الأول: تحريم حب الداخل على الناس القيام منهم له , وهو صريح الدلالة , بحيث إنه لا يحتاج إلى بيان.
والآخر: كراهية القيام من الجالسين للداخل , ولو كان لا يحب القيام , وذلك من باب التعاون على الخير , وعدم فتح باب الشر , وهذا معنى دقيق , دلنا عليه راوي الحديث معاوية رضي الله عنه , وذلك بإنكاره على عبدالله بن عامر قيامه له , واحتج عليه بالحديث , وذلك من فقهه في الدين , وعلمه بقواعد الشريعة , التي منها سد الذرائع , ومعرفته بطبائع البشر , وتأثرهم بأسباب الخير والشر فإنك إذا تصورت مجتمعاً صالحاً كمجتمع السلف الأول , لم يعتادوا القيام بعضهم لبعض , فمن النادر أن تجد فيهم من يحب هذا القيام الذي يرديه في النار , وذلك لعدم وجود ما يذكره به , وهو القيام نفسه , وعلى العكس من ذلك , إذا نظرت إلى مجتمع كمجتمعنا اليوم , قد اعتادوا القيام المذكور , فإن هذه العادة , لا سيما مع الاستمرار عليها , فإنها تذكره به , ثم إن النفس تتوق إليه وتشتهيه حتى تحبه , فإذا أحبه هلك , فكان من باب التعاون على البر والتقوى أن يترك هذا القيام , حتى لمن نظنه أنه لا يحبه , خشية أن يجره قيامنا له إلى أن يحبه , فنكون قد ساعدناه على إهلاك نفسه وذا لا يجوز.
ومن الأدلة الشاهدة على ذلك أنك ترى بعض أهل العلم الذين يظن فيهم حسن الخلق , تتغير نفوسهم إذا ما وقع نظرهم على فرد لم يقم له , هذا إذا لم يغضبو عليه ولم ينسبوه إلى قلة الأدب , ويبشره بالحرمان من بركة العلم , بسبب عدم احترامه لأهله بزعمهم , بل إن فيهم من يدعوهم إلى القيام , ويخدعهم بمثل قوله: أنتم لا تقومون لي كجسم من عظم ولحم , وإنما تقومون للعلم الذي في صدري , كأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنده لم يكن لديه علم , لأن الصحابة كانوا لا يقومون له , أو أن الصحابة كانوا لا يعظمونه التعظيم الأئق به , فهل يقول بهذا أو ذاك مسلم؟
ومن أجل هذا الحديث وغيره ذهب جماعة من أهل العلم إلى المنع من القيام للغير كما في الفتح " 11/ 41 " ثم قال: (ومحصل المنقول عن مالك إنكار القيام ما دام الذي يقام لأجله لم يجلس , ولو كان في شغل نفسه , فإنه سئل عن المرأة تبالغ في إكرام زوجها , فتتلقاه وتنزع ثيابه وتقف حتى يجلس؟ فقال: أما التلقي , فلا بأس به , وأما القيام حتى يجلس , فلا , فإن هذا فعل الجبابرة , وقد أنكره عمر بن عبدالعزيز).
قلت: وليس في الباب ما يعارض دلالة هذا الحديث أصلاً , والذين خالفوا فذهبوا إلى جواز هذا القيام – بل استحبابه – استدلوا بأحاديث بعضها صحيح وبعضها ضعيف , والكل عند التأمل في طرقها ومتونها لا ينهض للاستدلال على ذلك ومن أمثلة القسم الأول حديث: (قوموا إلى سيدكم) , وقد تقدم الجواب عنه من وجوه , أقواه أنه صح بزيادة: (فأنزلوه) , فراجعه.
ومن أمثلة القسم الآخر حديث قيامه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أقبل عليه أخوه من الرضاعة , فأجلسه بين يديه , فهو حديث ضعيف معضل الإسناد , ولو صح , فلا دليل فيه أيضاً , وقد بينت ذلك كله في " الأحاديث الضعيفة ".
358 - (ما كان في الدنيا شخص احب إليهم رؤية من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا رأوه؛ لم يقوموا له؛ لما كانوا يعلمون من كراهيته لذلك).
وفي هذا الحديث ما يقوي مادل عليه الحديث السابق من المنع من القيام للإكرام , لأن القيام لو كان إكراماً شرعاً , لم يجز له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يكرهه من أصحابه له , وهو أحق الناس بالإكرام , وهم أعرف الناس بحقه عليه الصلاة والسلام.
وأيضاً , فقد كره الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا القيام له من أصحابه , فعلى المسلم – خاصة إذا كان من أهل العلم وذوي القدوة – أن يكره ذلك لنفسه , اقتداء به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وأن يكرهه لغيره من المسلمين , لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنْ الْخَيْرِ) , فلا يقوم له أحد , ولا هو يقوم لأحد , بل كراهتهم لهذا القيام أولى بهم من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وذلك لأنهم إن لم يكرهوه , اعتادوا القيام بعضهم لبعض , وذلك يؤدي بهم إلى حبهم له , وهو سبب يستحقون عليه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/457)
النار , كما في الحديث السابق , وليس كذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فإنه معصوم من أن يحب مثل هذه المعصية , فإذا كان مع ذلك قد كره القيام له , كان واضحاً أن المسلم أولى بكراهته له.
جواز أكل لحوم الخيل
359 - (نَهَى النبي صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ).
وفي الحديث جواز أكل لحوم الخيل , وهو مذهب الأئمة الأربعة , سوى أبي حنيفة , فذهب إلى التحريم , خلافاً لصاحبيه , فإنهما وافقا الجمهور , وهو الحق , لهذا الحديث الصحيح , ولذلك اختاره أبو جعفر الطحاوي , وذكر أن حجة أبي حنيفة حديث خالد بن الوليد مرفوعاً: (لا يحل أكل لحوم الخيل والبغال والحمير) , ولكنه حديث منكر ضعيف الإسناد , لا يحتج به إذا لم يخالف ما هو أصح منه , فكيف وقد خالف حديثين صحيحين كما ترى؟ وقد بينت ضعفه وعلله في " السلسلة الضعيفة ".
جواز الإشارة باليد إلى القمر
372 - (استَعيََّذِي بِاللَّهِ مِنْ هذا [يعني: القمر] فإنه الغَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ).
أخرجه الترمذي , والطحاوي , وابن السني , والحاكم , والطيالسي , وأحمد , من طرق عن ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ خَالِهِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِها فأشار بها إِلَى الْقَمَرِ فَقَال (فذكره).
في هذا الحديث دلالة على جواز الإشارة إلى القمر , خلافاً لما نقل عن بعض المشايخ من كراهة ذلك , والحديث يرد عليه.
تحريم لبس الحرير وشرب الخمر والشرب في أواني الذهب والفضة
384 - (من لبس الحرير في الدنيا؛ لم يلبسه في الآخرة، ومن شرب الخمر في الدنيا؛ لم يشربه في الآخرة، ومن شرب في آنية الذهب والفضة في الدنيا؛ لم يشرب بها في الآخرة. ثم قال: لباس أهل الجنة، وشراب أهل الجنة، وآنية أهل الجنة).
اعلم أن الأحاديث في تحريم لبس الحرير , وشرب الخمر , والشرب في أواني الذهب والفضة , هي أكثر من أن تحصر , وإنما احببت أن أخص هذا الحديث بالذكر , لأنه جمع الكلام على هذه الأمور الثلاثة , وساقها مساقاً واحداً , ثم ختمها بقوله: (لباس أهل الجنة ... ) , الذي يظهر أنه خرج مخرج التعليل , يعني: أن الله تعالى حرم لباس الحرير – على الرجال خاصة – لأنه لباسهم في الجنة كما قال تعالى (وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ) الحج23 , وحرم الخمر على الرجال والنساء , لأنه شرابهم في الجنة قال تعالى (مّثَلُ الْجَنّةِ الّتِي وُعِدَ الْمُتّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مّن مّآءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مّن لّبَنٍ لّمْ يَتَغَيّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مّنْ خَمْرٍ لّذّةٍ لّلشّارِبِينَ) محمد 15 , وحرم الشرب في آنية الذهب والفضة على الرجال والنساء أيضاً , لأنها آنيتهم قال تعالى (ادْخُلُواْ الْجَنّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ) الزخرف 71 , فمن استعجل التمتع بذلك غير مبال ولا تائب , عوقب بحرمانه منها في الآخرة جزاء وفاقاً.
وما أحسن ما رواى الحاكم عن صفوان بن عبدالله بن صفوان قال: (استأذن سعد على ابن عامر , وتحته ورافق – وهي شئ يتكأ عليه شبيه بالوسادة – من حرير , فأمر بها فرفعت , فدخل عليه وعليه مطرف خز , فقال له: استأذنت علي وتحتي مرافق من حرير فأمرت بها فرفعت , فقال له: نعم الرجل أنت ياابن عامر إن لم تكن ممن قال الله عز وجل (ِ أَذْهَبْتُمْ طَيّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدّنْيَا) الأحقاف 20 , والله لأن أضطجع على جمر الغضا أحب إلى من أن أضطجع عليها).صحيح على شرط مسلم.
واعلم أن الحرير المحرم إنما هو الحرير الحيواني المعروف في بلاد الشام بالحرير البلدي , وأما الحرير النباتي المصنوع من ألياف بعض النباتات , فليس من التحريم في شئ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/458)
وأما الخمر فهي محرمة بجميع أنواعها وأجناسها , ما اتخذ من العنب أو الذرة أو التمر أو غير ذلك فكله حرام , لا فرق في شئ منه بين قليله وكثيره , لأن العلة الخمرية (السكر) وليس المادة التي يحصل بها (السكر) , كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كل مسكر خمر , وكل خمر حرام) , رواه مسلم , وقال: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) , وانظر " الإرواء " و " غاية المرام ".
ولا تغتر بما جاء في بعض الكتب الفقهية عن بعض الأئمة من إباحة جنس منها بتفاصيل تذكر فيها , فإنما هي زلة من عالم , كان الأحرى أن تدفن ولا تذكر , لولا العصبية الحمقاء.
من آداب الشرب
385 - (نهى عن النفخ في الشراب، فقال له رجل: يا رسول الله! إني لا أروى من نفس واحد! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فابن القدح عن فيك، ثم تنفس. قال: فإني أرى القذاة فيه. قال: فأهرقها).
فوائد الحديث:
1 - النهي عن النفخ في الشرب , قال الحافظ في " الفتح ": (وجاء في النهي عن النفخ في الإناء عدة أحاديث , وكذا النهي عن التنفس في الإناء , لأنه ربما حصل له تغير من النفس , إما لكون المتنفس كان متغير الفم بمأكول مثلاً أو لبعد عهده بالسواك والمضمضة , أو لأن النفس يصعد ببخار المعدة , والنفخ في هذه الأحوال كلها أشد من التنفس).
2 - جواز الشرب بنفس واحد لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينكر على الرجل حين قال: (إني لا أروى من نفس واحد) فلو كان الشرب بنفس واحد لا يجوز لبينه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له ولقال له مثلاً: (وهل يجوز الشرب من نفس واحد؟) , وكان هذا أولى من القول له (فأبن القدح) لو لم يكن ذلك جائزاً , فدل قوله هذا على جواز الشرب بنفس واحد , وأنه إذا أراد أن يتنفس تنفس خارج الإناء , وهذا ما صرح به حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
386 - (إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيُنَحِّ ثُمَّ لِيَعُدْ إِنْ كَانَ يُرِيدُ).
قال الحافظ في الفتح: (واستدل به لمالك على جواز الشرب بنفس واحد , وأخرج ابن أبي شيبة الجواز عن سعيد بن المسيب وطائفة , قال عمر بن عبدالعزيز: إنما نهي عن التنفس داخل الإناء , فأما من لم يتنفس , فإن شاء فليشرب بنفس واحد.
قلت: وهو تفصيل حسن , وقد ورد الأمر بالشراب بنفس واحد من حديث أبي قتادة مرفوعاً , أخرجه الحاكم , وهو محمول على التفصيل المذكور).
قلت: لم أر الحديث المشار إليه عند الحاكم من حديث أبي قتادة , وإنما هو عنده من حديث أبي هريرة , وهو الذي سقت لفظه آنفاً من رواية ابن ماجه , ولفظه عند الحاكم: (لا يتنفس أحدكم في الإناء إذا كان يشرب منه , ولكن إذا أراد أن يتنفس , فليؤخره عنه , ثم ليتنفس) , فأنا أظن أنه الذي أراده الحافظ , لكنه وهم في عزوه لحديث أبي قتادة والله أعلم.
ويؤيده أنه عزاه في مكان آخر من " الفتح " للحاكم عن أبي هريرة.
ثم إن ما تقدم من جواز الشرب بنفس واحد لا ينافي أن السنة أن يشرب بثلاثة أنفاس , فكلاهما جائز , لكن الثاني أفضل , لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
387 - (كَانَ إِذَا شَرِبَ تَنَفَّسَ ثَلَاثًا وَقَالَ هُوَ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ وَأَبْرَأُ).
388 - (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشُّرْبِ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ وَأَنْ يُنْفَخَ فِي الشَّرَابِ).
وعن ابن عباس وابن عمر قالا: (يكره أن يشرب من ثلمة القدح وأذن القدح) , رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
من آداب الطعام المتروكة
391 - (إذا أكل أحدكم الطعام؛ فلا يمسح يده حتى يلعقها أو يلعقها، ولا يرفع صحفة حتى يلعقها أو يلعقها؛ فإن آخر الطعام فيه بركة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/459)
في الحديث أدب جميل من آداب الطعام الواجبة , ألا وهو لعق الأصابع ومسح الصحفة بها , وقد أخل بذلك أكثر المسلمين اليوم , متأثرين في ذلك بعادات أوربا الكافرة , وآدابها القائمة على الاعتداد بالمادة , وعدم الاعتراف بخالقها والشكر له على نعمه , فليحذر المسلم من أن يقلدهم في ذلك , فيكون منهم لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( ... ومن تشبه بقوم , فهو منهم) , فلا تستعملن الورق المنشاف فتمسح به فمك وأصابعك أثناء الطعام.
وإنما قلت: ( ... الواجبة) , لأمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك , ونهيه عن الإخلال به , فكن مؤمناً , يأتمر بأمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وينتهي عما نهى عنه , ولا تبال بالمستهزئين الذين يصدون عن سبيل الله من حيث يشعرون أو لا يشعرون.
392 - (إنه أعظم للبركة. يعني: الطعام الذي ذهب فوره).
أخرجه الدارمي , وابن حبان , والحاكم , وابن أبي الدنيا , والبيهقي عن قرة بن عبدالرحمن عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن أسماء بنت أبي بكر: أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا ثَرَدَتْ غَطَّتْهُ شَيْئًا حَتَّى يَذْهَبَ فَوْرُهُ ثُمَّ تَقُولُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (فذكره).
تحريم آلات الطرب
427 - (صوتان ملعونان: صوت مزمار عند نعمة , وصوت ويل عند مصيبة).
في الحديث تحريم آلات الطرب , لأن المزمار هو الآلة التي يزمر بها , وهو من الأحاديث الكثيرة التي ترد على ابن حزم إباحته لآلات الطرب , وقد تقدم حديث آخر في ذلك برقم " 90 " , فراجعه فإنه مهم , ولي رسالة في الرد عليه يسر الله لي تبييضها ونشرها.
لا شؤم في شئ
442 - (إِنْ يَكُ مِنْ الشُّؤْمِ شَيْءٌ حَقٌّ فَفِي الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّار).
والحديث يعطي بمفهومه أن لا شؤم في شيء , لأن معناه: لو كان الشؤم ثابتاً في شيء ما , لكان في هذه الثلاثة , لكنه ليس ثابتاً في شيء أصلاً , وعليه , فما في بعض الرويات بلفظ: (الشؤم في ثلاثة) , أو: (إنما الشؤم في ثلاثة) , فهو اختصار وتصرف من بعض الرواة , والله أعلم.
الحمار الأهلي وكل ذي ناب من الوحوش حرام أكله
475 - (لا تأكل الحمار الأهلي , ولا كل ذي ناب من السباع).
أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " حدثنا علي بن معبد قال: ثنا شبابة بن سوار قال: ثنا أبوزيد عبدالله بن العلاء قال: ثنا مسلم بن مشكم كاتب أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت أبا ثعلبة الخشني يقول: " أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فقلت: يارسول الله , حدثني ما يحل لي مما يحرم علي؟ فقال: (فذكره) ".
وفي " الصحيحين " و " السنن " وغيرها من طريق أخرى بلفظ: " نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع ".
وله شاهد من حديث أبي هريرة بلفظ:
476 - (كل ذِي نَابَ مِنْ السِّبَاعِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ).
وفي هذه الأحاديث دليل على أن الحمار الأهلي وكل ذي ناب من الوحوش حرام أكله , وليس مكروهاً فقط , كما زعم بعض المفسرين في هذا العصر , وتأول النهي على أنه للتنزيه , ولما رأى التصريح بالتحريم في حديث أبي هريرة , زعم أنه رواية بالمعنى , ويدفعه أنه إن كانت الرواية بالمعنى من الصحابي – وهو أبو هريرة - , فهو أدرى به ممن بعده , وإن كان يعني أنه من بعض من بعده , فيرده مجيئه بلفظ التحريم من الطريق الأخرى , ويؤكده أن أبا ثعلبة سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َعما يحل له وما يحرم؟ فأجابه بقوله: (لا تأكل ... ) , فهذا نص في أن النهي للتحريم , لأنه هو الذي سأل عنه أبوثعلبة , ولا يصح في النظر السليم أن يكون الجواب عليه: (لا تأكل .... ) , وهو يعنى: يجوز الأكل مع الكراهة.
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا
501 - (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا).
وللحديث شاهدان:
الأول عن ابن عمر مرفوعاً به.
والشاهد الآخر هو:
502 - (كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا عَنْ الْإِرْفَاهِ قُلْنَا وَمَا الْإِرْفَاهُ قَالَ التَّرَجُّلُ كُلَّ يَوْمٍ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/460)
أخرجه النسائي: أَخْبَرَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ كَهْمَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِلًا بِمِصْرَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَإِذَا هُوَ شَعِثُ الرَّأْسِ مُشْعَانٌّ قَالَ مَا لِي أَرَاكَ مُشْعَانًّا وَأَنْتَ أَمِيرٌ قَالَ: (فذكره).
قلت: وهذا إسناد صحيح.
و له طريق أخرى , يرويها الجريري عن عبدالله بن بريدة: (أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحَلَ إِلَى فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ بِمِصْرَ فَقَدِمَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَمُدُّ نَاقَةً لَهُ فَقَالَ إِنِّي لَمْ آتِكَ زَائِرًا إِنَّمَا أَتَيْتُكَ لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ مِنْهُ عِلْمٌ فَرَآهُ شَعِثًا فَقَالَ مَا لِي أَرَاكَ شَعِثًا وَأَنْتَ أَمِيرُ الْبَلَدِ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْهَانَا عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْإِرْفَاهِ وَرَآهُ حَافِيًا فَقَالَ مَا لِي أَرَاكَ حَافِيًا قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا أَنْ نَحْتَفِيَ أَحْيَانًا) , أخرجه أحمد , وأخرجه أبوداود , والنسائي , وليس عند النسائي الأمر بالاحتفاء , وزاد " سئل ابن بريدة عن الإرفاء؟ قال: الترجل ".
غريب الحديث:
1 - الإرفاه: قال في " النهاية ": " هو كثرة التدهن والتنعم , وقيل: التوسع في المشرب والمطعم , أراد ترك التنعم والدعة ولين العيش , لأنه من زي العجم وأرباب الدنيا ".
قلت: والحديث يرد ذلك التفسير , ولهذا قال أبو الحسن السندي في حاشيته على النسائي: " وتفسير الصحابي يغني عما ذكروا , فهو أعلم بالمراد"
قلت: ومثله تفسير عبدالله بن بريدة في رواية النسائي , والظاهر أنه تلقاه عن الصحابي , والله أعلم.
2 - الترجل: هو تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه.
3 - غبا: بكسر المعجمة وتشديد الباء , " أن يفعل يوماً ويترك يوماً , والمراد , كراهة المداومة عليه , وخصوصية الفعل يوماً والترك يوماً غير مراد " قاله السندي.
4 - شعث الرأس: أي متفرق الشعر.
5 - مشعان: بضم الميم وسكون الشين المعجمة وعين مهملة وآخره نون مشددة , هو المتنفش الشعر الثائر الرأس.
6 - يمد ناقة: أي يسيقها مديداً من الماء.
متى يجوز الكذب
545 - (رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْكَذِبِ فِي ثَلَاثٍ فِي الْحَرْبِ وَفِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَقَوْلِ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ. وفي رواية: حديث الرجل امرأته , وحديث المرأة زوجها).
فقه الحديث:
قال النووي: (قال القاضي: لا خلاف في جواز الكذب في هذه الصور , واختلفوا في المراد بالكذب المباح فيها ما هو؟ فقالت طائفة: هو على إطلاقه , وأجازوا قول ما لم يكن في هذه المواضع للمصلحة , وقالوا: الكذب المذموم ما فيه مضرة , واحتجوا بقول إبراهيم صلى الله عليه وسلم: {بل فعله كبيرهم} {وإني سقيم} وقوله: إنها أختي وقول منادي يوسف صلى الله عليه وسلم: {أيتها العير إنكم لسارقون} قالوا: ولا خلاف أنه لو قصد ظالم قتل رجل هو عنده مختف وجب عليه الكذب في أنه لا يعلم أين هو , وقال آخرون منهم الطبري: لا يجوز الكذب في شيء أصلا. قالوا: وما جاء من الإباحة في هذا المراد به التورية , واستعمال المعاريض , لا صريح الكذب , مثل أن يعد زوجته أن يحسن إليها ويكسوها كذا , وينوي إن قدر الله ذلك. وحاصله أن يأتي بكلمات محتملة , يفهم المخاطب منها ما يطيب قلبه. وإذا سعى في الإصلاح نقل عن هؤلاء إلى هؤلاء كلاما جميلا , ومن هؤلاء إلى هؤلاء كذلك وورى وكذا في الحرب بأن يقول لعدوه: مات إمامكم الأعظم , وينوي إمامهم في الأزمان الماضية: أو غدا يأتينا مدد أي طعام ونحوه. هذا من المعاريض المباحة , فكل هذا جائز. وتأولوا قصة إبراهيم ويوسف وما جاء من هذا على المعاريض. والله أعلم).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/461)
قلت: لا يخفي على البصير أن قول الطائفة الأولى هو الأرجح والأليق بظواهر هذه الأحاديث , وتأويلها بما تأولته الطائفة الأخرى من حملها على المعاريض مما لا يخفى بعده , لا سيما في الكذب في الحرب , فإنه أوضح من أن يحتاج إلى التدليل على جوازه , ولذلك قال الحافظ في الفتح:
(قال النووي: الظاهر إباحة حقيقة الكذب في الأمور الثلاثة , لكن التعريض أولى. وقال ابن العربي: الكذب في الحرب من المستثنى الجائز بالنص وفقا بالمسلمين لحاجتهم إليه وليس للعقل فيه مجال , ولو كان تحريم الكذب بالعقل ما انقلب حلالا انتهى. ويقويه ما أخرجه أحمد وابن حبان من حديث أنس في قصة الحجاج ابن علاط الذي أخرجه النسائي وصححه الحاكم في استئذانه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول عنه ما شاء لمصلحته في استخلاص ماله من أهل مكة وأذن له النبي صلى الله عليه وسلم , وإخباره لأهل مكة أن أهل خبير هزموا المسلمين وغير ذلك مما هو مشهور فيه).
فائدتان هامتان
609 - (إذا كان الذي ابتاعها [يعني: السرقة] من الذي سرقها غير متهم يخير سيدها؛ فإن شاء أخذ الذي سرق منه بثمنها، وإن شاء اتبع سارقه).
أخرجه النسائي , والحاكم , وأحمد , عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ الْأَنْصَارِيَّ ثُمَّ أَحَدَ بَنِي حَارِثَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ عَامِلًا عَلَى الْيَمَامَةِ وَأَنَّ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّ أَيَّمَا رَجُلٍ سُرِقَ مِنْهُ سَرِقَةٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا حَيْثُ وَجَدَهَا ثُمَّ كَتَبَ بِذَلِكَ مَرْوَانُ إِلَيَّ فَكَتَبْتُ إِلَى مَرْوَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الَّذِي ابْتَاعَهَا مِنْ الَّذِي سَرَقَهَا غَيْرُ مُتَّهَمٍ يُخَيَّرُ سَيِّدُهَا فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الَّذِي سُرِقَ مِنْهُ بِثَمَنِهَا وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ سَارِقَهُ ثُمَّ قَضَى بِذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَبَعَثَ مَرْوَانُ بِكِتَابِي إِلَى مُعَاوِيَةَ وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ إِنَّكَ لَسْتَ أَنْتَ وَلَا أُسَيْدٌ تَقْضِيَانِ عَلَيَّ وَلَكِنِّي أَقْضِي فِيمَا وُلِّيتُ عَلَيْكُمَا فَأَنْفِذْ لِمَا أَمَرْتُكَ بِهِ فَبَعَثَ مَرْوَانُ بِكِتَابِ مُعَاوِيَةَ فَقُلْتُ لَا أَقْضِي بِهِ مَا وُلِّيتُ بِمَا قَالَ مُعَاوِيَةُ ".
وفي الحديث فائدتان هامتان:
الأولى: أنه من وجد ماله المسروق عند رجل غير متهم اشتراها من الغاصب أو السارق , فليس له أن يأخذه إلا بالثمن , وإن شاء لا حق المعتدي عند الحاكم , وأما حديث سمرة المخالف لهذا بلفظ: (من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به , ويتبع البيع من باعه) , فهو حديث معلول كما بينته في التعليق على المشكاة , فلا يصلح لمعارضة هذا الحديث الصحيح , لا سيما وقد قضى به الخلفاء الراشدون.
والأخرى: أن القاضي لا يجب عليه في القضاء أن يتبنى رأي الخليفة إذا ظهر له أنه مخالف للسنة , ألا ترى إلى أسيد بن ظهير كيف امتنع عن الحكم بما أمر به معاوية وقال: " لا أقضي ما وليت بما قال معاوية "؟
ففيه رد صريح على من يذهب اليوم من الأحزاب الإسلامية إلى وجوب طاعة الخليفة الصالح فيما تبناه من أحكام – ولو خالف النص في وجهه نظر المأمور – وزعمهم أن العمل جرى فيما على ذلك من المسلمين الأولين , فهو زعم باطل لا سبيل لهم إلى إثباته , كيف وهو منقوض بعشرات النصوص هذا واحد منها؟ ومنها مخالفة علي رضي الله عنه في متعة الحج لعثمان بن عفان في خلافة , فلم يطعه , بل خالفه صريحة كما في صحيح مسلم عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ اجْتَمَعَ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِعُسْفَانَ فَكَانَ عُثْمَانُ يَنْهَى عَنْ الْمُتْعَةِ أَوْ الْعُمْرَةِ فَقَالَ عَلِيٌّ مَا تُرِيدُ إِلَى أَمْرٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْهَى عَنْهُ فَقَالَ عُثْمَانُ دَعْنَا مِنْكَ فَقَالَ إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدَعَكَ فَلَمَّا أَنْ رَأَى عَلِيٌّ ذَلِكَ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/462)
إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم، فأطعمه من طعامه؛ فليأكل ولا يسأله عنه
627 - (إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم، فأطعمه من طعامه؛ فليأكل ولا يسأله عنه، وإن سقاه من شرابه فليشرب من شرابه، ولا يسأله عنه).
هذا والظاهر أن الحديث محمول على من غلب على ظنه أن الأخ المسلم ماله حلال ويتقي المحرمات , وإلا جاز بل وجب السؤال , كما هو شأن بعض المسلمين المستوطنين في بلاد الكفر , فهؤلاء وأمثالهم لا بد من سؤالهم عن لحمهم مثلاً أقتيل هو أم ذبيح؟
شَرُّ الثَّلَاثَةِ
672 - (وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ).
أخرجه أبو داود (3963)، والطحاوي في ((المشكل)) (1/ 391)، والحاكم (2/ 214/100) والبيهقي (10/ 57 و 59)، واحمد (2/ 311)، وابن عدي (3/ 448). من طرق عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: فذكره. وزاد البيهقي في رواية:
((قال سفيان: يعني: إذا عمل بعمل أبويه)).
وقال الحاكم:
((صحيح على شرط مسلم))،ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، ولا ينافيه قول الذهبي في ((سير الأعلام)) (5/ 459) أنه من غرائب سهيل، لأنه إنما يعني أنه من أفرده، وهو ما أشار إليه ابن عدي عقب الحديث، وقد وقال في أخر ترجمته:
((و سهيل عندي مقبول الأخبار، ثبت،لا باس به)).
ومن المعروف عند العلماء أن ما تفرد به الثقة فهو حجة، لا يجوز رد حديثه لمجرد التفرد، ولهذا حسن إسناده ابن القيم كما يأتي، وتبعه المناوي في ((التيسير)).
وتابعه عمر بن أبي سلمة عن آبيه عن أبي هريرة به.
أخرجه الحاكم وعنه البيهقي.
قلت: وإسناده حسن في المتبعات والشواهد.
وتفسير سفيان المذكور قد روى مرفوعا من حديث عبدا لله بن عباس وعائشة.
أما حديث ابن عباس، فيرويه ابن أبي ليلى عن داود بن علي عن أبيه عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم:
((ولد الزنا شر الثلاثة إذا عمل بعمل أبويه)).
أخرجه ابن عدي (127/ 2)، ومن طريقه البيهقي، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (3/ 92/2)،و ((الأوسط)) (1/ 183/2) وقال:
((لم يروه عن داود إلا ابن ليلى)).
قلت: واسمه محمد بن عبدا لرحمن بن أبي ليلى ن وهو ضعيف لسوء حفظه، ولهذا قال البيهقي:
((إسناده ضعيف)).
وأما المناوي فحسنه،ولعله يعني لغيره
وأما حديث عائشة، فيرويه إبراهيم بن إسحاق عن محمد بن قيس عنها به.
أخرجه هكذا ابن الأعرابي في ((المعجم)) (8/ 1_2) من طريق إسحاق بن منصور: نا إسرائيل عنه.
وخالفه اسود بن عامر فقال: ثنا إبراهيم بن إسحاق عن إبراهيم بن عبيد بن رافعة عنها به.
أخرجه احمد (6/ 109).
قلت: وهذا الاضطراب من إبراهيم بن اسحق، وهو إبراهيم بن فضل المخزومي المترجم في ((التهذيب)) وهو متروك كما قال في ((التقريب)) وسائر الرواة ثقات.
وهذا التفسير وان لم يثبت رفعه، فالأخذ به لا مناص منه، كي لا يتعارض الحديث مع النصوص القاطعة في الكتاب والسنة، ان الإنسان لا يؤخذ بجرم غيره.
وراجع لهذا المعنى الحديث (1287) من ((الكتاب الآخر)).
وقد روي الحديث عائشة رضي الله عنها على وجه أخر، ولو صح إسناده لكان قاطعا للإشكال ورافعا للنزاع،وهو ما روى سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق عن الزهري عن عروة قال:
((بلغ عائشة رضي الله عنها أن أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ولد الزنا شر الثلاثة)). فقالت (يرحم الله أبا هريرة) أساء سمعا فأساء إجابة، لم يكن الحديث على هذا، إنما كان رجل (من المنافقين) يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم،فقال ((من يعذرني من فلان)). قيل: يا رسول الله إنه مع ما به ولد زنا. فقال صلى الله عليه وسلم)) هو شر الثلاثة)).
ولله عز وجل يقول: ((وَلاَ تَزِرُ و َازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)).
أخرجه الطحاوي والحاكم وعنه البيهقي وضعفه بقوله:
((سلمة بن الفضل الأبرش يروي المناكير)).
قلت: وقال الحافظ:
((صدوق كثير الخطأ)).
وفيه علة أخرى،وهي عنعنة ابن إسحاق فانه مدلس، ومع ذلك فقد قال الحاكم:
((صحيح على شرط مسلم)).
ورده الذهبي بقوله:
((كذا قال، وسلمة لم يحتج به (م) وقد وثق، وضعفه ابن راهويه)).
قلت: وكذلك ابن إسحاق لم يحتج به مسلم،وإنما روى له متابعة، على انه مدلس وقد عنعنه.
قال الإمام الطحاوي عقبه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/463)
((فبان لنا بحديث عائشة رضي الله عنها أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكره عنه أبو هريرة: ((ولد الزنا شر الثلاثة)) إنما كان لإنسان بعينه كان منه من الأذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان منه، مما صار به كافرا شرا من أمه ومن الزاني الذي كان حملها به منه.والله تعالى نسأله التوفيق)).
قلت: ولكن في إسناد حديثها ما علمت من الضعف،وذلك يمنع من تفسير الحديث به، فالأولى تفسيره بقول سفيان المؤيد بحديثين مرفوعين ولو كانا ضعيفين،إلا أن يبدو لأحد ما هو أقوى منه فيصار حينئذ إليه.
ويبدو من كلام ابن القيم رحمه الله في رسالته ((المنار)) انه جنح إلي هذا التفسير، لان مؤداه إلي أن الحديث ليس على عمومه، فقد ذكر حديث ((لا يدخل الجنة ولد زنا)) الأتي عقب هذا،وحكا قول الجوزي انه معارض لأية (ولا تزر وازرة وزر أخرى)
فقال:
((قلت: ليس معارض لها إن صح، فانه لم يحرم الجنة بفعل والديه، بل إن النطفة الخبيثة لا يتخلق منها طيب في الغالب، ولا يدخل الجنة إلا نفس طيبة، فإن كانت في هذا الجنس طيبة دخلت الجنة، وكان الحديث من العام المخصوص.وقد ورد في ذمه انه ((شر الثلاثة)) وهو حديث حسن،ومعناه صحيح بهذا الاعتبار، فإن شر الأبوين عارض، وهذا نطفة خبيثة، وشره من أصله،وشر الأبوين من فعلهما)).
(تنبيه): لقد تبين لكل ذي عين من هذا التخريج والتحقيق أن الحديث بهذه الطرق صحيح بلا ريب، وأقواها حديث سهيل، ولذلك قصر ابن الجوزي – ومن قلده – تقصيرا فاحشا بإيراده الحديث في ((موضوعاته)) (3/ 110) من رواية ابن عدي وحده ن ليتسنى له أن يقول;
)) فيه من لا يعرف)) يشير إلي شيخ ابن عدي فيه (حمزة بن داود الثقفي)، فخفيت عليه الطرق الأخرى من تخريج أبي داود وغيره،وقد سبقت الإشارة إليها،وهي عن جرير بن عبد الحميد وخالد الحذاء وأبي حذيفة والثوري ويعقوب بن عبدالرحمن،فهؤلاء الثقات رووه عن سهيل،ولقد تعامى عنها-مع الأسف- المعلق على ((سير الذهبي)) - كعادته فيما لا يوافق هواه من الحديث- فأوهم القراءه أن الحديث من رواية ابن عدي فقط المعللة وتشبث بتضعيف شيخه حمزة وشيخه، وهو واهم أيضا في ذلك،ولا داعي لمناقشته في ذلك، ففي تلك الطرق غنية عن المناقشة لو انصف.
673 - (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ وَلَا مَنَّانٌ وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ {وَلَا وَلَدُ زِنْيَةٍ})
أخرجه الدارمي (2/ 112)،وكذا النسائي (2/ 332)،والبخاري في ((التاريخ الصغير)) (124)، وعبدا لرزاق في (المصنف) (2/ 205)،وابن خزيمة في ((التوحيد)) (ص236)،وابن حبان (1382و1383)،و الطحاوي في ((المشكل)) (1/ 395)، واحمد (2/ 201 و203) من طريق سالم بن أبي الجعد عن جابان عن عبدا لله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم به. وليس للبخاري منه إلا الزيادة وقال:
((لا يعلم لجابان سماع من عبد الله،ولا لسالم سماع من جابان، ويروى عن علي بن زيد عن عيسى بن حطان عن عبد الله بن عمرو رفعه في أولاد الزنا،ولا يصح)).
وقال ابن خزيمة:
((ليس هذا خبر من شرطنا، لان جابان مجهول)).
ورواه محمد بن مخلد العطار في ((المنتقى من حديثه)) (2/ 15/1) من طريق عبد الله بن مرة عن جابان عن عبد الله بن عمرو به.
قلت: وعلة هذا الإسناد جابان هذا،فإنه لا يدرى من هو كما قال الذهبي؟ وإن وثقه ابن حبان على قاعدته.والزيادة التي في أخره منكرة، لأنها بظاهرها تخالف النصوص القاطعة بأن احد لا يحمل وزر احد،وأنه لا يجني احد على احد، وفي ذلك غير الآية أحاديث كثيرة خرجتها في ((الإرواء)) (2362)، ولذلك أنكرتها السيدة عائشة رضي الله عنها، فقد روى عبد الرزاق (7/ 454/13860 و13861) عنها أنها كانت تعيب ذلك وتقول:
((ما عليه من وزر أبويه، قال الله تعالى (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى))).
وإسناده صحيح.
وقد رواه الطبراني في ((الأوسط)) (1/ 183 - 184) عنها مرفوعا.
وفي إسناده من لم اعرفه.وكذا قال الهيثمي (6/ 257).
وقال البيهقي (10/ 58) عقب الموقوف:
((رفعه بعض الضعفاء، والصحيح موقوف)).
ومن هذا تعلم أن قول السخاوي فيما نقله ابن عراق عنه (2/ 228):
((أخرجه الطبراني من حديث عائشة، وسنده جيد)).
فهو غير جيد.
ثم عرفت الذي رفعه، وانه ضعيف كما أشار إلي ذلك البيهقي، فخرجت الحديث في ((الضعيفة)) (6115).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/464)
وقد وجدت للحديث شواهد يتقوى بها،فقال الطحاوي (1/ 395):حدثنا أبو أمية: حدثنا محمد بن سابق: حدثنا إسرائيل (في الأصل: أبو إسرائيل) عن منصور عن أبي الحجاج عن مولى لأبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:فذكره بتمامه.
قلت: وهذا شاهد قوي رجاله كلهم ثقات، غير مولى أبي قتادة فلم اعرفه،لكنه أن كان صحابيا فلا تضر الجهالة به،لان الصحابة كلهم عدول كما هو معلوم، ومن المحتمل أن يكون منهم،لان الرواي عنه أبا الحجاج هو مجاهد بن جبر التابعي المشهور.
وقد ذكره ابن أبي حاتم في ((العلل)) (2/ 31) من طريق عبيد بن إسحاق عن مسكين بن دينار التيمي عن مجاهد:حدثني زيد الجرشي قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال:
((قال أبي:هذا حديث منكر)).
قلت: وعلته عبيد هذا –وهو العطار – ضعفه الجمهور.
وقد اختلف على مجاهد في إسناد هذا الحديث اختلافا كبيرا، استوعب ابونعيم في ((الحلية)) (3/ 307/309) طرقه،وقد جاء الحديث في بعضها بتمامه، منها طريق عبيد هذه وغيرها،وبعضها في ((المسند)) (3/ 28 و 44) دون الزيادة،وهي عند أبي يعلى مع تمام الحديث (2/ 394/1168)،ولم يرد في بعضها الآخر إلا الزيادة التي في أخره، وقد أخرجها الطحاوي (1/ 393 - 394).
وقد رويت هذه الزيادة من حديث أبي هريرة،ولكنها غير محفوظة عنه كما بينته في ((الكتاب الآخر)) (1462).
وجملة القول إن الحديث بهذه الطرق والشواهد لا ينزل عن درجة الحسن.والله اعلم.
وقوله ((لا يدخل الجنة ولد زنية)) ليس على ظاهره،بل المراد به من تحقق بالزنا حتى صار غالبا عليه،فاستحق بذلك أن يكون منسوبا إليه،فيقال:هو ابن له، كما ينسب المتحققون بالدنيا إليها،فيقال لهم: بنوا لدنيا بعملهم وتحققهم بها،وكما قيل للمسافر: ابن سبيل،فمثل ذلك:ولد زنية وابن زنية، قيل لمن تحقق بالزنا، حتى صار تحققه منسوبا إليه،وصار الزنا غالبا عليه،فهو بقوله ((لا يدخل الجنة))، ولم يرد به مولود من الزنا،ولم يكن هو من ذوي الزنا، لما تقدم بيانه في الحديث الذي قبله.
وهذا المعنى استفدته من كلام أبي جعفر الطحاوي رحمه الله وشرحه لهذا الحديث. والله اعلم.
ثم وجدت للحديث شاهداً أخر دون الزيادة،ولفظه:
((لا يلج حائط القدس:مدمن خمر،ولا العاق لوالديه، ولا المنان عطاءه))
أخرجه احمد (3/ 226) قال ثنا هشيم: ثنا محمد بن عبد الله العمي عن علي بن زيد عن انس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قلت: وعلي بن زيد – وهو ابن جدعان- ضعيف.
ومحمد بن عبد الله العمي أورده ابن حبان في ((الثقات)) (7/ 425)،والسمعاني في ((الأنساب)) من روايته عن ثابت البناني، ورواية النضر وغيره عنه، فهو مستور.
ومن طريق أخرجه البزار أيضا (3/ 355/2931).
وبالجملة، فهو شاهد لا بأس به.
ويقويه ما أخرجه ابن خزيمة في ((التوحيد)) (ص237) من طريقين عن خالد بن الحارث قال:ثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن نافع عن عروة بن مسعود عن عبد الله بن عمرو انه قال:
((لا يدخل حظيرة القدس سكير، ولا عاق،ولا منان)).
وإسناده صحيح،وهو موقوف في حكم المرفوع،فهو شاهد قوي لحديث انس هذا.
ومما يشهد له الحديث الأتي:
674 - (ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ،وَالدَّيُّوثُ. وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْه، ِ وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى).
أخرجه النسائي (1/ 357)، واحمد (2/ 134)، وابن خزيمة في ((التوحيد)) (235)، وابن حبان (56) عن عمر بن محمد- يعني: ابن زيد بن عبدالله بن عمر بن الخطاب- عن عبد الله بن يسار مولى ابن عمر قال: اشهد لسمعت سالماً يقول: قال عبد الله رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وسياق المتن للنسائي.
ورواه ابن عدي (5/ 21) من هذا الوجه مختصراً.
قلت: وهذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال الشيخين، غير عبد لله بن يسار، وقد روى عنه جماعة من الثقات، ووثقه ابن حبان، فهو حسن الحديث أن شاء الله تعالى.
ثم رواه احمد (2/ 69 و128) عن قطن بن وهب بن عويمر بن الأجدع عمن حدثه عن سالم بن عبدا لله به مختصراً بلفظ:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/465)
((ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن خمر، والعاق، والديوث الذي يقر في أهله الخبث)).
وقطن هذا ثقة من رجال مسلم، ولكن شيخه لم يسم فهو مجهول، ويمكن أن يكون عبد الله بن يسار المتقدم.
وقد تابعه محمد بن عمرو عن سالم به نحوه، و سيأتي أن شاء الله تعالى في ((المجلد السابع)) برقم (3099).
ضرب الحية
676 - (كفاك الحية ضربة بالسوط، أصبتها أم أخطأتها).
أخرجه أبو العباس الأصم في ((حديثه)) (رقما150 - نسختي)، و الدار قطني في ((الأفراد)) (ج3 رقم 48 نسختي) من طريق إسماعيل بن مسلمة بن قعنب: ثنا حميد بن الأسود عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. وقال:
((حديث غريب من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، تفرد به أبو الأسود حميد بن الأسود عنه، ولا نعلم حدث به غير إسماعيل بن سلمة بن قعنب عنه)).
قلت: والذهبي: هذا صدوق كما قال أبو حاتم، وهو اخو الإمام عبد الله بن مسلمة. وقال الذهبي:
((وما علمت به بأساً، إلا انه ليس في الثقة كأخيه)).
قلت: ثم ذكر له حدثيا اخطأ في رفعه، وذلك مما يخدع فيه، لان الخطأ لا يسلم منه بشر، وقد وثقه ابن حبان والحاكم، فالحديث حسن الإسناد، فان من فوقه من الثقات المعروفين،على خلاف مشهور في محمد بن عمرو لا يضره، ولا يمنع من الاحتجاج بحديثه.
والحديث أخرجه البيهقي في ((السنن)) لا (2/ 266) من هذا الوجه، وقال:
((وهذا أن صح، فإنما أراد-والله اعلم- وقوع الكفاية بها في الإتيان بالمأمور، فقد أمر صلى الله عليه وسلم بقتلها، وأراد –والله اعلم- إذا امتنعت بنفسها عند الخطأ، ولم يرد به المنع من الزيادة على الضربة واحدة)).
والحديث لم يتكلم عليه المناوي بشئ، فكأنه لم يقف على سنده، ولكنه قال ((ورواه عنه (يعني: اباهريرة) الطبراني أيضا)).
وأقول: لم يذكره الهيثمي في ((المجموع)) (4/ 47) من حديث أبي هريرة وإنما من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه، وعزاه للطبراني في ((الأوسط)) وليس في ((الكبير)) كما يوهمه إطلاق المناوي العزو للطبراني، فان ذلك يعني ((المعجم الكبير)) اصطلاحاً.
وقال: رجه في ((الأوسط)) (3/ 391/2840ط) من طريق سليمان بن داود الشاذ كوني قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك قال: حدثني ربيعة بن سعيد الاسلمي عن عبدالرحمن بن إبان بن عثمان عن أبيه عن عثمان مرفوعاً. وقال:
((لا يروي عن عثمان إلا بهذا الإسناد تفرد به الشاذ كوني)).
والشاذ كوني أعله الهيثمي وقال:
((وهو ضعيف)).
قلت: بل هو هالك.
َلا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ
704 - (لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ).
أخرجه مسلم،والبخاري في ((الأدب المفرد)) وأحمد وغيرهم من حديث أبي هريرة مرفوعاًً، وهو مخرج في ((أرواء الغليل)) (1271)،وفيما يأتي (1411).
والغرض من إيراده هنا،أنه جمعنا مجلس فيه طائفة من أصحابنا أهل الحديث، فأبدى أحدهم فهماً للحديث مؤداه: أن النهي الذي فيه إنما هو إذا لقيه في الطريق،وأما إذا أتاه في حانوته أو منزله،فلا مانع من بدئه بالسلام،ثم جرى نقاش حوله طويلاً. وكل يدلي بما عنده من رأي،وكان من قولي يومئذ: إن قوله) تبدؤوا) مطلق ليس مقيداً بالطريق، وأن قوله (وإذا لقيتم أحدهم في الطريق ... ) لا يقيده، فإنه من عطف الجملة على الجملة، ودعمت ذلك بالمعنى الذي تضمنته هذه الجملة، وهو أن اضطرارهم إلي أضيق الطريق إنما هو أشارة إلي ترك إكرامهم لكفرهم، فناسب أن لا يبدؤوا من أجل ذلك بالسلام لهذا المعنى، وذلك يقتضي تعميم الحكم.
هذا ما ذكرته يومئذ، ثم وجدت ما يقويه ويشهد له في عدة روايات:
الأولى: قول راوي الحديث سهيل بن صالح:
((خرجت مع أبي إلي الشام،فكان أهل الشام يمرون بأهل الصوامع فيسلمون عليهم، فسمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول)) فذكره.
أخرجه أحمد (2/ 346)،و أبو داود بسند صحيح على شرط مسلم.
فهذا نص من راوي الحديث-وهو ابوصالح، واسمه ذكوان تابعي ثقة-أن النهي يشمل الكتابي ولو كان في منزله ولم يكن في الطريق. وراوي الحديث أدري بمرويه من غيره، فلا أقل من أن يصلح للاستعانة به على الترجيح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/466)
ولا يشكل على هذا لفظ الحديث عند البخاري في (أدبه) (1111)، وأحمد في (مسنده) (2/ 444):
((إذا لقيتم المشركين في الطريق فلا تبدؤوهم بالسلام، واضطروهم إلي أضيقها)).فأنه شاذ بهذا اللفظ.
فقد أخرجه البخاري أيضاً (1103)،ومسلم، وأحمد (2/ 266و459) وغيرهما من طرق عن سهيل بن أبي صالح بللفظ الأول.
الثانية: عن أبي عثمان النهدي قال:
((كتب أبو موسى إلي دهان يسلم عليه في كتابه،فقيل له: أتسلم عليه وهو كافر؟ قال: إنه كتب إلي فسلم علي، فرددت عليه)).
أخرجه البخاري في (أدبه) (1101) بسند جيد.
ووجه الاستدلال به، أن قول القائل: (أتسلم عليه وهو كافر؟) يشعر بأن بدء الكافر بالسلام كان معروفاً عندهم أنه لا يجوز على وجه العموم، وليس خاصاً بلقائه في الطريق، ولذلك استنكر ذلك السائل على أبي موسى، وأقره هذا عليه ولم ينكره، بل أعتذر بأن فعل ذلك رداً عليه لا مبتدئاً به، فثبت المراد.
الثالثة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كتب إلي هرقل ملك الروم-وهو في الشام- لم يبدأه بالسلام، وإنما قال فيه:
((بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله غلي هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى ... )).
أخرجه البخاري ومسلم،وهو في ((الأدب المفرد) (1109).
فلو كان النهي المذكور خاصاً بالطريق، لبدأه عليه السلام بالسلام الإسلامي ولم يقل له: (سلام على من اتبع الهدى)).
الرابعة: أن النبي الله صلى الله عليه وسلم لما عاد الغلام اليهودي قال له (أسلم ... ) الحديث، فلم يبدأه بالسلام.
وهو حديث صحيح رواه البخاري وغيره، وهو مخرج في (الإرواء) (1272).
فلو كان البدء الممنوع إنما هو إذا لقيه في الطريق، لبدأه عليه السلام بالسلام
،لأنه ليس في الطريق كما هو ظاهر. ومثله.
الخامسة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء عمه أبا طالب في مرض موته، لم يبدأه أيضاً بالسلام، وإنما قال له)) يا عم قل: لا أله الا الله ... )) الحديث.
أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في ((الإرواء)) (1273).
فثبت من هذه الرويات أن بدء الكتابي بالسلام لا يجوز مطلقاً، سواء كان في الطريق أو في المنزل أوغيره.
فإن قيل: فهل يجوز أن يبدأه بغير السلام من مثل قوله: كيف أصبحت أو أمسيت، أو كيف حالك ونحو ذلك؟
فأقول: الذي يبدو لي_والله أعلم- الجواز، لأن النهي المذكور في الحديث إنما هو عن السلام، وهو عند الإطلاق إنما يراد به السلام الإسلامي المتضمن لاسم الله عز وجل، كما في قوله صلى الله عليه وسلم
((السلام أسم من أسماء الله وضعه في الأرض، فأفشوا السلام بينكم)).
أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد) (989)،وقد تقدم برقم (184)،وسيأتي الإشارة إليه تحت الحديث (1894).
ومما يؤيد ما ذكرته قول علقمة:
((إنما سلم عبدالله (يعني: ابن مسعود) على الدهاقين إشارة)).
أخرجه البخاري (1104) مترجماً له بقوله ((من سلم على الذمي إشارة)).وسنده صحيح.
فأجاز ابن مسعود ابتداءهم في السلام بالإشارة، لأنه ليس السلام الخاص بالمسلمين، فكذلك يقال في السلام عليهم بنحو ما ذكرنا من الألفاظ.
وأما ما جاء في بعض كتب الحنابلة-مثل (الدليل) -أنه يحرم بداءتهم أيضاً بـ ((كيف أصبحت أو أمسيت؟)) أو ((كيف أنت أو حالك؟)) فلا أعلم له دليلاً من السنة، بل قد صرح في شرحه ((منار السبيل)) أنه قيس على السلام.
أقول: ولا يخفى أنه قياس مع الفرق، لما في السلام من الفضائل التي لم ترد في غيره من الألفاظ المذكورة. والله أعلم.
مسألة أخري جري البحث فيها في المجلس المشار إليه، وهي: هل يجوز أن يقال في رد على السلام على غير المسلم: وعليكم السلام؟
فأجبت بالجواز بشرط أن يكون سلامه فصيحاً بيناً، ولا يلوي فيه لسانه كما كان اليهود يفعلونه مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بقولهم: السام عليكم. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإجابتهم بـ ((وعليكم)) فقط، كما ثبت في ((الصحيحين)) وغيرهما من حديث عائشة.
قلت: فالنظر في سبب هذا التشريع يقتضي جواز الرد بالمثل عند تحقق الشرط المذكور، وأيدت ذلك بأمرين اثنين:
الأول: قوله صلى الله عليه وسلم ((إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول: السام عليك فقولوا: وعليك)).
أخرجه الشيخان، والبخاري أيضاً في (الأدب المفرد) (1106). وهو مخرج في ((الإرواء)) (5/ 112).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/467)
فقد علل النبي صلى الله عليه وسلم قوله)) فقولوا: وعليك)) بأنهم يقولون: السام عليكم. فهذا تعليل يعطي أنهم أذا قالوا: (السلام عليكم) أن يرد عليهم بالمثل: (وعليكم السلام)،ويؤيده الأمر التالي وهو:
الثاني: عموم قوله تعالى: ((وإذا حييتم بتحيةً فحيوا بأحسن منها أو ردوها))،فأنها بعمومها تشمل غير المسلمين أيضاً هذا ما قلته في ذلك المجلس. وأزيد الآن فأقول:
ويؤيد أن الآية على عمومها أمران:
أول: ما أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (1107) والسياق له، وابن جرير الطبري في ((التفسير)) (10039) من طريقين عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال:
((ردوا السلام على من كان يهودياً، أو نصرانياً، أوماجوسياً، ذلك بأن الله يقول:
(وإذا حييتم بتحية ... ) الآية)).
قلت: وسنده صحيح لولا أنه من رواية سماك عن عكرمة، وروايته عنه خاصة مضطربة، ولعل ذلك إذا كانت مرفوعة، وهذه موقوفة كما ترى، ويقويها ما روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لو قال لي فرعون (بارك الله فيك))، قلت: وفيك. وفرعون قد مات.
أخرجه البخاري في ((أدبه)) (1113)،وسنده صحيح على شرط مسلم.
والآخر: قول الله تبارك وتعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين).
فهذه الآية صريحة بالأمر بالإحسان إلى الكفار المواطنين الذين يسالمون المؤمنين ولا يؤذونهم، و العدل معهم، ومما لا ريب فيه أن أحدهم إذا سلم قائلاً بصرحة (السلام عليكم)،فرددناه عليه باقتضاب: (وعليك)،أنه ليس من العدل في شئ بله البر، لأننا في هذه الحالة نسوي بينه وبين من قد يقول منهم: (السام عليكم)،وهذا ظلم ظاهر. والله أعلم. (انظر: الاستدراك4).
ما جاء في لحوم الأضاحي
805 - (كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ عَلَى عَهْدِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ).
أخرجه الإمام أحمد (3/ 309): ثنا سفيان عن عمرو عن عطاء عن جابر: فذكره.
وبهذا الإسناد أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (4/ 291) من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة به.
وتابعه شعبة عن عمرو بن دينار به.
أخرجه الدارمي (2/ 80)،وابن حبان (7/ 569/5901)، وأحمد (3/ 368).
وتابع عمراً ابن جريج فقال: حدثنا عطاء به،ولفظه:
((كنا لا نأكل من لحوم بدننا فوق ثلاث منى، فأرخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كلوا، وتزودوا. قلت: قال جابر: حتى جئنا المدينة؟ قال: نعم.
هكذا أخرجه مسلم من طريق محمد بن حاتم: حدثنا يحيي بن سعيد عن ابن جريج به.
وخالفه الإمام أحمد فقال ((3/ 317):ثنا يحيى بن سعيد به، إلا أنه قال)) لا)) مكان ((نعم)).
وكذلك أخرجه البخاري والبيهقي عن مسدد: ثنا يحيى به.
وتابعه عمرو بن علي عند النسائي كما في ((الفتح)) (9/ 455).
فهؤلاء الثلاثة من الثقات الحفاظ-أحمد ومسدد، وعمرو بن علي-خالفوا محمد بن حاتم، فقالوا: ((لا)) مكان ((نعم))،ولا شك أن روايتهم أرجح، وهو الذي جزم به الحافظ فقال:
((والذي وقع في (البخاري) وهو المعتمد، وقد نبه على اختلاف البخاري ومسلم في هذه اللفظة الحميدي في (جمعه)،وتبعه عياض، ولم يذكرا ترجيحاً، وأغفل ذلك شراح البخاري أصلاً فيما وقفت عليه)).
وأقول: لكن الحديث قد جاء من طريق غير يحيى عن ابن جريج، وهي طريق عمرو بن دينار عن عطاء بمعنى لفظ حديث محمد بن حاتم كما رأيت.
وعلى ذلك فيكون هناك خلاف أقدم حول هذه للفظة بين عمرو بن دينار من جهة وابن جريج من جهة أخرى، وكلاهما ثقة حافظ، فلا بد من التوفيق بين روايتيهما أو الترجيح، والمصير إلي الأول هو الأصل، وقد حاول ذلك الحافظ ابن حجر فقال عقب ترجيحه السابق لرواية البخاري النافية على رواية مسلم المثبتة:
((ثم ليس المراد بقوله) لا) نفي الحكم، بل مراده أن جابراً لم يصرح باستمرار ذلك منهم حتى قدموا، فيكون على هذا معنى قوله في رواية عمرو بن دينار ((كنا نتزود لحوم الهدي إلي المدينة))، أي: لتواجهنا إلي المدينة، ولا يلزم من ذلك بقاؤها معهم حتى يصلوا المدينة. والله أعلم)).
قلت: لكن هناك طرق أخرى عن عطاء تبطل هذا التأويل مع مخالفته للظاهر، منها ما عند ابن أبي شيبة: نا علي عن عبدالملك عن عطاء به بلفظ:
((كنا نبلغ المدينة بلحوم الأضاحي)).
وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وتابعه أبو الزبير عن جابر قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/468)
((أكلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الأضاحي، وتزودنا حتى بلغنا بها المدينة)).
أخرجه أحمد (3/ 386) من طريق زهير، والطحاوي (2/ 308)، وابن حبان (5900) من طريقين أخريين، ثلاثتهم عن أبي الزبير به.
وهو على شرط مسلم مع عنعنة أبي الزبير، لكنه يتقوى برواية عبدالملك-وهو ابن أبي سليمان-وهو ثقة.
ومما يشهد لروايتهما رواية شعبة عن عمرو بن دينار المتقدمة بلفظ:
((إنا كنا لنتزود من مكة إلي المدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الأضاحي)).
وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
قلت: فهذا اللفظ عن عمرو بن دينار ومتابعة عبد الملك وأبو الزبير-على معناه، المصرحة بأنهم بلغوا بما تزودوا به من الأضاحي أو الهدي إلي المدينة-يبطل بكل وضوح ذلك المعنى الذي تقدم ذكره عن الحافظ في سبيل التوفيق بين رواية البخاري النافية وروايته الأخرى ن عمرو المثبتة، فتعين أنه لا بد من الترجيح، ولا شك أي باحث ذي نظر ثاقب أن رواية عمرو هي الراجحة، لما لها من شواهد التي ذكرنا، ولأنها مثبتة، ومن المعلوم في الأصول أن المثبت مقدم على النافي، لاسيما وأن للحديث شواهد عن غير جابر من الصحابة، ولعلي إذا نشطت ذكرت ما تيسر لي منها.
وتبين بهذا التخريج أن رواية ابن جريج غير محفوظة، وهو ما أشار إليه الإمام البيهقي بقوله عقب رواية عمرو:
((فالتزود غلي المدينة حفظه عمرو بن دينار عن عطاء (أي: ولم يحفظه ابن جريج عنه)، وحفظه أيضاً عبدالملك بن أبي سليمان عن عطاء، وحفظه زهير بن معاوية (قلت: وغيره كما تقدمت الإشارة إليه) عن ابي الزبير عن جابر)).
وقد روى التزود المذكور من الصحابة غير جابر:
1 - ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه مسلم والدارمي وأبن حبان (2902) والبيهقي، وهو مخرج في ((صحيح أبي داود)) (2505).
2 - وأبو سعيد الخدري:
((كنا نتزود من وشيق الحج حتى يكاد يحول عليه الحول)).
أخرجه أحمد (85/ 3) بسند حسن.
وروى ابن حبان وغيره من حديث عائشة مرفوعاً بلفظ:
((كلوه من ذي الحجة إلي ذي الحجة))،وسيأتي تخرجه برقم (1309).
(تنبيه):لقد شاع بين الناس الذين يعودون من الحج التذمر البالغ مما يرونه من ذهاب الهدايا والضحايا في منى طعماً للطيور والسباع الوحوش، أو لقماً للخنادق الضخمة التي تحفرها الجرفات الآلية ثم تقبرها فيها، حتى لقد حمل ذلك بعض المفتين الرسميين على إفتاء بعض الناس بجواز-بل وجوب- صرف أثمان الضحايا والهدايا في منى إلي الفقراء، او يشتري بها بديلها في بلاد المكلفين بها، ولست الآن بصدد بيان ما في هذه الفتوى من الجور، ومخالفة النصوص الموجبة لما استيسر من الهدي دون القيمة، وإنما غرضي أن أنبه أن التذمر المذكور يجب أن يعلم أن المسؤول عنه إنما هم المسلمون أنفسهم، لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها الآن، وإنما أذكر هنا سبباً واحداً منها، وهو عدم اقتدائهم بالسلف الصالح رضي الله عنهم في الانتفاع من الهدايا:
بذبحهاو سلخها وتقطيعها، وتقديمها قطعاً إلي الفقراء، والأكل منها، ثم إصلاحها بطريقة فطرية؛ كتشريقه وتقديمه تحت أشعة الشمس بعد تمليحه، أو طبخه مع التمليح الزائد ليصلح للادخار، أو بطريقة أخرى عملية فنية إن تيسرت، لو أن المسلمين صنعوا في الهدايا هذا وغيره مما يمكن استعماله من الأسباب والوسائل؛ لزالت الشكوى بإذن الله، ولكن إلى الله المشتكى من غالب المسلمين الذين يحجون إلى تلك البلاد المقدسة وهم في غاية الجهل بأحكام المناسك الواجبة، فضلاً عن غيرها من الآداب والثقافة الإسلامية العامة. والله المستعان.
بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ
866 - (بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا).
أخرجه ابن المبارك في ((الزهد)) (رقم377):أخبرنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي مسعود قال: قيل له: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ((زعموا))؟ قال فذكره.
وهكذا أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (762)، وأبو داود (4972)، والطحاوي في ((المشكل)) (1/ 67) من طرق عن الأوزاعي به؛ إلا أنهم قالوا:
((عن أبي قلابة قال: قال أبو مسعود لأبي عبد الله، أو قال أبو عبدالله لأبي مسعود: ما سمعت ... )) إلخ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/469)
هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، وأبو قلابة قد صرح بالتحديث في رواية الواليد بن مسلم قال: نا الأوزاعي: نا يحيى بن أبي كثير: نا أبوقلابة: نا أبو عبدالله مرفوعاً به.
أخرجه الطحاوي وابن منده في ((المعرفة)) (2/ 251/2).
قلت: وهذا إسناد صحيح متصل بالتحديث، وقال أبودود:
((أبو عبد الله هذا حذيفة)).
قلت: وقد جاء ذلك مفسراً في إسناد أحمد:
((أ, قال أبو مسعود لأبي عبد الله، يعني: حذيفة)).
ولذلك أورده في ((مسند حذيفة)).
وخالفهم جميعاً يحيى بن عبد العزيز فقال: عن يحيى بن أبي كثير عن قلابة عن أبي المهلب أن عبد الله بن عامر قال: يا أبا سعيد ما سمعت ... )) إلخ.
أخرجه البخاري في ((الدب المفرد)) (رقم763)، والخرائطي في (مساوئ الأخلاق)) (301/ 688).
وهذه رواية شاذة بل منكرة؛ فإن يحيى هذا ليس بالمشهور بالحفظ والضبط، ولهذا قال الحافظ:
((مقبول)). يعني عند المتابعة؛ وإلا فلين عند التفرد كما هو اصطلاحه، فكيف وقد خالف؟
قلت: وفي الحديث ذم استعمال هذه الكلمة ((زعموا))؛ وإن كانت في اللغة قد تأتي بمعنى قال كما هو معلوم، ولذلك لم تأت في القرآن إلا في الإخبار عن المذمومين بأشياء مذمومة كانت منهم؛ مثل قوله تعالى) زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا)،ثم أتبع ذلك بقوله (بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم)، ونحو ذلك من الآيات، قال الطحاوي رحمه الله تعالى بعد أن ساق بعضها:
((وكل هذه الأشياء فإخبار من الله بها عن قوم مذمومين في أحوال لهم مذمومة، وبأقوال كانت منهم كانوا فيها كاذبين، فكان مكروهاً لأحد من الناس لزوم أخلاق المذمومين في أخلاقهم، الكافرين في أديانهم، الكاذبين في أقوالهم. وكان الأولى بأهل الإيمان لزوم أخلاق المؤمنين الذين سبقوهم بالإيمان، وما كانوا عليه من المذاهب المحمودة والأقوال الصادقة التي حمدهم الله عليها، رضوان الله عليهم ورحمته. وبالله التوفيق)).
وقال البغوي في ((شرح السنة)) (12/ 362):
((إنما ذم هذه اللفظة؛ لأنها تستعمل غالباً في حديث لا سند له ولا ثبت فيه؛ إنما هو شئ يحكى على الألسن، فشبه النبي صلى الله عليه وسلم ما يقدمه الرجل أمام كلامه ليتوصل به إلى حاجته من قولهم ((زعموا)) بالمطية التي يتوصل بها الرجل إلى مقصده الذي يؤمه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتثبت فيما يحكيه، والاحتياط فيما يرويه، فلا يروي حديثاً حتى يكون مروياً عن ثقة؛ فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع))، وقال عليه السلام: (من حدث بحديث يرى أنه كذب؛ فهو أحد الكاذبين)).
الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ وَالْفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيمٌ
935 - (الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ وَالْفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيمٌ).
أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (481)، وأبو داود (4790)، والترمذي (1/ 356)، والحاكم (1/ 43)، والعقيلي في ((الضعفاء)) (ص56)، وابن عدي في ((الكامل)) (33/ 2)، والبيهقي في ((الشعب)) (6/ 270/8117) من طريق بشر بن رافع عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
وقال الترمذي:
((حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه)).
كذا قال، وفيه نظر يبينه قول العقلي:
((لا يتابع عليه بشر بن رافع إلا من هو قريب منه في الضعف)).
قلت: بشر هذا ضعيف الحديث كما في ((التقريب)).
وقد تابعه الحجاج بن فرافصة عن يحيى بن أبي كثير به.
أخرجه ابوداود، والطحاوي في ((مشكل الآثار)) (4/ 202)، وأحمد (2/ 394)، والقضاعي في ((مسند الشهاب)) (2/ 3/1 - 2)، وأبو نعيم (3/ 110)، والخطيب (9/ 38)، والحاكم أيضاً، وكذا في ((علوم الحديث)) (ص117)، والبيهقي أيضاً (رقم8115و8116)، و ((السنن)) (10/ 195)، وقال في ((المستدرك)):
((الحجاج بن فرافصة قال ابن معين: لا بأس به. وقال ابوحاتم: شيخ صالح متعبد))
ولكنه في ((معرفة العلوم)) أعله بأن الحجاج لم يسم شيخه في رواية سفيان عنه، بل قال)) عن رجل عن أبي سلمة))، وهي رواية أحمد وأبي داود، وهذه علة غير قادحة؛ فقد سماه سفيان عنه في بعض الروايات الأخرى، وهي ثابتة عنه.
والحجاج هذا قال الحافظ في ((التقريب)):
((صدوق عابد يهم)).
فإذا ضم إلي روايته رواية بشر بن رافع؛ تقوي الحديث بمجموعها، وارتقى إلي درجة الحسن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/470)
وقد أخرجه عنه عبد الله بن المبارك في ((الزهد)) (679) مرسلاً؛ فقال: أخبرنا أسامة بن يزيد عن رجل من بلحارث بن عقبة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
وهذا الرجل هو أبو الأسباط الحارثي بشر بن رافع؛ كما ذكر المعلق الفاضل على ((الزهد)).
وبهذا الإسناد أخرجه ابن وهب في ((الجامع)) (ص39): حدثني أسامة بن زيد به.
وقد وجدت للحديث شاهداً- ولكنه مما لا يفرح به لشدة ضعفه، أذكره لبيان حاله-أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (19/ 82/166)،وابن عدي أيضاً (7/ 163) عن يوسف بن السفر: ثنا الأوزاعي عن يونس بن يزيد عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه مرفوعاً به.
قال الهيثمي في ((المجمع)) (1/ 82):
((وفيه يوسف بن السفر وهو كذاب)).
(فائدة): قال أبو جعفر الطحاوي رحمه الله:
(("الغر" في كلام العرب: هو الذي لاغائلة ولا باطن له يخالف ظاهره، ومن كان هذا سبيله أمن المسلمون ((الأصل: من المسلمين)) من لسانه ويده، وهي صفة المؤمنين. و (الفاجر): ظاهره خلاف باطنه؛ لأن باطنه هو ما يكره؛ وظاهره مخالف لذلك؛ كالمنافق الذي يظهر شيئا غير مكروه منه؛ وهو الإسلام الذي يحمده أهله عليه، ويبطن خلافه؛ وهو الكفر الذي يذمه المسلمون عليه)).
َلَا يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ
986 - (خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُ مِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَلَا يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ).
أخرجه ابوداود (1/ 407)، والترمذي (1/ 294)، والطحاوي في ((المشكل)) (1/ 239)، وابن خزيمة في ((صحيحه)) (1/ 255/1)، وابن حبان (1663) من طريق أبي يعلى، وهذا في ((المسند)) (4/ 459/2587)، والحاكم (1/ 443و 2/ 101)، وأحمد (1/ 294)، وعبد بن عبد الحميد في ((لمنتخب من المسند)) (73/ 1)، ومحمد بن مخلد في ((المنتقى من حديثه)) (2/ 3/2)، والضياء في ((المختارة)) (62/ 292/2) من طريق وهب بن جرير: ثنا أبي: سمعت يونس عن الزهري عن عبيد الله بن عبدا لله عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الحاكم:
((صحيح على شرط الشيخين؛ ولم يخرجاه لخلاف بين الناقلين فيه عن الزهري)).
وكذا قال الذهبي.
وقال الترمذي:
((حديث حسن غريب، لا يسنده كبير أحد غير جرير بن حازم، وإنما روى هذا الحديث عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وقد رواه حبان بن علي العنزي عن عقيل عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه الليث بن سعد عن عقيل عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً))).
قلت: جرير بن حازم ثقة احتج به الشيخان، وقد وصله، وهي زيادة يجب قبولها، ولا يضره رواية من قصر به على الزهري، ولذلك قال ابن القطان كما في ((الفيض)):
((هذا ليس بعلة، فالأقرب صحته)).
وقد تابعه حبان بن علي العنزي على وصله كما ذكره الترمذي.
ووصله لوين في ((حديثه)) (ق2/ 2): حدثنا حبان بن علي به.
وهكذا وصله ابن عدي (108/ 1)، والقضاعي في ((مسند الشهاب)) (2/ 226) من طريق أخرى عنه.
وأخرجه الطحاوي في ((المشكل)) (1/ 238) من طريق النسائي عن لوين به.
وزاد في آخره:
((إذا صبروا وصدقوا)).
وقال النسائي:
((وحبان ليس بالقوي)).
وأخرجه الدارمي (2/ 215) هكذا: ثنا محمد بن صلت: ثنا حبان بن علي عن يونس وعقيل عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس مرفوعاً به نحوه بلفظ:
((وما بلغ أثنى عشر ألفاً فصبروا وصدقوا، فغلبوا من قلة)).
وأخرجه أحمد (1/ 299)، وأبو يعلى (5/ 103/2714) عن حبان عن عقيل وحده.
ورجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير حبان بن علي وهو ضعيف؛ لكنه لم يترك كما قال الذهبي، فمثله يستشهد به.
ورواية الليث التي علقها الترمذي عن عقيل عن الزهري مرسلاً وصلها الطحاوي من طريق ابن صالح عنه.
وابن صالح اسمه عبد الله كاتب الليث، وفيه ضعف؛ فلا يحتج به عند التفرد؛ فكيف عند المخالفة؟
استدراك:
هذا ما كان وصل إليه علمي منذ أكثر من عشرين سنة، ثم وقفت على أمور اضطررت من أجلها إلي أن اعدل عن القول بصحة الحديث، راجياً من المولى سبحانه وتعالى أن يلهمني الصواب في ذلك، وإليك الأمور المشار إليها:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/471)
أولا: أنه لا يصح التعلق بضعف عبد الله بن صالح الذي رواه عن الليث عن عقيل عن الزهري مرسلاً؛ لأن الليث قد توبع كما سأذكر قريباً، وذلك من أسباب العدول المذكور.
ثانياً: أن ما تقدم في كلام الترمذي أن جرير بن حازم تفرد بروايته عن يونس عن الزهري بسنده المتصل عن ابن عباس، وبناءً عليه أجبت بأن جريراً ثقة ... فهذا كان جواباً ناقصاً؛ لأن الرجل فيه ضعف يسير من قبل حفظه؛ كما يستفاد من قول الحافظ في ((التقريب)):
((ثقة؛ لكن في حديثه عن قتادة ضعف، وله أوهام إذا حدث من حفظه)).
ونحوه ذكر الذهبي في ((الضعفاء)).
وعليه فالجواب المشار إليه ضعيف، وقد أشار إلي ذلك البيهقي في ((سننه)) (9/ 156) عقب روايته للحديث بقوله:
((تفرد به جرير بن حازم موصولاً، ورواه عثمان بن عمر عن يونس عن عقيل عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم منقطعاً. قال أبو داود: أسنده جرير بن حازم، وهو خطأ)).
قلت: وعثمان بن عمر هو ابن فارس العبدين وهو أوثق من جرير، فقد اتفقوا على توثيقه، بل قال العلجي:
((ثقة ثبت)).
ومما يؤيد ما قلت؛ إذا قابلت قول الحافظ المتقدم في جرير بقوله في عثمان هذا:
((ثقة، قيل: كان يحيى بن سعيد لا يرضاه)).
وقول يحيى جرح غير مفسر؛ فلا قيمة له، وبخاصة مع اتفاق الأئمة الآخرين على توثيقه.
ثالثاً: وعلى افتراض أن جريراً حفظه عن يونس-وهو ابن يزيد الأيلي-فيكون هذا هو المخطئ في وصله؛ فإنه وإن كان ثقة محتجاً به في ((الصحيحين))؛ فإن له أوهاماً كما بينه الحافظ في ((مقدمة الفتح)) _ (ص455)؛ فقال:
((وثقه الجهور مطلقاً، وإنما ضعفوا بعض رواياته؛ حيث تخالف أقرانه؛ أو يحدث من حفظه، فإذا حدث عن كتابه فهو حجة)).
وقال في ((التقريب)):
((ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهماً قليلاً، وفي غير الزهري خطأ)).
قلت: وهذا الحديث مما أخطأ فيه على الزهري- إن لم يكن أخطأ عيه جرير بن حازم كما تقدم-وذلك لأنه خالفه ثقتان احتج بهما الشيخان:
الأول: عقيل-وهو ابن خالد الأيلي-فقال: عن الزهري مرفوعاً. لم يجاوز به الزهري. وعقيل قال الحافظ:
((ثقة ثبت)).
أخرجه سعيد بن منصور في ((سننه)) (3/ 2/160/ 2387)، وعنه أبوداود في ((المراسيل)) (238/ 313).
والآخر: معمر-وهو ابن راشد البصري-فقال: عن الزهري به.
أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف) ((5/ 306/9099).
ومعمر قال الحافظ:
((ثقة ثبت فاضل؛ إلا أن روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئاً، وكذا فيما حدث به بالبصرة)).
قلت: فاتفاق هذين الثقتين على رواية الحديث عن الزهري مرسلاً مما يؤكد للمتأمل وهم جرير أو يونس في وصله عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس.
وإذا تبينت هذا، فستعرف أن رواية حبان بن علي عن يونس وعقيل مما لا يصلح للاستشهاد به لمخالفته-مع ضعفه في نفسه كما تقدم-لرواية الثقتين المذكورين كما هو ظاهر.
وإنه مما يؤكد ما تقدم من التحقيق جزم أبي داود والبيهقي بخطأ الرواية المسندة كما تقدم، وكذلك قال غيرهما؛ مثل أبي حاتم وابنه، فقد ساق هذا الحديث في كتابه ((العلل)) (1/ 347/1024) من الوجهين المسندين-أعني طريق جرير وحبان- ثم قال:
((فسمعت أبي يقول: مرسل أشبه. لا يحتمل هذا الكلام أن يكون كلام النبي صلى الله عليه وسلم)).
قلت: ولعل نفي أبي حاتم رحمه الله لهذا الاحتمال إنما هو لمخالفة الحديث لظاهر قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ {65} الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ).
والشاهد منه التخفيف المذكور فيه، فقد قال ابن كثير في تفسير قوله عز وجل: (وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً):
((فكانوا إذا كانوا على الشطر من عدوهم لم يسغ لهم أن يفروا منهم، وإذا كانوا دون ذلك لم يجب عليهم قتالهم، وجاز لهم أن يتحوزوا عنهم)).
وظاهر الحديث أنه لا يجوز لهم التحوز إذا كان عددهم اثني عشر ألفاً؛ مهما كان عدد عدوهم، وهذا خلاف قول ابن عباس-راوي الحديث-:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/472)
((إن فر من رجلين فقد فر، وإن فر من ثلاثة لم يفر)).
رواه الطحاوي بسند صحيح عنه، وكذا رواه ابن أبي شيبة (12/ 537) وزاد: ((يعني من الزحف))، وقد روي مرفوعاً ولا يصح، وبيانه في ((الضعيفة)) (6182).
هذا وقد روي الحديث عن أنس بنحوه وفيه زيادات في متنه، وإسناده ضعيف بمرة، وقد خرجته في ((الضعيفة)) (6180).
وجملة القول: إن الحديث لا يصح، فما جاء مخالفاً لهذا في بعض كتاباتي فأنا راجع عنه قائلاً: (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا).
كتاب فضائل القرآن والأدعية والأذكار والرقى
وجوب ذكر الله والصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل مجلس
74 - (مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ).
ترة: أي: نقص , والهاء فيه عوض من الواو المحذوفة.
75 - (مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ إِلَّا حَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَتَغَشَّتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَتَنَزَّلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ).
76 - (مَا قَعَدَ قَوْمٌ مَقْعَدًا لَا يَذْكُرُونَ فيه اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنْ دَخَلُوا الْجَنَّةَ لِلثَّوَابِ).
77 - (مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ إِلَّا قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَان عليهم ْ حَسْرَةً يوم القيامة)
78 - (مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ اللَّهِ تِرَةٌ وَمَنْ اضْطَجَعَ مَضْجَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ اللَّهِ تِرَةٌ).
79 - (مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا فَلَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً وَمَا مِنْ رَجُلٍ مَشَى طَرِيقًا فَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِ تِرَةً وَمَا مِنْ رَجُلٍ أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِ تِرَةً).
80 - (مَا مِنْ قَوْمٍ جَلَسُوا مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ إِلَّا رَأَوْهُ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
لقد دل هذا الحديث الشريف – وما في معناه – على وجوب ذكر الله سبحانه , وكذا الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل مجلس , ودلالة الحديث على ذلك من وجوه:
أولاً: قوله (فَإِنْ شَاءَ عذبهم وإن شاء غَفَرَ لَهُمْ) , فإن هذا لا يقال إلا فيما كان فعله واجباً وتركه معصية.
ثانياً: قوله (وَإِنْ دَخَلُوا الْجَنَّةَ لِلثَّوَابِ) , فإنه ظاهر في كون تارك الذكر والصلاة عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستحق دخول النار , وإن كان مصيره إلى الجنة ثواباً على إيمانه.
ثالثاً: قوله (وإِلَّا قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ) , فإن هذا التشبيه يقتضي تقبيح عملهم كل التقبيح , وما يكون ذلك – إن شاء الله تعالى – إلا فيما هو حرام ظاهر التحريم , والله أعلم.
فعلى كل مسلم أن ينتبه لذلك , ولا يغفل عن ذكر الله عز وجل , والصلاة على نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , في كل مجلس يقعده , وإلا كان عليه ترة وحسرة يوم القيامة.
قال المناوي في (فيض القدير): (فيتأكد ذكر الله والصلاة على رسوله عند إرادة القيام من المجلس , وتحصل السنة في الذكر والصلاة , بأي لفظ كان , لكن الأكمل في الذكر: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ , وفي الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما في آخر التشهد).
قلت: والذكر المشار إليه هو المعروف بكفارة المجلس , وقد جاء فيه عدة أحاديث , أذكر واحداً منها هو أتمها , وهو:
81 - (من قال: سبحان الله وبحمده، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لاإله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، فقالها في مجلس ذكر، كانت كالطابع يطبع عليه، ومن قالها في مجلس لغو، كانت كفارة له).
تدارسوا القرآن قبل رفعه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/473)
87 - (يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ وَلَا صَلَاةٌ وَلَا نُسُكٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي لَيْلَةٍ فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنْ النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ يَقُولُونَ أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَنَحْنُ نَقُولُهَا).
اخرجه ابن ماجه , والحاكم , ونعيم بن حماد من طريق أَبُي مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ مرفوعاً به , وزاد قَالَ صِلَةُ بن زفر لحذيفة: (مَا تُغْنِي عَنْهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا صَلَاةٌ وَلَا صِيَامٌ وَلَا نُسُكٌ وَلَا صَدَقَةٌ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حُذَيْفَةُ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ ثَلَاثًا كُلَّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ حُذَيْفَةُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ فَقَالَ يَا صِلَةُ تُنْجِيهِمْ مِنْ النَّارِ ثَلَاثًا).
ويدرس: من درس الرسم دروساً: إذا عفا وهلك , ووشي الثوب: نقشه.
وفي هذا الحديث نبأ خطير , وهو أنه سوف يأتي يوم على الإسلام يمحى أثره , وعلى القرآن فيرفع , فلا يبقى منه ولا آية واحدة , وذلك لا يكون إلا بعد أن يسيطر الإسلام على الكرة الأرضية جميعها , وتكون كلمته فيها هي العليا , كما هو نص قول الله تبارك وتعالى (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) التوبة33. وكما شرح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك في أحاديث كثيرة سبق ذكر بعضها.
وما رفع القرآن الكريم في آخر الزمان , إلا تمهيداً لإقامة الساعة على شرار الخلق , الذين لا يعريفون شيئاً من الإسلام البتة , حتى ولا توحيده.
وفي الحديث إشارة إلى عظمة القرآن , وأن وجوده بين المسلمين هو السبب لبقاء دينهم ورسوخ بنيانه , وما ذلك إلا بتدارسه وتدبره وتفهمه , ولذلك تعهد الله تبارك وتعالى بحفظه إلى أن يأذن الله برفعه.
فما أبعد ضلال بعض المقلدة الذين يذهبون إلى أن الدين محفوظ بالمذاهب الأربعة , وأنه لا ضير على المسلمين من ضياع قرآنهم لو فرض وقوع ذلك , هذا ما كان صرح لي به أحد كبار المفتين من الأعاجم , وهو يتكلم العربية الفصحى بطلاقة , وذلك لما جرى الحديث بيني وبينه حول الاجتهاد والتقليد , قال – ما يردده كثير من الناس: إن الاجتهاد أغلق بابه منذ القرن الرابع , فقلت له: وماذا نفعل بهذه الحوادث الكثيرة التي تتطلب معرفة حكم الله فيها اليوم؟ قال: إن هذه الحوادث مهما كثرت فستجد الجواب عنها في كتب علمائنا إما عينها أو مثلها. قلت: فقد اعترفت ببقاء باب الاجتهاد مفتوحاً ولا بد. قال كيف ذلك؟ قلت: لأنك اعترفت أن الجواب قد يكون مثلها لا عن عينها , إذا الأمر كذلك فلابد من النظر في كون الحادثة في هذا العصر هي مثل التي أجابوا عنها وحين ذلك فلا مناص من استعمال النضر والقياس , وهو الدليل الرابع من أدلة الشرع , وهذا معناه الاجتهاد بعينه لمن هو له أهل , فكيف تقولون بسد بابه؟.
ويذكرني هذا بحديث آخر جرى بيني وبين أحد المفتين شمال سورية , سألته: هل تصح الصلاة في الطائرة؟ قال: نعم. قلت هل تقول ذلك تقليداً أم اجتهاداً؟ قال: ماذا تعني؟ قلت لا يخفى أن من أصولكم في الإفتاء , أنه لا يجوز الإفتاء باجتهاد , بل اعتماداً على نص من إمام , فهل هناك نص بصحة الصلاة في الطائرة؟ قال: لا. قلت فكيف إذن خالفتم أصلكم هذا فأفتيتم دون نص؟ قال: قياساً. قلت ما هو المقيس عليه؟ قال الصلاة في السفينة. قلت هذا حسن , ولكنك خالفت بذلك أصلاً وفرعاً: أما الأصل , فما سبق ذكره , وأما الفرع , فقد ذكر الرافعي في (شرحه) أن المصلي لو صلى في أرجوحة غير معلقة بالسقف ولا مدعمة بالأرض فصلاته باطلة. قال لا علم لي بهذا. قلت فراجع الرافعي إذن اتعلم أن (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) يوسف76 , فلو أنك تعرف أنك من أهل القياس والاجتهاد , وأنه يجوز لك ذلك – ولو في حدود المذهب فقط - , لكانت النتيجة أن الصلاة في الطائرة باطلة , لأنها هي التي يتحقق فيها ما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/474)
ذكره الرافعي من الفرضية الخيالية يومئذ , أما نحن , فنرى أن الصلاة في الطائرة صحيحة لا شك في ذلك , ولئن كان السبب في صحة الصلاة في السفينة أنها مدعمة بالماء بينها وبين الأرض , فالطائرة أيضاً مدعومة بالهواء بينها وبين الأرض , وهذا هو الذي بدا لكم في أول الأمر حين بحثتم استقلالاً , ولكنكم لما علمتم بذلك الفرع المذهبي , صدكم عن القول بما أداكم إليه بحثكم؟.
أعود إلى إتمام الحديث مع المفتي الأعجمي: قلت له: وإذا كان الأمر كما تقولون: إن المسلمين ليسوا بحاجة إلى مجتهدين , لأن المفتي يجد الجواب عن عين المسألة أو مثلها , فهل يترتب ضرر ما لو فرض ذهاب القرآن؟ قال: هذا لا يقع. قلت: إنما أقول لو فرض. قال: لا يترتب أي ضرر لو فرض وقوع ذلك , قلت: فما قيمة امتنان الله عز وجل إذن على عباده بحفظ القرآن حين قال (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحج 9 , إذا كان هذا الحفظ غير ضروري بعد الأئمة؟.
والحقيقة أن هذا الجواب الذي حصلنا عليه من المفتي بطريق المحاورة هو جواب كل مقلد على وجه الأرض , وإنما الفرق أن بعضهم لا يجرؤ على التصريح به , وإن كان قلبه قد انطوى عليه , نعوذ بالله من الخذلان.
فتأمل أيها القارئ اللبيب , مبلغ ضرر ما نشكو منه , لقد جعلوا القرآن في حكم المرفوع وهو لا يزال بين ظهرانينا والحمد لله , فكيف يكون حالهم حين يسرى عليه في ليلة , فلا يبقى في الأرض منه آية , فاللهم هداك.
من الأذكار بعد الفريضة
100 - (يَا أَبَا ذَرٍّ أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تُدْرِكُ بِهِنَّ مَنْ سَبَقَكَ وَلَا يَلْحَقُكَ مَنْ خَلْفَكَ إِلَّا مَنْ أَخَذَ بِمِثْلِ عَمَلِكَ تُكَبِّرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتَحْمَدُهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتُسَبِّحُهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتَخْتِمُهَا بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
رواه أبو داود: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَائِشَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو ذَرٍّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أهل الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ وَلَهُمْ فُضُولُ أَمْوَالٍ يَتَصَدَّقُونَ بِهَا وَلَيْسَ لَنَا مَالٌ نَتَصَدَّقُ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فذكرة) وزاد في آخره (غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ).
ومن الظاهر أنها غير منسجمة مع سياق الحديث _ زيادة غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ _ وقد جاءت هذه الزيادة في حديث آخر لأبي هريرة , فأخشى أن يكون اختلط على بعض الرواة أحد الحديثين بلآخر , فدمجهما في سياق واحد , ولفظ الحديث المشار إليه يأتي بعده إن شاء الله.
101 - (مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ ثم َقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ له خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ).
وقد جاء هذا العدد في حديث آخر , ولكنه جعل بدل التهليلة تكبيرة أخرى مع الثلاث والثلاثين , ويأتي عقب هذا إن شاء الله تعالى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/475)
فائدة: أخرج النسائي والحاكم عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: (أُمِرُوا أَنْ يُسَبِّحُوا دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَيَحْمَدُوا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَيُكَبِّرُوا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ فَأُتِيَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي مَنَامِهِ فَقِيلَ لَهُ أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُسَبِّحُوا دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتَحْمَدُوا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتُكَبِّرُوا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَاجْعَلُوهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَاجْعَلُوا فِيهَا التَّهْلِيلَ [يعني:خَمْسًا وَعِشْرِينَ] فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ اجْعَلُوهَا كَذَلِكَ).
وله شاهد من حديث ابن عمر نحوه , أخرجه النسائي بسند صحيح.
102 - (مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ أَوْ فَاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَةً وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَحْمِيدَةً وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَةً).
معقبات , أي كلمات تقال عقب الصلاة , والمعقب ما جاء عقب قبله.
قلت: والحديث نص على أن هذا الذكر إنما يقال عقب الفريضة مباشرة , ومثله ما قبله من الأوراد وغيرها , سواء كانت الفريضة لها سنة بعدية أو لا , ومن قال من المذاهب بجعل ذلك عقب السنة – فهو مع كونه لا نص لديه بذلك – فإنه مخالف لهذا الحديث وأمثاله مما هو نص في المسألة , والله ولي التوفيق.
فضل الدعاء والبر
154 - (لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ).
قوله: القضاء: أراد به هنا الأمر المقدور لولا دعاؤه.
وقوله وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ: يعني العمر الذي كان يقصر لولا بره.
الخطبة الجذماء
169 - (كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ).
فائدة: قال المناوي في فيض القدير: (وأراد بالتشهد هنا الشهادتين , من إطلاق الجزء على الكل , كما في التحيات. قال القاضي: أصل التشهد الإتيان بكلمة الشهادة , وسمي التشهد تشهداً لتضمنه إياهما , ثم اتسع فيه فاستعمل في الثناء على الله تعالى والحمد له).
قلت وأنا أظن أن المراد بالتشهد في الحديث إنما هو خطبة الحاجة التي كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمها أصحابه: (إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا اله ألا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله).
ودليلي على ذلك حديث جابر بلفظ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ فَيَخْطُبُ فَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَيَقُولُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ إِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ ... ) الحديث.
وفي رواية عنه بلفظ: (كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ ... ) الحديث رواه أحمد وغيره.
فقد أشار في هذا اللفظ إلى أن ما في اللفظ الأول قبيل (إِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ ...... ) , هو التشهد , وهو وأن لم يذكر فيه صراحة , فقد أشار إليه بقوله فيه: (فَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ).
وقد تبين في أحاديث أخرى في خطبة الحاجة أن الثناء عليه تعالى كان يتضمن الشهادتين , ولذلك قلنا: إن التشهد في هذا الحديث إشارة إلى التشهد المذكور في خطبة الحاجة , فهو يتفق مع اللفظ الثاني في حديث جابر في الإشارة إلى ذلك , وقد تكلمت عليه في خطبة الحاجة ,فليراجعه من شاء.
وقوله كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ , أي المقطوعة , والجذم سرعة القطع , يعني: أن كل خطبة لم يؤت فيها بالحمد والثناء على الله فهي كاليد المقطوعة التي لا فائدة بها. مناوي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/476)
قلت: ولعل هذا هو السبب أو على الأقل من أسباب عدم حصول الفائدة من كثير من الدروس والمحاضرات التي تلقى على الطلاب أنها لا تفتتح بالتشهد المذكور , مع حرص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البالغ على تعليمه أصحابه إياه , كما شرحته في الرسالة المشار إليها , فلعل هذا الحديث يذكر الخطباء بتدارك ما فاتهم من إهمالهم لهذه السنة التي طالما نبهنا عليها في مقدمة هذه السلسلة وغيرها.
الذكر بعد السلام من الفريضة
196 - (كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة [حين يسلم]: لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم! لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد).
وفي هذا الحديث مشروعية هذا الذكر بعد السلام من الفريضة , وقد حرم فضله من ذهب إلى عدم مشروعية الزيادة على قوله: (اللهم أنت السلام .... ) , إلخ عقب الفرض وأن ما سواه من الأوراد إنما عقب السنة البعدية , وفي هذا الحديث رد صريح عليهم لا يقبل الرد.
التسمية على الطعام هي بسم الله فقط
344 - (يا غلام إذا أكلت , فقل: بسم الله , وكل بيمينك , وكل مما يليك).
وفي الحديث دليل على أن السنة في التسمية على الطعام إنما هي: " بسم الله " فقط , ومثله حديث عائشة مرفوعاً: (إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ فَإِنْ نَسِيَ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ).
قال الحافظ: (وأما قول النووي في آداب الأكل من " الأذكار ": " صفة التسمية من أهم ما ينبغي معرفته , والأفضل أن يقول: بسم الله الرحمن الرحيم , فإن قال: بسم الله , كفاه وحصلت السنة " , فلم أر لما ادعاه من الأفضلية دليلاً خاصاً).
وأقول: لا أفضل من سنته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , "وخير الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" , فإذا لم يثبت في التسمية على الطعام إلا "بسم الله " , فلا يجوز الزيادة عليها , فضلاً عن أن تكون الزيادة أفضل منها , لأن القول بذلك خلاف ما أشرنا إليه من الحديث "وخير الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
النهي عن الزيادة في حديثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
346 - (إِذَا حَدَّثْتُكُمْ حَدِيثًا فَلَا تَزِيدُنَّ عَلَيِْ وَقَالَ أَرْبَعٌ مِنْ أَطْيَبِ الْكَلَامِ وَهُنَّ مِنْ الْقُرْآنِ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ لَا تُسَمِّيَنَّ غُلَامَكَ أَفْلَحًا وَلَا نَجِيحًا وَلَا رَبَاحًا وَلَا يَسَارًا , [فإنك تقول: أثم هو؟ فلا يكون , فيقول: لا]).
في الحديث آداب ظاهرة , وفوائد باهرة , أهمها النهي عن الزيادة في حديثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا وإن كان معناه في رواية حديثه ونقله , فإنه يدل على المنع من الزيادة فيه تعبداً قصداً للاستزادة من الأجر بها من باب أولى , وأبرز صور هذا الزيادة على الأذكار الواردة الثابتة عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كزيادة " الرحمن الرحيم " في التسمية على الطعام , فكما أنه لا يجوز للمسلم أن يروي قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المتقدم " 344 ": "قل: بسم الله " , بزيادة "الرحمن الرحيم" فكذلك لا يجوز له أن يقول هذه الزيادة على طعامه , لأنه زيادة على النص فعلاً , فهو بالمنع أولى , لأنه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قل بسم الله " , تعليم للفعل , فإذا لم يجز الزيادة في التعليم الذي هو وسيلة للفعل , فلأن لا يجوز الزيادة في الفعل الذي هو الغاية أولى وأحرى , ألست ترى إلى ابن عمر رضي الله عنه أنه أنكر على من زاد الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الحمد عقب العطاس بحجة أنه مخالف لتعليمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وقال له: (وأنا أقول: الحمد لله , والسلام على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ولكن ليس هكذا علمنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , علمنا إذا عطس أحدنا أن يقول: الحمد لله على كل حال؟) , صحيح الإسناد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/477)
فإذا عرفت ما تقدم من البيان , فالحديث من الأدلة الكثيرة على رد الزيادة في الدين والعبادة , فتأمل في هذا واحفظه , فإنه ينفعك إن شاء الله تعالى في إقناع المخالفين , هدانا الله وإياهم صراطه المستقيم.
وفي الحديث النهي عن التسمية بـ (يسار) و (رباح) و (أفلح) و (نجيح) , ونحوها , فينبغي التنبه لهذا , وترك تسمية الأبناء بشئ منه , وقد كان في السلف من دعي بهذه الأسماء , فالظاهر أنه كان ذلك لسبب عدم علمهم بالحديث إذا كان من التابعين فمن بعدهم , أو قبل النهي عن ذلك إذا كان من الصحابة رضي الله عنهم , والله أعلم.
استحباب رقية المسلم لأخيه المسلم بما لا بأس به من الرقى
472 - (مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ).
أخرجه مسلم , وابن حبان , وأحمد , والخرئطي من طريق ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبدالله يقول: "أرخص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رقية الحية لبني عمرو".
قال أبوالزبير: سمعت جابر بن عبدالله يقول: " لدغت رجلاً منا عقرب ونحن جلوس مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رجل: يارسول الله أرقي؟ قال: فذكره".
وفي رواية لمسلم وأحمد من طريق أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ لِي خَالٌ يَرْقِي مِنْ الْعَقْرَبِ فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرُّقَى قَالَ فَأَتَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ قد نَهَيْتَ عَنْ الرُّقَى وَأَنَا أَرْقِي مِنْ الْعَقْرَبِ فَقَالَ: (فذكره).
وفي الحديث استحباب رقية المسلم لأخيه المسلم بما لا بأس به من الرقى , وذلك ما كان معناه مفهوماً مشروعاً , وأما الرقى بما لا يعقل معناه من الألفاظ , فغير جائز , قال المناوي: "وقد تمسك ناس بهذا العموم , فأجازوا كل رقية جربت منفعتها , وإن لم يعقل معناها , لكن دل حديث عوف الماضي أن ما يؤدي إلى شرك يمنع , وما لا يعرف معناه لا يؤمن أن يؤدي إليه , فيمنع احتياطاً".
قلت: ويؤيد ذلك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يسمح لآل عمرو بن حزم بأن يرقي إلا بعد أن اطلع على صفة الرقية , ورآها مما لا باس به , بل إن الحديث بروايته الثانية من طريق أبي سفيان نص في المنع مما لا يعرف من الرقى , لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى نهياً عاماً أول الأمر ثم رخص فيما تبين أنه لا باس به من الرقى , وما لا يعقل معناه منها لا سبيل إلى الحكم عليها بأنه لا بأس بها , فتبقى في عموم المنع , فتأمل.
وأما الاسترقاء – وهو طلب الرقية من الغير – فهو وإن كان جائزاً , فهو مكروه , كما يدل عليه حديث: (هم الذين لا يسترقون .... ولا يكتوون ولا يتطيرون , وعلى ربهم يتوكلون) متفق عليه.
وأما ما وقع من الزيادة في رواية لمسلم: (هم الذين [لا يرقون و] يسترقون ... ) , فهي زيادة شاذة , ولا مجال لتفصيل القول في ذلك الآن من الناحية الحديثية , وحسبك أنها تنافي ما دل عليه هذا الحديث من استحباب الترقية , وبالله التوفيق.
اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ
746 - (اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي سُوَرٍ من القرآن ثَلَاثٍ "الْبَقَرَةِ" و"َآلِ عِمْرَانَ" وَ"طه").
أخرجه ابن معين في ((التاريخ والعلل)) (10/ 152/2)،وابن ماجه (3856)،والطحاوي في (مشكل الآثار) (1/ 63)،والفريابي في (فضائل القرآن) (184/ 1)، وتمام في (الفوائد) (36/ 2)، وأبو عبدالله بن مروان القرشي في (الفوائد) (25/ 110/2) والسياق له، والحاكم (1/ 506)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق) (14/ 155) من طريق عبدالله بن علاء قال: سمعت القاسم أبا عبدالرحمن يخبر عن أبي إمامة مرفوعاً به. قال القاسم أبو عبدالرحمن:
((فالتمست في (البقرة) فإذا هو في آية الكرسي (اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّوم) وفي (آل عمران) فاتحتها: (اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) وفي (طه)، (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ)).
(فائدة): قول القاسم أن الاسم الأعظم في آية (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) من سورة (طه) لم أجد في المرفوع ما يؤيده فالأقرب عندي أنه في قوله في أول السورة (إنني أنا الله لا إله إلا أنا. .) فإنه الموافق لبعض الأحاديث الصحيحة فانظر ((الفتح)) (11/ 225)، ((وصحيح أبي داود)) (1341).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/478)
كتاب الجنة والنار
مافي الدنيا من أنهار الجنة
110 - (سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ).
رواه مسلم , وأحمد , وأبوبكر الأبهري , والخطيب من طريق حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعاً.
وله طريق أخرى بلفظ:
111 - (فُجِّرَتْ أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ مِنْ الْجَنَّةِ الْفُرَاتُ وَالنِّيلُ وَسَيْحَانُ وَجَيْحَانُ).
وله شاهد من حديث أنس بن نالك مرفوعاً بلفظ:
112 - (رُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ وَوَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ يَخْرُجُ مِنْ سَاقِهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَانِ قَالَ أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَفِي الْجَنَّةِ وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ).
لعل المراد من كون هذه الأنهار من الجنة أن أصلها منها , كما أن أصل الإنسان من الجنة , ويدل على ذلك لفظ الحديث المتقدم-111 - : (فُجِّرَتْ .... ) , فلا ينافي الحديث ما هو معلوم مشاهد من أن هذه الأنهار تنبع من منابعها المعروفة في الأرض , فإن لم يكن هذا هو المعنى أو ما يشبهه , فالحديث من أمور الغيب التي يجب الإيمان بها والتسليم للمخبر عنها , (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء65.
الشمس والقمر في النار يوم القيامة
124 - (الشمس والقمر ثوران مكوران في النار يوم القيامة).
وليس المراد من الحديث ما تبادر إلى ذهن الحسن البصري: أن الشمس والقمر في النار يعذبان فيها عقوبة لهما , كلا , فإن الله عز وجل لا يعذب من أطاعه من خلقه , ومن ذلك الشمس والقمر , كما يشير إليه قول الله تبارك وتعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ) الحج 18 , فأخبر تعالى أن عذابه إنما يحق على غير من كان يسجد له تعالى في الدنيا , كما قال الطحاوي , وعليه , فإلقاؤهما في النار يحتمل أمرين:
الأول: أنهما من وقود النار.
قال الإسماعيلي: (لا يلزم من جعلهما في النار تعذيبهما , فإن لله في النار ملائكة وحجارة وغيرها , لتكون لأهل النار عذاباً , وآلة من آلات العذاب , وما شاء الله من ذلك , فلا تكون هي معذبة).
والثاني: أنهما يلقيان فيها تبكيتاً لعبادهما.
قال الخطابي: (ليس المراد بكونهما في النار تعذيبهما بذلك , ولكنه تبكيت لمن كان يعبدهما في الدنيا , ليعلموا أن عبادتهم لهما كانت باطلاً).
قلت: وهذا هو الأقرب إلى لفظ الحديث , ويؤيده أن في حديث أنس عند أبي يعلى – كما في الفتح -: (ليراهما من عبدهما) , ولم أرها في مسنده , والله تعالى أعلم.
تمني الكافر الفداء من النار
172 - (يقول الله لأهون أهل النار عذابا [يوم القيامة]: [يا ابن آدم! كيف وجدت مضجعك؟ فيقول: شر مضجع. فيقال له:] لو كانت لك الدنيا وما فيها أكنت مفتديا بها؟ فيقول: نعم. فيقول: [كذبت] قد أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب [وفي رواية: في ظهر] آدم: أن لا تشرك [بي شيئا]، [ولا أدخلك النار]، فأبيت إلا الشرك. فيؤمر به إلى النار).
قوله: فيقول: كذبت , قال النووي (معناه: لو رددناك إلى الدنيا , لما افتديت , لأنك سئلت أيسر من ذلك فأبيت , فيكون من معنى قوله تعالى: (وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ).الأنعام 28.وبهذا يجتمع معنى هذا الحديث مع قوله سبحانه وتعالى: (لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ) , الرعد 18.
قوله: قد أردت منك , أي أحببت منك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/479)
والإرادة في الشرع تطلق ويراد بها ما يعم الخير والشر والهدى والضلال و كما في قوله تعالى (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ) الأنعام125 , وهذه الإرادة لا تتخلف.
وتطلق أحياناً ويراد بها ما يرادف الحب والرضى , كما في قوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة185.
وهذا المعنى هو المراد من قوله تعالى في هذا الحديث: (أردت منك) , أي أحببت.
والإرادة بهذا المعنى قد تتخلف , لأن الله تبارك وتعالى لا يجبر أحداً على طاعته , وإن كان خلقهم من أجلها (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) الكهف29 , وعليه فقد يريد الله تبارك وتعالى من عبده ما لا يحبه منه , ويحب منه مالا يريده.
وهذه الإرادة يسميها ابن القيم رحمه الله تعالى بالإرادة الكونية , أخذاً من قوله تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) يس82 , ويسمي الإرادة الأخرى المرادفة للرضى بالإرادة الشرعية.
وهذا التقسيم من فهمه , انحلت له كثير من مشكلات مسألة القضاء والقدر , ونجا من فتنة القول بالجبر او الأعتزال , وتفصيل ذلك في الكتاب الجليل شفاء العليل في القضاء والقدر والحكمة والتعليل لابن القيم رحمه الله تعالى.
وقوله: وأنت في صلب آدم , قال القاضي عياض: (يشير بذلك إلى قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) , فهذا الميثاق الذي أخذه عليهم في صلب آدم , فمن وفى به بعد وجوده في الدنيا, فهو مؤمن , ومن لم يوف به فهو كافر , فمراد الحديث: اردت منك حين أخذت الميثاق , فأبيت إذ أخرجتك إلى الدنيا إلا الشرك) ذكره في الفتح.
أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ
959 - (أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا: الْفِتَنُ وَالزَّلَازِلُ وَالْقَتْلُ).
أخرجه ابوداود (4278)، والحاكم (4/ 444)، وأحمد (4/ 410و418) من طريق المسعودي عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الحاكم:
((صحيح الإسناد)) ووفقه الذهبي وقال الحافظ ابن حجر في ((بذل الماعون)) (54/ 2):
((سنده حسن)).
كذا قالوا، والمسعودي كان اختلط.
ولكن الحديث صحيح؛ فقد أخرجه أحمد (3/ 408)، والبخاري في ((التاريخ الكبير)) (1/ 1/38 - 39)، والطبراني في ((المعجم الصغير)) (ص3)، والقاضي الخولاني في ((تاريخ داريا)) (ص82 - 38)،وأبوبكر الكلاباذي في ((مفتاح المعاني)) (154/ 1)،و الواحدي في ((الوسيط)) (1/ 128/1) من طرق أخرى كثيرة عن أبي بردة به نحو، فهو إسناد صحيح جداً.
ولأبي بردة فيه إسناد آخر؛ فقال محمد بن فضيل بن غزوان: ثنا صدقة بن المثنى: ثنا رياح عن أبي بردة قال:
((بينما أنا واقف في السوق في إمارة زياد إذ ضربت بإحدى يدي على الأخرى تعجبا، فقال رجل من الأنصار -قد كانت لوالده صحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم-:مما تعجب يا أبا بردة؟ قلت: أعجب من قوم دينهم واحد، ونبيهم واحد، ودعوتهم واحدة، وحجهم واحد، وغزوهم واحد، يستحل بعضهم قتل بعض قال: فلا تعجب فإني سمعت والدي أخبرني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.
أخرجه البخاري في ((التاريخ))، والحاكم (4/ 353 - 354) والسياق له، وقال:
((صحيح الإسناد))،ووافقه الذهبي.
قلت: هو كما قالا لولا الرجل الأنصاري الذي لم يسم.
ثم أخرجه الحاكم (1/ 49و4/ 254)، وكذا الطحاوي في ((المشكل)) (1/ 105)، والخطيب في ((التاريخ)) (4/ 205) من طريق أبي حصين عن أبي بردة عن عبدا لله بن يزيد مرفوعاً بلفظ:
((جعل عذاب هذه الأمة في دنياها)).
قال الحاكم:
((صحيح على شرط الشيخين))، ووافقه الذهبي، وإنما هو على شرط البخاري وحده؛ فإن أبا بكر بن عياش لم يخرج له مسلم.
وتابعه الحسن بن الحكم النخعي عن أبي بردة به دون الزيادة.
أخرجه الحاكم (1/ 50)، وله متابعون آخرون في ((التاريخ الكبير)) و ((الصغير)) (ص118 - هند).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/480)
(تنبيه) واعلم أن المقصود بـ ((الأمة)) هنا غالبها، للقطع بأنه لابد من دخول بعضهم النار للتطهير، أفاده المناوي، خلافاً لمن جهل، انظر ((الاستدراك)) (13).
كتاب التوبة والمواعظ والرقانق
خصال توجب الجنة
88 - (ما اجتمع هذه الخصال في رجل في يوم، إلا دخل الجنة).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا قَالَ فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا قَالَ فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا قَالَ فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ).
وفي هذا الحديث فضلية أَبُو بَكْرٍ الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , والبشارة له بالجنة , والأحاديث في ذلك كثيرة طيبة.
وفيه فضلية الجمع بين هذه الخصال في يوم واحد , وأن اجتماعها في شخص بشير له بالجنة , جعلنا الله من أهلها.
المعاصي هي سبب القحط والجور وغيرها من المصائب
106 - (يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ).
السنن: جمع سنة , أي: جدب وقحط.
يتخيروا , أي: يطلبوا الخير , أي: وما لم يطلبوا الخير والسعادة مما أنزل الله.
ولبعض الحديث شاهد من حديث بريدة بن الحصيب مرفوعاً بلفظ:
107 - (ما نقض قوم العهد قط، إلا كان القتل بينهم، وما ظهرت فاحشة في قوم قط، إلا سلط الله عز وجل عليهم الموت، ولا منع قوم الزكاة، إلا حبس الله عنهم القطر).
من هم َالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ
162 - (لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ [أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ]).
أخرجه الترمذي , وابن جرير , والحاكم , والبغوي , وأحمد , من طريق , مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ الْهَمْدَانِيِّ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قَالَتْ عَائِشَةُ أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ قَالَ (فذكره).
والسر في خوف المؤمنين أن لا يقبل منهم عبادتهم , ليس هو خشيتهم أن لا يوفيهم الله أجورهم , فإن هذا خلاف وعد الله إياهم في مثل قوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ) النساء173 , بل إنه ليزيدهم عليها , كما قال: (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) فاطر 30 , والله تعالى لا يخلف وعده , كما قال في كتابه , وإنما السر أن القبول متعلق بالقيام بالعبادة كما أمر الله عز وجل , وهم لا يستطيعون الجزم بأنهم قاموا بها على مراد الله , بل يظنون أنهم قصروا في ذلك , ولهذا فهم يخافون أن لا تقبل منهم.
فليتأمل المؤمن هذا عسى أن يزداد حرصاً على إحسان العبادة والإتيان بها كما أمر الله , وذلك بالإخلاص فيها له , واتباع نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هديه فيها , وذلك معنى قوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) الكهف 110.
ثم رأيت لشيخ الإسلام ابن تيمية كلاماً جيداً حول هذا الحديث بنحو ما ذكرت , فراجعه في رسالته في التوبة (1/ 257 - جامع الرسائل).
مثل الدنيا
382 - (إن مطعم ابن آدم قد ضرب للدنيا مثلا؛ فانظر ما يخرج من ابن آدم - وإن قزحه وملحه - قد علم إلى ما يصير).
قزحه: بتشديد الزاي , هو من القزح , وهو التوابل , يقال , قزحت القدر , إذا طرحت فيها الأبزار.
ملحه: بتخفيف اللام , أي , ألقى فيه الملح بقدر للإصلاح , يقال منه , ملحت القدر بالتخفيف , وأملحتها وملحتها , إذا أكثرت ملحها حتى تفسد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/481)
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[30 - 12 - 05, 08:56 م]ـ
الملف المرفق
ـ[الفاضل]ــــــــ[03 - 02 - 06, 05:50 م]ـ
أين الملف بارك الله فيك ..
ـ[حفيدة السلف]ــــــــ[02 - 12 - 06, 07:18 م]ـ
أين الملف بارك الله فيك ..
بارك الله فيكم ونفع بكم .. ننتظر الملف
ـ[طالب علوم الحديث]ــــــــ[17 - 03 - 07, 03:54 ص]ـ
جزاك الله خيرا، و لكن أخي هلا أوضحت من المستخرج لهذه الفوائد؟؟
ـ[ابو عاصم النبيل]ــــــــ[01 - 10 - 07, 08:10 م]ـ
نعم والاسناد من الدين
ـ[ابو ثابت]ــــــــ[28 - 08 - 08, 11:24 ص]ـ
بارك الله فيك(55/482)
رابط مخطوطات الأزهر يعمل الآن
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[12 - 12 - 05, 09:06 م]ـ
جربت الرابط الآن وهو يعمل
http://www.alazharonline.org/Manuscripts/index.jsp
دعواتكم لنا بالتوفيق والسداد
ـ[محب السلف]ــــــــ[12 - 12 - 05, 09:46 م]ـ
بشرك الله بكل خير(55/483)
سؤال حير بعض طلبة العلم هل القرآن مرتب. أو م&
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[12 - 12 - 05, 11:00 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هذا رجل سأل طلاب علم. وقال هل القرآن مرتب. أو مجمع.
يعني هل نزلت سورة البقرة كاملاً. وإذا كانت لا. فكيف هل جمعت.
؟؟؟؟؟؟؟؟
؟؟؟؟؟
ننتظر الفقهاء.
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 12:20 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أنا لست من الفقهاء أخي الكريم ولكن عندي علم قليل فى هذا الأمر لعله يفيدك ...
وما عندي هو أن القرآن نزل مفرقاً ولكن جبريل -عليه السلام- كان يأتي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيعرض عليه القرآن وترتيبه وفي آخر حياة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عرض القرآن مرتين مرتباً، فعلى ذلك فالقرآن ترتيبه توقيفياً عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن جبريل -عليه السلام- عن رب العزة -جل جلاله- ...
وهذه الروابط مفيدة فى هذا الأمر:
ولعل الأخوة قد يزيدوك فائدة فى هذا الأمر ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[13 - 12 - 05, 05:42 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الحبيب:
أولا لا يقال في علوم القرآن أن القرآن نزل مجمعا بل يقال منجما.
ثانيا: نزل منجما أي مفرقا آية أو أيات أو سورة كل بحسبه.
وكان جبريل عليه السلام يعلم النبي صلى الله عليه وسلم موضع كل آية والنبي صلى الله عليه وسلم يعلم الكتبة موضع كل آية فتوضع في مكانها على عين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا من أدلة حفظ الله لكتابه وأنه من عند الله.
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[13 - 12 - 05, 05:51 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الحبيب عمر لقد وضعت أحد الروابط ولما قرأته أشكل علي هذا المعنى فهلا بينته جزاك الله خيرا (جمع القرآن
الأول: في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أنه لم يكن موضوعا في موضع واحد ولا مرتب السور، كان مفرقا مكتوبا في الرقاع والعسب والحجارة والعظام وغيره.
الثاني: في عهد أبي بكر الصدّيق، جمعه في صحف مرتب الآيات.
.... ).
جزاك الله خيرا
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 08:51 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
إلى الشيخ شاكر توفيق العاروري -حفظه الله- ...
سامحك الله يا شيخنا أنا أقل من أن أبين هذا الإشكال لفضيلتك، ثم أنا لست من المتخصصين فى هذا الشأن ...
و لكن قد أستطيع الإفادة فى هذا الأمر كالتالي:
أظن أن ما أشكل على فضيلتك هو إما إحدى اثنتين:
1 - قول المؤلف والذى مؤداه أن الجمع الأول كان فى عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ...
وهذا يبينه معرفة المعاني اللغوية للجمع أو ما اصطلح عليه أهل العلم فى معناه ..
2 - قول المؤلف والذى مؤداه أن القرآن جمع فى عهد أبى بكر الصديق 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - مرتب الأيات دون أن يذكر أنه مرتب السور على خلاف ما ذكر فى جمع القرآن فى عهد عثمان بن عفان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ...
وهذا الإشكال وسابقه يبينهما -بإذن الله- هذا البحث الطيب والذى بياناته كالتالي:
العنوان: جمع القران .. في مراحله التاريخية من العصر النبوي إلى العصر الحديث
المؤلف: محمد شرعي أبو زيد
نبذه عن الكتاب: بحث تكميلي للحصول على درجة الماجستير في التفسير وعلوم القرآن.
وهذا هو رابط تحميله:
http://www.almeshkat.net/books/archive/books/264.zip
ويراعى التركيز على نقطة ترتيب السور هل هو توقيفي أم عن اجتهاد من الصحابة فهي مفيدة جداً فى هذا البحث، وأما نقطة معاني الجمع فهي فى أول البحث، ولدفع الإشكال الثاني فتفضل بقراءة جمع القرآن فى عهد أبى بكر وعثمان -رضي الله عنهما- وذلك فى ثنايا هذا البحث الطيب ...
وأسأل الله أن ينفعك وأهل الملتقى بهذا البحث وأن ينفع بكم ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[العوضي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 11:07 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أنا لست من الفقهاء أخي الكريم ولكن عندي علم قليل فى هذا الأمر لعله يفيدك ...
وما عندي هو أن القرآن نزل مفرقاً ولكن جبريل -عليه السلام- كان يأتي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيعرض عليه القرآن وترتيبه وفي آخر حياة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عرض القرآن مرتين مرتباً، فعلى ذلك فالقرآن ترتيبه توقيفياً عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن جبريل -عليه السلام- عن رب العزة -جل جلاله- ...
وهذه الروابط مفيدة فى هذا الأمر:
###########
ولعل الأخوة قد يزيدوك فائدة فى هذا الأمر ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخي الكريم عمر جزاك الله خيراً على جهودك ولكن ...
الرابط الأول هو لموقع رافضي خبيث
الرابط الثاني لا أظنه موقعاً لأهل السنة , ويكفيه أنه فيه كتاب لعدو الله - كما وصفه الأخ ابن وهب - محمد شحرور
والرابط الثالث الله أعلم به لأنني لم أتمكن من قراءته
فأتمنى من المشرف حذف الروابط
والله الموفق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/484)
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 11:16 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي العوضي على التنبيه وأؤيد طلبك بحذف الروابط فأنا الذى أخطأت ..
وبالنسبة للأخ مصعب فما ذكرته فى أول مشاركة هو الصواب -إن شاء الله- فقد راجعت كتاب "الإتقان فى علوم القرآن" للسيوطي -رحمه الله- فوجدته نقل الإجماع على ما ذكرت عن غير واحد من العلماء ...
وسامحوني يا أخوة -بارك الله فيكم- على نقلي لهذه الروابط ..
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[13 - 12 - 05, 01:48 م]ـ
الله يحفظكم. ويجزاكم خير(55/485)
النفقة علي الزوجة
ـ[أبو حمزة النوبي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 11:56 م]ـ
هل النفقة علي الزوجة تجب بمجرد العقد أم بعد الدخول و ماالدليل؟
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 01:59 م]ـ
نفقة المرأة واجبة على زوجها، وتجب بالعقد والتمكين من الدخول فإذا عقد عليها ومكن من الدخول بها وكان التأخير من جانبه هو فإن النفقة تجب عليه، أما إذا عقد عليها وكان هو يريد الدخول بها فأخرها وليها فإن النفقة لا تجب في تلك المدة والله تعالى أعلم(55/486)
ما فهمت هذا الحديث, هو خاص بالجال؟؟
ـ[محبكم البرازيلي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 01:38 ص]ـ
السلام عليكم
اخوة الكرام
اشكل عليّ فهم هذا الحديث
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ بْنِ بُحَيْنَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ , حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إبْطَيْهِ.
و هل هو خاص بالجال؟؟؟
ما هو القول الراجح؟؟؟
و جزيتم خيرا
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[13 - 12 - 05, 02:04 ص]ـ
ما معنى الجال؟؟ أتقصد الرجال فسقطت الراء؟
ـ[محبكم البرازيلي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 12:24 م]ـ
عفوا اخي اسامة
سقط مني الراء
هلهو خاص بالرجال؟؟؟؟
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[14 - 12 - 05, 01:55 م]ـ
هذا نص ما فى فتح البارى
(قوله فرج بين يديه أي نحى كل يد عن الجنب الذي يليها قال القرطبي الحكمة في استحباب هذه الهيئة في السجود أنه يخف بها اعتماده عن وجهه ولا يتأثر أنفه ولا جبهته ولا يتأذى بملاقاة الإرض وقال غيره هو أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة والأنف من الأرض مع مغايرته لهيئة الكسلان وقال ناصر الدين بن المنير في الحاشية الحكمة فيه أن يظهر كل عضو بنفسه ويتميز حتى يكون الإنسان الواحد في سجوده كأنه عدد ومقتضى هذا أن يستقل كل عضو بنفسه ولا يعتمد بعض الأعضاء على بعض في سجوده وهذا ضد ما ورد في الصفوف من التصاق بعضهم ببعض لأن المقصود هناك إظهار الاتحاد بين المصلين حتى كأنهم جسد واحد وروى الطبراني وغيره من حديث بن عمر بإسناد صحيح أنه قال لا تفترش افتراش السبع وادعم على راحتيك وأبد ضبعيك فإذا فعلت ذلك سجد كل عضو منك ولمسلم من حديث عائشة نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع وأخرج الترمذي وحسنه من حديث عبد الله بن أرقم صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكنت أنظر إلى عفرتي إبطيه إذا سجد ولابن خزيمة عن أبي هريرة رفعه إذا سجد أحدكم فلا يفترش ذراعيه افتراش الكلب وليضم فخذيه وللحاكم من حديث بن عباس نحو حديث عبد الله بن أرقم وعنه عند الحاكم كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد يرى وضح إبطيه وله من حديثه ولمسلم من حديث البراء رفعه إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك وهذه الأحاديث مع حديث ميمونة عند مسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم يجافى يديه فلو أن بهيمة أرادت أن تمر لمرت مع حديث بن بحينة المعلق هنا ظاهرها وجوب التفريج المذكور لكن أخرج أبو داود ما يدل على أنه للاستحباب وهو حديث أبي هريرة شكا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم له مشقة السجود عليهم إذا انفرجوا فقال استعينوا بالركب وترجم له الرخصة في ذلك أي في ترك التفريج قال بن عجلان أحد رواته وذلك أن يضع مرفقيه على ركبتيه إذا طال السجود واعيا وقد أخرج الترمذي الحديث المذكور ولم يقع في روايته إذا انفرجوا فترجم له ما جاء في الاعتماد إذا قام من السجود فجعل محل الاستعانة بالركب لمن يرفع من السجود طالبا للقيام واللفظ محتمل ما قال لكن الزيادة التي أخرجها أبو داود تعين المراد وقال بن التين فيه دليل على أنه لم يكن عليه قميص لانكشاف إبطيه وتعقب باحتمال أن يكون القميص واسع الأكمام وقد روى الترمذي في الشمائل عن أم سلمة قالت كان أحب الثياب إلى النبي صلى الله عليه وسلم القميص أو أراد الراوي أن موضع بياضهما لو لم يكن عليه ثوب لرئى قاله القرطبي واستدل به على أن إبطيه صلى الله عليه وسلم لم يكن عليهما شعر وفيه نظر فقد حكى المحب الطبري في الاستسقاء من الأحكام له أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن الإبط من جميع الناس متغير اللون غيره واستدل بإطلاقه على استحباب التفريج في الركوع أيضا وفيه نظر لأن في رواية قتيبة عن بكر بن مضر التقييد بالسجود وأخرجه المصنف في المناقب والمطلق إذا استعمل في صورة اكتفى بها قوله وقال الليث حدثني جعفر بن ربيعة نحوه وصله مسلم من طريقه بلفظ كان إذا سجد فرج يديه عن إبطيه حتى إني لأرى بياض إبطيه).
وقال الشافعي فى الأم: (وهكذا أحب للساجد أن يكون متخويا والتخوية أن يرفع صدره عن فخذيه وأن يجافي مرفقيه وذراعيه عن جنبيه حتى إذا لم يكن عليه ما يستر تحت منكبيه رأيت عفرة إبطيه ولا يلصق إحدى ركبتيه بالأخرى ويجافي رجليه ويرفع ظهره ولا يحدودب ولكنه يرفعه كما وصفت غير أ يعمد رفع وسطه عن أسفله وأعلاه قال الشافعي: وقد أدب الله تعالى النساء بالاستتار وأدبهن بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحب للمرأة في السجود أن تضم بعضها إلى بعض وتلصق بطنها بفخذيها وتسجد كأستر ما يكون لها وهكذا أحب لها في الركوع والجلوس وجميع الصلاة أن تكون فيها كأستر ما يكون لها وأحب أن تكفت جلبابها وتجافيه راكعة وساجدة عليها لئلا تصفها ثيابها قال الشافعي: فكل ما وصفت اختيار لهما كيفما جاءا معا بالسجود والركوع أجزأهما إذا لم يكشف شيء منهما).(55/487)
قصة لطيفة مع شيخ الإسلام ابن تيمية في إثبات صفة العلو
ـ[أبو محمد]ــــــــ[13 - 12 - 05, 02:09 ص]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في درء التعارض (6/ 343):
(ولهذا تجد المنكر لهذه القضية [أي ثبوت صفة العلو لله تعالى] يقر بها عند الضرورة ولا يلتفت إلى ما اعتقده من المعارض لها، فالنفاة لعلو الله إذا حزب أحدهم شدة وجه قلبه إلى العلو يدعو الله.
ولقد كان عندي من هؤلاء النافين لهذا من هو من مشايخهم وهو يطلب مني حاجة، وأنا أخاطبه في هذا المذهب كأني غير منكر له، وأخرت قضاء حاجته حتى ضاق صدره فرفع طرفه ورأسه إلى السماء وقال: يا الله!
فقلت له: أنت محقق! لمن ترفع طرفك ورأسك؟ وهل فوق عندك أحد؟ فقال: أستغفر الله، ورجع عن ذلك لما تبين له أن اعتقاده يخالف فطرته، ثم بينت له فساد هذا القول فتاب من ذلك ورجع إلى قول المسلمين المستقر في فطرهم).
قلت: وقد ذكرتني هذه القصة بقصة أبي المعالي الجويني؛ فقد قال الذهبي في العلو (2/ 1347):
(قال أبو منصور بن الوليد الحافظ في رسالة له إلى الزنجاني انبأنا عبد القادر الحافظ بحران أنبأنا الحافظ أبو العلاء أنبأنا أبو جعفر بن أبي علي الحافظ قال سمعت أبا المعالي الجويني وقد سئل عن قوله: (الرحمن على العرش استوى)، فقال: كان الله ولا عرش ... وجعل يتخبط في الكلام، فقلت: قد علمنا ما أشرت إليه فهل عندك للضرورات من حيله؟
فقال: ما تريد بهذا القول؟ وما تعني بهذه الإشارة؟ فقلت: ما قال عارف قط يا رباه إلا قبل أن يتحرك لسانه قام من باطنه قصد لا يلتفت يمنة ولا يسرة يقصد الفوق، فهل لهذا القصد الضروري عندك من حيلة؟ فنبئنا نتخلص من الفوق والتحت، وبكيت وبكى الخلق، فضرب الأستاذ بكمه على السرير وصاح: ياللحيرة! وخرق ما كان عليه وانخلع، وصارت قيامة في المسجد، ونزل ولم يجبني إلا: يا حبيبي الحيرة الحيرة! والدهشة الدهشة! فسمعت بعد ذلك أصحابه يقولون: سمعناه يقول: حيرني الهمذاني).
قال الألباني تعليقا على القصة: (إسناد هذه القصة صحيح مسلسل بالحفاظ) مختصر العلو ص 277.
(منقول)
ـ[المسيطير]ــــــــ[13 - 12 - 05, 02:02 م]ـ
الشيخ الفاضل / أبامحمد
جزاك الله خير الجزاء، ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية وجمعنا وإياكم وإياه ووالدينا في الفردوس الأعلى.(55/488)
هل التنعيم ميقات
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[13 - 12 - 05, 05:26 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الأحبة:
لقد كثر الكلام في هذه المسالة بين مبيح ومانع.
فرايت أن أطرح سؤالا لمن يرى ان التنعيم ميقات أصيل.
إذا تجاوز المكلف الميقات الاصيل له وهو ناو لعمرة أو حج فترك الإحرام عمدا منه رغبة منه أن يحرم من التنعيم فهل له ذلك أم لا؟.
وهل يترتب عليه كفارة أم لا؟.
وجزاكم الله خيرا.
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 08:47 م]ـ
المسلم الناوي للحج أو العمرة يحرم من أول ميقات يمر به، وليس له أن يؤخر الإحرام إلى حين الوصول إلى ميقات آخر كالتنعيم مثلا، وإذا مر المسلم بميقاته من غير أن يحرم فعليه الرجوع إلى ميقاته والإحرام منه، ولا شيء عليه،(55/489)
أسئلة للمهتمين بدراسة الأديان والفرق والمذاهب الفكرية ... ؟
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 09:42 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أسأل أخوتي الكرام -حفظكم الله- عن اللغات التى تفيد فى دراسة الأديان والفرق والمذاهب الفكرية (من فلسفية وأدبية وإلحادية إلى غير ذلك من المذاهب) من مصادرها الأصلية ...
فما هي هذه اللغات؟
(وأتمنى ذكر اللغة مع ذكر الديانة أو الفرقة أو ... التى يفيد تعلم هذه اللغة فى دراستها)
(وإن تيسر ذكر المدة التى تُستغرق فى تعلم تلك اللغة فهو خير -إن شاء الله-)
وأتمنى ألا تحرمونني من فوائدكم حول مدى ارتباط تلك اللغة بتلك الديانة أو الفرقة أو ... وكذا مدى انتشار تلك اللغة على مستوى البلدان ...
كذا:
ما هي أهم اللغات التى كتبت بها أعمال المستشرقين؟ وهل اللغة الإنجليزية تكفي فى الاطلاع على معظم ما دونوه؟
وختاماً أتمنى من الأخوة التركيز على الديانتين اليهودية والنصرانية وأهم اللغات التى دونت بها كتبهم، كذا أتمنى التركيز على الصوفية بطرقها المختلفة خاصة التى تتواجد فى بلاد غير ناطقة باللغة العربية ...
ومعذرة لطول الطلب، وأسأل الله ألا يحرمكم الأجر ...
وجزاكم الله خيرا ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[سليمان المصرى]ــــــــ[14 - 12 - 05, 03:51 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
اما النصرانيه فتحتاج كم ضخم من اللغات: اليونانيه والعبريه والاتينيه لدراسة نسخ الكتاب المقدس المكذوب القديمه والانجليزيه والفرنسيه لدراسه الدراسات النقديه الحديثه وتعينك الاتينيه على قراءة نقود البروتستانت القدامى
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[17 - 12 - 05, 01:09 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي سليمان المصري وبارك فيك ...
وهل من مزيد منك ومن الأخوة ...
ـ[عبد الرحمن الشامي]ــــــــ[18 - 12 - 05, 02:05 ص]ـ
أخي عمر
متابعة لأخي سليمان المصري في النصرانية أقول، أما اليونانية فهي لدراسة نصوص الأناجيل الأربعة وسائر العهد الجديد.
والعبرية لدراسة نصوص العهد القديم والذي هو مؤلف من التوراة (أسفار موسى الخمسة) وغيرها من كتب العهد القديم.
والكتاب المقدس عند النصارى يتألف من العهد القديم والعهد الجديد.
واللغة اليونانية أيضاً تحتاجها لدراسة مؤلفاتات علماء النصرانية في القرون الأولى للميلاد، وهي متوفرة بالانكليزية وغيرها من اللغات ولكن الأصل لا يستغنى عنه.
وبالاضافة إلى الفرنسية والانكليزية تحتاج إلى اللغة الألمانية للاطلاع على الدراسات النقدية، فإن أغلب النقاد هم ألمان، وكذلك البروتاستانت المنشقون عن الكنيسة الكاثوليكية منبعهم من ألمانيا، إذ أن مارتن لوتر الألماني تزعم التمرد ضد بابا روما.
أما بالنسبة للديانة اليهودية فاللغة العبرية هي الأهم للاطلاع على التلمود والعهد القديم والميشنا، ويجب مراعات الفروق بين العبرية القديمة والعبرية الحديثة، وقل نفس الشيء عن اليونانية.
أخي هذا ما يحضرني حالياً، واعذر قصوري(55/490)
القول الثبت في حرمة صيام يوم السبت
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[13 - 12 - 05, 02:16 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد تنازع أهل العلم سلفاً وخلفاً، في حكم صيام يوم السبت, إذ أن هذا الأختلاف كان من عصر الصحابة , عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه ان كريبا مولى بن عباس أخبره ان بن عباس وناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثوني الى أم سلمة أسائلها عن أي الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر لصيامها فقالت يوم السبت والأحد فرجعت إليهم فأخبرتهم فكأنهم أنكروا ذلك فقاموا بأجمعهم إليها فقالوا إنا بعثنا إليك هذا في كذا وكذا وذكر انك قلت كذا فقالت صدق ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما كان يصوم من الأيام يوم السبت والاحد وكان يقول (انهما عيدان للمشركين وانا أريد أن أخالفهم) حسنه الألباني.
هذا وقد ذهب الأحناف، والشافعية , والحنابلة إلى كراهة الصوم يوم السبت منفردا، وخالفهم في ذلك الإمام مالك، فجوز صيامه منفردا، بلا كراهة.
وإذا كان الأمر كذلك , وأن هذه المسألة من مسائل النزاع، فالواجب ردها إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, لقوله سبحانه تعالى: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) النساء 59 , ولأن كل واحد يرى الصواب معه، وجب الرجوع في ذلك إلى حكم بينهم و الحكم في مثل هذا لا يكون إلا كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , ومن أجل ذلك كله , كان هذا البحث في هذه المسألة.
أقول وبالله التوفيق:
أن بحثنا هذا إنما هو للأجابة على حكم صيام يوم السبت؟
قبل أن نجيب على هذا السؤال وهو الهدف من هذا البحث يجب علينا أن نوضح عدة أمور مهمة وهي:
أن صيام يوم السبت المختلف فيه إنما صيامه في غير الفرض , أما من صامه في الفرض فهو خارج عن هذا النزاع.
أن الفرض المذكور جواز الصيام فيه هو (صيام رمضان – صيام النذر – صيام الكفارات – قضاء الفوائت) , فلو صادف السبت في أحد هذه الأمور الأربعة فيجوز صيامه.
والآن يمكن أن نرجع إلى موضوع بحثنا والرد على هذا السؤال فنقول:
يحرم صيام يوم السبت إلا في الفرض (صيام رمضان – صيام النذر – صيام الكفارات – قضاء الفوائت) , وذلك بنص الحديث عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ عَنْ أُخْتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ) , حديث صحيح قام بتصحيحه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.
بعد أن ذكرنا الحكم , وذكرنا الدليل على هذا الحكم , والدليل من سنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , والله عز وجل أمرنا عند التنازع في شيء برده إلى كتاب الله وسنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كما في الآية السابقة.
ولكن هناك أمراً يجب النظر فيه وهو أن المستدل بكتاب الله عز وجل يجب له من توفير شرطاً لكي يصح هذا الاستدلال , أما المستدل بالسنة النبوية فيجب عليه بالإضافة إلى شرط المستدل بالكتاب شرطاً آخرا فيصبح عليه أن يوفر شرطين حتى يكون أستدلاله صحيح وشروط الاستدلال بالسنة النبوية هي:
صحة الدليل ومعنى صحة الدليل هي سلامته من العلل , وبهذا يجب على المستدل بسنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يثبت صحة ما استدل به إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إذ كما هو معلوم فإن هناك من الأحاديث ماهو صحيح , ومنها ما هو ضعيف , وهذا الشرط غير وارد لمن أستدل بكتاب الله عز وجل إذ أن كتاب الله كله متواتر كما هو معلوم.
صحة الاستدلال ومعنى صحة الاستدلال أن لا يحمل الدليل مالا يحتمل , وهذا الشرط يجب توفره للمستدل بكتاب الله وبسنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إذ يجب أن يكون الدليل يتحمل ما استدل به عليه.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو:-
هل توفرة في هذا الحديث شروط الاستدلال؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/491)
كما سبق بيانه أن شروط الاستدلال بالسنة هما شرطان:
صحة الدليل.
صحة الاستدلال.
وهذا الحديث قد طعن فيه من الوجهين (من حيث صحته – ومن حيث دلالاته على حرمت صيام السبت) وهى على النحو الاتى:
أولاً: من حيث صحة الدليل
هذا الحديث كذب.
هذا الحديث مضطرب.
هذا الحديث شاذ.
هذا الحديث منسوخ.
ثانياً: من حيث صحت الاستدلال
جواز صيام يوم السبت منفرد.
جوز صيام يوم السبت مع يوم قبله أو يوم بعده.
وألان سوف نقوم إن شاءا لله تعالى بإثبات صحة هذا الحديث واثبات دلالاته على الحكم وهو حرمت صيام السبت إلا في الفرض.
لقد اتصف هذا الحديث (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ) , بأربع علل ولقد قام الشيخ الالبانى رحمه الله تعالى بالرد على كل علة حتى رفع الحديث إلى درجة الصحة والعلل هي:-
أولاً: من حيث صحة الدليل
هذا الحديث كذب
قال أبو داود: قال مالك: هذا الحديث كذب.
قال الإمام النووي: لا يقبل هذا منه (يعنى الإمام مالك) وقد صححه الأئمة.
هذا الحديث مضطرب
قال النسائي: هذا الحديث مضطرب قد اختلف فيه على وجوه من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ
· من حديث بْنِ بُسْرٍ عن أخته الصماء
· من حديث الصماء عن عائشة رضي الله عنها
· من حديث ابن بسر عن أمه
· من حديث ابن بسر عن أبيه
· من حديث ابن بسر مرفوعا
ولهذا أعله النسائي بالاضطراب
قال ابن حجر في التلخيص " ج 938 " (لكن هذا التلون في الحديث الواحد بالإسناد الواحد مع اتحاد المخرج يوهن راويه، وينبئ بقلة ضبطه، إلا أن يكون من الحفاظ المكثرين المعروفين بجمع طرق الحديث فلا يكون ذلك دالا على قلة ضبطه، وليس الأمر هنا كذا، بل اختلف فيه أيضا على الراوي عن عبد الله بن بسر أيضا) أ.هـ.
قال الالبانى: في " الارواء 960 ":
" هذا الحديث صحيح وغير مضطرب لان الاضطراب عند أهل العلم على نوعين:
أحدهما: الذي يأتي على وجوه مختلفة متساوية القوة، لا يمكن بسبب التساوي ترجيح وجه على وجه.
والأخر: وهو ما كانت وجوه الاضطراب فيه متباينة بحيث يمكن الترجيح بينها فالنوع الأول هو الذي يعل به الحديث. وأما الأخر، فينظر للراجح من تلك الوجوه ثم يحكم عليه بما يستحقه من نقد.
فالنوع الأول هو الذي يعل به الحديث وإما الأخر فينظر للراجح من تلك الوجوه وهذا الحديث من هذا النوع فقد اختلف في سنده على ثور على وجوه هي:
الوجه الأول: ماخرجه أبو داود (2421) والترمذي (1/ 143) والدارمى (2/ 19) وابن ماجه (1726) والطحاوي (1/ 339) وابن خزيمة في (صحيحه) (2164) والحاكم (1/ 435) والبيهقي (4/ 302) وأحمد (6/ 368) والضياء المقدسي في (الاحاديث المختارة) (ق 114/ 1)، عن سفيان بن حبيب والوليد ابن مسلم وأبي عاصم، بعضهم عن هذا وبعضهم عن هذا وهذا، والضياء أيضا في (المنتقى من مسموعاته بمرو) (ق 34/ 1) عن يحيى بن نصر كلهم عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر السلمي عن أخته الصماء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحديث.
فذكر الجميع الحديث كاملا إلا الترمذى ذكره دون زيادة (إِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ).
الوجه الثاني: عنه عن خالد عن عبد الله بن بسر مرفوعا ليس فيه (عن أخته الصماء). رواه عيسى بن يونس عنه وتابعه عتبة بن السكن عنه أخرجه ابن ماجه وعبد بن حميد في (المنتخب من المسند) (ق 60/ 1) والضياء في (المختارة) (106/ 2 و 107/ 1) عن عيسى، وتمام في (الفوائد) (109/ 1) عن عتبة.
الوجه الثالث) - عنه عن خالد عن عبد الله بن بسر عن أمه، بدل (أخته). رواه أبو بكر عبد الله بن يزيد المقري سمعت ثور بن يزيد به. أخرجه تمام أيضا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/492)
الوجه الرابع) - وقيل عن عبد الله بن بسر عن الصماء عن عائشة. ذكره الحافظ في (التلخيص) (200) وقال: (قال النسائي: حديث مضطرب). فان الوجه الأول اتفق عليه ثلاثة من الثقات، والثاني اتفق عليه اثنان أحدهما وهو عتبة بن السكن متروك الحديث كما قال الدارقطني فلا قيمة لمتابعته. والوجه الثالث، تفرد به عبد الله بن يزيد المقري وهو ثقة ولكن أشكل على أنني وجدته بخطى مكنيا بأبى بكر، وهو إنما يكنى / صفحة 120 / بابى عبد الرحمن وهو من شيوخ أحمد. والوجه الرابع لم أقف على اسناده. ولا يشك باحث أن الوجه الاول الذي اتفق عليه الثقات الثلاثة هو الراجح من بين تلك الوجوه، وسائرها شاذة لا يلتفت إليها. على أن الحافظ حاول التوفيق بين هذه الوجوه المختلفة فقال عقب قول النسائي (هذا حديث مضطرب): (قلت: ويحتمل أن يكون عبد الله عن أبيه، وعن أخته، وعند أخته بواسطته وهذه طريقة من صححه، ورجع عبد الحق الرواية الاولى وتبع في ذلك الدارقطني). قلت وما رجحه هذا الامام هو الصواب ان شاء الله تعالى.
ثم وجدت لثور بن يزيد متابعا جيدا , فقال الامام احمد (6 - 368) (6 - 369) ثنا الحكم بن نافع قال: ثنا اسماعيل بن عياش عن محمد بن الوليد الزبيدى عن لقمان بن عامر عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر عن اخته الصماء.
وهذا اسناد جيد رجاله كلهم ثقات فإن إسماعيل بن عياش ثقة في روايته عن الشاميين وهذه منها. فهذا يؤيد الوجه الاول تأييدا قويا، ويبطل إعلال الحديث بالاضطراب إبطالا بينا، لانه لو سلمنا أنه اضطراب معل للحديث فهذا الطريق لا مدخل للاضطراب فيه. والحمد لله على توفيقه، وحفظه لحديث نبيه صلى الله عليه وسلم.
وقد جاء ما يؤيد الوجه الثاني من وجوه الاضطراب، فقال يحيى بن حسان: سمعت عبد الله بن بسر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكره مختصرا دون الزيادة.
أخرجه أحمد (4/ 189) والضياء في (المختارة) (141/ 1). قلت: وهذا سند صحيح رجاله ثقات، ويحيى بن حسان هو البكري الفلسطيني , وتابعه حسان بن نوح قال: سمعت عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ترون يدي هذه؟ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعته يقول: فذكره بتمامه. أخرجه الدولابي في (الكنى) (2/ 118) وابن حبان في (صحيحه) (940) وابن عساكر في (تاريخ دمشق) (9/ 4 / 1) والضياء في (المختارة) (106/ 1 - 2). ورواه أحمد في (المسند) (4/ 189) من هذا الوجه ولكن لم يقل: (سمعته)، ووإنما قال: (ونهى عن صيام. . .). وهو رواية للضياء أخرجوه من طريق مبشر بن اسماعيل وعلى بن عياش كلاهما عن حسان به. وخالفهما أبو المغيرة نا حسان بن نوح قال: سمعت أبا أمامة يقول سمعت رسول الله (ص): فذكره. أخرجه الروياني في (مسنده) (30/ 224 / 2): نا سلمة نا أبو المغيرة. قلت: وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير حسان بن نوح وثقه العجلى وابن حبان وروى عنه جماعة من الثقات وقال الحافظ في (التقريب): (ثقة). / صفحة 123 / قلت: فإما أن يقال: ان حسانا له إسنادان في هذا الحديث احدهما عن عبد الله بن بسر، والاخر عن أبى أمامة، فكان يحدث تارة بهذا، وتارة بهذا، فسمعه منه مبشر بن إسماعيل وعلي بن عياش منه بالسند الاول، وسمعه أبو المغيرة - واسمه عبد القدوس بن الحجاج الخولاني - منه بالسند الاخر، وكل ثقة حافظ لما حدث به.
واما أن يقال: خالف أبو المغيرة الثقتين، فروايته شاذة، وهذا أمر صعب لا يطمئن له القلب، لما فيه من تخطئة الثقة بدون حجة قوية. فان قيل: فقد تبين من رواية يحيى بن حسان وحسان بن نوح أن عبد الله بن بسر قد سمع الحديث منه صلى الله عليه وسلم، وهذا معناه تصحيح للوجه الثاني أيضا من وجوه الاضطراب المتقدمة، وقد رجحت الوجه الاول عليها فيما سبق، وحكمت عليها بالشذوذ، فكيف التوفيق بين هذا التصحيح وذاك الترجيح؟ والجواب: ان حكمنا على بقية الوجوه بالشذوذ وإنما كان باعتبار تلك الطرق المختلفة على ثور بن يزيد، فهو بهذا الاعتبار لا يزال قائما. لما وجدنا الطريقين الاخرين عن عبد الله بن بسر يوافقان الطريق المرجوحة بذاك الاعتبار، وهما مما لا مدخل لهما في ذلك الاختلاف
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/493)
، عرفنا منهما صحة الوجه الثاني من الطرق المختلفة. بعبارة أخرى أقول: ان الاضطراب المذكور وترجيح أحد وجوهه إنما هو باعتبار طريق ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن ابن بسر، لا باعتبار الطريقين المشار إليهما بل ولا باعتبار طريق لقمان بن عامر عن خالد بن معدان، فانها خالية من الاضطراب أيضا وهى عن عبد الله بن بسر عن اخته الصماء، وهي من المرجحات للوجه الاول، وبعد ثبوت الطريقين المذكورين،. . يتبين أن الوجه الثاني ثابت أيضا عن ابن بسر عن النبي صلى الله عليه وسلم باسقاط أخته من الوسط. والتوفيق بينهما حينئذ مما لابد منه وهو سهل ان شاء الله تعالى، وذلك بان يقال: ان عبد الله بن بسر رضي الله عنه سمع الحديث أولا من أخته الصماء، ثم سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة. فرواه خالد بن معدان عنه على الوجه الاول، ورواه يحيى وحسان عنه على الاخر وكل حافظ ثقة ضابط لما روى " , انتهى كلام الالبانى رحمه الله تعالى.
قلت: ومما سبق يتبين ان الحديث صحيح ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم وخالى من الاضطراب.
هذا الحديث شاذ
قال شيخ الإسلام ابن تيميه: (انه لا يكره صوم يوم السبت مفردا وان الحديث شاذ أو منسوخ).
قال الشيخ محمد صالح العثيمين (شرح المنظومة البيقونية): " الحديث الشاذُّ هو: الذي يرويه الثقة مخالفاً لمن هو أرجح منه، إما في العدد، أو في الصدق، أو في العدالة. فإذا جاء الحديث بسندٍ متصلٍ لكنه شاذٌّ، بحيث يكون مخالفاً لرواية أُخرى، هي أرجح منه، إما في العدد، وإما في الصدق، وإما في العدالة؛ فإنه لا يقبل ولو كان الذي رواه عدلاً، ولو كان السند متصلاً، وذلك من أجل شذوذه. مثاله: ما ورد في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن الصيام إذا انتصف شعبان، والحديث لا بأس به من حيث السند، لكن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم في الصحيحين أنه قال: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه» فإذا أخذنا بالحديث الثاني الوارد في الصحيحين قلنا إن فيه دلالة على أن الصيام بعد منتصف شعبان جائز، وليس فيه شيء، لأن النهي حُدد بما قبل رمضان بيوم أو يومين، وإذا أخذنا بالأول فنقول إن النهي يبدأ من منتصف شعبان، فأخذ الإمام أحمد بالحديث الوارد في الصحيحين وهو النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، وقال إن هذا شاذ، يعني به حديث السنن، لأنه مخالف لمن هو أرجح منه إذ أن هذا في الصحيحين وذاك في السنن. ومن ذلك ما ورد في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن صوم يوم السبت قال: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم» فقد حكم بعض العلماء على هذا الحديث بالشذوذ، لأنه مخالف لقول النبي صلى الله عليه وسلّم لإحدى نسائه حين وجدها صائمة يوم الجمعة، فقال: «هل صمت أمس»؟ فقالت: لا، قال: «أتصومين غداً»؟ قالت: لا، قال: «فأفطري». وهذا الحديث ثابت في الصحيح، وفيه دليل على أن صيام يوم السبت جائز ليس فيه بأس، وهنا قال بعض العلماء: إن حديث النهي عن صيام يوم السبت شاذ؛ لأنه مخالف لما هو أرجح منه " , انتهى كلام العثيمين.
قال الشيخ محمد ناصر الدين الالبانى (تمام المنة): " ان هناك مجالا في التوفيق والجمع بينه (حديث النهى) وبين تلك الاحاديث (كحديث ابن عمر) إذا ما اردنا ان نلتزم القواعد العلمية المنصوص عليها في كتب الأصول ومنها:-
أولا: إذا تعارض حاضر ومبيح قدم الحاضر على المبيح.
ثانيا: إذا تعارض القول مع الفعل قدم القول على الفعل.
ومن تأمل تلك الاحاديث المخالفة لهذا الحديث وجدها على نوعين:-
الاول: من فعله صلى الله عليه وسلم.
الثاني: من قوله صلى الله عليه وسلم كحديث ابن عمر المتقدم.
ومن الظاهر البين ان كلا منهما مبيح وحينئذ فالجمع بينها وبين الحديث يقتضى تقديم الحديث على هذا النوع لانه حاضر وهى مبيحة وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم لجويرية (اتريدين ان تصومي غدا) وما في معناه مبيح أيضا فيتقدم الحديث عليها.
وذكر الشيخ الالبانى أيضا في السلسلة الصحيحة المجلد الثاني تحت حديث (لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام ....... الحديث).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/494)
قال: " ان هناك حديثا أخر يشبه هذا الحديث من حيث الاشتراك في النهى مع الاستثنا فيه وهو قوله صلى الله عليه وسلم (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم .... الحديث) وهو حديث صحيح يقينا ومخرج في الارواء الغليل رقم (960) فأشكل هذا الحديث على كثير من الناس قديما وحديثا وقد لقيت مقاومة شديدة من بعض الخاصة فضلا عن العامة وتخريجه عندي كحديث الجمعة فلا يجوز ان نضيف إليه قيدا أخر غير قيد الفريضة كقول بعضهم (إلا لمن كانت له عادة من صيام) أو (مفردا) فاءنه يشبه الاستدراك على الشارع الحكيم ولايخفى قبحه , وقد جرت بينى وبين كثير من المشايخ والدكاترة والطلبة مناقشات عديدة حول هذا القول , فكنت اذكرهم بالقاعدة السابقة والمثال وهو صوم يوم الاثنين أو الخميس إذا وافق يوم عيد فيقولون يوم العيد منهي عن صيامه , فأبين لهم ان موقفكم هذا هو تجاوب منكم مع القاعدة , فلماذا لا تتجاوبون معها في هذا الحديث الناهي عن صوم يوم السبت؟ فلا يحيرون جوابا , إلا قليلا منهم فقد انصفوا جزاهم الله خيرا , وكنت أحيانا أطمئنهم وأبشرهم بأنه ليس معنى ترك صيام يوم السبت في يوم عرفة أو عاشوراء مثلا انه من باب الزهد في فضائل الأعمال بل هو من تمام الإيمان والتجاوب مع قوله عليه الصلاة والسلام (انك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه) وهو مخرج في الضعيفة بسند صحيح تحت الحديث رقم 5.
هذا ولقد كان بعض المناقشين عارض حديث السبت بحديث الجمعة هذا فتأملت في ذلك فبدا لي انه لا تعارض والحمد لله , وذلك بأن نقول: من صام يوم الجمعة دون الخميس فعليه ان يصوم السبت وهذا فرض عليه لينجو من أثم مخالفته الأفراد يوم الجمعة فهو في هذه الحالة داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث السبت (إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) ولكن هذا إنما هو لمن صام الجمعة وهو غافل عن النهي عن إفراده ولم يكن صام الخميس معه كما ذكرنا أما من كان علي علم بالنهي فليس له ان يصومه لانه في هذه الحالة يصوم ما لا يجب أو يفرض عليه، فلا يدخل _ والحالة هذه _ تحت العموم المذكور، ومنه يعرف الجواب عما إذا اتفق يوم الجمعة مع يوم فضيلة فلا يجوز إفراده كما تقدم، كما لو وافق ذلك يوم السبت، لانه ليس ذلك فرضا عليه " , انتهى كلام الشيخ الالبانى رحمه الله تعالى.
قلت: ومن خلال هذا الجمع والتوليف بين الاحاديث يتضح لنا ان هذا الحديث غير شاذ والله اعلم.
هذا الحديث منسوخ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ان هذا الحديث شاذا أو منسوخا.
قال أبو داود: هذا الحديث منسوخ.
قال الشيخ الالبانى: " ولعل دليل النسخ عنده حديث كريب مولى ابن عباس: (أن ابن عباس وناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثوني إلى أم سلمة أسألها: أي الايام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر لصيامها؟ قالت: يوم السبت والاحد، فرجعت إليهم فاخبرتهم، فكأنهم أنكروا ذلك، فقاموا بأجمعهم إليها فقالوا: انا بعثنا إليك هذا في كذا، وذكر أنك قلت: كذا، فقالت: صدق، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما كان يصوم من الايام السبت والاحد، وكان يقول إنهما عيدان للمشركين، وأنا أريد أن أخالفهم). أخرجه ابن حبان والحاكم وقال: (إسناده صحيح). ووافقه الذهبي. قلت: وضعف هذا الاسناد عبد الحق الاشبيلى في (الاحكام الوسطى) وهو الراجح عندي، لان فيه من لا يعرف حاله كما بينته في (الاحاديث الضعيفة) (بعد الالف) وقد حسنه فى تعليقى على صحيح ابن خزيمة (2168) ولعله اقرب فيعاد النظر. ولو صح لم يصلح أن يعتبر ناسخا لحديث ابن بسر ولا أن يعارض به لما ادعى الحاكم، لامكان حمله على أنه صام مع السبت يوم الجمعة، وبذلك لا يكون قد خص السبت بصيام، لان هذا هو المراد بحديث ابن بسر كما سبق عن الترمذي والله اعلم " انتهى كلام الشيخ الالبانى.
ثانياً: من حيث صحت الاستدلال
وألان وبعد ان صح الحديث وتبين انه ليس بضعيف وهو احد شروط الاستدلال كما بينا سابقا ألان نود ان نبين صحة استدلال هذا الحديث على الحكم وهو حرمت صيام السبت.
ولقد اختلف العلماء على وجهان وهى:-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/495)
الوجه الاول: من قال بجواز صيام يوم السبت منفردا وذلك لانه يعتبر ان هذا الحديث إما كذب أو منسوخ كشيخ الإسلام ابن تيمية والإمام مالك وقد تبين بطلان القول فلا نعيده.
الوجه الثاني: من قال بجواز صيام يوم السبت مع يوم قبله أو يوم بعده , وذلك للجمع بين الاحاديث حديث النهى عن صيام يوم السبت مع حديث جواز صيامه.
قال الشيخ الالبانى: (فى تمام المنة): " وتأويل الحديث بالنهى عن صيام السبت منفردا يأباه قوله (إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) فانه كما قال الحافظ شمس الدين ابن القيم رحمه الله فى تهذيب السنن: دليل على المنع من صومه في غير الفرد مفردا أو مضافا , لأن الاستثناء دليل التناول , وهو يقتضي أن النهي عنه يتناول كل صور صومه , إلا صورة الفرض ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد , لقال: لا تصوموا يوم السبت إلا أن تصوموا يوما قبله أو يوما بعده , كما قال في الجمعة. فلما خص الصورة المأذون في صومها بالفرضية علم تناول النهي لما قابلها ".
قال الشيخ الالبانى: وأيضا لو كانت صورة الاقتران غير النهى عنها لكان الاستثناها فى الحديث أول من استثناء الفرض لان شبهة شمول الحديث له ابعد من شموله لصورة الاقتران فإذا استثنا الفرض وحده دل على عدم استثنا غيره كما لا يخفى ".
وقال أيضا (فى سلسلة الحديث الصحيحة): فلا يجوز ان نضيف إليه قيدا أخر خير قيد الفريضة كقول بعضهم: (إلا لمن كان له عادة من صيام أو مفردا) فانه يشبه الاستدراك على الشرع الحكيم ولا يخفى قبحه ". انتهى كلام الشيخ الالبانى رحمه الله تعالى.
قلت: ومما سبق يتضح انه:
عدم جواز صيام يوم السبت منفردا إلا فى الفرض.
عدم جواز صيام يوم السبت مع يوم قبله أو يوم بعده , وعلى هذا لم يبقى إلا حرمة صيام يوم السبت إلا في الاستثناء الذي استثناه الحديث وهو الفرض.
شبهات وردود
وهنا قد يقول قائل:
ماذا لو وافق يوم السبت صيام يوم فضيلة , كيوم عرفة , أو يوم عاشوراء , وأنتم تعلمون فضل صيام هذين اليومين كما ورد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث منها قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ) مسلم , وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ) مسلم , وغيرها من الأحاديث التى تثبت فضلية صيام بعض الأيام التي قد يصادف أن تكون يوم السبت.
نقول: أن الرد على هذا من وجهين:
إن الذي فرض علينا أن لا نصوم يوم السبت , هو الذي استحب لنا صيام بعض هذه الأيام التي ذكرتموها , (وَهُوَ اللّهُ لآ إِلََهَ إِلاّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الاُولَىَ وَالاَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) القصص70.
إنما كان الأمر بإفطار يوم السبت إذا ما وافق صيامه يوم فضيلة بسبب دلاليل شرعي يحتم علينا هذا الأفطار , وليس عن هوى نفس , فإذا كان الأمر كذلك فإن (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه) صححه الألباني , وعليه فإننا نقول إن الله سبحانه وتعالى بكرمه ومنّه سوف أن شاء الله يعوضنا خيراً مما هو مذكور في فضلية صيام الأيام المذكورة سابقاً , وذلك بنص الحديث الشريف: (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه) صححه الألباني.
وقد يقول آخر
لو أن أحداً ما قرر أن يصوم أفضل الصيام , وهو إفطار يوم وصوم يوم , وهو صِيَامُ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما أخبر بذلك الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (َأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ كَانَ َيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا) متفق عليه , فإن هذا الصيام لا يمكن تحقيقه مع ما ذكرتموه من حرمت صيام السبت إلا في الفرض.
نقول إن الرد على هذا السؤال بسؤال وهو:
ماذا لو وافق هذا الشخص الذي ذكرتم صيامه أحد أيام العيد – عيد الفطر , عيد الأضحى – فهل تقولوا بصيامه , أم تقولوا بأنه يجب عليه أن يفطر؟:
فإن قلتم: بصيامه , فهذا باطل من القول لم يقل به أحد , إذ النهى عن صيام يوم العيد من المجمع عليها بين العلماء.
وإن قلتم: أنه يجب عليه أن يفطر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/496)
قلنا لكم: ولما.
فستقولون: أن صيام يوم العيد ورد النهى عنه.
قلنا: وهذا هو جوابنا , بل أن النهى الوارد في صيام السبت , أوكد من النهى الواد في صيام يوم العيد , إذ أن النهى في صيام العيد إنما جاء بصغة (نهي) , أما السبت , فكان فيه توكد النهى بعبارة (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ) , فهذا النهى ظاهر وأوكد إذ يأمر من لم يجد ما يأكل أن يأكل (لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ).
وخلاصة القول نقول
أننا قمنا برد هذا الأمر المتنازع عليه على كتاب الله وسنة نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فثبت عندنا الآتي:
1 – أن الاستدلال بحديث (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ) , استدلالا صحيحا من ناحية صحة الدليل , فهو حديث صحيح كما بينه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى , ومن ناحية استدلاله على المسألة وهي حرمة صيام يوم السبت إذ الحديث واضح الدلالة على هذا الحكم الذي تبناه.
2 - أن جميع من حمل الحديث على غير ما دل عليه ليس عندهم دليل على ذلك الحمل.
3 - أن الحديث لا يخالف غيره من الأحاديث , كما بيناه.
4 - أن جميع الشبهات التي حول هذا الحديث شبهات واهية , كما هو مبين في فقرة " شبهات وردود ".
ملاحظة
هذا هو رأي الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في هذه المسألة , وجميع ما في هذه الردود والتعليقات إنما هي من كلام الشيخ في أشرطته ومن كتبه , وإنما قمت بتنسيق وجمع كلامه رحمه الله تعالى في هذا البحث.
وأخيراً نقول
أن الخير أردت وخدمة الدين قصدت , وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنبت , رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ.
ـ[عبدالله بن عبدالرحمن]ــــــــ[13 - 12 - 05, 02:46 م]ـ
جرأة عجيبة على دين الله؟؟ حرام حلال؟
يا أخي اتق الله في نفسك ولاتحرم ما شرعه الله وتقول عن أدلة المخالفين واهية والعكس هو الصواب
وقد مر معي في الملتقى كتابات كثيرة تبين خطأ من قال بالمنع من صيام يوم السبت
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[13 - 12 - 05, 02:52 م]ـ
بارك الله فيك على هذا الرد العلمي
ـ[عبدالله بن عبدالرحمن]ــــــــ[13 - 12 - 05, 03:08 م]ـ
يا أخي التحريم صعب جدا (ولاتقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام) فمثل هذه المسألة التى ذهب العلماء فيها إلى جواز صيام يوم السبت وضعفوا الحديث فالجزم بالتحريم في مثل هذه المسائل ليس دأب أهل الديانة والورع فكان بوسعك أن تقول مثلا (النهي عن صيام يوم السبت) أو نحوها من العبارات
وراجع أخي المجلد الأول من إعلام الموقعين ففيه الشفاء بإذن الله
تفضل هذه الروابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=26952&highlight=%D5%ED%C7%E3+%C7%E1%D3%C8%CA
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=14941&highlight=%D5%ED%C7%E3+%C7%E1%D3%C8%CA
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=38350&highlight=%D5%ED%C7%E3+%C7%E1%D3%C8%CA
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=36215&highlight=%D5%ED%C7%E3+%C7%E1%D3%C8%CA
ـ[أبو هاشم الحسني]ــــــــ[13 - 12 - 05, 03:25 م]ـ
بارك الله بكم
أخي عبدالله بن عبدالرحمن
يا أخي التحريم صعب جدا (ولاتقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام) فمثل هذه المسألة التى ذهب العلماء فيها إلى جواز صيام يوم السبت وضعفوا الحديث فالجزم بالتحريم في مثل هذه المسائل ليس دأب أهل الديانة والورع فكان بوسعك أن تقول مثلا (النهي عن صيام يوم السبت) أو نحوها من العبارات
ـ[أبو صهيب]ــــــــ[14 - 12 - 05, 06:32 م]ـ
هل نعمل بهذا الحديث وهو على أقل أحواله حديث مختلف في صحته بل بعضهم وصفه بالشذوذ والضعف والاضطراب والنكارة بل _ اربط الحزام_ قال عنه الإمام مالك وهو من هو!!!!: هذا الحديث كذب ... !!!
لماذا نأتي إلى هذا الحديث وندع الأحاديث الصحاح المتكاثرة في جواز صوم السبت فماذا تقول في صيام داود وهو أحب الصيام إلى الله وحديث النهي عن صوم الجمعة وثلاثة أيام من كل شهر وكل هذا وغيره يدل على صيام السبت بل لماذا لا نرجح استحباب صوم السبت وهذا فيه مخالفة لليهود كما في سنن أبي داود
ثم إن القول بالتحريم بدعة ولم يسبق إليها أحد من السلف
ـ[ابو سعد الحميّد]ــــــــ[16 - 12 - 05, 08:10 ص]ـ
من آخر ما بُحث في الموضوع هو رسالة لشيخنا الشيخ سعد بن عبدالله الحميّد حفظه الله طبعت في دار التوحيد رجّح الشيخ من خلالها أن صوم يوم السبت جائز مطلقاً والله أعلم.
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[16 - 12 - 05, 09:04 ص]ـ
هذا وقد ذهب الأحناف، والشافعية , والحنابلة إلى كراهة الصوم يوم السبت منفردا، وخالفهم في ذلك الإمام مالك، فجوز صيامه منفردا، بلا كراهة
جيد أن عرضت أقوال العلماء، والسؤال هو: من مِن أهل العلم قال بالتحريم مطلقًا غير العلامة الألباني رحمه الله وطيب ثراه؟
ولو صح لم يصلح أن يعتبر ناسخا لحديث ابن بسر ولا أن يعارض به لما ادعى الحاكم، لامكان حمله على أنه صام مع السبت يوم الجمعة، وبذلك لا يكون قد خص السبت بصيام، لان هذا هو المراد بحديث ابن بسر كما سبق عن الترمذي والله اعلم " انتهى كلام الشيخ الالبانى
هذا أظنه من الإرواء، ولا يصح أن تستدل به؛ لأن الشيخ وقتها كان يرى أن المراد بالحديث: النهي عن تخصيص السبت بصيام، فلا يصح أن تستدل به على القول بالتحريم.
وأفضل ما قرأت لبيان بطلان هذا القول ما كتبه الشيخ العدوي في مفاتيح الفقه، وكذلك هذا الموضوع: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=36215
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/497)
ـ[فادي قراقرة]ــــــــ[25 - 12 - 05, 06:29 م]ـ
ليت بعض الأخوة يتعلمون الأدب في النقاش قبل أن يناقشوا
جزاك الله كل خير أخي الحبيب أبو سند محمد على هذا الرد العلمي و لو إني أخذ بخلافه
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[29 - 12 - 05, 12:04 ص]ـ
هذه رسالة للشيخ محمد بن حمد الحمود النجدي حفظه الله في حكم صيام يوم السبت أنقلها من موقعه:
القولُ الثبتُ في صوم يوم السبت
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وآله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فهذه هي الطبعة الثانية من كتابنا ((القول الثبت في صوم يوم السبت)) بعد أن نفذت نسخ الطبعة الأولى، ولقي قبولاً لدى الكثير ولله الحمد والمنة.
وقد رأينا إعادة طبعة وأضفنا إليه بعض الزيادات والفتاوى.
نسأل الله تعالى التوفيق والسداد، إنه سميع مجيب ...
وصلى الله عليه نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
محمد الحمود النجدي
11/ 6 / 1420 هـ
الحديث الوارد في المنع
من صيام يوم السبت
عن عبد الله بن بسر عن أخته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه)).
تخريجه:
أخرجه أحمد في مسنده (6/ 368 ـ 369، 495)) وأبو داود (2421) والترمذي (744 ـ شاكر)) والنسائي في ((سننه الكبرى)) (2/ 143) وابن ماجة (2/ 19) وأبو بكر بن الأثرم في ((ناسخ الحديث ومنسوخة)) الجزء الثالث ((ق1 / أ)) والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/ 80) وابن خزيمة ((2164)) وابن حبان ((940 ـ موارد)) وابن شاهين في ((ناسخ الحديث)) (398) والحاكم (1/ 435) والبيهقي (4/ 302) والبغوي (6/ 361).
كلهم عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بُسر به.
قال الترمذي: حديث حسن.
وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، وأقره الذهبي.
وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
وهو كما قالوا، وقد أعل بالاختلاف في سنده ولكنها علة لا تقدح في صح الحديث.
وانظر طرقه: في السنن الكبرى للنسائي ((2/ 143 ـ 145)) وتلخيص الحبير للحافظ ابن حجر ((2/ 216)) والإرواء (960)) للشيخ الألباني حفظه الله.
أقوال أهل الحديث والفقهاء في فقه الحديث
1 ـ قول الإمام أحمد بن حنبل
قال الأثرم: قال أبو عبد الله: أما صيام يوم السبت ينفرد به فقد جاء فيه حديث الصماء، وكان يحيى بن سعيد يتقيه، أي يحدثني به وسمعته من أبي عاصم والمكروه إفراده فإن صام معه غيره لم يكره لحديث أبي هريرة وجويرية وإن وافق صوماً لإنسان لم يكره لما قدمناه.
المغني (3/ 98 ـ 99)، الشرح الكبير (3/ 108)
(2) قول الأثرم (وهو أبو بكر أحمد بن محمد ابن هانئ)
قال أبو بكر الأثرم في كتابه ((ناسخ الحديث ومنسوخه)) الجزء الثالث الورقة (1/ أ ـ مخطوط)
باب صوم السبت
روى ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله ابن بسر عن أخته الصماء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم)).
فجاء هذا الحديث ثم خالفته الأحاديث كلها.
فمن ذلك حديث علي وأبي هريرة وجندب أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصوم المحرم.
ففي المحرم السبت، وليس فيما افترض.
(1) وقد ذكر ابن قدامه قول الإمام أحمد هذا بعد قوله: ((فصل)) قال أصحابنا يكره إفرادُ يوم السبت بالصوم لما روي عبد الله بن بسر:: الحديث.
ومن ذلك حديث أم سلمة وعائشة وأسامة بن زيد وأبي ثعلبة وابن عمر ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان)).
وحديث .. (2) وجابر وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان واتبعه ستاً فكأنما صام الدهر)).
وقد يكون فيها السبت.
ومن ذلك الأحاديث الكثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصوم شعبان (3)
وفيه السبت.
3 ـ قول الترمذي في سننه (3/ 111 ـ شاكر): ومعنى الكراهية في هذا: أن يخص الرجل يوم السبت بصيام لأن اليهود تُعظم يوم السبت.
4 ـ قول أبي داود:
بوب أبو داود عليه (2/ 805) باب النهي أن يخص يوم السبت بصوم.
5 ـ قول النسائي:
((أحمد بن شعيب))
بوب في سننه الكبرى ((2/ 145)): الرخصة في صيام يوم السبت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/498)
ثم روى بسنده عن جنادة الأزدي أنهم: دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية نفر وهو ثامنهم فقرب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً يوم جمعة، فقال: ((كلوا)) قالوا: صيام، قال: ((صمتم أمس؟)) قالوا: لا، قال ((فصائمون غداً؟)) قالوا: لا، قال ((فأفطروا)) [عزاه الحافظ ابن حجر في الاصابة (1/ 256) إلى أحمد البغوي، وصححه.
