المنقول عن "مصنف ابن أبي شيبة" كان يجب نقله بأمانة تامة، أو لعل الذي نقله من مكان آخر غير "مصنف ابن أبي شيبة".
والذي في "مصنف ابن أبي شيبة" نصًّا:
10472 - حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زُهَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَقُولُ: أَدْرَكْتُهُمْ وَهُمْ يُعْطُونَ، فِي صَدَقَةِ رَمَضَانَ، الدَّرَاهِمَ بِقِيمَةِ الطَّعَامِ.
فليس فيه: أصدق أهل زمانه.
وليس فيه: أي الصحابة.
ونأتي إلى الإسناد:
ـ زهير، هو ابن معاوية؛
قال ابن أبي حاتم: سُئِل أبو زُرْعَة عن زهير بن معاوية فقال: ثقة إِلاَّ أنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط. "الجرح والتعديل" 3/ 589.
وقال أحمد بن حنبل: زهير ثبت فيما روى عن المشايخ، بخٍ بخٍ، وفي حديثه عن أبي إسحاق لِينٌ، سمع منه بأَخَرَة. "ميزان الاعتدال" 3/ 125.
ـ أما أبو إسحاق، فهو: عَمْرو بن عبد الله، الهَمْدَانِيُّ، أبو إسحاق السَّبِيعِيُّ.
تهذيب الكمال 742 - (ج 22 / ص 112)
قَال عَبد الله بن أحمد بن حنبل: حَدَّثني أبي قال:: حدثني أبو أُسَامة، عن مفضل بن مهلهل، عن مغيرة قال: ما أفسد أحد حديث الكوفة إلا أبو إسحاق، يعني السبيعي، وسُلَيْمان الأَعْمَش "العلل ومعرفة الرجال 1/ 55، 147".
وذلك لكثرة التدليس.
وَقَال إبراهيم بن يعقوب الجُوزْجَانِيّ: وكان قوم من أهل الكوفة لا يحمد الناس مذاهبهم هم رؤوس محدثي الكوفة مثل أبي إسحاق ومنصور والأَعْمَش، أما أبو إسحاق فروى عن قومٍ لا يُعرَفون، ولم ينتشر عنهم عند أهل العلم إلا ما حكى أبو إسحاق عنهم، فإذا روى تلك الأَشياء التي إذا عرضتها الأمة على ميزان القسط الذي جرى عليهم سلف المسلمين وأئمتهم الذين هم الموئل لم تتفق عليها. "أحوال الرجال" (105).
وَقَال الآجري عَن أبي داود: حدث أبو إسحاق عن مئة شيخ لا يحدث عنهم غيره "سؤالاته" 3/ 175.
وخلاصة أبي إسحاق أنه ثقةٌ، دلَّس، واختلط.
وفي رواية ابن أبي شيبة هذه لم يُصرح بمن أدركهم، هل من الصحابة، أو التابعين، أو أهل الكوفة، العلم عند الله.
وفي النهاية ليست العبرة، ولا الحجة بمن روى عنه أبو إسحاق، ولكن لا حجة في أحدٍ دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال سبحانه:
{رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}.
أسأل الله عز وجل أن نكون من الذين يمشون على الأرض هونًا ...
ـ[ميسرة الغريب]ــــــــ[19 - 09 - 08, 09:01 م]ـ
أسأل الله عز وجل أن نكون من الذين يمشون على الأرض هونًا
آمين
بارك الله فيك أخي على التوضيح(55/127)
احكام قيام الليل للشيخ العلون
ـ[جابرالفلوجي]ــــــــ[02 - 12 - 05, 10:08 م]ـ
المسألة الخامسة: في القنوت.
القنوت في الوتر لم يثبت فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لا من قوله ولا من فعله. قال الإمام أحمد: لا يصح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء .... ) ().
وقال الإمام ابن خزيمة رحمه الله: (ولست أحفظ خبراً ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت في الوتر ... ) (). غير أنه ثبت عن بعض الصحابة رضى الله عنهم كما قال عطاء حين سئل عن القنوت قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفعلونه (). وجاء عن بعض الصحابة أنه لا يقنت إلاّ في النصف من رمضان. صح هذا عن ابن عمر. رواه أبو بكر بن أبي شيبة () عن ابن علية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر.
وقال الإمام الزهري رحمه الله: (لا قنوت في السنة كلها إلاّ في النصف الآخر من رمضان). رواه عبد الرزاق في المصنف ()، بسند صحيح. وقال الإمام أبو داود قلت لأحمد: القنوت في الوتر السنة كلها؟ قال: إن شئت، قلت: فما تختار؟ قال: أما أنا فلا أقنت إلاّ في النصف الباقي، إلاّ أن أصلي خلف الإمام فيقنت فأقنت معه ().
وذكر ابن وهب عن مالك في القنوت في رمضان أنه قال إنما يكون في النصف الآخر من الشهر (). وهذا مذهب الإمام الشافعي رحمه الله (). وفي وجه عنده يستحب القنوت في الوتر بالسنة كلها وهذه آخر الروايات عن الإمام أحمد رحمه الله (). قال النووي رحمه الله: وهذا الوجه قوي في الدليل لحديث الحسن بن علي رضي الله عنهما ().
أقول: وفي هذا نظر من وجهين:
الوجه الأول: أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في هذا الباب قاله أحمد وغيره، واستحباب المواظبة على أمر لم يثبت فعله عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه نظر. وقد جاءت أحاديث كثيرة تصف وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس في شيء منها أنه قنت في الوتر، ولاسيما أن هذه الأحاديث من رواية الملازمين له كعائشة رضي الله عنها. فلو كان يقنت كل السنة أو معظمها أو علم أحداًَ هذا لنقل ذلك إلينا.
الوجه الثاني: أن عمدة القائلين باستحباب القنوت في السنة كلها هو حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر (اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت) رواه أحمد () وأهل السنن () من طريق أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن به. ورواه أحمد () من طريق يونس بن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء بمثله. و إسناده جيد، إلاّ أن زيادة (قنوت الوتر) شاذة. فقد رواه أحمد في مسنده () عن يحيى بن سعيد عن شعبة حدثني بريد بن أبي مريم بلفظ (كان يعلمنا هذا الدعاء، اللهم اهدني فيمن هديت ... ) وهذا هو المحفوظ لأن شعبة أوثق من كل من رواه عن بريد فتقدم روايته على غيره ومَن قَبل تفرّد الثقة عن أقرانه الذين هم أوثق منه بدون قيود ولا ضوابط فقد غلط، ومن أدّعى قبول زيادة الثقة إذا لم تخالف روايته ما رواه الآخرون فقد أخطأ. فأئمة الحديث العالمون بعلله وغوامضه لا يقبلون الزيادة مطلقاً كقول الأصوليين وأكثر الفقهاء ولا يردونها بدون قيد ولا ضابط بل يحكمون على كل زيادة بما يقتضيه المقام وهذا الصواب في هذه المسألة () وبيان وجهه له مكان آخرفالمقصود هنا ترجيح رواية شعبة على روايتي أبي اسحاق ويونس.
وبعد تحرير هذا وقفت على كلام لابن خزيمة رحمه الله يؤيد ما ذهبت إليه، قال: (وهذا الخبر رواه شعبة بن الحجاج عن بريد بن أبي مريم في قصة الدعاء، ولم يذكر القنوت ولا الوتر. قال: وشعبة أحفظ من عدد مثل يونس بن أبي إسحاق، وأبو إسحاق لا يعلم أسمع هذا الخبر من بريد أو دلسه عنه. اللهم إلاّ أن يكون كما يدعي بعض علمائنا أن كل ما رواه يونس عن من روى عنه أبوه أبو إسحاق هو مما سمعه يونس مع أبيه ممن روى عنه. ولو ثبت الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالقنوت في الوتر أو قنت في الوتر لم يجز عندي مخالفة خبر النبي صلى الله عليه وسلم ولست أعلمه ثابتاً] ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/128)
وقد تقدم قول الإمام أحمد (لا يصح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء) ولكن ثبت القنوت عن الصحابة () رضي الله عنهم على خلاف بينهم، هل يقنت في السنة كلها أم لا، والحق فيه أنه مستحب في بعض الأحيان، والأولى أن يكون الترك أكثر من الفعل، وما يفعله بعض الأئمة من المثابرة عليه فغلط مخالف للسنة. وإذا ثبت ضعف لفظة القنوت في خير الحسن. فاعلم أن القنوت يشرع بأي دعاء ليس فيه اعتداء ولا سجع مكلف وتلحين مطرب ونحو ذلك مما اخترعه المتأخرون مما لا أصل له في الكتاب ولا في السنة ولا جرى به عمل للأئمة. غاية ما في الأمر اجتهادات فردية ممن لا يملك حق الاجتهاد، أدّت إلى ترك المشروع وتتبع الآراء وتحكيم الأهواء، وقد جرّ هذا الأمر المغلوط إلى ملحوظات أخرى من إطالة الدعاء والمبالغة فيه بما يشق على المأمومين ويجعلهم في ملل وتألم وبغض للحال.
هذا والأفضل في دعاء القنوت أن يبدأ الداعي أولاً بحمد الله تعالى والثناء عليه ويُثَنّي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو فإن هذا أقرب إلى الإجابة من دعاء مجرد من الحمد والثناء (). لما روى الترمذي () في جامعه وأبو داود () وغيرهما عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو في صلاته فلم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عجل هذا ثم دعاه فقال له ولغيره: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه، ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليدع بعد بما شاء) قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.
وحديث تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لسبطه الحسن بن علي أن يقول في قنوت الوتر (اللهم اهدني فيمن هديت) صحيح بدون ذكر القنوت ... وقد تقدم بيان ذلك، وحينئذٍ لا يصح الاستدلال به على استفتاح دعاء القنوت بغير الحمد، قال ابن القيم رحمه الله (المستحب في الدعاء أن يبدأ الداعي بحمد الله والثناء عليه بين يدي حاجته ثم يسأل حاجته كما في حديث فضالة بن عبيد) () وقد دل هذا الحديث على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أسباب إجابة الدعاء ومن هنا كان أبيُ بن كعب يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في قنوته بالصحابة رواه ابن خزيمة في صحيحه (2/ 155/156) وقال الإمام إسماعيل القاضي في كتابه فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (ص/86): حدثنا محمد بن المثنى قال ثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن عبد الله بن الحارث أن أبا حليمة معاذاً كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت). وهذا سند صحيح إلى أبي حليمة معاذ بن الحارث الأنصاري وهو مختلف في صحبته.وقد ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وهو ممن أقامه عمر بن الخطاب يصلى التراويح بالناس في شهر رمضان ().
*رفع اليدين في القنوت:
وأما رفع اليدين في القنوت فقد منعه الإمام الأوزعي وجماعة من أهل العلم (). حتى قال الإمام الزهري (لم تكن ترفع الأيدي في الوتر في رمضان) رواه عبد الرزاق (3/ 122) بسند صحيح.
وذهبت طائفة من أهل العلم وهم الجمهور إلى استحبابه لأن الأصل في الدعاء رفع اليدين. وقد قاسه جماعة من الفقهاء وأهل الحديث على قنوت النوازل. فقد سئل الإمام أحمد عن القنوت في الوتر قبل الركوع أم بعده وهل ترفع الأيدي في الدعاء في الوتر؟ فقال: القنوت بعد الركوع. ويرفع يديه. وذلك على قياس فعل النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت في الغداة ().
وقال أبو داود: سمعت أحمد سئل، يرفع يديه في القنوت؟ قال: نعم يعجبني. قال أبو داود: فرأيت أحمد يرفع يديه في القنوت (). وذكر البخاري في جزء رفع اليدين (). من طريق أبي عثمان قال: كان عمر يرفع يديه في القنوت.
وذكر عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ في آخر ركعة من الوتر قل هو الله أحد ثم يرفع يديه فيقنت قبل الركعة).
قلت: هذا الأثر في إسناده ليث بن أبي سلِم، ضعيف الحديث وقد قال البخاري رحمه الله بعد ذكر أثر ابن مسعود: (وهذه الأحاديث كلها صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يخالف بعضها بعضاً .... ).
وقال البيهقي رحمه الله: (إن عدداً من الصحابة رضي الله عنهم رفعوا أيديهم في القنوت مع ما رويناه عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم) ().
* وأما مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء فلم يثبت فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يصح عن الصحابة رضي الله عنهم لا في القنوت ولا في غيره، لا داخل الصلاة و لا خارجها. وقد اعتاد بعض العامة فعل ذلك وهذا غلط. واعتاد آخرون رفع الأيدي عقب النوافل ومسح الوجه بها بدون دعاء وهذا أقبح من الأول والسّنة ترك المسح مطلقاً في الصلاة وغيرها. قال الإمام أبو داود في مسائله (): سمعت أحمد سئل عن الرجل يمسح وجهه بيديه إذا فرغ، قال: لم أسمع به. وقال مرة: لم أسمع فيه بشيء. قال: ورأيت أحمد لا يفعله. وسئل مالك رحمه الله عن الرجل يمسح بكفيه وجهه عند الدعاء؟ فأنكر ذلك وقال: ما علمت) ().
وقال الحافظ البيهقي رحمه الله: (لست أحفظه عن أحد من السلف في دعاء القنوت، وإن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة وقد روي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث ضعيف وهو مستعمل عند بعضهم ()، خارج الصلاة، وأما في الصلاة فهو عمل لم يثبت بخبر صحيح على ما فعله السلف رضي الله عنهم من رفع اليدين دون مسحهما بالوجه في الصلاة. وبالله التوفيق) ().
تمت الرسالة
على يد الفقير إلى الله
سليمان بن ناصر العلوان
في مدينة بريدة 2/ 2/1418هـ
والحمد لله رب العلمين
(جزءمن رسالةاحكام قيام الليل)(55/129)
أيهما أصح الرفع أم النصب في قوله صلى الله عليه وسلم فلا يحل
ـ[أبو موفق الحلبي]ــــــــ[02 - 12 - 05, 11:02 م]ـ
جاء في صحيح البخاري في طبعة الدكتور البغا في الحديث رقم 313 باب كيف تهل الحائض: (ومن أحرم بعمرة وأهدى فلا يحل) بالنصب بينما في بقية النسخ فلا يحل بالرفع فهل (ما) هنا نافية ام ناهية وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو عمر]ــــــــ[03 - 12 - 05, 03:19 ص]ـ
أخي الفاضل في الطبعة السلطانية الموجودة في الملتقى
فلا يَحِلُّ ولم يشيروا إلى رواية أخرى
ولم توضع في جداول الخطأ
(وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى فَلاَ يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ بِنَحْرِ هَدْيِهِ)
أخي الفاضل راجع كذلك النسخة التي وضعها الشيخ الفاضل أبو المعاطي فهي من أصح النسخ
الالكترونية إن لم تكن أصحها على الإطلاق
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[03 - 12 - 05, 04:53 م]ـ
وفق الله الجميع لما فيه الخير.
أما في النسخة الأميرية من صحيح البخاري التي أعيد تصويرها بإشراف الفاضل محمد زهير بن ناصر الناصر (دار طوق النجاة) = فقد جاءت في باب [كيف تهل الحائض ... ] هكذا: < ... ثم لا يحلَّ حتى يحلَّ ... >.
قال العلامة القسطلاني - رحمه الله - في إرشاد الساري1/ 115: ( ... " ثم لا يحل " وفي اليونينية بالنصب مصلح).
أما في باب [طواف القارن] من صحيح البخاري النسخة الأميرية 2/ 156 فقد جاءت بالرفع: < ثم لا يحلُّ ... ) وعليها علامة التصحيح، وفي الهامش < يحلَّ).
وأما في كتاب المغازي من صحيح البخاري، باب [حجة الوداع] 5/ 175 فقد جاءت: ( ... ثم لا يحلُّ حتى يحلَّ ... ).
والترجيح لأهل الرواية والسماع أهل الحديث الكرام.
ـ[أبو عمر]ــــــــ[03 - 12 - 05, 11:00 م]ـ
اقتباس:
والترجيح لأهل الرواية والسماع أهل الحديث الكرام.
انتهى
وحسب ما يروى إليك أخي الكريم
أخي الكريم "الفهم الصحيح" جزاك الله خيرا(55/130)
قال طالب لزميله: لم يزد الشيخ على ما في الشرح!
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[03 - 12 - 05, 12:33 ص]ـ
الحمد لله يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وهو على كل شيء قدير، والصلاة والسلام على محمد خير بشير ونذير أما بعد:
فهذه حكاية قرأتها في ترجمة العالم الحنبلي محمد بن عبد الرحمن بن عفالق الأحسائي (1) في كتاب السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة في 3/ 928: هذا نصها:
كان شخص من أقاربه يقرأ عليه [مع] (2) رفقة له في " قواعد الإعراب " فلما خرج قال لبعض الطلبة: لم يزدنا الشيخ على ما في الشرح!
فنُقِلتْ (3) هذه الكلمة إلى الشيخ، فلما كان من الغد، وحضر الطلبة، قال الشيخ لذلك الشخص: اقرأ الدرس الماضي، فقرأه، وشرع الشيخ في التقرير في أبلغ عبارة، وأوسع نقل إلى الضحوة، ثم قال لذلك التلميذ: ما فَهِمْتَ مِن هذا؟
فقال: لم أفهم شيئا منه، فقال: لهذا لم أزدك على ما في الشرح. (4) اهـ.
هذه المسألة "التدرج في التعليم"، وإعطاء الطلاب ما يدركون، وترك التعمق فيما لا يفهمونه، وتقسيمهم طبقات، منهج معروف في ذاك الزمان، وقبله، وبعده، أما الآن فقل، أو انعدم من يفعله، وهذا يُحدث خللا كبيرا في التلقي، فالطالب المبتدئ الذي يحضر درسا، ثم يجد الشيخ يتوسع بكل ما آتاه الله من قدرة سيخرج كما خرج هذا = لم يفهم شيئا.
كما أن الطالب الفَطِن المتقدم في الطلب إذا حضر درسا للشيخ لم يزد فيه الشيخ شيئا على معلومه، سيفتر، أو يقف عن الحضور؛ لأنه لم يجد أهم ما جاء من أجله.
قال الإمام أبو بكر المروذي: بلغني أن ابن السماك جلس للناس يوما، وكانت له جارية في غرفة تسمع كلامه، فقال لها حين دخل عليها: كيف رأيت؟
قالت: ما أحسنه لولا أنك تكثر من ترداده، فقال: أردده ليفهمه من لم يفهمه.
قالت: إلى أن يفهمه من لم يفهمه قد ملّه من فهمه. أخبار الشيوخ ص191.
ومن جميل ما يذكر في التدرج:
أن طالبا جاء عند العلامة المعلمي، ومعه كتاب في الأصول، وطلب منه أن يشرح له بعض العبارات، وكان يظهر على هذا الطالب علامات التسرع، وبيد الشيخ رحمه الله سلسلة، فقال للطالب: انظر لهذه السلسلة التي بيدي، صانعها نكث في صنعها مدة أخذ يركب حلقة حلقة، وهكذا العلم مسألة مسألة. اهـ ص69 من مقدمة كتاب "عمارة القبور" للشيخ ماجد الزيادي.
والتعليم فن يحتاج إلى إتقان، وبعد نظر.
فكم رأيتم مَن بدأ بكتاب مختصر في أحد الفنون كالعمدة في الفقه، مثلا للمبتدئين فطول العبارة، وتوسع في ذكر الفروع، والخلاف، والكلام على علل الأدلة .. الخ = فصار الكتاب أوسع من المغني، والمجموع، وهو درس للمبتدئين!
ومَن شرح النخبة فزاد في بعض مباحثه على فتح المغيث ..
والضحية مَن خرج، ولم يفهم، بل ربما ترك طلب العلم مطلقا.
فهلا انتبه لذلك المشايخ، وطلبة العلم؟
والعجيب أنك دائما تسمع الوصية للطلبة بالتدرج، ثم يقل أن تجد من يطبق.
ومن صور الفوضى في ذلك أن يَترك الشيخ للطالب اختيار الكتاب الذي يريده، فيجهز الطالب على كتاب كبير ليس منه بسبيل، أو علم هو فيه دخيل.
وعكسها أن ينظر الشيخ لمصلحته هو، فيأمر الطالب أن يقرأ عليه في كتاب يريده هو، فينظر مصلحته، وينسى ما ينفع التلميذ المسكين، وهذا غش لهذا الطالب المسكين، فليس من النصح للمسلمين.
هذه خواطر كانت تجول في الذهن من زمن مررت بهذه القصة، فكانت مناسبة لها.
والله أعلم.
وينظر المدخل للعلامة ابن بدارن الحنبلي ص485 ففيه كلام جميل مطول عن التدرج.
---------------------
(1) هذا الرجل كان من المتعصبين ضد الدعوة السلفية في نجد.
(2) في المطبوع: من، وأظن الصواب ما أثبت.
(3) هذه نميمة قبيحة، وكان الأولى بهذا الناقل أن لا يسمي من نقل بل يذكر الكلام على الإبهام.
(4) يبدو أن هذا الشيخ حريص على هذا الذي ذكرت ففي ترجمته أنه قال عند موته لتلميذه: في صدري أربعة عشر علما لم أسأل عن مسألة منها قبلك. 3/ 928.
ـ[نياف]ــــــــ[03 - 12 - 05, 06:04 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو عبدالرحمن الغريب]ــــــــ[03 - 12 - 05, 01:40 م]ـ
والعجيب أنك دائما تسمع الوصية للطلبة بالتدرج، ثم يقل أن تجد من يطبق.
هذه تكتب بماء الذهب.
وقد قرأته قديما في الملتقى هنا ولكن يبدو أنه فقد مع ما فقد من الأرشيف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/131)
وجزاك الله خيرا
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[04 - 12 - 05, 08:38 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[05 - 12 - 05, 07:45 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[حارث همام]ــــــــ[05 - 12 - 05, 04:59 م]ـ
شكر الله لكم، وكما أن التدرج هو منهج الربانيين، فلعله السبيل الذي ينبغي أن يسلكه من يمم سمتهم، ووطن مواطن أقدامهم من طلاب العلم المبتدئين.
فكثير من الأشياخ له برامجه التي لاتنسجم مع الطالب المبتدئ، وربما وضعه لآخرين تدرج بهم، أو لمن هم في طبقة معينة، ويبقى بعضهم يبتدئ بالناس من حيث انتهى إليه!
إلاّ أنه ينبغي أن يكون لطالب العلم كذلك برنامجه الذي وضعه بمشورة أهل العلم والشأن، وبعد ذلك يتتبع المشايخ والدروس التي تناسبه.
وأذكر شيئاً من تجربة أحد طلبة العلم الذين أعرفهم في هذا الصدد إذ يقول: حضرت في سالف عهدي دروساً لبعض المشايخ المشهورين -ولم يكونوا إذ ذاك بمثل شهرتهم اليوم- وكان يحضر الدرس طلاب علم كبار عددهم محدود، يقرأون في الاستذكار وكان قد طبع حديثاً أجزاء منه، وكذلك زاد المعاد، ومذكرة الشنقيطي في الأصول، ونحوها من الكتب المتقدمة.
وكذلك حضرت طرفاً من بعض دروس كبار أهل العلم في بعض كتب السنة الأصول وكانت تعليقاته مختصرة يحضرها كبار أهل العلم.
وطرفاً آخر لا أنساه فلم أعد أذكر منه شيئاً يذكر! لأحد كبار أهل العلم في شرح الكرماني على الصحيح.
إلى أن وجهني بعض المشايخ المربين فقال لي ما عند يوم كذا؟ فذكرت له ارتباطاً بدرس من نحو هذه، فقال لي أنصحك بأن تتركه! واحضر عند فلان، وسمى لي طالب علم قوي متمكن قضى السنوات ملازماً لكبار أهل العلم. إلاّ أنه مغمور.
ولم يكن بوسعي إلاّ طاعته لملابسات كثيرة، فضحيت بدرس قطعت فيه شوطاً وذهبت إلى ذلك الشيخ، فكان أن حمدت الله على ذلك بعد حين، فقد كان يدرس ما يناسب مرحلتي، وقد بنى لي قواعد وأصول لم أزل إلى يومي هذا أحمده عليها رغم أن علاقتي به انقطعت منذ سنين.
ويقول كذلك: على الرغم من حضوري قديماً للعلامة ابن باز، وللشيخ عبدالعزيز الراجحي، وللشيخ عبدالكريم الخضير -وكان الأخيرين في فترة لم تكن المعرفة بهم والرغبة فيهم كالحال الآن- إلاّ أنني لم أستفد من مجموع ما حضرته لهم ما استفدته من شيخ كان بجوارنا -وكان إذ ذاك محاضراً بجامعة الإمام معه ماجستير في العقيدة ليس إلاّ- وما ذاك إلاّ لكونه مرب تدرج بنا في الأصول من الورقات ثم قرة العين .. إلى البلبل. وفي الاعتقاد من الأصول الثلاثة ثم كتاب التوحيد وكشف الشبهات .. إلى التدمرية وشرح ابن أبي العز للطحاوية.
والشاهد من هذه التجربة هو أن على طالب العلم أن يبني نفسه بأن ينظم طلبه فلا يكون عشوائياً، بل مبرمجاً منظماً وفق خطة واضحة موضوعة بمشورة أهل العلم ورأيهم.
وإن كان ثم خطأ في المنهج فهو خطأ مشترك يتواطؤ عليه بعض الأشياخ مع الطلبة، فالشيخ خطأوه بما ذكر الشيخ عبدالرحمن السديس -وفقه الله هنا- ولعل خطأ الطالب بعشوائيته وانتقائه الدورس التي لم يأن أوانها أو يجمع آلة فهمها بعد، ولاسيما إن تجشم مشقتها وضرب لها أسلاف السيارات!
ـ[ابن جبير]ــــــــ[06 - 12 - 05, 12:05 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[ذات المحبرة]ــــــــ[19 - 12 - 05, 08:47 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[سعود السليمان]ــــــــ[20 - 12 - 05, 03:43 م]ـ
جزاكـ الله خيراً ...
موضوع نافع
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[20 - 12 - 05, 04:19 م]ـ
ومن جميل عبارات الشيخ صالح آل الشيخ قوله:
المعلم لا يعطي الطالب كل ما يعرفه المعلم وإنما يعطي الطالب ما يناسبه
ـ[أبو محمد الأزهري الشافعي]ــــــــ[18 - 09 - 06, 03:36 م]ـ
جزاكم الله خيراً.
ـ[أبو الأم]ــــــــ[18 - 09 - 06, 05:44 م]ـ
جزاكم الله خيراً ..
انا انقل هنا تجربة شخصية ..
قبل ان يكرمني الله وان اكون شافعياً ..
كنا ندرس عمدة الفقه عند احد المشائخ .. في المرحلة الثانوية ..
وقد وعدنا الا يطيل .. ليناسب اعمارنا .. ومستوانا المبتدئ .. وكان على امل ان ينهي كتاب العبادات في خمس لقاءات .. او مايقاربها ..
لكنه حين بدأ .. كان كثير التوسع ..
واذكر انه ذكر في مسألة استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء .. ستة اقوال ..
وفصل كل قول منها .. وذكر ادلتهم والرد عليهم من كل قول ..
وجلسنا على هذه المسألة جلسة كاملة .. فلما انتهى الدرس .. سألناه ياشيخ .. ماهو القول الذي نعمل به من هذه الستة ..
فأجاب: أنا لاأفتي ..
واخذ الدرس مايقارب عامين ولم ننتهي من كتاب الصلاة ..
ذكرت هذه القصة هنا للعبرة .. فكثيرا ينسى الشيخ حين الشرع مستوى الطلبة الذين هم امامه .. فيخرج كل مالديه في المسألة مما يمنع الطالب من الادراك ..
فجزى الله شيخنا هذا .. ورضي عنه .. وغفر له .. وفتح له من ابواب فضله الكريم ..
ـ[أبوحازم الحربي]ــــــــ[19 - 09 - 06, 03:21 ص]ـ
جزاكم الله خيراً ياشيخ عبدالرحمن وجميع الإخوة الفضلاء
كلام نفيس
وأيضاً يُضاف إلى ذلك اتقان المعلم للفن الذي سيُدرسه
فكلما كان مُتقناً له ومُتمكناً منه كلما كان أثبت في ايصال
المعلومة للطالب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/132)
ـ[محمد عبدو]ــــــــ[19 - 09 - 06, 05:16 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
جزاكم الله خيرا أشير إشارة خفيف بمناسبة هذا الموضوع وكما يقال الشيء بالشيء يذكر أنه كما ينبغي التدرج في طلب العلم من باب أولى ينبغي أن نتدرج في الترقي والصعود في التدين -إن صحت العبارة- فكثيرا ما نرى أناسا أمضوا سنوات طوال في الانحراف ثم يهتدي بفضل الله تعالى وتوفيقه. ولكن انطلاقته تكون انطلاقة أصحاب المسافات القصير فينطلق بأقصى سرعته وينسى أن لديه مسافة طويلة إنه المنبت الذي أخبر عنه المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. فينقطع نفس المسكين في منتصف الطريق ثم يعود أكثر مما كان عليه وهذا أمر مشاهد وبكثرة خصوصا في الآونة الأخيرة. فينبغي أن نتنبه لمسألة التدرج في الالتزام كثيرا وأن نربي عليه الناس ونعودهم عليها حتى يتمكنوا من السير على الصراط المستقيم دون وقوف أو توقف.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[19 - 09 - 06, 10:30 ص]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
جزاك الله خيراً، تالله إنها في الصميم، وكم طرب القلب لها.
ولو أني عندكم لقبَّلتُ رأسكم.
رفع الله قدرك أيها الشيخ الكريم.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[20 - 09 - 06, 07:48 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا، وبارك فيكم، ونفع بكم، وأحسن إليكم.
أخي أبا العالية غفر الله لك لست لذلك بأهل وأسال الله أن يجملني بستره.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[20 - 09 - 06, 08:39 م]ـ
بارك الله فيكم موضوع مهم ومفيد
لكن لدي تعليق وهو أن بعض الأساتذة عندما يلقي الدرس كأنه يقرأ من الشرح الموجود في الكتاب الذي ندرسه
فأنا قرأت الشرح ثم اسمعه يعيد نفس الكلام الذي في الشرح بدون اي زيادة
فاشعر وكأنني لم استفد شيئا جديدا واشعر ببعض الملل في المحاضرة.
نعم انا مبتدئ ولكن لو يضيف بعض الأشياء المفيدة مرة مرة، حتى لا يشعر الطالب وكأنه يقرا من الكتاب فيشعر بالملل، ولا يرغب في الحضور ويفضل ان يستمع لمحاضرة اخرى في نفس الموضوع للمبتدئين لعله يجد فيها بعض الفوائد البسيطة التي لا توجد في الشرح.
وهناك من المشايخ من يعيد ما في شرح الكتاب ويضيف اشياء بسيطة لكنها فيها فائدة كبيرة.
أما الإطالة وتطويل الشرح والدخول في تفاصيل كثيرة فهذا لا يناسب طالب العلم المبتدئ كما ذكرتم.
ـ[أبو الفضل العنانى]ــــــــ[20 - 09 - 06, 10:07 م]ـ
جزاكم الله خيرا، وبارك فيكم، ونفع بكم، وأحسن إليكم.
ـ[أبو إبراهيم التميمي]ــــــــ[21 - 09 - 06, 09:51 م]ـ
جزى الله الشيخ عبدالرحمن خيرالجزاء ونفع به.
ـ[سعيد السلفي]ــــــــ[21 - 09 - 06, 10:59 م]ـ
جزاك الله خيرا
موضوع رائع و قيم جدا
ـ[محمد محمود الحنبلي]ــــــــ[22 - 09 - 06, 09:23 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[24 - 07 - 08, 01:50 ص]ـ
بارك الله فيكم وشكر لكم
ـ[أبو شوق]ــــــــ[31 - 07 - 08, 02:02 م]ـ
جزاكم الله خير واحسن اليكم
ـ[سلمان الحائلي]ــــــــ[04 - 10 - 09, 10:41 م]ـ
جزيت الجنة على هذا التوجيه
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[04 - 10 - 09, 10:50 م]ـ
جَزَاكمُ الله خيرا ً وأحسن َ إليكم على هذه النصَائح ِ والتوجيهات ..
ـ[أم عمير السلفية]ــــــــ[05 - 10 - 09, 02:11 ص]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم و أثابكم خيراً
ـ[إبراهيم محجب]ــــــــ[05 - 10 - 09, 04:05 م]ـ
جزاكم الله خيرًا شيخنا الكريم على هذه الفائدة
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[05 - 10 - 09, 05:30 م]ـ
بارك الله فيكم وشكر لكم وجزاكم خيرا.(55/133)
أكثر من سبعين فائدة للعلوان حول أهمية تدبر وفهم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم
ـ[جابرالفلوجي]ــــــــ[03 - 12 - 05, 03:39 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد
فقد ألقى فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان بتاريخ 29/ 1/1422هـ كلمة حول أهمية تدبر وفهم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الفهم الصحيح والتي بها يتوصل الإنسان الى معرفة حدود ما أنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم إذ هي الغاية التي يجب المصير إليها ثم العمل بمقتضى ذلك ثم ذكر فضيلته حديثا في الصحيحين ـ على سبيل المثال مبينا ما حوته أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم من المعاني العظيمة والفوائد الجمة والمعاني الغزيرة ـ واستنبط منه أكثر من سبعين فائدة فقال حفظه الله تعالى:
أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من طريق عبد العزيز بن أبي حازم وعبد الرحمن بن يعقوب كليهما عن أبي حازم سلمة بن دينار ـ واللفظ لعبد العزيز ـ قال:) أخبرني سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يُحِبُّ اللهَ ورسولَهُ ويحبُّهُ اللهُ ورسُولُهُ. قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها؟ فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجوا أن يُعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يشتكي عينيه. قال فأرسلوا إليه فأتى به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية. فقال علي: يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا. فقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حُمْر النعم (. وأخرجه مسلم أيضا من طريق يعقوب بن عبد الرحمن عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه بمعناه وفيه) قال عمر بن الخطاب ما أحببت الإمارة إلا يومئذ قال فتساورت لها رجاء أن أدعى لها قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فأعطاه إياها وقال امش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك قال فسار عليٌّ شيئا ثم وقف ولم يلتفت فصرخ يا رسول الله على ماذا أقاتل الناس قال قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله (ورواه مسلم أيضا من طريق عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه مختصرا.
فوائد الحديث:
1 - فيه حرص الصحابة على تبليغ هذا الدين.
2 - فيه عقد الإمام لألوية الجهاد.
3 - فيه أن الأمر المشترك لا تشبه فيه فالألوية والرايات كانت معروفة من قبل.
4 - فيه أن الإمارة خاصة بالرجال دون النساء.
5 - التبشير بالفتح علم من أعلام نبوته عليه الصلاة والسلام.
6 - فيه إثبات صفة المحبة لله والرد على الجهمية.
7 - فيه أن الله تعالى يُحب ويُحَبُّ.
8 - فيه إثبات الأخذ بالأسباب وذلك من قوله يفتح الله على يديه.
9 - فيه حرص الصحابة على الخير والبحث عمّا يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
10 - إبهام الرسول صلى الله عليه وسلم للرجل هو من رحمته بالمؤمنين فقد حصل بذلك من تمنيهم لذلك الفضل العظيم والتطلع إليه من زيادة الإيمان ما الله تعالى به عليم.
11 - فيه الرد على المرجئة وأن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان.
12 - فيه جواز السهر والسمر في أمور الخير ومصالح المسلمين.
13 - فيه مسارعة الصحابة إلى الخيرات وذلك في قوله) فلما أصبحوا غدوا (.
14 - فيه أن الرجاء إنما يكون في الأمور المتوقعة الحدوث وذلك بخلاف التمني.
15 - فيه الرد على الصوفية ومن شاكلهم ممن يدَّعون أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب المطلق في حياته وبعد مماته وذلك من قوله:) أين عليٌّ؟ (.
16 - فيه أن المحبة النافعة هي محبة الله ورسوله ومن والاهما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/134)
17 - فيه الرد على اليهود والنصارى في قولهم) نحن أبناء الله وأحباؤه (.
18 - فيه معنى قوله تعالى) ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم (إذ حصل الفضل لمن لم يحضره وامتنع ممن تعرض له.
19 - فيه وجوب الإيمان بالقضاء والقدر وعظيم إيمان الصحابة بالقدر وكمال استسلامهم له.
20 - فيه الرد على القدرية القائلين بخلق أفعال العباد.
21 - فيه الرد على النواصب الذين يناصبون عليا رضي الله عنه العداء.
22 - فيه الرد على الخوارج الذين يكفرون علياً ويفسقونه.
23 - فيه أن محبة علي رضي الله عنه من الإيمان.
24 - فيه الرد على الروافض الذين يزعمون تخصصهم في محبة علي رضي الله عنه.
25 - فيه الرد على غلاة الرافضة الذين يؤلهون عليا وذلك من قوله (رجلا).
26 - فيه جواز الشكوى وذكر المرض ما لم يكن ثمة تسخط على أقدار الله جل وعلا.
27 - فيه بركة بصاق النبي صلى الله عليه وسلم.
28 - فيه أن دعا الأنبياء مستجاب غالبا.
29 - فيه أن الأمام يبعث من هو الأصلح والأفضل للمهمة ولا يراعي في ذلك القرابة ولا الوجاهة ولا النسب وليس معنى ذلك أن عليا أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان y بل لأن المقام اقتضى رجلا كعلي رضي الله عنه.
30 - فيه فضيلة عمر رضي الله عنه وعلو همته.
31 - فيه جواز طلب الإمامة في الدين.
32 - فيه شجاعة علي وحرصه على الجهاد في سبيل الله.
33 - فيه معنى قوله تعالى) وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله (وأن الجهاد ماض إلى قيام الساعة.
34 - فيه جواز ذكر محاسن الشخص عند أمن الفتنة وسلامته من الكبر والعجب.
35 - فيه طهارة الريق.
36 - فيه وضع الإمام المحفزات لشحذ الهمم إلى معالي الأمور ومكارم الأخلاق.
37 - جواز الرقية بالنفث وأنها لا تنافي التوكل وذلك على القول بأن نفثه صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث كان رقية والراجح أن ذلك من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم.
38 - فيه الأمر بالرفق وعدم العجلة والطيش والتأني في الأمور ودراستها قبل الإقدام عليها.
39 - فيه أن الدعوة إلى الإسلام تأتي أولا وقبل كل شيء.
40 - فيه فقه التدرج في الدعوة إلى الله من الأهم إلى المهم.
41 - فيه أن الدعوة العامة لابد فيها من العلم والفقه والدراية والحنكة وحسن السياسة في التعامل مع الناس والأحداث فالجاهل بهذه الأمور يفسد ولا يصلح.
42 - فيه قرن الدعوة إلى الشهادتين ببيان معناهما ومقتضياتهما ولا سيما في القرون المتأخرة حيث كثر الجهل بمعنى لا إله إلا الله وما تدل عليه من النفي والإثبات.
43 - فيه فضل الهداية وعظيم أمرها.
44 - فيه العمل على إقامة الحجة على العباد.
45 - فيه دليل على وجوب بيان الحجة وتفهيمها للمدعو وإزالة ما يعرض من شبه وإشكالات وتساؤلات.
46 - فيه أن الفضل المترتب على هداية الناس عام للرجال والنساء وإنما خرج الضمير مخرج الغالب.
47 - فيه أنه لا مقارنة بين الدنيا والآخرة.
48 - فيه أن حب الدنيا ليس بمذموم إذا كان العبد قائما بأمر الله فيها.
49 - فيه مشروعيه تقريب الأمر إلى الأفهام بالأمور الحسية المعلومة.
50 - فيه أن الهداية نوعان هداية الدلالة والإرشاد وهي دور الأنبياء والمرسلين والدعاة والمصلحين وهداية التوفيق والإلهام وهي خاصة بالله الواحد القهار.
51 - فيه جواز الحلف من غير استحلاف.
52 - فيه حرص النبي صلى الله عليه وسلم الشديد على هداية العباد.
53 - فيه أن هداية الناس أولى عند الشارع من قتالهم.
54 - فيه الرد على من قال بأن المسلمين لا همة لهم سوى إراقة الدماء، فإن الدعوة قبل القتال فإن كانوا قد بلغتهم الدعوة فيجوز حينئذٍ قتالهم ابتدآءً فقد جاء هذا في الصحيحين حين أغار النبي صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم غارون.
55 - فيه فضل الجهاد في سبيل الله والصبر عليه.
56 - فيه أن من أحبه الله فلا يضره بعد ذلك من أبغضه أو غلا في حبه.
57 - فيه وجوب بغض من أبغض عليا رضي الله عنه وأن حبه من الإيمان.
58 - فيه فقه علي رضي الله عنه وسعة علمه وذلك من قوله (وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه).
59 - فيه أن الرجل ينسب لأبيه وإن كان كافرا.
60 - فيه تأدُّب علي رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم حيث لم يناده باسمه ولا بقرابته منه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/135)
61 - فيه أن لله على عباده حقا عظيما لابد من أدائه والقيام به وإلا كان من أهل النار ألا وهو إفراده تعالى بالعبودية وإفراد نبيه صلى الله عليه وسلم بالاتباع.
62 - فيه أن على العبد إذا جاءه الأمر من الله تعالى أو من رسوله صلى الله عليه وسلم ألا يتلكأ ولا يتردد بل يبادر إلى الامتثال والتطبيق والعمل.
63 - فيه إثبات البعث والجزاء والحساب.
64 - فيه معنى اسم الله الحسيب.
65 - فيه أن على العباد أن يقبلوا من الناس ظواهرهم وأن يكلوا سرائرهم إلى الله تعالى مالم يأت من القول أو العمل ما ينافي دين الإسلام.
66 - جواز رفع الصوت عند أهل الفضل للحاجة.
67 - فيه وجوب الاستفصال عند وجود الإشكال.
68 - فيه معنى قوله تعالى (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).
69 - فيه أنه لا اجتهاد مع وجود النص أو ما يقوم مقامه كحضور المشرع صلى الله عليه وسلم كما هو الحال هنا.
70 - فيه أن أعظم أمر وأشرف عمل ينبغي للعبد أن يقوم به وأن يفرغ فيه وسعه هو الدعوة إلى الله والحرص على هداية العباد.
71 - فيه الرد على التكفيريين الذين يشتغلون بإصدار الأحكام على العباد من التكفير والتفسيق دون دعوتهم إلى التوحيد والسنة وبيان حقيقة ما جاءت به الرسل ونزلت به الكتب.
72 - فيه تفقد الصحابة بعضهم بعضا.
73 - فيه أن النطق بالشهادتين لا يعصم دم العبد وماله إلا أن يأتي بحقها وإلا لم تنفعه عند الله تعالى.
74 - فيه أن إقامة الحدود من شأن السلطان أو من ينوب عنه.
75 - فيه حرمة دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم إلا بالحق.
76 - فيه طهارة قلوب الصحابة إذ لم يحسدوا عليا على ذلك بالاعتراض وتمني زوال النعمة والفضل عنه.
والله تعالى أعلم
والحمد لله رب العالمين.
=======================
بسم الله الرحمن الرحيم
قد اطلعت على هذه الفوائد والمعاني المستنبطة من حديث سهل بن سعد في الصحيحين وهو من كلامي وإملائي أسأل الله أن ينفع فيها.
أخوكم
سليمان بن ناصر العلوان
2/ 2 / 1422 هـ
ـ[ابوصالح العوني]ــــــــ[03 - 12 - 05, 11:20 ص]ـ
سبحان الله كم اعطي هذا الرجل من الفهم والاستنباط , هذا في حديث واحد اكثر من سبعين فائدة فكيف لو شرع في بقية الاحاديث
ـ[هداية]ــــــــ[03 - 12 - 05, 03:14 م]ـ
السلام عليكم بارك الله فيه وفي علمه ونفع به الأمة .. موضوع في غاية الأهمية.
ـ[ناصر السبيعي]ــــــــ[24 - 02 - 09, 12:01 ص]ـ
السلام عليكم بارك الله فيه وفي علمه ونفع به الأمة وفرج عنه وثبته.
ـ[عبد الرحمن السبيعي]ــــــــ[24 - 02 - 09, 03:07 م]ـ
ما شاء الله أسأل الله أن يسدده ويفك أسره ...(55/136)
هل يجوز للرجل تطويل الشعر؟
ـ[ابو حاذق]ــــــــ[03 - 12 - 05, 05:19 ص]ـ
فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب شعرُه منكبيه
هل هذا العمل سنة فى هذا العصر؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[03 - 12 - 05, 12:24 م]ـ
قرأت للشيخ العثيمين ـ رحمه الله تعالى ورضي عنه ـ استنكارا على الشباب الذين يطيلون شعورهم بحجة أن ذلك من التسنن، و قد وضح الشيخ أن أمر إطالة الشعر هو من باب العادات التي يتبع فيها عادات القوم فلا تكون شهرة
والله تعالى أعلم
ـ[أبو عبد الغفور]ــــــــ[03 - 12 - 05, 02:34 م]ـ
هل لك يا أخ محمد رشيد ان تدلني على كلام الشيخ اين هو؟؟
وجزاك الله خيرا.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[03 - 12 - 05, 06:08 م]ـ
بارك الله فيكم:
في المغني:
اتخاذ الشعر أفضل من إزالته:
قال أبو إسحاق: سُئل أبو عبد الله عن الرجل يَتَّخِذُ الشَّعر؟ فقال: " سُنَّة حَسَنة، لو أمكننا اتخذناه "
وقال: " كان للنبي صلى الله عليه وسلم جُمَّة "
وقال: " تسعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لهم شعر، وقال: عشرة لهم جمم " انتهى
والجُمَّة: الشَّعر النازل إلى المنكبين.
وتأمل أخي الفاضل هذا الحديث:
عن ابن عباس رضي الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَسْدُِلُ شعره، وكان المشركون يَفْرِقون رؤوسهم، وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم،
وكان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشئ، ثم فَرَقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رأسَه ".
أخرجه البخاري في " المناقب/باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم "، ومسلم في " الفضائل " ... [ينظر: مختصر الشمائل ص34 - 37]
و (سدل السعر) إرساله. ومعنى (فَرَق رأسه): أي ألقى الشعر إلى جانبي رأسه. اهـ قاله الألباني رحمه الله.
قال العبد الفقير (أشرف): ونحن نحب موافقة النبي صلى الله عليه وسلم، ولو أمكننا لاتخذناه.
ـ[أبو أروى]ــــــــ[03 - 12 - 05, 06:29 م]ـ
السؤال ليس في ثبوت تطويل النبي صلى الله عليه وسلم شعره قدر الجمة، فقد ثبت هذا وثبت غيره أي قصه ولكن السؤال هل إطالة الشعر وتقصيره من باب التسنن فيقتدى فيه بالنبي صلى الله عليه وسلم أم من باب العادة فيصير الأمر من باب العرف وحينها يكون لكل قوم عرفهم خاصة ولم يرد في الشعر من ناحية النهي فيما اعلم بالنسبة للرجال إلا نهيه عليه الصلاة والسلام عن القزع او ما أشار إليه صلى الله عليه وسلم عند وصفه للخوارج بأن سيماهم التحليق والتحليق كما قاله شيخنا محمد علي فركوس هو المبالغة في الحلق حتى الإنهاك ويعضد هذا عمل عمر بن الخطاب بذلك ونهيه عن التحليق فأظن ان السؤال يجب أن يطرح هكذا ولإخوانناان يفيدونا اكثر وجزى الله السائل والمجيب خيرا
أخوكم ابو أروى
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[03 - 12 - 05, 07:17 م]ـ
وفي المغني:
يستحب أنْ يكون شعر الإنسان على صفة شعر النبي صلى الله عليه وسلم، إذا طال فإلى منكبيه، وإنْ قصره فإلى شحمة أذنيه، وإن طوله فلا بأس، نصَّ عليه أحمد.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[04 - 12 - 05, 12:09 ص]ـ
كلام الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى ورضي عنه إنما كان في عدد من أعداد مجلة التوحيد، حيث عادتهم ـ و أظنها لازالت ـ أن يأتوا في باب الفتاوى بفتاوى للشيخ العثيمين رحمه الله تعالى، و هم يأخذونها قطعا من مصدر جاع كمجموع فتاويه .. فسل الإخوة يجيبوك إن شاء الله تعال .. وفقك الله لكل خير
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[04 - 12 - 05, 01:31 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=30599&highlight
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=17318&highlight=%E6%D9%DD%C7%C6%D1
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=15083&highlight=%C7%CA%CE%C7%D0+%C7%E1%D4%DA%D1
ـ[محمد أفندي]ــــــــ[04 - 12 - 05, 03:16 ص]ـ
نعم إطلاق الرجل شعره شىء جميل لاته من السنه ولكن فى بعض البلاد يصفون هذا بالتشبه بالنساء وهذا بسبب الجهل ولكن بفضل الله ثم الإخوة الذين يطلقون شعرهم عرف كثير من الناس إن هذا العمل من سنه
وليس فيه شىء
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[04 - 12 - 05, 04:11 ص]ـ
راجع هذا الرابط، فقد خصص المؤلف فصولا في سنية الوفرة، وأن حلق الرأس والتزام ذلك بدعة، وهو فريد في بابه ..
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=39757&highlight=%CA%CD%CF%ED%CF+%C7%E1%C3%D3%E4%C9(55/137)
من هو عبدالله بن سبا؟
ـ[حافظ عبدالمنان]ــــــــ[03 - 12 - 05, 05:32 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من هو عبدالله بن سبا؟
وما هي عقيدته؟
وما هي الفتن التي ظهرت على يده؟؟
كيف أطلع على ترجمته؟
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[03 - 12 - 05, 06:06 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
http://www.saaid.net/Doat/Althahabi/1/3.zip
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[03 - 12 - 05, 06:09 ص]ـ
أخي كتب احسان الهي ظهير مهمة في هذا الباب
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[03 - 12 - 05, 06:16 ص]ـ
http://arabic.islamicweb.com/shia/ibn_saba_true.htm http://arabic.islamicweb.com/shia/ibn_saba_founder.htm http://www.altareekh.com/doc/article.php?sid=825&mode=&order=0 [URL=http://www.ansar.org/books/sabaa.htm]http://www.ansar.org/books/sabaa.htm ]
http://www.alsaha.com/sahat/Forum2/HTML/006755.html
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[03 - 12 - 05, 06:49 ص]ـ
أعتذر .. هناك خطأ فى بعض الروابط السابقة وها هي الروابط الصحيحة:
http://arabic.islamicweb.com/shia/ibn_saba_founder.htm http://arabic.islamicweb.com/shia/ibn_saba_true.htm http://www.altareekh.com/doc/article.php?sid=825&mode=&order=0 http://www.ansar.org/books/sabaa.htm http://www.alsaha.com/sahat/Forum2/HTML/006755.html http://frqan.com/arts.php?artid=9
ـ[حافظ عبدالمنان]ــــــــ[09 - 12 - 05, 05:54 ص]ـ
إخواني الكرام
جزاكم الله خيرا(55/138)
لدي اسئلة نفع الله بكم
ـ[رحمات]ــــــــ[03 - 12 - 05, 07:26 ص]ـ
الحمد لله
هل كل الشيعة رافضة أم هم انواع وطبقات وكيف نعاملهم
هل يكفر أهل العلم أي طائفة تتوجه للقبلة أوتشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله
هل يجوز أو ورد بالسنة الدعاء على اليهود والنصارى
وأخيرا
هل من النافع استعمال الأقراص المضغوطة Cd لمعرفة الحديث والبحث عنه
وأي الشركات ترجحون أي أيها أفضل
جزاكم الله عنا خيرا
ـ[الليث السكندري]ــــــــ[03 - 12 - 05, 02:01 م]ـ
اخي الكريم
أما سؤالك الأول فليس كل الشيعة رافضة فهناك الزيدية على سبيل المثال لا يرفضون أبا بكر و عمر
أما السؤال الثاني فالطائفة التي تتوجه للقبلة و تشهد بالشهادتين--بشروطهما المعروفة-- لا تكفر اما مجرد النطق بهما مع عدم تحقيق الشروط فلا شك في كفرهم ((كطائفة أما الأشخاص ففي تكفير المعين كلام يضيق عنه المقام)) كمن يدعون أقطابا يدبرون الكون مع الله أو غيرها مما ينقض الشهادتان
ـ[رحمات]ــــــــ[04 - 12 - 05, 04:00 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وباقي الأسئلة وخاصة الدعاء على اليهود والنصارى
نفع الله بكم
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[04 - 12 - 05, 04:22 م]ـ
السؤال:
ما حكم لعن (وليس سب فقط) اليهود والنصارى أفرادا أو جماعات أحياءً كانوا أم أمواتا؟.
الجواب:
الحمد لله
قال صاحب لسان العرب: اللعن: الإبعاد والطرد من الخير، وقيل الطرد والإبعاد من الله، ومن الخَلْق السب والدعاء.
واللعن يقع على وجهين:
الأول: أن يلعن الكفار وأصحاب المعاصي على سبيل العموم، كما لو قال: لعن الله اليهود والنصارى. أو: لعنة الله على الكافرين والفاسقين والظالمين. أو: لعن الله شارب الخمر والسارق. فهذا اللعن جائز ولا بأس به. قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/ 203): ويجوز لعن الكفار عامة اهـ.
الثاني: أن يكون اللعن على سبيل تعيين الشخص الملعون سواء كان كافراً أو فاسقاً، كما لو قال: لعنة الله على فلان ويذكره بعينه، فهذا على حالين:
1 - أن يكون النص قد ورد بلعنه مثل إبليس، أو يكون النص قد ورد بموته على الكفر كفرعون وأبي لهب، وأبي جهل، فلعن هذا جائز.
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/ 214): ويجوز لعن من ورد النص بلعنه، ولا إثم عليه في تركه اهـ.
2 - لعن الكافر أو الفاسق على سبيل التعيين ممن لم يرد النص بلعنه بعينه مثل: بائع الخمر – من ذبح لغير الله – من لعن والديه – من آوى محدثا - من غير منار الأرض – وغير ذلك.
" فهذا قد اختلف العلماء في جواز لعنه على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه لا يجوز بحال.
الثاني: يجوز في الكافر دون الفاسق.
الثالث: يجوز مطلقا " اهـ
الآداب الشرعية لابن مفلح (1/ 303).
واستدل من قال بعدم جواز لعنه بعدة أدلة، منها:
1 - ما رواه البخاري (4070) عن عبد الله بن عمر أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ مِنْ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ الْفَجْرِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلانًا وَفُلانًا وَفُلانًا بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ).
2 - ما رواه البخاري (6780) عن عمر أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله، وكان يلقب حمارا، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب، فأتي به يوما فأمر به فجلد، قال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تلعنوه، فو الله ما علمت، أنه يحب الله ورسوله).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (6/ 511):
" واللعنة تجوز مطلقا لمن لعنه الله ورسوله، وأما لعنة المعين فإن علم أنه مات كافرا جازت لعنته، وأما الفاسق المعين فلا تنبغي لعنته لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يلعن عبد الله بن حمار الذي كان يشرب الخمر، مع أنه قد لعن شارب الخمر عموما، مع أن في لعنة المعين إذا كان فاسقا أو داعيا إلى بدعة نزاعاً " اهـ " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "القول المفيد" (1/ 226):
" الفرق بين لعن المعين ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم؛ فالأول (لعن المعين) ممنوع، والثاني (لعن أهل المعاصي على سبيل العموم) جائز، فإذا رأيت محدثا، فلا تقل لعنك الله، بل قل: لعنة الله على من آوى محدثا، على سبيل العموم، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صار يلعن أناسا من المشركين من أهل الجاهلية بقوله: (اللهم! العن فلانا وفلانا وفلانا) نهي عن ذلك بقوله تعالى: (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) رواه البخاري" اهـ.
والله تعالى أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/139)
ـ[رحمات]ــــــــ[06 - 12 - 05, 05:04 م]ـ
نفع الله بكم
لكن هل يجوز أن نقول اللهم اهلك اليهود الغاصبين والنصارى المعتدين بالعراق او اللهم عذب الشيعة الرافضة الذين يقتلون ويعذبون المسلمين
هذا مقصودي
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[06 - 12 - 05, 06:27 م]ـ
السلام عليكم،،، لِمَ لا يجوز يا أخي؟
ادع عليهم بأن يخزيهم الله وينصر المجاهدين عليهم. فهذا إلتجاء إلى الله، والله يحب أن يلتجئ إليه عبده، فإن لم تستطع قتالهم فادع عليهم.
ولا شك في أن الرافضة الذين يعذبون المجاهدين منافقون ظهر كفرهم.
((رب اغفر لي ولوالديّ ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تباراً)) سورة نوح
فإذا سمعت بعمليات للمجاهدين ضد الكفرة فادع عليهم مثل ما دعا نوح: اللهم لا تزدهم إلا تباراً.
ـ[رحمات]ــــــــ[07 - 12 - 05, 02:33 ص]ـ
نفع الله بكم وأجزل لكم المثوبة
ـ[رحمات]ــــــــ[07 - 12 - 05, 02:40 ص]ـ
نفع الله بكم وأجزل لكم المثوبة
ـ[رحمات]ــــــــ[09 - 12 - 05, 08:08 ص]ـ
وهل نكفر طائفة تقول بخلق القرآن؟؟
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[09 - 12 - 05, 08:33 ص]ـ
هذا القول كفر، لكن لا نكفر أحداً إلا إن أقمنا عليه الحجة والبينة؛ والتكفير صعب.
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[09 - 12 - 05, 08:37 ص]ـ
القول بخلق القرءان قول كفري، لكن لا تتسرع في تكفير المعين إلا بعد انتفاء موانع التكفير عنه، فقد يكون جاهلاً، أو متأولاً، أو غير ذلك من الموانع ..
