثامنا: ان الصفا والمروة جبلان وليسا صخرتين فالصخرة هي التي يمكن ان يكون عرضها مناسبا لعرض المسعى القديم اما الجبل فلا يطلق الا على ماهو اوسع من ذلك كما ان الجبل له قمة وينحدر من جهاته بالتدريج ولا ينقطع كالجدار كما هو مشاهد في المسعى القديم.
تاسعا: ان الشريعة الاسلامية شريعة اليسر والسماحة وعدم التنطع والتكلف كما قال عمر رضي الله عنه (نهينا عن التعمق والتكلف) وهذه الصيغة عند المحدثين تقتضي ان الناهي هو الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يكلف المسلم في مثل هذا الا بما شهد به العدول بالشرط المتقدم ويتحمل الشهود الأثر المترتب على شهادتهم، ولا يتصور ان يشهد هؤلاء الشهود بما ليس لهم فيه مصلحة خاصة، ويكذبون في ذلك.
اقتضتها الحاجة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/235)
- الشيخ عبدالله الشثري: توسعة المسعى الحالية اقتضتها الحاجة والضرورة والنبي صلى الله عليه وسلم قد سعى بين الصفا والمروة وهذا ثابت من فعله في احاديث صحيحة.
ولم يثبت بدليل انه صلى الله عليه وسلم حدد لأصحابه عرض المسعى حتى لا يتجاوزوه وإنما ضبط ذلك وعرف بجبلي الصفا والمروة، وأما تحديد المسعى الحالي بحاجزين لا يدل على التحديد القطعي لعرض المسعى؛ لأن ذلك المقدار من العرض هو الذي يتسع للناس فيما مضى من زمن ولم تدع الحاجة الى زيادة في التوسعة آنداك ولكن لما زاد العدد وتحقق الضرر اقتضى الحال وضع دور علوي وأصبح وضع المسعى الحالي بدوريه يضيق بالناس، فدعت الحاجة واقتضت الضرورة الى توسعة المسعى من جهة العرض، ومن المعلوم ان الجبل ممتد داخل الأرض اكثر مما هو على سطحها ويتحمل ذلك، كما هو مقرر عند علماء طبقات الأرض، كما قال الله تعالى عن الأرض: "وجعل لها رواسي" اي داخل الأرض تثبتها لئلا تميل.
فتبين بهذا ان توسعة المسعى من جهة العرض داخلة في محيط حدود التحديد للجبلين الذين سعى بينهما النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بالسعي بينهما، وسبب اللجوء الى هذه التوسعة في المسعى كما اسلفت كثرة الزحام فيه من الحجاج والمعتمرين مما ادى الى التدافع وحصول الضرر والشريعة جاءت برفع الضرر تحقيقاً للمصلحة، ودفعاً لهذا الضرر الحاصل وتيسيراً على الناس ورفعاً للحرج وجه خادم الحرمين الشريفين بهذه التوسعة، وقد جاءت شريعة الإسلام باليسر والتيسير في كل احكامها وشرائعها، والله تعالى يقول: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر".
@ "الرياض": ما ردكم على من يتحفظ على مشروع توسعة المسعى ويبني على ذلك احكاماً ورؤى لاعتبارات ومبررات مختلفة كالقول ان التوسعة ستخرج عن الحدود الشرعية للمسعى او ان زيادة عرض الصفا والمروة مخالف للسنة وما الى ذلك؟
الحق أحق أن يتبع
الشيخ عبدالله المنيع: الصحيح انه يجب احترام من هو أهل للاختلاف مع غيره وفي مسائل الاجتهاد، ولا شك ان حرية الاجتهاد ممن هم أهل للاجتهاد قد أعطت الفقه الإسلامي سعة ورفع حرج وثروة فقهية اقتضاها التأهيل العلمي للاستنباط والغوص في مقاصد الشريعة وتحقيق المصالح من ادراكها ونحن نحترم اخواننا المعارضين ونؤكد على أنفسنا، ان معارضتهم مبنية على استبراء دين وعرض وذمة فجزاهم الله خيراً عل حرصهم وتقاهم، والحمد لله ان الله من علينا بدين من مسالكه الاجتهاد وان المجتهد إذا كان أهلاً للاجتهاد فاجتهد وأصاب الحق فله أجران أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وان اخطأ فله أجر الاجتهاد وخطؤه مغفورة وفي نفس الأمر يجب على كل طالب علم الا يتعصب لرأيه فإذا ظهر له خطأه فالحق أحق ان يتبع وقد كنت أحد المعترضين على التوسعة وحينما ظهر لي ان الاعتراض مبني على ان التوسعة خارجة عن البينية بين الصفا والمروة ولما تبين لي ان الزيادة لا تخرج عن ان تكون بين الصفا والمروة رجعت عن المعارضة وظهر لي بوضوح وجلاء ان السعي في التوسعة سعي بين الصفا والمروة والحمد لله على ظهور الحق وبيانه والله الهادي إلى سواء السبيل.
الشيخ عبدالمحسن العبيكان: تضمن جوابي على السؤال الثاني الرد على من يقول هذا القول.
رؤية المخالف خاصة
الشيخ عبدالله الشثري: من يتحفظ على توسعة المسعى لم يستند في قوله على دليل واضح من فعل الرسول أو فعل الصحابة وينبغي ان ينظر في ذلك إلى ناحية تاريخية زمانية وهي: حاجة الناس إلى ذلك، ومكانية وهي: ان الجبل ممتد أصله داخل الأرض وقد شهد بامتداد الجبل أكثر مما هو عليه الآن شهود قد سجلت شهادتهم في المحكمة وإذا لم يكن ثمة دليل معارض من السنة لهذه التوسعة فتبقى رؤية المخالف خاصة حتى ولو كانت ذات مبررات واعتبارات ما لم تنهض بدليل واضح يعول عليه.
@ "الرياض": من المعلوم ان للمشاعر المقدسة (منى ومزدلفة وعرفات) حدوداً شرعية محددة ومعلومة للجميع .. ولكن هل هناك حدود شرعية للمسعى وإذا كان كذلك لماذا لم توضح لإزالة اللبس والشك الذي لا يزال لدى البعض خصوصاً في مسألة عرض المسعى؟
400متر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/236)
- الشيخ عبدالله المنيع: الاجابة عن التساؤل هل هناك حدود للمسعى كما هي الحال في حدود كل مشعر من مشاعر الحج - منى، مزدلفة، عرفة: لا شك ان الصفا والمروة من شعائر الله أن السعي الذي هو أحد شعائر الحج هو سعي بين الصفا والمروة كما قال تعالى: (فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) أي بينهما، فما بين الصفا والمروة هو مكان السعي والصفا والمروة جبلان متقابلان بينهما مسافة تقارب (الأربعمائة) متر وكل واحد منهما يمتد عرضاً من الشرق إلى الغرب بامتداد محدد وموثق بصور جوية موجودة لدى أمانة العاصمة ومن ضمن متحف الحرم لدى الرئاسة العامة للحرمين.
لم توضح لعدم الحاجة إليها
- الشيخ عبدالمحسن العبيكان: الحدود الشرعية للمسعى هي المساحة الواقعة بين جبلي الصفا والمروة ولم توضح من قبل الفقهاء السابقين لعدم الحاجة إليها ذلك الوقت.
قلة الناس
- الشيخ عبدالله الشثري: لم تستدع الحاجة في ذلك الوقت إلى وضع حدود شرعية ثابتة يعول عليها عند الاختلاف للمسعى لقلة الناس ولعدم حاجتهم إلى ذلك ومن أجل ذلك ترك الأمر ولكن كما اسلفت سابقاً ان النص الشرعي في القرآن الكريم جاء على الصفا والمروة وهما في الغالب أوسع من مقدار العرض الموجود حالياً.
@ "الرياض": كما تعلمون أنه ليس هنالك نص شرعي من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم يحصر المسعى في عرضه الحالي .. وبما ان التوسعة الجديدة المقترحة للمسعى لم تتجاوز ما بين جبلي الصفا والمروة التي يكون السعي بينهما .. ما هو ردكم على من لا يزال لديه خلاف حول التوسعة .. هل هي من المسعى أم لا؟
السعي فيها صحيح
- الشيخ عبدالله المنيع: الإجابة على القول بأنه ليس هناك نص من كتاب الله أو من سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم يحصر عرض المسعى في عرضه الحالي دون التوسعة .. هذا القول صحيح فلا نعرف نصاً من كتاب الله تعالى ولا من سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ولا من قول صاحب أو تابعي أو إمام من أهل العلم من سلفنا الصالح حدد عرض المسعى بعرضه الحالي قبل التوسعة ولا شك ان عرضه ما كان شاملاً ما بين الجبلين الصفا والمروة وقد ثبت ثبوتاً شرعياً ان هذا هذه الزيادة في عرض المسعى لا تخرج من ان تكون بين الصفا والمروة فالسعي فيها سعي صحيح بلا اشكال ولا تردد والحمد لله رب العالمين.
صحة السعي
- الشيخ عبدالمحسن العبيكان: سبق الجواب عليه في الأجوبة السابقة .. وأنصح عموم المسلمين بأن يطمئنوا كل الاطمئنان إلى صحة سعيهم في التوسعة الجديدة، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
دراسة تجلب التيسير وتدفع الضرر
- الشيخ عبدالله الشثري: مما سبق بيانه من توضيح فإن من كان لديه رؤية خاصة حول عرض المسعى أرجو أن يعيد النظر فيما قال حتى يتبين له وجه الصواب ولا يحكم بمجرد الظن أو القياس فهذه مسألة من أهم مسائل الدين لأنها ترتبط بجميع المسلمين وليست رأيا خاصا لحالة عين ويبعد ان يؤخذ الحكم في مسألة المسعى برأي عالم واحد فقط، فقد رأينا من أفتى بعدم صحة المسعى الجديد ثم تراجع عن قوله، بل ينبغي ان يكون الرأي مجتمعا من علماء بدراسة واضحة ومفصلة من جميع جوانبها تحقق المصلحة للمسلمين وتجلب لهم التيسير وتدفع عنهم الضرر.
واذا ورد الخلاف في مسألة وأخذ به بعض الفقهاء فهذا يدل دلالة واضحة على سعة في هذه المسألة وقبول الخلاف وإعذار المخالف وتحسين الظن به.
والله ولي التوفيق.
النظرة الشرعية للتوسعة
من جانبه أكد استاذ الفقه في كلية الشريعة في الجامعة الاسلامية الشيخ الدكتور عبدالله بن فهد الشريف على حرص واهتمام خادم الحرمين باقامة المشروعات التي تيسر أمر الحج والعمرة مشيرا الى أن هذا العمل الجليل سيسهم في التغلب على الازدحام ومن ذلك توسعة المسعى التي ستسهم في تخفيف العبء والزحام الذي كان يشتكي منه المسعى القديم سواء في الحج او في بعض اوقات العمرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/237)
واضاف د. الشريف قائلا: لقد كثر الكلام بين مؤيد ومعارض في بيان حكم ذلك حتى وصل الامر ببعض الفتاوى بالتوقف عن اداء العمرة في الفترة الحالية او بجبر النقص الواقع في المسعى ان حصل في الجديد بدم، وقد لاحظت وشعرت من نفوس المشايخ او بعض طلبة العلم التضجر والتملل من ذلك، وكان المفترض على هؤلاء ان يتسع صدرهم للاختلاف والا يقول لسان حالهم "قولي صواب لا يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ لا يحتمل الصواب" كما ان عليهم لا يثيروا بلبلة في المجتمع الاسلامي خاصة ان التوسعة ارتبطت بأمر خادم الحرمين الشريفين "والحاكم يرفع الخلاف".
ولقد ظهر لي - كما ظهر لغيري - من خلال الوقوف على آراء المشايخ حكم توسعة المسعى بأن القول بالجواز هو الأرجح لأن الذين استندوا إلى أن جبل الصفا والمروة يمتدان الى ابعد من الواقع الملاحظ في التوسعة القديمة هو المؤيد بواقع الجبال، إذ لا يعقل ان يطلق اسم "جبل" على صخرة في حدود عشرين مترا لان المعهود في الجبال انها تفرش حجارتها في باطن الارض ثم تبدأ بالتسنم خارجها، فلو فرض ان عرضه في الخارج خمسون مترا فان باطنه سيكون بمئات الأمتار وهذا ما يؤيد بحث الدكتور عويد المطرفي والشهود الذين اثبتوا الامتداد، ويؤيد هذا واقعا انه في يوم الجمعة 3/ 20أخبرني الأخ الدكتور توفيق بن مرعي الشريف (وهو استاذ في جامعة ام القرى بمكة) تليفونيا بانه قد ظهر من الحفريات المعمولة الآن في التوسعة للمسعى جبل عند الصفا من جهة الشرق، وهذا يدل على ما قلنا من صحة الامتداد للصفا.
اما المروة فقد ذكر الدكتور لي بانه لا خلاف في امتدادها قد يقول قائل ان العبرة بالسعي بين الصفا والمروة هي بما ظهر من جبل الصفا والمروة خارج الأرض لا بما في خفي، فأقول ان الآية (فلا جناح عليه أن يطوف بهما) (البقرة: 158) لم تقيد ذلك، فهي بعمومها تدل على أن مساحة المسعى حاصلة بين الصفا والمروة بما ظهر وبما خفي، فتبقى على عمومها، وهذا مثل من باع دارا فانه يدخل فيها ساسها بالاجماع بين العلماء حتى أن المشتري لو وجد بساسها عيبا يضر بالمبيع فانه له الرد به او أرش العيب ان رضي مع انه عند عقد البيع لم يتم ذكر لأساس المبيع، وقد ظهر ايضا ان الآية قد لا تدل قطعا على أن السعي بين الصفا والمروة لابد ان يكون بين جبلين فقط، وعليه فان امتداد المساحة المطلوبة في السعي الملاصقة لحدود تأخذ حكم السعي بين الصفا والمروة، والمفهوم الذي اراد انه لابد من استيفاء المسافة بين الجبلين لا انه تشترط ان تكون بينهما (فقط)، نعم يشترط السعي في هذا المكان وعليه فالزيادة عليه لحاجة فانها تأخذ حكم السعي بين الجبلين، وهذا القول مثل من جوز السعي في الأدوار المتكررة فانه اذا اشترط كونه بين الجبلين وجب عليه ان يمنع السعي في المكرر لأن الساعي فيه لا يسمى ساعيا بين الصفا والمروة والقول بأن السعي في هواء الشيء يأخذ حكم ذلك الشيء مردود لانه لا يقال لمن سعى في المكرر سعى بين الصفا والمروة مع ان من قال بجواز السعي حتى في المكرر العلوي في ذلك والسفلي - لو حصل - سواء.
وأخيراً فإنه لو قيل انه قد اجتهد في زمن مضى بأن المسعى القديم قد استوعب حدود الجبلين فلا يجوز نقض الاجتهاد الا بنقض قاطع، فجوابه: قد يتغير الاجتهاد فيما يقبل الاجتهاد، اذا اؤيد الاجتهاد الثاني بأدلة تدعمه او مصالح ومقاصد شرعية تؤيده والقول بانه لابد من نقض المتقدم بنص قاطع هو اجتهاد ايضا مع ان المسألة الأولى وقع فيها خلاف ايضا في استيعاب المسعى لحدود هذا ما اراه في هذه المسألة والله أعلم.
لا دليل للقائلين بالتحديد
وحول هذه المسألة يقول القاضي بالمحكمة الجزئية بالرياض الشيخ الدكتور علي بن راشد الدبيان انني اطلعت على ما اثير مؤخرا من جدل كثير حول موضوع توسعة المسعى ومدى مشروعيتها، وقد راجعت ما كتبه اهل العلم - رحمهم الله - في هذه المسألة في مختلف المذاهب الفقهية، وما حرره المحققون من الفقهاء والمحدثين في هذا الموضوع، وكذا راجعت ما كتبه المؤرخون لمكة وبيت الله الحرام والمشاعر المقدسة كالفاكهي والأزرقي والكردي وغيرهم، وتأملت اقوال القائلين بتحديد عرض المسعى بالأذرع على الفروقات في التحديد بينهم، وكذا اقوال المطلقين القائلين بعدم التحديد، كما اطلعت على القرارات الصادرة بهذا الخصوص في وقت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/238)
سماحة المفتي العام للديار السعودية ورئيس قضاتها العلامة الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ - رحمه الله - وقرارات اللجان المشكلة لذلك حينها، كما وقفت على تقريرات عدد من المعاصرين وبحوثهم في هذه المسألة، والتقيت بفضيلة القاضي الذي سمع اقوال المحددين للصفا والمروة في محكمة مكة وسمعت منه ما انتهى اليه من قناعة في هذه المسألة، واطلعت على ما مال اليه الشيخ العلامة عبدالرحمن السعدي - رحمه الله - من جواز التوسعة كما في الأجوبة النافعة، وكذا اطلعت على أقوال المشايخ المعاصرين من علمائنا الكرام المانعين من التوسعة كغالبية اعضاء هيئة كبار العلماء في المملكة والمجوزين للتوسعة كالشيخ ابن جبرين وابن منيع وغيرهما كما وقفت شخصيا على المسعى بعد توسعته وكشف الصفا وعروقه والمروة بشواهدها القائمة، وفي ضوء ذلك كله تلخص لدي بعد التمحيص والنظر والمراجعة الحقائق التالية:
1 - ان من المتفق عليه بين أهل العلم ان السعي الشرعي في النسك هو ما كان بين الصفا والمروة لقوله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم (158) البقرة: (158).
2 - كما أن المتفق عليه من أهل العلم أن السعي لا يصح إلا في موضع السعي وهو الواقع بين الصفا والمروة وبدون ذلك لا يعتبر الناسك مؤديا للسعي في نسكه.
3 - كما أن المتفق عليه بين الباحثين في هذه المسألة ان تحديد عرض المسعي بأذرع محددة كخمس وثلاثين ذراعا تزيد أو تنقص وهو امر حادث بعد عصر النبوة والصحابة والتابعين، ولم يقل به الجمهرة من الفقهاء المتقدمين وكثير من المتأخرين، وغاية قولهم: إن شرط صحة السعي لا يكون في موضع السعي - بين الصفا والمروة -.
4 - كما ان كثيرا من المؤرخين لمكة والمشاعر يذكرون حصول هدميات وازالات كثيرة ومتعاقبة على جبلي الصفا والمروة، مما اثر في تغير معالمهما القديمة.
5 - وقد تقرر شرعا عند محققي اهل العلم ان المطلقات في الشريعة لا يجوز تحديدها الا بالاستناد الى دليل، والدليل يكون شرعيا من الوحي وينزل على مورده في الحس والواقع ان انيط به، وادراك ماهية الصفا والمروة وما تنتهي اليه من جنس ذلك لربط السعي بهما، وهما قائمان في الحس والواقع.
6 - وقد لاحظت ان الباحثين في ماهية الصفا والمروة وتحديد كنههما يتفقون في الجملة على أن الصفا والمروة تمتد شرقا الى ما يجاوز التوسعة الجديدة التي امر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود - ايده الله بالحق.
7 - كما ظهر لي ان ظواهر الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم لا تمنع من التوسعة للمسعى ما دامت التوسعة مندرجة في مشمول ما بين الصفا والمروة وان القائلين بالتحديد لا دليل معهم كما حرره الرملي والشربيني وابن سعدي وغيرهم.
صحة التوسعة
وفي ضوء ذلك، واستنادا الى خلو المسألة من نص يقضي بالتحديد بالأذرع ونحوها، ولأن العبرة بما دل عليه الدليل الشرعي، والدليل لا ينفي صحة التوسعة الجديدة الحاصلة للمسعى، وهي مندرجة في مشمول البينية بين الصفا والمروة، ويعد السعي فيها سعيا في موضع السعي المنصوص شرعا، ولكون المسألة في التحقيق لا يعارضها معارض راجح. ومن المتقرر شرعا التوسعة على المسلمين في مواضع الحاجة، وان الامر اذا ضاق اتسع، وان لولي الأمر في مسائل الخلاف الأخذ بأحد القولين لا سيما ما كان فيه التيسير على الأمة، إذ هو المشروع لقوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (البقرة: 185) وقوله سبحانه (وما جعل عليكم في الدين من حرج) (الحج: 78) وقوله جل ذكره: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) (المائدة: 6) وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري في الصحيح: (إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد الا غلبه) وقوله (بعثت بالحنيفية السمحة) وقد قرر أهل العلم ان ولي الامر اذا اخذ بأحد القولين الذي له مدرك سائغ صحيح في الشريعة فله الزام الكافة به ومنع الفتيا بخلافه كما هو معلوم في مظانه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/239)
ولما اشير اليه: فانني أرى صحة توسعة المسعى الجديدة التي امر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود - حفظه الله - وانها مندرجة في مشمول البينية بين الصفا والمروة، وان السعي فيها صحيح مشروع، وأنها من المشاريع الجليلة المباركة التي تكتب في صحائفه - امد الله في عمره على طاعته - وهي أحد منجزات هذه الدولة السنية التي سيسجلها التاريخ بمداد من نور.
(رفع الضيق والحرج)
وبالحديث عن جهود خادم الحرمين في توسعة المسعى تحدث الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن عبدالله آل الشيخ الأستاذ بجامعة أم القرى وقال:
الحمدلله الذي وفق لإجراء عدد من التوسعات التي أجراها الملك عبدالعزيز - رحمه الله - والتي استمرت في عهد الملك فيصل والملك خالد والملك فهد والملك عبدالله.
أما عن توسعة المسعى بالذات فلعل من يقطن في مكة يدرك ويعرف ماذا كان عليه المسعى فيما سبق عبارة عن ممر حتى كانت بعض الدكاكين في داخل المسعى وكان هناك ضيق شديد ولم يكن هناك توقع أن تصبح الحاجة إلى توسعة إضافية لأن قبل التوسعة السابقة كان عرض المسعى تقريباً في حدود من 9إلى 11متراً حتى الغطاء الآن أزيل في التوسعة الذي كان على سوق شمال الحرم هو كان غطاء على نفس المسعى وعندما وسع المسعى في التوسعة الأولى وكان فقط في الدور الأول كان يقال هذا المسعى كبيراً جداً، وهذا يتحمل أضعاف ما كان عليه العدد، بفضل الله ونتيجة توفر أسباب الأمن وتيسر كل الأمور التي يحس به كل من أتى من الحجاج والزوار وحجاج بيت الله الحرام، لهذا البلد الأمين مع الرخاء الاقتصادي وسهولة وسائل الاتصالات والمواصلات أصبح بالطبع مئات الآلاف، بل الملايين يؤدون العمرة والحج سنوياً كما يعلم كل من يشاهد الوضع (المسعى) لم يعد يحتمل إلا الطابق الأسفل ولا الدور الثاني ولا السطح في هذه الأعداد الكبيرة وبفضل الله تعالى فالدين يسر.
وأضاف ان حدود جبل الصفا والمروة وإن لم أكن من المتقدمين في العمر لكن في صغري كنت أرى جبل الصفا ممتداً تقريباً إلى جبل أبو قبيس ونفس جبل المروة كانت هناك بعض الأسواق التجارية التي في المسعى يتصل بها جبل المروة والحمدلله كون خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله يشعر بأهمية رفع الضيق ورفع الحرج والتيسير وسهولة أداء النسك بما شرع الله ويأمر حفظه الله بهذه التوسعة ليست غريبة والحمدلله. وهذا امتداد لجميع المشاريع التي تخدم حجاج بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة في بيت الله الحرام والمدينة المنورة وفي كل مكان ولله الفضل.
(الرأي الفقهي)
وعن الرأي الفقهي في ذلك قال ان من الامور الفقهية التي فيها خلاف وهذا رحمة وهذا من زمان ليس جديداً. وأنا أعرف بعض القضايا عرضت على هيئة كبار العلماء، فيما سبق يكون فيها فقط البعض يرى أمراً معيناً والبقية يخالفونه وولي الأمر يأخذ برؤية هذا العالم لأنه يجدها تتناسب مع المصلحة العامة، والحمدلله ما دام هناك من أفتى بهذا الأمر فالمفروض ان يؤخذ بهذه الفتوى كما يرى المصلحة ولي الأمر فتغليب المصلحة مهم في هذا الجانب ضمن ضوابط شرعية - ولم نعرف دليلاً شرعياً يحرم توسعة المسعى على ماهو عليه إلا ما بين الصفا والمروة ما ينطبق على ان هذا صفا وما ينطبق على أن هذا مروة يجب الأخذ به.
ومع هذا أنا من المؤيدين لرأي القائلين بالتوسعة وجواز ذلك ومع العلماء الذين رأوا أن حدود الصفا والمروة أوسع مما هي عليه أنني أعتقد أنها بجانب الطواف.
(التوسعة لن تمس الأصل)
واستعرض الشيخ عبدالكريم السعيد من المحكمة الكبرى بالمدينة المنورة من جانبه الجدل الفقهي الدائر بخصوص توسعة المسعى مؤكداً ان هذا الجدل عكس سماحة هذا الدين وسعته لاستيعاب كل ما من شأنه تحقيق الغاية من هذه الشعيرة العظيمة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/240)
قبل الاسترسال والغوص في هذه المسألة البالغة الأهمية لابد من إيراد قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن بلغ صنعاء" والقصة والعهدة على الراوي انه إبان خلافة أبي بكر الصديق أو خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما دعت الضرورة إلى إجراء توسعة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فاستفسر بعض الصحابة عن هذا الامتداد الجديد هل يعتبر جزءاً من المسجد الأصلي أم لا؟ فكانت إجابة عمر رضي الله عنه "هو مسجد الرسول وإن بلغ صنعاء".
أسوق هذه القصة لأدلل على أن الضرورة أباحت المحظور، في بعض الأحيان (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم) (المائدة: 3).
فعملية توسعة المسعى، استوجبتها ضرورة وهي أن المسعى ضاق بما رحب، فأعداد الساعين أكبر بكثير من طاقة المسعى، فلم لا يوسع ليتسع لاستيعابهم، وقد يخشى بعضهم من أن التوسعة قد تغير في جغرافية المسعى، فلتكن التوسعة بإضافة طابق علوي للمسعى، كما حدث في الطواف ببيت الله الحرام. وعملية السعي يمكن أن تتم وتكمل على صورتها المرجوة من عل، هذا بالإضافة إلى أن التقدم الكبير الذي حدث في جمال البناء والعمران بكافة أشكاله جعل من السهل إحداث التغيير دون المساس بقدسية المكان وجغرافيته، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها.
يقول الحق جل وعلا في محكم التنزيل: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أواعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) (158) البقرة.
فالصفا والمروة هما الجبلان المعروفان والتي تعود قدسيتهما إلى قصة السيدة هاجر زوجة خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام مع ابنها إسماعيل والقصة معروفة للجميع.
فعملية التوسعة لن تمس الأصل وهما الجبلان ولن تزحزحهما عن أماكنهما، فالتوسعة ستكون في المسعى وهناك سعة وقد تكون سيدتنا هاجر نفسها قد اختلف مسارها في انتقالها من الصفا إلى المروة، إذ ليس ثمة تحديد دقيق لهذا المسار، فالاتساع على الجانبين الايمن والايسر فيه سعة فمن ارتاب في ذلك فليكن الاتساع كما ذكرنا بإضافة طابق آخر مواز للمسعى وهناك متسع ثالث ورابع دون مساس بجغرافية المكان وأداء الشعيرة.
الحج عبادة مكانية، تختلف عن بقية الأماكن في هذه الصفة وكلمة (عبادة مكانية) تعني ارتباطها بمكان محدد وهي مكة المكرمة و المناسك المختلفة بها، و"المكان" تحديد جغرافي له سعته وقد تضيق هذه السعة بما تستوعبه تبعاً لزيادة المستوعب "بفتح العين" وهذا ما حدث في الطواف وفي رمي الجمرات وقد يحدث مستقبلاً في "منسك عرفات" ويضيق المكان بالواقفين، إنها طبيعة المكان يضيق ويرحب، فلا بأس إذن في التوسعة الآمنة التي لا تمس أصول الشعيرة وقدسية المنسك وأصوله. في الجانب الآخر إذا سلمنا جدلاً بعدم شرعية التوسعة، وكما هو معلوم فعملية السعي تستغرق وقتاً بالنسبة للفرد العادي السليم المعافى بدنياً فما بالك بالمسنين والعاجزين وأصحاب العاهات، وهناك الملايين من الحجاج والعمار والأعداد في تزايد عاماً بعد عام، فلابد إذن من حل لحفظ هذا الوقف والتخفيف عن هذه الجموع الهادرة حتى يتسنى لها أداء هذه الشعيرة في يسر ودونما مشقة. إن السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج والأماكن واجبة الأداء لتمام الحج، والملاحظ في الآية الكريمة (إن الصفا والمروة من شعائر الله (158)) البقرة. فالشعيرة هنا حددت في "الصفا والمروة" وهما ثابتان لم يتغيرا ولم يتزحزحا من أماكنهما، فالتغير قد يطرأ على صورة المسعى وجغرافيته اتساعاً ناحيتي اليمين واليسار والتطوف بالجبلين قائم في كل الأحوال كما ذكرت الآية الكريمة (فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما (158)) البقرة. فالدين يسر "ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه" كما قال سيدنا ونبينا صلى الله عليه وسلم. فالتوسعة حدثت في كثير من مقدساتنا بما يخدم صالح المسلمين ولا يؤثر في قدسية المكان.
رابط الخبر: http://www.alriyadh.com/2008/04/08/article332615.html (http://www.alriyadh.com/2008/04/08/article332615.html)
ـ[نايف ابو معاذ]ــــــــ[16 - 04 - 08, 03:52 ص]ـ
اخي مختار الديرة
شكرا لك على النقل الرائع والشكر موصول للشيخ حاتم
اخوك ابو يزن
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[16 - 04 - 08, 09:52 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/241)
الشيخ الفوزان أصدر بيان البارحة فمن يتحفنا به
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[16 - 04 - 08, 10:19 ص]ـ
القول على الله بغير علم عديل الشرك
د. صالح بن فوزان الفوزان
14/ 04/2008 07:54:36 م
قال الله تعالى: ((قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)) جعل سبحانه القول عليه بغير علم فوق الشرك. وهذا عام في القول عليه بغير علم أي بغير دليل من الكتاب والسنة في أصول الدين وفي فروعه ونص على القول عليه بغير علم في التحليل والتحريم فقال سبحانه: ((وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ. مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) فإذا كان الله قد توعد الذين يحللون ويحرمون بغير دليل بالعذاب الأليم وعدم الفلاح فكيف بالذين يقولون عليه بغير علم في العبادات ومكانها وزمانها اللذين حددهما الله لها. والعبادة كما هو معلوم توقيفية في كيفيتها وفي زمانها ومكانها. فمن شرع فيها شيئاً لم يأذن الله به فهو داخل في قوله تعالى: ((أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ)) فجعل سبحانه من شرع للناس شيئاً من الدين لم يشرعه الله شريكا له في تشريعه. ومن أطاعه في ذلك فهو مشرك بالله تعالى شرك الطاعة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) لأنه صلى الله عليه وسلم قد بين للناس ما شرعه الله وحدده متبعاً بذلك ما حدده الله له وقال سبحانه: ((وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)) ((وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) ((وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ)) وفي حدود الله الأمكنة التي جعلها الله أمكنة لعبادته فلا يجوز تقديمها بزيادة أو نقصان وهي شعائر ومشاعر عبادته ((وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)) ومن شعائر الله الصفا والمروة والسعي بينهما في حج أو عمرة تعبد الله سبحانه قال تعالى: ((إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)) وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم كيفية السعي ومكانه لأمته وقال: (خذوا عني مناسككم) فرقى على الصفا حتى رأى البيت وهلل الله وكبره ودعا ثم نزل ماشيا متجهاً إلى المروة وسعى في بطن الوادي ثم مشى حتى وصل إلى المروة فصعد عليها وقال ما قاله على الصفا. فعل ذلك سبع مرات يبدأ بالصفا ويختم بالمروة والصفا هو الطرف المرتفع من جبل أبي قبيس. والمروة هي الطرف المرتفع من جبل قيعقعان.
وقد توارث المسلمون هذا المكان الذي سعى فيه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يسعون فيه. وأقاموا على جنبيه المباني من بيوت ودكاكين حتى أزيلت تلك المباني في توسعة المسجد الحرام في عهد الملك سعود رحمه الله وأقيم جداران على حدود المسعى شرقا وغربا فيهما أبواب وفتحات وشبابيك وأقيم فوق المسعى دور ثان لأجل التوسعة على الساعين وكان ذلك بإشراف لجنة علمية من خيرة العلماء والمؤرخين وأهل الخبرة برئاسة سماحة الشيخ: محمد بن إبراهيم رحمة الله على الجميع واستقر الأمر على هذا من غير منازع.
وفي عهد خادم الحرمين: الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله فكر في الزيادة في مساحة المسعى للتوسعة على الحجاج والمعتمرين فاستشار هيئة كبار العلماء فصدر القرار بإكمال ما رآه العلماء في عهد الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله من زيادة الأدوار فوق المسعى ولكن ظهر من يرى أن الزيادة تكون في مساحة المسعى من جهة الشرق لا في أدواره وهم فريقان:
فريق يقول: إن طرف الصفا والمروة لم يستكملا فلهما بقية تحت الأرض فيجب أن تلحق هذه البقية بهما ويوسع المسعى تبعا لهذه البقية – والجواب عن ذلك أن نقول لماذا ترك المسلمون في مختلف العصور هذه البقية وبنو البيوت والدكاكين في هذا المكان. هل يليق بالمسلمين أن يستحلوا المشعر ويختزلوه من المسعى لمصالحهم الخاصة. وأيضاً الصفا والمروة مرتفعان يصعد عليهما بدرج كما ذكر المؤرخون وكما صعد عليهما النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والزيادة المزعومة منخفضة لم يعثر عليها إلا بالحفر والتكلف. وأيضاً من يجزم بأن هذه الزيادة من الصفا والمروة ولم لا تكون من الجبلين الممتدين. والسعي ليس بين الجبلين وإنما هو بين الصفا والمروة.
والفريق الثاني ممن يرون الزيادة في مساحة المسعى يقولون إن الضرورة تدعو إلى هذه الزيادة لشدة الزحام وخشية الخطر والجواب عن ذلك بأمرين:
الأمر الأول: أن العبادات توقيفية لا مجال للاجتهاد فيها فلا يزاد في مكان العبادة الذي حدده الله لها. ومكان السعي بين الصفا والمروة كما أن مكان الطواف هو بالبيت العتيق.
الأمر الثاني: أن الزحام يزال بزيادة الأدوار كما أفتى بذلك كبار العلماء.- لأن الهواء يحكي القرار –
هذا ما أردت بيانه نصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم – إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
المصدر: موقع الشيخ
http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/MyNews/tabid/87/Default.aspx?more=454&new_id=100
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/242)
ـ[أبو مالك الأثري]ــــــــ[16 - 04 - 08, 11:04 ص]ـ
الله المستعان: نسأل الله العلي القدير ان يبصرنا بالحق.
هيئة كبار العلماء تقول لا يجوز ـــ ثم يأتي فلان وفلان ويقول يجوز
ـ[أبو محمد]ــــــــ[20 - 04 - 08, 11:59 ص]ـ
لقد هالني ما قرأته من الكلام المنقول أعلاه عن الشيخ ابن منيع غفر الله له؛ ألا وهو قوله: (ولكن لولاة المسلمين منذ عهد الخلفاء الراشدين الى عصرنا الحالي عزمات كانت تقابل بالاعتراض ويقابلها ولي الأمر بالحزم والعزم والاصرار على التنفيذ ومن ذلك عزمة ابي بكر رضي الله عنه على محاربة ما نعي الزكاة وعزمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على تحبيس اراضي سواد الرافدين وتعشيرها وعزمة صلاح الدين الأيوبي على تحرير بيت المقدس من الاحتلال الصليبي وتطهير مصر الحبيبة من افكار وعقائد الشيعة ولاشك ان عزمة خادم الحرمين - حفظه الله - على توسعة عرض المسعى بمثله عزمة مباركة من عزمات ولاة الأمور المسلمين حيث اتضح وجه الصواب وتحقق المصلحة وانتفاء الدليل عند المعارض مطلقاً).
فيا الله العجب! ألهذا الحد بلغ الغلو في هذه المسألة حتى تقارن التوسعة بمحاربة الصديق لمانعي الزكاة! أي فقه هذا؟!
هل تعي يا شيخ أنك تؤصل لتسهيل مخالفة ولي الأمر لهيئة كبار العلماء؟
أفي هذا الوقت الذي تعصف بمجتمعنا فيه رياح التغيير يأتي هذا الكلام؟
فلتكن إذن قيادة المرأة للسيارة وما يتبعها من مفاسد عزمة من العزمات!
وليكن حوار الأديان وما يتبعه من إجهاض عقيدة الولاء والبراء -أيضا- عزمة من العزمات!
وليكن فتح الباب لليبراليين على مصراعيه ليعبثوا بأحكام الشرع كما يريدون عزمة من العزمات!
ولتكثر العزمات .. والشكوى لرب الأرض والسموات ...
ـ[الفاضل]ــــــــ[24 - 04 - 08, 04:44 م]ـ
ذكر الشيخ علوي السقاف -حفظه الله- في مقالها هنا:
http://dorar.net/weekly_tip.php?tip_id=48
أنه اطلع على صور جيولوجية على مشروعية المسعى وأن جمع من كبار السن من أهالي مكة شهدوا أن المسعى ممتد إلى التوسعة الجديد، وقال أنها أقوى ما يستدل به من جوز.
فهل هذه الصور الجيولوجية متوفرة على الشبكة؟؟؟
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[29 - 04 - 08, 07:08 ص]ـ
التحقيق في حكم الزيادة الجديدة في عرض المسعى
التَّحقِيقُ
فِي حُكمِ الزِّيَادَةِ الجَدِيدَةِ
فِي عَرضِ المَسْعَى
بحث أعدَّه:
أ. د حمزة بن حسين الفعر الشَّريف
الأُستاذ بجَامعَة أُم القُرى سَابقاً
والمدرِّس بِالمسجِدِ الحَرَام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي أرسل إلينا رسوله الكريم، وأنزل علينا شرعه الحكيم، وصلاة الله وسلامه الأتمان الأكملان على عبده ورسوله وخيرته من خلقه سيد ولد آدم، وعلى آله الطيبين، وأزواجه أمهات المؤمنين، وصحابته أجمعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراطٍ مستقيم، وبعد:
فقد حفلت الأشهر الماضية بجدلٍ كبيرٍ حول توسعة المسعى الجديدة مما يلي الساحة الشمالية الشرقية، وقد عُرضَ الأمر على هيئة كبار العلماء في جلستها (227) بتاريخ (22 - 2 - 1427هـ) وبعد المناقشة صدر قرارها الموقَّع من غالبية الأعضاء بعدم جواز هذه التوسعة، وإمكان الاستعاضة عنها بزيادة عدد أدوار المسعى القائم، وتحفَّظ اثنان من الأعضاء على القرار، وطالب ثالث بمزيدٍ من البحث والدراسة للمسألة، وزاد الأمر تعقيداً بعد صدور عدد من الفتاوى من كبار العلماء في موسم الحج وما بعده بعدم جواز السعي في هذه الزيادة الجديدة، وأن من سعى فيها يعتبر في حكم المحصر؛ لعدم تمكُّنه من السعي، وعليه أن يذبح دماً، واستمر الأمر كذلك على ما هو عليه حتى تدخلت أطراف أخرى بعضها من الشخصيات العلمية في المملكة ممن هم خارج إطار هيئة كبار العلماء، ومن الشخصيَّات العلمية والدعوية في العالم الإسلامي، وتطور الموضوع بطرحه على الساحة الإعلامية عبر صفحات الجرائد والمجلات وبعض القنوات العامة، وشارك فيه بعضٌ من المثقفين وغيرهم، وصاحب ذلك تراجع بعض أعضاء هيئة كبار العلماء في المملكة –ممن قالوا بعدم جواز التوسعة- عن قرارهم اعتماداً على أن ولي الأمر قد اختار أحد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/243)
الرأيين المختلفين في المسألة، وهو الرأي القائل بجواز التوسعة من الجهة المختلف فيها بعد كثرة أعداد الحجاج والمعتمرين وزيادتهم أضعافاً مضاعفة عما كانت عليه الحال سابقاً.
ومن خلال متابعتي لهذا الموضوع بدا لي أنه حصل استعجال كبيرٌ في تناوله ومناقشته، وكثيرٌ مما دار فيه يحتاج إلى تأصيلٍ علمي شرعي يوضح الصورة الحقيقية لما جرى، ويقود إلى حكمٍ شرعي تطمئن إليه النفس، ويقضي على هذه البلبلة، وكان الأولى عرضه من خلال ندوة علمية موسَّعة يستكتب لها عدد من الباحثين المختصين في الجوانب المتعلقة بالموضوع من كافة النواحي، ويتم نقاش هذه البحوث بتفصيل وأناه، كما يمكن أن يكون ذلك من خلال دورة لأحد المجامع الفقهية.
ومما لا شكَّ فيه أن هذا الموضوع من الموضوعات الاختصاصية الدقيقة التي لا يجوز أن يخوض فيها من ليس أهلاً لها، ولا ينبغي بحالٍ من الأحوال أن تترك مسرحاً لعامة الناس ليقولوا فيها بآرائهم وأمزجتهم، فالمسألة ليست من هذا القبيل، بل هي مسألة علمية لا تصلح لغير أهلها، شأنها شأن كل مسألة علمية اختصاصية، الفيصل فيها كلام أهلها العارفين بها، مثل قضايا الطب والهندسة والكيمياء والفيزياء والأمور العسكرية ونحوها، لا يقبل كلام غير الاختصاصيين الراسخين فيها.
لذا أحببت جمع كلام أهل العلم المعاصرين فيها، وعرضها ومناقشتها للتوصل إلى ترجيحٍ علميٍّ يعضده الدليل، وأقدِّم لذلك بعدد من الأمور:
1 – إنَّ كثيراً من الذين أجازوا التوسعة وأكَّدوا مشروعيتها اعتمدوا على بعض القواعد والمسلَّمات الشرعية العامة التي تحتاج إلى بصرٍ علميٍّ دقيقٍ في تنزيلها على موضوع الخلاف، ومن أهم هذه القواعد التي اعتمدوها: قاعدة رفع الحرج، وقاعدة التيسير، ولا نزاع في كون هاتين القاعدتين من القواعد الشرعية المقررة أخذاً من قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وقوله: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ} [البقرة: 185]، وغيرها من آيات الكتاب الكريم.
وقد جاءت أحاديث عديدة تؤيد ذلك منها قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح لمعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما عندما بعثهما إلى اليمن: «يَسِّرَا وَلا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلا تُنَفِّرا» ([1] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn1))، وجاء أيضاً في الحديث الصحيح الذي روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في بيان هديه عليه الصلاة والسلام: «مَا خُيِّرَ رَسُولُ الله ? بَينَ أَمرَينِ إِلَّا اختَارَ أيسَرَهُمَا مَا لَم يَكُنْ إِثْمَا» ([2] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn2)).
لكنَّ إعمال هاتين القاعدتين -التيسير ورفع الحرج- يجب أن يكون مقيَّداً بضوابط الشرع إذ ليس كلُّ حرجٍ مدفوعاً، ولا كلُّ تيسيرٍ جائزاً، وإلا لأبحنا الاقتراض بالربا تيسيراً على المحتاجين، والزنا لمن لم يستطع على تكاليف الزواج، وهذا لم يقل به أحدٌ من أهل العلم.
2 – أن الاختلاف بين أهل العلم في المسائل الاجتهادية أمرٌ لا ينكرُ بدءً من الصحابة فمن بعدهم، والظن بالمختلفين أنهم لا يقصدون إلا بيان الحق إبراءً للذمة، ولكن قد تختلف الأفهام أو تخفى بعض أوجه دلالات الأدلة عن بعضهم دون البعض الآخر، كما أنه يمكن اطلاع بعضهم على دليل لم يطلع عليه غيره وهكذا، والذين قالوا بعدم جواز توسعة المسعى من أهل العلم لم يخرجوا عن هذا السنن، هدفهم المحافظة على حدود هذه الشعيرة، وعدم التساهل في شأنها، حتى لا تصبح المشاعر مجالاً للتلاعب بها وتغييرها، لا سيما وقد ارتبطت بها عبادة السعي التي هي جزءٌ من شعيرة الحج والعمرة، وترجَّح لهم أن جبل الصفا لا يصل إلى ما وصلت إليه هذه الزيادة.
والذين قالوا بجواز هذه الزيادة يشتركون معهم في وجوب المحافظة على هذه المشاعر وصيانتها، وعدم جواز تغييرها أو الزيادة عليهم، لكنهم يرون أن هذه الزيادة غير خارجة عن حدود مشعر الصفا والمروة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/244)
ومن هنا يتحرر موطن النزاع في هذه المسألة، وهو: هل هذه الزيادة داخلة في حدود مشعر الصفا والمروة فتكون جائزة، أو خارجة عنها فلا تجوز؟ وهذا يعني أنَّ المسألة مسألة إثبات إن وجد الدليل الصحيح المثبت فإنه يجب على الجميع القبول بمقتضاه، وإن لم يوجد فلا يجوز العمل بدون دليل، ويتعيَّن حينئذٍ البقاء على الأصل.
3 – حكم السعي:
أ- السعي بين الصفا والمروة شعيرة في الحج والعمرة، قال تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 158].
وقد جاء في سبب نزول هذه الآية أن أهل الجاهلية كانوا يسعون بين الصفا والمروة لصنمين، صنمٌ على الصفا يسمى إسافاً، وآخر على المروة يسمى نائلة، فلما جاء الإسلام وكسرت الأوثان ترك بعض المسلمين السعي بين الصفا والمروة لظنهم أن ذلك إنما كان من أجل الصنمين الذين كانا عليهما ([3] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn3)).
قال أبو طالب في قصيدته المشهورة:
وحيث يُنيخ الأشعرون ركابهم لمفضي السيول من إسافٍ ونائل ([4] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn4))
وروى عروة بن الزبير قال: سألت خالتي عائشة رضي الله عنها، فقلت: أرأيت قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]. فوالله ما على أحدٍ جناحٌ ألَّا يطوف بالصفا والمروة! قالت: بئسما قلت يا ابن أختي، إن هذه لو كانت كما أولتها عليه كانت: لا جناح عليه أن لا يتطوف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلل، فكان من أهلَّ يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فلما أسلموا سألوا رسول الله ? عن ذلك، قالوا يا رسول الله، إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة، فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللهِ} وقد سنَّ رسول الله ? الطواف بينهما، فليس لأحدٍ أن يترك الطواف بينهما ([5] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn5)).
قال بعض أهل العلم: إن الآية نزلت في الذين كانوا يتحرجون من أهل الجاهلية من الطواف بين الصفا والمروة لأنهم يصلون لمناة، وفي الصحابة الذين تركوا الطواف بالصفا والمروة لأن القرآن جاء بالأمر بالطواف بالبيت، ولم يأت بالأمر بالسعي بين الصفا والمروة.
ب – أمر النبي ? بالسعي في قوله: «يَاأَيُّهَا النَّاسُ اسعُوا فَإِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْي» ([6] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn6)).
ج – سعي النبي ? بين الصفا والمروة في حجِّه وعُمَره كلها، وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام عندما جاء للسعي: «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ» ([7] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn7))، وابتدأ السعي من الصفا، يتأول في ذلك البداءة أولاً بالصفا في قوله تبارك وتعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ}، وجاء عنه عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع قوله: «لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ([8] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn8))، وكان مما فعله في نسكه ذاك السعي بين الصفا والمروة.
د – أجمع المسلمون أن السعي بين الصفا والمروة من شعيرة الحج والعمرة.
4 - مكانه: السعي بإجماع علماء المسلمين بين الصفا والمروة كما دلَّت على ذلك الأدلة المتقدمة، والصفا جمعٌ واحدته صفاه، وصفوانه، وهي الحجر الأملس، قال ابن فارس ([9] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn9)): « الصاد والفاء والحرف المعتلُّ أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلوصٍ من كلِّ شوب، ومن الباب الصفا، وهو الحجر الأملس، وهو الصفوان، والواحدة صفوانه، سميت صفوانه لأنها تصفو من الطين والرمل»، قال الأصمعي: «الصفوان والصفواء والصفا كله واحد».
قال امرؤ القيس في وصف فرسه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/245)
كميت يزل اللبد عن حال متنه كما زلَّت الصفواء بالمتنزل ([10] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn10))
والمروة واحدة المرو، وهي حجارة تبرق، قال في القاموس: «حجارة بيضٌ برَّاقة توري النار» ([11] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn11)).
وقد ذكر عددٌ من علماء اللغة ([12] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn12))، والكاتبين في أسماء المواضع والبلدان أن الصفا والمروة جبلان بمكة بين بطحاء مكة والمسجد، وهذا يدل على تسمية الكلِّ باسم البعض كما هو المعهود في أساليب اللغة العربية، وهنا سُمِّيَ المكانُ باسم جزءٍ مشتهرٍ ظاهر فيه، وهو الصخرات الملساء في جبل الصفا، والحجارة البيض في جبل المروة، ومنه أيضاً تسمية سُوَرِ القُرآنِ بقصة مشهورة فيها، أو أمرٍ يقتضي الاعتبار والتفكُّر كما في تسمية سورة البقرة، وهي أكبر سُوَرِ القرآن بهذا الاسم لورود قصة بقرة بني إسرائيل فيها، وسورة آل عمران كذلك، وسورة الأنعام لورود ذكر الأنعام فيها على وجه يقتضي التدبر والاعتبار، وهكذا في بقية السور.
والمسعى اسم مكان السعي، وموضعه بين الصفا والمروة، وسمِّي الذهاب بين الصفا والمروة كله سعياً مع أن مكان السعي الذي هو الهرولة إنما هو بطن الوادي، والذي حدد طرفاه بالعلمين الأخضرين، وهذا كما سبق في تسمية الصفا والمروة من باب تسمية الكل باسم البعض.
وقد ذكر فضيلة الدكتور عويد المطرفي في بحثه الموسوم بـ: «رفع الأعلام بأدلة جواز توسيع عرض المسعى المشعر الحرام»، أخذاً مما رواه الأزرقي في تاريخه أخبار مكة من قصة الاختلاف بين أبي سفيان ابن حرب رضي الله عنه وابن فرقد السلمي في أملاكهما على جبل المروة أن المروة مروتان، هما المروة البيضاء وتقع في الجهة الجنوبية الشرقية، والمروة السوداء وتقع في الجهة الجنوبية الغربية في الموطن نفسه، وأيَّد ذلك بصور مأخوذة من العيينات الصخرية المستخرجة منهما.
قلت: ويؤكد هذا ما ذكره في معجم البلدان عند التعريف بالصفا من قول النُّصيب شاعر ودَّان مولى بني كنانة ثم مولى بني أمية:
وبين الصفا والمروتين ذكرتكم بمختلف ما بين ساعٍ وموجف
وعند طوافي قد ذكرتك ذكرةً هي الموت بل كادت على الموت تضعف ([13] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn13))
أقوال العلماء في جواز التوسعة الجديدة للمسعى وأدلتهم على ذلك:
القول الأول: وإليه ذهب غالبية هيئة كبار العلماء وغيرهم في المملكة العربية السعودية إلى عدم جواز هذه التوسعة الجديدة مستدلين لذلك بما يلي:
1 – أن النبي عليه الصلاة والسلام سعى في هذا المكان، والأصل في العبادات الاتباع، فلا يصح أن يتقرب لله تعالى بعبادة إلا على الجهة المشروعة المنقولة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع مبيناً لأمته مناسك الحج: «لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ»، وحينئذٍ فلا بدَّ من الاقتصار في السعي على الوارد عن النبي عليه الصلاة والسلام.
2 – أن النصوص إنما وردت بمشروعية السعي بين الصفا والمروة، فما كان خارجاً عنهما فإنه ليس بينهما وإنما هو مسامت لهما فالساعي خارج المسعى لا يصدق عليه أنه ساعٍ بينهما، وقد اتفق العلماء على أنه لا يصحُّ أن يكون جميع الشوط أو غالبه خارج مكان السعي.
3 – أنَّ الألف واللام في كلمة (المسعى) للعهد، والمكان المعهود للسعي هو المكان المُعَدُّ لذلك اليوم المحاط بالأسوار، قال ابن جرير في تفسيره (2/ 44): إنما عني الله تعالى ذكره بقوله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ}، في هذا الموضع الجبلين المسمَّيين بهذين الاسمين اللذين في حرمه دون سائر الصفا والمروة، ولذلك أدخل فيهما الألف واللام ليُعلم عباده أنه عنى بذلك الجبلين المعروفين بهذين الاسمين.
4 – أن المسعى يحكم عرضه عمل القرون المتتالية من عهد النبي عليه الصلاة والسلام إلى عهدنا الحاضر وهو يخصص السعي بهذا المكان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/246)
5 – أنه قد صدر أمر بتشكيل لجنة من عدد من العلماء أهل الدراية والمعرفة للنظر في حدود المسعى مما يلي الصفا من كلٍّ من فضيلة الشيخ عبدالملك بن إبراهيم، وفضيلة الشيخ عبدالله بن دهيش، وفضيلة الشيخ علوي مالكي، وعرض هذا القرار على سماحة المفتي الأسبق للمملكة العربية السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمهم الله، فأقرَّه ورفع به إلى جلالة الملك، فجرى اعتماد توسعة المسعى اعتماداً عليه ([14] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn14))، ونصُّ هذا القرار الوارد من الهيئة ما يلي ([15] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn15)).
( نص القرار الوارد من الهيئة المشكلة رقم 35 في 23/ 9/1374هـ)
بناء على الأمر الشفوي المبلغ إلينا بواسطة الشيخ محمد حابس رئيس ديوان سمو وزير الداخلية الأمير عبدالله الفيصل. القاضي أنه يأمر سموه بوقوفنا نحن الموقعين أدناه على "الميل" القائم هناك والبارز حينئذ، وذلك بعدما صدرت إرادة جلالة الملك المعظم بإضافة دار آل الشيبي ومحل الأغوات الواقعين بين موضع السعي من جهة الصفا وبين الشارع العام الملاصق للمسجد الحرام مما يلي باب الصفا، وتقرير ما يلزم شرعًا بشأن "الميل" المذكور.
فقد توجهنا فوقفنا عند الميل المذكور، وصحبنا معنا مهندسًا فنيًا، وجرى البحث فيما يتعلق بتحديد عرض المسعى مما يلي الصفا، فرأينا هذا الميل يقع عن يسار الخارج من باب الصفا القاصد إلى الصفا، وفي مقابل هذا الميل من الجهة الغربية على مسامتته ميل آخر ملتصقٌ بدار الأشراف المناعمة، فاصل بينها طريق الخارج من باب الصفا في سيره إلى الصفا، وما بين الميل الأول المذكور الذي بركن دار الشيبي المنتزعة ملكيتها حالا والمضافة إلى الصفا وبين الميل الذي بركن دار المناعمة ثمانية أمتار وثلاثون سنتيمًا. هي سبعة عشر ذراعًا، ومن دار المفتاح التي تقع بين الساعي من الصفا إلى الميل الأول الواقع بدار الشيبي تسعة عشر مترًا ونصف متر. ومن الميل الذي بدار الشيبي إلى درج الصفا للحرم الشريف خمسة وعشرين مترًا وثمانين سنتيمًا، كما أن بين الميل الذي يقرب الخاسكية ببطن الوادي والميل الذي يحاذيه بركن المسجد الحرام ستة عشر مترًا ونصف متر، كما أن بين الميل الذي بدار العباس وباب العباس ستة عشر مترًا ونصف متر تقريبًا، هذا التقرير الفني من حيث المساحة.
ثانيًا – قد جرت مراجعة كلام العلماء فيما يتعلق بذلك، قال في صحيح البخاري: (باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة) وقال ابن عمر رضي الله عنه: السعي من دار ابن عباد إلى زقاق بني أبي حسين، قال في "الفتح" صحيفة 394 جلد 3: نزل ابن عمر من الصفا حتى إذا حاذى باب بني عباد سعى، حتى إذا انتهى إلى الزقاق الذي يسلك بين دار بني أبي حسين ودار بنت قرضة، ومن طريق عبيدالله بن أبي يزيد قال: رأيت ابن عمر يسعى من مجلس ابن عباد إلى زقاق ابن أبي حسين. قال سفيان: هو ما بين هذين العلمين. انتهى. والمقصود بهذا والله أعلم سعيه في بطن الوادي، ولم نجد للحنابلة تحديدًا لعرض المسعى.
وجاء في "المغني" صحيفة 403 جلد 3: أنه يستحب أن يخرج إلى الصفا من بابه، فيأتي الصفا، فيرقى عليه حتى يرى الكعبة، ثم يستقبلها، قال في "الشرح الكبير" صحيفة 405 جلد3: فإن ترك مما بينها شيئًا (أي ما بين الصفا والمروة) ولو ذرعًا لم يجزئه حتى يأتي به. انتهى.
هذا كلامهم في الطول، ولم يذكروا تحديد العرض.
وقال النووي في "المجموع" شرح المهذب جلد 8 صحيفة 76: "فرع": قال الشافعي والأصحاب: لا يجوز السعي في غير موضع السعي، فلو مر وراء موضع السعي في زقاق العطارين أو غيره لم يصح سعيه؛ لأن السعي مختص بمكان فلا يجوز فعله في غيره كالطواف، قال أبوعلي البندنجي في كتابه الجامع: موضع السعي بطن الوادي، قال الشافعي في القديم: فإن التوى شيئًا يسيرًا أجزأه، وإن عدل حتى يفارق الوادي المؤدي إلى زقاق العطارين لم يجز، وكذا قال الدرامي: إن التوى في السعي يسيرًا جاز، وإن دخل المسجد أو زقاق العطارين فلا والله أعلم. انتهى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/247)
وقال شمس الدين محمد الرملي الشافعي المتوفى سنة 1004 هجرية في نهاية المحتاج شرح المنهاج صحيفة 383 جلد 3 ما نصه: ولم أر في كلامهم ضبط عرض المسعى، وسكوتهم عنه لعدم الاحتياج إليه، فإن الواجب استيعاب المسافة التي بين الصفا والمروة كل مرة، ولو التوى في سعيه عن محل السعي يسيرًا لم يضر كما نص عليه الشافعي رضي الله عنه. انتهى.
وفي "حاشية تحفة المحتاج" شرح المنهاج صحيفة 98 جلد 4: ولما ذكر النص الذي ذكره صاحب المجموع عن الإمام الشافعي قال: الظاهر أن التقدير لعرضه بخمسة وثلاثين أو نحوها على التقريب، إذ لا نص فيه يحفظ من السنة، فلا يضر الالتواء اليسير لذلك، بخلاف الكثير فإنه يخرج عن تقدير العرض ولو على التقريب.
ثالثًا – قد جرت مراجعة كلام المؤرخين، فذكر أبو الوليد محمد ابن عبدالله الأزرقي في صحيفة 90 في "المجلد الثاني" ما نصه بالحرف: (وذرع ما بين العلم الذي على باب المسجد إلى العلم الذي بحذائه على باب دار العباس بن عبدالمطلب وبينهما عرض السعي خمسة وثلاثون ذراعًا ونصف ذراع، ومن العلم الذي على باب دار العباس إلى العلم الذي عند دار ابن عباد الذي بحذاء العلم الذي في حد المنارة وبينهما الوادي مائة ذراع وإحدى وعشرين ذراعًا. انتهى.
وقال الإمام قطب الدين الحنفي في صحيفة 101 في تاريخه المسمى بـ "الاعلام" لما ذكر قصة تعدي ابن الزمن على اغتصاب البعض من عرض المسعى في سلطنة الملك الأشرف قاينباي المحمودي إلى أن قال: قاضي مكة وعلماؤها أنكروا عليه. وقالوا له في وجهه أن عرض المسعى كان خمسة وثلاثين ذراعًا، وأحضر النقل من تاريخ الفاكهي، وذرعوا من ركن المسجد إلى المحل الذي وضع فيه ابن الزمن أساسه فكان سبعة وعشرين ذراعًا.
وقال باسلامه في تاريخه "عمارة المسجد الحرام" صحيفة 299: ذرع ما بين العلم الذي على باب المسجد إلى المسجد إلى العلم الذي بحذائه على دار العباس بن عبدالمطلب وبينهما عرض المسعى (85) ستة وثلاثون ذراعًا ونصف، ومن العلم الذي على باب دار العباس إلى العلم الذي عند دار ابن عباد الذي بحذاء العلم الذي في حد المنارة وبينهما الوادي مائة ذراع وإحدى وعشرون ذراعًا. انتهى.
رابعًا – جرت مراجعة صكوك دار الشيبي، فوجد من أقدمها صك مسجل بسجل المحكمة الكبرى بمكة بعدد (57) محرم عام 1171 هجرية قال في حدودها: شرقًا الحوش الذي هو وقف الواقب، وغربًا الصفا وفيه الباب، وشاما الدار التي هي وقف خاسكي سلطان، ويمنًا الدار التي هي وقف الأيوبي، قال المسجل: ولم يظهر ما يدل على حدود السعي، كما جرى سؤال أغوات الحرم الشريف المكي عن تاريخ وحدود دارهم التي أضيفت إلى ما هناك، فذكروا أن دارهم في أيديهم من نحو ثمانمائة سنة وليست لها صكوك ولا وثائق. هكذا.
وحيث أن الحال ما ذكر بعاليه، ونظرًا إلى أنه في أوقات الزحمة عندما ينصرف بعض الجهال من أهل البوادي ونحوهم من الصفا قاصدًا المروة يلتوي كثيرًا حتى يسقط في الشارع العام فيخرج من حد الطول من ناحية باب الصفا والعرض معًا ويخالف المقصود من البينية – بين الصفا والمروة، وحيث أن الأصل في السعي عدم وجود بناء، وأن البناء حادث قديمًا وحديثًا، وأن مكان السعي تعبدي، وأن الالتواء اليسير لا يضر، لأن التحديد المذكور بعاليه للعرض تقريبي، بخلاف الالتواء الكثير كما تقدمت الإشارة إليه في كلامهم فإننا نقرر ما يلي:
(أولاً): لا بأس ببقاء العلم الأخضر موضوع البحث الذي بين دار الشيبي ومحل الأغوات المزالين؛ لأنه أثري، والظاهر أن لوضعه معنى، ولمسامتته ومطابقته الميلين ببطن الوادي مكان السعي، ولا بأس من السعي في موضع دار الشيبي لأنها على مسامتة بطن الوادي بين الصفا والمروة، على أن لا يتجاوز الساعي حين يسعى من الصفا أو يأتي إليه إلى ما كان بين الميل والمسجد مما يلي الشارع العام، وذلك للاحتياط والتقريب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/248)
وقد صدر أيضاً قرارٌ آخر لسماحة المفتي محمد بن إبراهيم رحمه الله إلى جلالة الملك بما تقرر لديه ولدى كلٍّ من المشايخ، الشيخ عبدالعزيز ابن باز، والشيخ علوي مالكي، والشيخ عبدالملك بن إبراهيم، والشيخ عبدالله بن دهيش، والشيخ عبدالله بن جاسر، والشيخ عبدالله بن رشيد يؤكد أن عرض المسعى المتيقن مما يلي الصفا هو المحل المحجور بالأخشاب في أسفل الصفا ما عدا فسحة الأرض الواقعة على يمين النازل من الصفا فإنه لم يتحقق لديهم أنها من الصفا، هذا ما أخذت به التوسعة السعودية للمسعى فما كان خارجاً عنه فليس منه ([16] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn16)).
القول الثاني: وإليه ذهب بعض أعضاء هيئة كبار العلماء، والشيخ عبدالله بن جبرين، والدكتور سعود الفنيسان، كما ذهب إليه عدد من علماء العالم الإسلامي واستدلوا لذلك بما يلي:
1 – أنَّ هذه التوسعة واقعة في داخل حدود مشعر الصفا والمروة بدليل امتداد أكتاف جبل الصفا والمروة من الناحية الشمالية الشرقية ([17] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn17)).
2 – أن المسعى كان في عهد النبي ? أوسع مما هو عليه الآن، فقد كان يمر من داخل المسجد ثم أخرج من المسجد في عهد الخليفة العباسي المهدي ليتسع المسجد، وحتى يكون مربعاً، وتكون الكعبة في وسطه.
ذكر ذلك أبو الوليد الأزرقي في كتابه (أخبار مكة) وقال: وكان المسعى في موضع المسجد الحرام ([18] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn18))، وروى ابن أبي شيبة في مصنَّفه عن مجاهد بن جبر قال فيما بين العلمين: «هذا بطن المسيل الذي رمل فيه النبي ?، ولكن الناس انتقصوا منه».
وذكر الإمام ابن كثير في كتابه البداية والنهاية: وقال بعض العلماء: ما بين هذه الأميال أوسع من بطن المسيل الذي رمل فيه النبي ? ([19] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn19)).
3 – لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا عن أحدٍ من العلماء تحديد توقيفي لعرض المسعى، وإنما المتعين استيعاب المسافة بين الصفا والمروة ([20] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn20)).
4 – السعي أحد النسكين (الطواف، السعي) وقد ثبت جواز توسعة مكان الطواف عدة مرات في عهد الخلفاء الراشدين فمن بعدهم من غير نكير، فكذلك تجوز توسعة مكان النسك الآخر (السعي) بجامع أن كلاً منهما طواف لقوله تعالى: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا}.
5 – كانت هناك رغبة في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله في ضم دار آل الشيبي الواقعة في الصفا والمملوكة لهم بموجب الصك المسجل في المحكمة الشرعية بمكة المكرمة، وكذلك دار الأغوات الموجودة هناك، وفي عهد الملك سعود رحمه الله الذي أمر بضمها إلى المسعى، وشكلت لذلك لجنة من الشيخ عبدالملك بن إبراهيم، والشيخ عبدالله بن دهيش، والشيخ عبدالله بن جاسر، والسيد علوي مالكي، والشيخ يحيى أمان، وبعد دراسة اللجنة للأمر أصدرت قرارها الذي جاء فيه: (حيث إن الأصل في المسعى عدم وجود بناء، وأنَّ البناء حادثٌ قديماً وحديثاً، وأن مكان السعي تعبدي، وأن الالتواء اليسير لا يضر، ولأن التحديد المذكور –لعرض المسعى- تقريبي فلا بأس بخلاف الالتواء الكثير، وعليه فلا بأس مع بقاء العلم الأخضر الموجود على دار الشيبي، ولا بأس من السعي في موضع دار آل الشيبي؛ لأنها مسامتة بطن الوادي بين الصفا والمروة على أن لا يتجاوز الساعي حين يسعى الشارع العام، وذلك للاحتياط والتقريب ([21] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn21)).
أما المروة فعرضها متسعٌ أيضاً حيث إنه يمتد من الناحية الغربية وراء المكان الحالي ومن الناحية الشرقية أبعد مما هو عليه الآن إلى أن يصل إلى قرب المدعى، وقد كانت هناك بيوتٌ عديدة على أكتاف هذا الجبل يميناً وشمالاً وعلى ظهره لعدد من أهل مكة المعروفين، ولم تزل إلى وقت التوسعة السعودية في عام1375هـ، وتم أيضاً بعد إزالة تلك الدور قطع الجبل من أعلاه ومن أكتافه وعلى الأخص من الناحية الشرقية حيث تم تخفيضه عدة مرات وفتح فيه طريق للسيارات، ووجدت فيه عدد من المحلات التجارية وبعض المرافق الحكومية ([22]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/249)
( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn22)).
6 – أنَّ في توسعة المسعى تيسيراً على الحجاج والمعتمرين، ورفعاً للحرج عنهم، وقد تقرر في القواعد الفقهية أنَّ الأمر إذا ضاق اتسع، وهذه الزيادة متصلة بالأصل فتتبعه في حكمه إعمالاً للقاعدة: «للزيادة حكم المزيد»، وأن الزيادة المتصلة تتبع أصلها، ولو قيل أن هذه الزيادة من باب دفع الضرورة، فالسعي في هذه التوسعة من باب الرخص، لكان لهذا القول وجهٌ مقبول ([23] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn23)).
7 – إن المعروف حسَّا وعادة أنَّ ما يسمى جبلاً لا يتصور كون عرضه في حدود عشرين متراًكما هو الواقع في المسعى القديم، بل مفهوم الجبل أوسع من ذلك في امتداده عرضاً ([24] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn24)).
8 – أن الأعداد الغفيرة التي حجَّت مع النبي عليه الصلاة والسلام والتي تبلغ عشرات الآلاف، وأكثرهم سعى معه يوم النحر وبعضهم على دوابهم لا يتصور أنهم يتمكنون من ذلك في مثل هذا المكان الضيق مما يدل على أن عرض المسعى أوسع بكثير مما هو عليه الآن ([25] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn25)).
9 – لقد شهد عدد من الشهود العدول من كبار السن من أهل مكة ممن يعرفون منطقة الصفا والمروة معرفة جيدة لسكناهم بها، أو لاتصالهم الوثيق بها، بأن امتداد جبلي الصفا والمروة أعرض مما هو مشاهد الآن بكثير وأن الزيادة الحالية واقعة في امتدادهما، وقد بلغ عددهم في المرحلة الأولى سبعة، سجلت شهادتهم في المحكمة الشرعية، ويجري الآن تسجيل شهادة ثلاثة عشر شاهداً غيرهم يشهدون بمثل ما شهد به الأولون، مما يؤكد أن الزيادة الجديدة غير خارجة عن مسامتة الصفا والمروة، وهذه الشهادة إثبات وهو مقدم على النفي كما هو معلوم مقرَّر ([26] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn26)).
10 – أنه قد جرى أخذ عينات صخرية من الصفا الموجود في المسعى القديم، وعينات من أصل الجبل في المكان الذي وضع فيه المسعى الجديد وتم تحليلها ومقارنتها فوجدت متطابقة، وهذا يدل على أن الجبل واحد، وأنه ممتد من الناحية الشرقية وراء المسعى الحالي.
ثانياً: مناقشة أدلة المانعين، وأدلة المجيزين:
أولاً: أدلة المانعين:
1 - قولهم: إن النبي ? إنما سعى في هذا المكان، والأصل في العبادات الاتباع، ويناقَشُ هذا بأن المسعى الحالي لا يتحقق كونه المكان الذي سعى فيه النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن المسعى في زمنه عليه الصلاة والسلام كان أوسع مما هو عليه الآن، وكان ممتداً إلى جهة الجنوب، يمر من داخل المسجد الحرام الحالي، كما ذكر ذلك عدد من علماء الحديث والمؤرخين، ومن ذلك ما ذكره أبو الوليد الأزرقي في كتابه أخبار مكة، من قوله: «وكان المسعى في موضع المسجد الحرام»، وما رواه ابن أبي شيبة عن مجاهد ابن جبر فيما يتعلق بالسعي بين العلمين، قال: «وهذا بطن المسيل الذي رمل فيه النبي ?، ولكن الناس انتقصوا منه»، وغير ذلك، وليس هنالك نصٌّ يدل على سعي النبي عليه الصلاة والسلام في هذا المكان، ولا على عدم جواز السعي في غيره، مما كان داخلاً في حدود الصفا والمروة، ولم يكن من هديه عليه الصلاة والسلام في المشاعر أن يُلزم الناس بالوقوف أو المرور في المكان الذي هو فيهخاصة، بل كان عليه الصلاة والسلام يقف بها ويوسع على أمته في الوقوف في غير موقفه مما كان داخلاً في حدودها كما وقف عليه الصلاة والسلام في عرفة وقال: «وَقَفْتُ هَاهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ»، كما نزل عليه الصلاة والسلام في المزدلفة ومنى في مكانه الذي نزل فيه ولم يُلزم الناس بالوقوف معه في عين المكان الذي نزل فيه، وقوله: لتأخذوا عني مناسككم، من هذا القبيل، فإنه يشمل الاقتداء بفعله عليه الصلاة والسلام في أداء مناسك الحج، ولو كان الوقوف أو السعي في المكان الذي وقف فيه بخصوصه متعيناً لبيَّنه النبي عليه الصلاة والسلام ولنقل ذلك عنه؛ لأن البيان لا يتأخر عن وقت الحاجة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/250)
2 – أن النصوص إنما وردت بمشروعية السعي بين الصفا والمروة فما كان خارجاً عنها فإنه ليس بينهما، والساعي خارج المسعى لا يصدق عليه أنه ساعٍ بينهما، وقد اتفق العلماء على أنه لا يصح أن يكون جميع الشوط أو غالبه خارج مكان السعي.
ويناقش هذا بأن ما ذكرتموه مسلَّم، فلا يصح السعي في ما كان خارجاً عن حدود الصفا والمروة، ولكن الصفا والمروة أوسع من هذا المكان المشاهد، فإذا سعى الساعي خارج المسعى القديم من جهة الشمال الشرقي والجنوب الشرقي فيما كان داخلاً في حدود الصفا والمروة الحقيقية فإن سعيه صحيح لأنه قد جاء بما طُلب منه.
3 – أنَّ الألف واللام في كلمة (المسعى) للعهد، والمكان المعهود للسعي هو المكان المهيَّأ لذلك اليوم، قال ابن جرير الطبري في تفسيره (2/ 44): «إنما عنى الله تعالى ذكره بقوله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} في هذا الموضع الجبلين المسميين بهذين الاسمين الذين في حرمه دون سائر الصفا والمروة، ولذلك أدخل فيهما الألف واللام ... ».
ويناقش هذا بأنه لا يوجد دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع على أن المكان المعهود للسعي هو هذا المكان المحاط اليوم بالأسوار، لأنه قد ثبت أن المسعى كان أوسع من ذلك في عهد النبي ?، وفي عهد الخلفاء الراشدين ممتداً إلى الجنوب، كما تقدم، وما ذكره الإمام ابن جرير لا يدل على هذا المعنى المدعى لأنه لم يقل وإن مكان السعي هو هذا الموضع المحدد الآن، وإنما ربطه بالجبلين المسميين بهذين الاسمين في الحرم، فكل ما كان داخلاً فيهما فهو من المسعى، وإنما المقصود به ما كان خارجاً عن الحرم من الجبل، التي يصدق عليها أنها صفا أو مروة، فليس السعي جائزاً بين كل ما يسمى صفا أو مروة، وإنما هو مخصوص بهذين الجبلين، فالألف واللام لجبلي الصفا والمروة المعهودين وليستا لخصوص الموضع المدعى.
4 – أن المسعى يحكم عرضه عمل القرون المتتالية من عهد النبي عليه الصلاة والسلام إلى عهدنا الحاضر، وهو يخصص جواز السعي بهذا المكان.
وهذا يناقَش بما تقدم من أن المسعى في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وعهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم إلى ما بعد منتصف القرن الثاني الهجري كان أوسع من ذلك، وكان يمر داخل المسجد، فنقله المهدي العباسي خارج المسجدالمعروف ليوسع المسجد، وقد حدثت أبنية عديدة ملاصقة لجدر المسجد اقتطعت جزءاً من مساحة المسعى وبقي الحال على ذلك إلى عهد الزيادة السعودية الأولى، حيث أزيلت تلك المباني ووسع في عرض المسعى الحالي عما كان عليه فيما مضى، وبهذا يتبين أنه ليس هناك إجماع عملي تناقلته الأمة على أن السعى لا يجوز في غير هذا المكان المحدد مما كان داخلاً في حدود الصفا والمروة.
5 – أنه قد صدر أمر بتشكيل لجنة من عدد من العلماء أهل الدراية والمعرفة للنظر في حدود المسعى مما يلي الصفا، وقد توصلت اللجنة إلى أنه يجوز السعي في موضع دار الشيبي المزالة لأنها بطن الوادي بين الصف والمروة، على ألا يتجاوز الساعي حين يسعى من الصفا أو يأتي إليه ما كان بين الميل والمسجد مما يلي الشارع العام، وذلك للاحتياط والتقريب، وقد أقر ذلك سماحة المفتي، كما أنه قد صدر أيضاً قرار آخر من سماحة المفتي رحمه الله إلى الملك بما تقرر لديه ولدى عدد من المشايخ المشاركين معه يؤكد أن عرض المسعى المتيقن مما يلي الصفا هو المحل المحجور بالأخشاب في أسفل الصفا، ما عدا فسحة الأرض الواقعة على يمين النازل من الصفا فإنه لم يتحقق لديهم أنها من الصفا، وهذا ما أخذت به التوسعة السعودية الأولى للمسعى، وعلى هذا فما كان خارجاً عنه فليس منه.
ويناقش هذا بأن الأدلة الشرعية ربطت السعي بالصفا والمروة فكل ما تحقق كونه منهما جاز السعي فيه، وقرار اللجنة الأولى، وقرار اللجنة الثانية، إخبار عما ترجَّح لديهما وليس نصَّاً قاطعاً في المسألة لا تجوز مخالفته، بدليل قول اللجنة الأولى في قرارها (وذلك للاحتياط والتقريب)، وقول اللجنة الثانية: (إن فسحة من الأرض والواقعة على يمين النازل من الصفا لم يتحقق لديهم أنها من الصفا)، وهذا ورعٌ منهم رحمهم الله اقتضى الوقوف عند حدود علمهم فإذا تبين وظهر لغيرهم أن هذه الفسحة وما وراء ها داخلة في حدود الصفا بدليل يركن إليه، فإنه لا يسوغ العدول عنه حينئذٍ، ويجب عليهم العمل بما ظهر لهم ولم يظهر لغيرهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/251)
ثانياً: مناقشة أدلة من أجاز التوسعة الجديدة:
1 – استدلوا بأن هذه التوسعة واقعة في حدود مشعر الصفا والمروة، بدليل امتداد أكتاف جبل الصفا وجبل المروة من الناحية الشمالية الشرقيةوالجنوبية الشرقية، وهذا يُناقش بأن الجبال في هذه المنطقة متصلة ببعضها فلا يتحقق التمييز بين المدعى وغيره، والشريعة ربطت السعي بالصفا والمروة، وهذه أسماء معروفة لها دلالاتها في اللغة، فيرتبط السعي بما يصدق عليه الاسم الخاص (الصفا والمروة)، وهما موجودان الآن ... (الصفا): وهو الصخرات الملساء من الناحية الشرقية، (والمروة): وهي العروق البيضاء المقابلة لها في الجبل الآخر.
ويُجاب عن ذلك بأن المقصود ليس خصوص الصخرات الملساء، ولا المروة البيضاء، وإنما المقصود الجبل الذي يحويهما بدليل أنَّ كل من عرَّف بالصفا والمروة ذكر أنهما جبلين فيكون تسمية للكل باسم البعض.
2 – قولهم إن المسعى في عهد النبي ? كان أوسع مما هو عليه الآن، وكذلك في عهد الخلفاء الراشدين ثم نقل إلى مكانه الحالي توسعة للمسجد.
وهذا يُناقَشُ بأنَّ امتداد المسعى إلى الجنوب مسلَّم، لكن الخلاف في امتداده إلى جهة الشمال الشرقي والجنوب الشرقي زيادة على المسعى القديم.
3 – لم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولا عن أحدٍ من العلماء تحديد توقيفي لعرض المسعى، ويمكن أن يناقش هذا بأن قوله تبارك وتعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللهِ}، وفعل النبي عليه الصلاة والسلام في سعيه هو التحديد التوقيفي لعرض المسعى فيما بين الصفا والمروة، لأنه رُبط حكم السعي بهما.
ويمكن أن يُجاب عن ذلك بأن ما ذُكر من الأدلة التي تحدد حكم السعي فيما بين الصفا والمروة مسلَّم، وهذه الزيادة داخلة في حدود ما نصَّت الشريعة عليه.
4 - قولهم: إن السعي أحد النسكين (الطواف والسعي) وقد ثبت جواز توسعة مكان الطواف عدة مرات في عهد الخلفاء الراشدين فمن بعدهم من غير نكير، فكذلك تجوز توسعة مكان النسك الآخر (السعي).
ويناقَش هذا بأن هناك فارقاً بين الطواف والسعي، فإن مكان الأول حول الكعبة، ففي أي مكان طاف الإنسان حول الكعبة قريباً منها أو متباعداً عنها فإنه طائفٌ حولها، بخلاف السعي فإنه لا يصح إلا في مسافة محددة هي ما كان مشمولاً بحدود الصفا والمروة أما إذا جاوزهما فسعيه غير صحيح بالإجماع.
5 – قولهم إن اللجان التي بحثت في توسعة المسعى من أهل العلم لم تتوصل إلى قرار يقيني يجب المصير إليه في عرض المسعى، وقد ذكروا في القرار الأول أن تحديد عرض المسعى تقريبي، وفي القرار الثاني أن هذا التحديد للاحتياط والتقريب، وهذا لا يلزم منه عدم جواز البحث في المسألة، ولا إثبات ما ظهر لغيرهم ولم يظهر لهم.
ويمكن أن يناقش هذا بأن هؤلاء من العلماء العارفين أهل الخبرة، وقد بحثوا واستقصوا وراجعوا أقاويل العلماء في المذاهب وكتب التاريخ التي تحدثت عن المسعى، فقولهم ليس مبنياً على الهوى والتشهي، بل هو قولٌ صادرٌ عن أهله، فينبغي أخذه بعين الاعتبار.
ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن أقدار العلماء محفوظة، واجتهادهم مقدَّر، ولكن المسألة في محل النظر، فإذا تبين لغيرهم ما لم يتبين لهم من اتساع حدود الصفا والمروة فإنه يجب حينئذٍ العمل بما ظهر لهم، لأن كلام العلماء المشار إليهم مؤداه نفي العلم بامتداد حدود الصفا والمروةإلى ما وراء ذلك، فإذا ثبت لدى غيرهم امتداد هذه الحدود شمالاً فإنه يجب المصير إليه لأن المثبت مقدم على النافي.
6 – قولهم إن في توسعة المسعى تيسيراً على الحجاج والمعتمرين ورفعاً للحرج عنهم، واستدلالهم بعدد من القواعد الفقهية المتصلة بهذا الأمر.
يناقش هذا الدليل بما يلي: إن التيسير ورفع الحرج من المبادئ الشرعية المقررة، ولكن يجب أن يكون ذلك في الحدود التي لا تؤدي إلى إبطال أو تغيير دلالة الأدلة الشرعية، وقولهم إن للزيادة حكم المزيد، وأن الأمر إذا ضاق اتسع، وما في معناها من القواعد أمور مسلمة لها مجال محدد لإعمالها وليس منه تغيير ما كان من الشعائر المرتبطة بمشاعر معينة، كعرفة ومنى ومزدلفة، والصفا والمروة، وكذلك التقديرات الشرعية للزكوات، وللحدود والكفارات، وأعداد الصلوات ومواقيتها وغير ذلك مما هو معلوم مقرر، والسعي ارتبط بمكانٍ محدد شرعاً لا يجوز تغييره ولا الزيادة عليه، فلا مجال لإعمال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/252)
هذه القواعد في توسعة المسعى، ومثل ذلك يقال في دفع الضرورة.
7 – قولهم إن المعروف حساً وعادة أن ما يسمى جبلاً لا يتصور كون عرضه في حدود عشرين متراً كما هو الواقع في المسعى القديم، بل مفهوم الجبل أو سع من ذلك في امتداده عرضاً، ويمكن أن يناقش ذلك بأن اللغة العربية لها استعمالات متعددة واسعة، وقد يعبر فيها عن الكل بالجزء والعكس، فلا مانع من ذلك.
8 – قولهم إن الأعداد الغفيرة التي حجَّت مع النبي عليه الصلاة والسلام وأكثرهم سعى معه يوم النحر، وبعضهم على دوابهم ولا يتصور أنهم يتمكنون من ذلك في مثل هذا المكان الضيق ...
ويمكن أن يناقش هذا بأن المسعى كان متسعاً ممتداً نحو الجنوب أكبر مما هو عليه الآن إضافة إلى أنه لا يوجد ما يدل على سعيهم معه في وقتٍ واحد، بدليل ما ثبت في حديث أنس وغيره من كثرة سؤالات الصحابة له عن أعمال يوم النحر تقديمها وتأخيرها.
9 – قولهم بأنه قد شهد عدد من الشهود العدول من كبار السن من أهل مكة ممن يعرفون منطقة الصفا والمروة بأن امتداد جبلي الصفا والمروة أعرض مما هو مشاهد الآن ...
ويمكن أن يناقش هذا بأن هذا ينبني على إثبات إمكانية امتداد ما يسمى بالصفا والمروة إلى ما وراء المسعى الحالي.
10 – قولهم إنه قد جرى اخذ عينات صخرية من الصفا الموجود في المسعى القديم، وعينات استخرجت من أصل الجبلفي المكان الذي وضع فيه المسعى الجديد، وبتحليلها وجدت متطابقة ...
وهذا يمكن أن يناقش بأن هذا من التكلف فإنا لم نؤمر بالغوص في تخوم الأرض لنبحث عن تشابه المكونات الصخرية، بل نحن متعبدون بما ظهر من هذه المشاعر، فكل ما لم يكن ظاهراً يراه عامة الناس فإنا لسنا مكلفين به، ولهذا ربطت الشريعة الأحكام بأسباب ظاهرة معلومة للناس، مثل غروب الشمس وشروقها وزوالها، وطلوع الهلال ونحوه مما يمكن أن يراه عامة الناس ولا تقتصر معرفته على الخاصة أو خاصة الخاصة.
والجبال الواقعة في منطقة واحدة كلها متصلة ببعضها في باطن الأرض، فلا يصلح ذلك دليلاً على إثبات امتداد أكتاف جبلي الصفا والمروة إلى هذا المكان.
ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن امتداد أكتاف جبلي الصفا والمروة كان ظاهراً مشاهداً معلوماً، ولكن جرت إزالتها من أصلها، بل خفض مستواها عن سطح الأرض، وهذا ما شهد به الشهود العدول، وأظهرته الصور، فأخذ عينة من باطن الأرض في مثل هذه الحال ضرورة لإثبات ما كان ظاهراً وأزيل، لأن مكونات الجبل واحدة في أعلاه وفي أسفله.
ثالثاً: الترجيح:
1 – تبين مما سبق اتفاق العلماء على وجوب كون السعي بين الصفا والمروة وأنه لا يجوز السعي فيما وراءهما، وانحصر الخلاف في مكان هذه الزيادة الجديدة، هل هي مما يشمله اسم الصفا والمروة، فتجوز توسعة المسعى حينئذٍ، أو هي خارجة عن حدودهما فلا تجوز، وتبين من عرض الأدلة ومناقشتها مناقشة مستفيضة أنه ليس هناك دليل نصي يحدد عرض المسعى.
2 – إن ما ورد من ذرعٍ لعرض المسعى ذكره بعض الفقهاء وبعض المؤرخين إنما كان من باب ضبط الواقع المشاهد الذي كان في زمنهم، لا أنه تحديد من الشارع، كما تبين أيضاً أنه لا يوجد إجماع على تحديد عرض المسعى وأن المسعى كان أوسع على عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وعهد الخلفاء الراشدين وزمناً آخر بعدهم مما هو عليه الآن، وأنه قد جرى تأخيره عن مكانه في توسعة المسجد في عهد المهدي العباسي، والعلماء الراسخون الأثبات متوافرون في ذلك الزمان، ولم ينقل عن أحدٍ منهم إنكارٌ لذلك مما يدل على أن امتداد جبلي الصفا والمروة كان كبيراً، فلا حرج من زحزحته عن مكانه ما دام ذلك في حدود المسعى.
3 – ذكر المؤرخ الأزرقي وغيره أن المسعى كان يمر من داخل المسجد، وهذا الأمر تؤيده شواهد عديدة، ماثلة موجودة إلى الآن في الأساطين التي أتى بها المهدي العباسي من خراسان وعمر بها المسجد، كتب على أربع منها مما يلي باب الصفا على يمين الخارج من المسجد إلى السعي ما يدل على أن هذا طريق الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الصفا، وصورة ما كتب على إحدى الأوليين منها وما زال الخط مقروءاً، أمر بوضع هاتين الأسطوانتين في هذا المكان أمير المؤمنين محمد المهدي علماً على طريق رسول الله ? إلى الصفا ليأتم به حاج البيت وعماره. (أطال الله عمر المهدي أمير المؤمنين في تعظيم وتكريم موسى وهارون وكان ذلك في سنة سبعٍ وستين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/253)
ومائة مما عمل أهل الكوفة)، وعلى الأخريين أنهما توسعة للباب، وما زال هذا مقروءاً إلى وقتنا هذا على الأسطوانة التي تلي البيت من الأساطين الأربع، والأساطين الأخرى بقيت عليها الكتابة لكنها لم تعد مقروءة تماماً، وهذا يفيد أن باب الصفا كان باتجاه الباب الذي يمر بجوار المصاعد التي توصل إلى الدور الثاني المجاور لعربات السعي، مما يفيد أن امتداد جبل الصفا أوسع إلى الجنوب من الصخرات الموجودة في مكان السعي الآن، وهذا أحد كتفي جبل الصفا، ومثله ينبغي أن يثبت لكتف الجبل الآخر من الناحية الشمالية الشرقية.
4 – والمروة كذلك فإن ما ذكر من النقول والروايات عن خلاف أبي سفيان رضي الله عنه مع ابن فرقد السلمي في ملكهما حول المروة يدل على امتداد جبل المروة إلى ناحية الشرق أوسع مما هو عليه الآن، وقد بنى الناس على جبل المروة وعلى أكتافه من الشرق والغرب دوراً كثيرة حتى ضيقوا بهامكان السعي كما تُظهِر ذلك الصور العديدة إلى وقت الزيادة السعودية الأولى، والتي تمت فيها إزالة تلك المباني كلها وتخفيض مستوى الجبل وقطع أكتافه من أصلها وعلى الأخص ما كان منها من جهة الشرق.
5 – إن الصور الفوتوغرافية لجبل الصفا بعد إزالة ما عليه من مباني من جهة الشمال والجنوب في بداية العمارة السعودية الأولى تظهر بوضوح تام امتداد أكتاف الجبل شمالاً وجنوباً، وتظهر العقود الثلاثة التي هي محل السعي الحالي في وسط جبل الصفا مما يدل على إمكانية التوسعة من الناحية الشمالية الشرقية إلى مسافة أطول مما دخل في المسعى الجديد، وقد بُني في العمارة السعودية الأولى جدار خارجي للمسعى واقتطع جزء من الجبل لأساسات هذا الجدار، وبقي جزء منه ظاهراً للعيان متصل بمكان المسعى الحالي، كما أقيمت عمارة سميت بعمارة مشروع الحرم كانت تحوي أدواراً ثلاثة، الأسفل منها كان سوقاً تجارياً، والأوسط كانت به مكتبة الحرم والبريد، والأعلى مكاتب لشركة بن لادن، وهذا المبنى واقع على الكتف الشمالي الشرقي لجبل الصفا، وموقعه معروفٌ قبل البنيان، وصورته موجودة بعد البنيان، وهو في سفح الجبل يرقى إليه بدرجٍ جانبي ويفصل بينه وبين جدار المسعى مسافة في حدود ستة إلى ثمانية أمتار، ولا يقل طول هذا المبنى عن ثلاثين متراً، فإذا ما ضممنا هذا الطول إلى المساحة الفاصلة بينه وبين جدار المسعى مما هو واقع في سفح الجبل نفسه، وتحيط به من خلفه بقية الجبل التي تصله بالمسعى الحالي، فإنا نتبين أن طول كتف الجبل من الناحية الشمالية الشرقية في حدود أربعين متراً، وهذا ظاهرٌ بوضوح في الصور الموجودة في ملاحق هذا البحث.
6 – وقد ذكر في الأحاديث أيضاً ما يدل على اتساع عرض الصفا أكثر مما هو عليه في المسعى الحالي، ومن ذلك ما رواه الإمام أحمد رحمه الله في المسند عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول عليه الصلاة والسلام ناداه يوم الفتح فقال له: «يَا أَبَا هُرَيرَةَ»، قلت: لبيك يارسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام: «اهتف بالأنصار، ولا يأتيني إلا أنصاري»، قال: فهتفت بهم فجاؤوا فأطافوا برسول الله ?، فقال لهم: «أَتَرَوْنَ إِلى أَوبَاشِ قُريش وأتباعهم، ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى: احصدوهم حصداً حتى توافوني بالصفا» ([27] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn27)).
وروي عن أبي هريرة أيضاً طوافه عليه الصلاة والسلام بعد ذلك بالكعبة، ورجوعه إلى الصفا لملاقاة الأنصار، وأنه عندما علا الصفا جعل ينظر إلى البيت يدعو رافعاً يديه، والأنصار تحته يقول بعضهم لبعض أما الرجل فأدركته رغبة في قربته، ورأفة بعشيرته، يقصدون بذلك رسول الله ?، فنزل الوحي على رسول الله ? فأخبره بما يقولون، فقال لهم عليه الصلاة والسلام: «يا معشر الأنصار: أقلتم أما الرجل فأدركته رغبة في قربته، ورأفة بعشيرته؟!»، قالوا: قلنا ذلك يا رسول الله، فقال رسول الله ?: «إِنِّي عِبدُ الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، فالمحيا محياكم، والمممات مماتكم»، فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضنّ –يعني بخلاً بالله ورسوله-فقال عليه الصلاة والسلام: «فإن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم» ([28] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn28)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/254)
وكذلك بايع النبي عليه الصلاة والسلام الناس على الإسلام على الصفا، وإذا تأملنا في قصة اجتماع الأنصار به عليه الصلاة والسلام على الصفا وهم أعداد كبيرة لا تسعها الصخرات الموجودة اليوم، وكذلك مبايعته للناس من أهل مكة ممن عرفوا بمسلمة الفتح، وكانوا كثيرين أيضاً على الصفا ([29] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn29))، فإنا نستيقن أن الصفا جبل عريض أكبر من المساحة المشاهدة الآن في المسعى الحالي.
7 – بعد هذا يترجح كون هذه الزيادة الجديدة في عرض المسعى واقعة موقعها في حدود الصفا والمروة، وأنها لم تستوعب كامل امتداد هذين الجبلين من الناحية الشرقية، ولا حرج بعد ذلك من السعي فيها، وبالله التوفيق وعليه الاعتماد.
ملحق الصور الفوتوغرافية المتعلقة بالموضوع
صورة رقم (1): توضح عقود المسعى وامتداد أكتاف جبل الصفا من الناحية الجنوبية بعد إزالة المباني التي كانت عليه في العمارة السعودية الأولى.
صورة رقم (2): وفيها يتبين امتداد أكتاف جبل الصفا من الناحية الجنوبية بعد إزالة ما عليها من مباني، وتظهر عقود المسعى القديمة في وسط هذا الجبل.
صورة رقم (3): وفيها تظهر صورة مبنى مشروع الحرم على الكتف الشمالي لجبل الصفا، والمسافة الفاصلة بينه وبين جدار المسعى والتي اقتطعت من جبل الصفا.
صورة رقم (4): وتظهر عمق مبنى مشروع الحرم في جبل الصفا، وتتبين فيه بقية الجبل من الخلف متصلة بالصفا الحالي، كما يتبين طرف جدار المسعى الذي اقتطع جزءٌ من جبل الصفا للتمكين له.
صورة رقم (5): صورة جبل أبي قبيسوما عليه من المباني منفصلة متباعدة عن جبل الصفا.
صورة رقم (6): صورة العقد الكبير على جبل المروة وتظهر عليه مبانٍ عديدة تكتنفه من أعلاه ومن يمينه قبل إزالتها في العمارة السعودية الأولى.
صورة رقم (7): صورة أخرى للعقد الكبير على جبل المروة تظهر المباني التي تكتنفه من أعلاه وعن يساره قبل إزالتها في العمارة السعودية الأولى.
فهرس الموضوعات:
أقوال العلماء في جواز التوسعة الجديدة للمسعى وأدلتهم على ذلك .. 8 ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_Toc197074050)
نص القرار الوارد من الهيئة المشكلة رقم 35 في 23/ 9/1374هـ .. 9 ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_Toc197074051)
ثانياً: مناقشة أدلة المانعين، وأدلة المجيزين 15 ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_Toc197074052)
أولاً: أدلة المانعين 15 ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_Toc197074053)
ثانياً: مناقشة أدلة من أجاز التوسعة الجديدة 18 ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_Toc197074054)
ثالثاً: الترجيح 21 ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_Toc197074055)
ملحق الصور الفوتوغرافية المتعلقة بالموضوع. 24 ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_Toc197074056)
فهرس الموضوعات .. 31 ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_Toc197074057)
([1]) صحيح البخاري4/ 1587، باب بعث أبي موسى ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجة الوداع.
([2]) صحيح البخاري6/ 2491.
([3]) تفسير البيضاوي1/ 432.
([4]) ديوان أبي طالب1/ 57.
([5]) صحيح البخاري2/ 592، باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله.
([6]) المستدرك على الصحيحين4/ 79.
([7]) صحيح مسلم، باب حجة النبي ? 2/ 888.
([8]) صحيح مسلم2/ 943.
([9]) معجم مقاييس اللغة3/ 292.
([10]) تاج العروس28/ 375.
([11]) انظر: معجم مقاييس اللغة4/ 314؛ القاموس المحيط، فصل الميم باب الواو4/ 292.
([12]) تهذيب اللغة للأزهري12/ 249؛ تاج العروس38/ 430، 39/ 520؛ المصباح المنير2/ 235؛ المحكم لابن سيده10/ 336؛ لسان العرب لابن منظور7/ 371؛ أسماء جبال تهامة وسكانها لعرام2/ 418؛ معجم البلدان للحموي3/ 411.
وقد ورد تأكيد هذا المعنى لدى علماء التفسير والمناسك، انظر: تفسير السمعاني1/ 158؛ تفسير البغوي1/ 138؛ تفسير القرطبي2/ 179؛ كتاب المناسك للإمام أبي إسحاق الحربي479؛ وحواشي الشرواني على تحفة المنهاج4/ 98 وغيرهم.
([13]) معجم البلدان3/ 411.
([14]) انظر بحث الشيخ الدكتور سعد الشثري المقدم إلى هيئة كبار العلماء بعنوان: «بحث في مشعر المسعى»، صفحة2 - 10.
([15]) المرجع السابق، صفحة12 - 17.
([16]) بحث الشيخ سعد الشثري صفحة18 - 19.
([17]) انظر بحث الدكتور عويد المطرفي، والدكتور عبدالوهاب أبو سليمان، والدكتور سعود الفنيسان في تأكيد هذا المعنى.
([18]) 2/ 79.
([19]) انظر بحث الدكتور سعود الفنيسان.
([20]) انظر بحث الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان، وبحث الدكتور عويد المطرفي.
([21]) مضمون قرار اللجنة المشكلة نقلاً عن بحث الدكتور سعد الشثري صفحة11.
([22]) رفع الأعلام، للدكتور عويد المطرفي، صفحة73 - 83.
([23]) انظر: المسعى في حكم زياداته الشرعية عبر التاريخ، د. سعود الفنيسان، صفحة46، 47.
([24]) فتوى الشيخ عبدالله ابن منيع في جواز السعي في المسعى الجديد.
([25]) مقال الدكتور أحمد بن يوسف الدريويش حول التوسعة الجديدة للمسعىصفحة2.
([26]) فتوى الشيخ عبدالله بن منيع في جواز السعي في المسعى الجديد.
([27]) مسند الإمام أحمد2/ 538.
([28]) صحيح مسلم، باب فتح مكة3/ 1407.
([29]) أضواء البيان3/ 100.
http://saaid.net/book/10/3265.rar
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/255)
ـ[علي تميم]ــــــــ[02 - 05 - 08, 03:00 م]ـ
قال: محمد بن طاهر كردي المكي رحمه الله تعالى، المولود في عام 1321هـ والمتوفى في عام 1400هـ، وقد قال في مقدمة كتابه الذي سوف أنقل منه"فلما مضت ثمان سنوات على تأليفي كتاب مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام، إذا بنا نسمع أن حكومتنا السعودية قد عزمت على توسعة المسجد الحرام بمكة المشرفة، وإذا أنا قد انتخبت رسمياً أن أكون عضوا في اللجنة التنفيذية لتوسعة وعمارة المسجد الحرام".
عنوان كتابه: التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم، الطبعة الثالثة 1425هـ بإشراف الأستاذ الدكتور: عبدالملك بن عبدالله بن دهيش، في أربعة مجلدات ضخمة، نشر مكتبة الأسدي في مكة المكرمة، هاتف (5570506 02).
وقد اشتمل الكتاب على صور نادرة للمشاعر وخاصة المسعى، وقد تكلم على المسعى وسعته ووثق ذلك بالصور ولعل أحد الإخوة ممن أطلع على الكتاب أن ينزل الصور خاصة الصورة التي كان معه المتر وهو يقيس المروة.
1 - قال في مجلد 3/ 354:"سنذكر هنا، إن شاء الله تعالى، جميع ما ورد في الكتب عن ذرع ما بين الصفا والمروة، ثم بعد ذلك نذكر ذرعه في زماننا هذا بعد عمارة وتوسعة المسجد الحرام-التوسعة السعودية_.
وذرع ما بين الصفا والمروة طولا لا يحصل فيه اختلاف لا في الأزمنة السابقة ولا في وقتنا هذا أو بعده لأن حد السعي من الصفا، وحده من المروة معروف لا اختلاف فيه.
........ ونحن نرى اليوم بعد التوسعة السعودية التي حصلت في المسجد الحرام، وبعد عمارة المسعى، ونقض جميع ما تقدم من عمارات الحكومات السابقة، وتسوية أرضه بالاسمنت المسلح لسهولة السعي، أن نذكر بالضبط التام قياس ما بين الصفا والمروة بالمتر، فنقول: إن قياس ما بين الصفا والمروة هو: (375) ثلاثمائة وخمس وسبعين متراً، كما قسناه بأنفسنا وربما زاد أو نقص بعض من السنتمترات وذلك بسبب اعوجاج السير أو استقامته وليس في ذلك من بأس.
..... وأما فرش المسعى وتبليطه من الصفا إلى المروة بالحجارة المربعة وبناؤها بالنورة فقد كان في سنة (1345) هـ فقد أمر جلالة الملك عبدالعزيز المذكور بفرشها، من أولها إلى آخرها بالحجارة، منعاً لإثارة الغبار، فشرعوا برصف المسعى وانتهوا من ذلك في أواخر ذي القعدة من السنة المذكورة، وهذه أول مرة يفرش فيها المسعى بالحجارة، وكان قبل ذلك ترابا يثور الغبار منه بسبب الساعين، فاستراح الناس وسهل السعي بعد رصفه وتبليطه، فجزا الله الملك عبدالعزيز مؤسس الدولة السعودية خير الجزاء."
وقال رحمه الله تعالى في ص3/ 358:"ومما يشبه ما ذكره الإمام القطبي في تاريخه عن ما أخذ من أرض المسعى وأدخل في المسجد الحرام، فأحدث في زماننا في التوسعة السعودية للمسجد الحرام، وتكسير شيء من جبل الصفا إلى جبل المروة، زيادة في عرض المسعى، وليكون منظره جميلا، في رأي العين، وذلك في سنة (1377) هجرية، فإن هذه الحادثة تشبه ما ذكره الإمام القطبي لكن مع الفارق، فما ذكره القطبي عبارة عن إدخال جزء من المسعى في المسجد الحرام، وأما ما نذكره فهو عبارة عن إدخال جزء من جبل الصفا إلى حدود المسعى.
فمما لا شك فيه أن هذا الجزء المأخوذ من جبل الصفا، في زماننا هذا و المدخول في حدود المسعى لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام قد سعوا في هذا الجزء المستحدث اليوم.
فعلى هذا لا يجوز السعي في هذا الجزء المأخوذ الآن من هذا الجبل، كما لا يجوز السعي بين الدرج الجديدة المستحدثة الآن وبين المروة، فلا بد للساعي من المروة أن يصل درج الصفا القديمة المقابلة للحجر الأسود.
فمن أراد الاحتياط لدينه والبراءة لذمته فليترك من جدار المسعى فيما بين الصفا والمروة نحو مترين.
نقول هذا احتياطاً لديننا وتبرئه لذمتنا، فالنصيحة واجبة لكافة المسلمين من الخواص والعوام، والله تعالى أعلم". أهـ
ـ[أبوحبيب2]ــــــــ[04 - 05 - 08, 10:12 ص]ـ
بحث في المسعى الجديد
د. سلمان بن فهد العودة 24/ 4/1429
30/ 04/2008
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/256)
تضاربت الأقوال فيما سُمّي بالمسعى الجديد، والحق أن السلف رضي الله عنهم اختلفوا فيما هو أبعد من ذلك، اختلفوا في السعي ذاته؛ هل هو ركن أم واجب أم سنة، نظرًا لقوله تعالى: "فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا" [البقرة:158].، وانتصر كل منهم لما رآه، دون إلغاء للقول الآخر، أو اتهام لقائله، أو جفوة في القول، أو غلظة تطيح بحقوق الإخاء العلمي والإيماني، ونحن نعرض ما نراه في هذه المسألة، على أنها من مسائل السعة.
1 - في قول الله تعالى: " إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا" [البقرة: 158]. دليل على أن عرض المسعى هو ما بين الصفا والمروة، وعليه فعرض المسعى هو عرض جبلي الصفا والمروة من الغرب إلى الشرق، وقد قامت البينة العادلة من شهود كثيرين تم توثيق شهاداتهم بصكوك شرعية يشهدون برأي عيونهم أن جبل الصفا ممتد امتدادًا بارتفاع مساوٍ لارتفاع الصفا حاليًّا، وذلك نحو الشرق إلى أكثر من عشرين مترًا عن جبل الصفا الحالي، وكذلك الأمر بالنسبة لجبل المروة، وشهادتهم صريحة في امتداد الجبلين - الصفا والمروة - شرقًا امتدادًا متصلًا وبارتفاعهما، فالتوسعة لم تتجاوز عرض الجبلين- الصفا والمروة - من الغرب إلى الشرق.
ولا يزال الناس يصعدون جهة الصفا من داخل البيت إذا اقتربوا من المسعى، وهذا دليل على أن المسعى الحالي لم يستوعب كافة المسافة التي بين الصفا والمروة، فمن جهة الغرب يصعد الطائف إذا اقترب من الصفا والله أعلم.
2 - لم نجد للعلماء تحديدًا لعرض المسعى، وقد قال الرملي في كتابه شرح المنهاج: ولم أرَ في كلامهم ضبط عرض المسعى وسكوتهم عنه لعدم الاحتياج إليه؛ فإن الواجب استيعاب المسافة التي بين الصفا والمروة كل مرة. ا. هـ.
وقد تكلم بعض الباحثين في هذا الشأن على سبيل التقريب لا على سبيل الجزم.
3 - لم يكن المسعى قبل التوسعة السعودية مستقيمًا، بل كان منحنيًا متقوسًا كما يعرف ذلك من رسومات وصور المسعى قبل التوسعة، ومنها الرسوم التي في الرحلات الحجازية، خريطة هيئة المساحة المصرية لعام (1948م) والتي تظهر الميلان الواضح. مع أن المسعى القديم مستقيم غير منحنٍٍ، وهذا يدل على إدخال بعض الأجزاء التي كانت خارجة إليه، أو إخراج بعض ما كان فيه خارجًا عنه.
4 - عندما حج النبي صلى الله عليه وسلم كان معه أزيد من مائة ألف وهؤلاء إذا سعوا بين الصفا والمروة فلا شك أنهم سينتشرون في الوادي في مساحة هي أوسع من المسعى الحالي ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن تجاوز حد معين، ولم يكن ثم بناء أو جدار يحجزهم.
5 - أن المسعى الحالي ليس هو في عرضه على ما كان في العهد النبوي، ولا في عهد الصحابة رضي الله عنهم، حيث كان المسعى القديم يمر في المسجد الحرام بالموضع المعروف بالحصوة التي شرقي بئر زمزم ثم أخره المهدي العباس عن موضعه ذلك إلى جهة الشرق عام 167هـ كما بين ذلك الأزرقي.
ولم يقابل ذلك بنكير من علماء الإسلام بل ولم ينقل خلاف في ذلك وهذا يدل على سعة عرض المسعى.
6 - القول بجواز التوسعة ليس مصادمًا نصًّا من كتاب الله تعالى، ولا من سنة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم-، وقد ثبت أن الزيادة المقترحة للتوسعة لا تخرج عما بين الصفا والمروة، وقد قال تعالى: "إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا" [البقرة: 158].
7 - معلوم أن قاعدة أي جبل أعرض من قمته وأن الجبال تعلو بشكل هرمي ولذا فإن قاعدة جبلي الصفا والمروة أوسع من المساحة المحاذية لعلوهما قطعًا.
8 - ولأن الضرورة داعية إلى هذه التوسعة ولا يلزمنا انتظار كارثة تقع داخل المسعى ككارثة نفق المعيصم أو حوادث الجمرات حتى نبحث المسألة.
9 - أن هذه المسألة وقد اختُلف فيها فإن القائلين بالجواز منهم من هو من أهل مكة العارفين بها كالشيخ د. عبد الوهاب أبو سليمان والشيخ د. عويد المطرفي وأهل مكة أدرى بجبالها، أو من عرف حال الصفا والمروة قبل التوسعة وشهد بما رأى كالشيخ عبد الله بن جبرين.
10 - وقد اختار ولي الأمر أحد الاجتهادين للمصلحة العامة للحجاج والمعتمرين وهو اجتهاد لا يصادم نصًّا صريحًا، ولذا فإن الناس في سعة في إتباع هذا الرأي، ولا ينبغي تشكيكهم في صحة حجهم وعمرتهم في أمر هو من أمور الاجتهاد، أو نهيهم عن أداء المناسك مما يفضي إلى تعطيلها تحت ذريعة التشكيك في المسعى الجديد.
ـ[العبدلي]ــــــــ[04 - 05 - 08, 10:29 م]ـ
باسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيد ولد آدم أجمعين و على آله و صحبه الميامين و بعد:
قال الإمام أبو محمد ابن حزم في محلاه:
"843 - مسألة: ولا يجوز التباعد عن البيت عند الطواف إلا في الزحام ; لأن التباعد عنه عمل بخلاف فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبث لا معنى له فلا يجوز."
و عليه فأظن أنه من الحق القول بأنه إن كان هناك زحام جاز للساعي التباعد عن محور المسعى يمينا و يسارا أما إن لم يكن هناك زحام فلا يجوز التباعد لغير سبب.
لأنه إن قلنا بجواز ذلك لم نجد حدا نحد به التباعد فجاز ذلك على بعد ميل من محور المسعى.
و يمكن تصور المسألة بتصور سعي مليون شخص مرة واحدة فلا شك أن عرض هؤلاء الساعين سيكون كبيرا عن عرضهم لو كانوا مئة منطلقين في وقت واحد و الله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/257)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[05 - 05 - 08, 03:35 ص]ـ
د. سلمان بن فهد العودة 24/ 4/1429
30/ 04/2008
7 - معلوم أن قاعدة أي جبل أعرض من قمته وأن الجبال تعلو بشكل هرمي ولذا فإن قاعدة جبلي الصفا والمروة أوسع من المساحة المحاذية لعلوهما قطعًا.
8 - ولأن الضرورة داعية إلى هذه التوسعة ولا يلزمنا انتظار كارثة تقع داخل المسعى ككارثة نفق المعيصم أو حوادث الجمرات حتى نبحث المسألة ..
الذي يعتبر من الجبل هو ما خرج من الأرض ولا عبرة بما كان في باطن الأرض، على التسليم بأنه جزء من الصفا!!
وليس هناك ضرورة البتة بل حل المشكلة يكمن في إضافة طوابق أخرى.
وما بقي قد سبق الرد عليه من كبار العلماء ولله الحمد. والله المستعان على هذه النازلة
ـ[ابو سارة الغائب]ــــــــ[05 - 05 - 08, 05:51 م]ـ
بحث في المسعى الجديد
د. سلمان بن فهد العودة 24/ 4/1429
30/ 04/2008
8 - ولأن الضرورة داعية إلى هذه التوسعة ولا يلزمنا انتظار كارثة تقع داخل المسعى ككارثة نفق المعيصم أو حوادث الجمرات حتى نبحث المسألة ..
بحثت المسالة من كبار اهل العلم وانتهوا الى عدم جواز التوسعة واي كارثة اكبر من افساد حج الناس وعمرتهم بدون حاجه سوى التباهي بالتوسعة الجديدة الغير مبررة رغم ان بدائلها متاحة وستحضى باجماع من العلماء وستحل مشكلة الازدحام
بل ان الكارثة قادمة اذا جعل المسعى الحالي اتجاه واحد اذن فالمؤكد ان جموع من الحجاح يريدون السعي فقط في المسعى القديم خروجا من الخلاف على اقل تقدير
عند ذلك ابحث المسالة وما يفيدنا ان تبحث المسألة
ولنفرض ان شخص تاه في الصحاري وكاد ان يموت جوعا فوجد جيفة وجانبها طعام مباح هل يوجد عاقل يقول يجوز لك اكل الجيفة ويتجاهل مايوجد بجوارها ويقول كل الجيفة حلالا زلالا بل يزيد ويفرض عليه ذلك حتى في الاوقات التي لا محل للضرورة فيها
حسبنا الله ونعم الوكيل
ـ[ابن وهب]ــــــــ[07 - 05 - 08, 04:29 ص]ـ
بحث الشيخ الشريف الفعر - وفقه الله فيه من سرد أدلة الفريقين
مع الإنصاف ما يجعلني اعتبره من أحسن ما كتب في هذا الباب
فجزاه الله خيرا ورفع قدره
وهذا بغض النظر عن الترجيح في المسألة
والله أعلم
ـ[ابن وهب]ــــــــ[07 - 05 - 08, 07:23 ص]ـ
4 - عندما حج النبي صلى الله عليه وسلم كان معه أزيد من مائة ألف وهؤلاء إذا سعوا بين الصفا والمروة فلا شك أنهم سينتشرون في الوادي في مساحة هي أوسع من المسعى الحالي ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن تجاوز حد معين، ولم يكن ثم بناء أو جدار يحجزهم.
هذا الكلام جوابه في بحث الشيخ الفعر
ثم هو خطأ محض
لأنه ما كان هناك مسعى ممهد يسع 120 ألف
بل الدور كانت بين المطاف والمسعى وفي المسعى
(ولم يكن ثم بناء أو جدار يحجزهم.) فهذا القول خطأ محض
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[07 - 05 - 08, 08:21 ص]ـ
هل تم إعادة افتتاح المسعى القديم؟؟
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[07 - 05 - 08, 01:39 م]ـ
هل يجوز أن نقول أن حكم التوسعة في المسعى شبيهة بما حصل لغرفة عائشة رضي الله عنها (حيث دفن النبي عليه الصلاة والسلام) في المسجد النبوي حيث ضمت الى المسجد عند التوسعة؟
والسلام عليكم
ـ[أبو مروان العتيبي]ــــــــ[07 - 05 - 08, 07:56 م]ـ
اين أجد بحث الشثري وغيره من المانعين
ـ[أبو محمد التميمي]ــــــــ[08 - 05 - 08, 10:35 ص]ـ
بيان جديد حول المسعى للشيخ العلامة صالح الفوزان وفقه الله
الصفا والمروة من شعائر الله وشعائر الله لا تغير
04/ 05/2008 06:07:21 م
قال صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم). وقد قال الله تعالى:)) إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)) ومعنى ((يَطَّوَّفَ بِهِمَا)) يسعى بينهما كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقد خرج إلى الصفا من بابه وقرأ: ((إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)) ثم قال: (أبدأ بما بدأ الله به) وفي رواية: (ابدءوا بما بدأ الله به). ثم رقى على الصفا حتى رأى الكعبة ثم نزل ومشى إلى المروة وصعد عليها حتى رأى البيت ثم نزل ومشى إلى الصفا حتى أكمل سبعة أشواط. وقال: (خذوا عني مناسككم) وتوارث المسلمون ذلك جيلا عن جيل يسعون
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/258)
بين الصفا والمروة. والبينية تقتضي أن لا يخرج عما بينهما في السعي لأن من خرج عنهما لا يعتبرساعياً بين الصفا والمروة وهي قضية تعبدية لا دخل للرأي فيها ولذلك حافظت أجيال المسلمين على مكان المسعى بين الصفا والمروة رغم التوسعات التي مر بها المسجد الحرام لم يرجؤ أحد من ولاة أمور المسلمين على الزيادة في مساحة المسعى عما كان موجوداً ومتعارفاً. حتى قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية رحمه الله: وبالنظر لكون الصفا شرعاً هو الصخرات الملساء التي تقع في سفح جبل أبي قبيس. ولكون الصخرات المذكورة لا تزال موجودة الآن وبادية للعيان ولكون العقود الثلاثة القديمة لم تستوعب كامل الصخرات عرضاً فقد رأت اللجنة (أي المُشَكَّلة للنظر في المسعى) أنه لا مانع من توسيع المصعد المذكور بقدر عرض الصفا. وقال رحمه الله: وبعد تأمل الاقتراح المذكور (والاقتراح المذكور هو تكسير صخر الصفا والمروة على ما هو عليه أولاً ليتيسر حصول السعي في العربات على استكمال السعي بين الصفا والمروة) قال رحمه الله: يسعنا ما وسع من قبلنا في ذلك. ولو فتحت أبواب الاقتراحات في المشاعر لأدى ذلك إلى أن تكون في المستقبل مسرحاً للاجتهادات ونافذة يولج منها لتغيير المشاعر وأحكام الحج – انتهى من مجموع فتاوى الشيخ محمد (5/ 148، 146) أقول رحم الله الشيخ وأسكنه فسيح جناته على محافظته على هذا المشعر الذي قال الله فيه: ((إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)) وقال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ)) قال الإمام ابن كثير رحمه الله: قال ابن عباس يعني بذلك مناسب الحج. وقال مجاهد: الصفا والمروة والهدي والبدن من شعائر الله. انتهى الجزء الثالث صفحة (9) وقال الشيخ محمد رشيد رضا في تفسير المنار (2/ 43 - 44): الصفا والمروة جبلان أو على جبلين بمكة والمسافة بينهما 760 ذراعاً ونصف والصفا تجاه البيت الحرام.
وقد علتهما المباني وصار ما بينهما سوقاً – إلى أن قال: وهذا النوع يوقف فيه عند نص ما شرعه الله تعالى لا يزاد فيه ولا ينقص منه ولا يقاس عليه ولا يؤخذ فيه برأي أحد ولا باجتهاده. إذ لو أبيح للناس الزيادة في شعائر الدين باجتهادهم في عموم لفظ أو قياس لأمكن أن تصير شعائر الإسلام أضعاف ما كانت عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يفرق أكثر الناس بين الأصل المشترع والدخيل المبتدع انتهى.
قال الإمام الشوكاني في فتح القدير: (1/ 139) والشعائر جمع شعيرة وهي العلامة أي من أعلام مناسكه والمراد بها موضع العبادة التي أشعرها الله أعلاماً من الموقف والمسعى والمنحر انتهى.
وقال ابن عطية في تفسيره (2/ 73): ((إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)). معناه من معالمه ومواضع عبادته انتهى.
وقال الإمام البغوي في تفسيره: (1/ 132) وإنما عنى بهما الجبلين المعروفين بمكة في طرفي المسعى ولذلك أدخل فيهما الألف واللام وشعائر الله أ علام دينه أصلها من الإشعار وهو الإعلام واحدتها شعيرة وكل ما كان معلماً لقربات يتقرب به إلى الله من صلاة ودعاء وذبيحة فهو شعيرة فالمطاف والموقف والنحر كلها شعائر لله. ومثلها المشاعر والمراد بالمشاعر ههنا المناسك التي جعلها الله أعلاماً لطاعته. فالصفا والمروة منها – انتهى.
وقد تبين من هذه النقول أن معنى كون الصفا والمروة من شعائر الله أنهما علمان على بداية الشوط في السعي ونهايته ويكون السعي بينهما ذهاباً وإياباً فما خرج عن محاذاتهما من السعي فإنه لا يصح كما أن من تعداهما بداية ونهاية فقد زاد في السعي. إذاً فالسعي محصور فيما بينهما يبدأ كل شوط من الصفا ويختم بالمروة والصفا والمروة محددان مرتفعان يصعد عليهما وينزل منهما أثناء السعي ولذلك كان عمل المسلمين في المسعى التقيد بمساحة المسعى طولاً وعرضاً فيما بين الصفا والمروة وما خرج عنهما فليس من المسعى فلا تجوز الزيادة في مساحة المسعى عما بين الصفا والمروة طولاً وعرضاً. ولم يجرؤ أحد على الزيادة على ذلك عبر التأريخ حتى في عصر الجاهلية. كما لا تجوز الزيادة في مساحة منى ومزدلفة وعرفات خارج حدودها. لأن الزيادة في ذلك من تغيير شعائر الله التي حددها لعباده وأخبر أن تعظيمها والتقييد بها من تقوى القلوب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/259)
فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ)) وذلك بالزيادة فيها أو النقص منها أو الاستهانة بها ومن ذلك الصفا والمروة فلا تجوز الزيادة على ما هو موجود وبارز منهما ومتوارث عبر القرون. فالحفر لأجل البحث عن زيادة على الموجود تنقيب وتكلف لم يأمر الله به ولا رسوله ثم إن المطمور تحت الأرض لا يمكن إلحاقه بالمشعر البارز من غير دليل من كتاب ولا سنة ثم هو لا يأخذ حكم المعلم والمشعر البارز من حيث الصعود عليه والنزول منه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بل هو إما أن يبقى على حاله منخفضاً ينزل إليه ويصعد منه وهذا عكس المشروع وإما أن يبنى فوقه بناء يساويه بالمشعر وهذا البناء لا يأخذ حكم المشعر وما بين البناءين لا يأخذ حكم المسعى.
وأما الذين أفتوا بأن الزيادة لها حكم المسعى فلم يعتمدوا على شيء. وقد اختلفوا في مستنداتهم فمنهم من يقول إن المسألة خلافية ولولي الأمر أن يختار ما يرى فيه المصلحة فنقول لهم: متى حدث الخلاف إنه لم يعرف في المسألة خلاف إلا قريباً ولم يعتمد المخالف على مستند صحيح وأيضاً مسألة المسعى مسألة تعبدية ليست محل اجتهاد ونظر فالمشاعر توقيفيه لا مسرح للاجتهاد فيها. وقولهم إن التوسعة ضرورية لشدة الزحام. نقول لهم: التوسعة تكون أفقية بزيادة الأدوار فوق المسعى كالأدوار فوق الجمرات كما رأت ذلك اللجنة العلمية برئاسة الشيخ محمد بن إبراهيم وكما في قرار هيئة كبار العلماء. لأن الهواء يحكي القرار.
والذين شهدوا على امتداد الصفا والمروة شهادتهم مخالفة للواقع المشاهد ومخالفة لما درج عليه المسلمون من اعتبار المسعى محصوراً فيما بين الصفا والمروة البارزين فلو علموا أن هناك زيادة لأدخلوها فيه لأنه لا يجوز انتقاص أرض المشاعر ولا الزيادة فيها لأن هذا يتنافى مع حرمتها وعليه فلا تجوز الزيادة في مساحة المسعى. وولي الأمر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ممن يعظم شعائر الله ويحميها. وكما قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: يسعنا ما وسع من قبلنا ولا تكون المشاعر مسرحاً للاجتهادات والنظر ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
المصدر: الموقع الرسمي للشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله ومد في عمره على طاعته
http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/MyNews/tabid/87/Default.aspx?more=454&new_id=102
ـ[الدرر السنية]ــــــــ[12 - 05 - 08, 12:38 ص]ـ
وقفات مع موضوع المسعى الجديد
بقلم المشرف على موقع الدرر السنية
الشيخ علوي بن عبدالقادر السَّقَّاف
aasaggaf@dorar.net
16/4/1429 هـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
بادئ ذي بدء أود التنويه إلى أن هذه الوقفات ليست فتوى بصحة السعي في المسعى الجديد أو بطلانه، ولا هي بحث علمي يسرد الأدلة ويناقشها، ولكنها توصيف للحال وتكييف للمشكلة وتوضيح للموقف الذي ينبغي أن يتخذه المسلم إزاءها.
الوقفة الأولى:
أن هذه القضية معضلة وليست بالهينة، ونازلة من النوازل التي ما ينبغي أن يفتي فيها متوسطو طلبة العلم فضلاً عن صغارهم، وما ينبغي أن يُترك من هب ودب من الإعلاميين وغيرهم يخوضون فيها بجهل أوهوى أو لأطماع شخصية.
الوقفة الثانية:
أنها قضية تمس ركناً من أركان الإسلام، وعبادة من أشرف العبادات (الحج والعمرة)، فعلى المسلم ألاَّ يستخف بها ويبحث عن أيسر الفتاوى فيها، بل عليه أن يتحرى أصوبها وأحوطها ولا يغتر بكثرة المفتين والمؤيدين، لكن عليه أن ينظر في أقوال أكثرهم علماً وورعاً، وأحرصهم على اتباع السنة.
الوقفة الثالثة:
على طالب الحق ألا يغتر بما تتناقله وسائل الإعلام من مجلات وصحف وإنترنت وغيرها فهذه ليست مصادر لتلقي العلم إلا ما كان منها منقولاً عن الثقات الأثبات.
الوقفة الرابعة:
أصل الخلاف في المسألة قضيتان:
الأولى: هل نحن مقيدون في السعي بين الصفا والمروة بعرضهما أم يجوز الخروج عنهما بما يقاربهما أو يحاذيهما؟
والثانية: كم عرض الصفا والمروة وهل يتسعان فتشملهما التوسعة الجديدة أم لا؟
لذلك انقسم المتكلمون في هذه المسألة إلى ثلاث فئات:
الأولى: ترى جواز السعي خارج عرض جبلي الصفا والمروة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/260)
والثانية: ترى أنه لابد من السعي بين الجبلين عرضاً وطولاً ولكنهم يرون أن عرضهما يتسع ليشمل المسعى الجديد وزيادة، وهاتان الفئتان تجوِّزان السعي في المسعى الجديد.
والثالثة: ترى أنه لابد من السعي بين الجبلين عرضاً وطولاً وأن المسعى الجديد خارج عرض الجبلين من جهة الشرق المقابلة للكعبة من الجهة الأخرى، وبالتالي فهم لا يجيزون السعي في المسعى الجديد.
الوقفة الخامسة:
أن غالبية هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية إضافة إلى علماء كبار ليسوا فيها، هم من الفئة الثالثة. وحجتهم أنه ثبت تاريخياً أن عرض المسعى ستة وثلاثون ذراعاً تقريباً أي ما يعادل 20 متراً وهو عرض المسعى الحالي بعد آخر توسعة حصلت له عام 1375هـ، وأن الجدار القائم وضع بفتوى من سماحة مفتي المملكة آنذاك الشيخ محمد بن إبراهيم بعد أن كلف لجنة عاينت الموقع وحددت عرض الصفا وبناء على هذه الفتوى تمت التوسعة المذكورة آنفاً، وهذا أقوى دليل لدى المانعين.
الوقفة السادسة:
أنه صدرت خلال الأشهر الماضية فتاوى لبعض العلماء وبحوث علمية لبعض طلبة العلم ودراسات تاريخية وجغرافية وجيولوجية وتقارير هندسية لمنطقة المسعى وتم توثيق شهادة عدد من كبار السن من أهالي مكة لدى المحكمة بمكة يشهدون أن المسعى ممتد إلى التوسعة الجديدة، وهذا أقوى أدلة المجيزين، وقد قرأت هذه الفتاوى والبحوث، وتناقشت مع عدد ممن لديهم الصور والخرائط والتقارير الجغرافية والجيولوجية واطلعت على شهادة الشهود.
الوقفة السابعة:
أن وسائل الإعلام نقلت لنا تأييد عدد كبير من علماء ومفتي العالم الإسلامي لبناء التوسعة الجديدة وأغلبهم علق ذلك بالمصلحة والتوسعة على الحجاج والمعتمرين، وهذا فيه دلالة على أحد أمرين: إما أن يكون هذا المؤيِّد لم يحط علماً بالقضية ويظن –ثقة- أن المسعى الجديد لا يخرج عن عرض الصفا، أو أنه ممن لا يرون بأساً بالسعي خارج الصفا تيسيراً على الناس.
الوقفة الثامنة:
أن علماء الشيعة كبارهم وصغارهم مختلفون كذلك فمنهم المجيز ومنهم المانع، وإنما ذكرتهم –مع أنه لا يُعتد بفقههم- لما لهم من ثقل سياسي وحضور كثيف في الحج والعمرة وقد يكون له تأثير في مسار القضية.
الوقفة التاسعة:
إن أعمال التوسعة للمسعى حتى كتابة هذه السطور تسير على قدم وساق، ليل نهار، وما هي إلا أشهر ويصبح المسعيان الجديد والقديم -بعد إعادة بنائه- جاهزين للاستخدام وتتحول القضية من نقاش علمي نظري إلى تطبيق عملي وسيسأل الناس نحج أم لا نحج؟ نعتمر أم لا نعتمر؟ نسعى أم لا نسعى؟ وكيف نسعى؟
الوقفة العاشرة:
وهي بيت القصيد، ما موقف المسلم من كل ما يجري؟ وما العمل الآن؟ وما المتوقع أن يحصل في الأشهر القليلة القادمة؟ وما الذي سيسفر عنه هذا الخلاف القائم اليوم؟ وهذه كلها أسئلة تحتاج إلى إجابة:
أولاً: من الناحية الشرعية فلن يعدو الأمر ثلاث احتمالات:
1 - أن يقتنع المانعون بأدلة المجيزين ويصدروا فتوى بالجواز (ولو بالأغلبية)
2 - أن يقتنع المجيزون بأدلة المانعين ويتراجعوا عن أقوالهم (ولو بالأغلبية) وأعني بهم العلماء وبعض طلبة العلم الذين كتبوا بحوثاً علمية في الموضوع أما أصحاب الإشادة والتهنئة والتبريك فليسوا من أهل هذه المسائل في قبيل ولا دبير.
3 - أن يبقى كلٌ على رأيه. وإن تراجع بعض هؤلاء وبعض هؤلاء بما لا يؤثر في رفع الخلاف.
ثانياً: من الناحية العملية فلن يعدو الأمر ثلاثة احتمالات أيضاً وهي تبع للناحية الشرعية:
1 - في حال اقتناع المانعين بأدلة المجيزين فالأمر واضح، وسيمضي المشروع كما خُطط له وسيسعى الناس في المسعى الجديد (إلا قليل منهم ولا حكم لهم)
2 - في حال اقتناع المجيزين بأدلة المانعين فالأمر أيضاً واضح وسيكون السعي في المسعى القديم بعد أن يكون قد تم تجديده آنذاك، أما مبنى المسعى الجديد فستكون له وظيفة أخرى يحددها المسئولون عن إدارة المسجد الحرام.
3 - الحالة الثالثة وهي بقاء كلٍّ من الفريقين –أو أغلبهم- على رأيه، فها هنا لا يخلو الأمر من حالين:
الحال الأول: أن يمضي الأمر بما يوافق رأي المانعين فيؤول الأمر إلى ما ذُكر قبل قليل وهو: حال اقتناع المجيزين بأدلة المانعين
الحال الثانية: أن يمضي الأمر بما يوافق رأي المجيزين وهنا لا يخلو من حالين أيضاً:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/261)
الأول: أن يكون المسعى الجديد في اتجاه واحد من الصفا إلى المروة والقديم في اتجاه واحد أيضاً من المروة إلى الصفا –وهذا هو ما صُمم له حسب اطلاعي على المخططات- وهنا لا بد أن يكون للعلماء المانعين وقفة مع الحدث وفتوى تتناسب مع هذه النازلة ومع الوضع القائم.
الثاني: أن يكون كلٌّ من المسعيين القديم والجديد باتجاهين، فيكون السعي في مبنى المسعى الجديد من باب الاختيار لا الإجبار، وهنا سيقلد الساعون من يثقون في فتواه وسيتبع بعضهم الأيسر له دون النظر في الحكم كما هو الحال في السعي في الطابق العلوي.
وعليه فالخوض في هذا الآن ليس مجدياً وفيه تضييع للأوقات، كما أنه ليس من الحكمة التسرع في إطلاق الأحكام واتخاذ موقف قد يندم عليه المرء مستقبلاً.
الوقفة الحادية عشرة:
ما العمل الآن وقد تم هدم المسعى القديم ولا يوجد إلا المسعى الجديد ومن العلماء من يفتي بجواز وإجزاء السعي فيه ومنهم من يفتي ببطلانه؟
والجواب أنه مادام الأمر كذلك فلا يخلو الأمر من حالات ثلاث:
1 - أن يكون المرء مقتنعاً بقول المانعين فلا يسعه خلافه ولا يجزئه السعي.
2 - أن يكون المرء مقتنعاً شرعاً لا هوىً بقول المجيزين فيقلدهم وكلٌّ يتحمل مسئولية فتواه.
3 - أن يكون متردداً ولم يظهر له رجحان أحد القولين فهذا الأولى في حقه الأخذ بالأحوط وبما عليه الأكثر علماً واتباعاً للسنة.
بقي أمرٌ آخر، وهو: هل هذا الاختلاف من الأمور الاجتهادية التي يسوغ فيها الخلاف ولا إنكار في مسائل الاجتهاد أم هو من المسائل التوقيفية المنصوص عليها؟
وهذا محله الوقفة الأخيرة.
الوقفة الأخيرة:
هذه المسألة المعضلة، والنازلة المجلجلة، من حيث النظر إلى النصوص الشرعية فهي مسألة توقيفية وليست اجتهادية فالسعي بين الصفا والمروة طولاً وعرضاً يكاد يكون محل اتفاق بين العلماء ولو خالف البعض فيه، ومن حيث توصيف الحال وهل المسعى الجديد يقع ضمن الصفا والمروة أم خارجهما؟ فمحل نظر وبحث واجتهاد وعليه يدور الخلاف.
وبالنظر إلى أدلة الفريقين تبين أن أقوى دليل لدى المانعين كما سبق ذكره شهود العيان عند بدء أول توسعة للمسعى بين عامي 1374هـ و 1378هـ وأقوى دليل لدى المجيزين شهود كبار السن الموجودين الآن، وهذه المسألة تحتاج إلى بسط ليس هذا محله، ولكن لا بأس في الاختصار لتتضح الصورة:
(1) أما شهود العيان فكان ذلك عام 1374هـ حيث شُكلت لجنة لمعاينة موضع المسعى ورفعت تقريرها لسماحة مفتي المملكة آن ذاك الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ والذي بناء عليه أصدر فتواه قائلاً: (تأملت قرار الهيئة المنتدبة من لدن سمو وزير الداخلية، وهم فضيلة الأخ الشيخ عبدالملك بن إبراهيم وفضيلة الشيخ عبدالله بن دهيش وفضيلة الشيخ علوي المالكي حول حدود موضع السعي مما يلي الصفا المتضمن أنه لا بأس بالسعي في بعض دار آل الشيبي والأغوات المهدومتين هذه الأيام توسعة، وذلك البعض الذي يسوغ السعي فيه هو ما دفعه الميل الموجود في دار آل الشيبي إلى المسعى فقط وهو الأقل، دون ما دفعه هذا الميل إلى جهة بطن الوادي مما يلي باب الصفا وهو الأكثر؛ فإنه لا يسوغ السعي فيه، فبعد الوقوف على هذا الموضع في عدة رجال من الثقات رأيت هذا القرار صحيحًا، وأفتيت بمقتضاه) (فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم 5/ 132)
والجدير بالذكر هنا أن اللجنة كما في تقريرها اصطحبت معها مهندساً وفنياً وقالت في نهاية التقرير: (هذا ما تقرر متفقاً عليه بعد بذلنا الوسع، سائلين من الله تعالى السداد والتوفيق) ثم وقع الجميع، وهذا يعني أن قرارهم هذا كان إجماعاً منهم كما أنهم بذلوا فيه وسعهم وطاقتهم.
وفي يوم الثلاثاء الموافق 10/ 2/1378هـ شُكلت لجنة أخرى من عدد من المشايخ وأعيان أهالي مكة وهم: الشيخ عبدالملك بن إبراهيم، والشيخ عبدالله بن جاسر، والشيخ عبدالله بن دهيش، والسيد علوي المالكي، والشيخ محمد الحركان، والشيخ يحيى أمان، وبحضور صالح قزاز وعبدالله ابن سعيد مندوبي محمد بن لادن لمعاينة مساحة الصفا والمروة، واستبدال الدرج بمزلقان، ونهاية أرض المسعى ومما جاء في تقرير اللجنة: (وبالنظر لكون الصفا شرعًا هو الصخرات الملساء التي تقع في سفح جبل أبي قبيس، ولكون الصخرات المذكورة لا تزال موجودة للآن وبادية للعيان، ولكون العقود الثلاثة القديمة لم تستوعب كامل الصخرات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/262)
عرضًا. فقد رأت اللجنة أنه لا مانع شرعًا من توسيع المصعد المذكور بقدر عرض الصفا. وبناء على ذلك فقد جرى ذرع عرض الصفا ابتداء من الطرف الغربي للصخرات إلى نهاية محاذاة الطرف الشرقي للصخرات المذكورة في مسامتة موضع العقود القديمة ... ) (فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم 5/ 141)
وجاء في مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم (5/ 138):
(من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم أيده الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
فبناء على أمركم الكريم المبلغ إلينا من الشيخ يوسف ياسين في العام الماضي حول تنبيه الابن عبدالعزيز على وضع الصفا ومراجعة ابن لادن لجلالتكم في ذلك، وحيث قد وعدت جلالتكم بالنظر في موضوع الصفا ففي هذا العام بمكة المكرمة بحثنا ذلك، وتقرر لدي ولدى المشايخ: الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ علوي عباس المالكي، والأخ الشيخ عبدالملك بن إبراهيم، والشيخ عبدالله بن دهيش، والشيخ عبدالله بن جاسر، والشيخ عبدالعزيز ابن رشيد: على أن المحل المحجور بالأخشاب في أسفل الصفا داخل في الصفا، ماعدا فسحة الأرض الواقعة على يمين النازل من الصفا فإننا لم نتحقق أنها من الصفا، أما باقي المحجور بالأخشاب فهو داخل في مسمى الصفا، ومن وقف عليه فقد وقف على الصفا كما هو مشاهد، ونرى أن ما كان مسامتاً للجدار القديم الموجود حتى ينتهي إلى صبة الأسمنت التي قد وضع فيها أصياخ الحديد هو منتهى محل الوقوف من اليمين للنازل من الصفا. أما إذا نزل الساعي من الصفا فإن الذي نراه أن جميع ما أدخلته هذه العمارة الجديدة فإنه يشمله اسم المسعى، لأنه داخل في مسمى ما بين الصفا والمروة، ويصدق على من سعى في ذلك أنه سعى بين الصفا والمروة. هذا وعند إزالة هذا الحاجز والتحديد بالفعل ينبغي حضور كلاً من المشائخ: الأخ الشيخ عبدالملك، والشيخ علوي المالكي، والشيخ عبدالله بن جاسر والشيخ عبدالله بن دهيش، حتى يحصل تطبيق ما قرر هنا، وبالله التوفيق)
وعندما أرادت الدولة السعودية عام 1393هـ توسعة المسعى أصدرت هيئة كبار العلماء وقتها فتوى بجواز السعي فوق سقف المسعى نظراً لأن المسعى قد استوعب مابين الصفا والمروة طولاً وعرضاً وجاء في الفتوى: (وبعد تداول الرأي والمناقشة انتهى المجلس بالأكثرية إلى الإفتاء بجواز السعي فوق سقف المسعى عند الحاجة، بشرط استيعاب ما بين الصفا والمروة، وأن لا يخرج عن مسامتة المسعى عرضاً)
وكل هذا يعني أن حدود نهاية الصفا قد تم تحديدها منذ ذلك الوقت وبناء عليه تم بناء الجدار الواصل من الصفا إلى المروة لذلك كان يفتي العلماء بعد ذلك ببطلان من سعى خارج هذا الجدار.
(2) وأما شهود الحال فقد وُثقت شهادة سبعة من كبار السن من أهالي مكة بالمحكمة العامة بمكة المكرمة وصدر بها صك شرعي بتاريخ 24/ 12/1427هـ جاءت شهاداتهم على النحو التالي:
1 - فوزان بن سلطان بن راجح العبدلي الشريف من مواليد عام 1349هـ، قرر قائلاً: إنني أذكر أن جبل المروة يمتد شمالاً متصلاً بجبل قعيقعان وأما من الجهة الشرقية فلا أتذكر وأما موضوع الصفا فإنني أتوقف.
2 - عويد بن عياد بن عايد الكحيلي المطرفي، من مواليد عام 1353هـ، قرر قائلاً: إن جبل المروة كان يمتد شرقاً من موقعه الحالي بما لا يقل عن ثمانية وثلاثين متراً، وأما الصفا فإنه يمتد شرقاً بأكثر من ذلك بكثير.
3 - عبد العزيز بن عبدالله بن عبدالقادر شيبي، من مواليد عام 1349هـ، قرر قائلاً: إن جبل المروة يمتد شرقاً وغرباً وشمالاً ولا أتذكر تحديد ذلك بالمتر، وأما الصفا فإنه يمتد شرقاً بمسافة طويلة حتى يقرب من القشاشية بما لا يزيد عن خمسين متراً.
4 - حسني بن صالح بن محمد سابق، من مواليد عام 1357هـ، قرر قائلاً: إن جبل المروة يمتد غرباً ويمتد شرقاً بما لا يقل عن اثنين وثلاثين متراً. وكنا نشاهد البيوت على الجبل ولما أزيلت البيوت ظهر الجبل وتم تكسيره في المشروع، وأما جبل الصفا فإنه يمتد من جهة الشرق بأكثر من خمسة وثلاثين أو أربعين متراً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/263)
5 - محمد بن عمر ابن عبدالله زبير، من مواليد عام 1351هـ، قرر قائلاً: إن المروة لا علم لي بها وأما الصفا فالذي كنت أشاهده أن الذي يسعى كان ينزل من الصفا ويدخل في برحة عن يمينه، وهذه البرحة يعتبرونها من شارع القشاشية ثم يعود إلى امتداد المسعى بما يدل على أن المسعى في تلك الأماكن أوسع.
6 - درويش بن صديق بن درويش جستنيه، من مواليد عام 1357هـ، قرر قائلاً: إن بيتنا سابقاً كان في الجهة الشرقية من نهاية السعي في المروة وكان يقع على الصخور المرتفعة التي هي جزء من جبل المروة، وقد أزيل جزء كبير من هذا الجبل بما في ذلك المنطقة التي كان عليها بيتنا وذلك أثناء التوسعة التي تمت في عام 1375هـ، وهذا يعني امتداد جبل المروة شرقاً في حدود من خمسة وثلاثين إلى أربعين متراً شرق المسعى الحالي، وأما الصفا فإنها كانت منطقة جبلية امتداداً متصلاً بجبل أبي قبيس ويعتبر جزءاً منه وكنت أصعد من منطقة السعي في الصفا إلى منطقة أجياد خلف الجبل.
7 - محمد بن حسين بن محمد سعيد جستنيه، من مواليد عام 1361هـ، قرر قائلاً إن جبل المروة كان يمتد من الجهة الشرقية والظاهر أنه يمتد إلى المدعى وأما جبل الصفا فإنه يمتد شرقاً أيضاً أكثر من امتداد جبل المروة.
والملاحظ على هذه الشهادات أنها غير متطابقة فمنهم من لا يذكر الامتداد، ومنهم من أثبت الامتداد ولا يذكر المسافة، والذين أثبتوها على خلاف كم هي؟ ولم يتفق اثنان على قول واحد، وإن كان الغالبية يرون –حسب ذاكرتهم- أن هناك زيادة على الموجود حالياً.
وخلاصة الأمر أن دليل المانعين القوي هو شهود العيان قبل البدء في أول توسعة عام 1375هـ ودليل المجيزين القوي هو شهادة الشهود بعد ذلك بـ 54 عاماً، ولكلٍ منهما أدلة أخرى لا ترفع الخلاف، من ذلك نقل المانعين لأقوال عدد من العلماء وخاصة علماء الشافعية والتي منها ما ذكره النووي في (المجموع) (8/ 76): (قال الشافعي والأصحاب: لا يجوز السعي في غير موضع السعي فلو مر وراء موضع السعي في زقاق العطارين أو غيره لم يصح سعيه لأن السعي مختص بمكان فلا يجوز فعله في غيره كالطواف، قال أبو علي البندنيجي في كتابه (الجامع): موضع السعي بطن الوادي، قال الشافعي في القديم: فإن التوى شيئاً يسيراً أجزأه وإن عدل حتى يفارق الوادي المؤدي إلى زقاق العطارين لم يجزئه) انتهى.
ومن ذلك أيضاً قول الرملي الشافعي كما في (نهاية المحتاج شرح المنهاج) (3/ 383): (إن الواجب استيعاب المسافة التي بين الصفا والمروة كل مرة، ولو التوى في سعيه عن محل السعي يسيراً لم يضر كما نص عليه الشافعي رضي الله عنه).
فقول الشافعي: (إن التوى شيئاً يسيراً أجزأه) مفهومه: لو التوى كثيراً لم يجزئه فكيف بالعشرين متراً وهي زيادة المسعى الجديد؟!
وغيرها من الأقوال الموجودة في مظانها من كتب الفقه وذكرها عدٌد ممن كتب في هذا الموضوع بتوسع وليس هنا محل التفصيل فيها.
لذلك ختمت اللجنة -التي تمت الإشارة إليها وفيها عددٌ من علماء وأعيان الحجاز ونجد- تقريرها بقولها: (وحيث أن الحال ما ذكر بعاليه، ونظراً إلى أنه في أوقات الزحمة عندما ينصرف بعض الجهال من أهل البوادي ونحوهم من الصفا قاصداً المروة يلتوي كثيراً حتى يسقط في الشارع العام فيخرج من حد الطول من ناحية باب الصفا والعرض معاً ويخالف المقصود من البينية بين الصفا والمروة. وحيث أن الأصل في السعي عدم وجود بناء وأن البناء حادث قديما وحديثا. وأن مكان السعي تعبدي، وأن الالتواء اليسير لا يضر، لأن التحديد المذكور بعاليه العرض تقريبي، بخلاف الالتواء الكثير كما تقدمت الإشارة إليه في كلامهم فإننا نقرر ما يلي: ......... )
كما استشهد المانعون بذرع عددٍ من المؤرخين عرض المسعى كالأزرقي والفاكهي وغيرهما وقد نصوا أنه خمسة وثلاثون ذراعاً ونصف ذراع، أي ما لا يزيد عن عشرين متراً وهو عرض المسعى القديم.
أما المجيزون فمن أدلتهم الأخرى أن الصفا والمروة كانا أكبر مما هما عليه الآن، وأن الفقهاء لم يحددوا عرض المسعى، وأن المؤرخين اختلفوا فيه وأن لديهم دراسة جيولوجية وخريطة تم إعدادها قبل عشرين عاماً توضح امتداد جبل الصفا إلى جبل أبي قبيس، الخ. ولكن يبقى كما سبق ذكره أن أقوى أدلة لدى الطرفين: شهود العيان عام 1375هـ وشهود الحال الآن.
وبعد:
فعلى المسلم أن يتحرى الصواب ولا يتعصب لرأي أو شخص، فالمسألة لها ما بعدها سنين عديدة وعليه أن يحذر من أن يأخذه الحماس والعاطفة والتعصب لرأي دون آخر، وليتذكر الوقوف بين يدي الله تعالى وألا يجعل ما يتوهم أنه مصلحة أو تيسير على الناس هو الفيصل في القضية، كما لا يضيق على الناس ما يسَّره الله وأباحه لهم.
وأختم بكلام للشيخ محمد بن إبراهيم يتناسب مع هذا المقام حيث قال كما في مجموع فتاويه (5/ 146): (إنه يتعين ترك الصفا والمروة على ما هما عليه أولاً، ويسعنا ما وسع من قبلنا في ذلك، ولو فتحت أبواب الاقتراحات في المشاعر لأدى ذلك إلى أن تكون في المستقبل مسرحاً للآراء، وميداناً للاجتهادات، ونافذة يولج منها لتغيير المشاعر وأحكام الحج، فيحصل بذلك فساد كبير. ... ولا ينبغي أن يلتفت إلى أماني بعض المستصعبين لبعض أعمال الحج واقتراحاتهم، بل ينبغي أن يعمل حول ذلك البيانات الشرعية بالدلائل القطعية المشتملة على مزيد البحث والترغيب في الطاعة والتمسك بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته في المعتقدات والأعمال، وتعظيم شعائر الله ومزيد احترامها)
و ما أحوج طلاب العلم اليوم لكلام قاله الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله لطلابه يوصيهم قائلاً: (أوصيكم بالثبات في جميع أموركم فإنه من أعظم ما انتفعت به، فإني أخذت على نفسي أن لا أغير رأياً رأيته في أمر علمي أو عملي حتى يثبت لي خطؤه كما ثبت لي صوابه فانتفعت بذلك كثيراً)
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/264)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[12 - 05 - 08, 02:38 ص]ـ
هل تم إعادة افتتاح المسعى القديم؟؟
الجواب
لا
ـ[أبو عبد الرحمن المدينى]ــــــــ[13 - 05 - 08, 01:24 م]ـ
أسأل الله عز وجل أن يرحم شيخنا العلامة المحقق بكر أبا زيد رجل النوازل وأن يبارك فى علمائنا المعاصرين حفظهم الله وأن ينفعنا بعلمهم.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[15 - 05 - 08, 12:49 م]ـ
صدر للدكتور عبد الوهاب أبو سليمان كتاب (توسعة المسعى عزيمة لا رخصة، دراسة فقهية - تاريخية - بيئية - جيولوجية).
http://www.okaz.com.sa/okaz/myfiles/2008/05/02/wg10-big.jpg
http://www.gph.gov.sa/index.cfm?CFID=4183&CFTOKEN=35728349&do=cms.con&*******ID=3530
ـ[محمد بو سيد]ــــــــ[23 - 05 - 08, 12:49 م]ـ
بين الشيخ ياسر برهامي و الشيخ د/ محمد إسماعيل المقدم، والشيخ د/ أحمد حطيبة، والشيخ د/ سعيد عبد العظيم
ـ[محمد بو سيد]ــــــــ[23 - 05 - 08, 01:00 م]ـ
حول المسعى الجديد
كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فلا شك أن عبادة الحج والعمرة عبادة ضرورية لصلاح قلب كل مسلم ومسلمة استطاعوا السبيل إلى بيت الله الحرام، لا يقوم غيرهما مقامهما في تحصيل الهداية والنور والصلاح، ولذا جعلهما الله -سبحانه- فريضة على عباده فقال: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران:97)، وجعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- الركن الخامس من أركان الإسلام، ولابد أن يحرص كل مسلم على تأدية هذه المناسك كما شرعها الله.
والأماكن التي جعلها الله منسكاً لها خصوصية في تحصيل التزكية لا تحصل بغيرها، ولو تأملنا دعاء إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- وهما يبنيان البيت: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (البقرة:127 - 129)، لوجدنا أن دعوة (وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا) وسط أعظم الضرورات الدينية والأخروية من القبول عند الله وتحقيق الإسلام لهما ولذريتهما، والتوبة، وبعثة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فلو لم تكن معرفة المناسك ضرورة من الضرورات لما كان هذا موقعها وسط هذه الدعوات والمطالب الشريفة.
ووسط الخلافات المعاصرة حول مشروع توسعة المسعى والسعي في المسعى الجديد حيث لا يمكن للمعتمر الآن إلا أن يسعى في المسعى الجديد، ولربما ما تمكن أحد من السعي إلا فيه لو جعل المسعى القديم من المروة إلى الصفا، والجديد من الصفا إلى المروة وأظنه المقرر، فإننا ندعوا بهذه الدعوة (وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا) سائلين الله الهداية في هذه المسألة العظيمة الجليلة قبل أن نتكلم فيها.
قد تباينت وجهات النظر في حكم المسألة وطريقة الاستدلال وطريقة معالجة الخلاف تبايناً كبيراً، نسأل الله -تعالى- أن ييسر إزالة آثاره السلبية على المسلمين.
فمن قائل: "بأن العمرة لا تجوز حتى ينتهي العمل، ويعود المسعى القديم إلى العمل لأن السعي ركن". ولا أدري ما يقول أصحاب هذا الرأي في الحج لو استمر الأمر على ما هو عليه أو جُعِل المسعى القديم اتجاهاً واحداً، فإن السعي في الاتجاه المعاكس لاتجاه الناس في زحام الحج سيؤدي إلى كارثة حقيقية، وتعطيل فريضة الحج لا يقول به عالم.
ومن قائل: "بوجوب الدم على من سعى في المسعى الجديد لأنه ترك واجبا"ً، ومن قائل: "بأن من أحرم بعمرة فهو محصَر وعليه هدي الإحصار"، ومن قائل: "بجواز التوسعة ولو إلى خارج حدود ما بين الصفا والمروة" زاعماً بأن الزيادة لها حكم المزيد، هكذا بإطلاق. ومن قائل: "بجواز السعي في المسعى الجديد، لأنه في حدود ما بين الجبلين بالشواهد التاريخية والجيولوجية وشهادة الشهود ولا تجوز الزيادة عن ما بين الجبلين".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/265)
وقد طالعت أدلة كلٍ فوجدت المانعين -ومنهم أكثرية علماء هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التي اتخذت بالأكثرية منذ سنتين قراراً بعدم جواز التوسعة الأفقية بمن فيهم سماحة المفتي العام للمملكة- يبنون كلامهم على فتوى سابقة للشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- بأن المسعى القديم -في التوسعة السعودية الأولى- مستوعب لمكان السعي عرضاً لا تجوز الزيادة عليه، واعتماد هذه الفتوى على ما ذكره بعض العلماء المتقدمين من أن عرض المسعى بنحو من خمسة وثلاثين ونصف ذراعاً -على ما ذكر الأزرقي في كتابه أخبار مكة 2/ 95 - ، وأن هذا العرض حد للمسعى، وأن هذه الحدود هي من المشاعر التي حافظت عليها الأجيال، وأنه لا مجال للاجتهادات في تغيير المشاعر وأحكام الحج -كما ذكر ذلك الشيخ الفوزان حفظه الله-.
وأما الفريق الآخر الذي يجيز التوسعة فمنهم من يبني كلامه على التيسير على المسلمين، وأن المحدود -وهو عرض المسعى- لا يمكن أن يتسع لغير المحدود -وهو أعداد المعتمرين والحجاج المتزايدة- فلابد من التوسعة ولو زادت سبعين ضعفاً -كما قال بعضهم ولا حول ولا قوة إلا بالله-.
ومنهم من بنى كلامه على أنه لابد من السعي بين الصفا والمروة، ولكن اتساع الجبلين وامتدادهما كان أكثر مما هو عليه الحال في العمارة الحالية، وذلك بشهادة الشهود العدول وبالحقائق الجيولوجية المشاهدة، وبالأخبار المذكورة عن المتقدمين من العلماء.
مناقشة أدلة المانعين:
وبالنظر في أدلة المانعين لا نرى أن ما احتجوا به يصلح دليلاً على المنع؛ لأن النص القرآني: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) (البقرة:158)، لم يشترط إلا أن يكون السعي بينهما، فكل ما كان بين الجبلين وحدودهما القديمة من أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو مكان للسعي، وقد ثبت بالدلائل المشاهدة والمسموعة حصول تغيير في حجم الجبلين في العمارات المتعددة، فالعبرة بما كان موجوداً في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما قبله وما هو مشاهد من آثار التغيير، وليس أن إزالة جزء من صخور الجبلين يغير الحكم الشرعي في السعي بين مكان هذه الصخور ولو سوي بالأرض.
وفي قرارات هيئة كبار العلماء زمن الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- النص على الموافقة على الاقتراح بتكسير صخر الصفا والمروة؛ لتيسير حصول السعي في العربات، وهذا الذي تم في العمارة السعودية الأولى، ثم ما كان في التوسعة الثانية من إنشاء طريق للمشاة بين جبل الصفا وجبل أبي قبيس، وذلك بإزالة جزء من جبل الصفا كما هو معلوم من كلام أهل العلم في تعريف جبل الصفا، وأنه جبل في سفح جبل أبي قبيس، وقد ذكر أبو إسحاق الحربي في وصفه لجبل الصفا أن طرفاً من جبل أبي قبيس يتعرج خلف جبل الصفا.
والصور الفوتوغرافية الملتقطة تدل على امتداد جبل الصفا إلى جبل أبي قبيس -الذي عليه الآن قصر الضيافة-، وقد ذكر فضيلة الشيخ عويد المطرفي: "أن التغيير الذي وقع لجبل الصفا وقع على مرحلتين أولاهما عام 1375هـ، حين قطعت أكتاف جبل الصفا، وفتح عليها شارع لمرور السيارات يصل بين أجياد والقشاشية، والثانية: في عام 1401هـ حين أزيل هذا الشارع وقطع الجبل من أصله وفصل موضع الصفا عن الجبل، وفتح بينه وبين الجبل الأصلي طريق متسع للمشاة بين ما بقي من أصل الجبل وبين جُدُر الصفا، بيد أن أصله وقاعدته موجودة تحت أرض الشارع المذكور".أ. هـ. من: "عويد المطرفي في كتابه: رفع الأعلام بأدلة توسيع عرض المسعى المشعر الحرام ص9".
والشيخ المطرفي أثبت شهادته كتابة، وشهادة في المحكمة العامة بمكة بتاريخ 25/ 12/1427هـ مع غيره من الشهود أمام القاضي الشيخ عبد الله بن ناصر الصبيحي، نقلاً عن كتاب: "توسعة المسعى عزيمة لا رخصة". أ. د/ عبد الوهاب أبو سليمان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/266)
وقد يسر الله لي شخصياً الدخول إلى موقع المشروع الحالي في شهر جمادى الأولى 1429هـ، إلى موقع هذا الشارع المذكور فرأيت بنفسي امتداد صخور ما بقي من جبل الصفا -وهو ما كان يقف عليه الناس داخل المسعى القديم- إلى سفح جبل أبي قبيس -الذي عليه قصر الضيافة- مما لا يشك معه الناظر أنه امتداد للجبل، وأنه صخر واحد متصل، فضلاً عن الدراسات الجيولوجية المؤكدة لذلك، وإن كان الأمر لا يحتاج إلى ذلك، لأنه في منتهى الوضوح. وأنا أدعو المشايخ الذين منعوا من توسعة المسعى إلى إدراك الفرصة قبل أن يتم العمل، ويتغطى المكان بالرخام وغيره، وأن ينزلوا بأنفسهم لمعاينة المكان وعندها أظن أن الأمر سيختلف في كلامهم.
وكذا في أمر المروة فإن امتداد الصخر امتداداً واحداً إلى أوسع من مساحة المسعى الجديد عرضاً بحيث أنها تتسع لمزيد من التوسعة، وكلها بين الصفا والمروة حيث أن المروة جزء من سفح جبل قعيقعان، وامتداد صخوره شرقاً واضح ظاهر للعيان.
وقد أخبرني من شاركوا في أعمال الحفر من إخواننا العمال المصريين أن أرض المسعى بعد الجبلين، إنما هي أتربة خالية من الصخر إلى أن يصل الحفر إلى الماء، بخلاف موضع الجبلين فإن صخورهما واضحة الامتداد، وكانت قبل ذلك مرتفعة عن سطح الأرض كما دلت عليه الصور وشهادة الشهود والكلام التاريخي للعلماء (1).
وأما ما ذكره بعض المتقدمين من تحديد عرض المسعى بـ 35.5 ذراعاً فهو في الحقيقة وصف للواقع الذي شاهدوه وليس ذلك بتحديد شرعي يلزم الرجوع إليه، بل الواجب أن يكون السعي بين الصفا والمروة، وقد كانت البيوت مقامة على الصفا وعلى المروة، والحوانيت التي أزيلت كانت أيضاً في المسعى قبل العمارة السعودية الأولى. فهل لو قيس المسعى عرضاً في وجودها يكون ذلك تحديداً شرعياً ملزماً، وهي قد أخذت جزءاًً من المسعى كما أخذت البيوت القديمة جزءاً منه؟
ولو أن أحداً قاس قطر المطاف اليوم شمالاً وجنوباً أو شرقاً وغرباً، ووصف ذلك الواقع هل يكون ذلك تحديداً شرعياً لا يجوز أن يوسع بعد ذلك؟
الذي لا نشك فيه أن هذا ليس تحديداً شرعياً؛ حيث لم يحدده النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا حدده المسلمون بحدود معلومة كما حددوا وتناقلوا أعلام الحرم والمشاعر الأخرى، فكان الواجب في السعي هو أن يكون بين الصفا والمروة على ما كانا عليه قبل أن تنالهما التغييرات بالتكسير أو النسف أو البناء عليها أو بينهما.
ولذا نرى أن الأدلة التي بنى عليها المانعون كلامهم لا تصلح دليلاً للمنع.
وأما المجيزون فمن بنى كلامه على مجرد التيسير والمصلحة دون ضابط ما بين الجبلين، فيلزمه تغيير المناسك والمشاعر، ولا نشك في بطلان هذا المسلك؛ فالتيسير لابد أن يكون منضبطاً بضوابط الشرع وما حدده. فعرفة والمزدلفة ومنى والحرم، وغير ذلك من المشاعر أماكن معينة أراها اللهُ إبراهيمَ -عليه السلام-، وتناقلها المؤمنون إلى يومنا هذا وإلى ما بعده، لا يسع أحداً أن يغير ما أُجمع عليه منها بزعم التيسير والمصلحة وإلا دخل في تشريع ما لم يأذن به الله -سبحانه-.