6 ـ قول الطحاوي:
قال الطحاوي بعد أن روى حديث عبد الله بن بسر السابق: فذهب قوم إلى هذا الحديث فكرهوا صوم يوم السبت تطوعاً.
وخالفهم في ذلك آخرون، فلم يروا بصومه باساً.
وكان من الحجة عليهم في ذلك: أنه قد جاء الحديث عن رسول الله صلى عليه وسلم أنه نهى عن صوم يوم الجمعة إلا أن يصام قبله يوم، أو بعده يوم. وقد ذكرنا ذلك بأسانيد فيما تقدم من كتابنا هذا فاليوم الذي بعده هو يوم السبت
ففي هذه الآثار المروية في هذا إباحة صوم السبت تطوعاً، وهي أشهر وأظهر في أيدي العلماء، من هذا الحديث الشاذ الذي خالفها.
وقد أذن الرسول صلى الله عليه وسلم في صوم عاشوراء وحض عليه ولم يقل: إن كان يوم السبت فلا تصوموه
ففي ذلك دليل على دخول كل الأيام فيه.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحب الصيام إلى الله عز وجل، صيام داود عليه السلام، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً)) الحديث في الصحيحين عن ابن عمرو رضي الله عنهما.
(2) طمس بالمخطوطة بمقدار كلمتين أو ثلاث، ولعله حديث أبي أيوب وثوبان كما ذكره في موضع آخر من المخطوط.
(3) إنما ثبت في الأحاديث الصحيحة كثرة صومه في شعبان أما الأمر بصيامه فلم يصح عنه فيما أعلم.
ففي ذلك أيضاً التسوية بين يوم السبت وبين سائر الأيام
وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً بصيام أيام البيض، وروى عنه في ذلك ما حدثنا .. عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل أمره بصيام ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة. [رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة، وقال الترمذي: حديث حسن.
وعن عبد الملك بن قتادة بن ملحان القيسي عن أبيه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نصوم ليالي البيض: ثلاث عشر وأربع عشرة وخمس عشرة وقال: هي كهيأة الدهر)) [ورواه أيو داود والنسائي وسنده حسن]
وقد يدخل السبت في هذه، كما يدخل فيها غيره من سائر الأيام.
ففيها أيضاً إباحة صوم يوم السبت تطوعا ا هـ[شرح معاني الآثار (2/ 80 ـ 81] اختصار يسير.
7 ـ قول ابن خزيمة
وقال ابن خزيمة في صحيحة (3/ 316): باب النهي عن صوم يوم السبت تطوعاً إذا أفرد بالصوم بذكر خبر مجمل غير مفسر بلفظ عام مراده خاص، وأحسب أن النهي عن صيامه، إذ اليهود تُعظمه وقد اتخذته عيداً بدل الجمعة.
ثم ذكر حديث عبد الله بن بسر السابق.
ثم قال: باب ذكر الدليل على أن النهي عن صوم يوم السبت تطوعاً إذا أفرد بصوم، لا إذا صام صائم يوماً قبله أو يوم بعده.
وقال: في إخبار النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن صوم يوم الجمعة إلا أن يصام قبله أو بعده يوماً دلالة على أنه قد أباح يوم السبت إذا صام قبله يوم الجمعة أو بعده يوماً.
ثم قال: باب الرخصة في يوم السبت إذا صام يوم الأحد بعده: ثم ذكر حديث كريب مولى ابن عباس: أن ابن عباس وناساً من أصحاب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثوني إلى أم سلمة أسألها الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر لها صياماً، قالت: يوم السبت والأحد، فرجعت إليهم فأخبرتهم وكأنهم أنكروا ذلك، فقاموا بأجمعهم إليها فقالوا: إنا بعثنا إليك هذا في كذا وكذا وذكر أنك قلت كذا وكذا، فقالت صدق، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ماكان يصوم من الأيام يوم السبت والأحد، كان يقول:إنهما يوما عيد للمشركين، وأنا أريد أن أخالفهم)) (4)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/499)
4 ـ إسناده حسن، وأخرجه عن ابن خزيمة ابن حبان في صحيحة (941 ـ زوائد) وأخرجه أحمد (6/ 323 ـ 324) والنسائي في الكبرى (2/ 146) وابن شاهين في ناسخ الحديث (399) والحاكم (1/ 436) وعنه البيهقي (4/ 303) والطبراني في الكبير ـ كما في المجمع (3/ 198) ولم أجده في المطبوع ـ كلهم عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن كريب به.صححه الحاكم، ووافقه الذهبي!
وإنما هو حسن، فإن عبد الله بن محمد بن عمر قال فيه ابن المديني: هو وسط وقال ابن سعد: كان قليل الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحافظ ابن حجر: مقبول!
وقال الذهبي في الكاشف: ثقة!
وانما هو حسن الحديث، كما تدل عليه عبارة ابن المديني.
وأبوه محمد بن عمر بن علي أبو عبد الله الهاشمي وهو ابن عم زين العابدين علي بن الحسين وكان يشبه بجده الإمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه.
قال ابن سعد: وكان قليل الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات.
وقال الذهبي في الميزان (3/ 668): ما علمت به بأساً ولا رأيت لهم فيه كلاماً، وقد روى له أصحاب السنن الأربعة فما استنكر له حديث. وقال الحافظ: مقبول! واختلف فيه ابن القطان فمرة ضعفه ومرة قال: فأرى حديثه حسناً (يعني حديثنا هذا).
8 ـ قول ابن حبان:
قال ابن حبا في صحيحه ((5/ 250)): فصل في صوم يوم السبت: ((ذكرُ الزجر عن صوم يوم السبت مفرداً)).
ثم ذكر حديث عبد الله بن بسر السابق، ثم عقبه بقوله: ((ذكر العلة التي من أجلها نهي عن صيام يوم السبت مع البيان بأنه إذا قرن بيوم آخر جاز صومه)).
ثم ذكر حديث أم سلمة السابق.
9 ـ قول ابن شاهين (عمر بن أحمد)
ذكر ابن شاهين في كتابه: ((ناسخ الحديث ومنسوخة)) حديث ابن بسر ثم ذكر حديث أم سلمة ثم قال: ((وليس هذا الحديث بخلاف الأول، لأن ذلك الحديث نهى عن صوم يوم السبت مفرداً وهذا مقرون بالأحد))
10 ـ قول البيهقي:
قال البيهقي في سننه الكبرى (4/ 302):
((باب ما ورد من النهي عن تخصيص يوم السبت بالصوم)).
ثم ذكر حديث عبد الله بن بسر السابق.
ثم قال: ((وقد مضى في حديث جويرية بنت الحارث رضي الله عنها في الباب قبله مادل على جواز صوم يوم السبت، وكأنه أراد بالنهي تخصيصه بالصوم على طريق التعظيم له، والله اعلم)).
ثم استدل بحديث أم سلمة رضي الله عنها.
11 ـ قول البغوي
((الحسين بن مسعود الفراء)):
قال في شرح السنة ((6/ 361)):
((باب كراهية صوم يوم السبت وحده)).
ثم ساق حديث عبد الله بن بسر.
وعقبه بقوله: ((ومعنى الكراهية في تخصيص يوم السبت بالصوم أنه يوم تعظمه اليهود)).
12 ـ قول الحافظ المنذري
(عبد العظيم بن عبد القوي):
قال المنذري في كتابه ((الترغيب والترهيب من الحديث الشريف)) (2/ 128) بعد أن ذكر حديث ابن بسر: ((وهذا النهي إنما هو عن إفراده بالصوم لما تقدم من حديث أبي هريرة: ((لا يصوم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوماً قبله أو بعده)) فجاز إذاً صومه)).ثم ذكر حديث أم سلمة رضي الله عنها.
13 ـ قول المناوي:
((محمد عبد الرؤوف المناوي)):
قال في شرحه للحديث ((لا تصوموا يوم السبت إلافي فريضة .. )): ((وهذا النهي للتنزيه لا للتحريم، والمعنى فيه: إفراده كما في الجمعة، بديل حديث ((صيام يوم السبت لا لك ولا عليك)) وهذا شأن المباح، والدليل على أن المراد إفراده بالصوم حديث عائشة ((إنه كان يقوم شعبان كله)) وقوله ((إلا في فريضة)) يحتمل أن يراد ما فرض بأصل الشرع كرمضان لا بالتزام كنذر ويحتمل العموم)) [فيض القدير 6/ 408].
14 ـ قول ابن القيم
(أبو بكر محمد بن عبد الله)
وقال ابن القيم في تهذيب سنن ابي داود (3/ 297 ـ 301):
وقد اشكل هذا الحديث على الناس قديماً وحديثاً فقال ابو بكر الأثرم سمعت أبا عبدا لله يسأل عن صيام يوم السبت .. (فذكر نحو الكلام الذي سقناه في أول البحث عن الإمام أحمد والأثرم).
ثم قال: واحتج الأثرم بما ذكر في النصوص المتواترة على صوم يوم السبت، يعني أن يقال: يمكن حمل النصوص الدالة على صومه على ما إذا صامه مع غيره وحديث النهي على صومه وحده، وعلى هذا تتفق النصوص.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/500)
وهذه طريقة جيدة، لولا أن قوله في الحديث ((لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم)) دليل على المنع من صومه في غير الفرض مفرداً أو مضافا، لأن الاستثناء دليل التناول، وهو يقتضي أن النهي عنه يتناول كل صور صومه، إلا بصورة الفرض، ولوكان إنما يتناول صورة الإفراد، لقال: لا تصوموا يوم السبت إلا أن تصوموا يوماً قبله أويوماً بعده، كما قال في الجمعة فلما خص الصورة المأذون في صومها بالفرضية علم تناول النهي لما قابلها.
وقد ثبت صوم يوم السبت مع غيره بما تقدم من الأحاديث وغيرها، كقوله في يوم الجمعة ((إلا أن تصوموا يوماً قبله، أويوماً بعده)) فدل على أن الحديث غير محفوظ، وأنه شاذ. وقد قال أبو داود: قال مالك هذا كذب، وذكر بإسناده عن الزهري: أنه كان إذا ذكر له النهي عن صيام يوم السبت، يقول: هذا حديث حمصي، وعن الاوزاعي قال: مازلت كاتماًَ له حتى رأيته انتشر، يعني حديث ابن بسر هذا [سنن أبي داود (2/ 806 ـ807)].
وقالت طائفة، منهم أبو داود: هذا حديث منسوخ [المصدر السابق].
وقالت طائفة، وهم أكثر أصحاب أحمد: محكم وأخذوا به في كراهية إفراده بالصوم، وأخذوا بسائر الأحاديث في صومه مع ما يليه.
قالوا: وجواب أحمد يدل على هذا التفصيل، فإنه سئل في رواية الأثرم عنه؟ فأجاب بالحديث، وقاعدة مذهبه: أنه أذا سئل عن حكم فأجاب فيه بنص يدل على أن جوابه بالنص دليل على أنه قائل به، لأنه ذكره في معرض الجواب فهو متضمن للجواب والاستدلال معاً.
قالوا: وأما ما ذكره عن يحيى بن سعيد: فإنما هو بيان لما وقع من الشبهة في الحديث.
قالوا: وإسناده صحيح، ورواته غير مجروحين ولامتهمين، وذلك يوجب العمل به، وسائر الأحاديث ليس فيها ما يعارضه، لأنها تدل على صومه مضافاً، فيحمل النهي على صومه مفرداً كما ثبت في يوم الجمعة.
ونظير هذا الحكم أيضاً: كراهية إفراد رجب بالصوم وعدم كراهيته موصولاً بما قبله أو بعده (5).
ونظيره أيضاً: ما حمل الإمام أحمد عليه حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة في النهي عن الصوم بعد انتصاف شعبان: أنه النهي عن ابتداء الصوم فيه، وأما صومه مع ما قبله من نصفه الأول، فلايكره.
(5) لم يصح في فضل صيام شهر رجب شيء من الحديث. وللحافظ ابن حجر رسالة باسم ((تبيين العجب بما ورد في فضل رجب)) ذكر فيها ما ورد في فضله من الأحاديث الضعيفة والموضوعة.
قالوا وقد جاء هذا مصرحاً به في صوم يوم السبت ففي مسند الإمام أحمد من حديث ابن لهيعة: حدثنا موسى بن وردان عن عبيد الأعرج حدثتني جدتي يعني الصماء (0 أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم السبت، وهو يتغدى، فقال: تعالي تغدي فقالت: إني صائمة، فقال لها: أصمت أمس؟ قالت: لا قال: كلي فأن صيام يوم السبت لالك، ولا عليك)) وهذا ـ وإن كان في إسناده من لا يحتج به إذا انفرد لكن يدل عليه ما تقدم من الأحاديث (6)
وعلى هذا: فيكون معنى قوله صلى الله عليه وسلم ((لا تصوموا يوم السبت)) أي لا تقصدوا صومه بعينه إلا في الفرض فإن الرجل يقصد صومه بعينه، بحيث لو لم يجب عليه إلا صوم يوم السبت، كمن أسلم ولم يبق من الشهر إلا يوم السبت، فإنه يصومه وحده.وأيضاً فقصده بعينه في الفرض لا يكره، بخلاف قصده بعينه في النفل، فإنه يكره ولا تزول الكراهة إلا بضم غيره إليه، أو موافقته عادة، فالمزيل للكراهة في الفرض مجرد كونه فرضاً، لا المقارنة بينه وبين غيره وأما في النفل فالمزيل للكراهة ضم غيره إليه أو موافقته عادة، ونحو ذلك.قالوا: وأما قولكم: إن الاستثناء دليل التناول ـ إلى آخره ـ فلاريب أن الاستثناء أخرج صورة الفرض من عموم النهي،فصورة الاقتران بما قبله أوبما بعده أخرجت بالدليل الذي تقدم، فكلا الصورتين مخرج: أما الفرض: فبالمخرج المتصل، وأما صومه مضافأ فبالمخرج المنفصل، فبقيت صورة الإفراد، واللفظ متناول لها، ولا مخرج لها من عمومه، فيتعين حمله عليها (7) ثم انتقل ابن القيم للكلام على سبب كراهية صومه منفرداً فقال:ثم اختلف هؤلاء في تعليل الكراهة، فعللها ابن عقيل: بأنه يوم يمسك فيه اليهود، ويخصونه بالإمساك، وهو ترك العمل فيه، والصائم في مظنة ترك العمل، فيصير صومه تشبها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/1)
بهم، وهذه العلة منتفية في الأحد.ولايقال: فهذه العلة موجودة إذا صامه مع غيره ومع هذا فإنه لا يكره، لأنه إذا صامه مع غيره لم يكن قاصداً تخصيصه المقتضى للتشبه، وشاهده: استحباب صوم يوم قبل عاشوراء وبعده إليه، لتنتفي صورة الموافقة.وعلله طائفة أخرى: بأنه يوم عيد لأهل الكتاب يعظمونه، فقصده بالصوم دون غيره يكون تعظيماً له فكره ذلك، كما كره إفراد يوم عاشوراء بالتعظيم، لما عظمه أهل الكتاب، وإفراد رجب أيضاً لما عظمه المشركون، وهذا التعليل قد تعارض بيوم الأحد، فإنه يوم عيد للنصارى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اليوم لنا، وغداً لليهود، وبعد غد للنصارى)) ومع ذلك فلايكره صومه.وأيضاً فإذا كان يوم عيد، فقد يقال: مخالفتهم فيه يكون بالصوم لا بالفطر، فالصوم فيه تحقيق للمخالفة ويدل على ذلك: ما رواه الإمام أحمد والنسائي وغيرهما من حديث كريب مولى ابن عباس قال ((أرسلني ابن عباس وناس من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة أسألها: أي الأيام كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها صياماً؟ فقالت: كان يصوم السبت ويوم الأحد أكثر ما يصوم من الأيام، ويقول إنهما يوما عيد للمشركين، فأنا أحب أن أخالفهم)) وصححه بعض الحفاظ، فهذا نص في استحباب صوم يوم عيدهم لأجل مخالفتهم، فكيف نعلل كراهة صومه بكونه عيداً لهم؟ وفي جامع الترمذي عن عائشة قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر السبت والأحد، والاثنين، ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء، والخميس)) قال الترمذي: حديث حسن، وقد روى ابن مهدي هذا الحديث عن سفيان، ولم يرفعه وهذان الحديثان ليسا بحجة على من كره إفراد السبت بصوم.
(6) وهذا الكلام متين، تجتمع به، الأدلة وهو اختيار ابن القيم كما يدل عليه السياق وصرح به في الزاد (2/ 79 ـ 80).
(7) سنن الترمذي (746) وقال الحافظ في الفتح (4/ 227): وروي موقوفاً وهو أشبه. وقال وكأن الغرض به أن يستوعب غالب أيام الأسبوع بالصيام وقال القاري: مراعاة للعدالة بين الايام فلأنها أيام الله تعالى، ولا ينبغي هجران بعضها لانتفاعنا بكلها وقال الطيبي: وقد ذكر الجمعة في الحديث السابق (وهو: حديث ابن مسعود وقلما كان يفطر يوم الجمعة فكان يستوفي أيام الأسبوع بالصيام وقال ابن الملك اراد عليه الصلاة والسلام أن يبين سنة صوم جميع الأسبوع وإنما لم يصم صلى الله عليه وسلم الستة المتوالية كيلا يشق على الأمة الاقتداء به رحمة لهم وشفقة عليهم. قلت وهذا كله متوقف على صحة الحديث، وفيه نظر كما سبق.
وعلله طائفة: بأنهم يتركون العمل فيه، والصوم مظنة ذلك، فإنه إذا ضم إليه الأحد زال الإفراد المكروه وحصلت المخالفة بصوم يوم فطرهم، وزال عنها صورة التعظيم المكروه بعدم التخصيص المؤذن بالتعظيم، فاتفقت بحمد الله الأحاديث، وزال عنها الاضطراب والاختلاف، وتبين تصديق بعضها بعضاً.
فإن قيل: فما تقولون في صوم يوم النيروز والمهرجان ونحوهما من أعياد المشركين؟
قيل: قد كرهه كثير من العلماء، واكثر أصحاب أحمد على الكراهة، قال أحمد، في رواية ابنه عبد الله: حدثنا وكيع عن سفيان عن رجل عن أنس والحسن: أنهما كرها صوم يوم النيروز والمهرجان، قال عبد الله: قال أبي: الرجل: أبان بن أبي عياش.
فلما أجاب أحمد بهذا الجواب لمن سأله عن صيام هذين اليومين، دل ذلك ذلك على أنه اختاره، وهذه إحدى الطريقتين لأصحابه في مثل ذلك.
وقيل: لا يكون هذا اختياراً له، ولا ينسب إليه القول الذي حكاه، وأكثر الأصحاب على الكراهة، وعللوا ذلك بأنهما يومان يعظمهما الكفار، فيكون تخصيصهما بالصيام دون غيرهما موافقة لهم في تعظيمهما، فكره كيوم السبت، قال صاحب المغني: وعلى قياس هذا: كل عيد الكفار، أو يوم يفردونه بالتعظيم.
قال شيخنا أبو العباس ابن تيمية، قدس الله روحه: وقد يقال: يكره صوم يوم النيروز والمهرجان ونحوهما من الأيام التي لاتعرف بحساب العرب، بخلاف ما جاء في الحديث من يوم السبت والأحد، لأنه إذا قصد صوم مثل هذه الأيام العجمية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/2)
أو الجاهلية، كان ذريعة إلى إقامة شعار هذه الأيام وإحياء أمرها، وإظهار حالها بخلاف السبت والأحد، فإنهما من حساب المسلمين، فليس في صومهما مفسدة، فيكون استحباب صوم أعيادهم المعروفة بالحساب العربي الإسلامي، مع كراهة الأعياد المعروفة بالحساب الجاهلي العجمي، توفيقاً بين الآثار، والله اعلم انتهى.
ـ قول أبي داود في نسخ الحديث
(حديث عبد الله بن بسر):
قال أبو داود في سننه (2/ 806) بعد روايته لهذا الحديث: وهذا الحديث منسوخ ا هـ.
لم يذكر ذلك أحد ممن ألف في الناسخ والمنسوخ كأبي بكر محمد بن موسى الحازمي في كتابه ((الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار)) وأبي حفص عمر بن أحمد بن شاهين في كتابه ((ناسخ الحديث ومنسوخة)) وأبي إسحاق برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري المتوفى سنة 732هـ في كتابه ((رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار)).
قال الحافظ ابن حجر في ((تلخيص الحبير)) (2/ 216): وادعي أبو داود أن هذا منسوخ (يعني حديث ابن بسر) ولايتبين وجه النسخ فيه.
ثم قال: قلت: يمكن أن يكون أخذه من كونه صلى الله عليه وسلم كان يحب موافقة أهل الكتاب في أول الأمر، ثم في آخر أمره قال: خالفوهم، فالنهي عين صوم يوم السبت يوافق الحالة الأولى، وصيامه إياه يوافق الحالة الثانية.
وهذه صورة النسخ، والله اعلم ا هـ.
[من فتاوى العلماء المعاصرين]:
ـ سئل فضيلة الشخ الفقيه / عبد العزيز ابن باز رحمه الله رحمةً واسعة:
سؤال: ماهي الأيام التي يكره فيها الصيام؟
الجواب: الأيام التي ينهى عن الصيام فيها يوم الجمعة حيث لا يجوز أن يصوم يوم الجمعة مفرداً يتطوع بذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وهكذا لا يفرد يوم السبت تطوعاً ولكن إذا صام الجمعة ومعها السبت أو معها الخميس فلابأس كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك ينهى عن صوم يوم عيد الفطر وذلك محرم، وكذلك يوم عيد النحر وأيام التشريق كلها لا تصام لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك إلا أن أيام التشريق قد جاء ما يدل على جواز صومها عن هدي التمتع والقران خاصة لمن لا يستطع العدي لما ثبت في البخاري عن عائشة رضي الله عنها وابن عمر رضي الله عنهما قالا: ((لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي)) أما كونها تصام تطوعاً أو لأسباب أخرى فلا يجوز كيوم العيد وهكذا يوم الثلاثين من شعبان إذا لم تثبت رؤية الهلال فإنه يوم شك لا يجوز صومه في أصح قولي العلماء سواء كان صحواً أو غيما للأحاديث الصحيحة الدالة على النهي عن ذلك والله ولي التوفيق [فتاوى إسلامية (2/ 168) جمع محمد المسند.
ـ وسئل فضيلة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين حفظه الله تعالى عن هذه المسألة، فقال السائل:
سؤال: قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أوعود شجر فليمضغها)) رواه الخمسة.
وعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كان أكثر ما يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد، وكان يقول: إنهما يوما عيد للمشركين، وأنا أريد أن أخالفهم)) أخرجه النسائي.
أفيدونا عن معنى هذين الحديثين جزاكم الله خيراً؟
الجواب: الحديث الأول هو عن صيام يوم السبت اختلف العلماء في تصحيحه فمنهم من صححه، ومنهم من ضعفه، والذين صححوه قال بعضهم: إنه منسوخ وقال بعضهم: إن النهي عن إفراده فقط، فأما لو صامه هو ويوم الأحد فلانهي في ذلك، وعلى هذا فلا يعارض الحديث الثاني، الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر ما يصوم هو يوم السبت والأحد.
وعلى كل حال فإن أهل العلم اختلفوا في صوم يوم السبت، فمهم من قال: إنه ليس بمكروه وأطلق، ومنهم من فصل فقال: إن أفرد فهو مكروه، وإن جمع مع يوم الأحد الذي بعده، أو يوم الجمعة الذي قبله فلاكراهة في ذلك وهذا هو الأقرب، والله اعلم. [فتاوى منار الإسلام (2/ 365 ـ 366).
خلاصة البحث
1 ـ يتضح مما سبق من أقوال أهل العلم والفقهاء أن صيام السبت مفرداً منهي عنه بنص حديث عبد الله بن بسر، وهو حديث صحيح، وقد أعل بما لا يقدح في صحته.
2 ـ وأما صيام يوم السبت مع يوم قبله أو يوم بعده فلاشيء فيه.
3 ـ وكذا صيامه إن وافق صوماً يصومه الإنسان كمثل من يصوم يوماً ويفطر يوماً، فوافق صيامه السبت، أو وافق يوم السبت عرفة أو عاشوراء ونحو ذلك مما تقدم بيانه بالتفصيل.
4 ـ أن العلة في المنع من إفراد السبت بالصيام تعظيم هذا اليوم وهو يوم يعظمه اليهود، وهذا العلة تزول بصيام يوم قبله أو بعده.
هذا آخر ماتم جمعه وتيسر نظمه في هذا البحث المختصر ..
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/3)
ـ[أبو محمد المحراب]ــــــــ[29 - 12 - 05, 06:14 ص]ـ
نقل أخونا الفاضل عن الشيخ الألباني -رحمه الله-: " ان هناك مجالا في التوفيق والجمع بينه (حديث النهى) وبين تلك الاحاديث (كحديث ابن عمر) إذا ما اردنا ان نلتزم القواعد العلمية المنصوص عليها في كتب الأصول ومنها:-
أولا: إذا تعارض حاضر ومبيح قدم الحاضر على المبيح ".
وعلى هذا النقل ملاحظات:
1 - قاعدة " إذا تعارض حاضر ومبيح .. " من قواعد الترجيح لا الجمع والتوفيق. والكلام فيها نفس الكلام على القاعدة التي بعدها - وهذا مما لانزاع فيه عند الأصوليين.
2 - قال أبو الحسن ابن القطان في كتابه "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 231 - 232):
" وأجمعوا أن من تطوع بصيام يوم واحد ولم يكن يوم الشك، ولا اليوم الذي بعد النصف من شعبان
، ولا يوم الجمعة، ولا أيام التشريق الثلاثة بعد يوم النحر: أنه مأجور إلا المرأة ذات الزوج ".
وانظر مثله في: "مراتب الإجماع" لابن حزم (صـ:41).
مع هذا الإجماع يتبين أن الأمة مجمعة على أن هذا النهي الوارد في الحديث لا يمكن حمله على التحريم والحظر بالاتفاق.
وعليه فلا يصح تطبيق قاعدة الحظر والإباحة هنا إجماعا.
وعليه أخشى أن يكون القول بتحريم صوم السبت مطلقا في التطوع من محدثات الأمور، والتي ليس للقائل فيها هذا القول إمام.
3 - القائل بالترجيح يلزمه أن هذا النهي غير معقول المعنى - يعني: حكم تعبدي. وهذا خلاف الأصل بالاتفاق؛ فقد نقل الكلوذاني في "التمهيد" وشيخ الإسلام أن الأصل في الأحكام الشرعية: التعليل، ولا يدخل العبد تحت ربقة التعبد ما أمكن التعليل.
والنهي هنا ظاهر التعليل خاصة و تأثر الأنصار باليهود في بعض أحوالهم ظاهر -جاءت السنة ببعضه كما في إتيان النساء على حرف ونحوه.
وهذا التشبه إنما يكون بقصده بالصيام - كما رجحه شيخ الإسلام في:"اقتضاء الصراط" -.
وصائم عاشوراء أو عرفة أو الثلاثة البيض من كل شهر أو ست من شوال أو يوم ويوم؛ لم يلتفت أصلا إلى معنى السبت، بل ربما لايعلم حتى أن هذا اليوم هو يوم السبت.
والمراد بقصده: أي لمعنى خاص بالسبت.
ومذهب شيخنا الألباني -رحمه الله- في الإجماع؛ أن الإجماع الحجة: هو إجماع الصحابة فقط - وهو نفس مذهب ابن حزم والشوكاني؛ لذا يلاحظ الباحث ترجيح ما يخالف الإجماعات الفقهية في بعض المسائل.
فالعجب ممن يعتبر غير إجماع الصحابة حجة - وهم أكثر أهل العلم، ثم يذهب إلى ترجيح مذهب شيخنا -رحمه الله-
فالمخالف لشيخنا في المسألة؛ لخلافه جهة حديثية وأخرى أصولية. نبهت على الجهة الأصولية منه، ونبه الإخوان على جهته الحديثية - وتجاوزناها عند البحث.
والله أعلم
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[30 - 12 - 05, 06:23 م]ـ
وأخيراً نقول
أن الخير أردت وخدمة الدين قصدت , وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنبت , رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ.
ـ[محمد أحمد جلمد]ــــــــ[08 - 01 - 06, 02:10 م]ـ
السلام عليكم
حديث تجنبه أصحاب الصحيحين
وطعم فيه مالك
وأحمد
والنسائي
وأبي داود
وابن تيمية
وبعد هذا نجمع بينه وبين حديث في البخاري مثلا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[08 - 01 - 06, 08:52 م]ـ
الاخ محمد بارك الله فيك الجمع بين الاحاديث معناه الاخذ بهما وعلى هذا فلا دخل ان كان اي من الحديثين قد ورد في الصحيحين والاخر لم يرد فالجمع معناه ان ناخذ بكلا من الحديثين بارك الله فيك الجمع يختلف عن الترجيح
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[15 - 01 - 06, 12:21 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم أبو سند و اسمح لي بالتعليقات التالية:
1. لقد نسبت الخلاف حول صيام السبت إلى عصر الصحابة مستدلاً بحديث كريب، و ليس فيه دلالة على ما ذكرت لأن ابن عباس و من معه إنما أنكروا أن يكون أكثر صيامه عليه السلام للسبت و الأحد لا لغيرهما كالأيام البيض مثلاً و لم يكن إنكارهم لأصل صيام السبت و إلا لزم على هذا الفهم أن يكونوا قد أنكروا صيام الأحد أيضاً فهل من قائل بذلك؟ و لو سلمنا جدلاً لما فهمته فإن عدم اعتراضهم بعد أن استوثقوا من أم سلمة عن صحة نقل كريب عنها يدلك على أن هذا الخلاف الذي تنسبه لهم قد رفع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/4)
2. أحسنت بارك الله فيك إذ جعلت الخلاف بين العلماء في هذه المسألة منحصراً بين القول بكراهة صيام السبت في التطوع منفرداً و بين القول بجواز صيامه منفرداً، و من المقرر في الأصول أن المجتهدين في عصر ما إذا اختلفوا على قولين فإنه لا يجوز لمن يأتي بعدهم أن يحدث قولاً ثالثاً لأن هذا يعد خرقاً للإجماع السابق على أنه لا يوجد في المسألة سوى قولين، بعبارة أخرى فإن الأمة إذا اختلفت في مسألة ما في عصر ما على قولين فلا بد أن يكون الحق في أحدهما و إلا لجاز أن تجتمع الأمة في هذا العصر على ضلال و هو محال بإخبار النبي صلى الله عليه و سلم، بناء عليه فإن إعمال ما أشرت إليه من الرد عند التنازع للكتاب و السنة يكون لمعرفة أي القولين المذكورين هو الصواب لا لإحداث قول ثالث.
3. في معرض ردك على دعوى الشذوذ نقلت عن الشيخ الألباني رحمه الله أن الجمع و التوفيق بين حديث النهي و أحاديث الإباحة ممكن بإعمال قاعدتي تقديم النهي على الإباحة و تقديم القول على الفعل، و هاتان القاعدتان أخي الكريم إنما هما من قواعد الترجيح لا من قواعد الجمع و التوفيق و لا يلجأ إلى الترجيح كما هو معلوم إلا عند تعذر الجمع و هو غير متعذر.
4. في نفس الرد ذكرت قول الشيخ رحمه الله في الصحيحة عن معارضة البعض لحديث السبت بحديث الجمعة ـ أظنه يعني حديث جورية: أصمت أمس؟ ... الحديث ـ و أنه قال أن من صام الجمعة و لم يصم الخميس و لم يكن عالماً بالنهي عن صوم السبت ففرض عليه أن يصوم السبت، و هذا يعارض ما كان ذكره رحمه الله في سلسلة الهدى و النور الشريط 380 د:29 " قلتُ آنفاً يمكن أن يقال صوم يوم الجمعة مع صوم يوم السبت مستثنى، لكن هل هذا تخريج صحيح من الناحية العلمية الأصولية؟ الجواب: لا، لأن الإذن بصوم يوم السبت مع الجمعة هو إذن وليس من باب الإيجاب ... " ثم يا أخي إني أسألك من من العلماء قبل الشيخ ناصر رحمه الله يقول بهذا القول؟ إننا نقول أنه لا سلف للشيخ ناصر رحمه الله في القول بالحرمة ـ اللهم إلا ما يفهم من كلام صديق حسن خان رحمه الله في القرن الثالث عشر!! ـ فإذا كان المتبنون لقول الشيخ ناصر رحمه الله يعجزون عن الإتيان بأحد من السلف بل و الخلف قبل القرن الثالث عشر يوافق ما ذهبوا إليه في أصل المسألة فهم عن الإتيان بسلف على هذه المسألة المتفرعة عنها أعجز، و كفى بهذا دليلاً على بطلان هذا القول، و من ثم بطلان ما رتبته عليه من جمع بين الأدلة يرد الشذوذ.
5. أما بقية كلامك ـ بارك الله فيك ـ فأحسب أنك ستجد الرد المقنع عليه في بحثي الذي ذكرت فيه
لوازم القول بحرمة صيام السبت في النفل:
1. تخطئة الأئمة الذين لم يقبلوا هذا الحديث. و نظرة متأنية ستبين لنا أن أغلبهم من علماء الحديث المتقدمين، والواحد من هؤلاء لو حكم على راو بحكم لم نستطع أن نخالفه إلا إذا وجدنا من الأئمة من خالفه، أما إن اتفقوا في الحكم على راو فليس لأحد أن يخالفهم، فما الفرق بين أن يتفقوا في الحكم على راو أو يتفقوا في الحكم على حديث؟
2. تخطئة الأئمة الذين صححوا الحديث.
فلم يقل أحد منهم بحرمة صيام السبت في النفل بل حملوا النهي على الكراهة.
3. مخالفة فهم راوي الحديث وهو فهم السلف الوحيد بين أيدينا، وكفى بهذا اللازم منفراً عن هذا القول.
4. الانفراد بقول لم يقل به أحد قبل ذلك.
5. مخالفة ما أجمعت عليه الأمة منذ عهد الصحابة وطوال أربعة عشر قرناً من عدم القول بحرمة صيام السبت في غير الفرض، و الأمة لا تجتمع على ضلالة.
6. تقديم الترجيح على التوفيق بين الأدلة التي ظاهرها التعارض، وهو خطأ.
7. الترجيح بين أحاديث غير متساوية في القوة، وهذا خطأ لمخالفته شرطاً من شروط الترجيح.
8. ترجيح حديث ليس في البخاري أو مسلم اختلف حكم الأئمة عليه اختلافاً كبيراً على الأحاديث التي فيهما وتلقتها الأمة بالقبول، وهذا مخالف لما أجمع عليه المحدثون كما ذكر أبو زهرة رحمه الله.
9. تقديم الترجيح من قبل المتن على الترجيح من قبل السند وهو خطأ أيضاً.
10. إبطال العمل بحديث صيام داود عليه السلام الذي هو أفضل الصيام عند الله عز وجل إذ سيؤول إلى صوم الأحد والثلاثاء والخميس فقط من كل أسبوع، وهذا لم يقل به أحد من المسلمين.
11. إبطال العمل بحديث صيام السبت و الأحد.
12. إبطال العمل بشطر أحاديث صيام الجمعة وهو الخاص بصوم يوم بعده.
وتجده على الرابط التالي
الإعلام بأن صوم السبت في النفل ليس بحرام ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=36215)
فأنا بانتظار تعليقاتك و جزاك الله خيراً
ـ[محمد أحمد جلمد]ــــــــ[17 - 01 - 06, 09:39 ص]ـ
السلام عليكم
أخي الكريم أبا سند غفر الله ذنبه
تريد أن تجمع بين ماذا وماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بين حديث صحيح وبين (لا شيء)
حديث انتقده كل هؤلاء الجهابذة لا يمكن الجزم بصحته ابداً
خاصة وأن المتقدمين الأعلام لم ينقل عنهم تصحيح لهذا الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/5)
ـ[أبو محمد المحراب]ــــــــ[17 - 01 - 06, 10:15 ص]ـ
الأخ الكريم / أبو البراء:
جزاكم الله خيرا على تعليقكم وعلى ما في رابطكم؛
فقد أحسنتم وأفدتم؛
أسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[27 - 01 - 06, 06:02 م]ـ
الأخ الفاضل أبو محمد المحراب ... و إياك أخي الكريم
في انتظار رد الأخ الفاضل أبي سند
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[01 - 02 - 06, 03:23 م]ـ
الأخوة الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد قمت بنشر هذا البحث وهو القول الثبت في الأيام السابقة , وكما بينت سابقاً , كان مصدر البحث كتابات واشرطة محدث العصر , وخليفة البخاري ومسلم , مجدد الدين , الإمام العلامة محمد بن ناصر الدين الألباني , رحمه الله رحمة واسعة , وقد رأيت أن فى البحث إفادة قيمة لكل من قرأه , سواء أخذ برأي الشيخ رحمه الله أم لم يأخذ , وهذا هو قصدي من وراء نشره , وقد قام إخوان كثيرون بالرد على يناقشوننى حول البحث – جزاهم الله خيراً- وقد تبين لي من خلال الردود أن بعضهم لم يقرأ إلا العنوان , أو أنه قرأ البحث قراءة سريعة , أو قرأ بعضه وترك بعضه , ظهر ذلك من خلال أسئلة سألوها ومناقشات ناقشوها , لو تمعنوا في الموضوع لوجدوا أجوبة عنها ...... ومع ذلك , فسأقوم بتوضيحها بإذن الله تعالى , داعياُ ربي أن يرزقني وإياهم الإخلاص والصواب في القول والعمل.
كان أول الرادين الأخ الكريم عبدالله بن عبدالرحمن حفظه الله من كل سوء.
قال الأخ:جرأة عجيبة على دين الله؟؟ حرام حلال؟
يا أخي اتق الله في نفسك ولاتحرم ما شرعه الله وتقول عن أدلة المخالفين واهية والعكس هو الصواب
أقول: أخى بارك الله فيك , وغفر الله لى ولك , يعلم الله , وهو على ما أقول شهيد , أنني ما كتبت هذا البحث إلا لبيان حكم من أحكام الله عز وجل فى هذه المسألة ولنفرض أخى أنني غير مصيب فى هذه المسألة , فهل أكون قد تجرأت على دين الله عز وجل , أعوذ بالله من ذلك , وأعيذك بالله أن تتهمنى وأمثالى بهذا الإتهام الخطير , فهناك الكثير من المسائل الفقهية , أختلف فيها العلماء بين محلل ومحرم , بل قد تجد للعالم الواحد أكثر من قول فى المسألة الواحدة , فهل يقال لمن خالف حتى وأن لم يكن مصيباُ , جرأة على دين الله , وأعلم أخى الكريم أننى لست عالماُ , ولا حتى طالب علم , وإنما أنا ناقل لقول عالم من علماء السنة.
ثم قال الأخ الكريم عبدالله عبدالرحمن وفقه الله تعالى: وقد مر معي في الملتقى كتابات كثيرة تبين خطأ من قال بالمنع من صيام يوم السبت.
أقول:وأنا أيضاُ قد مر معى كتابات كثيرة تبين خطأ من قال بجواز صيام يوم السبت , فهذا رد يفتقر إلى المادة العلمية.
ثم قال الأخ عبدالله عبدالرحمن حفظه الله فى رد ثانى له: يا أخي التحريم صعب جدا (ولاتقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام) فمثل هذه المسألة التى ذهب العلماء فيها إلى جواز صيام يوم السبت وضعفوا الحديث فالجزم بالتحريم في مثل هذه المسائل ليس دأب أهل الديانة والورع فكان بوسعك أن تقول مثلا (النهي عن صيام يوم السبت) أو نحوها من العبارات.
أقول: أن كان الانتقاد فقط للعنوان وبالتحديد لكلمة تحريم , فهذا أمر أخر , وأن كان للموضوع فأنا بأنتظار رد علمى واضح , وأما الروابط التى فيها مواضيع تقول بجواز صيام السبت فهى ليست جديدة على بارك الله فيك , وأرشدني وإياك إلى كل خير.
اما الأخ أبو هاشم الحسنى حفظه الله من كل مكروه فهو أيضاً ليس عنده جديد سوى التأييد للأخ عبدالله ..... وهو تبديل كلمة تحريم بكلمة النهى ونحوها , ولعل الرد على أخينا عبدالله يكفيه.
قال الأخ أبو صهيب حفظه الله: هل نعمل بهذا الحديث وهو على أقل أحواله حديث مختلف في صحته بل بعضهم وصفه بالشذوذ والضعف والاضطراب والنكارة بل _ اربط الحزام_ قال عنه الإمام مالك وهو من هو!!!!: هذا الحديث كذب ... !!!
لماذا نأتي إلى هذا الحديث وندع الأحاديث الصحاح المتكاثرة في جواز صوم السبت فماذا تقول في صيام داود وهو أحب الصيام إلى الله وحديث النهي عن صوم الجمعة وثلاثة أيام من كل شهر وكل هذا وغيره يدل على صيام السبت بل لماذا لا نرجح استحباب صوم السبت وهذا فيه مخالفة لليهود كما في سنن أبي داود
ثم إن القول بالتحريم بدعة ولم يسبق إليها أحد من السلف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/6)
أقول: أخى الكريم جزاك الله خيراً كل ما ذكرته فى ردك موجود فى البحث وجميع العلل التى ذكرتها رددنا عليها , وقد صح الحديث وسلم من جميع ما ذكرته من علل , فإن كان عندك تعليق على إحدى هذه العلل , وأن كان هناك جديد فى المسألة فأت به.
أما قولك قال عنه الإمام مالك وهو من هو!!!!: هذا الحديث كذب ... !!!
فأقول:إن الإمام مالك نفسه هو القائل: كل يؤخذ من قوله ويرد , وقد قال الإمام النووى رحمه الله: لا يقبل هذا منه {يعنى الإمام مالك} وقد صححه الأئمة.
ثم قال الأخ لماذا نأتي إلى هذا الحديث وندع الأحاديث الصحاح المتكاثرة في جواز صوم السبت فماذا تقول في صيام داود وهو أحب الصيام إلى الله وحديث النهي عن صوم الجمعة وثلاثة أيام من كل شهر وكل هذا وغيره يدل على صيام السبت بل لماذا لا نرجح استحباب صوم السبت وهذا فيه مخالفة لليهود كما في سنن أبي داود.
أقول: كل ما ذكرته موجود فى البحث.
أما قولك ثم إن القول بالتحريم بدعة ولم يسبق إليها أحد من السلف.
فهذا يجيبك عنه الألباني وابن تيمية.
قال الشيخ الالباني رحمه الله تعالى:
لهذا أنا أقول بأنه لا إشكال إطلاقا في إعمال هذا الحديث على عمومه، وهو قولٌ قد قال به بعض من مضى من أهل العلم كما حكى ذلك أبو جعفر الطحاوي في كتابه شرح معاني الآثار. أنتهى كلامه.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في كتابه:
فأما صوم أيام أعياد الكفار مفردة بالصوم كصوم يوم النيروز والمهرجان وهما يومان يعظمهما الفرس فقد اختلف فيهما لأجل أن المخالفة تحصل بالصوم أو بترك تخصيصه بعمل أصلا # فنذكر صوم يوم السبت أولا وذلك أنه روى ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر السلمي عن أخته الصماء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة وفي لفظ إلا عود عنب أو لحاء شجرة فليمضغه رواه أهل السنن الأربعة وقال الترمذي هذا حديث حسن وقد رواه النسائي من وجوه أخر عن خالد عن عبد الله بن بسر ورواه أيضا عن الصماء عن عائشة , وقد اختلف الأصحاب وسائر العلماء فيه. أنتهى كلامه.
فشيخ الاسلام يبن انه قد اختلف العلماء في حكم صيام يوم السبت وهذا يدل ان هناك من اهل العلم من قال بذلك كما صرح ذلك ابن تيمية رحمه الله وليس من الواجب علينا ان نعرف اسماء المخالفين , فالمهم ان هناك من السلف من قال بذالك وهذا هو المطلوب.
فدعوا ان هذا الحكم بدعة لم يسبق اليها الالباني رحمه الله احدا من السلف دعوة باطلة.
أما الأخ أسامة عباس فيسأل عمن قال بتحريم السبت مطلقاٌ ...... غير الشيخ الألباني ...... وقد ذكر الجواب فى الرد على الأخ أبى صهيب.
الأخ فادي جزاك الله خيراً وبارك الله فيك على هذا الرد الطيب , ونحن نقول أن الهدف من هذا البحث إنما هو فتح باب النقاش بين الإخوة فى المنتدى ونحن وبحمد الله ندور مع الحق حيثما دار , وللشيخ العثيمين رحمه الله جملة طيبة فى أحد أشرطته يقول فيها: من خالفك بدليل فكأنما وأفقك. أو كما قال.
أما الأخ أبو البراء الكنانى فقد علق بعدة تعليقات وهي على النحو الاتي:
قال
-1لقد نسبت الخلاف حول صيام السبت إلى عصر الصحابة مستدلاً بحديث كريب، و ليس فيه دلالة على ما ذكرت لأن ابن عباس و من معه إنما أنكروا أن يكون أكثر صيامه عليه السلام للسبت و الأحد لا لغيرهما كالأيام البيض مثلاً و لم يكن إنكارهم لأصل صيام السبت و إلا لزم على هذا الفهم أن يكونوا قد أنكروا صيام الأحد أيضاً فهل من قائل بذلك؟ و لو سلمنا جدلاً لما فهمته فإن عدم اعتراضهم بعد أن استوثقوا من أم سلمة عن صحة نقل كريب عنها يدلك على أن هذا الخلاف الذي تنسبه لهم قد رفع.
أقول: والقول كما قلت فإن الحديث ليس دليلا على أختلف الصحابه حول حكم صيام السبت , وإن كانت هذه الملاحظة لا تؤثر قى مضمون البحث.
ثم قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/7)
2. أحسنت بارك الله فيك إذ جعلت الخلاف بين العلماء في هذه المسألة منحصراً بين القول بكراهة صيام السبت في التطوع منفرداً و بين القول بجواز صيامه منفرداً، و من المقرر في الأصول أن المجتهدين في عصر ما إذا اختلفوا على قولين فإنه لا يجوز لمن يأتي بعدهم أن يحدث قولاً ثالثاً لأن هذا يعد خرقاً للإجماع السابق على أنه لا يوجد في المسألة سوى قولين، بعبارة أخرى فإن الأمة إذا اختلفت في مسألة ما في عصر ما على قولين فلا بد أن يكون الحق في أحدهما و إلا لجاز أن تجتمع الأمة في هذا العصر على ضلال و هو محال بإخبار النبي صلى الله عليه و سلم، بناء عليه فإن إعمال ما أشرت إليه من الرد عند التنازع للكتاب و السنة يكون لمعرفة أي القولين المذكورين هو الصواب لا لإحداث قول ثالث.
فأقول: إنما ذكرت فى بداية البحث رأى الأئمة الأربعة في حكم صيام يوم السبت , وقد استدل الأخ بكلامي هذا أن المسألة منحصرة بين أقوال هؤلاء الأئمة , والأمر ليس كذلك , فهناك من السلف من قال بالتحريم كما بيناه سابقاً , فالقول بالتحريم ليس بدعة من القول كما أدعى الأخ.
3. في معرض ردك على دعوى الشذوذ نقلت عن الشيخ الألباني رحمه الله أن الجمع و التوفيق بين حديث النهي و أحاديث الإباحة ممكن بإعمال قاعدتي تقديم النهي على الإباحة و تقديم القول على الفعل، و هاتان القاعدتان أخي الكريم إنما هما من قواعد الترجيح لا من قواعد الجمع و التوفيق و لا يلجأ إلى الترجيح كما هو معلوم إلا عند تعذر الجمع و هو غير متعذر.
فأقول: ليت الأخ بين لنا حكمه على الحديث – هل الحديث منكر , أم مضطرب , أم شاذ- لكي يمكننا أن نتباحث معه , أما بالنسبة للقاعدة التى ذكرناها وهى للجمع والتوفيق بين الأحاديث التى ظاهرها التعارض , فهى قاعدة أصولية يستخدمها الأصوليون للجمع بين الأحاديث , ولقد حاول بعض العلماء الجمع بين هذا الحديث وأحاديث جواز صيام يوم السبت بأن قالوا:أن النهى المذكور فى صيام يوم السبت إنما لإفراده , فإن جمع معه يوم أخر زال الإفراد وزال معه النهى , فهذا نوع من التوفيق وإن كان هذا الجمع ينقضه مضمون الحديث كما هو مبين فى البحث .... هذا وقد أستخدم العلماء هذه القاعدة فيما إذا وافق صيام يوم مستحب صيامه كيوم الأثنين أو الخميس يوماٌ منهى الصيام فيه كيوم العيد , فيقدم نهى صيام هذا اليوم على أستحباب صيامه عملاً بقاعدة سابقة الذكر.
ثم ذكر الأخ حفظه الله لوازماً لمن يقول بحرمة صيام يوم السبت ولي عليها بعض الملاحظات وهي:
قال فى اللازم الأول: تخطئة الأئمة الذين لم يقبلوا هذا الحديث ......
فأقول:هذا اللازم ينطبق على هذا الحديث وسائر الأحاديث المختلف عليها عند العلماء بين مصحح ومضعف.
وفى اللازم الثاني قال: تخطئة الأئمة الذين صححوا الحديث.
فالرد عليه لا يختلف عن سابقه , فإن العلماء كانوا ولا يزالون يتفقون فى تصحيح حديث ويختلفون فى فهمه , فهو لازم مردود.
أما اللازم الثالث فقد ذكر أن القول بتحريم صيام السبت مخالف لفهم راوي الحديث , فنقول أن كنت تقصد قول الراوي عندما سأل عن صيام السبت فقال:صيام السبت لا لك ولا عليك.
فكم قال الألبانى رحمه الله تعالى عندما سأل عن ذلك فقال:عندما سئل راوي الحديث عن صيام يوم السبت فقال: صيام يوم السبت لا لك ولا عليك , فهدا أقتباس منه من قوله صلى الله عليه وسلم فيمن صام الدهر لا صام ولا أفطر , فهل تأمرون صائم الدهر أن يصوم , أم بأن يفطر؟ لا شك بأن القول بألافطار. فما أظن إن القو ل بصيام الدهر صحيح لأن النبى صلى الله عليه وسلم , ذكر أنه صام مع العلم بقوله صلى الله عليه وسلم بمن صام الدهر لا صام ولا افطر , كذلك فإن صيام الدهر مرجوح كذلك فعندما نعود إلى قول الراوي عن صيام يوم السبت لا صام ولا أفطر فماذا نفهم من هذا الحديث؟ هل نفهم منه أنه يحض على صيام يوم السبت أم على أفطاره؟ ونقول على أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق ابلغ وأفصح وأكد للنهى من قول هذا الراوي , لكن الراوي تفنن في التعبير ولفت النظر إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم من صام الدهر فلا صام ولا أفطر تفنن فى التعبير أي ليس له أجر وليس له ثواب هذا الكلام من هذا الراوي أنا في الحقيقة مما يفيدوني جداً ويفضل أفطاري على صيام الأخرين ذلك لأن هذا الصحابي يقول صيام الأخرين كصيام الدهر لا صام ولا أفطر أما أنا فترك صيام يوم السبت لله والله يعوضني خيراً منه.
أما اللازم الرابع فقد سبق بيانه.
اللازم الخامس وهو قوله مخالفة ما أجمعت عليه الأمة منذ عهد الصحابة وطوال أربعة عشر قرناً من عدم القول بحرمة صيام السبت في غير الفرض، و الأمة لا تجتمع على ضلالة.
قأقول من أين لها الأجماع وقد أختلف العلماء فى ذلك كما ذكر ابن تيمية والطحاوي.
أما من اللازم السادس إلى الحادي عشر فجمعها موجود في البحث أو الردود السابقة.
اللازم الثاني عشر: وهو قوله إبطال العمل بشطر أحاديث صيام الجمعة وهو الخاص بصوم يوم بعده.
فنقول: ماذا لو وافق يوم عرفة يوم جمعه؟ .... وصام بعضهم يوم الجمعة لفضيلة عرفة فهل يجب عليه صيام يوم السبت للعمل بهذا الحديث أم لا؟
قإن قلت يجب , قلنا هذا بدعة من القول لم يقل بهى أحد , وإن قلت بل يجب عليه عدم الصيام , قلنا: لقد قمت بابطال شطر الحديث , فما الذي حملك على ابطال شطر الحديث , فإن قلت لحرمة صيام العيد , قلنا ونحن ابطلناه لحرمة صيام السبت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/8)
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[02 - 02 - 06, 09:45 ص]ـ
أخي الفاضل أبو سند ... بارك الله فيك
اسمح لي بهذه التعليقات على كلامك:
1 - لقد استشهدت بكلام ابن تيمية رحمه الله في الاقتضاء على أن الشيخ الألباني رحمه الله له سلف في القول بحرمة صيام السبت في النفل، و لكن يا أخي لا يوجد في النقل و لا في سائر كلام ابن تيمية رحمه الله ما يدل على أن أحداً قال بالحرمة، فأين وجدت ذلك؟ إنه في أول النقل يذكر أن الخلاف وقع حول كيفية مخالفة الكفار الذين يعظمون يومي النيروز و المهرجان، أتكون بصوم هذين اليومين أم تكون بترك تخصيصهما بأي عمل أصلاً، و أما في آخر النقل فهو يذكر أن الأصحاب ـ أي الحنابلة ـ و سائر العلماء قد اختلفوا في حديث السبت و في حكم صيامه، فأين في كلامه ذكر أن أحداً قال بالحرمة؟ إن إفادة كلامه أن هناك من قال بالحرمة ـ لمجرد ذكره أن في المسألة خلافاً ـ يشبه إفادة نفس الكلام أن هناك من قال بالوجوب، كلاهما غير صحيح.
أما اسشهاد الشيخ الألباني رحمه الله بكلام الطحاوي فهاك كلامه من شرح معاني الآثار: " فذهب قوم إلى هذا الحديث فكرهوا صوم يوم السبت تطوعاً وخالفهم في ذلك آخرون فلم يروا بصومه بأساً " فأين في كلامه رحمه الله أن أحداً من السلف يقول بالحرمة؟
لذا أخي الكريم فأنت ما زلت مطالباً بأن تأتي بسلف للشيخ رحمه الله في هذه المسألة، و أنت بمتابعتك لكلامه رحمه الله تعلم أنه لم يذكر سوى كلام الطحاوي رحمه الله و هو كما ترى ليس فيه ذكر للحرمة.
2 - أما حكمي على الحديث فأنا لا حكم لي أخي الكريم لكنني أتابع الأئمة المضعفين للحديث و آخذ بقول من قال بشذوذه، و لكن اعلم أنني في بحثي (الإعلام بأن صوم السبت في النفل ليس بحرام) ناقشت القول بالحرمة فقهياً منطلقاً من التسليم بصحة الحديث.
3 - أما وصفك لقاعدة الحاظر مقدم على المبيح بأنها " قاعدة أصولية يستخدمها الأصوليون للجمع بين الأحاديث ... " فهذا خطأ أخي الكريم بل الصواب كما ذكرت لك في ردي الأول "و هاتان القاعدتان أخي الكريم إنما هما من قواعد الترجيح لا من قواعد الجمع و التوفيق و لا يلجأ إلى الترجيح كما هو معلوم إلا عند تعذر الجمع و هو غير متعذر" و أنت نقلت كلامي هذا في ردك وخالفته دون أن تبين السبب، و إعمال هذه القاعدة هو أقوى حجج الشيخ رحمه الله في هذه المسألة و هو الأمر الذي بحثتُه بتوسع في البحث الذي ذكرتُه لك، و قد ظهر لي من كلامك أنك لم تقرأه.
4 - أما بالنسبة للوازم القول بالحرمة فأنا جمعتها في نهاية بحثي ليكون طالب العلم على بينة من أمره و أنه عندما يتبنى القول بالحرمة لا بد أن يكون قد اجتاز كل هذه اللوازم، و ليس بالضرورة أن يكون كل لا زم منها باطلاً، فأنا مثلاً لا أنكر على من يأخذ بتحسين الترمذي للحديث و يخالف قول الأئمة المضعفين.
أما اللازم الثاني و هو تخطئة الأئمة الذين صححوا الحديث فلا يكون مردوداً كما قلتَ إلا عندما يظهر أن في السلف من قال بالحرمة، لأن الذي أعتقده جازماً أنه لا يوجد في هذه المسألة عن المتقدمين سوى القول بمطلق الجواز، و القول بكراهة الإفراد أو التخصيص، أما القول بالحرمة فلا أعلم أحداً قال به قبل صديق حسن خان رحمه الله و ذلك في القرن الثالث عشر.
أما فهم الراوي و قوله لا لك و لا عليك فالإنصاف يا أخي يقتضي منك أن توافقنا أن ما يوصف بأنه " لا عليك " لا يمكن بحال أن يكون محرماً لأنك إن فعلت المحرم ـ أعاذني الله و إياك ـ فإنه سيكون عليك لا محالة، لكن قوله لا لك و لا عليك أقرب ما يكون إلى ما يعبر عنه الفقهاء بقولهم " جائز مع الكراهة "، أما تشبيه الشيخ رحمه الله لهذه العبارة ب " من صام الدهر لا صام و لا أفطر " فقد قلتُ في بحثي المذكور " قال الحافظ في الفتح ( ... وإلى كراهة صوم الدهر مطلقاً ذهب إسحاق وأهل الظاهر وهي رواية عن أحمد وشذ ابن حزم فقال يحرم)
وقد سئل الشيخ الألباني رحمه الله في الشريط (438) هل يعتد بتفرد ابن حزم؟ فقال: (إن كان تفرد دون الأئمة فلا يعتد به، أما إن وافق مَنْ قبله فينظر حينئذ في المسألة من حيث الدليل) فتفرد ابن حزم بالقول بحرمة صوم الدهر لا يعتد به " فهذا التشبيه كما ترى لا يفيد حرمة صيام السبت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/9)
أما اللازم الخامس المتعلق بإجماع الأمة فهو إجماعها على أنه ليس في المسألة سوى قولين كما قلتُ في الرد الأول، فما يذكره الطحاوي و ابن تيمية رحمهما الله من اختلاف العلماء فالمقصود على هذين القولين.
أما كلامك عن صيام يوم عرفة لو وافق الجمعة، فاعلم أخي الكريم أن النهي عن صوم الجمعة يتوجه لمن قصد الجمعة بالصوم من حيث أنه يوم جمعة أما صائم يوم عرفة فلا يصومه لأجل أنه الجمعة بل لفضيلة عرفة، و من جهة أخرى فإن سؤالك يتوجه لمن يقول بحرمة إفراد الجمعة بالصيام، و الجمهور على أن النهي إنما هو للكراهة لا الحرمة.
فالمقصود من قولي " إبطال العمل بشطر أحاديث صيام الجمعة و هو الخاص بصوم يوم بعده " أي: الخاص بجواز صوم يوم بعده لا بوجوبه.
أما بقية اللوازم فهي عبارة عن اختصار لما جاء في بحثي المذكور و أنت لو تفضلت بقراءته مشكوراً غير مأمور ستجد أن هناك الكثير من التفاصيل التي ليس في بحثك رد عليها.
في الختام أرجو أن تكون على ثقة أخي الفاضل أنني ما أردت بنقاشك و لا بنشر بحثي إلا إظهار الحق الذي أعتقده في المسألة فآمل ألا أكون قد أسأت إليك و لا إلى الشيخ رحمه الله بل إنني قد ختمت بحثي بعنوان (رفع الملام عن الألباني الإمام) كي لا يظن ظان أو يتوهم متوهم أنه يلزم من معارضة الشيخ رحمه الله الانتقاص منه و العياذ بالله، و كلي أمل إن قمت بقراءة البحث أن يدور نقاش هادف هادئ حول المسألة، و اعلم أخي أنني في البحث المذكور قد حاولت استقراء كل ما ذكره الشيخ رحمه الله في كتبه وأشرطته من حجج و من ثم وضع الاعتراضات عليها في صورة إشكالات تمنيت لو كان الشيخ رحمه الله حياً ليزيلها، و لكن قد يزيلها المشايخ أو طلاب العلم ممن يتبنون القول بالحرمة، فأنا بانتظار مشاركتك بارك الله فيك و ... دمت بعافية.
و ها هو رابط الموضوع ثانية مع شكري لكل من أحال عليه
الإعلام بأن صوم السبت في النفل ليس بحرام ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=36215)
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[06 - 02 - 06, 08:00 م]ـ
الاخ الكريم الكناني:
بارك الله فيك على هذا الرد واعلم انني اطلعت على موضوعك السابق الذكر (الإعلام بأن صوم السبت في النفل ليس بحرام) من البداية وليس كما ظننت.
ارجوا اخي الكريم ان تعذرني على عدم الرد السريع عليك وذلك لعدم تواجدي على الشبكة كثيرا.
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[08 - 02 - 06, 07:43 م]ـ
الأخ الكريم أبو البراء الكنانى حفظه الله:-
من خلال أخر ردودك أتضح لي أن الإشكالات التي تريد الاستفسار عليها هي:
الإشكال الأول: تريد قول احد من السلف قال بحرمت صيام يوم السبت.
الإشكال الثاني: فهم الراوي للحديث وقوله عن صيام يوم السبت لا لك ولا عليك.
الإشكال الثالث: العمل بقاعدة الحاظر مقدم على المبيح، والقول مقدم عن الفعل، وإنهما من قواعد الترجيح لا من قواعد الجمع و التوفيق.
فاقترح عليك أخي الكريم أن نتباحث في هذه الإشكالات واحدة واحد، فلا نخرج من احدها حتى نحاول أن نستعرض كل جوانبها، والله نسال أن يهديني وإياك إلى سواء السبيل , فأقول:
أما بالنسبة للإشكال الأول وهو قول احد من السلف في هذا المسالة قال بتحريم فأقول إجابتها من وجهين: الوجه الأول: يجب أن تعلم انه لا يمكن بحال أن يقول الشيخ الألباني رحمه الله تعالى قول ليس له سلف فيه – خاصة إذا كان الدليل على هذا القول يحتمل أكثر من معنى - نحسبه كذلك والله اعلم , نعم قد يقول بقول ليس عليه جماهير العلماء كتحريمه الذهب المحلق , وعدم تكفيره تارك الصلاة , وغيرها من الأمور الفقهية التي خالف فيها الإمام رحمه الله جماهير العلماء , وسبب ذلك سعت علم الشيخ رحمه الله ونبذه للتقليد و إتباعه للدليل رحمه الله، ومع ذلك لا يمكن بحال أن يقول قولا شاذا لم يقل به احد من السلف , قال رحمه الله تعالى في احد أشرطته: ((حينما نقول أننا سلفيون ولا نقول بقول إلا أن نسبق إليه، فأظنك تعلم ما نقوله في فهم النص الذي يمكن أن يكون له أكثر من وجه واحد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/10)
وبخاصة أنَّه أنا شخصياً -كما هو معلوم- أعجمي الأصل، فأنا أتهم نفسي، والعرق دسَّاس، ولذلك عندما يكون هناك نصٌ يحتمل أكثر من وجه فأنا أجبن حينذاك إلا أن يكون لي سلف، أمَّا إذا كان الأمر واضحاً مثل ما جرى البحث آنفاً في قوله تعالى: {وإذا حُييتم بتحية فحيوا بأحسن منها}، هذه ما بدها مين سبقنا بالقول بحيوا بأحسن منها، عرفت كيف؟ لأنه هذا نصٌ صريح، وفي مثل هذا يقول الإمام الشافعي -رحمه الله- وكنت ذكرت نصه في ذلك في (آداب الزفاف)، حينما ناقشنا الجماعة الذين يقولون بأن الذهب كله حلال للنساء، نقلت كلام ابن القيم والإمام الشافعي إلى آخره، أن الحديث يثبت الحكم به لوحده وليس بحاجة أن يدعم بعمل بعض أهل العلم، وأنا أفهم من هذا الحديث الذي يكون هكذا واضحاً)) أنتهى كلامه رحمه الله.
الوجه الثاني: إذا كان كلام ابن تيمية وكلام الطحاوي لا يكفي فهذا كلام أخر لابن رشد في كتابه (بداية المجتهد) حيث قال: وأما الأيام المنهي عنها، فمنها أيضا متفق عليها، ومنها مختلف فيها. أما المتفق عليها فيوم الفطر ويوم الأضحى لثبوت النهي عن صيامهما. وأما المختلف فيها فأيام التشريق ويوم الشك ويوم الجمعة ويوم السبت والنصف الآخر من شعبان وصيام الدهر.
إلى أن قال:
وأما يوم السبت، فالسبب في اختلافهم فيه اختلافهم في تصحيح ما روي من أنه عليه الصلاة والسلام قال "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" أخرجه أبو داود، قالوا: والحديث منسوخ، نسخة حديث جويرية بنت الحارث "أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال: صمت أمس؟ فقالت: لا، فقال: تريدين أن تصومي غدا؟ قالت: لا، قال: فأفطري.أنتهي كلامه.
وهذا كلام للشيخ ابن عثيمين رحمه الله حيث يوضح أنَّه قد اختلف العلماء في حكم صيام يوم السبت فقال: (وأما السبت؛ فقيل: إنه كالأربعاء والثلاثاء يباح، وقيل: إنه لا يجوز إلا في الفريضة، وقيل: إنه يجوز، لكن بدون إفراد) فقوله رحمه الله تعالى (لا يجوز إلا في الفريضة) يدلَّ على أنَّ هذا القول – النهي عن صيام السبت في غير الفرض – من أقوال المختلفين؛ وكما قالت في الرد السابق ليس من الضروري أن نعرف القائلون بعينهم.
هذا ما تبين لي والله تعالى اعلم.
ملاحظة: الأخ الكريم ارجوا أن يكون ردك في هذه الإشكالات فقد حتى تسهل علينا المباحثة.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[09 - 02 - 06, 02:10 م]ـ
و فيك بارك الله أخي الكريم أبو سند، و عذرك مقبول و إن كنتَ لستَ مطالباً بالاعتذار، غفر الله لي و لك.
أخي الكريم قلتَ أنك قرأت بحثي وهذا أمر جيد لأنه سيغنيني عن نسخ الإشكالات التي عنَّت ببالي منه إلى موضوعك مما فيه إطالة لا داعي لها، أما اقتراحك بالتباحث في الإشكالات واحدة واحدة فهذا عين الصواب و هو مما تعلمناه من الشيخ رحمه الله، فعلى بركة الله.
الإشكال الأول: القائلون بالحرمة من السلف
لقد أجبتَ أخي الكريم على هذا الإشكال من وجهين:
الأول: وملخصُه أن الشيخ رحمه الله لا يمكن بحال أن يقول بقول ليس له فيه سلف و بخاصة إذا كان الدليل على هذا القول يحتمل أكثر من معنى.
الجواب: نعم أخي الكريم هذا هو مذهب الشيخ رحمه الله و قد بينت في نهاية بحثي تحت عنوان (رفع الملام عن الألباني الإمام) أنه قد أفنى عمره في الحث على اتباع الكتاب و السنة (بفهم سلف الأمة)، ولكن هذا لا يمنع أخي الكريم أن يعتريه ما يعتري البشر من سهو عن مذهبه هذا في مسألة أو أكثر، أو أن يقع في خطأ فيقول في مسألة بقول و هو يحسب أن له فيه سلفاً و يكون الأمر في حقيقته بخلاف ذلك، و هذا أمر لازم للبشر فهم غير معصومين و ليس في هذا انتقاص من قدر الشيخ رحمه الله، و لا مطعن لشانئيه فيه بسببه.
إذاً فحيث إن مخالف الشيخ رحمه الله يزعم أنه في هذه المسألة ليس له سلف وحيث إن هذا أمر ممكن الحدوث منه رحمه الله كما بيَّنا، فالواجب الآن أن نبحث في زعم المخالف لنرى أصاب في زعمه أم أخطأ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/11)
أما النقل الذي نقلتَه عنه رحمه الله فقد أثبتُّه في بحثي في أول (الإشكال السادس فهم السلف) و ناقشتُ كلامه رحمه الله، و لكن ربما أنك قرأت البحث منذ زمن فلم تتنبه لذلك، و هو ما يدعوني أن أطلب منك إعادة قراءة الجزء من بحثي الذي نتناقش فيه حتى تحيط بجميع جوانب الإشكال الذي أذكره، و سأحاول اختصار الرد في نقاط ريثما ترجع إلى أصله هناك:
لقد عدَّ الشيخ رحمه الله حديث النهي واضح المعنى مثل قوله تعالى {و إذا حييتم ... } فمثل هذا لا يحتاج إلى وجود من سبقنا إلى القول بحرمته لأنه لا يحتمل إلا معنىً واحداً هو الحرمة.
الجواب:
1. كان الشيخ رحمه الله يقول قديماً بكراهة تخصيص السبت بالصيام كما في الإرواء ثم صار إلى القول بالحرمة مطلقاً، إذاً للحديث أكثر من معنىً و ليس معنىً واحداً فلا بد إذاً من فهم السلف، فهنا فهمان متضادان للحديث من الشيخ نفسه رحمه الله فلا بد لمعرفة أي قولي الشيخ هو الصواب من معرفة أيهما هو الموافق لكلام السلف.
2. كل الأئمة المصححين للحديث حملوا النهي فيه على الكراهة، فإن لم يكن هناك سوى فهم واحد و معنى واحد للحديث كما يقول رحمه الله فلا بد إذاً أن يكون هو الكراهة لا التحريم.
3. كون الأئمة المصححين للحديث حملوا النهي على الكراهة يعني أن الحديث يحتمل هذا المعنى ـ و إن كان القول بالكراهة خطأ ـ لأن خلاف ذلك يعني أن كل هؤلاء الأئمة لم يفهموا معنى الحديث مع كون معناه واضحاً كما يقول الشيخ، و هذا بعيد جداً كما أظنك توافقني، و عندها يكون الحديث على كلام الشيخ بحاجة إلى فهم من سلف لمعرفة الصواب من المعنيين.
4. الشيخ يقول أنه عند وجود نص يحتمل أكثر من معنىً لا يستطيع أن يقول بقول ليس له فيه سلف، إذاً إذا كان الصواب أن حديث النهي لا يحتمل أكثر من معنىً واحد كما يقول رحمه الله، ووجدنا كل الأئمة المصححين يقولون بالكراهة فكيف نستطيع القول بالحرمة؟ أليست هذه الحال أحق أن تخرج عن حدود الاستطاعة التي ذكرها رحمه الله؟
5. أما كلام الشافعي رحمه الله فمن خالف الشيخ رحمه الله من الذين يصححون حديث النهي لا يقولون نحن لا نعمل بهذا الحديث لأنه لم يعمل به أحد من أهل العلم، بل يقولون نحن نعمل بالحديث على فهم السلف و أنه للكراهة، و يطالبون بسلف للقول بالحرمة، و الفرق دقيق فأرجو أن تتنبه له أخي الكريم، فكلام الشافعي يتوجه لمن لا يعمل بحديث ما مع صحته لأن أحداً من أهل العلم لم يعمل به، و لا يتوجه للمعترضين على القول بالحرمة لأنهم يطالبون بفهم السلف للحديث على أنه للحرمة، أما العمل به فهو واقع منهم على فهم السلف و أنه للكراهة.
الوجه الثاني: و سقتَ فيه من كلام العلماء ما ترى أنه يدل على أن هناك من قال بالحرمة، فأقول مستعيناً بالله:
1. ليست المسألة أن كلام ابن تيمية و الطحاوي رحمهما الله لا يكفي، بل أنا أزعم أنه ليس في كلامهما أي إشارة إلى أن هناك من يقول بالحرمة فإن وافقتني فبين لي ذلك، و إلا فأرجو أن تناقشني في فهم كلامهما و في ذلك تحقيق لما طلبتَه بعدم تجاوز نقطة قبل تمام بحثها إلى غيرها.
2. أما كلام ابن رشد فلا غبار عليه و لكن ليس فيه ما تدعم به قولك و إلا فبين لي أين في كلامه يقول أن هناك من قال بالحرمة، لقد قال: " وأما يوم السبت، فالسبب في اختلافهم فيه اختلافهم في تصحيح ما روي ... " نعم، فمن لم يصحح الحديث قال بجواز صيامه على كل حال، و من صححه قال بكراهية إفراده أو تخصيصه بالصيام كما تعلم.
3. أما كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فقد قلتَ: " فقوله رحمه الله تعالى (لا يجوز إلا في الفريضة) يدلَّ على أنَّ هذا القول – النهي عن صيام السبت في غير الفرض – من أقوال المختلفين "
أما كون النهي ـ و هو كما تعلم يكون للكراهة كما يكون للتحريم ـ من أقوال المختلفين فنعم، قال ابن تيمية رحمه الله في الاقتضاء 1/ 264 " وعلى هذا فيكون قوله لا تصوموا يوم السبت أي لا تقصدوا صيامه بعينه إلا في الفرض فإن الرجل يقصد صومه بعينه بحيث لو لم يجب عليه إلا صوم يوم السبت ـ كمن أسلم ولم يبق من الشهر إلا يوم السبت ـ فإنه يصومه وحده، وأيضاً فقصده بعينه في الفرض لا يكره بخلاف قصده بعينه في النفل فإنه يكره ولا تزول الكراهة إلا بضم غيره إليه أو موافقته عادة فالمزيل للكراهة في الفرض مجرد كونه فرضا لا للمقارنة بينه وبين غيره وأما في النفل فالمزيل للكراهة ضم غيره إليه أو موافقته عادة ونحو ذلك "
فهاهو ابن تيمية رحمه الله يذكر القول بكراهة قصد صيام السبت بعينه في النفل، و هذا معنى قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (لا يجوز إلا في الفريضة).
فإن قلتَ قوله (لا يجوز) معناه يحرم، قلتُ ليس بالضرورة لأن هذه العبارة تطلق على معنى يَحرم و على معنى يُكره، قال ابن الصلاح في أدب المفتي والمستفتي1/ 124 " ومعلوم من أصول الفقه وبين فقهاء هذه الأقطار أنه لا يلزم في نفي الجواز حصول التحريم، وأن انتفاء الجواز قد يكون بالكراهة، فالمكروه عندهم غير جائز ولا يقال إنه حرام " ا. هـ
ثم أقول لو سلمنا جدلاً ـ مع أنه غير مسلم ـ أن الشيخ رحمه الله يريد معنى (يحرم إلا في الفريضة) فأين فيه أنه ينسب ذلك للسلف؟ إن الشيخ رحمه الله يمكن أن يكون يحكي بذلك قول الشيخ الألباني أو الشيخ صديق حسن خان رحمهما الله، و المطلوب هو قول أحد من سلف الأمة لا غير.
4. أما قولك أنه ليس من الضروري أن نعرف القائلين بأعيانهم، فأقول لك أخي الكريم العبارة التي طالما سمعناها من الشيخ الألباني رحمه الله و رفع قدره في عليين " أثبت العرش ثم انقش " أي أننا نريد نقلاً واضحاً صريحاً عن السلف بالقول بالحرمة، ثم بعد ذلك ننظر في كون عين القائل معلومة لنا أم لا.
و بعد أخي الكريم ... فأحسب أنني قد أجبتك لما طلبت من الاقتصار في الرد على ما ذكرتَ مع عدم إغفال شيء، فأتمنى أن يأتي ردك كذلك عسى الله عز وجل أن يلهمني و إياك و القارئين الصواب في المسألة و ... دمت بعافية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/12)
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[14 - 02 - 06, 03:02 ص]ـ
يرفع تذكرة للفاضل أبي سند
ـ[أبو عبد الله الساحلي]ــــــــ[14 - 02 - 06, 01:25 م]ـ
الأخوة الكرام جزاكم الله خيراً جميعاً وأنا أرى أن مشكلة أخينا أبي سند محمد هي مشكلة خطأ في منهجية طلب العلم فهو ينزل الشيخ الألباني رحمه الله منزلة النسائي وأبي داود بل حتى البخاري فضلاً عن الزهري والأوزاعي وابن معين بدليل قوله عن الشيخ (محدث العصر , وخليفة البخاري ومسلم , مجدد الدين , الإمام العلامة) وهذا غلو شديد وقول غير رشيد والمشكلة أن الكثيرين ممن يدعون اتباع السلف قد جسدوا هذا الإتباع في شخصية متأخرة لايحيدون عن أقوالها بل يتعصبون لها أشد من تعصب من يرمونه بالتعصب للمذاهب أو الشيوخ وهؤلاء يتركون فهم سلف الأمة في الفقه والحديث ويتبعون فقه خلفها و هذه جناية علمية لاتغتفر لمن علم بالمخالفة
وختاما هذه بعض الكلمات التي أردت بيانها نصحاً للأخوة الكرام أما المناقشة العلمية فقد غطاها الأخ أبو البراء الكناني تغطية علمية منهجية كاملة جزاه الله خيراً هو الجميع بمافيهم الأخ أبو سند
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[14 - 02 - 06, 05:47 م]ـ
الاخ ابو عبدالله و جزاك الله خيرا ايضا
اين هو الغلو وهذا هو اقل ما يقال في مثل الالباني طيب الله ثراه وما زدنا شيئا عما وصفه به علماء العصر الذين هم اكثر دراية واصدق رواية
ومن خلال ردك هذا لم يتضح لي الا شيئا واحدا وهو انك لا الالباني جيدا فانصحك بقراءة كتبه و استماع اشرطته قبل ان يفوتك خير كثير
و نحن لا ندع العصمة له ولا لغيره من العلماء و قد كان رحمه الله من اشد الحريصين على هدم الغلو و نبذه وما نحن الا ضيوف على مائدة العلم التى كان الالبانى احد الداعين اليها كغيره من العلماء رحم الله الاموات و حفظ الله الاحياء
وكل يؤخذ من قوله و يرد الا المصطفى صلى الله عليه و سلم.
و إن كان عندك رد جديد فاطرحه بعلم والا .....................
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[14 - 02 - 06, 05:49 م]ـ
الأخ الكريم الكناني حفظك الله من كل مكروه:
كنت قد قرأت بحثك سابقا كما قلت لك , غير اني لم اقرا الردود من بعض الاخوان , والتى كان يوجد بها الكثير من المسائل التى سوف تغنينى عن تكرار الكلام.
اخي الكريم بالنسبة للاشكال الاول ومن خلال ردك علي وعلى الاخوان في الموضوع السالف الذكر , وحتى الآن انت تقول أن كلام ابن رشد , والطحاوي , والعثيمين غير واضح بان هناك من السلف من قال بالحرمة مطلقا , هذا اولا , وأما الامر الاخر وهو أن هذا الحديث ليس نصا واضحا على حرمة صيام يوم السبت , وان الشيخ الالباني نفسه كان يقول بخلاف هذا القول وهو حرمة الصيام مطلقا وانه لو كان الحديث لا يحتمل الا القول بالحرمة لما اختلف قول الشيخ الالباني.
فأقول اما بالنسبة للنقطة الاولى , فانظر اخي الكريم الى كلام الطحاوي حيث يقول في شرح معاني الآثار: (وقد أنكر الزهري حديث الصماء في كراهة صوم يوم السبت، ولم يعده من حديث أهل العلم بعد معرفته به ? ثم روى رحمه الله بسنده من طريق عبد الله بن صالح، حدثني الليث قال: سئل الزهري عن صوم يوم السبت؟ فقال: لا بأس به، فقيل له: فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في كراهته، فقال: ذاك حديث حمصي. فلم يعده الزهري حديثا يقال به، وضعفه).
فهذا الكلام من الطحاوي يوضح معنى الكراهة التى في كلامه الذي استدل به الشيخ الالباني رحمه الله وهو قول (فذهب قوم إلى هذا الحديث فكرهوا صوم يوم السبت تطوعاً، وخالفهم في ذلك آخرون فلم يروا بصومه بأساً).
فلو تمعنت في قوله: (وقد أنكر الزهري حديث الصماء في كراهة صوم يوم السبت، ولم يعده من حديث أهل العلم) , لوجدت انما كان قصده رحمه الله ما ذهب اليه الالباني رحمه الله.
وأما كلام ابن رشد فاعتقد انه اقرب للدلالة على انه قد اختلف في صيام يوم السبت وان منهم من قال بالتحريم , وانت اخي الكريم , عندما نقول أن الطحاوي قال بالكراهة , تقول انه لا يقصد كراهة التحريم , وعندما نقول إن الشيخ العثيمين قال بالاختلاف تقول انما يقصد الشيخ الالباني , فانت لم تات باليقين وانما هو ظنك فقط , فمن أين لك أن الطحاوي كان يقصد أن الكراهة ليست بكراهة الحرمة , ومن أين لك أن الشيخ العثيمين كان انما يقصد في هذا الخلاف الشيخ الالباني.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/13)
وهذا كلام اخر للشيخ العثيمين يوضح أن القول بالنهى مطلقا مختلف فيه بين العلماء ثم يذكر امرا اخر مهما وهو أن هذا الحديث لا يدل الا على مدلول واحد وهو الحرمة فيقول رحمه الله تعالى في كتاب الصيام من بلوغ المرام: (عن الصماء بنت بسر رضي الله عنها أن رسول الله ? قال (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افتُرض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغها) رواه الخمسة ورجاله ثقات وهو مضطرب وأنكره مالك وقال أبو داود: إنه منسوخ.
(افترض) كرمضان والفدية والكفارة
(لحاء العنب) قشرة الغصن
ويفعل هذا تحقيقا للفطر
وظاهره تحريم صوم يوم السبت في غير الفرائض لأنه ما دام وصلت إلى حد أنه لا بد أن يأكل لحاء عنب أو عود شجرة فهو للتحريم
واختُلف في صحته
قيل: مضطرب
وقيل: منكر
وقيل: منسوخ
وقيل: شاذ
واختلفوا في حكمه أيضاً فمن لم يصححه لم يعتبره شيئا
ومن صححه أو حسنه قال: لا يجوز صيام يوم السبت إلا فيما افتُرض سواء ضم إلى غيره أم لا، وإذا ثبت هذا الحكم صار لا بد من أن نقول إنه شاذ بلا شك لأن الأحاديث الصحيحة تدل على جواز صوم يوم السبت كحديث أبي هريرة السابق (أو يوماً بعده) وأحسن الأقوال في هذه المسألة ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله إلى أنه يكره إفراده بالصوم ولا يحرم ويؤيد هذا الحديث الذي بعده) انتهى كلامه رحمه الله.
لم يذكر الشيخ رحمه لله أن من قال بالتحريم مطلقا من المتقدمين او المتاخرين بل بعد أن ذكر الخلاف قال (وأحسن الأقوال في هذه المسألة ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله) فهو يذكر اقول العلماء.
والشيخ العثيمين رحمه الله يقول أن الحديث لو صح سنده فهو لا يدل الا على معنى واحد فقط فقال (ومن صححه أو حسنه قال: لا يجوز صيام يوم السبت إلا فيما افتُرض سواء ضم إلى غيره أم لا، وإذا ثبت هذا الحكم صار لا بد من أن نقول إنه شاذ بلا شك لأن الأحاديث الصحيحة تدل على جواز صوم يوم السبت) انتهى كلامه.
فلو كان الحديث يحتمل اكثر من معنى لما قال بعض العلماء عنه بالشذوذ , فكما قال العثيمين رحمه الله , فاذا صح الحديث سندا فهو شاذ لان الحديث واضح الدلالة على حرمة صيام السبت بجميع صوره , نعم قال الشيخ الالباني رحمه الله بكراه صيامه منفردا , ثم قال بالحرمة , وكان سبب ذلك انما هو احاديث اخرى كما هو واضح لك وذلك لمحاولة الجمع معها ومع هذا الحديث.
قال العلامة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن مفلح الحنبلي في الفروع (واختار شيخنا أنه لا يكره، وأنه قول أكثر العلماء، وأنه الذي فهمه الأثرم من روايته، وأنه لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليستثنى، فالحديث شاذ أو منسوخ).
فقولك في الرد السابق: (كون الأئمة المصححين للحديث حملوا النهي على الكراهة يعني أن الحديث يحتمل هذا?المعنى ـ و إن كان القول بالكراهة خطأ ـ لأن خلاف ذلك يعني أن كل هؤلاء الأئمة لم?يفهموا معنى الحديث مع كون معناه واضحاً كما يقول الشيخ، و هذا بعيد جداً كما أظنك?توافقني، و عندها يكون الحديث على كلام الشيخ بحاجة إلى فهم من سلف لمعرفة الصواب?من المعنيين (.
فالأمر ليس كذلك فالحديث واضح المدلول , وانما اختلاف الائمة من دليل اخر مخالف لهذا الحديث في الحكم , فالسلف لم يختلفوا في معنى الحديث كما تزعم بل حاولوا أن يوافقوا بينه وبين الادلة الاخرى المخالفة له , فالامر يختلف بارك الله فيك.
قال العلامة ابن قيّم الجوزية في تهذيب السنن على هامش عون المعبود (فقد فهم الأثرم من كلام أبي عبد الله أنه توقف عن الأخذ بالحديث، وأنه رخص في صومه، حيث ذكر الحديث الذي يحتج به في الكراهة. وذكر أن الإمام في علل الحديث يحي بن سعيد كان ينفيه وأبى أن يحدث به، فهذا تضعيف للحديث) اهـ.
فالسلف رحمهم الله فهموا الحديث , ولهذا فمنهم من قال بانه ضعيف , اما شاذا او منسوخا , بل منهم من كان لا يحدث به كما مر بك سابقاً.
والخلاصة أن:
1) - كلام الطحاوي عن كلمة الكراهة وانه يقصد بها كراهة التحريم , يوضحه كلامه الاخر في نفس الموضوع.
2) - قصد الشيخ العثيمين رحمه الله بالاختلاف بين العلماء هو الشيخ الالباني , ليس قطعي وانما هو ظني.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/14)
3) - الحديث واضح الدلالة على النهى مطلقا , وهذا ما فهمه السلف , وانما كان القول بخلاف ذلك احاديث اخرى تخالف هذا الحديث في المعنى , فليس للحديث الا معنى واحد كما قال العثيمين رحمه الله , وعلى هذا اما أن يكون الحديث صحيحاً , وان دلالته على الحكم هى الحرمة مطلقا , وأما أن يكون الحديث شاذا أو منسوخا , وهذا ما سنقوم بالمباحثة فيه لاحقاً.
ـ[أبو عبد الله الساحلي]ــــــــ[14 - 02 - 06, 09:04 م]ـ
الأخ أبو سند بشأن نصيحتك لي بقراءة كتب الشيخ الألباني فقد قرأت معظم كتبه ولم يفتني منها إلا ماهو جديد
و أنا لم أدخل في الرد العلمي لما ذكرتُ من أن الأخ أبو البراء كفانا المؤنة بالإسهاب الذي ذكر أما إن شئت أن أدخل معكم في هذا الحوار الطيب فلا بأس فإليك بعض النقاط على ما ذكرت أخيراً:
1 - لم تأت حتى الآن بما طالبك به الأخوة من نص صريح عن أئمة السلف في تحريم صوم السبت, أقول نص صريح لا تأويل واستنتاج لا تنس نص صريح.
2 - التحريم لو كان ظاهراً كما تدعي لاشتهر ذلك وكثرت فيه عبارات العلماء ونصوصهم لأن صوم السبت من المسائل المتجددة عبر كل جيل مما يحتاج فيه المسلمون إلى معرفة الحكم الشرعي.
3 - استدلالك بالشيخ العثيمين رحمه الله كاستدلالك بالشيخ الألباني ولا فرق إذ هذا من المعاصرين وهذا من المعاصرين والإثنان قد أخطأا الخطأ ذاته.
4 - وأما قولك (وحتى الآن انت تقول أن كلام ابن رشد , والطحاوي , والعثيمين غير واضح بان هناك من السلف من قال بالحرمة مطلقا , هذا اولا) فما هو ضابط كون العالم من السلف، فأرى أنك لا تفرق بين عالم من السلف وبين من هو على منهج السلف من العلماء الفرق بينهما واضح كما لا يخفى.
5 - أما استدلالك بقول الطحاوي (فذهب قوم إلى هذا الحديث فكرهوا صوم يوم السبت تطوعاً، وخالفهم في ذلك آخرون فلم يروا بصومه بأساً).وقوله: (وقد أنكر الزهري حديث الصماء في كراهة صوم يوم السبت، ولم يعده من حديث أهل العلم) فالقارئ لهذا الكلام لا يفهم منه لا بالإشارة ولا بالعبارة ما يفيد التحريم.
ـ[مرجان المصري]ــــــــ[15 - 02 - 06, 12:41 ص]ـ
ان الحمد لله احمده واستعينه واستغفره
اريد ان اذكر نقطة قد تكون قد غابت عن البعض وقد ذكرها اخونا ابو سند في نفي الشيخ الألباني في وصف الحديث بانه منسوخ فقال قال أبو داود: هذا الحديث منسوخ.
قال الشيخ الالبانى: " ولعل دليل النسخ عنده حديث كريب مولى ابن عباس: (أن ابن عباس وناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثوني إلى أم سلمة أسألها: أي الايام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر لصيامها؟ قالت: يوم السبت والاحد، فرجعت إليهم فاخبرتهم، فكأنهم أنكروا ذلك، فقاموا بأجمعهم إليها فقالوا: انا بعثنا إليك هذا في كذا، وذكر أنك قلت: كذا، فقالت: صدق، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما كان يصوم من الايام السبت والاحد، وكان يقول إنهما عيدان للمشركين، وأنا أريد أن أخالفهم). أخرجه ابن حبان والحاكم وقال: (إسناده صحيح). ووافقه الذهبي. قلت: وضعف هذا الاسناد عبد الحق الاشبيلى في (الاحكام الوسطى) وهو الراجح عندي، لان فيه من لا يعرف حاله كما بينته في (الاحاديث الضعيفة) (بعد الالف) وقد حسنه فى تعليقى على صحيح ابن خزيمة (2168) ولعله اقرب فيعاد النظر. ولو صح لم يصلح أن يعتبر ناسخا لحديث ابن بسر ولا أن يعارض به لما ادعى الحاكم، لامكان حمله على أنه صام مع السبت يوم الجمعة، وبذلك لا يكون قد خص السبت بصيام، لان هذا هو المراد بحديث ابن بسر كما سبق عن الترمذي والله اعلم " انتهى كلام الشيخ الالبانى.
واريد ان اذكر الى انكار الصحابة الى ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصوم السبت والأحد وهذا دليل على علمهم بان صيام يوم السبت منهي عنه
واما القواعد الفقهية التي ذكر الأخ الفاضل ابو البراء انها قواعد ترجيح فهذا لاتفوت على الشيخ الألباني رحمه الله تعالى ولا على الشيخ ابو اسحاق الحويني في نقاشه مع الشيخ على هذا الموضوع
واقول ماذا تفعل ان صح عندك الحديث هل تقول لا اخذ بالقواعد او لانرجح وهذا عين الخطا بل نقول مثل ماقال اهل العلم ينزل الحكم من الحرمة الى الكراهه او من الواجب الى المستحب وهكذا في هذا الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/15)
و في الختام لا يسعني الا ان اقول بارك الله في الجميع على هذا النقاش القيم الذي يعلم الله كم انتفعت به وبارك الله في اخينا ابو سند محمد وارجو ان يكون مبتغانا الحق وليس النصرة للنفس
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوكم مرجان على المصري (كفر الشيخ)
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[15 - 02 - 06, 12:47 م]ـ
الأخوة الكرام ... جزاكم الله خيراً
أخي الكريم أبو سند ... أحسن الله إليه
الكلام عن عبارتي الطحاوي رحمه الله:
لقد قارنت أخي الكريم بين عبارة الطحاوي رحمه الله " فذهب قوم إلى هذا الحديث فكرهوا صوم يوم السبت تطوعاً " و عبارته الثانية في إنكار الزهري حديث الصماء و فيها "وقد أنكر الزهري حديث الصماء في كراهة صوم يوم السبت، ولم يعده من حديث أهل العلم بعد معرفته به " و خلصت من هذه المقارنة إلى قولك:
" فهذا الكلام من الطحاوي يوضح معنى الكراهة التى في كلامه الذي استدل به الشيخ الالباني رحمه الله "
فأنت تعني أن قوله الثاني " حديث الصماء في كراهة صوم السبت " يوضح معنى قوله الأول " فكرهوا " فهلا بينت لي المعنى الذي وضحه!
أنت أخي الكريم تقول أن مراده بقوله عن القوم " فكرهوا " هو فحرموا بدليل وصفه حديث الصماء بأنه " في كراهة صوم السبت " فكيف يستقيم هذا الكلام أخي الكريم؟
في العبارتين ذُكِرَتِ الكراهة و أنت تقول أن الكراهة تفسر الكراهة بأنها للتحريم فكيف يكون ذلك؟!!
لقد طلبت مني أن أتمعن في العبارتين لأتبين أن قصد الطحاوي هو ماذهب إليه الألباني رحمهما الله، فما رأيك لو تمعنتُ في العبارتين وقلتُ لك بل كلامه واضح في أن قصده هو الكراهة لا التحريم؟
أين في العبارتين ذكر التحريم أخي الكريم؟
إنني أذكرك أن الطحاوي رحمه الله يستخدم لفظ الكراهة للكراهة التحريمية كما يستخدمه للكراهة التنزيهية، فمن ذلك قوله في شرح معاني الآثار 4/ 199:
" ... فقال قائل ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما هذا ما يدل على كراهة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكل لحم الضب قيل له قد يجوز أن يكون هذا على الكراهة التي ذكرها أبو سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي قد رويناه عنه لا على تحريمه إياه على الناس ... "
لكنني أقول أنه أراد في حديث السبت الكراهة التنزيهية و قد دللت على ذلك بقرائن منها:
1 - أن الخلاف في هذه المسألة قديم قدم الخلاف حول صحة الحديث، و القولان المشهوران فيها هما الجواز و الكراهة، فلا يتصور أن يهمل الطحاوي ذكر القول المشهور بالكراهة و ينقل القول بالحرمة الذي لم ينقل عن أحد قبله.
2 - كما أنه لم ينقل القول بالحرمة عن أحد قبل الطحاوي فكذلك لم ينقل عن أحد بعده، بل و لم أجد أحداً في أي من الكتب التي تعنى بذكر الخلاف ينقل القول بالحرمة لا عن الطحاوي و لا عن غيره.
فإما أن توافقني على ذلك فعندها لا يكون كلامه رحمه الله نقلاً للقول بالحرمة عن السلف، و إما أن تعارضني فتأتي بما تفند به حججي و تستدل به على صحة فهمك لكلامه بقرائن واضحة، و إما أن تتوقف فلا يترجح عندك مراده من كلامه و هذا أيضاً يُفقد عبارته الدلالة التي ترجوها منها، و أظن هذا الكلام عدل.
أما قولك وأما كلام ابن رشد فاعتقد انه اقرب للدلالة على انه قد اختلف في صيام يوم السبت وان منهم من قال بالتحريم
فكيف يكون ذلك أخي الحبيب؟ لقد طلبت منك أن تبين من كلامه الموضع الذي ينقل فيه عن أحد أنه قال بالحرمة، فهل يكون جواب هذا الطلب أن تقول لي أنك تعتقد أن كلامه أقرب لما ذهبتَ إليه؟! بالله عليك كيف يكون ذلك؟
إن القضية أخي الكريم ليست أن تعرض ما تعتقده و أعرض ما أعتقده فهذا الأمر لن يحتاج من كل منا إلى أكثر من بضع كلمات، القضية هنا أن كل واحد منا يعرض حججه على ما يعتقده في سبيل تحقيق ما ذكرتَه في إحدى مشاركاتك بقولك " يعلم الله , وهو على ما أقول شهيد , أنني ما كتبت هذا البحث إلا لبيان حكم من أحكام الله عز وجل فى هذه المسألة " فأهل السنة أخي الكريم يستدلون ثم يعتقدون، جعلني الله و إياك منهم، اللهم آمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/16)
ثم قلتَ بارك الله فيك وانت اخي الكريم , عندما نقول أن الطحاوي قال بالكراهة , تقول انه لا يقصد كراهة التحريم , وعندما نقول إن الشيخ العثيمين قال بالاختلاف تقول انما يقصد الشيخ الالباني , فانت لم تات باليقين وانما هو ظنك فقط , فمن أين لك أن الطحاوي كان يقصد أن الكراهة ليست بكراهة الحرمة , ومن أين لك أن الشيخ العثيمين كان انما يقصد في هذا الخلاف الشيخ الالباني.
و أنت في هذا الكلام ـ غفر الله لك ـ لم تنصفني! ذلك أنني في موضوعك هنا لم أقل قبل اليوم ـ إن لم تخني الذاكرة ـ أن الطحاوي رحمه الله لم يرد كراهة التحريم بل قد قلتُ في المشاركة 20 " فأين في كلامه رحمه الله أن أحداً من السلف يقول بالحرمة؟ " و هذا مني تطبيق لقاعدة " البينة على من ادعى " فأنت أخي الفاضل تدعي أن قوله " فكرهوا " هو للكراهة التحريمية لا التنزيهية فأنت المطالب بالبينة و الدليل على ما تقول لا العكس.
و لم تنصفني أيضاً عندما اختزلت كل تعليقي على كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كلمتين، مع أنني قلتُ " يمكن أن يكون" فلم أجزم!
لذا فجوابي على " فمن أين لك ... " الأولى قد بينته لك قبل قليل، أما " ومن أين لك ... " الثانية فليس هذا هو المهم بل المهم هو أن نرى هل نسب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله القول بالحرمة لأحد من السلف أم لا؟ فهذا هو موضوعنا.
لقد أتيت بنقل جديد عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، فهل في هذا النقل ما يدل على أن أحداً من السلف قال بالحرمة؟ الجواب من كلامك أنتَ حيث قلتَ
لم يذكر الشيخ رحمه الله أن من قال بالتحريم مطلقا من المتقدمين او المتاخرين بل بعد أن ذكر الخلاف قال (وأحسن الأقوال في هذه المسألة ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله) فهو يذكر اقول العلماء.
فما دام الأمر كما تقول فكلامه رحمه الله لا يستفاد منه ما ترجوه، لكنني أريد أن أنبه هنا إلى نقطة منهجية و هي أن الشيخ رحمه الله لو قال مثلاً أنه ثبت عن بعض السلف القول بالحرمة فهو رحمه الله مطالب بالإحالة إلى قول عالم متقدم يذكر ذلك لأنه بين عصره رحمه الله و عصر السلف مفاوز، تماماً مثلما أن الشيخ الألباني رحمه الله عندما سئل عن سلفه في المسألة لم يقل: قال به بعض السلف، لكنه عزا نقل ذلك للطحاوي، فليتنبه.
أما قولك أيها الكريم نعم قال الشيخ الالباني رحمه الله بكراه صيامه منفردا , ثم قال بالحرمة , وكان سبب ذلك انما هو احاديث اخرى كما هو واضح لك وذلك لمحاولة الجمع معها ومع هذا الحديث
فعجيب جداً لأن عمدة بحثك هو كلام الشيخ الألباني رحمه الله تعالى المبثوث في كتبه و أشرطته لكنني أراك لم تقرأ كلامه جيداً فصدر منك هذا الكلام، و تبياناً لهذ الكلام أقول:
قال الشيخ الألباني رحمه الله في الإرواء تعليقاً على حديث أم سلمة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أكثر ما كان يصوم من الأيام السبت و الأحد " ولو صح لم يصلح أن يعتبر ناسخاً لحديث ابن بسر ولا أن يعارض به كما ادعى الحاكم، لامكان حمله على أنه صام مع السبت يوم الجمعة، وبذلك لا يكون قد خص السبت بصيام، لان هذا هو المراد بحديث ابن بسر كما سبق عن الترمذي. " أما الذي سبق عن الترمذي فهو ما ذكره الشيخ رحمه الله قبل ذلك بقوله " وقال الترمذي: (حديث حسن، ومعنى كراهته في هذا أن يخص الرجل يوم السبت بصيام، لان اليهود تعظم يوم السبت) " ا. هـ من الإرواء تحت الحديث 960
فيستفاد من ذلك أمور:
1. أن الترمذي رحمه الله يقول أن حديث النهي يدل بنفسه على كراهة تخصيص السبت بصيام، لا جمعاً بينه و بين بقية الأحاديث، بل هذا هو معنى الحديث عنده لعلة أن اليهود تعظم هذا اليوم، فتأمل.
2. أن الشيخ الألباني رحمه الله كان يوافق الترمذي على هذا الفهم للحديث قديماً كما يظهر من النقل، فللحديث عند الشيخ فهم متقدم و فهم متأخر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/17)
3. نحن نعرف السبب الذي جعل الشيخ رحمه الله يقول بالحرمة لاحقاً و هو ترجيحه حديث النهي الذي يدل على الحرمة ـ بلا خلاف كما تقول ـ على الأحاديث المبيحة، فما الذي جعله يقول قديماً بالكراهة رغم أنه عد بقية الأحاديث لا تعارضه " كما ادعى الحاكم "؟ بمعنى آخر إذا كانت أحاديث الإباحة لا تعارض حديث النهي عند الشيخ قديماً كما في النقل السابق و كان حديث النهي لا يحتمل سوى معنىً واحد هو الحرمة كما تقول فلماذا قال الشيخ بالكراهة فقط؟ أرجو أن تجيبني.
4. الجدير بالملاحظة أن الترمذي رحمه الله توفي 279 بينما توفي الطحاوي 321 فلماذا يُعدُّ قول الطحاوي " فكرهوا " نقلاً للحرمة عن السلف بينما لا يعد قول الترمذي" و معنى كراهته في هذا " قولاً بالحرمة؟ هل من جواب أخي الكريم؟
قلتَ فالسلف لم يختلفوا في معنى الحديث كما تزعم بل حاولوا أن يوافقوا بينه وبين الادلة الاخرى المخالفة له , فالامر يختلف بارك الله فيك.
و الصواب أنهم لم يختلفوا ـ خلا الترمذي رحمه الله ـ في رد الحديث و تضعيفه و ما كان كذلك لا يحتاج معه لمحاولة التوفيق بينه و بين غيره مما يخالفه، و لو رجعت لمقدمة بحثي لوجدت قائمة بأسماء المصححين و المضعفين تعمدت أن أذكر فيها تواريخ وفاة كل منهم فمنها يتبين لك حكم السلف على الحديث مما لا يحتاج معه إلى جمع و توفيق، أما الترمذي رحمه الله فإن كان حسنه فإنه فهم منه الكراهة استقلالاً دون حاجة لجمع و توفيق كما ذكرتُ آنفاً.
أما استدلالك على فهم السلف للحرمة بالنقل التالي عن ابن القيم فعجيب
قال العلامة ابن قيّم الجوزية في تهذيب السنن على هامش عون المعبود (فقد فهم الأثرم من كلام أبي عبد الله أنه توقف عن الأخذ بالحديث، وأنه رخص في صومه، حيث ذكر الحديث الذي يحتج به في الكراهة. وذكر أن الإمام في علل الحديث يحي بن سعيد كان ينفيه وأبى أن يحدث به، فهذا تضعيف للحديث) اهـ.
و أنت في هذا أخي الكريم تسير على نفس النهج و هو أن كل كراهة تعني التحريم، و لكن للأسف لا تأتي بدليل على هذا الأمر.
أما قولك فالسلف رحمهم الله فهموا الحديث , ولهذا فمنهم من قال بانه ضعيف , اما شاذا او منسوخا , بل منهم من كان لا يحدث به كما مر بك سابقاً.
فكلام مؤسف حقاً لأن معناه سيء جداً و فيه زراية بالسلف ـ أنا أبرئك من أن تكون تقصدها ـ لأن كلامك يعني أن السلف فهموا أن الحديث يعني حرمة صيام السبت و لكنهم لم يرضوا بذلك فقالوا بضعفه أو نسخه أو أبوا أن يحدثوا به، و رغم أنني على يقين أنك لم ترد الإساءة إلا أنني أقول لك أن ما قرأتَه من تفسير لقول بعض العلماء بالنسخ و الشذوذ أنه كان منهم بسبب ورود أحاديث الإباحة فلم يكن منهم مخرجاً للخروج من القول بالحرمة كما قد يظن بل هو مبني على أصول و قواعد العلم، و ربما نأتي إلى الكلام عن هذا الأمر لاحقاً.
أما قولك وعلى هذا اما أن يكون الحديث صحيحاً , وان دلالته على الحكم هى الحرمة مطلقا
أقو ل بارك الله فيك أنا ما بنيت بحثي إلا على التسليم بصحة الحديث و قد ذكرتُ فيه الإشكالات التي تعترض القول بالحرمة على فرض ثبوت صحته، فلا داعي للاستعجال في إطلاق الأحكام، بل إن شئت فاعتبر ما أذكره من إشكالات مجرد شبهات تحتاج منك للرد، و هذا يحتاج إلى صبر و أناة.
أما قولك وأما أن يكون الحديث شاذا أو منسوخا , وهذا ما سنقوم بالمباحثة فيه لاحقاً.
فإنني أرجو منك أن تلتزم بما طالبتني به والتزمتُ به و هو أن نبحث جوانب الموضوع فقرة فقرة حتى نحصل على الفائدة المرجوة، كما أنني أرجو أن يقتصر التباحث بيننا على الجانب الفقهي أما الجانب الحديثي فمن شاء أن يطلع على حجج القائلين بالشذوذ فعليه ببحث الشيخ الفاضل زياد التكلة على الرابط التالي
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth...223#post136223
و بناء عليه أطلب منك ما يلي:
1. بالنسبة لسلف القول بالحرمة: أن تناقش الاعتراضات المطروحة على النقول التي استشهدتَ بها، و أن تأتي بقرائن أو أقوال قطعية الدلالة لا أن تكون محتملة لأكثر من معنى، و التركيز على كلام الطحاوي رحمه الله ـ لأنه الأصل الذي اعتمد عليه الألباني رحمه الله فلو صح عنده شيء مما تحاول الاعتماد عليه لذكره ـ وقد خيرتك بين ثلاثة خيارات لا رابع لها على مقتضى القسمة العقلية.
2. بيان رأيك فيما ذكره محاورك تعليقاً على تنزيل كلام الشافعي رحمه الله على مسألتنا، أعني كون الحديث حجة بنفسه.
3. ذكر ما لديك بشأن الإشكال الثاني ـ على ترتيبك ـ أعني به فهم راوي الحديث، مع رجاء مراجعة ما ذكرتُه في بحثي حفاظاً على أوقاتنا و جهودنا.
و في الختام أدعو الله عز و جل أن يهديني و إياك و جميع إخواننا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه سبحانه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، و صل اللهم على عبدك و نبيك محمد و على آله وصحبه وسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/18)
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[15 - 02 - 06, 12:57 م]ـ
الأخ الكريم مرجان ... بارك الله فيك
أرجو أن تتقبل هذه الكلمات التي أسطرها على عجل لضيق وقتي!
بالنسبة لحديث صيام السبت و الأحد فقد أجبت الأخ الكريم على مثل كلامك في المشاركة 15 فقلتُ
لقد نسبت الخلاف حول صيام السبت إلى عصر الصحابة مستدلاً بحديث كريب، و ليس فيه دلالة على ما ذكرت لأن ابن عباس و من معه إنما أنكروا أن يكون أكثر صيامه عليه السلام للسبت و الأحد لا لغيرهما كالأيام البيض مثلاً و لم يكن إنكارهم لأصل صيام السبت و إلا لزم على هذا الفهم أن يكونوا قد أنكروا صيام الأحد أيضاً فهل من قائل بذلك؟ و لو سلمنا جدلاً لما فهمته فإن عدم اعتراضهم بعد أن استوثقوا من أم سلمة عن صحة نقل كريب عنها يدلك على أن هذا الخلاف الذي تنسبه لهم قد رفع.
أما ما قلتَه بشأن اعتراضي على القواعد الفقهية فليس هذا الرد رداً سلفياً أخي الكريم
تذكر بالله عليك: اعرف الرجال بالحق و لا تعرف الحق بالرجال
تذكر: كل يؤخذ من قوله و يرد إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه و سلم
تذكر و تذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين
و بما أنك من كفر الشيخ فقد قرأت جواباً للشيخ الحويني حفظه الله على الشبكة قال فيه لسائله " يجوز صيام السبت في النافلة على كل حال " فهل لك أن تتأكد لنا من صحة هذا الكلام.
و ... دمتم بعافية
ـ[أبو عبد الله الساحلي]ــــــــ[15 - 02 - 06, 01:24 م]ـ
باأخي مرجان المصري الأحكام الشرعية التي فيها تحليل وتحريم لايستدل لها ب (لعل) كما ذكرت
((قال الشيخ الالبانى: " ولعل دليل النسخ عنده حديث كريب مولى ابن عباس)) فلا يحرم شيء على الناس بالإحتمالات.
أما بشأن اطلاع الشيخ الألباني على القواعد الفقهية فالأمر ليس مجرد معرفة بهذه القواعد وإنما الأمر أبعد في ذلك (إن سلمنا لك بأن الشيخ الألباني فقيه) وإنما هو المخالفة الصريحة لأئمة السلف في حكم التحريم وتجاوز فهمهم وفقههم للنصوص بالإضافة إلى ضرب كلامهم في نقض حديث الباب عرض الحائط للنصوص هذا ما ندندن حوله
ـ[أبو عبد الله الساحلي]ــــــــ[15 - 02 - 06, 02:04 م]ـ
أخي أبو البراء الكناني جزاك الله خيراً كلامك من أوله إلى آخره بغاية الدقة والمنهجية العلمية والإنسجام إلا نقطة واحدة قد فاتتك وهي: أن تحسين الترمذي للحديث فكما هو معلوم أن تحسين الترمذي لحديث ما بقوله: هذا حديث حسن لا يعني مطلقاً أنه يصححه وإنما معنى ذلك أن الحديث ليس فيه متهم أو قد روي من غير وجه أو عمل به الصحابة أو من بعدهم كما ذكر الترمذي ذلك في العلل -النقل عن الترمذي بتصرف - والمشكلة أن المعاصرين يلزمون الترمذي بمصطلح المتأخرين في معنى التحسين= اللهم هدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك=
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[15 - 02 - 06, 04:20 م]ـ
الاخ الكناني:السلام عليكم ورحمة الله
والله يااخي لا ادري كيف فهمت من كلامي ان فيه زراية بالسلف - مع حسن ظنك بي بارك الله فيك- فقالت:
كلام مؤسف حقاً لأن معناه سيء جداً و فيه زراية بالسلف ـ أنا أبرئك من أن تكون تقصدها ـ لأن كلامك يعني أن السلف فهموا أن الحديث يعني حرمة صيام السبت و لكنهم لم يرضوا بذلك فقالوا بضعفه أو نسخه أو أبوا أن يحدثوا به، و رغم أنني على يقين أنك لم ترد الإساءة إلا أنني أقول لك أن ما قرأتَه من تفسير لقول بعض العلماء بالنسخ و الشذوذ أنه كان منهم بسبب ورود أحاديث الإباحة فلم يكن منهم مخرجاً للخروج من القول بالحرمة كما قد يظن بل هو مبني على أصول و قواعد العلم، و ربما نأتي إلى الكلام عن هذا الأمر لاحقاً.
وانما كان قصدي - وانا اعتقد انه واضح- ان العلماء ما حكموا على الحديث بالشذوذ والنسخ الا لان معناه واضح.
وهذا ما قاله الشيخ العثيمين رحمه الله: (وظاهره تحريم صوم يوم السبت في غير الفرائض لأنه ما دام وصلت إلى حد أنه لا بد أن يأكل لحاء عنب أو عود شجرة فهو للتحريم).
وارجوا ان يعلم الاخوان ان الموضوع قد تكلم فيه علماء , وان كلامي او كلام الاخوة انما هو من اجل المباحثة والاستفادة , وكما قلت سابقا واكررها الان , انما انا اعرض قول عالما من علماء السنة.
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[15 - 02 - 06, 10:25 م]ـ
لقد قال لي احد الاخوان حول ما قاله الاخ الكناني وما فهمه من كلامي وان كلامي فيه زراية بالسلف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/19)
قال: ربما كان سبب ذلك هي الجملة (أما قولك فالسلف رحمهم الله فهموا الحديث , ولهذا فمنهم من قال بانه ضعيف , اما شاذا او منسوخا , بل منهم من كان لا يحدث به كما مر بك سابقاً) , وفهم الاخ انني اظن أن السلف ما قالوا بشذوذ الحديث , او بنسخه الا من اجل أن يهملوا هذا الحديث.
فأقول: اولا استغفر الله العظيم من أن اظن أن السلف كانوا كذلك , بل الذي اعتقده وأدين الله به أن السلف كانوا اشد الناس حرصا لإتباع سنة محمد صلى الله عليه وسلم , وأنهم خير القرون كما اخبر بذلك سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: ربما الذي حمل الأخ الكناني على هذا الفهم هو قولي (فمنهم من قال بأنه ضعيف , إما شاذا أو منسوخا) , فأقول ربما اعتقد ذلك لوضعي فاصلة بين كلمة ضعيف و شاذ , فاعتقد أنني أقول أن السلف ما ضعفوا الحديث إلا من اجل أنهم فهموا الحديث وبالتالي لم يأخذوا به , والأمر ليس كذلك , بل بعضهم ضعف الحديث لمخالفته لأحاديث أخرى مخالفة له في المعنى , فحكموا عليه بالضعف فقالوا إما شاذاً أو منسوخا , وهذا واضح.
الأمر الأخر:وهو يتعلق بالأخ الكناني وهو قوله عني (أن السلف فهموا أن الحديث يعني حرمة صيام السبت و لكنهم لم يرضوا بذلك فقالوا بضعفه أو نسخه أو أبوا أن يحدثوا به).
فأقول له: من أين جئت بكلمة ((لم يرضوا)) , فأنا ما قلت هذا , و هذا تأويل من عندك , و تحميل كلامي ما لا يحتمل , فهذا فهمك أنت , وهذا راجع إلى فهمك لا إلى ما كتبته أنا فارجوا أخي الكريم أن تنتبه لهذا.
أما عن الجواب حول الرد فأقول:
1) - يجب أخي الكريم أن تجيبني على أمر مهم وهو: ما قولك في كلام العثيمين رحمه الله السابق الذكر وهو قوله) وظاهره تحريم صوم يوم السبت في غير الفرائض لأنه ما دام وصلت إلى حد أنه لا بد أن يأكل لحاء عنب أو عود شجرة فهو للتحريم (.
2) - قال الشيخ الالباني رحمه الله (هل أنتم تدَّعون الإجماع على صيام يوم السبت لأنه كان فيه يوم عرفة أو يوم عاشوراء أو أي يوم فضيلة عادةً؟ , ما يستطيعون أن يدَّعوا الإجماع على ذلك، هذا يُريحنا، ويكفينا دفعاً لشبهتهم، لأنَّه هم ما يقولون بالإجماع، فنحن بالأولى أن لا نقول بالإجماع، إذن طلبهم ساقطٌ).
ملاحظة:
في قولك حول هذه الجملة) أما قولك أيها الكريم نعم قال الشيخ الالباني رحمه الله بكراه صيامه منفردا , ثم قال بالحرمة , وكان سبب ذلك انما هو احاديث اخرى كما هو واضح لك وذلك لمحاولة الجمع معها ومع هذا الحديث فعجيب جداً لأن عمدة بحثك هو كلام الشيخ الألباني رحمه الله تعالى المبثوث في كتبه و أشرطته لكنني أراك لم تقرأ كلامه جيداً فصدر منك هذا الكلام).
فأقول: نعم الشيخ كان يرى بأن المراد بحديث ابن بسر هو أن تخصه بصيام , وهو واضح , فربما هي زلة.
هذا والله تعالى اعلم.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[16 - 02 - 06, 11:45 ص]ـ
أخي الفاضل (أبو سند) ... و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
الحمد لله أن حسن ظني بك كان في محله و هذا ظننا في إخواننا كلهم فالأصل حمل حالهم على السلامة، و أنا من البداية فرقت بين قصدك من الكلام فحملتُه على المحمل الحسن و بين ما قد يُفهم من الكلام، و حقيقة لا أريد أن أتفرع و أبتعد عن الموضوع لكنني سأجيبك عن الأسباب التي جعلتني أقول: " لأن كلامك يعني أن السلف فهموا أن الحديث يعني حرمة صيام السبت و لكنهم لم يرضوا بذلك فقالوا بضعفه أو نسخه أو أبوا أن يحدثوا به،
1. قولك " فالسلف رحمهم الله فهموا الحديث , ولهذا فمنهم من قال بانه ضعيف , اما شاذا او منسوخا , بل منهم من كان لا يحدث به كما مر بك سابقاً. " فأنت جعلت فهمهم للحديث و أنه للتحريم ـ كما تقول ـ سبباً لما بعده، فإن كان يمكن فهم قول من قال بالشذوذ أو النسخ أنه فعل ذلك لمعارضة الحديث الدال على الحرمة بغيره، فكيف يمكن فهم من أبى أن يحدث بالحديث في ضوء كلامك؟ أنت تقول أن كلامك واضح، و الواضح منه يا أخي هو التالي: " السلف فهموا أن النهي في الحديث للحرمة فمنهم من كان لا يحدث به " هل يفهم من كلامك غير هذا؟ إذاً لماذا أبى البعض من السلف التحديث به؟ الجواب: لأنه يفهم منه الحرمة! هذا معنى الكلام كما فهمتُه و هو معنىً سيء، و أنا من البداية على يقين أنك لم ترده لكنني أردت التنبيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/20)
2. لقد سمعتُ أو قرأتُ من بعض الأخوة ـ و لستُ أذكر أين ـ التصريح بهذا المعنى السيء للأسف فوجدتُ لزاماً أن أنبه.
3. هو بعض ما ذكره لك الأخوة الذين تحدثتَ عنهم في ردك الأخير.
4. أما كلامك عن الشذوذ فأنا كنتُ أود أن أتحدث عن السبب الذي حمل بعض العلماء على القول بالشذوذ لاحقاً كما قلتُ في ردي السابق، و لكن قد يحسن الكلام الآن و قد كنتُ ذكرتُه في موضعه في بحثي (الإعلام) و نصه: "الذين قالوا بشذوذ الحديث أو نسخه قد أقروا ضمناً بصحة سنده، لكن لما رأوا متنه مخالفاً للجم الغفير من الأحاديث المبيحة لصيام السبت ولم يجدوا سبيلاً لحمل حديث النهي على معنىً تزول به مخالفته الظاهرة لأحاديث الإباحة، قالوا أنه شاذ غير محفوظ أو قالوا أنه منسوخ بتلك الأحاديث، يدل على ذلك قول ابن تيمية في الاقتضاء ج1/ 263:
(واحتج الأثرم بما دل من النصوص المتواترة على صوم يوم السبت، ولا يقال يحمل النهي على إفراده لأن لفظه لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، والاستثناء دليل التناول وهذا يقتضي أن الحديث يعم صومه على كل وجه وإلا لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليستثنى فإنه لا إفراد فيه فاستثناؤه دليل على دخول غيره بخلاف يوم الجمعة فإنه بين أنه إنما نهى عن إفراده، وعلى هذا فيكون الحديث إما شاذاً غير محفوظ وإما منسوخاً وهذه طريقة قدماء أصحاب أحمد الذين صحبوه كالأثرم وأبي داود)
بعبارة أخرى، فإن حديث النهي صحيح الإسناد إلا أنه مخالف للأحاديث الكثيرة المبيحة لصيام السبت، فلو أمكن حمل حديث النهي على النهي عن إفراد السبت بالصيام لزالت هذه المخالفة و لَرُفِعَ التعارض بين الأحاديث، إلا أنهم قالوا أن لفظ حديث النهي لا يقبل حمله على هذا المعنى فيكون الحديث مخالفاً لبقية الأحاديث فيكون حينئذ شاذاً غير محفوظ.
و قولهم عن الحديث أنه شاذ لا يعنون بذلك أن في رواته ضعيفاً أو متهماً، بل رواة الشاذ ثقات، فالشاذ كما قال الشافعي رحمه الله (ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يروي غيره. إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثاً يخالف ما روى الناس) انتهى نقلاً من مقدمة ابن الصلاح. "
و ربما تقول لي أخي الكريم أبا سند أن هذا هو نفس معنى كلامك الذي أنكرتُه عليك، فأقول بارك الله فيك بل هناك فرق جوهري، فأنت جعلتَ لحديث النهي فهماً وحيداً هو الحرمة و أن السلف ما فهموا غيره فلهذا الفهم حكم من حكم عليه بالشذوذ لمخالفته غيره من الأحاديث، أما نقل ابن تيمية عن الأثرم و غيره من العلماء فليس فيه ذكر للحرمة على الإطلاق بل كل الكلام عن " النهي " و عن " حديث النهي " في مقابل أحاديث الإباحة.
إن الإشكال الكبير أخي الكريم أبا سند أنك تعد كلمة نهى تعني حرَّم و كلمة كره تعني حرَّم!
إنني أعرف أنك إن شاء الله تعرف أن النهي قد يعني الحرمة و قد يعني الكراهة، و أن قول كره قد تكون كراهة تحريمية و قد تكون تنزيهية، لكن تصرفك ـ و تصرف الكثيرين من الأخوة غيرك ـ يوحي أنه لا معنى سوى الحرمة، فلماذا هذا التحكم أخي الكريم؟
هناك دعوى أن قول الطحاوي " فكرهوا " تعني " فحرموا "
و هناك دعوى أن قول من قال للزهري " روي عن النبي عليه السلام في كراهته " تعني في حرمته
و هناك دعوى أن سؤال من سأل الإمام أحمد عن " كراهة إفراده " أي عن حرمة إفراده ... إلى غير ذلك
فهذه أخي الكريم كلها دعاوى تحتاج إلى بينات أما أن تعدها بمثابة البدهيات أو المسلمات ثم تبني عليها فليس هذا من الصواب في شيء، لا سيما عندما تحاور من ينازعك في فهمك.
أما قولك نعم الشيخ كان يرى بأن المراد بحديث ابن بسر هو أن تخصه بصيام , وهو واضح , فربما هي زلة.
فتوضيحاً لكلامك: الشيخ كان يرى أن المراد بحديث ابن بسر هو كراهة أن تخصه بصيام.
أنت أخي الكريم تقول: ربما هذا الفهم من الشيخ رحمه الله زلة، فأقول سبحان الله! الفهم الذي يوافق كلام الترمذي و أقوال المذاهب الأربعة بل أقوال الأئمة طوال أربعة عشر قرناً زلة، أما القول الأخير للشيخ رحمه الله فهو الذي صحح كل هذه الزلات، غفر الله لك!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/21)
الذي يهمني من هذا الكلام أن الترمذي صرح بفهم الكراهة من الحديث ولم ينكر عليه فهمه هذا أحد ممن جاء بعده و حكى قوله، أما قول الشيخ الألباني رحمه الله أنه لا معنى للحديث سوى معنىً واحد هو الحرمة ففضلاً عن كونه كان يقول بخلاف ذلك مما عددتَه أنت زلة فإنه رحمه الله قد قال فيما نقلتَه أنت عنه في المشاركة 22 ـ في معرض حديثه عن صيام السبت ـ " حينما نقول أننا سلفيون ولا نقول بقول إلا أن نسبق إليه، فأظنك تعلم ما نقوله في فهم النص الذي يمكن أن يكون له أكثر من وجه واحد.
وبخاصة أنَّه أنا شخصياً -كما هو معلوم- أعجمي الأصل، فأنا أتهم نفسي، والعرق دسَّاس، ولذلك عندما يكون هناك نصٌ يحتمل أكثر من وجه فأنا أجبن حينذاك إلا أن يكون لي سلف، "
و ليس هذا بقصد الإساءة للشيخ رحمه الله ـ معاذ الله ـ و لكن إنكار الشيخ على إمكان فهم الكراهة يعارضه الواقع من قبل الترمذي و عدم إنكار الأئمة، أما إنكار الشيخ رحمه الله فيحكم عليه من كلامه السابق رحمه الله.
أما قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (وظاهره تحريم صوم يوم السبت في غير الفرائض لأنه ما دام وصلت إلى حد أنه لا بد أن يأكل لحاء عنب أو عود شجرة فهو للتحريم).
فأين وجدتني أنكر أن الحديث يمكن أن يفهم منه التحريم؟ بل أين وجدتني أنكر أن هذا ظاهره؟ إن هذا أمر لا أجادل فيه، لكنني يا أخي بحمد الله سلفي و أنت كذلك إن شاء الله، و منهجنا قائم على فهم السلف للكتاب و السنة و على هذا ربى الشيخ الألباني رحمه الله الناس، و الذي يحز في نفسي كثيراً في هذه المسألة ـ مما حداني لكتابة بحثي فيها ـ أنني أرى من يتابع الشيخ عليها يخالف مذهبه و يعرض عن فهم السلف مقدماً فهم الشيخ رحمه الله!
أسألك سؤالاً بالله و أسأل كل أخ يأخذ بقول الشيخ رحمه الله في المسألة، لو أنه رحمه الله بقي على قوله القديم أو لو أنه لم يتحدث في المسألة أصلاً هل كان أحد منكم سيقول بحرمة صيام يوم السبت؟
إنني أزعم أن أحداً لو أقسم بين الركن و المقام أن أياً منكم لم يكن سيقول بالحرمة فلن يحنث في قسمه.
أكرر عليك السؤال و قد أقسمت عليك فبر لي قسمي.
أحسب أن منصفاً لن يقول سوى: لا، ما كان أحد ليقول بهذا القول، و السبب بسيط و هو أنه لن يجد في كتاب واحد من يقول بهذا القول إلا عبارة موهمة لصديق حسن خان قد يفهم منها القول بالحرمة.
يا أخي إن القول بحرمة صيام السبت يعني يقيناً تخطئة الأمة طوال ثلاثة عشر قرناً حتى قيض لها صديق حسن خان رحمه الله ليهديها إلى الحق في هذه المسألة، فكيف يكون ذلك و النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخبر أن الأمة لا تجتمع على الضلال، أليس اجتماع الأمة على أن صوم السبت إما جائز مطلقاً أو مكروه مفرداً أو بخصوصه اجتماع على غير الحق و هو ما يقال أنه الحرمة؟!!!
سامحني على هذه الإطالة، لكنني أرى أنك تبتعد عن المنهجية التي طالبتَ بها في الرد فقرة فقرة، فالشيخ ابن عثيمين رحمه الله و كلامه ليس هو موضوع بحثنا، و مع ذلك فقد أجبتك عنه، ظاهر الحديث أن النهي للحرمة نعم، لكن السلف لم يفهموه كذلك و فهمهم مقدم على فهمنا.
من جهة أخرى الترمذي فهم النهي للكراهة و لم ينكر عليه الأئمة فهمه فدل هذا على خطأ القول أن للحديث فهماً واحداً هو الحرمة.
أما قولك 2) - قال الشيخ الالباني رحمه الله (هل أنتم تدَّعون الإجماع على صيام يوم السبت لأنه كان فيه يوم عرفة أو يوم عاشوراء أو أي يوم فضيلة عادةً؟ , ما يستطيعون أن يدَّعوا الإجماع على ذلك، هذا يُريحنا، ويكفينا دفعاً لشبهتهم، لأنَّه هم ما يقولون بالإجماع، فنحن بالأولى أن لا نقول بالإجماع، إذن طلبهم ساقطٌ).
فأنت أخي الكريم بهذا تشتت البحث و تبتعد به عن الهدف منه و هو بيان الحق في المسألة، و كلام الشيخ رحمه الله قد علقتُ عليه في بحثي هناك و أنت كما يظهر بجلاء لم تقرأ البحث قراءة متأنية لأن الكثير مما تطرحه توجد إجابته في بحثي و أنا أقوم بنسخه من هناك إلى هنا، أما الباقي من كلامك فعندما أناقشك فيه لا أجد رداً!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/22)
حقيقة يؤسفني أنك لم تجد في ردي السابق ما يستحق الرد عليه، مع أنني لم أقصر في الرد على كلامك و في انتهاج الطريقة التي تريدها في المباحثة ـ و هي الطريقة الصائبة بلا شك ـ فأين هو ردك على كلامي بخصوص الطحاوي و ابن رشد؟ أليست النقطة الأولى التي نتباحث حولها هي إثبات كون أحد من السلف قال بالحرمة؟
عموماً قد تظن أن كلام الشيخ رحمه الله يثبت أن هناك من السلف من قال بالحرمة فلذلك لا يستطيع أحد أن يدعي الإجماع الذي سأل عنه، و قد تظن أن هذا جواب على سؤالي: من من السلف قال بالحرمة؟ لا بأس إليك الجواب:
قال الشيخ رحمه الله " هل أنتم تدَّعون الإجماع على صيام يوم السبت لأنه كان فيه يوم عرفة أو يوم عاشوراء أو أي يوم فضيلة عادةً؟ "
و أنا أسألك: الإجماع على ماذا؟ على جواز صيام السبت، على استحباب صيام السبت، على كراهة صيامه، على حرمة صيامه، على وجوب صيامه؟!! الإجماع على ماذا؟
و هب أنك اخترت الإجماع على استحباب صومه، فبالله عليك هل سمعت من يقول: أجمعوا على استحباب صوم الثلاثاء أو الأربعاء أو الأحد أو .. أو .. لأنه كان فيه يوم عرفة؟!
أقصى ما هنالك أن يقال: أجمعوا على استحباب صوم عرفة، و لكن هل من قائل بهذا الإجماع؟ لابد من بحث.
إنني و الله أتمنى أن يوجد مثل هذا القول، أتعرف لماذا؟ لأنه لو وجد لكان حجة عليك إلا إذا ذكر قائله: أجمعوا على استحباب صيام عرفة ما لم يكن يوم سبت، و هيهات أن تجد مثل ذلك.
ثم أسألك بعد أن تجيبني: الإجماع على صومه منفرداً أم مع غيره؟
كما ترى أخي الكريم أن هذا السؤال ليس في محله و ليس هو الرد على من طالبك بذكر أحد من السلف قال بالحرمة، بل هو في طياته يحمل أبلغ دلالة على أنك لا تعرف أحداً من السلف قال بالحرمة، فتأمل!
قال الشيخ رحمه الله " ما يستطيعون أن يدَّعوا الإجماع على ذلك، هذا يُريحنا، ويكفينا دفعاً لشبهتهم، لأنَّه هم ما يقولون بالإجماع، فنحن بالأولى أن لا نقول بالإجماع، إذن طلبهم ساقطٌ "
نحن طالبنا بواحد فقط من السلف قال بالحرمة و لم نطالب بإجماع، فهلا أجبتنا أخي الكريم لطلبنا المتواضع؟
على كل حال يبدو أنني مضطر لنقل كلامي من البحث إلى هنا و العجيب أنه موجود في نفس الفقرة التي أحلتك عليها سابقاً أكثر من مرة (الإشكال السادس فهم السلف) فلا أدري بم أفسر ذلك؟
(قال الشيخ: الجواب رقم اثنين أن أحداً من هؤلاء المتعصبين الذين لم يطرأ عليهم الحديث إلا في هذه الآونة الأخيرة {لا تصوموا يوم السبت ... } فوجئوا بهذا الحديث ولسان حالهم وبعضهم قد يكون لسان قالهم ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين، فيبدؤون ويطرحون هذه الإشكالات: أنت تقول أننا لا نعمل بالحديث الذي لم نسبق من أحد إلى العمل به، كيف أنت تقول هكذا [أي كيف تقول بحرمة صوم السبت في غير الفريضة]؟ جوابنا رقم اثنين هل أنتم تدعون الإجماع على صيام يوم السبت لأنه كان فيه يوم عرفة أو يوم عاشوراء أو أي يوم فضيل عادة؟ ما يستطيعون يدعون الإجماع على ذلك، هذا يريحنا و يكفينا دفعاً لشبهتهم لأنهم لا يقولون بالإجماع فنحن أولى ألا نقول بالإجماع إذاً طلبهم ساقط،
الجواب: إن الذي يدعيه المخالفون للشيخ رحمه الله في هذه المسألة هو أن الأمة بسلفها وخلفها، بفقهائها ومحدثيها و عبادها و زهادها طيلة أربعة عشر قرناً لم تعرف القول بحرمة صيام السبت في غير الفريضة قبل أن يقول الشيخ بذلك، ومحال أن تجتمع الأمة على ضلال.
وهنا قد يقول قائل إن أقصى ما معكم هو عدم العلم بالقائل بالحرمة وهو ليس علماً بعدمه، و "ما يدريكم لعل الناس اختلفوا؟ "، و أيضاً فإن حديث النبي صلى الله عليه وسلم يثبت بنفسه لا بعمل غيره بعده
والجواب:
1. القائلون بجواز صوم السبت على كل حال لهم سلفهم، والقائلون بكراهة إفراده لهم سلفهم، والقائلون بالحرمة لا سلف لهم، وإلا فالبينة على من ادعى.
2. إذا لم يأت القائلون بالحرمة بسلف لهم فإنهم يدخلون ضمن مجموع الأمة التي ذكرنا أنها لم تعرف هذا القول من قبل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/23)
3. أما قولهم لعل الناس اختلفوا فهذا إن كان مقبولاً من الإمام أحمد رحمه الله في زمانه فليس مقبولاً الآن بعد هذه القرون حيث دونت كتب الحديث والفقه واستقرت المذاهب، و هل يتصور إن كان القول بالحرمة هو الحق والصواب ألا يجد ـ لا أقول من ينصره ـ بل من يذكره طوال تلك القرون؟ و لو تنزلنا قليلاً و قلنا أنه ربما قال به أحد لم نعلمه، فهل تغير الأمر بالنسبة للأمة؟ أليس هذا القول قد خفي على مجموعها طوال تلك القرون؟ أليس هذا الخفاء يدل على أن ذلك القول ليس بالحق قطعاً.
4. الذي يتمسك بعبارة أحمد رحمه الله يجب أن يتذكر جيداً قوله " لا تقل في مسألة بقول ليس لك فيه سلف"
5. إن مسألتنا ليست من المسائل نادرة الحدوث بل تتكرر كل أسبوع و تتعلق بعبادة من أجل العبادات وقد ثبت عن الأكابر من الصحابة والتابعين والمحدثين والفقهاء والعباد إلى يومنا هذا صيام السبت إما لصيامهم الدهر و إما لصيامهم صيام داود عليه السلام، وما سمعنا أحداً أنكر عليهم صيام السبت، و إنا والله لا نعلم مسألة خفي فيها الحق هذا الخفاء وظهر فيها الباطل هذا الظهور، و هذه وحدها كافية في إثبات خطأ القول بحرمة صيام السبت في النفل.
6. إنه من الثابت أن عمل الكثير من السلف مخالف للقول بالحرمة و لم يثبت إنكار ذلك عن أحد فإطلاق عبارات مثل ما يدريك لعل الناس اختلفوا أو عدم العلم لا يعني العلم بالعدم في مثل هذه الحال سيفتح الباب على مصراعيه للمبتدعة و أهل الأهواء، فلو أنكرت عليهم مثلاً احتجاجهم بقوله سبحانه و تعالى {الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم} على جواز الحضرة معللاً ذلك بأن أحداً من القرون المفضلة لم يفهم الآية على مرادهم و لا عمل به، لقال لك عدم علمك بمن فهم الآية كذلك أو عمل بها على هذا الفهم لا يعني عدمه وما يدريك لعل الناس اختلفوا؟!! وفي هذا من الشر ما فيه.
7. أما كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم يثبت بنفسه لا بعمل غيره، فالذين يقولون بكراهة صيام السبت منفرداً قد أثبتوا الحديث وليس هذا محل النزاع و إنما فهم الحديث، فالاستشهاد بكلام الشافعي رحمه الله هنا ليس في محله، لأنه يتكلم عن دعم الحديث بعمل أهل العلم، والمخالفون للشيخ رحمه الله يتكلمون عن دعم أهل العلم لفهمه للحديث أنه للحرمة.)
و بعد أخي الكريم فقد قلتُ سابقاً أنني لا أريد أن أفسد موضوعك بنقل موضوعي إليه و طلبتُ منك أن تقرأ موضوعي بتأن كي لا تأتي بكلام رده موجود هناك وما ذاك إلا حرصاً على جهدنا ووقتنا، و حيث إنه يوجد معك إخوة يقرؤون ما أكتب و يعلقون عليه فليتك تطلعهم على بحثي أيضاً، لأنني أشهد الله أنني أطلب الحق فلو وجدته معكم واضحاً نقياً فأنا راجع إليه بإذن الله.
ختاماً أرجوك رجاء حاراً العودة للمنهجية في طرح نقاط البحث، فبناء عليه أعود و أطلب منك التالي:
1. بالنسبة لسلف القول بالحرمة: أن تناقش الاعتراضات المطروحة على النقول التي استشهدتَ بها، و أن تأتي بقرائن أو أقوال قطعية الدلالة لا أن تكون محتملة لأكثر من معنى، و التركيز على كلام الطحاوي رحمه الله ـ لأنه الأصل الذي اعتمد عليه الألباني رحمه الله فلو صح عنده شيء مما تحاول الاعتماد عليه لذكره ـ وقد خيرتك بين ثلاثة خيارات لا رابع لها على مقتضى القسمة العقلية.
2. بيان رأيك فيما ذكره محاورك تعليقاً على تنزيل كلام الشافعي رحمه الله على مسألتنا، أعني كون الحديث حجة بنفسه.
3. ذكر ما لديك بشأن الإشكال الثاني ـ على ترتيبك ـ أعني به فهم راوي الحديث، مع رجاء مراجعة ما ذكرتُه في بحثي حفاظاً على أوقاتنا و جهودنا.
و اعلم أخي الكريم أنك لو وجدتَ من يقول بالحرمة من السلف فهذا و إن قوَّى كلام القائلين بالحرمة فإنه لن يكون نهاية المطاف بل سيعني أن هناك خلافاً بين السلف في المسألة مما يلزم منه عدم الإنكار على القائل بالحرمة، و يلزم منه متابعة البحث لمعرفة الصواب من القولين.
أما إن لم نجد من السلف من قال بالحرمة فهذا في تقديري كاف للسلفي المنصف أن يرجع عن القول بالحرمة و يعده زلة.
و مع ذلك فأنت إن عجزت عن الإتيان بسلف للقول بالحرمة و تمسكت بهذا القول في الوقت نفسه فأنا معك في النقاش حتى النهاية بإذن الله لكن بشرط المنهجية في الطرح كما طلبتَ و التزمتُ و لم تفعلْ!!
اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[16 - 02 - 06, 12:02 م]ـ
أخي الكريم أبو عبد الله الساحلي ... بارك الله فيك
بالنسبة للترمذي رحمه الله فأنا اقتصرتُ على كلامه و هو أنه حسن الحديث و هذا كما أفهم يعني أنه من جملة المقبول عنده، فأين الخلل في كلامي؟
و لكن لي ملاحظة أرجو أن تتقبلها بصدر رحب وهي عن قولك في مشاركة سابقة " إذا سلمنا أنه فقيه " تعني بذلك الشيخ الألباني رحمه الله، و هي كلمة نسمعها من بعض طلبة العلم، و أنا حقيقة لا أملك أن أنكر عليك إن كنت في ذلك متابع لأحد من أهل العلم المشهود لهم، لكنني أنكر أن نتصدى نحن الصغار للحكم على الكبار، أذكر أنني قرأتُ يوماً أن الشيخ محمد بن إبراهيم شيخ الشيخ ابن باز رحمهما الله أثنى على الشيخ الألباني لكنه نبه إلى أن لديه (بعض) الشذوذات الفقهية، و فرق كبير بارك الله فيك بين هذه العبارة و عبارتك، نعم قد لا أنكر عليك إن قلتَ أن الحديث يغلب على الفقه عند الشيخ رحمه الله، أما تلك العبارة ـ لا سيما ـ إن لم يقل بها العلماء في حقه، فهذه محل نظر.
ختاماً جزاك الله خيراً على تعليقاتك المفيدة على الموضوع ... و دمت بعافية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/24)
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[16 - 02 - 06, 02:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الكرام: السلام عليكم ورحمة الله.
الأخ الكريم الكناني سدده الله تعالى
وبعد:
أخي أورد لك أمرين اعتقد أنهما الفيصل في هذا الإشكال – إن أنصفتني في الرد – أقول أمرين يحلان هذا الإشكال أن شاء الله تعالى:
الأمر الأول: اعلم أخي الكريم أن السلف الصالح كانوا يطلقون المكروه على الشيء المحرم تورعا، فكانوا يتورعون أن يقولوا على الشيء الذي ليس فيه نص مبين على تحريمه هذا حرام وإنما يقولون هذا مكروه وهذا هو الأصل , إذ الأصل عندهم في كلمة مكروه هي للتحريم , وانظر أخي إلى هذا الكلام من ابن القيم في إعلام الموقعين قال: (فالسلف كانوا يستعملون الكراهة في معناها الذي استعملت فيه في كلام الله ورسوله، ولكن المتأخرون اصطلحوا على تخصيص الكراهة بما ليس بمحرم وتركه أرجح من فعله ثم حصل من حمل منهم كلام الأئمة على الاصطلاح الحادث فقط، وأقبح غلطاً منه من حمل لفظ الكراهة أو لفظ لا ينبغي في كلام الله ورسوله على المعنى الاصطلاحي الحادث) انتهى.
فالأصل إذن أن كلمة مكروه للتحريم , ومن بقي على الأصل لا يطالب بدليل وإنما يطالب بدليل من خرج عن معنى الأصل إلى معنى أخر , فتكون أنت المطالب بإثبات أن كلمة مكروه لم يقصد بها التحريم , وإنما قصد بها غير ذلك , هذا هو الأمر الأول.
أما الأمر الثاني وهو انه يجب العمل بالدليل وإن لم يعرف أن أحداً عمل به , فالحديث حجة بنفسه لا يحتاج إلى الاحتجاج به أن يكون أحد من الأئمة عمل به.
قال الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الصحيحة (لا يضر الحديث ولا يمنع العمل به عدم العلم بمن قال به من الفقهاء، لأن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود) انتهى.
وقال ابن حزم في الإحكام (فكل من أداه البرهان من النص أو الإجماع المتيقن إلى قول ما، ولم يعرف أن أحد قبله قال بذلك القول ففرض عليه القول بما أدى إليه البرهان، ومن خالفه فقد خالف الحق ومن خالف الحق فقد عصى الله تعالى، ولم يشترط تعالى في ذلك أن يقول به قائل قبل القائل به، بل أنكر على من قاله إذ يقول عز وجل حاكيا عن الكفار منكراً عليهم أنهم قالوا: ((مَاسَمعْنَا بِهَذَا فِي المِلَّةِ الآخِرَةِ)) ص7 , ومن خالف هذا فقد أنكر على جميع التابعين وجميع الفقهاء بعدهم، لأن المسائل التي تكلم فيها الصحابة رضي الله عنهم من الاعتقاد والفتيا، فكلها محصور مضبوط، معروف عند أهل النقل من ثقات المحدثين وعلمائهم، فكل مسألة لم يرد فيها قول عن صاحب لكن عن تابع فمن بعده، فإن ذلك التابع قال في تلك المسألة بقول لم يقله أحد قبله بلا شك، وكذلك كل مسألة لم يحفظ فيها قول عن صاحب ولا تابع وتكلم فيها الفقهاء بعدهم فإن ذلك الفقيه قد قال في تلك المسألة بقول لم يقله أحد قبله) انتهى.
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (إذا كان عند الرجل الصحيحان أو أحدهما أو كتاب من سنن رسول الله r موثوق بما فيه فهل له أن يفتي بما يجده؟، فقالت طائفة من المتأخرين: ليس له ذلك لأنه قد يكون منسوخاً أو له معارض أو يفهم من دلالته خلاف ما دل عليه فلا يجوز له العمل ولا الفتيا به حتى يسأل أهل الفقه والفتيا. وقال طائفة بل له أن يعمل به ويفتي به بل يتعين عليه كما كان الصحابة يفعلون إذا بلغهم الحديث عن رسول الله r وحدث به بعضهم بعضاً بادروا إلى العمل به من غير توقف ولا بحث عن معارض ولا يقول أحد منهم قط: هل عمل بهذا فلان وفلان، ولو رأوا من يقول ذلك لأنكروا عليه أشد الإنكار وكذلك التابعون وهذا معلوم بالضرورة لمن له أدنى خبرة بحال القول وسيرتهم وطول العهد بالسنة، وبعد الزمان وعتقها لا يسوغ ترك الأخذ بها والعمل بغيرها ولو كانت سنن رسول الله r لا يسوغ العمل بها بعد صحتها حتى يعمل بها فلان أو فلان لكان قول فلان أو فلان عياراً على السنن، ومزكيا لها، وشرطاً في العمل بها، وهذا من أبطل الباطل وقد أقام الله الحجة برسوله دون آحاد الأمة وقد أمر النبي r بتبليغ سنته ودعا لمن بلَّغها، فلو كان من بلغته لا يعمل بها حتى يعمل بها الإمام فلان والإمام فلان لم يكن في تبليغها فائدة وحصل الاكتفاء بقول فلان وفلان) انتهى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/25)
وقال أيضا في إعلام الموقعين (فدفعنا إلى زمان إذا قيل لأحدهم ثبت عن النبي r أنه قال كذا وكذا، يقول من قال بهذا؟ ويجعل هذا دفعاً في صدر الحديث أو يجعل جهله بالقائل حجة له في مخالفته وترك العمل به، ولو نصح نفسه لعلم أن هذا الكلام من أعظم الباطل وأنه لا يحل دفع سنن رسول الله r بمثل هذا الجهل، وأقبح من ذلك عذره في جهله إذ يعتقد أن الإجماع منعقد على مخالفة تلك السنة، هذا سوء ظن بجماعة المسلمين إذ ينسبهم إلى اتفاقهم على مخالفة سنة رسول الله r ، وأقبح من ذلك عذره في دعوى هذا الإجماع وهو جهله ودعم عمله بمن قال بالحديث، فعاد الأمر إلى تقديم جهله على السنة والله المستعان. ولا يعرف إمام من أئمة الإسلام البتة قال: لا نعمل بحديث رسول الله r حتى نعرف من عمل به) انتهى.
وقال في كتاب الروح (فلا تجعل جهلك بالقائل به حجة على الله ورسوله، بل اذهب إلى النص، ولا تضعف واعلم أنه قد قال به قائل قطعاً ولكن لم يصل إليك) انتهى.
فانظر أخي إلى هذا الكلام فإن فيه الجواب الكافي إن شاء الله تعالى.
وخلاصة الكلام أن:
– الأصل في كلمة مكروه عند السلف للتحريم فمن خرج على الأصل وجب عليه الدليل , أما من بقي على الأصل فليس مطالب بدليل على بقائه على الأصل , وهذا واضح لكل عاقل.
أن الدليل -إن صح- وجب العمل به وإن لم نعلم أن احد من السلف عمل به إذ الدليل حجة بنفسه بل إن كلام ابن القيم في كتاب الروح اظهر على هذا المعني في قوله (واعلم أنه قد قال به قائل قطعاً ولكن لم يصل إليك) انتهى. و أظهر منه قوله (ولا يعرف إمام من أئمة الإسلام البتة قال: لا نعمل بحديث رسول الله r حتى نعرف من عمل به) انتهى.
بل يجب العمل بالدليل ولو خالفه من خالفه من السلف الصالح رضوان الله عليهم ,و يجب ردُّ كل قول خالف الدليل على قائله كائناً من كان لأن الله عز وجل أمرنا بإتباع الكتاب والسنة.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (فما أطلقه الله من الأسماء وعلق به الأحكام من الأمر والنهي والتحليل والتحريم لم يكن لأحد أن يقيده إلا بدلالة من الله ورسوله) انتهى.
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (فإذا وجد النص -أي الإمام أحمد- أفتى بموجبه ولم يلتفت إلا ما خالفه ولا من خالفه كائنا من كان ولهذا لم يلتفت إلى خلاف عمر في المبتوتة لحديث فاطمة بنت قيس، ولا إلى خلافه في التيمم للجنب لحديث عمار بن ياسر ولا خلافه في استدامة المحرم الطيب الذي تطيب به قبل إحرامه لصحة حديث عائشة .. ، ولم يلتفت إلى قول معاذ ومعاوية في توريث المسلم من الكافر لصحة الحديث المانع من التوارث بينهما، ولم يلتفت إلى قول ابن عباس في الصرف لصحة الحديث بخلافه ولا إلى قوله بإباحة لحوم الحمر كذلك، وهذا كثير جداً) انتهى.
4) - قال ابن القيم في كتاب الروح (ينبغي أن يفهم عن الرسول r مراده من غير غلوٍّ ولا تقصير فلا يحمل كلامه ما لا يحتمله، ولا يقصر به عن مراده وما قصده من الهدي والبيان، وقد حصل بإهمال ذلك والعدول عنه من الضلال عن الصواب ما لا يعلمه إلا الله، بل سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام بل هو أصل كل خطأ في الأصول والفروع، ولا سيما إن أضيف إليه سوء القصد) انتهى.
الأخ الكريم هذا كل ما عندي حول هذا الإشكال فان أصبت فهذا توفيق من الله وحده , وان كان غير ذلك فمني ومن الشيطان , فالخير أردت وخدمة الدين قصدت , وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنبت , رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء.
واكرر القول فأقول: لقد تكلم في هذه المسألة من هو خير مني ومن الأخ الكناني – سواء من قال بالنهى أو قال بالجواز- وإنما طرحنا للموضوع هو من باب النقاش لا من باب إلزام الناس فقولنا ليس بحجة على احد , وإنما أنا ناقل لكلام عالم من العلماء.
هذا وقد أحزنني كثيرا قول احد الأخوة عن هذا الحديث , حديث عبدا لله بن بسر قال عنه لا شيء , حيث قال في الرد 16 , (تريد أن تجمع بين ماذا وماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ , بين حديث صحيح وبين لا شيء).
فأقول له غفر الله لي ولك.
ملاحظة:ان قولي (نعم الشيخ كان يرى بأن المراد بحديث ابن بسر هو أن تخصه بصيام , وهو واضح , فربما هي زلة)
قالواضح انك فهمة انني قصد انه زلة من الشيخ الالباني رحمه الله , وانما قصد انه زلة من عند في فهم كلام الالباني في الارواء , فاعرف هذا , واقول مرة اخرى لا تحمل كلام على ماتفهم انت فتقول عقب هذا الكلام: (أنت أخي الكريم تقول: ربما هذا الفهم من الشيخ رحمه الله زلة، فأقول سبحان الله! الفهم الذي يوافق كلام الترمذي و أقوال المذاهب الأربعة بل أقوال الأئمة طوال أربعة عشر قرناً زلة، أما القول الأخير للشيخ رحمه الله فهو الذي صحح كل هذه الزلات، غفر الله لك!!).فأنت , تبني الاحكام على ما تفهمه من الكلام , وهذه هى الثانية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/26)
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[16 - 02 - 06, 02:56 م]ـ
الموضوع الثاني في النقاش هو فهم راوي الحديث , وبعده شذوذ الحديث.
ـ[أبو عبد الله الساحلي]ــــــــ[17 - 02 - 06, 03:28 م]ـ
أخي أبو البراء الكناني جزاك الله خيراً أما بشأن تحسين الترمذي وقولك أنه من جملة المقبول عنده فهذا غير مطرد عند الترمذي إذ معنى الحسن عند الترمذي هو ما ذكرته لك آنفاً والدليل على هذا أن الترمذي يقول عن الحديث (حسن) ثم يضعفه أو ينقل كلام العلماء فيه عقب إيراده مباشرة مثال ذلك حديث الترمذي (طبعة إحياء التراث تحقيق شاكر)
2\ 127 - 128
باب مايقول عند دخول المسجد رقم 314
حدثنا علي بن حجر حدثنا اسماعيل بن إبراهيم عن اللث عن عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين عن جدتها فاطمة الكبرى قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم وقال رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك.
......
قال أبو عيسى حديث فاطمة حديث حسن وليس إسناده بمتصل
مثال آخر حديث:
239 - حدثنا قتيبة وأبو سعيد الأشج قالا حدثنا يحيى بن اليمان عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة نشر أصابعه.
قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حسن (ثم قال) 2\ 6 وحديث يحيى بن اليمان خطأ
وانظر على سبيل المثال الأحاديث رقم 598 - 599
أما بشأن قولي عن الشيخ الألباني فيما يتعلق بفقهه وطلبك لي إن سمعت أحد العلماء يتكلم بهذا الشأن فأقول نعم سمعت هذا من شيخي الشيخ عبد القادر الأرناؤط رحمه الله وهذا ما تكلم به في قناة المجد الفضائية حين في برنامج صفحات من حياتي بأن الشيخ الألباني ليس مرجعاً في الفقه
والقول بأن فلاناً ليس بفقيه لايعتبر قدحاً فيه فقد قيل هذا في أكثر من واحد من المحدثين
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[17 - 02 - 06, 06:16 م]ـ
لقد طلب منى احد الإخوة المزيد من كلام العلماء حول ما ذكرته في ردي على النقطتين السالفتي الذكر ألا وهما , اصل كلمة الكراهة عند السلف , وان الحديث حجة بنفسه , وانه لا يلزم معرفة من عمل به من السلف.
فأقول , إما بالنسبة لكلمة كراهة , ومراد السلف بها عند إطلاقها , فقد تكلم حول هذا الموضوع الكثير من العلماء المتقدمين منهم والمتأخرين , وإنما نقلت كلام ابن القيم رحمه الله لاعتقادي انه قد أوفى المسالة حقها, ومع هذا سوف انقل بعض النقولات التي تساعد على استيعاب هذا الموضوع:
قال ابن القيم في إعلام الموقعين (وقد غلط كثير من المتأخرين من أتباع الأئمة على أئمتهم بسبب ذلك حيث تورع الأئمة عن إطلاق لفظ التحريم وأطلقوا لفظ الكراهة , فنفى المتأخرون عما أطلق عليه الأئمة , ثم سهل عليهم لفظ الكراهة وخفت مؤنته عليهم فحمله بعضهم على التنزيه ...... فحصل بسببه غلط عظيم على الشريعة وعلى الأئمة) انتهى.
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ في شرح متن الورقات (والمكروه ما يثاب على تركه, ولا يعاقب على فعله, فيقابل المندوب؛ لأن المندوب ما يثاب على فعله, والمكروه يثاب على تركه، المكروه يراد به هنا المكروه الاصطلاحي الذي هو قسيم الأنواع السابقة , والمكروه في القرآن وفي السنة أعم من هذا التعريف؛ لأنه قد يكون المكروه محرما؛ بل أكثر ما جاء في الكراهة في النصوص ما كان محرما محظورا) انتهى.
قال الشيخ السعدي في رسالة جامعة في أصول الفقه رحمه الله (المسألة الثانية أن المكروه الذي أمر به الشرع لا على وجه الإلزام، وتركه خير من فعله. هذا اصطلاح للمتأخرين الأصوليين، وإلا فإن معظم المتقدمين، ولا سيما الإمام أحمد -رحمه الله-، والشافعي -رحمه الله- كما ذكر ابن القيم رحمه الله في أوائل الجزء الأول من إعلام الموقعين -أنهم لا يعرفون المكروه بمعنى كراهة التنزيه، إنما إذا أطلقوا المكروه أرادوا به المحرم , المكروه يعني ما نهى عنه لا على وجه الإلزام -طيب- فابن القيم يقول: "إن متأخري هؤلاء الأئمة غلطوا على أئمتهم، فراحوا يفسرون الكراهة في كلام أئمتهم بالاصطلاح الأصولي المتأخر". ولا ريب أن الدافع لمثل الإمام أحمد -رحمه الله- على أن يعبر عن المحرم بالمكروه - هو الورع، ولهذا ينبغي التوقي؛ لأن العلماء القدامى إذا عبروا بالمكروه أنه لا يفسر في كلامهم -بالمعنى الاصطلاحي- عند الأصوليين إلا إذا وجد أدلة تدل على ذلك؛ ولهذا الإمام أحمد ورد عنه أنه قال: "أكره أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة" ولا ريب أن الكراهة -هذه- كراهة تحريم؛ لأن الدليل واضح في هذا، في النهي، على الخلاف عند العلماء في موضوع استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب وغيرهما، أو أنه مقصور على الأكل والشرب، هذه المسألة مسألة أخرى) انتهى.
وللمزيد حول هذا الموضوع فليرجع إلى مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية , وروضة الناضر , و بدائع الفوائد , ونزهة الخاطر العاطر.
أما بخصوص المسألة الأخرى ففي اعتقادي أن ما قدمناه كافيا والله تعالى اعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/27)
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[17 - 02 - 06, 06:18 م]ـ
ردود لا بد منها:
لقد كنت أود أن لا اكتب هذه الردود , ولكن كان لا بد مما ليس منه بد , وهذه الردود تنحصر فيما يأتي:
أولا) - قال صاحب الرد رقم 28: (استدلالك بالشيخ العثيمين رحمه الله كاستدلالك بالشيخ الألباني ولا فرق إذ هذا من المعاصرين وهذا من المعاصرين والإثنان قد أخطأا الخطأ ذاته).انتهي.
فأقول له:كثيرا ما تتحدث عن المنهجية وتدندن عليها , وكثيرا ما تصف بعض الردود بأنها في غاية الدقة , فأين هذه المنهجية وأين هذه الدقة في كلامك هذا , بكل سهولة وبدون أي دليل تقول: (والإثنان قد أخطأا الخطأ ذاته) , فعلى رسلك يا هذا , وما هكذا يكون الرد , إلا أن تكون هذه هي المنهجية التي تدندن عليها من أول مشاركة لك.
أما عن بقية النقاط التي طرحتها في هذا الرد فلا يوجد بها ما هو جديد , فياليتك رضيت بالخيار الثاني الذي لم أكمله لك والذي تعرفه جيدا وسوف أعيده لك الآن ولكن ليس كما فعلت سابقا فقد قلت لك سابقا: (إن كان عندك رد جديد فاطرحه بعلم وإلا ......... ) , أما الآن فأقول: (إن كان عندك رد جديد فاطرحه بعلم وإلا فاترك الموضوع بحلم) , والثاني أفضل.
ثانيا) - قال نفس صاحب الرد السابق (أما المناقشة العلمية فقد غطاها الأخ أبو البراء الكناني تغطية علمية منهجية كاملة جزاه الله خيراً) , إن كان الأمر كذلك , فما هو الداعي من تعليقك , فأنت ترى أن المسالة منتهية , وان الأمر فيها محسوم , وهذا يدل على أن دخولك في المسالة ليس للنقاش العلمي , لأن المسالة في ظنك منتهية , فهل بامكانك أن تجيبني حول ما نقلته من كلام العلماء حول كلمة كراهة , وحول حجية الحديث بذاته , ولكن هيهات لك ذلك , فأقول لك كما كان يقول الشيخ العلامة الفقيه شيخ الإسلام محمد ناصر الدين الألباني (ليس هذا عشكى فأدرجي).
ثالثا) - وما زلنا مع نفس الشخص حيث قال: (فما هو ضابط كون العالم من السلف، فأرى أنك لا تفرق بين عالم من السلف وبين من هو على منهج السلف من العلماء الفرق بينهما واضح كما لا يخفى) انتهى.
فأقول له: هلا وضحت لنا هذا الفارق , فمنكم نتعلم.
رابعا) ثم قال الأخ الكناني كلاما تمنيت إنه لم يقله حيث قال: (أسألك سؤالاً بالله و أسأل كل أخ يأخذ بقول الشيخ رحمه الله في المسألة، لو أنه رحمه الله بقي على قوله القديم أو لو أنه لم يتحدث في المسألة أصلاً هل كان أحد منكم سيقول بحرمة صيام يوم السبت؟ إنني أزعم أن أحداً لو أقسم بين الركن و المقام أن أياً منكم لم يكن سيقول بالحرمة فلن يحنث في قسمه. أكرر عليك السؤال و قد أقسمت عليك فبر لي قسمي. أحسب أن منصفاً لن يقول سوى: لا، ما كان أحد ليقول بهذا القول، و السبب بسيط و هو أنه لن يجد في كتاب واحد من يقول بهذا القول إلا عبارة موهمة لصديق حسن خان قد يفهم منها القول بالحرمة) انتهى.
فأقول له: والله لا أجد تعليقا يناسب هذا الكلام , ووالله ثم والله إني لفي عجب من أن يصدر مثل هذا الكلام من الأخ الكناني , فياليتك ما قلت هذا , ويا ليتني لم اسمع هذا الكلام منك , ويا ليت أبو عبدالله ما قال عنك: (كلامك من أوله إلى آخره بغاية الدقة والمنهجية العلمية والإنسجام) انتهى.
خامسا) - ثم جاء أبو عبدا لله بكلام .......... فقال: (إن سلمنا لك بأن الشيخ الألباني فقيه) , فنقول له , ومن أنت حتى تسلم أو لا تسلم , ومن انتم حتى يكون عندكم –عند- , وهل الشيخ الألباني رحمه الله تعالى متوقف على تسليمكم هذا , بل هل الشيخ رحمه الله قد سمع بكم أصلا , يحكي أن ذبابة قالت لشجرة كانت عليها يا شجرة تماسكي فاني أريد أن أطير من فوقك , فقالت الشجرة , هل شعرت بك عندما نزلتي , أأشعر بك الآن , ثم بعد ذلك قام أخونا الفاضل أبو البراء الكناني سدده الله بالرد عليه , ولكن ليته لم يرد , بل كان رد اقرب للتأييد منه للتأنيب , حيث قال الأخ الكناني (و لكن لي ملاحظة أرجو أن تتقبلها بصدر رحب وهي عن قولك في مشاركة سابقة " إذا سلمنا أنه فقيه " تعني بذلك الشيخ الألباني رحمه الله، و هي كلمة نسمعها من بعض طلبة العلم، و أنا حقيقة لا أملك أن أنكر عليك إن كنت في ذلك متابع لأحد من أهل العلم المشهود لهم، لكنني أنكر أن نتصدى نحن الصغار للحكم على الكبار، أذكر أنني قرأتُ يوماً أن الشيخ محمد بن إبراهيم شيخ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/28)
الشيخ ابن باز رحمهما الله أثنى على الشيخ الألباني لكنه نبه إلى أن لديه (بعض) الشذوذات الفقهية) انتهى.
فأقول يا أخي أبي البراء ما هذا الورع , لا تستطيع أن تنكر عليه لان له سلف في هذا الكلام , ومن هو سلفه , سلفه هو الشيخ محمد بن إبراهيم , ولسان حالك يقول ومن لا يعرف الشيخ محمد بن إبراهيم , فهو شيخ الشيخ ابن باز , الله المستعان على هذا الورع الذي ليس في محله , وهل هناك مقارنة بين هذا الأخ , وبين الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله وطيب ثراه , ولماذا تأتي أنت بهذا الكلام في هذا الموضع بالذات , أما كان بامكانك أن تدافع عن الشيخ الألباني بغير هذه الطريق , ولكن كما يقال: أوردها سعد وسعد مشتمل , ما هكذا يا سعد تورد الإبل.
أما عن الشيخ الألباني رحمه الله تعالى فهو لا ينتظر تزكية مني , ولا من الأخ أبي البراء , ولا من غيرهما , فلقد زكاه علماء عصره ابن باز , والعثيمين رحمهما الله , وغيرهما كثير وكثير جدا.
أما من يقول بان الشيخ الألباني رحمه الله كان محدثا ولم يكن فقيها , فهذا الكلام غير صحيح , بل إن العلماء فسروا الطائفة المنصورة المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس) , أن هذه الطائفة المنصورة هم أهل الحديث، قال أبو الفتوح الطائي الهمذاني في كتاب الأربعين (نقل عن الجم الغفير والعدد الكثير من علماء الأمة، وأعيان الأئمة، مثل عبد الله بن المبارك، وأحمد بن حنبل، ويزيد بن هارون، وإبراهيم بن الحسن ديزيل الهمذاني أن المراد بالطائفة المذكورة في الحديث: هم أصحاب الحديث وأهل الآثار) انتهى.
وإذا كان أهل الحديث هم الطائفة المنصورة، فلا شك أنهم أفقه الناس , وما يعيب على أهل الحديث بقلة الفقه إلا من لا يعرف الفقه الصحيح أو لا يعرف أهل الحديث , قال اللكنوي في كتابه إمام الكلام فيما يتعلق بالقراءة خلف الإمام (ومن نظر بنظر الإنصاف وغاص في بحار الفقه والأصول، متجنباً عن الإعتساف، يعلم علما يقيناً أن أكثر المسائل الفرعية والأصلية التي اختلف العلماء فيها، فمذهب المحدثين فيها أقوى من مذاهب غيرهم، وإني كلما أسير في شعب الإختلاف أجد قول المحدثين فيه قريبا من الإنصاف فلله دّرُّهُم، كيف لا وهم ورثة النبي حقاً ونُوَّاب شرعه صدقاً) انتهى.
وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (إن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية: أهل الحديث والسنة، الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله ? وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، وأعظمهم تمييزاً بين صحيحها وسقيمها، وأئمتهم فقهاء فيها) انتهى.
فهكذا هم أهل الحديث , وهذا هو فهمهم للنصوص , وهذا هو فقههم , فهلا سلم إلينا أبو عبد الله , أم مازال على ما يقول ....... ؟
ثم بعد هذه الردود التي هي ليست حول موضوع بحثنا هذا , فارجوا من الإخوة الكرام أن يكون كلامنا حول النقطة المثارة للنقاش , كما ارجوا منهم المشاركة بالمادة العلمية وليس بالتأييد المطلق كما يقول بعضهم (أخي أبو البراء الكناني جزاك الله خيراً كلامك من أوله إلى آخره بغاية الدقة والمنهجية العلمية والإنسجام) انتهى , فنحن لسنا في مبارة كرة قدم , وإنما هو بحث لمسألة علمية , حديثية , وفقهيه , وأنا أتمنى والله أن اقتنع بكلام الأخ الكناني حفظه الله تعالى , وأتمنى أن يكون كلامه كما قال أبو عبدا لله , ولكن هذا الأمر غير موجود.
وفي نهاية هذا الموضوع اشكر الأخ الكريم أبو البراء الكناني , ويعلم الله على ما أكنه له من احترام , وذلك على أدبه وسعة صدره للنقاش , وأخيرا اسأل الله لي ولك ولجميع الإخوة السداد في القول والعمل.
ـ[أبو عبد الله الساحلي]ــــــــ[17 - 02 - 06, 09:49 م]ـ
أخي أبو سند محمد سأوافيك بالنقاط التي ذكرت
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[17 - 02 - 06, 11:41 م]ـ
تم حذف الرد من قبل ## المشرف ##
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[18 - 02 - 06, 05:17 ص]ـ
رب أعوذ بك من همزات الشياطين و أعوذ بك رب أن يحضرون
إخوتي الكرام ... لقد كنت على وشك تحميل رد على مشاركة أخينا الكريم أبي سند رقم 38 ففوجئت ببداية انحراف في الحوار عن موضوعه الأصلي، فتعوذوا بالله إخواني من الشيطان الرجيم الذي لم ييأس من التحريش بين المؤمنين.
لي تعليقان على ما دار آنفاً:
قال الأخ الكريم أبي سند فهكذا هم أهل الحديث , وهذا هو فهمهم للنصوص , وهذا هو فقههم , فهلا سلم إلينا أبو عبد الله , أم مازال على ما يقول ....... ؟
و لا يخفى أن الشيخ ابن باز و الشيخ ابن عثيمين رحمهما الله لا يقولان في مسألة السبت بقول الشيخ الألباني رحمه الله، و هما بلا شك من أهل الحديث و من الطائفة المنصورة، نحسبهما كذلك و الله حسيبهما، فوصف أهل الحديث أوسع من وصف " المحدثين " كما لا يخفى، فكل من اتبع كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم كما فهمهما السلف الصالح، داخل في وصف أهل الحديث، و هم أهل الأثر و أهل السنة و الجماعة.
الأمر الثاني يتعلق بما علقتُ به على كلام الأخ الساحلي حول فقه الشيخ الألباني رحمه الله، و لن أعلق على ملاحظات الأخ أبي سند على كلامي بل أطلب منه و من الجميع مراجعة كلامي في المشاركة 37 لا سيما بعد الموضع الذي توقف عنده نقل الأخ أبي سند عني.
أخيراً بارك الله فيك أخي الكريم أبي سند على ما ذكرتَ في حقي، و اعلم أن ردي الآتي فيه شيء من الشدة ـ سامحني ـ و لكنها و الله الشدة التي مبعثها الشفقة و الرحمة أن أراك تخالف منهجك السلفي في هذه المسألة، و تخالف المنهجية الصحيحة في النقاش و أظهر مثال على ذلك هو تجاهلك للكثير مما أكتب و عدم الرد عليه، و لولا ما ذكرتَه من احترام لي في كلامك الأخير لكان عد تجاهلك هذا نوعاً من عدم الاحترام متوجهاً!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/29)
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[18 - 02 - 06, 05:29 ص]ـ
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
الأخ الحبيب أبو سند وفقه الله لما فيه رضاه
لقد قرأتُ ردك الأخير بتمعن ـ كما قرأتُ سابق ردودك و كما كنتُ أتمنى أن تقرأ بحثي و ردودي و لكن كما يقال ما كل ما يتمنى المرء يدركُهُ!! ـ و قد أتيتَ فيه بأمرين تعتقدُ أنهما الفيصل في إشكال (نقل التحريم عن السلف) و لكن بشرط أن أنصفك في الرد، و خلاصة الرد ذكرتها بقولك:
– الأصل في كلمة مكروه عند السلف للتحريم فمن خرج على الأصل وجب عليه الدليل , أما من بقي على الأصل فليس مطالب بدليل على بقائه على الأصل , وهذا واضح لكل عاقل.
أن الدليل -إن صح- وجب العمل به وإن لم نعلم أن احد من السلف عمل به إذ الدليل حجة بنفسه
فالجواب بحول الملك الوهاب:
قلتَ السلف الصالح كانوا يطلقون المكروه على الشيء المحرم تورعا، فكانوا يتورعون أن يقولوا على الشيء الذي ليس فيه نص مبين على تحريمه هذا حرام وإنما يقولون هذا مكروه
و أنت تقول أن حديث النهي ليس له سوى معنى واحد هو التحريم فإذا كان نصا مبيناً على تحريم صيام السبت فلماذا يتورعون عن قول حرام و يقولون هذا مكروه؟ هذه واحدة.
أما ما نقلته عن ابن القيم، فمحاورك لا ينكر أن السلف يطلقون الكراهة على الحرمة، و لكن كما أنهم يطلقون الكراهة و يعنون بها الحرمة ـ و هو الأكثر في كلامهم ـ فإنهم يطلقونها و يعنون بها التنزيه، و هذا هو الصواب، و لاتحسبن أنني ألقي الكلام على عواهنه، بل هذا مقتضى كلام الأئمة و منهم ابن القيم نفسه و إليك هذا الكلام الواضح:
بدائع الفوائد [جزء 4 - صفحة 812]
" وأما لفظة يكرهه الله تعالى ورسوله أو مكروه فأكثر ما تستعمل في المحرم وقد يستعمل في كراهة التنزيه "
فهذا قوله في كلام الله و رسوله فكيف بكلام الأئمة؟ لذا يجب علينا أن نأخذ مجمل كلامه لنفهم مراده لا سيما أنه فيما نقلتَ عنه من إعلام الموقعين لم يقل أن المتقدمين كانوا يطلقون الكراهة على المحرم فقط، فتأمل.