وأرشدك إلى دراسة العقيدة السلفية على يد شيخ موثوق، أو بقراءة كتاب ميسر، وأنصحك بالوجيز ( http://saaid.net/book/open.php?cat=1&book=1798&PHPSESSID=b58dd580cf07130d86bf31f160cdd4f4).. فستجد فيه بإذن الله ما يشفي غليلك ..
ومما جاء فيه متعلقًا بسؤالك:
(ومن أصول عقيدة السلف الصالح؛ أهل السنة والجماعة:
أنهم لا يكفرون أحداً بعينه من المسلمين ارتكب مكفراً إلا بعد إقامة الحجة التي يكفر تاركها؛ فتتوفر الشروط، وتنتفي الموانع، وتزول الشبهة عن الجاهل والمتأول، ومعلوم أن ذلك يكون في الأمور الخفية التي تحتاج إلى كشف وبيان، بخلاف الأشياء الظاهرة؛ مثل جحد وجود الله، وتكذيب الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وجحد عموم رسالته، وختمه للنبوة) ..
و (فرق بين الحكم المطلق على أصحاب البدع بالمعصية أو الكفر وبين الحكم على شخص معين – ممن ثبت إسلامه بيقين – صدرت عنه بدعة من البدع، بأنه عاص أو فاسق أو كافر؛ فلا يحكمون عليه بذلك حتى يبين له الحق، وذلك بإقامة الحجة وإزالة الشبهة، وهذا في الأشياء الخفية، لا في الأمور الظاهرة؛ ثم هم لا يكفرون المعين إلا إذا تحققت فيه الشروط وانتفت الموانع) ..
و ( .. (من ثبت إسلامه بيقين فلا يزول بشك) على ضوء هذه القاعدة السلفية سار سلفنا الصالح، فكانوا أبعد الناس من التكفير، ولذلك: (لما سئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن أهل النهروان أكفار هم؟ قال: من الكفر فروا، فسئل: أمنافقون هم؟ قال: المنافقون لا يذكرون الله إلا قليلا، وأولئك يذكرون الله صباح مساء، وإنما هم إخواننا بغوا علينا) [أخرجه البيهقي في (السنن الكبرى) ج 8 ص 173].
ومن الضروري أن نفرق بين النوع والعين في التكفير ذلك أنه ليس كل ما هو كفر يكفر به شخص بعينه؛ فينبغي التفرقة بين الحكم على القول بأنه كفر والحكم على صاحبه المعين بأنه كافر. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فالمتأول الجاهل والمعذور ليس حكمه حكم المعاند والفاجر؛ بل قد جعل الله لكل شيء قدرا) [مجموعة الرسائل والمسائل: 5/ 382].
وقال رحمه الله: (وإذا عرف هذا فتكفير المعين من هؤلاء الجهال وأمثالهم بحيث يحكم عليه بأنه مع الكفار لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة بالرسالة التي يبين بها لهم أنهم مخالفون للرسول، وإن كانت مقالتهم هذه لا ريب أنها كفر، وهكذا الكلام في جميع تكفير المعينين) [مجموعة الرسائل والمسائل: 3/ 348]) انتهى ..
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[09 - 12 - 05, 12:02 م]ـ
هذه محاضرة هامة جدا للشيخ محمد حسن عبد الغفار.
بعنوان (تلخيص التأصيل فى قضية التكفير)
أنصحك و كل اخوانى بسماعها
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=28608
ـ[أبو عمرو العدني]ــــــــ[10 - 12 - 05, 12:38 ص]ـ
هل كفر العلماء المعتزلة مع قولهم بخلق القران
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[10 - 12 - 05, 01:26 ص]ـ
أسمع المحاضرة بارك الله فيك وستعرف الجواب
ـ[رحمات]ــــــــ[15 - 12 - 05, 05:11 ص]ـ
نفع الله بكم ورفع قدركم
لكن هل ورد حديث عن المصطفى بالدعاء على اليهود والنصارى
هل توجد المحاضرة مكتوبة لأنني لا أسمع جزيت خيرا
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[15 - 12 - 05, 08:23 ص]ـ
إن شاء الله أفرغ لكى المحاضرة أختاه فقط أمهلينى بعض الوقت
ـ[رحمات]ــــــــ[15 - 12 - 05, 01:57 م]ـ
اللهم اجعل لك بكل حرف ونقطة من الحاضرة الحسنات الجزال و لا حرمك الله من حاسة بل نعمة السمع واسمعك صوت الملائكة ترحب بك عند دخول الجنة اللهم آمين
ولكن هل تستعمل برنامج لتفريغ المحاضرة أو لديك فكرة عنها بورك فيك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/140)
ـ[سليمان المصرى]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:49 م]ـ
من الهام معرفة عوارض الاهليه والتى تمنع انزال الحكم الشرعى ولو بالكفر على احد اما مسألة اللعن فلا احبذه لحديث النبى (ليس المؤمن بلاعن) والاولى الدعاء بالنصر للمجاهدين وبالهدايه للكفار اقتداء بالنبى فى دعاءه بهداية احب العمرين اليه وكلاهما كانوا حينها من صناديد الكفر
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[29 - 12 - 05, 01:54 ص]ـ
الاخت الفاضلة رحمات أعرف انى تاخرت كثيرا لكن لى عذر و الله يعلم
هذه هى المحاضرة انقلها إليكى مع بعض التصرف و بعض الحذف وبعض الزيادات لتتم الفائدة إذ أن الشرح المتلقى من التقرير ليس كالشرح المكتوب بالتحرير كما هو معلوم، أباح لى ذلك فى ظنى معرفتى بالشيخ و بقصد كلامه جيدا و هذه المحاضرة احدى دروس الشيخ فى شرح كتاب التوحيد لإبن خزيمة رحمه الله.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيراونساءواتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) (يا أيها الذين آمنوا إتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما). أما بعد
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم و شر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار ... أما بعد
اليوم إن شاء الله نتكلم عن مسألة هى من أهم المسائل وهى مسألة حكم من قال بأن القرآن مخلوق.
هذه المسألة مهمة جدا لأننا سندرج فيها من التأصيل ما لابد لكل طالب علم أن يتعلمه بل ويتقنه لأن الضلال فيه بعيد.
حكم من قال بان القرآن مخلوق أنه كافر هذا ما نقل عن السلف أصالة، من قال بأن القرآن مخلوق مثله مثل الشجر مثل الأنهار مثل الإنسان ... مخلوق فهو كافر.
هذا هو الحكم إجمالا و لكن هناك قاعدة يجب علينا أن نقررها و نكررها فقد قررناها من قبل وهى قاعدة التكفير.
فالتكفير من اصعب ما يكون و أشق ما يكون لا يتجاسر عليه إلا جرىء جاهل و لا يتجرأ الإنسان على تكفير معين إلا بدليل اوضح من شمس النهار لخطورة هذه المسألة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما)
لذلك فهذه المسألة جد خطيرة و لضبطها يجب ضبط أربعة قواعد:
أولا: التكفير حق محض لله تعالى
فالتكفير حكم شرعي مثله مثل الحلال و الحرام فهو حق محض لله تعالى قال تعالى (ما على الرسول إلا البلاغ)
والكافر من حكم الله فى كتابه أو على لسان رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه كافر و المؤمن من حكم الله فى كتابه او على لسان رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه مؤمن.
فمن دخل حظيرة الإيمان لا يجوز لأحد أن يخرجه منها إلا ببرهان من الله لأن الله تعالى وسمه بالإيمان فلا يجوز لأحد أن يسمه بالكفر و من فعل إفتراء من غير برهان كان الجزاء من جنس العمل جزاء وفاقا و اجرا طباقا أن تحور عليه كلمة الكفر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه)
ولنا دليل فى حديث أبى عمران الجوني عن جندب فى صحيح مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن رجلا قال والله لا يغفر الله لفلان وإن الله تعالى قال من ذا الذي يتألى علي أن أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/141)
و لفظه عند أبى داود من حديث أبى هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين فكان أحدهما يذنب والآخر مجتهد في العبادة فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول أقصر فوجده يوما على ذنب فقال له أقصر فقال خلني وربي أبعثت علي رقيبا؟ فقال والله لا يغفر الله لك أو لا يدخلك الله الجنة فقبض أرواحهما فاجتمعا عند رب العالمين فقال لهذا المجتهد أكنت بي عالما؟ أو كنت على ما في يدي قادرا؟ وقال للمذنب اذهب فادخل الجنة برحمتي وقال للآخر اذهبوا به إلى النار قال أبو هريرة والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت (أهلكت) دنياه وآخرته.
فالله تعالى عاقبه أشد عقاب إذ أن مغفرة الذنوب .. الحكم على أحد بدخول الجنة أول بدخول النار حق محض لله تعالى ومن لوازم ربوبيته ومن نازع الله فى ربوبيته فهو على شفا هلكة و خطر عظيم.
ثانيا: لابد من التفريق بين الحكم العام و بين إنزال هذا الحكم على المعين
فقد جاء فى الأيات والأحاديث إطلاق كلمة الكفر على من فعل فعل معين او قال قول معين فلابد من التفريق بين فعل الكفر وقول الكفر وبين أن نقول هذا الذى فعل هذا الفعل أو قال هذا القول كافر
دليل ذلك ما رواه أبو يعلى فى مسنده عن عمر أن رجلا كان يلقب حمارا وكان يهدى إلى النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فجىء به إلى النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقد شرب الخمر فأمر به النبى صلى الله عليه وسلم فحد
فقال رجل أللهم العنه فقال النبى صلى الله عليه وسلم لا تلعنوه فإنه يحب الله ورسوله.
فوجه الدلالة أنه شارب للخمر و شارب الخمر مستحق للعن و لكن حكم اللعن العام لم ينزل على حمار رضى الله عنه و أرضاه بل أنكر النبى صلى الله عليه وسلم على من فعل ذلك
فهذا يبين أن هناك فرق بين النوع وبين المعين بين أن نقول الفعل فعل كفر والقول قول كفر وبين أن نقول فلان الذى فعل أو قال كافر.
وهناك أيضا حديث البخاري و مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (كان رجل يسرف على نفسه فلما حضره الموت قال لبنيه إذ أنا مت فأحرقوني ثم اطحنوني ثم ذروني في الريح فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه أحد فلما مات فعل به ذلك فأمر الله الأرض فقال اجمعي ما فيك منه ففعلت فإذا هو قائم فقال ما حملك على ما صنعت؟ قال يا رب خشيتك فغفر له)
فهذا الرجل شك فى قدرة الله على بعثه و ظن أن الله لن يستطيع ان يبعثه إذا أحرق وصار رمادا وهذا كفر بالله العظيم الذى لا يعجزه شىء فى الأرض ولا فى السماء ولكن مع هذا غفر الله له رغم أنه جاء بكفر إلا أنه لم يكفر فلو كان كافر ما غفر الله له ابدا.
ثالثا:من ثبت إيمانه بيقين لا يزول بشك بحال من الأحوال
فمن قال لا إله إلا الله ثبت له حكم الإسلام يقينا و صار له ما للمسلمين و عليه ما عليهم و ليس لأحد أن يشكك فى إسلامه لظن أو وهم.
دليل ذلك حديث البخاري عن أسامة بن زيد رضى الله عنهما و أرضاهما قال بعثنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال لا إله إلا الله فكف الأنصاري عنه فطعنته برمحي حتى قتلته فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال (يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله). قلت كان متعوذا فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم
وفى رواية مسلم قال (أفلا شققت عن قلبه أقالها أم لا)
فهذه دلالة صريحة على أن من ثبت إيمانه بيقين لا يجوز ولا يسوغ ولا يحل أن نخرجه من حظيرة الإيمان بشك أو ظن أو حتى غلبة ظن.
رابعا: حكم الكفر لا يثبت إلا بتوافر شروط وأنتفاء موانع
مثال ذلك رجل قال فرض الصلوات ثلاث صلوات فقط فى اليوم والليلة أيكفر أم لا؟
الجواب أنه توافرت شروط الكفر فيه فقد جحد معلوم من الدين بالضرورة و لكن ننتظر حتى نتثبت من امره فنجده مثلا حديث عهد بإسلام فهو جاهل و هذا مانع من تكفيره رغم أنه أتى بكفر ولكنه ليس بكافر.
فلابد من إقامة الحجة الرسالية على العباد قال تعالى (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/142)
فالجهل من الموانع والخطأ و شدة الغضب وشدة الفرح كما قال الرجل أللهم أنت عبدى وانا ربك ومن الموانع الإكراه قال تعالى (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم)
ومن الموانع التأويل: قال شيخ الإسلام بعدما جاء بحديث الرجل الذى أوصى لأولاده بحرقه (فهذا رجل شك فى قدرة الله وفى اعادته اذا ذرى بل اعتقد أنه لا يعاد وهذا كفر باتفاق المسلمين لكن كان جاهلا لا يعلم ذلك وكان مؤمنا يخاف الله أن يعاقبه فغفر له بذلك
والمتأول من أهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول أولى بالمغفرة من مثل هذا)
مثال ذلك قاتل المؤمن عمدا فقد أتى بمقتضى العقوبة وتوافر شرط خلوده فى النار ولكن لم تنتفى الموانع فالتوحيد مانع والتوبة مانع و القصاص مانع فلا يلزم من وجود مقتضى الحكم وشرطه وجوده فإن الحكم إنما يتم بوجود مقتضيه وانتفاء مانعه.
و قد روى أبو داود و الحاكم و غيره عن عمارة بن خزيمة أن عمه حدثه وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
: أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من أعرابي فاستتبعه النبي صلى الله عليه وسلم ليقضيه ثمن فرسه فأسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشي وأبطأ الأعرابي فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس ولا يشعرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاعه فنادى الأعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن كنت مبتاعا هذا الفرس وإلا بعته فقام النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع نداء الأعرابي فقال " أوليس قد ابتعته منك " فقال الأعرابي لا والله ما بعتكه فقال النبي صلى الله عليه وسلم " بلى قد ابتعته منك " فطفق االأعرابي يقول هلم شهيدا فقال خزيمة بن ثابت أنا أشهد أنك قد بايعته فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة فقال " بم تشهد؟ " فقال بتصديقك يارسول الله فجعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين.
فهذا الأعرابي كذب النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فى أمر الفرس لكنالنبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يحكم بكفره لعلمه بما عليه الأعراب من جهل و قسوة طبع وجلافة وقد قال الله تعالى عنهم {وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله}
وكذلك حديث الرجل الذى أمر أولاده أن يحرقوه بعد موته فيه دلالة على هذه القاعدة فقد توافر شرط الكفر ومقتضاه وهو شكه فى قدرة الله و لكنه لم يكفر لتوافر موانع مثل كونه جاهلا و كونه مؤمنا يخاف الله جل وعلا.
فهذه التأصيلات السابق يجب أن تكون أمام اعيننا عند البحث فى مسائل الإيمان والكفر.
وعودا لموضوع الدرس وهو حكم من قال بأن القرآن مخلوق فهو كافر لأنه كذب بالقرآن قال تعالى (و إن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) فالقرآن كلام الله بنص قوله تعالى فمن كذب بهذه الأية فهو كافر و قد نقل ذلك عن كثير من أئمة السلف.
قال الأمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة والجماعة من قال القرآن مخلوق فهو عندنا كافر
وقال مالك بن أنس رحمه الله يقول من قال القرآن مخلوق يوجع ضربا ويحبس حتى يموت
وعن سفيان بن عيينة قال من قال القرآن مخلوق كان محتاجا أن يصلب على ذباب يعني جبل
وكان وكيع يقول من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أنه محدث يستتاب فان تاب والا ضربت رقبته
وقال من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أن شيئا من الله مخلوق فقيل له من أين قلت هذا قال لأن الله يقول (ولكن حق القول منى لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين)
وعن يحيى بن معين قال من قال القرآن مخلوق فهو كافر
وعن عمرو بن دينار قال أدركت تسعة من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقولون من قال القرآن مخلوق فهو كافر
وقال الإمام الأشعري فى كتابه الإبانة
(ومن قال: إن القرآن غير مخلوق وإن من قال بخلقه كافر من العلماء وحملة الآثار ونقلة الأخبار وهم لا يحصون كثرة ومنهم: حماد والثوري وعبد العزيز بن أبي سلمة ومالك بن أنس رضي الله عنه والشافعي رضي الله عنه وأصحابه وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل ومالك رضي الله عنهم والليث بن سعد رضي الله عنه وسفيان بن عيينة وهشام وعيسى بن يونس وجعفر ابن غياث وسعيد بن عامر وعبد الرحمن بن مهدي وأبو بكر بن عياش ووكيع وأبو عاصم النبيل ويعلى بن عبيد ومحمد بن يوسف وبشر ابن الفضل وعبد الله بن داود وسلام بن أبي مطيع وابن المبارك وعلي بن عاصم وأحمد بن يونس وأبو نعيم وقبيصة بن عقبة وسليمان بن داود وأبو عبيد القاسم بن سلام ويزيد بن هارون وغيرهم ولو تتبعنا ذكر من يقول بذلك لطال الكلام وفيما ذكرنا من ذلك مقنع والحمد لله رب العالمين)
وأعتذر مرة أخرى عن التاخير و أسأل الله أن ينفعك بما كتب و لا تنسى أن تدعى للشيخ محمد حسن عبد الغفار صاحب المحاضرة.(55/143)
أرجوكم عاجل: هل يجوز الدعاء للكافر بطول العمر
ـ[غزالة]ــــــــ[03 - 12 - 05, 12:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت في حوار مع أحد الإخوة للفت نظره حيث أنه دائم الدعاء للكفار في آخر الحوار معهم بطول العمر، حيث الحوار بنادي للأقباط لدعوتهم، فلما لفت نظره لهذا ذاكرة له الأدلة التالية:
أقوال مأثورة لسفيان الثوري:
قال الثوري: من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى الله. سير أعلام النبلاء 7/ 46.
وقال: النظر إلى وجه الظالم خطيئة، ولا تنظروا إلى الأئمة المضلين إلا بالإنكار من قلوبكم عليهم لئلا تحبط أعمالكم.
سير أعلام النبلاء 7/ 40.
مسألة: الدعاءللظالم بالبقاء وطول العمر ونحو ذلك:
وكلنا نعلم أن الشرك لظلم عظيم، كما جاء بالقرآن
روي في ذلك أثر، لفظه: ((من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى الله)).
روي من قول غير واحد من السلف منهم: الحسن البصري، وسفيان الثوري، ويوسف بن أسباط:
أولاً أثر الحسن البصري:
أخرجه البيهقي في الشعب (9432)، وابن أبي الدنيا في الصمت (231) و في الغيبة والنميمة (94) من طريقين عن عبيد الله بن عمرو الرقي قال: سمعت يونس بن عبيد، يقول سمعت الحسن به.
ثانياً أثر سفيان الثوري:
أخرجه أبو نعيم في الحلية 7/ 46 في ترجمة سفيان الثوري.
ثالثاً أثر يوسف بن أسباط:
أخرجه أبو بكر المروذي في الورع ص 97، وأبو نعيم في الحلية 8/ 240.
*********
ولكنه رد علي بالحديث التالي وقال معناه أنه يبطل كل ما قدمت له من أدله سبق وذكرتها أعلاه لحضراتكم: وهذا الحديث الذي يقول أنه يبطل إدعاءاتي:
حدثنا سعيد بن تليد قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عاصم بن حكم أنه سمع يحيى بن أبي عمرو الشيباني عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني:
أنه مر برجل هيأته هيأة مسلم فسلم فرد عليه وعليك ورحمة الله وبركاته فقال له الغلام إنه نصراني فقام عقبة فتبعه حتى أدركه فقال إن رحمة الله وبركاته على المؤمنين لكن أطال الله حياتك وأكثر مالك وولدك.
قال الألباني: حسن.
الادب المفرد رقم الحديث: 1112.
فأيّنا على الصواب بارك الله فيكم، أرجو الرد عاجلا
وجزاكم الله خيرا
ـ[غزالة]ــــــــ[04 - 12 - 05, 11:57 م]ـ
أساتذتي / بارك الله فيكم
لم أتلق ردا حتى الآن!!!!
ـ[غزالة]ــــــــ[28 - 12 - 05, 01:18 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أساتذتي الأفاضل:
إنتظرت طويلا بلا جواب لسؤالي حتى الآن؟
هل هو صعب عليكم إلى مثل هذه الدرجة؟؟ فماذا نفعل نحن من البسطاء في العلم؟؟
وسؤال آخر في نفس المجال تقريبا:
أرى وأسمع الغالبية من المسلمين الذين يلتقون بالكفرة على النيت أو غيرها من معتركات الحياة في حديثهم لهم يقولون:
أخي الحبيب
سيدي الفاضل
عزيزي فلان
ما الحكم الشرعي في هذه الألفاظ؟
إن لم نجد عند حضراتكم ردا فأين نجده،، بارك الله فيكم دلّوني.
إن كان الرد فيه شئ من الإحراج أو المسؤلية فعلى الأقل يكون الرد برسالة خاصة،، أمّا إهمال الرد نهائيا ألا ترون معي أنّه يُعرض للمسؤلية؟
والسلام عليكم
ـ[أبو بكر الغزي]ــــــــ[28 - 12 - 05, 04:49 م]ـ
يا أخي، واضحة وضوح الشمس!!!!!!!!!!!!!!
أنت بنفسك، إن كنت ’قديم العهد بالالتزام‘، شديداً في الفقه، ملاحظاً لحديث من سبقك بالعلم، ستلحظ أن الدعاء بطول العمر للمسلم مقرون دوماً بحصوله "في طاعة الله"!!!! فأن تدعو لكافر بطول العمر فقط ......... طبعاً هذا خطأ!!!!! إن كنا للمسلمين منا ندعو بطول العمر ... زائداً ... طاعة الله فيه، فماذا عن الكافر؟؟؟؟
أدعوا له بالهداية فقط، وكفى!!!
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[28 - 12 - 05, 05:27 م]ـ
ستلحظ أن الدعاء بطول العمر للمسلم مقرون دوماً بحصوله "في طاعة الله"!!!!
فائدة على الهامش:
الشيخ ابن باز يرى أن لا بأس في الإطلاق
ـ[أبو عاصم الطحان]ــــــــ[28 - 12 - 05, 06:06 م]ـ
وهذا الحديث الذي يقول أنه يبطل إدعاءاتي:
حدثنا سعيد بن تليد قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عاصم بن حكم أنه سمع يحيى بن أبي عمرو الشيباني عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني:
أنه مر برجل هيأته هيأة مسلم فسلم فرد عليه وعليك ورحمة الله وبركاته فقال له الغلام إنه نصراني فقام عقبة فتبعه حتى أدركه فقال إن رحمة الله وبركاته على المؤمنين لكن أطال الله حياتك وأكثر مالك وولدك.
قال الألباني: حسن.
الادب المفرد رقم الحديث: 1112.
فأيّنا على الصواب بارك الله فيكم، أرجو الرد عاجلا
وجزاكم الله خيرا
الصحيح أن راوي الحديث عن عقبة بن عامر إنما هو أبو عمرو السَيْباني بالمهملة لا الشيباني بالمعجمة، وهذا قيل اسمه زُرعة كما في تاريخ دمشق، وكما جزم به ابن حجر في التقريب، وقال عنه رحمه الله: "مقبول" والمقبول عند ابن حجر مقبول حديثه حيث يتابع، وإلا فلين الحديث، ومن كان هذا حاله فلا يُحسن حديثه إلا بمتابعة على أقل تقدير، وهذا فيما وجدت تفرد بهذه الرواية ولم يتابعه أحد، وعليه فالرأي أن أثره هذا ضعيف لا يصح إلى عقبة بن عامر والله تعالى أعلم.
ثم إن هذا الأثر ولو على فرض صحته فإنما هو فعل صحابي لا بفعل نبي، وليس فعل الصحابة مصدر تشريع حتى نبني عليه أحكامنا لا سيما في مثل هذه الأقوال، والأصل ترك مثل هذه الأقوال، بل الصحيح التحذير منها في شأن هؤلاء لأنهم يضلون ولا يصلحون ويفسدون ولا يحسنون (قال رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا) نعم قد لا ندعو بدعوة نوح عليه السلام لأن من هؤلاء من يدخل الإسلام لكننا في الوقت ذاته لا نطلب لهم طول العمر وكثرة الولد وهم على هذا الكفر والطغيان ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/144)
ـ[غزالة]ــــــــ[29 - 12 - 05, 12:17 م]ـ
جزاكم الله خيرا أخوتي الأفاضل، تقبل الله تعالى منكم وجعله في موازين أعمالكم يوم القيامة
ـ[أبو عاصم الطحان]ــــــــ[29 - 12 - 05, 06:07 م]ـ
فائدة على الهامش:
الشيخ ابن باز يرى أن لا بأس في الإطلاق
هل تتفضل أخي الكريم فتأتينا برأي الشيخ رحمه الله مختصرا في هذا الرابط مشكورا
ـ[أبو الزبير الأنصاري]ــــــــ[30 - 12 - 05, 12:23 ص]ـ
حدثنا سعيد بن تليد قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عاصم بن حكم أنه سمع يحيى بن أبي عمرو الشيباني عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني:
أنه مر برجل هيأته هيأة مسلم فسلم فرد عليه وعليك ورحمة الله وبركاته فقال له الغلام إنه نصراني فقام عقبة فتبعه حتى أدركه فقال إن رحمة الله وبركاته على المؤمنين لكن أطال الله حياتك وأكثر مالك وولدك.
قال الألباني: حسن.
الادب المفرد رقم الحديث: 1112.
بسم الله والحمدلله وبعد ..
الأثر أعلاه لا دلالة فيه على ما ذهب صاحبك، بل هو حجة عليه، وبيان ذلك:
1 - الأثر أن عقبة ظن أن هذا الرجل مسلما فسلّم عليه لغلبة الظن أنه مسلم، فلو كان يعلم أنه غير مسلم لما سلم عليه وما دعى له (أعني أن السلام متضمن للدعاء فلن يسلم عليه لكي لا يدعو له).
ويوضح ذلك بداية قول عقبة: (إن رحمة الله وبركاته على المؤمنين) حيث حصر الرحمة والبركة في المؤمنين.
2 - ثم الجزء الثاني من المقولة (لكنْ أطالَ اللهُ حياتَك وأكثرَ مالَكَ وولدَكَ) فهذه العبارة ليست دعاءً له بطول الحياة وكثرة المال والولد، بل هي استدراك على العبارة الأولى، وهي من باب الاخبار عن حال الرجل، فهو يخبره أنه: رغم أن رحمة الله وبركاته على المؤمنين إلا أن قد أطال الله في عمرك وكثر من مالك وولدك. فهي من باب الاخبار لا من باب الدعاء.
فهذا الأثر يعتبر حجة على صاحبك إن صح.
والله اعلم ..
وإن كان من خطأ فأرجو التصحيح من الإخوة وفقهم الله ..
ـ[أبو الزبير الأنصاري]ــــــــ[30 - 12 - 05, 12:46 ص]ـ
راجعت الأثر في تهذيب الكمال .. فتبين أن النصراني هو من سلم على عقبة ..
وليس عقبة من ابتدأه بالسلام ..
وهذا نص الأثر:
عن عقبة بن عامر الجهني أنه مر برجل هيئته هيئة رجل مسلم، فسلم، فرد عليه عقبة: وعليك ورحمة الله وبركاته. فقال له الغلام: أتدري على من رددت؟ فقال: أليس برجل مسلم؟ فقالوا: لا ولكنه نصراني. فقام عقبة فتبعه حتى أدركه فقال: إن رحمة الله وبركاته على المؤمنين لكن أطال الله حياتك وأكثر مالك.
تهذيب الكمال ترجمة أبو عمرو السيباني 7536.
ـ[غزالة]ــــــــ[02 - 01 - 06, 11:37 ص]ـ
بسم الله والحمدلله وبعد ..
الأثر أعلاه لا دلالة فيه على ما ذهب صاحبك، بل هو حجة عليه، وبيان ذلك:
1 - الأثر أن عقبة ظن أن هذا الرجل مسلما فسلّم عليه لغلبة الظن أنه مسلم، فلو كان يعلم أنه غير مسلم لما سلم عليه وما دعى له (أعني أن السلام متضمن للدعاء فلن يسلم عليه لكي لا يدعو له).
ويوضح ذلك بداية قول عقبة: (إن رحمة الله وبركاته على المؤمنين) حيث حصر الرحمة والبركة في المؤمنين.
2 - ثم الجزء الثاني من المقولة (لكنْ أطالَ اللهُ حياتَك وأكثرَ مالَكَ وولدَكَ) فهذه العبارة ليست دعاءً له بطول الحياة وكثرة المال والولد، بل هي استدراك على العبارة الأولى، وهي من باب الاخبار عن حال الرجل، فهو يخبره أنه: رغم أن رحمة الله وبركاته على المؤمنين إلا أن قد أطال الله في عمرك وكثر من مالك وولدك. فهي من باب الاخبار لا من باب الدعاء.
فهذا الأثر يعتبر حجة على صاحبك إن صح.
والله اعلم ..
وإن كان من خطأ فأرجو التصحيح من الإخوة وفقهم الله ..
*********************
جزاك الله خيرا
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[02 - 01 - 06, 11:46 م]ـ
هل تتفضل أخي الكريم فتأتينا برأي الشيخ رحمه الله مختصرا في هذا الرابط مشكورا
كنت أعرضت عن هذا الرابط لما ورد فيه من طعن وغيره فجزى الله المشرف خيرا على مسحه ذلك.
أخي الكريم كتبت ذلك تعقيبا لما اقتبسته وهو خاص في قول هذه الكلمة للمسلم
فالشيخ يرى أن لا بأس قي ذلك ما دامت نيته طيبة وإن قيّدها فهو أفضل (هذا ما يحضرني مختصرا)
وسأحاول أن أفرغها قريبا، إن شاء الله، ومصدرها: شرح كتاب الجهاد من صحيح البخاري وجه ب الشريط الأول
ـ[غزالة]ــــــــ[02 - 01 - 09, 12:38 ص]ـ
الصحيح أن راوي الحديث عن عقبة بن عامر إنما هو أبو عمرو السَيْباني بالمهملة لا الشيباني بالمعجمة، وهذا قيل اسمه زُرعة كما في تاريخ دمشق، وكما جزم به ابن حجر في التقريب، وقال عنه رحمه الله: "مقبول" والمقبول عند ابن حجر مقبول حديثه حيث يتابع، وإلا فلين الحديث، ومن كان هذا حاله فلا يُحسن حديثه إلا بمتابعة على أقل تقدير، وهذا فيما وجدت تفرد بهذه الرواية ولم يتابعه أحد، وعليه فالرأي أن أثره هذا ضعيف لا يصح إلى عقبة بن عامر والله تعالى أعلم.
ثم إن هذا الأثر ولو على فرض صحته فإنما هو فعل صحابي لا بفعل نبي، وليس فعل الصحابة مصدر تشريع حتى نبني عليه أحكامنا لا سيما في مثل هذه الأقوال، والأصل ترك مثل هذه الأقوال، بل الصحيح التحذير منها في شأن هؤلاء لأنهم يضلون ولا يصلحون ويفسدون ولا يحسنون (قال رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا) نعم قد لا ندعو بدعوة نوح عليه السلام لأن من هؤلاء من يدخل الإسلام لكننا في الوقت ذاته لا نطلب لهم طول العمر وكثرة الولد وهم على هذا الكفر والطغيان ..
جزاكم الله خيرا
هل لي أن احصل على مراجع لاعرف منها احوال الرجال كالمرجع الذي استخرجت منه الاقتباس السابق بارك الله فيك؟
احتاج مراجع كهذه عاجلا جزاكم الله الفردوس الاعلى(55/145)
من رعف في صلاته فخرج وتوضأ ثم جاء هل يبني على ما صلى أم يستأنف الصلاة من جديد؟؟؟
ـ[ابن زهران]ــــــــ[03 - 12 - 05, 03:43 م]ـ
الإخوة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه مسألة أحببت أن يذكر لي طلبة العلم ما عندهم فيها حتى يستفيد الجاهل ويعلم من لا يعلم.
حكم من رعف في صلاته فخرج وتوضأ ثم جاء هل يبني على ما صلى أم يستأنف الصلاة من جديد؟
وما معنى الخروج من الصلاة وهل الرعاف ناقض للوضوء أم لا؟
رجاء ذكر كلام أهل العلم فيها ونقولات السلف
وجزاكم الله خيرا؟
ـ[قاسم القاهري]ــــــــ[03 - 12 - 05, 05:09 م]ـ
اذا قلنا بنجاسة الدم كما هو الحال عند الحنابلة فوضوؤه انتقض و من ثم بطلت صلاته كمن أتى بناقض من نواقض الوضوء و بالتالي يستأنف و الله أعلم و ارجو التصحيح ان كنت مخطئا.(55/146)
سؤال عن الروافض ...
ـ[أبو عامر السلفي]ــــــــ[03 - 12 - 05, 03:45 م]ـ
- هل يجوز القول بأن "جميع" الروافض كفار؟
- وهل مصطلح "الروافض" أو "الرافضة" يعني كفار الشيعة؟
ـ[أبو عامر السلفي]ــــــــ[03 - 12 - 05, 09:31 م]ـ
لقد بحثت عن الموضوع ووجد هنا ما يفي ...
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=17498&page=1&pp=40&highlight=%D1%E6%C7%DD%D6(55/147)
سؤال حول مولود ولد وفيه تلف في المخ
ـ[أبو عبدالله الجبوري]ــــــــ[03 - 12 - 05, 04:04 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
ولد طفل قبل أسبوعين في عملية قيصيرية وتبين أن الطفل يعاني من تلف المخ وقد ذكر الأطباء أنه لن يتمكن من السمع ولا البصر ولا البلع.
واقترحوا حلين الأول أن تتم تغذيته بواسطة المغذي عن طريق الوريد وفي هذه الحالة يتوقعون أن يعيش اسبوعين.
والحالة الثانية أن يتم فتح منفذ من الحنجرة للتغذية وقد يعيش طويلا بلا أمل للشفاء ويحتاج عندئذ لرعاية على مدار الساعة، ولو غفل عنه لمدة قصيرة قد يموت.
فما هو رأيكم، ما الخيار الذي ينبغي على والديه انفاذه؟
جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[04 - 12 - 05, 02:07 ص]ـ
يختارون الحل الثانى و يصبرون ولا يتركون حلا إلا و يطرقوه فلعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.
أرجوا من الإخوة أن يتذكروه بالدعاء.
ـ[محمد سعيد]ــــــــ[04 - 12 - 05, 02:21 ص]ـ
نسأل الله أن يتم له الشفاء
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[04 - 12 - 05, 02:44 ص]ـ
اللهم اشفه وعافه، و أعن أهله وأزل كربهم
آمين
ـ[سعيد السلفي]ــــــــ[04 - 12 - 05, 07:20 ص]ـ
شفاه الله و عافاه
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[05 - 12 - 05, 03:15 ص]ـ
شفاه الله و عافاه
آمين ..(55/148)
حكم وضع الجريد على القبر
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[03 - 12 - 05, 04:10 م]ـ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه ... أما بعد:
- فقد روى الشيخان عن ابن عباس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((أنه مر بقبرين يعذبان، فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة, ثم أخذ جريدة رطبة فشقها بنصفين، ثم غرز في كل قبر واحدة، فقالوا: يا رسول الله، لم صنعت هذا؟ فقال: لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا)).
- وعلق البخاري (3/ 264) في باب الجريدة على القبر عن بريدة الأسلمي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أنه أوصى أن يُجعل في قبره جريدتان.
وذكره الذهبي في السير (2/ 470) , وقال المحقق في الحاشية: ((أخرجه ابن سعد 7/ 117 من طريق عفان بن مسلم عن حماد بن سلمة أخبرنا عاصم الأحول قال: قال مورق, وهذا سند صحيح, وعلقه البخاري في صحيحه 3/ 177 بصيغة الجزم)) أ. هـ
- وقال الذهبي في السير (4/ 213): ((وروى حماد بن سلمة عن عاصم الأحول أن أبا العالية أوصى مورقا العجلي أن يجعل في قبره جريدتين)) قال في الحاشية: ((ابن سعد 7/ 117)) أ. هـ
وقال ابن حجر في الفتح (3/ 264) تعليقا على أثر بريدة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: ((قال ابن المرابط وغيره: يُحتمل أن يكون بريدة أمر أن يُغرزا في ظاهر القبر اقتداء بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في وضعه الجريدتين في القبرين, ويُحتمل أن يكون أمر أن يجعلا في داخل القبر لما في النخلة من البركة؛ لقوله تعالى {كشجرة طيبة} , والأول أظهر, ويؤيده إيراد المصنف حديث القبرين في آخر الباب, وكأنَّ بريدة حملَ الحديث على عمومه ولم يره خاصاً بذينك الرجلين, قال ابن رشيد: ويظهر مِن تصرف البخاري أنَّ ذلك خاصٌّ بهما, فلذلك عقبه بقول ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: إنما يظله عمله)) أ. هـ
علق الشيخ ابن باز رحمه الله على كلام ابن حجر السابق قائلا: ((القول بالخصوصية هو الصواب؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يغرز الجريدة إلا على قبور عَلِمَ تعذيب أهلها, ولم يفعل ذلك لسائر القبور, ولو كان سنةً لفعله بالجميع, ولأن الخلفاء الراشدين وكبار الصحابة لم يفعلوا ذلك, ولو كان مشروعا لبادروا إليه, أما ما فعله بريدة فهو اجتهاد منه, والاجتهاد يخطئ ويصيب, والصواب مع ترك ذلك كما تقدم والله أعلم)) أ. هـ
وللشيخ الألباني رحمه الله كلام في أحكام الجنائز أنقله الليلة إن شاء الله
وهذا كلام لصالح الأسمري نقلته من هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=35438&highlight=%C8%D1%ED%CF%C9+%C7%E1%DE%C8%D1+%C7%E1%C C%D1%ED%CF
سؤال:
هل يؤخذ من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لَعَلَّه أن يخفف عنهما ما لم يَيْبسا": شرعية وَضْع جريد ونحوه على القبر؟
الجواب:
الإشارة إلى ما خَرَّجه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: مَرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال: "إنهما ليُعَذَّبان وما يُعَذَّبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة، فأخذ جريدة رطبة فشقها نصفين فغرز في كل قبر واحدة، فقالوا: يا رسول الله لم فعلتَ هذا؟ قال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا ".
وقد أُخذ من الحديث استحبابُ وَضْعِ الجريدة الرَّطْبة ونحوها على القبر رَجَاءَ التَّخْفيف، قال الحافظ أبو عبد الله الجَوْزجَاني رحمه الله تعالى في: "الأباطيل والمناكير": "في الحديث دلالة على استحباب وَضْع الجريدة الرَّطْبة على ما فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم "أ. هـ. وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى في: "شرح مسلم": "واستحب العلماء قراءة القرآن عند القبر لهذا الحديث؛ لأنه إذا كان يرجى التخفيف بتسبيح الجريد فتلاوة القرآن أولى والله أعلم" أ. هـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/149)
ويُؤَكِّده فِعْلُ بعضِ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، حيث ذكر البخاري في: "صحيحه" أن بريدة بن الحصيب الأسلمي الصحابي رضي الله عنه أوصى أن يجعل في قبره جريدتان قال النووي في: "شرح مسلم": "ففيه رضي الله عنه تبرك بفعل مثل فعل النبي صلى الله عليه وسلم " أ. هـ. وقال ابن المُلَقِّن رحمه الله تعالى في: "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام": "ذكر البخاري في صحيحه أن بريدة بن الحصيب الصحابي رضي الله عنه أوصى أن يُجْعَلَ في قبره جريدتان ففيه أنه رضي الله عنه تبرك بفعل مثل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال القاضي: وقد عمل الناس في بعض الآفاق تبسيط الخوص على القبر، لعلهم فعلوه اقتداء بهذا الحديث" أ. هـ.
وعلى استحباب ذلك الشافعية والحنابلة في آخرين، قَرَّره عن الشافعية جماعة، ومنهم الشمس الرملي رحمه الله تعالى في: "نهاية المحتاج" حيث قال: "ويستحب وضع الجريد الأخضر على القبر للاتباع أي: اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك ... ، وكذا الريحان ونحوه من الأشياء الرطبة. ويُمْنَع على غير مالكه أَخْذُهُ مِنْ على القَبر قَبْلَ يُبْسه لعدم الإعراض عنه، فإن يبس جاز لزوال نفعه المقصود منه حال رطوبته وهو الاستغفار" أ. هـ. قال الشبراملي في: "حاشية نهاية المحتاج": " قوله (من الأشياء الرطبة) أي: فيدخل في ذلك البرسيم ونحوه من جميع النباتات الرطبة" أ. هـ.
وكذا قرَّر ابن حجر المكي رحمه الله تعالى في: "تحفة المحتاج" حيث قال: "يُسَنّ وضع جريدة خضراء على القبر للاتباع وسنده صحيح؛ ولأنه يخفف عنه ببركة تسبيحها إذ هو أكمل من تسبيح اليابسة لما في تلك من نوع حياة وقيس بها ما اعتيد من طرح الريحان ونحوه. ويحرم أَخذُ ذلك كما بحث لما فيه من تفويت حق الميت. وظاهره أنه لا حرمة في أخذ يابس أعرض عنه لفوات حق الميت بيبسه، ولذا قيّدوا ندب الوضع بالخضرة وأعرضوا عن اليابس بالكلية نظراً لتقييده صلى الله عليه وسلم التخفيف بالأخضر بما لم ييبس" أ. هـ.
وقرره عن الحنابلة جماعة، ومنهم ابن مفلح رحمه الله تعالى في: "الفروع" حيث قال: "ويُسَنّ ما يُخَفِّف عنه ـ أي الميت ـ وإذا تأذى بالمنكر انتفع بالخير، صَرَّح به جماعة، وظاهره ولو بجعل جريدة رطبة في القبر للخير وأوصى به بريدة. ذكره البخاري وفي معناه غرسُ غيرها" أ. هـ. المراد.
قال ابن قندس رحمه الله تعالى في: "حاشية الفروع" مَعَلِّقاً: ويدل عليه استدلاله بخبر الجريدة، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كسر الجريدة وجَعَلَ عل كل قبر ٍواحدةٍ وقال: "لعله أن يَخَفّف عنهما ما لم ييبسا" أ. هـ. وكذا قَرَّره ابن النجار رحمه الله تعالى في: "منتهى الإرادات"، و"شرحه" حيث قال: "سُنَّ للزائر الميت فعل (ما يُخَفِّف عنه) أي: عن الميت، وظاهره (ولو بجعل جريدة رطبة في القبر) للخبر، و"أوصى به بريدة" ذكره البخاري، وفي معناه: غرس غيرها" أ. هـ المراد. وكذا في: "غاية المنتهى": "وفيه: " (وسُنَّ لزائره (فعل ما يخفف عنه) أي: الميت (ولو بجعل جريدة رطبة في القبر) للخبر، وأوصى به بريدة. ذكره البخاري وفي معناه: غرس غيرها" أ. هـ المراد.
تنابيه:
أولها: ما قاله المازَرِي رحمه الله تعالى في: "المُعْلِم بفوائد مسلم": "وأما جعل الجريدتين على القبرين، فلعله عليه السلام أوحي إليه بأن العذاب يُخَفَّف عنهما ما لم ييبسا، ولا يظهر لذلك وجه إلا هذا" أ. هـ.
لكن أستبعده القرطبي رحمه الله تعالى في: "المُفهِم " بقوله: "وهذا فيه بُعْدٌ؛ لقوله: "لعله"، ولو أُوحي إليه لما احتاجَ إلى التَّرجِّي" أ. هـ ويُرَدّ بأن (لعل) هنا للتعليل لا للترجّي، قَرَّره الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في: "فتح الباري" حيث قال: "قال المازَرِي: (يحتمل أن يكون أوحى إليه أن العذاب يُخَفِّف عنهما هذه المدة) انتهى وعلى هذا فلعل هنا للتعليل. قال: (ولا يظهر له وجه غير هذا) وتَعَقَّبه القرطبي بأنه لو حصل الوحي: لما أتى بحرف الترجِّي، كذا قال. ولا يَردُ عليه ـ أي على المازري ـ ذلك إذا حملناها على التعليل" أ. هـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/150)
وثانيها: ما قاله الخطابي رحمه الله تعالى في: "معالم السنن": "وأما غَرْسه شِقّ العسيب على القبر، وقوله: "ولعله يخفف عنهما ما لم يَيْبسا" فإنه من ناحية التبرك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه بالتخفيف عنهما وكأنه صلى الله عليه وسلم جعل مدة بقاء النداوة فيهما حَدَّاً لما وقعت به المسألة من تخفيف العذاب عنهما، وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنى ليس في اليابس، والعامة في كثير من البلدان تفرش الخوص في قبور موتاهم وأراهم ذهبوا إلى هذا، وليس لما تعاطوه من ذلك وجه والله أعلم" أ. هـ.
وقد تعجَّب جماعة من الأئمة هذا الاستنكار من الخطابي، ومنهم القرطبي المالكي رحمه الله تعالى في: "التذكرة في أحوال الموتى والآخرة" وقال: "والعَجَب من الخطابي في قوله (لا أصل له) ولا وجه له مع هذا الحديث المتفق عليه" أ. هـ. المراد. بعد حكايته عن علمائهم أنه يُسْتفاد من حديث الجريد: غرس الأشجار، وقراءة القرآن على القبور وقال القاري الحنفي رحمه الله تعالى في: "مرقاة المفاتيح ": "وأما إنكار الخطابي وقوله: (لا أصل له) ففيه بحث واضح؛ إذ هذا الحديث يَصْلح أن يكون أصلاً له" أ. هـ. وقال السيوطي رحمه الله تعالى في: "شرح النسائي": "وقد رَدَّ النووي استنكار الخطابي وقال: (لا وجه له) " أ. هـ.
ويُرَدّ اعتراضُ الخطابي بما قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في "فتح الباري": "وليس في السياق أي: سياق الحديث ـ ما يَقطع على أنه باشر الوضع بيده الكريمة، بل يَحْتمل أن يكون أمر به. وقد تأسَّى بريدة بن الحصيب الصحابي بذلك، فأوصى أن يوضع على قبره جريدتان كما سيأتي في الجنائز من هذا الكتاب وهو أَوْلَى أن يُتَّبَع من غيره" أ. هـ.
وثالثها: ما حكاه القرطبي في: "المفهم" بقوله: "وقيل: لأن النبي صلى الله عليه وسلم شفع لهما، ودعا بأن يُخفَّف عنهما، ما داما رطبين وقد دَلَّ على هذا حديث جابر الذي يأتي في آخر الكتاب في حديث القبرين، قال فيه: "فأحببتُ بشفاعتي أن يُرَفَّه عنهما ذلك ما دام القضيبان رطبين" ثم عَلَّق بقوله: "فإن كانت القضية واحدة وهو الظاهر ـ فلا مزيدَ على هذا في البيان" أ. هـ. وما حكاه قاله القاضي عياض في "إكمال المعلم" وعَدَّه ابن الملقن في: "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" وجهاً من أوجه الحكمة في وضع الجريدتين على القبر.
ويُرَد ذلك بأن حديث جابر غير حديثنا_ حديث ابن عباس رضي الله عنهما قَرَّره الحافظ في: "الفتح" بقوله: "وأما ما رواه مسلم في حديث جابر الطويل المذكور في أواخر الكتاب أنه الذي قطع الغصنين، فهو في قصة أخرى غير هذه.؟ فالمغايرة بينهما من أوجه:
منها: أن هذه كانت في المدينة وكان معه صلى الله عليه وسلم جماعة، وقصة جابر كانت في السفر وكان خرج لحاجته فتبعه جابر وحده.
ومنها: أن في هذه القصة أنه صلى الله عليه وسلم غرس الجريدة بعد أن شقها نصفين كما في الباب الذي بعد هذا من رواية الأعمش، وفي حديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم أمر جابراً بقطع غصنين من شجرتين كان النبي صلى الله عليه وسلم استتر بهما عند قضاء حاجته، ثم أمر جابراً فألقى الغصنين عن يمينه وعن يساره حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم جالساً، وأن جابراً سأله عن ذلك فقال:" إني مررت بقبرين يعذبان فأحببت بشفاعتي أن يرفع عنهما ما دام الغصنان رطبين" ولم يذكر في قصة جابر أيضاً السبب الذي كانا يعذبان به. ولا التَّرجّي الآتي في قوله: "لعله" فبان تغاير حديث ابن عباس وحديث جابر، وأنهما كانا في قصتين مختلفتين، ولا يَبْعُد تعدَّد ذلك" أ. هـ المراد.
لذا قال الحافظ في: "الفتح" لما حكى الاعتراض: "وكذا رجَّح النووي كون القصة واحدة وفيه نظر لما أوضحنا من المغايرة بينهما" أ. هـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/151)
ورابعها: ما حكاه ابن الملقن في: "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" بقوله: "والقاضي عياض لما نقل كلام الخطابي وفِعْلَ بريدة قال: جَعْلُ الجريدة والخُوْص اليوم استناناً بهذا الحديث لا يصح؛ لأنه عليه السلام علَّل غَرْزها على القبر بعلة مُعَيَّنة لا يُطَّلَع عليها، وهي قوله: "إنهما ليعذبان" وعلم عليه السلام إنهما ليعذبان فلذلك فَعَلَ ما فَعَلَ، ولا نفعله نحن الآن؛ لأنا لا نعلم هل الميت يعذب أو هو ممن غفر له، كما قلناه في حديث المحرم "لا تُمِسُّوه طِيباً لأنه يُبعث يوم القيامة مُلَبِّياً" وصَوَّب مقالات الخطابي، وتبعهم ابن الحاج المالكي أيضاً" أ. هـ المراد وهو في "المُفصل" لابن الحاج رحمه الله تعالى.
ورُدّ ذلك بما قاله الحافظ في: "الفتح": "لا يَلْزم مَن كوننا لا نَعَلم أيُعَذَّب أم لا؟ أن: نَتَسبّب له في أمر يُخَفِّف عنه العذاب أن لو عُذِّب، كما لا يمنع كوننا لا ندري أرحُمُ أم لاـ أن لا ندعو له بالرحمة" أ. هـ.
تنبيه: خبر بريدة الأسلمي وصله ابن سعد في: "الطبقات" حيث قال: "أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد ابن سلمة، قال أخبرنا عاصم الأحول، قال قال مورق: أوصى بريدة الأسلمي أن توضع في قبره جريدتان،ومات بأدنى خراسان فلم توجد إلا في حوالق حمار" أ. هـ. قال الحافظ في:"تغليق التعليق": "أما أثر بريدة فقال ابن سعد أخبرنا عبيد الله بن محمد بن حفص ثنا حماد بن سلمة، عن عاصم الأحول، عن مُورِّق العجلي، قال: أَوصى بُرَيْدَة أن يوضع على قبره جريدتان، ومات بأدنى خراسان" وقد وقع لي من طريق أخرى لأبي بَرْزة الأسلمي أيضاً وفيها حديث مرفوع من حديث: قرأتُ على أحمد بن عمر اللؤلؤي عن الحافظ أبي الحجاج المزي أن يوسف بن يعقوب بن المجاور أخبره، أنا أبو اليُمن الكندي، أنا أبو منصور القزَّاز، أنا أبو بكر الخطيب عن إبراهيم بن مخلد، ثنا أبو سعيد النَّسَوِي سمعت أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام، يقول سمعت أحمد بن سيار، يقول ثنا الشاة بن عمار، حدثني أبو صالح سليمان بن صالح الليثي، ثنا النضر بن المنذر بن ثعلبة العبدي: عن حماد بن سلمة، عن قتادة: أن أبا برزة الأسلمي كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ على قبر، وصاحبه يعذب: فأخذ في جريدة، فغرسها في القبر، وقال: عسى أن يُرَفَّه عنه ما دامت رطبة" وكان أبو برزة يوصي إذا مِتُ فضعوا في قبري معي جريدتين، قال: فمات في مفازة بين كرمان وقَوْقَس فقالوا: كان يوصينا أن نضع في قبره جريدتين، وهذا موضع لا نصيب فيه فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم ركب من قبل سجستان، فأصابوا معهم سعفاً فأخذوا منهم جريدتين فوضعوهما معه في قبره" أ. هـ. وهو عند الخطيب في "تاريخ بغداد"، وقال في: "الفتح" عن خبر بريدة: "وقع في رواية الأكثر (في قبره) وللمستملي:"على قبره " وقد وصل ابن سعد من طريق مُوَرّق العجلي" أ. هـ المراد.
لطيفة: ترجم البخاري لخبر بريدة باب الجريدة على القبر. قال الحافظ في "الفتح":" والذي يَظْهر من تصرفه ـ أي البخاري ـ ترجيح الوضع" أ. هـ والله أعلم.
كتبه
صالح بن محمد الأسمري
10/ 1/1425هـ
________________________________
كل ما قمت به هو النقل فأفيدوني بتعليقاكم حفظكم الله
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[05 - 12 - 05, 08:36 م]ـ
وهذا كلام الشيخ الألباني رحمه الله في المسألة نقلته من الكتاب الألكتروني من موقعه رحمه الله:
((ولا يعارض ما ذكرنا حديث ابن عباس في وضع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شقي جريدة النخل على القبرين وقوله: ((لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا)). متفق عليه, وقد خرجته في صحيح أبي داود (15).
فإنه خاص به - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بدليل أنه لم يجر العمل به عند السلف ولأمور أخرى يأتي بيانها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/152)
قال الخطابي رحمه الله تعالى في (معالم السنن) (1/ 27) تعليقا على الحديث: ((إنه من التبرك بأثر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ودعائه بالتخفيف عنهما، وكأنه جعل مدة بقاء النداوة فيهما حدًّا لما وقعت به المسألة من تخفيف العذاب عنهما، وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنى ليس في اليابس، والعامة في كثير من البلدان تغرس الخُوص في قبور موتاهم، وأراهم ذهبوا إلى هذا، وليس لما تعاطوه من ذلك وجه)).
قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي (1/ 103) عقب هذا:
((وصدق الخطابي، وقد ازداد العامة إصرارا على هذا العمل الذي لا أصل له، وغلوا فيه، خصوصا في بلاد مصر، تقليدا للنصارى، حتى صاروا يضعون الزهور على القبور، ويتهادونها بينهم، فيضعها الناس على قبور أقاربهم ومعارفهم تحية لهم، ومجاملة للأحياء، وحتى صارت عادة شبيهة بالرسمية في المجاملات الدولية، فتجد الكبراء من المسلمين إذا نزلوا بلدة من بلاد أوربا ذهبوا إلى قبور عظمائها أو إلى قبر من يسمونه (الجندي المجهول) ووضعوا عليها الزهور، وبعضهم يضع الزهور الصناعية التي لا نداوة فيها تقليدا للإفرنج، واتباعا لسنن من قبلهم، ولا ينكر ذلك عليهم العلماء أشباه العامة، بل تراهم أنفسهم يضعون ذلك في قبور موتاهم، ولقد علمتُ أن أكثر الأوقاف التي تسمى أوقافا خيرية موقوفٌ ريعها على الخوص والريحان الذي يوضع على القبور, وكل هذه بدع ومنكرات لا أصل لها في الدين، ولا سند لها من الكتاب والسنة، ويجب على أهل العلم أن ينكروها وأن يبطلوا هذه العادات ما استطاعوا))
قلت: ويؤيد كون وضع الجريد على القبر خاصاًّ به، وأنَّ التخفيف لم يكن من أجل نداوة شقها أمور:
أ - حديث جابر رضي الله عنه الطويل في (صحيح مسلم) (8/ 231 - 236) وفي قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((إني مررت بقبرين يعذبان، فأحببت بشفاعتي أن يرد عنهما ما دام الغصنان رطبين)).
فهذا صريح في أن رفع العذاب إنما هو بسبب شفاعته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ودعائه لا بسبب النداوة، وسواء كانت قصة جابر هذه هي عين قصة ابن عباس المتقدمة كما رجحه العيني وغيره، أو غيرها كما رجحه الحافظ في (الفتح)، أما على الاحتمال الأول فظاهر، وأما على الاحتمال الآخر، فلأن النظر الصحيح يقتضي أن تكون العلة واحدة في القصتين للتشابه الموجود بينهما، ولأن كون النداوة سببا لتخفيف العذاب عن الميت مما لا يعرف شرعا ولا عقلا، ولو كان الامر كذلك لكان أخف الناس عذابا إنما هم الكفار الذين يدفنون في مقابر أشبه ما تكون بالجنان لكثرة ما يزرع فيها من النباتات والأشجار التي تظل مخضرة صيفا شتاء.
يضاف إلى ما سبق أن بعض العلماء كالسيوطي قد ذكروا أن سبب تأثير النداوة في التخفيف كونها تسبح الله تعالى، قالوا: فإذا ذهبت من العود ويبس انقطع، تسبيحه فإن هذا التعليل مخالف لعموم قوله تبارك وتعالى: {وإن من شئ إلا يسبح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم}.
ب - في حديث ابن عباس نفسه ما يشير إلى أن السر ليس في النداوة، أو بالأحرى ليست هي السبب في تخفيف العذاب، وذلك قوله (ثم دعا بعسيب فشقه اثنين) يعني طولا، فإن من المعلوم أن شقه سبب لذهاب النداوة من الشق ويبسه بسرعة، فتكون مدة التخفيف أقل مما لو لم يشق، فلو كانت هي العلة لابقاه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بدون شق ولوضع عل كل قبر عسيبا أو نصفه على الأقل، فإذا لم يفعل دل على أن النداوة ليست هي السبب، وتعين أنها علامة على مدة التخفيف الذي أذن الله به استجابة لشفاعة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كما هو مصرح به في حديث جابر، وبذلك يتفق الحديثان في تعيين السبب، وإن احتمل اختلافهما في الواقعة وتعددها. فتأمل هذا، فإنما هو شئ انقدح في نفسي، ولم أجد من نص عليه أو أشار إليه من العلماء، فإن كان صوابا فمن الله تعالى وإن كان خطأ فهو مني، وأستغفره من كل ما لا يرضيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/153)
ج - لو كانت النداوة مقصودة بالذات، لفهم ذلك السلف الصالح ولعملوا بمقتضاه، ولوضعوا الجريد والآس ونحو ذلك على القبور عند زيارتها، ولو فعلوا لاشتهر ذلك عنهم، ثم نقله الثقات إلينا، لأنه من الأمور التي تلفت النظر، وتستدعي الدواعي نقله، فإذا لم ينقل دل على أنه لم يقع، وأن التقرب به إلى الله بدعة، فثبت المراد.