ولا شك أن قول من يقول إن المحدود لا يتسع لغير المحدود كلام باطل، واستدلال بالقواعد في غير موضعها. ثم كيف لا يكون عدد الحجاج محدوداً وهم في النهاية بشر معدودون ليسوا يزيدون إلى ما لا نهاية؟ ثم التوسعة الرأسية مع الأفقية كافية -إن شاء الله- لأضعاف هذه الأعداد، مع الالتزام بأماكن المشاعر وحدود المناسك التي شرعها الله، وإنما تضيق الأمور بسبب من صنع الناس كما ضاقت منى بسبب طريقة بناء الخيام الواسعة، وحجز أماكن لأناس مخصوصين، ولو استعملت التوسعة الرأسية لما ضاق الأمر -إن شاء الله-.
وأنا أنتهز هذه الفرصة لإسداء النصح للقائمين على المشاعر –وفقهم الله-، بشأن امتداد الخيام إلى مزدلفة لعدم وجود الأماكن بمنى مع سعتها بوجوب إعادة النظر في ذلك، فإنه كان سبباً في تضييق مزدلفة بالمساحات الهائلة التي ملئت بالخيام التي لا تُستعمل ليلة النحر -ليلة مزدلفة-، مما أدى إلى افتراش الناس الطرق المرصوفة مما يؤدي كل عام إلى بقاء الآلاف في عرفة في سياراتهم إلى الفجر، بل وإلى ما بعد طلوع الشمس مما يفوت عليهم واجب ذكر الله عند المشعر الحرام، وهو إما واجب أو ركن عند البعض من أهل العلم، بخلاف المبيت بمنى فإنه ليس ركناً عند أحد من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/267)
أهل العلم ويسقط للعذر كالرعاة والسقاة، فمن لم يجد بمنى مكاناً سقط عنه ذلك، ولا وجه لإلزامه بالمبيت بمزدلفة بدلاً منها بدعوى اتصال الخيام فالخيام ليست مقصودة شرعاً، بل هي مجرد وسيلة بخلاف صفوف الصلاة.
ويمكن لمن لم يجد مكاناً بمنى -إن عجزنا عن التوسعة الرأسية ولو بالبناء فإن حديث النهي عن البناء بمنى حديث ضعيف-، يمكنه أن يبيت بمكة أو بأي مكان من الحرم، وليقترب من منى إن استطاع ويمكنه أن يقضي أكثر من نصف الليل بمنى ثم يرجع إلى حيث يجد مكاناً بمكة، هذا حتى تتسع مزدلفة لنازليها بدلاً من تعطل الناس عن هذا النسك.
وأما أدلة المجيزين لتوسعة المسعى بضابط ما كان بين الجبلين قبل التغييرات، فنحن معهم ونقول بقولهم والواقع يثبت أن المسعى الجديد هو داخل ما بين الصفا والمروة، بل والأمر يتسع لأكثر من ذلك.
وفي خاتمة هذا المقال نوجه نصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم وللقائمين على أمر المسعى وشئون المسجد الحرام:
أنه ينبغي أن يكون المسعى القديم والمسعى الجديد كل منهما ذهاباً وإياباّ حتى لا يتحرج من يرى من العلماء والمشايخ الكرام -وهم من كبار أهل العلم- بعدم جواز التوسعة فلو أُلزِم الناس باتجاه المسعى القديم إياباً من الصفا إلى المروة فقط لوقع الآلاف في الحرج؛ لأنهم يقلدون مشايخهم القائلين بالمنع، ولو سعوا في الاتجاه المعاكس للناس لحصل ضرر عظيم بخلاف ما لو سمح بجعل المسعى القديم اتجاهين، والجديد كذلك، فإنه وإن وجد الزحام في القديم أكثر من الجديد إلا أن الحاجة دافعة أكثر الناس إلى الأخذ بالقول الآخر خاصة أن عوام المسلمين يسعهم في ذلك تقليد من يثقون فيه من علماءهم القائلين بالجواز.
وكما وجد من لا يرى جواز السعي في الطابق الثاني والثالث عند بنائهما، ولا يزال السعي في الطابق الأرضي أكثر زحاماً إلا أن الحاجة دافعة الأكثر إلى السعي في الطوابق العليا، وصار القول بالمنع من ذلك مهجوراً مع مرور الزمن، فكذلك عسى أن يكون الأمر في أمر المسعى الجديد، دون إحراج لأهل العلم ولمن يتبعهم ودون استعمال سلطة ولي الأمر في أمر فيه اختلاف واجتهاد، وليس هو مما قال فيه البعض: "إن حكم الحاكم يرفع الخلاف"، بل هذه القاعدة في غير هذا الموضع، والله أعلم.
وقد تدارست هذا الموضوع مع إخواني الأفاضل: الشيخ د/ محمد إسماعيل المقدم، والشيخ د/ أحمد حطيبة، والشيخ د/ سعيد عبد العظيم -حفظهم الله جميعاً-، فوجدت كلهم يوافق على السعي في المسعى الجديد، والحمد لله رب العالمين.
وأسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين على الهدى، وأن يرينا مناسكنا، وأن يتوب علينا إنه هو التواب الرحيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وثقت شهادة الشهود بالمحكمة العامة بمكة المكرمة لدى القاضي الشيخ عبد الله بن ناصر الصبيحي، وصدر بها صك شرعي برقم 158/ 44/11 تاريخ 25/ 12/1427هـ جاء فيه:
"في يوم الأحد الموافق 24/ 12/1427هـ، حسب تقويم أم القرى حضر عميد معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج الدكتور أسامة بن فضل البار، وأحضر معه فوزان بن سلطان بن راجح العبدلي الشريف حامل البطاقة رقم 100164066 وهو من مواليد عام 1349هـ، فقرر قائلاً: "إنني أذكر أن جبل المروة يمتد شمالاً متصلاً بجبل قعيقعان، وأما من الجهة الشرقية فلا أتذكر، وأما موضوع الصفا فإنني أتوقف".
كما حضر الدكتور عويد بن عياد بن عايد الكحيلي المطرفي حامل دفتر العائلة رقم 1001787769 وهو من مواليد عام 1353هـ، وقرر قائلاً: "إن جبل المروة كان يمتد شرقاً من موقعه الحالي بما لا يقل عن ثمانية وثلاثين متراً، وأما الصفا فإنه يمتد شرقاً بأكثر من ذلك بكثير".
كما حضر فضيلة كبير سدنة البيت الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد القادر شيبي حامل البطاقة رقم 1007139940 وهو من مواليد عام 1349هـ، فقرر قائلاً: "إن جبل المروة يمتد شرقاً وغرباً وشمالاً ولا أتذكر تحديد ذلك بالمتر، وأما الصفا فإنه يمتد شرقاً بمسافة طويلة حتى يقرب من القشاشية بما لا يزيد عن خمسين متراً".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/268)
كما حضر حسني بن صالح بن محمد سابق حامل البطاقة رقم 1004080568 وهو من مواليد عام 1357هـ، وقرر قائلاً: "إن جبل المروة يمتد غرباً ويمتد شرقاً بما لا يقل عن اثنين وثلاثين متراً. وكنا نشاهد البيوت على الجبل، ولما أزيلت البيوت ظهر الجبل، وتم تكسيره في المشروع، وأما جبل الصفا فإنه يمتد من جهة الشرق بأكثر من خمسة وثلاثين أو أربعين متراً".
كما حضر مدير جامعة الملك عبد العزيز السابق معالي الأستاذ الدكتور محمد بن عمر بن عبد الله زبير حامل البطاقة رقم 1050640554 وهو من مواليد عام 1351هـ، وقرر قائلاً: "إن المروة لا علم لي بها، وأما الصفا فالذي كنت أشاهده أن الذي يسعى كان ينزل من الصفا، ويدخل في برحة يمينه، وهذه البرحة يعتبرونها من شارع القشاشية، ثم يعود إلى امتداد المسعى بما يدل على أن المسعى في تلك الأماكن أوسع".
كما حضر الدكتور درويش بن صديق بن درويش جستنيه حامل البطاقة رقم 1019559580 وهو من مواليد عام 1357هـ، فقرر قائلاً: "إن بيتنا سابقاً كان في الجهة الشرقية من نهاية السعي في المروة، وكان يقع على الصخور المرتفعة التي هي جزء من جبل المروة، وقد أزيل جزء كبير من هذا الجبل بما في ذلك المنطقة التي كان عليها بيتنا، وذلك أثناء التوسعة التي تمت في عام 1375هـ، وهذا يعني امتداد جبل المروة شرقاً في حدود من خمسة وثلاثين إلى أربعين متراً شرق المسعى الحالي، وأما الصفا فإنها كانت منطقة جبلية امتداداً متصلاً بجبل أبي قبيس ويعتبر جزءاً منه، وكنت أصعد من منطقة السعي في الصفا إلى منطقة أجياد خلف الجبل".
كما حضر محمد بن حسين بن محمد سعيد جستنيه حامل البطاقة رقم 1001770203 وهو من مواليد عام 1361هـ، وقرر قائلاً: "إن جبل المروة كان يمتد من الجهة الشرقية، والظاهر أنه يمتد إلى المدعى، وأما جبل الصفا فإنه يمتد شرقاً أيضاً أكثر من امتداد جبل المروة".
فأمرت بتنظيم صك بذلك، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. حرر في 24/ 12/1427هـ.
القاضي
عبد الله بن ناصر الصبيحي
القاضي بالمحكمة العامة بمكة المكرمة
صورة قديمة لجبل الصفا والبيوت قبل إزالتها
جبل الصفا بعد إزالة البيوت ويظهر جليا امتداده إلى سطح جبل أبى قبيس
http://www.salafvoice.com/moshrefarticles.php?a=2&back=aHR0cDovL3d3dy5zYWxhZnZvaWNlLmNvbS9tb3NocmVmL nBocA==
ـ[محمد بو سيد]ــــــــ[23 - 05 - 08, 01:04 م]ـ
http://tojanna.com/sitefiles/pic_articles/p_6.jpg
صورة قديمة لجبل الصفا والبيوت قبل إزالتها
http://tojanna.com/sitefiles/pic_articles/p_5.jpg
جبل الصفا بعد إزالة البيوت ويظهر جليا امتداده إلى سطح جبل أبى قبيس
http://tojanna.com/sitefiles/pic_articles/p_4.jpg
ـ[ابو عبد الرحمن الجزائري]ــــــــ[27 - 05 - 08, 11:12 ص]ـ
حكم التوسعة الجديدة للمسعى
مقال لفضيلة الشيخ "أبو عبيدة" مشهور بن حسن آل سلمان
حفظه الله تعالى ورعاه
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله http://www.mashhoor.net/images/salat-rasool.gif،
أما بعد:
علماء الأمة تحدثوا عن حكم السعي في المسعى الجديد، والمتتبع لما ينشر على الشبكة العالمية "الإنترنت"، يجد أن هناك أحاديث ومقالات وآراء ودراسات في المسألة وأنّ هناك بعض الأقوال المتعارضة، والذي فهمته أنّ في نية المسؤولين فتح المسعى الجديد الذي هو امتداد للمسعى القديم وجزء منه، وجعله للسعي بين الصفا والمروة، وجعل السعي القديم سعي من المروة للصفا، وبذا يكون المسعى قد تضاعف مرتين.
الناظر -ولا سيما فيمن منّ الله عز وجل عليه بالحج في السنوات الأخيرة- يجد ما للزحام الشديد قبل توسعة مرمى الجمار في منى من أثر بالغ في لحوق المشقة بالحجيج والتي أدّت -في بعض المواسم- إلى موت العشرات منهم، وما ذكرنا في شأن الرمي نراه ينطبق تماماً على مسألة السعي بين الصفا والمروة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/269)
قد كان لهذه المشقة أثر واعتبار في نظر العلماء في توسيع المطاف نتيجة للزحام البالغ في طوافي الإفاضة والوداع، فما دامت الصفوف قد اتصلت في داخل صحن الكعبة والناس يطوفون فحاله حال المسجد، والتوسعات التي جرت في الحرمين الشريفين ابتداءً من عهد عمر فعثمان -رضي الله عنهما- فابن الزبير –رضي الله عنه-، ثم أحدث المهدي سنة 160هـ توسعته الأولى في الحرم، ثم في سنة 164هـ أحدث توسعة أخرى، وكانت التوسعة الثانية للمهدي، وأخذ جزءً من الرحبة من المكان الممتد الذي كان من جهة غرب المسعى وأدخله في المسعى، والأئمة ممن ألّفوا في تاريخ مكة كالفاكهي والأزرقي وغيرهما تكلموا كثيراً حتى إن القطبي في كتابه "الإعلام" ذكر إشكالات في موضوع السعي، تشبه تماماً الإشكالات الحاصلة في هذا الوقت.
وقد وردت أسئلة كثيرة من بلدان العالم من "المملكة المتحدة" و "أمستردام" وأماكن أخرى حول حكم السعي في المسعى الجديد فأجبت بما مفاده:
مسألة توسعة المسعى مسألة حاول سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ -شيح المشايخ وشيخ الشيخ ابن باز رحمهما الله- أن يضبط عرض المسعى في جهود مشكورة في الجزء الخامس من كتابه "الفتاوى" ودرس موضوع المسعى دراسة جيدة –أثابه الله-، وكان ذلك إبّان التوسعة السعودية الثانية في المسعى والتي كانت أكبر توسعة في التاريخ، والتي استمرت قرابة عشرين عاماً، ووجد في حينها أنّ المسعى يقبل الامتداد من جهة الشرق، وكانت هناك دور ومنازل على المسعى، والكلام عن المسعى وتوسعته طويل وكثير ولو صرنا نستعرض الكلام بالتفصيل لنصل إلى تأصيل وتقعيد في المسألة لاحتجنا إلى وقت طويل، ولكن للقضاء على الخلاف البسيط أرى أنه لا بُدَّ من دراسة هذا الموضوع في المجامع الفقهية وهيئة كبار العلماء، فهذه مسألة كبيرة تحتاج لاجتهاد جماعي ورأي جماعي بعد دراسة المسعى والتطورات والتغييرات التاريخية، وبعد هذه السلسلة الطويلة والكثيرة من الدراسات والأبحاث الجديدة التي لا شك أنها أضافت شيئاً يستحق معه إعادة النظر في دراسة الموضوع مجدداً، أرى أنه لا مانع من أن نذكر رأينا ونحاول أن نلملم أطراف المسألة بقدر المستطاع، أقول: سبب الخلاف في المسألة منذ أن كانت التوسعة؛ هو هل المكان الذي يسعى فيه الناس مكان مقصور محدود أم أنه ممدود؟ وهل عرض المسعى المذكور في كتب تاريخ مكة -مثل كتاب الأزرقي والفاكهي وغيرهما، وقد ذرعوه بخمسة وثلاثين ونصف ذراع- هو المكان المعدّ للسعي، أم أنّ هذا الإخبار عن الأمر الواقع فحسب، والمكان الذي يجزء السعي فيه أوسع من ذلك وأنّ السعي ما دام واقعاً بين جبلي الصفا والمروة فهو صحيح ومجزء، وإن هُجر السعي فيه فترة من الزمن، لعدم احتياج الناس لذلك؟
أرسل الشيخ العلامة السّعدي –رحمه الله- لشيخنا في الإجازة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز ابن عقيل مراسلات في مسائل كثيرة ومنها توسعة المسعى بتاريخ 21 ذي الحجة سنة 1375هـ ومما جاء في الرسالة قول الشيخ السعدي لتلميذه: "وكذلك المسعى منهم من قال إنّ عرضه لا يحد بأذرع معينة، بل كل مكان بين الصفا والمروة فهو داخل في المسعى كما هو ظاهر النصوص من الكتاب والسنة وكما هو ظاهر فعل النبي http://www.mashhoor.net/images/salat-rasool.gif وأصحابه ومن بعده ومنهم من قال: يقتصر فيه على الموجود لا يزاد فيه إلا زيادة يسيرة أي في عرضه، قال: هذا هو قول أكثر الحاضرين".
وصدرت فتوى عن هيئة كبار العلماء في ذلك الوقت أنّ المسعى قد حدّ في عرض محدود ولا تجوز الزيادة عليه، ولذا رأوا أنّ توسعة المسعى تكون من خلال بناء دور ثان علوي بدلاً من مدِّ المسعى من جهة الشرق.
والفتوى قد صدرت باسم سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم وكان المفتي العام آنذاك.
يقول الشيخ السعدي: "ويظهر من حال الشيخ محمد بن إبراهيم أنه يعمل على قول هؤلاء لأنه لا يحب التشويش ولا الاعتراض على أحد".
ثم ظفرت برسالة خطية بقلم العلامة المحقق ذهبي أهل العصر الشيخ المعلمي اليماني –رحمه الله- والرسالة ليست مطولة ولم يمد فيها النفس –كعادته- ولكن ذكر فيها جواز توسعة المسعى ورأى أن العبرة بالسعي لا بالمكان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/270)
ولسماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم رسالة في جواز تنحية المقام عن مكانه من أجل التوسعة على الطائفين، وقد سبق لما أن ذكرنا أن الصفوف ما دامت أنها موصولة وأنّ الطواف يقع في بيت الله الحرام فمهما زِيْد فالزيادة لها حكم الأصل، وما قارب الشيء أعطي حكمه، كما هو معلوم من كتب أهل العلم، وقد نقل في رسالته كلاماً جيداً للرملي المسمى بالشافعي الصغير في "نهاية المحتاج" وهو قوله:
"لم أر في كلامهم ضبط عرض المسعى وسكوتهم عنه لعدم الاحتياج إليه، فإنّ الواجب استيعاب المسافة التي بين الصفا والمروة كل مرة"
ثم ظفرت بحواشي عبدالحميد الشرواني ويقول فيها ما معناه "إن ضبط العلماء للمسعى إنما هو ضبط تقريبي ولا حاجة لضبط عرض المسعى".
والسعي طولاً من حيث نقطة البدء والانتهاء في كل شوط مع المرور من بطن الوادي هو الذي فعله النبي http://www.mashhoor.net/images/salat-rasool.gif، والفقهاء ينصون في كتبهم على وجوب استيعاب المسافة بين الصفا والمروة (1) ( http://www.mashhoor.net/inside/articles/monthly.htm#1)، وأن البدء بالصفا والانتهاء بالمروة في كل مرة هو شوط، ثم العودة من المروة إلى الصفا هو شوط ثان، والواجب السعي سبعة أشواط دون النظر إلى عرض المسعى ذلك أنّ الصفا جبل والمروة جبل والعبرة أن يقع السعي بينهما، فإذا كانت التوسعة الجديدة ضمن عرض المسعى فلا ينبغي التردد في الجواز ألبتة، وعرض المسعى اليوم عشرون متراً والجبال -كما هو معلوم- من حيث العرض أوسع من عشرين متراً، ذلك أنّ أصل السعي كما في "صحيح البخاري" برقم (3364) من حديث ابن عباس في قصة إبراهيم مع أم إسماعيل والقصة طويلة وأنه تركها وابنها بقرب بيت الله الحرام وفي آخر القصة "وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء الذي وضعه بجانبها حتى إذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال يتلبط، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه وهو يموت، فانطلقت فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر فلم تر أحداً، ثم هبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف ذراعها ثم سعت أي ركضت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة -الجبل الذي يقابل الصفا- فقامت عليه فنظرت هل ترى أحداً، فلم تر أحداً، ففعلت ذلك سبع مرات، قال ابن عباس قال النبي http://www.mashhoor.net/images/salat-rasool.gif: " فذلك سعي الناس بينهما" أي فعل أم إسماعيل الذي فعلته.
ولا يمكن تحديد المسار الذي سارت فيه أم إسماعيل على الجبل بل لا يمكن أن نحدد المسار الذي سار فيه النبي http://www.mashhoor.net/images/salat-rasool.gif على الجبل، ويمكن أن نقول أنّ ما سكت عنه الشرع فهو في دائرة العفو، والنبي حدد الأمر بطرفيه طولاً وسكت عن العرض الذي بين الأمرين، وبتغيير معالم الجبلين ووجود الحواجز وبناء الجدار الذي يحد المكان في العصور المتأخرة وتحديد المقاييس في المكان الذي أصبح يؤدى فيه السعي آنذاك، وتحديده بالأذرع أو بالأمتار أو بالأصابع تولدت المشكلة ووقع الخلاف، هل هذا المكان الذي يسعى فيه هو المكان الذي يحدد ولا يقبل الزيادة عليه أم أنّ الأمر على أصله في سعة، يقول الشرواني في "حواشيه على تحفة المحتاج" (الجزء الرابع ص98)، ونص كلامه: " ولك أن تقول الظاهر أن التقدير بعرضه بخمسة وثلاثين على التقريب إذ لا نص فيه يحفظ من السنة".
نعم، الواجب السعي في المكان الذي بين جبلي الصفا والمروة، العبرة بأصل المسعى آنذاك كما هو معلوم، فإن تعارف الناس على مكان محدد خاص في المسعى فهذا لا يلغي أن يكون ما تبقى من الصفا أو ما تبقى من المروة من شعيرة المسعى، فقد هجر الآن تحول الساعي في المسافة المعدة في الشق المخصص للتحول من الصفا إلى المروة، وكذلك في الشق المخصص للتحول من المروة إلى الصفا، فلو أنّ حاجاً أو معتمراً اقتصر في سعيه على شق واحد من المسعى لأجزأ ذلك، من غير خلاف إذ علّق الشرع الحكم بالسعي على ما بين الجبلين، فلا يدل عدم فعل السعي في المكان الذي هو من شعيرة المسعى على عدم الإجزاء إن هجر الفعل فيه، المهم أن لا يكونا قد خرجا عن كونهما من المسعى، فإذا كان المسجد -أعني المطاف- قد وسع فيه وسوغ العلماء الزيادة فيه وكذلك مسجد النبي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/271)
http://www.mashhoor.net/images/salat-rasool.gif حتى عمر رضي الله عنه لما وسع المسجد كان يقول: "لو مد مسجد النبي http://www.mashhoor.net/images/salat-rasool.gif إلى ذي الحليفة لكان منه".
وقرر شيخ الإسلام في "الرد على الأخنائي" (ص 135) أن حكم الزيادة التي تمد في المسجد النبوي وكذا في المسجد الحرام يضعَّف فيها الأجر وليس الأجر المضعَّف الركعة بمائة ألف أو بألف ليس فقط في الصلاة التي كانت تصلى في المكان الذي صلى فيه النبي http://www.mashhoor.net/images/salat-rasool.gif فقط، فالمسعى مع ضيقه منذ القدم من باب أولى، وقد ذكرت في نصوص كثيرة وشهيرة ولا سيما في كتب الرحلات، وقد تتبعت -فيما أزعم ذلك- تتبعاً حسناً وتبيّن لي أنّ المسعى قديماً كان يتسع للمقدار المضاف اليوم للمسعى القديم وزيادة، ذلك أنه كان باقي المسعى – الذي هجر فعل السعي فيه آنذاك - سوقاً يجلس فيه الباعة وشكا غير واحد قديماً وحديثاً أنهم كانوا يشوشون على الساعين.
فمثلاً ابن بطوطة في رحلته "تحفة النظار في غرائب الأمصار" في (الجزء الأول ص 380 - 381 من الطبعة المغربية) لما حدّ المسعى وتكلم عليه قال: "وبين الصفا والمروة مسيل فيه سوق عظيمة تباع فيها الحبوب، واللحم، والتمر، والسمن، وسواها من الفواكه، والساعون بين الصفا والمروة يكادون يغطسون من زحام الناس على حوانيت الباعة، وليس بمكة سوق منتظمة سوى هذه،-أي هذه السوق- إلا البزازون والعطارون عند باب بني شيبة".
ووجدت في كتاب "الأيام المبرورة في البقاع المقدسة" (ص72) لمحمد لطفي جمعة، -وكانت رحلته في شتاء سنة 1359هـ الموافق 1940م- قوله: "خرجنا من باب الصفا غير مصدقين أننا نغادر الكعبة حتى لضرورة السعي بين الصفا والمروة، ولكنه فراق مؤقت لم يكن منه بد، وكنا ما زلنا في وقت لا يتبين فيه الخيط الأبيض من الخيط الأسود -يعني في وقت السحر-، وما كان أعظم دهشتي عندما وجدت المسعى شارعا مبلطاً بالحجر الأزرق الغليظ الذي بين مربعاته الضخمة فوارق وعلى جانبه دكاكين ومتاجر ومنه تتفرع حارات وشوارع".
هذا المسعى قديماً، وبُني الجدار في عصور المتأخرين، لا نقول إنّ المسعى فقط هذا المكان جبلان عرض الواحد عشرون متراً، فالجبل أوسع من ذلك كما سيأتينا في كلام ابن جرير الطبري.
ويقول عبدالوهاب عزام في كتاب "الرحلات" (ص363) –وكان قد ذهب للحج سنة 1937م- معبراً عن مشاهداته للمسعى: "ثم يرجو كل مسلم أن يصلح المسعى بين الصفا والمروة، فيفصل عن السوق والطريق، ويجعل على شاكلة تشعر الساعي أنه في عبادة ينبغي أن تفرغ لها نفسه ويتم لها توجهه، وما أحوج الحرمين في مكة والمدينة إلى أن تزحزح عنهما الأبنية المجاورة ويدور بهما محيط واسع يظلله شجر ... "إلخ.
والذي يقرأ كتب رحلات الحج في الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين الميلادي يجد عجباً يقول غير واحد: كنا نشاهد بعض الملوك يسعون بالسيارة بين الصفا والمروة وقطعاً هذا معناه أن المسعى عرضاً أوسع من المسعى الموجود اليوم.
وقد وجدت في بعض الكتب أن جملاً دفن في المسعى، بل في ترجمة الإمام النسائي قيل أنه دفن بين الصفا والمروة.
الكلام في تغيير المسعى -كما ذكرت- كثير، وقد أحدث في بعض العصور إشكالات فقد ذكر الأزرقي في كتابه "وكان المسعى في بطن المسجد الحرام اليوم" يعني في توسعة المهدي سنة 164هـ، أدخل شيئاً من المسعى في بطن المسجد يعني أخذ من أطرافه من جهة الغرب، لأنّ المسعى كان في تلك الفترة فيه سعة، وفيه دور، والدار التي كانت بمسامة الميل الأخضر الأول الذي يسعى إليه كانت دار العباس عم النبي http://www.mashhoor.net/images/salat-rasool.gif وآل هاشم وكانت رباعهم من تلك الجهة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/272)
ووجدت في بعض الآثار عند ابن أبي شيبة في "المصنف" (5/ 345 – ط الرشد) أو (8/ 331 – ط القبلة) عن مجاهد: أن المسعى قد انتقص منه، ومعنى انتقص منه أنهم كانوا يسعون ولا يستوعبون جميع المسافة آنذاك؛ أعني: من حيث العرض، فدار العباس كانت في المسعى، ودار الأرقم كانت فيه أيضاً، واشتراها أبو جعفر المنصور، وكانت دار الأرقم هي أول دار يجمع النبي http://www.mashhoor.net/images/salat-rasool.gif الناس فيها للإسلام سراً في السنوات الثلاث الأول، وكانت قريبة من المسعى، ويقول يحيى بن عمران بن الأرقم –وهو من ذرية الأرقم بن أبي الأرقم- كما في "طبقات ابن سعد": "إني لأعلم اليوم الذي وقعت –أي الدار- في نفس أبي جعفر المنصور، اشتراها وجعلها لأم ولديه الخَيْزُران".
يقول يحيى: "إنه –أي أبا جعفر المنصور- وهذا خبر جاء عرضاً، -والأخبار التي تأتي عرضاً في كتب السيرة والتاريخ لها مصداقية وغالباً لا تقبل التزوير ولا التزييف- يقول يحيى بن عمران: وكانت داره في الصفا –إذ كان الصفا جبلاً وكان فيه دور- يقول: إني لأعلم اليوم الذي وقعت فيه –أي الدار- في نفس أبي جعفر إنه ليسعى بين الصفا والمروة في حجةٍ حجّها ونحن على ظهر الدار في فسطاس فيَمُر تحتنا لو أشاء أن آخذ قلنسوة لو كانت عليه لأخذتها –يعني أن الدار بجانب المسعى- ولو أردت أن أمسك رأسه لفعلت، -وهذا دلالة على أن المسعى كان فيه حارات وشوارع، والمسعى جبل واسع- وإنه لينظر إلينا من حين يهبط بطن الوادي حتى يصعد إلى الصفا .. " إلخ كلامه.
فمن تلك الفترة وقعت الدار في نفس أبي جعفر المنصور فاشتراها.
يقول ابن جرير في تفسير قوله تعالى: (إن الصفا والمروة) [البقرة: 158] إن الصفا حجر أملس، وإن المروة جمع مروة والمروة الحجر الصغير يقول في (الجزء الثاني ص709 – ط هجر) وإنما عنى الله تعالى ذكره (الصفا والمروة) [البقرة: 158] في هذا الموضع الجبلين المسمين الذين في حرمه دون سائر الصفا والمروة، فالأحكام إذاً معلقة بالجبل، والجبل غالباً تكون مساحته واسعة قال ولذلك دخل فيهما الألف واللام ليعلم عباده أنه عني بذلك الجبلين المعروفين بهذين الاسمين دون سائر الأصفاء والمرو، والشاهد أن الشرع علق السعي بالجبلين فمتى وقع السعي بين مسمى الجبلين أجزأ، ومنهم من اشترط أن تكون الطريق في السعي طريقاً معهودة موصولة يكون فيها الحجيج.
والخلاصة أنّ الكلام على المسعى طويل وكثير، وقد قمت بدراسةٍ وحققت فيها رسالة الشيخ المعلمي اليماني –رحمه الله- وعلقت عليها كثيراً، وقد مدّ القلم وأرخيت له العنان، وذكرت ما يمكن أن يرجِّح القول بالجواز متابعاً إياه في ذلك، وأشرت إلى المخالفين، وتبقى المسألة فيها خلاف، والقضاء على البلبلة لا يمكن أن يقع إلا من خلال كلمة تصدر من هيئة معتبرة عند أهل العلم تجتمع فيها الآراء وتقطع فيها جهيزة كل خطيب، لأن هذه المسألة خطيرة ومهمة ولها أثر على ركن من أركان الإسلام وهو الحج، وأسأل الله عز وجل أن يوفق علماء المسلمين لأن تجتمع كلمتهم في هذا الباب وغيره، وسأعمل قريباً إن شاء الله على نشر رسالة المعلمي اليماني -رحمه الله- بضميمة تعليقاتي عليها، أسأل الله عز وجل أن يجعل فيها غنية أو بلاغاً من عيش، والله تعالى أعلم وأحكم.
والخلاصة أنه لا حرج في السعي في المسعى الجديد، وأن المسعى الجديد هو في زيادة يشملها المسعى لأن النبي http://www.mashhoor.net/images/salat-rasool.gif سعى في مكان واحد وهذا المكان لا نعرفه، وهاجر –كما قال ابن عباس في البخاري- سعت في مكان معين فلو كان لا يجزئ هذا السعي إلا فيه، لحجرنا واسعاً، وضيقنا على الناس بما لا طائل تحته، ولا فائدة منه، إذ لا أثر ولا مستند عليه وله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/273)
والعبرة أن يكون السعي بين الصفا والمروة، وقضت سنة سبحانه أن لا يحدد الرواة مكان سير رسول الله http://www.mashhoor.net/images/salat-rasool.gif، ولا مكان سير هاجر، وألهم نبيّه محمداً http://www.mashhoor.net/images/salat-rasool.gif أن يسعى ماشياً أحياناً وراكباً أحياناً، ليعلم أمته أن العبرة ليست في تتبع آثار الأقدام، ولا في الخط الذي سارت فيه، بل في سعيه راكباً دليل على عدم اشتراط مس الأقدام للمسعى، وأنه لو وضع عليه ردم فانتفخ، أو قطع الجبل، وأزيل ارتفاعه، وسعي في أصل أرضه لجاز، بل في سعيه راكبا إشارة –والله أعلم- إلى جواز السعي في الأدوار العلوية، فتأمل!
ويستفاد من ذلك أيضاً صحة السعي مع تغير تضاريس الجبلين الصفا والمروة وبوجود الردم والهدم مع مرور الزمن كما حصل في التوسعة السعودية قبل الأخيرة التي وقعت سنة 1375هـ بدأوا يحفرون وينزلون في أرض المسعى حتى وجدوا الأدراج، والذي يقرأ كتب الفقهاء في الحج يجد أنه يجب عليه أن يصعد على الدرج والآن ليس هناك درج، وقبل فترة قصيرة كانت هناك أدراج والأدراج الأولى دفنت ثم بنوا أدراجاً جديدة، ويقول صاحب "التاريخ القويم" -الكردي-: "المسافة التي كانت بين الأدراج التي رأيناها بعد الحفر قرابة المترين" والجبل قمة وقاعدة الجبل أوسع من رأس الجبل، فإذا سعينا على رأس الجبل نسعى في مكان ضيق، فإذا قطعنا رأسه وسعينا في قاعدته اتسع المكان ثم السعي.
فالعبرة بالسعي أن يكون بين جبل الصفا وجبل المروة ويبعد واقعاً وعقلاً أن يكون الجبل ممتداً فقط عشرين متراً، واليوم عرض المسعى بالضبط عشرون متراً، ولو كان كذلك، فيبعد أن يكون الجبلان (الصفا) و (المروة) يقابل بعضهما بعضاً بمسافة واحدة، لا يخرج هذا عن حدِّ هذا في العرض، ولو كانا كذلك لما ترك العلماء التنصيص على ذلك، وقد ذكر غير واحد أن المروة بإزاء الصفا بمعنى أن عرض كل منهما ليس بمتساوٍ تماماً، وهذا يدل دلالة واضحةً أن حال المسعى اليوم من حيث العرض من جراء الحفريات، فاقتطع من الجبلين مسافة تسامت الأخرى، وأن عرض كل منهما ممتد، على ما شهد به مجموعة من الثقات، ممن شاهد، وبعضهم –كأصحاب كتب الرحلات إلى الديار المقدسة- أقر ذلك، وهم جماعة كبيرة تباينت أمصارهم، وتغايرت أعصارهم، ويستحيل تواطؤهم على الكذب، والموقع الذي فيه المسعى الجديد من ضمن المسافة الممتدة من جهة الشرق، يظهر هذا جليّاً لكل من تابع الشهادات والمشاهدات، سواء المرقومة منها أو المسموعة، والحمد لله رب العالمين.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) وقد نصوا أيضاً على وجوب الصعود على الدرج في حين أن الآن ليس هناك درج وقبل فترة قصيرة كانت هناك أدراج، والأدراج الأولى قد دفنت ثم بنوا أدراجاً جديدة وقد وجدت الأدراج عند بدء الحفر في التوسعة السعودية قبل الأخيرة والتي كانت في عام 1375هـ، وأفاد الكردي في كتابه: "التاريخ القويم": "المسافة التي كانت بين الأدراج التي رأيناها بعد الحفر قرابة المترين"، يريد أن المسعى ارتفع بأسباب الردم الذي تعاقب عليه، ومن المعلوم أن قاعدة الجبل أعرض من رأسه.
http://www.mashhoor.net/
ـ[ابو سلطان البدري]ــــــــ[27 - 05 - 08, 09:03 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=56991&stc=1&d=1211907163
ـ[ابو سلطان البدري]ــــــــ[27 - 05 - 08, 09:26 م]ـ
كلمة حقفي توسعة المسعى
(دراسة علمية تاريخية عن حكم توسعة المسعى)
كتبها
د. صالح بن عبد العزيز بن عثمان سندي
ملحوظة:
لم تطب نفسي بنشر البحث حتى عرضته على عدد من أهل العلم وطلابه؛ فاستحسنوه، وحثوا على نشره، والحمد لله على إعانته.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فلا أظن أن مسألة فقهية معاصرة قد حظيت بما حظيت به توسعة المسعى التي قامت مؤخرا من نقاش علمي وحشد إعلامي، وقد كنت متابعا لما يُكتب ويُقال منذ ابتداء العمل فيها وإلى هذه الأيام.
ولقد هالني ما قرأت وما سمعت مما أجلب عليه كثير من المتكلمين في الموضوع من أدلة، وما طوعوه من قواعد ليوافق ما اختاروا، ولست بالتأكيد أعني الجميع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/274)
إن الحق الذي لا ريب فيه أن الصفا والمروة من شعائر الله، والمسعى بينهما محلٌ توقيفي عرفه المسلمون أجمعون كما هو دون زيادة أو نقصان، وتوارثوه على حاله جيلا بعد جيل.
والقائلون بجواز هذه التوسعة لم يظفروا –على كثرة ما بحثوا وقالوا- بدليل صحيح صريح الدلالة لا معارض له يعضد ما نصروا، ولا بنص واحد عن إمام معتبر من أئمة المسلمين السابقين يجيز فيه توسعة المسعى، ولا بنقل عن أحد منهم أنه سعى في غير المسعى المعروف.
وهذه الأوراق فيها بحث هذا الموضوع: تأصيلا له، ومناقشة لأدلة المجيزين، وكان الوصول إلى الحق قصدي في كتابتها.
كما قصدت السعي في الذب عن أعراض علماء أعلام تناولتهم ألسنة وأقلام بغمز ولمز لفتواهم بعدم الجواز، مع أنهم –دون شك- أسعد بالصواب.
أسأل الله أن يجعل هذا المكتوب مسددا نافعا، كما أسأله أن يوفق ولاة أمرنا وعلماءنا إلى ما يحب، وأن يأخذ بأيديهم إلى ما يرضيه، والله المستعان.
المسألة الأولى: محل السعي.
إن مما لا تختلف فيه كلمة المسلمين أن محل السعي شرعا: ما بين الصفا والمروة، ودليل ذلك من كتاب الله قوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا).
ودليله من السنة: كونه المحل الذي سعى فيه النبي عليه الصلاة والسلام، وقد جاء في السنة عشرات الأحاديث –في الصحيحين وغيرهما- فيها التنصيص على أنه عليه الصلاة والسلام سعى بين الصفا والمروة، وهو القائل: (خذوا عني مناسككم) أخرجه مسلم.
وعليه فمن سعى خارجا عما بين الصفا والمروة لم يكن ممتثلا للأمر الشرعي؛ والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) أخرجه مسلم.
ولأجل هذا فقد نص جمع من الفقهاء على أن من شروط صحة السعي أن يكون في محله بين الصفا والمروة.
قال الرملي في نهاية المحتاج 3/ 291: (ويشترط [أي في السعي] قطع المسافة بين الصفا والمروة كل مرة، ولا بد أن يكون قطع ما بينهما من بطن الوادي، وهو المسعى المعروف الآن). ثم نقل إجماع العلماء وغيرهم من وقت الأزرقي (قيل إنه توفي في 223هـ، وقيل 250هـ، وقيل غير ذلك) إلى زمانه (توفي في 1004هـ) على أن السعي إنما هو في المسعى المعروف.
وانظر أيضا: حاشية البجيرمي على الخطيب 2/ 375، وغيرها من كتب الشافعية.
وأنبه هنا إلى أن الوادي في كلام الرملي وغيره من العلماء في هذا المقام يراد به المسيل الذي بين الصفا والمروة، قال ابن جبير في رحلته 88: (وما بين الصفا والمروة مسيل). وليس هذا هو الوادي الآخر الممتد شرقا وغربا الذي يمر به في موضع الهرولة.
ومن كلام العلماء في الاشتراط المذكور قول الحطاب المالكي في مواهب الجليل لشرح مختصر خليل 4/ 118: (وللسعي شروط ... ومنها كونه بين الصفا والمروة؛ فلو سعى في غير ذلك المحل بأن دار من سوق الليل أو نزل من الصفا فدخل المسجد لم يصح سعيه).
وفي المسلك المتقسط في المنسك المتوسط (192) لملا علي القاري –مع حاشيته إرشاد الساري- أثناء الكلام عن شروط السعي؛ ذكر في الشرط الأول: ((كينونته بين الصفا والمروة) أي بأن لا ينحرف عنهما إلى أطرافهما).
وهذا الاشتراط لم تخل منه كتب الفقه المعاصرة أيضا؛ ففي فقه السنة لسيد سابق 1/ 639 أثناء الكلام عن شروط السعي: (وأن يكون السعي في المسعى؛ وهو الطريق الممتد بين الصفا والمروة).
وهذا الحكم قد توارد على تقريره كثير من أهل العلم.
قال النووي في المجموع 8/ 102: ((فرع) قال الشافعي والأصحاب: لا يجوز السعي في غير موضع السعي؛ فلو مرّ وراء موضع السعي في زقاق العطارين أو غيره لم يصح سعيه؛ لأن السعي مختص بمكان فلا يجوز فعله في غيره كالطواف.
قال أبو علي البندنيجى في كتابه الجامع: موضع السعي بطن الوادي.
قال الشافعي في القديم: فإن التوى شيئا يسيرا أجزأه، وإن عدل حتى يفارق الوادي المؤدي إلى زقاق العطارين لم يجز.
وكذا قال الدارمي: إن التوى في السعي يسيرا جاز، وان دخل المسجد أو زقاق العطارين فلا، والله أعلم).
ونقل قول الشافعي هذا غير واحد، منهم: الروياني في بحر المذهب 5/ 173، والرملي في نهاية المحتاج 3/ 291 وغيرهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/275)
على أن من الشافعية من استشكل جواز هذا عن الشافعي وتأوله بأنه أراد الالتواء الذي لا يخرج عن حدود المسعى، كما تجده في تحفة المحتاج وحواشي الشرواني وغيرها من كتب الشافعية.
وقال النووي –أيضا- في الإيضاح في مناسك الحج 290 –مع حاشية الهيتمي-: ( ... فلو أنه لما عاد من المروة عدل عن موضع السعي وجعل طريقه في المسجد أو غيره وابتدأ المرة الثانية من الصفا أيضا لم يصح). إذن فللسعي موضعه الواضح المعلوم.
ومن تقرير العلماء لهذا الحكم أيضا: قول شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة 2/ 599: (لو سعى في مسامتة المسعى وترك السعي بين الصفا والمروة لم يجزه).
وقول القطب الحنفي في كتابه الإعلام 103 –نقلا عن تحصيل المرام 1/ 342 - : (السعي بين الصفا والمروة من الأمور التعبدية التي أوجبها الله تعالى علينا، ولا يجوز العدول عنه، ولا تُؤدى هذه العبادة إلا في ذلك المكان المخصوص الذي سعى فيه صلى الله عليه وسلم).
وقول العلامة الشنقيطي في أضواء البيان 5/ 253: (اعلم أنه لا يجوز السعي في غير موضع السعي، فلو كان يمر من وراء المسعى حتى يصل إلى الصفا والمروة من جهة أخرى لم يصح سعيه؛ وهذا لا ينبغي أن يختلف فيه.
وعن الشافعي في القديم: أنه لو انحرف عن موضع السعي انحرافا يسيرا أنه يجزئه. والظاهر أن التحقيق خلافه، وأنه لا يصح السعي إلا في موضعه).
المسألة الثانية: تحديد المسعى.
قد تقرر في القرآن الكريم أن الصفا والمروة من شعائر الله سبحانه، قال تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) أي من أعلام دينه الظاهرة التي تعبّد بها عباده.
وهذا الموضع معروف بيّن عند المسلمين كافة لا يختلفون فيه، وليس لهم –عبر تاريخهم- مكان يسعون فيه سواه.
يقول أبو المعالي الجويني في نهاية المطلب 4/ 304: (ومكان السعي معروف لا يُتعدى).
ويقول ملا علي القاري في مرقاة المفاتيح 5/ 475: (والمسعى هو المكان المعروف اليوم؛ لإجماع السلف والخلف عليه كابرا عن كابر).
ويقول الفاسي في كتابه شفاء الغرام 1/ 521: (وما حُفظ عن أحد منهم [أي أهل العلم] إنكارٌ لذلك [أي السعي في محل السعي المعروف] ولا أنه سعى في غير المسعى اليوم).
ويقول مؤرخ مكة محمد طاهر الكردي في كتابه التاريخ القويم 5/ 363 –أثناء كلامه عن اختلاف أوضاع الناس في السعي سهولة وصعوبة منذ القدم وإلى العصر الحاضر-: (موضع السعي هو هو؛ لم يتغير ولم يتبدل ولم ينقص ولم يزد).
ومع كون هذا المشعر العظيم معلوما ظاهرا للناس قد جرى تواترهم العملي على تعيينه - فإن كثيرا من العلماء قد عُنوا بتحديده؛ سواء أكانوا من علماء الفقه أو التفسير أو التاريخ أو من أصحاب الرحلات.
ويمكن استخلاص تحديد المسعى في كلام العلماء من جهتين:
الأولى: تحديد عرض المسعى.
والثانية: تحديد الصفا والمروة.
أما عن الأولى: فإن من العلماء من ذكر حد المسعى إجمالا؛ وهو عرض الوادي –كما سبق النقل من المجموع للنووي – وهذا الوادي كان موجودا قديما، وهو محل السعي.
غير أن آخرين من أهل العلم كانوا أكثر تدقيقا؛ فقد حددوا عرض المسعى بالذراع، وأقدم من وقفت عليه قد اعتنى بهذا الأمر: أبو الوليد الأزرقي (قيل إنه توفي في 223هـ، وقيل 250هـ، وقيل غير ذلك)؛ فإنه ذكر في أخبار مكة 2/ 119 أن عرض المسعى –فيما بين العلم الذي على باب المسجد إلى العلم الذي على دار العباس- خمسة وثلاثون ذراعا ونصف ذراع.
وعلى القول بأن الذراع 46.2 سم (انظر: معجم لغة الفقهاء 420)؛ فيكون العرض إذن: ستة عشر مترا ونصفا تقريبا، وعلى القول بأن الذراع 48 سم –كما في تاريخ عمارة المسجد الحرام لباسلامة-فيكون عرض المسعى: سبعة عشر مترا تقريبا. وإذا كان المقصود بالذراع الذراع الهاشمية فإنها أكبر من ذلك إذ تبلغ (64 سم) (انظر: المعجم الوسيط 311).
ومن الكتب التي نصت عليه أيضا: كتاب: المناسك وطرق الحج، فقد جاء فيه ص502: (وذرع المسعى من المسجد الحرام إلى دار العباس: اثنان وثلاثون ذراعا).
وبناء على هذا التحديد يكون عرضه: أقل من خمسة عشر مترا بقليل أو أكثر بقليل؛ بحسب الاختلاف في طول الذراع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/276)
وقريب من هذا التحديد ما جاء عند الفاسي في شفاء الغرام (1/ 519) إذ جعل المسافة بين باب العباس إلى دار العباس: إحدى وثلاثين ذراعا وخمسة أسباع ذراع. وأما من العلم الذي بالمنارة المعروفة بمنارة باب علي إلى الميل المقابل له في الدار المعروفة بدار سلمة فقد ذكر أنه سبعة وثلاثون ذراعا ونصف ذراع وسدس سبع ذراع.
وممن اعتنى بذكر عرضه أيضا: الفاكهي؛ فقد قال رحمه الله في أخبار مكة 2/ 243: (وذرع ما بين العلم الذي على باب المسجد إلى العلم الذي بحذائه على باب دار العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه -وبينهما عرض المسعى- خمسة وثلاثون ذراعا واثنتا عشرة أصبعا) فيكون العرض: ستة عشر مترا تقريبا.
وقد تابعه على هذا جماعة من فقهاء الشافعية؛ كما في تحفة المحتاج وحاشية البجيرمي على المنهاج وحاشية الجمل وحواشي الشرواني وحاشيتا قليوبي وعميرة وغيرها.
ومما يضاف إلى ذلك: ما أورده القطب الحنفي في كتابه الإعلام 104 - 106 (نقلا عن تحصيل المرام للصباغ 1/ 346 - 348) في قصة تعدي أحد التجار –واسمه: ابن الزمن- على المسعى حين اغتصب من جانبه ثلاثة أذرع ليجعلها ضمن أرض يبني عليها رباطا للفقراء؛ فمنعه قاضي مكة ابن ظهيرة وجمع محضرا من العلماء وفيهم من علماء المذاهب الأربعة وقابلوا هذا التاجر (وأنكر عليه جميع الحاضرين وقالوا له في وجهه: أنت أخذت من المسعى ثلاثة أذرع وأدخلتها، وأحضروا له النقل بعرض المسعى من تاريخ الفاكهي، وذرعوا من جدار المسجد إلى المحل الذي وضع فيه ابن الزمن الأساس فكان عرض المسعى ناقصا ثلاثة أذرع).
وأما عن تحديد عرض الصفا والمروة: فقد تقدم أن السعي شرعا هو ما بين الصفا والمروة، وقد كان المتقدمون –ممن وقفت على كلامهم- يكتفون بالوصف الإجمالي لهما.
ومن تأمل ما ذكره العلماء في هذا الموضع يقطع أن الصفا والمروة جُبيلان صغيران، وسيأتي النقل في هذا -بعون الله- مفصلا.
أما عن المعاصرين: فإن منهم من اعتنى بتحديده تحديدا دقيقا؛ من ذلك ما قام به المؤرخ الأستاذ حسين باسلامة؛ فإنه قام بذرع عرض الصفا؛ فقال: (وعرض أصل الصفا التي عليها الثلاثة العقود (12) مترا) تاريخ عمارة المسجد الحرام ص 303.
كما قامت اللجنة التي كُلفت في عهد الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ والمكونة من الشيخ عبد الملك بن إبراهيم، والشيخ عبدالله بن جاسر، والشيخ عبد الله بن دهيش، والشيخ علوي مالكي، والشيخ محمد الحركان، والشيخ يحيى أمان، بحضور صالح قزاز وعبد الله ابن سعيد مندوبي الشيخ محمد بن لادن بذرع الصفا كاملا –بما في ذلك ما زاد على العقود الثلاثة- وكان فيما قررت اللجنة: (وبناء على ذلك فقد جرى ذرع عرض الصفا ابتداء من الطرف الغربي للصخرات إلى نهاية محاذاة الطرف الشرقي للصخرات المذكورة في مسامتة موضع العقود القديمة، فظهر أن العرض المذكور يبلغ ستة عشر مترًا) فتاوى الشيخ ابن إبراهيم 5/ 148
وسبب الاختلاف بين التقديرين راجع إلى أن باسلامة قد ذرع ما عليه العقود الثلاثة فقط، أما اللجنة فقد ذرعت أصل الصفا، وفيه قدر زائد على ما وضعت العقود عليه.
والملاحظ أن هذه المسافة التي ذكرها أعضاء اللجنة توافق تحديد العلماء لعرض المسعى قديما تقريبا منذ عهد الأزرقي (ت223هـ، أو250هـ) وإلى هذا العصر، مرورا بمن ذُكر سابقا؛ وهذا يرد قول من قال: إن ما ذُكر في كتب العلماء من تحديد للمسعى ما هو إلا حكاية للواقع؛ لأنه لو كان كذلك لاختلف من عصر إلى عصر؛ والواقع خلاف ذلك؛ فجميع من حدّد عرض المسعى متفقون في تحديدهم أو متقاربون؛ من عهد الأزرقي وإلى هذا العصر.
وإذا كان هناك اختلاف بين تلك التحديدات السابقة فهو يسير لا يتجاوز المتر إلى المترين؛ والخطب في ذلك يسير، إذ ذراع اليد ليس مقياسا منضبطا؛ وإنما هو مقياس تقريبي، والأذرع متفاوتة طولا وقصرا، ثم إن هناك أنواعا من الأذرع سوى ذراع اليد؛ فثمة ذراع الحديد، والذراع الهاشمية، وكل ذلك معروف في كتب أهل العلم؛ فقد يكون تفاوت التقديرات لتفاوت نوع الذراع، والله أعلم.
غير أن الذي لا شك فيه أن التوسعة السعودية الأولى –عند مقارنتها بكلام العلماء في تحديد المسعى- قد جاءت مستوعبة لعرضه على أوسع تقدير؛ فليس هناك مجال للزيادة عليها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/277)
ثم إنها قد جعلت المسعى على استقامة واحدة؛ وهذا يقتضي أنها أزالت بروز بعض المباني المشرفة عليه الذي كان يضيق به عرض المسعى في بعض المواضع؛ وذلك البروز -مما كان قبل التوسعة- إما أن يكون داخلا في حدود المسعى؛ فيكون قد أزيل؛ أو لا يكون كذلك؛ فتكون إزالته من الالتواء اليسير المغتفر الذي رخص فيه بعض أهل العلم –كما سبق- إذ لا يخرج الساعي عن كونه ساعيا بين الصفا والمروة، وفي قرار اللجنة المضمن في فتاوى الشيخ ابن إبراهيم (5/ 143) ما يشير إلى ذلك.
ولا ريب أن الضرورة تقتضي جعل المسعى على استقامة واحدة من أوله إلى آخره؛ لأنه مع الزحام الشديد فيه سيحصل ضرر كبير على الساعين لو كان واسعا في موضع ضيقا في موضع آخر.
وأنبه أخيرا إلى أنه ليس فيما تقدم حجة للمجيزين للتوسعة الجديدة؛ فأين الترخص بمتر ونحوه من إنشاء مسعى جديد يبلغ عشرين مترا؟!
والخلاصة المستفادة من هذه المسألة وما قبلها ما يأتي:
1 - أن السعي شرعا هو ما بين الصفا والمروة، ومن سعى خارجا عن حدودهما فقد خالف الكتاب والسنة والإجماع.
2 - أن الفقهاء قد نصوا على أنه يشترط لصحة السعي أن يكون فيما بين الصفا والمروة، ومنعوا من السعي خارجا عن ذلك، وبعضهم رخص في الالتواء اليسير.
3 - أن المسعى معلوم ظاهر التحديد لم يزل المسلمون يعرفونه ويتوارثونه.
4 - أن العلماء قد حددوا المسعى تحديدا دقيقا منذ القرن الثالث –أو آخر الثاني- وإلى العصر الحاضر ولم يكن بينهم في هذا التحديد خلاف يُذكر.
5 - أن التوسعة السعودية الأولى قد استوعبت حدود المسعى، وجعله على استقامة واحدة لم يخرجه عن كونه المشعر الحرام المحفوظ عبر القرون.
المسألة الثالثة: مناقشة استدلالات المجيزين لتوسعة المسعى.
سبق في المسألتين السابقتين بيان محل السعي شرعا، وتحديد المسعى.
وهذه المسألة متعلقة بما أثير في هذه الأيام من الكلام عن جواز التوسعة الجديدة، وسوف أورد أهم ما وقفت عليه مما استُدل به على جواز هذه التوسعة مع مناقشته، سائلا الله تعالى التوفيق للحق والصواب.
وقبل أن ألج إلى ذلك أقدم بتمهيد لا بد منه، مشتمل على أمرين:
الأمر الأول: ينبغي أن يدرك الناظر في هذا الموضوع أن المسعى كان واضح المعالم لدى المسلمين منذ الصدر الأول، وكلام العلماء في هذا مستفيض، وقد نقلت بعضا منه فيما مضى.
وأشير هنا إلى نكتة لم أشر إليها سابقا؛ ألا وهي أن في قول الشافعي رحمه الله (ت 204هـ) المنقول عنه بجواز الالتواء اليسير في السعي، أو في منع غيره من ذلك أو من السعي في السوق ونحوه - دليلا على أن المسعى كان واضح المعالم، مستوعبا لمحله عندهم؛ فلأجل هذا سهلوا في الالتواء اليسير أو منعوا من السعي في السوق ونحوه؛ ولو كان المسعى غير منضبط عندهم لم يكن لهذا الحكم معنى.
وعليه فالأمر على ما قال أبو المعالي الجويني في نهاية المطلب 4/ 304: (ومكان السعي معروف لا يُتعدى).
الأمر الثاني: لاحظت أن كثيرا ممن تناولوا هذا الموضوع لم يقفوا مليا عند المسعى الحالي وسبب اقتصاره على وضعه الذي هو عليه؛ مع أن هذا من أهم ما يلزم التأمل فيه.
لقد كان الاهتمام ببيت الله الحرام والمشاعر المشرفة وخدمة الحجاج والمعتمرين محط اهتمام ولاة الأمر في هذه البلاد المباركة، وكان أن وفق الله الملك عبد العزيز ومن ثم ابنه سعودا –رحمهما الله- إلى العناية البالغة بالمسجد الحرام؛ فشمل ذلك رصف المسعى وإحكام تسقيفه وإزالة الأسواق المحدقة به، إضافة إلى التوسعة الكبرى للمسجد.
ولأجل أن تكون هذه العناية والتوسعة موافقة للأحكام الشرعية فقد تم تكليف مفتي البلاد الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله بالنظر في التحديد الشرعي للمسعى والمصعد إلى الصفا والمروة وبعض المباني المجاورة لذلك؛ فقام رحمه الله بتشكيل لجان مكونة من أهل العلم الشرعي ومن أهل المعرفة بمكة وجغرافيتها لتقلد هذه الوظيفة بالغة الأهمية، فقاموا بما أوكل إليهم بعد معاينة للواقع، ومراجعة علمية وتاريخية، والوقوف على الخرائط المتعلقة بهذا المشعر، مع السؤال والتحقيق، ويتابع هذا سماحة المفتي رحمه الله.
والظن فيهم أنهم كانوا يستحضرون عظم هذه المسئولية التي اضطلعوا بها، وأن ملايين المسلمين سيؤدون عبادة السعي في ضوء ما يقررونه من مساحة المسعى طولا وعرضا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/278)
ثم إن هذا كله كان على مرأى من علماء مكة ووجهائها وبقية علماء البلاد وغيرها.
إن هذه الحقبة المهمة في تاريخ المسعى وما يتعلق بها من خلفيات وملابسات لا يناسب أن يُتعامل معها بغض الطرف، ولا أن تُتناول بأطراف الأصابع؛ بل ينبغي أن تقدر قدرها، وأن تُعطى أهميتها اللائقة بها.
إن أي رأي يُطرح هذه الأيام يدعو إلى توسعة المسعى يجب أن يستحضر جيدا وضع المسعى الحالي ولِم كان بهذه الحدود المعروفة، وهل ما يخالف هذه الحدود يستند إلى ما هو أقوى؟
أعتقد أن من أنعم النظر وأنصف سيجيب بالنفي، ولعل في الصفحات الآتية تجلية الأمر.
ويحسن التنبيه ههنا إلى ما يشير إليه بعضهم من أن اقتصار اللجان العلمية إبان التوسعة السابقة على هذا القدر الحالي إنما كان لأجل أنهم رأوا أن الاقتصار على هذا القدر كافٍ ومؤدٍ للغرض بالنظر إلى أعداد الحجاج والمعتمرين في ذاك الزمان؛ كلا؛ لم يكن الأمر كذلك؛ فإن من يتأمل ما قرره المشايخ –كما في فتاوى الشيخ ابن إبراهيم- يلحظ أنه كان ثمة رغبة جادة في معرفة جميع ما يمكن دخوله في حدود المسعى وإضافته إلى المشروع توسعةً على المسلمين وتخفيفاً لتزاحمهم.
الاستدلال الأول: شهادة الشهود بأن الصفا والمروة كانا أوسع مما عليه عرض المسعى حاليا.
فقد اشتهر أن جماعة بلغوا نحوا من ثلاثين من معمري أهل مكة قد شهدوا بأنهم أدركوا جبلي الصفا والمروة أوسع مما عليه عرض المسعى حاليا بما لا يقل عن عشرين مترا، بل ذكر بعضهم أن الجبلين متسعين شرقا اتساعا كبيرا، وأن لهما أكتافا، وأنه قد قام عليهما بيوت ومساكن.
والظاهر من حال المستدل بهذا الدليل أنه لا ينازع في أن المطلوب شرعا أن يكون السعي فيما بين الصفا والمروة ولا يخرج عن حدودهما، غير أنه ينازع في قصر المسعى على هذا القدر الموجود الآن، ويرى أن عرض المسعى الحالي أقل من عرض الجبلين سابقا؛ وبناء عليه فإنه لا يرى حرجا في توسعة المسعى؛ لأن هذه التوسعة لن تخرج عن عرض الجبلين.
هذا باختصار تقرير هذا الاستدلال، وهو –فيما يبدو- أقوى ما احتج به المجيزون.
والذي يظهر –والله تعالى أعلم-أنه دليل ضعيف جدا؛ وبيانه بأمرين:
الأمر الأول: أن شهادة هؤلاء الشهود إنما هي في أمر ظاهر للعيان؛ لأنها شهادة برؤية جبل كبير متسع، وعليه فيقال: إن شهادتهم هذه معارَضة بشهادة تخالفها، وهي أرجح منها؛ ويظهر هذا بما يأتي:
أ- أن اللجان المشكلة لدراسة وضع المسعى إبان التوسعة السعودية الأولى قد شهدت بخلاف ذلك؛ وهو وأن جبلي الصفا والمروة إنما هما بهذا العرض الذي جُعل عليه المسعى الحالي؛ ومن نظر في فتاوى الشيخ ابن إبراهيم (5/ 138 - 149) علم صدق ذلك.
وتوضيح ذلك: أن هذا التحديد قد شهد به أعضاء اللجنة المكونة لدراسة وضع الصفا ودخول دار الشيبي ومحل الأغوات الواقعين بين موضع الصفا وبين الشارع العام الملاصق للمسجد الحرام مما يلي باب الصفا، وذلك في عام 1374هـ -وهم: الشيخ عبد الملك بن إبراهيم، والشيخ عبد الله ابن دهيش، والشيخ علوي مالكي- وقد قاموا بهذا وشاهدوا الواقع بأنفسهم؛ فقد جاء في قرارهم: (فقد توجهنا فوقفنا على "الميل" المذكور. وصحبنا معنا مهندسًا فنيًا، وجرى البحث فيما يتعلق بتحديد عرض المسعى مما يلي الصفا) فتاوى ابن إبراهيم 5/ 139
وقد قاموا –كما جاء في منصوص القرار- بالإضافة إلى هذه المعاينة بمراجعة كلام العلماء والمؤرخين فيما يتعلق بذلك، وساقوا جملة من نصوصهم التي وقفوا عليها، كما قاموا بمراجعة بعض الصكوك المسجلة بالمحكمة الكبرى بمكة، وسؤال أغوات الحرم عن تاريخ وحدود دارهم.
وتُوج هذا بوقوف الشيخ محمد بن إبراهيم على هذا الواقع مع عدة من الثقات؛ ففي الفتاوى 5/ 139: (فبعد الوقوف على هذا الموضع في عدة رجال من الثقات رأيت هذا القرار صحيحًا، وأفتيت بمقتضاه، قاله الفقير إلى عفو الله محمد بن إبراهيم آل الشيخ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/279)
ب- ومن ذلك أيضا: ما شهد به جملة من أهل العلم فيما يتعلق بالصفا؛ ففي فتاوى ابن إبراهيم 5/ 144 يقول الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: (وحيث قد وعدت جلالتكم بالنظر في موضوع الصفا؛ ففي هذا العام بمكة المكرمة بحثنا ذلك، وتقرر لدي ولدى المشايخ: الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ علوي عباس المالكي، والأخ الشيخ عبد الملك بن إبراهيم، والشيخ عبد الله بن دهيش، والشيخ عبد الله بن جاسر، والشيخ عبد العزيز ابن رشيد: على أن المحل المحجور بالأخشاب في أسفل الصفا داخل في الصفا، ماعدا فسحة الأرض الواقعة على يمين النازل من الصفا فإننا لم نتحقق أنها من الصفا. أما باقي المحجور بالأخشاب فهو داخل في مسمى الصفا ... هذا وعند إزالة هذا الحاجز والتحديد بالفعل ينبغي حضور كل من المشايخ: الأخ الشيخ عبد الملك، والشيخ علوي المالكي، والشيخ عبد الله بن جاسر والشيخ عبد الله بن دهيش، حتى يحصل تطبيق ما قرر هنا، وبالله التوفيق). وكان هذا عام 1380هـ.
ج- ومن ذلك أيضا: ما شهد به جملة من أولئك المشايخ؛ ففي فتاوى الشيخ ابن إبراهيم أيضا 5/ 147: (في يوم الثلاثاء الموافق 10/ 2/1378هـ اجتمعت اللجنة المكونة من كل من: الشيخ عبد الملك بن إبراهيم، والشيخ عبد الله بن جاسر، والشيخ عبد الله بن دهيش، والسيد علوي مالكي، والشيخ محمد الحركان، والشيخ يحيى أمان، بحضور صالح قزاز وعبد الله ابن سعيد مندوبي الشيخ محمد بن لادن، للنظر في بناء المصعدين المؤديين إلى الصفا ...
وبناء على ذلك فقد جرى ذرع عرض الصفا ابتداء من الطرف الغربي للصخرات إلى نهاية محاذاة الطرف الشرقي للصخرات المذكورة في مسامتة موضع العقود القديمة، فظهر أن العرض المذكور يبلغ ستة عشر مترًا ...
كما وقفت اللجنة أيضًا على المروة، فتبين لها بعد الاطلاع على الخرائط القديمة والحديثة للمسعى، وبعد تطبيق الذرع للمسافة فيما بين الصفا والمروة كما نص على ذلك الإمام الأزرقي والإمام الفاسي في تأريخهما بأن المسافة المذكورة تنتهي عند مراجعة موضع العقد القديم من المروة ... ) إلى آخر ما جاء في هذا القرار.
د- ومن ذلك أيضا شهادة المؤرخ حسين باسلامة الذي قام بذرع المسعى بنفسه كما في: تاريخ عمارة المسجد الحرام 302 - 304، وقد تقدم شيء من كلامه سابقا.
فبعد كل ذلك يقال: إن كان الشهود المعاصرون قد شهدوا برؤيتهم فإن هؤلاء العلماء قد شهدوا برؤيتهم أيضا؛ وإذا كان لا بد من الترجيح بين الشهادتين –نظرا لتعارضهما- فإن مما لا شك فيه أن شهادة أولئك المشايخ مقدمة؛ وذلك لوجوه:
أولا: أن أولئك المشايخ أرفع قدرا وأعلى كعبا في العلم والفهم إلى غير ذلك من خلالهم الكريمة؛ ومن المعلوم عند أهل العلم أن رواية الأوثق وشهادته مقدمة على من دونه.
ثانيا: أن ما قرره أولئك المشايخ ليس شهادة فحسب؛ بل هو شهادة وزيادة؛ إنه قرار مبني على تكليف من ولي الأمر بتحديد مشعر تقام فيه عبادة شرعية؛ فلا ريب أنهم استفرغوا وسعهم في تحقيق ما أنيط بهم على الوجه المرضي؛ فجمعوا بين المعاينة والدراسة والمراجعة والسؤال والاطلاع على الخرائط والصكوك –كما هو مدون في فتاوى الشيخ ابن إبراهيم- لعلمهم بأن التحديد الذي سيصدرون عنه سيكون له ما وراءه.
وأضيف إلى ما سبق أيضا: ما ذكرته آنفا من أن من يتأمل ما قرره المشايخ –كما في فتاوى الشيخ ابن إبراهيم- يلحظ أنه ليس مجرد تحديد ما هو واقع؛ بل كان ثمة رغبة جادة في معرفة جميع ما يمكن دخوله في حدود المسعى وإضافته إلى المشروع توسعةً على المسلمين وتخفيفاً لتزاحمهم.
فهل بعد هذا ثمة مقارنة بين قرارهم وهذه الشهادة الحديثة التي أخبروا فيها بمجرد مشاهدة شاهدوها، وعمر بعضهم في ذلك الوقت لم يتجاوز أربع عشرة سنة!
ويا لله العجب! جبل ممتد لأكثر من خمسين مترا –كما يقول بعض الشهود- تتعلق به عبادة عظيمة، وجبل مثله على الجانب الآخر، ولا يراهما أهل العلم المكلفون بالنظر إليهما وتحديدهما، ويظفر برؤيتهما فلان وفلان ممن دونت شهادتهم!
هل هذا مقبول عقلا؟
لست أتهم الشهود بالكذب، حاشا وكلا، كما أني لست أشك أن الذي رآه هؤلاء ليس هو الصفا والمروة اللذين تعلقت بهما عبادة السعي قطعا؛ لقد رأى الشهود شيئا آخر؛ وسيأتي بيان ذلك بوضوح بعون الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/280)
ثالثا: أن شهادة أولئك المشايخ كانت في الوقت الذي رأوا فيه المشهود عليه؛ بخلاف شهادة الشهود الحاليين الذين أدلوا بشهادتهم بعد مرور أكثر من خمسين عاما على مشاهدتهم -بعد أن أزيلت الجبال- فاحتمال الوهم بالنسبة لهم أكبر دون ريب.
بعبارة أخرى: إذا أدلى شهود بما رأوه بأعينهم في الحال، وآخرون أدلوا بشهادتهم بأنهم رأوا شيئا ما قبل أكثر من خمسين عاما، ثم اختلفت الشهادة؛ فأي الشهادتين المقدم؟ لا شك أن الجواب واضح.
رابعا: أن شهادة أولئك المشايخ قد تأيدت بعدم معارضة بقية العلماء في مكة وغيرها، وكذا كبار السن والوجهاء؛ حيث لا يُعلم أن أحدا اعترض عليهم بأنهم انتقصوا من حد هذا المشعر الحرام –ومن أولئك أيضا أصحاب الشهادات الجديدة؛ إذ لم يُسمع لهم صوت أنذاك- وهذه القضية من مهمات القضايا التي لا يسع السكوت فيها بحال، لا سيما من أهل العلم والرأي؛ فهذه قرينة ترجح صواب ما صدر القرار به.
ولا يقال ههنا إن عدم الإنكار سببه عدم الحاجة؛ بمعنى: أنه لا يقال إن عدم إنكارهم راجع إلى أنهم رأوا أن هذا القدر الذي صدر القرار به كافٍ للناس في ذلك الزمان مع كونه غير مستوفٍ للحد الشرعي؛ إذ لم تزل الشكوى من الزحام في المسعى –مع وجود السوق على حافتيه، واختلاط الناس في الذهاب والإياب- مشتهرة من قديم؛ فهذا ابن جبير يقول في رحلته 88: (والساعون لا يكادون يخلصون من كثرة الزحام).
ويقول ابن بطوطة في رحلته 103: (والساعون بين الصفا والمروة لا يكادون يخلصون لازدحام الناس على حوانيت الباعة).
وممن لاحظها وأشار إليها أصحاب الفضيلة أعضاء اللجان المكلفة بدراسة حدود المسعى أنفسهم. انظر: ما جاء في قرار اللجنة في فتاوى الشيخ ابن إبراهيم 5/ 143، 148.
خامسا: من أقوى القرائن التي ترجح شهادة أولئك المشايخ: موافقة تحديدهم لكلام العلماء السابقين؛ فالفقهاء والمؤرخون يذكرون عن الصفا والمروة أنهما جبيلان، أو جبلان صغيران، أو حجران، ويصفانهما بالانخفاض؛ وهذا لا يتفق مع شهادة الشهود الحاليين. وبيان هذا أكثر في الجواب الثاني.
سادسا: مما يرجح جانب شهادة أولئك المشايخ أن الذي شهدوا به هو الذي وقع عليه التواتر العملي من المسلمين من قديم الزمان؛ وقد تقدم كلام الرملي وهو قوله في نهاية المحتاج 3/ 291: (ويشترط [أي في السعي] قطع المسافة بين الصفا والمروة كل مرة، ولا بد أن يكون قطع ما بينهما من بطن الوادي، وهو المسعى المعروف الآن). ثم نقل إجماع العلماء وغيرهم من وقت الأزرقي (قيل إنه توفي في 223هـ، وقيل 250هـ، وقيل غير ذلك) إلى زمانه (توفي في 1004هـ) على أن السعي إنما هو في المسعى المعروف عندهم.
ومثله أيضا قول ملا علي القاري في مرقاة المفاتيح 5/ 475: (والمسعى هو المكان المعروف اليوم؛ لإجماع السلف والخلف عليه كابرا عن كابر).
وقول أبي المعالي الجويني في نهاية المطلب 4/ 304: (ومكان السعي معروف لا يُتعدى).
وقول الفاسي في كتابه شفاء الغرام 1/ 521: (وما حُفظ عن أحد منهم [أي أهل العلم] إنكارٌ لذلك [أي السعي في محل السعي المعروف] ولا أنه سعى في غير المسعى اليوم).
وهذا التواتر العملي على السعي في هذه البقعة المنحصرة فقط من أقوى الدلائل في هذا الموضوع.
فهل يمكن عند أهل العلم أن يعارَض الأمر المستفيض –بل المتواتر- الذي جرى عليه عمل المسلمين منذ قرون متطاولة بشهادة أفراد معدودين، فضلا عن أن تقدم عليه؟!
ولا إخال المفتين بالجواز ولا أصحاب تلك الشهادات الجديدة يقولون إن الناس قديما كانوا يسعون في مساحة أرحب من هذه؛ ومن قال هذا فعليه الدليل.
ثم إن الصور الملتقطة للمسعى قبل أكثر من خمسين سنة كافية في رد هذا الزعم؛ فهي واضحة كالشمس في أن المسعى قديما لم يكن أوسع من المسعى الحالي.
سابعا: لقد نظرت في شهادة الشهود السبعة الذين هم أول من شهد في هذا الموضوع –وشهادتهم قد أوردها بعض من كتب في هذا الموضوع في رسالة مطبوعة، على أن تسمية ما أدلى به المشار إليهم "شهادة" محل وقفة؛ إذ هي إفادة أقرب من كونها شهادة؛ فليس فيها إثبات الشهادة ولا تزكية الشهود؛ وانظر ما ذكره شيخنا الشيخ عبد المحسن العباد في بيانه المنشور في الشبكة العالمية-.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/281)
مهما يكن من شيء؛ لقد تأملت تلك التي سميت شهادات؛ وكان مما لاحظته: أن أكبرهم كان عمره سنة التوسعة (1375هـ) ستة وعشرين عاما، وأصغرهم كان عمره أربعة عشر عاما!
أيضا: أن ثلاثة من السبعة توقفوا ولم يتذكروا شيئا يتعلق بامتداد المروة شرقا، واثنان منهم لم يتذكرا شيئا يتعلق بالصفا، وثالث لم يذكر شيئا واضحا يتعلق به.
أيضا: أن الشهادة التي أدلوا بها لم تكن متفقة؛ فمنهم من يذكر أن الجبل كان ممتدا ولا يذكر تحديدا منضبطا، والذين ذكروا التحديد المنضبط مختلفون؛ فأحدهم يذكر أن الصفا يمتد خمسة وثلاثين مترا، وآخر يقول: يمتد خمسين مترا! ولم تتفق شهادة اثنين منهم على تحديد واحد.
فهل هذه الشهادات غير المتفقة يمكن أن تعارض تلك البينات القوية الكثيرة التي سبق إيرادها؟
هل شهادة أحدهم –كما هو مدون في الشهادة- حين لم يتذكر شيئا يتعلق بامتداد الصفا أو المروة شرقا وإنما شهد بامتداد المروة شمالا! هل هذه شهادة يُعتمد عليها في توسعة المسعى شرقا! بل ويُشاد بها وتُذكر في كل محفل –بل وعلى لسان بعض المنتسبين إلى العلم- وإذا قيل ما الدليل؟ قيل: شهادة العدول الثقات!
على أي شيء كانت الشهادة؟ وبأي دليل تحشر ضمن شهادات الشهود في قضية تعبدية تتعلق بالمسلمين جميعا؟
هل شهادة هؤلاء الشهود وثلاثة منهم كانوا دون العشرين –بل وأحدهم ربما لم يكن بالغا- وأكبرهم كان عمره ستة وعشرين يصح أن تقدم على شهادة وتحديد أهل العلم والسن والخبرة؟
إذا كان بعض هؤلاء الشهود –كما هو مدون في الشهادة- يشهد على رؤية الصفا ولا يتذكر شيئا عن المروة والعكس – مع أن بين الجبلين نحو أربعمائة متر فقط- فهل هؤلاء ممن يوثق بحافظتهم ويعتمد عليهم في هذا الأمر الجلل؟
هل تبرأ الذمة بمثل هذه الشهادات؟
ثامنا: لقد وصف إبراهيم باشا في مرآة الحرمين –ونقل هذا عنه ووافقه وأكده المؤرخ حسين باسلامة في تاريخ عمارة المسجد الحرام (301 - 303) - وصف الصفا –المعروف عند المسلمين كافة- بأنه محاط من جميع جهاته بجدار يفصله عن جبل أبي قبيس إلا من الجهة الشمالية التي منها المرقى إليه، والأمر لا يحتاج إلى شهادة؛ لأن صورة ذلك الجدار المحيط موجودة واضحة –انظرها في التاريخ القويم للكردي (5/ 344) - فليت شعري كيف رآه هؤلاء الشهود –مع هذا- جبلا كبيرا ممتدا؟
الأمر الثاني: أن القول بأن الصفا والمروة جبلان كبيران ممتدان وأن لهما أكتافا إلى آخر ما قيل فيما نُقل في تلك الشهادات، وفي بعض الأبحاث المنشورة التي تناولت هذا الموضوع – غير صحيح؛ وكلام العلماء السابقين واللاحقين ليس فيه حرف واحد يدل على صحته، هذا أولا.
وثانيا: أن كلام العلماء السابقين قد تواتر بأن الصفا والمروة جبلان صغيران أو جبيلان أو حجران أو نحو ذلك من الألفاظ المبينة أنهما بخلاف ما أثير مؤخرا من كبرهما.
وقد تتبعت شيئا من كلام العلماء في هذا الموضوع فظهر ذلك ظهورا واضحا.
ويمكن أن ألخص كلام العلماء في هذه المسألة وأرتبه فيما يأتي:
أولا: وصفهما بأنهما جبلان صغيران.
قال ابن جزي في تفسيره (التسهيل) 65 في تفسير قوله تعالى: (إن الصفا والمروة): (جبلان صغيران بمكة).
وقال الزبيدي في تاج العروس 38/ 430: (والصفا من مشاعر مكة شرفها الله تعالى، وهو جبل صغير بِلَحْف جبل أبى قبيس) أي بأصله.
وبمثله قال: أحمد عبد الغفور عطار في كتابه: حجة النبي عليه الصلاة والسلام 122.
ثانيا: وصفهما بأنهما جُبيلان.
في المحرر الوجيز لابن عاشور 2/ 35: (الصفا والمروة: جُبَيلان بمكة).
وبمثله قال أحمد عبد الغفور عطار عن المروة 122.
ثالثا: وصفهما بأنهما حجران.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 3/ 501: (وفي كتاب مكة لعمر بن شبة بإسناد قوي عن مجاهد في هذه الآية: قال: قالت الأنصار: إن السعي بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية؛ فنزلت) أي الآية: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) الآية.
وفي هذا يقول التجيبي في رحلته –مستفاد الرحلة والاغتراب- 227: (والصفا حجرٌ أزرق عظيم قد بني عليه درجات). ثم وصف المروة أيضا بأنها حجر عظيم. وبمثله قال العمري في مسالك الأبصار –نقلا عن باسلامة 292 - : (أما الصفا فحجرٌ أزرق عظيم في أصل جبل أبي قبيس) ثم وصف المروة –أيضا- بأنها حجر عظيم.
وبمثله قال الإصطخري في المسالك والممالك عن المروة: (والمروة حجرٌ من جبل قعيقعان).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/282)
رابعا: وصفهما بأنهما صفحان (أي حجران عريضان)
ففي المفهم لأبي العباس القرطبي 3/ 327: (وهما [أي الصفا والمروة]: اسمان لصفحين معلومين). فعرّف الصفا والمروة بأنهما حجران عريضان.
جاء في لسان العرب في مادة (صفح): (وكل عريض من حجارة أَو لوح ونحوهما صُفَّاحة والجمع صُفَّاحٌ، وصَفِيحةٌ والجمع صفائح).
خامسا: وصفهما بأنهما أنفان من جبلي أبي قبيس وقعيقعان.
في تهذيب الأسماء واللغات 3/ 181: (الصفا: هو مبدأ السعي ... وهو أنفٌ من جبل أبي قبيس ... وأما المروة فلاطية جدا [أي منخفضة]، وهي أنف جبل قعيقعان). ومعنى (أنف): أي قطعة.
وهذا الكلام قد نقله تقي الدين الفاسي (ت 832هـ) في الزهور المقتطفة من تاريخ مكة المكرمة 171، وفي العقد الثمين 1/ 112، وانظر هذا الوصف في: مفيد الأنام لابن جاسر 269.
سادسا: وصف الصفا بأنه في أصل أبي قبيس، والمروة بأنها في أصل قعيقعان؛ أي بأسفلهما.
كما في رحلة التجيبي (350)، وفي الروض المعطار في خبر الأقطار 1/ 363، وفي الزهور المقتطفة من تاريخ مكة المكرمة 171، وفي في العقد الثمين 1/ 107، 112.
سابعا: وصفهما بأنهما في ذيل جبلي أبي قبيس وقعيقعان.
قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة 2/ 87: (ومنها الجبلان اللذان جعلهما الله سورا على بيته، وجعل الصفا في ذيل أحدهما، والمروة في ذيل الآخر ... ).
ثامنا: وصفهما بأنهما في طرف جبلي أبي قبيس وقعيقعان.
كما في: حاشية البجيرمي على الخطيب 2/ 381، وجميع كتب الشافعية التي سبق ذكرها، وفي منسك ابن جاسر –مفيد الأنام- 269.
تاسعا: وصفهما بأنهما رأسا نهاية جبلي أبي قبيس وقعيقعان.
ففي تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور 2/ 60: (والصفا والمروة اسمان لجُبَيلَين متقابلين، فأما الصفا فهو رأس نهاية جبل أبي قبيس، وأما المروة فرأسٌ هو منتهى جبل قُعَيقِعَانَ).
عاشرا: وصفهما بأنهما مصعدان إلى أبي قبيس وقعيقعان.
في: أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم: (وأبو قبيس مطل على المسجد، يُصعد إليه من الصفا في درج).
ومثله في رحلة التجيبي حيث قال عندما تكلم عن أبي قبيس 350: (وفي أصله هو الصفا ومن عليه صعدنا إليه).
حادي عشر: وصف الصفا بأنه مكان مرتفع من أبي قبيس.
في معجم البلدان 3/ 411: (أما الصفا فمكان مرتفع من جبل أبي قبيس)
وفي تهذيب الأسماء واللغات 3/ 181: (الصفا: هو مبدأ السعي، مقصور، وهو مكان مرتفع عند باب المسجد الحرام، وهو أنفٌ من جبل أبي قبيس، وهو الآن إحدى عشرة درجة، فوقها أزج كإيوان، وعرض فتحة هذا الأزج نحو خمسين قدما.
وأما المروة فلاطية جدا، وهي أنف جبل قعيقعان، وهي درجتان، وعليها أيضا أزج كإيوان، وعرض ما تحت الأزج نحو أربعين قدما).
ومثله في الزهور المقتطفة 171، والعقد الثمين 1/ 107.
ثاني عشر: وصف المروة بأنها أكمة لطيفة أي تل صغير.
كما في معجم البلدان 5/ 116.
ثالث عشر: وصف الصفا بالانخفاض.
قال ابن تيمية في شرح العمدة 2/ 451: (ولهذا قال أصحابنا إنه يرقى على الصفا حتى يرى البيت ويستقبل القبلة، إلا أن هذا كان لما كانت الأبنية منخفضة عن الكعبة؛ فأما الآن فإنهم قد رفعوا جدار المسجد وزادوا فيه ما بينه وبين الصفا حتى صار المسعى يلي جدار المسجد، وكان قبل ذلك بين المسجد والمسعى بناء للناس، فاليوم لا يرى أحد البيت من فوق الصفا ولا من فوق المروة، نعم قد يراه من باب المسجد إذا خفض).
فهذا النص تضمن دلالة صريحة على أن الصفا جبيل منخفض؛ بدليل أنه لما جُعل جدار للمسجد حال هذا الجدار دون رؤية الكعبة لمن يرقى على الصفا، ومن استحضر في ذهنه تقديرا لهذا الجدار –مهما بلغ ارتفاعه- فسيتضح له قطعا أن الصفا ليس إلا جبيلا صغيرا، وليس كما توهمه بعض الناس من أنه جبل كبير مرتفع.
ويؤيده ما جاء في كلام التجيبي –القاسم بن يوسف التجيبي السبتي- (ت 730هـ) في رحلته (مستفاد الرحلة والاغتراب): (فصعدت على الصفا واستقبلت الكعبة المعظمة، وهي ظاهرة من هذا الموضع من باب المسجد –باب الصفا- لا من فوق جدار المسجد). ومثله في الإيضاح في مناسك الحج للنووي 284 - 286 –مع حاشية الهيتمي-.
رابع عشر: وصف المروة بالانخفاض.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/283)
قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات 3/ 181: (وأما المروة فلاطية جدا، وهي أنف جبل قعيقعان، وهي درجتان، وعليها أيضا أزج كإيوان، وعرض ما تحت الأزج نحو أربعين قدما). ومعنى لاطية أي منخفضة.
وقد نقل هذا النقل عنه المباركفوري في تحفة الأحوذي 3/ 600.
ويؤيد ما ذكره النووي ما ذكره إمام الحرمين الجويني في نهاية المطلب 4/ 305: (وكانت الكعبة تبدو في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك الجهة أيضا، ثم أحدث الناس الأبنية فحالت بين الكعبة وبين الراقين في المروة بالقدر المشروع).
وكل أحد يدرك أن بيوت الناس في تلك العهود السالفة لم تكن شاهقة وإنما قصيرة؛ فلو كانت المروة جبلا كبيرا شاهقا ممتدا –كما يتصور بعضهم- هل تحول تلك البيوت القصيرة دون رؤية البيت العتيق؟
خامس عشر: وصف الصفا بالصخرات الملساء التي تقع في سفح جبل أبي قبيس.
كما في فتاوى الشيخ ابن إبراهيم 5/ 148
هذه جملة من كلام العلماء في هذا الشأن، وأظن أن من تتبع تتبعا أكثر سيقف على أضعاف هذه النقول.
أقول: مع النظر في كلام هؤلاء العلماء بإنصاف؛ هل يصح أن يقال: إن الصفا والمروة جبلان كبيران ممتدان؟
وهل يقبل منصف بأن تُرمى شهادات العلماء والمؤرخين وهي بالعشرات وفي عصور مختلفة دون أدنى اعتبار ويقدم عليها شهادات هي في أحسن أحوالها قد وهِم أصحابها؟
وشيء ثالث: قرأت وسمعت كثيرا كلام القائلين بأن الصفا والمروة جبلان كبيران ممتدان؛ غير أني لم أجد كلمة واحدة يبين فيها هؤلاء الفرق بينهما وبين جبلي أبي قبيس وقعيقعان؛ مع أن الجميع متفق على أنهما متصلان بهما وفرعان عنهما، والجميع –أيضا- متفق على أن العبادة إنما تعلقت بالصفا والمروة لا بذينك الجبلين؛ فهل يستطيعون ذكر الحد الفاصل بين هذين وهذين حتى يُعلم محل العبادة الشرعي؟ وهل يمكنهم التمييز بين الأصل والفرع؟ وإذا أمكن التمييز؛ فما هو الدليل عليه؟
أجزم أنه لا جواب على هذا السؤال.
أما المانعون فالأمر عندهم واضح؛ إذ إنهم يميزون بين هذين وهذين، ودليلهم: تواتر المسلمين العملي المؤيد بكلام العلماء والمؤرخين من السابقين واللاحقين، والله المستعان.
وقبل أن أختم الكلام عن هذا الاستدلال أشير إلى ثلاثة أمور:
الأول: قد يقول قائل: هل يمكن توجيه شهادة الشهود الجدد في ضوء كلام أهل العلم الثقات المتقدمين والمتأخرين؟
والجواب: من خلال العرض السابق اتضح أن تخطئة المشايخ وأهل العلم السابقين واللاحقين لا يمكن القول بها مطلقا؛ إذ لا مقارنة بين قوة شهادة أهل العلم والتي تأيدت بكلام العلماء والمؤرخين -مما سبق بيانه- وبين هذه الشهادات الجديدة؛ فلم يبق إلا نسبة الوهم إلى الشهود الحاليين، وقد أوردت سابقا إيرادات تدل على ضعف شهادتهم.
وإحسانا للظن بهم يقال: قد يكون سبب الوهم منهم أحد أمرين: إما أنهم خلطوا بين الصفا وأبي قبيس، وبين المروة وقعيقعان؛ فظنوا أن الذي شاهدوه كبيرا متسعا نحو الشرق: الصفا والمروة، والواقع أنهما جزآن من أبي قبيس وقعيقعان –الجبلين الكبيرين المشرفين على المسجد وعلى الصفا والمروة-.
أو أن يكون قد اشتهر عند العامة في الفترة الماضية –إبان الفترة التي أدركها أولئك الشهود وما قبلها- إطلاق اسمي الصفا والمروة لا على القطعة المخصوصة من أبي قبيس وقعيقعان وإنما عليهما جميعا أو على قدر منهما أكبر من الواقع؛ فيكون من باب إطلاق اسم الفرع على الأصل لشرفه، وهو –إن صح- اصطلاح حادث لا يغير من الحقائق الشرعية شيئا.
أقول: لعل هذا هو سبب دخول الوهم على الشهود.
ويؤكد حصول الوهم –علاوة على ما مضى- أنه لم يذكر المتقدمون وجود بيوت مسكونة على الصفا والمروة، وإنما ذكروا هذا على أبي قبيس وقعيقعان، وهذا قد ذكره غير واحد؛ ومنهم ابن جبير في رحلته (89) حيث قال عن أبي قبيس: (وفي أعلاه رباط مبارك فيه مسجد).
ومنهم ابن بطوطة في رحلته (105) حيث قال عن أبي قبيس: (وبأعلاه مسجد وأثر رباط وعمارة)، وهذا يوافق ما ذكره بعض من كتب في هذا الموضوع من الفضلاء؛ حيث عدّد جملة من البيوت التي كانت مسكونة على الصفا والمروة في ظنه؛ والواقع أنها ليست على الصفا والمروة، وإنما على ذينك الجبلين، والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/284)
ولا يُشكل على ما سبق -من أنه لم يكن ثمة بيوت على الصفا- ما ذكره بعضهم من أن دار الأرقم كانت على الصفا؛ لأن هذه الدار بجوار الصفا وليست مبنية أعلاه؛ وإطلاق أنها كانت على الصفا تجوّز في العبارة؛ ومرادهم بذلك أنها: عند الصفا، كما قال ذلك غير واحد من المؤرخين (انظر شيئا من النقول في ذلك في التاريخ القويم 1/ 88 - 91)، وهو يقوي ما ذكرته آنفا من شهرة تسمية ما حول الصفا بالصفا.
يقول ابن جبير في رحلته (126) واصفا هذه الدار: (وهي بإزاء الصفا).
ويقول الفاسي في شفاء الغرام 1/ 363: (والصفا هو مبدأ السعي، وهو قرب هذه الدار). وانظر أيضا: تحصيل المرام 1/ 554.
وفي التاريخ القويم للكردي 2/ 88 - 91 تحقيقٌ ونقولٌ في محلها، ووصف لها، وأنها في زقاق على يسار الصاعد إلى الصفا، وبيان المسافة التي بينها وبين الصفا.
الثاني: ذكر بعضهم أن الصفا جبل له أكتاف، إذ لا يُعقل أن يكون له امتداد من الأمام دون الجانبين، ومثل هذا يقال في المروة.
والذين يقولون هذا يتصورون الصفا جبلاً مستقلاً، و يغفلون عن كونه قطعة ملتصقة بجبل أبي قبيس؛ فهو -كما سبق-: "حجرٌ من أبي قبيس"، و"أنفٌ منه"، و"طرفٌ منه"، و"رأس نهايته"، و"مصعدٌ إليه"، و"مكانٌ مرتفعٌ منه" .. وإذا كان كذلك زال الإشكال، ولم يُستبعد كونه كما هو عليه.
والقول في المروة كالقول في الصفا.
الثالث: أن بعضهم قد أشار إلى أن مما يرجح تقديم شهادة الشهود الحاليين أنهم مثبتون، والمتقدمون نافون؛ والمثبت مقدم على النافي.
وأظن أنه مع البيان السابق لن يكون لهذا الكلام محل من القبول.
وأضيف إلى ذلك: أن تطبيق هذه القاعدة (المثبت مقدم على النافي) في هذا الموضوع غير وارد؛ وذلك أن هذه القاعدة إنما تورد إذا أثبت أحد الطرفين ونفى الآخر علمه؛ فيكون المثبت مقدما على النافي؛ وأما مسألتنا هذه فليس قول المانعين فيها من باب نفي العلم؛ بل من باب العلم بالنفي؛ وبينهما فرق شاسع؛ فلا محل للقاعدة إذن.
وتوضيح ذلك: أن كلا الفريقين مثبت؛ هذا يثبت قدرا، وهذا يثبت قدرا أكبر؛ فكلاهما إذن مثبت؛ وليس منهما نافٍ.
على أنه يمكن جوابهم بقولهم -من باب المعارضة- بأن تُعكس القضية؛ فيقال: من أثبت الحد الأدنى أثبت عن علم، والنافي لذلك يقال له: المثبت مقدم على النافي!
الاستدلال الثاني: الاستدلال بامتداد جذور الصفا والمروة في باطن الأرض.
فبعض القائلين بالجواز يستدل بأن الحفريات قد أثبتت أن للصفا والمروة امتدادا في باطن الأرض؛ وبناء عليه فيجوز السعي في التوسعة لكون الساعي قد سعى بين الصفا والمروة في القدر المدفون تحت الأرض.
والجواب: أن هذا الاستدلال فيه من التكلف ما فيه، ولم يأمرنا ربنا أن ننقب في باطن الأرض حتى نمتثل ما شرعه لنا في قوله: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا).
ويكفي في رد هذا الكلام المتكلف أن يقال: إذا ثبت أن للصفا والمروة امتدادا في باطن الأرض شرقا وغربا؛ فإن لهما امتدادا –أيضا- شمالا وجنوبا؛ وباتفاقٍ لا يصح أن يقال بأنه يجوز أن ينتقص الساعي من المسافة التي بين الصفا والمروة بحجة أن ثمة امتدادا للصفا في باطن الأرض من جهة الشمال، وامتدادا للمروة من جهة الجنوب؛ فيكون ساعيا بين الصفا والمروة في القدر المدفون تحت الأرض!
فظهر بهذا ضعف هذا الاستدلال.
الاستدلال الثالث: أنه لا تحديد لعرض المسعى في الكتاب والسنة وكلام أهل العلم.
هكذا ذكر بعضهم؛ وهو كلام ظاهر الضعف بحيث يُستغنى عن رده.
ومع ذلك يقال: أين هذا القائل عن قوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)؟ أليس هذا تحديدا واضحا؟ محل السعي بيِّن في هذه الآية؛ وهو ما بين الصفا والمروة، ومن لم يسع بينهما كان ساعيا بجوارهما لا بينهما؛ وهذا خلاف ما في الآية.
ثم هو أيضا المحل الذي سعى فيه النبي عليه الصلاة والسلام، وهو القائل: (خذوا عني مناسككم) أخرجه مسلم.
ويقال ثالثا: هو المحل الذي أطبق المسلمون على السعي فيه عبر مراحل تاريخهم؛ فهو إجماع عملي لا شك فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/285)
ويقال رابعا: يلزم من هذا القول أن كلام العلماء في تحديد المسعى –وقد نقلت طرفا منه- ما هو إلا عبث منهم وتكلف!
ويقال خامسا: إن هذا القول يلزم منه أن المسلمين –علماء وعامة- قد أطبقوا على التضييق على أنفسهم في أمر لهم فيه فسحة؛ فالناظر في كلام العلماء يجد أن الشكوى من الزحام في المسعى قديمة؛ فلماذا إذن رضوا بهذا الزحام وكان يمكنهم أن يسعوا في مساحة لا تُحد عرضا؟
ومن غرائب ما قرأت في هذا الموضوع: أن أحدهم يقول: إنه يمكن أن يسعى الساعي حيث شاء دون تقييد بحدود معينة؛ غير أن المهم هو أن يلصق قدمه بجبلي الصفا والمروة! هكذا قال، ولازم هذا أنه يمكن أن يسعى الساعي مشرقا حيث شاء –لأنه لا تحديد شرعا- ثم يعود إلى الصفا والمروة حتى يلصق قدمه به؛ فهل يقول عالم بذلك؟! وهل فعل هذا أحد من المسلمين قط؟
الاستدلال الرابع: قياس جواز توسعة المسعى على جواز توسعة المطاف.
والمتأمل في هذا القياس أدنى تأمل يدرك أنه قياس مع الفارق؛ فهو فاسد الاعتبار. وبيان ذلك:
أن الطواف مرتبط بالكعبة؛ وعليه فمهما توسع المطاف فيصدق على الطائف أنه طائف بالكعبة؛ أما في السعي فالأمر يختلف؛ إذ إن السعي مرتبط ببينية الصفا والمروة؛ وعليه فمن سعى وراء ذلك لم يكن ساعيا بين الصفا والمروة؛ وهذا خلاف ما أمرنا الله به في قوله: (أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)، وخلاف فعله عليه الصلاة والسلام حيث طاف بين الصفا والمروة، وخلاف عمل المسلمين في مختلف العصور.
الاستدلال الخامس: الاستدلال بالضرورة، وأن الأمر إذا ضاق اتسع.
من أكثر ما قرأته في هذا الموضوع من الاستدلالات: الاستدلال على جواز توسعة المسعى بالضرورة؛ نظرا للمشقة الحاصلة على المسلمين من ضيق المسعى؛ والقاعدة: أن الأمر إذا ضاق اتسع.
وإذا كان المستدل بهذا الاستدلال من أصحاب مسلك التيسير الذي اتخذوه غاية ومنهجا لا يبالون لأجله بتخطي النصوص وتعدي الحدود؛ فهؤلاء لست معنيا بجوابهم؛ لأن الخلاف معهم أكبر من مسألة توسعة المسعى؛ إنه خلاف يشمل مسائل كثيرة؛ بل هو خلاف في منهج التلقي والاستدلال.
ولست أريد أن أخوض في ضوابط الضرورة ومدى انطباقها على الوضع الحالي –وهو السعي في الطوابق الثلاثة-.
سأتجاوز ذلك وأجيب بأنه على تسليم حصول المشقة العظيمة التي تبلغ بالأمر إلى حد الاضطرار فإنه يقال: من المتقرر عند أهل العلم أن الضرورة تقدر بقدرها؛ وعليه فإن الضرورة قد تبيح توسعة المسعى لو كانت الخيار الوحيد لدفعها؛ أما مع وجود ما يدفعها دون تخطي الحدود الشرعية؛ فإن الاستدلال بالضرورة يصبح حينئذ لا وجه له شرعا.
وإذا نظرنا في هذه المسألة وجدنا أن البديل لدفع الضرورة ممكن؛ وهو التوسع رأسيا بزيادة عدد من الأدوار تندفع بها هذه المشقة -لأن الهواء يحكي القرار- مع بقاء الحدود الشرعية للمسعى كما هي، وهذا ما أرشد إليه كبار العلماء في فتواهم الصادرة بالأغلبية في هذا الموضوع؛ فقد جاء في قرار الهيئة رقم (227) وتاريخ 22/ 2/1427هـ: (وبعد الدراسة والمناقشة والتأمل رأى المجلس بالأكثرية أن العمارة الحالية للمسعى شاملة لجميع أرضه، ومن ثم فإنه لا يجوز توسعتها، ويمكن عند الحاجة حل المشكلة رأسيا بإضافة بناء فوق المسعى).
ومن اللافت للنظر أنه مع كثرة المستدلين بالضرورة على جواز التوسعة لم أجد منهم تعريجا على الخيار الآخر وهو التوسع رأسيا؛ فالملاحظ أنهم قد أهملوا الإشارة إليه فضلا عن الجواب عنه.
وإنني لأطرح عليهم السؤال مرة أخرى: لماذا لا يكون الحل في زيادة الطوابق دون التوسعة؟
ولماذا الحرص على تغيير هذا المشعر الذي حافظ عليه المسلمون بحدوده أكثر من أربعة عشر قرنا مع وجود الحل الآخر؟
وبناء على التقرير السابق؛ فإنه إذا استدل المستدل على جواز توسعة المسعى بقاعدة: إذا ضاق الأمر اتسع؛ فإنه يجاب بتتمة القاعدة: وإذا اتسع –بإمكان التوسعة الرأسية- ضاق!
ثم إنه يلزم المستدل بالضرورة أن يقصر جواز السعي في التوسعة الجديدة على الوقت الذي يشتد فيه الزحام جدا –في أوقات المواسم المعلومة- وأما ما عداها فلا يجوز السعي فيها؛ لأن الضرورة تقدر بقدرها، ولأنه إذا ضاق الأمر اتسع، وإذا اتسع ضاق!
الاستدلال السادس: الاستدلال بقاعدة: الزيادة لها حكم المزيد؛ وبناء عليه فيكون للتوسعة حكم المسعى؛ فيجوز السعي فيها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/286)
والجواب أن هذا الاستدلال بيّن الضعف؛ ذلك أن الزيادة لها حكم المزيد متى ثبت شرعا جواز الزيادة؛ وأما مع منعها فلا؛ فليس لصاحب أرض أن يغتصب الطريق المجاورة لأرضه ويضمها إليها ويقول: قد زدتها؛ والزيادة لها حكم المزيد!
والمانعون قد بينوا أن هذا المشعر توقيفي لا تجوز الزيادة عليه؛ وعليه فلا يصح الاستدلال بالقاعدة؛ بل الاستدلال بها حينئذ استدلالٌ بمحل النزاع.
الاستدلال السابع: الاستدلال بقاعدة: حكم الحاكم يرفع الخلاف.
والجواب عن هذا الاستدلال بعدم التسليم بكون هذه المسألة خلافية أصلا؛ فالخلاف فيها حادث؛ إذ هو مخالف لإجماع العلماء -بل المسلمين- قبله على أن المسعى محل تعبدي توقيفي.
ثم إن الاستدلال بهذه القاعدة موضع استغراب؛ فالحاكم في القاعدة يراد به القاضي وليس السلطان؛ ويراجع في هذا كلام العلماء عن القاعدة لا سيما ما ذكره القرافي في كتابه: الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام، وفي كتابه الفروق أيضا.
وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما حكم الحاكم فذاك يقال له: قضاء القاضي ... ) مجموع الفتاوى 35/ 376
ويقال أيضا: إن القرافي وغيره من أهل العلم قد بينوا أن محل القاعدة: مسائل النزاع والخصومات بين الناس وليس التعبديات.
والمقصود من القاعدة: أنه إذا حكم القاضي على أحد الخصمين في مسألة خلافية بأحد القولين فيها فليس للمحكوم عليه أن يتنصل من هذا الحكم بحجة أنه يرجح أو يقلد خلافه، وتكون المسألة حينئذ في حقه كالمجمع عليها. هذا المقصود من القاعدة؛ وليس جعل حكمه حكما عاما للناس جميعا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وليس المراد بالشرع اللازم لجميع الخلق "حكم الحاكم" ولو كان الحاكم أفضل أهل زمانه؛ بل حكم الحاكم العالم العادل يلزم قوما معينين تحاكموا إليه في قضية معينة؛ لا يلزم جميع الخلق) مجموع الفتاوى 35/ 372
ويقول: (فهذه الأمور الكلية ليس لحاكم من الحكام كائنا من كان -ولو كان من الصحابة- أن يحكم فيها بقوله على من نازعه في قوله؛ فيقول: ألزمته أن لا يفعل ولا يفتي إلا بالقول الذي يوافق لمذهبي؛ بل الحكم في هذه المسائل لله ورسوله –عليه الصلاة والسلام- والحاكم واحد من المسلمين؛ فان كان عنده علم تكلم بما عنده وإذا كان عند منازعه علم تكلم به؛ فان ظهر الحق في ذلك وعُرف حكم الله ورسوله –عليه الصلاة والسلام- وجب على الجميع اتباع حكم الله ورسوله –عليه الصلاة والسلام- وإن خفي ذلك أقر كل واحد على قوله -أقر قائل هذا القول على مذهبه وقائل هذا القول على مذهبه- ولم يكن لأحدهما أن يمنع الآخر إلا بلسان العلم والحجة والبيان؛ فيقول ما عنده من العلم.
وأما باليد والقهر فليس له أن يحكم إلا في المعينة التي يتحاكم فيها إليه، مثل ميت مات وقد تنازع ورثته في قسم تركته فيقسمها بينهم إذا تحاكموا إليه، وإذا حكم هنا بأحد قولي العلماء ألزم الخصم بحكمه، ولم يكن له أن يقول: أنا لا أرضى حتى يحكم بالقول الآخر، وكذلك إذا تحاكم إليه اثنان في دعوى يدعيها أحدهما فصل بينهما كما أمر الله ورسوله –عليه الصلاة والسلام- وألزم المحكوم عليه بما حكم به، وليس له أن يقول أنت حكمت علي بالقول الذي لا أختاره) مجموع الفتاوى 35/ 360
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله -أيضا- زيادة في تحرير الكلام عن هذه القاعدة: (والأمة إذا تنازعت في معنى آية أو حديث أو حكم خبري أو طلبي لم يكن صحة أحد القولين وفساد الآخر ثابتا بمجرد حكم حاكم فإنه إنما ينفذ حكمه في الأمور المعينة دون العامة، ولو جاز هذا لجاز أن يحكم حاكم بأن قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) هو الحيض والأطهار، ويكون هذا حكما يلزم جميع الناس قوله، أو يحكم بأن اللمس في قوله تعالى: (أو لامستم النساء) هو الوطء والمباشرة فيما دونه، أو بأن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج أو الأب والسيد وهذا لا يقوله احد ... والذي على السلطان في مسائل النزاع بين الأمة أحد أمرين: إما أن يحملهم كلهم على ما جاء به الكتاب والسنة واتفق عليه سلف الأمة لقوله تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) وإذا تنازعوا فَهِمَ كلامهم إن كان ممن يمكنه فهم الحق؛ فإذا تبين له ما جاء به الكتاب والسنة دعا الناس إليه، و [ولعل الصواب: أو] أن يقر الناس على ما هم عليه كما يقرهم على مذاهبهم العملية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/287)
.. وأما إلزام السلطان في مسائل النزاع بالتزام قول بلا حجة من الكتاب والسنة فهذا لا يجوز باتفاق المسلمين، ولا يفيد حكم حاكم بصحة قول دون قول في مثل ذلك إلا إذا كان معه حجة يجب الرجوع إليها؛ فيكون كلامه قبل الولاية وبعدها سواء، وهذا بمنزلة الكتب التي يصنفها فى العلم). مجموع الفتاوى 3/ 238 - 240.
الاستدلال الثامن: الاستدلال بأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن ينبه الصحابة الذين حجوا معه على عدم الخروج عن حدود هذا المسعى المعروف.
وهذا الاستدلال قد ذكره بعضهم؛ وتقريره: أن الذين حجوا مع النبي عليه الصلاة والسلام مائة ألف أو يزيدون، والوادي فسيح، ولم يكن النبي عليه الصلاة والسلام يحذر الصحابة من الخروج عن حدود هذا المسعى المعلوم مع أن هذا وارد مع كثرة العدد وعدم وجود حدود تمنعهم من الذهاب شرقا وغربا؛ وعليه فلا حرج من التوسعة الشرقية للمسعى.
وهذا الكلام لا شك في بطلانه، وصاحبه قد تكلم في المسألة دون أن يتصور الواقع الذي يتحدث عنه.
فالمسعى لم يكن واديا فسيحا لا يحده شيء شرقا وغربا بحيث يمكن حصول ما ذكروا؛ بل قد كانت البيوت محدقة به على حافتيه؛ وعليه فلا يمكن لأحد منهم أن يسعى إلا في هذا المكان المعلوم.
ودونك نبذة عن حال المسعى وما أحاط به من خلال كتب التاريخ والحديث:
يقول ابن عمر رضي الله عنهما: (السعي من دار ابن عباد إلى زقاق بني حسين) علقه البخاري في صحيحه 3/ 501 مع الفتح.
ويقول الأزرقي 2/ 117: (قال ابن جريج: أخبرني نافع قال: فينزل ابن عمر من الصفا فيمشي حتى إذا جاء باب دار بني عباد سعى حتى ينتهي إلى الزقاق الذي يسلك إلى المسجد، الذي بين دار ابن أبي حسين ودار ابنة قرظة).
ومن ذلك أيضا أنه كانت البيوت قائمة بين المسجد والمسعى ولم يدخل منها شيء في المسجد حتى وسع المهدي المسجد؛ يقول الأزرقي 2/ 75: (فاشترى [أي المهدي] جميع ما كان بين المسعى والمسجد من الدور فهدمها ووضع المسجد على ما هو اليوم شارعا على المسعى).
ويقول أيضا 2/ 79: (وكانت الدور وبيوت الناس من ورائه [أي المسجد] في موضع الوادي اليوم، إنما كان موضعه دور الناس، وإنما كان يسلك من المسجد إلى الصفا في بطن الوادي، ثم يسلك في زقاق ضيق حتى يخرج إلى الصفا من التفاف البيوت، فيما بين الوادي والصفا).
ويقول أيضا 2/ 90: (كانت دور بني عدي ما بين الصفا والمسجد وموضع الجنبزة التي يسقى فيها الماء عند البركة هلم جرا إلى المسجد).
ويقول أيضا 2/ 261: (وكانت مساكن بني عدي ما بين الصفا إلى الكعبة).
ويقول أيضا 2/ 233: (وللعباس بن عبد المطلب أيضا الدار التي بين الصفا والمروة التي بيد ولد موسى بن عيسى التي إلى جنب الدار التي بيد جعفر بن سليمان، ودار العباس هي الدار المنقوشة التي عندها العلم الذي يسعى منه من جاء من المروة إلى الصفا بأصلها، ويزعمون أنها كانت لهاشم بن عبد مناف).
ويقول أيضا 2/ 235: (لآل عتبة بن فرقد السلمي دارهم وربعهم التي عند المروة).
ويقول أيضا 2/ 247: (ولآل الأزرق بن عمرو أيضا دارهم التي عند المروة إلى جنب دار طلحة بن داود الحضرمي، يقال لها دار الأزرق، وهي في أيديهم إلى اليوم، وهي لهم ربع جاهلي).
ويقول أيضا: (ربع آل داود بن الحضرمي واسم الحضرمي عبد الله بن عمار حليف عتبة بن ربيعة قال أبو الوليد: لهم دارهم التي عند المروة، يقال لها دار طلحة، بين دار الأزرق بن عمرو الغساني ودار عتبة بن فرقد السلمي، ولهم أيضا الدار التي إلى جنب هذه الدار عند باب دار الأزرق أيضا، يقال لها دار حفصة، ويقال لها دار الزوراء، ومن رباعهم أيضا الدار التي عند المروة في صف دار عمر بن عبد العزيز، ووجهها شارع على المروة).
ويقول أيضا 2/ 250: (رباع بني نوفل بن عبد مناف قال أبو الوليد: كانت لهم دار جبير بن مطعم عند موضع دار القوارير اللاصقة بالمسجد الحرام بين الصفا والمروة، اشتريت منهم في خلافة المهدي أمير المؤمنين حين وسع المسجد الحرام ... ولهم دار عدي بن الخيار، كانت عند العلم الذي على باب المسجد الذي يسعى منه من أقبل من المروة إلى الصفا).
ويقول أيضا 2/ 255: (ربع آل قارظ القاريين وهي الدار التي يقال لها دار الخلد على الصيادلة، بين الصفا والمروة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/288)
ويقول أيضا 2/ 254: (وكانت لهم دار مخرمة بن نوفل التي بين الصفا والمروة التي صارت لعيسى بن علي عند المروة).
هذه طائفة يسيرة من الشواهد على ما كان يحيط بالمسعى من بيوت، ولو أردت الزيادة لزدت، وهي دليل على أن هذه الحجة هشة ضعيفة.
الاستدلال التاسع: الاستدلال بأن المسعى قد تعرض للتغيير سابقا.
مما رأيت بعض المفتين بجواز التوسعة قد اعتمد عليه في فتواه: القول بأن المسعى قد طالته يد التغيير والتوسع في السابق دون نكير من أهل العلم؛ فدل على جواز هذه التوسعة؛ ولا تكون بذا بدعا من التصرف.
وإذا أثار المستدلون هذا الجانب من الاستدلال فإنهم إنما يشيرون في الغالب إلى ما حصل في عهد الخليفة المهدي العباسي رحمه الله أثناء توسعة المسجد الحرام؛ إذ من المعلوم أن المهدي قد قام بتوسعة المسجد الحرام مرتين: الأولى: عام 164هـ، والأخرى عام 167هـ، والتوسعة الثانية هي التي حصلت فيها تغيير في محل المسعى على ما يذكر هؤلاء المستدلون.
والمعتمد في هذا على أقوال ذكرها الأزرقي في أخبار مكة فيها ما يشير إلى حصول هذا التغيير؛ من ذلك: قوله 2/ 62 عن جده –أو من فوقه من شيوخه؛ فالعبارة محتملة-: (والمهدي وضع المسجد على المسعى)، وقوله 2/ 80: (فهدموا أكثر دار ابن عباد بن جعفر العايذي وجعلوا المسعى والوادي فيهما) وعند الفاكهي 2/ 173 –وقد نقل عبارة الأزرقي-: (فيها).
وسوف أتوسع بعض الشيء في الجواب عن هذا الاستدلال لشهرته لدى بعض طلبة العلم الذين يُسمع احتجاجهم به دون أن يكونوا قد أنعموا النظر فيه؛ وهذا مما يعطي انطباعا عن المنهج العلمي الذي سار عليه بعض من تكلم في هذا الموضوع تقريرا واستدلالا.
فأقول وبالله التوفيق: الجواب عن هذا الاستدلال أن يقال:
لم يحصل في توسعة المهدي ولا قبلها ولا بعدها أن توسع المسعى جملةً شرقاً أو غرباً، ويخطئ من يظن ذلك استنادا إلى قصة التوسعة هذه، ويخطئ أيضا من يجعلها أصلا يقيس عليه التوسعة الحالية، وتوضيح ذلك:
أن المهدي في توسعته الأولى اشترى جميع ما كان بين المسعى والمسجد من الدور فهدمها ووسع المسجد، وانتهت التوسعة شرقا إلى حد المسعى، يقول الأزرقي 2/ 75: (فاشترى جميع ما كان بين المسعى والمسجد من الدور فهدمها ووضع المسجد على ما هو اليوم شارعا على المسعى).
إذن التوسعة لم ينل المسعى منها شيء، واستمر المسعى محفوظا من ذلك إلى عهد الأزرقي وإلى ما بعده؛ وهذا معنى العبارة السابقة: (والمهدي وضع المسجد على المسعى) أي أزال البيوت التي كانت بين المسجد والمسعى وجعل المسجد على حد المسعى، وليس أنه أدخل المسعى في المسجد وأنشأ مسعى جديدا وراء ذلك؛ فهذا خطأ، وهذا ما وضحه الأزرقي نفسه حيث قال: (ووضع المسجد على ما هو اليوم شارعا على المسعى).
ويؤكد ذلك ما جاء عند الفاكهي في أخبار مكة 2/ 87: (وأمير المؤمنين المهدي وضع أبواب المسجد على المسعى).
وقد تقدم النقل عن أهل العلم بأن من سعى من داخل المسجد فسعيه باطل، وهذا يدل على أنه ليس من المسعى في المسجد شيء.
هذا عن العبارة الأولى، أما العبارة الأخرى وما أشبهها مما أورده الأزرقي في كتابه؛ فقبل أن أجيب على ما يتعلق بها أشير إلى شيء ينبغي ألا يُهمل أثناء النظر في هذا الموضوع؛ ألا وهو أن الإشارة إلى حصول شيء من التغيير في المسعى لم ينقلها أحد –وأقول هذا بعد بحث طويل- سوى الأزرقي، وكل من جاء بعده وأشار إلى هذا الموضوع -كالفاكهي وابن فهد وابن ظهيرة وابن الضياء والفاسي والصباغ وغيرهم- فهو ناقل عنه، وأما جل مشاهير المؤرخين فلم ينقلوا شيئا يتعلق بهذا الأمر الجلل مطلقا، مع إشارتهم إلى توسعة المهدي للمسجد.
ومثلهم في السكوت علماء الفقه؛ إذ إن جماهيرهم لم يشيروا إلى شيء يتعلق بذلك، مع أن القضية لها ارتباط شرعي، ومن أشار إلى ذلك –كالرملي مثلا- فهو ناقل عن الأزرقي أيضا.
إذن هذه القضية على جلالة قدرها ليس لها من مستند تاريخي إلا ما دونه الأزرقي نقلا عن جده فقط.
هذه لفتة أحببت أن يرمقها العاقل بعين بصيرته، وإن كنت لن أقف عندها.
أقول مستعينا بالله: الجواب عن الاستدلال بما أورده الأزرقي من وجوه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/289)
أولا: المنقول في كتاب الأزرقي -ومن جاء بعده ناقلا عنه- لا يتعلق بالمسعى جميعا؛ إنما يشير إلى أنه طرأ شيء ما على موضع السعي –أي الهرولة- فحسب؛ فقول الأزرقي 2/ 80: (فهدموا أكثر دار ابن عباد بن جعفر العايذي وجعلوا المسعى والوادي فيهما) إنما أراد به بطن الوادي الذي هو موضع الهرولة؛ وهذا يُطلق عليه –أيضا-: المسعى، وهذا الإطلاق أمرٌ معلوم؛ فعند الترمذي عن كثير بن جمهان قال: (رأيت ابن عمر يمشي في المسعى) وفي تحفة الأحوذي 3/ 601: (أي مكان السعي وهو بطن الوادي).
ومنه أيضا قول الأزرقي 2/ 119: (وذرع ما بين العلم الذي في حد المنارة إلى العلم الأخضر الذي على باب المسجد - وهو المسعى - مائة ذراع واثنا عشر ذراعا).
والخلاصة أن المسعى يطلق ويراد به جميع ما بين الصفا والمروة، ويطلق ويراد به بطن الوادي لأنه محل للسعي –أي الهرولة- ومن هذا الباب قول الأزرقي السابق؛ فالتغيير الذي أشار إليه إنما يتعلق بهذا الجزء فحسب دون سائر المسعى؛ وهذا لا شك فيه؛ إذ كيف يُجعل المسعى كله في موضع دار؟
وقد أفصح الفاسي بتوضيح موضع التغيير الذي أشار إليه الأزرقي؛ حيث قال: (وذكر الأزرقي ما يقتضي أن موضع السعي فيما بين الميل الذي بالمنارة والميل المقابل له لم يكن مسعى إلا في خلافة المهدي العباسي بتغيير موضع السعي قبله في هذه الجهة) ثم نقل كلام الأزرقي الذي نقلت بعضه فيما مضى، انظر: شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام 1/ 520
ثانيا: إذا اتضح أن محل التغيير إنما يتعلق بجزء من المسعى –وهو محل الهرولة- فينبغي أن يُعلم أن هذا التغيير –إن صح حصوله- فهو مخصوص بجزء يسير من هذا الموضع المخصوص؛ وذلك أن دار ابن عباد كانت عند مبتدأ الوادي –محل الهرولة- وفي محلها وُضع علم السعي المعلق على منارة المسجد –منارة باب علي- الذي يذكره الفقهاء في كتبهم؛ وهو مبتدأ الهرولة للقادم من الصفا إلى المروة، وفي هذا يقول ابن عمر رضي الله عنهما: (السعي من دار ابن عباد إلى زقاق بني حسين) علقه البخاري في صحيحه 3/ 501 مع الفتح.
وقد تكلم المؤرخون عن موضع دار ابن عباد وأنها كانت عند حد ركن المسجد الحرام؛ يقول الأزرقي 2/ 79: (وكان باب دار محمد بن عباد بن جعفر عند حد ركن المسجد الحرام اليوم، عند موضع المنارة الشارعة في بحر [وفي نسخة: في نحو] الوادي، فيها علم المسعى، وكان الوادي يمر دونها في موضع المسجد الحرام اليوم). وانظر أخبار مكة للفاكهي 2/ 208.
والمقصود أن هذه الدار في طرف من الوادي من الجنوب ولم تستوعبه كله؛ فهو إذن تغيير يسير، لا كما يتصوره بعضهم أنه تغيير كبير، ويتأيد هذا بقول الفاسي شفاء الغرام 1/ 520: (والظاهر –والله أعلم- إجراء المسعى [كذا، ولعل الصواب: السعي] بموضع السعي اليوم وإن تغير بعضه عن موضع السعي قبله).
ويؤيد أن التغيير يسير ليس بذي بال أن الأزرقي –نفسه- لما تكلم عن رباع مكة ودور أهلها وبلغ بحديثه إلى دار عباد بن جعفر أشار إلى جعل الوادي فيها ولم يشر إلى شيء يتعلق بالمسعى؛ حيث يقول 2/ 259 - 260: (فلما أن وسع المهدي المسجد الحرام في سنة سبع وستين ومائة وأدخل الوادي في المسجد الحرام، أُدخلت دار عباد بن جعفر هذه في الوادي؛ اشتريت منهم وصُيرت بطن الوادي اليوم، إلا ما لصق منها بالجبل -جبل أبي قبيس-).
ثالثا: مما يعكر صفو ما قرره الفاسي متابعا فيه الأزرقي أن من أهل العلم من قرر أن موضع السعي –الهرولة- هو كما كان عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يطرأ عليه تغيير، وفي هذا يقول ابن القيم في زاد المعاد 2/ 228: (والظاهر أن الوادي لم يتغير عن وضعه). وبمثله قال ابن جاسر في منسكه (270).
ويؤيده أن وضع الأعلام –الأميال- التي في محل الوادي ليس إلا لضبط محل سعيه عليه الصلاة والسلام، وعليه فالظاهر أنه لم يطرأ تغيير على هذا الموضع وإلا لم يكن لوضعها فائدة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة – المناسك 2/ 464: (وقد حدد الناس بطن الوادي الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يسعى فيه بأن نصبوا في أوله وآخره أعلاما، وتسمى أميالا، ويسمى واحدها: الميل الأخضر؛ لأنهم ربما لطخوه بلون خضرة ليتميز لونه للساعي، وربما لطخوه بحمرة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/290)
ومن العجيب أن المهدي الذي يُنسب إليه نقل المسعى وتوسعته شرقا هو الذي يُنسب إليه بناء هذه الأعلام؛ يقول القلقشندي في مآثر الخلافة 1/ 185 في تعداد مناقب المهدي: (وبنى العلمين اللذين يُسعى بينهما).
وإذا كان حريصا على بقاء الموضع الذي سعى فيه النبي عليه الصلاة والسلام ظاهرا للمسلمين، سالما من التغيير؛ فكيف يُظن به أنه ينقل المسعى عن موضعه؟
وهذه الأميال لم تزل على حالها –بحمد الله- إلى العصر الحاضر قبيل التوسعة السعودية الأولى، انظر وصفها لحسين باسلامة في تاريخ عمارة المسجد الحرام 303، ثم وضع محلها هذه العلامات الظاهرة الآن في سقف المسعى وجوانبه.
ويتأيد هذا بوجه آخر: وهو أن المتتبع لكلام العلماء في هذا الباب يقطع بأنهم أشد ما يكونون حرصا على الالتزام بالهدي النبوي، ومن ذلك جعلهم المشاعر –ومنها المسعى- أماكن توقيفية؛ ومن ذلك أنهم نصوا على أن على الساعي أن يسعى قبل وصوله الميل بستة أذرع حتى يطابق محل السعي الذي جرى فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام -كما نص على هذا الشافعي وغيره من أهل العلم، انظر: مختصر المزني 76، والمغني لابن قدامة 5/ 236، وشرح العمدة لابن تيمية 2/ 465، ومواهب الجليل 4/ 156 وغيرها من كتب الفقه- هذا مع كون الهرولة سنة ومن تركها فليس عليه شيء في قول جماهير أهل العلم؛ فأين تنبيههم على محل المسعى النبوي عرضا لو كان ثمة تغيير شرقا أو غربا؟
والخلاصة المستفادة مما سبق: أن المستدل بهذه القصة إن استدل بها على أن المسعى قد نُقل بالكامل عن موضعه؛ فهو استدلال باطل.
وإن قال: إن موضع الهرولة قد تغير موضعه بالكامل؛ فهو أيضا قول باطل.
وإن قال: إن موضعا يسيرا في محل الهرولة قد حصل فيه تغيير؛ فهذا ليس مسلما؛ بل يلفه شيء من الشك؛ وعليه فلا يصلح مستمسكا في هذه القضية الشرعية بالغة الأهمية.
رابعا: أنه على تسليم حصول هذا التغيير، وأن جزءا من المسعى –في محل الهرولة- جُعل في دار ابن عباد؛ فإن هذا ليس فيه ما يدل على جواز تغيير محل هذه العبادة التوقيفي، أو أن هذا التغيير قد حصل بالفعل؛ وإنما غاية ما هنالك أنه أزيل بناء كان قائما في محل يُشرع السعي فيه.
وكأني بدار ابن عباد هذه مشابهة في حالها لدار آل الشيبي التي أزيلت في العصر الحديث –خلال التوسعة السعودية الأولى- والتي كان محلها بين موضع السعي من جهة الصفا وبين الشارع العام الملاصق للمسجد الحرام مما يلي باب الصفا (انظر: فتاوى الشيخ ابن إبراهيم 5/ 139) وكان قرار اللجنة الذي وافق عليه سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: (ولا بأس من السعي في موضع دار الشيبي لأنها على مسامتة بطن الوادي بين الصفا والمروة) 5/ 143 - 144.
والخلاصة: أن جعل المسعى في دار ابن عباد لم يُخرج هذا الموضع من المسعى عن الحد الشرعي فيما بين الصفا والمروة قطعا، والمطلوب شرعا السعي بين الصفا والمروة وليس الموضع الذي سعى فيه عليه الصلاة والسلام على وجه الخصوص، وهذا حاصل بعد هذا التغيير –إن كان-؛ فلم يزل الناس يسعون بين الصفا والمروة كما كان الأمر قبل توسعة المهدي ولم يتغير شيء من ذلك البتة.
يوضح ذلك: أن الدرج التي على الصفا وعلى المروة قد بنيت قبل المهدي –في عهد والده أبي جعفر المنصور- وفي هذا يقول الأزرقي 2/ 102: (حتى كان عبد الصمد بن علي في خلافة أبي جعفر المنصور فبنى درجهما التي هي درجهما).
ويقول الفاكهي 2/ 245: (فدرجهما إلى اليوم قائمة).
فهذه الدرج بقيت على موضعها بعد التغيير المذكور –إن صح- ولم تزل كذلك إلى ما قبل التوسعة السعودية الأولى؛ وهي شاهد صدق على أن المسلمين لم يكونوا يسعون إلا في هذا المسعى المعروف بين الصفا والمروة، وأن المسعى لم يخرج عن كونه بين الصفا والمروة؛ فالساعي كان ينزل من هذه الدرج التي على المسعى قاصدا المروة قبل توسعة المهدي، واستمر الأمر كذلك بعد التوسعة وإلى التوسعة السعودية الأولى، بل وإلى اليوم؛ فالمسعى هو هو بحمد الله.
وهذا دليل آخر على أن المسلمين لم يزالوا محافظين على محل هذه الشعيرة دون زيادة أو نقصان.
ويؤيده –أيضا- أن الإجماع قد قام على صحة السعي في هذا المسعى المعروف الذي توارثه الناس مع وقوع هذا التعديل الطفيف فيه إن صح ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/291)
يقول الفاسي في شفاء الغرام 1/ 520 - 521: (والظاهر –والله أعلم- إجراء المسعى [كذا، ولعل الصواب: السعي] بموضع السعي اليوم وإن تغير بعضه عن موضع السعي قبله لتوالي الناس من العلماء وغيرهم على السعي بموضع السعي اليوم، ولا خفاء في تواليهم على ذلك ... وما حُفظ عن أحد منهم إنكار لذلك ولا أنه سعى في غير المسعى اليوم ... فيكون أجرى [كذا] السعي بمحل السعي مجمعا عليه عند من وقع التغيير في زمنهم وعند من بعدهم، والله أعلم).
ويقول الرملي في نهاية المحتاج 3/ 291: (ويشترط [أي في السعي] قطع المسافة بين الصفا والمروة كل مرة، ولا بد أن يكون قطع ما بينهما من بطن الوادي، وهو المسعى المعروف الآن؛ وإن كان في كلام الأزرقي ما يوهم خلافه؛ فقد أجمع العلماء وغيرهم من زمن الأزرقي إلى الآن على ذلك).
ويقول ملا علي القاري في مرقاة المفاتيح 5/ 475: (والمسعى هو المكان المعروف اليوم؛ لإجماع السلف والخلف عليه كابرا عن كابر ولا ينافيه كلام الأذرعي أن أكثره في المسجد كما توهم ابن حجر رحمه الله فتدبر).
وكلام الأذرعي هذا قد حرصت على الظفر به فلم أفلح؛ ومهما يكن فليس صحيحا أن أكثر المسعى في المسجد؛ فهذا قول شاذ مخالف للإجماع، وكلام ملا علي القاري يُلمح إلى أن هذا الإجماع العملي مقدم على ما يقال بخلافه.
ويقول الباجي في المنتقى شرح الموطأ 2/ 305: (والسعي بين العلمين هو الذي يقتضيه الحديث المذكور، وقد أَعلَمت الخلفُ ذينك الموضعين حتى صار إجماعا).
ويقول مؤرخ مكة الخبير بها محمد طاهر الكردي في كتابه التاريخ القويم 5/ 363: (موضع السعي هو هو؛ لم يتغير ولم يتبدل ولم ينقص ولم يزد).
والمستخلص من هذه النقولات أن موضع السعي المعروف توقيفي مجمع عليه؛ وعليه فلا يجوز أن يُخرج عنه بحال.
وأضيف إلى ما سبق جوابين آخرين يؤكدان بطلان القول بأن المسعى قد توسع شرقا كما يردد هذا بعضهم:
1 - كان يقابل باب المسجد المسمى باب العباس والميل المعلق عليه الذي منه مبتدأ الهرولة للقادم من المروة إلى الصفا – أقول: كان يقابل هذا الباب: دار تسمى: دار العباس، وقد أطبقت كتب تاريخ مكة على تحديد محلها، وأنها كما هي قبل توسعة المهدي وبعدها، بل وإلى الأزمنة المتأخرة حينما صارت خرابا في عهد شيخ الإسلام ابن تيمية –انظر: شرح العمدة 2/ 465 - ورباطا فيما بعده –انظر: مغني المحتاج 1/ 495، وشفاء الغرام 1/ 440، وتحصيل المرام 1/ 346 - أقول: هذه الدار معروفة ومكانها محفوظ إلى وقت التوسعة السعودية الأولى؛ فلو كان ثمة توسعة للمسعى من جهة الشرق لدخلت هذه الدار في التوسعة قطعا ولزال وجودها؛ إذ لم يكن بينها وبين جدار المسجد سوى خمسة وثلاثون ذراعا فقط، أي ستة عشر مترا تقريبا! وهذا لم يكن.
2 - يلاحظ أن من يرسل الكلام بأن المسعى قد توسع في مراحل مختلفة من التاريخ لا يستطيع أن يجيب على هذا السؤال: إلى أي حد بلغ هذا الامتداد خلال هذه المراحل؟ ليس في كلام المؤرخين في هذا كلمة واحدة! مع أنهم اعتنوا بأمور هي أقل من هذا بكثير؛ حتى إنهم قالوا: إن بين جدار باب بني شيبة بالمسجد الحرام إلى جدار المشعر الحرام بمزدلفة: خمسة وعشرين ألف ذراع وسبعمائة وثمانية أذرع وأربعة أسباع الذراع! انظر: شفاء الغرام 1/ 507
أفتراهم يعتنون بذكر هذا التحديد ذي المسافة البعيدة مع أنه لا يترتب على ذكره فائدة، ويهملون تحديد مسافة المسعى بعد تأخير موضعه –كما يُزعم- مع تعلق عبادة السعي به؟!
أختم هذه المسألة بذكر شاهد على عناية العلماء ببقاء المسعى محفوظا عن الزيادة والنقصان، وعلى شدة إنكارهم على من حاول العبث بحدوده التوقيفية، وقد ورد ذكره سابقا.
ذلكم ما أورده القطب الحنفي في كتابه الإعلام 104 - 106 (نقلا عن تحصيل المرام للصباغ 1/ 346 - 348) في قصة تعدي أحد التجار –واسمه: ابن الزمن- على المسعى حين اغتصب من جانبه ثلاثة أذرع ليجعلها ضمن أرض يبني عليها رباطا للفقراء؛ فمنعه قاضي مكة ابن ظهيرة وجمع محضرا من العلماء وفيهم من علماء المذاهب الأربعة وقابلوا هذا التاجر (وأنكر عليه جميع الحاضرين وقالوا له في وجهه: أنت أخذت من المسعى ثلاثة أذرع وأدخلتها، وأحضروا له النقل بعرض المسعى من تاريخ الفاكهي، وذرعوا من جدار المسجد إلى المحل الذي وضع فيه ابن الزمن الأساس فكان عرض المسعى ناقصا ثلاثة أذرع).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/292)
فهذا شاهد على اهتمام أهل العلم بهذا المشعر العظيم ومنع التغيير فيه حتى ولو كان قدرا يسيرا لا يتجاوز مترا ونصفا، ونحمد الله أن هذا التعدي كان مؤقتا وزال؛ فإن التوسعة السعودية الأولى قد استوعبت المسعى بعرضه المتوائم مع ما ذكره المؤرخون القدماء ولله الحمد.
الخاتمة
هذا ما أردت بيانه في هذه المسألة؛ إبراء للذمة، وصدعا بالحق الذي أدين به، والله يشهد أني بذلت قصارى جهدي في الوصول إليه.
وإنني في ختام هذا البحث لأهيب بأهل العلم وبأصحاب القرار أن يعيدوا النظر في هذه التوسعة.
إن خيرا للأمة أن تبقى على الأمر الواضح المستبين الذي مضى عليه عمل المسلمين وتوارد عليه الناس وتلقاه الخلف عن السلف، بعيدا عن التكلف في الاستدلال واتباع المتشابه من كلام أهل العلم؛ فهذا الذي لا ينازع عاقل في أنه أسلم في الدين وأبرأ للذمة، وبه تحصل الطمأنينة بصحة العبادة.
وإذا كان العقد قد انفرط ولم يمكن التدارك فلا أقل من جعل المسعى القديم بحاله ذهابا وإيابا، فمن طابت نفسه بالسعي في المسعى المحدث فدونه، ومن أراد أن يسعى كما سعى المسلمون قبله فلا يبقى في صدره حرج من صحة عبادته.
وكأني بهذه التوسعة -لو مضت كما هو مرسوم لها- وقد وقف العقلاء إزاءها عاجزين عن حل معضلة كبرى؛ ألا وهي التنازع والتدافع اللذين سيسببهما إصرار كثير من المسلمين على السعي في المسعى القديم ذهابا ومجيئا احتياطا لعبادتهم! وحينها سنقع في شر مما فررنا منه، والأمر لله.
ويحسن أن أحلي ختام البحث بكلمات نيرات للشيخ العلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله تتعلق بهذا الموضوع.
قال رحمه الله: (يتعين ترك الصفا والمروة على ما هما عليه أولاً، ويسعنا ما وسع من قبلنا في ذلك، ولو فُتحت أبواب الاقتراحات في المشاعر لأدى ذلك إلى أن تكون في المستقبل مسرحًا للآراء، وميدانًا للاجتهادات، ونافذة يولج منها لتغيير المشاعر وأحكام الحج، فيحصل بذلك فساد كبير ... ولا ينبغي أن يُلتفت إلى أماني بعض المستصعبين لبعض أعمال الحج واقتراحاتهم، بل ينبغي أن يُعمل حول ذلك البيانات الشرعية بالدلائل القطعية المشتملة على مزيد الحث والترغيب في الطاعة والتمسك بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته في المعتقدات والأعمال، وتعظيم شعائر الله ومزيد احترامها) الفتاوى (5/ 146 - 147).
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في الدين، وحسن الاتباع للنبي الكريم عليه الصلاة والسلام -ففي ذلك الخير كل الخير- كما أسأله جل وعلا أن يوفق ولاة أمورنا إلى ما فيه صلاح الدين والدنيا، وأن يزيدهم توفيقا، وأن يمن عليهم بالهداية إلى الحق والعمل به؛ إن ربي قريب مجيب.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تمت كتابة مسودة هذا البحث في 2/ 4/1429هـ، ثم راجعته وأضفت إليه وهذبته بعدُ.
dr.saleh.s@gmail.com
ـ[ابو سلطان البدري]ــــــــ[27 - 05 - 08, 09:31 م]ـ
كلمة حقفي توسعة المسعى
(دراسة علمية تاريخية عن حكم توسعة المسعى)
كتبها
د. صالح بن عبد العزيز بن عثمان سندي
ملحوظة:
لم تطب نفسي بنشر البحث حتى عرضته على عدد من أهل العلم وطلابه؛ فاستحسنوه، وحثوا على نشره، والحمد لله على إعانته.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فلا أظن أن مسألة فقهية معاصرة قد حظيت بما حظيت به توسعة المسعى التي قامت مؤخرا من نقاش علمي وحشد إعلامي، وقد كنت متابعا لما يُكتب ويُقال منذ ابتداء العمل فيها وإلى هذه الأيام.
ولقد هالني ما قرأت وما سمعت مما أجلب عليه كثير من المتكلمين في الموضوع من أدلة، وما طوعوه من قواعد ليوافق ما اختاروا، ولست بالتأكيد أعني الجميع.
إن الحق الذي لا ريب فيه أن الصفا والمروة من شعائر الله، والمسعى بينهما محلٌ توقيفي عرفه المسلمون أجمعون كما هو دون زيادة أو نقصان، وتوارثوه على حاله جيلا بعد جيل.
والقائلون بجواز هذه التوسعة لم يظفروا –على كثرة ما بحثوا وقالوا- بدليل صحيح صريح الدلالة لا معارض له يعضد ما نصروا، ولا بنص واحد عن إمام معتبر من أئمة المسلمين السابقين يجيز فيه توسعة المسعى، ولا بنقل عن أحد منهم أنه سعى في غير المسعى المعروف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/293)
وهذه الأوراق فيها بحث هذا الموضوع: تأصيلا له، ومناقشة لأدلة المجيزين، وكان الوصول إلى الحق قصدي في كتابتها.
كما قصدت السعي في الذب عن أعراض علماء أعلام تناولتهم ألسنة وأقلام بغمز ولمز لفتواهم بعدم الجواز، مع أنهم –دون شك- أسعد بالصواب.
أسأل الله أن يجعل هذا المكتوب مسددا نافعا، كما أسأله أن يوفق ولاة أمرنا وعلماءنا إلى ما يحب، وأن يأخذ بأيديهم إلى ما يرضيه، والله المستعان.
المسألة الأولى: محل السعي.
إن مما لا تختلف فيه كلمة المسلمين أن محل السعي شرعا: ما بين الصفا والمروة، ودليل ذلك من كتاب الله قوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا).
ودليله من السنة: كونه المحل الذي سعى فيه النبي عليه الصلاة والسلام، وقد جاء في السنة عشرات الأحاديث –في الصحيحين وغيرهما- فيها التنصيص على أنه عليه الصلاة والسلام سعى بين الصفا والمروة، وهو القائل: (خذوا عني مناسككم) أخرجه مسلم.
وعليه فمن سعى خارجا عما بين الصفا والمروة لم يكن ممتثلا للأمر الشرعي؛ والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) أخرجه مسلم.
ولأجل هذا فقد نص جمع من الفقهاء على أن من شروط صحة السعي أن يكون في محله بين الصفا والمروة.
قال الرملي في نهاية المحتاج 3/ 291: (ويشترط [أي في السعي] قطع المسافة بين الصفا والمروة كل مرة، ولا بد أن يكون قطع ما بينهما من بطن الوادي، وهو المسعى المعروف الآن). ثم نقل إجماع العلماء وغيرهم من وقت الأزرقي (قيل إنه توفي في 223هـ، وقيل 250هـ، وقيل غير ذلك) إلى زمانه (توفي في 1004هـ) على أن السعي إنما هو في المسعى المعروف.
وانظر أيضا: حاشية البجيرمي على الخطيب 2/ 375، وغيرها من كتب الشافعية.
وأنبه هنا إلى أن الوادي في كلام الرملي وغيره من العلماء في هذا المقام يراد به المسيل الذي بين الصفا والمروة، قال ابن جبير في رحلته 88: (وما بين الصفا والمروة مسيل). وليس هذا هو الوادي الآخر الممتد شرقا وغربا الذي يمر به في موضع الهرولة.
ومن كلام العلماء في الاشتراط المذكور قول الحطاب المالكي في مواهب الجليل لشرح مختصر خليل 4/ 118: (وللسعي شروط ... ومنها كونه بين الصفا والمروة؛ فلو سعى في غير ذلك المحل بأن دار من سوق الليل أو نزل من الصفا فدخل المسجد لم يصح سعيه).
وفي المسلك المتقسط في المنسك المتوسط (192) لملا علي القاري –مع حاشيته إرشاد الساري- أثناء الكلام عن شروط السعي؛ ذكر في الشرط الأول: ((كينونته بين الصفا والمروة) أي بأن لا ينحرف عنهما إلى أطرافهما).
وهذا الاشتراط لم تخل منه كتب الفقه المعاصرة أيضا؛ ففي فقه السنة لسيد سابق 1/ 639 أثناء الكلام عن شروط السعي: (وأن يكون السعي في المسعى؛ وهو الطريق الممتد بين الصفا والمروة).
وهذا الحكم قد توارد على تقريره كثير من أهل العلم.
قال النووي في المجموع 8/ 102: ((فرع) قال الشافعي والأصحاب: لا يجوز السعي في غير موضع السعي؛ فلو مرّ وراء موضع السعي في زقاق العطارين أو غيره لم يصح سعيه؛ لأن السعي مختص بمكان فلا يجوز فعله في غيره كالطواف.
قال أبو علي البندنيجى في كتابه الجامع: موضع السعي بطن الوادي.
قال الشافعي في القديم: فإن التوى شيئا يسيرا أجزأه، وإن عدل حتى يفارق الوادي المؤدي إلى زقاق العطارين لم يجز.
وكذا قال الدارمي: إن التوى في السعي يسيرا جاز، وان دخل المسجد أو زقاق العطارين فلا، والله أعلم).
ونقل قول الشافعي هذا غير واحد، منهم: الروياني في بحر المذهب 5/ 173، والرملي في نهاية المحتاج 3/ 291 وغيرهم.
على أن من الشافعية من استشكل جواز هذا عن الشافعي وتأوله بأنه أراد الالتواء الذي لا يخرج عن حدود المسعى، كما تجده في تحفة المحتاج وحواشي الشرواني وغيرها من كتب الشافعية.
وقال النووي –أيضا- في الإيضاح في مناسك الحج 290 –مع حاشية الهيتمي-: ( ... فلو أنه لما عاد من المروة عدل عن موضع السعي وجعل طريقه في المسجد أو غيره وابتدأ المرة الثانية من الصفا أيضا لم يصح). إذن فللسعي موضعه الواضح المعلوم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/294)
ومن تقرير العلماء لهذا الحكم أيضا: قول شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة 2/ 599: (لو سعى في مسامتة المسعى وترك السعي بين الصفا والمروة لم يجزه).
وقول القطب الحنفي في كتابه الإعلام 103 –نقلا عن تحصيل المرام 1/ 342 - : (السعي بين الصفا والمروة من الأمور التعبدية التي أوجبها الله تعالى علينا، ولا يجوز العدول عنه، ولا تُؤدى هذه العبادة إلا في ذلك المكان المخصوص الذي سعى فيه صلى الله عليه وسلم).
وقول العلامة الشنقيطي في أضواء البيان 5/ 253: (اعلم أنه لا يجوز السعي في غير موضع السعي، فلو كان يمر من وراء المسعى حتى يصل إلى الصفا والمروة من جهة أخرى لم يصح سعيه؛ وهذا لا ينبغي أن يختلف فيه.
وعن الشافعي في القديم: أنه لو انحرف عن موضع السعي انحرافا يسيرا أنه يجزئه. والظاهر أن التحقيق خلافه، وأنه لا يصح السعي إلا في موضعه).
المسألة الثانية: تحديد المسعى.
قد تقرر في القرآن الكريم أن الصفا والمروة من شعائر الله سبحانه، قال تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) أي من أعلام دينه الظاهرة التي تعبّد بها عباده.
وهذا الموضع معروف بيّن عند المسلمين كافة لا يختلفون فيه، وليس لهم –عبر تاريخهم- مكان يسعون فيه سواه.
يقول أبو المعالي الجويني في نهاية المطلب 4/ 304: (ومكان السعي معروف لا يُتعدى).
ويقول ملا علي القاري في مرقاة المفاتيح 5/ 475: (والمسعى هو المكان المعروف اليوم؛ لإجماع السلف والخلف عليه كابرا عن كابر).
ويقول الفاسي في كتابه شفاء الغرام 1/ 521: (وما حُفظ عن أحد منهم [أي أهل العلم] إنكارٌ لذلك [أي السعي في محل السعي المعروف] ولا أنه سعى في غير المسعى اليوم).
ويقول مؤرخ مكة محمد طاهر الكردي في كتابه التاريخ القويم 5/ 363 –أثناء كلامه عن اختلاف أوضاع الناس في السعي سهولة وصعوبة منذ القدم وإلى العصر الحاضر-: (موضع السعي هو هو؛ لم يتغير ولم يتبدل ولم ينقص ولم يزد).
ومع كون هذا المشعر العظيم معلوما ظاهرا للناس قد جرى تواترهم العملي على تعيينه - فإن كثيرا من العلماء قد عُنوا بتحديده؛ سواء أكانوا من علماء الفقه أو التفسير أو التاريخ أو من أصحاب الرحلات.
ويمكن استخلاص تحديد المسعى في كلام العلماء من جهتين:
الأولى: تحديد عرض المسعى.
والثانية: تحديد الصفا والمروة.
أما عن الأولى: فإن من العلماء من ذكر حد المسعى إجمالا؛ وهو عرض الوادي –كما سبق النقل من المجموع للنووي – وهذا الوادي كان موجودا قديما، وهو محل السعي.
غير أن آخرين من أهل العلم كانوا أكثر تدقيقا؛ فقد حددوا عرض المسعى بالذراع، وأقدم من وقفت عليه قد اعتنى بهذا الأمر: أبو الوليد الأزرقي (قيل إنه توفي في 223هـ، وقيل 250هـ، وقيل غير ذلك)؛ فإنه ذكر في أخبار مكة 2/ 119 أن عرض المسعى –فيما بين العلم الذي على باب المسجد إلى العلم الذي على دار العباس- خمسة وثلاثون ذراعا ونصف ذراع.
وعلى القول بأن الذراع 46.2 سم (انظر: معجم لغة الفقهاء 420)؛ فيكون العرض إذن: ستة عشر مترا ونصفا تقريبا، وعلى القول بأن الذراع 48 سم –كما في تاريخ عمارة المسجد الحرام لباسلامة-فيكون عرض المسعى: سبعة عشر مترا تقريبا. وإذا كان المقصود بالذراع الذراع الهاشمية فإنها أكبر من ذلك إذ تبلغ (64 سم) (انظر: المعجم الوسيط 311).
ومن الكتب التي نصت عليه أيضا: كتاب: المناسك وطرق الحج، فقد جاء فيه ص502: (وذرع المسعى من المسجد الحرام إلى دار العباس: اثنان وثلاثون ذراعا).
وبناء على هذا التحديد يكون عرضه: أقل من خمسة عشر مترا بقليل أو أكثر بقليل؛ بحسب الاختلاف في طول الذراع.
وقريب من هذا التحديد ما جاء عند الفاسي في شفاء الغرام (1/ 519) إذ جعل المسافة بين باب العباس إلى دار العباس: إحدى وثلاثين ذراعا وخمسة أسباع ذراع. وأما من العلم الذي بالمنارة المعروفة بمنارة باب علي إلى الميل المقابل له في الدار المعروفة بدار سلمة فقد ذكر أنه سبعة وثلاثون ذراعا ونصف ذراع وسدس سبع ذراع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/295)
وممن اعتنى بذكر عرضه أيضا: الفاكهي؛ فقد قال رحمه الله في أخبار مكة 2/ 243: (وذرع ما بين العلم الذي على باب المسجد إلى العلم الذي بحذائه على باب دار العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه -وبينهما عرض المسعى- خمسة وثلاثون ذراعا واثنتا عشرة أصبعا) فيكون العرض: ستة عشر مترا تقريبا.
وقد تابعه على هذا جماعة من فقهاء الشافعية؛ كما في تحفة المحتاج وحاشية البجيرمي على المنهاج وحاشية الجمل وحواشي الشرواني وحاشيتا قليوبي وعميرة وغيرها.
ومما يضاف إلى ذلك: ما أورده القطب الحنفي في كتابه الإعلام 104 - 106 (نقلا عن تحصيل المرام للصباغ 1/ 346 - 348) في قصة تعدي أحد التجار –واسمه: ابن الزمن- على المسعى حين اغتصب من جانبه ثلاثة أذرع ليجعلها ضمن أرض يبني عليها رباطا للفقراء؛ فمنعه قاضي مكة ابن ظهيرة وجمع محضرا من العلماء وفيهم من علماء المذاهب الأربعة وقابلوا هذا التاجر (وأنكر عليه جميع الحاضرين وقالوا له في وجهه: أنت أخذت من المسعى ثلاثة أذرع وأدخلتها، وأحضروا له النقل بعرض المسعى من تاريخ الفاكهي، وذرعوا من جدار المسجد إلى المحل الذي وضع فيه ابن الزمن الأساس فكان عرض المسعى ناقصا ثلاثة أذرع).
وأما عن تحديد عرض الصفا والمروة: فقد تقدم أن السعي شرعا هو ما بين الصفا والمروة، وقد كان المتقدمون –ممن وقفت على كلامهم- يكتفون بالوصف الإجمالي لهما.
ومن تأمل ما ذكره العلماء في هذا الموضع يقطع أن الصفا والمروة جُبيلان صغيران، وسيأتي النقل في هذا -بعون الله- مفصلا.
أما عن المعاصرين: فإن منهم من اعتنى بتحديده تحديدا دقيقا؛ من ذلك ما قام به المؤرخ الأستاذ حسين باسلامة؛ فإنه قام بذرع عرض الصفا؛ فقال: (وعرض أصل الصفا التي عليها الثلاثة العقود (12) مترا) تاريخ عمارة المسجد الحرام ص 303.
كما قامت اللجنة التي كُلفت في عهد الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ والمكونة من الشيخ عبد الملك بن إبراهيم، والشيخ عبدالله بن جاسر، والشيخ عبد الله بن دهيش، والشيخ علوي مالكي، والشيخ محمد الحركان، والشيخ يحيى أمان، بحضور صالح قزاز وعبد الله ابن سعيد مندوبي الشيخ محمد بن لادن بذرع الصفا كاملا –بما في ذلك ما زاد على العقود الثلاثة- وكان فيما قررت اللجنة: (وبناء على ذلك فقد جرى ذرع عرض الصفا ابتداء من الطرف الغربي للصخرات إلى نهاية محاذاة الطرف الشرقي للصخرات المذكورة في مسامتة موضع العقود القديمة، فظهر أن العرض المذكور يبلغ ستة عشر مترًا) فتاوى الشيخ ابن إبراهيم 5/ 148
وسبب الاختلاف بين التقديرين راجع إلى أن باسلامة قد ذرع ما عليه العقود الثلاثة فقط، أما اللجنة فقد ذرعت أصل الصفا، وفيه قدر زائد على ما وضعت العقود عليه.
والملاحظ أن هذه المسافة التي ذكرها أعضاء اللجنة توافق تحديد العلماء لعرض المسعى قديما تقريبا منذ عهد الأزرقي (ت223هـ، أو250هـ) وإلى هذا العصر، مرورا بمن ذُكر سابقا؛ وهذا يرد قول من قال: إن ما ذُكر في كتب العلماء من تحديد للمسعى ما هو إلا حكاية للواقع؛ لأنه لو كان كذلك لاختلف من عصر إلى عصر؛ والواقع خلاف ذلك؛ فجميع من حدّد عرض المسعى متفقون في تحديدهم أو متقاربون؛ من عهد الأزرقي وإلى هذا العصر.
وإذا كان هناك اختلاف بين تلك التحديدات السابقة فهو يسير لا يتجاوز المتر إلى المترين؛ والخطب في ذلك يسير، إذ ذراع اليد ليس مقياسا منضبطا؛ وإنما هو مقياس تقريبي، والأذرع متفاوتة طولا وقصرا، ثم إن هناك أنواعا من الأذرع سوى ذراع اليد؛ فثمة ذراع الحديد، والذراع الهاشمية، وكل ذلك معروف في كتب أهل العلم؛ فقد يكون تفاوت التقديرات لتفاوت نوع الذراع، والله أعلم.
غير أن الذي لا شك فيه أن التوسعة السعودية الأولى –عند مقارنتها بكلام العلماء في تحديد المسعى- قد جاءت مستوعبة لعرضه على أوسع تقدير؛ فليس هناك مجال للزيادة عليها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/296)
ثم إنها قد جعلت المسعى على استقامة واحدة؛ وهذا يقتضي أنها أزالت بروز بعض المباني المشرفة عليه الذي كان يضيق به عرض المسعى في بعض المواضع؛ وذلك البروز -مما كان قبل التوسعة- إما أن يكون داخلا في حدود المسعى؛ فيكون قد أزيل؛ أو لا يكون كذلك؛ فتكون إزالته من الالتواء اليسير المغتفر الذي رخص فيه بعض أهل العلم –كما سبق- إذ لا يخرج الساعي عن كونه ساعيا بين الصفا والمروة، وفي قرار اللجنة المضمن في فتاوى الشيخ ابن إبراهيم (5/ 143) ما يشير إلى ذلك.
ولا ريب أن الضرورة تقتضي جعل المسعى على استقامة واحدة من أوله إلى آخره؛ لأنه مع الزحام الشديد فيه سيحصل ضرر كبير على الساعين لو كان واسعا في موضع ضيقا في موضع آخر.
وأنبه أخيرا إلى أنه ليس فيما تقدم حجة للمجيزين للتوسعة الجديدة؛ فأين الترخص بمتر ونحوه من إنشاء مسعى جديد يبلغ عشرين مترا؟!
والخلاصة المستفادة من هذه المسألة وما قبلها ما يأتي:
1 - أن السعي شرعا هو ما بين الصفا والمروة، ومن سعى خارجا عن حدودهما فقد خالف الكتاب والسنة والإجماع.
2 - أن الفقهاء قد نصوا على أنه يشترط لصحة السعي أن يكون فيما بين الصفا والمروة، ومنعوا من السعي خارجا عن ذلك، وبعضهم رخص في الالتواء اليسير.
3 - أن المسعى معلوم ظاهر التحديد لم يزل المسلمون يعرفونه ويتوارثونه.
4 - أن العلماء قد حددوا المسعى تحديدا دقيقا منذ القرن الثالث –أو آخر الثاني- وإلى العصر الحاضر ولم يكن بينهم في هذا التحديد خلاف يُذكر.
5 - أن التوسعة السعودية الأولى قد استوعبت حدود المسعى، وجعله على استقامة واحدة لم يخرجه عن كونه المشعر الحرام المحفوظ عبر القرون.
المسألة الثالثة: مناقشة استدلالات المجيزين لتوسعة المسعى.
سبق في المسألتين السابقتين بيان محل السعي شرعا، وتحديد المسعى.
وهذه المسألة متعلقة بما أثير في هذه الأيام من الكلام عن جواز التوسعة الجديدة، وسوف أورد أهم ما وقفت عليه مما استُدل به على جواز هذه التوسعة مع مناقشته، سائلا الله تعالى التوفيق للحق والصواب.
وقبل أن ألج إلى ذلك أقدم بتمهيد لا بد منه، مشتمل على أمرين:
الأمر الأول: ينبغي أن يدرك الناظر في هذا الموضوع أن المسعى كان واضح المعالم لدى المسلمين منذ الصدر الأول، وكلام العلماء في هذا مستفيض، وقد نقلت بعضا منه فيما مضى.
وأشير هنا إلى نكتة لم أشر إليها سابقا؛ ألا وهي أن في قول الشافعي رحمه الله (ت 204هـ) المنقول عنه بجواز الالتواء اليسير في السعي، أو في منع غيره من ذلك أو من السعي في السوق ونحوه - دليلا على أن المسعى كان واضح المعالم، مستوعبا لمحله عندهم؛ فلأجل هذا سهلوا في الالتواء اليسير أو منعوا من السعي في السوق ونحوه؛ ولو كان المسعى غير منضبط عندهم لم يكن لهذا الحكم معنى.
وعليه فالأمر على ما قال أبو المعالي الجويني في نهاية المطلب 4/ 304: (ومكان السعي معروف لا يُتعدى).
الأمر الثاني: لاحظت أن كثيرا ممن تناولوا هذا الموضوع لم يقفوا مليا عند المسعى الحالي وسبب اقتصاره على وضعه الذي هو عليه؛ مع أن هذا من أهم ما يلزم التأمل فيه.
لقد كان الاهتمام ببيت الله الحرام والمشاعر المشرفة وخدمة الحجاج والمعتمرين محط اهتمام ولاة الأمر في هذه البلاد المباركة، وكان أن وفق الله الملك عبد العزيز ومن ثم ابنه سعودا –رحمهما الله- إلى العناية البالغة بالمسجد الحرام؛ فشمل ذلك رصف المسعى وإحكام تسقيفه وإزالة الأسواق المحدقة به، إضافة إلى التوسعة الكبرى للمسجد.
ولأجل أن تكون هذه العناية والتوسعة موافقة للأحكام الشرعية فقد تم تكليف مفتي البلاد الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله بالنظر في التحديد الشرعي للمسعى والمصعد إلى الصفا والمروة وبعض المباني المجاورة لذلك؛ فقام رحمه الله بتشكيل لجان مكونة من أهل العلم الشرعي ومن أهل المعرفة بمكة وجغرافيتها لتقلد هذه الوظيفة بالغة الأهمية، فقاموا بما أوكل إليهم بعد معاينة للواقع، ومراجعة علمية وتاريخية، والوقوف على الخرائط المتعلقة بهذا المشعر، مع السؤال والتحقيق، ويتابع هذا سماحة المفتي رحمه الله.
والظن فيهم أنهم كانوا يستحضرون عظم هذه المسئولية التي اضطلعوا بها، وأن ملايين المسلمين سيؤدون عبادة السعي في ضوء ما يقررونه من مساحة المسعى طولا وعرضا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/297)
ثم إن هذا كله كان على مرأى من علماء مكة ووجهائها وبقية علماء البلاد وغيرها.
إن هذه الحقبة المهمة في تاريخ المسعى وما يتعلق بها من خلفيات وملابسات لا يناسب أن يُتعامل معها بغض الطرف، ولا أن تُتناول بأطراف الأصابع؛ بل ينبغي أن تقدر قدرها، وأن تُعطى أهميتها اللائقة بها.
إن أي رأي يُطرح هذه الأيام يدعو إلى توسعة المسعى يجب أن يستحضر جيدا وضع المسعى الحالي ولِم كان بهذه الحدود المعروفة، وهل ما يخالف هذه الحدود يستند إلى ما هو أقوى؟
أعتقد أن من أنعم النظر وأنصف سيجيب بالنفي، ولعل في الصفحات الآتية تجلية الأمر.
ويحسن التنبيه ههنا إلى ما يشير إليه بعضهم من أن اقتصار اللجان العلمية إبان التوسعة السابقة على هذا القدر الحالي إنما كان لأجل أنهم رأوا أن الاقتصار على هذا القدر كافٍ ومؤدٍ للغرض بالنظر إلى أعداد الحجاج والمعتمرين في ذاك الزمان؛ كلا؛ لم يكن الأمر كذلك؛ فإن من يتأمل ما قرره المشايخ –كما في فتاوى الشيخ ابن إبراهيم- يلحظ أنه كان ثمة رغبة جادة في معرفة جميع ما يمكن دخوله في حدود المسعى وإضافته إلى المشروع توسعةً على المسلمين وتخفيفاً لتزاحمهم.
الاستدلال الأول: شهادة الشهود بأن الصفا والمروة كانا أوسع مما عليه عرض المسعى حاليا.
فقد اشتهر أن جماعة بلغوا نحوا من ثلاثين من معمري أهل مكة قد شهدوا بأنهم أدركوا جبلي الصفا والمروة أوسع مما عليه عرض المسعى حاليا بما لا يقل عن عشرين مترا، بل ذكر بعضهم أن الجبلين متسعين شرقا اتساعا كبيرا، وأن لهما أكتافا، وأنه قد قام عليهما بيوت ومساكن.
والظاهر من حال المستدل بهذا الدليل أنه لا ينازع في أن المطلوب شرعا أن يكون السعي فيما بين الصفا والمروة ولا يخرج عن حدودهما، غير أنه ينازع في قصر المسعى على هذا القدر الموجود الآن، ويرى أن عرض المسعى الحالي أقل من عرض الجبلين سابقا؛ وبناء عليه فإنه لا يرى حرجا في توسعة المسعى؛ لأن هذه التوسعة لن تخرج عن عرض الجبلين.
هذا باختصار تقرير هذا الاستدلال، وهو –فيما يبدو- أقوى ما احتج به المجيزون.
والذي يظهر –والله تعالى أعلم-أنه دليل ضعيف جدا؛ وبيانه بأمرين:
الأمر الأول: أن شهادة هؤلاء الشهود إنما هي في أمر ظاهر للعيان؛ لأنها شهادة برؤية جبل كبير متسع، وعليه فيقال: إن شهادتهم هذه معارَضة بشهادة تخالفها، وهي أرجح منها؛ ويظهر هذا بما يأتي:
أ- أن اللجان المشكلة لدراسة وضع المسعى إبان التوسعة السعودية الأولى قد شهدت بخلاف ذلك؛ وهو وأن جبلي الصفا والمروة إنما هما بهذا العرض الذي جُعل عليه المسعى الحالي؛ ومن نظر في فتاوى الشيخ ابن إبراهيم (5/ 138 - 149) علم صدق ذلك.