و إليك التطبيق العملي من ابن القيم رحمه الله لفهمي لكلامه:
زاد المعاد [جزء 1 - صفحة 283]
" وقد اختلف الفقهاء في كراهته (أي تغميض العينين في الصلاة) فكرهه الإمام أحمد وغيره ... والصواب أن يقال: إن كان تفتيح العين لا يخل بالخشوع فهو أفضل وإن كان يحول بينه وبين الخشوع لما في قبلته من الزخرفة والتزويق أو غيره مما يشوش عليه قلبه فهنالك لا يكره التغميض قطعا والقول باستحبابه في هذا الحال أقرب إلى أصول الشرع ومقاصده من القول بالكراهة والله أعلم. "
زاد المعاد [جزء 1 - صفحة 403]
" الثانية والثلاثون: أنه يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم هذا منصوص أحمد ... قلتُ: المأخذ في كراهته: ثلاثة أمور ... الثاني: أنه يوم عيد وهو الذي أشار إليه صلى الله عليه وسلم وقد أورد على هذا التعليل إشكالان أحدهما: أن صومه ليس بحرام و صوم يوم العيد حرام ... "
فأنت ترى أنه لم يفهم من كلام إمامه الإمام أحمد كراهة التحريم بل كراهة التنزيه.
و لمزيد من التوضيح أضرب لك هذه الأمثلة من إطلاق السلف للكراهة:
مجموع الفتاوى [جزء 24 - صفحة 31]
" ومن صلى أربعا لم يبطلوا صلاته لأن الصحابة أقروا من فعل ذلك منهم بل منهم من يكره ذلك ومنهم من لا يكرهه وإن رأى تركه أفضل وفى ذلك عن أحمد روايتان "
فالكراهة هنا للتنزيه كما هو ظاهر
مجموع الفتاوى [جزء 24 - صفحة 192]
" ومنهم من يقول يجوز مع الكراهة كقول مالك وأحمد "
مجموع الفتاوى [جزء 32 - صفحة 72]
" وأما إذا كان بينهما رحم غير محرم مثل بنت العم والخال فيجوز الجمع بينهما لكن هل يكره فيه قولان هما روايتان عن أحمد "
و لا يمكن أن يكون المعنى يجوز مع الحرمة، فدل أن الكراهة هنا للتنزيه
مجموع الفتاوى [جزء 21 - صفحة 7]
" إلا أحمد بن حنبل ... حتى إنه كره الخليطين إما كراهة تنزيه أو تحريم على إختلاف الروايتين عنه "
فدل هذا على أن الكراهة كما يطلقها المتقدمون على التحريم يطلقونها على التنزيه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/30)
فما دام الأمر كذلك فعندما نتنازع في فهم المراد من قول بعضهم كرهوا أو يكره لا يستقيم أن تطالبني أنا وحدي أن أثبت لك أن المقصود هو التنزيه بل أنتَ أيضاً مطالب أن تثبتَ العكس، و قد حاولتَ فيما سبق أن تثبتَ أن الطحاوي رحمه الله أراد التحريم بقوله " فكرهوا " فأتيتَ بحجة عجيبة و هي أن وصفه حديث الصماء أنه " في كراهة صوم السبت " يوضح قصده بقوله " فكرهوا " و أنه للتحريم فكنتَ كمن فسر الماء بعد الجهد بالماء!!
و قلتَ فتكون أنت المطالب بإثبات أن كلمة مكروه لم يقصد بها التحريم , وإنما قصد بها غير ذلك , هذا هو الأمر الأول.
للأسف أخي الكريم فأنت لم تكتفِ بعدم قراءة بحثي (الإعلام) بتأن و تمعن بل إنك لا تقرأ ما أكتبه لك هنا جيداً بدليل أنك لا تجيب على الكثير مما أكتبه لك، وها أنت تطلب مني شيئاً قد قمتُ به من قبل في الرد 30 و نصه:
(إنني أذكرك أن الطحاوي رحمه الله يستخدم لفظ الكراهة للكراهة التحريمية كما يستخدمه للكراهة التنزيهية، فمن ذلك قوله في شرح معاني الآثار 4/ 199:
" ... فقال قائل ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما هذا ما يدل على كراهة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكل لحم الضب قيل له قد يجوز أن يكون هذا على الكراهة التي ذكرها أبو سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي قد رويناه عنه لا على تحريمه إياه على الناس ... "
لكنني أقول أنه أراد في حديث السبت الكراهة التنزيهية و قد دللت على ذلك بقرائن منها:
1 - أن الخلاف في هذه المسألة قديم قدم الخلاف حول صحة الحديث، و القولان المشهوران فيها هما الجواز و الكراهة، فلا يتصور أن يهمل الطحاوي ذكر القول المشهور بالكراهة و ينقل القول بالحرمة الذي لم ينقل عن أحد قبله.
2 - كما أنه لم ينقل القول بالحرمة عن أحد قبل الطحاوي فكذلك لم ينقل عن أحد بعده، بل و لم أجد أحداً في أي من الكتب التي تعنى بذكر الخلاف ينقل القول بالحرمة لا عن الطحاوي و لا عن غيره.
فإما أن توافقني على ذلك فعندها لا يكون كلامه رحمه الله نقلاً للقول بالحرمة عن السلف، و إما أن تعارضني فتأتي بما تفند به حججي و تستدل به على صحة فهمك لكلامه بقرائن واضحة، و إما أن تتوقف فلا يترجح عندك مراده من كلامه و هذا أيضاً يُفقد عبارته الدلالة التي ترجوها منها، و أظن هذا الكلام عدل.)
فأين النقاش و المباحثة أخي الكريم؟!
قلتَ أما الأمر الثاني وهو انه يجب العمل بالدليل وإن لم يعرف أن أحداً عمل به , فالحديث حجة بنفسه لا يحتاج إلى الاحتجاج به أن يكون أحد من الأئمة عمل به.
قال الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الصحيحة (لا يضر الحديث ولا يمنع العمل به عدم العلم بمن قال به من الفقهاء، لأن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود) انتهى.
و هذا الكلام ـ سامحني ـ من العجائب و هو يؤكد لكل منصف أنك لا تقرأ ما أكتبه لك، و يؤسفني حقيقة أن أعاني مع أخ سلفي يقتفي آثار خير القرون ما أعانيه و يعانيه غيري في النقاش مع أتباع الفرق من غير أهل السنة و الجماعة حيث نكتب لهم و نكتب ثم تجدهم يعيدون طرح ما أجبنا عليه كأننا لم نكتب شيئاً، و أنا أعيذك بالله و سائر إخواننا من مشابهتهم في ذلك.
فأقول لك مرة أخرى سامحني و لكنني رددت على هذه الشبهة و هذا هو وصفها على الحقيقة، رددتُ عليها في الرد رقم 23 و طالبتك في الرد 30 بالرد عليها و أعدتُ الرد عليها في الرد 36 مع مطالبتك بالرد فماذا فعلتَ أنت؟!! لم تناقش ما قلتُه بحرف بل أتيتَ أخيراً بمزيد من النقول التي تدور حول أن الحديث حجة بنفسه و اعتبرتَ هذا فيصلاً في الإشكال المطروح ... سبحان الله!!
لا بأس أخي الكريم هداني الله و إياك للحق، إليك الرد ثانية بعبارات أخرى:
أكثر ما نقلته في ردك الأخير يدور حول كون الحديث حجة بنفسه و أن العمل به لا يتوقف على معرفة من عمل به، و أنا لا أخالفك في هذا!! و لكنني أقول لك أن صورة ما نحن فيه مغايرة لما تتحدث عنه هذه النقول، و كما قيل: الحكم على شيء فرع عن تصوره فلابد للحكم على ما نحن فيه أن نتصوره تصوراً صحيحاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/31)
لدينا حديث النهي عن صوم السبت و لانعرف أحداً صححه أو حسنه قبل الترمذي رحمه الله، و بدءاً من الترمذي مروراً بكل من صححه أو حسنه بعده فإن العلماء اتفقوا على أن المقصود هو كراهة صيام السبت في النفل و اختلفوا في سبب هذه الكراهة فقال بعضهم التخصيص و قال بعضهم الإفراد، فهؤلاء الأئمة قد قالوا بالحديث و عملوا به، و الذين يخالفون الشيخ الألباني رحمه الله في المسألة لا يقولون له لا نعمل بهذا الحديث لأن أحداً لم يعمل به!! لا أحد يقول ذلك، لكنهم يقولون: نحن نعمل بهذا الحديث على فهم الأئمة و ليس فيهم من فهم منه أنه للحرمة.
هذه هي الصورة الحقيقية لما نحن بصدد الكلام عنه، فليس كلام الشافعي رحمه الله و غيره عن هذه الصورة بل عمن يرفض العمل بالحديث بالكلية لأنه لا يعلم من عمل به، و هي صورة أخرى كما لا يخفى عليك.
السؤال الآن: هل أنت سلفي أم خلفي؟
إذا كنتَ سلفياً فمذهبك قائم على اتباع السلف في فهمهم للكتاب و السنة، فأين فهم السلف لهذا الحديث؟
إنك حتى الآن تعجز أن تثبتَ القول بالحرمة عن أحد من السلف، و تصر في الوقت نفسه على متابعة عالم جليل من علماء الخلف على فهمه المخالف للأئمة مع علمك بأنه يخطئ كغيره من العلماء بل أنتَ أثبتَ أنه أخطأ في هذه المسألة نفسها حيث كان يقول أن معنى الحديث هو الكراهة وهذا خطأ عندك، فلماذا هذه الحيدة عن المنهج أخي الكريم؟
و ها أنا أعيد ذكر ما كنتُ قلتُه لك من قبل و فيه رد على نقولك السابقة:
" 5. أما كلام الشافعي رحمه الله فمن خالف الشيخ رحمه الله من الذين يصححون حديث النهي لا يقولون نحن لا نعمل بهذا الحديث لأنه لم يعمل به أحد من أهل العلم، بل يقولون نحن نعمل بالحديث على فهم السلف و أنه للكراهة، و يطالبون بسلف للقول بالحرمة، و الفرق دقيق فأرجو أن تتنبه له أخي الكريم، فكلام الشافعي يتوجه لمن لا يعمل بحديث ما مع صحته لأن أحداً من أهل العلم لم يعمل به، و لا يتوجه للمعترضين على القول بالحرمة لأنهم يطالبون بفهم السلف للحديث على أنه للحرمة، أما العمل به فهو واقع منهم على فهم السلف و أنه للكراهة."
و راجع أيضاً كلامي تعليقاً على كلام الشيخ رحمه الله في الرد السابق مباشرة و رقمه 36!!
قلتَ ملاحظة:ان قولي (نعم الشيخ كان يرى بأن المراد بحديث ابن بسر هو أن تخصه بصيام , وهو واضح , فربما هي زلة) قالواضح انك فهمة انني قصد انه زلة من الشيخ الالباني رحمه الله , وانما قصد انه زلة من عند في فهم كلام الالباني في الارواء , فاعرف هذا , واقول مرة اخرى لا تحمل كلام على ماتفهم انت فتقول عقب هذا الكلام: (أنت أخي الكريم تقول: ربما هذا الفهم من الشيخ رحمه الله زلة، فأقول سبحان الله! الفهم الذي يوافق كلام الترمذي و أقوال المذاهب الأربعة بل أقوال الأئمة طوال أربعة عشر قرناً زلة، أما القول الأخير للشيخ رحمه الله فهو الذي صحح كل هذه الزلات، غفر الله لك!!).فأنت , تبني الاحكام على ما تفهمه من الكلام , وهذه هى الثانية.
و هذا الكلام يضاف إلى باقي العجائب و بيان ذلك:
و الله الذي لا إله إلا هو لقد وقفت أمام قولك في ردك الماضي " فربما هي زلة " و تساءلت عن مرادك، أتقصد أنها زلة منك أم من الشيخ رحمه الله، و عندما اخترت القصد الثاني فأنا إنما اخترتُه لأن هذا هو معنى التركيب العربي الذي اخترتَه للتعبير عن قصدك، لأنك عندما تريد أن تقول أن الزلة إنما هي في فهمك لكلام الشيخ رحمه الله كما جزمتَ في ردك الأخير فلا يصح في اللسان العربي أن تقول (ربما) لأن ربما تفيد الشك و أنت لا تشك في كونك فهمت كلامه خطأ، و قارئك ليس مطالباً ولا قادراً أن يطلع على قصدك إلا من عباراتك فعندما تخطئ في اختيار الأسلوب العربي السليم للتعبير عن مقصودك فليس لك أن تعود باللوم على قارئك و تعد عليه ما يفهمه على غير مرادك قائلاً (و هذه هي الثانية) لأنها في الحقيقة المرة الثانية في استخدامك التعبير الخاطئ عن مقصودك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/32)
هذا و في الحقيقة فإن اعترافك بأن الزلة إنما هي منك في فهم كلام الشيخ رحمه الله يعني إقرارك ـ كما في ردك السابق ـ أنه كان يفهم الحديث ـ الذي تقول أن لا فهم له سوى التحريم ـ على أنه للكراهة!! و هذا يعني أنك تخطؤه رحمه الله في ذلك الفهم و خطأ العالم يقال له زلة، فسواء أردتَ أن الزلة منك أو من الشيخ رحمه الله فأنتَ تزعم أن فهمه القديم كان زلة، و عليه يكون كلامي الذي أنكرتَه صحيحاً فتأمل!
و بعدُ فأرجو أن تعذرني و يعذرني الأخوة الكرام إن كان في كلامي شيء من الشدة، و ما ذاك إلا لما أراه من عدم منهجية في البحث، فأنا لا أكاد أترك نقطة من كلامك إلا و أرد عليها بما أراه فلاأجد منك في الغالب سوى التجاهل للكلام و الإعراض عن الرد و التفنيد، و ما هكذا يكون النقاش، بل لو قيل إن في هذا الفعل استخفافاً بالمحاور و كلامه فلن يكون هذا بعيداً، و أنا أعيذك أن تقع في مثل ذلك، فاثبت أخي الكريم و ناقش الحجة بالحجة و البرهان بمثله.
هذا و قد كنتُ أقسمت عليك في ردي السابق أن تجيبني على سؤال ـ و من حقي عليك أن تبر لي قسمي ـ فلم تفعل، فها هو السؤال مرة أخرى و أرجو ألا تتجاهله:
(أسألك سؤالاً بالله و أسأل كل أخ يأخذ بقول الشيخ رحمه الله في المسألة، لو أنه رحمه الله بقي على قوله القديم أو لو أنه لم يتحدث في المسألة أصلاً هل كان أحد منكم سيقول بحرمة صيام يوم السبت؟
إنني أزعم أن أحداً لو أقسم بين الركن و المقام أن أياً منكم لم يكن سيقول بالحرمة فلن يحنث في قسمه.
أكرر عليك السؤال و قد أقسمت عليك فبر لي قسمي.
أحسب أن منصفاً لن يقول سوى: لا، ما كان أحد ليقول بهذا القول، و السبب بسيط و هو أنه لن يجد في كتاب واحد من يقول بهذا القول إلا عبارة موهمة لصديق حسن خان قد يفهم منها القول بالحرمة.)
لقد ظهر لي أنك أفرغت ما في جعبتك حول الإشكال الأول و هو نقل القول بالحرمة عن السلف، و أنك تريد الانتقال إلى فهم راوي الحديث و من ثم شذوذ الحديث، و قد قلتُ لك في رد سابق أنك بذلك لا تلتزم بالمنهج الذي طرحته للنقاش في المشاركة 22 حيث قلتَ:
(الإشكال الأول: تريد قول احد من السلف قال بحرمت صيام يوم السبت.
الإشكال الثاني: فهم الراوي للحديث وقوله عن صيام يوم السبت لا لك ولا عليك.
الإشكال الثالث: العمل بقاعدة الحاظر مقدم على المبيح، والقول مقدم عن الفعل، وإنهما من قواعد الترجيح لا من قواعد الجمع و التوفيق.
فاقترح عليك أخي الكريم أن نتباحث في هذه الإشكالات واحدة واحد، فلا نخرج من احدها حتى نحاول أن نستعرض كل جوانبها، والله نسال أن يهديني وإياك إلى سواء السبيل ,)
فالإشكال الثالث ليس هو شذوذ الحديث بل العمل بقاعدة الحاظر مقدم على المبيح، و القول مقدم على الفعل، فأرجو الالتزام بذلك ثم لك بعد الفراغ أن تطرح مسألة الشذوذ أو غيرها للنقاش ... و دمت بعافية.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[18 - 02 - 06, 06:13 ص]ـ
توضيح
قلتُ في الرد السابق
أما ما نقلته عن ابن القيم، فمحاورك لا ينكر أن السلف يطلقون الكراهة على الحرمة، و لكن كما أنهم يطلقون الكراهة و يعنون بها الحرمة ـ و هو الأكثر في كلامهم ـ فإنهم يطلقونها و يعنون بها التنزيه، و هذا هو الصواب،
أي أن الصواب هو هذا التفصيل، و الله أعلم
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[18 - 02 - 06, 08:37 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الحبيب أبا سند و أحسن إليك ... لقد قلتَ
" رابعا) ثم قال الأخ الكناني كلاما تمنيت إنه لم يقله حيث قال: (أسألك سؤالاً بالله و أسأل كل أخ يأخذ بقول الشيخ رحمه الله في المسألة، لو أنه رحمه الله بقي على قوله القديم أو لو أنه لم يتحدث في المسألة أصلاً هل كان أحد منكم سيقول بحرمة صيام يوم السبت؟ إنني أزعم أن أحداً لو أقسم بين الركن و المقام أن أياً منكم لم يكن سيقول بالحرمة فلن يحنث في قسمه. أكرر عليك السؤال و قد أقسمت عليك فبر لي قسمي. أحسب أن منصفاً لن يقول سوى: لا، ما كان أحد ليقول بهذا القول، و السبب بسيط و هو أنه لن يجد في كتاب واحد من يقول بهذا القول إلا عبارة موهمة لصديق حسن خان قد يفهم منها القول بالحرمة) انتهى.
فأقول له: والله لا أجد تعليقا يناسب هذا الكلام , ووالله ثم والله إني لفي عجب من أن يصدر مثل هذا الكلام من الأخ الكناني , فياليتك ما قلت هذا , ويا ليتني لم اسمع هذا الكلام منك "
فأقول:
لا تثريب عليك أخي أن تتعجب من كلامي، فأنا تعجبتُ من الكثير من كلامك و قد بينتُ ذلك في محله من ردودي، لكني أراك هنا تتعجب دون أن تبدي سبب تعجبك بل تكتفي بالقول أنك لا تجد تعليقاً!
لا أعرف إن كان بالإمكان أن تبين لي سبب التعجب أم لا، لكنني على يقين من أنك لن تعجز عن الجواب عن سؤالي، و هاهو مرة أخرى:
لو أن الشيخ الألباني رحمه الله لم يقل بحرمة صيام السبت في النفل و بقي على قوله الأول بالكراهة كما في الإرواء موافقاً في ذلك للعلماء طيلة القرون الماضية، فهل كنتَ أنتَ أو أي واحد من الأخوة ستقولون بالحرمة؟ و إن قلتَ نعم فهل لي أن أسألك كيف يكون ذلك؟
أبإعمال آلات الاجتهاد التي تملكونها في فهم حديث النهي أم بماذا؟
أرجوك رجاءً حاراً أن تجيبني!!!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/33)
ـ[أبو عبد الله الساحلي]ــــــــ[18 - 02 - 06, 06:57 م]ـ
الأخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبعد فجزاكم الله خيراً وأحسن إليكم جميعاً وأخص أخي أبا البراء الكناني على حسن عرضه وسعة صدره.
بشأن الردود التي ردها علي الأخ الكريم أبو سند محمد أقول والله المستعان:
أولاً: المنهجية التي أدندن حولها هي المنهجية المعروفة وهي (الكتاب والسنة على فهم سلف الأئمة) وهو أمر معروف عند الجميع فإذا ما خالف أحد ما هذا المنهج أقول عنه وبكل سهولة - كما تقول- لكن مع الدليل على خطئه وهو ما سيأتيك لاحقاً.
ثانياً: يطالبني الأخ أبو سند بجديد وهذا من الأخطاء التي يقع فيها الكثير ممن يدخلون في نقاش وهو أن يتجاوزوا أموراً مفصليةً يكون تركها أشبه ما يكون بالدور والتسلسل عند المناطقة فما طالبتك به هو الإتيان بنص صريح على تحريم الصوم يوم السبت لأحد من أئمة السلف فلم تأت به وإنما أتيت بنص عن الكراهة وهذا ما سأبينه في النقطة التالية.
ثالثاً: طلبت مني أن أجيبك حول مفهوم الكراهة وقد سبقني الأخ الكناني بيان مفهوم الكراهة وذكر من النصوص ما يشفي الصدور وأزيد عليه بالنقل التالي:
- جاء في كشاف القناع للبهوتي 1\ 21 وتصحيح الفروع المطبوع مع الفروع 1\ 67 - 68 والإنصاف للمرداوي 12\ 248: وإن قال (أي الإمام أحمد) أكره أو لا يعجبني أو لا أحبه أو لا أستحسنه , ففيه وجهان:
- إحداهما: هو للتنزيه.
- الثاني: أن ذلك للتحريم.
وقال المرادي والبهوتي: الأولى النظر إلى القرائن 000 فإن دلت على وجوب أو ندب أو تحريم أو كراهة أو إباحة حمل قوله عليه وقال في تصحيح الفروع: وهو الصواب وكلام أحمد يدل عليه. إنتهى
ولا شك أن هذا النقل واضح في دفع الشبهة التي أوردتها , وهو أن الكراهة وإن سلمنا لك بأن السلف يريدون بها التحريم فهذا ليس على إطلاقه كما تبين فلا تستطيع الإحتجاج بما أطلقت من مفهوم الكراهة أطلاقاً فإن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الستدلال.
رابعاً – قولك (هل بإمكانك أن تجيبني حول ما نقلته من كلام العلماء حول كلمة الكراهة وحول حجية الحديث بذاته ولكن هيهات لك ذلك)
أقول حول كلمة الكراهة قد أجبتك منذ قليل فطاشت منك هَي من هيهات أما حول حجية الحديث بذاته فإن قلت لك إن الأخ أبو البراء كفاني قلت إنك تتهرب ولا تجيد الرد سبحان الله وأنا أقول لك أخي الكريم إن منهجيتك -- أرجو أن لا يطيق صدرك من هذه الكلمة -- في التعامل مع السنة من حيث القبول والرد غير مرضية وغير منسجمة مع منهج المحدثين المتقدمين وأن أردت أن نفرد لهذه النقطة بحثا مستقلاً وموضوعاً خاصاً فأنا مستعد لذلك حتى لا يبقى لك مما تبقى من هيهات شيئاً.
خامساً: أما طلبك التفريق بين عالم من السلف وعالم على منهج السلف فأقول:
كلمة السلف إذا أطلقت فإن المراد منها كما هو معلوم القرون الثلاثة الأولى وفي إدخال القرن الرابع خلاف وأنظر مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام 20\ 163
(دار العبيكان) فلا يسمى عالم معاصر بأنه من علماء السلف وإنما يقال على منهج السلف أو متبع للسلف.
سادساً- في رد الأخ أبو سند الخامس يول (ومن أنت حتى يكون عندكم ... وهل الشيخ الألباني متوقف على تسليمكم ... هل الشيخ سمع بكم أصلاً) وغير ذلك من الألفاظ التي فيها عدول عن منهج الأدب في الحوار العلمي وهي ذات الألفاظ التي نسمعها من متعصبة المذاهب وأتباع المشائخ المتعصبين يقولون لك من أنت وهل سمع الغزالي بك وهل يحتاج محي بن عربي لتزكيتك فقد زكاه علماء
كبار؟؟؟ ومن أنت حتى تستدرك على ابن حجر؟؟؟؟
سادساً وأخيراً – وأرجو أن يتسع صدرك لما سأقول وتأمل الكلام ولا تتعجل برد المتعصب: ذكرت أثناء ردك علي (يقول الشيخ العلامة الفقيه شيخ الإسلام محمد ناصر الدين الألباني) وهذا غلو شديد وإطراء غير سديد
فإن سلم القارئ لك ب (الشيخ العلامة الفقيه) فمن يسلم لك بقولك (شيخ الإسلام)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/34)
فهل يعقل أن تسمي شيخ الإسلام لمن لا يحفظ القرآن كما هو معروف وقد صرح الشيخ بذلك ولمن لا يحفظ الصحيحين فقد حدثنا الشيخ عبد القادر الأرناؤط مراراً أنه أثناء عمله مع الشيخ في المكتب الإسلامي كان الشيخ ناصر يحقق حديث (بتربة أرضنا) ويحاول إيجاد طرق لرواية من الروايات التي فيها ضعف فطلع الشيخ عبد القادر رحمه الله على الحديث وأخبره بأن الحديث مخرج في البخاري ومسلم ولا يحتاج لمتابعة ولا شاهد؟؟
ولا تقول أني أطعن في الشيخ فهذا ليس طعناً وإنما هو إنزال الناس منازلهم وإعطاء كل ذي حق حقه والبعد عن الغلو في الأشخاص والله المستعان وهو يهدي إلى سواء السبيل.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[19 - 02 - 06, 10:05 ص]ـ
الحمد لله و كفى و صلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى ... أما بعد
فقد استرعى انتباهي في مشاركة الأخ الكريم أبي سند رقم 41 ما نقله عن الشيخ السعدي رحمه الله من رسالته الجامعة في الأصول، و رغم أنني كنت بعيداً عن مكتبتي إلا أنه قد وقع في قلبي شك شديد من هذا النقل و ذلك لأسباب:
1. أن رسالة الشيخ رحمه الله المذكورة ليس فيها هذا البسط في الكلام بل هي رسالة مختصرة، لكنني قلتُ في نفسي ربما كانت رسالة أخرى مقاربة للأولى في الاسم.
2. نقله عن الرسالة قول الشيخ: " المكروه يعني ما نهى عنه لا على وجه الإلزام -طيب- فابن القيم يقول " فكلمة " طيب " هذه توحي أنه درس مسجل و ليس كلاماً مكتوباً!!
3. قوله في أول النقل " المسألة الثانية أن المكروه الذي أمر به الشرع لا على وجه الإلزام، ... " و الشرع لم يأمر بالمكروه لا على وجه الإلزام و لا غيره، مما يقوي أنها زلة لسان من ملقي الدرس!!!
4. نقله في الرسالة عن ابن القيم أن المتقدمين " لا يعرفون المكروه بمعنى كراهة التنزيه، إنما إذا أطلقوا المكروه أرادوا به المحرم " ثم وضح المراد من الكلام بقوله " لأن العلماء القدامى إذا عبروا بالمكروه أنه لا يفسر في كلامهم -بالمعنى الاصطلاحي- عند الأصوليين إلا إذا وجد أدلة تدل على ذلك؛" و هاتان العبارتان تؤيدان ما ذهب إله الأخ الكريم أبو سند من كون الأصل في إطلاق المتقدمين للكراهة أنه للتحريم و من ثم مطالبته لي ـ وحدي ـ بالدليل على أن مراد الطحاوي هو الكراهة، لأنني أكون ناقلاً عن الأصل.
وقد ساورني الشك من هذا الكلام لأن المنقول عن ابن القيم أعلاه لا يوافق ما في الإعلام بل بينهما فرق واضح لمن تأمل الكلام، فابن القيم يقول " فالسلف كانوا يستعملون الكراهة في معناها الذي استعملت فيه في كلام الله ورسوله، ولكن ِ المتأخرون اصطلحوا على تخصيص الكراهة بما ليس بمحرم وتركه أرجح من فعله ... " و كون السلف يستعملون الكراهة كما استعملت في الكتاب و السنة على معنى التحريم لا يعني أنهم لا يستعملونها على مرادالتنزيه، يدلك على ذلك بقية كلام ابن القيم حيث قال أن المتأخرين "اصطلحوا على (تخصيص) الكراهة بما ليس بمحرم ... " فقوله تخصيص يدلك على أن الكراهة عند السلف تعم التحريم و التنزيه لكن المتأخرين خصوها بالتنزيه دون التحريم فغلطوا بهذا التخصيص على أئمتهم، و إلا لو كان الأمر كما فهم أخونا أبو سند لما قال ابن القيم " تخصيص " بل لقال ـ مثلاً ـ أن المتأخرين استخدموا الكراهة على معنى مغاير لما أراده المتقدمون، ومن جهة أخرى فقد نقلتُ عن ابن القيم قوله في البدائع " وأما لفظة يكرهه الله تعالى ورسوله أو مكروه فأكثر ما تستعمل في المحرم وقد يستعمل في كراهة التنزيه " و فرق بين قولنا الأصل في لفظ الكراهة أنه للحرمة و قولنا أكثر ما تستعمل الكراهة في الحرمة.
و قد تأكدتُ لاحقاً من كون هذا الكلام الذي نسبه الأخ الكريم أبو سند للعلامة السعدي رحمه الله ليس في الرسالة الجامعة بل ليس فيه حرف واحد منها بل هو من كلام أحد المشايخ يشرح فيه رسالة الشيخ السعدي و أن هذا الكلام تفريغ لأشرطة هذا الشرح!! فرأيتُ من واجبي التنبيه على هذا الخطأ.
و بعدُ فإنني لم أتعرض في ردي السابق للرد على استشهاد الأخ الكريم بما نسبه ـ خطأ ـ للشيخ السعدي رحمه الله لأنني أظن أن هذا الكلام لو كان من الشيخ رحمه الله فإنه لا يعبر عن رأي ابن القيم بدقة، فابن القيم رحمه الله أدرى بمراده من كلامه و قد وضح ذلك في بدائع الفوائد بما لا يقبل الشك أو يحتمل اللبس.
و ربما لاحظ الأخوة الكرام أن الفاضل أبا سند قد نقل عن الشيخ صالح آل الشيخ ما يؤيد فهمي لا فهمه هو لمراد السلف من لفظ الكراهة حيث قال " قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ في شرح متن الورقات (والمكروه ما يثاب على تركه, ولا يعاقب على فعله, فيقابل المندوب؛ لأن المندوب ما يثاب على فعله, والمكروه يثاب على تركه، المكروه يراد به هنا المكروه الاصطلاحي الذي هو قسيم الأنواع السابقة , والمكروه في القرآن وفي السنة أعم من هذا التعريف؛ لأنه قد يكون المكروه محرما؛ بل أكثر ما جاء في الكراهة في النصوص ما كان محرما محظورا) انتهى.
و مما قاله الشيخ حفظه الله في شرحه بعد كلمات قلائل " قد تكون الكراهة في النصوص كراهة تنزيه مثل قوله «كره لكم قيل وقال»، وقد تكون للتحريم كما ذكرت لك في الآية، وكما في قوله «كره لكم قيل وقال وإضاعة المال» , (إضاعة المال) محرم ليس كراهة تنزيه. "
فقوله "أعم " يوافق ما فهمتُه من كلام ابن القيم بقوله " تخصيص " و كذلك بقية كلامه كما هو ظاهر، إلا إن كان الأخ الكريم يرى أن لا فرق بين قوله " الأصل للتحريم " و قولي " الأكثر للتحريم " و أنهما تستلزمان مني وحدي أن آتي بدليل على أن مراد الطحاوي هو التنزيه.
هذا و قد قال الأخ الكريم أبو سند " بالنسبة لكلمة كراهة , ومراد السلف بها عند إطلاقها , فقد تكلم حول هذا الموضوع الكثير من العلماء المتقدمين منهم والمتأخرين , وإنما نقلت كلام ابن القيم رحمه الله لاعتقادي انه قد أوفى المسالة حقها"
فأقول: نعم قد وفاها رحمه الله حقها كما يظهر للمنصف من مفهوم كلامه في الإعلام و منطوق كلامه في البدائع، و الله أعلى و أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/35)
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[19 - 02 - 06, 12:07 م]ـ
بخصوص الكلام السالف الذكر وهو ان الكلام ليس من كلام السعدي فهذا صحيح , ولقد انتبهة له من قبل ان تذكره انت غير ان لم استطع تعديله لبعدي عن شبكة المعلومات , ومع هذا فهو قول احد المشائخ و ليس من عندي , وليس فيه ما يعكر على اصل الموضوع.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[19 - 02 - 06, 04:15 م]ـ
أنتظر ردك المفصل ـ بارك الله فيك ـ
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[20 - 02 - 06, 12:44 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وبعد:
لقد طال النقاش حول هذا النقطة – والتى كنت اعتقد نهايتها بعد ردي الأخير- ولكن للأسف الشديد لم يحصل هذا بل أن الموضوع تشعب وازداد , وكل طرف من المتباحثين يعتقد أن المسألة واضحة وان قوله هو الصحيح , وهذا ليس بغريب , ولكن الغريب هو أن يقوم المناقش بعمل ما ثم يتهم محاوره بهذا العمل –وهذا مؤسف حقا- ويوهم القارئ أن محاوره هو الواقع في هذا الخطأ.
لقد ادعى الأخ الكناني إنني لا أرد على بعض النقاط التي يطرحها , ومن الناحية الأخرى هو يدعي انه يجيب على كل ما اطرحه عليه , وللأسف العكس هو الصحيح , والمهم ليس هذا موضع ذلك بل سوف ابدأ بالرد عليه ومن خلال ذلك سأبين النقاط التى لم يرد عليها , النقاط الموجودة في الرد الأخير فقط أما ما كان قد تغاضى عنه فيما سبق فلا داعي لتكراره حتى لا نطيل المسألة , والآن سأرد على كلامه نقطة نقطه , فأقول:
قال: (قال الأخ الكريم أبي سند فهكذا هم أهل الحديث , وهذا هو فهمهم للنصوص , وهذا هو فقههم , فهلا سلم إلينا أبو عبد الله , أم مازال على ما يقول ....... ؟
و لا يخفى أن الشيخ ابن باز و الشيخ ابن عثيمين رحمهما الله لا يقولان في مسألة السبت بقول الشيخ الألباني رحمه الله، و هما بلا شك من أهل الحديث و من الطائفة المنصورة، نحسبهما كذلك و الله حسيبهما، فوصف أهل الحديث أوسع من وصف " المحدثين " كما لا يخفى، فكل من اتبع كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم كما فهمهما السلف الصالح، داخل في وصف أهل الحديث، و هم أهل الأثر و أهل السنة و الجماعة) انتهى كلامه.
يااخى مسألة الفقهاء , والمحدثين , والأصوليين , وهذا التقسيم , ليس من عندي , وإنما هو تقسيم موجود وليس من اختراعي , ولهذا كثيرا ما تسمع أن رأي الفقهاء في مسألة ما كان كذا ورأي المحدثين كان كذا وهذه نقطة لا تريد نقاشا فهي واضحة والنقاش فيها مضيعة للوقت , أما كون العثيمين وابن باز رحمهما الله من الطائفة المنصورة وإن كانا يقولان في مسألة السبت بخلاف قول الألباني رحمه الله , فما دخل هذا في هذا , ولماذا تخلط الأمور بهذه الطريقة , ولماذا توهم القارئ أن هذا التقسيم , قد يخرج الإمامين رحمهما الله تعالى , ولماذا توهم القارئ بأن مسألة حكم صيام يوم السبت لها علاقة بالطائفة المنصور.
فالناظر إلىكلام اللكنوي والذي نصه (ومن نظر بنظر الإنصاف وغاص في بحار الفقه والأصول، متجنباً عن الإعتساف، يعلم علما يقيناً أن أكثر المسائل الفرعية والأصلية التي اختلف العلماء فيها، فمذهب المحدثين فيها أقوى من مذاهب غيرهم، وإني كلما أسير في شعب الإختلاف أجد قول المحدثين فيه قريبا من الإنصاف فلله دّرُّهُم، كيف لا وهم ورثة النبي حقاً ونُوَّاب شرعه صدقاً) انتهى. يعلم أن مقصوده بالعلماء هو (المحدثين و الفقهاء)، وهذا واضح.
فعندما لا أجيبك عن سؤالك هذا , لاعتقادي أن الكلام فيه واضح أما عندما أكتب لك فليس من الواجب علي أن أقوم بتقسيم كل مقطع كما فعلت في ما سبق حتى لا تتهمني بأني لم أجبك على ما طرحته على , وهناك مسائل كثيرة من هذا القبيل سوف أنبه عليها في مواضعها , فنرجع إلى التقسيم السابق والذي ألزمتني فيه بلازم غريب , فالتقسيم موجود بين العلماء , فلا توهم القارئ عكس ذلك , ولا بأس أن نطيل في هذا المسألة قليلا، فنقول: عندما قال اللكنوي (اختلف العلماء فيها، فمذهب المحدثين فيها أقوى من مذاهب غيرهم) , فهل تتوقع انه يعتقد أن غير المحدثين ليسوا من الطائفة المنصورة , فأرجوك أخي الكريم لا تحكم على المسائل بما تفهم أنت , ففهمك ليس حجة على احد , وقد فعلت هذا في موضع آخر وان لم يكن في مواضع كثيرة , ومن أهمها تفسيرك لكلام الطحاوي لكلمة الكراهة والتى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/36)
سوف نستعرضها لاحقا.
ارجوا أن أكون قد اجتزت هذه النقطة ولم أهملها كما تدعي انت.
ثم قلت: (الأمر الثاني يتعلق بما علقتُ به على كلام الأخ الساحلي حول فقه الشيخ الألباني رحمه الله، و لن أعلق على ملاحظات الأخ أبي سند على كلامي بل أطلب منه و من الجميع مراجعة كلامي في المشاركة 37 لا سيما بعد الموضع الذي توقف عنده نقل الأخ أبي سند عني) انتهي كلامه.
وأنا لن اعلق بأكثر مما علقت عليه سابقا ولا زلت عند قولي بان ردك كان للتأييد أقرب منه للتأنيب , فهل تعتبر قولك له: (لا تقل هذا عن الشيخ الألباني , وان كنت لا أستطيع أن أنكر عليك لذلك , لأنه كان لك سلف ذلك) أما كان بوسعك أن تقول أن الشيخ ابن باز الذي هو تلميذ الشيخ محمد بن إبراهيم كان يقول: (ما رأيت تحت أديم السماء عالما بالحديث في العصر الحديث مثل العلامة محمد ناصر الدين الألباني)،و أن تقول أن الشيخ ابن باز عندما سئل عن حديث رسول الله - صلى الله عليه و سلم-: "ان الله يبعث لهذه الأمه على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" فسئل من مجدد هذا القرن، فقال -رحمه الله-: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني هو مجدد هذا العصر في ظني والله أعلم.
ألا يكفيك أن يكون سلفك الشيخ العثيمين رحمه الله القائل: (فالذي عرفته عن الشيخ من خلال اجتماعي به وهو قليل، أنه حريص جداً على العمل بالسنة، و محاربة البدعة، سواء كان في العقيدة أم في العمل، أما من خلال قراءتي لمؤلفاته فقد عرفت عنه ذلك، و أنه ذو علم جم في الحديث، رواية و دراية، و أن الله تعالى قد نفع فيما كتبه كثيراً من الناس، من حيث العلم و من حيث المنهاج و الاتجاه إلى علم الحديث، و هذه ثمرة كبيرة للمسلمين و لله الحمد، أما من حيث التحقيقات العلمية الحديثية فناهيك به).
فانظر إلى قوله: (رواية و دراية) وإلى قول أصاغر هذا الزمان: (الألباني ليس بفقيه).
فلو بقيت اعدد لك كلام العلماء في الشيخ الالباني رحمه الله تعالى لملأت لك مئات الصفحات وبدون مبالغة , وبعد هذا كله , تريد أن تقول لي انك لم تخطئ في هذا وتوهم القارئ أنني أنا من لم أتم كلامك.
أما عن الشدة في الكلام , فأنا لم أعاتبك على ذلك ولن أعاتبك عليه أخي الكريم عندما كان التجريح من بعض الإخوان يتعلق بي شخصيا كنت لا أرد على أحد منهم إلا ببارك الله فيك , أو بجزاك الله خيرا وانا اطلب منك أخي الكريم أن تتحرى من هذا الموضوع بنفسك , فانظر أخي الكريم كيف كان كلامى مع الإخوان في بداية البحث , ولكن عندما بدأ الكلام في العلماء كان لا بد من كلمة حق تقال في حقهم فهذا اقل واجب علينا تجاههم , فانظر اخي الكريم , لقد بدأ الكلام على الشيخ الألباني انه ليس بفقيه , هذا سابقا , أما الآن فالشيخ الألباني لا يحفظ القرآن ولا يعرف ما في صحيح البخاري , وبعد ذلك ماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أرجوك أخي الكريم أن تنظر إلى آخر رد للساحلي الرد رقم 49 , إنها كانت بداية فقط أخي الكريم عندما قيل عن الشيخ الألباني رحمه الله تعالى انه ليس بفقيه , أما الآن فهو لا يحفظ القرآن ولا البخاري , وما هو قادم أدهى وأمر , فالله المستعان , فإن كنت لم أنصفك في ردك السابق على الساحلي , فما هو ردك الآن , بل ماذا سيكون ردك عندما تسمع المزيد والمزيد.
أخي الكريم لقد أطلت حول هذه المسالة , ولكن هذا اقل ما يقال فيها.
ثم بعد ذلك تنقل لي كلام الطحاوي الذي قرأته سابقا الذي تدعي أنني لم أجبك عليه , فتقول: (للأسف أخي الكريم فأنت لم تكتفِ بعدم قراءة بحثي (الإعلام) بتأن و تمعن بل إنك لا تقرأ ما أكتبه لك هنا جيداً بدليل أنك لا تجيب على الكثير مما أكتبه لك، وها أنت تطلب مني شيئاً قد قمتُ به من قبل في الرد 30 و نصه: إنني أذكرك أن الطحاوي رحمه الله يستخدم لفظ الكراهة للكراهة التحريمية كما يستخدمه للكراهة التنزيهية، فمن ذلك قوله في شرح معاني الآثار 4/ 199:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/37)
فقال قائل ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما هذا ما يدل على كراهة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكل لحم الضب قيل له قد يجوز أن يكون هذا على الكراهة التي ذكرها أبو سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي قد رويناه عنه لا على تحريمه إياه على الناس ... "لكنني أقول أنه أراد في حديث السبت الكراهةالتنزيهية و قد دللت على ذلك بقرائن منها:
-1 أن الخلاف في هذه المسألة قديم قدم الخلاف حول صحة الحديث، و القولان المشهوران فيها هما الجواز و الكراهة، فلا يتصور أن يهمل الطحاوي ذكر القول المشهور بالكراهة و ينقل القول بالحرمة الذي لم ينقل عن أحد قبله.
-2 كما أنه لم ينقل القول بالحرمة عن أحد قبل الطحاوي فكذلك لم ينقل عن أحد بعده، بل و لم أجد أحداً في أي من الكتب التي تعنى بذكر الخلاف ينقل القول بالحرمة لا عن الطحاوي و لا عن غيره.
فإما أن توافقني على ذلك فعندها لا يكون كلامه رحمه الله نقلاً للقول بالحرمة عن السلف، و إما أن تعارضني فتأتي بما تفند به حججي و تستدل به على صحة فهمك لكلامه بقرائن واضحة، و إما أن تتوقف فلا يترجح عندك مراده من كلامه و هذا أيضاً يُفقد عبارته الدلالة التي ترجوها منها، و أظن هذا الكلام عدل) انتهي كلامه.
أقول: لقد نقلت كلام الطحاوي الواضح في انه كان يريد بالكراهة التحريم (في حديث أكل لحم الضب) كان المدلول واضحا بدون تكلفة , ثم عندما أردت أن تنقل كلامه على أنها يراد بها الكراهة التنزيهية تكلفت في ذلك فكلامك عليك لا لك أخي الكريم , كيف تريدني أن أوافقك في كلام الطحاوي على انه أراد به الكراهة التنزيهية وأنت تقول أن الصارف لها أمران الأول: أن الخلاف في هذه المسألة قديم قدم الخلاف حول صحة الحديث، و القولان المشهوران فيها هما الجواز و الكراهة , فكيف أوافقك وهذا هو موضع الخلاف بينى وبينك , وعندما نقلت لك من كلام الألباني انه لا اجماع في المسألة قلت انه تغيير عن مسار البحث.
والأمر الآخر الذي اعتبرته قرينة على أن الطحاوي أراد بها التنزيه لا الحرمة هو: كما أنه لم ينقل القول بالحرمة عن أحد قبل الطحاوي فكذلك لم ينقل عن أحد بعده، بل و لم أجد أحداً في أي من الكتب التي تعنى بذكر الخلاف ينقل القول بالحرمة لا عن الطحاوي و لا عن غيره) , والرد فيها كسابقتها.
ثم تقول بعد ذلك: فإما أن توافقني على ذلك فعندها لا يكون كلامه رحمه الله نقلاً للقول بالحرمة عن السلف، و إما أن تعارضني فتأتي بما تفند به حججي و تستدل به على صحة فهمك لكلامه بقرائن واضحة، و إما أن تتوقف فلا يترجح عندك مراده من كلامه و هذا أيضاً يُفقد عبارته الدلالة التي ترجوها منها، و أظن هذا الكلام عدل) انتهي كلامه.
وهذا قد رد عليه سابقا بان الأصل في كلمة كراهة هي للتحريم , وأنت نقلت كلاما للطحاوي يثبت أن الطحاوي أراد به ذلك , فكيف أوافقك على هذا الفهم , بل أعارضك ,وحجتي أنني على الأصل في فهم السلف في هذا الكلمة , وبالتأكيد لن نتوقف عن أن الطحاوي أو احد من السلف عندما يقول بالكراهة إنما يقصد فيها الحرمة , التوقف أخي الكريم عندما يكون المختلفين في نفس القوة , وهذا غير موجود هنا , والأدلة كثيرة جدا , ولكن أذكر لك دليلا أنت الذي ذكرته , وهو نقلك كلام ابن القيم حيث قال وأنت الناقل (وأما لفظة يكرهه الله تعالى ورسوله أو مكروه فأكثر ما تستعمل في المحرم وقد يستعمل في كراهة التنزيه) , فعندما نريد أن نختار , هل الكراهة المقصودة هي للتحريم أم للتنزيه فبحسب ما نقلته عن ابن القيم أنها للتحريم , واعود فأقول أنها أكثر ما تستخدم للتحريم , وهذا هو الأصل , أقول وهذا هو الأصل إلا إذا وجد ما ينقلها عن هذا الأصل وما جئت به أنت ليس بدليل على نقلها عن هذا الأصل فإنما هذا في تصورك أنت , وليس هو مراد الطحاوي , وإنما أنت كعادتك تستنتج ثم تستدل بما بان لك ثم تريد أن تفرضه على محاورك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/38)
فمسألة الأكثر فيها كذا , والأقل فيها كذا , وأنت لم يتبين لك ما هو المراد منها , فهل تتوقف فيها , هذا ما يقول به عاقل , مع العلم انه قد يخطر ببالك أن ما وقع فيه الاحتمال سقط به الاستدلال , وقد رأيت الساحلي يستدل بهذا القاعدة , فهي ليست على إطلاقها , فكثير إن لم اقل أكثر المسائل الفقهية لا يكون الجزم فيها بالحكم , فهل معنى هذا انه لا يحكم على المسألة , وللعلماء كلام مفيد جدا حول هذا القاعدة ليس هذا موضع بسطها.
أما قولك (فأين النقاش و المباحثة أخي الكريم؟!) انتهي كلامه.
فلا ادري كيف تريد المباحثة أخي , بل كثيرا ما تتهمني , ثم تسألني هل أن سلفي أم خلفي؟ وسبب ذلك أنني أقول أن الحديث حجة بنفسه , وأنني أقول ليس من الضروري معرفة ما إذا عمل بهذا الحديث احد من السلف أو لا،أقول ليس من الضروري معرفة أن أحدا من السلف عمل بهذا الحديث , ومعني ذلك وهذا واضح أنني لا أقول ليس من الضروري أن يعمل بهذا الحديث احد من السلف , فالذي ليس ضروري هي معرفتنا بمن عمل به , ولهذا قال ابن القيم كما نقلت لك (واعلم أنه قد قال به قائل قطعاً ولكن لم يصل إليك) انتهى.
فانا أخي الكريم سلفي , والحمد لله على هذه النعمة , ولأنني سلفي وسمعت كلام ابن القيم وهو (إذا كان عند الرجل الصحيحان أو أحدهما أو كتاب من سنن رسول الله موثوق بما فيه فهل له أن يفتي بما يجده؟، فقالت طائفة من المتأخرين: ليس له ذلك لأنه قد يكون منسوخاً أو له معارض أو يفهم من دلالته خلاف ما دل عليه فلا يجوز له العمل ولا الفتيا به حتى يسأل أهل الفقه والفتيا. وقال طائفة بل له أن يعمل به ويفتي به بل يتعين عليه كما كان الصحابة يفعلون إذا بلغهم الحديث عن رسول الله وحدث به بعضهم بعضاً بادروا إلى العمل به من غير توقف ولا بحث عن معارض ولا يقول أحد منهم قط: هل عمل بهذا فلان وفلان، ولو رأوا من يقول ذلك لأنكروا عليه أشد الإنكار وكذلك التابعون وهذا معلوم بالضرورة لمن له أدنى خبرة بحال القوم وسيرتهم وطول العهد بالسنة، وبعد الزمان وعتقها لا يسوغ ترك الأخذ بها والعمل بغيرها ولو كانت سنن رسول الله لا يسوغ العمل بها بعد صحتها حتى يعمل بها فلان أو فلان لكان قول فلان أو فلان عياراً على السنن، ومزكيا لها، وشرطاً في العمل بها، وهذا من أبطل الباطل وقد أقام الله الحجة برسوله دون آحاد الأمة وقد أمر النبي بتبليغ سنته ودعا لمن بلَّغها، فلو كان من بلغته لا يعمل بها حتى يعمل بها الإمام فلان والإمام فلان لم يكن في تبليغها فائدة وحصل الاكتفاء بقول فلان وفلان) انتهى.
وأما عن تفريقك بين العمل بالحديث , وفهم الحديث , فهذا أمر غريب أنت متمسك به جدا , وانظر إلى قول ابن القيم في كلامه السابق (وقال طائفة بل له أن يعمل به ويفتي به بل يتعين عليه كما كان الصحابة يفعلون إذا بلغهم الحديث عن رسول الله) انتهي , فكيف يفتي بهذا الحديث , إذا لم يكن يفهم معناه , الشيخ ابن القيم لم يفرق هذا التفريق العجيب.
أما بخصوص ردك على كلمة زلة وأنها مني , فلا أريد أن أرد عليها ففي كلامك من العجب ما يلاحظه كل قارئ- منصف- ولكنها ليست متعلقة ببحثنا وفيها من الإطالة ما يفسد موضوع البحث.
أما عن الأمر الأخر وعن تعجبي من سؤالك , فأنا ما زلت في عجبي بل ويزداد عجبي عجبا عندما تتعجب من عجبي.
الأخ الكريم: ما هذا السؤال , وكيف تريدني أن أجيبك على أمر أنا بنفسي لا أستطيع أن اعرف ماذا سيكون جوابي , أخي الكريم , هل سأقول لك أنني إذا كان الأمر كما قلت أو فلنقل كما تخيلت لان ما تخيلته لم يحدث , وهذا حكمة الله عز وجل , بان يهئ لنا مثل الشيخ الالبانى رحمه الله ويقول بهذا القول , فهل تريدني أن أقول لك أنني سأقول بغير ما أقول به الآن , فسأكون غير محق , وان قلت لك , سأقول بخلافه فسأكون غير محق أيضا , بل سأقول لك إن لم يقل الشيخ الألباني بهذا القول فسيهيئ الله عز وجل غير الشيخ الألباني من يقول بهذا القول وأنا اتبعه عليه , لأنني وبكل بساطة لا اتبع الشيخ الألباني في ذاته , وإنما اتبع ما جاء به من دليل فانا اتبع قوله صلى الله عليه وسلم (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ) , ولن تقول بالتاكيد لو لم يقل الرسول ذلك هل ستقول به , فان قلت , فمن فهم من السلف ما فهمه الشيخ الألباني فأقول لك نرجع إلى موضوع بحثنا من جديد , ونبدأ من الصفر كما يقال , ولهذا أخي الكريم أنا متعجب من هذا السؤال وما زلت وسأبقى متعجبا.
و الآن و بعد أخذ و رد في هذا الموضوع والذي نسأل الله عز وجل أن يحقق الفائدة المرجوة منه وهى تعلم السنة الصحيحة و العمل بها من قبل كل مطلع على هذا الموضوع أقول لأخي الكنانى في مسألة (الكراهة للتحريم أو للتنزيه) و مفهومها عند أهل العلم أن الكلام فيها تشعب أكثر من المراد – أقول: معك الوقت الكافي و أرجو عدم الاستعجال كي تأتيني و تأت الإخوة الكرام ببحث مستقل توضح فيه كل ما لديك في الموضوع وأعدك بأنني سأقوم بالعمل ذاته حتى يستفيد إخواننا الكرام ....................
و أرجو التوقف عن الردود في هذا الموضوع و ألا يكون الرد إلا بحثا مستقلا وأنا ملتزم بالأمر ذاته و ذلك كما أسلفت لتتحقق الفائدة من موضوع (الكراهة) و ألا تضيع الفائدة من موضوع (صيام السبت) و أعلم أخي أن هذه البادرة مني ليست عن ضعف في المسألة بل لعل بحثها أشبه بالجاهز وسينزل في موعده إن شاء الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/39)
ـ[أبو عبد الله الساحلي]ــــــــ[20 - 02 - 06, 12:21 م]ـ
سبحان الله ماهذا اللف والدوران من الأخ أبي سند؟؟؟؟؟؟
ـ[ناصف]ــــــــ[20 - 02 - 06, 01:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:سبحان الله ماهذا اللف والدوران من الأخ أبي سند؟؟؟؟؟؟
اقول نصيحة للاخ الساحلي سدده الله: كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:
((من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او يصمت))
والا
وكما قال الاول ((دع عنك الكتابة لست منها .......... ))
اما الاخ ابو البراء وفقه الله:
((نطلب منه الانصاف في حق الاخ ابي سند حتى يستفاد من الحوار و ارى والله اعلم انكم من اكثر المستفيدين لما في الحوار من جديد عليكم))
واخيرا للاخ ابو سند وفقه الله:
((لا تستجعل في نقلك وردك وتريث ودع عنك من يوهوش فانه لا يحسن الا الجدال و جزاكم الله خيرا على نصرة اهل الحديث وكن مع الاخ ابي البراء فلعل الله يسددكم جميعا لما فيه الخير))
ولي وقفة ان يسر الله
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[20 - 02 - 06, 03:36 م]ـ
اقول نصيحة للاخ الساحلي سدده الله: كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:
((من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او يصمت))
ـ[محمد حسين شعبان]ــــــــ[21 - 02 - 06, 12:40 م]ـ
حذف الرد
لعدم وجود الفائدة العلمية
حذف من قبل ## المشرف ##
ـ[أبو عبد الله الساحلي]ــــــــ[21 - 02 - 06, 02:41 م]ـ
سبحان الله المسألة أخذت حقها من البحث وقد تبن وجه الصواب فيها على ما بينه الأخ الكناني بحيث أصبح الكلام فيها مضيعة للوقت وأعيد ما ذكرت بأنه دوران على الحقيفة وتحول نقاش الموضوع الأصلي إلى استطراد في بعض جزئيات البحث فأقترح أن يوضع بحث جديد وهو (دراسة مفهوم الكراهة عند السلف)
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[22 - 02 - 06, 12:34 ص]ـ
تقول المسألة أخذت حقها من البحث ومازلت تسأل عن معنى الكراهة عند السلف قي منتدي الفقه , اللهم نسألك العفوا والعافية
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[22 - 02 - 06, 04:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين و آله و صحبه أجمعين
أخي الكريم أبو سند ... سلام الله عليك و رحمته و بركاته
أخي الكريم ... أذكرك أنني قلتُ في المشاركة رقم 45 "لقد كنت على وشك تحميل رد على مشاركة أخينا الكريم أبي سند رقم 38 ففوجئت ببداية انحراف في الحوار عن موضوعه الأصلي، فتعوذوا بالله إخواني من الشيطان الرجيم الذي لم ييأس من التحريش بين المؤمنين. "
ثم حملتُ مشاركتي رقم 46 التي لم أغير فيها حرفاً واحداً بسبب ما قرأته في المشاركات البعيدة عن أصل الموضوع، أقول ذلك لتعلم أن ما ادعيتُه أنا من أنك لا ترد على كثير من كلامي إنما يتعلق بأصل موضوعنا لا بالكلام البعيد عنه. و لقد كنتُ أتمنى ألا ننساق في حوار جانبي يشتتُ الجهود و قد لا يستفيدُ منه من يقرأ كلامنا و قد تجاوزوا الألف الآن، لكنها رغبتُك فلك ما تريد.
(لقد ادعى الأخ الكناني إنني لا أرد على بعض النقاط التي يطرحها , ومن الناحية الأخرى هو يدعي انه يجيب على كل ما اطرحه عليه , وللأسف العكس هو الصحيح , والمهم ليس هذا موضع ذلك بل سوف ابدأ بالرد عليه ومن خلال ذلك سأبين النقاط التى لم يرد عليها , النقاط الموجودة في الرد الأخير فقط أما ما كان قد تغاضى عنه فيما سبق فلا داعي لتكراره حتى لا نطيل المسألة)
والدعاوى تحتاج لبينات و قد ذكر أخونا الكريم ما يراه بينات على كلامه و سأذكر بيناتي و نترك الحكم للقارئ الكريم.
لقد قال الأخ الكريم أنه سيبين النقاط التي لم أرد عليها و الموجودة في الرد الأخير فقط أما ما سبق فقد تغاضى عنه كي لا يطيل المسألة، و أحب أن أشير لما يلي:
أولاً - ما تغاضى عنه مما سبق فلم يذكره هو المتعلق بأصل الموضوع بينما ما تحدث عنه يتعلق بما دار بعيداً عن أصل الموضوع و في كل منهما إطالة، فأيهما أولى بالذكر؟
ثانياً - لقد قرأتُ رده و بحثتُ عن بيانه للنقاط التي قال أنني لم أرد عليها فلم أجد نقطة واحدة فضلاً عن نقاط، فكلامه كله نقاش لكلامي السابق و لم يبين لي أو للقراء موضعاً واحداً لم أرد عليه!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/40)
ثالثاً - لقد قمتُ سابقاً بالتعليق على نقطتين مما دار بعيداً عن أصل الموضوع لأن إحداهما كانت تتعلق بي و لأن الثانية كانت تتعلق بما رأيته خلطاً بين مصطلحي " أهل الحديث " و " المحدثين " أما باقي النقاط فلم أعلق عليها كي لا نبتعد عن أصل الموضوع و هذا يوافق ما كان الأخ الكريم أبو سند قد قاله " ثم بعد هذه الردود التي هي ليست حول موضوع بحثنا هذا , فارجوا من الإخوة الكرام أن يكون كلامنا حول النقطة المثارة للنقاش ".
و الآن آتي للرد على كلام الأخ الفاضل أبي سند:
قلتَ أخي الكريم بعد نقلك كلامي الذي فرقتُ فيه بين وصف أهل الحديث ووصف المحدثين:
(يااخى مسألة الفقهاء , والمحدثين , والأصوليين , وهذا التقسيم , ليس من عندي , ... )
لا أخالف هذا التقسيم و تعليقي كان لبيان أن لا تعارض بين كون الرجل من الفقهاء أو المحدثين أو الأصوليين و بين كونه من أهل الحديث لأن هذا المصطلح الأخير ليس خاصاً بالمحدثين بل هو أعم من ذلك.
(, أما كون العثيمين وابن باز رحمهما الله من الطائفة المنصورة وإن كانا يقولان في مسألة السبت بخلاف قول الألباني رحمه الله , فما دخل هذا في هذا , ولماذا تخلط الأمور بهذه الطريقة ,)
لستُ أخلط الأمور أخي الكريم، لكنك عندما ذكرتَ كلام العلماء في الطائفة المنصورة و بينتَ أنهم أهل الحديث و أنهم أفقه الناس ـ و هم كذلك و لا ريب ـ أيدتَ كلامك بالنقل عن اللكنوي الذي نصر به مذهب المحدثين في الفقه على مذهب الفقهاء، فهنا بدأ الخلط أخي الكريم، فإيرادك كلامه هذا كتوضيح لكون الطائفة المنصورة هم أفقه الناس لم يكن في محله لأنه يوهم حصر الطائفة المنصورة في المحدثين فقط ـ أعرف أنك ستقول لي الآن أن هذا هو فهمي أنا و أنني أحمل كلامك ما لا يحتمله، فأقول: لك ذلك، لكنني أحببتُ أن أوضح الأمر كي لا يلتبس على من فهمهم مثل فهمي ـ
(ولماذا توهم القارئ أن هذا التقسيم , قد يخرج الإمامين رحمهما الله تعالى , ولماذا توهم القارئ بأن مسألة حكم صيام يوم السبت لها علاقة بالطائفة المنصورة)
لستُ أوهم، و الجواب في النقطة السابقة
(فالناظر إلى كلام اللكنوي والذي نصه ... يعلم أن مقصوده بالعلماء هو (المحدثين و الفقهاء)، وهذا واضح)
نعم، و حيث إن العلماء الذين اختلفوا ـ في كلامه ـ هم المحدثون و الفقهاء، و حيث إن من الفريقين من هو من الطائفة المنصورة، فما وجه الاستدلال من كلامه على كون أهل الحديث هم أفقه الناس؟ بمعنى آخر إذا اختلف فقيه و محدث كلاهما من أهل الحديث أو الطائفة المنصورة في مسألة فرعية و كان رأي اللكنوي أن المحدثين في الغالب هم الموفقون للصواب في مثل هذه الخلافات فما علاقة ذلك بالحديث عن الطائفة المنصورة؟
(فعندما لا أجيبك عن سؤالك هذا , لاعتقادي أن الكلام فيه واضح)
و المطالع لكلامي في محله أو الذي نقله الأخ الكريم لن يجدني سألتُه أي سؤال حول هذه النقطة!!
(فالتقسيم موجود بين العلماء , فلا توهم القارئ عكس ذلك)
غفر الله لك، أنا لم أفعل بل سياقك النقول التي لا رابط بينها سياقاً واحداً هو الذي يوهم، و لا أقول أنت الذي توهم بل كلامك، و بين الإثنين فرق.
(ارجوا أن أكون قد اجتزت هذه النقطة ولم أهملها كما تدعي انت.)
إن عنيتَ هذه النقطة بذاتها فأنا لم أقل أنك أهملتَها لا من قريب أو بعيد، أما إن ضربتَها كمثال على عدم إهمالك للنقاط، فلا يستقيم ذلك و سوف آتيك قريباً بكثير من النقاط التي أهملتَها.
ثم نأتي للسبب الذي جعلك تأتي بالكلام عن الطائفة المنصورة، ما هو؟ إنه ردك على وصف الأخ الساحلي للشيخ الألباني أنه ليس بفقيه، و أنا سأحمل كلامه هذا على أسوأ محمل و هو أنه يطعن في الشيخ الألباني رحمه الله ـ مع أنه أنكر ذلك ـ، فهل هذا الذنبُ يخرج الأخ الساحلي من دائرة أهل الحديث؟ و هل طعن شخص ما في واحد من أهل الحديث يلزم منه الطعن فيهم أو في الطائفة المنصورة حتى نأتيه بقول العلماء عن أهل الحديث أنهم هم الطائفة المنصورة؟
إنه قد يطعن فيه لهوىً أو تعصباً لشيخه أو .. أو ... فهل يلزم من ذلك الطعن الطعن في الطائفة المنصورة؟ العدل يقتضي غير ذلك.
و هل طعنه هذا يخرجه و الحال كذلك عن كونه من أهل السنة و الجماعة حتى نبين له فضائلهم؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/41)
أما الكلام حول علامة العصر و حامل لواء توحيد الاتباع فيه المحدث الإمام ناصر الدين الألباني طيب الله ثراه فقد اعتبرتُ أن إحالتي إلى ما كنتُ رددتُ به على الأخ الساحلي كافياً في الرد على تعليقك على ردي عليه، لكنك تراها غير كافية فلننظر في تعليقك على كلامي
(وأنا لن اعلق بأكثر مما علقت عليه سابقا ولا زلت عند قولي بان ردك كان للتأييد أقرب منه للتأنيب , فهل تعتبر قولك له: (لا تقل هذا عن الشيخ الألباني , وان كنت لا أستطيع أن أنكر عليك لذلك , لأنه كان لك سلف ذلك)
بداية فإن هذا الكلام بين القوسين ليس نص كلامي بل هي ألفاظك أنت، أما ردي على الأخ الساحلي فكونك تعده أقرب للتأييد فليس الأمر كذلك، و كوني أردتُ به التأنيب فليس كذلك أيضاً، أنا إنما أردتُ أن أنبه الأخ الكريم الساحلي أنه ليس لنا نحن الصغار أن نحكم على الكبار، و بينتُ له أن أقصى ما سمعتُه من كلام أهل العلم عن فقه الشيخ الألباني رحمه الله هو كلمة الشيخ ابن إبراهيم و هي أنه أثنى على الشيخ الألباني و ذكر أن لديه (بعض) ـ هكذا و ضعتُها بين قوسين دلالة على قلتها ـ الشذوذات الفقهية و قلتُ له " و فرق كبير بارك الله فيك بين هذه العبارة و عبارتك، نعم قد لا أنكر عليك إن قلتَ أن الحديث يغلب على الفقه عند الشيخ رحمه الله، أما تلك العبارة ـ لا سيما ـ إن لم يقل بها العلماء في حقه، فهذه محل نظر. "
و هو قد ذكر أنه سمع شيخه عبد القادر الأرناؤوط يصف الشيخ الألباني رحمهما الله بهذا الوصف، فهل كان الشيخ عبد القادر رحمه الله يطعن بذلك في أهل الحديث أو ينتقصهم؟ و هل سيشمل الشيخ عبد القادر رحمه الله قولك: وإلى قول أصاغر هذا الزمان: (الألباني ليس بفقيه).؟ أنا أبرئك سلفاً من ذلك.
أما إن كنتَ تريد رأيي في فقه االشيخ الألباني رحمه الله ـ و إن كنتُ أعرف أن رأيي لا يهمك ـ فأنا لا أقول أنه ليس بفقيه، لكنني أقول أن للشيخ رحمه الله تفردات فقهية لا يتابع عليها وأن القول العدل في هذا الأمر هو قول الشيخ الألباني رحمه الله عندما سئل في الشريط (438) هل يعتد بتفرد ابن حزم؟ فقال: (إن كان تفرد دون الأئمة فلا يعتد به، أما إن وافق مَنْ قبله فينظر حينئذ في المسألة من حيث الدليل)
(أما كان بوسعك أن تقول أن الشيخ ابن باز الذي هو تلميذ الشيخ محمد بن إبراهيم كان يقول ... ألا يكفيك أن يكون سلفك الشيخ العثيمين رحمه الله القائل ... فلو بقيت اعدد لك كلام العلماء في الشيخ الالباني رحمه الله تعالى لملأت لك مئات الصفحات وبدون مبالغة)
و رغم أنني لا أدعي أنني طالب علم بل أنا متطفل على مائدة طلابه ـ فضلاً عن أن أتجرأ على مزاحمة العلماء ـ إلا أنني سأتجرأ في نقل صفحة من كلامي لا كلامهم ذكرتُها في نهاية بحثي الإعلام لينظر إليها الجميع بعين الإنصاف، و من المفترض أنك قرأتها، فقد قلتُ:
رفع الملام عن الألباني الإمام
إن للشيخ الألباني رحمه الله مكانة عظيمة في قلوبنا بل وله منة علينا و على أغلب إن لم نقل كل من التزم منهج السلف الصالح في هذا العصر، فهذه كتبه و أشرطته تملأ الآفاق تحمل العلم الغزير و الدعوة الصافية الصادقة، فكم أنار الله عز وجل بكلماته الطريق للحيارى و كم أعاد بها الشاردين عن الحق إلى جادته؛ لقد كان رحمه الله و بحق حامل لواء توحيد الاتباع طوال عمره، أعني بذلك مقتضى شهادة أن محمداً رسول الله فكم بذل من عمره وجهده في سبيل تبيانه وتنقيته من الشوائب، نسأل الله عز وجل أن يجزيه عن ذلك خير الجزاء ....... ولكن!
قد قيل قديماً شيخ الإسلام حبيب إلى قلوبنا لكن الحق إلينا أحب، ونحن اليوم نقولها:
الشيخ الألباني حبيب إلى قلوبنا لكن الحق إلينا أحب! فالشيخ على جلالته بشر يخطئ و يصيب، فنحن نوافقه إن أصاب ولا تمنعنا جلالته أن نخالفه إن أخطأ، بل لا بد لنا من أن نخالفه ونخالف كل من يخطئ من مشايخنا، ونحن نعلم أننا بذلك نكون قد سرنا على نهجهم وحققنا مرادهم من بعدهم.
فالذي يجد نفسه لا يخرج عن أقوال الشيخ رحمه الله أبداً، بل و يوافقه في كل ما يقول، و يعتقد أن كل ما يقول عنه الشيخ رحمه الله أنه السنة هو السنة في الحقيقة، فليراجع نفسه! لأن الشيخ غير معصوم ففي كلامه و اختياراته أخطاء لا محالة وهذه الأخطاء ليست من السنة بكل تأكيد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/42)
ومن جهةأخرى فإنه بعدم خروجه عن أي قول من أقوال الشيخ يكون قد خالف أهم ما نذر الشيخ رحمه الله حياته من أجله وهو التمسك بفهم سلف الأمة للكتاب والسنة وترك التقليد الأعمى للمشايخ.
و نحن إن كنا نخالف الشيخ في هذه المسألة أو غيرها إلا أننا نلتمس له العذر أن خالف كل ما حقه ألا يخالف مما ذكر في هذا البحث إن كان صواباً، و السبب في هذه المخالفة ـ والله أعلم ـ هو شدة تعظيمه و توقيره لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، فالشيخ رحمه الله إذ صح عنده حديث النهي و اقتنع بأنه لا يمكن حمله سوى على التحريم المطلق صرح بالقول بالحرمة ناصراً بذلك ما يرى أنه الحق، و ذاباً بذلك عما اعتقد أنه سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وكم كنا نتمنى أن يستصحب معه ذلك الحصن الحصين الذي لطالما حصن به العقول والقلوب ألا وهو فهم السلف، ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه!
فنسأل الله عز وجل أن يغفر للشيخ و يرحمه ويجعلنا و إياه من أقرب الناس منزلاً ممن قضى عمره في الذب عن سنته ودعوة الناس لاتباعه بأبي هو و أمي.
(وبعد هذا كله , تريد أن تقول لي انك لم تخطئ في هذا وتوهم القارئ أنني أنا من لم أتم كلامك.)
و لماذا أوهم القارئ؟ لقد أحلتك و كل القراء لقراءة كلامي ليحكم كل واحد إن كنتُ أيدتُ الأخ الساحلي في كلامه أم لا و هو ما سيقابل به كل واحد ربه فيسأله.
أما كوني أخطأتُ أو لم أخطئ فهذا مبني منك على أن الأخ الساحلي أراد الطعن في الشيخ رحمه الله ـ و هو ما صرح بنفيه ـ أما أنا فقد أحسنتُ به الظن من البداية ـ لأن الأصل هو حمل المسلمين على السلامة ـ و إن لم أوافقه على كلامه.
أخي الكريم إنني أحسب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هو فقيه هذا العصر بحق و له في قلبي أعظم مكانة بين إخوانه العلماء ومع ذلك فلو أن أحداً قال عنه أنه ليس بمحدث فلن أغضب و أؤنب إلا إن لمستُ قصد إساءة و تنقص، و هذا ما لم ألمسه من الأخ الساحلي جمعني الله و إياك و إياه على هداه.
(أما عن الشدة في الكلام , فأنا لم أعاتبك على ذلك ولن أعاتبك عليه أخي الكريم عندما كان التجريح من بعض الإخوان يتعلق بي شخصيا كنت لا أرد على أحد منهم إلا ببارك الله فيك , أو بجزاك الله خيرا وانا اطلب منك أخي الكريم أن تتحرى من هذا الموضوع بنفسك)
لا يحتاج الأمر لتحرٍ لأن هذا الأمر لمستُه منك بارك الله فيك من بداية الموضوع، لكنني أريد أن ألفتَ النظر إلى أنه ليس كل شدة في الكلام تكون تجريحاً، فأنا عندما استخدمتُ شيئاً من الشدة فقد بينتُ لك الدافع و هو و الله كما قلتُ أي محبتي و شفقتي لا التجريح، و لا علاقة له بما كتبتَه خارج الموضوع الأصلي، بل كما قلتُ لك أنني لم أغير حرفاً واحداً من ردي الذي فيه الشدة بسبب قراءتي للكلام خارج الموضوع.
(أرجوك أخي الكريم أن تنظر إلى آخر رد للساحلي الرد رقم 49 , إنها كانت بداية فقط أخي الكريم عندما قيل عن الشيخ الألباني رحمه الله تعالى انه ليس بفقيه , أما الآن فهو لا يحفظ القرآن ولا البخاري , وما هو قادم أدهى وأمر , فالله المستعان , فإن كنت لم أنصفك في ردك السابق على الساحلي , فما هو ردك الآن , بل ماذا سيكون ردك عندما تسمع المزيد والمزيد)
أخي الحبيب ... كون الشيخ رحمه الله لا يحفظ القرآن كاملاً أو كونه يسهو عن حديث أنه في البخاري ليس سبة و لا منقصة فهذا وقع لكثير من أهل العلم قديماً و حديثاً، و الأخ الساحلي يدعي أن الشيخ رحمه الله قد ذكر عن نفسه أنه لا يحفظ القرآن فعليه البينة، و أنا بصراحة لم أسمع بذلك فإن كان الأمر كما قال فما المشكلة؟
أما ما نقله عن الشيخ عبد القادر رحمه الله فهي دعوى أيضاً فإن أتى ببينة فالرد عليها كسابقتها و أنه جل من لا يسهو، و في المقابل فإن الأخ قد أتى بهذا الكلام رداً على وصفك الشيخ رحمه الله أنه شيخ الإسلام، فتُسأل أنتَ أولاً عما عنيتَه بهذا الوصف، ثم يُسأل هو عما عناه به و ما الذي يجعل من لايحفظ القرآن أو يسهو عن حديث في البخاري يخرج عن هذا الوصف عنده.
(ثم بعد ذلك تنقل لي كلام الطحاوي الذي قرأته سابقا الذي تدعي أنني لم أجبك عليه , فتقول: ( ... وها أنت تطلب مني شيئاً قد قمتُ به من قبل في الرد 30 و نصه ... )
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/43)
جميل أخي الكريم، إنني أعتبر أن ما ذكرتَه في ردك الأخير يعتبر رداً لما ذكرتُه هناك، و ردك الأخير رقمه 53، فهذا الذي ادعيتُه أنا صحيح، إذ انتظرتك 23 رداً حتى علقتَ على كلامي ذاك!!
(أقول: لقد نقلت كلام الطحاوي الواضح في انه كان يريد بالكراهة التحريم (في حديث أكل لحم الضب) كان المدلول واضحا بدون تكلفة , ثم عندما أردت أن تنقل كلامه على أنها يراد بها الكراهة التنزيهية تكلفت في ذلك فكلامك عليك لا لك أخي الكريم ,)
و أنا في الحقيقة لا أعرف كيف أبدأ الرد على هذا الفهم المقلوب لكلام الطحاوي!! و لكنني أبدأ بالقول إذا كان الأمر كما تقول و أن كلامه واضح في إرادة التحريم و أنني تكلفتُ في جعله للتنزيه فلماذا انتظرتَ ثلاثة و عشرين رداً كي تبين ذلك؟ هل هذه هي المباحثة؟
أخي الكريم إن الطحاوي أراد بالكراهة هنا ـ أي حديث الضب ـ أنها للتنزيه بيقين و هذا أمر لا يحتاج للتدليل عليه سوى عبارة الطحاوي التي نقلتُها لك فهي ناطقة بذلك لكنني للأسف أجدني مضطراً لشرح الواضحات!
فمذهب الطحاوي رحمه الله في الضب هو إباحة أكله و هو واضح منذ بداية طرحه للمسألة التي كان يرد فيها على حجج القائلين بالحرمة و حتى لا نطيل آتيك بما ختم به كلامه حول المسألة
شرح معاني الآثار [جزء 4 - صفحة 202]
" فثبت بتصحيح هذه الآثار أنه لا بأس بأكل الضب وهو القول عندنا والله أعلم بالصواب"
فهو في النقل الذي نقلتُه عنه يرد على من يستدل بكراهة رسول الله صلى الله عليه و سلم أكل الضب أنها للتحريم و يبين أنها للتنزيه، و هاكم النقل:
" فقال قائل [هو مخالف الطحاوي الذي يقول بالحرمة] ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما هذا ما يدل على كراهة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكل لحم الضب قيل له [هذا رد الطحاوي الآن] قد يجوز أن يكون هذا على الكراهة التي ذكرها أبو سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي قد رويناه عنه لا على تحريمه إياه على الناس ... "
فمخالف الطحاوي رحمه الله يستدل بكراهة الرسول عليه السلام لأكل لحم الضب على تحريمه فيرد عليه الطحاوي بأن هذه الكراهة قد يجوز أنها ليست على تحريمه إياه على الناس، فماذا تكون غير كراهة التنزيه؟
و لكن لا بأس طالما أنك أخي الفاضل ترى أنني (عندما أردت أن تنقل كلامه على أنها يراد بها الكراهة التنزيهية تكلفت في ذلك فكلامك عليك لا لك أخي الكريم ,) فانظر ما يقول الطحاوي رحمه الله
شرح معاني الآثار [جزء 4 - صفحة 198]
قال أبو جعفر [هو الطحاوي نفسه] ففي هذه الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك أكله خوفا من أن يكون مما مسخ فاحتمل أن يكون قد حرمه مع ذلك واحتمل أن يكون تركه تنزها منه عن أكله ولم يحرمه فنظرنا في ذلك
فأنا عندما أتيتُ بكلام الطحاوي فإنما لأبين لك أنه رحمه الله يستخدم الكراهة للتحريم و يستخدمها للتنزيه، بل أكثر من ذلك أنه ينظر إلى كراهة الرسول عليه السلام أنها قد تكون للتحريم و قد تكون للتنزيه، و بغض النظر عن خلافنا حول " الأصل في الكراهة للتحريم " أم " الأكثر أنها للتحريم " حيث ثبت أنك لا تفرق بين الإثنين، فإن كلام الطحاوي رحمه الله واضح في أنه يطلق الكراهة على التنزيه كما يطلقها على التحريم، و هو ما أردتُه من النقل، فعندما تريد حمل قوله " فكرهوا " في السبت على " فحرموا " فعليك بالدليل، كما علي أن آتيك بدليل على أنه أراد التنزيه.
(كيف تريدني أن أوافقك في كلام الطحاوي على انه أراد به الكراهة التنزيهية وأنت تقول أن الصارف لها أمران الأول: أن الخلاف في هذه المسألة قديم قدم الخلاف حول صحة الحديث، و القولان المشهوران فيها هما الجواز و الكراهة , فكيف أوافقك وهذا هو موضع الخلاف بينى وبينك ,)
إذا قصدتَ أن موضع الخلاف بيننا هو إرادة الطحاوي كراهة التنزيه أم التحريم فلاشك أن هذا هو موضع الخلاف، و قد أتيتُك بقرينة تدل على أنه أراد التنزيه، فلا يكون رد القرينة بأن ترجعنا إلى موضع الخلاف بل ببيان بطلان دلالة هذه القرينة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/44)
أما إن أردتَ أن موضع الخلاف هو أن القولين المشهورين فيها هما الجواز و الكراهة فقد قلتَ في بداية بحثك (القول الثبت) " هذا وقد ذهب الأحناف، والشافعية , والحنابلة إلى كراهة الصوم يوم السبت منفردا، وخالفهم في ذلك الإمام مالك، فجوز صيامه منفردا، بلا كراهة." فليس بيننا خلاف على أن هذين القولين هما القولان المشهوران، أم ماذا؟
هذا مع كون الحجة في كلامي على القرينة على إرادته التنزيه ليست في الكلام السابق بل اللاحق الذي تحته خط -1 أن الخلاف في هذه المسألة قديم قدم الخلاف حول صحة الحديث، و القولان المشهوران فيها هما الجواز و الكراهة، فلا يتصور أن يهمل الطحاوي ذكر القول المشهور بالكراهة و ينقل القول بالحرمة الذي لم ينقل عن أحد قبله.
فكيف بالله عليك تستسيغ أن ينقل إمام كالطحاوي الخلاف في المسألة فيهمل ذكر أحد القولين المشهورين و يعمد إلى ذكر قول لا يكاد يذكره أحد ـ على فرض وجوده طبعاً ـ؟
(وعندما نقلت لك من كلام الألباني انه لا اجماع في المسألة قلت انه تغيير عن مسار البحث.)
أحسن الله إليك، لقد قلتُ ذلك حقاً لكنني لم أكتفِ بذلك كما تفعل معي بل ناقشتُ كلام الشيخ رحمه الله أنه لا إجماع في المشاركة 36 فلم ترد علي بحرف واحد!
و أضيف إلى ما كنتُ قلتُه هناك كلاماً من مشاركة الأخ الكريم أبو محمد المحراب رقم 11 ـ و هو الكلام الذي لم تتعرض له مطلقاً في ردك على الأخوة ـ
2 - قال أبو الحسن ابن القطان في كتابه "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 231 - 232):
" وأجمعوا أن من تطوع بصيام يوم واحد ولم يكن يوم الشك، ولا اليوم الذي بعد النصف من شعبان
، ولا يوم الجمعة، ولا أيام التشريق الثلاثة بعد يوم النحر: أنه مأجور إلا المرأة ذات الزوج ".
وانظر مثله في: "مراتب الإجماع" لابن حزم (صـ:41).
مع هذا الإجماع يتبين أن الأمة مجمعة على أن هذا النهي الوارد في الحديث لا يمكن حمله على التحريم والحظر بالاتفاق ..
و معلوم أن ابن تيمية رحمه الله قد نقد مراتب إجماع ابن حزم فلم يعترض على هذا الإجماع الذي ذكره، فهذه دعوى إجماع في المسألة كما طلبتَ أخي الكريم تبعاً للشيخ رحمه الله، فهل لديك جواب عليها؟
(والأمر الآخر الذي اعتبرته قرينة على أن الطحاوي أراد بها التنزيه لا الحرمة هو: كما أنه لم ينقل القول بالحرمة عن أحد قبل الطحاوي فكذلك لم ينقل عن أحد بعده، بل و لم أجد أحداً في أي من الكتب التي تعنى بذكر الخلاف ينقل القول بالحرمة لا عن الطحاوي و لا عن غيره) , والرد فيها كسابقتها.)
حقيقة لا أدري معنى هذا الكلام، أقول لك أن أحداً من أهل العلم لم ينقل عن الطحاوي و لا عن غيره قولهم بالحرمة أو نقلهم القول بالحرمة عن غيرهم، مما يدل على أن فهم كلام الطحاوي " فكرهوا صوم السبت " على أنه للحرمة فهم متفرد لإمام من الخلف هو الشيخ الألباني رحمه الله لم يوافقه عليه من قبله من الأئمة مما يدل على بطلانه، فتقول لي الرد كسابقتها، و ما هو الرد في سابقتها أصلاً؟!
(, التوقف أخي الكريم عندما يكون المختلفين في نفس القوة , وهذا غير موجود هنا ... فمسألة الأكثر فيها كذا , والأقل فيها كذا , وأنت لم يتبين لك ما هو المراد منها , فهل تتوقف فيها , هذا ما يقول به عاقل ,)
غفر الله لك يا أبا سند، طالما أنه لم يتبين لك المراد منها فهذه المسألة بعينها يكون الاختلاف فيها في نفس القوة، بعبارة أخرى أنت الآن تعتقد أن السلف إذا قالوا مكروه فمن بين كل عشرة يعنون بواحد مثلاً أنه للتنزيه، فعندما يأتيك قول أحدهم عن أمر أنه مكروه و لم يتبين لك المراد فما يدريك أن هذا ليس هو الواحد الذي للتنزيه، فالتوقف هنا هو الصواب و إن عددتَ ذلك مما لا يقول به عاقل!
فكيف إذا كانت هناك قرائن على كون قوله هو للتنزيه؟
(وأما عن تفريقك بين العمل بالحديث , وفهم الحديث , فهذا أمر غريب أنت متمسك به جدا)
بل الغريب أن لا يفرق الإنسان بين فعل (عمل) و فعل (فهم)
, (وانظر إلى قول ابن القيم في كلامه السابق (وقال طائفة بل له أن يعمل به ويفتي به بل يتعين عليه كما كان الصحابة يفعلون إذا بلغهم الحديث عن رسول الله) انتهي , فكيف يفتي بهذا الحديث , إذا لم يكن يفهم معناه , الشيخ ابن القيم لم يفرق هذا التفريق العجيب.)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/45)
فما علاقة فهم المفتي هنا بفهم السلف الذي نتحدث عنه؟
و ليس لكلام ابن القيم رحمه الله تعلق بما نحن بصدده من التفرقة بين الفهم و العمل، بل هو ككل النصوص التي نقلتَها من قبل إنما هي تعيب و تذم من لا يعمل بحديث حتى يسأل عمن عمل به، و أعيد و أكرر يا أخي الكريم أن الذين يقولون بكراهة إفراد السبت بالصوم و يأخذون على الشيخ رحمه الله القول بالحرمة لا يأخذون عليه العمل بالحديث لأنهم هم أنفسهم يعملون به، لكنهم يأخذون عليه العمل به على غير فهم السلف، و الفرق واضح.
و قد لخص ابن القيم رحمه الله مراده بقوله" وطول العهد بالسنة، وبعد الزمان وعتقها لا يسوغ ترك الأخذ بها والعمل بغيرها ولو كانت سنن رسول الله لا يسوغ العمل بها بعد صحتها حتى يعمل بها فلان أو فلان لكان قول فلان أو فلان عياراً على السنن، ومزكيا لها، وشرطاً في العمل بها، وهذا من أبطل الباطل وقد أقام الله الحجة برسوله دون آحاد الأمة وقد أمر النبي بتبليغ سنته ودعا لمن بلَّغها، فلو كان من بلغته لا يعمل بها حتى يعمل بها الإمام فلان والإمام فلان لم يكن في تبليغها فائدة وحصل الاكتفاء بقول فلان وفلان"
فالكلام واضح و هو موجه لمن يتوقفون عن العمل بالسنة حتى يعلموا مَن مِن العلماء عمل بها، و هذا لا علاقة له ببحثنا لا من قريب و لا من بعيد.
(أما بخصوص ردك على كلمة زلة وأنها مني)
فأكتفي بما قمتَ به من إحالة القارئ المنصف على ما دار بيننا بشأنها
أما سؤالي لك و لكل أخ يتابع الشيخ رحمه الله على القول بالحرمة ماذا كان سيقول لو لم يقل الشيخ رحمه الله بالحرمة، فقد أجبتَ بأنك لا تعرف ما كان سيكون الجواب في الواقع ثم قلتَ
(بل سأقول لك إن لم يقل الشيخ الألباني بهذا القول فسيهيئ الله عز وجل غير الشيخ الألباني من يقول بهذا القول وأنا اتبعه عليه , لأنني وبكل بساطة لا اتبع الشيخ الألباني في ذاته , وإنما اتبع ما جاء به من دليل)
و هنا مربط الفرس كما يقولون فأنت من حيث دريت أو لم تدري علقتَ قولك بالحرمة على عالم غير الشيخ رحمه الله كان سيهيؤه الله عز و جل كي يقول بهذا القول ـ و هو حكم الله كما تظن ـ فتتبعه عليه، مما يعني أنك لن تستطيع القول به إلا أن يهييء الله عز و جل لك مثل هذا العالم، فأقول ـ أحسن الله إليك ـ: فإن الملايين بل عشرات الملايين من المسلمين قبل الشيخ رحمه الله لم يُهيَّأ لهم من يقول بالحرمة طوال قرون فهل كان كل هؤلاء المسلمين في ضلال إذ لم يعرفوا حكم الله في المسألة؟
ليتك يا أخي الحبيب تفتح قلبك لهذا الكلام فو الله لو فعلتَ لكفاك بإذن الله.
إذا كان الحق هو حرمة صوم السبت و ما عداه باطل و ضلال، و النبي عليه السلام أخبر أن أمته لا تجتمع على ضلالة، فهل يمكن ألا يهييء الله عز و جل طوال تلك القرون من يجلي للناس حكمه في المسألة حتى يأتي الشيخ رحمه الله فيستدرك على الأمة هذا الخطأ؟؟ بالله عليك فكر ملياً و سل الله الرشاد قبل الجواب.
أما موضوع الكراهة فليس عندي أكثر مما ذكرتُه في الرد السابق حيثُ بينتُ من تصرف الأئمة أنهم لا يفعلون كما تفعل أنت و لكنك تعتبر أن ما جئتُ به من نقول علي و ليست لي، فأترك الحكم على ذلك للقراء الكرام.
و بعد فقد وعدتُك بذكر بيناتي على كونك لم ترد على كثير مما كنتُ أكتبُ لك، و أنا في الحقيقة كنتُ قد جمعتُ بعضاً منها لإنزالها مع ردي السابق، فهاهي الآن بين يديك و بين يدي القراء الكرام ليعلم الجميع أنني لا أتجنى عليك، مع ملاحظة أنها أمثلة فقط و ليست كل شيء، و ملاحظة أن بعضها قد قمت في ردك الأخير بالرد عليه فأبقيتُها لتعلم و يعلم القراء كم رداً انتظرتُ حتى يأتيني ردك.
1. ذكر الأخ الكريم أن ابن تيمية يذكر عن بعض العلماء القول بالحرمة، فبينت له خطأه في هذا الزعم في الرد 20 فلم يجب بشيء.
2. ذكر الأخ الكريم أن من الأدلة على أن للشيخ رحمه الله سلف في المسألة أن مذهب الشيخ هو عدم القول بقول ليس له فيه سلف فبينت له في الرد 23 أن هذا ليس بدليل لأن الشيخ مع كون هذا هو مذهبه إلا أنه يمكن أن يخالفه ناسياً أو مخطئاً لأنه غير معصوم، فلم يرد بشيء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/46)
3. ذكر الأخ الكريم أن في كلام ابن رشد ما يدل على أن من السلف من قال بالحرمة فبينت له في الرد 23 أن ابن رشد يذكر اختلاف العلماء في المسألة دون ذكر لأحد قال بالحرمة، فما كان رده في 27 سوى أن قال أنه يعتقد أن ذكر ابن رشد للخلاف أقرب للدلالة على أن من العلماء من قال بالحرمة، فقلتُ له أن ما يعتقده ليس هو المهم بل المهم أن يدلل على ما يعتقده فلم يأت بدليل!
4. ذكر أن في كلام ابن عثيمين رحمه الله ما يدل على مراده من وجود سلف للشيخ الألباني بالقول بالحرمة ففندتُ هذا القول في الرد 23 مبيناً أنه لا يوجد في كلام ابن عثيمين رحمه الله ذكر لهذا الأمر من قريب أوبعيد فجاء بكلام للشيخ رحمه الله في 27 لا يختلف عن سابقه إذ ليس فيه أن أحداً من السلف قال بالحرمة!!
5. ذكر الأخ الكريم في المشاركة 27 أن نقل الطحاوي عن الزهري أنه أنكر حديث الصماء في كراهة صيام السبت يبين مراده في قوله "فذهب قوم إلى هذا الحديث فكرهوا صوم السبت "و أنه عنى بذلك فحرموا فبينت له في الرد 30 أن اللفظ في النقلين هو الكراهة لا التحريم و نقلتُ له عن الطحاوي نفسه أنه يستخدم لفظ الكراهة للتنزيه لا التحريم وأن حمل كلامه على التحريم يحتاج لقرينة، فلم يأت بشيء!!
6. أتيته في الرد 30 بقرائن تقوي الظن أن مراد الطحاوي في عبارة فكرهوا صوم السبت هو التنزيه فلم يرد على هذه القرائن بشيء!!
7. ذكر في 27 أن الحديث ليس له سوى معنى واحد هو الحرمة فبينت له خطأ هذا الكلام مستدلاً بأن الترمذي رحمه الله فهم من الحديث كراهة تخصيص السبت بالصيام و أن الشيخ الألباني رحمه الله وافق الترمذي على فهمه هذا في الإرواء و أن أحداً بعد الترمذي لم ينكر عليه فهمه هذا فلم يجب بشيء!!
8. ناقشته في قول الشافعي رحمه الله الحديث حجة بنفسه أكثر من مرة و أنه لا ينزل على مسألتنا فلم يرد بشيء!!
9. ذكر في 35 أن قول ابن عثيمين رحمه الله أن ظاهر الحديث يدل على التحريم مما يعنى أنه ليس للحديث سوى معنى واحد، ففندتُ هذا الزعم في 36 فلم يرد بشيء!!
10. نقل عن الشيخ الألباني رحمه الله مطالبته مخالفيه الإتيان بإجماع على صيام السبت إن وافق يوماً فضيلاً، فرددت على هذا الكلام مفنداً ما فيه فلم يجبني بشيء!!
و بعد أخي الكريم، هذا كل ما عندي بخصوص ردك الأخير، فآمل أن ننتقل إلى النقطة التالية و هي فهم راوي الحديث، و لكنني سأشترط من الآن شرطاً و هو أن تجيب على كل ما أطلب منك الإجابة عليه، سواء مؤيداً أو معارضاً أو متوقفاً، لأنني بصراحة كنتُ أشعر أن الكثير مما أقوله لك في النقطة السابقة لا يلقى منك الاهتمام بخلاف كلامك الذي كنتُ أهتم به و أرد عليه نقطة نقطة.
فتفضل بارك الله فيك.
ـ[أبو عبد الله الساحلي]ــــــــ[22 - 02 - 06, 01:51 م]ـ
موفق أخي أبو البراء
ـ[الشافعي]ــــــــ[23 - 02 - 06, 06:46 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أريد حرف الموضوع عن مساره وجزى الله الإخوة المتحاورين خير الجزاء، أريد أن أسجل شهادة
وتوضيحاً أرى من الواجب علي وضعهما بين يدي قراء هذا الموضوع. . . وتتعلق بكلام الشيخ
الأرناؤوط عن فقه الشيخ الألباني. . .
لقد سمعت الشيخ ما لا أحصي في مجالس كثيرة كاثرة يعرض لهذا الأمر عندما يصل الحديث إلى
بعض فتاوى الألباني التي تعد من تفرداته وغرائبه، وكان ما يعلق به رحمه الله أن من العلماء من
يغلب عندهم فن على فن. . . فيكون أقوى في الحديث منه في الفقه وهذا مثله للشيخ الألباني
. . ومنهم من يكون أقوى في الفقه منه في الحديث ويمثل لذلك بالنووي وابن قدامة. . . ومنهم
يبرع في الاثنين ويمثل لذلك بالبخاري وابن حجر. . . ولم يقل قط فيما سمعته على كثرته: إن
الألباني ((ليس بفقيه)) هكذا!!!! بل الشيخ رحمه الله كان ممن يذكر فضل الألباني ويشيد ببعض
كتبه المعدودة من كتب الفقه كصفة الصلاة وأحكام الجنائز ونحوها. . . ولا يلزم من ذلك أن يوافقه
في كل اختياراته فضلاً عن مفرداته. . . بل ولا يمنع أن يرد أحدهما على الآخر فيما يخالفه فيه. . .
ولا يمنع أن يعيب عليه أقوالاً. . . ولا يمنع أن يفضل غيره عليه في الفقه. . . فهذا كله شيء ونفي
الفقه عنه أمر آخر لا يقول به الشيخ مطلقاً!!!
وعليه. . . إن كان للشيخ كلمة في حديث إرتجالي مسجل يتمسك بها بعض الإخوة في القول بأن
الألباني ليس بفقيه فإن الإنصاف يملي علينا أن نفسرها بما شرحه الشيخ عبد القادر مراراً وتكراراً
فليس الأمر اقتناصاً واصطياد كلمات.
أقول هذا بياناً لقول الشيخ لا إلزاماً لأحد بأن يقول به. . . وأعتذر للإخوة المتحاورين مرة أخرى
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[02 - 03 - 06, 05:15 ص]ـ
أسبوع مضى دون رد من أخينا الكريم أبي سند ... أدعو الله عز و جل أن يكون المانع خيراً
اللهم احفظ أخانا بحفظك و رده غانماً سالماً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/47)
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[03 - 03 - 06, 04:49 م]ـ
كنت قد كتبة بحث حول هذا الموضوع , ولظروفي في الوقت الحالي سوف انزل البحث كاملا وهذا كل ما عندي حول هذه المسالة
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[03 - 03 - 06, 04:51 م]ـ
lموسوعة فإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ
حكم صيام يوم السبت
بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ
لقد تنازع أهل العلم سلفاً وخلفاً، في حكم صيام يوم السبت , وإذا كان الأمر كذلك، فالواجب رده إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, لقوله سبحانه و تعالى: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) النساء 59 , ولأن كل واحد يرى الصواب معه وجب الرجوع في ذلك إلى حكم بينهم و الحكم في مثل هذا لا يكون إلا كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , ومن أجل ذلك كله كان هذا البحث في هذه المسألة.
وهذا البحث هو عبارة عن ما يشبه المناظرة بين من يقول بعدم جواز صيام يوم السبت , وبين من يرى ان صيامه جائز – على اختلاف بين القائلين في ذلك فمنهم من يرى انه جائز مطلقا ومنهم من يرى انه يكره منفردا- فسوف نطرح قول القائل بحرمة صيامه ثم نطرح رد من يقول بخلاف ذلك.
حوار بين القائلين بجواز صيام السبت وبين المانعين
القائلون بالنهي مطلقا قالوا: إن صيام يوم السبت لا يجوز مطلقا , سواء أكان مفرداً , أو وافق عادة للصائم , أو وافق أيام فاضلة , وسواء صام يوماً قبله أو بعده.
و الدليل على ذلك هو الحديث الصحيح الصريح المروي عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ عَنْ أُخْتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ) , فهذا الحديث يدل على تحريم صيام يوم السبت بثلاثة مؤكدات:
الأولى: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ) , والأصل في النهي التحريم ما لم يصرف إلى الكراهة أو الإباحة و لا صارف.
الثانية: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) , و إلا تفيد الحصر فلا يدخل غير المحصور و هو قوله افترض عليكم و هو رمضان و الكفارات و النذور و القضاء , وكل ما فرض صيامه فلو صادف السبت احد هذه المفروضات فلا مانع من صيامه.
الثالثة: شدة النهي على صيام هذا اليوم حيث قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ) , فأوجب صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاكل في هذا اليوم والأمر بإفطاره يفيد الوجوب ولو بلِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ , ومن المعلوم أن لِحَاءَ العِنَبَةٍ أَوْ عُودَ الشَجَرَةٍ لا يغني من الجوع وإنما ليبين انه قد افطر هذا اليوم , قال الحافظ العراقي: (هذا من المبالغة في النهي عن صومه؛ لأنَّ قشر شجر العنب جاف لا رطوبة فيه ألبتة بخلاف غيره من الأشجار) انتهى.
القائلون بالجواز قالوا:أن المستدل بالسنة النبوية يجب عليه أن يوفر شرطين حتى يكون إستدلاله صحيحاً وشروط الاستدلال بالسنة النبوية هي:
1 - صحة الدليل - ومعنى صحة الدليل هي سلامته من العلل - وبهذا يجب على المستدل بسنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يثبت صحة ما استدل به إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إذ كما هو معلوم فإن هناك من الأحاديث ماهو صحيح , ومنها ما هو ضعيف.
2 - صحة الاستدلال - ومعنى صحة الاستدلال أن لا يحمل الدليل مالا يحتمل , إذ يجب أن يكون الدليل يتحمل ما استدل به عليه.
وحديثكم هذا مطعون فيه من الوجهين (من حيث صحته – ومن حيث دلالاته على حرمة صيام السبت) , ولا يثبت به حكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/48)
القائلون بالنهي قالوا: بل هذا الحديث صحيح , ودلالته على الحرمة ظاهرة , و لقد اعترض على هذا الحديث بإعتراضات عند تأملها تجدها لا تثبت فاتوا بما عندكم من الاعتراضات وسوف نفندها بإذن الله تعالى.
هذا الحديث كذب
القائلون بالجواز قالوا: هذا الحديث كذب ,:ولقد قال عنه الإمام مالك: هذ حديث مكذوب.
القائلون بالنهي قالوا: إن الإمام مالك رحمه الله تعالى لم يبين سبب طعنه في هذا الحديث , ولهذا قال الإمام النووي: (لا يقبل هذا منه -يعنى الإمام مالك- وقد صححه الأئمة) انتهى.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في الحاشية: (قال عبد الحق: ولعلّ مالكاً إنما جعله كذباً من أجل رواية ثور بن يزيد الكلاعي؛ فإنه كان يُرمى بالقدر؛ ولكنه كان ثقة فيما يروي؛ قاله يحيى وغيره؛ وروى عنه الجلة مثل: يحيى بن سعيد القطان وابن المبارك والثوري وغيرهم) انتهى.
و قد صحح هذا الحديث الترمذي و الذهبي و الحاكم و النووي و أبو داوود و ابن خزيمة و ابن حبان و ابن السكن و الضياء المقدسي و ابن قدامة و ابن الملقن و الألباني , رحمهم الله جميعا.
هذا الحديث مضطرب
القائلون بالجواز قالوا: هذا الحديث مضطرب , قال النسائي: هذا الحديث مضطرب قد اختلف فيه على وجوه من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ:
• من حديث بْنِ بُسْرٍ عن أخته الصماء.
• من حديث الصماء عن عائشة رضي الله عنها.
• من حديث ابن بسر عن أمه.
• من حديث ابن بسر عن أبيه.
• من حديث ابن بسر مرفوعا.
ولهذا أعله النسائي بالاضطراب.
القائلون بالنهي قالوا: بل الحديث صحيح وعلة الاضطراب لا توجد في هذا الحديث ولهذا قال ابن حجر في التلخيص " ج 938 " (لكن هذا التلون في الحديث الواحد بالإسناد الواحد مع اتحاد المخرج يوهن راويه، وينبئ بقلة ضبطه، إلا أن يكون من الحفاظ المكثرين المعروفين بجمع طرق الحديث فلا يكون ذلك دالا على قلة ضبطه، وليس الأمر هنا هكذا، بل اختلف فيه أيضا على الراوي عن عبد الله بن بسر أيضا) أ.هـ.
قال الالبانى: في " الارواء 960 ":
(هذا الحديث صحيح وغير مضطرب لان الاضطراب عند أهل العلم على نوعين:
أحدهما: الذي يأتي على وجوه مختلفة متساوية القوة، لا يمكن بسبب التساوي ترجيح وجه على وجه.
والآخر: وهو ما كانت وجوه الاضطراب فيه متباينة بحيث يمكن الترجيح بينها فالنوع الأول هو الذي يعل به الحديث. وأما الآخر، فينظر للراجح من تلك الوجوه ثم يحكم عليه بما يستحقه من نقد.
فالنوع الأول هو الذي يعل به الحديث وأما الآخر فينظر للراجح من تلك الوجوه وهذا الحديث من هذا النوع فقد اختلف في سنده على ثور على وجوه هي:
الوجه الأول: ماخرجه أبو داود (2421) والترمذي (1/ 143) والدارمى (2/ 19) وابن ماجه (172) والطحاوي (1/ 339) وابن خزيمة في (صحيحه) (2164) والحاكم (1/ 435) والبيهقي (4/ 302) وأحمد (6/ 368) والضياء المقدسي في (الاحاديث المختارة) (ق 114/ 1)، عن سفيان بن حبيب والوليد ابن مسلم وأبي عاصم، بعضهم عن هذا وبعضهم عن هذا وهذا، والضياء أيضا في (المنتقى من مسموعاته بمرو) (ق 34/ 1) عن يحيى بن نصر كلهم عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر السلمي عن أخته الصماء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحديث.
فذكر الجميع الحديث كاملا إلا الترمذى ذكره دون زيادة (إِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ).
الوجه الثاني: عنه عن خالد عن عبد الله بن بسر مرفوعا ليس فيه (عن أخته الصماء). رواه عيسى بن يونس عنه وتابعه عتبة بن السكن عنه أخرجه ابن ماجه وعبد بن حميد في (المنتخب من المسند) (ق 60/ 1) والضياء في (المختارة) (106/ 2 و 107/ 1) عن عيسى، وتمام في (الفوائد) (109/ 1) عن عتبة.
الوجه الثالث: عنه عن خالد عن عبد الله بن بسر عن أمه، بدل (أخته). رواه أبو بكر عبد الله بن يزيد المقري سمعت ثور بن يزيد به. أخرجه تمام أيضا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/49)
الوجه الرابع: وقيل عن عبد الله بن بسر عن الصماء عن عائشة. ذكره الحافظ في (التلخيص) (200) وقال: (قال النسائي: حديث مضطرب). فان الوجه الأول اتفق عليه ثلاثة من الثقات، والثاني اتفق عليه اثنان أحدهما وهو عتبة بن السكن متروك الحديث كما قال الدارقطني فلا قيمة لمتابعته. والوجه الثالث، تفرد به عبد الله بن يزيد المقري وهو ثقة ولكن أشكل على أنني وجدته بخطى مكنيا بأبى بكر، وهو إنما يكنى / صفحة 120 / بابى عبد الرحمن وهو من شيوخ أحمد. والوجه الرابع لم أقف على اسناده. ولا يشك باحث أن الوجه الاول الذي اتفق عليه الثقات الثلاثة هو الراجح من بين تلك الوجوه، وسائرها شاذة لا يلتفت إليها. على أن الحافظ حاول التوفيق بين هذه الوجوه المختلفة فقال عقب قول النسائي (هذا حديث مضطرب): (قلت: ويحتمل أن يكون عبد الله عن أبيه، وعن أخته، وعند أخته بواسطته وهذه طريقة من صححه، ورجح عبد الحق الرواية الاولى وتبع في ذلك الدارقطني). قلت وما رجحه هذا الامام هو الصواب ان شاء الله تعالى.
ثم وجدت لثور بن يزيد متابعا جيدا , فقال الامام احمد (6 - 368) (6 - 369) ثنا الحكم بن نافع قال: ثنا اسماعيل بن عياش عن محمد بن الوليد الزبيدى عن لقمان بن عامر عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر عن اخته الصماء.
وهذا اسناد جيد رجاله كلهم ثقات فإن إسماعيل بن عياش ثقة في روايته عن الشاميين وهذه منها. فهذا يؤيد الوجه الاول تأييدا قويا، ويبطل إعلال الحديث بالاضطراب إبطالا بينا، لانه لو سلمنا أنه اضطراب معل للحديث فهذا الطريق لا مدخل للاضطراب فيه. والحمد لله على توفيقه، وحفظه لحديث نبيه صلى الله عليه وسلم.
وقد جاء ما يؤيد الوجه الثاني من وجوه الاضطراب، فقال يحيى بن حسان: سمعت عبد الله بن بسر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكره مختصرا دون الزيادة.
أخرجه أحمد (4/ 189) والضياء في (المختارة) (14/ 1). قلت: وهذا سند صحيح رجاله ثقات، ويحيى بن حسان هو البكري الفلسطيني , وتابعه حسان بن نوح قال: سمعت عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ترون يدي هذه؟ بايعت بها رسول الله وسمعته يقول: فذكره بتمامه. أخرجه الدولابي في (الكنى) (2/ 118) وابن حبان في (صحيحه) (940) وابن عساكر في (تاريخ دمشق) (9/ 4 / 1) والضياء في (المختارة) (106/ 1 - 2). ورواه أحمد في (المسند) (4/ 189) من هذا الوجه ولكن لم يقل: (سمعته)، ووإنما قال: (ونهى عن صيام. . .). وهو رواية للضياء أخرجوه من طريق مبشر بن اسماعيل وعلى بن عياش كلاهما عن حسان به. وخالفهما أبو المغيرة نا حسان بن نوح قال: سمعت أبا أمامة يقول سمعت رسول الله: فذكره. أخرجه الروياني في (مسنده) (30/ 224 / 2): نا سلمة نا أبو المغيرة. قلت: وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير حسان بن نوح وثقه العجلى وابن حبان وروى عنه جماعة من الثقات وقال الحافظ في (التقريب): (ثقة). / صفحة 123 / قلت: فإما أن يقال: ان حسانا له إسنادان في هذا الحديث احدهما عن عبد الله بن بسر، والاخر عن أبى أمامة، فكان يحدث تارة بهذا، وتارة بهذا، فسمعه منه مبشر بن إسماعيل وعلي بن عياش منه بالسند الاول، وسمعه أبو المغيرة - واسمه عبد القدوس بن الحجاج الخولاني - منه بالسند الاخر، وكل ثقة حافظ لما حدث به. واما أن يقال: خالف أبو المغيرة الثقتين، فروايته شاذة، وهذا أمر صعب لا يطمئن له القلب، لما فيه من تخطئة الثقة بدون حجة قوية. فان قيل: فقد تبين من رواية يحيى بن حسان وحسان بن نوح أن عبد الله بن بسر قد سمع الحديث منه صلى الله عليه وسلم، وهذا معناه تصحيح للوجه الثاني أيضا من وجوه الاضطراب المتقدمة، وقد رجحت الوجه الاول عليها فيما سبق، وحكمت عليها بالشذوذ، فكيف التوفيق بين هذا التصحيح وذاك الترجيح؟ والجواب: ان حكمنا على بقية الوجوه بالشذوذ وإنما كان باعتبار تلك الطرق المختلفة على ثور بن يزيد، فهو بهذا الاعتبار لا يزال قائما. لما وجدنا الطريقين الاخرين عن عبد الله بن بسر يوافقان الطريق المرجوحة بذاك الاعتبار، وهما مما لا مدخل لهما في ذلك الاختلاف، عرفنا منهما صحة الوجه الثاني من الطرق المختلفة. بعبارة أخرى أقول: ان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/50)
الاضطراب المذكور وترجيح أحد وجوهه إنما هو باعتبار طريق ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن ابن بسر، لا باعتبار الطريقين المشار إليهما بل ولا باعتبار طريق لقمان بن عامر عن خالد بن معدان، فانها خالية من الاضطراب أيضا وهى عن عبد الله بن بسر عن اخته الصماء، وهي من المرجحات للوجه الاول، وبعد ثبوت الطريقين المذكورين،. . يتبين أن الوجه الثاني ثابت أيضا عن ابن بسر عن النبي صلى الله عليه وسلم باسقاط أخته من الوسط. والتوفيق بينهما حينئذ مما لابد منه وهو سهل ان شاء الله تعالى، وذلك بان يقال: ان عبد الله بن بسر رضي الله عنه سمع الحديث أولا من أخته الصماء، ثم سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة. فرواه خالد بن معدان عنه على الوجه الاول، ورواه يحيى وحسان عنه على الاخر وكل حافظ ثقة ضابط لما روى) انتهى كلام الالبانى رحمه الله تعالى.
والخلاصة أن الحديث صحيح خالٍ من الاضطراب
هذا الحديث منسوخ
القائلون بالجواز قالوا: إن هذا الحديث منسوخ قال ابن حجر في التلخيص: (وادَّعى أبو داود: أنَّ هذا منسوخ؛ ولا يتبين وجه النسخ فيه؛ قلت: يمكن أن يكون أخذه من كونه صلى الله عليه وسلم كان يحب موافقة أهل الكتاب في أول الأمر، ثم في آخر أمره قال: خالفوهم؛ فالنهي عن صوم يوم السبت يوافق الحالة الأولى، وصيامه إياه يوافق الحالة الثانية؛ وهذه صورة النسخ، والله أعلم) إنتهى.
ثم ذكر في الفتح سبب نسخَه فقال: (وصرح أبو داود بأنه منسوخ؛ وناسخه: حديث أم سلمة أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم السبت والأحد، يتحرى ذلك، ويقول: "أنهما يوما عيد الكفار، وأنا أحب أن أخالفهم" وفي لفظ: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان أكثر صيامه السبت والأحد؛ أخرجه أحمد والنسائي، وأشار بقوله: "يوما عيد" إلى أنَّ يوم السبت عيد اليهود والأحد عيد النصارى، وأيام العيد لا تصام، فخالفهم بصيامه) إنتهى.
لكنَّ رأيَ ابن رشد في بداية المجتهد أنَّ ناسخَه غيرُ ذلك إذ يقول: (قالوا: والحديث منسوخ؛ نسخه: حديث جويرية بنت الحارث: أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: "صمت أمس؟ " فقالت: لا، فقال: "تريدين أن تصومي غداً؟ "، قالت: لا، قال: "فافطري) إنتهى.
إذن فالحديث منسوخ بأمرين:
• الامر الاول: حديث أم سلمة أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم السبت والأحد، يتحرى ذلك، ويقول: (أنهما يوما عيد الكفار، وأنا أحب أن أخالفهم).
• الامر الثاني: حديث جويرية بنت الحارث: أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: (صمت أمس؟ " فقالت: لا، فقال: "تريدين أن تصومي غداً؟ "، قالت: لا، قال: "فافطري) البخاري , وفي معناه حديث أبي هريرة (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده) متفق عليه.
القائلون بالنهي قالوا: أما الامر الاول: وهو حديث أم سلمه رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه و سلم اكثر ما كان يصوم من الأيام السبت والأحد).
فيمكن الاجابة عليه من وجهين:
الوجه الاول: هذا الحديث ضعيف , وذلك لجهالة حال راويين عبدالله بن محمد بن عمر وأبيه، ولم يتابعا.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد: (وفي صحة هذا الحديث نظر؛ فإنه من رواية محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب: وقد استنكر بعض حديثه) انتهى.
وهذا الحكم- ضعف الحديث - هو ما استقرَّ عليه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.
الوجه الثاني: وعلى فرض صحة الحديث فلا معارضة , لأن حديثها رضى الله عنها فعل , وحديث النهي قول , والقول مقدم على الفعل كما هو مقرر في علم الأصول , كما قد يقال ان صيام السبت والاحد يحتمل الخصوصية بالرسول صلى الله عليه وسلم , كما ان حديث أم سلمه رضي الله عنها إباحة وحديث النهى حظر , والحظر مقدم على الإباحة كما هو مقرر في علم الأصول , نقول هذا على فرض صحة هذا الحديث و الأمر ليس كذلك فالحديث ضعيف ولا يصح ان يكون ناسخا لحديث ابن بسر الصحيح.
• وأما الامر الثاني: حديث جويرية بنت الحارث أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: (صمت أمس؟ فقالت: لا، فقال: "تريدين أن تصومي غداً؟ "، قالت: لا، قال: فافطري) البخاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/51)
قال الألباني: (من صام يوم الجمعة دون الخميس فعليه أن يصوم السبت و هذا فرض لينجو من إثم مخالفة الإفراد ليوم الجمعة فهو في هذه الحالة داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث السبت:إلا فيما افترض عليكم، و لكن هذا إنما لمن صام الجمعة و هو غافل عن النهي عن إفراده، أما من كان على علم بالنهي فليس له أن يصومه لأنه في هذه الحالة يصوم ما لا يجب أو يفرض عليه – فلا يدخل – و الحالة هذه تحت العموم المذكور و منه يعرف الجواب عما إذا اتفق يوم الجمعة مع يوم فضيلة فلا يجوز إفراده كما لو وافق ذلك يوم السبت لأنه ليس ذلك فرضاً عليه) انتهى.
فإن لم ترضوا بهذا الجمع: فاعلموا أنَّ الأدلة متعارضة؛ وحينئذ لا بدَّ من التسليم لقواعد الترجيح: كقاعدة "المنطوق مقدَّم على المفهوم"؛ فحديث جويرية مسوق أصلا في حكم صوم يوم الجمعة؛ أي في متى يشرع صومه؟ فكان قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إلا يوماً قبله أو بعده)، فجواز صوم يوم السبت فى هذا الحديث يؤخذ تبعاً من قوله (أو بعده)، أما لو نظرنا إلى حديث النهي عن صيام يوم السبت علمنا أنَّ الحديث مسوق أصلا في حكم صوم السبت؛ متى يشرع صومه؟ فكان قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إلا فيما افترض عليكم)؛ والمسوق أصلا مقدَّم على المسوق تبعاً، فحديث جويرية يدل بدلالة المفهوم، أما حديث النهي فيدل بدلالة المنطوق , والمنطوق مقدم على المفهوم كما لا يخفى في علم الاصول.
و حديث أبي هريرة رضى الله عنه الكلام فيه مثل الكلام في حديث جويرية بنت الحارث , فإما ان يجمع بينها بما تقدم , وإما ان يرجح بالقواعد السالفة الذكر.
وبهذا يتبين ضعف دعوى النسخ ويتبين أن الحديث خالٍ من هذه العلة.
هذا الحديث شاذ
القائلون بالجواز قالوا: أن هذا الحديث شاذ , قال شيخ الإسلام ابن تيميه: (إنه لا يكره صوم يوم السبت مفردا وإن الحديث شاذ أو منسوخ).
فقد صرح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجواز صيام يوم السبت بل بإستحبابه كما في:
• حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر: السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر: الثلاثاء والأربعاء والخميس) أخرجه الترمذي وحسنه.
• حديث أم سلمة أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم السبت والأحد، يتحرى ذلك، ويقول: (أنهما يوما عيد الكفار، وأنا أحب أن أخالفهم).
• حديث جويرية بنت الحارث: أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: (صمت أمس؟ فقالت: لا، فقال: "تريدين أن تصومي غداً؟ "، قالت: لا، قال: فأفطري) البخاري , فقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تريدين أن تصومي غداً؟ ") فاليوم الذي بعده هو السبت , وحديث ابي هريرة (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده) متفق عليه.
كما ان الحديث مخالف لعموم الاحاديث الدالة على استحباب صيام بعض الايام والتي قد يقع السبت فيها ومنها:
• إفطار يوم وصوم يوم , قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا) متفق عليه , وقد يوافق السبت يوم الصيام.
• صيام ثلاثة أيام من كل شهر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَصَلَاةِ الضُّحَى وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ) متفق عليه , وهذا مطلق بأن يصوم أي ثلاثة أيام من الشهر , والسبت أحدها.
• صيام الست من شوال قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ) مسلم , وقد يوافق السبت واحداً منها.
• صيام أكثر شعبان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ) البخاري , والسبت داخل فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/52)
• يوم عرفة عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ) مسلم , و يمكن أن يصادف يوم سبت , وهذا ينطبق على صيام عاشوراء فقد يصادف يوم السبت أيضا.
• صوم الأيام البيض عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا صُمْتَ شَيْئًا مِنْ الشَّهْرِ فَصُمْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ) صححه الألباني. فقد يوافق احد هذه الايام يوم سبت.
فهذه الأحاديث تدلّ على استحباب صيام هذه الأيام؛ ولا بدّ أن يقع فيها يوم السبت؛ فلماذا لم يستثن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم منها يوم السبت؟ بمعنى آخر: أنَّ يوم السبت لا بد أن يوافق صيام يوم وإفطار يوم، أو يوم عرفة أو عاشوراء أو تاسوعاء، أو يوافق صيام ست من شوال، أو شهر شعبان؛ ولا شكَّ في ذلك؛ فلماذا لم يستثن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم من تلك الأيام المستحب صيامها صيام يوم السبت؟ لماذا لم يرد عنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنَّه قال بعد أن ذكر تلك الأيام المستحبة: (إلا إذا كان يوم السبت؛ فلا تصوموه)؛ والقاعدة الأصولية معروفة: "لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة"؛ فالوقت وقت بيان؛ فلماذا لم يبين النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ذلك لأمته.
القائلون بالنهي قالوا: أما بخصوص حديث عائشة رضي الله تعالى عنها (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر: السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر: الثلاثاء والأربعاء والخميس) أخرجه الترمذي.
قال العظيم آبادي في عون المعبود [7/ 50]: ((وقد طعن في هذا الحديث جماعة من الأئمة مالك بن أنس وابن شهاب الزهري والأوزاعي والنسائي، فلا تغتر بتحسين الترمذي وتصحيح الحاكم) انتهى.
فالحديث له علتان:
1 - الوقف.
2 - الإرسال.
فالحديث لا يصح مرفوعاً ولا موقوفاً. ولقد ضعفه للالباني رحمه الله تعالى.
وأما بخصوص حديث أم سلمة , وحديث جويرية بنت الحارث , وحديث ابي هريرة فقد تمت الاجابة عليه عند الكلام على الاعتراض على الحديث بانه منسوخ فلا داعى لمعاودتها.
أما عن باقي الاحاديث الدالة على استحباب صيام بعض الايام والتي قد يقع السبت فيها فالجواب عليها يكون بسؤال لكم فنقول:
ماذا لو وافق يوم العيد يوم الخميس أو يوم الاثنين؟؟، وقد جاء عَنْ مَوْلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ انْطَلَقَ مَعَ أُسَامَةَ إِلَى وَادِي الْقُرَى فِي طَلَبِ مَالٍ لَهُ فَكَانَ يَصُومُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَقَالَ لَهُ مَوْلَاهُ لِمَ تَصُومُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ وَأَنْتَ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَقَالَ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ يَصُومُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ تُعْرَضُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ) صححه الألباني , فيومي الاثنين والخميس يستحب فيهما الصيام , ولقد مر معنا كيف كان الصحابة يحافظون على صيامهما رغم كبر السن , فهما يومان تعرض فيهما الاعمال , فماذا لو وافق أحد هذين اليومين يوم عيد – عيد الفطر أو عيد الاضحى- فهل ستقولون بصيام ذلك اليوم لما فيه من الفضل الكبير , ام تقولون بإفطار ذلك اليوم؟
القائلون بالجواز قالوا: نقول بعدم جواز صيام ذلك اليوم رغم ما فيه من الفضل المذكور , وذلك لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن صيام يومى العيد لما جاء عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ (هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهِمَا يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ وَالْيَوْمُ الْآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ) متفق عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/53)
القائلون بالنهي قالوا: وجوابنا كجوابكم وذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن صيام يوم السبت , وذلك لما جاء عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ عَنْ أُخْتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ) , بل نحن نقول ان النهي الوارد في صيام يوم السبت آكد من النهى الوارد في صيام يومي العيد , فعند النهى عن صيام يومي العيد قال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهِمَا) , أما عند نهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صيام السبت فقد أكدها بثلاثة مؤكدات هي:
الأولى: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ) , و الأصل في النهي التحريم.
الثانية: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) , و إلا تفيد الحصر فلا يدخل غير المحصور.
الثالثة: شدة النهي على صيام هذا اليوم حيث قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ ... ).
فالسبب الذي قلتم فيه بعدم جواز صيام يوم العيد اذا وافق يوما يستحب صيامه هو نفس السبب الذي قلنا به بعدم جواز صيام يوم السبت اذا ما وافق يوما يستحب صيامه.
ثم إنَّ هذه الأدلة الدالة على استحباب تلك الأيام عامة؛ اى أنَّها على مدار أيام السنة؛ وحديث: (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم) خاص في حكم صيام يوم السبت؛ فيكون الجمع أنَّ هذه الأيام يشرع صيامها على مدار أيام السنة إلا في أوقات النهي؛ ومنها يوم السبت , فتكون هذه الاحاديث عامة وخصصت بحديث السبت فيحمل العام على الخاص وهذه طريقة الجمع بين الأدلة.
القائلون بالجواز قالوا: ان تشبيهكم يوم السبت بيومي العيد غير صحيح، فالفرق بين النهي عن صيام يومي العيد ويوم السبت من أوجه وهي:
أولاً: أن النبي - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- كان يصوم يوم السبت والأحد ويعزو ذلك إلى حبه مخالفة أهل الكتاب، وهذه العلة لم توجد في يومي العيدين.
ثانياً: لم يرد عن النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أو أحد من أصحابه أنهم صاموا يومي العيدين، بخلاف يوم السبت فثبت أن النبي - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - أمر بصيامه لمن صام الجمعة ولم يصم الخميس.
ثالثاً: النهي عن صيامهما قد شاع وذاع في الأخبار،و مجمعٌ على حرمة صيامهما , أما السبت فمختلف فيه.
فهذه الفروق تَرُدُّ على من أراد التسوية بين النهي عن صيام يومي العيدين وبين النهي عن صيام السبت.
القائلون بالنهي قالوا: اما بخصوص الفوارق بين يوم السبت ويومي العيد،فهى على النحو الاتي:
•اما عن صومه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يوم السبت والأحد ويعزو ذلك إلى حبه مخالفة أهل الكتاب فهذا الحديث سبق الاشارة عليه , خلاصته أن هذا الحديث ضعيف.
•واما انه لم يرد أن النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أو أحدا من أصحابه صاموا يومي العيدين، بخلاف يوم السبت فثبت أن النبي - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - أمر بصيامه لمن صام الجمعة ولم يصم الخميس , فنقول أما أمره بصيام يوم السبت لمن صام الجمعة فهذا صحيح , وهذا داخل في استثناء الحديث , لانه كما سبق الاشارة من صام يوم الجمعة دون الخميس فعليه أن يصوم السبت و هذا فرض لينجو من إثم مخالفة الإفراد ليوم الجمعة فهو في هذه الحالة داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث السبت: (إلا فيما افترض عليكم).
•واما بخصوص ان النهي عن صيام يومي العيد قد شاع وذاع في الأخبار فهذا غير لازم , فان الكثرة ليست معيارا للصحة وعدمه فهذا خروج عن الموضوع؛ واما ان يومي العيد مجمعٌ على حرمة صيامهما ,وان السبت مختلف فيه فان هذا الأمر يجر إلى أمر أعظم منه ألا وهو عدم العمل بدلالة النص إلا إذا اجتمع أهل العلم على القول به، وهذا يعني تعطيل العمل بالكثير من النصوص لعدم الإجماع عليها؛ ذلك لأنَّكم فرقتم في الحكم بين حالتين متشابهتين لا لشيء إلا لكون إحداهما مجمعٌ عليها والأخرى مختلف فيها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/54)
ثم هل تصوم اليوم الثالث عشر من أيام التشريق باعتبار أنه أول الأيام البيض؟
القائلون بالجواز قالوا: لا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام أيام التشريق وذلك لما جاء عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَرَّبَ إِلَيْهِمَا طَعَامًا فَقَال (كُلْ فَقَالَ إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ عَمْرٌو كُلْ فَهَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِإِفْطَارِهَا وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا) صححه الألباني.
القائلون بالنهي قالوا: وجوابنا كجوابكم وذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن صيام يوم السبت , وذلك لما جاء عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ ...... الحديث).
لطيفة: ثم إن الذي نهانا عن صيام يوم السبت , هو الذي استحب لنا صيام بعض هذه الأيام التي ذكرتموها , (وَهُوَ اللّهُ لآ إِلََهَ إِلاّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الاُولَىَ وَالاَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) القصص70.
وإنما كان الأمر بإفطار يوم السبت إذا ما وافق صيامه يوم فضيلة بسبب دليل شرعي يحتم علينا هذا الإفطار , وليس عن هوى نفس , فإذا كان الأمر كذلك فإن (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه) صححه الألباني , وعليه فإننا نقول إن الله سبحانه وتعالى بكرمه ومنّه سيعوضنا خيراً مما هو مذكور في فضلية صيام الأيام المذكورة سابقاً , وذلك بنص الحديث الشريف: (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه).
وخلاصة الامر ان هذا الحديث صحيح سندا وغير شاذا متنا.
لا يوجد احد من السلف قال بحرمة صيام يوم السبت
القائلون بالجواز قالوا: لا يوجد أحد من السلف قال بحرمة صيام يوم السبت , وإنما الخلاف بين العلماء في هذه المسألة منحصر بين القول بكراهة صيام السبت في التطوع منفرداً و بين القول بجواز صيامه منفرداً، ولا يوجد قول ثالثاً في المسألة سوى القولين السابقين، فمن قال بقولكم في هذه المسالة , ومن فهم من السلف أن هذا الحديث يدل على حرمة صيام يوم السبت.
القائلون بالنهي قالوا: إن الاجابة على إشكالكم هذا من أوجة:
الوجه الاول: لقد قررنا سابقا أن هذا الحديث ظاهر الدلالة على النهى عن صيام يوم السبت , , فقد أكِّد بثلاث مؤكدات:
الأولى: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ) , والأصل في النهي التحريم ما لم يصرف إلى الكراهة أو الإباحة و لا صارف.
الثانية: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) , و إلا تفيد الحصر فلا يدخل غير المحصور و هو قوله افترض عليكم.
الثالثة: شدة النهي على صيام هذا اليوم حيث قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ).
وقد بين شيخ الإسلام ان الحديث لا يحتمل الا النهي ولهذا قال في [الإقتضاء (ولا يقال: يحمل النهي على إفراده: لأنَّ لفظه "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" والاستثناء دليل التناول، وهذا يقتضي أنَّ الحديث يعم صومه على كل وجه؛ وإلا لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليستثنى فإنه لا إفراد فيه، فاستثناؤه دليل على دخول غيره، بخلاف يوم الجمعة فإنه بين أنه إنما نهى عن إفراده، وعلى هذا: فيكون الحديث إما شاذاً غير محفوظ، وإما منسوخا؛ ً وهذه طريقة قدماء أصحاب أحمد الذين صحبوه) انتهى.
كما قرر ذلك الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في حاشيته على سنن أبي داود (قوله في الحديث: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" دليل على: المنع من صومه في غير الفرض مفرداً أو مضافاً؛ لأنَّ الاستثناء دليل التناول، وهو يقتضي: أنَّ النهي عنه يتناول كل صور صومه إلا صورة الفرض، ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد؛ لقال: "لا تصوموا يوم السبت إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" كما قال في الجمعة!!، فلما خصَّ الصورة المأذون في صومها بالفرضية علم تناول النهي لما قابلها) انتهى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/55)
وبعد ان توصل ابن القيم رحمه الله الى فهم الحديث حيث يوضح ان الحديث (يقتضي: أنَّ النهي عنه يتناول كل صور صومه إلا صورة الفرض) , يذهب إلى جواز صيام يوم السبت في غير الفرض؛ ويعلل ذلك فيقول (وقد ثبت صوم يوم السبت مع غيره بما تقدم من الأحاديث وغيرها؛ كقوله في يوم الجمعة "إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" فدلَّ على أنَّ الحديث غير محفوظ وأنه شاذ!!) انتهى.
فهذا ابن القيم يحكم على الحديث بالشذوذ لمعارضته لِما ذكر من أحاديث؛ ولولا ذلك لقال بظاهر الحديث وهو المنع من صومه في غير الفرض مفرداً أو مضافاً، كما أشار هو في أول كلامه.
كما ان الحافظ العراقي يوضح ان الحديث ظاهر الدلالة على النهى بل يقول: (هذا من المبالغة في النهي عن صومه؛ لأنَّ قشر شجر العنب جاف لا رطوبة فيه ألبتة بخلاف غيره من الأشجار) انتهى.
فالحديث يدل دلالة واضحة على ان المقصود من النهي هو تحريم صيام يوم السبت وانما قالوا بخلاف ذلك لحكمهم على الحديث بالشذوذ او النسخ وقد بينا سابقا ان الحديث خالٍ من هذه العلل.
فاذا تقرر ذلك وجب الاخذ بالحديث وإن لم يعرف أن أحداً عمل به , فالحديث حجة بنفسه لا يحتاج إلى الاحتجاج به أن يعرف أن أحد من الأئمة عمل به.
قال الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الصحيحة (لا يضر الحديث ولا يمنع العمل به عدم العلم بمن قال به من الفقهاء، لأن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود) انتهى.
وقال ابن حزم في الإحكام (فكل من أداه البرهان من النص أو الإجماع المتيقن إلى قول ما، ولم يعرف أن أحداً قبله قال بذلك القول ففرض عليه القول بما أدى إليه البرهان، ومن خالفه فقد خالف الحق ومن خالف الحق فقد عصى الله تعالى، ولم يشترط تعالى في ذلك أن يقول به قائل قبل القائل به، بل أنكر على من قاله إذ يقول عز وجل حاكيا عن الكفار منكراً عليهم أنهم قالوا: ((مَاسَمعْنَا بِهَذَا فِي المِلَّةِ الآخِرَةِ)) ص7 , ومن خالف هذا فقد أنكر على جميع التابعين وجميع الفقهاء بعدهم، لأن المسائل التي تكلم فيها الصحابة رضي الله عنهم من الاعتقاد والفتيا، فكلها محصور مضبوط، معروف عند أهل النقل من ثقات المحدثين وعلمائهم، فكل مسألة لم يرد فيها قول عن صاحب لكن عن تابع فمن بعده، فإن ذلك التابع قال في تلك المسألة بقول لم يقله أحد قبله بلا شك، وكذلك كل مسألة لم يحفظ فيها قول عن صاحب ولا تابع وتكلم فيها الفقهاء بعدهم فإن ذلك الفقيه قد قال في تلك المسألة بقول لم يقله أحد قبله) انتهى.
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (إذا كان عند الرجل الصحيحان أو أحدهما أو كتاب من سنن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موثوق بما فيه فهل له أن يفتي بما يجده؟، فقالت طائفة من المتأخرين: ليس له ذلك لأنه قد يكون منسوخاً أو له معارض أو يفهم من دلالته خلاف ما دل عليه فلا يجوز له العمل ولا الفتيا به حتى يسأل أهل الفقه والفتيا. وقالت طائفة بل له أن يعمل به ويفتي به بل يتعين عليه كما كان الصحابة يفعلون إذا بلغهم الحديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحدث به بعضهم بعضاً بادروا إلى العمل به من غير توقف ولا بحث عن معارض ولا يقول أحد منهم قط: هل عمل بهذا فلان وفلان، ولو رأوا من يقول ذلك لأنكروا عليه أشد الإنكار وكذلك التابعون وهذا معلوم بالضرورة لمن له أدنى خبرة بحال القوم وسيرتهم وطول العهد بالسنة، وبعد الزمان وعتقها لا يسوغ ترك الأخذ بها والعمل بغيرها ولو كانت سنن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يسوغ العمل بها بعد صحتها حتى يعمل بها فلان أو فلان لكان قول فلان أو فلان عياراً على السنن، ومزكيا لها، وشرطاً في العمل بها، وهذا من أبطل الباطل وقد أقام الله الحجة برسوله دون آحاد الأمة وقد أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتبليغ سنته ودعا لمن بلَّغها، فلو كان من بلغته لا يعمل بها حتى يعمل بها الإمام فلان والإمام فلان لم يكن في تبليغها فائدة وحصل الاكتفاء بقول فلان وفلان) انتهى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/56)
وقال أيضا في إعلام الموقعين (فدفعنا إلى زمان إذا قيل لأحدهم ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال كذا وكذا، يقول من قال بهذا؟ ويجعل هذا دفعاً في صدر الحديث أو يجعل جهله بالقائل حجة له في مخالفته وترك العمل به، ولو نصح نفسه لعلم أن هذا الكلام من أعظم الباطل وأنه لا يحل دفع سنن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثل هذا الجهل، وأقبح من ذلك عذره في جهله إذ يعتقد أن الإجماع منعقد على مخالفة تلك السنة، هذا سوء ظن بجماعة المسلمين إذ ينسبهم إلى اتفاقهم على مخالفة سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأقبح من ذلك عذره في دعوى هذا الإجماع وهو جهله ودعم عمله بمن قال بالحديث، فعاد الأمر إلى تقديم جهله على السنة والله المستعان. ولا يعرف إمام من أئمة الإسلام البتة قال: لا نعمل بحديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى نعرف من عمل به) انتهى.
وقال في كتاب الروح (فلا تجعل جهلك بالقائل به حجة على الله ورسوله، بل اذهب إلى النص، ولا تضعف واعلم أنه قد قال به قائل قطعاً ولكن لم يصل إليك) انتهى.
الوجه الثاني: نقول ان من السلف من قال بظاهر الحديث هو راوي الحديث نفسه عبدالله ابن بسر , وهو ما أخرج الإمام النسائي في سننه الكبرى (3/ 213 برقم2785) من طريق معاوية بن يحي أبي مطيع، قال: حدثني أرطاة، قال: سمعت أبا عامر قال: سمعت ثوبان مولى النبيّ صلى الله عليه وسلم وسئل عن صيام يوم السبت، قال: سلوا عبد الله بن بسر، قال: فسئل، فقال: (يوم السبت لا لك ولا عليك).
و لفظة (لا لك ولا عليك) لا تعني الجواز؛ ولهذا وضع الإمام النَّسائي هذا الأثر الموقوف تحت باب: (النهي عن صيام يوم السبت).
ثم إنَّ لفظة (لا لك ولا عليك) تشابه لفظ حديث: (مَنْ صام الدهر فلا صام ولا أفطر) صححه الألباني؛ مع أنَّ صيام الدهر منهيٌ عنه بنصِّ قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (لا صام من صام الأبد، لا صام من صام الأبد، لا صام من صام الأبد) مسلم. وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم (من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا - وعقد تسعين) صححه الألباني.
قال العثيمين في شرح كتاب بلوغ المرام: (ولمسلم من حديث أبي قتادة بلفظ مَنْ صام الدهر فلا صام ولا أفطر , فلا صام نفي، والظاهر أنه خبر محض لا يُقصد به الدعاء والمعنى أنه لم يحصل على أجر الصوم فلا هو الذي حصل له الأجر بالصيام ولا الذي حصلت له الراحة بالفطر).
ثم ذكر الشيخ رحمه الله فوائد الحديث فقال: (النهي عن صوم الدهر واختُلف في العلة , قيل: لأنه سيصوم أيام التشريق والعيدين وإذا أفطرها فلا يصدق عليه أنه صام الأبد لأنه أفطر من الأبد خمسة أيام وحملوه على أن المراد من صام الأيام المحرمات لكنه ضعيف جدا ولا ينبغي أن يعول عليه لأن صيام الأيام المحرمة ممنوع وإن لم يصم الأبد. والصحيح أن من صام الأبد سوى الأيام المحرمة فلا يحصل له الثواب لأنه لا بد من ترك أشياء يقوم بها يمنعه الصيام من القيام بها كحق الزائر والبدن والأهل , لو نذر صيام الدهر كله فالنذر محرم لا يجوز الوفاء به فليفطر، وإذا أفطر فعليه الكفارة لأنه فوت ما نذر ... ولهذا كان الراجح أن نذر المعصية لا يجوز الوفاء به وفيه كفارة يمين) انتهى.
قال الألبانى رحمه الله تعالى (عندما سئل راوي الحديث عن صيام يوم السبت فقال: صيام يوم السبت لا لك ولا عليك , فهدا أقتباس منه من قوله صلى الله عليه وسلم فيمن صام الدهر لا صام ولا أفطر , فهل تأمرون صائم الدهر أن يصوم , أم بأن يفطر؟ لا شك بأن القول بالإفطار. فما أظن أن القول بصيام الدهر صحيح لأن النبى صلى الله عليه وسلم , ذكر أنه صام مع العلم بقوله صلى الله عليه وسلم بمن صام الدهر لا صام ولا أفطر , كذلك فإن صيام الدهر مرجوح كذلك فعندما نعود إلى قول الراوي عن صيام يوم السبت لا صام ولا أفطر فماذا نفهم من هذا الحديث؟ هل نفهم منه أنه يحض على صيام يوم السبت أم على إفطاره؟ ونقول على أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق أبلغ وأفصح وآكد للنهى من قول هذا الراوي , لكن الراوي تفنن في التعبير ولفت النظر إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم من صام الدهر فلا صام ولا أفطر تفنن فى التعبير أي ليس له أجر وليس له ثواب هذا الكلام من هذا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/57)
الراوي أنا في الحقيقة مما يفيدني جداً ويفضل إفطاري على صيام الآخرين ذلك لأن هذا الصحابي يقول صيام الآخرين كصيام الدهر لا صام ولا أفطر أما أنا فأترك صيام يوم السبت لله والله يعوضني خيراً منه) انتهى.
هذا وقد جاء الحديث عن صحابى آخر وهو أبي أمامة رضى الله عنه , والحديث في السلسلة الصحيحة رقم (3101) , عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تصم يوم السبت إلا في الفريضة، ولو لم تجد إلا لحاء شجرة فأفطر عليه) , قال الشيخ الألباني: (وإذا عرفت ما تقدم؛ فمن الظلم للسنة والانحراف عنها أن يبادر بعض المعاصرين إلى الشك في صحة هذا الحديث بل الجزم بضعفه، فضلاً عن القول بأنه كذب! والله المستعان) انتهى.
فهذا الحديث لم يرو من آل بسر فقط كما يظن , بل شاركهم في روايته الصحابي أبي أمامة رضي الله عنه.
الوجه الثالث: ما نقل عن بعض الأئمة من وجود اختلاف بين العلماء ومنهم من قال بالنهى مطلقا عن صيام يوم السبت ومن هذه الاقوال:
• ما نقل الطحاوي في كتابه شرح معاني الأثار (فذهب قوم إلى هذا الحديث، فكرهوا صوم يوم السبت تطوعا. وخالفهم في ذلك آخرون، فلم يروا بصومه بأسا وكان من الحجة عليهم في ذلك، أنه قد جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن صوم يوم الجمعة إلا أن يصام قبله يوم، أو بعده يوم , وقد ذكرنا ذلك بأسانيده، فيما تقدم من كتابنا هذا، فاليوم الذي بعده، هو يوم السبت , ففي هذه الآثار المروية في هذا، إباحة صوم يوم السبت تطوعا، وهي أشهر وأظهر في أيدي العلماء من هذا الحديث الشاذ، الذي قد خالفها) انتهى.
فقوله (فذهب قوم إلى هذا الحديث، فكرهوا صوم يوم السبت تطوعا. وخالفهم في ذلك آخرون، فلم يروا بصومه بأسا) , تدل على ان هناك من العلماء من قال بالنهى مطلقا.
وكلمة فكرهوا في كلامه رحمه الله تعالى هى كراهة التحريم لا التنزيه وذلك لأمور هى:
الامر الاول: وضوح معنى الحديث على النهى مطلقا , كما وضحناه سابقا.
الامر الثاني: أن الطحاوي نفسه يعرف أن الحديث ظاهر الدلالة على النهى حيث قال (ففي هذه الآثار المروية في هذا، إباحة صوم يوم السبت تطوعا، وهي أشهر وأظهر في أيدي العلماء من هذا الحديث الشاذ، الذي قد خالفها) انتهى.
فهو يحكم على الحديث بالشذوذ لان هناك احاديث تجيز صيام السبت , وهذا الحديث يخالفها اى يحرم صيامه , فحكم عليه بالشذوذ.
الامر الثالث:ان الاحناف اذا اطلقوا الكراهة فإنهم يريدون بها الكراهة التحريمية.
قال الالبانى فى تخذير الساجد (والكراهة عن الحنفية إذا أطلقت فهي للتحريم كما هو معروف لديهم) انتهى. وكما هو معلوم فالطحاوى كان حنفي المذهب.
الامر الرابع: أن السلف الصالح عامة كانوا يطلقون المكروه على كراهة التحريم , وأحيانا كانوا يقصدون بها كراهة التنزيه ولكن كانوا أكثر ما يطلقونها على الشيء المحرم فكانوا يطلقون المكروه على الشيء المحرم تورعا إذ الأصل عندهم في كلمة مكروه هي للتحريم.
قال ابن القيم في إعلام الموقعين (فالسلف كانوا يستعملون الكراهة في معناها الذي استعملت فيه في كلام الله ورسوله، ولكن المتأخرين اصطلحوا على تخصيص الكراهة بما ليس بمحرم وتركه أرجح من فعله ثم حصل من حمل منهم كلام الأئمة على الاصطلاح الحادث فقط، وأقبح غلطاً منه من حمل لفظ الكراهة أو لفظ لا ينبغي في كلام الله ورسوله على المعنى الاصطلاحي الحادث) انتهى.
وقال في بدائع الفوائد (وأما لفظة يكرهه الله تعالى ورسوله أو مكروه فأكثر ما تستعمل في المحرم وقد يستعمل في كراهة التنزيه) انتهى.
فاذا كانت اكثر ما تستخدم للتحريم كما قال ابن القيم وانها قد – وقد تفيد التقليل- تستخدم للتنزيه أفمن العدل أن نحملها على التحريم أم على التنزيه؟ , أعتقد أن حملها على التحريم هو الصواب الذي لا يقول بخلافه عاقل , ويزيده أن لفظ الحديث المقصود ظاهر الدلالة على التحريم , ويزيده ايضا ما يظهر من كلام الطحاوي السابق انه كان عالما بمراد الحديث ولذلك حكم عليه بالشذوذ لمخالفة الاحاديث المبيحة لصيام السبت , فهذه القرائن الثلاثة توضح وضوحا لا مجال للشك فيه على ان ما قصده الطحاوي من كلمة الكراهة هي الكراهة التحريمية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/58)
نقول هذا مع اننا قد قلنا سابقا في الوجه الاول أن الحديث حجة بنفسه لا يحتاج إلى الاحتجاج به أن يعرف أن أحد من الأئمة عمل به , بل ونقول ان من اهل العلم من عمل به ولكن لم نعرفه وهذا عين ما قاله ابن القيم في غير هذه المسألة (واعلم أنه قد قال به قائل قطعاً ولكن لم يصل إليك) انتهى.
• و ما نقل عن الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى في شرحه على زاد المستنقع (وأما السبت فقيل إنه كالأربعاء والثلاثاء يباح صومه. وقيل إنه لا يجوز إلا في الفريضة. وقيل إنه يجوز لكن بدون إفراد) انتهى.
ويزيد الامر وضوحا من أن الخلاف المقصود من كلام الشيخ العثيمين كان بين العلماء السابقين والمعاصرين وذلك عندما سئل الشيخ رحمه الله عن حكم صيام يوم السبت نفلاً أو فرضاً في غير رمضان , فقال (لا بأس به وأن الحديث الوارد فيه حديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة ومن شرط العمل بالحديث أن لا يكون شاذاً لأن عدم الشذوذ شرط لصحة الحديث ولكونه حسناً وما ليس بصحيح ولا حسن لا يجوز العمل به وإلى هذا ذهب جماعة من العلماء السابقين والمعاصرين ومنهم من قال إن صومه لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وقال: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ومنهم من فصل أو فرق بين أن يصومه منفرداً أو يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله) انتهى.
• ما نقل عن ابن رشد في كتابه بداية المجتهد حيث قال: (وأما الأيام المنهي عنها، فمنها أيضا متفق عليها، ومنها مختلف فيها. أما المتفق عليها فيوم الفطر ويوم الأضحى لثبوت النهي عن صيامهما. وأما المختلف فيها فأيام التشريق ويوم الشك ويوم الجمعة ويوم السبت والنصف الآخر من شعبان وصيام الدهر).
إلى أن قال: (وأما يوم السبت، فالسبب في اختلافهم فيه اختلافهم في تصحيح ما روي من أنه عليه الصلاة والسلام قال "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" أخرجه أبو داود، قالوا: والحديث منسوخ، نسخه حديث جويرية بنت الحارث "أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال: صمت أمس؟ فقالت: لا، فقال: تريدين أن تصومي غدا؟ قالت: لا، قال: فأفطري) انتهي كلامه.
القائلون بالجواز قالوا: نريد ان نعرف احدا بعينه من السلف قال بهذا القول؟
القائلون بالنهي قالوا: الجهل بالقائل لا يُغيِّر من المسألة شيئاً بعد أن ثبت الخلاف فيها، فليس معرفة القائل هو الأصل أو المراد وإنَّما معرفة أنَّ المسألة من مسائل الخلاف هو المراد. فليس من الواجب علينا ان نعرف أسماء المخالفين , فالمهم ان هناك من السلف من قال بذالك وهذا هو المطلوب , بل لعلَّ الجهل بالقائلين بالخلاف خير للباحث من حيث التجرد للحق ودفع الهوى الخفي من التعصب للقائل دون الحق.
وأخيراً اقول
هذا ما بدا لى فان كان الصواب فمن الله وحده وان كان غير ذلك فمني ومن الشيطان
فالخير أردت وخدمة الدين قصدت , وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنبت , رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ
وآخر القول نقول
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
(وكان بعضهم يعذر من خالفه في المسائل الاجتهادية، ولا يكلفه أن يوافقه فهمه)
ـ[ناصف]ــــــــ[03 - 03 - 06, 11:51 م]ـ
الاخ أبو سند أفدت وأجدت ووفقكم الله لكل خير
الاخ أبو البراء لعل لديكم شيء يستفاد منه بعد التسيق الممتع من الاخ ابي سند لانكم حفظكم الله من اشد الناس مشاركة في هذا الموضوع
وننتظر الفائدة من الجميع بعيدا عن التهويش
ـ[أبو عبد الله الساحلي]ــــــــ[06 - 03 - 06, 02:39 م]ـ
تعقيبات مهمة على مغالطات علمية
طبعاً الموضوع ليس فيه جديد ولكن هناك بعض التعقيبات على مغالطات علمية للأخ أبي سند أذكرها فيما يلي:
قوله:
((و قد صحح هذا الحديث الترمذي و الذهبي و الحاكم و النووي و أبو داوود و ابن خزيمة و ابن حبان و ابن السكن و الضياء المقدسي و ابن قدامة و ابن الملقن و الألباني , رحمهم الله جميعا ((
1ـ إن الترمذي لم يصحح الحديث أبدا ًوهذا نص كلامه في كتاب السنن:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/59)
741 حَدَّثَنَا حُمَيدُ بنُ مَسعَدَةَ أَخبرنَا سُفيَانُ بنُ حبيبٍ عن ثَورِ بنِ يزيدَ عن خالدِ بنِ مَعدَانَ عن عَبدِ الله بنِ بُسرٍ عن أُختِهِ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لا تصُومُوا يومَ السَّبتِ إِلاَّ فِيمَا افتُرِضَ عَلَيكُمْ، فإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُم إِلاَّ لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَو عُودَ شجرةٍ فليَمضُغهُ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حديثٌ حسنٌ. ومعنَى الكراهيةِ في هَذَا أَنْ يَختَصَّ الرَّجلُ يومَ السَّبتِ بصيامٍ، لأَنَّ اليهُودَ يُعَظِّمُونَ يومَ السَّبتِ. الترمذي 1\ 124
فمن المعلوم أن قول الترمذي عن الحديث إنه حسن شيء وقوله صحيح أو حس صحيح شيء آخر وهذا كلام الترمذي جاء في كتاب العلل للترمذي المطبوع مع السنن 5\ 758:
((قال أبو عيسى: وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن، فإنما اردنا حسن إسناده عندنا، كل حديث يروى لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب، ولا يكون الحديث شاذا ويروى من غير وجه نحو ذلك فهو عندنا حديث حسن)).انتهى
2ـ ثم هل تحتج أنت بتحسين الترمذي ـ وهو على رأيك تصحيح ـ فلماذا ترد تحسين الترمذي لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر: السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر: الثلاثاء والأربعاء والخميس) أخرجه الترمذي وحسنه
فتنقل أنت مايلي:
((قال العظيم آبادي في عون المعبود [7/ 50]: ((وقد طعن في هذا الحديث جماعة من الأئمة مالك بن أنس وابن شهاب الزهري والأوزاعي والنسائي، فلا تغتر بتحسين الترمذي وتصحيح الحاكم) انتهى.
فالحديث له علتان:
1 - الوقف.
2 - الإرسال.
فالحديث لا يصح مرفوعاً ولا موقوفاً. ولقد ضعفه للالباني رحمه الله تعالى.))
فترد هنا تحسين الترمذي وكنت قبل قد قبلته
ثم يزيد على ذلك أمراً عجيباً فأنت تستدل بتضعيف الإمام مالك والزهري و الأوزاعي والنسائي لحديث عائشة الذي يخالف مذهبك وهم أنفسهم قد ضعفوا حديث ((لا تصوموا يوم السبت))
قال مالك كذب ,قال الزهري قال الأوزاعي قال النسائي: حديث مضطرب
فبالله عليك كيف تحتج بتضعيفهم للحديث الأول ولا تلتفت إليهم في تضعيف الحديث الثاني؟!
3ـ وأما تصحيح أبي داود للحديث فلا أدري من أين جاء به الأخ أبو سند وهل مجرد إيراد أبي داود للحديث في سننه تصحيح له؟
و إلا لماذا صنف شيخك الألباني ما يسمى ((ضعيف سنن أبي داود))
ولماذا تأخذ بتصحيح أبي داود ـ إن سلمنا لك ذلك ـ ولا تأخذ بقوله: إن هذا الحديث منسوخ. هذا ما هو إلا انتقاء من أقوال أهل العلم ما يسند به حجتك وقد اطرد هذا الانتقاء في بحثك وفيما يلي مزيد بيان لهذا الانتقاء.
4ـ قولك إن الحاكم صحح الحديث ـ و ذكرك ذلك على سبيل الاحتجاج ـ لا يستقيم , فكيف تحتج بشطر كلام الحاكم ولا تتابع ما أعقب تصحيحه للحديث وهو قوله: وله معارض بإسناد صحيح وهذا نصه كما في المستدرك:
((عن عبد الله بن بسر السلمي، عن أخته الصماء:
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تصوموا يوم السبت، إلا فيما افترض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغها.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه.
وله معارض بإسناد صحيح: وقد أخرجاه من حديث همام، عن قتادة، عن أبي أيوب العتكي، عن جويرية بنت الحارث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها يوم الجمعة، وهي صائمة. فقال: صمت أمس؟. قالت: لا. قال: (فتريدين أن تصومي غدا؟) الحديث.
ثم صححه الحاكم ووافقه الذهبي أيضاً
5 - وما ذكر بشأن احتجاجك بتصحيح الذهبي لحديث لا تصوموا يوم السبت فهو قد صحح الحديث المعارض له كما تقدم منذ قليل فأخذت بالأول وتركت الثاني.
6ـ وكذلك القول في احتجاجك بتصحيح ابن خزيمة للحديث فهو نفسه صحح الحديث المعارض وهو حديث أم سلمة التالي:
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أَكْثرُ ما كان يَصُومُ من الأيامِ يَوْمُ السّبْتِ وَيْومُ الأحدِ. وكانَ يقُولُ: "إنهما يْوما عيدٍ للمشركين وأَنا أُريد أَنْ أُخالفهم" أَخرجهُ ابنُ خُزيْمَةَ وصححهُ.
وهذا قولك ((الوجه الاول: هذا الحديث ضعيف , وذلك لجهالة حال راويين عبدالله بن محمد بن عمر وأبيه، ولم يتابعا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/60)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد: (وفي صحة هذا الحديث نظر؛ فإنه من رواية محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب: وقد استنكر بعض حديثه) انتهى.
وهذا الحكم- ضعف الحديث - هو ما استقرَّ عليه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.))
ثم قلت)): نقول هذا على فرض صحة هذا الحديث و الأمر ليس كذلك فالحديث ضعيف ولا يصح ان يكون ناسخا لحديث ابن بسر الصحيح ((.
فقد أورد ابن خزيمة الحديث في صحيحه ومن قبل كنت قد استشهدت على صحة حديث ((لاتصوموا يوم السبت)) بأن ابن خزيمة صححه فما هو الضابط عندك في قبول تصحيح العالم للحديث فعندما يوافق تصحيح العالم لرأيك تقبل به وعندما يصحح العالم نفسه الحديث الذي يخالف رأيك ترده؟!.
ثم تترك أيضاً كلام ابن خزيمة في جواز صيام السبت إذا صام يوماً بعده حيث قال: ((باب الرخصة في يوم السبت إذا صام يوم الأحد بعده))
وكذلك استشهادك بكلام ابن القيم رحمه الله في تضعيف حديث أم سلمة ولم تأخذ بقوله في حديث السبت إنه غير محفوظ.
أعود إلى نفس السطر من كلامك:)) و قد صحح هذا الحديث الترمذي و الذهبي و الحاكم و النووي و أبو داوود و ابن خزيمة و ابن حبان و ابن السكن و الضياء المقدسي و ابن قدامة و ابن الملقن و الألباني , رحمهم الله جميعا.))
وهنا عدة عدة ملاحظات:
ـ عدم مراعات الترتيب الزمني في ذكر من صحح الحديث فقدم النووي على أبي داود والذهبي على الحاكم
ـ هل ابن قدامة من العلماء المعتمدين في تصحيح الروايات وتضعيفها؟ سؤال أود الإجابة عليه
ـ وهل يقبل الأخ بتصحيح النووي وابن السكن والضياء وابن الملقن؟؟ أم ينتقي من تصحيحاتهم ما يوافق عليه الشيخ الألباني وحسب!؟
ثم يتابع الأخ أبو سند الانتقاء من كلام العلماء فيقول:
((وقد بين شيخ الإسلام ان الحديث لا يحتمل الا النهي ولهذا قال في [الإقتضاء (ولا يقال: يحمل النهي على إفراده: لأنَّ لفظه "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" والاستثناء دليل التناول، وهذا يقتضي أنَّ الحديث يعم صومه على كل وجه؛ وإلا لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليستثنى فإنه لا إفراد فيه، فاستثناؤه دليل على دخول غيره، بخلاف يوم الجمعة فإنه بين أنه إنما نهى عن إفراده، وعلى هذا: فيكون الحديث إما شاذاً غير محفوظ، وإما منسوخا؛ ً وهذه طريقة قدماء أصحاب أحمد الذين صحبوه) انتهى.
كما قرر ذلك الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في حاشيته على سنن أبي داود (قوله في الحديث: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" دليل على: المنع من صومه في غير الفرض مفرداً أو مضافاً؛ لأنَّ الاستثناء دليل التناول، وهو يقتضي: أنَّ النهي عنه يتناول كل صور صومه إلا صورة الفرض، ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد؛ لقال: "لا تصوموا يوم السبت إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" كما قال في الجمعة!!، فلما خصَّ الصورة المأذون في صومها بالفرضية علم تناول النهي لما قابلها) انتهى.
وبعد ان توصل ابن القيم رحمه الله الى فهم الحديث حيث يوضح ان الحديث (يقتضي: أنَّ النهي عنه يتناول كل صور صومه إلا صورة الفرض) , يذهب إلى جواز صيام يوم السبت في غير الفرض؛ ويعلل ذلك فيقول (وقد ثبت صوم يوم السبت مع غيره بما تقدم من الأحاديث وغيرها؛ كقوله في يوم الجمعة "إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" فدلَّ على أنَّ الحديث غير محفوظ وأنه شاذ!!) انتهى.
فهو يحتج بشطر كلام ابن تيمية وابن القيم في أن الحديث لا يحمل إلا النهي ويترك كلامهما بأن الحديث منسوخ وغير محفوظ!!!!
يتبع = =
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[06 - 03 - 06, 05:14 م]ـ
كل ما ذكرته لا جديد فيه
وننتظر الفائدة من الجميع بعيدا عن التهويش
ـ[أبو عبد الله الساحلي]ــــــــ[07 - 03 - 06, 12:47 ص]ـ
سحان الله أجب عن النقاط التي ذكرتها ولا تتهرب من الإجابة وأظن لن تقدر عليها
ـ[أبو عبد الله الساحلي]ــــــــ[07 - 03 - 06, 12:50 ص]ـ
سبحان الله
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[08 - 03 - 06, 05:41 ص]ـ
أحسن الله إليك أخي الكريم أبا سند و أدعو الله عز وجل أن يعينك على أمور دينك و دنياك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/61)
أعتقد أنك قد وصلتَ إلى نهاية المطاف في هذا النقاش حيث ذكرتَ أن بحثك الأخير هو كل ما عندك حول الموضوع، فلا أملك حيال ذلك سوى أن أدعو الله عز و جل لي و لك و لإخواننا أن يهدينا في هذه المسألة و غيرها لما اختلف فيه من الحق بإذنه سبحانه فإنه عز و جل يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
الأخ الكريم ناصف و كل الأخوة المتابعين للموضوع، لقد كان النقاش يدور هنا حول نقاط الموضوع نقطة نقطة، و لكن الآن لم يعد هذا سائغاً فسوف أقوم بإجمال القول حول هذه المسألة ثم بعد ذلك أعلق على بعض ما جاء في البحث الأخير لأخينا الكريم أبي سند.
إن الكلام حول حرمة صيام السبت في النفل ينطلق من محورين، الأول هو مناقشة أدلة هذه الحرمة ً، الثاني إثبات سلف للقائلين بالحرمة أو نفيه.
أولاً- مناقشة أدلة الحرمة: إن خير من يعرض لنا أدلة هذه الحرمة هو الشيخ الألباني رحمه الله فكل من قال بالحرمة إنما قالها تبع له و قد قال رحمه الله في تمام المنة:
تمام المنة [جزء 1 - صفحة 406]
وتأويل الحديث بالنهي عن صوم السبت مفردا يأباه قوله: " إلا فيما افترض عليكم " فإنه كما قال ابن القيم في " تهذيب السنن ": " دليل على المنع من صومه في غير الفرض مفردا أو مضافا " لأن الاستثناء دليل التناول وهو يقتضي أن النهي عنه يتناول كل صور صومه إلا صورة الفرض ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد لقال: لا تصوموا يوم السبت إلا أن تصوموا يوما قبله أو يوما بعده كما قال في الجمعة فلما خص الصورة المأذون فيها صومها بالفريضة علم تناول النهي لما قابلها "
قلت: وأيضا لو كانت صورة الاقتران غير منهي عنها لكان استثناؤها في الحديث أولى من استثناء الفرض لأن شبهة شمول الحديث له أبعد من شموله لصورة الاقتران فإذا استثني الفرض وحده دل على عدم استثناء غيره كما لا يخفى، وإذ الأمر كذلك فالحديث مخالف للأحاديث المبيحة لصيام يوم السبت كحديث ابن عمرو الذي قبله ونحوه مما ذكره ابن القيم تحت هذا الحديث في بحث له قيم أفاض فيه في ذكر أقوال العلماء فيه وانتهى فيه إلى حمل النهي على إفراد يوم السبت بالصوم جمعا بينه وبين تلك الأحاديث وهو الذي ملت إليه في " الإرواء "
والذي أراه - والله أعلم - أن هذا الجمع جيد لولا أمران اثنان: الأول: مخالفته الصريحة للحديث على ما سبق نقله عن ابن القيم
والآخر: أن هناك مجالا آخر للتوفيق والجمع بينه وبين تلك الأحاديث إذا ما أردنا أن نلتزم القواعد العلمية المنصوص عليها في كتب الأصول ومنها: أولا: قولهم: إذا تعارض حاظر ومبيح قدم الحاظر على المبيح
ثانيا: إذا تعارض القول مع الفعل قدم القول على الفعل
ومن تأمل في تلك أحاديث المخالفة لهذا وجدها على نوعين: الأول: من فعله صلى الله عليه وسلم وصيامه
الآخر: من قوله صلى الله عليه وسلم كحديث ابن عمرو المتقدم
ومن الظاهر البين أن كلا منهما مبيح وحينئذ فالجمع بينها وبين الحديث يقتضي تقديم الحديث على هذا النوع لأنه حاظر وهي مبيحة
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم لجويرية: " أتريدين أن تصومي غدا " وما في معناه مبيح أيضا فيقدم الحديث عليه. هذا ما بدا لي فإن أصبت فمن الله وله الحمد على فضله وتوفيقه وإن أخطأت فمن نفسي وأستغفره من ذنبي.)
فيمكن تلخيص كلامه رحمه الله في نقاط:
1 - رد تأويل الحديث بالنهي عن صوم السبت مفرداً بل النهي يتناول كل صور صوم السبت في غير النفل.
2 - الحديث مخالف لأحاديث الإباحة.
3 - جمع ابن القيم بين حديث النهي و أحاديث الإباحة بحمل النهي على إفراد السبت بالصوم.
4 - أقر الشيخ رحمه الله بأن الجمع السابق جيد لولا أمرين الأول مخالفته الصريح لحديث النهي و الثاني أن هناك مجالاً آخر للتوفيق و الجمع كتقديم الحاظر على المبيح و القول على الفعل.
أما ما جاء في 1 و 2 فلا اعتراض عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/62)
أما ما جاء في 3 و 4 فابن القيم رحمه الله قد ذكر أكثر من مسلك للقائلين بالجمع بين حديث النهي و أحاديث الإباحة، المسلك الأول ذكره بقوله (يقال يمكن حمل النصوص الدالة على صومه على ما إذا صامه مع غيره وحديث النهي على صومه وحده وعلى هذا تتفق النصوص) و هذا المسلك فيه مخالفة صريحة لحديث النهي كما قال الشيخ الألباني رحمه الله و لذلك رده ابن القيم بقوله (وهذه طريقة جيدة لولا أن قوله في الحديث لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم دليل على المنع من صومه في غير الفرض مفردا أو مضافا لأن الاستثناء دليل التناول وهو يقتضي أن النهي عنه يتناول كل صور صومه إلا صورة الفرض ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد لقال لا تصوموا يوم السبت إلا أن تصوموا يوما قبله أو يوما بعده كما قال في الجمعة فلما خص الصورة المأذون في صومها بالفرضية علم تناول النهي لما قابلها)
لكن ابن القيم رحمه الله قد ذكر مسلكاً ثانياً للقائلين بالجمع و هؤلاء لا ينفون أن حديث النهي يدل على النهي عن صيام السبت في غير الفرض مفرداً أو مضافاً فهم لا يحملون الحديث بمفرده على النهي عن إفراد السبت بالصيام، لكنهم استفادوا هذا الحكم و هو توجه النهي إلى إفراد السبت من الأدلة الأخرى، و قد حكى ابن القيم رحمه الله مذهبهم هذا فقال (قالوا وأما قولكم إن الاستثناء دليل التناول إلى آخره فلا ريب أن الاستثناء أخرج صورة الفرض من عموم النهي فصورة الاقتران بما قبله أو بما بعده أخرجت بالدليل الذي تقدم فكلا الصورتين مخرج أما الفرض فبالمخرج المتصل وأما صومه مضافا فبالمخرج المنفصل فبقيت صورة الإفراد واللفظ متناول لها ولا مخرج لها من عمومه فيتعين حمله عليها)
و معنى هذا الكلام أن هذا الفريق يقر أن حديث النهي عن صيام السبت قد أخرج صورة صيام الفرض من عموم النهي و ذلك بالاستثناء في قوله " إلا فيما افترض عليكم " فبقيت كل صور صيام السبت في النفل منهياً عنها سواء منها إفراده بالصوم أو صومه مضافاً إلى غيره، لكن جاءت أحاديث أخرى أباحت صيام السبت مع يوم قبله أو بعده فاستثنت هذه الأحاديث صورة صيام السبت مضافاً من عموم النهي الوارد في الحديث.
و ملخص الكلام السابق أن حديث النهي عام في النهي عن صيام السبت على كل وجه و لكن قد جاء الحديث بمخصص لهذا العموم و هو استثناء الفرض، ثم جاءت أحاديث الإباحة لتخرج صورة أخرى من النهي و هي صورة الإضافة فكانت هذه الأحاديث مخصصة لحديث النهي، و بقيت صورة الإفراد لا مخرج لها من عموم النهي فتوجه النهي إليها، فهذا المسلك هو من باب حمل العام على الخاص و هو خال من المحذور الأول في كلام الشيخ الألباني رحمه الله و هو حمل الحديث على معنى فيه مخالفة صريحة له.
و هنا يجدر التنبيه إلى فرق دقيق بين مسلكي الجمع قد يخفى على البعض و هو أن المسلك الأول يتأول حديث النهي على أن المراد منه هو النهي عن الإفراد و هذا التأويل مخالف لنص الحديث، أما المسلك الثاني فهو يبقي الحديث على معناه و على عمومه و لكن يخرج منه بعض الصور بمخصصات بعضها من الحديث نفسه و بعضها الآخر من خارجه، و كلا المسلكين من طرق الجمع المعروفة إلا أن تطبيق الأول في مسألتنا خطأ لما سبق من المخالفة الصريحة للحديث، أما المسلك الثاني و هو حمل العام على الخاص فلا غبار عليه.
أما المحذور الثاني في كلام الشيخ رحمه الله و هو أن هناك مجالاً آخر للتوفيق والجمع بين الأحاديث وذلك باستخدام قاعدتين من قواعد أصول الفقه، أولاهما الحاظر مقدم على المبيح، والثانية القول مقدم على الفعل.
فهاتان قاعدتان من قواعد الترجيح وليستا من قواعد الجمع، فكيف يكون إعمالهما " مجالاً آخر للتوفيق والجمع "؟
إذا تقرر ذلك فمعلوم أن الترجيح لا يصار إليه إلا عند تعذر الجمع، قال الشوكاني في إرشاد الفحول276:
" ومن شروط الترجيح التي لا بد من اعتبارها أن لا يمكن الجمع بين المتعارضين بوجه مقبول فإن أمكن ذلك تعين المصير إليه و لم يجز المصير إلى التراجيح"
وقال النووي رحمه الله في شرح مسلم 3/ 155:
" ولا خلاف بين العلماء أنه إذا أمكن الجمع بين الأحاديث لا يصار إلى ترك بعضها بل يجب الجمع بينها والعمل بجميعها"
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/63)
وقد سبق قول الشيخ رحمه الله أن طريقة الجمع التي ذكرها ابن القيم في التهذيب جيدة ولكن يعكر عليها أمران أولهما: المخالفة الصريحة لحديث النهي، و الثاني: ورود القاعدتين المذكورتين. وقد مرت معنا قبل قليل طريقة في الجمع تخلو من المحذور في الأمر الأول الذي ذكره الشيخ، وهي الطريقة التي حمل بها العام على الخاص، فإذا كانت هذه الطريقة خالية من هذا المحذور كما ذكرنا فلا يبقى مجال للأمر الثاني الذي ذكره الشيخ، أعني به إعمال القاعدتين الأصوليتين: تقديم الحاظر على المبيح وتقديم القول على الفعل.
بعبارة أخرى فأنت أيها القارئ الكريم إذا كنت مقتنعاً بأن هاتين القاعدتين هما من قواعد الترجيح لا الجمع كما هو مبين في محله من كتب أصول الفقه، وكنت مقتنعاً كذلك بأن الجمع مقدم على الترجيح وهو كذلك بلا ريب، فيجب عليك عندما تمعن النظر في طريقة الجمع التي ذُكرت آنفاً أو غيرها أن تخلي ذهنك عن هاتين القاعدتين وعن كل قواعد الترجيح، فلا يكون المانع لك من تقبل طريقة الجمع هذه أو تلك هو أن تقول: الجمع بهذه الطريقة غير صحيح لأنه مُعارَضٌ بقاعدة الحاظر مقدم على المبيح أو قاعدة القول مقدم على الفعل، والسبب هو أنهما من قواعد الترجيح فلا يصح أن تُعارَضَ طريقة من طرق الجمع بأي قاعدة من قواعد الترجيح، لأننا بذلك نكون قد قدمنا ما حقه أن يؤخر و أخرنا ما حقه أن يقدم.
نعم لو أننا حاولنا الجمع بكل طرق الجمع الممكنة فتعذر ذلك لكون الجمع غير ممكن بواحدة من هذه الطرق، لا لوجود قاعدة من قواعد الترجيح تعارضها، فحينئذ ـ لا قبل ذلك ـ يمكن الانتقال للترجيح و ذلك بإعمال قواعد الترجيح المناسبة.