وإذا تبين هذا، سهل حينئذ فهم بطلان ذلك القياس الهزيل الذى نقله السيوطي في (شرح الصدور) عمن لم يسمعه: (فإذا خفف عنهما بتسبيح الجريدة فكيف بقراءة المؤمن القرآن؟ قال: وهذا الحديث أصل في غرس الاشجار عند القبور) قلت: فيقال له: (أثبت العرش ثم انقش)، (وهل يستقيم الظل والعود أعوج)؟
ولو كان هذا القياس صحيحا لبادر إليه السلف لأنهم أحرص على الخير منا.
فدل ما تقدم على أن وضع الجريد على القبر خاص به - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وأن السر في تخفيف العذاب عن القبرين لم يكن في نداوة العسيب بل في شفاعته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ودعائه لهما، وهذا مما لا يمكن وقوعه مرة أخرى بعد انتقاله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى الرفيق الأعلى ولا لغيره من بعده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لأن الاطلاع على عذاب القبر من خصوصياته عليه الصلاة والسلام، وهو من الغيب الذي لا يطلع عليه إلا الرسول كما جاء في نص القرآن {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول}
واعلم أنه لا ينافى ما بينا ما أورده السيوطي في (شرح الصدور) (131): (وأخرج ابن عساكر من طريق حماد بن سلمة عن قتادة أن أبا برزة الأسلمي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - كان يحدث أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر على قبر وصاحبه يعذب، فأخذ جريدة فغرسها في القبر، وقال: عسى أن يرفه عنه ما دامت رطبة. وكان أبو برزة يوصي: إذا مت فضعوا في قبري معي جريدتين. قال: فمات في مفازة بين (كرمان) و (قومس)، فقالوا: كان يوصينا أن نضع في قبره جريدين وهذا موضع لا نصيبهما فيه، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم ركب من قبل (سجستان)، فأصابوا معهم سعفا، فأخذوا جريدتين، فوضعوهما معه في قبره. وأخرج ابن سعد عن مورق قال: أوصى بريدة أن تجعل في قبره جريدتان). قلت: ووجه عدم المنافاة، أنه ليس في هذين الأثرين - على فرض التسليم بثبوتهما معا - مشروعية وضع الجريد عند زيارة القبور، الذي ادعينا بدعيتة عدم عمل السلف به، وغاية ما فيهما جعل الجريدتين مع الميت في قبره، وهي قضية أخرى، وإن كانت كالتي قبلها في عدم المشروعية لأن الحديث الذي رواه أبو برزة كغيره من الصحابة لا يدل على ذلك، لا سيما والحديث فيه وضع جريدة واحدة، وهو أوصى بوضع جريدتين في قبره.
على أن الأثر لا يصح إسناده، فقد أخرجه الخطيب في تاريخ (بغداد) (1/ 183 182) ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في (تاريخ دمشق) في آخر ترجمة نضلة بن عبيد بن أبي برزة الأسلمي عن الشاه بن عمار قال: ثنا أبو صالح سليمان بن صالح الليثي قال: أنبأنا النضر بن المنذر بن ثعلبة العبدي عن حماد بن سلمة به.
قلت: فهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: جهالة الشاه والنضر فإني لم أجد لهما ترجمة. والأخرى: عنعنة قتادة فإنهم لم يذكروا له رواية عن أبي برزة، ثم هو مذكور بالتدليس فيخشى من عنعنته في مثل إسناده هذا.
وأما وصية بريدة، فهي ثابتة عنه، قال ابن سعد في (الطبقات) (ج 7 ق 1 ص 4): أخبرنا عفان بن مسلم قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا عاصم الأحول قال: قال مورق: أوصى بريدة الأسلمي أن توضع في قبره جريدتان. فكان أن مات بأدنى خراسان فلم توجد إلا في جوالق حمار. وهذا سند صحيح، وعلقه البخاري (3/ 173) مجزوما.
قال الحافظ في شرحه: (وكأن بريدة حمل الحديث على عمومه، ولم يره خاصا بذينك الرجلين، قال ابن رشيد: ويظهر من تصرف البخاري أن ذلك خاص بهما، فلذلك عقبه بقول ابن عمر: إنما يظله عمله).
قلت: ولا شك أن ما ذهب إليه البخاري هو الصواب لما سبق بيانه، ورأي بريدة لا حجة فيه، لأنه رأى والحديث لا يدل عليه حتى لو كان عاما، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضع الجريدة في القبر، بل عليه كما سبق. و (خير الهدى هدى محمد)). أحكام الجنائز 253 - 258(55/154)
سؤال عن حكم الأوراد الصوفية
ـ[أبو أروى]ــــــــ[03 - 12 - 05, 06:17 م]ـ
بسم الله الرحم الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين أما بعد:
إخواني الكرام أنا في حاجة ماسة لجمع أكبر عدد ممكن من أقوال أهل العلم في حكم الأوراد الصوفية أو ما يتعلق بالذكر المقيد فمن عنده شيء من ذلك أو إحالة على كتاب من كتب أهل العلم فأنا له من الشاكرين وجزىالله الجميع خير الجزاء.
أخوكم في الله أبو أروى.
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[04 - 12 - 05, 02:28 ص]ـ
السؤال:
لناجماعة هم أصحاب الطريقة التيجانية، يجتمعون كل يوم جمعة ويوم اثنين، ويذكرون الله بهذا الذكر لا إله إلا الله، ويقولون في النهاية الله الله، بصوت عال، فما حكم الشرع في عملهم هذا؟
المفتي: عبدالعزيز بن باز
الإجابة:
الطريقة التيجانية طريقة مبتدعة، وطريقة باطلة، وفيها أنواع من الكفر لا يجوز اتباعها، بل يجب تركها، وننصح المعتنقين لها بأن يدعوها ويلتزموا بطريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وهي الطريقة التي درج عليها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتلقوها عن نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم، وتلقاها عنهم أئمة الإسلام كذلك، كالإمام مالك، والشافعي، والإمام أبي حنيفة، وأحمد، والأوزاعي، وإسحاق بن راهويه، والثوري وغيرهم من أهل العلم تلقوها ودرجوا عليها ودرج عليها أهل السنة والجماعة، وهي توحيد الله وعبادته، وإقامة الصلاة، وأداء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، وطاعة الأوامر التي جاء بها المصطفى صلى الله عليه وسلم، وترك النواهي، وهذه هي الطريقة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما الطرق الصوفية فالواجب تركها إلا ما كان فيها من الأشياء التي توافق الشرع فإنه يؤخذ بها لأنها جاء بها الشرع، وأما الشيء الذي أحدثه الصوفية فيترك، ومن ذلك اجتماعهم على: الله الله، أو: هو هو، فهذا كله بدعة لا أصل له في الشرع المطهر، فإن المشروع أن يقال لا إله إلا الله، أو سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أما تقطيعها هو هو، أو الله الله فهذا بدعة لا أصل لها.
فأنصحك أيتها السائلة بألا تحضريهم، وألا تكوني منهم، وأن تلتزمي الطريقة المحمدية التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي الذكر المعروف كسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، في البيت، وفي المسجد، وفي الطريق، وفي المطبخ، وفي أي مكان، يذكر الإنسان الله سبحانه وتعالى على عمله، يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم. وهكذا وليس لها حد محدود، بل هكذا كما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يقل: الله الله، أو: هو هو، أو يجتمعون على رقص وضرب للطبول، فإن كل هذا منكر.
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[04 - 12 - 05, 02:34 ص]ـ
الإسلام سؤال و جواب
سؤالي طويل وأتمنى أن تتمكن من الإجابة عليه، إن شاء الله، بما آتاك الله من علم، مستدلا بالكتاب والسنة لتدعيم قولك، كما أرجو أن تستشهد بأكثر عدد ممكن من الأدلة.
تتعلق المشكلة التي أواجهها بالطريقة التي يقوم بها والداي بتأدية العبادة، وأنهما يريدان مني أن أفعل مثلهما، لكني لم أشعر أن أفعالهما توافق السنة. والداي يسران على الطريقة القادرية الصوفية، ويعتقدان أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم كان نورا وإنسانا. وقد أعطى أحد الشيوخ الصوفية لوالدي كتابا عن طريقة للعبادة باللغة الأوردية وأدعية بالعربية، وأخبره بأن يؤدي هذه العبادة كل يوم مع الزوجة والأطفال الذين يمكنهم قراءة القرآن جماعيا بصوت عال.
وطريقة العبادة هي كالتالي:
قبل البدء أخبرنا أن نقرأ هذه الكلمات التالية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/155)
"اللهم صل على محمد وآله وعترته. . . إلخ"، ثم نقرأ هذه الكلمات 100 مرة: "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه". ثم نقرأ سورة الفاتحة 7 مرات. ثم نقرأ 100 مرة: "اللهم صلي على محمد وآله وعترته ... إلخ".ثم نقرأ سورة ألم نشرح 79 مرة.ثم نقرأ سورة الإخلاص 100 مرة. ثم نردد الكلمات التالية 100 مرة: "اللهم يا قاضي الحاجات". ثم نقرأ 100 مرة هذه الكلمات:"اللهم يا دافع البليات". ثم نقرأ 100 مرة: "اللهم ياحلال أحلل مشكلاتي". ثم نقرأ 100 مرة: "اللهم يا خافي المهماتِ". ثم نقرأ 100: "اللهم يا مجيب الدعواتِ". ثم نقرأ 100 مرة: "اللهم يا شافي المرضى". ثم نقرأ 100 مرة: "اللهم يا خير الناصرين". ثم نقرأ 100 مرة: "برحمتك يا أرحم الراحمين". ثم نقرأ 100 مرة: "اللهم آمين".
أما الجزء الثاني من هذه العبادة فهو نفس الشيء عدا بعض التغيرات مثل البدأ بالكلمات "حسبنا الله" 500 مرة، ثم نسرد (ما ورد أعلاه) ما عدا سورة ألم نشرح أو الإخلاص. وأنا الآن أعلم أن بعض هذه الكلمات مذكور في القرآن، وأن السور بكل تأكيد من القرآن أيضا، لكني أريد أن أعرف ما إذا كانت هذه الصورة من العبادة تتفق مع السنة؟ هل قالها النبي محمد صلى الله عليه وسلم قط؟ والداي يريدان مني أن أقوم بعمل العبادة معهما، وهما يغضبان جدا حتى إن أنا تسائلت عن ذلك ولو في أضيق الحدود.
وأيضاً: والداي يريدان منى بعد أن أنتهي من هذا الدعاء، أن أقوم بقراءة سورة (الفيل)، وعندما أصل إلى كلمة "ترميهم" أن آخذ أحجاراً وأرميها واحدة تلو الأخرى، وترمى من قدر حديدي مقلوب رأسا على عقب وهو مغطى بقطعة حمراء للتعبير عن الدم. ويقولان لي بأن في هذا سؤالاً لله بأن ينزل على أعدائنا الموت أو شيئاً قريباً من ذلك.
وأريد أن أعرف ما إذا كان هذا من سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أم أنه من البدع؟
المفتي: الإسلام سؤال وجواب
الإجابة:
الغاية التي خلقنا من أجلها جميعا، هي عبادة الله وحده لا شريك له، كما قال سبحانه: {وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون} [الذاريات: 56].
ولم يتركنا الله تعالى ليختار كل منا طريقة خاصة لعبادته، بل أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنزل كتابه العظيم، ليكون بيانا للناس وهدى، فما من عبادة وخير وهدى يحبه الله، إلا وقد بينه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
ولا يختلف اثنان من المسلمين في أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو أفضل الناس وأتقاهم لله، وأكثرهم عبادة وإنابة، ولهذا كان الموفق من سار على طريقته، وسلك مسلكه، وحذا حذوه.
ولزوم طريقته صلى الله عليه وسلم ليس أمرا اختياريا، ولكنه فرض فرضه الله على عباده، بقوله: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب} [الحشر: 7].
وقوله {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا} [الأحزاب: 36].
وقال تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر} [الأحزاب: 21]
وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن كل عبادة محدثة، فهي مردودة على صاحبها مهما بلغت، فقال: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " رواه مسلم، 1718، من حديث عائشة رضي الله عنها.
فلا يقبل العمل إلا إذا كان خالصا لله، موافقا لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو المراد من قوله تعالى {ليبلوكم أيكم أحسن عملا}
قال الفضيل بن عياض: أخلصه وأصوبه. قالوا يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا. والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة.
فمن أراد الوصول إلى مرضاة الله، فليلزم سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فكل الطرق إلى الله تعالى مسدودة، إلا هذا الطريق، طريق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/156)
ولما كان صلى الله عليه وسلم رحيما بأمته، حريصا عليهم، لم يدع شيئا من الخير إلا بينه لهم، فمن اخترع اليوم عبادة أو ذكرا أو وردا، وزعم أن فيه خيرا، فقد اتهم النبي صلى الله عليه وسلم ـ شعر أو لم يشعرـ بأنه لم يبلغ الدين كما أمره الله.
ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم، خان الرسالة؛ لأن الله يقول: {اليوم أكملت لكم دينكم} فما لم يكن يومئذ دينا فلن يكون اليوم دينا.
والتحذير من الابتداع، كثير في كلام الصحابة والتابعين والأئمة:
قال حذيفة بن اليمان: كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها.
وقال ابن مسعود: اتبعوا ولا تبتدعوا، فقد كفيتم، عليكم بالأمر العتيق.
والسؤال الذي ينبغي أن يوجه لمن اخترع هذه الأذكار:
هل فعل هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
هل فعل هذا أصحابه رضوان الله عليهم؟
والجواب المعلوم: أن قراءة السور المذكورة بهذه الأعداد: 100، 7، 79 شيء لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه، وكذلك الأدعية التي بهذه الكيفية المذكورة وتكرارها.
ويقال لهذا المخترع: هل تظن أنك سبقت إلى خير لم يعلمه الرسول ولا أصحابه؟
أم تظن أن لك أو لشيخك حق التشريع، وتحديد الأذكار، وأوقاتها، وأعدادها، كما أن للرسول صلى الله عليه وسلم ذلك الحق؟
ولاشك أن هذا أو ذاك ضلال مبين.
ولنعتبر بما جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله، فيما رواه الدارمي في سننه أن أبا موسى الأشعري قال لعبد الله بن مسعود: يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد آنفا أمرا أنكرته ولم أر والحمد لله إلا خيرا.
قال فما هو؟
فقال: إن عشت فستراه. قال: رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسا ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجل وفي أيديهم حصى فيقول كبروا مائة فيكبرون مائة فيقول هللوا مائة فيهللون مائة ويقول سبحوا مائة فيسبحون مائة.
قال: فماذا قلت لهم؟
قال: ما قلت لهم شيئا انتظار رأيك وانتظار أمرك.
قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم. ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم فقال ما هذا الذي أراكم تصنعون؟
قالوا: يا أبا عبد الرحمن حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح.
قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون وهذه ثيابه لم تبل وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحو باب ضلالة.
قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير.
قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه.
فليس كل من أراد الخير أصابه ووفق له، وليس كل عبادة متقبلة، حتى تكون على سنة محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإنكار من ابن مسعود رضي الله عنه يقضي على حجة أهل الاختراع والابتداع، فإنهم دائما يقولون: وأي مانع من الأذكار والصلوات والقرآن؟! ونحن لا نريد بها إلا الخير والتقرب إلى الله.
فيقال لهم: إن العبادة يجب أن تكون مشروعة في أصلها وفي هيئتها وكيفيتها، وما كان منها في الشريعة مقيدا بعدد لم يكن لأحد أن يتجاوزه، وما كان مطلقا لم يكن لأحد أن يخترع له حدا، فيضاهي بذلك الشرع.
وما يؤكد هذا المعنى ما جاء عن سعيد بن المسيب رحمه الله، فقد رأى رجلا يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين، فنهاه، فقال الرجل: يا أبا محمد! يعذبني الله على الصلاة؟!
قال: "لا، ولكن يعذبك على خلاف السنة".
فانظر هذا الفقه من هذا التابعي الجليل رحمه الله. وذلك لأن السنة أن يصلي بعد طلوع الفجر السنة الراتبة ركعتين فقط ولا يزيد، ثم يصلي الفريضة. وقريب من هذا ما جاء عن الإمام مالك رحمه الله، فقد أتاه رجل فقال: يا أبا عبد الله! من أين أحرم؟
قال: من ذي الحليفة، من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر. (يعني قبر النبي صلى الله عليه وسلم)
قال: " لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة ".
فقال: وأي فتنة في هذه؟! إنما هي أميال أزيدها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/157)
قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! إني سمعت الله يقول: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} [النور: 63].
فهذا فقه الصحابة والتابعين والأئمة، وأما أهل البدع فيقولون: وأي فتنة، إنما هي ذكر وصلاة وأميال نتقرب بها إلى الله!
فلا ينبغي لعاقل أن يغتر بكلام هؤلاء، فإن الشيطان قد زين لهم أعمالهم، وكرهوا أن يخالفوا شيوخهم وأرباب طريقتهم.
قال سفيان بن عيينة رحمه الله: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، لأن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها.
واعلم أنه ما ابتدع إنسان بدعة إلا وترك من السنة مثلها أو أعظم منها، ولهذا تجد أصحاب الأذكار المخترعة أجهل الناس بالأذكار النبوية التي واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فقلما يوجد منهم من يقول في صباحه ومسائه: سبحان الله وبحمده مائة مرة، أو يقول: أصبحنا على فطرة الإسلام وكلمة الإخلاص ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وملة أبينا إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين. أو يقول: أصبحنا وأصبح الملك لله رب العالمين اللهم إني أسألك خير هذا اليوم فتحه ونصره ونوره وبركته وهداه وأعوذ بك من شر ما فيه وشر ما بعده. أو يقول: سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته.
إلى غير ذلك مما يمكنك الوقوف عليه في الكتب المعنية بأذكار الصباح والمساء وغيرها.
والحاصل أنه لا يجوز لك أن تشارك والديك في هذه الأذكار المبتدعة، بالأعداد التي ذكرت.
وأما ما ذكرته عن سورة الفيل، ورمي الأحجار عند قوله {ترميهم} فهذه خرافة وشعوذة، لا يجوز الإقدام عليها ولا التقرب إلى الله بها، وما أكثر الأعداء الذين واجههم الرسول صلى الله عليه وسلم، فلم يدع عليهم بهذه الطريقة، وإنه ليخشى أن يكون في ذلك تقرب إلى الشياطين واستعانة بهم.
وأما اعتقاد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان نورا، فهذا لا أصل له، ولم يرد به كتاب ولا سنة صحيحة، وقد أخبرنا الله تعالى أن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم بشر مثلنا، غير أن الله تعالى فضله بالوحي والرسالة، فقال: {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد} [الكهف: 110]
وقال: {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين} [فصلت: 6].
ومن غلاة المتصوفة من يعتقد أنه نور، وأنه أول خلق الله، ومن نوره خلقت المخلوقات، وهذا كذب وضلال، وليس لهم فيه مستند إلا حديث باطل موضوع.
نسأل الله أن يجنبك ووالديك البدع وأهلها.
والله أعلم.(55/158)
هل يجوز أن يزيد العبد فى استغفاره
ـ[أبو محمد الشيخ]ــــــــ[03 - 12 - 05, 09:54 م]ـ
هل يجوز أن يزيد العبد فى استغفاره
بقوله وأتوب إليه?
ذكر ابن رجب رحمه الله في كتابه أسباب المغفرة:
وإن قال: استغفر الله وأتوب إليه فله حالتان: إحداها: أن يكون مصرا بقلبه على المعصية فهو كاذب فى قوله (وأتوب إليه) لأنه غير تائب فلا يجوز له أن يخبر عن نفسه بأنه تائب وهو غير تائب.
والثانية: أن يكون مقلعا عن المعصية بقلبه.
فاختلف الناس فى جواز قوله وأتوب إليه: فكرهه طائفة من السلف وهو قول أصحاب أبى حنيفة. حكاه عنهم الطحاوى.
وقال الربيع بن خثيم: (يكون قوله (وأتوب إليه) كذبة وذنبا ولكن ليقل: (اللهم إنى أستغفر فتب على) وهذا قد يحمل على من لم يقلع بقلبه وهو بحالة أشبه.
وكان محمد بن سوقه يقول فى استغفاره: (أستغفر الله العظيم الذى لا إله إلا هو الحى القيوم، وأسأله توبة نصوحا).
وروى عن حذيفة أنه قال: (يحسب من الكذب أن يقول أستغفر الله ثم يعود).
وسمع مطرف رجلا يقول: (أستغفر الله وأتوب إليه).
(فتغيظ عليه وقال: لعلك لا تفعل).
وهذا ظاهره يدل على أنه إنما كره أن يقول (وأتوب إليه) لأن التوبة النصوح أن لا يعود إلى الذنب أبدا. فمتى عاد كان كاذبا فى قوله (وأتوب إليه).
وكذلك سئل محمد بن كعب القرظى عمن عاهد الله أن لا يعود إلى معصية أبدا فقال: (من أعظم منه إثما? يتألى على الله أن لا ينفذ قضاءه). ورجح قوله فى هذا أبو الفرج ابن الجوزى.
وروى عن سفيان نحو ذلك، وجمهور العلماء على جواز أن يقول التائب (أتوب إلى الله) وأن يعاهد العبد ربه على أن لا يعود إلى المعصية، فإن العزم على ذلك واجب فى الحال.
لهذا قال: (ما أصر من استغفر ولو عاد فى اليوم سبعين مرة).
وقال فى المعاود للذنب: (قد غفرت لعبدى فليعمل ما شاء).
وفى حديث كفارة المجلس: (أستغفرك اللهم، وأتوب إليك).
وقطع النبي صلى الله عليه وسلم يدى سارق ثم قال له: (استغفر الله وتب إليه.
فقال: أستغفر الله وأتوب إليه فقال: اللهم تب عليه) أخرجه أبو داود
الزيادة على قوله
استغفر الله وأتوب إليه
واستحب جماعة من السلف الزيادة على قوله: (أستغفر الله وأتوب إليه).
فروى عن عمر رضى الله عنه أنه سمع رجلا يقول: (أستغفر الله وأتوب إليه) فقال له: قل يا حميق. قل توبة من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا).
وسئل الأوزاعى عن الإستغفار: يقول (أستغفر الله العظيم الذى لا إله إلا هو الحى وأتوب إليه) فقال: (إن هذا لحسن ولكن يقول: (اغفر لى حتى يتم الإستغفار). انتهى كلامه رحمه الله
فماهو الراجح في المسألة أيها الإخوة
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[04 - 12 - 05, 12:09 ص]ـ
الراجح بإذن الله هو قول الجمهور و هو جواز القول (وأتوب إليه) لأن النبى صلى الله عليه و سلم سنها لنا و لم يقل لا تقولوها بألسنتك إلا إذا واطء القلب اللسان وبيان الواجب واجب فلو كان فيه إثم لبين النبى صلى الله عليه وسلم ذلك.
بل حثنا النبى صلى الله عليه وسلم على قولها فقال صلى الله عليه وسلم: ما جلس قوم مجلسا كثر لغطهم فيه فقال قائل قبل أن يقوم: سبحانك اللهم ربنا و بحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك ثم أتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه.
ولم يقل لابد أن يواطء قلبه لسانه و إلا كان كاذبا أثما.
ولنا عموم قول النبى صلى الله عليه وسلم (لا يزال لسانك رطبا بذكر الله) وهذا من ذكر الله والحديث تكلم عن اللسان وحده. فلما نحجر واسعا.
نعم غن واطء القلب اللسان كان الثواب أعظم، ولا تكون التوبة صحيحة إلا بالعزم على عدم العودة ولكن ان يقال (لا تقول فلعلك لا تفعل) فهذا لا دليل عليه ولو قلنا بهذا المنطق لقلنا لا تتوب فلعلك لا تثبت.
ـ[أبو محمد الشيخ]ــــــــ[07 - 12 - 05, 08:03 م]ـ
الأخ أبو حفص هل يعني من كلامك أن يقول وأتوب إليه ولو كان في قلبه عازم على عدم التوبة ثم إن كلام النبي صلى الله وسلم في حديث كفارة المجلس لم ينفي قطعا عدم عزم القلب على ذلك وإتما كرهها السلف لأنه والله أعلم مخالفة لما عزم القلب وأصر عليه ثم أنه هناك فرق بين الاستغفار المطلق والمقيد فهي إنما وردت في حديث الكفارة ولم ينفه أحد منهم في ذلك وإنما الكلام في قوله مطلقا استغفر الله ثم هل يزيد على ذلك عبارة وأتوب إليه ولذا كرهها السلف إن لم يعزم القلب عليها لأنها إخبار بغير الواقع ومعلوم من شروط التوبة العزم على عدم العودة والندم على ما فات وهي من عمل القلب فكيف يجتمع هذا وذاك وكذلك في الاستغفار طلب من الله المغفرة وأما في قوله وأتوب إليه إخبار واعتراف باذنب والاقلاع عنه ولذا قالو وإنما يقول فتب علي لأنه طلب وجزاك الله خيرا
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[09 - 12 - 05, 03:48 م]ـ
الأمر غير مقتصر على كفارة المجلس فقد جاء قول (و اتوب اليه) فى مواضع اخرى مثل قوله صلى الله عليه وسلم يقول " من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان قد فر من الزحف، وقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكثر من قول سبحان الله و بحمده و استغفره و أتوب إليه. فهذه سنة عنه صلى الله عليه وسم و لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم مثل ما نقل عن مطرف رضى الله عنه أنه سمع رجلا يقول: (أستغفر الله وأتوب إليه) فتغيظ عليه وقال (لعلك لا تفعل)
و أما قول الربيع بن خيثم: (يكون قوله (وأتوب إليه) كذبة وذنبا ولكن ليقل: (اللهم إنى أستغفر فتب على) وهذا قد يحمل على من لم يقلع بقلبه وهو بحالة أشبه.
ففيه تكلف و الأصل حسن الظن بالمسلمين وما أمرنا أن نشق الصدور لنعرف هل هو صادق أم لا
ولماذا لم يقول (لا يقل الرجا أستغفر الله فلعله يقولها وهو مصر ولكن وليقل أللهم وفقنى للإستغفار)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/159)
ـ[أبو محمد الشيخ]ــــــــ[09 - 12 - 05, 09:27 م]ـ
حديث صحيح مسلم 1116 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِى عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ «سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ». قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَاكَ تُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ. فَقَالَ «خَبَّرَنِى رَبِّى أَنِّى سَأَرَى عَلاَمَةً فِى أُمَّتِى فَإِذَا رَأَيْتُهَا أَكْثَرْتُ مِنْ قَوْلِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ. فَقَدْ رَأَيْتُهَا (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) فَتْحُ مَكَّةَ (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا)».
وفي سنن أبي داود 4382 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَبِى الْمُنْذِرِ مَوْلَى أَبِى ذَرٍّ عَنْ أَبِى أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِىِّ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- أُتِىَ بِلِصٍّ قَدِ اعْتَرَفَ اعْتِرَافًا وَلَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ». قَالَ بَلَى. فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ وَجِىءَ بِهِ فَقَالَ «اسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ». فَقَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ». ثَلاَثًا. قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ عَنْ أَبِى أُمَيَّةَ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم-.
وفي مسند أحمد 24793 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ دَاوُدَ. وَرِبْعِىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ فِى آخِرِ أَمْرِهِ مِنْ قَوْلِ «سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ». قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِى أَرَاكَ تُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ «سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ» قَالَ «إِنَّ رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ كَانَ أَخْبَرَنِى أَنِّى سَأَرَى عَلاَمَةً فِى أُمَّتِى وَأَمَرَنِى إِذَا رَأَيْتُهَا أَنْ أُسَبِّحَ بِحَمْدِهِ وَأَسْتَغْفِرَهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً فَقَدْ رَأَيْتُهَا (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً)». تحفة 17624 معتلى 12110
وفي سنن الدرمي2358 - أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَبِى الْمُنْذِرِ مَوْلَى أَبِى ذَرٍّ عَنْ أَبِى أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِىِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أُتِىَ بِسَارِقٍ اعْتَرَفَ اعْتِرَافاً لَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ، فَقَالَ: «مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ». قَالَ: بَلَى. قَالَ: «مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ». قَالَ: بَلَى. قَالَ: «فَاذْهَبُوا فَاقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ جِيئُوا بِهِ». فَقَطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ جَاءُوا بِهِ فَقَالَ: «اسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ». فَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ. فَقَالَ: «اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ». تحفة 11861 إتحاف17386
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/160)
وفي سنن البيقي 21062 - قَالَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنْبَأَنَا حُصَيْنٌ قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلاً جُلِدَ حَدًّا فِى قَذْفٍ بِالرِّيبَةِ فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ ضَرْبِهِ أَحْدَثَ تَوْبَةً قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ فَلَقِيتُ أَبَا الزِّنَادِ فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ فَقَالَ لِى: الأَمْرُ عِنْدَنَا إِذَا رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ وَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. {ت} قَالَ الشَّيْخُ وَرَوَى أَبُو مُعَاوِيَةَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَوْلَهُ فِى شَهَادَةِ الْقَاذِفِ.
ــ من استغفر الله دبر كل صلاة ثلاث مرات فقال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم و أتوب إليه غفرت ذنوبه و إن كان قد فر من يوم الزحف.
تخريج السيوطي
(ع وابن السني) عن البراء.
تحقيق الألباني
(ضعيف جدا) انظر حديث رقم: 5402 في ضعيف الجامع.
والسؤال الذي يرد أيضا هل هناك فرق بين قول المسلم استغفر الله وأتوب إليه كجملة لوحدها حيث ان الاحاديث السابقة ذكرت قولا معها ففي صحيح مسلم يكثر من سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ» ثم إن تحقيق معنى التوبة الحق مقررة في فعل النبي صلى الله عليه وسلم من توطين القلب عليها. واما في الأحاديث الأخرى فجاءت في موطن التوبة والاقلاع عن الذنب والاعتراف بالخطأ ((أُتِىَ بِسَارِقٍ اعْتَرَفَ اعْتِرَافاً لَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ، فَقَالَ: «مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ». قَالَ: بَلَى. قَالَ: «مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ». قَالَ: بَلَى. قَالَ: «فَاذْهَبُوا فَاقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ جِيئُوا بِهِ». فَقَطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ جَاءُوا بِهِ فَقَالَ: «اسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ)) فالقلب مقر بالذنب معترف به ((قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلاً جُلِدَ حَدًّا فِى قَذْفٍ بِالرِّيبَةِ فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ ضَرْبِهِ أَحْدَثَ تَوْبَةً قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ)) وهنا إيضا النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالاستغفار والتوبة بعد الاعتراف بالذنب والخطأ ففي موقف الأول اعتراف بذنبه وففي موقف الرجل الثاني هو قالها من عند نفسه لأنه أراد التوبة
وأما قولك لماذا يقل الرجل استغفر الله فهذا طلب ودعاء منه لربه أن يغفر ذنبه ويستره وقد يعفو الله عنه لمجرد العاء فقط كما نقل هذا القول عن شيخ الاسلام رحمه الله أنه قد يغفو الله عن العبد لمجرد دعاء الله بالمغفرة وإن استمر الذنب معه لأنه يزيل المعصية بالدعاء وهو عمل وحسنة تمحو السية وأما قول وأتوب إليه فهو إخبار عن حاله من التوبة لله عز وجل فكيف تكون كذلك ولم يوطن القلب عليها والله أعلم
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[09 - 12 - 05, 11:38 م]ـ
أولا: حديث (من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان قد فر من الزحف ").
جاء من طرق أخرى صحيحة رواه أبوداود من حديث يسار بن زيد مولى النبى صلى الله عليه وسلم عن ابيه و صححه الشيخ الألبانى رحمه الله.
ورواه الحاكم فى مستدركه من حديث بن مسعود رضى الله عنه و صححه.
ثانيا: إن كان أعتراضك على القول بالإباحة إستنادا إلى الأحاديث التى جاء فيها قول النبى صلى الله عليه وسلم (و اتوب إليه) بحجة أن النبى صلى الله عليه وسلم لابد و أن يكون قلبه مواطء للسانه فإن الأصل أن تحسن الظن بكل مسلم و أنه أيضا قلبه مواطء للسانه، والتفتيش عما فى صدور الناس من التكلف المذموم.(55/161)
تقصير الشارب ام حفه؟
ـ[عادل المامون]ــــــــ[04 - 12 - 05, 12:56 ص]ـ
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اخوتي في الله ايهما اولي قص الشارب وتقصيره ام حفه؟
اما لشعر الرأس ايهما اولي اطالته ام تقصيره؟ ام تركه علي طبيعته؟
ارجو الادله وجزاكم الله خيرا
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[04 - 12 - 05, 01:15 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
لعل في هذه الروابط ما يفيد:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=30599&highlight(55/162)
أسماء كتب تشرح الفقه المالكية بدون تعصب للمذهب
ـ[أبو_هاجر]ــــــــ[04 - 12 - 05, 02:08 ص]ـ
السلام عليكم
أخوكم في الله يبحث عن أسماء لكتب في الفقه المالكي مشروحة بدوه تعصب للمذهب أي كالشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين عليه رحمة الله
و بارك الله فيكم
ـ[طارق بن سعود]ــــــــ[04 - 12 - 05, 02:28 م]ـ
انظر كتب الشيخ الصادق عبد الرحمن الغرياني اللبي
مع أصدار كتابة الجديد في أربع مجلدات ضخمات وأسمة " المدونة في الفقه المالكي وادلته"
والله الموفق
ـ[أبو_هاجر]ــــــــ[05 - 12 - 05, 10:50 ص]ـ
بارك الله فيك هل من مزيد يا إخوة
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[10 - 12 - 05, 06:23 م]ـ
هناك شرح الزرقاني على موطأ الامام مالك
المدونة
شرح تحفة الاحكام لبن عاصم
ـ[صخر]ــــــــ[12 - 12 - 05, 03:01 ص]ـ
شرح نظم ابن عاشر لمؤلف جزائري
العرف الناشر في شرح أدلة متن ابن عاشر
انظر هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=42114(55/163)
معنى "المسيح" ...
ـ[ابو حاذق]ــــــــ[04 - 12 - 05, 04:08 ص]ـ
السلام عليكم
ما معنى المسيح فى "عيسى ابن مريم" و" الدجال"؟
اسمح لى إنْ هذا السوأل يناقَش, ساعدني
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[04 - 12 - 05, 12:54 م]ـ
(المَسِيحُ الدَّجَّالُ) صاحب الفتنة العظمى قال ابن فارس (المَسِيحُ) الذي مسح أحد شقي وجهه و لا عين له و لا حاجب و سمي الدجال (مَسِيحًا) لأنه كذلك و منه درهم (مَسِيحٌ) أي أطلس لا نقش عليه
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[04 - 12 - 05, 02:13 م]ـ
(ساحَ الماءُ يَسِيحُ سَيْحاً وسَيَحاناً: جَرَى على وجْهِ الأرضِ و الظِّلُّ: فاءَ. والسَّيْحُ: الماءُ الجاري الظاهِرُ والكِساءُ المُخَطَّطُ وماءٌ لبني حَسَّانَ بنِ عَوْفٍ وثلاثةُ أوديةٍ باليَمامةِ. والسِّياحَةُ بالكسر والسُّيُوحُ والسَّيَحانُ والسَّيْحُ: الذَّهابُ في الأرضِ للعبادَةِ ومنه: المَسيحُ ابنُ مريَمَ و ذَكَرْتُ في اشْتقاقِه خمسينَ قَوْلاً في شَرْحِي لِصَحيح البُخاريِّ وغيرِهِ) القاموس المحيط(55/164)
معنى القراء اصطلاحا؟!
ـ[سيف 1]ــــــــ[04 - 12 - 05, 08:18 ص]ـ
كثيرا ما يقع في بعض التراجم فلان ثقة من القراء الأولين او كان من القراء او جيش القراء الى ما هنالك
فما معنى القراء اصطلاحا على الأقل في الطبقات الأولى للتابعين والصحابة هل هم الحفظة ام الذين يقرؤن الناس وان لم يجمعوا القرآن كاملا
وهل كانت المرأة تدخل في المعنى الاصطلاحي للقراء ف العصور الأولى؟
ـ[حسام الدين الكيلاني]ــــــــ[05 - 12 - 05, 04:59 ص]ـ
الحمد لله وبعد:
المصطلح اليوم عليه عند القراء أن القارئ لفظ يطلق على من أفرد رواية إلى ثلاث روايات، فإن تأهل للإقراء سمِّي مقرئاً.
ولكن لما سألت عن المصطلح عليه قديماً وحديثاً كان لا بد أن نبين لك ما يلي:
اعلم هداني الله وإياك أن مصطلح القراء يطلق ويراد به أحد خمسة معاني وهي:
1 ــ القراء السبعون من صحابة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
2 ــ مجلس شورى عمر بن الخطاب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.
3 ــ أئمة القرآن المنسوبة إليهم القراءات الأربعة عشر.
4 ــ كل من حفظ القرآن وجوده وتلاه حق تلاوته، والقراء بهذا الإطلاق لا يحصون كثرة من لدن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى عصرنا هذا.
5 ــ جمع قارئ وهو العابد المتنسِّك.
والله تعالى أعلم.
وكتبه
الشيخ المقرئ حسام الدين سليم الكيلاني
مدير معهد تحفيظ القرآن الكريم بحمص المحروسة
ـ[سيف 1]ــــــــ[06 - 12 - 05, 11:08 ص]ـ
شيخنا الكريم حسام رفع الله قدرك وجزاك خيرا(55/165)
استفسار عن مصنف يجمع الآثار في المواريث
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[04 - 12 - 05, 06:56 م]ـ
هل تحصل مصنف يجمع الآثار في علم الفرائض ويحققها؟ أو يكتفي بالجمع؟
و دمتم
ـ[أبو هاشم]ــــــــ[04 - 12 - 05, 07:14 م]ـ
الأخ الكريم يوجد الفرائض للسهيلي أو للثوري يجمع الأثار في الفرائض والله أعلم
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[05 - 12 - 05, 04:57 م]ـ
و هل صنف في جمع الآثار مستقلا؟(55/166)
يااخوان ارجوا شرح لحديث ام معبد في وصف الرسول
ـ[جابرالفلوجي]ــــــــ[04 - 12 - 05, 07:01 م]ـ
يااخوان ارجوا شرح لحديث ام معبد في وصف الرسول(55/167)
اريد ان اعرف هل قول بعضهم لعلى ابن عم النبى صلى الله عليه وسلم عليه السلام
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[04 - 12 - 05, 08:19 م]ـ
اريد ان اعرف هل قول بعضهم لعلى ابن عم النبى صلى الله عليه وسلم عليه السلام وهذه اللفظه وانا اقراها فى سبل السلام ما هى المؤاخذات عليها وهل الترضى اى قول رضى الله عنه عن غير الصحابه فيه خلاف وهل يكره الصمت الى الليل وهل الاثر الوارد فى ذلك عن ابى بكر صحيح
ـ[بدر العمراني]ــــــــ[05 - 12 - 05, 12:27 ص]ـ
قد جرت العادة عند أهل السنة بالترضي على الصحابة عموما سواء كانوا من أهل البيت أم من غيرهم، و أما التسليم على أهل البيت فقد انتهجه السلف في كلامهم كالبخاري و غيره، لكن لما أصبح شعارا لأهل الرفض تركوه مخالفة لأهل البدع. هذا ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "منهاج السنة النبوية" فيما أذكر. فليراجع.
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[05 - 12 - 05, 03:04 ص]ـ
أما أن يترك لأنه شعار أهل الرفض فلا يستقيم، لأن الأصل وروده عن الشارع، أما وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كما في حديث الصلاة المشهور: "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد .... اللهم سلم على محمد وعلى آل محمد ... ". وتتابع السلف على ذلك، ومنهم الإمام أحمد، والإمام البخاري، وغيرهما، فلا يليق أن نترك تلك الفضيلة للروافض وندعي أنها صارت شعارا لهم.
والجهاد الآن يعتبر شعارا لحزب الله، وهم مبتدعة، أفيترك؟، والعمائم شعار للرافضة، أفنتركها؟، وكان في وقت من الأوقات مجادلة الزنادقة والكفرة شعارا للمعتزلة، فهل ترك سلفنا ذلك؟ ..
هذا لا يستقيم أبدا، فنترك اتباع الحديث والأثر لأن المبتدعة فعلوها، إنما نحن أولى بالسّنة منهم، فلا نتركها لهم يتميزون علينا بها ... والسلام.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[06 - 12 - 05, 08:18 م]ـ
الصلاة والسلام على آل البيت على جهة العموم لا إشكال فيه إجماعا.
وأما تخصيص بعض آل البيت بذلك، فمحل نظر.
وفعل السلف - إن لم يكن إجماعا لديهم - ينبغي أن يستدل له لا به
ومن المعلوم أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم هن من آل بيته، فلم لا يقال: عائشة عليها السلام؟
ولينظر كلام النووي في الأذكار فهو نفيس.
والله تعالى أعلم.
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[06 - 12 - 05, 09:35 م]ـ
الصلاة والسلام على آل البيت على جهة العموم لا إشكال فيه إجماعا.
وأما تخصيص بعض آل البيت بذلك، فمحل نظر.
وفعل السلف - إن لم يكن إجماعا لديهم - ينبغي أن يستدل له لا به
ومن المعلوم أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم هن من آل بيته، فلم لا يقال: عائشة عليها السلام؟
ولينظر كلام النووي في الأذكار فهو نفيس.
والله تعالى أعلم.
لم ينكر أحد التسليم على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كن لسن أصحاب العباءة الذين هم آله كما في الحديث الصحيح، وادعاء جواز السلام على عموم آل البيت دون أفرادهم، ادعاء لا شاهد له، إذ القاعدة الأصولية والمنطقية أن العموم يشمل أفراده ما لم يرد استثناء، ولم يرد استثناء هنا، بل بالعكس، كثر في السلف السلام على آل البيت، وعليه أحمد وعبد الرزاق، والبخاري، والحاكم، واللالكائي وغيرهم رحمهم الله، ولم يرد إنكار من أحد من السلف على ذلك، فهو إجماع سكوتي كما لا يخفى.
وعلى كل؛ فباب الدعاء أمره واسع، وتحجيره بغير محجر تنطع في الدين، وفي الحديث الصحيح: "هلك المتنطعون"، فمن أراد الترضي؛ فليترض، ومن أراد الترحم فليترحم، ومن أراد الصلاة والسلام فليفعل، بل وردت التصلية والسلام على أبي بكر، وهو ليس من أهل البيت ...
فالأمر واسع إن شاء الله تعالى، ولا شك أن التسليم على الآل بأفرادهم ومجموعهم اتباع للحديث والأثر، وهو سنة غفل الناس عنها ... والسلام.
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[07 - 12 - 05, 12:48 ص]ـ
أظن أنه طالما السلف كانوا يفعلونه فلا بأس و لكن ما صحة القول بأن الشيئ اذا أصبح شعارا لاهل البدع و هو مسنون أو مشروع وجب تركه
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[07 - 12 - 05, 12:50 ص]ـ
و لكن أخي حمزة هل معنى كلامك ان نسائه صلى الله عليه و سلم لم يكونوا تحت الكساء انهم ليسوا من آله و هل بذلك نقول ان آله الحسن و الحسين و أبواهما عليهم السلام هم أهل بيته فقط
و جزاك الله خيرا
ـ[عادل المامون]ــــــــ[07 - 12 - 05, 04:21 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/168)
وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: " اللهم صلى على آل فلان ". فأتاه أبي بصدقته فقال: " اللهم صلى الله على آل أبي أوفى "وفي رواية: " إذا أتى الرجل النبي بصدقته قال: " اللهم صلي عليه "
وهذا الحديث متفق عليه .......... حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وإسحق بن إبراهيم قال يحيى أخبرنا وكيع عن شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت عبد الله بن أبي أوفى ح و حدثنا عبيد الله بن معاذ واللفظ له حدثنا أبي عن شعبة عن عمرو وهو ابن مرة حدثنا عبد الله بن أبي أوفى قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال اللهم صل عليهم فأتاه أبي أبو أوفى بصدقته فقال اللهم صل على آل أبي أوفى
ح و حدثناه ابن نمير حدثنا عبد الله بن إدريس عن شعبة بهذا الإسناد غير أنه قال صل عليهم
صحيح مسلم بشرح النووي
قوله: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل عليهم , فأتاه أبي أبو أوفى بصدقته فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى)
هذا الدعاء وهو الصلاة امتثال لقول الله عز وجل: {وصل عليهم} ومذهبنا المشهور ومذهب العلماء كافة أن الدعاء لدافع الزكاة سنة مستحبة ليس بواجب , وقال أهل الظاهر: هو واجب , وبه قال بعض أصحابنا , حكاه أبو عبد الله الحناطي - بالحاء المهملة - , واعتمدوا الأمر في الآية , قال الجمهور الأمر في حقنا للندب ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا وغيره لأخذ الزكاة ولم يأمرهم بالدعاء , وقد يجيب الآخرون بأن وجوب الدعاء كان معلوما لهم من الآية الكريمة , وأجاب الجمهور أيضا بأن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وصلاته سكن لهم بخلاف غيره , واستحب الشافعي في صفة الدعاء أن يقول: (آجرك الله فيما أعطيت وجعله لك طهورا , وبارك لك فيما أبقيت) وأما قول الساعي: اللهم صل على فلان فكرهه جمهور أصحابنا , وهو مذهب ابن عباس ومالك وابن عيينة وجماعة من السلف , وقال جماعة من العلماء: ويحوز ذلك بلا كراهة لهذا الحديث , قال أصحابنا: لا يصلى على غير الأنبياء إلا تبعا ; لأن الصلاة في لسان السلف مخصوصة بالأنبياء - صلاة الله وسلامه عليهم - , كما أن قولنا: (عز وجل) مخصوص بالله سبحانه وتعالى , فكما لا يقال: محمد عز وجل وإن كان عزيزا جليلا , لا يقال: أبو بكر صلى الله عليه وسلم: وإن صح المعنى , واختلف أصحابنا في النهي عن ذلك هل هو نهي تنزيه أم محرم أو مجرد أدب , على ثلاثة أوجه: الأصح الأشهر أنه مكروه كراهة تنزيه ; لأنه شعار لأهل البدع , وقد نهينا عن شعارهم , والمكروه هو ما ورد فيه نهي مقصود , واتفقوا على أنه يجوز أن يجعل غير الأنبياء تبعا لهم في ذلك فيقال: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وأزواجه وذريته وأتباعه ; لأن السلف لم يمنعوا منه , وقد أمرنا به في التشهد وغيره , قال الشيخ أبو محمد الجويني من أئمة أصحابنا السلام في معنى الصلاة , ولا يفرد به غير الأنبياء ; لأن الله تعالى قرن بينهما ولا يفرد به غائب , ولا يقال: قال فلان رضي الله عنه , وأما المخاطبة به لحي أو ميت فسنة فيقال: السلام عليكم أو عليك أو سلام عليك أو عليكم. والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[07 - 12 - 05, 06:48 ص]ـ
صح عن ابن عباس رضي الله عنه أن قال (لاينبغي الصلاة إلا على النبي صلى الله عليه وسلم)
وأما نساء النبي صلى الله عليه وسلم فهم من أهل بيته بنص الاية
{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (33) سورة الأحزاب
وهذا فصل نفيس للحافظ ابن القيم رحمه الله ذكره في آخر كتابه جلاء الأفهام:
قال الحافظ ابن القيم رحمه الله في جلاء الأفهام
صل
وهل يصلى على آله منفردين عنه فهذه المسألة على نوعين
أحدهما أن يقال اللهم صل على آل محمد فهذا يجوز ويكون داخلا في آله فالإفراد عنه وقع في اللفظ لا في المعنى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/169)
الثاني أن يفرد واحد منهم بالذكر فيقال اللهم صل على علي أو على حسن أو حسين أو فاطمة ونحو ذلك فاختلف في ذلك وفي الصلاة على غير آله من الصحابة ومن بعدهم فكره ذلك مالك وقال لم يكن ذلك من عمل من مضى وهو مذهب أبي حنيفة أيضا وسفيان بن عيينة وسفيان الثوري وبه قال طاووس
وقال ابن عباس لا ينبغي الصلاة إلا على النبي
قال اسماعيل بن اسحاق حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال حدثنا عبد الرحمن بن زياد حدثني عثمان بن حنيف عن عكرمة عن ابن عباس انه قال لا تصلح الصلاة على أحد إلا على النبي ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالإستغفار
وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز
قال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي عن جعفر بن برقان قال كتب عمر بن عبد العزيز إما بعد فإن ناسا من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة وان القصاص قد احدثوا في الصلاة على خلفائهم وامرائهم عدل صلاتهم على النبي فإذا جاءك كتابي فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ودعاؤهم للمسلمين عامة ويدعو ما سوى ذلك
وهذا مذهب أصحاب الشافعي ولهم ثلاثة اوجه
أحدها انه منع تحريم
والثاني وهو قول الاكثرين انه منع كراهية تنزيه
والثالث انه من باب ترك الأولى وليس بمكروه حكاها النووي في الاذكار قال والصحيح الذي عليه الاكثرون انه مكروه كراهة تنزيه
ثم اختلفوا في السلام هل هو في معنى الصلاة فيكره أن يقال السلام على فلان أو قال فلان عليه السلام فكرهه طائفة منهم أبو محمد الجويني ومنع أن يقال عن علي عليه السلام وفرق آخرون بينه وبين الصلاة فقالوا السلام يشرع في حق كل مؤمن حي وميت وحاضر وغائب فإنك تقول بلغ فلانا مني السلام وهو تحية أهل الإسلام بخلاف الصلاة فإنها من حقوق الرسول ولهذا يقول المصلي السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ولا يقول الصلاة علينا وعلى عباد الله الصالحين فعلم الفرق
واحتج هؤلاء بوجوه
أحدها قول ابن عباس وقد تقدم
الثاني أن الصلاة على غير النبي وآله قد صارت شعار أهل البدع وقد نهينا عن شعارهم ذكره النووي
قلت ومعنى ذلك أن الرافضة إذا ذكروا ائمتهم يصلون عليهم بأسمائهم ولا يصلون على غيرهم ممن هو خير منهم واحب إلى الرسول فينبغي أن يخالفوا في هذا الشعار
الثالث ما احتج به مالك رحمه الله أن هذا لم يكن من عمل من مضى من الأمة ولو كان خيرا لسبقونا اليه
الرابع أن الصلاة قد صارت مخصوصة في لسان الأمة بالنبي تذكر مع ذكر اسمه كما صار عز وجل وسبحانه وتعالى مخصوصا بالله عز وجل يذكر مع ذكر اسمه ولا يسوغ أن يستعمل ذلك لغيره فلا يقال محمد عز وجل ولا سبحانه وتعالى فلا يعطي المخلوق مرتبة الخالق فهكذا لا ينبغي أن يعطى غير النبي مرتبته فيقال قال فلان
الخامس أن الله سبحانه قال لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا النور 63 فأمر سبحانه إلا يدعى باسمه كما يدعى غيره باسمه فكيف يسوغ أن تجعل الصلاة عليه كما تجعل على غيره في دعائه والاخبار عنه هذا مما لا يسوغ اصلا
السادس أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شرع لامته في التشهد أن يسلموا على عباد الله الصالحين ثم يصلوا على النبي فعلم أن الصلاة عليه حقه الذي لا يشركه في أحد
السابع أن الله سبحانه ذكر الأمر بالصلاة عليه في معرض حقوقه وخواصه التي خصه بها من تحريم نكاح أزواجه وجواز نكاحه لمن وهبت نفسها له ايجاب اللعنة لمن آذاه وغير ذلك من حقوقه واكدها بالأمر بالصلاة عليه والتسليم فدل على أن ذلك حق له خاصة وآله تبع له فيه
الثامن أن الله سبحانه شرع للمسلمين أن يدعو بعضهم لبعض ويستغفر بعضهم لبعض ويترحم عليه في حياته وبعد موته وشرع لنا أن نصلي على النبي في حياته وبعد موته فالدعاء حق للمسلمين والصلاة حق لرسول الله فلا يقوم أحدهما مقام الآخر ولهذا في صلاة الجنازة إنما يدعى للميت ويترحم عليه ويستغفر له ولا يصلى عليه بدل ذلك فيقال اللهم صل عليه وسلم وفي الصلوات يصلى على النبي ولا يقال بدله اللهم اغفر له وارحمه ونحو ذلك بل يعطى كل ذي حق حقه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/170)
التاسع أن المؤمن احوج الناس إلى أن يدعى له بالمغفرة والرحمة والنجاة من العذاب واما النبي فغير محتاج أن يدعى له بذلك فالصلاة عليه زيادة في تشريف الله له وتكريمه ورفع درجاته وهذا حاصل له وان غفل عن ذكره الغافلون فالامر بالصلاة عليه احسان من الله للامة ورحمة بهم لينيلهم كرامته بصلاتهم على رسوله بخلاف غيره من الأمة فإنه يحتاج إلى من يدعو له ويستغفر له ويترحم عليه ولهذا جاء الشرع بهذا في محله وهذا في محله
العاشر انه لو كانت الصلاة على غيره سائغة فإما أن يقال باختصاصها ببعض الأمة أو يقال تجوز على كل مسلم
فإن قيل باختصاصها فلا وجه له وهو تخصيص من غير مخصص وان قيل بعدم الاختصاص وانها تسوغ لكل من يسوغ الدعاء له فحينئذ تسوغ الصلاة على المسلم وان كان من أهل الكبائر فكما يقال اللهم تب عليه اللهم اغفر له يقال اللهم صل عليه وهذا باطل
وان قيل تجوز على الصالحين دون غيرهم فهذا مع انه لا دليل عليه ليس له ضابط فإن كون الرجل صالحا أو غير صالح وصف يقبل الزيادة والنقصان وكذلك كونه وليا لله وكونه متقيا وكونه مؤمنا كل ذلك يقبل الزيادة والنقصان فما ضابط من يصلى عليه من الأمة ومن لا يصلى عليه
قالوا فعلم بهذه الوجوه العشرة اختصاص الصلاة بالنبي وآله
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا تجوز الصلاة على غير النبي وآله
قال القاضي أبو الحسين بن الفراء في رؤوس مسائله وبذلك قال الحسن البصري وخصيف ومجاهد ومقاتل بن سليمان ومقاتل بن حيان وكثير من أهل التفسير قال وهو قول الإمام احمد نص عليه في رواية أبي داود وقد سئل اينبغي أن يصلي على أحد إلا على النبي قال اليس قال علي لعمر رضي الله عنهما صلى الله عليك قال وبه قال اسحاق بن راهويه وابو ثور ومحمد بن جرير الطبري وغيرهم وحكى أبو بكر بن أبي داود عن ابيه ذلك قال أبو الحسين وعلى هذا العمل واحتج هؤلاء بوجوه
أحدها قوله سبحانه وتعالى (خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم) التوبة 103 فأمر سبحانه أن يأخذ الصدقة من الأمة وان يصلي عليهم ومعلوم أن الأئمة بعده يأخذون الصدقة كما كان يأخذها فيشرع لهم أن يصلوا على المتصدق كما كان يصلى عليه النبي
الثاني في الصحيحين من حديث شعبة عن عمرو عبن عبد الله بن أبي اوفى قال كان النبي إذا اتاه قوم بصدقتهم قال اللهم صل على آل فلان فأتاه أبي بصدقته فقال اللهم صل على آل أبي اوفى
والاصل عدم الاختصاص وهذا ظاهر في انه هو المراد من الاية
الثالث ما رواه حجاج عن أبي عوانة عن الاسود بن قيس عن نبيه العنزي عن جابر بن عبد الله أن امرأة قالت يا رسول الله صل علي وعلى زوجي فقال صلى الله عليك وعلى زوجك رواه احمد وابو داود في السنن
الرابع ما رواه ابن سعد في كتاب الطبقات من حديث ابن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن عليا دخل على عمر وهو مسجى فلما انتهى اليه قال صلى الله عليك ما أحد القى إلى الله بصحيفته احب الي من هذا المسجى بينكم
الخامس ما رواه اسماعيل بن اسحاق حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا نافع بن عبد الرحمن أبي نعيم القارئ عن نافع عن ابن عمر انه كان يكبر على الجنازة ويصلي على النبي ثم يقول اللهم بارك فيه وصل عليه واغفر له واورده حوض نبيك
السادس أن الصلاة هي الدعاء وقد امرنا بالدعاء بعضنا لبعض احتج بهذه الحجة أبو الحسين
السابع ما رواه مسلم في صحيحه من حديث حماد بن زيد عن بديل عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة قال إذا خرجت روح المؤمن تلقاها ملكان يصعدانها قال حماد فذكر من طيب ريحها وذكر المسك قال ويقول أهل السماء روح طيبة جاءت من قبل الأرض صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه وذكر الحديث
هكذا قال مسلم عن أبي هريرة موقوفا وسياقه يدل على انه مرفوع فإنه قال بعده وان الكافر إذا خرجت روحه قال حماد وذكر من نتنها وذكر لعنا ويقول أهل السماء روح خبيثة جاءت من قبل الأرض قال فيقال انطلقوا به إلى آخر الاجل قال أبو هريرة فرد رسول الله ريطة كانت على انفه هكذا وهذا يدل على أن رسول الله حدثهم بالحديث وقد رواه جماعة عن أبي هريرة مرفوعا منهم أبو سلمة وعمر بن الحكم واسماعيل السدي عن أبيه عن أبي هريرة وسعيد بن يسار وغيرهم
وقد استوفيت الكلام على هذا الحديث وامثاله في - كتاب الروح -
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/171)
قالوا فإذا كانت الملائكة تقول للمؤمن صلى الله عليك جاز ذلك للمؤمنين بعضهم لبعض
الثامن قوله أن الله وملائكته يصلون على معلم الناس الخير
وقد قال تعالى هو الذي يصلي عليكم وملائكته الأحزاب 43
التاسع ما رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف
وفي حديث آخر عنها إن رسول الله قال إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف وقد تقدم في أول الكتاب صلاة الملائكة على من صلى على النبي
العاشر ما احتج به القاضي أبو يعلى ورواه بإسناد من حديث مالك بن يخامر عن النبي مرسلا انه قال اللهم صل على أبي بكر فإنه يحب الله ورسوله اللهم صل على علي فإنه يحب الله ورسوله اللهم صل على عمرو بن العاص فإنه يحب الله ورسوله
الحادي عشر ما رواه يحيى بن يحيى في موطئه عن مالك عن عبد الله بن دينار قال رأيت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقف على قبر النبي فيصلي على النبي وعلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما هذا لفظ يحيى بن يحيى
الثاني عشر انه قد صح أن النبي نص على أزواجه في الصلاة وقد تقدمقالوا وهذا على اصولكم الزم فإنكم لم تدخلوهن في آله الذي تحرم عليهم الصدقة فإذا جازت الصلاة عليهن جازت على غيرهن من الصحابة رضي الله عنهم
الثالث عشر انكم قد قلتم بجواز الصلاة على غير النبي وآله تبعا له فقلتم بجواز أن يقال اللهم صل على محمد وعلى آل محمد واصحابه وازواجه وذريته واتباعه
قال أبو زكريا النووي واتفقوا على جواز جعل غير الأنبياء تبعا لهم في الصلاة ثم ذكر هذه الكيفية وقال للأحاديث الصحيحة في ذلك وقد أمرنا به في التشهد ولم يزل السلف عليه خارج الصلاة أيضا
قلت ومنه الاثر المعروف عن بعض السلف اللهم صل على ملائكتك المقربين وانبيائك والمرسلين واهل طاعتك اجمعين من أهل السماوات والارضين
الرابع عشر ما رواه أبو يعلى الموصلي عن ابن زنجويه حدثنا أبو المغيرة حدثنا أبو بكر بن أبي مريم حدثنا ضمرة بن حبيب بن صهيب عن أبي الدرداء عن زيد بن ثابت أن رسول الله انه دعاه وامره أن يتعاهد به اهله كل يوم قال قل حين تصبح لبيك اللهم لبيك لبيك وسعديك والخير في يديك ومنك واليك اللهم ما قلت من قول أو نذرت من نذر أو حلفت من حلف فمشيئتك بين يديه ما شئت منه كان وما لم تشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلا بك أنت على كل شيء قدير اللهم وما صليت من صلاة فعلى من صليت وما لعنت من لعن فعلى من لعنت أنت وليي في الدنيا والاخرة توفني مسلما والحقني بالصالحين
ووجه الاستدلال انه لو لم تشرع الصلاة على غير النبي ما صح الاستثناء فيها فإن العبد لما كان يصلي على من ليس بأهل للصلاة ولا يدري استثنى من ذلك كما استثنى في حلفه ونذره
وقال الاولون الجواب عما ذكرتم من الأدلة إنها نوعان نوع منها صحيح وهو غير متناول لمحل النزاع فلا يحتج به ونوع غير معلوم الصحة فلا يحتج به أيضا وهذا إنما يظهر بالكلام على كل دليل دليل
إما الدليل الأول وهو قوله تعالى وصل عليهم فهذا في غير محل النزاع لأن كلامنا في انه هل يسوغ لاحدنا أن يصلي على غير النبي وآله أم لا
واما صلاة النبي على من صلى عليه فتلك مسألة أخرى فأين هذه من صلاتنا عليه التي امرنا بها قضاء لحقه هل يجوز أن يشرك معه غيره فيها أم لا يؤكده
الوجه الثاني أن الصلاة عليه حق له يتعين على الأمة أداؤه والقيام به واما هو فيخص من اراد ببعض ذلك الحق وهذا كما تقول في شاتمه ومؤذيه أن قتله حق لرسول الله يجب على الأمة القيام به واستيفاؤه وان كان يعفو عنه حتى كان يبلغه ويقول رحم الله موسى لقد اوذي بأكثر من هذا فصبر
وبهذا حصل الجواب عن الدليل الثاني أيضا وهو قوله اللهم صل على آل أبي اوفى
وعن الدليل الثالث أيضا وهو صلاته على تلك المرأة وزوجها
واما دليلكم الرابع وهو قول علي لعمر صلى الله عليك فجوابه من وجوه
أحدها انه قد اختلف على جعفر بن محمد في هذا الحديث فقال انس بن عياض عن جعفر بن محمد عن ابيه أن عليا لما غسل عمر وكفن وحمل على سريره وقف عليه فأثنى عليه وقال والله ما على الأرض رجل احب الي أن القى بصحيفته من هذا المسجى بالثوب وكذلك رواه محمد ويعلي ابنا عبيد عن حجاج الواسطي عن جعفر ولم يذكر هذه اللفظة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/172)
ورواه ورقاء عن عمرو عن عمرو بن دينار عن أبي جعفر عن علي ولم يذكر لفظة الصلاة بل قال رحمك الله وكذلك رواه عارم بن الفضل عن حماد بن زيد عن ايوب وعمرو بن دينار وأبي جهضم قالوا لما مات عمر فذكروا الحديث دون لفظ الصلاة وكذلك رواه قيس بن الربيع عن قيس بن مسلم عن ابن الحنفية
الثاني أن الحديث الذي فيه الصلاة لم يسنده ابن سعد بل قال في الطبقات اخبرنا بعض اصحابنا عن سفيان بن عيينة انه سمع منه هذا الحديث عن جعفر بن محمد عن ابيه عن جابر عن عبد الله فذكره وقال لما انتهى اليه فقال له صلى الله عليك وهذا المبهم لعله لم يحفظه فلا يحتج به
الثالث انه معارض بقول ابن عباس لا ينبغي الصلاة على أحد إلا على النبي وقد تقدم
قالوا واما دليلكم الخامس وهو قول ابن عمر في صلاة الجنازة اللهم صل عليه فجوابه من وجوه
أحدها أن نافع بن أبي نعيم ضعيف عندهم في الحديث وان كان في القراءة اماما قال الأمام احمد يؤخذ عنه القرآن وليس في الحديث بشيء والذي يدل على أن هذا ليس بمحفوظ عن ابن عمر أن مالكا في موطئه لم يروه عن ابن عمر وانما روى اثرا عن أبي هريرة فلو كان هذا عند نافع مولاه لكان مالك اعلم به من نافع بن أبي نعيم
الثاني أن قول ابن عباس يعارض ما نقل عن ابن عمر
واما دليلكم السادس أن الصلاة دعاء وهو مشروع لكل مسلم فجوابه من وجوه
أحدها انه دعاء مخصوص مأمور به في حق الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهذا لا يدل على جواز أن يدعى به لغيره لما ذكرنا من الفروق بين الدعاء وغيره مع الفرق العظيم بين الرسول وغيره فلا يصح الالحاق به لا في الدعاء ولا في المدعو له
الثاني انه كما لا يصح أن يقاس عليه دعاء غيره لا يصح أن يقاس على الرسول غيره فيه
الثالث أنه ما شرع في حق الرسول لكونه دعاء بل لاخص من مط بل لاخص من مط لق الدعاء وهو كونه صلاة متضمنة لتعظيمه وتمجيده والثناء عليه كما تقدم تقريره وهذا اخص من مطلق الدعاء
واما دليلكم السابع وهو قول الملائكة لروح المؤمن صل الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه فليس بمتناول لمحل النزاع فإن النزاع إنما هو هل يسوغ لاحدنا أن يصلي على غير الرسول وآله واما الملائكة فليسوا بداخلين تحت احكام تكاليف البشر حتى يصح قياسهم عليه فيما يقولونه ويفعلونه فأين احكام الملك من احكام البشر فالملائكة رسل الله في خلقه وامره يتصرفون بأمره لا بأمر البشر وبهذا خرج الجواب عن كل دليل فيه صلاة الملائكة
واما قولكم أن الله يصلي على المؤمنين وعلى معلم الناس الخير
جوابه انه في غير محل النزاع وكيف يصح قياس فعل العبد على فعل الرب وصلاة العبد دعاء وطلب وصلاة الله على عبده ليست دعاء وانما هي اكرام وتعظيم ومحبة وثناء واين هذا من صلاة العبد
واما دليلكم العاشر وهو حديث مالك بن يخامر وفيه صلاة النبي على أبي بكر وعمر ومن معهما فجوابه من وجوه
أحدها انه لا علم لنا بصحة هذا الحديث ولم تذكروا اسناده لننظر فيه
الثاني انه مرسل
الثالث انه في غير محل النزاع كما تقدم
واما دليلكم الحادي عشر أن ابن عمر كان يقف على قبر النبي فيصلي عليه وعلى أبي بكر وعمر فجوابه من وجوه
أحدها أن ابن عبد البر قال انكر العلماء على يحيى بن يحيى ومن تابعه في الرواية عن مالك عن عبد الله بن دينار رأيت ابن عمر يقف على قبر النبي فيصلي على النبي وعلى أبي بكر وعمر وقالوا إنما الرواية لمالك وغيره عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر انه كان يقف على قبر النبي فيصلي على النبي ويدعو لابي بكر وعمر وكذلك رواه ابن القاسم والقعنبي وابن بكير وغيرهم عن مالك ففرقوا بما وصفت لك بين ويدعو لأبي بكر وعمر وبين فيصلي على النبي وان كانت الصلاة قد تكون دعاء لما خص به من لفظ الصلاة
قلت وكذلك هو في موطأ ابن وهب لفظ الصلاة مختص بالنبي والدعاء لصاحبيه
الثاني أن هذا من باب الاستغناء عن أحد الفعلين بالأول منهما وان كان غير واقع على الثاني كقول الشاعر
علفتها تبنا وماءباردا ... حتى غدت همالة عيناها
وقول الآخر
ورأيت زوجك قد غدا ... متقلدا سيفا ورمحا
وقول الآخر
وزججن الحواجب والعيونا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/173)
فلما كان الفعل الأول موافقا للفعل الثاني في الجنس العام اكتفى به منه لان العلف موافق للسقي في التغذية وتقلد السيف موافق لحمل الرمح في معنى الحمل وتزجيج الحواجب موافق لكحل العيون في الزينة وهكذا الصلاة على النبي موافقة للدعاء لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما في معنى الدعاء والطلب
الثالث أن ابن عباس قد خالفه كما تقدم
واما دليلكم الثاني عشر بالصلاة على أزواجه ففاسد لانه إنما صلى عليهن لاضافتهن اليه ودخولهن في آله واهل بيته فهذه خاصة له واهل بيته وزوجاته تبع له فيها
واما قولكم انه الزم على اصولنا فإنا لا نقول بتحريم الصدقة عليهن فجوابه أن هذا وان سلم دل على انهن لسن من الال الذين تحرم عليهم الصدقة لعدم القرابة التي يثبت بها التحريم لكنهن من أهل بيته الذين يستحقون الصلاة عليهم ولا منافاة بين الأمرين
واما دليلكم الثالث عشر وهو جواز الصلاة على غيره تبعا وحكايتكم الاتفاق على ذلك فجواه من وجهين
أحدهما أن هذا الاتفاق غير معلوم الصحة والذين منعوا الصلاة على غير الأنبياء منعوها مفردة وتابعة وهذا التفصيل وان كان معروفا عن بعضهم فليس كلهم يقوله
الثاني انه لا يلزم من جواز الصلاة على اتباعه تبعا للصلاة عليه جواز افراد المعين أو غيره بالصلاة عليه استقلالا وقوله للأحاديث الصحيحة في ذلك فليس في الاحاديث الصحيحة الصلاة على غير النبي وآله وازواجه وذريته ليس فيها ذكر اصحابه ولا اتباعه في الصلاة
وقوله أحرنا بها في التشهد فالمأمور به في التشهد الصلاة على آله وازواجه لا على غيرهما
واما دليلكم الرابع عشر وهو حديث زيد بن ثابت الذي فيه اللهم ما صليت من صلاة فعلى من صليت ففيه أبو بكر بن أبي مريم ضعفه احمد وابن معين وابو حاتم والنسائي والسعدي وقال ابن حبان كان من خيار أهل الشام ولكنه كان رديء الحفظ يحدث بشيء فيهم وكثر ذلك حتى استحق الترك
وفصل الخطاب في هذه المسألة أن الصلاة على غير النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إما أن يكون آله وازواجه وذريته أو غيرهم فان كان الأول فالصلاة عليهم مشروعة مع الصلاة على النبي وجائزة مفردةواما الثاني فإن كان الملائكة واهل الطاعة عموما الذين يدخل فيهم الأنبياء وغيرهم جاز ذلك أيضا فيقال اللهم صل على ملائكتك المقربين واهل طاعتك اجمعين
وان كان شخصا معينا أو طائفة معينة كره أن يتخذ الصلاة عليه شعارا لا يخل به ولو قيل بتحريمه لكان له وجه ولا سيما إذا جعلها شعارا له ومنع منها نظيره أو من هو خير منه وهذا كما تفعل الرافضة بعلي رضي الله عنه فإنهم حيث ذكروه قالوا عليه الصلاة والسلام ولا يقولون ذلك فيمن هو خير منه فهذا ممنوع لا سيما إذا اتخذ شعارا لا يخل به فتركه حينئذ متعين
واما أن صلى عليه احيانا بحيث لا يجعل ذلك شعارا كما صلي على دافع الزكاة وكما قال ابن عمر للميت صلى الله عليه وكما صلى النبي على المرأة وزوجها وكما روي عن علي من صلاته على عمر فهذا لا بأس به
وبهذا التفصل تتفق الأدلة وينكشف وجه الصواب والله الموفق) انتهى.