وتوضيح ذلك: أن هذا التحديد قد شهد به أعضاء اللجنة المكونة لدراسة وضع الصفا ودخول دار الشيبي ومحل الأغوات الواقعين بين موضع الصفا وبين الشارع العام الملاصق للمسجد الحرام مما يلي باب الصفا، وذلك في عام 1374هـ -وهم: الشيخ عبد الملك بن إبراهيم، والشيخ عبد الله ابن دهيش، والشيخ علوي مالكي- وقد قاموا بهذا وشاهدوا الواقع بأنفسهم؛ فقد جاء في قرارهم: (فقد توجهنا فوقفنا على "الميل" المذكور. وصحبنا معنا مهندسًا فنيًا، وجرى البحث فيما يتعلق بتحديد عرض المسعى مما يلي الصفا) فتاوى ابن إبراهيم 5/ 139
وقد قاموا –كما جاء في منصوص القرار- بالإضافة إلى هذه المعاينة بمراجعة كلام العلماء والمؤرخين فيما يتعلق بذلك، وساقوا جملة من نصوصهم التي وقفوا عليها، كما قاموا بمراجعة بعض الصكوك المسجلة بالمحكمة الكبرى بمكة، وسؤال أغوات الحرم عن تاريخ وحدود دارهم.
وتُوج هذا بوقوف الشيخ محمد بن إبراهيم على هذا الواقع مع عدة من الثقات؛ ففي الفتاوى 5/ 139: (فبعد الوقوف على هذا الموضع في عدة رجال من الثقات رأيت هذا القرار صحيحًا، وأفتيت بمقتضاه، قاله الفقير إلى عفو الله محمد بن إبراهيم آل الشيخ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/298)
ب- ومن ذلك أيضا: ما شهد به جملة من أهل العلم فيما يتعلق بالصفا؛ ففي فتاوى ابن إبراهيم 5/ 144 يقول الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: (وحيث قد وعدت جلالتكم بالنظر في موضوع الصفا؛ ففي هذا العام بمكة المكرمة بحثنا ذلك، وتقرر لدي ولدى المشايخ: الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ علوي عباس المالكي، والأخ الشيخ عبد الملك بن إبراهيم، والشيخ عبد الله بن دهيش، والشيخ عبد الله بن جاسر، والشيخ عبد العزيز ابن رشيد: على أن المحل المحجور بالأخشاب في أسفل الصفا داخل في الصفا، ماعدا فسحة الأرض الواقعة على يمين النازل من الصفا فإننا لم نتحقق أنها من الصفا. أما باقي المحجور بالأخشاب فهو داخل في مسمى الصفا ... هذا وعند إزالة هذا الحاجز والتحديد بالفعل ينبغي حضور كل من المشايخ: الأخ الشيخ عبد الملك، والشيخ علوي المالكي، والشيخ عبد الله بن جاسر والشيخ عبد الله بن دهيش، حتى يحصل تطبيق ما قرر هنا، وبالله التوفيق). وكان هذا عام 1380هـ.
ج- ومن ذلك أيضا: ما شهد به جملة من أولئك المشايخ؛ ففي فتاوى الشيخ ابن إبراهيم أيضا 5/ 147: (في يوم الثلاثاء الموافق 10/ 2/1378هـ اجتمعت اللجنة المكونة من كل من: الشيخ عبد الملك بن إبراهيم، والشيخ عبد الله بن جاسر، والشيخ عبد الله بن دهيش، والسيد علوي مالكي، والشيخ محمد الحركان، والشيخ يحيى أمان، بحضور صالح قزاز وعبد الله ابن سعيد مندوبي الشيخ محمد بن لادن، للنظر في بناء المصعدين المؤديين إلى الصفا ...
وبناء على ذلك فقد جرى ذرع عرض الصفا ابتداء من الطرف الغربي للصخرات إلى نهاية محاذاة الطرف الشرقي للصخرات المذكورة في مسامتة موضع العقود القديمة، فظهر أن العرض المذكور يبلغ ستة عشر مترًا ...
كما وقفت اللجنة أيضًا على المروة، فتبين لها بعد الاطلاع على الخرائط القديمة والحديثة للمسعى، وبعد تطبيق الذرع للمسافة فيما بين الصفا والمروة كما نص على ذلك الإمام الأزرقي والإمام الفاسي في تأريخهما بأن المسافة المذكورة تنتهي عند مراجعة موضع العقد القديم من المروة ... ) إلى آخر ما جاء في هذا القرار.
د- ومن ذلك أيضا شهادة المؤرخ حسين باسلامة الذي قام بذرع المسعى بنفسه كما في: تاريخ عمارة المسجد الحرام 302 - 304، وقد تقدم شيء من كلامه سابقا.
فبعد كل ذلك يقال: إن كان الشهود المعاصرون قد شهدوا برؤيتهم فإن هؤلاء العلماء قد شهدوا برؤيتهم أيضا؛ وإذا كان لا بد من الترجيح بين الشهادتين –نظرا لتعارضهما- فإن مما لا شك فيه أن شهادة أولئك المشايخ مقدمة؛ وذلك لوجوه:
أولا: أن أولئك المشايخ أرفع قدرا وأعلى كعبا في العلم والفهم إلى غير ذلك من خلالهم الكريمة؛ ومن المعلوم عند أهل العلم أن رواية الأوثق وشهادته مقدمة على من دونه.
ثانيا: أن ما قرره أولئك المشايخ ليس شهادة فحسب؛ بل هو شهادة وزيادة؛ إنه قرار مبني على تكليف من ولي الأمر بتحديد مشعر تقام فيه عبادة شرعية؛ فلا ريب أنهم استفرغوا وسعهم في تحقيق ما أنيط بهم على الوجه المرضي؛ فجمعوا بين المعاينة والدراسة والمراجعة والسؤال والاطلاع على الخرائط والصكوك –كما هو مدون في فتاوى الشيخ ابن إبراهيم- لعلمهم بأن التحديد الذي سيصدرون عنه سيكون له ما وراءه.
وأضيف إلى ما سبق أيضا: ما ذكرته آنفا من أن من يتأمل ما قرره المشايخ –كما في فتاوى الشيخ ابن إبراهيم- يلحظ أنه ليس مجرد تحديد ما هو واقع؛ بل كان ثمة رغبة جادة في معرفة جميع ما يمكن دخوله في حدود المسعى وإضافته إلى المشروع توسعةً على المسلمين وتخفيفاً لتزاحمهم.
فهل بعد هذا ثمة مقارنة بين قرارهم وهذه الشهادة الحديثة التي أخبروا فيها بمجرد مشاهدة شاهدوها، وعمر بعضهم في ذلك الوقت لم يتجاوز أربع عشرة سنة!
ويا لله العجب! جبل ممتد لأكثر من خمسين مترا –كما يقول بعض الشهود- تتعلق به عبادة عظيمة، وجبل مثله على الجانب الآخر، ولا يراهما أهل العلم المكلفون بالنظر إليهما وتحديدهما، ويظفر برؤيتهما فلان وفلان ممن دونت شهادتهم!
هل هذا مقبول عقلا؟
لست أتهم الشهود بالكذب، حاشا وكلا، كما أني لست أشك أن الذي رآه هؤلاء ليس هو الصفا والمروة اللذين تعلقت بهما عبادة السعي قطعا؛ لقد رأى الشهود شيئا آخر؛ وسيأتي بيان ذلك بوضوح بعون الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/299)
ثالثا: أن شهادة أولئك المشايخ كانت في الوقت الذي رأوا فيه المشهود عليه؛ بخلاف شهادة الشهود الحاليين الذين أدلوا بشهادتهم بعد مرور أكثر من خمسين عاما على مشاهدتهم -بعد أن أزيلت الجبال- فاحتمال الوهم بالنسبة لهم أكبر دون ريب.
بعبارة أخرى: إذا أدلى شهود بما رأوه بأعينهم في الحال، وآخرون أدلوا بشهادتهم بأنهم رأوا شيئا ما قبل أكثر من خمسين عاما، ثم اختلفت الشهادة؛ فأي الشهادتين المقدم؟ لا شك أن الجواب واضح.
رابعا: أن شهادة أولئك المشايخ قد تأيدت بعدم معارضة بقية العلماء في مكة وغيرها، وكذا كبار السن والوجهاء؛ حيث لا يُعلم أن أحدا اعترض عليهم بأنهم انتقصوا من حد هذا المشعر الحرام –ومن أولئك أيضا أصحاب الشهادات الجديدة؛ إذ لم يُسمع لهم صوت أنذاك- وهذه القضية من مهمات القضايا التي لا يسع السكوت فيها بحال، لا سيما من أهل العلم والرأي؛ فهذه قرينة ترجح صواب ما صدر القرار به.
ولا يقال ههنا إن عدم الإنكار سببه عدم الحاجة؛ بمعنى: أنه لا يقال إن عدم إنكارهم راجع إلى أنهم رأوا أن هذا القدر الذي صدر القرار به كافٍ للناس في ذلك الزمان مع كونه غير مستوفٍ للحد الشرعي؛ إذ لم تزل الشكوى من الزحام في المسعى –مع وجود السوق على حافتيه، واختلاط الناس في الذهاب والإياب- مشتهرة من قديم؛ فهذا ابن جبير يقول في رحلته 88: (والساعون لا يكادون يخلصون من كثرة الزحام).
ويقول ابن بطوطة في رحلته 103: (والساعون بين الصفا والمروة لا يكادون يخلصون لازدحام الناس على حوانيت الباعة).
وممن لاحظها وأشار إليها أصحاب الفضيلة أعضاء اللجان المكلفة بدراسة حدود المسعى أنفسهم. انظر: ما جاء في قرار اللجنة في فتاوى الشيخ ابن إبراهيم 5/ 143، 148.
خامسا: من أقوى القرائن التي ترجح شهادة أولئك المشايخ: موافقة تحديدهم لكلام العلماء السابقين؛ فالفقهاء والمؤرخون يذكرون عن الصفا والمروة أنهما جبيلان، أو جبلان صغيران، أو حجران، ويصفانهما بالانخفاض؛ وهذا لا يتفق مع شهادة الشهود الحاليين. وبيان هذا أكثر في الجواب الثاني.
سادسا: مما يرجح جانب شهادة أولئك المشايخ أن الذي شهدوا به هو الذي وقع عليه التواتر العملي من المسلمين من قديم الزمان؛ وقد تقدم كلام الرملي وهو قوله في نهاية المحتاج 3/ 291: (ويشترط [أي في السعي] قطع المسافة بين الصفا والمروة كل مرة، ولا بد أن يكون قطع ما بينهما من بطن الوادي، وهو المسعى المعروف الآن). ثم نقل إجماع العلماء وغيرهم من وقت الأزرقي (قيل إنه توفي في 223هـ، وقيل 250هـ، وقيل غير ذلك) إلى زمانه (توفي في 1004هـ) على أن السعي إنما هو في المسعى المعروف عندهم.
ومثله أيضا قول ملا علي القاري في مرقاة المفاتيح 5/ 475: (والمسعى هو المكان المعروف اليوم؛ لإجماع السلف والخلف عليه كابرا عن كابر).
وقول أبي المعالي الجويني في نهاية المطلب 4/ 304: (ومكان السعي معروف لا يُتعدى).
وقول الفاسي في كتابه شفاء الغرام 1/ 521: (وما حُفظ عن أحد منهم [أي أهل العلم] إنكارٌ لذلك [أي السعي في محل السعي المعروف] ولا أنه سعى في غير المسعى اليوم).
وهذا التواتر العملي على السعي في هذه البقعة المنحصرة فقط من أقوى الدلائل في هذا الموضوع.
فهل يمكن عند أهل العلم أن يعارَض الأمر المستفيض –بل المتواتر- الذي جرى عليه عمل المسلمين منذ قرون متطاولة بشهادة أفراد معدودين، فضلا عن أن تقدم عليه؟!
ولا إخال المفتين بالجواز ولا أصحاب تلك الشهادات الجديدة يقولون إن الناس قديما كانوا يسعون في مساحة أرحب من هذه؛ ومن قال هذا فعليه الدليل.
ثم إن الصور الملتقطة للمسعى قبل أكثر من خمسين سنة كافية في رد هذا الزعم؛ فهي واضحة كالشمس في أن المسعى قديما لم يكن أوسع من المسعى الحالي.
سابعا: لقد نظرت في شهادة الشهود السبعة الذين هم أول من شهد في هذا الموضوع –وشهادتهم قد أوردها بعض من كتب في هذا الموضوع في رسالة مطبوعة، على أن تسمية ما أدلى به المشار إليهم "شهادة" محل وقفة؛ إذ هي إفادة أقرب من كونها شهادة؛ فليس فيها إثبات الشهادة ولا تزكية الشهود؛ وانظر ما ذكره شيخنا الشيخ عبد المحسن العباد في بيانه المنشور في الشبكة العالمية-.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/300)
مهما يكن من شيء؛ لقد تأملت تلك التي سميت شهادات؛ وكان مما لاحظته: أن أكبرهم كان عمره سنة التوسعة (1375هـ) ستة وعشرين عاما، وأصغرهم كان عمره أربعة عشر عاما!
أيضا: أن ثلاثة من السبعة توقفوا ولم يتذكروا شيئا يتعلق بامتداد المروة شرقا، واثنان منهم لم يتذكرا شيئا يتعلق بالصفا، وثالث لم يذكر شيئا واضحا يتعلق به.
أيضا: أن الشهادة التي أدلوا بها لم تكن متفقة؛ فمنهم من يذكر أن الجبل كان ممتدا ولا يذكر تحديدا منضبطا، والذين ذكروا التحديد المنضبط مختلفون؛ فأحدهم يذكر أن الصفا يمتد خمسة وثلاثين مترا، وآخر يقول: يمتد خمسين مترا! ولم تتفق شهادة اثنين منهم على تحديد واحد.
فهل هذه الشهادات غير المتفقة يمكن أن تعارض تلك البينات القوية الكثيرة التي سبق إيرادها؟
هل شهادة أحدهم –كما هو مدون في الشهادة- حين لم يتذكر شيئا يتعلق بامتداد الصفا أو المروة شرقا وإنما شهد بامتداد المروة شمالا! هل هذه شهادة يُعتمد عليها في توسعة المسعى شرقا! بل ويُشاد بها وتُذكر في كل محفل –بل وعلى لسان بعض المنتسبين إلى العلم- وإذا قيل ما الدليل؟ قيل: شهادة العدول الثقات!
على أي شيء كانت الشهادة؟ وبأي دليل تحشر ضمن شهادات الشهود في قضية تعبدية تتعلق بالمسلمين جميعا؟
هل شهادة هؤلاء الشهود وثلاثة منهم كانوا دون العشرين –بل وأحدهم ربما لم يكن بالغا- وأكبرهم كان عمره ستة وعشرين يصح أن تقدم على شهادة وتحديد أهل العلم والسن والخبرة؟
إذا كان بعض هؤلاء الشهود –كما هو مدون في الشهادة- يشهد على رؤية الصفا ولا يتذكر شيئا عن المروة والعكس – مع أن بين الجبلين نحو أربعمائة متر فقط- فهل هؤلاء ممن يوثق بحافظتهم ويعتمد عليهم في هذا الأمر الجلل؟
هل تبرأ الذمة بمثل هذه الشهادات؟
ثامنا: لقد وصف إبراهيم باشا في مرآة الحرمين –ونقل هذا عنه ووافقه وأكده المؤرخ حسين باسلامة في تاريخ عمارة المسجد الحرام (301 - 303) - وصف الصفا –المعروف عند المسلمين كافة- بأنه محاط من جميع جهاته بجدار يفصله عن جبل أبي قبيس إلا من الجهة الشمالية التي منها المرقى إليه، والأمر لا يحتاج إلى شهادة؛ لأن صورة ذلك الجدار المحيط موجودة واضحة –انظرها في التاريخ القويم للكردي (5/ 344) - فليت شعري كيف رآه هؤلاء الشهود –مع هذا- جبلا كبيرا ممتدا؟
الأمر الثاني: أن القول بأن الصفا والمروة جبلان كبيران ممتدان وأن لهما أكتافا إلى آخر ما قيل فيما نُقل في تلك الشهادات، وفي بعض الأبحاث المنشورة التي تناولت هذا الموضوع – غير صحيح؛ وكلام العلماء السابقين واللاحقين ليس فيه حرف واحد يدل على صحته، هذا أولا.
وثانيا: أن كلام العلماء السابقين قد تواتر بأن الصفا والمروة جبلان صغيران أو جبيلان أو حجران أو نحو ذلك من الألفاظ المبينة أنهما بخلاف ما أثير مؤخرا من كبرهما.
وقد تتبعت شيئا من كلام العلماء في هذا الموضوع فظهر ذلك ظهورا واضحا.
ويمكن أن ألخص كلام العلماء في هذه المسألة وأرتبه فيما يأتي:
أولا: وصفهما بأنهما جبلان صغيران.
قال ابن جزي في تفسيره (التسهيل) 65 في تفسير قوله تعالى: (إن الصفا والمروة): (جبلان صغيران بمكة).
وقال الزبيدي في تاج العروس 38/ 430: (والصفا من مشاعر مكة شرفها الله تعالى، وهو جبل صغير بِلَحْف جبل أبى قبيس) أي بأصله.
وبمثله قال: أحمد عبد الغفور عطار في كتابه: حجة النبي عليه الصلاة والسلام 122.
ثانيا: وصفهما بأنهما جُبيلان.
في المحرر الوجيز لابن عاشور 2/ 35: (الصفا والمروة: جُبَيلان بمكة).
وبمثله قال أحمد عبد الغفور عطار عن المروة 122.
ثالثا: وصفهما بأنهما حجران.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 3/ 501: (وفي كتاب مكة لعمر بن شبة بإسناد قوي عن مجاهد في هذه الآية: قال: قالت الأنصار: إن السعي بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية؛ فنزلت) أي الآية: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) الآية.
وفي هذا يقول التجيبي في رحلته –مستفاد الرحلة والاغتراب- 227: (والصفا حجرٌ أزرق عظيم قد بني عليه درجات). ثم وصف المروة أيضا بأنها حجر عظيم. وبمثله قال العمري في مسالك الأبصار –نقلا عن باسلامة 292 - : (أما الصفا فحجرٌ أزرق عظيم في أصل جبل أبي قبيس) ثم وصف المروة –أيضا- بأنها حجر عظيم.
وبمثله قال الإصطخري في المسالك والممالك عن المروة: (والمروة حجرٌ من جبل قعيقعان).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/301)
رابعا: وصفهما بأنهما صفحان (أي حجران عريضان)
ففي المفهم لأبي العباس القرطبي 3/ 327: (وهما [أي الصفا والمروة]: اسمان لصفحين معلومين). فعرّف الصفا والمروة بأنهما حجران عريضان.
جاء في لسان العرب في مادة (صفح): (وكل عريض من حجارة أَو لوح ونحوهما صُفَّاحة والجمع صُفَّاحٌ، وصَفِيحةٌ والجمع صفائح).
خامسا: وصفهما بأنهما أنفان من جبلي أبي قبيس وقعيقعان.
في تهذيب الأسماء واللغات 3/ 181: (الصفا: هو مبدأ السعي ... وهو أنفٌ من جبل أبي قبيس ... وأما المروة فلاطية جدا [أي منخفضة]، وهي أنف جبل قعيقعان). ومعنى (أنف): أي قطعة.
وهذا الكلام قد نقله تقي الدين الفاسي (ت 832هـ) في الزهور المقتطفة من تاريخ مكة المكرمة 171، وفي العقد الثمين 1/ 112، وانظر هذا الوصف في: مفيد الأنام لابن جاسر 269.
سادسا: وصف الصفا بأنه في أصل أبي قبيس، والمروة بأنها في أصل قعيقعان؛ أي بأسفلهما.
كما في رحلة التجيبي (350)، وفي الروض المعطار في خبر الأقطار 1/ 363، وفي الزهور المقتطفة من تاريخ مكة المكرمة 171، وفي في العقد الثمين 1/ 107، 112.
سابعا: وصفهما بأنهما في ذيل جبلي أبي قبيس وقعيقعان.
قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة 2/ 87: (ومنها الجبلان اللذان جعلهما الله سورا على بيته، وجعل الصفا في ذيل أحدهما، والمروة في ذيل الآخر ... ).
ثامنا: وصفهما بأنهما في طرف جبلي أبي قبيس وقعيقعان.
كما في: حاشية البجيرمي على الخطيب 2/ 381، وجميع كتب الشافعية التي سبق ذكرها، وفي منسك ابن جاسر –مفيد الأنام- 269.
تاسعا: وصفهما بأنهما رأسا نهاية جبلي أبي قبيس وقعيقعان.
ففي تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور 2/ 60: (والصفا والمروة اسمان لجُبَيلَين متقابلين، فأما الصفا فهو رأس نهاية جبل أبي قبيس، وأما المروة فرأسٌ هو منتهى جبل قُعَيقِعَانَ).
عاشرا: وصفهما بأنهما مصعدان إلى أبي قبيس وقعيقعان.
في: أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم: (وأبو قبيس مطل على المسجد، يُصعد إليه من الصفا في درج).
ومثله في رحلة التجيبي حيث قال عندما تكلم عن أبي قبيس 350: (وفي أصله هو الصفا ومن عليه صعدنا إليه).
حادي عشر: وصف الصفا بأنه مكان مرتفع من أبي قبيس.
في معجم البلدان 3/ 411: (أما الصفا فمكان مرتفع من جبل أبي قبيس)
وفي تهذيب الأسماء واللغات 3/ 181: (الصفا: هو مبدأ السعي، مقصور، وهو مكان مرتفع عند باب المسجد الحرام، وهو أنفٌ من جبل أبي قبيس، وهو الآن إحدى عشرة درجة، فوقها أزج كإيوان، وعرض فتحة هذا الأزج نحو خمسين قدما.
وأما المروة فلاطية جدا، وهي أنف جبل قعيقعان، وهي درجتان، وعليها أيضا أزج كإيوان، وعرض ما تحت الأزج نحو أربعين قدما).
ومثله في الزهور المقتطفة 171، والعقد الثمين 1/ 107.
ثاني عشر: وصف المروة بأنها أكمة لطيفة أي تل صغير.
كما في معجم البلدان 5/ 116.
ثالث عشر: وصف الصفا بالانخفاض.
قال ابن تيمية في شرح العمدة 2/ 451: (ولهذا قال أصحابنا إنه يرقى على الصفا حتى يرى البيت ويستقبل القبلة، إلا أن هذا كان لما كانت الأبنية منخفضة عن الكعبة؛ فأما الآن فإنهم قد رفعوا جدار المسجد وزادوا فيه ما بينه وبين الصفا حتى صار المسعى يلي جدار المسجد، وكان قبل ذلك بين المسجد والمسعى بناء للناس، فاليوم لا يرى أحد البيت من فوق الصفا ولا من فوق المروة، نعم قد يراه من باب المسجد إذا خفض).
فهذا النص تضمن دلالة صريحة على أن الصفا جبيل منخفض؛ بدليل أنه لما جُعل جدار للمسجد حال هذا الجدار دون رؤية الكعبة لمن يرقى على الصفا، ومن استحضر في ذهنه تقديرا لهذا الجدار –مهما بلغ ارتفاعه- فسيتضح له قطعا أن الصفا ليس إلا جبيلا صغيرا، وليس كما توهمه بعض الناس من أنه جبل كبير مرتفع.
ويؤيده ما جاء في كلام التجيبي –القاسم بن يوسف التجيبي السبتي- (ت 730هـ) في رحلته (مستفاد الرحلة والاغتراب): (فصعدت على الصفا واستقبلت الكعبة المعظمة، وهي ظاهرة من هذا الموضع من باب المسجد –باب الصفا- لا من فوق جدار المسجد). ومثله في الإيضاح في مناسك الحج للنووي 284 - 286 –مع حاشية الهيتمي-.
رابع عشر: وصف المروة بالانخفاض.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/302)
قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات 3/ 181: (وأما المروة فلاطية جدا، وهي أنف جبل قعيقعان، وهي درجتان، وعليها أيضا أزج كإيوان، وعرض ما تحت الأزج نحو أربعين قدما). ومعنى لاطية أي منخفضة.
وقد نقل هذا النقل عنه المباركفوري في تحفة الأحوذي 3/ 600.
ويؤيد ما ذكره النووي ما ذكره إمام الحرمين الجويني في نهاية المطلب 4/ 305: (وكانت الكعبة تبدو في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك الجهة أيضا، ثم أحدث الناس الأبنية فحالت بين الكعبة وبين الراقين في المروة بالقدر المشروع).
وكل أحد يدرك أن بيوت الناس في تلك العهود السالفة لم تكن شاهقة وإنما قصيرة؛ فلو كانت المروة جبلا كبيرا شاهقا ممتدا –كما يتصور بعضهم- هل تحول تلك البيوت القصيرة دون رؤية البيت العتيق؟
خامس عشر: وصف الصفا بالصخرات الملساء التي تقع في سفح جبل أبي قبيس.
كما في فتاوى الشيخ ابن إبراهيم 5/ 148
هذه جملة من كلام العلماء في هذا الشأن، وأظن أن من تتبع تتبعا أكثر سيقف على أضعاف هذه النقول.
أقول: مع النظر في كلام هؤلاء العلماء بإنصاف؛ هل يصح أن يقال: إن الصفا والمروة جبلان كبيران ممتدان؟
وهل يقبل منصف بأن تُرمى شهادات العلماء والمؤرخين وهي بالعشرات وفي عصور مختلفة دون أدنى اعتبار ويقدم عليها شهادات هي في أحسن أحوالها قد وهِم أصحابها؟
وشيء ثالث: قرأت وسمعت كثيرا كلام القائلين بأن الصفا والمروة جبلان كبيران ممتدان؛ غير أني لم أجد كلمة واحدة يبين فيها هؤلاء الفرق بينهما وبين جبلي أبي قبيس وقعيقعان؛ مع أن الجميع متفق على أنهما متصلان بهما وفرعان عنهما، والجميع –أيضا- متفق على أن العبادة إنما تعلقت بالصفا والمروة لا بذينك الجبلين؛ فهل يستطيعون ذكر الحد الفاصل بين هذين وهذين حتى يُعلم محل العبادة الشرعي؟ وهل يمكنهم التمييز بين الأصل والفرع؟ وإذا أمكن التمييز؛ فما هو الدليل عليه؟
أجزم أنه لا جواب على هذا السؤال.
أما المانعون فالأمر عندهم واضح؛ إذ إنهم يميزون بين هذين وهذين، ودليلهم: تواتر المسلمين العملي المؤيد بكلام العلماء والمؤرخين من السابقين واللاحقين، والله المستعان.
وقبل أن أختم الكلام عن هذا الاستدلال أشير إلى ثلاثة أمور:
الأول: قد يقول قائل: هل يمكن توجيه شهادة الشهود الجدد في ضوء كلام أهل العلم الثقات المتقدمين والمتأخرين؟
والجواب: من خلال العرض السابق اتضح أن تخطئة المشايخ وأهل العلم السابقين واللاحقين لا يمكن القول بها مطلقا؛ إذ لا مقارنة بين قوة شهادة أهل العلم والتي تأيدت بكلام العلماء والمؤرخين -مما سبق بيانه- وبين هذه الشهادات الجديدة؛ فلم يبق إلا نسبة الوهم إلى الشهود الحاليين، وقد أوردت سابقا إيرادات تدل على ضعف شهادتهم.
وإحسانا للظن بهم يقال: قد يكون سبب الوهم منهم أحد أمرين: إما أنهم خلطوا بين الصفا وأبي قبيس، وبين المروة وقعيقعان؛ فظنوا أن الذي شاهدوه كبيرا متسعا نحو الشرق: الصفا والمروة، والواقع أنهما جزآن من أبي قبيس وقعيقعان –الجبلين الكبيرين المشرفين على المسجد وعلى الصفا والمروة-.
أو أن يكون قد اشتهر عند العامة في الفترة الماضية –إبان الفترة التي أدركها أولئك الشهود وما قبلها- إطلاق اسمي الصفا والمروة لا على القطعة المخصوصة من أبي قبيس وقعيقعان وإنما عليهما جميعا أو على قدر منهما أكبر من الواقع؛ فيكون من باب إطلاق اسم الفرع على الأصل لشرفه، وهو –إن صح- اصطلاح حادث لا يغير من الحقائق الشرعية شيئا.
أقول: لعل هذا هو سبب دخول الوهم على الشهود.
ويؤكد حصول الوهم –علاوة على ما مضى- أنه لم يذكر المتقدمون وجود بيوت مسكونة على الصفا والمروة، وإنما ذكروا هذا على أبي قبيس وقعيقعان، وهذا قد ذكره غير واحد؛ ومنهم ابن جبير في رحلته (89) حيث قال عن أبي قبيس: (وفي أعلاه رباط مبارك فيه مسجد).
ومنهم ابن بطوطة في رحلته (105) حيث قال عن أبي قبيس: (وبأعلاه مسجد وأثر رباط وعمارة)، وهذا يوافق ما ذكره بعض من كتب في هذا الموضوع من الفضلاء؛ حيث عدّد جملة من البيوت التي كانت مسكونة على الصفا والمروة في ظنه؛ والواقع أنها ليست على الصفا والمروة، وإنما على ذينك الجبلين، والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/303)
ولا يُشكل على ما سبق -من أنه لم يكن ثمة بيوت على الصفا- ما ذكره بعضهم من أن دار الأرقم كانت على الصفا؛ لأن هذه الدار بجوار الصفا وليست مبنية أعلاه؛ وإطلاق أنها كانت على الصفا تجوّز في العبارة؛ ومرادهم بذلك أنها: عند الصفا، كما قال ذلك غير واحد من المؤرخين (انظر شيئا من النقول في ذلك في التاريخ القويم 1/ 88 - 91)، وهو يقوي ما ذكرته آنفا من شهرة تسمية ما حول الصفا بالصفا.
يقول ابن جبير في رحلته (126) واصفا هذه الدار: (وهي بإزاء الصفا).
ويقول الفاسي في شفاء الغرام 1/ 363: (والصفا هو مبدأ السعي، وهو قرب هذه الدار). وانظر أيضا: تحصيل المرام 1/ 554.
وفي التاريخ القويم للكردي 2/ 88 - 91 تحقيقٌ ونقولٌ في محلها، ووصف لها، وأنها في زقاق على يسار الصاعد إلى الصفا، وبيان المسافة التي بينها وبين الصفا.
الثاني: ذكر بعضهم أن الصفا جبل له أكتاف، إذ لا يُعقل أن يكون له امتداد من الأمام دون الجانبين، ومثل هذا يقال في المروة.
والذين يقولون هذا يتصورون الصفا جبلاً مستقلاً، و يغفلون عن كونه قطعة ملتصقة بجبل أبي قبيس؛ فهو -كما سبق-: "حجرٌ من أبي قبيس"، و"أنفٌ منه"، و"طرفٌ منه"، و"رأس نهايته"، و"مصعدٌ إليه"، و"مكانٌ مرتفعٌ منه" .. وإذا كان كذلك زال الإشكال، ولم يُستبعد كونه كما هو عليه.
والقول في المروة كالقول في الصفا.
الثالث: أن بعضهم قد أشار إلى أن مما يرجح تقديم شهادة الشهود الحاليين أنهم مثبتون، والمتقدمون نافون؛ والمثبت مقدم على النافي.
وأظن أنه مع البيان السابق لن يكون لهذا الكلام محل من القبول.
وأضيف إلى ذلك: أن تطبيق هذه القاعدة (المثبت مقدم على النافي) في هذا الموضوع غير وارد؛ وذلك أن هذه القاعدة إنما تورد إذا أثبت أحد الطرفين ونفى الآخر علمه؛ فيكون المثبت مقدما على النافي؛ وأما مسألتنا هذه فليس قول المانعين فيها من باب نفي العلم؛ بل من باب العلم بالنفي؛ وبينهما فرق شاسع؛ فلا محل للقاعدة إذن.
وتوضيح ذلك: أن كلا الفريقين مثبت؛ هذا يثبت قدرا، وهذا يثبت قدرا أكبر؛ فكلاهما إذن مثبت؛ وليس منهما نافٍ.
على أنه يمكن جوابهم بقولهم -من باب المعارضة- بأن تُعكس القضية؛ فيقال: من أثبت الحد الأدنى أثبت عن علم، والنافي لذلك يقال له: المثبت مقدم على النافي!
الاستدلال الثاني: الاستدلال بامتداد جذور الصفا والمروة في باطن الأرض.
فبعض القائلين بالجواز يستدل بأن الحفريات قد أثبتت أن للصفا والمروة امتدادا في باطن الأرض؛ وبناء عليه فيجوز السعي في التوسعة لكون الساعي قد سعى بين الصفا والمروة في القدر المدفون تحت الأرض.
والجواب: أن هذا الاستدلال فيه من التكلف ما فيه، ولم يأمرنا ربنا أن ننقب في باطن الأرض حتى نمتثل ما شرعه لنا في قوله: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا).
ويكفي في رد هذا الكلام المتكلف أن يقال: إذا ثبت أن للصفا والمروة امتدادا في باطن الأرض شرقا وغربا؛ فإن لهما امتدادا –أيضا- شمالا وجنوبا؛ وباتفاقٍ لا يصح أن يقال بأنه يجوز أن ينتقص الساعي من المسافة التي بين الصفا والمروة بحجة أن ثمة امتدادا للصفا في باطن الأرض من جهة الشمال، وامتدادا للمروة من جهة الجنوب؛ فيكون ساعيا بين الصفا والمروة في القدر المدفون تحت الأرض!
فظهر بهذا ضعف هذا الاستدلال.
الاستدلال الثالث: أنه لا تحديد لعرض المسعى في الكتاب والسنة وكلام أهل العلم.
هكذا ذكر بعضهم؛ وهو كلام ظاهر الضعف بحيث يُستغنى عن رده.
ومع ذلك يقال: أين هذا القائل عن قوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)؟ أليس هذا تحديدا واضحا؟ محل السعي بيِّن في هذه الآية؛ وهو ما بين الصفا والمروة، ومن لم يسع بينهما كان ساعيا بجوارهما لا بينهما؛ وهذا خلاف ما في الآية.
ثم هو أيضا المحل الذي سعى فيه النبي عليه الصلاة والسلام، وهو القائل: (خذوا عني مناسككم) أخرجه مسلم.
ويقال ثالثا: هو المحل الذي أطبق المسلمون على السعي فيه عبر مراحل تاريخهم؛ فهو إجماع عملي لا شك فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/304)
ويقال رابعا: يلزم من هذا القول أن كلام العلماء في تحديد المسعى –وقد نقلت طرفا منه- ما هو إلا عبث منهم وتكلف!
ويقال خامسا: إن هذا القول يلزم منه أن المسلمين –علماء وعامة- قد أطبقوا على التضييق على أنفسهم في أمر لهم فيه فسحة؛ فالناظر في كلام العلماء يجد أن الشكوى من الزحام في المسعى قديمة؛ فلماذا إذن رضوا بهذا الزحام وكان يمكنهم أن يسعوا في مساحة لا تُحد عرضا؟
ومن غرائب ما قرأت في هذا الموضوع: أن أحدهم يقول: إنه يمكن أن يسعى الساعي حيث شاء دون تقييد بحدود معينة؛ غير أن المهم هو أن يلصق قدمه بجبلي الصفا والمروة! هكذا قال، ولازم هذا أنه يمكن أن يسعى الساعي مشرقا حيث شاء –لأنه لا تحديد شرعا- ثم يعود إلى الصفا والمروة حتى يلصق قدمه به؛ فهل يقول عالم بذلك؟! وهل فعل هذا أحد من المسلمين قط؟
الاستدلال الرابع: قياس جواز توسعة المسعى على جواز توسعة المطاف.
والمتأمل في هذا القياس أدنى تأمل يدرك أنه قياس مع الفارق؛ فهو فاسد الاعتبار. وبيان ذلك:
أن الطواف مرتبط بالكعبة؛ وعليه فمهما توسع المطاف فيصدق على الطائف أنه طائف بالكعبة؛ أما في السعي فالأمر يختلف؛ إذ إن السعي مرتبط ببينية الصفا والمروة؛ وعليه فمن سعى وراء ذلك لم يكن ساعيا بين الصفا والمروة؛ وهذا خلاف ما أمرنا الله به في قوله: (أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)، وخلاف فعله عليه الصلاة والسلام حيث طاف بين الصفا والمروة، وخلاف عمل المسلمين في مختلف العصور.
الاستدلال الخامس: الاستدلال بالضرورة، وأن الأمر إذا ضاق اتسع.
من أكثر ما قرأته في هذا الموضوع من الاستدلالات: الاستدلال على جواز توسعة المسعى بالضرورة؛ نظرا للمشقة الحاصلة على المسلمين من ضيق المسعى؛ والقاعدة: أن الأمر إذا ضاق اتسع.
وإذا كان المستدل بهذا الاستدلال من أصحاب مسلك التيسير الذي اتخذوه غاية ومنهجا لا يبالون لأجله بتخطي النصوص وتعدي الحدود؛ فهؤلاء لست معنيا بجوابهم؛ لأن الخلاف معهم أكبر من مسألة توسعة المسعى؛ إنه خلاف يشمل مسائل كثيرة؛ بل هو خلاف في منهج التلقي والاستدلال.
ولست أريد أن أخوض في ضوابط الضرورة ومدى انطباقها على الوضع الحالي –وهو السعي في الطوابق الثلاثة-.
سأتجاوز ذلك وأجيب بأنه على تسليم حصول المشقة العظيمة التي تبلغ بالأمر إلى حد الاضطرار فإنه يقال: من المتقرر عند أهل العلم أن الضرورة تقدر بقدرها؛ وعليه فإن الضرورة قد تبيح توسعة المسعى لو كانت الخيار الوحيد لدفعها؛ أما مع وجود ما يدفعها دون تخطي الحدود الشرعية؛ فإن الاستدلال بالضرورة يصبح حينئذ لا وجه له شرعا.
وإذا نظرنا في هذه المسألة وجدنا أن البديل لدفع الضرورة ممكن؛ وهو التوسع رأسيا بزيادة عدد من الأدوار تندفع بها هذه المشقة -لأن الهواء يحكي القرار- مع بقاء الحدود الشرعية للمسعى كما هي، وهذا ما أرشد إليه كبار العلماء في فتواهم الصادرة بالأغلبية في هذا الموضوع؛ فقد جاء في قرار الهيئة رقم (227) وتاريخ 22/ 2/1427هـ: (وبعد الدراسة والمناقشة والتأمل رأى المجلس بالأكثرية أن العمارة الحالية للمسعى شاملة لجميع أرضه، ومن ثم فإنه لا يجوز توسعتها، ويمكن عند الحاجة حل المشكلة رأسيا بإضافة بناء فوق المسعى).
ومن اللافت للنظر أنه مع كثرة المستدلين بالضرورة على جواز التوسعة لم أجد منهم تعريجا على الخيار الآخر وهو التوسع رأسيا؛ فالملاحظ أنهم قد أهملوا الإشارة إليه فضلا عن الجواب عنه.
وإنني لأطرح عليهم السؤال مرة أخرى: لماذا لا يكون الحل في زيادة الطوابق دون التوسعة؟
ولماذا الحرص على تغيير هذا المشعر الذي حافظ عليه المسلمون بحدوده أكثر من أربعة عشر قرنا مع وجود الحل الآخر؟
وبناء على التقرير السابق؛ فإنه إذا استدل المستدل على جواز توسعة المسعى بقاعدة: إذا ضاق الأمر اتسع؛ فإنه يجاب بتتمة القاعدة: وإذا اتسع –بإمكان التوسعة الرأسية- ضاق!
ثم إنه يلزم المستدل بالضرورة أن يقصر جواز السعي في التوسعة الجديدة على الوقت الذي يشتد فيه الزحام جدا –في أوقات المواسم المعلومة- وأما ما عداها فلا يجوز السعي فيها؛ لأن الضرورة تقدر بقدرها، ولأنه إذا ضاق الأمر اتسع، وإذا اتسع ضاق!
الاستدلال السادس: الاستدلال بقاعدة: الزيادة لها حكم المزيد؛ وبناء عليه فيكون للتوسعة حكم المسعى؛ فيجوز السعي فيها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/305)
والجواب أن هذا الاستدلال بيّن الضعف؛ ذلك أن الزيادة لها حكم المزيد متى ثبت شرعا جواز الزيادة؛ وأما مع منعها فلا؛ فليس لصاحب أرض أن يغتصب الطريق المجاورة لأرضه ويضمها إليها ويقول: قد زدتها؛ والزيادة لها حكم المزيد!
والمانعون قد بينوا أن هذا المشعر توقيفي لا تجوز الزيادة عليه؛ وعليه فلا يصح الاستدلال بالقاعدة؛ بل الاستدلال بها حينئذ استدلالٌ بمحل النزاع.
الاستدلال السابع: الاستدلال بقاعدة: حكم الحاكم يرفع الخلاف.
والجواب عن هذا الاستدلال بعدم التسليم بكون هذه المسألة خلافية أصلا؛ فالخلاف فيها حادث؛ إذ هو مخالف لإجماع العلماء -بل المسلمين- قبله على أن المسعى محل تعبدي توقيفي.
ثم إن الاستدلال بهذه القاعدة موضع استغراب؛ فالحاكم في القاعدة يراد به القاضي وليس السلطان؛ ويراجع في هذا كلام العلماء عن القاعدة لا سيما ما ذكره القرافي في كتابه: الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام، وفي كتابه الفروق أيضا.
وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما حكم الحاكم فذاك يقال له: قضاء القاضي ... ) مجموع الفتاوى 35/ 376
ويقال أيضا: إن القرافي وغيره من أهل العلم قد بينوا أن محل القاعدة: مسائل النزاع والخصومات بين الناس وليس التعبديات.
والمقصود من القاعدة: أنه إذا حكم القاضي على أحد الخصمين في مسألة خلافية بأحد القولين فيها فليس للمحكوم عليه أن يتنصل من هذا الحكم بحجة أنه يرجح أو يقلد خلافه، وتكون المسألة حينئذ في حقه كالمجمع عليها. هذا المقصود من القاعدة؛ وليس جعل حكمه حكما عاما للناس جميعا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وليس المراد بالشرع اللازم لجميع الخلق "حكم الحاكم" ولو كان الحاكم أفضل أهل زمانه؛ بل حكم الحاكم العالم العادل يلزم قوما معينين تحاكموا إليه في قضية معينة؛ لا يلزم جميع الخلق) مجموع الفتاوى 35/ 372
ويقول: (فهذه الأمور الكلية ليس لحاكم من الحكام كائنا من كان -ولو كان من الصحابة- أن يحكم فيها بقوله على من نازعه في قوله؛ فيقول: ألزمته أن لا يفعل ولا يفتي إلا بالقول الذي يوافق لمذهبي؛ بل الحكم في هذه المسائل لله ورسوله –عليه الصلاة والسلام- والحاكم واحد من المسلمين؛ فان كان عنده علم تكلم بما عنده وإذا كان عند منازعه علم تكلم به؛ فان ظهر الحق في ذلك وعُرف حكم الله ورسوله –عليه الصلاة والسلام- وجب على الجميع اتباع حكم الله ورسوله –عليه الصلاة والسلام- وإن خفي ذلك أقر كل واحد على قوله -أقر قائل هذا القول على مذهبه وقائل هذا القول على مذهبه- ولم يكن لأحدهما أن يمنع الآخر إلا بلسان العلم والحجة والبيان؛ فيقول ما عنده من العلم.
وأما باليد والقهر فليس له أن يحكم إلا في المعينة التي يتحاكم فيها إليه، مثل ميت مات وقد تنازع ورثته في قسم تركته فيقسمها بينهم إذا تحاكموا إليه، وإذا حكم هنا بأحد قولي العلماء ألزم الخصم بحكمه، ولم يكن له أن يقول: أنا لا أرضى حتى يحكم بالقول الآخر، وكذلك إذا تحاكم إليه اثنان في دعوى يدعيها أحدهما فصل بينهما كما أمر الله ورسوله –عليه الصلاة والسلام- وألزم المحكوم عليه بما حكم به، وليس له أن يقول أنت حكمت علي بالقول الذي لا أختاره) مجموع الفتاوى 35/ 360
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله -أيضا- زيادة في تحرير الكلام عن هذه القاعدة: (والأمة إذا تنازعت في معنى آية أو حديث أو حكم خبري أو طلبي لم يكن صحة أحد القولين وفساد الآخر ثابتا بمجرد حكم حاكم فإنه إنما ينفذ حكمه في الأمور المعينة دون العامة، ولو جاز هذا لجاز أن يحكم حاكم بأن قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) هو الحيض والأطهار، ويكون هذا حكما يلزم جميع الناس قوله، أو يحكم بأن اللمس في قوله تعالى: (أو لامستم النساء) هو الوطء والمباشرة فيما دونه، أو بأن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج أو الأب والسيد وهذا لا يقوله احد ... والذي على السلطان في مسائل النزاع بين الأمة أحد أمرين: إما أن يحملهم كلهم على ما جاء به الكتاب والسنة واتفق عليه سلف الأمة لقوله تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) وإذا تنازعوا فَهِمَ كلامهم إن كان ممن يمكنه فهم الحق؛ فإذا تبين له ما جاء به الكتاب والسنة دعا الناس إليه، و [ولعل الصواب: أو] أن يقر الناس على ما هم عليه كما يقرهم على مذاهبهم العملية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/306)
.. وأما إلزام السلطان في مسائل النزاع بالتزام قول بلا حجة من الكتاب والسنة فهذا لا يجوز باتفاق المسلمين، ولا يفيد حكم حاكم بصحة قول دون قول في مثل ذلك إلا إذا كان معه حجة يجب الرجوع إليها؛ فيكون كلامه قبل الولاية وبعدها سواء، وهذا بمنزلة الكتب التي يصنفها فى العلم). مجموع الفتاوى 3/ 238 - 240.
الاستدلال الثامن: الاستدلال بأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن ينبه الصحابة الذين حجوا معه على عدم الخروج عن حدود هذا المسعى المعروف.
وهذا الاستدلال قد ذكره بعضهم؛ وتقريره: أن الذين حجوا مع النبي عليه الصلاة والسلام مائة ألف أو يزيدون، والوادي فسيح، ولم يكن النبي عليه الصلاة والسلام يحذر الصحابة من الخروج عن حدود هذا المسعى المعلوم مع أن هذا وارد مع كثرة العدد وعدم وجود حدود تمنعهم من الذهاب شرقا وغربا؛ وعليه فلا حرج من التوسعة الشرقية للمسعى.
وهذا الكلام لا شك في بطلانه، وصاحبه قد تكلم في المسألة دون أن يتصور الواقع الذي يتحدث عنه.
فالمسعى لم يكن واديا فسيحا لا يحده شيء شرقا وغربا بحيث يمكن حصول ما ذكروا؛ بل قد كانت البيوت محدقة به على حافتيه؛ وعليه فلا يمكن لأحد منهم أن يسعى إلا في هذا المكان المعلوم.
ودونك نبذة عن حال المسعى وما أحاط به من خلال كتب التاريخ والحديث:
يقول ابن عمر رضي الله عنهما: (السعي من دار ابن عباد إلى زقاق بني حسين) علقه البخاري في صحيحه 3/ 501 مع الفتح.
ويقول الأزرقي 2/ 117: (قال ابن جريج: أخبرني نافع قال: فينزل ابن عمر من الصفا فيمشي حتى إذا جاء باب دار بني عباد سعى حتى ينتهي إلى الزقاق الذي يسلك إلى المسجد، الذي بين دار ابن أبي حسين ودار ابنة قرظة).
ومن ذلك أيضا أنه كانت البيوت قائمة بين المسجد والمسعى ولم يدخل منها شيء في المسجد حتى وسع المهدي المسجد؛ يقول الأزرقي 2/ 75: (فاشترى [أي المهدي] جميع ما كان بين المسعى والمسجد من الدور فهدمها ووضع المسجد على ما هو اليوم شارعا على المسعى).
ويقول أيضا 2/ 79: (وكانت الدور وبيوت الناس من ورائه [أي المسجد] في موضع الوادي اليوم، إنما كان موضعه دور الناس، وإنما كان يسلك من المسجد إلى الصفا في بطن الوادي، ثم يسلك في زقاق ضيق حتى يخرج إلى الصفا من التفاف البيوت، فيما بين الوادي والصفا).
ويقول أيضا 2/ 90: (كانت دور بني عدي ما بين الصفا والمسجد وموضع الجنبزة التي يسقى فيها الماء عند البركة هلم جرا إلى المسجد).
ويقول أيضا 2/ 261: (وكانت مساكن بني عدي ما بين الصفا إلى الكعبة).
ويقول أيضا 2/ 233: (وللعباس بن عبد المطلب أيضا الدار التي بين الصفا والمروة التي بيد ولد موسى بن عيسى التي إلى جنب الدار التي بيد جعفر بن سليمان، ودار العباس هي الدار المنقوشة التي عندها العلم الذي يسعى منه من جاء من المروة إلى الصفا بأصلها، ويزعمون أنها كانت لهاشم بن عبد مناف).
ويقول أيضا 2/ 235: (لآل عتبة بن فرقد السلمي دارهم وربعهم التي عند المروة).
ويقول أيضا 2/ 247: (ولآل الأزرق بن عمرو أيضا دارهم التي عند المروة إلى جنب دار طلحة بن داود الحضرمي، يقال لها دار الأزرق، وهي في أيديهم إلى اليوم، وهي لهم ربع جاهلي).
ويقول أيضا: (ربع آل داود بن الحضرمي واسم الحضرمي عبد الله بن عمار حليف عتبة بن ربيعة قال أبو الوليد: لهم دارهم التي عند المروة، يقال لها دار طلحة، بين دار الأزرق بن عمرو الغساني ودار عتبة بن فرقد السلمي، ولهم أيضا الدار التي إلى جنب هذه الدار عند باب دار الأزرق أيضا، يقال لها دار حفصة، ويقال لها دار الزوراء، ومن رباعهم أيضا الدار التي عند المروة في صف دار عمر بن عبد العزيز، ووجهها شارع على المروة).
ويقول أيضا 2/ 250: (رباع بني نوفل بن عبد مناف قال أبو الوليد: كانت لهم دار جبير بن مطعم عند موضع دار القوارير اللاصقة بالمسجد الحرام بين الصفا والمروة، اشتريت منهم في خلافة المهدي أمير المؤمنين حين وسع المسجد الحرام ... ولهم دار عدي بن الخيار، كانت عند العلم الذي على باب المسجد الذي يسعى منه من أقبل من المروة إلى الصفا).
ويقول أيضا 2/ 255: (ربع آل قارظ القاريين وهي الدار التي يقال لها دار الخلد على الصيادلة، بين الصفا والمروة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/307)
ويقول أيضا 2/ 254: (وكانت لهم دار مخرمة بن نوفل التي بين الصفا والمروة التي صارت لعيسى بن علي عند المروة).
هذه طائفة يسيرة من الشواهد على ما كان يحيط بالمسعى من بيوت، ولو أردت الزيادة لزدت، وهي دليل على أن هذه الحجة هشة ضعيفة.
الاستدلال التاسع: الاستدلال بأن المسعى قد تعرض للتغيير سابقا.
مما رأيت بعض المفتين بجواز التوسعة قد اعتمد عليه في فتواه: القول بأن المسعى قد طالته يد التغيير والتوسع في السابق دون نكير من أهل العلم؛ فدل على جواز هذه التوسعة؛ ولا تكون بذا بدعا من التصرف.
وإذا أثار المستدلون هذا الجانب من الاستدلال فإنهم إنما يشيرون في الغالب إلى ما حصل في عهد الخليفة المهدي العباسي رحمه الله أثناء توسعة المسجد الحرام؛ إذ من المعلوم أن المهدي قد قام بتوسعة المسجد الحرام مرتين: الأولى: عام 164هـ، والأخرى عام 167هـ، والتوسعة الثانية هي التي حصلت فيها تغيير في محل المسعى على ما يذكر هؤلاء المستدلون.
والمعتمد في هذا على أقوال ذكرها الأزرقي في أخبار مكة فيها ما يشير إلى حصول هذا التغيير؛ من ذلك: قوله 2/ 62 عن جده –أو من فوقه من شيوخه؛ فالعبارة محتملة-: (والمهدي وضع المسجد على المسعى)، وقوله 2/ 80: (فهدموا أكثر دار ابن عباد بن جعفر العايذي وجعلوا المسعى والوادي فيهما) وعند الفاكهي 2/ 173 –وقد نقل عبارة الأزرقي-: (فيها).
وسوف أتوسع بعض الشيء في الجواب عن هذا الاستدلال لشهرته لدى بعض طلبة العلم الذين يُسمع احتجاجهم به دون أن يكونوا قد أنعموا النظر فيه؛ وهذا مما يعطي انطباعا عن المنهج العلمي الذي سار عليه بعض من تكلم في هذا الموضوع تقريرا واستدلالا.
فأقول وبالله التوفيق: الجواب عن هذا الاستدلال أن يقال:
لم يحصل في توسعة المهدي ولا قبلها ولا بعدها أن توسع المسعى جملةً شرقاً أو غرباً، ويخطئ من يظن ذلك استنادا إلى قصة التوسعة هذه، ويخطئ أيضا من يجعلها أصلا يقيس عليه التوسعة الحالية، وتوضيح ذلك:
أن المهدي في توسعته الأولى اشترى جميع ما كان بين المسعى والمسجد من الدور فهدمها ووسع المسجد، وانتهت التوسعة شرقا إلى حد المسعى، يقول الأزرقي 2/ 75: (فاشترى جميع ما كان بين المسعى والمسجد من الدور فهدمها ووضع المسجد على ما هو اليوم شارعا على المسعى).
إذن التوسعة لم ينل المسعى منها شيء، واستمر المسعى محفوظا من ذلك إلى عهد الأزرقي وإلى ما بعده؛ وهذا معنى العبارة السابقة: (والمهدي وضع المسجد على المسعى) أي أزال البيوت التي كانت بين المسجد والمسعى وجعل المسجد على حد المسعى، وليس أنه أدخل المسعى في المسجد وأنشأ مسعى جديدا وراء ذلك؛ فهذا خطأ، وهذا ما وضحه الأزرقي نفسه حيث قال: (ووضع المسجد على ما هو اليوم شارعا على المسعى).
ويؤكد ذلك ما جاء عند الفاكهي في أخبار مكة 2/ 87: (وأمير المؤمنين المهدي وضع أبواب المسجد على المسعى).
وقد تقدم النقل عن أهل العلم بأن من سعى من داخل المسجد فسعيه باطل، وهذا يدل على أنه ليس من المسعى في المسجد شيء.
هذا عن العبارة الأولى، أما العبارة الأخرى وما أشبهها مما أورده الأزرقي في كتابه؛ فقبل أن أجيب على ما يتعلق بها أشير إلى شيء ينبغي ألا يُهمل أثناء النظر في هذا الموضوع؛ ألا وهو أن الإشارة إلى حصول شيء من التغيير في المسعى لم ينقلها أحد –وأقول هذا بعد بحث طويل- سوى الأزرقي، وكل من جاء بعده وأشار إلى هذا الموضوع -كالفاكهي وابن فهد وابن ظهيرة وابن الضياء والفاسي والصباغ وغيرهم- فهو ناقل عنه، وأما جل مشاهير المؤرخين فلم ينقلوا شيئا يتعلق بهذا الأمر الجلل مطلقا، مع إشارتهم إلى توسعة المهدي للمسجد.
ومثلهم في السكوت علماء الفقه؛ إذ إن جماهيرهم لم يشيروا إلى شيء يتعلق بذلك، مع أن القضية لها ارتباط شرعي، ومن أشار إلى ذلك –كالرملي مثلا- فهو ناقل عن الأزرقي أيضا.
إذن هذه القضية على جلالة قدرها ليس لها من مستند تاريخي إلا ما دونه الأزرقي نقلا عن جده فقط.
هذه لفتة أحببت أن يرمقها العاقل بعين بصيرته، وإن كنت لن أقف عندها.
أقول مستعينا بالله: الجواب عن الاستدلال بما أورده الأزرقي من وجوه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/308)
أولا: المنقول في كتاب الأزرقي -ومن جاء بعده ناقلا عنه- لا يتعلق بالمسعى جميعا؛ إنما يشير إلى أنه طرأ شيء ما على موضع السعي –أي الهرولة- فحسب؛ فقول الأزرقي 2/ 80: (فهدموا أكثر دار ابن عباد بن جعفر العايذي وجعلوا المسعى والوادي فيهما) إنما أراد به بطن الوادي الذي هو موضع الهرولة؛ وهذا يُطلق عليه –أيضا-: المسعى، وهذا الإطلاق أمرٌ معلوم؛ فعند الترمذي عن كثير بن جمهان قال: (رأيت ابن عمر يمشي في المسعى) وفي تحفة الأحوذي 3/ 601: (أي مكان السعي وهو بطن الوادي).
ومنه أيضا قول الأزرقي 2/ 119: (وذرع ما بين العلم الذي في حد المنارة إلى العلم الأخضر الذي على باب المسجد - وهو المسعى - مائة ذراع واثنا عشر ذراعا).
والخلاصة أن المسعى يطلق ويراد به جميع ما بين الصفا والمروة، ويطلق ويراد به بطن الوادي لأنه محل للسعي –أي الهرولة- ومن هذا الباب قول الأزرقي السابق؛ فالتغيير الذي أشار إليه إنما يتعلق بهذا الجزء فحسب دون سائر المسعى؛ وهذا لا شك فيه؛ إذ كيف يُجعل المسعى كله في موضع دار؟
وقد أفصح الفاسي بتوضيح موضع التغيير الذي أشار إليه الأزرقي؛ حيث قال: (وذكر الأزرقي ما يقتضي أن موضع السعي فيما بين الميل الذي بالمنارة والميل المقابل له لم يكن مسعى إلا في خلافة المهدي العباسي بتغيير موضع السعي قبله في هذه الجهة) ثم نقل كلام الأزرقي الذي نقلت بعضه فيما مضى، انظر: شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام 1/ 520
ثانيا: إذا اتضح أن محل التغيير إنما يتعلق بجزء من المسعى –وهو محل الهرولة- فينبغي أن يُعلم أن هذا التغيير –إن صح حصوله- فهو مخصوص بجزء يسير من هذا الموضع المخصوص؛ وذلك أن دار ابن عباد كانت عند مبتدأ الوادي –محل الهرولة- وفي محلها وُضع علم السعي المعلق على منارة المسجد –منارة باب علي- الذي يذكره الفقهاء في كتبهم؛ وهو مبتدأ الهرولة للقادم من الصفا إلى المروة، وفي هذا يقول ابن عمر رضي الله عنهما: (السعي من دار ابن عباد إلى زقاق بني حسين) علقه البخاري في صحيحه 3/ 501 مع الفتح.
وقد تكلم المؤرخون عن موضع دار ابن عباد وأنها كانت عند حد ركن المسجد الحرام؛ يقول الأزرقي 2/ 79: (وكان باب دار محمد بن عباد بن جعفر عند حد ركن المسجد الحرام اليوم، عند موضع المنارة الشارعة في بحر [وفي نسخة: في نحو] الوادي، فيها علم المسعى، وكان الوادي يمر دونها في موضع المسجد الحرام اليوم). وانظر أخبار مكة للفاكهي 2/ 208.
والمقصود أن هذه الدار في طرف من الوادي من الجنوب ولم تستوعبه كله؛ فهو إذن تغيير يسير، لا كما يتصوره بعضهم أنه تغيير كبير، ويتأيد هذا بقول الفاسي شفاء الغرام 1/ 520: (والظاهر –والله أعلم- إجراء المسعى [كذا، ولعل الصواب: السعي] بموضع السعي اليوم وإن تغير بعضه عن موضع السعي قبله).
ويؤيد أن التغيير يسير ليس بذي بال أن الأزرقي –نفسه- لما تكلم عن رباع مكة ودور أهلها وبلغ بحديثه إلى دار عباد بن جعفر أشار إلى جعل الوادي فيها ولم يشر إلى شيء يتعلق بالمسعى؛ حيث يقول 2/ 259 - 260: (فلما أن وسع المهدي المسجد الحرام في سنة سبع وستين ومائة وأدخل الوادي في المسجد الحرام، أُدخلت دار عباد بن جعفر هذه في الوادي؛ اشتريت منهم وصُيرت بطن الوادي اليوم، إلا ما لصق منها بالجبل -جبل أبي قبيس-).
ثالثا: مما يعكر صفو ما قرره الفاسي متابعا فيه الأزرقي أن من أهل العلم من قرر أن موضع السعي –الهرولة- هو كما كان عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يطرأ عليه تغيير، وفي هذا يقول ابن القيم في زاد المعاد 2/ 228: (والظاهر أن الوادي لم يتغير عن وضعه). وبمثله قال ابن جاسر في منسكه (270).
ويؤيده أن وضع الأعلام –الأميال- التي في محل الوادي ليس إلا لضبط محل سعيه عليه الصلاة والسلام، وعليه فالظاهر أنه لم يطرأ تغيير على هذا الموضع وإلا لم يكن لوضعها فائدة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة – المناسك 2/ 464: (وقد حدد الناس بطن الوادي الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يسعى فيه بأن نصبوا في أوله وآخره أعلاما، وتسمى أميالا، ويسمى واحدها: الميل الأخضر؛ لأنهم ربما لطخوه بلون خضرة ليتميز لونه للساعي، وربما لطخوه بحمرة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/309)
ومن العجيب أن المهدي الذي يُنسب إليه نقل المسعى وتوسعته شرقا هو الذي يُنسب إليه بناء هذه الأعلام؛ يقول القلقشندي في مآثر الخلافة 1/ 185 في تعداد مناقب المهدي: (وبنى العلمين اللذين يُسعى بينهما).
وإذا كان حريصا على بقاء الموضع الذي سعى فيه النبي عليه الصلاة والسلام ظاهرا للمسلمين، سالما من التغيير؛ فكيف يُظن به أنه ينقل المسعى عن موضعه؟
وهذه الأميال لم تزل على حالها –بحمد الله- إلى العصر الحاضر قبيل التوسعة السعودية الأولى، انظر وصفها لحسين باسلامة في تاريخ عمارة المسجد الحرام 303، ثم وضع محلها هذه العلامات الظاهرة الآن في سقف المسعى وجوانبه.
ويتأيد هذا بوجه آخر: وهو أن المتتبع لكلام العلماء في هذا الباب يقطع بأنهم أشد ما يكونون حرصا على الالتزام بالهدي النبوي، ومن ذلك جعلهم المشاعر –ومنها المسعى- أماكن توقيفية؛ ومن ذلك أنهم نصوا على أن على الساعي أن يسعى قبل وصوله الميل بستة أذرع حتى يطابق محل السعي الذي جرى فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام -كما نص على هذا الشافعي وغيره من أهل العلم، انظر: مختصر المزني 76، والمغني لابن قدامة 5/ 236، وشرح العمدة لابن تيمية 2/ 465، ومواهب الجليل 4/ 156 وغيرها من كتب الفقه- هذا مع كون الهرولة سنة ومن تركها فليس عليه شيء في قول جماهير أهل العلم؛ فأين تنبيههم على محل المسعى النبوي عرضا لو كان ثمة تغيير شرقا أو غربا؟
والخلاصة المستفادة مما سبق: أن المستدل بهذه القصة إن استدل بها على أن المسعى قد نُقل بالكامل عن موضعه؛ فهو استدلال باطل.
وإن قال: إن موضع الهرولة قد تغير موضعه بالكامل؛ فهو أيضا قول باطل.
وإن قال: إن موضعا يسيرا في محل الهرولة قد حصل فيه تغيير؛ فهذا ليس مسلما؛ بل يلفه شيء من الشك؛ وعليه فلا يصلح مستمسكا في هذه القضية الشرعية بالغة الأهمية.
رابعا: أنه على تسليم حصول هذا التغيير، وأن جزءا من المسعى –في محل الهرولة- جُعل في دار ابن عباد؛ فإن هذا ليس فيه ما يدل على جواز تغيير محل هذه العبادة التوقيفي، أو أن هذا التغيير قد حصل بالفعل؛ وإنما غاية ما هنالك أنه أزيل بناء كان قائما في محل يُشرع السعي فيه.
وكأني بدار ابن عباد هذه مشابهة في حالها لدار آل الشيبي التي أزيلت في العصر الحديث –خلال التوسعة السعودية الأولى- والتي كان محلها بين موضع السعي من جهة الصفا وبين الشارع العام الملاصق للمسجد الحرام مما يلي باب الصفا (انظر: فتاوى الشيخ ابن إبراهيم 5/ 139) وكان قرار اللجنة الذي وافق عليه سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: (ولا بأس من السعي في موضع دار الشيبي لأنها على مسامتة بطن الوادي بين الصفا والمروة) 5/ 143 - 144.
والخلاصة: أن جعل المسعى في دار ابن عباد لم يُخرج هذا الموضع من المسعى عن الحد الشرعي فيما بين الصفا والمروة قطعا، والمطلوب شرعا السعي بين الصفا والمروة وليس الموضع الذي سعى فيه عليه الصلاة والسلام على وجه الخصوص، وهذا حاصل بعد هذا التغيير –إن كان-؛ فلم يزل الناس يسعون بين الصفا والمروة كما كان الأمر قبل توسعة المهدي ولم يتغير شيء من ذلك البتة.
يوضح ذلك: أن الدرج التي على الصفا وعلى المروة قد بنيت قبل المهدي –في عهد والده أبي جعفر المنصور- وفي هذا يقول الأزرقي 2/ 102: (حتى كان عبد الصمد بن علي في خلافة أبي جعفر المنصور فبنى درجهما التي هي درجهما).
ويقول الفاكهي 2/ 245: (فدرجهما إلى اليوم قائمة).
فهذه الدرج بقيت على موضعها بعد التغيير المذكور –إن صح- ولم تزل كذلك إلى ما قبل التوسعة السعودية الأولى؛ وهي شاهد صدق على أن المسلمين لم يكونوا يسعون إلا في هذا المسعى المعروف بين الصفا والمروة، وأن المسعى لم يخرج عن كونه بين الصفا والمروة؛ فالساعي كان ينزل من هذه الدرج التي على المسعى قاصدا المروة قبل توسعة المهدي، واستمر الأمر كذلك بعد التوسعة وإلى التوسعة السعودية الأولى، بل وإلى اليوم؛ فالمسعى هو هو بحمد الله.
وهذا دليل آخر على أن المسلمين لم يزالوا محافظين على محل هذه الشعيرة دون زيادة أو نقصان.
ويؤيده –أيضا- أن الإجماع قد قام على صحة السعي في هذا المسعى المعروف الذي توارثه الناس مع وقوع هذا التعديل الطفيف فيه إن صح ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/310)
يقول الفاسي في شفاء الغرام 1/ 520 - 521: (والظاهر –والله أعلم- إجراء المسعى [كذا، ولعل الصواب: السعي] بموضع السعي اليوم وإن تغير بعضه عن موضع السعي قبله لتوالي الناس من العلماء وغيرهم على السعي بموضع السعي اليوم، ولا خفاء في تواليهم على ذلك ... وما حُفظ عن أحد منهم إنكار لذلك ولا أنه سعى في غير المسعى اليوم ... فيكون أجرى [كذا] السعي بمحل السعي مجمعا عليه عند من وقع التغيير في زمنهم وعند من بعدهم، والله أعلم).
ويقول الرملي في نهاية المحتاج 3/ 291: (ويشترط [أي في السعي] قطع المسافة بين الصفا والمروة كل مرة، ولا بد أن يكون قطع ما بينهما من بطن الوادي، وهو المسعى المعروف الآن؛ وإن كان في كلام الأزرقي ما يوهم خلافه؛ فقد أجمع العلماء وغيرهم من زمن الأزرقي إلى الآن على ذلك).
ويقول ملا علي القاري في مرقاة المفاتيح 5/ 475: (والمسعى هو المكان المعروف اليوم؛ لإجماع السلف والخلف عليه كابرا عن كابر ولا ينافيه كلام الأذرعي أن أكثره في المسجد كما توهم ابن حجر رحمه الله فتدبر).
وكلام الأذرعي هذا قد حرصت على الظفر به فلم أفلح؛ ومهما يكن فليس صحيحا أن أكثر المسعى في المسجد؛ فهذا قول شاذ مخالف للإجماع، وكلام ملا علي القاري يُلمح إلى أن هذا الإجماع العملي مقدم على ما يقال بخلافه.
ويقول الباجي في المنتقى شرح الموطأ 2/ 305: (والسعي بين العلمين هو الذي يقتضيه الحديث المذكور، وقد أَعلَمت الخلفُ ذينك الموضعين حتى صار إجماعا).
ويقول مؤرخ مكة الخبير بها محمد طاهر الكردي في كتابه التاريخ القويم 5/ 363: (موضع السعي هو هو؛ لم يتغير ولم يتبدل ولم ينقص ولم يزد).
والمستخلص من هذه النقولات أن موضع السعي المعروف توقيفي مجمع عليه؛ وعليه فلا يجوز أن يُخرج عنه بحال.
وأضيف إلى ما سبق جوابين آخرين يؤكدان بطلان القول بأن المسعى قد توسع شرقا كما يردد هذا بعضهم:
1 - كان يقابل باب المسجد المسمى باب العباس والميل المعلق عليه الذي منه مبتدأ الهرولة للقادم من المروة إلى الصفا – أقول: كان يقابل هذا الباب: دار تسمى: دار العباس، وقد أطبقت كتب تاريخ مكة على تحديد محلها، وأنها كما هي قبل توسعة المهدي وبعدها، بل وإلى الأزمنة المتأخرة حينما صارت خرابا في عهد شيخ الإسلام ابن تيمية –انظر: شرح العمدة 2/ 465 - ورباطا فيما بعده –انظر: مغني المحتاج 1/ 495، وشفاء الغرام 1/ 440، وتحصيل المرام 1/ 346 - أقول: هذه الدار معروفة ومكانها محفوظ إلى وقت التوسعة السعودية الأولى؛ فلو كان ثمة توسعة للمسعى من جهة الشرق لدخلت هذه الدار في التوسعة قطعا ولزال وجودها؛ إذ لم يكن بينها وبين جدار المسجد سوى خمسة وثلاثون ذراعا فقط، أي ستة عشر مترا تقريبا! وهذا لم يكن.
2 - يلاحظ أن من يرسل الكلام بأن المسعى قد توسع في مراحل مختلفة من التاريخ لا يستطيع أن يجيب على هذا السؤال: إلى أي حد بلغ هذا الامتداد خلال هذه المراحل؟ ليس في كلام المؤرخين في هذا كلمة واحدة! مع أنهم اعتنوا بأمور هي أقل من هذا بكثير؛ حتى إنهم قالوا: إن بين جدار باب بني شيبة بالمسجد الحرام إلى جدار المشعر الحرام بمزدلفة: خمسة وعشرين ألف ذراع وسبعمائة وثمانية أذرع وأربعة أسباع الذراع! انظر: شفاء الغرام 1/ 507
أفتراهم يعتنون بذكر هذا التحديد ذي المسافة البعيدة مع أنه لا يترتب على ذكره فائدة، ويهملون تحديد مسافة المسعى بعد تأخير موضعه –كما يُزعم- مع تعلق عبادة السعي به؟!
أختم هذه المسألة بذكر شاهد على عناية العلماء ببقاء المسعى محفوظا عن الزيادة والنقصان، وعلى شدة إنكارهم على من حاول العبث بحدوده التوقيفية، وقد ورد ذكره سابقا.
ذلكم ما أورده القطب الحنفي في كتابه الإعلام 104 - 106 (نقلا عن تحصيل المرام للصباغ 1/ 346 - 348) في قصة تعدي أحد التجار –واسمه: ابن الزمن- على المسعى حين اغتصب من جانبه ثلاثة أذرع ليجعلها ضمن أرض يبني عليها رباطا للفقراء؛ فمنعه قاضي مكة ابن ظهيرة وجمع محضرا من العلماء وفيهم من علماء المذاهب الأربعة وقابلوا هذا التاجر (وأنكر عليه جميع الحاضرين وقالوا له في وجهه: أنت أخذت من المسعى ثلاثة أذرع وأدخلتها، وأحضروا له النقل بعرض المسعى من تاريخ الفاكهي، وذرعوا من جدار المسجد إلى المحل الذي وضع فيه ابن الزمن الأساس فكان عرض المسعى ناقصا ثلاثة أذرع).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/311)
فهذا شاهد على اهتمام أهل العلم بهذا المشعر العظيم ومنع التغيير فيه حتى ولو كان قدرا يسيرا لا يتجاوز مترا ونصفا، ونحمد الله أن هذا التعدي كان مؤقتا وزال؛ فإن التوسعة السعودية الأولى قد استوعبت المسعى بعرضه المتوائم مع ما ذكره المؤرخون القدماء ولله الحمد.
الخاتمة
هذا ما أردت بيانه في هذه المسألة؛ إبراء للذمة، وصدعا بالحق الذي أدين به، والله يشهد أني بذلت قصارى جهدي في الوصول إليه.
وإنني في ختام هذا البحث لأهيب بأهل العلم وبأصحاب القرار أن يعيدوا النظر في هذه التوسعة.
إن خيرا للأمة أن تبقى على الأمر الواضح المستبين الذي مضى عليه عمل المسلمين وتوارد عليه الناس وتلقاه الخلف عن السلف، بعيدا عن التكلف في الاستدلال واتباع المتشابه من كلام أهل العلم؛ فهذا الذي لا ينازع عاقل في أنه أسلم في الدين وأبرأ للذمة، وبه تحصل الطمأنينة بصحة العبادة.
وإذا كان العقد قد انفرط ولم يمكن التدارك فلا أقل من جعل المسعى القديم بحاله ذهابا وإيابا، فمن طابت نفسه بالسعي في المسعى المحدث فدونه، ومن أراد أن يسعى كما سعى المسلمون قبله فلا يبقى في صدره حرج من صحة عبادته.
وكأني بهذه التوسعة -لو مضت كما هو مرسوم لها- وقد وقف العقلاء إزاءها عاجزين عن حل معضلة كبرى؛ ألا وهي التنازع والتدافع اللذين سيسببهما إصرار كثير من المسلمين على السعي في المسعى القديم ذهابا ومجيئا احتياطا لعبادتهم! وحينها سنقع في شر مما فررنا منه، والأمر لله.
ويحسن أن أحلي ختام البحث بكلمات نيرات للشيخ العلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله تتعلق بهذا الموضوع.
قال رحمه الله: (يتعين ترك الصفا والمروة على ما هما عليه أولاً، ويسعنا ما وسع من قبلنا في ذلك، ولو فُتحت أبواب الاقتراحات في المشاعر لأدى ذلك إلى أن تكون في المستقبل مسرحًا للآراء، وميدانًا للاجتهادات، ونافذة يولج منها لتغيير المشاعر وأحكام الحج، فيحصل بذلك فساد كبير ... ولا ينبغي أن يُلتفت إلى أماني بعض المستصعبين لبعض أعمال الحج واقتراحاتهم، بل ينبغي أن يُعمل حول ذلك البيانات الشرعية بالدلائل القطعية المشتملة على مزيد الحث والترغيب في الطاعة والتمسك بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته في المعتقدات والأعمال، وتعظيم شعائر الله ومزيد احترامها) الفتاوى (5/ 146 - 147).
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في الدين، وحسن الاتباع للنبي الكريم عليه الصلاة والسلام -ففي ذلك الخير كل الخير- كما أسأله جل وعلا أن يوفق ولاة أمورنا إلى ما فيه صلاح الدين والدنيا، وأن يزيدهم توفيقا، وأن يمن عليهم بالهداية إلى الحق والعمل به؛ إن ربي قريب مجيب.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تمت كتابة مسودة هذا البحث في 2/ 4/1429هـ، ثم راجعته وأضفت إليه وهذبته بعدُ.
dr.saleh.s@gmail.com
ـ[أبو حفصة المراكشي]ــــــــ[28 - 05 - 08, 12:36 ص]ـ
مقال لفضيلة الشيخ "أبو عبيدة" مشهور بن حسن آل سلمان
حفظه الله تعالى ورعاه
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،
أما بعد:
علماء الأمة تحدثوا عن حكم السعي في المسعى الجديد، والمتتبع لما ينشر على الشبكة العالمية "الإنترنت"، يجد أن هناك أحاديث ومقالات وآراء ودراسات في المسألة وأنّ هناك بعض الأقوال المتعارضة، والذي فهمته أنّ في نية المسؤولين فتح المسعى الجديد الذي هو امتداد للمسعى القديم وجزء منه، وجعله للسعي بين الصفا والمروة، وجعل السعي القديم سعي من المروة للصفا، وبذا يكون المسعى قد تضاعف مرتين.
الناظر -ولا سيما فيمن منّ الله عز وجل عليه بالحج في السنوات الأخيرة- يجد ما للزحام الشديد قبل توسعة مرمى الجمار في منى من أثر بالغ في لحوق المشقة بالحجيج والتي أدّت -في بعض المواسم- إلى موت العشرات منهم، وما ذكرنا في شأن الرمي نراه ينطبق تماماً على مسألة السعي بين الصفا والمروة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/312)
قد كان لهذه المشقة أثر واعتبار في نظر العلماء في توسيع المطاف نتيجة للزحام البالغ في طوافي الإفاضة والوداع، فما دامت الصفوف قد اتصلت في داخل صحن الكعبة والناس يطوفون فحاله حال المسجد، والتوسعات التي جرت في الحرمين الشريفين ابتداءً من عهد عمر فعثمان -رضي الله عنهما- فابن الزبير –رضي الله عنه-، ثم أحدث المهدي سنة 160هـ توسعته الأولى في الحرم، ثم في سنة 164هـ أحدث توسعة أخرى، وكانت التوسعة الثانية للمهدي، وأخذ جزءً من الرحبة من المكان الممتد الذي كان من جهة غرب المسعى وأدخله في المسعى، والأئمة ممن ألّفوا في تاريخ مكة كالفاكهي والأزرقي وغيرهما تكلموا كثيراً حتى إن القطبي في كتابه "الإعلام" ذكر إشكالات في موضوع السعي، تشبه تماماً الإشكالات الحاصلة في هذا الوقت.
وقد وردت أسئلة كثيرة من بلدان العالم من "المملكة المتحدة" و "أمستردام" وأماكن أخرى حول حكم السعي في المسعى الجديد فأجبت بما مفاده:
مسألة توسعة المسعى مسألة حاول سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ -شيح المشايخ وشيخ الشيخ ابن باز رحمهما الله- أن يضبط عرض المسعى في جهود مشكورة في الجزء الخامس من كتابه "الفتاوى" ودرس موضوع المسعى دراسة جيدة –أثابه الله-، وكان ذلك إبّان التوسعة السعودية الثانية في المسعى والتي كانت أكبر توسعة في التاريخ، والتي استمرت قرابة عشرين عاماً، ووجد في حينها أنّ المسعى يقبل الامتداد من جهة الشرق، وكانت هناك دور ومنازل على المسعى، والكلام عن المسعى وتوسعته طويل وكثير ولو صرنا نستعرض الكلام بالتفصيل لنصل إلى تأصيل وتقعيد في المسألة لاحتجنا إلى وقت طويل، ولكن للقضاء على الخلاف البسيط أرى أنه لا بُدَّ من دراسة هذا الموضوع في المجامع الفقهية وهيئة كبار العلماء، فهذه مسألة كبيرة تحتاج لاجتهاد جماعي ورأي جماعي بعد دراسة المسعى والتطورات والتغييرات التاريخية، وبعد هذه السلسلة الطويلة والكثيرة من الدراسات والأبحاث الجديدة التي لا شك أنها أضافت شيئاً يستحق معه إعادة النظر في دراسة الموضوع مجدداً، أرى أنه لا مانع من أن نذكر رأينا ونحاول أن نلملم أطراف المسألة بقدر المستطاع، أقول: سبب الخلاف في المسألة منذ أن كانت التوسعة؛ هو هل المكان الذي يسعى فيه الناس مكان مقصور محدود أم أنه ممدود؟ وهل عرض المسعى المذكور في كتب تاريخ مكة -مثل كتاب الأزرقي والفاكهي وغيرهما، وقد ذرعوه بخمسة وثلاثين ونصف ذراع- هو المكان المعدّ للسعي، أم أنّ هذا الإخبار عن الأمر الواقع فحسب، والمكان الذي يجزء السعي فيه أوسع من ذلك وأنّ السعي ما دام واقعاً بين جبلي الصفا والمروة فهو صحيح ومجزء، وإن هُجر السعي فيه فترة من الزمن، لعدم احتياج الناس لذلك؟
أرسل الشيخ العلامة السّعدي –رحمه الله- لشيخنا في الإجازة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز ابن عقيل مراسلات في مسائل كثيرة ومنها توسعة المسعى بتاريخ 21 ذي الحجة سنة 1375هـ ومما جاء في الرسالة قول الشيخ السعدي لتلميذه: "وكذلك المسعى منهم من قال إنّ عرضه لا يحد بأذرع معينة، بل كل مكان بين الصفا والمروة فهو داخل في المسعى كما هو ظاهر النصوص من الكتاب والسنة وكما هو ظاهر فعل النبي وأصحابه ومن بعده ومنهم من قال: يقتصر فيه على الموجود لا يزاد فيه إلا زيادة يسيرة أي في عرضه، قال: هذا هو قول أكثر الحاضرين".
وصدرت فتوى عن هيئة كبار العلماء في ذلك الوقت أنّ المسعى قد حدّ في عرض محدود ولا تجوز الزيادة عليه، ولذا رأوا أنّ توسعة المسعى تكون من خلال بناء دور ثان علوي بدلاً من مدِّ المسعى من جهة الشرق.
والفتوى قد صدرت باسم سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم وكان المفتي العام آنذاك.
يقول الشيخ السعدي: "ويظهر من حال الشيخ محمد بن إبراهيم أنه يعمل على قول هؤلاء لأنه لا يحب التشويش ولا الاعتراض على أحد".
ثم ظفرت برسالة خطية بقلم العلامة المحقق ذهبي أهل العصر الشيخ المعلمي اليماني –رحمه الله- والرسالة ليست مطولة ولم يمد فيها النفس –كعادته- ولكن ذكر فيها جواز توسعة المسعى ورأى أن العبرة بالسعي لا بالمكان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/313)
ولسماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم رسالة في جواز تنحية المقام عن مكانه من أجل التوسعة على الطائفين، وقد سبق لما أن ذكرنا أن الصفوف ما دامت أنها موصولة وأنّ الطواف يقع في بيت الله الحرام فمهما زِيْد فالزيادة لها حكم الأصل، وما قارب الشيء أعطي حكمه، كما هو معلوم من كتب أهل العلم، وقد نقل في رسالته كلاماً جيداً للرملي المسمى بالشافعي الصغير في "نهاية المحتاج" وهو قوله:
"لم أر في كلامهم ضبط عرض المسعى وسكوتهم عنه لعدم الاحتياج إليه، فإنّ الواجب استيعاب المسافة التي بين الصفا والمروة كل مرة"
ثم ظفرت بحواشي عبدالحميد الشرواني ويقول فيها ما معناه "إن ضبط العلماء للمسعى إنما هو ضبط تقريبي ولا حاجة لضبط عرض المسعى".
والسعي طولاً من حيث نقطة البدء والانتهاء في كل شوط مع المرور من بطن الوادي هو الذي فعله النبي، والفقهاء ينصون في كتبهم على وجوب استيعاب المسافة بين الصفا والمروة (1)، وأن البدء بالصفا والانتهاء بالمروة في كل مرة هو شوط، ثم العودة من المروة إلى الصفا هو شوط ثان، والواجب السعي سبعة أشواط دون النظر إلى عرض المسعى ذلك أنّ الصفا جبل والمروة جبل والعبرة أن يقع السعي بينهما، فإذا كانت التوسعة الجديدة ضمن عرض المسعى فلا ينبغي التردد في الجواز ألبتة، وعرض المسعى اليوم عشرون متراً والجبال -كما هو معلوم- من حيث العرض أوسع من عشرين متراً، ذلك أنّ أصل السعي كما في "صحيح البخاري" برقم (3364) من حديث ابن عباس في قصة إبراهيم مع أم إسماعيل والقصة طويلة وأنه تركها وابنها بقرب بيت الله الحرام وفي آخر القصة "وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء الذي وضعه بجانبها حتى إذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال يتلبط، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه وهو يموت، فانطلقت فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر فلم تر أحداً، ثم هبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف ذراعها ثم سعت أي ركضت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة -الجبل الذي يقابل الصفا- فقامت عليه فنظرت هل ترى أحداً، فلم تر أحداً، ففعلت ذلك سبع مرات، قال ابن عباس قال النبي: "فذلك سعي الناس بينهما" أي فعل أم إسماعيل الذي فعلته.
ولا يمكن تحديد المسار الذي سارت فيه أم إسماعيل على الجبل بل لا يمكن أن نحدد المسار الذي سار فيه النبي على الجبل، ويمكن أن نقول أنّ ما سكت عنه الشرع فهو في دائرة العفو، والنبي حدد الأمر بطرفيه طولاً وسكت عن العرض الذي بين الأمرين، وبتغيير معالم الجبلين ووجود الحواجز وبناء الجدار الذي يحد المكان في العصور المتأخرة وتحديد المقاييس في المكان الذي أصبح يؤدى فيه السعي آنذاك، وتحديده بالأذرع أو بالأمتار أو بالأصابع تولدت المشكلة ووقع الخلاف، هل هذا المكان الذي يسعى فيه هو المكان الذي يحدد ولا يقبل الزيادة عليه أم أنّ الأمر على أصله في سعة، يقول الشرواني في "حواشيه على تحفة المحتاج" (الجزء الرابع ص98)، ونص كلامه: " ولك أن تقول الظاهر أن التقدير بعرضه بخمسة وثلاثين على التقريب إذ لا نص فيه يحفظ من السنة".
نعم، الواجب السعي في المكان الذي بين جبلي الصفا والمروة، العبرة بأصل المسعى آنذاك كما هو معلوم، فإن تعارف الناس على مكان محدد خاص في المسعى فهذا لا يلغي أن يكون ما تبقى من الصفا أو ما تبقى من المروة من شعيرة المسعى، فقد هجر الآن تحول الساعي في المسافة المعدة في الشق المخصص للتحول من الصفا إلى المروة، وكذلك في الشق المخصص للتحول من المروة إلى الصفا، فلو أنّ حاجاً أو معتمراً اقتصر في سعيه على شق واحد من المسعى لأجزأ ذلك، من غير خلاف إذ علّق الشرع الحكم بالسعي على ما بين الجبلين، فلا يدل عدم فعل السعي في المكان الذي هو من شعيرة المسعى على عدم الإجزاء إن هجر الفعل فيه، المهم أن لا يكونا قد خرجا عن كونهما من المسعى، فإذا كان المسجد -أعني المطاف- قد وسع فيه وسوغ العلماء الزيادة فيه وكذلك مسجد النبي حتى عمر رضي الله عنه لما وسع المسجد كان يقول: "لو مد مسجد النبي إلى ذي الحليفة لكان منه".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/314)
وقرر شيخ الإسلام في "الرد على الأخنائي" (ص 135) أن حكم الزيادة التي تمد في المسجد النبوي وكذا في المسجد الحرام يضعَّف فيها الأجر وليس الأجر المضعَّف الركعة بمائة ألف أو بألف ليس فقط في الصلاة التي كانت تصلى في المكان الذي صلى فيه النبي فقط، فالمسعى مع ضيقه منذ القدم من باب أولى، وقد ذكرت في نصوص كثيرة وشهيرة ولا سيما في كتب الرحلات، وقد تتبعت -فيما أزعم ذلك- تتبعاً حسناً وتبيّن لي أنّ المسعى قديماً كان يتسع للمقدار المضاف اليوم للمسعى القديم وزيادة، ذلك أنه كان باقي المسعى – الذي هجر فعل السعي فيه آنذاك - سوقاً يجلس فيه الباعة وشكا غير واحد قديماً وحديثاً أنهم كانوا يشوشون على الساعين.
فمثلاً ابن بطوطة في رحلته "تحفة النظار في غرائب الأمصار" في (الجزء الأول ص 380 - 381 من الطبعة المغربية) لما حدّ المسعى وتكلم عليه قال: "وبين الصفا والمروة مسيل فيه سوق عظيمة تباع فيها الحبوب، واللحم، والتمر، والسمن، وسواها من الفواكه، والساعون بين الصفا والمروة يكادون يغطسون من زحام الناس على حوانيت الباعة، وليس بمكة سوق منتظمة سوى هذه،-أي هذه السوق- إلا البزازون والعطارون عند باب بني شيبة".
ووجدت في كتاب "الأيام المبرورة في البقاع المقدسة" (ص72) لمحمد لطفي جمعة، -وكانت رحلته في شتاء سنة 1359هـ الموافق 1940م- قوله: "خرجنا من باب الصفا غير مصدقين أننا نغادر الكعبة حتى لضرورة السعي بين الصفا والمروة، ولكنه فراق مؤقت لم يكن منه بد، وكنا ما زلنا في وقت لا يتبين فيه الخيط الأبيض من الخيط الأسود -يعني في وقت السحر-، وما كان أعظم دهشتي عندما وجدت المسعى شارعا مبلطاً بالحجر الأزرق الغليظ الذي بين مربعاته الضخمة فوارق وعلى جانبه دكاكين ومتاجر ومنه تتفرع حارات وشوارع".
هذا المسعى قديماً، وبُني الجدار في عصور المتأخرين، لا نقول إنّ المسعى فقط هذا المكان جبلان عرض الواحد عشرون متراً، فالجبل أوسع من ذلك كما سيأتينا في كلام ابن جرير الطبري.
ويقول عبدالوهاب عزام في كتاب "الرحلات" (ص363) –وكان قد ذهب للحج سنة 1937م- معبراً عن مشاهداته للمسعى: "ثم يرجو كل مسلم أن يصلح المسعى بين الصفا والمروة، فيفصل عن السوق والطريق، ويجعل على شاكلة تشعر الساعي أنه في عبادة ينبغي أن تفرغ لها نفسه ويتم لها توجهه، وما أحوج الحرمين في مكة والمدينة إلى أن تزحزح عنهما الأبنية المجاورة ويدور بهما محيط واسع يظلله شجر ... "إلخ.
والذي يقرأ كتب رحلات الحج في الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين الميلادي يجد عجباً يقول غير واحد: كنا نشاهد بعض الملوك يسعون بالسيارة بين الصفا والمروة وقطعاً هذا معناه أن المسعى عرضاً أوسع من المسعى الموجود اليوم.
وقد وجدت في بعض الكتب أن جملاً دفن في المسعى، بل في ترجمة الإمام النسائي قيل أنه دفن بين الصفا والمروة.
الكلام في تغيير المسعى -كما ذكرت- كثير، وقد أحدث في بعض العصور إشكالات فقد ذكر الأزرقي في كتابه "وكان المسعى في بطن المسجد الحرام اليوم" يعني في توسعة المهدي سنة 164هـ، أدخل شيئاً من المسعى في بطن المسجد يعني أخذ من أطرافه من جهة الغرب، لأنّ المسعى كان في تلك الفترة فيه سعة، وفيه دور، والدار التي كانت بمسامة الميل الأخضر الأول الذي يسعى إليه كانت دار العباس عم النبي وآل هاشم وكانت رباعهم من تلك الجهة.
ووجدت في بعض الآثار عند ابن أبي شيبة في "المصنف" (5/ 345 – ط الرشد) أو (8/ 331 – ط القبلة) عن مجاهد: أن المسعى قد انتقص منه، ومعنى انتقص منه أنهم كانوا يسعون ولا يستوعبون جميع المسافة آنذاك؛ أعني: من حيث العرض، فدار العباس كانت في المسعى، ودار الأرقم كانت فيه أيضاً، واشتراها أبو جعفر المنصور، وكانت دار الأرقم هي أول دار يجمع النبي الناس فيها للإسلام سراً في السنوات الثلاث الأول، وكانت قريبة من المسعى، ويقول يحيى بن عمران بن الأرقم –وهو من ذرية الأرقم بن أبي الأرقم- كما في "طبقات ابن سعد": "إني لأعلم اليوم الذي وقعت –أي الدار- في نفس أبي جعفر المنصور، اشتراها وجعلها لأم ولديه الخَيْزُران".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/315)
يقول يحيى: "إنه –أي أبا جعفر المنصور- وهذا خبر جاء عرضاً، -والأخبار التي تأتي عرضاً في كتب السيرة والتاريخ لها مصداقية وغالباً لا تقبل التزوير ولا التزييف- يقول يحيى بن عمران: وكانت داره في الصفا –إذ كان الصفا جبلاً وكان فيه دور- يقول: إني لأعلم اليوم الذي وقعت فيه –أي الدار- في نفس أبي جعفر إنه ليسعى بين الصفا والمروة في حجةٍ حجّها ونحن على ظهر الدار في فسطاس فيَمُر تحتنا لو أشاء أن آخذ قلنسوة لو كانت عليه لأخذتها –يعني أن الدار بجانب المسعى- ولو أردت أن أمسك رأسه لفعلت، -وهذا دلالة على أن المسعى كان فيه حارات وشوارع، والمسعى جبل واسع- وإنه لينظر إلينا من حين يهبط بطن الوادي حتى يصعد إلى الصفا .. " إلخ كلامه.
فمن تلك الفترة وقعت الدار في نفس أبي جعفر المنصور فاشتراها.
يقول ابن جرير في تفسير قوله تعالى: (إن الصفا والمروة) [البقرة: 158] إن الصفا حجر أملس، وإن المروة جمع مروة والمروة الحجر الصغير يقول في (الجزء الثاني ص709 – ط هجر) وإنما عنى الله تعالى ذكره (الصفا والمروة) [البقرة: 158] في هذا الموضع الجبلين المسمين الذين في حرمه دون سائر الصفا والمروة، فالأحكام إذاً معلقة بالجبل، والجبل غالباً تكون مساحته واسعة قال ولذلك دخل فيهما الألف واللام ليعلم عباده أنه عني بذلك الجبلين المعروفين بهذين الاسمين دون سائر الأصفاء والمرو، والشاهد أن الشرع علق السعي بالجبلين فمتى وقع السعي بين مسمى الجبلين أجزأ، ومنهم من اشترط أن تكون الطريق في السعي طريقاً معهودة موصولة يكون فيها الحجيج.
والخلاصة أنّ الكلام على المسعى طويل وكثير، وقد قمت بدراسةٍ وحققت فيها رسالة الشيخ المعلمي اليماني –رحمه الله- وعلقت عليها كثيراً، وقد مدّ القلم وأرخيت له العنان، وذكرت ما يمكن أن يرجِّح القول بالجواز متابعاً إياه في ذلك، وأشرت إلى المخالفين، وتبقى المسألة فيها خلاف، والقضاء على البلبلة لا يمكن أن يقع إلا من خلال كلمة تصدر من هيئة معتبرة عند أهل العلم تجتمع فيها الآراء وتقطع فيها جهيزة كل خطيب، لأن هذه المسألة خطيرة ومهمة ولها أثر على ركن من أركان الإسلام وهو الحج، وأسأل الله عز وجل أن يوفق علماء المسلمين لأن تجتمع كلمتهم في هذا الباب وغيره، وسأعمل قريباً إن شاء الله على نشر رسالة المعلمي اليماني -رحمه الله- بضميمة تعليقاتي عليها، أسأل الله عز وجل أن يجعل فيها غنية أو بلاغاً من عيش، والله تعالى أعلم وأحكم.
والخلاصة أنه لا حرج في السعي في المسعى الجديد، وأن المسعى الجديد هو في زيادة يشملها المسعى لأن النبي سعى في مكان واحد وهذا المكان لا نعرفه، وهاجر –كما قال ابن عباس في البخاري- سعت في مكان معين فلو كان لا يجزئ هذا السعي إلا فيه، لحجرنا واسعاً، وضيقنا على الناس بما لا طائل تحته، ولا فائدة منه، إذ لا أثر ولا مستند عليه وله.
والعبرة أن يكون السعي بين الصفا والمروة، وقضت سنة سبحانه أن لا يحدد الرواة مكان سير رسول الله، ولا مكان سير هاجر، وألهم نبيّه محمداً أن يسعى ماشياً أحياناً وراكباً أحياناً، ليعلم أمته أن العبرة ليست في تتبع آثار الأقدام، ولا في الخط الذي سارت فيه، بل في سعيه راكباً دليل على عدم اشتراط مس الأقدام للمسعى، وأنه لو وضع عليه ردم فانتفخ، أو قطع الجبل، وأزيل ارتفاعه، وسعي في أصل أرضه لجاز، بل في سعيه راكبا إشارة –والله أعلم- إلى جواز السعي في الأدوار العلوية، فتأمل!
ويستفاد من ذلك أيضاً صحة السعي مع تغير تضاريس الجبلين الصفا والمروة وبوجود الردم والهدم مع مرور الزمن كما حصل في التوسعة السعودية قبل الأخيرة التي وقعت سنة 1375هـ بدأوا يحفرون وينزلون في أرض المسعى حتى وجدوا الأدراج، والذي يقرأ كتب الفقهاء في الحج يجد أنه يجب عليه أن يصعد على الدرج والآن ليس هناك درج، وقبل فترة قصيرة كانت هناك أدراج والأدراج الأولى دفنت ثم بنوا أدراجاً جديدة، ويقول صاحب "التاريخ القويم" -الكردي-: "المسافة التي كانت بين الأدراج التي رأيناها بعد الحفر قرابة المترين" والجبل قمة وقاعدة الجبل أوسع من رأس الجبل، فإذا سعينا على رأس الجبل نسعى في مكان ضيق، فإذا قطعنا رأسه وسعينا في قاعدته اتسع المكان ثم السعي.
فالعبرة بالسعي أن يكون بين جبل الصفا وجبل المروة ويبعد واقعاً وعقلاً أن يكون الجبل ممتداً فقط عشرين متراً، واليوم عرض المسعى بالضبط عشرون متراً، ولو كان كذلك، فيبعد أن يكون الجبلان (الصفا) و (المروة) يقابل بعضهما بعضاً بمسافة واحدة، لا يخرج هذا عن حدِّ هذا في العرض، ولو كانا كذلك لما ترك العلماء التنصيص على ذلك، وقد ذكر غير واحد أن المروة بإزاء الصفا بمعنى أن عرض كل منهما ليس بمتساوٍ تماماً، وهذا يدل دلالة واضحةً أن حال المسعى اليوم من حيث العرض من جراء الحفريات، فاقتطع من الجبلين مسافة تسامت الأخرى، وأن عرض كل منهما ممتد، على ما شهد به مجموعة من الثقات، ممن شاهد، وبعضهم –كأصحاب كتب الرحلات إلى الديار المقدسة- أقر ذلك، وهم جماعة كبيرة تباينت أمصارهم، وتغايرت أعصارهم، ويستحيل تواطؤهم على الكذب، والموقع الذي فيه المسعى الجديد من ضمن المسافة الممتدة من جهة الشرق، يظهر هذا جليّاً لكل من تابع الشهادات والمشاهدات، سواء المرقومة منها أو المسموعة، والحمد لله رب العالمين.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) وقد نصوا أيضاً على وجوب الصعود على الدرج في حين أن الآن ليس هناك درج وقبل فترة قصيرة كانت هناك أدراج، والأدراج الأولى قد دفنت ثم بنوا أدراجاً جديدة وقد وجدت الأدراج عند بدء الحفر في التوسعة السعودية قبل الأخيرة والتي كانت في عام 1375هـ، وأفاد الكردي في كتابه: "التاريخ القويم": "المسافة التي كانت بين الأدراج التي رأيناها بعد الحفر قرابة المترين"، يريد أن المسعى ارتفع بأسباب الردم الذي تعاقب عليه، ومن المعلوم أن قاعدة الجبل أعرض من رأسه. (رجوع)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/316)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[28 - 05 - 08, 04:09 م]ـ
أخي الكريم المراكشي
- وفقه الله
انظر المشاركة رقم 154
فالرجاء من الإخوة عدم التكرار
بارك الله فيكم ونفع بكم
ـ[حارث همام]ــــــــ[29 - 05 - 08, 06:58 م]ـ
بحث الدكتور صالح سندي جيد وقد أجاب فيه على كثير من إشكالات المجيزين بما فيه كفاية وبيان فأرجو أن يتأمل ملياً.
وهو قبل التعقيبين الأخيرين.
وكذلك هناك بحث متين للشيخ الشريف محمد الصمداني راجعه الشيخ الشريف علوي السقاف رأيته مع بعض المشايخ، أجاب فيه على جل إشكالات المجوزين بما فيه مقنع.
ولعل الناظر في أقوال المجيزين لا يجد دليلاً غير شهادة معارضة بغير معارض أرجح منها كما أشار الشيخ صالح في بحثه أعلاه، بل بعضهم لا يعتبرها شهادات أصلاً وممن ناقشها الشيخ الشريف الصمداني في بحثه حُسن المسعى في الرد على القول المحدث في عرض المسعى وذكر أحد عشر معارضاً لها.
وأما ما قرره المعلمي قديما وتبعه عليه بعضهم اليوم من أن الواجب استيفاء المسافة من الصفا إلى المروة فمدفوع بالإجماع المنقول نقله غير واحد وقد عني بذلك الشيخ الصمداني في بحثه وكذا أشار إليه غيره كما في بحث الشيخ صالح، ولعل المعلمي ومن تبعه لم يقف على نقولهم مع أن لهم على لزوم التزام عرض الجبلين أدلة أخرى ذكرها غير واحد ممن بحث المسألة.
وأما كلمة الأزرقي التي يرددها كثير ممن يرى جواز التوسعة والتي يقول فيها: "وكان المسعى في موضع المسجد الحرام اليوم".
فقد عني بها الشريف الصمداني في بحثه وأجاب فيها بجواب محتمل، ورأيت بعض المشايخ المانعين قد أجابوا عنها بأجوبة أخرى، منها:
1 - الدفع بالصدر لحال الأزرقي وتفرده بإسنادها، وتفرد مثله بمثل هذا إن حمل على ما فهموا لا يحتمل ولذا نقل استغراب بعض أهل العلم لحاصل ما نقله هذا ...
2 - ليس فيها دليل على جواز التوسعة من الجهة الشرقية محل الخلاف وإنما غايتها امتداد الصفا من الناحية الغربية التي تلي الكعبة.
3 - مقصود الأزرقي ليس ما فهموا، بل مقصوده بالمسعى محل اشتداد السعي وقد كانت معالمه قديماً محددة بالوادي القادم من الأبطح المار بين الصفا والمروة النافذ خلف المسجد من الجنوب قبل توسعة المهدي الذي علم موضعه في المسعى بالأعلام بعد ذلك، وهذا هو الوادي المذكور في حديث جابر: حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعدتا مشى، وفي رواية حتى إذا خرج أو حتى يخرج، وهو محل السعي أو الرمل، واتجاه هذا الوادي من الشرق إلى الغرب وكان يأتي بالسيل إلى جهة الغرب وحديه شمالاً وجنوباً معلمة بالأعلام الخضر اليوم، وليس المراد بالوادي الوادي الممتد من الصفا إلى المروة شمالاً وجنوباً كما فهم المجيزون، فلما وسع المهدي المسجد أصبح موضع الوادي ومجراه القديم موضع المسجد اليوم يعني بعد توسعة المهدي، وقد نقل ذلك الموضع القديم الذي تحدث عنه الأزرقي جنوباً وحفر لمحل السيل جنوباً لألا يدخل المسجد وليتأتى توسيط الكعبة الذي أراده المهدي، فالمهدي كان مبتغاه أن يوسط البيت الذي اتسعت ساحته من الجهة الشمالية (الشامية) وضاقت بسبب الوادي في الجهة الجنوبية (اليمانية) ولو كان الأمر كما يذهب إليه هؤلاء لكان مبتغاه أن يوسع من الجهة الشرقية لا اليمانية ونص الخبر إنما هو في التوسعة من الجهة الجنوبية والتوقف فيها لأجل الوادي، وهذا نصه قال: "ما بنى المهدي المسجد الحرام وزاد الزيادة الأولى، اتسع أعلاه وأسفله وشقه الذي يلي دار الندوة الشامي، وضاق شقه اليماني الذي يلي الوادي والصفا، فكانت الكعبة في شق المسجد، وذلك أن الوادي كان داخلا لاصقا بالمسجد في بطن المسجد اليوم". والوادي المذكور هو ما وصف أنفاً.
ومما يدل على توجه هذا أيضاً أن ذرع المسجد كما ذكروا 404×304 ذراع طولا (شرق غرب) ×عرضاً (شمال جنوب)، وهذا بعد التوسعة، وبعد ما بين الكعبة والصفا على ما ذكروا أيضا نحو مئاتين وبضعة وستين ذراعاً، فأنت ترى بعد المسعى الذي حده الصفا بعد التوسعة وتوسيط الكعبة خارجاً عن مساحة المسجد بعد التوسعة لأنه أكبر من نصفها بنحو 60 ذراعاً، بل هم نصوا على أن ذرع ما بين باب المسجد الذي يخرج منه إلى الصفا إلى وسط الصفا نحو مائة ذراع، فدل خروجهم من الباب على الصفا أن الصفا إنما يبدأ بعد ذلك الباب الذي كان بعد التوسعة فتعين أن يكون محل السعي خارجاً عن المسجد بدلالة موضع الصفا وبعده عن المسجد والكعبة.
ولعل هذا الرسم الكروكي يوضح المراد بعبارة الأزرقي.
هذا وإنما أشرت إلى ما سمعته في عبارة الأزرقي لأنها كلمة أشكلت على كثير وكثير من بحوث المانعين لم تتعرض لها بما يكفي.
وتبقى المسألة كبيرة قد يترتب عليها تعطيل ركن الإسلام في اعتقاد بعض المانعين فنسأل الله أن يهدي ولاة أمر البلد الحرام لما فيه صلاح شأن أهل الإسلام، وأن يريهم الحق حقاً ويرزقهم اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقهم اجتنابه، وأن يمن علينا وعليهم باتساع الأفق وتقدير رأي المخالفين من العلماء الربانيين الراسخين، الذين عنهم يصدر كثير من المسلمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/317)
ـ[عبدالرحمن الواعد]ــــــــ[29 - 05 - 08, 10:35 م]ـ
في حدود علمي المسألة لا تحتاج إلى فتوى مجردة بقدر ما تحتاج إلى معرفة بجبلي الصفا والمروة واتساعهما لأن المراد ليس المسعى الذي سمي مسعى بل كما جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سعى بين الصفا والمروة فالمراد هو ما بين الصفا والمروة.
وفي هذا العصر قد شهد جمع ممن يعرف الصفا والمروة بأن مساحة ما بينهما أكبر من الموجود بل بعضهم يذكر أن بيوتهم كانت على الصفا فهو يسكن على جبل الصفا.
وهذا عمل وفتوى الشيخ محمد بن إبراهيم فقد كان المسعى في وقته أضيق من الموجود فلما شهد بذلك ثقات أفتى بتوسعته بل أزيلت بيوت كانت بين الصفا والمروة كما هو في فتواه.
والشريعة قد رتبت على الشهود أموراً بل بشهادة شاهدين تقطع الرقاب فنحن إذا أخذنا بشهادة الثقات فقد أمتثلنا ما أمرنا الله به وفي ردها بلا برهان تجني وتعطيل لما أمر الله به من الأخذ بشهادة الشهود
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[30 - 05 - 08, 07:56 م]ـ
الاخوة الكرام بما ان العلماء جميعا اجازوا السعي في الادوار العلوية عدا الشنقيطي رحمه الله تعالى فكم تمنينا ان تزاد الادوار دون هذه الضجه الكبيرة فالشريف ذكر في بحثه ان غالبية اعضاء هيئة كبار العلماء لم يجيزوا التوسعه فلماذا تعمل التوسعه ويدخل المسلمون في حرج شديد فانا كنت آخذ كل شهر عمره لقول النبي تابعوا بين الحج والعمرة والان احجمت لاني لا ادري هل المكان الذي اسعى فيه جائز ام لا يعني المجيزون حرموني هذه الفضيلة والله المستعان
ـ[أبو محمد]ــــــــ[31 - 05 - 08, 01:30 ص]ـ
الأخ الكريم عبد الرحمن الواعد .. هل قرأت ما ذكره الدكتور صالح في بحثه أعلاه عن شهادة الشهود الذين تشير إليهم؟
لقد أبان البحث عن أن العمل بهذه الشهادة لا يستقيم وأقام الشواهد على ذلك .. فإن كان عندك ما يخالف ذلك فناقشه بالحجة ..
بوركت.
ـ[أبو مسلم التكسبتي]ــــــــ[31 - 05 - 08, 03:49 ص]ـ
إنّ مثل هذه النوازل تحتاج إلى تأمّل عميق وبحث دقيق وموازنة بين فقه رشيد واستدلال سديد والنصوص الصحيحة الثابتة هي سفن النجاة وأمّا أقوال العلماء العارية من الدليل فضرب في حديد بارد، خاصّة في مثل هذه الشعائر التعبدية فليس الأمر كما يفهمه البعض في يد طبقة من المجتمع وشريحة من البشر تتداعى أياديهم بين الجواز و عدم الجواز ولو كانت هذه الطبقة أو الشريحة يمثلها العلماء فمن المعلوم أنّ العالم لا يغيّر من الحقّ شيئا واتباع الخطأ خطأ وأما اتباع الصواب فصواب، ولا يعرف ذلك إلاّ بالنص، فالنص هو الفرقان لا قول العالم، والواجب اتباع النص سواء وافقه الموافق أو خالفه المخالف، قال تعالى:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (النساء 59 فإن وقع إختلاف بين الرعيّة وأولياء الأمور ـ الحكّام منهم والعلماء ـ أو وقع إختلاف بين العلماء والحكام أو العلماء فيما بينهم وهذا كلّه كائن لإخبار اللّه عنه في الآية، فالواجب الردّ إلى كتاب اللّه وإلى سنّة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ومن بحث فيهما لا يعدم الحقّ إن شاء اللّه بكلّ الدلالات، وإلاّ فالواجب البقاء في مقام المنع في مثل هذه الأمور التعبّدية وهذا أحوط في العبادة وأسلم في دين المرء و الإحجام في مثل هذا المقام خير من الإقدام، قال تعالى:) ذلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ([الحج: 30] وقال تعالى:) ذلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ([الحج: 32] وشعائر الحج: معالمه الظاهرة للحواس، التي جعلها الله أعلاما لطاعته، ومواضع نسكه وعباداته، كالمطاف والمسعى والموقف والمرمى والمنحر، وتطلق الشعائر على العبادات التي تعبدنا الله بها في هذه المواضع، لكونها علامات على الخضوع والطاعة والتسليم لله تعالى، ومن التعظيم إلتزامها، وترك ما فيه بأس والفرار ممّا وقع فيه إشتباه ولبس،) قُُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (الأنعام 149.
لا يقال إنّ عدم الدليل دليل على الفعل لأنّ هذه القاعدة يُعمل بها عند العادات والمقام هنا مقام العبادات والأصل فيها الوقف فتنبّه! ولو طُرِحت الدعاوي وسقطت القواعد كلّيّا لكان على كلٍّ من المثبت والنّافي الدليل، قال تعالى:) قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (البقرة 111 وفي هذه الحالة يُعمل بما هو معمول به من قبل وما تلقيناه عن الذين سبقوا لاستحالة إجماع الأمّة على الخطأ والعلم للّه الكبير المتعال.
واعلم أنّ غاية ما عند المجيزين أقوال عارية عن الدليل ناصلة من فقه التّأصيل فما هي إلاّ إستدلالات عقلية ضعيفة المأخذ مردودة بمثلها من جهة الرأي، وإلى حين إلتماس الدليل الذي يطمئنّ المرء إليه يبقى إقتراح العمل بزيادة الأدوار رأسا هو الأثلج عقلا ونقلا، هذا ما عندي في هذه النازلة ولستُ بالمفتي ولا أنفع أن أكون طالب علم وإنّما هي مداخلة ومناقشة جرّني إليها لساني، فاللّهمّ اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به منّي، اللّهمّ اغفر لي هزلي وجدّي وخطئي وعمدي وكلّ ذلك عندي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/318)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[31 - 05 - 08, 04:35 ص]ـ
(والذي يقرأ كتب رحلات الحج في الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين الميلادي يجد عجباً يقول غير واحد: كنا نشاهد بعض الملوك يسعون بالسيارة بين الصفا والمروة وقطعاً هذا معناه أن المسعى عرضاً أوسع من المسعى الموجود اليوم.)
لا يلزم ذلك بل الأمر فعلا ليس كما ذكر
فالمسعى لم يكن أوسع من المسعى الحالي
وإذا آحاد الناس يدخلون بسيارتهم الحارات والأزقة في مثل زماننا
ألا يستطيع أهل الجاه والسلطان والمال أن يقودوا السيارة في المسعى
هذا من أسهل ما يكون
يا أخي المسعى الحالي بعرضه الحالي يمكن للسيارات أن تمشي فيه
فكيف بسيارة واحدة فهذا من أسهل ما يكون
وغالبا ما تكون سيارة الملك أو السلطان
بل المجزوم به أن المسعى ما تغير
وإلا فعلى هذا الكلام أنه هناك شارع مستقيم مهيأ للسيارات بجوار المسعى الحالي
وهذا في الواقع غير صحيح
لأن جوار المسعى كانت هناك بيوت ومباني وأزقة
وفسقط هذا القول بيقين
وهو احتمال غير صحيح
بل هو مخالف للواقع تماما
ـ[أبوالبنات]ــــــــ[31 - 05 - 08, 03:28 م]ـ
هذا مختصر نافع في هذه النازلة كتبه شيخنا الحبيب أبو محمد/عبدالله بن مانع الروقي العتيبي وهو معروف بدقة بحوثه وتحريه وممن له مكانة عند الشيخ الإمام /عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - فلعله أضاف شيئا
... مختصر في بيان حقائق عن توسعة المسعى, للشيخ عبد الله بن مانع
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فهذه حقائق أبينها لمن يطلع عليها من المسلمين, سواءً كانوا علماءً أو حكاماً أو طلاب علم أو عامة الناس, عسى الله أن ينفع بها من شاء .. وهذه الحقائق تتعلق بالمسعى والصفا والمروة وما يلحق بذلك, فأقول وبالله التوفيق:
1) ثبت في الصحيحين من حديث الأعمش عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال؛ لما نزلت هذه الآيه {وأنذر عشيرتك الأقربين} الشعراء214،ورهطك منهم المخلصين (1) خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا فهتف: ياصباحاه!؛فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد, فاجتمعوا إليه فقال: يا بني فلان! يا بني فلان .......... إلى أن قال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقيّ؟ قالوا: ما جربنا عليك كذباً, قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد, قال: فقال أبو لهب: تباً لك ألهذا جمعتنا؟ ثم قام فنزلت هذه السورة: {تبت يدا أبي لهب وقد تب} كذا قرأ الأعمش إلى آخر السورة. ا.هـ, وجاء من حديث عائشة وأبي هريرة, ووجه الإستدلال من هذا عظم جبل الصفا وكبره وارتفاعه، والصفا في الأصل هو الحجر الأملس، وهو الجبل المعروف بمكة في أصل أبي قبيس, وهو طرفه مما يلي البيت متصل به, والسفح قيل: هو أصل الجبل, وقيل: عرضه، وشاهده على اتساع الجبل ظاهر, حتى بلغ أن يكون بسفحه عدواً وخيلاً تحتاج إلى نذير لم تُشَاهد لمن هم أسفل في الوادي أو جهة البيت, فإن البيت في مطمئن من الأرض.
2) أخرج مسلم في صحيحه من طريق ثابت البناني عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة قال: وفدت وفود إلى معاوية، وذلك في رمضان ..... إلى أن قال: يا معشر الأنصار, فذكر فتح مكة فقال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدم مكة فبعث الزبير على إحدى المجنبتين، وبعث خالداً إلى المجنبة الأخرى, إلى أن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم", ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى, ثم قال: "حتى توافوني على الصفا", وفي لفظ: ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى: "احصدوهم حصداً".
وجه الإستدلال:
مواعدة النبي صلى الله عليه وسلم كتائب الجيش من الأنصار على الصفا، وهذا يدل على اتساع الصفا وكبره, وأن هذا معلوم لهم حتى صار محلاً للإجتماع، واختياره عليه الصلاة والسلام لهذا المكان لعلوِّه واستوائه, وهذا مكان مناسب في مثل هذه الظروف الحربية.
3) أنه قد اشتهر وجود أبنية على الصفا في قديم الدهر وحديثه, والعلم بهذا ظاهر, كدار الأرقم بن أبي الأرقم وغيرها، وأما من ذكر أنه ابتنى داراً على الصفا فهذا لا يكاد يحصر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/319)
4) اشتهر وجود أبنية كثيرة في محل السعي بين الصفا والمروة, والعلم بهذا ظاهر لمن تأمل أدنى تواريخ لمكة حرسها الله, مع توفر مكان كاف للسعي لم يضايق السعاة.
5) وجود أسواق بين الصفا والمروة يتبايع الناس فيها شتى السلع, والعلم بهذا ظاهر لمن طالع أدنى تاريخ لمكة حرسها الله, مع توفر مكان للسعاة, وتواجد العلماء والغيورين على المحارم دون نكير,
ومن اللطائف ماكان يفعله معوضة الفقير من دفع الباعة عن الساعين توسعةً للمسعى, انظره في الضوء اللامع للسخاوي (10/ 164) وقصصه في الإحتساب رحمه الله.
6) ما انحدر من جبل الصفا وسال من جميع أطرافه هو صفا له حكمه كما اتفق العلماء على أن ما يلي منى من الجبال من منى, يوضحه الوجه الذي يليه.
7) أن الخليفه المهدي أخر المسعى وكان شارعاً في المسجد, فأزاحه شرقاً توسعةً للمسجد, وكان المسعى قريباً من البيت, وكان المسعى في موضع المسجد الحرام اليوم (2) , وفي هذا فوائد:
- ضخامة وامتداد جبل الصفا، ويترتب عليه عرض المسعى فقلص المهدي من عرضه.
- ضخامة وامتداد جبل المروة, وهي في أصل قعيقعان، ويترتب عليه عرض المسعى ضرورةً أيضاً من الجانبين (3).
8) المهدي أول من ربّع المسجد الحرام وكان قِبَل الكعبة في شق منه, فصعد المهدي على أبي قبيس, وأمر المهندسين برفع أعلام, وشخصوا له بالرماح المربوطة من الأسطحة, ليزنوا له التربيع, فالمسجد على ذلك إلى اليوم, وهذا في زيادته الثانية سنة167, وعليه فالمسعى الموجود جزء مما بين الصفا والمروة. (4)
9) الذرع الذي ذكره الأزرقي وتبعه الفاكهي إنما هو واقعة عين لحال المسعى آنذاك، وبياناً للمبنى الموجود, ولايجوز غير هذا، ولهذا وصفوا قناديل المسجد الحرام وأبوابه, وما عليه من الزخرفة والفسيفساء والألواح المذهبة وعدد المنارات والاسطوانات, وأين هذا من حاله في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
فالذرع الذي ذكره المؤرخون ليس حداً شرعياً لايجوز تجاوزه, ومن ظن ذلك واختزل المسعى كله وحدده بالموجود الآن فقد غلط غلطاً بيناً.
10) أن مايسمى بالمزلقان وهو المنحنى المبلط الذي يتصاعد شيئاً فشيئاً من بعد ممر العربات الموجود الآن حتى يصل إلى الصخرات الموجودة الآن قد نص علماء عصرنا على أنه من الصفا وسمعت شيخ الإسلام محمد بن صالح بن عثيمين يقول: نهاية العربات هو بداية الصفا.
إذاً هو من الصفا وهو أمتار كثيرة, وهنا أقول: سبحان الله, يمتد الصفا جهة المروة, ويعتبر المزلقان (5) من الصفا, ولايمتد الصفا شرقاً ولا غرباً؟! هذا محال, وقد تقدم التدليل على ذلك.
11) التعرج الذي أثبتته الصور الحديثة للمسعى وتخلل الأسواق منه وشروعها فيه يدل على أن أعلى ما وصل إليه التعرج شرقاً من المسعى، وأعلى ما وصل إليه التعرج غرباً (جهة البيت) من المسعى أيضاً, إذ كله إذ ذاك مسعى والعلماء متوافرون من غير نكير: وهذا الرسم التقريبي (لم أستطع وضع الصورة التي رسمها الشيخ عبد الله بن مانع لقلة الخبرة في وضع الصور بالكمبيوتر) يدل على اتساع المسعى وأن ما ترك متعرجاً بين الأبنية مسعى يفي بالغرض، فدخلت الأسواق والدور والباعة من الجهتين، وهذا أمر العلم به ضروري لمن شاهد الصورة أو شهد على ذلك, فالمسعى متسع, والممر الموجود الذي أثبتته الصورة قرابة العشرين متراً أو نحو ذلك, ومعنى ذلك أن مابين نقطة أ إلى ب فوق ذلك ضرورة, وهذا التعرج ذكره غير واحد من الباحثين بهذا اللفظ وبلفظ (اعوجاج المسعى).
11) المسعى الموجود كما تقرر جزء من المساحة بين الصفا والمروة, والصفا الموجود إنما هو قطعة صغيرة مصورة من جبل الصفا (انظر الصورة أ و ب) , وهذا التقرير هو محافظة على شاهد من الجبل يراه الناس ويصعدونه, وقد دعت إلى هذه الإزالة الحاجة, وأبقي على ما أبقي منه للحاجة فكان ماذا؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/320)
لا شك أنه قد حصل تعديات على المسعى في بعض ما تقدم من الزمن وهو معروف, لكن الحاجة الآن داعية إلى توسعته, وقبل كان قد ضُيِّق للحاجة إلى المسجد وكفاية المسعى, إذ السعي لا يكون إلا في نسك, حج أو عمرة، فلا يتطوع به مفرداً, وكان الناس في الأزمنة الغابرة زمن المسغبة وتباعد الديار قلما يقدمون إلى هذا البيت إلا في حج، ودون ذلك بكثير في عمرة، فكان الموجود من المسعى كافياً، بل كان لايسعى في بعض الأوقات إلا النزر اليسير من الناس من الوافدين, وأما أهل البيت فكانوا يشتغلون بالطواف, وأما حاجة الناس إلى المسجد في الصلوات والتزاحم في الجمع والجماعات فهذا على مدار الأوقات,
وأما الآن فلا يزال الناس يسعون على مدار الزمن لكثرة المعتمرين حتى غصت مكة شرفها الله بهم, حتى ربما اعتمر في اليوم الواحد في بعض أوقات المواسم الفاضلة زهاء 2,5 مليون شخص!!
12) ماشهد به الشهود وتواطؤهم على التوافق على أمر حسي معلوم, والشهود قد شهدوا على وجود الجبل واتساعه, وليسوا بمفتين, وحسبك هذا منهم، والفتوى تبنى على الشهادة الصحيحة.
13) الصور المتكاثرة التي يغلب على الظن مطابقتها للواقع, (وعدم العبث بما تضمنته وتغيير الحقيقة التي التقطتها العدسة) مما يشد، وإذا أجاز الفقهاء شهادة الصبيان قبل التفرق في بعض الأحوال، فالكاميرا التي لا مصلحة لأحد في تغيير ما التقطت من الصور ليست أسوأ حالاً من الصبيان, لا سيما والواقع التاريخي يسند ولا يفسد مادلت عليه الصور.
14) وأقول: إن مخالفة الإلف والمألوف شديدة على النفس وقوية, ولما تغيرت القبلة في أول الإسلام حصل في النفوس ما حصل, و (إن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله) , والآن والحمد لله غُيِّر مألوف إلى الأحسن والموافق للشرع الحكيم.
15) اشتهر أن ابن الزبير لما بنى الكعبة على قواعد إبراهيم أشهد خمسين رجلاً على قواعد البيت التي وجدها بعد الحفر, والظاهر أنهم من العلماء والأعيان.
16) من أنكر من العلماء أو غيرهم إنما هو بحسب علمه وما توفر له، فحملته غيرته وحميّته الدينية وحِفظُه لما حفظ الله على ذلك بحسب ما بلغه.
17) هذا ما رأيته وعقلته وأنا به مطمئن القلب فإن كان صواباً فالحمد لله, فهو منه سبحانه, وإن كان غير ذلك فاللهم إلهمنا الصواب وثبتنا يا رحمن يا رحيم, والحمد لله رب العالمين.
وكتب أبو محمد/عبد الله بن مانع الروقي 14/ 4/1429هـ بمكتبته بمنزله بحي المنار والحمد لله أولاً وآخراً
(1) كان قرآناً ثم نسخ.
(2) الأزرقي, ونقله عنه الفاكهي.
(3) انظر بسط عمل الخليفة المهدي في التاريخ القديم لمحمد طاهر كردي. (4/ 41)
(4) حتى قال بعضهم: أكثر المسعى في المسجد, مرقاة المفاتيح (5/ 475)
(5) من الزلق, وهو المكان الذي يزلق فيه وهي (هذه اللفظة) وجدت في بعض الأبحاث كما في فتاوى شيخ شيوخنا محمد بن إبراهيم رحمه الله, وكان قبل ذلك درجاً.
ـ[أبوالبنات]ــــــــ[31 - 05 - 08, 04:14 م]ـ
لاشك في جودة بحث شيخنا عبدالله بن مانع نفع الله به وأنا ممن أعرفه عن قرب
وكذلك بحث الدكتور /صالح سندي والذي ذهب فيه إلى المنع
وما أجمل كلمات الشيخ مشهور سليمان
وماأحلى ورقات العلامة المعلمي اليماني
وماأروع ورع الشيخ الفقيه صالح الفوزان
وما أحوجنا إلى وقفات الدكتور إبراهيم الفوزان والشيخ علوي السقاف
وماأطيب كلمات شيخنا العابد/عبدالكريم الخضير وعلامة المدينةالمحدث عبدالمحسن العباد
ولا أطيب لقلوبنا ولا أهنأ لنفوسنا من أن يحفظ الجميع قلمه ولسانه وأن نعرف قدر الأئمة وأهل العلم المؤهلين لبحث مثل هذه النازلة
ولا أرى حرجا-والله أعلم- من إعادة النظر في هذه النازلة من قبل الهيئة وإصدار ما يرونه شرعا لا سيما وقد استجد في المسألة ما يستدعي ذلك ولتقطع ألسنة الوالغين في أعراض الأكابر
أبو البنات/ محمد بن السيد حسن عفا الله عنه وعن والديه
ـ[أبوفاطمه الأثري]ــــــــ[31 - 05 - 08, 10:45 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/321)
إنّ مثل هذه النوازل تحتاج إلى تأمّل عميق وبحث دقيق وموازنة بين فقه رشيد واستدلال سديد والنصوص الصحيحة الثابتة هي سفن النجاة وأمّا أقوال العلماء العارية من الدليل فضرب في حديد بارد، خاصّة في مثل هذه الشعائر التعبدية فليس الأمر كما يفهمه البعض في يد طبقة من المجتمع وشريحة من البشر تتداعى أياديهم بين الجواز و عدم الجواز ولو كانت هذه الطبقة أو الشريحة يمثلها العلماء فمن المعلوم أنّ العالم لا يغيّر من الحقّ شيئا واتباع الخطأ خطأ وأما اتباع الصواب فصواب، ولا يعرف ذلك إلاّ بالنص، فالنص هو الفرقان لا قول العالم، والواجب اتباع النص سواء وافقه الموافق أو خالفه المخالف، قال تعالى:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (النساء 59 فإن وقع إختلاف بين الرعيّة وأولياء الأمور ـ الحكّام منهم والعلماء ـ أو وقع إختلاف بين العلماء والحكام أو العلماء فيما بينهم وهذا كلّه كائن لإخبار اللّه عنه في الآية، فالواجب الردّ إلى كتاب اللّه وإلى سنّة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ومن بحث فيهما لا يعدم الحقّ إن شاء اللّه بكلّ الدلالات، وإلاّ فالواجب البقاء في مقام المنع في مثل هذه الأمور التعبّدية وهذا أحوط في العبادة وأسلم في دين المرء و الإحجام في مثل هذا المقام خير من الإقدام، قال تعالى:) ذلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ([الحج: 30] وقال تعالى:) ذلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ([الحج: 32] وشعائر الحج: معالمه الظاهرة للحواس، التي جعلها الله أعلاما لطاعته، ومواضع نسكه وعباداته، كالمطاف والمسعى والموقف والمرمى والمنحر، وتطلق الشعائر على العبادات التي تعبدنا الله بها في هذه المواضع، لكونها علامات على الخضوع والطاعة والتسليم لله تعالى، ومن التعظيم إلتزامها، وترك ما فيه بأس والفرار ممّا وقع فيه إشتباه ولبس،) قُُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (الأنعام 149.
لا يقال إنّ عدم الدليل دليل على الفعل لأنّ هذه القاعدة يُعمل بها عند العادات والمقام هنا مقام العبادات والأصل فيها الوقف فتنبّه! ولو طُرِحت الدعاوي وسقطت القواعد كلّيّا لكان على كلٍّ من المثبت والنّافي الدليل، قال تعالى:) قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (البقرة 111 وفي هذه الحالة يُعمل بما هو معمول به من قبل وما تلقيناه عن الذين سبقوا لاستحالة إجماع الأمّة على الخطأ والعلم للّه الكبير المتعال.
واعلم أنّ غاية ما عند المجيزين أقوال عارية عن الدليل ناصلة من فقه التّأصيل فما هي إلاّ إستدلالات عقلية ضعيفة المأخذ مردودة بمثلها من جهة الرأي، وإلى حين إلتماس الدليل الذي يطمئنّ المرء إليه يبقى إقتراح العمل بزيادة الأدوار رأسا هو الأثلج عقلا ونقلا، هذا ما عندي في هذه النازلة ولستُ بالمفتي ولا أنفع أن أكون طالب علم وإنّما هي مداخلة ومناقشة جرّني إليها لساني، فاللّهمّ اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به منّي، اللّهمّ اغفر لي هزلي وجدّي وخطئي وعمدي وكلّ ذلك عندي.
جزاك الله خيرا يا شيخ (أبو مسلم التكسبتي).
وراجع الخاص بارك الله فيك.
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[01 - 06 - 08, 03:56 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحد الشرقي للمسعى من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى توسعة الملك سعود
12/ 5/1429هـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/322)
فقد صدرت كثير من الفتاوى الشرعية حول حكم التوسعة الجديدة للمسعى، وحكم السعي في المسعى الجديد، وقد كان كثير من تلك الفتاوى – المؤيدة والمعارضة – يعتمد على تصور وضع المسعى من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى توسعة الملك سعود – ضيقاً واتساعاً -، وامتداد الجبلين: الصفا والمروة من الجهة الشرقية، بعد التسليم بأن موضع السعي الشرعي هو ما كان بين الجبلين. لذلك فقد رأيت أن من المفيد تكوين تصور عن ذلك، يربط الماضي بالحاضر، ويعتمد على ما كتبه المؤرخون الذين رأوا المشاعر فوصفوا ما شاهدوا وصفاً دقيقاً، بل قاسوا كثيراً من الأطوال والمسافات. وقد ظهر لي أنه لا توجد فجوات تاريخية، تجعلنا نبني تصورنا عن المسعى على احتمالات عقلية، وتقديرات نظرية، فقد بذل المؤرخون في ذلك جهداً عظيماً، وقد سلم لهم فقهاء الشريعة بذلك قديماً وحديثاً، واعتمدوا كلامهم، وبنوا عليه أحكامهم. ومن أقدم المراجع في ذلك " أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار" لأبي الوليد محمد بن عبدالله بن أحمد الأزرقي، ثم " أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه " لأبي عبدالله محمد بن إسحاق الفاكهي. ثم تتابع المؤرخون، ينقلون عمن سبقهم، ويضيفون ما شاهدوه بأنفسهم. وسأعتمد في بحثي هذا على كتاب الأزرقي، إلا أن أجد إضافة مهمة عند غيره.
أولاً: الحد الشرقي للمسعى من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى توسعة المهدي الثانية عام 167هـ
قال البخاري في صحيحه (الفتح 3/ 501):" وقال ابن عمر رضي الله عنهما: السعي من دار بني عباد إلى زقاق بني أبي حسين ". قال ابن حجر (الفتح 3/ 502): " وصله الفاكهي من طريق ابن جريج أخبرني نافع قال: نزل ابن عمر من الصفا، حتى إذا حاذى باب بني عباد سعى، حتى إذا انتهى إلى الزقاق الذي يسلك بين دار بني أبي حسين ودار قرظة ... إلخ ". قال ابن حجر: " وكأن المصنف بدأ بالموقوف عنه في الترجمة لكونه مفسراً لحد السعي، والمراد به شدة المشي، وإن كان جميع ذلك يسمى سعياً ".
وهذا النص مهم جداً في تحديد الحدين الشرقي والغربي للمسعى، فقد كانت عليه معالم ظاهرة وهي:
1 - دار بني عباد، ومنها يبدأ السعي الشديد للقادم من الصفا إلى المروة، وهي في الجزء الشرقي من المسعى.وقد بقيت هذه الدار على حالها إلى توسعة المهدي الثانية عام 167هـ كما سيأتي تفصيل ذلك.
2 - دار بني أبي حسين ودار بنت قرَظَة، وبينهما ينتهي السعي الشديد، وهما في الجهة الغربية من المسعى. وقد هدمتا في توسعة المهدي الأولى عام 160 هـ حيث "اشترى جميع ما كان بين المسعى والمسجد من الدور، فهدمها، ووضع المسجد على ما هو عليه اليوم شارعاً على المسعى" كما نقل ذلك الأزرقي (2/ 71). وقال الأزرقي- وهو يتحدث عن رباع بني نوفل بن عبد مناف- (2/ 243):" وكانت لهم أيضاَ دار دخلت في المسجد الحرام، يقال لها: دار بنت قرَظَة ". وقال (2/ 243): " ولهم دار ابن أبي حسين بن الحارث بن عامر بن نوفل دخلت في المسجد الحرام ".
وقد وصف الأزرقي بيوت مكة المحيطة بالمسجد الحرام من جميع جوانبه، وما حصل لها من تغييرات إلى عهده، وصفاً دقيقا، وكذلك الدور التي تقع شرق المسعى.
ثانياً: الحد الشرقي للمسعى من بعد توسعة المهدي الثانية عام 167هـ إلى توسعة الملك سعود
قال الأزرقي في " أخبار مكة " (2/ 75 - 77): " قال جدي: لما بنى المهدي المسجد الحرام، وزاد الزيادة الأولى، اتسع أعلاه وأسفله وشقه الذي يلي دار الندوة الشامي، وضاق شقه اليماني الذي يلي الوادي والصفا، وكانت الكعبة في شق المسجد، وذلك أن الوادي كان داخلاً لاصقاً بالمسجد في بطن المسجد اليوم. قال: وكانت الدور وبيوت الناس من ورائه في موضع الوادي اليوم، إنما كان موضعه دور الناس، وإنما كان يسلك من المسجد إلى الصفا في بطن الوادي، ثم يسلك في زقاق ضيق حتى يخرج إلى الصفا من التفاف البيوت فيما بين الوادي والصفا، وكان المسعى في موضع المسجد الحرام اليوم، وكان باب دار محمد بن عباد بن جعفر عند حد ركن المسجد الحرام اليوم، عند موضع المنارة الشارعة في نحر الوادي، فيها علم المسعى، وكان الوادي يمر دونها في موضع المسجد الحرام اليوم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/323)
قال أبو الوليد: فلما حج المهدي أمير المؤمنين سنة أربع وستين ومائة، ورأى الكعبة في شق من المسجد الحرام، كره ذلك، وأحب أن تكون متوسطة في المسجد، فدعا المهندسين، فشاورهم في ذلك، فقدروا ذلك، فإذا هو لا يستوي لهم من أجل الوادي والسيل، وقالوا: إن وادي مكة له أسيال عارمة، وهو واد حَدور، ونحن نخاف إن حولنا الوادي عن مكانه أن لا ينصرف لنا على ما نريد، مع أن وراءه من الدور والمساكن ما تكثر فيه المؤونة، ولعله أن لا يتم، فقال المهدي: لا بد لي من أن أوسعه، حتى أوسط الكعبة في المسجد على كل حال، ولو أنفقت فيه ما في بيوت الأموال. وعظمت في ذلك نيته، واشتدت رغبته، ولهج بعمله، فكان من أكبر همه. فقدروا ذلك، وهو حاضر، ونصبت الرماح على الدور، من أول موضع الوادي إلى آخره، ثم ذرعوه من فوق الرماح حتى عرفوا ما يدخل في المسجد من ذلك، وما يكون للوادي فيه منه، فلما نصبوا الرماح على جنبتي الوادي، وعلم ما يدخل في المسجد من ذلك، وزنوه مرة بعد مرة، وقدروا ذلك. ثم خرج المهدي إلى العراق وخلف الأموال، فاشتروا من الناس دورهم، فكان ثمن كل ما دخل في المسجد من ذلك كل ذراع مكسر بخمسة وعشرين ديناراً، وكان ثمن كل ما دخل في الوادي خمسة عشر ديناراً ... فابتدأوا عمل ذلك في سنة سبع وستين ومائة، واشتروا الدور وهدموها، فهدموا أكثر دار ابن عباد بن جعفر العائذي، وجعلوا المسعى والوادي فيها، فهدموا ما كان بين الصفا والوادي من الدور، ثم حرفوا الوادي في موضع الدور حتى لقوا به الوادي القديم، بباب أجياد الكبير بفم الحزامية ". وقال الأزرقي (2/ 256): " ومن حق آل عائذ: دار عباد بن جعفر بن رفاعة بن أمية بن عائذ في أصل جبل أبي قبيس، من دار القاضي محمد بن عبدالرحمن السفياني إلى دار ابن صيفي التي صارت ليحي بن خالد بن برمك، إلى منارة المسجد الحرام الشارعة على المسعى. وكان بابها عند المنارة، ومن عند بابها كان يسعى من أقبل من الصفا يريد المروة، فلما أن وسع المهدي المسجد الحرام في سنة سبع وستين ومائة، وأدخل الوادي في المسجد الحرام، أدخلت دار عباد بن جعفر هذه في الوادي، اشتريت منهم، وصيرت بطن الوادي اليوم، إلا ما لصق منها بالجبل جبل أبي قبيس ".
ونستخلص من النقول السابقة النتائج التالية:
1 - لم يكن المسعى قبل توسعة المهدي الثانية للمسجد الحرام شاملاً جميع المساحة بين الصفا والمروة عرضاً، إذ كانت البيوت تغطي جزءاً من الجزء الشرقي حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
2 - كانت توسعة المهدي الثانية للمسجد الحرام على حساب مساحة كبيرة من الأرض الصالحة للسعي، بل قد يفهم من كلام الأزرقي أن كامل أرض المسعى التي كان يسعى فيها-بين العلمين- قد دخلت في المسجد الحرام. تأمل قوله: " وكان باب دار محمد بن عباد بن جعفر عند حد ركن المسجد الحرام اليوم، عند موضع المنارة الشارعة في نحر الوادي، فيها علم المسعى، وكان الوادي يمر دونها في موضع المسجد الحرام اليوم". والذي يفهم من هذا: أن جدار المسجد امتد إلى باب دار محمد بن عباد، ولا يمكن أن تكون التوسعة في هذا الجزء من المسعى فحسب، لأن ذلك يقتضي اعتراض جزء من المسجد للساعين، واضطرارهم إلى الالتفاف حوله. ومما يؤكد أن التوسعة وقعت على امتداد المسعى قول الأزرقي (2/ 71) عند حديثه عن زيادة المهدي الأولى:" ودخلت أيضاً دار خيرة بنت سباع الخزاعية، بلغ ثمنها ثلاثة وأربعين ألف دينار دفعت إليها، وكانت شارعة على المسعى يومئذ، قبل أن يؤخر المسعى". وهذه الدار مما يلي المسجد الحرام من جهة المروة. قال الأزرقي (2/ 239): دار الأزرق دخلت في المسجد الحرام، كانت إلى جنب المسجد، جدرها وجدر المسجد واحد، وكان وجهها شارعاً على باب بني شيبة ... وكانت على يسار من دخل المسجد بجنب دار خيرة بنت سباع الخزاعية، دار خيرة في ظهرها " فهذه الدار كانت شارعة على المسعى قبل أن يؤخر المسعى. ولا نستطيع الجزم بمقدار التأخير، ومدى تفاوته من مكان لآخر.
3 - لم ينقل عن أحد من العلماء- فيما اطلعت عليه- الإنكار على المهدي، أو المطالبة بإعادة المسعى على ما كان عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو إجماع منهم على صحة السعي إذا وقع بين الجبلين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/324)
4 - التغيير الذي حدث للمسعى بنقله أو جزء منه إلى الجهة الشرقية استنفذ جميع المساحة المتبقية بين الجبلين، يدل على ذلك أنهم هدموا أكثر دار ابن عباد – وهي بأصل جبل أبي قبيس – إلا ما لصق منها بجبل أبي قبيس. ومما يؤكد هذا الفهم أن العلماء –مع تسليمهم بجواز السعي في المكان الجديد، واعتباره موضعاً للسعي – لم يجيزوا السعي وراءه. قال النووي في "المجموع شرح المهذب" (8/ 76):" قال الشافعي والأصحاب: لا يجوز السعي في غير موضع السعي، فلو مر وراء موضع السعي في زقاق العطارين أو غيره لم يصح سعيه، لأن السعي مختص بمكان، فلا يجوز فعله في غيره كالطواف " والظاهر أن المقصود بالمكان: ما بين الصفا والمروة. فدل قوله: " فلو مر وراء موضع السعي في زقاق العطارين ... إلخ " على أن ذلك المكان لا يقع بين الصفا والمروة. وقد تتابع علماء الشافعية على ذلك، ولا يعرف لهم مخالف من المذاهب الأخرى.
5 - ظهر معلم في الجهة الشرقية من المسعى، يحدد المكان الذي يبدأ منه السعي الشديد من أقبل من المروة إلى الصفا، ولم أقف على من ذكره كعلامة على السعي الشديد قبل توسعة المهدي. قال الأزرقي (2/ 222 - 223): " وللعباس بن عبدالمطلب أيضاً الدار التي بين الصفا والمروة، التي بيد ولد موسى بن عيسى، التي إلى جنب الدار التي بيد جعفر بن سليمان، ودار العباس هي الدار المنقوشة التي عندها العلم الذي يسعى منه من جاء من المروة إلى الصفا". قال الأزرقي (2/ 111): " وذرع ما بين العلم الذي على باب المسجد إلى العلم الذي بحذائه على باب دار العباس بن عبدالمطلب، وبينهما عرض المسعى: خمسة وثلاثون ذراعاً ونصف ". وبقي هذا المعلم إلى توسعة الملك سعود، ولذلك يذكره الفقهاء عند تحديد مكان السعي الشديد، كما يذكره الذين يقيسون عرض المسعى. ومما سبق يتأكد لنا أن المسعى بقي على حاله دون تضييق أو توسيع، من بعد توسعة المهدي الثانية إلى توسعة الملك سعود.
ثالثاً: الحد الشرقي للمسعى في التوسعة السعودية في عهد الملك سعود
مر معنا أن دار العباس بن عبدالمطلب بقيت إلى التوسعة السعودية، وفي هذا يقول محمد طاهر الكردي في كتابه " التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم" (2/ 77 - 78):" دار العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه عم النبي صلى الله عليه وسلم، كانت بالمسعى بين باب علي وبين باب النبي، وهذه الدار أصبحت رباطاً يسكنه الفقراء من القرن العاشر الهجري. ثم في عصرنا هذا في أواخر شهر جمادى الثانية سنة 1376هـ ست وسبعين وثلاثمائة وألف، هدمت هذه الدار لتوسعة المسجد الحرام والشوارع. وكانت إلى هذه الدار ينتهي حد المسعى عرضاً من جهة الباب العباسي، أحد أبواب المسجد الحرام المقابل لهذه الدار، وهذا الباب كان واقعاً بين باب النبي وباب علي، وكان في هذه الدار من جهة المسعى أحد العلمين الأخضرين، اللذان وضعا علامة لانتهاء الهرولة في السعي لمن جاء من الصفا، فهدم هذا العلم تبعاً لهدم الدار، وإن شاء الله تعالى سيوضع علمان آخران في موضعهما تماماً للغرض المذكور، ولقد بني أمام هذه الدار مظلة المسعى، وهي مبنية بالإسمنت والحديد، ليستظل تحتها الساعي، فلا يتأذى من الشمس ". وبعد ذلك حصلت التوسعة المعروفة، وبني الجدار الشرقي، فكان حداً للمسعى من الجهة الشرقية. وإذا كان قد روعي في بناء الحد الشرقي للمسعى المعالم السابقة، فإن الذي يهمنا الآن علاقة ذلك بالحد الشرقي للصفا، وهو موضوع الفقرة التالية.
رابعاً: الحد الشرقي للصفا
كان موضع الوقوف على الصفا غير مستوعب له عرضاً، وينتهي شرقاً بطرف العقود الثلاثة القديمة، وقد هدمت تلك العقود في شهر شوال عام 1377هـ (انظر التاريخ القويم للكردي 5/ 123)، ولذلك كان الساعي عندما ينزل من الصفا، يلاحظ اتساع مكان السعي شرقاً. وقد كان ضيق مكان الوقوف سبباً في عمل مصعدين شرقي وغربي للصفا، وشكلت لجنة لبيان الحكم الشرعي في ذلك (وتفصيل قرار اللجنة في فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم: 5/ 147 - 149)، وفيما يأتي المقصود منه: " في يوم الثلاثاء الموافق 10 - 2 - 1378هـ اجتمعت اللجنة المكونة من كل من الشيخ عبدالملك بن إبراهيم، والشيخ عبدالله بن جاسر، والشيخ عبدالله بن دهيش، والسيد علوي مالكي، والشيخ محمد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/325)
الحركان، والشيخ يحي أمان، بحضور صالح قزاز وعبدالله بن سعيد مندوبي الشيخ محمد بن لادن، للنظر في بناء المصعدين المؤديين إلى الصفا، ولمعرفة ما إذا كان في ذلك مخالفة للمصعد الشرعي القديم، وذلك بناء على الأمر السامي المبلغ للجنة من وزارة الداخلية برقم 1053 في 28 - 1 - 78هـ، وجرى الوقوف أولاً على المصعدين المذكورين الذي جرى بناؤهما هناك من قبل مكتب مشروع توسعة المسجد الحرام. وبعد الدراسة والمذاكرة فيما بين اللجنة، اتضح أن المصعد الشرقي المواجه للمروة هو مصعد غير شرعي، لأن الراقي عليه لا يستقبل القبلة كما هو السنة، وإذا حصل الصعود من ناحيته، فلا يتأتى بذلك استيعاب ما بين الصفا والمروة المطلوب شرعاً، وبناء على ذلك فإن اللجنة رأت إزالة ذلك المصعد، والاكتفاء بالمصعد الثاني المبنى في موضع المصعد القديم، لأن الراقي عليه يستقبل القبلة كما هو السنة، كما أن المصعد والنزول من ناحيته يحصل به الاستيعاب المطلوب شرعاً. ونظراً لكون المصعد المذكور يحتاج إلى التوسعة بقدر الإمكان، ليتهيأ الوقوف عليه من أكبر عدد ممكن من الساعين فيما بين الصفا والمروة، وليخفف بذلك الضغط خصوصاً في أيام المواسم وكثرة الحجيج، وبالنظر لكون الصفا شرعاً هو الصخرات الملساء التي تقع في سفح جبل أبي قبيس، ولكون الصخرات المذكورة لا تزال موجودة للآن، وبادية للعيان، ولكون العقود الثلاثة القديمة لم تستوعب كامل الصخرات عرضاً، فقد رأت اللجنة أنه لا مانع شرعاً من توسيع المصعد المذكور بقدر عرض الصفا. وبناء على ذلك فقد جرى ذرع عرض الصفا ابتداء من الطرف الغربي للصخرات إلى نهاية محاذاة الطرف الشرقي للصخرات المذكورة في مسامتة موضع العقود القديمة، فظهر أن العرض المذكور يبلغ ستة عشر متراً، وعليه فلا مانع من توسعة المصعد المذكور في حدود العرض المذكور، على أن يكون المصعد متجهاً إلى ناحية الكعبة المشرفة، فيحصل بذلك استقبال القبلة كما هو السنة، وليحصل الاستيعاب المطلوب شرعاً".
ويلاحظ في قرار اللجنة تحفظها على إدخال الامتداد الشرقي للصفا-الذي يقع بعد نهاية العقود الثلاثة،كما هو واضح في الصور القديمة للصفا – سواء في الوقوف عليه أو في بداية السعي منه. (فائدة: لعل الامتداد الشرقي للصفا الذي رآه الشيخ عبدالله بن جبرين عندما حج عام 1369هـ هو هذا الذي نتحدث عنه قبل إضافته كما سيأتي).
ومع تكسير تلك الصخور في الجزء الشرقي من الصفا، وتهيئتها للوقوف عليها، فإنها لم تكن تستخدم، بل حجرت بأخشاب لمنع الساعين من الوقوف عليها إلى بداية عام 1380هـ حيث صدرت فتوى هذا نصها (فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن ابراهيم: 5/ 144 - 145):
" من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم أيده الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فبناء على أمركم الكريم، المبلغ إلينا من الشيخ يوسف ياسين في العام الماضي، حول تنبيه الابن عبدالعزيز على وضع الصفا، ومراجعة ابن لادن لجلالتكم في ذلك، وحيث قد وعدت جلالتكم بالنظر في موضوع الصفا، ففي هذا العام بمكة المكرمة بحثنا ذلك، وتقرر لدي ولدى المشايخ: الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ علوي عباس مالكي، والأخ الشيخ عبدالملك بن إبراهيم، والشيخ عبدالله بن دهيش، والشيخ عبدالله بن جاسر، والشيخ عبدالعزيز بن رشيد: على أن المحل المحجور بالأخشاب في أسفل الصفا داخل في الصفا، ما عدا فسحة الأرض الواقعة على يمين النازل من الصفا، فإننا لم نتحقق أنها من الصفا. أما باقي المحجور بالأخشاب فهو داخل في مسمى الصفا. ومن وقف عليه، فقد وقف على الصفا كما هو مشاهد. ونرى أن ما كان مسامتاً للجدار القديم الموجود حتى ينتهي إلى صبة الإسمنت، التي قد وضع فيها أصياخ الحديد، هو منتهى محل الوقوف من اليمين للنازل من الصفا. أما إذا نزل الساعي من الصفا فإن الذي نراه أن جميع ما أدخلته هذه العمارة الجديدة، فإنه يشمله اسم المسعى، لأنه داخل في مسمى ما بين الصفا والمروة، ويصدق على من سعى في ذلك أنه سعى بين الصفا والمروة. هذا وعند إزالة هذا الحاجز والتحديد بالفعل ينبغي حضور كل من المشايخ: الأخ الشيخ عبدالملك، والشيخ علوي مالكي، والشيخ عبدالله بن جاسر، والشيخ عبدالله بن دهيش، حتى يحصل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/326)
تطبيق ما قرر هنا. وبالله التوفيق.
(ص. م 403 في 3 - 1 - 1380هـ) "
ثم نفذ ذلك، قال الشيخ عبدالملك بن دهيش في بحثه المنشور في مجلة الدعوة عدد 2137 وتاريخ 26/ 3/1429هـ: " اجتمعت اللجنة في عصر يوم السبت الموافق 24/ 4/1380هـ بموقع الصفا، وقد اتخذوا قراراً استعرضوا في مقدمته ما جاء في خطاب سماحة المفتي الموجه للملك سعود والمذكور فيما سبق. وهذا نص ما خلصت إليه اللجنة: (فاعتماداً على ذلك حصل التطبيق لما قرره سماحة مفتي الديار السعودية ورئيس قضاتها سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم المرفوع لصاحب الجلالة الملك المعظم برقم 503 في 30/ 1/1380هـ، وبعد الإحاطة بما تضمنته المذكرة والقرار المذكور بخصوص موضوع الصفا، جرى إزالة الحاجز الخشبي، والتطبيق لما قرره سماحته، والتحديد بالفعل بحضورنا جميعاً، واتفاقنا على ذلك. وعلى هذا حصل التوقيع). ثم وقعوا بصفتهم الوظيفية، وهم: (1) رئيس المحكمة الشرعية الكبرى بمكة المكرمة (2) عضو رئاسة القضاة بالمنطقة الغربية (3) مدرس بالمسجد الحرام ومدرسة الفلاح 0 (4) الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف بالحجاز (5) المعلم القائم بأعمال عمارة المسجد الحرام المكي وعمارة المسعى."
ويتبين لنا من النقول السابقة ما يأتي:
1 - أضيف إلى موضع الوقوف من الصفا، ونقطة البداية منه جزء لم يكن يستخدم في القرون السابقة.
2 - بلغت التوسعة إلى نهاية الحد الشرقي للصفا، ولم يستبعد المشايخ شيئاً يجزمون أنه من الصفا.
3 - اعتمد المشايخ على الرؤية البصرية، قبل أن تزال المعالم.
4 - كان آخر الأمرين الأخذ بالمذهب الواسع في توسعة مكان الوقوف من الصفا والبداية منه، وتحديد المسعى بقولهم:" لأنه داخل في مسمى ما بين الصفا والمروة ".
5 - العناية الفائقة من المشايخ بضبط حدود المشاعر علمياً، ثم تطبيق ذلك عملياً.
وفي الختام: أسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[01 - 06 - 08, 05:09 م]ـ
بارك الله فيكم
وليت الأخ الكريم كاتب الموضوع بين مكان زقاق العطارين
قال الإمام الشافعي في القديم
(فان التوى شيئا يسيرا اجزأه وان عدل حتي يفارق الوادي المؤدى إلى زقاق العطارين لم يجز
)
وكذا قال الدارمي ان التوى في السعي يسيرا جاز وان دخل المسجد أو زقاق العطارين فلا والله أعلم
)
في أخبار مكة
(ومنها باب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الباب الذي مقابل زقاق العطارين، وهو الزقاق الذي يسلك منه إلى بيت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وهو طاق واحد
)
(
وهو باب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يخرج منه ويدخل فيه من منزله الذي في زقاق العطارين، يقال له: مسجد خديجة بنت خويلد، يصعد إليه من المسعى بخمس درجات،
)
(
ولهم حق آل أزهر بن عبد عوف على فوهة زقاق العطارين، فيها العطارون، وهي في أيديهم إلى اليوم، ولهم دار جعفر بن سليمان التي في زقاق العطارين، كانت لعوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة، وهو أبو عبد الرحمن بن عوف
)
قال الفاكهي
(ذكر صفة أبواب المسجد الحرام وعددها وذرعها وفي المسجد الحرام من الأبواب ثلاثة وعشرون بابا، فيها أربعون طاقا، منها في الشق الذي يلي المسعى، وهو الشرقي، خمسة أبواب
(منها في الشق الذي يلي المسعى وهو الشرقي خمسة أبواب)
وباب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هو الباب الثالث
والباب الرابع
(ويرتقى إلى الباب بسبع درجات، وهو باب العباس بن عبد المطلب، وعنده علم المسعى من خارج)
فلينظر
أين زقاق العطارين هذا أليس في موقع المسعى الجديد
ـ[ابن وهب]ــــــــ[01 - 06 - 08, 05:29 م]ـ
قال الفاكهي
ذكر الدور التي تستقبل المسجد الحرام من جوانبه خارجا في الوادي ولا تلزق به
.....
(ومن الجانب الشرقي: دار عيسى بن موسى، كان سفيان بن عيينة رضي الله عنه يسكن فيها، ثم صارت متوضيات لزبيدة إلى اليوم وإلى جانبها دار لبعض ولد محمد بن عبد الرحمن عند أصحاب الصابون ودار أبي عزارة ومحمد بن إبراهيم الملكيين، وهي بقية الدار التي كان فيها حلف الفضول، وهي اليوم لصاعد بن مخلد ودار عباس بن محمد المشرفة على باب أجياد الصغير ثم دار يحيى بن خالد بن برمك وتعرف اليوم بأبي أحمد بن الرشيد ثم دار شقيقه فيها البزازون، وبين يديها الصيارفة ثم دار المطلب بن حنطب التي باعتها أم عيسى بنت سهيل بن عبد العزى بن المطلب المخزومية من محمد بن داود فبناها، ثم صارت لابنه عبد الله بن محمد بن داود، وبه تعرف، شارعة على الصفا والوادي ثم دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي دبر دار أحمد بن إسماعيل بن علي على الصفا ثم دار صيتة مولاة العباسية ثم دار الخيزران لولد موسى أمير المؤمنين، وهي اليوم أو بعضها لأبي عمارة بن أبي ميسرة ودار القاضي محمد بن عبد الرحمن السفياني مشرعة على منارة المسجد والوادي ثم دار عباد بن جعفر عند العلم الأخضر ودار يحيى بن خالد بن برمك تشرف على سوق الليل والوادي، يقال إنه اشتراها بثمانين ألفا، وأنفق عليها عشرين ومائة ألف دينار، ثم هي اليوم في يد ورثة وصيف ودار موسى بن عيسى في أصلها الميل الأخضر وهو علم المسعى ثم دار جعفر بن سليمان عند زقاق العطارين)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/327)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[02 - 06 - 08, 03:25 م]ـ
بحث (حسن المسعى) لوضع على هيئة وورد أو بصيغة الشاملة بحيث يحسن النسخ منه
ولو جمعت هذه البحوث في هذا الموضوع وغيره في مجموع بصيغة الشاملة أو ورد
وحيث أن الموضوع الآخر لعلي فهمت منه مناقشة ما جاء في الكتاب
فرأيت أن الفوائد التي أضعها هنا حول البحث ليس في صلب الموضوع
فجعلتها هنا
في ص 36 من حسن المسعى
(ولذا قال الشرواني في حواشيه على تحفة المحتاج
الظاهر أن التقدير .................. ) الخ
ثم ذكر في الهامش
وقد نسب الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان هذا القول لابن حجر الهيثمي المكي وأحال على تحفة المحتاج وهو ليس من كلامه فيها بل هو في الحاشية
انظر بحث (توسعة المسعى عزيمة لا رخصة) ص (60)
انتهى
وفي الحقيقة هذا الخطأ قد وقع فيه الشيخ الدكتور عبد الملك بن دهيش أيضا
في نقل آخر
وانظر بيان خطأ الدكتور ابن دهيش - وفقه الله
المشاركة رقم 30
وفي الحقيقة هذا الكلام كلام السيد البصري
في حاشية الشرواني
(وبه يعلم أن قول العباب ولو التوى فيه يسيرا المراد باليسير فيه ما لا يخرج عنه فتأمله انتهى كلام المحشى هذا ولك أن تقول الظاهر أن التقدير لعرضه بخمسة وثلاثين أو نحوها على التقريب إذ لا نص فيه يحفظ عن السنة فلا يضر الالتواء اليسير لذلك بخلاف الكثير فإنه يخرج عن تقدير العرض ولو على التقريب فليتأمل بصري)
وقوله (بصري)
أي أن هذا الكلام كلام السيد عمر البصري
والسيد عمر البصري ينقل عنه الكردي في شرحه على مقدمة بافضل
ولينظر شرح الكردي
وعمر هذا
هو عمر بن عبد الرحيم البصري المكي ت 1037 ودفن بالمعلاة ترجمته في خلاصة الأثر للمحبي
وله حاشية على تحفة المحتاج
ولعل هذا النقل منه
ـ[ابن وهب]ــــــــ[02 - 06 - 08, 04:24 م]ـ
تنبيه
(لابن حجر الهيثمي) في البحث بالتاء ولكني أخطأت وجعلته بالثاء
وهو سبق قلم مني لأني أرى أن الصواب أنه بالثاء لا بالتاء
كما نقله الزبيدي في التاج عن بعضهم وإن كان المشهور أنه بالتاء
ولكن في النقل لابد من التحري فأنا أعتذر
فائدة
جاء في البحث وفي غيره
(والمسعى هو المكان المعروف اليوم لإجماع السلف والخلف عليه كابر ولا ينافيه كلام الاذرعي إن أكثره في المسجد كما توهم ابن حجر رحمه الله فتدبر)
نقلا عن مرقاة المفاتيح لعلي القاري
وقد صوب الشريف الصمداني - وفقه الله - أن الصواب الأزرقي لا الأذرعي
والله أعلم
ابن حجر هنا هو الفقيه المكي الهيثيمي صاحب التحفة والزواجر
ولعل هذا النقل من شرح الهيثمي المكي الفقيه على المشكاة أو من غيره
ذكرت لهذا للفائدة حتى لا يتوهم متوهم أن ابن حجر المذكور هنا هو العسقلاني
فالغرض الفائدة
ـ[السيد الشريف محمد]ــــــــ[03 - 06 - 08, 12:26 ص]ـ
الإخوة الأفاضل ارجو التكرم بنقل بحث الشيخ سعد الشثري إن امكن وجزاكم الله خير الجزاء
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 06 - 08, 01:05 ص]ـ
فائدة
في ترجمة الفقيه الكبير ابن زياد الشافعي الزبيدي المشهور ت (975)
في النور السافر عن أخبار القرن العاشر للعيدروس
في ذكر مصنفات ابن زياد
(، والادلة الواضحة في الجهر بالبسملة وانها من
الفاتحة. وهو كتاب حافل مشتمل على مناقب الأئمة الأربعة والتقليد واحكام رخص
الشريعة وذلك مما لاغناء للفقيه عن تحصيله؛ وكتاب إقامة البرهان على كمية التراويح في
رمضان؛وكتاب الرد على ما اوهم ان ترك الرمي للعذر يسقط الدم، وكتاب تجديد الأئمة
الإسلام من تغيير بناء المسجد الحرام، والجواب المحرر في أحكام المسقط والمحذر، وبغية
المشتاق في تصديق مدعي الانفاق، وكشف الغمة عن حكم المقبوض عما في الذمة وكون
الملك فيه موقوفاً عند الأئمة، ومزيل العنافي أحكام الغنا، والأجوبة المرضية عن الأسئلة
الملكية، والجواب المتين عن السؤال الوارد من البلد الأمين، وحل المعقود في أحكام المفقود،
وفصل الخطاب في حكم الادعاء باتصال الثواب، ....