و لكن الجمع بطريقة صحيحة في مسألتنا بين حديث النهي و أحاديث الإباحة غير متعذر فوجب المصير إلى الجمع و عدم تجاوزه إلى الترجيح، و الشيخ رحمه الله إن فعل غير ذلك فهو بشر يخطئ و يصيب، و كل يؤخذ من قوله و يرد إلا رسول الله صلى الله عليه و سلم.
و بعد فهذا ما لدي الآن باختصار بخصوص أدلة الشيخ رحمه على حرمة صيام السبت في النفل، فعلى من أراد نقض الكلام السابق أن يأتي بما يدل على خطأ تطبيق طريقة الجمع المذكورة و هي حمل العام على الخاص في مسألتنا، و أن يأتي بما يدل على خطأ ما ذُكر بخصوص تقديم الجمع على الترجيح أو بخصوص كون القاعدتين اللتين اعتمدهما الشيخ رحمه الله من قواعد الترجيح لا من قواعد الجمع و التوفيق كما قال.
أما بخصوص سلف القائلين بالحرمة فأرجئ الكلام فيها للرد المفصل على البحث الأخير لأخينا أبي سند فعسى أن أفرغ منه قريباً بإذن الله.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[08 - 03 - 06, 06:43 ص]ـ
وقع خطأ في بداية المشاركة لزم التنبيه عليه
الخطأ فيمكن تلخيص كلامه رحمه الله في نقاط:
1 - رد تأويل الحديث بالنهي عن صوم السبت مفرداً بل النهي يتناول كل صور صوم السبت (في غير النفل).
الصواب (في غير الفرض)
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[08 - 03 - 06, 08:07 ص]ـ
ريثما ييسر الله عز و جل الفراغ من الرد المفصل على بحث أخينا الكريم أبي سند أنقل منه هذا الكلام الذي له تعلق بمحوري المسألة و كان هذا الكلام قد ذُكر مني و من غيري
قال ابن حزم رحمه الله في مراتب الإجماع
" وأجمعوا أن من تطوع بصيام يوم واحد ولم يكن يوم الشك، ولا اليوم الذي بعد النصف من شعبان، ولا يوم الجمعة، ولا أيام التشريق الثلاثة بعد يوم النحر: فإنه مأجور حاشا الامرأة ذات الزوج ".
إذاً أجمع المسلمون أن من تطوع بصيام السبت أنه مأجور وهذا يعني أنهم أجمعوا أن صوم السبت في النفل ليس بحرام.
و كان ابن حزم قد قال في مقدمة كتابه " و إنما ندخل في هذا الكتاب الإجماع التام الذي لا مخالف فيه البتة الذي يُعلم كما يُعلم أن صلاة الصبح في الأمن و الخوف ركعتان، و أن شهر رمضان هو الذي بين شوال و شعبان ... "
و قد تعقب ابن تيمية رحمه الله كتاب ابن حزم هذا فانتقده في مواضع ليس هذا منها، فهذا إقرار منه رحمه الله لهذا الإجماع فيستفاد من ذلك أن الإجماع منعقد على عدم حرمة صيام السبت في النفل منفرداً و إلا كيف يؤجر؟
لقد طالب الشيخ الألباني رحمه الله أن يأتيه معارضوه بمثل هذا الإجماع، و لم أقرأ أو أسمع أن أحداً عرض عليه هذا الكلام، و الذي يفهم من كلامه رحمه الله أنه كان سيرجع عن قوله بالحرمة لو أتاه مثل هذا الإجماع، ترى هل سنجد من إخوتنا الذين يقلدونه في المسألة إنصافاً و تجرداً فيسلموا لهذا الإجماع؟
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[08 - 03 - 06, 03:59 م]ـ
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله
إخوتي الكرام هذه دعوة لإصلاح ذات البين بين الأخوين الكريمين أبي سند و الساحلي فلا أحسب أن ما يدور بينهما يرضي الله عز و جل أو يرضي المؤمنين، و لستُ هنا في معرض تأييد أحدهما و تغليط الآخر و لكنني أدعوهما لفتح صفحة جديدة بينهما، و أذكر نفسي و كل إخواننا بقوله صلى الله عليه و سلم
(إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم)
و بقوله صلى الله عليه و سلم كما في سنن الترمذي
(ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا بلى قال صلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة
قال أبو عيسى هذا حديث صحيح ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين)
و بقوله عليه السلام
(لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر قال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة قال إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس)
و قد أمرنا الله عز و جل بالعدل حتى مع مع من نكن لهم البغض من الأعداء فكيف بإخواننا المسلمين بل كيف بمن يوافقنا منهم على المنهج و السبيل الذي ارتضاه الله عز و جل لهم؟
قال الله عز و جل {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون}
فأوصي نفسي و إخواني بالعدل و الإنصاف في الرضا و الغضب و ألا نكون عوناً للشيطان على أنفسنا و إخواننا
اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/64)
ـ[أبو عبد الله الساحلي]ــــــــ[09 - 03 - 06, 10:08 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكناني وأشكر لك مبادرتك هذه وما هي إلا دليل على حسن خلقك (ولا أزكيك على الله) وأسأل الله أن تكون كتاباتنا ومشاركاتنا خالصة لوجه الله.
في الحقيقة ما أحزنني هو بعد بعض طلبة العلم عن المنهج العلمي الأصيل وهي مشكلة قد ظهرت وانتشرت بين طلبة العلم الذين يدعون المنهج السلفي في تلقي العلم وأنا كنت قد كررت كلمة المنهج العلمي مرات عديدة في ردودي على الأخ محمد أبي سند وهذا مما يظهر أن المشكلة ليست بيني وبين الأخ بقدر ما هي مع منهجه الذي يسلكه في التلقي والاستدلال وهذا أمر يتاج إلى تفصيل وبيان لا يتسع المقام لبحثه الآن.
ومهما يكن فأنا أقبل دعوة الكريم الكناني التي دعا إليها اللهم رب جبريل ومكائيل وأسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب و الشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[10 - 03 - 06, 02:06 ص]ـ
أحسن الله إليك أخي الكريم الساحلي و جزاك الله خيراً
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[19 - 03 - 06, 04:28 م]ـ
أحسن الله للجميع و بارك فيهم ... فهذا تعليقي على كلام الأخ الكريم أبي سند كما وعدتُ، و إلا فإن أصل المسألة قد بحث بإيجاز في المشاركات من 71 ألى 73
قال الأخ الكريم
لقد تنازع أهل العلم سلفاً وخلفاً، في حكم صيام يوم السبت , وإذا كان الأمر كذلك، فالواجب رده إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم,
التنازع هو التخاصم و لا بد له من طرفين أو أكثر فيدلي هذا بحججه و ذاك بحججه، و نحن بلا شك مأمورون عند التنازع بالتحاكم إلى كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم فهما الحكمان العدلان بلا ريب.
إنه من المعلوم أن التنازع في العصر الحديث قد وقع حول حرمة صيام السبت فقال الشيخ الألباني رحمه الله به و أدلى بحججه و خالفه الآخرون و أدلوا بحججهم، فقول الأخ الكريم بخصوص تنازع أهل العلم خلفاً حول هذا الأمر صحيح.
أما تنازعهم سلفاً فما الدليل عليه؟ إن الأخ الكريم قد حاول جاهداً أن يثبت سلفاً للقائلين بالحرمة و أقصى ما أتى به هو عبارات لبعض أهل العلم قد يفهم منها ذلك و قد يفهم منها خلافه ـ و سنعرض للأمر في حينه ـ أما أن يقال أن السلف قد تنازعوا حول حرمة صيام السبت على المعنى الذي قدمناه فهذا يحتاج لدليل دونه خرط القتاد، و إلا فليذكر لنا الأخ الكريم أو من يوافقه نقاشاً دار حول هذه المسألة قديماً في أي كتاب من كتب أهل العلم.
نعم لقد تنازع أهل العلم قديماً في هذه المسألة على قولين الأول هو جواز صيام السبت في النفل مطلقاً و الثاني هو كراهة إفراده أو تخصيصه بالصيام، و لو أن الأخ الكريم أراد هذا التنازع لما علقنا على كلامه و لكن مراده غير ذلك فحسُن التنبيه.
فهذا الحديث يدل على تحريم صيام يوم السبت بثلاثة مؤكدات:
الأولى: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ) , والأصل في النهي التحريم ما لم يصرف إلى الكراهة أو الإباحة و لا صارف.
أما الصارف فهو الكثرة المتكاثرة من الأحاديث المبيحة لصيام السبت إما بالنص عليه أو بدخوله تحت عموم الحث على الصيام مطلقاً أو تحت عموم الحث على صيام أيام قد يكون السبت واحداً منها. فورود هذه الأحاديث الدالة على الإباحة أو الاستحباب أضعفت دلالة حديث النهي على التحريم ونقلتها إلى الكراهة، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ج27/ 201:
(المقرر عند عامة الأصوليين أن النهي عن الشيء قاضٍ بتحريمه أو كراهته على حسب مقتضى الأدلة)
و قال رحمه الله في الاقتضاء (واحتج الأثرم بما دل من النصوص المتواترة على صوم يوم السبت) فأقل ما يقال في هذا المقام هو أن إباحة صيام السبت قد تواترت تواتراً معنوياً، فيحمل النهي في الحديث على الكراهة جمعاً بين الأدلة.
هذا و يمكن أن يضاف إلى ذلك فتوى عبد الله بن بسر رضي الله عنه راوي الحديث إذ نفى الإثم عن صائم يوم السبت بقوله " و لا عليك " و هذا دليل على أنه لم يفهم من الحديث حرمة الصيام، و فهمه و هو راوي الحديث مقدم على فهم غيره إذ لا يعلم له مخالف لا من الصحابة و لا من جاء بعدهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/65)
إنني في الحقيقة لا أدري كيف يمكن أن نستسيغ أن يكون كل أولئك العلماء الأجلاء بدءاً من الترمذي رحمه الله ـ و هو أول من نُقِل عنه قبول الحديث بتحسينه له ـ إلى مشايخنا المعاصرين رحم الله ميتهم و حفظ حيهم قد تتابعوا على هذا الخطأ الذي يفترض ألا يقع فيه طلاب العلم المبتدؤون فصرفوا النهي في الحديث من الحرمة إلى الكراهة بلا صارف ثم نأتي نحن فنكتشف هذا الخطأ لنصححه!
أليس من الأجدر بنا أن نحسن الظن بعلماء الأمة عبر القرون و أنهم ما كانوا ليحيدوا عن أصول العلم التي حفظوها لنا و نقلوها خلفاً عن سلف و أنهم ما كانوا ليغفلوا جميعاً عن هذا الخطأ؟
الثانية: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) , و إلا تفيد الحصر فلا يدخل غير المحصور
في حديث النهي لا يدخل إلا المحصور هذا صحيح، أما باقي الحالات التي يجوز فيها صيام السبت فتدخل بأحاديث أخرى و مثل ذلك الصلاة في الأوقات المكروهة قال الشيخ الألباني رحمه الله في الشريط 53 من سلسلة الهدى و النور: " كيف التوفيق بين لا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس [يعني مع حديث تحية المسجد]؟ ... فإن قلتَ لا أصلي تمسكاً بهذا الحديث جاءك حديث آخر إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ... فيصبح الأمر: لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس و لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس إلا، فيه [أي يوجد] استثناء، الاستثناءات كثيرة وكثيرة جداً" ثم ذكر رحمه الله أحاديث تدل على هذه الاستثناءات ثم قال:" لذلك العلماء المحققون جاؤوا بقاعدة تجمع بين الأحاديث الواردة في هذه القضية، قالوا الصلاة المنهي عنها في الأوقات المكروهة هي النوافل المطلقة أما النوافل التي لها أسباب فلا تكره ... "، فالشيخ رحمه الله أدخل من كلامه استثناء على أحاديث النهي عن الصلاة في أوقات الكراهة استفاده من الأحاديث الأخرى، والعلماء الذين قالوا بتوجه النهي في حديث السبت لإفراده أدخلوا استثناءات استفادوها من أحاديث أخرى كذلك.
و هو قوله افترض عليكم و هو رمضان و الكفارات و النذور و القضاء , وكل ما فرض صيامه فلو صادف السبت احد هذه المفروضات فلا مانع من صيامه.
و هل يقول الأخ الكريم بجواز نذر صيام يوم العيد؟ الشيخ رحمه الله يقول أن نذر صيام السبت نذر معصية فهل يجوز الوفاء بنذر المعصية عند الأخ الكريم؟
و تحت رده على قول الإمام مالك عن الحديث أنه كذب قال:
و قد صحح هذا الحديث الترمذي و الذهبي و الحاكم و النووي و أبو داوود و ابن خزيمة و ابن حبان و ابن السكن و الضياء المقدسي و ابن قدامة و ابن الملقن و الألباني , رحمهم الله جميعا.
الترمذي لم يصححه بل حسنه، و أبو داود قال منسوخ و هذا و إن كان يعني أنه يصحح سنده إلا أنه ليس من جملة المقبول عنده بسبب النسخ فعده من جملة المصححين دون بيان ذلك خطأ ظاهر.
من جهة أخرى فإذا أردنا أن نتحرى العدل و الإنصاف في هذه المناظرة المفترضة فيجب أن نعرض للرأيين دون تقوية لأحدهما على الآخر بلا مبرر، فعندما نريد بيان خطأ قول الإمام مالك رحمه الله فيكفي أن نأتي بما يبين ذلك، أما إن تجاوزنا ذلك و عرضنا أسماء من قال بتصحيح الحديث فالعدل و الإنصاف يقضيان بعرض أسماء المضعفين و إلا كان ذلك إجحافاً يشي بما سيكون عليه الحال في هذه المناظرة من بدايتها، فجبراً لهذا الخلل هاكم أسماء من لم يقبلوا هذا الحديث إما لضعفه أو نسخه أو شذوذه:
1. ابن شهاب الزهري (ت 124) قال: حديث حمصي ولم يعده حديثاً كما قال الطحاوي.
2. الأوزاعي (ت 157) قال: ما زلت له كاتماً حتى رأيته انتشر.
3. مالك بن أنس (ت 179) قال: هذا كذب.
4. يحيى بن سعيد القطان (ت 194) أبى أن يحدث الإمامَ أحمد به وكان ينفيه.
5. أحمد بن حنبل (ت 241) وقد نقل عنه ذلك الأثرم كما في الاقتضاء لابن تيمية.
6. أبو بكر بن الأثرم (ت 261) قال: شاذ أو منسوخ كما في الاقتضاء.
7. أبو داود (ت 275) قال: منسوخ، نسخه حديث جويرية.
8. النسائي (ت 303) قال: مضطرب.
9. الطحاوي (ت 321) قال: شاذ.
10. ابن العربي (ت 543) قال: لم يصح فيه الحديث.
11. ابن تيمية (ت 728) قال في الاقتضاء: شاذ أو منسوخ.
12. ابن القيم (ت 751) قال في تهذيب السنن: شاذ أو منسوخ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/66)
13. ابن مفلح (ت 762) ويفهم من كلامه في الفروع ميله لاختيار ابن تيمية و أنه شاذ أو منسوخ.
14. ابن حجر (ت 852) قال: مضطرب.
15. ومن المعاصرين العلامة ابن باز فقال: منسوخ أوشاذ، رحمة الله على الجميع.
و في ضوء هذا السرد نستطيع الحكم على قول النووي رحمه الله (وقد صححه الأئمة)!!
القائلون بالنهي قالوا: بل الحديث صحيح وعلة الاضطراب لا توجد في هذا الحديث ولهذا قال ابن حجر في التلخيص " ج 938 " (لكن هذا التلون في الحديث الواحد بالإسناد الواحد مع اتحاد المخرج يوهن راويه، وينبئ بقلة ضبطه، إلا أن يكون من الحفاظ المكثرين المعروفين بجمع طرق الحديث فلا يكون ذلك دالا على قلة ضبطه، وليس الأمر هنا هكذا، بل اختلف فيه أيضا على الراوي عن عبد الله بن بسر أيضا) أ.هـ.
قال الالبانى: في " الارواء 960 ":
(هذا الحديث صحيح وغير مضطرب ...
ابن حجر هنا يقرر اضطراب الحديث فكيف يؤتى بكلامه هذا للاستشهاد على صحة الحديث و عدم وجود علة الاضطراب؟!!
رداً على دعوى النسخ قال الأخ الكريم:
• وأما الامر الثاني: حديث جويرية بنت الحارث أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: (صمت أمس؟ فقالت: لا، فقال: "تريدين أن تصومي غداً؟ "، قالت: لا، قال: فافطري) البخاري.
قال الألباني: (من صام يوم الجمعة دون الخميس فعليه أن يصوم السبت و هذا فرض لينجو من إثم مخالفة الإفراد ليوم الجمعة فهو في هذه الحالة داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث السبت:إلا فيما افترض عليكم، و لكن هذا إنما لمن صام الجمعة و هو غافل عن النهي عن إفراده، أما من كان على علم بالنهي فليس له أن يصومه لأنه في هذه الحالة يصوم ما لا يجب أو يفرض عليه – فلا يدخل – و الحالة هذه تحت العموم المذكور و منه يعرف الجواب عما إذا اتفق يوم الجمعة مع يوم فضيلة فلا يجوز إفراده كما لو وافق ذلك يوم السبت لأنه ليس ذلك فرضاً عليه) انتهى.
1 - هذا الكلام من الشيخ رحمه الله يعارضه كلام آخر له حيث قال في الشريط 380 د:29 " قلتُ آنفاً يمكن أن يقال صوم يوم الجمعة مع صوم يوم السبت مستثنى، لكن هل هذا تخريج صحيح من الناحية العلمية الأصولية؟ الجواب: لا، لأن الإذن بصوم يوم السبت مع الجمعة هو إذن وليس من باب الإيجاب، فليس هناك فرق أن تصوم يوم عرفة أو يوم عاشوراء إذا كان يوم سبت وبين أن تصوم يوم السبت مع يوم الجمعة لأن كل من هذه الصيامات إن صح التعبير داخل في الإباحة وداخل في الإذن، و إذا تعارض المبيح مع الحاظر قدم الحاظر على المبيح ".
2 - هذا الكلام من الشيخ رحمه الله فهم متفرد لحديث جويرية رضي الله عنها و فيه مخالفة صريحة لنص الحديث، فالشيخ رحمه الله يقول (من صام يوم الجمعة دون الخميس فعليه أن يصوم السبت و هذا فرض لينجو من إثم مخالفة الإفراد ليوم الجمعة فهو في هذه الحالة داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث السبت:إلا فيما افترض عليكم، و لكن هذا إنما لمن صام الجمعة و هو غافل عن النهي عن إفراده ... ) فجويرية رضي الله عنها صامت الجمعة دون الخميس و هي غافلة عن النهي عن إفراده فلا يتصور منها رضي الله عنها أن تتعمد إفراد الجمعة و هي عالمة بالنهي، و مع ذلك فالنبي صلى الله عليه و سلم لم يأمرها بصيام السبت [رغم أنه كان مباحاً على مذهب الشيخ حيث يقول في الشريط (234): " ما كان يدري أن الوحي سيأتي فيما بعد بالنهي عن صيام السبت " ـ فكيف لو كان محرماً ـ؟!!] لتنجو من إثم مخالفة إفراد الجمعة كما يقول الشيخ بل أمرها بالإفطار و بهذا يُعلم خطأ كلام الشيخ السابق.
فإن لم ترضوا بهذا الجمع: فاعلموا أنَّ الأدلة متعارضة؛ وحينئذ لا بدَّ من التسليم لقواعد الترجيح: كقاعدة "المنطوق مقدَّم على المفهوم" ...
أقول: أي جمع؟ إنه الجمع بين حديث جويرية و حديث السبت في حالة نادرة بل هي أندر من الكبريت الأحمر، فالصائم فيها يعتقد حرمة صيام السبت و لا يعلم بالنهي عن إفراد الجمعة ثم بعد أن صامه علم بالنهي عن إفراده و تبنى القول بالحرمة خلافاً للجمهور، فهل العلماء عدوا التعارض بين الحديثين واقع فقط في هذه الحال النادرة؟!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/67)
من جهة أخرى فإن عبارة الأخ الكريم السابقة غير دقيقة من الناحية العلمية، لأن فيها إلزاماً للمخالف بطريقة جمع خصمه فإما أن يقبل بها و إما أن يُلزَم بالترجيح و في هذا ما فيه، و مثله قوله لاحقاً (فإما ان يجمع بينها بما تقدم , وإما ان يرجح بالقواعد السالفة الذكر)
بل الصواب الموافق لقواعد العلم أن يقال: الأدلة متعارضة فإن لم يمكن الجمع بالطريقة المذكورة أو بغيرها من طرق الجمع فحينئذ لابد من الترجيح.
و لايخفى على القارئ الكريم أن الذين جمعوا بين هذين الحديثين من القائلين بكراهة الإفراد لم يجمعوا بالطريقة السابقة بل بأخرى ـ تذكر في مكانها إن شاء الله ـ فكان على الأخ الكريم أن يفندها قبل أن يلزم مخالفه بالترجيح بقاعدة المنطوق مقدم على المفهوم أو غيرها من قواعد الترجيح.
و في سياق جوابه على دعوى شذوذ حديث السبت قال:
أما عن باقي الاحاديث الدالة على استحباب صيام بعض الايام والتي قد يقع السبت فيها فالجواب عليها يكون بسؤال لكم فنقول:
ماذا لو وافق يوم العيد يوم الخميس أو يوم الاثنين؟؟
ثم جاء بكلام طويل خلاصتُه أن القائلين بعدم الحرمة لا يجيزون صيام الإثنين و الخميس إن وافقا يوم عيد لأن يوم العيد منهي عن صيامه، قال الأخ الكريم: و جوابنا كجوابكم فيوم السبت منهي عنه كذلك
الجواب:
المسألة ليست بهذه الصورة المبسطة، فالأخ الكريم لم يبين لنا لماذا قدم من يخالفهم النهي عن صيام العيد على استحباب صوم الإثنين و الخميس، و كنتُ قد تعرضتُ لهذه المسألة فكان مما قلتُه
صيام يوم الإثنين والخميس إذا وافق يوم عيد:
وهذا تابع لقاعدة الحاظر و المبيح، وملخصه أن الشيخ رحمه الله قد ألزم القائلين بكراهة إفراد السبت بالصيام، بتقديم الحاظر في هذه المسألة على المبيح والقول بالتالي بحرمة صيام السبت في غير الفريضة بناء على كونهم يقولون بحرمة صوم يوم العيد إذا صادف يوم إثنين أو خميس وهما يومان يستحب صومهما، وما ذلك إلا تطبيقاً منهم لقاعدة الحاظر مقدم على المبيح كما صرحوا بذلك، إذ إن يوم العيد منهي عن صيامه، فكما قدم النهي هنا على إباحة أو استحباب صيام الإثنين والخميس فكذلك يقدم نهيه صلى الله عليه وسلم عن صوم السبت على إباحته صيامه، والجواب عن ذلك هو أن النهي عن صيام يومي العيد يفارق النهي عن صيام السبت من وجوه، فمنها:
1. كل من يومي العيد لا يمر سوى مرة واحدة في العام وقد يصادف يوم إثنين أو خميس و قد لا يصادفه فاحتمال حدوث تعارض بين النهي عن صيام يومي العيد وإباحة صيام الإثنين أو الخميس احتمال ضعيف لا يزيد عن مرتين في العام و قد يكون معدوماً، بينما التعارض بين النهي و الإباحة في صيام السبت يتكرر كل أسبوع كما لا يخفى.
قال الشيخ رحمه الله في الشريط 380: صوم الإثنين والخميس أمر عام أي كلما تردد يوم الإثنين بتردد الأسبوع وكذلك الخميس، استحب للمسلم أن يصومهما فكأن هذا نص عام فإذا جاء النهي [أي عن صومهما يوم العيد] فذلك من باب الاستثناء للقليل من الكثير و هذا من جملة الطرق التي يوفق العلماء بها بين الأحاديث التي يظهر التعارض بينها أحياناً، إذاً الأصل الحض على صوم يوم الإثنين والخميس فإذا تعارض هذا الأصل مع نهي عارض ـ هنا يعرض يوم السبت وهناك يعرض يوم العيد ـ فقدمنا العارض على الأصل جمعاً بين النصوص، لهذا أنا أقول بأنه لا إشكال إطلاقاً في إعمال هذا الحديث [حديث النهي عن صوم السبت] على عمومه.
الجواب: * استثناء القليل من الكثير ينطبق على العيد فهو قليل والإثنين أو الخميس كثير فالنهي عن صيامهما إذا وافقا يوم عيد نهي عارض كما ذكر الشيخ، أما النهي عن صوم يوم السبت فليس عارضاً لأنه يتكرر كل أسبوع فيتعارض النهي و الإباحة كل أسبوع، فلا ينطبق عليه استثناء القليل من الكثير.
* تقديم العارض على الأصل هو من باب الترجيح أيضاً و ليس من باب الجمع والتوفيق، فلا يصار إليه إلا عند تعذر الجمع وهو غير متعذر في مسألة السبت.
2. من أثر الفرق السابق أن المعارضة بين النهي والإباحة في السبت قوية، بينما المعارضة بينهما في مثال العيد لا تكاد تذكر، وهذا ما جعل العلماء يبحثون عن أدنى قدر ممكن لدرء هذا التعارض بالنسبة ليوم السبت لعظم أثر هذا التعارض، بينما أثره في مثال العيد لا يكاد يذكر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/68)
3. يمكن القول أن القول بحرمة صيام الإثنين أو الخميس إن صادفا يوم عيد ليس من قبيل تقديم الحاظر على المبيح وهي من قواعد الترجيح، بل من باب تخصيص العام، وهو من طرق الجمع المقدم على الترجيح، فأدلة إباحة صيام الإثنين و الخميس عامة تشمل كل إثنين وخميس، أما أدلة النهي عن صيام العيد فخصصت ذلك العام، فأخرجت صورة موافقة الإثنين أو الخميس ليوم العيد من الإباحة إلى التحريم، فاتفق قدراً أن كان المخصص حاظراً و العام مبيحاً، و أما في مسألة صوم السبت فالعام هو الحاظر (و هو حديث النهي) والمخصص هو المبيح.
4. إن قيل لا بل تحريم صيام الإثنين أو الخميس إن صادفا يومي العيد هو من باب تقديم الحاظر على المبيح و استثناء القليل من الكثير، قلنا فإنا لا نعلم طريقاً للجمع غير ما ذكرنا في النقطة السابقة فإن كانت غير مقبولة فالانتقال لقواعد الترجيح لا إشكال فيه لتعذر الجمع، بينما الجمع في صيام السبت ممكن فلم نحتج لقواعد الترجيح.
5. الإجماع منعقد على حرمة صيام يومي العيد، بينما حرمة صيام السبت في النفل لم يقل بها أحد قبل الشيخ الألباني رحمه الله.
و فرق بين العبارة السابقة في (5) و بين نسبة الأخ لمخالفيه قولهم ثالثاً: النهي عن صيامهما قد شاع وذاع في الأخبار،و مجمعٌ على حرمة صيامهما , أما السبت فمختلف فيه.
فالسبب الذي قلتم فيه بعدم جواز صيام يوم العيد اذا وافق يوما يستحب صيامه هو نفس السبب الذي قلنا به بعدم جواز صيام يوم السبت اذا ما وافق يوما يستحب صيامه.
ثم إنَّ هذه الأدلة الدالة على استحباب تلك الأيام عامة؛ اى أنَّها على مدار أيام السنة؛ وحديث: (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم) خاص في حكم صيام يوم السبت؛ فيكون الجمع أنَّ هذه الأيام يشرع صيامها على مدار أيام السنة إلا في أوقات النهي؛ ومنها يوم السبت , فتكون هذه الاحاديث عامة وخصصت بحديث السبت فيحمل العام على الخاص وهذه طريقة الجمع بين الأدلة.
كما قيل الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فما علاقة يوم عرفة و يوم عاشوراء و ست شوال و صيام شعبان بالعموم الذي ذكره الأخ الكريم بقوله عامة؛ اى أنَّها على مدار أيام السنة؛؟
و هل تأتي هذه الأوقات إلا مرة واحدة في السنة؟!!
لا شك أن بعض هذه الأيام التي يستحب صومها تتكرر على مدار السنة و ما ذاك في حقيقة الأمر إلا لتكررها كل أسبوع كالإثنين و الخميس أو كل شهر كالأيام البيض فإن كانت أدلة استحباب صيام هذه الأيام عامة باعتبار التكرر على مدار السنة فماذا عن الأوقات الأخرى التي يستحب صومها و لا تأتي إلا مرة كل سنة؟
من جهة أخرى فإن حديث النهي عن صيام السبت بهذا الاعتبار ـ أعني التكرر على مدار السنة ـ عام أيضاً كما لا يخفى إذ السبت يتكرر كل أسبوع.
إن العموم الذي يستفاد من كل أدلة استحباب الصيام المذكورة مما له تعلق بمسألتنا هو أنه يستحب صيام يوم السبت ـ لا بخصوصه كيوم سبت و لكن كغيره من الأيام ـ كلما صادف وقتاً من هذه الأوقات التي يستحب صومها، و حيث إنه قد جاء حديث النهي عن صوم السبت عاماً أيضاً في كل سبت إلا ما استثني بالحديث وهو ما افترض عليكم، فهنا و قع التعارض بين الأدلة فلذلك قال ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن عند كلامه عن حديث السبت
(فلا ريب أن الاستثناء [أي بقول إلا فيما افترض عليكم] أخرج صورة الفرض من عموم النهي فصورة الاقتران بما قبله أو بما بعده أخرجت بالدليل الذي تقدم [أي أحاديث الإباحة أو الاستحباب] فكلا الصورتين مُخرَج أما الفرض فبالمخِرج المتصل [أي الاستثناء] وأما صومه مضافا فبالمخِرج المنفصل [أي أحاديث الإباحة] فبقيت صورة الإفراد واللفظ متناول لها ولا مخرج لها من عمومه فيتعين حمله عليها)
وهذه هي طريقة الجمع التي سبقت الإشارة إليها فإن كانت مقبولة فقد تم حل الإشكال و ظهر أنه يكره إفراد السبت في غير الفرض بالصيام، أما إن كانت غير مقبولة فليبين لنا المخالفون اعتراضاتهم للنظر فيها.
أما الأخ الكريم فقال فتكون هذه الاحاديث عامة وخصصت بحديث السبت فيحمل العام على الخاص وهذه طريقة الجمع بين الأدلة.
فبقوله ـ على ما فيه مما سبق بيانه ـ نأخذ أم بقول أهل العلم الموافق لقواعدهم كما نقله ابن القيم رحمه الله؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/69)
بخلاف يوم السبت فثبت أن النبي - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - أمر بصيامه لمن صام الجمعة ولم يصم الخميس ,
سبحان الله! أين ثبت هذا؟
فنقول أما أمره بصيام يوم السبت لمن صام الجمعة فهذا صحيح ,
بل غير صحيح! أين أمر النبي صلى الله عليه و سلم بصيام السبت لمن صام الجمعة دون الخميس؟ إن أراد الأخ الكريم حديث جويرية رضي الله عنها فليس فيه هذا الأمر بصيام السبت بل فيه الأمر بإفطار الجمعة ما دامت لا تريد صيام السبت!!!
•واما بخصوص ان النهي عن صيام يومي العيد قد شاع وذاع في الأخبار فهذا غير لازم , فان الكثرة ليست معيارا للصحة وعدمه فهذا خروج عن الموضوع؛
هذا الكلام على إطلاقه لا يصح، لأن الحديث الصحيح إذا شاع و ذاع و تُلقي بالقبول فإنه يزداد قوة و لهذا فإن أعلى درجات الصحيح هي ما اتفق عليه الشيخان و ما ذاك إلا لأن كتابيهما قد شاعا و ذاعا و تلقتهما الأمة بالقبول لذا فإن ما صح في أحدهما يقدم على ما كان على شرطهما مجتمعين في غيرهما.
من جهة أخرى فمن الذي جعل ذيوع أخبار النهي عن صيام العيد أو النهي عن صيام السبت معياراً للصحة أو عدمها؟
واما ان يومي العيد مجمعٌ على حرمة صيامهما ,وان السبت مختلف فيه فان هذا الأمر يجر إلى أمر أعظم منه ألا وهو عدم العمل بدلالة النص إلا إذا اجتمع أهل العلم على القول به، وهذا يعني تعطيل العمل بالكثير من النصوص لعدم الإجماع عليها؛ ذلك لأنَّكم فرقتم في الحكم بين حالتين متشابهتين لا لشيء إلا لكون إحداهما مجمعٌ عليها والأخرى مختلف فيها.
الأخ الكريم قال عند ذكر قول مخالفيه في التفرقة بين النهي عن صوم يومي العيدين و النهي عن صوم السبت:
(ثالثاً: النهي عن صيامهما قد شاع وذاع في الأخبار،و مجمعٌ على حرمة صيامهما , أما السبت فمختلف فيه.
فهذه الفروق تَرُدُّ على من أراد التسوية بين النهي عن صيام يومي العيدين وبين النهي عن صيام السبت.)
فهو ينسب لمخالفيه القول أن هذه الفروق ترد على من أراد التسوية بين النهيين، ثم هو يرد على أمر آخر رغم أنه هو من افترض هذا الفرض فتراه يقول: (واما ان يومي العيد مجمعٌ على حرمة صيامهما ,وان السبت مختلف فيه فان هذا الأمر يجر إلى أمر أعظم منه ألا وهو عدم العمل بدلالة النص إلا إذا اجتمع أهل العلم على القول به، وهذا يعني تعطيل العمل بالكثير من النصوص لعدم الإجماع عليها)
فهل في أهل الإسلام من يشترط الإجماع في مسألة ما حتى يُعمل بها؟
من جهة أخرى فإن الإجماع الصحيح دليل شرعي بذاته لا يحل لأحد أن يخالفه فمن خالفه بعد أن ظهر له فقد عرض نفسه للوعيد في قوله سبحانه و تعالى {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 115]
فالفرق بين المسائل المجمع عليها و تلك المختلف فيها بهذا الاعتبار ظاهر.
و رداً على سؤال
فمن قال بقولكم في هذه المسالة , ومن فهم من السلف أن هذا الحديث يدل على حرمة صيام يوم السبت.
قال الأخ الكريم:
وقد بين شيخ الإسلام ان الحديث لا يحتمل الا النهي
و هل قال أحد غير ذلك، هل قلنا مثلاً أن الحديث يحتمل الإباحة أو الأمر؟ فهلا قال الأخ الكريم (لا يحتمل إلا الحرمة)! أم خشي أن يَنسِبَ لابن تيمية قولاً يعلم الجميع أنه رحمه الله لا يقول به؟!!
الإشكال الكبير أن يظن بعض الأخوة أن العلماء الذين ناقشوا مسألة صيام السبت في كتبهم كانوا يأخذون بعين الاعتبار أن هناك من قال بالحرمة! و الإشكال الأكبر أن يظنوا أن هؤلاء العلماء كانوا يناقشون أدلة القائلين بالحرمة!
إن كل ما نقله الأخ الكريم إنما فيه قول ابن تيمية أو ابن القيم (النهي .. النهي) و ليس فيه الحرمة لا من قريب و لا من بعيد، فليعلم الأخ الكريم أن كل هذا النقاش الذي نقله عنهما رحمهما الله إنما يتعلق بالإفراد أو عدمه و لا علاقة له بالحرمة أو الكراهة البتة وهذا واضح لمن يقرأ الكلام حتى إن اقتصر على ما وضع الأخ تحته الخطوط، و و الله إنه لمن العسير شرح الواضحات لذا سأكتفي بتغيير لون ما يبين هذا الأمر الواضح من كلام الإمامين مما لم يضع الأخ الكريم تحته خطاً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/70)
ولهذا قال في [الإقتضاء (ولا يقال: يحمل النهي على إفراده: لأنَّ لفظه "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" والاستثناء دليل التناول، وهذا يقتضي أنَّ الحديث يعم صومه على كل وجه؛ (وإلا لو أريد إفراده) لما دخل الصوم المفروض ليستثنى فإنه (لا إفراد فيه)، فاستثناؤه دليل على دخول غيره، (بخلاف يوم الجمعة فإنه بين أنه إنما نهى عن إفراده)، وعلى هذا: فيكون الحديث إما شاذاً غير محفوظ، وإما منسوخا؛ ً وهذه طريقة قدماء أصحاب أحمد الذين صحبوه) انتهى.
كما قرر ذلك الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في حاشيته على سنن أبي داود (قوله في الحديث: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" دليل على: المنع من صومه في غير الفرض (مفرداً أو مضافاً؛ لأنَّ الاستثناء دليل التناول، وهو يقتضي: أنَّ النهي عنه يتناول كل صور صومه إلا صورة الفرض، (ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد)؛ لقال: "لا تصوموا يوم السبت (إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" كما قال في الجمعة!!)، فلما خصَّ الصورة المأذون في صومها بالفرضية علم تناول النهي لما قابلها) انتهى.
و لتبيين أن النقاش هو حول الإفراد أو عدمه و ليس حول الحرمة أو الكراهة كما يوحي كلام الأخ الكريم أقول: قد ذكر ابن القيم رحمه الله في نهاية بحثه في الحاشية حديث كريب في صوم السبت و الأحد و حديث عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر السبت والأحد والإثنين ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس، ثم قال: (وهذان الحديثان ليسا بحجة على من كره إفراد السبت بالصوم) أي أن هذين الحديثين لا يصحان حجة للقائلين بالجواز مطلقاً كي يحجوا بهما القائلين بكراهة الإفراد لأن هذين الحديثين ليس فيهما صيام السبت منفرداً بل مضافاً إلى غيره، و تجد مثل هذا الكلام في الاقتضاء أيضاً.
وبعد ان توصل ابن القيم رحمه الله الى فهم الحديث حيث يوضح ان الحديث (يقتضي: أنَّ النهي عنه يتناول كل صور صومه إلا صورة الفرض)
هذا بتر مخل لكلامه رحمه الله فهو يتحدث عن الصور التي يتناولها النهي و أنها تشمل صيام السبت في غير الفريضة مفرداً أو غير ذلك و لا يتحدث عن دلالة هذا النهي على التحريم كما يحاول الأخ الكريم أن يوحي للقارئ!
, يذهب إلى جواز صيام يوم السبت في غير الفرض؛ ويعلل ذلك فيقول (وقد ثبت صوم يوم السبت مع غيره بما تقدم من الأحاديث وغيرها؛ كقوله في يوم الجمعة "إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" فدلَّ على أنَّ الحديث غير محفوظ وأنه شاذ!!) انتهى.
فهذا ابن القيم يحكم على الحديث بالشذوذ لمعارضته لِما ذكر من أحاديث؛ ولولا ذلك لقال بظاهر الحديث وهو المنع من صومه في غير الفرض مفرداً أو مضافاً، كما أشار هو في أول كلامه.
أما المنع المذكور في كلام ابن القيم فهو بمعنى النهي و يكون للحرمة كما للكراهة كما هو معروف عند الأخ الكريم و كل إخواننا إن شاء الله، أما حمله على الحرمة و ادعاء أن ابن القيم كان سيقول بها لولا حكمه بالشذوذ على الحديث فرجم بالغيب لا يوجد في كلامه رحمه الله أدنى دلالة عليه.
و حتى لا يفهم أحد كلامي خطأ أقول أنه لا خلاف في كون القائلين بالشذوذ إنما حكموا به لِما رأوه من معارضة حديث النهي لأحاديث الإباحة الأشهر و الأظهر، مع عدم إمكانية الجمع بينها عندهم، و لكن هذا شيء و ما يقوله الأخ الكريم شيء آخر.
من جهة أخرى فإن الجزم بأن ابن القيم رحمه الله يقول بشذوذ الحديث كما يظهر من كلامه في تهذيب السنن محل نظر حيث قال في زاد المعاد [جزء 2 - صفحة 74]
(فصل وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم: كان يصوم السبت والأحد) فذكر حديث كريب ثم قال: (وفي صحة هذا الحديث نظر) و لا يلزم من قوله هذا أنه يضعف الحديث بل يمكن أن يكون حسناً لديه حيث نقل حكم ابن القطان التالي على الحديث و لم يعترض عليه ("فالحديث أراه حسناً" والله أعلم)
ثم قال: (وقد روى الإمام أحمد وأبو داود عن عبد الله بن بسر السلمي عن أخته الصماء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/71)
فاختلف الناس في هذين الحديثين فقال مالك رحمه الله: هذا كذب يريد حديث عبد الله بن بسر ذكره عنه أبو داود قال الترمذي: هو حديث حسن وقال أبو داود: هذا الحديث منسوخ وقال النسائي: هو حديث مضطرب وقال جماعة من أهل العلم: لا تعارض بينه وبين حديث أم سلمة فإن النهي عن صومه إنما هو عن إفراده وعلى ذلك ترجم أبو داود فقال: باب النهي أن يخص يوم السبت بالصوم وحديث صيامه إنما هو مع يوم الأحد قالوا: ونظير هذا أنه نهى عن إفراد يوم الجمعة بالصوم إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده وبهذا يزول الإشكال الذي ظنه من قال: إن صومه نوع تعظيم له موافقة لأهل الكتاب في تعظيمه وإن تضمن مخالفتهم في صومه فإن التعظيم إنما يكون إذا أفرد بالصوم ولا ريب أن الحديث لم يجىء بإفراده وأما إذا صامه مع غيره لم يكن فيه تعظيم والله أعلم)
فإما أن يقال أن له رحمه الله في المسألة قولان أحدهما شذوذ الحديث و الثاني قبوله و من ثم الجمع بينه و بين ما يعارضه بما تقدم و هو أن النهي عن الإفراد، و إما أن يقال أنه في زاد المعاد عرض رأيه في المسألة على فرض صحة حديث النهي فهل فعل ما أشار إليه الأخ الكريم بقوله
فهذا ابن القيم يحكم على الحديث بالشذوذ لمعارضته لِما ذكر من أحاديث؛ ولولا ذلك لقال بظاهر الحديث وهو المنع من صومه [يريد الأخ الكريم حرمة صومه] في غير الفرض مفرداً أو مضافاً، كما أشار هو في أول كلامه.؟
اللهم لا! فهو لم يقل أنه إن خلا الحديث من الشذوذ فيكون صوم السبت في غير الفرض مفرداً أو مضافاً محرماً كما يريد الأخ الكريم بل إنه قد جمع بين الأحاديث التي ظاهرها التعارض و خلص إلى كراهة الإفراد لا الحرمة في الإفراد و غيره، و أترك الحكم للقارئ الكريم مع التنبيه على أنه رحمه الله قال في الزاد عند ذكر طريقة الجمع (قالوا: ونظير هذا أنه نهى عن إفراد يوم الجمعة بالصوم إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده)
وإفراد يوم الجمعة عند ابن القيم رحمه الله ليس محرماً بل هو مكروه فقط قال في زاد المعاد [جزء 1 - صفحة 403]
(وذكر ابن جرير عن مغيرة عن إبراهيم: إنهم كرهوا صوم الجمعة ليقووا على الصلاة
قلتُ: المأخذ في كراهته: ثلاثة أمور هذا أحدها ... والثاني: أنه يوم عيد وهو الذي أشار إليه صلى الله عليه وسلم وقد أورد على هذا التعليل إشكالان أحدهما: أن صومه ليس بحرام و صوم يوم العيد حرام والثاني: إن الكراهة تزول بعدم إفراده وأجيب عن الإشكالين بأنه ليس عيد العام بل عيد الأسبوع والتحريم إنما هو لصوم عيد العام)
كما أنه قد صرح في موطن آخر بعدم الحرمة فقال
زاد المعاد [جزء 1 - صفحة 403]
فإن قيل: ما تقولون في تخصيص يوم غيره بالصيام [أي غير الجمعة]؟
قيل: أما تخصيص ما خصصه الشارع كيوم الإثنين ويوم عرفة ويوم عاشوراء فسنة وأما تخصيص غيره كيوم السبت والثلاثاء والأحد والأربعاء فمكروه وما كان منها أقرب إلى التشبه بالكفار لتخصيص أيام أعيادهم بالتعظيم والصيام فأشد كراهة وأقرب إلى التحريم
فالخلاصة أن ابن القيم رحمه الله لو صح عنده حديث النهي فإنه كان سيقول بكراهة إفراده لا بحرمة صيامه مفرداً أو مضافاً.
فالحديث يدل دلالة واضحة على ان المقصود من النهي هو تحريم صيام يوم السبت وانما قالوا بخلاف ذلك لحكمهم على الحديث بالشذوذ او النسخ وقد بينا سابقا ان الحديث خالٍ من هذه العلل.
لقد تبين مما سبق أنهم لو لم يحكموا على الحديث بالشذوذ أو النسخ لقالوا بكراهة الإفراد أو التخصيص كقول الجمهور و سيأتي عن الطحاوي رحمه الله مثله.
من جهة أخرى فالذين قالوا بصحة الحديث و خلوه من العلل قالوا بخلاف تحريم صيام يوم السبت فقالوا بكراهة الإفراد كما هو معلوم!
فاذا تقرر ذلك وجب الاخذ بالحديث وإن لم يعرف أن أحداً عمل به , فالحديث حجة بنفسه لا يحتاج إلى الاحتجاج به أن يعرف أن أحد من الأئمة عمل به.
لقد تعبت حقيقة من كثرة الرد على هذا الكلام الذي يكرره الأخ الكريم بعبارات مختلفة، و لكن لا بأس، أعيد الرد عسى الله أن ينفع به فأقول:
إنني أسأل كل منصف يقرأ كلامي هذا سؤالاً: هل القائلون بكراهة صيام السبت في النفل احتجوا بحديث النهي أم لا؟ فإذا كان الجواب هو لا فبأي دليل احتجوا على هذه الكراهة إذاً؟!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/72)
أما إن كان الجواب هو نعم ـ و هو كذلك إذ لا يصح جواب غيره ـ فهل يكون هؤلاء الذين احتجوا بالحديث على الكراهة قد عملوا به أم لا؟ الجواب الذي لا يختلف عليه اثنان هو نعم بالتأكيد قد عملوا به على فقالوا بالكراهة.
من جهة ثانية هل احتج الشيخ الألباني رحمه الله و من يتابعه في المسألة على الحرمة بحديث النهي و عملوا به؟ الجواب بالتأكيد نعم.
فالآن، الفريق الأول الذين عملوا بالحديث و احتجوا به على الكراهة يطالبون الفريق الثاني أن يقولوا مَن مِن السلف فهم من هذا الحديث ـ الذي عمل به و احتج به الفريقان ـ حرمة صيام السبت.
فهل الفريق الأول بذلك يكون قد قال أنه لا يحتج بهذا الحديث و لا يعمل به حتى نعلم من من العلماء عمل به و احتج به؟ الجواب الذي يجب ألا نختلف عليه هو لا بالتأكيد لأن الفريق الأول عمل بالحديث و احتج به بالفعل، و لكن فرق بين أن نطالب القائلين بالحرمة بسلف لهم في القول بالحرمة و هذا ما نطالبهم به بالفعل، و بين أن نطالبهم بسلف عمل بالحديث أو احتج به و هذا ما لم يطالب به أحد من القائلين بالكراهة فيما أعلم، فهذا تقويل للفريق الأول ما لم يقله ثم محاسبته عليه و هذا ظلم بَيِّن.
فالذي نطالبهم به هو تطبيق المنهج السلفي في هذه المسألة فنحن و إياهم متفقون على ضرورة تحكيم فهم السلف للكتاب و السنة، بل هذا هو شعار منهجنا و ما يمتاز به عن غيره من المناهج، فأين هو في مسألتنا؟!!
وقال ابن حزم في الإحكام (فكل من أداه البرهان من النص أو الإجماع المتيقن إلى قول ما، ولم يعرف أن أحداً قبله قال بذلك القول ففرض عليه القول بما أدى إليه البرهان
نعم! و قد قال ابن حزم رحمه الله في مراتب الإجماع
" وأجمعوا أن من تطوع بصيام يوم واحد ولم يكن يوم الشك، ولا اليوم الذي بعد النصف من شعبان، ولا يوم الجمعة، ولا أيام التشريق الثلاثة بعد يوم النحر: فإنه مأجور حاشا الامرأة ذات الزوج ".
إذاً أجمع المسلمون أن من تطوع بصيام السبت أنه مأجور وهذا يعني أنهم أجمعوا أن صوم السبت في النفل ليس بحرام.
و كان ابن حزم قد قال في مقدمة كتابه " و إنما ندخل في هذا الكتاب الإجماع التام الذي لا مخالف فيه البتة الذي يُعلم كما يُعلم أن صلاة الصبح في الأمن و الخوف ركعتان، و أن شهر رمضان هو الذي بين شوال و شعبان ... "
و قد تعقب ابن تيمية رحمه الله كتاب ابن حزم هذا فانتقده في مواضع ليس هذا منها، فهذا إقرار منه رحمه الله لهذا الإجماع فيستفاد من ذلك أن الإجماع منعقد على عدم حرمة صيام السبت في النفل منفرداً ناهيك عن مضافاً إلى غيره، و إلا فكيف يؤجر؟
لقد طالب الشيخ الألباني رحمه الله أن يأتيه معارضوه بمثل هذا الإجماع، و لم أقرأ أو أسمع أن أحداً عرض عليه هذا الكلام، و الذي يفهم من كلامه رحمه الله أنه كان سيرجع عن قوله بالحرمة لو أتاه مثل هذا الإجماع، ترى هل سنجد من إخوتنا الذين يقلدونه في المسألة إنصافاً و تجرداً فيسلموا لهذا الإجماع؟
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (إذا كان عند الرجل الصحيحان أو أحدهما أو كتاب من سنن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موثوق بما فيه فهل له أن يفتي بما يجده؟، ... ولو كانت سنن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يسوغ العمل بها بعد صحتها حتى يعمل بها فلان أو فلان لكان قول فلان أو فلان عياراً على السنن، ومزكيا لها، وشرطاً في العمل بها،
فالقائلون بكراهة الإفراد عملوا بالحديث كما لا يخفى.
الوجه الثاني: نقول ان من السلف من قال بظاهر الحديث هو راوي الحديث نفسه عبدالله ابن بسر , وهو ما أخرج الإمام النسائي في سننه الكبرى (3/ 213 برقم2785) من طريق معاوية بن يحي أبي مطيع، قال: حدثني أرطاة، قال: سمعت أبا عامر قال: سمعت ثوبان مولى النبيّ صلى الله عليه وسلم وسئل عن صيام يوم السبت، قال: سلوا عبد الله بن بسر، قال: فسئل، فقال: (يوم السبت لا لك ولا عليك).
و لفظة (لا لك ولا عليك) لا تعني الجواز؛ ولهذا وضع الإمام النَّسائي هذا الأثر الموقوف تحت باب: (النهي عن صيام يوم السبت).
الله المستعان!!
1 - الترجمة كاملة عند النسائي رحمه الله هي (النهي عن صيام يوم السبت وذكر اختلاف الناقلين لخبر عبد الله بن بسر فيه)!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/73)
2 - النسائي رحمه الله كما هو معلوم يقول عن الحديث أنه مضطرب لذلك قال بعد ما سبق (ذكر الاختلاف على ثور بن يزيد في هذا الحديث) ثم جاء بالروايات المختلفة ليدلل بذلك على اضطراب الحديث.
3 - بعد أن جاء بكل الروايات المختلفة للتدليل على اضطراب الحديث جاء بالأثر الموقوف على عبد الله بن بسر الذي يخالف الحديث المرفوع ـ كما أقر بذلك الشيخ الألباني رحمه الله كما سنبين قريباً ـ و هذا الصنيع من النسائي رحمه الله إعلال للرواية المرفوعة كما يعرف ذلك المشتغلون بهذا العلم الشريف، فاستشهاد الأخ الكريم بصنيع النسائي رحمه الله هو استشهاد عليه و ليس له.
4 - قال الأخ الكريم: " و لفظة (لا لك ولا عليك) لا تعني الجواز" و المعروف أن الأحكام التكليفية خمسة: الوجوب و الندب و الإباحة و الكراهة و الحرمة، فسائل عبد الله بن بسر عن صيام السبت يسأل عن حكم صومه وهذا لن يخرج عن واحد من هذه الأحكام، فعندما يقول له (لا لك و لا عليك) فإنه بذلك يفتيه بحكم هذا الصوم، فعلى أي واحد من هذه الأحكام تدل هذه اللفظة؟
أما الواجب فهو ما يثاب فاعله و يعاقب تاركه فلو فعلت الواجب فإنه يكون لك إذاً هذه اللفظة لا تدل على الواجب، و أما المندوب فهو ما يثاب فاعله و لا يعاقب تاركه فلو فعلتَ المندوب فهو لك و لا عليك إذاً هذه اللفظة لا تدل على المندوب، و أما المحرم فهو ما يعاقب فاعله و يثاب تاركه فلو فعلتَ المحرم فإنه يكون عليك إذاً هذه اللفظة لا تدل على المحرم، و أما المكروه فهو ما يثاب تاركه و لا يعاقب فاعله فلو فعلتَ المكروه فيكون لا لك و لا عليك، و أما المباح فهو ما لا يثاب فاعله و لا يعاقب تاركه فلو فعلتَ المباح فإنه يكون أيضاً لا لك و لا عليك.
فقول ابن بسر رضي الله عنه (لا لك و لا عليك) ينطبق على كل من المكروه و المباح و لا ينطبق بحال لا على الواجب و لا على المندوب و لا على المحرم.
و من المعلوم أن كلاً من المباح و المكروه يجوز فعله فمن هنا نعلم خطأ قول الأخ الكريم و لفظة (لا لك ولا عليك) لا تعني الجواز بل هي تعني الجواز يقيناً و بكل تأكيد.
و بناء على ما سبق نستطيع الحكم على قول الأخ الكريم (الوجه الثاني: نقول ان من السلف من قال بظاهر الحديث هو راوي الحديث نفسه عبدالله ابن بسر)
بل الصحيح أن قول ابن بسر رضي الله عنه ظاهر في نفي الإثم ـ مما يعني نفي الحرمة ـ عن صائم السبت حيثُ يقول (لا عليك) و لا أدري كيف يمكن للمنصف أن يغض الطرف عن هذه الحقيقة التي لا تحتمل الجدال.
و لكن إذا كان هناك من لا يقبل كلام المتكلم ـ مهما كانت حجته ظاهرة ـ إلا إن جاء موافقاً لكلام من يتابعه و يرفع قدره فهذا كلام الشيخ الألباني رحمه الله يقر بذلك، قال في الشريط 182
(أحدهم يسأل: وقوله و لاعليك؟ الشيخ: هذا معناه أنك إذا صمته فليس عليك وزر تؤاخذ عليه) ثم تابع رحمه الله كلامه و اجتهد في صرف العبارة عن معناها الواضح و الصريح.
و قال أيضاً في الشريط 166 (فتأخذ من الحديث الموقوف ما يناسب المرفوع و لاتأخذ منه ما يباينه و يخالفه (!!)، إذاً قوله لا لك أي لا يشرع لك، فإذا عرفت ذلك استغنيت عن الاعتماد على تمام الحديث (!!!))
فالشيخ رحمه الله يقر أن فتوى ابن بسر رضي الله عنه تخالف و تباين في شقها الثاني " و لا عليك " الحديث المرفوع، و يقر كذلك أن هذا الشق الثاني معناه أنك إذا صمته فليس عليك وزر تؤاخذ عليه، إلا أنه رحمه الله و غفر له رأى أن يستغني عن تمام عبارة ابن بسر رحمه الله الدالة على عدم الحرمة لا محالة لأنها تخالف فهمه للحديث!!
ثم إنَّ لفظة (لا لك ولا عليك) تشابه لفظ حديث: (مَنْ صام الدهر فلا صام ولا أفطر) صححه الألباني؛ مع أنَّ صيام الدهر منهيٌ عنه … قال الألبانى رحمه الله تعالى (عندما سئل راوي الحديث عن صيام يوم السبت فقال: صيام يوم السبت لا لك ولا عليك , فهدا أقتباس منه من قوله صلى الله عليه وسلم فيمن صام الدهر لا صام ولا أفطر , فهل تأمرون صائم الدهر أن يصوم , أم بأن يفطر؟ لا شك بأن القول بالإفطار. فما أظن أن القول بصيام الدهر صحيح لأن النبى صلى الله عليه وسلم , ذكر أنه صام مع العلم بقوله صلى الله عليه وسلم بمن صام الدهر لا صام ولا أفطر , كذلك فإن صيام الدهر مرجوح كذلك فعندما نعود إلى قول الراوي عن صيام يوم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/74)
السبت لا صام ولا أفطر فماذا نفهم من هذا الحديث؟ هل نفهم منه أنه يحض على صيام يوم السبت أم على إفطاره؟ ونقول على أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق أبلغ وأفصح وآكد للنهى من قول هذا الراوي , لكن الراوي تفنن في التعبير ولفت النظر إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم من صام الدهر فلا صام ولا أفطر تفنن فى التعبير أي ليس له أجر وليس له ثواب هذا الكلام من هذا الراوي أنا في الحقيقة مما يفيدني جداً ويفضل إفطاري على صيام الآخرين ذلك لأن هذا الصحابي يقول صيام الآخرين كصيام الدهر لا صام ولا أفطر أما أنا فأترك صيام يوم السبت لله والله يعوضني خيراً منه) انتهى.
لقد بنى الشيخ رحمه الله كلامه في هذه النقطة على عدة فرضيات فهو أولاً يفترض أن عبد الله بن بسر اقتبس قوله " لا لك و لا عليك " من قوله عليه السلام " لا صام و لا أفطر " ثم افترض بناء على ذلك أن راوي الحديث يقول عن صائم السبت " لا صام و لا أفطر " ثم افترض أن الراوي يقول أن من صام السبت فليس له أجر و ليس له ثواب ثم افترض أخيراً أن قول الراوي " لا لك و لا عليك " فيه تقصير في البلاغة و الفصاحة و تأكيد النهي عن قوله عليه السلام في الحديث المرفوع، و في كلامه رحمه الله ما يمكن بل يحسُن مناقشته:
1. إن قول الراوي " لا لك و لا عليك " واضح الدلالة على نفي الإثم عن صائم السبت و هو ما أقر به الشيخ رحمه الله فكيف يصح منا أن نمثل للكلام الواضح بعبارة أخرى تفسيرها عندنا مغاير للمعنى الذي أقررنا به للعبارة الأولى؟
2. قوله رحمه الله أن الراوي اقتبس " لا لك و لا عليك " من " لا صام و لا أفطر " اجتهاد لا دليل عليه بل تفسيره رحمه الله للعبارتين على الانفراد يرد هذا الاجتهاد.
3. قوله رحمه الله أن الراوي يريد أن يقول أن صائم السبت ليس له أجر أو ثواب فهذا يمكن أن يكون تفسيراً لقوله رضي الله عنه " لا لك " فماذا عن قوله " و لا عليك "؟ إن تفسير الشيخ رحمه الله يغفل تماماً هذه العبارة الدالة بيقين على عدم الحرمة و هو ما أقر به رحمه الله في الشريط 166 حيث قال " فهذا الحديث الموقوف ينفعنا نحن في الشطر الآخر، صيام يوم السبت " لا لك "، ما يضرنا آخره " لا عليك "، لأننا نأخذ من الكلام الموقوف ما يوافق الكلام المرفوع إلى الرسول عليه الصلاة والسلام " فالشيخ رحمه الله يقر بأنه لا يأخذ من " لا لك و لا عليك " إلا الشطر الأول " لا لك " فقط و هذا بناء على ما يراه من أن الشطر الثاني " لا عليك " يخالف المرفوع، فهل من الصواب إذا أردنا أن نعرف مراد المتكلم أن نأخذ شطر عبارته الأول الذي ينفعنا و نذر الشطر الثاني لأنه يضرنا؟!! لقد اجتهد الشيخ رحمه الله و لكن هل يجب أن يصيب في كل اجتهاداته؟ اللهم لا! فالمنصف يعلم بيقين أنه رحمه الله لم يصب في اجتهاده هذا.
إن راوي الحديث رضي الله عنه يفتي سائله عن حكم صيام السبت و نحن لا نعرف إن كان هذا السائل على علم بحديث النهي أم لا، لكننا نعرف أنه قال له " لا لك و لا عليك " و هذا يعني بوضوح لا أجر و لا عقاب و هذا لا يكون للمحرم أبداً، فإن كان عبد الله بن بسر قد روى حديث النهي فقوله " لا لك و لا عليك " هو فهم راوي الحديث و هو فهم الصحابة الوحيد الذي بين أيدينا و لا مخالف له فوجب المصير إليه و هذا يعني أنه رضي الله عنه حمل النهي على الكراهة، أما إن لم يكن قد روى حديث النهي فإنه بعبارته هذه يفتي السائل بجواز صيام السبت.
و أنا أسأل سؤالاً لكل منصف يرى حرمة صيام السبت: هل تستطيع أن تتأسى بعبد الله بن بسر رضي الله عنه ـ و نعم الأسوة هو لنا ـ فتقول لمن يسأل مستفتياً عن حكم صيام السبت " لا لك و لا عليك " دون تفصيل؟ أظن الجواب معروف سلفاً.
الوجه الثالث: ما نقل عن بعض الأئمة من وجود اختلاف بين العلماء ومنهم من قال بالنهى مطلقا عن صيام يوم السبت ومن هذه الاقوال:
• ما نقل الطحاوي في كتابه شرح معاني الأثار (فذهب قوم إلى هذا الحديث، فكرهوا صوم يوم السبت تطوعا. وخالفهم في ذلك آخرون، فلم يروا بصومه بأسا ...
وكلمة فكرهوا في كلامه رحمه الله تعالى هى كراهة التحريم لا التنزيه وذلك لأمور هى:
الامر الاول: وضوح معنى الحديث على النهى مطلقا , كما وضحناه سابقا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/75)
أحسب الأخ الكريم يريد أن يقول " على الحرمة مطلقاً " لأنه لا خلاف على أن الحديث للنهي، على العموم وضوح معنى الحديث لم يمنع الترمذي رحمه الله ـ و هو أول من قبل الحديث من الأئمة بتحسينه له ـ أقول لم يمنعه من القول بالكراهة، و لو كان يعني بها التحريمية لأحال الألباني رحمه الله عليه بدل أن يحيل على عبارة الطحاوي، و مما يجدر ذكره أن الترمذي توفي 279 بينما توفي الطحاوي 321.
الامر الثاني: أن الطحاوي نفسه يعرف أن الحديث ظاهر الدلالة على النهى حيث قال (ففي هذه الآثار المروية في هذا، إباحة صوم يوم السبت تطوعا، وهي أشهر وأظهر في أيدي العلماء من هذا الحديث الشاذ، الذي قد خالفها) انتهى.
فهو يحكم على الحديث بالشذوذ لان هناك احاديث تجيز صيام السبت , وهذا الحديث يخالفها اى يحرم صيامه , فحكم عليه بالشذوذ.
الأخ الكريم هنا يتعامل بنفس الطريقة التي تعامل بها مع حكم ابن تيمية و ابن القيم على الحديث بالشذوذ، فهو يقول أن حديث النهي يخالف أحاديث الإباحة لذا حكم الطحاوي عليه بالشذوذ، و هذا ما نوافق الأخ الكريم عليه، لكنه يقول أن حكم الطحاوي على الحديث بمخالفة أحاديث الإباحة يعني أن الحديث يحرم صيام السبت، و كأن مخالفة الإباحة لا تكون إلا بالتحريم و هذا بالطبع ما نخالفه فيه، لأن الحديث فيه نهي و هو مخالف للإباحة بلا شك لكن النهي يمكن أن يكون للحرمة و يمكن أن يكون للكراهة و كلاهما مخالف للإباحة.
إن الذي يفهم من كلام الأخ الكريم أن هذا الحديث لو صح عند الطحاوي و سلم من الشذوذ فإنه كان سيقول بالحرمة بلا شك و الرد من كلام الطحاوي رحمه الله نفسه حيث قال:
شرح معاني الآثار [جزء 2 - صفحة 81]
(وقد يجوز عندنا والله أعلم أن يكون ثابتا [يعني حديث النهي] [و] أن يكون إنما نهى عن صومه لئلا يعظم بذلك فيمسك عن الطعام والشراب والجماع فيه كما يفعل اليهود فأما من صامه لا لإرادته تعظيمه ولا لما تريد اليهود بتركها السعي فيه فإن ذلك غير مكروه)
فعلى فرض صحة الحديث فإنه رحمه الله لا يحكم بحرمة صيام السبت كما يتمنى الأخ الكريم بل يقول أن صيامه غير مكروه أي جائز إذا لم يكن بغرض تعظيم السبت و مشابهة اليهود.
الامر الثالث:ان الاحناف اذا اطلقوا الكراهة فإنهم يريدون بها الكراهة التحريمية.
قال الالبانى فى تخذير الساجد (والكراهة عن الحنفية إذا أطلقت فهي للتحريم كما هو معروف لديهم) انتهى. وكما هو معلوم فالطحاوى كان حنفي المذهب.
و لكن قد ثبتَ عن الطحاوي رحمه الله استخدام الكراهة للتنزيه أيضاً فلابد لحمل كلامه على أحد المعنيين من مرجح، فهو في النقل التالي يرد على من يستدل على حرمة أكل لحم الضب بكراهة رسول الله صلى الله عليه و سلم أكله و يبين أن هذه الكراهة منه عليه السلام للتنزيه لا التحريم، و هاكم النقل:
شرح معاني الآثار [جزء 4 - صفحة 198]
قال أبو جعفر [هو الطحاوي نفسه] ففي هذه الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك أكله خوفا من أن يكون مما مسخ فاحتمل أن يكون قد حرمه مع ذلك واحتمل أن يكون تركه تنزها منه عن أكله ولم يحرمه فنظرنا في ذلك
قال في شرح معاني الآثار 4/ 199
" فقال قائل [هو مخالف الطحاوي الذي يقول بالحرمة] ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما هذا ما يدل على كراهة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكل لحم الضب قيل له [هذا رد الطحاوي الآن] قد يجوز أن يكون هذا على الكراهة التي ذكرها أبو سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي قد رويناه عنه لا على تحريمه إياه على الناس ... "
شرح معاني الآثار [جزء 4 - صفحة 202]
" فثبت بتصحيح هذه الآثار أنه لا بأس بأكل الضب وهو القول عندنا والله أعلم بالصواب"
فيمكن تلخيص كلامه رحمه الله كما يلي:
1 - كراهة رسول الله صلى الله عليه و سلم لأكل لحم الضب.
2 - يجوز أن تكون كراهة رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه للتنزيه لا التحريم.
3 - حيث إن كراهة النبي صلى الله عليه و سلم للحم الضب تحتمل عند الطحاوي التحريم و تحتمل التنزيه فقد احتاج لمرجح لأحد المعنيين لذا قال " فنظرنا في ذلك " ثم ذكر الأحاديث الأخرى التي قد ترجح أحد المعنيين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/76)
فيستفاد مما سبق أن الكراهة عند الطحاوي رحمه الله تحتمل أن تكون للحرمة و تحتمل أن تكون للتنزيه و هو المطلوب، فعندما يصرح هو بكراهة شيء ما فحمله على أحد المعنيين دون مرجح تحكم مردود.
الفائدة المهمة الثانية هي أنه رحمه الله لم يتعامل مع كراهة رسول الله صلى الله عليه و سلم كما يتعامل أخونا الكريم أعني أنه لم يقل أن الأصل فيها هو الحرمة و حملها عليها بل قال " فاحتمل أن يكون قد حرمه مع ذلك واحتمل أن يكون تركه تنزها منه عن أكله ولم يحرمه فنظرنا في ذلك " أي نظرنا في القرائن التي تقوي أحد الاحتمالين كي نقول به، و هذا بفضل الله ما أقوله منذ وقت طويل للأخ الكريم إلا أنه لم يقتنع حتى الآن مني فهل سيقتنع من الطحاوي رحمه الله؟ آمل ذلك.
الامر الرابع: أن السلف الصالح عامة كانوا يطلقون المكروه على كراهة التحريم , وأحيانا كانوا يقصدون بها كراهة التنزيه ولكن كانوا أكثر ما يطلقونها على الشيء المحرم فكانوا يطلقون المكروه على الشيء المحرم تورعا إذ الأصل عندهم في كلمة مكروه هي للتحريم.
قال ابن القيم في إعلام الموقعين ...
وقال في بدائع الفوائد (وأما لفظة يكرهه الله تعالى ورسوله أو مكروه فأكثر ما تستعمل في المحرم وقد يستعمل في كراهة التنزيه) انتهى.
فاذا كانت اكثر ما تستخدم للتحريم كما قال ابن القيم وانها قد – وقد تفيد التقليل- تستخدم للتنزيه أفمن العدل أن نحملها على التحريم أم على التنزيه؟
العدل أن تحمل لفظة الكراهة في المواضع التي عنى بها السلف التحريم على التحريم و في المواضع التي عنوا بها التنزيه على التنزيه، و ما عدا ذلك ظلم و تحريف لمعنى كلامهم عن المراد منه.
السؤال المهم هو: عندما يطلق الواحد من السلف لفظ الكراهة على أمر ما فكيف لنا أن نعرف إن كان هذا من المواضع الأكثر التي أراد بها التحريم فيجب حمله على التحريم أو من المواضع الأقل التي أراد بها التنزيه فيجب حمله على التنزيه؟
الأخ الكريم يقول
, أعتقد أن حملها على التحريم هو الصواب الذي لا يقول بخلافه عاقل ,
و في هذا الكلام تعريض بالعبد الفقير كاتب هذه الكلمات كنتُ أتمنى ألا يقع الأخ الكريم فيه و مع ذلك فأنا أحله من تبعته في الدنيا و الآخرة، غفر الله لي و له.
نعم إنني أقول أن الصواب هو بخلاف ما يقوله الأخ الكريم، فالصواب هو النظر في القرائن التي تحف بلفظ الكراهة في كل موضع فإن وجدنا القرائن تدل على التحريم رجحنا أن يكون مراد مطلقه هو التحريم، و إن وجدنا القرائن تدل على التنزيه رجحنا أن يكون مراد مطلقه هو التنزيه، و ليس وراء ذلك عدل أو صواب.
و قد مر معنا قبل قليل صنيع الطحاوي رحمه الله الموافق بفضل الله لما نقول فنحن عندما نقول أنه لا يلزم من قول الطحاوي رحمه الله " فكرهوا صيام السبت " أنه يعني الحرمة فإننا لا نفتري عليه الكذب بل نعامل قوله هذا كما عامل هو رحمه الله كراهة النبي عليه السلام فلم يحملها على معنى واحد هو التحريم بل قال أنها تحتمل الكراهة أو التحريم فبحث فيما بين يديه من أدلة على ما يقوي أحد المعنيين فوجد هذه الأدلة تؤيد كراهة التنزيه فقال بها.
إن مما يرجح أن مراد الطحاوي رحمه الله في عبارته السابقة هو التنزيه ما يلي:
1 - أن الخلاف في هذه المسألة قديم قدم الخلاف حول صحة الحديث، و القولان المشهوران فيها هما الجواز و الكراهة، فلا يتصور أن يهمل الطحاوي ذكر القول المشهور بالكراهة و ينقل القول بالحرمة الذي لم ينقل عن أحد قبله.
2 - كما أنه لم ينقل القول بالحرمة عن أحد قبل الطحاوي فكذلك لم ينقل عن أحد بعده، بل و لم أجد أحداً في أي من الكتب التي تعنى بذكر الخلاف ينقل القول بالحرمة لا عن الطحاوي و لا عن غيره.
ثم الطحاوي رحمه الله ليس من السلف إذ بينه و بين عصرهم طبقتان أو أكثر و هو لم يصرح بأن القائلين بالكراهة في كلامه هم من السلف!
هذا و فرق بين أن نقول أن الأصل في الكراهة عند السلف هو التحريم كما يقول الأخ الكريم و يظن أن هذا معنى كلام ابن القيم في الإعلام و بدائع الفوائد، و بين أن نقول أن الأكثر في كلام السلف أن الكراهة للتحريم و قد تكون للتنزيه كما يقول ابن القيم رحمه الله بالفعل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/77)
فمثلاً: الأصل في الكلام هو الحقيقة فعندما نقول وجه الله، يد الله، عين الله، فهذه على الحقيقة، و لكن قد يطرأ على الكلام ما يصرفه عن الحقيقة لقرينة تحف به كقول الله عز و جل " وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ " و المعنى أن الله عز و جل معنا بعلمه لا بذاته كما قد يفهم، و تفصيل ذلك لا يخفى على الأخوة إن شاء الله.
إذاً صرف الكلام عن الحقيقة التي هي الأصل فيه قد يقع و تدل القرائن على وقوعه، فعندما نجد قرينة تدل على صرف الكلام عن الحقيقة نصرفه عنها، لكننا ابتداء لا نبحث في كلام المتكلم عن قرينة تصرفه عن حقيقته و لا نتطلبها من كلام المتكلمين بل إن وقعت صرفنا الكلام عن حقيقته و إن لم تقع فالكلام يبقى على أصله و هو الحقيقة.
و سأضرب مثالاً أرجو أن يتضح به الفرق بين قولنا الأصل في شيء هو كذا، و بين قولنا الأكثر في هذا الشيء هو كذا.
فهذا رجل محسن كريم يزور ابنه في مدرسته و هي مدرسة راقية لا يقدر على تكاليف التعلم فيها إلا الأغنياء، فالأصل أن كل من فيها من الطلاب أغنياء و لا يحتاجون إلى إحسانه فليس من المتصور أن يبحث بينهم عن فقير يحسن إليه، لكنه إن رأى بينهم طالباً بالي الثياب رث الهيئة فهذه قرينة على فقره تدفع الرجل للبحث في حاله إذ ربما كان هذا الطالب فقيراً حقاً و لكنه متفوق فمنحته المدرسة حق التعلم فيها بلا مقابل.
على العكس من ذلك إذا ذهب لمدرسة أخرى بحثاً عمن يمد لهم يد إحسانه ثم قال له المسؤولون فيها إن الأكثر و الغالب على طلابنا أنهم أغنياء فإنه سيسعى للتعرف على بعض هؤلاء الأقل الذين ليسوا بأغنياء و تمييزهم عن الباقين، فحال كل طالب من طلاب هذه المدرسة مجهول بالنسبة له فقد يكون من الغالب الغني و قد يكون من الأقل الفقير، فلو أنه اعتبر أن حال هؤلاء كحال إخوانهم في المدرسة الأولى و أن الأصل فيهم أنهم أغنياء فلن يبحث بينهم عن الفقراء و سيغادر إلى مدرسة أخرى، و لا شك أنه سيكون مخطئاً في ذلك.
نقول هذا مع اننا قد قلنا سابقا في الوجه الاول أن الحديث حجة بنفسه لا يحتاج إلى الاحتجاج به أن يعرف أن أحد من الأئمة عمل به ,
بل ونقول ان من اهل العلم من عمل به ولكن لم نعرفه
كيف لم نعرفه؟ بل قد عرفناه إذ قد عمل به الترمذي و ابن خزيمة و ابن حبان و الحاكم و النووي و ابن قدامة ... و غيرهم، بل قد عمل به الجمهور و قد قالوا جميعاً بكراهة إفراد السبت أو تخصيصه بالصوم.
وآخر القول نقول
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
(وكان بعضهم يعذر من خالفه في المسائل الاجتهادية، ولا يكلفه أن يوافقه فهمه)
القول بحرمة صيام السبت ليس من مسائل الاجتهاد عند ابن تيمية رحمه الله لأنه أقر ابن حزم على نقل الإجماع على أن صائم السبت منفرداً مأجور فهذا الإجماع على كون صيام السبت لا يحرم يخرج هذا القول من دائرة مسائل الاجتهاد
قال رحمه الله
الفتاوى الكبرى [جزء 6 - صفحة 92]
(وقولهم مسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل أما الأول فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعا قديما وجب إنكاره وفاقا وإن لم يكن كذلك فإنه ينكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول المصيب واحد وهم عامة السلف والفقهاء وأما العمل فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضا بحسب درجات الإنكار ... وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ [لم] ينكرعلى من عمل بها مجتهدا أو مقلدا، وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد كما اعتقد ذلك طوائف من الناس - والصواب الذي عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد [ما] لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوبا ظاهرا مثل حديث صحيح لا معارض [له] من جنسه فيسوغ له إذا عدم ذلك فيها الاجتهاد لتعارض الأدلة المتقاربة أو لخفاء الأدلة فيها وليس في ذكر [أن] المسألة قطعية طعن على من خالفها من المجتهدين)
و قد قال رحمه الله في الفتاوى 21/ 291 " كل قول ينفرد به المتأخر عن المتقدمين ولم يسبقه إليه أحد منهم فانه يكون خطأ كما قال الامام أحمد بن حنبل إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام"
و المقصود بكلامه رحمه الله المسائل التي وقعت في زمنهم ـ و صيام السبت منها ـ و ليس المقصود الحوادث التي تعرض للناس في الأزمان التالية.
من جهة أخرى فأنا لم أكلف الأخ الكريم أو غيره من إخواننا أن يوافقني فهمي، إلا أنه من الطبيعي أن أناقشه في المسائل التي طرحها و خالفتُه فيها لأبين خطأه، كما فعل هو أيضاً و هذه طبيعة النقاش في الأمور المختلف فيها، فهل يُعدُّ فعله أيضاً تكليفاً لي على موافقته في فهمه؟
ختاماً ... فهذا ما ظهر لي من رد على كلام الأخ الكريم، و إن كنتُ أرى أن أصل الموضوع يتعلق بنقطتين رئيستين أولاهما استدلال الشيخ الألباني رحمه الله على الحرمة و مناقشته فيه، و الثاني إثبات سلف للقول بالحرمة و هو ما كنت قد أجملتُه في مشاركاتي المتأخرة قريباً مع فائدة عزيزة هي نقل الإجماع على أن صائم السبت منفرداً مأجور.
هذا ما أردتُ قوله و الله أعلى و أعلم و رد العلم إليه أسلم و صل اللهم على عبدك ونبيك محمد و على آله و صحبه و سلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/78)
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[19 - 03 - 06, 04:58 م]ـ
للمزيد حول معنى الكراهة عند السلف تفضل هنا
مفهوم الكراهة عند السلف ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=428811)
ـ[أبو عبد الله الساحلي]ــــــــ[21 - 03 - 06, 06:34 م]ـ
وفقك الله أخي أبا البراء وجعل مثواك الجنة
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[23 - 03 - 06, 04:28 م]ـ
تساؤلات
هذه بعض التساؤلات اطرحها وهي ليست موجهة لشخص بعينه، وإنما هي تساؤلات أحببت أن اطرحها على كل أعضاء المنتدى.
التساؤل الأول
عندما ترى شخص ما يسأل عن صيام يوم ما؟ فيقول له المفتي صيام ذلك اليوم لا لك ولا عليك، فهل من العقل أن يصوم المستفتي ذلك اليوم؟؟ هل يقول إن المفتي لم يأثمني بصيام ذلك اليوم فسوف نصومه؟؟؟؟ هل عندما ترى ذلك الشخص صائما تقول أن أهم شئ انه لم يأثم بصيام ذلك اليوم؟؟؟؟ وهل هذا الشخص ما صام عن الأكل والشرب من طلوع الفجر إلى غروب الشمس إلا لينال ثواب ذلك اليوم؟؟؟؟؟ فهل صامه لأجل أن يقال له أخر النهار إن صيامك هذا ليس لك فيه اجر وليس عليك أثم؟؟؟؟؟؟ فهل تراه يفرح لهذا ويعاود صيامه لذلك اليوم مرة أخرى؟؟؟؟؟؟؟ أم انه يترك صيام ذلك اليوم لأنه لم ينال منه إلا الجوع والعطش؟؟؟؟؟؟؟؟ هل يصح أن نقول أن صيام هذا الشخص صحيحا؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وما هي معيار صحة ذلك الصيام؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ فنحن نقول له انك إن صمت ذلك اليوم فليس لك ثواب، ومن الناحية الأخرى نقول له إن صيامك صحيح، فما هو معيار الصحة وهل معيارها إلا قبول الله عز وجل له ويجزيه ثوابه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
التساؤل الثاني
هل قول عبد الله بن بسر رضي الله عنه عندما سئل عن صيام يوم السبت لا لك ولا عليك يشمل كل يوم سبت؟ بمعنى هل يشمل يوم سبت وان وافق يوم فضيلة كيوم عرفة وعاشوراء والست من شوال؟؟ فهل نقول انه من صام يوم عرفة أو عاشوراء فان صيامه ليس له ولا عليه حسب فتوى عبدالله بن بسر؟؟؟ فهل نقول لمن صام الست من شوال وكان من بينها يوم سبت إنما صمت خمس من شوال، ولم تصم ست، لان صيامك ليوم السبت لا لك ولا عليك؟؟؟؟، أم نقول إن صيامك صحيح ولك اجر صيام يوم السبت إن وافق احد هذه الأيام الفاضلة ونكون بذلك خالفنا فتوى عبدالله بن بسر القائل للسائل عن حكم صيام يوم السبت لا لك ولا عليك؟؟؟؟.
فهل نقول إن الأمر يختلف اذا وافق يوم السبت يوم فضيلة؟؟؟؟؟ ولكن أين الدليل؟؟؟؟؟؟؟ فهل ابن بسر رضي الله عنه إنما كان يقصد بقوله لا لك ولا عليك إنما ليوم السبت من غير أن يوافق يوم فضيلة؟؟؟؟؟؟؟، اما إن قوله هذا شامل لكل يوم سبت؟؟؟؟؟؟؟؟؟، فهل عبدالله بن بسر يقول إن كل سبت من صامه فصيامه لا له ولا عليه؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وبذلك يضيع اجر من صام يوم عرفة أو عاشوراء فليس له فيها اجر إن وافقت يوم سبت حسب فتوى عبد الله بن بسر رضي الله عنه , اما الأمر مختلف؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
التساؤل الثالث
هل من العقل أن نحكم على مسألة ما بالتوقف وهذه المسألة هي شرح معنى كلمة ما؟ وهذه الكلمة لها معنيان عند القائل وهذا القائل أكثر ما يستخدمها للمعنى الأول وقليل ما يستخدمها للمعنى الثاني، فهل:
نتوقف عن مراد هذا القائل لهذه الكلمة؟؟
اما هل يكون مراده للمعنى الأول وهو أكثر ما يريده؟؟
اما هل يكون مراده للمعنى الثاني وهو قليل ما يريده مع العلم انه لا قرينة صحيحه – لست قرينة وهمية- تحدد مراد القائل؟؟؟.
التساؤل الرابع
هل من الواجب على شخص ما استدل بتضعيف حديث ما لعالم ما إن:
يلتزم برأي هذا العالم في حكمه على أي حديث أخر؟ وهل إن خالفه يكون قد اتبع هواه؟؟ فهو متى ما كان رأى هذا العالم موافقا لما يراه يحكم بصواب رأيه ومتى ما كان مخالف لما يراه لم يأخذ بحكمه على الحديث.
أم إن الواجب عليه وان اخذ بحكم هذا العالم في حديث ما وأتضح أن حكمه على حديث أخر ليس بصواب أن يخالف ذلك العالم في الحديث الأخر؟؟
ـ[أبو أنس مصطفى البيضاوي]ــــــــ[02 - 04 - 06, 12:29 ص]ـ
من آخر ما بُحث في الموضوع هو رسالة لشيخنا الشيخ سعد بن عبدالله الحميّد حفظه الله طبعت في دار التوحيد رجّح الشيخ من خلالها أن صوم يوم السبت جائز مطلقاً والله أعلم
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[12 - 04 - 06, 10:38 ص]ـ
ربنا أفرغ علينا صبراً و ألهمنا رشدنا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/79)
رغم أنني واحد من أعضاء المنتدى الذين وجه لهم الأخ الكريم أبو سند تساؤلاته إلا أنني آثرت الانتظار حتى يجيبه غيري عنها لأنه قد ظهر لي بجلاء أن الأخ أبا سند ـ غفر الله لي و له ـ لا يقبل مني ما أكتب و لو كان مدعماً بالأدلة و البراهين، و هذا مما يؤسف له حقيقة!!
و لظني أن وقتاً كافياً قد مر منذ أطلق تساؤلاته فسوف أجيب على البعض منها.
التساؤل الأول
لقد عد الأخ الكريم سابقاً أن قول عبد الله بن بسر رضي الله عنه " لا لك و لا عليك " لمن سأل عن صيام السبت موافق لظاهر الحديث و يعني حرمة صيام السبت، و قد فندتُ قوله هذا بفضل الله و بينتُ خطأه بتفصيل و إسهاب رغم وضوح عبارة ابن بسر رضي الله عنه في الدلالة على عدم الحرمة، و لو أن الأخ الكريم أنصفني لوافقني و سلم لما قلتُ أو على افتراض كون كلامي محض خطأ لبين لي موضع الخطأ بكلام علمي واضح، لكنه للأسف لم يفعل هذا و لا ذاك ـ كما هي حاله كثيراً في هذا النقاش العجيب ـ و بدل ذلك راح يسأل أسئلة فيها حيدة ظاهرة عن نقطة الخلاف، و بيان ذلك أنه يسأل مثلاً عمن علم أن صيامه ليوم ما ليس له فيه أجر و ليس عليه إثم أيعقل أن يصومه؟ أيفرح بصيامه؟ أيعيد صيامه؟ ... إلخ!!
التسلسل السليم في التفكير و في الحوار أن يخبرنا الأخ الكريم أولاً، هل سلم لنا بكون لا لك و لا عليك تعني عدم الحرمة حتى نبحث في تساؤلاته؟
إن أجاب بنعم فلا بأس و إن أجاب بلا فما الفائدة من هذه الأسئلة الفرعية؟ أليس الأجدر أن نناقش معنى العبارة أولاً بدلاً من إضاعة الوقت في التفريعات؟
و لكن لا بأس، الجواب أخي الكريم:
" لا لك و لا عليك " تدل على أحد معنيين كما بينتُ لك في مشاركة سابقة: إما الجواز و إما الكراهة
أما الجواز فقد قال به كل من رد حديث النهي، و الجائز لا يثاب فاعله و لا يعاقب تاركه فمن فعل الجائز يكون لا له و لا عليه كما قال ابن تيمية رحمه الله في معرض حديثه عن الدعاء " وإن كان مباحا مستوي الطرفين فلا له ولا عليه " فهل من دعا بدعاء مباح لا يؤجر عليه؟ وهل من قال بجواز صيام السبت يعني أن صائمه لا أجر له على صيامه؟ و هل قول الزهري رحمه الله عن صيام السبت " لا بأس به" يعني أن صائمه لا يؤجر؟
الجواب لا! بل هؤلاء الأئمة أرادوا أنه لا يوجد ندب خاص لصيام السبت كالوارد في صيام الإثنين و الخميس مثلاً و لا يوجد في الطرف المقابل نهي خاص عن صيامه كالوارد في صيام الجمعة مثلاً، فلا يقال إن صيامه مندوب أو مسنون و لا يقال إنه مكروه فهو بهذا الاعتبار جائز، و لكن من صامه فإنه يؤجر لاندراج صومه تحت عموم الحث على الصيام دون تفرقة بين سبت و غيره.
و على هذا ـ و الله أعلم ـ يحمل كلام ابن تيمية رحمه الله السابق فمن دعا طالباً المال أو النجاح أو غير ذلك من المباحات فدعاؤه مباح ليس له أجر خاص عليه و لكنه يؤجر بلا شك على دعائه هذا لاندراجه تحت عموم الحث على دعاء الله عز و جل.
أما الكراهة فقد قال بها كل من صحح حديث النهي، و المكروه لا يعاقب فاعله و يثاب تاركه فمن فعل المكروه يكون لا له و لا عليه، و لكن هل الجمهور الذين قالوا بكراهة إفراد السبت بالصيام و لم يقولوا بحرمته يحثون على صيامه أو يرجحون جانب صومه على جانب ترك صومه؟ الجواب بالتأكيد لا!
فما حكم من أفرد السبت بالصيام عندهم، هل يؤجر؟
الذي يفهم من الإجماع الذي ذكره ابن حزم في مراتب الإجماع و لم يعترض عليه ابن تيمية رحمهما الله أن من أفرد السبت بالصيام يؤجر عند الجمهور القائلين بكراهة إفراده و هذه عبارته:
" وأجمعوا أن من تطوع بصيام يوم واحد ولم يكن يوم الشك، ولا اليوم الذي بعد النصف من شعبان، ولا يوم الجمعة، ولا أيام التشريق الثلاثة بعد يوم النحر: فإنه مأجور حاشا الامرأة ذات الزوج " ا. هـ
و قد يشكل هذا، فكيف يكون الإتيان بالعبادة على وجه مكروه يستلزم الأجر و الثواب؟
لقد عنَّ لي جواب عن ذلك إن كان حقاً فمن الله عز و جل و بتوفيقه و إن كانت الأخرى فأنا راجع عنه إن شاء الله، و كما قيل المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه فأرجو ألا يبخل الأخوة الكرام بالنصح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/80)
الجواب: من المعلوم أن النذر عبادة من العبادات، و مع ذلك فقد ورد النهي عنه كما في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنه، و النهي إن لم يكن للتحريم فللكراهة، فأقل درجات النذر أنه مكروه و مع ذلك فمن أتى به وجب عليه الوفاء إن كان نذر طاعة و يؤجر حينئذ لأنه قد أتى بالواجب و يأثم إن ترك الوفاء.
قال الحافظ في فتح الباري [جزء 11 - صفحة 578]
" قال ابن المبارك معنى الكراهة في النذر: في الطاعة وفي المعصية، فإن نذر الرجل في الطاعة فوفى به فله فيه أجر ويكره له النذر "
فيمكن أن يقال نفس الشيء أن من أفرد السبت بالصيام أو خصه به فقد أتى مكروهاً بسبب تخصيصه أو إفراده لكنه يؤجر لاندراج صومه تحت أصل الحث على الصيام المستلزم للأجر و الثواب، و الله أعلم.
هذا و قد قال ابن تيمية رحمه الله عند ذكر حديث ابن لهيعة في صيام السبت " ... قال [أي النبي عليه السلام]: كلي فإن صيام يوم السبت لا لك ولا عليك. وهذا وإن كان إسناده ضعيفا لكن تدل عليه سائر الأحاديث " ا. هـ أي سائر أحاديث الإباحة و كلها بلا شك تثبت الأجر لمن صام السبت لا بعينه و لكن كغيره من الأيام.
إذا كان الأمر كما ذُكِرَ سابقاً فإن كلاً من القائلين بالجواز و القائلين بالكراهة ـ و كلا القولين ينطبق عليه قولنا للصائم لا لك و لا عليك ـ لا ينفون الأجر عن صائم السبت بل يثبتونه فلا يتوجه لمن أفتى بأحد القولين قول الأخ الكريم: " فنحن نقول له انك إن صمت ذلك اليوم فليس لك ثواب، "
التساؤل الثاني
و الجواب عنه ـ إضافة لما سبق ـ أننا يجب أن نتأمل جيداً في قصة سائل عبد الله بن بسر رضي الله عنهما، فإنه قد جاء يسأل عن صيام يوم محدد فهو يسأل عن صيام يوم السبت بعينه، فلماذا؟
هل يخطر ببال أي منا أن يسأل مفتيه عن صيام يوم الثلاثاء مثلاً؟ الجواب هو لا، و لا يكون الجواب بنعم إلا عند من قام لديه أمر ما خاص بيوم الثلاثاء كحديث أنه عليه السلام " كان يصوم من الشهر السبت و الأحد و الاثنين و من الشهر الآخر الثلاثاء و الأربعاء و الخميس " فأراد أن يعرف حكم المسألة و هل للثلاثاء حكم خاص، و إلا فالكل يعلم حتى العوام أنه يجوز صيام الثلاثاء و أن من صامه يؤجر لا لخصوصيةٍ لهذا اليوم بل لاندراجه تحت عموم الحث على الصيام، لذا فربما صادف الكثير منا أن يستيقظ يوماً ما و لا يكون من الأيام التي يندب صيامها فينوي صومه فإذا علم بذلك بعض من حوله من العوام يقول له: لكن اليوم ليس اثنين أو خميس! فإذا قال له الصائم نعم و لكنني صمتُ اليوم تقرباً لله، قبل منه العامي ذلك.
نعود لسائل عبد الله بن بسر رضي الله عنه فسؤاله عن صيام السبت يدل على أنه قد قام في نفسه أمر ما بشأن صيامه بعينه لا كغيره من باقي الأيام، و هذا الأمر إما أن يرجح صيامه أو أن يرجح ترك صيامه، فما هو هذا الأمر؟
قد يقول قائل إنه حديث النهي أو حديث أنه عليه السلام كان أكثر ما يصوم من الأيام السبت و الأحد، و هذا بعيد جداً لأنه كان بالتأكيد سيذكر ذلك لعبد الله بن بسر رضي الله عنه.
الذي يغلب على الظن ـ والله أعلم ـ هو أنه قد قام في نفسه شيء بخصوص صومه من حيث كونه يوماً تعظمه يهود لأنه عيدهم فأراد أن يعرف إن كان قد ورد شيء بخصوص صومه بعينه مخالفةً لهم فقال له ابن بسر رضي الله عنه " لا لك و لا عليك " أي أنه كباقي الأيام التي لم يرد فيها شيء مخصوص بعينها فصيامها جائز و ليس في صيامها أجر زائد كالأيام المندوبة، و إلى هذا المعنى أشار المناوي رحمه الله في فيض القدير 4/ 230 قال: (صيام يوم السبت لا لك ولا عليك أي لا لك فيه مزيد ثواب ولا عليك فيه ملام ولا عتاب ... )
و هذا الذي قام في نفس السائل هو نفس ما قام في نفوس العلماء بخصوص السبت و غيره من أعياد الكفار، قال ابن تيمية رحمه الله تعالى
اقتضاء الصراط المستقيم [جزء 1 - صفحة 262]
" فصل
فأما صوم أيام أعياد الكفار مفردة بالصوم كصوم يوم النيروز والمهرجان وهما يومان يعظمهما الفرس فقد اختلف فيهما لأجل أن المخالفة تحصل بالصوم أو بترك تخصيصه بعمل أصلا؟ فنذكر صوم يوم السبت أولا ... "
لذا فجعل الإمام أحمد رحمه الله المراد من الحديث هو الإفراد كما في الاقتضاء بقوله (أما صيام يوم السبت ينفرد به فقد جاء في ذلك الحديث حديث الصماء ... )
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/81)
و كذلك الترمذي رحمه الله بقوله (ومعنى كراهته في هذا أن يخص الرجل يوم السبت بصيام لأن اليهود تعظم يوم السبت)
و كذلك قول الطحاوي رحمه الله (وقد يجوز عندنا والله أعلم أن يكون ثابتا [يعني حديث النهي] [و] أن يكون إنما نهى عن صومه لئلا يعظم بذلك فيمسك عن الطعام والشراب والجماع فيه كما يفعل اليهود فأما من صامه لا لإرادته تعظيمه ولا لما تريد اليهود بتركها السعي فيه فإن ذلك غير مكروه)
كل ذلك و غيره لم يأتِ مخالفاً للمعنى الوحيد و الواضح للحديث كما يقول الشيخ الألباني رحمه الله، بل جاء عن نظر متأن ٍ لمعرفة علة هذا النهي، لذا فابن تيمية رحمه الله في الاقتضاء لم يَرُدَّ هذا الفهم للحديث بل نقله كما هو فقال " وعلى هذا فيكون قوله لا تصوموا يوم السبت أي لا تقصدوا صيامه بعينه إلا في الفرض ... "
فبناء على كل ما سبق يمكن القول أن الأمر مختلف جداً و ذلك جواباً على سؤال الأخ الكريم
فهل عبدالله بن بسر يقول إن كل سبت من صامه فصيامه لا له ولا عليه؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وبذلك يضيع اجر من صام يوم عرفة أو عاشوراء فليس له فيها اجر إن وافقت يوم سبت حسب فتوى عبد الله بن بسر رضي الله عنه , اما الأمر مختلف؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
التساؤل الثالث
و هذا التساؤل فيه الكثير من الإبهام و التعميم مما يجعل الجواب عليه عسيراً على من لم يتابع تفاصيل النقاش ـ النقاش مجازاً لا حقيقة ـ و هاكم نص تساؤل الأخ الكريم
(هل من العقل أن نحكم على مسألة ما بالتوقف وهذه المسألة هي شرح معنى كلمة ما؟ وهذه الكلمة لها معنيان عند القائل وهذا القائل أكثر ما يستخدمها للمعنى الأول وقليل ما يستخدمها للمعنى الثاني، فهل:
نتوقف عن مراد هذا القائل لهذه الكلمة؟؟
اما هل يكون مراده للمعنى الأول وهو أكثر ما يريده؟؟
اما هل يكون مراده للمعنى الثاني وهو قليل ما يريده مع العلم انه لا قرينة صحيحه – لست قرينة وهمية- تحدد مراد القائل؟؟؟.)!!!!! ـ التعجب من عندي ـ
الأخ الكريم يتحدث هنا عن معنى الكراهة عند السلف و كان قد طلب مني في المشاركة 53 أن أكتب بحثاً مستقلاً حول المسألة لنتباحث في الأمر و أن لديه بحثاً حولها " أشبه بالجاهز وسينزل في موعده إن شاء الله تعالى. " كما قال، و قد فُتِحَ نقاش حول المسألة هنا
مفهوم الكراهة عند السلف ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=73096)
و قد شارك فيه الأخ الكريم أبو سند و لكنه للأسف لم يفدنا بشيء من بحثه كما وعد بل أفادنا فائدة يتيمة بقوله بالحرف دون زيادة أو نقصان في المشاركة 14 " ربما نخلص إلى أن الكراهة إذا أطلقت عند السلف يراد بها التحريم .. " هكذا أطلقها عارية عن الدليل ـ رحم الله أهل الدليل!! ـ و كان هذا في مقابل العديد من الأدلة من كلام السلف الذي سقتُه مع فهم الأئمة له مما يوضح أن السلف قد يطلقون الكراهة و يريدون بها التنزيه و لكن ... !
و رغم أنني في مشاركتي الأخيرة قد لفتُّ نظر الأخ الكريم برفق إلى أنه ليس من اللائق به أن يلمزني بفقدان العقل حيث وصف رأيي في المسألة أنه لا يقول به عاقل إلا أنه للأسف عاد مرة ثانية لتقسيم العقول بناء على نفس المسألة!
لا بأس أخي الكريم سأسير معك كما يقول الشيخ الألباني رحمه الله (الذي لا يأتي معك اذهب معه)!
الإمام أحمد رحمه الله من السلف، و السلف أكثر ما يطلقون الكراهة للتحريم و أحياناً يطلقونها للتنزيه، و قد أطلق رحمه الله الكراهة في مسألة أو أكثر و لم تكن هناك قرينة على مراده، فلنرَ ماذا فعل من لن نختلف إن شاء الله على كونه من العقلاء ـ بل من أعقلهم ـ أعني شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
الفتاوى الكبرى [جزء 5 - صفحة 321]
(لم ينقل عن أحد من السلف الأذان قاعدا لغير عذر وخطب بعضهم قاعدا لغير عذر وأطلق أحمد الكراهة والكراهة المطلقة هل تنصرف إلى التحريم أو التنزيه؟ على وجهين)
مجموع الفتاوى [جزء 31 - صفحة 212]
(فمذهب أحمد فى غير المسجد يجوز بيعه للحاجة وأما المسجد فيجوز بيعه أيضا للحاجة فى أشهر الروايتين عنه وفى الأخرى لا تباع عرصته بل تنقل آلتها إلى موضع آخر، ونظير هذا المصحف فإنه يكره بيعه كراهة تحريم أو تنزيه)
مجموع الفتاوى [جزء 32 - صفحة 108]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/82)
(وأما إذا نوى الزوج الأجل ولم يظهره للمرأة فهذا فيه نزاع يرخص فيه أبو حنيفة والشافعي ويكرهه مالك وأحمد و غيرهما ... وهو يتردد بين كراهية التحريم وكراهة التنزيه)
الفتاوى الكبرى [جزء 6 - صفحة 8]
(قالوا: لأن أحمد قال: أكرهه والكراهة المطلقة منه هل تحمل على التحريم أو التنزيه؟ على وجهين)
شرح العمدة [جزء 4 - صفحة 117]
(و الكراهة المطلقة من الإمام تحمل على التحريم أو التنزيه؟ فيه وجهان)
فإن كان هذا الإمام ليس بعاقل فليشهد الثقلان بأني لست بعاقل!!
التساؤل الرابع
هل من الواجب على شخص ما استدل بتضعيف حديث ما لعالم ما إن:
يلتزم برأي هذا العالم في حكمه على أي حديث أخر؟ وهل إن خالفه يكون قد اتبع هواه؟؟ فهو متى ما كان رأى هذا العالم موافقا لما يراه يحكم بصواب رأيه ومتى ما كان مخالف لما يراه لم يأخذ بحكمه على الحديث.
أم إن الواجب عليه وان اخذ بحكم هذا العالم في حديث ما وأتضح أن حكمه على حديث أخر ليس بصواب أن يخالف ذلك العالم في الحديث الأخر؟؟
الجواب بحول الملك الوهاب:
إن كان السائل قادراً على التمييز بين كلام علماء الحديث بحيث يتبين له خطأ الكلام من صوابه و بحيث يفهم كلامهم على مرادهم و ليس على عكس مرادهم، فله أن يأخذ بتصحيح أو تضعيف أي منهم عند ظهور حجته له.
أما إن كان عاجزاً عن التمييز و يفهم من كلامهم عكس مرادهم منه فهذا ليس له سوى تقليد من يثق في علمه بالحديث من أهل الديانة و الورع فيجعله حجة بينه و بين الله عز و جل حتى لا يقع في إثم نسبة كلام للنبي عليه السلام و هو لم يقله.
فإن أخذ بحكم هذا العالم على الأحاديث التي توافق رأيه الفقهي و رد حكمه في الأحاديث التي لا توافق رأيه الفقهي فلا شك أنه بذلك يكون متبعاً لهواه، فليس له سوى التوبة إلى الله عز و جل بشروطها الثلاثة.
و بعد فإنني أتمنى بصدق أن يكون الأخ الكريم قد اقتنع بما ذكرتُه له في المشاركة السابقة و في المشاركات من 71 إلى 73 و أن تكون تساؤلاته السابقة إنما هي شبهات تعكر على هذه القناعة، كما أتمنى أن أكون قد وفقت في كشف هذه الشبهات.
أما إن كانت الأخرى ـ و هو ما يظهر للأسف ـ فأطلب منه أن يرد بعلم على ما بينتُه من أخطاء علمية وقع فيها في بحثه الأخير، هذا البيان الذي أحسب أنه قد خلا مما يسميه الأخ الكريم (تهويشاً) و لم يخلُ من الفائدة بإذن الله، و لو و لم يكن فيه سوى تنبيه الأخ الكريم على الخطأ الفاحش بنسبة الأمر بصيام السبت لمن صام الجمعة للنبي صلى الله عليه و سلم لكفى!!
و كم تمنيتُ ألا يخلو كلام الأخ الكريم الأخير من التراجع ـ على الأقل ـ عن نسبة هذا للنبي صلى الله عليه و سلم، و لكن للأسف خاب أملي، إلا أنني ما زلتُ آمل.
اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
و صل اللهم على عبدك و نبيك محمد و على آله و صحبه و سلم.
ـ[أبو عبد الله الساحلي]ــــــــ[12 - 04 - 06, 06:45 م]ـ
بارك الله فيك أخي أبا البراء
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[12 - 04 - 06, 07:37 م]ـ
للأسف الشديد! لف ودوران وحيدات كثيرة من الأخ أبي سند -واعذرني يا أبا سند ولا تغضب، فكما قيل: إنما يقسو المحب-، فنرجو منه أن يفند ردود الشيخ الكناني جملةً جملةً كما فُعل بردوده ..
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 - 04 - 06, 08:28 م]ـ
أحسن الله إليكم
أخي الكريم أبا البراء الكناني
جزاكم الله خيرا ووفقكم إلى ما يحبه ويرضاه
ودمتم ذخرا للملتقى الكريم
ـ[مجدي أبو عيشة]ــــــــ[12 - 04 - 06, 09:38 م]ـ
معذرة لست مع القول بتحريم صوم السبت. ولكني لست مع من يرمي العلماء بالجهل والشذوذ خصوصا ان كانوا من محاربي ذلك.
يزعم بعض الاخوة ان الالباني هو اول من قال بتحريم صوم السبت. وزعموا ان الكراهة ليست تحريمية هنا. وقد جاء في في حاشة رد المحتار:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/83)
(قَوْلُهُ: الْمَكْرُوهُ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى السُّنَّةِ أَوْ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ: كَالْعِيدَيْنِ وَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّكَلُّفِ الْمَارِّ فِي وَجْهِ إدْخَالِهِ فِي النَّفْلِ عَلَى أَنَّ صَوْمَ الْعِيدَيْنِ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا وَلَوْ كَانَ الصَّوْمُ وَاجِبًا (قَوْلُهُ: كَالْعِيدَيْنِ) أَيْ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: وَعَاشُورَاءَ وَحْدَهُ) أَيْ مُفْرَدًا عَنْ التَّاسِعِ أَوْ عَنْ الْحَادِيَ عَشَرَ إمْدَادٌ؛ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالْيَهُودِ مُحِيطٌ (قَوْلُهُ: وَسَبْتٍ وَحْدَهُ) لِلتَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ بَحْرٌ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تُفِيدُ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِالتَّشَبُّهِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ ط.
قُلْت: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَأَحَدٍ بَدَلَ قَوْلِهِ وَحْدَهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَقَالَ وَيُكْرَهُ صَوْمُ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ إذَا تَعَمَّدْهُ وَلَمْ يُوَافِقْ يَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَهَكَذَا قِيلَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ.
ا هـ.؟ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا تَثْبُتُ بِقَصْدِ
الشاملة 2 7/ 329
وفي الفتاوي الفقهية الكبرى:"وَذَكَر الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إفْرَادُ عِيدٍ مِنْ أَعْيَادِ أَهْلِ الْمِلَلِ بِالصَّوْمِ كَفَصْحِ النَّصَارَى وَفَطِيرِ الْيَهُودِ وَيَوْمِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَان ا هـ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ قِيَاسٌ مَا مَرَّ فِي صَوْمِ السَّبْت وَالْأَحَد الْكَرَاهَة؛ لِأَنَّ فِي صَوْمِهَا تَعْظِيمًا لَهَا وَيُؤَيِّدهُ قَوْلُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَإِنَّمَا كُرِهَ إفْرَادُ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ عِيدُنَا أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَأَهْلُ الْكِتَابِ يَصُومُونَ فِي عِيدِهِمْ فَكُرِهَ التَّشَبُّهُ بِهِمْ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنْ صَحَّ مَا ذَكَره عَنْهُمْ أَيْ مِنْ أَنَّهُمْ يَصُومُونَ يَوْمَ عِيدِهِمْ فَالْوَجْهُ كَرَاهَةُ إفْرَادِ أَيَّامِ أَعْيَادِهِمْ بِالصَّوْمِ عَكْسُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ لِمَا فِيهِ مَنْ مُوَافَقَتِهِمْ ا هـ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْأَوْجُه كَرَاهَةُ صَوْمِهَا، وَإِنْ كَانُوا لَا يَصُومُونَهَا أَلَا تَرَى إلَى كَرَاهَةِ إفْرَادِ السَّبْتِ مَعَ أَنَّهُمْ لَا يَصُومُونَهُ وَكَذَا الْأَحَدِ لِمَا مَرَّ عَنْ الْحَلِيمِيِّ أَنَّ الصَّوْمَ إمْسَاكٌ وَتَخْصِيصَهُ بِالْإِمْسَاكِ عَنْ الْأَشْغَالِ مِنْ عَوَائِدِ الْيَهُودِ وَكَذَا فِي بَقِيَّةِ أَعْيَادِهِمْ فَقَالَ بِالْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ إمْسَاكٌ وَتَخْصِيصُ هَذِهِ الْأَيَّامِ بِالْإِمْسَاكِ عَنْ الْأَشْغَالِ مَنْ عَوَائِدِ الْكَفَرَةِ فَكُرِهَ التَّشَبُّه بِهِمْ فِي ذَلِكَ سَوَاءً كَانُوا يَصُومُونَهَا أَمْ لَا."
وقال:"وَهَذَا عَرْضٌ خَاصٌّ فِي هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ، وَأَمَّا الْعَرْضُ الدَّائِمُ فَهُوَ كُلُّ يَوْمٍ بُكْرَةً وَعَشِيًّا وَلَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ مِنْ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ صِحَّةَ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ السَّبْتِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى إفْرَادِهِ."
وفي سبل السلام:" (648) - وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا، {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَكْثَرَ مَا يَصُومُ مِنْ الْأَيَّامِ يَوْمَ السَّبْتِ، وَيَوْمَ الْأَحَدِ، وَكَانَ يَقُولُ: إنَّهُمَا يَوْمَا عِيدٍ لِلْمُشْرِكِينَ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَهُمْ} أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَهَذَا لَفْظُهُ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/84)
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ مَا كَانَ يَصُومُ مِنْ الْأَيَّامِ يَوْمَ السَّبْتِ وَيَوْمَ الْأَحَدِ وَكَانَ يَقُولُ: إنَّهُمَا يَوْمَا عِيدٍ لِلْمُشْرِكِينَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَهُمْ} أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَهَذَا لَفْظُهُ فَالنَّهْيُ عَنْ صَوْمِهِ كَانَ أَوَّلَ الْأَمْرِ حَيْثُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ كَانَ آخِرَ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخَالَفَتَهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَدِيثُ نَفْسُهُ، وَقِيلَ: بَلْ النَّهْيُ كَانَ عَنْ إفْرَادِهِ بِالصَّوْمِ إلَّا إذَا صَامَ مَا قَبْلَهُ أَوْ مَا بَعْدَهُ.
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ {كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ مِنْ الشَّهْرِ السَّبْتَ وَالْأَحَدَ وَالِاثْنَيْنِ وَمِنْ الشَّهْرِ الْآخَرِ الثُّلَاثَاءَ وَالْأَرْبِعَاءَ وَالْخَمِيسَ} وَحَدِيثُ الْكِتَابِ دَالٌّ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَوْمِ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ مُخَالَفَةً؛ لِأَهْلِ الْكِتَابِ وَظَاهِرُهُ صَوْمُ كُلٍّ عَلَى الِانْفِرَادِ وَالِاجْتِمَاعِ."
وفي تحفة الفقهاء:"أما الصوم المكروه فأنواع:
منها: صوم ستة أيام في كل سنة: صوم يوم النحر، وصوم أيام التشريق، ويوم الفطر، ويوم الشك بنية رمضان، أو بنية مترددة بأن نوى الصوم عن رمضان إن كان من رمضان وإن لم يكن فعن التطوع، وهذا مكروه: قال النبي عليه السلام: من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم، وقد قام الدليل على أن الصوم فيه، عن واجب آخر أو عن التطوع مطلقا، لا يكره، ثبت أن المكروه ما قلنا.
وإنما لا يكره عن مطلق التطوع على وجه لا يعلم العوام ذلك، كيلا يعتادوا الصوم فيه، فيظنه الجهال زيادة على رمضان.
وكذا صوم الصمت مكروه في الاوقات كلها، بأن يصوم ويمسك عن الكلام والطعام جميعا، لان هذا تشبه بالمجوس، فإنهم يفعلون هكذا.
وكذا صوم يوم السبت مفردا: مكروه، لان هذا تشبه باليهود. وكذا صوم يوم عاشوراء مفردا: مكروه، عند بعض أصحابنا، لانه تشبه باليهود .......... "
بالنسبة للكراهة فمدلولها عند ورودها على اصطلاح صاحبها. فالكراهة التنزيهية والتحريمية هي تقسيم لبعض الفقهاء لا كلهم.
اما بالنسبة لصيام داود عليه السلام فأسأل من يستدل به كيف يصوم يوم ويفطر يوم فيصيب يوم الاثنين ويوم الخميس؟
والسؤال لمن تكلم انه مكروه ويصام: هل المكروه يتعبد بفعله؟
وزعم الاجماع في مثل القول بجوازه منفردا امرا محالا لثبوت خلاف ذلك.
ارجوا الله ان يرحمنا ولا يجعل مصيبتنا في ديننا.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 - 04 - 06, 10:39 م]ـ
أما بالنسبة لصيام داود عليه السلام فأسأل من يستدل به كيف يصوم يوم ويفطر يوم فيصيب يوم الاثنين ويوم الخميس؟
سبحان الله!!
وهل صيام الاثنين والخميس واجب؟!
معلوم أن صيام يوم وإفطار يوم هو أفضل الصيام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينازع في ذلك أحد، وليس من شرط ذلك أن يصيب الاثنين والخميس؛ لأنهما لا يجتمعان.
ومعلوم أن تفويت بعض النوافل من أجل تحصيل ما هو أعلى منها فضلا وثوابا ليس فيه ما ينكر
فأرجو من الأخ (مجدي أبي عيشة) أن يحرر موضع النقاش ولا يظن بإخوانه العصبية، فقد يحمله ذلك على العصبية أيضا.
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[13 - 04 - 06, 05:20 ص]ـ
أخي الكريم الساحلي ... و فيك بارك الله أخي الحبيب و جزاك خيراً على صبرك، بلغك الله به الجنان.
أخي الكريم ... أسامة عباس ... جزاك الله خيراً على مرورك أخي الحبيب، و أدعو الله ألا يغضب أخونا أبو سند الذي نحبه مثلك أيضاً، جمعنا الله و إياكم في مستقر رحمته.
أما قولك (الشيخ الكناني)!!! فهذه تحتاج منك لتوبة ـ غفر الله لك ـ فو الله الذي لا إله إلا هو حسبي أن أكون طالب حق، و الله المستعان.
أخي الفاضل أبا مالك العوضي ... و إياك أخي الحبيب، و أنت جزاك ربي خيراً على كريم ودك، جمعني الله و إياك في مستقر رحمته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/85)
أخي الفاضل مجدي أبو عيشة ... أحسن الله إليك و بارك فيك و جمعني الله و إياك على هداه.
لقد وقع خطأ أخي الكريم في نقلكم عن حاشية ابن عابدين، هذا النقل الذي اقتبستموه من مكان ما فربما أن من نقلتم عنه قد أخطأ في النقل، و لكن قد حصل نوع تقديم و تأخير في الكلام أدى لتغير في المعنى و هو ما غيرت لونه في النقل التالي
[406 - 413]
كتاب الصوم ... الترجمة لانواع الصيام الثلاثة: أعني الفرض والواجب والنفل ... قوله: (ونفل) أراد به المعنى اللغوي وهو الزيادة لا الشرعي وهو زيادة عبادة شرعية لنا لا علينا، لانه أدخل فيه المكروه بقسميه ... (يعم السنة) ... (والمندوب) بالنصب عطف على السنة ... (كأيام البيض) ... (ويوم الجمعة ولو منفردا) ... (والمكروه) بالنصب عطفا على السنة أو بالرفع على الابتداء، وخبره قوله: كالعيدين وحينئذ لا يحتاج إلى التكلف المار في وجه إدخاله في النفل، على أن صوم العيدين مكروه تحريما ولو كان الصوم واجبا. قوله: (كالعيدين) أي وأيام التشريق. نهر. قوله: (وعاشوراء وحده) أي مفردا عن التاسع أو عن الحادي عشر. إمداد. لانه تشبه باليهود. محيط. قوله: (وسبت وحده) للتشبه باليهود. بحر. وهذه العلة تفيد كراهة التحريم، إلا أن يقال: إنما تثبت بقصد التشبه كما مر نظيره ط. قلت: وفي بعض النسخ وأحد بدل قوله وحده وبه صرح في التاترخانية فقال: ويكره صوم النيروز والمهرجان إذا تعمده ولم يوافق يوما كان يصومه قبل ذلك، وهكذا قيل في يوم السبت والاحد اه: أي يكره تعمد صومه إلا إذا وافق يوما كان يصومه قبل، كما لو كان يصوم يوما ويفطر يوما، أو كان يصوم أول الشهر مثلا فوافق يوما من هذه الايام. وأفاد قوله وحده أنه لو صام معه يوما آخر فلا كراهة، لان الكراهة في تخصيصه بالصوم للتشبه ... فصار جملة ما دخل في قوله: (ونفل) خمسة عشر بجعل العيدين اثنين، وجعل يوم الاحد منها على ما في كثير من النسخ، فافهم. لكن بقي عليه من المكروه تحريما أيام التشريق وصوم يوم الشك على ما يأتي تفصيله، ومن المكروه أيضا صوم المرأة والعبد والاجير بلا إذن الزوج والمولى والمستأجر، وسيأتي بيانه) ا. هـ
أخي الكريم لقد آثرت أن أطيل النقل قليلاً كي تضح الصورة للقراء الكرام، فكما لا يخفى عليكم أن للأحناف أصولاً و مصطلحات خاصة بهم فانظر مثلاً كيف يستخدمون النفل بمعناه اللغوي فيدخلون فيه السنة و المندوب و المكروه تحريماً و المكروه تنزيهاً، فمن لم يعرف ذلك فقرأ قوله في نهاية النقل " فصار جملة ما دخل ... " فلا شك أن الأمور ستختلط عليه.
أخي الكريم إن ما تراه دليلاً من النقل السابق على أن الشيخ الألباني رحمه الله له سلف في القول بالحرمة هو هذه العبارة " (وسبت وحده) للتشبه باليهود. بحر. وهذه العلة تفيد كراهة التحريم، إلا أن يقال: إنما تثبت بقصد التشبه كما مر نظيره ط. " و ليس فيها دليل على ذلك لأسباب منها:
1. أن ابن عابدين رحمه الله يناقش علة الكراهة و لم يجزم أنها للتحريم بل الظاهر أنه قد أحال على ما مر من كلام الطحاوي صاحب الحاشية، و قد قال الطحاوي: التشبه بأهل الكتاب لا يكره في كل شيء ... وإنما الحرام التشبه بهم فيما كان مذموما وما يقصد به التشبه قاله قاضيخان في شرح الجامع الصغير فعلى هذا لو لم يقصد التشبه لم يكره عندهما كما في البحر.
2. المعروف من مذهب الأحناف أن السبت يكره إفراده بالصيام كراهة تنزيه كالجمعة و عاشوراء، و أن المكروه تحريماً عندهم هو يومي العيد و أيام التشريق الثلاثة و يوم الشك على تفصيل في هذا الأخير.
3. النقل السابق بتمامه واضح من سياقه أن إفراد السبت من المكروه تنزيهاً لا تحريماً.
4. على فرض أن المراد هو كراهة التحريم، فليس على عمومه كما يقول الشيخ رحمه الله بل على الإفراد فقط، ثم أخي الكريم من القائل بهذا؟ ابن عابدين؟ الطحاوي المُحَشِّي؟ إننا يا أخي نطالب بأحد من السلف فهم الحرمة و من ذكرتُ إنما هما من المتأخرين فإن قبلنا بتفردهما و بأن يقولا بقول لم يسبقهما إليه أحد فقبولنا بتفرد الشيخ رحمه الله أولى عندنا بلا شك، و لكن كلا الأمرين غير مقبول.
أما باقي النقول أخي الكريم فلم يتبين لي وجه الاستدلال بها فأرجو البيان.
و أما الكراهة و المراد بها فالمتعلق منها تعلقاً وثيقاً بمسألتنا هو قول الطحاوي رحمه الله أن قوماً كرهوا صوم السبت تطوعاً، و قد دار نقاش حول هذه النقطة في مشاركات سابقة في الموضوع عسى أن تقرأها مشكوراً.
قلتَ أخي الكريم
والسؤال لمن تكلم انه مكروه ويصام: هل المكروه يتعبد بفعله؟
لقد ضربتُ في مشاركتي السابقة مثالاً بالنذر و أنه مكروه و الوفاء به واجب و أنه من العبادات، و أنا حقيقة متطلع لفوائد و تصويبات الأخوة الكرام حول ما كتبتُ، فلا تبخل علي بذلك أخي الكريم.
و قلتَ
وزعم الاجماع في مثل القول بجوازه منفردا امرا محالا لثبوت خلاف ذلك.
أخي الكريم أين ثبت خلاف ذلك؟ إن الإجماع المنقول عن ابن حزم مؤداه أن صائم السبت مأجور و قد وجهتُ هذا الكلام على ما ظهر لي، فما وجه الاعتراض أحسن الله إليك؟
في انتظار فوائد الأخوة و ... دمتم بعافية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/86)
ـ[ناصف]ــــــــ[14 - 04 - 06, 11:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد كنت من اكثر المتابعين لهذا الحوار , والذي كان في الواقع من اكثر المواضيع التي اشكلة على كثير من الناس في هذا الوقت , غير انني اود ان ابين بعض المغالطات التى حدثة بين المتحاوريين والتى كان بسببها الخروج من هذا البحث بدون ما كان يرجى منه من بيان لهذا الحكم.
اولا: وقبل كل شى يجب ان يعلم المتحاورين ان هذا الحكم-حكم صيام يوم السبت- قد اختلف فيه خيرة علماء هذا العصر , الشيخ الالبانى وابن باز والعثيمين رحمهم الله جميعا , وعليه فلن يكون احد من المتحاوريين باكثر علما من هؤلاء العلماء , وانما هو لفتح باب النقاش بين الاعضاء , هذا اولا.
اما الامر الاخر فهو ان هناك بعض الاعضاء قد تدخلوا في هذا الحوار ولكن كان تدخلهم للاسف الشديد سببا في خروج هذا الحوار عن ما اريد له , فليت من كان هذا حاله آثر الخروج من الموضوع رحمة لنفسه ولاخوانه المتحاورين.
وبعد هذه الكلمات اود ان ادلي بدلوي حول هذا الموضوع وبما اني قد تدخلت في الموضوع متاخرا فلن يكون بوسعي ان اكتب في هذا الموضوع من البداية , ولكن على العكس من ذلك فسوف ابد بما انتهاء اليه البحث.
فاقول:
لقد جاء الاخ الكناني بشى غريب عندما حول ان يقيس النذر بصيام يوم السبت حيث قال:
قد يشكل هذا، فكيف يكون الإتيان بالعبادة على وجه مكروه يستلزم الأجر و الثواب؟
من المعلوم أن النذر عبادة من العبادات، و مع ذلك فقد ورد النهي عنه كما في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنه، و النهي إن لم يكن للتحريم فللكراهة، فأقل درجات النذر أنه مكروه و مع ذلك فمن أتى به وجب عليه الوفاء إن كان نذر طاعة و يؤجر حينئذ لأنه قد أتى بالواجب و يأثم إن ترك الوفاء.
فنقول: نعم هذا يشكل حتى على العلماء , فمن غير الممكن ان تكون عبادة من وجه , وهي مكروهة من وجه اخر , هذا الاشكال موجود فقط في صيام يوم السبت لمن يرى بكراهته منفرد , اما قياسك عليه بالنذر فهذا لم يفهمه احد من العلماء – فيما اعلم– بل كان لهم كلام مخالف لم جئت به.
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ شرح كتاب ثلاثة الأصول:
(ودليل النذر قوله تعالى ?يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا? [الإنسان:7]) النذر: هو إيجاب المرء على نفسه شيئا لم يجب عليه، وتارة يكون النذر مطلقا، وتارة يكون بالمقابلة مُقيّد، والنذر المطلق غير مكروه، والنذر المقيد مكروه.
لهذا استشكل جمع من أهل العلم؛ استشكلوا كون النذر عبادة مع أن النذر مكروه، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول في النذر «إنه لا يأتي بخير وإنما يُستخرج به من البخيل» يقولون: إذا كان مكروها كيف يكون عبادة؟ ومعلوم أن العبادة يحبها الله جل وعلا، والنذر يكون مكروها كما دل عليه هذا الحديث، فكيف إذا كان مكروها يكون عبادة؟ وهذا الاستشكال منهم غير وارد أصلا؛ لأن النذر ينقسم إلى قسمين: نذر مطلق، ونذر مقيد. النذر المطلق: لا يكون عن مقابلة، وهذا غير مكروه، أن يوجب على نفسه عبادة لله جل وعلا بدون مقابلة، فيقول لله عليَّ نذر، مثلا يقول قائل: لله عليَّ نذر أن أصلّي الليلة عشرة ركعات طويلات. بدون مقابلة، هذا إيجاب المرء على نفسه عبادة لم تجب عليه دون أن يقابلها شيء، هذا النوع مطلق، وهذا محمود.
النوع الثاني المكروه: وهو ما كان عن مقابلة، وهو أن يقول قائل مثلا: إن شفى الله جل وعلا مريضي صُمْتُ يوما، إن نجحت في الاختبار صليت ركعتين، إن تزوجت هذه المرأة تصدقت بخمسين ريالا -مثلا- أو بمائة ريالا. هذا مشروط يوجب عبادة على نفسه، مشروطة بشيء يحصل له قدرا، من الذي يحصل الشيء ويجعله كائنا؟ هو الله جل وعلا. فكأنه قال إن أعطيتني هذه الزوجة، وإن يسرت لي الزواج بها، صليت لك ركعتين أو تصدقت بكذا. إن أنجحتني في الاختبار صمت يوما ونحو ذلك، وهذا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام «إنما يُستخرج به من البخيل» لأن المؤمن المقبل على ربه ما يعبد الله جل وعلا بالمقايضة، يعبد الله جل وعلا ويتقرب إليه لأن الله يستحق ذلك منه، فهذا النوع مكروه. النوع الأول محمود، وهذا النوع مكروه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/87)
والوفاء بالنذر في كلا الأمرين واجب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» فتحصل عندنا أن النذر في أربعة أشياء: نذر محمود -نحن ما نقول نذر مشروع فيفهم أحد أنه واجب أو مستحب, لا, نقول محمود، غير مكروه في الشرع، محمود وهو المطلق الذي ما فيه مقايضة ولا مقابلة-. النوع الثاني مكروه وهو الذي يكون عن مقابلة, الوفاء بالأول بنذر التبرّر والطاعة واجب, الوفاء بالثاني حتى ولو كان مكروها واجب، وهو الذي أثنى الله جل وعلا على أهله في الحالين بقوله (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) لأنه أوجب على نفسه، فلما كان واجبا صار الوفاء به واجبا، فامتثل للوجوب الذي أوجبه على نفسه لأنه يخشى عقابه، فتحصّل من هذه الأربع منها اثنتان واجبتان وهما الوفاء، وواحد محمود، وواحد مكروه، ولهذا صار غالب الحال-إذ كان عبادة- صار غالب الحال هو الحال التي أنه محمود فيها أو واجب.
وبهذا صار النذر عبادة من العبادات التي يرضاها الله جل وعلا ويحبها، إلا في حال واحدة وهي حال نذر المقابلة.
اتضح لكم هذا المقام؟ لأن بهذا التحرير تخلصون من إشكالات عِدَّة، ربما أوردها عليكم خصوم الدعوة والخرافيون في مسألة النذر. ظاهر؟ تأملوها لأنه قد لا تجد هذا التحرير في كثير من الكتب.
قال (ودليل النذر قوله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) وجه الاستدلال: أن الله جل وعلا امتدحهم بذلك بأنهم يوفون بالنذر، وإذ امتدحهم بذلك دل على أن هذا العمل منهم وهو الوفاء بالنذر أنه محبوب له جل وعلا، فثبت أنه عبادة لله جل وعلا.
والنذر له شقان: الشق الأول النذر والثاني الوفاء به، وكلا الأمرين إذا صُرفت لغير الله جل وعلا فهي شرك).
وقال الشيخ العثيمين في القول المفيد:
) وأعلم أن النذر لا يأتي بخير ولو كان نذر طاعة، وإنما يستخرج به من البخيل , ولهذا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وبعض العلماء يحرمه، وإليه يميل شيخ الإسلام ابن تيمية للنهي عنه، ولأنك تلزم نفسك بأمر أنت في عافية منه، وكم من إنسان نذر وأخيراً ندم، وربما لم يفعل.
ويدل لقوة القول بتحريم النذر قوله تعالى:) وأقسموا بالله جهد إيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن ([النور: 53]، فهذا التزام مؤكد بالقسم فيشبه النذر.
قال الله تعالى:) قل لا تقسموا طاعة معروفة ([النور: 53]، أي: عليكم طاعة معروفة بدون يمين، والإنسان الذي لا يفعل الطاعة إلا بالنذر، أو حلف على نفسه يعني أن الطاعة ثقيلة عليه.
ومما يدل على قوة القول بالتحريم أيضاً خصوصاً النذر المعلق: أن الناذركأنه غير واثق بالله - عز وجل ـ، فكأنه يعتقد أن الله لا يعطيه الشفاء إلا إذا أعطاه مقابلة، ولهذا إذا أيسوا من البرء ذهبوا ينذرون، وفي هذا سوء ظن بالله- عز وجل -.
والقول بالتحريم قول وجيه.
فإن قيل: كيف تحرمون ما أثنى الله على من وفى به؟
فالجواب: أننا لا نقول: إن الوفاء هو المحرم حتى يقال: إننا هدمنا النص، إنما نقول: المحرم أو المكروه كراهة شديدة هو عقد النذر، وفرق بين عقده ووفائه، فالعقد ابتدائي، والوفاء في ثاني الحال تنفيذ لما نذر.
قال الشيخ محمد بن امان شرح الاصول الثلاثة:
ودليل النذر قوله تعالى:) يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً (النذر عبادة غريبة بمعنى لم يحث الشارع على النذر بل حث على عدم النذر {إن النذر لايأتي بخير} وإنما شيء يخرج الله به من يد البخيل، البخيل الذي لا يتصدق يخرج الله من يده بالمرض مثل أن يمرض أو يمرض ولده فيقول: إن شفى الله مريضي أو إن رد الله علىّ ظالتي أو نجح ابني في الدور الأول أذبح لله تعالى كبشاً أطعم الفقراء كان بخيلاً لا يجود، لكي يذبحه ويطعم به الفقراء أخرج الله من يده هذا الكبش بهذا النذر إذاً النذر لا يأتي بخير ووجه غرابته وندارته ومخالفته لسائر العبادات لم يحث الشارع على النذر ولكن أوجب الوفاء من نذر وجب عليه الوفاء {من نذر أن يطيع الله فليطعه}، لكن ابتداء ليس محل الحث، ولكن عند الإيفاء واجب ايفاء النذر.
وبعد هذا النقل يتبين ان قياس صيام يوم السبت – لمن يري انه يكره افراده- والنذر, ليس قياسا صحيحا وذلك لما ياتي:
1) ان الكراهة في النذر انما هو عقد النذر وليس الوافاء به كما قال الشيخ العثيمين رحمه الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/88)
2) ان النذر قسمان احداهما النذر المطلق ,وهو الذي لا يكون عن مقابلة، وهذا غير مكروه , والنوع الثاني المكروه: وهو ما كان عن مقابلة.
3) ان قياس صيام السبت مع النذر قياس مع الفارق فيكون قياس فاسد.
ثم قال الاخ الكناني:
فيمكن أن يقال نفس الشيء أن من أفرد السبت بالصيام أو خصه به فقد أتى مكروهاً بسبب تخصيصه أو إفراده لكنه يؤجر لاندراج صومه تحت أصل الحث على الصيام المستلزم للأجر و الثواب، و الله أعلم.
فنقول: اذا كان قياس الاخ صيام السبت بالنذر من الغرائب , فكلامه هذا من غرائب الغرائب , هل نقول هذا الكلام على الصيام فقط , هل نقول انه من صام يوما مكروها فانه يؤجر لاندراج صومه تحت أصل الحث على الصيام , وهل نقول لمن صلى في وقت الكراهة انه ماجور في صلاته لاندراج هذه الصلاة تحت أصل الحث على الصلاة , الله المستعان.
) قال الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى في شرح اصول الفقه:
مثل: رجل جالس بعد صلاة العصر في المسجد , وقال: بدلا من ان اجلس بدون فائدة , أقوم أصلى ركعات , حتى غروب الشمس , فصلى عشرين ركعة بعشر تسليمات صلاة يطمئن فيها من أحسن ما يكون.
س: فما حكمها؟
ج: هي غير صحيحة , لوجود مانع.
س: فهل يأثم أم لا؟
ج: إن كان عالما فإنه يأثم , وان كان غير عالم فإنه لا يأثم.
س: هل يؤجر إذا كان جاهلا؟
ج: نقول الله أعلم , لأن الواجب عليه أن يسأل ,فنقول: لماذا لم تسأل , هل تجوز الصلاة في هذا الوقت أم لا تجوز؟ المهم أننا لا نجزم بأنه يؤجر , لكن نجزم بأنه سالم من الإثم لأنه جاهل).
هذه بعض المغالطات التى وقع فيها الاخ الكناني في اخر ردا له , اما في اصل الموضوع فهي كثيرة وكثيرة جدا , فلا ادري هل نستعرضها هنا اما نجعل لها موضوعا مستقلا حتى نبينها نقطة نقطة , ولكن الشى المهم هي عدم المطالبة التسرع بالرد.
وعليه فان قولك:
لا لك و لا عليك "تدل على أحد معنيين كما بينتُ لك في مشاركة سابقة: إما الجواز و إما الكراهة
أقول
فاذا كان المعنى الاول قد قال به كل من رد حديث النهي، فالحديث قد صح , أما من قال بالكراهة فهذا هو ما نتباحث حوله , فاذا كان معنى لا لك و لا عليك تدل على الكراهة فنرجع الى سؤلك السابق الذي نود الاجابة عليه والسؤال لمن قد نسيه:
قد يشكل هذا، فكيف يكون الإتيان بالعبادة على وجه مكروه يستلزم الأجر و الثواب؟
أي بمعنا كيف يكون صيام يوم السبت مكروه ثم كيف يؤجر عليه من صامه؟
وهذا هو التساؤل الذي طرحه الاخ ابو سند.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[15 - 04 - 06, 08:17 ص]ـ
الأخ الكريم ناصف ... بارك الله فيك و جعل لك من اسمك النصيب الأوفر
جزاك الله خيراً أخي الكريم على مشاركتك التي أخالفك في بعض ما جاء فيها منذ بدايتها، و لكنني لا أريد أن أخرج عن الموضوع و هو مرادك أيضاً بلا شك، فما هو الموضوع أخي الكريم؟
الموضوع هو القول الثبت في حرمة صيام يوم السبت
فكل مشاركاتي أخي الكريم كانت لبيان خطأ القول بالحرمة و هو نفس الهدف الذي من أجله نشرت بحثي الإعلام، و ليس الهدف أن أثبت أن صيام السبت منفرداً مكروه لأنني ببساطة لا آخذ بهذا القول بل بقول من قال من الأئمة أن صيام السبت في النفل جائز على كل حال.
إذاً أخي الكريم لا ينبغي لنا إن كنا نريد معرفة الحق في المسألة أن نترك أصل الموضوع و هو القول بالحرمة ثم نلتفت لأحد الفريقين القائلين بعدم الحرمة بل الكراهة فقط و هم الجمهور لنطالبهم بالجواب عما إذا كان صائم السبت يؤجر أم لا، لا سيما و أن القائلين بالكراهة لا يحثون على صيام السبت منفرداً و لا يرجحون جانب صومه على جانب ترك صومه مما هو معلوم و بينتُه في ردي على تساؤلات أخينا أبي سند!
أخي الكريم لقد أجبتُ على تساؤلات أخينا أبي سند الأخيرة رغم أنني أراها حيدة عن أصل الموضوع كي لا أترك حجة لأحد أن يقول أنني أتهرب، فأجبت واضعاً قول الشيخ الألباني رحمه الله (الذي لا يأتي معك تعال معه) نصب عيني، و إلا فإن كل هذه التساؤلات حيدة ظاهرة عن الجواب عن كثير من الردود التي وجهتها لمشاركاته.
لذا أخي الكريم أرجو حصر الكلام هنا في أصل الموضوع، و ردي الرئيس عليه هو في المشاركات من 71 إلى 73 و قد نشرته في الملتقى بتاريخ 8/ 3 أي منذ أكثر من شهر و لم يرد أحد من القائلين بالحرمة حتى الآن!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/89)
فردك أخي الكريم على أصل الموضوع هو المهم لأن فيه نفعاً عاماً أما الرد على مغالطاتي فأكثر نفعه سيكون خاصاً بشخصي الضعيف و الأول أولى كما لا يخفى عليك، فلننته من أصل الموضوع إما بأن يوافق أحدنا الآخر و إما بأن نصل إلى طريق مسدود، ثم بين لي مغالطاتي هنا إن شئت أو في أي مكان آخر.
أما ردك على ما ذكرتُه في مشاركتي السابقة فهو كما ذكرتُ لك يتعلق بنقطة خارجة عن أصل موضوعنا هي: (هل يؤجر من أتى بعبادة على وجه مكروه؟) فهذه ربما كان من الأفضل أن تفتح لها موضوعاً مستقلاً إن شئت، و مع ذلك فسوف أعلق على بعض ما جاء في كلامك.
قلتَ بارك الله فيك
فمن غير الممكن ان تكون عبادة من وجه , وهي مكروهة من وجه اخر , هذا الاشكال موجود فقط في صيام يوم السبت لمن يرى بكراهته منفرد
و ماذا عن الذي يرى كراهة إفراد الجمعة بالصيام و هم الجمهور أيضاً، و الذي يرى كراهة صيام الدهر؟
مجموع الفتاوى ج: 10 ص: 393
والكلام في سرد الصوم وصيام الدهر سوى يومي العيدين وأيام التشريق وقيام جميع الليل هل هو مستحب كما ذهب إلى ذلك طائفة من الفقهاء والصوفية والعباد أو هو مكروه كما دلت عليه السنة وإن كان جائزا لكن صوم يوم وفطر يوم أفضل
مجموع الفتاوى ج: 22 ص: 301
وقد تنازع العلماء في سرد الصوم إذا أفطر يومي العيدين وأيام منى فاستحب ذلك طائفة من الفقهاء والعباد فرأوه أفضل من صوم يوم وفطر يوم وطائفة أخرى لم يروه أفضل وجعلوه سائغا بلا كراهة وجعلوا صوم شطر الدهر أفضل منه وحملوا ما ورد فى ترك صوم الدهر على من صام أيام النهي والقول الثالث وهو الصواب قول من جعل ذلك تركا للأولى أو كره ذلك
أما كلام الشيخ صالح حفظه الله فلم يتبين لي وجه إيرادك له فماذا تريد أن تقول؟
الشيخ يقول كما نقلتَ (النوع الثاني المكروه: وهو ما كان عن مقابلة، وهو أن يقول قائل مثلا: إن شفى الله جل وعلا مريضي صُمْتُ يوما، إن نجحت في الاختبار صليت ركعتين، إن تزوجت هذه المرأة تصدقت بخمسين ريالا -مثلا- أو بمائة ريالا.)
فهل هذا النذر عبادة أم لا؟ إن قلتَ لا سُرَّ القبوريون بذلك، و إن قلتَ نعم فهي عبادة مكروهة و الوفاء بها واجب، فهل قلتُ غير ذلك؟
أما ما نقلتَه عن الشيخ العثيمين و الشيخ محمد أمان رحمهما الله من التفرقة بين عقد النذر و الوفاء به فمعلوم و الحمد لله و لكنه لا يخرج هذه العبادة عن كونها عبادة غريبة و ما أشكل على العلماء قديماً و حديثاً لم يحله الشيخ صالح حفظه الله في نذر المقابلة فالإشكال قائم، و سوف أعرض لك الأمر بشكل آخر:
لقد نهى الشارع عن النذر ـ نذر المقابلة على الأقل ـ و المقرر عند جمهور الأصوليين أن النهي في العبادات يقتضي الفساد، لكن الشارع لم يحكم بفساد هذه العبادة و بطلانها بل أوجب الوفاء بها، هذا هو الإشكال أخي الكريم.
أما ما نقلتَه عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بخصوص الصلاة في وقت الكراهة فهو رحمه الله لا يقول أن من صلى في وقت الكراهة و هو عالم بالنهي لا يؤجر فقط، بل يقول أنه يأثم فهذا يعني أن الشيخ رحمه الله لا يقول فقط بكراهة الصلاة في هذه الأوقات بل بحرمتها و إلا فكيف يأثم و المكروه لا يأثم فاعله؟ فإن كان الأمر كذلك فلا تعلق لاستشهادك بفتواه رحمه الله بما تريد.
و قد ختمتَ مشاركتك بقولك
وعليه فان قولك:
لا لك و لا عليك "تدل على أحد معنيين كما بينتُ لك في مشاركة سابقة: إما الجواز و إما الكراهة
أقول
فاذا كان المعنى الاول قد قال به كل من رد حديث النهي، فالحديث قد صح , أما من قال بالكراهة فهذا هو ما نتباحث حوله , فاذا كان معنى لا لك و لا عليك تدل على الكراهة فنرجع الى سؤلك السابق الذي نود الاجابة عليه والسؤال لمن قد نسيه:
قد يشكل هذا، فكيف يكون الإتيان بالعبادة على وجه مكروه يستلزم الأجر و الثواب؟
أي بمعنا كيف يكون صيام يوم السبت مكروه ثم كيف يؤجر عليه من صامه؟
وهذا هو التساؤل الذي طرحه الاخ ابو سند.
فأقول بارك الله فيك، الحديث صح عندك و عند من تقلدهم من العلماء أما غيرك فلم يصح عنده و لا وجه لإلزامه بذلك، و ليتك تراجع ما قلتَه بنفسك في بداية مشاركتك تحت (أولاً)!
أما باقي كلامك فليس هذا أبداً هو ما نتباحث حوله هنا، بل الذي نتباحث حوله هو حرمة صيام السبت فإذا أثبتم لنا حرمته فقد قضي الأمر و لا حاجة للتباحث حول القول بالكراهة، أما إن ثبت عكس ذلك و أنه لا يحرم صيامه فيمكن أن نتابع الحوار لنعرف حكم صيام السبت هل هو جائز على كل حال أم هو مكروه على الانفراد.
و بعدُ فإن لي رجاء حاراً و هو أن تقصر الكلام هنا على أصل الموضوع أما باقي النقاط الجانبية فأرجو أن ترجئها أو أن تفتح لها مواضيع مستقلة إن شئت.
لقد طلبتَ أخي الكريم ألا نطالبك بالسرعة في الرد فلك ذلك و لكن نرجو أن يكون هذا بالمعقول فرغم متابعتك للموضوع من بدايته و رغم أنني منذ أكثر من شهر قد نشرت الرد الأساسي إلا أنك للآن لم تكتب أي شيء حوله.
في الختام أعود للتذكير بأن الرد الأساسي موجود في المشاركات من 71 إلى 73 لمن أراد الاطلاع عليه، و بالإضافة إليه سأنقل قريباً جزءاً من بحثي (الإعلام) كي تكتمل الصورة عند من يطالع هذا الموضوع.
و صل اللهم على عبدك و نبيك محمد و على آله و صحبه وسلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/90)
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[15 - 04 - 06, 08:21 ص]ـ
الإشكال الثالث
الحاظر مقدم على المبيح
هذه القاعدة هي أقوى حجة للشيخ رحمه الله في قوله بحرمة صوم السبت في النفل مطلقاً، ويمكن طرح الإشكال حولها كما يلي:
1. هذه القاعدة من قواعد الترجيح وليست من قواعد الجمع والتوفيق، و القول بالترجيح يعني إعمال الدليل الذي رجحناه و ترك العمل بالدليل المرجوح، لذلك لا يصار إلى الترجيح إلا بعد تعذر الجمع، لأنه كما قيل الإعمال مقدم على الإهمال، لأن في الجمع عملاً بالدليلين الشرعيين الصحيحين بينما الترجيح يؤدي لإهمال العمل بأحدهما.
قال الشوكاني في الإرشاد 276: " قال في المحصول: العمل بكل منهما من وجه، أولى من العمل بالراجح من كل وجه وترك الآخر، انتهى. وبه قال الفقهاء جميعاً" ا. هـ من الإرشاد. وتقدم قول الشوكاني أنه لا يجوز المصير إلى الترجيح إن أمكن الجمع. (كما في المشاركة 71)
2. لو سلمنا بتعذر الجمع وأن المصير للترجيح، فإن للترجيح شروطاً، من بينها التساوي في القوة كما ذكر الشوكاني في الإرشاد، فهل حديث النهي مساوٍ في القوة لأحاديث الإباحة؟ إن أقصى ما يقال في حديث النهي أنه على شرط البخاري كما قال الحاكم، بينما أحاديث الإباحة منها ما هو متفق عليه ومنها ما انفرد به البخاري أو مسلم وقد قال النووي في التقريب: " الصحيح أقسام: أعلاها ما اتفق عليه البخاري و مسلم، ثم ما انفرد به البخاري، ثم مسلم، ثم على شرطهما، ثم على شرط البخاري، ثم مسلم، ثم صحيح عند غيرهما" قال السيوطي في التدريب: " فائدة التقسيم المذكور تظهر عند التعارض والترجيح " وقد ذكر أبو زهرة رحمه الله في "أصول الفقه" أن علماء الحديث مجمعون على ما ذكره النووي آنفاً، ثم قال: وقال جمهور الفقهاء: أنه يقدم بعد ذلك ما كثر رواته ... إلخ. إذاً إن كان لا سبيل إلى الجمع فالمقدم هو أحاديث الإباحة لما سبق، بقطع النظر عن الحاظر والمبيح، والقول والفعل وغيرها من قواعد الترجيح من قبل المتن، و لا أظن هذا الأمر مشكلٌ فهو من باب تقديم الأصح على الصحيح.
أما إذا تساوى الدليلان المتعارضان في القوة ـ وهذا منتف هنا ـ فحينئذ ينظر في الترجيح من جهة المتن.
3. تقديم أحاديث الإباحة على حديث النهي بناءً على ما سبق يعني إهمال العمل به فلا يكره صيام السبت على أي حال، لا أنه يكون مكروهاً إذا أفرد، ناهيك عن القول بحرمته في النفل مطلقاً، فالنتيجة الصحيحة للقول بتعذر الجمع هي جواز صيام السبت على كل حال.
4. إذا تجاوزنا ما سبق، فقواعد الترجيح اجتهادية استنبطها العلماء من الكتاب والسنة والغرض منها هو مساعدة المجتهد في ترتيب الأدلة من حيث قوتها سنداً و دلالة للوصول إلى مراد الشارع من الأدلة التي ظاهرها التعارض، لذا تجدهم يختلفون حول بعض القواعد، فمثلاً قاعدة الحاظر مقدم على المبيح خلافية، فالجمهور يقولون بها احتياطاً، ولكن من العلماء من يقول المبيح مقدم على الحاظر.
قال الشيخ في الصحيحة 2398: فإما أن يقال بتقديم الإباحة على النهي، و إما بتقديم النهي على الإباحة، وهذا هو الأرجح عندي.
5. إن الأئمة الذين صححوا حديث النهي لم يكونوا يجهلون هذه القاعدة لكنهم لم يُعمِلوها لأنها كما سبق من قواعد الترجيح فلا يمكن بحال أن تعارِض طريقة من طرق التوفيق، وصنيعهم هذا بتقديم الجمع على هذه القاعدة وغيرها من قواعد الترجيح هو الصواب بإذن الله، لا ما فعله الشيخ رحمه الله من معارضة الجمع بهذه القاعدة وتقديمها عليه. وسوف أستأنس بمثال من كلام الشيخ رحمه الله في الجمع بين الأدلة ليتضح المراد للقارئ الكريم الذي ربما يستغرب أن يكون هذا المثال متعلقاً بمسألة صيام يوم السبت بعينها ففي الشريط رقم (542) من سلسلة الهدى والنور طرح الشيخ علي حسن إشكالاً مفاده أن الشيخ الألباني صحح حديثاً فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على رجل صام السبت فقال له أصمت أمس؟ قال: لا فقال له: صيام السبت لا لك و لا عليك. فما هو التوجيه لهذا الحديث الذي يفهم منه إقرار النبي عليه الصلاة والسلام له بالجمع دون الإفراد؟ قال الشيخ علي: القصد شيخنا أن هذه الجملة صدرت من النبي عليه الصلاة والسلام عقب جواب الصائم أنه ما صام بالأمس أو أمس، فبالتالي قال له لا لك و لا عليك، أما لو أنه قال أنه صام بالأمس ف .. الشيخ: ... لكن هل يوجد هذا اللفظ؟ فأجاب الشيخ علي أنه غير متأكد. الشيخ: حينئذ يؤجل البحث حين تجد ذلك ... وحينئذ لكل حادث حديث.
وفي الدقيقة 40:15 وما بعدها قرأ الشيخ علي نص الحديث على الشيخ وهو: (عن الصماء أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم السبت وهو يتغدى فقال: تعالي تغدي فقالت: إني صائمة فقال لها: أصمت أمس؟ قالت: لا قال: كلي فإن صيام يوم السبت لا لك و لا عليك) فحكم الشيخ على هذا الحديث بأنه منكر لضعف سنده أولاً ثم لمخالفته للثقات الذين رووا عن الصماء بدون هذا التفصيل، ثم قال ـ وهنا الشاهد ـ: ولو صح هذا التفصيل قضي الأمر الذي فيه تستفتيان.
إذاً فالشيخ رحمه الله لو صح عنده هذا التفصيل كان سيغير رأيه ولن يبقى على القول بحرمة صوم السبت في النفل مطلقاً ـ هذا ما يفهم من كلامه ـ، فربما غير رأيه إلى القول بجواز صيام السبت في التطوع إذا صيم الجمعة قبله ويكون بذلك قد أخذ بحرفية التفصيل المذكور، أو سيغيره إلى القول بجواز صيام السبت ما لم يفرد بالصيام ليوافق بذلك من سبقه من الأئمة، هذا مع أن هذا الحديث المفصل مبيح كباقي الأحاديث المبيحة التي قدم عليها الشيخ حديث النهي بناء على قاعدة تقديم الحاظر على المبيح، فهل خالف الشيخ بذلك قواعد أصول الفقه؟ لا، بل هو في هذا قد جمع بين الحديثين مثله في ذلك مثل الأئمة من قبل الذين جمعوا ليس فقط بين هذا الحديث الواحد بل بين الأحاديث المتكاثرة جداً التي يفهم منها إباحة صيام يوم السبت وبين حديث النهي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/91)
ـ[ناصف]ــــــــ[15 - 04 - 06, 05:57 م]ـ
الأخ الكريم الكناني , يجب أولا ان أوضح بعض تعليقاتي على التساؤلات الأخيرة ثم بعد ذلك توجد لي ملاحظة مهمة في نظري سوف اذكرها لك لحقا.
اما التساؤل الثاني الذي طرحه الأخ ابوسند والذي قام الأخ الكناني بالإجابة عليه , وقد كانت أجابته وباختصار , هي اعتقاداته وتخيلاته أي انه كان يعتقد ثم يستدل فكان أكثر قوله: أننا يجب أن نتأمل جيداً , هل يخطر ببال أي منا , الذي يغلب على الظن ـ والله أعلم , وغيرها من الكلمات التي هي من ظنه , وما اعتقده هو , ثم بعد ذلك يسرد أقوال العلماء.
فإذا رجعنا إلى التساؤل الذي طرحه الأخ ابوسند ثم إلى ما أجاب عليه الأخ الكناني وجدنا انه لم يقوم الأخ الكناني بالإجابة عليه لا من قريب ولا من بعيد اللهم نقل بعض أقوال العلماء حول معنى قول عبدالله بن بسر وهذا ليس محل النزاع هنا وان كانت هي ما يدور عليها اصل النزاع.
فنقول للأخ الكناني وباختصار الشديد لا تعتقد ثم تستدل فتظل.
اما التساؤل الثالث فان كان الأخ ابوسند يقصد منه معنى لفظ الكراهة عند السلف كما فهم الأخ الكناني , فان الذي يتتبع هذا الموضوع مع الموضوع الأخر ـ معنى الكراهة عند السلف ـ يتوضح له ان الأخ ابوسند والأخ الكنانى غير مختلفان.
ان الإجابة حول هذا الموضوع وبكل بساطة هي:
ان لفظ يكره تستعمل في الشرع على معناه التي استعملته له وهي التحريم , والأدلة على ذلك كثيرة.
ان السلف الصالح كانوا يستعملونها على ما استعملها الشرع , فكانوا يستعملون لفظة الكراهة تورعا للمحرم , ومع ذلك كانوا يستعملونها للكراهة التنزيهية أحيانا.
وعليه فلن نحكم على مراد احدهم لان الأمر يحتمل المعنيين غير ان الأقرب والمتبادر هو معنى الكراهة التحريمية لأنه هو الغالب على ما أريد بها , وهذا لا يعنى إنهم لا يريدوا بها التنزيهية , وهذا هو ما بينه الأخ الكناني حيث قام بنقل كلام ابن تيمية الذي يوضح ان مراد الإمام احمد قد يحتمل الأمرين , وهذا الأمر لا يختلف فيه اثنان ولا يتناطح فيه كبشان.
وعليه ان كان الأخ ابوسند يقول ان السلف لا يريدون بالكراهة إلا الكراهة التحريمية فهذا ليس بصواب , ومن الناحية الأخرى ان كان الأخ الكناني يقول ان المعنى عند السلف لهذه الكلمة هي التنزيهية كما هي للتحريميه فهذا ليس بصواب أيضا.
وألان أود ان أقوال لك الملاحظة وهي:
انه من العسير ان تجد شخص يناقشك في هذا الموضوع والسبب هو انك تناقش عن شذوذ الحديث وان من من السلف قال بالحرمة وأنت من الأصل لا تقول بصحة سند هذا الحديث , فالتسلسل العلمي الصحيح ان تتباحث مع خصمك حول صحة هذا الحديث سندا فان صح عندك الحديث فبها , وان لم يصح عندك الحديث فما فائدة المباحثة وأنت لا تري بصحة الحديث , وهذه المغالطة لها اثر مع محاورك حيث عندما يتحاور معك ببعض النقاط التي بخصوص الشذوذ , فتقول ان هذا الحديث أصلا لا يصح عندي فهذه الطريقة غير سليمة لحل النزاع فالواجب أولا ان كنت لا تري بصحة سند الحديث ان تتباحث مع خصمك حول هذه النقطة فاما ان يثبت عندك سند الحديث ومن ثم تناقشه على المتن من حيث الشذوذ والنسخ , ومن قال بها من السلف , وما ان لا يثبت عندك الحديث فلا يكون هناك داعي لبقية النقاش , هذا هو التسلسل السليم للمباحثة.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[16 - 04 - 06, 05:58 ص]ـ
أخي الكريم ناصف بارك الله فيك
تساؤلات الأخ الكريم أبي سند و أجوبتي عليها لن تقدم أو تأخر من أصل الموضوع شيئاً فلا هو من أهل العلم و لا أنا من طلاب العلم فضلاً عن أكون من أهله.
أما ملاحظتُك المهمة أخي الكريم، فالجواب عليها أنني في نقاشي حول هذا الموضوع أناقش الجانب الفقهي على فرض صحة الحديث و لست آتٍ في هذا الباب ببدع من القول، فكثيراً ما تجد أهل العلم ـ الذين هم خير سلف لنا ـ عند كلامهم حول مسألة ما و فيها حديث يعتقدون ضعفه يقولون و على فرض صحته فيحمل على كذا أو يجاب عنه بكذا و غير ذلك مما لا يخفى عليك.
و أنا أخي الكريم أطلب منك حصر الكلام و النقاش في المشاركات من 71 إلى 73 و كذلك المشاركة السابقة 91 فإن كنتُ احتججتُ في أي منها بشذوذ الحديث أو ضعفه فرد علي هذه الحجة و قل لي هي مرفوضة إن لم نتباحث في المسألة حديثياً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/92)
باختصار صنيعي في هذه المشاركات بل و في بحثي الإعلام بل و في كل نقاشي مع الأخ الكريم أبي سند هو من باب التنزل مع المخالف.
فتوكل على الله أخي الكريم و ناقش ردودي الأساسية على أصل الموضوع في المشاركات المذكورة كي نخرج جميعاً بالفائدة المرجوة من الحوار، بارك الله فيك و نفع بك.
ـ[أبو عبد الله الساحلي]ــــــــ[16 - 04 - 06, 03:06 م]ـ
أقول هداك الله على اتهامك لأبي البراء الكناني وولله الذي لا إله غيره إنك لم تنصفته بل اتهمته بزور من القول بأنه يعتقد ثم يستدل فإن المتابع لهذا الموضوع من أوله إلى آخره ليرى بعين الإنصاف أن أخانا لم يأت من عنده بشئ تخيله أو مسألة تخرصها بل هو فيما أتى به متابع للعلماء فيما قالوا غير حائد عنهم وعن طريقهم , إن تكلم تكلم بعلم وإن رد فبحلم ولا أزكيه على الله لكن هي شهادة أدين بها ولا أستطيع كتمانها ((ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط ... )) الآية
هذا أولاً ثم
وأما قولك
وألان أود ان أقوال لك الملاحظة وهي:
انه من العسير ان تجد شخص يناقشك في هذا الموضوع والسبب هو انك تناقش عن شذوذ الحديث وان من من السلف قال بالحرمة وأنت من الأصل لا تقول بصحة سند هذا الحديث , فالتسلسل العلمي الصحيح ان تتباحث مع خصمك حول صحة هذا الحديث سندا فان صح عندك الحديث فبها , وان لم يصح عندك الحديث فما فائدة المباحثة وأنت لا تري بصحة الحديث , وهذه المغالطة لها اثر مع محاورك حيث عندما يتحاور معك ببعض النقاط التي بخصوص الشذوذ , فتقول ان هذا الحديث أصلا لا يصح عندي فهذه الطريقة غير سليمة لحل النزاع فالواجب أولا ان كنت لا تري بصحة سند الحديث ان تتباحث مع خصمك حول هذه النقطة فاما ان يثبت عندك سند الحديث ومن ثم تناقشه على المتن من حيث الشذوذ والنسخ , ومن قال بها من السلف , وما ان لا يثبت عندك الحديث فلا يكون هناك داعي لبقية النقاش , هذا هو التسلسل السليم للمباحثة.
كلامك هذا فيه بعد كبير عن الفقه فكأن الفقه عندك لا يكون إلا إذا صح الحديث وهذه مغالطة كبيرة تقع لكثير من طلاب العلم فإذا ثبت الحديث فثمة حكم فقهي وإلا فلا حكم وهذا يلغي آلاف المسائل الفقهية التي لم يصح فيها حديث وهذا موضوع جديد إن أحببت أن نفتح له موضوعاً جديداً كي لا تتشعب بنا الخلافات حول الموضوع الرئيس
ـ[ناصف]ــــــــ[16 - 04 - 06, 05:33 م]ـ
الأخ أبو البراء: ليس الأمر كما تظن وتعتقد , إنني عندما قلت لك انه من العسير ان تجد شخص يناقشك في هذا الموضوع والسبب هو انك تناقش عن شذوذ الحديث وان من من السلف قال بالحرمة وأنت من الأصل لا تقول بصحة سند هذا الحديث , لم أكن مخطئا لان هذا الأمر ضروري وضروري جدا , بل ان هذا الأمر كان سبب في خروجك مع الأخ أبو محمد من النقاش إلى طريق مسدود , ولقد كان على الأخ أبو محمد ان يتفطن لذلك , نعم أنت عندما تقول انك لم تأتي بدع من القول بقولك على افتراض صحة الحديث ولكن يجب عليك ان تكون عند افتراضك هذا , فعليه:
اما ان تناقش خصمك على صحة سند الحديث.
و اما ان تفترض ان هذا الحديث صحيح السند , وحينئذ عندما يقول لك خصمك انه قد صح الحديث فيجب عليك ان تنصاع إلى افتراضك هذا ـ في حالة المناقشة على الأقل ـ وليس كما فعلت كثيرا مع أبو محمد , وقد فعلتها في ردك ما قبل الأخير.
ان الأمر ليس كما ترى أنت في المناقشة بل يجب ان تكون بطريقة سليمة , وان كنت أفضل ان تناقش عن سند الحديث أولا فان اقتنعت بصحته السند , ناقشت عليه من الناحية الفقهية كما تقول أنت , و اما ان تكون عند افتراضك فلا تخالفه.
فان اقتنعت بما قلت لك ـ أقول اقتنعت وليس ان لا تقتنع ثم تقول ومع ذلك سوف أناقشك ـ نقوم بعد ذلك بمناقشة متن الحديث فقرة فقره فنبدأ بالنسخ ثم الشذوذ وما يتضمنه من قواعد الجمع والترجيح.
ولا اعتقد انك ستقول إننا سنفترض ان علة النسخ غير موجودة في الحديث , ولكن مع هذا فان قلت ذلك فيجب ان تلتزم بافتراضك وان ناقشتها فهذا أفضل.
فان كنت تريد الفائدة للجميع فالنقاش السليم والمفيد هو كما يأتي:
نقاش الحديث من حيث صحة السند ومراحله:
علة الاضطراب.
علة ان الحديث مكذوب.
فان خرجنا من هذا النقاش انتقلنا إلى متن الحديث وهو كما يأتي:
علة النسخ.
علة الشذوذ وما فيها من قواعد الجمع والترجيح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/93)
علة عدم وجود من من السلف قال به.
هذه هي الطريقة التي يجب تسلسلها عند مناقشتك للحديث , فان انتقلت من واحدة إلى أخري ولم ترغب في مناقشتها وافترضت ان العلة التي تركتها لا توجد في الحديث وجب عليك ان تلتزم بهذا الافتراض.
ـ[مجدي أبو عيشة]ــــــــ[16 - 04 - 06, 07:28 م]ـ
الحق الذي لا مرية فيه ان الطريقةالصحيحة لا تخرج عن ما قاله الأخ ناصف , وذلك انه لم يعرف أحد من السلف صح عنده حديث وخالفه الا لعلة. وهذا الامر اشار اليه الترمذي في العلل وبين ابن رجب الحنبلي ذلك في بداية شرحه لعلل الترمذي.
فالاساس هو ثبوت الحديث ومن لم يثبت عنده الحديث بالطبع لن يأخذ به الا من كان مذهبه العمل بالضعيف.
فمن كره افراد السبت بصيام انما كرهه لهذا الحديث لا لغيره. ومن قال بالنسخ فانه ايضا يرى صحة الحديث ويرى انه كان في وقت يعمل به ثم نسخ. وهذا ما لم ينتبه له بعض الأخوة كما هو واضح من النقاش. فلا يقال بالنسخ الا بثبوت الحديث.
ثم لا يقال عند الاستشهاد بتصحيح أحد من العلماء لحديث:هل تأخذ بكل ما صحح.
منهج الشيخ الالباني بينه في كتابه"الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام". وكلامه في المسألة هو ما ترجح عنده.
بعض الأخوة اعترض بأمور مثل انه احتج بصيام داود عليه السلام. ومعروف ان صيام ايام مخصوصات منهي عنها كصيام يوم الجمعة وحده وقد نقل عن الآجري حرمة افراد صومه تنفلا (اي يوم الجمعة) , ومعروف ان صيام ايام كالبيض وعشوراء وعرفة لغير الحاج لها أجر عظم من غيرها من الايام. . فالذي يصوم مثل داود عليه السلام اذا وجد ايام مخصوصة بثواب لا تتناسب مع صومه فانه لا يقال له لا تصم هذا اليوم لانك صمت الامس ولا يقال له ان الترتيب بالصوم والفطر شرطا.
أما الكراهة والقياس عليها بالنذر فهو امر ضعيف جدا. فنذر الشرط الذي لا يؤخذ الا من البخيل ليس كنذر الطاعة. ولاهذا ولا ذاك مثل النذر المحرم كنذر المعصية.
فاذا نذر الانسان فاشترط على على نفسه بحدوث ما يرغب. فالكراهة انما هي اشتراطه. اما اداء ما اشترط فهو واجب عليه. ومن نذر معصية الرحمن كان آثما بنذره وحرم عليه اداء ما نذر.
وكذا من تكلام عن كراهة صوم العيدين فانه لا يقول انه يثاب عليها.
اعتذر عن خطأ الاقتباس فس المداخلة السابقة وهي خطأ مني وقد راجعت المصدر الذي نسخت الكلام منه ويبدوا اني الصقت القص الثاني في مكان خاطيء قبل العبارة. ولكن الذي اردته هو بيان كراهية افراد السبت. وهو ما اوردت له نصوص أُخر.
أخي ابو مالك العوضي اعتذر عما ازعجك وأرجوا الله ان يغفر لنا أجمعين.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[17 - 04 - 06, 01:05 ص]ـ
اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم
إخوتي الكرام ... جزاكم الله خيراً جميعاً
الأخ الكريم ناصف بارك الله فيك ... لن أجادلك حول ما قلتَ في مشاركتك الأخيرة و إن كنتُ أخالفك في بعضه و لكنني كي تعم الفائدة أقول: فلنفتح صفحة جديدة و لننسَ ما فات!
أنا أدعوك أيها الفاضل أنتَ أو أي أحد من الأخوة القائلين بالحرمة للمناظرة حول هذه المسألة، أعني حرمة صيام السبت وذلك وفق أسس محددة هي:
1. أنتم تقولون بالحرمة و أنا قد اعترضتُ على كلامكم بالمشاركات من 71 إلى 73 و أيضاً بالمشاركة 91 فبداية المناظرة من هنا كي لا نضيع الجهود و الأوقات.
2. المناقشة تقوم على أساس صحة الحديث فليس من حقي أن أعترض على كلامك أياً كان بأن أقول أن هذا الحديث أعني حديث النهي ضعيف لاضطرابه أو شذوذه أو غير ذلك.
3. أقترح أن يفتح موضوع جديد لهذه المناظرة باسم " المناظرة حول حرمة صيام السبت " مثلاً، و نطلب من إدارة الملتقى الكريم رعايتها.
4. كي تكون المناظرة مجدية أقترح أن يكون هناك حكمان من طلاب العلم المشهود لهم به من أعضاء الملتقى أحدهما يقول بالحرمة و الآخر بعدمها، و ليس المطلوب منهما نصرة أحد القولين بل ضبط النقاش و المناظرة بآدابهما و قواعدهما و يكون تدخلهما عند طلب ذلك من أحد المتحاورين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/94)
5. أقترح كذلك أن تكون المناظرة ثنائية فتقتصر علي و عليك و إذا كان للأعضاء الكرام مداخلات فتكون في موضوع منفصل على هامش المناظرة.
بقي أمران مهمان أولهما: أنني لا أقول بضعف سند الحديث فإن فهم أحد غير ذلك فليس هذا مرادي من قولي أنني آخذ بقول من لم يصح عنده الحديث.
الثانية: أنني سأفترض عند نقاشي معك خلو الحديث من كل العلل كالاضطراب و الشذوذ و النسخ فلا أريد أن أناقش صحة الحديث لا سنداً و لا متناً بل أنطلق معك من كون الحديث صحيح و خال من كل العلل فماذا تريد أفضل من ذلك أخي الكريم؟
لم يبق سوى أن ألتزم بهذا الفرض و أنا أعدك بهذا فإن حدتُ عن ذلك فذكرني.
بقيت ملاحظة على قولك
علة الشذوذ وما فيها من قواعد الجمع والترجيح.
فالحديث إن كان شاذاً فهو ضعيف و قواعد الجمع و الترجيح إنما تستخدم عندما يكون هناك تعارض بين الأدلة الصحيحة، أما إن كان التعارض بين الضعيف و الصحيح فليس هناك تعارض أصلاً لأن الضعيف لا يحتج به كما نتفق على ذلك.
أقول هذا الكلام لأن جل كلامي في الرد على القول بالحرمة إنما هو من باب أن هذا القول مخالف لقواعد الجمع و الترجيح، حتى لا يحتج علي أحد بأنني بذلك أخالف ما اشترطه على نفسي من عدم التطرق لعلل الحديث و منها شذوذه، فالخلاصة أن الشذوذ علة يُرَدُّ بها الحديث فهذا شيء، و التعارض الذي نحتاج معه للجمع أو الترجيح شيء آخر لا يصح الخلط بينهما.
هذا ما عندي أخي الكريم و قد اخترتُ أحد المسلكين اللذين عرضتَهما للنقاش فأرجو أن تبين لي رأيك في اقتراح المناظرة كي نبدأ بترتيبها مع الإدارة الكريمة و جزيت خيراً.
أخي الكريم مجدي ... أحسن الله إليك و نفع بك
رغم اختلافي مع بعض ما ذكرت إلا أنه الخلاف الذي لا يفسد للود قضية إن شاء الله و أنا بصراحة لا أريد أن يتشعب النقاش أكثر من ذلك لذا فأنا أريد قصر الكلام على أصل الموضوع، فسامحني و لاتحرمنا أخي الكريم من فوائدك و ... جزيت خيراً.
أخي الكريم الساحلي جزاك الله خيراً على جميل ودك و حسن ظنك بأخيك، و أدعو الله عز و جل أن تكون شهادتك في محلها.
و جزيتم خيراً جميعاً إخواني.
ـ[ناصف]ــــــــ[18 - 04 - 06, 12:31 ص]ـ
الحمد لله وكفي: عندما اقترحت على الأخ ابوالبراء بعض المقترحات لم تكن هذه المقترحات مني إلا لا نني أري إنها ضرورية لنجاح النقاش , فيرد علي الأخ برد ظاهره الموافقة , ومضمونه غير ذلك , أخي لا تعقد الموضوع من أوله , وأنا سوف أبين بعض المغالطات.
يقول الأخ:
أنتم تقولون بالحرمة و أنا قد اعترضتُ على كلامكم بالمشاركات من 71 إلى 73 و أيضاً بالمشاركة 91 فبداية المناظرة من هنا كي لا نضيع الجهود و الأوقات.
وهنا يقول:
فلنفتح صفحة جديدة و لننسَ ما فات!
آخى البداية تكون من عند احد المقترحين اللذين اقترحتهما عليك وهذا هو الحل كي لا نضيع الجهود و الأوقات , وكما قلت:
فلنفتح صفحة جديدة و لننسَ ما فات!
اما المغالطة الثانية وهى عندما اقترحت عليك اقتراحان اما ان نبدأ من ألأول مناقشة الحديث سندا ومتنا أو مناقشة الحديث متنن فأجبتني بقول غريب حيث قلت:
المناقشة تقوم على أساس صحة الحديث فليس من حقي أن أعترض على كلامك أياً كان بأن أقول أن هذا الحديث أعني حديث النهي ضعيف لاضطرابه أو شذوذه أو غير ذلك.