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[07 - 12 - 05, 03:48 م]ـ
الاستاذ الشيخ بحثك ممتع جدا جزاك الله خيرا
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[07 - 12 - 05, 04:04 م]ـ
يا أخواني نحن نرى البخاري يفرد مجموعة من الصحابة بقول (عليه السلام) هل هو من فعله ام من فعل النساخ
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[10 - 12 - 05, 04:52 م]ـ
سؤال يجيبنا عليه الاخوه متخصصى المخطوطات
ـ[أبو حاتم يوسف حميتو المالكي]ــــــــ[19 - 02 - 06, 11:04 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة: نقاشكم ممتع وعظيم وفيه همة عالية، و ظن العبد الفقير أن لا إشكال في الموضوع بتاتا فعلى جميع المسلمين السلام، ونحن أولى بآل البيت وأزواج النبي وأصحابه وخاصة الأربعة الخلفاء والأربعة أصحاب الكساء من هؤلاء الروافض، الذين لو عاش الإمام علي رضي الله عنه وعليه السلام إلى زمننا هذا ورأى فعل هؤلاء وخذلانهم للإسلام والمسلمين لقتلهم قتل عاد وإرم.
ولكن إخوتي بيننا وبينهم " لا إله إلا الله محمد رسول الله "، فإذا كنا لا نملك بحكم قول السلف أن نخرجهم من الملة باعتبار التأويل الفاسد، فإنا نلك أن ندعو الله لهم بالهداية، وللبشرى فإني أعرف عددا من الشيعة سواء في بلدي و في بلاد ثانية أخرى أعلنوا توبتهم بل إن منهم من قال أنه لم يسلم إلا حين عاد إلى رحاب السلف وأهل السنة والجماعة، والأمة إخوتي محتاجة إلى كل ساعد يبني، وإلى كل معول تنقض به عرى الباطل، ومرة أخرى اللهم صل وسلم على أنبيائك، وعلى من تبعهم، وعلى نبيك المصطفى وصفيك المرتضى، وعلى آل بيته الأطهار نساء وأبناء وقرابة، وعلى جميع الصحابة الذين بفضلهم بعد الله نحن جميعا على الصراط المستقيم إن شاء الله، وعسى الله أن يجمعنا وإياهم في مستقر رحمته، فأمنوا جزاكم الله خيرا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/174)
ـ[محمد سفر العتيبي]ــــــــ[19 - 02 - 06, 11:28 ص]ـ
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد
والسابقون الأولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه.
الفاضل ابو الحسن العسقلاني تقول: أظن أنه طالما السلف كانوا يفعلونه فلا بأس و لكن ما صحة القول بأن الشيئ اذا أصبح شعارا لاهل البدع و هو مسنون أو مشروع وجب تركه. انتهى
أيعقل هذا الكلام أخي؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! هل هم المعيار لننظر في فعلهم حتى نفعل العكس, وكانهم أحد مصادر التشريع؟؟ إذن علينا أولاً ترك أركان الإسلام الخمسة, فأهل البدع تحت المسميات المختلفة, تجد تأديتهم لبعض الأركان دون ألأركان الأخرى صحيحة. فهل نترك أركان الإسلام؟؟؟؟ الفعل الصحيح يحمد والباطل يذم.
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[19 - 02 - 06, 10:52 م]ـ
جزاكم الله خيراً أخى حمزة الكتانى وباقى الأخوة ....
ـ[أبوعثمان الرحيمي]ــــــــ[20 - 02 - 06, 01:44 ص]ـ
الذي استقر عليه أهل العلم ودرجوا عليه هو أن الصلاة تكون للأنبياء، والترضي للصحابة، والترحم لبقية الأمة. وليتنبه إلى مسألة تخصيص بعض الصحابة بوصف دون الآخرين كقولهم علي كرم الله وجهه أو عليه السلام. وعدم إطلاق ذلك على بقية الخلفاء الراشدين مع أنهم بالفضل أولى وبالخلافة أسبق. مما يفهم منه أن عليا أفضل منهم. فالأولى ترك التفريق والترضي على الجميع. وليعلم أن بعض أهل العلم قد يتأثر بعصره أو يرى أن الفتنة في مخالفتهم، كحال الصنعاني مع أهل زمانه من الزيدية. والله أعلم
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[20 - 02 - 06, 02:05 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
الأخوة الفضلاء جزاكم الله خيرا
عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه، أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ".
(رواه البخاري).
فهذا الحديث شمل أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وذريتة.
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: لقيني كعب بن عجرة، فقال: ألا أهدي لك هدية! خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا:
قد عرفنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟. قال:
" قولوا اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد،
كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد ". (متفق عليه).
فمن الحديثين يتبين أن الصلاة على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تشمل الآل والأزواج والذرية.
وقد بالغ البعض ممن ينتسبون لأهل السنة في مخالفة الروافض، هداهم الله،حتى يكاد أن ينكر على من قرن الآل في الصلاة مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
كما أنكرالبعض الآخر قول " كرم الله وجهه" لعلي بن أبي طالب أو " عليه السلام"، فقال بعضهم إنها بدعة!!!!،وذهب البعض الآخر إلى أنها من وضع الشيعة!!! طعناً على بقية الصحابة رضوان الله عليهم رغم أن هذا القول ذكره الأئمة الأعلام من أهل السنة كأحمد والبخاري وغيرهم.
ولم أر هذا الإنكار ـ فيما علمت ـ لمن قال عن فاطمة بنت محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:" عليها السلام "!.
فإن أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقال لكل منهن:" رضي الله عنها"، في الغالب، بما فيهن خديجة وهي أفضل من فاطمة رضي الله عنهن أجمعين.
وصلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته ومن تبعه بإحسان وسلم تسليما كثيرا.
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[09 - 02 - 07, 01:11 ص]ـ
غفر الله لكم ونفعنا بعلمكم ايها الاساتذة المخضرمون ومشاركة جيدة لمحمد سفر العتيبى الذى اختفى من المنتدى
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[09 - 02 - 07, 05:34 ص]ـ
مصطفي سعد
غفر الله لكم ونفعنا بعلمكم ايها الاساتذة المخضرمون ومشاركة جيدة لمحمد سفر العتيبى الذى اختفى من المنتدى
جزاكم الله خيرا
وكذلك الأخ أبو الحسن العسقلاني لم أر له مشاركات منذ فترة!
نسأل الله أن يكونا بخير وعافية.(55/175)
ما حكم إقامة صلاة الاستسقاء في المدارس؟
ـ[عبد بن أحمد]ــــــــ[04 - 12 - 05, 08:42 م]ـ
ـ هل اطلع أحد من الإخوة الكرام على فتوى تبيح إقامة صلاة الاستسقاء في المدارس؟
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[05 - 12 - 05, 01:44 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الحبيب عبد حفظه الله.
وأنا أستفسر وهل ما يفعله الطلاب او يؤمرون به من الصفة الشريعية في الصلاة.
وقد سالت مرارا عن هذا فتسألت هل يحافظ أبناء المدارس على صلاتهم الواجبة حتى يشفعوا في المطر؟.(55/176)
سؤال حول وضع المصحف وسورة البقرة أسفله
ـ[حارث همام]ــــــــ[04 - 12 - 05, 08:53 م]ـ
الإخوة الكرام والمشايخ الأفاضل:
جاءني سؤال من قبل إحدى طالبات العلم، تعمل معلمة في دار للتحفيظ، تقول ما مفاده أن توجيهاً جاءها بما يلي:
- منع الطالبات من وضع المصحف بحيث تكون سورة البقرة في أسفله وسورة الناس في أعلاه، بل ليكن العكس.
- المنع من وضع الحقيبة التي فيها المصحف على الظهر أو في الأرض.
- المنع من وضع خط أسفل الكلمة التي تخطئ فيها الطالبة لمراجعتها وتذكر الخطأ لاحقاً.
فهل سمع أحد الإخوة في هذه المسائل شيئاً وبالأخص الأولى؟
وماذا يقول المشايخ الفضلاء في هذه المسائل؟
وجزاكم الله خيراً ..
ـ[عمرو بن الطفيل]ــــــــ[05 - 12 - 05, 11:14 م]ـ
جزاك الله خيرا أخى الكريم على هذه الأسئلة الهامة
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[06 - 12 - 05, 01:16 ص]ـ
أعتقد شيخنا أنهم هم الذين يسألون عن أدلتهم على هذه الأحكام او قل (التحكمات).
وفى الغالب تكون هذه أشياء يفعلها البعض من باب تعظيم القرآن و يكون الدافع هو الورع المظنون إذ أن حمل المصحف على الظهر أو التخطيط فيه أو وضعه بحيث يفتح من أخره ليس فيه اى اهانة.
أما عن وضعه على الأرض فدليلهم قول النبى صلى الله عليه وسلم الإسلام يعلو و لا يعلى.
وقول الله تعالى (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
و ليس لهم فيهما حجة.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[06 - 12 - 05, 05:36 ص]ـ
الحمد لله وبعد:
في " البرهان ":
مسألة فى أحكام تتعلق باحترام المصحف وتبجيله:
ويستحب تطييب المصحف وجعله على كرسى ...
ويستحب تجريد المصحف،
وروى ابن أبى شيبة فى " مصنفه " فى الصلاة وفى فضائل القرآن حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال عبد الله بن مسعود: " جردوا القرآن " وفى رواية " لا تلحقوا به ما ليس منه "، ورواه عبد الرزاق فى " مصنفه " فى أواخر الصوم، ومن طريقه رواه الطبرانى فى " معجمه " ومن طريق ابن أبى شيبة رواه إبراهيم الحربى فى كتابه " غريب الحديث "،
وقال: قوله: " جردوا " يحتمل فيه أمران:
أحدهما: أى جردوه فى التلاوة ولا تخلطوا به غيره.
والثانى: أى جردوه فى الخط من النقط والتعشير.
قلت (الزركشي): الثانى أَوْلَى؛ لأن الطبرانى أخرج فى " معجمه " عن مسروق، عن ابن مسعود، أنه " كان يكره التعشير فى المصحف "، وأخرجه البيهقى فى كتاب " المدخل "، ... انتهى مختصرًا.
ومن أقوى أدلة مَن يقول بأن البسملة آية مِن كل سورة عدا " براءة "، هي إثبات البسملة في المصحف، لأن الصحابة الكرام كانوا يجردون المصحف مما ليس منه (ذكر هذا الدليل النووي ولا أذكر موضعه الآن)
وما من شكّ – عندي – بأن (وضع خط أسفل الكلمة التي تخطئ فيها الطالبة لمراجعتها وتذكر الخطأ لاحقاً)، بأن هذا الفعل غير لائق بكتاب الله تعالى ...
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[06 - 12 - 05, 08:39 ص]ـ
الحمد لله وبعد:
وما من شكّ – عندي – بأن (وضع خط أسفل الكلمة التي تخطئ فيها الطالبة لمراجعتها وتذكر الخطأ لاحقاً)، بأن هذا الفعل غير لائق بكتاب الله تعالى ...
لماذا يا أخى بارك الله فيك تعتبره فعل غير لائق، و ما هذا الخط الذى يضعه الطالب الا علامة تميز كلمة معينة لتعينه على حفظ كتاب الله؟
ولا يقال هذا ادخال على المصحف مما ليس منه لأن هذا الخط ليس حرفا ولا كلمة و لانقطة و لا علامة إعراب حتى
و أقرب شىء إليه ما نراه اليوم فى مصحف التجويد من جعل علامات و احرف معينة بلون يميزها لتعين القارىء على الضبط.
ـ[حارث همام]ــــــــ[06 - 12 - 05, 08:58 ص]ـ
شكر الله لكم، ولعل المسألة التي أثر فيها عن السلف كلام من هذه المسائل وضع الخط، ففيه آثار عند ابن أبي شيبة وغيره بالنص على الخط بيد أنها لاتخلو من مقال رواية ودراية. وهم يذكرونها كما أشار الشيخ أشرف ضمن مسألة التجريد، وقد رخص بعض أهل العلم فيما تدعو الحاجة إليه ويبعد التباسه، على اختلافهم في المقصود من الأمر بالتجريد وقد أشار الشيخ أشرف إلى بعض ما نقله الزركشي في نقله الآنف، ويكاد يجمع الناس اليوم على تسويغ ما عد تابعاً كالنقط والشكل، وضرب مما يؤمن التباسه كالفصل بين السور وإدراج أرقام الآيات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/177)
وأفيد الإخوة بأني قد هممت بكتابة خطاب يتعلق بهذه الأمور لأرسله إلى الجمعية بعد، ولكني آثرت التوقف ريثما أرى إفادات الإخوان ومشاركاتهم، فربما في المسائل المذكورة نقل لم يبلغه علمي القاصر، أو ربما كان لهم فيها وجه صحيح لم يدركه فهمي المحدود.
فشكر الله لمن أفاد وأسهم سابقاً ولاحقاً.
ـ[حارث همام]ــــــــ[06 - 12 - 05, 06:51 م]ـ
وذلك في ملتقى أهل التفسير:
"بسم الله الرحمن الرحيم
المسائل الثلاث تشترك في أمر واحد، وهو تعظيم المصحف، وهو أهل للتعظيم والاحترام، وكل ما يوهم امتهانه فهو منهي عنه، ولا أشك أن قصد من منع من هذه الأمور يرمي إلى تربية النشء على تعظيم قدر كتاب الله في النفوس. غير أن الخروج عن حد الاعتدال في ذلك يوجب الحرج والمشقة، ولا سيما الطلاب والطالبات الذين يحتاجون إلى حمل المصحف كله أو شيء منه إلى المدرسة للنظر والقراءة فيه كل يوم تقريباً، وفي إلزامهم بالتزام ما ورد في الأسئلة مشقة وعسر، لا يتهيأ لكل أحد أن يلتزم بها، ولا يخل بشيء منها على طول التعامل مع المصحف.
فأما المسألة الأولى، وهي (النهي عن وضع المصحف بحيث تكون سورة البقرة في أسفله وسورة الناس في أعلاه) فلعل مَنْ نَهى عن ذلك نظر إلى موضوع ترتيب السور في المصحف، وأنه يجب أن يوضع المصحف في موضعه على هذا الترتيب بحيث تبقى الفاتحة والبقرة أعلاه، غير أنه لا دليل على ذلك فيما أعلم، ولم أجد أحداً ممن تكلم عن آداب التعامل مع المصحف تعرض لهذا، ولذلك فلعل الصحيح عدم اعتبار هذا الأمر في وضع المصحف في موضعه. وهذا ليس داخلاً في مسألة ترتيب المصحف مع غيره من الكتب التي تكلم العلماء عنها، بحيث يكون المصحف أعلاها.
وأما المسألة الثانية وهي (النهي عن وضع الحقيبة التي فيها المصحف على الظهر أو في الأرض) فقد ورد سؤال للشيخ حسين المغربي رحمه الله تعالى: ما قولكم فيمن ربط المصحف بشيء، ووضع ذلك الشيء على كتفه، فصار القرآن خلف ظهره، هل يعد ذلك من الامتهان المحرم أم لا؟ فأجاب:
في (الزرقاني [أي شرح الزرقاني للموطأ]) أن هذا ليس من الامتهان المحرم والله أعلم.
وجاء في الفتاوى البزازية: لو وُضعَ المُصحفُ في الخُرْجِ وركب عليه في السفر لا بأس به، كوضع المصحف تحت رأسه للحفظ، ولغيره يكره).
انظر: مجموع فتاوى القرآن الكريم جمع وتحقيق د. محمد موسى الشريف 1/ 259 - 260
وأما المسألة الثالثة، وهي (النهي عن وضع خط أسفل الكلمة التي تخطئ فيها الطالبة لمراجعتها وتذكر الخطأ لاحقاً) فقد ورد كلام لبعض العلماء عن جواز الكتابة على المصحف، بحيث لا يكتب إلا المهم المتعلق بلفظ القرآن دون القصص والأعاريب الغريبة، ولم أجد من أشار إلى حكم وضع علامات على الكلمات التي يكثر الخطأ في قراءتها للتنبه إليها مستقبلاً كما في السؤال. والذي يبدو لي والله أعلم أن التأدب مع المصحف بعدم الكتابة عليه هو الأولى، حتى يستقر في نفوس الطلاب منذ الصغر تعظيم هذا الكتاب، غير أنه يمكن أن يعفى عن مثل هذا في الأجزاء الخاصة بالطلاب كجزء عم، أو ربع يس الذي يتعلم فيه الطلاب في المراحل الأولية، وتعتبر هذه النسخة من القرآن للتعليم خاصة بالطالب أو الطالبة فقط، فيعفى عن مثل هذه العلامات التي تكون معينة للطالب أو الطالبة على حسن القراءة والمراجعة، على أن يكون ذلك في حدود ضيقة والله أعلم".
وهذا جواب ثمين، أتى فيه صاحبه بما لم أستطع العثور عليه رغم البحث غير القليل، وكنت قد كتب جواباً أعلقه في الرد التالي:
ـ[حارث همام]ــــــــ[06 - 12 - 05, 06:53 م]ـ
أما الجواب الذي كتبته -وأنشره للفائدة وطلباً للتسديد- فنصه:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، فإن تعظيم كتاب الله عزوجل مطلوب، وقد أجمعت الأمة على وجوب تعظيم القرآن على الإطلاق وتنزيهه وصيانته، كما نقل النووي وغيره، قال الله تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)، قال القرطبي: "الشعائر جمع شَعيرة، وهو كل شيء لله تعالى فيه أمر أشعَر به وأعلم"، وقال سبحانه في آية قبلها: (ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير خير له عند ربه)، قال الشوكاني: "قال الزجاج: الحرمة ما وجب القيام به وحرم التفريط فيه، وهي في هذه الآية ما نهي عنها، ومنع من الوقوع فيها. والظاهر من الآية عموم كل حرمة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/178)
في الحج وغيره كما يفيده اللفظ وإن كان السبب خاصاً، وتعظيمها ترك ملابستها".
فإذا تقرر هذا بقي الحديث عن الضابط الذي يعرف به الفعل هل هو من التعظيم للحرمات أو الشعائر أم لا؟
وبيانه أن الفعل إما أن يكون مأثوراً عن السلف فعله أو تركه، أو لايكون.
فإن لم يكن فإما أن يكون للقياس فيه مدخل أو لايكون.
فإن لم يكن للقياس فيه مدخل فإما أن يدل العقل أو العرف أو تدل اللغة على أنه من جملة التعظيم أو لايدل.
فأما إن أثر شيء عن السلف –فعل أو ترك- فرأيهم خير لنا، وفهمهم مقدم على فهمنا، ولاسيما إن كانوا من جملة القوم الذين شهدوا الوحي، وعاينوا التنزيل، وعاش بينهم صاحب الوحي المُسَدَّد المُسَدِّد صلى الله عليه وسلم.
وأما إن لم يؤثر عن الصدر الأول شيء فينظر هل للفعل في القياس مدخل أو هو عبادة محضة، ليس للقياس فيها مدخل؟ فمن أمثلة الذي ليس للقياس فيه مدخل، القول بتقبيل بقية أركان البيت تعظيماً، قياساً على ما ثبت بالتوقيف وهو تقبيل الحجر الأسود الذي لاينفع ولايضر بذاته، ولم تجر عادة تعظيم الجمادات بتقبيلها، كما أن التقبيل ليس طريقاً للتعظيم مطرداً بل قد يكون وقد لايكون، ولذا كان تقبيل الحجر الأسود عبادة محضة، كعدد الصلوات وتحديد شهر رمضان دون غيره بالصيام ونحو ذلك مما لاتدرك علته فلايمكن القياس عليه.
فإن كان للقياس فيه مدخل بأن أمكن إلحاقه بحكم شرعي ظاهر العلة ثبت أنه تعظيم ألحق به.
كقول من قال بجواز الصلاة لبعض الآيات كالزلازل قياساً على الكسوف أو الاستسقاء الذي شرع لأجل طلب رزق أو دفع ضر، مع اندراجه في عمومات الشريعة المرشدة إلى الفزع إلى الصلاة، والصحيح أنه لم يثبت في صلاة الزلزلة شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل ولا عن الصحابة رضوان الله عليهم، والله أعلم.
وكذلك قول بعضهم بجواز إخراج زكاة الفطرة بقيمتها النقدية قالوا لاعتبار المعونة فيها والمال قد يكون أجدى في تحقيقها.
وأظهر من هذا المثل بل أصح الهدية، كالقول باستحسان إهداء عرض معين وتفضليه على غيره وإن كان أقل ثمناً أو قيمة، إذا كان أكثر تعبيراً عن علتها كالمحبة إذا كانت هي الدافع للإهداء، أو الصداقة أو غيرهما، والقول بمنع إهداء شيء بعينة إن كان يعود على التحاب بالإبطال.
ومن الأمثلة التي تتعلق بموضعنا (تعظيم كتاب الله جل وعلا) وضع المصحف على وسادة أو حامل أو نحوهما مما يمنع مباشرته الأرض، قياساً أولوياً على وضع التوارة في الكرسي كما جاء في الأثر وقد صححه جمع من أهل العلم.
أو القول بجواز تقبيله قياساً بوضعه على الوجه كما رُوي عن عكرمة. أما قياسه على تقبيل رأس الوالد تعظيماً له فمحتمل، لأن تقبيل رأس الوالد طريق يشعر به الولد والده بتعظيمه إياه، ويستدل به الوالد على تعظيم ابنه له. إلاّ أنه قد يقال ينبغي أن يكون التقبيل لليد أو الرأس إجلالاً وتعظيماً عند من يعقل معناه، لا من عداه، ويشكل عليه تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون –رضي الله عنه- لما مات، وتقبيل أبوبكر –رضي الله عنه- للنبي صلى الله عليه وسلم لما مات، وقد يجاب عليه بأن العرف جرى بأن تقبيل الصالح أو من له حق فضلاً عن النبي من جملة إجلاله، أو هو من قبيل الشفقة كما في فعل النبي صلى الله عليه وسلم بعثمان، أو التبرك كما فعل أبو بكر بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو هو خاص بمن يبلغه السلام حياً وميتاً عليه الصلاة والسلام.
وفرق بين بني آدم وسائر السائمة والجمادات وإن جلت، ولعله لأجل هذا المعنى قال عمر رضي الله عنه قولته المشهورة عند تقبيله الحجر الأسود إذ هي محض عبادة. وكذلك إنكار ابن عباس على معاوية رضي الله عنهما تقبيله بقية الأركان.
ومن نحو ذلكً وضع المصحف على العينين، قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: "وعنه التوقف فيه [يعني التقبيل] وفي جعله على عينيه قال القاضي في الجامع الكبير إنما توقف عن ذلك وإن كان فيه رفعة وإكرام لأن ما طريقه القرب إذا لم يكن للقياس فيه مدخل لا يستحب فعله، وإن كان فيه تعظيم إلا بتوقيف ألا ترى أن عمر لما رأى الحجر قال لا تضر ولا تنفع ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك. وكذلك معاوية لما طاف فقبل الأركان كلها أنكر عليه ابن عباس, فقال: ليس في البيت شيء مهجور. فقال: إنما هي السنة. فأنكر عليه الزيادة على
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/179)
فعل النبي صلى الله عليه وسلم". أهـ المراد.
أما إن كان الفعل عبادة محضة، ولم يرد بخصوصه أثر-وبعضهم شرط نقل الفعل وإلاّ عد متروكاً، ولعله ليس بسديد- فالصحيح أنه إما أن يندرج تحت نص عام أو لايندرج.
فإن لم يندرج منع.
وإن اندرج ساغ.
ومن طريق معرفة اندراجه تحت النص العام من عدمه اللغة أو العرف أو العقل.
فما لم تدل اللغة أو العرف أو العقل على اندراجه ضمن عموم المأمور به أو المنهي عنه فلا يقال بتناوله له، ولهذا لم يقل أحد من أهل العلم فيما يظهر بندب تقبيل البُدن أو الهدي مع أن البدن أو الهدي أول ما يندرج في قوله تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).
ولكن ليس تقبيل البدن المهداة من تعظيم الشعيرة لا لغة ولا عقلاً ولا شرعاً، بخلاف تسمينها فإنه يندرج تحت تعظيمها لغة وعقلاً وشرعاً.
أما عد تقبيل المصحف تعظيماً بعموم النص فبابه العرف إذا جاء عملاً بمجرد العموم، أو القياس على ما مضى ذكره.
فإذا تقرر مما سبق من أنه لاسبيل لعد الفعل تعظيماً بغير ما ذكر بل لعل في بعض ما ذكر ما يخالف بعض أهل العلم في اعتباره طريقاً صحيحاً للتعظيم المشروع.
إذا تقرر هذا فإن القول بأن من تعظيم المصحف وضعه على جنبه بحيث تكون سورة الناس في أسفله وسورة البقرة في أعلاه، أو القول بأن من تعظيم الحرمات عدم وضعه بحيث تكون سورة الناس في أعلاه. قول محدث لم يقل به أحد من السلف في قرونهم المفضلة الأول، ولايدل عليه قياس، ولايندرج أحد الفعلين لغة ولا عرفاً ولا عقلاً تحت مسمى التعظيم. سواء على القول بأن ترتيب المصحف توقيفي، أو اجتهادي، فليس في وضع المصحف على أحد جنبتيه تغييراً لذلك الترتيب.
وقد علم أن من نشر مصحفاً أمامه يقرأ فشقه الأيمن يكون أعلاه آخره من حيث ترتيب السور، فهل يقال: إذا قرأ قل هو الله أحد والمعوذتين ساغ ذلك فإذا فرغ منهما فقلب الصفحة لم يسغ؟
وإن زعم بأن وضعه بهذه الصفة دليل على عدم العناية، فلا يسلم، فما الذي جعل قارئا متدبراً ختم الكتاب ثم أغلقه وقبله ووضعه أمامه، غير معتنياً به، والآخر الذي طبق دفتيه مستعجلاً على الجنب الذي تذكره كان معتنياً متأدباً! بل ما يفيد العناية والأدب أمور أخرى قد تقترن بكلا الفعلين السائغين الجائزين.
ولو قال قائل وضع الكتاب على الصفة التي أنكرت أحرى وأولى ليكون فهرس السور بآخره أقرب للقارئ فيكون رجوعه إلى الصفحة التي أراد أسرع لكان لقوله وجه.
وبالجملة فإن الإلزام بوضع المصحف على أحد شقيه تحكم وإلزام بغير ملزم وأخشى أن يكون إلى البدع المحدثة أقرب، والله أعلم.
وأما المسألة الثانية:
وهي النهي عن وضع المصحف في الحقيبة ثم وضعها في الأرض أو على الظهر.
فلعلها كالسابقة إلاّ إن كان في الحقيبة غير المصحف معه ثم وضع بحيث يكون فوقه فهذه الأولى أن تترك. وإنما قال أهل العلم بكراهة وضع المصحف مباشراً للأرض ولم يره آخرون كذلك إذا كان على غير وجه امتهان، وإلاّ فهو كفر عند جميعهم.
وأما المسألة الثانية:
فلعل الأولى تركها، والأخطاء يمكن تحديدها بكتابة رقم الآية والسورة في ورقة، ولا يلزم وضع خط تحتها، فقد جاءت في النهي عن الخط آثار عن بعض السلف ولم تثبت إلاّ أن الأمر بتجريد القرآن وكراهتهم خلطه بغيره ثابتة، وقد قال بعضهم بالتفريق بين ما يسهل تمايزه عن القرآن، وبين ما هو من القرآن، وبين الكلام الذي قد يختلط به، إلاّ أن الخروج من الخلاف أولى ولاسيما إذا كان ليس ثم ما يأطر إلى الدخول فيه.
وعليه فإني أوصي الأخوات في الجمعية بأن لايجعلوا هذه المسائل محل تعنت وإلزام، ولاسيما المسألة الأولى.
وأن يحرصوا على الإلزام بما ثبت أنه من التوقير والاحترام، والنهي عن ما ورد أنه من ما لاينبغي فعله وهذا كثير مفصل في مظانه، وقد ذكر القرطبي جملة منه في مقدمة تفسيره.
والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[حارث همام]ــــــــ[06 - 12 - 05, 06:55 م]ـ
ينظر كذلك:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=16734(55/180)
أريد أمثلة من الصغائر
ـ[أسامة بن صبري]ــــــــ[04 - 12 - 05, 10:18 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أمثلة من الصغائر لأني بحثت في هذه المسألة ولكن ما وجدت أمثلة؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[أسامة بن صبري]ــــــــ[05 - 12 - 05, 01:07 م]ـ
...
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[05 - 12 - 05, 02:17 م]ـ
النظر إلى ما حرم الله.
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[05 - 12 - 05, 04:55 م]ـ
ضابط الكبيرة عند الجمهور
أنها كل ذنب جاء فيه وعيد دنيوى (كالحد) أو أخروى أو لعن أو تبرؤ أو نفى إيمان
فما كان غير ذلك فهو صغيرة(55/181)
البورصات
ـ[وليد دويدار]ــــــــ[04 - 12 - 05, 10:55 م]ـ
الحمد لله , و الصلاة و السلام على رسول الله , أما بعد
فهذا بحث جيد نسأل الله أن ينفع به وجدته ضمن صفحات كتاب " الأسهم المالية في نظر الشريعة الإسلامية " جمع وترتيب الشيخ صفوت الشوادفي رحمه الله تعالى رحمة واسعة ونفع بعلمه وفقهه العباد والبلاد.
قال الشيخ - رحمه الله - في صفحة 49:
البورصات (1)
د/ أحمد بن يوسف بن أحمد الدريويش
((المبحث الأول))
** تعريف البورصات**
1 - تعريف البورصات:
البورصات جمع بورصة , وهي: ((سوق منظمة , تقام في أماكن معينة , و في أوقات محددة يغلب أن تكون يومية بين المتعاملين بيعا وشراءا بمختلف الأوراق المالية و بالمثاليات التي تتعين مقاديرها بالكيل أو الوزن أو العد , وذلك بموجب قوانين ونظم تحدد قواعد المعاملات , والشروط الواجب توافرها في المتعاملين والسلعة موضع التعامل)) (2).
وكما تطلق كلمة البورصة على الإجتماع الدوري الذي يعقده المتعاملون , فإنها تطلق أيضا على ما يأتي: -
* المكان الذي يعقد فيه هذا الاجتماع , فيقال مثلا ((بورصة الإسكندرية)) , ((بورصة لندن))
** على حالة العمكليات التي تتم أثناء التي تتم أثناء هذا الاجتماع , فيقال مثلا البورصة هادئة , إذا ما كانت العمليات قليلة , والبورصة نشطة , إذا ما كانت العمليات كثيرة والأسعار في ارتفاع (3).
هذا ويتألف جهاز البورصة من مجموع الوسطاء والسماسرة المكلفين بإجراء مختلف العمليات لحساب موكلهم (4).
2 - أصل كلمة بورصة:
من المعلوم أن كلمة بورصة ليست عربية و لا معهربة وإنما تنطق هكذا في معظم اللغات الأجنبية محتفظة بالأصل التي نشأت عليه , ويقال أن منشأ هذه الكلمة هو: أن التجار في القرن السادس عشر الميلادي كانوا يفدون إلى مدينة "بروج" (5) ببلجيكا وينزلون في فندق لعائلة تحترف الصرافة وتسمى فاندر بورص Vandr Burse نسبة إلى أنه كان منقوشا على واجهة منزلهم الخارجية ثلاثة أكياس نقود Bourses رمزا لحرفتهم , ولعل من اسمهم اشتقت كلمة البورصة (6).
3 - الفرق بين السوق والبورصة:
البورصة سوق من الأسواق , إلا أنها ذات نظام خاص غير نظام الأسواق المتعارف عليها منذ القدم لهذا فإنها تختلف عن الأسواق المعروفة من وجوه أهمها ما يلي:
1) في البورصة يكون التعاقد وفق أنظمة خاصة وشروط معينة لا تتغير في كل العقود وهذا بعكس ما يتم في السوق إذ كل صفقة مستقلة عن غيرها.
2) إن التعامل في السوق يتم على جميع أنواع السلع , أما في البورصة فإنه لا يتم إلا على سلعةأو سلع خاصة , و بشروط معينة يمكن إجمال أهمها فيما يلي:
أ- أن تكون السلعة قابلة للبقاء و التخزين مدة طويلة بدون تلف.
ب- أن تكون السلعة مثلية تتعين مقاديرها بالكيل أو الوزن أو العد.
ج- أن تكون السلعة ذات اهمية عظيمة ويكون التعامل بها كثيرا متكررا.
د- أن يكون إنتاج السلعة عرضة للتغيير والتبديل من وقت لآخر , وتبعا لذلك عرضة لتقلبات الأثمان.
3) يجتمع في السوق المشتري والبائع والسلع موجودة ومنظورة أمام المتعاملين.
أما في البوررصة فإن البيع والشراء يتم والسلع المتعاقد عليها غير موجودة , وإنما تتم الصفقات بواسطة نفر خاص من السماسرة و الوسطاء.
4) يتم تسليم السلعة في السوق بالحال ويدفع ثمنها فورا , أما في البورصة فيكون القبض ودفع الثمن متأخرا عادة عن عقد الصفقة , بل إن في بورصات العقود الآجلة لا يكون هناك قبض للبضاعة ولا دفع للأثمان وإنما يكون الأغلب أن يكون الأمر مجرد مضاربة فروق الأسعار (7).
5) يوجد في الأسواق العامة طوائف عديدة من التجار غير متخصصة غالبا بنوع معين من التجارة , بينما في البورصة تتخصص كل طائفة بنوع من التجارة.
6) تعقد بالبورصة صفقات كثيرة ومتكررة تؤثر على الأسعار , وهذا بعكس السوق حيث تعقد فيه صفقات قليلة ومتفرقة (8).
=======================================
1) نقلا عن كتابه أحكام السوق في الإسلام.
2) انظر الاقتصاد السياسي للدكتور زكي عبد المتعال ص12, مطبعة العلوم , لسنة 1933م-1934م وبورصات الأوراق المالية و القطن بالقاهرة و الإسكندرية لإبراهيم أبو العلا ص12 الطبعة الأولى القاهرة عام 1960, والأسواق والبورصات للدكتور مقبل جميعي , البورصة أفضل الطرق في نجاح الاستثمارات المالية دراسة نظرية علمية للدكتور مراد كاظم , وبورصة العقود وبورصة البضائع الحاضرة بالإسكندرية للأستاذ يسي عبد السيد.
3) بورصات الأوراق المالية والقطن , لإبراهيم أبو العلا.
4) البورصة أفضل الطرق في نجاح الإستثمارات المالية للدكتور مراد كاظم صـ7.
5) بروج: عاصمة الفلاندر الغربية شمال غربي بلجيكا , كانت من أعظم المواني في شمال أوروبا , و تشتهر بعمارة العصور الوسطى , وبعض الصناعات , انظر الموسوعة العربية الميسرة صـ358.
6) انظر الاقتصاد السياسي للدكتور زكي عبد المتعال ص12 وبورصات الأوراق المالية والقطن لإبراهيم أبو العلا ص 10 والأسواق والبورصات للدكتور مقبل جميعي ص116.
7) تختلف المضاربة في البورصة عن المضاربة الشرعية عند الفقهاء فالمقصود بالمضاربة هنا هي " بيع أو شراء لا لحاجة راهنة , وإنما للاستفادة من فروق الأسعار الناتج عن توقع في تغير قيمة الاوراق المالية أو البضائع ". انظر الاقتصاد السياسي , للدكتور زكي عبد المتعال صـ 20 والبورصة أفضل الطرق في نجاح الاستثمارات المالية للدكتور مراد كاظم ص219.
8) انظر الاقتصاد السياسي للدكتور زكي عبد المتعال ص12 , 13 , والأسواق والبورصات للدكتور مقبل جميعي ص116,117, وبورصة الاوراق المالية دراسة علمية وعملية لعلي شلبي ص4.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/182)
ـ[وليد دويدار]ــــــــ[04 - 12 - 05, 11:55 م]ـ
(المبحث الثاني)
** أنواع البورصات**
للبورصات أنواع أهمها ما يلي:
1 - البضائع:
وهي سوق منظمة يحصل التعامل فيها بمنتجات طبيعية خاصة ذات أهمية عالمية كالقطن والقمح والسكر .... إلخ (1).
وتُعرف بورصة البضائع ((بالبورصة التجارية)) وهي أقدم عهدا من بورصة الأوراق المالية (2).
هذا وقد أنشئت أول بورصة للبضائع في باريس عام 1304 على جسر عرف باسم جسر الصرافة (3).
2 - بورصة الأوراق المالية:
وهي سوق منظمة للتعامل في الأوراق المالية من أسهم (4) وسندات الشركات (5) , وكذا السندات الحكومية القابلة للتداول في البوصة وتتحدد فيها الأسعار وفقا لمقتضيات العرض والطلب (6).
وفي بورصة الاوراق المالية يتم تداول حقوق الملكية مستقلة عن مجرى العملية الإنتاجية (7).
هذا وقد أنشئت أول بورصة للأوراق المالية في لندن عام (8) 1965, ثم عم هذا النوع من البورصات حتى شمل معظم البلاد التجارية والصناعية.
عمليات البورصة:
هذا وتنقسم عمليات البورصة سواء في الشراء أو في البيع إلى عمليات عاجلة وعمليات آجلة.
1 - العمليات العاجلة: وتتميز هذه العمليات بأنها تنفذ بتسليم السلعة المباعة وتسلم ثمنها في وقت قصير يختلف باختلاف أنواع البورصات (9).
2 - العمليات الآجلة: وهي عقود يكون التسليم فيها الناقل للملكية , والوفاء بالثمن , مؤجلين ليوم لاحق محدد من قبل عند التعاقد (10).
=====================================
1) انظر بورصات الأوراق المالية والقطن , لإبراهيم أبو العلا 14, البورصة أفضل الطرق في نجاح الاستثمارات المالية دراسة نظرية علمية للدكتور مراد كاظم 141.
2) البورصة أفضل الطرق في نجاح الاستثمارات المالية دراسة نظرية علمية للدكتور مراد كاظم 141
3) البورصة أفضل الطرق في نجاح الاستثمارات المالية دراسة نظرية علمية للدكتور مراد كاظم 11
4) الأسهم جمع سهم وهو ((صك يمثل حصة في رأس مال شركة المساهمة (أو التوصية المساهمة). وكلمة السهم تعني حق الشريك في الشركة , كما تعني الصك المثبت لهذا الحق ((مبادئ القانون التجاري)) للدكتور مصطفى كمال طه ص305 , مؤسسة الثقافة الجامعية عام 1979م.
5) السندات جمع سند وهو صك قابل التداول وغير قابل للتجزئة وله قيمة اسمية واحدة , تمثل قرضا طويل الأجل يعقد عن طريق الاكتتاب العام " فالسند يمثل حق دائن , في حين السهم يمثل حصة شريك وبعبارة أخرى يعتبر حامل السند دائنا للشركة ,أما حامل السهم فيعتبر شريكا فيها " مبادئ القانون التجاري للدكتور مصطفى كمال طه ص429.
6) انظر الموسوعة الاقتصادية للدكتور راشد البراوي ص122 , وبورصة الأوراق المالية واهميتها في خدمة الشركات المساهمة إعداد إدارة البخحوث بالغرفة التجارية والصناعية بالرياض بالمملكة العربية السعودية ص11 , هذا وتمثل الأسهم والسندات في الواقع أموالا مادية موظفة في الإنتاج , أما الاسهم فتمثل ملكية الشركات وأما السندات فتعتبر ديونا على الشركات.
7) المبادئ الإقتصادية في الإسلام للدكتور علي عبد رب الرسول ص270.
8) بورصة الأوراق المالية إعداد إدارة البحوث بالغرفة التجارية والصناعية بالرياض ص11.
9) بورصات الأوراق المالية والقطن لإبراهيم أبو العلا ص14.
10) الإقتصاد السياسي للدكتور زكي عبد المتعال ص72.
ـ[وليد دويدار]ــــــــ[05 - 12 - 05, 12:33 ص]ـ
(المبحث الثالث)
** الوظائف الإقتصادية للبورصات**
تؤدي البورصات في الوقت الحاضر دورا هاما وخطيرا في ميدان الحياة الإقتصادية , إذ يحصل التعامل بصفقات تجارية كبيرة وبمبالغ مالية باهظة.
فبورصة البضائع: كسوق رئيسي للسلع لها أهميتها التجارية , حيث يتعلق نظامها بالسلع ذات المكانة الدولية , و التي لها دور حيوي و رئيسي في الغذاء كالمحصولات الزراعية (القمح ونحوه) أو في الصناعة كالمواد الأولية.
كما يتعلق بالإنتاج: الذي يمدها بالسلع موضع التعامل.
أما بورصة الأوراق المالية: فهي سوق رئيسي للأموال حيث يجتمع فيه رؤوس الأموال و المضاربون وممثلو الشركات ذات الأسهم وغيرهم من المتعاملين , لذا فلو تعطلت وظيفتها لأصحاب التجارة والصناعة ضرر بالغ لما بينهما من صلة مباشرة ووثيقة , وقد يحدث العكس فتتأثر البورصة بما يصيب التجارة و الصناعة من أزمات.
هذا ويمكن إجمال أهم الوظائف الإقتصادية للبورصات بما يلي (1):
1 - تنظيم تصريف المحصولات و المنتجات.
2 - توظيف الأموال.
3 - إيجاد سوق دائمة للسلعة.
4 - تحديد سعر عادل موحد للسلعة.
5 - توازن الأسعار في الزمان والمكان.
6 - التأمين (أي أخذ الحيطة والحذر) ضد خطر تقلبات الأسعار.
7 - إيجاد مجال للمضاربة (2).
وبناءا على ما تقدم فلابد أن تخضع أعمال البورصة لنظام دقيق و محكم , و مراقبة يقظة , و ذلك حتى لا تكون مجالا للعبث وحلول الأزمات الإقتصادية , ومسرحا للكسب عن طريق التدليل والخداع.
=============================
1) لمزيد من التفاصيل عن وظائف البورصة: انظر بورصات الأوراق المالية والقطن لإبراهيم أبو العلا ص18 , وما بعدها , وبورصة العقود للأستاذ يسي عبد السيد ص30 , وما بعدها والبورصة أفضل الطرق في نجاح الإستثمارات المالية للدكتور مراد كاظم ص12 وما بعدها , والأسواق والبورصات مقبل جميعي ص 120 و ما بعدها.
2) المراد بالمضاربة هنا مضاربة بمعنى مصطلح عليه بين التجار , وهو أقرب ما يكون إلى المقامرة والمخاطرة , لا المضاربة الشرعية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/183)
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[07 - 12 - 05, 03:50 م]ـ
اتمنى لك التوفيق والسداد يا استاذ وليد(55/184)
زكاة أسهم الشركات
ـ[أبوأسامة عبدالله]ــــــــ[05 - 12 - 05, 01:48 ص]ـ
مقالات شرعية فقه النوازل الفتاوى (منقول من موقع المسلم)
زكاة أسهم الشركات 3/ 4/1426
عبدالله بن منصور الغفيلي
المحاضر بالمعهد العالي للقضاء
زكاة أسهم الشركات (1)
مقدمة:
الحمد لله وصلاة وسلاما على رسول الله. وبعد:
فقد تتابع الناس على الاستثمار في الأسهم، وانشغلوا بذلك؛ حتى غدت ظاهرة تشمل الكبير والصغير والغني والفقير؛ لما فيها من عوائد مجزية وسريعة، ولذا كان لزاماً بيان أحكام تلك النازلة، ومن أبرزها حكم الاستثمار في الأسهم وحكم زكاتها، وقد تقدم بحث المسألة الأولى في الموقع، وأما الثانية فإليك بحثها مختصراً في مطلبين:
المطلب الأول: كيفية إخراج زكاة الأسهم (2).