)
انتهى المقصود منه
كذا
ولعل الصواب
تحذير أئمة الإسلام من تغيير بناء المسجد الحرام
فلينظر
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[04 - 06 - 08, 11:36 ص]ـ
جزاكم الله خير
ـ[أبو أسامة الشمري]ــــــــ[09 - 06 - 08, 02:59 ص]ـ
جزاكم الله خيرا، على ما نفعتمونا به من فوائد في هذا الموضوع المهم ...
ووالله إني متوقف عن أداء العمرة هذا العام طلبا للسلامة والبراءة
فالله المستعان على هذه النازلة
هلا اخبرتمونا عن وضع المسعى القديم في وقتنا الحالي؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[09 - 06 - 08, 07:23 م]ـ
وهكذا ينبغي أن يتوقف كثيرون وإلاّ فإن من يعتمر تساهلاً ولم يحقق وهو يعلم أن في مسعاه نظراً فهو عند كثير من المفتين الذين عنهم يحمد الصدر لا يزال على إحرامه .. لا يصح نكاحه، ولا عقده له وإبرامه، ولا يحل صيده، ولا يجوز تطيبه، فهل على أحد أن يعرض نفسه لهذا؟
ـ[ابن وهب]ــــــــ[10 - 06 - 08, 11:15 ص]ـ
وهكذا ينبغي أن يتوقف كثيرون وإلاّ فإن من يعتمر تساهلاً ولم يحقق وهو يعلم أن في مسعاه نظراً فهو عند كثير من المفتين الذين عنهم يحمد الصدر لا يزال على إحرامه .. لا يصح نكاحه، ولا عقده له وإبرامه، ولا يحل صيده، ولا يجوز تطيبه، فهل على أحد أن يعرض نفسه لهذا؟
أستاذنا ما ذكرتموه محل نظر لا يخفى عليكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/328)
ـ[حارث همام]ــــــــ[10 - 06 - 08, 06:59 م]ـ
ليس بمحل نظر في نظري إن راعيت ضابطه: (تساهلاً ولم يحقق وهو يعلم أن في مسعاه نظراً)، فإن كان ثمة نظر بهذا الضابط الذي ذكرت فأرجو بيانه شيخنا مع وافر الشكر والتقدير مقدماً.
ـ[أبو محمد]ــــــــ[13 - 06 - 08, 01:12 ص]ـ
أرجو من الإخوة الكرام مراعاة عدم تكرار الموضوعات .. فبحث الشيخ البرهامي سبق نقله في هذا الموضوع ..
وآمل من الإشراف حذف الموضوعات المكررة ..
ـ[حارث همام]ــــــــ[17 - 06 - 08, 03:07 م]ـ
وكذلك أرجو من الإخوة الكرام المرور على مجمل ما علق قبل التعليق فكثير من الأسئلة والاعتراضات سبق الحديث حولها في مقالات مطولة ومختصرة.
ـ[أبو مانع]ــــــــ[25 - 06 - 08, 04:08 ص]ـ
بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله
إن المجيزون أغلب كلامهم بالعاطف لا نجد نص من الكتاب والسنة أو نجد لهم سلف
في أستنباطاتهم.
أما الذين لا يجيزون أقوى من ناحية الدليل ..... والله أعلم
ـ[طارق علي محمد]ــــــــ[27 - 06 - 08, 06:59 م]ـ
هذا رابط كلام الشيخ: http://www.tanasuh.com/supjects/word%20of%20shek/8_masaa.pdf
ـ[ميسرة الغريب]ــــــــ[05 - 07 - 08, 06:32 ص]ـ
يا إخوة بارك الله فيكم
ماذا يفعل من أخذ برأي المانعين للتوسعة بعد قراءة ما كتبوا؟ هل هناك مجال للسعي في المكان القديم؟ إن لم يوجد ماذا يفعل إذا أراد العمرة أو الحج؟
ـ[ميسرة الغريب]ــــــــ[10 - 07 - 08, 04:53 م]ـ
ما القصة يا إخوة؟ هل انتهت المشكلة أم ماذا؟
ـ[بندر بن حسن العبدلي]ــــــــ[12 - 07 - 08, 07:42 ص]ـ
: بحوث ودراسات:
التوسعة الجديدة للمسعى .. رؤية فقهية
لقد أخذت توسعة المسعى الجديدة حيزاً كبيراً من أحاديث المجالس وفتاوى العلماء، وأسئلة العامة، ولعل هذا الاهتمام الواسع بالمسألة راجع إلى أمرين:
1. ارتباط المسألة بعبادة السعي بين الصفا والمروة، وهي مسالة تعمّ بها البلوى كما يقول الفقهاء، ويحتاج إلى معرفتها آلاف المسلمين القاصدين للحج والعمرة.
2. معارضة بعض العلماء الفضلاء للتوسعة وفتواهم بعدم صحة السعي فيها، وهي معارضة فقهية جاءت متأخرة عن وقتها المناسب، وبعد بدء العمل في التوسعة.
ومن الإنصاف أن نقول بأن هذه المعارضة الفقهية المتأخرة لا تصلح مبرراً للاستنكار والتعنيف، والتطاول على أقدار الفقهاء المخالفين، والواجب شرعاً احترام الخلاف والتأدب مع ورثة الأنبياء وإن كانت الفتوى في نظرناً مجانبة للصواب فإن المسألة اجتهادية ولا إنكار فيها على المخالف.
وقد الحّ عليّ بعض أهل الفضل والمكانة بالكلام عن المسألة، وبيان وجهة نظري الفقهية، فأقول مستعيناً بالله:
إن العبادات التي شرعها الله تعالى نوعان:
الأول: عبادات مطلقة من حيث المكان، بمعنى أن الله تعالى شرعها للناس دون أن يربطها بأماكن مخصوصة مثل الأذكار المطلقة والصلوات الخمس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وجعلت لي الأرض مسجداً وظهوراً، فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل حيث أدركته" متفق عليه.
الثاني: عبادات مقيدة بأماكن مخصوصة بحيث لا تؤدى إلاّ في مكان معين، مثل الطواف فإنه عبادة مرتبطة بالبيت الحرام (وليطوّفوا بالبيت العتيق) ومثل الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ومنى، ولهذا جاء في الموطأ أن عمر رضي الله عنه كان يقول: "لا يبيتن أحد من الحاج ليالي منى من وراء العقبة" وكان يبعث رجالاً يُدخِلون الناس من وراء العقبة، أي إلى منى، لأن العقبة ليست من منى، بل هي حدى منى من جهة مكة، فهذه عبادات يلزم التقيد فيها بالمكان الذي حدده الشرع دون تغيير.
ومن ذلك السعي، فإنه عبادة مرتبطة بالصفا والمروة، كما قال تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم). وقوله (من شعائر الله) أي من معالم الله التي جعلها مشعراً للناس يعبدونه عندها كما قاله الإمام ابن جرير الطبري، فالسعي مخصوص بهذا المكان، والآية خبر في الظاهر ولكنها أمر في الباطن.
قالت عائشة رضي الله عنها: "طاف رسول الله وطاف المسلمون يعني بين الصفا والمروة، فكانت سنة، ولعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة" متفق عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/329)
وبناءً على ذلك فالواجب هو إيقاع السعي بين الجبلين، بحيث لا يخرج المحرم عن محاذاة الجلبين من جهة العرض، كما يجب عليه استيعاب المسافة بينهما من جهة الطول، وقدرها بعض الفقهاء قديماً بـ 777 ذراعاً وقيل غير ذلك.
وينبغي التنبيه إلى أن تحديد العرض بالمحاذاة والمسامتة هو من باب التقريب وليس من باب التحديد الدقيق، ولهذا قال بعض الفقهاء: "لا يضر الالتواء اليسير" أي الخروج اليسير عن المحاذاة، ويؤيده أن الأصل هو التسامح والتيسير في الشيء اليسير.
وهذا الجانب النظري متفق عليه بين المختلفين، وإنما وقع الخلاف في التوسعة الجديدة من جهة أن المسعى الجديد هل هو داخل في البينية ومحاذاة الجبلين أو هو خارج عن السمت والمحاذاة؟ فمن رأى التوسعة الجديدة خارجة عن السمت والمحاذاة من جهة العرض أنكر التوسعة الجديدة ومنع من السعي فيها، ومن رآها داخلة في المحاذاة والبينية لم ينكر التوسعة الجديدة وأجاز السعي فيها.
وهذا الخلاف ي تحقيق المناط كما يعبر عنه الأصوليون، والمقصود به كما يقول الشاطبي: "أن يثبت الحكم بمدركه الشرعي لكن يبقى الحكم في تعيين محله" وذلك مثل الاتفاق على وجوب استقبال القبلة في صلاة الفريضة ثم يقع النظر أو الخلاف في تحديد جهة القبلة.
والخلاف في تحقيق المناط هو من جنس الخلاف في المسائل الاجتهادية التي لا يجز فيها الإنكار على المخالف، وليس في المسألة دليل قاطع يجب المصير إليه.
ولكن القدر الثابت من الناحية التاريخية والجغرافية هو أن جبلي الصفا والمروة كانا أكبر حجماً مما هو مشاهد اليوم وكانت عليهما مساكن وبيوت، كما روى الحاكم في المستدرك أن دار الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه كانت على الصفا ثم تصدق بها على ولده لا تباع ولا تورث حتى أخذها أبو جعفر المنصور وكانت مشرفة على المسعى حتى قال يجيى الأرقم: " والله لأعلم اليوم الذي وقع في نفس أبي جعفر، إنه يسعى بين الصفا والمروة في حجة حجها ونحن على ظهر الدار فيمر تحتنا لو أشاء آخذ قلنسوته لأخذتها وإنه لينظر إلينا من حين هبط الوادي حتى يصعد حتى يصعد إلى الصفا .. ".
وممن كان له بيت على الصفا العلامة اللغوي الفيروزأبادي وقد أتم كتابه "القاموس المحيط" في منزله على الصفا وهو من علماء القرن التاسع الهجري، وقد أكد جماعة من المعاصرين العدول من كبار السن ممن شاهدوا الجبلين أعرض من الباقي اليوم، ويؤكد هذا أيضاً ما ذكره غير واحد من العلماء قديماً من كون الصفا طرفا جبل أبي قبيس، وكون المروة طرفاً من جبل قيقعان.
وأما تحديد بعض العلماء كأبي الوليد الأزري عرض المسعى بخمسة وثلاثين ذراعاً ونصف ذراع فالمراد به _ والله أعلم _ تحديد عرض المسعى الذي كان الناس يسعون فيه وقتئذ، وليس المسعى الذي تحاذى حدوده جبلي الصفا والمروة فإنه يبعد أن يكون عرض كل منهما مساوياً للآخر بهذا التحديد الدقيق، وإنما هو تحديد لما بين العلمين العلم الذي كند باب المسجد والعلم الذي دار بين العباس بن عبدالمطلب، ولا يلزم من ذلك أن يكون عرض المسعى الذي تتحقق به المحاذاة والمسامتة للجبلين بهذا المقدار بل هو أوسع من ذلك كما سبق.
ومن الثابت تاريخياً وجود بيوت كثيرة بين المسجد وبين المسعى كما يدل عليه كلام الأزرقي وابن تيميّة وغيرهما فلو حسبناها في الخمسة والثلاثين ذراعاً لما بقي لدينا للمسعى إلاّ القليل!!
وأرى أن المسألة مرتبطة بأمر آخر يجب بيانه في هذا المقام، وهو أننا لو فرضنا جدلاً خروج التوسعة الجديدة عن محاذاة الجبلي الصفا والمروة فهل يمنع ذلك من صحة السعي فيها؟
والجواب هو أن الأصل _كما عرفنا سابقاً_ وجوب إيقاع السعي بين الجبلين بحيث لا يخرج عن السمت والمحاذاة بين الجبلين ولكن لو دعت الحاجة كالزحام الشديد إلى الخروج عن محاذاة الجبلين فإن المسعى الخارج يعتبر في حكم المتصل والواقع بين الجبلين، ويسمى مثله في مصطلحات العلماء بالمتصل حكماً، وله نظائر فقهية متعددة منها:
ما ذهب إليه الحنابلة وغيرهم من صحة الاقتداء بإمام إذا كان المأموم خارج المسجد متى اتصلت الصفوف، وقد ذكر المجد وغيره أن المشترط هو الاتصال العرفي بمعنى ألاّ يكون بينهما بعد كثير لم تجر العادة بمثله، فالبعد اليسير أو الكثير الذي لا يخرج العادة عن الاتصال فهو كالصف المتصل حكماً.
ومنها: ما جاء عن الإمام أحمد في الرجل يصلي خارج المسجد يوم الجمعة وأبوابه مغلقة، فقال: أرجو ألا يكون به بأس.
ومنها: قول أحمد في المنبر يوم الجمعة إذا قطع الصف فإنه لا يضر ويجوز للحاجة، وألحق بذلك بعض الحنابلة كل بناء بني لمصلحة المسجد.
ومنها: قول الرجل لامرأته: أنت طالق _يافاطمة_ إن خرجت من الدار، فإن الشرط هنا معتبر لأنه متصل حكماً، والأصل في لك قوله صلى الله عليه وسلم: "إلاّ الإذخر" بعد فاصل يسير.
ولا شك أن واقع المسعى قبل التوسعة يعاني من الزحام الشديد الذي وقع في الحرج والمشقة، ولا سيما لدى كبار السن والنساء والأطفال، وخاصة في أيام المواسم حيث يجتمع الملايين من الناس في هذه البقعة الضيقة، ومثل هذه المشقة الزائدة معتبرة في الشرع، وهي سبب للتوسعة والرخصة كما قال الفقهاء: "المشقة تجلب التيسير" وكما قال تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج).
فالخلاصة هي أن التوسعة الجديدة داخل في محاذاة الصفا والمروة وأن الزيادة لها حكم المزيد فيه، ولو فرضنا جدلاً خروجها عن المحاذاة والبينية فإن ذلك لا يمنع صحة المسعى في حالة المشقة والحاجة لكونها في حكم المتصل، ولأن الحاجة العامة تقتضيها، والله أعلم ..
كتبه الدكتور مصطفى مخدوم
عميد المعهد العالي للأئمة والخطباء
جامعة طيبة بالمدينة المنورة
http://www.alwsat.net/articles.php?ID=187&do=view
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/330)
ـ[طارق علي محمد]ــــــــ[13 - 07 - 08, 03:40 م]ـ
هذا رابط كلام الشيخ من موقعه وفيه كلام مفيد http://www.tanasuh.com/supjects/word%20of%20shek/9_old_masaa.pdf وقيم
ـ[أبو عبد الرحمن السعدي]ــــــــ[14 - 07 - 08, 01:14 م]ـ
وقد طالعت أدلة كلٍ فوجدت المانعين -ومنهم أكثرية علماء هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التي اتخذت بالأكثرية منذ سنتين قراراً بعدم جواز التوسعة الأفقية بمن فيهم سماحة المفتي العام للمملكة- يبنون كلامهم على فتوى سابقة للشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله-
**********************
وأما المجيزون فمن بنى كلامه على مجرد التيسير والمصلحة دون ضابط ما بين الجبلين، فيلزمه تغيير المناسك والمشاعر، ولا نشك في بطلان هذا المسلك
أرجو من الشيخ الفاضل ياسر البرهامي التأمل في كلامه السابق فقولك " ولا نشك في بطلان هذا المسلك "
هو قول المانعين في الرد على المجيزين وليس كما تقول أنهم "يبنون كلامهم على فتوى سابقة للشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- "
فالمسألة تحتاج إلى تريث بارك الله فيك فها أنت تحتج بحجة من ضعفت قولهم دون أن تشعر وأظن مرد ذلك أنك لم تتبين قولهم على الصحيح والله أعلم.
ـ[كريم البحيرى]ــــــــ[14 - 07 - 08, 01:15 م]ـ
السلام عليكم ده مقال للشيخ سلمان مشهور
مقال لفضيلة الشيخ "أبو عبيدة" مشهور بن حسن آل سلمان
حفظه الله تعالى ورعاه
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،
أما بعد:
علماء الأمة تحدثوا عن حكم السعي في المسعى الجديد، والمتتبع لما ينشر على الشبكة العالمية "الإنترنت"، يجد أن هناك أحاديث ومقالات وآراء ودراسات في المسألة وأنّ هناك بعض الأقوال المتعارضة، والذي فهمته أنّ في نية المسؤولين فتح المسعى الجديد الذي هو امتداد للمسعى القديم وجزء منه، وجعله للسعي بين الصفا والمروة، وجعل السعي القديم سعي من المروة للصفا، وبذا يكون المسعى قد تضاعف مرتين.
الناظر -ولا سيما فيمن منّ الله عز وجل عليه بالحج في السنوات الأخيرة- يجد ما للزحام الشديد قبل توسعة مرمى الجمار في منى من أثر بالغ في لحوق المشقة بالحجيج والتي أدّت -في بعض المواسم- إلى موت العشرات منهم، وما ذكرنا في شأن الرمي نراه ينطبق تماماً على مسألة السعي بين الصفا والمروة.
قد كان لهذه المشقة أثر واعتبار في نظر العلماء في توسيع المطاف نتيجة للزحام البالغ في طوافي الإفاضة والوداع، فما دامت الصفوف قد اتصلت في داخل صحن الكعبة والناس يطوفون فحاله حال المسجد، والتوسعات التي جرت في الحرمين الشريفين ابتداءً من عهد عمر فعثمان -رضي الله عنهما- فابن الزبير –رضي الله عنه-، ثم أحدث المهدي سنة 160هـ توسعته الأولى في الحرم، ثم في سنة 164هـ أحدث توسعة أخرى، وكانت التوسعة الثانية للمهدي، وأخذ جزءً من الرحبة من المكان الممتد الذي كان من جهة غرب المسعى وأدخله في المسعى، والأئمة ممن ألّفوا في تاريخ مكة كالفاكهي والأزرقي وغيرهما تكلموا كثيراً حتى إن القطبي في كتابه "الإعلام" ذكر إشكالات في موضوع السعي، تشبه تماماً الإشكالات الحاصلة في هذا الوقت.
وقد وردت أسئلة كثيرة من بلدان العالم من "المملكة المتحدة" و "أمستردام" وأماكن أخرى حول حكم السعي في المسعى الجديد فأجبت بما مفاده:
مسألة توسعة المسعى مسألة حاول سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ -شيح المشايخ وشيخ الشيخ ابن باز رحمهما الله- أن يضبط عرض المسعى في جهود مشكورة في الجزء الخامس من كتابه "الفتاوى" ودرس موضوع المسعى دراسة جيدة –أثابه الله-، وكان ذلك إبّان التوسعة السعودية الثانية في المسعى والتي كانت أكبر توسعة في التاريخ، والتي استمرت قرابة عشرين عاماً، ووجد في حينها أنّ المسعى يقبل الامتداد من جهة الشرق، وكانت هناك دور ومنازل على المسعى، والكلام عن المسعى وتوسعته طويل وكثير ولو صرنا نستعرض الكلام بالتفصيل لنصل إلى تأصيل وتقعيد في المسألة لاحتجنا إلى وقت طويل، ولكن للقضاء على الخلاف البسيط أرى أنه لا بُدَّ من دراسة هذا الموضوع في المجامع الفقهية وهيئة كبار العلماء، فهذه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/331)
مسألة كبيرة تحتاج لاجتهاد جماعي ورأي جماعي بعد دراسة المسعى والتطورات والتغييرات التاريخية، وبعد هذه السلسلة الطويلة والكثيرة من الدراسات والأبحاث الجديدة التي لا شك أنها أضافت شيئاً يستحق معه إعادة النظر في دراسة الموضوع مجدداً، أرى أنه لا مانع من أن نذكر رأينا ونحاول أن نلملم أطراف المسألة بقدر المستطاع، أقول: سبب الخلاف في المسألة منذ أن كانت التوسعة؛ هو هل المكان الذي يسعى فيه الناس مكان مقصور محدود أم أنه ممدود؟ وهل عرض المسعى المذكور في كتب تاريخ مكة -مثل كتاب الأزرقي والفاكهي وغيرهما، وقد ذرعوه بخمسة وثلاثين ونصف ذراع- هو المكان المعدّ للسعي، أم أنّ هذا الإخبار عن الأمر الواقع فحسب، والمكان الذي يجزء السعي فيه أوسع من ذلك وأنّ السعي ما دام واقعاً بين جبلي الصفا والمروة فهو صحيح ومجزء، وإن هُجر السعي فيه فترة من الزمن، لعدم احتياج الناس لذلك؟
أرسل الشيخ العلامة السّعدي –رحمه الله- لشيخنا في الإجازة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز ابن عقيل مراسلات في مسائل كثيرة ومنها توسعة المسعى بتاريخ 21 ذي الحجة سنة 1375هـ ومما جاء في الرسالة قول الشيخ السعدي لتلميذه: "وكذلك المسعى منهم من قال إنّ عرضه لا يحد بأذرع معينة، بل كل مكان بين الصفا والمروة فهو داخل في المسعى كما هو ظاهر النصوص من الكتاب والسنة وكما هو ظاهر فعل النبي وأصحابه ومن بعده ومنهم من قال: يقتصر فيه على الموجود لا يزاد فيه إلا زيادة يسيرة أي في عرضه، قال: هذا هو قول أكثر الحاضرين".
وصدرت فتوى عن هيئة كبار العلماء في ذلك الوقت أنّ المسعى قد حدّ في عرض محدود ولا تجوز الزيادة عليه، ولذا رأوا أنّ توسعة المسعى تكون من خلال بناء دور ثان علوي بدلاً من مدِّ المسعى من جهة الشرق.
والفتوى قد صدرت باسم سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم وكان المفتي العام آنذاك.
يقول الشيخ السعدي: "ويظهر من حال الشيخ محمد بن إبراهيم أنه يعمل على قول هؤلاء لأنه لا يحب التشويش ولا الاعتراض على أحد".
ثم ظفرت برسالة خطية بقلم العلامة المحقق ذهبي أهل العصر الشيخ المعلمي اليماني –رحمه الله- والرسالة ليست مطولة ولم يمد فيها النفس –كعادته- ولكن ذكر فيها جواز توسعة المسعى ورأى أن العبرة بالسعي لا بالمكان.
ولسماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم رسالة في جواز تنحية المقام عن مكانه من أجل التوسعة على الطائفين، وقد سبق لما أن ذكرنا أن الصفوف ما دامت أنها موصولة وأنّ الطواف يقع في بيت الله الحرام فمهما زِيْد فالزيادة لها حكم الأصل، وما قارب الشيء أعطي حكمه، كما هو معلوم من كتب أهل العلم، وقد نقل في رسالته كلاماً جيداً للرملي المسمى بالشافعي الصغير في "نهاية المحتاج" وهو قوله:
"لم أر في كلامهم ضبط عرض المسعى وسكوتهم عنه لعدم الاحتياج إليه، فإنّ الواجب استيعاب المسافة التي بين الصفا والمروة كل مرة"
ثم ظفرت بحواشي عبدالحميد الشرواني ويقول فيها ما معناه "إن ضبط العلماء للمسعى إنما هو ضبط تقريبي ولا حاجة لضبط عرض المسعى".
والسعي طولاً من حيث نقطة البدء والانتهاء في كل شوط مع المرور من بطن الوادي هو الذي فعله النبي، والفقهاء ينصون في كتبهم على وجوب استيعاب المسافة بين الصفا والمروة (1)، وأن البدء بالصفا والانتهاء بالمروة في كل مرة هو شوط، ثم العودة من المروة إلى الصفا هو شوط ثان، والواجب السعي سبعة أشواط دون النظر إلى عرض المسعى ذلك أنّ الصفا جبل والمروة جبل والعبرة أن يقع السعي بينهما، فإذا كانت التوسعة الجديدة ضمن عرض المسعى فلا ينبغي التردد في الجواز ألبتة، وعرض المسعى اليوم عشرون متراً والجبال -كما هو معلوم- من حيث العرض أوسع من عشرين متراً، ذلك أنّ أصل السعي كما في "صحيح البخاري" برقم (3364) من حديث ابن عباس في قصة إبراهيم مع أم إسماعيل والقصة طويلة وأنه تركها وابنها بقرب بيت الله الحرام وفي آخر القصة "وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء الذي وضعه بجانبها حتى إذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال يتلبط، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه وهو يموت، فانطلقت فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر فلم تر أحداً، ثم هبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/332)
طرف ذراعها ثم سعت أي ركضت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة -الجبل الذي يقابل الصفا- فقامت عليه فنظرت هل ترى أحداً، فلم تر أحداً، ففعلت ذلك سبع مرات، قال ابن عباس قال النبي: "فذلك سعي الناس بينهما" أي فعل أم إسماعيل الذي فعلته.
ولا يمكن تحديد المسار الذي سارت فيه أم إسماعيل على الجبل بل لا يمكن أن نحدد المسار الذي سار فيه النبي على الجبل، ويمكن أن نقول أنّ ما سكت عنه الشرع فهو في دائرة العفو، والنبي حدد الأمر بطرفيه طولاً وسكت عن العرض الذي بين الأمرين، وبتغيير معالم الجبلين ووجود الحواجز وبناء الجدار الذي يحد المكان في العصور المتأخرة وتحديد المقاييس في المكان الذي أصبح يؤدى فيه السعي آنذاك، وتحديده بالأذرع أو بالأمتار أو بالأصابع تولدت المشكلة ووقع الخلاف، هل هذا المكان الذي يسعى فيه هو المكان الذي يحدد ولا يقبل الزيادة عليه أم أنّ الأمر على أصله في سعة، يقول الشرواني في "حواشيه على تحفة المحتاج" (الجزء الرابع ص98)، ونص كلامه: " ولك أن تقول الظاهر أن التقدير بعرضه بخمسة وثلاثين على التقريب إذ لا نص فيه يحفظ من السنة".
نعم، الواجب السعي في المكان الذي بين جبلي الصفا والمروة، العبرة بأصل المسعى آنذاك كما هو معلوم، فإن تعارف الناس على مكان محدد خاص في المسعى فهذا لا يلغي أن يكون ما تبقى من الصفا أو ما تبقى من المروة من شعيرة المسعى، فقد هجر الآن تحول الساعي في المسافة المعدة في الشق المخصص للتحول من الصفا إلى المروة، وكذلك في الشق المخصص للتحول من المروة إلى الصفا، فلو أنّ حاجاً أو معتمراً اقتصر في سعيه على شق واحد من المسعى لأجزأ ذلك، من غير خلاف إذ علّق الشرع الحكم بالسعي على ما بين الجبلين، فلا يدل عدم فعل السعي في المكان الذي هو من شعيرة المسعى على عدم الإجزاء إن هجر الفعل فيه، المهم أن لا يكونا قد خرجا عن كونهما من المسعى، فإذا كان المسجد -أعني المطاف- قد وسع فيه وسوغ العلماء الزيادة فيه وكذلك مسجد النبي حتى عمر رضي الله عنه لما وسع المسجد كان يقول: "لو مد مسجد النبي إلى ذي الحليفة لكان منه".
وقرر شيخ الإسلام في "الرد على الأخنائي" (ص 135) أن حكم الزيادة التي تمد في المسجد النبوي وكذا في المسجد الحرام يضعَّف فيها الأجر وليس الأجر المضعَّف الركعة بمائة ألف أو بألف ليس فقط في الصلاة التي كانت تصلى في المكان الذي صلى فيه النبي فقط، فالمسعى مع ضيقه منذ القدم من باب أولى، وقد ذكرت في نصوص كثيرة وشهيرة ولا سيما في كتب الرحلات، وقد تتبعت -فيما أزعم ذلك- تتبعاً حسناً وتبيّن لي أنّ المسعى قديماً كان يتسع للمقدار المضاف اليوم للمسعى القديم وزيادة، ذلك أنه كان باقي المسعى – الذي هجر فعل السعي فيه آنذاك - سوقاً يجلس فيه الباعة وشكا غير واحد قديماً وحديثاً أنهم كانوا يشوشون على الساعين.
فمثلاً ابن بطوطة في رحلته "تحفة النظار في غرائب الأمصار" في (الجزء الأول ص 380 - 381 من الطبعة المغربية) لما حدّ المسعى وتكلم عليه قال: "وبين الصفا والمروة مسيل فيه سوق عظيمة تباع فيها الحبوب، واللحم، والتمر، والسمن، وسواها من الفواكه، والساعون بين الصفا والمروة يكادون يغطسون من زحام الناس على حوانيت الباعة، وليس بمكة سوق منتظمة سوى هذه،-أي هذه السوق- إلا البزازون والعطارون عند باب بني شيبة".
ووجدت في كتاب "الأيام المبرورة في البقاع المقدسة" (ص72) لمحمد لطفي جمعة، -وكانت رحلته في شتاء سنة 1359هـ الموافق 1940م- قوله: "خرجنا من باب الصفا غير مصدقين أننا نغادر الكعبة حتى لضرورة السعي بين الصفا والمروة، ولكنه فراق مؤقت لم يكن منه بد، وكنا ما زلنا في وقت لا يتبين فيه الخيط الأبيض من الخيط الأسود -يعني في وقت السحر-، وما كان أعظم دهشتي عندما وجدت المسعى شارعا مبلطاً بالحجر الأزرق الغليظ الذي بين مربعاته الضخمة فوارق وعلى جانبه دكاكين ومتاجر ومنه تتفرع حارات وشوارع".
هذا المسعى قديماً، وبُني الجدار في عصور المتأخرين، لا نقول إنّ المسعى فقط هذا المكان جبلان عرض الواحد عشرون متراً، فالجبل أوسع من ذلك كما سيأتينا في كلام ابن جرير الطبري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/333)
ويقول عبدالوهاب عزام في كتاب "الرحلات" (ص363) –وكان قد ذهب للحج سنة 1937م- معبراً عن مشاهداته للمسعى: "ثم يرجو كل مسلم أن يصلح المسعى بين الصفا والمروة، فيفصل عن السوق والطريق، ويجعل على شاكلة تشعر الساعي أنه في عبادة ينبغي أن تفرغ لها نفسه ويتم لها توجهه، وما أحوج الحرمين في مكة والمدينة إلى أن تزحزح عنهما الأبنية المجاورة ويدور بهما محيط واسع يظلله شجر ... "إلخ.
والذي يقرأ كتب رحلات الحج في الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين الميلادي يجد عجباً يقول غير واحد: كنا نشاهد بعض الملوك يسعون بالسيارة بين الصفا والمروة وقطعاً هذا معناه أن المسعى عرضاً أوسع من المسعى الموجود اليوم.
وقد وجدت في بعض الكتب أن جملاً دفن في المسعى، بل في ترجمة الإمام النسائي قيل أنه دفن بين الصفا والمروة.
الكلام في تغيير المسعى -كما ذكرت- كثير، وقد أحدث في بعض العصور إشكالات فقد ذكر الأزرقي في كتابه "وكان المسعى في بطن المسجد الحرام اليوم" يعني في توسعة المهدي سنة 164هـ، أدخل شيئاً من المسعى في بطن المسجد يعني أخذ من أطرافه من جهة الغرب، لأنّ المسعى كان في تلك الفترة فيه سعة، وفيه دور، والدار التي كانت بمسامة الميل الأخضر الأول الذي يسعى إليه كانت دار العباس عم النبي وآل هاشم وكانت رباعهم من تلك الجهة.
ووجدت في بعض الآثار عند ابن أبي شيبة في "المصنف" (5/ 345 – ط الرشد) أو (8/ 331 – ط القبلة) عن مجاهد: أن المسعى قد انتقص منه، ومعنى انتقص منه أنهم كانوا يسعون ولا يستوعبون جميع المسافة آنذاك؛ أعني: من حيث العرض، فدار العباس كانت في المسعى، ودار الأرقم كانت فيه أيضاً، واشتراها أبو جعفر المنصور، وكانت دار الأرقم هي أول دار يجمع النبي الناس فيها للإسلام سراً في السنوات الثلاث الأول، وكانت قريبة من المسعى، ويقول يحيى بن عمران بن الأرقم –وهو من ذرية الأرقم بن أبي الأرقم- كما في "طبقات ابن سعد": "إني لأعلم اليوم الذي وقعت –أي الدار- في نفس أبي جعفر المنصور، اشتراها وجعلها لأم ولديه الخَيْزُران".
يقول يحيى: "إنه –أي أبا جعفر المنصور- وهذا خبر جاء عرضاً، -والأخبار التي تأتي عرضاً في كتب السيرة والتاريخ لها مصداقية وغالباً لا تقبل التزوير ولا التزييف- يقول يحيى بن عمران: وكانت داره في الصفا –إذ كان الصفا جبلاً وكان فيه دور- يقول: إني لأعلم اليوم الذي وقعت فيه –أي الدار- في نفس أبي جعفر إنه ليسعى بين الصفا والمروة في حجةٍ حجّها ونحن على ظهر الدار في فسطاس فيَمُر تحتنا لو أشاء أن آخذ قلنسوة لو كانت عليه لأخذتها –يعني أن الدار بجانب المسعى- ولو أردت أن أمسك رأسه لفعلت، -وهذا دلالة على أن المسعى كان فيه حارات وشوارع، والمسعى جبل واسع- وإنه لينظر إلينا من حين يهبط بطن الوادي حتى يصعد إلى الصفا .. " إلخ كلامه.
فمن تلك الفترة وقعت الدار في نفس أبي جعفر المنصور فاشتراها.
يقول ابن جرير في تفسير قوله تعالى: (إن الصفا والمروة) [البقرة: 158] إن الصفا حجر أملس، وإن المروة جمع مروة والمروة الحجر الصغير يقول في (الجزء الثاني ص709 – ط هجر) وإنما عنى الله تعالى ذكره (الصفا والمروة) [البقرة: 158] في هذا الموضع الجبلين المسمين الذين في حرمه دون سائر الصفا والمروة، فالأحكام إذاً معلقة بالجبل، والجبل غالباً تكون مساحته واسعة قال ولذلك دخل فيهما الألف واللام ليعلم عباده أنه عني بذلك الجبلين المعروفين بهذين الاسمين دون سائر الأصفاء والمرو، والشاهد أن الشرع علق السعي بالجبلين فمتى وقع السعي بين مسمى الجبلين أجزأ، ومنهم من اشترط أن تكون الطريق في السعي طريقاً معهودة موصولة يكون فيها الحجيج.
والخلاصة أنّ الكلام على المسعى طويل وكثير، وقد قمت بدراسةٍ وحققت فيها رسالة الشيخ المعلمي اليماني –رحمه الله- وعلقت عليها كثيراً، وقد مدّ القلم وأرخيت له العنان، وذكرت ما يمكن أن يرجِّح القول بالجواز متابعاً إياه في ذلك، وأشرت إلى المخالفين، وتبقى المسألة فيها خلاف، والقضاء على البلبلة لا يمكن أن يقع إلا من خلال كلمة تصدر من هيئة معتبرة عند أهل العلم تجتمع فيها الآراء وتقطع فيها جهيزة كل خطيب، لأن هذه المسألة خطيرة ومهمة ولها أثر على ركن من أركان الإسلام وهو الحج، وأسأل الله عز وجل أن يوفق علماء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/334)
المسلمين لأن تجتمع كلمتهم في هذا الباب وغيره، وسأعمل قريباً إن شاء الله على نشر رسالة المعلمي اليماني -رحمه الله- بضميمة تعليقاتي عليها، أسأل الله عز وجل أن يجعل فيها غنية أو بلاغاً من عيش، والله تعالى أعلم وأحكم.
والخلاصة أنه لا حرج في السعي في المسعى الجديد، وأن المسعى الجديد هو في زيادة يشملها المسعى لأن النبي سعى في مكان واحد وهذا المكان لا نعرفه، وهاجر –كما قال ابن عباس في البخاري- سعت في مكان معين فلو كان لا يجزئ هذا السعي إلا فيه، لحجرنا واسعاً، وضيقنا على الناس بما لا طائل تحته، ولا فائدة منه، إذ لا أثر ولا مستند عليه وله.
والعبرة أن يكون السعي بين الصفا والمروة، وقضت سنة سبحانه أن لا يحدد الرواة مكان سير رسول الله، ولا مكان سير هاجر، وألهم نبيّه محمداً أن يسعى ماشياً أحياناً وراكباً أحياناً، ليعلم أمته أن العبرة ليست في تتبع آثار الأقدام، ولا في الخط الذي سارت فيه، بل في سعيه راكباً دليل على عدم اشتراط مس الأقدام للمسعى، وأنه لو وضع عليه ردم فانتفخ، أو قطع الجبل، وأزيل ارتفاعه، وسعي في أصل أرضه لجاز، بل في سعيه راكبا إشارة –والله أعلم- إلى جواز السعي في الأدوار العلوية، فتأمل!
ويستفاد من ذلك أيضاً صحة السعي مع تغير تضاريس الجبلين الصفا والمروة وبوجود الردم والهدم مع مرور الزمن كما حصل في التوسعة السعودية قبل الأخيرة التي وقعت سنة 1375هـ بدأوا يحفرون وينزلون في أرض المسعى حتى وجدوا الأدراج، والذي يقرأ كتب الفقهاء في الحج يجد أنه يجب عليه أن يصعد على الدرج والآن ليس هناك درج، وقبل فترة قصيرة كانت هناك أدراج والأدراج الأولى دفنت ثم بنوا أدراجاً جديدة، ويقول صاحب "التاريخ القويم" -الكردي-: "المسافة التي كانت بين الأدراج التي رأيناها بعد الحفر قرابة المترين" والجبل قمة وقاعدة الجبل أوسع من رأس الجبل، فإذا سعينا على رأس الجبل نسعى في مكان ضيق، فإذا قطعنا رأسه وسعينا في قاعدته اتسع المكان ثم السعي.
فالعبرة بالسعي أن يكون بين جبل الصفا وجبل المروة ويبعد واقعاً وعقلاً أن يكون الجبل ممتداً فقط عشرين متراً، واليوم عرض المسعى بالضبط عشرون متراً، ولو كان كذلك، فيبعد أن يكون الجبلان (الصفا) و (المروة) يقابل بعضهما بعضاً بمسافة واحدة، لا يخرج هذا عن حدِّ هذا في العرض، ولو كانا كذلك لما ترك العلماء التنصيص على ذلك، وقد ذكر غير واحد أن المروة بإزاء الصفا بمعنى أن عرض كل منهما ليس بمتساوٍ تماماً، وهذا يدل دلالة واضحةً أن حال المسعى اليوم من حيث العرض من جراء الحفريات، فاقتطع من الجبلين مسافة تسامت الأخرى، وأن عرض كل منهما ممتد، على ما شهد به مجموعة من الثقات، ممن شاهد، وبعضهم –كأصحاب كتب الرحلات إلى الديار المقدسة- أقر ذلك، وهم جماعة كبيرة تباينت أمصارهم، وتغايرت أعصارهم، ويستحيل تواطؤهم على الكذب، والموقع الذي فيه المسعى الجديد من ضمن المسافة الممتدة من جهة الشرق، يظهر هذا جليّاً لكل من تابع الشهادات والمشاهدات، سواء المرقومة منها أو المسموعة، والحمد لله رب العالمين.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) وقد نصوا أيضاً على وجوب الصعود على الدرج في حين أن الآن ليس هناك درج وقبل فترة قصيرة كانت هناك أدراج، والأدراج الأولى قد دفنت ثم بنوا أدراجاً جديدة وقد وجدت الأدراج عند بدء الحفر في التوسعة السعودية قبل الأخيرة والتي كانت في عام 1375هـ، وأفاد الكردي في كتابه: "التاريخ القويم": "المسافة التي كانت بين الأدراج التي رأيناها بعد الحفر قرابة المترين"، يريد أن المسعى ارتفع بأسباب الردم الذي تعاقب عليه، ومن المعلوم أن قاعدة الجبل أعرض من رأسه
ـ[طارق علي محمد]ــــــــ[14 - 07 - 08, 04:37 م]ـ
هذه وقفة تأمل مع الطرق التي نسلكها في التعامل المواضيع التي تطرح في المنتدى وقبل كل وقفة احب ان اقرر مبدأوهو ان هذا الملتقى هو للقراءة اولا ثم المحاورة هذا الملتقى للاستفادة من جهود القائمين عليه والمشاركين فيه وهذا مني من باب الاستقراء لمنهجية المنتدى وليس تقرير مبادئ القائمون على هذا المنتدى هم اولى بتقريرها.اما وقفاتي فمنها هذه الوقفة ولدعمها بمثال واضح جلي وهو موضوع توسعة المسعى الردود على هذا الموضوع بلغت 189 والمشاهدات21,049وانا اقف الان احيي كل من شارك وشاهد غير ان ما اريد قوله هو هذا الزخم من الردود التي تجعل القارئ يمر عليها مرور الكرام وهذا ما أدى الى هذه الكثرة من الردود ولو اقتصر الامر على فتاوى العلماء وهي العمدة في هذا الباب لكان خيرا كبيرا من اجل التوثيق والتوثق فربنا يمر المشاهد على الردود ولا يتوعبها وانما يرى منها ما خالف رأيه فيسطر بحثا كاملا في الموضوع الاساس وبهذا يكون قد خرج عن رسم الرد الذي يربط المشاهد بمقالة المردود عليه وهكذا الى ان يتم الموضوع ولكن عدم قراءة الموضوع كاملا وبتأني ادت الى اقتطاع جمل من الرد السابق وبناء موضوع جديد عليها هو ذاته الموضوع الذي سبق وهذا لا يفيد الراد ولا المشاهد لان القراءة اولا تدعم الرد وتجعل منه ردا يحتوي نقاط الضعف في كلام المردود عليه وهكذا اما ان يأتي كل منا بموضوع من عنده ويجعله بهذا الحجم فهذا في وقفتي هذه يدعوا الي التأمل في اسباب ضخامة هذه الردود.وانت تتصفح هذه الردود ترى اغلبها يكاد ينقطع عن سابقه. هذا ما وقفت عليه الى الان وارجو من الاخوة الكرام ان يتفضلوا بنقدهم دون ادنى حرج.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/335)
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[20 - 07 - 08, 03:28 م]ـ
هل من بحث موثق حول حكم السعي هل هو ركن او واجب او سنه بحيث يكون محكم والله من وراء القصد ونحن حرمن العمره بسبب المسعى الجديد والله المستعان
ـ[منير عبد الله]ــــــــ[23 - 07 - 08, 06:07 م]ـ
متى سيفتح المسعى؟؟
ـ[أحمد بن موسى]ــــــــ[24 - 07 - 08, 12:30 ص]ـ
فتوى الشيخ عبد الرحمن البراك: في التوسعة الجديدة وحكم السعي فيها ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=143703)
حكم توسعة المسعى والسعي فيها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، أما بعد:
فقد قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} البقرة158.
الصفا والمروة معلمان من معالم الدين، وشعيرتان من شعائر الله، والطواف بهما من مناسك الحج والعمرة، والطواف بهما هو التردد بينهما تعبدا لله وتأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم، والصفا والمروة لا يحتاجان إلى تفسير إلا لمن لم يرهما لأنه لم يحج أو يعتمر، فمن حج أو اعتمر فإنه يعرفهما بالمشاهدة، وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على أن نسك الطواف بهما لا يصح إلا بينهما، وقد ورث المسلمون موضع الطواف بالصفا والمروة طولاً و عرضاً ميراثاً عمليا، ولم يختلف المؤرخون الذين ذرعوا عرضه اختلافا بيّنا، بل كان ذرعهم متقاربا، وقد نص الفقهاء المتقدمون والمتأخرون على عدم صحة من خرج في سعيه عن عرض المسعى [1]، ولم يقل أحد من الفقهاء والمؤرخين: إن جبلي الصفا والمروة ممتدان شرقاً، مما يدل على بطلان دعوى من ادعى ذلك، فالقول بجواز توسعة المسعى بناءً على امتداد جبلي الصفا والمروة -زعموا- يتضمن تجهيل الفقهاء والمؤرخين بالواقع أو جمهورهم على ما اعتاده الناس من الاقتصار على ذلك المكان المحدود وعدم مراعاة امتداد الصفا والمروة المزعوم، وما ذكره المؤرخون وتمسك به المجوّزون من نقل المسعى عن موضعه لما أراد المهدي توسعة المسجد الحرام لا يجوز أن يكون معناه أنه نَقَل المسعى بطوله من الصفا إلى المروة من ناحية المسجد التي هي الجهة الغربية للمسعى إما بتضييق عرضه أو بدفع مساحته إلى جهته الشرقية، لأن ذلك يقتضي أمرين:
الأول: أن جبلي الصفا والمروة كان لهما امتداد كثير من الجهة الغربية، وكان المسعى بينهما، وهو موضع السعي الذي سعى فيه النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون قبل المهدي، وهذا لم يقله أحد فيما أعلم.
الثاني: أن ذلك يقتضي أن المسعى كان متصلاً بالمسجد من جهته الشرقية في عهد المهدي ومن قبله قبل التوسعة وهذا لا يصح؛ لأن المسعى لم يزل تفصل بينه وبين المسجد بيوت، وكلما حدثت توسعة هُدم منها، وقد أدرك الناس بعض البيوت قبل توسعة الحكومة السعودية في عام 1375 هجرية، كذلك فيما بين باب النبي وباب السلام، وأنا ممن عرف ذلك، فكان القاصد لباب السلام من المسعى يمر بزقاق ضيق عن يمينه وشماله مبانٍ، ومن طريق آخر يمر بمكتبات، والخارج من باب السلام لا يصل إلى المسعى إلاّ من أحد هذين الطريقين. والذي يدل عليه كلام الأزرقي ومن تبعه في شأن توسعة المهدي الثانية أن التوسعة كانت من الجهة الجنوبية للمسجد لأن هذه التوسعة مسبوقة بتوسعة للمهدي نفسه شملت الجهات الثلاث من المسجد: الشرقية والغربية والشامية، مما أدى إلى أن تكون الكعبة في الجانب الجنوبي من المسجد، أي غير متوسطة [2].
وهذا هو الذي حمل المهدي على توسعته من الجهة الجنوبية، ومعلوم أن الجهة الجنوبية لها طرف من الغرب وطرف من الشرق، وهو ما يلي المسعى، وهذا هو الطرف الذي يتكلم عنه المؤرخون، وهنالك دار ابن عباد، وظاهر كلام الأزرقي بل صريحه أن المسيل -أي المكان الذي يجري فيه السيل من أعلى مكة إلى أسفلها- كان يقع جنوبي المسجد متصلاً به، والدور من ورائه [3].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/336)
ومعلوم أن مكان السعي الذي هو الهرولة إنما تكون في بطن الوادي وهو المسيل، فاقتضت توسعة المسجد هدمَ الدور الواقعة جنوبي الوادي وجعلَ المسيل مكانها وإدخالَ أرض المسيل في المسجد، فلزم من ذلك قرب المسيل الذي هو بطن الوادي من الصفا، فلزم من ذلك تغير مكان السعي الذي هو الهرولة أو بعضه، حسبما تقتضيه عبارة الأزرقي وهي قوله: "فهدموا أكثر دار ابن عباد وجعلوا المسعى والوادي فيها" [4].
وأساس الاشتباه على كثير من الباحثين فيما وقفت عليه أن لفظ المسعى يطلق على بطن الوادي لأنه مكان السعي (الهرولة) كما قال جابر رضي الله عنه: (فلما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صعدتا مشى) [5] ويطلق المسعى على ما بين الصفا والمروة، فتوهم كثيرون أن تغيير المسعى الذي ذكر الأزرقي كان شاملاً لطوله، والحق أن كلام الأزرقي لا يتعلق إلا بمكان السعي (الهرولة) وهو بطن الوادي، وهذا هو الصواب المقطوع به، قال ابن القيم: "والظاهر أن الوادي لم يتغير عن وضعه" [6]، وهذا يتعارض مع كلام الأزرقي؛ فإنه صريح في أن الوادي متصل بالمسجد والدُّور من ورائه في الجهة الجنوبية، وقول ابن القيم يقتضي أن الدُّور التي هُدمت لتوسعة المسجد هي متصلة بالمسجد والوادي من ورائها، وعلى قول ابن القيم فإنه لم يتغير موضع السعي الهرولة، والظاهر أن ما ذكره الأزرقي من أن الوادي كان متصلاً بالمسجد والدور من ورائه، ومنها دار ابن عباد من الطرف الشرقي، وأنه هُدم أكثرها وصار بطن الوادي مكانها هو الصحيح، ومعلوم أن ذلك لا يختص بدار ابن عباد، بل هدمت الدور التي هي غرب عنها وجعل الوادي مكانها، وإنما خُصت دار ابن عباد بالذكر؛ لأنها متصلة بالمسعى، ويدل لصحة ما ذكره الأزرقي ما جاء في صحيح البخاري تعليقا أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول: (السعي من دار بني عباد إلى زقاق بني أبي حسين) [7]، وهذا نص في أن دار ابن عباد تقع جنوب الوادي، ويُجمع بين كلام ابن القيم وكلام الأزرقي بأن موضع السعي هو ما بين العلمين، وأن العلمين وُضعا محافظة على موضع السعي الذي سعى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فالذي تغير هو موضع الوادي لا موضع السعي، وإليك نص عبارة ابن القيم في وصفه لسعي النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "ثم نزل إلى المروة يمشي، فلما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا جاوز الوادي وأصعد مشى، هذا الذي صح عنه وذلك اليومَ قِبَلَ الميلين الأخضرين في أول المسعى وآخره" قال: "والظاهر أن الوادي لم يتغير عن وضعه" [8]، وقوله: "وذلك اليومَ" أي: وذلك الموضع الذي سعى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم هو اليومَ قِبَل –أي مقابلَ- الميلين الأخضرين، وقوله: " الميلين الأخضرين في أول المسعى وآخره" يريد: مكان السعي الذي هو الهرولة لا المسعى الذي بين الصفا والمروة، فابن القيم أراد أن المسعى لم يتغير عن وضعه، والأزرقي أراد أن الوادي تغير عن موضعه، وكلاهما صحيح. وعلى هذا فلم يتغير المسعى لا بعناه الشامل ولا بمعناه الخاص وهو مابين العلمين وإنما الذي تغير بطن الوادي
وبعد؛ فتوسعة المسجد من الجهة الشرقية لا وجه لها ولا دليل عليها، وقد اتفق العلماء على عدم جواز السعي خارج المسعى، أعني ما بين الصفا والمروة كما تقدم، وجاء عن الشافعي: لو التوى الساعي إلى زُقاق العطارين لم يصح سعيه [9]، وجرى على ذلك قرار لجنة العلماء الذين نظروا بأمر من المفتي الأسبق الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في حدود المسعى والصفا والمروة بمناسبة توسعة المسجد الحرام، كما جرى على ذلك قرار هيئة كبار العلماء برئاسة مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ في قرارهم ذي الرقم (227) في 22/ 2/1427 المتضمن عدم جواز توسعة المسعى، وقد وفقوا في هذا القرار ولكن امتنع عن التوقيع على القرار اثنان أو ثلاثة، ولعل هؤلاء المشايخ بامتناعهم قد تحملوا مسؤولية ما جرى بعد ذلك من التوسعة في عرض المسعى وما تبع ذلك من اضطراب لدى العامة والخاصة في حكم السعي في التوسعة (المسعى الجديد)، لأن مضي ولي الأمر كان مبنياً على خلاف هؤلاء المشايخ عفا الله عنهم، فيا ليتهم لزموا الجماعة وتمسكوا بما مضى عليه علماء الإسلام وعمل المسلمين عبر القرون إلى أن حدث هذا الخلاف عند البحث في موضوع توسعة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/337)
المسعى.
وأما الذين رأوا جواز توسعة عرض المسعى –أعني الذي بين الصفا والمروة- فأعظم ما استدلوا به واعتمدوا عليه ثلاثة أمور، وما سواها لا يستحق الوقوف عنده:
الأول: ما ذكره المؤرخون من تغيير في المسعى، وقد سبق الجواب عنه، وبيان أن التغيير المذكور لم يكن في عرض المسعى، وأن اعتقاد ذلك غلط ظاهر ووهم لا أساس له إلا اشتباه المسعى الذي هو مكان الهرولة -وهو بطن الوادي- باسم المسعى الشامل لكل ما بين الصفا والمروة.
الثاني: إفادة عدد من كبار السن بأن الصفا والمروة لهما امتداد من الجهة الشرقية، وعلى هذا فالسعي بينهما سعي بين الصفا والمروة، نقول: لو ثبت هذا لكان كافياً عن كل استدلال ولكن هيهات! وقد أجاب العلماء عن ذلك بأمور تدل على بطلان هذا الدليل والاستدلال، وهي:
أ: أن إفاداتهم لم تكن متطابقة، فهي دائرة بين الإجمال والتردد والاقتصار على مشعر الصفا.
ب: أنهم وقت تحملهم -لما سُمِّي شهادة- كانوا صغار السن بين خمسة عشر وخمسة وعشرين عاما، وهم مع ذلك معدودون في العوام ولا خبرة لهم بالأمور الشرعية إذ ذاك، ولم يرد في صك تسجيل أقوالهم ما يدل على رتبتهم في العدالة والعلم، والظاهر أن تسجيل إفاداتهم كان بعد الشروع في التوسعة، فلم تكن التوسعة مبنية على شهادتهم ..
ج: أن تحملهم لهذه الشهادة لم يكن مقصوداً بل كان اتفاقاً، ومعلوم أن الذي يرى الشيء على هذا الوجه لا يكون له به اهتمام بالتحقق من الواقع ومما يراه.
د: أن هذه الشهادة مقابلة بشهادة العلماء في ذلك الوقت الذين كانت أعمارهم بين الستين والثمانين، وبعضهم من علماء مكة أو المقيمين بمكة، وقد أناط بهم سماحة المفتي الأسبق الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله مسؤولية النظر في حدود المسعى، وقد اجتمعوا لذلك، ونظروا في حد عرض المسعى وحد الصفا والمروة، واستعانوا بالمهندسين وأهل الخبرة، وقد كانت تلك المشاعر وما حولها مكشوفة لهم، لأنه قدم هُدم ما حولها من الأبنية، فأصدروا قرارهم التاريخي المبني على الفقه الشرعي وتطبيقه على الواقع المشاهد، ولا يخفى أن شهادة هؤلاء العلماء كما جاء في قرارهم لا يجوز أن تعارض بشهادة أولئك، فإنه لا نسبة بينهما ولا نسبة بين هؤلاء وأولئك في السن والعلم والخبرة والعدالة، ولا نسبة بين شهادة هؤلاء وإفادة أولئك.
الثالث: ومن أدلة مجوزي التوسعة أن جذر جبلي الصفا والمروة قرر المهندسون أنه ذاهب في الأرض شرقاً وغرباً، وعليه؛ فالسعي بين ما يوازي هذا الامتداد لجذر الصفا والمروة سعي بين الصفا والمروة، وقد أجاب العلماء عن ذلك بأن مناط الحكم هو الجبل الظاهر، وامتداد أصل الجبل ليس له حكم الجبل لا شرعاً ولا عرفاً، فمن حلف ألا يقعد على جبل لا يحنث بقعوده على أرض يمتد أصله تحتها، فمثله مثل الشجرة لا يثبت لمالكها ملك ما امتدت إليه عروقها.
وبعد؛ فقد ظهر ضعف هذه الأدلة الثلاثة لمجوزي التوسعة، وما عداها من الاستدلالات فلا يعول عليه، وأما ماطفحت به الصحف من فتاوى وتأييدات للتوسعة ممن يعتد به ومن لا يعتد به فلا يعول عليه، لأن أكثرها ليس مبنيا على خبرة بالواقع، ومن المؤسف أنهم لم يعرجوا على القول الآخر، فكأن القضية عندهم محل إجماع عندهم مع أن القول بعدم جواز التوسعة أقوى وأظهر دليلا.
إذا ثبت ما تقدم فمن المعلوم أن هذا الاختلاف في حكم توسعة المسعى ينبني عليه الاختلاف في حكم السعي في التوسعة (المسعى الجديد)، فمن ذهب إلى جواز التوسعة يقول: إن السعي في المسعى الجديد كالسعي في المسعى المعروف الموروث خلفاً عن سلف، ومن ذهب إلى أنه لا تجوز التوسعة فإنه يلزمه ضرورةً أن يقول: إن السعي في التوسعة لا يصح.
ويتعلق بذلك: مسألةُ حكم السعي بين الصفا والمروة، وفيه لأهل العلم ثلاثة مذاهب مشهورة:
1 - أنه ركن في الحج والعمرة 2 - أنه واجب 3 - أنه سنة. والقول الثالث مرجوح، فيبقى النظر في القولين الأولين
فمن ذهب إلى أنه ركن –وهو الذي عليه كثير من العلماء وعليه الفتوى- فيقول: إن الحج والعمرة لا يتمان بدونه، ومن قال إنه واجب يقول: إن تركه يجبر بدم كسائر واجبات الحج والعمرة، وعلى هذا فإذا تعذر السعي في المسعى المعروف كالحال الراهنة [10]، فمن قال إنه ركن يقول: لا ينبغي الشروع في العمرة مع العلم بعدم القدرة على إتمامها.
ومن قال إن السعي ليس بركن بل واجب فإنه يمكن أن يعتمر ويُهدي لتعذر السعي، ويمكن أن يقال: إنه واجب سقط بالعجز عنه. أ
ما القائلون بجواز التوسعة فلا ترد عندهم مسألة حكم السعي في الحج والعمرة. هذا كله متعلق بأهل النظر والاستدلال. أما عامة الناس فهم على ذمة من أفتاهم، ووجود المسعى الجديد فتوى عملية، وعلى من سئل عن السعي فيه أن يفتي بما يدين لله به ويعتقد أنه الحق، وعليه أن ينصح لسائليه ويدلهم على ما يراه صواباً.
هذا ونسأل الله لولي أمرنا أن يوفقه إلى الرجوع إلى ما قرره أهل العلم في هذه البلاد ومضى عليه علماء الأمة وعمل المسلمين، والله الهادي إلى سواء السبيل. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى وآله وصحبه أجمعين.
______
[1] المجموع للنووي (8/ 102). الإيضاح في مناسك الحج له أيضا (290) (مع حاشية الهيتمي). بحر المذهب للروياني (5/ 173). نهاية المحتاج للرملي (3/ 291) شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/ 599) الإعلام للقطب الحنفي (103) أضواء البيان للشنقيطي (5/ 253).
[2] أخبار مكة للأزرقي1/ 608 (تحقيق الشيخ عبدالملك ابن دهيش)
[3] السابق1/ 609
4السابق 1/ 611
[5] رواه مسلم 1218
[6] زاد المعاد2/ 228
[7] رواه البخاري (كتاب الحج باب ما جاء في السعي بين الصف والمروة)
[8] زاد المعاد (2/ 228)
[9] ينظر: المجموع للنووي (8/ 102). بحر المذهب للروياني (5/ 173). شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/ 599). مواهب الجليل شرح مختصر خليل (4/ 118). المسلك المتقسط في المنسك المتوسط لملا علي القاري (192). أضواء البيان للشنقيطي (5/ 253).
[10] هذا المسعى مغلق الآن لعمارته ووصله بالمسعى الحديث.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/338)
ـ[أبو محمد]ــــــــ[28 - 07 - 08, 11:11 ص]ـ
بارك الله في الشيخ عبد الرحمن ونفع بعلمه .. بيان مؤصل.
ـ[مزمار داوود]ــــــــ[06 - 08 - 08, 01:13 ص]ـ
ايها الاخوة السعي بين جميع مساحة الصفا والمروة دليله واضح وهو قول الله تعالى يقول ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما وهذه الاية دليل صريح ان كل ما بين جبلي الصفا والمروة فهو مسعى اما الدليل على ان عرض ما بين الصفا والمروة اربعين مترا فهذا لا يحتاج الى دليل من القران لكن هذا يعرف بالنظر الى امتداد الجبلين بالعين المجردة وهذا لا يمكن الان لأن الجبلين قد وقع فيهما هدم وتغيير اضاع معالمهما لكن الله تعالى لما اراد حفظ هذا الدين وشعائره ابقى رجالا ادركوا امتداد الجبلين قبل ان يقع فيهما الهدم والتغيير والشيخ عويد المطرفي حفظه الله هو اصغر هؤلاء سنا وعمره الان ست وسبعون سنة وقد ادرك الجبلين قبل التغيير مع الشيخ عويد عدد من الشيوخ واجتمعت كلمتهم على ان امتداد الجبلين كان نحوا من اربعين مترا واثبتت شهادات هؤلاء الشيوخ وهذا من حفظ الله لهذا الدين ان هؤلاء الشيوخ لم يموتوا حتى اثبتوا للمسلمين حدود الصفا والمروة والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات فارجوا من عامة المسلمين الا يشكوا في هذا المسعى الجديد فإنه حق والله تعالى حافظ دينه
ـ[ابو هبة]ــــــــ[06 - 08 - 08, 01:43 ص]ـ
متى سيفتح المسعى؟؟
نعم, متى يفتتح المسعى الجديد؟
ـ[أبو محمد]ــــــــ[06 - 08 - 08, 12:27 م]ـ
أخي الكريم مزمار داوود .. يبدو أنك لم تقرأ شيئا من هذا الموضوع .. فآمل منك التكرم بذلك .. فقد قُتلت مسألة الشهود هذه بحثا .. ونوقشت من أوجه كثيرة تُبين أنها حجة ضعيفة .. وأحيلك في هذا إلى بحث: كلمة حق في توسعة المسعى للدكتور صالح سندي، وبحث: حسن المسعى للشريف الصمداني.
______
أخي الكريم أبا هبة .. قرأت في الصحف منذ مدة أن المشروع سيُفتتح في رمضان .. فإن صح هذا فسوف يكون السعي متاحا في المسعى القديم في رمضان بعون الله.
ـ[ابو هبة]ــــــــ[06 - 08 - 08, 05:34 م]ـ
أخي الكريم مزمار داوود .. يبدو أنك لم تقرأ شيئا من هذا الموضوع .. فآمل منك التكرم بذلك .. فقد قُتلت مسألة الشهود هذه بحثا .. ونوقشت من أوجه كثيرة تُبين أنها حجة ضعيفة .. وأحيلك في هذا إلى بحث: كلمة حق في توسعة المسعى للدكتور صالح سندي، وبحث: حسن المسعى للشريف الصمداني.
______
أخي الكريم أبا هبة .. قرأت في الصحف منذ مدة أن المشروع سيُفتتح في رمضان .. فإن صح هذا فسوف يكون السعي متاحا في المسعى القديم في رمضان بعون الله.
بارك الله فيك. لعلها من دواعي التعجيل بالعمرة.
ـ[أبو فرحان]ــــــــ[06 - 08 - 08, 11:19 م]ـ
من باب الإضافة و الإثراء فحسب:
الشيخ عبدالله الركبان أجاز السعي بالمسعى الجديد، و ذلك في برنامج الجواب الكافي (يوم جمعة) قبل حوالي أسبوعين، و الشيخ عضو اللجنة الدائمة
ـ[أبو محمد]ــــــــ[07 - 08 - 08, 12:59 ص]ـ
من باب الإضافة و الإثراء فحسب:
الشيخ عبدالله الركبان أجاز السعي بالمسعى الجديد، و ذلك في برنامج الجواب الكافي (يوم جمعة) قبل حوالي أسبوعين، و الشيخ عضو اللجنة الدائمة
شكرا على الإضافة أخي الكريم أبا فرحان .. ومن باب التوضيح الشيخ الركبان وفقه الله عضو سابق في الإفتاء .. أما حاليا فلا.
ـ[الوسيط]ــــــــ[07 - 08 - 08, 11:14 ص]ـ
منذ يومين تقريبا: (اضافة وسؤال)
إحدى الاخوات (مصرية) سألت سماحة المفتي العام في برنامج سؤال على الهواء (هل يجوز ناخذ عمرة ونسعي في السعي الجديد) فأجاب حفظه الله (نعم اذهبي للعمرة وأسعي مع الناس) ..
علما بأنه في السابق اذا سئل هل يجوز السعي في المسعى الجديد يقول (قد اجازه بعض العلماء).
عندي سؤال: اذا رفض اهل الرفض السعي في المسعى الجديد في موسم الحج القادم هل سيكون هناك تصادم معهم، واذا حصل ما هي الاجراءات التي سوف تتبع (علما بانهم يقولون - ولا عبرة بقولهم - بان السعي لا يجوز الا في الدور الارضي وفي المسعى القديم) وما هو رأي من اجاز السعي في المسعى الجديد اذا حصلت مصادمات؟
بارك الله فيك اخي الكريم ابا محمد وفي الجميع
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[07 - 08 - 08, 10:52 م]ـ
فمن اتقى الشبهات فقد استبرئ لدينه وعرضه
علماء افاضل كا اللحيدان وغيرهم لا يؤخذ بكلامه والله غريب
ـ[ابو يعقوب العراقي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 09:57 م]ـ
السلام عليكم
اخواني سمعت خبرآ ممن كان حاضرا في معرض سوريا للكتب الذي اقيم قبل شهر تقريبا ولا اعرف هل قديم هذا ام جديد وهو:
سوف يصدر كتاب بعنوان
) المسعى الحميد في المسعى الجديد (
لمشهور
ـ[أبو محمد]ــــــــ[23 - 08 - 08, 02:29 ص]ـ
وقفت على موقع متخصص في موضوع المسعى الجديد .. جمع -فيما أظن- جميع فتاوى وبحوث المانعين من المسعى المحدث ..
وتضمن أيضا مقالات لمؤسسه فيها مناقشات لجملة من المجيزين .. كالشيخ مشهور، والشيخ سلطان العيد، والشيخ العبيكان، والشيخ ياسر برهامي، والشيخ صالح المغامسي، والشيخ ابن جبرين ..
كما احتوى صورا وخرائط نافعة ..
الموقع في الجملة مفيد لطالب العلم.
اسم الموقع: المنيرة .. ومؤسسه: الشيخ حاتم الفرائضي وفقه الله
http://7sfa.blogspot.com/
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/339)
ـ[خليل اليوسف]ــــــــ[23 - 08 - 08, 06:06 م]ـ
ذكر الشيخ علوي السقاف -حفظه الله- في مقالها هنا:
http://dorar.net/weekly_tip.php?tip_id=48
أنه اطلع على صور جيولوجية على مشروعية المسعى وأن جمع من كبار السن من أهالي مكة شهدوا أن المسعى ممتد إلى التوسعة الجديد، وقال أنها أقوى ما يستدل به من جوز.
فهل هذه الصور الجيولوجية متوفرة على الشبكة؟؟؟
==============================================
يقصد اقوى مايستدل به المجيزون للتوسعة
جزاك الله خير
ـ[خليل اليوسف]ــــــــ[23 - 08 - 08, 06:30 م]ـ
وهذا كلام قيم للشيخ علوي بن عبدالقادر السقاف في توسعة المسعى وقد جمع ادلة المانعين والمجيزين بكلام مرتب مفيد .....
وقفات مع موضوع المسعى الجديد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
بادئ ذي بدء أود التنويه إلى أن هذه الوقفات ليست فتوى بصحة السعي في المسعى الجديد أو بطلانه، ولا هي بحث علمي يسرد الأدلة ويناقشها، ولكنها توصيف للحال وتكييف للمشكلة وتوضيح للموقف الذي ينبغي أن يتخذه المسلم إزاءها.
الوقفة الأولى:
أن هذه القضية معضلة وليست بالهينة، ونازلة من النوازل التي ما ينبغي أن يفتي فيها متوسطو طلبة العلم فضلاً عن صغارهم، وما ينبغي أن يُترك من هب ودب من الإعلاميين وغيرهم يخوضون فيها بجهل أو هوى أو لأطماع شخصية.
الوقفة الثانية:
أنها قضية تمس ركناً من أركان الإسلام، وعبادة من أشرف العبادات (الحج والعمرة)، فعلى المسلم ألاَّ يستخف بها ويبحث عن أيسر الفتاوى فيها، بل عليه أن يتحرى أصوبها وأحوطها ولا يغتر بكثرة المفتين والمؤيدين، لكن عليه أن ينظر في أقوال أكثرهم علماً وورعاً، وأحرصهم على اتباع السنة.
الوقفة الثالثة:
على طالب الحق ألا يغتر بما تتناقله وسائل الإعلام من مجلات وصحف وإنترنت وغيرها فهذه ليست مصادر لتلقي العلم إلا ما كان منها منقولاً عن الثقات الأثبات.
الوقفة الرابعة:
أصل الخلاف في المسألة قضيتان:
الأولى: هل نحن مقيدون في السعي بين الصفا والمروة بعرضهما أم يجوز الخروج عنهما بما يقاربهما أو يحاذيهما؟
والثانية: كم عرض الصفا والمروة وهل يتسعان فتشملهما التوسعة الجديدة أم لا؟
لذلك انقسم المتكلمون في هذه المسألة إلى ثلاث فئات:
الأولى: ترى جواز السعي خارج عرض جبلي الصفا والمروة.
والثانية: ترى أنه لابد من السعي بين الجبلين عرضاً وطولاً ولكنهم يرون أن عرضهما يتسع ليشمل المسعى الجديد وزيادة، وهاتان الفئتان تجوِّزان السعي في المسعى الجديد.
والثالثة: ترى أنه لابد من السعي بين الجبلين عرضاً وطولاً وأن المسعى الجديد خارج عرض الجبلين من جهة الشرق المقابلة للكعبة من الجهة الأخرى، وبالتالي فهم لا يجيزون السعي في المسعى الجديد.
الوقفة الخامسة:
أن غالبية هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية إضافة إلى علماء كبار ليسوا فيها، هم من الفئة الثالثة. وحجتهم أنه ثبت تاريخياً أن عرض المسعى ستة وثلاثون ذراعاً تقريباً أي ما يعادل 20 متراً وهو عرض المسعى الحالي بعد آخر توسعة حصلت له عام 1375هـ، وأن الجدار القائم وضع بفتوى من سماحة مفتي المملكة آنذاك الشيخ محمد بن إبراهيم بعد أن كلف لجنة عاينت الموقع وحددت عرض الصفا وبناء على هذه الفتوى تمت التوسعة المذكورة آنفاً، وهذا أقوى دليل لدى المانعين.
الوقفة السادسة:
أنه صدرت خلال الأشهر الماضية فتاوى لبعض العلماء وبحوث علمية لبعض طلبة العلم ودراسات تاريخية وجغرافية وجيولوجية وتقارير هندسية لمنطقة المسعى وتم توثيق شهادة عدد من كبار السن من أهالي مكة لدى المحكمة بمكة يشهدون أن المسعى ممتد إلى التوسعة الجديدة، وهذا أقوى أدلة المجيزين، وقد قرأت هذه الفتاوى والبحوث، وتناقشت مع عدد ممن لديهم الصور والخرائط والتقارير الجغرافية والجيولوجية واطلعت على شهادة الشهود.
الوقفة السابعة:
أن وسائل الإعلام نقلت لنا تأييد عدد كبير من علماء ومفتي العالم الإسلامي لبناء التوسعة الجديدة وأغلبهم علق ذلك بالمصلحة والتوسعة على الحجاج والمعتمرين، وهذا فيه دلالة على أحد أمرين: إما أن يكون هذا المؤيِّد لم يحط علماً بالقضية ويظن –ثقة- أن المسعى الجديد لا يخرج عن عرض الصفا، أو أنه ممن لا يرون بأساً بالسعي خارج الصفا تيسيراً على الناس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/340)
الوقفة الثامنة:
أن علماء الشيعة كبارهم وصغارهم مختلفون كذلك فمنهم المجيز ومنهم المانع، وإنما ذكرتهم –مع أنه لا يُعتد بفقههم- لما لهم من ثقل سياسي وحضور كثيف في الحج والعمرة وقد يكون له تأثير في مسار القضية.
الوقفة التاسعة:
إن أعمال التوسعة للمسعى حتى كتابة هذه السطور تسير على قدم وساق، ليل نهار، وما هي إلا أشهر ويصبح المسعيان الجديد والقديم - بعد إعادة بنائه- جاهزين للاستخدام وتتحول القضية من نقاش علمي نظري إلى تطبيق عملي وسيسأل الناس نحج أم لا نحج؟ نعتمر أم لا نعتمر؟ نسعى أم لا نسعى؟ وكيف نسعى؟
الوقفة العاشرة:
وهي بيت القصيد، ما موقف المسلم من كل ما يجري؟ وما العمل الآن؟ وما المتوقع أن يحصل في الأشهر القليلة القادمة؟ وما الذي سيسفر عنه هذا الخلاف القائم اليوم؟ وهذه كلها أسئلة تحتاج إلى إجابة:
أولاً: من الناحية الشرعية فلن يعدو الأمر ثلاث احتمالات:
1 - أن يقتنع المانعون بأدلة المجيزين ويصدروا فتوى بالجواز (ولو بالأغلبية)
2 - أن يقتنع المجيزون بأدلة المانعين ويتراجعوا عن أقوالهم (ولو بالأغلبية) وأعني بهم العلماء وبعض طلبة العلم الذين كتبوا بحوثاً علمية في الموضوع أما أصحاب الإشادة والتهنئة والتبريك فليسوا من أهل هذه المسائل في قبيل ولا دبير.
3 - أن يبقى كلٌ على رأيه. وإن تراجع بعض هؤلاء وبعض هؤلاء بما لا يؤثر في رفع الخلاف.
ثانياً: من الناحية العملية فلن يعدو الأمر ثلاثة احتمالات أيضاً وهي تبع للناحية الشرعية:
1 - في حال اقتناع المانعين بأدلة المجيزين فالأمر واضح، وسيمضي المشروع كما خُطط له وسيسعى الناس في المسعى الجديد (إلا قليل منهم ولا حكم لهم)
2 - في حال اقتناع المجيزين بأدلة المانعين فالأمر أيضاً واضح وسيكون السعي في المسعى القديم بعد أن يكون قد تم تجديده آنذاك، أما مبنى المسعى الجديد فستكون له وظيفة أخرى يحددها المسئولون عن إدارة المسجد الحرام.
3 - الحالة الثالثة وهي بقاء كلٍّ من الفريقين – أو أغلبهم- على رأيه، فها هنا لا يخلو الأمر من حالين:
الحال الأول: أن يمضي الأمر بما يوافق رأي المانعين فيؤول الأمر إلى ما ذُكر قبل قليل وهو: حال اقتناع المجيزين بأدلة المانعين
الحال الثانية: أن يمضي الأمر بما يوافق رأي المجيزين وهنا لا يخلو من حالين أيضاً:
الأول: أن يكون المسعى الجديد في اتجاه واحد من الصفا إلى المروة والقديم في اتجاه واحد أيضاً من المروة إلى الصفا –وهذا هو ما صُمم له حسب اطلاعي على المخططات- وهنا لا بد أن يكون للعلماء المانعين وقفة مع الحدث وفتوى تتناسب مع هذه النازلة ومع الوضع القائم.
الثاني: أن يكون كلٌّ من المسعيين القديم والجديد باتجاهين، فيكون السعي في مبنى المسعى الجديد من باب الاختيار لا الإجبار، وهنا سيقلد الساعون من يثقون في فتواه وسيتبع بعضهم الأيسر له دون النظر في الحكم كما هو الحال في السعي في الطابق العلوي.
وعليه فالخوض في هذا الآن ليس مجدياً وفيه تضييع للأوقات، كما أنه ليس من الحكمة التسرع في إطلاق الأحكام واتخاذ موقف قد يندم عليه المرء مستقبلاً.
الوقفة الحادية عشرة:
ما العمل الآن وقد تم هدم المسعى القديم ولا يوجد إلا المسعى الجديد ومن العلماء من يفتي بجواز وإجزاء السعي فيه ومنهم من يفتي ببطلانه؟
والجواب أنه مادام الأمر كذلك فلا يخلو الأمر من حالات ثلاث:
1 - أن يكون المرء مقتنعاً بقول المانعين فلا يسعه خلافه ولا يجزئه السعي.
2 - أن يكون المرء مقتنعاً شرعاً لا هوىً بقول المجيزين فيقلدهم وكلٌّ يتحمل مسئولية فتواه.
3 - أن يكون متردداً ولم يظهر له رجحان أحد القولين فهذا الأولى في حقه الأخذ بالأحوط وبما عليه الأكثر علماً واتباعاً للسنة.
بقي أمرٌ آخر، وهو: هل هذا الاختلاف من الأمور الاجتهادية التي يسوغ فيها الخلاف ولا إنكار في مسائل الاجتهاد أم هو من المسائل التوقيفية المنصوص عليها؟
وهذا محله الوقفة الأخيرة.
الوقفة الأخيرة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/341)
هذه المسألة المعضلة، والنازلة المجلجلة، من حيث النظر إلى النصوص الشرعية فهي مسألة توقيفية وليست اجتهادية فالسعي بين الصفا والمروة طولاً وعرضاً يكاد يكون محل اتفاق بين العلماء ولو خالف البعض فيه، ومن حيث توصيف الحال وهل المسعى الجديد يقع ضمن الصفا والمروة أم خارجهما؟ فمحل نظر وبحث واجتهاد وعليه يدور الخلاف.
وبالنظر إلى أدلة الفريقين تبين أن أقوى دليل لدى المانعين كما سبق ذكره شهود العيان عند بدء أول توسعة للمسعى بين عامي 1374هـ و 1378هـ وأقوى دليل لدى المجيزين شهود كبار السن الموجودين الآن، وهذه المسألة تحتاج إلى بسط ليس هذا محله، ولكن لا بأس في الاختصار لتتضح الصورة:
(1) أما شهود العيان فكان ذلك عام 1374هـ حيث شُكلت لجنة لمعاينة موضع المسعى ورفعت تقريرها لسماحة مفتي المملكة آن ذاك الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ والذي بناء عليه أصدر فتواه قائلاً: (تأملت قرار الهيئة المنتدبة من لدن سمو وزير الداخلية، وهم فضيلة الأخ الشيخ عبدالملك بن إبراهيم وفضيلة الشيخ عبدالله بن دهيش وفضيلة الشيخ علوي المالكي حول حدود موضع السعي مما يلي الصفا المتضمن أنه لا بأس بالسعي في بعض دار آل الشيبي والأغوات المهدومتين هذه الأيام توسعة، وذلك البعض الذي يسوغ السعي فيه هو ما دفعه الميل الموجود في دار آل الشيبي إلى المسعى فقط وهو الأقل، دون ما دفعه هذا الميل إلى جهة بطن الوادي مما يلي باب الصفا وهو الأكثر؛ فإنه لا يسوغ السعي فيه، فبعد الوقوف على هذا الموضع في عدة رجال من الثقات رأيت هذا القرار صحيحًا، وأفتيت بمقتضاه) (فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم 5/ 132)
والجدير بالذكر هنا أن اللجنة كما في تقريرها اصطحبت معها مهندساً وفنياً وقالت في نهاية التقرير: (هذا ما تقرر متفقاً عليه بعد بذلنا الوسع، سائلين من الله تعالى السداد والتوفيق) ثم وقع الجميع، وهذا يعني أن قرارهم هذا كان إجماعاً منهم كما أنهم بذلوا فيه وسعهم وطاقتهم.
وفي يوم الثلاثاء الموافق 10/ 2/1378هـ شُكلت لجنة أخرى من عدد من المشايخ وأعيان أهالي مكة وهم: الشيخ عبدالملك بن إبراهيم، والشيخ عبدالله بن جاسر، والشيخ عبدالله بن دهيش، والسيد علوي المالكي، والشيخ محمد الحركان، والشيخ يحيى أمان، وبحضور صالح قزاز وعبدالله بن سعيد مندوبي محمد بن لادن لمعاينة مساحة الصفا والمروة، واستبدال الدرج بمزلقان، ونهاية أرض المسعى ومما جاء في تقرير اللجنة: (وبالنظر لكون الصفا شرعًا هو الصخرات الملساء التي تقع في سفح جبل أبي قبيس، ولكون الصخرات المذكورة لا تزال موجودة للآن وبادية للعيان، ولكون العقود الثلاثة القديمة لم تستوعب كامل الصخرات عرضًا. فقد رأت اللجنة أنه لا مانع شرعًا من توسيع المصعد المذكور بقدر عرض الصفا. وبناء على ذلك فقد جرى ذرع عرض الصفا ابتداء من الطرف الغربي للصخرات إلى نهاية محاذاة الطرف الشرقي للصخرات المذكورة في مسامتة موضع العقود القديمة ... ) (فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم 5/ 141)
وجاء في مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم (5/ 138):
(من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم أيده الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
فبناء على أمركم الكريم المبلغ إلينا من الشيخ يوسف ياسين في العام الماضي حول تنبيه الابن عبدالعزيز على وضع الصفا ومراجعة ابن لادن لجلالتكم في ذلك، وحيث قد وعدت جلالتكم بالنظر في موضوع الصفا ففي هذا العام بمكة المكرمة بحثنا ذلك، وتقرر لدي ولدى المشايخ: الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ علوي عباس المالكي، والأخ الشيخ عبدالملك بن إبراهيم، والشيخ عبدالله بن دهيش، والشيخ عبدالله بن جاسر، والشيخ عبدالعزيز ابن رشيد: على أن المحل المحجور بالأخشاب في أسفل الصفا داخل في الصفا، ماعدا فسحة الأرض الواقعة على يمين النازل من الصفا فإننا لم نتحقق أنها من الصفا، أما باقي المحجور بالأخشاب فهو داخل في مسمى الصفا، ومن وقف عليه فقد وقف على الصفا كما هو مشاهد، ونرى أن ما كان مسامتاً للجدار القديم الموجود حتى ينتهي إلى صبة الأسمنت التي قد وضع فيها أصياخ الحديد هو منتهى محل الوقوف من اليمين للنازل من الصفا. أما إذا نزل الساعي من الصفا فإن الذي نراه أن جميع ما أدخلته هذه العمارة الجديدة فإنه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/342)
يشمله اسم المسعى، لأنه داخل في مسمى ما بين الصفا والمروة، ويصدق على من سعى في ذلك أنه سعى بين الصفا والمروة. هذا وعند إزالة هذا الحاجز والتحديد باللذي ينبغي حضور كلاً من المشائخ: الأخ الشيخ عبدالملك، والشيخ علوي المالكي، والشيخ عبدالله بن جاسر والشيخ عبدالله بن دهيش، حتى يحصل تطبيق ما قرر هنا، وبالله التوفيق)
وعندما أرادت الدولة السعودية عام 1393هـ توسعة المسعى أصدرت هيئة كبار العلماء وقتها فتوى بجواز السعي فوق سقف المسعى نظراً لأن المسعى قد استوعب مابين الصفا والمروة طولاً وعرضاً وجاء في الفتوى: (وبعد تداول الرأي والمناقشة انتهى المجلس بالأكثرية إلى الإفتاء بجواز السعي فوق سقف المسعى عند الحاجة، بشرط استيعاب ما بين الصفا والمروة، وأن لا يخرج عن مساحة المسعى عرضاً)
وكل هذا يعني أن حدود نهاية الصفا قد تم تحديدها منذ ذلك الوقت وبناء عليه تم بناء الجدار الواصل من الصفا إلى المروة لذلك كان يفتي العلماء بعد ذلك ببطلان من سعى خارج هذا الجدار.
(2) وأما شهود الحال فقد وُثقت شهادة سبعة من كبار السن من أهالي مكة بالمحكمة العامة بمكة المكرمة وصدر بها صك شرعي بتاريخ 24/ 12/1427هـ جاءت شهاداتهم على النحو التالي:
1 - فوزان بن سلطان بن راجح العبدلي الشريف من مواليد عام 1349هـ، قرر قائلاً: إنني أذكر أن جبل المروة يمتد شمالاً متصلاً بجبل قعيقعان وأما من الجهة الشرقية فلا أتذكر وأما موضوع الصفا فإنني أتوقف.
2 - عويد بن عياد بن عايد الكحيلي المطرفي، من مواليد عام 1353هـ، قرر قائلاً: إن جبل المروة كان يمتد شرقاً من موقعه الحالي بما لا يقل عن ثمانية وثلاثين متراً، وأما الصفا فإنه يمتد شرقاً بأكثر من ذلك بكثير.
3 - عبد العزيز بن عبدالله بن عبدالقادر شيبي، من مواليد عام 1349هـ، قرر قائلاً: إن جبل المروة يمتد شرقاً وغرباً وشمالاً ولا أتذكر تحديد ذلك بالمتر، وأما الصفا فإنه يمتد شرقاً بمسافة طويلة حتى يقرب من القشاشية بما لا يزيد عن خمسين متراً.
4 - حسني بن صالح بن محمد سابق، من مواليد عام 1357هـ، قرر قائلاً: إن جبل المروة يمتد غرباً ويمتد شرقاً بما لا يقل عن اثنين وثلاثين متراً. وكنا نشاهد البيوت على الجبل ولما أزيلت البيوت ظهر الجبل وتم تكسيره في المشروع، وأما جبل الصفا فإنه يمتد من جهة الشرق بأكثر من خمسة وثلاثين أو أربعين متراً.
5 - محمد بن عمر ابن عبدالله زبير، من مواليد عام 1351هـ، قرر قائلاً: إن المروة لا علم لي بها وأما الصفا فالذي كنت أشاهده أن الذي يسعى كان ينزل من الصفا ويدخل في برحة عن يمينه، وهذه البرحة يعتبرونها من شارع القشاشية ثم يعود إلى امتداد المسعى بما يدل على أن المسعى في تلك الأماكن أوسع.
6 - درويش بن صديق بن درويش جستنيه، من مواليد عام 1357هـ، قرر قائلاً: إن بيتنا سابقاً كان في الجهة الشرقية من نهاية السعي في المروة وكان يقع على الصخور المرتفعة التي هي جزء من جبل المروة، وقد أزيل جزء كبير من هذا الجبل بما في ذلك المنطقة التي كان عليها بيتنا وذلك أثناء التوسعة التي تمت في عام 1375هـ، وهذا يعني امتداد جبل المروة شرقاً في حدود من خمسة وثلاثين إلى أربعين متراً شرق المسعى الحالي، وأما الصفا فإنها كانت منطقة جبلية امتداداً متصلاً بجبل أبي قبيس ويعتبر جزءاً منه وكنت أصعد من منطقة السعي في الصفا إلى منطقة أجياد خلف الجبل.
7 - محمد بن حسين بن محمد سعيد جستنيه، من مواليد عام 1361هـ، قرر قائلاً إن جبل المروة كان يمتد من الجهة الشرقية والظاهر أنه يمتد إلى المدعى وأما جبل الصفا فإنه يمتد شرقاً أيضاً أكثر من امتداد جبل المروة.
والملاحظ على هذه الشهادات أنها غير متطابقة فمنهم من لا يذكر الامتداد، ومنهم من أثبت الامتداد ولا يذكر المسافة، والذين أثبتوها على خلاف كم هي؟ ولم يتفق اثنان على قول واحد، وإن كان الغالبية يرون –حسب ذاكرتهم- أن هناك زيادة على الموجود حالياً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/343)
وخلاصة الأمر أن دليل المانعين القوي هو شهود العيان قبل البدء في أول توسعة عام 1375هـ ودليل المجيزين القوي هو شهادة الشهود بعد ذلك بـ 54 عاماً، ولكلٍ منهما أدلة أخرى لا ترفع الخلاف، من ذلك نقل المانعين لأقوال عدد من العلماء وخاصة علماء الشافعية والتي منها ما ذكره النووي في (المجموع) (8/ 76): (قال الشافعي والأصحاب: لا يجوز السعي في غير موضع السعي فلو مر وراء موضع السعي في زقاق العطارين أو غيره لم يصح سعيه لأن السعي مختص بمكان فلا يجوز فعله في غيره كالطواف، قال أبو علي البندنيجي في كتابه (الجامع): موضع السعي بطن الوادي، قال الشافعي في القديم: فإن التوى شيئاً يسيراً أجزأه وإن عدل حتى يفارق الوادي المؤدي إلى زقاق العطارين لم يجزئه) انتهى.
ومن ذلك أيضاً قول الرملي الشافعي كما في (نهاية المحتاج شرح المنهاج) (3/ 383): (إن الواجب استيعاب المسافة التي بين الصفا والمروة كل مرة، ولو التوى في سعيه عن محل السعي يسيراً لم يضر كما نص عليه الشافعي رضي الله عنه).
فقول الشافعي: (إن التوى شيئاً يسيراً أجزأه) مفهومه: لو التوى كثيراً لم يجزئه فكيف بالعشرين متراً وهي زيادة المسعى الجديد؟!
وغيرها من الأقوال الموجودة في مظانها من كتب الفقه وذكرها عدٌد ممن كتب في هذا الموضوع بتوسع وليس هنا محل التفصيل فيها.
لذلك ختمت اللجنة -التي تمت الإشارة إليها وفيها عددٌ من علماء وأعيان الحجاز ونجد- تقريرها بقولها: (وحيث أن الحال ما ذكر بعاليه، ونظراً إلى أنه في أوقات الزحمة عندما ينصرف بعض الجهال من أهل البوادي ونحوهم من الصفا قاصداً المروة يلتوي كثيراً حتى يسقط في الشارع العام فيخرج من حد الطول من ناحية باب الصفا والعرض معاً ويخالف المقصود من البينية بين الصفا والمروة. وحيث أن الأصل في السعي عدم وجود بناء وأن البناء حادث قديما وحديثا. وأن مكان السعي تعبدي، وأن الالتواء اليسير لا يضر، لأن التحديد المذكور بعاليه العرض تقريبي، بخلاف الالتواء الكثير كما تقدمت الإشارة إليه في كلامهم فإننا نقرر ما يلي: ......... )
كما استشهد المانعون بذرع عددٍ من المؤرخين عرض المسعى كالأزرقي والفاكهي وغيرهما وقد نصوا أنه خمسة وثلاثون ذراعاً ونصف ذراع، أي ما لا يزيد عن عشرين متراً وهو عرض المسعى القديم.
أما المجيزون فمن أدلتهم الأخرى أن الصفا والمروة كانا أكبر مما هما عليه الآن، وأن الفقهاء لم يحددوا عرض المسعى، وأن المؤرخين اختلفوا فيه وأن لديهم دراسة جيولوجية وخريطة تم إعدادها قبل عشرين عاماً توضح امتداد جبل الصفا إلى جبل أبي قبيس، الخ. ولكن يبقى كما سبق ذكره أن أقوى أدلة لدى الطرفين: شهود العيان عام 1375هـ وشهود الحال الآن.
وبعد:
فعلى المسلم أن يتحرى الصواب ولا يتعصب لرأي أو شخص، فالمسألة لها ما بعدها سنين عديدة وعليه أن يحذر من أن يأخذه الحماس والعاطفة والتعصب لرأي دون آخر، وليتذكر الوقوف بين يدي الله تعالى وألا يجعل ما يتوهم أنه مصلحة أو تيسير على الناس هو الفيصل في القضية، كما لا يضيق على الناس ما يسَّره الله وأباحه لهم.
وأختم بكلام للشيخ محمد بن إبراهيم يتناسب مع هذا المقام حيث قال كما في مجموع فتاويه (5/ 146): (إنه يتعين ترك الصفا والمروة على ما هما عليه أولاً، ويسعنا ما وسع من قبلنا في ذلك، ولو فتحت أبواب الاقتراحات في المشاعر لأدى ذلك إلى أن تكون في المستقبل مسرحاً للآراء، وميداناً للاجتهادات، ونافذة يولج منها لتغيير المشاعر وأحكام الحج، فيحصل بذلك فساد كبير. ... ولا ينبغي أن يلتفت إلى أماني بعض المستصعبين لبعض أعمال الحج واقتراحاتهم، بل ينبغي أن يعمل حول ذلك البيانات الشرعية بالدلائل القطعية المشتملة على مزيد البحث والترغيب في الطاعة والتمسك بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته في المعتقدات والأعمال، وتعظيم شعائر الله ومزيد احترامها)
و ما أحوج طلاب العلم اليوم لكلام قاله الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله لطلابه يوصيهم قائلاً: (أوصيكم بالثبات في جميع أموركم فإنه من أعظم ما انتفعت به، فإني أخذت على نفسي أن لا أغير رأياً رأيته في أمر علمي أو عملي حتى يثبت لي خطؤه كما ثبت لي صوابه فانتفعت بذلك كثيراً).
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* المشرف على موقع الدرر السنية
www.dorer.net
ـ[أبو محمد]ــــــــ[23 - 08 - 08, 08:54 م]ـ
مرة أخرى -جزاكم الله خيرا- يؤكد على مراجعة الردود قبل إضافة الجديد ..
مقال الشيخ علوي سبق أن أضيف إلى الموضوع فيما مضى ..
هذا الموضوع صار مرجعا جامعا في بابه بفضل الله .. وأتمنى ألا يُتخم بتكرار المقالات والأبحاث.
بارك الله في جميع من شارك فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/344)
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 12:00 ص]ـ
هل من تلخيص لكلام الشيخ أبي سليمان في كتابه توسعة المسعى عزيمة لارخصة؟
ـ[أبو محمد]ــــــــ[24 - 08 - 08, 12:42 ص]ـ
أحب أن أبين للإخوة الكرام أني قد قرأت في الصحف تصريحا للخزيم -نائب شئون الحرمين- أن المسعى سيفتح بالكامل مع بداية شهر رمضان بإذن الله ..
وأخبرني من اطلع على المشروع أنه قد انتُهي منه تقريبا .. ولم يبق شيء يُذكر .. وهذا يؤكد فتحه مع بداية رمضان بمشيئة الله ..
يبقى البحث في المسألة المهمة: كيف سيفعل من يريد أن يسعى في المسعى القديم -إذ صار في حكم المؤكد جعل الجديد مسارا، والقديم مسارا-؟
والجواب أن يقال:
ثمة عدة حلول:
أولا: إذا فُتح القبو -البدروم، وهو مشروع جديد- فهذا سيكون حلا مريحا .. لأنهم جعلوه أسفل القديم فقط .. فيسعى الساعي فيه والحمد لله.
ثانيا: إذا فُتح السطح فسيكون هذا حلا أيضا .. ولست أدري هل دخل السطح في المشروع أم بقي على حاله الأول؟
على كل حال: إن كان لم يتغير الوضع فالحمد لله .. وإلا: فيختار المرء وقتا مناسبا -كالظهيرة مثلا- ويسعى في القديم ذهابا وإيابا، ولن يجد أحدا يعاكسه في الخط .. ولا ينسى أن يستعمل الشمسية! حتى لا يصاب بضربة شمس.
ثالثا: أخبرني أحد الإخوة أن محل العربات في الدور الأرضي سيكون في المسعى القديم .. فإذا صح هذا: فيمكن أن يكون مخرجا آخر .. فيسعى فيه في أشواط الذهاب -الصفا: المروة-، والعكس سيكون مع الناس بطبيعة الحال ..
طبعا السعي في محل العربات وفيما بينها يفعله أناس كثر -كما نراهم- وهو وإن كان شيئا لا أحبه ولا أراه لائقا .. لكن ماذا نصنع؟ وسامح الله من ألجأنا لذلك.
رابعا: إذا ضاقت الأمور السابقة ولم تتيسر فلم يبق إلا أن يختار الإنسان وقتا مناسبا لعمرته يظن أن الزحمة فيه خفيفة، ويسعى في الدور الأعلى -حيث يخف الزحام- معاكسا للاتجاه في شوط الذهاب: فيسعى في القديم .. وهنا عليه أن يكون ملاصقا للجدار قدر الاستطاعة حتى لا يؤذي إخوانه .. وأتوقع ألا يكون في هذا مشكلة؛ لأن المسار الآن أصبح واسعا .. عشرون مترا! .. فأتوقع ألا يحصل عسر على الناس لو سعى الساعي في بعض الأشواط معاكسا للاتجاه ..
أخيرا .. في نفسي طمأنينة وشعور بأن الله سبحانه سيسر الأمر، ولن يجعلنا في حرج.
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[01 - 09 - 08, 03:08 م]ـ
أحب أن أبين للإخوة الكرام أني قد قرأت في الصحف تصريحا للخزيم -نائب شئون الحرمين- أن المسعى سيفتح بالكامل مع بداية شهر رمضان بإذن الله ..
وأخبرني من اطلع على المشروع أنه قد انتُهي منه تقريبا .. ولم يبق شيء يُذكر .. وهذا يؤكد فتحه مع بداية رمضان بمشيئة الله ..
يبقى البحث في المسألة المهمة: كيف سيفعل من يريد أن يسعى في المسعى القديم -إذ صار في حكم المؤكد جعل الجديد مسارا، والقديم مسارا-؟
والجواب أن يقال:
ثمة عدة حلول:
أولا: إذا فُتح القبو -البدروم، وهو مشروع جديد- فهذا سيكون حلا مريحا .. لأنهم جعلوه أسفل القديم فقط .. فيسعى الساعي فيه والحمد لله.
ثانيا: إذا فُتح السطح فسيكون هذا حلا أيضا .. ولست أدري هل دخل السطح في المشروع أم بقي على حاله الأول؟
على كل حال: إن كان لم يتغير الوضع فالحمد لله .. وإلا: فيختار المرء وقتا مناسبا -كالظهيرة مثلا- ويسعى في القديم ذهابا وإيابا، ولن يجد أحدا يعاكسه في الخط .. ولا ينسى أن يستعمل الشمسية! حتى لا يصاب بضربة شمس.
ثالثا: أخبرني أحد الإخوة أن محل العربات في الدور الأرضي سيكون في المسعى القديم .. فإذا صح هذا: فيمكن أن يكون مخرجا آخر .. فيسعى فيه في أشواط الذهاب -الصفا: المروة-، والعكس سيكون مع الناس بطبيعة الحال ..
طبعا السعي في محل العربات وفيما بينها يفعله أناس كثر -كما نراهم- وهو وإن كان شيئا لا أحبه ولا أراه لائقا .. لكن ماذا نصنع؟ وسامح الله من ألجأنا لذلك.
رابعا: إذا ضاقت الأمور السابقة ولم تتيسر فلم يبق إلا أن يختار الإنسان وقتا مناسبا لعمرته يظن أن الزحمة فيه خفيفة، ويسعى في الدور الأعلى -حيث يخف الزحام- معاكسا للاتجاه في شوط الذهاب: فيسعى في القديم .. وهنا عليه أن يكون ملاصقا للجدار قدر الاستطاعة حتى لا يؤذي إخوانه .. وأتوقع ألا يكون في هذا مشكلة؛ لأن المسار الآن أصبح واسعا .. عشرون مترا! .. فأتوقع ألا يحصل عسر على الناس لو سعى الساعي في بعض الأشواط معاكسا للاتجاه ..
أخيرا .. في نفسي طمأنينة وشعور بأن الله سبحانه سيسر الأمر، ولن يجعلنا في حرج.
أخي ابو محمد شكرا لجهودك
وأنا مثلك اشعر بما تشعر به ولا أعرف السبب وإن شاء الله يجعل المسعى القديم (الشرعي) مساران ذهاب وعودة وينتهي الاشكال
والله انني لأعجب أن شخص ليس عليه سما العلماء ولا صفاتهم وهو اقرب إلى شكل عجزة المطربين يكون عرابا في الأمور الشرعية وهي في الحقيقة غير شرعية كما قرر كبار العلماء كموضوع المسعى وتطرح اراء كبار العلماء _المفتي واللحيدان والفوزان والغديان والبراك والراجحي
وغيرهم والمصيبة أن هذا الذي تظهر
عليه بعض مظاهر الفسق كحلق
اللحية والمعسل كما نُقل لي عضو في
هيئة كبار العلماء يالها من كارثة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/345)
ـ[أبو طلحة الحضرمي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 03:51 م]ـ
[/ color][/size]
أخي ابو محمد شكرا لجهودك
وإن شاء الله يجعل المسعى القديم (الشرعي) مساران ذهاب وعودة وينتهي الاشكال
أبشركم بأنني قد سعيت في المسعى القديم ذهابًا وعودة ولكن بدون فاصل بين المسارين.
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[03 - 09 - 08, 06:31 ص]ـ
المنيع موضحاً أسباب تراجعه ومخاطباً الفوزان: توسعة المسعى لا تتجاوز البينية بين الصفا والمروة
أوضح عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع النقاط التي جعلته يتراجع عن اعتراضه السابق على توسعة المسعى. معقبا من خلال هذا الرد الذي أجمله في وقفات على مقال لعضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح بن الفوزان بعنوان "الصفا والمروة من شعائر الله وشعائر الله لا تُغير" والمنشور في أحد مواقع الإنترنت، وفيما يلي رد معاليه:
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد
فقد اطلعت على مقالة بعنوان (الصفا والمروة من شعائر الله وشعائر الله لا تُغير) منسوبة لمعالي الدكتور صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء هذه المقالة منشورة في موقع من مواقع الإنترنت وهي اعتراض على توسعة المسعى، التوسعة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله وأعزه -.
وقبل أن أدخل مع فضيلته في مداولة، أسجل في هذه المداخلة رأيي في فضيلته وأهليته للعلم والقول والفتوى وأنه - حفظه الله - من أتقى علماء بلادنا وأصلحهم وأقواهم حجة وصبراً على بيان الحق والصدع في أدائه، وقد كفانا - حفظه الله - الكثير من الردود على من يستحق الرد عليه من رويبضة ونطيحة ومتردية فجزاه الله خيراً وجعل ذلك في موازين حسناته. وقولي هذا لا يعني ادعاء العصمة لفضيلته فكلنا خطاؤون وخير الخطائين التوابون.
كما أنني لا أدعي العصمة لنفسي فأنا ممن يشملهم قول الله تعالى: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً).
حينما كانت عزمة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - على توسعة المسعى عرض ذلك على هيئة كبار العلماء وكنت أحدهم وكنت أنا وفضيلته من المعترضين على التوسعة ولكن بعد أن اتضح لي الأمر وثبت ثبوتا يصل إلى حد التواتر بأن هذه التوسعة لا تخرج عن بينية ما بين الصفا والمروة حيث شهد أكثر من ثلاثين شاهداً كلهم يشهدون بمشاهدتهم ومعاينتهم جبلي الصفا والمروة قبل التوسعة السعودية الأولى في عهد الملك سعود رحمه الله وأنهما ممتدان نحو الشرق الشمالي بأكثر من توسعة الملك عبدالله وبارتفاع متقارب من أول الجبل مما يلي الحرم إلى آخره مما يلي شعب علي، هذا بالنسبة لجبل الصفا ومما يلي المُدَّعى بالنسبة لجبل المروة. وأصغر هؤلاء الشهود يتجاوز عمره السبعين عاما. وقد تم تسجيل شهاداتهم من قبل لجنة علمية ذات اختصاص قضائي وعلى مستوى شرعي معتبر وسيخرج بكامل شهاداتهم صك شرعي من المحكمة إن شاء الله، وبعد أن اتضح لي الأمر رجعت عن الاعتراض وظهر لي أن التوسعة توفيق من رب العالمين لخادم الحرمين الشريفين وأنها لا تتجاوز البينية بين الصفا والمروة.
وبهذا يتضح أن توسعة الملك عبدالله للمسعى لم تخرج من أن تكون بين المشعرين الصفا والمروة وأنها داخلة في مدلول قول الله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) والمقصود من قوله تعالى (بهما) أي بينهما بين الصفا والمروة وبعد أن اتضح لنا هذا بالبينية العادلة التي هي في مستوى التواتر كان من بعض أعضاء مجلس هيئة كبار العلماء التراجع عن الاعتراض على توسعة الملك عبدالله والقول بجواز ذلك والفتوى بأن السعي في هذه التوسعة هو سعي بين الصفا والمروة. وما كنت أظن أن أحدا بعد ذلك يعترض على جواز التوسعة وأنها جزء من عرض المسعى لا سيما من أعضاء هيئة كبار العلماء حتى رأيت وقرأت مقالة حبيبنا وشيخنا الشيخ صالح الفوزان. وعند سماعي بهذه المقالة كنت شديد الحرص على الاطلاع عليها لعل فيها من الحجة والدليل على المنع ما نجهله فأنا لا أبعد عمن قيل عنه: علمت شيئا وغابت عنك أشياء. وحينما قرأت هذه المقالة وجدتها سرابا كنت أحسبه ماء. وعليه فلي مع فضيلته في مقاله هذا وقفات أرى ضرورة نشرها للتنوير والتبصير وتصحيح المفهوم وقديما قيل: الحقيقة بنت البحث.
الوقفة الأولى:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/346)
ركز فضيلة الشيخ وقال وأعاد وكرر واحتج على ذلك بمجموعة نصوص من كتاب الله ومن أقوال أهل العلم على أن الصفا والمروة من شعائر الله. فهل أحد نازع في ذلك حتى يحتاج الأمر إلى مثل هذا القول وتكراره والاستدلال عليه والاعتراض على من غيرها. فكل علماء المسلمين قاطبة يقولون بأن الصفا والمروة من شعائر الله وشعائر الله لا تغير. فما هما الصفا والمروة؟ هل هما على سبيل حصري عرضهما طرفا المسعى السابق لتوسعة الملك عبدالله وأن ما خرج عن عرضهما لا يعتبر من الصفا ولا من المروة؟ إذا قال شيخنا ذلك فما دليله من كتاب الله تعالى أو من سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم أو من أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين وغيرهم من أئمة المسلمين. فالصفا جبل والمروة جبل وقد شهد ثلاثون شاهداً من كبار السن بأنهم يعرفون الجبلين وقد شاهدوا امتدادهما خارج طرفي المسعى قبل توسعة الملك سعود بما يدخل توسعة الملك عبدالله فيما بين الجبلين - جبلي الصفا والمروة - فأي تغيير في المشعرين الصفا والمروة - يا أخي صالح؟ فالمسعى السابق وما لحقه من توسعة الملك عبدالله لا يزال مسعى والسعي فيهما سعي بين المشعرين الصفا والمروة.
الوقفة الثانية:
قال - حفظه الله - بعد أن أورد نصا في صفة سعي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه سعى بين الصفا والمروة وقال: خذوا عني مناسككم. قال فضيلته: والبينية تقتضي ألا يخرج عما بينهما في السعي. ونحن مع فضيلته فيما قال بأن السعي لا يصح إلا أن يكون بين المشعرين الصفا والمروة. لكننا نقول: - هداك الله وأرشدك للحق - هل لديك دليل عقلي أو نقلي من كتاب الله أو من سنة رسوله على أن هذه التوسعة خارجة عن بينية ما بين الصفا والمروة؟ ألا يكفيك ثلاثون شاهداً كلهم أكبر منك سنا وغالبهم من أهل مكة وأهل مكة أدرى بشعابها وكلهم يشهدون شهادة لا لبس فيها ولا غموض ولا احتمال على أنهم شاهدوا - قبل توسعة الملك سعود - جبلي الصفا والمروة ممتدين نحو الشمال الشرقي إلى ما خلف توسعة الملك عبدالله فهل البينية مفقودة في التوسعة الأخيرة؟ يا فضيلة الشيخ أنت تعلم وليس مثلك الآن يُعلّم أن دم المسلم حرام. فإذا كان محصنا وثبت عليه الزنا بشهادة أربعة شهود حل دمه وتعين إقامة حد رجمه. وكذلك الأمر فيمن ثبت عليه قتله أخاه المسلم عمداً عدواناً يقتل قصاصاً بشهادة عدلين. فأين هذا من شهادة ثلاثين شاهداً منهم عالم من علماء المسلمين وفقهائهم ومفتيهم هو سماحة الشيخ عبدالله بن جبرين؟ ألا يكفيك ذلك بأن هذه التوسعة لا تخرج عن أن تكون بين الصفا والمروة؟
الوقفة الثالثة:
يقول فضيلته بأن المسعى قضية دينية لا دخل للرأي فيها.
فهل - حفظك الله - دخلت الآراء فيها؟ أليس القول بأن التوسعة الجديدة هي تطبيق للبينية بين الصفا والمروة يعد رأياً؟. فالأمر لم يتجاوز أن يكون المسعى قضية دينية لا دخل للرأي فيها، أعند فضيلتكم دليل من كتاب الله أو من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم أو من أي عالم من علماء المذاهب الإسلامية على أن هذه التوسعة خارجة عن البينية بين الصفا والمروة وهل قال أحد من علماء المسلمين إن السعي في المسعى من قضايا الخلاف؟
الوقفة الرابعة:
احتج فضيلته بقرار اللجنة المشكلة في عهد الملك سعود رحمه الله والمؤيد قرارها من شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله فهذا احتجاج في غير محله لما يلي:
قرار اللجنة عالج تعرجات المسعى من حيث الطول وأما العرض فقد جاء في القرار أن اللجنة اطلعت على كلام أهل العلم في المذاهب الإسلامية وذكرت أن الحنابلة لم يذكروا في كتبهم فيما اطلعت عليه اللجنة نصوصاً تتعلق بعرض المسعى وبعض الشافعية قالوا بأن عرض المسعى لم يتعرض له من قبل أصحابهم لعدم الحاجة إليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/347)
والمسألة تتعلق بعرض المسعى لا بطوله، وعرض المسعى قدره عرض الجبلين المشعرين الصفا والمروة فمن سعى بين الصفا والمروة سواء أكان سعيه بين طرفي الجبلين مما يلي الحرم أم بين طرفي الجبلين مما يلي شعب علي والمُدَّعى أم كان سعيه بين وسطي الجبلين الصفا والمروة كل ذلك سعي يصدق عليه أنه طوف بهما - أي سعى بينهما - وقد ثبت أن توسعة الملك عبدالله للمسعى لم تخرج عن أن تكون بين الصفا والمروة. وإذا كان عند فضيلته ما يثبت أن هذه التوسعة خارجة عن البينية بين الصفا والمروة فعلى فضيلته عبء الإثبات. وإن قال فضيلته بأن الأصل النفي فنقول لفضيلته عندنا إثبات بأن التوسعة لم تخرج عما بين جبلي الصفا والمروة. وهذا الإثبات يتجاوز حد التواتر فلا محل للنفي بجانب الثبوت وفضيلته أحد علماء الأصول يعرف ذلك ويقرره.
وأما القول بأن اللجنة والشيخ محمد رحمهم الله قد حرصوا على عدم التجاوز، تجاوز المداخل الثلاثة عند الصفا فنقول لفضيلته: لا شك أن عرض المسعى بعد التوسعة الأولى في عهد الملك سعود رحمه الله أطول من عرضه قبل التوسعة. وقد أخذت التوسعة الأولى جميع الدكاكين الكائنة على يمين الساعي وهو متجه إلى المروة ولم يعترض أحد من أهل العلم في ذلك الوقت على إدخال هذه الدكاكين في المسعى لكونها واقعة بين الصفا والمروة. فما دام الضابط لعرض المسعى تحقق البينية بين الصفا والمروة فقد تحققت البينية بينهما بالنسبة للتوسعة الأولى وتحققت كذلك بالنسبة لتوسعة الملك عبدالله. وبهذا يبطل الاحتجاج بقرار اللجنة السابقة المؤيد من الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله.
الوقفة الخامسة:
قال فضيلته في مقاله: والبينية تقتضي ألا يخرج عما بينهما في السعي لأن من خرج عنهما لا يعتبر ساعيا بين الصفا والمروة وهي قضية تعبدية لا دخل للرأي فيها إلى أن قال - حتى قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم وبالنظر إلى أن الصفا شرعا هو الصخرات .. ولكون العقود الثلاثة لم تستوعب كامل الصخرات عرضا فقد رأت اللجنة أنه لا مانع من توسيع المصعد المذكور بقدر عرض الصفا. إلى آخره.
أقول هذا القول الذي نقله فضيلته عن اللجنة وعن الشيخ محمد رحمهم الله وهو قول صريح في قبول اقتراح توسيع مدخل الصفا ومدخل المروة وأن يكون المسعى في مستوى توسيع مصعد الصفا. أليست هذه توسعة؟ وقد كان في مقابل توسيع مدخل الصفا على طول المسعى من اليمين اتجاها إلى المروة مجموعة من الدكاكين أدخلت توسعة للمسعى في مقابلة توسعة مدخل الصفا ومدخل المروة. وهذه يا فضيلة الشيخ توسعة. ولا اعتراض عليها لأنها في محيط البينية بين الصفا والمروة. وكذلك توسعة الملك عبدالله هي في محيط البينية بين الصفا والمروة. وطالما أن أي توسعة لا تخرج عن البينية بين الصفا والمروة فهي توسعة لا تخرج عن أن تكون بين المشعرين الصفا والمروة. ولعل فضيلة الشيخ يوسع دائرة نظره الفقهي ليصل إلى أن عرض المسعى لم يرد فيه نص غير قول الله تعالى (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) أي يسعى بين الصفا والمروة فمن هذا النص الكريم يتضح أن عرض المسعى هو عرض الجبلين الصفا والمروة من الشرق إلى الغرب وإذا كان لدى فضيلته نص يخالف ذلك فعليه بيانه فنحن مع الحق - إن شاء الله - أينما كان.
الوقفة السادسة:
أورد فضيلته مجموعة نصوص من المفسرين على أن مشاعر الحج هي مناسكه ومنها الصفا والمروة. ولم يظهر لي وجه إيراد هذه النصوص والحال أن الإجماع منعقد على أن الصفا والمروة من شعائر الله. فهل في توسعة الملك عبدالله اعتراض صريح أو ضمني على أن الصفا والمروة من شعائر الله حتى يتجه فضيلته لإيراد هذه النصوص ليحتج بها؟ سبحانك ربنا لا نقول إلا بما قلت وأكدت (إن الصفا والمروة من شعائر الله) فهما مشعران من مناسك الحج ومشاعره. ونحن - حفظ الله شيخنا - مع نصوصه التي أوردها عن المفسرين وليس فيها حرف واحد يعترض به على توسعة الملك عبدالله والتوسعة لم تخرج عن بينية ما بين المشعرين الصفا والمروة. وبينية المشعرين ليست محصورة ومقصورة على عرض المسعى قبل توسعة الملك عبدالله ومن يقل ذلك فعليه الدليل الناقل لعموم قوله تعالى (إن الصفا والمروة من شعائر الله) فهما جبلان متقابلان يصح السعي بين طرفيهما شرقاً وغربا وبين وسطيهما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/348)
الوقفة السابعة:
قال فضيلته بعد ذكره النصوص من التفاسير قال: فما خرج من محاذاتها من السعي فإنه لا يصح، نقول هذه العبارة يا فضيلة الشيخ غير صحيحة. والصحيح أن تقول فمن سعى فيما خرج عما بينما فسعيه غير صحيح. ونقول لفضيلته إنك بهذا القول: فمن سعى فيما خرج عما بينهما فسعيه غير صحيح قد أصبت الحق ولكن يبقى عليك تحقيق مناط البينية ليتضح ما إذا كانت توسعة الملك عبدالله داخلة في البينية أو خارجة عنها.
الوقفة الثامنة:
قال فضيلته في مقاله ما نصه: ولذلك كان عمل المسلمين في المسعى التقيد بمساحة المسعى طولا وعرضا فيما بين الصفا والمروة وما خرج عنهما فليس من المسعى - إلى آخر قوله هذا - نقول يا فضيلة الشيخ ما قلته هنا حق وعدل وصدق. ولكن ما هو التحقيق العلمي لطول المسعى وعرضه. أما طوله من الصفا إلى المروة فليس محل خلاف والحمد لله وأما عرضه فعرضه عرض الجبلين ما بين الشرق والغرب، وعموم قول الله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) ينص على العموم ويدل على أن السعي في بعض العرض لا يلغي صحة السعي في العرض الباقي أو في كامل العرض. وإذا كان لدى فضيلته نص بتحديد عرض المسعى قبل توسعة الملك عبدالله وتخصيص العموم فعليه تقديمه فالبينة على المدعي والحق أحق أن يتبع.
الوقفة التاسعة:
قال فضيلته في معرض مقاله: فالحفر لأجل البحث عن زيادة على الموجود والتنقيب تكلف لم يأمر الله به ولا رسوله، ثم إن المطمور تحت الأرض لا يمكن إلحاقه بالمشعر البارز من غير دليل من كتاب ولا سنة ثم هو لا يأخذ حكم المعلم والمشعر البارز من حيث الصعود عليه والنزول منه .. إلخ.
نقول لفضيلته: ليس الحفر والتنقيب عن الحجارة المماثلة لأحجار جبل المروة وجبل الصفا هو دليل القول بجواز التوسعة فما تحت الأرض قد لا يصلح أن يكون دليلاً على ما فوقها. وليس الدليل على أن توسعة الملك عبدالله لا تخرج عن أن تكون بين الصفا والمروة ليس الدليل على ذلك الحفر وإنما الدليل على ذلك شهادة قرابة ثلاثين شاهداً كلهم يشهدون على معاينتهم امتداد الصفا والمروة نحو الشرق وبارتفاعهما وأن الامتداد متجاوز توسعة الملك سعود سنة 1375هـ وتوسعة الملك عبدالله. فيا فضيلة الشيخ صالح لا تتمسك بما لم يتمسك به. ولا تحتج على ما لم يحتج به ووالله لو لم يكن الدليل على صحة التوسعة وجوازها إلا الحفر لكنا معك في رفض هذا الدليل.
الوقفة العاشرة:
قول فضليته: وأما الذين أفتوا بأن الزيادة لها حكم المسعى فلم يعتمدوا على شيء. يا فضيلة الشيخ هل وصلت بك الغفلة إلى أن تقول هذا القول؟ أليس قول الله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) كافيا؟ أليس هذا القول الكريم من رب كريم شيئاً؟ سبحانك اللهم وتعاليت فقولك يا ربنا الحق وحكمك الحق وأمرك حق وتشريعك حق. أما أن يكون لك يا فضيلة الشيخ حق في تخصيص ما عممه الله بغير مخصص شرعي فتخصيصك ما هو عام في قول الله تعالى بدون مستند شرعي للتخصيص هو الذي ليس لك به حق ولا شيء. وما ذكرت مما عليه المسلمون في السعي في بعض المسعى لا يعتبر تخصيصاً منهم لعموم جواز السعي بين جبلي الصفا والمروة. فالكعبة بعضها مما هو في حجر إسماعيل لم يضف إلى مبنى الكعبة وقد قال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها لولا أن قومك حدثاء عهد بإسلام لهدمت الكعبة وأعدت بناءها على قواعد إبراهيم فهل عدم إضافة ذلك الجزء من الكعبة إلى داخل بنائها يخرجه عن أن يكون من الكعبة؟ وكذلك الأمر بالنسبة للمسعى فهل عدم السعي في بعضه يخرج ذلك البعض عن أن يكون من المسعى؟
ولا أعتقد أن فضيلته يتردد في القول بصحة صلاة من استقبل جزءاً من أرض الكعبة وإن لم يكن ضمن ما أحيط بالجدران الأربعة من أرض الكعبة وعليه فلا يجوز لفضيلته أن يتناقض ويفرق بين متماثلين فيقول بصحة الصلاة ولو كان الاستقبال لأرض من الكعبة لم تدخل في محيط بنائها ويقول بعدم جواز السعي في أرض لم تدخل سابقاً في المسعى الحالي قبل توسعة الملك عبدالله مع أنها داخلة في بينية ما بين الصفا والمروة.
الوقفة الحادية عشرة:
ردَّ فضيلته في مقال إلحاقي وضعه في موقعه الخاص بفضيلته في الإنترنت على القائلين بأن المسعى لم يدل على تحديده دليل شرعي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/349)
يا فضيلة الشيخ لم يقل أحد من المجيزين توسعة المسعى إن تحديد المسعى لم يدل على تحديده دليل شرعي وإنما قالوا لم يدل على تحديد عرضه بما عليه توسعة الملك سعود رحمه الله دليل شرعي وأما المسعى طولا وعرضا فهو محدد تحديدا دقيقاً بقوله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) فقوله تعالى: (أن يطوف بهما) تحديد لطول المسعى بين الجبلين الصفا والمروة وتحديد لعرض المسعى بحيث لا يتجاوز المسعى ما خرج عن عرض جبل الصفا وما خرج عن عرض جبل المروة. وهذا الدليل صريح من كتاب الله تعالى على تحديد طول المسعى وتحديد عرضه فلعل فضيلته يعيد النظر فيما قال فالرجوع إلى الحق فضيلة.
الوقفة الثانية عشرة:
اعتراضه على القول بأن ما قارب الشيء له حكمه، يا أخي صالح لم يقل أحد من أهل العلم بهذا القول إلا من شذ وإنما قالوا يجب أن يكون السعي فيما نص عليه ربنا تعالى وتقدس حيث قال: (أن يطوف بهما) أي بينهما وأما الطواف - السعي - خارج ما بين الصفا والمروة فهو سعي باطل وإن كان مقاربا لما بينهما.
الوقفة الثالثة عشرة:
قول فضيلته: إن الشهود شهدوا على أن ما تحت الأرض أكثر من الموجود.
يا فضيلة الشيخ هل اطلعت على نصوص شهادة الشهود الثلاثين حتى تقول عنهم هذا القول؟ إنهم شهدوا شهادة واضحة صريحة على أنهم قد شاهدوا جبلي الصفا والمروة قبل التوسعة الأولى في عهد الملك سعود وأنهما جبلان ممتدان نحو الشمال الشرقي بما يزيد عن التوسعتين توسعة الملك سعود وتوسعة الملك عبدالله وأن امتدادهما كان بارتفاع مقارب لأكثر مما صار عليه الجبلان - جبلا الصفا والمروة - اليوم ولم يشهدوا على حجارة تحت الأرض فالحق أبلج وهو أحق أن يتبع.
الوقفة الرابعة عشرة:
حصر فضيلته النظر الشرعي فيما يتعلق بأحكام الحج لا سيما المسعى في علماء المملكة وأن غيرهم من علماء المسلمين ليس لهم حق في التدخل في ذلك. فنقول لفضيلته: كيف يصدر مثل هذا القول منك - حفظك الله - وأنت أحد علماء المسلمين والمسلمون جميعا إخوة متمسكون جميعا بالتناصح والتواصي بالحق والتعاون على البر والتقوى وقد كان من حكامنا - رحم الله موتاهم وحفظ لنا أحياءهم - الرجوع إلى علماء المسلمين داخل المملكة وخارجها، من ذلك اقتراح نقل المقام إلى مكان لا يضايق الحجاج كما هو رأي سماحة شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله. وكان القرار عدم الموافقة. وأخذت الحكومة بقرار عدم نقله. ومن ذلك أيضاً مسألة تحديد حجاج كل دولة فقد جرى دراسة الموضوع في مؤتمر قمة إسلامي وصدر بذلك من منظمة المؤتمر الإسلامي قرار دولي إسلامي تم الأخذ به وتطبيقه. فقولنا بأن ما يتعلق بأمور المسلمين في عبادة الحج لا يجوز لغير علماء المملكة الدخول فيه قول لا يقره مبدأ تواصي المسلمين بالحق ولا يجوز لنا أن نحتكر ذلك ونقول بأن هذا من خصوصيات علمائنا. أقول هذا وفضيلتكم يعلم أنني أنا وأنت عضوان في مجلس هيئة كبار العلماء ولكن ادعاء الاختصاص بما ليس لنا فيه حق لا يجوز ولا يُقر.
وخلاصة القول ما يلي:
1 - لم ينكر أحد من أهل العلم أن الصفا والمروة مشعران من مشاعر الحج.
2 - لم يقل أحد من أهل العلم إن توسعة الملك عبدالله تغيير لمشعري الصفا والمروة.
3 - لم يقل أحد من المعتد بهم في العلم والفقه إن دليل القول بأن توسعة الملك عبدالله ضمن المسعى لأن الحفر والتنقيب دل على ذلك.
4 - لم يقل أحد من أهل العلم إن توسعة الملك عبدالله داخلة في المسعى لأن ما قارب الشيء له حكمه.
5 - لم يقل أحد من أهل العلم إن أمر الملك عبدالله بالتوسعة رفع للخلاف في ذلك على افتراض أن التوسعة خارجة عن محيط المسعى إلا أن ولي الأمر حسم الخلاف باختياره.
6 - لم يقل أحد من أهل العلم بحصر المسعى فيما سعى فيه رسول صلى الله عليه وسلم فقط وإن ما كان خارجا عنه فليس من المسعى.
7 - لم يقل أحد من أهل العلم بأن ما كان خارجا عما بين جبلي الصفا والمروة لا يخرج عن البينية.
8 - لم يقل أحد من أهل العلم بأن من سعى فيما هو خارج عن البينية إن سعيه صحيح فلا شك أن سعيه باطل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/350)
9 - لم يقل أحد من أهل العلم بأن اختيار ولي الأمر توسعة المسعى كان على سبيل الرأي والاجتهاد. فلا شك أنه تطبيق للبينية بين الصفا والمروة وتقيد بقوله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما).
10 - قول فضيلته بأن الفتوى بجواز التوسعة لم تعتمد على شيء. أليس قول الله تعالى: (إن الصفا والمروة .. إلى قوله تعالى .. أن يطوف بهما) شيئا كريما من رب العباد؟
11 - قول فضيلته بأن المسعى لم يدل على تحديده دليل شرعي. هذا القول أيجوز أن يقول به مثل شيخنا عضو هيئة كبار العلماء وهو يقرأ مراراً وتكراراً قول الله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله .. الآية).
12 - قول فضيلته إن الشهود شهدوا على أن ما تحت الأرض أكثر من الموجود. أليس هذا يا فضيلة الشيخ تجنيا على الشهود بما لم يشهدوا به. لعلك يا فضيلة الشيخ ترجع إلى أمين لجنة سماع شهادة الشهود لتعيد النظر وترجع عما قلت عن الشهود بغير حق.
أسأل الله تعالى أن يدلنا ومعنا حبيبنا وشيخنا الشيخ صالح على الحق ويرزقنا اتباعه وأن يدلنا على الباطل ويعيننا على اجتنابه.
ولا شك أن الحق أحق أن يتبع وأن مراجعة الحق والرجوع إليه فضيلة. وقد كانت مداخلتي مع فضيلة الشيخ مداخلة أعتز بها فهي مداخلة مع عالم فقيه قوي في جانب الحق مجاهد في سبيل الله بقلمه في سبيل التوجيه والتبصير وتصحيح الفهوم والرد على الشبه والانحرافات جعل الله ذلك في موازين حسناته. ولأن فضيلته يحمل لواء الاعتراض على التوسعة وعلى القول بجوازها و صحتها أحببت أن أدخل مع فضيلته في هذا النقاش وأرجو من معاليه أن يتحمل مني ما قد يكون في مداخلتي معه من خروج عن أدب المناقشة فهو زميل عزيز في نفسي له من التقدير والاحترام والمحبة ما الله به عليم. فو الله لا أريد إلا الحق ما استطعت ولا شك أن تمسك فضيلته برأيه في الاعتراض كان مبنيا على اعتقاده أن هذا هو الحق وأن براءة ذمته تقتضي منه ذلك. فجزاه الله خيرا على اجتهاده وأرجو ألا يحرمه الله أجر الاجتهاد وأن يغفر له خطأه إن كان. ونظراً إلى أن المسألة مما له تعلق بعبادة هي أحد أركان الإسلام وقد جرى من فضيلته نشر مقاله في موقع من مواقع الشبكة الإلكترونية على سبيل تعميم النشر فقد جرى مني نشر هذه المداخلة مع فضيلته في وسيلة إعلامية للإفادة وعموم الانتفاع.
والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
* عضو هيئة كبار العلماء
عبدالله بن سليمان المنيع
ـ[أبو محمد]ــــــــ[03 - 09 - 08, 09:03 ص]ـ
رد الشيخ عبد الله وفقه الله معتمد اعتمادا كليا على شهادة الشهود، وإني لأعجب من ذلك؛ إذ الاستدلال بشهادتهم في هذا الموضع في غاية الضعف، وقد سبق نقدها في عدة أبحاث، ومنها: كلمة حق، وحسن المسعى.
وفق الله الجميع للحق.
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[04 - 09 - 08, 09:08 م]ـ
أبشركم بأنني قد سعيت في المسعى القديم ذهابًا وعودة ولكن بدون فاصل بين المسارين.
الوضع اخي تغير كثيرا وصار المسعى القديم من المروة للصفى ولكني ولله الحمد سعيت عكسا والله المستعان
ـ[أبو طلحة الحضرمي]ــــــــ[05 - 09 - 08, 02:34 ص]ـ
الوضع اخي تغير كثيرا وصار المسعى القديم من المروة للصفى ولكني ولله الحمد سعيت عكسا والله المستعان
تقبل الله منكم .. وهذا ماكنت أتوقعه والله المستعان
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[12 - 09 - 08, 02:43 م]ـ
وهذا مقال لفضيلة الشيخ الدكتور/ مصطفى مخدوم في الموضوع
http://www.alwsat.net/articles.php?ID=187&do=view
التوسعة الجديدة للمسعى .. رؤية فقهية
لقد أخذت توسعة المسعى الجديدة حيزاً كبيراً من أحاديث المجالس وفتاوى العلماء، وأسئلة العامة، ولعل هذا الاهتمام الواسع بالمسألة راجع إلى أمرين:
1. ارتباط المسألة بعبادة السعي بين الصفا والمروة، وهي مسالة تعمّ بها البلوى كما يقول الفقهاء، ويحتاج إلى معرفتها آلاف المسلمين القاصدين للحج والعمرة.
2. معارضة بعض العلماء الفضلاء للتوسعة وفتواهم بعدم صحة السعي فيها، وهي معارضة فقهية جاءت متأخرة عن وقتها المناسب، وبعد بدء العمل في التوسعة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/351)
ومن الإنصاف أن نقول بأن هذه المعارضة الفقهية المتأخرة لا تصلح مبرراً للاستنكار والتعنيف، والتطاول على أقدار الفقهاء المخالفين، والواجب شرعاً احترام الخلاف والتأدب مع ورثة الأنبياء وإن كانت الفتوى في نظرناً مجانبة للصواب فإن المسألة اجتهادية ولا إنكار فيها على المخالف.
وقد ألحّ عليّ بعض أهل الفضل والمكانة بالكلام عن المسألة، وبيان وجهة نظري الفقهية، فأقول مستعيناً بالله:
إن العبادات التي شرعها الله تعالى نوعان:
الأول: عبادات مطلقة من حيث المكان، بمعنى أن الله تعالى شرعها للناس دون أن يربطها بأماكن مخصوصة مثل الأذكار المطلقة والصلوات الخمس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وجعلت لي الأرض مسجداً وظهوراً، فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل حيث أدركته" متفق عليه.
الثاني: عبادات مقيدة بأماكن مخصوصة بحيث لا تؤدى إلاّ في مكان معين، مثل الطواف فإنه عبادة مرتبطة بالبيت الحرام (وليطوّفوا بالبيت العتيق) ومثل الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ومنى، ولهذا جاء في الموطأ أن عمر رضي الله عنه كان يقول: "لا يبيتن أحد من الحاج ليالي منى من وراء العقبة" وكان يبعث رجالاً يُدخِلون الناس من وراء العقبة، أي إلى منى، لأن العقبة ليست من منى، بل هي حدى منى من جهة مكة، فهذه عبادات يلزم التقيد فيها بالمكان الذي حدده الشرع دون تغيير.
ومن ذلك السعي، فإنه عبادة مرتبطة بالصفا والمروة، كما قال تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم). وقوله (من شعائر الله) أي من معالم الله التي جعلها مشعراً للناس يعبدونه عندها كما قاله الإمام ابن جرير الطبري، فالسعي مخصوص بهذا المكان، والآية خبر في الظاهر ولكنها أمر في الباطن.
قالت عائشة رضي الله عنها: "طاف رسول الله وطاف المسلمون يعني بين الصفا والمروة، فكانت سنة، ولعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة" متفق عليه.
وبناءً على ذلك فالواجب هو إيقاع السعي بين الجبلين، بحيث لا يخرج المحرم عن محاذاة الجلبين من جهة العرض، كما يجب عليه استيعاب المسافة بينهما من جهة الطول، وقدرها بعض الفقهاء قديماً بـ 777 ذراعاً وقيل غير ذلك.
وينبغي التنبيه إلى أن تحديد العرض بالمحاذاة والمسامتة هو من باب التقريب وليس من باب التحديد الدقيق، ولهذا قال بعض الفقهاء: "لا يضر الالتواء اليسير" أي الخروج اليسير عن المحاذاة، ويؤيده أن الأصل هو التسامح والتيسير في الشيء اليسير.
وهذا الجانب النظري متفق عليه بين المختلفين، وإنما وقع الخلاف في التوسعة الجديدة من جهة أن المسعى الجديد هل هو داخل في البينية ومحاذاة الجبلين أو هو خارج عن السمت والمحاذاة؟ فمن رأى التوسعة الجديدة خارجة عن السمت والمحاذاة من جهة العرض أنكر التوسعة الجديدة ومنع من السعي فيها، ومن رآها داخلة في المحاذاة والبينية لم ينكر التوسعة الجديدة وأجاز السعي فيها.
وهذا الخلاف في تحقيق المناط كما يعبر عنه الأصوليون، والمقصود به كما يقول الشاطبي: "أن يثبت الحكم بمدركه الشرعي لكن يبقى الحكم في تعيين محله" وذلك مثل الاتفاق على وجوب استقبال القبلة في صلاة الفريضة ثم يقع النظر أو الخلاف في تحديد جهة القبلة.
والخلاف في تحقيق المناط هو من جنس الخلاف في المسائل الاجتهادية التي لا يجوز فيها الإنكار على المخالف، وليس في المسألة دليل قاطع يجب المصير إليه.
ولكن القدر الثابت من الناحية التاريخية والجغرافية هو أن جبلي الصفا والمروة كانا أكبر حجماً مما هو مشاهد اليوم وكانت عليهما مساكن وبيوت، كما روى الحاكم في المستدرك أن دار الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه كانت على الصفا ثم تصدق بها على ولده لا تباع ولا تورث حتى أخذها أبو جعفر المنصور وكانت مشرفة على المسعى حتى قال يجيى الأرقم: " والله لأعلم اليوم الذي وقع في نفس أبي جعفر، إنه يسعى بين الصفا والمروة في حجة حجها ونحن على ظهر الدار فيمر تحتنا لو أشاء آخذ قلنسوته لأخذتها وإنه لينظر إلينا من حين هبط الوادي حتى يصعد حتى يصعد إلى الصفا .. ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/352)
وممن كان له بيت على الصفا العلامة اللغوي الفيروزأبادي وقد أتم كتابه "القاموس المحيط" في منزله على الصفا وهو من علماء القرن التاسع الهجري، وقد أكد جماعة من المعاصرين العدول من كبار السن ممن شاهدوا الجبلين أعرض من الباقي اليوم، ويؤكد هذا أيضاً ما ذكره غير واحد من العلماء قديماً من كون الصفا طرفا جبل أبي قبيس، وكون المروة طرفاً من جبل قيقعان.
وأما تحديد بعض العلماء كأبي الوليد الأزري عرض المسعى بخمسة وثلاثين ذراعاً ونصف ذراع فالمراد به _ والله أعلم _ تحديد عرض المسعى الذي كان الناس يسعون فيه وقتئذ، وليس المسعى الذي تحاذى حدوده جبلي الصفا والمروة فإنه يبعد أن يكون عرض كل منهما مساوياً للآخر بهذا التحديد الدقيق، وإنما هو تحديد لما بين العلمين العلم الذي كند باب المسجد والعلم الذي دار بين العباس بن عبدالمطلب، ولا يلزم من ذلك أن يكون عرض المسعى الذي تتحقق به المحاذاة والمسامتة للجبلين بهذا المقدار بل هو أوسع من ذلك كما سبق.
ومن الثابت تاريخياً وجود بيوت كثيرة بين المسجد وبين المسعى كما يدل عليه كلام الأزرقي وابن تيميّة وغيرهما فلو حسبناها في الخمسة والثلاثين ذراعاً لما بقي لدينا للمسعى إلاّ القليل!!
وأرى أن المسألة مرتبطة بأمر آخر يجب بيانه في هذا المقام، وهو أننا لو فرضنا جدلاً خروج التوسعة الجديدة عن محاذاة الجبلي الصفا والمروة فهل يمنع ذلك من صحة السعي فيها؟
والجواب هو أن الأصل _كما عرفنا سابقاً_ وجوب إيقاع السعي بين الجبلين بحيث لا يخرج عن السمت والمحاذاة بين الجبلين ولكن لو دعت الحاجة كالزحام الشديد إلى الخروج عن محاذاة الجبلين فإن المسعى الخارج يعتبر في حكم المتصل والواقع بين الجبلين، ويسمى مثله في مصطلحات العلماء بالمتصل حكماً، وله نظائر فقهية متعددة منها:
ما ذهب إليه الحنابلة وغيرهم من صحة الاقتداء بإمام إذا كان المأموم خارج المسجد متى اتصلت الصفوف، وقد ذكر المجد وغيره أن المشترط هو الاتصال العرفي بمعنى ألاّ يكون بينهما بعد كثير لم تجر العادة بمثله، فالبعد اليسير أو الكثير الذي لا يخرج العادة عن الاتصال فهو كالصف المتصل حكماً.
ومنها: ما جاء عن الإمام أحمد في الرجل يصلي خارج المسجد يوم الجمعة وأبوابه مغلقة، فقال: أرجو ألا يكون به بأس.
ومنها: قول أحمد في المنبر يوم الجمعة إذا قطع الصف فإنه لا يضر ويجوز للحاجة، وألحق بذلك بعض الحنابلة كل بناء بني لمصلحة المسجد.
ومنها: قول الرجل لامرأته: أنت طالق _يافاطمة_ إن خرجت من الدار، فإن الشرط هنا معتبر لأنه متصل حكماً، والأصل في لك قوله صلى الله عليه وسلم: "إلاّ الإذخر" بعد فاصل يسير.
ولا شك أن واقع المسعى قبل التوسعة يعاني من الزحام الشديد الذي وقع في الحرج والمشقة، ولا سيما لدى كبار السن والنساء والأطفال، وخاصة في أيام المواسم حيث يجتمع الملايين من الناس في هذه البقعة الضيقة، ومثل هذه المشقة الزائدة معتبرة في الشرع، وهي سبب للتوسعة والرخصة كما قال الفقهاء: "المشقة تجلب التيسير" وكما قال تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج).
فالخلاصة هي أن التوسعة الجديدة داخل في محاذاة الصفا والمروة وأن الزيادة لها حكم المزيد فيه، ولو فرضنا جدلاً خروجها عن المحاذاة والبينية فإن ذلك لا يمنع صحة المسعى في حالة المشقة والحاجة لكونها في حكم المتصل، ولأن الحاجة العامة تقتضيها، والله أعلم ..
كتبه الدكتور مصطفى مخدوم
عميد المعهد العالي للأئمة والخطباء
جامعة طيبة بالمدينة المنورة
ـ[ابن وهب]ــــــــ[12 - 09 - 08, 03:20 م]ـ
الأستاذ أبو يوسف التواب - وفقه الله -
كلام الشيخ مصطفى مخدوم - وفقه الله - نقل في المشاركة رقم 187
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=856821&postcount=187
وجزاكم الله خيرا
ولو نظرتم في كلام المعارضين لوجدتم الجواب عن الأمرين
على أمر الزيادة لها حكم المزيد في أمر المسعى
وعلى قولهم
(ولو فرضنا جدلاً خروجها عن المحاذاة والبينية فإن ذلك لا يمنع صحة المسعى في حالة المشقة والحاجة لكونها في حكم المتصل، ولأن الحاجة العامة تقتضيها،)
والله أعلم
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[12 - 09 - 08, 03:33 م]ـ
الشيخ ابن وهب
جزاك الله خير الجزاء، وبارك فيك. وإنما الغرض الأهم من نقل هذه الفتوى هنا بيان ما للقائلين بها من دليل، وأنه قول يجب احترامه وعدم النكيرِ على من اختاره من أهل العلم وتسفيهِ رأيه.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[12 - 09 - 08, 03:40 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
المطلوب الآن من العلماء الذين أيدوا قرار التوسعة أن يطالبوا ببقاء المسعى القديم كما كان
ويضاف إليه الجديدفالقديم يكون فيه مسار من الصفا إلى المروة والعكس
وفي الجديد مثل ذلككما كان الحال في موسم حج عام 1428
وهذا مع فيه من مراعاة أقوال المخالفين وهم كثرمهما حاول البعض التقليل من عددهم
وفي أقل الأحوال هم يمثلون نسبة لا يستهان بها
وهنا فوائد أخرى
أولا المسعى بهذا الحجم الكبير لا يحتاج إليه إلا في المواسم فقط خصوصا أن المسعى سيكون عدة طوابق
فمن التبذير والإسراف إنارة المصابيح والتكييف في هذا الجزء الواسع
ويكتفى بالمسعى القديم في غير أيام المواسم
وهذا مشاهد فمثلا في غير أيام المواسم
فمثلا المسعى في الدول الأول خال أو شبه فاضي في غير أيام المواسم
أيضا من ناحية كثافة الحجاج فالتحكم في المسار العريض صعب بينما التحكم في المسار الضيق أسهل
فلو ضاع الطفل أو المرأة أثناء السير فكونها تنظر في مسار ضيق أسهل من أن تراقب مسار عريض وواسع
فمثلا لو كانت في مجموعة تسعى من الصفا إلى المروة وزوجها في المجموعة ثم تقدم قليلا فإنها تستطيع اللحاق به بينما في المسار العريض فإنها لن تتمكن من رؤية زوجها
وأيضا من الناحية الأمنية فمراقبة المسار الضيق أسهل من مراقبة المسار العريض
وتأمل هذه المصالح في بقاء المسعى القديم
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/353)
ـ[ابو مهند العدناني]ــــــــ[12 - 09 - 08, 07:09 م]ـ
قوله: والخلاف في تحقيق المناط هو من جنس الخلاف في المسائل الاجتهادية التي لا يجوز فيها الإنكار على المخالف، وليس في المسألة دليل قاطع يجب المصير إليه.
لا يخلو من نظر.
لان تحقيق المناط مبني على مقدمتين:
الاولى: تحديد وتعيين المناط.
والثانية: تحقيقه، وهو يعني ادراج الواقعة في المناط.
والمقدمة الاولى يشترط فيها العموم: إما عموم الكل لأجزائه، وإما عموم الكلي لجزئياته، وإما عموم العلة للمعلول.
ويشترط في الثانية قبولها للاندراج في المناط لكونها: جزءا له، أو جزئيا له، أو معلولا له.
ويلزمه إقامة الدليل على كلتا المقدمتين.
فيقيم الدليل على أن المناط هو كذا، أما بالنص العام، أو بالعلة المنصوصة أو المستنبطة.
ويقيم الدليل على صحة اندراج المحكوم عليه في المناط لغة أو حسا أو عقلا أو عرفا.
ومثال تحقيق اندراج الجزء في الكل:
غسل الوجه في الوضوء.
فالحكم هو الغسل، والمناط كونه وجها.
فينظر إلى الأجزاء التي تكون محلا للإدراج في الوجه الذي هو مناط الحكم، فيحققها فيه.
وهي طرفان ووسط.
فطرف ليس من الوجه بالإجماع كالرقبة.
وطرف من الوجه بالإجماع كظاهر الفم.
وطرف يكون محلا للاجتهاد كالعذار.
فيحتاج إلى تحقيق كون العذار داخلا ومندرجا في المناط الذي هو الوجه، أو ليس مندرجا فيه.
كأن يستدل على عدم الاندراج بطريق اللغة، فيقول: الوجه ما تقع به المواجهة، والعذار لا تقع به مواجهة فلا يكون من الوجه؛ فلا يجب غسله.
ومحل الاستدراك على الشيخ انه جعل الخلاف سائغا لكونه من الخلاف في تحقيق المناط، وليس الأمر كذلك، فمنه ما يكون داخلا فيه بالاتفاق ومنه ما يكون خارجا عنه بالاتفاق، ومنه الواسطة التي هي محل الاجتهاد.
فليس كل إدراج وتحقيق يكون موضع اجتهاد.
وفي هذه المسالة: المناط هو البينية، والتطواف هو الحكم، والزيادة المستحدثة هي المحل الذي يراد تحقيقه في المناط.
والخلاف فيها لا يكون سائغا لأجل كونها مندرجة في عنوان: تحقيق المناط.
فالخلاف لا يكون جائزا لكون الأداة المستعملة في الخلاف هي تحقيق المناط، فتسويغ الخلاف أو المنع منه لا يعود إلى نوعية الأداة المستعملة في إحراز الحكم.
فإذا قال المخالف هذا الجزء المستحدث ليس داخلا في المسعى بالإجماع، لم يكون الجواب: بل الخلاف سائغ لكونه من تحقيق المناط، وهو احد الأنواع الثلاثة للاجتهاد.
فالخلاف لا يكون سائغا لأجل أنها من تحقيق المناط أو لا.
بل كان سائغا بإبطال حصول الإجماع على خروج الزيادة عن محل السعي.
فقول الشيخ: والخلاف في تحقيق المناط هو من جنس الخلاف في المسائل الاجتهادية التي لا يجوز فيها الإنكار على المخالف، وليس في المسألة دليل قاطع يجب المصير إليه.
لا يخلو من نظر، فقد يكون المخالف استعمل تحقيق المناط في محل الإجماع فينكر عليه، كما لو حقق المناط في دخول الرجال في ما ملكت الإيمان، فيبيح للرجل الاستمتاع بمملوكه، والمرأة بمملوكها.
فلو قال: ملك اليمين هو المناط، والحكم هو أباحة الاستمتاع، والرجل يدخل في ملك اليمين بطريق تحقيق المناط، وإذا كانت الأداة المستخدمة هي تحقيق المناط ساغ الاختلاف.
لم يكن قوله صوابا، لحصول الإجماع بعدم اندراج الرجال في هذا المناط، ونوع الأداة المستخدمة في استخراج الحكم لا تنفعه في المقام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
وليس الكلام على مضمون النتيجة التي توصل إليها الشيخ، وإنما على مشروعية طريقة الاستدلال، هل هي مستقيمة أم لا؟
ولان الباحث قد يصل إلى نتيجة صحيحة بطريقة غير صحيحة.
أما المانع للتوسع الأفقي فقد خرق المناط الذي هو البينية بتجويزه للتوسع الرأسي.
لأن للبينية حد أفقي ينتهي عند نهاية عرض الجبلين، ولها حد علوي ينتهي عند نهاية طول الجبلين.
فبتجويزه التوسع الرأسي ولو تجاوز رأس الجبلين يكون قد خرق مناط البينية، فكيف يعود ويحتج به على المجوز للتوسع الأفقي.
وقولهم: الهواء يحكي القرار.
هي مثل قاعدة الزيادة لها حكم المزيد
كلاهما حكاية مذهب لا حجة فيهما.
فإذا قال الزيادة لها حكم المزيد بشرط عدم قيام الدليل الشرعي على تحريم الزيادة.
قيل: وكذلك قاعدة الهواء يحكي القرار.
فإذا كان الدليل المانع من إعطاء الزيادة حكم المزيد هو خروجها عن حد البينية، فكذلك الزيادة العلوية لخروجها عن حد البينية تمنع الهواء من حكايته للقرار.
فإذا كانت الزيادة الأفقية تخرج المسعى من ظرف " بين" إلى ظرف" بجانب"
فكذلك الزيادة الرأسية تخرج المسعى من ظرف "بين" إلى ظرف "فوق"
وإذا كان المانع من إجراء القاعدة المذكورة من إعطاء الزيادة حكم المزيد: هو عمل الأمة جيلا بعد جيل، فكذلك عمل القرون جيلا بعد جيل يمنع من حكاية الهواء للقرار.
وبوجه ثان: أن الباء في قوله تعالى " فلا جناح عليه أن يطوف بهما" للإلصاق والطائف في الأدوار العلوية لا يمكنه الإلصاق، فلم يحكِ الهواء القرار، لامتناع الإلصاق.
وبوجه ثالث: أن حكاية الهواء للقرار هنا أما مع اعتبار وجود البينية أو لا؟
فإن قالوا بحكايته للقرار ولو مع انتفاء البينية الظرفية، بطل منعهم للزيادة الأفقية بحجة انتفاء الظرفية البينية.
وان قالوا أن الظرفية البينية متحققة، لم يكن للقاعدة فائدة في إبراز الحكم، لان وجود البينية التي هي المناط كاف في تسويغ الزيادة، ويلزم منه أن يكون تجاوز طول الجبلين لا يقتضي انتفاء الظرفية البينية، فيترتب عليه أن الظرفية البينية لا تنتفي بتجاوز عرض الجبلين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/354)
ـ[أبومحمد سالم]ــــــــ[12 - 09 - 08, 08:10 م]ـ
حكمُ السَّعْيِ في المسْعى الجديد
بقلم المشرف على موقع الدرر السنية
الشيخ علوي بن عبدالقادر السَّقَّاف
aasaggaf@dorar.net
12/9/1429 هـ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على رسوله الأمين أما بعد
فقد كنتُ كتبتُ قبلَ خمسةِ أشهرٍ بتاريخ 16/ 4/1429هـ مقالاً بعنوان (وقفاتٌ مع موضوعِ المسعى الجديد) تساءلتُ فيه عن موقفِ المسلم من هذه التغييرات الجديدة التي طرأت على المسعى، وعن تأثيرها على بعض أحكامِ الحجِّ والعمرةِ، ولم يكن من المناسبِ آنذاك الحديثُ عن إجابة محدَّدةٍ عن هذه التساؤلات، فلذا اكتفيتُ بإيرادِ أقوى الاحتمالاتِ التي يمكنُ أن يؤولَ الأمرُ إليها، فذكرتُ منها آنذاك: (الأول: أن يكون المسعى الجديد في اتجاهٍ واحدٍ من الصفا إلى المروة، والقديم في اتجاهٍ واحدٍ أيضاً من المروة إلى الصفا، وهذا هو ما صُمِّمَ له حسب اطلاعي على المخططات ... الثاني: أن يكون كلٌّ من المسعيين القديمِ والجديدِ باتجاهين، فيكون السَّعيُ في مبنى المسعى الجديد من بابِ الاختيار لا الإجبار).
ولما لم يُحسم الأمرُ في ذلك الحين، وأملاً في تغيرِ الأحوال، أمسكتُ عن ذكرِ رأيٍ أو بيانِ حكمٍ فيما يتعلق بالسَّعي، أمَّا الآن وقد أسفرتِ الأمورُ عما كان الكثيرُ منا يخشاه- ولا حول ولا قوة إلا بالله - فلا بُدَّ من الحديث عن هذه القضية؛ أعني كيفية أداءِ العمرةِ في ظلِّ هذا التغيير، وهو الذي تمَّ بِمُوجبه دمجُ المسعيين الجديد والقديم (بعد إعادة بنائه)، حتى أصبح المسعى الجديدُ كلُّه باتجاه (الصفا - المروة)، والقديمُ كلُّه (بعد إعادة بنائه) بالاتجاه الآخر (المروة - الصفا). خاصَّةً وقد ظهرتْ خِلالَ هذه المدةِ فتاوى وبياناتٌ من عددٍ من كبارِ العلماءِ: كالشيخ صالح اللحيدان والشيخ عبدالرحمن البراك والشيخ صالح الفوزان والشيخ عبدالمحسن العباد وغيرهم- وبحوثٌ علميةٌ مؤصَّلةٌ، منها:
1 - (حسنُ المسعى في الردِّ على القولِ المحدثِ في عرضِ المسعى) للشريف محمد الصَّمداني
2 - (كلمةُ حقٍّ في توسعة المسْعى) للدكتور صالح سندي
3 - (السَّعْيُ في المسْعى الجديد) للصادق بن عبدالرحمن الغرياني
وهذه الفتاوى والبيانات والبحوث أجْلَتِ الأمرَ، وأظهرت بالأدلةِ الشرعيَّةِ والتاريخيَّةِ واللغويَّةِ أنَّ موضع المسعى الجديد خارج حدودِ الصفا والمروة عرضاً، وردَّت على جميع الشُّبهات التي استند إليها المجوِّزون، وعليه فلا عذرَ لأحدٍ أن يسعى في المسعى الجديد (المُحْدَث) إلا أن يكون عاميٍّا قلَّد غيره فهو على ذمةِ من قلَّده.
وأُحِبُّ قبل ذلك أن أذكِّر إخواني المسلمين لاسيما من فريق المانعين، أنَّ ما يجري الآن لا يعدو أن يكون نازلةً، والنوازلُ لا تدوم، فكمْ من نازلةٍ نزلت بالمسلمين ثم رفعها الله عنهم، فظفرَ الصابرون، وكُتب أجرُهم عند الله، وخلَّد ذكرَهم التاريخُ، فنسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ يعجِّلَ بالفرجِ ويكشفَ الكَرْبَ، وفي الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه (1252) بسنده عن حنظلة الأسلمي قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (وَالَّذِى نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا) (أي: يقرن بينهما)؛ما يَدِلُّ على أنَّ نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام سينزلُ من السماءِ ويطوفُ ويسعى، ونحنُ على يقينٍ أنه سيسعى في مسعى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولن يسعى في مسعًى مُحْدَثٍ خارجَ حدودِ الصفا.
ثم ليُعلم أنَّ كثرةَ القائلينَ بالجواز، وتراجع بعض من كان يقول بالمنع، لا ينبغي أن يؤثِّرَ على الحكمِ الشرعي؛ إذ إنَّ مناطَ صحةِ الأحكامِ موافقتُها للأدلةِ من الكتابِ والسُّنةِ وإجماعِ الأمَّةِ، وحيث إنَّه قد ثبتَ تتابع عملِ المسلمين، تبعاً لمنصوصِ علمائهم، قرناً بعد قرن، على أنَّ ما عُرفَ بالمسعى القديم (النبوي)، هو المساحةُ المستغرقةُ لشعيرةِ الصفا والمروة، فلا يسوغ إحداثُ تغييرٍ يأتي على ما استقرَّ في هذه الشعيرةِ بالنقض، إلا بيقينٍ، لاسيما أنه تأيَّد بعددٍ من القواعدِ الشرعيَّةِ؛ فالأصلُ استصحابُ الحالِ، والخروجُ من الخلاف، وطرحُ الشكِّ، ولاسيما في هذه الشعيرةِ التي يتعلَّقُ بها ركنٌ من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/355)
أركانِ الإسلام، يؤدِّيهِ ملايينُ البشر، وربما جرى عليه عملُ الأجيالِ القادمة.
ولهذا فإنَّ القولَ الصَّوابَ المؤيَّدَ بالدليل وأقوالِ العلماء لمن عزمَ على أداء العمرة أن يشترطَ على ربه عند عقدِ الإحرامِ قائلاً: إن حَبَسَنِي حابسٌ فَمَحِلِّي حيث حَبَسْتَنِي، ثم يتجِهُ إلى مكَّةَ ويَشْرَعُ في أداءِ العمرةِ؛ فإن استطاعَ أنْ يُتِمَّ كاملَ سعيهِ في المسعى القديم دونَ أن يُحْدِثَ ضرراً لنفسهِ، أو لغيره، ولم يمنعه أحدٌ من ذلك -وقد تيسَّر هذا لعددٍ من العمَّار- فليتِمَّ عمرتَه والحمد لله، فإنْ لم يستطعِ السعيَ، ولم يستطعِ البقاءَ لوقتٍ يتمكنُ فيه من إتمامِ نُسُكِهِ فهو مُحْصَرٌ حِيلَ بينه وبين إتمامِ النُّسُك، فيتحلَّل من عمرتهِ مجَّاناً لاشتراطهِ، ولا شيء عليه، كما دلَّ عليه حديثُ ضُبَاعَةَبنتِ الزُّبير رضي الله عنها، فإن لم يشترط فعليه دمٌ للإحصار يذبحه قبل أن يتحلَّل، ويوزعه على فقراء الحرم، ثم يحلق أو يقصِّر، هذا كلُّه على القولِ المعروفِ المشهورِ -وهو قولُ الجمهورِ-، وهو أنَّ السَّعيَ ركنٌ، ومن العلماءِ من يرى أنَّ السَّعيَ واجبٌ يسقطُ بالعجزِ، أو يُجبَرُ تركُهُ بدمٍ، لقولِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما المشهورِ، ومن سعى في المسعى الجديد (المُحْدَث) من العامَّةِ، إنْ كان قد أُفْتِيَ بذلك فهو على ذمَّةِ من أفتاه، وإلا فوجود المسعى وسعي جمهورِ الناسِ فيه أبلغُ من الفتوى بالقول، فيعذرُ على كلِّ حال.
هذا واللهَ أسألُ أنْ يوفِّق القائمينَ على شؤونِ المسجدِ الحرامِ للحقِّ والصوابِ، وأنْ يشرحَ صدورَهم لما قرَّرتْهُ هيئةُ كبارِ العلماءِ في هذه البلاد، وأن يرفعوا الحرجَ عن كثيرٍ من المسلمين الذين ترجَّحَ لديهم عدمُ جوازِ السَّعيِ في المسعى الجديد.
وصلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم
قرأ هذا المقال كاملاً قبل نشره الشيخ عبدالمحسن بن عبدالعزيز العسكر
على فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر البراك وقد استحسنه الشيخ
وأضاف إضافة قيمة أفدتُ منها وضمنتها المقال، فجزاه الله خيراً.
ـ[ابو مهند العدناني]ــــــــ[13 - 09 - 08, 12:08 ص]ـ
ما شاء الله كان.
قد تحقق و ثبت الإحصار في حق عموم الأمة، فسقط فرض الحج والعمرة، وما عاد المسلم قادرا على الإتيان بالركن الخامس من أركان الإسلام.
فالقائم على أمر المناسك قد غير المسعى تغييرا ما عاد ينتفع معه بسعي ولا حج ولا عمرة.
وأصبح القائل بهذا القول يعلق زوال الإحصار بنقض ما تم تشيده.
ومن الواضح أن القائم على أمر المناسك قد عمل على زيادة المسعى لتحقيق علة التوسعة على الساعين.
وقد مضى فيها وحققها خارجا مع علمه بالمخالف من العلماء
ولم يجعل المسعى على هيئة صالحة لاستيعاب قول المجيز والمانع
مما يدل على اهداره لهذا الرأي، مما لا يصلح معه التعلق بحصول تعديل او اعادة بناء.
فعلى المفتي المتصدر للفتوى طلب الواقعية، وقطع التعلق بأمور غيبية، يغلب على الظن انه لن يفعلها، لأنه يعلم مخالفة طائفة من أهل العلم لهذه التوسعة ولم يعتبر مخالفتهم، لوجود من وافقه عليها، ولم يستجد له أمر جديد يجعله يعيد النظر فينقض ما شيده.
والفتوى بالسير بعكس الاتجاه مشروطة بالسلامة، وهو متعذر في مواسم العبادة.
وإذا خالفه طائفة من الساعين وساروا في عكس الاتجاه، بطريق العودة من المروة؛ فانه من المترقب أن يعمل تنظيما إداريا يمنع فيه الساعي من السعي بعكس الاتجاه، كما هو الحاصل في التنظيمات الإدارية عند الجمرات، لان هذا التنظيم هو الذي يحقق مقصودة من التوسعة، ولو سار طائفة من الناس بعكس الاتجاه لحصل ضد مقصودة.
فإذا كان هذا هو الحال فهل يؤمر المسلم بعقد الإحرام، والشروع في النسك؟
واذاً يكون القائم على أمر المناسك قد فعل فعلا مشابها- من حيث الصورة- لفعل المشركين في صدهم لعموم المسلمين عن البيت، مع اختلاف الفعل والقصد.
وقام في حقه المقتضي لمقاتلته عليه، وانحصر النظر في بحث الموانع التي تمنع من إجراء حكم المقتضي عليه.
ولهذا يتوجب على المفتي تحقيق النظر في ما تؤول إليه فتواه، ومعرفة المآلات.
فالقول بارتفاع هذه الشعيرة، وسقوط فرضية الحج والعمرة، لا يمكن القول بهما.
والأمر بعكس الاتجاه مشروط بالسلامة والقدرة عليه.
والسلامة لا يمكن حصولها في موسم الحج لان المسعى لن ينفك عن الازدحام، والغالب انه لا يقدر على ذلك لاحتمال وجود تنظيم إداري يمنع من هذا، لأنه لا يتحقق المقصود من التوسعة إلا بمنعهم من مخالفة السير.
وأما حديث النبي صلى الله عليه و سلم "والذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا).
فان جعل مختصا بالموضع الذي سعى فيه النبي صلى الله عليه وسلم
عاد بالإبطال على التوسع الراسي الذي انشرحت له صدوركم، فانه لم يسع فيه الرسول، وهو خارج عن البينية بين الجبلين لتجاوزه لطول الجبلين، والساعي فيه ساع بين أبي قبيس وقعيقعان، وفوق الصفا والمروة.
ويعود بالإبطال على كل توسعة حدثت بعد الرسول، فإذا حصل اليقين بأن ابن مريم عليه السلام لن يطوف إلا في المكان الذي طاف فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن طوافه فيه دليل على إبطال كل زيادة، شمل هذا كل زيادة.
وإذا قيل إن تلك الزيادة داخلة في حدود البينية.
قيل: اذاً مناط الاحتجاج هو كونه في حدود البينية أو لا؟
وليس المناط هو كون الرسول طاف به أم لا؟
وإذا كان هو المناط، فالمنازع يقول: إنها داخلة فيه.
وهذا هو أول المسالة، فلم يستقل الاحتجاج بالحديث بالمراد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/356)
ـ[ابو مهند العدناني]ــــــــ[13 - 09 - 08, 12:21 ص]ـ
منع التوسع الافقي تم نقضه عليهم في هذا الرابط، بتسجيل التحكم في تصدير الحكم في التفريق بين التوسع الراسي والافقي.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=839807
ـ[أبو عبد الله الروقي]ــــــــ[14 - 09 - 08, 03:00 ص]ـ
من باب (جمع ما في الباب):
شاهدت سماحة المفتي الشيخ / عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله عبر قناة المجد في برنامج (مع سماحة المفتي) في حلقة الأمس (12/ 9/1429) وقد سأله سائل عن المسعى الجديد فأجاب:
(الموضوع أفتى فيه من العلماء من أفتى، وأرجو إن شاء الله أن يكون في الواقع خيرا (كررها) ثم قال: اسعوا مع الناس)
وقد وجدت رابط التسجيل على هذا الموقع:
http://www.islamacademy.net/Index.aspx?function=Item&id=6684&node=34033&format=rm&lang=AR
السؤال يبدأ من الدقيقة (30،50) ..