بل يزيد استغرابي قولك:
أنني سأفترض عند نقاشي معك خلو الحديث من كل العلل كالاضطراب و الشذوذ و النسخ فلا أريد أن أناقش صحة الحديث لا سنداً و لا متناً بل أنطلق معك من كون الحديث صحيح و خال من كل العلل فماذا تريد أفضل من ذلك أخي الكريم؟
أقول:
الحديث عند الأخ خال من كل العلل كالاضطراب و الشذوذ و النسخ فلا يريد أن يناقشني عن صحة الحديث لا سنداً و لا متناً ثم يقول لي:
فماذا تريد أفضل من ذلك أخي الكريم؟
أريد شيئا واحدا فقط وهو عن أي شي يريد الأخ ان يناقشني؟؟؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/95)
هذا الإشكال عند الأخ نتيجة لأنه لا يفرق بين ان يقال عن الحديث صحيح الإسناد , والحديث صحيح , فانا عندما اقترحت عليه بداية المناقشة من شقي الحديث ـ صحة الإسناد وصحة المتن ـ أو ان نفترض ان الحديث صحيح الإسناد ومن ثم نناقش صحة المتن , وصحة المتن هي خلو الحديث من الشذوذ أي ان الحديث لا يخلف أحاديث أخرى , وكما هو معلوم فان شروط صحة الحديث هي ان يكون متصل السند , ورجاله عدول ثقات , وخال من الشذوذ وخال من العلة القادة , فيفاجئني الأخ بان يقول انه لا يريد ان يناقشني عن الشذوذ , وعليه , فلا ترجيح ولا جمع بين الأحاديث , فسند الحديث متصل من أوله إلى أخره عند الأخ , ورجاله عدول ثقات , والحديث عند الأخ لا يخالف أحاديث أخر , فلا حاجة إلى قواعد للجمع بين الحديث مع أحاديث أخرى لأنه لا مخالف للحديث , وكما هو معلوم فان الشذوذ ما خالف الثقة من هو أوثق منه , فحديثنا هذا ليس من هذا القبيل عند الأخ , كما انه لا توجد علة قادة في الحديث.
فالسؤال ماذا يريد ان يناقشه الأخ؟؟؟؟
ثم يقول الأخ:
فالحديث إن كان شاذاً فهو ضعيف و قواعد الجمع و الترجيح إنما تستخدم عندما يكون هناك تعارض بين الأدلة الصحيحة، أما إن كان التعارض بين الضعيف و الصحيح فليس هناك تعارض أصلاً لأن الضعيف لا يحتج به كما نتفق على ذلك.
أقول:
سبحان الله , لا ادري أأعلق أم اكتفي بنقله بدون تعليق , ان كنت أفضل عدم التعليق و لكن أقول منذ قليل تقول ان سند هذا الحديث صحيح , وإنما أنت تقول مع من يقول بضعف هذا الحديث لشذوذه , فما ضعف الحديث عندك إلا من اجل انه شاذ , ومن اجل ذلك تقوم بتطبيق قواعد الجمع والترجيح , فالحديث صحيح الإسناد خالف حديث أخر صحيح الإسناد , فإما ان يحاول الجمع بين الأحاديث وهذا هو الأولى , وإما ان يحكم على احد الحديثين بالحفظ والأخر بالشذوذ , آخى أرجوك ان تتريث ولا تستعجل فانه يوجد لديك خلط في اصل الموضوع.
ثم بعد ذلك يريد ان يبن الأخ الكريم الغلط عند غيره فيقع هو في ذلك فيقول:
أقول هذا الكلام لأن جل كلامي في الرد على القول بالحرمة إنما هو من باب أن هذا القول مخالف لقواعد الجمع و الترجيح، حتى لا يحتج علي أحد بأنني بذلك أخالف ما اشترطه على نفسي من عدم التطرق لعلل الحديث و منها شذوذه، فالخلاصة أن الشذوذ علة يُرَدُّ بها الحديث فهذا شيء، و التعارض الذي نحتاج معه للجمع أو الترجيح شيء آخر لا يصح الخلط بينهما.
سبحا الله , سبحان الله , ما هذا الفهم للموضوع وهل ما قمنا بمحاولة الجمع إلا من اجل وجود اختلاف بين الحديث وأحاديث أخرى , وهذا هو الشذوذ فأي خلاصة خرجت بها.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[18 - 04 - 06, 05:23 م]ـ
اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم
أخي الكريم ناصف ... أحسن الله إليك و غفر لك و ألهمك رشدك
عندما كتبتُ مشاركتي السابقة لم يكن يخطر ببالي أن أحتاج لشرح ما فيها و لم يخطر ببالي أن تعارضني بما ذكرتَ آنفاً، و لكن حيث إن ذلك قد وقع فلا بأس من التوضيح من باب التعاون على الخير، و اسمح لي أن أبدأ من حيث انتهت مشاركتُك لأن الرد على هذه النهاية هو المدخل لتوضيح ما اعترضتَ عليه:
قلتَ أخي الكريم
سبحان الله , سبحان الله , ما هذا الفهم للموضوع وهل ما قمنا بمحاولة الجمع إلا من اجل وجود اختلاف بين الحديث وأحاديث أخرى , وهذا هو الشذوذ فأي خلاصة خرجت بها.
كون من قام بالجمع بين حديث النهي و أحاديث الإباحة قام به لمخالفته لها و للتعارض بينها فهذا صحيح و لا غبار عليه.
أما أن يكون كل اختلاف بين حديث ما و باقي الأحاديث هو الشذوذ فهذا غير صحيح!
لقد أشرتُ في مشاركتي السابقة لذلك من باب تذكيرك مبيناً أن الخلط بين الأمرين خطأ ـ كنتُ أظنه خرج منك سهواً ـ لكنني اكتشفتُ الآن أنك لا تفرق بينهما!
فتح المغيث للسخاوي [1/ 197] و ما بعدها
(وذو الشذوذ ما يخالف الثقة ... فيه الملا فالشافعي حققه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/96)
.. و الشاذ لغة ... و اصطلاحاً ما يخالف الراوي الثقة فيه بالزيادة أو النقص في السند أو في المتن (الملا) ... أي الجماعة الثقات من الناس بحيث لا يمكن الجمع بينهما (فالشافعي) بهذا التعريف (حققه) ... ولذلك قال شيخنا فإن خولف أي الراوي بأرجح منه لمزيد ضبط أو كثرة عدد أو غير ذلك من وجوه الترجيحات فالراجح يقال له المحفوظ ومقابله وهو المرجوح يقال له الشاذ ... قال الأثرم والأحاديث إذا كثرت كانت أثبت من الواحد الشاذ وقد يهم الحافظ أحياناً)
التقريرات السنية شرح البيقونية – حسن المشاط [76 – 78]
وما يخالف ثقة فيه الملا ... فالشاذ
(وما يخالف) راو (ثقة) أي عدل ضابط (فيه) أي في الحديث، أي في متنه أو في سنده بزيادة أو نقصان (الملا) أي الجماعة الثقات فيما رووه أو من هو أحفظ أو أضبط مع عدم إمكان الجمع بأن كان يلزم من قبوله رد غيره (فالشاذ) أي فهو المسمى عندهم بالشاذ المُشترَط انتفاؤه في حد الصحيح، أما إذا أمكن الجمع فلا يكون شاذا ويقبل حديث الثقة حينئذ ... ويقابل الشاذ المحفوظ وحكم الأول الضعف بخلاف المحفوظ فالقبول لاشتماله على صفة مقتضيه للترجيح ككثرة عدد أو قوة حفظ أوضبط
فنستفيد مما سبق أن الشذوذ الذي يُرَدُّ به الحديث و يحكم عليه بالضعف بسببه ليس هو مجرد المخالفة كما تظن بل المخالفة التي لا يمكن معها الجمع بشرط أن تكون المخالفة من ثقة أما إن كانت من غير ثقة فالحديث عندها يكون منكراً.
لذا فعندما يقول ابن تيمية رحمه الله أن حديث النهي شاذ غير محفوظ و أن هذه طريقة الأثرم و بعض قدماء أصحاب الإمام أحمد، فمعنى قولهم هذا أن الحديث قد ثبتت ثقة رواته عندهم لكنه خالف بقية الأحاديث الأكثر و الأشهر و الأظهر مخالفة لا يمكن معها ـ عندهم ـ الجمع فحكموا على هذا بالشذوذ فضعفوه.
أما الذين قبلوه فإنهم لم يحكموا بشذوذه لا لأنه لا يخالف بقية الأحاديث ـ فالمخالفة واقعة لا محالة ـ و لكن لأنهم وجدوا أنه يمكن الجمع و حيث أمكن الجمع ـ عندهم ـ فقد خرج الحديث عن وصف الشذوذ.
فبناء على ما سبق أرجو أن تكون الخلاصة التي خرجتُ بها و أنكرتَها علي قد وضحت عندك.
أما قولك
أريد شيئا واحدا فقط وهو عن أي شي يريد الأخ ان يناقشني؟؟؟
فبناء على ما سبق و هو التفريق بين شذوذ الحديث مما يعني ضعفه و بين مخالفته لباقي الأحاديث مما لا يلزم منه ضعفه ـ أي قد يكون صحيحاً رغم المخالفة ـ أقول بناء على ذلك أريد أن أناقش كيفية الجمع بين حديث النهي و أحاديث الإباحة من الناحية الفقهية على فرض صحة الحديث.
و أزيد الأمر وضوحاً: أنا أخي الكريم آخذ بقول الأئمة المضعفين للحديث، و لكنني في نقاشي سأفترض صحة الحديث و خلوه سنداً و متناً من كل العلل، و أريد من محاوري أن نطبق سوياً قواعد الجمع و الترجيح للخروج بحكم صحيح في المسألة و أتعهد له ألا أعترض على أي شيء من كلامه بأي قول فيه تضعيف لحديث النهي، فهل هناك اعتراض على كلامي؟!
قلتَ بارك الله فيك
هذا الإشكال عند الأخ نتيجة لأنه لا يفرق بين ان يقال عن الحديث صحيح الإسناد , والحديث صحيح ,
لكنني في مشاركتي السابقة بينتُ لك أنني أفرق فقلتُ
بقي أمران مهمان أولهما: أنني لا أقول بضعف سند الحديث فإن فهم أحد غير ذلك فليس هذا مرادي من قولي أنني آخذ بقول من لم يصح عنده الحديث.
و لكن يبدو أن مرادي قد خفي عليك بسبب عدم تفرقتك بين المخالفة التي يلزم منها الشذوذ و المخالفة التي لا يلزم منها ذلك، و آمل أن الأمر قد اتضح الآن.
أما قولك
آخى البداية تكون من عند احد المقترحين اللذين اقترحتهما عليك وهذا هو الحل كي لا نضيع الجهود و الأوقات , وكما قلت:
فلنفتح صفحة جديدة و لننسَ ما فات!
فيا أخي الكريم مناقشة الحديث سنداً و متناً هما في المحصلة اقتراح واحد و هو مناقشة المسألة حديثياً لمعرفة صحة الحديث من ضعفه، و أفضل نتيجة نخرج بها من هذه المناقشة في رأيك هي أن أسلم لك بصحة الحديث سنداً و متناً، فأنا أختصر الجهد و الوقت و أقول لك لنبدأ من هنا و لنفترض أن الحديث صحيح فما هو فقه المسألة؟ و كيف نجمع بينه و بين باقي الأحاديث؟ هذا هو السؤال!
و أنا أخي الكريم بصنيعي هذا لم أخرج عما اقترحتَه أنت حيث قلتَ
فان كنت تريد الفائدة للجميع فالنقاش السليم والمفيد هو كما يأتي:
نقاش الحديث من حيث صحة السند ومراحله:
علة الاضطراب.
علة ان الحديث مكذوب.
فان خرجنا من هذا النقاش انتقلنا إلى متن الحديث وهو كما يأتي:
علة النسخ.
علة الشذوذ وما فيها من قواعد الجمع والترجيح.
علة عدم وجود من من السلف قال به.
هذه هي الطريقة التي يجب تسلسلها عند مناقشتك للحديث , فان انتقلت من واحدة إلى أخري ولم ترغب في مناقشتها وافترضت ان العلة التي تركتها لا توجد في الحديث وجب عليك ان تلتزم بهذا الافتراض.
و أنا قد رغبتُ بما غيرتُ لونه و تعهدتُ أن ألتزم بما افترضتُه، و طلبتُ أن تذكرني إن خالفتُ افتراضي أثناء النقاش كي أرجع، فما المطلوب مني أكثر من ذلك؟!!!
لذا أخي الكريم أنا لا أعقد النقاش بل قد اخترتُ بعض ما اقترحتَه علي، و إن كان يزعجك أن يبدأ النقاش على أساس مشاركاتي 71 - 73 و المشاركة 91 فلا إشكال عندي، فلنحرر محل النزاع.
أنت تقول أنه يحرم صوم السبت في غير الفريضة بدليل حدث النهي
أنا أقول لك إن هذا الحديث معارَض بأحاديث أخرى فللخروج بحكم صحيح في المسألة يجب أن ندرس كل هذه الأحاديث فنجمع بينها أو نرجح بعضها على بعض، فتفضل اسلك قواعد العلم و بين لنا الحكم في المسألة في ضوء كل الأدلة.
فالآن و في ضوء ما سبق أرجو أن تبين رأيك بخصوص:
1. التفرقة بين الشاذ و المخالف لغيره دون شذوذ
2. و كذا هل ما زلت تراني لا أفرق بين صحة السند و صحة الحديث!
3. و كذا هل ما زلت تراني أفسد النقاش؟ و هل خرجتُ عن اقتراحاتك للنقاش؟
ختاماً أدعو الله عز وجل أن يلهمني و إياك رشدنا و يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه و أن يهدينا للمنهج الحق الذي به نعلم الحق من الباطل في هذه المسألة و غيرها.
و صل اللهم على عبدك و نبيك محمد و على آله و صحبه و سلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/97)
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[18 - 04 - 06, 08:18 م]ـ
تعقيبان مهمان
1. مما قد يعينك أخي الكريم على تقبل ما قلتُ أنك قلتَ مخاطباً إياي
(, فما ضعف الحديث عندك إلا من اجل انه شاذ , ومن اجل ذلك تقوم بتطبيق قواعد الجمع والترجيح)
لكن الشيخ الألباني رحمه الله استخدم ما قال أنه من قواعد الجمع و التوفيق في الجمع بين حديث النهي و باقي الأحاديث كما في تمام المنة، فهذا يدلك أن استخدام هذه القواعد لا يكون مع الحكم على الحديث بالشذوذ بل مع الحكم عليه بالصحة.
2. قلتَ
(فالحديث صحيح الإسناد خالف حديث أخر صحيح الإسناد , فإما ان يحاول الجمع بين الأحاديث وهذا هو الأولى ,)
نعم هذا هو الأولى فتفضل و اجمع بين الأحاديث بارك الله فيك.
ـ[ناصف]ــــــــ[19 - 04 - 06, 10:16 م]ـ
أخي الفاضل أبو البراء الكناني حفظك الله ووفقك لمعرفة الحق:
أخي رغم إنني قد احترت في آخر ردين لك , فتارة تخالفني , ثم توافقني , تم ترجع وتخالفني , وفي كل هذه المراحل تأتي بأقوال للعلماء تستدل بها , وهي في الحقيقة إنما هي أدلة لما قلت أنا لك , وأقول رغم هذا سوف أقول كلمة طالما تقولها لمن تخالفه.
حيث قلت:
جزاك الله خيراً أخي الكريم على مشاركتك التي أخالفك في بعض ما جاء فيها منذ بدايتها، و لكنني لا أريد أن أخرج عن الموضوع
وقلت:
لن أجادلك حول ما قلتَ في مشاركتك الأخيرة و إن كنتُ أخالفك في بعضه و لكنني كي تعم الفائدة أقول: فلنفتح صفحة جديدة و لننسَ ما فات
فأنا أقول لك جزاك الله خيرا على المشاركتين الأخيرتين والتي هما في غاية الغرابة , ولكن رغم هذا سوف نقول كما تقول أنت:
فلنفتح صفحة جديدة و لننسَ ما فات.
والآن نبدأ مستعينين بالله وعلى بركة الله وسوف أعاود الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم والذي كتبته في أخر ردودك.
اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم
ـ[ناصف]ــــــــ[19 - 04 - 06, 10:18 م]ـ
ان كل هذه النقلات من البحث الذي كتبه الاخ ابو سند حفظه الله.
إن صيام يوم السبت لا يجوز مطلقا , سواء أكان مفرداً , أو وافق عادة للصائم , أو وافق أيام فاضلة , وسواء صام يوماً قبله أو بعده.
و الدليل على ذلك هو الحديث الصحيح الصريح المروي عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ عَنْ أُخْتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ) , فهذا الحديث يدل على تحريم صيام يوم السبت بثلاثة مؤكدات:
الأولى: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ) , والأصل في النهي التحريم.
الثانية: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) , و إلا تفيد الحصر فلا يدخل غير المحصور و هو قوله افترض عليكم.
الثالثة: شدة النهي على صيام هذا اليوم حيث قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ) , فأوجب صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأكل في هذا اليوم والأمر بإفطاره يفيد الوجوب ولو بلِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ , ومن المعلوم أن لِحَاءَ العِنَبَة أَوْ عُودَ الشَجَرَة لا يغني من الجوع وإنما ليبين انه قد افطر هذا اليوم , قال الحافظ العراقي: (هذا من المبالغة في النهي عن صومه؛ لأنَّ قشر شجر العنب جاف لا رطوبة فيه ألبتة بخلاف غيره من الأشجار) انتهى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/98)
وقد بين شيخ الإسلام ان الحديث لا يحتمل الا النهي ولهذا قال في [الإقتضاء (ولا يقال: يحمل النهي على إفراده: لأنَّ لفظه "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" والاستثناء دليل التناول، وهذا يقتضي أنَّ الحديث يعم صومه على كل وجه؛ وإلا لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليستثنى فإنه لا إفراد فيه، فاستثناؤه دليل على دخول غيره، بخلاف يوم الجمعة فإنه بين أنه إنما نهى عن إفراده، وعلى هذا: فيكون الحديث إما شاذاً غير محفوظ، وإما منسوخا؛ ً وهذه طريقة قدماء أصحاب أحمد الذين صحبوه) انتهى.
كما قرر ذلك الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في حاشيته على سنن أبي داود (قوله في الحديث: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" دليل على: المنع من صومه في غير الفرض مفرداً أو مضافاً؛ لأنَّ الاستثناء دليل التناول، وهو يقتضي: أنَّ النهي عنه يتناول كل صور صومه إلا صورة الفرض، ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد؛ لقال: "لا تصوموا يوم السبت إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" كما قال في الجمعة!!، فلما خصَّ الصورة المأذون في صومها بالفرضية علم تناول النهي لما قبلها) انتهى.
كما ان الحافظ العراقي يوضح ان الحديث ظاهر الدلالة على النهى بل يقول: (هذا من المبالغة في النهي عن صومه؛ لأنَّ قشر شجر العنب جاف لا رطوبة فيه ألبتة بخلاف غيره من الأشجار) انتهى.
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: (وظاهره تحريم صوم يوم السبت في غير الفرائض لأنه ما دام وصلت إلى حد أنه لا بد أن يأكل لحاء عنب أو عود شجرة فهو للتحريم) انتهي.
فنحن نستدل بحرمة صيام السبت لهذا الحديث , وأنا أود أن أبين أمراً ثم بعد ذلك نبدأ في الحوار.
لقد نقلت هذا النقل بافتراض انني لا اعلم للحديث ما يخالفه , فهذا الامر من اختصاص اخي ابو البراء الكناني سدده الله.
أنا أزعم أن هذا الحديث لا يفهم منه الا ما قلته في بداية كلامي وهو إن صيام يوم السبت لا يجوز مطلقا , سواء أكان مفرداً , أو وافق عادة للصائم , أو وافق أيام فاضلة , وسواء صام يوماً قبله أو بعده , فصيام السبت يجوز في حالة واحدة فقط وهي اذا وافق صيام فرض.
والان وكما هو معلوم فان هذا الحديث صحيح الاسناد وهذا الامر متفق عليه الطرفان.
فهل يتفق معي الاخ على ان الحديث لا يدل الا على ما ازعمه؟ ثم بعد ذلك يبدا بذكر ما يخالف هذا الحديث حتي نقوم بقواعد الجمع او الترجيح بين هذا الحديث والاحاديث الاخرى , فتوكل على الله اخي الكريم سددك الله.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[20 - 04 - 06, 02:44 ص]ـ
أخي الكريم ناصف ... بارك الله فيك و أحسن إليك و جمعني و إياك على الحق المبين
لكم تمنيت أن تكون مشاركتُك الأخيرة تحمل الرقم 92 إذاً لحفظنا الكثير من الجهد و الوقت و لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه.
أظن أننا الآن على الطريق الصحيح و قبل أن أجيبك لما تريد أطلب منك شيئاً
أريدك أخي الكريم أن تعدني ألا تغادر هذا الموضوع بعد أن نصل إلى نهاية نقاشنا في أصله ـ سواء اتفقنا في النهاية أم بقي كل على رأيه ـ أقول تعدني ألا تغادر حتى تبين لي كل مغالطاتي التي أشرتَ إليها سابقاً بقولك
هذه بعض المغالطات التى وقع فيها الاخ الكناني في اخر ردا له , اما في اصل الموضوع فهي كثيرة وكثيرة جدا , فلا ادري هل نستعرضها هنا اما نجعل لها موضوعا مستقلا حتى نبينها نقطة نقطة , ولكن الشى المهم هي عدم المطالبة التسرع بالرد.
و كذا أن تعدني ألا تغادر الموضوع عند نهاية النقاش حتى تبين لي موضع الغرابة في مشاركتيَّ الأخيرتين اللتين قلتَ أن ما نقلتُه فيهما من كلام العلماء إنما هو مؤيد لكلامك و ليس كلامي!!!!!!!!!!!
فالآن بالنسبة لمشاركتك الأخيرة، ففي ضوء قولك
فنحن نستدل بحرمة صيام السبت لهذا الحديث , وأنا أود أن أبين أمراً ثم بعد ذلك نبدأ في الحوار.
لقد نقلت هذا النقل بافتراض انني لا اعلم للحديث ما يخالفه , فهذا الامر من اختصاص اخي ابو البراء الكناني سدده الله.
فإنني أوافقك على ما يلي
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: (وظاهره تحريم صوم يوم السبت في غير الفرائض لأنه ما دام وصلت إلى حد أنه لا بد أن يأكل لحاء عنب أو عود شجرة فهو للتحريم) انتهي.
فظاهره كما قال الشيخ رحمه الله
و أوافقك على تفصيلك لعبارة الشيخ السابقة بقولك
صيام يوم السبت لا يجوز مطلقا , سواء أكان مفرداً , أو وافق عادة للصائم , أو وافق أيام فاضلة , وسواء صام يوماً قبله أو بعده , فصيام السبت يجوز في حالة واحدة فقط وهي اذا وافق صيام فرض.
فهذا معنى كلام الشيخ رحمه الله أي أن ظاهر الحديث يدل على ما ذكرتَ.
فأنا أوافقك على ما ذكرتُه آنفاً و في ضوء ما ذكرتَ أنت، أما بقية النقول من كلام الأخ الكريم أبي سند فأخالفك و أخالفه في الكثير مما فيها كما بينت في ردي عليه.
فالآن أقوم بما قلتَ أنه من اختصاصي و هو ذكر ما يخالف حديث النهي فأقول مستعيناً بالله:
لقد وردت الكثير من الأحاديث التي يفهم منها جواز صيام يوم السبت فمن هذه الأحاديث:
• حديث أبي هريرة (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده) متفق عليه، فالذي بعده هو السبت.
• حديث جويرية (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال: أصمت أمس؟ قالت: لا. قال: تريدين أن تصومي غداً؟ قالت: لا. قال: فأفطري) رواه البخاري، وهو كسابقه.
• حديث (فصم يوماً وأفطر يوماً فذلك صيام داود عليه السلام وهو أفضل الصيام) متفق عليه. والسبت داخل فيه قطعاً.
و هذه الأحاديث ـ و غيرها ـ تخالف حديث النهي عن صيام السبت كما لا يخفى، فهل يمكن الجمع بينها و بينه بواحدة من طرق الجمع أم لا سبيل إلى الجمع فنلجأ للترجيح؟
تفضل أخي الكريم ناصف بالإجابة أحسن الله إليك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/99)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[20 - 04 - 06, 04:46 م]ـ
لقد وردت الكثير من الأحاديث التي يفهم منها جواز صيام يوم السبت
الدلالة في الأحاديث المذكورة دلالة ظاهرة واضحة.
وقول أخينا أبي البراء (يفهم) لا يقصد منه - والله أعلم - أنها دلالة المفهوم التي اختلف فيها أهل الأصول.
وكذلك أنبه على أن المفهوم الذي اختلف فيه أهل الأصول ليس على إطلاقه، فمن المفهوم ما تكون دلالته كدلالة المنطوق.
فالدلالة في الأحاديث المذكورة إما إن تكون دلالة نص ومنطوق، أو دلالة مفهوم من هذا النوع المذكور، وهو الذي في قوة المنطوق.
وإذا أردت أن تعرف ما إذا كانت دلالة المفهوم في قوة المنطوق أو لا، فاعرض ضد هذا المفهوم على نص الحديث فإن تعارض معه فهو في قوة المنطوق، وإن لم يتعارض فهو الذي اختلف فيه أهل الأصول.
والله أعلى وأعلم.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[20 - 04 - 06, 05:02 م]ـ
أخي الحبيب (أبو مالك) ... جزاك الله خيراً و نفع بك على ما أفدتَّ
نعم أخي الكريم هذا هو المعنى الذي أردتُه، يدلك على ذلك أنني نسختُ الأحاديث المبيحة من بحثيَ (الإعلام) و كنتُ قلتُ هناك قبل سرد الأحاديث المبيحة
(من الأحاديث المبيحة لصيام السبت إما بالنص عليه أو بدخوله تحت عموم الحث على الصيام مطلقاً أوالحث على صيام أيام قد يكون السبت واحداً منها ... )
فخشيتُ أن ينازعني الأخوة الكرام المخالفون في قولي (بالنص عليه) فغيرتُه إلى ما ترى، و إلا فإن الدلالة في الأحاديث المذكورة دلالة ظاهرة واضحة. كما قلتَ بارك الله فيك.
ربما كان الصواب أن أقول وردت الكثير من الأحاديث الدالة دلالة ظاهرة واضحة على جواز صيام السبت.
فلا تحرمنا من فوائدك القيمة أخي الكريم و ... جزيت خيراً ثانيةً.
ـ[ناصف]ــــــــ[21 - 04 - 06, 07:04 م]ـ
الاخوة الكرام لقد كنت اود ان اقوم بالرد على كل حديث بمفرده حتى تكون العملية منظمة ولكن عندما اطلعت على الموضوع وجدت ان هناك ردود جديدة حول المنطوق والمفهوم , ودلالة الاحاديث المخالفة لحديث ابن بسر على صيام السبت , فوجدت ان الموضوع اخذ منعطف اخر.
الاخوة الكرام لقد كان رد على النحو الاتي:
أخي الكريم أظن ان النقاش الآن في الطريق الصحيح كما تقول والحمد لله على ذلك.
ولكي يكون النقاش أكثر تنظيما سوف اقسم لك التقسيمات الآتية.
ان حديث ابن بسر قد خالف أحاديث أخرى وكانت على النحو الآتي:
1) أحاديث يفهم بمنطوقها على جواز صيام السبت , بل على استحبابه , ومنطوق هذه الأحاديث يخالف حديث ابن بسر , والأحاديث هي حديث أم سلمة أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم السبت والأحد، يتحرى ذلك، ويقول: "أنهما يوما عيد الكفار، وأنا أحب أن أخالفهم" وفي لفظ: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان أكثر صيامه السبت والأحد؛ أخرجه أحمد والنسائي.
وحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر: السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر: الثلاثاء والأربعاء والخميس) أخرجه الترمذي.
فمنطوق هذه الأحاديث يدل على استحباب صيام يوم السبت , فضلا على جوازه.
2) أحاديث يدل بمفهومها على جواز صيام يوم السبت وهي: حديث جويرية بنت الحارث أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: (صمت أمس؟ فقالت: لا، فقال: "تريدين أن تصومي غداً؟ "، قالت: لا، قال: فافطري) البخاري , وحديث أبي هريرة (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده) متفق عليه.
فهذه الأحاديث تدل بمفهومها على صيام يوم السبت وليس بمنطوقها.
3) أحاديث تدل على استحباب صيام بعض الأيام والتي قد يقع السبت فيها وهي:
إفطار يوم وصوم يوم , قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا) متفق عليه , وقد يوافق السبت يوم الصيام.
صيام ثلاثة أيام من كل شهر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَصَلَاةِ الضُّحَى وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ) متفق عليه , وهذا مطلق بأن يصوم أي ثلاثة أيام من الشهر , والسبت أحدها.
صيام الست من شوال قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ) مسلم , وقد يوافق السبت واحداً منها.
هذا أخي الكريم هو تقسيم الأحاديث المخالفة لحديث ابن بسر وسوف أشرع الآن في الرد حسب تسلسل الأحاديث السالف الذكر , إلا أن كان لك تعليق على التقسيم السابق فنرجو منك ان تبلغنا به، وان لم يكن لك تعليق فيكفي ان تكتب لنا (لا تعليق)، ومن ثم أشرع بسرد الردود حسب التقسيم السابق.
هكذا كان رد الاخير وبما ان الامر لم يكن كما كنت اعتقد فعليه سوف اسرد ردي على كل الاحاديث جملة واحده بدون ان انتظر الردود.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/100)
ـ[ناصف]ــــــــ[21 - 04 - 06, 07:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
هذا أول الأحاديث التي سوف نناقشها ان شاء الله تعالى.
يزعم أصحاب القول بجواز صيام يوم السبت بان حديث ابن بسر شاذا لأنه يخالف حديث أم سلمة والذي فيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم السبت والأحد، يتحرى ذلك، ويقول: "أنهما يوما عيد الكفار، وأنا أحب أن أخالفهم" وفي لفظ: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان أكثر صيامه السبت والأحد.
والرد على هذا الحديث انه ضعيف ولا يصح ان يستدل به على جواز صيام يوم السبت ولا على استحبابه , بل ان هذا الحديث منكر وذلك لأنه يخالف حديث ابن بسر الصحيح , فهذا الحديث ضعيف , وقد خالف حديثا صحيحا , وهو ما يسمى بالحديث المنكر.
هذا بكل اختصار الرد على هذا الحديث , فان كنت تريد ان تناقش ضعف الحديث فبها , وان كنت تعتقد ان هذا الحديث صحيح بدون المناقشة , فقد وصلنا إلى نهاية المناقشة حول هذا الحديث و كان سبب اختلافنا هو الحكم على هذا الحديث حديث أم سلمة فمن يرى بصحة يعتبره مخالف لحديث ابن بسر , ومن ثم يري بضعف حديث ابن بسر لهذا السبب وهو الشذوذ , ومن يرى بضعف هذا الحديث حديث أم سلمة يري انه لا يقوى بان يكون مخالفا لحديث ابن بسر لان حديث أم سلمة ضعيف ولا يستدل به على حكم , بل قد خالفه حديث آخر صحيح في الحكم فهو بذلك يكون منكر.
وحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر: السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر: الثلاثاء والأربعاء والخميس) أخرجه الترمذي.
فهذا الحديث ضعيفا أيضا ولا يصح ان يثبت به حكم.
ـ[ناصف]ــــــــ[21 - 04 - 06, 07:07 م]ـ
اما الجزء الثاني من النقاش يدور حول أحاديث يدل بمفهومها على جواز صيام يوم السبت وهي: حديث جويرية بنت الحارث أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: (صمت أمس؟ فقالت: لا، فقال: "تريدين أن تصومي غداً؟ "، قالت: لا، قال: فافطري) البخاري , وحديث أبي هريرة (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده) متفق عليه.
فهذه الأحاديث تدل بمفهومها على جواز صيام يوم السبت وليس بمنطوقها.
أقول ان هذه الأحاديث تخالف حديث عبدالله ابن بسر وهذا واضح لا ضروري لبيانه فعليه فانه لابد من محاولة الجمع أولا وهذا هو الأولى , فان تعذر الجمع انتقلنا للترجيح.
فإذا حاولنا الجمع ولم نتمكن وجب الترجيح بين الأدلة , وهذا ما يحصل معنا الآن فان حديث ابن بسر والأحاديث السالفة الذكر لا يمكن الجمع بينها ومن ثم وجب الترجيح بقواعد الترجيح , والقاعدة التي أقول بها هنا هي قاعدة المنطوق مقدم على المفهوم , فإذا ما خالف حديث يدل بمنطوقه على حكم ما حديثا أخر يدل بمفهومه على خلاف الحكم , قدم المنطوق على المفهوم , وهذا هو ما حصل معنا , فحديث جويرية مسوق أصلا في حكم صوم يوم الجمعة؛ أي في متى يشرع صومه؟ فكان قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إلا يوماً قبله أو بعده)، فجواز صوم يوم السبت في هذا الحديث يؤخذ تبعاً من قوله (أو بعده)، أما لو نظرنا إلى حديث النهي عن صيام يوم السبت علمنا أنَّ الحديث مسوق أصلا في حكم صوم السبت؛ متى يشرع صومه؟ فكان قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إلا فيما افترض عليكم)؛ والمسوق أصلا مقدَّم على المسوق تبعاً، فحديث جويرية يدل بدلالة المفهوم، أما حديث النهي فيدل بدلالة المنطوق , والمنطوق مقدم على المفهوم كما لا يخفى في علم الأصول.
الأخوة الكرام ان قولنا بهذه القاعدة إنما هو من باب الترجيح ولكن يجب ان يعلم ان الترجيح نوعان ترجيح تام , وترجيح جزئي , فلو رجحنا بين الحديثين بما يقول به الأخ أبو البراء , فسوف نلغي العمل بحديث عبدالله ابن بسر , اما اذا قمنا بالترجيح بين الحديثين بقاعدة المفهوم والمنطوق فإننا في هذه الحالة سوف نقوم بالترجيح الجزئي , بمعنا إننا سوف نأخذ بحديث ابن بسر في عدم جواز صيام يوم السبت , كما نأخذ بحديث جويرية , وهو عدم جواز صيام يوم الجمعة إلا ان يصام يوما قبله أو يوما بعده , نعم يبقى الإشكال الوحيد هو قوله يوما بعده فيمكن ان يقال:
ان حديث ابن بسر عام أي انه لا يجوز صيام السبت , وحديث جويرية خاص أي إلا في حالة من صام الجمعة فانه يجوز له صيام السبت لكي لا يقع في إثم صيام الجمعة منفردة , نعم أقول لكي لا يقع في إثم صيام يوم الجمعة منفردا لان صيامها منفردا حرام.
قال صديق حسن خان في الروضة الندية شرح الدرر البهية:
(وإفراد يوم الجمعة لحديث جابر في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم نهى عن صوم يوم الجمعة وفي رواية أن يفرد بصوم وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة لا تصوموا يوم الجمعة إلا وقبله يوم أو بعده يوم وفي لفظ لمسلم ولا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم وفي الباب أحاديث. قال الشافعي: يكره إفراد الجمعة. وفي العالمكيرية يستحب صوم يوم الجمعة بانفراده.
أقول- صديق حسن خان-: الأحاديث واردة بالنهي، وحقيقة النهي التحريم إذا لم يصم يوماً قبله ولا يوماً بعده) انتهي كلامه.
ان الناظر إلى ما قمنا به من الترجيح السابق يتبين له وبوضوح إننا قد عملنا بسياق الحديثين , فحديث جويرية مساق للنهى –أقول النهى مطلقا سوى أريد به التحريم أو التنزيه- إلا ان يصام يوما قبله ويوما بعده , ونحن في ترجيحنا هذا لم نخالف هذا الحديث ولم نلغه بل نحن نقول ان الجمعة لا تصام إلا مع يوما قبلها أو يوما بعدها وهذا ما سيق حديث جويرية من اجله , كما إننا عملنا بحديث ابن بسر في النهي–أقول النهى مطلقا سوى أريد به التحريم أو التنزيه- ونحن لم نلغى العمل بهذا الحديث بل عملنا به على ظاهره وهو حرمة صيام يوم السبت.
لم يبقى الا الاحاديث التى تدل على استحباب صيام بعض الأيام والتي قد يقع السبت فيها سوف نذكرها لاحقا ان شاء الله تعالى وهو اخر رد لي حول هذا الموضوع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/101)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[21 - 04 - 06, 07:33 م]ـ
أخي الكريم (ناصف)
جزاك الله خيرا وبارك فيك، وفي جهودك
ولكن يا أخي الكريم، أرجو منك - التماسا لا أمرا - أن تراجع مسألة المنطوق والمفهوم في كتب الأصول، فقد بينتُ لك فيما سبق من كلامي أن المفهوم الذي يعنيه أهل الأصول في قاعدة تقديم المنطوق على المفهوم ليس ما ذكر في هذه الأحاديث، بل المفهوم المقصود هو ما إذا كان اللفظ محتملا، أما إذا كان اللفظ لا يحتمل إلا معنى واحدا فإن قوة المفهوم فيه تكون مثل قوة المنطوق سواء بسواء، لأن كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ينزه عن العبث.
وأنا قد كتبتُ مشاركتي تعليقا على قول أخينا أبي البراء لأني ظننت أنكم - وفقكم الله - ستردون بقاعدة المنطوق والمفهوم هذه، وقد كنت أود أن تذكر لي موافقتك أو مخالفتك لما قلتُ أولا.
وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه
وأسأل الله أن يجمع قلوبنا على طاعته، وأن يهدينا سواء الصراط
إنه ولي ذلك والقادر عليه
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[21 - 04 - 06, 10:42 م]ـ
أخي الفاضل أبا مالك العوضي حفظه الله ... كنتُ أعلم أنه لديك ما تقوله ـ أحسن الله إليك _ فجزاك الله خيراً.
أخي الحبيب ناصف ... بارك الله فيك و نفع بك و أحسن إليك
لدي الكثير مما أريد قوله رداً على مشاركاتك الكريمة السابقة و لكن اسمح لي الآن على عجالة أن أعلق على ما يلي:
قلتَ أحسن الله إليك:
ان حديث ابن بسر عام أي انه لا يجوز صيام السبت , وحديث جويرية خاص أي إلا في حالة من صام الجمعة فانه يجوز له صيام السبت لكي لا يقع في إثم صيام الجمعة منفردة , نعم أقول لكي لا يقع في إثم صيام يوم الجمعة منفردا لان صيامها منفردا حرام
إذاً فأنتَ تقول أنه لا يجوز صيام السبت إلا في حالة من صام الجمعة فإنه يجوز له صيام السبت!!
أي أنه من صام الجمعة لا يحرم عليه صيام السبت و يجوز له صيامه و يؤجر على ذلك!
فيم تخالفنا إذاً؟ فيمن صام السبت مع الأحد؟ تخالف الجمهور في القول بالحرمة لا الكراهة؟
ريثما أكتبُ لك ردي على مشاركاتك الكريمة أريدك أن تذكر لي
مَن مِن أئمة المسلمين المتقدمين أو المتأخرين قال بجواز صيام السبت مع الجمعة و حرمة صيامه منفرداً أو مع الأحد، و هو حاصل مذهبك في المسألة!!!
و ... جزاك الله خيراً
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[22 - 04 - 06, 02:37 ص]ـ
أخي الكريم ناصف ... بارك الله فيك و جعلني و إياك من المنصفين
قبل الرد أسألك: ألم تقل سابقاً
لقد نقلت هذا النقل بافتراض انني لا اعلم للحديث ما يخالفه , فهذا الامر من اختصاص اخي ابو البراء الكناني سدده الله.
فلماذا إذاً قمتَ بذكر حديثي أم سلمة و عائشة رضي الله عنهما و هو من اختصاصي، و من ثم الرد عليهما؟
أرجو منك بارك الله فيك الاكتفاء بالرد على ما أذكره من حجج منذ فتحنا صفحة جديدة.
قلتَ أحسن الله إليك
فهذه الأحاديث تدل بمفهومها على جواز صيام يوم السبت وليس بمنطوقها. . .
أقول ان هذه الأحاديث تخالف حديث عبدالله ابن بسر وهذا واضح لا ضروري لبيانه فعليه فانه لابد من محاولة الجمع أولا وهذا هو الأولى , فان تعذر الجمع انتقلنا للترجيح.
فإذا حاولنا الجمع ولم نتمكن وجب الترجيح بين الأدلة , وهذا ما يحصل معنا الآن فان حديث ابن بسر والأحاديث السالفة الذكر لا يمكن الجمع بينها ومن ثم وجب الترجيح بقواعد الترجيح
الجواب:
1. أنتَ أخي الكريم و كل القائلين بالحرمة تتابعون الشيخ الألباني رحمه الله في المسألة و هو يقول أنه يمكن الجمع بينما أنت تقول لا يمكن الجمع فبأي القولين نأخذ؟
رغم اعتراضاتي على طريقة الشيخ رحمه الله في الجمع إلا أنه قد ذكرها فأرجو قبل أن تلجأ للترجيح أن تفند هذه الطريقة أو تقبلها لأنك قلتَ ـ و الحق ما قلتَ ـ أنه لا بد من محاولة الجمع و أنه الأولى. قال الشيخ رحمه الله " ... أن هناك مجالاً آخر للتوفيق والجمع بينه [أي حديث النهي] وبين تلك الأحاديث [أي المبيحة] إذا ما أردنا أن نلتزم القواعد العلمية المنصوص عليها في كتب الأصول ومنها: أولاً: قولهم: إذا تعارض حاظر ومبيح قدم الحاظر على المبيح. ثانياً: إذا تعارض القول مع الفعل قدم القول على الفعل " ا. هـ من تمام المنة 407
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/102)
2. إن القائلين بكراهة إفراد السبت بالصيام و هم الجمهور يقولون أن الجمع ممكن و قد نقل ابن القيم رحمه الله طريقتهم في الجمع فقال في التهذيب ج7/ 51:
(قالوا وأما قولكم: إن الاستثناء دليل التناول إلى آخره فلا ريب أن الاستثناء [قوله: إلا فيما افترض عليكم] أخرج صورة الفرض من عموم النهي، فصورة الاقتران بما قبله أو بما بعده أُخرِجَت بالدليل الذي تقدم [أي أحاديث الإباحة] فكلا الصورتين مُخْرَج، أما الفرض فبالمُخِْرج المتصل، وأما صومه مضافاً فبالمُخِْرج المنفصل فبقيت صورة الإفراد واللفظ متناول لها ولا مُخِْرج لها من عمومه فيتعين حمله عليها) ا. هـ
وليس في هذه الطريقة مخالفة لحديث النهي لأنه من باب حمل العام على الخاص كما تقدم.
و هناك طريقة ثالثة أيضاً آثرت عدم ذكرها لأن النقاش حولها قد يطول، فها أنت أخي الكريم ترى الإمام الألباني رحمه الله الذي تتابعه في المسألة يقول إن الجمع ممكن و الجمهور يقولون إن الجمع ممكن، فإن كانت هاتان الطريقتان قد خفيتا عليك سابقاً فليس لك الآن أن تتركهما و تنتقل للترجيح قبل تفنيدهما لأن الجمع أولى كما ذكرتَ.
و لكنني أذكرك أن قولك إن الجمع أولى يقتضي منك محاولة قبول طريقة الجمع ما دام الأمر ممكناً لا أن تحاول هدم طريقة الجمع بكل الوسائل، فلا يجب عليك أن ترد طريقة الجمع هذه أو تلك إلا إن كانت مخالِفة مخالَفة واضحة و صريحة للقواعد العلمية.
و حتى لا نضيع الوقتَ فإنني سأفترض أنك قد رددت على طريقتي الجمع هاتين و بينت أنهما تخالفان القواعد العلمية و أنه لا سبيل للجمع بل السبيل هو الترجيح بما ذكرتَ في مشاركتك الأخيرة، فأقول:
قلتَ أخي الكريم
والقاعدة التي أقول بها هنا هي قاعدة المنطوق مقدم على المفهوم
و أنا حقيقة لا أخفي استغرابي من صنيعك أخي الكريم، فأنت تترك حجة الشيخ الألباني رحمه الله و الذي لولاه لما قلتَ بحرمة صيام السبت في غير الفريضة ثم تأتي بحجة من عندك ـ فيما أعلم ـ، فلماذا؟
إن كنتَ توافق على حجة الشيخ رحمه الله و هي تقديم الحاظر على المبيح فلِمَ لَمْ تذكرها و هي أقوى حجة لمن تتابعه؟
و إن كنتَ لا توافقه رحمه الله على تطبيق قاعدة الحاظر مقدم على المبيح و هي أساس حجته في القول بالحرمة فكيف تابعته إذاً على القول بالحرمة؟
هل تبنيت ـ مثلاً ـ القول بالحرمة رغم اعتراضك على حجة الشيخ رحمه الله في القول بها ثم رحتَ تبحث عن حجة مقبولة لديك؟
أرجو ألا يكون الأمر كذلك و إلا فإنني أذكرك بالنصيحة المفيدة التي نصحتني بها ـ جزاك الله خيراً ـ لا تعتقد ثم تستدل فـ ...
قلتَ أخي الحبيب
الأخوة الكرام ان قولنا بهذه القاعدة إنما هو من باب الترجيح ولكن يجب ان يعلم ان الترجيح نوعان ترجيح تام , وترجيح جزئي ,
فأنا أسألك أيها الغالي ـ سؤال المستفهم طالب الحق و الله ـ ما هو الترجيح التام و ما هو الترجيح الجزئي؟
لقد بحثتُ فيما بين يدي من كتب عن هذين الترجيحين فلم أجد شيئاً فهلا نقلتَ لنا من كتب أهل العلم تعريفاً لكل منهما مع العزو أحسن الله إليك.
قلتَ أحسن الله إليك
فلو رجحنا بين الحديثين بما يقول به الأخ أبو البراء
أين رجحتُ بين الحديثين أخي الكريم؟
أتراك تعني ما ذكرتُه في المشاركة 91 التي لطالما طالبت بالرد عليها دون جدوى؟
على العموم غفر الله لك، نحن قد فتحنا صفحة جديدة فأرجوك ثانية ألا ترد إلا على ما آتيك به من حجج منذ بدأ النقاش المجدي و المفيد، إلا إن أحلتَ لكلامي في مكانه و إلا فكيف سيقارن الأخوة الكرام بين ترجيحك الماثل أمامهم و ترجيحي الذي قد لا يعرفون به أصلاً؟!
قلتَ أحسن الله إليك
فلو رجحنا بين الحديثين بما يقول به الأخ أبو البراء , فسوف نلغي العمل بحديث عبدالله ابن بسر , اما اذا قمنا بالترجيح بين الحديثين بقاعدة المفهوم والمنطوق فإننا في هذه الحالة سوف نقوم بالترجيح الجزئي , بمعنا إننا سوف نأخذ بحديث ابن بسر في عدم جواز صيام يوم السبت , كما نأخذ بحديث جويرية , وهو عدم جواز صيام يوم الجمعة إلا ان يصام يوما قبله أو يوما بعده, نعم يبقى الإشكال الوحيد هو قوله يوما بعده فيمكن ان يقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/103)
ان حديث ابن بسر عام أي انه لا يجوز صيام السبت , وحديث جويرية خاص أي إلا في حالة من صام الجمعة فانه يجوز له صيام السبت لكي لا يقع في إثم صيام الجمعة منفردة , نعم أقول لكي لا يقع في إثم صيام يوم الجمعة منفردا لان صيامها منفردا حرام.
كلامك السابق أخي الكريم بين مرادك مما عبرتَ عنه بالترجيح الجزئي ـ و هو ما قمتَ به ـ و بالترجيح التام الذي قمتُ به في المشاركة 91
إن الذي تسميه ترجيحاً تاماً أخي الكريم هو ما تطلق عليه أكثر كتب الأصول لفظ الترجيح أو التراجيح و مؤداه كما ذكرتَ إلغاء العمل بالحديث المرجوح قال الشوكاني رحمه الله
إرشاد الفحول [جزء 1 - صفحة 403]
قال في المحصول الترجيح تقوية أحد الطرفين على الآخر فيُعلم الأقوى فيُعمل به ويُطرح الآخر
أما ما تسميه بالترجيح الجزئي فما هو إلا ما تعارفت كتب الأصول على تسميته بالجمع و هو العمل ببعض الأدلة من وجه و العمل بما يعارضها من وجه آخر و هو أولى من الترجيح، قال الشوكاني رحمه الله
إرشاد الفحول [جزء 1 - صفحة 407]
قال في المحصول العمل بكل منهما من وجه أولى من العمل بالراجح من كل وجه وترك الآخر انتهى وبه قال الفقهاء جميعاً
و من طرق الجمع أخي الكريم حمل العام على الخاص، و هو ما فعلتَه أنتَ قبل قليل حيث اعتبرتَ أن حديث النهي عام و أن حديث جويرية رضي الله عنها خاص فحملتَ الأول على الثاني، و كونك اعتبرتَ أنك بذلك تستخدم قواعد الترجيح و تقدم المنطوق على المفهوم فلا يغير من حقيقة الأمر شيئاً إذ العبرة بالمعاني لا المباني.
فأنت جمعتَ و لم ترجح و حملتَ العام على الخاص و لم تقدم المنطوق على المفهوم، و آمل أنك ستنصف إن شاء الله و تقر بذلك.
و يكفي كي تعرف أنك جمعتَ و لم ترجح أن الترجيح يعني إهمال أحد الدليلين و طرح العمل به بينما الجمع يعني العمل بكل منهما من وجه و هو ما قلتَ لاحقاً أنك قمتَ به حيث قلتَ
ان الناظر إلى ما قمنا به من الترجيح السابق يتبين له وبوضوح إننا قد عملنا بسياق الحديثين ,
فطالما أنك عملتَ بالحديثين فأنت إذاً لم ترجح بل جمعتَ كما هو معلوم.
إن النتيجة التي خلصتَ إليها أخي الكريم هي أنه يجوز صيام السبت في غير الفريضة لمن صام الجمعة قبله و يحرم في غير ذلك.
و أعيد سؤالي في مشاركتي السابقة مرة ثانية أخي الكريم، فمَن مِن العلماء المتقدمين أو المتأخرين سبقك إلى هذا القول؟
إننا إن كنا لا نقبل من العلماء أن ينفردوا عن الأئمة المتقدمين بأقوال لم يسبقهم إليها أحد فهل من المتصور أن نقبل ذلك من طلبة العلم؟!!!
قال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى 21/ 291
" كل قول ينفرد به المتأخر عن المتقدمين و لم يسبقه إليه أحد منهم فإنه يكون خطأ كما قال الإمام أحمد بن حنبل إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام"
و كلامه هذا عن العلماء فكيف بالمساكين أمثالنا؟
في الختام أخي الكريم ألخص لك اعتراضاتي على كلامك:
1. قلتَ في بداية كلامك أن الجمع غير ممكن دون أن تحاول الجمع و دون أن تلتفت لجمع الشيخ رحمه الله أو جمع الجمهور.
2. قلتَ بناء على تعذر الجمع أنك ستستخدم قاعدة من قواعد الترجيح هي تقديم المنطوق على المفهوم لكنك أثبتها اسماً و عملتَ بخلافها.
3. قمتَ بتطبيق طريقة من طرق الجمع هي حمل العام على الخاص واصفاً إياها بأنها قاعدة تقديم المنطوق على المفهوم.
4. قمتَ في النهاية بالجمع مع أنك في البداية قلتَ أن الجمع غير ممكن.
5. خرجتَ في النهاية بحكم ليس لك فيه سلف لا من الأئمة المتقدمين و لا جمهور المتأخرين و لا الشيخ الألباني الذي تتابعه في القول بالحرمة.
هذا ما لدي أخي الكريم فإن كان حقاً فمن الله عز و جل و بتوفيقه و إن كانت الأخرى فمني و من الشيطان فأبرأ إلى الله سبحانه و تعالى منه و من كل ما يسخطه.
و صل اللهم على عبدك و نبيك محمد و على آله و صحبه و سلم
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[22 - 04 - 06, 11:54 ص]ـ
الأخ ناصف:
ان كلامك حول حديث جويرية بنت الحارث أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: (صمت أمس؟ فقالت: لا، فقال: "تريدين أن تصومي غداً؟ "، قالت: لا، قال: فافطري) البخاري , وحديث أبي هريرة (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده) متفق عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/104)
واستخدامك لقاعدة المفهوم والمنطوق , فأنت في الحقيقة لم تستخدم هذه القاعدة , وإنما استخدمت قاعدة العام والخاص ولكي توضح عندك الصورة سوف أقوم بهذه التوضيحات.
لقد اتفق كلا من القائلون بجواز صيام يوم السبت , والقائلون بعدم جوازه على ان حديث جويرية بنت الحارث وحديث أبي هريرة معارض لحديث عبدالله ابن بسر ومن ثم اختلف الفريقين فقام القائلون بعدم جواز صيام السبت بطرق جمع وترجيح , وكذلك فعل المبيحون لصيامه.
القائلون بحرمة صيام السبت
كانت طرقهم على النحو الآتي:
1 - انه يمكن الجمع بين هذه الاحاديث وذلك بان يقال ان صيام يوم السبت المذكور في حديث جويرية بنت الحارث وحديث أبي هريرة , داخل ضمن قوله عليه الصلاة والسلام (إلا فيما افترض عليكم) , وعليه فمن صام الجمعة ولم يصم الخميس وجب عليه صيام السبت , وبذلك نكون قد اخذنا بكل الاحاديث وهذا الجمع اولى من الترجيح.
ولكن هل يصح ان نقول على ان جملة (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده) , لا يجوز صيام الجمعة الا بصام يوم قبلها او يوم بعده , أي من جهة اخرى هل نستطيع القول بانه يجب على من صام الجمعة ان يصوم يوما قبلها ويوما بعدها وبالتالي يدخل يوم السبت تحت عموم قوله عليه الصلاة والسلام (إلا فيما افترض عليكم) , وبالتالي لا تعارض بين الاحاديث.
على كل حال ليس هذه موضع نقاش هذه النقطة , وانما نحن الان بصدد عرض الاقوال.
2 - انه لا يمكن الجمع ومن ثم يجب الترجيح بينها , والترجيح هنا يكون عن طريق قاعدة المفهوم والمنطوق , وهي التى قال بها الاخ ناصف في كلامه السابق غير انه في الحقيقة لم يستخدمها , وانما استخدم قاعدة العام والخاص السابقة الذكر , وطريق الترجيح هي ان حديث جويرية مسوق أصلا في حكم صوم يوم الجمعة؛ أي في متى يشرع صومه؟ فكان قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إلا يوماً قبله أو بعده)، فجواز صوم يوم السبت في هذا الحديث يؤخذ تبعاً من قوله (أو بعده)، أما لو نظرنا إلى حديث النهي عن صيام يوم السبت علمنا أنَّ الحديث مسوق أصلا في حكم صوم السبت؛ متى يشرع صومه؟ فكان قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إلا فيما افترض عليكم)؛ والمسوق أصلا مقدَّم على المسوق تبعاً، فحديث جويرية يدل بدلالة المفهوم، أما حديث النهي فيدل بدلالة المنطوق , والمنطوق مقدم على المفهوم كما لا يخفى في علم الأصول.
لقد قام الاخ ناصف بعرض هذه القاعدة , غير انه عندما جاء الى موضع التعارض بين الحديثين في قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم (أو بعده) , لم ياخذ بهذه القاعدة , وانما اخذا بقاعدة العام والخاص.
ان هذه القاعدة ترجح حرمة صيام السبت على جوازه , بمعنى تقدم النهى على الجواز , وهذا ما اعترض عليه الاخوة وذلك بعدم قولهم بان حديث جويرية بنت الحارث وحديث أبي هريرة يدلان بدلالة المفهوم على جواز صيام يوم السبت , ومن ثم فلا يصح باستخدام هذه القاعدة هنا.
3 - انه لا يمكن الجمع ومن ثم يجب الترجيح بينها , والترجيح هنا يكون عن طريق قاعدة الحاظر مقدم على المبيح , فحديث ابن بسر حظر و حديث جويرية بنت الحارث وحديث أبي هريرة مباح , و الحاظر مقدم على المبيح.
هذه هي طرق الجمع والترجيح التى قام بها القائلون بحرمة صيام يوم السبت , والآن إلى ما قاله القائلون بالجواز , والذي سوف اذكره هنا هم القائلون بالجواز مطلقا , والا فان هناك من قال بكراهة صيامه , وهناك من قال ان المقصود منه هو نية التعظيم , وهناك من قال بل المقصود منه هو افراده فيجوز صيامه مع يوم قبله او يوم بعده كما في صيام الجمعة.
القائلون بالجواز مطلقا
ان حديث ابن بسر يعارض حديث جويرية بنت الحارث وحديث أبي هريرة ومن ثم وجب الجمع فان تعذر انتقلنا الى الترجيح , ولكن الترجيح يجب ان يكون في السند قبل ان ننتقل الى المتن , واذا نظرنا الى حديث ابن بسر وجدنا إن أقصى ما يقال فيه أنه على شرط البخاري واما حديث جويرية بنت الحارث وحديث أبي هريرة فاحداهما متفق عليه والاخر رواه مسلم , ومن ثم فاذا ما اردنا الترجيح قدمنا احاديث اباحة صيام السبت واعتبرنا حديث ابن بسر شاذا.
هذا ما احببت ان اقوله لك اخي ناصف.
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[22 - 04 - 06, 12:10 م]ـ
اخي ناصف يمكن انستنتج من قولك في استخدامك لقاعدة العام والخاص ان انه لا يمكن الجمع ومن ثم يجب الترجيح بينها , والترجيح هنا يكون عن طريق الترجيح الجزئى وهو الاولى , وذلك عن طريق قاعدة العام والخاص , وذلك بان يقال ان حديث ابن بسر عام أي انه لا يجوز صيام السبت , وحديث جويرية خاص أي إلا في حالة من صام الجمعة فانه يجوز له صيام السبت , فخصص حديث ابن بسر بمخصص متصل وهو قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم (إلا فيما افترض عليكم) , وبمخصص منفصل وهو من قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم (أو بعده).
وهذا في الحقيقة اولى من الترجيح الكلى , ففي هذه الحالة اخرجنا صورة واحدة من العموم بدليل متصل بحديث , واخرجنا صورة اخرى من العموم بدليل منفصل.
اقول هذه ما فهمة من كلامك ولكن هذا الجمع كما قال الاخ الكناني ليس لك فيه سلف لا من الأئمة المتقدمين و لا جمهور المتأخرين.
والله اعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/105)
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[22 - 04 - 06, 12:17 م]ـ
اما تفريقك بين الترجيح الكي والترجيح الجزئى فهذا صحيح , وهذا الكلام قاله الشيخ العثيمين في شرحه اصول الفقه , وهو بتخصيص العام في بعض صوره , فاذا تعارض نص عام مع خاص خصص العام , وينتفي التعارض , من غير الغاء كلي للحديث العام بل الغاء احد صوره المنصوص عليها في الخاص , غير ان استدلالك به هنا غير وارد كما اسلفنا.
ـ[ناصف]ــــــــ[22 - 04 - 06, 05:16 م]ـ
الأخ أبو سند بارك الله فيك على توضيحك السابق , نعم أخي الكريم لقد وقعت في الخطأ بان قمت بعملية الجمع السابقة والتي لم أكن قد وفقت فيها رغم معرفتي للموضوع.
الأخ أبو البراء لقد تغيرت لهجتك في الرد بعد وقوعي في الخطأ السابق , لقد بينت لي موضع الخطأ وهو طريقة الجمع التي قمت بها أنا , غير انك نقلت في ردك الأول كلام لي ثم بدأت تفسره على فهمك حيث قلت بعد عرض كلامي:
إذاً فأنتَ تقول أنه لا يجوز صيام السبت إلا في حالة من صام الجمعة فإنه يجوز له صيام السبت!!
أي أنه من صام الجمعة لا يحرم عليه صيام السبت و يجوز له صيامه و يؤجر على ذلك!
فيم تخالفنا إذاً؟ فيمن صام السبت مع الأحد؟ تخالف الجمهور في القول بالحرمة لا الكراهة؟
ريثما أكتبُ لك ردي على مشاركاتك الكريمة أريدك أن تذكر لي
فلا ادري ما هو مقصودك , وما الذي تريد ان تنسبه لي , ان كنت أخطأت في الجمع السابق فهذا لا يدل على ان كل ما قلته أنا غير صحيح , ولكن عندما قلت لك انه من العسير ان تجد من يناقشك في هذا الموضوع لم أكن مخطأ , بل أزيد على ذلك فأقول ولا حتى في موضوع أخر.
اما أنا فسوف اعتبر ان الخطأ هذا سبب في خروجي من الموضوع , وذلك لأنني اعتبر نفسي ليس بالجدير بان أتبن الرد على من يخالف هذا القول , كنت اعتقد ان المسألة من باب المناقشة لا المناظرة وفي الختام أفول ان قول أبو البراء لي:
انه ليس لي فيها سلف , قد قالها للشيخ الألباني رحمه الله , فالشيخ الكناني يعتبر حرمة صيام السبت بدعة من القول محدثة.
اما عن ان قمت بوضع التسلسل في الأحاديث فقد قالت في أخره:
هذا أخي الكريم هو تقسيم الأحاديث المخالفة لحديث ابن بسر وسوف أشرع الآن في الرد حسب تسلسل الأحاديث السالف الذكر , إلا أن كان لك تعليق على التقسيم السابق فنرجو منك ان تبلغنا به، وان لم يكن لك تعليق فيكفي ان تكتب لنا (لا تعليق)، ومن ثم أشرع بسرد الردود حسب التقسيم السابق.
أي إنني كنت أود استشارتك قبل البدء في التقسيم السابق ولم أخالف ما اشترطته , غير أني كنت اعتقد ان التقسيم يسهل عملية المباحثة , ولكن عندما قمت أنت بردود أخرى خرجت بها عن الموضوع اضطررت لسرد الردود , وكتابتها بدون اي تدقيق وبعجالة مما أدى إلى الخطأ.
هذا ما أردة قوله في عجالة وأخر قولنا:
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[14 - 08 - 06, 02:07 ص]ـ
... !
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[14 - 08 - 06, 02:22 ص]ـ
هذا نقل مطابق للمشاركات التي حذفت نتيجة الخلل التقني
أبو البراء الكناني
عضو نشيط تاريخ الانضمام: 17/ 12/04
المشاركات: 144
--------------------------------------------------------------------------------
الحمد لله و كفى و سلاماً على عباده الذين اصطفى
أخي الكريم أبو سند ... جزاك الله خيراً و بارك فيك
لقد سررت عندما قرأت مشاركاتك حيث وجدتك عدت للمشاركة في موضوعك ـ إذ نحن ضيوف عندك ـ و رجوت أن تكون هذه فاتحة خير كي نصل بالموضوع إلى إحدى نهايتيه، أعني أن يقتنع أحدنا بحجة الآخر أو أن نصل إلى طريق مسدود و لكن بعد استعراض جوانب الموضوع كلها لتعم الفائدة لكل من يقرأ الموضوع.
لكن سروري بددته للأسف مشاركة أخينا الكريم ناصف الأخيرة!
إنني أخي الكريم أبا سند أطلب منك أن تكون حكماً بيني و بين أخي ناصف بخصوص مشاركته السابقة و ردي هذا عليها، و لستُ بحاجة لتذكيرك بتحري الإنصاف و العدل فأنت أهل لهما إن شاء الله.
__________________
تفضل هنا
الإعلام بأن صوم السبت في النفل ليس بحرام
أبو البراء الكناني
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى أبو البراء الكناني
البحث عن كافة المشاركات بواسطة أبو البراء الكناني
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/106)
إضافة أبو البراء الكناني إلى قائمة الأصدقاء
#117 02/ 05/06, 06:03 06:03:28 AM
أبو البراء الكناني
عضو نشيط تاريخ الانضمام: 17/ 12/04
المشاركات: 144
--------------------------------------------------------------------------------
أخي الكريم ناصف ... بارك الله فيك و أحسن إليك و جمعني و إياك في مستقر رحمته
ساءني و الله يا أخي أن يكون صدر مني ما يزعجك!
و أنا و الله أستغفر الله من كل أذى أو إزعاج سببته لك أو لأي من إخواننا و هو خلاف ما أسعى إليه في كتاباتي!
فمنهجي في مسائل الحوار أنه إن كان لا بد من الخلاف فلا أقل من أن نبقى إخواناً متحابين، فالخلاف مع أهل الحديث يجب ألا يفسد للود قضية.
لقد تأملتُ ملياً في مشاركتك الأخيرة قائلاً: ما الذي أزعج أخي؟
أتراه قولي إن قولك الأخير في المسألة ليس لك فيه سلف؟
فقد قالها لك أبو سند حفظه الله!
أتراه قولي إنك أخطأت في الجمع؟
فقد قالها الكريم أبو سند أيضاً!
أتراه قولي:
إذاً فأنتَ تقول أنه لا يجوز صيام السبت إلا في حالة من صام الجمعة فإنه يجوز له صيام السبت!!
فهل هو إلا تلخيص أمين لكلامك فأخذتُ أنا منه ما وضعتُه بين أقواس حيث قلتَ
ان حديث ابن بسر عام أي انه (لا يجوز صيام السبت) , وحديث جويرية خاص أي (إلا في حالة من صام الجمعة فانه يجوز له صيام السبت)؟
أليس كلامك هذا يعني ما قلتُه موضحاً
أي أنه من صام الجمعة لا يحرم عليه صيام السبت و يجوز له صيامه و يؤجر على ذلك!
ماذا بقي و أزعجك؟ أهو قولي
فيم تخالفنا إذاً؟ فيمن صام السبت مع الأحد؟ تخالف الجمهور في القول بالحرمة لا الكراهة؟
أليس هذا صحيحاً؟ أليس قولك الأخير في المسألة يقلص الخلاف بيننا و يعني أنك لا تقول بالحرمة مطلقاً كما هو ظاهر الحديث؟ أليس من حقي حينها أن أتساءل عما تخالفنا فيه؟
ترى هل تقولتًُ عليك ما لم تقله؟ الجواب عند أخينا الكريم أبي سند
لقد قلتَ بارك الله فيك
ان كنت أخطأت في الجمع السابق فهذا لا يدل على ان كل ما قلته أنا غير صحيح
و أين قلتُ أنا ـ غفر الله لي و لك ـ أن كل ما قلتَه أنت غير صحيح؟
قلتَ أحسن الله إليك
الأخ أبو البراء لقد تغيرت لهجتك في الرد بعد وقوعي في الخطأ السابق
و أنا حقيقة في حيرة من أمري! أين تغيرت لهجتي أخي الكريم؟
إنني شديد الحرص على ألا أذكر اسمك ـ في الغالب ـ مجرداً بل أقول: الكريم ... الحبيب ... الفاضل ... إلخ و ليس هذا معك فقط فهو من باب تأليف القلوب للتخفيف من أثر الخلاف ـ هكذا كنتُ أتمنى ـ و أنا لا أطالب محاوري أن يعاملني بالمثل و لكن أن يقال بعد هذا أن لهجتي قد تغيرت بعد وقوعك في الخطأ فهذا أمر يدهشني!
أخي الكريم إن كل اعتراض وجهته إلى كلامك أو كلام أخينا الكريم أبي سند إنما هو موجه لما أعتبره خطأ ـ سواء أصبت في ذلك أم أخطأت ـ فهل رأيت لهجتي معه تغيرت، نعم قد تفلت كلمة هنا أو هناك ـ فما أبرئ نفسي و البشر بطبعه خطاء ـ و لكن هل هذا ديدني و منهجي؟
على العموم هاك بعضاً من كلامي و لهجتي في مشاركتيَّ السابقتين بعد ما وقعتَ فيه من خطأ:
أخي الحبيب ناصف ... بارك الله فيك و نفع بك و أحسن إليك
قلتَ أحسن الله إليك:
ريثما أكتبُ لك ردي على مشاركاتك الكريمة
أخي الكريم ناصف ... بارك الله فيك و جعلني و إياك من المنصفين
قلتَ أخي الحبيب
فأنا أسألك أيها الغالي ـ سؤال المستفهم طالب الحق و الله ـ
إن الذي تسميه ترجيحاً تاماً أخي الكريم
هذا ما لدي أخي الكريم فإن كان حقاً فمن الله عز و جل و بتوفيقه و إن كانت الأخرى فمني و من الشيطان فأبرأ إلى الله سبحانه و تعالى منه و من كل ما يسخطه.
فما الذي تغير في لهجتي؟!
أما بخصوص تقسيمك الأحاديث فلم يكن اعتراضي على أصل التقسيم و إنما على ذكر أحاديث لم أذكرها و من ثم طرحها للنقاش.
أما قولك أحسن الله إليك
وفي الختام أفول ان قول أبو البراء لي:
انه ليس لي فيها سلف , قد قالها للشيخ الألباني رحمه الله
فأنا قد قلتُ أن القول بالحرمة لم يقل به أحد من السلف و هذا ليس رأيي وحدي بل هو رأي الكثير من المشايخ و طلبة العلم، و قد نقل أخونا الكريم (الراية) عن الشيخ سعد آل حميد حفظه الله قوله في كتابه حكم صوم يوم السبت في غير الفريضة: " وان إطلاق القول بالتحريم مطلقاً، فلم أجد من قال به سوى الشيخ ناصر الدين الالباني رحمه الله تعالى. " (صفحة 92)
أما هذه
, فالشيخ الكناني يعتبر حرمة صيام السبت بدعة من القول محدثة.
فلا أقول سوى غفر الله لك مهما كان قصدك ب (الشيخ)، و أما باقي الكلام فأين قلتُ ذلك سامحك الله؟
و بعد أخي الكريم فقد قلتَ أنك بسبب الخطأ سوف تنسحب من الموضوع فأنا أقول لك من ذا الذي لا يخطئ قط؟
إنني على يقين من أنني قد وقعتُ في أخطاء في الموضوع و أتمنى أن يظهرها لي الأخوة الكرام كي أرجع عنها كما فعلتُ قريباً مع مشاركة الأخ الكريم أبي مالك العوضي، و ليس هذا سبباً لترك النقاش.
أما إن كان السبب هو شخصي الضعيف لأنني كما قلتَ لن أجد من يناقشني في هذا الموضوع أوغيره فهذا أمر آخر فلا أملك حياله شيئاً للأسف!
لقد اقترحتُ سابقاً لو تذكر حَكَمَين للنقاش كي ينضبط طرفاه و ليلزم الحكمان كلاَ من المتحاورَيْن بالحوار المفيد و هو الذي ربما تراني لم ألتزمه، و هاأنت ترى أن اقتراحي ذاك كان في محله إذاً لو تم ذلك لأمكن إلزامي بترك ما تراه سبباً مانعاً من النقاش إن كنتَ مصيباً في رأيك.
لا أعرف حقيقة ما تنوي فعله فأنا و إن كنتُ أتمنى أن تستمر إلا أنني لا أستطيع حملك على ذلك، و لكن يبقى لي رجاء و هو أن تبين لي مغالطاتي الكثيرة التي قلتَ أنني وقعتُ فيها، و لكن بالطبع ليس في موضوع أخينا أبي سند هذا، فإما أن تفتح موضوعاً مستقلاً و إما أن ترسل لي على الخاص، و طلبي هذا من باب تحقيق المصلحة الخاصة لأخيك أبي البراء فلا تحرمني من ذلك، فالمرء مرآة أخيه و رحم الله من أهدى إلي عيوبي.
ختاماً أكرر اعتذاري إن كان صدر مني ما أزعجك، و أدعو الله عز و جل أن يغفر لي و لك.
و صل اللهم على عبدك و نبيك محمد و على آله و صحبه و سلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/107)
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[14 - 08 - 06, 02:25 ص]ـ
أبو البراء الكناني
عضو نشيط تاريخ الانضمام: 17/ 12/04
المشاركات: 158
--------------------------------------------------------------------------------
في انتظار الأخوين الكريمين أبي سند و ناصف حفظهما الله تعالى
__________________
تفضل هنا
الإعلام بأن صوم السبت في النفل ليس بحرام
أبو البراء الكناني
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى أبو البراء الكناني
إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى أبو البراء الكناني
إيجاد جميع المشاركات للعضو أبو البراء الكناني
إضافة أبو البراء الكناني إلى قائمة الأصدقاء
#122 24/ 05/06, 07:02 07:02:32 Pm
ابو سند محمد
عضو نشيط تاريخ الانضمام: 01/ 09/04
المشاركات: 105
--------------------------------------------------------------------------------
قال الشيخ حسين العوايشة في كتابه الموسوعة الفقهية:
4 - يوم السبت في غير الفرض
عن الصماء-رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تصوموا يوم السبت؛ إلا فيما افترض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه)).
قال الإمام الطحاوي- رحمه الله – بعد أن روى حديث عبد الله بن بسر السابق: (( ... فذهب قوم إلى هذا الحديث؛ فكرهوا صوم يوم السبت تطوعاً، وخالفهم في ذلك آخرون؛ فلم يروا بصومه بأساً ... )).
وملخص أقوال العلماء الذين أجازوا صيام السبت لغير فريضة-وكانت أقوالهم رحمهم الله تعالى مختلفة لا مؤتلفة والاختلاف في ماهية الشيء يدل على وهنه وضعفه كما لا يخفى- يدور حول تضعيف الحديث السابق أو بشذوذه، أو نسخه أو جواز صيامه مقروناً بغيره.
أما من جهة درجة الحديث؛ فقد قال بثبوته جمع من العلماء، فقد حسنه الترمذي وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري وأقره الذهبي، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وانظر طرقه في ((التلخيص الحبير)) للحافظ ابن حجر (2/ 822) ... و ((الإرواء)) (960).
((أما دعوى الشذوذ، فهي إما إسنادية أو متنية، فمن حيث الإسناد، فالحديث صحيح دونما ريب.
أما من حيث المتن، فلم ترد هذه الدعوى على أصحابها إلا بعد تعذر الجمع والتوفيق عندهم، ولا يلجأ إلى ادعاء الشذوذ بمجرد هذا التعذر.
وليس التعريف العلمي الاصطلاحي للشذوذ منطبقا على هذا النوع من مظنة التعارض، كما لا يحفى)) انتهى.
أما دعوى النسخ فإن النسخ لا يبطل بالاحتمال.
وأما جواز صيامه مقروناً مع غيره:
فليس هنالك ما يشير من الأدلة على ذلك إذ الاستثناء بين ... ((إلا فيما افترض عليكم)).
أو ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قادراً أن يقول: ((لا تصوموا يوم السبت مفرداً ... )).
أو: ((لا تصوموا السبت إلا مقروناً مع غيره))؟!
جاء في ((تمام المنة)) (ص406): ((وتأويل الحديث بالنهي عن صوم السبت مفرداً يأباه قوله: ((الا فيما افترض عليكم)) فإنه كما قال ابن القيم-رحمه الله- في ((تهذيب السنن)): ((دليل على المنع من صومه؛ في غير الفرض مفرداً أو مضافاً؛ لأن الاستثناء دليل التناول، وهو يقتضي أن النهي عنه يتناول كل الصور صومه الا صورة الفرض.
ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد لقال: لا تصوموا يوم السبت إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده، كما قال في الجمعة، فلما خص الصورة المأذون فيها صومها بالفريضة؛ علم تناول النهي لما قابلها)).
قلت [أي: شيخنا-رحمه الله-]: وأيضاً لو كانت صورة الاقتران غير منهي عنها؛ لكان استثناؤها في الحديث أولى من استثناء الفرض؛ لأن شبهة شمول الحديث له أبعد من شموله لصورة الاقتران، فإذا استثناء الفرض وحده؛ دل على عدم استثناء غيره؛ كما لا يخفى .. )) انتهى.
ولنا أن نقول: إن من قال بجواز صيام السبت مقروناً مع غيره في النافلة؛ قد سوى بين الجمعة والسبت، وأنى له هذا؟!
وكأن لسان حاله يقول: لو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تصوموا يوم الجمعة إلا فيما افترض عليكم)) لأغنى عن كل نصوص الجمعة، ومعاذ الله من ذلك.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الجمعة ما لم يقل في السبت، فمما قاله في الجمعة-كما تقدم-: ((إلا أن يكون في صوم؛ يصومه أحدكم)).
وقال صلى الله عليه وسلم في صيام يوم الشك: (( ... إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه؛ فليصم ذلك اليوم)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/108)
فلو جاز صيام السبت لغير الفريضة؛ لجاءت الاستثناءات كما جاءت في الجمعة ويوم الشك والنصف من شعبان؛ لمن اعتاد الصيام، والله-تعالى-أعلم.
لذلك أرى أن النصوص كانت على أصناف ثلاثة:
1 - صنف يفيد جواز صيام السبت مطلقاً، كما في حديث جويرية-رضي الله عنه- المتقدم: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: تريدين أن تصومي غداً؟ قالت: لا، قال: فأفطري)).
وكحديث عبدالله بن عمر-رضي الله عنهما- قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحب الصيام إلى الله صيام داود؛ كان يصوم يوماً ويفطر يوماً ... )).
وهذا يفيد صيام يوم السبت مفرداً لغير فريضة؛ لمن صام صيام داود-عليه السلام-. إلى غير ذلك من النصوص.
2 - صنف يفيد استواء الطرفين، لا له ولا عليه؛ كما في حديث: عبيد الأعرج قال: ((حدثتني جدتي أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتغدى، وذلك يوم السبت، فقال: تعالي فكلي، فقالت: إني صائمة، فقال لها: صمت أمس؟ فقالت: لا، فقال: فكلي؛ فإن صيام السبت لا لك ولا عليك)).
3 - صنف ثالث يفيد تحريم صيام يوم السبت إلا لفريضة وقد مضى في أول الكلام في موضوعنا؛ من حديث الصماء-رضي الله عنها-.
فكيف يكون التعامل مع هذه النصوص؟
إن من لم يصم السبت لغير فريضة؛ لم يعارض هذه النصوص أبدا، وهذا يتمشى مع القاعدة المعروفة ((الحاظر مقدم على المبيح.
[[قاعدة ((الحاظر مقدم على المبيح))،و ((القول مقدم على الفعل)) عند التعارض مما يذكره شيخنا-رحمه الله- في موضوع صيام السبت لغير الفريضة، وتحريم الشرب قائما لغير ضرورة.]]
جاء في كتاب ((الاعتبار)) للعلامة الحازمي-رحمه الله-ص39) إشارة إلى أنه في غير السبت: ((ولأن الإثم حاصل في فعل المحظور، ولا أثم في ترك المباح فكان الترك أولى)).
وقال رحمه الله (ص35) في وجوه الترجيح:)): ... أن يكون أحد الحديثين قولاً والآخر فعلاً، فالقول أبلغ في البيان؛ ولأن الناس لم يختلفوا في كون قوله حجة، واختلفوا في إتباع فعله، ولأن الفعل لا يدل لنفسه على شيء؛ بخلاف القول فيكون أقوى)).
ويكون قد نجا من عمل بلا ثواب ولا عقاب ((لا لك ولا عليك)).
وقال شيخنا- رحمه الله_ بعد حديث: ((لا تصوموا يوم السبت ... )).
والحديث ظاهره النهي عن صوم السبت مطلقاً إلا في الفرض، وقد ذهب إليه قوم من أهل العلم كما حكاه الطحاوي، وهو صريح في النهي عن صومه مفردأً، ولا أرى فرقاً بين صومه- ولو صادف يوم عرفة أو غيره من الأيام المفضلة- وبين صوم يوم من أيام العيد إذا صادف يوم الاثنين أو الخميس؛ لعموم النهي، وهذا قول الجمهور فيما يتعلق بالعيد؛ كما في ((المحلى) 7/ 27).
وقال السيخ محمود مهدي إستنبولي-رحمه الله_ في كتابه ((صوم رمضان)) (ص49): ((قلت: والحديث صريح في النهي القطعي عن صومه، ولم يشر إلى كونه منفرداً أو مخصوصا، فالحمل للحديث على ظاهره هو الأصل. والله أعلم)).
ويذكرنا شيخنا- رحمه الله- بقوله صلى الله عليه وسلم ((إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه)) فلا يحزنك أنك لم تصم عرفة أو عاشوراء إذا وافق السبت؛ لهذا الحديث.
ويحضرني في هذا المقام ما قاله البخاري-رحمه الله- في ((صحيحه))
((ما يذكر في الفخذ ... وقال أنس: حسر النبي صلى الله عليه وسلم عن فخذه وحديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط حتى يخرج من اختلافهم)). انظر ((الفتح)) (1/ 478).
وفي المسألة تفصيل أكثر، أكتفى بما ذكرت والله-تعالى-أعلم.
ولا ينبغي أن تؤدي هذه المسائل إلى التدابر والتباغض والولاء والبراء!
قال الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) (14/ 376) - بعد ذكر مسألة يرى فيها أن أحد الأئمة الأعلام قد أخطأ في اجتهاده-: ((ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده-مع صحة إيمانه، وتوخيه لإتباع الحق- أهدرناه وبدعناه، لقل من يسلم من الأئمة معنا. رحم الله الجميع بمنه وكرمه)).انتهى كلام الشيخ حفظه الله تعالى.
__________________
ابو سند محمد
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى ابو سند محمد
إيجاد جميع المشاركات للعضو ابو سند محمد
إضافة ابو سند محمد إلى قائمة الأصدقاء
#123 03/ 06/06, 02:54 02:54:44 Pm
أبو البراء الكناني
عضو نشيط تاريخ الانضمام: 17/ 12/04
المشاركات: 158
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/109)
--------------------------------------------------------------------------------
أخي الحبيب أبا سند ... أحسن الله إليك و نفع بك
بداية أعتذر عن تأخر الرد إذ لم أتنبه لمشاركتك إلا أمس
ثم أقول
أخي الكريم ... أرجو أن يكون واضحاً أنني لم و لن أرتب على مسألة السبت بعينها ولاء و لا براء و أنني لا أحمل في قلبي أي نوع من البغض لإخواننا في الله ـ الذين هم إخواننا في المنهج كذلك ـ الذين يقولون بالحرمة.
بل إنني قد حزنت لما كتبه أخونا ناصف في مشاركته الأخيرة و اعتذرت و أكرر اعتذاري له و لك و لأي أحد من إخواننا إن بدر مني ما ضايقه.
أما بالنسبة لمشاركتك قبل الأخيرة ... فأنت تعلم أخي الكريم أننا كنا قد توقفنا عند نقطة معينة في النقاش حددت أنت أغلب معالمها، حيث عرضت الأحاديث المتعارضة و عرضت الأقوال المحتملة للجمع أو الترجيح بينها كي يتم التباحث حول هذه الأقوال للوصول إلى أقربها للصواب.
مشاركتك الأخيرة لم تناقش فيها تلك الأقوال في ظني، و إن كان هناك ما يمكن قوله حولها فهو التالي:
وأما جواز صيامه مقروناً مع غيره:
(إلى قول الشيخ:)
... فلو جاز صيام السبت لغير الفريضة؛ لجاءت الاستثناءات كما جاءت في الجمعة ويوم الشك والنصف من شعبان؛ لمن اعتاد الصيام، والله-تعالى-أعلم.
فهذه الفقرة كلها أخي الحبيب أقول رداً عليها:
نعم حديث النهي ليس فيه سوى هذا الاستثناء و لو لم تأت بقية الأحاديث لما كان هناك مجال للاعتراض و لكن ألا ترى أخي الحبيب أن كل هذه الفقرة ـ و هو نفس ما أسمعه من بعض إخواننا ـ تغفل تماماً وجود بقية الأحاديث المخالفة لحديث النهي؟
أخي الحبيب ... إنني أريد منك أو من أي أحد من إخواننا أن يبين لي المانع شرعاً أو عقلاً أن يستثني حديث النهي صورة الفرض ثم تأتي الأحاديث الأخرى مستثنية صوراً أخرى، بالله عليك أخي الحبيب ما المانع؟!!
أما قول الشيخ حفظه الله بعد أن ذكر النصوص المتعلقة بالسبت:
فكيف يكون التعامل مع هذه النصوص؟
إن من لم يصم السبت لغير فريضة؛ لم يعارض هذه النصوص أبدا، وهذا يتمشى مع القاعدة المعروفة ((الحاظر مقدم على المبيح.
فأقول: ألم نتفق أخي الحبيب أن هذه من قواعد الترجيح التي لا يلجأ إليها إلا عند تعذر الجمع؟
فهل حاولنا الجمع و لم نفلح؟ أليست هذه هي النقطة التي وقفنا عندها على أمل المناقشة؟
أما قول الشيخ
ويحضرني في هذا المقام ما قاله البخاري-رحمه الله- في ((صحيحه))
((ما يذكر في الفخذ ... وقال أنس: حسر النبي صلى الله عليه وسلم عن فخذه وحديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط حتى يخرج من اختلافهم)). انظر ((الفتح)) (1/ 478).
فلا أحد أخي الكريم يستطيع أن يعترض على من يريد الأخذ بالأحوط، و لو كان موضوعك (القول الثبت) للحض على هذا المعنى فقط لما طال النقاش حتى الآن، و لكن قصدك من موضوعك هو إثبات حرمة صيام السبت، و هذا لا يكون إلا بالأدلة فتعرض ما لديك و يعرض مخالفك ما لديه بغية الوصول للحق، و أحسب أن النقاش قد توقف عند أكثر النقاط حسماً في الموضوع، فإذا كان لديك ما يدعم وجهة نظرك بالقول بالحرمة مما له تعلق بهذه النقطة فلنطرحه للنقاش، و إن كان الأمر عندك محل توقف فلتبين ذلك ثم لتقل إن شئت أن الأحوط لديك هو ترك صيام السبت فلامشكلة حينئذ.
الذي أريد أن أقوله إن طرح المسألة للتباحث العلمي يختلف عن طرح الأحوط و الأورع، لأن الذي يترك الصيام احتياطاً لا يستطيع أن يقول إن الصيام حرام فالفرق بين الأمرين واضح، و آمل أنك لن تخالفني في ذلك.
ختاماً أدعو لله لي لك و لإخواننا بالعلم النافع و العمل الصالح إنه ولي ذلك و القادر عليه،
و صل اللهم على عبدك و نبيك محمد و على آله و صحبه و سلم.
__________________
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[14 - 08 - 06, 02:30 ص]ـ
ابو سند محمد
عضو نشيط تاريخ الانضمام: 01/ 09/04
المشاركات: 105
--------------------------------------------------------------------------------
بارك الله فيك على حسن ادبك وأحسن الله إليك و نفع بك وجزاك الله كل خير وزادك الله علما وحلما
__________________
--------------------------------------------------------------------------------
آخر تحرير بواسطة ابو سند محمد: 04/ 06/06 الساعة 06:44 06:44:22 Pm. السبب: بعض الزيدات
ابو سند محمد
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى ابو سند محمد
إيجاد جميع المشاركات للعضو ابو سند محمد
إضافة ابو سند محمد إلى قائمة الأصدقاء
#125 05/ 06/06, 02:35 02:35:14 Pm
أبو البراء الكناني
عضو نشيط تاريخ الانضمام: 17/ 12/04
المشاركات: 158
--------------------------------------------------------------------------------
اللهم آمين
و فيك بارك الله أخي الحبيب و أنا أدعو لك بمثل ما قلت
و أشكرك عل حسن ظنك بأخيك، و أدعو الله عز وجل أن يجمعنا في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله
و كل من نحب من إخواننا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/110)
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[21 - 11 - 06, 12:05 م]ـ
الحمد لله الذي هدنا للإسلام وأرشدنا إلى طريق الحق والبيان , وجعلنا من أتباع رسول الأنام محمد صلى الله عليه وعلى أهله وأصحابه ومن سار على نهجهم إلى يوم القيامة وبعد
فقد كتب إلي احد الأخوة على الخاص رسالة وقد فهمة من الرسالة التي لم تكن واضحة في معناها إنني ومن خلال موضوع صيام يوم السبت , في باب (من من السلف قال بحرمة صيام السبت) ويبدو إن هذا الأخ قد فهم من كلامي – الذي لم يكن ما أردته- إنني لا أقول بفهم السلف في هذا الموضوع وغيره من المواضيع , فقد أرسل إلي هذا الأخ رسالة يواسيني فيها على ردود الإخوة – على حد تعبيره- ويبين لي انه ليس من الضروري فهم السلف.
فمن اجل هذا وجب على أن أبين ما أدين به إلى الله عز وجل في هذه المسالة وان كان هناك من الكلام في موضوعي السالف الذكر ما يوحي غير ما أريد إن أبينه فاني استغفر الله عز وجل وأتوب إليه وأنا بريء من ذلك , فأقول:
قال الله تعالى (والسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ والأنْصَارِ والذِينَ اتَّبَعُوهم بإحْسَانٍ رَضِيَ الله عَنْهُم وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُم جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنهَارُ خَالِدينَ فيهَا أبَدًا ذَلكَ الفوْزُ العَظِيمُ) التوبة
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) البخاري ومسلم.
فالسلف الصالح هم القدوة وهم الأسوة، فيجب على كل مسلم إتباعهم من فهم أدلة الكتاب والسنة لأنهم أعلم الناس وأفهم الناس بدلالة النصوص الشرعية، فإذا أخذ المسلم بغير فهمهم فإنه يضلُّ عن الصراط المستقيم.
(وليس العلم بكثرة الرواية وإنما هو الإتباع والإستعمال، يقتدي بالصحابة والتابعين، وإن كان قليل العلم، ومن خالف الصحابة والتابعين فهو ضال، وإن كان كثير العلم) كتاب الحجة في بيان المحجة
قال ابن أبي زيد القيرواني في الجامع (التسليم للسنن لا تعارض برأي ولا تدفع بقياس، وما تأوله منها السلف الصالح تأولناه، وما عملوا به عملناه، وما تركوه تركناه، ويسعنا أن نمسك عما أمسكوا، ونتبعهم فيما بينوا، ونقتدي بهم فيما استنبطوا ورأوه من الحديث، ولا نخرج عن جماعتهم فيما اختلفوا فيه أو تأويله)
وقد سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى إن (هناك من يرى أن من يسير على مذهب السَّلف لديه سطحيَّة في فهم أمور العقيدة، معلِّلين ذلك بأن مذهب السَّلف لا يَسبُرُ غَوْرَ النُّصوص، ولا يتفاعل معها، ويرون أن طريقة غيرهم أكثر فهمًا للنصوص في مسائل العقائد؟
فقال حفظه الله تعالى:
القول بأن مذهب السلف فيه سطحيَّة لأنه - في نظر القائل - لا يَسبُرُ غَوْرَ النُّصوص، وأن مذهب الخلف أكثر فهمًا للنصوص في مسائل العقيدة وأوسع! هذا القول يقولُه علماء الكلام من المعتزلة والأشاعرة وغيرهم؛ حيث قالوا: طريقة السلف أسلم، وطريق الخلف أعلم وأحكم! وهذا القول مبنيٌّ على فهم فاسد لمذهب السلف ومذهب الخلف؛ حيث ظنُّوا أن مذهب السلف لا فهم فيه، وإنما هو تفويض نصوص الصفات دون فهم لمعانيها، وأن الخلفَ فهموا وعرفوا أن هذه النصوص على غير ظاهرها، فأوَّلوها إلى معان أخرى؛ كتفسير الوجه بالذَّات، واليد بالقدرة، والاستواء على العرش بالاستيلاء. . . وغير ذلك , وهذا الفهم لمذهب السلف مذهب باطل، وفيه تجهيل للصحابة والتابعين والقرون المفضَّلة، واتِّهامٌ لهم بأنهم لا يفهمون هذه النصوص، وهذا خلاف الواقع؛ فإن السلف لم يكن مذهبهم التفويض، وإنما مذهبهم الإيمان بهذه النصوص كما جاءت، وإثبات معانيها التي تدلُّ عليها على حقيقتها ووضعها اللغوي، مع نفي التَّشبيه عنها؛ كما قال تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} الشورى فطريقتهم أعلم وأسلم وأحكمُ؛ لأنَّ الأسلم لا بدَّ أن يكون أعلم وأحكم , فقول الخلف طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم! قول متناقضٌ؛ إذ كيف تكون السّلامة بدون العلم والحكمة؟! ثم أيضًا؛ كيف يكون المتأخرون أعلم من السابقين الأوَّلين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين وأتباع التابعين، الذين شَهِدَ لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيريَّة، فقال (خيركم قرني، ثم الذين يلونَهم، ثم الذين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/111)
يلونَهم) البخاري من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.]؟! انتهى كلامه
وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى عن عبارة (السابقون رجال ونحن رجال)
فقال رحمه الله تعالى:
هذه العبارة فيها إجمال واحتمال، فإن أريد بها أن الواجب على المتأخرين أن يجتهدوا في نصر دين الله وتحكيم شريعته، وتأييد ما عليه السلف الصالح من العقيدة والأخلاق فهذا حق. والواجب على جميع المسلمين أن يسيروا على نهج سلفهم الصالح في إتباع الكتاب والسنة وتحكيمهما في كل شيء، ورد ما تنازع فيه الناس إليهما، عملا بقول الله سبحانه (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) الآية، وقوله سبحانه (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) الآية أما إن أريد بهذه العبارة أن المتأخرين لهم أن يجددوا في دين الله ما يخالف ما عليه سلف الأمة في العقيدة والأخلاق أو في الأحكام: فهذا أمر منكر لا يجوز فعله لأنه مخالف لقول الله عز وجل (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا) وقوله عز وجل (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) وقوله سبحانه (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) ومن خالفهم وسلك غير سبيلهم، لم يتبعهم بإحسان، فلا يدخل في أتباعهم المرضي عنهم. لأنه ليس للمتأخرين أن يخالفوا ما أجمع عليه العلماء قبلهم , لأن الإجماع حق، وهو أحد الأصول الثلاثة التي يجب الرجوع إليها، ولا تجوز مخالفتها وهي الكتاب والسنة والإجماع؛ ولأن العلماء إذا أجمعوا على شيء دخلت فيهم الطائفة المنصورة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تزال على الحق , أما التفقه في الدين والتماس حل المشكلات بالطرق الشرعية في المسائل التي جدت بين المسلمين ولم يتكلم فيها الأوائل فهذا حق وليس فيه مخالفة للسابقين؛ لأن العلماء السابقين واللاحقين كلهم يوصون بتدبر الكتاب والسنة واستنباط الأحكام منهما، والاجتهاد فيما يعرض من المسائل المشكلة على ضوء الكتاب والسنة , وليس هذا تجديدا مخالفا للسابقين، ولكنه تجديد سائر على منهج السابقين وعلى أصولهم، وقد صح في هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين متفق على صحته، وقوله صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة رواه الإمام مسلم في صحيحه)) انتهى كلامه.
فهذا الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى في جميع دروسه ومحاضراته , يشهر الانتماء إلى السلفية، ويدعوا إلى اتباع السلف الصالح، ويحذر من أهل البدع والأهواء.
وكذلك هو الحال للشيخ الألباني والعثيمين والشيخ مقبل وغيرهم من مشايخ هذه الدعوة المباركة والتي نحمد الله عز وجل على الانتماء إليها , فالمحق هو من وافق السلف قلباً وقالباً، وأحبهم وتشرف بالانتساب إليهم، فهم الطائفة المنصورة، والفرقة الناجية، وأهل الأثر وأهل الحديث.
إن الارتباط بفهم السلف الصالح؛ في فهم النصوص ومعرفة دلالتها من الأمور المهمة؛ لأن الأفهام قد تضل، لكن من أخذ الدين غضاً طرياً من النبي عليه الصلاة والسلام مع زكاء قلبه، وصحة عقله، وحُسن رغبة، كان حريا بالعلم.
اما بخصوص موضوع صيام السبت فلا يوجد في الموضوع ما يقرر عدم الأخذ بمفهوم السلف في هذا الأمر , حيث قلت ((فإذا تقرر ذلك وجب الأخذ بالحديث وإن لم يعرف أن أحداً عمل به , فالحديث حجة بنفسه لا يحتاج إلى الاحتجاج به أن يعرف أن أحد من الأئمة عمل به)) انتهى كلامي.
فيجب التفرقة بين ان أقول (ليس من الضروري معرفة من من السلف عمل بالحديث , وبين القول ليس من الضروري فهم السلف للحديث) فهناك فرق بين الأمرين , ثم أني بعد ذلك نقلة كلام الشيخ الألباني رحمه الله تعالى الموضح لهذا الأمر حيث قال رحمه الله (لا يضر الحديث ولا يمنع العمل به عدم العلم بمن قال به من الفقهاء، لأن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود) انتهى. وبعد ذلك نقلة كلاما لابن حزم ثم كلاما للعلامة ابن القيم الذي كان كلامه في غاية الوضوح لتبيان ما أردته من هذا الموضوع حيث قال رحمه الله تعالى (وأقبح من ذلك عذره في جهله إذ يعتقد أن الإجماع منعقد على مخالفة تلك السنة، هذا?سوء ظن بجماعة المسلمين إذ ينسبهم إلى اتفاقهم على مخالفة سنة رسول الله?صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأقبح?من ذلك عذره في دعوى هذا الإجماع وهو جهله ودعم عمله بمن قال بالحديث، فعاد الأمر?إلى تقديم جهله على السنة والله المستعان. ولا يعرف إمام من أئمة الإسلام البتة?قال: لا نعمل بحديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى نعرف من عمل به) انتهى. ثم كان كلامه رحمه الله تعالى في كتاب الروح أوضح من الشمس في رابعة النهار على ما اقصده من مفهوم السلف حيث قال رحمه الله تعالى (فلا تجعل جهلك بالقائل به حجة على الله ورسوله، بل اذهب إلى النص، ولا تضعف واعلم أنه قد قال به قائل قطعاً ولكن لم يصل إليك) انتهى
هذا ما أردت أن أبينه على عجالة والله ولي التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أهله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستنا بسنته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/112)
ـ[طاهر المجرشي]ــــــــ[11 - 01 - 08, 09:38 ص]ـ
غفر الله للجميع
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[23 - 10 - 09, 03:03 ص]ـ
غفر الله للجميع
امين امين(56/113)
دعوة للبحث حول مقدار صلاة و قدر التخفيف؟
ـ[عبد القادر المغربي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 03:16 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخرج الإمام أحمد ثنا سفيان، عن عمرو سمعه من جابر قال:
كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيؤمنا، قال مرة: ثم يرجع فيصلّي بقومه، فأخّر النبي صلى الله عليه وسلم ليلةً الصلاة، وقال مرة: العشاء، فصلى معاذ مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاء يؤم قومه، فقرأ البقرة، فاعتزل رجل من القوم فصلّى، فقيل: نافقت يا فلان، فقال: ما نافقت، فأتى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال: إن معاذاً يصلي معك ثم يرجع فيؤمنا يارسول اللّه، وإنما نحن أصحاب نواضح ونعمل بأيدينا، وإنه جاء يؤمنا فقرأ بسورة البقرة فقال: "يا معاذ، أفتانٌ أنت، أفتانٌ أنت؟ إقرأ بكذا، إقرأ بكذا" قال أبو الزبير: بـ {سبح اسم ربك الأعلى}، و {اللَّيل إذا يغشى} ذكرنا لعمرو فقال: أراه قد ذكره.
قال بعض العلماء ان مقدار التخفيف المقصود في السنة هو مقدار هذه السور.
و ثبت أنه صلى الله عليه و سلم صلى بالتين و الزيتزن و صلى بالإخلاص و صلى بالكافرون ...
فأغلب ما نراه من الأئمة هو القراءة بقصار السور و بآيات قليلة حتة في المسجد الحرام و النبوي ...
فأدعو الإخوة للبحث حول مقدار الصلاة الذي لا يكون مخلا و لا مطولا ... فهل المسألة تقتضي النظر في أحوال الناس اليوم من نزول همة و مشاغل أم يراعي فقط ما ثبت في السنة و في القرون المشهود لها بالخيرية.
ننتظر مشاركاتكم يا طلبة العلم ...
وفقكم الله
ـ[عبد القادر المغربي]ــــــــ[15 - 12 - 05, 04:18 م]ـ
للرفع رفع الله قدركم بالعلم و العمل
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[15 - 12 - 05, 07:34 م]ـ
راجع كتاب "زاد المعاد" و "الصلاة " لابن القيم، ففيها بحث جيد في المسألة.
ـ[بلقاسم عبدالدائم]ــــــــ[18 - 09 - 09, 08:23 م]ـ
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
المرجع في ضابط التخفيف في الصلاة هو السنة النبوية، وليس الأمر متروكاً لرغبات المأمومين، ولا لأهوائهم، ولا لأفعال أئمة المساجد، فإن الرغبات والأهواء لا تنتهي؛ لأن التخفيف أمر نسبي، ليس له حدٌّ في اللغة ولا في العرف، فهو أمر يختلف باختلاف عادات الناس، لذا وجب البحث عما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول فضيلة الدكتور حسام عفانه –أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
قرر أهل العلم أن السنة في حق الإمام أن يخفف في الصلاة اعتماداً على حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أمَّ أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض فإذا صلى وحده فليصل كيف شاء) رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن وغيرهم.
قال الإمام الترمذي: [وحديث أبي هريرة حديث حسن صحيح وهو قول أكثر أهل العلم اختاروا أن لا يطيل الإمام الصلاة مخافة المشقة على الضعيف والكبير والمريض] سنن الترمذي 1/ 462.
وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على التخفيف منها: عن أبي مسعود رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني لأتخلف عن صلاة الصبح مما يطول بنا فلان. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن منكم منفرين فأيكم أمَّ الناس فليخفف فإن فيهم الكبير والسقيم وذا الحاجة) رواه البخاري ومسلم.
وعن جابر رضي الله عنه قال: أقبل رجل بناضحين له – الناضح الجمل الذي يسقى عليه - وقد جنح الليل فوافق معاذ بن جبل يصلى المغرب، فترك ناضحيه وأقبل إلى معاذ ليصلي معه، فقرأ معاذ البقرة، أو النساء فانطلق الرجل، وبلغه أن معاذاً نال منه. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه معاذاً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أفاتن أنت، أو قال أفتان أنت ثلاث مرار. فلولا صليت بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى فإنه يصلى وراءك الكبير، وذو الحاجة والضعيف) رواه البخاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/114)
وقصة معاذ رواها أحمد في المسند وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي في السنن الكبرى وغيرهم وهي: (كان معاذ يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يرجع فيصلي بأصحابه، فرجع ذات ليلة فصلى بهم وصلى خلفه فتىً من قومه، فلما طال على الفتى صلى وخرج، فأخذ بخطام بعيره وانطلق. فلما صلى معاذ ذكر ذلك له فقال: إن هذا به لنفاق؛ لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي صنع. وقال الفتى: وأنا لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي صنع، فغدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره معاذ بالذي صنع الفتى. فقال الفتى: يا رسول الله يطيل المكث عندك، ثم يرجع فيطول علينا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفتان أنت يا معاذ. وقال للفتى: كيف تصنع يا ابن أخي إذا صليت؟. قال: أقرأ بفاتحة الكتاب، وأسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، وإني لا أدرى ما دندنتك ودندنة معاذ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني ومعاذ حول هاتين أو نحو ذا. قال: قال الفتى: ولكن سيعلم معاذ إذا قدم القوم وقد خبروا أن العدو قد دنوا. قال: فقدموا فاستشهد الفتى. فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك لمعاذ: ما فعل خصمي وخصمك. قال: يا رسول الله صدق الله، وكذبت استشهد). وغير ذلك من الأحاديث.
وينبغي أن يعلم أن المرجع في ضابط التخفيف في الصلاة هو السنة النبوية، وليس الأمر متروكاً لرغبات المأمومين، ولا لأهوائهم، ولا لأفعال أئمة المساجد، فإن الرغبات والأهواء لا تنتهي، فقد سمعنا أن بعض أئمة المساجد يحافظ على قراءة سورتي القارعة والزلزلة في صلاة الفجر، وبعضهم صلى التروايح في رمضان كله يقرأ سورة البروج كل ليلة يقسمها على ركعاتها. وبعضهم يصلي العشاء والتروايح في ربع ساعة، لذا كثر المصلون خلفه، وبعضهم لا يقرأ في صلاة المغرب إلا بقصار السور، وبعض المأمومين يطلب من إمام التروايح أن يخفف ليدرك حضور المسلسل التلفزيوني!! وحجة هؤلاء جميعاً قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أمَّ أحدكم الناس فليخفف)، وما درى هؤلاء أن التخفيف قضية نسبية كما قرر ذلك العلماء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: [ ... ومن المعلوم أن مقدار الصلاة واجبها ومستحبها لا يرجع فيه إلى غير السنة، فإن هذا من العلم الذي لم يكله الله ورسوله إلى آراء العباد إذ النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى بالمسلمين في كل يوم خمس صلوات وكذلك خلفاؤه الراشدون الذين أمرنا بالإقتداء بهم، فيجب البحث عما سنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ينبغي أن يوضع فيه حكم بالرأي وإنما يكون اجتهاد الرأي فيما لم تمض به سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يجوز أن يعمد إلى شيء مضت به سنة فيرد بالرأي والقياس. ومما يبين هذا أن التخفيف أمر نسبي إضافي ليس له حدٌّ في اللغة ولا في العرف، إذ قد يستطيل هؤلاء ما يستخفه هؤلاء ويستخف هؤلاء ما يستطيله هؤلاء، فهو أمر يختلف باختلاف عادات الناس ومقادير العبادات ولا في كل من العبادات التي ليست شرعية. فعُلِمَ أن الواجب على المسلم أن يرجع في مقدار التخفيف والتطويل إلى السنة، وبهذا يتبين أن أمره صلى الله عليه وسلم بالتخفيف لا يُنافى أمره بالتطويل أيضاً في حديث عمار الذي في الصحيح لما قال: (إن طول صلاة الرجل وقِصَرَ خُطبته مَئِنَّةٌ مِنْ فقهه، فأطيلوا الصلاة واقُصُرُوا الخطبة). وهناك أمرهم بالتخفيف ولا منافاة بينهما، فإن الإطالة هنا بالنسبة إلى الخطبة والتخفيف هناك بالنسبة إلى ما فعل بعض الأئمة في زمانه من قراءة البقرة في العشاء الآخرة.] مجموع الفتاوى 22/ 596 - 597.
وقال الشيخ ابن القيم: [وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (أيكم أمّ الناس فليخفف) وقول أنس رضي الله عنه: (كان رسول الله أخف الناس صلاة في تمام)، فالتخفيف أمْرٌ نسبي يرجع إلى ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وواظب عليه، لا إلى شهوة المأمومين، فإنه لم يكن يأمرهم بأمرٍ ثم يخالفه، وقد عَلِمَ أن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة، فالذي فَعَلَه هو التخفيف الذي أَمَرَ به، فإنه كان يمكن أن تكون صلاته أطول من ذلك بأضعاف مضاعفة، فهي خفيفة بالنسبة إلى أطول منها، وهَدْيه الذي كان واظب عليه هو الحاكم على كل ما تنازع فيه المتنازعون ويدل عليه ما رواه النسائي وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/115)
الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالتخفيف ويؤمنا بـ (الصافات) فالقرءاة بـ (الصافات) من التخفيف الذي كان يأمر به والله أعلم] زاد المعاد (1/ 213 - 214.
وختاماً أذكر ما ذكره العلامة ابن القيم في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات فقال: [وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر بنحو ستين آية إلى مائة آية وصلاها بسورة (ق) وصلاها بـ (الروم) وصلاها بـ (إذا الشمس كورت) وصلاها بـ (إذا زلزلت) في الركعتين كليهما وصلاها بـ (المعوذتين) وكان في السفر وصلاها فافتتح بـ (سورة المؤمنين) حتى إذا بلغ ذكر موسى وهارون في الركعة الأولى أخذته سعلة فركع، وكان يصليها يوم الجمعة بـ (ألم تنزيل السجدة) وسورة (هل أتى على الإنسان) كاملتين، ولم يفعل ما يفعله كثير من الناس اليوم من قراءة بعض هذه وبعض هذه في الركعتين وقراءة السجدة وحدها في الركعتين وهو خلاف السنة.
وأما الظهر فكان يطيل قراءتها أحيانا حتى قال أبو سعيد: [كانت صلاة الظهر تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يأتي أهله فيتوضأ ويدرك النبي صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى مما يطيلها] رواه مسلم، وكان يقرأ فيها تارة بقدر (ألم تنزيل) وتارة بـ (سبح اسم ربك الأعلى) و (الليل إذا يغشى) وتارة بـ (السماء ذات البروج) و (السماء والطارق). وأما العصر فعلى النصف من قراءة صلاة الظهر إذا طالت وبقدرها إذا قصرت.
وأما المغرب فكان هديه فيها خلاف عمل الناس اليوم فإنه صلاها مرة بـ (الأعراف) فرقها في الركعتين ومرة بـ (الطور) ومرة بـ (المرسلات). قال أبو عمر بن عبد البر: روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قرأ في المغرب بـ (المص) وأنه قرأ فيها بـ (الصافات) وأنه قرأ فيها بـ (حم الدخان) وأنه قرأ فيها بـ (سبح اسم ربك الأعلى) وأنه قرأ فيها بـ (التين والزيتون) وأنه قرأ فيها بـ (المعوذتين) وأنه قرأ فيها بـ (المرسلات) وأنه كان يقرأ فيها بقصار المفصل، قال: وهي كلها آثار صحاح مشهورة انتهى.
وأما المداومة فيها على قراءة قصار المفصل دائماً فهو فعل مروان بن الحكم ولهذا أنكر عليه زيد بن ثابت وقال: ما لك تقرأ في المغرب بقصار المفصل؟ وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ بطولى الطوليين قال: قلت: وما طولى الطوليين؟ قال: (الأعراف). وهذا حديث صحيح رواه أهل السنن.
وذكر النسائي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بسورة (الأعراف) فرقها في الركعتين فالمحافظة فيها على الآية القصيرة والسورة من قصار المفصل خلاف السنة، وهو فعل مروان بن الحكم. وأما العشاء الآخرة فقرأ فيها صلى الله عليه وسلم بـ (التين والزيتون) ووقت لمعاذ فيها بـ (الشمس وضحاها) و (سبح اسم ربك الأعلى) و (الليل إذا يغشى) ونحوها وأنكر عليه قراءته فيها بـ (البقرة) ... وأما الجمعة فكان يقرأ فيها بسورتي (الجمعة) و (المنافقين) كاملتين و (سورة سبح) و (الغاشية). وأما الاقتصار على قراءة أواخر السورتين من {يا أيها الذين آمنوا} إلى آخرها فلم يفعله قط وهو مخالف لهديه الذي كان يحافظ عليه. وأما قراءته في الأعياد فتارة كان يقرأ سورتي (ق) و (اقتربت) كاملتين، وتارة سورتي (سبح) و (الغاشية) وهذا هو الهدي الذي استمر صلى الله عليه و سلم عليه إلى أن لقي الله عز و جل لم ينسخه شيء] زاد المعاد في هدي خير العباد 1/ 209 - 212.
وخلاصة الأمرأن التخفيف في الصلاة أمر نسبي ومرجعه إلى هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم، فالخير كل الخير في إتباعه صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
ـ[بلقاسم عبدالدائم]ــــــــ[18 - 09 - 09, 08:27 م]ـ
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التخفيف والتطويل في الصلوات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/116)
[وتكون في الصبح من طوال المفصل]. أي: في صلاة الفجر، والمفصل: مأخوذٌ من فصل الشيء، قال بعض العلماء: إنه من الفصل بين الشيئين أن يُحال بينهما بحائل. قالوا: وُصِفت هذه السور بكونها مفصلة لكثرة الفصل بينها بالبسملة، بخلاف أوائل القرآن كالسبع الطوال، فإنها طويلة، والفصل بالبسملة قليل، والمفصل يبتدئ من سورة (ق) إلى آخر القرآن. والوجه الثاني: سمّي المفصل مفصلاً لكثرة الفصل بين آياته، فآياته قصيرة، على خلاف السبع الطوال وما بعدها من السور، فإن غالبها طويل المقاطع. والوجه الثالث: سمّي المفصل مفصلاً من الفصل بمعنى الإحكام، والسبب في ذلك قلة النسخ فيه؛ لأنه محكم وقليل النسخ، بخلاف أوائل القرآن، فإن فيه آيات منسوخة. وهذه كلها أوجه في سبب تسميته بالمفصل. والمفصل كما هو المعهود عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يعتبرونه من سورة (ق). ثم هذا المفصل فيه طواله وأواسطه وقصاره، فيُقسم على هذه الثلاثة الأقسام: طوال المفصل، وأواسط المفصل، وقصار المفصل. فأما طوال المفصل فتبتدئ من سورة (ق) إلى سورة (عم)، وأما أواسطه فمن سورة (عم) إلى (الضحى)، وأما قصاره فمن سورة (الضحى) إلى آخر القرآن، هذا بالنسبة لطوال المفصل وأواسط المفصل وقصار المفصل. فقوله رحمه الله: [يقرأ في الفجر أو في الصبح بطوال المفصل] أي: من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح أنه كان يقرأ بطوال المفصل، ويطيل القراءة فيها، ثبت هذا في حديث جابر وأبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، ففي حديث جابر: (وكان يقرأ في الفجر ما بين الستين إلى المائة آية)، فقراءة النبي صلى الله عليه وسلم كانت ما بين الستين إلى المائة، ولذلك ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يطيل القراءة، قالوا: لأن النفوس في صلاة الفجر مهيأة لسماع القرآن والتأثر به، والناس حديثو العهد بالنوم، وعلى استجمام وراحة. وقول جابر: (ما بين الستين إلى المائة) ظاهره أن ذلك في الركعتين، وحديث صلاة الفجر في الجمعة: (أنه كان يقرأ في الفجر (الم تنزيل) في الركعة الأولى، وسورة (هل أتى) في الركعة الثانية) يدل عليه، فإن مجموع السورتين إحدى وستين آية، وهذا يقوي أنه كان يقرأ ما بين الستين إلى المائة في الركعتين، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه طوّل في صلاة الصبح، ويشترط أن لا يكون في ذلك حرجٌ على الناس وأذيةٌ بهم، فإن كان هناك على الإنسان حرج، أو كان يغلبه النعاس، أو كان خلفه مريضٌ وأراد أن يخفف فهي السنة؛ لما ثبت في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه: (قرأ بالزلزلة)، وثبت عنه في الحديث الصحيح أنه استفتح صلاة الفجر التي كان يطوّل فيها فسمع بكاء صبي فقرأ: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر:1]، وقال عليه الصلاة والسلام: (إني سمعت بكاء صبي فأشفقت على أمه) صلوات الله وسلامه عليه، من رحمته وحلمه وتخفيفه ولطفه بالناس. وهكذا ينبغي أن يكون عليه الإمام، والإمام الحكيم الموفّق يُحسِنُ النظر لمن وراءه؛ لأن الله سائله عن جماعته، ومحاسبه عليهم، والهدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التخفيف، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أمّ أحدكم الناس فليخفف)، فهذا خِطابٌ للأمة. وينبغي أن ينبه على مسألة، وهي أننا إذا قلنا بالستين إلى المائة، فإن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت قراءة مرتلة مجوّدة تُعطى فيها الحروف حقها من صفةٍ لها ومستحقها، وكون الإنسان يصلي بالناس بالستين إلى المائة وهو يتغنى ويمطط الآيات ويتكلف فيها ليس من السنة، بل يقرأ قراءة مرتلة ولا يبالغ في التمطيط؛ لأن هذا يجحف بالناس ويضر بهم، ولذلك ينبغي إذا أراد أن يتخير الإطالةَ أن يُحسن ترتيل القرآن، وأن يكون بعيداً عن التكلف والتقعر في تلاوته، وكذلك أيضاً لا يبالغ في الهذ والإسراع في القراءة، وإنما تكون قراءته قراءةً مفصلة مبينة، حتى يكون ذلك أبلغ لانتفاع الناس بقراءته، وحصول الخير لإمامته. فالسنة في صلاة الفجر الإطالة، ولكن -كما قلنا- النبي صلى الله عليه وسلم من هديه التخفيف عند وجود الحاجة، فلو علمت أن هناك مريضاً، أو أن الناس في سفر، كأن تكون مع رفقة مسافرين في الليل وحضرت صلاة الفجر وهم على نعاس وتضرر من أذى السفر للتخفف عليهم وترفق بهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم من ولي من أمر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/117)
أمتي شيئاً فرفق بهم اللهم فارفق به)، فالإمام ولاية، وهي ولايةٌ في أمور الدين، فينبغي التخفيف في هذه الحالة.
القراءة في المغرب بقصار المفصل
[وفي المغرب من قصاره]. أي: يقرأ في المغرب من قصار المفصل، وقد جاء ذلك في حديث سلمان بن يسار أنه سمع أبا هريرة يقول: (ما رأيت أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من فلان، لإمامٍ كان يصلي به)، وهو حديث قال عنه الحافظ ابن حجر: إسناده صحيح، قال: (فنظرت فإذا به يصلي المغرب من قصار المفصل) أي: من قصار سور المفصل من الضحى فما بعد. وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قرأ في المغرب بطوال المفصل، بل بأطول الطوال وهي سورة الأعراف صلوات الله وسلامه عليه، وكذلك ثبت عنه أنه قرأ (المرسلات عرفاً)، وهي من أواسط المفصل، فدل على أنه لا حرج أن الإنسان أحياناً يصلي بطوال المفصل، والحقيقة أن الأمر يرجع إلى الإمام، فإن بعض الأئمة قراءته تكون طيبة ترتاح لها القلوب والنفوس، ويكون لها أثر من ناحية الخشوع، حتى يتمنى الناس لو طول بهم أكثر مما هو عليه، وهذا كان حال الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان الإمام يريد أن يطيل أو يصيب السنة بقراءة الأعراف فلا حرج، ولكن حبذا أن ينبه الناس، خاصةً في هذه الأزمنة التي تكثر فيها شواغل الناس وحصول الظروف لهم، فينبه على أنه سيصلي بالأعراف، ولا حرج أن يصلي بهم بالمرسلات، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه صلى بالطور، وهي من طوال المفصل، فلا حرج أن ينوع بين هذا الهدي، فيصلي على غالب حاله بقصار المفصل، ويصلي أحياناً بطوال المفصل، ولا حرج عليه في ذلك.
القراءة في العشاء والظهرين بأوساط المفصل
[وفي الباقي من أوساطه]. أي: يقرأ في صلاة الظهر والعصر والعشاء من أوسط المفصل، أما صلاة الظهر فثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قرأ بما يقرب من ثلاثين آية، وجاء عنه أنه قرأ السجدة وهي ثلاثون آية، أو إحدى وثلاثون آية، فهذا يدل على أنه من السنة قدر الثلاثين، خمس عشرة آية تكون للركعة الأولى، وخمس عشرة آية للركعة الثانية، وجاء هذا في حديث السنن، وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قرأ في الظهر بأواسط المفصل، كما في سورة البروج فقد قرأها في صلاة الظهر، وكذلك سورة وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ [الطارق:1] وسورة: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى [الليل:1] كله جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما بالنسبة للعصر فإنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يجعله على النصف من صلاة الظهر، وكان في صلاة الظهر يطول في الركعة الأولى، حتى ثبت في الحديث أنه: (كان الرجل يذهب إلى البقيع فيقضي حاجته ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى)، وثبت أنه: (كان يقوم في الركعة الأولى حتى لا يسمع قرع نعال)، وهذا يدل على تطويله عليه الصلاة والسلام، وورد في حديث أبي داود أنه كان تطويله يفهم منه الصحابة أنه يريد من الناس أن يدركوا الركعة الأولى. أما العصر فإنه كانت قراءته على نفس قراءة الظهر، فلذلك يقرأ بخمسة عشر آية، أو فيما هو في حدودها. وأما العشاء فقد ثبت عنه ما يدل على أنه كان يقرأ من أواسط المفصل، والسبب في ذلك أن معاذاً رضي الله عنه لما اشتكاه الرجل قال له النبي صلى الله عليه وسلم -وكانت القضية في صلاة العشاء-: (هلاَّ قرأت بـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى [الليل:1])، فدل هذا على أنه كان يقرأ من أواسط المفصل، ولا حرج أن يقرأ: إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ [الانفطار:1] كما جاء في بعض الروايات، وكل هذا من السنة.(56/118)
ماحكم متابعة المجتهدين؟؟؟ للشيخ الفوزان
ـ[ضياء الشميري]ــــــــ[13 - 12 - 05, 03:55 م]ـ
السؤال:
إن بعض المجتهدين اتبع غيره، فما رأيكم في اتباع الإمام الشافعي رحمه الله؟ وهل هذه المتابع تعتبر تقليدًا؟
الجواب:
نعم هذا تقليد جزئي، ليس تقليدًا تامًّا، بل هو تقليد جزئي في بعض المسائل التي يستفرغ فيها المفتي جهده ولا يجد فيها حكمًا.
فالعالم إذا بذل جهده للوصول إلى الحكم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلم يتبين له، ووجد فتوى لمن يثق في علمه وتقواه، فلا بأس أن يأخذ بها.
فقد روي هذا عن الإمام الشافعي، وذكره ابن القيم عنه في " إعلام الموقعين "، وهذا تقليد جزئي عند الضرورة.(56/119)
أقسام المفتين ... للشيخ الفوزان
ـ[ضياء الشميري]ــــــــ[13 - 12 - 05, 03:58 م]ـ
السؤال:
ما هي أقسام المفتين؟ وما حاجة المجتمع إلى الفتوى؟
الجواب:
إذا رجعنا إلى كتب الأصول وجدنا أنهم يطلقون كلمة " المفتي " على " المجتهد المطلق " الذي يشترطون فيه شروطًا ثقيلة، وبلا شك رأس المفتين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدءًا من الصحابة رضوان الله عليهم إلى من جاء بعدهم ممن أفاء الله عليهم من نوره، ومَنَّ على قلوبهم بالحكمة.
القسم الأول: المفتي بمعنى المجتهد المطلق الذي يستنبط الأحكام من أصولها استدلالاً من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا القسم توفرت عنده أدوات الاجتهاد مثل حفظ النصوص – نصوص الأحكام من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم- ومعرفة لغة العرب التي بها أنزل القرآن الكريم. ومعرفة اجتهاد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم.
ولا يعني هذا أن المجتهد المطلق لا يقلد غيره مطلقًا، بل قد يقلد في بعض المسائل كما ذكر الإمام الشافعي، وذلك إذا لم يجد الحكم في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فيأخذ بفتاوى الصحابة رضوان الله عليهم أو التابعين وينسب الفتوى لصاحبها ممن سبقه، ولكن السمة الغالبة على فتاوى هؤلاء الاستقلال في اجتهادهم.
القسم الثاني: هو المفتي على قواعد منهج معين، كأحد المذاهب الأربعة حيث يقوم أحد الأئمة بالإفتاء على ضوئها ويخرج عليها ما جدَّ عليه من مسائل، وهذا يسمى " مجتهد مذهب " لكنه لا يتقيد بأقوال صاحب المذهب كل التقيد، وإنما يستعمل قواعد مذهبه، ويستفيد منها في تخريج المسائل الجديدة ويفتي فيها.
القسم الثالث: مجتهد في أقوال إمام معين، لا حسب قواعد، وإنما يأخذ أقوال هذا الإمام ويجتهد في الترجيح بينها، ويأخذ منها ما ترجح لديه.
والفرق بين هذا والذي قبله أن الأول يأخذ القواعد ولا يلتزم بأقوال الإمام، وإنما يأخذ بقواعده فقط. والثاني يأخذ بأقوال الإمام ثم يقوم بعرضها على الأدلة، للتعرف على مأخذها وما يرجح منها، وإذا رجح لديه قول أفتى به.
القسم الرابع: مفت مهمته حفظ أقوال المذهب دون ترجيح، بل يحفظ أقوال إمامه وما قيل في المذهب دون مجهود أو مزية بترجيح قول على قول بل يفتي حسب أقوال إمامه واعتقاده أن القول مطابق للقضية المعروضة، مع أنه قد لا يكون كذلك؛ لأنه لم يستعمل ما استعمله الذي قبله من عرض الأقوال على أصولها ومعرفة الراجح منها.
المفتي: الشيخ صالح بن فوزان الفوزان(56/120)
ما الفرق بين القضاء والإفتاء؟ للشيخ الفوزان
ـ[ضياء الشميري]ــــــــ[13 - 12 - 05, 04:01 م]ـ
السؤال:
ما الفرق بين القضاء والإفتاء؟
الجواب:
إن القضاء هو بيان الحكم الشرعي مع الإلزام به، أما الإفتاء فهو بيان الحكم الشرعي دون الإلزام به.
وهذا يعني أن الطرفين يشتركان في بيان الحكم الشرعي، ويتميز القضاء بالإلزام والإفتاء بعدمه؛ ويقال: إن الإفتاء أخطر من القضاء، لأن الفتوى لا تقتصر على المستفتي بل يعمل بها غيره، وتصبح حينئذ منهجًا يؤخذ به، بخلاف القضاء الذي يقصر حكمه على المقضي عليه، ولا يسري على غيره.
وقيل: إنها أخطر من وجه آخر وهو أن الفتوى قد لا يكون لدى صاحبها الوقت لكي يتأمل قبل أن يفتي، الأمر الذي يؤدي إلى الإفتاء بالحال نظرًا للضرورة الملحة في طلب الجواب في حين يكون لدى القاضي وقت للتأمل؛ لأنه لا يطالب بالحكم لحظة ورود الخصومة إليه إضافة إلى أن بإمكانه تأجيل الحكم إلى وقت آخر ليمحص ويدرس قبل أن يصدر الحكم إلى وقت آخر، وهذا بخلاف الفتوى.
والبعض يقول: إن القضاء أخطر من الفتوى لأن به إلزامًا مع أنه قد يكون غير صواب، في حين أن الفتوى ليس بها إلزام، فالمستفتي يحق له أن يأخذ أو لا يأخذ بأن يلتمس من تطمئن إليه نفسه، ولكن ليس عن شهوة أو هوى، وإنما للتأكد من صحة الفتوى ومطابقتها لحكم الله، لذا قيل: إن القضاء أخطر من الفتوى.
ـ[أبو توحيد المعيني]ــــــــ[14 - 12 - 05, 03:48 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[14 - 12 - 05, 04:02 ص]ـ
جزاكم الله خيرا، وأورد الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله مباحث قيمة للشيخ أنور شاه الكشميري، والشيخ أحمد الزرقا حول الفرق بين الفتيا والقضاء، في كتابه "تراجم ستة من فقهاء القرن الرابع عشر". يُرجع إليها.
والذي يظهر والله أعلم، أن الدقة في الفصل بين القضاء والفتيا أن يقال:
الفتيا: إيراد حكم الله في المسألة من حيث هي مسألة مجردة عن الواقع، وعلى ما هو مقرر في أصول التشريع ..
والقضاء: هو إيراد الحكم في المسألة من حيث هي نازلة، باعتبار ظروف وملابسات القضية، ومن وقعت له ..
أو يقال: الفتوى: حكم الله تعالى في المسألة في مقام التجريد. والقضاء: حكمه في حالة نزولها على الواقع.
كأن تقول: شرب الخمر حرام فتيا. أما في نازلة من شرق بطعامه ولم يجد غير الخمر يمرر به طعامه؛ فيصبح شرب الخمر في حالته واجبا ... وهكذا.
أو تقول: السارق تقطع يده. وهذا حكم الفتيا. ولكن السارق في المجاعة وما هو في حكمها لا تقطع يده، وهذا حكم القضاء.
فبينهما عموم وخصوص. والله أعلم ..
وحكم الفتيا يقع بين العبد وربه، في إنجازه وعدمه، أما حكم القضاء فيجب على ولي الأمر إنفاذه، ومعاقبة تاركه، لانتظام أمور العامة به، ولما يقتضيه من الإعلان الموجب لإقامة الشرائع. والله أعلم.
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[14 - 12 - 05, 08:36 ص]ـ
أو يقال: الفتوى: حكم الله تعالى في المسألة في مقام التجريد. والقضاء: حكمه في حالة نزولها على الواقع.
كأن تقول: شرب الخمر حرام فتيا. أما في نازلة من شرق بطعامه ولم يجد غير الخمر يمرر به طعامه؛ فيصبح شرب الخمر في حالته واجبا ... وهكذا.
أو تقول: السارق تقطع يده. وهذا حكم الفتيا. ولكن السارق في المجاعة وما هو في حكمها لا تقطع يده، وهذا حكم القضاء.
اريد ان اعرف هل هذا من كلامك اخى ام من المصدر الذى ذكرته؟
ـ[حافظ عبدالمنان]ــــــــ[14 - 12 - 05, 12:31 م]ـ
فلينقل هذه الموصوع إلى (سلسلة الفروق).
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 03:11 م]ـ
الفتيا: إيراد حكم الله في المسألة من حيث هي مسألة مجردة عن الواقع، وعلى ما هو مقرر في أصول التشريع ..
والقضاء: هو إيراد الحكم في المسألة من حيث هي نازلة، باعتبار ظروف وملابسات القضية، ومن وقعت له ..
هذا التعريف ـ سلَّمَك الله ـ فيه نظرٌ، فإنَّ الفتيا إخبارٌ، والحكم القضائي: إنشاءٌ.
ثم إنَّ الفتيا لا بد أن تتنزَّل على الواقعة المعينة، أما إذا كان الحكم مجرداً عن الواقعة فهو حكمٌ فقهي عام، وهو ما نجده في كتب " المتون الفقهية "، حيث يجرد الفقهاء الأحكامَ فيها عن الوقائع.
فأما المفتي: فهو الذي ينزل الحكم المجرد على الواقعة المعينة، هذا من جهةٍ.
ومن جهةٍ أخرى فالذي ظهر لي ـ بعد طول تأمل ـ أن أدقَّ تعريفٍ للفتيا هو أنها: " الإخبار بحكم الله تعالى، عن دليل شرعي، لمن سألَ عنه ".
فقوله في التعريف " الإخبار " لأن المفتي مخبرٌ؛ لا منشئ ولا ملزمٌ، وبذا خرج حكم الحاكم، فإن الحاكم يلزم غيره برأيه، خلافاً للمفتي، فالحاكم مُجْبِرٌ، والمفتي مُخْبِرٌ. كما قرره ابن القيم.
و قد أفاد ابن القيم ـ رحمه الله ـ بأن الخبر ينقسم إلى أضرُبٍ، فقال: الخَبَرُ إن كان عن حكمٍ عامٍ يتعلق بالأمة:
- فإما أن يكون مستنده السماع؛ فهو الرواية.
- وإن كان مستنده الفهم من المسموع؛ فهو الفتوى.
- وإن كان خبراً جزئياً يتعلق بمعين مستنده المشاهدة أو العلم؛ فهو الشهادة.
- وإن كان خبراً عن حقٍّ يتعلق بالمخبَرِ عنه، والمخبِرِ به هو مستمعه أو نائبه؛ فهو الدعوى.
- وإن كان خبراً عن تصديق هذا الخبر؛ فهو الإقرار.
- وإن كان خبراً عن كذبه؛ فهو الإنكار.
- وإن كان خبراً نشأَ عن دليلٍ؛ فهو النتيجة، وتسمى قبل أن يحصل عليها الدليل مطلوباً.
- وإن كان خبراً عن شيء يقصد منه نتيجته؛ فهو دليل، وجزؤه مقدمة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/121)
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[14 - 12 - 05, 04:33 م]ـ
اريد ان اعرف هل هذا من كلامك اخى ام من المصدر الذى ذكرته؟
الأخ الفاضل؛ جميع ما قلته من كلامي وليس من المصدر المذكور، لأنه لا يحضرني الآن، فإن اصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان ..
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[14 - 12 - 05, 04:45 م]ـ
قال ابن القيم رحمه الله في (بدائع الفوائد) (4/ 22):
(القاضي والمفتي مشتركان في أن كلا منهما يجب عليه إظهار حكم الشرع في الواقعة؛ ويتميز الحاكم بالإلزام به وإمضائه؛ فشروط الحاكم ترجع إلى شروط الشاهد والمفتي والوالي؛ فهو مخبر عن حكم الشارع بعلمه [فهو من هذه الحيثية كالمفتي]، مقبول بعدالته [فهو من هذه الحيثية كالشاهد]، منفذ بقدرته [فهو من هذه الحيثية كالوالي]). انتهى.
وما بين الحاصرتين زيادة مني.
ـ[ضياء الشميري]ــــــــ[17 - 12 - 05, 04:02 م]ـ
بارك الله فيكم ..
الأخ حمزة الكناني بارك الله فيك أحيلك لما هو انفع من مصدرك .... عليك بكتاب الموافقات للشاطبي
وكذلك لايفوتك كتاب الأم للإمام الشافعي رحمهم الله جميعا(56/122)
الحاجة إلى القضاء الشرعي .. لابن باز رحمه الله
ـ[ضياء الشميري]ــــــــ[13 - 12 - 05, 04:03 م]ـ
السؤال:
نرى كبار الأئمة يتهرب من القضاء، وما ذاك إلا لإدراكهم الخطورة، فكيف نقدم عليه وحالنا لا تقارن بحالهم؟
الجواب:
هذا صحيح، ولكن من تأمل حال الناس وشدة حاجتهم إلى القضاء الشرعي علم وجوب الاستجابة لذلك والصبر عليه- إذا كان من أهله- ووجب عليه أن يجتهد فيه وأن يبذل في ذلك ما يستطيع من أسباب التخلص من خطره والعافية من تبعاته براءة للذمة ونصحا للأمة ورحمة لإخوانه المسلمين وإحسانا إليهم في حل مشاكلهم والحكم بينهم بالحق، وسيعينه الله ويسدده على حسب إخلاصه وصدقه. وليس زماننا هذا كزمان السلف الصالح. لأن العلماء في ذلك الزمان كانوا كثيرين، إذا اعتذر بعضهم وجد من يقوم مقامه من إخوانه العلماء، أما في زماننا فقد قل العلماء وفشا الجهل، فإذا اعتذر عن القضاء من هو أهل له صعب وجود غيره وتعطل الكثير من البلاد من القضاء الشرعي وفي ذلك من المضرة العظيمة ما لا يخفى على أحد، والله المستعان.(56/123)
سؤال: ماهو حكم الطعم الصناعي للخنزير في الأكل؟
ـ[أم حبيبة م. فهمي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 06:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
في الحقيقة لدي سؤال فقهي هنا أحببت مشاركتكم فيه و هو سؤال وردني من إحدى الأخوات ..
و السؤال هو ..
ما هو حكم أكل طعام بطعم لحم الخنزير إذا كان الطعم صناعيًا؟
وجزاكم الله كل خير
المهاجرة
أم جويرية
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[14 - 12 - 05, 12:29 ص]ـ
أليست النكهات الصناعية تستخلص فى الأصل من الاصول الطبيعية أم ماذا؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[14 - 12 - 05, 02:15 ص]ـ
لا أخي الكريم ابا حفص .. بل هي تفاعلات كيميائية صناعية ينتج عنها نكهات المواد الطبيعية بحسب المواد المتفاعلة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أختي الكريمة أمة الله ... لما حرم التشبه بالكفار في سماتهم الخاصة .. و لما حرمت المحاكاة حتى لو عدمت مادة الفسق كمن يحاكي أنه يشرب الخمر كما ذكره ابن عابدين في حاشيته .. حرم ما ذكرتيه من باب أولى
ـ[أم حبيبة م. فهمي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 09:16 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
و جزاكم الله خيرا و بارك الله فيكم
أخي أنا من قبل أن أضع السؤال و أنا أشعر بالحرمانية لكنني أردت كلاما علميا و أدلة من الكتاب و السنة ..
و لذلك لجأت إليكم بعد الله سبحانه و تعالى ..
و أسأل الله تعالى أن يبارك فيكم و يجعلكم منارة للعلم ..
في أمان الله
المهاجرة
أم جويرية
ـ[مسدد2]ــــــــ[15 - 12 - 05, 01:43 ص]ـ
فإذاً عليكِ أن تسألي أهل الصناعة فإذا قالوا بأن النكهات مستخرجة من الاصل، كان الحكم بيّناً. وإن قالوا انها مجرد مركبات كيميائية، جاء الحكم مختلفاً. فقد لا يكون في هذا الملتقى من هو من أهل الاختصاص لكي تكون االاجابة محْكمة. مع ملاحظة ان الشركات قد تختلف وسائلها في ايجاد هذه النكهة، فلا ينبغي اعتماد حكم عام، بل تُسأل كل شركة. وإن كان في هذا عنت، فالاصل ان النكهة مستخرجة من الشيء عينه، فلا يتبدل الحكم - وهو التحريم - الا ببيّنة. وليست كل نكهة قابلة لأن تركب كيميائياً، فكثير من النكهات انما هي عصارة وخلاصة من الاصل. فنبني على هذا الاصل الى ان يثبت خطؤه.
والله اعلم.
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[07 - 03 - 08, 07:28 م]ـ
وحتى لو كان تركيبا صناعيا ولاعلاقة له بالاصل فأرى اجتنابه تورعا وسدا للذريعة لأن تعود المرء عليه قد يجعله يستحسن الأصل او لايستقذره او لايقع منه تبشيع له وهو مزلق خطير
والله تعالى اعلم(56/124)
قال الذي عنده علم من الكتاب ... هل هو سليمان؟؟؟
ـ[السدوسي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 06:48 م]ـ
كنت قد كتبت فيه تساؤلا لكنه ذهب ولاأدري ما السبب، ولعل في إعادة كتابته خيرا.
وقد كنت قلت إن القول بأنه سليمان عليه السلام قول جيد لكني لم أجده عن أحد من السلف، ثم وقفت على شيء من ذلك ولله الحمد.
تفسير البغوي [جزء 1 - صفحة 164]
قال محمد بن المنكدر: إنما هو سليمان قال له عالم من بني إسرائيل آتاه الله علما وفهما: {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} قال سليمان: هات قال: أنت النبي ابن النبي وليس أحد أوجه عند الله منك فإن دعوت الله وطلبت إليه كان عندك فقال: صدقت ففعل ذلك فجيء بالعرش في الوقت.
روح المعاني [جزء 19 - صفحة 203]
وآثر هذا القول الامام وقال انه أقرب لوجوه الاول أن الموصول موضوع في اللغة لشخص معين بمضمون الصلة المعلومة عند المخاطب والشخص المعلوم بأن عنده علم الكتاب هو سليمان وقد تقدم في هذه السورة ما يستأنس به لذلك فوجب ارادته وصرف اللفظ اليه وآصف وان شاركه في مضمون الصلة لكن هو فيه أتم لأنه نبي وهوأعلم بالكتاب من امته الثاني ان احضار العرش في تلك الساعة اللطيفة درجة عالية فلو حصلت لاحد من امته دونه لاقتضي تفضيل ذلك عليه عليه السلام وانه غير جائز الثالث أنه لو افتقر في احضاره الى أحد من امته لاقتضي قصور حاله في اعين الناس
الرابع أن ظاهر قوله عليه السلام فيما بعد هذا من فضل ربي الخ يقتضي أن ذلك الخارق قد أظهره الله تعالى بدعائه عليه السلام.
زاد المسير [جزء 6 - صفحة 175]
والثاني أنه سليمان عليه السلام وإنما قال له رجل انا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فقال هات قال انت النبي ابن النبي فان دعوت الله جاءك فدعا الله فجاءه قاله محمد بن المكندر.
ـ[عدو المشركين]ــــــــ[14 - 12 - 05, 08:20 م]ـ
السلام عليكم
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع
كنت قد قرأت منذ زمن بعيد شيئا عن تفسير هذه الآية .. وقد كان فيما قرأت استشهادا بهذه الآيات من سورة المائدة على ان المقصود هو سليمان عليه السلام
قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {23} قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ {24} قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ {25}
فالرجلان هما موسى و هارون عليهما السلام .. كما اتذكر مما قرأته
فالأسلوب هنا يشبه الأسلوب في سورة النمل
والله اعلم
ـ[أبو هاني الأحمد]ــــــــ[15 - 12 - 05, 03:38 م]ـ
قرأتُ منذ زمن اختلاف علماء التفسير في تحديد شخصية (الذي عنده علم من الكتاب)
ثم خطر في ذهني أمر ارتحت له كثيرا .. وهو:
لماذا نتعب أنفسنا في تحديد الشخص القائل؟
لو كان الأمر مهما لذكره الله .. فالله يعلم أننا سنختلف في تحديده ومع ذلك لم يحدده لنا ..
فدل هذا أن الله يريد أن يلفت انتباهنا إلى أمر آخر غير تحديد شخصية القائل ..
ما هو هذا الأمر؟
للجواب مقدمة لا بد منها
من كان حاضرا مجلس سليمان عليه السلام ومن عرف القصة فلا بد أن يذهل من قدرة ذلك العفريت الجني الذي تكفل باحضار عرش ملكة سبأ قبل أن يقوم سليمان من مكانه
فالله أراد أن يبين للناس أن من تعلم كتاب الله سيحصل على أمور أشد عجبا من مجرد عفريت يحضر عرش ..
ولذا فكثير من علماء التفسير أشاروا أن (الذي عنده علم الكتاب) عرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب
وهو ما عرف الاسم إلا لأنه مطلع على كتاب الله وقد وصفه الله بـ (عنده علم من الكتاب)
فالخلاصة:
ليس من المهم معرفة اسم (الذي عنده علم من الكتاب)
ولكن المهم هو معرفة صفة (الذي عنده علم من الكتاب)
إنه علم الكتاب
نسأل الله أن يجعلنا عاملين بالكتاب عاملين به
ـ[راشدالآثري]ــــــــ[15 - 12 - 05, 04:02 م]ـ
جزاكم الله خيرا
سمعت بإذني الشيخ العلامة عبد القادر شيبة الحمد يقول الذي أراه أنا أنه جبريل عليه السلام. والله أعلم.
ـ[مبلغ]ــــــــ[16 - 12 - 05, 02:31 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
قال تعالى
(قال يا أيها الملؤا .. ) ذلك من قول سليمان عليه الصلاة و السلام ..
فإن صح أن جبريل عليه السلام يدخل في (الملؤا) حول سليمان، أصبح ذلك الاحتمال قريب ..
والحق أن تأييد الرحمن سبحانه و تعالى لجبريل عليه السلام معلوم لنا بأنه أكبر من أن يكون من الملأ الذين منهم إنس و جن يتنافسون لخدمة الملك سليمان، ولو كان منهم فكيف يسبقه عفريت من الجن و يعرض ما يستطيع فعله بعرش الملكة ..
وكيف يساوي سليمان عليه الصلاة و السلام بين جبريل عليه السلام وبين قدرة الجن والإنس في خطابه ..
قال تعالى
(قال يا أيها الملؤا أيكم يأتيني بعرشها .. )
ذلك لمن يقول أن الذي عنده علم من الكتاب هو جبريل عليه السلام ..
أما من يقول بأن الذي جاء بالعرش هو سليمان عليه الصلاة و السلام فليس على صواب، و نسأل الله تعالى أن يهدينا ويعفو عنا وعنه وعن المؤمنين ..
قال تعالى
(قال أنا ءاتيك به) فذلك الحق من الله سبحانه يفيد أن القائل سيفعل بنفسه ..
و كيف يخفى على النبي سليمان أن يدعو ربه عند الحاجة و يحتاج إلى أحد من عامته ليدله على ذلك، وكيف يحتاج سليمان لمن يوجهه إلى الصواب في مثل ذلك الأمر، وكيف يكون مع (الذي عنده علم من الكتاب) اسم الله الأعظم ولا يكون مع النبي سليمان عليه الصلاة و السلام ..
و من الفائدة الظاهرة من الآيات، أن عفريت الجن له قدرة كبيرة تصل إلى مثل ما قال و لكنها أقل قدرة ممن عنده علم من كتاب الله سبحانه ..
و بشيء من العلم في هذا الزمان يستطيع أحدنا أن يرى و يسمع من أحد من الناس ولو أنه يبعد عنه آلاف الأميال ..
فكيف نعجب اليوم من مثل تلك الآيات وقد سخرها الرحمن سبحانه وتعالى لعبده سليمان عليه الصلاة والسلام ...
فالحمد لله رب العالمين ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/125)
ـ[السدوسي]ــــــــ[17 - 12 - 05, 10:39 ص]ـ
بل قول من قال بأنه سليمان عليه السلام وجيه جدا في نظري وكنت أهاب أن أقول به حتى وجدت مانقلته عن محمد بن المنكدر رحمه الله.
ذلك أن القول بأن الذي عنده علم من الكتاب غير سليمان يفتح الباب على مصراعيه للصوفية ليؤكدوا مقولتهم الشنيعة بأن النبي دون الولي.
وهل يتصور أن سليمان ليس عنده علم من الكتاب.
وليس في سياق الآيات مايشكل بل سياقها يؤيد أن المراد هو سليمان، بل إن قوله هذا من فضل ربي يؤيد أنه هو الذي دعا واستجيب له فقال ذلك.
ـ[راشدالآثري]ــــــــ[17 - 12 - 05, 10:33 م]ـ
الصوفية لا اعتبار لهم ولو كان الأمر كما تقول يا أخي لأنكر أهل السنة الكرامات للأولياء ولكن كما هو معلوم مذهب أهل السنة في كرامات الأولياء فنصر الحق لا يكون بتركه بل بالمضي عليه و الله أعلم.
ـ[السدوسي]ــــــــ[20 - 12 - 05, 02:16 م]ـ
الكرامة جاءت في السنة بورك فيك ولا تنكر، ولم أترك الحق الذي ظهر دليله من أجل أحد، لكني لاأؤيد ما يؤيد بدعة المبتدعة، لاسيما وليس في المرفوع شيء ثابت.
ـ[أبو الفداء بن مسعود]ــــــــ[14 - 12 - 08, 07:48 م]ـ
الذي يظهر لي والله أعلم أن الذي عنده علم من الكتاب هذا ملك من الملائكة - دون جبريل عليه السلام - كان في ذلك الملأ، والملائكة أعلى علما وقدرة من الجن، فأظهر الله بذلك للجن أنه قد امتن على سليمان بما هو أقدر منهم وأقوى، ولهذا قال سليمان لما وقعت تلك الآية أمامه ((هذا من فضل ربي ليبلوني)) ..
والقول بأنه هو سليمان نفسه قريب أيضا ولا اشكال فيه، والله أعلم.
ومما قرأت من توجيه لقول القائلين بأنه من الانس، ما قاله الشيخ محمد حسن ولد الددو عند ترجيحه لأن يكون هذا الذي عنده علم من الكتاب من الانس الذين يعلمون اسم الله الأعظم:
"والراجح أن هذا الذي عنده علم من الكتاب هو الذي يعرف اسم الله الأعظم، ولا ينافي ذلك أن يكون سليمان يعرف اسم الله الأعظم، لكنه أراد استعمال جنوده في مثل هذا، وهو ملك والملوك لا يباشرون مثل هذه الأعمال بأنفسهم وإنما يكلونها إلى جنودهم، فلذلك عرض الأمر على جنوده ويسر الله له من أحضر له عرش ملكة سبأ."اهـ.
قلت وهو كلام ليس بوجيه اذ يرد عليه التساؤل: اذا كان الأمر حاصله أن يدعو رجل من الانس أو الجن أو غيرهم من الخلق باسم الله الأعظم، فمن أولى بأن يكون هو ذاك الداعي لله من أن يكون النبي سليمان نفسه، الذي رفعه الله فوق هؤلاء جميعا وملكه عليهم وجعله نبيا؟؟ لو كان الأمر حاصله الاعتماد على دعاء مستجاب يتضرع فيه صاحبه الى الله، لما كان لأحد أن يتقدم على النبي في ذلك! أما لو كان الأمر مناطه قدرة منسوبة الى رجل، يستوي فيها سليمان مع غيره كسبب كوني، فانه يصح هذا الكلام بلا اشكال، ويقال أن الملك يمكن أن يتركه ترفعا ليقوم به خدمته وجنوده طاعة له! لكن أن يترك النبي الدعاء لله ترفعا؟؟ هذا كلام لا يصح والله أعلم.
ومن فضل الله أن كان في المسألة خلاف مشهور بين أئمة التفسير من السلف، حتى لا يأتي قوم خرافة وزيغ يحتجون علينا بما في كتب كثير من أهل التفسير ويقولون بأن آصف بن برخيا هذا - وليس بنبي ولا مرسل - قد علمه الله اسمه الأعظم ولم يعلمه لسليمان، من علم الحقيقة اللدني الذي لا يعلو به الأولياء فوق الأنبياء، فهو يقع له من الخوارق بسببه ما لا يكون لسليمان نفسه!!
ـ[أبو الفداء بن مسعود]ــــــــ[14 - 12 - 08, 08:09 م]ـ
وقع سبق قلم في المشاركة الآنفة في قولي: "من علم الحقيقة اللدني الذي لا يعلو به الأولياء فوق الأنبياء،"
والصواب "من علم الحقيقة اللدني الذي يعلو به الأولياء .... "
ـ[أبي عبدالله الأثري المديني]ــــــــ[14 - 12 - 08, 08:31 م]ـ
سألت أحد مشايخنا فقال هذا ما سمعته من العلامة سالم البصري المديني ذات يوم أمام العديد من أهل العلم الكبار وقد وافقوه القول وما سمعته يأتي بالمعنى التالي:
لعله من جنود الله تعالى الذين لا يعلم بهم الا هو سبحانه،وسر عمله كان مرتبطا بالسماع الى سليمان وهو الآمر له،أي أنه مقيد العمل الا بما يصدر له من النبي سليمان عليه السلام،وقال أحد العلماء من الحضور -وهو من الأزهر الشريف- وهذا الأمر يرتفع به الجدل بالكلية عن هذا الموضوع كيف لا وأن صاحب القول كان على اطلاع ثاقب على كل تفاسير الزمان كما خبرنا ولله الحمد والمنة فقد سمعنا الكثير منه عن هذا الموضوع بالذات وغيره،وأضاف وكان آخر من سأله عنه في أم القرى وفي المسجد الحرام أحد كبار القضاة في محكمة التمييز العليا في مصر وهو الأستاذ طه الرفاعي فأجاب سماحته رعاه الله تعالى نحو ذلك،وكان هذا المستشار أيضا قد درس وأهتم بالموضوع حتى غاص في كل الأقوال المتيسرة أمامه كما سمعنا منه ..
د. الأثري المديني
__________________________________________________ ____
الإمام الحافظ الذهبي: قال محمد بن بركة الحلبي: سمعت عثمان بن خُرّزاذ يقول: (يحتاج صاحب الحديث إلى خمس فإن عدمت واحدة فهي نقص: يحتاج إلى عقل جيد، ودين، وضبط، وحذاقة بالصناعة مع أمانة تُعرف منه).
قال الذهبي - معقبًا -: (الأمانة جزء من الدين، والضبط داخل في الحذق؛ فالذي يحتاج إليه الحافظ أن يكون: تقيًا، ذكيًا، نحويًا، لغويًا، زكيًا، حييًا، سلفيًا. يكفيه أن يكتب بيده مئتي مجلد، ويحصل من الدواوين المعتبرة خمس مئة مجلد، وأن لا يفتر من طلب العلم إلى الممات بنية خالصة وتواضع. وإلا فلا يتعنّ). " سير أعلام النبلاء ": (13/ 380).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/126)
ـ[هادي آل غانم]ــــــــ[14 - 12 - 08, 08:45 م]ـ
لقد سمعت هذا التفسير بأن المقصود هو سليمان ـ عليه السلام ـ من شيخنا الجليل محمد جميل غازي ـ رحمه الله ـ سمعته منه شفاها.
ـ[المعلمي]ــــــــ[15 - 12 - 08, 11:05 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يتفرع عن هذه الآية إشكال وهو:
أن هناك علوم سماوية لها تأثير خارق خارجة عن السحر والكهانة، وهذا يقودنا إلى إشكالية عقدية وهي إسناد التأثير وإنشاء أو تحريك الخوارق إلى غير الله بشهادة التجربة.
فقوله (أنا آتيك) فيه إسناد الفعل إلى نفسه، وهذا يدل على نوع قدرة أو علم في هذه المسائل وإن كانت بإذن الله.
ويستأنس لهذا المعنى بقوله تعالى {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} فما بعد واو العطف يباين في ذاته ما قبلها أصالة.
فمن قال أن الإتيان مسند إلى سليمان أو جبريل لم يلزمه هذا الإشكال، ومن قال أنه مسند إلى غيرهما لزمه الجواب عنه.
لأن المعهود في الكرامات أنها اتفاقية وخالية من العلم اليقيني السابق بوقوعها، ففي هذا الموضع أسند القدرة إلى نفسه في إحضارعرشها وهذا يدل على علم مسبق بجواز أو إمكان وقوع ذلك عادة.
فالذي يظهر لي أنه الآية لا تندرج في باب الكرامات بقدر ما تندرج في أبواب العلوم التجريبية.
وهي أقرب إلى علوم: السحر - العين - ما يوجد عند البراهمة - والكنفوشيوسيين - والبوذيين - والكلدانيين وغيرهم من علوم.
ولا أدري إن كانت هذه العلوم لها قدرة حقيقية على التأثير، وبالتالي يستحكم الإشكال، أم أن هذا التأثير آت من جهات أخرى لها علاقة بعلوم النفس.
لكن في أخبار الدجال ما يشدّ الإشكال.
ـ[أبو طعيمة]ــــــــ[15 - 12 - 08, 12:04 م]ـ
جزاكم الله خيرا أيها الأفاضل غير أن لي استدراكين في جعل "الذي عنده علم من الكتاب" إن أمكن:
فقول الذي وصفه الله ب" عنده علم من الكتاب" إما أن يكون كلامه موجها إلى سليمان عليه السلام أو أن يكون موجها إلى العفريت فإن كان موجها إلى سليمان عليه السلام امتنع "الذي عنده علم من الكتاب" من أن يكون سليمان عليه السلام و إن كان خطابه موجها إلى العفريت من الجن فكان الأجدر و الأليق بوصفه بكونه نبيا لأن هذا الوصف متضمن ل " الذي عنده علم من الكتاب" بل و أشد وقعا في إظهار هذا العفريت مظهر الضعيف العاجز فلا يصلح و الله أعلم أن يكون " الذي عنده علم من الكتاب" هو سليمان عليه السلام هذا و ظاهر النص أن قوله "قبل أن يرتد إليك طرفك" فيه تحد للعفريت من الجن و أنه سيغلبه في هذا وهذا المقام لا يليق بنبي إذ إن أصل القدرة على الإتيان بالعرش في سرعة خاطفة موجودة عند العفريت و أن النتيجة هو أن "الذي عنده علم من الكتب" كان أسرع من العفريت و ليس في هذا كبير فخر "للذي عنده علم من الكتاب" على العفريت إذ أن أصل القدرة على فعله موجودة عند كليهما لكن واحدا منهما أكثر سرعة و قدرة و الآخر أقل سرعة و قدرة .. و الذي يظهر من السياق القرءاني أن " الذي عنده علم من الكتاب" كان معروفا لشخصه في بلاط الملك النبي سليمان و أن ما ميزه عن غيره من البشر من غير الأنبياء هو علمه من الكتاب و هنا يرد السؤال عن هذا الكتاب لا سيما وهي معرفة ب "أل" فهل هو الزبور؟! أو ماذا ....
فالذي يظهر أنه رجل صالح من حاشية سليمان أظهر الله به أن العفاريت ليست ذات قدرة على فعل العجائب دون البشر إذا قدر الله ذلك ..
أما عن بعض إشكالات الأخ المعلمي:
فقوله " لأن المعهود في الكرامات أنها اتفاقية وخالية من العلم اليقيني السابق بوقوعها، ففي هذا الموضع أسند القدرة إلى نفسه في إحضارعرشها وهذا يدل على علم مسبق بجواز أو إمكان وقوع ذلك عادة " ..
فيه نظر .. لأن التجربة تظهر خلاف ذلك .. ألم يشرب خالد بن الوليد السم و لم يضره ذلك فإنه قام بهذا الفعل وقد سبقه علم يقيني بأن الله لن يضره وهنا كان موضع الكرامة أبلغ و أكرم له من بعد شربه .... فلو أن أحدا سقاه إياه بدون علمه ثم نجاه الله منه كان ليكون أقل مكانة من الجرأة على شربه مع علم مسبق بأنه لن يضره و الله أعلم ..
بقيت الإشارة إلى أن أمر سليمان بعض حاشيته أن يفعلوا هذا الشيء فهو لا شك و لا ريب من باب المكانة العالية له كونه نبيا و ملكا و ليس لعدم قدرته أو لاستعانته بغيره على فعل شيء لا يستطيعه و ينتفي بهذا الفرض أن يكون " الذي عنده علم من الكتاب" قد ذكر سليمان بأن يدعو الله فيستجيب له و إلا كان الأولى في حق سليمان النبي أن يدعو الله قبل أن يسألهم أن يفعلوا هذا الشيء و ينتهي الأمر هنا و لكنه سألهم سؤال الملك للحاشية الآمر الناهي و هذا مكانة رفيعة له عليهم و على صاحب العلم من الكتاب الذي امتثل لأمره و الله أعلم(56/127)
أ. د الجليند وكتاباته عن ابن تيمية.
ـ[عبدالله السيباني]ــــــــ[13 - 12 - 05, 06:56 م]ـ
ما رأيكم في كتابات الأستاذ الدكتور محمد السيد الجليند في شيخ الإسلام ابن تيمية حيث أن الرجل له اهتمام واضح بفكر وتراث ابن تيمية والدليل على ذلك كتابه القيم الإمام ابن تيمية وقضية التأويل، وتحقيقه لكتاب دقائق التفسير، وكتاب التوحيد وهما لابن تيمية، وتقريبه لكتابه الآخر الضخم درء تعارض العقل والنقل، فهل تعلمون له كتابات أخرى عن ابن تيمية؟
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[13 - 12 - 05, 09:04 م]ـ
استضافت قناة المجد الدكتور الجليند منذ فترة و حاورته عن كتبه
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 12:42 ص]ـ
http://www.almajdtv.com/prgs/archive/safahat/safahat-06-05-2005.html
ـ[عبدالله السيباني]ــــــــ[14 - 12 - 05, 06:44 م]ـ
الأخوة طلال والعسقلاني شكرا لكما على هذه اللفتة الكريمة والفائدة العظيمة التي كنت أجهلها وخصوصا أني لا أعرف الدكتور الجليند من قبل والآن تعرفت عليه عن قرب فبارك الله فيكم وجزاكم كل خير.(56/128)
ارواء الضمآن من فضائل الرحمن
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[13 - 12 - 05, 07:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ارواء الضمآن من فضائل الرحمن
المقدمة
الحمد لله غافر الذنوب وإن عظمت , كاشف الكروب ولو استحكمت بيده كل شيء , يفعل ما يشاء له الأمر من قبل ومن بعد , المعطى الذي لا ينفذ عطاؤه و أصلي وأسلم علي المبعوث لصلاح الدين والدنيا و الآخرة محمد صلي الله عليه وسلم.
أما بعد
فهذه مجموعة من الأحاديث النبوية المشروحة التي وردت في فضل بعض الأعمال مرتبة على أبواب , وأسأل الله تعالي أن يحسن خاتمتنا , وأن يهيئ لنا من أمرنا رشداً , وأن يصلح أحوالنا , إنه قريب مجيب الدعاء , كما نسأله أن يتوفانا على الإيمان وأن يلزمنا العروة الوثقى ويمسكنا بها حتى نلقاه إنه سميع مجيب.
ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ قَالُوا وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ مِنْهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ) مسلم.
شرح الحديث
أن هذا الحديث قد يشكل على بعض الناس , ويتوهم أنه مخالف لقوله تعالى (وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) ونحوها من الآيات والأحاديث الدالة على أن دخول الجنة بالعمل وقد أجيب بأجوبة , أقربها إلى الصواب , أن قوله في الحديث (بعمله) هي باء الثمنية , والباء في الآية باء السببية , أي أن العمل الصالح سبب لابد منه لدخول الجنة , ولكنه ليس ثمناً لدخول الجنة , وما فيها من النعيم المقيم والدرجات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في بعض فتاويه: ولهذا قال بعضهم الالتفات إلى الأسباب شرك فى التوحيد، ومَحْو الأسباب أن تكون أسبابا نَقْصٌ فى العقل، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدْحٌ فى الشرع، ومجرد الأسباب لا يوجب حصول المسبب , فإن المطر إذا نزل وبذر الحب لم يكن كافياً في حصول النبات , بل لا بد من ريح مربية بإذن الله , ولا بد من صرف الانتفاء عنه , فلا بد من تمام الشروط وزوال الموانع , وكل ذلك بقضاء الله وقدره , وكذلك الولد لا يولد بمجرد إنزال الماء في الفرج , بل كم ممن أنزل ولم يولد له , بل لابد من أن الله شاء خلقه فتحبل المرأة وتربيه في الرحم وسائر ما يتم به خلقه من الشروط وزوال الموانع.
وكذلك أمر الآخرة ليس بمجرد العمل ينال الإنسان السعادة , بل هي سبب ولهذا قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ قَالُوا وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ مِنْهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ) , وقد قال تعالى (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) , فهذه باء السبب , أي بسبب أعمالكم , والذي نفاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باء المقابلة , كما يقال اشتريت هذا بهذا , أي ليس العمل عوضاً وثمناً كافياً في دخول الجنة , بل لا بد من عفو الله وفضله ورحمته , فبعفوه يمحو السيئات , وبرحمته يأتي بالخيرات , وبفضله يضاعف الدرجات. سلسلة الأحاديث الصحيحة الألباني.
من فضائل التوحيد
حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ وَحَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ
+ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ قَالَ فَقَالَ (يَا مُعَاذُ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَحَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُبَشِّرُ النَّاسَ قَالَ لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا) مسلم.
شرح الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/129)
حديث معاذ, أنه كان رديف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علي حمار فقال (تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ) قال الله ورسوله أعلم.
وهذا من آداب طالب العلم , إذا سئل عن شيء , أن يقول الله أعلم , ولا يتكلم فيما لا يعلم.
قال (حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَحَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا) يعنى أن لا يعذب من عبده وهو لا يشرك به شيئاً , لأن نفى الشرك يدل على الإخلاص والتوحيد , ولا إخلاص وتوحيد إلا بعبادة.
فقلت يا رسول الله , (أَفَلَا أُبَشِّرُ النَّاسَ) فقال (لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا).
يعني لا تبشرهم فيتكلوا على ما يجب , ولا يقوموا بما ينبغي أن يقوموا به من النوافل , ولكن معاذاً رضي الله عنه أخبر بها عند موته تأثماً , يعني خوفاً من إثم كتمان العلم فأخبر بها.
ولكن قول الرسول (لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا) فيه إنذار من الاتكال على هذا , وأن الإنسان يجب أن يعلم أنه لابد من عبادة. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
عمل إذا عملته دخلت الجنة
+ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أتى أعرابي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: دُلَّني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال (تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتُؤدِّي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان) قال: والذي نفسي بيده، لا أزيد على هذا شيئاً ولا أنْقُصُ منه. فلما وَلَّى، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ سَرَّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا) متفق عليه.
شرح الحديث
قد وردت أحاديث كثيرة في هذا الأصل الكبير الذي دلّ عليه الحديث. ومدلولها كلها متفق أو متقارب على أن من أدى ما فرض الله عليه بحسب الفروض المشتركة والفروض المختصة بالأسباب التي من وجدت فيه وجبت عليه. فمن أدى الفرائض واجتنب المحرمات استحق دخول الجنة، والنجاة من النار. ومن اتصف بهذا الوصف فقد استحق اسم الإسلام والإيمان، وصار من المتقين المفلحين، وممن سلك الصراط المستقيم. بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار السعدي.
فضل لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
+ عَنْ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ الْعَمَلِ قَالَ الْوَلِيدُ حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ عَنْ عُمَيْرٍ عَنْ جُنَادَةَ وَزَادَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ أَيَّهَا شَاءَ) البخاري.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (من قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله وابن أمته وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه , وأن الجنة حق , وأن النار حق أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء) هذا حديث عظيم الموقع وهو أجمع أو من أجمع الأحاديث المشتملة على العقائد فإنه صلى الله عليه وسلم جمع فيه ما يخرج عن جميع ملل الكفر على اختلاف عقائدهم وتباعدهم فاختصر صلى الله عليه وسلم في هذه الأحرف على ما يباين به جميعهم وسمى عيسى عليه السلام كلمة لأنه كان بكلمة " كن " فحسب من غير أب بخلاف غيره من بني آدم. قال الهروي سمي كلمة لأنه كان عن الكلمة فسمي بها. كما يقال للمطر رحمة. قال الهروي: وقوله تعالى: (وروح منه) أي رحمة. قال: وقال ابن عرفة: أي ليس من أب إنما نفخ في أمه الروح وقال غيره وروح منه أي مخلوقة من عنده وعلى هذا يكون إضافتها إليه إضافة تشريف كناقة الله وبيت الله , وإلا فالعالم له سبحانه وتعالى ومن عنده. والله أعلم. شرح صحيح مسلم النووي.
مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/130)
+ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ) صححه الألباني.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (من كان آخر كلامه): برفع آخر , وقيل بنصبه (لا إله إلا الله) محله النصب أو الروع على الخبرية أو الإسمية. قال العيني: قال الكرماني: قوله لا إله إلا الله أي هذه الكلمة والمراد هي وضميمتها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى. وقال الحافظ في الفتح: والمراد بقول لا إله إلا الله في هذا الحديث وغيره كلمتا الشهادة , فلا يرد إشكال ترك ذكر الرسالة. قال الزين بن المنير: قول لا إله إلا الله لقب جرى على النطق بالشهادتين شرعا انتهى. عون المعبود شرح سنن أبي داود.
من فضائل السنة
فضل طاعة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
+ عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (كلُّ أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى). قالوا يا رسول الله، ومن يأبى قال (من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى). البخاري.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (كل أمتي يدخل الجنة إلا من أبى) أي امتنع وظاهره أن العموم مستمر لأن كلا منهم لا يمتنع من دخول الجنة ولذلك قالوا (ومن يأبى) فبين لهم أن إسناد الامتناع إليهم عن الدخول مجاز عن الامتناع عن سنته وهو عصيان الرسول صلى الله عليه وسلم , والموصوف بالإباء وهو الامتناع إن كان كافرا فهو لا يدخل الجنة أصلا وإن كان مسلما فالمراد منعه من دخولها مع أول داخل إلا من شاء الله تعالى. . فتح الباري بشرح صحيح البخاري.
من فضائل الطهارة
الطهور شطر الإيمان
+ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ) مسلم.
شرح الحديث
الطهور يعنى بذلك طهارة الإنسان , شطر الإيمان نصف الإيمان , وذلك لأن الإيمان تخلية و تحلية , يعنى تبرؤاً من الشرك والفسوق , تبرؤاً من المشركين و الفساق بحسب ما معهم من الفسق فهو تخل , والطهور أن يتطهر الإنسان طهارة حسية ومعنوية من كل ما فيه أذى , فلهذا جعله الرسول عليه الصلاة والسلام شطر الإيمان. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
تَبْلُغُ الحِلية مِنَ المؤمِن حَيْث يبْلُغُ الوضوءُ
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْت خَلِيلي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُول (تَبْلُغُ الحِلية مِنَ المؤمِن حَيْث يبْلُغُ الوضوءُ) رواه مسلم.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (تَبْلُغُ الحِلية مِنَ المؤمِن حَيْث يبْلُغُ الوضوءُ) , الحلية يوم القيامة يحلي بها الرجال والنساء , يلبس الرجال والنساء حلية من ذهب و من فضة ولؤلؤ (وحلوا أساور من فضة) (يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً) , فهم يحلون بهذه الأنواع الثلاثة يلبس الرجل والمرأة في الجنة حليا من هذه الأنواع الثلاثة , ذهب و فضة و لؤلؤ , أن تكون مرصوفة على وجه يحصل به الجمال أكثر و أكثر , لأن التحلي بكل نوع من هذا لاشك أنه يكسب الإنسان جمالاً فإذا رصف بعضها إلى بعض , ورتبت ترتيباً حسناً أعطت جمالاً أكثر , فيوم القيامة تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء إذن كل الذراع يكون حلية , مملوءاً حلية من ذهب وفضة ولؤلؤ وهذا يدل على فضيلة الوضوء , حيث تكون مواضعه يوم القيامة يحلى بها الإنسان في الجنة , جعلني الله وإياكم من أهلها. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل منْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوضوءَ
+ عن عثمانَ بن عفانَ رضي اللَّه عنه قال: قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم (منْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوضوءَ، خَرَجَت خَطَايَاهُ مِنْ جسَدِهِ حتَّى تَخْرُجَ مِنْ تحتِ أَظفارِهِ) رواه مسلم.
شرح الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/131)
قوله صلى الله عليه وسلم (منْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوضوءَ، خَرَجَت خَطَايَاهُ) تخرج خطاياه من هذا الوضوء حتى من تحت أظفاره , وعلى هذا فالوضوء يكون سبباً لكفارة الخطايا حتى أدق مكان وهو تحت الأظفار , وهذه الحديث يدل على أن الوضوء من أفضل العبادات , وأنه عبادة ينبغي للإنسان أن ينوي به التقرب إلى الله عز وجل , يعني أن يستحضر وهو يتوضأ , ويستشعر بأنه يمتثل أمر الله في قوله (إذا قمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهكم) , ويستشعر أيضاً أنه متبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم في وضوئه , وكذلك أيضاً يستحضر أنه يريد الثواب وأنه يثاب على هذا العمل حتى يتقنه ويحسنه , والله الموفق. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل إسباغ الوضوء على المكاره
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ) , وإنما ساق الحديث وشك على سبيل الاستفهام من أجل أن ينتبه السامع لما يلقي إليه , لأن الأمر مهم , فقال (أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ) قالوا بلى يا رسول الله , قال (إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ).
(إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ) , يعنى أن الإنسان يتوضأ ويسبغ وضوءه على كره منه , إما لكون فيه حمى ينفر من الماء فيتوضأ على كره , وإما أن يكون الجو بارداً , وليس عند ما يسخن به الماء فيتوضأ على كره , وإما أن يكون هناك أمطار تحول بينه وبين الوصول لمكان الوضوء فيتوضأ على كره , المهم أنه يتوضأ على كره ومشقة لكن بدون ضرر , أما مع الضرر فلا يتوضأ بل يتيمم , هذا مما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات , ولكن هذا لا يعني أن الإنسان يشق على نفسه ويذهب يتوضأ بالبارد ويترك الساخن , أو يكون عنده ما يسخن به الماء ويقول لا , أريد أن أتوضأ بالماء البارد , لأنال هذا الأجر , فهذا غير مشروع لأن الله يقول (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وءامنتم). شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل الغسل يوم الجمعة
+ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى) البخاري.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (ويتطهر ما استطاع من الطهر) في رواية الكشميهني " من طهر " والمراد به المبالغة في التنظيف , ويؤخذ من عطفه على الغسل أن إفاضة الماء تكفي في حصول الغسل , أو المراد به التنظيف بأخذ الشارب والظفر والعانة , أو المراد بالغسل غسل الجسد , وبالتطهير غسل الرأس.
و قوله صلى الله عليه وسلم (ويدهن) المراد به إزالة شعث الشعر به وفيه إشارة إلى التزين يوم الجمعة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/132)
وقوله صلى الله عليه وسلم (أو يمس من طيب بيته) أي إن لم يجد دهنا , ويحتمل أن يكون " أو " بمعنى الواو , وإضافته إلى البيت تؤذن بأن السنة أن يتخذ المرء لنفسه طيبا ويجعل استعماله له عادة فيدخره في البيت. كذا قال بعضهم بناء على أن المراد بالبيت حقيقته , لكن في حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داود (أو يمس من طيب امرأته) فعلى هذا فالمعنى إن لم يتخذ لنفسه طيبا فليستعمل من طيب امرأته , وهو موافق لحديث أبي سعيد عند مسلم حيث قال فيه (ولو من طيب المرأة). وفيه أن بيت الرجل يطلق ويراد به امرأته.
و قوله صلى الله عليه وسلم (ثم يخرج) زاد في حديث أبي أيوب عند ابن خزيمة (إلى المسجد) ولأحمد من حديث أبي الدرداء (ثم يمشي وعليه السكينة).