اختلف فقهاء العصر في كيفية إخراج زكاة الأسهم على أقوال متعددة، أبرزها أربعة:
القول الأول: وجوب زكاة التجارة على الأسهم بحسب نشاط الشركة، فإن كانت صناعية فتجب الزكاة في ربحها، وإن كانت تجارية فتجب الزكاة في أسهمها ويخصم من قيمة السهم قيمة الأصول الثابتة، وهو قول الشيخ عبدالرحمن عيسى (3)، والشيخ عبدالله البسام (4) والشيخ وهبة الزحيلي (5).
فالسهم حصة شائعة من الشركة، فتجب فيه الزكاة بحسب نوع الشركة، فالجزء له حكم الكل، فإن قصد المساهم من تملك السهم المتاجرة به، فيكون له حكم العروض التجارية؛ لأن الأعمال بالنيات،
القول الثاني: وجوب الزكاة في الأسهم بحسب نية المساهم ونوعية الأسهم:
1 – فإن كان المساهم تملك الأسهم للإفادة من ريعها فيزكيها بحسب نوع الشركة فإن كانت زراعية فتجب فيها زكاة الزروع وإن كانت صناعية، فإن زكاتها تكون زكاة تجارة من صافي أرباحها، وإن كانت تجارية فإن الزكاة تجب في قيمة الأسهم الحقيقية بعد حسم الأصول الثابتة والمصاريف الإدارية.
2 – وإن كان المساهم تملَّك الأسهم للمتاجرة فيها بيعاً وشراءً، فيزكيها زكاة العروض التجارية بقيمتها السوقية مهما كان نوع الشركة المساهمة، وقال بذلك الشيخ عبدالله بن منيع (6)، والدكتور أحمد الحجي الكردي، إلا أنه سوى بين الشركات التجارية والصناعية في إيجاب زكاة التجارة على قيمة الأسهم لا على ربحها (7).
ويلاحظ أن من أبرز فروق هذا القول عن الذي قبله اعتبار نية المساهم عند اتخاذه الأسهم للمضاربة بها فتجب فيها زكاة التجارة مطلقاً.
القول الثالث: وجوب زكاة التجارة في الأسهم سواء كانت أسهم شركات تجارية أم صناعية أم زراعية، وسواء تملكها للاستفادة من ريعها (8) أم للتجارة بها، وهو قول الشيخ أبي زهرة، وعبدالرحمن حسن، وعبدالوهاب خلاف، والدكتور عبدالرحمن الحلو (9)، والدكتور رفيق المصري (10)، والدكتور حسن الأمين (11)، وقال به الدكتور القرضاوي: إن كان المزكي هو الفرد المساهم، فإن كانت الشركة فأوجب زكاة التجارة في أسهم الشركات التجارية بعد خصم الأصول الثابتة، وأما الشركات الصناعية فتجب الزكاة في صافي ريعها بمقدار العشر كما في زكاة المستغلات (12).
ويتبين من هذا القول اعتبار الأسهم عروضاً تجارية مطلقاً بغض النظر عن نشاط الشركة ونية المساهم.
القول الرابع: إن كان المزكي هو الشركة، فتخرج الزكاة كما يخرجها الشخص الطبيعي، فتعد جميع أموال المساهمين بمثابة مال شخص واحد، من حيث نوع المال الذي تجب فيه الزكاة، والنصاب والمقدار الواجب أخذه، وغير ذلك مما يراعى في زكاة الشخص الواحد، فإن كان المزكي هو المساهم فيخرج الزكاة إذا عرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة لو زكت الشركة أموالها على النحو المشار إليه، وإن لم يستطع معرفة ذلك فإن ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي - وليس بقصد التجارة - زكاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكَّى قيمتها السوقية، وإذا لم يكن لها سوق زكى قيمتها بتقويم أهل الخبرة للسهم وربحه، وبنحوه صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي (13)، وأخذ به بيت الزكاة الكويتي (14)، ورجحه الدكتور الضرير (15) مع كونهم يوجبون الزكاة على المساهم وإنما تخرجها الشركة نيابة عنه كما سيأتي بيانه.
أدلة الأقوال (16):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/185)
دليل القول الأول: إن الزكاة لا تجب في أدوات القنية، وقيمة أسهم الشركات الصناعية موضوعة في الآلات الصناعية والمنشآت ونحوها مما يوجب الفرق بينها وبين الشركات التجارية في الحكم.
كما أن تلك الآلات والمنشآت ليست معدة للبيع، وإنما للاستغلال وبينهما فرق كبير، فلذا افترق الحكم في زكاة كل منها (17).
ونوقش: بأنَّ التفرقة بين الشركات الصناعية والتجارية بحيث تعفى الأولى من الزكاة دون الثانية، تفرقة ليس لها أساس ثابت من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح، فالأسهم هنا وهناك رأس مال نام يدر ربحاً سنوياً متجدداً، وقد يكون ربح الثانية أعظم وأوفر من الأولى، وبهذا يمكن أن تمضي أعوام على المساهم في الشركة الصناعية بلا زكاة في أسهمه وأرباحها، بخلاف المساهم في الشركة التجارية، فالزكاة واجبة عليه كل عام في السهم وربحه وهي نتيجة يأباها عدل الشريعة (18).
وأجيب: بأن من الأصول المتفق عليها عدم إيجاب الزكاة في أدوات القنية ولو كبر حجمها وزاد إنتاجها، فهذا لا يغير الحكم الشرعي، ثم إن هذه المباني والمعدات المرصودة لاستعمال الشركة مما يستهلك ويتلف شيئاً فشيئاً، وليست مالاً نامياً بل هي مال مستهلك متناقص ذاتاً وقيمة، وإنما الزكاة في ربح الشركة الذي نتج من تلك الآلات والمعدات فالتفريق بين الشركتين في الأحكام تابع للفروق التي بينهما في القصد والعمل، والشريعة كما لا تفرق بين متماثلين، كذلك لا تجمع بين الضدين (19).
دليل القول الثاني: استدلوا على التفريق بين الشركات بما تقدم في دليل القول الأول، ولأن السهم حصة من الشركة فيكون له حكم زكاتها صناعية أو تجارية أو زراعية، وأما إيجاب زكاة التجارة على من اشتراها للمتاجرة ببيعها وشراءها، فذلك لأنها صارت عروضاً تجارية لها أسواقها وأنواعها وأسعارها التي تختلف عن قيمة الأسهم الحقيقية (20).
دليل القول الثالث: إن الهدف من شراء الأسهم واحد، وهو الاتجار والاسترباح وهذا متحقق فيمن اتخذ الأسهم لريعها، أو لتقليبها في البيع والشراء فيصدق عليها أنها عروض تجارية (21).
ونوقش: بالفرق بين اتخاذ الأسهم لأجل ريعها، وبين تقليبها في البيع والشراء، وذلك أن المتملك لها في النوع الأول لا يريد التجارة ببيعها وشراءها، وإنما استبقاءها للإفادة من ريعها، فلا يصدق عليها أنها عروض تجارية تقلب في البيع والشراء، بل هي من المستغلات، وقد تقدم بيان حكمها.
وأما التفريق بين الشركات والأفراد في نصاب الزكاة، فيستدل له بقياس الشركات الصناعية ونحوها من المستغلات على الأرض الزراعية؛ لشبهها به فتأخذ حكم زكاتها، وأما الأفراد فإن الأوفق والأيسر لهم هو إخراج زكاة التجارة بدون تفرقة بين أسهم شركة وأخرى، مما يمكنهم من حساب الزكاة وإخراجها (22).
ويناقش: بأن القياس مع الفارق لما يلي:
أولاً:
أ- أنَّ الأرض الزراعية لا تبيد بسبب كثرة الاستعمال وطول الزمان، بخلاف أعيان المستغلات فإنها تفنى، وتتأثر بكثرة الاستعمال وطول الزمان.
وأجيب: بأنَّ يمكن تعويض ما يهلك من أعيان المستغلات بحسم نسبة الاستهلاك من غلة كل سنة على مدى العمر التقديري لأعيان المستغلات.
وأجيب عنه: بأن الحسم يكون بحسب القيمة الحالية، وقد يرتفع سعرها بعد ذلك إلى أضعاف ما حُسِم من الغلة.
ب- أن غلة الأرض الزراعية تفوق بكثير غلة المستغلات، مما يستبعد معه إلحاق إحدى الغلتين بالأخرى في نصاب الزكاة.
ج- أن الزكاة إنما تؤخذ من الخارج من الأرض مرة واحدة، وإن بقي الخارج عنده عدة سنين، بخلاف غلة المستغلات، فإنها تزكى كل سنة فإن قيل بإيجاب العشر فيها كل سنة كان ذلك إجحافاً بحق أصحابها.
ثانياً: أن تلك المستغلات موجودة في عصر التشريع، ومع ذلك فإن النص القرآني والنبوي إنما خص الخارج من الأرض دون غيره بزكاة العشر أو نصفه عند حصاده، فلمَّا لم يُتعرض للمستغلات مع وجودها، دل على مفارقتها لزكاة المزروعات، وأن لها حكماً آخر كما بيَّنا.
كما أنَّ هذا القول لم ينقل عن الفقهاء على مر العصور مع وجود تلك المستغلات في كل عصر بما يناسبه (23).
وأما الأفراد فإنه يمكنهم معرفة ما يقابل أسهمهم من الموجودات الزكوية بالاستفسار من الشركة، مما يمكن معه تزكية الأسهم بحسب نوع الشركة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/186)
دليل القول الرابع: قد تقدم الاستدلال للتفريق في إيجاب الزكاة بحسب نوع الشركة، وبحسب نية المساهم، وأما اعتبار الشركة لأموال المساهمين بأنها كالمال الواحد نوعاً ونصاباً ومقداراً فيدل عليه قوله _صلى الله عليه وسلم_: "لا يجمع بين متفرق ولا يفرَّق بين مجتمع خشية الصدقة" (24) ويؤخذ منه أن اختلاط المالين يصيرهما كالمال الواحد (25).
ونوقش: بأن الحديث وارد في الماشية؛ لأن الزكاة تقل بجمعها تارة وتكثر تارة أخرى، فلا تلحق الضرر المحض بصاحب الماشية، بخلاف سائر الأموال، فالخلطة فيما تلحق الضرر المحض بصاحب المال؛ لأن ما زاد على النصاب بحسابه، وفي الجمع زيادة للمقدار المخرج بكل حال (26).
وأجيب: بأنَّ الحديث عام فيشمل كل شريكين قد اختلطت أموالهم، ولأن الخلطة إنما تثبت في الماشية للارتفاق، والحاجة قائمة إلى ذلك هنا (27).
الترجيح:
بالنظر للأقوال المتقدمة وأدلتها يتبين ما يلي:
1 – وجوب الزكاة على المساهم، ويترجح عند اخراجه لها القول الثاني المتمثل في اختلاف كيفية الزكاة بحسب نوع الشركة ونية المساهم مع ملاحظة ما يلي:
أ – بلوغ أسهم المزكي نصاباً بنفسها أو بضمها لأمواله الزكوية إذا كان له حكمها، ويراعى في ذلك حسم قيمة الأصول الثابتة والمصاريف الإدارية، والديون المستحقة الحالة على الشركة، وكذا على المساهم.
ب – تطبيق زكاة النقود على الفوائض النقدية، وزكاة التجارة على البضائع التجارية الموجودة في الشركات الزراعية والصناعية.
ج – في حال عدم تمكن المساهم من العلم بموجودات الشركة الزكوية لاحتساب زكاتها فإنه يخرج ربع عشر قيمة السهم الدفترية (28).
2 – فإن كان المزكي هو الشركة المساهمة، فالراجح هو القول الرابع، المتمثل في اعتبار أموال المساهمين كمال الشخص الواحد في وجوب الزكاة، من حيث نوع المال وحوله ونصابه، مع ملاحظة ما يلي:
أ – عدم أخذ الزكاة على أموال غير المسلمين لفقدهم أهم شروط الزكاة وهو الإسلام (29).
ب – بالنسبة للمضارب بالأسهم، فإنه لا يكتفي بزكاة الشركة، بل يجب عليه إخراج الفرق بين زكاة الشركة بالقيمة الحقيقية للسهم وبين زكاته بالقيمة السوقية، كما أن الشركات الصناعية لا تزكي إلا ريع السهم الصافي، بينما يجب عليه أن يزكي كامل قيمته، مع حسم ما أخرجته الشركة إذا علم بمقداره (30).
سبب الترجيح ما يلي:
أولاً: فيما يتعلق بتزكية المساهم لأسهمه، فقد ترجح ما تقدم؛ لأن السهم حصة شائعة من الشركة، فتجب فيه الزكاة بحسب نوع الشركة، فالجزء له حكم الكل، فإن قصد المساهم من تملك السهم المتاجرة به، فيكون له حكم العروض التجارية؛ لأن الأعمال بالنيات، والنية تقلب الحكم في عروض القنية إلى عروض تجارية إذا نوى الاتجار بها، فالسهم المتخذ للاستثمار إذا نوى بها الاتجار كان أولى بحكم العروض التجارية.
ثانياً: فيما يتعلق بتزكية الشركة للأسهم فقد ترجح ما تقدم أخذاً بمبدأ الخلطة فيما عدا الماشية؛ لعموم النص الوارد وللحاجة إلى ذلك؛ ولما في عدم أخذ الشركة به من مشقة بالغة تمنعها من أخذ الزكاة؛ لما يترتب على ذلك من النظر في أسهم كل مساهم على حِدَة، ومعرفة ما يبلغ منها نصاباً، أو الاتصال بالمساهمين للتأكد من ملكهم للنصاب وتحقق شروط الزكاة لديهم، مما يوقع في مشقَّة بالغة، والمشقة تجلب التيسير (31).
ثالثاً: فيما يتعلق باحتساب الأسهم بالقيمة الحقيقية عند زكاة الشركة أو المساهم المستثمر لأنهم لا يستفيدون من القيمة السوقية للأسهم بل تبقى الأسهم للاستفادة من ريعها الذي لا يتأثر بقيمة السهم في سوق المال.
وأما فيما يتعلق باحتساب الأسهم بالقيمة السوقية بالنسبة للمضارب بها فلأنها عروض تجارية وهي تزكى بحسب قيمتها في السوق عند وجوب الزكاة.
رابعاً: ورجحنا حساب الزكاة بربع عشر القيمة الدفترية عندما لا يتمكن المساهم المستثمر من معرفة موجودات الشركة؛ لأنه بذلك يتحقق إخراجه يقينا للقدر الواجب شرعاً، وما زاد فإنه صدقة ولا يسلَّم القول بقياس الأسهم عندئذ على المستغلات وإخراج ربع عشر ريعها بعد حولان الحول على قبضها (32)؛ وذلك لأن السهم حصة شائعة من موجودات الشركة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/187)
ومن تلك الموجودات أموال زكوية تجب زكاتها عند حولان الحول على السهم ولا ينتظر حول آخر بعد قبض الريع، كما أن قيمة زكاة تلك الموجودات قد تكون أكثر بكثير من زكاة ربع عشر الريع، فكان يقين إخراج الزكاة أن تكون كما بينا.
المطلب الثاني: الجهة الواجب عليها إخراج الزكاة:
اختلف الباحثون المعاصرون في الجهة التي يجب عليها إخراج زكاة الأسهم على قولين:
القول الأول: وجوب الزكاة على الشركات المساهمة، وهو قول الدكتور شوقي شحاتة (33)، والدكتور محمود الفرفور (34).
القول الثاني: وجوب الزكاة على المساهمين وقال به الدكتور الصديق الضرير (35)، والدكتور وهبة الزحيلي (36)، والدكتور حسن الأمين (37)، وكثير من الباحثين (38).
وصدر به قرار مجمع الفقه الإسلامي (39)، وبيت الزكاة الكويتي (40).
أدلة الأقوال:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: أن الشركة المساهمة لها شخصية اعتبارية مستقلة (41) فهي تملك التصرف في المال، وبناء على أن الزكاة تكليف متعلق بالمال نفسه، فإنها تجب على الشخص الاعتباري حيث لا يشترط التكليف الديني، وأساسه البلوغ والعقل (42).
ونوقش: بأن الزكاة إنما تجب على مالك المال، وهو المساهم لا الشركة، كما أنها عبادة لابد لها من نية، ووجوبها في مال الصبي مقرون بنية إخراجها من وليه، وأما ملك الشركة للتصرف في المال فذلك بالنيابة عن المساهمين (43).
الدليل الثاني: القياس على زكاة الماشية، حيث إن الخلطة فيها قد خصت بخصوصية تراجع الخلطاء فيها بينهم بالسويَّة، وأن الشركة في الماشية شركة أموال لا أشخاص، وهي على وجه المخالطة لا الملك، ومؤداها أن الزكاة تجب في مال الشركة المجتمع ككل، وليس في مال كل شريك على حدة (44).
ويناقش: بأن قياس شركة المساهمة على شركة الماشية، لا يفيد إيجاب الزكاة على شخصية الشركة الاعتبارية ونفيها عن مالك المال، وإنما يفيد ضم مال الشريكين في النصاب.
وإلا فملكية كل من الشريكين لمالهما تنفي الشخصية الاعتبارية، لإمكانية التصرف بنصيبهما من الشركة، كما أن ما تقدمت الإشارة إليه من كون الزكاة عبادة تحتاج إلى النية مما يستلزم ووجوب إخراجها على المزكي أو من ينيب.
دليل القول الثاني:
أن المساهم هو المالك الحقيقي للأسهم، والشركة تتصرف في أسهمه نيابة عنه حسب الشروط المبيَّنة في قانون الشركة ونظامها الأساسي، ولذلك فعندما تنحل الشركة يأخذ كل مساهم نصيبه من موجودات الشركة (45).
الترجيح:
يترجح مما تقدم القول الثاني وهو وجوب زكاة الأسهم على المساهم بعد بلوغها نصاباً وحولان الحلول عليها؛ وذلك لكونه هو مالك الأسهم، وإنما الشركة المساهمة عبارة عن مجموعة من الأسهم المتساوية القيمة، القابلة للتداول، وتتولى الشركة إدارة الأسهم ممثلة بمجلس إدارتها المفوَّض من المساهمين، مع بقاء ملك كل مساهم لنصيبه وأحقيته في بيعه، مع بقاء الحصة في الشركة، كما أنه عند التصفية يستحق المساهم حصته من موجودات الشركة (46). وإنما تخرج الشركة زكاة الأسهم نيابة عن المساهم في حالات أربع نص عليها قرار مجمع الفقه الإسلامي على النحو التالي:
إذا نص في نظام الشركة الأساسي.
أو صدر به قرار من الجمعية العمومية للشركة.
أو ألزم بذلك قانون الدولة.
أو فوض المساهم الشركة بإخراج زكاة أسهمه. (47)
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
_______________
(1) يراد بالشركات هنا: الشركات المساهمة وهي: الشركات التي يقسم رأس مالها إلى أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول، ولا يسأل الشركاء فيها إلا بقدر قيمة أسهمهم ا. هـ. انظر القانون التجاري السعودي للجبر ص289 وشركة المساهمة في النظام السعودي للمرزوقي ص259 ..
(2) الأسهم هي: الحصة التي يملكها الشريك في شركات المساهمة، وهو يمثل جزءاً من رأس مال الشركة أهـ. كما يعرف السهم بأنه: صك يمثل نصيباً عينياً أو نقدياً في راس مال الشركة، قابل للتداول، يعطي مالكه حقوقاً خاصة. ومن هذين التعريفين يتبين أن السهم يطلق ويراد به نصيب الشريك في الشركة، كما يطلق على الصك المثبت لهذا النصيب. انظر: الأسهم والسندات ص 47 موسوعة المصطلحات الاقتصادية والإحصائية ص 775. ويتميز السهم بخصائص منها:
1 - تساوي قيمة السهم في الشركة المساهمة.
2 - تساوى مسؤولية الشركاء.
3 - عدم قابلية السهم للتجزئة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/188)
4 - قابلية السهم للتداول.
وللأسهم قيم متعددة على النحو التالي:
أ-القيمة الاسمية: وهي القيمة التي تحدد للسهم عند تأسيس الشركة، وهي المدونة في شهادة السهم وبمجموع القيم الاسمية يحدد رأس مال الشركة.
ب-قيمة الإصدار: وهي القيمة التي يصدر بها أسهم، ولا يجوز إصدار السهم بأقل من قيمة الاسمية، وتكون غالباً متساوية للقيمة الاسمية.
ج-القيمة الدفترية: وهي قيمة السهم بعد خصم التزامات الشركة، وقسمة أصولها على عدد الأسهم المصورة، أو قسمة حقوق الملكية (رأس المال المدفوع + الاحتياطات + الأرباح المحتجزة) على عدد الأسهم المصدرة.
د-القيمة الحقيقية: وهي نصيب السهم في ممتلكات الشركة، بعد إعادة تقويمها وفقاً للأسعار الجارية، وذلك بعد خصم ديونها.
هـ-القيمة السوقية: وهي القيمة التي يباع بها السهم في السوق، وهي تتغير بحسب حالة العرض والطلب ا. هـ. انظر: الأسهم والسندات ص61، أحكام التعامل في الأسواق المالية 1/ 166.
(3) المعاملات الحديثة وأحكامها ص 73.
(4) زكاة أسهم الشركات ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي 4/ 1 / 735.
(5) زكاة أسهم الشركات ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي 4/ 1 / 735.
(6) بحوث في الاقتصاد الإسلامي ص 77.
(7) بحوث وفتاوى فقهية معاصرة ص 283.
(8) حلقة الدراسات الاجتماعية، الدورة الثالثة ص 242، وانظر: فقه الزكاة 1/ 560.
(9) أبحاث الندوة السابعة لقضايا الزكاة المعاصرة ص 208.
(10) بحوث في الزكاة ص 188.
(11) زكاة الأسهم في الشركات ص 31.
(12) فقه الزكاة 1/ 555.
(13) مجلة مجمع الفقه الإسلامي 4/ 1 / 881، وفي القرار رقم (28/ 3 / 4) ثم صدر قرار أخير للمجمع برقم 120 (3/ 13) نصه كالآتي: إذا كانت الشركات لديها أموال تجب فيها الزكاة كنقود وعروض تجارة وديون مستحقة على المدنيين الأملياء، ولم يترك أموالها، ولم يستطع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الموجودات الزكوية، فإنه يجب عليه أن يتحرى ما أمكنه، ويزكي ما يقابل أصل أسهمه من الموجودات الزكوية، وهذا ما لم تكن الشركة في حالة عجز كبير بحيث يستغرق ديونها موجوداتها، أما إذا كانت الشركة ليس لديها أموال تجب فيها الزكاة فإنه ينطبق عليها ما جاء في القرار 28 (3/ 4) من أنه يزكي الريع فقط ولا يزكي أصل السهم أهـ.
(14) أبحاث الندوة الحادية والثانية عشر لقضايا الزكاة المعاصرة 1/ 184، ويختلف عن قرار مجمع الفقه الإسلامي، بأن الريع يضم إلى سائر أموال مالك الأسهم حولاً ونصاباً.
(15) المرجع السابق 1/ 32.
(16) نظراً لوجود تكرار لبعض جزئيات الأقوال، فإن الاستدلال لكل قول سينحصر فيما يتميز به عن غيره دفعاً لتكرار الأدلة.
(17) زكاة أسهم الشركات للبسام 4/ 1 / 722، من مجلة المجمع.
(18) فقه الزكاة 1/ 557.
(19) زكاة أسهم الشركات 4/ 1 / 722.
(20) بحوث في الاقتصاد الإسلامي ص 71.
(21) زكاة أسهم الشركات للزحيلي 4/ 1 / 737 من مجلة مجمع الفقه الإسلامي، وبحوث في الزكاة ص 188.
(22) فقه الزكاة 1/ 557.
(23) ينظر: فقه الزكاة 1/ 514، وتنظيم ومحاسبة الزكاة في التطبيق المعاصر ص 120، ومجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد الثاني الجزء الأول ص 145، وزكاة الأصول الاستثمارية الثابتة لشبير ضمن أبحاث بيت الزكاة 5/ 447.
(24) رواه البخاري في كتاب الزكاة، 34 - باب (لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع) عن أبي بكر برقم 1450
(25) انظر: المجموع 5/ 429، وهو قول الشافعي في الجديد، ورواية عن أحمد.
(26) المغني 4/ 64، وقال بعدم تأثير الخلطة هنا جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والحنابلة انظر: بدائع الصنائع 2/ 16، مواهب الجليل 2/ 267، الفروع 2/ 398.
(27) انظر: المجموع 5/ 429.
(28) وقد تقدم بيان المراد بها، وقيل باعتبارها في إخراج الزكاة لما تمثله من موجودات الشركة الزكوية.
(29) فلا تجب الزكاة على الكافر اتفاقاً، رد المحتار 2/ 259، المنتقى 2/ 177، المجموع 5/ 298، كشاف القناع 2/ 168.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/189)
(30) وبذلك صدر قرار بيت الزكاة ونصه: إذا قامت الشركة بتزكية موجوداتها، فلا يجب على المساهم إخراج زكاة أخرى منعاً للازدواج، هذا إذا لم تكن أسهمه بغرض المتاجرة، أما إذا كانت بغرض المتاجرة فإنه يحسب زكاتها ويحسم منه ما زكته الشركة أو يزكي الباقي إن كانت زكاة القيمة السوقية لأسهمه أكثر مما أخرجته الشركة عنه وإن كانت القيمة السوقية أقل فله أن يحتسب الزائد في زكاة أمواله الأخرى أو يجعلها تعجيلاً لزكاة قادمة أهـ. انظر: دليل الإرشادات لمحاسبة زكاة الشركات ص
(31) انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ص 76، والمنثور في القواعد الفقهية 3/ 171.
(32) وهو قرار مجمع الفقه الإسلامي برقم (28) 4/ 3، إلا أنه صدر قرار لاحق للمجمع برقم (120) 3/ 13 استدرك فيه الملحظ الفقهي على القرار الأول، وقد تقدمت الإشارة لذلك.
(33) التطبيق المعاصر للزكاة ص 119.
(34) زكاة أسهم الشركات، ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي 4/ 1 / 825.
(35) زكاة الأسهم والسندات، ضمن أبحاث وأعمال الندوة الحادية عشرة ص 29.
(36) المرجع السابق ص 74، وينسب بعضهم للدكتور وهبة القول بإيجاب الزكاة على الشركة المساهمة كما في بحثه زكاة أسهم الشركات في مجلة مجمع الفقه الإسلامي 4/ 1 /740، وكان ذلك في عام 1408هـ، إلا أن الذي يظهر أنه رجع عن هذا القول، لما صرح به في بحثه الأخير المشار إليه حيث كان عام 1422هـ وقال فيه: اتفق العلماء على أن الزكاة تجب على المالك وهو المساهم، لا على الشركة إلا في أحوال أربعة نص عليها قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 28 / (3/ 4) الخ أهـ.
(37) زكاة الأسهم في الشركات ص 33.
(38) انظر: مجلة مجمع الفقه 4/ 1 / 798، 841، 857.
(39) رقم 3 و 4/ 8 / 88، في مجلة مجمع الفقه الإسلامي 4/ 1 / 881.
(40) أحكام وفتاوى الزكاة والصدقات والنذور والكفارات ص 53.
(41) يراد بالشخصية الاعتبارية أو المعنوية: أن تعتبر الشركة شخصاً معنوياً مستقلاً عن أشخاص الشركاء بمعنى أن تكون لها ذمة مالية خاصة، وأن تكون لها حياة قانونية، فتكتسب حقوقاً وتلتزم بواجبات، انظر: الشركة المساهمة في النظام السعودي ص 191، والوجيز في القانون التجاري 1/ 388.
(42) التطبيق المعاصر للزكاة ص 119.
(43) انظر: بحث الضرير في أبحاث بيت الزكاة الندوة الحادية عشر ص 29.
(44) التطبيق المعاصر للزكاة ص 119.
(45) زكاة الأسهم والسندات للضرير ص 29 ضمن أبحاث وأعمال الندوة الحادية عشر.
(46) انظر: الشركات المساهمة في النظام السعودي ص 261.
(47) القرار رقم 28 (3/ 4)
--------------------------------------------------------------------------------(55/190)
أريد من الاخوة الفضلاء مساعدتي في بحث طلبه أحد الاعزاء إليعن نبذة عن الاعجاز التشريعي
ـ[صخر]ــــــــ[05 - 12 - 05, 02:12 ص]ـ
أريد من الاخوة الفضلاء مساعدتي في بحث - طلبه أحد الاعزاء إلي -عن نبذة عن الاعجاز التشريعي و امثلة لذلك و ارجوا ان يكون البحث مختصرا و إن كانت هناك روابط فلا بأس
وتقبلوا مني فائق التقدير الاحترام(55/191)
مريض يشكو من سلس ريح شديد حتى اثناء الصلاة
ـ[ابو حفص الحلبي]ــــــــ[05 - 12 - 05, 05:05 ص]ـ
فهل يتوضأ قبل كل صلاة مع العلم ان الحالة تاتيه حتى في الصلاة و ماذا بالنسبة للنافلة القبلية هل يتوضا لها ثم يتوضا للفرض
ـ[ابو حفص الحلبي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 11:40 ص]ـ
الرجاء الرد
ـ[أبو عمر]ــــــــ[06 - 12 - 05, 08:05 م]ـ
فتوى الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله
من الموقع القديم:
عبادات >طهارة > من حدثه دائم
من حدثه دائم
يتوضأ بعد دخول الوقت
س: الأخ ع. ص- من الرياض يقول في سؤاله إني أعاني من خروج ريح دائم- أكرمكم الله- وأتوضأ لكل صلاة عند الأذان، وفي يوم الجمعة أتوضأ قبل الأذان الأول وأتوضأ ثانية بعد الأذان الأول فما حكم عملي هذا؟ أفتونا جزاكم الله خيرا.
ج: من كان حدثه دائما بالريح أو البول أو غيرهما فإنه يتوضأ لكل صلاة بعد دخول الوقت ولا يضره ما خرج من الحدث في نفس الوقت أو في نفس الصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة: توضئي لكل صلاة خرجه البخاري في صحيحه. والمستحاضة هي: التي يستمر معها الدم غير دم الحيض.
وبهذا يعلم السائل أنه لا بد أن يكون الوضوء بعد دخول الوقت في حق من حدثه دائم، وإذا توضأ لصلاة الجمعة في الساعة السادسة وهي الساعة التي قبل الزوال صح ذلك. لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على صحة إقامة صلاة الجمعة في الساعة السادسة وهو قول جمع من أهل العلم.
ولكن الأفضل إقامتها بعد الزوال عملا بالأحاديث كلها وخروجا من الخلاف. لأن جمهور أهل العلم يرون أن صلاة الجمعة لا تصح قبل الزوال كصلاة الظهر عملا بالأحاديث التي فيها النص أنه كان صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة إذا زالت الشمس. والله ولي التوفيق.
من ضمن الأسئلة الموجهة من (المجلة العربية)
ـ[ابو حفص الحلبي]ــــــــ[07 - 12 - 05, 03:28 ص]ـ
جزاك الله كل خير و ماذا بالنسبة للنافلة
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[07 - 12 - 05, 10:47 ص]ـ
وفقك الله:
قال العلامة ابن قدامة في المغني: ((486) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَالْمُبْتَلَى بِسَلَسِ الْبَوْلِ , وَكَثْرَةِ الْمَذْيِ , فَلَا يَنْقَطِعُ , كَالْمُسْتَحَاضَةِ , يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ , بَعْدَ أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ , وَمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ أَوْ الْمَذْيُ , أَوْ الْجَرِيحَ الَّذِي لَا يَرْقَأُ دَمُهُ , وَأَشْبَاهَهُمْ مِمَّنْ يَسْتَمِرُّ مِنْهُ الْحَدَثُ وَلَا يُمْكِنُهُ حِفْظُ طَهَارَتِهِ , عَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَ غَسْلِ مَحَلِّ الْحَدَثِ , وَشَدِّهِ وَالتَّحَرُّزِ مِنْ خُرُوجِ الْحَدَثِ بِمَا يُمْكِنُهُ. فَالْمُسْتَحَاضَةُ تَغْسِلُ الْمَحَلَّ , ثُمَّ تَحْشُوهُ بِقُطْنٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ , لِيَرُدَّ الدَّمَ ; {لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِحَمْنَةَ , حِينَ شَكَتْ إلَيْهِ كَثْرَةَ الدَّمِ: أَنْعَتُ لَك الْكُرْسُفَ , فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ. فَإِنْ لَمْ يَرْتَدَّ الدَّمُ بِالْقُطْنِ , اسْتَثْفَرَتْ بِخِرْقَةٍ مَشْقُوقَةِ الطَّرَفَيْنِ , تَشُدُّهَا عَلَى جَنْبَيْهَا وَوَسَطُهَا عَلَى الْفَرْجِ} , وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ " لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ. وَقَالَ لِحَمْنَةَ " تَلَجَّمِي ". لَمَّا قَالَتْ: إنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. فَإِذَا فَعَلْت ذَلِكَ , ثُمَّ خَرَجَ الدَّمُ , فَإِنْ كَانَ لِرَخَاوَةِ الشَّدِّ , فَعَلَيْهَا إعَادَةُ الشَّدِّ وَالطَّهَارَةُ , وَإِنْ كَانَ لِغَلَبَةِ الْخَارِجِ وَقُوَّتِهِ وَكَوْنِهِ لَا يُمْكِنُ شَدُّهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ , لَمْ تَبْطُلْ الطَّهَارَةُ ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ , فَتُصَلِّي وَلَوْ قَطَرَ الدَّمُ , قَالَتْ عَائِشَةُ: {اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ , فَكَانَتْ تَرَى الدَّمَ وَالصُّفْرَةَ وَالطَّسْتُ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي}. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ , وَفِي حَدِيثٍ {: صَلِّي وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ}. وَكَذَلِكَ مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ , أَوْ كَثْرَةُ الْمَذْيِ , يَعْصِبُ رَأْسَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/192)
ذَكَرِهِ بِخِرْقَةٍ , وَيَحْتَرِسُ حَسَبَ مَا يُمْكِنُهُ , وَيَفْعَلُ مَا ذُكِرَ. وَكَذَلِكَ مَنْ بِهِ جُرْحٌ يَفُورُ مِنْهُ الدَّمُ , أَوْ بِهِ رِيحٌ , أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْدَاثِ مِمَّنْ لَا يُمْكِنُهُ قَطْعُهُ عَنْ نَفْسِهِ , فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ عَصْبُهُ , مِثْلُ مَنْ بِهِ جُرْحٌ لَا يُمْكِنُ شَدُّهُ , أَوْ بِهِ بَاسُورٌ أَوْ نَاصُورٌ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ عَصْبِهِ , صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ , كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ حِينَ طُعِنَ صَلَّى وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا. (487) فَصْلٌ: وَيَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْوُضُوءُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ , إلَّا أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ , وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ , وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عِكْرِمَةَ وَرَبِيعَةَ. وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ لِمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ , إلَّا أَنْ يُؤْذِيَهُ الْبَرْدُ , فَإِنْ آذَاهُ قَالَ: فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ ضِيقٌ فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ. وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ فِي حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ , أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ: {فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي}. وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالْوُضُوءِ ; وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَى الْوُضُوءِ مِنْهُ , وَلَا فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ ; لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ , وَلَيْسَ هَذَا بِمُعْتَادٍ , وَلَنَا مَا رَوَى عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ , عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي {الْمُسْتَحَاضَةِ: تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ , وَتَصُومُ وَتُصَلِّي , وَتَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ}. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد , وَالتِّرْمِذِيُّ , وَعَنْ عَائِشَةَ , قَالَتْ: {جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ خَبَرَهَا , ثُمَّ قَالَ: اغْتَسِلِي , ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ وَصَلِّي}. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد , وَالتِّرْمِذِيُّ , وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَلِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ السَّبِيلِ , فَنَقَضَ الْوُضُوءَ , كَالْمَذْيِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا , فَإِنَّ طَهَارَةَ هَؤُلَاءِ مُقَيَّدَةٌ بِالْوَقْتِ ; لِقَوْلِهِ: " تَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ ". وَقَوْلِهِ: " ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ ". وَلِأَنَّهَا طَهَارَةُ عُذْرٍ وَضَرُورَةٍ , فَتَقَيَّدَتْ بِالْوَقْتِ , كَالتَّيَمُّمِ.
(488) فَصْلٌ: فَإِنْ تَوَضَّأَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ قَبْلَ الْوَقْتِ , وَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ , بَطَلَتْ طَهَارَتُهُ ; لِأَنَّ دُخُولَهُ يَخْرُجُ بِهِ الْوَقْتُ الَّذِي تَوَضَّأَ فِيهِ , وَخُرُوجُ الْوَقْتِ مُبْطِلٌ لِهَذِهِ الطَّهَارَةِ , كَمَا قَرَّرْنَاهُ ; وَلِأَنَّ الْحَدَثَ مُبْطِلٌ لِلطَّهَارَةِ , وَإِنَّمَا عُفِيَ عَنْهُ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ مَعَ الْحَاجَةِ إلَى الطَّهَارَةِ. وَإِنْ تَوَضَّأَ بَعْدَ الْوَقْتِ صَحَّ , وَارْتَفَعَ حَدَثُهُ , وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ مَا يَتَجَدَّدُ مِنْ الْحَدَثِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ. فَإِنْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ عَقِيبَ طَهَارَتِهِ , أَوْ أَخَّرَهَا لِأَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ , كَلُبْسِ الثِّيَابِ , وَانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ , أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ , جَازَ. وَإِنْ أَخَّرَهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ , فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا , الْجَوَازُ ; لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ أُرِيدَتْ لِلصَّلَاةِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا , فَأَشْبَهَتْ التَّيَمُّمَ ; وَلِأَنَّهَا طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ , فَتَقَيَّدَتْ بِالْوَقْتِ , كَالتَّيَمُّمِ. وَالثَّانِي , لَا يَجُوزُ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الصَّلَاةُ بِهَذِهِ الطَّهَارَةِ مَعَ قِيَامِ الْحَدَثِ لِلْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ , وَلَا ضَرُورَةَ هَاهُنَا. وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ مِنْهَا شَيْءٌ , أَوْ أَحْدَثَتْ حَدَثًا سِوَى هَذَا الْخَارِجِ , بَطَلَتْ الطَّهَارَةُ. قَالَ أَحْمَدُ , فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ: إنَّمَا أَمَرَهَا أَنْ تَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ , فَتُصَلِّي بِذَلِكَ الْوُضُوءِ النَّافِلَةَ وَالصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ , حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى , فَتَتَوَضَّأُ أَيْضًا. وَهَذَا يَقْتَضِي إلْحَاقَهَا بِالتَّيَمُّمِ , فِي أَنَّهَا بَاقِيَةٌ بِبَقَاءِ الْوَقْتِ , يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَطَوَّعَ بِهَا , وَتَقْضِيَ بِهَا الْفَوَائِتَ , وَتَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ , مَا لَمْ تُحْدِثْ حَدَثًا آخَرَ , أَوْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/193)
ـ[محمد أفندي]ــــــــ[09 - 12 - 05, 05:24 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا صاحب الفهم الصحيح
ـ[ابو حفص الحلبي]ــــــــ[10 - 12 - 05, 06:39 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا صاحب الفهم الصحيح
خير الجزاء(55/194)
استفتاء أود معرفة معنى التورق مع ضرب الأمثلة إن أمكن
ـ[أبو معاذ باوزير]ــــــــ[05 - 12 - 05, 07:51 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الإخوة الفضلاء وطلبة العلم في هذا الملتقى المبارك أود معرفة معنى التورق مع ضرب الأمثلة إن أمكن , وهل كان يعرف التورق في زمن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟ وإذا كان يعرف فهل يسمى بنفس مصطلحنا اليوم؟ أفيدوني كتب الله أجركم ورفع قدركم؟
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[05 - 12 - 05, 09:15 ص]ـ
إذا كنت من مصر فالتورق معروف فيها بإسم (حرق البضاعة) و هو أن يشترى سلعة بالأجل ثم يبيعها لشخص أخر غير الذى اشتراها منه بسعر أقل
فهو فى الأصل يريد المال لا السلعة
أباحه أكثر أهل العلم و أستدلوا بحديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه قال
: جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر برني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (من أين هذا). قال بلال كان عندنا تمر ردي فبعت منه صاعين بصاع لنطعم النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك (أوه أوه عين الربا عين الربا لا تفعل ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتر به. متفق عليه.
أى بع التمر بدراهم و أشترى بالدراهم تمرا برني.
وذهب إلى حرمته عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه و قال شيخ الإسلام هو أحد القولين عن أحمد و هذا ما رجحه شيخ الإسلام.
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[05 - 12 - 05, 09:16 ص]ـ
و الأقوى إباحته و الله أعلى و أعلم.
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[05 - 12 - 05, 09:33 ص]ـ
فتاوى نور على الدرب (نصية): البيوع
السؤال: أحسن الله إليكم يا شيخ يقول هذا السائل ما حكم بيع العينة وأيضاً أسأل عن بيع التورق؟
الجواب
الشيخ بن عثيمين رحمه الله: بيع العينة أن يبيع الإنسان شيئاً بثمنٍ مؤجل ثم يشتريه بثمنٍ أقل نقداً مثل أن يبيع هذه السيارة بستين ألفاً مؤجلة بأقساط ثم يعود ويشتريها من صاحبها بأربعين ألفاً نقداً هذه مسألة العينة وهي حرام لأنها حيلةٌ على الربا بصورة بيعٍ غير مقصود وأما إذا باعها المشتري على شخصٍ آخر بأقل مما اشتراها به يريد دراهمها فهذه مسألة التورق وقد اختلف فيها العلماء فمنهم من ألحقها بمسألة العينة ومنهم من قال أنه لا بأس بها والاحتياط أن لا يتعامل بها.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/ 161):
" أما مسألة التورق فمحل خلاف، والصحيح جوازها " انتهى.
وقال الشيخ ابن باز:
" وأما مسألة التورق فليست من الربا، والصحيح حلها، لعموم الأدلة، ولما فيها من التفريج والتيسير وقضاء الحاجة الحاضرة، أما من باعها على من اشراها منه، فهذا لا يجوز بل هو من أعمال الربا، وتسمى مسألة العينة، وهي محرمة لأنها تحايل على الربا " انتهى بتصرف يسير.
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/ 245).
هذه روابط مهمة عن الموضوع
http://63.175.194.25/index.php
http://saaid.net/Doat/Zugail/298.htm
ـ[أبو معاذ باوزير]ــــــــ[05 - 12 - 05, 09:49 م]ـ
أخي أبو حفص والله لاأعرف كيف أشكرك على هذه الخدمة الجليلة , والله لقد فتحت لي باب علم جديد كنت أظن أنه صعب فنقلته لي بطريقة يسيرة مبسطة فجزاك الله عني خير الجزاء وجعل ذلك في موازين حسناتك وبارك لك في أهلك وولدك وجعلك من أهل الفردوس الأعلى وجمعني بك هناك برحمته إنه أرحم الراحمين.
أخوك الفقير إلى عفو الله / خالد سالم باوزير
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[05 - 12 - 05, 10:38 م]ـ
أمين
وأسألك أن تجعله فى صلاتك
ـ[أبو مالك العربي]ــــــــ[05 - 12 - 05, 11:43 م]ـ
هناك بحث رائع في ‘حدى أعداد مجلة البيان عن التورق ... وهناك بحث عنه في مجلة المجمع الفقهي ... وأظن أن الموضوع موجود في أعداد السنة الماضية، وربما كانت التي قبلها ... أعانك الله على البحث
ـ[أبو معاذ باوزير]ــــــــ[06 - 12 - 05, 11:02 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي أبو مالك
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[07 - 12 - 05, 03:43 ص]ـ
وفي كتب التاريخ يقال: كان مورِّقًا، ويقوم بالتوريق، بمعنى: الوعظ والإرشاد في المساجد ..(55/195)
متى يكون الدعاء لحديث: (ماء زمزم لما شرب له) فهل يكون قبل الشرب أم بعده؟!
ـ[علي الصويلح]ــــــــ[05 - 12 - 05, 11:41 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت ما كتبه أحد الاخوة الكتاب الأفاضل في الرد رقم (3) هنا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=2802&highlight=%D2%E3%D2%E3 ) حول تخريج حديث (ماء زمزم لما شرب له) وفيه تأييد لتحسين الحافظ بن حجر له ورد على من ضعفوه.
ولا أخفيكم إخواني وأقسم بالله على ذلك أنني دعوت الله بأمر قبل شرب ماء زمزم فاستجاب الله تعالى لي وله الحمد والمنة، وفي هذا ما يؤيد صحة الحديث والذي قال فيه الإمام ابن القيم في (زاد المعاد، 4/ 393): (فالحديث إذاً حسن وقد صححه بعضهم وجعله بعضهم موضوعا وكلا القولين فيه مجازفة وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أمور عجيبة واستشفيت به من عدة أمراض فبرأت بإذن الله وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريبا من نصف الشهر أو أكثر ولا يجد جوعا ويطوف مع الناس كأحدهم وأخبرني أنه ربما بقي عليه أربعين يوما وكان له قوة بجامع بها أهله ويصوم ويطوف مرارا).
والحديث حسنه الحافظ ابن حجر في جزء مطبوع له في ذلك.
وصححه المحدث الألباني - رحمه الله - في (إرواء الغليل، برقم: 1123) وفي (صحيح ابن ماجه، برقم: 2502) وفي كتاب (مناسك الحج، 24).
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن حول الدعاء عند شرب ماء زمزم:
متى يكون الدعاء هل يكون بعد أن تشرب من ماء زمزم أو قبله؟!.
وسؤالي هذا جاء بعد قراءتي لما أورده بعض الإخوة عن الحافظ بن حجر بأنه قال بأنه سأل الله بعد شرب ماء زمزم بأن يرزقه حفظاً كحفظ الذهبي، فلما بلغ مرتبة من الحفظ شربه ثانية وقال " اللهم ارزقني علماً كثيراً ".
فما قول الاخوة في الدعاء هل يكون بعد شرب زمزم أم بعده؟! ...
وجزاكم الله خيراً.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[13 - 12 - 05, 06:50 م]ـ
أحسن الله إليك.
في المستدرك: (حدثنا علي بن حمشاذ العدل ثنا أبو عبد الله محمد بن هشام المروزي ثنا محمد بن حبيب الجارودي ثنا سفيان بن عيينة عن بن أبي نجيح عن مجاهد عن بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ماء زمزم لما شرب له فإن شربته تستشفى به شفاك الله وإن شربته مستعيذا عاذك الله وإن شربته ليقطع ظمأك قطعه، قال: وكان بن عباس إذا شرب ماء زمزم قال: اللهم أسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء هذا حديث صحيح الإسناد إن سلم من الجارودي ولم يخرجاه).
ـ[علي الصويلح]ــــــــ[14 - 12 - 05, 01:41 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل (الفهم الصحيح) ونفع الله بك ..
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 06:10 م]ـ
في المستدرك: (حدثنا علي بن حمشاذ العدل ثنا أبو عبد الله محمد بن هشام المروزي ثنا محمد بن حبيب الجارودي ثنا سفيان بن عيينة عن بن أبي نجيح عن مجاهد عن بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ماء زمزم لما شرب له فإن شربته تستشفى به شفاك الله وإن شربته مستعيذا عاذك الله وإن شربته ليقطع ظمأك قطعه، قال: وكان بن عباس إذا شرب ماء زمزم قال: اللهم أسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء هذا حديث صحيح الإسناد إن سلم من الجارودي ولم يخرجاه).
هذه الزيادة أخرجها الدارقطني في ((سننه)) (2/ 288) من طريق حفص بن عمر العدني، حدثني الحكم، عن عكرمة، قال: .... (فذكره).
وهذا الإسناد ضعيف؛ حفص بن عمر قال ابن معين: ((ليس بثقة)).
وقال أبوحاتم: ((لين الحديث)).
قال الألباني في ((إرواء الغليل)) (4/ 333): ((فهل هذه الزيادة وقعت عند الحاكم في الطريق الأول، أم هي في الأصل عنده من هذا الطريق لكنها سقطت من الناسخ أو الطابع؟ الله أعلم فإني لم أقف حتى الآن على شيء يرجح أحد الاحتماليين)).
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:11 ص]ـ
نعم وفقك الله، ونفع بك ... ذكر كل ذلك العلامة الألباني - رحمه الله - في الموضع الذي ذكرتَه ... ونقله الفاضل زهير الشاويش في هامش < إزالة الدهش والوله عن المتحير في صحة حديث " ماء زمزم لما شرب له " > صـ 99.
لكنني رأيت أبا عبد الله الفاكهي محمد بن إسحاق - رحمه الله - يقول في كتابه < أخبار مكة > 2/ 41 - 42: (وحدثنا هدية بن عبد الوهاب الكلبي، قال: ثنا الفضل بن موسى، قال: ثنا عثمان بن الأسود، عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: إنه رأى رجلا يشرب من ماء زمزم، فقال: هل تدري كيف تشرب من ماء زمزم؟ قال: وكيف أشرب من ماء زمزم يا أبا عباس؟ فقال: إذا أردت أن تشرب من ماء زمزم فانزع دلوا منها ثم استقبل القبلة، وقل: بسم الله، وتنفس ثلاثا حتى تضلّع، وقل: اللهم إني أسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء).
قال محقق الكتاب الشيخ عبد الملك بن عبد الله دهيش: إسناده حسن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/196)
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[15 - 12 - 05, 08:54 ص]ـ
بارك الله فيكم
وهذا الإسناد صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (5/ 113 / 9112) عن: الثوري، قال: سمعت من يذكر، أن ابن عباس شرب من زمزم، ثم قال: ((أسألك علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاءً من كل داء)).
وهذا إسناده معضل.
وعن عكرمة: وجدت في كتاب ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول إذا أردت وداع البيت فارتحل ...... ، ثم تنصرف إلى زمزم، فاستق دلواً، فاشرب، واستقبل القبلة، ثم تقول: اللهم إني أسألك علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وشفاءً من كل داء ...... )).
أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (1/ 343 - 344/ 708) من طريق: نعيم بن حماد، قال: أخبرني إبراهيم بن الحكم بن أبان، عن أبيه، عن عكرمة، به.
ونعيم بن حماد وإبراهيم بن الحكم بن أبان ضعيفان.
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[15 - 12 - 05, 08:57 ص]ـ
وقال ابن خزيمة: " لما شربت ماء زمزم؛ سألت الله: علماً نافعاً ".
انظر: السير للذهبي (14/ 370)، وتذكرة الحفاظ له (2/ 721).
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[15 - 12 - 05, 09:01 ص]ـ
وقد قال: ((اللهم! إن ابن المؤمل حدثني، عن أبي الزبير، عن جابر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ((ماء زمزم لما شرب له)).
وهو مخرج في تذيلينا على جزء ابن حجر (ص 53_55).(55/197)
خطيب جمعة سها فخطب خطبة واحدة فعليه وعلى المأموين إعادتها ظهراً!!
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[05 - 12 - 05, 02:15 م]ـ
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، أفتونا جزاكم الله خيرا في هذه المسألة: حصل أن سها الخطيب وخطب بالناس خطبة واحدة، صلى بعدها بالناس، والسؤال يا فضيلة الشيخ هو: هل هذه الجمعة صحيحة أم لا؟ وهل تلزم الإعادة للإمام والمأمومين، أم الإمام فقط، فيصليها ظهرا؟
وفقكم الله وسدد خطاكم وجزاكم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء؟
فأجاب فضيلته بقوله:
بسم الله الرحمن الرحيم.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، يجب على الإمام والمأمومين أن يعيدوها ظهرا.
42/ 3/6141ه.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (16 / السؤال رقم 1221).
!!
فما رأي الإخوة الأكارم بهذا؟
ـ[محمد الأمين فضيل]ــــــــ[05 - 12 - 05, 04:12 م]ـ
يذكر علماء المالكية أن خطبتي الجمعة بدل عن الركعتين الناقصتين من صلاة الظهر.
فلعل الشيخ ابن عثيمين يذهب إلى هذا القول، فإذا لم يخطب الخطيب خطبتين يكون قد أخل بركن من أركان الجمعة فيصار إلى البدل عن الجمعة وهو صلاة الظهر، والله أعلم.
ونحن بانتظار مشاركات إخواننا الأفاضل.
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[05 - 12 - 05, 08:39 م]ـ
لكن إذا تذكرها في الوقت ألا يخطب الخطبتين ويصلي صلاة الجمعة؟
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 04:28 م]ـ
ما ذكره العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله يعني أن الخطبتين في الجمعة من أركانها أو على الأقل أنهما واجبتان، لكن هذا ليس رأي جمهور أهل العلم فالجمهور على أن الواجب هو خطبة واحدة وأن الثانية متابعة للسنة وعلى قول الجمهور فإن الإمام لو تعمد أن يخطب بخطبة واحدة لم يكن عليه إعادة وإليك ما قاله الشوكاني ونقله عن أهل العلم يقول:"المشروع خطبتان وقد ذهب إلى وجوبهما العترة والشافعي وحكى العراقي في شرح الترمذي عن مالك وأبي حنيفة والأوزاعي وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وابن المنذر وأحمد بن حنبل في رواية أن الواجب خطبة واحدة قال: وإليه ذهب جمهور العلماء" وجزاكم الله تعالى خيرا
ـ[ابو بكر جميل بن صبيح]ــــــــ[06 - 12 - 05, 08:32 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله:
ذكر صاحب منار السبيل أن أبي ابن كعب أو المغيرة خطب الجمعة خطبة واحدة ولم يجلس و اعتد بذلك ولم يذكر أنه أنكر عليه أحد وصحح الأثر الالباني رحمه الله في الارواء
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[06 - 12 - 05, 09:25 م]ـ
أحسن الله إليكم
ـ[محمد الأمين فضيل]ــــــــ[10 - 12 - 05, 11:11 ص]ـ
أخي ابن صبيح:
لم أجد الأثر في الإرواء، حبذا لو ذكرت لنا الجزء والصفحة.
ـ[أبو إلياس الرباطي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 09:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أحسن الله إليكم أيها الإخوة الأفاضل على هذه الجامعة المفتوحة(55/198)
أعظم الكرامة لزوم الاستقامة
ـ[وائل النوري]ــــــــ[05 - 12 - 05, 02:23 م]ـ
بعض الناس "طويل اللسان في اللؤم، فقير الباع في العلم، وثاب على الشر، مناع للخير"، أخذ على نفسه نقد الأصول والمفاهيم بجهل غريب، كان قد سكت ألفا لمَّا أعياه الأمر، ثم الآن نطق خلفا، فأتى بباقعة الدهر، وأعجوبة الزمان، على منوال عادته، فقال ممتطيا صهوة الغرور: يمكن التنازل عن حقيقة الأمر والنهي إذا اصطدم مع أفكار ومبادئ "الآخر" والالتقاء في نقطة ترضي الطرفين.
و"الآخر" كلمة ملغومة مجملة قد يراد بها الموافق، وقد يراد بها المخالف، وقد يكون مسلما، وقد يكون كافرا، وهما أنواع ولكل حكم.
وهذا الأمر خطير، وتعاظم وطغيان وجرأة وعدم اكتراث وحقيقته نقض لمفهوم الاستقامة التي أمر الله تعالى بها نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: "فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا".هود 112
قال سفيان: استقم على القرآن.
وقال ابن زيد: الطغيان خلاف الله وركوب معصيته ذلك الطغيان. ابن جرير 7/ 128
قال الشوكاني في فتح القدير (2/ 764): أي كما أمرك الله، فيدخل في ذلك جميع ما أمره به، وجميع ما نهاه عنه لأنه قد أمره بتجنب ما نهاه عنه كما أمره بفعل ما تعبده بفعله وأمته أسوته في ذلك ولهذا قال:"ومن تاب معك " أي رجع من الكفر إلى الإسلام وشاركك في الإيمان.
قال البيضاوي (1/ 266): أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالاستقامة مثل ما أمر بها وهي شاملة للاستقامة في العقائد والأعمال من تبليغ الوحي وبيان شرائع ما أنزل والقيام بوظائف العبادات من غير تفريط وإفراط مفوِّت للحقوق ونحوها. اهـ
فظهر أن مجاوزة الحد إفراطا أو تفريطا يعد انحرافا يخالف معنى الاستقامة، والثبات عليها هي محض العدل.
قال عمر رضي الله عنه: الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنهي، ولا تروغ روغان الثعالب. تفسير البغوي (1/ 203)
وقال عثمان رضي الله عنه: استقاموا: أخلصوا العمل لله.
قلت: فتَرْكُك مابه قوام دينك، ورضى ربك يناقض الإخلاص.
وروى أبو الشيخ عن العلاء بن عبد الله بن بدر في قوله: "ولا تطغوا " قال: لم يرد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إنَّما عنى الذين يجيئون من بعدهم.
وقد حذر الله سبحانه من ذلك فقال:"ولا تركنوا إلى الذين ظلموا " قال ابن عباس: لا تدهنوا، وقال:لا تميلوا. والركون: هو المحبة والميل بالقلب وقال أبو العالية:لا ترضوا بأعمالهم.
وقال صاحب التحرير والتنوير (1/ 2148): فيه الحض على الدوام على التمسك بالإسلام على وجه قويم. وعبر عن ذلك بالاستقامة لإفادة الدوام على العمل بتعاليم الإسلام دواما جماعه الاستقامة عليه والحذر من تغييره.
قلت: وفي معناه التنازل عن بعضه.