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[16 - 09 - 08, 12:23 ص]ـ
يقول الشيخ د. هاني الجبير:
((الفتوى بعدم صحة السعي في المسعى الجديد تمنع من العمرة أو تعتبر المحرم محصرا،
والأخذ بالقول المرجوح - على فرض ذلك- فيه مصلحة ظاهرة، ومن المعلوم أن الأخذ بالمرجوح للمصلحة جائز، سيما وأن الأظهر هو صحة الفتوى القائلة بجواز السعي في المسعى الجديد، إذ إن المسعي القديم ليس كل المسعى الشرعي بل هو بعضه)
المصدر: جوال الإسلام اليوم
ـ[أبو محمد]ــــــــ[16 - 09 - 08, 05:23 ص]ـ
(الفتوى بعدم صحة السعي في المسعى الجديد تمنع من العمرة أو تعتبر المحرم محصرا) بعد التمكن من السعي في القديم فلا يقال بهذا أصلا.
(ومن المعلوم أن الأخذ بالمرجوح للمصلحة جائز) .. لا يسلم على إطلاقه.
(الأظهر هو صحة الفتوى القائلة بجواز السعي في المسعى الجديد، إذ إن المسعي القديم ليس كل المسعى الشرعي بل هو بعضه) .. هذا الأظهر عند الشيخ .. وعند فريق من أهل العلم هو قول عارٍ عن الدليل.
وفق الله الجميع لهداه.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[16 - 09 - 08, 11:17 ص]ـ
(الفتوى بعدم صحة السعي في المسعى الجديد تمنع من العمرة أو تعتبر المحرم محصرا) بعد التمكن من السعي في القديم فلا يقال بهذا أصلا.
(ومن المعلوم أن الأخذ بالمرجوح للمصلحة جائز) .. لا يسلم على إطلاقه.
(الأظهر هو صحة الفتوى القائلة بجواز السعي في المسعى الجديد، إذ إن المسعي القديم ليس كل المسعى الشرعي بل هو بعضه) .. هذا الأظهر عند الشيخ .. وعند فريق من أهل العلم هو قول عارٍ عن الدليل.
وفق الله الجميع لهداه.
بل هو قول له دليله ويجب احترامه، ولا ينكر أدلته إلا مكابر أو متعصب لا يتسع صدره للخلاف.
لا بأس أن ترى -أيها الحبيب- رأي (فريق أهل العلم الذين ذكرت) وتقول به، ولكن أن نرمي المخالف بسوء النية، وبـ (عدم) الدليل، ونكيل التهَم .. فهذا هو البهتان، والتعصب، ومنهج فرعون: ((ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)).
وأما المنع من الاعتمار أو إفتاء الناس بأن لا تعتمروا لهذا السبب؛ فقول فاسد بارد، مخالف لمقصود الشرع، بعيد كل البعد عن الفقه في دين الله. والله المستعان
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[16 - 09 - 08, 02:01 م]ـ
ولكن أن نرمي المخالف بسوء النية، وبـ (عدم) الدليل، ونكيل التهَم .. فهذا هو البهتان، والتعصب،
هداك الله
ليس في كلام أبي محمد اتهام بسوء النية ....
نحن في مكان نتدارس لنصل إلى رأي يقتنع به طالب العلم، فالمسألة كبيرة ومهمة
وأما قول أبي محمد (بعد التمكن من السعي في القديم) ليس هذا بمتيسر لكل أحد في كل وقت، وظهر هذا في فتوى الشيخ السقاف، والذي عرضها على العلامة البراك.
ـ[أبو تميم الكناني]ــــــــ[16 - 09 - 08, 04:51 م]ـ
مما اطلعت عليه في هذا الموضوع وأحسب أنه من أفضل ما صنف حول هذه المسألة
بحث لفضيلة الدكتور / جابر الحوسني وهو من العلماء العاملين بالقضاء الشرعي في الإمارات
فهذا البحث تقريبا ألم بكل جوانب المسألة
من التأصيل التاريخي لعرض المسعى
وما طرأ على المسعى عبر التاريخ من تضييق وتوسعة
و فتاوى العلماء عبر العصور القديمة والحديثة حول التوسعة
ولعل من أهم الفتاوى المعاصرة فتوى هيئة كبار العلماء بالمملكة بتاريخ 22/ 2/1427
والتي قررت بالأكثرية عدم جواز توسيع عرض المسعى
كما رد على الشبهات التي استند إليها من قال بجواز التوسعة
كما ذكر أقوال الفقهاء في حكم التقيد بالمسعى
وأقوال الفقهاء في ركنية المسعى حيث تكمن خطورة مسألة التوسعة لتأثيرها على صحة الحج أو العمرة
فهو بحث قيم جدير بالدراسة والاطلاع
وهو بعنوان " المباحث المفيدة في تحديد عرض المسعى وحكم توسعته الجديدة "
وهو قيد الطباعة الآن وحسب ما فهمت سيخرج في غضون أيام
فلأهمية الموضوع وإلمام البحث بجوانبه أردت أن أنبه عليه للعلم والفائدة
وبارك الله فيكم
وجزاكم الله خيرا
.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/357)
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[16 - 09 - 08, 04:53 م]ـ
هداك الله
ليس في كلام أبي محمد اتهام بسوء النية ....
نحن في مكان نتدارس لنصل إلى رأي يقتنع به طالب العلم، فالمسألة كبيرة ومهمة
وأما قول أبي محمد (بعد التمكن من السعي في القديم) ليس هذا بمتيسر لكل أحد في كل وقت، وظهر هذا في فتوى الشيخ السقاف، والذي عرضها على العلامة البراك.
لم أقصد أبا محمد بهذه اللفظة .. لكنها إشارة لعموم ما ورد هنا ..
وقد تكلم أحد الاخوة باتهام لنية بعض العلماء القائلين بهذا. بارك الله فيك
ـ[أبو محمد]ــــــــ[17 - 09 - 08, 08:47 ص]ـ
أصلح الله أخي الحبيب أبا يوسف .. الظاهر أنك كتبت تعليقك وأنت (معصب)!
(بل هو قول له دليله ويجب احترامه، ولا ينكر أدلته إلا مكابر أو متعصب لا يتسع صدره للخلاف.)
هذا عندك أخي الحبيب .. أما عندي فلا .. وأرجو أني درست الموضوع دراسة متأنية مستفيضة.
وأما كون المنكر أدلته مكابر متعصب .. فلا أقول إلا: غفر الله لك.
ونسيت أن أقول في المشاركة السابقة: إنه قول مخالف للإجماع العملي للمسلمين.
ولا أزال على رأيي أنه قول ساقط بالمرة .. ولم أر له دليلا واحدا وجيها ..
أؤكد أن هذا رأيي .. ولم أصادر رأي غيري أو ألزمه برأيي ..
(لا بأس أن ترى -أيها الحبيب- رأي (فريق أهل العلم الذين ذكرت) وتقول به، ولكن أن نرمي المخالف بسوء النية، وبـ (عدم) الدليل، ونكيل التهَم .. فهذا هو البهتان، والتعصب، ومنهج فرعون: ((ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد))).
الرمي بسوء النية لم يحصل .. فلعلك قرأت كلامي خطأ ..
وإذا كنت تقصد غيري فلم تعلق عليه حين تعليقك على كلامي؟
بل أقول: أرجو ألا يخطئ الأجر القائلين بالتوسعة ..
أما البهتان والتعصب ومنهج فرعون!! فلا تعليق.
(وأما المنع من الاعتمار أو إفتاء الناس بأن لا تعتمروا لهذا السبب؛ فقول فاسد بارد، مخالف لمقصود الشرع، بعيد كل البعد عن الفقه في دين الله. والله المستعان)
لم أقل بهذا .. فلا تعليق عليه.
أبا يوسف الحبيب .. غفر الله لك وتاب عليك .. وزوجك أربعا!
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[17 - 09 - 08, 09:36 ص]ـ
أصلح الله أخي الحبيب أبا يوسف .. الظاهر أنك كتبت تعليقك وأنت (معصب)!
صحيح .. وهذا ما اعتدت عليه عند التنقل بين موضوعات الملتقى (ابتسامة)
(بل هو قول له دليله ويجب احترامه، ولا ينكر أدلته إلا مكابر أو متعصب لا يتسع صدره للخلاف.)
هذا عندك أخي الحبيب .. أما عندي فلا .. وأرجو أني درست الموضوع دراسة متأنية مستفيضة.
وأما كون المنكر أدلته مكابر متعصب .. فلا أقول إلا: غفر الله لك.
ونسيت أن أقول في المشاركة السابقة: إنه قول مخالف للإجماع العملي للمسلمين.
ولا أزال على رأيي أنه قول ساقط بالمرة .. ولم أر له دليلا واحدا وجيها ..
أؤكد أن هذا رأيي .. ولم أصادر رأي غيري أو ألزمه برأيي ..
قول ساقط بالمرة!! هاتوا برهانكم
(لا بأس أن ترى -أيها الحبيب- رأي (فريق أهل العلم الذين ذكرت) وتقول به، ولكن أن نرمي المخالف بسوء النية، وبـ (عدم) الدليل، ونكيل التهَم .. فهذا هو البهتان، والتعصب، ومنهج فرعون: ((ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد))).
الرمي بسوء النية لم يحصل .. فلعلك قرأت كلامي خطأ ..
وإذا كنت تقصد غيري فلم تعلق عليه حين تعليقك على كلامي؟
بل أقول: أرجو ألا يخطئ الأجر القائلين بالتوسعة ..
أما البهتان والتعصب ومنهج فرعون!! فلا تعليق.
بل رددت على من طعن في النيات قبل مشاركتك اخي الحبيب، ولعلك لم تقراها. وكتبت هذا بعد معاناة في قراءة بعض كلام الاخوة الذي جعلني أقول مثل هذا أخي الفاضل، وليس هو موجهاً لك أصالةً.
(وأما المنع من الاعتمار أو إفتاء الناس بأن لا تعتمروا لهذا السبب؛ فقول فاسد بارد، مخالف لمقصود الشرع، بعيد كل البعد عن الفقه في دين الله. والله المستعان)
لم أقل بهذا .. فلا تعليق عليه.
أعلم ذلك، والتعليق إنما كان على جملة ما سبق، بما فيه مشاركتكم.
أبا يوسف الحبيب .. غفر الله لك وتاب عليك .. وزوجك أربعا!
جزاك الله خيراً .. لكنَّ الأربع مشغلة مبخلة. (ابتسامة)
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[17 - 09 - 08, 02:32 م]ـ
مما اطلعت عليه في هذا الموضوع وأحسب أنه من أفضل ما صنف حول هذه المسألة
بحث لفضيلة الدكتور / جابر الحوسني وهو من العلماء العاملين بالقضاء الشرعي في الإمارات
فهذا البحث تقريبا ألم بكل جوانب المسألة
من التأصيل التاريخي لعرض المسعى
وما طرأ على المسعى عبر التاريخ من تضييق وتوسعة
و فتاوى العلماء عبر العصور القديمة والحديثة حول التوسعة
ولعل من أهم الفتاوى المعاصرة فتوى هيئة كبار العلماء بالمملكة بتاريخ 22/ 2/1427
والتي قررت بالأكثرية عدم جواز توسيع عرض المسعى
كما رد على الشبهات التي استند إليها من قال بجواز التوسعة
كما ذكر أقوال الفقهاء في حكم التقيد بالمسعى
وأقوال الفقهاء في ركنية المسعى حيث تكمن خطورة مسألة التوسعة لتأثيرها على صحة الحج أو العمرة
فهو بحث قيم جدير بالدراسة والاطلاع
وهو بعنوان " المباحث المفيدة في تحديد عرض المسعى وحكم توسعته الجديدة "
وهو قيد الطباعة الآن وحسب ما فهمت سيخرج في غضون أيام
فلأهمية الموضوع وإلمام البحث بجوانبه أردت أن أنبه عليه للعلم والفائدة
وبارك الله فيكم
وجزاكم الله خيرا
.
جزاك الله خير وياليتك تنزله هنا في اقرب فرصة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/358)
ـ[أبو تميم الكناني]ــــــــ[17 - 09 - 08, 04:55 م]ـ
وجزاك الله خيرا أخي الكريم ماجد الحامد
وأسأل الله أن ييسر تنزيله في أقرب فرصة
ـ[أبو محمد]ــــــــ[07 - 10 - 08, 02:53 م]ـ
ذكرت في مشاركة سابقة خارج هذا الموضوع إفادتي عن دخول ممر العربات في المسعى القديم من عدمها .. وأحببت أن أنقلها هنا أيضا؛ لأنه المحل الأوسع لبحث هذه القضية.
فأقول: قد ذرعت المسعى بنفسي -وتأكدت من هذا مرتين- .. فوجدت أن المسعى القديم ينتهي إلى نهاية ممر العربات القادم من المروة إلى الصفا .. فهو إلى هنا يبلغ عشرين مترا ونصفا تقريبا .. وهذا ما كان عليه المسعى القديم .. وأما ممر العربات الآخر (القادم من الصفا إلى المروة) فما بعده فهو خارج عن المسعى القديم.
والخلاصة أن نصف ممر العربات فقط في القديم.
وهذا ما يؤكد تصريحات المسئولين .. فقد سمعت أمين العاصمة المقدسة في إحدى وسائل الإعلام يذكر أنهم سيبنون مسعى ملاصقا للمسعى القديم بعرضه تماما، وذكر أنه يبلغ عشرين مترا.
ـ[أبو القاسم الحائلي]ــــــــ[11 - 10 - 08, 10:23 م]ـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فقد كثر الجدل واضطربت الفتاوى حول حكم السعي في المسعى الجديد؛ وبعد النظر
في أدلة العلماء وأرائهم واجتهاداتهم وكذا أقوال المؤرخين والجغرافيين وشهادات الشهود ببيان حدود الجبلين أقول مستعينا بالله:
أولا: أنه ليس هناك نص صريح صحيح قاطع في المسألة وإنما هي من مسائل الاجتهاد من أصاب بها فله أجران ومن أخطأ فله أجرو احد, وينبغي أن نحترم أراء جميع العلماء المجتهدين ونحفظ لهم حقهم ومكانتهم وقدرهم وان ندعو لهم.
ثانيا: الراجح عندي في هذه المسألة هو جواز السعي بالمسعى الجديد, ومن مرجحات هذا القول قوله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ... الآية) فالباء بهذه الآية كقوله تعالى: (وليطوفوا بالبيت العتيق ... ) وليس الطواف داخل البيت وإنما حوله. وهنا لم يقل جل وعلا: بينهما، بل قال: بهما، مع العلم أن حدود المسعى الجديدة واقعة بين الجبلين سواء كان قمة أو أساسا. وما دام ولي الأمر - وفقه الله - اختار القول المجيز للتوسعة, فهذا رافع للخلاف إن شاء الله في هذه المسالة، خاصة وأن الحاجة داعية لذلك، وقد وسع الحرمان وكثير من المشاعر لمصلحة الحجاج بل وأجاز العلماء سكنى مزدلفة وما جاورمنى عند تعذر وجود مكان بمنى. والمسعى مثله؛ وينبغي أن يكون اهتمامنا الأكبر بتحقيق مقاصد المناسك وروحها لا الاهتمام فقط بظواهرها. يقول ابن كثير - رحمه الله-: لما ترددت هاجر في هذه البقعة المشرفة بين الصفا والمروة, تطلب الغوث من الله متذللة خائفة, مضطرة فقيرة إلى الله عز وجل، كشف تعالى كربتها، وآنس غربتها, وفرج شدتها, وانبع لها زمزم التي هي طعام طعم وشفاء سقم. فالساعي بينهما ينبغي له أن يستحضر فقره وذله وحاجته إلى الله في هداية قلبه وصلاح حاله وغفران ذنبه، وأنه يلتجئ إلى الله عز وجل لتفريج ما هو به من النقائص والعيوب, وأن يهديه إلى الصراط المستقيم، وأن يثبته عليه إلى مماته، وأن يحوله من حاله الذي هو عليه من الذنوب والمعاصي إلى حال الكمال والغفران والسداد والإستقامه كما فعل بهاجرعليها السلام.
ثالثا: نشكر لولي أمرنا جهوده المباركة بتوسعة المشاعر المقدسة عموما والمسعى خصوصا، سائلين الله أن يتقبل من الحجاج والمعتمرين وأن يسهل لهم أداء مناسكهم؛ والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
عيسى المبلّع
خطيب جامع الأمير سعود الفيصل بحائل
الخميس 10/ 10/1429 هـ
ـ[المسيطير]ــــــــ[12 - 10 - 08, 12:51 ص]ـ
جزاك الله خيرا.
لو عرفتنا بالشيخ، ومشايخه، ودروسه، وكتبه؟.
وأنا المقصر .... لكن لأول مرة أسمع بهذا الاسم ... ولا يضره.
ـ[طارق الفوزان]ــــــــ[12 - 10 - 08, 10:03 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اليوم الأحد الموافق 13 شوال 1429 اتصلت على فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في مكتبه في اللجنة الدائمة
الساعة8:47
وكان الحوار كالتالي:
أنا: السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام.
أنا: متى يستقبل الشيخ صالح الأسئلة؟
الشيخ: عندك سؤال؟
أنا: نعم.
الشيخ: اسأل.
أنا: ياشيخ بدأ التسجيل للحج
الشيخ: ارفع صوتك.
أنا: ياشيخ بدأ التسجيل للحج وستغلق أبواب التسجيل قريبا فهل نحج أم ننتظر؟
الشيخ: على هواك.
أنا: والمسعى؟
الشيخ: اسع مع الناس
أنا: في المسعى الجديد؟
الشيخ: اسع مع الناس
أنا: جزاك الله خيرا.
_____________________________
فمن سمع رأيا جديدا للشيخ فاليزودنا به
ـ[المغربي أبو عمر]ــــــــ[12 - 10 - 08, 11:57 ص]ـ
عندي امر حيرني كثيراً
هل الاجابات الخاصة توضع في المنتديات العامة لاني اجد الامر زاد
فارجو الافادة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/359)
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[12 - 10 - 08, 01:19 م]ـ
عندي امر حيرني كثيراً
هل الاجابات الخاصة توضع في المنتديات العامة لاني اجد الامر زاد
فارجو الافادة
بعد إذن المجيب في ذلك
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[12 - 10 - 08, 01:32 م]ـ
لقد فتح المسعى وبإمكانك السعى في جهة المسعى القديم
ـ[أبوتميم الرائد]ــــــــ[12 - 10 - 08, 02:24 م]ـ
باختصار شديد وعن ثقات أروي ...
هناك تشديد من ولي الأمر وفقه الله على من أفتى بعدم الجواز
وقد اجتمع بهم وطلب منهم عدم التصريح بالمنع
ولهذا أصبحت فتوى الشيخ المفتي والشيخ صالح الفوزان والشيخ صالح اللحيدان:
اسعوا مع الناس
ـ[أبو القاسم الحائلي]ــــــــ[12 - 10 - 08, 03:21 م]ـ
و إياك أخي المسيطير
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=138898
ـ[أبو ممدوح]ــــــــ[12 - 10 - 08, 07:21 م]ـ
ياخوة نريد النتيجة المستخلصة هل يعتبر من يرى حرمة السعي في المسعى الجديد محصر كما قرأنا هنا.
أم ماذا يفعل وهل من المعقول أن يبقى الى الأبد محصر؟
اللهم أزل الغمة عن أمة محمد و لاحول و لاقوة الابالله.
ـ[أبو تميم الكناني]ــــــــ[16 - 10 - 08, 08:23 ص]ـ
بعد طباعة البحث وتداوله أحببت أن أضعه هنا لإخواني للفائدة
المباحث المفيدة في تحديد عرض
المسعى وحكم توسعته الجديدة
تأليف: د. جابر بن علي الحوسني
1429هـ - 2008م
مقدمة
الحمد لله الحكيم العليم القائل في كتابه العظيم: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم)، وأزكى الصلاة والتسليم على خير من حج وسعى، وقال لأمته: (خذوا عني مناسككم)، ثم الرضا والسلام على الآل والصحب الكرام، و من اقتدى بهم واهتدى. أما بعد:
فهذه رسالة لطيفة سميتها: (المباحث المفيدة في بيان عرض المسعى وحكم توسعته الجديدة)، و قد دعاني إلى كتابتها ما حصل هذه السنة – أي سنة تسع وعشرين وأربعمائة وألف - من الزيادة الكبيرة في عرض المسعى الذي كان عرضه عشرين مترا، فصار بالزيادة التي أضيفت إليه من الجهة الشرقية أربعين مترا، وأردت فيها بيان الحكم الشرعي في السعي داخل هذه الزيادة، وقسمتها إلى ستة مباحث، وخاتمة، وذلك على هذا النحو:
المبحث الأول: عرض المسعى في الروايات التاريخية المعتد بها.
المبحث الثاني: التحقيق في عرض المسعى وفتاوى المتأخرين فيه.
المبحث الثالث: سعة الصفا والمروة (الامتداد والحد).
المبحث الرابع: الرد على شبه من انتصروا لجواز التوسعة الحالية في عرض المسعى.
المبحث الخامس: أقوال الفقهاء في حكم التقيد بالمسعى.
المبحث السادس: أقوال الفقهاء في ركنية السعي.
الخاتمة: وتتضمن النتائج والخلاصة.
المبحث الأول
عرض المسعى في الروايات التاريخية المعتد بها
تلقى الفقهاء المعتد بأقوالهم بالقبول طائفة من الروايات والأخبار التاريخية المبينة لحدود عرض المسعى، وجرى بها العمل منذ الربع الأخير من القرن الثالث، ولم تدون المصادر التاريخية والجغرافية- حسب علمي- أخبارا تخالف تلك الروايات التي عليها مدار تحديد عرض المسعى وذرعه من حديه الأيمن والأيسر، واعتمدها الناس؛ نظرا لتقدم القائلين بها، ومباشرتهم لذرع عرض المسعى دون الاعتماد على مجرد السماع، و كذلك لكونهم من الثقات المأمونين، وبينت تلك الروايات عرض المسعى قبل أن يضيق بسبب ما أخذ منه فيما بعد كما سيأتي ذكره مفصلا.
وقبل الوقوف على هذه الروايات يحسن تبيين معنى المسعى في اللغة والاصطلاح:
1 - المسعى في اللغة:
اسم مكان، مأخوذ من سعى يسعى سعياً، إذا مشى بسرعة وهرول أوعدا، وهو دون الشد وفوق المشي، وقيل السعي الجري والاضطراب والحركة، قال ابن دريد (ت 321 هـ): " السعي مصدر سعى يسعى سعياً من العدو وسعى للسلطان إذا ولي له الصدقة .... "، وقال أيضا: " سعى يسعى سعياً إذا أسرع ". وقال الجوهري: (ت 393 هـ): " سعى الرجل يسعى سعياً، أي عدا". وقال ابن منظور (ت711هـ): " والسعي عدو دون الشد سعى يسعى سعياً، وفي الحديث: " إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ولكن ائتوها وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا". فالسعي هنا العدو سعى إذا عدا وسعى إذا مشى .. قال الزجاج: السعي والذهاب بمعنى واحد،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/360)
لأنك تقوله للرجل وهو يسعى في الأرض وليس هذا باشتداد ..... ".
وقال الفيومي (ت 770هـ): " وسعى في مشيه هرول".
وقال الفيروز آبادي (ت 817هـ):" سعى يسعى سعياً، كرعى: قصد، وعمل ومشى وعدا .. ".
وفى تاج العروس: " وسعى إذا مشى زاد الراغب بسرعة، ومنه أخذ السعي بين الصفا والمروة، وسعى إذا عدا، وهو دون الشد وفوق المشي، وقيل السعي الجري والاضطراب كل ذلك ذكره ابن الأعرابي ..... وقال الراغب: أصل السعي المشي السريع ويستعمل للجد في الأمر خيراً كان أو شراً .. ".
2 - وفي الاصطلاح:
هو المكان أو الموضع الذي يطوف فيه الحاج والمعتمر بين جبلي الصفا والمروة لأداء شعيرة السعي.
و السعي يطلق على المشي وعلى الجري والهرولة في مكان مخصوص قال البكري (ت 487 هـ) مبيناً ذلك: وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم في طوافه بينهما ـ الصفا والمروةـ يمشي حتى إذا نصبت قدماه في بطن الوادي سعى ". .
والطواف يطلق على السعي والمشي بين الصفا والمروة، ففي التنزيل: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح أن يطوف بهما).
الروايات التي عول عليها الفقهاء في تحديد عرض المسعى:
عول الفقهاء في تحديد عرض المسعى على روايات تاريخية أهمها الروايات الآتية:
أ - رواية أبي الوليد الأزر قي:
قال الأزرقي محدداً عرض المسعى: "وذرع ما بين العلم الذي على باب المسجد إلى العلم الذي بحذائه على باب دار العباس
ابن عبد المطلب، وبينهما عرض المسعى، خمسة وثلاثون ذراعاً ونصف ".
والشاهد هو قوله: " وبينهما عرض المسعى خمسة وثلاثون ذراعاً ونصف " أي ما يعادل ثمانية عشر مترا تقريبا ..
ب - رواية أبي عبد الله الفاكهي:
قال الفاكهي: " وذرع ما بين العلم الذي على باب المسجد إلى العلم الذي بحذائه على باب العباس بن عبد المطلب ـ رضي الله عنه ـ، وبينهما عرض المسعى، خمسة وثلاثون ذراعا واثنتا عشرة إصبعا".
ج - رواية أبي إسحاق الحربي:
قال الحربي في كتابه المناسك وهو رحلته إلى الحج: " وذرع المسعى من المسجد الحرام إلى دار العباس اثنان وثلاثون ذراعا".
وهذا التحديد ينقص عن تحديد الأزرقي والفاكهي بثلاثة أذرع ونصف؛ مع أن الحربي كان معاصرا للأزرقي والفاكهي، فلعله قدر ذراعا خاصًا به، وهو ممن دخل مكة وحرر كتابه إبان حجه، بخلاف الأزرقي والفاكهي اللذين استوطنا البلد الحرام، و يجوز أن يقال في الجمع بين الروايتين: إن الأزرقي والفاكهي حددا أقصى عرض للمسعى، والحربي اعتبر حال المسعى بعد دخول الأبنية والديار المجاورة فيه، فالجميع متفق على أن للمسعى عرضا محددا؛ تمسكا بدليل الاستصحاب، لكن ذرع الأزرقي و الفاكهي كان لتحديد أكثر عرض المسعى.
كما يمكن حمل ذرع الفاكهي والأزر قي على أوسع عرض للوادي وذلك يقتضي وجود التواءات في حديه فيضيق تارة في بعض مواضعه عن مواضعه الأخرى، وعليه يكون ذرع الفاكهي والأزرقي قد توجه إلى حساب الأكثر فبلغ خمسا وثلاثين ذراعًا ونصف، إذ يتعذر عادة استقامة حافتي الوادي، وأظن أن قول الفقهاء: لو التوى يسيرا عن دار العباس لم يضره ذلك، قد راعى تعرجات والتواءات الوادي التي تجعل بعض مواضعه أعرض وأوسع من بعضها الآخر، وهذا معهود في كل واد؛ فيبعد أن يكون عرض الوادي مستقيمًا استقامة كلية في سائر أجزائه الأفقية والعمودية أو الطولية والعرضية كما نراه اليوم في فناء المسعى.
توثيق أصحاب الروايات الثلاث:
1 - الأزرقي وروايته:
تقدم أن الأزرقي هو أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق الغساني المكي الشافعي، وجده هو أحمد بن محمد الأزرقي ثقة روى عن مالك وابن عينيه والشافعي وعنه روى البخاري وأبو حاتم وحفيده وغيرهم. وقال عنه ابن سعد (ت 230هـ): ثقة كثير الحديث. ووثقه أيضا البخاري (ت256 هـ)، والرازي (ت327هـ)، وابن حبان (ت 354هـ) ..
قال ابن ماكولا (ت 475 هـ) في معرض ذكر من رووا عن جد الأزرقي: " وابن ابنه أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد ابن الوليد الأزرقي صاحب كتاب مكة يحدث عن جده أحمد بن محمد الأزرقي وعلي بن هارون بن مسلم العجلي ومهدي بن أبي المهدي وجماعة كثيرة، روى عنه كتاب مكة محمد بن إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع الخزاعي ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/361)
قال السمعاني (ت 562هـ): " أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي صاحب كتاب أخبار مكة، وقد أحسن في تصنيف ذلك الكتاب غاية الإحسان، روى عن جده ومحمد بن يحيي بن أبي عمر العدني وغيرهما، و روى عنه أبو محمد إسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعى".
والخزاعي هذا متقن ثقة حجة رفيع الذكر توفي سنة 308هـ بمكة، أحد فصحاء مكة.
وعندما يروي الخزاعي عن الأزرقي فإن ذلك يكون بمثابة توثيقه وتعديله؛ فالثقة حين يروي عن أحد يكون ذلك بمثابة توثيقه له، عند جمع من المحدثين، وإليه ميل البخاري ومسلم وغيرهما، وكذلك هو الصحيح عند الأصوليين كالآمدي وابن الحاجب وغيرهما.
والأزرقي روى عن ثقات وروى عنه ثقة، قال ابن عبد البر (ت 463هـ): " كل حامل علم معروف العناية به فهو عدل محمول في أمره أبدا على العدالة حتى تتبين جرحته في حاله، أو في كثرة غلطه، لقوله صلى الله عليه وسلم: " يحمل هذا العلم من خلف عدوله ".
ولم يرد – حسب ما وقفت عليه - عن أحد ممن يحتج بهم في الجرح والتعديل أنه ضعف أبا الوليد الأزرقي.
ولعظم مكانة كتاب الأزرقي عكف عليه علماء كثيرون بالتعليق والشرح والاختصار،، وعولوا عليه في العديد من الأحكام الشرعية المتعلقة بمناسك الحج والعمرة، ومنها مكان السعي، وجعلوه الحجة والعمدة في شأن بيان حدود المسعى، وهذا أمر معروف لدى الفقهاء والمحدثين والمؤرخين، والشواهد على ذلك أكثر من أن يحيط بها هذا المبحث، وحسبنا منها ما يأتي:
1 - استشهد النووي (ت 676 هـ) بتقريرات الأزرقي في ذرع البيت، بعد أن وصفه بأنه إمام بقوله: " وقد وصفه الإمام أبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة فأحسن وأجاد .. ". ونقل في كتابه تهذيب الأسماء واللغات كلام الأزرقي كاملا في ذرع المسجد والمسعى، وقال في نهايته: " هذا كلام الأزرقي ". مع أن عادته فيه الاختصار، لكنه عند الحديث عن المسجد الحرام أورد كلام الأزرقي في نحو أربع صفحات، مما يدل على اعتماده الكامل عليه في هذا الباب.
2 - اعتمد المحب الطبري على تخريجات الأزرقي ورواياته، فكثيرا ما يقول بعد سرد شيء من أخبار البلد الحرام: أخرجه الأزرقي، أو هذا ما نقله أبوالوليد الأزرقي في كتابه المشهور.
3 - قال التقي الفاسي (ت 832 هـ): " وقد رأيت أن أذكر إسنادي في تاريخ الأزرقي لكثرة المنقول منه في هذا الكتاب، وإذا كان متصلا بالإسناد فهو مما يستجاد".
وذكر الفاسي أيضاً أنه عول كثيراً على ما ذكره وحدده الأزرقي وجمعه، وأنه صاحب قصب السبق في أخبار مكة.
3 - صرح ابن حجر الهيتمي (ت973هـ) أن الأزرقي إمام شأن ذرع المسعى، وقال في حقه: " تقرر أنه العمدة في هذا الشأن كله في درج الصفا والمروة .. ".
وقال أيضا: " وإن كلام الأزرقي صريح فيه، وإنه أعني الأزرقي أولى بالاعتماد من غيره .. ".
وفوق ذلك كله نقل عن الأزرقي جمع غفير من أئمة العلم والتاريخ كابن جرير وابن الأثير وابن كثير والذهبي وغيرهم مما يدل على رسوخ قدمه وتوثيق العلماء له في أخبار مكة ووصف معالم البيت العتيق والمسعى.
2 - الفاكهي وروايته:
قال التقي الفاسي: " وللإمام الأزرقي والفاكهي فضل السبق والتحرير والتحصيل، فإن ما ذكراه هو الأصل الذي انبنى عليه هذا الكتاب وفي كتاب الفاكهي وهو محمد بن إسحاق بن العباس المكي أمور كثيرة مفيدة جداً ليست من معنى تأليف الأزرقي ولا من المعنى الذي ألفناه،وكان في المائة الثالثة، والفاكهي تأخر عن الأزرقي قليلا في غالب الظن، ومن عصرهما إلى تاريخه خمسمائة سنة ونحو أربعين سنة وأزيد لم يصنف بعدهما في المعنى الذي صنفا فيه أحد .. ".
ولقد أكثر الفاسي النقل عن الفاكهي والاعتماد عليه في كتابيه العقد الثمين وشفاء الغرام، وكلاهما مخصص لتاريخ مكة وما يتعلق بها من تراجم وأخبار.
وقال التقي الفاسي أيضاً عنه: " وكتابه في أخبار مكة كتاب حسن جدا لكثرة ما فيه من الفوائد النفيسة، وفيه غنية عن كتاب الأزرقي، وكتاب الأزرقي لا يغني عنه؛ لأنه ذكر فيه أشياء حسنة مفيدة جدا لم يذكرها الأزرقي. وأفاد في المعنى الذي ذكره الأزرقي أشياء كثيرة لم يفدها الأزرقي، وإني لأعجب من إهمال الفضلاء لترجمته، فإن كتابه يدل على أنه من أهل الفضل، فاستحق الذكر، وأن يوصف بما يليق به من الفضل والعدالة أو الجرح وحاشاه من ذلك، وشابهه في إهمال الترجمة الأزرقي صاحب أخبار مكة الآتي ذكره. وهذا عجب أيضا، فإنه بمثابة الفاكهي في الفضل، وما هما فيما أحسب بدون الجندي صاحب فضائل مكة. فإن له ترجمة في كتب العلماء والله أعلم بتحقيقة ذلك".
3 - رواية الحربي:
لم تشتهر رواية الحربي بين المحررين والمحققين في تاريخ مكة والمناسك فيما يتصل بعرض المسعى، إلا أن هذا لا يدل بحال من الأحوال على عدم قبول روايته في ذلك أو ردها، فالحربي صدوق ثقة، وهو من أئمة العلم والفقه، ومن الحفاظ للحديث المميزين لعلله، ورث أموالا كثيرة أنفقها في طلب الحديث، ومن زهده أنه ما احتفل في ملبسه ولا في مأكله يوما قط ولا شكا مرضا بجسده إلى أحد من أهله. حتى قيل إنه يقاس بأحمد بن حنبل في زهده وورعه وعلمه.
يتبع إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/362)
ـ[أبو تميم الكناني]ــــــــ[16 - 10 - 08, 08:34 ص]ـ
المبحث الثاني
التحقيق في عرض المسعى وفتاوى المتأخرين فيه
إن الأزرقي والفاكهي والحربي هم أقدم من بين عرض المسعى من حيث القياس بالذراع، ولا يعني ذلك عدم تحديد غيرهم لعرض المسعى، وإنما هم أصحاب أقدم مستند في عرض المسعى وصل إلينا مدونًا، وكان ما قرره الأزرقي والفاكهي مبينا لعرض المسعى الذي سعى فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم ومن سعى معه من المسلمين ولم يجاوزوه، الأمر الذي جعل الفقهاء يعتمدون على ذلك في تقرير أحكام عرض وطول المسعى، ويقوي ذلك أن الأزرقي والفاكهي ممن عاش في القرن الثالث المشهود له بالخيرية، وعاصرا أئمة الإسلام ممن نقلوا الشرع الحنيف عن رجال لم يبعدوا عن عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابه كثيراً، كما أن الاعتماد على كلام الأزرقي والفاكهي مبني على أنهما بينا أوسع عرض لأرض المسعى، قبل حدوث نقصان فيه بسبب دخول بعض الديار والأبنية في بعض أرجائه من جهته الشرقية، أي أن كلامهما بين ما كان عليه أصل عرض المسعى الشرعي المعني في نصوص الكتاب والسنة، قبل أن يضيق بسب طرو البناء المستحدث في أرضه، فيكون ذرع الأزرقي والفاكهي (35 ذراعا ونصف) هو الحد الأوسع لعرض المسعى.
وقد بقي الناس على اعتبار أكثر عرض المسعى (35 ذراعاً ونصف الذراع) حتى دخلت سنة 1357هـ/ 1932م، حيث أمر الملك عبد العزيز بإزالة النواتىء العارضة على جانبي المسعى، فصار المشعر من الصفا والمروة بعد عملية الرصف متساوي الأطراف، وبلغ عرضه بالنظام المتري عشرين متراً ونصف المتر.
ثم لما دخلت سنة (1366هـ - 1947م)، أمر الملك عبدالعزيز بتحديد سقف المسعى بصورة فنية محكمة، ونفذت عملية سقف المسعى من الصفا والمروة بعرض عشرين متراً ونصف المتر، فيما عدا ثمانية أمتار مقابل باب علي رضي الله عنه تركت بدون سقف؛ لأنها تمثل ميداناً متسعاً وتركها دون سقف يكسبها جمالاً في نظر القائلين بذلك.
وتوالت الانشاءات والأبنية في مشعر المسعى طولا وعرضا من عهد الملك سعود أول ملك من أولاد الملك عبد العزيز إلى ثاني ملك، وهو أخوه الملك فيصل، وتنقل المراجع المصنفة في تاريخ عمارة المسجد الحرام أن توسعة وتحسين حال المسعى بدأت وتعاقبت على ثلاث مراحل بدءا من سنة 1357هـ إلى سنة 1382هـ، ومن أهم من باشروا بعض تلك الأعمال اللجنة المعينة من قبل الملك سعود وتكونت من تسعة أعضاء وهم: الشيخ عبد الملك بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ عبد الله بن جاسر، والشيخ علوي بن عباس المالكي، والشيخ محمد بن علي الحركان، والشيخ محمد بن لادن، والشيخ محمد صالح القزاز، والمعلم حسين عجاج، والمهندسان الفنيان طارق الشواف وطه القرملي، وأوكل لهذه اللجنة متابعة عشرة أعمال،منها: فصل المباني المجاورة للمسعى والمسجد الحرام، وقطع المرور من المسعى ليتمكن الحجاج من السعي بين الصفا والمروة، من غير مزاحمة أو مجاورة العربات ومرتادي الأسواق، وفي سنة 1377هـ هدم ما بقي بجانبي المسعى من بيوت ودكاكين لبناء المسعى، وهدم أيضا ما خلفهما من الجهة الشرقية إلى الصفا من مساكن وأسواق، وبني فيما بين الصفا والمروة بناء المسعى بطابقيه، وأصبح عرضه 20 مترا ونصف المتر،موافقاً لما كان عليه الأمر في عهد الملك عبد العزيز بعد أن أمر بسقف المسعى كما تقدم.
وفي ظل هذه الأحداث صدرت عن اللجنة المذكورة عدة توصيات وآراء وقرارات أبرزها القرار رقم 35 الصادر في 23/ 9 / 1374 هـ، الذي خلص بعد البحث في المصادر الفقهية وفي مصادر تاريخ البيت الحرام ومراجعه، إلى أن الأصل في السعي عدم وجود بناء وأن البناء فيه حدث قديما وحديثاً، وأن مكان السعي تعبدي، وأن الالتواء كثيراً حتى يسقط الساعي في الشارع العام يضر فلا يعتد بسعيه، وذلك مثل ما يفعله بعض الجهال في أوقات الزحمة عندما ينصرفون من الصفا قاصدين المروة، فيخرجون عن حد المسعى حتى يصلوا إلى الشارع المحاذي، فينتفي المقصود من البينية بين الصفا والمروة بسبب الخروج عن حد الطول من ناحية باب الصفا والعرض معاً، وأن الالتواء اليسير لا يضر؛ لأن التحديد المنصوص عليه في كلام المؤرخين تقريبي، وأنه لا بأس بالسعي في موضع دار الشيببي، لأنها على مسامتة بطن الوادي بين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/363)
الصفا والمروة، على أن لا يتجاوز الساعي حين يسعى من الصفا أو يأتي إليه ما كان بين الميلين والمسجد مما يلي الشارع العام وذلك للاحتياط والتقريب.
وفي تاريخ 19/ 4 / 1377هـ جاء اقتراح من عضو في بعض اللجان التنفيذية التي شكلت بعد ذلك لتوسعة المسجد الحرام، وهو محمد طاهر الكردي، ومفاد هذا الاقتراح أن تؤلف لجنة من علماء المذاهب الأربعة لبيان مبدأ السعي ومنتهاه في الصفا والمروة، وذلك بأن يكسر صخر الصفا والمروة، ولا يبقى درج مطلق، بل يبقى جدار سميك فقط في آخر الصفا، وجدار آخر ينتهي في آخر المروة يبدأ السعي منه وينتهي إليه؛ معللا ذلك بتيسير حصول السعي في العربات بين الصفا والمروة.
ورد المفتي الأكبر في السعودية آنذاك الشيخ محمد بن إبراهيم على هذا الاقتراح بكلام نفيس، هذا نصه:
" وبعد تأمل الاقتراح المذكور ظهر لنا أنه يتعين ترك الصفا والمروة على ما هما عليه أولا. ويسعنا ما وسع من قبلنا في ذلك، ولو فتحت أبواب الاقتراحات في المشاعر لأدى ذلك إلى أن تكون في المستقبل مسرحاً للآراء أو ميدانا للاجتهادات أو نافذة يولج منها لتغير المشاعر وأحكام الحج، فيحصل بذلك فساد كبير، ويكفي في حصول وصول العربات التي تحمل المرضى والعاجزين ما يحصل به الوصول إلى ما يكفي الوصول إليه في استكمال السعي، يكفي في ذلك إعادة أرض المسعى إلى ما كانت عليه قبل هذا العمل الجديد، أو يجمع بين هذه المصلحة ومصلحة انخفاض المسعى، بأن يجعل ما يلي كلا من الصفا والمروة متصاعدا شيئًا فشيئًا حتى يكون ما يلي كلا منهما على حالته قبل هذا العمل الجديد،ولا مشقة في ذلك، مع المحافظة على ما ينبغي من بقاء المشاعر على حالها وعدم التعرض لها بشيء، ولا ينبغي أن يلتفت إلى أماني بعض المستصعبين لبعض أعمال الحج واقتراحاتهم؛ بل ينبغي أن يعمل حول ذلك البيانات الشرعية المدعمة بالدلائل القطعية المشتملة على مزيد الحث والترغيب في الطاعة والتمسك بهدي رسول الله صلي الله عليه وسلم وسنته في المعتقدات والأعمال، وتعظيم شعائر الله ومزيد احترامها .. ".
ولو فرضنا العمل بالرأي الفقهي المرخص في الانحراف اليسير عن أرض المسعى، فإنه يتعين الانطلاق من اعتبار الفقهاء والمؤرخين أن خمسة وثلاثين ذراعاً ونصف الذراع هو أعلى حد لعرض المسعى، وما زاد قليلا عنه بذراع أو ذراعين، فلا بأس به تأسيساً على احتمال وجود تضييق لعرض المسعى بسبب الأبنية وغيرها، من غير أن يكون ذلك مبررا لزيادات وتوسيعات أخرى فاحشة، ولعل من أهم الفتاوى التي لها الفصل في هذا الأمر الفتوى التي صدرت عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية سنة 1393 هـ التي تنص على جواز السعي فوق سقف المسعى، فقد ورد عن هذه اللجنة ما نصه: "الخلاصة: وبعد اطلاع الهيئة على البحث المتقدم ودراستها للمسألة واستعراض أقوال أهل العلم في حكم الطواف والسعي والرمل راكبًا والصلاة إلى هواء الكعبة أو قائما وكذا حكم الطواف فوق أسطحه الحرم وأروقته، وحكمهم بأن من ملك أرضا ملك أسفلها وأعلاها، وبعد تداول الرأي والمناقشة انتهى المجلس بالأكثرية إلى الإفتاء بجواز السعي فوق سقف المسعى عند الحاجة بشرط استيعاب ما بين الصفا والمروة، وأن لا يخرج عن مسامتة المسعى عرضا .. "، وتكونت هذه اللجنة من عضوية عبد الله بن سليمان بن منيع، وعبد الله بن عبد الرحمن بن غديان، وكان نائب الرئيس عبد الرزاق عفيفي، وإبراهيم بن محمد آل الشيخ رئيسا للجنة فهؤلاء هم القائلون بالجواز، ومحل الاستشهاد هو: " وألا يخرج عن مسامتة المسعى عرضا، فهذا الاستثناء صريح في وجوب الالتزام بعرض المسعى المعهود في ذلك الوقت، وأنه لا يجوز للساعي الخروج عن عرضه.
وقد أخذ مجلس كبار العلماء بالسعودية بهذه الفتوى، فقرر بتاريخ 22/ 2/1427هـ بالأكثرية عدم جواز توسيع عرض المسعى، فقد نص القرار على ما يأتي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/364)
" الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الرابعة والستين التي انعقدت في مدينة الرياض ابتداء من تاريخ 18/ 2 /1427هـ درس موضوع توسعة المسعى من الناحية الشرعية بناء على ما ورد من صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكة المكرمة عضو هيئة تطوير مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة بالكتاب رقم 751078/ 3س وتاريخ 6/ 8 / 1426هـ المشار فيه إلى برقية المقام السامي رقم 8020 / م ب
وتاريخ 15/ 6 / 1426هـ وقد استعرض المجلس ما صدر عنه بالقرار رقم (21) وتاريخ 12/ 11 / 1393 هـ المتضمن جواز المسعى فوق سقف المسعى عند الحاجة واطلع على البحوث المعدة حول مشعر المسعى من الناحية الشرعية والتاريخية.
واطلع كذلك على الفتاوى الصادرة من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والسيد علوي عباس المالكي والشيخ عبدالله بن دهيش، والشيخ عبد الله بن جاسر، والشيخ يحيى أمان، والشيخ محمد الحركان رحمهم الله جميعاً وذلك لمتابعة إدخال ما هو من المسعى وإخراج ما ليس منه مما هو منصوص عليه في كتب أهل العلم من محدثين وفقهاء ومؤرخين.
وقد نص العلماء على عرض المسعى بالذراع وجزء الذراع فكان ذلك المنصوص حداً بما هو مذكور كذلك في كتب العلماء رحمهم الله. والمسعى بطوله يحكمه جبل الصفا والمروة وعرضه يحكمه عمل القرون المتتالية من عهد النبي صلي الله عليه وسلم إلى يومنا هذا.
وبعد الدراسة والمناقشة والتأمل رأى المجلس بالأكثرية أن العمارة الحالية للمسعى شاملة لجميع أرضه ومن ثم فإنه لا يجوز توسعتها ويمكن عند الحاجة حل المشكلة رأسياً بإضافة بناء فوق المسعى، وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
رئيس المجلس عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، عبد الله بن سليمان المنيع، عبد الله بن عبد الرحمن الغديان، صالح بن محمد اللحيدان، د. عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان (متحفظ وله وجهة نظر مرفقة)، د. عبد الله بن عبد المحسن التركي،د. صالح بن فوزان الفوزان، د. أحمد بن علي سير المباركي (الموضوع في حاجة إلى مزيد من البحث)، د. صالح بن عبد الله بن حميد، د. عبد الله بن محمد آل الشيخ، د. عبد الله بن سعد الرشيد، د. محمد بن عروس بن عبد الله، د. عبد الله بن محمد المطلق (له وجهة نظر مرفقة)، محمد بن حسن آل الشيخ، عبد الله بن محمد بن خنين، د. عبد الرحمن بن محمد السدحان، د. يوسف بن محمد الغفيص، د. سعد بن ناصر الشتري، د. علي بن سعيد الضويحي ".
فالمانعون لزيادة عرض المسعى من أعضاء هذا المجلس ستة عشر عالماً منهم رئيس المجلس، ورئيس القضاء، والمتوقفون اثنان، والمجيز واحد.
وقد تقرر أن المسعى اسم للرقعة الواقعة بين الصفا والمروة وبينت الآثار الصحيحة عن الصحابة أن حدود المسعى من جهة الطول تبدأ من دار ابن أبي حسين إلى زقاق بني عباد، فقد ثبت عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن السعي من دار بني عباد إلى زقاق بني أبي حسين، أما من حيث عرض المسعى فتذكر بعض الروايات أنه من البيت العتيق إلى دار العباس بن عبد المطلب. وبالقياس على رواية العرض ذرع الأزرقي والفاكهي ومن جاء بعدهما فتوصلوا إلى أنه خمسة وثلاثون ذراعاً، وكل ما زاد عليه ليس من المسعى ولا يتناوله مسماه، ولم يرد عن المتقدمين خلاف في هذا الشأن، وتابعهم في ذلك المتأخرون ممن حرروا الذرع بأنفسهم كالتقي الفاسي
1 - وفي سنة 619هـ: مات بالمسعى جماعة من الزحام؛ لكثرة الخلق الذين حجوا في هذه السنة من العراق والشام.
2 - قال ابن فهد المكي (ت885هـ) عن الأحداث التي حصلت في سنة 875هـ:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/365)
" وفيها: في يوم السبت ثاني عشر رجب- كان عقد مجلس بالمسجد الحرام - سببه: أن ابن الزمن استأجر لنفسه ميضأة الأشرف شعبان بن حسين التي بين الميلين بالمسعى والرّبع الذي عليها، وأربعة دكاكين ملاصقة للميضأة من وقف برباط العباس رضي الله عنه -عم النبي صلى الله عليه وسلم -، وهو على يمين الداخل إلى الرباط بالمسعى أيضا، وكان استئجاره لذلك بالقاهرة في سنة أربع وسبعين وثمانمائة، ثم شرع في عمارة ذلك فاحتفر الميضأة جداً، وجعل علوها رَبعا، وجعل إلى جانبها رباطا، وبنى بيتا ببوابة، ثم أراد أن يعمل سبيلا على بعض المساطب التي كانت أمام بعض الدكاكين فأرسل إليه القاضي برهان الدين بن ظهيرة بالمنع، فلم يمتنع فتوجه القاضي برهان الدين بن ظهيرة إلى هناك، ومنع الفعلة من حفر ذلك، وأرسل إلى القضاة الثلاثة، وإلى جماعة من المجاورين من أهل الشام العلماء، منهم: القاضي علاء الدين المرداوي الحنبلي، والشيخ قاسم الحنفي،وشرف الدين موسى بن عبد الحق الحنفي، وجلس بالمسجد الحرام، فحضر المذكورون وغيرهم وحضر ابن الزمن، فسألهم القاضي برهان الدين: هل يجوز أن يبنى في مشعر من مشاعر الحج شيء؟ فأفتوا بأن ذلك حرام. وأنكر القاضي علاء الدين ذلك إنكارا قويا، وقام بأعباء المجلس – جزاه الله خيراـ وأكثر من أمثاله، وقال القاضي برهان الدين في المجلس: إن في تاريخ مكة للفاكهي أن عرض المسعى بين الميلين خمسة وثلاثون ذراعاً، فذرع حينئذ ما بين المسجد الحرام إلى جدار عمارة ابن الزمن، فوجد سبعة وعشرون ذراعاً، فقال ابن الزمن: هل هذا المنع مختص بي أم بجميع ما في المسعى؟ فقال القاضي: حكمت بهدم جميع ذلك، وأمر الأمير طوغان بهدم ذلك، فقال طوغان: أكتبوا لي مستنداً بذلك، فأمر القاضي برهان الدين الشيخ نور الدين بن الشيخة بكتابة سجل بذلك، فكتب في يومه، وأخذ عليه خط القضاة الأربعة وجماعة من حضر المجلس، ثم أن طوغان لم يفعل ذلك، بل اجتمع هو وابن الزمن يوم الخميس سابع عشر الشهر، وقاسا المسعى من الأماكن الضيقة، ويقال: إنه كتب بذلك محضرا، وأرسله مع قاصد إلى القاهرة، وبلغ السلطان أشياء كثيرة في تزويق وتنميق، وصادف أن صهر ابن الزمن زوج أخته الشمس البخاري شيخ الباسطية بمكة كان بالقاهرة، فبلغ السلطان أشياء عن القاضي في تزويق وتنميق، فصادف عرض جميع ذلك للسلطان، فكان ما سيأتي .. والمساطب التي كانت أمام الدكاكين التي أراد أن يعمل على بعضها سبيلا ابن الزمن لم يكن لها وجود قبل الأربعين وثمانمائة، وإنما وجدت بعد الأربعين، فإن الدكاكين كان يكتريها غسالون يغسلون على أبوابها الثياب،ويخبطونها على أحجار يضعونها تحت أبواب الدكاكين إلى جانب الحائط، ثم انتقل الغسالون واكترى الدكاكين جماعة يبيعون فيها الفخار، وأحدثوا لهم مساطب صغارا، ثم صاروا يكبرونها إلى أن صار عرضها ما يقارب الثلاثة أذرع، ويقال: أن جماعة أفتوا ابن الزمن أنه على حق، والله يقابل كل واحد على صنيعه. ومما أحدثه ابن الزمن في هذه العمارة أنه جعل بطريق سوق الليل أبوابا يصعد منها للميضأة ودكة بطول الميضأة من أمامها، ودرجة يصعد منها إلى علو الربع، وكانت الطريق تسع قطارين، والآن لا تسع إلا قطارا واحدا، والله تعالى بين المسلمين وبينه".
و عن نفس الخبر قال الدرعي المغربي في رحلته الكبرى إلى الحج: " ومما يناسب ما ذكر من التعدي على المسعى ما وقع في دولة الجراكسة في سلطنة الملك الأشرف قايتباي المحمودى ـ سامحه الله ـ وملخصه: " أن تاجراً أرسله قايتباي إلى مكة اسمه محمد بن عمر بن الزمن الخواجا يتعاطى له تجارة، ويعمر له مدرسة وجانبا من الحرم والحجر وجوف الكعبة، فكان من جوره وحبه للجاه أن كان بين الميلين ميضأة أمر بعملها السلطان الملك الأشرف شعبان بن الناصر حسن بن قلاوون في مقابلة باب علي يحدها من الشرق بيوت الناس ومن الغرب المسعى الشريف ومن الجنوب سيل وادي إبراهيم الذي يقال له رباط سكنه الفقراء، فهدم الخواجا الميضأة المذكورة وهدم من جانب المسعى بقدر ثلاثة أذرع، وحفر أمامه ليبني بها رباطا يسكنه الفقراء فمنعه من ذلك قاضي القضاة بمكة برهان الدين إبراهيم بن علي بن ظهيرة، فلم يمتنع من ذلك فجمع القاضي جماعة وافرة من علماء المذاهب الأربعة وأنكروا ذلك، وقالوا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/366)
للظالم في وجهه: إن عرض المسعى كان خمسة وثلاثين ذراعا وأحضروا النقل من تاريخ الفاكهي، وذرعوا من ركن المسجد إلى المحل الذي وضع فيه الظالم المذكور بنيانه فكان سبعة وعشرين ذراعاً، ومع ذلك لم ينتهه، فكتب من بمكة من العلماء خطوطهم بمنعه، ووجهوها إلى السلطان قايتباي وكان للجراكسة تعصب فيمن يلوذ بهم، ولو كان على باطل، فلما وصل ذلك انتصر لخادمه فكتب له يمضي على عمله فبناه رباطا وبنى من جانبه دارا وحفر الميضأة وجعل في جانبها مطبخا فيه ما يفرق على الفقراء ووقف على ذلك مدة إلى أن انقطع حتى بيعت الدور والديار وقايتباي وخادمه من أحسن الجراكسة عقلا ودينا، ومع ذلك صدر منهم هذا الفعل الذي قام الإجماع بتحريمه".
1 - قال الجزيري (سنة 960 هـ): وفي يوم الاثنين خامس عشر القعدة أجهز النداء بمكة لجميع أصحاب الدكاكين بالمسعى أن لا يبسطوا أسبابهم إلا في نفس الدكاكين في الجدر، ولا يخرج قدّام دكانه شيئًا ولا يضع دكة خشب ولا غيره ... وفي ثاني المناداة ركب قاضي مكة ونائب جدة وأزالوا جميع الدكك التي بالمسعى ليتسع المسعى، وقد كان قديماً واسعاً ثم ضيق بالأبنية لتسامح الناس للكرا من هذا المشعر تعديا وظلما، فقد ذكر في التاريخ أن عرض المسعى كان ستة وثلاثين ذراعا، وقد ضاق في زماننا خصوصا وقد وضع فيه الدكك فيحصل أيام الحج". وهذا الكلام صريح في أن عرض المسعى كان معروفا، فتحمل التوسعة على إعادة الأرض المأخوذة من المسعى إليه ..
2 - وقال الجزيري أيضا في معرض حديثه عن ما حصل من العمائر على يد الأمير خوشكلدي أمين جدة وأمير اللواء الشريف السلطاني: " ومن متجدادته توسعة بها من مقاعد الباعة والمساطين وإزالة ذلك بالكلية جزاه الله خيراً".
أي عودة حدود المسعى من جهة العرض إلى أصلها، فلا يقال توسعة زائدة عن الأصل، بدليل قوله: إزالة ذلك بالكلية أي إزالة السوق ونحوه عن طريق الساعين.
3 - قال القطبي الحنفي (ت1014هـ):" وهنا إشكال ما رأيت من تعرض له وهو أن السعي بين الصفا والمروة من الأمور التعبدية التي أوجبها الله علينا في ذلك المحل الذي سعى رسول الله صلي الله عليه وسلم فيه، وعلى ما ذكره هؤلاء الثقات أدخل ذلك المسعى في الحرم الشريف وحول المسعى إلى دار ابن عباد كما تقدم. وأما المكان الذي يسعى فيه الآن فلا يتحقق أنه من المسعى الذي سعى فيه النبي صلي الله عليه وسلم أو غيره فكيف يصح السعي فيه وقد حول عن محله كما ذكر هؤلاء الثقات.
ولعل الجواب عن ذلك أن المسعى في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم كان عريضا ً وبنيت تلك الدور بعد ذلك بعرض المسعى القديم فهدمها المهدي وأدخل بعضها في المسجد الحرام وترك بعضها للسعي ولم يحول ذلك تحويلا كليا وإلا لأنكره علماء الدين من الأئمة المجتهدين رضوان الله عليهم مع توفرهم إذ ذاك فكان الإمامان أبو يوسف ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما والإمام مالك بن أنس ـ رضي الله عنه ـ موجودين يومئذ وقد أقروا ذلك وسكتوا وكذلك صار بعد ذلك الوقت من في مرتبة الاجتهاد كالإمام الشافعي وأحمد بن حنبل وبقية المجتهدين رضوان الله عليهم أجمعين فكان إجماعا منهم رضي الله عنهم على صحة السعي من غير نكير نقل عنهم. وبقي الإشكال في جواز إدخال شيء من المسعى في المسجد الحرام وكيف يصير ذلك مسجداً ويصح الاعتكاف فيه؟ وحله بأن يجعل حكم السعي حكم الطريق فيصير مسجداً ويصح الاعتكاف فيه حيث لم يضر بمن يسعى فاعلم ذلك. وهذا مما تفردت ببيانه ولله الحمد على التوفيق لبيانه". فإذا كان الحرج متحققاً في القرون الأولي من جهة التحقق وعدمه من المكان الذي سعى فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم واجتهد الفقهاء في تحرير الكلام عن تحويل بعض أماكن المسعى حتى قرروا الجواز، فكيف يسوغ السعي في أماكن أخرى لا تعهد من أرض المسعى ولا يقوم دليل على أنها منه، وإباحة ذلك اعتمادا على الرأي في حكم تعبدي غير معلل و لا يسوغ فيه القول بالرأي .. بل لو كانت التوسعة في عرض المسعى سائغة لذكر القطبي شيئا منها وأعمل اجتهاده في حكمها، لاسيما أنه صرح باجتهاده فيما يتصل به، ونبه على انفراده به مع أن تحرير الكلام عن حكم السعي خارج مكانه المعهود مستوجب الوقوف عليه ولم يحتج القطبي إلى التفريع فيه والتفصيل، فدل ذلك على أخذه بالقول المانع من السعي خارج محله، هذا إلى جانب تقريره أن السعي من الأمور التعبدية، وأن له مكاناً مخصوصاً.
4 - في تاريخ الغازي عند الكلام علي ترجمة المشير الحاج محمد حسين باشا الذي تولي مكة من قبل الدولة العثمانية سنة 1264هـ بعد ذكر ما عمله المذكور من العمران وغيره:" ولقد أراد المذكور أن يوسع المسعى ويهدمها ليتسع على الحجاج حال السعي ويأخذ من الدور الداخلة في مشعر المسعى، ويكمل طريقا في الذهاب للسعي وآخر للإياب، ونصب حبلا كان مراده أن يجعل عوضه داربزانا من الحديد أو غيره .. وهدم بعض الدور الداخلة بالمشعر فكتب فيه بعض أهالي مكة المشرفة ونقموا عليه، وتوجه بالكتب إلى الدولة العلية السيد عبدالله بن عقيل، توجه خفية على ناقة إلى التنعيم، ثم أخذ برا من طريق الحديبية وتوجه إلى الأستانة، وشكى فأمرت الدولة العلية بعزله سنة 1266هـ (ست وستين ومائتي وألف فتوجه إلى الأستانة".
و مما يدل على دقة ذرع الأزرقي ومن وافقه تواطؤ الفقهاء على موافقته و متابعة المؤرخين ذرع الأزرقي، فالفاسي يعتمد على الأزرقي ثم يقوم بتحرير القياس بنفسه، ومع ذلك يستشهد بكلام الأزرقي ويقول: هكذا قال الأزرقي، أو الفاكهي، أي أنه يأخذ بذرعهما ولو ذرع بنفسه وذلك لأنه يعتبرهما الحجة في هذا الشأن، كما أن الفاسي من عادته في كتابيه العقد الثمين وشفاء الغرام إذا وجد اختلافاً في الذرع من حيث النقصان أو الزيادة نبه عليه ولو طرأ ذلك بعد الأزرقي والفاكهي ولم يعهداه.
وبعد هذا كله، يبقي الإشكال القائم هو ما مدى صحة الاحتجاج بسعة إمتداد الصفا والمروة على جواز توسعة عرض المسعى باعتبار أن - الصفا والمروة ـ أساس التحديد؟ وهل هذا الاحتجاج له وجه شرعي صحيح؟ لذلك احتيج إلى المبحث الآتي:
يتبع إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/367)
ـ[أبو تميم الكناني]ــــــــ[16 - 10 - 08, 08:48 ص]ـ
المبحث الثالث
سعة الصفا والمروة (الامتداد والحد)
الصفا والمروة المذكوران في كتاب الله جبلان بالقرب من البيت العتيق. وهما كأي جبل من الجبال له ارتفاع في السماء، وسعة في العرض للمقابل له، وله كذلك امتداد محدد، وبما أن الصفا والمروة متقابلان ويرقى إليهما الساعي؛ تعبدا لله فلابد من معرفة امتدادهما من الجهة الأمامية لكل منهما لتعلقهما بالبينية المطلوب توفرها كشرط لصحة السعي؛ بحيث يتحقق مدلول السعي بين الصفا والمروة بمماسة قدم الساعي في الحد المجزئ شرعاً، وهذا في الواقع العملي مفروغ منه بعد بناء المجسم المشاهد في فناء المسعى قبل الشروع في التوسعة الجديدة، فالجدار الأيمن بالنسبة للقادم من الصفا محدد لآخر حد الامتداد، وهذا بعد الزيادة المذكورة وبمراعاة الشكل الهندسي كما تقدم، بيد أن من المسلم به لدى الجميع أن البناء حادث، وأن الجغرافيين قد أفصحوا عن تحديد لسعة وارتفاع وامتداد أطراف أي جبل مهما ترامت أطرافه الشرقية والغربية، وكذلك تحدثوا عن أول درجته من جهته السفلى، ولم يخالف مسلك المؤرخين والفقهاء وأهل اللغة مسلك أولئك الجغرافيين، فالفقهاء فرعوا على أول درجات الصفا والمروة السفلى أحكام وجوب أو استحباب الصعود منها إلى الجبلين أم الأكتفاء بمماسة أول درجة فقط باعتبارها من الجبلين الصفا والمروة وتحقق مدلول الطواف بينهما واستيعاب جميع المسافة، والمؤرخون تناولوا بالتفصيل ما آلت إليه حالة الدرج من الأسفل، وذكروا سعة الصفا والمروة، وما حولها من جبال وشعاب، وغير ذلك .. ونبين كل هذا مفصلا على هذا النحو:
أولا - الأمر بالطواف بين الصفا والمروة:
قال تعالي:" إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ". ومعنى الطواف في لغة العرب الدوران حول الشيء، قال ابن دريد (ت321هـ): وطاف يطوف طوفا إذا دار حول الشيء وأطاف به يطيف إطافة إذا ألم به، وقرئ على أبي حاتم ـ رحمه الله ـ لأبي خراش الهذلي:
ما لِدُبَّيةَ منذ اليوم لم آرَه
وسط الشروب فلم يُلمم ولم يطف
وفي البارع لأبي علي القالي (ت 356هـ): قال الأصمعي: يقال طاف الرجل يطوف طوفا إذا أقبل وأدبر وجال. ومنه الطواف بالبيت، ويقال: أطاف فلان بالقوم إطافة على مثال أفعل افعالة،إذا استدار بالقوم وأتاهم من نواحيهم، وهو مطيف بهم على مثال مفعل بضم الميم وكسر العين .. "
وقال ابن السكيت (ت 244هـ):" .. وقد طاف حول الشيء يطوف طوفا إذا دار حوله .. "
وقال ابن سيده (ت 458هـ): " وطاف بالقوم وعليهم طوفا وطوفانا وأطاف استدار وجاء من نواحيه، وفي التنزيل:" ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا". وقيل: طاف به، حام حوله ... وطاف بالبيت، واطاف عليه دار حوله. قال أبوخراش:
تُطِيفُ عليه الطير وهو مُلَحَّبُ
خلاف البيوت عند محتمل الصرم "
وقال ابن فارس (ت395هـ):" (طوف): الطاء والواو والفاء أصل واحد صحيح يدل على دوران الشيء، وأن يُحفَّ به يُحمل عليه، يقال طاف به، وبالبيت يطوف وطوافا، واطَّاف به، واستطاف، ثم يقال لما يدور بالأشياء ويغشيها من الماء طوفان .. ".
فالمقصود من قوله تعالى: " أن يَطَّوف بهما " هو أن يبدأ الحاج أو المعتمر من الصفا وينتهي بالمروة ثم يأتي من المروة إلى الصفا وهكذا، فيكون بذلك مثل الطوائف بالبيت بجامع أن كلا منهما دوران شيء على شيء، وقد غلب السعي على الطواف بالصفا والمروة مع أن السعي المشي بشدة في موطن واحد من مكان السعي بين الصفا والمروة، فالحاصل أن الحاج والمعتمر عليه أن يدور بين الصفا والمروة في مكان مخصوص حتى يكون منقادا للأمر الوارد في التنزيل: " أن يطوف بهما " سواء دار في مبتدإ أحدهما الأول المحاذي للبيت أو آخر حد لامتدادهما من الجهة الشرقية، ولا يتصور أن يقال أن يأتي من خلفهما مما يلي الصفا مثلا بسبب مفارقة تناول جبل الصفا لمسمى الأرض التي تليه من الجنوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد سعى بين الصفا والمروة، وقال: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي.
ثانيا - الصفا والمروة جبلان ضبط امتدادهما منذ القدم:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/368)
جميع النصوص الواردة عن علماء التاريخ واللغة والفقه تثبت أن جبلي الصفا والمروة جبلان مستقلان بمكة علق الشارع بهما شعيرة السعي، ونذكر من هذه النصوص ما يأتي:
1 - قال الحربي: " وحيال باب القاضي من طرف باب الصفا إلى منعرج الوادي جبل الصفا ثم الركن ركن المسجد فيه منارة، وحيالها جبل أبي قبيس يتعرج خلف الصفا طرف منه، ثم يرجع الحد إلى الرواق الأيسر للداخل من باب بني شيبة وهو حيال باب البيت، وهناك باب على ثلاث طاقات يقال له باب بني هاشم وقبله في بطن الوادي مع باب المسجد علم أحمر، وحياله في شق الوادي الآخر علم مثله، وذاك حد المسعى ". فقوله:" جبل أبي قيس يتعرج خلف الصفا طرف منه "، لا يدل على جواز اعتباره من الصفا وامتداده؛ لأن هذا الطرف من أجزاء جبل أبي قيس وامتداده، والحقيقة الشرعية تقتضي السعي في أجزاء جبل الصفا والمروة وامتدادهما لا في أطراف أجزاء من جبال أخر، وإلا لزم جواز السعي في أطراف وأجزاء واسعة؛ نظرا لارتباط واتصال جبلي الصفا والمروة بجبل أبي قيس وجبل قعيقعان، مما سيؤدي إلى نقض البينية المشروطة في السعي بين الصفا والمروة عند جميع الفقهاء، فلابد من التسليم بامتداد مخصوص تفرضه الحقيقة الشرعية والعرفية، وتضبطه حدود الرسم والتعريف بالأسماء والاطلاقات. وسيظهر لك من الآتي سعة الصفا والمروة وامتدادهما كما ضبطه المحققون من أهل العلم ممن يحتج بهم في هذا الأمر.
2 - قال البكري (ت 487هـ):" المروة جبل بمكة معروف، والصفا جبل آخر بإزائه، وبينهما قُدَيْد ينحرف عنهما شيئًا. والمُشَلَّل هو الجبل الذي ينحدر منه إلى قديد، وعلى المشلل كانت مناة، فكان من أهل بها من المشركين، وهم الأوس والخزرج يتحرج أن يطوف بين الصفا والمروة، ثم استمروا على ذلك في الإسلام، فأنزل الله تعالى:" إن الصفا والمروة من شعائر الله ". هكذا روى الزهري عن عروة عن عائشة ... "، والبكري هنا سمى كل واحد منهما جبلا، يتقابلان ويتوازيان، لا أن امتدادهما طويل إلى حد يصعب تمييزه عن غيره إما لاستغراقه وتشعبه بغيره، أو لاعتباره أوسع بكثير مما حددته بعض الروايات من جهة البيت إلى جهة دار العباس عرضا، ومن زقاق بني عباد إلى زقاق بني أبي حسين طولا، وكل ذلك محسوم بذراع الأزرقي والفاكهي ومن وافقهما، ولا عبرة بإطلاقات بعض الشعراء الجاهلين، لاحتمال استعمال المجاز في إلحاق الصفا والمروة بالجبال المحيطة بها.
3 - قال القاضي عياض (ت 544هـ):"والمروة هي الحجارة ومنه سميت المروة قرينة الصفا". ولم يقل قرينة جبل آخر غير الصفا، فدل هذا على محدودية المكان المجزئ للسعي الذي عهده الفقهاء ولم يحتاجوا إلى التفصيل في عرضه وافتراض توسيعه.
4 - قال ابن عطية الأندلسي (ت546هـ): " الصفا والمروة جبيلان ". وقال أيضا: " وجبيل الصفا بمكة صليب، وجبيل المروة إلى اللين ماهق، فبذلك سميا .. " وقال:" ومن شعائر الله "، معناه: من معالمه ومواضع عبادته، وهي جمع شعيرة أو شعارة .. ". وقوله تعالى: " إن الصفا والمروة من شعائر الله " خبر يقتضي الأمر بما عهد من الطواف بهما ". وتؤخذ من كلام ابن عطية فائدة، وهي إفصاحه عن صغر جبلي الصفا والمروة بتصغيره لكلمة جبل، ومعلوم أن الأسماء ذات الشرف والقدسية لا تصغر، لكن يصغر ما أضيف إليها، فدل ذلك على تنبيه ابن عطيه على صغر مكان السعي؛ لأنه قرن التصغير بالكلام عن مواضع عبادة السعي، في قوله:" معناه من معالمه ومواضع عبادته ".
5 - نقل أسامة بن منقذ (ت 584هـ) شاهدا على قرب الديار من الساعين بين الصفا والمروة، فقال:" ودُعيت دار الأرقم على ولده، فقرأتُ نسخة صدقة الأرقم بدار " بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما قضى الأرقم في ربعه ما حاز الصفا أنها صدقة بمكانها من الحرم لا تباع ولا تورث، شهد هشام بن العاص، وفلان مولى هشام بن العاص ". قال: فلم تزل. قال يحيى بن عمران بن عثمان بن الأرقم: إني لأعلم اليوم الذي وقعت في نفس أبي جعفر - المنصور – وذاك أنه كان يسعى بين الصفا والمروة في حجة حجها ونحن على ظهر الدار في فسطاطها، فيمر تحتنا، ولو أشاء أن آخذ قلنسوة عليه لأخذتها، وإنه لينظر من حيث يهبط بطن الوادي حتى يصعد إلي الصفا .. ". ونقل ابن منقد قول الشاعر:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/369)
ولو كنت في الدار التي مسقط الصفا
مرضت ولكن غاب عني معللي"
ومسقط الصفا منتهاه، والصفا مكان مرتفع من جبل أبي قبيس، بينه وبين المسجد الحرام عرض الوادي الذي هو طريق وسوق ".
6 - قال ابن الأثير (ت 606 هـ): " وفيه ذكر الصفا والمروة في غير موضع، - والصفا- اسم أحد جبلي المسعى ". وقال أيضا: " ومروة المسعى التي تذكر مع الصفا، وهي أحد رأسييه اللذين ينتهي إليهما السعي ". وعنصر الإطلاق العرفي يرجح ما حدده الأزرقي والفاكهي، و يرجحه أيضا اكتفاء العلماء المحتج بهم بالاستناد على المؤرخين الثقات، وعدم تكلفهم بالبحث في أقوال الشعراء العرب في أقصى امتداد الصفا والمروة في أحوال تحققت فيها أسباب يصح جعلها مسوغة لتوسيع مكان المسعى كما ينادى بذلك اليوم بعض المجازفين، فلا ندع تحديد هؤلاء الأثبات إلى شهادة شهود لا يحتج بأقوالهم ممن هو ليس من أهل الدراية والرواية، وإن جاور أرض المسعى، وتقدم به العمر.
قال ياقوت الحموي (ت 626هـ):" الصَفا: بالفتح والقصر، والصفا والصفوان والصفواء كله العريض من الحجارة الملس، جمع صَفاه، ويكتب بالألف، ويثني صفوان، ومنه الصفا والمروة، وهما جبلان بين بطحاء مكة والمسجد، أما الصفا فمكان مرتفع من جبل أبي قبيس، بينه وبين المسجد الحرام عرض الوادي الذي هو طريق وسوق، ومن وقف على الصفا كان بحذاء الحجر الأسود، والمشعر الحرام بين الصفا والمروة ".
وقال ياقوت أيضاً:" المروة: واحدة، والمرو الذي قبله: جبل بمكة يعطف على الصفا، قال عرّام: ومن جبال مكة، المروة: جبل مائل إلى الحمرة، أخبرني أبو الربيع سليمان بن عبد الله المكي المحدث أن منزله في رأس المروة، وأنها أكمة لطيفة في وسط مكة تحيط بها، وعليها دور أهل مكة ومنازلهم، قال: وهي في جانب مكة الذي يلي قعيقعان، وقد ثناه جرير، وهو واحد في قوله:
فلا يقربن المروتين ولا الصفا
ولا مسجد الله الحرام المطهر ".
فمن كلام ياقوت ومن نقل عنهم يظهر أن جبلي الصفا والمروة موضع يتوسط بطحاء مكة والبيت الحرام، وأنهما إلى البيت أقرب؛ لكون الراقي على الصفا محاذيا للحجر الأسود، وإن المروة جبل يُعطف على جبل الصفا، وأن الصفا جبل ومكان مرتفع من جبل أبي قبيس، وأن جبل المروة في جانب مكة الذي يلي قعيعقان،فيحصل من ذلك اختصاص كل منهما بحيز محدد، وينطبق على المستوعب لما بينهما مفهوم السعي شرعًا. وعندما يقول ياقوت:" والمشعر العلم المتعبد من متعبداته، وهو بين الصفا والمروة وهو من مناسك الحج، وقد روى عياض في ميمه الفتح والكسر، والصحيح الفتح .. "، فأين سينقل هذا المشعر إذا أحدثت التوسعة الجديدة؟ وهو ذو مكان محدد تواترت الروايات عليه؟ كما أنه مشعر متعبد به بين الصفا والمروة عهد بينيته أهل العلم منذ القدم.
7 - قال ابن منظور (ت 711هـ):" ومنه الصفا والمروة وهما جبلان بين بطحاء مكة
والمسجد، وفي الحديث ذكرهما، والصفا اسم أحد جبلي المسعى، والصفا موضع بمكة"، وهذا صريح في أن الصفا اسم موضوع على مكان يبتدأ به العبادة فلا يصار إلى غير موضعه، ومن قال بنقيض ذلك تحكم. وقال ابن منظور أيضاً:" ومروة المسعى التي تذكر مع الصفا، وهي أحد رأسيه اللذين ينتهي السعي إليهما. والمروة جبل بمكة شرفها الله تعالى .. ".
8 - قال عبدالمؤمن البغدادي (ت 739هـ):" الصَفا بالفتح والقصر المذكور في القرآن الكريم: مكان مرتفع من جبل أبي قبيس، بينه وبين المسجد الحرام عرض الوادي الذي هو طريق وسوق، وإذا وقف الواقف عليه كان حذاء الحجر الأسود، ومنه يبتدىء السعي بينه وبين المروة ". وقال البغدادي أيضاً: " المروة واحدة، المرو جبل بمكة ينتهي إليه السعي من الصفا أكمة لطيفة في سوق مكة، حولها وعليها دور أهل مكة عطفت على الصفا، وهو أول المسعي في قوله تعالي:" إن الصفا والمروة من شعائر الله ". فلذلك ثناها قوم في الشعر فقالوا المروتين.
9 - قال البلوي (ت نحو 767 هـ) عن جبل أبي قبيس:" وهو أحد أخشبي مكة، والأخشب الثاني الجبل المتصل بقعيقعان في الجهة الغربية، وسطح أبي قبيس مسجد محتفل البناء عليه .. "
10 - قال الفيروزآبادي (ت817هـ):" الصفا من مشاعر مكة يلحف أبي قبيس، وابتنيت على متنه دار فيحاء ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/370)
11 - قال الزبيدي (ت 1205هـ):" والصفا من مشاعر مكة شرفها الله تعالى، وهو جبل صغير يلحف جبل أبي قبيس، ومنه قوله تعالى:" إن الصفا والمروة من شعائر الله ". وابتنيت على متنه دار فيحاء، أي واسعة ". وقال أيضا:" والمروة بهاء، جبل بمكة يذكر مع الصفا، وقد ذكرهما الله تعالى في كتابه العزيز".
ثالثا - تحديد سعة الصفا والمروة بالخطوة والقدم:
1 - ذكر ابن جبير (ت614هـ) أن سعة الصفا تضاهي سبع عشرة خطوة، ومعلوم أن ابن جبير ألف كتاباً سماه (رسالة اعتبار الناسك في ذكر الآثار الكريمة والمناسك) عرف بعد ذلك برحلة ابن جبير، فابن جبير وقف بنفسه على سعة الصفا، ولم يقلد فيه من تقدم عليه، يقول ابن جبير:" وللصفا أربعة عشر درجا، وهو على ثلاثة أقواس مشرفة، والدرجة العليا متسعة كأنها مصطبة، وقد أحدقت بها الديار وفي سعته سبع عشرة خطوة ".
ويقول ابن جبير عن المروة:" وأدراج المروة خمسة، وهما بقوس واحد كبير، وسعتها سعة الصفا سبع عشرة خطوة، وما بين الصفا والمروة مسيل هو اليوم سوق حفيلة بجميع الفواكه وغيرها من الحبوب وسائر المبيعات الطعامية، والساعون لا يكادون يخلصون من كثرة الزحام، وحوانيت الباعة يميناً وشمالاً، وما للبلدة سوق منتظمة سواها إلا البزازين والعطارين، فهم عند باب بني شيبة تحت السوق المذكورة وبمقربة تكاد تتصل بها ". وذكر ابن جبير أن جبل أبي قبيس أحد أخشبي مكة، والأخشب الثاني الجبل المتصل بقعيقعان في الجهة الغربية، ونقل أيضاً أنه كان يظن أن الكعبة المقدسة قد انحرفت عن وسط المسجد إلى جهة باب الصفا، لكن الاختبار الذي قام به هو ـ ابن جبير- في جوانبها المباركة بالكيل تبين بالدليل على أن الكعبة المقدسة في وسط المسجد، بحسب ما تضمنه رسم السارية.
على أن الدليل القوي الذي يثبت تواتر وتعاقب العمل على تحديد الحد الأيمن للمسعى للقادم من الصفا الذي يجاور دار العباس هو قول ابن جبير:" ومنها يُرمل في السعي إلى الميلين الأخضرين وهما أيضا ساريتان خضراوان على الصفة المذكورة الواحدة منها بإزاء باب علي في جدار الحرم، وعن يسار الخارج من الباب، والميل الآخر يقابله في جدار تتصل بدار الأمير مكثر، وعلى كل واحدة منهما لوح قد وضع على رأس السارية كالتاج ألفيت منه نقوشاً برسم مذهب: " إن الصفا والمروة من شعائر الله .. الآية ". فقوله والميل الآخر يقابله في جدار تتصل بدار الأمير مكثر. فيه إشارة إلى آخر عرض المسعى باعتبار أن ما بين الميلين له عرض مخصوص وطول مخصوص، والعرض هو مسامة لعرض المسعى في الجملة أو في أكثر عرضه أو أدناه، وفيه دليل على عدم استقامة حافتي عرض المسعى مثلما نشاهد اليوم، وفيه دليل على تسليم الناس للأمر التعبدي المتعلق بعدم تجاوز ما بين الجدارين خاصة الجدار المقابل للجدار القريب من البيت الحرام، وقد اختلفت التسميات بحسب العصور التاريخية، فتارة أطلق عليها دار العباس، وتارة أطلق عليها رباط العباس وفق ما ذكره التقي الفاسي. . و يقوي ما عليه هذا العمل الذي يتمثل في وضع علم يشير إلى ما بين عرضي الهرولة (العلمين) قول ابن رسته (ت نحو 300هـ):" وهو باب العباس بن عبد المطلب، وعنده علم المسعى من خارج .. ". ويحاذي دار العباس سوق الليل، فمن التوى في سعيه حتى دار من سوق الليل، أو نزل من الصفا ودخل من المسجد لم يصح سعيه كما قال الحطاب، مع أن سوق الليل لا يبعد كثيرا عن آخر عرض المسعى من جهة دار العباس أو آخر حد للجانب الأيمن للمسعى، قال الحربي: " ثم باب آخر على ثلاث طاقات يقال له باب بني هاشم قبله علمان أحمران على صفة، وهما حدا المسعى وبطن الوادي، والناس يسعون من ذينك العلمين الأولين إلى هذين العلمين الآخرين، وحياله سوق الليل، وحيال ما بين هذين البابين مما في صحن المسجد بيت الشراب ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/371)
2 - قال ابن رسته عن الصفا وسعتها:" وما بين جداري الباب ست وثلاثون ذراعاً، وجدار الباب ملبس رخاماً ... وفي عتبة الباب ست درجات، وفي الدرجة الرابعة إذا خرجت من المسجد الحرام حذاء الطاق الأوسط حجر من رصاص علامة في ذلك الموضع، ذكر المكيون أن النبي صلي الله عليه وسلم وطىء في موضعها حيث خرج إلى الصفا، وكان في موضعه زقاق ضيق يخرج منه من مضي من الوادي يريد الصفا فكانت هذه الرصاصة في وسط الزقاق يتحرونها ويجدونها .. ".
3 - وقال ابن رسته:" وذرع جدار المسجد الحرام الذي يلي المسعى، وهو الشرقي ثمانية عشر ذراعاً، وطول الجدار الذي يلي الوادي، وهو في الشق اليماني اثنتان وعشرون ذراعاً".
فإذا جعلت المسافة بين جدار الكعبة إلى أول حد المسعى ثمانية عشر ذراعاً، جاءت نتيجة بديهية وهي احتفاظ المسعى بعرض مخصوص، وهذا أول حد من جهة البيت العتيق، وآخره عند دار العباس لا أبعد، ومن ثم لا تتداخل الحقائق ويستقيم الأمر وتسلم الحدود والأسماء من دخول غيرها فيها، وعليه يحمل قول الحربي المتقدم:" وذرع المسعى من المسجد الحرام إلى دار العباس اثنان وثلاثون ذراعاً، فيندفع التوهم عن ابتداء حد المسعى هل هو من أول باب الكعبة الموازي لعرض المسعى أم ابتداء أوله من جهة الصفا المقابلة للكعبة مباشرة؛ هذا إن روعي عدم وجود جدار مماثل للجدار الموجود اليوم يفصل بين الكعبة وأرض المسعى، فيقال: الصحيح أن يعتد بالبدء من قرب الجدار الأول أو الأيسر لمن كان ذاهبا من الصفا إلى المروة؛ بدليل انتفاء تنبيه العلماء على عدم كون حد المسعى الأول من جهة البيت محاذيا للبيت أو مماسا له بحيث لا يوجد بينه وبين الطواف فاصل، وكذلك لدفع اختلاط الساعي بالطائف، فيكون الاعتداد من الجدار الفاصل بين الكعبة وأرض المسعى كما هو عليه الآن، ومن جهة أخرى، يقال: إن الواقع يشهد لعدم دخول الجهة المحاذية للبيت في الذرع؛ فهو أكثر من اثنين وثلاثين ذراعاً، بحسب ما ذكره الحربي نفسه في موضع آخر من كتابه المناسك، وكذلك بحسب ما سرده اليعقوبي (ت292هـ) عن أعمال المهدي التوسيعية في الحرم عندما قال: " وزاد مما يلي الكعبة إلى باب الصفا تسعين ذراعاً ... فكان المهدي آخر من زاد في المسجد الحرام، وبنى العلمين اللذين يسعى بينهما، وبين الصفا والمروة .. ".
وقال ابن رسته:" ذكر بناء درج الصفا والمروة، قال: كانت الصفا والمروة يُسند فيهما من سعى بينهما سعيا، ولم يكن فيهما بناء ولا درج، فلم يزل على ذلك حتى كان في خلافة أبي جعفر المنصور، فعملها عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس، فجعل لهما درجا وسواها، وأوطأها فدرجهما إلى اليوم قائمة، وقد كانت تعمر وتكحل بالنورة، وكان أول من أحدث فيهما بناء بعد بناء عبد الصمد وكحلها بالنورة الطبري في خلافة المأمون ".
4 - قال النووي (ت676هـ):" الصفا هو مبدأ السعي مقصور، وهو مكان مرتفع عند باب المسجد الحرام وهو أنف جبل أبي قبيس، وهو الآن إحدى عشرة درجة فوقها أَزَج كأيوان، وعرض فتحه هذا الأَزَج نحو خمسين قدماً، وأما المروة فلاطنة جداً، وهي أنف جبل قعيقعان وهي درجتان وعليها أيضاً أَزَج كأيوان وعرض ما تحت الأَزَج نحو أربعين قدما، فمن وقف عليها كان محاذيا للركن العراقي وتمنعه العمارة من رؤيته. وقولهم: إذا نزل من الصفا سعى حتى يكون بينه وبين الميل الأخضر المعلق بفناء المسجد نحو ست أذرع فيسعى سعياً شديداً حتى يحاذي الميلين الأخضرين اللذين بفناء المسجد وحذاء دار العباس، ثم يمشي حتى يصعد المروة. واعلم أن السعي وهو ما بين الصفا والمروة واد، وهو سوق البلد ملاصق للمسجد الحرام ".
5 - قال البلوي (ت767هـ):"ومن باب الصفا إلى الصفا ست وسبعون خطوة، والصفا أربعة عشر درجا، وهو على ثلاثة أقواس مشرفة، والدرجة العليا متسعة كأنها مصطبة، وقد أحدقت به الديار، وفي سعته سبعة عشرة خطوة، والميل سارية خضراء، وهي خضرة صياغية وهي إلى ركن الصومعة التي على الركن الشرقي من الحرم الشريف، وفيها يرمل في السعي إلى الميلين، وهما أيضاً ساريتان خضراوان على الصفا المذكورة الواحدة منها بإزاء باب علي رضي الله عنه في جدار الحرم الشريف، وعن يسار الخارج من الباب والميل الآخر يقابله في جدار دار، وعلى كل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/372)
واحد منهما لوح قد وضع على رأس السارية كالتاج منقوش فيه برسم مذهب: "إن الصفا والمروة من شعائر الله "الآية، وبعدها أمر بعمارة هذا الميل عبد الله وخليفته أبو محمد المستضيء بأمر الله أمير المؤمنين أعز الله نصره سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، فجميع خطى الساعي من الصفا إلى المروة أربعمائة خطوة، والخطوة ثلاثة أقدام وما بين الصفا والمروة (مسيل) هو اليوم سوق حافلة بجميع الفواكه وغيرها .. ".
6 - قال ابن بطوطة (ت779هـ) في رحلته الشهيرة باسمه، المسماه تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار:" ذكر الصفا والمروة، ومن باب الصفا الذي هو أحد أبواب المسجد الحرام إلى الصفا ست وسبعون خطوة، وسعة الصفا سبعة عشرة خطوة، وله أربع عشرة درجة علياهن كأنها مصطبة ... وللمروة خمس درجات، وهي ذات قوس ولحد كبير، وسعة المروة سبع عشرة خطوة ... وبين الصفا والمروة دار العباس رضي الله عنه، وهي الآن رباط يسكنها المجاورون ... ".
والملاحظ أن ابن جبير والبلوي وابن بطوطة استعملوا في التحديد قياس الخطوة لا الذراع والقدم كما فعل النووي، ولا يخفى أن البلوي وابن بطوطة قد أخذا عن ابن جبير، ذلك أن الناظر في كلامهم يجد تشابها بيناً في المضمون والأسلوب، إلا أن ذلك لا يدل على اعتماد البلوي وابن بطوطة المطلق على ابن جبير؛ لأن كلا منهما ألف كتابه أثناء رحلته للحج، بمعنى أن كل واحد منهما قد وقف على القياس والتحديد مع إضافة البلوي تحويل حجم الخطوة إلى ما يقابلها من القدم، في قوله:" والخطوة ثلاثة أقدام "، كما أن تحديد المؤرخين لما بين الصفا والمروة بالذراع أو الخطوة، يدل على استقرار ما في أذهانهم من البينية، ويدفع توهم امتداد الصفا والمروة لأكثر من المعهود ولعل هذا هو المغزى من قول الأزرقي:" وذرع ما بين الصفا والمروة سبعمائة ذراع وستة وستون ذراعا ونصف "، وقول الحربي:" وذرع ما بين الصفا والمروة سبع مائة ذراع وتسع أذرع، وثماني أصابع، وذرع المسعى من ذلك مائة ذراع وتسع عشرة ذراعا "، وقول ابن جبير:" فجميع خطا الساعي من الصفا إلى المروة أربع مائة خطوة وثلاث وتسعون خطوة".
الخطوة وما يقابلها في النظام المتري:
قال البلوي: " والخطوة ثلاثة أقدام "، والخطوة هي خطوة الآدمي ذي الخلقة المعتدلة المعتادة في أكثر الآدميين لا القصير ولا الضخم العظيم ذي الجثة والخطوة الواسعة، فيكون مقدار الخطوة التي استعملها ابن جبير والبلوي وابن بطوطة ثلاثة أقدام بوضع قدم في الأمام، والقدم الأخري وراءها، وبينهما مقدار قدم مماثلة لهما، ويصح أن تكون المعادلة على هذا النحو:
القدم = 30 سنتمتر × 3 أقدام = 90 سنتمتر.
فتكون الخطوة بمقدار 90 سنتمتر، والمتر فيه 100 سنتمتر، ويطلق على الخطوة يارد بالنظام التقديري الحديث، وعليه تكون السبع عشرة خطوة مضروبة في 90 سنتمتر ليُتحصل على المقدار المتري فتكون المعادلة على هذا النحو:
90 سنتمتر × 17= 1530 سنتمتر، 9 (1530) = 30 ,15 (خمسة عشر مترا وثلاثين سنتيمتر) أي أن سعة الصفا والمروة بحسب قياس ابن جبير ومن وافقه خمسة عشر مترا ونصف متر تقريبا، وهو لا يختلف عن تحديد النووي في الصفا دون المروة؛ لأن تحديد النووي للمروة أقل من تحديد الآخرين بأحد عشر قدما، أي ثلاث خطوات، وهو ما يساوي مترين ونصف تقريبا، وهذا اختلاف خفيف غير مؤثر في الحكم.
الاحتجاج بذرع ابن جبير والبلوي وابن بطوطة:
لا ريب أن رواية ابن جبير والبلوي وابن بطوطة فيها دقة من حيث جزمهم بمقدار السعة التي حددوها وشاهدوها بأمهات أعينهم، ورواياتهم في الآثار المكانية والمشاهد التاريخية مقدمة عند طائفة من العلماء، وفيما يأتي الدليل على ذلك:
1 - توثيق ابن جبير وكتابه (الرحلة):
قال المنذري المحدث (ت 656هـ) عن ابن جبير وهو ممن عاصره وسمع منه: "كان من أهل العلم والديانة والفضل والصيانة، وكان مقدما في بلاده في ذلك، وانفرد منقطعا إلى الخير وأهله ".
وقال عنه لسان الدين ابن الخطيب (ت 776هـ): " وكان أديبا بارعاً شاعراً مجيداً سنيا فاضلا نزيه الهمة سري النفس كريم الأخلاق أنيق الطريقة في الخط ... ورحلته نسيجة وحدها طارت كل مطار ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/373)
وقال لسان الدين أيضا: " وصنف الرحلة المشهورة وذكر مناقله فيها وما شاهده من عجايب البلدان وغرائب المشاهد ... وسكن غرناطة ثم مالقه ثم سبتة ثم فاس منقطعا إلى إسماع الحديث والتصوف وتروية ما عنده، وفضله بديع،وورعه يتحقق وأعماله الصالحة تزكو .. "
2 - توثيق البلوي وكتابه تاج المفرق:
أثنى عليه الشاطبي (ت790هـ) بقوله: " هو الشيخ الفقيه القاضي الأعدل ". وذكره أحمد بابا التنبكتي فقال عنه: " من أهل الفضل كثير التواضع والخلق الحسن، جميل المعشر، محب الأدب، تقضى ببلده وغيرها، حج وقيد رحلته في سفره، وصف فيها البلاد ومن لقي بها .. ".
ورحلته مشحونة بالفوائد والفرائد، وفيها من العلوم والآداب ما يتجاوزه الرائد، ورحلته كانت من بلده فيتورية إلى بيت الله الحرام، وقبر رسول الله صلي الله عليه وسلم؛ لأداء النسك والزيارة ... واشتهرت رحلته بالمغرب والمشرق وتداولتها الأيدي، وكانت عمدة في تراجم الكثير من الرجال والأعلام، وله تخريج في حديث الرحمة، وكتاب عن أسانيد ثلاثيات البخاري، أشار له في تاج المفرق.
3 - توثيق ابن بطوطة وكتابه (رحلة ابن بطوطة):
قال لسان الدين ابن الخطيب نقلا عن شيخه أبي البركات: " وجاور بمكة واستقر عند ملك الهند، فحظي لديه وولاه القضاء وأفاده مالا جسيما، وكانت رحلته على رسم الصوفية زيا وسجية، ثم قفل إلى بلاد المغرب، ودخل جزيرة الأندلس، فحكى بها أحوال المشرق وما استفاد من أهله، فكُذب .. ".
ونقل الحافظ ابن حجر (ت 854 هـ) أن البلفيقي رمى ابن بطوطة بالكذب، فبرأه ابن مرزوق، وقال: " إنه بقي إلى سنة سبعين ومات وهو متولي القضاء ببعض البلاد، قال ابن مرزوق: ولا أعلم أحدا جال البلاد كرحلته، وكان مع ذلك جوادا محسنا ".
و رحلة ابن بطوطة وصلتنا من طريق ابن جزي المالكي (ت 741هـ)، فهو الناقل والكاتب لها فيما بعد، وله مقدمة عليها، ويثبت كلامه أحيانا في صلب الرحلة، فمثلا يقول: أخبرني بعض أشياخي الرحالين أن أحد الرمالين بالإسكندرية .. .
وشهد ابن جزي لابن بطوطة برسوخ القدم في أحوال البلدان وأخبارها، ومن ذلك قوله فيه:" الشيخ الفقيه السائح الثقة الصدوق، جوال الأرض، ومخترق الأقاليم بالطول والعرض أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي المعروف بابن بطوطة، المعروف في البلاد المشرقية بشمس الدين، وهو الذي طاف الأرض معتبرا، وطوى الأمصار مختبرا، وباحث فرق الأمم .. ".
تحديد عرض المسعى في القرنين الآخيرين:
انقضى عصر الأزرقي والفاكهي والحربي وعصر ابن جبير والنووي والبلوي، وتعاقبت عصور، حتى جاء أهل التاريخ والمعرفة بالآثار المكانية في القرنين المنصرمين بتحديد ينقص نقصانا بينا عن تحديد المؤرخين والعلماء السابقين، فذكر غير واحد من أهل الاختصاص التاريخي في العصر الحديث أن عرض المسعى اثنا عشر مترا، ومن هؤلاء محمد بيرم التونسي (ت1307هـ) في قوله عن المسعى: " وبينهما ـ الصفا والمروة ـ طريق متسع عرضه ما بين عشرة أمتار، واثني عشر مترا".
ومنهم محمد باشا صادق، فقد قال عن وصف شارع المسعى: " في شارع عرضه تارة عشرة أمتار، وتارة اثنا عشر مترا "
ويرجع السبب في اختلاف عرض المسعى في بعض مواضعه بحسب ما ذكره محمد بيرم التونسي ومحمد باشا صادق إلى أن الوادي يضيق أحيانا ويتسع أحيانا، وتظهر الصور الفوتوغرافية التي يقال أن محمد باشا صادق أول الملتقطين لها حالة المسعى ومدى قربه من الكعبة، وكذلك إحاطة البناء والحوانيت به، وكأنه ممر أو زقاق ضيق يخترقها، وما ذاك إلا لدخولها في أجزاء شاسعة منه تصل إلى سبعة أمتار في مواضع أخرى.
وقال إبراهيم رفعت باشا (ت 1353 – 1935م) الذي كان أميرا لمحمل الحج المصري عدة مرات"، والشارع الذي بين الصفا والمروة هو المسعى، وطوله أربعمائة وخمسة أمتار، وعرضه تارة عشرة أمتر، وتارة اثنا عشر مترا".
وقال حسين عبدالله باسلامة المكي: " وعرض أصل الصفا التي عليها الثلاثة عقود اثنا عشر مترا ".
وقال محمد طاهر الكردي المكي (1903م – 1980م): " وعرض أصل الصفا التي عليها الثلاثة عقود اثنا عشر مترا ".
وهكذا تطابقت تحديدات مؤرخي القرنين الأخيرين الرابع والخامس عشر، فوجد فرق بين تحديد المتقدمين وتحديدهم يصل إلى قرابة ستة أمتار، والغالب أن حساب محمد بيرم ومن وافقه قد اعتبر مكان سعي الناس في ذلك الوقت دون الاكتراث بحقيقته و امتداده الأصلي، وذلك لدخول الأبنية والأسواق أو الدكاكين في أجزاء من عرض المسعى من جهته الشرقية؛ لأن محمد بيرم نفسه يقول: " وحول المسجد من أغلب الجهات طرق وباب السلام يفتح في الطريق الواقع بين الصفا والمروة، وهو طريق متسع حوله ديار ذات عدة طبقات، ومنها: دار الشيبي، وأسفل الديار حوانيت عليها مظلات يباع بها المأكولات، وغيرها .. وكل من الصفا والمروة محل في نهاية زاوية من الطريق متسع ذو درج عريضة تنتهي إلى حائط "، " وفي جبل أبي قبيس المطل على المسجد الحرام مسجد صغير، وبعض ديار و زاوية للشيخ السنوسي ".
وقد يكون الاختلاف في حساب حجم المسعى راجعا إلى الاختلاف في المقاييس، كما ذكر حسين باسلامة بقوله: " قد اعتنى بذرع شارع المسعى كثير من العلماء في كتب شتى من مناسك وتاريخ وما أشبه ذلك بالذراع والخطوة في الأزمنة القديمة، وبالمتر في العصر الحاضر، ونتج من ذلك خلاف سببه اختلاف المقاييس ".
وعلى كل حال فالذي يتعين الاعتماد عليه في تحديد عرض المسعى هو كلام المتقدمين كالأزرقي والفاكهي لا كلام هؤلاء المتأخرين الذين عاينوا المسعى في زمن ضاق فيه عرضه بسبب ما اقتطعه منه من يجاوره من أصحاب الدور والدكاكين.
يتبع إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/374)
ـ[أبو تميم الكناني]ــــــــ[16 - 10 - 08, 09:00 ص]ـ
المبحث الرابع
الرد على شبه من انتصروا لجواز التوسعة الحالية في عرض المسعى
الرد على شبه من انتصروا لجواز التوسعة الحالية في عرض المسعى
يعتمد هؤلاء على شبه أهمها ثلاث:
- إحداها: أن الشارع لم يرد عنه شيء يحدد عرض المسعى، وأن الأمر في ذلك يرجع لاجتهاد أهل الرأي.
- والثانية أن إبقاء المسعى على حاله يوقع الحجاج والمعتمرين في مشقة الزحام الشديد ويتعين لذلك أن يوسع تسهيلا عليهم ورفقا بهم.
- الثالثة: امتداد عرض كل من جبل الصفا وجبل المروة في الجانب الشرقي منهما إلى أبعد بكثير مما كان يشاهده الناس في الآونة الأخيرة.
أما الشبهة الأولى، فيكفي لبيان زيفها أن تعلم:
أولا: أنه لا خلاف بين علماء أصول الفقه في أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم الوارد لبيان إجمال نص من القرءان حكمه حكم ذلك النص القرآني الذي ورد لبيان إجماله، قال الرهوني عند قول ابن الحاجب في مختصره الأصلي: " وما سواهما إن وضح انه بيان بقول أو قرينة مثل (صلوا) و (خذوا عني) الخ، ما نصه: (والثاني من القسم الثاني إن اتضح أن الفعل بيان لمجمل ودل قول على أن ذلك الفعل بيان لذلك المجمل، فلا نزاع في أن حكم ذلك الفعل حكم ذلك المجمل لأنه داخل في الأمر بذلك المجمل إذ المراد من ذلك المجمل هو ما بين النبي صلى الله عليه وسلم فإن قوله: (صلوا كما رأيتموني أصلي) يدل على أن فعله بيان لقوله تعالى: (أقيموا الصلاة) وكذا (خذوا عني مناسككم) يدل على أن أفعاله في الحج بيان لقوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت) و الحديث الأول خرجه البخاري و الثاني خرجه مسلم، ولكن بلفظ لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه وخرجه النسائي ولفظه (أيها الناس خذوا عني مناسككم).
وقال الباجي في إحكام الفصول ما نصه: (والكلام هنا في الأفعال وهي تنقسم إلى قسمين أحدهما ما يفعله بيانا لمجمل الكتاب أو السنة فهذا حكمه حكم المبين على الوجوب والندب و الإباحة).
وقال السبكي في جمع الجوامع: (وتُعلم بنص وتسوية بمعلوم الجهة و وقوعه بيانا او امتثالا لدال على وجوب او ندب أو إباحة). وقال المحلي: (فيكون حكمه حكم المبين أو الممتثل).
وقال البناني في حاشيته على شرح المحلي المذكور: (فإن قلت وجوب الطواف معلوم من الأمر به فما فائدة علم وجوبه من وقوعه بيانا لذلك الأمر؟، قلت: فائدته وجوب الصفة التي وقعت ككونه سبعا والابتداء بالحجر وجعل البيت عن يساره، وأيضا يصح الاستناد في الوجوب إلى هذا البيان فيكون دليلا آخر على الوجوب اهـ.
وما قاله البناني هنا في الطواف يجري نحوه في السعي.
ثانيا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: (لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه).
ثالثا: أن السعي بين الصفا والمروة في الحج واجب وجوب الأركان عند الجمهور وواجب غير ركن عند الأحناف وبعض الحنابلة كما يتضح لك إن شاء الله في آخر هذه الرسالة، وعلى ذلك يكون حكم سعيه صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة الذي بين به ما في الآية المتعلقة بالسعي من الإجمال هوحكم تلك الآية التي جاء لبيانها من حيث الصفة، ويترتب على ذلك أن التقيد في عرض المسعى بالقدر الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم بفعله وتقريره أثناء سعيه هو ومن معه من المسلمين بين الصفا والمروة حكمه حكم السعي نفسه من الركنية عند الجمهور والوجوب عند الأحناف والحنابلة في القول المرجوح عندهم وأن ذلك الحكم من الركنية أو الوجوب مأخوذ من أدلة شرعية لا مطعن فيها هي فعله عليه الصلاة والسلام الذي استفيد من قوله الثابت عنه أنه جاء مبينا لإجمال الآية المتعلقة بالسعي مع ما انضاف لذلك الفعل من تقريره لسعي من سعى معه من المسلمين. قال الجويني (ت 478هـ): "ومكان السعي معروف لا يتعدى". فإذا تقرر ذلك لا يصح السعي خارج نطاق طول المسعى الوارد في بعض الروايات أنه من زقاق بني أبي حسين المحاذي لجبل الصفا إلى زقاق دار بني عباد المحاذي لجبل المروة، كما يبطل سعي من سعى في خارج عرض المسعى الذي صرحت بعض الروايات أنه من جهة البيت العتيق إلى دار العباس بن عبد المطلب؛ لأن منسك السعي توقيفي تعبدي لا مجال للاجتهاد في الترخيص في تضييق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/375)
أرضه أو توسيعها مثلما حدث هذا العام عام تسعة وعشرين وتسعمائة وألف من الهجرة النبوية، وتأسيسا على القاعدة الأصولية: الأصل في العبادات التوقيف، فلا يحق لأحد الاجتهاد في حكم تعبدي صرف، حصل في تحديد محله نقل مستفيض من قبل العلماء المحققين استنادا على ما حرره عمدة هذا الشأن المؤرخ الأزرقي المكي (ت نحو250هـ)، فقد ذكر أن عرض المسعى الذي سعى فيه رسول الله – صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعوهم بإحسان إلى عصر الأزرقي لا يزيد عن خمسة وثلاثين ذراعا ونصف الذراع (وهو يعادل 18 متر تقريبا)، وهو مقارب جدا لعرض المسعى المشاهد اليوم للعيان قبل ترخيص بعض المفتين المعاصرين اعتبار التوسعة الأخيرة من عرض المسعى؛ مخالفين بذلك فتوى اللجنة التي أجمع عليها سلفهم.
وهذا كما ترى واضح لا لبس فيه ويزيده وضوحا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع في منى: (نحرت ههنا ومنى كلها منحر، وفي عرفات وقفت ههنا وعرفة كلها موقف وفي مزدلفة وقفت ههنا والمزدلفة كلها موقف). وفي صحيح مسلم: (نحرت ههنا ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم، ووقفت ههنا وعرفة كلها موقف، ووقفت ههنا وجَمع كلها موقف).
وعليه فالنبي صلى الله عليه وسلم الذي بلغ في حجة الوداع للناس أحكام الحج بين أن المكان الذي تتعلق به العبادة في كل من عرفة والمزدلفة ومنى أوسع من المكان الذي أدى هو فيه هذه العبادة وسكت عن بيان نحو ذلك في أماكن أخرى من المشاعر منها السعي سكوتا يدل على أنها غير واسعة سعة تزيد بكثير على المكان الذي أدى هو ومن معه من المسلمين فيه العبادة المتعلقة بتلك المشاعر، ولو كانت أماكن العبادة من تلك المشاعر التي سكت عن بيان سعتها واسعة فعلا على نحو وسعها في الأماكن التي بين أنها واسعة وسكت عن بيان سعتها مع أن الحاجة الداعية إلى بيان أن كلا منهما واسع واحده للزم من سكوته هذا وقوع تأخير البيان عن وقت الحاجة وهو غير واقع في شرعنا بإجماع جميع علماء أصول الفقه.
ولزم أيضا أن بيانه عليه الصلاة و السلام لكون تلك المشاعر التي بين سعتها واسعة لا فائدة فيها إذ تساويها في ذلك تلك التي سكت عن بيان أنها واسعة ولا يخفى ما في هذا من المحذور.
وبسبب أن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم في سعيه جاءت لبيان ما في قوله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح أن يطوف بهما) من الإجمال، فهمت عائشة رضي الله عنها أن السعي لابد منه وأنه لا يكون إلا بين الصفا والمروة عندما قالت:
(وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما) وفي رواية أخرى (ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة). قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: " قول عائشة سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بين الصفا و المروة ". أي فرضه بالسنة وليس مرادها نفي فرضيته ويؤيده قولها: (لم يتم الله حج أحدكم ولا عمرته ما لم يطف بينهما).
فأخذت عائشة رضي الله عنها من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في السعي لا من لفظ الآية اشتراط أن يكون السعي بين الصفا و المروة مع أن حكم البينية بينهما غير مستفاد من لفظ الآية فقالت: (سن رسول الله صلى الله عليه وسلم السعي والطواف بينهما) ورتبت بالفاء على ذلك قولها: "فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما "، وقولها: (ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة) فترتيبها لذلك الحكم الذي هو لزوم السعي بينهما على فعله عليه الصلاة والسلام بالفاء وجزمها بأنه لا يتم حج ولا عمرة من لم يسع بينهما دليل واضح على أنها أخذت لزوم السعي واشتراط كونه بين الصفا والمروة - لا في مكان آخر لا تحصل فيه البينية بينهما - من فعله عليه الصلاة والسلام لكونه جاء مبيّنا إجمال آية السعي التي سألها عنها ابن أختها عروة بن الزبير وتابعها على هذا الفهم السليم العلماء، فقد قال ابن رشد المالكي – الجد- (ت520هـ) في المقدّمات: " بين رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ما أجمل الله عز وجل في كتابه من أمر الحج فوقت المواقيت لأهل الآفاق، وبين عدد الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، وما يبدأ به في ذلك كله، وكيف يصنع فيه، ووقت الوقوف بعرفة والمزدلفة، والجمع بين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/376)
الصلاتين بهما، وصفة رمي الجمار والنحر، وما يجب في ذلك كله، وما لا يجب قولا وعملا في حجه الذي حج بالناس".
وقال النووي الشافعي (ت676هـ) في شرحه على صحيح مسلم اثناء كلامه على قوله عليه الصلاة والسلام: (لتأخذوا مناسككم)، بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل ذلك، وأمر أمته بإتباع نسكه - صلى الله عليه وسلم - على وجه الإلزام، فقال: (لتأخذوا عني مناسككم). اللام هنا لام الأمر، أي لتأخذوا عني مناسككم، ومعناه: خذوا مناسككم، وهكذا وقع في رواية غير مسلم، وتقديره: هذه الأمور التي أتيت بها في حجتي من الأقوال والأفعال والهيئات هي أمور الحج وصفته، وهي مناسككم فخذوها عني واقبلوها واحفظوها واعملوا بها وعلموها الناس، وهذا الحديث أصل عظيم في مناسك الحج، وهو نحو قوله صلى الله عليه وسلم في الصلاة: صلوا كما رأيتموني أصلي".
وسار على هذا النهج كثير من العلماء يضيق المجال عن نقل كلامهم، وحدد علماء التاريخ والآثار سعة ذلك المسعى الذي سعي فيه النبي صلي الله عليه وسلم هو ومن معه من المسلمين تحديدا دقيقا وبينوه بيانا سد الطريق أمام كل من يريد أن يزيد فيه بلا دليل ونقلوا بهذا التحديد الدقيق إلى من يأتي من بعدهم سعة المسعى الذي سعى فيه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وبين النبي صلى الله عليه وسلم بفعله وتقريره أنه هو المسعى الذي يتعين التقيد به وعدم الزيادة فيه حفاظا على صحة العبادة المتعلقة به والتزم المسلمون بهذا التحديد فلم يزيدوا في سعة عرض المسعى خلال ما يزيد على ألف سنة من تاريخهم و إنما حصل فيه في بعض الأحيان من نقصان العرض ما لم يؤثر على صحة السعي لأنه كان يقع في الباقي منه فتحصل من هذا أن تحديد عرض المسعى مأخوذ بالتلقي عن الشارع وأنه غير متروك للاجتهاد.
و أما الشبهة الثانية فهي أيضا زائفة لأن مشقة الازدحام في المشاعر مشقة لا ينفك عنها الحج وقد قرره الشارع عليها ولم يخل أمر الحج في أي عصر من العصور من الازدحام في المشاعر وإن كان حجم ذلك الازدحام يختلف من حين إلى آخر وقد نص العلماء على أن المشقة التي قررت معها العبادة لكونها لا تنفك عنها لا توجب تخفيفا في تلك العبادة قال القرافي (ت 684 هـ) في الفرق الرابع عشر بين قاعدتي المشقة المسقطة للعبادة والمشقة التي لا تسقطها: " وتحرير الفرق بينهما أن المشاق قسمان، أحدهما: قسم لا تنفك عنه العبادة كالوضوء والغسل في البرد والصوم في النهار الطويل والمخاطرة بالنفس في الجهاد ونحو ذلك، فهذا القسم لا يوجب تحفيفا في العبادة لأنه قرر معها ".
وقال العز بن عبدالسلام (ت660هـ): "المشاق ضربان: أحدهما مشقة لا تنفك العبادة عنها كمشقة الوضوء والغسل في شدة السبرات، وكمشقة إقامة الصلاة في الحر و البرد، و لاسيما صلاة الفجر، و كمشقة الصوم في شدة الحر وطول النهار، وكمشقة الحج التي لا انفكاك عنها غالبا، وكمشقة الاجتهاد في طلب العلم والرحلة فيه، وكذلك المشقة في رجم الزناة، وإقامة الحدود على الجناة، و لا سيما في حق الآباء والأمهات والبنين والبنات، فإن في ذلك مشقة عظيمة على مقيم هذه العقوبات بما يجده من الرقة والمرحمة بها للسراق والزناة والجناة من الأجانب والأقارب من البنين والبنات، ولمثل هذا قال تعالى: " و لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله "، وقال عليه الصلاة والسلام: " لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها "، وهو صلى الله عليه وسلم أولى بتحمل المشاق من غيره؛ لأن الله سبحانه وتعالى وصفه في كتابه العزيز بأنه رؤوف رحيم، فهذه المشاق كلها لا أثر لها في إسقاط العبادات والطاعات، و لا في تخفيفها؛ لأنها لو أثرت لفاتت مصالح العبادات والطاعات في جميع الأوقات، أو في غالب الأوقات، ولفات ما رتب عليها من المثوبات الباقيات ما دامت الأرض والسماوات".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/377)
وقال السيوطي (ت911هـ): "وهذه فوائد يختم بها الكلام على هذه القاعدة، الأولى: في ضبط المشاق المقتضية للتخفيف، المشاق على قسمين: مشقة لا تنفك عن العبادة غالبا كمشقة البرد في الوضوء والغسل، ومشقة الصوم في شدة الحر وطول النهار، ومشقة السفر التي لا انفكاك للحج والجهاد عنها، ومشقة ألم الحدود ورجم الزناة، وقتل البغاة، فلا أثر لهذه في إسقاط العبادات في كل الأوقات، ومن استثنى من ذلك جواز التيمم للخوف من شدة البرد لم يصب؛ لأن المراد أن يخاف من شدة البرد حصول مرض من الأمراض التي تبيح التيمم، وهذا أمر ينفك عنه الاغتسال في الغالب، أما ألم البرد الذي لا يخاف معه المرض المذكور فلا يبيح التيمم بحال، وهو الذي لا يبيح به الانتقال إلى التيمم .. ".
وقال ابن نجيم (ت970هـ):" المشاق على قسمين: مشقة لا تنفك عنها العبادة، كمشقة البرد في الوضوء والغسل، ومشقة الصوم في شدة الحر وطول النهار، ومشقة السفر التي لا انفكاك للحج والجهاد عنها، ومشقة ألم الحد ورجم الزناة ن وقتل البغاة، فلا أثر في إسقاط العبادات في كل الأوقات .. ".
فبان بهذا أنه لا يمكن شرعًا أن تكون حجة اتقاء مشقة الازدحام في المشاعر مبررا لتغيير معالم هذه المشاعر ولاسيما إذا كان التغيير كبيرًا جدًا ومتعلقا بأحد الأركان، ورحم الله مفتي المملكة العربية السعودية ورئيس مجلس كبار العلماء فيها في زمنه الشيخ محمد بن ابراهيم فقد قال سنة 1377 هـ ردًا على اقتراح محمد طاهر الكردي الذي نادى في ذلك الزمن بما ينادى به اليوم من ينتصر للتوسعة الحالية في عرض المسعى من ضرورة توسيع عرض المسعى تفاديا لمشقة الازدحام فيه وتيسيرًا على الساعين، قال رادا عليه:
(يتعين ترك الصفا والمروة على ما هما عليه أولا، ويسعنا ما وسع من قبلنا في ذلك ولو فتحت أبواب الاقتراحات في المشاعر لأدى ذلك إلى أن تكون في المستقبل مسرحًا للآراء أو ميدانا للاجتهادات أو نافذة يولج منها لتغيير المشاعر وأحكام الحج فيحصل بذلك فساد كبير)
إلى أن قال:
(ولا ينبغي أن يلتفت إلى أماني بعض المستصعبين لبعض أعمال الحج واقتراحاتهم، بل ينبغي أن تعمل حول ذلك البيانات الشرعية المدعومة بالدلائل القطعية المشتملة على مزيد الحث والترغيب في الطاعة و التمسك بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه في المعتقدات والأعمال و تعظيم شعائر الله ومزيد احترامها أ. هـ باختصار.
ومن المؤسف أن ما حذر أهل بلده منه وقعوا فيه في هذه الآونة الأخيرة فالله المستعان.
وأما الشبهة الثالثة، فهي مجرد زعم عار عن الدليل؛ لأن من المعلوم الذي لا يمكن أن يكون فيه نزاع أن اسم كل من الصفا والمروة علم شخص لمكان معين، وأن علم الشخص يعين مسماه ويشخصه في الخارج تشخيصا يمنع من دخول غير ذلك المشخص في الخارج تحت مدلول هذا العلم، و أن الله عز وجل قال: (إن الصفا و المروة من شعائر الله).
ومعنى ذلك أن الحقيقة المعبر عنها بالعلم الشخصي لكل من الصفا والمروة هي التي وصفت في هذه الآية بأنها من شعائر الله، وعليه فلا يمكن أن يدخل في هذا الوصف أي شيء آخر لتعيين مسمى كل من الصفا و المروة بعلمه الشخصي، وقد مر بك أن العلماء الموثوق بروايتهم كابن جبير والبلوي وابن بطوطة حددوا سعة كل من الصفا والمروة تحديدا خلاصته أن عرض كل منهما من جهة المشرق إلى المغرب لا يتجاوز نحو 16مترا فاتضحت بهذا ثلاثة أمور:
أحدها: أن السعي لا يصح شرعا إلا بين الصفا والمروة الموصوفتين في الآية بأنهما من شعائر الله. ويترتب على هذا لزوم أن يبقي الساعي في ذهابه من الصفا إلى المروة وفي عودته من المروة إلى الصفا بين مسمى جبل الصفا الذي لا تتجاوز سعته شرقا وغربا نحو 16 مترا وبين مسمي جبل المروة الذي لا تتجاوز سعته مثل ذلك.
الأمر الثاني: أن طرف جبل أبي قبيس المتصل بالصفا من جهة الشرق لا يشمله اسم الصفا، ولو كان قريبا منها ومتصلا بها؛ لأنه جزء من جبل يسمى بأبي قبيس، وأن طرف جبل قعيقعان المتصل بالمروة من جهة الشرق لا يشمله اسمها ولو كان قريبا منها ومتصلا بها؛ لأنه جزء من جبل يسمى قعيقعان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/378)
الأمر الثالث: أن الساعي عندما يخرج في ذهابه من الصفا إلى المروة عن مسامتة حدودهما أي 16 مترا خروجا بينا في الجانب الشرقي يكون ساعيا بين الطرف الغربي من جبل أبي قبيس والطرف الغربي من جبل قعيقعان، ويترتب على هذا عدم صحة هذا الشوط من سعيه لكونه لم يقع بين الصفا والمروة، ولا ينفعه والحالة هذه وقوع رجوعه من المروة إلى الصفا بينهما؛ لأن أربعة من أشواطه السبعة وهي التي ذهب فيها من الصفا إلى المروة صارت كلها بين جبلي أبي قبيس وقعيقعان ولم يقع بين الصفا والمروة من أشواط سعيه إلا ثلاثة هي التي عاد فيها من المروة إلى الصفا.
فتحصل من هذا كله أن كتب الروايات حددت عرض كل من الصفا و المروة بنحو 16 مترا، وهو تحديد يناسب تحديدها لعرض المسعى بنحو 17 مترا، وإن أوسع زيادة في عرض المسعى من جهة الشرق إلى الغرب يمكن أن يلتمس لها وجه مراعاة لقول من قال من العلماء أن خروج الساعي عن أرض المسعى خروجا خفيفا مغتفر هي الزيادة التي حصلت سنة 1357هـ، وصار بها عرض المسعى 20 مترًا تقريبا وأن الزيادة الحالية في عرض المسعى التي زادت عرض المسعى من الجهة الشرقية زيادة بلغت 20 مترا لكي تخصص هذه الزيادة للذهاب من الصفا إلى المروة وتبقى العودة من المروة إلى الصفا في المسعى القديم غير واردة لما يترتب عليها من وقوع أربعة من أشواط الساعي السبعة بين جبل أبي قبيس وجبل قعيقعان كما قدّمنا.
وأما ما يزعمه من ينتصر للتوسعة الحالية من وجود شهود أحياء الآن من أهل مكة شهدوا على امتداد كل من جبلي الصفا و المروة من الجهة الشرقية امتدادا طويلا يزيد على ما كان عليه قبل عهد التوسعات الأخيرة فلا ينفعهم لأن مرده إلى أن هؤلاء الشهود – إن صدقوا - انخدعوا باتصال بعض الجبال ببعض إذ لا نزاع في أن جبل الصفا كان متصلا من الجهة الشرقية بالطرف الغربي من جبل أبي قبيس وأن جبل المروة كان أيضا متصلا من نفس الجهة بجبل قعيقعان فانخدع هؤلاء الشهود وهم أشخاص عادييون بهذا الاتصال، فاعتبروا الطرف الغربي من جبل أبي قبيس من الصفا والطرف الغربي من جبل قعيقعان من جبل المروة، وغرهم أن الطرف الغربي من جبل أبي قبيس كان منخفضا عن الجبل نفسه شأنه في ذلك شأن كل طرف للجبل، وأنه بهذا الانخفاض في حجم جبل الصفا الذي هو في الأصل جُبيل صغير ونفس الشيء في انخفاض الطرف الغربي من جبل قعيقعان انخفاضا جعله في حجم جبيل المروة الصغير، وفات هؤلاء الشهود من الدقة والضبط ما كان عند العلماء القدماء الذين حددوا سعة كل من الصفا والمروة تحديدًا دقيقًًا، وميّزوا كلا منهما عن غيره، ولم يلبس عليهم اتصال بعض الجبال ببعض الذي لبس على هؤلاء الشهود.
وعليه فلا تعتبر شهادة هؤلاء الشهود دليلا يمكن أن يعول عليه ولقائل أن يسأل أين كان هؤلاء الشهود في العهود الماضية وحتى القريبة جدًا عندما أفتى العلماء هناك بعدم جواز توسيع عرض المسعى عن القدر الذي كان عليه؟ وهل علم هؤلاء الشهود من أمر مكة أكثر مما علمه أهل مكة الذين استند إليهم ابن جبير والبلوي وابن بطوطة مثلا في تحديدهم لعرض جبلي الصفا والمروة؟ وكيف تقدم شهادة هؤلاء الشهود على روايات العلماء المنقولة من قديم و التي عمل بها علماء المسلمين على مر عصورهم كلها؟.
ومن الغريب أن بعض المنتصرين للتوسعة الحالية اقترح على المعنيين بالأمر إزالة جبلي الصفا والمروة وإبدال كل منهما ببناء جديد يراه هو أكثر ملائمة وأخذ مع الأسف اقتراحه بعين الاعتبار اقترح هذا وهو يقرأ قوله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) وقوله تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب). فهل من تعظيم شعائر الله إزالتها من الوجود؟.
فبان من كل ما تقدم أن الشبه التي يعتمد عليها من ينتصرون للتوسعة الحالية في عرض المسعى واهية كلها ولا يصح التعويل على أي واحدة منها، والله تعالى أعلم.
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو تميم الكناني]ــــــــ[16 - 10 - 08, 09:11 ص]ـ
المبحث الخامس
أقوال الفقهاء في التقيد بالمسعى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/379)
نص الفقهاء على وجوب التقيد بعرض المسعى، و نصوا على عدم إجزاء سعي من سعى خارج العرض المعهود عند الفقهاء، والمأخوذ من تحديد الأزرقي والفاكهي ومن وافقهما، فقد نص فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على ذلك، وننقل بعض نصوصهم في ذلك:
أولا – في المذهب الحنفي:
1 - قال السرخسي (ت 490 هـ):" وكذلك لو ترك منها أربعة أشواط، فهو كترك الكل في أنه يجب عليه الدم به؛ لأن الأكثر يقوم مقام الكمال، وإن ترك ثلاثة أشواط أطعم لكل شوط مسكينا إلا أن يبلغ ذلك دما فحينئذ ينقص منه ما شاء ".
2 - وقال الكاساني (ت 587هـ): " والأصل أن كل ما وجب في جميعه دم يجب في أكثره دم .. "، وقال أيضا: " وأما ركنه ـ السعي ـ فكينونته بين الصفا والمروة، سواء كان بفعل نفسه، أو بفعل غيره عند عجزه عن السعي بنفسه، بأن كان مغمى عليه أو مريضا، فسعي به محمولا أو سعى راكبا، لحصوله كائنا بين الصفا والمروة، وإن كان قادرا على المشي بنفسه، فحمل أو راكب يلزم الدم ".
3 - وقال البابرتي (ت 786هـ): " فإن قيل ما الفرق بين الطواف والسعي حتى كان مبدأ الطواف هو المنتهي دون السعي أجيب بأن الطواف دوران لا يتأتي بحركة دورية، فيكون المبدأ أو المنتهي واحدا بالضرورة، وأما السعي فهو قطع مسافة بحركة مستقيمة، وذلك لا يقتضي عوده على بدئه".
4 - وقال الكرلاني (ت بعد 743هـ): " فإن قيل الواجب في الطواف أن ينتهي إلى الدوران حول البيت، فلابد أن يدور حول كل البيت، وإنما يكون هكذا إذا عاد إلى ما بدأ به، وههنا الواجب هو ما بدأ به حتى يعد شوطا واحدا، فالسعي ينبغي أن يكون كذلك قلنا الواجب الطواف بالبيت، وهو السعي بين الصفا والمروة، وهو ساع بينهما في كل مرة حقيقة .. ".
5 - وقال ابن الهمام (ت861هـ): " فالوجه أن إثبات مسمى الشوط في اللغة يصدق على كل من الذهاب من الصفا إلى المروة والرجوع منها إلى الصفا، وليس في الشرع ما يخالفه، فيبقى على المفهوم اللغوي، وذلك أنه في الأصل مسافة يعدوها الفرس كالميدان ونحوه مرة واحدة ... ".
وحاصل كلام الحنفية اشتراطهم في كمال السعي استيعاب المسافة بين الصفا والمروة في أرض المسعى المقرر طولها وعرضها في كلام الأزرقي والفاكهي ومن وافقهما، وقول الكاساني (فكينونته ـ السعي -) صريح في كون السعي داخل حدود الصفا والمروة هو المجزئ.
ثانيا – في المذهب المالكي:
1 - قال ابن عبد البر (ت 463هـ): " وأقل ما يجزئه أن يستوفي ما بينهما ـ الصفا والمروة ـ مشيا وسعيا"، وقال أيضا: " ومن ترك في طوافه أو سعيه شوطا واحداً أو أكثر لم يجزه، وكان عليه أن يأتي به بانيا إن قرب أو مستأنفا إن تباعد، فإن لم يذكره حتى رجع إلى بلاده عاد على بقية إحرامه، فطاف وسعى وأهدى لتأخيره ذلك العمل عن وقته ".
2 - وقال: " ومن ترك من السعي ذراعا لم يجزه حتى يسعى، فيتم ما بين الصفا والمروة .. ". وقال: " وعليه أن يرجع من بلده حراما يطوف ويسعى ويهدي لتأخيره السعي عن زمانه، وليس الهدي واجبا عليه ".
3 - وقال البراذعي (ت نحو 438 هـ): " ومن ترك السعي بين الصفا والمروة أو شوطا منه في حجة أو عمرة أو فاسدة، فليرجع لذلك من بلده ".
4 - وقال ابن فرحون (ت 799 هـ): " ومن ترك من السعي ذراعا لم يُجزه".
5 - وقال الحطاب (ت 954هـ): " السعي ركن هو المعروف من المذهب، فمن ترك السعي أو شوطا منه أو ذراعا من حج أو عمرة صحيحتين أو فاسدتين رجع له من بلده ".
6 - وقال الحطاب أيضا: " وللسعي شروط منها كونه سبعة أشواط، وتقدم الكلام على أن الطواف .. وأن من ترك من السعي شيئاً ولو ذراعا يرجع له من بلده، ومنها كونه بين الصفا والمروة، فلو سعى في غير ذلك المحل، بأن دار من سوق الليل أو نزل من الصفا ودخل من المسجد لم يصح سعيه، والواجب فيه السعي بين الصفا والمروة".
7 - وقال العدوي (ت 1189هـ):" قوله فمن ترك شوطا، أي أو بعضه لم تبرأ ذمته، بل لابد منه إن كان بالقرب، وإلا ابتدأ السعي لبطلانه، لعدم الموالاة ويرجع له ولو من بلده ".
8 - وقال الخرشي (ت 1101هـ): " ثم الركن الثالث السعي للحج والعمرة بشروط كونه سبعا لا أنقص، وكونه بين الصفا والمروة، وكون البدء من الصفا إلى المروة ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/380)
9 - وقال الأمير (ت1232 هـ): " وأعلم أن الأحوط للأنسان أن يميل في السعي لجهة المسجد؛ لأنهم ذكروا أن الحرم أخذ فيه من المسعى، والحذر أن يجعل بناء العين الذي هناك بينه وبين الحرم، فيخرج عن المسعى وهو سطح ما بين القوسين المنظرين على الصفا والمروة وقد نبه على ذلك الشافعي ".
10 - وقال العمروسي (ت 1173هـ): " ثم الركن الثالث السعي لهما بشروط كونه سبعا لا أنقص، ولو بعض شوط، فلا يجزىء، وكونه بين الصفا والمروة لا بين غيرهما .. ".
فهذه نصوص المالكية وهي صريحة في بطلان سعي من ترك شيئًا من السعي، وكذلك بطلان سعي من سعى في غير المحل الذي سعى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كما يقول الحطاب: فلو سعى في غير ذلك المحل، بأن دار من سوق الليل أو نزل من الصفا، ودخل من المسجد لم يصح سعيه "، فإذا كان هذا من جهة المسجد فكيف من جهة ظاهرة البعد عن عرض المسعى، والحطاب مفتي المالكية بمكة، ومن قرأ مواهبه ومنسكه يدرك إلمامه الواسع بأحوال مكة.
ثالثا – في المذهب الشافعي:
1 - روي عن الشافعي (ت 204 هـ) أن وجوب استيفاء ما بين الصفا والمروة شرط، حتى ولو أخل بشيء منه وإن قل لا يجوز ". قال ابن جماعة (ت 767هـ): " و لابد أن يكون السعي في بطن الوادي، فإن التوى شيئا يسيرا أجزأه، وإن عدل حتى فارق الوادي إلى زقاق العطارين لم يجزئه، نص عليه الشافعي ". ومعنى قوله:" فإن التوى يسيرا"، عدم بطلان من انحرف عن المسعى يسيرا بنحو ذراع أو ذراعين إذا عاد إلى المكان المجزئ في كل شوط من طوافه والله أعلم.
2 - في المجموع للنووي: " قال الشافعي والأصحاب لا يجوز السعي في غير موضع السعي، فإن سعى وراء موضع السعي في زقاق العطارين أو غيره لم يصح سعيه؛ لأن السعي مختص بمكان فلا يجوز فعله في غيره كالطواف. قال أبو علي البندنيجي في كتابه الجامع: موضع السعي بطن الوادي. قال الشافعي في القديم فإن التوى شيئًا أجزأه، وإذا عدل حتى يفارق الوادي المؤدي إلى زقاق العطارين لم يجزئ، وكذا قال الدارمي: إن التوى في السعي يسيرا جاز، وإن دخل المسجد أو زقاق العطارين فلا والله أعلم ".
3 - وقال النووي: " مذهبنا أنه ـ السعي ـ ركن من أركان الحج والعمرة لا يتم واحد منهما إلا به، ولا يجبر بدم، ولو بقيت منه خطوة لم يتم حجه ولم يتحلل إحرامه .. ".
4 - قال المحب الطبري (ت 694 هـ):" فيبدأ بالصفا ثم بالمروة، فلو عكس تلك الطوفة حتى يأتي الصفا، والعدد فلا بد من استكمال سبعة أشواط، يبدأ بالصفا فإذا انتهى إلى المروة كانت واحدة، ثم من المروة إلى الصفا ثانية، هكذا إلى أن يختم بالمروة".
5 - وقال ابن جماعة: " ومن واجبات السعي عند الشافعية قطع جميع المسافة بين الصفا والمروة، فلو بقي منهما بعض خطوة لم يصح سعيه ".
6 - وقال ابن حجر الهيتمي: " فليحذر من أن يخلفها وراءه، فلا يصح سعيه حينئذ .. فإن الأزرقي هو إمام هذا الشأن، فحيث ذكر ذلك الذرع القاضي بخلاف جميع الدرج المدفون غلب على الظن صدق ما قال .. ".
وفي هذا المعنى يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: " اعلم أنه لا يجوز السعي في غير موضع السعي فلو كان يمر من وراء المسعى حتى يصل إلى الصفا والمروة من جهة أخري لم يصح سعيه، وهذا لا ينبغي أن يُختلف فيه، وعن الشافعي في القديم: أنه لو انحرف عن موضع السعي انحرافا يسيرا أنه يجزئه، والظاهر أن التحقيق خلافه، وأنه لا يصح السعي إلا في موضعه ".
رابعا – في المذهب الحنبلي:
1 - قال ابن قدامه (ت 620 هـ): " فإن لم يرق على الصفا، فلا شيء عليه، قال القاضي: لكن يجب عليه أن يستوعب ما بين الصفا والمروة، فيلصق عقبيه بأسفل الصفا، ثم يسعى إلى المروة، فإن لم يصعد عليها ألصق أصابع رجليه بأسفل المروة، والصعود عليها الأولى؛ اقتداء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ترك مما بينهما شيئًا ولو ذراعا لم يجزيه حتى يأتي به، والمرأة لا يسن لها أن ترقى؛ لئلا تزاحم الرجال، وترك ذلك أستر لها، و لا ترمل في طواف و لا تسعى، والحكم في وجوب استيعابها ما بينهما بالمشي كحكم الرجال ".
2 - قال ابن مفلح (ت763هـ): " ويجب استيعاب ما بينهما فقط، فيلصق عقبيه بأصليهما ".
3 - قال الحجاوي (ت 968هـ): " و يجب استيعاب ما بينهما ـ الصفا والمروة ـ ".
4 - قال البهوتي (ت 1051هـ) شارحا عبارة الحجاوي: " أي الصفا والمروة؛ لفعله صلي الله عليه وسلم وقوله: خذوا عني مناسككم، فإن لم يرقهما ألصق عقب رجليه بأسفل الصفا، وألصق أصابعها بأسفل المروة؛ ليستوعب ما بينهما".
وذكر ابن جماعة عن الحنابلة أنه يجب استيعاب ما بين الصفا والمروة في المرات السبع، فإن التوى إلى جانبه أجزأ، وإن خرج عنه فمقتضى مذهبهم أنه لا يجزئه.
يتبع إن شاء الله(79/381)
ـ[أبو تميم الكناني]ــــــــ[16 - 10 - 08, 09:20 ص]ـ
المبحث السادس
أقوال الفقهاء في ركنية السعي
اختلف الفقهاء في حكم السعي بين الصفا والمروة في الحج والعمرة هل هو ركن أم غير ركن؟
على ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: (مذهب المالكية والشافعية والحنابلة في المعتمد عندهم)
ذهب المالكية والشافعية والحنابلة في المعتمد والمشهور عندهم إلى أن السعي ركن في الحج والعمرة، وهذه طائفة من نصوصهم:
أولاً: المالكية
1 - جاء في المدونة الكبرى: " السعي من أركان الحج لا يتم إلا به، فإن نسي شوطاً من السعي رجع من بلده ".
2 - قال القاضي عبد الوهاب (ت422 هـ): " السعي ركن من أركان الحج لا ينوب عنه الدم خلافا لأبي حنيفة في قوله: إنه واجب وليس بركن، وينوب عنه الدم، لما روت حبيبة بنت أبي ثابت، قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى بين الصفا والمروة، وهو يقول: " اسعوا فإن الله عز وجل قد كتب عليكم السعي "، ففيه أدلة: أحدها – فعله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: اسعوا، والأمر على الوجوب، والثالث: قوله:" فإن الله قد كتب عليكم السعي "، وهذا إخبار عن وجوبه بأبلغ ألفاظ الوجوب وآكدها، وهو كونه مكتوبا، ولأنه مشي ذو عدد سبع، فوجب أن يكون ركنا في الحج كالطواف، ولأنه نسك هو ركن في العمرة، فكان ركنا في الحج كالإحرام ".
3 - قال ابن الجلاب (ت 378هـ): " قال مالك -رحمه الله-: وفروض الحج أربعة، وهي النية، والإحرام، والوقوف بعرفة، والسعي، والطواف ".
4 - قال ابن عبد البر: " وفرائض الحج أربع،أولها: الإحرام على حسب ما وصفنا، والثاني:الوقوف بعرفة نهارا أو ليلا، والثالث: السعي بين الصفا والمروة ".
5 - قال ابن الفرس (ت 597هـ): " فذهب مالك وأصحابه إلى أنه واجب في الحج والعمرة، وعلى من تركه حتى يرجع إلى بلده العودة حتى يأتي به .. ".
6 - قال الباجي (ت494 هـ):: " من نسي السعي بين الصفا والمروة، فإنه يرجع إليه حيث ما ذكره؛ لأننا قد بينَّا أن السعي بينهما من أركان الحج أو العمرة، فالمكلف ما لم يأت بذلك باق على إحرامه، لا يخرج عنه بتحلله كما لو ترك طوافه بالبيت، فإنه يرجع إليه من حيث ذكر؛ لأنه لم يكمل بعد نسكه حين ترك ركنا من أركانه، وهذا مبني على مسألتين: احداهما: أن السعي ركن من أركان الحج وقد بينّاه، والثانية: أن النسك لا يخرج منه بالتحلل دون التمام وقد تقدم ذكره فإذا كان السعي بين الصفا والمروة من أركان الحج والعمرة لم يتم إلا به، وإذا لم يتم إلا به، فلا يصح الخروج منها قبل الإتيان به، فرجع من حيث ذكره باقيا على إحرامه، فإن كان لم يدخل على إحرامه فسادا رجع فأتم نسكه، وإن كان قد أدخل عليه فسادا رجع فأتم عمرته التي أفسدها ثم قضاها وأهدي .. ".
7 - قال ابن العربي:"لا خلاف بين العلماء أن السعي ركن، والدليل عليه قوله صلي الله عليه وسلم: " إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا "، ومعنى كتب: أوجب، وحتم، وفرض،ووجب، ومنه قوله عز وجل: " كتب على نفسه الرحمة "، أي حتمه على نفسه بفضله وامتنانه ".
8 - قال ابن رشد (ت 520هـ):: " وفرائض الحج أربعة النية، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة ".
9 - قال القرافي (ت 684هـ):: " المقصد الرابع: السعي، وأصل وجوبه وركنيته حديث جابر".
10 - قال ابن فرحون (ت 799هـ):: " السعي، وهو من الواجبات التي لا تنجبر بدم عند مالك.
11 - قال ابن جزي: " فرائضه، الأركان التي لا يجبرها الدم، وهي خمسة: النية، والاحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة".
12 - قال الحطاب: " السعي ركن هو المعروف من المذهب ".
13 - قال المواق (ت 897 هـ): " السعي ركن ".
14 - قال الزرقاني (ت 1099 هـ): " ثم الركن الثالث السعي "، وقال: وسعى السعي الركني ".
15 - قال ابن عاشر (ت1040 هـ):
الحج فرض مرة في العمر
أركانه إن تركت لم تجبر
الإحرام والسعي وقوف عرفة
ليلة الأضحى والطواف ردفه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/382)
قال ميارة (ت 1072هـ) شارحه: " أخبر أن الحج فرض واجب على الإنسان مرة في العمر، وأن له أركانا أي فرائض إن تركت كلها أو ترك واحد منها لم يجبر ذلك المتروك أي بالدم وهو الهدي؛ إذ لا يجبر به إلا الواجبات غير الأركان حسبما يأتي، وأن تلك الأركان هي الإحرام، والسعي أي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة ليلة الأضحي، والطواف الذي يردفه ويقع بعده، وهو طواف الإفاضة .. ".
16 - قال الدردير (ت1201 هـ):: " الركن الثالث: السعي لهما (سبعا بين الصفا والمروة منه) أي من الصفا (البدء مرة)، فإن بدأ من المروة لم يحتسب به وأعاد، وإلا بطل سعيه ".
قال عليش (ت 1299هـ):" السعي ركن، كتقديم السعي الذي هو ركن الحج، فيجب تقديمه قبل وقوف عرفة ".
ثانياً: الشافعية
1 - قال الشيرازي (ت476هـ): " وأركان الحج أربعة الإحرام والوقوف والطواف والسعي .. وأفعال العمرة كلها إلا الحلق، ومن ترك ركنا لم يحل من إحرامه، حتى يأتي به ومن ترك واجبا لزمه دم، ومن ترك سنة لم يلزمه شيء".
2 - قال العمراني (ت 558هـ): " ثم يسعى بين الصفا والمروة، وهو ركن من أركان الحج والعمرة إذا تركه لم يحل إحرامه، ولم ينجبر بالدم، دليلنا ما روي عن صفية بنت شيبة عن جدتها عن حبيبة ـ إحدى نساء بني عبد الدار ـ أنها قالت: دخلت مع نسوة من قريش دار آل أبي حسين؛ لأنظر إلى رسول الله وهو يسعى بين الصفا والمروة، فرأيته يسعى، وإن مئزره ليدور في وسطه من شدة السعي، حتى لأقول: إني لأرى ركبتيه، وسمعته يقول:" اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي "، وهذه اللفظة أبلغ لفظة في كون السعي مفروضا، وأما قول الله تعالي: " فلا جناح عليه أن يطوف بهما " فأراد رفع الجناح عنهم في السعي بينهما ".
3 - قال النووي: " أركان الحج خمسة الإحرام، والوقوف، والطواف، والسعي، والحلق إذا جعلناه نسكا ولا تجبر بدم ". وقال النووي أيضا: " والسعي ركن لا يجبر بدم، ولا يتحلل بدونه ".
4 - قال الغزالي (ت505هـ): " وأركانه خمسة: الإحرام، والطواف، والسعي بعده،والوقوف، والحلق، وأركان العمرة كذلك إلا الوقوف".
5 - قال ابن المقري (ت 837هـ): " ثم السعي سبعا يبدأ فيه بالصفا، ويعود من المروة وذاك مرتان".
وقال ابن حجر الهيتمي شارحًا كلام ابن المقري: "ثم الركن الرابع للحج، والثالث للعمرة السعي بين الصفا والمروة سبعا يقينا بعد طواف قدوم ما لم يقف بعرفة أو بعد طواف إفاضة للاتباع .. ".
6 - قال زكريا الأنصاري (ت 926هـ): " أركان الحج: إحرام، ووقوف، وطواف، وسعي، وحلق أو تقصير، وترتيب المعظم، ولا تجبر، وغير الوقوف أركان للعمرة، ويؤديان بإفراد، بأن يحج ثم يعتمر .. ".
7 - قال أبو شجاع (ت 593هـ): " وأركان الحج أربعة: الإحرام مع النية، والوقوف بعرفة، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة ".
ثالثاً: الحنابلة
اختلفت روايات الحنابلة في حكم السعي هل هو ركن أم واجب أم مستحب؟ على ثلاث روايات، والصحيح من مذهبهم أنه ركن.
1 - قال ابن قدامه: " اختلفت الرواية في السعي، فروي عن أحمد أنه ركن لا يتم إلا به، وهو قول عائشة و عروة ومالك والشافعي ".
2 - قال ابن مفلح: " أركان الحج: الوقوف بعرفة، وطواف الزيارة .. وكذا السعي، وعنه ـ أحمد ـ يجبره بدم، وعنه سنة، وفي الفصول: السعي فيها ركن بخلاف الحج".
3 - قال المرداوي (ت885هـ):" أما السعي، ففيه ثلاث روايات، إحداهن: هو ركن وهو الصحيح من المذهب نص عليه وجزم به في المنور، وصححه في التلخيص والمحرر، وقدمه في الفروع، والرعايتين، والحاويين، والفائق. والرواية الثانية: هو سنة، وأطلقه في الهداية، والمستوعب، والخلاصة.
والرواية الثالثة: هو واجب، اختاره أبو الحسن التميمي، والقاضي، والمصنف، والشارح، وصاحب الفائق وغيرهم، وجزم به في الوجيز المنتخب، وأطلقهن في المذهب".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/383)
وقال المرداوي:" قوله: (أركان العمرة الطواف) بلا نزاع، وفي الإحرام والسعي روايتان: اعلم أن الخلاف هنا في السعي والإحرام، وفي الإحرام أيضا من الميقات، كالخلاف في ذلك في الحج على ما تقدم نقلا ومذهبا، هذا الصحيح من المذهب. وقيل: أركانها الإحرام، والطواف فقط، ذكره في الرعاية. وقال في الفصول: السعي في العمرة ركن بخلاف الحج؛ لأنها أحد النسكين، فلا يتم إلا بركنين كالحج ".
4 - قال المرداوي في التنقيح:" ومن أركان الحج: إحرام، وسعي نصا .. وأركان العمرة: إحرام، وطواف، وسعي. وواجباتها: حلق أو تقصير .. ".
5 - وفي منتهى الإرادات لابن النجار (ت972هـ):" أركان الحج: الوقوف بعرفة، وطواف الزيارة، فلو تركه رجع معتمرا، والإحرام والسعي .. وأركان العمرة: إحرام، وطواف، وسعي، وواجبها: حلق أو تقصير، فمن ترك الإحرام لم ينعقد نسكه، ومن ترك ركنا غيره أو نيته لم يتم نسكه إلا به ".
6 - قال الحجاوي: " والسعي ركن في الحج، فلا يتحلل إلا بفعله .. ".
وقال أيضا: " أركان الحج أربعة: الإحرام، والطواف، و السعي، والوقوف بعرفة .. وأركان العمرة ثلاثة: الإحرام والطواف والسعي ".
تنبيه: من المقرر عند الحنابلة أنه إذا اتفق صاحبا الإقناع ومنتهى الإرادات على رأي، يكون هو الرأي المعتمد في الفتوى والقضاء، وقد نصا على ركنية السعي في الحج والعمرة، وبهذا يكون الرأي المعتمد عند الحنابلة متفق مع جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية على أن السعي ركن في الحج والعمرة.
المذهب الثاني: مذهب الحنفية
السعي عند الحنفية واجب، وليس ركنا، وعند بعضهم سنة مؤكدة، وهذه طائفة من نصوصهم علمائهم تثبت هذا:
1 - قال الجصاص (ت 370هـ): " والرمل في بطن الوادي في الطواف بين الصفا والمروة مما قد نقلته الأمة قولا وفعلا، ولم يختلف في أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله، وإنما اختلف في كونه مسنونا بعده، وظهور نقله إلى هذه الغاية دلالة على بقاء حكمه ".
2 - قال المرغياني (ت593هـ): " ثم السعي بين الصفا والمروة واجب، وليس بركن، ولنا قوله تعالى:" فلا جناح عليه أن يطوف بهما ". ومثله يستعمل للإباحة، فينفي الركنية والإيجاب، إلا أنا عدلنا عنه في الإيجاب، ولأن الركنية لا تثبت إلا بدليل مقطوع به، ولم يوجد، ثم معنى ما روي (كتب) استحباب كما في قوله تعالى:" كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت " الآية.
3 - قال العيني (ت854هـ): " لفظ سن الوارد في حديث سن رسول الله لا يدل على معنى أنه جعله ركنا، وإلا لا يبقى فرق بين السنة والركن، وكيف يقول إنه ركن، وركن الشيء مما هو داخل في ذات الشيء، ولم يقل أحد إن السعي بين الصفا والمروة داخل في ماهية الحج، وكذا قول بعضهم أي فرضه بالسنة ليس مدلول اللفظ، وقوله: ليس مراد عائشة نفي فرضيتها، فنقول: وكذا لا يدل على إثبات فرضيتها، غاية ما في الباب أنه سنة مؤكدة، وهي في قوة الواجب". وقال العيني أيضا:" والتخيير ينفي الفرضية لا سيما مذهب عائشة فيما حكاه الخطابي أن السعي بينهما تطوع، وما ذهب إليه الحنفية هو مذهب الحسن وقتادة والثوري حتى يجب بتركه بدم، وعن عطاء سنة لا شيء فيه".
4 - قال الموصلي (ت683هـ): " السعي بين الصفا والمروة واجب؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: " كتب عليكم السعي فاسعوا "، وأنه خبر آحاد، فلا يوجب الركنية، فقلنا بالوجوب، وقوله تعالى:" فلا جناح عليه أن يطوف بهما " ينفي الركنية أيضا ".
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو تميم الكناني]ــــــــ[16 - 10 - 08, 09:23 ص]ـ
خاتمة
إن من أهم ما يجدر أن يقال في خاتمة هذه الرسالة إن طول المسعى الوارد في بعض الروايات يبدأ من زقاق بني أبي حسين المحاذي لجبل الصفا، وينتهي بزقاق دار بني عباد المحاذي لجبل المروة، أما عرض المسعى، فصرحت رواية الأزرقي أنه من جهة البيت إلى دار العباس، وهو خمسة وثلاثون ذراعاً ونصف ذراع، فلا يصح سعي من سعى خارج مقدار هذا العرض بأكثر من ذراعين أو نحوه؛ لكونه غير يسير، و لأن منسك السعي توقيفي لا مجال للاجتهاد والرأي في تحديد محله لا تضييقا ولا توسعة، مثلما حدث هذا العام عام تسعة وعشرين وتسعمائة وألف من الهجرة النبوية، ولأن القاعدة الأصولية تقول: الأصل في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/384)
العبادات التوقيف، والمستقر عند الثقات من الأولين، وعند المتأخرين المتابعين لهم أن عرض المسعى في أوسع امتداد له لا يزيد عن ستة وثلاثين ذراعاً، ولم يرد عنهم إجزاء الطواف في عرض أوسع من هذا بكثير، ولا يسعنا إلا ما وسعهم، كما أن من المستقر عندهم عدم وجود امتداد بعيد للصفا والمروة أبعد مما عهده السابقون، فلا حجة للاستشهاد بقول شاعر جاهلي لم يفقه مناسك الحج التي أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغها أمته، ومنها سعيه صلى الله عليه وسلم في بطن الوادي وهو مكان محدد، ولا عبرة بشهادة العوام ممن ليس لهم دراية ولا رواية، وكيف يعرض المجيزون لتوسعة عرض المسعى عن فتاوى العلماء ممن تقدم عليهم بعقدين أو ثلاثة عقود فقط، ويأخذون بآراء أشخاص أحياء الآن يُزعم أن لهم معرفة بحدود جبلي الصفا والمروة قبل رصف جوانب الوادي الواقع بينهما؟ لا ريب أن مقاييس الإنصاف تأبى هذا، وتلزم بإتباع فتوى أهل العلم لا سيما، وقد استعانوا بأهل المعرفة، والخبرة بالآثار المكانية من المؤرخين والجغرافيين و المكيين.
فيتعين على هؤلاء المجيزين الكف عن القول بالجواز، وعلى من جعل لهم الله عز وجل ولاية على البيت الحرام الرجوع إلى أقوال أهل العلم في هذا الأمر التعبدي التوقيفي، وعدم الالتفات إلى الآراء المبيحة لتوسعة عرض المسعى، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه؛ لأن منسك السعي ركن عند جمهور الفقهاء، والسعي خارج نطاقه غير صحيح ولا يعتبر صاحبه ساعيا، ومن ثم لا يتم حجه ولا عمرته، ويلزمه أن يكون باقيا على إحرامه حتى يسعى في المكان المجزئ، ولا يخفى ما في هذا من المشقة، إذ يلزم في الغالب رجوع من لم يتم سعيه من بلده مرة أخرى، ولا تبرأ ذمته عند ربه ما دام حياً.
هذا كل ما يسر الله لي جمعه وتقييده في هذا الموضوع، فإن أصبت فمن الله وحده، وله الحمد والمنة، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله وأتوب إليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.
اطلع على مضمون الرسالة ووافق عليها الشيخ محمد الأمين بن محمد بيب حفظه الله ورعاه
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[16 - 10 - 08, 02:30 م]ـ
الأخ ابو تميم الكناني
جزاك الله خيرا على نقل هذا البحث المتين
وأتمنى لو يوضع في ملف وورد حتى تعم الفائدة
ووفق الله المؤلف وجعل ذلك في موازين اعماله
ـ[أبو ممدوح]ــــــــ[16 - 10 - 08, 08:32 م]ـ
ياخوة نريد النتيجة المستخلصة هل يعتبر من يرى حرمة السعي في المسعى الجديد محصر كما قرأنا هنا.
أم ماذا يفعل وهل من المعقول أن يبقى الى الأبد محصر؟
اللهم أزل الغمة عن أمة محمد و لاحول و لاقوة الابالله.
لازال السؤال باقياً؟؟؟
أنا لم أحج وكنت أنوي الحج لكن بعد هذه الفتنة عدلت عن هذا الأمر حتى نرى هل تحل؟
لكن رأيت أن الوضع سيبقى كماهو عليه فمالحل ياإخوة و إلى متى أبقى أنتظر؟؟
ورأيت طلبة العلم لازالوا بين راد و مردود عليه بالرغم من أن التوسعة نفذت فأصبحت نقاشاتنا كالنقاشات الفلسفية من دون النظر الى ما انتهى اليه الوضع!
الا تنطبق قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" على هذه النازلة؟
رجاءاً ياطلبة العلم لاتمروا على ردي هذا دون التفاتة؟
ـ[أبو محمد]ــــــــ[16 - 10 - 08, 09:42 م]ـ
أخي الكريم أبا ممدوح .. أنا ممن لا أدين الله -في نفسي- بالسعي في المسعى المحدث .. وقد اعتمرت في رمضان ولله الحمد .. وسعيت في المسعى القديم ولله الحمد .. فالأمر يا رعاك الله ليس معضلة! استعن بالله وحج واعتمر .. وإن غُلبت على السعي في القديم في الدرو الأرضي فاصعد إلى الدور الثاني .. فإن غُلبت فاصعد للثالث .. وإن غُلبت فلن تغلب في السطح .. لا سيما في الظهر أو العصر .. فلن تجد أحدا .. ولا تنس أن تأخذ "شمسية" حتى لا تصاب بضربة شمس!
استعن بالله ولا تتردد .. والأمر ميسور ولله الحمد.
ـ[أبو تميم الكناني]ــــــــ[17 - 10 - 08, 12:34 م]ـ
الأخ ابو تميم الكناني
جزاك الله خيرا على نقل هذا البحث المتين
وأتمنى لو يوضع في ملف وورد حتى تعم الفائدة
ووفق الله المؤلف وجعل ذلك في موازين اعماله
وجزاك الله خيرا أخي الكريم
وإن شاء الله يكون لك ما تريد
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[17 - 10 - 08, 02:00 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم أبو تميم الكناني
قد قمت بتنسيق البحث الذي وضعته على ملف وورد فلك أن تنظر فيه وتعدل ما شئت وأنت صاحب الفضل وقد وضعته هنا وجزاك الله خيرا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=150708
ـ[أبو تميم الكناني]ــــــــ[18 - 10 - 08, 12:24 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم أبو الحسن الأثري
وجعل ما قدمت من جهد في ميزان حسناتك
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى
ـ[محمد بن الحسن المصري]ــــــــ[20 - 10 - 08, 09:36 م]ـ
هذه من النوازل يرجع فيها لكبار العلماء ولعل جمهور كبار العلماء قد منع من السعي في هذا المسعي خاصه لمن لم يكن من داخل المملكه ولا يعرف شكل القديم ولا يعرف اصلا خلاف في المساله وماذا حدث ولعل اظهر من منع من السعي في هذا المسعي المحدث هو الشيخ صالح الفوزان و صالح اللحيدان والشيخ عبد الرحمن البراك وهم من هم قوم اكابر يرجع لهم في النوازل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/385)
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[21 - 10 - 08, 01:08 ص]ـ
هذه من النوازل يرجع فيها لكبار العلماء ولعل جمهور كبار العلماء قد منع من السعي في هذا المسعي خاصه لمن لم يكن من داخل المملكه ولا يعرف شكل القديم ولا يعرف اصلا خلاف في المساله وماذا حدث ولعل اظهر من منع من السعي في هذا المسعي المحدث هو الشيخ صالح الفوزان و صالح اللحيدان والشيخ عبد الرحمن البراك وهم من هم قوم اكابر يرجع لهم في النوازل
جزاك الله خيرا أخي محمد الحسن المصري وجعل هذا الكلام الطيب في موازين حسناتك وليت بعض الإخوان يعرفون للكبار قدرهم حتى ترتقي الأمة من هذا العجز و الإنحطاط الذي لم يسلم منه للأسف بعض المتدينين
ـ[أبو ممدوح]ــــــــ[21 - 10 - 08, 06:15 م]ـ
طيب ياإخوة ماذا يفعل من أراد الحج أين يسعى في هذا الزحام؟؟ يؤجل السعي الى مابعد الحج؟؟؟ أم يقاتل الناس و يتسبب بأزمة و فتنة؟؟؟
سبحان الله!!!!
ـ[ابن وهب]ــــــــ[12 - 11 - 08, 08:30 م]ـ
جديد
اختيار الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي - حفظه الله -
من درس شرح الترمذي 29/ 10/1429
رقم الدرس 370
ـ[المسيطير]ــــــــ[12 - 11 - 08, 08:41 م]ـ
جديد
اختيار الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي - حفظه الله -
من درس شرح الترمذي 29/ 10/1429
رقم الدرس 370
جزاكم الله خيرا.
هلا تفضلتم بذكر رأي الشيخ مختصرا ... تسهيلا على الإخوة.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[12 - 11 - 08, 09:00 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
لا يخفى عليكم رأي الشيخ محمد بن محمدالمختار الشنقيطي في نقل فتاويه عبر الشبكة
ولكن أنا نقلت هنا الملف الصوتي كاملا وهو مستل من شرح الترمذي
الدرس رقم 370
يبدأ حديث الشيخ من الدقيقة 30 تقريبا وينتهي عند الدقيقة 59
فالملف الأول مدته 29 دقيقة وهو المقصود
وهذا الملف الثاني فيه الدرس رقم 370 كاملا
حتى لا يقال أين المصدر
ـ[ابن وهب]ــــــــ[12 - 11 - 08, 10:14 م]ـ
وهنا خلاصة رأي الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي في 6 دقائق
ـ[مستور مختاري]ــــــــ[13 - 11 - 08, 12:19 ص]ـ
ما قصرت يا ابن وهب ... جزاك ربي اللي يسعدك في الدارين
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[13 - 11 - 08, 04:54 م]ـ
جزاكم الله خيرا.
هلا تفضلتم بذكر رأي الشيخ مختصرا ... تسهيلا على الإخوة.
وخلاصة كلام الشيخ هي قوله حفظه الله:
والله لا أستطيع أن أقول لرجل سعى بين الصفا والمروة في الزيادة أو في القديم إن حجه أو عمرته غير صحيحة.!!
ولو سعيتُ أنا في الزيادة ووقفت بين يدي الله , أقول: يا رب قلت في كتابك فلا جناح عليه أن يطوف بهما وقد تطوفتُ بين الصفا والمروة.
إذاً:
الإلزام بهذا الحد المعين فيه إشكال.!!
يصح اعتبار هذا الفعل (وهو السعي في جزء محدد) من النبي بياناً للآية إذا وقع الإجمال , إذا كانت دلالتها على المعنى مجملة تحتاج إلى بيان , مثلاً عندما قال أقيموا الصلاة ما هي الصلاة؟
عددها؟
شرائط صحتها؟
كل هذ يحتاج إلى بيان.
بل الحج نفسه يحتاج إلى بيان.
لكن آية السعي بين الصفا والمرة , العجيب أن النبي كان يرجع حتى إلى ترتيب الآية.!!