قوله صلى الله عليه وسلم (فلا يفرق بين اثنين) في حديث عبد الله بن عمرو (ثم لم يتخط رقاب الناس). وفي حديث أبي الدرداء (ولم يتخط أحدا ولم يؤذه).
وقوله صلى الله عليه وسلم (ثم يصلي ما كتب له) في حديث أبي الدرداء (ثم يركع ما قضى له) وفي حديث أبي أيوب (فيركع إن بدا له).
وقوله صلى الله عليه وسلم (ثم ينصت إذا تكلم الإمام) زاد في رواية قرثع الضبي (حتى يقضي صلاته) ونحوه في حديث أبي أيوب.
وقوله صلى الله عليه وسلم (غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى) في رواية قاسم بن يزيد (حط عنه ذنوب ما بينه وبين الجمعة الأخرى) والمراد بالأخرى التي مضت. فتح الباري بشرح صحيح البخاري.
من فضائل الصلاة
فضل الأذان
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا) البخاري.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا) النداء هو الأذان والاستهام الاقتراع , ومعناه أنهم لو علموا فضيلة الأذان وقدرها وعظيم جزائه , ثم لم يجدوا طريقا يحصلونه به لضيق الوقت عن أذان بعد أذان , أو لكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد لاقترعوا في تحصيله , ولو يعلمون ما في الصف الأول من الفضيلة نحو ما سبق , وجاءوا إليه دفعة واحدة وضاق عنهم , ثم لم يسمح بعضهم لبعض به , لاقترعوا عليه. وفيه إثبات القرعة في الحقوق التي يزدحم عليها ويتنازع فيها.
قوله: (ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه) التهجير التبكير إلى الصلاة أي صلاة كانت. قال الهروي وغيره: وخصه الخليل بالجمعة , والصواب المشهور الأول.
قوله صلى الله عليه وسلم: (ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا) فيه الحث العظيم على حضور جماعة هاتين الصلاتين , والفضل الكثير في ذلك لما فيهما من المشقة على النفس من تنغيص أول نومها وآخره , ولهذا كانتا أثقل الصلاة على المنافقين.
وفي هذا الحديث تسمية العشاء عتمة , وقد ثبت النهي عنه , وجوابه من وجهين:
أحدهما أن هذه التسمية بيان للجواز , وأن ذلك النهي ليس للتحريم ,
الثاني وهو الأظهر أن استعمال العتمة هنا لمصلحة ونفي مفسدة لأن العرب كانت تستعمل لفظة العشاء في المغرب , فلو قال: لو يعلمون ما في العشاء والصبح لحملوها على المغرب , ففسد المعنى , وفات المطلوب , فاستعمل العتمة التي يعرفونها ولا يشكون فيها , وقواعد الشرع متظاهرة على احتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما.
قوله صلى الله عليه وسلم: (ولو حبوا) هو بإسكان الباء وإنما ضبطته لأني رأيت من الكبار من صحفه. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل المؤذن
+ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) مسلم.
شرح الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/133)
قوله صلى الله عليه وسلم (المؤذنون أطول الناس أعناقا) هو بفتح همزة أعناقا جمع عنق , واختلف السلف والخلف في معناه , فقيل: معناه أكثر الناس تشوفا إلى رحمة الله تعالى , لأن المتشوف يطيل عنقه إلى ما يتطلع إليه.فمعناه كثرة ما يرونه من الثواب.
وقال النضر بن شميل: إذا ألجم الناس العرق يوم القيامة طالت أعناقهم لئلا ينالهم ذلك الكرب والعرق.
وقيل: معناه أنهم سادة ورؤساء , والعرب نصف السادة بطول العنق.
وقيل: معناه أكثر أتباعا. وقال ابن الأعرابي: معناه أكثر الناس أعمالا. قال القاضي عياض وغيره: ورواه بعضهم (إعناقا) بكسر الهمزة أي إسراعا إلى الجنة , وهو من سير العنق. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل الذكر عند سماع المؤذن
+ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (من قال حين يسمع المؤذن) أي أذانه أو صوته أو قوله وهو الأظهر وهو يحتمل أن يكون المراد به حين يسمع الأول أو الأخير وهو قوله آخر الأذان لا إله إلا الله وهو أنسب ويمكن أن يكون معنى يسمع يجيب فيكون صريحا في المقصود وأن الثواب المذكور مرتب على الإجابة بكمالها مع هذه الزيادة , ولأن قوله بهذه الشهادة في أثناء الأذان ربما يفوته الإجابة في بعض الكلمات الآتية كذا في المرقاة (وأنا أشهد أن لا إله إلا الله) وفي رواية لمسلم أن أشهد يغير لفظ أن وبغير الواو (رضيت بالله ربا) أي بربوبيته وبجميع قضائه وقدره فإن الرضا بالقضاء بأب الله الأعظم , وقيل حال أي مربيا ومالكا وسيدا ومصلحا (وبمحمد رسولا) أي بجميع ما أرسل به وبلغه إلينا من الأمور الاعتقادية وغيرها (وبالإسلام) أي بجميع أحكام من الإسلام الأوامر والنواهي (دينا) أي اعتقادا أو انقيادا قاله القاري (غفر الله له ذنوبه) أي من الصغائر جزاء لقوله من قال حين يسمع المؤذن. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
فضل الصلاة
عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (َ الصَّلَاةُ نُورٌ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الصَّلَاةُ نُورٌ): فالصلاة نور للعبد في قلبه وفى وجهه وفى قبره وفى حشره , ولهذا تجد أكثر الناس نوراً في الوجوه أكثرهم صلاة وأخشعهم لله عز وجل.
وكذلك تكون نوراً للإنسان في قلبه تفتح عليه باب المعرفة لله عز وجل , وباب المعرفة في أحكام الله وأفعال وأسمائه وصفاته وهى نور في قبر الإنسان , لأن الصلاة عمود الإسلام إذا قام العمود قام البناء وإذا لم يقم العمود فلا بناء.
كذلك نور في حشره يوم القيامة كما أخبر بذلك الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أن حافظ عليها كانت له نور وبرهاناً يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نوراً ولا برهاناً ولا نجاةً يوم القيامة وحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبى بن خلف) , فهي نور للإنسان في جميع أحواله وهذا يقتضي أن يحافظ الإنسان عليها وأن يحرص عليها وأن يكثر منها حتى يكثر نوره وعمله وإيمانه. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل الصلوات الخمس
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (الصَّلَاةُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ) مسلم
شرح الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/134)
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة) زاد مسلم في رواية ورمضان إلى رمضان (كفارات لما بينهن) أي من الذنوب وفي رواية لمسلم مكفرات لما بينهن (ما لم تغش الكبائر) وفي رواية لمسلم إذا اجتنب الكبائر. قاله النووي في شرح مسلم: في شرح حديث ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيره. معناه إن الذنوب كلها تغفر إلا الكبائر فإنها لا تغفر وليس المراد أن الذنوب تغفر ما لم تكن كبيرة فإن كانت لا يغفر شيء من الصغائر , فإن هذا وإن كان محتملا فسياق الحديث يأباه قال القاضي عياض هذا المذكور في الحديث من غفر الذنوب ما لم يؤت كبيره هو مذهب أهل السنة وأن الكبائر إنما يكفرها التوبة أو رحمة الله تعالى وفضله , وقال القاري في المرقاة إن الكبيرة لا يكفرها الصلاة والصوم وكذا الحج وإنما يكفرها التوبة الصحيحة لا غيرها , نقل ابن عبد البر الإجماع عليه بعدما حكى في تمهيده عن بعض معاصريه أن الكبائر لا يكفرها غير التوبة , ثم قال وهذا جهل وموافقة للمرجئة في قولهم إنه لا يضر مع الإيمان ذنب , وهو مذهب باطل بإجماع الأمة انتهى , قال العلامة الشيخ محمد طاهر في مجمع البحار ص 221 ح 2 ما لفظه في تعليقي: للترمذي لا بد في حقوق الناس من القصاص ولو صغيرة وفي الكبائر من التوبة , ثم ورد وعد المغفرة في الصلوات الخمس والجمعة ورمضان فإذا تكرر بغفر بأولها الصغائر وبالبواقي يخفف عن الكبائر وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة يرفع بها الدرجات انتهى. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
فضل صَلَّاة الْبَرْدَيْنِ
+ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ) البخاري.
شرح الحديث
أن من صلى البردين دخل الجنة , والبردين هما صلاة الفجر , وصلاة العصر , لأن الفجر يأتي في الليل في آخره , والعصر تأتي في برد النهار في آخره , ولذلك قال (من صلى البردين دخل الجنة) , وفى حديث آخر أخبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أنه لا يلج أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) , يعني صلاة الفجر , وصلاة العصر.
ففي الحديث الأول إثبات دخول الجنة , وفى الثاني انتفاء دخول النار , فيكون هذا كقوله تعالى (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز) نسأل الله تعالى أن يجعلنا و إياكم من المحافظين على الصلوات , والصلاة الوسطي وأن يحرمنا على النار ويدخلنا الجنة إنه على كل شيء قدير. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل صَلَّاة العصر
+ عَنْ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ بِالْمُخَمَّصِ فَقَالَ (إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ عُرِضَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوهَا فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ وَلَا صَلَاةَ بَعْدَهَا حَتَّى يَطْلُعَ الشَّاهِدُ وَالشَّاهِدُ النَّجْمُ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (إن هذه الصلاة عرضت على من قبلكم فضيعوها فمن حافظ عليها كان له أجره مرتين) فيه فضيلة العصر وشدة الحث عليها. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل صَلَّاة العشاء
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا) مسلم.
شرح الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/135)
قوله صلى الله عليه وسلم (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا) النداء هو الأذان والاستهام الاقتراع ومعناه أنهم لو علموا فضيلة الأذان وقدرها وعظيم جزائه , ثم لم يجدوا طريقا يحصلونه به لضيق الوقت عن أذان بعد أذان , أو لكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد لاقترعوا في تحصيله , ولو يعلمون ما في الصف الأول من الفضيلة نحو ما سبق , وجاءوا إليه دفعة واحدة وضاق عنهم , ثم لم يسمح بعضهم لبعض به , لاقترعوا عليه. وفيه إثبات القرعة في الحقوق التي يزدحم عليها ويتنازع فيها.
وقوله صلى الله عليه وسلم (ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه) التهجير التبكير إلى الصلاة أي صلاة كانت. قال الهروي وغيره: وخصه الخليل بالجمعة , والصواب المشهور الأول.
و قوله صلى الله عليه وسلم (ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا) فيه الحث العظيم على حضور جماعة هاتين الصلاتين , والفضل الكثير في ذلك لما فيهما من المشقة على النفس من تنغيص أول نومها وآخره , ولهذا كانتا أثقل الصلاة على المنافقين. وفي هذا الحديث تسمية العشاء عتمة , وقد ثبت النهي عنه , وجوابه من وجهين:
أحدهما أن هذه التسمية بيان للجواز , وأن ذلك النهي ليس للتحريم.
والثاني وهو الأظهر أن استعمال العتمة هنا لمصلحة ونفي مفسدة لأن العرب كانت تستعمل لفظة العشاء في المغرب , فلو قال: لو يعلمون ما في العشاء والصبح لحملوها على المغرب , ففسد المعنى , وفات المطلوب , فاستعمل العتمة التي يعرفونها ولا يشكون فيها , وقواعد الشرع متظاهرة على احتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما.
قوله صلى الله عليه وسلم (ولو حبوا) هو بإسكان الباء وإنما ضبطته لأني رأيت من الكبار من صحفه. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل صَلَّاة الجماعة
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً) البخاري.
شرح الحديث
أنه إذا صلى الإنسان في المسجد مع الجماعة كانت هذه الصلاة أفضل من الصلاة في بيته أو في سوقه سبعاً وعشرون مرة لأن الصلاة مع الجماعة قيام بما أوجب الله من صلاة الجماعة , فإن القول الراجح من أقوال أهل العلم أن صلاة الجماعة فرض عين وأنه يجب على الإنسان أن يصلى مع الجماعة في المسجد لأحاديث وردت في ذلك ولما أشار إليه سبحانه وتعالى في كتابه حيث قال (وإذا كنت فيهم فأقمت الصلاة فلتقم طائفة منهم معك) النساء 102 , فأوجب الله الجماعة في حال الخوف فإذا أوجبها في حال الخوف ففي حال الأمن من باب أولى وأحرى. شرح رياض الصالحين - العثيمين
فضل صَلَّاة الجمعة
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ ثُمَّ أَنْصَتَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَفَضْلُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له , ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام). وفي الرواية الأخرى قوله صلى الله عليه وسلم (من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام) فيه فضيلة الغسل وأنه ليس بواجب للرواية الثانية. وفيه استحباب وتحسين الوضوء. ومعنى (إحسانه) الإتيان به ثلاثا ثلاثا , وذلك الأعضاء وإطالة الغرة والتحجيل , وتقديم الميامن , والإتيان بسننه المشهورة. وفيه أن التنفل قبل خروج الإمام يوم الجمعة مستحب , وهو مذهبنا ومذهب الجمهور. وفيه أن النوافل المطلقة لا حد لها لقوله صلى الله عليه وسلم: (فصلى ما قدر له). وفيه الإنصات للخطبة. وفيه أن الكلام بعد الخطبة قبل الإحرام بالصلاة لا بأس به. قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الأولى: (ثم أنصت) هكذا هو في أكثر النسخ المحققة المعتمدة ببلادنا , وكذا نقله القاضي عياض عن الجمهور , ووقع في بعض
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/136)
الأصول المعتمدة ببلادنا (انتصت) , وكذا نقله القاضي عن الباجي وآخرون (انتصت) بزيادة تاء مثناة فوق , قال: وهو وهم , قلت: ليس هو وهما بل هي لغة صحيحة ; قال الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: يقال: أنصت ونصت وانتصت ثلاث لغات. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل التأمين في الصلاة
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) البخاري.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إذا أمن الإمام فأمنوا) أي إذا قال الإمام آمين فقولوا آمين وهذا يدل على أن الإمام يجهر بالتأمين وجه الدلالة أنه لو لم يكن تأمين الإمام مسموعا للمأموم لم يعلم به وقد علق تأمينه بتأمينه وأجيب بأن موضعه معلوم فلا يستلزم الجهر به وفيه نظر لاحتمال أن يخل به فلا يستلزم علم المأموم به وقد روى روح بن عبادة عن مالك في هذا الحديث قال ابن شهاب وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال ولا الضالين جهر بآمين. أخرجه السراج , ولابن حبان من رواية الزبيدي في هذا الحديث عن ابن شهاب: كان إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته وقال آمين كذا في الفتح (فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة) زاد يونس عن ابن شهاب عند مسلم فإن الملائكة تؤمن قبل قوله , فمن وافق وهو دال على أن المراد الموافقة في القول والزمان خلافا لمن قال المراد الموافقة في الإخلاص والخشوع كابن حبان ثم ظاهره أن المراد بالملائكة جميعهم واختاره بن بزيزة , وقيل الحفظة منهم وقيل الذين يتعاقبون منهم إذا قلنا أنهم غير الحفظة. والذي يظهر أن المراد بهم من يشهد تلك الصلاة من الملائكة ممن في الأرض أو في السماء ففي رواية للبخاري: إذا قال أحدكم آمين وقالت الملائكة في السماء آمين. وروى عبد الرزاق عن عكرمة قال صفوف أهل الأرض على صفوف أهل السماء فإذا وافق آمين في الأرض آمين في السماء غفر للعبد , ومثله لا يقال بالرأي فالمصير إليه أولى قاله الحافظ (غفر له ما تقدم من ذنبه) ظاهره غفران جميع الذنوب الماضية وهو محمول عند العلماء على الصغائر لورود الاستثناء في غير هذه الرواية. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
فضل من وافق قوله سمع الله لمن حمده قول الملائكة
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) البخاري.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد): استدل به على أن الإمام لا يقول ربنا لك الحمد وعلى أن المأموم لا يقول سمع الله لمن حمده لكون ذلك لم يذكر في هذه الرواية كما حكاه الطحاوي وهو قول مالك وأبي حنيفة , وفيه نظر لأنه ليس فيه ما يدل على النفي بل فيه أن قول المأموم ربنا لك الحمد يكون عقب قول الإمام سمع الله لمن حمده والواقع في التصوير ذلك لأن الإمام يقول التسميع في حال انتقاله والمأموم يقول التحميد في حال اعتداله , فقوله يقع عقب قول الإمام كما في الخبر. وقد ثبت من أدله صحيحة صريحة أنه صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين التسميع والتحميد , فالسنة للإمام أن يجمعها. قال الحافظ وهو قول الشافعي وأحمد وأبي يوسف ومحمد والجمهور والأحاديث الصحيحة تشهد له , وزاد الشافعي أن المأموم يجمع بينهما أيضا لكن لم يصح في ذلك شيء , ولم يثبت عن ابن المنذر أنه قال إن الشافعي انفرد بذلك لأنه قد نقل في الأشراف عن عطاء وابن سيرين وغيرهما القول بالجمع بينهما للمأموم , وأما المنفرد فحكى الطحاوي وابن عبد البر الإجماع على أنه يجمع بينهما وجعله الطحاوي حجة لكون الإمام يجمع بينهما للاتفاق على اتحاد حكم الإمام والمنفرد لكن أشار صاحب الهداية إلى خلاف عندهم في المنفرد انتهى
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فإنه): أي الشأن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/137)
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (من وافق قوله): وهو قوله ربنا لك الحمد بعد قول الإمام سمع الله لمن حمده
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (غفر له ما تقدم من ذنبه): ظاهره غفران جميع الذنوب الماضية وهو محمول عند العلماء على الصغائر قاله الحافظ. قال الخطابي: في هذا دلالة على أن الملائكة يقولون مع المصلي هذا القول ويستغفرون ويحضرون بالدعاء والذكر. عون المعبود شرح سنن أبي داود.
فضل وصل الصفوف
+ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يَصِلُونَ الصُّفُوفَ وَمَنْ سَدَّ فُرْجَةً رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً) حسنه الألباني.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (على الذين يصلون الصفوف) من الوصل أي يصلون بأن كان فيها فرجة فسدوها أو نقصان فأتموها. شرح سنن ابن ماجه للسندي.
وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه
+ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r إن الله قال (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب. وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه. وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه. فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها. ولئن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنه. وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن: يكره الموت، وأكره مساءته ولا بد له منه) رواه البخاري.
شرح الحديث
هذا حديث جليل، أشرف حديث في أوصاف الأولياء، وفضلهم ومقاماتهم فأخبر أن معاداة أوليائه معاداة له ومحاربة له. ومن كان متصدياً لعداوة الرب ومحاربة مالك الملك فهو مخذول. ومن تكفل الله بالذَّبِّ عنه فهو منصور. وذلك لكمال موافقة أولياء الله لله في محابه؛ فأحبهم وقام بكفايتهم، وكفاهم ما أهمهم.
ثم ذكر صفة الأولياء الصفة الكاملة، وأن أولياء الله هم الذين تقربوا إلى الله بأداء الفرائض أولاً: من صلاة وصيام وزكاة وحج وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وجهاد، وقيام بحقوقه وحقوق عباده الواجبة.
ثم انتقلوا من هذه الدرجة إلى التقرب إليه بالنوافل، فإن كل جنس من العبادات الواجبة مشروع من جنسه نوافل فيها فضائل عظيمة تكمل الفرائض، وتكمل ثوابها.
فأولياء الله قاموا بالفرائض والنوافل، فتولاهم وأحبهم وسهل لهم كل طريق يوصلهم إلى رضاه. ووفقهم وسددهم في جميع حركاتهم، فإن سمعوا سمعوا بالله وإن أبصروا فلله. وإن بطشوا أو مشوا ففي طاعة الله.
ومع تسديده لهم في حركاتهم جعلهم مجابي الدعوة إن سألوه أعطاهم مصالح دينهم ودنياهم، وإن استعاذوه من الشرور أعاذهم.
ومع ذلك لطف بهم في كل أحوالهم، ولولا أنه قضى على عباده بالموت لسلم منه أولياءه؛ لأنهم يكرهونه لمشقته وعظمته. والله يكره مساءتهم، ولكن لما كان القضاء نافذاً كان لا بد لهم منه.
فبين في هذا الحديث: صفة الأولياء، وفضائلهم المتنوعة، وحصول محبة الله لهم التي هي أعظم ما تنافس فيه المتنافسون، وأنه معهم وناصرهم، ومؤيدهم ومسددهم، ومجيب دعواتهم.
ويدل هذا الحديث على: إثبات محبة الله، وتفاوتها لأوليائه بحسب مقاماتهم.
ووصف النبي r لأولياء الله بأداء الفرائض والإكثار من النوافل، مطابق لوصف الله لهم بالإيمان والتقوى في قوله (َلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ) , فكل من كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً؛ لأن الإيمان يشمل العقائد، وأعمال القلوب والجوارح. والتقوى ترك جميع المحرمات.
ويدل على أصل عظيم وهو أن الفرائض مقدمة على النوافل، وأحب إلى الله وأكثر أجراً وثواباً. لقوله: "وما تقرب إلي عبدي بشيء أحبّ إلي مما افترضت عليه"، وأنه عند التزاحم يتعين تقديم الفروض على النوافل. بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار.
فضل صلاة السنن الراتبة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/138)
+ عن أُمَّ حَبِيبَةَ قالت سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مسلم.
شرح الحديث
حديث أم حبيبة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة , أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر صلاة الغداة) , أخرجه الترمذي في باب من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة من السنة ماله هو الفضل وقال حسن صحيح. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ركعتان أيضا قبل الظهر. روى الشيخان عن ابن عمر قال (حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها , وركعتين بعد المغرب في بيته , بعد العشاء وركعتين قبل صلاة الصبح). قال الحافظ في الداودي: وقع في حديث ابن عمر أن قبل الظهر ركعتين وفي حديث عائشة أربعا , وهو محمول على أن كل واحد منهما وصف ما رأى , قال ويحتمل أن يكون ابن عمر نسي ركعتين من الأربع. قال الحافظ هذا الاحتمال بعيد والأولى أن يحمل على حالين فكان يصلي تارة ثنتين وتارة يصلي أربعا , وقيل هو محمول على أنه كان يقتصر في المسجد على ركعتين وفي بيته يصلي أربعا , ويحتمل أن يكون يصلي إذا كان في بيته ركعتين ثم يخرج إلى المسجد فيصلي ركعتين فرأى ابن عمر ما في المسجد دون ما في بيته واطلعت عائشة على الأمرين , ويقوي الأول ما رواه أحمد وأبو داود في حديث عائشة: كان يصلي في بيته قبل الظهر أربعا ثم يخرج , قال أبو جعفر الطبري: الأربع كانت في كثير من أحواله وركعتان في قليلها انتهى كلام الحافظ. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
فضل سنة الفجر
+ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) مسلم.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) أي من متاع الدنيا قاله النووي: وقال الطيبي: إن حمل الدنيا على أعراضها وزهرتها فالخير إما مجرى على زعم من يرى فيها خيرا أو يكون من باب أي الفريقين خير مقاما. وإن حمل على الإنفاق في سبيل الله فتكون هاتان الركعتان أكثر ثوابا منها. وقال الشاه ولي الله الدهلوي في حجة الله البالغة: إنما كانتا خيرا منها لأن الدنيا فانية ونعيمها لا يخلو عن كدر النصب والتعب , وثوابهما باق غير كدر انتهى. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
فضل المحافظة علي أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها
+ عَنْ أُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرُمَ عَلَى النَّارِ) صححه الألباني.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (من حافظ) أي داوم واظب قال القاري في المرقاة ركعتان منها مؤكدة وركعتان مستحبة فالأولى بتسليمتين بخلاف الأولى انتهى , قلت فيه ما فيه كما لا يخفى على المتأمل وقال الشوكاني في النيل: والحديث يدل على تأكد استحباب أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعده وكفى بهذا الترغيب باعثا على ذلك انتهى. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
فضل قيام الليل
+ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ) السلسلة الصحيحة.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يا أيها الناس) خطاب العام بكلمات جامعة للمعاملة مع الخلق والحق.
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أفشوا السلام) أي أظهروه وأكثروه على من تعرفونه وعلى من لا تعرفونه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/139)
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وأطعموا الطعام) أي لنحو المساكين والأيتام
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وصلوا) أي بالليل
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (والناس نيام) لأنه وقت الغفلة فلأرباب الحضور مزيد المثوبة أو لبعده عن الرياء والسمعة
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تدخلوا الجنة بسلام) أي من الله أو من ملائكته من مكروه أو تعب ومشقة. شرح سنن ابن ماجة للسندي.
فضل قيام الليل في رمضان التراويح
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) البخاري.
شرح الحديث
بدأ بالقيام.
(قام) في الليل.
(رمضان) شهر رمضان كله.
(إيماناً) بالله عز وجل وبما وعد به من الثواب وذلك بأن يؤمن بأنه إذا قام به سيُغفر له.
(احتسابا) ترقبا للأجر بحيث يضمر في نفسه أنه سيؤجر على هذا القيام.
(غُفر) المغفرة ستر الذنب والتجاوز عنه.
(ما تقدم) (ما) اسم موصول وهو يفيد العموم أي: كل ذنب , والذنب بمعنى المعصية وسميت ذنبا لأنها كسب كذنوب الماء يُستخرج به الماء.
فوائد الحديث:
1 - الحث على قيام رمضان.
2 - الإشارة إلى أن للإخلاص تأثيرا في الثواب لقوله (إيماناً) فلم يقم عادة أو لأنه قومه يقومون.
3 - لا يحصل هذا الثواب العظيم إلا لمن جمع بين الوصفين (الإيمان والاحتساب) وأكثر الناس يغفل عن الاحتساب بل يقومون بالعمل لأنه عمل صالح لكن الاحتساب قليل.
4 - قيام رمضان تُغفر به الذنوب الصغائر والكبائر وأُخذ من العموم ومن المعلوم أن هذا العموم غير مراد إذا كان الإنسان جاحداً لبعض ما أنزل الله أو كان كافراً أو مشركاً.
وهل المراد الذنوب السابقة غير الشرك أو الصغائر فقط؟
أكثر العلماء على الثاني وهذا ظاهر فيما إذا كان العمل واحدا ثم ذكر ثوابه مطلقا في مكان ومقيد في مكان.
مثال: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) وهذا صريح في أن رمضان يدخل فيه صيامه وقيامه مكفر بشرط اجتناب الكبائر وهذا واضح.
لكن أحيانا تأتي نصوص مطلقة ولم تقيد في مكان آخر كحديث (من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) فهل نقول إن هذا مقيد بما إذا اجتنبت الكبائر أو نقول هو عام مطلق لا يمكن أن نغيره؟
أكثر العلماء على الأول وعللوا: إذا كانت هذه الفرائض العظيمة الصلاة الصيام لا تكفر إلا باجتناب الكبائر فما دونها من باب أولى ولا شك أن هذا قياس جلي واضح.
لكن قد يقال: لماذا لا نسكت عن مثل هذه الكلام ونتفاءل على الله أنه يعم كل الذنوب لا سيما مع قوله (زبد البحر) ونؤمل على الله عز وجل أن يكون هذا ثابتاً ولو لم تجتنب الكبائر. فهذا أسلم وأقوى رجاء.
ـــ من قام بعض ليالي رمضان
إن كان تخلفه لعذر فهو كالفاعل، وألا فلا يحصل له الثواب لأن الثواب مشروط بشرط لا يتحقق إلا إذا وجد.
ـــ (قام رمضان) هل يشترط قيام كل الليل؟
لا، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقم الليل كله إلا في العشر الأواخر، ولما قال الصحابة رضي الله عنهم (لو نفلتنا بقية ليلتنا) قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة). شرح عمدة الأحكام – العثيمين.
فضل صَلَّاة الضحى
+ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى) مسلم
شرح الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/140)
قوله صلى الله عليه وسلم: (على كل سلامى من أحدكم صدقة) هو بضم السين وتخفيف اللام , وأصله عظام الأصابع وسائر الكف , ثم استعمل في جميع عظام البدن ومفاصله , و في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خلق الإنسان على ستين وثلاثمائة مفصل على كل مفصل صدقة).
قوله صلى الله عليه وسلم: (ويجزي من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى) ضبطناه (ويحزي) بفتح أوله وضمه , فالضم من الإجزاء والفتح من جزي يجزي أي كفى , ومنه قوله تعالى: (لا تجزي نفس) وفي الحديث (لا يجزي عن أحد بعدك). وفيه دليل على عظم فضل الضحى وكبير موقعها , وأنها تصح ركعتين. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل صَلَّاة ركعتين بعد الوضوء
+ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُسْبِغُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَغُفِرَ لَهُ) صححه الألباني.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (فيحسن الوضوء) من الإحسان أي يتمه بآدابه (يقبل عليهما بقلبه ووجهه) من الإقبال وهو خلاف الإدبار أي يتوجه , وأراد بوجهه ذاته أي يقبل على الركعتين بظاهره وباطنه. قال النووي: وقد جمع صلى الله عليه وسلم بهاتين اللفظتين أنواع الخضوع والخشوع , لأن الخضوع في الأعضاء والخشوع بالقلب (ألا فقد أوجب) عليه الجنة. ولفظ مسلم إلا وجبت له الجنة. عون المعبود شرح سنن أبي داود.
فضل سجود التلاوة
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ يَا وَيْلَهُ أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِي النَّارُ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (إذا قرأ ابن آدم السجدة) فمعناه آية السجدة. وقوله (يا ويله) هو من آداب الكلام , وهو أنه إذا عرض في الحكاية عن الغير ما فيه سوء واقتضت الحكاية رجوع الضمير إلى المتكلم , صرف الحاكي الضمير عن نفسه تصاونا عن صورة إضافة السوء إلى نفسه. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل صَلَّاة الجنازة
+ عن أبى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ فَلَهُ قِيرَاطٌ وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ قِيلَ وَمَا الْقِيرَاطَانِ قَالَ مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ) البخاري.
شرح الحديث
أن من تبع الجنازة من بيتها حتى يصلي عليها ثم تدفن فله قراطان فسئل عن القراطان قال مثل الجبلين العظيمين , وفي رواية مسلم (أصغرهما مثل جبل أحد) , ولما حدث ابن عمر بهذا الحديث قال لقد فرطنا في قراريط كثيرة , يعني ما كنا نخرج مع الجنائز , وفرطنا في هذه القراريط الكثيرة , فصار يخرج بعد ذلك مع الجنائز رضي الله عنه.
فإذا شهدت الجنازة حتى يصلى عليها فلك قيراط , وإن استمررت معها حتى تدفن فلك قراطان , لكن في رواية البخاري اشترط أن يكون ذلك إيماناً واحتساباً , يعنى إيماناً بالله وتصديقاً بوعده واحتساباً لثوابه , وليس قصدك المجاملة لأهل الميت , لأن المجاملة لأهل الميت ثواب عاجل في الدنيا فقط , وقد يؤجر الإنسان على مجاملة إخوانه , لكن الأجر الذي هو قراطان فهو لمن تبعها إيماناً واحتساباً.
أما النساء فقالت أم عطية رضي الله عنها (نهينا عن إتباع الجنائز , ولم يعزم علينا) , ولفظ نهينا إذا قاله صحابي أو صحابية فالمعنى أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهاهم , لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو الذي له الأمر والنهى. شرح رياض الصالحين - العثيمين
فضل الصلاة أربعين يوم في جماعة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/141)
+ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَتَانِ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ) صححه الألباني.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (من صلى لله) أي خالصاً لله (أربعين يوماً) أي وليلة (في جماعة) متعلق بصلى (يدرك التكبيرة الأولى) جملة حالية وظاهرها التكبيرة التحريمية مع الإمام ويحتمل أن تشمل التكبيرة التحريمية للمقتدي عند لحوق الركوع فيكون المراد إدراك الصلاة بكمالها مع الجماعة وهو يتم بإدراك الركعة الأولى كذا قال القارئ في المرقاة. قلت: هذا الاحتمال بعيد , والظاهر الراجح هو الأول كما يدل عليه أبي الدرداء مرفوعاً (لكل شيء أنف , وإن أنف الصلاة التكبيرة الأولى فحافظوا عليها) أخرجه ابن أبي شيبة (براءة من النار) أي خلاص ونجاة منها. يقال برأ من الدين والعيب خلص (وبراءة من النفاق) قال الطيبي أي يؤمنه في الدنيا أن يعمل عمل المنافق ويوفقه لعمل أهل الإخلاص وفي الآخرة يؤمنه مما يعذب به المنافق , ويشهد له بأنه غير منافق يعني بأن المنافقين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى , وحال هذا بخلافهم كذا في المرقاة. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
من فضائل المساجد
فضل بناء المساجد
+ عن عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ) البخاري.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (من بنى مسجدا بنى الله تعالى له بيتا في الجنة مثله) يحتمل قوله صلى الله عليه وسلم (مثله) أمرين:
أحدهما: أن يكون معناه: بنى الله تعالى له مثله في مسمى البيت , وأما صفته في السعة وغيرها فمعلوم فضلها: أنها مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
الثاني أن معناه: أن فضله على بيوت الجنة كفضل المسجد على بيوت الدنيا. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل السعي إلي المسجد
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنْ الْجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ) البخاري.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (أعد) أى هيأ. قوله (نزله) للكشميهني " نزلا " بالتنكير , والنزل بضم النون والزاي المكان الذي يهيأ للنزول فيه , وبسكون الزاي ما يهيأ للقادم من الضيافة ونحوها , فعلى هذا " من " في قوله من الجنة للتبعيض على الأول وللتبين على الثاني , ورواه مسلم وابن خزيمة وأحمد بلفظ " نزلا في الجنة " وهو محتمل للمعنيين. قوله: (كلما غدا أو راح) أي بكل غدوة وروحة. وظاهر الحديث حصول الفضل لمن أتى المسجد مطلفا , لكن المقصون منه اختصاصه بمن يأتيه للعبادة , والصلاة رأسها , والله أعلم. فتح الباري بشرح صحيح البخاري.
فضل المشي إلي المسجد متوضئا
+ قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ لَمْ يَرْفَعْ قَدَمَهُ الْيُمْنَى إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ حَسَنَةً وَلَمْ يَضَعْ قَدَمَهُ الْيُسْرَى إِلَّا حَطَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ سَيِّئَةً فَلْيُقَرِّبْ أَحَدُكُمْ أَوْ لِيُبَعِّدْ فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى فِي جَمَاعَةٍ غُفِرَ لَهُ فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّوْا بَعْضًا وَبَقِيَ بَعْضٌ صَلَّى مَا أَدْرَكَ وَأَتَمَّ مَا بَقِيَ كَانَ كَذَلِكَ فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّوْا فَأَتَمَّ الصَّلَاةَ كَانَ كَذَلِكَ) صححه الألباني.
شرح الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/142)
قوله صلى الله عليه وسلم (فأحسن الوضوء): بأن جمع بين العمل بالفرائض والسنن (إلا حط الله عز وجل) أي وضع وألقى (عنه) أي عن الجائي والمريد إلى الصلاة (فليقرب أحدكم) من باب التفعيل أي مكانه من المسجد (أو ليبعد) من باب التفعيل فإذا بعد أحدكم مكانه من المسجد ويكون هديه وطريقته في المشي أن يأتي المسجد من بعيد يكون الثواب أوفر وأكثر وهو محل الترجمة (وقد صلوا) أي الحاضرون في المسجد (بعضا) من الصلاة (وبقي بعض): من الصلاة (صلى) هذا الرجل الجائي (ما أدرك) من الصلاة مع الإمام (وأتم ما بقي) من الصلاة (كان) أي الأمر (كذلك) أي يغفر له (وقد صلوا) أي الناس وما بقي مع الإمام شيء من الصلاة (فأتم الصلاة) أي هذا الرجل الجائي بعد فراغ صلاة الجماعة (كان كذلك) أي غفر له. عون المعبود شرح سنن أبي داود.
فضل الصلاة في المسجد الحرام و المسجد النبوي
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) البخاري.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) اختلف العلماء في المراد بهذا الاستثناء على حسب اختلافهم في مكة والمدينة أيتهما أفضل؟ ومذهب الشافعي وجماهير العلماء: أن مكة أفضل من المدينة , وأن مسجد مكة أفضل من مسجد المدينة , وعكسه مالك وطائفة , فعند الشافعي والجمهور معناه: إلا المسجد الحرام فإن الصلاة فيه أفضل من الصلاة في مسجدي. وعند مالك وموافقيه: إلا المسجد الحرام فإن الصلاة في مسجدي تفضله , بدون الألف , قال القاضي عياض: أجمعوا على أن موضع قبره صلى الله عليه وسلم أفضل بقاع الأرض , وأن مكة والمدينة أفضل بقاع الأرض. واختلفوا في أفضلهما ما عدا موضع قبره صلى الله عليه وسلم , فقال عمر وبعض الصحابة ومالك وأكثر المدنيين: المدينة أفضل , وقال أهل مكة والكوفة والشافعي وابن وهب وابن حبيب المالكيان: مكة أفضل , واعلم أن الصلاة في مسجد المدينة تزيد على فضيلة الألف فيما سواه إلا المسجد الحرام ; لأنها تعادل الألف ; بل هي زائدة على الألف , كما صرحت به هذه الأحاديث: (أفضل من ألف صلاة) (وخير من ألف صلاة) ونحوه , قال العلماء: وهذا فيما يرجع إلى الثواب , فثواب صلاة فيه يزيد على ثواب ألف فيما سواه , ولا يتعدى ذلك إلى الإجزاء عن الفوائت , حتى لو كان عليه صلاتان فصلى في مسجد المدينة صلاة , لم تجزئه عنهما , وهذا لا خلاف فيه. والله أعلم. واعلم أن هذه الفضيلة مختصة بنفس مسجده صلى الله عليه وسلم الذي كان في زمانه دون ما زيد فيه بعده , فينبغي أن يحرص المصلي على ذلك , ويتفطن لما ذكرته , وقد نبهت على هذا في كتاب المناسك , والله أعلم. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل الصلاة في بيت المقدس
+ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خِلَالًا ثَلَاثَةً سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ فَأُوتِيَهُ وَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ فَأُوتِيَهُ وَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَنْ لَا يَأْتِيَهُ أَحَدٌ لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ فِيهِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ) صححه الألباني.
شرح الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/143)
قوله صلى الله عليه وسلم (حكما يصادف حكمه) أي يوافق حكم الله تعالى والمراد التوفيق للصواب في الاجتهاد وفصل الخصومات بين الناس (فأوتيه) على بناء المفعول من الإيتاء ونائب الفاعل ضمير مستتر لسليمان والضمير المنصوب لمسئوله (أن لا يأتيه) أي لا يجيئه ولا يدخله أحد (لا ينهزه) لا يحركه (أن يخرجه) من الإخراج أو الخروج والظاهر أن في الكلام اختصارا والتقدير أن لا يأتيه أحدا لا يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه وقوله أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه بدل من تمام هذا الكلام المشتمل على الاستثناء إلا أنه حذف الاستثناء لدلالة البدل عليه فليتأمل والله تعالى أعلم. شرح سنن النسائي للسندي.
من فضائل الزكاة
الصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ
+ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (َ الصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ) الصدقة بذل المال تقرباً لله عز وجل , للأهل والفقير والمصالح العامة مثل بناء المساجد وغيرها هذا برهان , برهان على إيمان العبد وذلك لأن المال محبوب إلى النفوس , والنفوس شحيحة به فإذا بذله الإنسان لله فإن الإنسان لا يبذل ما يحب إلا لما هو أحب إليه منه , ولهذا تجد أكثر الناس إيماناً بالله عز وجل وبالإخلاف تجدهم أكثرهم صدقة. شرح رياض الصالحين – العثيمين.
مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ) مسلم.
شرح الحديث
يزيد العامة على قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ) قولهم (بل تزيد بل تزيد) , وهذه لا تصح عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وإنما الذي صح عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوله (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ).
والزيادة التي تحصل بدل الصدقة إما كمية وإما كيفية.
مثال الكمية أن الله تعالى يفتح لك باباً من الرزق ما كان في حسابك.
والكيفية أن ينزل الله لك البركة فيما بقي من مالك. شرح رياض الصالحين – العثيمين.
من فضائل الصيام
فضل الصيام
+ عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ) البخاري.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أن في الجنة بابا) قال الزين بن المنير: إنما قال في الجنة ولم يقل للجنة ليشعر بأن في الباب المذكور من النعيم والراحة في الجنة فيكون أبلغ في التشوق إليه. قلت: وقد جاء الحديث من وجه آخر بلفظ (إن للجنة ثمانية أبواب , منها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون). أخرجه هكذا الجوزقي من طريق أبي غسان عن أبي حازم , وهو للبخاري من هذا الوجه في بدء الخلق , لكن قال (في الجنة ثمانية أبواب).
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد) كرر نفي دخول غيرهم منه تأكيدا , وأما قوله (فلم يدخل) فهو معطوف على (أغلق) أي لم يدخل منه غير من دخل. فتح الباري بشرح صحيح البخاري.
فضل من صام يوماً في سبيل الله
+ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا) البخاري.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عبد) المتعبد لله عز وجل عبودية شرعية.
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (في سبيل الله) أي: في الجهاد، وليس المراد ما يتوهمه بعضهم من أن المراد (الإخلاص).
لأن الإخلاص لا يعبر عنه بهذا التعبير بل يُقال (يبتغي به وجه الله).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/144)
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خريفا) تمييز، لأن العدد مبهم.
فوائد الحديث:
1 - فضيلة الصوم في سبيل الله (الجهاد) ما لم يؤد إلى ضعف ونقص في عمل الجهاد كالفتور والتعب،،، ووجه كونه فاضلاً: لأن ذلك نوع من جهاد النفس حيث منعها من المحبوب فيجتمع للمجاهد جهادان: جهاد النفس وجهاد العدو ولأن فيه دليل على صدق طلب المجاهد.
2 - الأعمال الصالحة تتفاوت مراتبها في الفضل.
3 - التعبير بالبعض عن الأكل وذلك بقوله (عن وجهه)، (خريفا) والخريف بعض العام.
4 - مسألة الثواب لا مجال للعقل في تقديرها. شرح عمدة الأحكام – العثيمين.
فضل قيام ليلة القدر
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) البخاري.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (من قام ليلة القدر): هذا مع الحديث (قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) قد يقال إن أحدهما يغني عن الآخر وجوابه أن يقال قيام رمضان من غير موافقه ليلة القدر ومعرفتها سبب لغفران الذنوب , وقيام ليلة القدر لمن وافقها وعرفها سبب للغفران وإن لم يقم غيرها. شرح سنن النسائي للسندي.
فضل تعجيل الفطور
+ عن سهل بن سعد أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال (لا يزال الناس بخير ما عجّلوا الفطر) متفق عليه.
شرح الحديث
لا يزال من أفعال الاستمرار وأفعال الاستمرار هي (زال – فتئ – برح – انفك).
هذه نفيها إثبات / وقد يُحذف النفي ويبقى الفعل مع حذف حرف النفي لكن الفعل يبقى للاستمرار
(ما) مصدرية، أي مدة تعجيلهم الفطر (ظرفية)، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا لأن المبادرة بالفطر مبادرة إلى ما أحل الله له بعد منعه منه، وفي إحلال الممنوع منة عظيمة من الله عز وجل، والمبادِر إلى فضل الله ومنته محمود لأن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده وفيها وجه آخر وهو أن في ذلك مخالفة لليهود والنصارى فقد كانوا يؤخرون الفطر ومخالفتهم خير بلا شك.
ما عجلوا الفطر مشروط بالعلم بغروب الشمس أو الظن بغروبها.
العلم ظاهر، وغلبة الظن دليله ما رواه البخاري عن أسماء رضي الله عنها (أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم طلعت الشمس) ومعلوم أن إفطارهم ذلك اليوم ليس عن علم ويقين بدليل أن الشمس طلعت لكن عن غلبة الظن.
فوائد الحديث:
1 - الحث على تعجيل الفطر بشرط علم أو ظن وهنا حالات:
يعلم أن الشمس لم تغرب، فلا يجوز الإفطار
يغلب على ظنه أنها لم تغرب، فلا يجوز الإفطار
يتردد هل غابت أم لا بدون ترجيح، فلا يجوز الإفطار لأن الأصل بقاء النهار
يغلب على ظنه أنها غابت، فيجوز الإفطار
يعلم أنها غابت، فله الفطر
س – كيف نعلم أن الشمس غابت؟
إذا غاب قرصها وصار قرنها الأعلى لا يُرى فقد غابت حتى لو بقي الضوء في الجو
ونعلم الضوء فيما إذا كان الإنسان في طائرة في الجو وضوء الشمس يلوح فيها لكن قرص الشمس غاب عنا فهنا يفطر
2 - تفاضل الأعمال، فلو أخروا الفطر فُقد عنهم الخير بسبب تفاضل الأعمال
هل يفطر قبل أن يصلي المغرب أو بعدها؟ الجواب: قبل الصلاة، لأنه لو أخّر إلى ما بعد الصلاة كان مؤخراً للفطر. شرح عمدة الأحكام – العثيمين.
فضل السحور
+ عَنْ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً) البخاري.
شرح الحديث
تسحّروا: كُلوا أكلة السحر، والسحر آخر الليل، وهذا أمر به
السَّحور: ويجوز بالضم أي الطعام، وبالفتح اسمٌ لما يُتسحر به، والأقرب الضم
بركة: البركة فيه من عدة أوجه
1 - امتثال لأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا أعظم البركة
2 - فيه مخالفة لأهل الكتاب كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فصل ما بيننا وبين أهل الكتاب أكلة السحور) ولا شكّ أن مخالفة الكفار ولا سيما في العبادة بركة.
3 - فيه تقوية على الصوم فالذي يتسحر أقوى من الذي لا يتسحر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/145)
4 - يأكله الإنسان ليتقوى به على العبادة وهذا غير لذي قبله فذاك تحصل فيه القوة مباشرة أما هذا فالنية أنه فعله ليتقوى به على عبادة الله عز وجل
فيه إقتداء بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما أعظم الإقتداء به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!
فوائد الحديث:
1 - الأمر بالسحور، وهل هو على سبيل الوجوب أو الاستحباب؟ الثاني، ما لم يخش الضرر بتركه فيكون للوجوب.
2 - القوم الذين يأكلون السحور أول الليل ثم ينامون، لم يمتثلوا أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأن السحور ما أُكل في السحر وهؤلاء ينامون قبل نصف الليل.
3 - حسن تعليم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. شرح عمدة الأحكام – العثيمين.
فضل من فطر صائماً
+ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا) صححه الألباني.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (من فطر صائما) قال ابن الملك التفطير جعل أحد مفطرا , أي من أطعم صائما. قال القاري أي عند إفطاره (كان له) أي لمن فطر (مثل أجره) أي الصائم: وقد جاء في حديث سلمان الفارسي. من فطر فيه صائما كان له مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار. وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء: قلنا يا رسول الله ليس كلنا نجد ما نفطر به الصائم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على مذقة لبن أو تمرة أو شربة من ماء , ومن أشبع صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة) , وفي رواية لأبي الشيخ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من فطر صائما في شهر رمضان من كسب حلال صلت عليه الملائكة ليالي رمضان كلها وصافحه جبريل ليلة القدر ومن صافحه جبريل عليه السلام يرق قلبه وتكثر دموعه , قال فقلت يا رسول الله من لم يكن عنده؟ قال فقبضة من طعام قلت أفرأيت إن لم يكن عنده , قال فشربة من ماء). تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
فضل صيام يوم عرفة وعاشوراء
+ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) فإن قيل ما وجه أن صوم عاشوراء يكفر السنة التي قبله , وصوم يوم عرفة يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده؟ قيل: وجهه أن صوم يوم عرفة من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وصوم يوم عاشوراء من شريعة موسى عليه الصلاة والسلام. وقال الحافظ في الفتح: روى مسلم من حديث أبي قتادة مرفوعا (إن صوم عاشوراء يكفر سنة وإن صيام عرفة يكفر سنتين). وظاهر أن صيام عرفة أفضل من صيام عاشوراء , وقد قيل في الحكمة في ذلك أن يوم عاشوراء منسوبة إلى موسى عليه السلام , ويوم عرفة منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك كان أفضل انتهى والله تعالى أعلم. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
فضل صيام الست من شوال
+ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ) مسلم.
شرح الحديث
(ثم) ولم يقل (فأتبعه) لأن الفاء للتعقيب، وهو لا يمكن لوجود العيد.
(ستاً) لعدم وجود المميز (التمييز)، ذكر مع المذكر.
(كصيام الدهر) شهر رمضان عن عشرة شهور، وستة أيام عن شهرين.
فوائد الحديث:
1 - فضيلة رمضان حيث ندب إلى الصوم بعده كالراتبة بعد الصلاة
2 - استحباب صيام ستة أيام من شوال وظاهر الحديث أنه لا فرق بين أن تكون متتابعة أو متفرقة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/146)
3 - من صامها قبل أن يقضي ما عليه لم يحصل له هذا الأجر , لو كانت نفساء وأفطرت رمضان كله ثم طهرت في يوم العيد وصامت شوال كله وبعده ستة أيام فالظاهر أنه يحصل لها هذا الأجر لأنها أخرت الصيام لعذر.
وقيل: لا تحصل لأن الحديث مقيد بـ (شوال).
فيُقال: نعم، قيد على الأكثر والأعم، والتقييد بالأكثر لا يعتبر تقييدا.
فالظاهر أنه يحصل لها الأجر إن شاء الله.
لا فرق بين تواليها أو تتابعها لأنه أطلق في هذا الحديث، ونظيرها قوله سبحانه تعالى (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ) البقرة: من الآية196، فلا يشترط فيها التتابع، لكن قوله تعالى (شهرين متتابعين) مقيدة بالتتابع، ولكن الأفضل أن يبادر لأن فيه مسارعة إلى الخيرات. شرح عمدة الأحكام – العثيمين.
من فضائل الحج
فضل الحج المبرور
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (َالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ) البخاري.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الحج المبرور) قيل الأصح أنه الذي لا يخالطه إثم مأخوذ من البر وهو الطاعة وقيل هو القبول المقابل للبر وهو الثواب ومن علامات القبول أن يرجع خيرا مما كان عليه ولا يعاود المعاصي وقيل هو الذي لا يعقبه معصية (إلا الجنة) ابتداء وإلا فاصل الدخول فيها يكفى فيه الإيمان ولازمه أن يغفر له الذنوب كلها صغائرها وكبائرها بل المتقدمة منها والمتأخرة. شرح سنن ابن ماجه للسندي.
فضل الطواف بالبيت
+ عَنْ ابْنَ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ أُسْبُوعًا فَأَحْصَاهُ كَانَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ لَا يَضَعُ قَدَمًا وَلَا يَرْفَعُ أُخْرَى إِلَّا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطِيئَةً وَكَتَبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةً) صححه الألباني.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سبوعاً) كذا وقع في النسخ الموجودة بلا ألف , ووقع في المشكاة أسبوعاً بالألف. قال في المجمع: طاف أسبوعاً أي سبع مرات , والأسبوع الأيام السبعة , وسبوع بلا ألف لغة انتهى. وقال القاري: أي سبعة أشواط كما في رواية (فأحصاه) قال السيوطي أي لم يأت فيه بزيادة أو نقص. وقال القاري بأن يكمله ويراعي ما يعتبر في الطواف من الشروط والآداب (لا يضع) أي الطائف (إلا حط الله عنه بها) أي إلا وضع الله ومحا عن الطائف بكل قدم. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
فضل ماء زمزم
+ عَنْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قُالُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ) صححه الألباني.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لما شرب له) قال السيوطي في حاشية الكتاب هذا الحديث مشهور على الألسنة كثير أو اختلف الحفاظ فيه فمنهم من صححه ومنهم من حسنه ومنهم من ضعفه والمعتمد الأول وجار من قال أن حديث الباذنجان لما أكل له أصح منه فإن حديث الباذنجان موضوع كذب وفي الزوائد هذا إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن المؤمل وقد أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق ابن عباس وقال هذا حديث صحيح الإسناد قلت وقد ذكر العلماء إنهم جربوه فوجدوه كذلك والله أعلم. شرح سنن ابن ماجه للسندي.
فضل العمرة
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا) البخاري.
شرح الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/147)
قوله صلى الله عليه وسلم (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما) هذا ظاهر في فضيلة العمرة وأنها مكفرة للخطايا الواقعة بين العمرتين , واعلم أن جميع السنة وقت للعمرة , فتصح في كل وقت منها إلا في حق من هو متلبس بالحج , فلا يصح اعتماره حتى يفرغ من الحج , ولا تكره عندنا لغير الحاج في يوم عرفة والأضحى والتشريق وسائر السنة , واختلف العلماء في وجوب العمرة: فمذهب الشافعي والجمهور أنها واجبة , وممن قال به عمر وابن عباس وطاوس وعطاء وابن المسيب وسعيد بن جبير والحسن البصري ومسروق وابن سيرين والشعبي وأبو بردة بن أبي موسى وعبد الله بن شداد والثوري وأحمد وإسحاق وأبو عبيد وداود , وقال مالك وأبو حنيفة وأبو ثور هي سنة وليست واجبة , وحكي أيضا عن النخعي. شرح صحيح مسلم النووي.
من فضائل العلم
فضل العلم
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله إلا من ثلاث) قال الشيخ ولي الدين إنما أجرى على هؤلاء الثلاثة الثواب بعد موتهم لوجود ثمرة أعمالهم بعد موتهم كما كانت موجودة في حياتهم (صدقة جارية) حملت على الوقف (وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له) قال القاضي عياض معناه أن عمل الميت منقطع بموته لكن هذه الأشياء لما كان هو سببها من اكتسابه الولد وبثه العلم عند من حمله عنه أو إيداعه تأليفا بقي بعده وإيقافه هذه الصدقة بقيت له أجورها ما بقيت ووجدت. ونقله النووي عن العلماء وذكر القاضي تاج الدين السبكي أن حمل العلم المذكور على التأليف أقوى لأنه أطول مدة وأبقى على ممر الزمان ورأيت من تكلم على هذا الحديث في كراسة قال الأخنائي في كتاب البشرى بما يلحق الميت من الثواب في الدار الأخرى قوله وعلم ينتفع به هو ما خلفه من تعليم أو تصنيف ورواية وربما دخل في ذلك نسخ كتب العلم وتسطيرها وضبطها ومقابلتها وتحريرها والاتقان لها بالسماع وكتابة الطبقات وشراء الكتب المشتملة على ذلك ولكن شرطه أن يكون منتفعا به. شرح سنن النسائي للسيوطي.
فضل تعليم الناس
+ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ) صححه الألباني.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (وملائكته) قال القاري أي حملة العرش وقوله (وأهل السموات) تعميم بعد تخصيص انتهى (والأرضين) أي أهل الأرضين من الإنس والجن وجميع الحيوانات (حتى النملة) بالنصب على أن حتى عاطفة وبالجر على أنها جارة وبالرفع على أنها ابتدائية والأول أصح (في جحرها) ضم الجيم وسكون الحاء أي ثقبها. قال الطيبي وصلاته بحصول البركة النازلة من السماء (وحتى الحوت) وهما غايتان مستوعبتان لدواب البر والبحر (ليصلون) فيه تغليب للعقلاء على غيرهم أي يدعون بالخير (على معلم الناس الخير) قيل أراد بالخير هنا علم الدين وما به نجاة الرجل ولم يطلق المعلم ليعلم أن استحقاق الدعاء لأجل تعليم علم موصل إلى الخير, وفيه إشارة إلى وجه الأفضلية بأن نفع العلم متعد ونفع العبادة قاصر. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
من فضائل القرآن
فضل قراءة القران
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ أَنْ يَجِدَ فِيهِ ثَلَاثَ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ فَثَلَاثُ آيَاتٍ يَقْرَأُ بِهِنَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثِ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (أن يجد) أي في أهله (ثلاث خلفات) بقتح فكسر جمع خلقة وهي الحامل من النوق وهي من أعز أموال العرب. شرح سنن ابن ماجه للسند.
فضل تعلم القران
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/148)
+ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ) البخاري.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) قال الطيبي: أي خير الناس باعتبار التعلم والتعليم , من تعلم القرآن وعلمه انتهى. قال القاري في المرقاة: ولا يتوهم أن العمل خارج عنهما لأن العلم إذا لم يكن مؤرثا للعمل ليس علما في الشريعة إذ أجمعوا على أن من عصى الله فهو جاهل انتهى. قال الحافظ: فإن قيل يلزم أن يكون المقرئ أفضل من الفقيه , قلنا لا لأن المخاطبين بذلك كانوا فقهاء النفوس لأنهم كانوا أهل اللسان , فكانوا يدرون معاني القرآن بالسليقة أكثر مما يدريها من بعدهم بالاكتساب , فكان الفقه لهم سجية , فمن كان في مثل شأنهم شاركهم في ذلك لا من كان قارئا أو مقرئا محضا لا يفهم شيئا من معاني ما يقرأه أو يقرئه , فإن قيل فيلزم أن يكون المقرئ أفضل ممن هو أعظم عناء في الإسلام بالمجاهدة والرباط والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثلا , قلنا حرف المسألة يدور على النفع المتعدي , فمن كان حصوله عنده أكثر كان أفضل , فلعل من مضمرة في الخبر , ويحتمل أن تكون الخيرية وإن أطلقت لكنها مقيدة بناس مخصوصين خوطبوا بذلك , كان اللائق بحالهم ذلك , أو المراد خير المتعلمين من يعلم غيره لا من يقتصر على نفسه. انتهى. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
فضل سورة الفاتحة
+ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ قَالَ لي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَلَا أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَذَكَّرْتُهُ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ) البخاري.
شرح الحديث
سورة الفاتحة أعظم سورة في كتاب الله، ولهذا تسمي أم القرآن، وألام هو الذي يرجع إليه الشئ، فسورة الفاتحة ترجع إليها معاني القرآن كلها، ولذلك أوجب الله قراءتها في كل ركعة من الصلوات فقال النبي صلي الله عليه وسلم (لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن أو بفاتحة الكتاب) ومن خصائص هذه السورة أن الإنسان إذا قرأها علي مريض فأنه يشفا بإذن الله لكن بشرط أن يقرأها بإيمان يعني وهو مؤمن أنها رقية نافعة.
والشرط الثاني أن يقرأها علي مريض مؤمن أيضا مصدق بأنها رقية ونافعة فإذا قرأها إنسان علي مريض وهو مؤمن أنها رقية والمريض مؤمن كذلك إنها نافعة بأذن الله فأن الله تعالي ينفع بها نفعا عجيبا، هذا من فضائل سورة الفاتحة وهي أعظم سورة في كتاب الله كما في هذا الحديث والله الموفق. شرح رياض الصالحين – العثيمين.
فضل سورة البقرة
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ َأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِر) قال العلماء معنى ذلك لا تتركوا الصلاة فيها يعني صلوا في بيوتكم , وإنما سمي البيوت في حال عدم الصلاة فيها مقابر , لأن المقبرة لا يصح الصلاة فيها كما جاء في الحديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال (الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام) وقال (لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها) فالمقبرة لا تصح فيها صلاة النافلة ولا الفرض ولا سجدة التلاوة ولا سجدة الشكر , ولا أي شيء من الصلوات إلا صلاة واحدة وهى صلاة الجنازة , إذا صلى على الجنازة في المقبرة فلا بأس سواء كان قبل الدفن أم بعده , لكن بعد الدفن لا يصلى عليها في أوقات النهى يعني مثلاً لو جئت لحضور جنازة بعد صلاة العصر ووجدت أنهم قد دفنوها فلا تصل عليها , لأنه يمكنك أن تصلى في وقت آخر غير وقت النهى كالضحى مثلاً وأما إذا جئت وهم لم يدفنوها , لكن قد وضعت في الأرض للدفن فلا بأس أن تصلى عليها ولو كان بعد العصر , لأنه في هذه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/149)
الحال تكون صلاة لها سبب , والصلاة التي لها سبب ليس عنها وقت نهى.
ثم أخبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة , يعنى إذا قرأت في بيتك سورة البقرة فإن الشيطان يفر منها ولا يقرب البيت , والسبب أن في سورة البقرة (آية الكرسي). شرح رياض الصالحين – العثيمين
فضل آية الكرسي
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ قَالَ فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَعُودُ فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ لَا أَعُودُ فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهَذَا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لَا تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ قَالَ دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا قُلْتُ مَا هُوَ قَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ مَا هِيَ قُلْتُ قَالَ لِي إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَقَالَ لِي لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لَا قَالَ ذَاكَ شَيْطَانٌ) البخاري.
شرح الحديث
هذه القصة قصة عجيبة عظيمة , وذلك لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكل أبا هريرة رضي الله عنه على صدقة رمضان يعني الفطر يحفظها , وكانوا يجمعونها قبل العيد بيوم أو يومين , وكان أبو هريرة وكيلاً عليها , وفي ليلة من الليالي جاء رجل يحثو من الطعام , فأمسكه أبو هريرة وقال لأرفعنك إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فخاف وقال إني ذو عيال وذو حاجة , فرحمة وأطلقه فلما أصبح وجاء إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ما فعل أسيرك البارحة) وهذه من آيات الله , لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن عنده ولكنه علم بذلك عن طريق الوحي , قال (
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/150)
ما فعل أسيرك البارحة) قلت يا رسول الله إنه ذو حاجة وذو عيال فرحمته وأطلقته , فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنه سيعود وكان الصحابة رضي الله عنهم يؤمنون بما أخبر به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما يؤمنون بما يشاهدونه بأعينهم أو أكثر , يقول فرصدته , فجاء فجعل يحثو من الطعام فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاشتكى شكايته الأولى أنه محتاج وذو عيال فرحمه رضي الله عنه وإنما رحمه مع أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال (كذبك) , لأن أبا هريرة يعلم حلم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسعة صدره , وأنه لن يؤنبه , وفعلاً لو يؤنبه فلما أصبح وجاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخبره , قال إنه كذبك وسيعود , وفى المرة الثالثة جعل يترقبه , وجاء يأكل من الطعام , فقلت لأرفعن أمرك إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذه المرة , لأنك قلت لن تعود ثلاث مرات وعدت , فقال دعني وإني أعلمك كلمات ينفعك الله بهن , قال وما هن قال آية الكرسي (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) إذا أويت إلى فراشك للنوم فاقرأها , فإنه لا يزال عليك من الله حافظ فلا يقربك شيطان حتى تصبح , كلمات يسيرة تحفظك , لو جعلت مائة حارس ما استطاعوا أن يمنعوا الشياطين عنك , ولكن هذه كلمات يسيرة يحفظك الله بها , فلما أصبح غدا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال له الخبر , فقال إنه صدقك وهو كذوب , يعني هذه المرة ما قاله لك صادق فيه وهو كذوب , أتدري من تخاطب منذ ثلاث ليال , قلت يا رسول الله لا أعلم قال (ذاك شيطان متلبس في صورة آدمي) شرح رياض الصالحين – العثيمين.
فضل الآيتين من آخر سورة البقرة
+ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ) البخاري.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة) أي (آمن الرسول) إلى آخره (في ليلة) وقد أخرج علي بن سعيد العسكري بلفظ من قرأهما بعد العشاء الآخرة أجزأتا (آمن الرسول) إلى آخر السورة.
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كفتاه) أي أجزأتا عنه من قيام الليل , وقيل أجزأتا عنه من قراءة القرآن مطلقا سواء كان داخل الصلاة أم خارجها. وقيل معناه أجزأتاه فيما يتعلق بالاعتقاد لما اشتملتا عليه من الإيمان والأعمال إجمالا , وقيل معناه كفتاه كل سوء , وقيل كفتاه شر الشيطان , وقيل دفعتا عنه شر الإنس والجن , وقيل معناه كفتاه ما حصل له بسببهما من الثواب عن طلب شيء آخر , وكأنهما اختصتا بذلك من الثناء على الصحابة بجميل انقيادهم إلى الله تعالى وابتهالهم ورجوعهم إليه وما حصل لهم من الإجابة إلى مطلوبهم قال الحافظ بعد ذكر هذه الوجوه: والوجه الأول ورد صريحا من طريق عاصم عن علقمة عن أبي مسعود رفعه: (من قرأ خاتمة البقرة أجزأت عنه قيام ليلة). قال ويؤيد الرابع حديث النعمان بن بشير يعني الذي أخرجه الترمذي في هذا الباب وقال الشوكاني بعد ذكر هذه الوجوه: ولا مانع من إرادة هذه الأمور جميعها ويؤيد ذلك ما تقرر في علم المعاني والبيان من أن أحذف المتعلق مشعر بالتعميم فكأنه قال كفتاه من كل شر ومن كل ما يخاف , وفضل الله واسع. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
فضل سورة آل عمران
+ عَنْ أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ قَالَ مُعَاوِيَةُ بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ) مسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/151)
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران) قالوا: سميتا الزهراوين لنورهما وهدايتهما وعظيم أجرهما. وفيه: جواز قول سورة آل عمران وسورة النساء وسورة المائدة وشبهها , ولا كراهة في ذلك , وكرهه بعض المتقدمين وقال: إنما يقال السورة التي يذكر فيها آل عمران , والصواب الأول , وبه قال الجمهور ; لأن المعنى معلوم. و قوله صلى الله عليه وسلم (فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان) قال هل اللغة: الغمامة والغياية , كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه من سحابة وغبرة وغيرهما. قال العلماء: المراد أن ثوابهما يأتي كغمامتين. و قوله صلى الله عليه وسلم (أو كأنما فرقان من طير صواف). وفي الرواية الأخرى: (كأنهما حزقان من طير صاف) الفرقان بكسر الفاء وإسكان الراء , والحزقان بكسر الحاء المهملة وإسكان الزاي ومعناهما واحد , وهما قطيعان وجماعتان , يقال في الواحد: فرق وحزق وحزيقة أي جماعة. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل سورة الكهف
+ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ وَإِلَى جَانِبِهِ حِصَانٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ فَجَعَلَتْ تَدْنُو وَتَدْنُو وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ (تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالْقُرْآن) متفق عليه.ِ
شرح الحديث
حديث البرء رضي الله عنه أن رجلا كان يقرأ في سورة الكهف، وسورة الكهف هي التي بين الإسراء و مريم، هذه السورة من فضائلها أن الإنسان إذا قرأها يوم الجمعة أضاء له ما بين الجمعتين، وفيها قصص وعبر قصها الله عز وجل علي رسوله صلي الله عليه وسلم، وكان هذا الرجل يقرأ القرآن فغشاه يعني غطاه شئ مثل الظلة كأنه غمامة، كلما قرأ نزل، كلما قرأ نزل من فوقه، وجعلت الفرس وهي مربوطة بشطنين جعلت تميل، تنفر من هذا الذي رأته، فلما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم قال تلك السكينة نزلت لقراء القرآن لأن السكينة تنزل عند قراءة القرآن، إذا قرأه الإنسان بتمهل وتدبر فإن السكينة تنزل حتي تصل إلى قلب القارئ فينزل الله السكينة في قلبه. شرح رياض الصالحين – العثيمين.
فضل حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْف
+ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْف عُصِمَ مِنْ الدَّجَّالِ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال) وفي رواية (من آخر الكهف). قيل سبب ذلك ما في أولها من العجائب والآيات , فمن تدبرها لم يفتتن بالدجال , وكذا في أخرها قوله سبحانه و تعالى (أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا). شرح صحيح مسلم النووي.
فضل سورة الملك
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِنَّ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ وَهِيَ سُورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) صححه الألباني.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (إن سورة) أي عظيمة (من القرآن) أي كائنة من القرآن (ثلاثون آية) خبر مبتدأ محذوف أي هي ثلاثون والجملة صفة لاسم إن (شفعت) بالتخفيف خبر إن وقيل خبر إن هو ثلاثون وقوله شفعت خبر ثان (لرجل حتى غفر له) متعلق بشفعت وهو يحتمل أن يكون بمعنى المضي في الخبر يعني كان رجل يقرؤها ويعظم قدرها فلما مات شفعت له حتى دفع عنه عذابه , ويحتمل أن يكون بمعنى المستقبل أي تشفع لمن يقرؤها في القبر أو يوم القيامة (وهي {تبارك الذي بيده الملك}) أي إلى آخرها.
وقد استدل بهذا الحديث من قال البسملة ليست من السورة وآية تامة منها لأن كونها ثلاثين آية إنما يصح على تقدير كونها آية تامة منها والحال أنها ثلاثون من غير كونها آية تامة منها. فهي إما ليست بآية منها كمذهب أبي حنيفة ومالك والأكثرين وإما ليست بآية تامة بل هي جزء من الآية الأولى كرواية في مذهب الشافعي. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
فضل سورة الإخلاص
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/152)
+ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ (أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ) البخاري.
شرح الحديث
هذه السورة أقصم النبي صلي الله عليه وسلم إنها تعدل ثلث القرآن وقال لأصحابه (َيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ) فشق عليهم ذلك فقال (قل هو الله أحد الله الصمد) تعدل ثلث القرآن يعني أجرها كأجر ثلث القرآن، لكنها لا تجزي عن القرآن، ولهذا لو قرأها الإنسان مثلا ثلاث مرات بدل قراءة الفاتحة في الصلاة لا تجزئ، لأن هناك فرق بين المعادلة في الأجر والمعادلة في الأجزاء، قد يكون الشئ معادلا لغيره في الأجر ولكنه لا يعادله في أجزائه، أرأيتم مثلا إذا قال الإنسان (لا أله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شئ قدير) عشر مرات كان كمن اعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل يعني يعادل عتق أربعة رقاب لكن لو كان عليه عتق رقبة وقال ذلك ما نفعه ذلك، فهناك فرق بين المعادلة في الثواب والمعادلة في الأجزاء فهي تعدل ثلث القرآن في الثواب ولكنها لا تعدل في الأجزاء، ولهذا لو قرأها الإنسان ثلاث مرات في الصلاة لم تجزئه عن الفاتحة والله الموفق. شرح رياض الصالحين – العثيمين.
فضل المعوذتين
+ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتْ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس) فيه بيان عظم فضل هاتين السورتين , وفيه دليل واضح على كونهما من القرآن , ورد على من نسب إلى ابن مسعود خلاف هذا. وفيه أن لفظة (قل) من القرآن ثابتة من أول السورتين بعد البسملة , وقد أجمعت الأمة على هذا كله. شرح صحيح مسلم النووي.
من فضائل الأذكار
فضل الذكر
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) متفق عليه.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (الإمام العادل) قال القاضي: هو كل من إليه نظر في شيء من مصالح المسلمين من الولاة والحكام , وبدأ به لكثرة مصالحه وعموم نفعه. ووقع في أكثر النسخ (الإمام العادل) وفي بعضها (الإمام العدل) وهما صحيحان. وقوله صلى الله عليه وسلم (وشاب نشأ بعبادة الله) هكذا هو في جميع النسخ (نشأ بعبادة الله والمشهور في روايات هذا الحديث (نشأ في عبادة الله) وكلاهما صحيح , ومعنى رواية الباء: نشأ متلبسا للعبادة أو مصاحبا لها أو ملتصقا بها. وقوله صلى الله عليه وسلم (ورجل قلبه معلق في المساجد) هكذا هو في النسخ كلها (في المساجد) وفي غير هذه الرواية (بالمساجد) ووقع في هذه الرواية في أكثر النسخ (معلق في المساجد) وفي بعضها (متعلق) بالتاء , وكلاهما صحيح , ومعناه شديد الحب لها والملازمة للجماعة فيها , وليس معناه دوام القعود في المسجد. قوله صلى الله عليه وسلم (ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه) معناه اجتمعا على حب الله وافترقا على حب الله , أي كان سبب اجتماعهما حب الله , واستمرا على ذلك حتى تفرقا من مجلسهما وهما صادقان في حب كل واحد منهما صاحبه لله تعالى حال اجتماعهما وافتراقهما. وفي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/153)
هذا الحديث: الحث على التحاب في الله وبيان عظم فضله وهو من المهمات , فإن الحب في الله والبغض في الله من الإيمان , وهو بحمد الله كثير يوفق له أكثر الناس أو من وفق له. قوله صلى الله عليه وسلم (ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله) قال القاضي: يحتمل قوله (أخاف الله) باللسان , ويحتمل قوله في قلبه ليزجر نفسه , وخص ذات المنصب والجمال لكثرة الرغبة فيها وعسر حصولها , وهي جامعة للمنصب والجمال لا سيما وهي داعية إلى نفسها , طالبة لذلك قد أغنت عن مشاق التوصل إلى مراودة ونحوها , فالصبر عنها لخوف الله تعالى - وقد دعت إلى نفسها مع جمعها المنصب والجمال - من أكمل المراتب وأعظم الطاعات , فرتب الله تعالى عليه أن يظله في ظله , وذات المنصب , هي: ذات الحسب والنسب الشريف. ومعنى (دعته) أي دعته إلى الزنا بها , هذا هو الصواب في معناه. وذكر القاضي فيه احتمالين أصحهما هذا , والثاني: أنه يحتمل أنها دعته لنكاحها فخاف العجز عن القيام بحقها أو أن الخوف من الله تعالى شغله عن لذات الدنيا وشهواتها. قوله صلى الله عليه وسلم (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله) هكذا وقع في جميع نسخ مسلم في بلادنا وغيرها , وكذا نقله القاضي عن جميع روايات نسخ مسلم (لا تعلم يمينه ما تنفق شماله) والصحيح المعروف (حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) هكذا رواه مالك في الموطإ والبخاري في صحيحه وغيرهما من الأئمة وهو وجه الكلام ; لأن المعروف في النفقة فعلها باليمين. قال القاضي: ويشبه أن يكون الوهم فيها من الناقلين عن مسلم لا من مسلم بدليل إدخاله بعده حديث مالك - رحمه الله - وقال بمثل حديث عبيد , وبين الخلاف في قوله (وقال: رجل معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود) فلو كان ما رواه مخالفا لرواية مالك لنبه عليه كما نبه على هذا. وفي هذا الحديث فضل صدقة السر , قال العلماء: وهذا في صدقة التطوع فالسر فيها أفضل ; لأنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد من الرياء. وأما الزكاة الواجبة فإعلانها أفضل , وهكذا حكم الصلاة فإعلان فرائضها أفضل , وإسرار نوافلها أفضل ; لقوله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة) قال العلماء: وذكر اليمين والشمال مبالغة في الإخفاء والاستتار بالصدقة , وضرب المثل بهما لقرب اليمين من الشمال وملازمتها لها , ومعناه: لو قدرت الشمال رجلا متيقظا لما علم صدقة اليمين لمبالغته في الإخفاء. ونقل القاضي عن بعضهم أن المراد من عن يمينه وشماله من الناس , والصواب الأول قوله صلى الله عليه وسلم (ورجل ذكر الله تعالى خاليا ففاضت عيناه) فيه فضيلة البكاء من خشية الله تعالى , وفضل طاعة السر لكمال الإخلاص فيها. شرح صحيح مسلم النووي.
كَلِمَةٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ
+ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ أَوْ قَالَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ فَقُلْتُ بَلَى فَقَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة) قال العلماء سبب ذلك أنها كلمة استسلام وتفويض إلى الله تعالى , واعتراف بالإذعان له , وأنه لا صانع غيره , ولا راد لأمره , وأن العبد لا يملك شيئا من الأمر , ومعنى الكنز هنا أنه ثواب مدخر في الجنة , وهو ثواب نفيس , كما أن الكنز أنفس أموالكم , قال أهل اللغة (الحول) الحركة والحيلة , أي: لا حركة ولا استطاعة ولا حيلة إلا بمشيئة الله تعالى , وقيل: معناه لا حول في دفع شر , ولا قوة في تحصيل خير إلا بالله , وقيل: لا حول عن معصية الله إلا بعصمته , ولا قوة على طاعته إلا بمعونته , وحكي هذا عن ابن مسعود رضي الله عنه , وكله متقارب , قال أهل اللغة: ويعبر عن هذه الكلمة بالحوقلة والحولقة , وبالأول جزم الأزهري والجمهور , وبالثاني جزم الجوهري , ويقال أيضا: لا حيل ولا قوة في لغة غريبة , حكاها الجوهري وغيره. شرح صحيح مسلم النووي.
أَلْفَ حَسَنَةٍ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/154)
+ عَنْ أَبِي قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ (أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ قَالَ يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (أيعجر) بكسر الجيم (أن يكسب) أي يحصل (تكتب له ألف حسنة) لأن الحسنة الواحدة يعشر أمثالها وهو أقل المضاعفة الموعودة في القرآن بقوله (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء) (وتحط) بالواو وفي رواية مسلم أو تحط بأو , قال النووي: هكذا هو في عامة نسخ صحيح مسلم أو يحيط بأو , وفي بعضها ويحط بالواو. وقال الحميدي في الجمع بين الصحيحين: كذا هو في كتاب مسلم أو يحط بأو. قال القاري قد تأتي الواو بمعنى أو فلا منافاة بين الروايتين , ويمكن أن تكون أو بمعنى الواو أو بمعنى بل فحينئذ بجمع له بينهما وفضل الله أوسع من ذلك انتهى. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ
+ عَنْ شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ قَالَ وَمَنْ قَالَهَا مِنْ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَنْ قَالَهَا مِنْ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) البخاري.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (سيد الاستغفار) في رواية أفضل الاستغفار أي الأكثر ثوابا للمستغفر به من المستغفر بغيره (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت) قال الخطابي أي أنا على ما عاهدتك عليه ووعدتك من الإيمان وإخلاص الطاعة لك ويحتمل يكون معناه أني مقيم على ما عاهدت إلى من أمرك وأنك منجز وعدك في المثوبة بالأجر واشتراطه الاستطاعة في ذلك معناه الاعتراف بالعجز والقصور عن كنه الواجب من حقه تعالى (أبوء لك بذنبي) قال الخطابي يريد الاعتراف به ويقال باء فلان بذنبه إذا احتمله كرها لا يستطيع دفعه عن نفسه (فإن قالها حين يصبح موقنا بها فمات دخل الجنة) قال الكرماني فإن قلت المؤمن وإن لم يقلها يدخل الجنة قلت المراد أنه يدخلها ابتداء من غير دخول النار ولأن الغالب أن المؤمن بحقيقتها المؤمن بمضمونها لا يعصى الله تعالى أو لأن الله تعالى يعفو عنه ببركة هذا الاستغفار فإن قلت فما الحكمة في كونه أفضل الاستغفارات قلت هذا وأمثاله من التعبديات والله أعلم بذلك لكن لا شك أن فيه ذكر الله بأكمل الأوصاف وذكر نفسه بأنقص الحالات وهو أقصى غاية التضرع ونهاية الاستكانة لمن لا يستحقها إلا هو أما الأول فلما فيه من الاعتراف بوجود الصانع وتوحيده الذي هو أصل الصفات العدمية المسماة بصفات الجلال والاعتراف بالصفات السبعة التي هي الصفات الوجودية المسماة لصفات الإكرام وهي القدرة اللازمة من الخلق الملزومة للإرادة والعلم والحياة والخامسة الكلام اللازم من الوعد والسمع والبصر اللازمان من المغفرة إذ المغفرة للمسموع وللمبصر لا يتصور إلا بعد السماع والإبصار وأما الثاني فلما فيه أيضا من الاعتراف بالعبودية وبالذنوب في مقابلة النعمة التي تقتضي نقيضها وهو الشكر. شرح سنن النسائي للسيوطي.
فضل التسبيح
+ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (َالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) مسلم
شرح الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/155)
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ) ذكر ابن علان ما مختصره: أي هذه الجملة بخصوصها لأنها أفضل صيغ الحمد ولذا بدئ بها الكتاب العزيز , والحمد لله: هو الثناء على الله بالجميل الاختياري و الإذعان له والرضا بقضائه.
والميزان: المراد منه حقيقته أي ما توزن به الأعمال , إما بأن تجسم الأعمال أو توزن صحائفها , فتطيش بالسيئة وتثقل بالحسنة.
وهذه الكلمة كان لها الثواب العظيم بحيث تملأ كفة الميزان مع سعتها , لأن معاني الباقيات الصالحات في ضمنها , لأن الثناء تارة يكون بإثبات الكمال , وتارة بنفي النقص , وتارة بالاعتراف بالعجز , وتارة بالتفرد بأعلى المراتب , والألف واللام في الحمد لاستغراق جنس المدح , والحمد مما علمناه وجهلناه , وإنما يستحق الإلهية من اتصف بذلك , فاندرج الجميع تحت (َالْحَمْدُ لِلَّهِ).
وقوله (وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) شك من الراوي , والمعنى لا يختلف أي (َسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ) تملأ ما بين السماوات و الأرض وذلك لأن هاتين الكلمتين مشتملتان على تنزيه الله من كل نقص في قوله (َسُبْحَانَ اللَّهِ) وعلى وصف الله بكل كمال في قوله (َالْحَمْدُ لِلَّهِ) , فقد جمعت هاتان الكلمتان بين التخلية والتحلية كما يقولون.
فالتسبيح: تنزيه الله عما لا يليق به في أسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه.
فالله منزه عن كل عيب في أسماءه وصفاته وأفعاله و أحكامه , لا تجد في أسمائه اسماً يشتمل على نقص أو على عيب ولهذا قال سبحانه و تعالى (ولله الأسماء الحسنى) الأعراف 180 , ولا تجد في صفاته صفة تشتمل على عيب أو نقص ولهذا قال تعالى (ولله المثل الأعلى) بعد قوله (للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى) النحل 60.
فالله عز وجل له الوصف الأكمل الأعلى من جميع الوجوه , وله الكمال المنزه عن كل عيب في أفعاله كما قال تعالى (وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين) الدخان 38 , فليس في خلق الله لعب ولهو وإنما هو خلق مبنى على الحكمة.
كذلك أحكامه لا تجد فيها عيباً ولا نقصاً كما قال الله (أليس الله بأحكم الحاكمين) التين 8 , وقال عز وجل (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون) المائدة 5.
والله عز وجل يحمد على كل حال وكان الرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أصابه ما يسره قال (الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات) , وإذا أصابه سوى قال (الحمد لله على كل حال) ثم إن ها هنا كلمة شاعت أخيراً عند كثيراً من الناس وهى قولهم (الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه) هذا حمد ناقص , لأن قولك على مكروه سواه تعبير يدل على قلة الصبر أو على عدم كمال الصبر , وأنك كاره لهذا الشئ ولا ينبغي للإنسان أن يعبر هذا التعبير , بل ينبغي له أن يعبر بما كان الرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعبر به فيقول الحمد لله على كل حال أو يقول الحمد لله الذي لا يحمد على كل حال سواه , أما التعبير الأول فإنه تعبير واضح على مضادة ما أصابه من الله عز وجل , وأنه كاره له , وأنا لا أقول إن الإنسان لا يكره مما أصابه من البلاء بطبيعة الإنسان أن يكره ذلك لكن لا تعلن هذا بلسانك في مقام الثناء على الله بل عبر كما عبر النبي اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل الاستعاذة
+ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا تَحْمَرُّ عَيْنَاهُ وَتَنْتَفِخُ أَوْدَاجُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَأَعْرِفُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَقَالَ الرَّجُلُ وَهَلْ تَرَى بِي مِنْ جُنُونٍ) مسلم.
شرح الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/156)
قوله صلى الله عليه وسلم في الذي اشتد غضبه (إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) فيه أن الغضب في غير الله تعالى من نزغ الشيطان , وأنه ينبغي لصاحب الغضب أن يستعيذ فيقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم , وأنه سبب لزوال الغضب. وأما قول هذا الرجل الذي اشتد غضبه: هل ترى بي من جنون؟ فهو كلام من لم يفقه في دين الله تعالى , ولم يتهذب بأنوار الشريعة المكرمة , وتوهم أن الاستعاذة مختصة بالمجنون , ولم يعلم أن الغضب من نزغات الشيطان , ولهذا يخرج به الإنسان عن اعتدال حاله , ويتكلم بالباطل , ويفعل المذموم , وينوي الحقد والبغض وغير ذلك من القبائح المترتبة على الغضب , لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للذي قال له: أوصني قال: (لا تغضب) فردد مرارا قال (لا تغضب) فلم يزده في الوصية على لا تغضب مع تكراره الطلب , وهذا دليل ظاهر في عظم مفسدة الغضب وما ينشأ منه. ويحتمل أن هذا القائل: هل ترى بي من جنون كان من المنافقين , أو من جفاة الأعراب والله أعلم. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل البسملة
+ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ) مسلم
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ) ذلك لأن الإنسان ذكر الله.
وذكر الله تعالى عند دخول البيت أن يقول (بسم الله ولجنا , وبسم الله خرجنا , وعلى الله ربنا توكلنا , اللهم أسألك خير المولج وأسألك خير المخرج) هذا الذكر عند دخول المنزل , سواء في الليل أو في النهار.
وأما الذكر عند العشاء فأن يقول (بسم الله).
فإذا ذكر الله عند دخوله البيت , وذكر الله عند العشاء , قال الشيطان لأصحابه (لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ) , لأن هذا البيت وهذا العشاء حمى بذكر الله عز وجل , حماه الله تعالى من الشياطين.
وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله قال الشيطان (أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ) , وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه قال (أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ) , أي أن الشيطان يشاركه المبيت و الطعام لعدم التحصن بذكر الله. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل الصلاة علي الرسول صلي الله عليه وسلم
+ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا) مسلم.
شرح الحديث
حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)، يعني إذا قلت اللهم صل علي محمد، صلي الله بها عشر مرات، فأثني الله عليك في الملاء الاعلي عشر مرات، وهذا يدل علي فضيلة الصلاة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، ويدل علي علو مرتبة النبي صلي الله عليه وسلم عند الله حيث جازى من صلي عليه بعشر أمثال عمله، يصلي الله عليه عشر مرات. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
كفارة المجلس
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ) صححه الألباني.
شرح الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/157)
من آداب المجالس أن الإنسان إذا جلس مجلسا ً فكثر فيه لغطه , فإنه يكفره أن يقول (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ) , قبل أن يقوم من مجلسه , فإذا قال ذلك , فإن هذا يمحو ما كان منه من لغط , وعليه فيستحب أن يختم المجلس الذي كثر فيه اللغط بهذا الدعاء سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ) البخاري.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كلمتان خفيفتان) المراد بالكلمة اللغوية أو العرفيه لا النحوية وخفتهما سهولتهما على اللسان لقله حروفهما وحسن نظمهما واشتمالهما على الاسم الجليل الذي يذعن الطباع في ذكره كأنهما في ذلك كالحمل الخفيف الذي يسهل حمله وثقلهما في الميزان لعظم لفظهما قدرا عند الله ومعنى حبيبتان إلى الرحمن أنهما موصوفتان بكثرة المحبوبية عنده تعالى تفيده الأحاديث الآخر مثل أحب الكلام إلى الله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم وإلا جميع الذكر محبوب عنده تعالى ثم الظاهر أن قوله كلمتان خبر لقوله سبحان الله إلخ قدم على المبتدأ لتشويق السامع إليه وذلك لأن كلمتان نكرة وسبحان الله إلخ لأنه معرفة أريد به نفسه واللفظ إذا أريد به نفسه يكون معرفة حقيقة عند من قال بوضع الألفاظ لا نفسها وحكمها عند من ينفيه والمعرفة لا تكون خبر النكرة عند غالب النحاة ومعنى سبحان الله تنزيهه عن كل ما لا يليق بجنابه العلي وهو مصدر لفعل مقدر أي أسبح الله تسبيحا والواو في وبحمده للحال بتقدير وأنا ملتبس بحمده وقيل للعطف أي أنزهه وأتلبس بحمده وقيل زائدة أي أسبحه ملتبسا يحمده. شرح ابن ماجه للسندي.
كلمة فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ
+ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ عَجِبْتُ لَهَا فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ) مسلم.
شرح الحديث
قوله (الله أكبر) بالسكون ويضم (كبيرا) حال مؤكدة وقيل منصوب بإضمار أكبر وقيل صفة لمحذوف أي تكبيرا كبيرا وافعل لمجرد المبالغة أو معناه أعظم من أن يعرف عظمته. قال ابن الهمام إن أفعل وفعيلا في صفاته تعالى سواء لأنه لا يراد بأكبر إثبات الزيادة في صفته بالنسبة إلى غيره بعد المشاركة لأنه لا يساويه أحد في أصل الكبرياء (والحمد لله كثيرا) صفة لموصوف مقدر أي حمدا كثيرا (وسبحان الله بكرة وأصيلا) أي في أول النهار وآخره منصوبان على الظرفية والعامل سبحان وخص هذين الوقتين لاجتماع ملائكة الليل والنهار فيهما كذا ذكره الأبهري وصاحب المفاتيح. وقال الطيبي الأظهر أن يراد بهما الدوام كما في قوله تعالى (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا). تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ
+ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ) مسلم.
شرح الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/158)
قوله صلى الله عليه وسلم (أحب الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده) وفي رواية (أفضل) هذا محمول على كلام الآدمي. وإلا فالقرآن أفضل , وكذا قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل المطلق , فأما المأثور في وقت أو حال ونحو ذلك فالاشتغال به أفضل. والله أعلم. شرح صحيح مسلم النووي
فضل الحمد عقب الأكل
+ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ أَكَلَ طَعَامًا ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) حسنه الألباني.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (الحمد لله الذي أطعمني هذا) أي هذا الطعام (ورزقنيه من غير حول مني) أي من غير حركة وحيلة مني. . تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
من فضائل مكارم الأخلاق
فضل الإصلاح بين الناس
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كُلُّ سُلَامَى مِنْ النَّاس عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ يَعْدِلُ بَيْنَ النَّاسِ صَدَقَةٌ) البخاري.
شرح الحديث
السلامى هي العظام والمفاصل , يعني كل يوم تطلع الشمس فعلى كل مفصل من مفاصلك صدقة.
قال العلماء من أهل الفقه و الحديث وعدد السلامى في الإنسان ثلاثمائة وستون عضواً أو مفصلاً , فعلى كل واحد من الناس أن يتصدق كل يوم تطلع فيه الشمس بثلاثمائة وستون صدقة , ولكن الصدقة لا تختص بالمال , بل كل ما يقرب إلى الله فهو صدقة بالمعنى العام , لأن فعله يدل على صدق صاحبه في طلب رضوان الله تعالى.
ثم بين صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذه الصدقة فقال (تعدل بين اثنين صدقة) يعنى رجلان يتخاصمان إليك فتعدل بينهما , تحكم بينهما بالعدل وكل ما وافق الشرع فهو عدل , وكل ما خالف الشرع فهو ظلم وجور.
ومن العدل بين اثنين العدل بينهما بالصلح , لأن الحكم بين الاثنين سواء كان متطوعاً أو من قبل ولى الأمر , قد لا يتبين له وجه الصواب مع أحد الطرفين , فإذا لم يتبين له فلا سبيل له إلا بالإصلاح , فيصلح بينهما بقدر ما يستطيع.
ولا يمكن أن يكون صلح مع المشاحة , يعنى أن الإنسان إذا أراد أن يعامل أخاه بالمشادة فإنه لا يمكن الصلح كما قال تعالى (والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح) النساء 128 , يشير إلى أن الصلح ينبغي للإنسان أن يبعد فيه عن الشح , وأن لا يطالب بكامل حقه , لأنه إن طالب بكامل حقه , طالب الآخر بكامل حقه ولم يحصل بينهما صلح , بل لا بد أن يتنازل كل واحد منهم عن بعض حقه , فإذا لم يمكن الحكم بين الناس بالحق , بل اشتبه على الإنسان إما من حيث الدليل , أو من حيث حال المتخاصمين , فليس هناك إلا السعي بينهما بالصلح. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل صلة الرحم
+ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه) (ينسأ) مهموز أي يؤخر. و (الأثر) الأجل , لأنه تابع للحياة في أثرها. و (بسط الرزق) توسيعه وكثرته , وقيل: البركة فيه. وأما التأخير في الأجل ففيه سؤال مشهور , وهو أن الآجال والأرزاق مقدرة لا تزيد ولا تنقص , (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) وأجاب العلماء بأجوبة الصحيح منها أن هذه الزيادة بالبركة في عمره , والتوفيق للطاعات , وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة , وصيانتها عن الضياع في غير ذلك. والثاني أنه بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة وفي اللوح المحفوظ , ونحو ذلك , فيظهر لهم في اللوح أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه فإن وصلها زيد له أربعون , وقد علم الله سبحانه وتعالى ما سيقع له من ذلك , وهو من معنى قوله تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) فبالنسبة إلى علم الله تعالى , وما سبق به قدره ولا زيادة بل هي مستحيلة ,
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/159)
وبالنسبة إلى ما ظهر للمخلوقين تتصور الزيادة , وهو مراد الحديث. والثالث أن المراد بقاء ذكره الجميل بعده , فكأنه لم يمت. حكاه القاضي , وهو ضعيف أو باطل والله أعلم. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل بر الولدين
+ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَقْرَبُ إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ (الصَّلَاةُ عَلَى مَوَاقِيتِهَا قُلْتُ وَمَاذَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قُلْتُ وَمَاذَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) مسلم.
شرح الحديث
حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال حين سأله عبد الله بن مسعود أي العمل أحب إلى الله قال (الصَّلَاةُ عَلَى مَوَاقِيتِهَا) قلت ثم أي قال (بِرُّ الْوَالِدَيْنِ) قلت ثم أي قال (الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) , فجعل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتبة البر بالوالدين مقدمة على مرتبة الجهاد في سبيل الله , وفى هذا دليل على فضل بر الوالدين.
فإن قال قائل ما هو البر؟ قلنا هو الإحسان إليهما , بالقول , والفعل والمال بقدر المستطاع , اتقوا الله ما استطعتم , وضد ذلك العقوق. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل نفقة الرجل على أهله
+ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ) البخاري.
شرح الحديث
هذا لحديث يدل على فضيلة الإنفاق على الأهل , وأنه أفضل من الإنفاق في سبيل الله , وأفضل من الإنفاق في الرقاب , وأفضل من الإنفاق علي المساكين , وذلك لأن الأهل ممن ألزمك الله بهم , وأوجب عليك نفقتهم , فالإنفاق عليهم فرض عين , والإنفاق علي من سواهم فرض كفاية , وفرض العين أفضل من فرض الكفاية.
وقد يكون الإنفاق علي من سواهم علي وجه التطوع , والفرض أفضل من التطوع , لقول الله تعالي في الحديث القدسي (ما تقرب إلى عبدي أفضل مما افترضته عليه) لكن الشيطان يرغب الإنسان في التطوع ويزهده في الواجب , فتجده مثلاً يحرص علي الصدقة ويدع الواجب , يتصدق علي مسكين أو ما أشبه ذلك ويدع الواجب لأهله , يتصدق علي مسكين أو نحوه ويدع الواجب لنفسه , كقضاء الدين مثلاً تجده مديناً يطالبه صاحب الدين بدينه وهو لا يوفى , ويذهب يتصدق علي المساكين وربما يذهب للعمرة أو لحج التطوع وما أشبه ذلك ويدع الواجب , وهذا خلاف الشرع وخلاف الحكمة , فهو سفه في العقل وضلال في الشرع. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل بشاشة الوجه
+ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ) مسلم.
شرح الحديث
أن طلاقة الوجه توجب سرور صاحبك , لأنه يفرق بين شخص يلقاك بوجه معبس وشخص يلقاك بوجه منطلق , ولهذا قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبى ذر (لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ) فهذا من المعروف لأنه يدخل السرور على أخيك , ويشرح صدره.
كلمة طيبة مثل أن تقول له كيف أنت؟ كيف حالك؟ كيف إخوانك؟ كيف أهلك؟ وما أشبه ذلك , لأن هذه الكلمات الطيبة التي تدخل السرور على صاحبك كل كلمة فهي صدقة لك عند الله وأجر وثواب وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام (البر حسن الخلق) وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً). شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل أفشى السلام
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/160)
+ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرٌ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ فَقَالَ عِشْرُونَ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ فَقَالَ ثَلَاثُونَ) صححه الألباني.
شرح الحديث
حديث عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فقال للأول عشر حسنات والثاني عشرون وللثالث ثلاثون , لأن كل واحد منهم زاد.
وهذه المسألة اختلف فيها العلماء هل إذا سلم على واحد يقول السلام عليك أم يقول عليكم؟
الصحيح أن يقول السلام عليك , هكذا ثبت عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في حديث المسيء في صلاته أنه قال السلام عليك. فإذا كانوا جماعة فقل السلام عليكم , وإذا كان واحد فقل السلام عليك , وإن زدت ورحمة الله فهو خير , وإن زدت وبركاته فهو خير , لأن كل كلمة فيها عشر حسنات , وإن اقتصرت على السلام عليك , فهو كاف. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل التقوى
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ (مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ أَتْقَاهُمْ) مسلم.
شرح الحديث
قال العلماء: لما سئل صلى الله عليه وسلم أي الناس أكرم؟ أخبر بأكمل الكرم وأعمه , فقال: أتقاهم لله وأصل الكرم كثرة الخير , ومن كان متقيا كان كثير الخير وكثير الفائدة في الدنيا , وصاحب الدرجات العلا في الآخرة. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل الأخوة في الله
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (فأرصد الله على مدرجته ملكا) معنى (أرصده) أقعده يرقبه. و (المدرجة) بفتح الميم والراء هي الطريق , سميت بذلك لأن الناس يدرجون عليها , أي يمضون ويمشون. قوله (لك عليه من نعمة تربها) أي تقوم بإصلاحها , وتنهض إليه بسبب ذلك. قوله: (بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه) قال العلماء: محبة الله عبده هي رحمته له , ورضاه عنه , وإرادته له الخير , وأن يفعل به فعل المحب من الخير. وأصل المحبة في حق العباد ميل القلب , والله تعالى منزه عن ذلك. في هذا الحديث فضل المحبة في الله تعالى , وأنها سبب لحب الله تعالى العبد , وفيه فضيلة زيارة الصالحين والأصحاب , وفيه أن الآدميين قد يرون الملائكة. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل عيادة المريض
+ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا خُرْفَةُ الْجَنَّةِ قَالَ جَنَاهَا) مسلم.
شرح الحديث
حديث ثوبان أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال إذا عاد المسلم أخاه المسلم يعني في مرضه فإنه لا يزال في خرفة الجنة قيل وما خرفة الجنة قال جناها يعني أنه يجني من ثمار الجنة مدة دوامه جالسا عند هذا المريض، وفي هذا الحديث دليل علي فضل عيادة المريض، من يحب أن يخترف من ثمار الجنة هذا من أسبابها والله الموفق. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل السماح و حسن الخلاق
+ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى) البخاري.
شرح الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/161)
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رحم الله رجلا) يحتمل الدعاء ويحتمل الخبر , وبالأول جزم ابن حبيب المالكي وابن بطال ورجحه الداودي , ويؤيد الثاني ما رواه الترمذي من طريق زيد بن عطاء بن السائب عن ابن المنكدر في هذا الحديث بلفظ (غفر الله لرجل كان قبلكم كان سهلا إذا باع) الحديث , وهذا يشعر بأنه قصد رجلا بعينه في حديث الباب , قال الكرماني: ظاهره الإخبار لكن قرينة الاستقبال المستفاد من (إذا) تجعله دعاء وتقديره رحم الله رجلا يكون كذلك , وقد يستفاد العموم من تقييده بالشرط. قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سمحا) بسكون الميم وبالمهملتين أي سهلا , وهي صفة مشبهة تدل على الثبوت , فلذلك كرر أحوال البيع والشراء والتقاضي , والسمح الجواد , يقال سمح بكذا إذا جاد , والمراد هنا المساهلة. قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وإذا اقتضى) أي طلب قضاء حقه بسهولة وعدم إلحاف , في رواية حكاها ابن التين (وإذا قضى) أي أعطى الذي عليه بسهولة بغير مطل , وللترمذي والحاكم من حديث أبي هريرة مرفوعا (إن الله يحب سمح البيع سمح الشراء سمح القضاء) وللنسائي من حديث عثمان رفعه (أدخل الله الجنة رجلا كان سهلا مشتريا وبائعا وقاضيا ومقتضيا) ولأحمد من حديث عبد الله بن عمرو نحوه وفيه الحض على السماحة في المعاملة واستعمال معالي الأخلاق وترك المشاحة والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة وأخذ العفو منهم. فتح الباري بشرح صحيح البخاري.
أفضل المسلمين
+ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ قَالَ (مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ) متفق عليه.
شرح الحديث
حديث أبي موسي الأشعري رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل أي المسلم خير يعني أي المسلمين خير قال (مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ) أي لا يتعدى علي المسلمين لا بلسانه بغيبة أو نميمة أو سب أو ما أشبه ذلك، ويده يعني لا يأخذ أموالهم ولا يضرب أبشارهم، بل هو كافي عادل لا يأتي الناس إلا ما هو خير هذا هو المسلم، وفي هذا حث علي أن يسلم الإنسان من لسانك ويدك، احفظ لسانك لا تتكلم في عباد الله إلا في الخير، كذلك احفظ يدك لا تجني علي أموالهم ولا علي أبشارهم، بل كن سالما يسلم منك وهذا هو خير المسلمين. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل من دعاء إلى هُدَى
+ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (من دعاء إلى هُدَى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً. ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً) رواه مسلم.
شرح الحديث
هذا الحديث – وما أشبهه من الأحاديث – فيه: الحث على الدعوة إلى الهدى والخير، وفضل الداعي، والتحذير من الدعاء إلى الضلالة والغيّ، وعظم جرم الداعي وعقوبته.
والهدى: هو العلم النافع، والعمل الصالح.
فكل من علم علماً لو وَجَّه المتعلمين إلى سلوك طريقة يحصل لهم فيها علم: فهو داع إلى الهدى.
وكل من دعاء إلى عمل صالح يتعلق بحق الله، أو بحقوق الخلق العامة والخاصة: فهو داع إلى الهدى.
وكل من أبدى نصيحة دينية أو دنيوية يتوسل بها إلى الدين: فهو داع إلى الهدى.
وكل من اهتدى في علمه أو عمله، فاقتدى به غيره: فهو داع إلى الهدى.
وكل من تقدم غيره بعمل خيري، أو مشروع عام النفع: فهو داخل في هذا النص.
وعكس ذلك كله: الداعي إلى الضلالة.
فالداعون إلى الهدى: هم أئمة المتقين، وخيار المؤمنين.
والداعون إلى الضلالة: هم الأئمة الذين يدعون إلى النار.
وكل من عاون غيره على البر والتقوى: فهو من الداعين إلى الهدى.
وكل من أعان غيره على الإثم والعدوان: فهو من الداعين إلى الضلالة. بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار.
فضل الذب عن عرض المسلم
+ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) صححه الألباني
شرح الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/162)
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (من رد عن عرض أخيه) أي منع غيبة عن أخيه (رد الله عن وجهه النار) أي صرف الله عن وجه الراد نار جهنم. قال المناوي: أي عن ذاته العذاب وخص الوجه لأن تعذيبه أنكى في الإيلام وأشد في الهوان. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
من أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة
+ عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (من أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة: فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر. وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه) رواه مسلم.
شرح الحديث
لا شك أن من زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، وأن هذه غاية يسعى إليها جميع المؤمنين. فذكر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في هذا الحديث لها سببين، ترجع إليهما جميع الشعب والفروع: الإيمان بالله واليوم الآخر، المتضمن للإيمان بالأصول التي ذكرها الله بقوله (قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ (, ومتضمن للعمل للآخرة والاستعداد لها؛ لأن الإيمان الصحيح يقتضي ذلك ويستلزمه. والإحسان إلى الناس، ون يصل إليهم منه من القول والفعل والمال والمعاملة ما يحب أن يعاملوه به.
فهذا هو الميزان الصحيح للإحسان وللنصح، فكل أمر أشكل عليك مما تعامل به الناس فانظر هل تحب أن يعاملوك بتلك المعاملة أم لا؟ فإن كنت تحب ذلك، كنت محباً لهم ما تحب لنفسك، وإن كنت لا تحب أن يعاملوك بتلك العاملة: فقد ضيعت هذا الواجب العظيم.
فالجملة الأولى: فيها القيام بحق الله. والجملة الثانية فيها القيام بحق الخلق. والله أعلم. بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
فضل إنضار المعسر
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِنَّ رَجُلًا لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ وَكَانَ يُدَايِنُ النَّاسَ فَيَقُولُ لِرَسُولِهِ خُذْ مَا تَيَسَّرَ وَاتْرُكْ مَا عَسُرَ وَتَجَاوَزْ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا فَلَمَّا هَلَكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ قَالَ لَا إِلَّا أَنَّهُ كَانَ لِي غُلَامٌ وَكُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ فَإِذَا بَعَثْتُهُ لِيَتَقَاضَى قُلْتُ لَهُ خُذْ مَا تَيَسَّرَ وَاتْرُكْ مَا عَسُرَ وَتَجَاوَزْ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْكَ) صححه الألباني.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كان تاجر يداين الناس) في رواية (إن رجلا لم يعمل خيرا قط وكان يداين الناس). قوله: (تجاوزوا عنه) زاد النسائي (فيقول لرسوله خذ ما يسر واترك ما عسر وتجاوز) ويدخل في لفظ التجاوز الإنظار والوضيعة وحسن التقاضي. وفي هذا الحديث أن اليسير من الحسنات إذا كان خالصا لله كفر كثيرا من السيئات , وفيه أن الأجر يحصل لمن يأمر به وإن لم يتول ذلك بنفسه , وهذا كله بعد تقرير أن شرع من قبلنا إذا جاء في شرعنا في سياق المدح كان حسنا عندنا. فتح الباري بشرح صحيح البخاري.
فضل ستر المسلم
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) مسلم
شرح الحديث
الستر يعنى الإخفاء , و الستر ليس محموداً على كل حال , وليس مذموماً على كل حال , فهو نوعان:
النوع الأول ستر محمود ويكون في حق الإنسان المستقيم , الذي لم يعهد منه فاحشة , ولم يحدث منه عدوان إلا نادراً , فهذا ينبغي أن يستر وينصح ويبين له أنه على خطأ , فهذا الستر محمود.
النوع الثاني ستر شخص مستهتر متهاون في الأمور متعد على عباد الله شرير , فهذا لا يستر بل المشروع أن يبين أمره لولاة الأمر حتى يردعوه عما هو عليه , وحتى يكون نكالاً لغيره.
فالستر يتبع المصالح , فإذا كانت المصلحة في الستر فهو أولى وإن كانت المصلحة في الكشف فهو أولى , وإن تردد الإنسان بين هذا وهذا فالستر أولى. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل إماطة الأذى عن الطريق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/163)
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ فَقَالَ وَاللَّهِ لَأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَا يُؤْذِيهِمْ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ) مسلم.
شرح الحديث
هذا الحديث في فضل إزالة الأذى عن الطريق , سواء كان الأذى شجرة توذي , أو غصن شوك , أو حجرا يعثر به , أو قذرا , أو جيفة وغير ذلك. وإماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان كما جاء في الحديث الصحيح. وفيه التنبيه على فضيلة كل ما نفع المسلمين , وأزال عنهم ضررا. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل تعزية المسلم
+ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ (مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إِلَّا كَسَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) صححه الألباني.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يعزي أخاه) أي يأمره بالصبر عليها بنحو أعظم الله أجرك (من حلل الكرامة) أي من الحال الدالة على الكرامة عنده أو من حلل أهل الكرامة وهي حلل نسجت من الكرامة وهذا مبني على الجسم المعاني وهو أمر لا يعلمه إلا الله تعالى. شرح سنن ابن ماجه للسند.
فضل الساعي على الأرملة
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ) البخاري.
شرح الحديث
والساعي عليهم هو الذي يقوم بمصالحهم ومئونتهم وما يلزمهم.
والأرامل هم الذين لا عائل لهم سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً , والمساكين هم الفقراء , ومن هذا قيام الإنسان علي عائلته وسعيه عليهم , علي العائلة الذين لا يكتسبون , فإن الساعي عليهم والقائم بمئونتهم ساع علي أرملة ومسكين , فيكون مستحقاً لهذا الوعد ويكون كالمجاهد في سبيل الله , أو كالقائم الذي لا يفتر وكالصائم الذي لا يفطر.
وفي هذا دليل علي جهل أولئك القوم الذين يذهبون يميناً وشمالاً ويدعون عوائلهم في بيوتهم مع النساء , ولا يكون لهم عائل فيضيعون , لأنهم يحتاجون إلى الإنفاق و يحتاجون إلى الرعاية وإلى غير ذلك , وتجدهم يذهبون يتجولون في القرى وربما في المدن أيضا , بدون أن يكون هناك ضرورة , ولكن شيء في نفوسهم يظنون أن هذا أفضل من البقاء في أهليهم بتأديبهم وتربيتهم.
وهذا ظن خطأ , فإن بقاءهم في أهليهم , وتوجيه أولادهم من ذكور وإناث , وزوجاتهم ومن يتعلق بهم أفضل من كونهم يخرجون يزعمون أنهم يرشدون الناس وهم يتركون عوائلهم الذين هم أحق من غيرهم بنصيحتهم وإرشادهم , ولهذا قال الله تعالى (وأنذر عشيرتك الأقربين) الشعراء 214 , فبدأ بعشيرته الأقربين قبل كل أحد.
أما الذي يذهب إلى الدعوة إلى الله يوماً أو يومين أو ما أشبه ذلك , وهو عائد إلى أهله عن قرب فهذا لا يضره , وهو علي خير لكن كلامنا في قوم يذهبون أربعة أشهر أو خمسة أشهر أو سنة عن عوائلهم يتركونهم للأهواء والرياح تعصف بهم , فهؤلاء لاشك أن هذا من قصور فقههم في دين الله عز وجل , وقد قال النبي عليه السلام (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) فالفقيه في الدين هو الذي يعرف الأمور , ويحسب لها , ويعرف كيف تؤتى البيوت من أبوابها , حتى يقوم بما يجب عليه. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل كفالة اليتيم
+ عَنْ سَهْلٍ بن سعد رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (َأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا) البخاري.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (َأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا) وأشار بالسبابة والوسطي , يعني بالإصبع السبابة الوسطي , و الإصبع السبابة هي التي بين الوسطي و الإبهام , وتسمى السبابة , لأن الإنسان يشير بها عند السب , فإذا سب شخصاً قال هذا وأشار بها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/164)
وتسمى السباحة , لأن الإنسان يشير بها أيضاً عند التسبيح , ولهذا يشير الإنسان بها في صلاته إذا جلس بين السجد تين ودعا رب أغفر لي وارحمني , كلما دعا رفعها يشير إلى الله عز وجل , لأن الله في السماء جل وعلا , وكذلك أيضا يشير بها في التشهد إذا دعا (السلام عليك أيها النبي , السلام علينا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ , اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ) في كل جملة دعائية يشير بها إلى علو الله تعالى وتوحيده.
وفرج بينهما عليه الصلاة والسلام , يعني قارن بينهما وفرج , يعنى أن كافل اليتيم مع النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجنة قريب منه , وفى هذا حث على كفالة اليتيم , وكفالة اليتيم هي القيام بما يصلحه في دينه ودنياه , بما يصلحه في دينه من التربية والتوجيه والتعليم و ما أشبه ذلك , وما يصلحه في دنياه من الطعام و الشراب والمسكن.
واليتيم حده البلوغ , فإذا بلغ الصبي زال عنه اليتم , وإذا كان قبل البلوغ فهو يتيم , هذا إن مات أبوه , وأما إذا ماتت أمه دون أبيه ليس بيتيم. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل غرس الأشجار
+ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ) البخاري.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وما من مسلم) أخرج الكافر لأنه رتب على ذلك كون ما أكل منه يكون له صدقة , والمراد بالصدقة الثواب في الآخرة وذلك يختص بالمسلم , نعم ما أكل من زرع الكافر يثاب عليه في الدنيا كما ثبت من حديث أنس عند مسلم , وأما من قال إنه يخفف عنه بذلك من عذاب الآخرة فيحتاج إلى دليل , ولا يبعد أن يقع ذلك لمن لم يرزق في الدنيا وفقد العافية.
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أو يزرع) أو للتنويع لأن الزرع غير الغرس. فتح الباري بشرح صحيح البخاري.
فضل الْحَيَاءُ
+ عَنْ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الحياء لا يأتي إلا بخير) في رواية خالد بن رباح عن أبي السوار عبد أحمد وكذلك في رواية أبي قتادة العدوي عن عمران عند مسلم (الحياء خير كله) وللطبراني من حديث قرة بن إياس (قيل لرسول الله الحياء من الدين؟ فقال: بل هو الدين كله) وللطبراني من وجه آخر عن عمران بن حصين (الحياء من الإيمان , والإيمان في الجنة). فتح الباري بشرح صحيح البخاري.
فضل الْحِلْم وَالْأَنَاةُ ُ
+ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشج أشج عبد القيس إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة) , وأما الحلم فهو العقل , وأما الأناة فهي التثبيت وترك العجلة وهي مقصورة. وسبب قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك له ما جاء في حديث الوفد أنهم لما وصلوا المدينة بادروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم , وأقام الأشج عند رحالهم فجمعها وعقل ناقته ولبس أحسن ثيابه ثم أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فقربه النبي صلى الله عليه وسلم وأجلسه إلى جانبه , ثم قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (تبا يعون على أنفسكم وقومكم) , فقال القوم: نعم. فقال الأشج يا رسول الله إنك لم تزاول الرجل عن شيء أشد عليه من دينه. نبايعك على أنفسنا , ونرسل من يدعوهم. فمن اتبعنا كان منا ومن أتى قاتلناه. قال: (صدقت , إن فيك خصلتين). الحديث. قال القاضي عياض: فالأناة تربصه حتى نظر في مصالحه ولم يعجل , والحلم هذا القول الذي قاله الدال على صحة عقله , وجودة نظره للعواقب , قلت: ولا يخالف هذا ما جاء في مسند أبي يعلى وغيره أنه لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشج (إن فيك خصلتين) الحديث. قال: يا رسول
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/165)
الله كانا في أم حدثا؟ قال: (بل قديم). قال: قلت: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل الزهد
+ عن سَعْدٌ َقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي) المراد بالغنى غنى النفس , هذا هو الغنى المحبوب لقوله صلى الله عليه وسلم (ولكن الغنى غنى النفس) وأشار القاضي إلى أن المراد الغنى بالمال.
وأما (الخفي) فبالخاء المعجمة , هذا هو الموجود في النسخ , والمعروف في الروايات , وذكر القاضي أن بعض رواة مسلم رواه بالمهملة , فمعناه بالمعجمة الخامل المنقطع إلى العبادة والاشتغال بأمور نفسه , ومعناه بالمهملة الوصول للرحم , اللطيف بهم وبغيرهم من الضعفاء , والصحيح بالمعجمة. وفي هذا الحديث حجة لمن يقول: الاعتزال أفضل من الاختلاط , وفي المسألة خلاف. ومن قال بالتفضيل للاختلاط قد يتأول هذا على الاعتزال وقت الفتنة ونحوها. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل الغنى والتقى
+ عن سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ َقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ) مسلم.
شرح الحديث
في هذا الحديث بين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صفة الرجل الذي يحبه الله عز وجل فقال (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ).
التقي الذي يتقي الله عز وجل , فيقوم بأوامره , ويجتنب نواهيه , يقوم بأوامره من فعل الصلاة وأدائها في جماعة , يقوم بأوامره من أداء الزكاة وإعطائها مستحقيها , يصوم رمضان , يحج البيت , يبر والديه , يصل أرحامه , يحسن إلى جيرانه , يحسن إلى اليتامى , إلى غير ذلك من أنواع التقى والبر وأبواب الخير.
الغني الذي استغنى بنفسه عن الناس , غنى بالله عز وجل عمن سواه , لا يسأل الناس شيئاً ولا يتعرض للناس بتذلل , بل هو غنى عن الناس , مستغن بربه لا يلتفت إلى غيره.
الخفي هو الذي لا يظهر نفسه , ولا يهتم أن يظهر عند الناس , أو يشار إليه بالبنان , أو يتحدث الناس عنه , تجده من بيته إلى المسجد , ومن المسجد إلى بيته , ومن بيته إلى أقاربه وإخوانه , يخفي نفسه.
ولكن لا يعني ذلك أن الإنسان إذا أعطاه الله علماً أن يتقوقع في بيته ولا يعلم الناس , هذا يعارض التقي , فتعليمه الناس خير من كونه يقبع في بيته ولا ينفع أحداً بعلمه , أو يقعد في بيته ولا ينفع الناس بماله.
لكن إذا دار الأمر بين أن يلمع نفسه ويظهر نفسه ويبين نفسه , وبين أن يخفيها و فحينئذ يختار الخفاء , أما إذا كان لابد من إظهار نفسه فلابد أن يظهرها , وذلك عن طريق نشر علنه في الناس وإقامة دروس العلم وحلقاته في كل مكان , وكذلك عن طريق الخطابة في يوم الجمعة والعيد وغير ذلك فهذا مما يحبه الله عز وجل. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل البكاء من خشية الله
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ وَلَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ) صححه الألباني.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لا يلج) من الولوج أي لا يدخل (رجل بكى من خشية الله) فإن الغالب من الخشية امتثال الطاعة واجتناب المعصية (حتى يعود اللبن في الضرع) هذا من باب التعليق بالمحال كقوله تعالى: (حتى يلج الجمل في سم الخياط) (ولا يجتمع غبار في سبيل الله) أي في الجهاد (ودخان جهنم) فكأنهما ضدان لا يجتمعان. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
فضل الصدق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/166)
+ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) البخاري.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (إن الصدق يهدي إلى البر , وإن البر يهدي إلى الجنة , وإن الكذب يهدي إلى الفجور , إن الفجور يهدي إلى النار) قال العلماء معناه أن الصدق يهدي إلى العمل الصالح الخالص من كل مذموم , والبر اسم جامع للخير كله. وقيل: البر الجنة. ويجوز أن يتناول العمل الصالح والجنة. وأما الكذب فيوصل إلى الفجور , وهو الميل عن الاستقامة , وقيل ; الانبعاث في المعاصي. قوله صلى الله عليه وسلم: (وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا , وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا) وفي رواية (ليتحرى الصدق وليتحرى الكذب) وفي رواية (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر. وإياكم والكذب) قال العلماء: هذا فيه حث على تحري الصدق , وهو قصده , والاعتناء به , وعلى التحذير من الكذب والتساهل فيه ; فإنه إذا تساهل فيه كثر منه , فعرف به , وكتبه الله لمبالغته صديقا إن اعتاده , أو كذابا إن اعتاده. ومعنى يكتب هنا يحكم له بذلك , ويستحق الوصف بمنزلة الصديقين وثوابهم , أو صفة الكذابين وعقابهم , والمراد إظهار ذلك للمخلوقين إما بأن يكتبه في ذلك ليشتهر بحظه من الصفتين في الملأ الأعلى , وإما بأن يلقي ذلك في قلوب الناس وألسنتهم , وكما يوضع له القبول والبغضاء وإلا فقدر الله تعالى وكتابه السابق بكل ذلك. والله أعلم. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل ترك الكذب وإن كان مازحاً
+ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ) صححه الألباني.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أنا زعيم): أي ضامن وكفيل (ببيت) قال الخطابي البيت ها هنا القصر يقال هذا بيت فلان أي قصره (في ربض الجنة) بفتحتين أي ما حولها خارجا عنها تشبيها بالأبنية التي تكون حول المدن وتحت القلاع , كذا في النهاية (المراء) أي الجدال كسرا لنفسه كيلا يرفع نفسه على خصمه بظهور فضله. عون المعبود شرح سنن أبي داود.
فضل القناعة
+ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ) مسلم
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قد أفلح) أي فاز وظفر بالمقصود (من أسلم) أي انقاد لربه (ورزق) أي من الحلال (كفافا) أي ما يكف من الحاجات ويدفع الضرورات (وقنعه الله) أي جعله قانعا بما آتاه. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
فضل اللجوء إلي الله
+ عَنْ عِمْرَانُ قَالَ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ قَالُوا وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هُمْ الَّذِينَ لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) مسلم.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفا بغير حساب) فيه: عظم ما أكرم الله سبحانه وتعالى به النبي صلى الله عليه وسلم وأمته - زادها الله فضلا وشرفا - , وقد جاء في صحيح مسلم سبعون ألفا مع كل واحد منهم سبعون ألفا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/167)
قوله صلى الله عليه وسلم: (هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون) اختلف العلماء في معنى هذا الحديث , والظاهر من معنى الحديث ما اختاره الخطابي ومن وافقه وحاصله , أن هؤلاء كمل تفويضهم إلى الله عز وجل فلم يتسببوا في دفع ما أوقعه بهم. ولا شك في فضيلة هذه الحالة ورجحان صاحبها. وأما تطبب النبي صلى الله عليه وسلم ففعله ليبين لنا الجواز. والله أعلم. وقوله صلى الله عليه وسلم: (وعلى ربهم يتوكلون) قال الإمام الأستاذ أبو القاسم القشيري - رحمه الله تعالى اعلم أن التوكل محله القلب , وأما الحركة بالظاهر فلا تنافي التوكل بالقلب بعد ما تحقق العبد أن الثقة من قبل الله تعالى , فإن تعسر شيء فبتقديره , وإن تيسر فبتيسره. وقال سهل بن عبد الله التستري رضي الله عنه: التوكل الاسترسال مع الله تعالى على ما يريد , وقال أبو عثمان الجبري التوكل الاكتفاء بالله تعالى مع الاعتماد عليه. وقيل التوكل أن يستوي الإكثار والتقلل. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل ترك سؤال الناس
+ عَنْ ثَوْبَانُ قَال قَالَ َ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ تَكَفَّلَ لِي أَنْ لَا يَسْأَلَ شَيْئًا وَأَتَكَفَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ فَقَالَ ثَوْبَانُ أَنَا فَكَانَ لَا يَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا) صححه الألباني.
شرح الحديث
قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (من تكفل) من استفهامية أي ضمن والتزم (لي) ويتقبل مني (أن لا يسأل الناس شيئا) أي من السؤال أو من الأشياء (فأتكفل) بالنصب والرفع أي أتضمن (له بالجنة) أي أولا من غير سابقة عقوبة , وفيه إشارة إلى بشارة حسن الخاتمة (فقال ثوبان أنا) أي تضمنت أو أتضمن (فكان) ثوبان بعد ذلك (لا يسأل أحدا شيئا) أي ولو كان به خصاصة.
واستثنى منه إذا خاف على نفسه الموت فإن الضرورات تبيح المحظورات , بل قيل إنه لو لم يسأل حتى يموت يموت عاصيا , أي في شيء من غير المصالح الدينية. عون المعبود شرح سنن أبى داود.
فضل الصبر
+ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (َالصَّبْرُ ضِيَاءٌ) مسلم.
شرح الحديث
قوله (الصَّبْرُ ضِيَاءٌ) فبين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الحديث أن الصبر ضياء يعنى أنه يهديه إلى الحق , ولهذا ذكر الله عز وجل أنه من جملة الأشياء التي يستعان بها فهو ضياء للإنسان في قلبه وضياء له في طريقه ومنهاجه وعمله لأنه كلما سار إلى الله عز وجل على طريق الصبر فإن الله تعالى يزيده هدى وضياء في قلبه ويبصره و قوله (وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ) أي فيه نور مع حرارة كما قال الله سبحانه وتعالى (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً) يونس 5 , فالضوء لا بد فيه من حرارة وهكذا الصبر لا بد فيه من حرارة وتعب لأن فيه مشقة كبيرة ولهذا كان أجره بغير حساب. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل من مات له ثلاثة أولاد وصبر
+ عَنْ أَبَي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَمُوتُ بَيْنَهُمَا ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُمَا بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ) صححه الألباني.
شرح الحديث
وهذا الحديث يدل على فضل من مات له أولاد صغار لم يبلغوا الحنث , والحنث أي لو يبلغوا , فإنهم يكونون له ستراً من النار بفضل رحمته إياهم , لأن هؤلاء الأولاد الصغار هم محل الرحمة , فاولأد إذا كبروا استقلوا بأنفسهم , ولم يكن عند والدهم من الرحمة لهم كالرحمة التي عنده للأولاد الصغار , وإذا كان له أولاد صغار وماتوا واحتسب الأجر من الله – وهم ثلاثة- فإنهم يكونون له ستراً من النار فلا تمسهم النار إلا تحلية القسم , ويريد بتحلة القسم قوله تعالى (وإن منكم إلا واردها). شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل الصبر علي المرض
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/168)
+ عَنْ أُمِّ الْعَلَاءِ قَالَتْ عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيضَةٌ فَقَالَ (أَبْشِرِي يَا أُمَّ الْعَلَاءِ فَإِنَّ مَرَضَ الْمُسْلِمِ يُذْهِبُ اللَّهُ بِهِ خَطَايَاهُ كَمَا تُذْهِبُ النَّارُ خَبَثَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) صححه الألباني.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يذهب الله به) أي بسبب المرض (خطاياه) أي المسلم (خبث الذهب والفضة) , قال ابن الأثير في النهاية الخبث بفتحتين هو ما تلقيه النار من وسخ الفضة والنحاس وغيرهما إذا أذيبا انتهى. عون المعبود شرح سنن أبي داود.
هذا من أكبر مِنن الله على عباده المؤمنين
+ عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً) رواه البخاري.
شرح الحديث
هذا من أكبر مِنن الله على عباده المؤمنين أن أعمالهم المستمرة المعتادة إذا قطعهم عنها مرض أو سفر كتبت لهم كلها كاملة؛ لأن الله يعلم منهم أنه لولا ذلك المانع لفعلوها، فيعطيهم تعالى بنياتهم مثل أجور العاملين مع أجر المرض الخاص، ومع ما يحصل به من القيام بوظيفة الصبر، أو ما هو أكمل من ذلك من الرضى والشكر، ومن الخضوع لله والانكسار له. ومع ما يفعله المسافر من أعمال ربما لا يفعلها في الحضر: من تعليم، أو نصيحة، أو إرشاد إلى مصلحة دينية أو دنيوية وخصوصاً في الأسفار الخيرية، كالجهاد، والحج والعمرة، ونحوها.
ويدخل في هذا الحديث: أن من فعل العبادة على وجه ناقص وهو يعجز عن فعلها على الوجه الأكمل، فإن الله يكمل له بنيته ما كان يفعله لو قدر عليه؛ فإن العجز عن مكملات العبادات نوع مرض. والله أعلم.
ومن كان من نيته عمل خير، ولكنه اشتغل بعمل آخر أفضل منه، ولا يمكنه الجمع بين الأمرين: فهو أولى أن يكتب له ذلك العمل الذي منعه منه عمل أفضل منه، بل لو اشتغل بنظيره. وفضل الله تعالى عظيم. بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار.
فضل من فقد عينيه وصبر
+ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (إِنَّ اللَّهَ قَالَ إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجَنَّةَ) يُرِيدُ عَيْنَيْهِ , البخاري.
شرح الحديث
حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن الرسولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال عن ربه تبارك وتعالى إنه ما من إنسان يقبض الله حبيبتيه يعني عينيه فيعمى ثم يصبر إلا عوضه الله بهما الجنة , لأن العين محبوبة للإنسان , فإذا أخذهما الله سبحانه وتعالى وصبر الإنسان واحتسب فإن الله يعوضه بهما الجنة , والجنة تساوى كل الدنيا بل قد قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها) أي مقدار متر , لأن ما في الآخرة باق لا يفنى ولا يزول والدنيا كلها فانية زائلة , فلهذا كانت هذه المساحة القليلة من الجنة خيراً من الدنيا وما فيها.
واعلم أن الله سبحانه إذا قبض من الإنسان حاسة من حواسه فإن الغالب أن الله يعوضه ما يخفف عليه ألم فقد هذه الحاسة التي فقدها , فالأعمى يمن عليه بقوة الإحساس و الإدراك حتى أن بعض الناس إذا كان أعمى تجده في السوق يمشي , وكأنه مبصر يحس بالمنعطفات في الأسواق , ويحس بالمنحدرات و بالمرتفعات حتى أن بعضهم يتفق مع صاحب السيارة – سيارة الأجرة – يركب معه من أقصى البلد إلى بيته وهو يقول لصاحب السيارة تيامن تياسر حتى يوقفه عند بابه لأن صاحب السيارة لا يعرف البيت , والله الموفق. شرح رياض الصالحين – العثيمين.
من فضائل الجهاد
فضل سؤال الشهادة بصدق
+ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا أُعْطِيَهَا وَلَوْ لَمْ تُصِبْهُ) مسلم.
شرح الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/169)
قوله صلى الله عليه وسلم (من طلب الشهادة صادقا أعطيها ولو لم تصبه) وفي الرواية الأخرى (من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه) معنى الرواية الأولى مفسر من الرواية الثانية , ومعناهما جميعا أنه إذا سأل الشهادة بصدق أعطي من ثواب الشهداء , وإن كان على فراشه.
وفيه استحباب سؤال الشهادة , واستحباب نية الخير. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل غبار الجهاد
+ عن أَبُي عَبْسٍ َقَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ) البخاري.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (من اغبرت قدماه) أي أصابهما غبار (في سبيل الله) أي في الجهاد. وقال المناوي في شرح الجامع الصغير أي في طريق يطلب فيها رضا الله فشمل الجهاد وغيره كطلب العلم. قلت: وأراد عباية بن رفاعة في رواية الترمذي وكذا أبو عبس الراوي في رواية البخاري العموم (فهما حرام على النار) أي لا تمسهما النار , وفي ذلك إشارة إلى عظيم قدر التصرف في سبيل الله فإذا كان مجرد مس الغبار للقدم يحرم عليها النار فكيف بمن سعى وبذل جهده واستنفد وسعه. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
فضل قتل المشرك في الحرب
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا يَجْتَمِعُ كَافِرٌ وَقَاتِلُهُ فِي النَّارِ أَبَدًا) صححه الألباني.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبدا) وفي رواية (لا يجتمعان في النار اجتماعا يضرهما قيل: من هم يا رسول الله؟ قال مؤمن قتل كافرا ثم سدد) قال القاضي في الرواية الأولى يحتمل أن هذا مختص بمن قتل كافرا في الجهاد , فيكون ذلك مكفرا لذنوبه حتى لا يعاقب عليها , أو يكون بنية مخصوصة , أو حالة مخصوصة , ويحتمل أن يكون عقابه إن عوقب بغير النار كالحبس في الأعراف عن دخول الجنة أولا ولا يدخل النار , أو يكون إن عوقب بها في غير موضع عقاب الكفار , ولا يجتمعان في إدراكها , قال: وأما قوله في الرواية الثانية: (اجتماعا يضر أحدهما الآخر) فيدل على أنه اجتماع مخصوص , قال وهو مشكل المعنى , وأوجه ما فيه أن يكون معناه ما أشرنا إليه: أنهما لا يجتمعان في وقت إن استحق العقاب , فيعيره بدخوله معه وأنه لم ينفعه إيمانه وقتله إياه , وقد جاء مثل هذا في بعض الحديث , لكن قوله في هذا الحديث: (مؤمن قتل كافرا ثم سدد) مشكل لأن المؤمن إنما سدد , ومعناه: استقام على الطريقة المثلى ولم يخلط , لم يدخل النار أصلا , سواء قتل كافرا أو لم يقتله , قال القاضي: ووجهه عندي أن يكون قوله: (ثم سدد) عائدا على الكافر القاتل , ويكون بمعنى الحديث السابق: (يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة) ورأى بعضهم أن هذا اللفظ تغير من بعض الرواة , وأن صوابه (مؤمن قتله كافر ثم سدد) ويكون معنى قوله: (لا يجتمعان في النار اجتماعا يضر أحدهما الآخر) أي لا يدخلانها للعقاب , ويكون هذا استثناء من اجتماع الورود , وتخاصمهم على جسر جهنم , هذا آخر كلام القاضي. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل رمي العدو بسهم
+ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَنْ رَمَى الْعَدُوَّ بِسَهْمٍ فَبَلَغَ سَهْمُهُ الْعَدُوَّ أَصَابَ أَوْ أَخْطَأَ فَعَدْلُ رَقَبَةٍ) صححه الألباني.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (فبلغ سهمه العدو) من التبليغ ونصب السهم والعدو أو من البلوغ ورفع السهم و قوله صلى الله عليه وسلم (فعدل رقبة) أي فله من الثواب عدل رقبة. شرح سنن ابن ماجه للسندي.
فضل الحراسة في سبيل الله
+ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) صححه الألباني.
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عينان لا تمسهما النار) أي لا تمس صاحبهما , فعبر بالجزء عن الجملة , وعبر بالمس إشارة إلى امتناع ما فوقه بالأولى , وفي رواية " أبدا " وفي رواية " لا تريان النار " (عين بكت من خشية الله) وهي مرتبة المجاهدين مع النفس التائبين عن المعصية سواء كان عالما أو غير عالم (وعين باتت تحرس) وفي رواية: تكلأ (في سبيل الله) وهي مرتبة المجاهدين في العبادة وهي شاملة لأن تكون في الحج أو طلب العلم أو الجهاد أو العيادة , والأظهر أن المراد به الحارس للمجاهدين لحفظهم عن الكفار. قال الطيبي قوله: (عين بكت) هذا كناية عن العالم العابد المجاهد مع نفسه لقوله تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء) حيث حصر الخشية فيهم غير متجاوز عنهم , فحصلت النسبة بين العينين عين مجاهد مع النفس والشيطان وعين مجاهد مع الكفار. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
الخاتمة
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح قلبي وقلوب عباده المؤمنين وأن يجعل هذا البحث خالصاً لوجهه الكريم وأن يقذف في قلوبنا الهدى والتقى و العفاف والغنى وأسأل الله أن يجازينا على الإحسان إحساناً وعلى السيئات مغفرة وعفواً ويحل علينا رضوانه أنه غفوراً رحيم.
وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين(56/170)
هل اتخاذ الكنى من السنة؟؟؟
ـ[مصطفى محمود]ــــــــ[13 - 12 - 05, 08:16 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل اتخاذ الكنى من السنة؟؟؟
أرجو من مشايخنا الأفاضل أن يفيدونا حول مسألة اتخاذ الكنى، وهل هي من السنة أم لا؟ مع التفصيل في هذه المسألة، وجزاكم الله خيرًا.
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[13 - 12 - 05, 09:09 م]ـ
هل من مجيب
ـ[أبو البراء السكندري]ــــــــ[18 - 01 - 06, 12:26 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذا جواب السؤال رأيته في أحد المنتديات:
الجواب:
وجزاك الله خيراً.
اتِّخاذ الكُنى من السنة، ويَدلّ عليه تكنيته صلى الله عليه وسلم لِغير واحد من أصحابه، وقد كَنّى عائشة بأم عبد الله، وكَنّى الأطفال.
قال الإمام البخاري: باب الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل
ثم ساق بإسناده إلى أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلُقاً، وكان لي أخ يُقال له أبو عمير - قال: أحسبه فطيم - وكان إذا جاء قال: يا أبا عمير ما فعل النغير؟! نَغْرٌ كان يلعب به.
وقال ابن ماجه: باب الرجل يُكنى قبل أن يُولد له
ثم ساق بإسناده إلى حمزة بن صهيب أن عمر قال لصهيب: مَالَكَ تَكتني بأبي يحيى، وليس لك ولد؟ قال: كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي يحيى.
وروى من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: كُلّ أزواجك كنّيته غيري. قال: فأنت أم عبد الله.
والحديث رواه الإمام أحمد في المسند.
وروى أبو داود والنسائي من طريق شريح بن هانئ عن أبيه هانئ أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعه وهم يكنون هانئا أبا الحكم، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: إن الله هو الحكم وإليه الْحُكْم، فلم تكني أبا الحكم؟ فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فَحَكَمْتُ بينهم، فرضي كلا الفريقين. قال: ما أحسن من هذا! فما لك من الولد؟ قال: لي شريح وعبد الله ومسلم. قال: فمن أكبرهم؟ قال: شريح. قال: فأنت أبو شريح. فَدَعَا له ولولده.
والله تعالى أعلم.
أجاب بهذا الجواب الشيخ عبد الرحمن السحيم في رده على سؤال بـ "منتديات مشكاة" ( http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?s=&threadid=41888)
ـ[أبو عبد الغفور]ــــــــ[18 - 01 - 06, 12:32 ص]ـ
السلام عليكم ...
أن يكنيك أحد هذا لا إشكال فيه , لكن أن يكني الرجل نفسه فهل من دليل على استحبابه؟(56/171)
حكم الاكتتاب في شركة ينساب
ـ[نياف]ــــــــ[14 - 12 - 05, 12:12 ص]ـ
الشيخ:
د. محمد بن سعود العصيمي التاريخ:
12/ 13/2005
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد اطلعت على النشرة المفصلة للاكتتاب في شركة ينساب، ومع أنها شركة حديثة تحت التأسيس، ولكنها أودعت الجزء الخاص من رأس المال الذي اكتتب به المؤسسون ومقداره [5.5 مليار ريال] في حسابات ربوية [وديعة لأجل، ص61] بفائدة ربوية بنسبة 4.85% واستحقت مبلغا مقداره 4.3 مليون ريال، فهي بذلك ليست نقية، فلا أرى جواز الاكتتاب بها ما دامت على وضعها الحالي.
وقد حز في نفسي جدا أن يحرم المواطنون الذين يبحثون عن الرزق الحلال من المشاركة في اكتتاب بمثل هذه الضخامة بسبب الإيداع الربوي السابق ذكره، وقد كان بإمكان الشركة أن تستثمر هذه الوديعة عن طريق أحد المنتجات الإسلامية مثل الاستثمار المباشر المنضبط بالضوابط الشرعية أو الاستثمار بالوكالة، وهما يقدمان عند أكثر من بنك سعودي الآن. والشركة مقدمة على تمويل بمبلغ يقارب 13 مليار ريال. وقد نصت الشركة مشكورة [ص29] على أن البنك الملتزم بتدبير القروض يقوم "حاليا بالتفاوض مع المصارف الدولية والإقليمية والمحلية وبعض الجهات الشبه حكومية لتقديم قروض تجارية وإسلامية عادية للمشروع"، وحيث ذكر في "تكلفة المشروع وتمويله" [ص28]، على اشتمال التكلفة على الإنشاء والتوريد وشراء قطع الغيار. فلعل الشركة تقتصر على التمويل الإسلامي فقط، وهو متاح في البنوك السعودية سواء الإسلامية أو البنوك ذات النوافذ الإسلامية، مثل الاستصناع، وعقود التوريد الإسلامية، والشراء بالأجل، وغيرها.
ولا يفوتني أن أشكر الشركة على نصها في النشرة على خضوع "عقود الإنشاء والهندسة والتوريد والبناء للقوانين المعمول بها في المملكة العربية السعودية" [ص48]، ولا شك أن ذلك يشمل كذلك عقود التمويل.
وفي الختام، فإني أدعو مسؤولي الشركة للإعلان عاجلا عن تخلصهم من الربا المستحق على الودائع لأجل السابق ذكرها، وعن عزمهم على التمويل الإسلامي حتى يتيحوا المجال لكافة الشعب السعودي للاكتتاب. وأؤكد أنه ما لم يعلنوا ذلك فإن الشركة في وضعها الحالي ليست نقية، ولا يجوز الاكتتاب بها. والله أعلم.
http://www.halal2.com/
ـ[المردسي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 12:22 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد
فإن نشاط شركة ينساب في صناعة البتروكيماويات، ومن خلال دراسة نشرة الإصدار المفصلة الخاصة بها تبين أنها حصلت على عمولات بنكية، كما وقعت على اتفاقية تمكنها من الحصول على قروض تجارية بالفائدة ومرابحات إسلامية من عدة بنوك، فالشركة بهذا تعد من الشركات المختلطة، والخلاف في الشركات المختلطة بين العلماء المعاصرين معروف، والأقرب –والله أعلم- أن الشركة إذا كانت لا تعتمد في نشاطها على المعاملات المحرمة فإن ذلك لا يقتضي حرمة السهم كله، بل يتخلص من الجزء المحرم منه ويبقى ما عداه مباحاً، وبالنظر إلى الإيراد المحرم الموجود في الشركة وقت الاكتتاب فإنه يسير جداً بل لا يكاد يذكر (أقل من واحد بالألف من أصول الشركة)، وأما التمويل فلم تلتزم به الشركة إلى الآن، ومتى ما ارتبطت الشركة بشيء محرم منه فسيتم بيانه في حينه.
وبناء عليه فالذي يظهر هو جواز الاكتتاب في الشركة، وإذا حصل المساهم على شيءٍ من الأرباح التي توزعها الشركة فيلزمه أن يتخلص من نلك الأرباح بقدر نسبة الإيرادات المحرمة فيها، أما الأرباح الناتجة من بيع السهم فلا يلزم التخلص من شيءٍ منها.
وإني أدعو القائمين على الشركة إلى أن يكون جميع التمويل الذي ستحصل عليه تمويلاً إسلامياً، وأن تحول ودائعها إلى ودائع استثمارية موافقة للشريعة، فنحن-ولله الحمد- في بلدٍ قائمٍ على تحكيم شريعة الله. وكل ما يخالف هذه الشريعة الغراء فهو مرفوض شرعاً ونظاماً، وما تمارسه أي شركة من اقتراضٍ أو إيداعٍ بالفائدة يعد من التجاوزات غير النظامية التي يحق لأي مساهمٍ أن يعترض عليها، وهذا هو الحد الأدنى من الواجب على من ساهم في الشركات المختلطة، أن يعترض على تلك التجاوزات عند حضوره الجمعية العمومية للشركة. والله أعلم.
د. يوسف بن عبدالله الشبيلي
http://69.20.50.243/shubily/qa/ans.php?qno=87
ـ[نياف]ــــــــ[14 - 12 - 05, 06:57 ص]ـ
جزاك الله خير أخي المردسي
عن أبي عبد الله النعمان بن بشير 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: سمعت الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول:
(إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لايعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) رواه البخاري ومسلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/172)
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 11:53 ص]ـ
الحديث عن الشركات المختلطة قد يصلح لمن ابتلي بهذا الأمر فنرشده كيف التخلص من المقدار الحرام، أما أن تؤسس شركات على هذا الاختلاط ويقال بعده أدخلها وتخلص فهذا ما لا ينبغي، ومتى تصير الشركات إسلامية خالصة إذا كنا نجيز لها ذلك الفعل وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
ـ[نياف]ــــــــ[16 - 12 - 05, 06:04 ص]ـ
فتوى فضيلة الشيخ عبدالله السلمي حفظه الله
فضيلة الشيخ ماحكم الاكتتاب بشركة ينساب التي سوف تطرح أسهمها يوم السبت 16/ 11 / 1426هـ؟
الإجابة
شركة ينبع الوطنية للبتر وكيماويات ينساب، شركة مساهمة تحت التأسيس، تقوم بأغراض صناعية مباحة، لإنتاج بعض المستشفيات البترو كيماوية، ومن خلال دراسة نشرة الإصدار المفصلة عن هذه الشركة، في موقع هيئة سوق المال، تبين أنها قد حصلت على وديعة لأجل (قروض بفائدة) من بعض البنوك المحلية، على الأرصدة الموجودة في البنك من رأس المال الذي أكتتب به المؤسسون، والذي يقدر بـ (5.566.657.000) مليار ريال سعودي، وقد نصت نشرة الإصدار أن هذه الوديعة تحقق فائدة ربوية سنوية بنسبة (4.85%) ولا شك أن هذه الفائدة الربوية محرمة بإجماع العلماء.
والعمولة التي تحصلتها الشركة جراء هذه الوديعة، والتي ذكرت في نشرة الإصدار بأنها (4.375.000) مليون ريال، كانت يسيرة تقدر بواحد من الألف، بسبب أن أحوال المكتتبين لم تكتمل بعد، وبسبب قصر وقت الاستثمار بها، بدليل أن الفائدة قد تقرر بأنها (4.85%) سنوية، مع العلم بأن الشركة قد نصت في نشرة الإصدار بأن إنتاجها سوف يتيم فعلياً خلال عام 2008م، وبالتالي سوف تكون أرباحها إذا استمر الأمر على هذا الوضع كلها من القرض بفائدة إلى حين الإنتاج تقريباً
وبالتالي فلا يسوغ تجويز ذلك بحجة أن هذه الفائدة يسيرة، تقدر بواحد من الألف.
علماً بأن الشركة قد حصلت على التزام واتفاق من قبل بعض البنوك، تمكنها من الحصول على قروض تجارية، (فوائد ربوية)، ومرابحات إسلامية عادية، ولا شك أن هذه الالتزام والاتفاق على التمويل يبرر وإن لم يتحقق فعلياً، فإنه محرم لأن كل اشتراط أو التزام يخالف كتاب الله وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم- فهو باطل، كما قال- صلى الله عليه وسلم-: ((ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله كل شرط ليس في كتاب فهو باطل وإن كان مائة شرط وكتاب الله أحق وشرط الله أوثق)) متفق عليه.
ومعنى ليست في كتاب الله: أي مخالف جاء الوحيين، وقد جاء النص الجلي الصريح بقوله: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ)) (البقرة:279،278).
وإذا كان الأمر كذلك فإن المساهمة في شراء أسهم شركة ينساب محرم لأجل القرض الربوي.
وقد ذهب جماهير أهل العلم المعاصرين، وغالب المجامع الفقهية، كالمجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وكاللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برأسة شيخنا ابن باز، إلى حرمة المساهمة في شراء الشركات التي أصل تعاملها مباح، غير أنها أقرضت أو اقترضت بالربا، قل الربا أو كثر، لأن المساهم يعد شريكاً في رأس مال الشركة، والسهم يمثل حصة مشاعة من صافي موجودات الشركة، ولم يأتي دليل شرعي أو نص فقهي يبيح ربا النسأ، وغالب الشركات المساهمة التي تقرض أو تقترض بالربا أنما هو ربا النسأ، المجمع على تحريمه، ثم إن غالب استدلال من جوز يسير الربا إنما أحتج ببعض القواعد الفقهية، والضوابط المذهبية، ولا شك أن الاحتجاج بالقاعدة الفقهية غير الكلية، والتي ليست هي نصاً شرعياً محل اختلاف عريض بين أهل العلم أكثرهم على منعه، واستدلال بعض الفضلاء بجواز هذه الشركات، لأنها مما عمت به البلوى، وعموم البلوى من أسباب التخفيف على المكلفين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/173)
فيقال: أن إعمال هذه القاعد إنما هو فيما لا يمكن صونه، ولا التحرز منه، وهذا إنما يتأتى في بلد لا يكاد يوجد فيه استثمارات مباحة، أو في بلد لا تمول بنوكها إلا بالقرض بفائدة، وكل هذا غير متحقق ببلادنا حرسها الله وحفظها من كل مكروه، فكل البنوك المحلية سواء التقليدية منها أو الإسلامية، كلها تمول بالتمويل الإسلامي، مع اختلاف في بعضها بالضوابط التي تلتزمها.
ثم أن القائلين بجواز شراء أسهم الشركات المختلطة قد اشترطوا بأن لا يتجاوز الاستثمار المحرم عن (30%) أو (15%)، على اختلاف بينهم من إجمالي موجودات الشركة، أو القيمة السوقية، وإذا كان الأمر كذلك فإن الاستثمار المحرم في شركة ينساب يزيد عن (80%)، وبالتالي فهي لا تتوافق حتى مع القائلين بجواز شراء أسهم الشركات المختلطة، فيلزم أن تكون محرمة عندهم!! أ هـ.
وقد تألمت كثيراً حينما أطلعت على نشرة الإصدار، وما فيها من استثمارات محرمة، وتسهيلات بنكية، وكان لهذه الشركة مندوحة في استثمارها بالطرق ا لشرعية المباحة، والمتوفرة في جميع البنوك المحلية، فهذا الأمر مخالف للنصوص الشرعية، والأنظمة المراعية في هذه البلاد، التي جعلت الكتاب والسنة هما مصدر التشريع والتحاكم.
ولا شك أن هذا التصرف سوف يحرم أناس كثير، يتطلعون إلى الرزق الحلال النقي من المساهمة في مثل هذه الشركات المختلطة، وكم كانوا ينتظرون مثل هذه الشركات العملاقة للمساهمة فيها، لزيادة مدخراتهم في السوق الأولية للأسواق المالية، لضعف خبرتهم في السوق الثانوية، غير أنهم فوجئوا بمثل هذه القروض المحرمة.
وكم هو جميل وحسن أن يعلن مسؤولو الشركة عن تخلصهم من القروض الربوية، وتحويلها إلى استثمارات إسلامية، حتى يتمكن سائر الموظفين من الاكتتاب في مثل هذه الشركة العملاقة، وليكونوا قدوة صالحة لغيرهم من مؤسسي الشركات المساهمة، في الشجاعة للرجوع إلى الحق والخير، ولا غرر فهذه البلاد بلاد مباركة وأهلها خيرون،
بلاد أعزتها جيوش محمد ... فما عذرها أن لا تعز محمداً
أسال الله أن يكلل هذه الجهود بالنجاح، وأن يعين أهل الخير للرجوع إلى ما فيه صلاح العباد والبلاد.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ,,,
ـ[نياف]ــــــــ[16 - 12 - 05, 06:05 ص]ـ
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج 14
الفتوى رقم 6823:
س: هل تجوز المساهمة في الشركات والمؤسسات المطروحة أسهمها للاكتتاب العام في الوقت الذي نحن يساورنا فيه الشك من أن هذه الشركات أو المؤسسات تتعامل بالربا في معاملاتها، ولم نتأكد من ذلك؟ مع العلم أننا لا نستطيع التأكد من ذلك، ولكن كما نسمع عنها من حديث الناس.
ج: الشركات والمؤسسات التي لا تتعامل بالربا ولاشيء من المحرمات تجوز المساهمة فيها، وأما التي تتعامل بالربا أو شيء من المحرمات فتحرم المساهمة فيها، وإذا شك المسلم في أمر شركة ما فالأحوط له ألا يساهم فيها؛ عملاً بالحديث: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الثاني: "من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه".
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبة وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس
نائب الرئيس
عضو
عضو
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
عبدالرزاق عفيفي
عبدالله بن غديان
عبدالله بن قعود
ـ[نياف]ــــــــ[16 - 12 - 05, 06:06 ص]ـ
للفائدة:
أفتى بتحريم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها معاملات ربوية (مختلطة):
مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة
مجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
والهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي
الهيئة الشرعية لبنك دبي الإسلامي
هيئة الرقابة الشرعية للبنك الإسلامي السوداني
الشيخ عبدالعزيز بن باز
الشيخ عبدالله بن قعود
الشيخ عبدالله الغديان
الشيخ عبدالرزاق عفيفي
الشيخ عبدالكريم الخضير
وغيرهم كثير
ومن العلماء المتخصصين في الإقتصاد
الشيخ محمد العصيمي
الشيخ عبدالعزيز الفوزان
الشيخ عبدالله السلمي
الشيخ خالد الدعيجي
الشيخ أحمد خليل
الشيخ يوسف الأحمد
وغيرهم
ـ[العارض]ــــــــ[16 - 12 - 05, 02:47 م]ـ
السلامة لاتعدلها شئ
ـ[المسيطير]ــــــــ[18 - 12 - 05, 02:27 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/174)
سئل سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله
عن حكم الإكتتاب في شركة ينساب
في محاضرة ألقاها الشيخ عبد العزيز السدحان
بعنوان من أحكام الجنائز والحداد والتعزية
وقد ألقيت المحاضرة في الجامع الكبير
مساء يوم الخميس الموافق 13/ 11 / 1426 للهجرة
وقد أجاب سماحة المفتي عن الأسئلة التي عرضت عليه عقب المحاضرة ,
وكان من ضمنها سؤال هذا نصه:
هذه بعض الأسئلة تسأل عن الإكتتاب في شركة سابك ينساب
يقول هل لسماحتكم فتوى في هذه المسألة؟؟
وجزاكم الله خيراً ,,,
فأجاب سماحته:
الحقيقة هذه الشركات الأصل عندنا إن الشركات السعودية الأصل أنها مباحة هذا مافيه إشكال سواء الكهرباء أو الغاز أو سابك أو غيرها , الأصل فيها أنها مباحة هذا أمر لاينازع فيه,,
إنما من توقف يقول: إن هذه الشركات يوجد لها نصيب أوجزء من أجزاء مالها إمّا أنهم أخذوا قروضاً من البنوك الربوية , أو أنهم أودعوا أموالهم وربطوها لأجل حساب البنوك الربوية,
فهذا توقف من توقف وقال: مادام أن هذه الشركات تأخذ بقروض وتودع بقروض فمعنى أن الربا يشكّل جزء من رأس مالها,,,,
ومن قائل أن يقول: إذا كانت الشركات تصدر بيانات كل ثلاثة أشهر توضح فيها دخل ونسبة الربا الذي حصل سواء من طريق الإيداع أو من طريق الإقتراض وعلمتَ مقدار النسبة الربوية وتخلصت منه بأن أخذته وتصدقت به لا من باب الصدقة ولكن من باب التخلص منه , فإن الغالب أن هذه الشركات توضح رأس مالها - أرباحها - وماهي الأرباح
إن كانت قد أودعت فإنها تذكر ربح ذلك الودائع , وإن كانت قد أقرضت فإنها تذكر ماصرفته في القروض,
فإذا علمت المقدار وتخلصت منه فلعل الأصل الإباحة لأنك لاتستطيع أن تحرّم هذه الشركات التي الأصل فيها الإباحة,,,
وأنك تتوقف تورعاً ودع مايريبك إلى مايريبك فباب الورع من المحرمات باب الورع باب عظيم والله يمن على من يشاء,,,,.
وهذا رابط المحاضرة لمن أراد أن يستمع لها
وبالله التوفيق
http://www.musahim.biz/showthread.php?t=126667
http://liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=19985
ـ[أحمد المحيل]ــــــــ[20 - 12 - 05, 12:29 ص]ـ
رسائل عاجلة في شركة ينساب
د. يوسف الأحمد
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد.
فقد واجهت كما واجه غيري من المشايخ وطلاب العلم كماً هائلاً من أسئلة الناس عن حكم الاكتتاب في شركة "ينساب"، وهي ظاهرة طيبة تتزايد ولله الحمد مع نشر الوعي في المجتمع، وهي دلالة على حرص الناس على البعد عما حرم الله، وقد وجد الناس فراغاً واضحاً في الفتيا الجماعية، حتى بادر بعض المشايخ وفقهم الله بالفتيا الفردية المكتوبة، أو الشفوية في القنوات الفضائية، فرأيت من المناسب أن أبعث حول هذا الموضوع بثلاث رسائل:
الأولى: رسالة عامة في بيان حكم الاكتتاب فيها.
والثانية: إلى طلاب العلم المهتمين بهذه المسائل.
والثالثة: إلى رئيس أعضاء مجلس إدارة شركة "ينساب".
أما الأولى: فبعد النظر في نشرة الإصدار لشركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات " ينساب" الصادرة في 5/ 11/1426هـ، تبين أنها قائمة على النظام الرأسمالي الربوي، وأنها لم تلتزم بشرع الله تعالى في معاملاتها المالية، ويظهر ذلك من خلال الآتي:
أولاً: أعلنت "ينساب" عزمها على إيداعات ربوية في بنوك محلية، وأن النسبة الربوية مقدارها (4.85%)، ومقدار الإيداع الربوي بالريالات (5.556.657.000) والذي يمثل (98.58%) من مجموع رأس مال الشركة (5.625.000.000)، وأن رأس المال يشمل أسهم المكتتبين المؤسسين وعموم الناس.
وقد صرحت الشركة بأنها بدأت مزاولة النشاط المالي لها بإيداع ما تحصل لها من أموال المؤسسين، وقد عاد إليها من الفوائد الربوية حتى صدور النشرة (4.375.000ريالاً).
ثانياً: التزمت "ينساب" بفائدة ربوية لشركة سابك مقدارها (10.000.000ريال) مقابل قرض مالي مقداره (1.208.510.000ريال).
ثالثاً: حصلت سابك لصالح "ينساب" التزاماً خطياً من أحد البنوك الربوية العالمية ABN AMRO على قرض ربوي صرف قيمته (13.125.000.000) ثلاثة عشر ملياراً، ومائة وخمس وعشرون مليون ريال سعودي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/175)
ثم ذكرت النشرة بأن البنك - وليس الشركة - يقوم الآن بالتفاوض مع المصارف الدولية والإقليمية والمحلية لتقديم قروض تجارية وإسلامية عادية للمشروع.
وهذا يعني أن البنك سيحصل هذه القروض مع من سيتم الاتفاق معه، ثم سيقرضها البنكُ للشركة بفائدة ربوية، وعليه فإن البنك لو حصَّل بعض التمويل بالمرابحة الإسلامية فإنه سيقرضها للشركة " ينساب " بقرض ربوي.
وبناءً على ما سبق؛ فإن الاكتتاب في شركة ينساب محرم شرعاً.
ووجه التحريم: أن المكتتب شريك معهم، ومفوض لهم في الإدارة المالية، وموافق على ما تضمنته نشرة الإصدار، الذي وقع العقد معهم بناءً عليها، ولا فرق في التحريم بين المكتتب والمساهم بعد التداول والمضارب.
والربا أعظم ذنب في الإسلام بعد الكفر بالله، وقتل النفس التي حرم الله، حتى لو كان يسيراً، ومن تأمل النصوص الواردة في حرمة الربا أدرك عظم هذه الجريمة، ومن هذه النصوص:
قول الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ)) (البقرة 278، 279).
وحديث جابر بن عبد الله- رضي الله عنه- قال: ((لعن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه. وقال: هم سواء)) أخرجه مسلم.
وعن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ((درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية)) أخرجه أحمد بسند صحيح.
وعن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ((الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه .. )) أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي. والحديث صحيح بمجموع شواهده.
وليس من المناسب بعد هذه النصوص تخفيف كلمة الربا عند الناس كتسمية الفوائد الربوية بالعوائد البنكية، وتسمية الشركات الربوية بالمختلطة، وتسمية البنوك الربوية بالتقليدية، والصواب أن تسمى الأمور بأسمائها الشرعية؛ فيقال بنك ربوي، وشركة مختلطة بالربا، ونحو ذلك، حتى لا يغرر الناس في دينهم.
الرسالة الثانية: إلى أهل العلم الذي أفتوا بالجواز أو المنع أو توقفوا.
إن الأيسر للناس، والأصلح لهم، والأرفق بهم، ما كان في شرع الله حتى لو كان الحكم بالتحريم، والعلماء إنما يبينون الحكم للناس وفق الكتاب والسنة، ولا يقدمون الرأي على النص، وكل مصلحة تعارض النص فهي ملغاة كما هو مقرر في علم الأصول.
ثم إن الفتيا بالجواز في هذه الشركة وأمثالها أوسع من أن تكون جواباً على سؤال، بل يترتب عليها عدد من المفاسد الكبرى؛ فإن الإصلاح في الميدان الاقتصادي وإبعاده عن الربا، وما حرم الله لا يزال متأخراً جداً مقارنة بغيره، وهذه الشركة وأمثالها قد وضعت مؤسسات ضخمة في الاستشارة المالية والقانوية، ودراسة السوق والعلاقات العامة، بينما لم تضع جهة أو لجنة للاستشارة الشرعية؛ فهي تتبنى الإعراض عن اللجان الشرعية، ويبقى مجلس الإدارة على وجل حتى يتقدم واحد أو أكثر من أهل العلم بالفتيا بالجواز، فيقبل الناس أفواجاً على الاكتتاب، وقد ظن المفتي بالجواز أن في ذلك المصلحة، والرفق بالناس، والتدرج في الإصلاح.
وليس الأمر كذلك، فإن الفتيا بالجواز من أهم أسباب تأخر المشروع الإصلاحي في الميدان الاقتصادي؛ لأن الفتيا بالجواز سبب أساس في بقاء الشركات الربوية؛ وإضعاف الشركات الإسلامية الناشئة، وقد شهد الواقع بأن الفتيا بالجواز: أكبر وسيلة تسويقية للاكتتاب، وارتفاع الأسهم بعد التداول، وضخ الأموال الطائلة في جيوب أكلة الربا من المكتتبين المؤسسين، أو البنوك الربوية؛ لأن معظم الناس يقدم أو يحجم بناءً على الفتوى.
ولما كان الأمر بهذه المثابة، فإني أدعوا أهل العلم والفضل إلى الفتيا الجماعية في هذه القضية وأمثالها، واشتراط وضع اللجان الشرعية والرقابية المستقلة، والتي ترشحها المجامع الفقهية، أو دار الإفتاء، أو الأقسام الفقهية في الكليات الشرعية.
الرسالة الثالثة: إلى رئيس مجلس إدارة شركتي "سابك" و "ينساب" وأعضائهما، فإني أوصيهم بتقوى الله تعالى، وأدعوهم إلى إعلان التوبة إليه من جريمة الربا وإشاعته، والمسارعة في التزام شرع الله، فإن الدنيا فانية، والآخرة هي دار القرار، وأن يتذكروا بأنهم داخلين في وعيد حديث جابر مرفوعاً: ((لعن الله آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء)) أخرجه مسلم.
وأن إصرارهم على هذا العمل إيذان بحرب من الله ورسوله.
قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)) (البقرة:278).
وبهذا تنتهي الرسائل، والحمد لله رب العالمين,,,
المصدر: شبكة نور الاسلام
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/176)
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[20 - 12 - 05, 01:19 ص]ـ
السؤال:
ما حكم شراء أسهم شركة ينساب؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
يجب على المسلم تحري أكل الحلال الطيب، واجتناب الخبيث المحرم، فإن أكل الحرام سبب من أسباب عدم إجابة الدعاء، بل هو سبب عظيم من أسباب دخول النار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به) رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع (4519)، وقد حذرنا الله تعالى من فتنة المال فقال: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) الأنفال/28.
وما من إنسان إلا سيسأل عن ماله يوم القيامة: من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟
فليحرص المسلم على أن يكتسب المال من وجه حلال، ويؤدي حق الله تعالى فيه.
ثانياً:
من المحرمات التي لا يشك مسلم في تحريمها: الربا، فقد ورد عليه الوعيد الشديد من الكتاب والسنة، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) البقرة/278 - 279.
ولعن الرسول صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال: (هم سواء) رواه مسلم (1598).
وشدَّد الرسول صلى الله عليه وسلم في أكل الربا مهما كان المال يسيراً، حتى قال صلى الله عليه وسلم: (دِرْهَمٌ رِبًا يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَشَدُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً) رواه أحمد (21450) وصححه الألباني في صحيح الجامع (3375)
وهذا يوجب على المسلم نوعاً من الحذر من هذه المعصية الكبيرة.
ثالثاً:
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات (ينساب) هي شركة مساهمة سعودية تحت التأسيس، وأصل نشاط الشركة مباح (تصنيع المنتجات البتروكيماوية)، غير أنها لا تمانع من تمويل مشروعاتها بالقروض الربوية، فقد جاء في النشرة المفصلة للاكتتاب في هذه الشركة ينساب (ص 29) أن الشركة مقدمة على تمويل بمبلغ يقارب 13 مليار ريال سعودي، وقد نصت الشركة على أن البنك الملتزم بتدبير المبلغ يقوم " حاليا بالتفاوض مع المصارف الدولية والإقليمية والمحلية وبعض الجهات شبه الحكومية لتقديم قروض تجارية (أي: ربوية) وإسلامية عادية للمشروع "
وهذا القرض الربوي لم يتم إلى الآن، ولكنه يدل على أن الشركة لا مانع لديها من تمويل مشروعاتها بقروض ربوية.
ومن خلال قائمة المركز المالي المستقبلية للشركة في 31/ 1/ 2006م وهو تاريخ التأسيس المتوقع، يتبين أن الشركة تتعامل بالفعل بالربا أخذاً وإعطاءً وبيان ذلك فيما يلي:
1 - للشركة رصيد لدى البنوك (وديعة إلى أجل) تتقاضى عليه فائدة ربوية سنوية بنسبة 4.85% تقريباً.
وقد حققت هذه الوديعة فائدة ربوية قدرها 4.375.000 ريال سعودي.
2 - جاء في قائمة المركز المالي المستقبلية أن شركة ينساب قد اقترضت من شركة سابك
1.2 مليار ريال سعودي تقريباً، وسيضاف إلى هذا القرض عمولة (أي فائدة ربوية) قدرها 10 مليون ريال سعودي.
ونظراً لأن أصل نشاط هذه الشركة مباح (تصنيع المنتجات البتروكيماويات) غير أنها دخلت في بعض المعاملات المحرمة، فهذه الشركة لا تعد من الشركات النقية التي تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية في معاملاتها.
ولكنها - كما يسميها البعض - من الشركات المختلطة، وقد اختلف العلماء والباحثون المعاصرون في حكم المساهمة في مثل هذه الشركات.
فجمهور العلماء المعاصرين على تحريم المساهمة فيها.
وممن ذهب إلى هذا القول:
1 - مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، ونص قراره: " الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحيانا بالمحرمات، كالربا ونحوه، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة " " مجلة المجمع الفقهي " (7/ 1/ 712).
2 - المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة، ونص قراره: " لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالما بذلك ". قرارات المجمع الفقهي (ص 297).
3 - سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله وعلماء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (13/ 407).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/177)
4 - الهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويت، والهيئة الشرعية لبنك دبي الإسلامي، وهيئة الرقابة الشرعية للبنك الإسلامي السوداني.
وقد استدل هؤلاء بأدلة من الكتاب والسنة تدل على تحريم الربا قليله وكثيره، وكما يحرم على الإنسان أن يستثمر جزءاً من ماله ـ ولو يسيراً ـ في معاملات محرمة، فكذلك يحرم عليه المشاركة في شركات تتعامل بالحرام، لأن المال المستثمر هو ماله، لأنه شريك في الشركة بمقدار ما معه من أسهم.
وذهب بعض العلماء والباحثين المعاصرين إلى جواز المساهمة في مثل هذه الشركات المختلطة، ولكن بضوابط معينة، وممن ذهب إلى هذا القول فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله والشيخ عبد الله بن منيع.
وأخذ بهذا القول عدد من الهيئات الشرعية لبعض البنوك الإسلامية، كالهيئة الشرعية لشركة الراجحي، والهيئة الشرعية للبنك الإسلامي الأردني.
وقد اشترط هؤلاء بعض الشروط لجواز المساهمة في مثل هذه الشركات.
منها: ألا تتجاوز نسبة المصروفات المحرمة 5% من إجمالي مصروفات الشركة، وهذا الضابط توجهت إليه الهيئات الشرعية أخيرا، وسوف يطبق على قوائم الشركات في العام الميلادي القادم.
ومصروفات هذه الشركة (ينساب) المحرمة بلغت 7.5% من إجمالي المصروفات مما يعني عدم توفر هذا الشرط.
ومنها: ألا تتجاوز نسبة الإيرادات المحرمة نسبة معينة، تختلف الهيئات في تحديدها، غير أن هذه الشركة (ينساب) تخالف النسب التي حددتها جميع الهيئات، حيث إن نسبة الإيرادات المحرمة فيها - إلى الآن - 100%. حيث إنها ما زالت تحت التأسيس والإيرادات التي حصلتها إنما هي فوائد ربوية.
والحاصل: أن هذه الشركة لا تتفق مع الضوابط التي وضعتها الهيئات الشرعية التي ترى جواز المساهمة في الشركات التي أصل عملها مباح، ولكنها لا تخلو من بعض المعاملات المحرمة، وعلى هذا فالمساهمة في هذه الشركة حرام ولا تجوز، على كلا القولين: قول جمهور العلماء الذين يحرمون المساهمة في الشركات التي تتعامل معاملات محرمة، حتى ولو كان أصل نشاطها مباحاً، وعلى قول من أجاز المساهمة فيها بشروط وضوابط معينة، لأن هذه الشركة لا تلتزم بتلك الضوابط.
غير أن بعض الهيئات الشرعية والباحثين، قد أفتى بجواز المساهمة فيها، مع مخالفتها للضوابط والشروط، وقد يعتذر بعضهم بأنه لا يطبق الشروط على شركة حتى تتداول أسهمها في السوق، ومن ثَمَّ يحكم عليها.
والواجب هو الحكم على الشركة بناء على واقعها الآن، فإذا ما تغير في المستقبل فلكل حدث حديث، ولا يصح الحكم على شركة بجواز المساهمة فيها بناء على أنها سوف تكون موافقة للشروط في المستقبل، وإن كانت تخالفها الآن.
وللشيخ الدكتور محمد بن سعود العصيمي والشيخ خالد بن إبراهيم الدعيجي فتوى في تحريم المساهمة في هذه الشركة، وقد استفدنا منهما عند كتابة هذا الجواب.
وأخيراً:
فإننا ننصح القائمين على هذه الشركة بأن يتقوا الله تعالى، ويتجنبوا محارمه، وينقوا معاملاتهم من الحرام، حتى يدخلوا في عداد الشركات النقية، وحتى لا يُضَيِّقوا على الناس أو يطعموهم الحرام. والله الموافق
والله تعالى أعلم.
الإسلام سؤال وجواب ( www.islam-qa.com)
http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&
السؤال
R=72446&dgn=4
ـ[محمد الحمدان]ــــــــ[20 - 12 - 05, 01:03 م]ـ
رأيتُ هنا فتوى لفضيلة الشيخ د. يوسف الأحمد وهو يرى تحريم المساهمة في شركة ينساب
ولكن للمعلومية فالشيخ يوسف الأحمد يرى (حرمة تداول الأسم) ابتداءً!!
حتى (بنك البلاد) متوقّف فيه،و يقول: من ناحية النظر الفقهي: يحرم تداول الأسهم عموماً.
ولكن من ناحية الفتيا فلم أجد من يقول بهذا.اهـ
ـ[نياف]ــــــــ[20 - 12 - 05, 02:55 م]ـ
رأيتُ هنا فتوى لفضيلة الشيخ د. يوسف الأحمد وهو يرى تحريم المساهمة في شركة ينساب
ولكن للمعلومية فالشيخ يوسف الأحمد يرى (حرمة تداول الأسم) ابتداءً!!
حتى (بنك البلاد) متوقّف فيه،و يقول: من ناحية النظر الفقهي: يحرم تداول الأسهم عموماً.
ولكن من ناحية الفتيا فلم أجد من يقول بهذا.اهـ
للفائدة موقع الشيخ يوسف الأحمد حفظه الله
http://www.islamlight.net/alahmad/
ـ[هشام بن سعد]ــــــــ[20 - 12 - 05, 09:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/178)
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد:
فقد كثرت الأسئلة والاستفتاءات حول حكم الاكتتاب في شركة ينساب (ينبع الوطنية للبتروكيميائيات) فأقول وبالله التوفيق:
أفادت نشرة الإصدار عن هذه الشركة بأنها قد حصلت على عمولات بنكية كما وقعت اتفاقية مع بعض البنوك تمكنها من الحصول على قروض تجاريه (بفوائد ربوية) ومرابحة إسلامية، فهي بهذا تعد من الشركات المختلطة، وقد اختلف العلماء المعاصرون في حكم الشركات المختلطة، فمنهم من أجازها بضوابط، ومنهم من منعها، والقول بالمنع هو الأقرب ـ والله تعالى أعلم ـ وهو رأي جماهير العلماء المعاصرين، وأخذ به مجمع الفقه الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي، وجاء في قرار مجمع الفقه بالرابطة- برئاسة شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله (والتحري في ذالك واضح لعموم الأدلة من الكتاب والسنة في تحريم الربا، ولأن شراء أسهم الشركات التي تتعامل بالربا مع علم المشتري بذلك يعني اشتراك المشتري نفسه في التعامل بالربا، لأن السهم يمثل جزءاً شائعاً من رأس مال الشركة، والمساهم يملك حصة شائعة في موجودات الشركة، فكل مال تقرضه الشركة بفائدة أو تقترضه بفائدة فللمساهم نصيب منه لأن الذين يباشرون الاقتراض والإقراض بالفائدة يقومون بهذا العمل نيابة عنه والتوكيل بعمل المحرم لا يجوز) ا. هـ.