فهذه الآية جمعت أصول الصلاح الديني وفروعه. ومثلها قول الله تعالى" ولذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم" الشورى 15
قال ابن جرير يقول تعالى ذكره: فإلى ذلك الدين الذي شرع لكم ووصى به نوحا وأوحاه إليك يا محمد فادع عباد الله واستقم على العمل به ولا تزغ عنه واثبت عليه كما أمرك ربك. بالاستقامة. (11/ 137)
وقال: "ولا تتبع أهواءهم " يقول تعالى ذكره: ولا تتبع يا محمد أهواء الذي شكوا في الحق الذي شرعه الله لكم من الذين أورثوا الكتاب من بعد القرون الماضية قبلهم فتشك فيه كالذي شكوا فيه.
قال القرطبي: أي فتبينت شكهم فادع إلى الله أي إلى ذلك الدين الذي شرعه الله للأنبياء ووصاهم به.
وقال: ولا تنظر إلى خلاف من خالفك. التفسير (16/ 14)
ومثل الآية ما رواه سفيان بن عبد الله قال: قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل لي في الإسلام قولا لا أسأل أحدا غيرك؟ قال:" قل آمنت بالله، ثم استقم" رواه مسلم
أي أن استقامة الإنسان لزومه للمنهج المستقيم، والاستمرار عليه، وأن لا يأخذ جهة اليمين والشمال.
قال ابن تيمية: استقاموا على محبته وعبوديته، فلم يلتفتوا يمنة ولا يسرة. تهذيب المدارج (2/ 529)
وقال ابن القيم: فالاستقامة كلمة جامعة، آخذة بمجامع الدين، وهي القيام بين يدي الله على حقيقة الصدق، والوفاء، والاستقامة تتعلق بالأقوال، والأفعال، والأحوال، والنيات، فالاستقامة فيها وقوعها لله، وبالله، وعلى أمر الله.
قلت: وهذه كلمة نفيسة غالية، فلا تنازل بدعوى التصادم، ولا التقاء بدعوى التلاحم لأنه جمع بين الحق والباطل، والصحيح والمبهرج، وكما قال ربنا سبحانه:"لنا أعمالنا ولكم أعمالكم".
وقال بعض السلف: فإن الشيطان قصده أن يحرف الخلق عن الصراط المستقيم، ولا يبالي إلى أي الشقين صاروا. ولله درك يا شيخ الاسلام إذ قلت مقررا قاعدة نفيسة تكتب بماء الدهب: أعظم الكرامة لزوم الاستقامة.
والحمد لله على نعمة الإسلام والسنة.
ـ[أبو عمر المقدسي]ــــــــ[05 - 12 - 05, 06:45 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[وائل النوري]ــــــــ[06 - 12 - 05, 12:40 م]ـ
وفيك بارك.
أسأل الله لك السداد والتوفيق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/199)
ـ[عبد الله عبد الرحيم]ــــــــ[06 - 12 - 05, 12:54 م]ـ
زادك الله علماً وعملاً لوجهه.
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 02:12 م]ـ
يقول الجوجزاني: كن طالبا للاستقامة لا طالبا للكرامة، فإن نفسك ترغب في الكرامة والله لا يريد منك إلا الاستقامة. اهـ
ـ[وائل النوري]ــــــــ[06 - 12 - 05, 04:41 م]ـ
بارك الله تعالى في الإخوة الأفاضل وحفظهم المولى.
وأسأل الله تعالى أن يكون حسن ظنكم بي حاملا على العمل والتقوى، لا إلى الغرور والتعالم، فإنهما قاصمة الدهر، وداء الغمر، والله تعالى من وراء القصد.
ما نقله الأخ الفاضل "الفاسي" نفيس، فجزاه ربي خير الجزاء.
وأحب من الإخوة المشاركة في موضوع الاستقامة تأصيلا وتفريعا حتى نعي الوسطية التي دعا إليها النبي صلى الله عليه وسلم، فإن أذنتم لي جعلت كلام ابن القيم أصلا نفرع عليه، وإلا فالأمر إليكم.
ذكر عليه رحمة الله كلمة نفيسة عن الاستقامة عند شرحه لكلام الهروي ـ عفا الله عنه بمنه وكرمه ـ وهو: وهي على ثلاث درجات:
الدرجة الأولى:
الاستقامة على الاجتهاد في الاقتصاد، ولا عاديا رسم العلم، ولا متجاوزا حد الإخلاص، ولا مخالفا نهج السنة.
قال: هذه درجة تتضمن ستة أمور:
عملا واجتهادا فيه، وهو بذل المجهود، واقتصادا، وهوالسلوك بين طرفي الإفراط ـ وهوالجور على النفس ـ والتفريط بالإضاعة. ووقوفا مع ما يرسمه العلم، لا وقوفا مع داعي الحال، وإفراد المعبو بالإرادة وهو الإخلاص ووقوع الأعمال على الأمر، وهو متابعة السنة، فبهذه الأمور الستة تتم لأهل هذه الدرجة استقامتهم، وبالخروج عن واحد منها يخرجون عن الاستقامة، إما خروجا كليا، وإما خروجا جزئيا. اهـ
أخوكم وائل.
ـ[وائل النوري]ــــــــ[06 - 12 - 05, 08:06 م]ـ
أعتذر عن خطأ لم أتمكن من تعديله عند الإرسال، وهوظاهر.
قولي"قاصمة الدهر" فليصحح إنما هو "قاصمة الظهر".
والله المستعان.
وهل هناك طريقة لتعديل المقال؟
أخوكم وائل.
ـ[وائل النوري]ــــــــ[09 - 12 - 05, 12:25 م]ـ
بدون تعليق
................ ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر.
ـ[أبو حمزة النوبي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 08:53 م]ـ
ليست الكرامة الكرامة ان يطير الإنسان في الهواء و لا أن يمشي علي الماء أعظم كرامة هي الإستقامة، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا علي دينك(55/200)
زكاة مال الإيجار المنتهي بالتمليك؟
ـ[أبوأسامة عبدالله]ــــــــ[05 - 12 - 05, 02:38 م]ـ
مارأيكم في حكم وكيفية زكاة مال الإيجار المنتهي بالتمليك؟(55/201)
طلاق السكران هل يقع ام لا و لماذا؟
ـ[احمد التويجري]ــــــــ[05 - 12 - 05, 03:25 م]ـ
طلاق السكران هل يقع ام لا و لي ما ذا؟
ارجو منكم جزاكم الله جزيل الخير ان تجيبو لي على السؤال و بي التفصيل
جزاكم الله خير
اخوكم
احمد التويجري
ـ[أبو رشيد]ــــــــ[05 - 12 - 05, 06:47 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=305
ـ[احمد التويجري]ــــــــ[05 - 12 - 05, 10:20 م]ـ
جزاك الله خير اخي الفاضل
ـ[أبو رشيد]ــــــــ[02 - 01 - 06, 07:54 ص]ـ
واياك أخي الكريم
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[02 - 01 - 06, 09:37 ص]ـ
و ماذا عن طلاق الغضبان؟
ـ[زياد عوض]ــــــــ[02 - 01 - 06, 04:31 م]ـ
إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان
http://arabic.islamicweb.com/Books/taimiya.asp?book=91
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[02 - 01 - 06, 05:38 م]ـ
(طلاق السكران هل يقع ام لا و لي ما ذا؟)
الصواب: [طلاق السكران هل يقع أم لا ولماذا؟] ..
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[03 - 01 - 06, 12:36 م]ـ
أخى الفاضل زياد الرابط لا يعمل(55/202)
ما هو ميقات أهل المغرب عبر الطائرة
ـ[عبد القادر المغربي]ــــــــ[05 - 12 - 05, 06:29 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إخواني إحدى النساء تسأل عن ميقات أهل المغرب الذين يتوجهون إلى الديار المقدسة عبر الطائرة.
فقد وقع أن نسي الربان إعلام الحجاج بمرورهم بالميقات مرتين في الخطوط المغربية ... و لجهل الناس بأحكام دينهم فقد عاد حصلت توتر شديد ...
فما هو ميقات أهل المغرب جوا ...
و جزاكم الله خيرا
ـ[أبو رشيد]ــــــــ[05 - 12 - 05, 10:43 م]ـ
في درس الأمس يقول شيخنا أحمد بن محمد الصقعوب: إذا نسي أن يحرم من الطائرة ,أنه يذهب إلى أقرب ميقات له , ويحرم منه , ولادليل في من يذهب إلى نفس ميقاته الذي وقِّت له
ـ[عبد الجبار]ــــــــ[06 - 12 - 05, 12:12 ص]ـ
أخي الفاضل
هذا يعتمد على خط سير الطائرة، وأغلب الظن أن الطائرة القادمة من المغرب إلى جدة ستأتي إليها من اتجاه الشمال الغربي أو الغرب أو اتجاه الجنوب الغربي، وبهذا يكون ميقاتها إذا جاءت من الشمال الغربي أو الغرب "رابغ 186 كيلومتر" وميقاتها إذا جاءت من الجنوب الغربي "يلملم 92 كيلو متر"، وهذه المسافات تقطعها الطائرة تقريبا في خلال 15 دقيقة، فمن كان في الطائرة القادمة من المغرب يجب عليه أن يحرم وينوي ويلبي قبل أن تصل الطائرة إلى جدة بـ 15 إلى 20 دقيقة، لذا عليه أن يسأل عن كم من الوقت حتى تصل الطائرة إلى جدة، وقبل هذا الوقت بـ 20 دقيقة يلبس ملابس الإحرام وينوي ويلبي، والله أعلم.
ـ[ابو مسهر]ــــــــ[06 - 12 - 05, 01:28 م]ـ
لعل هذا يفيدك
ما هو ميقات أهل السودان برا وبحرا وجوا؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=28356)
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[07 - 12 - 05, 11:28 ص]ـ
للشيخ أحمد حماني دراسة طويلة خلاصتها أن ميقاتهم جدة
وهي ضمن الرابط المذكور أعلاه عن ميقات أهل السودان(55/203)
أبحث عن تخريج قصة بلتعة ...
ـ[عبد القادر المغربي]ــــــــ[05 - 12 - 05, 06:36 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أحد الخطباء ذكر القصة التي ضعفها أهل العلم سندا و انكروها متنا. و هي قصة الصحابي الجليل بلتعة بن حاطب.
و عندما أخبره أحد الإخوة بأن القصة لا تصح و هي انتقاص من صحابي جليل ... و عد أن يذكر ضعف القصة في خطبة أخرى و لكن إذا أعطيناه أقوال اهل العلم في ضعف سند القصة ...
و وقفت قبل سنتين أو ثلاث على رسالة نافعة للشيخ سليم الهلالي في الذب عن عرض الصحابي الجليل و بيان بطلان هاته القصة. و لكن لم أقرأ الرسالة و لم اجدها قريبا ...
فارجو ممن عنده تخريج موثق لهاته القصة ان لا يبخل علينا. أو من يعرف أين أجد هاته الرسالة في مدينة الرباط او الدار البيضاء أو على النت ...
جزاكم الله خيرا
ـ[حارث همام]ــــــــ[05 - 12 - 05, 09:17 م]ـ
أخي الكريم لعلك تعني حاطب بن أبي بلتعة، فلا يعرف من اسمه بلتعة بن حاطب فيما أحسب.
ثم أي قصة تعني؟
إذا كنت تقصد قصة مكاتبته رضي الله عنه أهل مكة فهي ثابتة في الصحيحين.
أما إن كنت تقصد غيرها فربما.
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[05 - 12 - 05, 09:31 م]ـ
لعل الأخ يقصد قصة ثعلبة بن حاطب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في امتناعه عن دفع الزكاة
وهي قصة ضعيفة, كما ذكر ذلك الشيخ يوسف العتيق في الجزء الأول من سلسلة قصص لا تثبت
وكتاب الشيخ سليم اسمه كما ذكره الشيخ يوسف: الشهاب الثاقب في الذب عن الصحابي الجليل ثعلبة بن حاطب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -
ـ[عادل المامون]ــــــــ[06 - 12 - 05, 12:45 ص]ـ
اذا كان ثعلبة بن حاطب فهي قصه واهيه ولم تثبت وبحث في هذا الامر كثير من المشايخ والعلماء منها كتاب للشيخ مقبل الوادعي اسمه وما بدلوا تبديلا
اما اذا كانت عن حاطب ابن ابي بلتعة فهي صحيحة
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[06 - 12 - 05, 03:17 ص]ـ
و وقفت قبل سنتين أو ثلاث على رسالة نافعة للشيخ سليم الهلالي في الذب عن عرض الصحابي الجليل و بيان بطلان هاته القصة. و لكن لم أقرأ الرسالة و لم اجدها قريبا ...
الرسالة هي "مأخوذة" من رسالة عداب محمود الحمش التي عنوانها: (ثعلبة بن حاطب الصحابي المفترى عليه)
راجع كتاب الكشف المثالي عن سرقات سليم الهلالي بقلم أحمد الكويتي. وإن شئت نقلت لك الأدلة المبينة لذلك.
ـ[وليد دويدار]ــــــــ[09 - 12 - 05, 01:11 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالٌ وجوابٌ يتعلق بقصة
حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه
الأخ والشيخ علوي السقاف - حفظه الله -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد كثر الكلام والنقاش بين بعض الرواد في أنا المسلم عن قصة حاطب بن أبي بلتعة عندما أرسل برسالة إلى كفار قريش مع المرأة التي حملت الرسالة فلحق بها بعض الصحابة بأمر من الرسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك عن طريق الوحي. وقد اختلف المناقشون في الحكم على حاطب هل يعد فعله الذي قام به من النفاق الأكبر أم من النفاق الأصغر؟
ونرغب منكم حفظكم أن تبينوا لنا بما يفتح الله عليكم في هذه المسألة بياناً شافياً وافياً.
وجزاكم الله خيرا
محبكم في الله: عبد الله زقيل
--------------------------------------------
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اعلم أخي الكريم - وفقني الله وإياك - أنَّ هذه المسألة - أعني هل فعل حاطب رضي الله عنه يُعدُّ كفراً أم لا؟ - من مسائل الاجتهاد التي يسوغ فيها الخلاف، وأصل منشأ الخلاف هو:
هل الموالاة بجميع صورها تُعدُّ كفراً أم أنَّ منها ما هو كفر ومنها ما دون ذلك؟
وهل هناك فرقٌ بين الموالاة والتولي؟
وهل قوله تعالى: " وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ " [المائدة: 51] أي كافر مثلهم، أم هو كقوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ. ومعلوم أن ليس كلُّ تشبه بالكفار يعد كفرا، فإذا علمت ذلك تبين لك خطأ من يجعل هذه المسألة من مسائل العقيدة ويخطِّيء أو يبدع من لم يقل بقوله، فإما جعله مرجئاً أو خارجياً، وهذا مما ابتليت به الأمة في الآونة الأخيرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/204)
أما مسألة الموالاة والمعاداة ومظاهرة الكافرين على المسلمين فهي من مسائل العقيدة بل أصل من أصول التوحيد، وأما تكفير حاطب - رضي الله عنه - فلم يقل به أحدٌ من أهل السنة فهو صحابي بدري قد وجبت له الجنة، وإليك البيان بشيء من الإيجاز والاختصار:
الموالاة: أصلها الحب كما أن المعاداة أصلها البغض، وتكون بالقلب والقول والفعل، ومن الموالاة النصرة والتأييد، فمن جعل الموالاة نوعاً واحداً مرادفاً لمظاهرة الكافرين عدَّ فعل حاطب - رضي الله عنه - كفراً، ومن جعلها صوراً مختلفة وأدخل فيها: مداهنتهم ومداراتهم، واستعمالهم، والبشاشة لهم ومصاحبتهم ومعاشرتهم وغيرها من الصور؛ جعلها نوعين موالاة مطلقة عامة أو كبرى، وموالاة خاصة دون موالاة.
ومن هؤلاء من عدَّ فعل حاطب - رضي الله عنه - من النوع الأول، ومنهم من عَدَّه من النوع الثاني، وأكثر العلماء على أن الموالاة نوعان: مُكفِّرة وغير مُكفِّرة، وسواء قلنا هما نوعان أو نوع واحد فالذي يهمنا هنا هو هل فعل حاطب - رضي الله عنه - من النوع المُكفِّر أم لا؟ - وسيأتي -، كما أنَّ منهم من فرَّق بين الموالاة والتولي وجعل التولي موالاة مطلقة ومنهم عددٌ من علماء الدعوة النجدية، وهناك من لم يفرق بينهما كالشيخ عبدالرحمن السعدي في تفسيره وهذا أقرب والله أعلم، وعلى كلٍ فهذه مصطلحات لا مشاحة فيها، لأن الذين فرَّقوا بينهما يعنون بالتولي الموالاة المطلقة وأنها كفر ولا يقولون بتولي غير مُكفِّر بل يقولون أن هناك موالاة غير مُكفِّرة فآل الأمر إلى وجود موالاة مُكفِّرة يسميها البعض تولي وأخرى غير مُكفِّرة وهذا كله على قول من يقسم الموالاة إلى قسمين.
وعمدة من يقول أن الموالاة نوع واحد وأنها كفر، قوله تعالى: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ " [المائدة: 51]، وقوله تعالى: " وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " [التوبة: 23] قالوا لم ترد الموالاة في القرآن إلا بوصف الكفر، قال ابن جرير: ومن يتولى اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم، يقول: فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متولٍ أحداً إلا هو به وبدينه.
وقال ابن حزم في " المحلى " (11/ 138): وصح أنَّ قول الله تعالى: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ " [المائدة: 51] إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار فقط، وهذا حقٌ لا يختلف فيه اثنان من المسلمين.
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في " مجموع الفتاوى " (1/ 274): وقد أجمع علماء الإسلام على أنَّ من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم. ثم استشهد بالآيتين السابقتين.
هذه مقدمة لابد منها قبل الإجابة على سؤال: هل فعل حاطبٍ - رضي الله عنه - كان كفراً أم لا؟
واعلم أن قصة حاطب - رضي الله عنه - رواها البخاري في الصحيح (3007،4272،4890،6259) ومسلم في الصحيح (4550) وأبو داود في السنن (3279) والترمذي في السنن (3305) وأحمد في المسند (3/ 350) وأبو يعلىفي المسند (4/ 182) وابن حبان في صحيحه (11/ 121) والبزار في مسنده (1/ 308) والحاكم في المستدرك (4/ 87) والضياء في الأحاديث المختارة (1/ 286) وغيرهم، وقد جمعت لك ما صح من رواياتهم في سياق واحد - وأصلها من صحيح البخاري - ليسهل تصور القصة واستنباط الأحكام منها، والذي يهمنا منها ألفاظ حاطب وعمر رضي الله عنهما أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، وَكُلُّنَا فَارِسٌ قَالَ: انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنْ الْمُشْرِكِينَ مَعَهَا كِتَابٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: الْكِتَابُ. فَقَالَتْ: مَا مَعَنَا كِتَابٌ فَأَنَخْنَاهَا فَالْتَمَسْنَا فَلَمْ نَرَ كِتَابًا فَقُلْنَا: مَا كَذَبَ رَسُولُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/205)
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُجَرِّدَنَّكِ فَلَمَّا رَأَتْ الْجِدَّ أَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا وَهِيَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتْهُ فَانْطَلَقْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ عُمَرُ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ " " دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ " " فَإِنَّهُ قَدْ كَفَرَ " فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْت؟. قَالَ حَاطِبٌ: " وَاللَّهِ مَا بِي أَنْ لا أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " " وَلَمْ أَفْعَلْهُ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي وَلا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلام " " وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا " " وَمَا غَيَّرْتُ وَلا بَدَّلْتُ "ِ " مَا كَانَ بِي مِنْ كُفْرٍ وَلا ارْتِدَادٍ " " أَمَا إِنِّي لَمْ أَفْعَلْهُ غِشًّا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا نِفَاقًا قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ مُظْهِرٌ رَسُولَهُ وَمُتِمٌّ لَهُ أَمْرَهُ " " فقلت أكتب كتاباً لا يضر الله ولا رسوله " أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلاَّ لَهُ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِه. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقَ وَلا تَقُولُوا لَهُ إِلاَّ خَيْرًا. فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَدَعْنِي فَلأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ: أَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَال: َ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمْ الْجَنَّةُ، أَوْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
فأنت ترى أنَّ حاطباً - رضي الله عنه - شعر بخطئه في إفشاء سر رسول الله صلى الله عليه وسلم وموالاته لكفار قريش، وظهر له أنَّ هذا كفرٌ وردة لكنه يعلم من نفسه أنه لم يفعله ارتداداً عن دين الله فقال: ولم أفعله إرتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام، وما غيرت ولا بدلت - أي ديني - أما إني لم أفعله غشاً يا رسول الله ولا نفاقاً.
إذن هذا العمل بمجرده يُعَدُّ كفراً وارتداداً وغشاً ونفاقاً، وكأنه - رضي الله عنه - ذُهل عن هذا الأمر أثناء الوقوع في المعصية بعذر قدَّمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قوله: " أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي ".
فإمَّا أن يقال كان جاهلاً وما تبين له هذا إلا بعد أن استجوبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يقال كان - رضي الله عنه - متأولاً وهذا أصوب بدليل أنه قال كما صحت به رواية أحمد وأبو يعلى وابن حبان: " أَمَا إِنِّي لَمْ أَفْعَلْهُ غِشًّا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا نِفَاقًا قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ مُظْهِرٌ رَسُولَهُ وَمُتِمٌّ لَهُ أَمْرَهُ " فهو يعلم أن المولاة كُفر لكنه لا يَعِدُّ ما فعله موالاة - تأولاً - لثقته أن الله ناصرٌ رسوله صلى الله عليه وسلم، وكما صحت به رواية البزار والحاكم والضياء من قوله: " كان أهلي فيهم فخشيت أن يغيروا عليهم فقلت أكتب كتاباً لا يضر الله ولا رسوله " فهو لثقته الكبيرة بربه ونصره لرسوله صلى الله عليه وسلم وأن كتابه سيفرحُ به كفار قريش ويحموا له أهله لكن لن يضر الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، لذلك قال الحافظ في الفتح (8/ 634): " وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ مُنَافِقًا لِكَوْنِهِ أَبْطَنَ خِلاف مَا أَظْهَرَ , وَعُذْر حَاطِب مَا ذَكَرَهُ , فَإِنَّهُ صَنَعَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلاً أَنْ لا ضَرَر فِيهِ "، ويؤكد ذلك لفظ الخطاب - إن صح - فقد قال الحافظ في الفتح (4274): " وَذَكَرَ بَعْض أَهْل الْمَغَازِي وَهُوَ فِي " تَفْسِير يَحْيَى بْن سَلام" أَنَّ لَفْظ الْكِتَاب: " أَمَّا بَعْد يَا مَعْشَر قُرَيْش فَإِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/206)
جَاءَكُمْ بِجَيْشٍ كَاللَّيْلِ , يَسِير كَالسَّيْلِ , فَوَاَللَّهِ لَوْ جَاءَكُمْ وَحْدَهُ لَنَصَرَهُ اللَّه وَأَنْجَزَ لَهُ وَعْده. فَانْظُرُوا لأَنْفُسِكُمْ وَالسَّلام " كَذَا حَكَاهُ السُّهَيْلِيُّ " وفيه كما ترى تخذيل وتخويف لقريش، كلُّ ذلك جعل حاطب -رضي الله عنه - يتأول أن ليس في هذا موالاة لكفار قريش وكيف يواليهم وهوالصحابي البدري؟!
والواقع أن قصة حاطب وقصة قدامة ابن مظعون - رضي الله عنهما- الذي استباح شرب الخمر متأولاً أنه لا جناح على الذين آمنوا أن يطعموها من أفضل ما يمكن أن يستشهد به على أنَّ التأويلَ مانعٌ من موانع التكفير.
أمَّا عمر - رضي الله عنه - فقد كفَّر حاطباً أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل له رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ حاطباً لم يفعل الكفر، بل بيَّن له أنَّ حاطباً كان صادقاً ولم يكفر، ومعلوم لديك أنَّ ثَمَّتَ فرقٌ بين الحكم على الفعل بالكفر وتكفير المعين الذي صدر منه الكفر، وهذا مبسوط في كتب العقائد والتوحيد، وقد وصف عمر حاطباً - رضي الله عنهما - بأوصاف ثلاثة يكفي الواحدُ منها للقول بأنه كفَّره، فوصفه بأنه: منافق، كفر، خان الله ورسوله؛ وعمر - رضي الله عنه - وإن كان قد أخطأ في تكفير حاطب - رضي الله عنه - إلا أنَّ خطأه مغفورٌ له لأنه ناتج عن غيرة لله ورسوله وهذا معروف عن عمر - رضي الله عنه - ولأنه حكم بالظاهر وهذا هو الواجب على المسلم، ولم يكلفنا الله بالبواطن.
قال ابن حزم في " الفصل " (3/ 143): " وقد قال عمر رضي الله عنه - بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم - عن حاطب: دعني أضرب عنق هذا المنافق. فما كان عمر بتكفيره حاطباً كافراً بل كان مخطئاً متأولاً ".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (3/ 282): " إذا كان المسلم متأولاً في القتال أو التكفير لم يكفر بذلك ". ثم استشهد بتكفير عمر لحاطب - رضي الله عنهما -.
أمَّا تصديق النبي صلى الله عليه وسلم لحاطب فليس فيه دلالة على أنَّه لم يفعل الكفر بل فيه أنَّه لم يكفر ولم يرتد لأن عمر - رضي الله عنه - قال عنه أنه كفر ونافق وخان الله ورسوله وحاطب يقول لم أكفر ولم أرتد وما غيرت وما بدلت - أي ديني - فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم في أنه لم يكفر ولم يرتد، أمَّا قتله وعقوبته فقد شفع له فيها شهوده بدراً.
إذا علمت ذلك، فاعلم أنَّ هناك من العلماء من عَدَّ ما بدر من حاطب - رضي الله عنه - من الموالاة الخاصة غير المكفِّرة، ومن هؤلاء: شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في مجموع الفتاوى (7/ 523): " وقد تحصل للرجل موادتهم لرحم أو حاجة فتكون ذنباً ينقص به إيمانه ولا يكون به كافراً، كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وأنزل الله فيه: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ " [الممتحنة:1]
والشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ كما في " عيون الرسائل والأجوبة على المسائل" (1/ 179).
لكن ليُعلم أنَّ هذا النوع من الموالاة شيء ومظاهرة المشركين على الكافرين ونصرتهم وتأيدهم والقتال معهم شيء آخر، فكما سبق في أول الحديث أنَّ هذا كفر وردة والعياذ بالله ويكون بالقول والفعل كما يكون بالاعتقاد.
قال الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب في نواقض الإسلام:
الثامن: " مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: " وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " [المائدة:51]
وقال الشيخ حمد بن عتيق في " الدفاع عن أهل السنة والاتِّباع " (ص32): " وقد تقدم أنَّ مظاهرة المشركين ودلالتهم على عورات المسلمين أو الذب عنهم بلسان ٍ أو رضى بما هم عليه، كل هذه مُكفِّرات ممن صدرت منه من غير الإكراه المذكور فهو مرتد، وإن كان مع ذلك يُبْغض الكفار ويحب المسلمين".
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " (1/ 274): " وقد أجمع علماء الإسلام على أنَّ من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم ".
والخلاصة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/207)
أنْ نقول إنَّ حاطباً - رضي الله عنه - حصل منه نوع موالاةٍ للكفار، فمن قال أنَّ الموالاة كلها كفر قال إنه وقع في الكفر ولم يكفر لأنه كان متأولاً، ومن قال أنَّ هناك موالاة مُكفِّرة وموالاة غير مُكفِّرة عدَّ ما بدر منه - رضي الله عنه - من النوع غير المُكفِّر، وليعلم أنه لم يقل أحدٌ من أهل السنة أنَّ حاطباً - رضي الله عنه - كَفَر، أو أنَّ ما صدر منه ليس موالاةً أو ذنباً، أو أنَّ مظاهرة الكافرين على المسلمين ليست كفراً، فكلُّ ذلك متفقون عليه فلا ينبغي أنَّ يحدث نوع خلافٍ وشرٍ فيما كان من مسائل الاجتهاد طالما أنَّ الجميع متفقون على مسائل الاعتقاد.
ولذلك لَمَّا سئل الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ عن مسألة سبَبت خلافاً بين أهل السنة في زمانه عن الموالاة والمعاداة هل هي من معنى لا إله إلا الله، أو من لوازمها؟
أجاب: " الجواب أنَّ يقال: الله أعلم، لكن بحسب المسلم أنَّ يعلم أنَّ الله افترض عليه عداوة المشركين، وعدم موالاتهم، وأوجب عليه محبة المؤمنين وموالاتهم، 000 وأمَّا كون ذلك من معنى لا إله إلا الله أو لوازمها، فلم يكلفنا الله بالبحث عن ذلك، وإنما كلفنا بمعرفة أنَّ الله فرض ذلك وأوجبه، وأوجب العمل به، فهذا هو الفرض والحتم الذي لا شك فيه، فمن عرف أنَّ ذلك من معناها، أو من لازمها، فهو خير، ومن لم يعرفه، فلم يُكلف بمعرفته، لاسيما إذا كان الجدل والمنازعة فيه مما يفضي إلى شرٍ واختلافٍ، ووقوع فرقة بين المؤمنين الذين قاموا بواجبات الإيمان، وجاهدوا في الله وعادوا المشركين ووالوا المسلمين، فالسكوت عن ذلك متعين " انتهى كلامه. انظر: " مجموعة التوحيد " (ص69)
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
____________________________________
جزى الله الشيخ علوي السقاف على هذا البيان لهذه المسألة.
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(55/208)
ما حكم استعمال (العدسات الملوّنة) و (الرموش الصناعية)؟ [للنقاش والمذاكرة]
ـ[أحمد العنزي]ــــــــ[05 - 12 - 05, 06:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرّموش الصناعية
فالحكمُ فيها يختلف بحسب من تحّدث فيها، فمنهم من يقيسُها على وصل الشعرِ فيحّرمها،
ومنهم من يقيسها على أنواع الزينة العامّة، فيجيزها،
وأحبُّ أن نتذاكر هذه المسألة في ما بيننا.
فأقول:
الرموش الصناعية: مثل رموش العين توضع على جفن العين مع مادة تثبت هذه الرموش ليبدو رمش المرأة في عينها طويلاً أو ثخيناً.
وهذه مسألةٌ معاصرة، لم يتطرق لها - فيما وقفتُ عليه - المتقدّمون.
القول الأوّل: التحريم
وعليه فتوى اللجنة الدائمة 17/ 133 –134 وعللت المنع: لما فيها من الضرر والغش والخداع وتغيير خلق الله. ا هـ.
وأفتى الشيخ محمد بن عثيمين بحرمتها كما في فتاوى نور على الدرب (موقع الشيخ ابن عثيمين على الانترنت).
واختاره الشيخ خالد المشيقح (مذكرة فقه النوازل في العبادات ص17)
واستدلوا:
1 - عن جابر قال: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة بشعرها شيئاً) رواه مسلم (14/ 334 نووي).
2 - قياساً على وصلِ الشعر.
3 - أنَّ التدليس والغرر حاصلٌ حينئذٍ
القول الثاني: الجواز إن لبسته لزوجها
وعليه فتوى للشيخ سامي الماجد عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود، على موقع الإسلام اليوم (هنا ( http://204.187.100.80/questions/show_question_*******.cfm?id=29794) )
وهذه الفتوى شبيةٌ بتخريجات السادة الشافعية في مسائل الزينة
واستدلّوا:
1 - أن التدليس منتفٍ في حقّ الزوج، بخلاف غيره
2 - أن الوصل المنهيَّ عنه هو وصلُ شعر الرأس، فهو مقصورٌ عليه.
3 - ليس في لبسها تغييرُ دائم لخلقِ الله.لأن تغيير خلق الله المنهي عنه هو أن يعمل في الجسد عملاً يُغير من خلقته تغييراً باقياً، كالوشم وتفليج الأسنان ووشرها، حكى هذا الضابط القرطبي في تفسيره (5/ 393) عند تفسير آية النساء (119).
وأما التغيير الذي لا يكون باقياً، كالكحل والخضاب وصبغ الشعر، فلا يدخل في النهي. ولكن قد يُنهى عنه لمعنى آخر غير (تغيير خلق الله) كالتدليس مثلاً، وهو ظاهرٌ في مسألة وصل الشعر.
القول الثالث: الجواز
اختاره الشيخ صالح الأسمري،انظر: مذكرة المرأة والتجميل والطب (أحكام أدوات التجميل ص10).
والشيخ طه جابر العلوني رئيس جامعة العلوم الإسلامية في فيرجينيا - أمريكا (عبر حوارٍ معه في موقع: الإسلام أون لاين هنا ( http://www.islamonline.net/LiveFatwa/Arabic/Browse.asp?hGuestID=L6X6Ml) ) .
وأ. د. أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر (فتوى له في موقع الإسلام أون لاين هنا ( http://www.islamonline.net/livefatwa/arabic/Browse.asp?hGuestID=Ip2x57) )
واستدلوا:
بنفس أدلة القول الثاني، ولكن أجازوها مطلقاً لعدم وجود مخصّص يخص الزوج بالجواز دون غيره
فهي مخرّجة على بقية أنواعِ الزينة، إذ الأصل في الزينة الإباحة، والوصلُ المنهيُّ عنه هو شعر الرأسِ.
فما ترجيح مشايخنا الكرام؟
---------------------------------------------------------------
العدسات الملوّنة اللاصقة:
تعريفها: قطعة بلاستيكية توضع مباشرة على سطح العين لهدفين:
1 - هدف التطبب بديلاً للنظارات.
2 - هدف الزينة والتجمل، كونها تصدر بألوان مختلفة. [انظر تعريفاً موسعاً لها في أحكام تجميل النساء لازدهار المدني 187 – 189.]
تحرير محل النزاع: إن كان لحاجة وغير ملوّنة فلا بأس بها [المرجع السابق ص 187 - 189]
والنزاع فيما إذا كان لمجرد الزينة،وكانت ملوّنة
القول الأول: التحريم.
وعليه فتوى اللجنة الدائمة [فتاوى اللجنة الدائمة 17/ 133 - 134]
واستدلوا:
1 - الضرر، إذ إنَّ استخدامها يضرّ بالعين، وما فيه ضرر فإنّه يمنع ويحرّم.
2 - ما فيها من الغش والخداع وتغيير خلق الله.
القول الثاني: الإباحة.
واستدلوا:
أن الأصل في الأشياء الإباحة، ولم يقم دليلٌ يقيني في ضررِ هذه العدسات إذا استخدمت بشكلٍ صحيح (أحكام تجميل النساء ص190)
الترجيح:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/209)
يترجح لدي القول الثاني القائل بالإباحة لقوة ما استصحب، أما القول الأول فنحن نتفق معه أن الضرر المتحقق المعتبر يُحرِّمها، والتدليس يُحرِّمها.
أما قولهم أنها تغيير لخلق الله، فنقول:
تغيير خلق الله المنهي عنه هو أن يعمل في الجسد عملاً يُغير من خلقته تغييراً باقياً دائماً، بخلاف ما مؤقتاً أو كان طمساً أو زيادة (كمساحيق التجميل)
فما ترجيح مشايخنا الكرام؟
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 11:32 ص]ـ
العدسات الملونة والرموش الصناعية إنما تفعلها النساء من أجل الزينة من غير حاجة طبية إلى ذلك وهذا كله داخل في تغيير خلق الله تعالى وهو أمر منهي عنه ومتوعد عليه باللعن فهو بذلك كبيرة من الكبائر، أما القول أن التغيير لا يمنع إلا إذا كان تغييرا دائما فليس على ذلك دليل، وكذلك القول أن التغيير لا يمنع في حق الزوج فذلك أيضا لا دليل عليه بل هو مخالف للدليل، ولدي بحث طويل في شرح هذه المسألة ذكرت فيما ذكرت فيه ضوابط التغيير الممنوع أعرضه عليكم وجزى الله خيرا من دلني على خطأ أو قصور فيه فإلى البحث:
باب تحريم تغيير خلق الله للحسن والزينة
قال عبد الله بن مسعود: "لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى مَالِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ النَّبِيُّ ? وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) "
اللغة:
لعن:لعن يلعن لعنا:طرد وأبعد، واللعن:الطرد والإبعاد.
الواشمات: جمع مفرده واشمة، والواشمة هي الفاعلة للوشم، والوَشْم:أن يغرز في العضو المراد وشمه إبرة أو نحوها حتى يسيل الدم، ثم يُحشى ذلك الموضع بنورة أو نحوها فيخضر، وقد يفعل ذلك بدوائر أو نقوش ورسوم، وقد يكثر وقد يقل، والفاعلة هي الواشمة، والمفعول بها ذلك هي موشومة، وقد يكون ذلك أيضا بالخِيلان التي تجعل في الوجه بكحل أو مداد.
المستوشمات:جمع مفرده مستوشمة وهي التي تطلب فعل الوشم
النامصات والمتنمصات: النامصات جمع نامصة والنَّمْص رقة الشعر ودقته، والنمص أيضا نتف الشعر، وتنمصت المرأة:أخذت شعر جبينها بخيط لتنتفه، والنامصة:المرأة التي تزين النساء بالنمص أي تزيل الشعر من الوجه، ويقال:إن النمص مختص بإزالة شعر الحاجبين لترفيعهما أو تسويتهما.
المتنمصات:جمع مفردة متنمصة وهي التي تطلب فعل ذلك بها.
المتفلجا ت:جمع مفرده متفلجة، والفَلَج في الأسنان:تباعد ما بين الثنايا والرباعيات خِلْقة، فإن تُكِلِّف فهو التفلج، والمتفلجة التي تطلب الفلج أو تصنعه، بأن تبرد ما بين أسنانها الثنايا والرباعيات، والفلج بمعنى الوشر، والوشر أن تحدد المرأة أسنانها وترققها، والواشرة التي تفعل ذلك، والموتشرة التي تأمر من يفعل بها ذلك.
للحسن:طلبا للحسن ورغبة فيه
شرح الحديث:
خلق الله تعالى الخليقة على النحو الذي أراده، فجعل للإنسان خلقته، وجعل للحيوان خلقته، ثم نوع ذلك أنواعا، والله تعالى أحسن كل شيء خلقه، وهو يريد لهذه الخلقة أن تبقى على النحو الذي خلقها عليه، فإن الخلق من عمل الخلاق، والله تعالى هو الخلاق العليم، فكان تغيير شيء من هذه الخلقة فيه تشبه بعمل الخلاق العليم، كما كانت التصاوير فيها مضاهاة لخلق الله تعالى، لذلك كان تغيير خلق الله من كبائر الذنوب التي لعن الله تعالى من فعلها أو طلب فعلها، وتغيير خلق الله هو مما يأمر به الشيطان ويحض عليه، كما قال الله تعالى عما توعد به الشيطان بني آدم:"ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"
حكم تغيير خلق الله:
تغيير خلق الله تعالى من كبائر الذنوب، وقد دل على عدها كبيرة لفظ "لعن" إذ قد ذكر العلماء أن من علامات الكبيرة لعن فاعلها، ويستوي في الحكم بذلك، الطرق كلها التي يتم بها التغيير، سواء أكان ذلك عن طريق النمص، أو الوشم، أو التفلج، كما دل عليه حديث الباب، أو كان التغيير بوصل الشعر بشعر آخر كما دل على ذلك قوله ?:"لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة " والواصلة:هي التي تصل شعر المرأة بشعر آخر، والمستوصلة:هي التي تطلب فعل ذلك بها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/210)
وتحريم تغيير خلق الله تعالى محرم على الرجال والنساء على السواء، وكأن ورود الحديث على النساء لأن تغيير الخلقة بالطريقة التي جاءت في الأحاديث قل أن يلجأ إليها الرجال، بل يندر، وإنما هي من أخلاق النساء لذا جاء الحديث عنهن والله تعالى أعلم.
قال النووي رحمه الله تعالى في حديثه عن الوشم:"وهو حرام على الفاعلة، والمفعول بها باختيارها، والطالبة له، وقد يفعل بالبنت وهى طفلة فتأثم الفاعلة ولا تأثم البنت لعدم تكليفها حينئذ، قال أصحابنا:هذا الموضع الذي وشم يصير نجسا، فان أمكن إزالته بالعلاج وجبت إزالته، وإن لم يمكن إلا بالجرح: فان خاف منه التلف، أو فوات عضو، أو منفعة عضو، أو شيئا فاحشا فى عضو ظاهر، لم تجب إزالته، فإذا بان لم يبق عليه إثم، وإن لم يخف شيئا من ذلك ونحوه لزمه إزالته، ويعصى بتأخيره"، ثم عقب على ذلك كله بقوله:"وسواء في هذا كله الرجل والمرأة والله أعلم".
وبنحو ما تقدم قال ابن حجر رحمه الله تعالى في حديثه عن الوشم:"وقد يكون في اليد وغيرها من الجسد، وقد يفعل ذلك نقشا وقد يجعل دوائر، وقد يكتب اسم المحبوب، وتعاطيه حرام بدلالة اللعن كما في حديث الباب، ويصير الموضع الموشوم نجسا لأن الدم انحبس فيه، فتجب إزالته إن أمكن ولو بالجرح، إلا إن خاف تلفا أو شيئا، أو فوات منفعة عضو فيجوز إبقاؤه، وتكفي التوبة في سقوط الإثم"، ثم عقب على ذلك بقوله:"ويستوي في ذلك الرجل والمرأة ".
والتغيير في واقع الأمر يتم بأحد طريقين:إما بإضافة شيء إلى الخلقة، وإما بحذف شيء منها.
النمص:هو إزالة الشعر من الوجه، وهو من جملة تغيير خلق الله، ويشمله اللعن الوارد في الحديث، قال النووي رحمه الله تعالى:"وهذا الفعل حرام، إلا إذا نبتت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالتها، بل يستحب عندنا، وقال ابن جرير:لا يجوز حلق لحيتها، ولا عنفقتها، ولا شاربها، ولا تغيير شيء من خلقتها بزيادة ولا نقص، ومذهبنا ما قدمناه من استحباب إزالة اللحية والشارب والعنفقة، وأن النهى إنما هو في الحواجب وما في أطراف الوجه".
وقال ابن حجر:"قال الطبري:لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها، بزيادة أو نقص التماس الحسن، لا للزوج ولا لغيره، كمن تكون مقرونة الحاجبين فتزيل ما بينهما، توهم البلج أو عكسه، ومن تكون لها سن زائدة فتقلعها، أو طويلة فتقطع منها، أو لحية أو شارب أو عنفقة فتزيلها بالنتف، ومن يكون شعرها قصيرا أو حقيرا فتطوله أو تغزره بشعر غيرها، فكل ذلك داخل في النهي، وهو من تغيير خلق الله تعالى، قال:ويستثنى من ذلك ما يحصل به الضرر والأذية، كمن يكون لها سن زائدة أو طويلة تعيقها في الأكل، أو إصبع زائدة تؤذيها أو تؤلمها، فيجوز ذلك، والرجل في هذا الأخير كالمرأة"، قلت:أما ظهور لحية أو شارب للمرأة فلست أرى حرجا في إزالة ذلك، لأن اللحية والشارب ليس من خلقة النساء في العادة التي أجراها الله، فلا تكون إزالتها ممنوعة كما بين ذلك النووي والله تعالى أعلم.
وإذا كان بعض العلماء قد منعوا حلق اللحية التي تنبيت في وجه المرأة على أساس أن هذا تغيير لخلق الله، مع علمهم بأن خروج لحية للمرأة يعد من الأمور الشاذة، فماذا يكون قولهم في الرجل الذي يحلق لحيته؟ وإذا كان العلماء قد عدوا إزالة بعض الشعيرات من الحاجب، أو من الوجه، هو من تغيير خلق الله تعالى، فإن إزالة اللحية من وجه الرجل هي بلا شك من تغيير خلق الله تعالى وهو أمر متوعد عليه باللعن، وعلى ذلك فحلق الرجل لحيته حرام من هذا الوجه أيضا.
المتفلجات للحسن:قال النووي رحمه الله تعالى:"وهى فرجة بين الثنايا والرباعيات، وتفعل ذلك العجوز ومن قاربتها في السن؛ إظهارا للصغر وحسن الأسنان؛ لأن هذه الفرجة اللطيفة بين الأسنان تكون للبنات الصغار، فإذا عَجَزَتْ المرأة كَبُرَت سنها وتوحشت، فتبردها بالمبرد لتصير لطيفة حسنة المنظر، وتوهم كونها صغيرة، ويقال له أيضا: الوشر، ومنه: لعن الواشرة والمستوشرة، وهذا الفعل حرام على الفاعلة والمفعول بها لهذه الأحاديث، ولأنه تغيير لخلق الله تعالى، ولأنه تزوير، ولأنه تدليس، وأما قوله: المتفلجات للحسن، فمعناه: يفعلن ذلك طلبا للحسن، وفيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن، أما لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب في السن ونحوه فلا بأس
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/211)
والله أعلم" وبنحو ذلك قال ابن حجر وما بحثه النووي وابن حجر من جواز فعل بعض هذه الأشياء للعلاج قد دل عليه ما أخرجه أحمد من طريق الحسن العرني عن يحيى بن الجزار عن مسروق أن امرأة جاءت إلى بن مسعود فقالت أنبئت انك تنهى عن الواصلة قال: نعم فذكر القصة، وفي آخره قال: فإني سمعت رسول الله ? نهى عن النامصة والواشرة والواصلة والواشمة إلا من داء" وما رواه ابن عباس قال: لعنت الواصلة والمستوصلة والنامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة من غير داء"
ضابط التغيير الممنوع:
وردت تلك النصوص في المنع من تغيير خلق الله كما وردت نصوص فيها مشروعية فعل أمور يبدوفيها أنها من تغيير خلق الله مثل الختان وقص الشارب وحلق الشعر وقص الأظافر وحلق العانة ونتف الإبط وتغيير الشيب وغير ذلك ولا أشكال في هذه الأمور فما جاء النص بالمنع منه يمنع وما جاء النص بالأمر به أو بإقرار فعله يؤخذ على ما جاءت به النصوص لكن تبقى هنا بعض الصور المستحدثة التي لم تكن موجودة من قبل فعلى أي الأمرين تحمل؟ من هنا ظهر الاحتياج إلى وجود ضابط يعلم به التغيير الممنوع من التغيير غير الممنوع، فهل يصلح الدوام ضابطا للفرق بين التغيير المممنوع وغير الممنوع بحيث يقال: إن كان التغيير دائما منع وإن كان مؤقتا بحيث يزول التغيير بعد فترة ويرجع إلى حالته الأولى لم يمنع ومن الواضح أن هذا الضابط لا يصلح فإن النمص تغيير مؤقت وهو مع ذلك ممنوع غير جائز، هل يصلح أن يكون الضابط هو التغيير الحقيقي بحيث إن كان التغيير ظاهريا لم يمنع لكن هذا الضابط لا يصلح أيضا لأنه منقوض بوصل الشعر فهو تغيير ظاهري وليس حقيقيا ومع ذلك فهو ممنوع
هل يصلح أن يكون الضابط هو ما يعود من ضرر جراء التغيير بحيث يقال إذا كان التغيير غير ضار فلا يمنع وهذا أيضا لا يصلح لأن الضرر لا يتحقق في كثير من الصور المنهي عنها.
ومن خلال الصور التي جاء النهي عنها في النصوص الشرعية يمكننا أن نقول إن ضابط التغيير الممنوع يتمثل في الآتي:
1 - كل ما جاء في النصوص الشرعية منعه فهو ممنوع ولا يبحث له عن علة أو سبب زيادة على النص الوارد كالنمص والوشم ونحوه، وكل ما جاء في النص الشرعي جوازه أو مشروعيته حتى لو كان تغييرا فهو جائز أو مشروع على حسب ما جاء في النص كالختان وقص الأظافر وحلق العانة ونحوه
2 - التغيير الذي لم يرد الحديث عنه بخصوصه في النصوص الشرعية فهو بين أحد أمرين: إما أن يكون تغييرا حقيقيا أو تغييرا ظاهريا، فإن كان التغيير حقيقيا فهو أيضا ممنوع لعموم الأدلة القاضية بمنع تغيير خلق الله كحلق اللحية.
ب_وإن كان التغيير ظاهريا فإن كان بحيث يلتبس أمره على الناظر إليه ويظنه حقيقيا فهو لاحق بالتغيير الحقيقي كمن يصبغ شعره بالسواد وذلك أن الأصل في لون الشعر هو السواد، وإن كان لا يلتبس أمره على الناظر إليه ويدركه على وجهه كمن يصبغ شعره بالحناء والكتم فهذا لا شيء فيه، ويدل لذلك مسلك رسول الله ? مع والد أبي بكر رضي الله تعالى عنهما فيما حكاه جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنها قال:" أُتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا، فقال رسول الله ?: غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد" وعلى ذلك فصبغ الشعر بما يلتبس أمره على الناظر إليه بحيث يظن أنه لون حقيقي للشعر فلا يجوز، بخلاف ما تظهر حقيقته ويعلم أنه صبغ، وإن كان التغيير ظاهريا ولا يلتبس أمره على الناظر إليه فيظنه حقيقيا فهذا لا شيء فيه والله تعالى أعلم، ومن خلال هذا النقطة يمكننا معرفة حكم وصل الشعر بخيوط من صوف أو حرير أو غيره، دون وصله بالشعر الحقيقي وهو الذي يسمى عند العلماء بـ"القرامل" فهذا لا يلتبس أمره على الناظر إليه بحيث يظنه من شعر المرأة، فلذلك هو مباح عند جمهور أهل العلم،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/212)
3 - أن يكون التغيير ناتجا عن التدخل الخارجي عن جسم الإنسان، فإذا كان التغيير ناتجا عن أجهزة الجسم عن طريق تنشيط بعض الغدد أو تحفيزها، باستخدام بعض الأدوية التي تساعد بعض أجهزة الجسم أو خلاياه على القيام بوظائفها المعتادة على النحو المعروف، فإن التغيير الناتج عن عمل هذه الأجهزة أو الخلايا أو الغدد بعد تنشيطها لتؤدي وظائفها المعهودة فإن هذا لا يعد داخلا في التغيير المنهي عنه، كمن ولد أصلع مثلا وبعد الفحص تبين أن الغدد المسئولة عن تكوين الشعر لا تعمل، وأنها مصابة أو أنها في حالة كسل، ثم تناول الإنسان أدوية تجعلها تنشط وتقوم بعملها المعتاد ثم تكون الشعر بناء على ذلك، فالذي يظهر أن هذا ليس من التغيير المنهي عنه والله تعالى أعلم، وأما القيام بعملية زرع الشعر مثلا كأن يؤتى بشعر خارجي من إنسان آخر ثم يزرع في هذا الإنسان فالذي يظهر أنه من الوصل الممنوع بل هو أشد منه، ومن خلال هذه الضوابط المذكورة نستطيع أن نتعرف على حكم أنواع التغييرات المختلفة فمثلا حلق العانة تغيير حقيقي لكن جاءت النصوص بمشروعيته فلا يدخل في التغيير المنهي عنه، والعدسات اللاصقة بغرض الحسن والجمال تغيير ظاهري لكنه كالحقيقي من حيث التباس أمره على الناظر إليه فهو ممنوع مثل الوصل، والعمليات الجراحية التي يتم عن طريقها تحويل جنس الإنسان من ذكر إلى أنثى أو العكس فإنه تغيير حقيقي ولم يأت نص بمشروعيته فهو داخل في التغيير الممنوع، ومن ذلك الممنوع أيضا قشر الوجه وهو معالجته بالغمرة حتى ينسحق أعلى الجلد ويبدو ما تحته من البَشْرَة طلبا للنضارة وجمال المنظر، لأنه من تغيير خلق الله المنهي عنه، وقد جاءت أحاديث فيها لعن القاشرة وهي وإن كانت كما قال أهل الحديث لا تخلو أسانيدها من مقال لكنها يبقى فيها مع ذلك تغيير خلق الله وهو محرم لا يجوز، والقشر من جملة النمص لأنه إزالة الشعر من الوجه، ومن القشر الحف، قال ابن منظور: "والمرأة تحف وجهها حَفا وحِفَافا: تزيل عنه الشعر بالمُوسَى وتقشُِره مشتق من ذلك، واحتَفَّت المرأة وأحفت وهي تحتف: تأمر من يحف شعر وجهها نتفا بخيطين وهو من القشر" ومن هنا يتبين أن الحف كما يكون بالموسى فإنه يكون بنتف الشعر باستخدام خيطين على ما هو معروف عند من يقوم بذلك، ومن هنا يتبين أيضا أن الحف والقشر من النمص، وأن المراد بالنمص هو إزالة شعر الوجه سواء كان بنتف الشعر أو حلقه، وليس المراد بالنمص ما كان نتفا فقط (أي إزالة الشعر بالمنقاش أو الخيط)، وممن رأى الحلق من النمص وأن النمص لا يختص بالنتف عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه راوي الحديث فقد أخرج الهيثم بن كليب في مسنده-كما ذكر الشيخ الألباني-في رواية له عن قبيصة بن جابر قال:" كنا نشارك المرأة في السورة من القرآن نتعلمها فانطلقت مع عجوز من بني أسد إلى ابن مسعود (في بيته) في ثلاثة نفر، فرأى جبينها يبرق فقال: أتحلقينه؟ فغضبت، وقالت: التي تحلق جبينها امرأتك، قال: فادخلي عليها فإن كانت تفعله فهي مني بريئة، فانطلقت، ثم جاءت فقالت: لا والله ما رايتها تفعله ... "الحديث قال الألباني: "أنكر ابن مسعود حلق الجبين واحتج بالحديث كما تقدم فدل على أنه لا فرق بين الحلق والنتف من حيث أن كلا منهما تغيير لخلق الله، وفيه دليل أيضا على أن النتف ليس خاصا بالحاجب كما زعم بعضهم فتأمل" وقد رأى بعض أهل العلم جواز النمص للمرأة المزوجة إذا كان ذلك بطلب الزوج أو بإذنه وعللوا ذلك بخلوه من التدليس وهذا القول ليس بصحيح بل هو مصادم للنصوص الصريحة القاضية بلعن النامصة والمتنمصة وطلب الزوج من زوجته فعل الحرام لا يقلب الحرام حلالا، ولا تجب طاعته في ذلك إن هو أمرها به بل يجب عليها معصيته في ذلك وطاعة الله ورسوله، إذ لا طاعة لأحد في معصية الله تعالى أو رسوله ?، وأما إذن الزوج في ذلك فإن الزوج لا يملك الإذن لأن التحريم لم يكن من عنده حتى يكون منه الإذن، وإنما الأمر في ذلك للشرع، وأما تعليل القائلين بالجواز بأن ليس في ذلك تدليس فهو تعليل غير مقبول لأن هذه العلة لم يدل عليها الحديث ولم يجعلها العلة المانعة من التغيير حتى يقال إذا انتفت العلة انتفى الحكم المعلق بها، وإنما العلة في المنع والتحريم هي ما جاءت في الحديث نصا "المغيرات خلق الله" فعلة المنع والتحريم تغيير خلق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/213)
الله، وهذه العلة باقية مع طلب الزوج أو إذنه، وعلى ذلك فإن حكم التحريم يبقى أيضا مع طلب الزوج أو إذنه، بل ينبغي لمن كانت تحته امرأة تفعل شيئا من هذه المنكرات أن يعظها وينهاها عن ذلك فإن أصرت عاقبها عقابا يليق بذلك حتى ترجع، فإن أصرت وأبت فينبغي له أن يطلقها ولا يمسكها مع ارتكابها لتلك المنكرات وإصرارها عليها، فإن هذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد ثبت هذا من فقه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ففي رواية مسلم لحديث الباب "لعن الله الواشمات والمستوشمات ... "قال: فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب، وكانت تقرأ القرآن، فأتته فقالت: ما حديث بلغني عنك، أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله، فقال عبد الله: ومالي لا ألعن من لعن رسول الله ?؟ وهو في كتاب الله، فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته، فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، قال الله عز وجل {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} (الحشر:7). فقالت المرأة: فإني أرى شيئا من هذا على امرأتك الآن، قال: اذهبي فانظري قال: فدخلت على امرأة عبد الله فلم تر شيئا، فجاءت إليه فقالت: ما رأيت شيئا، فقال: أما لو كان ذلك لم نجامعها قال النووي رحمه الله:"قوله: لو كان ذلك لم نجامعها، قال جماهير العلماء معناه: لم نصاحبها ولم نجتمع نحن وهي بل كنا نطلقها ونفارقها، قال القاضي: ويحتمل أن معناه: لم أطأها، وهذا ضعيف، والصحيح ما سبق، فيحتج به في أن من عنده امرأة مرتكبة معصية كالوصل أو ترك الصلاة أو غيرهما ينبغي له أن يطلقها والله أعلم" فعلى النساء أن تتقي الله تبارك وتعالى وتحذر عقابه ونعمته ولا تعرض نفسها لسخطه وعذابه من أجل زينة تفعلها، فإنها إن كانت تفعل تلك الزينة لزوجها لتزيد من محبته لها فإن الله لقادر قادر على أن يعاملها بنقيض قصدها فيصرف عنها زوجها فلا يرغب فيها بل يزهد فيها، وأما إن كانت تصنع ذلك التجمل لغير زوجها فهذا أشد في القبح.
عمليات التجميل:
الجمال مطلب مشروع للرجال والنساء على السواء وليس في ذلك ما يعاب أو يذم عليه الإنسان، وقد قال رسول الله ?: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر فقال رجل متسائلا: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة؟، فقال الرسول ?: إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس" وإذا كان الجمال والحرص عليه مقصد مشروع طلبه، فما حكم العمليات التي تجري للتجميل أو لتجميل عضو من الأعضاء؟
والجواب: أن هذا العضو الذي يراد تجميله: إما يكون خلق على تلك الحالة التي يراد تغييرها، وإما أن يكون الشيء المراد تغييره طارئاً عليه بعد إن لم يكن.
ففي الحالة الأولى:إن كان العضو بهذا الشكل قائما بالمهمة التي أنيطت به على الوجه المعتاد ,كان تجميله للحسن, ودخل تحت حكم منع تغيير الله طلبا ًللحسن.