إذا زيد في المسعى وتقيدت الزيادة بحد الجبلين فلا إشكال ,لأن هذا أمر داخل تحت النص , وفعل النبي في فرد من أفراد العام لا يقتضي تخصيص الحكم به.
ولا نسطيع أن نقول إن المحل الذي سعى فيه النبي هو الذي يصح فيه السعي دون غيره , هذا أمر من الصعوبة بمكان , ولا أعرفه كمسلك أصولي.
إنما يصح هذا الأمر إذا كانت دلالة النص محتملة لوجهين أو أكثر من وجه , وجاءت السنة ببيان أيهما المراد , فحينئذ تقول: السنة بينت المجمل.
أما إذا كان الأمر واضحا بيناً ودلالته واضحة والنبي يتبع دلالة الآية , فلا إشكال في اعتباره.
ولذلك: جميع أجزاء ما بين الصفا والمروة - على ظاهر الآية الكريمة - محلٌ للسعي.!
وقوله حفظه الله:
وهذا أنا تأملته حقيقةً , واستخرت الله في هذه المسألة , وتريثتُ كثيراً أريد أن أستبين فيها وقرأتُ جميع ما كُتب فيها مما بلغني , ويعلم الله أني سألت الله كثيراً أن يلهمني فيها الصواب , وأرجوه من الله.
لا أستطيع أن أجزم بأن التوسعة كلها داخلة في حد المروة جزما أتحمل مسؤوليته أمام الله عز وجل , لكن النفس مطمئنة إلى أن أكثر ما وراء مجرى العربيات أنه من المروة , وليس مجرى العربيات وحده , بل الذي ورائه , لأنك حين تنظر لحالة الجبل وصفة الجبل ,وذكر لي بعض الثقات أنه قريب من المُدّعى يعني إلى قرابة دورة المياه أكرمكم الله التي كانت موجودة.
وقوله حفظه الله:
الذي يظهر لي في غالب الظن أن الموجود من التوسعة (لا أجزم) لأني أحتاج إلى شيء معين أتمنى لو أنه أُجْري , ويمكن من خلاله أن يجزَم بأن جميع التوسعة داخلةٌ في الحد.
لكن ليس معنى هذا أن ما بقي من الأكثر , ليس من المروة.!
أبداً لا أقول إنه من المروة ولا أقول إن ليس من المروة.
فقط: في حدود المتر تقريباً أو أقل في آخر التوسعة , هذا لا أستطيع أن أجزم به و لكن ممكن لو استوثقتُ من بعض الأوراق التي يمكن أن تثبت نهاية الجبل فلا إشكال أن جميع التوسعة داخلة في حد المسعى , وأن من سعى في هذا القدر فقد سعى في الموضع الذي أمر بالسعي فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/386)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[15 - 11 - 08, 02:55 ص]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
بارك الله فيكم
وليت الأخ الكريم كاتب الموضوع بين مكان زقاق العطارين
قال الإمام الشافعي في القديم
(فان التوى شيئا يسيرا اجزأه وان عدل حتي يفارق الوادي المؤدى إلى زقاق العطارين لم يجز
)
وكذا قال الدارمي ان التوى في السعي يسيرا جاز وان دخل المسجد أو زقاق العطارين فلا والله أعلم
)
في أخبار مكة
(ومنها باب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الباب الذي مقابل زقاق العطارين، وهو الزقاق الذي يسلك منه إلى بيت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وهو طاق واحد
)
(
وهو باب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يخرج منه ويدخل فيه من منزله الذي في زقاق العطارين، يقال له: مسجد خديجة بنت خويلد، يصعد إليه من المسعى بخمس درجات،
)
(
ولهم حق آل أزهر بن عبد عوف على فوهة زقاق العطارين، فيها العطارون، وهي في أيديهم إلى اليوم، ولهم دار جعفر بن سليمان التي في زقاق العطارين، كانت لعوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة، وهو أبو عبد الرحمن بن عوف
)
قال الفاكهي
(ذكر صفة أبواب المسجد الحرام وعددها وذرعها وفي المسجد الحرام من الأبواب ثلاثة وعشرون بابا، فيها أربعون طاقا، منها في الشق الذي يلي المسعى، وهو الشرقي، خمسة أبواب
(منها في الشق الذي يلي المسعى وهو الشرقي خمسة أبواب)
وباب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هو الباب الثالث
والباب الرابع
(ويرتقى إلى الباب بسبع درجات، وهو باب العباس بن عبد المطلب، وعنده علم المسعى من خارج)
فلينظر
أين زقاق العطارين هذا أليس في موقع المسعى الجديد
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=832703#170
وهذه خريطة هيئة المساحة العسكرية العثمانية عام 1297
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=61042&stc=1&d=1226706773
أود معرفة مقياس الرسم
انظر زقاق العطارين مقابل باب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويؤدي إلى بيت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[19 - 05 - 09, 07:40 م]ـ
يرفع لعلنا نجد من يرفع لمسؤوليا حفظهم الله .. بالنظر في الموضوع
فإلزام الآخرين أمر لا يستساغ أبدا ..
فنحن لا نرى صحة السعي في هذه الزيادة فلم الإلزام ..
نريد حلا لهذه المعضلة التي ابتلينا بها والله المستعان.
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[08 - 09 - 09, 03:05 م]ـ
هل من جديد في هذا العااااااااااااام
ـ[علي تميم]ــــــــ[08 - 09 - 09, 03:33 م]ـ
هل من جديد يا أبا محمد في الموضوع؟
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[08 - 09 - 09, 05:26 م]ـ
وكنت قد تسائلت (بعد ما ابتلينا وألزمنا) ولكن لم أجد من يدارس ويبحث هنا:
جزاك الله خير أخي ونفع بك ..
فالراجح أن الزيادة لا تصح وهو ما عليه غالب العلماء (المعتمد عليهم)
لكن والذي بودي أن يناقشه طلاب العلم مناقشة تشفي الغليل هو أن المسألة مما عمت بها البلوى الآن ولا يخفاكم ماذا يترتب على القول في بطلان السعي لمن يرى أنه ركن:
وهو القول بأنه لا يزال محرما!! فإذا يتربتب عليها:
أن يتجنب المحظورات وجوبا: منها الأخذ من الشعر: الجماع: عقد النكاح!!!
وهذي مشكلة عظيمة: والدين يسر .. ولا حرج فيه ولله الحمد
فهل نقول بما أن المسألة عمت وطمت:
أنه ينطبق عليها قوله صلى الله عليه وسلم:
صومكم
يوم تصومون و أضحاكم يوم تضحون.
تخريج السيوطي
(هق) عن أبي هريرة.
تحقيق الألباني
(صحيح) انظر حديث رقم: 3807 في صحيح الجامع.
وأيضا:
الصوم يوم تصومون و الفطر يوم تفطرون و الأضحى يوم تضحون.
تخريج السيوطي
(ت) عن أبي هريرة.
تحقيق الألباني
(صحيح) انظر حديث رقم: 3869 في صحيح الجامع.
لعل الإخوة يفيدونا في المسألة،
وحيث أن جمع من أهل العلم يرون أن من رأى الهلال (هلال رمضان) وردت شهادته أنه لا يلزمه الصوم وإنما يصوم مع الناس لهذه الأحاديث.
ومثله أيضا من رأى هلال ذي الحجة ولم يأخذ برؤيته فيقف يوم عرفه مع الناس وليس له أن يذهب لوحده حيث الناس عندهم الثامن وهو بحسب رؤيته التاسع؟ ..
(مدارسة فقط):
فيكون من سعى في المسعى الجديد سعيه صحيح ليس لأن الزياده صحيحة وإنما للأحاديث السابقة ألا ترى أنهم قالوا لمن رأه لا تصوم إلا مع الناس وكذلك في عرفة لا تقف إلا مع الناس ..
وهنا هل نقول كذلك ... (مدارسة فقط) ما رأيكم .. أفيدونا مأجورين ..
ـ[أبوعبدالله السلفي]ــــــــ[09 - 09 - 09, 12:16 ص]ـ
أيضاً ما هو الآن قول من يقول بعدم صحة السعي في المسعى الجديد .. ؟ أم هل ستتغير الفتوى والحكم في المسألة بعد الأمر الواقع؟ ماذا سيقول بعض الأخوه هداهم الله الذين كانوا يشنعون على المخالف والردود التى طفحت بها وسائل الإعلام؟(79/387)
نشرة دعوية عن السيرة النبوية - فهل من ناقد ...
ـ[أبو الحسن السكندري]ــــــــ[10 - 06 - 07, 01:39 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة أيها الإخوة الكرام،
قام بعض الإخوة بإعداد نشرة دعوية عن السيرة النبوية، بجمعها وتلخيصها من عدة كتب من كتب السيرة، وقد رأيت أنه من المناسب عرضها على منتدى كمنتداكم فيه من المشايخ وطلبة العلم الكرام لإبداء الرأي، والنصيحة بما قد يكون فيها من الأخطاء.
وإليكم نص الحلقة الأولى في مرفق pdf علماً بأنها منسقة على ملف وورد بحيث تطبع على ورق A3 أفقياً على الوجهين وتطوى من المنتصف فتصير 4 أوجه بالحجم العادي وبذلك تكون الصفحة الأولى من اليسار هي رقم 1 واليمين رقم 4 وفي الصفحة الثانية من اليمين هي رقم 2 واليسار 3، والصفحات مرقمة على كل حال.(79/388)
الشيخ ابن باز هل أنشد شعرا؟
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[10 - 06 - 07, 08:07 ص]ـ
هل أنشد الشيخ عبد العزيزابن باز وشيخه ابن ابراهيم أو ابن حميد أو الشنقيطي والألباني شيئا من الشعر؟؟
سؤال خطر في بالي، من يفيدنا ياأخوة ...
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[10 - 06 - 07, 12:07 م]ـ
أما الشنقيطي فقد أنشد أشعاراً كثيرة وهو مجيد للشعر.
وأما ابن إبراهيم فقد مر علي أنه أنشد بيتاً واحداً وربما يوجد غيره.
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[10 - 06 - 07, 12:30 م]ـ
لو أوقفتنا على شيئ مماذكرت،والدعوة مفتوحة للجميع ....
ـ[أبو عبد الله الروقي]ــــــــ[10 - 06 - 07, 02:33 م]ـ
ممّا نُسِب إلى الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى:
واسوأتاه لطالب العلم الذي ... ثقلت عليه مجالس التدريس
وإذا قراءته تقضت قام لا ... يلوي على ما بعد من تأسيس
هذا وفي حال القراءة تنقضي ... في لحظة ماذا يقول جليسي
إن قلت نهموا لعمري ما لهم ... من رغبة في نيل أي نفيس
أو قلت مالهموا من الإقبال من ... إدلاجه حظ ولا التغليس
يا رب أشكو زهدهم في العلم إذ ... رفضوا إيثارًا لنيل خسيس
ورضوا الترسم وهو غير مفيدهم ... إن الأماني حظ ذي التفليس
يا رب واجعلنا من الحزب الذي ... تختاره للتنزيه والتقديس
وإبانة التوحيد محضّا صافيا ... وإزاحة التشبيه والتلبيس
http://saaid.net/Doat/alharfi/03.htm
ويلحَظ أن بعض هذه الأبيات وقع فيه كسرٌ في الوزن .. لكن أرجّح أن يكون ذلك خطأ في الطباعة وذلك لسهولة تفاديه ..
انظر مثلاً: صدر البيت الرابع: (نهموا)، وصوابه: (إنّهموا)
وفي عجُز البيت السادس: كسرٌ ظاهرٌ .. يشبه أن يكون سقط منه شيءٌ .. ولم أتبيّنه الآن ..
وفي البيت (قبل الأخير): (تختاره) .. ظاهرٌ أن (الهاء) زائدة .. وحذفها هو المتعيّن تفادياً للكسر.
والأبيات نفيسة في معناها ... وهي تصوّر حالاً متكرّرة .. فالله المستعان ..
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[11 - 06 - 07, 01:15 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي أبو عبد الله على هذا المرور المفيد ...
والدعوة مازالت قائمة لمشاركات الأخوة الأفاضل ......
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[12 - 06 - 07, 05:50 ص]ـ
أما الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - عليه وعلى جميع المذكورين رحمة الله ورضوانه- فقد كان أعجوبة في الشعر كحاله في كل الفنون, وقد تركه متعمداً, ولما سألوه عن ذلك قال:"لم أره من صفات الأفاضل وخشيت أن أشتهر به،والشعر أكذبه أعذبه فلم أكثر منه"
ومن قصائده رحمة الله عليه ما قاله لما طلب منه بعض أقرناءه الزواج قال ـ رحمه الله ـ في جوابهم وإيثاره الاشتغال بالعلم على النكاح:
دعاني الناصحون إلى النكاح ... غداة تزوَّجتْ بيض الملاحِ
فقالوا لي تزوج ذات دلٍّ ... خلوب اللحظ جائلة الوشاحِ
تبسم عن نوشرة رقاق ... يمج الراح بالماء القراح
كأن لحاظها رشقات نبل ... تذيق القلب آلام الجراح
ولا عجب إذا كانت لحاظ ... لبيضاء المحاجر كالرماح
فكم قتلت كميًّاذا دلاصٍ ... ضعيفاتُ الجفونِ بلا سلاحِ
فقلت لهم دعوني إن قلبي ... من العي الصراح اليوم صاحي
ولي شغل بأبكار العذارى ... كأن وجوهها ضوء الصباح
أراها في المهارق لابسات ... براقع من معانيها الصحاح
أبيت مفكرا فيها فتضحي ... لفهم القدم خافضة الجناح
أبحت حريمها جبرا عليها ... وما كان الحريم بمستباح
وقال أيضا رحمه الله قصيدة في الغزل منها:
أنقذت من داء الهوى بعلاج ... شيب يزين مفارقي كالتاج
قد صدني حلم الأكابر عن لمى ... شفة الفتاة الطفلة المغناج
ماء الشبيبة زارع في صدرها ... رمانتي روض كحق العاج
وكأنها قد أدرجت في برقع ... يا ويلتاه بها شعاع سراج
وكأنما شمس الأصيل مذابة ... تنساب فوق جبينها الوهاج
لم يبك عيني بين حي جيرة ... شدوا المطي بأنسع الأحداج
نادت بأنغام اللحون حداتهم ... فتزيلوا والليل أليل داج
لا تصطبيني عاتق في دلِّها ... رقت فراقت في رقاق زجاج
غضوبة منها بنان مديرها ... إذ لم تكن مقتولة بمزاج
طابت نفوس الشرب حيث أدارها ... َشأٌ رمى بلحاظ طرف ساج
أو ذات عود أنطقت أوتارها ... بلحزون قول للقلوب شواجي
فتخال رنات المثاني أحرفا ... قد رددت في الحلق من مهتاج
ـ[الخريبكي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 03:11 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم. ومن المقولات التي اشتهر بها. والتي تدل على أنه حاز قصب السبق في الشعر قولته المشهورة"لو شئت الا أتكلم الا شعرا لفعلت".
وقد ذكر تلميذه المخلص و وارث علمه الشيخ محمد عطية سالم. أثناء تحدثه عن سيرة الشيخ في مقدمة كتاب "رحلة الحج" أن الشيخ رحمه الله. في بداية طلبه للعلم. ذهب عند احدى الشيوخ يريد دراسة " لامية الأفعال ".فلما حضر الى الدرس وجلس.سأله الشيخ عمن يكون في ملأ من تلامذته.فأنشد الشنقيطي رحمه الله على البديهة.
هذا فتى من بني جاكان قد نزلا++ ++ به الصبا عن لسان العرب قد عدلا
رمت به همة العلياء نحوكم+++++ إذ شام برق علوم نوره اشتعلا
فجاء يرجو ركاماً من سحائبه +++ + تكسو لسان الفتى أزهاره حللا
إذ ضاق ذرعاً بجهل النحو ++++ ثم أبى ألا يميز شكل العين من فعلا
وقد أتى اليوم صبا مولعا كلفا +++ + بالحمد لله لأبغي له بدلا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/389)
ـ[عبدالرحمن السعد]ــــــــ[19 - 06 - 07, 04:48 م]ـ
جزاكم الله خيرا ..
وربما العىمة ابن باز يذكر شواهد شعرية فقط.
ـ[محب آل مندة]ــــــــ[20 - 06 - 07, 11:29 م]ـ
أما الشنقيطي فقد أنشد أشعاراً كثيرة وهو مجيد للشعر.
وأما ابن إبراهيم فقد مر علي أنه أنشد بيتاً واحداً وربما يوجد غيره.
يقوا الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف في مشاهير علماء نجد ص 139في ترجمة الشيخ محمد بن ابراهيم رحمهم الله:
وله معرفة بالعروض ويقرض الشعر على طريقة العلماء. له مرثية في عمه الشيخ عبدالله بن عبد اللطيف تبلغ خمسة وخمسين بيتا ومطلعها:
على الشيخ عبد الله بدر المحافل ... نريق كصوب الغاديات الهواطل.
وله ايضا أربعة ابيات في رثاء الشيخ عمر بن سليم رحمهم الله:
ان المصيبة حقا فقدنا عمرا ... اعظم بميتته رزءا بنا كبرا
قطب القصيم وما دون القصيم وما ... خلف القصيم ومامجرى القصيم جرى
عليه دار الهدى والحق بينه ... كان الحياة وكان السمع والبصرا
ارزقه ياربنا عفوا ومغفرة ... واجبر مصيبتنا ياخير من جبرا.
مشاهير علماء نجد ص 235(79/390)
ما حكم الإكتتاب في ((جبل عمر)) بدأت المساهمة أرجو طرح ما لديكم؟؟!
ـ[أحمد اليوسف]ــــــــ[10 - 06 - 07, 12:42 م]ـ
مساهمة جبل عمر،،،،،،،،،
ـ[أبو عبد الرحمن العتيبي]ــــــــ[10 - 06 - 07, 01:02 م]ـ
الذي أعلمه أخي أحمد أن الشيخ محمد العصيمي أجاز الاكتتاب بها.
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[10 - 06 - 07, 01:04 م]ـ
الاكتتاب في شركة جبل عمر
أجاب عليه فضيلة الشيخ د. محمد العصيمي و د. يوسف الشبيلي
التصنيف الفهرسة/ الركن العلمي/ الفقه/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ السبت 23 / جمادى الاول / 1428 هـ
رقم السؤال 27482
السؤال
فضيلة الشيخ / ماحكم الاكتتاب في جبل عمر؟ وجزاكم الله خيرا
--------------------------------------------------------------------------------
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
قد كثر السؤال عن حكم الاكتتاب في (شركة جبل عمر للتطوير)، وحيث إن نشاط الشركة نشاط مباح، وهو تطوير بعض الأراضي المحيطة بالحرم المكي الشريف، ولم يظهر في القوائم المالية المنشورة في نشرة الاكتتاب المطولة قروض ولا استثمارات محرمة، فأرى جواز الاكتتاب بها.
وإني أسأل الله للقائمين على هذه الشركة المباركة التوفيق والسداد، وأن يستمروا على نهجهم القويم في التمويل والاستثمار الإسلامي، ويكونوا عند مستوى تطلعات المستثمرين خاصة أن اللجنة التأسيسية تتكون من رجالات عرفوا بحرصهم على التعاملات المالية الإسلامية. وإني أذكر كل مساهم أن الربا حرام في كل وقت وفي كل مكان، وهو أشد حرمة في مكة وعند بيت الله الحرام. وأذكرهم أن المشركين قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم لم يروا أن يجعلوا في تمويل بناء الكعبة إلا مالاً طيباً، فلم يدخلوا مهر بغي ولا بيعاً ربوياً ولا مظلمة أحد من الناس. والمسلمون أولى بذلك التقدير والاحترام لدين لله سبحانه وتعالى وللمشاعر المقدسة، "ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ".
http://www.almoslim.net/rokn_elmy/show_question_main.cfm?id=27482
ـ[نصر]ــــــــ[12 - 06 - 07, 07:30 م]ـ
أليست الأرض مغصوبة
حيث تم أجبار ملاك الاراضي ببيعها
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[12 - 06 - 07, 09:04 م]ـ
في نظري أنه كان من الأفضل توضيح مايتعلق بالمساهمة، فهذا الموقع لكافة المسلمين في أرجاء الأرض.
ثم إن المواقع التي عُنيت بنقل فتاوى أهل العلم في المساهمات معروفة، فلمَ تطرح المسألة للبحث عن الفتاوى.
(تنبيه: الاكتتاب تكتب بدون همزة)
ـ[أحمد اليوسف]ــــــــ[16 - 06 - 07, 01:16 ص]ـ
هل صحيح إن أراضي جبل عمر مغتصبة؟!!!!!!!!
نرجو التوضيح والبيان بارك الله فيكم،،،،،،،،(79/391)
ما حكم التسمية بـ (نائلة)؟
ـ[أبو صهيب الشامي]ــــــــ[10 - 06 - 07, 03:21 م]ـ
قال الشيخ بكر أبو زيد في معجم المناهي اللفظية صـ 91: (ومن الأسماء المحرَّم على المسلمين التَّسمَّي بها: التسمية بأسماء الأصنام المعبودة من دون الله تعالى. ومنها: اللات. العزى. مناة. أساف. نائلة. هبل). انتهى كلام الشيخ.
ومن خلال بحثي المتواضع لم أجد من نص من أهل العلم على تحريم التسمية بـ نائلة.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في الإصابة عدة صحابيات ممن اسمهن نائلة، ومنهن:
- نائلة بنت الربيع بن قيس الأنصارية.
- - نائلة بنت سعد بن مالك الأنصارية من بني ساعدة، ذكرها بن حبيب في المبايعات.
- نائلة بنت سلامة بن وقش، ذكرها بن سعد وقال أسلمت وبايعت.
- نائلة بنت عبيد الأنصارية من بني ساعدة ذكرها بن حبيب في المبايعات.
وكذلك لا يخفى أن زوجة عثمان بن عثمان هي نائلة بنت الفرافصة.
والمرجو من الأخوة ممن وقف على كلام لأحد من أهل العلم في هذا أن يتحفنا به.(79/392)
كيف تجعل ابنك يحب صلاة الجمعة؟؟!
ـ[ابو بلال]ــــــــ[10 - 06 - 07, 04:15 م]ـ
http://img408.imageshack.us/img408/3015/1985imgcachefc6.gif
عزيز المربي ...
يبدأ طفلك الصغير مبكرًا في الارتياد للمساجد حتى تعوده على صلاة الجمعة مبكرًا ..
ولكن المشكلة التي تواجه هذا الطفل الصغير هي:
1ـ عدم فهمه لما يقوله الخطيب.
2ـ صمته وعدم حديثه لمدة نصف ساعة على الأقل.
3ـ برنامج المسجد [الخطبة] غير مشوق لطفل عمره سبع سنوات! فماذا يفعل الأب؟! وكيف يعود ابنه مبكرًا على صلاة الجمعة؟!
عشر أفكار تؤهل ابنك للالتزام في خطبة الجمعة
1ـ اجعل فكرة الذهاب إلى المسجد مشوقة واستفد من البقالة أو السوق الصغير القريب من المسجد في شراء هدية للصغير كلما صلى معك الجمعة.
2ـ ادع معه طفلاً آخر، خذ أخاه الأصغر تارة، أو جاره، أو صديقه، ليشعر بالأنس في الذهاب.
ولا تنس أن تعلمهما آداب ارتياد المساجد حتى لا تتحول الرفقة إلى مشكلة وإزعاج!!
3ـ اغتنم فرصة ذهاب ابنك للخطبة في إثراء لغته العربية واصنع معه كتابًا خاصًا لخطبة الجمعة.
قسمه كالتالي:
الكلمات الجديدة: [نستعينه، نستهديه، شرور أنفسنا، سيئات أعمالنا]
4ـ كافئ ابنك على كل كلمة جديدة يأتيك بها، واشترِ ملصقات خاصة.
ضع له ملصقًا كلما جاء لك بكلمة جديدة
5ـ اشترِ هدية كبيرة كلما وصل عدد الملصقات إلى عشرة!!
6ـ تحدث معه عن موضوع الخطبة .. واسأله ماذا قال الخطيب .. لعله لم يفهم ما قال ... أعد شرح المعني له.
7ـ اجعل ذهابك إلى المسجد فيه متعة!! خذ الدراجة الهوائية، واجعله عليها، وامشِ أنت بقربه .. وسيرافقك إلى أن تصلا إلى المسجد.
8ـ العب مع لعبة الأجر .. قل له سنحسب اليوم عدد الحسنات وعدا معًا الخطوات إلى المسجد.
9ـ إذا انتهت الخطبة خذه معك يسلم على الخطيب والإمام ويتعرف على أصحابك الموجودين .. ثم اسأله عن أسمائهم وكلما عرف اسم صديق أو اسم الإمام أعطه قطعة حلوى قد خبأتها في جيبك.
10ـ اتركه يلعب قليلاً في ساحة المسجد مع الأطفال إن كان المسجد آمنًا والسور مرتفعًا ولا تعجل عينيك تغيبان عنهم أثناء اللعب.
التربية متعة
عزيز المربي ..
حتى تنشئ أبناءً صالحين .. علينا أن نشغل العقل ونستخرج العديد من الأفكار الإبداعية.
لا تنس أنك مسؤول عن رعيتك وأن تدريب ابنك على صلاة الجمعة مهمتك.
نقلاً عن مفكرة الإسلام
ـ[ابو بلال]ــــــــ[01 - 09 - 07, 04:43 ص]ـ
للرفع ...(79/393)
هل يلزم الدولة الاسلامية ان تتكفل برعايها من ناحية التأمين الصحي او الكلفة المالية او
ـ[ابو شيماء الشامي]ــــــــ[10 - 06 - 07, 08:14 م]ـ
ايها الاخوة الاحبة ابحث عن مسئلة
هل يلزم الدولة الاسلامية ان تتكفل برعايها من ناحية التأمين الصحي او الكلفة المالية او بعض الامور الاخرى
ارجوا ممن له علم بهذه المسئلة ان يدلني على مظان المسئلة او الابحاث والكتب التي تطرقت لهذه المسئلة
بارك الله فيكم
ـ[ابو شيماء الشامي]ــــــــ[17 - 06 - 07, 07:34 م]ـ
هل من جواب بالسرعة الممكنة(79/394)
ما حكم تغيير الإجازة من الخميس إلى السبت؟
ـ[تركي العتيبي]ــــــــ[10 - 06 - 07, 09:57 م]ـ
إخواننا المشايخ حفظهم الله ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم تغيير الإجازة من الخميس إلى السبت؟
لأني حقيقة وجدت البعض في منتديات أخرى يذكر حرمة التغيير فهل في هذا دليل؟
جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[10 - 06 - 07, 11:03 م]ـ
سبق ذكر هذه المسألة هنا:
(تغيير العطلة الأسبوعية إلى الجمعة والسبت) للشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله. ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=87775&highlight=%C7%E1%C3%D3%C8%E6%DA%ED%C9)
ـ[سلمان الصيعري]ــــــــ[10 - 06 - 07, 11:06 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[تركي العتيبي]ــــــــ[10 - 06 - 07, 11:30 م]ـ
جزاك الله خيرا فقد أفدتني ...
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[11 - 06 - 07, 09:40 ص]ـ
الدلائل الشرعية على تحريم موافقة اليهود والنصارى في العطلة الإسبوعية
للشيخ: عبدالرحمن بن سعد الشثري
تقديم الشيخ: صالح الفوزان
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103045(79/395)
هل تكشف المراه على؟
ـ[أبو خباب المكى]ــــــــ[10 - 06 - 07, 11:58 م]ـ
1 - زوج بنت اختها.
2 - أخ أم زوجها.
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[11 - 06 - 07, 01:10 ص]ـ
لاتكشف المرأة على زوج بنت أختها
ولاأخي أم زوجها
وهي أجنبية عنهما وليسوا محارم لها.(79/396)
السلام عليكم
ـ[المستفيد]ــــــــ[11 - 06 - 07, 12:18 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حيا الله المشايخ،
حقيقة انما اردت ان اتأكد من انني استطيع المشاركة،، لأنني منذ اكثر من ثلاث سنوات تقريبا لم اشارك وكنت اكتفي بالقراءه احيانا ..
والسلام عليكم ورحمة الله(79/397)
من أحق النَاس بالإمامة على الجنازة؟
ـ[زياد عوض]ــــــــ[11 - 06 - 07, 03:28 ص]ـ
قال العلَامة الشيخ الألباني في كتابه القيم أحكام الجنائز بتصرف يسير:
- والوالي أو نائبة احق بالامامة فيها من الولي لحديث أبي حازم قال: " إني الشاهد يوم مات الحسن بن علي.
فرأيت الحسين بن علي يقول لسعيد بن العاص - يطعن في عنقه ويقول: - تقدم فلولا أنها سنة ما قدمتك " (وسعيد أمير على المدينة يومئذ) وكان بينهم شئ ".
67 - فإن لم يحضر الوالي أو نائبه، فالأحق بالامامة أقررهم لكتاب الله، ثم على الترتيب الذي ورد ذكره في قوله صلى الله عليه وسلم: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله " فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة: فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم سلما فإن كانوا في الهجرة سواء سواء فأقدمهم سلما لا يؤمن الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه ".
أخرجه مسلم (2/ 133) وغيره من أصحاب السنن والمسانيد من حديث أبي مسعود البدري الانصاري،
ويؤمهم الأقرأ ولو كان غلاما لم يبلغ الحلم لحديث عمرو بن سلمة:
" أنهم (يعني قومه) وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أرادوا أن ينصرفوا قالوا: يارسول الله من يؤمنا؟ قال: أكثركم جمعا للقرآن أو أخذا للقرآن0
زيادة بيان لهذا في المسألة
وأما ما أشار إليه ابن حزم من القرآن والسنة " فيعني قوله تعالى (وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله)، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الاتي في المسألة التالية " ولا يؤمن الرجل في أهله " كما في رواية نبه إبن حزم على أن الأحق بالصلاة على الميت الأولياء، ولا يخفى أنه استدلال بالعموم، ودلينا وهو حديث الحسين رضي الله عنه خاص، وهو مقدم كما هو مقرر في الأصول، ولذلك ذهب إلى ما ذكرنا جمهور العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد وأسحاق وابن المنذر والشافعي في قوله القديم كما في " المجموع " (5/ 217).
ثم أستدركت فقلت: إن الحديث لا عموم له فيما نحن فيه، لأن معناه: لا يصلين أحد إماما بصاحب البيت في بيته، وهذا بين من مجموع روايات الحديث، ففي رواية لمسلم: " ولا يؤمن الرجل في أهله " وفي أخرى له " ولا تؤمن الرجل في أهله ولا في سلطانه " فهذا حجة على أبن حزم لان الظاهر أيضا أن المراد به السلطان الذي إليه ولاية أمور الناس.
والظاهر أيضا أنه مقدم على غيره ولو كان أكثر منه قرآنا.
انظر الشوكاني (3/ 134).
من أحكام الجنائز بتصرف
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[11 - 06 - 07, 12:22 م]ـ
اختلف الفقهاء في أولى الناس بالإمامة في صلاة الجنازة، فيرى البعض أن أحق الناس بالصلاة على الميت من أوصى الميت أن يصلي عليه، ثم الوالي، أو الأمير، ثم الأولياء (العصبة) على ترتيب ولايتهم في النكاح، فيقدم الأب ثم الابن ثم ابن الابن ثم الأقرب فالأقرب، ومن الفقهاء من قدم والي البلد على ولي الميت، ومنهم من قدم الولي على الوالي.
منقول من منتدى الفقه
http://www.alfeqh.com/montda/index.php?showtopic=5360&pid=66606&st=0entry66606(79/398)
هل يحدد صيام ثلاثة ايام من كل شهر بالايام البيض ام هي مطلقة؟
ـ[المصلحي]ــــــــ[11 - 06 - 07, 10:58 ص]ـ
السلام عليكم
هل الاجر الوارد في صيام ثلاثة ايام من كل شهر يحصل بصيام اي ثلاثة ايام؟
ام انه لايحصل الا بصيام الايام البيض؟
بعبارة اخرى: هل يحمل المطلق على المقيد في هذه الحالة ام لا؟
قال بعض الاخوة:
يحمل المطلق على المقيد هنا لانه متحد الحكم والسبب.
وعليه لايحصل الاجر الا بالايام البيض.
وقال بعض الاخوة:
هذا من باب العام والخاص وليس من باب المطلق والمقيد.
وعليه يحصل الاجر بالايام البيض وبغيرها، ولايخصص العام هنا، لان التنصيص على بعض افراد العام لايقتضي تخصيصا.
فما هو راي الاخوة؟
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[11 - 06 - 07, 01:16 م]ـ
أخذ أهل العلم صيام أيام البيض بالإستحباب في صيام ثلاث أيام من كل شهر لما روى أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {يا أبا ذر , إذا صمت من الشهر فصم ثلاث عشرة , وأربع عشرة , وخمس عشرة}. أخرجه الترمذي , وقال: حديث حسن و صححه الشيخ الألباني
ـ[أحمد محمود الأزهري]ــــــــ[11 - 06 - 07, 03:13 م]ـ
في الحديث: "ألا أخبركم بما يذهب وحر الصدر؟ صوم ثلاثة أيام من كل شهر".
حديث رقم: 2608 في صحيح الجامع.
وفي الحديث الآخر: "شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر".
حديث رقم: 3718 في صحيح الجامع.
والأحاديث في هذا الباب كثيرة، فهل هي من باب العام والخاص؟ أم من باب المطلق والمقيد؟
أذهب مع من قال: إنها من باب العام والخاص، فيحصل الثواب بالأيام البيض وبغيرها؛ لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صام ثلاثة أيام من الشهر هي غير الأيام البيض.
ففي الحديث عن عائشة: "كان يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس".
حديث رقم: 4971 في صحيح الجامع.
والله أعلم،،،
ـ[أبو عمر القصيمي]ــــــــ[11 - 06 - 07, 03:37 م]ـ
بارك الله فيكم ولعل هذا فيه فائدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=107365#post107365
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=3890&highlight=%C7%E1%C8%ED%D6 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=3890&highlight=%C7%E1%C8%ED%D6)
ـ[المصلحي]ــــــــ[11 - 06 - 07, 08:53 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[بن نصار]ــــــــ[12 - 06 - 07, 02:24 ص]ـ
بارك الله فيكم
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[13 - 06 - 07, 03:59 م]ـ
هناك بحث بعنوان ((((((حديث صيام ثلاثة ايام مكن كل شهر رواية ودراية)))
للدكتور سعد آل حميد لم اتمكن من الحصول عليه او ان البحث لم يطبع ووجدت الاشارة اليه في كتابه حكم صوم يوم السبت ص 63
ـ[أبواليقظان]ــــــــ[16 - 06 - 07, 03:43 م]ـ
الأخ أحمد
ذكرتم
ففي الحديث عن عائشة: "كان يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس".
حديث رقم: 4971 في صحيح الجامع.
وفد تراجع الألباني عن ذلك
راجع هنا
38652 - كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس
الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: ضعيف - المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف الترمذي - الصفحة أو الرقم: 746
وهنا
92766 - عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس
الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: الجزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه نظر - المحدث: الألباني - المصدر: تمام المنة - الصفحة أو الرقم: 414
من موقع الدرر
ـ[أبواليقظان]ــــــــ[16 - 06 - 07, 03:44 م]ـ
الأخ أحمد
ذكرتم
ففي الحديث عن عائشة: "كان يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس".
حديث رقم: 4971 في صحيح الجامع.
وفد تراجع الألباني رحمه الله عن ذلك
راجع هنا
38652 - كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس
الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: ضعيف - المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف الترمذي - الصفحة أو الرقم: 746
وهنا
92766 - عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس
الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: الجزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه نظر - المحدث: الألباني - المصدر: تمام المنة - الصفحة أو الرقم: 414
من موقع الدرر
ـ[أحمد محمود الأزهري]ــــــــ[18 - 06 - 07, 05:40 م]ـ
جزاك الله خيرًا أخي أبا اليقظان على المتابعة،،،
ـ[بن روضه الجنوبي]ــــــــ[18 - 01 - 09, 07:45 م]ـ
اخي / ابو محمد الطائفي
لعلك بارك الله فيك تجتهد في إفادتنا عن هذا البحث إين أجده حديث صيام ثلاثة ايام مكن كل شهر رواية ودراية
او الكتاب الذي ذكرته أين يباع وهو حكم صوم يوم السبت
وكلاهما للدكتور سعد آل حميد حسب ما ذكرت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/399)
ـ[أم ديالى]ــــــــ[18 - 01 - 09, 09:08 م]ـ
سألت مرة الدكتور عبد الله الغامدي عن حكم صيام الايام البيض فقال ورد فيها احاديث ضعيفة ولكن ثبت عن عثمان وعلي رضي الله عنهما وغيرهم من الصحابة والتابعين احصيت منهم 50 رجلا ... ومن هنا نقول باستحباب صيام الايام البيض (13 - 14 - 15) لفعل الخلفاء الراشدين لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) .. والله أعلم(79/400)
عاجل وهام الموسوعات الشامله ادخل هنا
ـ[الراشد]ــــــــ[11 - 06 - 07, 12:47 م]ـ
عاجل وهام الموسوعات الشامله ادخل هنا ( http://alrashed3000.jeeran.com/)
ـ[الراشد]ــــــــ[13 - 06 - 07, 01:08 م]ـ
ساهم معنا في نشر هذا الموقع ولك الاجر الكبير ان شاء الله(79/401)
شبهة وجوابها عن حفظ القرآن
ـ[زياد عوض]ــــــــ[11 - 06 - 07, 04:29 م]ـ
شبهة وجوابها عن حفظ القرآن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعفنا بالرد يا شيخنا:
يقول المنصَّر:
روى ابن ماجة في سننه عن عائشة:
كان القرطاس المكتوبة فيه آيتي الرجم ورضاعة الكبير تحت سريري , فبينما أنا منشغلة بموت رسول الله دخل داجن فأكلها!
وهو يقول: والحديث صحيح
ثم يعقب قائلاً:
إذا كان القرآن كلام الله فلماذا لم يحفظ هاتين الآيتين من الضياع في جوف البهيمة؟!
أجيبوه بارك الله فيكم
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك.
أولاً: لِيُعلَم أن العرب لم تكن تعتمد على الكتابة كَما تعتمد على الحفظ.
فلو قُدِّر أن شيئا ضاع مِن قرطاس أو كان مكتوبا فضاع، فإن من يحفظ ذلك أكثر ممن يَكتُبه.
ولذلك كان مِن مصادر جمع القرآن والسُّنَّة: صُدور الرِّجَال، أي: ما كان محفوظا في القلوب.
وهذا أحد أسباب ووسائل حفظ القرآن.
ولذلك كان جبريل عليه الصلاة والسلام يُدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، وهو بِمَنْزِلة المراجعة.
فهل يُتصوّر أن يضيع شيئا من القرآن الذي تُعبِّد الناس به في جوف بهيمة ثم لا يكون هناك من يحفظه من أمة زادت على مائة ألف في زمن نُزول الوحي؟!
كما أن جمع القرآن كان أول مرة في خلافة أبي بكر لما استحرّ القَتْل بالقُرّاء فخشي من ذهاب الْحَفَظَة، وتقادم الزمان، فتمّ جمع القرآن في زمن قريب من زمن النبوة.
ثانيا: ما يتعلّق بآيتي الرَّجم وآية الرضاع هي مما نُسِخت تلاوته وبَقِي حُكْمه.
وهو معنى قول عائشة رضي الله عنها: كان فيما أُنْزِل مِن القرآن عَشْر رَضَعَات مَعلومات يُحَرِّمن ثم نُسِخْن بِخَمْس مَعلومات، فتوفِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهُنَّ فيما يُقرأ مِن القُرآن. رواه مسلم.
قال الإمام النووي: ومعناه أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جِدًّا حتى أنه صلى الله عليه وسلم تُوفِّي وبعض الناس يَقرأ خمس رضعات ويجعلها قرآنا مَتْلُوًّا، لكونه لم يبلغه النسخ لِقرب عهده، فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رَجَعوا عن ذلك، وأجمعوا على أن هذا لا يُتْلَى.
والنسخ ثلاثة أنواع:
أحدها: ما نُسِخ حُكْمه وتلاوته، كعشر رضعات.
والثاني: ما نُسِخَتْ تلاوته دون حكمة كخمس رضعات، وكالشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما.
والثالث: ما نُسِخ حُكْمه وبَقِيت تلاوته، وهذا هو الأكثر. اهـ.
ورَجْم الزاني المحصَن مما جاءت به الشرائع، فقد جاء في التوراة، وجاءت به شريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
قال عمر: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل لا نَجِد الرّجم في كتاب الله، فيَضِلّوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حقّ على مَن زنى وقد أُحْصن إذا قامت البينة أو كان الحمل أو الاعتراف. قال سفيان: كذا حفظت ألا وقد رَجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده. رواه البخاري.
وفي رواية له: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنْزَل عليه الكتاب، فكان مما أَنزل الله آية الرجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها، رَجَم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورَجَمْنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نَجِد آية الرجم في كتاب الله، فيَضِلّوا بِتَرْك فَرِيضة أنزلها الله.
ثالثا: يُمكن الرد على النصراني من خلال الحديث نفسه الذي تقول فيه عائشة رضي الله عنها: نَزَلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا، ولقد كان في صحيفة تحت سريري.
وذلك أن الرجم حقّ وثابت، ولو كان ضاع لَم يكن له أثر، ولم يُقَم حدّ الرجم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد مرّ بك قول عمر رضي الله عنه: رَجَم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورَجَمْنا بعده.
رابعا: قد تكفّل الله بِحفظ كتابه فقال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).
وشواهد ذلك كثيرة جدا ..
فكل محاولة لتحريف النص أو تغيير المعنى تبوء بالفشل، ويهتك الله ستر أصحابها.
وها هي التوراة والأناجيل بأيدي النصارى تختلف طبعاتها من دولة إلى دولة، ومن جيل إلى جيل!
بينما لا تختلف المصاحف التي كُتِبت في زمن الصحابة قبل ألف وأربعمائة سنة، عما كُتِب في زماننا هذا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/402)
روى القرطبي بإسناده إلى يحيى بن أكثم قال: كان للمأمون وهو أمير إذّ ذاك مجلس نَظَر، فدخل في جملة الناس رجل يهودي، حسن الثوب، حسن الوجه، طيب الرائحة، قال: فتكلَّم فأحسن الكلام والعبارة، قال: فلما تقوّض المجلس دعاه المأمون، فقال له: إسرائيلي؟ قال: نعم. قال له: أسْلِم حتى أفعل بك وأصنع، ووَعَدَه، فقال: ديني ودين آبائي، وانصرف. قال: فلما كان بعد سنة جاءنا مُسلِماً. قال: فتكلّم على الفقه فأحسن الكلام، فلما تقوّض المجلس دعاه المأمون، وقال: ألستَ صاحبنا بالأمس؟ قال له: بلى. قال: فما كان سبب إسلامك؟ قال انصرفت مِن حَضْرَتك فأحْببت أن أمتحن هذه الأديان، وأنت تَرَاني حَسَن الْخَطّ، فَعَمِدتُ إلى التوراة فَكَتبتُ ثلاث نسخ، فزِدتُ فيها ونقصت، وأدخلتها الكنيسة فاشتُريت مِنِّي، وعمدتُ إلى الإنجيل فكتبت ثلاث نسخ فزِدتُ فيها ونقصت، وأدخلتها البَيْعَة فاشتُريت مِنِّي، وعمدتُ إلى القرآن فعملتُ ثلاث نسخ وزِدتُ فيها ونقصت وأدخلتها الورَّاقِين، فتصفحوها فلما أن وجدوا فيها الزيادة والنقصان رَمَوا بها، فلم يَشتروها، فعلمت أن هذا كتاب محفوظ، فكان هذا سبب إسلامي. قال يحيى بن أكثم: فَحَجَجْتُ تلك السنة فلقيت سفيان بن عيينة فَذَكَرْتُ له الخبر، فقال لي: مِصْداق هذا في كتاب الله عز وجل! قال: قلت: في أي موضع؟ قال: في قول الله تبارك وتعالى في التوراة والإنجيل: (بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ) فَجَعَل حِفْظَه إليهم فَضَاع، وقال عز وجل: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) فَحَفِظَه الله عز وجل علينا فلم يَضِع.
كل ذلك دالّ على أن الله تكفّل بِحفظ كِتابه.
وقبل سنوات ليست بالبعيدة طبعت نُسخ من المصحف ونُقص منها ثلاثة أحرف، ووزِّعت في شرق آسيا، فاكتُشِف ذلك التحريف، فطُلب جمعها، فجُمِعت، فإذا هي لم تنقص نُسخة واحدة، ثم أُتْلِفتْ تلك النسخ المحرفة.
ويُقال لذلك النصراني: لقد عَلِم أسلافك من نصارى نجران حقيقة نوبة نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم، فرفضوا مباهلته!
ولا ريب في صِدق محمد صلى الله عليه وسلم ونُبوّته.
وقد بشّر عيسى عليه الصلاة والسلام بِمحمد عليه الصلاة والسلام.
وهذا مما يُثبته مُنصِفو النصارى، بل هو ثابت في الإنجيل، والبُشرى بمحمد صلى الله عليه وسلم ثابتة أيضا في التوراة.
وهنا إشارة للبشارات التي ذَكَر بعضها بعض المنصِفين من اليهود والنصارى:
http://saaid.net/mohamed/a.htm
والله غالب على أمره، وحافِظ لِكتابه، ولو كره الكافرون.
والله تعالى أعلم.
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[11 - 06 - 07, 05:57 م]ـ
جزاك الله خيرا
وينظر للفائدة هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=76345#post76345
ـ[زياد عوض]ــــــــ[11 - 06 - 07, 07:41 م]ـ
وأنت كذلك يا شيخ عبد الرحمن واعلم أنِي أحبُك في الله
ـ[زياد عوض]ــــــــ[11 - 06 - 07, 07:50 م]ـ
جزاك الله خيرا
وينظر للفائدة هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=76345#post76345
وأنت كذلك
ومن يقرأ ما أحلت عليه سيجد فوائد حديثية جمَة
بارك الله لنا فيك(79/403)
ما حكم قول الحمد لله وكفى
ـ[توبة]ــــــــ[11 - 06 - 07, 05:44 م]ـ
السؤال: بارك الله فيكم أيضاً المستمع يقول بأنه يسمع من الأخوة في الندوات الطيبة الدينية قولهم 'الحمد لله وكفى' فأرجو التكرم بتوضيح هذه العبارة عن كلمة' وكفى' مأجورين؟
الشيخ:نعم معنى قولهم 'الحمد لله وكفى' يعني أن الله تعالى كافٍ عبده،وقال تعالى {ومن توكل على الله فهو حسبه} أي كافيه شؤونه وأموره.فالفاعل في قوله 'وكفى' هو الله عز وجل وليس معنى قوله 'وكفى' أي كفى قولي -بالحمد -بل المعنى: الحمد لله وكفى الله .. أي أنه تعالى كافٍ عبده كما في الآيات التي قال الله فيها {أليس الله بكافٍ عبده}.
فتاوى نور على الدرب ( http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_7945.shtml)
ـ[توبة]ــــــــ[12 - 06 - 07, 05:40 م]ـ
....... الحمد لله وكفى!
ـ[أم البراء]ــــــــ[16 - 06 - 07, 02:20 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[توبة]ــــــــ[16 - 06 - 07, 02:25 ص]ـ
وجازاك بالمثل أخيتي.(79/404)
ما الحل لفتنة النساء!!!
ـ[هاني صبح]ــــــــ[11 - 06 - 07, 05:59 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لي أخ يعاني من هذه الفتنة، التي هي أشد فتنة بعد فتنة المسيح الدجّال، عافانا الله وإياكم من الكل الفتن، الأخ يعاني معاناة شديدة منها، قد تقوده هذه الفتنة لترك الالتزام، فيا إخواني من يعرف منكم طرق للوقاية منها من إرشاد نبويّ وحتّى الأدوية، فهذه الفتنة داء وبالطبع لها دواء، فمن كان يعرف طعاماً يشلّ هذه الشهوة أو يخفف منها فليرشدنا، وجزاكم الله كل خير!
ـ[محمد الحارثي]ــــــــ[11 - 06 - 07, 07:05 م]ـ
الحل في قوله صلى الله عليه وسلمفي الحديث الذي أخرجع الشيخان من طريق الْأَعْمَش قال حدثني إِبْرَاهِيمُ عن عَلْقَمَةَ قال كنت مع عبد اللَّهِ فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ بِمِنًى فقال يا أَبَا عبد الرحمن إِنَّ لي إِلَيْكَ حَاجَةً فَخَلَوَا فقال عُثْمَانُ هل لك يا أَبَا عبد الرحمن في أَنْ نُزَوِّجَكَ بِكْرًا تُذَكِّرُكَ ما كُنْتَ تَعْهَدُ فلما رَأَى عبد اللَّهِ أَنْ ليس له حَاجَةٌ إلى هذا أَشَارَ إلي فقال يا عَلْقَمَةُ فَانْتَهَيْتُ إليه وهو يقول أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذلك لقد قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ من اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لم يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فإنه له وِجَاءٌ
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[11 - 06 - 07, 07:37 م]ـ
كثرة الدعاء اخي
وما ادراك ما الدعاء
اخي الدعاء في وقت السحر عندما ينزل الله سبحانه وتعالي
يفعل الاعاجيب
هل تظن اخي ان من طرق ابواب الغفور الرحيم ملك مالك الدنيا والاخرة
ارحم الراحمين واكرم الأكرمين عندما من يدعوني فاستجب له
وسئله شاب يريد العفاف ان يقيه فتنة النساء في وقت كثر فيه الزنا
هل تظن اخي ان الله سبحانه وتعالي يخيب سعيه
كلا والله
جرب ستري النتيجة
صحبة الصالحين لكن أين هم
البعد من مواطن الفتن
الزواج
الصيام .... الخ
دمتم بخير
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[11 - 06 - 07, 07:42 م]ـ
كثرة الدعاء اخي
وما ادراك ما الدعاء
اخي الدعاء في وقت السحر عندما ينزل الله سبحانه وتعالي
يفعل الاعاجيب
هل تظن اخي ان من طرق ابواب الغفور الرحيم ملك مالك الدنيا والاخرة
ارحم الراحمين واكرم الأكرمين عندما من يدعوني فاستجب له
وسئله شاب يريد العفاف ان يقيه فتنة النساء في وقت كثر فيه الزنا
هل تظن اخي ان الله سبحانه وتعالي يخيب سعيه
كلا والله
جرب ستري النتيجة
صحبة الصالحين لكن أين هم
البعد من مواطن الفتن
الزواج
الصيام .... الخ
دمتم بخير
ـ[بن نصار]ــــــــ[12 - 06 - 07, 02:27 ص]ـ
أسأل الله أن يعافينا و أياه. .
ـ[أحمد بن الخطاب]ــــــــ[12 - 06 - 07, 07:35 م]ـ
اخوتي في الله
اري ان الواقي هو الله والعاصم كذلك هو الله واتفق مع اخي الذي قال بان الحل في الدعاء
التضرع لله ان يقيه شر الفتن ما ظهر منها وما بطن
لان الدعاء سلاح فتاك غفلنا عنه اخوتي في الله
اسالكم الدعاء بظهر الغيب
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[12 - 06 - 07, 10:46 م]ـ
??????الإستغفار مفتاح الأقفال??????
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:
(إنه ليقف خاطري في المسألة والشيء أو الحالة التي تشكل عليّ فأستغفر الله تعالى ألف مرة حتى ينشرح الصدر وينحل إشكال ما أشكل وقد أكون إذ ذا في السوق أو المسجد أو المدرسة لا يمنعني ذلك من الذكر والإستغفار إلى أن أنال مطلوبي)
حمل دفع البلاء بالصدقة
http://www.islamway.com/index.php?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=37253
http://download.media.islamway.com/lessons/oqail//ALSada
السؤال
ah.rm
ـ[ام يوسف المصريه]ــــــــ[12 - 06 - 07, 11:18 م]ـ
[سامحونى اخوانى على التدخل ولكنى اردت ان اضيف شيئا لأخينا الذى يساعد اخاه
اسمع يا اخى اولا جزيت خيرا على سعيك لمساعدة اخيك
ثانيا لعلاج هذه الحاله هناك خطان يجب ان يسيرا معا جنبا الى جنب
الاول كما قال الاخوه الدعاء واللجوء الى الله وكثره الاستغفار
وثانيهم العمل ليرى الله من عبده انه جاد فى طلبه ودعائه فيقبل منه والعمل يكون كالاتى:
اولا الصوم فإنه له وجاء اى حفظا من الزنا كما قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم
وثانيهم غض البصر وذلك امر فى غاية الاهميه فإن الرجل إذا غض بصره لم يرى من المرأه ما يفتنه كما انه يغلق عليها باب غوايته لأنها وقتها تعلم انه يخشى الله تعالى فليس لها فيه مأرب
وثالثهم البعد عن الاختلاط لان فيه من الفتن مالا يحصى ولا يعد
ورابعهم التداوى عن طريق بلع حبة من الخردل كل شهر او شرب ملعقه من زيت الخردل مره كل اسبوع لكن احذر ان كان متزوجا فقد يضره والله اعلم واعلى
وندعو الله جميعا لهذا الاخ ولنا جميعا بالهدايه والرشاد
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[12 - 06 - 07, 11:20 م]ـ
سبحان الله .. كنت أقرأ اليوم سورة يوسف فلما وصلت هذه الآية
استوقفتني كثيرا وتذكرت هذا الموضوع فأحببت المشاركة
الحل في الاعتصام بالله والتضرع بين يديه
جاء في تفسير ابن كثير في سورة يوسف:
{قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه} أي من الفاحشة، {وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن} أي إن وكلتني إلى نفسي فليس لي منها قدرة ولا أملك لها ضراً ولا نفعاً إلا بحولك وقوتك، أنت المستعان وعليك التكلان، فلا تكلني إلى نفسي {أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه} الآية، وذلك أن يوسف عليه السلام عصمه اللّه عصمة عظيمة وحماه، فامتنع منها أشد الامتناع، واختار السجن على ذلك، وهذا في غاية مقامات الكمال، أنه من شبابه وجماله وكماله تدعوه سيدته وهي امرأة عزيز مصر، وهي مع هذا في غاية الجمال والمال والرياسة، ويمتنع من ذلك، ويختار السجن على ذلك خوفاً من اللّه ورجاء ثوابه. ولهذا ثبت في الصحيحين أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "سبعة يظلهم اللّه في ظله يوم لا ظل إلا ظله"، وعدَّ منها "ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف اللّه"، الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/405)
ـ[الفضيل]ــــــــ[13 - 06 - 07, 08:01 ص]ـ
فائدة: يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن القلب الصحيح لو تعرضت له المرأة لم يلتف إليها بخلاف القلب المريض بالشهوة فإنه لضعفه يميل إلى ما يعرض له من ذلك بحسب قوة المرض وضعفه ...
مجموع الفتاوى 10/ 95
والله أعلم
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[13 - 06 - 07, 06:33 م]ـ
نسأل الله تعالى أن يثبثنا و يعصمنا من هذه الفتنة العظيمة و في هذا الزمان الذي ترك فيه الحجاب الشرعي. و الله المستعان على ما تصنعه أخواتنا و نسأل الله تعالى لهن و لنا الهداية و لا حول و لا قوة إلا بالله.
ـ[ام يوسف المصريه]ــــــــ[14 - 06 - 07, 02:55 ص]ـ
السلام عليكم
سامحونى على الخطأ ولكن الافاده فى بذور الخروع وزيت الخروع وليس الخردل
والسلام عليكم
ـ[أبو آثار]ــــــــ[14 - 06 - 07, 08:59 ص]ـ
القران يدلكم على الداء والدواء
اليس قد تعرض لهذه الفتنة العظيمة الكريم ابن الكريم ابن الكريم؟
بل ان فتنته كانت اعظم فقد كان شابا ... اعزبا ... عبدا ... غريبا ... ضعيفا والمرأة ذات منصب وجمال
وقد ارخيت الستور ولا رقيب ولا حسيب والمراة كانت هي الداعية
فكان ماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ راى برهان ربه
والسؤال هنا لماذا اراه الله برهانه!!!!!!!!! وصرف عنه السوء والفحشاء!!!!!!!!!
الجواب: إنه من عبادنا المخلصين
العمل الصالح مهما كان قليلا ان عملته لله باخلاص فسوق ياتيك خيره وانت احوج ماتكون اليه
حتى المباحات احتسب فعلها عند الله واخلص النية في ذلك فان الجوارح اذا اعتادت على الطاعة
كسدت بضاعة المعاصي عندها
وامر اخر هو مجاهدة النفس وتبدأ المجاهدة من استبعاد مجر د الهواجس التي ستتحول الى
خواطر
ثم حديث نفس ثم هم ثم عزم ثم عمل ثم عادة
وكما قيل ان اصلاح الخواطر اسهل من اصلاح الافكار
واصلاح الفكار اسهل من اصلاح الارادات
واصلاح الارادات اهون من اصلاح فساد العمل
واخيرا وهو الاهم ان يكون في النفس رغبة في التوبة لان الرغبة ستتحول الى عزم ثم عمل ........ الخ
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[14 - 06 - 07, 10:04 ص]ـ
ليس الأمر بسهل نسئل الله ان يعين شباب المسلمين علي سلوك طريق الصالحين
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وانت تجعل الحزن اذا شئت سهلا
هذا سعيد بن المسيب سيد التابعين وقد ذكر العلماء انه افضل التابعين علما وعملا
يقول عن نفسه وقارب الثمانين
سلام بن مسكين: حدثنا عمران بن عبد الله الخزاعي، قال: قال سعيد بن المسيب: ما خِفْتُ على نفسي شيئا مخافة النساء، قالوا: يا أبا محمد، إن مثلك لا يريد النساء، ولا تريده النساء. فقال: هو ما أقول لكم. وكان شيخا كبيرا أعمش (منقول)
خوفه من فتنة النساء:-.
عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، أنه قال: قد بلغت ثمانين سنة وما شيء أخوف عندي من النساء.
عن ابن زيد، عن سعيد بن المسيب أنه قال: قد بلغت ثمانين سنة ولا شيء أخوف عندي من النساء وكان بصره قد ذهب.
عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال: ما أيس من الشيطان من شيء إلا أتاه من قبل النساء، وقال: أخبرنا سعيد وهو ابن أربع وثمانين وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعشو بالأخرى: ما شيء أخوف عندي من النساء. (منقول لمحات سعيد بن المسيب ... لمحات من حياته!!
محمد محمود عبد الخالق)
اخواني سيد التابعين في خير القرون يخاف فلما لا نخاف
فكيف نحن في هذ القرن!
اللهم انا نعوذ بك من فتنة النساء
ـ[أبو آثار]ــــــــ[14 - 06 - 07, 10:17 ص]ـ
لقد خاف سعيد بن المسيب على نفسه من فتنة النساء لكنه لم يقع فيها وهذا حال السلف
انهم كانوا يخافون على انفسهم حتى من الشرك وسوء الخاتمة مع كثرة اجتهادهم وطاعاتهم لله
وفتنة النساء قد قال عنها المصطفى انها اضر فتنة على الرجال ولكن من يتحرى الخير يعطه ومن
يتوق الشر يوقه
والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا
من علامات ثقة العبد بربه ان يعلم انه ماحرم عليه شيء الا لخبثه وانه ما احل له شيء الا لطيبه
ومع ذلك هو يجازي اعظم الجزاء على ترك الخبيث فيبدله في الدنيا والاخرة ما هو اطيب وانفع مع
رضاه وتوفيقه لعبده المؤمن
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 03:28 م]ـ
اسمحوا لي يا إخوتي إذا خرجت قليلا عن الموضوع أظن يا أخي أبو حمزة أن سيد التابعين و خيرهم هو أويس حيث روى مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال:"إن خير التابعين رجل يقال له أويس. وله والدة. وكان به بياض. فمروه فليستغفر لكم".
ـ[عبدالرحمن الخطيب]ــــــــ[14 - 06 - 07, 03:55 م]ـ
1 - الزواج فإن لم يستطع
2 - أ ـ غض البصر. ب ـ الصوم. ج ـ الرياضة.
ـ[أبو المجاهد السكندري]ــــــــ[14 - 06 - 07, 05:19 م]ـ
اسمحوا لي يا إخوتي إذا خرجت قليلا عن الموضوع أظن يا أخي أبو حمزة أن سيد التابعين و خيرهم هو أويس حيث روى مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال:"إن خير التابعين رجل يقال له أويس. وله والدة. وكان به بياض. فمروه فليستغفر لكم".
صدقت جزاك الله خيرا
لا فُض فوك و لاعاش من يهجوك
ـــــــــــــــ
لا ينبغي السكوت عن حقوق السلف
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/406)
ـ[أبو المجاهد السكندري]ــــــــ[14 - 06 - 07, 05:28 م]ـ
1 - الزواج فإن لم يستطع
2 - أ ـ غض البصر. ب ـ الصوم. ج ـ الرياضة.
صدقت لكن حبذا لو كان قبل الرياضة طلب العلم
ــــــــــ
ـ[أبو المجاهد السكندري]ــــــــ[14 - 06 - 07, 05:37 م]ـ
القرآن يا أمة القرآن
" إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم"
جزء يوميا
وإن تزد خير لك
ـ[أبو المجاهد السكندري]ــــــــ[15 - 06 - 07, 01:12 ص]ـ
قلنا قراءة القرآن و تدبره و المحافظه علي ورد يوميا
و نزيد فنقول المواظبة علي أذكار الصباح و المساء
بالمواظبة علي ذلك
يزيد الإيمان وبالتالي يقل في القلب حب المعصية فيصبح العبد من الذين قال الله فيهم
" حبب إليهم الإيمان و زينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر و الفسوق و العصيان "
و أيضا طلب العلم بإخلاص
سهري لتنقيح العلوم ألذ لي ــــــــــ من وصل غانية وطيب عناق
يامن يحاول بالأماني رتبتي ـــــــــــ كم بين مستفل وآخر راقي
أأبيت سهران الدجى وتبيته ــــــــــ نوما وتبغي بعد ذاك لحاقي
ـ[أبو المجاهد السكندري]ــــــــ[15 - 06 - 07, 02:00 ص]ـ
قلنا قراءة القرآن و تدبره و المحافظه علي ورد يوميا
و نزيد فنقول المواظبة علي أذكار الصباح و المساء
بالمواظبة علي ذلك
يزيد الإيمان وبالتالي يقل في القلب حب المعصية فيصبح العبد من الذين قال الله فيهم
" وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) "
و أيضا طلب العلم بإخلاص
سهري لتنقيح العلوم ألذ لي ــــــــــ من وصل غانية وطيب عناق
يامن يحاول بالأماني رتبتي ـــــــــــ كم بين مستفل وآخر راقي
أأبيت سهران الدجى وتبيته ــــــــــ نوما وتبغي بعد ذاك لحاقي
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[15 - 06 - 07, 02:40 ص]ـ
اسمحوا لي يا إخوتي إذا خرجت قليلا عن الموضوع أظن يا أخي أبو حمزة أن سيد التابعين و خيرهم هو أويس حيث روى مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال:"إن خير التابعين رجل يقال له أويس. وله والدة. وكان به بياض. فمروه فليستغفر لكم".
"ابتسامة"
جزاكم الله خيرا
سيد التابعين علما فهو سعيد بن المسيب
اما خيرهم فهو أويس كما ذكرتم
للفائدة:
وقد ذكر الإمام محي الدين النووي رحمه الله في شرحه علي الحديث
"قوله صلى الله عليه وسلم: (إن خير التابعين رجل يقال له أويس إلى آخره)
هذا صريح في أنه خير التابعين , وقد يقال: قد قال أحمد بن حنبل وغيره: أفضل التابعين سعيد بن المسيب , والجواب أن مرادهم أن سعيدا أفضل في العلوم الشرعية كالتفسير والحديث والفقه ونحوها , لا في الخير عند الله تعالى. وفي هذه اللفظة معجزة ظاهرة أيضا" (انتهي من كلام الإمام النووي)
وقال الإمام السيوطي رحمه
وَخَيْرُهُمْ أُوَيْسٌ أَمَّا الأَفْضَلُ:***** فَابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَكَانَ الْعَمَلُ
هذه محاضرة للشيخ الصالح (نحسبه ذلك والله حسيبه)
الشيخ العلامة محمد مختار الشنقيطي
النجاة من المعاصي: يذكرها الأمور التي تعين علي النجاة من المعاصي يعددها الشيخ ...
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=11687
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[15 - 06 - 07, 05:23 ص]ـ
بالاضافة لما ذكره الاخوة .. فثمة امر مهم يحسن استحضاره ..
هو ان المرء يبتلى ويفتتن بقدر تعرضه للفتن وعدم توقّيها واتقاء الله في نفسه!
فمن كان مطوافا في الاسواق ليس كمثل حلس بيته، ومن كان في لياليه مع القران ليس كمثل من يفتن نفسه بمشاهدة الفضائيات!!!
فالمرء يفتتن بقدر تعريض نفسه وقلبه على الفتن .. ولذا اذا لم يشعر المتزوجون بالعفة من زوجاتهم فليراجعوا انفسهم قبل اتهام زوجاتهم!!
هل في النفس شيء من هواها الذي افتتنت به!
فان كان فالاعفاف في هذه الحال مفقود بين الزوج واهله!!
والسبب واضح: هو تشرّب القلب المفتون بما يعرض عليه من دواعي الهلاك ..
ولا يستغرب ان نجد بعض الازواج يشاهدون تلفزة الفساد او صور الخلاعة في الصحف او المجلات، ويستديمون ذلك ... فيورثهم جفوة مع زوجاتهم!
ولا حول ولا قوة الا بالله ... ومن احب الاستزادة فليقرأ ما سطره العلماء في مسبِّبات العشق والتعلق بالصور .. فانه من صميم ما ابتلي به الناس قديما وحديثا.
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[16 - 06 - 07, 10:31 ص]ـ
ينبغي أن يبتعد عن مواطن الفتن كالأسواق وغيرها من الأماكن المختلطة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[16 - 06 - 07, 11:59 ص]ـ
زيادة على ما قالوا الاخوة:
- الابتعاد عن المجلات والجرائد لفحشهما هذا الوقت , حتى ولو كان يريد قراءة الأخبار فقط.
وكذلك التلفاز طبعا من باب أولى.
ـ[أبوالحسين الدوسري]ــــــــ[16 - 06 - 07, 01:51 م]ـ
اخي الكريم هناك محاضره قيمه للشيخ المنجد بعنوان (كيف تروض نفسك) يستفاد منها كثيرا في هذا الجانب.
أسال الله أن يحمينا واياكم من شر الفتن ماظهر منها وبطن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/407)
ـ[توبة]ــــــــ[17 - 06 - 07, 12:16 ص]ـ
............................... الله المستعان
فتنٌ كليلٍ مظلمٍ يندى لها****منا الجبينُ فنارها تتسعرُ
إن عُدّت الفتنُ العظامُ فإنّما****فتن النساء أشدهن وأخطرُ
ولكني أذكرك يا أخي أن من أعظم الجهاد جهاد النفس ومغالبة الهوى،فأبشربقول الله عز وجل:
{والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} العنكبوت / 39
واليك هذا الرابط فقد جمع جلّ ما جاء في نصائح الإخوة جازاهم الله خيرالجزاء،
[ http://www.islam-qa.com/index.php?ref=33651&ln=ara
ـ[عبدالله نيلا الألباني]ــــــــ[22 - 06 - 07, 11:32 م]ـ
و أزيدك يا أخي فوق ما ذكر من الزواج و الصيام و الرياضة إنتظام الأكل.
فعليه أن يسأل عطارا موثوقا عن أطعمة تبرد الجسم و تقلل من شهوته و لكن حذاري أن يؤدي به إلى العقم أو العنة. و لا بد من الإبتعاد عن اللحم و جميع الأطعمة التي تساعد في رفع الشهوة. فهذا جيد و الله تعالى أعلم.
و عليه بكثرة الدعاء و السعي للزواج(79/408)
ماهي أفضل المجلات الاسلامية للاسرة
ـ[أبو معاويه الجنوبي]ــــــــ[11 - 06 - 07, 07:16 م]ـ
أتمنى أن تفيدونا:
فكرت أن أشترك في إحدى المجلات التى يستفاد منها العلم والتربية والأسرة وغير ذلك:
أريد أن أشترك في مجلة خاصة بالاسرة ومجلة خاصة وممتعة للاطفال وكذلك للفتيات خاصة وكذلك للفتيان والشباب.
تعرف أن بعضهم لا يحبون القراءة ونريد أن نشوقهم ببعض المجلات الهادفة المفيدة.
بارك الله فيكم(79/409)
رضاع الموظف ليست بأول سقطات عزت علي عطية! كتابه في "البدعة" والرد عليه
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[11 - 06 - 07, 07:26 م]ـ
الحمد لله
قال الشيخ سعيد بن ناصر الغامدي وفقه الله:
أما كتاب (البدعة تحديدها موقف الإسلام منها) للدكتور عزت علي عطية: فأصله رسالة دكتوراه تقدم بها المؤلف بجامعة الأزهر، وهو يمثل الأسلوب الحديث في التأليف والبحث والدراسة.
وقد بدأه المؤلف بتقديم، ذكر فيه اطلاعه على المؤلفات في البدعة وتناولها مبتدئاً بالبدع والنهي عنها لابن وضاح، ثم كتاب الطرطوشي ثم الباعث لأبي شامة، ثم الاعتصام للشاطبي، ثم الإبداع لعلي محفوظ وغيرها ...
و أزرى بهذه المؤلفات، وذكر أن قلة اعتمادهم على الحديث النبوي الصحيح أدى إلى اختلال قواعدهم ...
ثم ذكر أنه سار في هذا الكتاب بعقلية متجردة، وأن ما اقتنع بأنه الحق من خلال الدراسة المتأنية للنصوص، والفحص المدقق لآراء العلماء، أخذ به وقرره.
ثم بين أن هذا الكتاب يقوم على مقدمة وتمهيد وأربعة أبواب.
أما المقدمة فقد سبق ذكر شيء ٍ منها.
وأما التمهيد فيشتمل على فصلين:
الفصل الأول: عن نشأة البدع في الإسلام، وفيه أجمل الكلام عن العصر النبوي وعصر الشيخين، ثم تكلم عن عهد عثمان وبداية تحرك الفتنة، وما حصل من ابن سبأ، وأفاض في الكلام عنه.
الفصل الثاني: في الحث على التباع السنة والتحذير من البدعة، وفيه ساق الآيات، ثم أتبعها بالأحاديث والآثار الدالة على هذا المعنى.
...
...
أما الملاحظات التي تؤخذ على كتاب البدعة للدكتور علي عزت عطية، فهي ما يلي:
1. المؤلف هيأ كتابه منذ البداية لتسويغ رأيه في حسن بعض البدع وذلك باعتراضه الخشن على كتاب الاعتصام، والإشارة إلى وجود ما هو حسن من المحدثات.
2. يكاد يكون الكتاب في مجموعه العام، ومن خلال التعريفات والتقسيمات ومناقشة الآراء وغير ذلك، إنما جاء لتقرير قول من حسّن بعض البدع.
3. نفيه لوصف المضاهاة الذي جعله الشاطبي من أوصاف البدعة، حين قال: (طريقة في الدين مخترعة، تضاهي المشروع، يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية).
وسبب نفي الدكتور عزت عطية لوصف المضاهاة الذي اشترطه الإمام الشاطبي، وقاله جملة من العلماء: أنه ممن يقول بحسن بعض البدع، ولا يعتبر أن كل بدعة ضلالة، وستأتي مناقشة نفيه لو صف المضاهاة عند الكلام عن التعريف الاصطلاحي للبدعة.
4. من أكبر الأخطاء التي قام عليها الكتاب تأصيلا ً وتمثيلا ً، أنه بعد ذكر الأحاديث والآثار التي توهم أنها تفيد بمفهومها انقسام البدعة في نظر الشارع إلى حسنة وسيئة، قال:
( ... وهو بمفهومة يفيد أن من البدع ما ليس بضلالة، وهو ما لا يقابل السنة الحسنة بل يساويها ويكون مثلها ... ).
وقال: ( ... البدعة التي عمم الرسول – صلى الله عليه وسلم – وصفها بالضلالة هي البدعة المصادمة للسنة، المخرجة عن الاتباع، وذلك لا ينفي أن من البدع ما لا يخالف السنة، أو ما ليس بضلالة، وهو البدعة الحسنة ... ).
وهذا القول تقرير ٌ للمبدأ الذي دخل منه سائر أهل الابتداع، وتكريس للمفهوم البدعي في النظر إلى البدعة.
فهو مخالف للنصوص الشرعية الكلية، الجامعة المانعة، ومخالف لأقوال أهل السنة والجماعة، وسيأتي ذكر هذه المسألة والتفصيل فيها عند ذكر شبه المحسنين للبدع في الفصل الثالث من الباب الأول.
5. ومن الأخطاء الكبيرة الشائعة في هذا الكتاب والمنبنية على الخطأ السالف قوله بالحسن في بعض البدع، واعتناؤه بهذه المسألة تأصيلا ً وتدليلا ً وتمثيلا ً.
وسيأتي الرد على شبهات المحسنة.
6. نقله عن الشاطبي، ثم إضافة بعض الكلام من عنده، مما يوهم أنه للشاطبي.
7. قوله: ( ... البدعة في نظر الشرع إذا أطلقت عن التقييد بوصف أو إضافة أو غيرها، لا تدل إلا على ما هو مخالف للشرع، ولا يقصد بها غير ذلك فيه ... ).
وهذا القول فيه إجمال، فإن كان مراده بأن البدعة الشرعية لا تكون إلا فيما نهى عنه الشرع بخصوصه فهذا غير صحيح.
وإن كان مراده أن البدعة من أوصافها المخالفة للشرع فهذا صحيح.
8. جعل المضاهاة من الأمور المشتركة بين البدع والمعاصي يسوغ نفي اختصاص البدعة بوصف المضاهاة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/410)
وهذا القول فيه إجمال ٌ أيضا ً من حيث اشتراك البدع والمعاصي في وصف المضاهاة.
فالبدع من جنس المعاصي والمخالفات بلا شك، ولكن قصد القربة يميز بينهما، وقصد القربة نوع من المضاهاة، فأيما معصية عملها صاحبها قاصداً بها القربة فإنها تكون بدعة
9. قوله تحت عنوان: ما حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ( ... من هذه المحدثات ما أقره – صلى الله عليه وسلم –، بل استحسنه، ومثل هذه لا تعتبر بدعا ً على أي اتجاه من الاتجاهات الثلاثة في تعريف البدعة، بل هي قسم من أقسام السنة كما تقدم، وهو سنة الإقرار، ومن هذه المحدثات ما أنكره – صلى الله عليه وسلم – ورده على فاعليه، ومثل هذه المحدثات تعتبر بدعا ً على أساس كل الاتجاهات التي ذكرناها في تعريف البدعة).
وهذا الكلام في جملته صحيح، لولا أنه يوهم أن النبي صلى الله عليه وسلم استحسن بعض البدع، وشرعها، وأنكر بعض البدع وردها، وهذا المعنى يتوافق مع مراد المؤلف حين قسم البدع إلى حسن وقبيح.
ولو قبل هذا الكلام على إطلاقه، لقيل في كل الأمور الشرعية بمثل هذا القول، لأنها جديدة، وهل يقول مسلم إن النبي صلى الله عليه وسلم لما علم بما أحدثه بلال من إلزام المداومة على صلاة ركعتين بعد الوضوء استحسن هذه البدعة وأقرها؟!!.
اللهم إلا إن كان المراد بالبدعة والمحدثة هنا المعنى اللغوي فلا بأس ... أما قوله في المحدثات التي أنكرها النبي صلى الله عليه وسلم ورها بأنها تعتبر بدعا ً فليس على إطلاقه؛ لأن بعض الذي رده النبي صلى الله عليه وسلم يعتبر من المعاصي،كرده على الذي عير الآخر بأمه السوداء، وبعض الذي رده يعتبر من البدع، كرده على الثلاثة الذين تقالوا عبادته صلى الله عليه وسلم،ورده على من أراد الاختصاء، ونحو ذلك، و المميز بين الفعلين إرادة القربة بالعمل المحدث.
10. جعل الضرر في المصنوعات الحديثة وصفا ً يصح به إطلاق الابتداع على هذه المصنوعات، أي اعتبارها بدعا ً شرعية.
ولم يقل أحد من العلماء بأن كل ما فيه ضرر أو أدى إلى مفسدة يعتبر بدعة، لأن مسألة الضرر في المصنوعات الحديثة مسألة نسبية، وحتى الذي يتمحض فيه الإضرار لا يعتبر بدعة، إلا إذا عمله الشخص متقربا ً به إلى الله، أما إذا لم يكن هذا مقصده فإنه يكون قد ارتكب معصية لا بدعة.
11. قوله ( ... من العادات ما قيده الشارع بنظام خاص أو أسلوب معين، فالخروج عن ذلك بدعة – على ما اخترناه في تحديد مفهوم البدعة – لما في ذلك من إحداث ما خالف الشرع، كالأكل بالشمال بدلا ً من اليمين، ولبس الحرير والذهب للرجال ونحو ذلك).
وهذا رأي مجانب للصواب؛ لأن المخالفة الشرعية لا تسمى بدعة إلا إذا اقترن بها قصد القربة، أو كانت فعلا ً عباديا ً محضا ً لا يتصور فيه إلا قصد القربة.
ولو طرد هذا المفهوم الذي ذكره لاعتبرنا جميع المعاصي المنتشرة بين الناس بدعا ً، وهذا غير صحيح.
12. بعد أن ذكر قصة ابن مسعود مع الذين اجتمعوا على الذكر، وإنكاره عليهم، واعتباره الذكر الجماعي بدعة، جعل إنكار ابن مسعود وتبديعه لهؤلاء متوجها ً إلى كونهم من الخوارج، لا لأنهم ابتدعوا هذه الطريقة المحدثة في الذكر ...
وهذا الاستنتاج مناف ٍ للصواب، ومخالف لنص الخبر الوارد عند ابن وضاح، ومنه:
( ... ثم بلغه أنهم يجتمعون في ناحية من مسجد الكوفة يسبحون تسبيحا ً معلوماً، ويهللون ويكبرون، قال: فلبس برنسا ً ثم انطلق فجلس إليهم، فلما عرف ما يقولون رفع البرنس عن رأسه، ثم قال: أنا أبو عبد الرحمن، ثم قال: لقد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أو لقد جئتم ببدعة ظلماً ... ثم قال رجل من بني تميم، والله ما فضلنا أصحاب محمد ٍ علما ً ولا جئنا ببدعة ٍ ظلما ً ولكنا قوم نذكر ربنا، فقال: بلى، والذي نفس ابن مسعود بيده لقد فضلتم أصحاب محمد علما ً أو جئتم ببدعةٍ ظلما ً ... ) الخبر.
وفي البدع لابن وضاح بسنده أن ابن مسعود مر برجل يقص في المسجد على أصحابه هو يقول: سبحوا عشرا ً، وهللوا عشرا ً، فقال عبد الله: إنكم لأهدى من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أو أضل، بل هذه بل هذه، يعني أضل).
فأين في هذين الأثرين ذكر الخوارج؟ وصرف تبديع ابن مسعود لهؤلاء عن الذكر الجماعي تعسف يخالف ظاهر الأثر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/411)
أما قوله: بأن (القراء) لقب عرف به الخوارج قبل خروجهم، وتميزوا به عن غيرهم من صالحي المسلمين، ونسبته هذا القول إلى الباعث لأبي شامة ص 7 غير صحيح، من حيث إن هذا اللقب مختص بالخوارج، ومن حيث نسبة القول إلى الباعث لأبي شامة.
وإنما حاول المؤلف جعل كلام ابن مسعود متوجها ً نحو كون المجتمعين على الذكر من الخوارج، ليبرر قوله بتحسين المولد، والذكر الجماعي كما سيأتي، وأين ابن مسعود من زمن الخوارج، فقد توفي رضي الله عنه سنة 32 هـ، وخروج الخوارج سنة 37 هـ.
13. اعتراضه على الشاطبي حين جعل التزام هيئة معينة في وقت ٍ معين بذكر ٍ مخصوص من البدع.
وعد هذا القول من الأخطاء الواضحة، وعقب عليه بجعل الاجتماع على الذكر بصفة وهيئة غير محددة شرعا ً من الجائز بل المندوب،وقوله: بأن كثيرا ً من المجتهدين استحبها وأجازها، وهذا القول فيه مجاوزة.
ثم تأكيده مشروعية التزام الهيئات المعينة في الذكر، حتى ولو كانت غير مشروعة، وتلبيس ذلك بالمناقشات المخالفة للنصوص وأقوال السلف، والمناقضة لمفهوم البدعة عندهم، واستدلاله بفعل
عمر في التراويح على جواز ابتداع ما هو حسن – على حد تعبيره – مثل الاجتماع للذكر بهيئة معينة ولو لم تكن مشروعة.
14. استشهاده بفعل عمر في التراويح على أنه مظهر حسن من مظاهر هذه العبادة المندوبة أو المسنونة، وأن ما كان مثلها يقال فيه مثل الذي قيل في فعل عمر.
وهذا القول هو عين استدلال المحسنين للبدع، وهو فتح لأبواب البدع على مصاريعها .. نسأل الله العفو والعافية.
15. تأويله لإنكار ابن مسعود على أهل الذكر الجماعي المبتدع، بأنه نهى عن ذلك لخوفه عليهم من العجب، أو لئلا يظنون أنهم أهدى من الصحابة.
وقوله في إنكار ابن مسعود وغيره من السلف على مثل هذه البدع بأنها وقائع أحوال لا تفيد حكما ً عاماً.
وهذا التأويل مخالف لمنطوق النص ومفهومه، ومناقض لمراد السلف وطريقتهم في إنكار البدع، ومتناقض مع قوله السابق.
16. تجويزه التبرك بآثار الصالحين لأنه – حسب قوله – من باب الحب في الله، أما قطع عمر للشجرة، فعنده أنه واقعة حال، وأما ترك السلف لذلك فلأنهم اكتفوا برؤية النبي صلى الله عليه وسلم وهو حي، وأن الممنوع في التبرك هو ما يستدام كالخشب، و الحديد، والبناء، وغير ذلك من الاستدلالات التي زعم فيها أنه يرد على الشاطبي الذي عد التبرك بآثار الصالحين بدعة.
ولا شك أن تجويزه التبرك بآثار الصالحين من البدع عند أهل السنة والجماعية، الذين هم السلف الصالح وأتباعهم.
17. سلوكه طريقة الفلاسفة المتكلمين، واستشهاده بكلامهم تحت عنوان: قانون التأويل، وقد أتى فيه بشوب من الأقوال، وأخلاط من المبتدعات الكلامية وغيرها.
18. رده على شيخ الإسلام ابن تيمية في منع التوسل إلى الله بذوات أحد من المخلوقين، وقوله صراحة بجواز التوسل بذوات الصالحين، وتعسف الأدلة لإثبات جواز هذا الفعل المبتدع.
19. قوله باستحباب الاحتفال بالمولد النبوي، ورده على من اعتبره بدعة وشبه الأدلة التي تعلق بها لتبرير هذا العمل المبتدع.
هذه جملة المآخذ التي استطعت جمعها عن هذا الكتاب، وهناك مآخذ كثيرة في تخريج الأحاديث، وعزو النقولات، والتقسيم المنهجي للموضوع، أعرضت عنها خوف الإطالة ..
وأخشى أن يكون هذا الكتاب حجة للمبتدعين في تسويغ المبتدعات التي استحسنها المؤلف، أو وسيلة لفتح أبواب الابتداع في دين الله، وذلك بما طرحه من استدلالات وشبه وردود.
http://www.islameiat.com/fikreh/index.php?module=announce&ANN_user_op=view&ANN_id=441
تنبيه:
الملون بالأخضر مفيد في مسألة " الطلاق البدعي " التي طرحتها
ومن سيقرأ الكلام سيعرف المقصود منه
ـ[زياد عوض]ــــــــ[11 - 06 - 07, 07:39 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[12 - 06 - 07, 01:45 ص]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[12 - 06 - 07, 02:15 ص]ـ
جزاكما الله خيراً(79/412)
ما معنى قولهم: لفظ " سرياني "؟
ـ[ابن الحميدي الشمري]ــــــــ[12 - 06 - 07, 12:41 ص]ـ
ما معنى قولهم: لفظ " سرياني "؟
.
.
.
ـ[أحمد محمود الأزهري]ــــــــ[12 - 06 - 07, 01:03 ص]ـ
لفظ سُرياني: أي من اللغة السريانية.
والأبجدية السريانية مستعملة في كتابة تلك اللغة، وقد يستعملها الرهبان لكتابة العربية والماليالمية في الهند، وأصلها الأبجدية الآرامية العتيقة.
وفي الصحاح: إيلُ: اسمٌ من أسماء الله تعالى، عبرانيّ أو سُريانيّ. وقولهم: جبرائيل وميكائيل، إنَّما هو كقولهم: عبدُ الله وتَيْمُ الله.
وفي العباب الزاخر واللباب الفاخر: وعيسى اسم عبراني أو سُرياني.
ـ[ابن الحميدي الشمري]ــــــــ[12 - 06 - 07, 12:48 م]ـ
أخي الأزهري، و رزقك الإخلاص في القول والعمل .. آمين
.
.
لي سؤال مبني على ما سبق: ما هي الآلية التي أستعين بها؛ إن أردت البحث عن مثل هذه المسألة؟
.
.
ـ[أحمد محمود الأزهري]ــــــــ[12 - 06 - 07, 04:10 م]ـ
جزاك الله خيرًا أخي الكريم ابن الحميدي الشمري،،،
1 - لعل أحد إخواننا السوريين في المنتدى المبارك يزيدنا معرفة حول هذا الموضوع؛ حيث إن أصلهم سرياني، وكانت السريانية لغتهم.
2 - ستجد بغيتك في كتب علم اللغة، خاصة ما تناول منها التعريب والمعربات، وللأسف ليس تحت يدي الآن ما يفيدك عن كتب علم اللغة التي تناولت هذا الموضوع بالبحث.
3 - كما ستجد كثيرًا من هذه الألفاظ في ثنايا المعاجم العربية كما ذكرتُ لك في المشاركة السابقة.
4 - وأخيرًا، أهيب بك أن تطرح موضوعك هذا في منتدى اللغة العربية، ولو فعلت ستجد بغيتك إن شاء الله، حيث يجيبك من هم أعلم مني بإذن الله.
ـ[مصلح]ــــــــ[14 - 06 - 07, 06:35 م]ـ
يا أبا عبدالله الشمري:
أنت من العلامة ((قووووقل))؟؟؟
ـ[ابن الحميدي الشمري]ــــــــ[16 - 06 - 07, 05:45 ص]ـ
وهذا العلامة أين يدرس، فأنا في الرياض الان، ويبدو أنه أعجمي؟!
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
(ابتسامة)!!
ـ[ابن الحميدي الشمري]ــــــــ[28 - 07 - 07, 01:09 ص]ـ
يرفع شكرًا لله بعد المن والعودة.
.
ـ[أبو الفضل مهدي المغربي]ــــــــ[29 - 07 - 07, 03:51 ص]ـ
يقول بعض علماء اللسانيات أن اللغة العربية واللغة السريانية واللغة العبرية كأنهن من جنس واحد أو بعبارة أدق هن من منبع واحد، ويستدلون بأمور لا تخلو من انتقاد ولعل من أهمها ما ذكره لي أحد أساتذتي في النحو حيث قال لي أن في الإنجيل الذي باللغة السريانية قولة يعزيها النصارى إلى نبي الله عيسى عليه السلام وهي قوله:
'' إلي إلي لما صبجتني '' ومعناها: '' إلهي إلهي لما صلبتني أو (لما تركتني) ''
فإذا تمعنت جيدا ستجد أن الفرق بين اللغة السريانية واللغة العربية ما هو إلا بضعة حروف تضاف أو تغير.
ولهذا إذا قرأت كتابا باللغة السريانية قد تخرج بفائدة منه من خلال السياق.
وكذلك هو الشأن بالنسبة للغة العبرية.
ـ[ابن الحميدي الشمري]ــــــــ[21 - 08 - 07, 10:06 م]ـ
يرفع رفع الله قدر المشاركين فيه (آمين)
ـ[ابو عبدالرحمن العكروش]ــــــــ[22 - 08 - 07, 06:12 م]ـ
قال ياقوت الحموي في معرض كلامه عن المدينة (حلب) وقد نشرته في مشاركة لي في منتدى السيرة والتاريخ، قال: كثيراً من كلامهم - أي: السريانيين - يشبه كلام العرب لا يفارقه إلا بعجمة يسيرة كقولهم: (كهنم) في (جهنم).(79/413)
هل هذه العبارة من قول ابن القيم -رحمه الله-
ـ[عبدالعزيز الصقيري]ــــــــ[12 - 06 - 07, 04:06 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
.
هل هذه العبارة من قول ابن القيم -رحمه الله-
.
.
"من كان همه ما يأكله كان قيمته ما يخرجه"(79/414)
الصداقة بين الرجل والمراة
ـ[عامي]ــــــــ[12 - 06 - 07, 09:19 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا موضوع مهم جدا وارى ان فيه خلط كبير بين الناس
في واقع الحياة التي نعيشها قل ما نجد مكان لا يعمل فيه النساء مع الرجال وبحكم العادة من رؤية الرجل لزملائه من نساء او رجال يتعود على الكلام معهم ولا اتكلم عن الكلام الغير مباح
وهناك خاطرة او تساؤل هل هذا الرجل على فرض انه متزوج يستطيع ان يقول بانه قد بنى في نفسه ما يمنعه من النظر لتلك الزميلة المتزوجة او العزباء كما ينظر الى امراة قد تعجبه ان كان الاعجاب في الفكر او الجمال او غيره؟
هل تستطيع المراءة فعل الامر نفسه؟ وتقول لنفسها ولغيرها بان هذا فلان زميل عمل او صديق ولا يخرج الامر اكثر من ذلك؟
وارجو ممن لديه العلم ان ياتي بامثلة من حياة النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة الكرام فيما يخص تعامل النساء مع الرجال ان كان في مجال العمل او السوق او غيره
وجزيتم كل خير
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[12 - 06 - 07, 03:57 م]ـ
؟؟؟؟؟
ـ[أبو عبد الله بن عبد الله]ــــــــ[13 - 06 - 07, 05:29 ص]ـ
أخي الكريم:
إن المرأة بالنسبة للرجل فتنة عظيمة، ولئن كان شيء من ذلك في عملك، فعليك التحفظ مع النساء قدر المستطاع، وبقدر الحاجة من غير توسع في ذلك.
قال صلى الله عليه وسلم: " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء "
ـ[محمد صبحي]ــــــــ[17 - 06 - 07, 03:02 م]ـ
بترول ونار(79/415)
الإمام ابن حبان والأصول.
ـ[أبوعائشة الحضرمي]ــــــــ[12 - 06 - 07, 02:22 م]ـ
أيها الإخوة الأفاضل:
للإمام ابن حبان رحمه الله مقدمة أصولية في أول كتابه الصحيح، هل درست؟(79/416)
هل لبس رخيص الثمن من الثياب من الزهد؟ ضوابط ومسائل مهمة
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[12 - 06 - 07, 03:34 م]ـ
هل لبس رخيص الثمن من الثياب من الزهد؟ ضوابط ومسائل مهمة
سؤال:
1. كثيراً ما تجادلني زوجتي حول ثيابي، حيث إني أقوم بخياطتها ورقعها أحياناً، ولا ألبس غالي الأثمان إطلاقاً، بل دائما أشتري ما هو رخيص من الثياب، فثيابي بالية نوعاً ما، وكثيراً ما يقال لي إن ذلك يعطي صورة سيئة عن " الملتزمين "، وأنا أفعل ذلك من باب الزهد، وأسوة بنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، ولا ننسى قصة عمر رضي الله عنه وقميصه، فما الحل؟ وخاصة أننا نعلم أن في هذا الزمان من لا يعلم معنى الزهد، فأنا لا ألبس الساعات الغالية، ولا أشتري أقلاماً وأي تحف، من جهة أخرى: فإن عملي كموظف بنك يتطلب أن أكون في قمة الأناقة، أرشدوني، وكيف نوفق بين ذلك وبين أن هناك من الصحابة (لا أذكره) رضوان الله عليهم من كان إذا لبس الأبيض والجديد استبشر به الرسول الكريم. 2. أنا لا ألبس الجيد من النعال، حيث إني أذكر أنه عن عمر رضي الله عنه عندما نصح أحد الصحابة باستبدال نعله المريح بآخر رخيص، ولكن إن فعلت ذلك فسوف تقسو قدمي، وأتهم بعدم الاهتمام بمنظري، وأني مخالف، وكيف نوفق مع مدخل الرياء في هذا المطلب؟ وهل يعد ذلك إيذاءً للنفس - وبخاصة أنه مثلا في الشتاء لا أتكلف بتدفئة نفسي، بل لا أمانع من التعرض للبرد للإحساس وتذكر الفقراء -؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
قولك عن نفسك إنك " تعمل في بنك ": إن كان هذا البنك من البنوك الربوية: فلا يحل لك العمل به، ولو في أي وظيفة فيه.
وقد ذكرنا في هذا في الموقع فتاوى متعددة في حكم العمل في البنوك الربوية، وأنه حرام، ولا يجوز العمل بها، فانظر أجوبة الأسئلة: (21113 ( http://www.islam-qa.com/index.php?ref=21113&ln=ara) ) و (26771 ( http://www.islam-qa.com/index.php?ref=26771&ln=ara) ) .
ثانياً:
ثمة حقائق وأحكام لا بدَّ لك من الوقوف عليها لتعلم ما أخطأت فيه وما أصبتَ:
1. خير الهدي هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد لبس من أنواع الثياب، وكان يتجمل للوفود، ولصلاة العيد، ولصلاة الجمعة، وندب للتجمل لها، وأقرَّ من رغب أن يكون ثوبه حسناً، ورغَّب بظهور أثر نعمة الله على عباده، مع تواضع تام، وزهد شرعي، وهذا أكمل الهدي لمن اقتدى به صلى الله عليه وسلم.
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَأَى عُمَرُ عُطَارِدًا التَّمِيمِيَّ يُقِيمُ بِالسُّوقِ حُلَّةً سِيَرَاءَ وَكَانَ رَجُلًا يَغْشَى الْمُلُوكَ وَيُصِيبُ مِنْهُمْ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَأَيْتُ عُطَارِدًا يُقِيمُ فِي السُّوقِ حُلَّةً سِيَرَاءَ فَلَوْ اشْتَرَيْتَهَا فَلَبِسْتَهَا لِوُفُودِ الْعَرَبِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ وَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ - (وفي رواية " والعيد ") - فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ. رواه البخاري (846) ومسلم (2068).
حُلة: ثوب من قطعتين.
سيراء: مخطط بالحرير.
لا خلاق: لا نصيب ولا حظ.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ: (مَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ سِوَى ثَوْبِ مِهْنَتِهِ). رواه ابن ماجه (1095) وصححه البوصيري، والألباني في " صحيح ابن ماجه ".
والشاهد من الحديث إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه على قوله بالتجمل منه صلى الله عليه وسلم للوفود والجمعة والعيد، وهذا هو واقعه صلى الله عليه وسلم، وإنما أنكر النبي صلى الله عليه وسلم كونها من حرير.
والحديث: بوَّب عليه البخاري قوله " باب من تجمَّل للوفود ".
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
وشاهد الترجمة منه: قول عمر " تجمَّل بها للوفود "، وأقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.
" فتح الباري " (10/ 501).
وقال بدر الدين العيني – رحمه الله -:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/417)
المطابقة – أي: مع ترجمة البخاري - تُفهم من كلام عمر رضي الله عنه؛ لأن عادة النبي صلى الله عليه وسلم كانت جارية بالتجمل للوفد؛ لأن فيه تفخيم الإسلام، ومباهاة للعدو، وغيظا لهم غير أن النبي هنا أنكر على عمر لبس الحرير بقوله إنما يلبس الحرير مَن لا خلاق له، ولم ينكر عليه مطلق التجمل للوفد، حتى قالوا: وفي هذا الحديث لبس أنفس الثياب عند لقاء الوفود.
" عمدة القاري " (22/ 147).
2. لك أن تلبس ملابس رخيصة الثمن، لكن ليس لك أن تلبس ملابس بالية ومرقعة، فالثياب البالية المرقعة ممنوعة في حقك من جهات متعددة:
أ. أنها قد تكون ثياب شهرة.
عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ الله يَوْمَ القِيَامَةِ ثَوْباً مِثْلَه). وفي رواية بزيادة (ثُمَّ تَلهبُ فِيهِ النَّار)، وفي رواية أخرى (ثَوْبَ مَذَلَّة). رواه أبو داود (4029) وابن ماجه (3606) و (3607)، وحسَّنه الألباني في " صحيح الترغيب " (2089).
وليس ثوب الشهرة هو الثوب الغالي الثمن فقط، كما يظن بعض الناس، بل قد يكون الثوب البالي إذا كان اللابس يجد غيره مما هو أفضل منه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
وتكره الشهرة من الثياب، وهو المترفع الخارج عن العادة، والمتخفض الخارج عن العادة؛ فإن السلف كانوا يكرهون الشهرتين: المترفع والمتخفض، وفى الحديث " من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة "، وخيار الأمور أوساطها.
" مجموع الفتاوى " (22/ 138).
وقال – رحمه الله -:
والثوب الذي هو للشهرة: هو الثوب الذي يُقصد به الارتفاع عند الناس، وإظهار الترفع، أو التواضع والزهد.
" مختصر الفتاوى المصرية " (2/ 50).
ب. أنها مخالفة لشكر نعمة الله تعالى عليك، وإظهار تلك الثياب فيه ادعاء الفقر والشكوى من الله!
عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِيهِ مَالِكٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ أَمُرُّ بِهِ، فَلاَ يُضَيِّفُنِي وَلاَ يَقْرِينِي، فَيَمُرُّ بِي فَأَجْزِيهِ؟ قَالَ: لاَ بَلْ اقْرِهِ. قَالَ: فَرَآنِي رَثَّ الثِّيَابِ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ مَالٍ؟ فَقُلْتُ: قَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ كُلِّ الْمَالِ مِنَ الإِِبِلِ وَالْغَنَمِ، قَالَ: فَلْيُرَ أَثَرُ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْكَ. رواه أبو داود (4063) وأحمد (17231) – واللفظ له -، وصححه الأرناؤط والألباني.
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في معنى الحديث -:
يلبس ثيابا تليق بحاله من النفاسة والنظافة؛ ليعرفه المحتاجون؛ للطلب منه، مع مراعاة القصد، وترك الإسراف.
" فتح الباري " (10/ 260).
ج. أنك تقدِّم للمتربصين فرصة للطعن بالملتزمين، وبسلوكهم، وبأفعالهم.
د. أن هذا الفعل ليس من هدي سلف الأمة، وإنما كانوا يرقِّعون ثيابهم للضرورة.
هـ. أن فيه تشبهاً بالضالين من أهل التصوف والمخرقة، الذين يحرمون ما أحل الله ادعاءً للزهد.
قال القرطبي – رحمه الله -:
قال أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله:
وأنا أكره لبس الفُوط والمرقعات لأربعة أوجه:
أحدها: أنه ليس من لبس السلف، وإنما كانوا يرقعون ضرورة.
والثاني: أنه يتضمن ادعاء الفقر، وقد أُمر الإنسان أن يُظهر أثرَ نِعَم الله عليه.
والثالث: إظهار التزهد، وقد أُمرنا بستره.
والرابع: أنه تشبه بهؤلاء المتزحزحين عن الشريعة، ومَن تشبه بقوم فهو منهم.
وقال الطبري: ولقد أخطأ من آثر لباس الشَّعر، والصوف على لباس القطن، والكتان، مع وجود السبيل إليه من حلِّه.
" تفسير القرطبي " (7/ 197).
3. لا يحل لك أن تحرم على نفسك شيئا من زينة اللباس ونحوه، مما أحله الله لك، ولو كان نفيسا غالي الثمن، أو تتركه تركا مطلقا، تقرباً إلى الله تعالى بهذا الترك.
قال تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) الأعراف/ 32.
قال القرطبي – رحمه الله -:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/418)
دلت الآية على لباس الرفيع من الثياب، والتجمل بها في الجمع، والأعياد، وعند لقاء الناس، ومزاورة الإخوان.
قال أبو العالية: كان المسلمون إذا تزاوروا تجمَّلوا.
" تفسير القرطبي " (7/ 196).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
ومن امتنع عن نوع من الأنواع التي أباحها الله على وجه التقرب بتركها: فهو مخطئ، ضالٌّ.
" مجموع الفتاوى " (22/ 137).
وقال – رحمه الله -:
وكذلك اللباس: فمَن ترك جميل الثياب بُخلاً بالمال: لم يكن له أجر، ومَن تركه متعبِّداً بتحريم المباحات: كان آثماً.
" مجموع الفتاوى " (22/ 138).
4. إذا لبستَ ما أباحه الله لك من الثياب مظهراً لنعمة الله عليه: فإنك مأجور على ذلك، ولو كانت ثيابك في غاية النفاسة والرفعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
ومن تناول ما أباحه الله من الطعام واللباس مُظهراً لنعمة الله، مستعيناً على طاعة الله: كان مُثاباً على ذلك.
" مجموع الفتاوى " (22/ 137).
وقال – رحمه الله -:
ومَن لبس جميل الثياب إظهاراً لنعمة الله واستعانة على طاعة الله: كان مأجوراً، ومَن لبسه فخراً وخيلاء: كان آثماً؛ فإن الله لا يحب كل مختال فخور.
" مجموع الفتاوى " (22/ 139).
وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله -:
لبس الدنيِّ من الثياب يذمّ في موضع، ويحمد في موضع: فيُذم إذا كان شهرة وخيلاء، ويُمدح إذا كان تواضعاً واستكانةً، كما أن لبس الرفيع من الثياب يُذمّ إذا كان تكبّراً وفخراً وخيلاء، ويُمدح إذا كان تجملاً وإظهاراً لنعمة الله.
" زاد المعاد " (1/ 146).
وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:
والذي يجتمع من الأدلة: أنَّ مَن قصد بالملبوس الحسن إظهار نعمة الله عليه، مستحضراً لها، شاكراً عليها، غير محتقر لمن ليس له مثله: لا يضره ما لبس من المباحات، ولو كان في غاية النفاسة، ففي صحيح مسلم عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة مِن كِبْر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، فقال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس)، وقوله (وغَمْط) بفتح المعجمة وسكون الميم ثم مهملة: الاحتقار.
" فتح الباري " (10/ 259، 260).
5. لا يُلزم المسلم بشراء الثياب الغالية الثمن، بل قد يُنهى عنه إذا كان لا يجد المال الذي يشتري به، أو إذا قصد الفخر والخيلاء، وقد يؤجر على تركه شراء تلك الثياب بشرطين:
أ. أن يكون ذلك الترك للشراء تواضعاً لا بُخلاً.
ب. أن لا يلتزم الترك مطلقاً، بل يشتريها أحياناً لمناسبة زواج، أو غيرها، أو إذا أُهديت له، والمهم أن لا يلتزم ترك لباسها مطلقاً.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
ومَن ترك لبس الرفيع من الثياب تواضعاً لله، لا بخلاً، ولا التزاماً للترك مطلقاً: فإنَّ الله يثيبه على ذلك، ويكسوه مِن حلل الكرامة.
" مجموع الفتاوى " (22/ 138).
6. التوسط في الأمور حسن، فلِمَ تحصر نفسك بين منعها من الغالي من الثياب، وبين إلباسها البالي منها؟! وأين أنت من الثياب الوسط بينهما؟.
قال أبو الفرج ابن الجوزي: كان السّلف يلبسون الثّياب المتوسّطة، لا المترفّعة، ولا الدّون، ويتخيّرون أجودها للجمعة والعيدين وللقاء الإخوان، ولم يكن تخيّر الأجود عندهم قبيحاً.
انظر " تفسير القرطبي " (7/ 197) و " الموسوعة الفقهية " (6/ 139).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " والحق أن ملازمة استعمال الطيبات تفضي إلى الترفه والبطر، ولا يأمن من الوقوع في الشبهات؛ لأن من اعتاد ذلك قد لا يجده أحيانا، فلا يستطيع الانتقال عنه فيقع في المحظور، كما أن منع تناول ذلك أحيانا يفضي إلى التنطع المنهي عنه، ويرد عليه صريح قوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} كما أن الأخذ بالتشديد في العبادة يفضي إلى الملل القاطع لأصلها، وملازمة الاقتصار على الفرائض ـ مثلا ـ وترك التنفل يفضي إلى إيثار البطالة وعدم النشاط إلى العبادة، وخير الأمور الوسط. " انتهى من فتح الباري (9/ 106).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/419)
7. وليس كل ثوب رخيص الثمن يكون لبسه من الزهد، فأهل العلم والزهد لم يتعارض زهدهم مع اللباس الجيد الرفيع، ومن نظر للزهد على أنه في الثياب ـ فقط ـ فهو مخطئ، فترى الرجل يتمتع بأنواع الفرش في بيته والسيارات والمأكولات والمشروبات، ويحصر زهده في ثوبه ونعله! ولم يكن هذا هدي سلف هذه الأمة من العُبَّاد والزهَّاد والعلماء.
قال القرطبي – رحمه الله -:
وقد اشترى تميم الداري حلة بألف درهم كان يصلي فيها، وكان مالك بن دينار يلبس الثياب العدنية الجياد، وكان ثوب أحمد بن حنبل يُشترى بنحو الدينار.
أين هذا ممن يرغَب عنه، ويؤثر لباس الخشن من الكتان والصوف من الثياب!، ويقول: " ولباس التقوى ذلك خير " هيهات! أتَرى مَن ذكرنا تركوا لباس التقوى، لا والله! بل هم أهل التقوى، وأولو المعرفة والنُّهى، وغيرهم أهل دعوى، وقلوبهم خالية من التقوى.
" تفسير القرطبي " (7/ 196).
8. فإن قلتَ إن هذا من جهاد النفس! وإن أفعالنا إنما تكون لله لا للخلق!: فالجواب:
قال القرطبي – رحمه الله -:
إن قال قائل: تجويد اللباس هوى النفس، وقد أُمرنا بمجاهدتها، وتزينٌ للخلْق وقد أمرنا أن تكون أفعالنا لله لا للخلق!.
فالجواب:
ليس كل ما تهواه النفس يُذم، وليس كل ما يُتزين به للناس يكره، وإنما يُنهى عن ذلك إذا كان الشرع قد نهى عنه، أو على وجه الرياء في باب الدِّين.
فإن الإنسان يجب أن يُرى جميلاً، وذلك حظ للنفس لا يلام فيه، ولهذا يسرِّح شعرَه، ويَنظر في المرآة، ويسوِّي عمامته، ويلبس بطانة الثوب الخشنة إلى داخل، وظهارته الحسنة إلى خارج، وليس في شيء من هذا ما يكره، ولا يذم.
" تفسير القرطبي " (7/ 197).
9. اللباس غالي الثمن يكون – غالباً – أفضل للبدن، وأطول حياةً، هكذا الأمر بالنسبة للنعل، فإنه يكون أكثر راحة للقدمين، ويعمِّر طويلاً، فحرص المسلم على راحته وبذل الثمن المرتفع من أجل ذلك: لا يحرَّج عليه فيه.
10. وانظر أخي الفاضل لقلبك وتفقد أحوالك من حيث الأوامر والنواهي، وإياك أن تجعل ميزانك في قربك من ربك تعالى: قدَم ثيابك وترقيعها، ولذا كان بكر بن عبد الله المزني رحمه الله يقول: البسوا ثياب الملوك، وأميتوا قلوبكم بالخشية.
وقد ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول:
أَجِدِ الثيابَ إذا اكتسيتَ فإنَّها ... زين الرجال بها تُعزُّ وتُكرم
ودع التواضع في الثياب تخشعا ... فالله يعلم ما تَجنُّ وتَكتُم
فرثاث ثوبك لا يزيدك زلفة ... عند الإله وأنت عبد مجرم
وبهاء ثوبك لا يضرك بعد أن ... تخشى الإله وتتقي ما يحرم
وعلَّق عليها ابن كثير بقوله:
وهذا كما جاء في الحديث: (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى ثيابكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) – رواه مسلم -، وقال الثوري: " ليس الزهد في الدنيا بلبس العبا، ولا بأكل الخشن، إنما الزهد في الدنيا قصر الأمل ".
" البداية والنهاية " (8/ 11).
والخلاصة:
أن الذي ينبغي للمرء من اللباس هو ما يناسب حاله: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ)؛ فمن لبس رفيع الثياب: إظهارا لنعمة الله عليه، وتمتعا بما يباح له من الطيبات، من غير إسراف ولا مخيلة، فله ذلك، ولا ينقص من قدره ولا ورعه شيئا، بل يؤجر ـ إن شاء الله ـ على قصده الحسن.
ومن ترك رفيع الثياب، تواضعا واستكانة لله تعالى، فهو أمر حسن، لكن على ألا يخرج من ذلك إلى شيء من الشهرة، أو يحرم على نفسه ـ أو غيره ـ شيئا من الطيبات، أو يفعل ذلك على جهة الالتزام المطلق، مهما كانت حاله.
وَسُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " عَنْ الْمُتَنَزِّهِ عَنْ الْأَقْمِشَةِ الثَّمِينَةِ مِثْلِ الْحَرِيرِ وَالْكَتَّانِ الْمُتَغَالَى فِي تَحْسِينِهِ وَمَا نَاسَبَهَا: هَلْ فِي تَرْكِ ذَلِكَ أَجْرٌ أَمْ لَا؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ.
فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. أَمَّا مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ كَالْحَرِيرِ فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَى تَرْكِهِ كَمَا يُعَاقَبُ عَلَى فِعْلِهِ ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/420)
وَأَمَّا الْمُبَاحَاتُ: فَيُثَابُ عَلَى تَرْكِ فُضُولِهَا، وَهُوَ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِمَصْلَحَةِ دِينِهِ، كَمَا أَنَّ الْإِسْرَافَ فِي الْمُبَاحَاتِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} وَقَالَ تَعَالَى عَنْ أَصْحَابِ النَّارِ: {إنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ} {وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} {إنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}. وَالْإِسْرَافُ فِي الْمُبَاحَاتِ هُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَهُوَ مِنْ الْعُدْوَانِ الْمُحَرَّمِ، وَتَرْكُ فُضُولِهَا هُوَ مِنْ الزُّهْدِ الْمُبَاحِ.
وَأَمَّا الِامْتِنَاعُ مِنْ فِعْلِ الْمُبَاحَاتِ مُطْلَقًا؛ كَاَلَّذِي يَمْتَنِعُ مِنْ أَكْلِ اللَّحْمِ وَأَكْلِ الْخُبْزِ أَوْ شُرْبِ الْمَاءِ أَوْ لُبْسِ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ وَلَا يَلْبَسُ إلَّا الصُّوفَ، وَيَمْتَنِعُ مِنْ نِكَاحِ النِّسَاءِ، وَيَظُنُّ أَنَّ هَذَا مِنْ الزُّهْدِ الْمُسْتَحَبِّ فَهَذَا جَاهِلٌ ضَالٌّ مِنْ جِنْسِ زُهَّادِ النَّصَارَى. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} {وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بِسَبَبِ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ كَانُوا قَدْ عَزَمُوا عَلَى تَرْكِ أَكْلِ الطَّيِّبَاتِ. كَاللَّحْمِ وَنَحْوِهِ وَتَرْكِ النِّكَاحِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ {أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا بَالُ رِجَالٍ يَقُولُ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ وَلَا أُفْطِرُ وَيَقُولُ الْآخَرُ: أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ وَلَا أَنَامُ وَيَقُولُ الْآخَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَا آكُلُ اللَّحْمَ. لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَقُومُ وَأَنَامُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَآكُلُ اللَّحْمَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي}. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ {أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا قَائِمًا فِي الشَّمْسِ. فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا أَبُو إسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مُرُوهُ أَنْ يَسْتَظِلَّ وَأَنْ يَتَكَلَّمَ وَأَنْ يَجْلِسَ وَيُتِمَّ صَوْمَهُ}.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ}. فَأَمَرَ بِالْأَكْلِ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَالشُّكْرِ لَهُ، وَالطَّيِّبُ هُوَ مَا يَنْفَعُ الْإِنْسَانَ، وَحَرَّمَ الْخَبَائِثَ وَهُوَ مَا يَضُرُّهُ، وَأَمَرَ بِشُكْرِهِ وَهُوَ الْعَمَلُ بِطَاعَتِهِ؛ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ وَتَرْكِ الْمَحْظورِ ... " انتهى من مجموع الفتاوى (22/ 133 - 134).
تنبيه:
وكل ما قلناه عن اللباس فإنه يشمل النعل كذلك، وقد اجتمعا في حديث ابن مسعود والذي فيه إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لمن أخبره أن الرجل " يحب أن يكون ثوله حسناً، ونعله حسنة).
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ).
رواه النسائي (2559) وابن ماجه (3605)، وحسَّنه الألباني في " صحيح النسائي ".
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ.
رواه البخاري عنه في صحيحه، في كتاب اللباس (5/ 2180).
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islamqa.com/index.php?ref=97019&ln=ara (http://www.islamqa.com/index.php?ref=97019&ln=ara)
ـ[أبو عروة]ــــــــ[12 - 06 - 07, 04:00 م]ـ
جزاك الله خير ولاحرمك الأجر
ـ[أبو عبد الرحمن العتيبي]ــــــــ[12 - 06 - 07, 04:38 م]ـ
جزاك الله خيرا، و بارك فيك.
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[12 - 06 - 07, 05:12 م]ـ
جزاكما الله خيراً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/421)
ـ[أبو أحمد الحلبي]ــــــــ[13 - 06 - 07, 01:02 م]ـ
ماشاء الله
جزاك الله كل خير وبارك فيك(79/422)
هل صحت أدعية خاصة تقال في الامتحانات؟
ـ[زياد عوض]ــــــــ[12 - 06 - 07, 05:06 م]ـ
سؤال:
ما حكم قراءة بعض الأدعية قبل الامتحان وبعده مثل دعاء بداية المذاكرة الجواب:
" اللهم إني أسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين والملائكة المقربين أن تجعل لساني عامراً بذكرك وقلبي خاشعاً بخشيتك وسري بطاعتك فأنت حسبي ونعم الوكيل "، وعند الخروج من المنزل والتوجه إلى الاختبار " اللهم إني توكلت عليك وأسلمت أمري إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك "، وعند نهاية الإجابة " الحمد لله الذي هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله "، عند تعثر الإجابة " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث "، وغيرها كثير؟.الحمد لله
لم يَرِدْ في السُّنة أحاديث فيها بيان ما يقال في الامتحانات، وما يشاع بين الطلاب مما يقال في " المذاكرة " وعند " استلام ورقة الامتحانات " وعند " تعثر الإجابة " وعند " تسليم الورقة " وغيره: كله مما لا أصل له في السنة النبوية المطهرة , لا في الصحيح ولا في الضعيف، بل كله موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم.
ونسبة شيء من ذلك للسنة مع علم صاحبه بعدم ثبوته يدُخله في زمرة الكاذبين على النبي صلى الله عليه وسلم.
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن كذِباً عليَّ ليس ككذبٍ على أحدٍ، مَن كذب عليَّ متعمِّداً فليتبوأ مقعده من النار) رواه البخاري (1229) ومسلم (4).
ومن أشاع هذه الأحاديث المكذوبة ومثيلاتها وهو يعلم أنها لا تصح نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم: فهو كاذب على النبي صلى الله عليه وسلم، وإثمه إثم مفتريها وكاذبها.
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَن حدَّث عنِّي بحديثٍ يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين) رواه مسلم في " مقدمة صحيحه ".
قال النووي رحمه الله:
" ضبطناه " يُرى " بضم الياء، و " الكاذِبِينَ " بكسر الياء وفتح النون على الجمع، وهذا هو المشهور في اللفظين، قال القاضي عياض: الرواية فيه عندنا الكاذبين على الجمع , ورواه أبو نعيم الأصبهاني في كتابه المستخرج على صحيح مسلم في حديث سمرة " الكاذِبَيْنِ " بفتح الياء وكسر النون على التثنية، واحتج به على أن الراوي له يشارك البادي بهذا الكذب " انتهى.
" شرح مسلم " (1/ 64، 65).
وقد ثبت الدعاء عند الخروج من المنزل لكن لا كما ذكره السائل، وثبت حديث " يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث "، وثبتت أحاديث تقال عند الشدة والكرب، وكل ما سبق يشمل الامتحانات وغيرها من الشدائد والمصاعب، وهذه هي الأحاديث مخرجة:
أ. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن قال - يعني: إذا خرج من بيته – بسم الله , توكلت على الله , لا حول ولا قوة إلا بالله: يقال له: كُفيت ووُقيت وتنحى عنه الشيطان) رواه أبو داود (5095) والترمذي (3426) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
ب. عن أنس بن مالك أيضاً رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمرٌ قال: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث) رواه الترمذي (3524)، وحسَّنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (3182).
ج. عن أنس أيضاً رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً) رواه ابن حبان (3/ 255)، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (2886).
د. وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له) رواه الترمذي (3505)، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (1644).
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/423)
أبعث إليكم ورقة أرسلتها إلي إحدى المعلمات، وقد وجدتها متداولة بين بعض الطالبات أثناء فترة الاختبارات الدراسية، هذه الورقة بعنوان: " دعاء المذاكرة والنجاح - بإذن الله - "، وتشتمل هذه الورقة على أدعية وأوراد افتعلها كاتبها، وأخذها إما من بعض آيات قرآنية أو أحاديث نبوية، ولكنه جعل لها مواضع تقال فيها، لم يرد بها دليل أو أثر، أرفعها إليكم لعلي أن أحظى منكم بتنبيه أو توعية للناس على خطأ هذا الكلام الذي جاء بهذه الصورة.
جعلكم الله عونا للحق وناشرين له، وجعلكم ذخرا للإسلام والمسلمين، وقد جاء في الورقة المذكورة ما يلي:
" بسم الله الرحمن الرحيم، دعاء المذاكرة والنجاح - بإذن الله - قال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " لا أحمل هم الإجابة ولكني أحمل هم الدعاء، فإذا وفقت في الدعاء أعطيت الإجابة "، ونحن على أبواب الامتحان هداني الله لجمع هذه الأدعية والتوجه بها إلى الله في أوقات المذاكرة، وعند الامتحان، وفي حال النسيان.
دعاء قبل المذاكرة: اللهم إني أسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين والملائكة المقربين، اللهم اجعل ألسنتنا عامرة بذكرك، وقلوبنا بخشيتك، وأسرارنا بطاعتك، إنك على كل شيء قدير، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
عند دخول الامتحان: رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
دعاء بعد المذاكرة: اللهم إني استودعتك ما قرأت وما حفظت وما تعلمت فرده عند حاجتي إنك على كل شيء قدير.
عند بداية الإجابة: رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، باسم الله الفتاح، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا يا أرحم الراحمين.
عند التوجه للامتحانات: اللهم إني توكلت عليك وفوضت أمري إليك ولا ملجأ ولا منجى إلا إليك.
عند تعسر الإجابة: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين.
عند النسيان: اللهم يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه اجمع علي ضالتي.
بعد أن ينتهي من الإجابة يقول: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
فأجابوا:
" هذه الأدعية الموضوعة للمذاكرة والنجاح والمنوعة لكل حالة تعرض للطالب أثناء المذاكرة: أدعية مبتدعة، لم يرد في تخصيصها بما ذكر دليل من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وما ذكر فيها من آيات قرآنية أو أحاديث نبوية أو آثار، إنما وردت لأسباب: إما خاصة بها، أو عامة لسؤال الله ودعائه والتضرع له والالتجاء إليه والتوكل عليه سبحانه في كل أمور الإنسان التي تعرض له أما تخصيصها بما ذكر فلا يجوز، ويجب ترك العمل بها لهذا الخصوص، وعدم اعتقاد صحتها فيما ذكر، والدعاء عبادة لله، فلا يصح إلا بتوقيف، وينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يدعو الله بأن ييسر له أموره كلها، وأن يزيده علما وفقها في الدين، وأن يلهمه الصواب، ويذكره ما نسي، ويعلمه ما جهل، ويوفقه لكل خير، ويذلل له كل صعب، دون أن يجعل لكل حالة دعاء مبتدعا يواظب عليه، وذلك أسلم له في دينه وأحرى أن يستجيب الله لدعائه، ويوفقه لكل خير، فالله سبحانه وتعالى وعد من دعاه بالإجابة والتوفيق للهداية والرشاد، وشرط لذلك الاستجابة لما شرع الله والإيمان به سبحانه، والاستقامة على دينه كما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).
الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (24/ 183 – 186).
والخلاصة: أنه لا يجوز اختراع أدعية ونسبتها للشرع، وما صح من الأحاديث التي تقال في الشدة والكرب كافٍ.
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب(79/424)
حكم استبدال الأوراق النقدية الممزقة بنصف قيمتها
ـ[زياد عوض]ــــــــ[12 - 06 - 07, 05:19 م]ـ
حكم استبدال الأوراق النقدية الممزقة بنصف قيمتها
سؤال:
الأوراق النقدية الممزقة التي لا يقبل الناس التعامل بها، توجد بعض البنوك تستبدلها بنصف قيمتها، فتأخذ منك ورقة فئة مائة ريال (ممزقة) وتعطيك خمسين ريالا. فما حكم هذا؟.
الجواب:
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله فأفاد بما يلي:
القاعدة في استبدال الذهب بالذهب والفضة بالفضة أنه يجب التساوي مثلا بمثل، ولا فرق بين المعيب والمكسر وغيره.
والأوراق النقدية الآن تقوم مقام الذهب والفضة في كونها صارت ثمناً للأشياء.
ولكن ... لا يمكن تطبيق جميع أحكام الذهب والفضة على الأوراق النقدية، لأن الأوراق النقدية ليس لها قيمة ذاتية، وإنما تكتسب قيمتها من اعتماد الدولة لها.
لهذا أقول:
لا مانع من استبدال الورقة الممزقة بنصف قيمتها، لأنها فقدت قيمتها الآن (أي لما صارت ممزقة).
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[12 - 06 - 07, 07:09 م]ـ
جزاك الله خيراً
وحفظ الله الشيخ البراك
هذا عين الفقه
ـ[زياد عوض]ــــــــ[12 - 06 - 07, 07:31 م]ـ
جزاك الله خيراً
وحفظ الله الشيخ البراك
هذا عين الفقه
وأنتم كذلك، وإذا ولد لك مولود فبلَغني حتى أحضر عقيقته0
ـ[أبو وسام الأزهرى]ــــــــ[12 - 06 - 07, 11:45 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الفائدة المهمة
ـ[د. هشام سعد]ــــــــ[13 - 06 - 07, 12:01 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
تعرضت لموقف مماثل
ولم أدر ما أفعل
أحسن الله إليكم
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[13 - 06 - 07, 12:17 ص]ـ
ونضيف على ما تفضل به الشيخ البراك فائدة متممة
أن هذا الحكم بسبب أن الأوراق النقدية لا قيمة لها إذا ألغى السلطان التعامل بها، وهي أوراق
ولو كانت ذهبا أو فضة وألغى السلطان التعامل بها: فلا يجوز بيعها بذهب أو فضة مع تفاضل؛ لبقاء العلة فيهما
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[13 - 06 - 07, 12:36 ص]ـ
وأنتم كذلك، وإذا ولد لك مولود فبلَغني حتى أحضر عقيقته0
وليمتك قبل إن شاء الله
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[13 - 06 - 07, 01:13 ص]ـ
لأن الأوراق النقدية ليس لها قيمة ذاتية، وإنما تكتسب قيمتها من اعتماد الدولة لها.
لكن الأخبار في ذلك متضاربة فبعضهم يقول أن الأوراق تعتمد في قيمتها على الذهب والفضة المخزن في مخازن الدولة
وبعضهم يقول أن هذا كان قبل الحرب العالمية الأولى أما بعد ذلك فأصبحت تعتمد في قيمتها على الدولار الأمريكي وبعضهم يقول بل تعتمد عل اقتصاد الدولة والأخير هو الظاهر الآن فالله أعلم
ينبغي تحقيق هذا الأمر
والله أعلم
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[13 - 06 - 07, 01:25 ص]ـ
جزاكم الله خيرا، والله لقد دار الأمر بخلدي، ولم أدر له جوابا شافيا ....... بارك الله في العلامة الحبيب الشيخ عبد الرحمن البراك
ـ[عمران]ــــــــ[13 - 06 - 07, 01:53 ص]ـ
الورقة الممزقة لم تفقد قيمتها
يستطيع صاحبها الذهاب بها إلى مؤسسة النقد أو البنك المركزي في بعض البلدان ويستبدلها بورقة مماثلة لها
والبنك لم يساعد العميل بل غشه لأنه سيستبدلها بنفس قيمتها الأصلية
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[13 - 06 - 07, 03:13 ص]ـ
التمزيق نوعان - فيما أعلم -
فما تمزق من الورقة جزء الرقم الذي عليها فلا الناس ولا البنك يستفيد منها
وما تمزق منها من غير هذا فلا يقبلها الناس، لكن البنك المركزي يستبدلها، والبنوك هي من تقوم بذلك عن الناس
وفي الحال الأولى: يجوز استبدالها بجزء من قيمتها
وفي الحال الثانية: لا يجوز، وهو الذي أشار إليه الأخ عمران
ـ[زياد عوض]ــــــــ[13 - 06 - 07, 03:27 ص]ـ
التمزيق نوعان - فيما أعلم -
فما تمزق من الورقة جزء الرقم الذي عليها فلا الناس ولا البنك يستفيد منها
وما تمزق منها من غير هذا فلا يقبلها الناس، لكن البنك المركزي يستبدلها، والبنوك هي من تقوم بذلك عن الناس
وفي الحال الأولى: يجوز استبدالها بجزء من قيمتها
وفي الحال الثانية: لا يجوز، وهو الذي أشار إليه الأخ عمران
جزاك الله خيرا شيخ إحسان
كنت أقول ليت الشيخ -حفظه الله - فصَل بين الأمرين بين التلف الكلي الذي يؤثر على قيمة الورقة والتلف الجزئي الذي لا يؤثر على قيمتها وواضح عدم جواز التفاضل بين الورقتين في الحالة الثانية0
وبنسبة للوليمة فأبشر ستكون قريبة والدعوة لكل من يقدر على الوصول
ـ[أبوالوليد السلفي]ــــــــ[13 - 06 - 07, 06:26 ص]ـ
الذي أعلمه أن البنوك و منهم المركزي تقوم باستبدال العملة بكامل قيمتها إذا كانت محتفظة بجميع الأرقام التي عليها , و أما إذا فقد أحد موضعي رقم العملة فيقوم باستبدالها بنصف قيمتها إذا لا يضمن البنك أن يأتيه آخر بنصف الورقة الآخر (أو القسم الذي يحوي أحد موضعي الرقم) و يطالب باستبداله. فيحنها يعطيه نصف القيمة. أي أن وجود رقم واحد يعطيك نصف القيمة و وجود الرقمين يعطي القيمة الكلية. و هذا يضمن للبنك عدم امكانية استبدال قيمة عملة مرتين. هذا ما أُخبرتُ به منذ زمن بعيد. و الله أعلم.(79/425)
[نصائح وتوجيهات للطلاب والطالبات بمناسبة الامتحانات] العلامة ابن عثيمين.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[12 - 06 - 07, 05:30 م]ـ
[نصائح وتوجيهات للطلاب والطالبات]
للشيخ العلامة ابن عثيمين – رحمه الله تعالى -.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وترك أمته على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، أنزل الله عليه في آخر حياته: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً [المائدة:3] فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: أيها الإخوة: بما أننا في استقبال امتحانات للطلاب والطالبات، فلعلنا نتكلم بما يسر الله عز وجل حول هذا الموضوع، فنقول: أولاً: نشير على كل طالب علم من رجل أو امرأة ألا يكون أكبر همه أن ينجح في الامتحان، بل يكون أكبر همه أن يهضم العلم، ويرسخه في قلبه، وبناءً على ذلك فإنه سوف يجتهد من أول السنة، حتى يهضم العلم شيئاً فشيئاً؛ لأن الإنسان إذا ترك الاجتهاد في أول السنة تراكمت عليه الدروس، ثم صارت مراجعته إياها في آخر العام كأنها أضغاث أحلام أو خيالات وأوهام، لذلك نشير وننصح كل طالب وطالبة أن يكون اجتهادهم من أول السنة حتى يهضموا العلوم شيئاً فشيئاً، حتى إذا جاء وقت الامتحان إذا هم مستريحون، وهاضمون للعلوم، ومنتفعون بمدة الدراسة، أما من يهمل ويتكاسل، فإذا جاء وقت الامتحان شد على نفسه، وأتعب نفسه ثم لم ترسخ العلوم في ذهنه، حتى إنك لو سألته غداً عما اختبر به اليوم لم تجد عنده حصيلة منه، فهذا غلط، وليست هذه دراسة. الامتحانات في الواقع اختبار للطالب والطالبة، ماذا حصل فيما مضى من دراسته؟ وليس الامتحان مقياساً لما عند الطالب والطالبة من العلوم، بعض الطلبة يخفق في الامتحان، إما لعدم استحضاره الجواب في تلك الساعة، وإما لفهمه السؤال على وجه غير صحيح، وإما لفهمه أن الإجابة هي الصحيحة وهي غير صحيحة، وإما لحصول ضوضاء حوله، وإما لحصول لعب حوله، وإما لمشاهدته من يغش من زملائه .. أو لغير ذلك من الأسباب فتجد جوابه يكون هزيلاً ولا يصل إلى الدرجة التي يؤملها. والحقيقة أن الاختبار ليس بمقياس للطالب، المدرس يعرف طلابه، ويعرف الجيد، ويعرف الذي يريد العلم حقيقة قبل أن يمتحنه، لكن لما تعذر تقويم الطلبة بمجرد تصور الأستاذ صار لا بد من الامتحانات، وهي في الحقيقة تقريبية ولا يقاس بها الطالب على وجه التحديد.
وإننا نبحث في الامتحانات ونحوها من وجوه: ......
الوجه الأول: أنه من المعروف أن قاعة الامتحانات يكون عليها رقباء من الأساتذة، فما موقف المراقب من الطلاب في هذه القاعة؟ موقفه يجب أن يكون يقظاً منتبهاً، يراقب الطلبة حق المراقبة، وليس ذلك التعسير على الطلبة، ولكنه من الحزم وحفظ النظام للطلبة، فإذا رأى من يحاول أن يغش أو يغش بالفعل لزمه إجراء النظام عليه، ولا يحل له في هذه الحالة أن يحابي قريباً، أو صديقاً، أو ابن صديق، أو تاجراً لتجارته، أو فقيراً لفقره، لا. الناس في هذا المقام سواء، فعليه أن يتقي الله عز وجل في مراقبته، وأن يكون يقظاً فطناً يلاحظ الطلبة، ويلاحظ شفاههم، ويلاحظ أقلامهم، حتى يؤدي ما وجب عليه؛ لأن المراقب مؤتمن من قبل المسئولين، الإدارة أو العمادة فوضت ووكلت الأمر إليه، فهو إما أن يقوم بأداء الأمانة على الوجه المطلوب، وإما أن يكون العكس، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال:27] فعليه أن يتقي الله وأن يشعر بأن وقوفه للمراقبة وتردده بين صفوف الطلاب عبادة يؤجر عليها؛ لأنه يؤدي أمانة أبت الأرض والسماوات والجبال أن تحملها وحملها الإنسان، فهو يقوم الآن بعبادة عظيمة يتقرب بها إلى الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/426)
الوجه الثاني: من جهة الطلاب. الطالب يجب عليه أن يتقي الله عز وجل، وأن يكون طالب علم بمعنى الكلمة، لا يدلس ولا يخون ولا يغش ولا يخالف النظام، فإنه بهذا يكون طالباً مثالياً، وبهذا تيسر له الأمور، وتفرج له الكربات؛ لأن الله عز وجل يقول: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4] ويقول: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2 - 3]. وعلى الطالب في هذا المكان الضنك أن يعتمد على الله، ويستعين به، ويفوض أمره إليه؛ لأنه قد لا يكون له في هذه الحالة حول ولا قوة، فيلجأ إلى الله عز وجل، وقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3] أي: كافيه. لست أقول: إنه لا يعتمد على نفسه فيما حصَّل من العلم، بل يعتمد على ذلك؛ لأن هذا سبب، لكن الله هو المسبب، فعليه أن يكون أكبر اعتماده على الله عز وجل حتى يعينه، ويحسن إذا مدت إليه ورقة الأسئلة أو أمليت عليه أن يذكر الله تعالى بكلمة الاستعانة، وهي: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإن هذه الكلمة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنها كنز من كنوز الجنة، فقد قال لأبي موسى الأشعري: (يا عبد الله بن قيس! ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قال: بلى يا رسول الله! قال: لا حول ولا قوة إلا بالله) ففيها تفويض الأمر إلى الله والاستعانة بالله عز وجل، وهكذا كل أمر شاق ينبغي أن يقول هذه الكلمة عنده؛ لأنه يعان بها، ولذلك إذا قال المؤذن: حي على الصلاة حي على الفلاح ماذا نقول؟ لا حول ولا قوة إلا بالله، نستعين بالله عز وجل على إجابة هذا المؤذن الذي دعانا إلى الصلاة ودعانا إلى الفلاح. وعلى الطالب أن يخشى الله عز وجل من الغش، سواء اختاره لنفسه أم اختاره لغيره، فلا يغش بنفسه ولا يغشش أحداً؛ لأنه مؤتمن، ولا خير في بطاقة شهادة تحملها وهي غش، بل هذه نكبة عليك؛ لأنك
-مثلاً- لو حملت بطاقة شهادة في اللغة العربية ثم قيل لك: أعرب هذه الجملة: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] من الناس من يحمل بطاقة شهادة في اللغة العربية ولا يعرف يعرب الآية، أين الشهادة؟! ومن الناس من يحمل شهادة اللغة العربية ثم إذا قرأ عددت عليه لحناً ما لا يحصى، لماذا؟ لأن شهادته مبنية على الغش، فهذا لا ينتفع هو بنفسه، ولا ينفع أمته، ولا يدفع عن هذه الأمة العيب، ونحن نريد أن تكون أمتنا في هذه الجزيرة أمة واعية مهذبة معلمة يستفيد منها القريب والبعيد. أقول: إن عليه أن يتقي الله عز وجل فلا يغش بنفسه ولا يغشش غيره، لا تحمله العاطفة على أن يرى طالباً ضعيفاً يحتاج إلى معونة، فيقول: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ثم يقول: ما المشكل عليك؟ مشكل عليه كذا وكذا فيعطيه ورقة أو يخبره بالمشافهة إذا كان المراقب بعيداً ولم يعلم أن المراقب قريب، من المراقب حقيقة؟ الذي هو على كل شيء رقيب وهو الله عز وجل، فالواجب على الطالب أن يكون طالباً بمعنى الكلمة وأن يتقي ربه. اشتهر عند بعض الناس أن الغش في المواد غير الدينية لا بأس به على وجه العموم، كل المواد التي هي غير دينية لا بأس بالغش فيها هكذا قال بعض الناس، وبعضهم جعل الأمر أخص من ذلك، قال: اللغة الإنجليزية غش فيها ولا تبالي، وغيرها لا يجوز، وهذا خطأ، ما دامت العلوم مقررة، والشهادة مبنية على إتقان هذه العلوم المقررة في المنهج، فإنه لا يجوز الغش فيها، حتى لو كانت اللغة الإنجليزية، الشيء الذي لا يرتضى من المقررات -مثلاً- يكتب عنه، لكنْ منهج مقرر معتبر لا بد من إتقانه، سواء كان من العلوم الشرعية أو مما يساند العلوم الشرعية كعلوم العربية، أو مما يكون وسيلة لإبلاغ الشرع؛ لأن اللغة الإنجليزية قد تكون وسيلة لإبلاغ الشرع، لو كنت تخاطب من لا يعرف اللغة العربية ولكن يعرف اللغة الإنجليزية كيف توصل إليه الشرع؟ لو مكثت تتكلم معه باللغة العربية من طلوع الشمس إلى غروبها ما فهم، لكن إذا كان معك لغة إنجليزية وهي لغته -مثلاً- فهم واستفاد، وقد أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم زيد بن ثابت رضي الله عنه وهو شاب لقن فطن أمره أن يتعلم لغة اليهود، من أجل أن يقرأ ما يرد من كتبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/427)
وأن يكتب لهم ما يصدر من الرسول عليه الصلاة والسلام بلغتهم، يقول أهل النقل: إنه تعلم اللغة العبرية في خلال ستة عشر يوماً؛ لأنه شاب لقن فطن، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وإنما تعلمها بهذه السرعة؛ لأن اللغة العبرية قريبة من اللغة العربية. فدل ذلك على أن اللغة غير العربية لا يذم من تعلمها ولا يمدح، إن كانت وسيلة لخير فإنه يمدح عليها، لو قال: أنا أريد أن أتعلم اللغة الإنجليزية لأدعو بها، نقول له: جزاك الله خيراً، يقول الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم:4] ولا يمكن أن تدعو من لا يعرف اللغة العربية باللغة العربية، بل لا تدعوه إلا بلغته. فإذا كان الأمر هكذا فلا ينبغي لنا أن نفتي أنفسنا بفتاوى غير صحيحة، ونقول: ما عدا العلوم الشرعية فلا بأس بالغش فيها، وأما اللغة الإنجليزية فعليك بالغش، من قال هذا؟ والشهادة مرتبة على النجاح في كل المواد، فإذا كنت لا تستطيع أن تدرك هذه اللغة فاطرق أبواباً أخرى لعلَّ الله أن يفتح لك أبواباً أخرى إذا اتقيت الله عز وجل.
الوجه الثالث: وهو ما يتعلق بوضع الأسئلة وتصحيح الأجوبة. أما وضع الأسئلة فالواجب أن تكون ملائمة للطلاب، بحيث لا تكون صعبة لا يمكنهم الإجابة عليها، ولا سهلة لا يُعرف بها ما عند الطالب من العلم، بل تكون ملائمة، ليست صعبة ولا سهلة، فإن قال واضع الأسئلة: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لعثمان بن أبي العاص: (اقتد بأضعفهم) قلنا: ليس هذا الذي أراده النبي عليه الصلاة والسلام كالذي نحن فيه، الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم هو أن هذا الرجل جعله إمام قومه، يصلي بهم إماماً، وقال له: (اقتد بأضعفهم) لأن أقواهم لا حد لقوته، يريد أن تكون الصلاة طويلة في قراءتها وركوعها وسجودها وقيامها وقعودها، والضعيف لا يريد هذا، وما داموا مشتركين في الائتمام بإمامهم فإن عليه أن يراعي الضعيف، أما ما نحن فيه فإنه ميزان يوزن به ما عند الطلبة من العلوم، وهذا العدل فيه أن يكون بالوسط، لا ينظر فيه إلى الأقوياء ولا إلى الضعفاء. وأيضاً يلاحظ واضع الأسئلة أن تكون واضحة؛ لأن بعض الأسئلة تكون محتملة فيبقى الطالب متردداً: هل أراد كذا، أو أراد كذا .. وربما يأتي بجواب أكثر من المطلوب، فيضيع الوقت على نفسه ويضيعه على المصحح، فإذا كانت الأسئلة واضحة سهلت الإجابة عليها. ويجب على واضعي الأسئلة -من حيث الإجابة- أن يتقوا الله عز وجل في التصحيح، بحيث لا يفضلون أحداً على أحد، حتى لو كان يعرف أن هذا الجواب من طالب جيد، يعرفه أثناء الدراسة، لكنه عند الامتحان -مثلاً- أخطأ، ولم يصل إلى الدرجة التي تتوقع منه، لا تعتمد على ما كنت تعرفه عن هذا الطالب؛ لأن هذا ليس موكولاً إليك، وإنما هو مقرون ومرتبط بالجواب، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع، فمن اقتطعت له شيئاً من حق أخيه فإنما أقتطع له جمرة من النار فليستقل أو ليستكثر) الشاهد: (إنما أقضي بنحو
ما أسمع) أيضاً المدرس عندما يصحح الأجوبة يصحح بنحو ما قرأ، ولا ينظر إلى أي اعتبار آخر، وعليه -أيضاً- ألا يهمل شيئاً يحتاج إلى التنبيه عليه. وهنا مسألة يكثر السؤال عنها: إذا أتى الطالب بالدليل من قرآن أو سنة، لكنه غلط فيه غلطة، فإننا نقول: إذا كان الشاهد من هذا الدليل موجوداً، فالغلط لا يحسب عليه؛ لأن الشاهد من الآية أو الحديث موجود وما زاد فهو كمال، فلا يحاسب عليه، لكن لا شك أن من أتى بالدليل تاماً من القرآن والسنة فهو أكمل، لكننا لا نحاسبه على ما أخلَّ به إذا كان المقصود من الدليل موجوداً. كذلك بعض الطلبة قد يزيد في الجواب، فمن المصححين من يقول: الزيادة نقص، ومنهم من يقول: الزيادة ليست بنقص، ومنهم من يقول: الزيادة إن دلت على تردد الطالب وأنه لم يفهم، لكن أراد أن يأتي بالكلام الطويل، لعله يضيع الأستاذ المصحح فإن هذه الزيادة تحسب عليه إذا وقع فيها الخطأ، ولا تحسب إذا لم يكن فيها خطأ، وهذا الرأي هو الأحسن أن يقال: إذا زاد الطالب وأخطأ في الزيادة فإنه لا يحسب عليه ذلك؛ لأن المقصود حصل بدون هذه الزيادة، إلا إذا علمنا أن الجواب يدل على أن الطالب لم يتقن ولم يهضم العلم، لكنه أتى بهذه الزيادة من أجل أن يضيع المصحح، كما يوجد عند بعض الطلبة، بعض الطلبة عنده شطارة يجعل المصحح في دوامة على الأقل يمل ويعطيه الدرجة كاملة، لكن هذا التفصيل: أن الزيادة إذا كان فيها خطأ فإنها لا تحسب ولكن إذا علمنا من قرينة الجواب أنه أراد التعمية على المصحح فإنه إذا أخطأ فيها حاسبناه عليها.
هذا الامتحان الذي نتحدث عنه امتحان لشيء من أمور الدنيا، إذا أخفق فيه الإنسان هذه المرة فلعله ينجح في المرة الثانية، لكن هنا امتحان أعظم منه وأشد خطراً وهو امتحان الإنسان في قبره إذا دفن وتولى عنه أصحابه، فإنه يأتيه ملكان فيسألانه عن ربه ودينه ونبيه، فـ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ [إبراهيم:27] فيقول المؤمن: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد. أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من هؤلاء، وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يرزقنا الاستعداد لهذا اللقاء، إنه على كل شيء قدير. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين].
" اللقاء الشهري ".(79/428)
اني أسأل أهل الذكر في حكم التزام بالبيع لأجل وانتهى الأجل
ـ[أبو محمد نزار]ــــــــ[12 - 06 - 07, 09:29 م]ـ
ألتزمت ببيع أحد جزئين من فيلا دوبلكس ينقص على تشطيبها الأرضيات والدهان والشبابيك والأبواب هذا الالتزام محدود بمدة 3 شهور استلمت من راغب الشراء مبلغ 10000 كعربون على أن أتولى أنا فرز الفلتين كل على حدة.ولأن راغب الشراء يريد شرائها عن طريق البنك والبنك لا يشتري إلا عقار مشطب فقد مكنته من أعمال التشطيب وبعد مضي 14 يوم أوقفته عن التشطيب لأني واجهت صعوبات جمة خلال الفرز إلا أنه أبدى رغبته أن يتولى هو هذه المهمة وأن أعمل له وكالة لتسهيل مهمة الفرز وتم تحرير اتفاق بهذا الشأن ولكن مضت المدة دون أن يتمكن من انهاء الفرز وأخذ على هذه المهلة شهر آخر وبعدها سحبت الوكالة وأبديت استعدادي لتعويضه عن ما وضعه في الفيلا برغبته بعد تقدير وتمتير أهل الخبرة ولكن لم يرضى وهو يطالب الآن باتمام البيع وأقام دعوى في المحكمة.
أطلب معرفة الحكم الشرعي لهذه الحالة. وهل يحق لي أن أطلب زيادة السعر بعد انقضاء المهلة والله يرعاكم،،،(79/429)
سيدنا سليمان وذو القرنين هل هناك علاقة؟
ـ[أبو منة الله]ــــــــ[12 - 06 - 07, 11:02 م]ـ
السلام عليكم
هل سيدنا سليمان عليه السلام هو ذو القرنين المذكور فى سورة الكهف؟
وما الدليل؟
و جزاكم الله خيراً
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[13 - 06 - 07, 01:03 م]ـ
حبذا لو تعرض ما عندك أولاً
ـ[أبو أحمد الحلبي]ــــــــ[13 - 06 - 07, 01:13 م]ـ
أورد الإمام ابن كثير في تفسيره أن ذو القرنين هو الاسكندر المقدوني ((الأول وليس الثاني)) وأنه كان معاصرا لنبي الله إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام وأنه طاف معه بالبيت وقرب لله قرباناً.
فعلى هذا يكون ذو القرنين بعيدا كثيرا عن نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام.
ومن ادعى فعليه الدليل
وإنما الذي كان من الروم الإسكندر الثاني ابن فيليبس المقدوني، الذي تؤرخ به الروم، فأما الأول فقد ذكره الأزرقي وغيره أنه طاف بالبيت مع إبراهيم الخليل، عليه السلام، أول ما بناه وآمن به واتبعه، وكان معه (3) الخضر، عليه السلام، وأما الثاني فهو، إسكندر بن فيليبس المقدوني اليوناني، وكان وزيره أرسطاطاليس الفيلسوف المشهور، والله أعلم. وهو الذي تؤرخ به من مملكته ملة الروم. وقد كان قبل المسيح، عليه السلام، بنحو من ثلثمائة سنة، فأما الأول المذكور في القرآن فكان في زمن الخليل، كما ذكره الأزرقي وغيره، وأنه طاف مع الخليل بالبيت العتيق لما بناه إبراهيم، عليه السلام، وقرب إلى الله قربانًا، وقد ذكرنا طرفًا (4) من أخباره في كتاب "البداية والنهاية" (5)، بما فيه كفاية ولله الحمد.
ـ[أبو أحمد الحلبي]ــــــــ[13 - 06 - 07, 01:23 م]ـ
وهذا نص البداية والنهاية:
البداية والنهاية - (ج 2 / ص 125)
وقال إسحق بن بشر عن سعيد بن بشير عن قتادة قال اسكندر هو ذو القرنين وأبوه أول القياصرة وكان من ولد سام بن نوح عليه السلام.
فأما ذو القرنين الثاني فهو اسكندر بن فيلبس بن مصريم بن هرمس بن مطيون بن رومي بن لنطي بن يونان بن يافث بن يونة بن شرخون بن رومة بن شرفط بن توفيل بن رومي بن الاصفر بن يقز بن العيص بن إسحق بن إبراهيم الخليل كذا نسبه الحافظ ابن عساكر في تاريخه (1).
المقدوني اليوناني المصري باني اسكندرية الذي يؤرخ بأيامه الروم، وكان متأخرا عن الاول بدهر طويل كان هذا قبل المسيح بنحو من ثلاثمائة سنة وكان أرطا طاليس الفيلسوف وزيره وهو الذي قتل دارا بن دارا وأذل
ملوك الفرس وأوطأ أرضهم.
وإنما نبهنا عليه لان كثيرا من الناس يعتقد أنهما واحد، وأن المذكور في القرآن هو الذي كان أرطا طاليس وزيره فيقع بسبب ذلك خطأ كبير وفساد عريض طويل كثير (2)، فإن الاول كان عبدا مؤمنا صالح وملكا عادلا وكان وزيره الخضر، وقد كان نبيا على ما قررناه قبل هذا (3).
وأما الثاني فكان مشركا وكان وزيره فيلسوفا وقد كان بين زمانيهما أزيد من ألفي سنة.
فأين هذا من هذا لا يستويان ولا يشتبهان إلا على غبي لا يعرف حقائق الامور.
ـ[أبو منة الله]ــــــــ[13 - 06 - 07, 06:41 م]ـ
بداية جزاكم الله خيرا
لكل الإخوة المشاركين
حبذا لو تعرض ما عندك أولاً
ليس عندي الكثير
فقط وجدت من يدعي أن سيدنا سليمان صلى الله عليه و سلم هو نفسه دو القرنين و يستدل
بقول الله تعالى (و آتيناه من كل شيء سببا) و بجمعها مع قول الله تعالى (يا أيها الناس علمنا منطق الطير و أوتينا من كل شيء) فاستدل على أنهما شخص واحد و كذلك أول سببا بالريح التي سخرها الله عز وجل لسيدنا سليمان صلى الله عليه و سلم
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[13 - 06 - 07, 07:43 م]ـ
وإنما الذي كان من الروم الإسكندر الثاني ابن فيليبس المقدوني، الذي تؤرخ به الروم، فأما الأول فقد ذكره الأزرقي وغيره أنه طاف بالبيت مع إبراهيم الخليل، عليه السلام، أول ما بناه وآمن به واتبعه، وكان معه (3) الخضر، عليه السلام، وأما الثاني فهو، إسكندر بن فيليبس المقدوني اليوناني، وكان وزيره أرسطاطاليس الفيلسوف المشهور، والله أعلم. وهو الذي تؤرخ به من مملكته ملة الروم. وقد كان قبل المسيح، عليه السلام، بنحو من ثلثمائة سنة، فأما الأول المذكور في القرآن فكان في زمن الخليل، كما ذكره الأزرقي وغيره، وأنه طاف مع الخليل بالبيت العتيق لما بناه إبراهيم، عليه السلام، وقرب إلى الله قربانًا، وقد ذكرنا طرفًا (4) من أخباره في كتاب "البداية والنهاية" (5)، بما فيه كفاية ولله الحمد.
سبحان الله!!!
أخونا وحيد بيطار، يطلب البينة ممن يعارض و"يدعي" ..... فأين البينة على ما نقلت-أخانا-و ادعاه من نقلت عنه؟؟؟؟؟؟!!!!!!!
أظن أني قرأت مثل البحث الذي سأل عنه أخونا أبو منة الله، وأذكر أنه كان بحثاً موفقاً في بيناته، واجتهاداً مقروناً بدعائمه أكثر من تلك الإشارة التي ذكرها أخونا ابو منّة الله بكثير .. و سأبحث في أرشيفي عنه إن شاء الله.
ـ[أبو أحمد الحلبي]ــــــــ[16 - 06 - 07, 02:38 م]ـ
جاء في سنن أبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((ما أدري أعزير نبي أم لا؟ وما أدري أتبع ملعون أم لا؟ وما أدري ذو القرنين نبي أم لا؟)).
فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلم إن كان ذو القرنين نبي أم لا فهل هناك منكم من يعلم
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/430)
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[19 - 06 - 07, 07:21 ص]ـ
الأخ وحيد،
فما بال ابن كثير، وكثير من علماء التفسير -رحمهم الله- يعلمون ويكتبون و يُفتون؟؟؟
ثمّ الحديث عند البيهقي ولم أجده عند أبي داوود، فهل أنت متأكد من مصدره؟؟
ونصّه ليس فيه "عزير" ابداً!!!!!!!!
فأتنا بنص الحديث موثقاً بسنده.
وهذا نصه:
(18050 - وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِى أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَا أَدْرِى تُبَّعٌ أَلَعِينًا كَانَ أَمْ لاَ وَمَا أَدْرِى ذَا الْقَرْنَيْنِ أَنَبِيًّا كَانَ أَمْ لاَ وَمَا أَدْرِى الْحُدُودُ كَفَّارَاتٌ لأَهْلِهَا أَمْ لاَ». فَهَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ. {ت} وَرَوَاهُ هِشَامٌ الصَّنْعَانِىُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- مُرْسَلاً. قَالَ الْبُخَارِىُّ وَهُوَ أَصَحُّ وَلاَ يَثْبُتُ هَذَا عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- لأَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «الْحُدُودُ كَفَّارَةٌ».)
ـ[أبو أحمد الحلبي]ــــــــ[19 - 06 - 07, 11:39 ص]ـ
أتيت به من تخريج أحاديث الإحياء ولم أقف على أقوال أهل العلم فيه بعد:
تخريج أحاديث الإحياء - (ج 1 / ص 163)
163 - حديث " ما أدري أعزير نبي أم لا؟ وما أدري أتبع ملعون أم لا؟ وما أدري ذو القرنين نبي أم لا؟ "
** أخرجه أبو داود والحاكم وصححه من حديث أبي هريرة.
وهذه رواية أخرى للحاكم:
المستدرك على الصحيحين للحاكم - (ج 1 / ص 107)
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أدري تبع أنبيا كان أم لا؟ وما أدري ذا القرنين أنبيا كان أم لا؟ وما أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا؟». «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولا أعلم له علة ولم يخرجاه»
ولكن وقفت على قول لابن عساكر والهيثمي رحمهما الله أورده الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة قد يفصّل في المسألة قليلا لذلك أتراجع عن كلامي السابق - مع احتفاظي برأيي أن ذو القرنين غير نبي الله سليمان حتى تبينوا لنا العكس - فهذا النقل:
السلسلة الصحيحة - (ج 5 / ص 251)
2217 - (صحيح)
من السنة أن يقول: لا أدري. [ما أدري تبع ألعينا كان أم لا؟ وما أدري ذا القرنين أنبيا كان أم لا؟ وما أدري الحدود كفارات أم لا؟]. (صحيح). فائدة: قال ابن عساكر: وهذا الشك من النبي صلى الله عليه و سلم كان قبل أن يبين له أمره ثم أخبر أنه كان مسلما وذاك فيما أخبرنا ... ثم ساق إسناده بحديث: لا تسبوا تبعا فإنه قد كان أسلم. ولهذا الحديث شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن كما سيأتي برقم 2423. ونحوه قول الهيثمي: يحتمل أنه صلى الله عليه و سلم قاله في وقت لم يأته فيه العلم عن الله ثم لما أتاه قال ما رويناه في حديث عبادة وغيره. يعني قوله صلى الله عليه و سلم: ... . ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب فهو كفارة له ... أخرجه الشيخان وغيرهما(79/431)
مصارفة عشرة ريالات بتسعة ... الصورة الجائزة .. والممنوعة!!
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[12 - 06 - 07, 11:39 م]ـ
رقم الفتوى: 9407
عنوان الفتوى: مصارفة عشرة ريالات بتسعة ... الصورة الجائزة .. والممنوعة
تاريخ الفتوى: 12 جمادي الأولى 1422/ 02 - 08 - 2001
السؤال
السلام عليكم
صورة المسألة (محمد قال لخالد أريد صرف عشرة ريالات فقال خالد معي صرف تسعة ريالات. قال محمد: خذ العشرة ريالات وأعطني التسعة ريالات وعليك ريال واحد دين أقبضه منك فيما بعد)
معلوم أن هذه الصورة ربا للحديث يداً بيد مثلا بمثل.
السؤال: إذا أخذ محمد التسعة ريالات وقال أنا مسامحك ياخالد بالباقي الذي هو ريال واحد
فليس عليك دين. هل هذه الصورة ربا وهل تدخل في قوله عليه السلام لا بأس اذا تفرقتم وليس بينكم شيْء. فإن الرجلان تفرقا وليس بينهم شيء
أفتونا بارك الله فيكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما دار بين محمد وخالد يحتمل صورتين، إحداهما جائزة، والأخرى ممنوعة:
فالصورة الجائزة هي أن يقع الصرف على تسعة ريالات فقط ويبقى العاشر أمانة، فهذه صورة جائزة وليست من الربا.
قال الحجاوي في الإقناع: (ولو اشترى فضة بدينار ونصف، ودفع إلى البائع دينارين ليأخذ قدر حقه منه، فأخذه ولو بعد التفرق صح، والزائد أمانة في يده، ولو صارفه خمسة دراهم بنصف دينار، فأعطاه ديناراً صح، ويكون نصفه له، والباقي أمانة في يده ويتفرقان أي: يجوز لهما أن يتفرقا قبل تمييز النصف.
ثم إن صارفه بعد ذلك للباقي له منه، أو اشترى به منه شيئاً، أو جعله سلما في شيء، أو وهبه إياه جاز) انتهى. والصورة الممنوعة هي أن يتصارفا على أساس عشرة بعشرة، ومع أحدهما تسعة حاضرة وريال نسيئة، فهذه صورة غير جائزة، لتخلف شرط التقابض.
أما إذا وهب محمد لخالد الريال الزائد هبة محضة، فإن حقيقة الصرف حينئذ إنما وقع على التسعة ريالات فقط، ومعلوم أن هذه الصورة ليست من الربا في شيء.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى
ـ[أبوالوليد السلفي]ــــــــ[13 - 06 - 07, 06:29 ص]ـ
جزاكم الله خيراً , و يا ليتكم تذكرون من المفتي أو المصدر.(79/432)
حكم الاقتراض من بنك متعامل مع شركته بدون ربا
ـ[زياد عوض]ــــــــ[13 - 06 - 07, 03:45 ص]ـ
هذه فتوى للعلَامة الشيخ العثيمين - رحمه الله تعالى - قرأتها من موقع الإسلام سؤال وجواب
فحاكت في نفس فأحببت وضعها للمدارسة لعل بعض الإخوة وفقهم الله يزيل ما اسشكل علي منها والله الموفق0
حكم الاقتراض من بنك متعامل مع شركته بدون ربا
سؤال:
السؤال: شركة لها معاملات وحسابات مع أحد البنوك وهذا البنك يقبل أن يقرض موظفي الشركة مبلغاً معيناً بدون زيادات ربوية ويطلب تحويل جزء من راتب الموظف إليه، فهل يجوز للموظف أن يقترض من هذا البنك؟
الجواب:
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقوله:
لا مانع من اقتراض الموظف من هذا البنك مادام القرض بدون ربا.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
اليس في هذه المعاملة قرض جر نفعا فالبنك لا يقرض أفراد هذه الشركة إلَا بعد أن قامت الشركة بإيدع أموالها عند البنك ومعلوم أنَ الودائع والحسابات عند البنوك لها حكم القرض ولو لم تكن بربا لأنَ البنك يضمنها على جميع الأحوال وهذا ما رجَحه بعض المعاصرين من علماء زماننا
ـ[زياد عوض]ــــــــ[13 - 06 - 07, 04:53 ص]ـ
والسؤال: لو لم تقم الشركة بإيداع أموالها عند البنك والتي لها حكم القرض كما رجَحه البعض وهو الأقوى فهل يعطي البنك موظفيها قروضا
أظن أنَ الجواب معروف
ـ[زياد عوض]ــــــــ[13 - 06 - 07, 06:05 ص]ـ
قرار رقم: 90/ 3 / د 9
بشأن (الودائع المصرفية حسابات المصارف)
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره التاسع بأبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة من 1 إلى 6 ذي القعدة 1415 هـ، الموافق 1 - 6 أبريل 1995 م.
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع: (الودائع المصرفية (حسابات المصارف) وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي:
أولا: الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) سواء أكانت لدى البنوك الإسلامية أو البنوك الربوية هي قروض بالمنظور الفقهي، حيث إن المصرف المتسلم لهذه الودائع يده يد ضمان لها هو ملزم شرعا بالرد عند الطلب. ولا يؤثر على حكم القرض كون البنك (المقترض)، مليئا. ثانيا: إن الودائع المصرفية تنقسم إلى نوعين بحسب واقع التعامل المصرفي:
أ- الودائع التي تدفع لها فوائد، كما هو الحال في البنوك الربوية، هي قروض ربوية محرمة سواء أكانت من نوع الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية)، أم الودائع لأجل، أم الودائع بإشعار، أم حسابات التوفير.
ب- الودائع التي تسلم للبنوك الملتزمة فعليا بأحكام الشريعة الإسلامية بعقد استثمار على حصة من الربح هي رأس مال مضاربة، وتنطبق عليها أحكام المضاربة (القراض) في الفقه الإسلامي التي منها عدم جواز ضمان المضارب (البنك) لرأس مال المضاربة.
ثالثا: إن الضمان في الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) هو على المقترضين لها (المساهمين في البنوك) ما داموا ينفردون بالأرباح المتولدة من استثمارها، ولا يشترك في ضمان تلك الحسابات الجارية المودعون في حسابات الاستثمار، لأنهم لم يشاركوا في اقتراضها ولا استحقاق أرباحها.
رابعا: إن رهن الودائع جائز، سواء أكانت من الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) أم الودائع الاستثمارية، ولا يتم الرهن على مبالغها إلا بإجراء يمنع صاحب الحساب من التصرف فيه طيلة مدة الرهن. وإذا كان البنك الذي لديه الحساب الجاري هو المرتهن لزم نقل المبالغ إلى حساب استثماري؟، بحيث ينتفي الضمان للتحول من القرض إلى القراض (المضاربة) ويستحق أرباح الحساب صاحبه تجنبا لانتفاع المرتهن (الدائن) بنماء الرهن.
خامسا: يجوز الحجز من الحسابات إذا كان متفقا عليه بين البنك والعميل.
سادسا: الأصل في مشروعية التعامل الأمانة والصدق بالإفصاح عن البيانات بصورة تدفع اللبس أو الإيهام وتطابق الواقع وتنسجم مع المنظور الشرعي، ويتأكد ذلك بالنسبة للبنوك تجاه ما لديها من حسابات لاتصال عملها بالأمانة المفترضة ودفعا للتغرير بذوي العلاقة.