ومع أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة إلا أن الشريعة الإسلامية قد شددت في الربا تشديداً بالغاً ولو كان الربا يسيراً لا يكاد يذكر كما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال: (أينقص الرطب إذا يبس؟) قالوا: نعم، فنهى عن ذلك أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وهو حديث صحيح، فلم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم في بيع الرطب بالتمر ولو مع التماثل في الكيل والتقابض – فلا يجوز بيع صاع تمر بصاع رطب ولو مع التقابض – لأن الرطب سوف ينقص إذا يبس، مع أن الفارق يسير بل يسير جداً ومع ذالك منع منه النبي صلى الله عليه وسلم فهذا مما يرجح القول بمنع الاكتتاب وتداول الشركات المختلطة ولو كانت نسبة الربا فيه قليلة، وبهذا يتبين تحريم الاكتتاب في هذه الشركة.
وإنني أدعو القائمين على هذه الشركة أن يتقو الله تعالى ويذروا الربا فإن الربا من كبائر الذنوب وقد آذن الله تعالى فيه بالحرب ...
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .....
كتبه: د/سعد بن تركي الخثلان
عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
18/ 11/1426هـ
ـ[المسيطير]ــــــــ[20 - 12 - 05, 10:16 م]ـ
عنوان الفتوى: الإكتتاب في شركة ينساب
المفتي: د. عبدالكريم بن عبدالله الخضير
رقم الفتوى: 13456
تاريخ الفتوى: 19/ 11/1426 هـ -- 2005 - 12 - 20
السؤال
ما حكم الإكتتاب في شركة ينساب؟
الإجابة
الحمد لله وبعد
لقد حدثني الثقات من أهل الخبرة أنها من الشركات المختلطة فعلى هذا لا يجوز المساهمة بها بل لا يجوز المساهمة بأي شركة يوجد بها فوائد أو قروض ربوية ولو بنسبة واحد في المليون
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم
http://www.islamlight.net/index.php?option=com_ftawa&task=view&id=13456&Itemid=35
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[20 - 12 - 05, 10:59 م]ـ
الأخ محمد الحمدان بارك الله فيك
هل لك أن توثق مانقلته عن الشيخ الأحمد من القول بتحريم
التعامل بالأسهم مطلقا فالذي مذكور في موقع الشيخ هو
عدم ابداء الرأي في ذلك حتى يناقش الشيخ أهل الاختصاص الفقهي كما ذكر
واليك ما قاله الشيخ:
المساهمة في الشركات
9/ 11/1426 هـ
2005 - 12 - 10 د. يوسف بن عبد الله الأحمد
الشركات نوعان:
النوع الأول: شركات ذات نشاط محرم؛ كالبنوك الربوية، وكشركات بيع الدخان، وأشرطة الغناء، والمجلات التي تحوي صوراً محرمة، فهذه لا يجوز المساهمة فيها، لأن عملها محرم، والتحريم في هذا النوع واضح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/179)
النوع الثاني: شركات ذات نشاط مباح، ولكنها تقرض وتقترض بالربا، وهذا النوع من الشركات لا يجوز المساهمة فيها، ووجه التحريم: أن السهم ملك مشاع في الشركة؛ فأي نشاط للشركة فالمساهم شريك فيه، وعليه فإنه لا يجوز المساهمة في الشركات التي تقترض وتقرض بالربا، قال الله تعالى: ((" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ")) (البقرة 278، 279). وعن جابر بن عبد الله- رضي الله عنه- قال: (" لعن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- آكل الربا، ومؤ كله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء ") أخرجه مسلم.
وقد قال بعض أهل العلم المعاصرين بالتفصيل بين الربا الكثير والربا اليسير، فإن كان الربا قليلاً جاز وإلا فلا.
وحددوا الربا اليسير وفق الشروط الآتية:
1. ألا يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا عن الثلث، والرأي الآخر ألا يتجاوز 25% من إجمالي موجودات الشركة.
2. ألا تتجاوز الفوائد الربوية، أو أي عنصر محرم عن 5% من إيرادات الشركة.
3. ألا يتجاوز الإقراض بالربا، أو أي استثمار أو تملك محرم عن 15% من إجمالي موجودات الشركة.
وقد عللوا الجواز بالحاجة، وعموم البلوى، فجميع الشركات الكبرى المساهمة ترابي إلا ما ندر، والناس بحاجة إلى تنمية أموالهم ولا يجدون إلا هذه الشركات، وخصوصاً أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة، وفي القول بالتحريم تضيق عليهم، ومتى ما اندفعت هذه الحاجة عاد الحكم إلى التحريم، وتندفع الحاجة بوجود الشركات الملتزمة بالضوابط الشرعية.
والقول الراجح في المسألة هو التحريم:
1. لأن الربا محرم شرعاً قليله وكثيره، وقد أجمع العلماء على حرمته مطلقاً، ولا أعرف أحداً من أهل العلم المتقدمين قال بجواز ربا النسيئة عند الحاجة، إذا كان أقل من الثلث، بل جاءت النصوص بتعظيم جريمة الربا، حتى لو كان قليلاً؛ فعن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (" درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية ") أخرجه أحمد بسند صحيح. وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (" الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه .. ") أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي، والحديث صحيح بمجموع شواهده.
2. لو سلمنا جدلاً بالجواز عند الحاجة، فإن المساهمة في هذه الشركات ليست من الحاجة؛ لأن حاجة تنمية الأموال مندفعة بأنواع التجارة الأخرى؛ كالبيع والشراء الفردي، أو بالتوكيل، أو بالمضاربة، أو بأسهم شركات العقار التي لا تتعامل بالربا، وهي كثيرة ولله الحمد وغير ذلك.
3. أن هذا القول: (وهو القول بجواز المساهمة في الشركات التي تتعامل بالربا القليل): فيه إسهام في بقاء هذه الشركات على هذا المسلك الربوي، ودعوة لمشاركة الناس فيها، وتضييق ضمني للشركات الإسلامية الناشئة.
ولو كانت الفتوى صريحة في المنع، للجأت هذه الشركات- إن شاء الله- في بلاد المسلمين إلى وضع اللجان الشرعية، والبعد عن الربا؛ لأن معظم الناس أقدموا على المساهمة بناءً على الفتوى الشرعية، وخصوصاً مع الوعي الشرعي في السنوات الأخيرة، والمشايخ يدركون هذه الحقيقة من خلال كثرة أسئلة الناس عنها، والتي ربما طغت على أسئلتهم في الطهارة والصلاة.
النوع الثالث: النوع الثاني: شركات ذات نشاط مباح، وهي لا تقرض ولا تقترض بالربا، والمساهمة فيها جائزة، لبعدها عن المحرمات.
أما تداول أسهمها بيعاً وشراءً من خلال المحافظ، فله تفصيل آخر، ولا أريد عرضه الآن حتى أناقشه مع أهل الاختصاص الفقهي.
http://www.islamlight.net/alahmad/index.php?option=*******&task=view&id=2128
ـ[الرايه]ــــــــ[21 - 12 - 05, 06:43 م]ـ
عشرة أسئلة حول ينساب
د. يوسف الشبيلي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد
فقد كنت كتبت فتوى بينت فيها جواز الاكتتاب في شركة ينساب، وقد ورد إلى الموقع استفسارات كثيرة جداً عن بعض النقاط المتعلقة بالفتوى، وفيما يلي أبرز هذه الأسئلة وإجاباتها:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/180)
1 - هل سبقكم أحد إلى القول بجواز المساهمة في مثل هذه الشركة؟
نعم، فهذا هو رأي العلامة الشيخ محمد العثيمين، والشيخ عبد الله بن بسام رحمهما الله، وعليه العمل في معظم الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية، وأنصح الإخوة الذين اكتتبوا أن يحضروا الجمعية العمومية الأولى التي ستعقد بعد الاكتتاب مباشرة لحث المسئولين على التقيد بالضوابط الشرعية.
2 - جاء في نشرة الإصدار أن الشركة وضعت أموالها بودائع ربوية، فهل يعد المساهم بذلك موكلاً للشركة بهذا التصرف؟ وهل يعتبر الاكتتاب إعانة للشركة على التعامل بالربا؟
لا يعد موكلاً لها بذلك. فالوكالة منتفية هنا؛ لأن هذا الإيداع سابق لإنشاء الشركة وللاكتتاب، وهو تصرف من شركة سابك -المؤسس الرئيس للشركة-.ولا يعد المساهم بذلك معيناً على التعامل بالربا؛ لأن الأموال التي وضعت في الودائع هي الأموال الخاصة بالمؤسسين، كما نصت على ذلك نشرة الإصدار. وأما أموال المكتتبين (المساهمين)، فإنها توضع في حسابات جارية - (أي بلا فوائد) - لدى البنوك المستلمة، وحيث إن الشركة لم تتأسس إلى الآن، فسيتم ضم أموال المساهمين مع أموال المؤسسين وقت التأسيس -أي بعد التخصيص- ثم تصرف تلك الأموال في تنفيذ المشروع الذي بدأت به شركة سابك.
3 - إذا كانت أموال المؤسسين قد حققت فوائد، فهذا يعني أن بعض موجودات الشركة محرمة، فهل يحرم الاكتتاب؟ لأن المساهم سيملك هذا الجزء المحرم.
هذا غير صحيح؛ لأمرين:
الأول: أن المساهم لا يملك موجودات الشركة، إذ إن من خصائص الشركة المساهمة أن لها شخصية اعتبارية مستقلة عن المساهمين، وموجوداتها ملك لها وليست ملكاً للمساهمين، والمساهم يملك أسهماً تعطيه حقوقاً في الشركة وليست حصة شائعة فيها، ولو قيل: إن الأسهم حصص شائعة في موجودات الشركة المساهمة لكانت أسهم البنوك الإسلامية أشد تحريماً من أسهم الشركات ذات النشاط المحرم؛ لأن أغلب موجودات البنوك الإسلامية نقود وديون، فالذي يبيعها إنما يبيع نقوداً وديوناً، وهو أمر لا يجوز، بل ويلزم على ذلك تحريم تداول أسهم أي شركة، إذ لا تخلو موجودات أي شركة من نقودٍ وديونٍ مقصودة فيها.
والثاني: وعلى فرض أن موجودات الشركة مملوكة للمساهمين، فإن نسبة الجزء المحرم في الشركة لا يتجاوز واحد بالألف من أصولها (الفوائد 4.3 مليون، والأصول 5 مليار) وهذه النسبة ضئيلة جداً لا تقتضي تحريم السهم كله، بل يتخلص من الجزء المحرم منه ويبقى ما عداه مباحاً، فعلى هذا متى ما حصل المساهم على شيءٍ من إيرادات الشركة التي توزعها والودائع باقية بحالها فإنه يخرج واحد بالألف من تلك الإيراد، وبذا لايكون قد دخل ماله شيء محرم.
4 - هل يفهم من الكلام السابق أن الربا اليسير مباح؟
حاشا لله من ذلك، فالربا محرم كله يسيره وكثيره، وإنما الإثم على المؤسسين والقائمين على الشركة، وأما المساهم الذي لم يرض بذلك فإنه لم يملك هذا الربا ولم يعن عليه؛ لأن الأسهم صكوك مالية تتأثر بالعرض والطلب لا بنشاط الشركة، وتداولها منفصل عن الشركة.
5 - ذكرتم أن نسبة الربا في أموال المؤسسين واحد بالألف مع أنه ذكر في نشرة الإصدار أن نسبة الفائدة على أموال المؤسسين 4.85%.
النسبة التي ذكرت في السؤال وهي 4.85% هي الفائدة السنوية المستحقة على أموال المؤسسين، إلا أن مدة بقاء هذه الأموال في الودائع إلى وقت التأسيس لا تتعدى بضعة أسابيع، فالفائدة المستحقة عليها خلال هذه الفترة لا تتجاوز واحداً بالألف.
6 - هل صحيح أن نسبة الاستثمارات المحرمة 80% ونسبة الإيرادات المحرمة 100%؟ وبهذا لا تنطبق على الشركة المعايير التي يضعها المجوزون للشركات المختلطة.
هذا الكلام غير صحيح، فإن الشركة لا تخرج عن المعايير التي يضعها القائلون بالمختلطة؛ لأمرين:
الأول: أن من العلماء من يرى جواز المساهمة في الشركات المختلطة التي نشاطها في أغراضٍ مباحة بصرف النظر عن نسبة القروض أو الاستثمارات المحرمة التي عندها، ومن هؤلاء العلامة الشيخ محمد العثيمين والعلامة الشيخ عبد الله بن بسام رحمهما الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/181)
والثاني: أن الهيئات الشرعية التي تضع معايير لاستثمارات الشركة وإيراداتها المحرمة تقصد من ذلك التأكد من أن الشركة لا تعتمد في دخلها على الاستثمارات النقدية المحرمة وإنما تعتمد على الأنشطة التشغيلية، وشركة ينساب لم تتأسس بعد فضلاً عن أن تكون قد بدأت نشاطها، وهذه المرحلة هي مرحلة تجميع الأموال للبدء في النشاط. فمعاملة الشركة تحت التأسيس بالشركة القائمة بمعيار واحد حرفية تدل على عدم فهم المقصود من هذا المعيار.
ومع ذلك فإن استثمارات شركة ينساب وإيراداتها المحرمة لا تتعارض مع معايير الهيئات الشرعية؛ لأمور:
1 - أن الإيرادات والاستثمارات المذكورة في نشرة الإصدار متوقعة في لحظةٍ زمنيةٍ قادمة، ومن المؤكد أن تلك التوقعات ستتغير بشكلً جذري قبل تلك اللحظة و بعدها، بينما معايير الهيئات الشرعية تتحدث عن بنودٍ محققة في فترة سابقة.
2 - أن الشخص حين يكتتب فإنه يدفع المال مقابل أسهمٍ خاليةٍ تماماً من أي فائدة أو استثمار محرم؛ لأن أموال الاكتتاب هي زيادة في رأس المال، وليست شراءً لحصةٍ موجودة في شركةٍ قائمة.
3 - أننا حين نقيم الشركة من الناحية الشرعية فإننا ننظر إلى الأموال التي تدفقت على خزينة الشركة خلال فترة معينة، والأموال المتدفقة على الشركة خلال فترة التأسيس منها خمس مليارات أموال مباحة –وهي رؤوس أموال المؤسسين والمساهمين- وتعادل تسعمائة وتسعة وتسعين بالألف من أموال الشركة، وأربعة ملايين –وهي فوائد على أموال المؤسسين- وتعادل واحد بالألف من أموال الشركة.
7 - هل صحيح أن الشركة اقترضت من سابك مبلغ مليار ومائتي مليون ريال وسترد هذا القرض بفائدة تساوي عشرة ملايين ريال، وأن نسبة القرض المحرم 17%، ونسبة الفائدة إلى المصروفات 7.5%؟
هذا غير صحيح، فسابك بدأت بتنفيذ المشروع لصالح ينساب وستخصم تكلفة المشروع الذي نفذته من حصتها في الشركة الجديدة، فالعقد هنا ليس عقد قرضٍ أصلاً، ويدرج هذا التعامل في جميع الشركات تحت بند (ديون تجارية دائنة) ويدخل تحته عقود التوريد والمقاولات والبيوع الآجلة ونحوها من المديونيات. وفرق كبير بين القرض والدين، فالدين أعم من القرض، ولو اعتبر هذا قرضاً لحرمت جميع الشركات إذ لا تخلو أي شركة أو مؤسسة تجارية من ديون مستحقة. وأما العشرة ملايين فهي خدمة إسناد مستحقة للجهة المشرفة على تنفيذ المشروع فلا تكيف لاشرعاً ولا نظاماً ولا محاسبياً بأنها فوائد.
وأما ما ذكر في السؤال من أن نسبة الفائدة إلى المصروفات 7.5% فهي مبنية على فهمٍ خاطئ، إذ يجب أن تنسب الفوائد المدفوعة –على فرض وجودها- إلى جميع المصروفات لا أن يقتصر على بندٍ واحدٍ من بنود المصروفات. فالشركة الجديدة ستدفع لسابك مليار ومائتي مليون ريال، فلو فرضنا أن العشرة ملايين ريال فوائد كما ذكر في السؤال –مع أنها ليست كذلك- فإن نسبة الفوائد 8.% أي أقل من واحد بالمائة.
8 - هل صحيح أن الشركة ستأخذ تمويلاً من بعض البنوك بعد الاكتتاب بمقدار 13 مليار؟
نعم هذا صحيح، إلا أن هذا التمويل قد يكون بقروض تجارية، وقد يكون بمرابحات إسلامية، كما ذكر في نشرة الإصدار، ولن يكون هذا التمويل إلا بعد تداول أسهم الشركة بثلاثة أشهر. فعلى هذا لا بأس بالاكتتاب ولكن من أراد أن يبيع أسهمه خلال الأشهر الثلاثة الأولى من بدء التداول فلا شيء عليه، وأما إن احتفظ بها إلى ما بعد ذلك فعليه أن يتابع وضع الشركة فإن كان التمويل الذي أخذته إسلامياً – وهذا هو المؤمل في القائمين على الشركة- فلا شيء عليه، وإن كان غير ذلك فقد يلزم المساهم أن يبيع أسهمه في ذلك الوقت وله ثمنها كله، ولا يلزمه إخراج شيء منها.
وسيتم بيان نوع التمويل الذي أخذته الشركة في حينه على الموقع: www.shubily.com
وإني لأرجو الله أن يكون جميع التمويل الذي ستأخذه الشركة تمويلاً إسلامياً، وأدعو القائمين على الشركة إلى تذكر الأمانة التي أنيطت في أعناقهم وأنهم سيحاسبون عليها يوم القيامة.
9 - هل يجوز الاكتتاب باسم شخصٍ آخر؟
إذا كان ذلك على سبيل المشاركة كأن يقول: خذ هذا المال ولي نصف الربح ولك نصفه فيجوز، وأما إذا كان على سبيل المعاوضة كأن يقول، ساهم باسمك عني ولك ألف ريال، فلا يصح.
10 - هل يجوز بيع الأسهم بعد طرحها للتداول؟
نعم، يجوز ذلك؛ لأن الأسهم صكوك متداولة، ولأن للشركة موجودات متعددة غير النقود، فقد بدئ بتنفيذ المجمع الصناعي منذ أكثر من سنة وما صرف فيه يزيد على مليار ومائتي مليون، فضلاً عن الحقوق المعنوية للشركة، ومنافع الموظفين فيها وقت التأسيس الذين يصل عددهم إلى المئات.
وختاماً فإني أوجه النصيحة لإخواني القائمين على الشركة بأن يتقوا الله في الأموال التي تحت أيديهم، وأن يبادروا بتحويل أموال المؤسسين إلى ودائع استثمارية موافقة للشرع، وأن يكون التمويل الذي ستحصل عليه الشركة تمويلاً إسلامياً، وقد كتبت مذكر تشتمل على مقترحات لصيغة تمويل شرعية وبعثت بها إلى المسئولين في الشركة من خلال موقع شركة سابك على الانترنت، فأرجو أن يعتنوا بهذا المقترح لعله يكون أنموذجاً لتمويل شرعي يفي بحاجة الشركة وتحذوها به الشركات الأخرى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
- من موقع الدكتور الشبيلي
http://69.20.50.243/shubily/qa/ans.php?qno=100
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/182)
ـ[الرايه]ــــــــ[21 - 12 - 05, 06:48 م]ـ
مقال بعنوان
لمن يجب أن توجه فتاوى الاكتتاب .. للشركة أم للمكتتبين؟
د. محمد اليماني
http://www.al-jazirah.com.sa/economic/20051221/in9.htm
ومما جاء فيه قول صاحبه
[وقد أشغل البعض نفسه في البحث عن مبررات لتجويز الاكتتاب بأن حجم المعاملات الربوية يسير، وأن في منعه تضييقا على الناس خاصة من أصحاب الدخول المتدنية.
وكان الأولى أن ينصرف تفكيره إلى المبدأ من أساسه حيث إن الشركة أقرت مبدأ الاقتراض بفوائد مصدراً من مصادر تمويلها سواء استخدمته الآن أم لا، وأقرت أيضا مبدأ الاستفادة من الفوائد التي تتيحها السيولة عن طريق إيداعها في حسابات ربوية. وبالتالي فإن أي مساهم مهما قلت مساهمته موافق صراحة على هذه التصرفات وشراؤه للسهم دليل موافقته. فالقضية ليست محصورة في كون الشركة اقترضت أم لا، وهل أودعت بفائدة أم لا، بل هي تتعلق بمبدأ عدم الممانعة في وجود معاملات ربوية. وفي هذا الإطار لا يمكن إغفال إصرار الأخت الكبرى لينساب شركة سابك على إصدار سندات بمليار ريال.
والمخرج من هذا الاضطراب يكمن في تصميم وضوابط معيارية يحكم من خلالها على الشركة من حيث كونها متوافقة مع الشريعة وهل يجوز شراء أسهمها أم لا.
على أن توضع هذه الضوابط من قبل فريق متخصص بشكل مستقل ومحايد، ومن يقيم الشركة فريق له أيضا صفة الحيادية والاستقلال. وربما تكون هذه الضوابط استرشادية في البداية ثم تأخذ صفة الإلزام.]
ـ[عبدالله حسين]ــــــــ[22 - 12 - 05, 02:02 ص]ـ
عنوان الفتوى: الإكتتاب في شركة ينساب
المفتي: د. عبدالكريم بن عبدالله الخضير
رقم الفتوى: 13456
تاريخ الفتوى: 19/ 11/1426 هـ -- 2005 - 12 - 20
السؤال
ما حكم الإكتتاب في شركة ينساب؟
الإجابة
الحمد لله وبعد
لقد حدثني الثقات من أهل الخبرة أنها من الشركات المختلطة فعلى هذا لا يجوز المساهمة بها بل لا يجوز المساهمة بأي شركة يوجد بها فوائد أو قروض ربوية ولو بنسبة واحد في المليون
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم
http://www.islamlight.net/index.php?option=com_ftawa&task=view&id=13456&Itemid=35
جزاكم الله خيرا اخي المسيطر ووالله ان هذا قول عالم رباني ولو واحد في المليون سبحان الله يقول الله عزوجل ((ولا تعاونوا على الاثم والعدوان)) ثم نقول ان الشركة غالب عليها الحلال وان الحرام يسير سبحان الله اين عقول الناس ام انها الدنيا ووالله انها الدنيا
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[26 - 12 - 05, 01:57 م]ـ
ممن أجاز الاكتتاب في شركة ينساب الشيخ الفقيه:عبدالرحمن الأطرم وفقه الله وذلك في برنامج الجواب الكافي في يوم الأحد الموافق 23/ 11/1426، وذكر أن أموال المؤسسين لم تودع في حسابات جارية ويؤخذ عليها فوائد، وإنما أودعت عن طريق المرابحة الإسلامية، وعلى هذا فلا إشكال فيها الآن، وإنما الإشكال إذا أرادات أن تقترض قروضا بفائدة، وهذا لم يحصل منها حتى الآن، فعلى هذا من اكتتب فيها وباع أسهمه قبل ثلاثة أشهر فليس عليه شيء كما يقوله الشيخ وفقه الله.
ـ[نياف]ــــــــ[28 - 12 - 05, 03:17 ص]ـ
سوق الأسهم .. على شفا انهيار
قراءة نقديّة لواقع المساهمات في السوق المحلي
د. يوسف بن أحمد القاسم * 22/ 11/1426
24/ 12/2005
ينطق واقعنا الحالي بما حدث به نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه، أمِن الحلال، أم من الحرام!! " أخرجه البخاري في صحيحه، وبوّب عليه (باب من لم يبال من حيث كسب المال)؛ فقد أصبح الحلال في نظر كثيرين هو ما حلّ في اليد أو الجيب، لا ما حلله الله تعالى، فلم يبالِ إن وقع المال في يده بسبب المساهمات الربوية، أو بسبب المضاربات والصفقات الناتجة عن طريق الغش والتدليس، أو عن طريق الكذب والتلبيس، أو نحو ذلك من الوسائل المحرمة في كسب المال؛ ولذا أصبح الواحد منا يدعو ويلحّ في الدعاء (يا ربّ يا ربّ) فلا يُستجاب له، ولو كان في سفر، أو كان أشعث أغبر!! لأن مطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟!
وبنظرة سريعة لما يشهده سوق الأسهم المحلي، نرى كثيراً من المخالفات الشرعية، والتي نوجز الكلام في أبرزها عبر النقاط الآتية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/183)
نرى بعض المسلمين –وللأسف- يدخل في الربا من أوسع أبوابه، فيلغ فيه ولوغاً لا يطهره الماء ولا التراب، فتراه يستثمر في أسهم البنوك الربوية، أو يضارب فيها، أو في أسهم شركات لا تتورع عن الربا، إيداعاً واقتراضاً واستثماراً، وبأي نسبة كانت ولو كثيرة، والعاقبة أن يُمحق هذا المال، أو تُمحق بركته، كما قال سبحانه: (يمحق الله الربا)، وأما صاحبه فقد آذن بحرب من الله ورسوله، وما الظن بمن أعلن الله تعالى الحرب عليه – عياذاً بالله- هذا واقع.
وواقع ثانٍ: ممن جعل إشاعة الكذب مطيّته في تحقيق المكاسب وجني الأرباح، فترى مجموعة من المساهمين أو المضاربين في السوق يشترون أسهماً في إحدى الشركات بثمن بخس، وعلى سبيل التواطؤ، ثم يشيعون خبراً ما عبر منتديات الإنترنت وعبر رسائل الجوال، ونحو ذلك مما ينتشر معه الخبر انتشار النار في الهشيم، فيشيعون –مثلاً- بأن رأس مال تلك الشركة سيرتفع بسبب منحة، أو بأن للشركة مستحقات لدى الدولة سوف تتسلمها في القريب العاجل، أو بأنها ستوقع عقوداً معينة مع إحدى الدول، ... إلخ، ويكذبون مع هذه الإشاعة مئة كذبة!! فيشيع الخبر في أوساط المضاربين، ولا سيما الصغار منهم ممن لا يعي حجم الخطر المحدق بهم، فيقبلون على شراء أسهم تلك الشركة، فترتفع قيمتها بسبب كثرة الطلب، ويبيع أولئك المشيعون للخبر ما لديهم من أسهم، ثم تهوي القيمة السوقية لتلك الأسهم، ويتضح أن هذا الارتفاع خيال لا واقع، فتقع الكارثة بسبب تلك الإشاعة الآثمة، وشعار هؤلاء المتلاعبين بالسوق المقولة السائدة "اشتر على الإشاعة وبعْ على الخبر!! " وهكذا تكون أموال الناس ألعوبة في أيدي من لا أخلاق له، ومن غش المسلمين فليس منهم. وهذا واقع ثانٍ.
وواقع ثالث: سببه الطلبات والعروض الوهمية، فهو نجش بصورة عصرية!! فترى بعض ضعاف النفوس –وللأسف- يعرض عبر شاشات التداول عروضاً وهمية من خلال بعض المحافظ التي يديرها بالوكالة، فيعرض –مثلاً- عشرة آلاف سهم بسعر معين في إحدى المحافظ، ثم يعرض من محفظة أخرى وفي بنك آخر عشرين ألف سهم بنحو ذلك السعر، وهكذا من محفظة ثالثة ورابعة ... ، ثم يشتري عدداً قليلاً من هذه الأسهم –كعشر المعروض مثلاً- من محافظ أخرى بالسعر المعروض، حتى يوهم من يراقب هذا التداول بأن لأسهم تلك الشركة قوة شرائية تستحق الاهتمام، وهو في الحقيقة مناقلة للأسهم بطريقة التدوير، فيقبل الأغرار من المضاربين بشراء أسهم تلك الشركة، فيبيع عليهم أسهمه بالسعر الذي خطط له، ثم تهوي القيمة السوقية مرة أخرى، فيرجع هو ويشتريها بثمن بخس، وهكذا يربح في الدخول والخروج، في البيع والشراء، وبأسلوب مبالغ في القبح والدناءة. وهذه صورة من صور النجش المحرم، والذي حذر منه النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله:"ولا تناجشوا" قال الخطابي:"النجش: أن يرى الرجل السلع تُباع فيزيد في ثمنها، وهو لا يريد شراءها، وإنما يريد بذلك ترغيب (السوام) فيها ليزيدوا في الثمن، وفيه غرر للراغب فيها ... " وقال النووي: "وهذا محرم بالإجماع، والإثم مختص بالناجش إن لم يعلم به البائع". والبائع هنا في هذه الصورة هو الناجش!!
وتتجلى هذه الصورة من الكذب والتدليس في أسهم الشركات التي لا يتفق واقع الربحية في أسهمها مع واقع الشركة نفسها، أو بمعنى أوضح مع مواقع القيمة الدفترية للشركة، فربما ترى الشركة خاسرة من حيث الواقع، ومع هذا ترى المساهمين يضاربون في أسهمها بأرباح خيالية ربما تزيد في السوق على 100% أو 200% من قيمتها الحقيقية! وهذا واقع ثالث.
وواقع رابع: وهو عدم الشفافية في بثّ المعلومات المتعلقة ببعض الشركات المساهمة، بحيث لا يطلع على الأخبار المؤثرة في أسهم تلك الشركات إلا أفراد معدودون أو بعض (الهوامير) بلهجة السوق، وربما كان لأحد أعضاء مجلس إدارة بعض الشركات أثر سلبي في هذا الواقع، فربما بثّ بعض المعلومات لأحد (الهوامير) لعرض شراء الأسهم قبل ارتفاع قيمتها السوقية، وربما كان ذلك لنسبة بينهما فيشتري الأسهم بثمن بخس على حين غفلة من بقية المساهمين، ثم يبيعها بعد ذلك بسعر غالٍ بعد أن تُحقّق ارتفاعاً بسبب ظهور تلك المعلومة، لعلمهم المسبق بارتفاع سقف الأسهم لتلك الشركة، أو بدمج هذه الشركة مع أخرى ... إلخ، مما يؤثر إيجاباً في قيمة تلك الأسهم ... وهكذا في سلسلة طويلة من اللعب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/184)
والعبث بأموال المساهمين وممتلكاتهم، والتي ربما تكون يوماً ما سبباً في انهيار الأسهم، مما ينذر بخطر –لا قدر- على أموال أولئك المساهمين.
وهنا أوجّه ثلاث رسائل:
الأولى: إلى هيئة سوق المال، بأن تقوم من سباتها، وأن تؤدي واجبها في هذا السوق، فتلاحق أصحاب الطلبات والعروض الوهمية وتعاقبهم، وتمنع أسلوب التدوير، وتحاسب أصحاب الإشاعة، وتطالب بتحقيق مبدأ الشفافية في بث المعلومات المتعلقة بجميع الشركات؛ لأن الشركة لا تخص مساهماً دون آخر، بل هي حق للجميع، كما عليها أن تراقب وتمنع كل ما من شأنه إلحاق الأذى بالمساهمين، وهنا أوجه رسالة بهذا الصدد، وهي أن صغار المساهمين يعانون تأخّر تنفيذ أوامر البيع والشراء؛ لأن البنوك والشركات تقوم بتسهيل هذه المهمة لكبار المساهمين دون صغارهم، فربما انخفضت القيمة السوقية لبعض الأسهم فلا يستطيع أولئك من بيع ما يخصهم من أسهم إلا بعد فوات الأوان، وهنا يجب تفعيل سرعة التداول بما يمكِّن الجميع من تحقيق نشاطهم على الوجه الأكمل، وبهذا يتحقق العدل بين جميع المساهمين صغاراً وكباراً.
والرسالة الثالثة: إلى أولئك المساهمين أو المضاربين بأن يتقوا الله تعالى، فيجتنبوا الحرام في مساهماتهم ومضارباتهم، وألاّ تكون هذه التجارة سبباً في انحرافات سلوكية وأخلاقية تجاه باقي المساهمين، كما لا ينبغي أن تشغلهم عن الحقوق الواجبة عليهم تجاه أهلهم وأولادهم، أوعن ذكر الله تعالى وعن الصلاة (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) [النور:36] والحقيقة أن هناك واقعاً مؤسفاً في انشغال الناس بهذه الأسهم، يصوره حال هذا الكاتب في إحدى المنتديات؛ إذ يقول بلهجته العامية: "أنا ابتعدت عن السوق، تعبت من متابعة الأسهم في فترة التداول، من الساعة الرابعة عصراً إلى الواحدة ليلاً، وثاني شيء ما تقدر تشوف أهلك ولا ربعك، كل الوقت في المكتب، وممنوع أحد يدخل عليك، والأهم الكرسي اللي تجلس عليه، تصدق –يخاطب أحد القراء في منتدى الإمارات للأوراق المالية- أنا عندي ثلاث كراسي، كل ساعة أو ثلاث ساعات أبدل الكرسي، أحسّ ظهري بينكسر ... !! " وهذه الصورة الواقعية أسوقها دون تعليق.
--------------------------------------------------------------------------------
* أستاذ مساعد بالمعهد العالي للقضاء-الرياض
ـ[نياف]ــــــــ[28 - 12 - 05, 01:42 م]ـ
وفاة سعودي في قاعة تداول الأسهم إثر انخفاض الاثنين
محايل عسير - إبراهيم عرار:
تسبب سوق الأسهم يوم أمس الأول (الاثنين) في وفاة أحد المواطنين بصالة التداول بأحد البنوك بمحافظة محايل عسير وذلك عقب انخفاض وتذبذب أسعار أسهم بعض الشركات التي يمتلك فيها المتوفى عدداً من الأسهم، وقال شهود عيان بصالة التداول إن المتوفى كان طبيعياً في تصرفاته ولا يعاني من أي عرض صحي وأن الوفاة كانت فجأة حيث تم استدعاء الهلال الأحمر وتم نقله إلى مستشفى محايل العام في محاولة لانقاذه إلا أن القدر كان أسرع من الجميع، وكان فرع البنك بمحايل عسير قد شهد يوم أمس الأول إصابة أحد المواطنين بحالة إغماء شديدة إثر الازدحام والتدافع الذي شهدته صالات وأروقة البنك للاكتتاب في شركة ينساب وقد تم نقله إلى المستشفى على الفور حيث اتضح فيما بعد أنه يعاني من حالة نفسية مزمنة، وقد تم مباشرة حالته التي استقرت فيما بعد ولله الحمد.
انا لله وانا اليه لراجعون
ـ[نياف]ــــــــ[28 - 12 - 05, 01:50 م]ـ
حركة الأسهم تعصف بـ (ستيني) وتنقله من صالة التداول إلى القبر
الطائف: عبدالله حامد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/185)
ذُهل عدد من متداولي الأسهم في صالة تداول الأسهم في أحد البنوك بمحافظة الطائف اليوم، عندما شاهدوا أحد المتداولين المواظبين على متابعة الأسهم، وهو يسقط مغشياً عليه بينهم بعد توتره وانزعاجه من هبوط بعض أسهم الشركات التي يمتلك بها، وحاول عندها المتداولون إسعافه، ولكنه توفي على الفور داخل صالة التداول، وعند نقله للمستشفى أكد عدد من الأطباء أن سبب الوفاة يعود لارتفاع في ضغط الدم، يصاحبه ارتفاع في مرض السكري الذي يعاني منه المسن
ـ[نياف]ــــــــ[29 - 12 - 05, 06:53 ص]ـ
مناقشة علمية هادئة للقول بجواز الاكتتاب في ينساب
د. يوسف بن عبدالله الأحمد
أستاذ الفقه المساعد بجامعة الإمام. الرياض
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد
فقد أخرجت قبل أسبوع رسالة بعنوان (ثلاث رسائل عاجلة حول الاكتتاب في شركة ينساب).
ثم اطلعت على بعض المناقشات العلمية المكتوبة والشفوية عبر القنوات الفضائية من بعض المشايخ الفضلاء الذين أفتوا بالجواز، وقد لحظت تضمنها بعض الأخطاء في النقل وقراءة نشرة الإصدار، فحاولت بعدها الاتصال ببعضهم مراراً فلم يتيسر.
ونظراً لاستشكال كثير من الناس حولها، رأيت إخراج هذه المناقشة العلمية على ألا ينفك قارئها عن الرسائل الثلاث التي سبق نشرها في موقع نور الإسلام بتاريخ 16/ 11/1426هـ، وفق النقاط الآتية:
أولاً: نُسب القول بجواز الاكتتاب في الشركات المختلطة بالربا إلى فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى.
والأقرب أنه رجع عن فتواه؛ فقد أفتى أولاً بالجواز مع النصح والتأكيد على تركها، في فتوى بخط يده بتاريخ 21/ 4/1412هـ، ثم أفتى بتحريمها في فتواه المنشورة في مجلة الدعوة بتاريخ 1/ 5/1412هـ والتي بين فضيلته حرمة الاكتتاب فيها، وأن من اكتتب فيها جاهلاً فإنه يسعى في فك الاشتراك، فإذا لم يتمكن أخرج النسبة المحرمة، وهذا نص السؤال والجواب:
السؤال: ما الحكم الشرعي في أسهم الشركات المتداولة في الأسواق، هل تجوز المتاجرة فيها؟
الجواب: لا أستطيع أن أجيب على هذا السؤال؛ لأن الشركات الموجودة في الأسواق تختلف في معاملاتها بالربا، وإذا علمت أن هذه الشركة تتعامل بالربا وتوزع أرباح الربا على المشتركين، فإنه لا يجوز أن تشترك فيها، وإن كنت قد اشتركت ثم عرفت بعد ذلك أنها تتعامل بالربا، فإنك تذهب إلى الإدارة وتطلب فك اشتراكك، فإن لم تتمكن، فإنك تبقى على الشركة، ثم إذا قُدمت الأرباح وكان الكشف قد بين فيه موارد تلك الأرباح فإنك تأخذ الأرباح الحلال، وتتصدق بالأرباح الحرام تخلصاً منها، فإن كنت لا تعلم بذلك فإن الاحتياط أن تتصدق بنصف الربح تخلصاً منه، والباقي لك؛ لأن هذا ما في استطاعتك، وقد قال الله تعالى:" فاتقوا الله ما استطعتم". انتهت الفتوى.
وللشيخ رحمه الله فتوى أخرى بالمنع مطلقاً، وهي غير مؤرخة، وهذا نص السؤال والجواب:
السؤال: لقد انتشرت في زماننا هذا الشركات التجارية بأنواعها المختلفة وكثر المساهمون فيها بأموالهم بحثاً عن الربح ولكن الذي يحدث أنّ بعض المساهمين يحصل على ربح ليس من عمل تلك الشركة ولكنه من المتاجرة بسندات الأسهم التي ساهم بها فيبيع السند الذي قيمته مثلاً 100ريال يبيعه بـ200ريال أو أكثر حسب قيمة تلك السندات في ذلك الوقت، فهل هذا التعامل بهذه الطريقة صحيح أم لا؟
الجواب: التعامل صحيح إذا كانت الشركة التي ساهم فيها خالية من الربا، فإن بيع الإنسان نصيبه من الشركة بربح جائز ولا حرج فيه، لكن بشرط أن يكون معلوماً لدى البائع والمشتري، فيعرف أن له مثلاً 10 أسهم أو 15 سهماً من كذا وكذا حتى لا يبقى الأمر مشكلاً فإذا كان معلوماً فإنه لا بأس به سواء كان ذلك في الشركات أو في مساهمات عقارية كذلك أهـ. (فتاوى للتجار ورجال الأعمال ص 47 - 48).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/186)
ولو وجد فتاوى غير مؤرخة أو احتمل الأمر عدم معرفة التاريخ، فإن الأقرب لفتاوى الشيخ هو التحريم، لما علم عنه من شدة تحرزه من أخذ الربا، وتحريمه تأجير المحلات على صوالين الحلاقة التي تحلق اللحى، وعلى التموينات التي تبيع الدخان، إضافة إلى تحريمه للعمل في البنوك الربوية حارساً أو سائقاً، أو الإيداع فيها في الحساب الجاري؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان.
وما نحن فيه أولى بالمنع.
ثم لو فرضنا أن الأمر لا يزال مشتبهاً، أو ثبت أن القول الأخير للشيخ هو الجواز، فإن العبرة في معرفة الحق هو الدليل، وليس من الصواب دفع الناس بفتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله إلى الاكتتاب في شركة ينساب التي أعلنت الربا الصراح نظاماً لها في المعاملات المالية.
ثانياً: أكد بعض المشايخ أن الشركة إنما وضعت الودائع الربوية من أموال المكتتبين المؤسسين فقط دون اكتتاب المواطنين.
وهذا غير صحيح، فإن الشركة قد نصت على أنها ستدخل مجموع أموال المكتتبين المؤسسين، وكذلك الاكتتاب العام في حساب الفوائد، وقد نصت الشركة على ذلك، وأورد هنا نص ما جاء في نشرة الإصدار (ص60): " حقوق المساهمين:
رأس المال المدفوع من قبل المؤسسين – بالريالات- (3.656.250.000) ورأس المال المتوقع من الاكتتاب العام (1.968.750.000).
ثم جاء في (ص 61) ما نصه: الأرصدة لدى البنوك: وديعة لآجل (5.566.657.000) .. الوديعة لآجل، والحساب الجاري محتفظ بهما لدى بنك محلي، وتحقق الوديعة لأجل عمولة سنوية – أي فوائد ربوية – بنسبة 4.85%تقريباً اهـ.
وبهذا يتضح دخول أموال الاكتتاب العام من الجمهور فيها.
ثالثاً: ذكر بعض المشايخ أن الشركة ستأخذ تمويلاً من بعض البنوك؛ إما بقروض تجارية، وإما بمرابحات إسلامية.
وهذا غير صحيح، فمن تأمل نص ما جاء في نشرة الإصدار يجد أن البنك الذي وعد بالتمويل Abn Amro يقوم الآن بالتفاوض مع المصارف الدولية والإقليمية والمحلية لتقديم قروض تجارية وإسلامية عادية للمشروع.
أي أن أنهم وعدوا بالاقتراض الربوي وغير الربوي، وليس الأمر على سبيل التردد، هذا أولاً.
وثانياً: أن البنك المتعهد بالتمويل سيقدم مجموع ما تحصل له من هذه البنوك لشركة ينساب، فهل سيكون وسيطاً بأجرة، أو مقرضاً بفائدة فيكون القرض حينئذ كله بالربا؟!.
وهذا نص ما جاء في نشرة الإصدار: (ص29): تمويل المشروع: حصلت سابك لصالح ينساب، على التزام خطي مبدئي من بنك إيه. بي. إن. أمرو Abn Amro بموجب خطاب التزام مؤرخ في 30 نوفمبر 2005 تعهد بموجبه بتغطية تسهيلات تمويلية بدون حق الرجوع على المساهم الرئيس بقيمة 13.125 مليون ريال سعودي - أي 13 مليارا ومائة وخمسا وعشرين مليون ريال سعودي – "اهـ.
وجاء أيضاً في نفس الصفحة تحت عنوان: القروض ورأس المال العامل الابتدائي: "يقوم بنك إيه. بي. إن. أمرو حالياً بالتفاوض مع المصارف الدولية والإقليمية والمحلية وبعض الجهات الشبه حكومية لتقديم قروض تجارية وإسلامية عادية للمشروع .. إضافة لتسهيلات القروض المذكورة أعلاه، سيطلب قرض لتمويل رأس المال العامل الابتدائي بقيمة 833 مليون ريال سعودي، ويتم ترتيبه كجزء من القروض"اهـ.
رابعاً: هوَّن من خطورة الربا على كثير من الناس، بل حتى على كثير من طلبة العلم ما ذكر من أن نسبة الجزء المحرم في الشركة لا يتجاوز الواحد في الألف، وأن هذه نسبة قليلة جداً.
وهذا الإطلاق غير صحيح أيضاً. ويزول اللبس بالتوضيح الآتي: أودعت ينساب ما تحصل لها من أموال المكتتبين المؤسسين في وقت قصير فحصلت عوائد ربوية مقدارها (4.375.000ريالاً) فالحقيقة إذاً أن الشركة قامت بتوظيف أموال المكتتبين المؤسسين في الحرام وهو الربا، ووعدت بإجراء ذلك في أموال الاكتتاب العام كما سبق بيانه.
ومما يؤكد تهاون الناس بجريمة الربا أن الناس لو قيل لهم بأن الشركة ستقوم بتشغيل أموال المكتتبين مدة شهر واحد فقط في المتاجرة في المخدرات أو الخمور أو دور البغاء، وأن العائد منها سيكون واحداً في المليون: لنفر المؤمنون الناس من ذلك بالفطرة، ولم تكن كلمة (واحد في المليون) سبباً في تساهلهم بالاكتتاب، فكيف بأخذ الربا الذي هو أعظم منها؟!.
خامساً: العبرة في معرفة نظام الشركة هو نشرة الإصدار الرسمية. وينبني عليه أمران:
الأول: أنه لا عبرة بالكلام الشفوي، لأن الشركات الكبرى لا تعمل إلا وفق نظام رسمي، ومجالس إدارية، ورقابة صارمة بمطابقة مافي نشرة الإصدار.
الثاني: أن ما وعدت به الشركة من القروض الربوية، قد وقع عليه المكتتب. فلا يقال فيه نشارك؛ لأنه قد يتغير، أو أن الأمر محتمل، ونحو ذلك مما تنفيه نشرة الإصدار الرسمية للشركة.
وأدعو الجميع إلى تأمل نص ما جاء في نشرة الإصدار (صفحة أ) تحت عنوان (إشعار هام): وتتحمل سابك كامل المسؤولية عن دقة المعلومات الواردة في هذه النشرة، وتؤكد حسب علمها واعتقادها بعد إجراء الدراسات الممكنة وإلى الحد المعقول: أنه لا توجد أية وقائع أخرى يمكن أن يؤدي عدم تضمينها في هذه النشرة إلى جعل أية إفادة واردة هنا مضللة .. ويتحمل كل مستلم لنشرة الإصدار قبل اتخاذ قرار الاستثمار مسؤولية الحصول على استشارة مهنية مستقلة بخصوص الاكتتاب .. اهـ.
وأخيراً:
إن سبب حرصي وكتابتي في هذا الموضوع أن الأمر أوسع من أن يكون بحثاً فقهيا اجتهادياً؛ لأن الفتيا بالجواز سبب أساس في بقاء الربا في الشركات القائمة والقادمة؛ لأن إقبال الناس على الاكتتاب وارتفاع الأسهم مبني في أكثره على الفتيا بالجواز، ولو لم يفت بالجواز لما أقبل الناس، ولخضعت الشركة وأمثالها حينئذ إلى مطالب العلماء - بإذن الله تعالى - وقبلوا باشتراط وجود اللجنة الشرعية التي ترشحها جهة علمية مستقلة.
وعليه فإن هذه المناقشة إنما هي حسبة على منكر الربا في الشركات، والهجر من أقوى وسائل إنكاره، وأرها متعينة في هذه المرحلة. راجياً أن يطلع من قرأ هذه المناقشة على الرسائل الثلاث السابقة.
وبهذا تنتهي المناقشة والحمد لله رب العالمين(56/187)
الشروط في الزواج التي أدا أخل بها يفسخ العقد
ـ[وسام]ــــــــ[14 - 12 - 05, 04:42 ص]ـ
منها الوعد بعدم الزواج علي الزوجة (برجاع المشاركة)
وهل منها أيضا السماح لها بالعمل هل أدا رفض بعد الزواج يفسخ العقد
وهل أدا خرجت المرأة الغير عاملة من البيت بدون أدن زوجها تعد أثمة و ما الدليل
ـ[وسام]ــــــــ[14 - 12 - 05, 05:20 ص]ـ
هل مساهمة الزوجة بمالها في نفقة البيت تمثل قدحا في قوامة الرجل وأن كان نعم فمادا تفعل الزوجة بمالها
ـ[وسام]ــــــــ[14 - 12 - 05, 04:30 م]ـ
هل من مجيب(56/188)
إخلاف الوعيد بين الشيخين الشنقيطي والعثيمين
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 10:37 ص]ـ
قال الشيخ الشنقيطي - رحمه الله -:
قوله تعالى: {كُلٌّ كَذَّبَ ?لرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ}:
هذه الآية الكريمة تدل على أن من كذب الرسل يحق عليه العذاب، أي يتحتم ويثبت في حقه ثبوتاً لا يصح معه تخلفه عنه، وهو دليل واضح على أن ما قاله بعض أهل العلم من أن الله يصح أن يخلف وعيده، لأنه قال: إنه لا يخلف وعده ولم يقل إنه لا يخلف وعيده، وأن إخلاف الوعيد حسن لا قبيح، وإنما القبيح هو إخلاف الوعد، وأن الشاعر قال:
وإني وإن أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
لا يصح بحال؛ لأن وعيده تعالى للكفار حق ووجب عليهم بتكذيبهم للرسل كما دل عليه قوله هنا: {كُلٌّ كَذَّبَ ?لرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ}.
وقد تقرر في الأصول أن الفاء من حروف العلة كقوله: سها فسجد. أي لعلة سهوه وسرق فقطعت يده أي لعلة سرقته، ومنه قوله تعالى {وَ?لسَّارِقُ وَ?لسَّارِقَةُ فَ?قْطَعُو?اْ أَيْدِيَهُمَا}، فتكذيبهم الرسل علة صحيحة لكون الوعيد بالعذاب حق ووجب عليهم، فدعوى جواز تخلفه باطلة بلا شك.
" أضواء البيان "
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
الوجه السادس: أن يقال: إن هذا من باب الوعيد، والوعيد يجوز إخلافه؛ لأنه انتقال من العدل إلى الكرم، والانتقال من العدل إلى الكرم كرم وثناء وأنشدوا عليه قول الشاعر:
وإني وإن أوعدته أو وعدته ** لمخلف إبعادي ومنجز موعدي
أوعدته بالعقوبة، ووعدته بالثواب، لمخلف إيعادي ومنجز موعدي.
وأنت إذا قلت لابنك: والله، إن ذهبت إلى السوق لأضربنك بهذا العصا، ثم ذهب إلى السوق، فلما رجع ضربته بيدك، فهذا العقاب أهون على ابنك، فإذا توعد الله عز وجل القاتل بهذا الوعيد، ثم عفا عنه، فهذا كرم.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (8/ 220، 221).
قلت:
فهل يمكن التوفيق بين القولين بحمل تخلف الوعيد على المسلمين، وعدم تخلفه في حق الكفار فلا يكون ثمة إشكال ولا خلاف؟!
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[14 - 12 - 05, 02:09 م]ـ
فهل يمكن التوفيق بين القولين بحمل تخلف الوعيد على المسلمين، وعدم تخلفه في حق الكفار فلا يكون ثمة إشكال ولا خلاف؟!
أعتقد شيخنا ان هذا هو عين الصواب وهو فالوعيد متحقق فى حق اهل الكفر لا محالة إستدلوا بقوله تعالى (كل كذب الرسل فحق وعيد) وقوله جل وعلا (إنه لا يبدل القول لدى وما انا بظلام للعبيد)
ولكن هذا خاص بالكافرين فهناك نصوص وردت أن الله يغفر كل شىء إلا الشرك (إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء) وما دون ذلك تشتمل على ذنوب كثيرة ورد فيها وعيد و مع ذلك الله يغفرها فهذا إخلاف للوعيد لا شك وهو المتناسق مع قوله جل وعلا (يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء)
ولنا فى حديثالرجل الذى حز يده فمات فغفر الله له دليل على ذلك فالله أخلف وعيده فى حقه.
والله أعلى و أعلم
ـ[سعيد علي الخاذلي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 03:39 م]ـ
هذا من أحسن الأدلة في الرد على الخوارج الذين يقولون إن قلتم أن الله يخلف الوعيد فلما لا يجوز أن يخلفه للكفار فهذه وآيات أخرى تدحض قولهم
ـ[صلاح الدين الشامي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 06:39 م]ـ
ولنا فى حديثالرجل الذى حز يده فمات فغفر الله له دليل على ذلك فالله أخلف وعيده فى حقه.
والله أعلى و أعلم
أين نجد هذا الحديث؟؟.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[14 - 12 - 05, 07:32 م]ـ
وقوله جل وعلا (إنه لا يبدل القول لدى وما انا بظلام للعبيد)
أين أجد هذا في كتاب الله تعالى؟
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[14 - 12 - 05, 08:35 م]ـ
أخى صلاح الدين الشامي الحديث فى صحيح مسلم باب الدليل على أن قاتل نفسه لا يكفر
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم جميعا عن سليمان قال أبو بكر حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن حجاج الصواف عن أبي الزبير عن جابر أن الطفيل بن عمرو الدوسي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
: يا رسول الله هل لك في حصن حصين ومنعة؟ 0 قال (حصن كان لدوس في الجاهلية) فأبى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم للذي ذخر الله للأنصار فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هاجر إليه الطفيل بن عمرو وهاجر معه رجل من قومه فاجتووا المدينة فمرض فجزع فأخذ مشاقص له فقطع بها براجمه فشخبت يداه حتى مات فرآه الطفيل ابن عمرو في منامه فرآه وهيئته حسنة ورآه مغطيا يديه فقال له ما صنع بك ربك؟ فقال غفر لي بهجرتي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم فقال ما لي أراك مغطيا يديك؟ قال قيل لي لن نصلح منك ما أفسدت فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم وليديه فاغفر.
أخى أشرف بن محمد الأية فى سورة ق أية رقم (29) و انا متيقن أنك تعرف و لكنك تقصد الخطأ الذى فى كتابة الأية وهو زيادة (إنه لايبدل) بدلا من (ما يبدل) فهو وهم حصل منى
أشكرك على التنبيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/189)
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 11:31 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ونفع بكم
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[15 - 12 - 05, 12:07 ص]ـ
شكر الله للشيخ الفاضل: " إحسان العتيبي "
أود التنبيه إلى أمر:
سياق كلام الشيخ العلامة الشنقيطي رحمه الله يختلف عن سياق كلام الشيخ العلامة العثيمين رحمه الله، فالأول في سياق تفسير قوله تعالى: {كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} وهذه في الكفار، أما الثاني في سياق تفسير قوله تعالى: {ومَن يقتل مؤمنًا متعمداً ... }، يقول الشيخ العثيمين رحمه الله: " ومن ": شرطية. و (من) الشرطية تفيد العموم. [أي: يدخل في الآية القاتل المسلم والقاتل الكافر، ولذلك فالآية مشكلة على منهج أهل السنة، والإشكال هو: ذكر الخلود في النار، حيث رُتِّبَ على القتل، والقتل ليس بكفر، ولا خلود في النار عند أهل السنة إلا بالكفر. ((قاله ابن عثيمين))]
ثم قال الشيخ العثيمين رحمه الله بعد إيراد الأوجه الخمسة لدفع هذا الإشكال:
الوجه السادس: أن يقال [لاحظ قوله: أن يُقَال] إن هذا من باب الوعيد، والوعيد يجوز إخلافه، ... الخ،
ثم قال رحمه الله: ولكن هذا في الحقيقة فيه شيء من النظر، لأننا نقول: إن نفذ الوعيد، فالإشكال باق، وإن لم ينفذ، فلا فائدة منه. الخ كلامه رحمه الله، فلينظره مَن شاء ...
ـ[المقرئ]ــــــــ[15 - 12 - 05, 11:20 ص]ـ
نعم هو ذاك شيخنا الفاضل أشرف فلابد من التفريق بين الكافر والعاصي وهو مراد الشيخ
المقرئ
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[20 - 04 - 06, 10:39 م]ـ
أين أنت؟ لله درك و در زمان كنت تكتب فيه
ـ[عبد الله آل سيف]ــــــــ[04 - 05 - 07, 03:45 م]ـ
تتمة كلام الشيخ الشنقيطي رحمه الله: " .. وما دلت عليه هذه الآية الكريمة موضحاً في آيات أخر، كقوله تعالى في هذه السورة الكريمة: {قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بالوعيد مَا يُبَدَّلُ القول لَدَيَّ} [ق: 28 - 29] الآية، والتحقيق: أن المراد بالقول الذي لا يبدل لديه هو الوعيد الذي قدم به إليهم.
وقوله تعالى في سورة ص {إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرسل فَحَقَّ عِقَابِ} [ص: 14]. وبهذا تعلم ان الوعيد الذي لا يمتنع إخلافه هو وعيد عصاة المسلمين بتعذيبهم على كبائر الذنوب، لأن الله تعالى أوضح ذلك في قوله: {إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ} [النساء: 48 و 61] وهذا في الحقيقة تجاوز من الله عن ذنوب عباده المؤمنين العاصين، ولا إشكال في ذلك، وقد أوضحنا هذا في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى {قَالَ النار مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَآ إِلاَّ مَا شَآءَ الله} [الأنعام:].
ـ[عبد الله آل سيف]ــــــــ[04 - 05 - 07, 03:57 م]ـ
للفائدة: القول بخلف الوعيد فيه نظر لقوله تعالى: (ما يبدل القول لدي) بعد قوله: (وقد قدمت إليكم بالوعيد). وأما العفو عن العصاة فلا يرجع إلى هذه القضية وإنما إلى أن الوعيد له شروط وموانع ...
انظر ما قرره شيخ الإسلام من تضعيف القول بتجويز خلف الوعيد على الله تعالى في الفتاوى 14/ 498، وانظر أضواء البيان 5/ 716 - 717 والوعد الأخروي للسعدي 1/ 227 - 229
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=28973&highlight=%C7%E1%E6%DA%CF+%C7%E1%E6%DA%ED%CF
ـ[العزيز بالله]ــــــــ[05 - 05 - 07, 08:51 م]ـ
هل يمكن أن يُقال إن كلام ابن عثيمين أصوب؟
لأن إخلاف الوعد قبيح شرعاً وعقلاً، أما إخلاف الوعيد فغير قبيح بالعقل بل الله تعالى له أن يعفو حتى عمن أشرك لو أراد ولا ينافي ذلك كماله الواجب، وإنما تأبيد العذاب حكم شرعي.
بدليل أن الكفار موعودون بأشد العذاب، ومع هذا فقد خفف الله تعالى عن بعضهم أشدّه كما في حق أبي طالب مثلاً.
والأمر محتمل ..
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[06 - 05 - 07, 12:34 ص]ـ
إخواني
لا تعارض .. والآية التي يتحدث عنها العلامة الشنقيطي -في صدر الكلام المنقول- وعيد للمكذبين من الكفار.
فلا تقل -أخي العزيز بالله- بأن أحد القولين أرجح من الآخر .. لتباين المسألتين، فتنبه.(56/190)
هل في الدين مذاهب؟ ... دعوة للنقاش ... يرجى من الجميع المشاركة
ـ[محمد سليمان]ــــــــ[14 - 12 - 05, 11:26 ص]ـ
هل في الدين مذاهب؟
محاور النقاش:
هل هناك شيء بالدين اسمه مذاهب؟
هل اصحاب المذاهب الاربعة ادعوا انهم اسسوا مذاهبا وقالوا للناس هذه مذاهبنا؟
هل يجب على كل واحد منا ان يتبع مذهبا معينا؟
ماذا ما هو موقفنا من هذه المذاهب وكيف نتعامل معها؟
هذه اخوتي المسائل الاساسية بالموضوع ويمكن لكم التطرق لأي مسألة تتفرع عن الموضوع
بانتظار مشاركاتكم
ـ[سليمان المصرى]ــــــــ[14 - 12 - 05, 03:11 م]ـ
يمكنك ان تجد اجابات شافيه عن هذه الاسئله ان شئت فى كتاب صغير لابن رجب الحنبلى اسمه الرد على من اتبع غير المذاهب الاربعه والخلاصه ان هذا مما اجمعت عليه الامه منذ القرن الرابع
ـ[محمد سليمان]ــــــــ[14 - 12 - 05, 10:38 م]ـ
جزاك الله خيرا اخي سليمان(56/191)
هل عمل إعلان للناس سيؤدي الحج من سنة؟ ائت دليلا
ـ[ابو حاذق]ــــــــ[14 - 12 - 05, 01:47 م]ـ
السلام عليكم
هل عمل إعلان للناس سيؤدي الحج من سنة؟ ائت دليلا(56/192)
القول الأمين في تحذير المسلمين من الاعتداء على المعاهدين و المستأمنين
ـ[أبو سهيل الإدريسي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 03:12 م]ـ
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة للشيخ صالح بن عبد الله بن خلف البكري -حفظه الله- في ذكر الأدلّة من القرآن والسنة والإجماع في تحريم قتل المستأمنين والمعاهدين والاعتداء عليهم في أنفسهم وأعراضهم وأموالهم، راجين من الله العلي القدير أن ينفع بها كل من قرأها.
وقد قسمها -حفظه الله- إلى تسعة فصول وهي كالتالي:
الفصل الأول: في تعريف المستأمن و المعاهد و الذمي.
الفصل الثاني: من يعطي الأمان و العهد و الذمة.
الفصل الثالث: ذكر الآيات في تحريم قتل المستأمنين و المعاهدين، و وجوب الوفاء بالعهود، وتحريم الخيانة والغدر.
الفصل الرابع: ذكر ما ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك.
الفصل الخامس: إجماع المسلمين على تحريم الاعتداء على المعاهدين و المستأمنين.
الفصل السادس: فتاوى علماء المسلمين العصريين.
الفصل السابع: بيان أن من دخل بلاد الكفار بأمان لم يحل له خيانتهم والغدر بهم.
الفصل الثامن: مفاسد قتل المستأمنين و المعاهدين.
الفصل التاسع: الجواب عن بعض شبه المفتونين فيما يتعلق بقتل المعاهدين و المستأمنين.(56/193)
الن بث مباشر للشيخ مصطفي العدوى في شرح فقه العبادات
ـ[جمعه بن آل طاحون]ــــــــ[14 - 12 - 05, 06:39 م]ـ
الان علي هذا الرابط درس مباشر للشيخ مصطفى العدوى وذلك في فقة العبادات ويوجد امكانية استقبال الاسئلة والرد مباشرة http://www.liveislam.net/browsesubject.php?id=1988&action=listen&sid=(56/194)
الشيخ ابن باز رحمه الله في جزيرة نيوكالدونيا!!
ـ[احمد بن فارس السلوم]ــــــــ[14 - 12 - 05, 06:48 م]ـ
نيوكالدونيا جزيرة نائية قريبة من أستراليا، خاضعة للحكم الفرنسي، كي تصل إليها تحتاج إلى أكثر من 27 ساعة طيران إذا كنت ستقلع من جدة.
لما دخل الفرنسيون الجزائر هجروا إليها طائفة كبيرة من الجزائريين المسلمين الذين جاهدوهم وقاتلوهم.
ولذلك لا يزال بها إلى اليوم جالية كبيرة جزائرية لا يعرفون عن دينهم ولغتهم إلا القليل.
قليل من سمع بهذه الجزيرة والأقل ممن سمع بها يعلم أن بها هذه الجالية الكبيرة من المهجرين الجزائرين الذين لا يقل عددهم عن 20000 نسمة.
ولذلك ليس من الغريب أن بعض المسؤلين الجزائرين لم يسمعوا بهذه الجزيرة حتى أوقفهم على أخبارها بعض الدعاة الرحالة ممن زارها أو سمع بها كالسيد علي الكتاني وصديق التاوتي وصالح السامرائي ..
والعجب: أن الشيخ ابن باز رحمه الله كان أكثر ثقافة من المسؤلين الجزائرين فسمع بهذه الجزيرة وبأحوال أهلها المسلمين فأوفد إليهم داعية ليعلمهم أمور دينهم.
قال الدكتور: صالح مهدي السامرائي وهو يصف رحلته إليهم ويسجل ملاحظاته على هذه الجزيرة وقاطنيها:
كان يتردد عليهم شاب تونسي مبعوث من الشيخ ابن باز رحمه الله فاستعاد بعض هويتهم الإسلامية أهـ
وقريب من هذا - والشيء بالشيء يذكر- أن الشيخ ابن باز كان أوفد بعض الدعاة سنة 75م – ومنهم الشيخ الأرناؤوط- إلى البوسنة والهرسك ليعلموا أهلها أمور دينهم قبل أن يسمع الناس بشيء اسمه البوسنة والهرسك.
فرحم الله الشيخ ابن باز واجزل مثوبته وجزاه خيرا عن أمة الإسلام وعن المسلمين فبحق لقد كان أمة في رجل.
===========================
المصدر: مقال الدكتور السامرائي في مجلة المجتمع العدد1533 بتاريخ 4/ 1/2003، النقل بواسطة كتاب: حتى لا ننساك مولاي علي الكتاني ص173.
ـ[ماجد الودعاني]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:29 م]ـ
فرحم الله الشيخ ابن باز واجزل مثوبته وجزاه خيرا عن أمة الإسلام وعن المسلمين فبحق لقد كان أمة في رجل.
رحمه الله ..
وجزاك الله خير .. وبارك الله فيك ..
ـ[عادل محمد]ــــــــ[16 - 12 - 05, 03:25 ص]ـ
رحمه الله ..
وجزاك الله خير .. وبارك الله فيك ..
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[15 - 08 - 08, 07:28 ص]ـ
رحم الله الشيخ ابن باز واجزل مثوبته وجزاه خيرا عن أمة الإسلام وعن المسلمين فبحق لقد كان أمة في رجل.
ـ[أبو عبدالله الشرقي]ــــــــ[15 - 08 - 08, 02:23 م]ـ
رحم الله الشيخ ابن باز
وجزاك الله خيرًا أخي أحمد
ـ[ابن وهب]ــــــــ[15 - 08 - 08, 04:18 م]ـ
جزاكم الله خيرا ورحم الله العالم الزاهد عبد العزيز بن عبد الله بن باز
تنبيه
الموضوع قديم
14 - 12 - 05,
وهذا نص المقال
العرب الجزائريون "الضائعون" في جزر المحيط الهادي منذ القرن ال 19
زارهم: د. صالح مهدي السامرائي
salihsamarrai@hotmail.com
أخبرني المرحوم الدكتور علي الكتاني أن عرباً جزائريين هُجِّروا بعد دخول فرنسا الجزائر إلى نيوكالدونيا التي تبعد عشرين ألف كيلو متر شرق الجزائر، فقررت أن أتفقدهم، وحملت نفسي من جدة إلى طوكيو ستة عشر ساعة طيران ومن طوكيو إلى سيدني تسع ساعات ومن سيدني إلى نيوكالدونيا ساعتين ونصف، استقبلني في مطار عاصمة الجزيرة "نوميا" شخصان أحدهما الأخ الداعية موسى بوخ "أصله من جيبوتي وعمل في فيتنام ثم هاجر للعمل في نيوكالدونيا والآن مقيم في كوالالمبور"، والمرحوم محمد عبده "مهاجر من اليمن"، وكان الأخ موسى هو دليلي في الجزيرة، واستضافني خلال مدة بقائي.
أما العرب الجزائريون فهم موجودون في العاصمة نوميا إلا أن مقرهم الرئيس في مدينة "بواري" على بعد مائة وسبعين كيلومتراً إلى الشمال، ولقد تم نفي هؤلاء بعد احتلال فرنسا للجزائر، وذلك إثر المقاومة البطولية التي قام بها الشعب الجزائري في ثورات متتالية ضد الاحتلال، منها ثورة المقراني، كما كان يحدث احتكاك وتحرش يومي بين الجنود الفرنسيين وأفراد الشعب الجزائري، فمن شاكس وعاكس فرنسياً يُبعَد إلى أقاصي الدنيا.
في العاصمة بواري رأيت ما يأتي:
1 المسجد الوحيد بالجزيرة.
2 جالية إندونيسية تناهز الخمسة آلاف وأفراداً من جيبوتي واليمن وتونس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/195)
3 تمثالاً لفتاة عربية نصب في قلب العاصمة ويقال إنها كانت أجمل بنات الجزيرة وتزوجها الحاكم الفرنسي وعمل لها هذا التمثال.
4 امرأة من أصل جزائري تعمل في أحد المخازن، كأنها في ملامحها توأم للرئيس بن بله، وعن طريق المترجم سألتها: إذا أتيحت لك فرصة للذهاب إلى الجزائر هل توافقين؟ فردت بالإيجاب.
أما مدينة بوراي فهي مكان تجمع العرب الجزائريين وعمدتها جزائري ولفت نظري فيها:
1 جيلان من العرب، الكبير منهم يعرف شيئاً من العربية، لكن الشباب لا يعرفها.
2 لا يعرفون من الإسلام إلا دفن الموتى في المقبرة الجزائرية التي يعلوها الهلال والكتابة العربية، وبجانبها غرفة واسعة من القصدير، فإذا توفي أحدهم يجتمع الناس، وبعد الدفن يذبحون بقرة ويتناولون الطعام عند المقبرة، وذلك طقس غريب ولا يقل غرابة عن قصة هؤلاء المساكين!.
3 رأيت بعضهم يسكن في أكواخ هم وزوجاتهم الفرنسيات "حيث جلب لهم الفرنسيون مهجَّرات فرنسيات" وسألت أحدهم واسمه "ميسوم" وهو يتكلم اللهجة الجزائرية ويسكن كوخاً ... سألته: هل نبني لكم مسجداً، فرد قائلاً: إذن ينتهي الإسلام "إن لم تبنوا". أما الآخر فاسمه "العربي" ويسكن بيتاً متواضعاً حديث البناء وله سيارة.
4 أسماء العرب فرنسية، ولكن لاحظت أنهم يحتفظون بأسماء عربية أيضاً.
5 كان يتردد عليهم شاب تونسي مبعوث من الشيخ بن باز رحمه الله فاستعاد بعضهم هويته الإسلامية.
بعد هذه الزيارة الخاطفة لبوراي عدت للعاصمة وجمعت الوثائق عن العرب ووعدتهم أني لعدم معرفتي بالفرنسية أسعى لحث شخصية جزائرية تعمل في البنك الإسلامي للتنمية وتهتم بمسلمي الدنيا لزيارتهم والاعتناء بهم وهو الدكتور صديق التاوتي.
ملاحظات عامة على الزيارة
1 يشكل العرب في نيوكالدونيا نسبة مهمة من السكان تصل إلى نحو الخمس، إذ يبلغ تعدادهم عشرين ألفاً في بعض التقديرات.
2 نصف أهالي الجزيرة من السكان الأصليين "بولونيزيون".
3 عندما وصل الجزائريون إلى الجزيرة منفيين تم حجزهم في معسكرات اعتقال، وكان حراسهم الفرنسيون يلعبون القمار والرابح منهم يأمر جزائرياً بأن يحفر حفرة يدفن فيها نصف جسمه، ثم يصوب له طلقة نارية تقتله.
4 عدلت قوانين فرنسا في أواخر القرن التاسع عشر وأعطي هؤلاء بعض الحرية وأخرجوا من معسكرات الاعتقال وأعطوا أراضي يزرعونها وأثقلوهم بالضرائب.
5 زوجوهم بالمحكوم عليهن بفرنسا.
6 سألوا السلطات أن يكون لهم محل للعبادة وقالوا للمسؤولين: إن الحيوان فقط ليس له دين، فأجيبوا نبنِ لكم كنائس، فوافقوا.
7 بعد عودتي إلى جدة حدثت الدكتور صديق التاوتي فزارهم بعد زيارة له لأستراليا وتعرف أكثر على أحوالهم.
وسعى جزاه الله خيراً فبنى لهم مسجداً ومركزاً إسلامياً.
وقد سعى الدكتور صديق التاوتي لدى المسؤولين في الجزائر في آخر عهد الرئيس الشاذلي بن جديد، فدعت صحيفة المجاهد وفداً من عرب نيوكالدونيا وتعرفوا على أقاربهم، وقام الدكتور التاوتي بمصاحبة وفد تلفازي جزائري إلى نيوكالدونيا وسجل فيلماً وثائقياً عن العرب فيها وذلك في يناير 2001م، كما وضع الدكتور صديق التاوتي كتاباً عنهم باللغة الفرنسية، وترجمه للعربية.
8 المسجد والمركز في بوراي ليس فيه إمام ولا داعية، وطلبت مرات عديدة من اتحاد المسلمين في فرنسا برئاسة الحاج تهامي إبريز أن يرسلوا داعية فرنسياً من أصول جزائرية إلى هناك، على أن تكفله بعض الهيئات في البلاد العربية، ولكن مع الأسف لا تحدث أية استجابة.
وأخيراً، فإن الجنسية الفرنسية ضرورية، لأن نيوكالدونيا جزء من فرنسا، ومن الصعب على الجنسيات الأخرى الدخول والعمل ... فهل من مستجيب
)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[15 - 08 - 08, 04:53 م]ـ
http://www.almujtamaa-mag.com/Detail.asp?InSectionID=1243&InNewsItemID=100448
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[15 - 08 - 08, 07:32 م]ـ
بارك الله فيكم
ورحم الله الشيخ رحمة واسعة
ـ[صخر]ــــــــ[16 - 08 - 08, 12:11 ص]ـ
الله المستعان .. حقائق مغيبة .. ومنسية ..
ـ[مؤيد السعدي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 01:17 ص]ـ
رحمه الله
ولا بأس بأن الموضوع قديم فهذه أول مرة أسمع بتلك الجزيرة وبقصة الجزائريين فيها
"فذكر فإن الذكرى .. "
ـ[ابن وهب]ــــــــ[17 - 04 - 09, 01:06 ص]ـ
للفائدة
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[24 - 01 - 10, 02:09 ص]ـ
للفائدة
رحم الله الإمام عبدالعزيز ابن باز وغفر له
ـ[يوسف محمد القرون]ــــــــ[24 - 01 - 10, 07:35 ص]ـ
رحم الله الشيخ ابن باز رحمةً واسعه
هذا و مع أن الشيخ لم يسافر خارج السعوديه قط حسب علمي
و لكن الشيخ كان يحمل هم الاسلام و المسلمين فلا يشغله عن ذلك شئ
رحمه الله و أجزل له المثوبه
ـ[عبد الرحمن السعودي]ــــــــ[14 - 07 - 10, 06:25 م]ـ
رحِمهُ اللهُ، ما أبصَرَهُ بأحوالِ النَّاسِ على اختِلافِ البُلدانِ.
ـ[أبو أنس دريابادي الهندي]ــــــــ[14 - 07 - 10, 06:52 م]ـ
رحم الله الشيخ ابن باز ما سمعت عالما من كان احسن أخلاقا منه وأوسع صدرا للإسلام والمسلمين، ومنهجه قوي ومتين
مارأيت احدا وإلا يرحم ويثني عليه رحمه الله رحمة واسعة
حتي هذا الرجل الأعمي البصر ولكن بصيرو شجاع وغيور أرسل رسالة للإسلام إلي اندرا غاندهي كانت رئيسة الوزراء للهند في هذا الوقت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/196)
ـ[احمد بن فارس السلوم]ــــــــ[14 - 07 - 10, 07:32 م]ـ
رحم الله الشيخ وأجزل مثوبته
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[14 - 07 - 10, 07:49 م]ـ
رجل بألف الإمام ابن باز رحمه الله وأسكنه فسيح جناته في الفردوس الأعلى.(56/197)
هل نظرتَ إلى الإبل كيف خُلقت؟!.
ـ[المسيطير]ــــــــ[14 - 12 - 05, 08:39 م]ـ
قال تعالى: (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ).
قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية:
يقول تعالى آمرا عباده بالنظر في مخلوقاته الدالة على قدرته وعظمته " أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت " فإنها خلق عجيب، وتركيبها غريب، فإنها في غاية القوة والشدة، وهي مع ذلك تلين للحمل الثقيل، وتنقاد للقائد الضعيف، وتؤكل، وينتفع بوبرها، ويشرب لبنها، ونبهوا بذلك لأن العرب غالب دوابهم كانت الإبل، وكان شريح القاضي يقول: اخرجوا بنا حتى ننظر إلى الإبل كيف خلقت؟.
وقال الإمام القرطبي في تفسير الآية:
قال المفسرون: لما ذكر الله عز وجل أمر أهل الدارين , تعجب الكفار من ذلك , فكذبوا وأنكروا فذكرهم الله صنعته وقدرته وأنه قادر على كل شيء , كما خلق الحيوانات والسماء والأرض.
ثم ذكر الإبل أولا ; لأنها كثيرة في العرب , ولم يروا الفيلة , فنبههم جل ثناؤه على عظيم من خلقه قد ذلله للصغير , يقوده وينيخه وينهضه ويحمل عليه الثقيل من الحمل وهو بارك , فينهض بثقيل حمله , وليس ذلك في شيء من الحيوان غيره.
فأراهم عظيما من خلقه , مسخرا لصغير من خلقه يدلهم بذلك على توحيده وعظيم قدرته. وعن بعض الحكماء: أنه حدث عن البعير وبديع خلقه , وقد نشأ في بلاد لا إبل فيها ففكر ثم قال: يوشك أن تكون طوال الأعناق.
وحين أراد بها أن تكون سفائن البر , صبرها على احتمال العطش حتى إن إظماءها ليرتفع إلى العشر فصاعدا , وجعلها ترعى كل شيء نابت في البراري والمفاوز , مما لا يرعاه سائر البهائم.
ـ[المسيطير]ــــــــ[14 - 12 - 05, 09:19 م]ـ
بقلم فراس نور الحق:
قال تعالى: (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ {17} وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ {18} وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ {19} وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ {20} فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ {21} لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ {22} [الغاشية].
في هذه الآيات الكريمة يخص الله سبحانه وتعالى الإبل من بين مخلوقاته الحية، ويجعل النظر إلى كيفية خلقها أسبق من التأمل في كيفية رفع السموات ونصب الجبال وتسطيح الأرض، ويدعو إلى أن يكون النظر والتأمل في هذه المخلوقات مدخلاً إلى الإيمان الخالص بقدرة الخالق وبديع صنعه.
في هذه الآية الكريمة يحضنا الخالق العليم بأسرار خلقه حضاً جميلاً رفيقاً، على التفكير والتأمل في خلق الإبل (أو الجمال)، باعتباره خلقاً دالاً على عظمة الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ وكمال قدرته وحسن تدبيره.
وسوف نرى أن ما كشفه العلم حديثاً عن بعض الحقائق المذهلة في خلق الإبل يدل على سبق القرآن الكريم في الإشارة إلى هذا المخلق المعجز الذي يدل يدل على عظمة خالقه سبحانه وتعالى كما يدل أن القرآن الكريم هو الكتاب المعجز الذي نزل من عند الله تعالى على قلب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
الإعجاز العلمي:
إن أول ما يلفت الأنظار في الإبل الشكل الخارجي الذي لا يخلو تكوينه من الآيات البيانات التي تأخذ بالألباب:
أذنا الإبل:
فالأذنان صغيرتان قليلتا البروز، فضلاً عن أن الشعر يغطيها من كل جانب ليقيها من الرمال التي تحملها الرياح، وكما أن لها القدرة على الإنثناء خلفاً والالتصاق بالرأس إذا ما هبت العواصف الرملية.
منخرا الإبل:
كذلك المنخران يتخذان شكل شقين ضيقين محاطين بالشعر وحافتهما لحمية مما يسمح للجمل أن يغلقهما لمن أمام ما تحمله الرياح إلى رئتيه من دقائق الرمال.
عينا الإبل:
إن لعيني الجمل رموش ذات طبقتين مثل الفخ بحيث تدخل الواحدة بالأخرى وبهذا فأنها تستطيع أن تحمى عينها وتمنع دخول الرمال إليه.
ذيل الإبل:
وذيل الجمل يحمل كذلك على جانبيه شعراً يحمى الأجزاء الخلفية من حبات الرمل التي تثيرها الرياح والتي كأنها وابل من طلقات الرصاص.
قوائم الإبل:
أما قوائم الجمل فهي طويلة لترفع جسمه عن كثير مما يثور تحته من غبار، كما أنها تساعده على اتساع الخطو وخفة الحركة، وتتحصن أقدام الجمل بخف يغلفه جلد قوي غليظ يضم وسادة عريضة لينة تتسع عندما يدوس الجمل بها فوق الأرض، ومن ثم يستطيع السير فوق أكثر الرمل نعومة، وهو ما يصعب على أية دابة سواه، ويجعله جديراً بلقب " سفينة الصحراء".
فما زالت الإبل في كثير من المناطق القاحلة الوسيلة المثلى لارتياد الصحارى وقد تقطع قافلة الإبل بما عليها من زاد ومتاع نحواً من خمسين أو ستين كيلومتراً في اليوم الواحد، ولم تستطع السيارات بعد من منافسة الجمل في ارتياد المناطق الصحراوية الوعرة غير المعبدة.
عنق الإبل:
لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإبل ذوات أعناق مرتفعة حتى تتمكن من تناول طعامها من نبات الأرض، كما أنها تستطيع قضم أوراق الأشجار المرتفعة حين مصادفتها، هذا فضلاً عن أن هذا العنق الطويل يزيد الرأس ارتفاعاً عن الأقذاء ويساعد الجمل على النهوض بالأثقال.
وحين يبرك الجمل للراحة أو يناخ ليعد للرحيل يعتمد جسمه الثقيل على وسائد من جلد قوي سميك على مفاصل أرجله، ويرتكز بمعظم ثقله على كله، حتى أنه لو جثم به فوق حيوان أو إنسان طحنه طحناً.
و هذه الوسائد إحدى معجزات الخالق التي أنعم بها على هذا الحيوان العجيب، حيث إنها تهيئه لأن يبرك فوق الرمال الخشنة الشديدة الحرارة التي كثيراً ما لا يجد الجمل سواها مفترشاً له فلا يبالي بها ولا يصيبه منها أذى.
والجمل الوليد يخرج من بطن أمه مزودا بهذه الوسائد المتغلظة، فهي شيء ثابت موروث وليست من قبيل ما يظهر بأقدام الناس من الحفاء أو لبس الأحذية الضيقة.
معدة الإبل:
وأما معدة الإبل فهي ذات أربعة أوجه وجهازه الهضمي قوى بحيث يستطيع أن هضم أي شئ بجانب الغذاء كالمطاط مثلا في الامكان الجافة.
إن الإبل لا تتنفس من فمها ولا تلهث أبداً مهما اشتد الحر أو استبد بها العطش، وهي بذلك تتجنب تبخر الماء من هذا السبيل.
يتبع بإذن الله ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/198)
ـ[المسيطير]ــــــــ[14 - 12 - 05, 11:15 م]ـ
تنظيم جسم الإبل للحرارة:
يمتاز الجمل بأنه لا يفرز إلا مقداراً ضئيلاً من العرق عند الضرورة القصوى بسبب قدرة جسمه على التكيف مع المعيشة في ظروف الصحراء التي تتغير فيها درجة الحرارة بين الليل والنهار.
إن جسم الجمل مغطى بشعر كثيف، وهذا الشعر يقوم بعزل الحرارة ويمنعها من الوصول إلى الجلد تحتها، ويستطيع جهاز ضبط الحرارة في جسم الجمل أن يجعل مدى تفاوت الحرارة نحو سبع درجات كاملة دون ضرر، أي بين 34م و41 م، ولا يضطر الجمل إلى العرق إلا إذا تجاوزت حرارة جسمه 41م ويكون هذا في فترة قصيرة من النهار أما في المساء فإن الجمل يتخلص من الحرارة التي اختزنها عن طريق الإشعاع إلى هواء الليل البارد دون أن يفقد قطرة ماء، وهذه الآلية وحدها توفر للجمل خمسة لترات كاملة من الماء، ولا يفوتنا أن نقارن بين هذه الخاصة التي يمتاز بها الجمل وبين نظيرتها عند جسم الإنسان الذي ثبتت درجة حرارة جسمه العادية عند حوالي 37 م، وإذا انخفضت أو ارتفعت يكون هذا نذير مرض ينبغي أن يتدارك بالعلاج السريع، وربما توفي الإنسان إذا وصلت حرارة جسمه إلى القيمتين اللتين تتراوح بينهما درجة حرارة جسم الجمل (34م و41 م).
إنتاج الإبل للماء:
يقوم الجمل بإنتاج الماء والذي يساعده على تحمل الجوع والعطش وذلك من الشحوم الموجودة في سنامه بطريقة كيماوية يعجز الإنسان عن مضاهاتها.
فمن المعروف أن الشحم والمواد الكربوهيدراتية لا ينتج عن احتراقها في الجسم سوى الماء وغاز ثاني أسيد الكربون الذي يتخلص منه الجسم في عملية التنفس، بالإضافة إلى تولد كمية كبيرة من الطاقة اللازمة الواصلة النشاط الحيوي.
و الماء الناتج عن عملية احتراق الشحوم من قبيل الماء الذي يتكون على هيئة بخار حين تحترق شمعة على سبيل المثال، ويستطيع المرء أن يتأكد من وجوده إذا قرب لوحاً زجاجياً بارداً فوق لهب الشمعة، لاحظ أن الماء الناتج من الاحتراق قد تكاثف على اللوح. وهذا مصدره البخار الخارج مع هواء الزفير، ومعظم الدهن الذي يختزنه الجمل في سنامه يلجأ إليه الجمل حين يشح الغذاء أو ينعدم، فيحرقه شيئاً فشيئاً ويذوى معه السنام يوماً بعد يوم حتى يميل على جنبه، ثم يصبح كيساً متهدلاً خاوياً من الجلد إذا طال الجوع والعطش بالجمل المسافر المنهك.
و من حكمة خلق الله في الإبل أن جعل احتياطي الدهون في الإبل كبيراً للغاية يفوق أي حيوان آخر ويكفي دليل على ذلك أن نقارن بين الجمل والخروف المشهور بإليته الضخمة المملوءة بالشحم. فعلى حين نجد الخروف يختزن زهاء 11كجم من الدهن في إليته، يجد أن الجمل يختزن ما يفوق ذلك المقدار بأكثر من عشرة أضعاف (أي نحو 120 كجم)، وهي كمية كبيرة بلا شك يستفيد منها الجمل بتمثيلها وتحويلها إلى ماء وطاقة وثاني أكسيد الكربون.
ولهذا يستطيع الجمل أن يقضي حوالي شهر ونصف بدون ماء يشربه.
ولكن آثار العطش الشديد تصيبه بالهزال وتفقده الكثير من وزنه، وبالرغم من هذا فإنه يمضي في حياته صلدا لا تخور قواه إلى أن يجد الماء العذب أو المالح فيعب فيعب منه عباً حتى يطفئ ظمأه كما أن الدم يحتوى على أنزيم البومين بنسبة اكبر مما توجد عند بقية الكائنات وهذا الإنزيم يزيد في مقاومة الجمل للعطش وتعزى قدرة الجمل الخارقة على تجرع محاليل الأملاح المركزة إلى استعداد خاص في كليته لإخراج تلك الأملاح في بول شديد التركيز بعد أن تستعيد معظم ما فيه من ماء لترده إلى الدم.
و هنالك أسرار أخرى عديدة لم يتوصل العلم بعد إلى معرفة حكمتها ولكنها تبين صوراً أخرى للإعجاز في خلق الإبل كما دل عليه البيان القرآني.
يتبع بإذن الله،،،،،،،،
ـ[المقرئ]ــــــــ[15 - 12 - 05, 11:13 ص]ـ
شيخنا المسيطير: اختيار موفق للعنوان والمادة
وأرجو أن تسلط الضوء على مسألة مهمة في هذا الخلق العظيم وهي ما نسمعه من كثير من أصحاب الإبل أن الإبل يشابه الإنسان في كثير من تصرفاته وأن بينهما تجانسا كبيرا في (*العلاقات الإنسانية!!) * وقد ضربوا لذلك أمثلة كبيرة بعضها يروى بلفظ (حدثنا) فهل هناك دراسة علمية موثقة اطلعتم عليها
ولعلي أضرب مثالا لقصة وصلت إلي بالسند إلا أني لا أعرف الرجال وفيها:
أن رجلا كان لديه ذود إبل وكان مخلصا لها ويحبها حبا شديدا أدى هذا الحب إلى ترك مدينته وأهله والعيش معها فهو لا يفارقها وبينهما اتصالات نفسية فهو يفهم ما تريد ويتخاطب معها وتفهمه ويفهمها
وفي ذات يوم وبينما كان يضع (التبن) للإبل وكان وسطها وكانت (بكرة) تأكل من تحت يده فرفعت رأسها فأصابته مع رقبته باتجاه حلقه فسقط مغشيا عليه فلما رأته البكرة بركت عنده وأخذت تحن عليه وفي تلك الساعة كان أولاده يأتون إليه فلما رأوه حملوه في سيارتهم وذهبوا به إلى المشفى وظلت هذه البكرة على جلستها لم تتحرك وكلما سمعت صوت سيارة التفتت إلى جعته ترجو أن يكون صاحبها (وأظن والله أعلم أنه أصابها شلل أو ما شابه ذلك) وجلست أربعة وعشرين يوما وهي على هذه الحال ثم ماتت وأما صاحب الإبل فقد جلس في المشفى (شهرين كاملين ثم خرج معافى)
هذه القصص وغيرها كثير تدل على أن هناك اتصالا عاطفيا بين الإنسان والإبل وما شعر الأوائل عنا ببعيد كطرفة بن العبد وغيره إلا دليل على هذا
بل قال لي أحد المهتمين بها منذ سنين كلمة لا زالت تترد في أذني:
قال: من ابتلي بالعشق أو كان في فراغ عاطفي أو كان من أهل الغرام والعشق فليفرغه في الجَمال وهي الجِمال
ولا غرو فمن نظر إلى أصحاب الإبل وجد جنونا وحبا غير طبعي ينتابهم معها وما قصة ذالك الرجل الذي باع إبله على الأمير ( ... ) بملايين الريالات فما جلس شهرا إلا وفسدت حاله وانهد جسمه فما كان من أبنائه إلا وذهبوا يتوسلون إلىالأمير لإقالة البيعة
كل هذا وغيره كثير يجسد أن شيئا غريبا يحتاج إلى دراسة علمية لفهم هذه الطبيعة
شاركرا لشيخنا موضوعه القيم وأعتذر عن الإطالة
المقرئ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/199)
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:11 م]ـ
ومما ذكر لي بالسند المتصل أن دعاة
ذهبوا الى البادية لزيارة صديق فلم يجدوه
وأُخبروا أنه عند الحلال " الجمال" فذهبوا له
وتحدثوا معه عن عظمة الله وقدرته في خلق خلقه
يقول الراوي: فماهي الا لحظات حتى أقبلت علينا احدى
النوق وبقيت تسمع هذا الكلام من هذا الداعي
ثم انسكبت دموعها على وجهها فتذكرت قوله تعالى ((ولكن لا تفقهون تسبيحهم))
ـ[المسيطير]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:14 م]ـ
شيخنا الكريم / المقرئ وفقه الله
سررتُ كثيرا بعودتك، وجزاك الله خير الجزاء على مادبجت به هذه المشاركة من كلامٍ يسر الناظرين.
وأعدك أن أبحث في هذا الموضوع إمعانا في النظر، ثم استجابة لطلبك.
ولعلي أجمع أيضا ما تيسر من الأحاديث الواردة في الإبل ومافيها من أحكام بإذن الله.
زادك الله من فضله.
ـ[المسيطير]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:20 م]ـ
حليب الإبل:
أما لبن الإبل فهو أعجوبة من الأعاجيب التي خصها الله سبحانه للإبل حيث تحلب الناقة لمدة عام كامل في المتوسط بمعدل مرتين يومياً، ويبلغ متوسط الإنتاج اليومي لها من 5 ـ 10 كجم من اللبن، بينما يبلغ متوسط الإنتاج السنوي لها حوالي 230 ـ 260 كجم.
و يختلف تركيب لبن الناقة بحسب سلالة الإبل التي تنتمي إليها كما يختلف من ناقة لأخرى، وكذلك تبعاً لنوعية الأعلاف التي تتناولها الناقة والنباتات الرعوية التي تقتاتها والمياه التي تشربها وكمياتها، ووفقا لفصول السنة التي تربى بها ودرجة حرارة الجو أو البيئة التي تعيش فيها والعمر الذي وصلت إليه هذه الناقة وفترة الإدرار وعدد المواليد والقدرات الوراثية التي يمتلكها الحيوان ذاته، وطرائق التحليل المستخدمة في ذلك.
و على الرغم من أن معرفة العناصر التي يتكون منها لبن الناقة على جانب كبير من الأهمية، سواء لصغر الناقة أو للإنسان الذي يتناول هذا اللبن، فإنها من جانب آخر تشير وتدل دلالة واضحة على أهمية مثل هذا اللبن في تغذية الإنسان وصغار الإبل وبشكل عام يكون لبن الناقة أبيض مائلاً للحمرة، وهو عادة حلو المذاق لاذع، إلا أنه يكون في بعض الأحيان مالحاً، كما يكون مذاقه في بعض الأوقات مثل مذاق المياه، وترجع التغيرات في مذاق اللبن إلى نوع الأعلاف والنبات التي تأكلها الناقة والمياه التي تشربها.
كذلك ترتفع قيمة الأس الهيدروجيني PH( وهو مقياس الحموضة) في لبن الناقة الطازج، وعندما يترك لبعض الوقت تزداد درجة الحموضة فيه بسرعة.
و يصل محتوى الماء في لبن الناقة بين 84 % و90% ولهذا أهمية كبيرة في الحفاظ على حياة صغرى الإبل والسكان الذين يقطنون المناطق القاحلة (مناطق الجفاف).
وقد تبين أن الناقة الحلوب تفقد أثناء فترة الإدرار ماءها في اللبن الذي يحلب في أوقات الجفاف، وهذا الأمر يمكن أن يكون تكيفاً طبيعياً، وذلك لكي توفر هذه النوق وتمد صغارها والناس الذين يشربون من حليبها ـ في الأوقات التي لا تجد فيها المياه ـ ليس فقط بالمواد الغذائية، ولكن أيضا بالسوائل الضرورية لمعيشتهم وبقائها على قيد الحياة، وهذا لطف وتدبير من الله سبحانه وتعالى.
و كذلك فإنه مع زيادة محتوى الماء في اللبن الذي تنتجه الناقة العطشى ينخفض محتوى الدهون من 4،3 % إلى 1،1 %، وعموماً يتراوح متوسط النسبة المئوية للدهون في لبن الناقة بين 2،6 إلى 5،5%، ويرتبط دهن اللبن بالبروتين الموجود فيه.
و بمقارنة دهون لبن الناقة مع دهون ألبان الأبقار والجاموس والغنم لوحظ أنها تحتوي على حموض دهنية قليلة، كما أنها تحتوي على حموض دهنية قصيرة التسلسل ويرى الباحثون أن قيمة لبن الناقة تكمن في التراكيز العالية للحموض الطيارة التي تعتبر من أهم العوامل المغذية للإنسان، وخصوصاً الأشخاص المصابين بأمراض القلب.
ومن عجائب لبن الإبل أن محتوى اللاكتوز في لبن الناقة يظل دون تغيير منذ الشهر الأول لفترة الإدرار وحتى في كل من الناقة العطشى والنوق المرتوية من الماء.
وهذا لطف من العلي القدير فيه رحمة وحفظ للإنسان والحيوان، إذ إن اللاكتوز (سكر اللبن) سكر هام يستخدم كمليّن وكمدّر للبول، وهو من السكاكر الضرورية التي تدخل في تركيب أغذية الرضع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/200)
و فضلاً عن القيمة الغذائية العالية لألبان الإبل، فإن لها استخدامات وفوائد طبية عديدة تجعله جديراً بأن يكون الغذاء الوحيد الذي يعيش عليه الرعاة في بعض المناطق، وهذا من فضل الله العظيم وفيضه العميم.
يتبع بإذن الله،،
ـ[المسيطير]ــــــــ[15 - 12 - 05, 04:22 م]ـ
مقارنة بين قدرات الإبل والإنسان:
ولعل في المقارنة بين بعض قدرات الإبل والإنسان ما يزيد الأمر إيضاحاً بالنسبة لنموذج الإبل الفريد في الإعجاز.
فقد أكدت تجارب العلماء أن الإبل التي تتناول غذاءً جافاً يابساً يمكنها أن تتحمل قسوة الظمأ في هجير الصيف لمدة أسبوعين أو أكثر، ولكن آثار هذا العطش الشديد سوف تصيبها بالهزال لدرجة أنها قد تفقد ربع وزنها تقريباً في خلال هذه الفترة الزمنية.
ولكي ندرك مدى هذه المقدرة الخارقة نقارنها بمقدرة الإنسان الذي لا يمكنه أن يحيا في مثل تلك الظروف أكثر من يوم واحد أو يومين.
فالإنسان إذا فقد نحو 5% من وزنه ماء فقد صوابه حكمه على الأمور، وإذا زادت هذه النسبة إلى 10% صُمَّت أذناه وخلط وهذى وفقد إحساسه بالألم (وهذا من رحمة الله به ولطفه في قضائه).
أما إذا تجاوز الفقد 12% من وزنه ماء فإنه يفقد قدرته على البلع وتستحيل عليه النجاة حتى إذا وجد الماء إلا بمساعدة منقذيه.
وعند إنقاذ إنسان أشرف على الهلاك من الظمأ ينبغي على منقذيه أن يسقوه الماء ببطء شديد تجنباً لآثار التغير المفاجئ في نسبة الماء بالدم.
أما الجمل الظمآن إذا ما وجد الماء يستطيع أن يعب منه عباً دون مساعدة أحد ليستعيد في دقائق معدودات ما فقد من وزنه في أيام الظمأ.
وثمة ميزة أخرى للإبل على الإنسان، فإن الجمل الظمآن يستطيع أن يطفئ ظمأه من أي نوع وجد من الماء، حتى وإن كان ماء البحر أو ماء في مستنقع شديد الملوحة أو المرارة، وذلك بسبب استعداد خاص في كليتيه لإخراج تلك الأملاح في بول شديد التركيز بعد أن تستعيد معظم ما فيه من ماء لترده على الدم.
أما الإنسان الظمآن فإنه أية محاولة لإنقاذه بشرب الماء المالح تكون أقرب إلى تعجيل نهايته.
وأعجب من هذا كله أن الجمل إذا وضع في ظروف بالغة القسوة من هجير الصحراء اللافح فإنه سوف يستهلك ماء كثيراً في صورة عرق وبول وبخار ماء، مع هواء الزفير حتى يفقد نحو ربع وزنه دون ضجر أو شكوى.
والعجيب في هذا أن معظم هذا الماء الذي فقده استمده من أنسجة جسمه ولم يستنفذ من ماء دمه إلا الجزء الأقل، وبذلك يستمر الدم سائلاً جارياً موزعاً للحرارة ومبددا لها من سطح جسمه، ومن ثم ترتفع درجة حرارته ارتفاعاً فجائياً لا تتحملها أجهزته ـ وخاصة دماغه ـ وفي هذا يكون حتفه.
و هكذا نجد أن الآية الكريمة (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت) تمثل نموذجاً لما يمكن أن يؤدي إليه العلم بكافة مستوياته الفطرية والعلمية، وليس في نصّها شيء من حقائق العلوم ونظرياتها وإنما فيها ما هو أعظم من هذا فيها مفتاح الوصول إلى تلك الحقائق بذلك التوجيه الجميل من الله العليم الخبير بأسرار خلقه.
هذه بعض أوجه الإعجاز في خلق الإبل من ناحية الشكل والبنيان الخارجي، وهي خصائص يمكن إدراكها بفطرة المتأمل الذي يقنع البدوي منذ الوهلة الأولى بإعجاز الخلق الذي يدل على قدرة الخالق.
المراجع: كتاب رحيق العلم والإيمان الدكتور أحمد فؤاد باشا.
http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=128&select_page=6
مقالة للكاتب التركي هارون يحيى.
ـ[المسيطير]ــــــــ[16 - 12 - 05, 03:55 م]ـ
قال للدكتور / عاطف الهندي
الإبل Camels :
قال تعالى: (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإبل كَيْفَ خُلِقَتْ) (الغاشية:17) ولماذا يأمرنا رب العزة أن ننظر إلى الإبل (ذكرها وأنثاها) كيف خلقت وصممت لتتكيف مع ما قدر لها من مشقة وظروف شديدة؟، ويأتي العلماء بتسهيل رباني بالجواب حيث بعد البحث والتقصي تبين أنه:
- يحمي عيون الجمل قضيب هيكلي.
- وله رموش طويلة غليظة تسمح له برؤية جيدة في النهار والليل.
- وأنفه يرطب الهواء الحار في الشهيق ويبرد هواء الزفير ليستعيد منه بخار الماء إلى جسمه فهو بمثابة جهاز تكييف حيث يحوي في مناخيره تجاويف أنفية تشبه الكهوف مستطيلة ومتعرجة مهمة هذه التجاويف تلطيف الهواء الداخل سواء حار أو بارد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/201)
- أيضاً جلد الجمل سميك نسبياً مقارنة مع بقية الحيوانات، وهذا يعمل له عزل حراري ويقلل التبخر
- وحاسة الشم قوية تشم رائحة أقرانها على بعد 11 كيلومترا.
- والشفة العليا مشقوقة لتسهل أكل النباتات الشوكية.
- و له 34 سن.
- بعضه (النوع العربي) له سنام من الدهون على ظهره والآخر له سنامين ويستطيع بسهولة صرف دهنه المخزن في سنامه بفعل الحركة وعامل الجاذبية ويعتبر انتصاب السنام علامة صحية للجمل والسنام المتدلي أو الصغير علامة مرضية له.
- وهو يصبر على الجوع والعطش ويختزن الطعام والماء في جدران معدته وبالتحديد في جيوب خاصة في كرشه.
- ومما يساعد الجمل على تحمل مشقة السفر والحر بدون طعام ولا شراب أن جسمه مصمم للفقد القليل وتخزين الكثير حيث لديه قدرة هضم وامتصاص عالية و إفرازاتها قليلة سواء عرق أو لعاب أو بول أو براز (بعكس الأبقار وما تخلفه من أطنان الروث الذي يخرب البيئة ولا يجد المزارع له تصريف) وتحتفظ الإبل بالتالي بكثير من السموم الواردة للبيئة كاليوريا فهي صديقة للبيئة وهذا يفسر الهدي النبوي في الوضوء بعد أكل وجبة لحم الإبل - والله أعلم -.
- كريات دمه الحمراء بيضاوية و لها أنوية وهذا الشكل متواجد عند الطيور لجعل جسمها خفيف سهل الحركة وهذا الشكل البيضاوي المستطيل في بعض الأحيان يسهل انسياب وتدفق الدم في العروق والشرايين ويحافظ على سيولة الدم وعدم تجلطه بسهولة، ويمكن الجمل لاحتفاظ أكثر بالسوائل والالكترولايتات (المعادن والأملاح) فيظل الجمل نشيط وحيوي وسط أجواء الصحراء الشديدة.
- له أقدام ذات خف عريض مشقوق ومبطن تساعده على السير في الرمال الناعمة المتزحلقة دون أن تغوص أقدامه فيها كما تغوص أقدام الحصان والسبب أن الخف يمثل راحة القدم وليس أصابعها فالجمل يمشي على روؤس الحوافر أو الأصابع كباقي الحيوانات فالخف يشبه الزعانف.
- وينفرد الجمل في مشيته بين ذوات الأربع فإن قدمي الجانب الأيمن تتحركان للأمام معا ثم قدمي الجانب الآخر، وكأنها تمشى على طرفين لا على أربع.
- تستطيع أن تشرب 200 ليتر من الماء خلال 24 ساعة والسير لوحدها أسبوع دون ماء (وبالتحديد تستطيع السير لوحدها بسرعة 20كم/الساعة لمدة 3 أيام وتستطيع السير براكبها لمدة 12 ساعة متواصلة دون ماء أو طعام ويستطيع الجمل أن يفقد 40% من رطوبة جسمه دون أن يتأثر بينما تموت بقية الخليقة إذا فقدت 12% من رطوبتها.
- أيضاً درجة حرارة الجمل متقلبة من 35 ْ-39 ْ م لتتكيف مع جو الصحراء القاري المتقلب.
- وتستطيع الجمال القوية أن تحمل حمولة تصل أوزانها حتى 450كلغ (وتحمل 300كغم وتسير بها بسرعة 6كم/الساعة قاطعة مسافة 22كم).
- كما استخدم وبرها للملابس، وجلدها للمصنوعات الجلدية، وحليبها ولحمها كغذاء، وبعرها كسماد.
- يبلغ متوسط طول الجمل (حتى كتفه) من 180 - 230سم.
- كما أن أوزانها تتراوح فيما بين 450 - 810 كجم.
- وتضع عادة فصيلاً واحداً بعد فترة حمل تستمر فيما بين 12 - 13شهراً.
- وتعمر الجمال فيما بين 25 - 30 سنة.
- بالنسبة للناقة فهي لا تحلب إلا بوجود فصيلها (الحوار أوالقاعود) ولا تبيض بويضة إلا وقت التزاوج و شرط وجود الذكر ( Induced ovulation ) .
- وتنتج الناقة 45 كغم/ يومياً من الحليب لذا يعتبر الجمل أفضل للتربية من بقر الهولشتاين وحتى أفضل من كل أنواع البقر في العالم إذا قارنت السعر وتكاليف العلف وتكاليف العلاج حيث يعتبر الجمل أقل المجترات عرضة للإصابة بالأمراض.
- وحليب الإبل الوحيد الذي يحتوي على فيتامين ( C ) وهذا الفيتامين ضروري لحفظ الحليب مدة أطول ومنعه من التلف ولكي يشربه أهل الصحراء ليغنيهم عن الفواكه مصدر فيتامين ( C ) للحضر.
- وينصح بحليب الإبل للعلاج وهذا تصديق للسنة النبوية الشريفة التي أقرت بالتداوي بحليب الإبل وحتى بولها ويوجد دراسة حديثة تربط بين حليب الناقة وحليب الإنسان (خاصة أنه أقرب للإنسان بالنسبة لسكر اللاكتوز ومريح بالنسبة لهضم بروتين الكازيين من قبل الطفل حيث يحوي ثلث كمية الكازيين الموجود في حليب الأم وبالتالي لا يوجد مغص للطفل من جراء تجبن البروتين بفعل المعدة الحامضية للطفل)، وأنه أفضل لتقديمه للأنسان بدلاً من حليب الأبقار المعدّل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/202)
- أيضاً دورة الحليب عند الإبل 606يوم (ضعف ما لدى البقرة).
فسبحان الله حيوان عجيب وقوي ومع كل ذلك فقد ذلّلّه الله لنا فهلا نظرنا إلى الإبل كيف خلقت!!
http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=399&select_page=6
يتبع بإذن الله:
(التداوي بألبان وأبوال الإبل).
ـ[المسيطير]ــــــــ[16 - 12 - 05, 05:47 م]ـ
التداوي بألبان وأبوال الإبل
سنة نبوية ومعجزة طبية
الكاتب / طارق عبده إسماعيل
باحث بالطب النبوي
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (أن ناساً من عرينة قدموا على رسول الله المدينة فاجتووها فقال لهم رسول الله إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها و أبوالها ففعلوا فصحوا) -- إلى آخر الحديث – رواه البخاري برقم 5361 ومسلم برقم 1671
وفي رواية النسائي عنه قال: (قدم أعراب من عرينة إلى النبي فأسلموا فاجتووا المدينة حتى اصفرت ألوانهم وعظمت بطونهم فبعث بهم رسول الله إلى لقاح له وأمرهم أن يشربوا من ألبانها و أبوالها حتى صحوا) ----إلى آخر الحديث -- صحيح سنن النسائي برقم 295
خلاصة القصة أن جماعة من الرجال أسلموا ونزلوا ضيوفاً على رسول الله بالمدينة فاجتووا المدينة أي أصابهم المرض، قال المفسرون: الجوي داء من الوباء وهو يصيب الجوف كما في إحدى روايات الحديث (فعظمت بطونهم) أي نتج عنه انتفاخ البطن (الاستسقاء)، ومن ظاهر الأحاديث أنه كان بهم هزال شديد، واصفرار في اللون، وهذا كله قد يكون ناتج عن مرض كبدي وربما كان معهم أمراض أخرى فوصف لهم رسول الله الدواء بأن يشربوا ألبان وأبوال الإبل ففعلوا فصحوا وبرئوا.
مكونات حليب الإبل وفوائده من واقع الأبحاث
تحدث الدكتور عبد العاطي كامل (رئيس بحوث الأبقار بمركز البحوث الزراعية التابع لوزارة الزراعة المصرية) عن دراسة له قال:
إنه أثبت أن ألبان الإبل تحتوي على سكر اللاكتوز (وهو سكر له مفعول مدر للبول) مؤكداً أن هذا السكر يتم امتصاصه في الأمعاء الدقيقة للإنسان ويتحول بفضل أنزيم الأكتيز إلى سكر الجلوكوز، والعجيب من هذا النوع من السكر إنه يتم امتصاصه ببطء في الدم ليمنع تزايد تراكم الجلوكوز وهو الأمر الذي يحمي الإنسان من الإصابة بمرض السكر ويكون بالتالي مفيد جداً لمرضى السكر.
ويؤكد أيضا أن ألبان الإبل تحتوي كذلك على أقل نسبة دهون مقارنة بألبان الحيوانات الأخرى، لذلك فإن انخفاض نسبة الدهون في ألبان الإبل يعطيها مميزات غذائية أخرى مهمة للغاية لاسيما لأصحاب أمراض الكبد مشيراً إلى أنه بمقارنة دهون لبن الإبل بالألبان الأخرى أتضح أنه يحتوي على أحماض دهنية قصيرة السلسلة، علاوة على أن لبن الإبل تكمن أهميته في تركيزاته العالية من الأحماض الدهنية سريعة التمثيل خاصة حامض الملينوليلك والأحماض الدهنية غير المشبعة وهي الأنواع المعروفة بضرورتها في غذاء الإنسان للمحافظة على صحته وحيويته، بالإضافة إلى أن ألبان الإبل تحتوي على أحماض أمينية أكبر بكثير من الألبان الأخرى، ومن هذه الأحماض الأمينية الميثونين والأرجنين والليسين والفالين والفينيل والأنين.
وجاء في أكثر من مصدر إعلامي أن مجمع زايد الحكومي لبحوث الأعشاب والطب التقليدي في أبو ظبي قد أجرى دراسة علمية أظهرت إمكانية تطوير مضاد حيوي من حليب الإبل يقضي على حمى الوادي والإيدز والسل وداء الكبد الوبائي وغيرها من الأمراض ونسب للدكتور ناجي مدير عام المجمع قوله: إن الإبل هي الحيوانات الوحيدة التي تملك جهاز مناعة شاذ ومميز عن القاعدة الأساسية لنظام المناعة المتعارف عليه لدى الحيوانات الأخرى مشيراً إلى أن جهاز مناعة الإبل يحتوي على حقل مناعي واحد هو السلسلة الثقيلة ويخلو من السلسلة الخفيفة وأوضح أن السلسلة الثقيلة تحتوي على قوة ربط و موزانة فريدة من نوعها.
ويري الباحثون أن حليب الإبل يحتوي على خلاصات تنشط الكبد وتحرض على خروج المادة الصفراوية من الحويصلة الصفراوية وأن قيمة حليب الناقة أيضا تكمن في التراكيز العالية للحموض الطيارة وبخاصة حمض اللينوليلك و الحموض المتعددة غير المشبعة الأخرى والتي تعتبر ضرورية من أجل تغذية الإنسان وخصوصاً في تغذية الأشخاص المصابين بأمراض القلب ويعد حليب الابل غني بفيتامين ج أو ما يسمى بحمض الأسكوربيك ولذا ينصح بإعطاء حليب الإبل للنساء الحوامل والمرضعات والمصابين بمرض الإسقربوط.
ومن أهم مزايا حليب الإبل أنه يتميز دون غيره من الألبان الأخرى بامتلاكه لمركبات ذات طبيعة بروتينية كالأزوزيم ومضادات التخثر ومضادات التسمم ومضادات الجراثيم والأجسام المانعة الأخرى ولذا فحليب الإبل أقل إصابة بالحمى المالطية من كل أنواع الحليب الأخرى.
ويقول الدكتور احمد سليمان خبير الإنتاج الحيواني بصندوق دول الكمنولث:
إن حليب الإبل يتفوق عن غيره بمحتواه العالي من أملاح الكالسيوم و الماغنسيوم و البوتاسيوم والصوديوم بالإضافة إلى أنه غني أيضاً بأملاح الحديد و المنجنيز والنحاس والزنك والعناصر المعدنية الدقيقة الأخرى مما يضيف له مزايا علاجية جيدة لمن يعانون من فقر الدم وضعف النظام ويعتبر حليب الإبل غني بفيتامين ب2 وب 12 وهي فيتامينات هامة ويعتبر فيتامين ب2 على الصورة البسيطة أو المعقدة هام جداً فيما يتعلق بالتعاملات الكيميائية الخاصة بالتمثيل الغذائي للمواد الكربوهيدراتية وتحسن النمو وتساعد على ليونة الجلد واختفاء الاحتقان الموجود حول العين، أما فيتامين ب12 فهو يعتبر العامل المضاد للأنيميا الخبيثة وهذا الفيتامين يحتوي على الكوبالت لذلك يسمي بالسيانوكابالت أميني وهي مركبات لها تأثيرات بيولوجية في الجسم ويحتوي بروتين حليب الإبل علي ثلاثة أنواع من الجلوبيولين هي – الفاجلوبيولين و بيتاجلوبيولين وجاماجلوبيولين وهذه الأنواع الثلاثة موجودة غالباً في جميع البروتينات الموجودة في جميع ألبان الحيوانات الأخرى إلا أنها تختلف فيما بينها في التركيب النسبي.
ويتميز حليب الإبل بارتفاع النوع جاماجلوبيولين وهو الذي يعزى إلى دوره في تقوية جهاز المناعة لشاربي حليب الإبل وعلاج كثير من الأمراض المرتبطة بخلل أو ضعف في جهاز المناعة.
يتبع بإذن الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/203)
ـ[المسيطير]ــــــــ[16 - 12 - 05, 05:52 م]ـ
مكونات بول الإبل وفوائده من واقع الأبحاث
إن تركيبة بول الإبل (تحليل بي اتش) كانت بصورة عمومية قلوي جداً عكس البول البشري فهو حمضي لاذع وأن اللاكتروايت والعناصر التابعة إذا ما قورنت بين مختلف الحيوانات التي ترعي بالعشب وجد أنها تحتوي علي كمية كبيرة من البوتاسيوم وكميات قليلة من الصوديوم.
وعندما تتم مقارنة بول الإبل مع أبوال الأبقار والماعز والبشر نجد أن المغنسيوم في بول الإبل أعلى من البول البشري، وإن التركيز للعوامل الأخرى يختلف بصورة كبيرة جداً بين كل الأصناف وكان محتوى البولينا و البروتينات الزلالية عالية جداً إذا ما قورنت بالبشر فإن الحامض البولي أقل، وأن هذا هو الذي يلعب دوراً أساسياً في تحسين توازن الألكترولايت لمرضى الاستسقاء.
ولعل هذا يوضح التبادل الحاصل في بول الإبل بين السوائل المختلفة الكثافة بعضها عن بعض حتى يحدث التجانس في التركيبة، وهذا ربما يوضح أيضاً التأثير المدر للبول لمن يشرب بول الإبل وكذلك الزيادة المتكررة لحركة تفريغ الأمعاء التي تجعلهم أفضل حالاً وأحسن نشاطاً.
وقد عقدت جامعة الجزيرة ندوة تحدث فيها الأستاذ الدكتور أحمداني عميد كلية المختبرات الطبية بالجامعة أوضح فيها أن:
التجربة بدأت بإعطاء كل مريض من مرضى الاستسقاء وأمراض الكبد يوميا جرعة محسوبة من بول الإبل مخلوطاً بلبنها حتى يكون مستساغاً وبعد خمسة عشر يوماً من بداية التجربة كانت النتيجة مذهلة للغاية حيث انخفضت البطون لوضعها الطبيعي وشفوا تماماً من الاستسقاء لأن مرض الاستسقاء ينتج عن نقص في الزلال والبوتاسيوم وبول الإبل غني بالاثنين معاً وقد شفوا من تليف الكبد بعد أن استمروا في شرب البول شهرين آخرين.
ولا شك أن كثير من قبائل البدو يشهدون بهذه النتائج من واقع حياتهم وأسلوب معيشتهم الذي لا يخلوا من العلاج بحليب الإبل و أبوالها والتي استمدوها من الهدي النبوي المصحوب مع الفتوحات الإسلامية لهذه البلاد.
طارق عبده إسماعيل باحث بالطب النبوي
trqkkk@hotmail.com
http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=650&select_page=6
ـ[أبو موفق الحلبي]ــــــــ[16 - 12 - 05, 06:33 م]ـ
جزاك الله خيرا أيها الأخ الكريم موضوع طيب إن شاء الله والحقيقة فقد أخذت هذا الموضوع وجعلت منه محاضرة كاملة بالأمس في المسجد جزاكم الله خيرا
ـ[أبو موفق الحلبي]ــــــــ[16 - 12 - 05, 06:40 م]ـ
جزاك الله خيرا أيها الأخ الكريم موضوع طيب إن شاء الله والحقيقة فقد أخذت هذا الموضوع وجعلت منه محاضرة كاملة بالأمس في المسجد جزاكم الله خيرا
ـ[المسيطير]ــــــــ[17 - 12 - 05, 06:02 م]ـ
جزاك الله خيرا أيها الأخ الكريم موضوع طيب إن شاء الله والحقيقة فقد أخذت هذا الموضوع وجعلت منه محاضرة كاملة بالأمس في المسجد جزاكم الله خيرا
أخي الكريم / أباموفق الحلبي وفقه الله
جزاك الله خير الجزاء، سررتُ كثيرا بما تفضلتَ به، زادكم الله من فضله.
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - 12 - 05, 07:50 م]ـ
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى عند تفسيره لسورة الغاشية:
{أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت} وهذا الاستفهام للتوبيخ، أي إن الله يوبخ هؤلاء الذين أنكروا ما أخبر الله به عن يوم القيامة، وعن الثواب والعقاب، أنكر عليهم إعراضهم عن النظر في آيات الله تعالى التي بين أيديهم.
وبدأ بالإبل؛ لأن أكثر ما يلابس الناس في ذلك الوقت الإبل، فهم يركبونها، ويحلبونها، ويأكلون لحمها، وينتفعون من أوبارها إلى غير ذلك من المنافع فقال: {أفلا ينظرون إلى الإبل} وهي الأباعر {كيف خلقت} يعني كيف خلقها الله عز وجل، هذا الجسم الكبير المتحمل، تجد البعير تمشي مسافات طويلة لا يبلغها الإنسان إلا بشق الأنفس وهي متحملة، وتجد البعير أيضاً يحمل الأثقال وهو بارك ثم يقوم في حمله لا يحتاج إلى مساعدة، والعادة أن الحيوان لا يكاد يقوم إذا حُّمل وهو بارك لكن هذه الإبل أعطاها الله عز وجل قوة وقدرة من أجل مصلحة الإنسان، لأن الإنسان لا يمكن أن يحمل عليها وهي قائمة لعلوها، ولكن الله تعالى يسر لهم الحمل عليها وهي باركة ثم تقوم بحملها، وكما قال الله تعالى في سورة يس: {ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون} [يس: 73].
منافعها كثيرة لا تحصى، وأهلها الذين يمارسونها أعلم منا بذلك، فلهذا قال: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت} ولم يذكر سواها من الحيوان كالغنم والبقر والظبي وغيرها لأنها أعم الحيوانات نفعاً وأكثرها مصلحة للعباد.
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[27 - 12 - 05, 09:22 م]ـ
جزاك الله خيرا ما أروع هذا الموضوع لاحرمنا الله من فوائدك وعوائدك.
ـ[الشويمان]ــــــــ[28 - 12 - 05, 01:12 ص]ـ
جزاكم الله كل خير على هذا الموضوع ولكن هل صنف في الاعجاز العلمي مصنفات مستقلة وان كان كذلك هل ذكرتموها لنا للفائدة سواء من المتقدمين او المتأخرين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/204)
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[20 - 02 - 06, 03:02 ص]ـ
لتتمه أيها الشيخ الفاضل المسيطير
ـ[محمدالقحطاني]ــــــــ[20 - 02 - 06, 02:28 م]ـ
جزاك الله خير وبارك فيك معلومات طيبه
ـ[د/ألفا]ــــــــ[21 - 02 - 06, 03:29 ص]ـ
جزاكم الله خيرا شيخ المسيطير
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[21 - 02 - 06, 12:06 م]ـ
الشيخ المسيطير
بارك الله فيك ونفع بعلمك
استمر ...
فالطرح طيب
والحقائق العلمية التي تكَشَّفت في الحاضر لم تكن متاحة للسلف
مما يشعرنا بعظمة هذا القرآن مع كل جديد
وصدق الله إذ يقول:
{سنريهم آياتنافي الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}
ـ[المسيطير]ــــــــ[09 - 03 - 06, 08:14 م]ـ
المشايخ الفضلاء /
الحنبلي السلفي
الشويمان
إحسان العتيبي
محمد القحطاني
د/ألفا
صلاح الدين الشريف
جزاكم الله خير الجزاء وأوفاه.
سررتُ كثيرا بمروركم، وتمنيت لو أنكم أضفتم ماتيسر مما منّ الله به عليكم من علم.
حفظكم الله.
ـ[محب احمد بن حنبل]ــــــــ[10 - 03 - 06, 12:33 ص]ـ
جزاكم الله كل خير على هذا الموضوع.
ولمن أراد أن ينظر في أشكال الإبل المختلفه والعجيبه فلينظرها-للتفكر في خلقتها فقط- في موقع "النداوي".
ـ[الشافعي]ــــــــ[10 - 03 - 06, 02:42 ص]ـ
السلام عليكم
موضوع بديع وشيق
جزاكم الله خيراً
هل يمكن للإخوة الأفاضل أن يلقوا بعض الضوء على جانب آخر مما ورد في خلق الإبل وأعني به ما جاء
في حديثي البراء بن عازب وعبد الله بن مغفل من أن ((الإبل خلقت من الشياطين)) وفي بعضها ((من
الجن)) فيفيدونا بالكلام على الحديث سنداً ومتنا، لفظا ومعنى
كذلك حديث حمزة بن عمرو الأسلمي مرفوعاً ((على ظهر كل بعير شيطان))
ومن باب إثراء الموضوع، هذا المنتدى ( http://www.mzayan.com/vb/forumdisplay.php?f=70) قد خصص قسماً كاملاً اسمه ((الإبل في القرآن والحديث))
ـ[أبوصالح الكويتي]ــــــــ[10 - 03 - 06, 01:23 م]ـ
بارك الله فيك شيخ المسيطير
الموضوع طيب و نافع
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 05 - 07, 11:46 م]ـ
اكتشاف في ألبان الإبل .. الأجسام المضادة النانوية
بقلم د. عبد الجواد الصاوي
عرف الإنسان عائلة الجمال منذ ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد؛ كوسيلة مفضلة له في السفر وحمل الأثقال، وكمصدر غذائي له يشرب من ألبانها ويأكل من لحومها، وقد انتشرت الجمال في جميع قارات الدنيا وهي نوعان:
- الجمال العربية ذات السنام الواحد: وتنتشر في صحراء الجزيرة العربية وصحراء أفريقيا ومنها انتشرت للبلاد الأسيوية وغيرها.
- والجمال ذات السنامين: وتوجد في منطقة جبال الهيملايا بالهند وبعض البلاد الأخرى.
ويعتبر لبن الإبل الغذاء الرئيسي للبدو في الصحراء ويعتبرونه أفضل الألبان قاطبة.
ويفضلونه طازجا في معظم الحالات.
ويتفاوت مذاق اللبن من شدة الحلاوة إلى فاتر ومالح، ويتوقف طعمه على نوع الطعام المقدم للإبل.
وقد اهتم العلماء بالأبحاث المتعلقة بألبان الإبل في الربع الأخير من القرن العشرين فأجريت مئات الأبحاث على أنواع الجمال، وكمية الألبان التي تدرها في اليوم وفترة إدرارها للألبان بعد الولادة، ومكونات لبن الإبل.
وبعد دراسات مستفيضة خلص العلماء إلى أن لبن الإبل يعتبر عنصراً أساسياً في تحسين غذاء الإنسان كما ونوعًا.
مكونات لبن الإبل:
يتدرج لبن الإبل في مكوناته بناء على:
- مرحلة الإدرار.
- وعمر الناقة.
- وعدد أولادها.
- وكمية ونوع الطعام الذي تتغذى عليه.
- وكذلك على كمية الماء المتوفر للشرب.
ويعتبر لبن الإبل عالي القلوية ولكن سرعان ما يصير حمضيا إذا ترك فترة من الزمن إذا يتراوح PH من 6.5 إلى6.7? ويتحول للحمضية بسرعة حيث يزداد حمض اللاكتيك من 0.03 بعد ساعتين إلي 14? بعد 6 ساعات.
ويتراوح الماء في لبن الإبل من 84 إلى90? من مكوناته.
وتتراوح الدهون في اللبن في المتوسط حوالي 5.4، والبروتين حوالي 3?.
ونسبة سكر اللاكتوز حوالي 3.4.
والمعادن حوالي 0.7? مثل الحديد والكالسيوم والفوسفور والمنجنيز والبوتاسيوم والماغنيسيوم وهناك اختلافات كبيرة في هذه المركبات بين الأنواع المختلفة من الإبل وتعتمد على الطعام والشراب المتوفر لها.
ونسبة الدهون إلي المواد الصلبة في لبن الإبل أقل منها في لبن الجاموس حيث تبلغ في لبن الإبل 31.6? بينما في الجاموس 40.9? كما أن الدهون في لبن الإبل توجد على هيئة حبيبات دقيقة متحدة مع البروتين لذلك يصعب فصلها في لبن الإبل بالطرق المعتادة في الألبان الأخرى، والأحماض الدهنية الموجودة في لبن الإبل قصيرة السلسلة وهي أقل منها في الألبان الأخرى.
كما أن لبن الإبل يحتوي على تركيز اكبر للأحماض الدهنية المتطايرة خصوصاً حمض اللينوليك والأحماض الدهنية المتعددة غير المتشيعة، والتي تعتبر حيوية في غذاء الإنسان خصوصا مرضى القلب.
كما أن نسبة الكليستيرول في لبن الإبل منخفضة مقارنة بلبن البقر بحوالي 40?.
وتصل نسبة بروتين الكازين في بروتين لبن الإبل الكلي إلى 70? مما يجعل لبن الإبل سهل الهضم.
ويحتوي لبن الإبل على فيتامين ج بمعدل ثلاثة أضعاف وجوده في لبن البقر ويزدادً إذا تغذت الإبل على أعشاب وغذاء غني بهذا الفيتامين.
كما أن فيتامين ب 1، 2 موجود بكمية كافية في اللبن أعلي من لبن الغنم كما يوجد فيه فيتامين أ ( A) والكاروتين بنسب كافية.
يتبع بإذن الله،،،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/205)
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - 05 - 07, 10:11 م]ـ
استعمالات لبن الإبل قديما:
لقد استفاد العرب قديما من لبن الإبل في علاج كثير من أمراضهم كالجدري والجروح وأمراض الأسنان وأمراض الجهاز الهضمي ومقاومة السموم.
وقالوا إن أفضل لبن الإبل كعلاج: اللبن بعد الولادة بأربعين يوما، وأفضله ما اشتد بياضه وطاب ريحه ولذّ طعمه وكان فيه حلاوة يسيرة، ودسامة معتدلة، واعتدال قوامه في الرقة، وحلب من ناقة صحيحة معتدلة اللحم محمودة المرعى والمشرب.
ويقول العرب للبن الإبل الدواء.
ولبن الإبل محمود يولد دما جيدا ويرطب البدن اليابس وينفع من الوسواس والغم والأمراض السوداوية.
وإذا شرب مع العسل نقى القروح الباطنية من الأخلاط العفنة، ويشرب اللبن مع السكر يحسن اللون جدا ويصفي البشرة وهو جيد لأمراض الصدر وبالأخص الرئة وجيد للمصابين بمرض السل.
وقد ورد لبن اللقاح جلاء وتليينا وإدرارا وتفتيحا للسدد وجيدا للاستسقاء.
وقد قال الرازي في لبن الإبل: (لبن اللقاح يشفي أوجاع الكبد وفساد المزاج).
وقال ابن سينا في كتاب القانون: (أن لبن النوق دواء نافع لما فيه من الجلاء برفق وما فيه من خاصية، وان هذا اللبن شديد المنفعة فلو أن إنسانا أقام عليه بدل الماء والطعام شفي به، وقد جرب ذلك قوم دفعوا إلى بلاد العرب فقادتهم الضرورة إلى ذلك فعفوا).
وينصح المريض الذي يأخذ لبن الإبل للعلاج أن يأخذه بالغداة، ولا يدخل عليه شيئا، ويجب عليه الراحة التامة بعد شربه.
ويعتبر لبن الإبل الطازج الحار أفضل شيء لتنظيف الجهاز الهضمي ويعتبر أفضل المسهلات.
وينتشر بين البدو أن أي مرض في الداخل يمكن أن يعالج بلبن الإبل.
فاللبن ليس مانحاً للقوة فقط ولكن للصحة أيضاً.
وقد أثبت البحث العلمي الحديث مزايا فريدة للبن الإبل.
يتبع بإذن الله،،،
ـ[المسيطير]ــــــــ[20 - 02 - 08, 09:49 م]ـ
ألبان الإبل وعلاج مرض السرطان والإيدز
في أحدث دراسة نشرتها مجلة العلوم الأمريكية في عددها الصادر في أغسطس عام 2005م وجد أن عائلة الجمال وخصوصا الجمال العربية ذات السنام الواحد تتميز عن غيرها من بقية الثدييات في أنها تملك في دمائها وأنسجتها أجساما مضادة صغيرة تتركب من سلاسل قصيرة من الأحماض الأمينية وشكلها على صورة حرف V وسماها العلماء الأجسام المضادة الناقصة أو النانوية Nano Antibodies أو اختصارا Nanobodies ولا توجد هذه الأجسام المضادة إلا في الإبل العربية، زيادة على وجود الأجسام المضادة الأخرى الموجودة في الإنسان وبقية الحيوانات الثديية فيها أيضا، والتي على شكل حرف Y ، وأن حجم هذه الأجسام المضادة هو عشر حجم المضادات العادية وأكثر رشاقة من الناحية الكيميائية وقادرة على أن تلتحم بأهدافها وتدمرها بنفس قدرة الأضداد العادية، وتمر بسهولة عبر الأغشية الخلوية وتصل لكل خلايا الجسم.
وتمتاز هذه الأجسام النانوية بأنها أكثر ثباتا في مقاومة درجة الحرارة ولتغير الأس الأيدروجيني تغيرا متطرفاً، وتحتفظ بفاعليتها اثناء مرورها بالمعدة والأمعاء بعكس الأجسام المضادة العادية التي تتلف بالتغيرات الحرارية وبإنزيمات الجهاز الهضمي، مما يعزز من آفاق ظهور حبات دواء تحتوي أجساما نانوية لعلاج مرض الأمعاء الالتهابي وسرطان القولون والروماتويد وربما مرضى الزهايمر أيضاً (1).
وقد تركزت الأبحاث العلمية على هذه الأجسام المضادة منذ حوالي 2001م في علاج الأورام على حيوانات التجارب وعن الإنسان وأثبتت فاعليتها في القضاء على الأورام السرطانية حيث تلتصق بكفاءة عالية بجدار الخلية السرطانية وتدمرها وقد نجحت بعض الشركات المهتمة بأبحاث التكنولوجيا الحيوية الخاصة في بريطانيا وأمريكا في إنتاج دواء على هيئة أقراص مكون من مضادات شبيهة بالموجودة قي الإبل لعلاج السرطان والأمراض المزمنة العديدة والالتهابات البكتيرية والفيروسية.
وطورت شركة Ablynx وهناك أخبار شبه مؤكدة من خلال التجربة العلمية عن قدرة حليب الإبل على القضاء على فيروس الإيدز واحتوائه على بروتينات جهاز المناعة وهناك نتائج ممتازة في هذا المجال ويتم حاليا إنتاج عقار لمرض الإيدز والسرطان والكبد الوبائي من حليب الإبل (2)
هناك أنباء شبه مؤكدة عن نتائج ممتازة لحليب الإبل في علاج مرض الإيدز
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/206)
هذه الأجسام النانوية لتحقق ستة عشر هدفاً علاجياً تغطي معظم الأمراض المهمة التي يعاني منها الإنسان، وأولها السرطان، يليها بعض الأمراض الالتهابية، وأمراض القلب والأوعية الدموية.
ويعكف الآن حوالي 800 عالم من علماء التكنولوجيا الحيوية المتخصصين في أبحاث صحة الإنسان والنظم النباتية الحيوية، وبتكاتف عدة جامعات على أبحاث الأجسام المضادة النانونية لتنفيذ مشروع المستقبل في علاج الأمراض العنيدة.
فى روسيا وكزخستان والهند يصف الأطباء هذا الشفاء المرضى (حليب الإبل) بينما في افريقيا قد يحبذ هذا الدواء للمرضى المصابون بمرض الايدز (3)
وجه الإعجاز:
روى البخاري عن أنس ــ رضي الله عنه ــ أن رهطاً من عُرينة قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا:
(إنا اجتوينا المدينة فعظمت بطوننا وارتهشت أعضاؤنا فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يلحقوا براعي الإبل فيشربوا من ألبانها وأبوالها حتى صلحت بطونهم وألوانهم .... ) الحديث.
يتضح من هذا الحديث أن في ألبان الإبل وأبوالها شفاء من بعض الأمراض.
وعظم البطون أي كبر حجمها إما أن يكون من مرض التهاب القولون حيث ينتفخ من تجمع الغازات به، أو من حدوث تجمع مائي تحت الغشاء البريتوني في تجويف البطن وهو ما يعرف بالاستسقاء وفي كلا المرضين يستفيد المرضى بتناول لبن الإبل وأبوالها حيث تفرز هذه الأجسام المضادة الصغيرة في اللبن والبول وهذا يمكن أن يكون هو السر في شفاء أو تحسن كثير من مرضى التهاب الكبد الوبائي ( B و C ) وبعض حالات التهاب القولون المزمن وبعض حالات الإصابة بمرض السرطان المبكر خصوصا إصابات الجهاز الهضمي.
ننصح جميع المصابين بمرض الإيدز ومرض السرطان والكبد الوبائي بتناول حليب الإبل الطازج وإن شاء الله يكون الشفاء بإذن الله تعالى.
هذا هو لبن الإبل الذي أخرجه المولى جل شأنه بقدرته العظيمة من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين غني بهذه المركبات البروتينية الشافية بإذن الله.
مما يجعلنا نتلو قول ربنا بإجلال لافتا انتباهنا إلى كيفية خلق هذا الحيوان من دون سائر المخلوقات المسخرة لنا في قوله تعالى: {أَفَلا يَنظُرُونَ إلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَت}.
المصدر:
المقال جزء من مقالة للدكتور عبد الجواد الصاوي مدير مجلة الإعجاز العلمي التابعة للهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة مع بعض التصرف.
أضاف إليه بعض الأفكار والمعلومات مدير موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن.
http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=1159&select_page=3
ـ[أبو السها]ــــــــ[21 - 02 - 08, 05:10 م]ـ
سبحان الله الذي أحسن كل شئ خلقه.
جزاك الله خيرا أخي المسيطير على هذه الذكرى ..
وهذه بعض الحقائق عن النضوج الجنسي عند الإبل.
يبدأ النضوج الجنسي عند الذكور بعمر 4 - 5 سنوات ويعتبر البعير الجديد للتسفيد بعمر 6 - 7 سنوات. الناقة يبدأ النضوج الجنسي فيها بعمر 3 - 4 سنوات ولكن العام الخامس والسادس من عمرها هو المفضل للتسفيد. تتميز علامات الشبق في إناث الإبل بعدم الاستقرار والاضطراب ونزول سوائل مخاطية من المهبل وتضخم الأعضاء التناسلية الخارجية وحدوث بول متقطع عند اقترابها من الذكر. والبعير يزداد نشاطه في موسم التسفيد ويكون هائجاً شرساً ويظهر زبد (لعابه) ويتكرر رغاؤه ويلاحظ ظهور لهاثه ( Soft palate ) وهي تشبه بكرة تتدلى من فمه ويصحبها خروج صوتاً ودوياً , وتستمر هذه المظاهر ثلاث أشهر تقريباً فترة موسم التزاوج. والبعير الجيد نجد انه يرغم الناقة على البروك له بشتى الطرق كالمداعبة أو المطاردة أو إرغامها على ذلك بعض أحد أرجل الناقة أو بواسطة استعمال رقبته بالضغط على رقية الناقة حتى البروك له في فترة الشياع.
منقول
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[10 - 03 - 08, 01:53 ص]ـ
اخواني افيدوني بارك الله فيكم
هل لشارب حليب او لبن الإبل ضرورة في ان يغليه قبل الشرب .. ؟
قد أخبرني احد اخواني انه يضر إذا لم يشرب بعد ما يتم غليه
فهل هذا صحيح .. ؟
ـ[أبو السها]ــــــــ[10 - 03 - 08, 04:38 م]ـ
لابدّ من غلي الحليب قبل شربه لتجنب الإصابة بالحمى المالطية والسل والتيفوئيد.
المصدر:
مركز الإرشاد الزراعي - كلية الزراعة - جامعة الملك سعود.
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[10 - 03 - 08, 11:51 م]ـ
لابدّ من غلي الحليب قبل شربه لتجنب الإصابة بالحمى المالطية والسل والتيفوئيد.
المصدر:
مركز الإرشاد الزراعي - كلية الزراعة - جامعة الملك سعود.
أثابك الله اخي الكريم
ـ[المسيطير]ــــــــ[03 - 07 - 08, 05:32 م]ـ
صدرت محاضرة بعنوان: (الإبل ... عجائب وغرائب) للشيخ إبراهيم الزبيدي وفقه الله ...
أتي بكل عجيب وغريب في خلق الله للإبل ... فسبحان الله.
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[03 - 07 - 08, 05:45 م]ـ
اخواني افيدوني بارك الله فيكم
هل لشارب حليب او لبن الإبل ضرورة في ان يغليه قبل الشرب .. ؟
قد أخبرني احد اخواني انه يضر إذا لم يشرب بعد ما يتم غليه
فهل هذا صحيح .. ؟
لا ضرورة لذلك.
نشربه بلا غلي وما رأينا إلا العافية والحمد لله.
وزينته أن يشرب مباشرة وهو حار , أو أن يجعل في صميل حتى يبرد ويأخذ طعمه.
وأما حليب المعزى والضأن فنغليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/207)
ـ[المسيطير]ــــــــ[07 - 08 - 09, 06:38 م]ـ
جزاك الله خيرا.
يبدو أن تقبل الحليب الطازج يختلف من أناس إلى آخرين.
فأعرف من أصيب هو وزوجته بالحمى المالطية ... فشفي هو - والحمدلله - وبقيت زوجته مصابة بالحمى في فترة قاربت الستة أشهر ...
فاعتزل الابل ... وكل مايتصل بالابل:).
وفي المقابل ... هناك من الناس من يتصبح بحليب الابل ... ويتمسى به ... ولم يُصب بكروه.
والحمدلله.
ـ[المسيطير]ــــــــ[17 - 01 - 10, 11:05 م]ـ
الأبل (أشكالها، أنواعها، ألوانها، أحجامها).
للإبل أنواع كثيرة من أهمها عندنا:
1 - المجاهيم: وهي غالب إبل الدواسر والقحاطين وبني مرة وهي سوداء اللون يتفرع منها (الصهب والملح والزرق)، كما يطلق عليها الإبل النجدية وهي كبيرة الحجم غزيرة الإنتاج للحليب وهي أشهر أنواع الإبل وتحتل المرتبة الأولى في المملكة من حيث العدد وإنتاج اللبن.
وقيل في المجاهيم:
هي الإبل الملح (مفردها ملحاء) واشتهرت بها المنطقة الجنوبية خاصة الربع الخالي.
وأفضلها لدى قبيلتي الدواسر ومرّة، وربما انتقلت من هاتين القبيلتين إلى قبائل أخرى مثل قحطان وبعض عتيبة وسبيع وغيرهم.
ويرى المدقق اختلافاً بين مجاهيم الدواسر ومجاهيم مرّة، فإبل الدواسر عادة تكون أطول عظاماً وأرق أوصافاً، وأقل حليباً. في حين أن أبل مرة أضخم عظاماً ورؤوساً وبطوناً، وأقصر، وأكثر حليباً من أبل الدواسر، وأكثر ما يكون الاختلاف وضوحاً في الرأس والأذنين وعرض الوجه، فإبل مرة تتصف بعرض الوجه في حين أن إبل الدواسر تكون أكثر حدة وأصغر حجماً، لذا قيل أن المجهم الدوسرية أكثر جمالاً من المجهم المرية.
وللإبل المجاهيم ألوان متدرجة هي:
- السوداء الغورية أو الغرابية: وهي شديدة سواد الوبر.
- الملحاء: وهي أقل سواداً من الغورية.
- الصهباء: وهي التي يكون مع سواد لونها بعض الوبر الأصهب الذي يجعلها أفتح لوناً من الملحاء.
- الصفراء: تكون أفتح من الصهباء ويغلب عليها وبر أصفر اللون.
- الزرقاء: وهي ما اختلط وبرها الأسود بوبر أبيض خاصة في أذنيها ووجها ويديها.
- الحمراء: تعرف بحمراء المجاهيم، وربما عدت من الحمر.
وتختلف الإبل المجاهيم عن غيرها من السلالات بكبر حجمها وكثرة لحمها وحليبها، وهي لا تستعمل للركوب أو الحمل إلا في الحالات الضرورية عند ارتحال البادية أو نقل المياه.
ومن أشهر تسميات الإبل المجاهيم:
بنات معديات - بنات جسران – بنات شيوبان – بنات سحيليقان – بنات هدبان – بنات صيفوران.
2 - المغاتير أو الوضح: وهي غالب إبل الشيابين العتبان وهي إبل متوسطة الحجم معتدلة الإدرار للحليب وهي جميلة المظهر وتأتي في المرتبة الثانية بعد المجاهيم.
3 - الصفر: وهي غالب إبل شمر وعنزة وتأتي في المرتبة الثالثة في المملكة من حيث العدد والإنتاج للحليب.
4 - الحمر أو الشعل: وهي متوسطة الحجم قليلة الإنتاج للحليب ويطلق على أفضلها حمر النعم لغلو ثمنها بالنسبة للإبل الأخرى وهي إبل المدينة.
طبائع الإبل:
تتمتع الجمال بشكل عام بطبائع هادئة، ذات ذكاء، كما تتميز بالصبر والجلد وتحمل المشاق والشعور باللا مبالاة عند تعرضها للعوامل المناخية القاسية حيث تستمر في عملها تحت أشد الظروف حتى الرمق الأخير والإناث أهدأ طبعا من الذكور.
والإبل تحزن وخاصة عندما يذبح أمامها جمل فتصاب بحاله نفسية، ومن أثارها عدم الأكل والعزوف عنه.
كما ان الإبل تشارك صاحبها الخوف؛ فإذا خاف اضطربت، فإذا ما شعرت الإبل بحاجة أهلها للرحيل خوفا من خطر قادم شنفت آذانها ومدت أعناقها تتحسس مصدر الخطر ووجهته، وأسرعت المشي في الرحيل، وأحيانا تجدها تنذر أهلها بالخطر والرحيل قبل وقوعه لأنها اذا أحست به نهضت واتجهت باعناقها في جهة العدو المهاجم فقط، وتبدو عليها الاضطرابات، فيدرك صاحبها أن هناك عدو قادم فيستعد له.
أعمار الإبل:
- عمر ستة شهور ويعتمد على أمه، ويسمى: حوار.
- عمر سنة وبدأ يشرب الماء ويأكل ويسمى: مخلول.
- عمر سنة إلى سنتين، يعتمد على نفسه كليا، ويسمى: مفرود.
- عمر سنتين إلى ثلاث سنوات والتقى مع أخيه في الولادة الثانية للأم، ويسمى: لقي.
- عمر ثلاثة سنوات إلى أربع، وبدأ يحمل الأثقال على ظهره، ويسمى: حق.
- عمر أربع سنوات إلى خمسة، ويسمى: جذع.
- عمر خمسة سنوات إلى ستة سنوات، وبدل الزوج الأول من القواطع، ويسمى: ثني.
- عمر ستة سنوات إلى سبعة، وبدل الزوج الثاني من القواطع، ويسمى: رباع.
- عمر سبع سنوات إلى ثمانية، وبدل الزوج الثالث من القواطع، ويسمى: سديس.
أنواع الإبل:
- العمانية.
- السودانية.
- الشرارية.
- الصيعرية.
- المهرية.
- الدوسرية.
- الساحلية.
---
يتبع بإذن الله.
ـ[ابراهيم العنزي]ــــــــ[04 - 02 - 10, 11:18 ص]ـ
الحمدلله وبارك الله فيك ياشيخ بكل ما تقدمه من الفرائد(56/208)
متى يصبح الإسم تزكية ... ؟
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 10:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أسأل أيها الأخوة الأفاضل عن الحد الذى إذا تجاوزه الإسم صار تزكية، ما هو هذا الحد؟
وسبب ذلك أن هناك أسماء كثيرة أظنها تزكية ومع ذلك فهي منتشرة بل منها أسماء أنبياء وصحابة مثل:
محمد - أحمد - صالح - معاذ - علي - الحسن - حماد - راشد - سعيد - شاكر - شريف - صابر - صادق - صديق - صلاح - طاهر - عابد - عاصم - عباد - ظافر - عفيف - فلاح - ماجد - ماهر - مجاهد - محمود - مسدد - مسعود - مفلح - ممدوح - موفق - منصور - ناصر - نبيل - ......
وأسماء كثيرة لو تتبعنا معانيها لوجدنا فيها تزكية ...
وأنبه فأقول:
أنه ثبت بالسنة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غير أسماء بعض الصحابة لعلة التزكية ومع ذلك أجد أن هناك أسماء للصحابة أظنها تزكية ولكن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يغيرها والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لا يقر باطلا، وعلى ذلك فأظن أن هناك حد معين للتزكية، كما أن هناك أسماء -كما ذكرت- أظنها تزكية ومع ذلك فلم يعلق عليها أحد العلماء -على حد علمي-، بل إن الأسماء التى ذكرتها إنما أخذتها من كتاب (تسمية المولود أداب وأحكام) للشيخ العلامة بكر أبو زيد -حفظه الله- وقد ذكرها تحت عنوان (دليل طليعة الأسماء) وقد صنعه ليختار الوالد لولده اسماً منه ...
فهلا نفعتموني أيها الأخوة -بارك الله فيكم- وأزلتم عني هذا الإشكال ... ؟
وجزاكم الله خيرا ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[أم حبيبة م. فهمي]ــــــــ[15 - 12 - 05, 03:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أنقل هذه الفتوى عن إحدى الأخوات الفضليات
و أعرف أنها بعيدة نوعا ما عن طبيعة السؤال، لكن لعل فيها فائدة و إضافة بإذن الله تعالى ..
سؤال رقم 1692: الأسماء المحرمة والمكروهة
السؤال:
هل هنالك أسماء ممنوعة شرعا لا يجوز التسمية بها؟ وما هي؟.
الجواب:
الحمد لله
نعم هناك أسماء ممنوعة شرعاً لا يجوز التسمية بها ومن أمثلة ذلك:
(1) تحرم التسمية بكل اسم خاص بالله سبحانه وتعالى، كالخالق والقدوس، أو بما لا يليق إلا به سبحانه وتعالى كملك الملوك وهذا محل اتفاق بين الفقهاء.
وأورد ابن القيم فيما هو خاص بالله تعالى: الله والرحمن والحكم والأحد، والصمد، والخالق، والرزاق، والجبار، والمتكبر، والأول، والآخر، والباطن، وعلام الغيوب. تحفة المودود ص 98.
ومما يدل على حرمة التسمية بالأسماء الخاصة به سبحانه وتعالى كملك الملوك مثلاً: ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه – ولفظه في البخاري – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أخنى الأسماء يوم القيامة عند الله رجل تسمى ملك الملوك ". حديث رقم (2606) ولفظه في صحيح مسلم: " أغيظ رجل على الله يوم القيامة، أخبثه واغيظه عليه: رجل كان يسمى ملك الأملاك، لا ملك إلا الله ". حديث رقم (2143)
أما التسمية بالأسماء المشتركة التي تطلق عليه تعالى وعلى غيره فيجوز التسمي بها كعليّ ولطيف وبديع.
قال الحصكفي: ويراد في حقّنا غير ما يراد في حق الله تعالى.
(2) وتحرم التسمية بالأسماء التي لا تليق إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم كسيد ولد آدم، وسيد الناس، وسيد الكل، لأن هذه الأسماء كما ذكر الحنابلة لا تليق إلا به صلى الله عليه وسلم.
(3) وتحرم التسمية بكل اسم معبد مضاف إلى غير الله سبحانه وتعالى كعبد العزى، وعبد الكعبة، وعبد الدار، وعبد علي، وعبد الحسين، وعبد المسيح أو عبد فلان ... إلخ. حاشية ابن عابدين 5/ 268، ومغني المحتاج 4/ 295، وتحفة المحتاج 10/ 373، وكشاف القناع 3/ 27، وتحفة المودو ص 90.
هذا والدليل على تحريم التسمية بكل معبّد مضاف إلى غير الله سبحانه وتعالى ما رواه ابن أبي شيبة عن يزيد بن المقدام بن شريح عن أبيه عن جده هانئ بن يزيد رضي الله عنه قال: " وفد على النبي صلى الله عليه وسلم قوم، فسمعهم يسمون: عبد الحجر، فقال له: ما اسمك؟ فقال: عبد الحجر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنت عبد الله " من الموسوعة الفقهية 11/ 335
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/209)
(4) التسمي بأسماء الأصنام المعبودة من دون الله.
(5) ويحرم التسمية بأسماء الشياطين، كإبليس وخنزب، وقد وردت السنة بتغيير اسم من كان كذلك.
أما الأسماء المكروهة فيمكن تصنيفها على ما يلي:
(1) تكره التسمية بما تنفر منه القلوب، لمعانيها، أو ألفاظها، أو لأحدهما، لما تثيره من سخرية وإحراج لأصحابها وتأثير عليهم فضلاً عن مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم بتحسين الأسماء.
(2) ويكره التسمي بأسماء فيها معان رخوة شهوانية وهذا في تسمية البنات كثير، كفاتن ومغناج.
(3) ويكره تعمد التسمي بأسماء الفساق المجّان من الممثلين والمطربين وعُمار خشبات المسارح باللهو الباطل.
ومن ظواهر فراغ بعض النفوس من عزة الإيمان أنهم إذا رأو مسرحية فيها نسوة خليعات سارعوا متهافتين إلى تسمية مواليدهم عليها، ومن رأى سجلات المواليد التي تزامن العرض، شاهد مصداقية ذلك فإلى الله الشكوى.
(4) ويكره التسمية بأسماء فيها معان تدل على الإثم والمعصية.
(5) وتكره التسمية بأسماء الفراعنة والجبابرة.
(6) التسمية بالأسماء الأعجمية المولدة للكافرين الخاصة بهم.
والمسلم المطمئن بدينه يبتعد عنها وينفر منها ولا يحوم حولها، وقد عظمت الفتنة بها في زماننا، فيلتقط اسم الكافر من أوربا وأمريكا، وهذا من أشد مواطن الإثم وأسباب الخذلان. وهذا التقليد للكافرين في التسمي بأسمائهم، إن كان عن مجرد هوى وبلادة ذهن، فهو معصية كبيرة وإثم، وإن كان عن اعتقاد أفضليتها على أسماء المسلمين، فهذا على خطر عظيم يزلزل أصل الإيمان، وفي كلتا الحالتين تجب المبادرة إلى التوبة منها، وتغييرها شرط في التوبة منها.
وبعض المسلمين يسمي ابنته في هذه الأيام ليندا ونانسي وديانا وغيرها وإلى الله المشتكى.
(7) ويكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة مثل كلب وحمار وتيس ونحو ذلك.
(8) وتكره التسمية بكل اسم مضاف من اسم أو مصدر أو صفة مُشبّهة مضاف إلى لفظ (الدين) ولفظ (الإسلام) مما يحمل معنى التزكية للمسمى مثل: نور الدين، ضياء الدين، سيف الإسلام، نور الإسلام .. وقد يكون المسمى بخلاف ذلك إذا كبُر فيكون وبالا على أهل الإسلام ومن أعداء الدين واسمه ناصر الدين وذلك لعظيم منزلة هذين اللفظين (الدين) و (الإسلام)، فالإضافة إليهما على وجه التسمية فيها دعوى فجة تطل على الكذب، ولهذا نص بعض العلماء على التحريم، والأكثر على الكراهة، لأن منها ما يوهم معاني غير صحيحة مما لا يجوز إطلاقه.
وقد يكون الاسم من هذه الأسماء منهياً عنه من جهتين؛ مثل: شهاب الدين؛ فإن الشهاب الشعلة من النار، ثم إضافة ذلك إلى الدين، وقد بلغ الحال في بعضهم التسمية بنحو: ذهب الدين، ماس الدين. بل أن بعضهم سمى: جهنم، ركعتين، ساجد، راكع، ذاكر.
وكان النووي رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بمحيي الدين، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بتقي الدين، ويقول: (ولكن أهلي لقبوني بذلك فاشتهر).
(9) وكره جماعة من العلماء التسمي بأسماء الملائكة عليهم السلام. أما تسمية النساء بأسماء الملائكة، فظاهره الحرمة، لأن فيها مضاهاة للمشركين في جعلهم الملائكة بنات الله، تعالى الله عن قولهم.
(11) وكره جماعة من العلماء التسمية بأسماء سور القرآن الكريم، مثل: طه، يس، حم .. ، (وأما ما يذكره العوام أن يس وطه من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، فغير صحيح).
(12) الأسماء التي تحمل تزكية مثل: بّرة وتقي وعابد ... ينظر تحفة المودود لابن القيم وتسمية المولود: بكر أبو زيد.
والله اعلم.
الشيخ محمد صالح المنجد ( www.islam-qa.com)
المهاجرة
أم جويرية
ـ[محمد بن القاضي]ــــــــ[16 - 12 - 05, 06:13 ص]ـ
أخي عمر حفظه الله
بعد شكر اختنا السلفية على الموضوع المفيد أقول لك باختصار. ولعل من غخواننا من عنده أكثر من الفوائد:
من خلال تتبعي للأسماء التي غيرت والسماء التي أقرت مما يشعر فيه نوع تزكية أقول لك:
1 - ما كان فيه تزكية بشيء من أعماال القلوب لا يجوز التسمية به مثل برة، فهي تزكية متعلقة بأعمال القلوب.
2 - ما فيه تزكية لشيء ظاهر يدل على تميز في العبادة أو الطاعة يلحق بالول: مثل عباد وسجاد.
3 - ما يكون فيه تزكية لصفات جسمية او نحوها مثل حسن وجميل فهذا الا يدخل في إطار التزكية الممنوعة.
5 - ما أقر من هذه الأسماء فهو جائز مهما كان تصور التزكية فيه مثل: صالح.
وفقك الله وزودك الخير.
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[17 - 12 - 05, 01:24 ص]ـ
أخي محمد بن القاضي -حفظه الله- ...
أتمنى توضيح النقطة الثانية من مشاركتك ...
وأتمنى أن توضح لي الآتي:
1 - قرأت للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- فى فتاواه المجموعة والمسماة ب (المجموع الثمين) أنه لا يجوز التسمي باسم إيمان ..
2 - هناك أسماء تحتمل تزكية الظاهر والباطن ..
وفى انتظار ردك، وأتمنى ألا يحرمنا بقية الأخوة من فوائدهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/210)
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[04 - 10 - 06, 02:07 ص]ـ
؟؟؟
ـ[علي سليم]ــــــــ[08 - 10 - 06, 12:42 م]ـ
و حتى تعمّ الفائدة انقل اليكم ما كتبته قديما و اليكم الرسالة:
نصب السهام لمعرفة القبيح و الحسن من الاسماء
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم ....
لمّا كانت الاسماء قوالب للمعاني و دالة عليها اقتضت الحكمة ان يكون بينهما ارتباط و تناسب ...
و يقول ابن القيم رحمه الله:
بل للاسماء تأثير في المسميات و للمسميات تأثير عن اسمائها في الحسن و القبيح ...
و كان صلى الله عليه و سلم يستحب الاسم الحسن ...
و كان يأخذ المعاني من اسمائها في المنام و اليقظة ...
و كان يكره الامكنة المنكرة الاسماء و يكره العبور فيها ...
و قد أمر امته بتحسين اسمائهم و اخبر انهم يدعون يوم القيامة بها ...
و لما كان الاسم الحسن يقتضي مسمّاه .... و تأمل اسماء الستة المتبارزين يوم بدر كيف اقتضى القدر
مطابقة اسمائهم لأحوالهم يومئذ:
فكان الكفار: شيبة و عتبة و الوليد, ثلاثة اسماء من الضعف, فالوليد له بداية الضعف و شيبة له
نهاية الضعف كما قال تعالى (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من
بعد قوة ضعفا و شيبة ... )
و عتبة من العتب ...
فدلت اسماؤهم على عتب يحل بهم و ضعف ينالهم و كان أقرانهم من المسلمين:
علي و عبيدة و الحارث, ثلاثة اسماء تناسب اوصافهم و هي:
العلو و العبودية و السعي الذي هو الحرث ...
و لما كان الاسم مقضيا" لمسمّاه و مؤثرا" فيه كان احب الاسماء الى الله ما اقتضى احب
الاوصاف اليه كعبد الله و عبد الرحمن ...
و لما كان المللك الحق لله وحده و لا ملك على الحقيقة سواه فكان اخنع اسم و ابغضه عند
الله تعالى اسم (شاهان شاه) اي ملك الملوك و سلطان السلاطين.
و يلي هذا الاسم في الكراهية و القبح و الكذب: سيد الناس و سيد الكل ... و ليس ذلك الا للرسول
عليه السلام خاصة. انتهى كلام ابن القيم رحمه الله
اخواني القراء:
فللاسماء باب واسع يدخل تحته ما يكره التسمّي به و ما يحرم و ما يستحب و يحمد ...
و للتفريق بينها قواعد ذكرها بعض العلماء و منها:
1_تكره التسمية بما تنفر منه القلوب لمعانيها او الفاظها او لاحدهما.
2_يكره التسمية باسماء فيها معان رخوة شهوانية و هذا في تسمية الاناث كثير و منها
احلام, اريج, عبير, غادة, دلال, فتنة, نهاد, وصال, فاتن ,شادي ة ....
3_يكره التعمد التسمّي باسماء الفسّاق الماجنين من الممثلين و الفنّانين ...
4_يكره التسمية باسماء فيها معان تدل على الاثم و المعصية ...
5_يكره التسمية باسماء الفراعنة و الجبابرة و منها:
فرعون, هامان, قارون ....
6_يكره التسمية باسماء فيها معان غير مرغوبة ...
7_يكره التسمية باسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة ...
8_يكره التسمية بكل اسم مضاف من اسم او مصدر او صفة مشبهة مضافة الى لفظ
الدين و لفظ الاسلام مثل: نور الدين, ضياء الدين, سيف الاسلام, نور الاسلام ...
9_يكره التسمية باسماء المركبة مثل: محمد سعيد ...
10_كره جماعة من العلماء التسمّي باسماء الملائكة (و هو مكان فيه نظر)
11_كره جماعة من العلماء التسمّي باسماء سور القرآن: طه, يس ...
و قال الشيخ بكر ابو زيد:
لا يجوز تسمية الامرأة بسيدة مسلمة كانت ام كافرة, صالحة ام فاسقة ...
و قال ابن النحاس الدمشقي:
يكره التسمية بست النساء, ست العلماء, ست الفقهاء, ست الكل ...
و اليكم اخواني القراء الاسماء التي غيرها النبي عليه الصلاة و السلام
فعض عليها بالنواجذ علك لا تجدها مجموعة في كتاب مستقل ....
*الاسم قبل التغيير_____________الاسم بعد التغيير
1_بحير= بشير
2_بربرا"= بكرا"
3_رحم = بشير
4_رخما" = بشير
5_زحم = بشير
6_كثير = بشير
7_نذير =بشير
8_برّة =جويرية
9_عاصية = جميلة
10_ حرام = حلال
11_ حسبل = حسين
12_ الكلابي = ذؤيب
13_ الكلاح = ذؤيب
14_ ظالم = راشد
15_ غويّ = راشد
16_ برّة = زينب
17_ زيد الخيل = زيد الخير
18 حبابا"= سرّق
19_ الصّرم = سعيدا"
20_ فتح = سراج
21_ حزن = سهل
22_ سعد الخيل = سعد الخير
23شريس = شريح
24_ نعيم = صالح
25_ سواد = عبد الرحمن
26_عزيز = عبد الرحمن
27_ القاسم = عبد الرحمن
28_ حارثة = عبد الرحمن
29_ حمير = عبد الرحمن
30_عازب = عفيف
31 _فالسه = مؤمن
32 _ الطّيب = عبد الله
33_ نضلة = عبد الله
34_نعم = عبد الله
35_ حبّاب = عبد الله
36_ الحصين = عبد الله
37_الحكم = عبد الله
38_ دينار = عبد الله
39_ ذؤيب = عبد الله
40_مخش = عبد الله
41_ السّائب = عبد الله
42_ الجبّار = عبد الجبار
43_حعال = عمرا"
44_جعيل = عمرو
45_ عصيّة = عصمة
46_عنبة = عنقودة
47_غافل = عاقل
48_نشبة = عتبة
49_جهدمة = ليلى
50_ حرب = مسلم
51_ العاصي = مطيع
52_ضرار = مسلم
53_ مقسم = مسلم
54_ نكرة = معروف
55_ما ناهية = محمد
56_غراب = مسلم
57_ المضّطجع = المنبعث
58_ شهاب = هشام
59_ بغيض = هشام
و اما اسماء المواضع التي غيرها النبي عليه السلام فهي:
بيان = نعمان
عفرة = خضرة
عذرة = خضرة
غوي = راشد
كثير = شكر
يثرب = طابة
ملاحظة:
و من الملاحظ ان بين هذه الاسماء اسماء" حسنة و لكن غيّرها النبي عليه السلام الى الاحسن
و بعضها غيرها و كان في موضع آخر هي المغيّرة كذؤيب ...
و اليكم بعض الاسماء التي ذكرها العلماء و هي كثيرة و التي لها حكم التحريم او الكراهية و منها:
زكي الدين, محي الدين, نور الدين, فخر الاسلام, صدر الشريعة, حكمت, نعمة الله, رشدي, سوسن
نائلة, نادية, ناريمان, فاضح, هيام, سهام, حنظلة, حزن, التقي ,المتقي, الراضي, المخلص, المنيب,
رحاب, شادية, شادي, ملكة, سوزان, كلوريا, لارا, مبارك, نجيح, وليد, ولهان, ياسين, ابو عيسى
ايمان, اسرافيل, نور .......
و بعد هذه الجولة ارجوا من الله تعالى القبول و من اخواني الدعاء ...(56/211)
هل عدم تشديد الياء في إياك نعبد وإياك نستعين يبطل الصلاة؟
ـ[خالد السبهان]ــــــــ[15 - 12 - 05, 12:37 ص]ـ
وجزاكم الله خير
ـ[المقرئ]ــــــــ[15 - 12 - 05, 11:16 ص]ـ
نعم كثير من الفقهاء يشترط في صحة قراءة الفاتحة الإتيان بالتشديد ولهذا لابد من ضبطها
لكن من قال بالبطلان فهو يعني من اقتصر على الفتحة فقط دون أن يأتي بالشدة أبدا ولكن الذي نسمعه من كثير من العوام وغير المتخصصين أنهم يأتون بها مع ضعف التشديد واختلاسها ولو جربت بنطق اليا مفتوحة دون شدة لعرفت الفرق
المقرئ
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[16 - 12 - 05, 08:50 م]ـ
جزاكم الله خيرًا شيخنا الفاضل: ((المقريء))، على هذا البيان.
فائدة:
في مغني المحتاج:
(قال في " الحاوي " و " البحر ":
لو تَرك الشَّدَّة من قوله: " إيَّاك "، مُتَعَمِّدًا، وعَرف معناه أنه يَكفر؛ لأنّ "الإيَا ": ضوء الشمس، فكأنه قال: " نَعْبُدُ ضوءَ الشمس ")
ـ[قاسم القاهري]ــــــــ[17 - 12 - 05, 12:41 ص]ـ
أظن أني قرأت للبلباني الحنبلي فى مختصر الافادات (و فى الفاتحة احدى عشرة تشديدة من لم يأت بهم لم يعتد بها) انتهى أي لم يعتد بفاتحته و فى هذه الحال لا يعتد بصلاته.
ـ[السنافي]ــــــــ[17 - 12 - 05, 04:58 ص]ـ
قال الناظم:
و شَدِّدنْ إيَّاكَ و الأيَّاما ... لا تَجعلِ الأيَّامَ كالأيَامَى!
من منظومة الإغاثة الجكني.
ـ[خالد السبهان]ــــــــ[18 - 01 - 06, 08:26 م]ـ
يعني يا إخوان هل تبطل صلاتي إن صليت خلف شخص لا يشد الياء في إياك نعبد وإياك نستعين؟
ـ[خالد هاشم]ــــــــ[18 - 01 - 06, 09:21 م]ـ
السلام عليكم
وماذا عن تشديد الميم في كلمة آمين؟
ـ[عمر الحمامي]ــــــــ[23 - 01 - 06, 08:07 ص]ـ
لو قرأت الفاتحة ونقصت منها حرفا هل تقول: ما قرأت الفاتحة؟ لا أتصور ذلك. فلعل أصل الكلام أن الفاتحة ركن فمن لم يقرأ بأم الكتاب فصلاته باطل. فجاء أناس وقالوا لا بد من كون القراءة سليمة.
لكن لا أعرف دليلا على هذا.
بل كأن العكس صحيح. لأن الجهل والتأويل عذران كما أن البكم واللثغة عذران. فهل صلاة هاؤلاء باطل؟
وكثيرا نجد من يكرر ما سمع بغير أي تحرير مع أننا إلى حاجة شديدة وضرورة إلى تحرير لننزع ما أدخل علينا في ديننا عبر القرون.
والله أعلم.
ـ[إبراهيم البلوشي]ــــــــ[23 - 01 - 06, 01:25 م]ـ
أظن أني قرأت للبلباني الحنبلي فى مختصر الافادات (و فى الفاتحة احدى عشرة تشديدة من لم يأت بهم لم يعتد بها) انتهى أي لم يعتد بفاتحته و فى هذه الحال لا يعتد بصلاته.
كذلك قال ابن ضويان في منار السبيل
والإياك بعدم تشديد الياء يعني قرص الشمس
وإياك هو ضمير النصب ولا تقرأ إلا بالتشديد
وهنا نكتة وهو تقديم ضمير النصب على الفعل والفاعل وفائدة ذلك هو الحصر أي لا نعبد أحدا سواك يا رب ولا نستعين بأحد سواك(56/212)
نداء إلى الإخوة في المغرب عن مصادر تتيح لنا معرفة المزيد من المعلومات عن سيرة طارق بن
ـ[حسام الحفناوي]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:32 ص]ـ
هل لدى الإخوة المغاربة معلومات عن مصادر تتيح لنا معرفة المزيد من المعلومات عن سيرة طارق بن زياد فاتح الأندلس؟ لأن المعلومات عنه في المصادر المتوفرة لدينا قليلة جدا، لا تروي الغليل. و هل قصة معاقبة موسى بن نصير له ثابتة؟ و هل عرف عن أحد من العلماء و الأمراء المجاورين لممالك الإسلام في الأندلس أنه اعتنق الإسلام؟
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:35 ص]ـ
راجع تاريخ ابن حبيب، ففيه تفاصيل مهمة في الموضوع، والذي أعرفه أن طارق بن زياد ألماني (جرماني) الأصل، وقد كنت استفدت كثيرا من أخباره وأحواله عن طريق زوج عمتي الطلعة المثقف فيصل الشعبي حفظه الله، فإن له نوادر في الموضوع لا تحضرني الآن ...
بل ذكر ابن حبيب صفته، ووقفت على كتاب مطبوع باللغة الألمانية في القرن السادس عشر تضمن صورته، وصورة الكهف الذي أوصاه ابن نصير بالنزول عنده حين فتْح الأندلس ..
ـ[حسام الحفناوي]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:39 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ حمزة، و نفع بعلمك.
ـ[سليمان المصرى]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:41 م]ـ
هناك كتابا اخر يعتقد انه من تاليف احد احفاد موسى بن نصير يمكنك ان تعف عنه اكثر من خلال كتاب تاريخ المغرب والاندلس لد/ حسين مؤنس وبصفة عامه فمصادر ترجمته قليله للغايه واعتقد انه بربى الاصل والبرابرة كانوا منحدرين من اصول الوندال وهم قبائل جرمانيه قديمه
ـ[حسام الحفناوي]ــــــــ[16 - 12 - 05, 02:06 ص]ـ
لا أعرف لابن حبيب من الكتب المطبوعة سوى المحبر، و المنمق، فهل تتكرم بتعريفنا بالدار التي طبعت التاريخ، و هل يمكن العثور عليه على الشبكة العنكبوتية؟
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[16 - 12 - 05, 02:16 ص]ـ
المشكلة أن الكتاب طبع بأوروبا، ووقفت عليه وقرأت فيه، غير أنني لم أستنسخ نسخة لنفسي، ولم أتحصل على المعلومات عنه كاملة ...
ـ[حسام الحفناوي]ــــــــ[16 - 12 - 05, 02:19 ص]ـ
جزاك الله خيرا، أهي طبعة قديمة على يد أحد المستشرقين أم حديثة.
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[16 - 12 - 05, 02:22 ص]ـ
نسيت ... ولكن كأنها بين بين، أي في حدود الثلاثين سنة الأخيرة .. وعلى كل؛ إن تيسر لي الوقوف عليها فسأنزلها في هذا الملتقى إن شاء الله تعالى ..
ـ[حسام الحفناوي]ــــــــ[16 - 12 - 05, 02:47 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[الغدير]ــــــــ[16 - 12 - 05, 06:54 م]ـ
اذي أعرفه أن طارق بن زياد رحمة الله عليه أصله من البربر
والبربر مختلف في أصلهم حتى أن البعض يعود بهم إلى أصول عربية
بل أن بعض المؤرخين يرجع أصل طارق بن زياد إلى العرب
وصراحة أول مرة أسمع أن طارق بن زياد ألماني (عجيبة وغريبة جداً)
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[16 - 12 - 05, 07:03 م]ـ
كيف يخفى علينا تاريخ هؤلاء العظماء افادكم الله افيدونا عنهم
ـ[حسام الحفناوي]ــــــــ[17 - 12 - 05, 08:58 ص]ـ
هناك معلومات مفيدة في موضوع النقاش في هذا الملتقى الكريم تحت عنوان (خطبة طارق بن زياد بين الشك و اليقين) لكنني لا أعرف كيفية الإحالة على الروابط.