وإن كان العضو غير قائم بمهمته على الوجه المعتاد وأن الذي أعاقه عن ذلك هو ذلك الشكل الذي هو به ,وكانت العملية تعيده إلى حالته المعتادة أو قريباً منها, كان هذا من قبيل التغيير لداء وهو جائز على ما تقدم تقريره، وإن حدث من ضمنه تجميل ظاهري إذ ليس هو المقصود بالعملية وإنما المقصود قيام العضو بوظيفته المعتادة فإن حدث تجميل من وراء ذلك فهو بالتبع وليس بالقصد.
وأما الحالة الثانية:فإن حدث للعضو حادث ككسر أو حرق أو ما شابه ذلك فأجريت له العملية لمحاولة إزالة ما طرأ على العضو بفعل المخلوق لم يكن ذلك تغييرا لخلق الله منهيا عنه والله أعلم.
فوائد وأحكام دلَّ عليها الحديث:
وقد دل الحديث على كثير من الفوائد والأحكام فمن ذلك:
1. تحريم فعل ما ذكر في الحديث من الوشم والنمص وغيره.
2. لعن من يفعل تلك المعاصي.
3. تحريم تغيير خلق الله.
4. تحريم الإعانة أو المساعدة على المعصية وأن المساعد في المعصية يشارك فاعلها في الإثم والعقاب.
5. لا يجوز للمسلم فعل المحرمات سواء فعلها بنفسه أو بغيره.
6. جواز لعن المسلم غير المعين إذا أتى ما يستوجب ذلك.
7. جواز نسبة ما يدل عليه الاستنباط إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله ? كما جاز نسبة لعن الواشمة إلى كتاب الله تعالى لعموم قوله تعالى:"وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" مع ثبوت اللعن من قوله ? فقط، كذلك يجوز أن يقول القائل: لعن الله من غير منار الأرض هو في كتاب الله، استنادا إلى قوله ?: "لعن الله من غير منار الأرض"،وهكذا
8. لا حرج على المسلم ولا لوم في لَعْنه من لَعَنَه رسول الله ?.
9. فضل عبد الله بن مسعود ? والتزامه بالشرع واحتجاجه على كلامه بالكتاب والسنة.
10. كسب النامصة والواشمة وصانعة الفلج ومن ذكرن في هذا الحديث حرام، فإن عملا كانت لعنتهن بسببه لا يحل التكسب منه
ـ[أحمد العنزي]ــــــــ[20 - 12 - 05, 01:10 م]ـ
للرفع .. رغبةً في الاستفادة منكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/214)
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[20 - 12 - 05, 03:17 م]ـ
468 _ ما حكم لبس العدساتِ الملوَّنةِ بحجةِ الزِّينةِ واتِّباعِ الموضةِ، علماً بأنَّ قيمتها لا تقلُّ عن 700 ريالٍ؟
* لبسُ العدساتِ من أجلِ الحاجةِ لا بأسَ بهِ، أمَّا إذا كانت من غير حاجةٍ؛ فإنَّ تركه أحسن، خصوصًا إذا كان غالي الثمن، فإنَّه يعد من الإسرافِ المحرَّم، علاوة على ما فيه من التدليسِ والغِشِّ؛ لأنَّه يُظهرُ العينَ بغيرِ مظهرها الحقيقي من غيرِ حاجةٍ. اهـ
المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان (3/ 317)
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[20 - 12 - 05, 09:48 م]ـ
جزاكم الله خيرا وللشيخ صالح فتوى موقعة برئاسة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ بتحريمها بإطلاق وليست بالتفصيل الذي ذكره حفظه الله
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[20 - 12 - 05, 09:58 م]ـ
وجزاك أخي عبدالله المحمَّد
هذه الفتاوى موقع عليها من الشيخ بتاريخ 12/ 3/1414هـ في أول المجلد الثالث الذي أذن فيه الشيخ لعادل الفريدان بأن يطبع فتاويه، والطبعة التي عندي هي الثالثة عام 1419 هـ
فلعل الشيخ نسخها بفتوى متأخرة عن هذا التَّاريخ
وقد نقلتها إثراء وتلبية لطلب الأخ أحمد العنزي وفقنا الله جميعا لما يحب ويرضى
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[20 - 12 - 05, 10:04 م]ـ
جزاكم الله خيرا ومن باب الفائدة أيضا فاختيار الشيخ رحمه الله في ذلك هو كاختيار الشيخ صالح الفوزان بالتفصيل الذي نقلته عنه حفظك الله إلا أن الشيخ ابن باز قال في نهاية كلامه (وتركه أحوط ولتبقى - أي المرأة- على بصرها الذي خلقه الله لها)
ـ[حفيدة الصالحين]ــــــــ[10 - 03 - 06, 06:42 م]ـ
هذا بالنسبة للمرأة.و لكن ما حكم لبس العدسات الملونة من قبل الشباب لا للاستعمال الطبي بل للزينة؟؟؟
ـ[أيوب بن عبدالله العماني]ــــــــ[10 - 03 - 06, 09:24 م]ـ
العدسات الملونة والرموش الصناعية إنما تفعلها النساء من أجل الزينة من غير حاجة طبية إلى ذلك وهذا كله داخل في تغيير خلق الله تعالى وهو أمر منهي عنه ومتوعد عليه باللعن فهو بذلك كبيرة من الكبائر،
أخي في الله - بارك الله فيكم - ألا نستثني التغيير الدائم كالوشم وما شابهه - كما في النصوص التي تفضلتم بإ يرادها - عن حكم الزينة المؤقتة التي تزول بأي شئ؟ فعلى هذا ينصرف حكم أحمر الشفاه والخدود والجفن وما إلى هنالك من الزينة النسائية المعروفة إلى التحريم لأنه لا دليل على إباحتها - بإعمالنا تأصيل أن كل ما يغير الشكل فإ نما هو يغير الخلقة - وهذا خلاف ما يكاد العلماء أن يجمعوا عليه ولا يكاد يعلم عن أحد معتبر المنع له!!! وأنتم عمدتم إلى القول بأنه كبيرة وهذه كبيرة (ابتسامة) .. فهل من توجيه؟
أما ما تفضلت به أختنا في الله حفيدة الصالحين فإن هذا الذي يفعله المتخنثون من مميوعي شباب المسلمين فإنهم والله يستحقوا عليه الجلد والتعزير الغليظ البالغ ... والله المستعان.
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[11 - 03 - 06, 01:00 م]ـ
أخي الكريم لو تفضلتم بقراءة مداخلتي السابقة كاملة فسوف تجدون بإذن الله تعالى الجواب عن سؤالكم فقد تحدثت في هذه المشاركة عن ضوابط التغيير وما يعد منها ممنوعا وما ليس كذلك، وأما أحمر الشفاه وما كان على منواله فهو من حيث التغيير وعدمه فحكمه حكم الحناء
على كل تفضلا لا أمرا راجع مشاركتي كاملة وإذا لم تجد فيها الجواب فيمكنك التعليق مرة أخرى(55/215)
ما حكم اتباع النصاري جنائز المسلمين؟
ـ[احمد صلاح]ــــــــ[05 - 12 - 05, 07:10 م]ـ
ما حكم اتباع النصاري جنائز المسلمين؟(55/216)
حول الكيفية في صفات الله تعالى
ـ[أحمد يس]ــــــــ[05 - 12 - 05, 08:56 م]ـ
السلام عليكم:
أرجو من مشايخ الملتقى الإفاضة في موضوع غاية في الخطورة ألا وهو:
وردت آثار كثيرة عن السلف الصالح عليهم الرضوان وأشهرها على الإطلاق أثر الإمام مالك وقد قاله قبله الإمام ربيعة الرأي وغيره.
ومن إشكاليات هذا الأثر المثارة أن كل طريق جاء فيه أن الكيف مجهول فهو طريق ضعيف لا يصح بحال.
وكل الطرق الصحيحة جاءت بأنه "لا يقال كيف" "كيف عنه مرفوع" "الكيف غير معقول" "بلا كيف".
وقد قرأت بحث الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر المنشور في مجلة الجامعة الإسلامية كاملا وهو اعتنى بالجمع أكثر من التحقيق الكامل ولكن لا شك في نفاسة بحثه.
وكذا قرأت كلام بعض الإخوة في إثبات الكيف هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=63914&postcount=11
ولكن يبقى السؤال:
هل الكيف في الصفات مجهول أم منفي أصلا؟
نرجو ذكر الآثار الواردة عن السلف وحدهم في هذه المسألة؟
وجزاكم الله خيرا.
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[05 - 12 - 05, 09:01 م]ـ
أخي وفقك الله المقصود بنفي الكيف نفيُ علمه
وإلا فالذي لا كيف له يُعدُّ معدوما لا موجودا
بارك الله فيك
ـ[أحمد يس]ــــــــ[07 - 12 - 05, 01:25 ص]ـ
جزاكم الله خيرا.
أين باقي إخوة الملتقى؟ أين أقوال العلماء؟ أين التفصيل؟
أخوكم.
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[07 - 12 - 05, 03:27 ص]ـ
قال القرطبي رحمه الله: «قال مالك رحمه الله: الاستواء معلوم يعني في اللغة، والكيف مجهول والسؤال عن هذا بدعة» .. وذلك في تفسيره ..
وقال حافظ المغرب ابن عبد البر: «أخبرنا أبو محمد عبدالله بن محمد بن عبد المؤمن [من قدماء شيوخ أبي عمر بن عبد البر كان تاجرا صدوقا] .. قال حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك [صدوق في نفسه، مقبول، تغير قليلا، قال الخطيب: لا أعلم أحدا ترك الاحتجاج به، وقال الحاكم: ثقة مأمون] قال حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا سريج بن النعمان [ثقة عالم .. يهم قليلاً] .. قال حدثنا عبدالله بن نافع [كان قد لزم مالك بن أنس لزوما شديدا لا يقدم عليه أحد، وقال ابن معين أنه ثبت في مالك] .. قال: قال مالك بن أنس: (الله عز وجل في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه مكان) .. قال [أي عبد الله بن نافع]: وقيل لمالك ?الرحمن على العرش استوى? كيف استوى .. ؟ فقال مالك رحمه الله: (استواؤه معقول وكيفيته مجهولة وسؤالك عن هذا بدعة وأراك رجل سوء) .. » ..
وكذلك رواه الصابوني قال: «أخبرنا أبو محمد المخلدي العدل حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الاسفراييني حدثنا أبو الحسين علي بن الحسن حدثنا سلمة بن شبيب حدثنا مهدي بن جعفر بن ميمون الرملي عن جعفر بن عبد الله قال: جاء رجل إلى مالك بن أنس يعني يسأله عن قوله: ?الرحمن على العرش استوى?، قال: فما رأيته وجد من شيء كوجده من مقالته، وعلاه الرحضاء، وأطرق القوم، فجعلوا ينتظرون الأمر به فيه، ثم سري عن مالك فقال: (الكيف غير معلوم، والاستواء غير مجهول) .. » ..
وحتى إن كان أسانيد تلك اللفظة فيها مقال فيكفي أن العلماء عبروا بها عن قول مالك ومنهم القرطبي وهو من المؤولة، وهناك نصوص أخرى تثبت جهلنا بكيفية صفات الله ..
قال القاسم بن سلام: «هذه أحاديث صحاح، حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض، وهى عندنا حق لا شك فيها، ولكن إذا قيل كيف وضع قدمه وكيف ضحك قلنا: لا يفسر هذا ولا سمعنا أحدا يفسره» .. رواه الدارقطني في الصفات بإسناد صحيح .. إذن فهو يجيب بنفي التفسير عند السؤال عن كيفية الصفات -وليس عن معناها- ولم يقل لا كيفية لها ..
وكذلك قال الإمام أبو بكر الإسماعيلي: «فإن الله تعالى انتهى من ذلك إلى أنه استوى على العرش ولم يذكر كيف كان استواؤه» ..
وللفائدة: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=4916
وهو كتاب: الأثر المشهور عن الإمام مالك بن أنس رحمه الله في صفة الاستواء دراسة تحليلية ..(55/217)
اشكل علي كلام ابن تيمية في ج6ص152:
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[05 - 12 - 05, 10:53 م]ـ
احسن الله اليكم
اشكل علي في سياق كلام شيخ الاسلام ابن تيمية ما تحته خط
في مسألة حلول الحوادث بذاته
ج6ص152:
قال رحمه الله:
وأما " المعتزلة ": فإن البصريين كأبي علي وأبي هاشم يقولون بحدوث المرئي والمسموع وبه تحدث صفة السمعية والبصرية لله وأبو الحسين البصري يقول بتجدد علوم في ذاته بتجدد المعلومات والأشعرية أيضا يقولون بأن المعدومات لم تكن مسموعة ولا مرئية؛ ثم صارت مسموعة مرئية بعد وجودها وليس السمع والبصر عندهم مجرد نسبة؛ بل هو صفة قائمة بذات السميع البصير وقد يلزمون بقولهم: بأن النسخ هو رفع الحكم أو انتهاؤه. وقولهم علمه بالجزئيات. وكذلك بانقطاع تعلق القدرة والإرادة منه.
السؤال: ما هو وجه الالزام?
وفقكم الله(55/218)
ما مفهوم الاختلاط؟؟ وماذا لو كان في مسجد؟
ـ[أبو مالك العربي]ــــــــ[05 - 12 - 05, 11:28 م]ـ
الأخوة الأفاضل ...
في المسجد الذي أصلي فيه يدخل الرجال والنساء إلى المسجد من باب واحد، لكن النساء يصلين في مكان منزو ... ولا يوجد حاجز يحجب رؤيتهن عنها .. فهل تجوز الصلاة في هذا المسجد؟؟
علما أنني أذكر أن الشيخ الألباني رأى تحريم دراسة فتاة بناء على أنها تدخل من باب يدخل منه الرجال إلى القاعة، حتى لو كانت تؤدي الامتحان بين بنات جنسها.
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 03:46 م]ـ
السنة أن يدخل الرجال من باب والنساء من باب آخر لدلالة حديث نافع عن ابن عمر الذي أخرجه أبو داود مرفوعا:لو تركنا هذا الباب للنساء، قال نافع فما دخل منه ابن عمر حتى مات، لكن هذا لا يدل على الوجوب، فإذا كان للمسجد باب واحد جاز دخول الرجال والنساء منه لكن ينبغي الاحتراز من المزاحمة أو التلاصق في الدخول وكذلك لو كان للمسجد أكثر من باب فإنه يجوز دخول الجميع من باب واحد مع الاحتراز المذكور أولا لكن لا شك أن الأحسن هو دخول كل جنس من باب مستقل به، والصلاة في هذا المسجد جائزة إذا لم تكن فيه موانع أخهرى تمنع من ذلك كأن يكون مؤسس على قبر مثلا، وأما كون أنه لا يوجد حاجز يحجز بين النساء والرجال فذلك لا يضر أيضا وإنما المطلوب أن يكون للنساء صفوف غير صفوف الرجال وتكون تلك الصفوف في مؤخرة المسجد ولكن بحيث يمكن النساء من متابعة الإمام وفقك الله تعالى وأعانك وأرشدك الصراط المستقيم
ـ[أبو مالك العربي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 11:28 م]ـ
نفع الله بك يا أبا عمر
ـ[رحمات]ــــــــ[07 - 12 - 05, 02:36 ص]ـ
نحن نصلي في رمضان بالمسجد وتوجد غرفة صغيرة بعد ساحة خالية من المصلين يصلي بها النساء فهل صلاة النساء صححيحة
ـ[أبوالتراب الأثري]ــــــــ[07 - 12 - 05, 05:46 ص]ـ
أخي أبو مالك العربي: محاضرة متعلقة بالموضوع وشيقة جداً للشيخ محمد إسماعيل المقدم
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=382
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[07 - 12 - 05, 10:00 ص]ـ
الأفضل للنساء الصلاة في البيوت لقوله صلى الله عليه وسلم لاتمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن ما عدا صلاة العيد فإنه يستحب لهن الخروج لها في قول جمهور أهل العلم و يجب عليهن الخروج لها على في قول طائفة أخرى والدليل معهم
وإذا خرجت المرأة للصلاة في المسجد فإن صلاتها صحيحة، ويجوز الخروج لذلك عند أمن الفتنة، وإذا كانت الساحة الخالية هي من المسجد وليست طريقا عاما يمر فيه الناس وكانت النساء بحيث يمكنها رؤية الإمام ومتابعته فالصلاة صحيحة والله تعالى أعلم
ـ[رحمات]ــــــــ[15 - 12 - 05, 05:05 ص]ـ
لا يمكننا رؤية الإمام بل مستحيل ولا تتصل الصفوف رحمكم الله ما حكم صلاة نسائنا في رمضان خاصة وهذا حال مجمل المساجد بالممملكة العربية السعودية
ـ[رحمات]ــــــــ[18 - 12 - 05, 08:43 ص]ـ
ما الحكم إذا كاننت عن يمين الساحة وشمالها أبواب للدخول للمسجد
ونحن لا نرى الإمـ ــــــــام
أقصد النساء
وقد نسجد وهو يركع أو قد يسهو الإمام ونحن نصلي صلاة سليمة كأن يرفع ولا يجلس للتشهد ونحن نجلس ثم يحدث الخلل وغير ذلك فالصلاة تصبح تخمين
ما الحكم يرحمكم الله
ـ[رحمات]ــــــــ[18 - 12 - 05, 08:55 ص]ـ
لو تكرمتم هناك مسلمين بل طلبة علم والله حسيبهم حرموا من نعمة السمع هلا أحلتموهم للمحاضرات المكتوبة بدلا من المسموعة رحمكم الله
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[18 - 12 - 05, 11:15 ص]ـ
قال رسول الله صلى عليه وسلم:إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا الحديث فإذا لم تتمكن الأخت المصلية من متابعة الإمام فما جعل عليكن في الدين من حرج فعليها أن تصلي في مسجد تتمكن فيه من متابعة الإمام وإذا لم يوجد مثل هذا المسجد فلتصل في بيتها وذلك لها أفضل(55/219)
سؤال عن تكفير من لم يكفر الرافضة .. وجهة نظر مالكية
ـ[أبو مالك العربي]ــــــــ[05 - 12 - 05, 11:39 م]ـ
الأخوة الأفاضل .. قرأت في إحدى الكتب أن المالكية كانوا يرون تكفير كل خطيب جمعة يدعو للفاطميين، ليوهم الناس انهم مسلمون ..
السؤال .. من الذي قال بذلك من المالكية؟؟ وهل توافقونهم فيما ذهبوا إليه؟؟
ـ[أبو مالك العربي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 11:31 م]ـ
هل من مجيب؟؟
ـ[أبو غازي]ــــــــ[07 - 12 - 05, 01:40 ص]ـ
الرافضة يختلفون عن الفاطميين, فالرافضة هم الاثنا عشرية الجعفرية الإمامية وهؤلاء كفار أيضاً كما أجمع أهل العلم.
ـ[أبو مالك العربي]ــــــــ[10 - 12 - 05, 01:38 ص]ـ
شكرا لك أخي ابوغازي
لكن ما زال السؤال ... من الذي قال بذلك من المالكية؟؟؟ وما مدى صحة قولهم؟؟؟
ألا يجيبني أحد طلبة العلم!!!؟
ـ[عدو المشركين]ــــــــ[11 - 12 - 05, 03:31 ص]ـ
السلام عليكم
قال القاضي الإمام عياض بن موسى بن عياض السبتي، المتوفى سنة 544 هجرية، في كتابه ترتيب المدارك وتقريب المسالك، في المجلد السابع صفحة 274 وما يليها:
أبو بكر إسماعيل بن إسحاق بن عذرة الأنوي: أثنى عليه ابن أبي يزيد في شبيبته في كتابه معه، لأنه سُئل (أي ابن عذرة) عن خطباء بني عُبيد، وقيل له: إنهم سُنِّية. فقال: أليس يقولون: اللهم صلِّ على عبدك الحاكم وورثة الأرض؟ قالوا: نعم. قال: أرأيتم لو أنّ خطيبا خطب فأثنى على الله ورسوله، فأحسن الثناء ثم قال: أبو جهل في الجنة .. أيكون كافرا؟ قالوا: نعم. قال: فالحاكم أشد من أبي جهل.
قال عياض: وسُئل الداودي عن المسألة، فقال: خطيبهم الذي يخطب لهم ويدعو لهم يوم الجمعة كافرٌ يُقتل، ولا يُستتاب، وتحرم عليه زوجته، ولا يرث ولا يورث، وماله فيء للمسلمين، وتعتق أمهات أولاده، ويكون مدبّروه (عبيده الذين علّق عتقهم بعد موته) للمسلمين، يعتق أثلاثهم بموته، لأنه لم يبق له مال، ويؤدي مكاتبوه للمسلمين، ويُعتقون بالأداء، ويرقون بالعجز، واحكامه كلها أحكام الكفر، فإن تاب قبل أن يُعزل، إظهارا للندم، ولم يكن أخذ دعوة القوم قُبلت توبته، وإن كان بعد العزل أو بشيء منعه لم تُقبل، ومن صلى وراءه خوفا أعاد الظهر أربعا، ثم لا يقيم إذا أمكنه الخروج، ولا عذر له بكثرة عيال ولا غيره.
ثم قال عياض: أبو محمد الكبراني: من القيروان، سُئل عمن أكرهه بنو عبيد على الدخول في دعوتهم أو يُقتل؟ قال: يختار القتل، ولا يعذر أحد بهذا إلا من كان أول دخولهم البلد قبل أن يعرف أمرهم، وأما بعد فقد وجب الفرار، ولا يُعذر أحد بالخوف بعد إقامته لأن المقام في موضع يُطلب من أهله تعطيل الشرائع لا يجوز، وإنما أقام فيها من العلماء والمتعبدين على المباينة لهم، يخلو بالمسلمين عدوهم فيفتنونهم عن دينهم.
قال عياض: وعلى هذا كان جبلة بن حمود ونظرائه: ربيع القطان، وأبو الفضل الحمصي، ومروان ابن نصرون، والسبّائي، والجبيناني، يقولون ويفتون.
ـ[أبو مالك العربي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 11:38 م]ـ
أحسن الله إليك وجزاك يا عدو المشركين خيرا ...
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 11:50 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
الرافضة يختلفون عن الفاطميين, فالرافضة هم الاثنا عشرية الجعفرية الإمامية وهؤلاء كفار أيضاً كما أجمع أهل العلم.
معذرة شيخنا الكريم أبو غازي -حفظه الله- هل أجمع أهل العلم على أن الرافضة كفار؟
وجزاك الله خيرا ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[13 - 12 - 05, 05:59 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الأحبة هناك تفصيل:
لكن ممن كفرهم الإمام مالك في قول عنه وابن حزم و شيخ الإسلام في الصارم فانظره هناك.
وفيه تفصيل كثير وجميل.
قال الحافظ ابن كثير: (وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن مغيرة قال كان يقال شتم أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من الكبائر.
قلت: وقد ذهب طائفة من العلماء إلى تكفير من سب الصحابة وهو رواية عن مالك بن أنس رحمه الله.
وقال محمد بن سيرين ما أظن أحدا يبغض أبا بكر وعمر وهو يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وفي المسالة تفصيل ليس هذا موضعه لكن لا بد من التنبيه على أنه هذه الاحكام قد أجمع على أنه لا تعلق لها بما جرى بين الصحابة إذ ذاك له أحكام أخرى.
ـ[عدو المشركين]ــــــــ[14 - 12 - 05, 08:06 م]ـ
السلام عليكم
هناك امر يجب التنبه إليه جيدا في مسألة كفر الرافضة ومن قال بكفرهم
وهو
ان الرافضة يتطور فكرهم مع الزمن ... فلا يجب الإلتفات إلى اقوال العلماء فيهم عندما كان الرافضي فقط من يشتم ابو بكر و عمر رضي الله عنهما .. كما قال الإمام أحمد
بل ولا حتى فيمن قال ان الرافضة هم من كفر جميع الصحابة إلا نفرا قليلا منهم ولم يتعدى هذا الوصف لهم
لأن رافضة اليوم (وبالتحديد منذ قيام الدولة الصفوية) قد جمعوا كل الوان الكفر .. فالإستغاثة بالمهدي و علي و الطواف حول القبور و الذبح و النذر للأموات و الصلاة التي لا تشبه شيئا من صلاة المسلمين إلى تكفير الصحابة و الطعن في أم المؤمنين إلى القول بالتحريف (وإن كان العامة عندهم لا يقولون بالتحريف) إلى نبذ كل ما جاء في السنة و العمل بخلاف ما عند المسلمين كأحد اساليب الترجيح عند التعارض مرورا بتاريخهم الطويل في موالاة اعداء الدين ألى تفضيلهم علي و أبنائه على جميع الانبياء و الرسل و الكذب على الله و رسوله إلى قولهم بالتفسير الباطني للقرآن
و اشياء كثيرة جدا يعتقدون بها تلقي الواحدة منها بالإنسان خلف حائط الإسلام
ولهذا وجب التنبيه بعدم التوقف عند قول أحد الأئمة في الرافضة .. فمن تكلم عنهم كالإمام أحمد و مالك وغيرهم من العلماء الأعلام كان يتكلم عن قوم لم يعد لهم وجود الآن ... الرافضة الآن غير أولئك تماما
والله اعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/220)
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[15 - 12 - 05, 06:53 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الحبيب عدو المشركين
إن تطور دين الشيعة لا يعني عندهم التنازل عن الأصول التي اعتقدها اسلافهم بل غاية ما في التطور زيادات تطبيقية أو تفسيرات إضافية لتضليل عامتهم.
وأما قولك أن عامتهم لا يقولون بتحريف القرآن.
هذا فيه نظر من وجوه كثيرة منا:
أن هذا معتقد وليس اجتهاد.
ثانيا: أنهم ملتزمون بأقوا أئمتهم لأن مبدأ العصمة عندهم في أئمتهم أصل من أصول المعتقد ومن رد عليه خرج من الإسلام وهو كالراد على علي ومن رد على علي كمن رد على الله عندهم.
زمنها أن هذا جزء من معتقاداتهم وليس هو معتقدهم.
وأما الترويج إلى أن هذا كمنهج الترجيح عند التعارض فهو كلام غلط.
ذلك أن الترجيح عند أهل السنة يرجع إلى أصل واحد والرافظة نازعونا في هذا الأصل وزعموا أنه كذب كذبه الصحابة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالمسألة ليست مسألة ترجيحية بل مسألة ركنية.
فليحذر المسلم من نعومة ملمس اللروافض فإنهم كالأفاعي لدغتهم والقبر إلى النار والعياذ بالله.
ـ[عدو المشركين]ــــــــ[15 - 12 - 05, 08:05 م]ـ
السلام عليكم
الأخ شاكر .. وفقه الله
جزاك الله خيرا على بيانك
والامر كما قلت انت فليحذر المسلم من نعومة ملمس الروافض
وانا قد ذكرت ان امور كثيرة جدا يعتقدون بها تلقي الواحدة منها بالإنسان خلف حائط الإسلام
فهم مشركون بالله قطعا ولا يجادل بهذا إلا من إلتبس عليه امرهم أو خلط بينهم وبين اقوال علماء المسلمين بشأن الشيعة و الرافضة (في زمنهم) فحسب ان الشيعة او الرافضة قديما هم نفس رافضة اليوم
اما قولي ان العمل بخلاف ما عليه اهل السنة هو احد طرق الترجيح لديهم عند تعارض الروايات عندهم فهذا لا غلط فيه .. فقد ذكر ذلك عالم الرافضة الهالك الخميني في كتابه التعارض و الترجيح وقد سبقه الكثير من الأصوليين الرافضة في تقرير هذا المبدأ .. وهو ما يدلك على تحريهم مخالفة السنة الصحيحة بدعوى ان الصحابة كفار و كذبوا على الله و رسوله
اما القول بالتحريف .. .. فعوام الرافضة ينفون هذا الامر عن انفسهم ولا يعتقدون به .. و إن كانوا يتدينون بدين يعتبر وقوع التحريف امرا مسلما به ...
الامر عندي هنا في مسألة التحريف يشبه إلزام الخصم بلازم قوله ومثلك يعلم ان هذا ليس مناطا للتكفير لان غايته التناقض ولا يكفر الإنسان بمجرد وقوعه في تناقض ...
والله اعلم
ـ[أبو مالك العربي]ــــــــ[18 - 12 - 05, 01:23 ص]ـ
ما زال السؤال قائما .. يا شيخ شاكر
هل يجوز تكفير من أوهم المسلمين أن الرافضة من المسلمين، أو قال بأن الخلاف معهم هو في الفروع وليس في أركان الإسلام؟؟؟
ـ[عدو المشركين]ــــــــ[18 - 12 - 05, 02:32 ص]ـ
السلام عليكم
أخي أبا مالك العربي
هل سؤالك فقط للشيخ شاكر دون سواه؟؟
ـ[أبو مالك العربي]ــــــــ[19 - 12 - 05, 11:20 م]ـ
كلا أخي عدو المشركين ... لكن ظننت انك قد وافقت على تكفير من لم يكفر الرافضة ... فإن كان هناك زيادة وتفصيل عندك فهاته جزاك الله خيرا .. لكني لاحظت أن الشيخ شاكر لم يعلق على هذه المسألة فطلبت رأيه ... وأريد رأي كل من له علم ...
حفظك الله ورعاك وثبتك عدوا للمشركين ومحبا للمؤمنين
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[20 - 12 - 05, 12:38 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الحبيب عدو المشركين الاخوة الاحبة الكرام.
اعتذر عن عدم متابعة ما ذكرتم ولم أتنبه إلى ما قلتموه إلا الساعة التي أكتب فيها وقبل الجواب أنبه على أمور سبقت:
الأول: قولك حفظك الله (اما قولي ان العمل بخلاف ما عليه اهل السنة هو احد طرق الترجيح لديهم عند تعارض الروايات عندهم فهذا لا غلط فيه .. فقد ذكر ذلك عالم الرافضة الهالك الخميني في كتابه التعارض و الترجيح وقد سبقه الكثير من الأصوليين الرافضة في تقرير هذا المبدأ).
أقول أنا أنا أغلط القول لا أنت والعهدة عليه لا عليكم حفظكم الله.
إذ إن الروافض لا يرجحون بين دليلين ولا بين متعارضين أحدهما أرجح من الآخر على باب التوفيق بل ينازعون الدليل ولو كا صحيحا إلى قول عندهم ولو كان ضعيفا.
وذلك لا ختلاف المرجع والأصول:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/221)
فلو جاء عندنا حديث في الكتب التسعة واتفق الناس على صحته وجاء عندهم أثر عن علي رضي الله عنه يخالفه أو جعفر الصادق ومن يعتقدون عصمتهم لتركوا الحديث الذي عندنا وذهبوا إلى قول أئمتهم فالخلاف ليس ترجيحي بل تأصيليا حفظك الله.
الثاني: قولك حفظك الله: (اما القول بالتحريف .. .. فعوام الرافضة ينفون هذا الامر عن انفسهم ولا يعتقدون به .. و إن كانوا يتدينون بدين يعتبر وقوع التحريف امرا مسلما به ... ).
أقول هناك فرق بين نفيه وإثباته وهذا لا ينازع فيه أحد غير أنه لا يقبل من الرافظة بمجرد النفي وذلك لأمور:
الأول: اعتقاد عصمة أئمتهم وأئمتهم يقولون ذلك كما يبق وذكرت وكمالا يخفى على مثلكم.
الثاني: مبدأ التقيقة:
الثالث: يجب في حق مثلهم بيان حكم شرعي غير قابل للتأويل والتبرير بكفر من قال بتحريف القرآن وردة الصحابة وووو.
وهذا ما كان طلبه منهم الشيخ إحسان إللهي ظهير فقتلوه وهذا جوابهم لكل من لا ينصاع لهم.
وقولك حفظك الله (الامر عندي هنا في مسألة التحريف يشبه إلزام الخصم بلازم قوله ومثلك يعلم ان هذا ليس مناطا للتكفير لان غايته التناقض ولا يكفر الإنسان بمجرد وقوعه في تناقض ... ).
اقول: هذا لو كان الأمر على باب الإلزام وليس الحال كذلك بل هو صريح القول وغياة الجهد الدعوي عندهم إذ بدونه لا رافظة ولا أتباع ولا مخالفة أصلا.
أما من جهل القول منهم إن أحسنا الظن فيه يجب أن يبين على الأصل المتقدم الذي ذكرته.
مع أن تجربتي في دعوة عوامهم ومناظرة متعلميهم تبين لي أنهم سواء ومن لم يكن قد عرف بعد أن يعلم رأي شيخه يصر عليه ويفخر به.
والأمر جد خطير.
وأما الأخ الحبيب أبي مالك حفظه الله لما قال: (هل يجوز تكفير من أوهم المسلمين أن الرافضة من المسلمين، أو قال بأن الخلاف معهم هو في الفروع وليس في أركان الإسلام؟؟؟).
لا فأنا لا أكفر من أوهم أن الرافضة من المسلمين ذلك أنه متأول لهم حذر في مسألة التكفير حريصا على وحدة المسلمين على ما يقال في هذا الزمان.
فتأوليه لهم وإعذاره إياهم علىى مذهبهم يدل على عدم موافقته لهم ولا الذهاب إلى مذهبهم.
ولا يدخل المرء الإسلام إلا بوضح كلمة التوحيد والشهادة ولا يخرجه منها إلا ما يدل على نقضها وأبطالها دون عذر شرعي.
والله أعلم
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[20 - 12 - 05, 04:25 ص]ـ
يا أخواني فرقوا بين الشيعي و الامامي و الرافضي علميا أنقلوا لي حتى أتعلم منكم
ـ[فيصل المزني]ــــــــ[20 - 12 - 05, 09:47 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
قال الله عز وجل (محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الأنجيل كزرع أخرج شطئه فئازره فاستغلظ على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما)
الشاهد
قوله تعالى (ليغيظ بهم الكفار)
من أغاظه صحابة النبي صلى الله عليه وسلم فهو كافر بهذه الأيه
وإن لم أكن واهما ً أن هذا القول منسوب للإمام مالك رحمه الله لكني لا أذكر أين بالضبط
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم(55/222)
سؤال للخبراء في المصادر الفقهية
ـ[أبو عبدالعزيز العربي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 12:23 ص]ـ
أين أجد - وفقكم الله- الخلاف في هذه المسألة:
إذا قال: (عبدي حرّ) فهل يعتق جميع أعبده؛ بناء على أن الإضافة قد تفيد العموم، أم لا يعتقون بناء على أن هذه الإضافة لا تفيد العموم؟؟
إن أمكن ذكر الصفحة والجزء فهو أحبّ إلي وأيسر في الرجوع.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[06 - 12 - 05, 02:44 ص]ـ
وفقك الله.
في جامع الفقه الإسلامي ... من [مطالب أولي النهى شرح غاية المنتهى] 4/ 715 - 716 طبعة المكتب الإسلامي:
(وَ) إنْ قَالَ (عَبْدِي حُرٌّ أَوْ) قَالَ (أَمَتِي حُرَّةٌ أَوْ) قَالَ (زَوْجَتُهُ طَالِقٌ , وَلَمْ يَنْوِ مُعَيَّنًا) مِنْ عَبِيدِهِ وَلَا إمَائِهِ وَلَا زَوْجَاتِهِ (عَتَقَ) الْكُلُّ مِنْ عَبِيدِهِ وَإِمَائِهِ (وَطُلِّقَ الْكُلَّ) مِنْ زَوْجَاتِهِ نَصًّا (لِأَنَّهُ) ; أَيْ: لَفْظَ عَبْدِي أَوْ أَمَتِي أَوْ زَوْجَتِي (مُفْرَدٌ مُضَافٌ , فَيَعُمُّ) الْعَبِيدَ أَوْ الْإِمَاءَ أَوْ الزَّوْجَاتِ. قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ: لَوْ كَانَ لَهُ نِسْوَةٌ , فَقَالَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ , أَذْهَبُ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَقَعُ عَلَيْهِنَّ الطَّلَاقُ , وَلَيْسَ هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: إحْدَى الزَّوْجَاتِ طَالِقٌ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} , وَقَالَ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلَى نِسَائِكُمْ} وَهَذَا شَامِلٌ لِكُلِّ نِعْمَةٍ وَكُلِّ لَيْلَةٍ. وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: {صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً}. وَهِيَ تَعُمُّ كُلَّ صَلَاةٍ جَمَاعَةً).
ـ[أبو عبدالعزيز العربي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 03:45 م]ـ
أحسنت ياشيخ في سرعة ردك، (ما شاء الله لا قوة إلا بالله) ولكني أطلب المزيد في المسألة، أولم تجد أحدا من أصحاب الرأي الآخر، لا حرمنا الله من علمكم، ولا حرمكم الجنة.
ـ[ابو بكر جميل بن صبيح]ــــــــ[06 - 12 - 05, 08:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
الشئ الذي تؤيده النصوص انه لا يقع على الكل لسببين:
- الأول - لأنه ثبت في أحاديث صحاح أنه وقع وجوب الطلاق على بعض الصحابه لزوجاتهم دون تعيين فسمح النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لهم بأن يختاروا من يطلقون كحديث الصحابي الذي كان تحته ثمان فلما أسلم أمر بأن يفارق اربعا فاختار اربعا و طلق اربعا ولو قلنا بوجوب طلاق الجميع عند لزوم الطلاق دون تعيين لقلنا وجب عليه أن يطلق سائرهن!.
الثاني: أن النية شرط في الاجزاء الذي لا يقع بمجرد المنطوق وخصوصا عندما يكون ذلك الشئ قربة كالعتاق و وقوع العتاق بمجرد النطق كالطلاق امر قوي ولكن هل تقدم اللغة المحتملة غير المنويه على لغة محتملة منوية؟ أي هل توجب عليه اعتاق كل عبيده ان كان في نيته ان لا يعتق الا واحد فهذا تحتمله اللغة وكذلك العموم بمعنى الجنس محتمل و لكنه غير منوي! فلماذا نقدم غير المنوي المحتمل على المحتمل المنوي؟
و إن نوى الجنس فهو يعني الكل .. لا لبس في ذلك!!!.
أي لو قال:" زوجي طالق " أي كل زوج لي طالق وكان ينوي هذا حين قوله فهو بلا ريب واقع على الجميع وان كان ينوي واحدة بذلك فهي واحدة ثم يصعب أن ينوي واحدة من جمع ثم لا يعينها .. غير أنه محتمل!
و لا يستقيم أن تقول أنه لم يكن ينوي بها لا الافراد و لا الجنس فهذا محال!!! و قد قال شيخ الاسلام: لو كلفنا الناس بالعمل دون نية لكلفناهم ما لا يطيقون!.
و كذلك الطلاق ...
واحسب أن لأحمد قول آخر غير الذي نقله الاخ الكريم ..
هذا مجرد رأي , والله أعلم
ـ[أبو عبدالعزيز العربي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 10:10 م]ـ
أثابك الله على كل حرف كتبته، ورفع قدرك في الدارين. وما ذكرته جيد، ويدلّ على ملكة فقهية بيّنة، لكن سؤالي عن توثيق المسالة من كتب الفقه.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[07 - 12 - 05, 02:23 ص]ـ
أخي أبا عبد العزيز وفقك الله.
قال العلامة ابن رجب في قواعده 348 دار الكتب العلمية: ((وَمِنْهَا) إذَا قَالَ زَوْجَتِي طَالِقٌ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ وَلَهُ زَوْجَتَانِ وَعَبِيدٌ فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ بِالْجَمِيعِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ عَدَدًا مُعَيَّنًا ; لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ الْمُضَافَ لِلْعُمُومِ فَهُوَ كَالْجَمْعِ الْمَعْرُوفِ. ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُغْنِي احْتِمَالًا وَرَجَّحَهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ مَعَ إطْلَاقِ النِّيَّةِ إلَّا بِوَاحِدٍ لِأَنَّ اللَّفْظَ صَالِحٌ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمِيعِ فَحَمْلُهُ عَلَى الْوَاحِدِ أَوْلَى ; لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَلَوْ كَانَ الْجَمْعُ أَظْهَرَ فِيهِ تَرْجِيحًا لِلْأَصْلِ عَلَى الظَّاهِرِ).
أما الرأي الآخر:
فقد جاء في غمز عيون البصائر 4/ 129 دار الكتب العلمية: ( ... وَخَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ لَوْ قَالَ: زَوْجَتِي طَالِقٌ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ. طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَعَتَقَ وَاحِدٌ , وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ , وَمُقْتَضَاهَا طَلَاقُ الْكُلِّ وَعِتْقُ الْجَمِيعِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْأَيْمَانِ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَتَانِ فَأَكْثَرُ , طَلُقَتْ وَاحِدَةٌ وَالْبَيَانُ إلَيْهِ، انْتَهَى).
وفي الأشباه والنظائر للسيوطي في فصل تعارض العرف مع اللغة صـ 94 من طبعة دار الكتب العلمية: ( ... َمِنْهَا قَالَ: زَوْجَتِي طَالِقٌ , لَمْ تَطْلُقْ سَائِرُ زَوْجَاتِهِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَإِنْ كَانَ وَضْعُ اللُّغَة يَقْتَضِي ذَلِكَ ; لِأَنَّ اسْم الْجِنْسِ إذَا أُضِيفَ عَمَّ , وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: الطَّلَاق يَلْزَمُنِي لَا يُحْمَل عَلَى الثَّلَاثِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْعُمُومِ ... ).
ومثله في أسنى المطالب شرح روضة الطالب 3/ 274 دار الكتاب الإسلامي.(55/223)
ما صحة ما ذكره بعضهم أنّ الانتفاع بالكتاب والشيخ والصاحب موقوف على كمال حسن الاعتقاد
ـ[أبو عبدالعزيز العربي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 12:45 ص]ـ
ذكر بعضهم أنّ الانتفاع بالكتاب والشيخ والصاحب موقوف على كمال حسن الاعتقاد. وذكر النووي أن بعضهم كان إذا ذهب إلى معلّمه تصدّق بصدقة، وسأل الله أن يخفي عنه عيوبه خشية أن تظهر له؛ فلا ينتفع به.
هل مرّ بكم شيء من هذا؟ وأين ذاك؟؟ ومامظنة وجوده؟؟
آمل في جواب عاجل.(55/224)
اخوتي في الله اريد تعريفا عن كعب الاحبار وهل هو تابعي؟
ـ[عادل المامون]ــــــــ[06 - 12 - 05, 01:20 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله
اخوتي في الله اريد تعريفا عن كعب الاحبار وهل هو تابعي؟
واريد ان اعرف قدره عند الصحابه والتابعين الذين عاصروه؟
وما هو اشهر ماجاء به؟
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 02:10 ص]ـ
يُنظر: الأنوار الكاشفة، للعلامة عبد الرحمن المعلمي اليماني (ص 96_138).
ـ[وليد دويدار]ــــــــ[06 - 12 - 05, 02:17 ص]ـ
كعب الأحبار: هو كعب بن ماتع الحميري يكنى أبا إسحاق , قال البخاري و يقال له كعب الحبر , كان من علماء أهل الكتاب , روى له البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة في التفسير , تابعي ليس إلا , أدرك عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره , كان من أهل اليمن فسكن الشام و مات بحمص , كان إسلامه في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كما رجحه الحافظ في الإصابة ,يروى عن عمر وابن عباس وغيرهما , و روى عنه بعض التابعين
مات في خلافة عثمان سنة أربع وثلاثين قبل مقتل عثمان بعام , وقد زاد على المائة ,.
قال علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب قال العباس لكعب ما منعك أن تسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حتى أسلمت الآن على عهد عمر - كما في تهذيب الكمال و الإصابة - فقال كعب إن أبي كتب لي كتابا من التوراة ودفعه إلي وقال اعمل بهذا وختم على سائر كتبه وأخذ علي بحق الوالد على ولده ألا أفض الخاتم فلما كان الآن ورأيت الإسلام يظهر ولم أر بأسا قالت لي نفسي لعل أباك غيب عنك علما كتمك فلو قرأته ففضضت الخاتم فقرأته فوجدت فيه صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأمته فجئت الآن مسلما , وقال معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير قال معاوية ألا إن أبا الدرداء أحد الحكماء ألا إن عمرو بن العاص أحد الحكماء ألا إن كعب الأحبار أحد العلماء إن كان عنده لعلم كالثمار وإن كنا فيه لمفرطين وقال أسامة بن زيد الليثي عن أبي معن لقي عبد الله بن سلام كعب الأحبار عند عمر فقال يا كعب من أرباب العلم؟ قال: الذين يعملون به. قال: فما يذهب العلم من قلوب العلماء بعد أن حفظوه وعقلوه؟ قال: يذهبه الطمع وشره النفس وتطلب الحاجات إلى الناس. قال: صدقت وقال بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن كعب قال لأن أبكي من خشية الله أحب إلي من أن أتصدق بوزني ذهبا وما من عينين بكتا من خشية الله في دار الدنيا إلا كان حقا على الله أن يضحكهما في الآخرة.
المراجع
* أسد الغابة
*تاريخ يحيى بن معين
* الإصابة في تمييز الصحابة
* تهذيب الكمال للحافظ المزي
* التاريخ الكبير للبخاري
*تذكرة الحفاظ
* تقريب التهذيب
*جامع التحصيل
* الثقات لابن حبان(55/225)
سؤال يا إخواننا حول آية في سورة النور جعلها الله لي ولكم نورا
ـ[أبو جهاد السلفي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 03:46 ص]ـ
أرجو أن يوضح إخواني الكرام لي هذه النقطة في الآية
قال الله عز وجل ((وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا .. ))
السؤال: هل جملة (يعبدونني لا يشركون بي شيئا) هي الشرط لما قبلها يعني هل معنى الآية أن شرط التمكين والإستخلاف في الأرض هو العبادة؟؟؟
أم هل هذه الجملة نتيجة لما قبلها بمعنى هل العبادة نتيجة مترتبة على وجود الأمن والتمكين؟؟
الرجاء الإجابة بارك الله فيكم
ـ[أبو جهاد السلفي]ــــــــ[02 - 03 - 06, 04:44 م]ـ
للرفع ولكي يجيب أحد الأفاضل من أهل العلم(55/226)
ما حكم دراسة القانون الوضعي؟
ـ[العوضي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 08:44 ص]ـ
أفتونا مأجورين بارك الله فيكم
ـ[أبو فاطمة الاثري]ــــــــ[06 - 12 - 05, 11:08 م]ـ
هذه فتاوي من اللجنة الدائمة
دراسة القوانين الوضعية والاشتغال في وظائف المحاماة
السؤالان الأول والثاني من الفتوى رقم (3532):
س 1: لقد شغلتنا أمور منها دراسة القانون بكلية الحقوق، فقد جعلت الإخوة في تضارب واختلاف الآراء في هذا الموضوع الذي أدعو المولى سبحانه وتعالى أن يوفقك في تبصير هذه الأمور وهي:
1 - حكم دراسة القوانين الوضعية.
2 - حكم الاشتغال في وظائف المحاماة (القضاء).
ج 1: إذا كان من يريد دراسة القوانين الوضعية لديه قوة فكرية وعلمية يميز بها الحق من الباطل، وكان لديه حصانة إسلامية يأمن معها من الانحراف عن الحق ومن الافتتان بالباطل، وقصد بتلك الدراسة المقارنة بين أحكام الإسلام وأحكام القوانين الوضعية وبيان ميزة أحكام الإسلام عليها وبيان شمولها لكل ما يحتاجه الناس في صلاح دينهم ودنياهم وكفايتها في ذلك، إحقاقا للحق وإبطالا للباطل، والرد على من استهوته القوانين الوضعية فزعم صلاحيتها وشمولها وكفايتها- إن كان كذلك فدراسته إياها جائزة، وإلا فلا يجوز له دراستها، وعليه أن يستغني بدراسة الأحكام الإسلامية في كتاب الله تعالى والثابت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما درج عليه أئمة علماء الإسلام وطريقة سلف الأمة في دراستها والاستنباط منها.
ثانيا: إذا كان في الاشتغال بالمحاماة أو القضاء إحقاق للحق وإبطال للباطل شرعا ورد الحقوق إلى أربابها ونصر للمظلوم- فهو مشروع ; لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى، وإلا فلا يجوز ; لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، قال الله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد , وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة عبد الرزاق عفيفي
عضو عبد الله بن غديان
عضو عبد الله بن قعود
الدراسة أو التدريس في الكلية التي لا تتحاكم إلى شرع الله وتتبع القانون الوضعي
فتوى رقم (3712):
س: إنني الآن في كلية الحقوق بالمرحلة الثانية- أي: قضيت عامين في الكلية- إنني أريد أن أعرف: هل أتركها ; لأنها لا تتحاكم إلى شرع الله وتتبع القانون الوضعي؟ هل يجوز أن أشتغل وكيل نيابة (أي: التحقيق من قبل القانون الوضعي)؟ وهل التدريس بالكلية للطلبة (حرام) أم لا؟ وهل ممارسة مهنة المحاماة لطلب الرزق منها حرام.
ج 1: أولا: إذا كان من يريد دراسة القوانين الوضعية لديه قوة فكرية وعلمية يميز بها الحق من الباطل، وكان لديه حصانة إسلامية يأمن معها من الانحراف عن الحق ومن الافتتان بالباطل، وقصد بتلك الدراسة المقارنة بين أحكام الإسلام وأحكام القوانين الوضعية وبيان ميزة أحكام الإسلام عليها وبيان شمولها لكل ما يحتاجه الناس في صلاح دينهم ودنياهم وكفايتها في ذلك ; إحقاقا للحق وإبطالا للباطل، والرد على من استهوته القوانين الوضعية فزعم صلاحيتها وشمولها وكفايتها- إن كان كذلك فدراسته إياها جائزة، وإلا فلا يجوز له دراستها، وعليه أن يستغني بدراسة الأحكام الإسلامية في كتاب الله تعالى والثابت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما درج عليه أئمة علماء الإسلام وطريقة سلف الأمة في دراستها والاستنباط منها.
ثانيا: إذا كان في الاشتغال بالمحاماة أو القضاء إحقاق للحق وإبطال للباطل شرعا ورد الحقوق إلى أربابها ونصر للمظلوم- فهو مشروع ; لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى، وإلا فلا يجوز ; لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان ; قال الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد , وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة عبد الرزاق عفيفي
عضو عبد الله بن غديان
عضو عبد الله بن قعود
ـ[أبو مالك العربي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 11:57 م]ـ
في مجموع فتاوى ابن باز رحمه الله فتوى مطولة خلاصتها أن دراسة القانون تجوز لبيان عوار منهجها وضلالها وبعدها عن رحمة التشريع الرباني .. والذي لاحظته من خلال اختلاطي بالمحامين أنهم أبعد الناس عن معرفة الدليل الشرعي، بل جل اهتمامهم هو البحث عما يؤيد ما يريدونه، وسبب ذلك أنهم في كلية الحقوق لا يدرسون إلا قال فلان .. ولكن فلان خالفه إلخ وهذا ما جعل بعضهم بنفر من دراسة العلم الشرعي ظنا منهم أنه مجرد سرد أقوال بشر، لذلك المطلوب منك الاجتهاد في معرفة الدليل الشرعي، وهذه مهمة عظمية لو وفقك الله بها فستكون شيخ هذا المنتدى:)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/227)
ـ[علي الصويلح]ــــــــ[07 - 12 - 05, 03:02 م]ـ
فعلاً .. سؤال مهم ..
ـ[تقويم النظر]ــــــــ[07 - 12 - 05, 04:45 م]ـ
للعلامة الشيخ أحمد شاكر رحمه الله كلام شديد في هذا
يقول الشيخ أحمد شاكر في كتابه عمدة التفاسير (2/ 172 - 174)، منكراً على من يرسلون أبناءهم لدراسة القوانين الوضعية " الياسق العصري " ومن ثم ليعملوا بمقتضاها في المحاكم الوضعية:
" أفيجوز لأحد من المسلمين أن يعتنق هذا الدين الجديد؛ أعني التشريع الجديد؟!
أويجوز لأب أن يرسل أبناءه لتعلم هذا واعتناقه، واعتقاده، والعمل به، عالماً كان الأب أو جاهلاً؟!
أويجوز لرجل مسلم أن يلي القضاء في ظل هذا الياسق العصري وأن يعمل به، ويُعرض عن شريعته البتة .. ؟!
ما أظن أن رجلاً مسلماً يعرف دينه ويؤمن به جملة وتفصيلاً، ويؤمن بأن هذا القرآن أنزله الله على رسوله كتاباً محكماً، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وبأن طاعته وطاعة الرسول الذي جاء به واجبة قطعية الوجوب في كل حال، ما أظنه يستطيع إلا أن يجزم غير متردد ولا متأول بأن ولاية القضاء في هذه الحال باطلة بطلاناً أصلياً، لا يلحقه التصحيح ولا الإجازة ا- هـ.
ـ[محمد أفندي]ــــــــ[09 - 12 - 05, 05:20 ص]ـ
نعم من أكبر الفتن، و أنا أظن ان الظالمين يدفعون الماليين فى بناء الكليات و المحاكم الدستوربة
بأموال المسلمبن لكي يعمقو اهذا الدين دين الطواغيت فى قلوب الشباب وللأسف تجد من يدافع عنهم
ومن البلاء أكثر من يدرس هذه القوانين بعيد كثير البعد عن العلم الشرعي
ـ[علي الصويلح]ــــــــ[14 - 12 - 05, 11:35 ص]ـ
أخي الكريم / العوضي:
لقد رددت على رسالتك ولكن بريدك الخاص في المنتدى لا يستقبل فأرسلتها لك على بريدك الإلكتروني ووضحت لك بعض الملابسات ..
وشكرا لك.
ـ[العوضي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 12:11 م]ـ
أخي الكريم / العوضي:
لقد رددت على رسالتك ولكن بريدك الخاص في المنتدى لا يستقبل فأرسلتها لك على بريدك الإلكتروني ووضحت لك بعض الملابسات ..
وشكرا لك.
بارك الله في الجميع ...
أخي الفاضل / علي الصويلح
هناك عطل في الرسائل الخاصة بالمنتدى
وأتمنى أن تراسلني على بريدي الموجود في التوقيع
وفقك الله لما يحبه ويرضاه
ـ[محمد الطنطاوي]ــــــــ[17 - 11 - 09, 02:09 ص]ـ
المشكلة الآن في أنه إذا تُركت هذه المهنة للعلمانيين والمنحرفين .. مَنْ يُدافع عن إخواننا المظلومين القابعين خلف سجون الطواغيت؟.
ملحوظة: السؤال استفهامياً وليس استنكارياً.
ـ[مؤسسة ابن جبرين الخيرية]ــــــــ[17 - 11 - 09, 10:05 ص]ـ
(17110)
سؤال: أنا محامٍ وتركت المهنة من فترة إلى أن ضاقت بي الدنيا واشتد بي الحال، ولم أجد من يساعدني في الوصول إلى الحل الصحيح، فهل المال الذي اكتسبه من مهنة المحاماة مال حلال أم حرام؟ و هل أنا بذلك ممن يحكمون بغير ما أنزل الله لأن القوانين وضعية؟
الجواب: عليك في هذه المحاماة ألا تتعمد ظلم الخصم، لأجل أن يحصل لك أجرة إذا حكم ضده، فإذا لم تكن ظالمًا وتحريت العدل، واعتبرت نفسك وكيلاً عن أحد الخصمين، ثم حصل لك كسب من هذه المهنة، فإنه كسب مباح، ولو كانت المحاكم تحكم بالقوانين الوضعية، فإن الإثم على من وضعها، وأما المتحاكمان أو الوكيلان فإن كلا منهما يريد تحصيل حقه، ولاشك أن أحدهما ظالم والثاني مظلوم، أو أن الأمر مشتبه عليهما، فالذي لا يتوصل إلى حقه إلا بواسطة هذه القوانين الوضعية لا إثم عليه، سواء كان مالكًا أو وكيلاً، فكسبه حلال مقابل الوكالة الصحيحة، وحقه حلال الذي يتحقق من ملكيته. والله أعلم.
قاله وأملاه
عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
17/ 4/1429هـ
(13212)
سؤال: ما حكم العمل في ميدان المحاماة والقضاء اللذان تحكمهما القوانين الوضعية؟
الجواب: الأصل أنه لا يجوز أن يتولى القضاء من يحكم بالقوانين، وكذا لا يتولى المحاماة ونحوها عند القضاة القانونين، ولكن إذا كان هناك حقوق لمسلم مهضوم، لم يجد وسيلة لاستخراجها إلا عند أولئك القضاة الذين يطبقون القوانين الوضعية، فإنه يجوز له المحاكمة عندهم، أو توكيل المحامي حتى يستخرج حقه الذي يجزم بأنه حق له.
قاله وأملاه
عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين
27/ 1/1426هـ
ـ[محمد الطنطاوي]ــــــــ[17 - 11 - 09, 07:29 م]ـ
مكتب العلامة ابن جبرين .. جزاك الله خيراً ..
ـ[مؤسسة ابن جبرين الخيرية]ــــــــ[18 - 11 - 09, 08:53 ص]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم(55/228)
مسأله معاصره وجديده في درس الشيخ عبد الكريم جهاز يعيد الماء لأصله بعد النجاسة
ـ[حيدره]ــــــــ[06 - 12 - 05, 09:36 ص]ـ
ذكر الشيخ عبد الكريم حفظه الله في شرحه لكتاب الطهاره للخرقي رحمه الله
وبعد الكلام عن الماء وأقسامه ذكر الشيخ وجود جهاز يرجع الماء الى خلقته الأصليه 100%100
وذكر الشيخ وعلى هذا يرجع الماء الى خلقته الأصليه من النجاسات العينيه!!!!!!!
مثل: البول أذا وضع في هذا الجهاز فأنه يفصل الماء عن المواد الأ خرى ألى حالته الأصليه
وقد أخذ طرح هذه المسأله والنقاش عليه نصف الدرس تقريبا!!!!!