المجمع الفقهي الإسلامي
ـ[زياد عوض]ــــــــ[13 - 06 - 07, 04:13 م]ـ
للرفع00000000000000000000000
ـ[ابو الحارث الشامي]ــــــــ[16 - 06 - 07, 06:04 م]ـ
للرفع ...
ـ[ابو الحارث الشامي]ــــــــ[16 - 06 - 07, 07:43 م]ـ
وجدت موضوع اخر للشيخ زياد عوض حفظه الله
من هنا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103913)
ـ[زياد عوض]ــــــــ[17 - 06 - 07, 06:35 ص]ـ
جزاك الله خيرا أبا الحارث(79/433)
اذا تاب العبد من الذنب هل يرجع الى ما كان عليه قبل الذنب
ـ[أبو الحارث السنى]ــــــــ[13 - 06 - 07, 08:17 ص]ـ
بمعنى اذا كان العبد فى حالة ايمانية طيبه مع الله جل وعلا وذاق شئ من حلاوة التقوى ثم أذنب ذنبا ((سواء كان هذا الذنب صغير أو كبير)) اذا تاب الى الله هل يرجع الى الحاله التى كان عليها قبل الذنب
لقد رأيت كثير من العلماء قال انه لا يرجع الى الحاله التى كان عليها
وسألت بنفسى أحد مشايخى فقال لى:ان هذا الأمر مشاهد وليس فيه نص أن من ذاق شئ من التقوى ثم أذنب لا يعود الى ما كان عليه قبل الذنب وخصوصا من تكرر هذا الذنب عنده وتكررت التوبه
فهل هناك أحد من اخواننا عنده علم أو شئ فى هذه المسأله ..
ـ[أبو الحارث السنى]ــــــــ[14 - 06 - 07, 02:37 ص]ـ
هل من مجيب
ـ[ام يوسف المصريه]ــــــــ[14 - 06 - 07, 03:10 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
طبعا انا لست من العلماء ولكنى احكم على الامر بقلبى وبعض الادله الشرعيه البسيطه واعتبر انه مجرد رأى يميل الى الصواب وليس الصواب
إذا رجع العبد الى الله وندم على ما فعل ورأى الله منه الندم والإنابه وحسن العمل فهل تظن ان الله يضيع اجر عمله؟
الله الرحمن الرحيم يا اخى ارحم علينا من والدينا يرى منا التوبه فيقبلها بل ويفرح بها المهم ان نحسن التوبه والا تكون توبه تحتاج الى توبه وتذكر ان الايمان فى القلوب تاره وتاره وان الجميع يعانى من بعض الذنوب صغيرا كان او كبير فإن كان كلامك صحيحا لما ذاق احد حلاوة الايمان
لكن لا تأخذ كلامى على انه صواب لانه مجرد حكم قلبى على الامر واستفت من تثق فى رأيه وإن وصلت لشئ فأخبرنا
جزاك الله خيرا
السلام عليكم
ـ[أبو الحارث السنى]ــــــــ[14 - 06 - 07, 06:20 ص]ـ
لكن لا تأخذ كلامى على انه صواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بل كلامك كله صواب
فالله عز وجل ألزم نفسه بقبول توبة العبد فله الحمد والمنه
ليس الاشكال فى ذلك اطلاقا
ولكن أقول: هل يعود العبد الى ما كان عليه قبل الذنب
وبطريقة أخرى أبين
هناك من تراه فى بداية الالتزام عنده حماسه وقوة فبدأ يقوم الليل
ويصوم النهار ويكثر من كل ألوان الطاعات ما استطاع
ثم يعود شئ قليل الى ما كان عليه قبل الالتزام
فاذا رجع الى الله مرة أخرى تجده فى حالة ايمانيه أقل مما كان عليها فى بداية التزامه
وهذا أمر مشاهد ... وتكلم فيه العلماء
جزاك الله خيرا أختى
أرجوا من اخواننا ممن عنده علم أو بصيرة فى هذا الأمر أن يتصدق علينا وأن يبين لنا ما هو الصواب فى هذا الأمر
ـ[أبو آثار]ــــــــ[14 - 06 - 07, 08:27 ص]ـ
بالعكس فقد يعود افضل مما كان وهو راي الشيخ ابن عثيمين لان ماحصل في نفسه من انكسار
وتوبه وندم على مافات فيه تحقيق لجانب كبير من العبودية وذكر على ذلك مثالا وهو ادم عليه
السلام فانه لما تاب من ذنبه اجتباه الله وجعله نبيا
وايضا اخوة يوسف لما تابوا من ذنوبهم جعلهم الله انبياء
واحيانا يتضح للانسان امور بعد وقوعه في الذنب من البصيرة بالذنب وآثاره السيئة على نفسه
وعلى غيره ما لا يمكنه معرفتها لو بقي طائعا وكما قال عمر بن الخطاب لا يعرف الاسلام من لا
يعرف الجاهلية
ويستحضرني الان معصية المسلمون لامر الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة احد وما كان في
ذلك من الفوائد العظيمة لهم لدرجة انهم ومع ما كان فيهم من جراحات وآلام الا انهم لما دعاهم
الرسول لمواجهة المشركين في حمراء الاسد انهم استجابوا له بسرعة وتوكلوا على الله وكيف
اثنى الله عليهم وخرجوا من تلك الغزوة وقد تنقت صفوفهم من المنافقين وتمحصت قلوبهم من
الذنوب
لكن نفول لمن لايزال في الذنب توقف ولا تبتعد كثيرا عن الصراط المستقيم لانك كلما ابتعدت صعب
خروجك من الظلمات الى النور وقد تتخبط كثيرا حتى تعود الى جادة الطريق مرة اخرى
وقد تموت قبل ان تعود
ـ[أبو الحارث السنى]ــــــــ[14 - 06 - 07, 11:18 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخى أبو آثار على هذه الكلمات الطيبة
لكن
أليس هذا أمر مشاهد
وخصوصا لمن ذاق حلاوة الايمان
وبالنسبه لمن تكرر عنده الذنب وتكررت التوبه!
هل يكون هذا مثل الصنف الأول؟
ان الأمر بالنسبة لى ليس اثارة للموضوع
لا والله انى أريد أن أعرف الحق فى هذه المسأله
ان رأيت كثيرا من اخوانى انتكس ولم يعد الى ما كان عليه
ولا أكاد أرى من أصبح حاله أحسن مما كان عليه قبل التوبة
أرجوا من اخواننا أن يشاركونا
ـ[المصلحي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 11:42 ص]ـ
لابن القيم كلام على هذه المسالة في كتابه الجواب الكافي
ـ[وكيع الكويتي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 02:09 م]ـ
لابن القيم كلام على هذه المسالة في كتابه الجواب الكافي
* مسألة / هل يرجع التائب إلى درجته قبل الذنب أم لا؟
فقال التحقيق أن من التائبين من يعود إلى أرفع من درجته ومنهم من يعود إلى من مثل درجته ومنهم من لا يصل إلى درجته ومنهم من يعود إلى درجته. ص (137)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/434)
ـ[أبو الحارث السنى]ــــــــ[15 - 06 - 07, 07:23 ص]ـ
فهل الغالب على من ذاق حلاوة الايمان ثم عصى وتاب مرات
هل الغالب أنه لا يعود الى درجته
ـ[أبو آثار]ــــــــ[16 - 06 - 07, 07:14 ص]ـ
إن الاساس في كل شيء هو توفيق الله للعبد
فهو الذي وفقه أولا لطاعته
وهو وحده الذي يتدارك العبد برحمته فيتوب عليه وكل ذلك فضل من الله يؤتيه من يشاء
لكن وبما اننا لانعلم الغيب فعلينا ان نفترض دائما اننا من اهل الجنة وان نعمل لذلك ونحرص عليه
حتى نموت على ذلك
لان الانسان اذا استغرق بالتفكير في عظم ذنبه فإن ذلك سيجعله يغفل عن امرين:
اولهما ان الانسان وحتى المؤمن من طبعه الذنب ثم التوبة منه فلكل مؤمن ذنب يذنبه ثم
بستغفرالله منه
ثانيهما ان رحمة الله عظيمة جدا وان رحمته وسعت كل شيء ومن المستحيل ان يأتيه المؤمن
صادقا في توبته عازما على عدم الرجوع مخلصا في ذلك له ان يخذله
وقد تكون توبة من تاب من ذنبه غير صحيحة او ناقصة او تكون متعلقة بحقوق خلق آخرين
وبالتالي سيؤول به الامر إلى ان يقنط من رحمة الله ثم يتمادى بذنبه وهذا من اكبر مداخل الشيطان
على الانسان.
ـ[أبو آثار]ــــــــ[16 - 06 - 07, 07:17 ص]ـ
إن الاساس في كل شيء هو توفيق الله للعبد
فهو الذي وفقه أولا لطاعته
وهو وحده الذي يتدارك العبد برحمته فيتوب عليه وكل ذلك فضل من الله يؤتيه من يشاء
لكن وبما اننا لانعلم الغيب فعلينا ان نفترض دائما اننا من اهل الجنة وان نعمل لذلك ونحرص عليه
حتى نموت على ذلك
لان الانسان اذا استغرق بالتفكير في عظم ذنبه فإن ذلك سيجعله يغفل عن امرين:
اولهما ان الانسان وحتى المؤمن من طبعه الذنب ثم التوبة منه فلكل مؤمن ذنب يذنبه ثم
بستغفرالله منه
ثانيهما ان رحمة الله عظيمة جدا وان رحمته وسعت كل شيء ومن المستحيل ان يأتيه المؤمن
صادقا في توبته عازما على عدم الرجوع مخلصا في ذلك له ان يخذله
وقد تكون توبة من تاب من ذنبه غير صحيحة او ناقصة او تكون متعلقة بحقوق خلق آخرين.
وبالتالي سيؤول به الامر إلى ان يقنط من رحمة الله ثم يتمادى بذنبه وهذا من اكبر مداخل الشيطان
على الانسان.
ـ[أبو الحارث السنى]ــــــــ[16 - 06 - 07, 09:14 ص]ـ
جزاك الله خيرا أبو آثار وأحسن الله اليك
ولقد وقفت على كلام نفيس لشيخ الاسلام ابن تيمية
أنقله للفائدة.
قال رحمه الله:
((والصحيح أن من التائبين من لا يعود الى درجته ومنهم من يعود الى أعلى منها فيصير خيرا مما كان قبل الذنب وكان داود بعد التوبة خيرا منه قبل الذنب))
اللهم تب علينا انك أنت التواب الرحيم
ـ[توبة]ــــــــ[16 - 06 - 07, 10:44 ص]ـ
آمين .. جازاكم الله خيرا على هذه الفائدة النفيسة ..
وجدت هذا الرابط أظنه يخدم الموضوع:
هل التوبة تجب ماقبلها؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=6949&highlight=%C7%E1%CA%E6%C8%C9+%CA%CC%C8+%DE%C8%E1%E 5%C7)
ـ[أبو الحارث السنى]ــــــــ[16 - 06 - 07, 11:48 ص]ـ
وجدت هذا الرابط أظنه يخدم الموضوع:
هل التوبة تجب ماقبلها؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=6949&highlight=%C7%E1%CA%E6%C8%C9+%CA%CC%C8+%DE%C8%E1%E 5%C7)
جزاك الله خيرا وأعزك فى الدنيا والآخرة
نعم ان هذا الرابط يخدم الموضوع(79/435)
سؤال عن الوضوء
ـ[إبن بوعلام]ــــــــ[13 - 06 - 07, 02:08 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد
أريد أن أعرف هل يجوز الوضوء داخل مرحاض "أكرمكم الله" به حنفية بها ماء طاهر وصالح للشرب أفيدونا في هذه المسألة جزاكم الله خيرا.
ـ[زياد عوض]ــــــــ[13 - 06 - 07, 04:23 م]ـ
حكم الوضوء داخل الحمام
القسم: فتاوى > نور على الدرب
السؤال:
ما حكم من يتوضأ داخل الحمام، وهل يجوز وضوءه؟
الجواب:
لا بأس أن يتوضأ داخل الحمام، إذا دعت الحاجة إلى ذلك، ويسمي عند أول الوضوء، يقول: "بسم الله"؛ لأن التسمية واجبة عند بعض أهل العلم، ومتأكدة عند الأكثر، فيأتي بها وتزول الكراهة؛ لأن الكراهة تزول عند وجود الحاجة إلى التسمية، والإنسان مأمور بالتسمية عند أول الوضوء، فيسمى ويكمل وضوءه.
وأما التشهد فيكون بعد الخروج من الحمام - وهو محل قضاء الحاجة - فإذا فرغ من وضوئه يخرج ويتشهد في الخارج.
أما إذا كان الحمام لمجرد الوضوء ليس للغائط والبول، فهذا لا بأس أن يأتي بها فيه؛ لأنه ليس محلاً لقضاء الحاجة.
المصدر:
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز المجلد العاشر.
ـ[إبن بوعلام]ــــــــ[14 - 06 - 07, 02:22 ص]ـ
بارك الله فيك وزادك الله علما.
ـ[زياد عوض]ــــــــ[14 - 06 - 07, 04:46 ص]ـ
بارك الله فيك وزادك الله علما.
وفيك بارك، ووفقك لما يحبَه ويرضاه0(79/436)
مشايخنا الكرام .. كيف يزكي صاحب المطعم؟
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[13 - 06 - 07, 02:36 م]ـ
السلام عليكم ..
صورة المسألة:
رجل لديه (مئة ألف) دفع خمسين ألفاً إيجارا
وجهز بالخمسين الأخرى المحل مما يلزم المطاعم عادة من مثل الأطعمة والمشروبات (والديكوروات)
ثم أصبح يربح كل يوم ربحاً؟
كيف يزكي؟
لو أمكن الشرح لطلبة العلم؟
وفقكم الله
ـ[زياد عوض]ــــــــ[13 - 06 - 07, 04:26 م]ـ
وعليكم السلام:
العدد والأدوات والديكورات ليست عليها زكاة وإنما تكون الزكاة على الناتج إذا بلغ نصابا وحال عليه الحول 0 وفقك الله وسددك
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[13 - 06 - 07, 08:03 م]ـ
أحسن الله إليك أخي زياد وبارك في علمك ووفقك
إذاً ..
المال الذي خرج من يده بدفعه إيجارا أو بشراء ما يلزم انقطع حوله وخرج من يده فلا زكاة فيه.
ثانياً:
ما كسبه صاحب المطعم بدأ به الحول فمتى مضى الحول زكى ما بيده إن بلغ نصاباً.
هل فهمي صحيح بارك الله فيك؟
بقي سؤال: إذا ربح ما يبلغ النصاب في الشهر الأول فزكاته بعد حول , فكيف يزكي ما ربحه في الشهر الخامس وما بعده؟ (كأن المسألة تشبه راتب الموظف)
وسؤال آخر إن أذنت لي بوركت:
إذا مضى الحول وبيده المال فهل يخرج الزكاة ثم يدفع الإيجار أم أن الإيجار لا يدخل في المال المزكى؟
وإنما خصصت السؤال به لأن المطعم في الغالب ليس فيه عروض تحسب من رأس المال وأكثرت الاستفصال لأن سؤلت من رجل عامي يريد أن يبرأ ذمته إن شاء الله.
ـ[زياد عوض]ــــــــ[13 - 06 - 07, 11:50 م]ـ
إذاً ..
المال الذي خرج من يده بدفعه إيجارا أو بشراء ما يلزم انقطع حوله وخرج من يده فلا زكاة فيه.
نعم لا زكاة عليه
ثانياً:
ما كسبه صاحب المطعم بدأ به الحول فمتى مضى الحول زكى ما بيده إن بلغ نصاباً.
سواء بلغ بنفسه أم بما عنده من مال نقد
بقي سؤال: إذا ربح ما يبلغ النصاب في الشهر الأول فزكاته بعد حول , فكيف يزكي ما ربحه في الشهر الخامس وما بعده؟ (كأن المسألة تشبه راتب الموظف)
يزكي المبلغ إذا حال عليه الحول وبلغ نصابا أي أنَ الزكاة تكون بعد حولان الحول
إذا مضى الحول وبيده المال فهل يخرج الزكاة ثم يدفع الإيجار أم أن الإيجار لا يدخل في المال المزكى؟
إذا دفع الإيجار قبل حولان الحول فلا زكاه على المبلغ المدفوع بدل إيجار
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[15 - 06 - 07, 01:25 ص]ـ
أحسنت زادك الله من فضله وعلملك علماً نافعاً
جزاك الله خيرا
ـ[زياد عوض]ــــــــ[15 - 06 - 07, 01:54 ص]ـ
أحسنت زادك الله من فضله وعلملك علماً نافعاً
جزاك الله خيرا
وأنت كذلك(79/437)
حكم لبس بدلة الزفاف؟
ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[13 - 06 - 07, 04:37 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله أشكل علي حكم لبس بدلة الزفاف مع ربطة العنق، وقد كنت رأيت من أباحها من العلماء، لكن السؤال يرد في حكم ما يرتدي البدلة ليوم الزفاف، بحيث إن لابسها قد إرتكب محظورين
الأول: التشبه بلباس الكفار
الثاني: التشبه بعادة الكفار، لأن من عادتهم لبس البدلات أيام الزفاف ......
أرجو من الأخوة مساعدتي في هذه المسألة.
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[13 - 06 - 07, 10:45 م]ـ
البدلة أصبحت من زي المسلمين في بلاد كثيرة سواء أكانت في الزفاف أو غيره وهذه فتاوى كبار العلماء في ذلك:
السؤال الأول والثاني من الفتوى رقم (4566)
س 1، 2 ما هي المشابهة المنهي عنها هل هي فيما يخصهم فقط أم فيما قد أصبح منتشرا ويفعله المسلمون والكفار وإن كان أصله واردا من بلاد الكفر كما هو الحال في البنطلونات والحلل الأفرنجية، وهل إذا كان يفعله فساق المسلمين فقط دون عدولهم
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 429)
يصبح أيضا من المشابهة إذا فعله عدول المسلمين ما هو حكم لبس البدل الأفرنجية على الوجه الذي يفعله غالبية الناس الآن من مسلمين وكفار، هل هو مشابهة فقط، وإن كان فيه مشابهة بالكفار فما هي درجة التحريم أو الكراهة، هل هناك كراهة أيضا حيث إن البنطلون يجسم العورة، إذا كان هناك كراهة فهل هي كراهة تحريمية أم تنزيهية وما العورة المقصودة بالتجسيم هل هي العورة المغلظة أم هي والفخذ أيضا، وإن أمكن تلافي هذا الأمر (وهو تجسيم العورة المغلظة والفخذ) بقدر الإمكان باستعمال البنطلونات الواسعة فهل تظل الكراهة موجودة، وما حكم لبس البنطلونات الضيقة أو المضبوطة تماما بحيث لا يكون فيها وسع عن الساق إلا قليلا؟
ج1،2 المراد بمشابهة الكفار المنهي عنها مشابهتهم فيما اختصوا به من العادات وما ابتدعوه في الدين من عقائد وعبادات؛ كمشابهتهم في حلق اللحية وشد الزنار، وما اتخذوه من المواسم والأعياد والغلو في الصالحين بالاستغاثة بهم والطواف حول قبورهم والذبح لهم، ودق الناقوس وتعليق الصليب في العنق أو على البيوت أو اتخاذه وشما باليد مثلا، تعظيما له، واعتقادا لما يعتقده النصارى ويختلف حكم مشابهتهم، فقد يكون كفرا؛ كالتشبه بهم في الاستغاثة بأصحاب القبور، والتبرك بالصليب
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 430)
واتخاذه شعارا، وقد يكون محرما فقط، كحلق اللحية، وتهنئتهم بأعيادهم، وربما أفضى التساهل في مشابهتهم المحرمة إلى الكفر والعياذ بالله
أما لبس البنطلون والبدلة وأمثالهما من اللباس فالأصل في أنواع اللباس الإباحة؛ لأنه من أمور العادات، قال تعالى سورة الأعراف الآية 32 قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ الآية، ويستثنى من ذلك ما دل الدليل الشرعي على تحريمه أو كراهته كالحرير للرجال، والذي يصف العورة لكونه شفافا يرى من ورائه لون الجلد، أو ككونه ضيقا يحدد العورة؛ لأنه حينئذ في حكم كشفها وكشفها لا يجوز، وكالملابس التي هي من سيما الكفار فلا يجوز لبسها لا للرجال ولا للنساء؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم، وكلبس الرجال ملابس النساء، ولبس النساء ملابس الرجال؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، وليس اللباس المسمى بالبنطلون والقميص مما يختص لبسه بالكفار، بل هو لباس عام في المسلمين والكافرين في كثير من البلاد والدول، وإنما تنفر النفوس من لبس ذلك في بعض البلاد؛ لعدم الألف ومخالفة عادة سكانها في اللباس وإن كان ذلك موافقا لعادة غيرهم من المسلمين، لكن الأولى بالمسلم إذا كان في بلد لم يعتد أهلها
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 431)
ذلك اللباس ألا يلبسه في الصلاة ولا في المجامع العامة ولا في الطرقات فتوى رقم (1620). .
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[13 - 06 - 07, 10:49 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/438)
جزاك الله خيرا، لكن نحن نقصد عن الذين يرتدونها أيام الزفاف
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[13 - 06 - 07, 11:05 م]ـ
السؤال الأول من الفتوى رقم (1620)
س1: شاع في كثير من بلاد المسلمين لبس البدلة، ذلك اللباس المكون من جاكيت وبنطلون، وقد تقتصر الملابس على بنطلون وقميص أو فانيلا بكم أو بنصف كم، في الصيف لشدة الحر، فهل لبس هذا اللباس يدخل تحت باب التشبه بغير المسلمين أو لا؟
ج1: الأصل في أنواع اللباس الإباحة؛ لأنه من أمور العادات، قال تعالى: سورة الأعراف الآية 32 قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ويستثنى من ذلك ما دل الدليل الشرعي على تحريمه أو كراهته كالحرير للرجال، والذي يصف العورة؛ لكونه شفافا يرى من ورائه لون الجلد أو لكونه ضيقا يحدد العورة، لأنه حينئذ في حكم كشفها وكشفها لا يجوز، وكالملابس التي هي من سيما الكفار الخاصة بهم، فلا يجوز لبسها لا للرجال ولا للنساء؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم، وكلبس الرجال ملابس
(الجزء رقم: 24، الصفحة رقم: 39)
النساء ولبس النساء ملابس الرجال؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال.
وليس اللباس المسمى بالبنطلون والقميص مما يختص لبسه بالكفار، بل هو لباس عام في المسلمين والكافرين في كثير من البلاد والدول، وإنما تنفر النفوس من لبس ذلك في بعض البلاد لعدم الألف ومخالفة عادة سكانها في اللباس، وإن كان ذلك موافقا لعادة غيرهم من المسلمين، لكن الأولى بالمسلم إذا كان في بلد لم يعتد أهلها ذلك اللباس ألا يلبسه في الصلاة ولا في المجامع العامة ولا في الطرقات.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[13 - 06 - 07, 11:08 م]ـ
يا أخي البدلة تلبس للتزين عموما وفي المناسبات الهامة خصوصا والزفاف لاشك أنه مناسبة هامة والتزين مطلوب فيها فإذا كانت مباحة في غير الزفاف فما الذي سيحرمها في الزفاف؟! واقرأ الفتوى بتركيز ففيها فوائد هامة في باب التشبه وأنه ليس كل ما يفعله الكفار إذا فعله المسلم كان تشبها.
ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[14 - 06 - 07, 03:27 م]ـ
جزاك الله خيرا ..........
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[14 - 06 - 07, 05:25 م]ـ
وجزاكم الله خيرا أخي الكريم.
ـ[أبو تميم الدمشقي]ــــــــ[31 - 10 - 10, 10:12 م]ـ
أخل الفاضل:
للشيخ الألباني رأي في هذه المسألة، وهي أنه يرى أن لبس البنطال تشبه بالكفار، وإن كان هذا الحكم يخالفه فيه بعض أهل العلم - وأميل إلى قولهم دونه مع حفظ مكانة الشيخ وحقه وأننا ممن تربع بين يدي تلاميذه - إلا أن الشيخ يشدد كثيراً على حرمة ربطة العنق التي تسمى الكرافة، وهي من العادات التي ارتبطت بعبادة، وقد تخفى على كثير من الناس، و أصلها يرجع إلى الصليب الذي كان يضعه عباد الصليب على أعناقهم، ثم تطور ليكون بعد ذلك ربطة للعنق، وأنا أذكر تماماً تشديد الشيخ على حرمة الربطة هذه من خلال بعض أشرطته ولقاء والدي معه، إلا أنني غير متأكد من نسبة أصل الربطة، هل هي من كلامه أم من كلام غيره، وعلى كل حال، فلا بد للمرء أن يبحث عن أصلها فإن كانت كما ذكرتُ فالحرمة فيها لا تقبل الخلاف، والله أعلم
ـ[ابوخالد الحنبلى]ــــــــ[31 - 10 - 10, 11:48 م]ـ
اخى وقد اجازها الشيخين ابن عثيمين وابن باز وكفى بهما جلالة(79/439)
من يزيل لي هذا الإشكال وله الأجر
ـ[زياد عوض]ــــــــ[13 - 06 - 07, 06:25 م]ـ
هذه فتوى للعلَامة الشيخ العثيمين - رحمه الله تعالى - قرأتها من موقع الإسلام سؤال وجواب
فحاكت في نفس فأحببت وضعها للمدارسة لعل بعض الإخوة وفقهم الله يزيل ما اسشكل علي منها والله الموفق0
حكم الاقتراض من بنك متعامل مع شركته بدون ربا
سؤال:
السؤال: شركة لها معاملات وحسابات مع أحد البنوك وهذا البنك يقبل أن يقرض موظفي الشركة مبلغاً معيناً بدون زيادات ربوية ويطلب تحويل جزء من راتب الموظف إليه، فهل يجوز للموظف أن يقترض من هذا البنك؟
الجواب:
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقوله:
لا مانع من اقتراض الموظف من هذا البنك مادام القرض بدون ربا.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
اليس في هذه المعاملة قرض جر نفعا فالبنك لا يقرض أفراد هذه الشركة إلَا بعد أن قامت الشركة بإيدع أموالها عند البنك ومعلوم أنَ الودائع والحسابات عند البنوك لها حكم القرض ولو لم تكن بربا لأنَ البنك يضمنها على جميع الأحوال وهذا ما رجَحه بعض المعاصرين من علماء زماننا
والسؤال: لو لم تقم الشركة بإيداع أموالها عند البنك والتي لها حكم القرض كما رجَحه البعض وهو الأقوى فهل يعطي البنك موظفيها قروضا
أظن أنَ الجواب معروف
قرار رقم: 90/ 3 / د 9
بشأن (الودائع المصرفية حسابات المصارف)
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره التاسع بأبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة من 1 إلى 6 ذي القعدة 1415 هـ، الموافق 1 - 6 أبريل 1995 م.
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع: (الودائع المصرفية (حسابات المصارف) وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي:
أولا: الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) سواء أكانت لدى البنوك الإسلامية أو البنوك الربوية هي قروض بالمنظور الفقهي، حيث إن المصرف المتسلم لهذه الودائع يده يد ضمان لها هو ملزم شرعا بالرد عند الطلب. ولا يؤثر على حكم القرض كون البنك (المقترض)، مليئا. ثانيا: إن الودائع المصرفية تنقسم إلى نوعين بحسب واقع التعامل المصرفي:
أ- الودائع التي تدفع لها فوائد، كما هو الحال في البنوك الربوية، هي قروض ربوية محرمة سواء أكانت من نوع الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية)، أم الودائع لأجل، أم الودائع بإشعار، أم حسابات التوفير.
ب- الودائع التي تسلم للبنوك الملتزمة فعليا بأحكام الشريعة الإسلامية بعقد استثمار على حصة من الربح هي رأس مال مضاربة، وتنطبق عليها أحكام المضاربة (القراض) في الفقه الإسلامي التي منها عدم جواز ضمان المضارب (البنك) لرأس مال المضاربة.
ثالثا: إن الضمان في الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) هو على المقترضين لها (المساهمين في البنوك) ما داموا ينفردون بالأرباح المتولدة من استثمارها، ولا يشترك في ضمان تلك الحسابات الجارية المودعون في حسابات الاستثمار، لأنهم لم يشاركوا في اقتراضها ولا استحقاق أرباحها.
رابعا: إن رهن الودائع جائز، سواء أكانت من الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) أم الودائع الاستثمارية، ولا يتم الرهن على مبالغها إلا بإجراء يمنع صاحب الحساب من التصرف فيه طيلة مدة الرهن. وإذا كان البنك الذي لديه الحساب الجاري هو المرتهن لزم نقل المبالغ إلى حساب استثماري؟، بحيث ينتفي الضمان للتحول من القرض إلى القراض (المضاربة) ويستحق أرباح الحساب صاحبه تجنبا لانتفاع المرتهن (الدائن) بنماء الرهن.
خامسا: يجوز الحجز من الحسابات إذا كان متفقا عليه بين البنك والعميل.
سادسا: الأصل في مشروعية التعامل الأمانة والصدق بالإفصاح عن البيانات بصورة تدفع اللبس أو الإيهام وتطابق الواقع وتنسجم مع المنظور الشرعي، ويتأكد ذلك بالنسبة للبنوك تجاه ما لديها من حسابات لاتصال عملها بالأمانة المفترضة ودفعا للتغرير بذوي العلاقة.
المجمع الفقهي الإسلامي
ـ[زياد عوض]ــــــــ[14 - 06 - 07, 06:21 ص]ـ
للرفع00000000000000000000000
ـ[طارق بن إحسان]ــــــــ[15 - 06 - 07, 06:23 ص]ـ
للرفع
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[15 - 06 - 07, 03:15 م]ـ
وأما اذا كان المصرف يقرض بدون فوائد
فينظر:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/440)
ان كان المصرف يشترط أن يفتح المقترض حسابا عنده فان هذا لا يجوز
لأنه قرض بشرط الاقراض فيدخل في مسألة أسلفني وأسلفك وقد تقدم انها محرمة
وأما اذا كان المصرف لا يشترط ذلك وكان القرض دون مقابل فان ذلك جائز
ما سبق منقول من كتاب (المنفعة في القرض 463)
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[15 - 06 - 07, 03:25 م]ـ
رقم الفتوى: 79621
عنوان الفتوى: القروض الميسرة من بنك يشترط رصيدا معينا لإتمام القرض
تاريخ الفتوى: 21 ذو القعدة 1427/ 12 - 12 - 2006
السؤال
أعمل موظفاً بإحدى الشركات ولديها تعامل مع أحد المصارف فيما يتعلق بالأمور المالية الخاصة بالشركة وقد أبدى المصرف استعداده بالتعاون في كثيرٍ من البنود، وكان من بين البنود التي اقترحها البنك على الشركة بعد أن طلبت منه توسيع نطاق التعامل بينهما ما نصه: " استعداد المصرف لمنح قروضٍ اجتماعيةٍ للعاملين بالشركة (سُلف) وفق الإجراءات المعمول بها وبدون فوائد - أي بدون رباً – بشرط أن يكون للشركة حسابٌ جار برصيدٍ دائنٍ يتراوح ما بين (6 – 10) مليون دينار.
" علماً بأن قيمة السلفة (10000) دينار وعدد العاملين بالشركة الذين يرغبون في الاستفادة من هذا العرض حوالي (500) موظف.
السؤال الأول: ما مدى صحة هذا العرض المقدم من المصرف حيث إنه دخل فيه الاشتراط؟
السؤال الثاني:
هل ينطبق قول (كل قرضٍ جرَّ نفعاً فهو رباً) على هذه المعاملة بين المصرف والشركة بخصوص هذا البند؟
السؤال الثالث: إذا كانت هذه المعاملة بين المصرف والشركة غير جائزةٍ شرعاً سواء من ناحية اشتراط المصرف على الشركة ضرورة أن يكون لها حسابٌ جار لديه - علماً بأن للشركة حسابا جاريا قديما به ملايين الدينارات قبل أن يتقدم المصرف بعرضه المتعلق بمنح السلفة للعاملين بالشركة - أم من ناحية جلب النفع حال الإقراض.
فهل يجوز لنا نحن العاملين بالشركة الاستفادة من هذا العرض الذي قدمه المصرف للشركة بغض النظر عن طبيعة المعاملة بين المصرف والشركة باعتبار أننا سنأخذ من المصرف (10000) دينار للانتفاع بها في إتمام أمورنا الشخصية مثل (الزواج أو بناء مسكنٍ أو شراء سيارةٍ أو المتاجرة بها ... إلخ) ثم يقوم المصرف بخصمها من مرتباتنا على هيئة أقساطٍ شهريةٍ لمدة (6) سنواتٍ دون أن يزيد عليها درهماً واحداً؟
علما بأن معظم العاملين في أمسِّ الحاجة لهذا المبلغ وخاصةًَ فيما يتعلق بالحصول على مسكن أو الزواج، بعد رفضنا الحصول على قروضٍ بقيمةٍ كبيرةٍ ولكنها ربويةً؟
نأمل أن نحصل منكم على إجابةٍ شافيةٍ في أسرع وقتٍ ممكنٍ.
جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل منفعة اشترطها المقرض عند القرض فهي ربا حرام، لما روى الحارث بن أيي أسامة في مسنده من حديث علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل قرض جر منفعة فهو ربا. والحديث ضعفه الشيخ الألباني.
وجاء في "المصنف" عن ابن سيرين قال: أقرض رجل رجلا خمسمائة درهم واشترط عليه ظهر فرسه، فقال ابن مسعود: ما أصاب من ظهر فرسه فهو ربا. اهـ.
وقال الكرخي في مختصره في كتاب الصرف قال: وكل قرض جر منفعة لا يجوز، مثل أن يقرض دراهم غلة على أن يعطيه صحاحا أو يقرض قرضا على أن يبيع به بيعا، لأنه روي أن كل قرض جر نفعا فهو ربا، وتأويل هذا عندنا أن تكون المنفعة موجبة لعقد القرض مشروطة فيه، وإن كانت غير مشروطة فيه فاستقرض غلة فقضاه صحاحا من غير أن يشترط عليه جاز.
وجاء في "أسنى المطالب": قوله: كل قرض جر منفعة فهو ربا، أي شرط فيه ما يجر إلى المقرض منفعة. اهـ.
ثم إن هذه العملية داخلة فيما يعرف عند الفقهاء بمسألة أقرضني وأقرضك وما كان كذلك فهو حرام. قال الحطاب المالكي: ولا خلاف -عند المالكية- في المنع من أن يسلف الإنسان شخصا ليسلفه بعد ذلك. وهكذا مذهب الحنابلة والأحناف في تحريم أسلفني وأسلفك.
فبان من جميع هذه النصوص أن ما ذكرته من استعداد المصرف لمنح قروضٍ اجتماعية للعاملين بالشركة بدون فوائد، بشرط أن يكون للشركة حسابٌ جار برصيد دائن يتراوح ما بين (6 – 10) مليون دينار، هو من الربا الحرام.
هذا عن سؤالك الأول والثاني، وأما عن سؤالك الثالث، فالذي يظهر –والله أعلم- أن الواجب عليكم أولا هو السعي في أن لا يتم العقد بالشكل المذكور بين البنك وبين شركتكم؛ لأنه منكر والواجب على كل من استطاع تغييره أن يغيره بقدر ما يستطيع.
وإذا تم العقد بين الشركة وبين البنك، وقامت بالإيداع فيه، فلا نرى حرجا على عمالها في أن يستفيدوا من قروض البنك إذا كانت -حقا- خالية من الربا.
والذي يظهر أن هذه العقود لا ارتباط بينها وبين الاتفاق المذكور؛ لأنك ذكرت أن للشركة حسابا جاريا قديما، وبه ملايين الدينارات قبل أن يتقدم المصرف بعرضه المتعلق بمنح السلفة للعاملين بالشركة.
ولأن الاتفاق إذا تم بين الشركة وبين المصرف فإنه لا يغير منه ترك العمال الاقتراض من البنك.
وأقصى ما نراه في المسألة أن البنك حائز للمال الحرام، وقد كره أهل العلم التعامل مع من كان كذلك. ولك أن تراجع في التعامل مع حائز المال الحرام فتوانا رقم: 6880.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=79621&Option=FatwaId
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/441)
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[15 - 06 - 07, 03:34 م]ـ
رقم الفتوى: 79621
عنوان الفتوى: القروض الميسرة من بنك يشترط رصيدا معينا لإتمام القرض
تاريخ الفتوى: 21 ذو القعدة 1427/ 12 - 12 - 2006
السؤال
أعمل موظفاً بإحدى الشركات ولديها تعامل مع أحد المصارف فيما يتعلق بالأمور المالية الخاصة بالشركة وقد أبدى المصرف استعداده بالتعاون في كثيرٍ من البنود، وكان من بين البنود التي اقترحها البنك على الشركة بعد أن طلبت منه توسيع نطاق التعامل بينهما ما نصه: " استعداد المصرف لمنح قروضٍ اجتماعيةٍ للعاملين بالشركة (سُلف) وفق الإجراءات المعمول بها وبدون فوائد - أي بدون رباً – بشرط أن يكون للشركة حسابٌ جار برصيدٍ دائنٍ يتراوح ما بين (6 – 10) مليون دينار.
" علماً بأن قيمة السلفة (10000) دينار وعدد العاملين بالشركة الذين يرغبون في الاستفادة من هذا العرض حوالي (500) موظف.
السؤال الأول: ما مدى صحة هذا العرض المقدم من المصرف حيث إنه دخل فيه الاشتراط؟
السؤال الثاني:
هل ينطبق قول (كل قرضٍ جرَّ نفعاً فهو رباً) على هذه المعاملة بين المصرف والشركة بخصوص هذا البند؟
السؤال الثالث: إذا كانت هذه المعاملة بين المصرف والشركة غير جائزةٍ شرعاً سواء من ناحية اشتراط المصرف على الشركة ضرورة أن يكون لها حسابٌ جار لديه - علماً بأن للشركة حسابا جاريا قديما به ملايين الدينارات قبل أن يتقدم المصرف بعرضه المتعلق بمنح السلفة للعاملين بالشركة - أم من ناحية جلب النفع حال الإقراض.
فهل يجوز لنا نحن العاملين بالشركة الاستفادة من هذا العرض الذي قدمه المصرف للشركة بغض النظر عن طبيعة المعاملة بين المصرف والشركة باعتبار أننا سنأخذ من المصرف (10000) دينار للانتفاع بها في إتمام أمورنا الشخصية مثل (الزواج أو بناء مسكنٍ أو شراء سيارةٍ أو المتاجرة بها ... إلخ) ثم يقوم المصرف بخصمها من مرتباتنا على هيئة أقساطٍ شهريةٍ لمدة (6) سنواتٍ دون أن يزيد عليها درهماً واحداً؟
علما بأن معظم العاملين في أمسِّ الحاجة لهذا المبلغ وخاصةًَ فيما يتعلق بالحصول على مسكن أو الزواج، بعد رفضنا الحصول على قروضٍ بقيمةٍ كبيرةٍ ولكنها ربويةً؟
نأمل أن نحصل منكم على إجابةٍ شافيةٍ في أسرع وقتٍ ممكنٍ.
جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل منفعة اشترطها المقرض عند القرض فهي ربا حرام، لما روى الحارث بن أيي أسامة في مسنده من حديث علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل قرض جر منفعة فهو ربا. والحديث ضعفه الشيخ الألباني.
وجاء في "المصنف" عن ابن سيرين قال: أقرض رجل رجلا خمسمائة درهم واشترط عليه ظهر فرسه، فقال ابن مسعود: ما أصاب من ظهر فرسه فهو ربا. اهـ.
وقال الكرخي في مختصره في كتاب الصرف قال: وكل قرض جر منفعة لا يجوز، مثل أن يقرض دراهم غلة على أن يعطيه صحاحا أو يقرض قرضا على أن يبيع به بيعا، لأنه روي أن كل قرض جر نفعا فهو ربا، وتأويل هذا عندنا أن تكون المنفعة موجبة لعقد القرض مشروطة فيه، وإن كانت غير مشروطة فيه فاستقرض غلة فقضاه صحاحا من غير أن يشترط عليه جاز.
وجاء في "أسنى المطالب": قوله: كل قرض جر منفعة فهو ربا، أي شرط فيه ما يجر إلى المقرض منفعة. اهـ.
ثم إن هذه العملية داخلة فيما يعرف عند الفقهاء بمسألة أقرضني وأقرضك وما كان كذلك فهو حرام. قال الحطاب المالكي: ولا خلاف -عند المالكية- في المنع من أن يسلف الإنسان شخصا ليسلفه بعد ذلك. وهكذا مذهب الحنابلة والأحناف في تحريم أسلفني وأسلفك.
فبان من جميع هذه النصوص أن ما ذكرته من استعداد المصرف لمنح قروضٍ اجتماعية للعاملين بالشركة بدون فوائد، بشرط أن يكون للشركة حسابٌ جار برصيد دائن يتراوح ما بين (6 – 10) مليون دينار، هو من الربا الحرام.
هذا عن سؤالك الأول والثاني، وأما عن سؤالك الثالث، فالذي يظهر –والله أعلم- أن الواجب عليكم أولا هو السعي في أن لا يتم العقد بالشكل المذكور بين البنك وبين شركتكم؛ لأنه منكر والواجب على كل من استطاع تغييره أن يغيره بقدر ما يستطيع.
وإذا تم العقد بين الشركة وبين البنك، وقامت بالإيداع فيه، فلا نرى حرجا على عمالها في أن يستفيدوا من قروض البنك إذا كانت -حقا- خالية من الربا.
والذي يظهر أن هذه العقود لا ارتباط بينها وبين الاتفاق المذكور؛ لأنك ذكرت أن للشركة حسابا جاريا قديما، وبه ملايين الدينارات قبل أن يتقدم المصرف بعرضه المتعلق بمنح السلفة للعاملين بالشركة.
ولأن الاتفاق إذا تم بين الشركة وبين المصرف فإنه لا يغير منه ترك العمال الاقتراض من البنك.
وأقصى ما نراه في المسألة أن البنك حائز للمال الحرام، وقد كره أهل العلم التعامل مع من كان كذلك. ولك أن تراجع في التعامل مع حائز المال الحرام فتوانا رقم: 6880.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=79621&Option=FatwaId
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/442)
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[15 - 06 - 07, 03:39 م]ـ
.......
ـ[زياد عوض]ــــــــ[15 - 06 - 07, 06:16 م]ـ
جزاك الله خيرا
ننتظر مشاركات باقي الإخوة حتى نناقشها
ـ[زياد عوض]ــــــــ[15 - 06 - 07, 07:50 م]ـ
ما زال مطروحا:
اليس في هذه المعاملة قرض جر نفعا فالبنك لا يقرض أفراد هذه الشركة إلَا بعد أن قامت الشركة بإيدع أموالها عند البنك ومعلوم أنَ الودائع والحسابات عند البنوك لها حكم القرض ولو لم تكن بربا لأنَ البنك يضمنها على جميع الأحوال وهذا ما رجَحه بعض المعاصرين من علماء زماننا
والسؤال: لو لم تقم الشركة بإيداع أموالها عند البنك والتي لها حكم القرض كما رجَحه البعض وهو الأقوى فهل يعطي البنك موظفيها قروضا
وهل يجوز للموظف أن يعين الشركة والبنك على هذا الإثم بأن يأخذ قرضا(79/443)
هل حكم أحد على عبد الرحمن الكواكبي - لدعوته إلى العلمانية - بوقوعه في الكفر البواح؟
ـ[أبو مالك العربي]ــــــــ[13 - 06 - 07, 06:41 م]ـ
كنت أقرأ مقالاً في مجلة الآداب عدد5/ 6 عدد شهر مايو 2007م، مقالاً بعنوان (داء الطائفية ودواؤها في عصر نهضة بلاد الشام)، لكاتبه جان داية. فقد قرأت كلاماً غريباً عن علمانية الكواكبي (كما يدعي الكاتب).
وقبل أن أبدأ في سرد النصوص والنقول من المجلة، أرغب من القراء مناقشة علمية جادة، بعيداً عن طرح أسئلة بلا جدوى حقيقية .. كالقول ما الفائدة من هذا النقاش، ولماذا تطرح هذا الموضوع وما إلى ذلك ... فالهدف هو مناقشة لنص أمامنا، وليس الاتهام في النوايا.
أبدأ برأي الكاتب في عبد الرحمن الكواكبي، ثم أعرج على النصوص التي اجتمعت لدي.
يقول الكاتب في ص82، من المجلة، وكان يتحدث عن المسلمين الذين دعوا إلى العلمانية مبكراً:
"ومن الغريب المفاجئ أن الذي فتح الباب أمام المتنورين المسلمين هو الشيخ المعمم عبد الرحمن الكواكبي، ربما بتأثير من سليم البستاني الذي نوه به في مقدمة طبائع الاستبداد ..... ".
أود ممن لديه الكتاب أن ينقل لنا النص الذي يثني فيه الكواكبي على البستاني، لعلنا نعرف سبب هذا الإعجاب.
وهاكم النص الأول الذي استدل به الكاتب، على علمانية الكواكبي:
يقول الكاتب في ص83 من المجلة، متحدثاً عن الكواكبي:
" فهو يقول في فصل (الاستبداد والترقي) من كتابه طبائع الاستبداد (ص208،207) إن (الدين ما يدين يه الفرد، لا ما يدين به الجمع .. ) ويضيف [والكلام هنا للكاتب] مخاطباً أبناء حلب وعموم بلاد الشام:
(يا قوم ... أعيذكم من الخزي والخذلات بتفرقة الأديان، وأعيذكم من الجهل، جهل أن الدينونة لله، وهو سبحانه ولي السرائر والضمائر، ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ... يا قوم، أدعوكم إلى تناسي الإساءات والأحقاد، وما جناه الآباء والأجداد؛ فقد كفى ما فعل ذلك على أيدي المثيرين.
فهذه أمم أوستريا وأمريكا قد هداها العلم لطرائق شتى وأصول راسخة للاتحاد الوطني دون الديني، والوفاق الجنسي دون المذهبي، والارتباط السياسي دون الإداري فما بالنا نحن لا نفتكر في أن نتبع إحدى تلك الطرائق أو شبهها؟. فيقول عقلاؤنا لمثيري الشحناء من الأعاجم والأجانب" دعونا يا هؤلاء، نحن ندبر شأننا، نتفاهم بالفصحاء، ونتراحم بالإخاء، ونتواسى بالضراء، ونتساوى في السراء.
دعونا ندبر حياتنا الدنيا، ونجعل الأديان تحكم في الآخرة فقط. دعونا نجتمع على كلمات سواء، ألا وهي: فلتحي الأمة، فليحي الوطن، فلنحي طلقاء أعزاء).
ما أفهمه من هذه العبارات هو أن:
العلمانية دين يدين به الرجل. فهو يرفض أن يكون للدولة دين بقوله (لا ما يدين به الجمع).
ويرفض المفاضلة بين دين ودين بقوله (أعيذكم من الخزي والخذلان بتفرقة الأديان .. )،
ويرى أن الدول قد تهدى إلى صلاح الدنيا باتباع غير هدي الله باستشهاده بأمريكا وأوستريا (النمسا)،
ودعى إلى تطبيق نماذج هاتين الدولتين، أو ما شابههما
بل أبدى إعجابه بتنحية الدين عن نظام الدولة بقوله (فهذه أمم أوستريا وأمريكا قد هداها العلم لطرائق شتى وأصول راسخة للاتحاد الوطني دون الديني)، وهذا يماثل قول العلمانيين في رفضهم شريعة الله (لسنا وحدنا). أي لسنا نحكم المسلمين فقط، بل هناك ملل أخرى نحكمها ولا نرتضي لها شرع الله.
وتتجلى دعوته في تنحية الدين من الحياة بقوله (دعونا ندبر حياتنا الدنيا، ونجعل الأديان تحكم في الآخرة فقط)، وهذا يشبه شعار العلمانيين (الدين لله، والوطن للجميع)
سأعود إليكم ومعي نص آخر بإذن الله. أود منكم سماع أرائكم، في مدى صحة استنتاجي، وأريد ممن لديه نصوصاً تثبت علمانية الكواكبي، أو لديه موقف لأحد الفقهاء منه أن يذكرها في هذا الموضوع، فلا أريد أن أقتصر على السرد التاريخي دون تسجيل الموقف الشرعي منه .. وجزاه الله خيرا(79/444)
هل من مشمر يبحث لنا هذا الأثر؟
ـ[ابا الوليد النجدي]ــــــــ[13 - 06 - 07, 07:23 م]ـ
كثر على ألسنة العامة والخاصة أثر يتداول منذ زمن الا وهو قولهم " أحمل أخاك على أربعين عذرا " وكذا في بعض كتب أهل العلم! وينسب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهل هذه النسبة صحيحه؟ وهل ورد بهذا اللفظ؟
ارجو من الأخوة بحث هذا الأثر ولهم مني جزيل الشكر.
والله والموفق،،،
ـ[زياد عوض]ــــــــ[13 - 06 - 07, 07:51 م]ـ
- ما صحة حديث: التمس لأخيك سبعين عذرا
سائل يقول: ما صحة هذا الحديث التمس لأخيك سبعين عذرا؟ نشر في جريدة المسلمون العدد 530 في تاريخ 30/ 1 / 1415هـ.
ج: لا أعلم له أصلا، والمشروع للمؤمن أن يحترم أخاه إذا اعتذر إليه ويقبل عذره إذا أمكن ذلك، ويحسن به الظن حيث أمكن ذلك حرصا على سلامة القلوب من البغضاء ورغبة في جمع الكلمة والتعاون على الخير، وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لا تظن بكلمة صدرت من أخيك شرا وأنت تجد لها في الخير محملا.
مجموع فتاوى ابن باز
ـ[زياد عوض]ــــــــ[13 - 06 - 07, 07:52 م]ـ
رقم الفتوى 45706 "التمس لأخيك سبعين عذرا" ليس بحديث
تاريخ الفتوى: 24 محرم 1425
السؤال
التمس لأخيك 70 عذرا هل هذا حديث؟ وإذا كان حديثا أريد التكملة والسند وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هذا حديثا، بل هو قول لجعفر بن محمد، أخرج الإمام البيهقي بسنده في شُعَب الإيمان إلى جعفر بن محمد قال: إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره فالتمس له عذرا واحدا إلى سبعين عذرا، فإن أصبته، وإلا، قل لعل له عذرا لا أعرفه.
وأخرجه ابن عساكر بسنده إلى محمد بن سيرين من قوله أي من قول ابن سيرين، ولفظه: قال ابن سيرين: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرا، فإن لم تجد له عذرا فقل لعل له عذرا.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د. عبدالله الفقيه
ـ[ابا الوليد النجدي]ــــــــ[15 - 06 - 07, 10:59 م]ـ
بورك فيك أخي زياد وجزاك الله كل خير ........
وعذرا لتأخري في شكرك وما ذاك إلا لعطل في الجهاز.
والله الموفق،،،،
ـ[عبدالرحمن السعد]ــــــــ[19 - 06 - 07, 04:45 م]ـ
بارك الله فيكم.
ـ[أبوعبدالله الحميدي]ــــــــ[01 - 07 - 09, 04:31 م]ـ
وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لا تظن بكلمة صدرت من أخيك شرا وأنت تجد لها في الخير محملا.
مجموع فتاوى ابن باز
لعل لفظه (من عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن، ومن كتم سره كانت الخيرة في يده، وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك) والأثر أطول من هذا، وفيه حكم يتناقلها الناس عن الفاروق.
رواه أبو داود في الزهد بسند ضعيف، ورواه ابن عساكر وابن الجوزي في أخبار عمر بأسانيد ضعاف.
وفي صحيح البخاري في كتاب الشهادات
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن أناساً كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه وليس إلينا من سريرته شيء الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءاً لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال: إن سريرته حسنة).(79/445)
شركة ماي واي - هل يجوز التعامل معها؟
ـ[أم مالك]ــــــــ[13 - 06 - 07, 07:29 م]ـ
السلام عليكم
هل هذه الفتوى فيها شيء؟
وهل تعد هذه الوسيلة المذكورة من صور القمار؟
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=43964
فضيلة الشيخ: أرجو من سيادتكم الرد على سؤالي جزاكم الله خيرا
توجد شركة فى مصر تدعى my way وهذه الشركة متخصصة فى بيع أدوات التجميل والعطور وانواع مختلفة من الكريمات وبعض المستلزمات المنزلية من مساحيق غسيل وتنظيف وبعض مستلزمات الطهي .... وغير ذلك: تقوم هذه الشركة على الأعضاء الذين يروجون لمنتجاتها بالطريقة الآتية
عندما يشترك كل عضو فيها يدفع مبلغ10 جنيهات وفي مقابل ذلك يحصل الأعضاء على تخفيض 25%على كل منتجات الشركة، بالإضافة إلى الجوائز والمكافآت التي تزيد كلما زادت عدد نقاط الفرد (حيث يحتوى كل منتج على عدد معين من النقاط) وهناك
أيضا المكافآت المالية شهريا عندما يكون رصيد الشخص 500 نقطة فما فوق ذلك ... ليحصل الشخص بذلك على مبلغ من35 جنيهاً إلى آلاف الجنيهات حسب الزيادة في عدد النقاط للعضو وهذه النقاط لا يشترط أن تكون خاصة بالفرد نفسه بل تشمل مجموع النقاط التي يقوم بجمعها كل الأعضاء التابعين للعضو وأيضا النقاط الخاصة بكل الأعضاء التالين له في الذين أقنعهم بالاشتراك في أن يكونوا عضوا في الشركة .... فأنا قد دخلت عضوا في هذه الشركة ولكني متردد في الاستمرار بها وذلك بسبب عدم معرفتي لحكم التعامل معها لما تقوم به من بيع أدوات التجميل حيث إنها تقوم بتوزيع الكاتالوجات الخاصة بمنتجات الشركة والتي يوجد بها بعض صور النساء المتبرجات لعرض أدوات التجميل. ما هو رأي فضيلتكم في التعامل مع هذه الشركة ... أفيدونا ... ولكم جزيل الشكر
المرسل،
محمد عمر _بنى سويف
dr_m_832003@yahoo.com
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز التعامل مع هذه الشركة على أساس الطريقة المذكور في السؤال لاشتمالها على المقامرة، وأكل أموال الناس بالباطل، وإيضاح ذلك من وجهين:
الأول: أن دفع المتعامل عشرة جنيهات مقابل تخفيضات ومكافآت وجوائز على شراء منتجات الشركة والتسويق لها غرر بين ومقامرة واضحة، لأن المتعامل قد يحصل على أكثر مما دفع فيكون قد فاز في هذه المقامرة وأخذ من الشركة مالاً بغير حق، وقد يحصل على أقل مما دفع فيكون قد خسر وأخذت منه الشركة مالاً بغير حق.
الثاني: أن إقناع الآخرين بالاشتراك في الشركة ما هو في الحقيقة إلا حيلة وستار على المقامرة وأكل أموال الناس بالباطل، حيث يحصل العضو على نقاط من جراء تسويق العضو أو الأعضاء الذين أقنعهم بالاشتراك والأعضاء التالين في العضوية دون القيام بأي عمل، وعدد النقاط يزداد كلما زاد عدد الأعضاء، فإذا توقف ازديادهم، ربحت الطبقات العليا من الأعضاء وخسرت الطبقات الأخيرة منهم، وواضح أن هذا كله مقامرة وأكل لأموال الناس بالباطل، وقد سبقت لنا فتوى في صورة قريبة من الصورة المسؤول عنها، راجعها في الفتوى رقم: 35492، والفتوى رقم: 19359.
وقد سبق بيان حكم بيع أدوات التجميل في الفتوى رقم: 31080
أما قيام الشركة بتوزيع كاتلوجات مشتملة على صور نساء متبرجات فلا يجوز، ولكن لا يحكم على بيع أدوات التجميل بالتحريم لمجرد هذا، لأن توزيع الكاتلوجات أمر منفك عن بيع أدوات التجميل.
ونسأل الله لنا ولكم التوفيق إلى ما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.(79/446)
الذي يجوز للمرأة كشفه أمام النساء و كذلك أمام المحارم؟
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[13 - 06 - 07, 07:53 م]ـ
الاخوة المشائخ الكرام ما الذي يجوز للمرأة كشفه أمام المحارم؟
و كذلك أمام النساء؟
و جزاكم الله خيرا.
ـ[زياد عوض]ــــــــ[14 - 06 - 07, 06:04 ص]ـ
من فتاوى الشيخ الفوزان:
ـ كثير من النساء يذكرن أن عورة المرأة من المرأة هي من السرة إلى الركبة، فبعضهن لا يترددن في ارتداء الملابس الضيقة جدًّا أو المفتوحة لتظهر أجزاء كبيرة من الصدر واليدين؛ فما تعليقكم؟
مطلوب من المسلمة الاحتشام والحياء، وأن تكون قدوة حسنة لأخواتها من النساء، وأن لا تكشف عند النساء إلا ما جرت عادة المسلمات الملتزمات بكشفه فيما بينهن، هذا هو الأولى والأحوط؛ لأن التساهل في كشف ما لا داعي لكشفه قد يبعث على التساهل ويجر إلى السفور المحرم. والله أعلم.
454 ـ هل لبس الملابس الضيقة للنساء أمام النساء تدخل في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: (نساء كاسيات عاريات. . . إلى آخر الحديث) [رواه مسلم في صحيحه (3/ 1680)]؟
لا شك أن لبس المرأة للشيء الضيق الذي يبين مفتن جسمها لا يجوز، لا يجوز إلا عند زوجها فقط، أما عند غير زوجها؛ فلا يجوز، حتى ولو كان بحضرة نساء؛ لأنها تكون قدوة سيئة لغيرها، إذا رأينها تلبس هذا؛ يقتدين بها، وأيضًا؛ هي مأمورة بستر عورتها بالضافي والساتر عن كل أحد؛ إلا عن زوجها، تستر عورتها عن النساء كما تسترها عن الرجال؛ إلا ما جرت العادة بكشفه عن النساء؛ كالوجه واليدين والقدمين؛ مما تدعو الحاجة إلى كشفه.
455 ـ لدي أربعة أولاد وأنا ألبس أمامهم القصير. . . فما حكم ذلك؟
لا يجوز للمرأة أن تلبس القصير من الثياب أمام أولادها ومحارمها، ولا تكشف عندهم إلا ما جرت العادة بكشفه مما ليس فيه فتنة، وإنما تلبس القصير عند زوجها فقط.
456 ـ هل يجوز الصلاة بالبنطلون بالنسبة للمرأة وبالنسبة للرجل، وأيضًا إذا لبست المرأة ثوبًا خفيفًا ليس مبينًا لعورتها؛ فما حكم الشرع في ذلك؟
الثياب الضيقة التي تصف أعضاء الجسم وتصف جسم المرأة وعجيزتها وتقاطيع أعضائها لا يجوز لبسها، والثياب الضيقة لا يجوز لبسها للرجال ولا للنساء، ولكن النساء أشدّ؛ لأن الفتنة بهن أشدّ.
أما الصلاة في حد ذاتها؛ إذا صلى الإنسان وعورته مستورة بهذا اللباس؛ فصلاته في حد ذاتها صحيحة؛ لوجود ستر العورة، لكن يأثم من صلى بلباس ضيق؛ لأنه قد يخل بشيء من شرائع الصلاة لضيق اللباس، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية يكون مدعاة للافتتان وصرف الأنظار إليه، ولا سيما المرأة.
فيجب عليها أن تستتر بثوب وافٍ واسعٍ؛ يسترها، ولا يصف شيئًا من أعضاء جسمها، ولا يلفت الأنظار إليها، ولا يكون ثوبًا خفيفًا أو شفافًا، وإنما يكون ثوبًا ساترًا يستر المرأة سترًا كاملاً؛ لا يرى شيء من جسمها، لا يكون قصيرًا حاسرًا عن ساقيها، أو ذراعيها، وكفيها، ولا تكون أيضًا سافرة بوجهها عند الرجال غير المحارم، وإنما تكون ساترة لجميع جسمها، ولا يكون شفافًا؛ بحيث يرى من ورائه جسمها أو لونها؛ فإن هذا لا يعتبر ثوبًا ساترًا.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، فقال: (صنفان من أهل النار لم أرهما: رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت لا يجدن رائحة الجنة) [رواه مسلم في صحيحه (3/ 1680)].
فمعنى (كاسيات): أنهن لابسات شيئًا من الملابس، ولكنهن في الحقيقة عاريات؛ لأن هذه الثياب لا تستر؛ فهي ثياب شكلية فقط، لكنها لا تستر ما وراءها: إما لشفافيتها، وإما لقصرها، أو لعدم إضفائها على الجسم.
فيجب على المسلمات أن يتنبهن لذلك.
ـ[زياد عوض]ــــــــ[14 - 06 - 07, 06:10 ص]ـ
من فتاوى العلَامة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى-:
لسؤال: فضيلة الشيخ! قرأت بخطكم جواباً على سؤال يقول: للمرأة أن تكشف لمحارمها عن الوجه والرأس والرقبة والكفين والذارعين والقدمين والساقين وتستر ما سوى ذلك، هل هذا الكلام على إطلاقه، خصوصاً أن موقفكم من الملابس القصيرة بالنسبة للأطفال والنساء عموماً أنه لا يجوز؟
___________________________________
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/447)
الجواب: نحن إذا قلنا: يجوز أن تكشف كذا وكذا ليس معناه أن تكون الثياب على هذا الحد، لكن لنفرض أن امرأة عليها ثوب إلى الكعب، ثم انكشف ساقها لشغل أو لغير شغل فإنها لا تأثم بهذا إن لم يكن عندها إلا المحارم، أو لم يكن غير النساء. أما اتخاذ الثياب القصيرة فإننا ننهى عنه ونحذر منه؛ لأننا نعلم -وإن كان جائزاً- أنه سوف يتدهور الوضع إلى أكثر من ذلك، كما هو العادة في غير هذا أن الناس يفعلون الشيء في أول الأمر على وجهٍ مباح، ثم يتدهور الوضع حتى ينحدروا به إلى أمر محرم لا إشكال في تحريمه، كما أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة) ليس معناه أن المرأة يجوز لها أن تلبس ما يستر ما بين سرتها وركبتها فقط، ولا أحد يقول بهذا، لكن المعنى أنه لو انكشف من المرأة الصدر وكذلك الساق مع كون الثوب وافياً، فإن ذلك لا يحرم نظره بالنسبة للمرأة مع المرأة، ولنضرب مثلاً: امرأة ترضع ولدها فانكشف ثديها من أجل إرضاع الولد، لا نقول للمرأة الأخرى: إن نظرك لهذا الثدي حرام؛ لأن هذا ليس من العورة، أما أن تأتي امرأة تقول: أنا ما ألبس إلا سروالاً يستر ما بين السرة والركبة فلا أحد يقول هذا، ولا يجوز، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن لباس نساء الصحابة كان من كف اليد إلى كعب الرجل، هذا إذا كن في بيوتهن، أما إذا خرجن إلى السوق فمعروف حديث أم سلمة أن المرأة ترخي ثوبها، فقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم أن ترخيه إلى ذراع، من أجل ألا تنكشف قدماها إذا مشت.
العثيمين
سؤال رقم 11014 - عورة المرأة بين النساء
سمعنا حفظك الله أن عورة المرأة بين النساء من السرة إلى الركبة، فهل هذا صحيح؟ لا سيما ونحن نرى في قصور الأفراح من تأتي - نسأل الله العافية - وقد لبست القصير والشفاف أو المشقوق بحيث ينكشف ساقها، أو تلبس ما لا كوم له وما لا يستر جزءاً من الصدر أو من الظهر .. فتخرج المسلمة وكأنها راقصة في إحدى الدول الكافرة أو ممثلة على الشاشة سافرة. وإذا أنكرنا عليهن قلن: ليس في ذلك شيء وعورة المرأة من السرة إلى الركبة. فذهب الحياء وتشدق النساء، وتُشُبه بالكفار، واتسع الخرق .. أجيبونا وفقكم الله.
الحمد لله
إن المرأة كلها عورة عند الرجال الأجانب، ولا يجوز لها أن تبدو أمام الرجال ولو كانت متسترة بالثياب إذا خيفت الفتنة برؤيتها وطولها ومشيتها. وأمّا ما ذُكِر من أنّ عورتها أمام النساء ما بين السرة والركبة فهذا خاص فيما إذا كانت في منزلها بين أخواتها ونساء أهل دارها؛ مع أن الأصل وجوب سترها لبدنها جميعاً مخافة أن يقتدي بها وتنتشر هذه العادة السيئة بين النساء، وهكذا يجب ستر مفاتنها أمام محارمها وأمام النساء الأجنبيات مخافة الافتتان بها من بعض المحارم أو من بعض النساء التي تنقل صفتها إلى غيرها، فقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تصف المرأة الأخرى لزوجها حتى كأنها رأي العين " ومعنى ذلك أنها إذا بدت مفاتنها كصدرها وكتفيها وبطنها وظهرها وعضديها وعنقها وساقيها، فإن من يراها لا بد أن يأخذ عنها هذه الفكرة، والغالب أنهن يتكلمن فيها بذكر ما رأين منها عند أهلهن ذكوراً وإناثاً، وقد يذكرن ذلك عند الأجانب مما يبعث الهمم نحوها، ومما يسبب تعلق النفوس الرديئة بها. فعلى هذا يلزمها أن تستر مفاتنها ولو أمام المحارم والنساء، كالصدر والظهر والعضدين والساقين ونحو ذلك. ويتأكد وجوب هذا التستر إذا كانت في مجامع الاحتفالات وبيوت الأفراح والمستشفيات والمدارس ولو كانت في وسط النساء فقد يراها بالصدفة بعض الرجال الأجانب أو الأطفال المراهقين وقد يلتقط لها صوراً عارية يفتتن بها من نظر إليها. وقد ورد الوعيد الشديد على من تتبرج وتلبس الثياب الرقيقة أو الضيقة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " صنفان من أهل النار؛ نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخل الجنة ولا يجدن ريحها " والمعنى أنهن كاسيات بثياب شفافة أو ضيقة تبين حجم الأعضاء أو فيهن فتحات تُظهر صدروهن وثديهن ومفاتنهن. ويعم ذلك بروزهن في الحفلات والمجتمعات العامة. والله أعلم.
من فتاوى فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين.
من فتاوى اللجنة:
السؤال الأول من الفتوى رقم (20518)
س1: كثر في الآونة الأخيرة لبس الملابس الخليعة بين النساء، والتي تكشف أجزاء من الجسم وتعريه، كل ذلك تشبها بالكافرات، وحجتهن في جواز لبس تلك الملابس أنها تلبس أمام النساء، وأن عورة المرأة أمام المرأة من السرة إلى الركبة.
ج1: على المرأة أن تحتشم وتتحلى بالحياء، حتى ولو لم ينظر إليها إلا نساء، ولا تكشف لهن إلا ما جرت العادة بكشفه ودعت له الحاجة، كالخروج لهن في ثياب البذلة، مكشوفة الوجه واليدين وأطراف القدمين ونحو ذلك، وذلك أستر لها وأبعد عن مواطن
الريبة، ويحرم على المرأة أن تلبس اللباس الذي فيه تشبه بالكافرات ولو كان ساترا فضلا عن القصير والضيق والشفاف؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا أخرجه مسلم في (صحيحه). وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/448)
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 03:36 م]ـ
للشيخ الألباني درس مفيد جدا حول لباس المرأة مع النساء و مع محارمها:
قال الله تبارك و تعالى:"وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء" 31 سورة النور
و الزينة هنا كما قال الشيح رحمه الله تعالى هي مواضع الزينة. و مواضع الزينة هي: موضع الدبلج (العضد و ما أسفل منه)، موضع الخاتم، الشعر، موضع حلقات الأذن، موضع السلسلة في العنق و موضع الخلخال.
إذن فالمرأة يجوز لها أتظهر شعر رأسها و يديها إلى العضد و عنقها ثم رجليها إلى الكعبين. هذه خلاصة ما قاله شيخنا الألباني عليه رحمة الله تعالى
و الله تعالى أعلم
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[14 - 06 - 07, 03:59 م]ـ
بحث فقهي عن عورة المرأة أمام المرأة: http://www.ibnamin.com/aura_women_women.htm
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 06:08 م]ـ
هناك حديث في الرابط الذي أعطيتنا يا أخانا محمد الأمين و هو حديث عبد الله بن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: «المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان ... »
و هذا الحديث صحيح.
صححه الشيخ الألباني في إرواء الغليل، صحيح الجامع، صحيح ابن خزيمة، صحيح الترغيب و السلسلة الصحيحة.
قال فيه الهيثمي في مجمع الزوائد رجاله موثوقون و ذكر رواية لنفس الحديث لكن من طريق عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
قال فيه محمد جار الله الصعدي في النوافح العطرة رجاله ثقات.
قال فيهم ابن رجب رحمه الله إسناده كلهم ثقات.
و قال فيه المنذري إسناده صحيح أو حسن و في رواية ابن عمر رضي الله عنهما قال فيه رجاله رجال الصحيح.
و صححه بن القطان في أحكام النظو حسنه بن قدامة في المغنى
و قال فيه الوادعي رحمه الله صحيح على شرط مسلم.
فكيف يكون هذا الحديث ضعيفا؟؟؟؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[15 - 06 - 07, 10:03 م]ـ
الحديث موقوف ولا يصح مرفوعاً. موقوف أي أنه قول ابن مسعود فقط وليس قول النبي صلى الله عليه وسلم.
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[15 - 06 - 07, 11:09 م]ـ
و ما الدليل على توقيفه على ابن مسعود؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[17 - 06 - 07, 07:42 م]ـ
المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان
هو حديث عبد الله بن مسعود t عن النبي r قال: «المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان ... ». رواه الترمذي (117) وابن خزيمة (1685) وابن حبان (5598،5599). والحديث ضعيف لأن كل طرقه المرفوعة فيها قتادة –وهو مدلس من الطبقة الثالثة– وقد عنعن بها. لذلك رجّح ابن خزيمة في صحيحه (3|94) أن لا يكون قتادة قد سمع هذا الحديث. والطرق التي ليس بها قتادة، رجح الدارقطني (5|314) وقفها. ولفظه الموقوف من قول ابن مسعود كما عند الطبراني (9|185): «إنما النساء عورة. وإن المرأة لتخرج من بيتها وما بها من بأس، فيستشرف لها الشيطان، فيقول: إنك لا تمرين بأحد إلا أعجبتِه».
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[17 - 06 - 07, 11:34 م]ـ
الشيخ عبدالكريم الخضير يفتي بأن عورة المرأة مع المرأة كعورتها مع المحارم، و يستدل لذلك بقوله عز و جل:
{وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن او ابائهن او اباء بعولتهن او ابنائهن او ابناء بعولتهن او اخوانهن او بني اخوانهن او بني اخواتهن او نسائهن او ما ملكت ايمانهن او التابعين غير اولي الاربة من الرجال او الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بارجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا الى الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون}
سورة 24 - آية 31
فاستدل بعطف النساء على المحارم بأن عورة المرأة مع المرأة كعورتها مع المحارم.
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[18 - 06 - 07, 12:30 م]ـ
أخي محمد الأمين، و ما تقول في نفس لفظ الحديث لكن برواية عبد الله بن عمر؟(79/449)
المفكر الأديب الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري في ذمة الله.
ـ[الخريبكي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 02:54 ص]ـ
بسم اله الرحمان الرحيم. نقلت الينا وسائل الاعلام وفاة. الاديب الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التوجري. غفر الله له و أسكنه فسيح جناته.
ونقدم أحر التعازي لاخواننا في المملكة بوفاة هذا العلم.(79/450)
دروس العلامة محمد بن محمد المختار الشنقيطي في الحرم؟
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[14 - 06 - 07, 03:15 ص]ـ
السلام عليكم ...
أيها الإخوة الكرام لدي تساؤل ...
هل للشيخ محمد بن محمد المختار دروس في الحرم المدني من تاريخ 6/ 6 إلى 10/ 6 ...
أرجو الإفادة العاجلة ...
ـ[السوادي]ــــــــ[15 - 06 - 07, 12:15 ص]ـ
وسيستأنف الشيخ درسه في الحرم في أول ليلة جمعة إن شاء الله من الإجازة الصيفية.
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[15 - 06 - 07, 05:49 ص]ـ
بوركت أيها الفاضل على هذه الإفادة ...
أول ليلة جمعة كم توافق من التاريخ الهجري؟ ...
ـ[عبدالرحمن السعد]ــــــــ[19 - 06 - 07, 04:46 م]ـ
ماذا سيشرح الشيخ؟؟
ـ[أبو عبدالرحمن عبدالله]ــــــــ[20 - 06 - 07, 02:43 ص]ـ
و أود أن أعرف
هل الشيخ ستسمر دروسه طوال الاجازة؟
وجزاكم الله خير
ـ[حفيد الصدّيق]ــــــــ[20 - 06 - 07, 01:22 م]ـ
بإذن الله إذا جاء الخبر اليقين أكون أول مُخبر لكم
ـ[حفيد الصدّيق]ــــــــ[20 - 06 - 07, 01:23 م]ـ
بإذن الله إذا جاء الخبر اليقين أكون أول مُخبر لكم(79/451)
س/ ماهي الامور التي يحق للحاكم القضاء فيها وما لايحق له القضاء فيها؟
ـ[المصلحي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 11:59 ص]ـ
السلام عليكم
هناك امور يحق للحاكم او القاضي التدخل فيها واصدار الحكم، وهناك امور اخرى لايحق للحاكم التدخل فيها باصدار حكم واحد.
وقد حصل عندي تردد في معرفة الضابط بين القسمين.
واطلعت على كلام شيخ الاسلام ابين تيمية رحمه الله حول تحديد ذلك، ولكن حسب فهمي القاصر لم يظهر لي كلامه بوضوح ولم اعرف الضابط على وجة الدقة.
فمما قاله في القسم الثاني (وهذا مثل غالامور الكلية التي امر الله بها جميع الخلق ان يؤمنوا بها ايعملوا بها وقد بينها في كتابه وسنة رسوله بما اجمعت عليه الامة.
او تنازعت الامة فيه)
المجموع 18/ 210 ط المصرية
ووجدت كلاما للقرافي رحمه الله حول هذه المسالة في الفروق وفي كتابه الاحكام في تمييز الفتاوى من الاحكام وتصرفات المفتي والقاضي والامام.
وعليه تعليق مفيد لابي غدة رحمه الله
هل يوجد ضابط واضح محدد؟
ـ[المصلحي]ــــــــ[20 - 06 - 07, 08:39 م]ـ
اين الاخوة من طلبة العلم؟(79/452)
اطراد اصول المفتي
ـ[المصلحي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 12:05 م]ـ
السلام عليكم
هل يتناقض المفتي عندما يفتي بهذين الأمرين:
1 - الوضوء لاينتقض بلمس النساء بشهوة ولو بالتقبيل.
2 - الوضوء ينتقض بمس الذكر بشهوة.
ـ[أبو سليمان البدراني]ــــــــ[14 - 06 - 07, 03:21 م]ـ
يظهر أن أصوله مطردة إذا كان يصحح الخبر الوارد في مس الذكر، ويقول لم يثبت في المسألة الأولى دليل صريح صحيح
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 04:58 م]ـ
بغض النظر عن قول المفتي، ولكن من يقول بذلك لا تناقض في قوله؛ لأن اعتبار الشهوة في مس الذكر ليس علة كاملة، بل جزء علة؛ لأن مس جزء آخر بشهوة لا ينقض اتفاقا.(79/453)
معنى الحديث (اذا لم تستح فاصنع ماشئت)؟
ـ[علي خان الكردي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 12:12 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه القيم العزيز (الداء والدواء):
(( .... وقال [أي النبي صلى الله عليه وسلم] ان مما أدرك الناس من كلام النبوة الاولى اذا لم تستح فاصنع ماشئت).
وفيه تفسيران:
أحداهما انه على التهديد والوعيد والمعنى من لم يستح فانه يصنع ما شاء من القبائح اذا لحامل على تركها الحياء فاذا لم يكن هناك حياء نزعه من القبائح فانه يواقعها وهذا تفسير أبي عبيدة.
والثاني ان الفعل اذا لم تستح فيه من الله فافعله وانما الذى ينبغي تركه ما يستحي فيه من الله وهذا تفسير الامام أحمد في رواية ابن هاني فعلى الاول يكون تهديدا كقوله إعملوا ما شئتم وعلى الثاني يكون إذنا وإباحة.
فان قيل فهل من سبيل الى حمله على المعنيين؟ قلت: لا، ولا على قول من يحمل المشترك على جميع لما بين الاباحة والتهديد من المنافات،ولكن اعتبار أحد المعنيين يوجب إعتبار الآخر .... )) انتهى المقصود.
ـ[أبو آثار]ــــــــ[16 - 06 - 07, 09:45 ص]ـ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَإِنَّ خُلُقَ الْإِسْلَامِ الْحَياء
عن عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنْ الْإِيمَانِ
عَنْ يَعْلَى
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَلِيمٌ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ
وصدق رسول الله ووالله ما عصى من عصى وتجرأ وفعل ما فعل الا لنقص في حياءه
ومازاد ايمان من زاد ايمانه الا لشدة حياءه
ولو تأملنا ترتيب تلك المعاني في سورة الاعراف لوجدنا الرابط بين هذا وذاك
يحرص ابليس على ان يقع ادم ادم في المعصية ليسقط عنه لباسه
ليبدى له سوأته المادية بعدما اوقعه في السوأة المعنوية (وهي الذنب)
ثم يمتن الله على عباده انه انزل عليهم لباسا يواري سوءاتهم ويبين لهم ان لباس التقوى خير
ثم يذكرهم بحرص ابليس على نزع لباس ابويهم عنهم
ثم يامرهم ان يأخذوا زينتهم عند كل مسجد وأتخاذ الزينة هنا هو ستر العورة لان المشركين ولشدة قلة حياءهم كانوا يطوفون بالبيت عراة اذا لم يجدوا من ثياب اهل مكة (الحمس)
والحياء يكون في القلوب
وفي منطق الانسان وكلامه
وفي افعاله
فالحياء الحياء ياامة الاسلام
ـ[علي خان الكردي]ــــــــ[17 - 06 - 07, 11:35 ص]ـ
أحسن الله اليك وجزاك الله خيرا
ـ[عبدالرحمن السعد]ــــــــ[19 - 06 - 07, 04:42 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[علي خان الكردي]ــــــــ[25 - 06 - 07, 08:54 ص]ـ
أجمعين
بارك الله فيك(79/454)
هل يقول شيخ الاسلام باستحباب الوضوء من القهقهه؟
ـ[المصلحي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 12:17 م]ـ
السلام عليكم
اذا قلنا ان الوضوء لايجب من خروج الدم بالفصد والحجامة والرعاف والقيء ومس المراة بشهوة والقهقهه ومما مست النار.
فهل يستحب الوضوء من ذلك؟
ذكر شيخ الاسلام ان اظهر الاقوال انه يستحب.
المجموع 18/ 211 ط المصرية
قلت:
من المعلوم ان الاستحباب حكم شرعي حاله حال الاحكام الاخرى ...
فما هو دليل استحباب ذلك؟
فاذا لم يوجد دليل فكيف نوجه كلام الشيخ؟
واذا وجد الدليل فما هو؟
للفائدة:
لم اجزم في العنوان بنسبة استحباب الوضوء من القهقهة الى شيخ الاسلام لاحتمال وجود كلام اخر له في موضع اخر.
والله اعلم.
ـ[نايف الحميدي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 12:38 م]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَحَادِيثَ نَقْضِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ أَثْبَتُ وَأَعْرَفُ مِنْ أَحَادِيثِ الْقَهْقَهَةِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ مِنْهَا فِي السُّنَنِ شَيْئًا وَهِيَ مَرَاسِيلُ ضَعِيفَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَذْهَبْ إلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْ الْقَهْقَهَةِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ؛ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا شَيْءٌ.
الفتاوى: 4/ 320 الموسوعة.
ولعل أهل العلم يفيدونك يا أخي المصلحي؟
نقلت كلام شيخ الإسلام للفائدة! وليس جواباً؟
ـ[أبو أحمد الحلبي]ــــــــ[16 - 06 - 07, 03:23 م]ـ
الاستحباب يكون من الفقيه عند عدم وجود الدليل ويكون برأيه فقط ولا يستند إلى دليل ظني أو قطعي.
ولذلك ربما قال بهذا شيخ الإسلام من باب الخروج من الخلاف - لأن الأحناف يقولون بوجوب إعادة الوضوء - مع أن رأيهم مرجوح فيقال استحبابا وليس وجوبا لمجرد الرأي.
والله أعلم
ـ[زياد عوض]ــــــــ[17 - 06 - 07, 06:15 ص]ـ
قال شيخ الأسلام في الفتاوى الكبرى:
وكذلك تنازع المسلمون فى الوضوء من خروج الدم بالفصاد والحجامة والجرح والرعاف وفى القئ وفيه قولان مشهوران وقد نقل عن النبى أنه توضأ من ذلك وعن كثير من الصحابة لكن لم يثبت قط أن النبى أوجب الوضوء من ذلك بل كان أصحابه يخرجون فى المغازى فيصلون ولا يتوضئون ولهذا قال طائفة من العلماء إن الوضوء من ذلك مستحب غير واجب وكذلك قالو فى الوضوء من مس الذكر و مس المرأة لشهوة إنه يستحب الوضوء من ذلك ولا يجب وكذلك قالوا فى الوضوء من القهقهة و مما مست النار إن الوضوء من ذلك يستحب ولا يجب فمن توضأ فقد أحسن ومن لم يتوضأ فلا شيء عليه وهذا أظهر الأقوال
وليس المقصود ذكر هذه المسائل بل المقصود ضرب المثل بها
ـ[زياد عوض]ــــــــ[17 - 06 - 07, 06:26 ص]ـ
وقال شيخ الإسلام في شرح العمدة:
فصل
ومن الكلام القهقهة فإنها لاتنقض الوضوء في الصلاة ولا خارج الصلاة لكنها تبطل الصلاة فقط كما يبطلها الكلام لقول جابر بن عبد الله رضي الله عنه من ضحك في الصلاة أعاد الصلاة ولم يعد الوضوء رواه الدارقطني وصححه ورواه مرفوعا بإسناد فيه مقال وذكر الإمام أحمد عن أبي موسى الأشعري مثله ولم يثبت عن صحابي خلافه لأنه لا ينقض خارج الصلاة فكذلك في الصلاة كالكلام المحرم وأولى من وجهين
أحدهما أن الكلام محرم في الموضعين والقهقهة محرمة في الصلاة خاصة
الثاني أن الصلاة تمنع الوضوء مما لا يمنع منه خارج الصلاة خشية إبطالها ولهذا نهي الشاك في وضوئه أن يبطل صلاته لأجل تجديد الوضوء ويستحب لمن شك في غير الصلاة والمتيمم إذا رأى الماء يبطل تيممه اتقافا إلا أن يكون في الصلاة ففيه خلاف وهل يستحب الوضوء من القههقة فيه وجهان
أحدهما يستحب لما روى أبو العالية قال جاء رجل في بصره سوء فدخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي فتردى في حفرة كانت في المسجد فضحك طوائف منهم فلما قضى صلاته أمر من كان ضحك أن يعيد الضوء والصلاة رواه الدارقطني وغيره مرسلا عن الحسن وابراهيم والزهري ومراسيلهم كلها ترجع إلى أبي العالية ومراسيله قد ضعفت
وروي مسندا من وجوه واهية جدا وقد طعن فيه من جهة أن الصحابة كيف يظن بهم الضحك في الصلاة وهذا ضعيف فإن الذي ضحك بعضهم ولعلهم من الذين انفضوا من الجمعة لما جاءت العير وسمعوا اللهو ثم الضحك أمر غالب قد يعذر فيه بعض الناس ومثل هذا الحديث لايوجب شريعة ليس لها أصل ولانظير من غيره وإنما عملنا به في الاستحباب لثلاثة وجوه
أحدها أن المستحبات يحتج فيها بالأحاديث الضعاف إذا لم يكن فيها تغيير أصل لما روى الترمذي عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال من بلغه عن الله شيء فيه فضل فعمل به رجاء ذلك الفضل أعطاه الله ذلك وإن لم يكن ذلك كذلك
وثانيها أنه بتقدير صحته ليس فيها تصريح بانتقاض وضوئهم لعلهم أمروا بذلك لأن القهقهة في الصلاة ذنب وخطيئة فيستحب الوضوء والصلاة عقبها كما جاء في حديث أبي بكر المتقدم وكما أمر الذين اغتابا بأن يعيدا الوضوء والصلاة في حديث ابن عباس وكما قد حمل بعضهم حديث معاذ في الذي لمس المرأة وهذا لأن القهقهة في الصلاة استخفاف بها واستهانة فيستحب الوضوء منها كالوضوء من الكلام المحرم وهذا أقرب إلى قياس الأصول وأشبه بالسنة فحمل الحديث عليه أولى
الوجه الثاني لايستحب ولا يكره وهو ظاهر كلامه فإنه قال لا أرى عليه الوضوء فإن توضأ فذلك إليه إذ لا نص فيه والقياس لا يقتصيه إلى آخر كلامه 000000
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/455)
ـ[المصلحي]ــــــــ[20 - 06 - 07, 08:36 م]ـ
هل تطرد هذه المسالة (المستحبات يحتج فيها بالأحاديث الضعاف إذا لم يكن فيها تغيير أصل)؟
ـ[أبو يوسف الثبيتي]ــــــــ[23 - 06 - 07, 12:25 ص]ـ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَحَادِيثَ نَقْضِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ أَثْبَتُ وَأَعْرَفُ مِنْ أَحَادِيثِ الْقَهْقَهَةِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ مِنْهَا فِي السُّنَنِ شَيْئًا وَهِيَ مَرَاسِيلُ ضَعِيفَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَذْهَبْ إلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْ الْقَهْقَهَةِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ؛ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا شَيْءٌ.
20/ 367 الفتاوى
ـ[المصلحي]ــــــــ[23 - 06 - 07, 11:42 ص]ـ
هل تطرد هذه المسالة (المستحبات يحتج فيها بالأحاديث الضعاف إذا لم يكن فيها تغيير أصل)؟(79/456)
قال الحافظ البيهقي: إن هذا الشعر يجب على كل متوان في علي حفظُه
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 02:07 م]ـ
قال السفاريني – رحمه الله تعالى – في شرحه المسمى " القول العلي لشرح أثر الإمام علي ":
[وعن عليٍّ – رضي الله عنه - قال: بُعِثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ الاثنين، وأَسْلَمْتُ يومَ الثلاثاء، وكان عُمرُه ثمان سِنِين أو تِسْعاً أو عشراً، أو دُوْنَ الثَّمان، ويَشْهَدُ لهذا ما أَنْشَدَه سَيِّدُنا عليٌّ - رضي الله عنه – لَمّا بلَغَه فخرٌ من معاوية - رضي الله عنه - فقال سيِّدُنا عليٌّ لِغُلامِه: اكتُبْ إليه، ثم أملى - رضي الله عنه - شعر:
محمد النبيُّ أخي وصِهْري = وحمزةُ سيدُ الشهداءِ عَمي
وجعفر الذي يمسى ويضحي = يطير مع الملائكة ابن أمي
وبنت محمد سكني وعرسي = منوط لحمها بدمي ولحمي
وسبطا أحمدَ ابنايَ منها = فأيكم له سهماً كسهمي
سبقتكم إلى الإسلام طراً = غلاماً ما بلغت أوان حلمي
قال الحافظ البيهقي: إن هذا الشعر يجب على كل متوان في علي حفظُه؛ ليعلم مفاخره في الإسلام.] انتهى.
ـ[مصلح]ــــــــ[14 - 06 - 07, 06:22 م]ـ
رضي الله عنه وأراضاه
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[19 - 06 - 07, 02:35 م]ـ
جزاك الله خيرا.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[19 - 06 - 07, 03:15 م]ـ
فأيكم له سهماً؟
ما إعراب (سهماً)؟
ـ[توبة]ــــــــ[19 - 06 - 07, 08:18 م]ـ
الظاهر أنه لا محل لها من الإعراب ..
وسبطا أحمدَ إبنايَ منها = فأيكم له سهمٌ كسهمي
ـ[سالم الشمري]ــــــــ[20 - 06 - 07, 10:32 ص]ـ
قال العلامة ابن سحمان في تنبيه ذوي الألباب السليمة عن الوقوع في الألفاظ المبتدعة الوخيمة ص 24 عند ذكره للأبيات ما نصه: (فهذه المفاخرة التي ذكرها الشارح - وهو يعني غير السفارينني - لم يذكرها عن علي رضي الله عنه بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف ولا عزاها إلى شيء من الكتب المعتمدة ولا ذكرها عن أحد من أئمة الحديث ولا غيرهم والأشبه بها أن تكون من أوضاع الرافضه)
ـ[سالم الشمري]ــــــــ[20 - 06 - 07, 10:34 ص]ـ
قال العلامة ابن سحمان في تنبيه ذوي الألباب السليمة عن الوقوع في الألفاظ المبتدعة الوخيمة ص 24 عند ذكره للأبيات ما نصه: (فهذه المفاخرة التي ذكرها الشارح - وهو يعني غير السفارينني - لم يذكرها عن علي رضي الله عنه بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف ولا عزاها إلى شيء من الكتب المعتمدة ولا ذكرها عن أحد من أئمة الحديث ولا غيرهم والأشبه بها أن تكون من أوضاع الرافضه)
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[20 - 06 - 07, 11:09 م]ـ
جزى الله الأخ سالم الشمري السلفي خيراً
ونقول للأخ علي انتبه مرة ثانية
ـ[ابن الحميدي الشمري]ــــــــ[20 - 06 - 07, 11:46 م]ـ
هذا بعض حق الإمام علي (عليه السلام) علينا.
.
.
.
.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[21 - 06 - 07, 03:49 م]ـ
هذا بعض حق الإمام علي (عليه السلام) علينا.
حقه أعظم من هذا يا بعد حيي.
ولقد أحسن أخي الفاضل سالم الشمري أيما إحسان باستدراكه ذاك، فجزاه الله خيرا.
أما أخي المنتفجي:
جزاك الله خيرا، وحاضر.
ـ[نايف الحميدي]ــــــــ[21 - 06 - 07, 04:18 م]ـ
الأخ الكريم علي الفضلي
نفع الله بك
والله هذه هي اخلاق طلاب العلم
ـ[بدرالعبدالعزيز]ــــــــ[23 - 06 - 07, 07:06 م]ـ
الأخ الكريم علي الفضلي
نفع الله بك(79/457)
اللمع في أصول الفقه.
ـ[أبوعائشة الحضرمي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 02:49 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نريد من الاخوة الافاضل سلمهم الله أن يتكرمو بوضع كل مالديهم من شروحات موجدة لكتاب (اللمع في الاصول).
ومكان وجودها في الشبكة
وجزاكم الله خيرا.(79/458)
اريد برنامج للترجمة
ـ[أبو المجاهد السكندري]ــــــــ[14 - 06 - 07, 04:31 م]ـ
رجاء من الإخوة الأفاضل
يوجد كتب بلغات أجنبية (إنكليزيةـ و فرنسية ـــ و إيطالية ــ ألمانية)
أريد ترجمتها إلي العربيةفهل يوجد برنامج مساعد لهذه المهمة
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[20 - 06 - 07, 09:36 ص]ـ
برامج الترجمة:
http://www.absba.com/modules.php?name=Downloads&d_op=viewdownload&cid=68
أو
http://www.shajjar.net/site/modules.php?name=Downloads&d_op=viewdownload&cid=32(79/459)
سؤال حول شروط الصوم؟
ـ[الصحبة الصالحة]ــــــــ[14 - 06 - 07, 04:56 م]ـ
السلام عليكم
تعلمون حفظكم الله أن من شروط الصوم ((العقل))
فهل هناك فرق بين العقل والتمييز؟؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[حسين بن محمود]ــــــــ[14 - 06 - 07, 05:04 م]ـ
العقل ضده الجنون
والتميز ضده الصغر
ـ[الصحبة الصالحة]ــــــــ[14 - 06 - 07, 07:08 م]ـ
جزاك الله خير(79/460)
أفيدونا،،،، الجهر بالذكر عقيب الصلاة
ـ[ابوعمرالتميمي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 05:44 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
اخواني الأعزاء من كان لديه فائدة عن السنة في الذكر بعد الصلاة (الجهر أم الإسرار فليتفضل مشكورا)
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 05:51 م]ـ
نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن رفع الصوت في المسجد.
ـ[ابوعمرالتميمي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 06:15 م]ـ
روى البخاري (805) ومسلم (583) عن أبي معبد مولى ابن عباس أن ابن عباس رضي الله عنهما أخبره أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته.
فكيف نصرف هذا الأثر الصحيح.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 08:22 م]ـ
روى البخاري (805) ومسلم (583) عن أبي معبد مولى ابن عباس أن ابن عباس رضي الله عنهما أخبره أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته.
فكيف نصرف هذا الأثر الصحيح.
أحسنت، ولذا كان القول الراجح - إن شاء الله تعالى - هو الجهر بالذكر عقب الصلوات المفروضات، وهذا مذهب ابن الزبير كما في المصنف لابن أبي شيبة،و هو مذهب شيخ الإسلام كما نقله عنه تلميذه ابن مفلح، واختيار ابن رجب فيما أذكر، وهو مذهب السيوطي والسخاوي، ولهما رسالتان في ذلك، وهو اختيار الشيخين ابن باز وابن عثيمين، وكذا الشيخ مقبل.
ويدل له أيضا: حديث ابن الزبير في صحيح مسلم.
بخلاف قول الجمهور.
والله أعلم.
ـ[زياد عوض]ــــــــ[15 - 06 - 07, 02:02 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ولكن لا يكون مرتبا بصورة جماعيةكما تفعله الصوفية يذكر أحدهم والجماعة يرددون خلفه وقد نبَه العلماء الإجلاء الذين ذكرتهم على ذلك
ـ[ياسر30]ــــــــ[21 - 06 - 07, 10:48 ص]ـ
قال النووى رحمه الله
قال ابن عباس رضي الله عنهما:"كنت أعلم اذا انصرفوا بذلك اذا سمعته". هذا دليل لما قاله بعض السلف أنه يستحب رفع الصوت بالتكبير والذكر عقب المكتوبة وممن استحبه من المتأخرين ابن حزم الظاهري ونقل ابن بطال وآخرون أن أصحاب المذاهب المتبوعة وغيرهم متفقون على عدم استحباب رفع الصوت بالذكر والتكبير وحمل الشافعي رحمه الله تعالى هذا الحديث على أنه جهر وقتا يسيرا حتى يعلمهم صفة الذكر لا أنهم جهروا دائما قال فاختار للإمام والمأموم أن يذكر الله تعالى بعد الفراغ من الصلاة ويخفيان ذلك الا أن يكون اماما يريد أن يتعلم منه فيجهر حتى يعلم أنه قد تعلم منه ثم يسر وحمل الحديث على هذا. شرح النووي على مسلم 5/ 84
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[21 - 06 - 07, 03:45 م]ـ
وحمل الشافعي رحمه الله تعالى هذا الحديث على أنه جهر وقتا يسيرا حتى يعلمهم صفة الذكر لا أنهم جهروا دائما قال فاختار للإمام والمأموم أن يذكر الله تعالى بعد الفراغ من الصلاة ويخفيان ذلك الا أن يكون اماما يريد أن يتعلم منه فيجهر حتى يعلم أنه قد تعلم منه ثم يسر وحمل الحديث على هذا. شرح النووي على مسلم 5/ 84
أين الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر للتعليم؟ فالأصل التشريع، وإلا فقد يقول قائل: إن الجهر في العيدين كان للتعليم! ولا قائل به - فيما أعلم - لعدم الدليل.
فتأمل.
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[21 - 06 - 07, 03:50 م]ـ
سؤال:
بعض الإخوة يرفعون أصواتهم بالذكر بعد الفراغ من الصلاة وخاصة صلاة الفجر بحجة حديث ابن عباس وغيره، بحيث يشوشون على باقي المصلين وعندما يقال لهم هذا يقولون: نحن نتبع السنة وهؤلاء لو رفعوا أصواتهم مثلنا لما سمعونا ولم نشوش عليهم فهل فعلهم صحيح؟ وهل يجبر الآخرون على رفع أصواتهم وفيهم العامي وكبير السن الذي لا يستجيب بسهولة؟ وما مقدار رفع الصوت؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا:
اختلف الفقهاء في رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة، فمنهم من ذهب إلى أنه سنة، ومنهم من كره ذلك وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يداوم عليه وإنما فعله للتعليم ثم تركه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/461)
وسبب الخلاف: اختلافهم فيما رواه البخاري (805) ومسلم (583) عن أبي معبد مولى ابن عباس أن ابن عباس رضي الله عنهما أخبره أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته.
وفي رواية للبخاري (806) ومسلم (583) عن ابن عباس قال: (كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير).
فاختلفوا هل هذا يدل على المداومة أم لا؟ وهل يعارض قوله تعالى: (َاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ) الأعراف/205، أم لا يعارضه.
فممن ذهب إلى رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة: الطبري وابن حزم وشيخ الإسلام وغيرهم.
وممن ذهب إلى أن ذلك كان للتعليم: الشافعي والجمهور.
قال الشافعي رحمه الله: " وأختار للإمام والمأموم أن يذكر الله بعد الانصراف من الصلاة، ويخفيان الذكر إلا أن يكون إماماً يجب أن يُتعلم منه فيجهر حتى يرى أنه قد تُعلم منه، ثم يسر؛ فإن الله عز وجل يقول (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) يعنى – والله تعالى أعلم -: الدعاء، (ولا تجهر) ترفع، (ولا تخافت) حتى لا تُسمع نفسك.
وأحسب ما روى ابن الزبير من تهليل النبي صلى الله عليه وسلم، وما روى ابن عباس من تكبيره كما رويناه - قال الشافعي: وأحسبه إنما جهر قليلاً ليتعلم الناس منه؛ وذلك لأن عامة الروايات التي كتبناها مع هذا وغيرها ليس يذكر فيها بعد التسليم تهليل، ولا تكبير.
وقد يذكر أنه ذكر بعد الصلاة بما وصفت ويذكر انصرافه بلا ذكر.
وذكرتْ أم سلمة مكثه ولم تذكر جهراً، وأحسبه لم يمكث إلا ليذكر ذكراً غير جهر " انتهى من "الأم" (1/ 127).
وقال ابن حزم رحمه الله: " ورفع الصوت بالتكبير إثر كل صلاة حسن " انتهى من "المحلى" (3/ 180).
ونقل البهوتي في "كشاف القناع" (1/ 366) عن شيخ الإسلام ابن تيمية استحباب الجهر: " (قال الشيخ [أي ابن تيمية]: ويستحب الجهر بالتسبيح والتحميد والتكبير عقب كل صلاة ".
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن حكم المسألة فأجاب:
" الجهر بالذكر بعد الصلوات المكتوبة سنة، دل عليها ما رواه البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وكنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته). ورواه الإمام أحمد وأبو داود. وفي الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا قضى الصلاة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. ) الحديث. ولا يُسمع القول إلا إذا جهر به القائل.
وقد اختار الجهر بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وجماعة من السلف والخلف، لحديثي ابن عباس، والمغيرة رضي الله عنهم. والجهر عام في كل ذكر مشروع بعد الصلاة سواء كان تهليلا، أو تسبيحا، أو تكبيرا، أو تحميدا لعموم حديث ابن عباس، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم التفريق بين التهليل وغيره بل جاء في حديث ابن عباس أنهم يعرفون انقضاء صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير، وبهذا يُعرف الرد على من قال لا جهر في التسبيح والتحميد والتكبير.
وأما من قال: إن الجهر بذلك بدعة، فقد أخطأ فكيف يكون الشيء المعهود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بدعة؟! قال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله: (ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله وتقريره، وكان الصحابة يفعلون ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بعد تعليمهم إياه، ويقرهم على ذلك فعلموه بتعليم الرسول صلى الله عليه وسلم إياهم، وعملوا وأقرهم على ذلك العمل بعد العلم به ولم ينكره عليهم).
وأما احتجاج منكر الجهر بقوله تعالى: (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/462)
فنقول له: إن الذي أمر أن يذكر ربه في نفسه تضرعا وخيفة هو الذي كان يجهر بالذكر خلف المكتوبة، فهل هذا المحتج أعلم بمراد الله من رسوله، أو يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم المراد ولكن خالفه، ثم إن الآية في ذكر أول النهار وآخره (بالغدو والآصال) وليست في الذكر المشروع خلف الصلوات، وقد حمل ابن كثير في تفسيره الجهر على الجهر البليغ. وأما احتجاج منكر الجهر أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس أربعوا على أنفسكم ... ) الحديث.
فإن الذي قال: (أيها الناس أربعوا على أنفسكم) هو الذي كان يجهر بالذكر خلف الصلوات المكتوبة، فهذا له محل، وذاك له محل، وتمام المتابعة أن تستعمل النصوص كل منها في محله.
ثم إن السياق في قوله: (أربعوا على أنفسكم) يدل على أنهم كانوا يرفعون رفعا بليغا يشق عليهم ويتكلفونه، ولهذا قال: (أربعوا على أنفسكم). أي: ارفقوا بها ولا تجهدوها، وليس في الجهر بالذكر بعد الصلاة مشقة ولا إجهاد.
أما من قال: إن في ذلك تشويشا.
فيقال له: إن أردت أنه يشوش على من لم يكن له عادة بذلك، فإن المؤمن إذا تبين له أن هذا هو السنة زال عنه التشويش، وإن أردت أنه يشوش على المصلين، فإن المصلين إن لم يكن فيهم مسبوق يقضي ما فاته فلن يشوش عليهم رفع الصوت كما هو الواقع، لأنهم مشتركون فيه، وإن كان فيهم مسبوق يقضي، فإن كان قريبا منك بحيث تشوش عليه فلا تجهر الجهر الذي يشوش عليه لئلا تلبس عليه صلاته، وإن كان بعيدا منك فلن يحصل عليه تشوش بجهرك.
وبما ذكرنا يتبين أن السنة رفع الصوت بالذكر خلف الصلوات المكتوبة، وأنه لا معارض لذلك لا بنص صحيح ولا بنظر صريح " انتهى.
وقال أيضا: " لأن الأصوات إذا اختلطت تداخل بعضها في بعض فارتفع التشويش، كما تشاهد الآن في يوم الجمعة الناس يقرأون كلهم القرآن يجهرون به ويأتي المصلي ويصلي ولا يحدث له تشويش ".
وقال رحمه الله: " فالمهم أن القول الراجح: أنه يسن الذكر أدبار الصلوات على الوجه المشروع، وأنه يسن الجهر به أيضا - أعني رفع الصوت - ولا يكون رفعا مزعجا فإن هذا لا ينبغي، ولهذا لما رفع الناس أصواتهم بالذكر في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام في قفولهم من خيبر قال: (أيها الناس، أربعوا على أنفسكم)، فالمقصود بالرفع، الرفع الذي لا يكون فيه مشقة وإزعاج " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (13/ 247، 261).
ثانيا:
قد تبين مما ذكرنا أن الأمر فيه سعة، وأن الخلاف في المسألة قديم، ولعل الراجح هو ما ذكره الشيخ رحمه الله من رفع الصوت، لكن يكون رفعا من غير إزعاج.
وأما من أشرت إليهم من العوام وكبار السن، فإنه سيعتادون ذلك بعد مدة، وقد يكون من المناسب قراءة كلام الشيخ عليهم، ليعلموا السنة، ويرغبوا في تطبيقها.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب ( http://islamqa.com/index.php?ref=87768&ln=ara)
ـ[بن نصار]ــــــــ[23 - 06 - 07, 07:20 ص]ـ
لابد من مراعاة جهل الناس بذلك. . و خاصة كبار السن.
ـ[ابوعمرالتميمي]ــــــــ[26 - 06 - 07, 12:46 ص]ـ
قال تعالى: (فإن تنازعتم في شيءٍ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) اهل العلم اختلفوا في المسألة،،، فيجب في هذ الحالة الإقتصار على الأدلة،،،والدليل ثبت في رفع الصوت،،، أما مسألة إزعاج المتأخرين،، فهل نهجر هذه السنة بسبب المتأخرين لأن التأخير أصبح في كل صلاة .... والله أعلم
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[26 - 06 - 07, 03:08 ص]ـ
أخي أبو عمر
ما هذا الذي ختمت به الكلام بارك الله فيك.
وأقول من باب لازم كلامك حفظك الله ورعاك:
الإيذاء حرام. وهل تفعل الحرام لتؤدي سنة؟!!!
ـ[محمد العبد]ــــــــ[28 - 06 - 07, 06:48 ص]ـ
أخي الأيوبي بارك الله فيك لقد قلت
لابد من مراعاة جهل الناس بذلك. . و خاصة كبار السن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/463)
وذلك الكلام خطأ أخي الكريم فإن سنة رسول الله لاتترك مراعاة لأهل الجهل فإن في ذلك إضاعة للسنن خاصة في الأزمنة التي يقل فيها العلم , والحقيقة أن هذا الكلام مدخل من مداخل الشيطان التي يلبس بها على بعض عباد الله ليصل إلى غرضه من إماتة السنن وسأنقل لك هنا كلام جميل متين للإمام الصنعاني رحمه الله حيث أنه تعقب الإمام ابن دقيق العيد في شرحه للعمدة تحت حديث (الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ وَ: هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}.)
فقال ابن دقيق العيد _ رحمه الله _: وَفِي الْمُوَاظَبَةِ عَلَى ذَلِكَ دَائِمًا أَمْرٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى الْجُهَّالَ إلَى اعْتِقَادِ أَنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ.
وَمِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ: حَسْمُ مَادَّةِ هَذِهِ الذَّرِيعَةِ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: أَمَّا الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا، فَيَأْبَاهُ الْحَدِيثُ.
وَإِذَا انْتَهَى الْحَالُ إلَى أَنْ تَقَعَ هَذِهِ الْمَفْسَدَةُ فَيَنْبَغِي أَنْ تُتْرَكَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، دَفْعًا لِهَذِهِ الْمَفْسَدَةِ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي فِعْلَ ذَلِكَ دَائِمًا اقْتِضَاءً قَوِيًّا.
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ، فَقَدْ يُتْرَكُ الْمُسْتَحَبُّ لِدَفْعِ الْمَفْسَدَةِ الْمُتَوَقَّعَةِ.
وَهَذَا الْمَقْصُودُ يَحْصُلُ بِالتَّرْكِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ الْجُهَّالِ، وَمَنْ يُخَافُ مِنْهُ وُقُوعُ هَذَا الِاعْتِقَادِ الْفَاسِدِ.
وكما ترى أخي الكريم أن هذا الكلام شبيه بكلامك والتفت فيه الإمام إلى جهل الجهال كما فعلت أنت وإن كان هو خشي الإعتقاد الفاسد وأنت خشيت إنكار كبار السن.
على كل حال تأمل ما سيقوله الإمام الصنعاني تعقبا لهذا الكلام فإنه كلام يكتب بماء الذهب ,
قال _رحمه الله _: [إنه يتعين إشاعة السنن وتعريف الجاهل لما يجهله وإعلامه بالشريعة , ولا تترك السنة مخافة جهله وما ماتت السنن إلا خيفة العلماء من الجهال , وليس بعذر فإن الله أمر بإبلاغ الشرائع.]
قال الشيخ عبد الله آل بسام _ رحمه الله _ في كتابه (تيسير العلام) تعليقا على كلام الصنعاني: [وكلام الصنعاني وجيه جدا] ا. ه
وقد كنت أود أن أعلق أيضا على كلام أخينا الفاضل أبي يوسف التواب حيث أرى أنه قد جانبه الصواب فيما قال وأرى أن الصواب مع أخينا أبي عمر التميمي وإن كان حفظه الله لم يحسن الاستدلال وعرض حجته ولكني مرهق ومتعب الآن فلعلي أفعل إن شاء الله فيما بعد قريبا.
ـ[محمد العبد]ــــــــ[29 - 06 - 07, 08:23 ص]ـ
بالنسبة لما قاله الأخ الكريم أبو يوسف فأقول أن المفسدة لابد من اعتبارها شرعا فإن أتى دليل على عدم اعتبارها فلاينظر إليها وغاية ما يحتج به الإخوة المتعللون بالإيذاء في هذا المقام هو ما رواه أحمد وأبو داود والبيهقي في السنن الكبرى
(أن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال اعتكف النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة وهو في قبة له فكشف المستورة وقال الا ان كلكم يناجي ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفعن بعضكم على بعض في القراءة في الصلاة *)
ويقيسون الجهر بالذكر على ذلك وذلك خطأ لما يلي:
أولا: أن الذي نهى هاهنا هو نفسه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الذي جاء عنه الجهر بالذكر عقب الصلوات المفروضة مع أن من أصحابه من كان يأتي متأخرا إلى الصلاة مثل حديث (من يتصدق على هذا) وبالرغم من ذلك فلم يرد عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه نهى عن هذا الجهر لكي لايتشتت المسبوق فدل ذلك على أن الشرع لم ينظر لهذه المفسدة وأن المصلحة في الإتيان بالذكر جهرا راجحة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/464)
ثانيا: يفوت الأخوة هنا الفارق بين الصورتين فإن قراءة القرآن في صلوات التطوع خاصة في الإعتكاف تطول كما أن الكلمات القرآنية لها وقع متشابه مما يؤثر تأثير بالغ في تشتت القراء المجاهرين بخلاف أذكار الصلاة فإنها تكون لمدة قصيرة لاتزيد عند المتأني على عشر دقائق كما أنها لاتكون بتجويد فتختلف عن القرآن في الوقع في الأذن فلا يحدث الإختلاط كما في الصورة الأولى.
ثالثا: لو نظرنا لمسألة الإيذاء هذه فلما يكون النظر فيها من ناحية المصلين فقط لأنه من الممكن أن يشتكي أيضا بعض من يذكر عقب الصلاة من عدم التركيز بسبب الجهر _ وهذا حدث في الواقع _ فهل نقول هنا أيضا بترك الجهر حتى لا يتأذى؟ , لو فعلنا هذا لكان نتيجة ذلك أن تهجر هذه السنة وتصبح مجرد سنة نظرية وهذه نتيجة باطلة فعلم بطلان المقدمات.
كما أني أرى فائدة من الجهر بالذكر عقب الصلوات المفروضة فإنها تكون دافعا لمن كان حريصا على الخشوع التام في صلاته أن لايتأخر عن الصلاة كي لايتعرض لسماع هذه الأذكار جهرا مما قد يفقده بعض تركيزه.
وسأعيد هنا نقل جزء من فتوى الشيخ ابن العثيمين التي نقلها أخونا الوائلي لأهمية كلامه ومتانته:
قال الشيخ رحمه الله:
(أما من قال: إن في ذلك تشويشا.
فيقال له: إن أردت أنه يشوش على من لم يكن له عادة بذلك، فإن المؤمن إذا تبين له أن هذا هو السنة زال عنه التشويش، وإن أردت أنه يشوش على المصلين، فإن المصلين إن لم يكن فيهم مسبوق يقضي ما فاته فلن يشوش عليهم رفع الصوت كما هو الواقع، لأنهم مشتركون فيه، وإن كان فيهم مسبوق يقضي، فإن كان قريبا منك بحيث تشوش عليه فلا تجهر الجهر الذي يشوش عليه لئلا تلبس عليه صلاته، وإن كان بعيدا منك فلن يحصل عليه تشوش بجهرك.
وبما ذكرنا يتبين أن السنة رفع الصوت بالذكر خلف الصلوات المكتوبة، وأنه لا معارض لذلك لا بنص صحيح ولا بنظر صريح " انتهى.
وقال أيضا: " لأن الأصوات إذا اختلطت تداخل بعضها في بعض فارتفع التشويش، كما تشاهد الآن في يوم الجمعة الناس يقرأون كلهم القرآن يجهرون به ويأتي المصلي ويصلي ولا يحدث له تشويش ".
وقال رحمه الله: " فالمهم أن القول الراجح: أنه يسن الذكر أدبار الصلوات على الوجه المشروع، وأنه يسن الجهر به أيضا - أعني رفع الصوت - ولا يكون رفعا مزعجا فإن هذا لا ينبغي، ولهذا لما رفع الناس أصواتهم بالذكر في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام في قفولهم من خيبر قال: (أيها الناس، أربعوا على أنفسكم)، فالمقصود بالرفع، الرفع الذي لا يكون فيه مشقة وإزعاج)
وإن كان في كلام الشيخ استثناء ليس بالقوي عندي لما سبق ذكره وهو استثناءه لمن كان قريبا من مصلي بأن يخفض من جهره إلى الحد الذي لا يشوش به على أخيه المصلي وقد سبق الرد على ذلك بل وفي كلام الشيخ ما يرد على ذلك.(79/465)
افيدونا،،، هل ورد شئ في السنة في حب الوطن
ـ[ابوعمرالتميمي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 05:59 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
اخواني غفر الله لنا ولكم،،، هل ورد شئ في السنة في مسألة حب الوطن، فقد أقام اخواننا من طلبة العلم في الكويت قبل شهرين تقريبا ملتقى تحت عنوان (حب الوطن ايمان) أو قريبا من ذلك، وخاض طلبة العلم في الكويت في هذه المسألة بين مؤيد ومنتقد، فنريد من عنده شئ فليسعفنا فيه.
الموضوع تكرر سهوا ونرجو من المشرف حذف أحدهما
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 06:16 م]ـ
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته،
نعم أخي ورد حديث في حب الوطن و أنه من الإيمان لكنه موضوع.
ـ[ابوفيصل44]ــــــــ[14 - 06 - 07, 11:28 م]ـ
هذه محاضرة بعنوان (حب الوطن من الايمان) لفضيلة الشيخ عبد السلام البرجس رحمه الله عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء.
أورد فيها الآثار والنصوص من الكتاب والسنة والسلف الصالح.
http://www.burjes.com/click/go.php?id=10
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[15 - 06 - 07, 03:22 ص]ـ
هذه محاضرة بعنوان (حب الوطن من الايمان) لفضيلة الشيخ عبد السلام البرجس رحمه الله عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء.
أورد فيها الآثار والنصوص من الكتاب والسنة والسلف الصالح.
http://www.burjes.com/click/go.php?id=10
رحمه الله وغفر الله وصفه الشيخ الفوزان بالعالم رحمه الله
ـ[السدوسي]ــــــــ[21 - 06 - 07, 01:45 ص]ـ
صحيح البخاري [جزء 2 - صفحة 638]
حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر قال أخبرني حميد أنه سمع أنسا رضي الله عنه يقول
: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر فأبصر درجات المدينة أوضع ناقته وإن كانت دابة حركها
قال أبو عبد الله زاد الحارث بن عمير عن حميد حركها من حبها
فتح الباري - ابن حجر [جزء 3 - صفحة 621]
وفي الحديث دلالة على فضل المدينة وعلى مشروعية حب الوطن والحنين إليه
صحيح البخاري [جزء 1 - صفحة 4]
.......... فقال له ورقة هذا الناموس الذي نزله الله به على موسى يا ليتني فيها جذع ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أومخرجي هم). قال نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا.
فتح الباري - ابن حجر [جزء 12 - صفحة 359]
قال السهيلي يؤخذ منه شدة مفارقة الوطن على النفس فإنه صلى الله عليه وسلم سمع قول ورقة أنهم يؤذونه ويكذبونه فلم يظهر منه انزعاج لذلك فلما ذكر له الإخراج تحركت نفسه لذلك لحب الوطن وإلفه فقال أو مخرجي هم.
ـ[ابومحمد بكري]ــــــــ[27 - 06 - 07, 11:41 م]ـ
جزاك الله خيرا(79/466)
همة الرجال تزيل الجبال
ـ[أبو الفرج مهدي]ــــــــ[14 - 06 - 07, 09:15 م]ـ
" همة الرجال تزيل الجبال " ليس هذا بحديث نبوي ولكنها حكمة جرت مجرى المثل السائر لكنه اليوم قد غاب عن أكثر الضمائر، تغنَّى به القوم في الزمن الغابر, فتقوّوا وقاوموا به كل الصعاب التي كانوا يكابدون في صحراءهم وجبالهم، من مظاهر بيئتهم القاسية وما فيها من عوامل الخَوَر والفناء،
ربما قيلت في زمن لم تكن لأهله شريعة قائمة ومحكّمة تربطهم بالله تعالى وتُعلّمهم الصبر على البلاء والرضا بالقضاء، لكن كانت لهم أمثال هذه الكلمات يتزودون بها ويُذكِّر بها بعضهم بعضا فينبعث في أنفسهم إحساس بالقدرة على كل شيء، وشعور بنفي العجز والكسل والمرض عن ذواتهم، وتحيى به أرواحهم وتعلو به همتهم فيسيرون نحو مطلوبهم بخطوات ثابتة،
إنها من الكلمات التي يعالَج بها داء اليأس والقنوط والعجز والخور، وتُداوى بها جراح النفوس وتُضمَّد الكُلُوم والخدوش، يرددها فارسهم في نفسه فيندفع في صحراء الفتن بين رمال المحن لا يعبأ بما يناله ولا يلتفت إلى ما يصيبه، ويستهين بالخطر المحدق به من سهام فيها سُمٌّ قاتل ورماح أعلاها نار تشتعل، ولا يرهبه العدو الذي يقابل ولو كان جيشا عرمرما،
بمثل هذه الكلمات بقيت نفوسهم حيّة فرفعوا شعار التحدي وسادوا وأثبتوا وجودهم، ونحن المسلمين لنا زيادة على مثل هذه الكلماتِ كلماتٌ إلهية كلمات قرآنية من خالق البرية تبعث في النفوس نفس الشعور تحيي القلوب والهمم كقوله تعالى:] ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين [وقوله سبحانه:] اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون [، فماذا فعلنا؟ وكيف تعاملنا مع واقعنا؟
إنه على كل مسلم عاين واقع الأمة الذي يعجز اللسان عن وصفه فظاعة واسودادا، أن يتمثل تلك الكلمات وأن يتلو هذه الآيات ليجدد عزمه على مواصلة العمل والإصلاح مهما كلفه ذلك من عناء، نعم الواقع مرٌّ!! إننا في صحراء قاحلة غاب عنها الدليل الذي يسير بالركبان، قُطَّاع الطرق في كل مكان، عقارب العلمنة أفاعي التنصير, وذئاب مفترسة ومتربصة ودراويش وسحرة وقيان ودعاة الفجور، نزاعات الجاهلية وصراعات قبلية كل شيء تلمسه تجده ملتهبا, وعواصف هوجاء فتن وفقر جوع وعطش جهل وتمرد على الشريعة والأخلاق ... الخ، لكن المسلم الغيور على دينه وأمته أقوى من هذا الواقع وهو إن لم يُغَيِّرْه غَيَّرَ فيه، إن يكن منكم عشرون صابرون .. كم من فئة قليلة ..
أيها المسلمون الصالحون المصلحون! إن من دواعي الخور والفشل استعجال النتائج إضافة إلى الرضوخ للأمر الواقع، ونحن لن نرضخ ولن نستسلم, كما أننا نعلم أن الواجب علينا هو العمل والاجتهاد والدعوة والتضحية, أما النتيجة فلا ننظر إليها إلا بمقدار ولغايات عملية أخرى مطلوبة،
إن الأمّة تحتاج إلى أبطال وأنت أيها القارئ بطل, أو يمكنك أن تكون بطلا يزيل الجبال ويصارع المحال، وللشيخ العلامة البشير الإبراهيمي حكمة بليغة وجهها للمعلمين الأحرار، أبينا إلا ذكرها لتنير لنا المضمار:» إن زمانكم هذا بطل فقاتلوه بالبطولة لا بالبطالة، وإن البطل هو الذي يتعب ليستريح غيره «، فهذه هي البطولة فماذا بإمكانك أن تقدم وماذا بِوُسعك أن تفعل؟
أيها المعلمون الأحرار! بإمكانكم أن تصنعوا الكثير وبأيديكم إخراج جيل جديد من الأخيار، أيها الكُتَّاب والمثقفون! بإمكانكم أن توجهوا الأمّة وأن تكونوا صناعا للقرار، أيها الأغنياء! لا تبخلوا بما آتاكم الله من فضله وأنفقوا في سبيل الله, ولا يخفى عليكم دَوْر المال في دعم الأعمال وجمع وتثبيت قلوب الرجال والحفاظ على الاستقلال، يا أيتها الشرائح المسلمة! إن في قلبك إيمانا كامنا فسارعي إلى إظهاره وإخراجه قبل أن يختنق في الأعماق، فاللهم اشرح صدورنا وعلِّ همتنا وقوِّ عزمنا وشُدَّ أزرنا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
محمد حاج عيسى
منقول
http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&task=view&id=3&Itemid=6
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[15 - 06 - 07, 02:26 م]ـ
جزاك الله خيرا.
ـ[عبدالمهيمن]ــــــــ[15 - 06 - 07, 05:53 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[خطاب القاهرى]ــــــــ[15 - 06 - 07, 06:30 م]ـ
جزاك الله خيرا و بارك فيك و فى الشيخ محمد.
حقا كلمات تلهب الحماسة و ترفع الهمم, كتب الله لك الأجر.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[17 - 06 - 07, 06:26 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
بارك الله في الكاتب والناقل والداعي بالخير
ـ[أبو الفرج مهدي]ــــــــ[18 - 06 - 07, 01:50 م]ـ
بارك الله فيكم جميعا(79/467)
إحجز نسختك: شرح الأربعين النووية للشيخ عطية محمد سالم ـ رحمه الله ـ مكتوباً.
ـ[زيد الزعيبر]ــــــــ[15 - 06 - 07, 01:12 ص]ـ
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته:
أسعد الله أوقاتكم بكل خير،
أضع بين أيديكم أيها الأحبة شرح الأربعين
للشيخ: عطية محمد سالم ـ قدس الله روحه ـ
وأذكر أنني انتهيت من جمعه من موقع الشبكة الإسلامية كاملاً،
ولكني فوجئت عندما بحثت عنه الآن لم أجده كاملاً،
وفقدت الجزء الأول منه، وقد آثرت وضعه الجزء الثاني هنا،
ولعل الله أن ييسر الوقت لجمع ما بقي.
والأحاديث هي من الحديث رقم 17 إلى الحديث رقم 42 فقط،
وناقص من التفريغ بالموقع حديث رقم 32 والحديث رقم 34
* لا تنسونا من الدعاء *
محبكم: أبو أسامه
ـ[محمد عمارة]ــــــــ[15 - 06 - 07, 06:41 ص]ـ
جزاكم الله خيرا و بارك فيك
و يسر لك جمع ما تبقى
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[15 - 06 - 07, 10:33 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذا الكنز
ـ[أبو وسام الأزهرى]ــــــــ[15 - 06 - 07, 05:20 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذا المجهود الطيب
ـ[نورالدين]ــــــــ[15 - 06 - 07, 06:19 م]ـ
جزاكم الله خيرا و بارك فيك
ـ[أبو عبد الرحمن العتيبي]ــــــــ[15 - 06 - 07, 06:56 م]ـ
جزاك الله خيرا.
ـ[مجاهد الحسين]ــــــــ[15 - 06 - 07, 07:16 م]ـ
جزيت خيرا
ـ[أبو أبي]ــــــــ[19 - 06 - 07, 05:03 ص]ـ
نفع الله بك لقد نبذت الحرج والحرمان عمن حرم حاسة السمع
اللهم انفعه وارفع عنه الذنب ولا حرمك الله مما حرمني الله
ـ[بن نصار]ــــــــ[19 - 06 - 07, 12:46 م]ـ
حجزت نسختي. . فجزاك الله خيرا
ـ[عبدالرحمن السعد]ــــــــ[19 - 06 - 07, 04:53 م]ـ
نفع الله بك.
ـ[خالد أبو أيمن]ــــــــ[27 - 06 - 07, 02:47 ص]ـ
جزاك الله خيرا
وأنا أؤمن على دعائك للشيخ الإمام قدس الله روحه
ـ[زيد الزعيبر]ــــــــ[13 - 05 - 08, 03:58 ص]ـ
تم إضافة الشرح كاملاً ولله الحمد والمنة،،
وأشكر الإخوة جميعاً على مرورهم.
ـ[خالد المراكشي]ــــــــ[13 - 05 - 08, 02:22 م]ـ
بارك الله فيك أخي الحبيب على هذا الموضوع الجميل و المفيد
ـ[ابو اسحاق]ــــــــ[14 - 05 - 08, 02:38 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[زيد الزعيبر]ــــــــ[20 - 05 - 08, 06:20 م]ـ
وإياكم أيها الأحبة،،
وأشكر لكم مروركم ..
ـ[أم جمال الدين]ــــــــ[20 - 05 - 08, 07:04 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الرّحمن خيراً
ـ[ابو سجا]ــــــــ[21 - 05 - 08, 07:26 م]ـ
جزاكم الله خير الجزاء
ـ[أبوسهل العتيبي]ــــــــ[22 - 05 - 08, 12:31 ص]ـ
جزاك الله خير
ـ[أبو شوق]ــــــــ[22 - 05 - 08, 04:36 ص]ـ
جزاكم الله خير(79/468)
هل يجوز الانتفاع بمنتجات البحر الميِت؟؟؟
ـ[زياد عوض]ــــــــ[15 - 06 - 07, 02:29 ص]ـ
رقم الفتوى 7761 حكم الانتفاع بمنتجات البحر الميت
تاريخ الفتوى: 02 صفر 1422
السؤال
ماحكم استحدام منتجات البحرالميت؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما يشاع بين بعض الناس من عدم جواز الانتفاع بما يخرج من البحر الميت مرجعه إلى القول بأنه منطقة عذاب قوم لوط، على ما ذكره بعض أهل التفسير.
وقد جاء في الشرع النهي عن شرب المسلم، وانتفاعه الشخصي بمياه من عذبهم الله، ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض ثمود الحجر فاستقوا من بئرها، واعتجنوا به، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا من بئرها، وأن يعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة.
قال ابن حجر في الفتح: وفي الحديث كراهة الاستقاء من بيار ثمود ويلحق بها نظائرها من الآبار والعيون التي كانت لمن هلك بتعذيب الله تعالى على كفره، واختلف في الكراهة المذكورة هل هي للتنزيه، أو للتحريم؟ وعلى التحريم هل يمتنع صحة التطهر من ذلك الماء أم لا؟. انتهى.
وقال النووي في المجموع شرح المهذب: فاستعمال ماء هذه الآبار المذكورة في طهارة، وغيرها مكروه أو حرام، إلا لضرورة. لأن هذه سنة صحيحة لا معارض لها .. فيمتنع استعمال آبار الحجر، إلا بئر الناقة، ولا يحكم بنجاستها، لأن الحديث لم يتعرض للنجاسة، والماء طهور بالأصالة. انتهى.
وقال ابن العربي: لأجل أنه ماء سخط فلم يجز الانتفاع به فراراً من سخط الله، وقال: "اعلفوه الإبل"، فكان هذا دليلاً أيضاً على أن ما لا يجوز استعماله من الطعام والشراب يجوز أن يعلفه الإبل والبهائم، إذ لا تكليف عليها. انتهى.
وبالجملة فالراجح أن منطقة العذاب لا يشرب من مائها، ولا ينتفع بشيء مما فيها في طعام الإنسان ونحوه، ما لم تدع الضرورة إلى ذلك.
هذا حكم المنطقة التي يثبت بالدليل الشرعي أنها منطقة عذاب.
أما منطقة البحر الميت، فلم يقم عندنا الدليل الشرعي على أنها منطقة عذاب قوم لوط ولا غيرهم، والأصل في الأشياء الإباحة، ولا فرق بين البحر الميت وغيره من الأماكن في الحكم الشرعي حتى يثبت الدليل الشرعي بتخصيصه بحكم خاص. وعليه فيجوز الانتفاع بما يخرج من البحر الميت من ملح ونحوه، مما يجوز الانتفاع به، ولم يكن محرماً لعلة أخرى، ومجرد ذكر كتب التفسير أنها منطقة قوم لوط لا يؤثر وحده في الحكم، لأن كتب التفسير لم تسند ذلك إلى خبر صحيح عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، وإنما هي أقوال خلو عن الدليل، فلا يمكن اعتمادها في أثبات حكم شرعي وإذا ثبت طبياً أنه يمكن استخدامه في علاج بعض الأمراض فلا مانع من ذلك أيضاً، وإذا ذهب إليه لمجرد الاستحمام فلا شيء فيه أيضاً إذا خلا من الاختلاط والعري المحرمين.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د. عبدالله الفقيه
ـ[أبو آثار]ــــــــ[16 - 06 - 07, 09:12 ص]ـ
لكن جاء في القران ان المنطقة في بلاد الشام:
{وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا} وذلك أنه لم يؤمن به من قومه إلا لوط عليه السلام قيل: إنه ابن أخيه، فنجاه الله، وهاجر {إِلَى الأرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} أي: الشام،
وان المخاطبين في هذه الايةوهم قريش ومن حولهم انهم يمرون عليهم صباحا ومساءا اثناء سيرهم في قوافلهم في تجارتهم الى الشام
{وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} أي: تركنا من ديار قوم لوط، آثارا بينة لقوم يعقلون العِبر بقلوبهم، [فينتفعون بها]، كما قال تعالى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ}
وعندما جاءت الملائكة لتبشر ابراهيم عليه السلام بالولد قالوا انا مهلكو اهل هذه القرية
و"هذه" اشار للشيء القريب وقرية لوط قريبة من الخليل وهي ارض ابراهيم عليه السلام
وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ
وقد ذكر في القران غير مرة ان الله قد ترك لنا اية عن مكان وجودهم وان فيها اية للذين يخافون العذاب الاليم فاين هي المنطقة اذن والله يقول انه قد ترك لنا اية دالة عليها
و طينة البحر الميت اصلها بركاني وقد جاء في القران انهم قد ارسل عليهم حجارة من سجيل منضود
ويذكر من ذهب الى منطقة الكرامة وهي المنطقة المجاورة لتلك البقعة ان البيوت مقلوبة
ولا اذكر المصدر لكن عندما وقعت اسرائيل على التنازل عن منطقة اريحا وهي الجهة المقابلة للبحر الميت من فلسطين ان السبب في ذلك انها منطقة قوم لوط وهي منطقة غضب وعذاب كما جاء ذلك في التوراة عندهم
واكدت دراسات عن عبدة الشياطين انهم حين يصلون فانهم يجعلون قبلتهم تلك المنطقة لانهم يقدسون اصحاب هذه الفاحشة
هذا والله اعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/469)
ـ[أبو آثار]ــــــــ[16 - 06 - 07, 09:17 ص]ـ
وهذه الفاحشة امرها عظيم لدرجة ان الله سبحانه وتعالى عندما يعرض قصص الانبياء مع اقوامهم ودعوتهم للتوحيد ويقرن معها اهم معاصيه من قطع الافساد في الارض وتطفيف الميزان
انه يذكر هذه المعصية بمفردها وعذابهم عظيم تقشعر منه النفوس فلانتساهل في امر تلك المنطقة
ودع ما يريبك الى ما لا يريبك
ونسكن فيها وننتفع من ماءها اوملاحها فيصيبنا ما اصابهم
ـ[البتيري]ــــــــ[16 - 06 - 07, 12:23 م]ـ
ان الطينة البركانية، وارتفاع درجة الحرارة، واتجاه عبدة الشيطان اليها، وتنازل "دولة العدو الصهيوني " عنها ... الخ ليست ادلة شرعية نحكم من خلالها على ثبوت ان البحر الميت هو مكان العذاب -اللهم عافنا-
ـ[زياد عوض]ــــــــ[17 - 06 - 07, 06:34 ص]ـ
ان الطينة البركانية، وارتفاع درجة الحرارة، واتجاه عبدة الشيطان اليها، وتنازل "دولة العدو الصهيوني " عنها ... الخ ليست ادلة شرعية نحكم من خلالها على ثبوت ان البحر الميت هو مكان العذاب -اللهم عافنا-
لا فض فوك، فلم يقم دليل شرعي لا من الكتاب ولا من السنة على أنَ منطقة البحر الميِت منطقة عذاب،وإنما هي أقوال مفسرين عرية عن الدليل، فالأصل البراءة الأصلية حتى يدل الدليل0
ـ[ابن وهب]ــــــــ[17 - 06 - 07, 01:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
البحر الميت هل هو مقر قوم لوط؟؟
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل منطقة البحر الميت أو الغور في الأردن هي موقع قوم لوط وهل هناك دليل قطعي على ذلك؟
وهل يجوز أن نذهب ونجلس في مثل هذه المواقع وكذلك نستطيع أن نصلي فيها؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله كل خير ومع جزيل الشكر
الإجابة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أرسل الله جل وعلا لوطاً عليه السلام إلى قومه، وكانوا يسكنون سدوم وعمورة. قال تعالى: (وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغَابِرِينَ ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) [الصافات:133 - 138].
وقال تعالى: (وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ) [الحجر:67].
جاء في تفسير الجلالين، وأهل مدينة سدوم هم قوم لوط. .
وقال ابن كثير: فبعثه الله إلى أهل سدوم، وما حولها من القرى يدعوهم إلى الله عز وجل، ويأمرهم بالمعروف، وينهاهم عما كانوا يرتكبونه من المآثم والمحارم، والفواحش التي اخترعوها لم يسبقهم أحد من بني آدم، ولا غيرهم. أ. هـ.
قال تعالى: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا) [هود: 82].
قال ابن كثير وغيره (جعلنا عاليها) وهي سدوم (سافلها)، وقال في تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) [الحجر:76].
أي وإن قرية سدوم التي أصابها ما أصابها من القلب الصوري، والمعنوي، والقذف بالحجارة حتى صارت بحيرة منتنة خبيثة بطريق مَهْيَع مسالكه مستمرة إلى اليوم.
ومن هنا قال من قال: إن البحر الميت هو مكان خسف قرى قوم لوط، وكما تواطأت كتب التفسير والتاريخ الإسلامي على أن البحر الميت هو مكان الخسف بقرى قوم لوط، فقد نصت على ذلك الكتب التي بأيدي أهل الكتاب، جاء في صحيفة الصنداي تايمز اللندنية في العدد الصادر في نوفمبر عام 1999: إن مدينة سدوم - أكثر المدن إثما في نظر الكتب المقدسة - على وشك أن تستقبل أول زائر لها منذ رحل عنها النبي لوط بسرعة قبل أن تدمر بنيران شديدة منذ 4 آلاف سنة، سيقوم باحث بريطاني في غواصة صغيرة هذا الأسبوع بمغامرة في قاع البحر الميت حيث يعتقد أن بقايا مدينة سدوم ترقد هناك.
وهذه المنطقة، كما هو معروف أكثر منطقة على وجه الأرض انخفاضاً، بل ذكر بعض الباحثين أن الانخفاض فيها يزداد على مر السنين، مما دعا بعض الخبراء إلى الدعوة لإنفاذ البحر الميت عن طريق ضخ مياه البحر الأحمر إليه عبر قناة تسمى بقناة البحرين.
يقول الباحث إلياس سلامة وهو: أستاذ للجيولوجيا بالجامعة الأردنية: إنه في بداية الستينات كان منسوب المياه في البحر الميت 392 متراً تحت سطح البحر، واليوم يبلغ منسوبة 412 متراً تحت سطح البحر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/470)
وبيئة البحر الميت بيئة فريدة تجعل من الصعب أن تعيش فيه كائنات حية إذ ترتفع فيه درجة الملوحة بشدة، حتى إن اللتر الواحد يحتوي على 300 جرام من الملح مقابل 35 في المتوسط من البحار الأخرى.
فإن ثبت قطعاً أن البحر الميت هو مكان خسف قرى قوم لوط، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدخول على المعذبين ومساكنهم، فضلاً عن الجلوس والصلاة في تلك الأماكن، إلا أن يكون الرجل باكياً، فإن لم يكن باكياً، فلا يدخل عليهم، ولا يمر بديارهم. وروى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين، فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم " وقد قال صلى الله عليه وسلم ذلك في ديار ثمود قوم صالح، ويلحق بهم كل قوم أهلكوا بعذاب من عند الله، ومنهم قوم لوط، هذا إذا ثبت أن البحر الميت هو مكان عذاب قوم لوط، ولكننا إلى الآن لم نجد ما يشهد لثبوت ذلك، بل الغالب على الظن أن كل ما ورد مما يتصل بهذا الموضوع قد أخذ عن أهل الكتاب، وقد أمرنا أن لا نصدقهم ولا نكذبهم فيما ليس في شريعتنا ما يشهد بصدقه أو كذبه.
وما دام الأمر كذلك، فإن مثل ذلك لا يثبت به حكم شرعي، بحيث يأخذ البحر الميت حكم ديار ثمود، إلا أن الأورع للمرء أن يبتعد عن الانتفاع بمنتوجات هذا البحر، وعن زيارته، وذلك اتقاءً لمواطن الشبهات. والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د. عبدالله الفقيه
السؤال:
سمعت ان الرسول عليه الصلاة والسلام عندما كان يمر بمنطقة البحر الميت كان يعرض عن رؤية ذلك المكان بسبب غضب الله على أهله .... وأنا أريد الاستفسار عن سؤالين:-
1) سمعت من بعض رجال الدين في الأردن أنه اذا وجد ملح مستخرج من البحر الميت ولآخر مستخرج من هولندا ... أن اشتري من ملح هولندا وذلك لأن منطقة البحر الميت ليست مباركه و اقتداء برسول الله عليه الصلاة والسلام ... ولكن اليس بذلك فائدة لدولة كافرة على مسلمه مثل الأردن.
2) قال لي شخص أن بالقرآن وجدت آيه تقول المسجد الأقصى الذي باركنا حوله وقصد كل المنطقة بما فيها البحر الميت ولكن ذلك لم يقنعني ... أرجو إفادتنا .. وجزاكم الله خيرا
الإجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن مرور النبي صلى الله عليه وسلم بمنطقة البحر الميت لم يثبت في السنة النبوية ولا في سيرته صلى الله عليه وسلم، فهو كلام غير صحيح. ومنذ أن بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى وفاته لم يخرج باتجاه الشام إلاّ مرتين:
المرة الأولى في الإسراء والمعراج، وكان إسراؤه صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، ولم يرد - فيما نعلم - أنه مر في حادثة الإسراء بمنطقة البحر الميت.
والثانية في غزوة تبوك - وتبوك تقع قبل منطقة البحر الميت، وهي داخل حدود المملكة العربية السعودية الآن. أما قبل مبعثه، فربما مر عليه الصلاة والسلام بتلك المنطقة عند ذهابه للتجارة بمال خديجة أو عندما سافر مع عمه أبي طالب للتجارة أيضاً.
وقد كان لقريش رحلتان: رحلة الشتاء والصيف، إحداها للشام والأخرى لليمن كما ذكر المفسرون.
ومروره هذا - لو ثبت - لا يتعلق به شيء، لأنه لم يكن قد أوحيَ إليه عليه الصلاة والسلام.
وأما الانتفاع من البحر الميت بالملح ونحوه، فإن البحر الميت منطقة عذاب، وعذب الله فيها قوم لوط عليه السلام،على ما ذكره بعض أهل التفسير، وقد جاء في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أصحابه أن ينتفعوا بآبار ثمود، لأنها آبار قوم لحقهم عذاب دنيوي بسبب تكذيبهم لنبيهم، فإذا ثبت كونه منطقة عذاب فيمكن أن يقاس هذا على هذا فيقال لا يحل الانتفاع بملح البحر الميت لهذه العلة وهي كونه منطقة عذاب، وليس هذا حكماً قطعياً، وإنما تنبيه إلى مستند من تكلم من أهل العلم في ذلك.
أما كون الملح يأتي من دولة كافرة ويوجد ملح تصنعه الدولة المسلمة، فلا حرج على الإنسان أن يشتري ملح الدولة الكافرة إذا كان أعلى جودة ونحو ذلك. وأما الآية التي استدل بها الشخص وهي قوله تعالى عن المسجد الأقصى (الذي باركنا حوله) فهذا لا يعني عدم نزول العذاب على من عصى الله تعالى في تلك المنطقة، والمفسرون ذكروا أن معنى (باركنا حوله) بالزروع والثمار والخيرات. والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د. عبدالله الفقيه
http://saaid.net/Doat/Zugail/91.htm
المصدر
http://saaid.net/Doat/Zugail/91.htm
ـ[ابن وهب]ــــــــ[17 - 06 - 07, 02:20 م]ـ
في تفسير الطبري
(القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (138)}
يقول تعالى ذكره لمشركي قريش: وإنكم لتمرون على قوم لوط الذين دمرناهم عند اصباحكم نهارا وبالليل.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ) قالوا: نعم والله صباحا ومساء يطئونها وطْئًا، من أخذ من المدينة إلى الشام، أخذ على سدوم قرية قوم لوط.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ في قوله (لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ) قال: في أسفاركم.
وقوله (أَفَلا تَعْقِلُونَ) يقول: أفليس لكم عقول تتدبرون بها وتتفكَّرون، فتعلمون أن من سلك من عباد الله في الكفر به، وتكذيب رسله، مسلك هؤلاء الذين وصف صفتهم من قوم لوط، نازل بهم من عقوبة الله، مثل الذي نزل بهم على كفرهم بالله، وتكذيب رسوله، فيزجركم ذلك عما أنتم عليه من الشرك بالله، وتكذيب محمد عليه الصلاة والسلام.
كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (أَفَلا تَعْقِلُونَ) قال: أفلا تتفكَّرون ما أصابهم في معاصي الله أن يصيبكم ما أصابهم، قال: وذلك المرور أن يمر عليهم.
)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/471)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[17 - 06 - 07, 02:49 م]ـ
في الدر المنثور
(.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولقد أتوا على القرية} قال: هي سدوم قرية قوم لوط {التي أمطرت مطر السوء} قال: الحجارة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء {ولقد أتوا على القرية} قال: قرية لوط.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {ولقد أتوا على القرية} قال: هي بين الشام والمدينة)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[17 - 06 - 07, 02:51 م]ـ
وفي تفسير القرطبي
({ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا}
قوله {ولقد أتوا على القرية} يعني مشركي مكة. والقرية قرية قوم لوط. والحجارة التي أمطروا بها. {مطر السوء} الحجارة التي أمطروا بها. {أفلم يكونوا يرونها} أي في أسفارهم ليعتبروا. قال ابن عباس: كانت قريش في تجارتها إلى الشام تمر بمدائن قوم لوط كما قال الله {وإنكم لتمرون عليهم مصبحين} وقال {وإنهما لبإمام مبين} (
ـ[ابن وهب]ــــــــ[17 - 06 - 07, 03:09 م]ـ
http://www.55a.net/firas/arabic/?page=show_det&id=747&select_page=1
لقرآن الكريم ودمار قوم لوط
بقلم الكاتب التركي هارون يحيى
قال الله تعالى: (كَذَّبَتْ قَومُ لُوطٍ بالنُّذُرِ* إِنَّا أَرْسَلْناَ عَلَيْهِمْ حَاصِباً إلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ* نِّعْمَةً مِّنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِيْ مَنْ شَكَرَ* وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بالنُّذُر) (القمر: 33 - 36).
عاش لوط (عليه السلام) في نفس زمن إبراهيم عليه السلام مرسلاً إلى بعض الأقوام المجاورة لإبراهيم، كان هؤلاء القوم كما يخبرنا القرآن الكريم يمارسون نوعاً من الشذوذ لم تعرفه البشرية قبلهم، وهو اللواط. عندما نصحهم لوط بأن يقلعوا عن ممارسة هذا الشذوذ وأنذرهم بطش الله وعقابه، كذبوه وأنكروا نبوته ورسالته، وتمادوا في شذوذهم وغيهم، وفي النهاية هلك القوم بما وقع عليهم من كارثة مريعة.
في العهد القديم يشار إلى المنطقة التي أقام فيها لوط على أنها سدوم، وحيث إن هذه المنطقة تقع إلى الشمال من البحر الأحمر، فقد كشفت الأبحاث أن الدمار قد لحق بها تماماً كما جاء في القرآن الكريم، تدل الدراسات الأثرية أن تلك المدينة كانت في منطقة البحر الميت التي تمتد على طول الحدود الأردنية الفلسطينية.
قبل أن نقوم بفحص آثار هذه الكارثة، يمكننا أن نتأمل السبب وراء عقاب آل لوط، يروي لنا القرآن كيف أنذر لوطٌ قومَه وبماذا أجابوه:
(كَذَّبَتْ قَومُ لُوطٍ المُرْسَلِيْنَ * إذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِيْنٌ * فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيْعُونِ* وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ العَالَمِيْنَ * أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ العَالَمِيْنَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ ربُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَومٌ عَادُونَ * قَالُوا لَئِنْ لَّمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ المُخْرَجِيْنَ * قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِّنَ القَالِيْن) (الشعراء: 160 - 168)
هدد القومُ لوطاً عندما دعاهم إلى اتباع الطريق الصحيح، لقد أبغضوه لأنه يدعوهم إلى الحق والطهر، وعزموا على طرده هو والذين آمنوا معه كما تعرض لنا الآيات الآتية:
(وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَومِهِ أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِيْنَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّنْ دُونِ النِّسَآءِ بَلْ أَنْتُمْ قَومٌ مُّسْرِفُونَ * وَمَا كَانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُون) (الأعراف: 80 - 82).
عرض لوط (ع) على قومه الحقيقة واضحة وأنذرهم بشكل واضح وصريح، إلا أنهم لم يكترثوا لأي تهديد أو وعيد، واستمروا في نكرانهم وتكذيبهم بالوعيد الذي جاء به:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/472)
(وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَومِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِيْنَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتقْطَعُونَ السَّبِيْلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيْكُمُ المُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوابَ قَومِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِيْن) (العنكبوت: 28 - 29).
وهنا وبعد أن تلقى لوط (ع) هذا الجواب توجه إلى الله يسأله العون:
(قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى القَوْمِ المُفْسِدِيْنَ) (العنكبوت: 30).
(رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُون) (الشعراء: 169).
وهكذا استجاب الله لرسوله، فأرسل ملكين في صورة رجلين، مر هذان الملَكان على إبراهيم قبل أن يصلوا لوطاً، وأعطوه البشرى بأن امرأته ستلد له غلاماً، وشرح الملكان لإبراهيم سبب إرسالهم إلى قوم لوط: لقد حكم على قوم لوط المتغطرسين بالهلاك ...
(قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّها المُرْسَلُونَ* قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِيْنَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهمْ حِجَارَةً مِّنْ طِيْنٍ* مُّسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلمُسْرِفِيْنَ) (الذاريات: 31،34).
(إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِيْنَ * إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَآ إِنَّها لَمِنَ الغَابِرِيْنَ) (الحجر: 59 - 60)
.وبعد أن غادر الملَكان - وهما على هيئة رسولين - إبراهيم وصلوا لوطاً، اغتم لوط لمجيء الرسل في بادئ الأمر لأنه لم يكن قد رآهم قبلاً، إلا أنه هدأ بعد أن تكلما معه:
(وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيْءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيْبٌ) (هود:77).
(قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنْكَرُونَ * قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِماَ كَانُوا فِيْه يَمْتَرُونَ * وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ * فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ * وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاَءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِيْنَ) (الحجر: 62 - 66).
في هذه الأثناء عرف القوم أن لوطاً يستضيف ضيوفاً، فلم يترددوا في إيذائهم بممارساتهم البشعة، فطوقوا منزل لوط ينتظرون خروجهم، خاف لوط على ضيوفه من أن يلحق بهم الأذى فخاطب قومه قائلاً:
(قَالَ إِنَّ هَؤُلآءِ ضَيْفِيْ فَلاَ تَفْضَحُونِ * وَاتَّقُوْا اللهَ وَلاَ تُخْزُونِ) (الحجر: 68 - 69).
فأجابه القوم: (قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ العَالَمِيْنَ) (الحجر: 70).
ظن لوط أنه أصبح وضيوفه مُعَرَّضِين إلى تلك الممارسة الشيطانية فقال:
(قَالَ لَو أَنَّ لِيْ بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيْدٍ) (هود: 80).
إلا أن ضيوفه ذَكَّروه بأنهم رسل الله إليه وقالوا:
(قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوآ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيْبُها مَآ أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيْبٍ) (هود: 81).
وعندما وصل شذوذ القوم الذُّرْوَةَ، أنقذ الله لوطاً بمساعدة الملَكين، وفي الصباح أُهلك القوم بالكارثة المدمرة التي أنذرهم بها لوط من قبل:
(وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً
عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ) (القمر: 37 - 38).
وتصف لنا الآيات دمار القوم:
(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِيْنَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّنْ سِجِّيْلٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِيْنَ* وَإِنَّها لَبِسَبِيْلٍ مُّقِيْمٍ) (الحجر: 73 - 76).
(فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارةً مِّنْ سِجِّيْلٍ مَّنْضُودٍ * مُّسَوَّمَةً عِنْد رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِيْنَ بِبَعِيْدٍ) (هود: 82 - 83).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/473)
(ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِيْنَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ المُنْذَرِيْنَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِيْنَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العَزِيْزُ الرَّحِيْمُ) (الشعراء: 172 - 175).
وعندما دُمِّرَ القوم لم ينج منهم إلا لوط ومن آمن معه، وهؤلاء جميعاً لم يكونوا يتعدون عدد أفراد الأسرة الواحدة. إلا أن امرأة لوط لم تكن من المصدقين فهلكت مع الهالكين.
(وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِيْنَ * إِنَّكُم لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّنْ دُونِ النِّسآءِ بَلْ أَنْتُم قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ * وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنْجَيْنَاهُ وأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الغَابِرِيْنَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُجْرِمِيْنَ) (الأعراف: 80 - 84).
وهكذا نجا لوط (ع) ومن معه من المؤمنين وعائلته إلا امرأته كانت من الغابرين. وكما ورد في التوراة: هاجر لوط مع إبراهيم عليهما السلام بعد أن هلك القوم الضالون ومسحت منازلهم وجه الأرض.
توضح الآية 82 من سورة هود ماهية العذاب الذي وقع على قوم لوط: (فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّنْ سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ).
جملة (جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا) تشير إلى أن المنطقة قد أصابها هزة أرضية قوية، وهنا نجد أن بحيرة لوط، المكان الذي وقع فيه العذاب، تحمل دلائل واضحة عن كارثة كهذه.
يقول عالم الآثار الألماني وورنر كيلر:
غاص وادي سديم الذي يتضمن سدوم وغوموراه مع الشق العظيم، الذي يمر تماماً في هذه المنطقة، في يوم واحد إلى أعماق سحيقة، حدث هذا الدمار بفعل هزة أرضية عنيفة صاحبتها عدة انفجارات، وأضواء نتج عنها غاز طبيعي وحريق شامل (1).
في الحقيقة، تعتبر منطقة البحر الميت، أو بحيرة لوط، منطقة زلزالية نشطة، أي منطقة زلازل.
وهو يقع في صدع تكتوني متجذر، ويمتد هذا الوادي 300كم على طول الوتر الواصل بين وبحيرة طبريا شمالاً الى منتصف وادي عربة جنوباً (2).
أما الجملة الأخيرة من الآية: (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّنْ سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ) فربما تعني حدوث انفجار بركاني على ضفتي بحيرة لوط، ولهذا كانت الحجارة التي انطلقت (مِنْ سِجِّيل) تعرض الآية 173من سورة الشعراء لنفس الصورة: (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ المُنذَرِينَ).
وعن ذلك يقول وورنر كيلر:
"تحررت القوى البركانية التي كانت هامدة في الأعماق على طول الصدع من ذلك الغور، ولا تزال فوهات البراكين الخامدة تبدو ظاهرة في الوادي العلوي من الضفة الغربية، بينما تترسب هنا الحمم البركانية وتتوضع طبقات عميقة من البازلت على مساحة واسعة من السطح الكلسي (3).
تدل هذه الحمم المتحجرة وطبقات البازلت على تعرض هذه المنطقة إلى هزة عنيفة وبركان ثائر في زمن من الأزمنة، وتبدو هذه الكارثة بالسياق القرآني (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّنْ سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ) فالقرآن يشير، على أغلب الظن إلى هذا الانفجار البركاني، والله أعلم. وقوله تعالى: (فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنا عَالِيَهَا سَافِلَهَا) يشير إلى وقوع الزلزال الذي استثار البركان لينفجر على سطح الأرض ليترك آثاراً مدمرة وشقوقاً وحمماً، والله أعلم.
الدلائل البينة والآيات الواضحة التي تظهر في بحيرة لوط مثيرة للغاية، بشكل عام تقع كل الأحداث التي يرويها القرآن في الشرق الأوسط، الجزيرة العربية ومصر، في منتصف هذه المناطق تماماً تقع بحيرة لوط. قد أثارت بحيرة لوط والمناطق المجاورة لها اهتمام الجيولوجيين، إذ تنخفض هذه البحيرة 400 متراً عن سطح البحر الأبيض المتوسط، وبما أن أخفض نقطة في هذه البحيرة تغوص حتى 400 متراً عن سطحها، إذن فقاع البحيرة يكون بانخفاض 800 متراً عن سطح البحر، وهذه أخفض نقطة على وجه الأرض، لا يتعدى عمق المناطق المنخفضة عن سطح البحر في البحر أكثر من 100 متراً. الخاصية الأخرى التي تختص
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/474)
بها هذه البحيرة دون غيرها هي الكثافة الملحية فيها والتي تبلغ 30%، ولا تسمح هذه النسبة لا تسمح لأي نوع من الكائنات البحرية مثل الأسماك، الطحالب، الإشنيات وما إلى ذلك بالعيش فيها، ولهذا سميت بالبحر الميت " Dead Sea" في الأدب الغربي
وحسب التقديرات: فإن قصة قوم لوط التي يرويها القرآن تعود إلى 1800 قبل الميلاد، لاحظ كيلر من خلال دراساته الجيولوجية والأثرية أن مدينتي سدوم وغومورا كانتا تقعان في وادي سديم الذي كان يشغل النهاية القصوى والأكثر انخفاضاً من بحيرة لوط، وأن هذه المنطقة كانت من أكثر المناطق سكاناً في هذه الأرض.
من أكثر الخصائص البنيوية لهذه البحيرة هو ذلك الدليل الذي يظهر واقعة الدمار كما رواها القرآن.
هناك قسم يشبه اللسان يشكل شبه جزيرة في شرقي بحيرة لوط، وهو يمتد حو داخل البحيرة وقد أطلق العرب على هذا القسم أسم "اللسان ,وهو يقسم قاع البحيرة تحت الماء الى قسمين, ولا يبدوا هذا ظاهراً للعيان فوق اليابسة. ومع أن القاع في يمين شبه الجزيرة هذه هو على عمق 400 م, الا أن الجانب الأيسر منها ضحل الى درجة محيرة. وقد أظهر السبر الذي أجري منذ عدة سنوات أن عمق الماء هنا يزيد عن 15 - 16 م، هذه المنطقة الضحلة تشكلت فيما بعد تكونت نتيجة الزلازل وما تبعتها من ترسبات للانهيارات الكبيرة التي حدثت في أعقابها.وهذه المنطقة هي منطقة سدوم وعامورا التي عاش فيها قوم لوط (4).
لاحظ وورنر كيلر هذا الجزء الضحل، الذي اكتُشف أنه قد تشكل فيما بعد، أنه حصل نتيجة الهزة الأرضية والانهيار الكبير الذي أحدثته هذه الهزة، هذه المنطقة هي التي كانت تشغلها سدوم وغومورا، أي: مسكن قوم لوط.
كان من الممكن في القديم الانتقال من هنا إلى الضفة المقابلة مشياً على الأقدام. أما الآن فإن الجزء السفلي من البحر الميت يغطي مدن سدوم وعامورا الموجودتان في وادي سديم. ونتيجة لانهيار القاعدة بسبب كارثة طبيعية مرعبة حدثت في الألف الثاني ق. م اندفعت المياه المالحة من الشمال إلى هذا الفراغ والتجويف الحادث وملأت هذا القسم تماماً.
قامت الأقمار الصناعة الأمريكية بتصوير قاع البحر فكشفت الصور ست نقاط على شكل مستطيل هي عبارة عن قرى مغمورة تحت البحر الميت يعتقد أنها قرى نبي الله لوط عليه السلام
كما قامت إحدى الغواصات البريطانية الصغيرة بمسح قاع البحر الميت فكشفت وجود عدة بروزات كبيرة مغمورة بطبقة سميكة من الملح يعتقد أنها قرى نبي الله لوط عليه السلام
بقايا من الأشجار القديمة عليها ترسبات ملحية تمتد في إحدى أطراف البحر الميت الضحلة
تبدو آثار قوم لوط واضحة ... عندما تبحر في قارب عبر بحيرة لوط إلى أقصى نقطة جنوباً، وعندما تكون الشمس مرسلة أشعتها باتجاه اليمين، سترى شيئاً مذهلاً، على بعد معين من الشاطئ، وتحت ماء البحر الصافي تظهر حدود الغابات التي حفظتها ملوحة البحر الميت بشكل واضح: أغصان قديمة جداً، وجذور ضاربة في القدم تحت المياه الخضراء المتلألئة. وادي سديم ... أجمل أماكن تلك المنطقة في ذلك الزمن، حيث كانت هذه الأغصان والأشجار خضراء يانعة ذات يوم والورود متفتحة ...
تكشف الأبحاث الجيولوجية عن الناحية الديناميكية لكارثة قوم لوط، تقول هذه الدراسات: إن الزلزال الذي دمر القوم جاء نتيجة لتشكل صدع طويل في الأرض (خط التصدع) على بعد 190 كم ليشكل حوض نهر الشريعة، يشير انحدار نهر الشريعة نزولاً حوالي 180 كم، بالإضافة إلى انخفاض البحر الميت بمقدار 400 متر عن سطح الأرض إلى أن حادثاً جيولوجياً على جانب من الأهمية قد اتخذ مجراه في حقبة من الزمن.
تشكل البنية المثيرة لنهر الشريعة وبحيرة لوط جزءاً صغيراً فقط من الشق أو الصدع الذي يمر من هذه المنطقة من الأرض، لقد اكتُشِفَ مكان وطول هذا الصدع في أيامنا هذه فقط.
صورة للبحر الميت
صورة للبحر الميت عبر الأقمار الصناعية
يبدأ الصدع من مناطق جبال طوروس ويمتد جنوباً حتى بحيرة لوط، ثم يواصل امتداده خلال الصحراء العربية ليصل إلى خليج العقبة، ثم يستمر عبر البحر الأحمر لينتهي في إفريقيا، وعلى امتداد هذا الصدع لوحظت أنشطة بركانية، حيث يمكن ملاحظة الحجارة البازلتية والبركانية في جبل الجليل في فلسطين وفي المناطق المنبسطة والمرتفعة من الأردن وفي خليج العقبة والمناطق المجاورة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/475)
تدل هذه الآثار والمعلومات الجيولوجية مجتمعة على أن بحيرة لوط قد شهدت كارثة جيولوجية مخيفة، كتب وورنر كيلر:
غاص وادي سديم الذي يتضمن سدوم وغومورا مع الشق العظيم، الذي يمر تماماً في هذه المنطقة، إلى أعماق سحيقة في يوم واحد، حدث هذا الدمار بفعل هزة أرضية عنيفة صاحبتها عدة انفجارات، وأضواء نتج عنها غاز طبيعي وحريق شامل، تحررت القوى البركانية التي كانت هامدة في الأعماق على طول الصدع من ذلك الغور، ولا تزال فوهات البراكين الخامدة تبدو ظاهرة في الوادي العلوي من الأردن قرب باشان، بينما تترسب الحمم البركانية وتتوضع طبقات عميقة من البازلت على مساحة واسعة من السطح الكلسي، تدل هذه الحمم المتحجرة وطبقات البازلت على تعرض هذه المنطقة إلى هزة عنيفة وبركان ثائر في زمن من الأزمنة." (5).
بقايا المدينة التي انزلقت إلى بحيرة لوط، والتي عثر عليها على ضفاف البحيرة
وتدل هذه البقايا على أن قوم لوط كانوا على مستوى معيشي راقي
أما مجلة "ناشونال جيوغرافي National Geographic" الجغرافية فقد حررت هذه المعلومات في كانون الأول من عام 1957:
يرتفع قمة جبل باتجاه البحر الميت، لم يجد أحد حتى الآن المدن المدمَّرة: سدوم وغومورا، إلا أن الباحثين يرون أنهما كانتا في وادي سديم أمام المنطقة الصخرية، قد تكون مياه البحر الميت غمرتهما بعد زلزال مدمر (6).
1وورنر كيلر، الإنجيل كتاريخ، إثبات كتاب الكتب، نيويورك: ويليام مورو، 1964، الصفحات 57 - 76.
2"عالم الإنجيل" علم الآثار والتاريخ تموز- آب 1993.
3وورنر كيلر، الإنجيل كتاريخ، إثبات كتاب الكتب، نيويورك: ويليام مورو، 1964، صفحة 76.
4المرجع السابق الصفحات 73 - 74.
5المرجع السابق الصفحات 75 - 76.
6إيرنست رايت "إحياء العهد القديم"، المجلة الجغرافية الوطنية مجلد 112 كانون الأول 1957 صفحة 833.