ـ[أبو بكر الغزي]ــــــــ[17 - 12 - 05, 09:29 ص]ـ
قناة الجزيرة في دراسة لطيفة متعمقة بعض الشيء حول الأمازيغ (البربر)، أصولهم وحاضرهم وكل ما تريد عنهم -إن شاء الله:
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/AFAFF60F-D439-47A0-AA3B-D9CFB8B0E70D.htm
وهناك موسيقى، يمكنك إسكاتها.
أما عن الأصل الجرماني لكل البربر، فهذا غير ثابت، بل يُقال في بعضهم كنظرية فقط، فليس كل البربر بنفس المواصفات، كما العرب (على أن العرب معروف وموثق اختلاطهم بشعوب أخرى، وهذا غير متوفر بالنسبة للبربر -أي توثيق اختلاطهم بغير العرب).
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[17 - 12 - 05, 04:06 م]ـ
لم يقل أحد بالأصل الجرماني لكل البربر، إنما وردت في التواريخ الأصل الجرماني لطارق بن زياد فقط، وقد عزوت ما لي لتاريخ ابن حبيب القريب العهد منه، والله أعلم.
أما البربر فليسوا شعبا واحدا، بل منهم: صنهاجة يقال بأن أصلهم من حمير باليمن، جاؤوا مع القائد إفريقش الحميري لفتح شمال إفريقيا.
والبرانس شمال المغرب، اختلف فيهم، فقيل: أصلهم من قوم جالوت الذين انهزموا أمام طالوت، وقيل إنما هم فائة من الأقباط. ولغتاهما منفصلة تماما.
كما توجد قبائل مشتتة بين تلك القبائل، بعضها أصله زنجي، وبعضها أوروبي، وبعضها من بلاد ما بين النهرين.
راجع كذلك في تاريخ البربر: "جذوة الاقتباس" لأبي العباس أحمد ابن القاضي المكناسي، والعبر لابن خلدون، ومن المتأخرين "زهر الآس في بيوتات فاس" لعبد الكبير بن هاشم الكتاني.(56/213)
سؤال عن الحملات الصليبية
ـ[حسام الحفناوي]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:34 ص]ـ
هل و قف أحد الإخوة في أي من المصادر التاريخية القديمة أو الحديثة على ما يفيد دخول أحد من أمراء الصليبين في المشرق أو نبلائهم أو علمائهم في الإسلام؟
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:38 ص]ـ
ولكن جل نصارى المشرق (الشام) إن لم يكن جميعهم من بقايا الصليبيين، وقد كانوا انقرضوا من الشام أيام هارون الرشيد، وكادوا ينقرضون من مصر حتى جاء العبيديون، كما نصت عليه التواريخ ..
ـ[حسام الحفناوي]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:43 ص]ـ
(من أسدى إليك معروفا فكافئوه) و لا أملك سوى الدعاء لك بالثبات على الحق أنت و إخوانك في المغرب.
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:45 ص]ـ
بل أنتم من أخجلنا بحسن أخلاقه وادبه، زادكم الله من حسه ومعناه ...
ـ[حسام الحفناوي]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:56 ص]ـ
أسأل الله أن يجعلني خيرا مما تظن، و أن يغفر لي ما لا تعلم، و ألا يؤاخذني بما تقول. جمعنا الله في مستقر رحمته، و نرجوه أن يجمعنا على الخير في الدنيا مع أهل الفضل دائما.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[15 - 12 - 05, 06:26 ص]ـ
ولكن جل نصارى المشرق (الشام) إن لم يكن جميعهم من بقايا الصليبيين، وقد كانوا انقرضوا من الشام أيام هارون الرشيد، وكادوا ينقرضون من مصر حتى جاء العبيديون، كما نصت عليه التواريخ ..
السلام عليكم
ممكن ذكر المصادر؟
فنصارى الشام أكثرهم ينتمون إلى مذاهب مشرقية وليس إلى مذاهب أوربية.
ـ[سليمان المصرى]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:36 م]ـ
لم يدخل الصلبيين الى الاسلام لانهم كانوا شعوبا همجيه ولم اعثر على احدهم اسلم على طول قرائتى فى التاريخ وذلك نظرا لانى كنت متخصصا فى المرحلة الجامعيه فى دراسة التاريخ ولكن هنك فريدريك السادس امبراطور المانيا والذى زار الشام فى الحمله الصليبيه السادسه بناء على ضغط بابوى وكان فريديك ذى ميول عربيه اذ انه نشاء فى صقليه ولذا فان الكامل الايوبى استضافه فى الشام لمدة وقد انتهى الامر بان اعلنت البابويه حرمانه نتيجة ميوله الاسلاميه ولكن فريديك لم يتحول الى الاسلام على الرغم من ذلك
ـ[حسام الحفناوي]ــــــــ[29 - 12 - 05, 10:23 ص]ـ
تذكرت الآن أني سبق أن سمعت الأستاذ جمال بدوي في مناظرة له مع القس أنيس شروش يذكر أن من الصليبين من أسلم، لكنه لم يذكر تفصيلا، و لا أحال على مصدر، و ذكرت هذا لأحد الأخوة الذين يدرسون في قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة، فذكر لي أنه سمع شيئا من هذا من أحد أكابر أساتذة الكلية عندهم، فطلبت منه توثيقا للمعلومة.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 02 - 06, 11:12 ص]ـ
يجب كذلك البحث عن سبب تحولهم إلى المذاهب المشرقية رغم عداوتهم الشديدة لها
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[01 - 03 - 06, 04:02 ص]ـ
بعد مقتل " كليبر " نائب "نابليون بونابرت" قائد الحملة الفرنسية على مصر ـ على يد سليمان الحلبي، الطالب السوري، الذي كان يدرس بالأزهر ـ تولى قيادة الحملة " جاك مينو "، وقيل أنه أسلم وتسمى باسم " عبدالله جاك مينو " وتزوج بإمرأة اسمها " زبيدة ".
ويراجع تاريخ الجبرتي
والله أعلم(56/214)
من هو صفي الرحمن المباركفوري وغيره
ـ[رحمات]ــــــــ[15 - 12 - 05, 05:26 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نفع الله بكم أريد سيرة هذين العالمين
صفي الرحمن المباركفوري
والشخ مجاهد الإسلام القاسمي
رحمنا الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[15 - 12 - 05, 10:16 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وفقك الله ... ونفع بك.
لعل في هذا الرابط فائدة يحسن الوقوف عليها:
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=6912&Option=FatwaId
وعن الشيخ مجاهد الإسلام:
http://haras.naseej.com/Detail.asp?InSectionID=297&InNewsItemID=83974
http://wvvw.net/modules.php?name=Sections&op=listarticles&secid=26
ـ[رحمات]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:00 م]ـ
جزاك الله عني خيرا وجعلنا الله من الذين يتعاونون عل البر ووالتقوى(56/215)
كم عدد الواهبات انفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم
ـ[علي النجيدي]ــــــــ[15 - 12 - 05, 06:47 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني بارك الله فيكم بل مشائخنا جزاكم الله خيرا
كم عدد الواهبات انفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم؟
وهل ثبت ان واهبة غير ميمونة رضي الله عن الجميع
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[16 - 12 - 05, 04:26 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وفقك الله.
قيل: هنّ أربع: ميمونة بنت الحارث .... و زينب بنت خزيمة الأنصارية الملقبة أم المساكين ... وأم شريك بنت جابر الأسدية أو العامرية .... وخولة بنت حكيم بنت الأوقص السلمية .... فأما الأوليان فتزوجهما النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهما من أمهات المؤمنين ... و الأخريان لم يتزوجهما - رضي الله عن جميع أمهات المؤمنين - والله أعلم.
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[16 - 12 - 05, 04:38 م]ـ
الأخوة الأفاضل؛ الرجاء تفسير معنى الواهبات أنفسهن، لأن رهبانا نصارى - لعنهم الله - يوهمون الناس بأن معناها: وهبن أجسادهن لفعل ما لا يجوز ... وهذا منكر كبير.
ووهبت نفسها معناه: عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم ليتزوجها ... وقد قام أحد الكفرة الملاعين اسمه القمص بطرس بالدعاية لما ذكر، ونشرت كلامه بعض الصحف المغربية فقامت ضجة، أقامها الإمام القائم بالذب عن الشريعة والدين بالمغرب الدكتور إدريس ابن الإمام محمد بن جعفر الكتاني حفظه الله تعالى، ومازال صداها إلى الآن ...
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[16 - 12 - 05, 07:34 م]ـ
أستغفر الله
ـ[علي النجيدي]ــــــــ[10 - 01 - 06, 12:06 ص]ـ
غفر الله لك اخي الفهم الصحيح(56/216)
أسئلة عن بعض المواطن في سبل السلام نفع الله بكم
ـ[محمد مصطفى السكندري]ــــــــ[15 - 12 - 05, 09:05 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم مشايخي وإخواني الكرام من أهل الملتقى
هذه بعض الأسئلة التي أتمنى أن أجد إجابة عليها وهي كلها من كتاب سبل السلام للصنعاني رحمه الله وقد أتبعها بأسئلة أخرى، وأسأل الله أن يجزي خيراً كل من نفعني بالإجابة على أسئلتي:
1. قال الصنعاني رحمه الله: ((قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: إن الماء طهور لا ينجسه شيء. أخرجه الثلاثة) هم أصحاب السنن، ما عدا ابن ماجه، كما عرفت (وصححه أحمد) قال الحافظ المنذري في مختصر السنن: ــــ إنه تكلم فيه بعضهم، لكن قال: حكي عن الإمام أحمد أنه قال: حديث بئر بضاعة صحيح. وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وقد جود أبو أسامة هذا الحديث، ولم يروَ حديث أبي سعيد في بئر بضاعة بأحسن مما روى أبو أسامة. وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي سعيد.)) أهـ
سؤالي: من يقصد بأبي أسامة؟
2. قال: (إذا عرفت هذا، فإنه اختلفت اراء العلماء رحمهم الله تعالى، في الماء إذا خالطته نجاسة، ولم تغير أحد أوصافه:
فذهب القاسم، ويحيى بن حمزة، وجماعة من الآل، ومالك، والظاهرية وأحمد في أحد قوليه، وجماعة من أصحابه إلى ......... )
سؤالي: ما هو مذهب يحيى بن حمزة؟
3. قال: (وقد أعلّوا حديث القلتين بالاضطراب، وكذلك أعله الإمام المهدي في البحر)
سؤالي: من هو الإمام المهدي؟ وما هو كتاب البحر؟
4. قال: (وفيه بحث حققناه في حواشي شرح العمدة، وحواشي ضوء النهار)
سؤالي: ما هو ضوء النهار؟
وهناك أسئلة أخرى سأضيفها لاحقاً
اللهم اغفر لمن نفعني بإجابة هذه الأسئلة وارزقه لذة النظر إلى وجهك الكريم ومرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى من الجنة
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:19 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،،
سنن الترمذي ج1/ص95
حدثنا هناد والحسن بن علي الخلال وغير واحد قالوا حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن كعب عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج عن أبي سعيد الخدري قال قيل يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الماء طهور لا ينجسه شيء)
لعله الراوي لهذا الحديث؟
تحفة الأحوذي ج1/ص168
أبو أسامة: هو حماد بن أسامة القرشي مولاهم الكوفي مشهور بكنيته ثقة ثبت ربما دلس وكان باخره يحدث من كتب غيره من كبار التاسعة مات سنة 201 إحدى ومائتين وهو بن ثمانين
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[15 - 12 - 05, 07:46 م]ـ
الصنعاني كتابه مختصر من كتاب البدر التمام للمغربي، وقد عاشا جميعا في بيئة زيدية (في اليمن) و
هذا الأسماء لبعض علماء اليمن: القاسم، ويحيى بن حمزة، وجماعة من الآل.
من هو الإمام المهدي؟ وما هو كتاب البحر؟
هو أحد علماء الزيدية واسمه أحمد بن يحيى والبحر اسمه البحر الزخار كتاب فقهي من تأليفه.
ما هو ضوء النهار؟
هو كتاب فقهي شرح فيه كتاب الأزهار للمهدي.
مؤلفه هو: الحسن بن أحمد المعروف بالجلال
وكتاب الصنعاني المشار له بالحواشي اسمه:منحة الغفار وهو حاشية على ضوء النهار.
والله أعلم.
المعلومات من البدر الطالع للشوكاني.
ـ[محمد مصطفى السكندري]ــــــــ[16 - 12 - 05, 05:21 م]ـ
الشيخ الكريم حمد أحمد
الشيخ الكريم عبد الرحمن السديس
جزاكما الله خيراً وزادكما علماً وفقهاً وجمعني وإياكم في ظله يوم لا ظل إلا ظله
ولكن أعتذر ...
5. أرجو التعريف بكتاب البدر الطالع للشوكاني؟ وهل يمكن أن أجده على الشبكة؟ وإن لم أجده فما هي أفضل طبعة له؟
بارك الله فيكم
ـ[عمر رحال]ــــــــ[16 - 12 - 05, 05:53 م]ـ
السلام عليكم
جزى الله مشايخنا خير الجزاء.
(تعريف)
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع
للشوكاني، محمّد بن عليّ (ت 1250هـ)
نشر: دار المعرفة ـ بيروت
فصل:: والكتاب غير متوافر على الشبكة، ونسأل المولى عزَّ وجلَّ التوفيق في تيسيرهِ لطلبة العلم، وعلى ما أعتقد دار ماجد العيسيري - بجدة؛ أيضاً طبعته ... والله أعلى وأعلم.
سآتيك بنسخة مصورة إن شاء الله، إن أحببت.
مُحبكم: عمر بن رحال السكندري.
ـ[محمد مصطفى السكندري]ــــــــ[16 - 12 - 05, 06:16 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله
بارك الله فيكم شيخ عمر رحال
ولا داعي يا شيخ أن تتعب نفسك بالبحث عنه في الشبكة .. سأقوم أنا بالبحث بإذن الله أسأل الله التيسير
وجزاكم الله خيراً
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[16 - 12 - 05, 09:39 م]ـ
الكتاب موجود في قرص موسوعة التاريخ من إنتاج التراث والموسوعة الشاملة وغيرها.
ـ[محمد مصطفى السكندري]ــــــــ[16 - 12 - 05, 10:17 م]ـ
بارك الله فيك شيخنا الفاضل عبد الرحمن
رزقك الله لذة النظر إلى وجهه
ولكن اعذرني يا شيخ فقد تكون لي أسئلة أخرى فسأعرضها بإذن الله في هذا الموضوع
نفعني الله بكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/217)
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[21 - 01 - 06, 03:04 م]ـ
بارك الله فيكم يا شيخ عبدالرحمن.
كون الامام الصنعاني-رحمه الله - يشرح ضوء النهار، هل يعني أن المذهب الزيدي في الفروع غير الأصول "أو بعبارة أخرى المذهب الزيدي فقهياً غير المذهب الزيدي اعتقادياً"؟
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[21 - 01 - 06, 10:40 م]ـ
المذهب الزيدي له فروع فقهيه تخالف المذاهب الأربعة أحيانا وللزيدة كتب في خاصة الفروع (الفقه)
وأما العقيدة فهم من فرق الشيعة، وتأثروا كسائر فرق الرافضة بمذهب المعتزلة في كثير من الأبواب.
والمقصود أن الصنعاني شرح ذاك الكتاب الفقهي.
والله أعلم.(56/218)
هل من احد يعينني في الحصول على ما يفيدني في بحثي عن الاسماء والصفات؟
ـ[ابو عبد الرحيم]ــــــــ[15 - 12 - 05, 01:16 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
هل من احد يعينني في الحصول على ما يفيدني في بحثي عن الاسماء والصفات؟
كيف ادعو الله بها؟
ولكم جزيل الشكر والعرفان،
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[15 - 12 - 05, 01:55 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
اللهم يا رحمان ويا رحيم ويا حي ويا قيوم وفق أخي أبا عبد الرحيم لكل خير .... ويا الله يا كبير ويا متعال وفقه لتكبير خطه إذا كتب ... وأسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تغفر لي وله ولجميع أهل الملتقى الأحباب ...(56/219)
من يتحفنا بالآثار السيئة المترتبة على ذكر الجرائم بكثرة في الخطب والمحاضرات؟؟؟؟
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[15 - 12 - 05, 01:50 م]ـ
قد انتشر عند بعض الدعاة ذكر كل ماهب ودب من المعاصي
والفجور ولا شك أن لهذا أثرا سلبيا بالغا يعلمه كل من حضر مثل هذا!!!
وفي هذه النافذه نريد جمع شيئا من أقوال السلف رحمهم الله التي تنص
على رد مثل هذا .....
وكذلك بعض الاثار السلبية المترتبة على ذكر مثل هذا
والله من وراء القصد ...........
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[15 - 12 - 05, 01:56 م]ـ
ارجو من الاخوة المشرفين نقل هذا الموضوع
الى المنتدى الشرعي العام , فقد كتبته هنا بالخطأ(56/220)
من يتحفنا بالآثار السيئة المترتبة على ذكر الجرائم بكثرة في الخطب والمحاضرات؟
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[15 - 12 - 05, 01:54 م]ـ
قد انتشر عند بعض الدعاة ذكر كل ماهب ودب من المعاصي
والفجور ولا شك أن لهذا أثرا سلبيا بالغا يعلمه كل من حضر مثل هذا!!!
وفي هذه النافذه نريد جمع شيئا من أقوال السلف رحمهم الله التي تنص
على رد مثل هذا .....
وكذلك بعض الاثار السلبية المترتبة على ذكر مثل هذا
والله من وراء القصد ...........
ـ[ابوفيصل44]ــــــــ[15 - 12 - 05, 10:39 م]ـ
1ـ تبلد الاحساس تجاه المنكرات واستمرائها.
2ـ فرح أهل الشر بكثرتها.
3ـ دخول اليأس على قلوب الدعاة (حتى اذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جائهم نصرنا فنجي من نشاء).
4ـ اساءة الظن بالناس وكثرة الاتهامات.
5ـ ............... وغيرها،، هذا الذي يحضرني في هذه العجالة ...
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[15 - 12 - 05, 11:02 م]ـ
جزى الله السائل خيراً، وجزى الله أبا فيصل خيراً، فقد أفاد وأحسن؛ وهذه تتمة نفيسة إن شاء الله:
قال العلامة ابن عاشور رحمه الله تعالى في (التحرير والتنوير) (18/ 185) في الكلام على قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النور {19}]:
<< ومن أدب هذه الآية أن شأن المؤمن أن لا يحب لإخوانه المؤمنين إلا ما يحب لنفسه، فكما أنه لا يحب أن يشيع عن نفسه خبر سوء كذلك عليه أن لا يحب إشاعة السوء عن إخوانه المؤمنين. ولشيوع أخبار الفواحش بين المؤمنين بالصدق أو الكذب مفسدة أخلاقية؛ فإن مما يزع الناس عن المفاسد تهيبهم وقوعها وتجهمهم وكراهتهم سوء سمعتها؛ وذلك مما يصرف تفكيرهم عن تذكرها بله الإقدام عليها رويداً رويداً حتى تنسى وتنمحي صورها من النفوس، فإذا انتشر بين الأمة الحديث بوقوع شيء من الفواحش تذكرتها الخواطر وخف وقع خبرها على الأسماع فدب بذلك إلى النفوس التهاون بوقوعها وخفة وقعها على الأسماع فلا تلبث النفوس الخبيثة أن تقدم على اقترافها وبمقدار تكرر وقوعها وتكرر الحديث عنها تصير متداولة. هذا إلى ما في إشاعة الفاحشة من لحاق الأذى والضر بالناس ضرا متفاوت المقدار على تفاوت الأخبار في الصدق والكذب.
ولهذا ذيل هذا الأدب الجليل بقوله (والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، أي يعلم ما في ذلك من المفاسد فيعظكم لتجتنبوا، وأنتم لا تعلمون فتحسبون التحدث بذلك لا يترتب عليه ضر.
وهذا كقوله (وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم) >>.
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[16 - 12 - 05, 01:34 م]ـ
4019 روى ابن ماجه في سننه قال: حدثنا محمود بن خالد الدمشقي ثنا سليمان بن عبد الرحمن أبو أيوب عن بن أبي مالك عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمر قال أقبل علينا رسول الله e فقال يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم .........
الإعلان بها الوارد في الحديث يحتمل معنيين:
الأول: هو المجاهرة بها من قبل العصاة أنفسهم وهذا المعنى هو الأظهر ..
الثاني: وهو ما نحن بصدده من الإعلان بها والتشهير بها على رؤوس الأشهاد
حتى من قبل المصلحين وهم لا يقصدون إلا الخير إلا أن الإعلان بها له من
الآثار السلبية البالغة التي لا تخفى على أحد .....
ثم إن المتتبع لمنهج النبوة لا يرى مثل هذا المنهج , فإن قيل ان مجتمع الصحابة
رضي الله عنهم كان مجتمعا طاهرا فالجواب عن هذا أن في أخبار الأمم السابقة
أعظم مما نحن فيه ومع ذلك لم يتعرض لها واذا تعرض لها كما في قصة جريج
فليس المقصد اظهار هذا الوجه القبيح من زنا المرأة انما المقصد هو اظهار قدرة الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/221)
في تكلم الغلام وكذلك تبيين نصرة الله لعباده الصالحين ....
والقرآن قبل هذا لم يتعرض لقصص الزناة واللوطيين وأهل الخمور والعاقين
انما نهى عن هذه الأفعال وحذر منها ثم بين عاقبتها ولم يتعرض للتفاصيل الدقيقة لذات الفعل كما
هو اليوم منصب على أسماعنا ........
ـ[الحاج أحمد]ــــــــ[16 - 12 - 05, 03:15 م]ـ
http://www.alsakher.com/vb2/showthread.php?t=97516&goto=nextoldest
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[21 - 12 - 05, 11:56 م]ـ
يرفع ......
ـ[طارق بن إحسان]ــــــــ[22 - 12 - 05, 08:23 ص]ـ
هذا بعض ما ذُكر في الرابط الذي وضعه أخي الحاج أحمد:
" فليرحم الوعاظُ الحاضرين .. وهم شرائح وأطياف متنوعة .. من الكبير والصغير .. والمقيم والوافد ..
والرجل والمرأة .. والمراهق والمراهقة .. فلكل مقام مقال .. وليس كل ما يعرف يقال .. والحكمة
ضالة المؤمن .. وما حدثت قوما بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة .. ومن الناس من هو
دقيق المشاعر .. مرهف الحس .. يكدر خاطره أدنى انحراف للفطرة .. ".
أنا مع هذه النقطة أخي الكريم، فكثير من القصص التي يذكرها الوعاظ فيها عبرة كبيرة للناس .. وكم من شاب وشابة يقول: مازلت أذكر القصة التي سمعتها في شريط كذا وكذا .. وكيف عاقبه الله بعقوبة مثلاً استحقها وكيف أن الرجل لما عقّ والده عقه ابنه في نفس المكان والحادثة ..
أو كيف أن العلاقات المحرمة أدت إلى مالا تُحمد عقباه .. ، فبعض الشابات الصغيرات التي لاتعرف من الحياة إلا القليل لاتعرف ماهي حقيقة الحب أو العلاقة المحرمة .. ، لكنه بفضل الله ثم بفضل ذلك الشيخ الذي ذكر تلك القصص في شريطه كانت مجتنبة هذا الأمر المحرم ولاتفكر به بل وترد على صاحبتها التي تغويها وتزين لها هذا الأمر .. وهذا أمر مشاهد ملاحظ
فكثير من هذه القصص ردعت كثيرا من الناس عن بعض المعاصي والله أعلم.
لكن قد يكون في التفصيل في بعض المعاصي الحساسة فيه شيء مما ذكرت!.
ولست معك أخي أبا فيصل فيما ذكرت من النقاط، بل لو ذكرت عكسها يمكن صلح الأمر
فهناك بعض المعاصي التي استُمرأت أو تبلد الإحساس عند ذكرها .. عندما يذكر الواعظ لها قصة مع إسلوبه الشيق تسير هذه المعصية عندك كأنها أكبر الكبائر وأنها شنيعة جدا لا يُتصور ارتكابها.
ـ[أبو عبدالله الجبوري]ــــــــ[23 - 12 - 05, 02:51 ص]ـ
لكن القرآن الكريم ذكر جرائم المجرمين على فضاعتها، مثل جرائم أصحاب الأخدود وفرعون وقوم لوط وغيرهم. فلا بأس بذكر الجرائم والتنفير منها وذكر مآل أصحابها.
ولا يظهر لي أن المقصود في آية النور هذا المعنى، فالآية نزلت في المنافقين ومن تابعهم الذين جاؤوا بالإفك، ويريدون أن ينتشر الحديث الباطل في المؤمنين، وهذا المعنى غير موجود في الخطباء.
ولا هو من إعلان الفاحشة الذي ذكره الحديث، لأن الظاهر من الحديث أن لايستتر الناس بالفاحشة، بل تفشو بينهم حتى تظهر، وهذا الحديث لايصلح دليلا فيما نحن فيه.
والله أعلم
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[23 - 12 - 05, 02:49 م]ـ
لم يتعرض القرآن للتفاصيل الدقيقة لذات الفعل كما
هو اليوم منصب على أسماعنا ........
ـ[أبو عبدالله الجبوري]ــــــــ[24 - 12 - 05, 09:06 م]ـ
يبدو لي أن هذا فيه نظر، لأن القرآن الكريم ذكر بعض التفاصيل مثل قوله تعالى: (وقالت اليهود يد الله مغلولة) وقوله: (وقالت اليهود عزير ابن الله) وقوله: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم) ونقل تعالى قول الكفار في نبينا، صلى الله عليه وسلم: (ويقولون إنه لمجنون) وقولهم: (شاعر نتربص به ريب المنون) وقولهم: (إن تتبعون إلا رجلا مسحورا) وقوله (كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون)، وغير ذلك كثير من الأقوال والأفعال الشنيعة.
والله أعلم
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[24 - 12 - 05, 10:17 م]ـ
الذي أقصده اخواني هو الجرائم ذات التعلق الاجتماعي
كالزنا واللواط وشرب الخمور وعقوق الوالدين فمثلا تجد الواعظ
قد يصف لك قصة فتاة خرجت الى السوق ودخلت على أحد باعة الأقمشة
للشراء أو غيره فما لبثت أن فتحت عبائتها واذا هي عارية تماما الا مايغطي فرجها وصدرها
وهذا سمعته بإذني في خطبة جمعة!!!! و .............. و ................ و ................... الخ
الذي أقصده هو من هذا القبيل ...
انا متأسف لذكر هذا المثال المقزز ولكني أرى أن كل من كتب معنا
في الموضوع بعيد عن الذي نتكلم فيه فأحببت ضرب المثال لتقريب المراد ....
ملاحظة: لدي الكثير من الأمثلة الا أني لو استطردت في ذكرها لوقعت
في الذي أحذر نفسي واخواني منه واستغنيت عن ذكرها بذكر نموذج منها أعلاه
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[24 - 12 - 05, 10:19 م]ـ
الذي أقصده اخواني هو الجرائم ذات التعلق الاجتماعي
كالزنا واللواط وشرب الخمور وعقوق الوالدين فمثلا تجد الواعظ
قد يصف لك قصة فتاة خرجت الى السوق ودخلت على أحد باعة الأقمشة
للشراء أو غيره فما لبثت أن فتحت عبائتها واذا هي عارية تماما الا مايغطي فرجها وصدرها
وهذا سمعته بإذني في خطبة جمعة!!!! و .............. و ................ و ................... الخ
الذي أقصده هو من هذا القبيل ...
انا متأسف لذكر هذا المثال المقزز ولكني أرى أن كل من كتب معنا
في الموضوع بعيد عن الذي نتكلم فيه فأحببت ضرب المثال لتقريب المراد ....
ملاحظة: لدي الكثير من الأمثلة الا أني لو استطردت في ذكرها لوقعت
في الذي أحذر نفسي واخواني منه واستغنيت عن ذكرها بذكر نموذج منها أعلاه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/222)
ـ[أبو عبد الرحمان القسنطيني الجزائري]ــــــــ[22 - 04 - 09, 01:48 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[جلال الجزائري]ــــــــ[22 - 04 - 09, 02:34 م]ـ
السلام عليكم
هل يدخل هذا ضمن معاني قوله تعالى "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم"؟
جزاكم الله خيرا
ـ[أم صفية وفريدة]ــــــــ[22 - 04 - 09, 08:40 م]ـ
راااائع أنكم فتحتم هذا الموضوع!!
لقد قرأتم أفكاري، كنت أنا أيضًا أريد فتح موضوع عن نشر الجرائم والحوادث
إنها كاااااااارثة بحق ... لقد سمعت الشيخ أبا إسحاق الحويني يتكلم عن هذا الموضوع في إحدى محاضراته ويقول بصوت غاضب: لا أعلم ما الفائدة من نشر أخبار الحوادث؟!
ما الذي ستجنيه الأمة من مشاهدة فيلم عن السرقة والقتل؟!
ربما هذا ليس الكلام بالنص ... ليتني أجد هذا التسجيل: (
الإخوة الذين عارضوا الموضوع ربما أنتم لا تفهمون مانشير إليه:
عندنا في مصر مثلًا جريدة مختصة بأخبار الحوادث اسمها دموع الندم ( http://www.algomhuria.net.eg/algomhuria/today/domoaa/) وماشاكلها ..
وهذه الجريدة خطرها على الأمة عظيم، فوالله إنها لتعلم الناس الفساد، وتسهل عليهم ارتكاب الجريمة، حيث تهون عليهم أمور القتل والاغتصاب والسرقة وتجارة المخدرات، مثلًا تجدون أخبارًا مثل:
امرأة قتلت زوجها ثم قطعته ووضعته في أكياس ورمته في الترعة!!! تخيلوا بعدها كم امرأة استسهلت هذا الأمر!!
وكذلك كان هناك برامج تلفزيونية خبيثة مثل (خلف الأسوار) وماشاكله ..
الناس يتخذون هذه الأشياء من باب التسلية وحب الاستطلاع، لكن يجب التحذير منها والقضاء عليها.
ـ[الحاج أحمد]ــــــــ[22 - 04 - 09, 11:28 م]ـ
قرأت قبل أيام كلاما لأبي حامد الغزالي بلغ عندي منتهاه ..
لأ أظن أحدا سبق أو لحق الغزالي في التنظير لهذه المسألة ..
قال الغزالي: "والواعظ يجد في وعظه وتأثر قلوب الناس به وتلاحق بكائهم وزعقاتهم وإقبالهم عليه لذة لا توازيها
لذة فإذا غلب ذلك على قلبه مال طبعه إلى كل كلام مزخرف يروج عند العوام وإن كان باطلاً ويفر عن كل كلام
يستثقله العوام وإن كان حقاً ويصير مصروف الهمة بالكلية إلى ما يحرك قلوب العوام ويعظم منزلته في قلوبهم فلا
يسمع حديثاً وحكمة إلا ويكون فرحه به من حيث إنه يصلح لأن يذكره على رأس المنبر وكان ينبغي أن يكون فرحه
به من حيث إنه عرف طريق السعادة وطريق سلوك سبيل الدين ليعمل به أولاً ... "
إلى أن قال وهو المقصود:" فإن لم يكن في البلد إلا واحد وكان وعظه نافعاً للناس من حيث حسن كلامه وحسن
سمعته في الظاهر وتخييله إلى العوام أنه إنما يريد الله بوعظه وأنه تارك للدنيا ومعرض عنها فلا نمنعه منه ونقول
له اشتغل وجاهد نفسك فإن قال: لست أقدر على نفسي فنقول: اشتغل وجاهد لأنا نعلم أنه لو ترك ذلك لهلك
الناس كلهم إذ لا قائم به غيره ولو واظب وغرضه الجاه فهو الهالك وحده وسلامة دين الجميع أحب عندنا من
سلامة دينه وحده فنجعله فداء للقوم ونقول لعل هذا هو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله
يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم"
ثم قال: "فأما ما أحدثه الوعاظ في هذه الأعصار من الكلمات المزخرفة والتجرئة على المعاصي بطيارات النكت
فيجب إخلاء البلاد منهم فإنهم نواب الدجال وخلفاء الشيطان وإنما كلامنا في واعظ حسن الوعظ جميل الظاهر
يبطن في نفسه حب القبول ولا يقصد غيره .. "(56/223)
موقف للأمام الشنقيطي رحمه الله يبين ورعه عن الفتوى
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[15 - 12 - 05, 04:58 م]ـ
ذكر صاحب كتاب (الجموع البهية للعقيدة السلفية التى ذكرها العلامة الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان) قال:
وكان الشيخ رحمه الله يتورع عن الفتوى إلا في شيء فيه نص من كتاب أو سنة, قال ابنه الشيخ عبدالله: جاءه وفد من الكويت في أواخر حياته فسألوه في مسائل فقال أجيبكم بكتاب الله ثم جلس مستوفزا وقال: الله أعلم, (ولاتقف ما ليس لك به علم) لاأعلم فيها عن الله
ولا عن رسوله شيئا, وكلام الناس لا أضعه في ذمتي فلما ألحوا عليه قال:فلان قال كذا وفلان قال كذا, وأنا لا أقول شيئا.
قال الشيخ عطية وسألته عن تركه للفتوى فقال: يجب التحفظ فيما ليس فيه نص قاطع من كتاب الله أو سنة رسوله , ويتمثل بقول الشاعر:
إذا ما قتلت الشيء علما فقل به ..... ولاتقل الشيء الذي أنت جاهله
فمن كان يهوى أن يرى متصدرا ...... ويكره لا أدري أصيبت مقاتله
ـ[الأحمدي]ــــــــ[30 - 01 - 06, 03:40 ص]ـ
جزاك الله خيرا
فائدة جليلة
ـ[راشدالآثري]ــــــــ[30 - 01 - 06, 10:11 ص]ـ
الله المستعان جزاك الله خيرا ...
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[30 - 01 - 06, 12:18 م]ـ
رحم الله الإمام شيخ الإسلام محمد الأمين الجكني الشنقيطي ورضي عنه.
فقد كان غزير العلم عظيم الورع، حتى أنه لم يكن يكثر النقاش مع طلابه أثناء درسه بالمسجد النبوي في تفسير القرآن الكريم.
وكان بعض الناس يظن ذلك قصورا، جهلا منه بقدرته على البحث والمناظرة، والذي له يد طولى فيها، وله فيها ألفية.(56/224)
طلب من المهتمين بالدراسات التاريخية
ـ[حسام الحفناوي]ــــــــ[16 - 12 - 05, 02:16 ص]ـ
الرجاء من الإخوة في الملتقى، لاسيما المشتغلين بالدراسات التاريخية منهم، تنزيل بعض الكتب المعاصرة التي تذكر الفتوحات، و حدود الدول القديمة، و نحو ذلك، وفقا لخريطة العالم المعاصرة. و في الباب كتاب الدكتور حسين مؤنس (أطلس تاريخ الإسلام). و يوجد موقع على الشبكة العنكبوتية يتناول ذلك بطريقة مختصرة، و هو
WWW.hukam .net(56/225)
مسألة معاصرة في الحج
ـ[عبدالعزيز سعودالعويد]ــــــــ[16 - 12 - 05, 11:03 ص]ـ
مرحبا بكم جميعا، وشكر الله درركم الكريمة، ويشرفني الانتساب لكم مرة أخرة وباسم غير مستعار.
قام أحد الإخوة مشكورا بوضع بحث لي حول بعض المسائل المعاصرة في الحج، ثم رأيت إيراد مسألة أخرى معاصرة.
تقوم بعض وزارات الشئون الإسلامية إبان فترة الحج بوضع مجسمات متعلقة بمناسك الحج كمجسم كبير يرمز للكعبة، ومجسمات ترمز للجمرات، وهلم جرا.
فيقوم الراغبون في الحج (ومن بال التعليم) بالطواف حول المجسم، وقد أقامت الأردن معرضا خاصا كبيرا لكل مناسك الحج، ويتضمنه طواف سبع مرات بمجسم يرمز للكعبة.
وكنت قد عرضت المسألة على غير واحد من العلماء فأنكر المسألة، وإن كانت من باب التعليم.
ولتتمة افائدة فقد رأيت إنكارا لشيخ الأزهر عام 1952م لوضع مجسم والطواف به ولو من باب التعليم كما جاء ذلك في كتاب " الأزهر في ألف عام " 3/ 104.
والمجال مفتوح للمشاركة في هذه المسألة وغيرها من المسائل المعاصرة.
ونتشرف بتعليق مثلكم على بحثي في هذا الرابط. http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=16058&highlight=%E3%D3%C7%C6%E1+%E3%DA%C7%D5%D1%C9+%C7%E 1%CD%CC
ـ[عصام البشير]ــــــــ[16 - 12 - 05, 08:04 م]ـ
أثابكم الله
سبق طرح هذا الموضوع في الملتقى على هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=18792&highlight=%D8%E6%C7%DD+%E3%CC%D3%E3(56/226)
أبحث عن كتاب محقق خال من الإسرائيليات حول قصص الأنبياء
ـ[عبد اللطيف الحسيني]ــــــــ[16 - 12 - 05, 12:11 م]ـ
وليته يكون متوفرا على الشبكة،
وجزاكم الله خيرا
ـ[محمد مصطفى السكندري]ــــــــ[16 - 12 - 05, 05:17 م]ـ
من أجمل ما قرأت
كتاب قصص القرآن للشيخ أحمد فريد
من ثلاثة أجزاء مجموعة في مجلد كبير
ط. ابن الجوزي
الكتاب تجنب فيه المؤلف الإسرائيليات والأحاديث الضعيفة وجمع فيه فوائد طيبة
وهو للأسف غير متوافر على الشبكة
ـ[عمر رحال]ــــــــ[16 - 12 - 05, 05:40 م]ـ
الأخ الفاضل/ أبو الفرج ....... سلمهُ الله.
أما بالنسبة للاستفادة من القصص فلا أحد على خلاف معك في أن أفضل ما يقوم به المربي هو الاستفادة من أحسن القصص التي ذكرها الله تعالى في كتابه ومن القصص التي قصها النبي صلى الله عليه وسلم وأضف أيضاً قصص الصحابة والتابعين فهي مناهج تربوية غزيرة ....
وهُنا نقطة أردت أن ألفت نظرك إليها::
قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك (وأعني مرويات الإسرائيليات) فيما حدثنا أبو بكرة وإبراهيم بن مرزوق جميعا قالا: ثنا أبو عاصم عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي كبشة السلولي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بلغوا عني ولو آية من كتاب الله وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج في ذلك ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار".
فأوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث على أمته التبليغ عنه. ثم قد فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين التبليغ عنه والحديث عن غيره فقال: "وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" أي:: ولا حرج عليكم في أن لا تحدثوا عنهم في ذلك ". فالاستجعال على ذلك استجعال على الفرض ومن استجعل جعلا على عمل يعمله فيما افترض الله عمله عليه فذلك عليه حرام لأنه إنما يعمله لنفسه ليؤدي به فرضا عليه. ومن استجعل جعلا على عمل يعمله لغيره من رقية أو غيرها وإن كانت بقرآن أو علاج أو ما أشبه ذلك فذلك جائز والاستجعال عليه حلال. فيصح بما ذكرنا معاني ما قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب من النهي ومن الإباحة ولا يتضاد ذلك فيتنافى. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمة الله عليهم.
ـ[عمر رحال]ــــــــ[16 - 12 - 05, 05:47 م]ـ
وأرى أنه لا بأس بأن نقرأ كتب توجد فيها إسرائيليات، موقوفة على شرط التحقيق.
وفي عُجالة:: إليك قول صاحب البداية والنهاية وهو عمدة على هذا الفرع (السير والتراجم):
يقول - رحمه الله -: " ولسنا نذكر من الإسرائيليات إلا ما أذن الشارع في نقله مما لا يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهو القسم الذي لا يصدق ولا يكذب مما فيه بسط لمختصر عندنا، أو تسمية مبهم ورد به شرعنا مما لا فائدة في تعيينه لنا فنذكره على سبيل التحلي به لا على سبيل الاحتياج إليه والاعتماد عليه، وإنما الاعتماد والاستناد على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ما صح نقله أو حسن وما كان فيه ضعف نبينه وبالله المستعان وعليه التكلان ... ولا نذكر منها إلا القليل على سبيل الاختصار. ونبين ما فيه حق مما وافق ما عندنا وما خالفه فوقع فيه الانكار ... ".
ثم ذكر حديث " وحدثوا عن بني إسرائيل ... " وقال: (فهو محمول على الاسرائيليات المسكوت عنها عندنا فليس عندنا ما يصدقها ولا ما يكذبها فيجوز روايتها للاعتبار وهذا هو الذي نستعمله في كتابنا هذا فأما ما شهد له شرعنا بالصدق فلا حاجة بنا إليه استغناء بما عندنا وما شهد له شرعنا منها بالبطلان فذاك مردود لا يجوز حكايته إلا على سبيل الانكار والابطال) البداية والنهاية: 1/ 5.
يُتبع إن شاء الله
ـ[محمد مصطفى السكندري]ــــــــ[16 - 12 - 05, 06:11 م]ـ
الشيخ الفاضل عمر رحال
قال الأخ صاحب الموضوع حفظه الله: (أبحث عن كتاب محقق خال من الإسرائيليات حول قصص الأنبياء)
فكان جوابي بما يتلائم مع سؤاله ويتوافق مه مطلبه
ولكن لي استفسار نفعنا الله بعلمكم
قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك (وأعني مرويات الإسرائيليات) فيما حدثنا أبو بكرة وإبراهيم بن مرزوق جميعا قالا: ثنا أبو عاصم عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي كبشة السلولي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بلغوا عني ولو آية من كتاب الله وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج في ذلك ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار".
من القائل حدثنا؟ فقد نقلت لنا الكلام -بارك الله فيك- ولم تعزُه إلى قائله
ثم قد فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين التبليغ عنه والحديث عن غيره فقال: "وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" أي:: ولا حرج عليكم في أن لا تحدثوا عنهم في ذلك ".
الذي فهمته ياشيخ عمر أن "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" أي ولا حرج عليكم في أن تحدثوا عنهم، فهل النفي [الذي وضعتُ تحت أداته خطاً والذي ورد في كلامك] وقع سهواً منكم أم أن ذلك من مفهوم المخالفة؟
فالاستجعال على ذلك استجعال على الفرض ومن استجعل جعلا على عمل يعمله فيما افترض الله عمله عليه فذلك عليه حرام لأنه إنما يعمله لنفسه ليؤدي به فرضا عليه. ومن استجعل جعلا على عمل يعمله لغيره من رقية أو غيرها وإن كانت بقرآن أو علاج أو ما أشبه ذلك فذلك جائز والاستجعال عليه حلال. فيصح بما ذكرنا معاني ما قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب من النهي ومن الإباحة ولا يتضاد ذلك فيتنافى. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمة الله عليهم.
الكلام على الاستجعال الذي سقته يا شيخ عمر ظاهره - فيما يبدو لي- أنه كلام على الاستجعال على تبليغ الآية عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم أفهم ما علاقة هذا الكلام بما أردت توضيحه عن الإسرئيليلات
وأعتذر عن كثرة أسئلتي ولكن هذا طمعاً في كرمكم
بارك الله فيكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/227)
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[16 - 12 - 05, 08:34 م]ـ
قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك (وأعني مرويات الإسرائيليات) فيما حدثنا أبو بكرة وإبراهيم بن مرزوق جميعا قالا: ثنا أبو عاصم عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي كبشة السلولي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بلغوا عني ولو آية من كتاب الله وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج في ذلك ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار".
أين سمعتم منهما؟ (ابتسامة)
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[17 - 12 - 05, 10:43 ص]ـ
قال الشيخ أبو الأشبال أحمد شاكر _ رحمه الله _ في الباعث الحثيث (ص 107):
" وقد اجترأ كثير من الكتاب في عصرنا في مؤلفاتهم وفي الصحف وفي المجلات، فذهبوا ينقولون من كتب السابقين من المؤرخين وغيرهم بلفظ التحديث، فيقول أحدهم: حدثنا ابن خلدون، حدثنا ابن قتيبة، حدثنا الطبري، وهو أقبح ما رأينا من أنواع النقل؛ فإن التحديث والإخبار ونحوهما من اصطلاحات المحدثين الرواة بالسماع، وهي المطابقة للمعني اللغوي في السماع، فنقلها إلى معنىً آخر _ هو النقل من الكتب _ إفساد لمصطلحات العلوم، وإبهام لمن لا يعلم بألفاظ ضخمة، ليس هؤلاء الكتاب من أهلها، ويخشى على من تجرأ على مثل هذه العبارات أن ينتقل إلى الكذب البحت والزور المجرد، عافانا الله ". اهـ.
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[17 - 12 - 05, 10:44 ص]ـ
تنبيه:
أنا مجرد ناقل، ولم أقصد التجريح في الأخ المذكور، وإنما أردت التنبيه على خطأ منتشر في هذا الملتقى.
ـ[عبد اللطيف الحسيني]ــــــــ[17 - 12 - 05, 11:14 م]ـ
السلام عليكم،
جزاكم الله خيرا، وبارك الله في أبي الفرج
فأنا أحاول البحث عن كتاب لاستعماله في تدريس الصغار، ولذلك أرغب في الابتعاد عن الاسرائيليات وما قد لا يفهمه الصغار قدر الإمكان،
عملا بالأثر الموقوف على علي رضي الله عنه: (حدثوا الناس بما يعرفون، اتحبون أن يكذب الله ورسوله) كما في كتاب العلم، صحيح البخاري.
فمثلا ورد في البداية والنهاية في قصة نوح عليه السلام النص التالي: (ويروى عن ابن عباس: أن أول ما دخل من الطيور الدرة، وآخر ما دخل من الحيوانات الحمار. ودخل إبليس متعلقاً بذنب الحمار)
ـ[عمر رحال]ــــــــ[20 - 12 - 05, 12:51 ص]ـ
قال الشيخ أبو الأشبال أحمد شاكر _ رحمه الله _ في الباعث الحثيث (ص 107):
" وقد اجترأ كثير من الكتاب في عصرنا في مؤلفاتهم وفي الصحف وفي المجلات، فذهبوا ينقولون من كتب السابقين من المؤرخين وغيرهم بلفظ التحديث، فيقول أحدهم: حدثنا ابن خلدون، حدثنا ابن قتيبة، حدثنا الطبري، وهو أقبح ما رأينا من أنواع النقل؛ فإن التحديث والإخبار ونحوهما من اصطلاحات المحدثين الرواة بالسماع، وهي المطابقة للمعني اللغوي في السماع، فنقلها إلى معنىً آخر _ هو النقل من الكتب _ إفساد لمصطلحات العلوم، وإبهام لمن لا يعلم بألفاظ ضخمة، ليس هؤلاء الكتاب من أهلها، ويخشى على من تجرأ على مثل هذه العبارات أن ينتقل إلى الكذب البحت والزور المجرد، عافانا الله ". اهـ.
أنا مجرد ناقل، ولم أقصد التجريح في الأخ المذكور؟؟؟!!.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأخ المحترم أبو الفرج المصري ...... أعتذر عن التأخر في الرد للإنشغال (عندي إمتحانات عملي)، وسأتوقف في الرد هُنا؛ وأقصد في هذه النافذة فقط ..... وستأتيك رسالة فيها الرد عبر البريد الإلكتروني ... وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
أخي الكبير/ أبو المنهال الآبيضي ...... سلمهُ الله.
أولاً: أنا بأقوم بالمشاركة من (صالة إنترنت)، لأني أفتقد النت عندي في المنزل!.
ثانياً: عندما أقوم بإعداد رد على أي موضوع:: فهو نقل من على جهازي الخاص بالمنزل إلى أي جهاز في (صالة الإنترنت) عن طريق قرص مرن.
فمن هنا وقع هذا الخطأ عندما (صنعت) نسخ ولصق، فهل تظن في أنني متعمد؟
وهل يُعقل هذا ((النقل))؟ أستغفر الله.
لستُ بمعصوم.
وألتزم الصمت أفضل ... والله المُستعان.
ـ[أبو محمد الشيخ]ــــــــ[20 - 12 - 05, 12:25 م]ـ
هناك كتاب للكتور صلاح عبدالفتاح الخالدي واسمه القصص القرآني خال من الإسرائليات
ـ[أبو عمر الطائي]ــــــــ[21 - 12 - 05, 12:06 ص]ـ
أنا مثلك بحثت عن ماتبحث عنه وسألت العلماء والمتخصصين (حسب القدرة) واوصوني بكتب كثيرة ووالله مارأيت أفضل من كتاب قصص الأنبياء لابن سعدي رحمه الله.
ـ[عبد اللطيف الحسيني]ــــــــ[21 - 12 - 05, 09:07 م]ـ
جزاكما الله خيرا
ـ[طارق بن إحسان]ــــــــ[22 - 12 - 05, 08:09 ص]ـ
انظر كتاب " الصحيح المنتقى من (قصص الأنبياء للإمام الحافظ ابن كثير) ".
اختصار: صلاح فتحي هلل.
إشراف: الشيخ المحدث أبي معاذ طارق بن عوض الله بن محمد.
أرجو أن ينفعك الله به
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/228)
ـ[عادل المامون]ــــــــ[25 - 12 - 05, 12:57 ص]ـ
ان الحمد لله والصلاه والسلام علي رسول الله
اما بعد
قد بحثت كثيرا عن قصص الانبياء خالي من الاسرائيليات
فوجدت شيخنا مصطفي العدوي حفظه الله قد انهي تحقيق كتاب البدايه والنهايه مؤخرا هو وبعض من تلاميذه ولكني لااعلم هل له نسخه علي الشبكه ام لا لانني لم اطلع عليه
ـ[محمد بو سيد]ــــــــ[28 - 12 - 05, 09:49 م]ـ
"قصص الأنبياء " للشيخ محمود المصري أبو عمار
كتاب جيد و محقق
ـ[خلدون ربابعة]ــــــــ[28 - 08 - 07, 10:40 م]ـ
عليكم بكتاب الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي
القصص القرآني
الذي طبعته دار القلم في أربع مجلدات فإن فيه من الخير الكثير
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[16 - 02 - 08, 01:02 ص]ـ
ان الحمد لله والصلاه والسلام علي رسول الله
اما بعد
قد بحثت كثيرا عن قصص الانبياء خالي من الاسرائيليات
فوجدت شيخنا مصطفي العدوي حفظه الله قد انهي تحقيق كتاب البدايه والنهايه مؤخرا هو وبعض من تلاميذه ولكني لااعلم هل له نسخه علي الشبكه ام لا لانني لم اطلع عليه
هل من مؤكد للخبر
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[29 - 02 - 08, 03:05 م]ـ
هل من جديد
ـ[أحمد موسى]ــــــــ[29 - 02 - 08, 03:30 م]ـ
قصص الأنبياء للشيخ محمد متولى الشعراوى
وانا لم اقيمه ويمكن ان تقيمه لنا إذا اردت
وانت كما تعلم ان الشيخ تكلم العلماء في عقيدته
واذا لم يمانع المشرف فسأضع الرابط
ـ[حسن خلف]ــــــــ[02 - 03 - 08, 03:11 ص]ـ
عليك اخي الكريم ايضا بكتاب الدكتور محمد بكر اسماعيل بعنوان (قصص القران) فهو سهل و يسير و قد تجنب الإسرائليات و كذلك كتاب الشيخ محمود المصري لإستخراج الفوائد يطريق سهلة
ـ[مستور مختاري]ــــــــ[02 - 03 - 08, 04:02 ص]ـ
اعظم كتاب حق وثابت بلا شك، ولا مرية فيه، وكل مافيه ثابت وصحيح ومحكم، ولا شبهة فيه
وقصصه مقتصرة على المهم وأعظمها فائدة، وبعيدا عن الحشو وبعيدا عن الكذب والريب
إنه الكتاب الذي قال عنه منزله سبحانه: {نحن نقص عليك أحسن القصص}
إنه القرآن العظيم
ـ[أحمد موسى]ــــــــ[05 - 03 - 08, 03:31 ص]ـ
هل ممكن ان ترفعوه لنا
ـ[أحمد موسى]ــــــــ[17 - 03 - 08, 08:53 ص]ـ
هل احد يرفع لنا كتاب الدكتور محمد بكر اسماعيل: قصص القران
ضروري
وجزاكم الله خيرا
ـ[حسن خلف]ــــــــ[18 - 03 - 08, 03:48 ص]ـ
كتاب الدكتور محمد بكر اسماعيل عندي اخي احمد موسي و لو شئت بعثت نسخة لك علي بيتك فقط ابعث لي عنوانك أذا كنت داخل مصر
ـ[أحمد موسى]ــــــــ[19 - 03 - 08, 06:21 م]ـ
انا في امريكا للأسف
هل ممكن تراسلني
ـ[عمر خيري]ــــــــ[19 - 03 - 08, 07:54 م]ـ
نعم تم بالفعل تحقيق البداية و النهاية تحت إشراف الشيخ مصطفى العدوى وهو متوافر بالأسواق وهو من مطبوعات دار ابن رجب
ـ[سعد بن مزيد الحسيني]ــــــــ[20 - 03 - 08, 01:35 ص]ـ
(صحيح قصص الأنبياء للإمام الحافظ ابن كثير)
بقلم: الشيخ / سليم الهلالي.
قال الشيخ: حفظه الله، بالمقدمة.
ومنهجي العلمي كالآتي:
1 - أبقيت النصوص القرآنية؛ كما ساقها الإمام ابن كثير –رحمه الله-؛ لأن القصص القرآني لا تكرار فيه؛ ففي كل سياق زيادة معنى لا تجدها في غيره.
وأما تفسيرها؛ فاكتفيت بالصحيح والصواب إلا ما كان لذكره ضرورة؛ لسلامة السياق وفهم المراد.
2 - الاكتفاء بما صح رواية ودراية ورعاية من الأحاديث النبوية والآثار السلفية، وأما الضعيف الذي أبقيته –مع التنبيه عليه-؛ فهو لبيان ذلك وإن كان مشهوراً ومتداولاً، أو لأن السياق لا يفهم إلا به.
وأما الإسرائيليات؛ فما شهد لها الكتاب والسنة أو أحدهما؛ فتقبل، وما دون ذلك؛ فقد أغنانا الله عنها بفضله.
3 - حذف الأسانيد ولم أبق إلا صحابي الحديث، أو ما لا بد من ذكره؛ ليتم السياق.
4 - حذف الروايات المكررة إذا لم يكن فيها زيادة معنى.
5 - حذف اختلافات أهل العلم التي لا تقوم على أصل ثابت.
6 - حافظت على عبارة الإمام ابن كثير؛ فإنها سلسلة شيقة وسهلة ماتعة، وقد أضفت بعض الجمل؛ لربط الكلام، أو لخصت معنى صحيحاً في رواية لا يصح سندها.
7 - وضعت عناوين فرعية تعين على الفهم، وتسهل ضبط المراد، وتقرب العبر والفوائد.
8 - صنعت فهرساً تحليلياً للموضوعات والفوائد.
وسميته: ((صحيح قصص الأنبياء)).
أخي القارئ الكريم هذا عملي بين يديك؛ فلك غنمه، وعلي غرمه؛ فإن وجدت خيراً؛ فلا تأل جهداً في الدعاء لي؛ فإن دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب مستجاب، وإن وجدت خللاً؛ فأصلحه، أو عيباً؛ فاستره، أو نصيحة؛ فلا تبخل علي بها؛ فإني متقلد منَّة من أهدى إلى شيئاً ينفعني في ديني ويصلح عيوبي.
وأسأل الله العلي العظيم أن يتقبل جهد المقل خدمة لدينه الحنيف، وصيانة لجناب النبوة الشريف، وأن يدخر لي ثواب ذلك إلى يوم لقائه؛ يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، والله الموعد.
http://www.almenhaj.net/TextSubject.php?linkid=6995
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/229)
ـ[أبو يوسف الحلبي]ــــــــ[28 - 12 - 09, 10:17 ص]ـ
يرفع للإستزادة والتحديث.(56/230)
بحث رائع بعنوان "" قراءة شرعية في قوائم شركة ينساب المالية "" وانفرط عقد الضوابط!!!
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[16 - 12 - 05, 01:57 م]ـ
قراءة شرعية في قوائم شركة ينساب المالية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فهذه دراسة شرعية مختصرة للقوائم المالية لشركة ينبع الوطنية للبتر وكيماويات (ينساب)، ينتظم عقدها في النقاط الآتية:
أولاً: التعريف بالشركة.
? شركة ينبع الوطنية للبتر وكيماويات (ينساب). هي شركة مساهمة سعودية تحت التأسيس بموجب قرار وزير التجارة والصناعة رقم 10446 بتاريخ 4/ 11/1426هـ الموافق (7/ 12/2005).
? تتمثل أهداف الشركة في تصنيع المنتجات البتروكيماوية طبقا لعقد تأسيسها والأنطمة الأخرى المعمول بها في المملكة العربية السعودية.
? يبلغ رأس مال الشركة 5.625.000.000 ريال سعودي مقسم إلى 112.5000.000 سهماً بقيمة اسمية قدرها 50 ريالا سعودياً للسهم.
? ستمتلك شركة سابك ما نسبته 55% من إجمالي أسهمها، منها 4% ستمتلكها شركة سابك للاستثمارات الصناعية SIIC المملوكة بالكامل لشركة سابك، وستوزع ملكية 10% من أسهم ينساب على 17 شركة سعودية وخليجية. بينما سيتم طرح الحصة الباقية 35% على الجمهور من خلال عملية الاكتتاب العام.
ثانياً: الاستثمارات
وسوف نستخلص هذه الاستثمارات من قائمة المركز المالي المستقبلية كما في 31 يناير 2006 وهو تاريخ التأسيس المتوقع، حيث جاء فيها:
أرصدة لدى البنوك: 5.646.701.000 ريال سعودي.
وفي الإيضاحات لهذه القوائم تبين أن هذه الأرصدة تتكون من حسابين:
الحساب الأول: وديعة لأجل: 5.556.657.000 ريال سعودي.
الحساب الثاني: حساب جار:80.044.000 ريال سعودي.
ثم ذكروا أن الوديعة لأجل والحساب الجاري محتفظ بهما لدى بنك محلي، وتحقق الوديعة لأجل عمولة سنوية بنسبة 4.85% تقريباً.
وقد حققت هذه الوديعة لأجل مبلغاً قدره 4.375.000 ريال سعودي، دخلت ضمن المركز المالي للشركة.
وهذا من غرائب القوائم أن تدخل الإيرادات في قائمة المركز المالي ولكن ذكروا أن هذا مؤقت فقط للربع الأول، وإلا فمن المعلوم أن الإيرادات تدخل في قائمة الدخل، وحيث إن الشركة حديثة التأسيس لا يوجد لها قائمة دخل إلا هذه الإيرادات.
ولمعرفة نسبة الاستثمار المحرم للأصول، يظهر بيانه في الجدول الآتي:
الاستثمار المحرم إجمالي الأصول نسبة الاستثمار المحرم
5.556.657.000 6.843.510.000 81.19%
ولمعرفة نسبة الإيراد المحرم لإجمالي الإيرادات، يظهر بيانه في الجدول الآتي:
الإيراد المحرم إجمالي الإيرادات نسبة الإيراد المحرم
4.375.000 4.375.000 100%
ثالثاً: القروض
جاء في نشرة الاكتتاب المفصلة:
" حصلت سابك لصالح ينساب. على التزام خطي مبدئي من بنك ABN AMRO بموجب خطاب التزام مؤرخ في 30 نوفمبر 2005 تعهد بموجبه بتغطية تسهيلات تمويلية بقيمة 13.125 مليون ريال سعودي (13 مليار ومائة وخمس وعشرين مليون ريال سعودي). ويعتبر هذا الخطاب التزاما مشروطا من البنك بصفته مديرا ومتعهدا لتغطية التسهيلات التمويلية بالقيمة المذكورة وفقا لشروط وأحكام وتعهدات متعارف عليها في تمويل المشاريع.
ويقوم البنك حالياً بالتفاوض مع المصارف الدولية والإقليمية والمحلية وبعض الجهات الشبه حكومية لتقديم قروض تجارية وإسلامية عادية للمشروع. وتتوقع ينساب أن ينفق جزء كبير من تكاليف المشروع لاستيراد أجهزة وخدمات ترتبط بإنشاءات مرافق الخدمات العامة.
إضافة لتسهيلات القروض المذكورة أعلاه، سيطلب قرض لتمويل رأس المال العامل الابتدائي بقيمة 833 مليون ريال سعودي، ويتم ترتيبه كجزء من القروض.
وبناء على المفاوضات التي سيتم إجراؤها مع الجهات الممولة المحتملة، من المتوقع أن تلتزم الشركة بعض التعهدات المالية المتعارف عليها في تمويل المشاريع بما فيها قيود معينة على توزيع الأرباح إلى المساهمين بعد استيفاء متطلبات وشروط خدمة الدين إلى أن تصل نسبة خدمة الدين المتوقعة 1.25 مرة. "
ويلاحظ مما سبق أن البنك الملتزم بالقروض ما يزال يجري مفاوضاته في إجراء القروض وهي إما إسلامية أو تجارية أي ربوية. ولهذا لا نستطيع أن نجزم بنوعية القرض حتى تفصح الشركة عن ذلك، ولكن يبدوا أن الشركة لا تمانع بالقروض الربوية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/231)
وجاء في قائمة المركز المالي المستقبلية أن شركة ينساب ستدفع مبلغا قدره: 1.208.510.000 ريال سعودي لشركة سابك مقابل مدفوعات تحملتها عنها. بالإضافة إلى عمولة أي فائدة مقابل هذا القرض يبلغ 10.000.000ريال سعودي.
فيكون القرض مع الفائدة يساوي: 1.218.510.000 وسميت هذه المعاملة مبلغا مستحقاإلى جهة ذات علاقة، وسميت الفائدة: مصاريف محملة لقاء خدمات إسناد.
والجدول الآتي يوضح نسبة القرض إلى إجمالي الخصوم
القرض المحرم إجمالي الخصوم نسبة القرض المحرم
1.218.510.000 6.843.510.000 17.8%
ويلاحظ أن الشركة أيضاً دفعت فائدة ربوية قدرها 10 مليون ريال سعودي لشركة سابك، ولبيان نسبة هذا المبلغ لإجمالي مصروفات الشركة يظهر بيانه في الجدول الآتي:
المصروف المحرم إجمالي المصروفات نسبة المصروف المحرم
10.000.000 134.962.000 7.5%
رابعاً: حكم الاكتتاب بشركة ينساب
مما سبق بيانه ظهر جلياً أن شركة ينساب من الشركات ذات النشاط المباح ولكنها تقترض وتودع بالربا.
وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في هذا النوع من الشركات على قولين:
القول الأول: عدم الجواز مطلقاً.
وممن ذهب إلى هذا القول: مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، ونص قراره هو:
" ج: الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحياناً بالمحرمات، كالربا ونحوه، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة " ().وكذلك لمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، ونص قراره هو:
" لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالماً بذلك" ().
وممن قال بالتحريم أيضاً: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ()، والهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي ()، والهيئة الشرعية لبنك دبي الإسلامي ()، وهيئة الرقابة الشرعية للبنك الإسلامي السوداني ()،وعدد من الفقهاء المعاصرين ().
وقد استدل أصحاب هذا القول بأدلة من الكتاب والسنة تدل بعمومها على تحريم الربا قليله وكثيره، ولأن يد الشركة على المال هي نفس يد المساهم، فأي عمل تقوم به فهو عمله لا فرق بينهما، فكما يحرم على الإنسان أن يستثمر جزءاً من ماله – ولو يسيراً – في معاملات محرمة، فكذا يحرم عليه المشاركة في شركات تتعامل بالحرام، لأن المال المستثمر هو ماله بعينه.
القول الثاني: الجواز بضوابط.
ممن ذهب إلى هذا القول: الهيئة الشرعية لشركة الراجحي ()، والهيئة الشرعية للبنك الإسلامي الأردني ()، والمستشار الشرعي لدلة البركة ()، وندوة البركة السادسة ()، وعدد من العلماء المعاصرين ().
وقد اشترط أصحاب هذا القول شروطاً؛ إذا توفرت جاز تداول أسهم هذا النوع من الشركات، وإذا تخلف منها شرط لم يجز، وهذه الشروط سيأتي بيانها.
وقد استدل أصحاب هذا القول بعدد من القواعد: كقاعدة رفع الحرج، والتبعية، والحاجة العامة، وعموم البلوى، ومراعاة قواعد الكثرة والقلة والغلبة، وكذلك جواز التعامل مع من كان غالب أمواله حلالا.
خامساً: ضوابط القائلين بالجواز ومدى توافقها مع شركة ينساب
هل تتوافق هذه الشركة مع ضوابط القائلين بالجواز؟
للإجابة على هذا السؤال سوف أذكر الضوابط التي قامت عليها الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية ومن ثم نقارنها مع ما توصلنا إليه من النسب وبالتالي نحكم عليها.
الضابط الأول: تحديد نسبة الاقتراض الربوي.
اختلف القائلون بالجواز في تحديد هذه النسبة على أقوال:
القول الأول: أن لا تزيد نسبة القروض عن 25% من إجمالي الموجودات، وبه أخذت هيئة الراجحي في قرارها رقم 485.
القول الثاني: أن لا تساوي أو تزيد عن 33% من إجمالي الموجودات، وبه أخذ " الداو جونز الإسلامي".
القول الثالث: أن لا تزيد القروض عن 30% من القيمة السوقية لمجموع أسهم الشركة، وبه أخذت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في البحرين.
القول الرابع: أن لا تزيد القروض عن 30% من إجمالي القيمة السوقية ما لم تقل عن القيمة الدفترية، وبهذا صدر توجيه الهيئة الشرعية بشركة الراجحي المبلغ بخطاب رئيسها الموجه لرئيس مجلس إدارة الشركة ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/232)
القول الخامس: أن لا تزيد القروض عن 30 % من إجمالي موجودات الشركة، وهذا الضابط آخر ما استقرت عليه أكثر الهيئات الشرعية في البنوك السعودية، ولكن سيطبق على قوائم الشركات مع بداية العام الميلادي الجديد.
ونلاحظ أن الشركة في اقتراضها الربوي تتوافق مع جميع ضوابط الهيئات الشرعية.
الضابط الثاني: نسبة المصروفات المحرمة لجميع مصروفات الشركة.
وحددت هذه النسبة بـ 5% من إجمالي المصروفات، وهذا الضابط توجهت إليه الهيئات أخيراً، وسوف تطبقه على قوائم الشركات في العام الميلادي الجديد.
ومصروفات الشركة المحرمة لإجمالي المصروفات تساوي 7.5%.
فالشركة تخالف الهيئات في هذا الضابط.
الضابط الثالث: حجم العنصر المحرم (الاستثمار المحرم):
اختلف القائلون بالجواز في تحديد نسبة حجم العنصر الحرام على أقوال:
القول الأول: أن لا يتجاوز العنصر الحرام 15% من إجمالي موجودات الشركة، وبه أخذت هيئة الراجحي في قرارها رقم 485.
القول الثاني: أن لا يتجاوز المبلغ المودع بالربا 30% من القيمة السوقية لمجموع أسهم الشركة، وبه أخذت هيئة المعايير المحاسبية في البحرين.
القول الثالث: عدم اعتبار هذا الضابط، وبه وجهت هيئة الراجحي من خلال خطابها المبلغ من رئيسها الآنف الذكر، وكذلك لم يعتبر الداو جونز هذا الضابط.
ونسبة العنصر المحرم لموجودات الشركة يساوي 81.19%. وبالتالي لا يتوافق مع أي من الضوابط المذكورة.
الضابط الرابع: نسبة الإيرادات المحرمة:
اختلف القائلون بالجواز في تحديد هذه النسبة على أقوال:
القول الأول: أن لا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم 5% من إجمالي إيرادات الشركة، وبهذا أخذت الهيئة الشرعية لشركة الراجحي في قرارها 485. وكذلك هيئة المعايير المحاسبية في البحرين.
القول الثاني: أن لا تتجاوز الإيرادات غير التشغيلية 9% من الإيرادات التشغيلية، وبهذا أخذ " الداو جونز الإسلامي".
ونسبة الإيراد المحرم لإجمالي الإيرادات يساوي 100%. وعليه فلا تتوافق مع أي هيئة شرعية في هذا الضابط.
الخلاصة:
إن الهيئات الشرعية إذا تخلف عندها ضابط واحد من الضوابط حكموا على الشركة بالتحريم وصنفوها من الشركات المحرمة، فكيف إذا تخلف ثلاثة ضوابط؟
سادساً: وانفرط عِقد الضوابط
إن الضوابط التي وضعتها الهيئات الشرعية مرت بمراحل عدة، ففي أول أمرها كانت النسب قليلة، ومن ثم زادت، وكانت هذه النسب تنسب إلى الموجودات ومن ثم استقر بهم الأمر إلى نسبتها إلى القيمة السوقية.
ومن ثم ظهرت فتاوى أصحاب هذه الهيئات بجواز هذه الشركة.
ولا أدري هل هناك ضوابط جديدة لم يطلعونا عليها؟
أم أن السهم يأخذ حكم العروض فلا ينظر إلى موجوداته؟
أم أن الشركة حديثة التأسيس ولا يمكن أن تطبق عليها الضوابط؟.
أم أنهم يؤخرون هذه الضوابط حتى تتداولَ أسهمها في السوق ومن ثم يحكم عليها؟ ()
أم أنهم في هذه الحال أخذوا بالقول القائل: إنه يشترط في الشركة أن يكون نشاطها مباحا ولا ننظر إلى القروض و الاستثمارات المحرمة ().
حقيقة لا أدري ما هي حجة القوم؟
والقول بالجواز مع الضوابط قول غير مطرد، وفيه اضطراب واضح، فهذه الشركة - بنساب - بينت عوار هذا القول، وبيان ذلك من وجهين:
الأول: أن أعضاء الهيئات الشرعية حرموا شركات نشاطها مباح لا تتوافق مع ضوابطهم، وهي أقل بكثير من شركة ينساب، كشركة إسمنت القصيم، وشركة جيزان، والمتطورة وغيرها.
بل إني أقول: إن بنك الجزيرة الذي لم يبق عليها إلا 5% () وتكون جميع معاملاته إسلامية أفضل من هذه الشركة ومع ذلك هذا البنك يحرم شراء أسهمه عند جميع الهيئات.
الثاني: أنه لو افترضنا أن هناك شركتين أودعتا في بنك واحد في وقت واحد ألف مليون ريال، وأخذتا فائدة ربوية خمسين مليون ريال. ولكن أحد الشركات دخلها يفوق دخل الثانية بكثير، ونسبة الفائدة الربوية لإجمالي إيرادها 4% أما الأخرى نسبة الفائدة الربوية لإيرادها 7%. فالشركة الأولى جائزة أما الثانية فهي محرمة.
فهل يتصور هذا؟.
وأخيراً:
أنا على يقين أن أعضاء الهيئات الشرعية لا تريد أن تقف حائلا بين الناس وبين الاكتساب الهائل عن طريق الأسهم، ولهذا حاولت أن تسهل عليهم فجعلت هذه الضوابط.
وتعرف قوة القول من اطراده، وانضباطه، ولا تهزه النوازل ولا الضغوط.
وعليه أدعوهم إما أن يقولوا بالتحريم والذي عليه جماهير أهل العلم. أو يقولوا بالجواز مطلقاً بلا قيد أو شرط ما دام أن النشاط مباح، فإذا أخذوا بهذا القول ارتاحوا وأراحوا وخاصة مع أن كثيرا من المتعاملين بالأسهم من المضاربين لا المستثمرين.
ولكن يقيدوا الجواز بالتخلص من الربح المحرم اليقيني وهو نصف الربح حتى لا ينشغلوا بدراسة القوائم، وبهذا يطرد القول.
وإني استغرب من إصرار مجالس هذه الشركات على الاقتراض الربوي والإيداع الربوي!
فهل هم لا يعلمون؟ فيُعلمون.
أم أنهم وجدوا إقبال الناس على المباح فأرادوا بفعلتهم تلك صرف الناس عنها، كي يخلوا لهم الجو، ويستمتعوا بهذه الأسهم والربح الخيالي فيها؟
لكن يزول الاستغراب إذا علمت أن هذه الشركة بنت من بنات سابك، ولكي يزول استغرابك مثلي أدعوك في ختام هذه الدراسة لقراءة خلاصة قوائم شركة سابك المالية لعام 2004م.
? نسبة الموجودات الربوية لإجمالي الموجودات والقيمة الدفترية
الموجودات الربوية المبلغ الإجمالي نسبتها لإجمالي الموجودات نسبتها للقيمة الدفترية
القروض الربوية 31915336000 25.54% 43.41 ريال
تسهيلات بنكية 483529000 1.5% 2.55 ريال
الودائع الربوية 19185797000 15.35% 26.09 ريال
السندات الربوية 100000000 (مليار ريال) 0.08% 0.136 ريال
المجموع 51684662000 41.63% 73 ريال
ثانياً: الإيرادات المحرمة:
صافي الإيرادات إيرادات السندات إيرادات الودائع إجمالي الإيرادات المحرمة نسبتها إلى إجمالي الإيرادات
14213688000 لم تذكر 486532000 486532000 3.42 %
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه
خالد بن إبراهيم الدعيجي
11/ 11/1426هـ.
جوال/ 0503653838
فاكس/ 063653838
aldoijy@awalnet.net.sa
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/233)
ـ[المخلافي]ــــــــ[16 - 12 - 05, 06:15 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[الرايه]ــــــــ[16 - 12 - 05, 09:30 م]ـ
حكم الاكتتاب في ينساب
أجاب عليه فضيلة الشيخ د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
التاريخ 10/ 11 / 1426 هـ
السؤال
ماحكم المشاركة فى أسهم ينساب؟
الاجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن نشاط شركة ينساب في صناعة البتروكيماويات، ومن خلال دراسة نشرة الإصدار المفصلة الخاصة بها تبين أنها حصلت على عمولات بنكية، كما وقعت على اتفاقية تمكنها من الحصول على قروض تجارية بالفائدة ومرابحات إسلامية من عدة بنوك، فالشركة بهذا تعد من الشركات المختلطة، والخلاف في الشركات المختلطة بين العلماء المعاصرين معروف، والأقرب –والله أعلم- أن الشركة إذا كانت لا تعتمد في نشاطها على المعاملات المحرمة، فإن ذلك لا يقتضي حرمة السهم كله، بل يتخلص من الجزء المحرم منه ويبقى ما عداه مباحاً، وبالنظر إلى الإيراد المحرم الموجود في الشركة وقت الاكتتاب فإنه يسير جداً، بل لا يكاد يذكر (أقل من واحد بالألف من أصول الشركة)، وأما التمويل فلم تلتزم به الشركة إلى الآن، ومتى ما ارتبطت الشركة بشيء محرم منه فسيتم بيانه في حينه.
وبناء عليه فالذي يظهر هو جواز الاكتتاب في الشركة، وإذا حصل المساهم على شيءٍ من الأرباح التي توزعها الشركة فيلزمه أن يتخلص من نلك الأرباح بقدر نسبة الإيرادات المحرمة فيها، أما الأرباح الناتجة من بيع السهم فلا يلزم التخلص من شيءٍ منها.
وإني أدعو القائمين على الشركة إلى أن يكون جميع التمويل الذي ستحصل عليه تمويلاً إسلامياً، وأن تحول ودائعها إلى ودائع استثمارية موافقة للشريعة، فنحن-ولله الحمد- في بلدٍ قائمٍ على تحكيم شريعة الله. وكل ما يخالف هذه الشريعة الغراء فهو مرفوض شرعاً ونظاماً، وما تمارسه أي شركة من اقتراضٍ أو إيداعٍ بالفائدة يعد من التجاوزات غير النظامية التي يحق لأي مساهمٍ أن يعترض عليها، وهذا هو الحد الأدنى من الواجب على من ساهم في الشركات المختلطة، أن يعترض على تلك التجاوزات عند حضوره الجمعية العمومية للشركة. والله أعلم.
http://www.almoslim.net/rokn_elmy/show_question_main.cfm?id=12714
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[16 - 12 - 05, 10:32 م]ـ
وهناك كتاب لعلي السكران اسمه (الأسهم المختلطة) بيَّن أنه لا توجد شركة - حتى الآن - ليست مختلطة!
وبيَّن الخلل الذي يقع فيه أصحاب البيانات بناءً على قوائم الشركات التي تصدرها وتنشرها عبر وسائل الإعلام.
ـ[نياف]ــــــــ[16 - 12 - 05, 11:22 م]ـ
للفائدة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=67824(56/234)
بحث رائع بعنوان "قراءة شرعية في قوائم شركة ينساب المالية " ..... وانفرط عقد الضوابط!!!
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[16 - 12 - 05, 02:00 م]ـ
هذا البحث كتبه الشيخ خالد الدعيجي حفظه الله
قراءة شرعية في قوائم شركة ينساب المالية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فهذه دراسة شرعية مختصرة للقوائم المالية لشركة ينبع الوطنية للبتر وكيماويات (ينساب)، ينتظم عقدها في النقاط الآتية:
أولاً: التعريف بالشركة.
? شركة ينبع الوطنية للبتر وكيماويات (ينساب). هي شركة مساهمة سعودية تحت التأسيس بموجب قرار وزير التجارة والصناعة رقم 10446 بتاريخ 4/ 11/1426هـ الموافق (7/ 12/2005).
? تتمثل أهداف الشركة في تصنيع المنتجات البتروكيماوية طبقا لعقد تأسيسها والأنطمة الأخرى المعمول بها في المملكة العربية السعودية.
? يبلغ رأس مال الشركة 5.625.000.000 ريال سعودي مقسم إلى 112.5000.000 سهماً بقيمة اسمية قدرها 50 ريالا سعودياً للسهم.
? ستمتلك شركة سابك ما نسبته 55% من إجمالي أسهمها، منها 4% ستمتلكها شركة سابك للاستثمارات الصناعية SIIC المملوكة بالكامل لشركة سابك، وستوزع ملكية 10% من أسهم ينساب على 17 شركة سعودية وخليجية. بينما سيتم طرح الحصة الباقية 35% على الجمهور من خلال عملية الاكتتاب العام.
ثانياً: الاستثمارات
وسوف نستخلص هذه الاستثمارات من قائمة المركز المالي المستقبلية كما في 31 يناير 2006 وهو تاريخ التأسيس المتوقع، حيث جاء فيها:
أرصدة لدى البنوك: 5.646.701.000 ريال سعودي.
وفي الإيضاحات لهذه القوائم تبين أن هذه الأرصدة تتكون من حسابين:
الحساب الأول: وديعة لأجل: 5.556.657.000 ريال سعودي.
الحساب الثاني: حساب جار:80.044.000 ريال سعودي.
ثم ذكروا أن الوديعة لأجل والحساب الجاري محتفظ بهما لدى بنك محلي، وتحقق الوديعة لأجل عمولة سنوية بنسبة 4.85% تقريباً.
وقد حققت هذه الوديعة لأجل مبلغاً قدره 4.375.000 ريال سعودي، دخلت ضمن المركز المالي للشركة.
وهذا من غرائب القوائم أن تدخل الإيرادات في قائمة المركز المالي ولكن ذكروا أن هذا مؤقت فقط للربع الأول، وإلا فمن المعلوم أن الإيرادات تدخل في قائمة الدخل، وحيث إن الشركة حديثة التأسيس لا يوجد لها قائمة دخل إلا هذه الإيرادات.
ولمعرفة نسبة الاستثمار المحرم للأصول، يظهر بيانه في الجدول الآتي:
الاستثمار المحرم إجمالي الأصول نسبة الاستثمار المحرم
5.556.657.000 6.843.510.000 81.19%
ولمعرفة نسبة الإيراد المحرم لإجمالي الإيرادات، يظهر بيانه في الجدول الآتي:
الإيراد المحرم إجمالي الإيرادات نسبة الإيراد المحرم
4.375.000 4.375.000 100%
ثالثاً: القروض
جاء في نشرة الاكتتاب المفصلة:
" حصلت سابك لصالح ينساب. على التزام خطي مبدئي من بنك ABN AMRO بموجب خطاب التزام مؤرخ في 30 نوفمبر 2005 تعهد بموجبه بتغطية تسهيلات تمويلية بقيمة 13.125 مليون ريال سعودي (13 مليار ومائة وخمس وعشرين مليون ريال سعودي). ويعتبر هذا الخطاب التزاما مشروطا من البنك بصفته مديرا ومتعهدا لتغطية التسهيلات التمويلية بالقيمة المذكورة وفقا لشروط وأحكام وتعهدات متعارف عليها في تمويل المشاريع.
ويقوم البنك حالياً بالتفاوض مع المصارف الدولية والإقليمية والمحلية وبعض الجهات الشبه حكومية لتقديم قروض تجارية وإسلامية عادية للمشروع. وتتوقع ينساب أن ينفق جزء كبير من تكاليف المشروع لاستيراد أجهزة وخدمات ترتبط بإنشاءات مرافق الخدمات العامة.
إضافة لتسهيلات القروض المذكورة أعلاه، سيطلب قرض لتمويل رأس المال العامل الابتدائي بقيمة 833 مليون ريال سعودي، ويتم ترتيبه كجزء من القروض.
وبناء على المفاوضات التي سيتم إجراؤها مع الجهات الممولة المحتملة، من المتوقع أن تلتزم الشركة بعض التعهدات المالية المتعارف عليها في تمويل المشاريع بما فيها قيود معينة على توزيع الأرباح إلى المساهمين بعد استيفاء متطلبات وشروط خدمة الدين إلى أن تصل نسبة خدمة الدين المتوقعة 1.25 مرة. "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/235)
ويلاحظ مما سبق أن البنك الملتزم بالقروض ما يزال يجري مفاوضاته في إجراء القروض وهي إما إسلامية أو تجارية أي ربوية. ولهذا لا نستطيع أن نجزم بنوعية القرض حتى تفصح الشركة عن ذلك، ولكن يبدوا أن الشركة لا تمانع بالقروض الربوية.
وجاء في قائمة المركز المالي المستقبلية أن شركة ينساب ستدفع مبلغا قدره: 1.208.510.000 ريال سعودي لشركة سابك مقابل مدفوعات تحملتها عنها. بالإضافة إلى عمولة أي فائدة مقابل هذا القرض يبلغ 10.000.000ريال سعودي.
فيكون القرض مع الفائدة يساوي: 1.218.510.000 وسميت هذه المعاملة مبلغا مستحقاإلى جهة ذات علاقة، وسميت الفائدة: مصاريف محملة لقاء خدمات إسناد.
والجدول الآتي يوضح نسبة القرض إلى إجمالي الخصوم
القرض المحرم إجمالي الخصوم نسبة القرض المحرم
1.218.510.000 6.843.510.000 17.8%
ويلاحظ أن الشركة أيضاً دفعت فائدة ربوية قدرها 10 مليون ريال سعودي لشركة سابك، ولبيان نسبة هذا المبلغ لإجمالي مصروفات الشركة يظهر بيانه في الجدول الآتي:
المصروف المحرم إجمالي المصروفات نسبة المصروف المحرم
10.000.000 134.962.000 7.5%
رابعاً: حكم الاكتتاب بشركة ينساب
مما سبق بيانه ظهر جلياً أن شركة ينساب من الشركات ذات النشاط المباح ولكنها تقترض وتودع بالربا.
وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في هذا النوع من الشركات على قولين:
القول الأول: عدم الجواز مطلقاً.
وممن ذهب إلى هذا القول: مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، ونص قراره هو:
" ج: الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحياناً بالمحرمات، كالربا ونحوه، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة " ().وكذلك لمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، ونص قراره هو:
" لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالماً بذلك" ().
وممن قال بالتحريم أيضاً: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ()، والهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي ()، والهيئة الشرعية لبنك دبي الإسلامي ()، وهيئة الرقابة الشرعية للبنك الإسلامي السوداني ()،وعدد من الفقهاء المعاصرين ().
وقد استدل أصحاب هذا القول بأدلة من الكتاب والسنة تدل بعمومها على تحريم الربا قليله وكثيره، ولأن يد الشركة على المال هي نفس يد المساهم، فأي عمل تقوم به فهو عمله لا فرق بينهما، فكما يحرم على الإنسان أن يستثمر جزءاً من ماله – ولو يسيراً – في معاملات محرمة، فكذا يحرم عليه المشاركة في شركات تتعامل بالحرام، لأن المال المستثمر هو ماله بعينه.
القول الثاني: الجواز بضوابط.
ممن ذهب إلى هذا القول: الهيئة الشرعية لشركة الراجحي ()، والهيئة الشرعية للبنك الإسلامي الأردني ()، والمستشار الشرعي لدلة البركة ()، وندوة البركة السادسة ()، وعدد من العلماء المعاصرين ().
وقد اشترط أصحاب هذا القول شروطاً؛ إذا توفرت جاز تداول أسهم هذا النوع من الشركات، وإذا تخلف منها شرط لم يجز، وهذه الشروط سيأتي بيانها.
وقد استدل أصحاب هذا القول بعدد من القواعد: كقاعدة رفع الحرج، والتبعية، والحاجة العامة، وعموم البلوى، ومراعاة قواعد الكثرة والقلة والغلبة، وكذلك جواز التعامل مع من كان غالب أمواله حلالا.
خامساً: ضوابط القائلين بالجواز ومدى توافقها مع شركة ينساب
هل تتوافق هذه الشركة مع ضوابط القائلين بالجواز؟
للإجابة على هذا السؤال سوف أذكر الضوابط التي قامت عليها الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية ومن ثم نقارنها مع ما توصلنا إليه من النسب وبالتالي نحكم عليها.
الضابط الأول: تحديد نسبة الاقتراض الربوي.
اختلف القائلون بالجواز في تحديد هذه النسبة على أقوال:
القول الأول: أن لا تزيد نسبة القروض عن 25% من إجمالي الموجودات، وبه أخذت هيئة الراجحي في قرارها رقم 485.
القول الثاني: أن لا تساوي أو تزيد عن 33% من إجمالي الموجودات، وبه أخذ " الداو جونز الإسلامي".
القول الثالث: أن لا تزيد القروض عن 30% من القيمة السوقية لمجموع أسهم الشركة، وبه أخذت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في البحرين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/236)
القول الرابع: أن لا تزيد القروض عن 30% من إجمالي القيمة السوقية ما لم تقل عن القيمة الدفترية، وبهذا صدر توجيه الهيئة الشرعية بشركة الراجحي المبلغ بخطاب رئيسها الموجه لرئيس مجلس إدارة الشركة ().
القول الخامس: أن لا تزيد القروض عن 30 % من إجمالي موجودات الشركة، وهذا الضابط آخر ما استقرت عليه أكثر الهيئات الشرعية في البنوك السعودية، ولكن سيطبق على قوائم الشركات مع بداية العام الميلادي الجديد.
ونلاحظ أن الشركة في اقتراضها الربوي تتوافق مع جميع ضوابط الهيئات الشرعية.
الضابط الثاني: نسبة المصروفات المحرمة لجميع مصروفات الشركة.
وحددت هذه النسبة بـ 5% من إجمالي المصروفات، وهذا الضابط توجهت إليه الهيئات أخيراً، وسوف تطبقه على قوائم الشركات في العام الميلادي الجديد.
ومصروفات الشركة المحرمة لإجمالي المصروفات تساوي 7.5%.
فالشركة تخالف الهيئات في هذا الضابط.
الضابط الثالث: حجم العنصر المحرم (الاستثمار المحرم):
اختلف القائلون بالجواز في تحديد نسبة حجم العنصر الحرام على أقوال:
القول الأول: أن لا يتجاوز العنصر الحرام 15% من إجمالي موجودات الشركة، وبه أخذت هيئة الراجحي في قرارها رقم 485.
القول الثاني: أن لا يتجاوز المبلغ المودع بالربا 30% من القيمة السوقية لمجموع أسهم الشركة، وبه أخذت هيئة المعايير المحاسبية في البحرين.
القول الثالث: عدم اعتبار هذا الضابط، وبه وجهت هيئة الراجحي من خلال خطابها المبلغ من رئيسها الآنف الذكر، وكذلك لم يعتبر الداو جونز هذا الضابط.
ونسبة العنصر المحرم لموجودات الشركة يساوي 81.19%. وبالتالي لا يتوافق مع أي من الضوابط المذكورة.
الضابط الرابع: نسبة الإيرادات المحرمة:
اختلف القائلون بالجواز في تحديد هذه النسبة على أقوال:
القول الأول: أن لا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم 5% من إجمالي إيرادات الشركة، وبهذا أخذت الهيئة الشرعية لشركة الراجحي في قرارها 485. وكذلك هيئة المعايير المحاسبية في البحرين.
القول الثاني: أن لا تتجاوز الإيرادات غير التشغيلية 9% من الإيرادات التشغيلية، وبهذا أخذ " الداو جونز الإسلامي".
ونسبة الإيراد المحرم لإجمالي الإيرادات يساوي 100%. وعليه فلا تتوافق مع أي هيئة شرعية في هذا الضابط.
الخلاصة:
إن الهيئات الشرعية إذا تخلف عندها ضابط واحد من الضوابط حكموا على الشركة بالتحريم وصنفوها من الشركات المحرمة، فكيف إذا تخلف ثلاثة ضوابط؟
سادساً: وانفرط عِقد الضوابط
إن الضوابط التي وضعتها الهيئات الشرعية مرت بمراحل عدة، ففي أول أمرها كانت النسب قليلة، ومن ثم زادت، وكانت هذه النسب تنسب إلى الموجودات ومن ثم استقر بهم الأمر إلى نسبتها إلى القيمة السوقية.
ومن ثم ظهرت فتاوى أصحاب هذه الهيئات بجواز هذه الشركة.
ولا أدري هل هناك ضوابط جديدة لم يطلعونا عليها؟
أم أن السهم يأخذ حكم العروض فلا ينظر إلى موجوداته؟
أم أن الشركة حديثة التأسيس ولا يمكن أن تطبق عليها الضوابط؟.
أم أنهم يؤخرون هذه الضوابط حتى تتداولَ أسهمها في السوق ومن ثم يحكم عليها؟ ()
أم أنهم في هذه الحال أخذوا بالقول القائل: إنه يشترط في الشركة أن يكون نشاطها مباحا ولا ننظر إلى القروض و الاستثمارات المحرمة ().
حقيقة لا أدري ما هي حجة القوم؟
والقول بالجواز مع الضوابط قول غير مطرد، وفيه اضطراب واضح، فهذه الشركة - بنساب - بينت عوار هذا القول، وبيان ذلك من وجهين:
الأول: أن أعضاء الهيئات الشرعية حرموا شركات نشاطها مباح لا تتوافق مع ضوابطهم، وهي أقل بكثير من شركة ينساب، كشركة إسمنت القصيم، وشركة جيزان، والمتطورة وغيرها.
بل إني أقول: إن بنك الجزيرة الذي لم يبق عليها إلا 5% () وتكون جميع معاملاته إسلامية أفضل من هذه الشركة ومع ذلك هذا البنك يحرم شراء أسهمه عند جميع الهيئات.
الثاني: أنه لو افترضنا أن هناك شركتين أودعتا في بنك واحد في وقت واحد ألف مليون ريال، وأخذتا فائدة ربوية خمسين مليون ريال. ولكن أحد الشركات دخلها يفوق دخل الثانية بكثير، ونسبة الفائدة الربوية لإجمالي إيرادها 4% أما الأخرى نسبة الفائدة الربوية لإيرادها 7%. فالشركة الأولى جائزة أما الثانية فهي محرمة.
فهل يتصور هذا؟.
وأخيراً:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/237)
أنا على يقين أن أعضاء الهيئات الشرعية لا تريد أن تقف حائلا بين الناس وبين الاكتساب الهائل عن طريق الأسهم، ولهذا حاولت أن تسهل عليهم فجعلت هذه الضوابط.
وتعرف قوة القول من اطراده، وانضباطه، ولا تهزه النوازل ولا الضغوط.
وعليه أدعوهم إما أن يقولوا بالتحريم والذي عليه جماهير أهل العلم. أو يقولوا بالجواز مطلقاً بلا قيد أو شرط ما دام أن النشاط مباح، فإذا أخذوا بهذا القول ارتاحوا وأراحوا وخاصة مع أن كثيرا من المتعاملين بالأسهم من المضاربين لا المستثمرين.
ولكن يقيدوا الجواز بالتخلص من الربح المحرم اليقيني وهو نصف الربح حتى لا ينشغلوا بدراسة القوائم، وبهذا يطرد القول.
وإني استغرب من إصرار مجالس هذه الشركات على الاقتراض الربوي والإيداع الربوي!
فهل هم لا يعلمون؟ فيُعلمون.
أم أنهم وجدوا إقبال الناس على المباح فأرادوا بفعلتهم تلك صرف الناس عنها، كي يخلوا لهم الجو، ويستمتعوا بهذه الأسهم والربح الخيالي فيها؟
لكن يزول الاستغراب إذا علمت أن هذه الشركة بنت من بنات سابك، ولكي يزول استغرابك مثلي أدعوك في ختام هذه الدراسة لقراءة خلاصة قوائم شركة سابك المالية لعام 2004م.
? نسبة الموجودات الربوية لإجمالي الموجودات والقيمة الدفترية
الموجودات الربوية المبلغ الإجمالي نسبتها لإجمالي الموجودات نسبتها للقيمة الدفترية
القروض الربوية 31915336000 25.54% 43.41 ريال
تسهيلات بنكية 483529000 1.5% 2.55 ريال
الودائع الربوية 19185797000 15.35% 26.09 ريال
السندات الربوية 100000000 (مليار ريال) 0.08% 0.136 ريال
المجموع 51684662000 41.63% 73 ريال
ثانياً: الإيرادات المحرمة:
صافي الإيرادات إيرادات السندات إيرادات الودائع إجمالي الإيرادات المحرمة نسبتها إلى إجمالي الإيرادات
14213688000 لم تذكر 486532000 486532000 3.42 %
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه
خالد بن إبراهيم الدعيجي
11/ 11/1426هـ.
جوال/ 0503653838
فاكس/ 063653838
aldoijy@awalnet.net.sa
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[16 - 12 - 05, 02:04 م]ـ
شكرا لك على اى حال(56/238)
مالفرق بين الحمر الأهلية و حمر الوحش الواردة في قصة الحديبية
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[16 - 12 - 05, 04:07 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مالفرق من حيث التعريف و الحكم بارك الله فيكم
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[10 - 03 - 07, 07:43 م]ـ
يرفع
ـ[العريني]ــــــــ[10 - 03 - 07, 10:13 م]ـ
الحمار الأهلية هي الحمر المعروفة الآن, والتي يستعملها الناس في حملهم وحمل أمتعتهم, أما حمر الوحش ففيه خلاف والذي رجحه الشيخ عبد الله البسام أن المراد بها ما يسمى في الوقت الحاضر بمها الوضيحي ........... والله أعلم
ـ[أبو محمد]ــــــــ[10 - 03 - 07, 10:18 م]ـ
حدثني أحد المشايخ الفضلاء أنه راسل هيئة حماية البيئة في المملكة عن حمار الوحش فأجابوا بأن المعروف عندهم هم الوضيحي كما نقلت أخي الكريم ..
لكن لا تزال المسألة عندي مشكلة .. فكلام بعض الشراح يقتضي أنه المخطط المعروف .. والله أعلم.
ـ[الفضيل]ــــــــ[11 - 03 - 07, 08:33 ص]ـ
إخواني الكرام من كان عنده علم في هذه المسألة فليفدنا بارك الله فيه ونفع الله به
ـ[محمد الدلمي]ــــــــ[11 - 03 - 07, 08:59 م]ـ
اذكر من دوافع تأول بعض الافاضل بأن المقصود بالحمار الوحشي هو (الوضيحي) كون ان الوحشي افريقي الاقليم وما علم ان من بلاده الحجاز فيأكل منه الرسول صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيح - ويرد هذا المأخذ ان الجزيرة العربية كانت تعج بالحيوانات الافريقية وذالك قبل حفر قناة السويس والتي حالت دون انتقال هذه الحيوانات الي الجزيرة
والله اعلم
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[12 - 03 - 07, 12:54 م]ـ
السلام عليكم
حياك الله وبياك و نفع بك و سددك
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[12 - 03 - 07, 02:52 م]ـ
حدثني أحد المشايخ الفضلاء أنه راسل هيئة حماية البيئة في المملكة عن حمار الوحش فأجابوا بأن المعروف عندهم هم الوضيحي كما نقلت أخي الكريم ..
لكن لا تزال المسألة عندي مشكلة .. فكلام بعض الشراح يقتضي أنه المخطط المعروف .. والله أعلم.
يبدو أنه الشيخ عبدالعزيز السدحان أليس كذلك أخي الحبيب
ـ[صالح النجدي]ــــــــ[12 - 03 - 07, 03:22 م]ـ
المتعارف عليه أن الحمار الوحشي هو ذلك الحمار المخطط بالأبيض والأسود والمنتشر في الغابات الأفريقية وهذا هو المشهور والشائع بين الناس
ـ[السماعيل]ــــــــ[13 - 03 - 07, 04:23 م]ـ
الذي اعرقة ان الحمار الوحشي هو الحمار غير المستانس بغض النظر عن الشكل او النوع
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[13 - 03 - 07, 05:55 م]ـ
الشيخ عبد العزيز السدحان: أحسن الله إليك حمر الوحش، الشائع عند الناس
أنها المخططة ويقول بعض الباحثين:أنه بعد البحث والإستقراء في كتب البحث
الحيوان ما ثبت أو أثبت أحدهم أنها هذي، اللهم إلا في بعض المراجع المتأخرة.
وسألت بعض أهل البيئة والفطريات فقالوا الدارجة عند الناس أنها المخطط
وهذا عندنا أنها من الأهلية أما الوحش فهو الذي يسمى بالوضيحي
فما قولكم يا رعاكم الله
الشيخ ابن باز رحمه الله: حمر الوحش هي المخططة هذه هي المعروفة
في حياة الحيوان ذكر الموضوع في حياة الحيوان، تُراجِع حياة الحيوان
في بيان الوصف، أما الوضيحي غير
سائل: ما يعتبر البقر وحش
الشيخ ابن باز رحمه الله: هذي أنثى البقرة وذكر الحمار
نهاية وجه أ والتتمة في بداية الوجه ب من شريط كتاب بدء الوحي من صحيح البخاري
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[13 - 03 - 07, 08:00 م]ـ
هذه مسألة مهمة
الحمار الوحشي هو المخطط المعروف وقد كان في جزيرة العرب قديماً ولا وجود له اليوم كما حصل لكثير من الحيوانات البرية بسبب الصيد الذي سُهِّلت طرقه الآن بالآلات الدقيقة والمميتة وبالسيارات الميسرة السريعة , وليس كما كان الأقدمون بالقوس والرمح وعلى الأقدام أو الدواب ففرق بين الحالين في المهارة والقدرة على الصيد.
وكذلك قد انقطعت هذه الحيوانات بسبب حفر قناة السويس.
يقول الشيخ محمد بن محمد المختار في شرح الزاد:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/239)
"الحمار ينقسم إلى: حمار وحش وحمار مستأنس، فحمار الوحش: هو الحمار المخطط المقلم وهو المشهور الأبيض والأسود المخطط وكان موجوداً في جزيرة العرب وكان كثير الوجود كما ذكر بعض مشائخنا ويقولون: أنه كان يهاجر من أفريقيا إلى جزيرة العرب ولما حفرت قناة السويس كثير من الحيوانات هذه لم تعد توجد في الجزيرة لأنه انقطع سبيل هجرتها وانتقالها فالشاهد من هذا أن حمار الوحش كان موجوداً وصيد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأعطي منه فأكل عليه الصلاة والسلام وهذا يدل على حل أكله، وأما الحمار الأهلي فإنه خبيث اللحم محرم الأكل وثبتت به السنة، وما ورد من خلاف فإنه ضعيف في مقابل ما ذكرناه من صراحة السنة في الدلالة على عدم جواز أكله ".
ومانقله الأخ العريني عن الشيخ عبد الله البسام من أن الحمار الوحشي هو المها الوضيحي ذكره الشيخ في تيسير العلام 2/ 505
ومعلوم أنه ألفه قبل توضيح الأحكام ولكنه زاد عليه في الطبعات اللاحقة ووجد ت الشيخ ذكر في توضيح الأحكام في كتاب الحج 4/ 78 أن الحمار الوحشي " نوع من الصيد على خلقة الحمار الأهلي " ا. هـ
بل قال في كتاب الأطعمة 7/ 9 " وهذا هو المسمى حمار الزرد وهو من الحيوانات الأفريقية " ا. هـ
قلت: حمار الزرد هو الحمار المخطط المعروف كما يعرفه أهل العلم بالحيوان ويسمى أيضاً بـ (حمار بروشل) ولو شئت لأرفقت صوره مع الشرح ولكن المنتدى لا يسمح.
فتبين أن الحمار الوحشي ليس هو المها الوضيحي كما قيل ولو قاله أصحاب الحماية الفطرية لأنه قول بلا حجة.
وأما المها الوضيحي فهو من جنس بقر الوحش الذي يشمل الوعول والظباء وليس من حمر الوحش قال في الشرح الكبير على المقنع 27/ 218 " وبقر وحش على اختلاف أنواعها كأيل وثيتل ووعل ومها " وقد يكون نقله من المغني فيُنظر.
فلو تأنس الوحشي المخطط لجاز أكله , ولو استوحش الأهلي لما جاز أكله
قال عطاء:" إذا تناسل في البيوت لاتزول عنه أسماء الوحش " الشرح الكبير 27/ 218
وينظر كلام ابن حزم في المحلى 8/ 49 و 8/ 50 فقد رد قول مالك.
قال ابن قاسم في حاشية الروض 7/ 427 " ولو تأنست وأعلفت إجماعاً كما يحرم الأهلي ولو توحش " ومعلوم أن الخلاف موجود.
ويوجد الآن في جبال في عالية نجد تسمى جبال النير مليئة بحمر أهلية قد توحشت فيصعب صيدها والامساك بها جاءت قبل مدة طويلة من جهة اليمن كما توجد في مكان آخر بين العالية وبيشة.
وبعض الناس يمسكها ويروضها بصعوبة فتستأنس.
ويراجع كتاب "أحكام الأطعمة" للطريقي فقد قسم الحمار إلى أهلي ووحشي ولا أدري ماذا قال هناك والكتاب ليس عندي فعله أتى بفائدة في الموضوع.
والله أعلم.
ـ[أبو محمد]ــــــــ[13 - 03 - 07, 10:19 م]ـ
أخي الكريم عبد الله المحمد .. هو كما قلت!
بارك الله فيك على هذه الفائدة من كلام الشيخ ابن باز.
أخي الكريم أبا أسامة .. بارك الله فيك فقد أثريت البحث.
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[14 - 03 - 07, 06:13 م]ـ
وبارك الله فيك يا أخي
وهذه الحمر التي توحشت كالحمر التي توجد عند رعاة الغنم ونحوهم.
ولها وجود في عدة مناطق من الجزيرة العربية كجبال النير كما سبق وكذلك في منطقة يقال لها القصابة في حرة كشب بين الحجاز ونجد , وهي في قطعان كثيرة قد يصل القطيع إلى 200 رأس.
وأظن ـ والله أعلم ـ أنها توحشت بعد انصراف الناس عنها في الأزمنة المتأخرة واكتفائهم بالسيارات وغيرها من سبل النقل , فهجرت وتركت فاجتمعت وخرجت إلى الصحاري.
وفي بعض الجهات ـ كما يحدثني بعض الأعراب ـ تناسلت وتكاثرت من بطن واحد وصارت في أعداد هائلة , وبعضها يمرض أو يصاب بكسر فينبذ ويترك ثم ينحسر في مكان بين الجبال ويتكاثر.
وهذه كما سبق لا يجوز أكلها لأنها كانت أهلية.
والله أعلم.
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[14 - 03 - 07, 11:28 م]ـ
السلام عليكم
حياكم الله وبياكم و نفع بكم و سددكم
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[17 - 03 - 07, 06:41 م]ـ
ووجدت قولاً لأحد الأساتذة وهو الدكتور خالد بكر كمال الأستاذ المشارك بجامعة الملك عبدالعزيز قسم علوم الأحياء حيث يقول في كتابه الأحياء المهددة بالانقراض في المملكة العربية السعودية:
"حجم هذا الحمار صغير نوعاً ما ولونه فاتح, الرأس والعنق والأطراف لونها أبيض وعلى الظهر شريط داكن, وهذا الحمار يعيش في البراري ويتغذى على النباتات ويفضل منها المالحة والمرة. ينتشر في جنوب آسيا. . وكان مننشراً في شمال المملكة. . وهناك محاولات لجلب هذا الحيوان من مناطق أخرى وفعلاً تم استيراد ثلاثة أفراد (2 أنثى وذكر واحد) إلى مركز الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها في الطائف". انتهى
وهذا يبين خطأ من قال إنه الوضحي كما نقله أحد الأخوة عن رجل من هيئة الحماية الفطرية.
ويقول جوناثان كينغدور في كتابه ثدييات الجزيرة العربية:
"والحمار الوحشي الآسيوي Equus hemionus ينتشر في شمال شبه الجزيرة العربية وقد انقرض تماماً في الخمسينيات من هذا القرن ".
فيظهر أن الحمار الوحشي أنواع مختلفة فمنه المخطط ومنه هذا الذي ذكره الدكتور وعندي صورته وهناك أنواع أخرى.
وهي مختلفة عن الأهلي.
والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/240)
ـ[أيوب بن عبدالله العماني]ــــــــ[17 - 03 - 07, 07:48 م]ـ
..........................
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[14 - 08 - 08, 04:57 م]ـ
شكر الله لكم جميعا ونفعنا وإياكم
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[08 - 06 - 09, 07:46 م]ـ
يرفع للفائدة
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[06 - 11 - 09, 10:40 م]ـ
يرفع للفائدة(56/241)
هل يؤدّي زكاة هذا المال؟ وكيف؟
ـ[الغزالي التونسي]ــــــــ[16 - 12 - 05, 04:08 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمّا بعد إخواني في الله أرجو أن ينشط بعضكم للإجابة عن هذا السؤال الذي تعسّر على أخيكم أن يجد من هو كفؤ في هذه البلاد أن يجب عنه فالأمر جدّ هامّ وهذا حقّ الله أوّلا ثمّ حقّ فقراء المسلمين فأرجو أن لا تبخلوا علينا بالنصح.
والمسألة هو أنّي قد ورثت مالا عن والدي ولم أبلغ بعد سنّ الرشد (20 سنة في القانون الوضعي) وحسب هذا القانون فلا يجوز لي ولا لأحد من عائلتي أن يتصرّف في هذا المال حتّى أبلغ تلك السنّ وهو ما كان حتّى بلغت هذا السنّ.
والسؤال: هل أنا مطالب بأن أخرج زكاة هذا المال بالنسبة للسنوات التي لم يكن لي الحق في التّصرف فيه؟ وكيف يكون ذلك؟
أرجو من المشايخ في هذا الملتقى أن لا يبخلوا علينا بالتوجيه ومن كان من طلبة العلم على اتّصال بالعلماء فلو عرض هذه المسألة على بعضهم كنت ممتننا له شاكرا.
جزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله.
ـ[الغزالي التونسي]ــــــــ[18 - 12 - 05, 12:04 ص]ـ
للرفع
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[22 - 12 - 05, 03:29 ص]ـ
أعانك الله يا أخي الفاضل ... فلي كم يوم وأنا أترقب مجيبا على سؤالك ... أو ناقلا لفتوى من أحد الأعلام ... وربما أكون مدركا لبعض ما تعانيه ... وبالنسبة لبعض إخواننا؛ فلا عتب عليهم ... فالحال كما جاء في المثل عندنا: < المدس ما يدري على الحفيان >.
اذهب إلى مفتي البلاد أو بعض المشايخ عندكم - ولا تخلو تونس الخضراء من أمثالهم - ... : واعرض عليه الأمر ... وهو - لا شك - قد مرت عليه حالات مثل هذه ... فستجد جوابك عنده ... ولن يخرج عن أمرين - بإذن الله - إما يفتيك بماقاله العلامة خليل في مختصره مع شرح المواق: (وَلَا زَكَاةَ فِي عَيْنٍ فَقَطْ وُرِثَتْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: تَسْتَقْبِلُ الْمَرْأَةُ بِصَدَاقِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ تَقْبِضُهُ كَانَ عَيْنًا أَوْ مَاشِيَةً مَضْمُونَةً , وَكَذَلِكَ عَلَى دَنَانِيرَ مُعَيَّنَةٍ وَإِنْ قَبَضَتْهَا بَعْدَ أَحْوَالٍ لِأَنَّهُ كَانَ فَائِدَةً وَضَمَانُهَا كَانَ مِنْ الزَّوْجِ فَأَمَّا مَاشِيَةً بِعَيْنِهَا أَوْ نَخْلًا بِعَيْنِهَا فَأَثْمَرَتْ فَزَكَاتُهَا عَلَيْهَا أَتَى الْحَوْلُ وَهِيَ عِنْدَ الزَّوْجِ أَوْ عِنْدَهَا لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْهَا , وَلَوْ قَبَضَتْ ذَلِكَ بَعْدَ الْحَوْلِ زَكَّتْهُ مَكَانَهَا وَلَمْ تُؤَخِّرْهُ , وَكَذَا مَا وَرِثَهُ وَارِثٌ مِنْ ذَلِكَ أَوْ مِنْ نَخْلٍ أَوْ كَرْمٍ فَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ أَعْوَامٍ فَالْمُصَدِّقُ يَأْخُذُ لِذَلِكَ كُلَّ عَامٍ. وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ الْأَخْضَرُ يَرِثُهُ يُزَكِّي يَوْمَ حَصَادِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ. قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا بَاعَ الْقَاضِي دَارَ الْقَوْمِ وَرِثُوهَا وَأَوْقَفَ ثَمَنَهَا حَتَّى يُقَسَّمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ قَبَضُوهَا بَعْدَ أَعْوَامٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ فِيهِ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ قَبَضُوهُ , وَكَذَلِكَ مَنْ وَرِثَ مَالًا بِمَكَانٍ بَعِيدٍ فَقَبَضَهُ بَعْدَ سِنِينَ فَلَا يُزَكِّيهِ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ.
(إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا) لَيْسَ هَذَا بِالْمَشْهُورِ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ وَرِثَ مَالًا بِمَكَانٍ بَعِيدٍ فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِ رَسُولًا بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَقَبَضَهُ يَعْنِي بَعْدَ أَعْوَامٍ حُسِبَ لَهُ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ قَبْضِ رَسُولِهِ فَيُزَكِّيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: فَقَوْلُهُ: " إنْ قَبَضَهُ رَسُولُهُ بَعْدَ أَعْوَامٍ فَحَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ " يَدُلُّ عَلَى لَغْوِ عِلْمِهِ بِهِ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ مَالٌ مَوْرُوثٌ لَمْ يَصِلْ إلَى يَدِ وَارِثِهِ فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ يَقْبِضُ الْعَيْنَ , أَصْلُهُ ثَمَنُ الْعَرْضِ الْمَوْرُوثِ لِأَنَّ الْعَرْضَ الْمَوْرُوثَ كَمَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْ الْعَيْنِ الْمَوْرُوثِ , وَقَبْضُ ثَمَنِ الْعَرْضِ كَقَبْضِ الْعَيْنِ الْمَوْرُوثِ كَمَا أَنَّ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/242)
عَرْضَ التِّجَارَةِ كَدَيْنِ التِّجَارَةِ , وَقَبْضُ ثَمَنِ عَرْضِ التِّجَارَةِ كَقَبْضِ دَيْنِ التِّجَارَةِ فَكَذَلِكَ الْمِيرَاثُ. (أَوْ لَمْ تُوقَفْ) ابْنُ يُونُسَ: إنْ وَرِثَ مَالًا يَعْنِي بِمَكَانٍ بَعِيدٍ فَأَوْقَفَهُ لَهُ الْقَاضِي بِيَدِ رَجُلٍ فَلْيُزَكِّهِ لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا صَوَابٌ لِأَنَّهُ يَدُ الْمُودَعِ كَيَدِهِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ لِأَنَّ فِعْلَ الْقَاضِي وَنَظَرَهُ لِغَيْرِهِ كَفِعْلِهِ لِنَفْسِهِ , وَإِنْ ضَمَّنَهُ الْقَاضِي لِأَحَدٍ فَلْيُزَكِّهِ إذَا قَبَضَهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ إذَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ فَحَبَسَهُ سِنِينَ ثُمَّ قَبَضَهُ مِنْهُ رَبُّهُ لَمْ يُزَكِّهِ إلَّا لِعَامٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ حَبْسَ الْوَكِيلِ إيَّاهُ تَعَدِّيًا ضَمِنَهُ بِهِ , وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ خَوْفِ طَرِيقٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ وَلَا يَصِلُ رَبُّهُ إلَيْهِ. فَأَمَّا إنْ كَانَ مَعَهُ فِي بَلَدٍ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ فَتَرَكَهُ أَوْ حَبَسَهُ بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ مُفَوَّضًا إلَيْهِ فَلْيُزَكِّهِ لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ. انْتَهَى بِالْمَعْنَى الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بِهِ الْفَتْوَى).
وقول العلامة الحطاب في شرح قول العلامة خليل المتقدم: (ص (وَلَا زَكَاةَ فِي عَيْنٍ فَقَطْ وُرِثَتْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَوْ لَمْ تُوقَفْ إلَّا بَعْدَ حَوْلِهَا) ش: عِبَارَةُ صَاحِبِ الشَّامِلِ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ وُرِثَتْ عَيْنًا اسْتَقْبَلَ بِهَا حَوْلًا مِنْ قَبْضِهِ أَوْ قَبْضِ رَسُولِهِ , وَلَوْ أَقَامَ أَعْوَامًا أَوْ عَلِمَ بِهِ أَوْ وُقِفَ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُزَكِّي الْحَرْثَ وَالْمَاشِيَةَ مُطْلَقًا , انْتَهَى. كَأَنَّ الْقُيُودَ الَّتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رحمه الله - غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ غَازِيٍّ).
أو يفتيك بقول خليل - وإن لم يصرح لك هنا لأسباب -: (ص (لَا مَغْصُوبَةٌ) ش: أَيْ فَلَا تَتَعَدَّدُ الزَّكَاةُ فِيهَا بَلْ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ , ..... ).
وما أرى العلامة ابن حزم جانب الصواب في قوله:
: (زَكَاة الْمَغْصُوبِ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ تَلِفَ مَالُهُ أَوْ غُصِبَهُ أَوْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ أَيُّ نَوْعٍ كَانَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ , فَإِنْ رَجَعَ إلَيْهِ يَوْمًا مَا اسْتَأْنَفَ (بِهِ) حَوْلًا مِنْ حِينَئِذٍ , وَلَا زَكَاةَ (عَلَيْهِ) لِمَا خَلَا ; فَلَوْ زَكَّاهُ الْغَاصِبُ ضَمِنَهُ كُلَّهُ , وَضَمِنَ مَا أَخْرَجَ مِنْهُ فِي الزَّكَاةِ ; لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأُمَّةِ كُلِّهَا فِي أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ إنْ أَحَبَّ أَنْ يُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ مِنْ نَفْسِ الْمَالِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ - لَا مِنْ غَيْرِهِ - كَانَ ذَلِكَ لَهُ , وَلَمْ يُكَلَّفْ الزَّكَاةَ (مَنْ سِوَاهُ) مَا لَمْ يَبِعْهُ هُوَ أَوْ يُخْرِجْهُ عَنْ مِلْكِهِ بِاخْتِيَارِهِ , فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُكَلَّفُ أَدَاءَ الزَّكَاةِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ , فَسَقَطَ بِهَذَا الْإِجْمَاعِ تَكْلِيفُهُ أَدَاءَ زَكَاةٍ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ ; ثُمَّ لَمَّا صَحَّ ذَلِكَ , وَكَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى أَدَاءِ الزَّكَاةِ مِنْ نَفْسِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ , أَوْ الْمُتْلَفِ , أَوْ الْمَمْنُوعِ مِنْهُ: سَقَطَ عَنْهُ مَا عَجَزَ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ , بِخِلَافِ مَا هُوَ قَادِرٌ عَلَى إحْضَارِهِ وَاسْتِخْرَاجِهِ مِنْ مَدْفَنِهِ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ , وَمَا سَقَطَ بِبُرْهَانٍ لَمْ يَعُدْ إلَّا بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ , وَقَدْ كَانَتْ الْكُفَّارُ يُغِيرُونَ عَلَى سَرْحِ الْمُسْلِمِينَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ; فَمَا كَلَّفَ قَطُّ أَحَدًا زَكَاةَ مَا أَخَذَهُ الْكُفَّارُ مِنْ مَالِهِ. وَقَدْ يُسْرَقُ الْمَالُ وَيُغْصَبُ فَيُفَرَّقُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/243)
وَلَا يَدْرِي أَحَدٌ مَكَانَهُ , فَكَانَ تَكْلِيفُ أَدَاءِ الزَّكَاةِ عَنْهُ مِنْ الْحَرَجِ الَّذِي قَدْ أَسْقَطَهُ اللَّهُ تَعَالَى , إذْ يَقُولُ: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} وَكَذَلِكَ تَغَلُّبُ الْكُفَّارِ عَلَى بَلَدِ نَخْلٍ فَمِنْ الْمُحَالِ تَكْلِيفُ رَبِّهَا أَدَاءَ زَكَاةِ مَا أَخْرَجَتْ , وَأَمَّا الْغَاصِبُ فَإِنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ غَيْرِهِ , يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ} فَإِعْطَاؤُهُ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ تَعَدٍّ مِنْهُ , فَهُوَ ضَامِنٌ لَمَا تَعَدَّى فِيهِ - قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: بِمِثْلِ هَذَا كُلِّهِ , إلَّا أَنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَ الْمَالُ الْمَدْفُونُ بِتَلَفِ مَكَانِهِ فِي مَنْزِلِهِ أَدَّى زَكَاتَهُ ; وَإِنْ كَانَ خَارِجَ مَنْزِلِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ. وَهَذَا تَقْسِيمٌ فَاسِدٌ مَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ قَبْلَهُ , وَقَالَ مَالِكٌ: لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ , فَإِنْ رَجَعَ إلَيْهِ زَكَّاهُ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ وَإِنْ غَابَ عَنْهُ سِنِينَ. وَهَذَا قَوْلٌ ظَاهِرُ الْخَطَأِ , وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً إلَّا أَنَّهُمْ قَلَّدُوا فِي ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي قَوْلٍ لَهُ رَجَعَ إلَيْهِ , وَكَانَ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: يَأْخُذُ الزَّكَاةَ مِنْهُ لِكُلِّ سَنَةٍ خَلَتْ؟ وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ قَلَّدُوا عُمَرَ هَاهُنَا , وَلَمْ يُقَلِّدُوهُ فِي رُجُوعِهِ إلَى الْقَوْلِ بِالزَّكَاةِ فِي الْعَسَلِ ; وَإِنَّمَا قَالَ عُمَرُ بِالْقَوْلِ الَّذِي قَلَّدُوهُ فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ يَرَى الزَّكَاةَ فِي الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ حِينَ يُفَادُ فَخَالَفُوهُ هَاهُنَا وَهَذَا كُلُّهُ تَخْلِيطٌ , وَقَالَ سُفْيَانُ: - فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ - وَأَبُو سُلَيْمَانَ: عَلَيْهِ الزَّكَاةُ لِكُلِّ سَنَةٍ خَلَتْ؟ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُثْمَانَ , وَابْنِ عُمَرَ: إيجَابُ الزَّكَاةِ فِي الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ , فَدَلَّ (ذَلِكَ) عَلَى أَنَّهُمَا لَا يَرَيَانِ الزَّكَاةَ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ , وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم؟ وَقَوْلُنَا فِي هَذَا هُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ , وَاللَّيْثِ وَأَحَدِ قَوْلَيْ سُفْيَانَ , وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى ثنا أَبُو عُثْمَانَ عَامِلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: كَتَبَ إلَيَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي مَالٍ رَدَّهُ عَلَى رَجُلٍ كَانَ ظُلِمَهُ: أَنْ خُذْ مِنْهُ الزَّكَاةَ لِمَا أَتَتْ عَلَيْهِ , ثُمَّ صَبَّحَنِي بَرِيدُ عُمَرَ: لَا تَأْخُذْ مِنْهُ زَكَاةً , فَإِنَّهُ كَانَ ضِمَارًا أَوْ غَوْرًا).(56/244)
حكم سماع الدف من الرجال
ـ[ياسر بن مصطفى]ــــــــ[16 - 12 - 05, 05:05 م]ـ
إخواني الكرام بارك الله فيكم عندي إشكال وهو
معلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح الضرب على الدف للنساء وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم النساء وهي تضرب بالدف والسؤال هل هناك ما يمنع من الضرب بالدف للرجال وما الدليل وهل لو هناك دليل على تحريم الضرب بالدف للرجال هل يحرم سماع هذا الضرب من الرجال؟ وكيف يمنع سماع الضرب بالدف من الرجال في حين أنه يجوز ان يسمع الانسان الضرب بالدف من النساء مع أن المفروض العكس كما في الغناء فمعلوم أن سماع الاغاني من النساء أشد من سماعها من الرجال أفيدوني أفادكم الله
ـ[ياسر بن مصطفى]ــــــــ[21 - 12 - 05, 08:11 م]ـ
هل الموضوع غير مهم إذا كان قد استوفي البحث فيه فليرشدني احد الاخوة الى مكانه جزاكم الله خيرا
ـ[محمد سعيد]ــــــــ[21 - 12 - 05, 10:22 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=9660&highlight=%C7%E1%CF%DD+%E1%E1%D1%CC%C7%E1
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=9670&highlight=%C7%E1%CF%DD+%E1%E1%D1%CC%C7%E1
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=29713&highlight=%C7%E1%CF%DD
http://saaid.net/Doat/yahia/10.htm
http://www.almeshkat.net/books/archive/books/duff.zip
ـ[مجاهد الحسين]ــــــــ[23 - 12 - 05, 01:55 ص]ـ
أخي الحبيب ياسر:
أحيلك إلى كتاب " حكم ممارسة الفن في الشريعة الإسلامية " لصالح الغزالي -رسالة جامعية-
وكتاب ابن رجب " نزهة الأسماع في مسألة السماع" مطبوع ضمن الجامع لرسائل ابن رجب، ومطبوع بتحقيق د. عبدالله الطريقي ...
فهما مفيدان للغاية.
مجاهد(56/245)
هل السن له إعتبار فى مسألة الزواج؟؟
ـ[عمرو بن الطفيل]ــــــــ[16 - 12 - 05, 06:26 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل السن له إعتبا ر فى مسالة الزواج لا سيما فى مثل هذه الأيام التى كثرة فها العنوسه؟
وإن حدث وفاق بين رجل وإمرأة تكبرة بكثير كأن يكون الفارق 15 سنة مثلا فهل يقدم؟
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو بكر الغزي]ــــــــ[17 - 12 - 05, 08:54 ص]ـ
أخي، أنا بعيد عن مكتبتي، وأذكر قراءتي في أحد كتبها الفقهية أن علماء الإسلام استنبطوا فارق عمر معقول بين الزوجين، وهو بين الخمس سنوات إلى الخمسة عشرة.
ـ[تلميذ ابن تيمية]ــــــــ[17 - 12 - 05, 10:09 ص]ـ
الرسول -عليه الصلاة والسلام- تزوج من خديجه - رضي الله عنها- وبينهما اكثر من 15 عاما وكان بينهما من الوفاق اكثر مما كان بينه وبين ازواجه من بعدها رضي الله عنهن.
ـ[عمرو بن الطفيل]ــــــــ[17 - 12 - 05, 12:13 م]ـ
جزاكم الله خيرا إخوانى الكرام
أسأل الله عز وجل أن يحفظكم وينفع المسلمين بعلمك ,,, أود التوضيح من زاية شخص فى بدائة الإختيار فهل يبحث عن السن ثم عن الدين ,,, أم يبحث عن الدين ولا يلتفت إلى مسألة السن؟
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو بكر الغزي]ــــــــ[17 - 12 - 05, 01:05 م]ـ
والله يا إخي، لا أعتقد أن الحالة التي تزوج بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أمنا خديجة -رضي الله عنها- إلا استثناء قل نظيره، فهو لم يكن فقط يصغرها بكثير، ولكنه كان كذلك الفقير وهي الغنية، كانت العامل وهي ’ربة العمل‘، أليس كذلك؟؟ هل تجد اليوم مثل هذا أيضاً في رجال زماننا؟؟ لا أعتقد، وإن حصل .. فسترى المجتمع يهاجمه بدءاً بعائلته.
هذا حقيقة سؤال كنت أود سؤال الأخوة عنه هنا في المنتدى: هل الأمر كما قلته أنا أعلى هذا السطر؟ هل لو توفر لرجل في زمننا ما توفر لسيدنا محمد -صلوات ربي وسلامه عليه- من الزواج من امرأة تكبره، جميلة (هكذا وُصفت خديجة أيضاً)، غنية، تمده بمالها و’يشغله‘ هو لها، هل .... (ولا أعرف أي كلمة أستعمل هنا للسؤال)، ولكن ... تفهمون ما أعني!
أعتقد في زمننا، حيث زمن الزوجة الواحدة إلا ما قل وشذ وندر، وزمن التبرج والفضائيات والمجلات، .. مسألة السن مهمة جداً، فأنت لا تتزوج فقط واحدة، ولكنها قد تعمر بجانبك، والمرأة ’تشيخ‘ أسرع من الرجل (حسبما يُقال)، والرجل الرغبة الجنسية عنده تدوم حتى عمر متأخر جداً، فكلما زاد فرق السن لصالحك كلما كان ذلك أفضل باعتقادي.
أما عمَّ تبحث أولاً، فالسن مسألة بديهية، يميل عادة الرجل فيها إلى أن يكون الأكبر، أما عمَّ تسأل أولاً فعن الجمال ثم الدين، وهذا وارد في أثر عن الإمام بن حنبل .. أشار فيه لفعل ذلك حتى إن مُدح لك الجمال ثم الدين .. سعيت للنكاح، أما إن قمت بالعكس فسألت عن الدين أولاُ ومُدح لك .. ثم الجمال ولم يُمدح لك .. ثم تغض النظر عن الفتاة .. فأنت بحكم العاصي للإرشاد النبوي بـ’الظفر بذات الدين‘.
هذا ما عند العبد الفقير العامي أنا، والله أعلى وأعلم.(56/246)
ثلاث قصص مؤثرة جدا عن الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[16 - 12 - 05, 06:46 م]ـ
اضغط هنا: http://media.islamway.com/lessons/bmishari//204-gesasibnbaz.mp3
أو على هذا الرابط: http://media.islamway.com/lessons/bmishari//204-gesasibnbaz.rm
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[16 - 12 - 05, 08:05 م]ـ
عجيبة والله انظر لتعرف لماذا وكيف تغلغلت محبة الشيخ إلى قلوب الناس، رحمه الله
ـ[المسيطير]ــــــــ[16 - 12 - 05, 11:05 م]ـ
الأخ الفاضل / أباعبدالعزيز وفقه الله
ليتك تتكرم بنقل القصص الثلاث، فقد حاولت فتح الروابط ولم أستطع.
جزاك الله خيرا.
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[17 - 12 - 05, 07:11 ص]ـ
أبشر بعد ما آتي من الدوام أفرغها كاملة إن شاء الله.
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[17 - 12 - 05, 03:46 م]ـ
فرغت أربع صفحات الآن ولعلك تجرب هذا الرابط الصوتي:
http://a7sa.com/upload/uploading/baaz.mp3
ـ[العوضي]ــــــــ[17 - 12 - 05, 03:52 م]ـ
رحم الله ابن باز
وبارك الله فيك على هذه المقاطع الطيبة
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[17 - 12 - 05, 09:28 م]ـ
وفيك اخيك الكريم اللهم بارك،،
بالنسبة للأخ المسيطير أو الإخوة الذين لا يستطيعون الإستماع للمقطع، أرجو إبلاغي
فأنا للتو فرغتها كاملة وهي تقريبا سبع صفحات فيسرني أن انقلها كاملة وإن كنت أود أن تُسمع مباشرة لأنها
أوقع في النفس وأكثر وضوحا، خاصة وأن الشيخ بدر في بعض ألفاظه كلام عامي قد لا يعرفه كل أحد
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[23 - 12 - 05, 02:13 ص]ـ
قصص مؤثرة للشيخ ابن باز رحمه الله (مفرغة)
خمسة من الدعاة في الصومال حضروا للمملكة وقابلوا الشيخ ابن بازوأخبروه على بعض المنكرات
ثم كتب رسالة إلى الرئيس الصومالي، لما علم الرئيس الصومالي أن الأخباروصلت عن طريقهم
حكم عليهم بالقتل،وصلوا الخبرإلى الشيخ ابن بازبعد صلاة المغرب. بعد صلاة المغرب ليلة وقت
التنفيذ لهم فلما بلغ الخبر الشيخ أخذ يتصل على الأمير عبدالله ولي العهد حتى يطلب شفاعته
من الرئيس الصومالي فما وجد الأمير كان في مهمة رسمية، ثم جلس يتصل إلى الساعة
أحدعش فلما تجاوزت الساعة الحادية عشر أمر السائق أن يشغل السيارة فركب معه ثم ذهب إلى
قصر الأميروأنتظر الأمير حتى أتى ودخل مع الأمير عبدالله وطلب شفاعته وأستجاب الأمير وأتصل
على الرئيس الصومالي وأُعفو من القتل خمسة أشخاص ومازالو إلى الآن أحياء .......
بل من شفاعته جاء رجل محتاج فطلب من الشيخ أن يعطيه تبرع فقال الشيخ يُعطى ألفين ريال
، تعرفون الشيكات يُكتب فيها ألفين رقما وكتابة فأخذ الرجل لما خرج القلم وأضاف صفرا رابعا
كم صارت؟ عشرين ألف ولم يغير الكتابة، والمساعدات كانت توزع في الإفتاء قديما صندوق خاص
يوزعونه الإخوة ولا تتجاوز خمسة آلاف، لما رأوا قالوا هذه ألفين ولا عشرين قالّهم هذا لا عشرين،
الشيخ قالّه عشرين ألف، يكذب فقالوا طيب رجعوه رجعوه ودخلوا على الشيخ وهم على يقين أنه
زوّر في الشيك، قال يا شيخ عبدالعزيز الرجل الذي قبل قليل كم كتبت له. قال انا وجهت ان يكتب
له ألفين ريال قالوا هو وضع عشرين الف ياشيخ وضع صفرا رابعا يقول نزّل الشيخ رأسه وهو يقول
إنا لله وإنا إليه راجعون عفا الله عما عمل عطوه اياه والله ما كتبها الا هو محتاجها. قالوا يا شيخ
هذا مزور، قال أعطوه والله ما كتبها إلا هو في حاجتها عطوه اياه ولا عتلمونه انكم دريتم. فصُرفت
له عشرين ألف. سألت الشيخ أنا بنفسي قبل وفاته بسنتين قلت يا شيخ اريد ان أتأكد من هذه
القصة هل هي صحيحو او لا. قال صحيحة بل أزيدك، اسمعوا ماذا قال الشيخ يقول: دارت
السنوات وتفاجأت أنه دخل علي أحد الناس وأخرج لي مبلغ قال خذ يا شيخ هذه 18 ألف يقول
سألته ذي وش صدقة زكاة حتى أخرجها في مصارفها، قال هذه يا شيخ حق أخذته منك بغير وجه
حق وأنا اليوم أعيدها لك، قال عسى ما شر وش الأمر، قال أنا الرجل الذي جيتك قبل كم سنة
وكتبت لي ألفين ريال وأنت ما دريت، يحسب الشيخ ما درى، وأني زورتها وعطوني عشرين ألف
جلس يضحك الشيخ قال: والله لقد علمنا عنك من لحظتها وعفونا عنك من لحظتها وأعطيناك اياه
من طيب نفس الله يحللك ويبيحك. جلس الرجل يبكي، الرجل قال كنت تعلم أني لما أخذتها؟ قال
علمنا عنك لكن الله يعلم عنك كما نعلم نحن عنك رح، يقول قال يا شيخ طيب خذها أنا تائب إلى
الله. قال خذها أنت وأعطها رجل يحتاجها كما كانت حاجتك لما جئتنا المرة الأولى.
يقول الشيخ عبدالعزيز والآن هذا الرجل إمام لأحد المساجد بالرياض، فتح الله على قلبه بعد هذا
الموقف
=======================================
أنا في سفر الآن ولعلي أعود غدا فأكمل القصة الأخيرة مع الجميح تاجر السيارات المعروف
وجزاكم الله خيرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/247)
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[29 - 12 - 05, 11:42 م]ـ
القصة الثالثة للشيخ بدر المشاري (تتمة التفريغ)
بل من مواقف سماحة الشيخ كتبت خطاب إلى محمد الجميح العبدالله التاجر المعروف بالسيارات
ليتبرع بباص أتوبيس لأحد حلقات القرآن فكتبلي جزاه الله خير: إشارة إلى خطابكم رقم وتاريخ
افيدكم بأني تبرعت بنصف قيمة الأتوبيس والنصف الباقي تتحملونه أنتم. قلت ابكلم الشيخ أتشكر
منه ولعلي أداعبه أقوله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (أن الله يحب أحدكم إذا عمل عملا َأن
يتقنه) كمل
فاتصلت بالشيخ محمد قلت ياشيخ محمد جزاك الله خير على تبرعك وشكر الله لك والحقيقة تمنينا
أنك تبرعت بالمبلغ كامل. قال: الحقيقه أنا الطلبات عندي كثيرة نصف مني ونصف من غيري حتى
أستطيع أن أشارك وأساهم في أكثر من جهه. قلت أنا جيتك بخطاب قبل ثلاث سنوات من الشيخ
أبن بازبطلب تبرع ثلاثة اتوبيسات فوافقت عليها كلها. قال: هذاك ابن باز مهوب أنت حنا وافقنا
عليها ابن باز له وضع يختلف ثم ذكر لي قصه عجيبة، قال: بما أنك دخلت ابن باز في الموضوع
اسمع ماأعرفه عن ابن باز مالا تعرفه،يقول:جانا رجل فقير وأخذ يدورعلى بعض الوكالات الخاصة
ببيع السيارات التابعه للجميح طلب من الوكالات يعطونه سياره بالتقسيط قالواشروط التقسيط
كذا وكذا وكذا قال: أعفوني منها أناماأقدر عليها قالومانعفيك نحن نعمل هنا وصاحب المال فلان
رح له المهم سأل عن موقع الجميح اللي يداوم فيه، الشيخ محمد الجميح يصلي على كرسي
يقول: لما دخل علي بعد صلاة الظهر فإذا بالرجل يحب خشمي ورأسي ونطل بشته علي أناطالبك
وأرجوك داخل على الله ثم عليك قال عسى ماشر قال الرجل:هذه قصتي وأبغاك تعفيني من
شروط التقسيط أنا بدفع لكن ماأملك الآن يقول رفضت وجلس يلح علي إلحاح حتى أنني وافقت
قلت أنا سأعفيك من شروط التقسيط إلا شرطاً واحداً فقط قال وشوهذا الشرط قال أن تحضرلي
كفيل أنا ماأبغى منك دفعه أولى ولا ابغى منك مقدم ولاتدفع قسط كبير لكن ابغى تعطيني كفيل
اضمن حلالي قال ياشيخ أنا ما أعرف قال لا تكثر علي يقول فخرج الرجل فلم يجد أحداً يكفله إلا
الشيخ عبدالعزيزابن باز يقول دخل على الشيخ وسلم على الشيخ ابن باز وقال السلام عليكم
ياشيخ وعليكم السلام ياشيخ أناواحد من أبنائك حصلي كذا وكذا والجميح طلب مني كفيلاً وأنا
والله ياشيخ ماأعرف أحد وأنت أبغاك تكفلني قال له الشيخ ابن باز: أنامأعرفك ياولدي قال حتى أنا
مأعرفك أسمع بك! أنا جاي من بين الناس. رفض الشيخ عبدالعزيز انه يكفله وألح على الشيخ قال
ياشيخ والله لأقف بك أمام الله في عرصات القيامه وأقول ياربي كانت حاجتي عند ابن باز وطردني.
جلس الشيخ يستغفر وبكى قال: أكتبوله كفاله كتب من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ
المكرم الشيخ محمد عبدالله الجميح، جاءنا فلان بن فلان ونحن لا نعرفه لكنه ألح علينا فوافقت
على أن أكفله أنا شخصياً إذا لم يسدد سددت عنه. يوم دخل على الجميح قال حسبي الله عليك
ما لقيت إلا ابن باز مادام وصلت إلى ابن باز كفيلاً رح ترى السياره جتك مجاناً وهديه تبرعاً لوجه
الله تقديراً لهذا الرجل.
أستغليت الموقف وقلت: ياشيخ محمد تقبل شفاعة أبن باز وهو حي ولا تقبل واحد من طلابه يطلب
منك وهو ميت وقد تكون له صدقه قال حتى أنتم التوبيس جاكم مجاناً تقدير وصدقة للشيخ
عبدالعزيزبن باز رحمة الله عليه.
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - 11 - 08, 06:43 ص]ـ
رحم الله سماحة الإمام عبدالعزيز بن باز ... وجمعنا وإياه ووالدينا وعلمائنا ... ومن نحب في الفردوس الأعلى.
وأسأل الله أن يجزي أخانا الحبيب / عبدالله المحمد خير الجزاء، وأجزله، وأوفاه ... على إتحافنا بهذه المواقف من سيرة سماحته ... والتي لا نملك بعدها إلا الدعاء للشيخ رحمه الله.
أسأل الله أن يلطف بنا.
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[27 - 11 - 08, 08:01 ص]ـ
رحمه الله وأدخله الفردوس
وجزى الله خيرا أخانا عبد الله على ما قدَّم
ورواية الصوماليين لها طريق أخرى بمتن مختلف قليلا في بعض التفاصيل من روايتي لها
ولعلي أول من أشهرها في عالم العناكب!
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[27 - 11 - 08, 05:50 م]ـ
رحم الله الشيخ ونفعنا بعلمه جزاكما الله خيرا.
عجل بها يا شيح أحسان أحسن الله إليكم
ـ[عبد الرشيد الهلالي]ــــــــ[27 - 11 - 08, 06:38 م]ـ
رحم الله سماحة الإمام عبدالعزيز بن باز ... وجمعنا وإياه ووالدينا وعلمائنا ... ومن نحب في الفردوس الأعلى.
وأسأل الله أن يجزي أخانا الحبيب / عبدالله المحمد خير الجزاء، وأجزله، وأوفاه ... على إتحافنا بهذه المواقف من سيرة سماحته ... والتي لا نملك بعدها إلا الدعاء للشيخ رحمه الله.
أسأل الله أن يلطف بنا.
آمين وإن الرحمة لتتنزل على القلوب عند ذكر الصالحين،فأكثروا رحمكم الله من ذكر مناقبهم
ورحم الله من قال:
مررت بقبر ابن المبارك غدوة **** فأوسعني وعظا وليس بناطق
وقد كنت بالعلم الذي في جوانحي ****غنيا،وبالشيب الذي في مفارقي
ولكن أرى الذكرى تنبه غافلا ***** إذا هي جاءت من رجال الحقائق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/248)
ـ[أبو النعمان مصطفى]ــــــــ[27 - 11 - 08, 07:18 م]ـ
لا إله إلا الله ما أقل مثل هؤلاء الرجال رحمة الله على الشيخ
لقد صدق الشاعر لما قال فيه
يارائد العلم في هذا الزمان و يا 00000مجدد العصر في علم و أعمال
و حاتم في عطاياه و جودته00000 في بحركم لا يساوي عشر مثقال
في الجود مدرسة في البذل مملكة 00000في العلم نابغة أستاذ أجيال
الحق مذهبه و النصح يعجبه 00000و الذكر يطربه يحيى به سال
العلم مؤنسه و الله يحرسه00000 ماكان مجلسه للقيل و القال
...
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[27 - 11 - 08, 10:16 م]ـ
الأخوان الكريمان عبدالرشيد الهلالي
أبو النعمان مصطفى، جزاكما الله خيرا
بالنسبة لشفاعة الشيخ في الصوماليين
فقد كتب عنها بتفصيل وبعض من نماذج الخطابات الشيخ محمد بن موسى في كتابه
في اربع صفحات 313 - 316 وذكر اسم الشيخ الصومالي في الخطاب
وأضاف الشيخ محمد الشويعر في كتابه عن الشيخ ص142 أيضا نموذج خطاب من أحد الدعاة الصوماليين ممن نجاهم الله من الاعدام يشكر فيه الشيخ ويطلبه بأن الحكومة برئاسة سياد بري
ستعدم آخرين وهم في سجن مخصص لمن أفرزوا للإعدام ولم تلبي الحكومة طلب شفاعة الشيخ
. فتابع الشيخ الأمر متابعة دقيقة أخرى مع ولي العهد السعودي
وبحمد الله وفضله تمت نجاتهم من الاعدام بل واخرجوا من السجن.
هذا ملخصها وهناك أيضا شفاعة مماثلة في حكم ابي رقيبة في تونس لدعاة تم الشفاعة فيهم
وكانوا محكومين بحكم الاعدام.
وبانتظار الشيخ احسان حفظه الله عن روايته وحبذا أن تكون بموضوع مستقل
لكي تتم قراءتها بشكل أكبر
فربما لا يطلع على الموضوع هنا إلا القليل او قد لا يطلع عليه أحد بحكم أن قد قرأوا عن الموضوع
بمجرد العنوان.
--------------
ملاحظة: أرجو من المشرف تكرما
تعديل الخطأ الاملائي في السطر الثاني من المشاركة رقم 12 في هذا الموضوع
وجزاكم الله خيرا.
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[28 - 11 - 08, 03:52 ص]ـ
طالما ذكرها الشويعر والموسى فليس لنا معهما خبزة!!
وإذا كان لا بد: فتفضل:
http://saaid.net/Doat/ehsan/35.htm
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[28 - 11 - 08, 06:46 ص]ـ
ولعلي أول من أشهرها في عالم العناكب!
تعبيراتك جميلة يا شيخ إحسان .. صرنا نتحراها في الملتقى:)
أسأل الله أن يزيدك علما وفضلا.
ـ[ابراهيم العنزي]ــــــــ[28 - 11 - 08, 09:00 ص]ـ
الله يجزاك كل خير وياليت يكون اهتمام بمناقبه فرحمه الله مقارنة مع ابن عثيمين رحمه الله نجد على سبيل المثال ان الامام ابن باز لم يأخذ حقه نسأل الباري أن ينفعنا بعلمهما
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[29 - 11 - 08, 07:57 م]ـ
الأخوان الكريمان حسين بن محمد - ابراهيم العنزي
جزاكما الله خيرا
وجزى الله الشيخ احسان خيرا
على اضافته القيمة
لأني لم أجد من ذكر الشيخ أبوبكر الجزائري حفظه الله
في هذه الشفاعة
بل ان الشيخ ابو يوسف الرحمة في كتابه النوادر البازية
قال إن الشيخ عبدالله المعتاز حدثه - اي ابويوسف الرحمة- بأن الأخ واسمه عبدالإله المؤيد
أتاه في الليل الساعة الحادية عشر وأخبره بأن طلاب من الجامعة الاسلامية في الصومال
يواجهون عقوبة الاعدام غدا صباحا
فذهبا - المعتاز والمؤيد- إلى الشيخ الساعة 12 او قريب منها
وقصا الخبر عليه رحمه الله ...
(ليس كتاب النوادر البازية معي الآن لكنه ليس فيمن كتب عن ترجمة الشيخ ابن باز ذكر للشيخ ابوبكر الجزائري -فيما أظن-)
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[29 - 11 - 08, 08:05 م]ـ
جزاك الله خيرا
رحمه الله وغفر له
واسكنه الفردوس الأعلى
حمر محاجره بيض مدامعه ... وفي الشفاه تراتيل وأذكار
ما أحزن القوم والأكتاف تحمله ... تبكي عليه وحكم الله أقدار
يا مهبط الوحي صوني قبره فله ... بين الضلوع مصابيح وآثار
نم .. أيها الشيخ لن تنساك مهجتنا ... ما غردت في ربوع البيت أطيار
نم .. أيها الشيخ لن تنساك مهجتنا ... ما دام في الأرض للإيمان أنصار
نم .. أيها الشيخ لن تنساك مهجتنا ... ما دام في القلب دقات وأعمار
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[29 - 11 - 08, 08:35 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا المحمد
الذي حدثني بهذا نقله عن الدكتور - وكان وقتها طالبا في الجامعة الإسلامية - " فلاح مندكار " وأنه ذهب بهم إلى الشيخ أبي بكر
فإن حصل خطأ فمن الرواي
وهذا بحسب ذاكرتي
وأنا حسن الحديث إلا شوي!
ـ[أبو معاذ السلفي المصري]ــــــــ[12 - 09 - 10, 07:27 م]ـ
للرفع
ـ[أبو النصر المنصوري]ــــــــ[13 - 09 - 10, 12:42 ص]ـ
قصص الشيخ ابن باز ابكت قلوبنا رحمك الله يا امام الدنيا
وها لكم قصة يقصها علينا الامام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله رحمة واسعة وادخله فسيح جناته
قال رحمه الله كنت بداية الدعوة في ارض دماج لايقبلون مني لأنهم شيعة فكنت اخرج دعوة الى اكثر المناطق فذات يوم ذهبت الى صنعاء فخرجت ماشيا من دماج الى عمران {تبلغ حوالي اكثر من مائتي كيلو} لا املك ريالا واحدا وقد تعبت ثم اقترضت من احد اصحابي 150 ريالا فلما وصلت اتصلت بالشيخ ابن باز وذكرت له بعض ماتحتاج الدعوة وكنت مستحيا حيائا شديدا واخبرته اني محرج مما افعل من المسألة فكان رده الي بأن لا تستحي ويقول انت ماتسأل لنفسك انت تسأل للدعوة ويشد علي بأني في اي وقت اتصل عليه اذا احتاجت الدعوة شيئا فكان ابن باز رحمه الله مهتم بامور المسلمين جميعا في جميع اقطار العالم رحمهما الله وجمعنا بهم في الجنة(56/249)
قول سفيان: إن لله حقًا بالليل .. وارتباط قبول النوافل بأداء الفرائض ..
ـ[علي بن حميد]ــــــــ[16 - 12 - 05, 06:53 م]ـ
السلام عليكم:
الأثر:
إن لله حقًا بالليل لا يقبله بالنهار، وحقًا بالنهار لا يقبله بالليل، وأنه يحاسب العبد يوم القيامة بالفرائض، فإن جاء بها تامّة قبلت فرائضه ونوافله، وإن لم يؤدّها وأضاعها لحقت النوافل بالفرائض، فإن شاء الله غفر له وإن شاء عذّبه.
استفساري:
1. عن تخريج الأثر، وإن كان أحد - سوى القلعجي - قد جمع لسفيان بن سعيد الثوري رحمه الله فقهه وآثاره.
2. الدليل من الكتاب والسنة على ارتباط قبول النوافل بأداء الفرائض.
وجزا الله الإخوة الكرام خيْرًا.(56/250)
ما هو حكم الصلاة على السجادة التي فيها صورة المسجد الحرام أو المسجد النبوي
ـ[أبو موفق الحلبي]ــــــــ[16 - 12 - 05, 08:33 م]ـ
ما هو حكم الصلاة على السجادة التي فيها صورة للمسجد الحرام اوالمسجد النبوي
ـ[رشيد القرطبي]ــــــــ[21 - 12 - 05, 10:14 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله محمد وآله والمؤمنين أجمعين.
أما بعد، فيقول الله تعالى:"ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب"
وتأسيسا عليه أرى والله أعلم ان ما درجت عليه بعض المصانع من وضع رسم صور للمسجد الحرام والكعبة المشرفة والمسجد النبوي على سجاد الصلاة يتنافى والاحترام والتعظيم الواجب لبيوت الله تعالى، حيث تظافرت النصوص الشرعية المختلفة على وجوب توقير واحترام وتعظيم المساجد، من ذلك الأمر بأخذ الزينة عند كل مسجد؛ والنهي عن البصق فيه والتبول فيه، وحيث أن السجاد هو مهيئ بالأساس لتطأه الأقدام وتدوسه، وتبعا لذلك نعرض صور بيوت الله لانتهاك حرمتها، لهذا أرى أن الأفضل أن يكون السجاد المخصص للصلاة خاليا من الرسوم والصور لأنه أدعى للتركيز والخشوع، وإذا كان لابد فيستعاض عن صور المساجد بالنقوش الاسلامية كالأقواس وما شابهها، ومن تم فكلما أمكن للمسلم أن يحتاط لدينه وعبادته كلما كان ذلك أفضل وأسلم، وأرى أن يحرص على اجتناب الدوس بالأقدام على صورة المسجد الحرام والمسجد النبوي وكل الرموز التي ترمز لشعائر الله فإن ذلك من تقوى القلوب، والله تعالى أعلم واحكم.(56/251)
اللحم الصيني من عنده زيادة معلومات حوله؟
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[16 - 12 - 05, 09:16 م]ـ
هل يُذبح بإشراف موثوق؟
هل يستورده أناس موثوقون؟(56/252)
أحتاج إلى ما نقله أبو الشيخ في العظمة بخصوص تفسير الرعد بأنه ملك فهل من مساعد
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[16 - 12 - 05, 10:14 م]ـ
السلام عليكم
فقد ذكر السيوطي في الدر المنثور أن أبا الشيخ أخرج في كتاب العظمة بعض1 الآثار عن الصحابة والتابعين في تفسير الرعد بأنه ملك، فهل من مساعد ينقل لي نص ما في كتاب العظمة
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[17 - 12 - 05, 07:30 ص]ـ
هل من مساعد
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - 12 - 05, 04:33 م]ـ
تفسير الطبري
القول في تأويل قوله تعالى) فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا (
قال أبو جعفر فأما الظلمات فجمع واحدها ظلمة وأما الرعد فإن ت العلم اختلفوا فيه فقال بعضهم هو ملك يزجر السحاب
ذكر من قال ذلك حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد قال الرعد ملك يزجر السحاب بصوته
وحدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا بن أبي عدي عن شعبة عن الحكم عن مجاهد مثله
وحدثني يحيى بن طلحة اليربوعي قال حدثنا فضيل بن عياض عن ليث عن مجاهد مثله
وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا هشيم قال أنبأنا إسماعيل بن سالم عن أبي صالح قال الرعد ملك من الملائكة يسبح
وحدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي قال حدثنا محمد بن يعلى عن أبي الخطاب البصري عن شهر بن حوشب قال الرعد ملك موكل بالسحاب يسوقه كما يسوق الحادي الإبل يسبح كلما خالفت سحابة سحابة صاح بها فإذا اشتد غضبه طارت النار من فيه فهي الصواعق التي رأيتم
وحدثت عن المنجاب بن الحارث قال حدثنا بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك عن بن عباس قال الرعد ملك من الملائكة اسمه الرعد وهو الذي تسمعون صوته
حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال حدثنا أبو أحمد قال حدثنا عبد الملك بن حسين عن السدي عن أبي مالك عن بن عباس قال الرعد ملك يزجر السحاب بالتسبيح والتكبير
وحدثنا الحسن بن محمد قال حدثنا علي بن عاصم عن بن جريج عن مجاهد عن بن عباس قال الرعد اسم ملك وصوته هذا تسبيحه فإذا اشتد زجره السحاب اضطرب السحاب واحتك فتخرج الصواعق من بينه
حدثنا الحسن قال حدثنا عفان قال حدثنا أبو عوانة عن موسى البزار عن شهر بن حوشب عن بن عباس قال الرعد ملك يسوق السحاب بالتسبيح كما يسوق الحادي الإبل بحدائه
حدثنا الحسن بن محمد قال حدثنا يحيى بن عباد وشبابة قالا ثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد قال الرعد ملك يزجر السحاب
حدثنا أحمد بن إسحاق قال حدثنا أبو أحمد الزبيري قال حدثنا عتاب بن زياد عن عكرمة قال الرعد ملك في السحاب يجمع السحاب كما يجمع الراعي الإبل
وحدثنا بشر قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة قال الرعد خلق من خلق الله جل وعز سامع مطيع لله جل وعز
حدثنا القاسم بن الحسن قال حدثنا الحسين بن داود قال حدثني حجاج عن بن جريج عن عكرمة قال إن الرعد ملك يؤمر بازجاء السحاب فيؤلف بينه فذلك الصوت تسبيحه
وحدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن بن جريح عن مجاهد قال الرعد ملك
وحدثني المثنى قال حدثنا الحجاج بن المنهال قال حدثنا حماد بن سلمة عن المغيرة بن سالم عن أبيه أو غيره أن علي بن أبي طالب قال الرعد ملك
حدثنا المثنى قال حدثنا حجاج قال حدثنا حماد قال أخبرنا موسى بن سالم أبو جهضم مولى بن عباس قال كتب بن عباس إلى أبي الخلد يسأله عن الرعد فقال الرعد ملك
حدثنا المثنى قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا عمر بن الوليد السني عن عكرمة قال الرعد ملك يسوق السحاب كما يسوق الراعي الإبل
حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم قال حدثنا حفص بن عمر قال حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة قال كان بن عباس إذا سمع الرعد قال سبحان الذي سبحت له قال وكان يقول إن الرعد ملك ينعق بالغيث كما ينعق الراعي بغنمه.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - 12 - 05, 04:39 م]ـ
العظمة:
صفة الرعد والبرق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(56/253)
حدثنا إسحاق بن أحمد الفارسي حدثنا ابن أبي سريج حدثنا أبو أحمد حدثنا عبد الله بن الوليد عن بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أقبلت يهود إلى النبي e فقالوا يا أبا القاسم إنا نسألك عن خمسة أشياء فإن أنبأتهن عرفنا أنك نبي واتبعناك قالوا فأخبرنا عن الرعد ما هو قال ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار ليسوق بها السحاب حيث شاء الله قالوا فما الصوت الذي نسمع فيه قال زجره السحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر قالوا صدقت.
حدثني خليل بن أبي رافع حدثنا جدي حدثنا محمد بن يزيد عن حويبر عن الضحاك رحمه الله تعالى) ويسبح الرعد بحمده (قال ملك يسمى الرعد وصوته الذي تسمع تسبيحه.
حدثنا إبراهيم حدثنا الأشج حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن ابن أشوع عن ربيعة بن الأبيض عن علي رضي الله عنه قال البرق مخاريق الملائكة.
حدثنا الوليد حدثنا عمرو بن سعيد حدثنا إسحاق حدثنا عمرو بن محمد حدثنا أسباط عن السدي عن بشير بن أبي ميمونة قال سمعت عليا رضي الله عنه سئل عن البرق فقال مخاريق من نار بأيدي ملائكة السحاب يزجرون به السحاب.
حدثنا الوليد حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا أبو نعيم حدثنا بشير يعني ابن سليمان حدثنا ابو كثير قال كنت عند أبي الجلد فجاء رسول ابن عباس رضي الله عنهما بكتاب إليه فكتب إليه كتبت تسأل عن الرعد والبرق فالرعد الريح والبرق الماء
حدثنا محمد بن زكريا حدثنا أبو حذيفة حدثنا سفيان الثوري رحمه الله تعالى في قوله تعالى) يريكم البرق خوفا وطمعا (قال خوف للمسافر وطمع للمقيم
حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن حدثنا ابن أبي الشوارب حدثنا أبو عوانة عن موسى البزار عن شهر بن حوشب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال الرعد ملك يسوق السحاب بالتسبيح كما يسوق الحادي الإبل بحدائه.
حدثنا الوليد حدثنا الحسين بن علي قال قرىء على عامر عن أسباط عن السدي رحمه الله تعالى) ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته (والرعد هو ملك يقال له الرعد يسيره بأمره بما يريد أن يمطر.
حدثنا أحمد بن محمد بن أسيد حدثنا الحسين بن عبد المؤمن حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي حدثني حرب بن شداد قال سمعت شهر بن حوشب رحمه الله تعالى يقول الرعد ملك موكل بالسحاب يسوقه كما يسوق الحادي الإبل فإذا خالفت سحابة صاح بها فإذا اشتد عضبه تناثرت من فيه النيران وهي الصواعق التي رأيتم
حدثنا أحمد بن عمر حدثنا عبد الله قال حدثني الحسين بن الأسود حدثنا أبو أسامة عن عبد الملك بن الحسين عن السدي عن أبي مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال الرعد ملك يحدو يزجر السحاب بالتسبيح والتكبير.
حدثنا أحمد بن عمر حدثنا عبد الله حدثنا أبو سلمة الباهلي حدثنا معتمر عن أبيه عن أبي عمران الجوني قال إن دون العرش بحورا من نار تقع منها الصواعق حدثنا أحمد بن عمر حدثنا عبد الله حدثنا أبو بكر بن أبي طالب حدثنا علي بن عاصم عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال البرق ملك يتراءى.
حدثنا أحمد حدثنا عبد الله قال حدثني إبراهيم بن راشد حدثنا أبو ربيعة حدثنا حماد عن عبد الجليل بن عطية عن شهر بن حوشب رحمه الله تعالى قال قال كعب رحمه الله تعالى الرعد ملك يزجر السحاب زجر الراعي الحثيث الإبل فيضم ما شد منه والبرق تصفيق الملك للبرق وأشار حماد بيده لو ظهر لأهل الأرض لصعقوا.
حدثنا أحمد بن عمر حدثنا عبد الله حدثنا أبو كريب حدثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن عامر قال أرسل ابن عباس رضي الله عنهما إلى أبي الجلد يسأله عن السماء من أي شيء هو وعن البرق والصواعق فقال أما السماء فإنها من ماء مكفوف وأما البرق فهو تلأتلأ الماء وأما والصواعق فمخاريق يزجر بها السحاب
حدثنا أحمد حدثنا عبد الله حدثنا خالد بن خداش حدثنا عفان بن راشد التميمي قال بينا سليمان بن عبد الملك رحمه الله تعالى واقف بعرفة ومعه عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى إذ رعدت رعدة فجزع منها سليمان حتى وضع خده على مقدم الرحل فقال له عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى هذه جاءت برحمة فكيف لو جاءت بسخطة
حدثنا أحمد حدثنا عبد الله قال حدثني أبو عبد الرحمن بن الربيع الأسدي حدثنا أبو بكر ابن عياش عن العذري قال بينما عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى بعرفة إذ صعقت رعدة ثم برقت ثم أرخت أمثال العزالي قال فرفع سليمان رأسه إلى عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى فقال هذا والله السلطان فقال له عمر يا أمير المؤمنين إنما سمعت حس الرحمة فكيف لو سمعت حس العذاب قال فأبلغ والله في الموعظة.
من الألفية من غير تنسيق ولا مراجعة.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[18 - 12 - 05, 10:20 ص]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا السديس ونفع بكم(56/254)
انتقض وضوء الإمام في الصلاة، فما الحكم؟
ـ[عبد الرحمن الشامي]ــــــــ[17 - 12 - 05, 05:41 ص]ـ
س: إذا تقدم الإمام وصلى بعض الصلاة ثم ذكر بأنه لم يتوضأوانصرف،
هل يبني المأمومون على ما مضى أو يستأنفون الصلاة؟
ج: الصواب أنه يستخلف من يصلي بهم كما فعل عمر رضي الله عنه لما طعن، وإن لم يستخلف واستخلفوا من أكمل بهم صحت صلاتهم، هذا هو الراجح من أقوال العلماء، وإن صلوا فرادى وأتموا لأنفسهم فلا بأس. أما إذا كان قد أكمل بهم ثم تذكر أنه صلى بغير وضوء صحت صلاتهم ويعيد لنفسه.
منقول من موقع ابن باز رحمه الله
ـ[عبد الرحمن الشامي]ــــــــ[17 - 12 - 05, 05:44 ص]ـ
من موقع اسلام أولاين
http://islam-online.net/livefatwa/arabic/Browse.asp?hGuestID=M0ihsz
لديّ بعض الأسئلة:
- تذكر الإمام أنه لم يتوضأ، فما الحكم؟
- انتقض وضوء الإمام في الصلاة، فما الحكم؟ - قام من نومه قبل طلوع الشمس، ويشعر بأنه لا يستطيع الذهاب للوضوء، لما ينتابه من هبوط بالدورة الدموية، أو تكسير شديد في العظم، فتيمم على سريره، وصلَّى جالسًا. ما الحكم؟
وفقكم الله، جزاكم الله خيرًا.
الإجابة
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد ..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
أحبكم الله الذي أحببتمونا فيه
إذا تذكر الإمام أنه لم يتوضأ بطلت صلاته، وعليه أن يعيد الوضوء والصلاة، وتبطل معه صلاة من وراءه عند بعض الفقهاء، وأما إذا دخل الصلاة على طهارة ثم انتقض وضوءه فإن عليه أن يستخلف واحدًا من ورائه ليؤم بالناس، ثم يذهب فيتوضأ ويرجع، فيلتحق بالصلاة، ويتم ما فاته.
وأما السؤال الأخير فإذا قدر أنه لا يستطيع الوضوء، ويخشى من ذهاب الوقت فله أن يتيمم ويصلي لحرمة الوقت، وعليه أن يعيد الصلاة بطهارة بعد ذلك احتياطًا. والله أعلم.(56/255)
حكم أخذ راتب مع النسبة
ـ[أبو صهيب]ــــــــ[17 - 12 - 05, 08:50 ص]ـ
جرى نقاش حول مسألة أخذ راتب مع نسبة ما إضافة للراتب ولهذه المسألة صور منها:
1 - موظف يأخذ راتب ومعه نسبة على المبيعات يحددها الاتفاق بينهما ولا أعتقد أن في هذه المسألة شيء خاصة إذا علمنا أن الأصل في العقود الإباحة خلافا لابن حزم كما هو الأصل في عموم البيع الإباحة إلا إذا جاء الدليل على الحرمة ولادليل هنا يحرم هذه الصورة
2 - الصورة الثانية أن يشترك اثنان مضاربة ويكون العامل يأخذ راتب قليل بالإضافة إلى حصته من شركة المضاربة وهذ المسألة تحتاج إلى بحث
فما رأي الأخوة فيها(56/256)
س: "ليس للفاجر حرمة"، من قائلها، وما تعريف ’الفاجر‘؟؟؟
ـ[أبو بكر الغزي]ــــــــ[17 - 12 - 05, 08:52 ص]ـ
وجزاكم الله خيراً.(56/257)
الرجوع إلى الحق ..... حادثة يرويها ابن العربي
ـ[السدوسي]ــــــــ[17 - 12 - 05, 10:00 ص]ـ
قال القاضي أبو بكر ابن العربي المالكي في كتابه "أحكام القرآن" (1/ 182 - 183):
[أخبرني محمد بن قاسم العثماني –غير مرةٍ- قال:
وصلت الفُسطاط مرَّةً، فجئت مجلس الشيخ أبي الفضل الجوهري، وحضرت كلامه على الناس، فكان مما قال-في أول مجلس جلست إليه-: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- طلَّق، وظاهر، وآلى.
فلمَّا خرج تبعته، حتى بلغتُ معه إلى منْزله –في جماعة-، فجلس معنا في الدِّهليز، وعرَّفهم أمري؛ فإنه رأى إشارة الغُرْبة، ولم يعرف الشخص قبل ذلك في الواردين عليه، فلمَّا انفضَّ عنه أكثرهم، قال لي: أراك غريباً، هل لك من كلامٍ؟ قلت: نعم.
قال لجلسائه: أفرجوا له عن كلامه، فقاموا، وبقيت وحدي معه، فقلت له: ضرت المجلس اليوم متبركاً بك (1)، وسمعتك تقول: آلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ وصدقت، وطلَّق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ وصدقتَ، وقلت: وظاهرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ وهذا لم يكن، ولا يصح أن يكون؛ لأن الظهار منكرٌ من القول وزور؛ وذلك لا يجوز أن يقع من النبي -صلى الله عليه وسلم-، فضمَّني إلى نفسه، وقبَّلَ رأسي، وقال: أنا تائب من ذلك، جزاك الله عني من معلِّمٍ خيراً.
ثم انقلبتُ عنه، وبكَّرتُ إلى مجلسه في اليوم الثاني، فألفيته قد سبقني إلى الجامعِ، وجلسَ على المنبر، فلمَّا دخلتُ من باب الجامع ورآني، نادى بأعلى صوته: مرحباً بمعلِّمي، أفسحوا لمعلِّمي، فتطاولتِ الأعناق إِلَيَّ، وحدَّقتِ الأبصار نحوي، وتبادر الناس إليَّ يرفعونني على الأيدي، ويتدافعونني حتى بلَغْتُ المنبر، وأنا –لِعِظَمِ الحياء- لا أعرف في أيِّ بُقعةٍ أنا من الأرض! والجامع غاصُّ بأهله، وأسال الحياءُ بدني عرَقاً،
وأقبل الشيخ على الخلق، فقال لهم: أنا معلِّمكم، وهذا معَلِّمي؛ لَمَّا كان بالأمس قلت لكم: آلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وطلَّق، وظاهرَ؛ فما كان أحدٌ منكم فقه عني، ولا ردَّ عليَّ، فاتبعني إلى منْزلي، وقال لي كذا وكذا –وأعاد ما جرى بيني وبينه-، وأنا تائب عن قولي بالأمس، وراجع عنه إلى الحق، فمن سمعه ممن حضر فلا يُعَوِّل عليه، ومن غاب فليُبْلِغْهُ من حضرَ، فجزاه الله خيراً، وجعل يَحْفِلُ في الدعاء، والخلق يؤمِّنون].
ثم علق ابن العربي بقوله:
[فانظروا رحمكم الله إلى هذا الدين المتين، الاعتراف بالعلم لأهله على رؤوس الملأ: مِن رجلٍ ظهرت رياسته، واشْتَهرتْ نفاسته؛ لغريبٍ مجهول العين لا يعرف من؟ ولا من أين؟ فاقتدوا به ترشدوا].(56/258)
من يأتيني بأسماء هؤلاء المذكورين وهل لأأحداء منهم كتب وما هي عقيدتهم
ـ[أبو اسيد العماني]ــــــــ[17 - 12 - 05, 10:10 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا أمر عليكم ولكن من كان له زاد فضل فليجد به على من لا زاد له.
أخواني الكرام رجالات العلم والمعرفة.المطلعين على علم الرجال.من يأتيني بأسماء هؤلاء المذكورين وهل لأأحداء منهم كتب وما هي عقيدتهم وماذا قال عنهم أهل العلم وله مني دعوة في ظهر الغيب وفقكم الله وأجزل لكم الثواب
مثل أبي بكر قريش بن حيان العماني، ومحمد بن صالح بن سهل العماني، ويعقوب بن غيلان العماني، وعلي بن محمد العماني، وعمر بن داود العماني
وهناك بعض النحويين والشعراء؛ مثل أبي عبدالله محمد بن عيسى العماني النحوي راوي " كتاب فعلت وأفعلت " عن الزجاج، وأبي العباس النهشلي محمد بن ذؤيب العماني الراجز
ـ[أبو اسيد العماني]ــــــــ[17 - 12 - 05, 11:48 ص]ـ
أن لم أجد مبتغاي بملتقى أهل الحديث فأين سأجده
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[17 - 12 - 05, 02:00 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،، هذا ماوجدت أخي أبو أسيد
الأنساب ج4/ص235
العماني
بفتح العين المهملة وتخفيف الميم وفي آخرها النون
هذه النسبة إلى عمان وهي من بلاد البحر أسفل البصرة والمنتسب إليها
الحسن بن هادية ا لعماني روى عن ابن عمر روى عنه الزبير بن خريت في فضل الحج
وأبو هارون غطريف العماني يروي عن أبي الشعثاء جابر بن زيد عن ابن عباس روى عنه الحكم بن أبان العدني
وأبو بكر قريش بن حيان العجلي العماني قال أبو حاتم بن حيان هو من بكر بن وائل أصله من عمان سكن البصرة يروي عن ثابت البناني وبكر بن وائل بن داود روى عنه شعبة بن الحجاج والبصريون الذي روى عنه عثمان بن عمر بن فارس عن العلاء بن عبد الرحمن
وداود بن عفان العماني يروي عن أنس بن مالك روى عنه عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي
ومحمد بن صالح بن سهل العماني حدث عن محمد بن إسحاق الفاكهي المكي روى عنه أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي
ويعقوب بن غيلان العماني حدث عن سعيد بن عروة الربعي البصري روى عنه أبو القاسم الطبراني وعبد الباقي بن قانع
وعلي بن محمد العماني حدث عن أحمد بن سعيد الدارمي روى عنه أبو الحسن بن الجندي
وعمر بن داود العماني حدث عن عباس الدوري وأبي بكر بن أبي خيثمة وثعلب روى عنه أبو عبيد الله المرزباني وعمر بن عنبسة العماني يروي عن أبي بكر محمد بن المطلب روى عنه منصور بن جعفر
وأبو عبد الله محمد بن عيسى العماني النحوي كان ببغداد روى عن أبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج كتاب فعلت وأفعلت روى عنه علي بن محمد بن الحسن الحربي
وأبو العباس النهشلي هو محمد بن ذؤيب التميمي المعروف بالعماني الراجز قدم بغداد ومدح هارون الرشيد والفضل بن الربيع وكان من أهل الجزيرة فطرأ إلى عمان ثم رجع إلى بلاده فقيل له العماني وغلب عليه وعمر عمرا طويلا فذكر الأصمعي أنه مات وهو ابن ثلاثين ومائة سنة ويقال إن أشعر الرجاز الرشيديين أربعة العماني أولهم ودخل على الرشيد فأنشده أرجوزة يصف فيها فرسه شبه أذنيه بقلم محرف فقال
كأن أذنيه إذا تشوفا
قادمة أو قلما محرفا
فقال له الرشيد دع كأن وقل نخال حتى يستوي الإعراب
والحسين العماني من أهل نيسابور شيخ ثقة صالح يروي عن أحمد بن علي بن خلف الشيرازي وأبي القاسم عبد الرحمن بن أحمد الواحدي سمعت منه في النوبة الثانية بنيسابور توفي في حدود سنة خمس وأربعين وخمسمائة
ومن القدماء جيفر بن الجلندي العماني كان رئيس أهل عمان هو وأخوه عبد أسلما على يد عمرو بن العاص حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يريا النبي صلى الله عليه وسلم هو ولا أخوه وكان إسلامهما بعد خيبر
ـ[أبو اسيد العماني]ــــــــ[18 - 12 - 05, 12:23 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي وبارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك.
ولكن أخي هل ذكر عنهم ما هو معتقدهم وهل لهم كتب متداوله أو أي معلومات أكثر من هذه فأذا أمكن أن تسأل الشيخ سعد الحميد عنهم أكن لك من الشاكرين أذا كنت من السعوديه أو أذا كان هناك أحد الأخوه من السعودية يأتينى بالخبر اليقين وجزاه الله خيراء(56/259)