المصدر:موقع http://www.perishednations.com/ar/lutspeople.php
(
انتهى
ـ[ابن وهب]ــــــــ[17 - 06 - 07, 03:10 م]ـ
الصور في الرابط
ـ[زياد عوض]ــــــــ[17 - 06 - 07, 07:09 م]ـ
جزاك الله خيرا
من أرا أن يسلك سبيل الورع فلا جناح
أمَا المنع فلا يثبت إلَا بأدلة شرعية
ـ[بن نصار]ــــــــ[18 - 06 - 07, 01:53 ص]ـ
بارك الله فيكم. . على هذه الفوائد
ـ[زياد عوض]ــــــــ[18 - 06 - 07, 03:16 ص]ـ
بارك الله فيكم. . على هذه الفوائد
وفيكم بارك
ـ[مسلم النابلسي]ــــــــ[18 - 06 - 07, 03:20 ص]ـ
وأنا أبحث في بعض الفتاوى وجدت هذه الفتوى للشيخ مشهور آل سلمان -حفظه الله- حول الذهاب إلى البحر الميت
ملاحظة: حوّل الملف المرفق إلى صيغة rm
ـ[أبو آثار]ــــــــ[30 - 10 - 07, 09:45 ص]ـ
سؤال هل يفتقر اثبات اسماء البلدان والمدن الى دليل شرعي؟
الذي يحير في هذه المسألة ان الله سبحانه وتعالى اخبر انه ترك لنا اية تثبت وجودها وانتم تقولون انه لادليل على وجودها
فارجو التوضيح(79/476)
الطلاب وتحريف الايات في الاختبار! مالحل؟
ـ[ابو عبد الرحيم]ــــــــ[15 - 06 - 07, 05:50 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثير من الطلاب في المواد الشرعية يُطلب منه ذكر آية او حديث نصاً فيقوم احيانا بالتحريف بها وذكرها على غير وجهها، بغية الحصول على الدرجة، فهل يأثم في ذلك؟
وهل يجب عليه ان يترك الاجابة ان لم يتأكد من صحة الآية او الحديث؟
وهل يجوز في هذا الموضع ذكر معنى الآية دون نصها؟
عندما اصحح لطلابي في الصف الخامس الابتدائي اجد تحريف شديد لبعض الآيات!
عندها اعطيهم الدرجة حسب قرب الاجابة لنص الآية!
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[ابو عبد الرحيم]ــــــــ[15 - 06 - 07, 08:21 م]ـ
: (
ـ[إبراهيم توفيق]ــــــــ[16 - 06 - 07, 07:38 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا مما عمت به البلوى في هذا الزمن
ومن وجهة نظري أن الطالب لا يستحق أي درجة لأن القرآن لا يُروى بالمعنى
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - 06 - 07, 11:15 ص]ـ
ومن وجهة نظري أن الطالب لا يستحق أي درجة لأن القرآن لا يُروى بالمعنى
أحسنت والمطلوب منه الدليل ولم يأت به لأن ما جاء به من التحريف ليس دليلا.
ويمكن للمعلم أن يبين للطلاب هذا قبل الاختبارات، بأن أي غلط في الآيات سيعتبر به الجواب غلطا، ويحذرهم مغبة ذلك.
أما أن كان سيتجاوز كما فعل الأخ هنا فهذا تهوين وترشيخ لهذا التساهل عندهم في كتاب الله.
ـ[حارث همام]ــــــــ[18 - 06 - 07, 06:13 م]ـ
كان أستاذنا في الثانوية يشدد في هذا وكان ينبه الطلاب فمن يحرف الآية عنده يسلبه درجات، وكان هذا رادعاً لكثيرين من كتابة الآية بالظن!
ـ[ابو عبد الرحيم]ــــــــ[20 - 06 - 07, 06:20 ص]ـ
اخوتي الاعزاء
نعلم خطورة تحريف الايات، لكن هؤلاء طلاب يسعون للنجاح.
اسأل الله ان يغفر لي تصحيحي لطلابي.
شكر الله لكم ردودكم
ـ[ابو عبد الرحيم]ــــــــ[20 - 06 - 07, 06:21 ص]ـ
اخوتي الاعزاء
نعلم خطورة تحريف الايات، لكن هؤلاء طلاب يسعون للنجاح.
اسأل الله ان يغفر لي تصحيحي لطلابي.
شكر الله لكم ردودكم
ـ[ابو عبد الرحيم]ــــــــ[20 - 06 - 07, 06:21 ص]ـ
اخوتي الاعزاء
نعلم خطورة تحريف الايات، لكن هؤلاء طلاب يسعون للنجاح.
اسأل الله ان يغفر لي تصحيحي لطلابي.
شكر الله لكم ردودكم(79/477)
محمد عبدالرحيم سلطان العلماء
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[15 - 06 - 07, 08:38 م]ـ
هل هناك تعريف بهذا الشيخ
ـ[طالب شريف]ــــــــ[27 - 06 - 07, 05:11 ص]ـ
http://www.themwl.org/Bodies/Members/default.aspx?d=1&mid=923&l=AR(79/478)
تحركوا يا أهل العلم لإنقاذ المرأة المسلمة قبل أن ينقذها ... ! (مواقف مؤسفة)
ـ[عبد]ــــــــ[15 - 06 - 07, 08:41 م]ـ
فتاة خطبها سائقها الآسيوي بعد أن فاتها الزواج بسبب العضل
الحماية الاجتماعية بمكة تتدخل لإنقاذ الفتيات في حالة تسلط ولي الأمر
أقرت لجنة الحماية الاجتماعية بمكة المكرمة بوجود قضايا كثيرة للفتيات تحول دون إتمام زواجهن، وقالت الباحثة الاجتماعية في اللجنة منى الأحمدي لـ "الوطن" إن اللجنة استقبلت عددا من القضايا الإنسانية، والتي تحتاج لتدخل من قبل اللجنة في مكة المكرمة، ومنها قضايا العضل، فالعضل موجود وبشكل كبير، ولكنه يمارس في صورة سرية غير معلنة لأسباب اجتماعية تتعلق بعادات وتقاليد، أو بسبب التربية القمعية للفتاة، فلا تفصح عن مشكلتها أو تعترض على ذلك.
وكانت فاطمة. ع (33 عاما) الموظفة في إحدى المستوصفات الخاصة، والتي فاض بها الكيل، على مستوى كبير من الشجاعة جعلها تقوم بعرض قضيتها على لجنة الحماية، ومعارضة ذويها في ذلك، حيث تقدمت بشكوى لدى لجنة الحماية، ذاكرة أنها بلغت هذه السن ولم تتزوج، وتبين لها فيما بعد أن كثيراً من الشباب تقدموا لها، ولكن والدها وإخوتها يرفضون كل من يتقدم لها، بدون أي تبرير، وفي النهاية تقدم لها السائق (مقيم من جنسية آسيوية) والذي يوصلها لعملها كل يوم، ووافقت عليه رغم اعتراض والدها وإخوتها، فتعرضت لضرب شديد من أحد إخوتها، كما قدمت شكوى للمحكمة تتهم فيها والدها بأنه يمنعها من الزواج بدون أي سبب أو تبرير.
شباب على خلق
وتختلف حالة معلمة اللغة العربية م ... سالم (41 عاما) عن حالة فاطمة، حيث يرفض والدها زواجها هي وأخواتها بسبب مرتباتهن، تقول"نحن أربع بنات نعيش مع والدي، ووالدتي متوفاة، وقد تجاوزت سن الزواج، ووالدي يرفض كل من يتقدم لي بحجة أنه يرغب في مرتبي، ولا أعلم عمن يتقدم لي إلا من أقاربي وجميعهم شباب وعلى خلق".
ع. فرج (36عاما) حالة ثالثة من الحالات التي تبحثها لجنة الحماية الاجتماعية إذ تقول " كنت سعيدة في حياتي الزوجية، وقد أنجبت ثلاثة من الأطفال، حتى سلك زوجي طريق المسكرات والمنبهات، فمارس معي جميع أنواع العنف والتعذيب الجسدي والنفسي، حتى أوشك على قتلي".
ظاهرة اجتماعية
من جهته حذر وكيل كلية العلوم الاجتماعية بجامعة أم القرى الدكتور خالد يوسف البرقاوي من عضل البنات ومنعهن من الزواج كظاهرة اجتماعية آخذة في الانتشار بمجتمعنا بشكل ملحوظ، ويفصل صور العضل مثل منع الولي وليته من الزواج بسبب اعتقاده أن المتقدم يطمع في مرتبها الوظيفي، أو تحديد أشخاص معينين لهم الحق من الزواج من ابنته مثل أبناء العم أو الخال أو أحد الأقارب والفتاة تأبى ذلك، أو أن المتقدم لا ينتمي لقبيلة الفتاة، أو ليس من مستواهم الاجتماعي، أو الخوف على ميراث الأسرة من الضياع والذوبان ضمن أسرة أخرى، أو بسبب إكمال الدراسة وتأمين مستقبلها، أو منع المطلقة من العودة لزوجها السابق رغماً عنها.
ورصد الدكتور البرقاوي آثارا اجتماعية بسبب هذا العضل مثل انتشار العنوسة، ووقوع الشباب من الجنسين فيما حرم الله من الفواحش بهدف إشباع الغريزة الفطرية الموجودة لديهم، والإصابة بالأمراض المختلفة وظهور عادات سلوكية سيئة، وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع نسبة الانحراف، وتفشي الجرائم الأخلاقية داخل المجتمع، كما أشار إلى أن للعضل أيضا بعض الآثار النفسية، فربما تكون الفتاة عرضة للأمراض النفسية مثل الاكتئاب والقلق والاضطراب النفسي، الأمر الذي قد يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها مثل الانتحار والهروب من المنزل.
وأوجز الدكتور البرقاوي الحل في محاربة مشكلة العضل بعدة خطوات منها توعية الأسر بالآثار السلبية لعضل البنات عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، وإجراء المزيد من الدراسات والبحوث التي تهتم أو تركز على المشاكل الأسرية بصفة عامة وعضل البنات بصفة خاصة، كما أن من حق الفتاة والتي تشتكي من العضل من ذويها اللجوء للمحاكم والجهات الأمنية للنظر في أمرها واتخاذ الإجراءات اللازمة.
ويصف المأذون الشرعي عبيد الله النمري العضل بأنه صورة من صور الجاهلية ولقد حرمه الإسلام لما فيه من ظلم وهضم لحق الفتاة، ومن يعضل موليته بدون أي سبب شرعي أو بسبب بعض أفكاره ومفاهيمه التابعة لهواه، كحرصه على راتبها أو ميراثها أو أن يصر على تزويجها من نفس القبيلة أو العائلة، أو بغرض إكمال الدراسة فقد أتى ما نهى الله عنه وذلك في قوله تعالى "ولا تعضلوهن"، وذلك لما في العضل من ظلم كبير للمرأة وحرمانها من حقها الشرعي في الزواج، فعلى الولي أن يتقي الله تعالى في موليته ويحرص على تزوجيها من أول كفء يتقدم لها.
=============================
منقول: http://alwatan.com.sa/news/newsdetail.asp?issueno=2450&id=9788(79/479)
ما الفرق بين السلفة و الدين والقرض؟
ـ[ابا الوليد النجدي]ــــــــ[15 - 06 - 07, 11:10 م]ـ
شيوخنا الكرام
ما الفرق بين السلفة والدين والقرض؟
وجزاكم الله عنا كل خير,,,
ـ[زياد عوض]ــــــــ[16 - 06 - 07, 06:36 ص]ـ
عندنا في الأردن السلفة، والدين، والقرض بنفس المعنى فإن خلت من الربا فهي جائزة وإلَا فمحرمة
ـ[سليمان المصرى]ــــــــ[17 - 06 - 07, 12:33 ص]ـ
والله اعلم كلها واحدة فالدين = السلفه =القرض(79/480)
باب في ذم المختصرات!
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[16 - 06 - 07, 12:36 ص]ـ
الحمد لله وصلى الله على نبينا محمد أما بعد:
فلا يخفى عليكم ولع المتاخرين بالمختصرات في كل الفنوان وفي ذلك مصالح ومفاسد، وكنت من مدة أريد أن أكتب موضوعا عن المختصرات، لكني ما استطعت أن استجمع الفكر وأجد من الفراغ ما يكفي، وكان وقع تحت يدي نقولا في ذمها وبيان عيبها، فالظاهر أن غاية ما سيكون هو نقل بعض هذه النقول!
والغرض أن تخفف هذه العبارات من غلو بعضنا فيها، وتلفت انتباههم إلى كتب الأئمة المتوسطة والموسعة.
وسأبدأ بكلام لطيف طريف للشيخ علي الطنطاوي
قال ـ رحمه الله ـ في ذكرياته 2/ 43
في كلامه على (رسائل سيف الإسلام):
وأثرتُ بعض المشايخ لما نقدتُ طريقتهم في الدعوة إليه، وفي تلقين المتعلمين أحكام شريعته، وكانت (في الحق) أسوأ الطرق في التدريس في كتب ألفت على أسوأ الأساليب في التأليف: (متن) موجز إيجازًا مخلاً، كأن مؤلفه بخيل كُلِّف بأن يرسله في (برقية) إلى أوستراليا، يغرم أجرتها من ماله، فهو يقتصد في الكلمات لتقل عليه النفقات، وانظروا (جمع الجوامع) و (التحرر) في الأصول مثالا على هذه المتون، وقابلوا أسلوبه بأسلوب الغزالي في (المستصفى).
كانت أكثر الكتب التي يعكفون عليها بعيدة عن البيان بعد الأرض عن السماء، معقدة العبارة أعجمية السبك، وإن كانت عربية الكلمات، فيأتي من يوضح غامض المتن فيدخل جملة من عنده بين كل جملتين منه كما يرقعون اليوم الجلد المحروق من الإنسان بقطعة من جلده السليم فينجح الرتق أو يظهر الفتق وهذا هو (الشرح).
ويأتي من يضع لهذا الشرح حواشي وذيولا يطوله فيها فيجمله أو يقبحه ويعطله وهذه هي (الحاشية)، ويبدو ضعف الإنشاء في القرون المتأخرة حتى في مثل حاشية ابن عابدين التي هي اليوم عمدة المفتين على المذهب الحنفي ثم يجيء من يعلق على هذه الحاشية تعليقات وتسمى (التقريرات) فلا الأسلوب عربي فصيح ولا المنهج قويم صحيح.
وانظروا (المبسوط) مثلا للسرخسي أو (البدائع) للكاساني ثم انظروا الحاشية أو انظروا في مذهب الشافعية (الأم) ثم (مغني المحتاج) إن ما بينهما كالذي بين (أسرار البلاغة) و (شروح التلخيص) في كتب الأولين، البلاغة والبيان والأسلوب العربي النير، وفي حواشي الآخرين .. فيها ما تعرفون!
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[16 - 06 - 07, 12:38 ص]ـ
وقال في ذكرياته ـ رحمه الله ـ 4/ 279:
كنت قبل أن ألي القضاء، وبعد أن أنهيت عهد الطلب وأيام الدراسة، كنت عاكفا على كتب الأدب والتاريخ , قلما أنظر في كتاب فقه أو أصول إلا إن احتجت إلى مراجعة مسألة أو تحقيقها.
ولكني كنت على ذلك أقرأ في اليوم عشرين أو ثلاثين صفحة من مثل كتاب "الخراج" لأبي يوسف، أو كتاب "الأم" للشافعي، أو "المبسوط" للسرخسي، لا لاستيعاب ما فيه، ولكن إعجابًا بأسلوبه واستئناسا ببلاغة عبارته، وسلامة لغته، كذلك كانت كتبنا الأولى، ثم فسد الأسلوب وغلبت عليه العجمة، وبعد عن السليقة العربية ...
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[16 - 06 - 07, 12:39 ص]ـ
وقال في ذكرياته ـ رحمه الله ـ 7/ 66:
... ولقد ظهر في هذه القرون الثلاثة علماء لا يحصيهم العد، ألفوا مؤلفات لا يحيط بها الحصر، ولم يكن في هؤلاء جميعا ـ على أغلب الظن ـ من هو أوثق في الفقه، وأنفذ فيه فكرا، من ابن عابدين، الذي كتب الله لمؤلفاته أن تكون أكثر الكتب ذيوعا، وأعمها نفعا، وأن تكون حاشيته المشهورة عمدة المفتين في المذهب الحنفي من أكثر من مئة سنة، لا يضارعها في تحقيق مسائلها، وفي إقبال الناس عليها، كتاب من كتب الفقهاء المتأخرين في المذهب الحنفي، على بعض العجمة في أسلوبها، وبعده عن الأسلوب العربي النيَّر الذي تجدون مثاله في كتاب " المبسوط" للسرخسي الحنفي، أو في كتاب "الأم" للإمام الشافعي.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[16 - 06 - 07, 12:39 ص]ـ
وقال ابن خلدون في المقدمة ص457:
ذهب كثير من المتأخرين إلى اختصار الطرق والأنحاء في العلوم، يولعون بها ويدونون منها برنامجا مختصرا في كل علم يشتمل على حصر مسائله وأدلتها، باختصار في الألفاظ وحشو القليل منها بالمعاني الكثيرة من ذلك الفن.
فصار ذلك مخلاً بالبلاغة وعسيراً على الفهم.
وربما عمدوا إلى الكتب الأمهات المطولة في الفنون للتفسير والبيان، فاختصروها تقريباً للحفظ، كما فعله ابن الحاجب في الفقه وأصول الفقه، وابن مالك في العربية، والخونجي في المنطق وأمثالهم.
وهو فساد في التعليم وفيه إخلال بالتحصيل، وذلك لأن فيه تخليطاً على المبتدئ بإلقاء الغايات من العلم عليه، وهو لم يستعد لقبولها بعد، وهو من سوء التعليم كما سيأتي.
ثم فيه مع ذلك شغل كبير على المتعلم بتتبع ألفاظ الاختصار العويصة للفهم بتزاحم المعاني عليها وصعوبة استخراج المسائل من بينها.
لأن ألفاظ المختصرات نجدها لأجل ذلك صعبة عويصة، فينقطع في فهمها حظ صالح من الوقت.
ثم بعد ذلك كله فالملكة الحاصلة من التعليم في تلك المختصرات، إذا تم على سداده، ولم تعقبه آفة؛ فهي ملكة قاصرة عن الملكات التي تحصل من الموضوعات البسيطة المطولة لكثرة ما يقع في تلك من التكرار والإحالة المفيدين لحصول الملكة التامة.
وإذا اقتصر على التكرار قصرت الملكة لقلته كشأن هذه الموضوعات المختصرة؛ فقصدوا إلى تسهيل الحفظ على المتعلمين، فأركبوهم صعباً يقطعهم عن تحصيل الملكات النافعة وتمكنها. «ومن يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له». والله سبحانه وتعالى أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/481)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[16 - 06 - 07, 12:40 ص]ـ
قال شهاب الدين أحمد الناصري في الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى 3/ 67 - 68:
ومن عجيب سيرته [السلطان محمد بن عبد الله]ـ رحمه الله ـ أنه كان يرى اشتغال طلبة العلم بقراءة المختصرات في فن الفقه وغيره، وإعراضهم عن الأمهات المبسوطة الواضحة = تضييع للأعمار في غير طائل، وكان ينهى عن ذلك غاية، ولا يترك من يقرأ "مختصر خليل" و"مختصر ابن عرفة" وأمثالهما، ويبالغ في التشنيع على من اشتغل بشيء من ذلك، حتى كاد الناس يتركون قراءة "مختصر خليل"، وإنما كان يحض على كتاب "الرسالة" و"التهذيب" وأمثالهما، حتى وضع في ذلك كتابا مبسوطا أعانه عليه أبو عبد الله الغربي وأبو عبد الله المير وغيرهما من أهل مجلسه.
ولما أفضى الأمر إلى السلطان العادل المولى سليمان ـ رحمه الله ـ صار يحض الناس على التمسك بالمختصر، ويبذل على حفظه وتعاطيه الأموال الطائلة، والكل مأجور على نيته وقصده غير أنّا نقول:
الرأي ما رأى السلطان سيدي محمد ـ رحمه الله ـ وقد نص جماعة من أكابر الأعلام النقاد مثل: الإمام الحافظ أبي بكر بن العربي،
والشيخ النظار أبي إسحاق الشاطبي،
والعلامة الواعية أبي زيد عبد الرحمن بن خلدون،
وغيرهم أن سبب نضوب ماء العلم في الإسلام، ونقصان ملكة أهله فيه = إكباب الناس على تعاطي المختصرات الصعبة الفهم، وإعراضهم عن كتب الأقدمين المبسوطة المعاني الواضحة الأدلة، التي تحصل لمطالعها الملكة في أقرب مدة، ولعمري لا يعلم هذا يقينا إلا من جَرّبه وذاقه، وقد تقدم لنا في صدر هذا الكتاب أن ملوك بني عبد المؤمن كانوا يحملون الناس على الرجوع في الأحكام إلى الكتاب والسنة كل ذلك اعتناء بالعلم القديم ومحافظة على أصوله، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
= يتبع
ـ[عبد]ــــــــ[16 - 06 - 07, 01:20 ص]ـ
بارك الله فيك، فوائد عززت رأي ارتأيته، فعلمت أني لست وحدي، أنا مع من حض على جرد المبسوطات الواضحات، والوضوح وعدم التكلف والبعد عن العسر منهج إسلامي أصالةً، و لكن ما العمل مع من فترت عزيمته، وضعفت همته، وهاب الحجم "الكبير" قبل أن يتذوق حلاوة وبساطة ما بداخله، الحل: أن يجرب - كما قال شهاب الدين الناصري آنفا -: (ولعمري لا يعلم هذا يقينا إلا من جَرّبه وذاقه).
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[16 - 06 - 07, 12:05 م]ـ
بوركت أيها الفاضل على هذا الجمع المميز ...
لكن عند التأمل للأقوال السابقة تجد أن تحذير هؤلاء العلماء الأجلاء
تحذير من التمسك بالمختصرات والاقتصار عليها دون النظر والتمحيص للمطولات ...
والمرء كلما سلك مسلكا وسطا معتدلا وُفِّق للصواب ...
فلا إفراط ولا تفريط ...
فإنه ينبغي لطالب العلم أن يحرص على حفظ المتون المختصرة واستحضارها لأن ذلك سبيل لاستيعاب المسائل وجمع للشتات الحاصل في كثير من المطولات ...
وكذلك ينبغي لطالب العلم أن ينظر في المطولات ويفقه مافيها ...
وما أجمل ماقاله العلامة السعدي-رحمه الله-: ( ... وتعيين مايشتغل به من الكتب يختلف باختلاف الأحوال والبلدان، والحالة التقريبية في نظرنا أن يجتهد طالب العلم في حفظ مختصرات الفن الذي يشتغل به، فإن تعذر أو قصر عليه حفظه لفظا فليكرره كثيرا حتى ترسخ معانيه في قلبه ثم تكون باقي كتب الفن كالتوضيح لأن طالب العلم إذا حفظ الوصول وصار له ملكة تامة في معرفتها هانت عليه كتب الفن كلها)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[29 - 06 - 07, 05:34 م]ـ
بارك الله فيك ونفع بك
لكن عند التأمل للأقوال السابقة تجد أن تحذير هؤلاء العلماء الأجلاء
تحذير من التمسك بالمختصرات والاقتصار عليها دون النظر والتمحيص للمطولات ...
ليس الأمر بهذا الاطلاق، ولعلك تتأمل كلام ابن خلدون ـ مثلا ـ هل تجد فيه هذا؟
والمرء كلما سلك مسلكا وسطا معتدلا وُفِّق للصواب ...
فلا إفراط ولا تفريط ...
من الذي يحدد هذا المسلك الوسط؟
هل هو المعظم للمختصرات؟ أو النابذ لها؟ أو هو الذي جعلها كما ذكرت؟ أو غير ذلك ...
فإنه ينبغي لطالب العلم أن يحرص على حفظ المتون المختصرة واستحضارها لأن ذلك سبيل لاستيعاب المسائل وجمع للشتات الحاصل في كثير من المطولات ...
هذا اختيار، لا يلزم أن يكون صوابا محضا، ولا أن يكون نافعا لكل أحد، وطرق تحصيل العلم كثيرة سلك الناس منها جملا نفعتهم قبل أن تظهر فكرة المختصرات بل وبعدما ظهرت، وكانوا أحسن حالا من كثير ممن جاء بعدهم.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[29 - 06 - 07, 05:35 م]ـ
قال العلامة محمد بن الحسن الحجوي في الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي 2/ 146:
في القرن الرابع بدأت فكرة الاختصار والإكثار من جمع الفروع بدون أدلة وشرح تلك المختصرات، فبعدما كانوا في القرن الثالث مصنفين مبتكرين؛كأسد بن الفرات وسحنون، وابنه، والبويطي ومحمد بن الحسن وأمثالهم، صار الحال في القرن الرابع إلى الشرح ثم الاختصار والجمع، فانظر الفضل بن سلمة وابن أبي زمنين وابن أبي زيد والبراذعي اختصروا «المدونة» في عصر متقارب، وهكذا نظراؤهم في عصرهم من المذاهب الأخرى؛ كالمزني حيث اختصر مذهب الشافعي.
والاختصار لا يسلم صاحبه من آفة الإفساد والتحريف فقد اعترض عبد الحق الإشبيلي مواضع من مختصر ابن أبي زيد القيرواني والبراذعي أفسدها الاختصار، وهكذا المزني اعترض عليه ابن سريج كما سبق في ترجمته.
ولا يخفى أن الاشتغال بإصلاح ما فسد هو غير الاشتغال بالعلم نفسه؛ فالرزية كل الرزية ما حال بين المسلمين وبين نصوص نبيهم وكلام ربهم، والرزية كل الرزية في الاشتغال بالمختصرات، فالاختصار والتوسع في جمع الفروع من غير التفات للأدلة هو الذي أوجب الكهولة؛ بل القرب من الشيخوخة التي دخل فيها الفقه في القرون الآتية، فالفقه بقي مدة قرنين متماسكا كهلا قويا، ولله عاقبة الأمور.
= يتبع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/482)
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[30 - 06 - 07, 03:35 م]ـ
بارك الله فيك ونفع بك
وفيك بارك ..
ليس الأمر بهذا الاطلاق، ولعلك تتأمل كلام ابن خلدون ـ مثلا ـ هل تجد فيه هذا؟
قديكون ذلك ولو لم يكن تصريحا ..
قال ابن خلدون في المقدمة ص457:
ثم بعد ذلك كله فالملكة الحاصلة من التعليم في تلك المختصرات، إذا تم على سداده، ولم تعقبه آفة؛ فهي ملكة قاصرة عن الملكات التي تحصل من الموضوعات البسيطة المطولة لكثرة ما يقع في تلك من التكرار والإحالة المفيدين لحصول الملكة التامة.
من الذي يحدد هذا المسلك الوسط؟
هل هو المعظم للمختصرات؟ أو النابذ لها؟ أو هو الذي جعلها كما ذكرت؟ أو غير ذلك ...
هو كما ذكرت، وماذكرت هو نهج علمائنا المعتبرين كابن باز وابن عثيمين وابن جبرين وعبدالكريم الخضير رحمهم الله وحفظ من بقي منهم،وغيرهم كثير ...
هذا اختيار، لا يلزم أن يكون صوابا محضا، ولا أن يكون نافعا لكل أحد، وطرق تحصيل العلم كثيرة سلك الناس منها جملا نفعتهم قبل أن تظهر فكرة المختصرات بل وبعدما ظهرت، وكانوا أحسن حالا من كثير ممن جاء بعدهم
وأنا معك في هذا، لكن قولك: (وكانوا أحسن حالا من كثير ممن جاء بعدهم) قد لايكون على إطلاقه ...
----------------
أشكر لك أخي رحابة صدرك وطيب مقالك ...
وأرجو منك بعد الانتهاء أن تضع بابا في مدح المختصرات ...
حتى نعلم حجة الفريقين فتكون الفائدة بذلك أعم ...
وأسأل الله العظيم الجليل أن يمن عليك بالعلم النافع أينما حللت وارتحلت وأن يمن به عليك كيفما سلكت طريقا له ...
ـ[أبو آلاء الحدادي]ــــــــ[01 - 07 - 07, 08:13 م]ـ
جزاك أخي (عبد الرحمن السديس) على طرح مثل هذا الموضوع المهم، و لكن لي سؤالان
1 - ما موقفنا من الكتب الكثيرة التي ألفت في المختصرات و شروحها و الحواشي علها، ألا تعتبر مرجعا لنا عند البحث في مسألة معينة؟
2 - هل موضوع الإهتمام بالمختصرات الذي طرحته هو خاص بالفقه فقط؟ أم يعم كل علم ألفت فيه مختصرات مثل النحو و مصطلح الحديث و الفرائض؟
و جزاك الله خيرا
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[05 - 07 - 07, 01:35 م]ـ
بارك الله فيك، فوائد عززت رأي ارتأيته، فعلمت أني لست وحدي، أنا مع من حض على جرد المبسوطات الواضحات، والوضوح وعدم التكلف والبعد عن العسر منهج إسلامي أصالةً، و لكن ما العمل مع من فترت عزيمته، وضعفت همته، وهاب الحجم "الكبير" قبل أن يتذوق حلاوة وبساطة ما بداخله، الحل: أن يجرب - كما قال شهاب الدين الناصري آنفا -: (ولعمري لا يعلم هذا يقينا إلا من جَرّبه وذاقه).
جزاكما الله خيراً ...
ومن لم يجرب ليس يعرف قدره ### فجرب تجد تصديق ما قد ذكرناه
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[06 - 07 - 07, 01:32 ص]ـ
الناظر في هذا النظام من التصنيف، على الرغم من كل ماقيل فيه من قدح يجد فيه:
1 - عمقاً علمياً يتجلى في كثرة المعلومات، وتنوعها، وترتيبها ترتيباً محكماً.
2ـ إضافة إلى مافيها من الفوائد، والإضافات التي لا توجد في المطولات.
3ـ تكوين صورة مجملة للفن الذي ألفت فيه، يستطيع الطالب الإحاطة بها في زمن قليل، وماهي إلا مدخل للعلوم، وليست هي الغاية وإليها النهاية، بل هي الأساس والبداية.
4ـ إن العلم الذي فيه المتون، أكثر منه فيما تلاها من المؤلفات الحديثة وأعظم فائدة.
5ـ هذه المتون يحتاج الدارس لها إلى الصبر، والجد والاجتهاد في فهمها، ويكوّن هذا الجد والاجتهاد ملكة لا توجد لغير دارسها.
6ـ إن الغموض الذي عيبت به المتون ليس مما يعاب، بل هو في الحقيقة مدح لها لا قدح فيها، لأنه لا يستوي من يحصل العلم بيسر وسهولة، ومن يحصله بكد، ومشقة، وعناء ... وأين مستوى هذا من ذاك؟ وبهذا يشرف قدر العالم وتفضل منزلته، ولوكان العلم كله بيناً لاستوى في علمه جميع من سمعه، فيبطل التفاضل.
قال الخليل بن أحمد -رحمه الله تعالى-: "من الأبواب مالو شئنا أن نشرحه حتى يستوي فيه القوي والضعيف لفعلنا، ولكن يجب أن يكون للعالم مزية بعدنا".
وقال بعضهم عن المتون: "حفظتْ من العلم جوهره ولبابه، وقامت لا تزال بدورْها الكريم في مسرح التعليم، من ذلك العصر البعيد إلى عصرنا الجديد".
7ـالمتون تجمع حقائق العلم في ورقات يسهل حفظها، ويسهل استحضارها في الدروس، والمناسبات.
8ـ قال صاحب النحو والنحاة بين الأزهر والجامعة: " العالم إنما يمتاز بفهم الغامض، وإدراك البعيد، وحلّ المستغلق، وذلك لا يكون إلا بتعويد المرء على شيء من الصعاب، ليمرن عقله على حل مايماثلها، وكما أن المرء الرياضي لا يكون قوياً على حمل الأثقال إلا بالتعود على حمل أحمال ثقيلة متدرجاً في ذلك، كذلك لا يكون عقله قادراً على حل الصعاب إلا إذا عوّد عقله على حلّ مسائل عويصة متدرجاً في ذلك".
9 - الذين يحيطون بالمتون ويتقنونها ولا يشتكون منها أقرب إلى الابتكار وإلى الاجتهاد من غيرهم، ومن قال عن المتون:
إنها غامضة وعميقة قد يكون كلامه هذا من عدم القدرة على الفهم.
10 ـ وجود بعض الناس ممن اعتنى بالمتون ولم يفلح، لا يحكم به على الأكثر.
11ـ الناظر في تراجم العلماء، وكيفية طلب العلم بالنسبة لهم، يدرك تماماً صحة هذه الطريقة.
12 ـ هذا الأسلوب من التصنيف يربي فضيلة البحث، والتمحيص، وينمي حلية الصبر والاعتماد على النفس، ويعوّد على دقة الملاحظة.
أسأل الله أن تكون أخي طالب العلم أو محبه، بعد أن تعرفت على معنى المتون وفوائدها ومميزاتها، أن تكون هذه المعرفة طريق خير وبداية لك في طلب العلم الشرعي من أوثق طرقه وأكثرها منفعة، ألا وهي البداية بالمختصرات (المتون)، وأخذ شرحها عن عالم محقق، فالمتن شرحه لا يكون إلا عن عالم بذلك الفن محقق له.
(منقول)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=105908
http://www.ajurry.com/WhatISMoton.htm(79/483)
سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحيح البخاري
ـ[طالب العلم عبدالله]ــــــــ[16 - 06 - 07, 05:53 ص]ـ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ للهِ تَعَالَى، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.
سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحيح البخاري
اتفق كثير من العلماء على أن البخاري وسم كتابه ب:
الجامع الصحيح المسند المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه.
وهؤلاء العلماء على حد علمي:
سراج الدين الأنصاري ت:804هـ، في المقنع في علوم الحديث.
وابن الصلاح ت:642هـ، في مقدمته.
ابراهيم الأبناسي ت: 802 هـ، في الشذا الفياح.
ابن تيمية ت:728هـ، في الباعث الحثيث.
وأبي زكريا النووي ت: 676هـ، في تهذيب الأسماء واللغات.
أبو الطيب القونجي 1307 هـ، الحطة في ذكر الصحاح الستة.
وطاهر الجزائري ت: 1338هـ، في توجيه النظر إلى أصول الأثر، الذي قال في كتابه السابق الذكر:
" فعلم من قوله – أي البخاري – الجامع أنه لم يخصه بصنف دون صنف، ولهذا أورد فيه الأحكام والفضائل والأخبار عن الأمور الماضية والآتية، وغير ذلك من الآداب والرقائق "
فعلم أن كتاب البخاري بذلك جمع كثيرا من الأمور التي وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد من المولى عز وجل علي بأن درست كتابا من كتب البخاري لأخرج فقه البخاري فيه من خلال كثير من الكتب التي اعتنت بكتاب البخاري، وهذا عندما كنت أساعد في إعداد رسالة ماجستير، فكنت أتعرف إلى رسولنا الكريم بطريقة لم يحققها لي أي كتاب من كتب السيرة التي قرأت.
وللندوي رحمه الله كتاب موسوم بـ الرسالة المحمدية، يقول فيه:
" والمصدر الثاني من مصادر السيرة النبوية كتب الحديث، وهي كتب حفظت لنا من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأحواله ما يبلغ مائة ألف حديث ".
فإذا كان صحيح البخاري لم يقصد فيه أن يشتمل على سيرة الرسول صلى الله عيه وسلم، فلا أقل من أن يعتبر مصدرا لاغنى عنه في تتبع سيرة الرسول وأيامه النضرة صلى الله عليه وسلم.
والجدير بالذكر أن هذه المعلومات قد كنت كتبتها فيما سبق في المنتدى ولكنها امتحت بسبب العطل الذي أصاب المنتدى.
والسلام عليكم.
ـ[رمضان أبو مالك]ــــــــ[16 - 06 - 07, 10:06 ص]ـ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ للهِ تَعَالَى، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.
سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحيح البخاري
ابن تيمية ت:728هـ، في الباعث الحثيث.
.
والسلام عليكم.
لعلَّك تعني: ابن كثير في " اختصار علوم الحديث "، و " الباعث الحثيث " اسم كتاب الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله -. والله أعلم.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ـ[طالب العلم عبدالله]ــــــــ[16 - 06 - 07, 08:44 م]ـ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ للهِ تَعَالَى، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.
أشكرك أخي الكريم.
أقصد ابن كثير، في اختصار علوم الحديث.
والله أعلم وأحكم.
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[18 - 03 - 08, 06:25 م]ـ
للفائدة:
في الحلقة الأولى للمرحلة الثالثة من برنامج صناعة الحديث، الذي يقدمه الشيخ الصياح، كان للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن السعد هذه المداخلة وفقه الله: ((بسم الله الرحمن الرحيم، و به أستعين وعليه أتوكل، أحمده جل وعلا وأثني عليه الخير كله، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.أما بعد: ففي بداية كلمتي هذه أحيي الشيخ علي وكذلك كل من يستمع إلى هذه الكلمة .. اقول وبالله التوفيق:من نعم الله جل وعلا على عباده أنه جل وعلا أرسل لهم رسولا يعلمهم عن ربهم جل وعلا ما أراده منهم سبحانه وتعالى وهو نبيهم محمد عليه الصلاة والسلام، وقد قال ربنا مذكّرا بهذه النعمة .. قال سبحانه وتعالى: (({وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ .. } (البقرة:231)) فيمتن ربنا جل وعلا علينا بما أنزله من نعم .. فمن هذه النعم نعمة القرآن الكريم ومن هذه النعم أيضا نعمة الحكمة، والمقصود بها السنة النبوية سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال عز وجل أيضا عن نبيه عليه الصلاة والسلام: (({وَيُعَلِّمُهُمُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/484)
الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (البقرة: 129)) والحكمة المقصود بها السنة .. المقصود بها هنا .. هي السنة.فنبينا عليه الصلاة والسلام علمنا ما جاء في كتاب ربنا عز وجل وبيّن لنا أيضا عليه الصلاة والسلام ما الذي يجب علينا أن نفعله والمنهج الذي نسير عليه وهي الحكمة .. السنة النبوية التي تفسر القرآن الكريم وتكمّل ما جاء في القرآن الكريم، وأنا في هذا المقام أوصي نفسي وكل من يسمعني إلى التفقه في الكتاب والسنة، وقد قال ربنا عز وجل: (({وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} (القمر:17))) ومن تيسير القرآن الكريم أنه سبحانه وتعالى جعل من نبينا عليه الصلاة والسلام مبيّنا لم جاء في هذا القرآن الكريم سواء كان ذلك فيما يتعلق في السنة العملية أو كنا ذلك فيما يتعلق بالسنة القولية .. نعم .. ولذا على كل مسلم أن يتدبر ما جاء في كتاب الله عز وجل فيأخذ عقيدته ويأخذ سلوكه ويأخذ عباداته من القرآن الكريم وكذلك أيضا فيما يتعلق بالسنة النبوية، والآن نحن بصدد الحديث عما يتعلق بالسنة النبوية فأنا أوصي الإخوة الذي يستمعون إلى كلمتي هذه بالتفقه في السنة النبوية وذلك يكون في أمرين: يعني أولا فيما يتعلق بمعرفة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم والعبادات التي كلنا يقوم بها وصفة هذه العبادات وهديه في تعامله مع الناس ومع أهله وتعامله في السلم وفي الحرب وفي كل ما يتعلق بشؤون الحياة، وهذا بحمد الله مبيّن وموضح في كتب السنة، ولذا صحيح البخاري هو بيان لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق في العبادات وفيما يتعلق قبل ذلك في جانب الاعتقادات وفيما يتعلق بالسلوك وفيما يتعلق بكل مناحي وأمور الحياة، وفيما يتعلق بالدنيا وفي الآخرة، ولذا صحيح البخاري هو كتاب البخاري هو المسند المختصر الجامع المسند المختصر من سنن الرسول عليه الصلاة والسلام، وأموره وأيامه أو كما سماه البخاري رحمه الله تعالى فأصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل يبين لنا سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام هو صحيح البخاري ثم يليه مسلم ثم باقي كتب السنة، من سنن النسائي وصحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان وجامع الترمذي وسنن أبي داود وسنن ابن ماجه وغير ذلك من الكتب فينبغي للمسلم وحري بالمسلم أن يقرأ في صحيح البخاري وبعض الناس يقول أنت لا تفهم صحيح البخاري وأن صحيح البخاري إنما هذا لكبار العلماء .. !! لا شك أن هذا غلط!! لأن البخاري رحمه الله إنما جمع أحاديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذه الأحاديث كان الرسول عليه الصلاة والسلام يخاطب بها كل الناس يخاطب بها الكبير والصغير، يخاطب بها الحضري والبدوي، يخاطب بها الذكي ومن كان دون ذلك، يخاطب بها الرجل والمرأة، فكان عليه الصلاة والسلام يخاطب كل الناس، فهذه الأحاديث التي يخاطب بها عليه الصلاة والسلام الناس جميعا، جمعها البخاري رحمه الله تعالى، فجمع أصح ما جاء في السنة النبوية، فينبغي للإنسان أن يقرأ في صحيح البخاري، يعني بحمد الله تجد في أول صحيح البخاري ما يعلق ببدء الوحي، حتى أردا أن يبين أن هذه الأحاديث إنما هي وحي كما قال عز وجل: ((وما ينطق عن الهوى،، إن هو إلا وحي يوحى)) فبدأ بكتاب الوحي ثم بعد ذلك فيما يتعلق بكتاب الإيمان وما يجب على الإنسان وما الذي يجب على الإنسان أن يعتقده فيما يتعلق في أمور الإيمان من الإيمان بالله وملائكته والإيمان برسله و الإيمان كذلك أيضا باليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره والإيمان بالملائكة ... نعم بعد ذلك يعني فصل قضايا كثيرة تتعلق بهذه المسائل، ثم بعد ذلك كتاب الطهارة وصفة الوضوء الذي كان يفعله عليه الصلاة والسلام، صفة وضوئه، فبين أن وضوء الواجب مرة واحدة وأن الرسول عليه الصلاة والسلام توضأ مرتين وتوضأ ثلاث أيضا، ثم ساق الأحاديث التي تبيّن صفة وضوئه عليه الصلاة والسلام، وهكذا فيما يتعلق بالصلاة، فيما يتعلق بالزكاة، وأحكامها، فيما يتعلق بالصيام، فيما يتعلق بالحج إلخ. فحري بالمسلم أن يقرأ في السنة النبوية و يعتقد إذا قرأ الإنسان وتدبر و فهم ما جاء في الكتاب والسنة واعتقد بكل ما جاء في الكتاب والسنة، أصبحت عقيدته هي ما جاء في الكتاب والسنة وأصبح هنا ليس بينه وبين كتاب ربه ولا سنة نبيه عليه لصلاة والسلام
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/485)
وسائط، نعم مباشرة يأخذ من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أشكل عليه فعليه أن يرجع إلى كتب التفسير وفيما يتعلق بالقرآن الكريم وفيما يتعلق بالسنة النبوية، ويرجع إلى شروح الحديث، وأيضا يرجع إلى أهل العلم يسألهم و يسائلهم ويتدارس معهم، كل ما أشكل عليه مما مر عليه من كتاب ربه وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم. نعم يعني أحب أن أذكر وأنا في مقامي هذا ابن حبان رحمه الله تعالى عندما جاء إلى حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، لا عفوا .. !! عندما جاء في حديث مالك ابن الحويرث .. نعم في قوله عليه الصلاة والسلام: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) طبعا الحديث في الصحيحين، ابن حبان رحمه الله عندما خرّجه قال: في أربعة ركعات ستمائة سنة .. عندما ذكر هذا الحديث، قال أنه في أربعة ركعات ستمائة سنة، ثم قال قد بينا هذه السنن في كتاب مفرد، فالآن إذا رجعت مثلا إلى كتب الفقه أو رجعت إلى الكتب التي أّلفت في الصلاة خاصة، قد ما تجد هذا العدد الذي ذكره ابن حبان، ستمائة سنة، وهذه السنن يعني أكيد بينها كل سنة وكل مسألة بينها مع الدليل، فألّف كتابا مفردا في ذلك، هو كتاب الصلاة، ما يتعلق بصفتها وسننها وآدابها، نعم كذلك أيضا رحمه الله عندما جاء إلى عندما جاء رحمه الله إلى ما يتعلق بصلاة الجماعة، ذكر الأدلة على وجوب صلاة الجماعة، ثم بعد ذلك ذكر الأعذار التي يعذر بها الإنسان، و لا يجب عليه في هذه الحالة أن يأتي إلى المسجد لكي يصلي مع الجماعة، فذكر عشرة أعذار، كل عذر مع دليل أو كل عذر وبالدليل، نعم ... وفي الحقيقة أن كتب السنة فيها الشيء الكثير، ولذا قال أبو عبد الله الحاكم عن كتاب النسائي قال: يتعجب الناظر في الكتاب من حسن فقه النسائي أو من حسن كلامه في الفقه، وذلك أنه رحمه الله أكثر من التبويبات التي تبين معاني النصوص التي أوردها، وفي الحقيقة أن المقام لا يتسع إلى الإكثار يعني في ما يتعلق بهذا الجانب ولكن نذكر الإخوان ومن يسمعني إلى التفقه في السنة، وقد قال ربنا لزوجات الرسول عليه الصلاة والسلام وهذا خطاب لكل الناس: ((واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة .. )) فالحكمة هنا، السنة، فأمر الله عز وجل نساء الرسول عليه الصلاة والسلام بتذكر ما جاء في آيات الله عز وجل وما جاء في السنة النبوية، واما ما يتعلق في الجانب الآخر وهو ما يتعلق بالصناعة الحديثية والرجال وكذا، فلا شك أن كتب السنة النبوية محتوية على هذا يعني ما يتعلق بالصناعة الحديثية مثلا في البخاري عالية جدا وفي مسلم، لكن هذه طبعا تحتاج إلى كلام مطول، وفي الترمذي أيضا من الحكم على الأحاديث وبيان يعني علل الأحاديث، وبيان الصحيح والضعيف إلخ والكلام كما ذكرت فيها يطول فمن أحسن يعني ما،، من أحسن المناهج في تعلم الصناعة الحديثية هو أن يرجع إلى كتب الحديث مباشرة، ويعرف كيف يعني عليه أن يتدبر وعليه أن يعني يفهم كيف الحفاظ الأئمة يصححون وكيف يضعفون وكيف يعللون وبالتالي، يكون الإنسان يعني الحمد لله في جانب التفقه قد تفقه بالسنة النبوية وفي جانب الصناعة الحديثية يكون أيضا كذلك قد تعلم وفي الحقيقة أن الكلام يطول ولعله في وقت آخر بمشيئة الله، وأنا في مقامي هذا أوجه سؤال إلى الإخوة فأقول عودا على بدء: ابن حبان ذكرنا في حديث مالك ابن الحويرث ستمائة سنة أنا أطلب من الإخوان أن يبينون هذه السنن وكل سنة بدليلها، ومن يأتي بهذه الستمائة سنة له جائزة بإذن الله بمشيئة الله، هذا وبالله التوفيق)).
وهنا تجدون المداخلة بالصوت: http://www.hadiith.net/montada/showthread.php?t=2925(79/486)
الحِمار" - كرمكم الله - وفوائد منثورة
ـ[طالب العلم عبدالله]ــــــــ[16 - 06 - 07, 05:58 ص]ـ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ للهِ تَعَالَى، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.
"الحِمار" - كرمكم الله - وفوائد منثورة
قال تعالى:
{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (الجمعة:5)
قال ابن كثير:
" أي مثل الحمار إذا حمل كتبا لا يدري ما فيها ... فهم أسوأ حالا من الحمير؛ لأن الحمار لا فهم له، وهؤلاء لهم فهومٌ لم يستعملوها، ولهذا قال تعالى في الآية الأخرى: {أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (الأعراف:179) "
والقرآن الكريم له تأثير على الناس وعلى كلامهم، وفي بعض الأحيان بسبب سوء فهم العامة لمعاني الكتاب العزيز نجد أنهم يستخدمون بعض ألفاظ القرآن الكريم بشكل غير لائق أو يتأثرون على حسب فهمهم الغير صائب، فنجد أن بعض الشعوب المسلمة تطلق على الغبي أو الذي لايفهم لفظ "حمار " تأثرا بالقرآن الكريم،مع أن الآية القرآنية لم تدل على ذلك، كما وُضِِح سابقا.
و بعض الشعوب تطلق على الشخص لفظ " يا مصري " والمعنى المراد "يا حمار"، وقد صادف أن عرفت هذه الحقيقة منذ ما يقارب 3 أسابيع، ولهذا قصة طريفة فيها عظة وعبرة، حيث أني ظننت أن شخصية ما مصرية: أي من أهل مصر، فأطلقت عليها هذا اللفظ، فما كان منها إلا أن غضبت غضبا شديدا، ورأيت في رؤيا أن شخصية ما تظن أني قلت لها " يا حمار "،فراجعت أقوالي مع أحد الأقارب لأعرف الحقيقة منذ 3 أسابيع تقريبا، ويشهد الله لم أكن أعرف ذلك، ولم أتربى في أسرة ولا مجتمع يقول مثل ذلك، ومستحيل أن أتفوه بهذا؛ فأهل مصر حرسها الله فيهم من هم أفضل مني وأتقى، فكيف لي كمسلم أن أتفوه بهذا. والحقيقة أنني أعيش في مجتمع يطلق على محب العلم لفظ "مصري"،ومازالت الشخصية تظن أني سببتها. قال صلى الله عليه وسلم" إنما الأعمال بالنيات.
ـ[طالب العلم عبدالله]ــــــــ[16 - 06 - 07, 08:50 م]ـ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ للهِ تَعَالَى، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.
روى البخاري في صحيحه بإسناده عن ابن سيرين قال:
"استقبلنا أنساً حين قدم الشام فلقيناه بعين التمر، فرأيته يصلي على حمار، ووجهه من ذا الجانب – يعني من يسار القبلة – فقلت: رأيتك تصلي لغير القبلة، فقال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله لم أفعله"
قال ابن حجر:
"فائدة: لم يبين – يعني البخاري – في هذه الرواية كيفية صلاة أنس، وذكره في الموطأ عن يحي بن سعيد: رأيت أنسا-[أنس بن مالك في السفر]- وهو يصلي على حمار، وهو متوجه إلى غير القبلة يركع ويسجد إيماءً من غير أن يضع [وجهه] على شيء"
الصلاة في السيارة والطائرة
سؤال رقم 21869
سؤال:
أنا امرأة أسكن في إحدى المدن وأذهب مع زوجي إلى مدينة أخرى لعمل ما أو بغرض أن نتمشى أو نتسوق وتدركنا صلاة المغرب أو العشاء فنذهب للبحث عن مسجد فيه مصلى نساء أحيانا لا نجد فيصلي زوجي في المسجد وأنا لا أجد مكاناً أصلي فيه والله يعلم أننا نبحث وبشكل جدي ولكن للأسف كما قلت أحيانا لا نوفق فأضطر أن أصلي في السيارة وأنا جالسة (السؤال: هل تصح صلاتي بهذه الطريقة علما أنني فعلت هكذا أكثر من مرة) أفيدوني
الجواب:
الحمد لله
عملك هذا أيتها الأخت غير صحيح، لأن القيام مع القدرة ركن من أركان الصلاة فيمكنك أن تصلي في المسجد (قسم الرجال) بعد خروج الرجال منه، فإن لم تجدي مسجداً فإنك تصلين على الأرض في أي مكان.
والصلاة في السيارة أو الطائرة أو القطار أو غيرها من المراكب إذا كان المصلي لا يستطيع استقبال القبلة والصلاة قائماً لا تجوز في الفريضة إلا بشرطين:
1 - أن يخشى خروج وقت الفريضة قبل وصوله، أما إن كان سينزل قبل خروج الوقت فإنه ينتظر حتى ينزل ثم يصلي.
2 - ألا يستطيع النزول للصلاة على الأرض، فإن استطاع النزول وجب عليه ذلك.
فإذا وجد الشرطان جاز له الصلاة في هذه المراكب والدليل على جواز الصلاة على هذه الحال عموم قوله تعالى: {لا يُكلف الله نفساً إلا وسعها} البقرة / 286 وقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} التغابن / 16، وقوله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} الحج / 78.
فإن قيل: إذا جاز لي الصلاة على هذه المراكب، فهل أستقبل القبلة، وهل أصلي جالساً مع القدرة على الصلاة قائماً؟
فالجواب:
إن استطعت أن تستقبل القبلة في جميع الصلاة وجب فعل ذلك؛ لأنه شرط في صحة صلاة الفريضة في السفر والحضر انظر سؤال رقم (10945).
وإن كان لا يستطيع استقبال القبلة في جميع الصلاة فليتق الله ما استطاع؛ لما سبق من الأدلة.
هذا في الفرض، أما النافلة فأمرها واسع، فيجوز للمسلم أن يصلي على هذه المذكورات حيثما توجهت به - ولو استطاع النزول في بعض الأوقات -؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفل على راحلته حيث كان وجهه، لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان يصلي التطوع وهو راكب في غير القبلة " رواه البخاري 1094، لكن الأفضل أن يستقبل القبلة عند الإحرام حيث أمكنه في صلاة النافلة حين سيره في السفر. أنظر فتاوى اللجنة الدائمة 8/ 124
وأما صلاة الفريضة جالساً مع القدرة على القيام فإنها لا تجوز لعموم قوله تعالى: (وقوموا لله قانتين) البقرة / 238، وحديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (صلِّ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب) رواه البخاري 1117 وبالله التوفيق.
فتاوى اللجنة الدائمة 8/ 126.
الإسلام سؤال وجواب
والله أعلم وأحكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/487)
ـ[طالب العلم عبدالله]ــــــــ[19 - 06 - 07, 07:07 ص]ـ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ للهِ تَعَالَى، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.
الحمار ورسائل الجوال.
انتشرت في فترة من الفترات رسالة تتناقل عبر الهاتف المحمول، وهي عبارة عن صورة حمار ومكتوب على الصورة: " وانت حمار تستقبل أي شي ".
فإذا قصد المسلم شتم أخاه بهذه الرسالة، فما هي عقوبته في الإسلام؟
يظهر ذلك من خلال الفتوى التالية:
الشبكة الإسلامية - اسلام ويب
www.islamweb.net
فتاوى الشبكة الإسلامية
عنوان الفتوى: عقوبة من شتم أخاه بعبارات مشينة
رقم الفتوى: 71084
تاريخ الفتوى: 22 ذو الحجة 1426
السؤال:
ما هو حكم الشرع في مسلم يقول لأخيه المسلم خنزير؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يقول لأخيه المسلم: يا خنزير ونحوها من العبارات المشتملة على السب والشتم، لأن ذلك معصية وفسق، فقد قال صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه.
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: السب في اللغة الشتم والتكلم في عرض الإنسان بما يعيبه، والفسق في اللغة: الخروج، والمراد به في الشرع الخروج عن الطاعة، وأما معنى الحديث: فسب المسلم بغير حق حرام بإجماع الأمة، وفاعله فاسق كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى
وهذه العبارة عند المالكية يستحق صاحبها العقوبة والتأديب من طرف ولي أمر المسلمين، قال محمد عليش المالكي في شرحه لمختصر خليل الخرشي: لو قال: يا فاسق أو يا فاجر أو يا شارب الخمر أو يا ابن الفاسقة أو يا ابن الفاجرة أو يا آكل الربا أو يا حمار أو يا ابن الحمار أو يا خنزير أو ما أشبه ذلك فإنه يؤدب. انتهى
ولا يستحق التأديب على الصحيح عند الحنفية، ففي الفتاوى الهندية على الفقه الحنفي: الأصل في وجوب التعزير أن كل من ارتكب منكراً أو آذى مسلماً بغير حق بقوله أو بفعله يجب التعزير؛ إلا إذا كان الكذب ظاهراً في قوله كما إذا قال: يا كلب أو يا خنزير أو نحوه فإنه لا يجب التعزير كذا في شرح الطحاوي، وهو الصحيح هكذا في فتاوى قاضي خان. انتهى.
والله أعلم.
مركز الفتوى
س: أما إذا قصد المرسل شتم الحمار فما هي عقوبته؟!!
فيمكننا أن نتصور العقوبة، بالتفكر في الأثر الذي رواه ابن أبي شيبة في مصنفه بإسنادة عن إبراهيم النخغي حيث قال:
" قال عبدالله – ابن مسعود – لو سخرت من كلب لخشيت أن أكون كلبا"
وقال قائل: وعليه أنشدوا – يقصد الأثر -:
احفظ لسانك لا تقول فتبتلى ... إن البلاء موكل بالمنطق.
ـ[طالب العلم عبدالله]ــــــــ[19 - 06 - 07, 07:10 ص]ـ
الصورة المقصودة:
ـ[طالب العلم عبدالله]ــــــــ[21 - 06 - 07, 11:27 ص]ـ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ للهِ تَعَالَى، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.
((الحمار)) ليس غبياً!!
إعداد: د. نظمي خليل أبو العطا
على عكس الصورة الشائعة عنه يثبت العلم والواقع: أن الحمار حيوان ذكي يتعلم ويفهم ويتحمل الإنسان الذي يظلمه دائماً.
الموروث العربي ذكر الحمار في مخطوطاته وصنف الحمر بأشكالها وألوانها وهذه قراءة في مخطوطات مكابح أمر الحمير.
قال الدميري في حياة الحيوان الكبرى عن الحمار:
الحمار جمعه حمير وأحمرة وربما قالوا: للأتان حمارة، وتصغيره حُمَيّر ومنه توبة بن الحمير وكنية الحمار أبو صابر وأبو زياد.
قال الشاعر:
زياد لست أدري من أبوه ولكن الحمار أبو زياد
وقال: يقال للحمارة أم نافع، وأم تولب، وأم جحش، وأم وهب، ومنه نوع يصلح لحمل الأثقال ونوع لين الأعطاف سريع العدو يسبق براذين الخيل.
ويوصف بالهداية إلى سلوك الطرقات التي مشى فيها ولو مرة واحدة كما يوصف بحدة السمع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/488)
وللناس في مدح الحمار ودمه أقوال متباينة بحسب الأغراض فمن ذلك كما قال الدميري في حياة الحيوان الكبرى: أن خالد بن عيسى الرقاشي كان يختار ركوب الحمير على ركوب البراذين (خيل من غير نتاج العرب)، فأما خالد فلقيه بعض الأشراف بالبصرة على حمار فقال: ما هذا يا ابن صفوان؟! فقال: عير على نسل الكدار , يحمل الرحلة , ويبلغني العقبة ويقل داؤه ويخف دواؤه ويمنعني من أن أكون جباراً في الأرض وأن أكون من المفسدين.
وأما الفضل فإنه سئل عن ركوب الحمير فقال:
ـ إنه من أقل الدواب مؤنة وأكثرها معونة وأخفضها مهوى وأقربها مرتقى.
ـ فسمعه أعرابي فعارضه بقوله: الحمار شنار، والعير عار منبكر الصوت لا ترفأ به الدماء ولا تمهر به النساء وصوته أنكر الأصوات.
قال الزمخشري:
الحمار مثل في الذم الشنيع والشتيمة ومن استيحاشهم لذكر اسمه أنهم يكنون عنه ويرغبون عن التصريح به فيقولون الطويل الأذنين، كما يكنون عن الشيء المستقذر.
وقد عد من مساوىء الآداب أن يجري ذكر الحمار في مجلس قوم ذوي مروءة، ومن العرب من لا يركب الحمار استنكافاً وإن بلغت الرحلة الجهد.
الحمار يفدي صاحبه:
ويواصل المديري حديثه عن الحمار في حياة الحيوان الكبرى فيقول:
قال مسروق: (كان رجل بالبادية له حمار وكلب وديك. وكان الديك يوقظهم للصلاة، والكلب يحرسهم، والحمار ينقلون عليه الماء ويحمل لهم خيامهم، فجاء الثعلب فأخذ الديك فحزنوا عليه وكان الرجل صالحاً، فقال: عسى أن يكون خيراً. ثم جاء ذئب فبقر بطن الحمار فقتله، فقال الرجل: عسى أن يكون خيراً، ثم أصيب الكلب بعد ذلك فقال: عسى أن يكون خيراً.
ـ ثم أصبحوا ذات يوم فنظروا فإذا سُبيءَ من كان حولهم وبقوا سالمين، وإنما أخذوا أولئك بما كان عندهم من أصوات الكلاب والحمير والديكة فكانت الخيرة في هلاك ما كان عندهم من ذلك كما قدر الله سبحانه وتعالى فمن عرف خفي لطف الله رضي بقدره.
الحمار ونزهة الأبصار:
قال الدميري: وفي كتاب نزهة الأبصار في أخبار ملوك الأمصار وهو كتاب عظيم المقدار، ولا أعلم له مصنف، أن بعض الملوك مر بغلام هرب، وهو يسوق حماراً غير منبعث وقد عنف عليه في السوق، فقال: يا غلام! أرفق به، فقال الغلام: أيها الملك في الرفق به مضرة عليه، قال: وكيف؟! قال: يطول طريقه ويشتد جوعه، وبالعنف به إحسان إليه قال: وكيف ذلك؟ قال: يخف حمله، ويطول أكله فأعجب الملك بكلامه وقال: قد أمرت لك بألف درهم. فقال: رزق مقدور، وواهب مشكور، قال: قال الملك: وقد أمر بإثبات اسمك في حشمي قال: كفيت مؤنة ورقت مؤنة. فقال له الملك: عظني فإني أراك حكيماً، قال: أيها الملك إذا استوت بك السلامة فجدد ذكر العطب , وإذا هنأتك العافية فحدث نفسك بالبلاء، وإذا اطمأن بك الأمن فاستشعر الخوف، وإذا بلغت نهاية العمل فاذكر الموت , وإذا أحببت نفسك فلا تجعلن لها في الإساءة نصيباً فأعجب الملك بكلامه وقال: لولا أنك حديث السن لاستوزرتك فقال: لن يعدم الفضل من رزق العقل. قال: فهل تصلح لذلك. قال: فإنما يكون المدح والذم بعد التجربة، ولا يعرف إنسان نفسه حتى يبلوها فاستوزره فوجده ذا رأي صائب وفهم ثاقب ومشورة تقع موقع التوفيق.
الحمار في العلم الحديث:
الحمار في العلم الحديث من العائلة الخيلية، رتبة: فردية الحافر، من شعيبة: الثدييات من شعبة: الجليات التابعة للمملكة الحيوانية من الكائنات الحية.
ـ ومن الحمير الحمر الأهلية والتي تحدثنا عنها سابقاً، والحمر الوحشية والمخططة.
والحمار الوحشي سريع العدو، يركض بسهولة على الصخور وفوق الرمال في سرعة الصخور وفوق الرمال في سرعة الحصان، والأحمر الوحشية حيوانات تعيش في قطعان يبلغ عددها في بعض الأحيان ألف رأس.
ـ والحمير بوجه عام تشرب الماء على فترات منتظمة ولكنها تتحمل العطش لمدة طويلة، وتلد الإناث صغيراً واحداً ونادراً ما تلد توأم.
ـ وللحمار الوحشي ثلاثة أصناف هي: الحمار الأهلي، وعير النوبة، وعير الصومال.
ـ والأحمر البرية Equus africanus هي في الأصل الأسلاف الأولى للحمير الأليفة، ودرجة التشابه بين الجنسين متطابقة إلى حد بعيد.
ـ والحمار الوحشي الآسيوي Equus hemionus ينتشر في شمال شبه الجزيرة العربية وقد انقرض تماماً في الخمسينيات من هذا القرن كما قال جوناثان كينغدور في كتابه ثدييات الجزيرة العربية.
وعير النوبة كان يستوطن جنوب النوبة واريتريا والغالب أنه انقرض تماماً. وكان يتميز بوجود صليبين على الفخذين كما قال الدكتور حسين فرج زين الدين في كتابه: أطلس ثدييات العالم.
ـ أما عير الصومال: فيستوطن المناطق الساحلية من الصومال حتى خليج هدن ولونه رمادي محمر جميل وجسمه بادي القوة ورأسه كبير وأطرافه رشيقة.
ـ أما الحمار الأهلي: فهو من سلالة الحمار النوبي الوحشي الذي يوجد في البراري وتوجد أحسن الحمير في الإحساء واليمن.
أشهر الحمير في التاريخ:
من أشهر الحمير في التاريخ حمار عزير الذي أماته الله سبحانه وتعالى الذي أهداه المقوقس ملك مصر للنبي محمد يعفور الذي أهداه للمصطفى صلى الله عليه وسلم خروة بن عمر الجذامي والذي مات في الطريق أثناء حجة الوداع.
* * *
http://www.55a.net/firas/arabic/?page=show_det&id=643&select_page=18
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/489)
ـ[طالب العلم عبدالله]ــــــــ[22 - 06 - 07, 06:10 ص]ـ
ومازال الحمار وسيلة نقل مهمة
والحمار يشبه بشكله العام الحصان لكنه أصغر حجما وأقرب إلى الـ بغل، له رأس كبير وذيل قصير ينتهي بخصلة شعر، حوافره صغيرة وأذناه طويلتان. و تسمى أنثى الحمار أتانا والصغير جحشا.
استخدمت الحمير منذ القدم من قبل المصريين والآشوريين (4000 سنة قبل الميلاد) وقبل استخدام الخيول بحوالي 2000 سنة قبل الميلاد. والحمار حيوان صبور قوي يستعمل للركوب والجر وحمل الأثقال، والنوع القبرصي من الحمير معروف بصغر حجمه وقوته على تحمل مشاق العمل. وحمير الركوب عادة كبيرة الحجم مفتولة العضلات سريعة الحركة. والحمار قدم فوائد كبيرة للبشر، ومازال وسيلة نقل مهمة.
وإن كان الحمار وسيلة نقل مهمة، وقادر على تحمل الأثقال، لكن لابد أن يرأف به ولا يحمل أكثر من طاقته، كما يفعل به البعض. حيث أني رأيت صورة تبين قسوة الإنسان تجاه هذا الحيوان سألحقها بالموضوع بإذن الله تعالى.
ـ[طالب العلم عبدالله]ــــــــ[22 - 06 - 07, 06:16 ص]ـ
قسوة الإنسان.
ـ[طالبة العلم سارة]ــــــــ[22 - 06 - 07, 06:17 ص]ـ
البيت الذي قيل في من يقلد بالشكل لا بالفضل ...
أكتبه للفائدة ..
وإذا لبس الحمار ثياب خز .... لقال الناس يالك من حمار ...
ـ[طالب العلم عبدالله]ــــــــ[22 - 06 - 07, 06:30 ص]ـ
أفرد البخاري رحمه الله بابا في صحيحه وسمه بـ:
بَاب رَحْمَةِ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ
ومن الأحاديث التي حواها هذا الباب:
1 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ فَقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنْ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ بِي فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا فَقَالَ نَعَمْ فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ.
2 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ غَرَسَ غَرْسًا فَأَكَلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ.
3 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ.
الرحمة النبوية .. منهج إنساني نادر
محمد فتح الله كولن
رحمة بالحيوانات .. أيضاً
كانت شفقته تشمل الحيوانات أيضاً، فقد مرّ سابقاً كيف أن امرأة دخلت النار بسبب هرة، وكيف أن بغياًّ دخلت الجنة بسبب سقيها الماء لكلب ظامئ. وهنا أنقل لكم حادثة أخرى بهذا الخصوص كخاتمة للموضوع:
عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته. فرأينا حُمَّرَة معها فرخان، فأخذْنا فرخيْها، فجاءت الحُمَّرَة فجعلت تَفْرُش، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من فَجَع هذه بولدها؟ رُدُّوا ولدها إليها" [1].
أجل، لقد كانت شفقته تحتضن الحيوانات أيضًا. ثم ألا نتذكر أن الله تعالى عاتب أحد أنبيائه السابقين بسبب بيت نمل؟ إذ قام هذا النبي عن قصد أم عن دون قصد بحرق بيت نمل، فما لبث أن جاءه تأنيب من الله تعالى [2].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/490)
ونبينا الذي نقل لنا هذه الحادثة وأمثالها من الحوادث الأخرى أيمكن أن يتصرف إلا هكذا .. ؟ وظهر فيما بعد في أمته أشخاص عندما يُمدحون يقال عنهم: إنه لا يؤذي حتى نملة. هؤلاء الأشخاص كانوا يعلقون أجراساً صغيرة على أقدامهم لكي تبتعد الحشرات عن طريقهم عند سماعها لصوت الأجراس، ولا تنسحق تحت الأقدام ... يا إلهي .. ! ما هذه الشفقة العميقة والشاملة!! وما هذا الأنموذج الرائع للرحمة .. !.
أجل، حتى النمل لم تخرج عن دائرة رحمته صلى الله عليه وسلم ولم تستثنَ منها. وهل يكون في مقدور إنسان يتحرج عن سحق نملة القيام بظلم الناس الآخرين؟ كلا، لا يستطيع هذا عن علم وعن قصد أبداً.
عندما كان صلى الله عليه وسلم في "مِنًى" خرجت حية من بين بعض الصخور، فأسرع بعض الصحابة لقتلها، غير أنها استطاعت أن تنسلّ بين شقوق الصخور، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يراقب المنظر عن بُعد: "وقاها الله شرّكم، ووقاكم شرّها" [3].
فالرسول كان يرى فيما هم به الصحابة شراًّ، والمقتول وإن كان حية إلا أن لها مكانًا أيضاً في نظام هذه الدنيا. فأي قتل غير ضروري سيضر بالتوازن البيئي، ويؤدي إلى أضرار لا يمكن تلافيها. والحقيقة أن إعلان الحرب على الحشرات باسم الزراعة والمحافظة عليها، يُعَدّ جريمة بالنسبة للتوازن البيئي، والغريب أن هذه الجرائم ترتكب اليوم باسم العلم.
يروي ابن عباس رضي الله عنه: أن رجلاً أضجع شاة يريد أن يذبحها، وهو يحد شفرته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هلاَّ حددتَ شفرتك قبل أن تضجعها". [4] كان هذا بمثابة عتاب لذلك الشخص.
يروي عبد الله بن جعفر رضي الله عنه: جاء بعير يشتد حتى سجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قام بين يديه، فذرفت عيناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صاحب هذا البعير؟ " قالوا: فلان. فقال "ادعوه، فأتوا به"، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "يشكوك" فقال: يا رسول الله، هذا البعير كنا نسنو عليه منذ عشرين سنة، ثم أردنا نحره.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شكا ذلك، بئسما جازيتموه، استعملتموه عشرين سنة حتى إذا أرق عظمه، ورق جلده أردتم نحره بعينه" قال: بل هو لك يا رسول الله. فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجه نحو الظهر، أي الإبل [5]. ـ
ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] أبو داود، الأدب، 164، الجهاد، 112؛ "المسند" للإمام أحمد 1/ 404
[2] البخاري، الجهاد، 153؛ مسلم، السلام، 148
[3] البخاري، جزاء الصيد، 7؛ مسلم، السلام، 137؛ النسائي، الحج، 114؛ "المسند" للإمام أحمد 1/ 385
[4] المستدرك، للحاكم 4/ 231، 233
[5] مجمع الزوائد، للهيثمي 9/ 9؛ "الخصائص الكبرى" للسيوطي 2/ 95
ـ[طالبة العلم سارة]ــــــــ[22 - 06 - 07, 06:41 ص]ـ
مكرر(79/491)
استمع لمعنى "الراجح" و "لا ينبغي" و "لا يجوز" عند العثيمين بصوته!
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[16 - 06 - 07, 07:01 ص]ـ
السؤال:
بعض المصطلحات العلمية عن فضيلتكم, إذا قال الشيخ ابن عثيمين ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=162&ftp=alam&id=1000049&spid=162): الراجح، ولم يحدده بقوله: عندي, هل هو الراجح عند الشيخ أم عموماً؟.
الجواب:
الراجح عندي, إذا قيل: الراجح أو الصحيح فهو عندي وإن لم أحدد. السائل:
إذا قال الشيخ ابن عثيمين ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=162&ftp=alam&id=1000049&spid=162): لا ينبغي، هل ترتقي للتحريم؟
الجواب:
لا.
السائل:
أو لا أرى ذلك؟
الجواب: أيضاً ليست للتحريم, لأنه -حقيقة- أحياناً يكون الأمر مشتبهاً فأقول: لا أرى ذلك، ولا أقول: حراماً أو مكروهاً؛ لأن هذا يحتاج إلى دليل, ولهذا كان الأئمة الذين نحن أصغر من خناصرهم يقولون: لا ينبغي .. أو لا أراه, الإمام أحمد ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=162&ftp=alam&id=1000008&spid=162) يسأل عن شيء يقول: لا أراه .. أكره ذلك .. لا ينبغي .. لأن التحريم ليس بهين, التحريم والتحليل صعب, وكان بعض العلماء لا يقول عن شيء محرم إلا ما صرحه القرآن بأنه حرام أو السنة.
السائل:
وقولك لا يجوز؟
الجواب:
لا يجوز يعني: حرام, عندي وعند غيري.
====
استمع
http://audio.islamweb.net/audio/listenbox.php?audioid=112071
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[16 - 06 - 07, 07:19 ص]ـ
جزاكم الله خيرا .. وربما وقع في بعض اطلاقات المتقدمين (لا يجوز او لا أجيزُ): لما اشتدت كراهته دون ان يبلغ التحريم ..
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[16 - 06 - 07, 07:34 ص]ـ
قال الامام الشافعي رحمه الله:
" ففرائض الصلوات خمس وما سواها تطوعٌ.
فأوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم على البعير، ولم يصل مكتوبةً علمناه على البعير.
وللتطوع وجهان: صلاة جماعة وصلاة منفردة.
وصلاة الجماعة مؤكدة، ولا أجيز تركها لمن قدر عليها بحال!
وهو: صلاة العيدين، و كسوف الشمس والقمر، والاستسقاء ...... (حتى قال رحمه الله):
ولا أرخّص لمسلم في ترك واحد منهما (يعني نوعي التطوع) وإن لم أوجبهما عليه ... "
كتاب الأم (2/ 150) طبعة دار الوفاء
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[16 - 06 - 07, 07:37 ص]ـ
و اعجبني كلام الشيخ العلامة ابن العثيمين رحمه الله في: (لا ينبغي) اذ حملها على عرف الناس في الاستعمال والخطاب .. فهي لا تدل على التحريم.
وان كانت عند المتقدمين وفي لغة العرب من اشد عبارات النهي والنفي ..
جزاكم الله خيرا اخي احسان على هذه الدرر
ـ[أبو وسام الأزهرى]ــــــــ[16 - 06 - 07, 03:16 م]ـ
جزاكم الله خيرا شيخنا إحسان فدائما تتحفنا بكل جديد وبما نحن فى حاجة إليه بارك الله فيك
ـ[أبو أحمد الحلبي]ــــــــ[16 - 06 - 07, 03:35 م]ـ
رحم الله شيخنا وبارك الله فيكم وجزاكم كل خير
ـ[بن نصار]ــــــــ[16 - 06 - 07, 04:21 م]ـ
رحم الله الشيخ ابن عثيمين. .
صدق الشافعي رحمه الله. .
قد مات قوم وما ماتت مكارمهم ..... وعاش قوم وهم في الناس أموات
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[16 - 06 - 07, 06:26 م]ـ
رحم الله الشيخ .. وجعل في طلابه خلفاً له
ـ[زياد عوض]ــــــــ[16 - 06 - 07, 06:30 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[17 - 06 - 07, 02:20 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ونفع بكم
ـ[العسكري]ــــــــ[18 - 06 - 07, 06:36 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا أدري كيف ساغ للشيخ محمد رحمة الله عليه أن يأخذ بالمعنى العرفي لينبغي مع أن الله جل ذكره يقول
وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا
فأخرجها من دائرة المعنى اللغوي الى المعنى العرفي
والإنتقال من معنى الى معنى بدون قرينة وسبب خطأ وإشكال
والكلام له معان خمسة كما هو معلوم
المعني اللغوي
والمعني العرفي
والمعني الإصطلاحي
والمعنى الشرعي
والمعني الباطني
وتعليق الأخ العامري بقوله
اعجبني كلام الشيخ العلامة ابن العثيمين رحمه الله في: (لا ينبغي) اذ حملها على عرف الناس في الاستعمال والخطاب .. فهي لا تدل على التحريم.
وان كانت عند المتقدمين وفي لغة العرب من اشد عبارات النهي والنفي ..
انتهى
زاد الإشكال إشكالا
صوبوا لي المسألة جزاكم الله خيرا
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[18 - 06 - 07, 07:22 ص]ـ
ساغ له ذلك لانه عالم يعي ما يقول .. ويفقه دلالات التخاطب.
بخلاف من يلقي الكلام على عواهنه!!
بالنسبة لما استوضحته اخي ماجة؛ فاجمله لك في التالي:
- الاصل انه اذا تردد اللفظ بين المعنى العرفي و المعنى اللغوي فانه يحمل على العرفي.
- والاصل في التخاطب ان يُحمل كلام المتكلم على عرفه في الاستعمال والتخاطب ..
(وهذه قاعدة كبيرة وشهيرة من قواعد هذا الدين)
فكلام الشارع يحمل على عرف الشارع (فمثلا الحج لغة هو الزيارة والزكاة النماء والصلاة الدعاء الخ، وهذه لا تحمل على معانيها اللغوية وانما على عرف الشرع .. اذ هي اركان الاسلام)
وكلام الناس في عقودهم واجراءاتهم ومعاملاتهم يحمل على عرفهم في التخاطب (وبذلك صرّح الفقهاء في كتب الاقضية)
... والمسالة واضحة لا تحتمل شرحاً اكثر ... الا ان اقول: ان عرف التخاطب عند المتقدمين من صدر هذه الامة يختلف عن عرف المتاخرين واصطلاحاتهم في الكلام!
فكيف تستشكل ثم تزداد استشكالا؟؟! والشيخ قد صرّح لك بلسانه عن اصطلاحه الخاص في هذه العبارة ومقصوده من اطلاقاها .. بحسب ما جرى على عرف الناس.
لعلك تراجع نفسك في هذا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/492)
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[18 - 06 - 07, 07:26 ص]ـ
تخطئ الشيخ ثم تطلب منا تصويب المسألة؟!!!
إذا كنت لا تعلم الصواب فكيف عرفت الخطأ؟!
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[18 - 06 - 07, 07:35 ص]ـ
والإنتقال من معنى الى معنى بدون قرينة وسبب خطأ وإشكال
القرائن كثيرة هنا (حالية ومقالية)!!
والمطالبة بها مكابرة ... اذ الرجل فسّر كلامه، فاي قرينة اكبر تريد؟
والكلام له معان خمسة كما هو معلوم
المعني اللغوي
والمعني العرفي
والمعني الإصطلاحي
والمعنى الشرعي
والمعني الباطني
اما كونها خمسة فليس بمعلوم! لان المعنى الخامس ليس من الاسلام في شيء!
وهو من مخلفات القرامطة الباطنية ورواسبهم الاعتقادية في المذاهب الضالة: كالشيعة الرافضة والاسماعيلية و الصوفية والقائمة طويلة ... حتى نسبوا اليه فقيل لهم: باطنية!!!
وفحوى مذهبهم الفاسد الانسلاخ من ظاهر الشرع .. والخروج من ربقة هذا الدين.
اما بالنسبة لبقية المعاني؛ فيبدو ان الامر التبس واختلط عليك اخي ماجه!
لان ما سوى المعنى اللغوي من المعاني يعتبر اصطلاحا اياما كان!
فاذا كان الاصطلاح منسوبا الى الشرع كان شرعيا واذا كان مضافا للعرف اصبح عرفيا (وله نوعان: ان يكون عاما او خاصا) وهنا تدخل العلوم الاصطلاحية بانواعها!
و الموضوع طويل يا اخي كما ترى .. وهو متعلق بمسالة (المواضعة) في اللغة وعلاقتها بالاصطلاح ... وعليه فليتك راجعت هذه المسائل بشكل اكبر قبل ان تعترض على الكبار.
موفق
ـ[العسكري]ــــــــ[18 - 06 - 07, 08:03 ص]ـ
سبحان الله ذو الكبرياء والجلال والعظمة
والله العظيم ما أردت الا خيرا وعلما
والشيخ بن عثيمين يعلم الله أنه في مقدمة الصفوف من الأخيار في فؤادي
على رسلك أًخي العامري
فقد أبعدت النجعة وسرت في طريق مرت
انتظرُ حتى تسكن العاصفة ثم أعود اليك بقلب يبتغي وجه الله تعالى فيما أردت معرفته
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
سامحك الله يا أبا طارق كما عهدتك من خلال أعمالك عل الشبكة للحلم طريق لا أراك
تلتمسه وللتأني مسالك أنت عنها ناء ومبتعد
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
ـ[العسكري]ــــــــ[18 - 06 - 07, 08:12 ص]ـ
لا والله بل هو في الصف الاول من الأخيار في فؤادي
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[18 - 06 - 07, 11:45 ص]ـ
لا تلمنا يا أخي
ويكفيك أن توضح مقصودك وتعتذر إن رأيت نفسك مخطئا
ولو أنك خطَّأت الشيخ لما رد عليك أحد - فيما أظن - وعاتبك على هذا
بل قد تجد من يؤيدك
لكن العبارة كانت فجة نوعا ما
ونحن مرآة لك
فالواجب قبول نقدنا لك
وشكرنا على ذلك إن أردت
فعبارتك " لا أدري كيف ساغ للشيخ محمد ... " فيها جفاء وجفاف
وهذا محل نقدنا لك
وخاصة أنك طلبت التصويب
وعلى كل حال
أنا سألتك مستنكرا وفي عبارتي نوع عتاب
ولا أظنني أخطأت في حقك
وإن كنت فعلت: فأنا أستغفر الله وأطلب منك المسامحة
ـ[عبدالرحمن السعد]ــــــــ[19 - 06 - 07, 04:39 م]ـ
بارك الله ياشيخ احسان
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[20 - 06 - 07, 02:16 ص]ـ
وفيك بارك أخي عبد الرحمن
ـ[العسكري]ــــــــ[01 - 07 - 07, 03:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أما ابن عثيمين فرحمة الله عليه رحمة واسعة هو مني وأنا منه في عقيدته
الا شيئا خالف حقا فلا والله لاقبول له عندي
وبعض الأخوة غفر الله لهم يخلطون بين من يحبه من جموع أهل السنة وبين صفوف الصوفية
ومدعي السلفية فما إن يلحظ مغمزا أو طرف سوط حتى يشرأب عنقه من خلف الصفوف يسدد رمية
في وجهه غير آبه بقول الله تعالى
وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزع بينهم
إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا
وتاالله إن ذاك لشر أمرنا أن نجتنبه
أما أبو يوسف فجزاه الله خير الجزاء على ما خط يمينه
لولا تحرر من الأناة والرفق والعناية والدقة في مواطن كان الأتقي فيهن أن يضبط ويسبر
ثم يسدد ويرمي إن تيقن أن الرمي هو الأحب الى الله ورسوله والمؤمنين
أما أبو طارق فلا يا أبا طارق حتى تجعلها أطيب واتقى لله
ولك في نفسي خير ودعاء
دعوت لك كثيرا منذ تعرفنا على بعضنا البعض في البالتوك قبل ست سنوات تقريبا
وأحببت لك ولي الذي ذكرته لك
طبت وطاب مسعاك
وسؤالى إن لم يكن صائبا فصوبوه جزاكم الله خيرا
وإن كان نفث محروم فاعذروه
أو سؤال جاهل فعلموه
سددكم الله لما فيه رفعة الاسلام وعز المسلمين
ـ[علي عبدالله]ــــــــ[03 - 07 - 07, 05:43 م]ـ
(ولهذا كان الأئمة الذين نحن أصغر من خناصرهم يقولون) استوقفتني هذه الكلمة كثيرا رحم الله الشيخ وشكر الله لك ياشيخ احسان
ـ[العسكري]ــــــــ[04 - 07 - 07, 06:18 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا أصف ما قلتَ أخي علي بالجميل في موضع كهذا
فبدل أن توصل حبل مودة أراك تقطعه
وليس مسدودا عليّ لهواتي في بيان وتثريب ولكنه
البر والتقوى الذي أمرنا الله به يجعلني أتريث فيما أردت معرفته وطرحه بين أياديكم الكريمة
الحمد لله رب العالمين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/493)
ـ[أبو فاطمة الاثري]ــــــــ[04 - 07 - 07, 08:37 ص]ـ
ماذا أيضاً عن (الصحيح في هذه المسألة هو ... )
(عليكم بفعل .... وعدم فعل ... )
(أتركوا عنكم هذا)
ـ[العسكري]ــــــــ[04 - 07 - 07, 08:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
طيب يا أبافاطمة ... سنترك
عفا الله عنا وعنك
حاشا أصولا لا بد من طرحها في هذا المقام على وجه يرضي الله تعالى بحلمه وعونه
وكلمات راسخات ترفع من قيمة الاسلام وعز السنة وأهلها
ألن في عباراتك متعك الله بالعافية ونور السنة
الحمد الله وكفى
ـ[أبو فاطمة الاثري]ــــــــ[04 - 07 - 07, 09:07 م]ـ
بارك الله فيك أخي، لم أفهم ردك بوضوح، هل توضح لي خصوصاً بأني لست خبير في اللغة العربية وجزاك الله خير الجزاء.
ـ[العسكري]ــــــــ[04 - 07 - 07, 09:31 م]ـ
وبماذا أوضح يا أبا فاطمة؟
كن معنا وسترى خيرا إن شاء الله تعالى
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[05 - 07 - 07, 03:29 ص]ـ
أما أبو يوسف فجزاه الله خير الجزاء على ما خط يمينه
لولا تحرر من الأناة والرفق والعناية والدقة في مواطن كان الأتقي فيهن أن يضبط ويسبر
ثم يسدد ويرمي إن تيقن أن الرمي هو الأحب الى الله ورسوله والمؤمنين
..........................
وإياك اخي ..
هات ما عندك من هذه (المواطن) نناقشها كطلبة للعلم والحق؟
وكيف سيسلم كلامي .. حينما لم يسلم كلام الشيخ العثيمين قبلي.
ـ[العسكري]ــــــــ[05 - 07 - 07, 04:42 ص]ـ
وهل كلامك هذا يدل على أنك طالب حق
أما عندي فلا
ومن فبل ما فرطت في أخوتي
وحقرتني
وانتظر حتى انظر في أمري
ثم أرحل بعيدا عنك علك تنيب
ويل للمطففين الذي إذا اكتالوا على الناس يستوفون
وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون
ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون
ليوم عظيم
يوم يقوم الناس لرب العالمين
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[05 - 07 - 07, 05:47 ص]ـ
يا اخ (ماجه) دعنا من عمومياتك هذه التي لا تسمن ولا تغني من جوع!
ناقش -ان كنت على علم- في جزئيات تفصيلية واضحة، ودع عنك (عدم قبولك كلام الشيخ فيما خالف فيه الحق) فهو ليس بامانيكم واثبت العرش اولاً ...
والا فاسكت بحلم .. ولا تزد الطين بلةً، كما يقولون
فانت من دخل علينا باسلوب الثقلاء ..
وتقول اني (حقرتك)!!! فهذا من خيالاتك ... ألاني رددت عليك؟! وبينتُ لك تخليطك وعجلتك في الاعتراض على الكبار .. هذا ليس تحقيراً ولكن اعرف قدرك والزم التأدب عند ذكرك العلماء، واعلم ان علماء الامة لا يصح الانتقاض عليهم بمثل ما ذكرتَه من الفاظ وتعبيرات غير لائقة ومغلوطة ايضا!!
(ولا داعي لأن اكرر نفس الكلام).
فان شق عليك ذلك وضقت به ذرعا ... فاضعف الايمان الا تنتصر لنفسك و تسعى في تبرئها مما سودته يداك فهذا من حظ النفس.
واكمله تعترف بخطئك وتقصيرك في التعبير اولا .. ثم تعترف بانك لم تفهم المسالة جيداً منذ البداية فتكون بعدها سائلا مسترشدا -كما نفهم من سؤالك وطلبك- لا مجادلا معانداً ..
اما انا فلا اطلب منك شيئاً .. و (عندياتك) هذه أبقها في محلها.
ـ[العسكري]ــــــــ[05 - 07 - 07, 06:18 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مه ... أصلحك الله
يقول الله تبارك وتعالى
تلك إذا قسمة ضيزى
ويستقى من مقتضى اللفظ أمر الله تعالى أن نقسم بالعدل عند الخصومات
للشيخ حق ولي حق
ولم يصل للشيخ رحمه الله حقه ولا وصلني حقي
فانظر في أمرك واتق الله تعالى
سأدعك أيها الأخ العامري حتى أنهي تأصيلات مهمات عند أهل السنة
ثم أعود إليك إن شاء الله تعالى
حفظك الله
ـ[رمضان أبو مالك]ــــــــ[05 - 07 - 07, 06:57 ص]ـ
وهل كلامك هذا يدل على أنك طالب حق
أما عندي فلا
ومن فبل ما فرطت في أخوتي
وحقرتني
وانتظر حتى انظر في أمري
ثم أرحل بعيدا عنك علك تنيب
ويل للمطففين الذي إذا اكتالوا على الناس يستوفون
وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون
ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون
ليوم عظيم
يوم يقوم الناس لرب العالمين
أخي الكريم / ماجة! ألا ترى أنَّ الكَيْل قد طفح!
كرَّرتَ كثيرًا في سابق مشاركاتك: الرفق، واللين، والحلم، ووو، وأُراك قد حِدْتَ عن تلك التي أمرتَ بها، وشدَّدتَ في الكلام جدًّا، عفا الله عنَّا وعنك.
سبحان الله!
إذا جهل المرءُ شيئًا سأل عنه ليتعلَّمه، وهذا ما رأيتُه في أول مشاركةٍ لك في هذا الموضوع، وكلُّنا جُهَّال نحتاجُ إلى تعلُّم!
وإذا تمكَّن من العلم - بفضل الله - فلْيُبيِّن خطأ المُخطيء - ولو كان أعلم العلماء -، ولكن بأدبٍ، وهذا ما لم تلتزمه أنتَ في ردودك - غفر الله لنا ولك -.
فإما أن تتكلَّم بعلمٍ، أو تسكُت بحلمٍ، وتنتظر حتى تتعلَّم، وتعرف الوجه الصواب في المسألة - هذا على العموم، وليس بخصوص مسألتنا هذه -، فتنبَّه!
أسأل الله أن يهدينا سواء السبيل.
ـ[العسكري]ــــــــ[07 - 07 - 07, 08:24 ص]ـ
لا اله الا الله
وإذا تمكَّن من العلم - بفضل الله - فلْيُبيِّن خطأ المُخطيء - ولو كان أعلم العلماء -، ولكن بأدبٍ، وهذا ما لم تلتزمه أنتَ في ردودك - غفر الله لنا ولك -.
.
ما أجهلني
...
أي أبا مالك أمرك مطاع
اللهم اغفر لي ولأخي أبي طارق وأخي العامري وأخي أبي مالك
ولكل من شارك في هذا الموضوع
...
ماأردت الحديث عنه أرجؤه في آخر المطاف إن طفنا إن شاء الله
...
وأبد أ المسألة بسؤال من يرد الحق والله شهيد على ما أقول
وأصوغ سؤالي كما ترون بأدب ورفق ولين وهو الحق إن شاء الله
سؤالي لكم بارك الله لكم فأنتم أعلم وأحكم
يقول الله تبارك وتعالى
الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم
ورأيت من الآية الكريمة أن المعنى الذي ارتضاه الشيخ رحمه الله
لكلمة ينبغي يغاير المعنى الذي ارتضاه الله جل ذكره
فهل من سلف للشيخ في توجه كهذا
وهل الأمر في أصله مرضي عند أهل السنة في أخذ العالم
المعنى العرفي بدل الأخذ بما أحسن الله جل وعز اختياره
لكم مني جزيل الشكر
الحمد لله رب العالمين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/494)
ـ[العسكري]ــــــــ[07 - 07 - 07, 09:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من باب الصدق والأمانة أبا مالك
فقد اختلط علي الأمر وظننتك أبا مالك العوضي
ولا أخفيك أنه أصابني شئ من تعجب لما قرأت لك لظني أنه العوضي
لكنك إن شاء الله أهل
ـ[العسكري]ــــــــ[17 - 07 - 07, 07:46 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين
على الرغم أنه يقال لا رأي لصامت
الا أنه قد وصل الي الجواب من الصمت الذي لم يجد له قبولا في نفسي
ينقل عن الفاروق رضي الله عنه وأرضاه
" أعقل الناس أعذرهم للناس "
أخرج إن شاء الله من الموضوع
سامحونا بارك الله فيكم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[محمد القحطاني]ــــــــ[18 - 07 - 07, 02:25 م]ـ
جزاكم الله خيراً .... ورحم الله الشيخ ابن عثيمين وجمعنا به في جنات النعيم(79/495)
خاطره
ـ[أبوالحسين الدوسري]ــــــــ[16 - 06 - 07, 04:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى كل من سار على هديه واقتفى أما بعد .......
قال تعالى: (ولا تفقوا ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) الإسراء
وقال صلى الله عليه وسلم {المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده} حديث صحيح.
من الافات التي أصبنا بها معاشر طلاب العلم هي افة الخوض في أخطاء المقصرين من أهل السنه من دعاه وغيرهم, ففي وقت يكون النقاش فيه
عن اصدار أو محاضره لشخص ما تجد بعض الأخوه وفقهم الله لايتطرقون للحديث عن الأصدار بل ينصرفون للحديث عن أخطاء الشخص وزلاته والبعد كل البعد عن موصوع النقاش والخوص في أمور لن نسأل عنها في قبورنا ولم يطلب منا احد التطرق لها , ووجود الخطأ (لا أقصد المخالفات العقديه) عند أولئك الأشخاص أمر لا ينكر ولكن الخوص فيها لسبب أو لغير سبب أمر لا داعي له وقد ذكر الحافظ ابن رجب أن الغيبه لا تقع في حال وجود مصلحه شرعيه (1) وهذا أمر اعتقد عدم وجود المصلحه فيه وقد تساهلنا فيه كثيرا.
وفي الختام بودي أن يتكلم مشائخنا الافاضل في هذا الأمر الحساس فإن ماذكره العبد الفقير ماهي الا خاطره في النفس جاءت باسلوب ركيك مجرده من الأدله والأقوال لفقر البضاعه العلميه والله المستعان.
وكم أتمنى أن يتصدى للموضوع من يخرجه بحله علميه موثقه بالأدله وأقوال السلف.
وفق الله الجميع لما يحبه ورضاه وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى اله وسلم.
أخوكم أبوالحسين
_________________________________
(1) ذكرته بالمعنى.
ـ[عبيدالله بن عبدالكريم]ــــــــ[16 - 06 - 07, 06:14 م]ـ
اخي الكريم اخطأت في كتابة الاية
والصحيح
[وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً]
ـ[أبوالحسين الدوسري]ــــــــ[17 - 06 - 07, 01:59 م]ـ
الأخ الفاضل جزاك الله خيرا وهناك خطأ اخر وأردت تعديله ولكن لم أستطع تعديله لأني لم انتبه الا بعد انتهاء المده المحدده للتعديل وهو ان الاولى وضع اية الحجرات (ولا يغتب بعضكم بعضا) بدلا من اية الاسراء.(79/496)
(ما صفة) رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام؟؟؟
ـ[ابو الحارث الشامي]ــــــــ[16 - 06 - 07, 07:37 م]ـ
ملاحظة: انا لا اريد تعبير الرؤية فالرجاء عدم الحذف
احد الاخوة رأى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في المنام على غير الهيئة التي أخبرنا عنها في كتب السيرة؟
فهل يحتمل انه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ام انها اضغاث احلام؟
ـ[سليمان المصرى]ــــــــ[17 - 06 - 07, 12:35 ص]ـ
غالبا كما قرر العلماء ان النبى فى المنام يكون على صفته الخلقيه بفتح الخاء وان لم يكن فليس هو لان الحديث يقول من رأنى ويقول الشيطان لا يتمثل بى والتمثل يكون على نفس الصورة
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[17 - 06 - 07, 01:23 ص]ـ
غالبا؟؟؟ أكيد إنه ليس النبي صلى الله عليه و سلم.
لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال:" من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي" رواه مسلم.
إذن فما رأى هذا الرجل هي اضغاث احلام ....
ـ[زياد عوض]ــــــــ[17 - 06 - 07, 06:54 ص]ـ
مكتبة الفتاوى: فتاوى نور على الدرب (نصية): متفرقه
السائل: هذه الرسالة من الأخ محمد الحسن من الرياض كلية أصول الدين يقول الأخ محمد عنده عدة أسئلة يقول في السؤال الأول رجل رأى في حلمه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وقال له أدعو لي يا رسول الله فهل هذه رؤية حقيقية أم خيالية نرجو الإفادة وفقكم الله؟
الجواب
الشيخ: رؤية النبي صلى الله عليه وسلم حق فإن الشيطان لا يتمثل به ولكن يجب أن تنزل أوصاف المرئي على ما جاءت به الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوصافه صلى الله عليه وسلم فإن طابقت الأوصاف أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم فإنه حق وإن خالفت فإن ما رآه ليس هو النبي صلى الله عليه وسلم وهذه المسألة كثيرا ما يقع فيها بعض الناس يرون خيالاً فيعتقدونه النبي صلى الله عليه وسلم أو يقال لهم انه النبي صلى الله عليه وسلم ثم إذا وصفوا ما رأوا فإذا أوصافه تخالف أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا يتبين أن ما راءوه ليس بصحيح، على كل حال لابد أن يعرف أن أوصاف الذي رآه في المنام مطابقةً لأوصاف النبي صلى الله عليه وسلم فإن لم تكن مطابقة فإن ما رآه ليس هو النبي صلى الله عليه وسلم.
العثيمين
ـ[ابو الحارث الشامي]ــــــــ[17 - 06 - 07, 06:03 م]ـ
سليمان المصري
محمدعبد الجليل
الشيخ زياد عوض
جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن السعد]ــــــــ[21 - 06 - 07, 03:06 م]ـ
بارك الله فيكم ..(79/497)
إطلاق لفظة " متساهل " على بعض المحدثين.
ـ[أبوعائشة الحضرمي]ــــــــ[16 - 06 - 07, 09:35 م]ـ
لفظة " متساهل " رأيتها تطلق على بعض المحدثين: كالإمام الترمذي، والحاكم .... ، سؤالي:
في نفسي شيء من لفظة متساهل، يعني لو قلنا أخطأ في هذا الرجل أو الحديث لكانت أفضل بدون أن نجعل هذا منهجا له يوسم به ((مارأيكم)).
من أطلق هذه الكلمة على المحدثين ابتداء.(79/498)
مامدى صحة هذه الرسالة الالكترونية؟
ـ[أبو عبدالعزيز النجدي]ــــــــ[16 - 06 - 07, 11:33 م]ـ
:: ما ينجي من أهوال يوم القيامة::
برالوالدينينجيمنأهوالقبضالروحخرج الترمذي الحكيم في نوادر الأصول عن عبد الرحمن بن سمرة- رضي الله عنه- قال: خرج علينارسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ونحن في مسجد المدينة فقال:" إني رأيت البارحةعجباً!! رأيت رجلاً من أمتي جاء ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فرد عنه "
الوضوء ينجي من عذاب القبر
ورأيت رجلاً من أمتي قد بسط عليه عذابالقبر فجاءه وضوؤه فاستنقذه من ذلك
ذكر الله ينجي من احتواشالشياطينورأيت رجلاً من أمتي قد احتوشته الشياطين (أحاطوا به) فجاءه ذكر الله فخلصه من بينهم
الصلاة تنجي من احتواش ملائكةالعذاب
ورأيت رجلاً من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب فجاءتهصلاته فاستنقذته من أيديهم
الصيام ينجي من شدة العطشورأيت رجلاً من أمتي يلهث عطشأ كلما ورد حوضاً مُنِع منه فجاءهصيامه فسقاه وأرواه
الاغتسال من الجنابة ينجي من الطردوالحرمان
ورأيت رجلاً من أمتي- والنبيون قعود حِلقا حِلقاً-كلما دنا لحلقة طردوه فجاءه اغتساله من الجنابة فأخذ ًبيده وأقعدهبجنبي
الحج والعمرة ينجيان من الظلمةالمحيطة
ورأيت رجلاً من أمتي من بين يديه ظلمة ومن خلفه ظلمةوعن يمينه ظلمة وعن شماله ظلمة ومن فوقه ظلمة ومن تحته ظلمة فهو متحير فيها فجاءتهحجته وعمرته فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه في النور
صلة الرحم تنجي من مقاطعة المؤمنينلصاحبهاورأيت رجلاً من أمتي يكلم المؤمنين ولا يكلمونه فجاءتهصلة الرحم فقالت: يا معشر المؤمنين كلموه فكلموه
الصدقة تنجي من شرر النارووهجها
ورأيت رجلاً من أمتي يتقي النار ووهجها يدنو عن وجههفجاءته صدقته فصارت ستراً على وجهه وظلاًعلى رأسه
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينجيمن أخذ الزبانيةورأيترجلاًمنأمتيقدأخذتهالزبانية (الملائكة الذين يحرسون جهنم) من كل مكان فجاءه أمرهبالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذه من أيديهم وأدخلاه مع ملائكةالرحمة
حسن الخلق ينجي من الحجب عنالله
ورأيت رجلاً من أمتي - جاثياً على ركبتيه- بينه وبين اللهحجاب! فجاءه حسن خلقه فأخذ بيده فأدخله على الله
الخوف من الله ينجي من هُوِيّالصحيفة من قِبل الشمالورأيت رجلاً من أمتي قد هوت صحيفته منقِبل شِماله فجاءه خوفه من الله تعالى فأخذ صحيفته فجعلها فييمينه
الإفراط يثقلون الميزان
ورأيت رجلاً من أمتي قد خف ميزانه فجاءته إفراطه (جمعفرَط وهو المتقدم في طلب الماء ليقوم بتهيئة السقيا لقومه ويقال للطفل الميت: اللهماجعله لنافرطاً) فثقلواميزانه
الوجل من الله ينقذمن التردي في جهنم
ورأيت رجلاً من أمتي قائماً علىشفير جهنم فجاءه وجله من الله فاستنقذه من ذلكومضى
البكاء من خشية الله ينقذ من النار ويخرج صاحبهامنها
ورأيت رجلاً من أمتي هوى في النار فجاءتهدموعه التي بكى من خشية الله في الدنيا فاستخرجته منالنار
حسن الظن بالله ينجي من الرعدة على الصراط
ورأيت رجلاً من أمتي-قائماً على الصراط يرعد كما ترعد السعفة-فجاءه حسن ظنه بالله فسكَّن رعدهومضى
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
تأخذ بيد صاحبها على الصراطوتنجيه من الزحف والحبو
ورأيت رجلاً من أمتيعلى الصراط -يزحف أحياناً ويحبوا أحياناً- فجاءته صلاته عليّ فأخذت بيده ومضى علىالصراط
شهادة أن لا إله إلا الله تفتح أبواب الجنة التيغُلِّقتورأيت رجلاً من أمتي -انتهى إلى أبوابالجنة فغُلقت الأبواب دونه- فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله ففتَّحت له الأبوابوأدخلته الجنة
التجاوز عن المعسر أو أنظاره أو التنفيس عنه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"حُسب رجل ممن كان قبلكم فلميوجد له شيء إلا أنه كان يخالط الناس وكان موسراً فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عنالمعسر. قال: قال الله عز وجل:" أنا أحق بذلك منه تجاوزوا عن عبدي" وقال أنس بنمالك-رضي الله عنه-:" من أنظر مديوناً فله بكل يوم عند الله وزن أُحد ما لميطلبه"
إشباع الجائع وكسوة العريان وإيواء المسافر تُعيذُ صاحبها منالأهوال
وروى أبو هدبةإبراهيم بن هدبة قال: حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم:"من أشبع جائعا وكسا عرياناً وآوى مسافراً أعاذه الله من أهوال يومالقيامةً"
تقديم لقمة الحلوى لأخيك يصرف عنك مرارة الموقفوأخرج الطبراني سليمان بن أحمد عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك رضيالله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من لقم أخاه لقمة حلواء صرف اللهعنه مرارة الموقف يوم القيامة "
اللهمأحسن خاتمتناوأمتنا على الإسلام ووسع اللهم قبورنا عليناواجعلها رياض من الجنة ولا تجعلها حفر من النار واحشرنا مع النبيين والصديقينوالشهداء وشفع فينا نبيك المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم وثبتنا عند السؤالوانر لنا الصراط وثقل موازيننا برحمتك حينما تعجز أعمالنا وأدخلنا الجنة بسلام وبلغنا الفردوس الأعلى ..... اللهمآمين ..
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
سبحان الله العظيم وبحمده
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبرولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
لا اله إلا الله الحليم الكريم لا اله إلا الله العلى العظيم
لا اله إلا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
لا إله إلا الله محمد رسول الله
اللهم وفق مرسل هذه الرسالة، وأعنه على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم وفقه لما تحب وترضى، اللهم أحسن خاتمته، واجعل قبره روضة من رياض الجنة، اللهم ارحمه وارض عنه، وارزقه الجنة التي وعدت عبادك الصالحين واغفر لجميع المسلمين والمسلمات الإحياء منهم والأموات يا رب العالمين
--------------------------------------
مامدى صحة هذه الرسالة يا إخوان ومامدى صحة الأحدايث التي جاءت فيها وهل ننشرها أم لا؟
تحياتي لكم ...
أبو عبدالعزيز النجدي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(79/499)
ـ[سليمان المصرى]ــــــــ[17 - 06 - 07, 12:28 ص]ـ
اولا هذه صورة جديدة من رسالة احمد خادم الحجرة النبويه اتذكرونه؟ انصحك ان تتجاهلها
ثانيا بدء الكلام بالحكيم الترمذى يكفى لكى نؤكد ضعف وتهافت الكلام فهو من الصوفيه الاعلام(79/500)
محبة النبي صلى الله عليه وسلم للسواك
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[17 - 06 - 07, 02:37 ص]ـ
محبة النبي صلى الله عليه وسلم للسواك
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن من أعظم السنن وأهمها (سنة السواك) هذه السنة التي أحبها النبي صلى الله عليه وسلم وداوم عليها طيلة حياته.
قال ابن القيم عند ذكر هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الفطرة: " وكان يحب السواك، وكان يستاك مفطراً وصائماً، ويستاك عند الانتباه من النوم، وعند الوضوء، وعند الصلاة، وعند دخول المنزل، وكان يستاك بِعُود الأراك ".
ومما يدل على محبة النبي صلى الله عليه وسلم للسواك ما يلي:
1ـ وصفه صلى الله عليه وسلم للسواك بأنه مطهرة للفم مرضاة للرب:
كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " السواك مطهرة للفم مرضاة للرب "، وجاء من حديث أبي هريرة صلى الله عليه وسلمقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بالسواك فإنه مطهرة للفم، مرضاة للرب عزوجل"، ومن حديث ابن عمر رضي الله عنهما بلفظ: " عليكم بالسواك فإنه مطيبة للفم ومرضاة للرب ".
2ـ ذكره صلى الله عليه وسلم أن السواك من الفطرة وأنه من سنن المرسلين:
فأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عشر من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك ... "الحديث، فجعل السواك من الفطرة، وجاء في الحديث عن أبي أيوب الأنصاري صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أربع من سنن المرسلين؛ التعطر، والنكاح، والسواك، والحياء"، وروى أبو الدرداء صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الطهارات أربع؛ قص الشارب، وحلق العانة، وتقليم الأظافر، والسواك ".
3ـ حرصه صلى الله عليه وسلم على السواك عند كل صلاة، وعند كل وضوء:
حتى كاد أن يأمر به أمته، كما جاء في حديث أبي هريرة صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لولا أن أشق على أُمتي ـ أو على الناس ـ لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة"، قال ابن دقيق العيد: (الحكمة في استحباب السواك عند القيام إلى الصلاة كونها حالاً تقرب إلى الله، فاقتضى أن تكون حال كمال ونظافة إظهاراً لشرف العبادة). فلذلك حرص النبي صلى الله عليه وسلم على السواك عند الصلاة، بل كان في صلاة الليل يستاك لكل ركعتين كما ثبت ذلك من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
4ـ حرصه صلى الله عليه وسلم على السواك قبل النوم:
فقد جاء في الحديث عن محرز صلى الله عليه وسلم: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نام ليلة حتى استن " قال ابن حجر: رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة.
5ـ حرصه صلى الله عليه وسلم على السواك عند قيامه من النوم ليلاً أو نهاراً:
فقد جاء في الحديث المتفق عليه عن حذيفة رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك"، وفي رواية لمسلم: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام ليتهجد يشوص فاه بالسواك "، وعن عائشة رضي الله عنها " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يرقد من ليل ولا نهار فيستيقظ إلا تسوك قبل أن يتوضأ "، وعن ابن عمر رضي الله عنهما " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام إلا والسواك عنده، فإذا استيقظ بدأ بالسواك "،
6ـ حرص أهله على أن يعدوا له سواكه مع وضوءه من الليل:
كما جاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنها: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوضع له وضوءه وسواكه، فإذا قام من الليل تخلى ثم استاك "، وفي رواية لابن منده: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقد فنضع له سواكه وطهوره فيبعثه الله إذا شاء أن يبعثه فيقوم فيتسوك ثم يتوضأ ".
7ـ حرصه صلى الله عليه وسلم على السواك إذا دخل بيته:
فروى الإمام مسلم في صحيحه عن شريح قال: سألت عائشة قلت: بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته قالت: بالسواك "، وفي رواية أخرى عن عائشة رضي الله عنها: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل بَيْتَهُ بدأ بالسواك ".
8ـ كثرة سواكه صلى الله عليه وسلم وهو صائم:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(80/1)
روي عنه صلى الله عليه وسلم ذلك في أحاديث كثيرة، منها ما رواه عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مالا أحصي يتسوك وهو صائم "، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من خير خصال الصائم السواك ".
9ـ حثه صلى الله عليه وسلم على السواك في يوم الجمعة:
فقد جاء في الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" الغسل يوم الجمعة واجبٌ على كل محتلم، وأن يستنَّ، وأن يمسَّ طيباً إن وجد "، ولفظ مسلم: " غسل الجمعة واجب على كل محتلم، وسواك، وأن يمس من الطيب ما قدر عليه "، وفي الموطأ عن ابن السباق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع: " يا معشر المسلمين إن هذا يوم جعله الله عيداً، فاغتسلوا، ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه، وعليكم بالسواك ".
10ـ ذكره صلى الله عليه وسلم مضاعفة الصلاة التي يستاك لها على الصلاة التي لا يستاك لها:
ورد هذا المعنى في حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " فضل الصلاة بالسواك على الصلاة بغير سواك سبعين ضعفا ".
11ـ إكثاره صلى الله عليه وسلم على صحابته في السواك:
حتى قال صلى الله عليه وسلم:" أكثرت عليكم في السواك "، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: " لقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسواك، حتى ظننا أنه سَيُنَزَّلُ عليه فيه "، وقال العباس بن عبد المطلب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما لي أراكم تأتون قُلْحاً استاكوا، لولا أن أشق على أمتي لفرضتُ عليهم السواك، كما فرضتُ عليهم الوضوء ".
12ـ ذكره صلى الله عليه وسلم أن جبريل أوصاه بالسواك:
وما زال يوصيه حتى خشي النبي صلى الله عليه وسلم على أسنانه، كما جاء في الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما زال جبريل يوصيني بالسواك، حتى خشيتُ أن يدردني " ـ ويدردني أي يذهب أسناني ـ وفي لفظ عند الطبراني " حتى خِفتُ على أضراسي ".
13ـ قرب السواك منه صلى الله عليه وسلم حتى كان يضعه على أذنه:
فروى جابر بن عبد لله قال: " كان السواك من أذن النبي صلى الله عليه وسلم موضع القلم من أذن الكاتب ". وروى ابن أبي شيبة عن صالح بن كيسان: " أن عبادة بن الصامت وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يروحون والسواك على آذانهم "، وفي سنن الترمذي عن أبي سلمة قال: " فكان زيد بن خالد الجهني يشهد الصلوات في المسجد وسواكه على أذنه، موضع القلم من أذن الكاتب، لا يقوم إلى الصلاة إلا استنَّ ثم رده إلى موضعه ".
14ـ كونه صلى الله عليه وسلم قدَّمه هدية لبعض الوفود:
فجاء في الحديث عن أبي خيرة الصباحي قال: " كنت في الوفد الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من عبد القيس فزودنا الأراك نستاك به ... الحديث ". وفي هذا الحديث دليل على مشروعية تهادي السواك بين المسلمين.
فالواجب على كل مسلم عرف أهمية هذه السنة أن يواظب عليها، وأن لا يهملها فيحرم نفسه الأجر، وقد جمع الإمام ابن الملقن أكثر من مائة حديث كلها في السواك ومتعلقاته ثم قال: (وهذا عظيم جسيم فواعجباً سنة واحدة تأتي فيها هذه الأحاديث ويهملها كثير من الناس، بل كثير من الفقهاء المشتغلين، وهي خيبة عظيمة نسأل الله المعافاة منها).
ـ[محمد المصراتي]ــــــــ[17 - 06 - 07, 03:03 م]ـ
لي سؤال:
-هل تحصل سنة السواك بغير الأراك؟، لأن الأراك غير متوفر في بعض البلاد الإسلامية.
ـ[بن نصار]ــــــــ[18 - 06 - 07, 12:43 ص]ـ
نعم السنة هي الفعل و ليس العود. . أما أنا فلا أستاك إلا بجريد نخل فهو المتوفر في حديقة البيت
و تحصل السنة بفرشاة الأسنان. . و أظن أن هذا مذكور في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين.
و الله أعلم
ـ[ابو سيف السلفي]ــــــــ[18 - 06 - 07, 06:49 م]ـ
أخي الأيوبي عندي سؤال الم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن السواك يكون بشجرة الأراك؟؟
إذا تسوكت بإصبعي أو بعود النخل أو بأي شيئ أخر يجزي عن الأراك ...
ـ[بن نصار]ــــــــ[19 - 06 - 07, 11:00 م]ـ
نعم يجوز التسوك بأي شئ. . لان السنة هي الفعل وليس عود الأرآك.(80/2)
الأساليب الأدبية في مواعظ الحسن البصري
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[17 - 06 - 07, 02:40 ص]ـ
الأساليب الأدبية في مواعظ الحسن البصري
بقلم الأستاذ/ شمس الدين درمش كثيرًا ما نسمع في مجال النقد الأدبي اتهام نص إبداعي بالمباشرة والخطابية، وأن المبدع يلجأ إلى الوعظ في إيصال فكرته إلى المتلقي، وأن عليه أن يقدم الفكرة بشكل رمزي غير مباشر.
يقال هذا: إذا كان النص ملتزما في توجهه بالإسلام وما ينبثق عنه من ضوابط عقدية وفكرية وأخلاقية فيما يسمى الآن أدباً إسلامياً، وكان الناقد ينطلق من الرؤى التجديدية المنبثقة من معين الآداب العربية والإسلامية.
أما إذا كان الناقد ينطلق في نقده من الرؤى الحداثية بأفكارها المستوردة من الغرب، فإنه لايقبل أن يدخل معنا في الحوار منذ البدء، لأن الأدب والنقد في نظره بمنأى عن الدين والأخلاق.
وحديثي يتوجه إلى الفئة الأولى التي نتفق معها بأن الالتزام في الأدب لا يحده بل يمده. ويتواصل مع الفئة الثانية إذا هي أقرت بقاعدة الالتزام، وذلك بأن النص الأدبي لا يطلب منه دائماً أن يكون رمزاً، وغير مباشر، وخيالاً تصويرياً، ومبالغات، وغير ذلك مما يقرره بعض النقاد والدارسين.
فأدب الوعظ فنٌ قائم بذاته، وله مبدعوه الذين اشتهروا به منذ القدم، ويلحق به ما يسمى:" بأدب الحكمة والوصايا" سواء أكان في الشعر أم في النثر.
ولعل تقديم نماذج من أدب الوعظ يبين بعض ما أريد الوصول إليه، من أن هذا الأدب يتمتع بالحيوية والقدرة على التأثير في مجاله، مثل غيره بل أكثر. وأن فيه من تنوع أساليب البيان والمعاني والبديع ما يجعله من عيون الأدب.
وقد عرف تاريخ الكلمة الأدبية التراثية من أصحاب هذا الفن رجلاً كان له حضوره غير العادي في عصره، هو الإمام الحسن البصري، الذي ولد في المدينة سنة إحدى وعشرين للهجرة، وتوفي في البصرة عن ثمان وثمانين سنة.
ونصوصه مبثوثة في كتب العلم والأدب والحِكَم والمواعظ، والتي منها: "كتاب جامع العلوم والحكم" لابن رجب الحنبلي، وكتاب:" الزهد" الذي جمع نصوصه وحققها الدكتور محمد عبد الرحيم محمد.
يقول عنه ثابت بن قُرَّة:"لقد كان - أي الحسن- من دراري النجوم علماً وتقوى وزهداً وفصاحة، مواعظه تصل إلى القلوب، وألفاظه تلتبس بالعقول، وما أعرف له ثانياً، قريباً ولا مدانياً ... " (1)
وفيما يأتي أختار بعض النصوص من هذا الكتاب، وأُعلق عليها بما تيسر بإذن الله سبحانه.
حادثوا القلوب .. واقدعوا الأنفس
يقول: الحسن البصري:" حادثوا هذه القلوب بذكر الله فإنها سريعة الدثور، واقدعوا هذه الأنفس فإنها طلعة، وإنكم إن تطيعوها في كل ما تنزع إليه لا تبقي لكم شيئا" (2).
فقوله: " حادثوا هذه القلوب بذكر الله فإنها سريعة الدثور" تشخيص للقلب، واعتباره إنساناً مستقلاً يحادثه صاحبه، وهي صورة يأنس بها صاحب القلب نفسه عندما يتوجه إلى قلبه وكأنه شخص آخر فيطلب منه أن يتذكر ولا يغفل، ودثور القلب غفلته، ودثور السيف والثوب صدؤه واتساخه. وقوله: " واقدعوا هذه الأنفس ... " أي: اكبحوها تشبيه لها بالفرس الجامحة التي يشد لجامها للسيطرة عليها. والتصرف بالتشبيهات من الأساليب البيانية الأدبية المؤثرة في إبلاغ المعنى إلى المتلقي، وحمله على الاستجابة النفسية التي تدفعه إلى العمل.
كِدْتُ أن أكون السواد المُخْتَطف:
وللقصة أثر كبير في المتلقي، والعناية بها واضحة في القرآن الكريم، وفي السُّنة النبوية، حتى صار الهدي القرآني والنبوي مقصد الواعظين يستقون من معينهما في الوعظ، وتأثر الكتاب في كل عصر ومصر بذلك. والحسن البصري كثيراً ما يستعين بالقصة للوصول إلى قلب سامعه، وكان له من صدق اللهجة ما جعل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يُقِرُّه في مجلسه بمسجد البصرة إذ منع غيره من الوعاظ من مساجد البصرة والكوفة وغيرهما.
يقول الحسن البصري: "كان رجل من المسلمين يبلغه موت أخ من إخوانه فيقول: كدت والله أن أكون أنا السواد المختطف. فيزيده الله بذلك جداً واجتهاداً. فيلبث بذلك ما شاء الله، ثم يبلغه موت أخ من إخوانه فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، كدت والله أن أكون أنا السواد المختطف، فيزيده الله بذلك جداً واجتهاداً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(80/3)
قال الراوي: فردَّدَ الحسن هذا الكلام غير مرة. فوالله مازال كذلك حتى مات موتاً كيساً" (3)، فهذه القصة أقرب إلى ضرب الأمثال منها إلى رواية قصة واقعية، لانعدام العناصر الحقيقية للأحداث من الشخصيات والزمان والمكان، وإسناده الفعل إلى مجهول، وتركيزه على الحدث المجرد والعبرة منه، وهي الاستعداد للموت الذي يأتي فجأة، والتهيؤ له بالعمل الصالح.
ففي القصة يأتي خبر موت (أخ) إلى (رجل) من المسلمين بصيغة النكرة فيتأثر بذلك ويعد نفسه للموت، ويتكرر الحدث بالطريقة نفسها، ليعطي الثمرة نفسها من حصول الموعظة والجد والاجتهاد بالعمل الصالح. ويتدخل الراوي ليوضح لنا أن الرجل من المسلمين كان الحسن البصري نفسه، وكان الأخ الذي يموت هو أي أحد من المسلمين، حتى أفضى به الأمر أن يموت موتاً كيِّساً، أي: حسناً.
وما كان للحسن البصري أن يقول للناس: إنه يعني نفسه بذلك الذي يأخذ العبرة، فيزكي نفسه، فيقع في دائرة المحظور في الوعظ! وهذا أبلغ في الموعظة. والتكرار في القصة عامل آخر من عوامل التأثير بأسلوب الإطناب، يجدد به التأثير في المتلقي ويجعله في دائرة التذكر الدائم.
لا حياة لمن تنادي:
ونجد لدى الحسن البصري أسلوب المثال الحقيقي بدلاً من ضرب المثل بالمجهول، فقد "رأى شيخاً في جنازة، فلما فرغ من الدفن، قال له الحسن: ياشيخ، أسألك بربك أتظن أن هذا الميت يود أن يرجع إلى الدنيا فيتزيد من عمله الصالح، ويستغفر الله من ذنوبه السالفة؟ فقال الشيخ: اللهم نعم. فقال الحسن: فما بالنا لا نكون كهذا الميت؟! ثم انصرف وهو يقول: أي موعظة؟! ما أنفعها لو كان بالقلوب حياة! ولكن لا حياة لمن تنادي". (4)، فالحكاية عن الغائب في النص السابق حكاية حاضرة في هذا النص يعتمد الحوار القصير المكثف، ويتخذ من التشبيه التمثيلي بين حالة حاضرة، وحالة ماضية، وحالة مستقبلة أسلوباً، ويدخل أسلوب القسم لتأكيد المعنى واستجماع النفس التي ما تزال تلهو وتغفل، ثم يلجأ إلى أسلوب التهويل (أي موعظة)، والتعجب (ما أنفعها لو كان بالقلوب حياة)، ثم التيئيس الذي يهدف إلى التخويف من حالة الغفلة العامة عند الإنسان (ولكن لا حياة لمن تنادي). والجملة الأخيرة في لحظتها تحمل معنى تشبيه الأحياء بالأموات فيما يظهر لعدم انتفاعهم بالموعظة، والأموات بالأحياء لتمنيهم العودة إلى الحياة لاستدراك ما فات، ولكن هيهات هيهات!!
قيام يفترشون وجوههم:
وقد يجعل القصة رواية مباشرة منه –رحمه الله- إذ يقول: " والله لقد أدركت أقواماً، وصَحِبتُ طوائف منهم، ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا أَقْبَل، ولا يأسفون على شيء منها أدبر، ولهي كانت أهون في أعينهم من هذا التراب. كان أحدهم يعيش خمسين سنة لم يطو له ثوب قط، ولا نصب له قدر، ولا جعل بينه وبين الأرض شيئاً، ولا أمر في بيته بصنعة طعام قط. فإذا كان الليل فقيام على أطرافهم يفترشون وجوههم، تجري دموعهم على خدودهم، يناجون ربهم في فكاك رقابهم، وكانوا إذا عملوا الحسنة، دأبوا في شكرها، وإذا عملوا السيئة أحزنتهم وسألوا الله أن يغفرها. وإنكم أصبحتم في أجل منقوص، والعمل محفوظ، والموت والله في رقابكم، والنار بين أيديكم، فتوقعوا قضاء الله في كل يوم وليلة". (5)
في هذا النص جملة من الأساليب الأدبية والبلاغية، فقد عمد إلى الرواية المشاهدة للقصة، وذلك أوقع من الخبر المنقول لثقة السامع بصدق المتحدث، وليس الخبر كالمعاينة! وإذ استوثق من تصديقهم لما يخبر أطنب في وصف من يخبر عنهم، ويعظ بحالهم، مستخدماً أسلوب المقابلة القائمة على التضاد في موقفهم من الدنيا، فإذا كان أكثر الناس يفرحون إذا هي أقبلت، ويحزنون إذا هي أدبرت، فإن هؤلاء القوم المشمرون بالجد لا يأبهون بالدنيا في حالي إقبالها وإدبارها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(80/4)
ويشبه الدنيا في هوانها بالتراب، بل هي أهون، وينتقل بعد ذلك من مظاهر الوصف المعنوي إلى مظاهر الوصف الحسي الدال على الحالة المعنوية التي هم فيها، فـ"لم يطو له ثوب" كناية عن عدم التنعم باللباس، "ولا نصب له قدر، ولا أمر في بيته بصنعة طعام" كناية عن عدم التنعم بالطعام، " ولا جعل بينه وبين الأرض شيئا" كناية عن عدم التنعم بالنوم، و"قيام على أطرافهم يفترشون وجوههم" كناية عن التعبد عامة وبالسجود خاصة، و "يناجون ربهم في فكاك رقابهم" كناية عن تذللهم في الدعاء لربهم، وتشبيه لعبودية المخلوق للخالق بعبودية المخلوق للمخلوق في مجتمع كان لعبودية الرق فيه شأن، يعايشه الناس بأنفسهم.
ومثل هذه الأساليب التصويرية التي تحفز الخيال بالحسي إلى المعنوي، وتكشف المعنى في أكثر من صورة، تؤثر في مراكز الاستقبال في القلب والعقل تأثيراً محموداً، فإذا لم يحمله على الاقتناع المباشر حمله على التفكير، وإذا لم يدفعه إلى العمل الفوري هيأه للتحرك إلى العمل في مرة قادمة.
هل رأيت فقيهًا بعينيك؟!:
ونجد في مواعظ الحسن البصري أساليب علم المعاني تخدم هدفه، في إيصال موعظته لسامعيه، ويحشد في الجملة الواحدة أكثر من أسلوب.
فعن عمران بن القصير قال: "سألت الحسن عن شيء، فقلت: إن الفقهاء يقولون كذا وكذا، فقال: وهل رأيت فقيها بعينيك!؟ إنما الفقيه الزاهد في الدنيا، المداوم على عبادة ربه عز وجل" (6).
فالحسن يستنكر على عمران بن القصير قوله:"إن الفقهاء يقولون كذا وكذا" ذلك أن الفقه غير الكلام عند العلماء الربانيين، فصاغ عبارته بأسلوب الاستفهام الإنكاري، الذي يتضمن النفي. ثم يتابع إيضاحه لما استنكره فيعرف الفقيه بأسلوب القصر بإنما و بتعريف المبتدأ والخبر بأل التعريف "إنما الفقيه الزاهد في الدنيا"وأسلوب القصر بأداة واحدة يفيد التوكيد، وبأداتين يفيد زيادة التوكيد، فهو نفى المعنى الشائع للفقيه أولاً ثم أكَّدَ المعنى الذي يريده بأداتين من أساليب القصر، وأضاف للجملة الأولى جملة ثانية بأسلوب الإطناب، لوجود علاقة عموم وخصوص بين الزهد في الدنيا والمداومة على عبادة الله سبحانه، وجاء بكلمة "ربه" ليفيد معنى قرب العابد من المعبود، المتضمن إشارة الإقرار بالربوبية المستدعية للشكر من المربوب.
بئس الرفيقان الدرهم والدينار:
وفي حملته على الدنيا ومغرياتها، وتحذير الناس منها بشكل دائم يلفت نظر مستمعيه إلى الدرهم والدينار اللذين يفتنان الناس ويغريانهم، يقول حزم بن أبي حزم: "سمعت الحسن يقول: بئس الرفيقان الدرهم والدينار، لا ينفعانك حيث يفارقانك" (7).
وذلك أن الإنسان يحب أن يكون درهمه وديناره معه حيث يذهب وكأنهما رفيقان، والمتوقع من الرفيق أن ينفع عند الحاجة، فإذا تخلى عن مرافقه أشد ما يكون محتاجاً إليه فبئس الرفيق هو إذن. وهكذا الدرهم والدينار في نظر الحسن البصري لا ينفعانك حيث يفارقانك، والمعنى يحتمل أن يكون لا ينفعانك لأنهما يفارقانك، أو لا ينفعانك عندما يفارقانك فتذهب إلى الآخرة ويبقيان في الدنيا لغيرك، وبين المعنيين صلة.
ما يصنع بالزرع إذا طاب؟!:
ويحرص الحسن على الاستفادة من كل سَانحَةٍ للموعظة، فقد حضر يوماً مجلساً جمع شيوخاً وشباباً فقال: معشر الشيوخ، ما يصنع بالزرع إّذا طاب؟ قالوا: يحصد. ثم التفت فقال: معشر الأحداث، كم من زرع لم يبلغ، قد أدركته الآفة فأهلكته، وأتت عليه الجائحة فأتلفته، ثم بكى، وتلا:?? وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ? [إبراهيم:25] (8)، فقد جعل من مادة الزرع وسيلة لإيصال المعنى بأبلغ صورة محسوسة، بما يُسمى التشبيه التمثيلي، وكثيراً ما يضرب القرآن الكريم، مثل الحياة الدنيا بالزرع الذي ينمو صغيراً ثم يشتد سُوقه، ثم يصفر فيستحصد. وهكذا خاطب الشيوخ الذين عاشوا أعمارهم بجملة واحدة فقال: ما يصنع بالزرع إذا طاب؟ أي: إذا بلغ أَوَان الحصاد فقالوا: يحصد! وهو الموت بالنسبة للإنسان. ثم التفت إلى الشباب الذين تضطرم الآمال في قلوبهم المقبلة على الحياة، ليوقظهم من غفلة الشباب واغترارهم بطول الأمل، ليقول لهم: كم من زَرْعٍ لم يبلغ (أوان الحصاد) قد أدركته الآفة (وهو أخضر) فأهلكته، وأتت عليه الجائحة (أي المصائب) فأتلفته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(80/5)
والحسن البصري لا يكتفي بنقل الصورة الواعظة لغيره وينسى نفسه، بل يتفاعل أشد التفاعل بما يقول، كما هنا، ثم بكى وتلا: (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [إبراهيم:25] وهو ما يسميه نقاد الكلمة الأدبية صدق التجربة، وفيه سر التأثير في المتلقي.
أمانيها كاذبة وآمالها باطلة:
ومع أن مواعظ الحسن البصري مقاطع قصيرة أو جمل معدودة، فإن له مواعظ طويلة سواء في مجالس خاصة اتخذت أسلوب المشافهة، أو في المراسلات التي كانت تتم بينه وبين بعض الولاة والخلفاء، فمن الخلفاء والولاة الذين وعظهم الحسن عمر بن عبد العزيز (رحمه الله) (9) إذ كتب إليه رسالة طويلة في ذم الدنيا، ومثلها في الطول موعظة وعظه بها أصحابه (10). ومثلها ما روي في موعظته المشهورة لعمر بن هُبيرة والي العراق، في مجلس حضر فيه هو والشعبي، خوَّفَ فيه الوالي من طاعة الخليفة في معصية الله تعالى (11).
ووعظَ النَّضْر بن عمرو والي البصرة (12)، وعَدِي بن أرطأة (والي البصرة) (13)، والحجَّاج في أكثر من مناسبة (14)، كما أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله كاتبه عدة مرات يطلب منه الموعظة.
والميزة في هذه المواعظ أنها طويلة مكتوبة أو مشافهة، ويظهر فيها التصرف بالأساليب الأدبية والبلاغية أكثر من تلك المقاطع القصيرة. "،ف مع فقرة من رسالته عن الدنيا إلى عمر بن عبد العزيز (15) يقول فيها: "واعلم يا أمير المؤمنين أن أمانيها كاذبة، وآمالها باطلة، وعيشها نكد، وتاركها موفق، والمتمسك بها هالك غرق .. "،.
وقد وصف عمر بن عبد العزيز هذه الرسالة قائلاً: "وصلت مواعظك النافعة فاشتفيت بها، وقد وصفت الدنيا بصفتها، والعاقل من كان فيها على وجل، فكأن كل من كتب عليه الموت من أهلها قد مات".
فقال الحسن يصف استجابة أمير المؤمنين للموعظة: "لله در أمير المؤمنين من قائل حقاً، وقابل وعظاً، لقد أعظم الله جل ثناؤه بولايته المنة، ورحم بسلطانه الأمة، وجعله بركة ورحمة" (16).
فهذه الرسائل الطويلة تظهر فيها الأساليب البديعية اللفظية من غير تكلف ولا إكثار، تخدم المعنى، وتجعله أدنى إلى القبول لتقديمه في ثوب من اللفظ الجميل الذي يستند إلى المجانسة والسجع والمقابلة والطباق بالتماثل والتضاد.
يسر المرء ما كان قدم من تقى:
وكان الحسن البصري يعنى بالموعظة الشعرية يتمثل بها في نفسه، ويبلغها سامعيه، ومن ذلك ما روي أن أصحابه دخلوا عليه يوماً فوجدوه يبكي وينشد (17):
دعُوه لا تلومُوه دعُوه فقد عَلِمَ الذّي لم تعلَمُوه
رأَى علم الهُدى فسَما إليه وطالبَ مطلباً لم تطلبُوه
أجابَ دُعاءَهُ لماَّ دعَاهُ وقامَ بأمرِه وأضَعتُموه
بنفسِي ذاكَ مِن فَطِن لبيبٍ تذَوَّقَ مَطْعمًا لم تَطعمُوه
ونحن لا نعرف قائل الأبيات، ونجدها تتضمن شيئاً من الرمز الشفيف، مع وضوح الألفاظ، وبساطة الصورة الخيالية (رأى علم الهدى فسما إليه) و (تذوق مطعماً لم تطعموه) التي رسمت صورة حركية في الصورة الأولى، ووضعت المعنوية موضع المحسوس في الثانية.
وربما أبدى إعجابه ببيت شعر، فقد روي أن رجلاً أنشده يوما (18):
وأجرأُ من رأيتُ بظهرِ غَيبٍ على عَيبِ الرِّجالِ ذُوو العُيوب
فقال الحسن، لله در هذا القائل! إنه لكما قال!، فهو استعمل أسلوب التعجب والتوكيد الإنكاري والإطناب في تثبيت المعنى.
وروي أنه كان يتمثل إذا أصبح وفرغ من تسبيحه ببيت الشعر (19):
وما الدُّنيا باقِية لحيٍّ ولا حيّ على الدُّنيا بباق ٍ
وإذا أمسى بكى وتمثل بيت الشعر:
يسرُّ الفَتى ما كانَ قدَّم من تُقى إذا عرفَ الدَّاء الذي هو قَاتلُه
وهذان البيتان مبنيان على الوضوح، لأنهما تعبران عن تجربة الحياة، واكتساب الحكمة منها، والشطر الأخير من البيت الثاني فيه تشبيه للذنوب المهلكة لصاحبها، والتقوى المنجية لها بالداء القاتل، والدواء الشافي من الداء.
صاحب الأسلوب المونق:
وقد عرف النقاد المنصفون من المعاصرين مكانة الحسن البصري وأهمية مواعظه وأثرها. يقول الدكتور شوقي ضيف (20): "وهو بلا ريب أكبر من ثبتوا في هذا العصر، ذلك الأسلوب المونق الذي تأثر به عبد الحميد (الكاتب) ومن خلفوه من الكتاب، إذ كان يقتدر على تصريف الكلم، مع السلامة من التكلف، والبراءة من التعقيد، وليس ذلك فحسب، بل أيضا مع تحلية لفظه بالمزاوجات والمقابلات والتشبيهات والاستعارات والتقسيمات الدقيقة" ونقل له نصوصاً عدة في كتابه لإظهار سمو أدب المواعظ.
من سمات أدب المواعظ:
وخص الدكتور عدنان النحوي كتاباً لهذا الفن سماه " أدب الوصايا والمواعظ .. منزلته ونهجه وخصائصه الإيمانية والفنية". وكان منطلق الكتاب بحثاً قدمه المؤلف في الندوة العلمية السنوية التي أقامتها رابطة الأدب الإسلامي العالمية عن "أدب الوصايا والمواعظ في الإسلام" سنة 1417هـ/ 1996م بمدينة حَيْدَر أباد في الهند برئاسة الشيخ أبي الحسن الندوي رحمه الله. ولخص الدكتور عدنان النحوي في الفصل الخاص بالدراسة الفنية الموجزة لسمات أدب المواعظ أنقل منها بإيجاز ما يأتي (21):
1 - تأتي المواعظ مباشرة قوية لتقرير الحقائق للترغيب أو الترهيب.
2 - تأتي على صيغة السؤال والتعجب والدهشة والدعوة إلى التأمل والتفكير أو الأمر والنهي.
3 - تأتي على أسلوب القصة والخبر والحكمة لتبرز سنن الله في الحياة والكون.
4 - تأتي على أسلوب الحوار، وعلى أسلوب التكرار للتأكيد والتثبيت.
5 - تأتي على أسلوب ضرب الأمثال لتقديم الموعظة في صورة مؤثرة في النفس.
ولقد وجدنا هذه الأساليب ظاهرة في مواعظ الحسن البصري على قلة النصوص التي استشهدت بها مراعاة لعدم الإطالة، وفي هذا غنية لمن أراد الغناء، وابتعد عن المكابرة والمراء.
-----
الهوامش:
1 - كتاب الزهد، ص3، جمع وتحقيق د. محمد عبد الرحيم محمد، دار الحديث، القاهرة.
2 - ص20.
3 - ص21.
4 - ص21.
5 - ص30 - 31.
6 - ص49.
7 - ص50.
8 - ص63.
9 - ص30.
10 - ص40.
11 - ص75.
12 - ص163.
13 - ص167.
14 - ص166.
15 - ص168.
16 - ص169.
17 - ص61.
18 - ص54.
19 - ص22.
20 - العصر الإسلامي، د. شوقي ضيف، ص50، مكتبة المعارف، القاهرة.
21 - أدب الوصايا والمواعظ، د. عدنان النحوي، صـ269، نشر دار النحوي في الرياض، ط1، 1418هـ / 1998م.(80/6)
فوائد الصدقة وثمراتها في الدنيا والآخرة
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[17 - 06 - 07, 06:12 م]ـ
فوائد الصدقة وثمراتها في الدنيا والآخرة
تُستعمل كلمة «الصدقة» ومشتقاتها في نصوص الكتاب والسنة بمعانٍ أربعة وهي كالآتي:
1 ـ تُستعمل بمعنى الصدقات الواجبة المحددة المقدار، وهي التي سميت بزكاة الأموال.
2 ـ تُستعمل بمعنى إنفاق الواجب وهو يفترق عن الزكاة في أن مقدار الإنفاق لا يحدد من الشارع كما هو الحال في الزكاة.
3 ـ تُستعمل بمعنى الإنفاق التطوعي وهو تقديم المعونة المادية غير الواجبة للغير احتساباً.
4 ـ تُستعمل كلمة «الصدقة» أيضاً بمعنى تقديم الخدمات الخيرية بعامة.
وهذه الصدقات لها فوائد عظيمة و مزايا حميدة، و تشتمل على حكم و أسرار بديعة، منها ما يتعلق بثوابها و جزائها عند الله يوم القيامة، و منها ما هو عاجل في الدنيا، و فوائد الصدقات في الدنيا منها ما يعود على المتصدّق نفسه، و منها ما يعود على المتصدَّق عليه، و منها ما يعود على المجتمع، والفوائد التي تعود على المتصدق نفسه في الدنيا كثيرة ومنها ما يلي:
1 ــ الصدقة تدفع البلاء عن المتصدّق وأهل بيته، و تمنع ميتة السوء، و قد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بالتمثيل.
عن الحارث الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أمر يحي بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها و يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها ……» فذكر الحديث الطويل و فيه: «وآمُرُكم بالصدقة، فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدوُّ، فأوثقوا يده إلى عنقه، و قدّموه ليضربوا عنقه، فقال: أنا أفديه منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه
منهم …» (1).
يقول ابن القيم رحمه الله في تعليقه على الحديث: هذا أيضًا من الكلام الذي برهانه وجوده، و دليله وقوعه، فإن للصدقة تأثيرًا عجيبًا في دفع أنواع البلاء، ولو كانت من فاجر أو ظالم، بل من كافر، فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم و عامتهم، وأهل الأرض كلهم مقرّون به لأنهم جرّبوه
وفي تمثيل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بمن قدّم ليضرب عنقه، فافتدى نفسه منهم بماله، كفاية، فإن الصدقة تفدى العبد من عذاب الله تعالى، فإن ذنوبه و خطاياه تقتضي هلاكه، فتجيء الصدقة تفديه من العذاب و تفكه منه. (2)
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الصدقة تدفع البلاء، وتمنع ميتة السوء، و رُوي ذلك عنه في أحاديث متعدّدة بألفاظ متقاربة.
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الصدقة لتطفئ غضب الربّ، و تدفع ميتة السوء.» (3). وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطّاها». (4).
عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «الصدقة تسُدُّ سبعين بابا من السوء» (5).
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء، و صدقة السّر تطفئ غضب الربّ، و صلة الرحم تزيد في العمر» (6).
2 ــ من فوائد الصدقة و آثارها الحميدة التي يجنيها المتصدّق إذا أحسن القصد و أخلص العمل لوجه الله أنها تزيل الخطايا، و تغسّل صحيفة صاحبها من الأدناس، و تطهّرها من الذنوب، فهي وسيلة من وسائل تطهير النفس و تهذيب الأخلاق.
ومما يدلّ على ذلك أيضا قول الله عز وجل: ((صلى الله عليه وسلم ((صلى الله عليه وسلم (صلى الله عليه وسلم (صلى الله عليه وسلم) (البقرة: 271).
فدلّ الكتاب والسنة المطهّرة على أن الصدقة يُكفّر بها من السيئات، وقد تضافرت النصوص الواردة في السنة النبوية على ذلك ومنها ما يلي:
عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال عمر رضي الله عنه: أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفتنة؟ قال: قلت: أنا أحفظه كما قال، قال: إنك عليه لجريء فكيف قال؟ قلت: «فتنة الرجل في أهله و ولده و جاره تكفّرها الصلاة والصدقة والمعروف» (7).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(80/7)
و عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصبحتُ يومًا قريبًا منه و نحن نسير، فقلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يُدخلني الجنة و يباعدني من النار، قال: «لقد سألتني عن عظيم، وإنه ليسير على من يسّره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا، و تُقيم الصلاة، و تؤتي الزكاة، و تصوم رمضان و تحجّ البيت»، ثم قال: «ألا أدلك على أبواب الخير؟» قلت: بلى يا رسول الله، قال: «الصوم جُنّة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماءُ النار، و صلاة الرجل من جوف الليل، قال: ثم تلا قوله تعالى: ((((((صلى الله عليه وسلم) (السجدة:16) ……الحديث (8).
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عُجْرة: «أعاذك الله من إمارة السفهاء»، قال: وما إمارة السفهاء؟ …… وفيه: «يا كعب بن عجرة: الصوم جُنّةٌ، والصدقة تطفئ الخطيئة، والصلاة قربانٌ، أو قال: برهان» (9).
3 ــ الصدقة لا تنقص المال، بل تكون سببا لزيادته و نمائه و بركته، يرزق الله المتصدّق و يجبره و ينصره، و قد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في أحاديث كثيرة، ومنها ما يلي:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما نقص مالٌ من صدقة - أو ما نقصت صدقة من مال - وما زاد الله عبدا بعفوٍ إلا عزّا، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله». (10)
قال النووي رحمه الله في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقة من مال»: ذكروا فيه وجهين: أحدهما: معناه أنه يبارك فيه و يدفع عنه المضرّات، فينجبر نقص الصورة بالبركة الخفيّة، و هذا مدرك بالحسّ والعادة، والثاني: أنه وإن نقصت صورته، كان في الثواب المرتّب عليه جبر لنقصه، و زيادة إلى أضعاف كثيرة (11).
عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث، والذي نفس محمد بيده إن كنتُ لحالفا عليهنّ: لا ينقص مال من صدقة فتصدّقوا، ولا يعفو رجلٌ عن مظلمة يريد بها وجه الله إلا رفعه الله بها عزّا يوم القيامة، ولا يفتح رجلٌ على نفسه باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر» (12)
عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه قال: «ما نقصت صدقة من مال قطّ، وما مَدَّ عبدٌ يده بصدقة إلا ألقيت بيد الله قبل أن تقع في يد السائل، ولا فتح عبدٌ باب مسألة له عنها غني، إلا فتح الله عليه باب فقر» (13).
وكذلك أوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يُخلف على المنفق، بمعنى أن ما ينقص من المال بسبب الصدقة لا يلبث الله تعالى أن يُعوّضه بما يُعطى المتصدّق من رزقه المتجدّد.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم يُصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا» (14).
4 ـ من فوائد الصدقة وآثارها الحميدة التي يجنيها المتصدّق رضوان الله سبحانه و تعالى، لأن الصدقة تطفئ غضب الربّ، فهي طريق الله الموصلة إلى رحمته، جالبة رضاه، مبعدة سخطه، وتضافرت النصوص الواردة في السنة المطهرة، على ذلك. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الصدقة لتطفئ غضب الربّ، وتدفع ميتة السوء» (15).
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنائع المعروف تقى مصارع السوء و صدقة السرّ تطفئ غضب الربّ، و صلة الرحم تزيد في العمر» (16).
5 ـ من فوائد الصدقة و ثمراتها التي يجنيها المتصدّق أنها تهدم حصون الشياطين، و تكسر أنيابهم، و تحطّم قيودهم، و تردّ كيدهم، و تصدّ بغيهم، و قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن إخراج الصدقةُ يؤلم سبعين شيطانا رجيما حرصوا على عدم أدائها.
عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يخرج رجل شيئا من الصدقة حتى يفك عنه لحيي سبعين شيطانا». (17).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(80/8)
قال الشيخ أحمد البنا الساعاتي في شرح الحديث: والمعنى أن كل إنسان له شياطين كثيرة، تمنعه عن سبل الخير وتوسوس له بتحسين ذلك، لأن الشيطان عدو الإنسان بنص القرآن، لا يريد له الخير، والصدقة من الأعمال الخيرية التي تقرّب العبد من ربه، فإذا تفطن الإنسان لهذا وخالف الشيطان وتصدّق، فكأنما أمسك لحاهم، وفسخها، فلا يقدرون على الكلام والوسوسة، فهو كناية عن قهرهم وغلبتهم والله أعلم. (18)
6 ـ من فوائد الصدقة أنها دليل على صدق إيمان العبد؛ لأن البذل والعطاء والإنفاق في سبيل الله امتحاناً لإيمان الفرد بالله، ذلك أن المال محبوب لكل الناس، و دليل الإيمان الصادق بذل المحبوب والجود به.
عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطهور شطر الإيمان، والحمدلله تملأ الميزان، و سبحان الله والحمدلله تملآن - أو تملأ - ما بين السماوات والأرض، والصلاة نورٌ، والصدقة برهانٌ، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها». (19).
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في شرح هذا الحديث: والبرهان هو الشعاع الذي يلي وجه الشمس…… و منه سمّيت الحجة القاطعة برهانا، لوضوح دلالتها على ما دلّت عليه، فكذلك الصدقة برهانٌ على صحة الإيمان، و طيب النفس بها علامة على وجود حلاوة الإيمان و طعمه أهـ. (20).
7 ـ ومن فوائد الصدقة في الدنيا أنها سبب في بسط الرزق و نزول الأمطار.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينا رجلٌ في فلاة من الأرض فسمع صوتا من سحابة اسق حديقة فلان، فتنَحَّى ذلك السحابُ، فأفرغ ماءه في حرّة، فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع الماء، فإذا رجلٌ قائم في حديقة يُحوّل الماء بمسحاته، فقال له: يا عبدالله، ما اسمك؟ قال: فلان للاسم الذي سمع من السحابة، فقال له: يا عبدالله، لم سألتني عن اسمي؟ قال: إني سمعتُ صوتا في السحاب الذي هذا ماءه يقول: اسق حديقة فلان - لاسمك - فما تصنعُ فيها؟ قال: أما إذا قُلت هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه، و آكل أنا و عيالي ثلثا، و أردّ فيها ثلثه» (21).
و في رواية: «وأجعل ثُلَثَه في المساكين والسائلين وابن السبيل».
ومن فوائد الصدقة ما يتعلق بثوابها وجزائها عند الله يوم القيامة وهي كالآتي:
1 ـ أن الصدقة تطفئ حرَّ القبور على أهلها، وقد ورد ذلك في حديث.
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الصدقة لتطفئ عن أهلها حرّ القبور، و إنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته» (22).
2 ـ من فوائد الصدقة و ثمراتها التي يجنيها المتصدّق يوم القيامة أنها مكفّرات للذنوب و من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار، و قد تضافرت النصوص النبوية على ذلك، و منها ما يلي:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيّما مؤمن أطعم مؤمنا على جوع أطعمه الله يوم القيامة من ثمار الجنة، و أيّما مؤمن سقى مؤمنا على ظمأ سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم، و أيّما مؤمن كسا مؤمنا على عُرْي كساه الله من خضر الجنة» (23).
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اعبدوا الرحمن، وأطعموا الطعام، وأفشوا السلام، تدخلوا الجنة بسلام» (24).
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تصدّقوا، فإن الصدقة فكاككُمْ من النار» (25).
3ــ ومن فوائدها أن الناس إذا حُشروا يوم القيامة واشتدّ الكرب، فإن المتصدّقين يتفيئون في ظلّ العرش، و قد ثبت ذلك في أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، و منها ما يلي:
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كُلّ امرئ في ظِلّ صدقته حتى يفصل بين الناس»، أو قال: «حتى يُحكم بين الناس» قال يزيد: - راوي الحديث - و كان أبو الخير لا يُخطئه يومٌ إلاّ تصدّق فيه بشيء ولو كعكة أو بصلة أو كذا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(80/9)
4 ـ من فوائد الصدقة و ثمراتها أنها إذا كانت من كسب طيب و خالصة لوجه الله فإن الله يقبلها و يضاعف ثوابها لصاحبها، ويكفي أن يعلم المتصدق أن ما يقدمه من صدقات لوجه الله تعالى فإنما يحتفظ به لنفسه، حيث يوضع هذه الصدقات في بنك التوفير والادخار، يقول تعالى: (((((() (التغابن: 18)
وأوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يبارك في الصدقة القليلة ويُنَمِّيها حتى تكون في الآخرة شيئاً عظيماً.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تصدق أحدٌ بصدقة من طيّب، ولا يقبل الله إلا الطيّب، إلاّ أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة، فتربُو في كفّ الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل، كما يُربّي أحدُكم فَلُوَّه أو فصيله» (26)
الصدقة دليل على صدق الإيمان، لأن الإيمان حينما يتمكن من النفس البشريّة يسمو بالنفس و يعلو بالهمّة، و حينما تكون النفوس عظيمة تعلو بالإنسان على ماديّته الحيوانية إلى الروحانية الصافية التي ترقى به من الفردية إلى الشعور بالآخرين، إلى مشاركتهم آلامهم، والبذل والإنفاق، ثم الإيثار حتى تصل إلى مرحلة التضحية والفداء.
وبهذا يكون المجتمع المسلم مجتمع التكافل والرحمة والتلاحم والروابط الإنسانية يسود العدل والإحسان والتكامل وتشد أفراده روابط الأخوة وتشابك المصالح.
الهوامش:
(1) أخرجه الطيالسي في مسنده برقم (1161) و (1162) و أحمد في مسنده 4/ 130 و 202، والترمذي 5/ 136 برقم (2863) و (2864) في الأمثال، باب ما جاء في مثل الصلاة والصيام والصدقة. وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
(2) الوابل الصيّب ص (57 و 59).
(3) رواه الترمذي 3/ 52 برقم (664) في الزكاة، باب ما جاء في فضل الصدقة، و قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 8/ 103 برقم (3309) في الزكاة، باب صدقة التطوع. .
(4) رواه الطبراني في الأوسط 6/ 298 برقم (5639).
(5) رواه الطبراني في الكبير 4/ 274 برقم (4402).
(6) رواه الطبراني في الكبير 8/ 312 برقم (8014)، وقال الهثيمي في المجمع 3/ 115: رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن. وقوله صلى الله عليه وسلم: (صدقة السّر تطفئ غضب الرب) صحّحه الألباني بمجموع طرقه و شواهده، وأورده في الصحيحة برقم (1908).
(7) أخرجه أحمد 5/ 401 - 402، والبخاري في الصلاة 2/ 8 برقم (525) باب الصلاة كفّارة، و3/ 301 برقم (1435) في الزكاة، باب الصدقة تكفّر الخطيئة، و برقم (3586) في المناقب، باب علامات النبوّة في الإسلام، و برقم (7096) في الفتن، باب الفتنة التي تموج كموج البحر، و مسلم 4/ 2218 برقم (144) في الفتن، باب في الفتنة التي تموج كموج البحر، والترمذي 4/ 454 برقم (2258) في الفتن، باب (71).
(8) رواه أحمد 5/ 231، والترمذي 5/ 13 برقم (2616) في الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، والنسائي في الكبرى 6/ 428 برقم (11394) في التفسير، باب قوله تعالى: (((()، وابن ماجة 2/ 1314 برقم (3973) في الفتن، باب كفّ اللسان في الفتنة.
(9) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(10) رواه عبدالرزاق في المصنف برقم (20719) و من طريقه أحمد 3/ 321، والحاكم في المستدرك 4/ 422. وصحّحه الحاكم و وافقه الذهبي، ورواه ابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 5/ 9 برقم (1723)، وذكره الهيثمي في المجمع 5/ 248: وقال: رواه أحمد والبزار و رجالهما رجال الصحيح.
(11) أخرجه الدارمي 1/ 396، و مسلم في صحيحه 4/ 2001 برقم (2588) في البرّ والصلة، باب استحباب العفو والتواضع، و ابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 8/ 40 برقم (3248) باب ذكر نفي النقص عن المال بالصدقة مع إثبات نمائه بها.
(12) شرح مسلم للنووي 16/ 141 - 142.
(13) أخرجه أحمد 1/ 193، وأبو يعلى في مسنده 2/ 159 برقم (849) والبزّار كما في كشف الأستار برقم (929).
(14) رواه الطبراني في الكبير 11/ 405 برقم (12150). وقال الهيثمي في المجمع 3/ 110: رواه الطبراني في الكبير و فيه من لم أعرفه.
(15) رواه البخاري في صحيحه 3/ 304 برقم (1442) في كتاب الزكاة باب قول الله تعالى: ?فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى?، ومسلم في صحيحه 2/ 700 برقم (1010) في كتاب الزكاة باب في المنفق والممسك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(80/10)
(16) رواه الترمذي 3/ 52 برقم (664) في الزكاة باب ما جاء في فضل الصدقة، وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
(17) رواه الطبراني في الكبير و إسناده حسن.
(18) الحديث من الزوائد، فقد رواه أحمد 5/ 350، والبزار كما في الكشف برقم (943) وابن خزيمة في صحيحه برقم (2457) والطبراني في الأوسط 2/ 24 برقم (1038) والحاكم في المستدرك 1/ 417.وقال الهيثمي في المجمع 3/ 109: رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط و رجاله ثقات و صحّحه الشيخ الألباني في الصحيحة 3/ 264 برقم (1268).
(19) الفتح الرُبّاني لترتيب مسند الإمام الأحمد 9/ 155.
(20) رواه أحمد 5/ 342 و 343، و مسلم في صحيحه 1/ 203 برقم (223) في الطهارة، باب فضل الوضوء، والترمذي برقم (3515) في الدعوات، والنسائي في عمل اليوم والليلةبرقم (168).
(21) جامع العلوم والحكم 2/ 23.
(22) رواه أحمد 2/ 296، و مسلم 4/ 2288 برقم (2984) في الزهد، باب الصدقة في المساكين.
(23) رواه الطبراني في الكبير 17/ 286 برقم (788)، ورواه البيهقي في شعب الإيمان 3/ 212 برقم (3347). و ذكره الهيثمي في المجمع 3/ 110: وقال: رواه الطبراني في الكبير و فيه ابن لهيعة و فيه كلام.
(24) أخرجه أحمد 3/ 13، وأخرجه الترمذي 4/ 546 برقم (2449) في صفة القيامة، باب رقم (18).
(25) وأخرجه أحمد 2/ 170، وأخرجه الترمذي 4/ 253 برقم (1855) في الأطعمة، باب في فضل إطعام الطعام.
(26) الحديث من الزوائد كما في المجمع 3/ 106 فقد رواه الطبراني في الأوسط 9/ 28 برقم (8056) و أبو نعيم في الحلية 10/ 403، والبيهقي في ’’شعب الإيمان‘‘ 3/ 214 برقم (3355). وذكره الهيثمي في المجمع 3/ 106 و قال: رواه الطبراني في الأوسط و رجاله ثقات.
(27) أخرجه أحمد 2/ 538، و مسلم 2/ 702 برقم (1014) في الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيّب، والترمذي برقم (661) في الزكاة، باب ما جاء في فضل الصدقة ..
الزكاة ركن من أركان الإسلام، ومبانيه العظام، جاءت النصوص الشرعية مؤكدة ذلك، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وحج البيت وصوم رمضان» (1) ولها حِكَمٌ عِظام، فهي طاعة وقربة لله تعالى، وتطهير للنفوس، ونماء للمال لا خسارة، وضمان اجتماعي بين المسلمين، ومواساة للفقراء والمحتاجين، قال تعالى: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (المعارج: 24ـ25)
ـ[الفاروقي]ــــــــ[18 - 06 - 07, 12:30 ص]ـ
جزيت خيرا أيها الفاضل
ـ[الفاروقي]ــــــــ[18 - 06 - 07, 12:36 ص]ـ
جزيت خيرا أيها الفاضل
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[19 - 06 - 07, 12:47 ص]ـ
بارك الله فيك على مرورك
ـ[عبدالرحمن السعد]ــــــــ[19 - 06 - 07, 04:37 م]ـ
بارك الله فيك ..(80/11)
حكم الغناء في الاسلام
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[17 - 06 - 07, 07:08 م]ـ
الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه المصطفى وآله المستكملين الشرفا، ثم أما بعد:
يعيش أهل الإسلام في ظل هذا الدين حياة شريفة كريمة، يجدون من خلالها حلاوة الإيمان، وراحة اليقين والاطمئنان، وأنس الطاعة، ولذة العبادة، وتقف تعاليم هذا الدين حصنا منيعا ضد نوازع الانحراف وأهواء المنحرفين، تصون الإنسان عن نزواته، وتحميه من شهواته، وتقضي على همومه وأحزانه، فما أغنى من والى دين الله وإن كان فقيرا، وما أفقر من عاداه وإن كان غنيا.
وإن مما يحزن المسلم الغيور على دينه أن يبحث بعض المسلمين عن السعادة في غيره، ويبحثون عن البهجة فيما عداه، يضعون السموم مواضع الدواء، طالبين العافية والشفاء في الشهوات والأهواء. ومن ذلك عكوف كثير من الناس اليوم على استماع آلات الملاهي والغناء، حتى صار ذلك سلواهم وديدنهم، متعللين بعلل واهية وأقوال زائفة، تبيح الغناء وليس لها مستند صحيح، يقوم على ترويجها قوم فتنوا باتباع الشهوات واستماع المغنيات.
وكما نرى بعضهم يروج للموسيقى بأنها ترقق القلوب والشعور، وتنمي العاطفة، وهذا ليس صحيحا، فهي مثيرة للشهوات والأهواء، ولو كانت تفعل ما قالوا لرققت قلوب الموسيقيين وهذبت أخلاقهم، وأكثرهم ممن نعلم انحرافهم وسوء سلوكهم.
عباد الله من كان في شك من تحريم الأغاني والمعازف، فليزل الشك باليقين من قول رب العالمين، ورسوله صلى الله عليه وسلم الأمين، في تحريمها وبيان أضرارها، فالنصوص كثيرة من الكتاب والسنة تدل على تحريم الأغاني والوعيد لمن استحل ذلك أو أصر عليه، والمؤمن يكفيه دليل واحد من كتاب الله أو صحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف إذا تكاثرت وتعاضدت الأدلة على ذلك. ولقد قال سبحانه و تعالى في كتابه العزيز: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا}
ونظرا لخطورة الأغاني، وأنها سبب من أسباب فتنة الناس وإفسادهم وخاصة الشباب منهم، أحببت أن أجمع لكم هذا البحث المختصر والذي يحتوي على موقف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأئمة أهل العلم من الغناء والموسيقى.
وهذه المادة هي محاولة أردت بها خدمة دين الله عز وجل، ومنفعة المسلمين، سائلا الله تبارك وتعالى أن ينفع بها وأن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، وهو حسبنا و نعم الوكيل.
أدلة التحريم من القرآن الكريم:
قوله تعالى: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين} [سورة لقمان: 6]
قال حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما: هو الغناء، وقال مجاهد رحمه الله: اللهو: الطبل (تفسير الطبري) وقال الحسن البصري رحمه الله: "نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير" (تفسير ابن كثير).
قال ابن القيم رحمه الله: "ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء فقد صح ذلك عن ابن عباس وابن مسعود، قال أبو الصهباء: سألت ابن مسعود عن قوله تعالى: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث}، فقال: والله الذي لا إله غيره هو الغناء - يرددها ثلاث مرات -، وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه الغناء .. " (إغاثة اللهفان لابن القيم).
وكذلك قال جابر وعكرمة وسعيد بن جبير ومكحول وميمون بن مهران وعمرو بن شعيب وعلي بن بديمة و غيرهم في تفسير هذه الآية الكريمة. قال الواحدي رحمه الله: وهذه الآية على هذا التفسير تدل على تحريم الغناء (إغاثة اللهفان).
ولقد قال الحاكم في مستدركه عن تفسير الصحابي: "ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي و التنزيل عند الشيخين حديث مسند". وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه إغاثة اللهفان معلقا على كلام الحاكم: "وهذا وإن كان فيه نظر فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم، فهم أعلم الأمة بمراد الله من كتابه، فعليهم نزل وهم أول من خوطب به من الأمة، وقد شاهدوا تفسيره من الرسول علما وعملا، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيل".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(80/12)