وسؤال: هل بعد هذ الجهاز يكون هناك نجاسه عينيه؟؟؟؟؟
وهل يكون هذا الماء صالح للوضو ء؟؟؟؟؟؟
فمن عنده إجابه أو إضافه أو تعليق أو مشاركه .... أوغيرذلك
أرجوا الرد ,,,,,,,,,,,,,,,,,وجزاكم الله خير
ـ[حارث همام]ــــــــ[06 - 12 - 05, 10:43 ص]ـ
شكر الله لك وهلا أتحفتنا بما رأى الشيخ؟
أما النجاسة العينية فوجودها غير متعلق بهذه المسألة فمن النجاسات العينية ما ليس مائعاً أصلاً.
ـ[أبو عبدالرحمن الغريب]ــــــــ[06 - 12 - 05, 12:52 م]ـ
جزاكم الله خيراً
أليست نفس مسألة معالجة مياه المجاري وقد صدر فيها قرار من المجمع الفقهي وهذه بعض الروابط:
http://islameiat.com/main/?c=211&a=1424&sid=d7f8d25aa3b91af4369c9ccf5609d8dd
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=27684
ـ[حيدره]ــــــــ[06 - 12 - 05, 07:15 م]ـ
حياك الله يأخي (حارث) و (الغريب)
اولا: الشيخ لم يرجح شيء.
الثاني: أن الشيخ لم يعين النجاسه في الدرس بل ذكر مثل: على المائعات والجمدات المثال الاول على الميته والثاني على البول، وهذا الغريب في طرح الشيخ حفظه لله!!!!
ثالثا: أن هذا الجهاز يختلف عن المواد الكيميائيه من حيث أنه يفصل الماء عن المواد الأخرى مباشره وذكر الشيخ على هذا مثالً وهو الشاي أذا وضع في هذا الجهاز فأنه يفصل الماء عن الشاي عن السكر مباشره.
ويقول الشيخ أنه يدرس الأن.
وللفائده أسمع شرح الشيخ لدرس الخرقي رحمه الله يوم الأحد الماضي عن طريق موقع الشيخ عبد الكريم أو موقع البث المباشر .... ومن يعرف يضع الرابط يكون أفضل
وجزاكم الله خير
ـ[راشدالآثري]ــــــــ[06 - 12 - 05, 10:05 م]ـ
هذا هو الرابط وجزاك الله خيرا ...
http://liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=19589
ـ[حيدره]ــــــــ[06 - 12 - 05, 10:09 م]ـ
جزاك الله خير يأخي العزيز (راشد)
ـ[راشدالآثري]ــــــــ[07 - 12 - 05, 01:40 ص]ـ
يا أخي سمعت سؤال السائل اللي ما يستحي يلوم الشيخ على التفصيل في المسئلة أمر عجيب و هل ميز الشيخ مع علمه الجم إلا التفصيل في مثل هذه المسائل و الله المستعان ...
ـ[حيدره]ــــــــ[07 - 12 - 05, 06:40 م]ـ
نعم والله المستعان!!!!
نسأل الله أن يرزقنا الأدب معه جل وعلا ومع أهل العلم وجميع المسلمين وأن يعافينا من سو ء الأدب .. اللهم آمين
أخي (راشد) اليست المسأله هذه عجيبه!!!
ـ[راشدالآثري]ــــــــ[07 - 12 - 05, 08:36 م]ـ
بلى يا أخي غريبة وعجيبة و الله المستعان.
ـ[حيدره]ــــــــ[08 - 12 - 05, 10:36 م]ـ
طيب يا طلاب العلم سؤال:
لوقال قائل أن بعد هذا الجهاز لن يكون هناك نجاسه عينيه (معنى هذا الكلام في مخالفه للمسائل التي أجمع عليها جمهور علماء السلف الصالح) ويقول أن هذا متصور في عصرنا وليس متصور في عصرهم!!!!!
فمارايكم فيمن يقول بهذا القول؟؟؟؟
أرجوا الرد .....................
ـ[راشدالآثري]ــــــــ[08 - 12 - 05, 10:57 م]ـ
أضن ان الجواب أنه يوجد عندنا كتاب وسنة و عندنا المسئلة نطبق الأدلة عليها و أقصد العلماء الربانين إذا وجدوا أنه لامانع من تطبيق الدلي على المسألة فأين الإشكال والله أعلم.
ـ[حيدره]ــــــــ[08 - 12 - 05, 11:20 م]ـ
أحسنت إجابه موفقه أن شاءلله يأخي (راشد)
وجزاك الله خير يامحب
ـ[راشدالآثري]ــــــــ[08 - 12 - 05, 11:56 م]ـ
جزاك الله خير بس الشيخ ماعلق على الموضوع من حيث طرحك أقصد نفس الموضوع اللي قلت انت.
ـ[حيدره]ــــــــ[09 - 12 - 05, 08:16 ص]ـ
بل أشار الشيخ عبد الكريم حفظه الله إليه أشاره بسيطه .........
ـ[راشدالآثري]ــــــــ[09 - 12 - 05, 08:19 ص]ـ
المفاد من الإشارة أخي ما هو الدرس عند لكن لم أسمعه ليتك تفيدني.
ـ[حيدره]ــــــــ[09 - 12 - 05, 08:41 ص]ـ
الإشاره التي أشار اليه الشيخ حفظه الله في درس الخرقي هو تقريبا ماذكرة في الرساله السابقه وهي (لوقال قائل ........ الخ) وقد طرح هذه المسأله على الطلاب وأخذ يناقش على هذا وأنه هل يرد قول جمهور العلماء أذا ثبت فعل أن هذا الجهاز يرجع المواد الى خلقتها وما يتميز به (وقد ذكرة هذا سابقا)
وللفائده أخي الفاضل (راشد) ارجع الى التسجيل ... ولله يحفظكم(55/229)
سؤال عن حكم بعض صناديق الاستثمار
ـ[الوافي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 11:53 ص]ـ
السلاااام عليكم ورحمته وبركاته
صباحكم خير وبركه ان شاء الله سؤالى حكم صندوق الامانه في البنك البريطاني والرائد في سامبا
وصندوق الراجحي للاسهم السعوديه؟؟
2/هل بعدصلاة الفجر ركعتين سنه راتبه؟(55/230)
تشقير الحواجب
ـ[الوافي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 11:56 ص]ـ
السلام عليكم ورحمتة وبركاتة
ماحكم تشقير الحواجب وصباغت الشعر للمرأه؟
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 03:35 م]ـ
صباغة الشعر جائزة للمرأة والرجل بل تستحب، ونقل ابن حجر في الفتح قولا عن أحمد رحمه الله تعالى بالوجوب لكن ينبغي اجتناب الصبغ بالسواد لدلالة الأدلة على ذلك وسواء في ذلك المرأة والرجل، وإن كان هناك خلاف بين أهل العلم في حكم الصبغ بالأسود، وأما تشقير الحواجب فصف لي كيف هو وجزاكم الله تعالى خيرا
ـ[أحمد العنزي]ــــــــ[06 - 12 - 05, 04:22 م]ـ
تشقير الحواجب:
جائز.
وذكر ابن مفلح في الفروع 1/ 136: أنّ للمرأة تحسين الحاجب بتحميرٍ ونحوه.اهـ
ثمَّ إنَّ النهي متوجّهٌ إلى النتف والنمص، والتشقير المعروف الآن ليس فيه أية إزالة.
صبغ الشعر المرأة:
1 - إن كان شعرها مشيباً (أتاه الشيب)، فيستحب خضابه بأيّ لون إلا اللون الأسود فسنتحدث عن حكم الصبغ به، (ورواية الإمام أحمد بالوجوب والتي ذكرها ابن حجر في الفتح لم أجدها في كتب الحنابلة، ويا ليت أحد الإخوة يفيدنا بها)
وأفتى الشيخ ابن عثيمين بجواز صبغ المرأة لشعرها بالبني وغيره (11/ 120 من فتاويه ورسائله)
2 - إن لم يكن مشيباً، ولكن للتجمّل، فلا بأسَ به.
حكم صبغ الشعر بالسواد:
1 - إن كان للتدليس، فهذا حرام بالاتّفاق (تحفة الأحوذي 5/ 441)
2 - إن لم يكن للتدليس:
القول الأول: التحريم
وهو معتمد مذهب الشافعية (مغني المحتاج 4/ 297، شرح مسلم للنووي 4/ 306)
واختيار الشيخ ابن عثيمين (مجموع رسائل وفتاوى الشيخ ابن عثيمين 11/ 119، وهو وجهٌ عند الحنابلة كما في الآداب الشرعية3/ 337)
واختيار الشيخ المحدّث فريح البهلال (في بحثه إتحاف الأمجاد باجتناب تغيير الشيب بالسواد ص205)
القول الثاني: الجواز
وهو قول عند الحنفية (حاشية ابن عابدين 6/ 422)
واختاره ابن أبي عاصم في كتابه الخضاب. (فتح الباري 10/ 435)
واختاره الشيخ: خليل السبيعي (في بحثه: صبغ اللحية بالسواد بين المانعين والمجيزين، عرض ونقد على منهج المحدثين ص122)
ومبارك الدعيلج (في رسالته: الشعر في الفقه الإسلامي ص916 وما قبلها)
القول الثالث: الكراهة دون التحريم.
وهو قول أكثر أهل العلم (جمع الوسائل في شرح الشمائل للقاري 1/ 102)
وهو معتمد مذهب الحنفية (حاشية ابن عابدين 6/ 422)
والمالكية (أسهل المدارك للكشناوي 3/ 364 – 365، حاشية العدوي 2/ 410 - 411)
والحنابلة (الإنصاف 1/ 257، غاية المنتهى 1/ 21، وبه جزم الموفق ابن قدامة في المغني 1/ 127)
واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (شرح العمدة 1/ 238)
وابن القيّم (تهذيب السنن6/ 104)
القول الرابع: يجوز للمرأة برضا زوجها.
وهو وجه عند الشافعية (فتح العزيز 4/ 34)
وقول إسحاق بن راهويه. (المغني 1/ 128)(55/231)
رسم القرآن توقيفي ....... الشيخ عبدالكريم الخضير
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[06 - 12 - 05, 02:16 م]ـ
ذكر الشيخ عبدالكريم الخضير عند شرحه
لمنظومة الزمزمي الصيف الماضي أن
رسم القرآن توقيفي ....
وفي نهاية الدرس سأله احد الطلاب عن
أن البعض قد يحتاج لكتابة آية اثناء بحث
فهل يلزمه رسمها كما في المصحف
فأجاب الشيخ ((ان كان ذلك يسيرا فلا حرج))(55/232)
أفيدوني عن المسح على القدمين في الوضوء بدون خف؟
ـ[فادي قراقرة]ــــــــ[06 - 12 - 05, 02:22 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه:-
أما بعد ك:-
دار نقاش بين بعض الأخوة الأفاضل في مسألة قول الله تعالى في آية الوضوء (فامسحوا برؤوسكم و أرجُلَكم إلى الكعبين) و قالوا أن (أرجلكم) وردت أرجُلَكم و أيضاً أرجلِكم (بكسر اللام الوسطى) و هي رواية متواترة فكانت معطوفة فدل ذلك على جواز أن يكون ما يقوله الشيعة في المسح على الرجٍل من غير خف و لا جراب من قبيل الخلاف الجائز بل و من قبيل عدم الإنكار على الشيعة في هذه المسالة و قالوا أن رأي الشيعة في هذه المسالة قوي و استدلوا بأثر لابن عباس رضى الله عنه ....
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أرجوا من الأخوة المعونة و جزاهم الباري كل خير جاري
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[06 - 12 - 05, 02:51 م]ـ
روى البخاري في صحيحه:
حدثنا مسدد قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمرو قال تخلف رسول الله e في سفر سافرناه فأدركنا وقد أرهقنا الصلاة صلاة العصر ونحن نتوضأ فجعلنا نمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثا
هذا الحديث نص في محل النزاع
قال ابن العربي تعليقا على قوله ((ونمسح ارجلنا)) قد يتمسك به
من قال بجواز المسح على الرجلين، و لا حجة فيه لأربعة أوجه:
الاول: أن المسح هنا يراد به الغسل , فمن الفاشي المستعمل في
أرض الحجاز أن يقولوا: تمسحنا للصلاة: أي توضأنا.
الثاني: أن قوله (وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء) يدل على أنهم
كانوا يغسلون أرجلهم اذ لو كانوا يمسحونها لكانت القدم كلها لائحة فإن
المسح لا يحصل منه بلل الممسوح ..
الثالث: ان هذا الحديث قد رواه ابو هريرة، فقال: إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى
رجلا لم يغسل عقبه، فقال: ويل للأعقاب من النار
الرابع: أننا لو سلمنا أنهم مسحوا لم يضرنا ذلك، ولم تكن فيه حجة لهم
لأن ذلك المسح هو الذي توعد عليه العقاب , فلا يكون مشروعا , والله أعلم
وقال الامام النووي رحمه الله:
وأما الجواب عن احتجاجهم بقوله تعالى (وأرجلكم) فقد قرئت بالنصب والجر فالنصب صريح في الغسل وتكون معطوفة على الوجه واليدين وأما الجر فأجاب أصحابنا وغيرهم عنه بأجوبة أشهرها أن الجر على مجاورة الرؤوس مع أن الأرجل منصوبة وهذا مشهور في لغة العرب وفيه أشعار كثيرة مشهورة وفيه من مأثور كلامهم كثير من ذلك قولهم (هذا جحر ضب خرب) بجر خرب على جوار ضب وهو مرفوع صفة لجحر ومنه في القرآن (إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم) هود 62 فجر أليما على جوار يوم وهو منصوب صفة لعذاب فإن قيل إنما يصح الاتباع إذا لم يكن هناك واو فإن كانت لم يصح والآية فيها واو قلنا هذا غلط فإن الاتباع مع الواو مشهور في أشعارهم من ذلك ما أنشدوه لم يبق إلا أسير غير منفلت وموثق في عقال الأسر مكبول
ـ[فادي قراقرة]ــــــــ[06 - 12 - 05, 03:05 م]ـ
جزاك الله كل خير أخي الحبيب أبو دانية و إني متعطش للمزيد من الكلام في هذه القضية
أخبرني أحد اخواننا السلفيين أن هذا كان رأي لإبن عباس رضي الله عنهما و قد رجع عنه في أخر حياته فأين أجد التراجع
و جزاكم الله كل خير
ـ[فادي قراقرة]ــــــــ[06 - 12 - 05, 03:55 م]ـ
للرفع و الإجابة
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[06 - 12 - 05, 07:07 م]ـ
قال ابن حجر في الفتح:
ولم يثبت عن أحد من الصحابة خلاف ذلك الا عن على وبن عباس وأنس وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك قال عبد الرحمن بن أبي ليلى أجمع أصحاب رسول الله e على غسل القدمين رواه سعيد بن منصور
ـ[ابو بكر جميل بن صبيح]ــــــــ[06 - 12 - 05, 08:17 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله:
المسح على الخفين دون غسل قال به قتاده و ابن جرير الطبري و غيرهم نقل ذلك عنهم في كتب الخلاف و المسح على الخفين دون غسل جائز في وضوء " من لم يحدث " اي ليس وضوء رفع الحدث فمن توضأ و لم يكن قد أحدث فيجوز له المسح ليس فقط على الرجلين بل على الوجه و اليدين ايضا ثبت ذلك عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من حديث علي رضي الله عنه انه توضأ فمسح وجهه و يديه ورجليه ثم قال هكذا فعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقال: هذا وضوء من لم يحدث والحديث عند ابي داود و صححه الالباني , أما المسح في وضوء رفع الحدث فقد ذكر اهل كتب المذاهب و الاقوال ان بعض أئمة أهل السنة قد قالوا بذلك وقد ذكر بعضا منهم.
والله أعلم.
ـ[فادي قراقرة]ــــــــ[07 - 12 - 05, 02:59 م]ـ
جزاكم الله كل خير
و بارك الله فيكم
لكن ما هي الإجابة بالنسبة للآية الكريمة و كلمة أرجلكم غير الكلام المذكور آنفاً ....
سامحوني إخواني على إزعاجكم فالموضوع جد مهم عندي
و أسأل الله تعالى لكم و لي لقياه على سنة نبيه و على كلمة التوحيد
المزيد بارك الله فيكم مع رجاء ذكر المصدر.؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ....... !!!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/233)
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[07 - 12 - 05, 03:46 م]ـ
يجاب على قراءة الجر بجوابين:
الأول: أنها جرت بالمجاورة كما وضح لك الأخوة الأفاضل سابقا و مثال ذلك فى القرآن قوله تعالى (إنى أخاف عليكم عذاب يوم أليم) بالجر و أصلها أليما فهى صفة للعذاب فتتبعه فى الأعراب ولكن جرت بالمجاورة ليوم.
الثانى: أن قراءة النصب ثابتة متواترة و كذلك قراءة الجر فيجمع بينهما بأن قراءة النصب محل إعمالها للرجل حين تكون خالية من الخف و قراءة الجر محل اعمالها حين تكون الرجل فى الخف فإن سألك عن دليل ما تقول فقل له سنة النبى محمد صلى الله عليه وسلم هى دليل ذلك وفعله المبين للقرآن و الذى لم يخالفه مرة بل أتت النصوص تؤكد على هذا المعنى منها حديث عمر أن رجلا ترك موضع ظفر في قدمه اليمنى فأبصره النبي (ص) فقال: [ارجع فأحسن وضوءك] فرجع ثم صلى رواه مسلم.
فلو كان مسح الرجل الخالية مباحا ما شق النبى صلى الله عليه وسلم على الرجل لأنه صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا أختار أيسرهما ما لم يكن حراما.
والله أعلى و أعلم.
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[07 - 12 - 05, 03:57 م]ـ
نرجو المشاركة من الأخوة
ـ[أبو إلياس الرباطي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 09:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله في علمكم وزادكم علما وفقها في الدين(55/234)
أرجو الدلالة على بحوث أو مقالات علمية (ولو لم تكن موجودة في الشبكة) حول المضاربة.
ـ[ماجد الودعاني]ــــــــ[06 - 12 - 05, 05:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الإخوة الكرام ..
أرجو الدلالة على بحوث أو مقالات علمية (ولو لم تكن موجودة في الشبكة) حول المضاربة.
والمسألة المرادة تحديدًا:
ضمان المضارب بماله.
بورك فيكم ..
ـ[ماجد الودعاني]ــــــــ[07 - 12 - 05, 04:04 م]ـ
للرفع .. رفع الله قدركم ..
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[07 - 12 - 05, 07:18 م]ـ
اخي ماجد هناك رسالة جامعيةللدكتور سعد السلمي
استاذ مساعد بكلية الشريعة - جامعة ام القرى
وعنوان الرسالة ((شركة المضاربة في الفقه الاسلامي))
وقد تعرض بإيجاز لما سألت عنه ...... ولعل الله ييسر الوقت لنقل ماكتب
في هذا المبحث ....
ـ[ماجد الودعاني]ــــــــ[09 - 12 - 05, 12:42 م]ـ
أخي أبو دانية ..
جزاك الله خيرًا .. بانتظارك ..
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[09 - 12 - 05, 01:50 م]ـ
ضمان المضارب بماله ام ضمان المضارب لماله؟
فالثانية هي التي اقصد اما الاولى فلا اعرفها ............
ـ[عبدالرحمن العامر]ــــــــ[01 - 03 - 06, 12:40 ص]ـ
السلام عليكم ...
أين النقل؟!
نرجو ذكر مايتيسر من المراجع ...
جزاكم الله خيراً(55/235)
سؤال بخصوص ما عمل به الإمام مالك في خاصة نفسه
ـ[ضفيري عزالدين]ــــــــ[06 - 12 - 05, 08:23 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
أرجو من الإخوة الكرام أن يفيدوني بأي مصادر أو مراجع بخصوص ما عمل به الإمام مالك في خاصة نفسه، و لمن لا يتوفر على لائحة معينة للمصادر و المراجع فأرجو أن يدلي بدلوه و يصرح بأي حديث عمل به الإمام مالك في خاصة نفسه، مع ذكر المصدر إن أمكنه ذلك،أو مواقع في الإنترنيت بخصوص هذا الشأن ....... و الموضوع في غاية الأهمية بالنسبة لي.
وجزاكم الله خيرا.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[09 - 12 - 05, 04:24 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله.
تجد طائفة من هذه المسائل موزعة في كتب المالكية متقدميهم ومتأخريهم.
من ذلك نقلهم لصيامه الست من شوال مع ما اشتهر عنه من كراهة ذلك.
ومن ذلك قراءته في ركعة الوتر بـ {قل هو الله أحد} والمعوذتين ... مع أنه لا يفتي بذلك.(55/236)
عبد الله بن سبأ؟؟
ـ[حافظ عبدالمنان]ــــــــ[07 - 12 - 05, 05:44 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أين أجد ترجمة عبدالله بن سبأ، وشيئا من التفصيل عن فتنه، وعن حقيقته؟؟؟
ـ[العوضي]ــــــــ[07 - 12 - 05, 12:28 م]ـ
فتنة عبدالله بن سبأ اليهودي في الأمة الإسلامية ...... ( http://www.alserdaab.org/new_page_36.htm)
وفي أغلب الكتب التي ترد على الرافضة تجد ذكر هذا اليهودي , وعلى هذا الرابط العديد من الكتب التي ترد على الروافض
جميع ما ألف في الرافضة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=33995)
والله الموفق(55/237)
معامله اهل الكتاب؟
ـ[عادل المامون]ــــــــ[07 - 12 - 05, 05:50 ص]ـ
السلام عليكم ورحمه الله الله وبركاته
اخوتي في الله
هل يجوز معامله اهل الكتاب وبالاخص النصاري الذين يعيشون معنا في بلادنا علي انهم
من المؤلفه قلوبهم؟
افيدونا رحمكم الله
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[07 - 12 - 05, 10:10 ص]ـ
اليك كلام للإمام الشافعي رحمه الله فى الام:
والمؤلفة قلوبهم: من دخل في الإسلام ولا يعطى من الصدقة مشرك يتألف على الإسلام فإن قال قائل: أعطى النبي صلى الله عليه وسلم عام حنين بعض المشركين المؤلفة فتلك العطايا من الفيء ومن قال مال النبي صلى الله عليه وسلم خاصة لا من مال الصدقة ومباح له أن يعطى من ماله وقد خول الله تعالى المسلمين أموال المشركين لا المشركين أموالهم وجعل صدقات المسلمين مردودة فيهم كما سمى لا على من خالف دينهم.
و اهل الذمة قد شرع الله لنا أحكامهم الخاصة فلانخلط بين الصنفين.(55/238)
سؤال حول صيغة للصلاة على النبي
ـ[المقدادي]ــــــــ[07 - 12 - 05, 03:16 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مشائخنا و طلبة العلم الكرام
تحية طبية و بعد
فإنني اسأل عن هذه الصيغة للصلاة على نبينا محمد صلوات ربي و سلامه عليه حيث تقول:
((اللهم صل ِ على محمد طب القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصار وضيائها))
هل فيها مخالفة شرعية؟؟؟؟
افيدونا بارك الله فيكم
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[07 - 12 - 05, 04:16 م]ـ
و أريد أنا أن أسأل عن صلاة الفاتح ما هي و ما حكمها من جواز و منع
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[07 - 12 - 05, 04:41 م]ـ
اما صلاة الفاتح فهى الصلاة المشهورة جدا عند الصوفية و هى صيغة أبتدعها (أحمد التيجانى) يقول فيها
(أللهم صلى صلاة كاملة و سلم سلاما تاما على سيدنا و مولانا محمد النبى الذى تنحل به العقد و تنفرج به الكرب و تقضى به الحوائج و تنال به الرغائب و حسن الخواتيم و يستسقى الغمام بوجهه الكريم و على آله و صحبه فى كل لمحة و نفس بقدر كل معلوم لك يا اللح يا حى يا قيوم)
هناك صيغة أخرى تسمى بالفاتح لمحمد البكري و ينسبونها لعلى بن أبى طالب يقولون فيها
(اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق وناصر الحق بالحق و الهادى الى صراطك المستقيم وعلى اله وصحبه حق قدره ومقداره العظيم)
و هذه الصيغ المبتدعة و غيرها كالصلاة النارية و صلاة المحبة والصلاة الأحدية يخلعون فيها صفات الربوبية على النبى صلى الله عليه وسلم و يخالفون قوله صلى الله عليه وسلم (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله)
و أقل ما يقال فى هذه الصيغ بفرض أنها خلت من الشركيات، أنها تشغل عن خير الهدى هدى النبى صلى الله عليه وسلم فيجعلك الشيطان ترددها بدلا عن الصيغة المأثورة عنه صلى الله عليه وسلم فتنشغل بالمفضول و السنة بعمل بدعى لن يقبل منك.
وكذلك يقال فى الصيغة الأولى التى سأل عنها الأخى المقدادي. و الله أعلى و أعلم.
ـ[المقدادي]ــــــــ[09 - 12 - 05, 09:17 ص]ـ
جزاك الله خيرا اخي ابو حفص السكندري(55/239)
هل يحق لشاب يدرس في اوربا ان يعيش مع امراة عجوز في بيت و احد علما انه محتاج لهذا و لي
ـ[ابو حفص الحلبي]ــــــــ[07 - 12 - 05, 03:33 م]ـ
هل يحق لشاب يدرس في اوربا ان يعيش مع امراة عجوز في بيت و احد علما انه محتاج لهذا و ليس مضطر و هل هذا يختلف عن السكن بالسكن الجامعي المختلط و لكن لكل غرفته طبعا و اذا احتيج للتفصيل نفصل ان شاء الله
ـ[مازن الحسن]ــــــــ[07 - 12 - 05, 03:44 م]ـ
اخى الكريم ابو حفص الحلبي
من واقع خبرتى فى الدراسه فى الغرب لا تقبل بديلا عن السكن مع شباب مسلمين من اهل السنه ملتزمين بالقرأن و السنه يرتادون المسجد من اى بلد اسلامى و ليس شرط القوميه
لا سكن مع امراة عجوز
و لا سكن جامعي مختلط
ولا سكن مع غير المسلمين
ولا سكن مع المسلمين غير الملتزمين
ـ[ابو حفص الحلبي]ــــــــ[07 - 12 - 05, 03:58 م]ـ
اخي جزاك الله كل خير اولا انا متبع ما قلت و زيادة و الحمد لله و لكن السؤال لصديقي و هو محتاج لظروفه الخاصة
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[07 - 12 - 05, 04:51 م]ـ
النبى صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والدخول على النساء)
والنساء هنا تعم كل النساء الصغيرة والكبيرة، الشابة والعجوز لا فرق بينهما و ليس هناك مخصص لهذا العموم.
وكذلك قول النبى صلى الله عليه وسلم (ألا لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما) فهذا أيضا على العموم فلا يجوز الإختلاء بأى إمرأة أجنبية الشابة والعجوز فى ذلك سواء.
و أذكر فى ذلك قول الشافعى رحمه الله و أرويه بالمعنى، قال (لو استأمنونى على مثل أحد ذهبا لقبلت و لو استامنونى على امة عجوز فى التسعين من عمرها ما قبلت ...... فإن لكل ساقطة لاقطة).
والله اعلى و اعلم.(55/240)
هل يجوز لمن تهشمت عظام ساقه أن يستبدلها بعظم الكلب أو الخنزير لتوافق الأنسجة كما يقول
ـ[أبو إسحاق الباجوري]ــــــــ[08 - 12 - 05, 10:33 م]ـ
نريد جوابا على هذا السؤال
هل يجوز لمن تهشمت عظام ساقه أن يستبدلها بعظم الكلب أو الخنزير لتوافق الأنسجة كما يقول الأطباء؟
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[08 - 12 - 05, 10:39 م]ـ
لعل هذا الحديث يفيدكم ... ولست أهل للفتوى- الحديث في مسند الامام أحمد
20285 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا شيبان ثنا أبو الأشهب العطاردي جعفر بن حيان ثنا عبد الرحمن بن طرفة بن عرفجة قال وزعم عبد الرحمن انه رأى عرفجة قال: أصيب أنف عرفجة يوم الكلاب فاتخذ آنفا من ورق فانتن عليه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم ان يتخذ آنفا من ذهب
تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن
ـ[أبو إسحاق الباجوري]ــــــــ[08 - 12 - 05, 11:00 م]ـ
جزاكم الله خيرا ولكن هل من مزيد مع النظر لعلة النجاسة وكون هذا الإنسان يصلي
ـ[المسيطير]ــــــــ[09 - 12 - 05, 01:37 ص]ـ
الأخ الكريم / أباإسحاق الباجوري
أرى أن مثل هذه الأسئلة لابد أن تطرح على لجنة الإفتاء أو أحد كبار العلماء.
وفقك الله أينما كنت.
ـ[أحمد محمود حمدي]ــــــــ[09 - 12 - 05, 05:20 ص]ـ
قد يكون في انسجة هذا الخنزير أمراضا لا علاج منها فانتبه أخي في الله
وقد قرأت مثل ذلك فعلا
وأظن الصبر أولى
والله أعلم
مع خالص تمنياتي لك بالتوفيق
ـ[السني]ــــــــ[09 - 12 - 05, 10:59 م]ـ
قال الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح في دروسه والتي فُرِّغت خطيًّا ما نصه:
((القسم الرابع: نقل الأعضاء النجسة إلى الإنسان ,مثل ميتة بهيمة الأنعام ومثل الخنزير ... إلخ.
وقد ذكر الأطباء أن عظم الخنزير من أحسن العظام في ملائمتها لعظم الآدمي بحيث أنه يبرأ بسرعة ولا يؤدي إلى الاعوجاج.
إذا نقل عظم الخنزير إلى الآدمي أو شاة ميتة أخذنا عظمها لم تذكى ونقلناه إلى آدمي حصل فيه تكسر ما حكم ذلك؟
نقول الأصل أن هذا محرم ولا يجوز لأن الميتة نجسة والخنزير أيضاً محرم ولا يجوز.
مع أن شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله بالنسبة لعظام الميتة يرى طهارتها، لكن على رأي جمهور أهل العلم الذين يرون نجاستها يرون أنه لا يجوز نقل مثل هذه الأعضاء التي تكون نجسة ,مثلاً الجلد , العظام , السن , عظم الخنزير .. إلخ.
لكن يبقى عندنا مسألة الاضطرار، فإذا اضطر الإنسان إلى مثل هذه الأشياء نقول يجوز هذا بشرطين:
الشرط الأول: أن يكون ذلك بعد البحث والتقصي وهو أن يبحث عن الدواء الذي يناسبه فإذا بذل جهده في البحث والتقصي فلم يجد شيئاً طاهراً فإنه لا يجوز له أن يلجأ إلى النجس.
الشرط الثاني: أن يكون موضع ضرورة يعني أن يكون محتاجاً إليه ومضطراً إليه أما إذا كان غير مضطر فلا يجوز.))
ـ[عمر نزالي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 06:50 ص]ـ
قد تجد الإجابة في الفتوى رقم 35
http://fatawaferkous.com/fatawa_moutanaouia.html
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[19 - 12 - 05, 06:40 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=34196&highlight=%C7%E1%CE%E4%D2%ED%D1(55/241)
قال طالب لزميله: لم يزد الشيخ على ما في الشرح!
ـ[أم حبيبة م. فهمي]ــــــــ[08 - 12 - 05, 11:33 م]ـ
قال طالب لزميله: لم يزد الشيخ على ما في الشرح!
عبد الرحمن بن صالح السديس
الحمد لله يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وهو على كل شيء قدير، والصلاة والسلام على محمد خير بشير ونذير أما بعد:
فهذه حكاية قرأتها في ترجمة العالم الحنبلي محمد بن عبد الرحمن بن عفالق الأحسائي (1) في كتاب السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة في 3/ 928: هذا نصها:
وكان شخص من أقاربه يقرأ عليه [مع] (2) رفقة له في " قواعد الإعراب " فلما خرج قال لبعض الطلبة: لم يزدنا الشيخ على ما في الشرح!
فنُقِلتْ (3) هذه الكلمة إلى الشيخ، فلما كان من الغد، وحضر الطلبة، قال الشيخ لذلك الشخص: اقرأ الدرس الماضي، فقرأه، وشرع الشيخ في التقرير في أبلغ عبارة، وأوسع نقل إلى الضحوة، ثم قال لذلك التلميذ: ما فَهِمْتَ مِن هذا؟
فقال: لم أفهم شيئا منه، فقال: لهذا لم أزدك على ما في الشرح. (4) اهـ.
هذه المسألة "التدرج في التعليم"، وإعطاء الطلاب ما يدركون، وترك التعمق فيما لا يفهمونه، وتقسيمهم طبقات، منهج معروف في ذاك الزمان، وقبله، وبعده، أما الآن فقل، أو انعدم من يفعله، وهذا يُحدث خللا كبيرا في التلقي، فالطالب المبتدئ الذي يحضر درسا، ثم يجد الشيخ يتوسع بكل ما آتاه الله من قدرة سيخرج كما خرج هذا = لم يفهم شيئا.
كما أن الطالب الفَطِن المتقدم في الطلب إذا حضر درسا للشيخ لم يزد فيه الشيخ شيئا على معلومه، سيفتر، أو يقف عن الحضور؛ لأنه لم يجد أهم ما جاء من أجله.
قال الإمام أبو بكر المروذي: بلغني أن ابن السماك جلس للناس يوما، وكانت له جارية في غرفة تسمع كلامه، فقال لها حين دخل عليها: كيف رأيت؟
قالت: ما أحسنه لولا أنك تكثر من ترداده، فقال: أردده ليفهمه من لم يفهمه.
قالت: إلى أن يفهمه من لم يفهمه قد ملّه من فهمه. أخبار الشيوخ ص191.
ومن جميل ما يذكر في التدرج:
أن طالبا جاء عند العلامة المعلمي، ومعه كتاب في الأصول، وطلب منه أن يشرح له بعض العبارات، وكان يظهر على هذا الطالب علامات التسرع، وبيد الشيخ رحمه الله سلسلة، فقال للطالب: انظر لهذه السلسلة التي بيدي، صانعها نكث في صنعها مدة أخذ يركب حلقة حلقة، وهكذا العلم مسألة مسألة. اهـ
ص69 من مقدمة كتاب "عمارة القبور" للشيخ ماجد الزيادي.
والتعليم فن يحتاج إلى إتقان، وبعد نظر.
فكم رأيتم مَن بدأ بكتاب مختصر في أحد الفنون كالعمدة في الفقه، مثلا للمبتدئين فطول العبارة، وتوسع في ذكر الفروع، والخلاف، والكلام على علل الأدلة .. الخ = فصار الكتاب أوسع من المغني، والمجموع، وهو درس للمبتدئين!
ومَن شرح النخبة فزاد في بعض مباحثه على فتح المغيث ..
والضحية مَن خرج، ولم يفهم، بل ربما ترك طلب العلم مطلقا.
فهلا انتبه لذلك المشايخ، وطلبة العلم؟
والعجيب أنك دائما تسمع الوصية للطلبة بالتدرج، ثم يقل أن تجد من يطبق.
ومن صور الفوضى في ذلك أن يَترك الشيخ للطالب اختيار الكتاب الذي يريده، فيجهز الطالب على كتاب كبير ليس منه بسبيل، أو علم هو فيه دخيل.
وعكسها أن ينظر الشيخ لمصلحته هو، فيأمر الطالب أن يقرأ عليه في كتاب يريده هو، فينظر مصلحته، وينسى ما ينفع التلميذ المسكين، وهذا غش لهذا الطالب المسكين، فليس من النصح للمسلمين.
هذه خواطر كانت تجول في الذهن من زمن مررت بهذه القصة، فكانت مناسبة لها.
والله أعلم.
وينظر المدخل للعلامة ابن بدارن الحنبلي ص485 ففيه كلام جميل مطول عن التدرج.
-------------------
(1) هذا الرجل كان من المتعصبين ضد دعوة الدعوة السلفية في نجد.
(2) في المطبوع: من، وأظن الصواب ما أثبت.
(3) هذه نميمة قبيحة، وكان الأولى بهذا الناقل أن لا يسمي من نقل بل يذكر الكلام على الإبهام.
(4) يبدو أن هذا الشيخ حريص على هذا الذي ذكرت ففي ترجمته أنه قال عند موته لتلميذه: في صدري أربعة عشر علما لم أسأل عن مسألة منها قبلك. 3/ 928.
نقلته لكم من موقع صيد الفوائد
أختكم المهاجرة
أم جويرية
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[08 - 12 - 05, 11:40 م]ـ
سبق:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=42039
ـ[أم حبيبة م. فهمي]ــــــــ[08 - 12 - 05, 11:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أنا في غاية الأسف ..
و أعتذر كثيرا عن هذا التسرع و الاستعجال ...
و جزاكم الله كل خير على التنبيه
المهاجرة
أم جويرية
ـ[سعيد الحلبي]ــــــــ[09 - 12 - 05, 02:15 ص]ـ
جزى الله أختنا خيرا
وبارك الله في أخينا محمد بن عبدالله
وزاده يقظة وفهما
ـ[محمد بن القاضي]ــــــــ[16 - 12 - 05, 05:41 ص]ـ
قد يكون الشيء في مكان ولا يلتفت إليه البعض ويكون في موضع آخر فيررونه، حفظكم الله جميعا.(55/242)
لقاء مع أم عبدالله زوجة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
ـ[المسيطير]ــــــــ[09 - 12 - 05, 02:05 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمداً وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
اخواني الافاضل واخواتي الفاضلات يسرني ان انقل لكم هذا اللقاء الذي اجرته احدى الاخوات الداعيات والمشرفه على احد المنتديات مع والدتنا الغاليه ام عبدالله حفظها الله زوجة سماحة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله) احببت ان انقل لكم هذا اللقاء المميز
والآن إلى إجابات ما تيسر من الأسئلة:
س: هل يوجد تغير في همة الشيخ في العلم والدعوة والعبادة بين شبابه وشيخوخته رحمه الله؟
ج: لم أجد أي نقص أو ضعف في همة الشيخ رحمه الله في العلم والدعوة والعبادة مع تقدمه في العمر ولكن على العكس فقد كانت مشاغله رحمه الله تزداد مع مرور الوقت كما هو الحال في عبادته ودعوته حتى أنه رحمه الله في شدة مرضه لم يفرط بلحظة واحدة دون ذكر أو عبادة أو تدريس أو توجيه.
.. * .. * .. *. .* ..
س: أغرب ما رأيتي من الشيخ رحمه الله في حياته؟
ج: لقد كانت حياته رحمه الله مثالاً يحتذى ومما يعجب له الإنسان صبره وهمته رحمه الله في طلب العلم ثم صبره وهمته في التعليم ونشر العلم الشرعي وكذلك فيه رحمه الله زهداً وورعاً ربما يستغربه من لا يعرف الشيخ رحمه الله عن قرب.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كيف يتعامل الشيخ رحمه الله مع أولاده في حياتهم الخاصة؟
ج: كان تعامله رحمه الله مع أبناءه وبناته ينقسم إلى مرحلتين الأولى مرحلة الطفولة والصبا وفيها يحرص رحمه الله على رعايتهم والقرب منهم ثم متابعة تحصيلهم العلمي بعد التحاقهم بالمدارس كما يحرص رحمه الله في هذه المرحلة على توجيههم وإرشادهم وغرس بعضاً من مبادئ الدين الإسلامي في نفوسهم فكان مثلاً يصطحب الأولاد معه إلى المسجد لأداء بعض الفروض وكان رحمه الله يشجعهم على صيام بعضاً من أيام رمضان دون أن يرى في ذلك مشقة عليهم بالإضافة إلى تشجيعهم على حفظ قصار السور ويكافئهم على ذلك.
أما المرحلة الثانية فهي مرحلة الشباب والنضج فكان رحمه الله في هذه المرحلة شديداً فيما يتعلق بتأدية الواجبات الدينية حريصاً على تأديبهم ومحاسبتهم في حالة التقصير وكان يتبع في ذلك التوجيه باللين وإذا تطلب الأمر أكثر من ذلك فإنه لا يتردد في اتخاذ ما يرى بأنه كافياً لتعديل الخطأ وتقويم الأبناء، إضافة إلى ذلك كان رحمه الله يضع كامل ثقته في أبناءه ويترك لهم بعض الأمور ليتعودوا على الاعتماد على أنفسهم كما كان رحمه الله يحثهم دائماً على البر والصلة وكان يتفقدهم في ذلك.
.. * .. * .. *. .* ..
س: لماذا لم يكن الشيخ رحمه الله يحني لحيته؟
ج: ربما لم يكن لديه الوقت لتعهد لحيته بالحناء وأظن أنني سمعته رحمه الله يقول مثل ذلك.
.. * .. * .. *. .* ..
س: متى يشتد غضب الشيخ رحمه الله وكيف كان يتعامل مع غضبك؟
ج: يشتد غضبه رحمه الله إذا انتهكت حرمات الله، وكان يتعامل مع غضبي على أحد الأبناء مثلاً بتهدئتي وتقديم النصيحة للمخطئ وفي العموم كان الشيخ رحمه الله هادئاً لا يغضب بسرعة كما أنه رحمه الله إذا غضب فإنه سرعان ما يزول غضبه وهذه نعمة من الله سبحانه وتعالى كنت أغبطه عليها.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كيف كان يقوم الشيخ رحمه الله من نومه؟ هل يضع منبهاً أم يطلب من أحد إيقاظه؟
ج: كان رحمه الله يعتمد على الله ثمّ على المنبه وعلينا في إيقاظه وفي الغالب كان رحمه الله ينهض من نومه قبل المنبه وقبل أن أقوم بإيقاظه.
.. * .. * .. *. .* ..
س: س: هل كان الشيخ رحمه الله يخرج مع العائلة للتنزه في الخارج؟
ج: نعم كان للعائلة رحلة أسبوعية وهي يوم الجمعة بعد الصلاة حيث نخرج إلى منطقة برية قريبة ونتناول طعام الغداء وكان يستغل ذلك الوقت في مشاركة أبناءه في بعض المسابقات كالجري وحل الألغاز وكان يصطحب معه بندقية صغيرة حيث يتبارى مع أبناءه على الرماية وغير ذلك.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كيف كان صيام الشيخ رحمه الله طوال العام؟
ج: كان الشيخ رحمه الله طوال عمره يداوم على صيام ثلاثة أيام من كل شهر وست من شوال وعشر ذي الحجة ويوم عاشوراء.
.. * .. * .. *. .* ..
س: لماذا كان الشيخ رحمه الله لا يكلم النساء مباشرة في سؤال على الهاتف؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/243)
ج: لا أدري ولكن ربما رحمه الله أنه رأى من غير المصلحة أن يظهر صوت المرأة السائلة، أما النساء التي تطلب الفتوى بالهاتف الخاص فكان رحمه الله يرد عليهن ويقضي حاجاتهن.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كيف كان الشيخ رحمه الله يختار أسماء أولاده؟
ج: كان يختار بعض الأسماء مثل عبد الله وعبد الرحمن وكان يترك البقية شورى بيننا وكنا نختار الاسم ثم نعرضه عليه فيوافق أو يطلب اختيار اسم آخر.
.. * .. * .. *. .* ..
س: ما هي الأشياء التي كانت تفرح الشيخ رحمه الله؟
ج: مما لا شك فيه أن الشيخ رحمه الله كان يزداد سعادة عندما يرى عزاً للإسلام والمسلمين أما سعادته في منزله فكانت تتجلى في جلساته مع أبناءه كباراً وصغاراً وبعد ذلك كنت تلحظ علامة السعادة والفرح عند استقباله لأحفاده فكان رحمه الله يفتح بشته ثم يدخلهم ويبدأ بالسؤال عنهم ثم يفتح بشته ويكرر ذلك عدة مرات بعدها يأخذهم إلى مكتبته وكان يحتفظ بها بنوع معين من الحلوى كنا نحرص على ألا يجدوه إلا عنده رحمه الله فيعطيهم منها وكانوا يسمونها حلاوة أبوي كما كان رحمه الله برغم مشاغله يعودهم في منازلهم إذا سمع بمرض أحدهم وكذلك يذهب لزيارتهم في المستشفى إن كانوا هناك وكان لذلك أكبر الأثر في نفوس الأحفاد وآبائهم وأمهاتهم.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كم عدد أبناء الشيخ رحمه الله الذكور والإناث؟
ج: عدد الذكور من أبناء الشيخ رحمه الله خمسة.
عدد الإناث من أبناء الشيخ رحمه الله ثلاث.
.. * .. * .. *. .* ..
س: مَن أقرب أبناء الشيخ رحمه الله إلى قلبه من الأبناء والبنات.
ج: كان رحمه الله يقوم بتربية أبناءه على العدل في كل شيء كبير الأمور وصغيرها وإذا كان يرى تميزاً في أحد أبناءه عن البقية فإنه لا يمكن أن يصرح بذلك لأن من غير العدل الذي يحرص رحمه الله على توخيه في أمور أبسط من ذلك فما بالكم في ذلك.
.. * .. * .. *. .* ..
س: مَن أشد أبناءه تأثراً بفقده؟
ج: كلهم كانوا متأثرين والحقيقة أنني كنت أشعر بأننا لسنا الوحيدين الذين فقدناه ولكن كان رحمه الله والداً للجميع فكان فقده صدمة للمسلمين في كل أنحاء الأرض.
.. * .. * .. *. .* ..
س: مَن أصغر أبناءه وكم عمره؟
ج: أصغرهم بنت عمرها 21 سنة.
.. * .. * .. *. .* ..
س: سؤال عن خطوات الشيخ في بداية مشواره في طلب العلم ودور أمنا الغالية في مساعدته؟
ج: كان الشيخ رحمه الله تعالى قد تولى التدريس في الجامع الكبير بعنيزة خلفاً لشيخه عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمهما الله تعالى قبل اقتراني به ولكن ما زال رغم ذلك يعتبر نفسه في مرحلة طلب العلم أما مساعدتي له فكانت في عدم إشغاله عن التفرغ لطلب العلم ونشره حيث أقوم على خدمته وتوفير كل ما يحتاجه ويعينه على طلب العلم وكذلك متابعة الأبناء والقيام عليهم إلا فيما يتعلق بالأشياء التي تتطلب إخباره عنها ليتدخل في التوجيه والحل.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كيف كان رحمه الله يوفق بين الدعوة التي أخذت جل وقته وبين مسؤلياته والتزاماته الأسرية والاجتماعية؟
ج: كان رحمه الله ينظم وقته ويهتم بذلك كثيراً فلتدريس والفتوى والدعوة وقت وللعبادة أوقات وللأسرة والأبناء وقت وكذلك للالتزامات العائلية وصلة الرحم أيضاً وقت وكان رحمه الله عندما لا يستطيع الوفاء بالالتزاما ت الأسرية حضورياً كان يحرص على المشاركة حتى ولو هاتفياً.
.. * .. * .. *. .* ..
س: ما كانت سياسة الشيخ رحمه الله التربوية في تعليم وتوجيه أبناءه؟
ج: نظرته وسياسته في تربية أبناءه سبق التطرق لها أما ما يتعلق بالتعليم فكان رحمه الله لا يجبر أبناؤه على تخصصات بعينها بل كان يستشيرهم بذلك وما أدل على ذلك من كون أبناءه قد تخرجوا من كليات مختلفة منها الكليات العلمية والكليات الشرعية والكليات العسكرية.
.. * .. * .. *. .* ..
س: بحكم عمل الشيخ وارتباطاته فإنه لا بد أن يتغيب عن بيته وأسرته فما دوركم حفظكم الله في هذا الأمر وكيف كنت تغطين فراغ الشيخ رحمه الله في حياة أبناءه؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/244)
ج: حتى لو تغيب رحمه الله عن المنزل سواءً في ارتباطاته العلمية والتدريسية داخل عنيزة أو إذا كان مسافراً كان رحمه الله متابعاً لأبنائه حتى ولو لم يكن موجوداً بالمنزل وذلك بالسؤال عنهم هاتفياً وكذلك بتفقدهم عند عودته ودوري لا يذكر فقد كان حسه معنا دائماً وفي العموم كنت أشعر الأبناء بأن والدهم مسؤولياته كبيره وأعمال كثيرة وأصبرهم بذلك وكان رحمه الله يعوضهم عن ذلك حال عودته.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كيف كان الشيخ رحمه الله يتعبد في بيته؟
ج: كان يحرص رحمه الله على تأدية السنن الرواتب في المنزل إلا في حدود ضيقة وكان رحمه الله تعالى يقوم آخر الليل ليصلي ما تيسر ثم يوتر قبل الفجر إضافة إلى الذكر والاستغفار الذي لا ينقطع.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كيف كان برنامج الشيخ اليومي ومتى كان وقت نومه رحمه الله واستيقاظه، وقت الغداء، وقت العشاء، وقت الفطور؟
ج: ينهض الشيخ رحمه الله من نومه آخر الليل فيصلي ما شاء الله ثم يوتر قبل أذان الفجر وبعد الأذان يصلي راتبة الفجر ويوقظ أهل بيته لأداء الصلاة ثم يذهب لأداء صلاة الفجر وبعدها يعود ثم يبقى في فناء المنزل لقراءة أوراده وما تيسر من القرآن الكريم حتى قرب طلوع الشمس بعدها يخلد للنوم حتى حوالي الثامنة صباحاً وذلك في الأيام التي لا يكون مرتبطاً بها في التدريس بالجامعة بعدها يتناول طعام الإفطار ويبدأ بإنهاء أعماله وقراءاته ومطالعاته في مكتبته بالمنزل يتخلل ذلك أداءه رحمه الله لسنة الضحى حتى أذان الظهر وبعد أداء صلاة الظهر يعود للمنزل لتناول طعام الغداء مع الأبناء في الواحدة والنصف ويتلقى مكالمات الهاتف ويرد على أسئلة المتصلين حتى قبل العصر بحوالي عشرين دقيقة بعدها يخلد للراحة لمدة ربع ساعة أو ربما أقل من ذلك حتى أذان صلاة العصر فيذهب للصلاة ويبقى بالجامع لقضاء حاجات الناس الذين يتوافدون للجامع لمعرفتهم أن الشيخ رحمه الله يبقى بعد صلاة العصر للنظر في حاجاتهم وفتاواهم ثم يعود قبل المغرب إلى مكتبته للمطالعة حتى المغرب ليخرج بعدها للصلاة ثم يجلس للدرس اليومي بجامعه رحمه الله حتى بعد العشاء يعود بعدها غالباً للمنزل فيتناول عشاءً خفيفاً ثم يعود للمكتبة وفي بعض الأحيان يكون مرتبطاً بإلقاء محاضرات عبر الهاتف إلى مناطق خارج المملكة وهذا البرنامج هو السائد طوال العام إلا أنه يختلف في المواسم مثل رمضان أو الحج وكذلك في الأجازات الصيفية كما أن للشيخ رحمه الله ارتباطات ليست يومية وإنما لقاءات أسبوعية وهي إما أن تكون في المنزل أو خارجه مثل لقاءاته رحمه الله كل ليلة أربعاء في المنزل مع القضاة وكذلك له لقاءات مع الخطباء وأساتذة الجامعة ورجال الحسبة وغير ذلك حتى الحادية عشر أو الثانية عشر ثم يخلد بعدها للنوم.
.. * .. * .. *. .* ..
س: ما هو برنامج الشيخ رحمه الله في رمضان خاصة بعد الفطور؟
ج: الشيخ رحمه الله في رمضان له برنامج مختلف حيث يقضي معظم الوقت في الجامع لقراءة القرآن الكريم وقضاء حوائج الناس وكان رحمه الله يستقبل الفقراء وبعض طلبة العلم طوال الشهر الكريم في المنزل يتناول معهم طعام الإفطار وبعد صلاة المغرب يعودون لتناول طعام العشاء وكان يستغل ذلك الوقت للرد على الفتاوى عبر الهاتف وكذلك يحضر إلى المنزل الكثير من الناس إما للسلام على الشيخ رحمه الله أو لطلب الفتوى.
.. * .. * .. *. .* ..
س: أين يحب أن يقضي الشيخ رحمه الله وقت الراحة؟
ج: ليس للشيخ رحمه الله وقت للراحة بالمعنى المعروف فالشيخ رحمه الله طوال وقته مشغول حتى أنه إذا أراد الجلوس معنا في بعض الأوقات فإن الهاتف يأخذه ويقتطع من وقته جزءاً طويلاً فكان رحمه الله راحته في نشر العلم وقضاء حوائج الناس والفتوى.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كم ساعة كان ينام الشيخ رحمه الله؟
ج: كان نومه المتصل لا يتعدى ثلاث إلى أربع ساعات ومجموع ساعات نومه رحمه الله لا تتعدى ست ساعات يومياً.
.. * .. * .. *. .* ..
س: مَن مِن طلاب الشيخ رحمه الله كان يثني عليه ويديم ذكره ويسعد بزيارته؟
ج: كان ينظر رحمه الله إلى طلابه وكأنهم أبناؤه وكان لا يخص أحدهم بالثناء وإنما يرى أنهم سواسية كما كان رحمه الله يستقبلهم في منزله ويشاركهم في مناسباتهم ويعينهم ويدعمهم عند الحاجة كما كان رحمه الله يشاركهم في رحلات واجتماعات دورية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/245)
. * .. * .. *. .* ..
س: كيف كانت أسرة الشيخ رحمه الله تتعامل مع زهد الشيخ وورعه؟
ج: كنا نرى أنه رحمه الله قدوة في كل شيء وكنا نكبر زهده وورعه بل كان ذلك مما يبعث فينا الراحة والطمأنينة حيث أنه رحمه الله لا يحب التكلف ولا يريد من حوله أن يكونوا متكلفين بل كان بسيطاً يحب اليسر في كل أموره.
.. * .. * .. *. .* ..
س: هل بكى الشيخ رحمه الله عند وفاة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله؟
ج: كان تأثره كبيراً عند وفاة شيخه عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى وقد لمس جميع من حوله من الناس مدى تأثره رحمهما الله وجمعنا بهم في جنات النعيم.
.. * .. * .. *. .* ..
س: هل سافر الشيخ يوماً لغير العلم وإلى أين؟
ج: لا لم يسافر أي سفر لغير العلم فكان مثلاً يسافر إلى مكة المكرمة للعمرة ثم تجده يحدد مواعيد للدروس بالحرم ويسافر مثلاً للرياض أو الطائف لحضور اجتماع هيئة كبار العلماء ثم تجده يحدد مواعيد للدروس في أحد المساجد ومواعيد للمحاضرات وهكذا.
.. * .. * .. *. .* ..
س: ما هي مظاهر كرم الشيخ رحمه الله مع المحتاجين؟
ج: كنا نلمس اهتمامه رحمه الله بالمحتاجين سواءً البعيدين أو القريبين فكان مثلاً يتفقد المحتاجين من أسرته وأقاربه ويساعدهم ويقضي حاجاتهم كما كان رحمه الله يهتم كثيرا بجيرانه من ذو الحاجات فكان يساعدهم بكل ما يحتاجونه بل يزورهم ويواسيهم في همومهم ويشاركهم في مناسباتهم وأفراحهم.
.. * .. * .. *. .* ..
س: ما تعلمت من الشيخ رحمه الله؟ وهل تعلمت أمور الفتوى؟ هل أفتيتي في يوماً ما؟
ج: تعلمت من الشيخ رحمه الله كل شيء يتعلق بأمور الحياة سواءً من الناحية الاجتماعية أو الشرعية، أما أمور الفتوى فلم أكن أتجرأ على ذلك ولكن كنت أعرض ما أتلقاه من أسئلة عليه رحمه الله ثم انقل فتاواه وإجاباته إلى السائلين.
.. * .. * .. *. .* ..
س: قبل وفاته رحمه الله بماذا أوصى أحبته وأهل بيته؟
ج: الشيخ رحمه الله لم يوص قبل وفاته مباشرة ولكن كان رحمه الله طوال حياتنا معه وطوال حياته رحمه الله مع الناس كان يوصيهم ويوجههم إلى ما ينفعهم في دينهم ودنياهم.
.. * .. * .. *. .* ..
س: نريد منك نصيحة لزوجات الدعاة وطلاب العلم؟
ج: أن يحفظن أزواجهن في السر والعلن وأن يعملن على تهيئة الظروف المناسبة لمواصلة أزواجهن أداء واجباتهم الدعوية والعلمية، كما أحثهن بأن لا يجزعن من كثرة انشغال أزواجهن بالرحلات والمطالعة والقراءة وغير ذلك من أمور الدعوة لأنهن بإذن الله تعالى مشتركات في الأجر ومن جهز غازياً فقد غزا.
.. * .. * .. *. .* ..
س: موقف طريف للشيخ رحمه الله مع أبناءه أو جيرانه؟
ج: كان الشيخ رحمه الله بسيطاً مع أبناءه وجيرانه وجميع المحيطين به ومن الأشياء الجميلة والطريفة أن الشيخ كان رحمه الله يقوم بتسجيل أناشيد وتلاوات قصيرة لأبنائه وربما يكون معهم أحد أبناء الجيران على شريط كاسيت وكان رحمه الله يعيدها عليهم في جلساته معهم بعد أن يكبروا حتى أننا نحتفظ بهذه التسجيلات حتى الآن.
.. * .. * .. *. .* ..
س: ما هو دأب الشيخ رحمه الله في استقبال ضيوفه؟
ج كان رحمه الله يستقبل ضيوفه بكل ترحيب وبساطة فكان لا يتكلف لهم ولا يشعرهم بأنهم ضيوف وقل ما يمر يوماً دون أن يصطحب معه رحمه الله ضيوفاً إما للغداء أو للعشاء أو بين ذلك وكنا نفرح بضيوفه ونكرمهم.
.. * .. * .. *. .* ..
س: ما هي نصيحتك لمن يعيثون في الأرض فساداً في مملكتنا الغالية؟
ج: نسأل الله تعالى أن يحمي بلادنا وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان وقد كان الشيخ رحمه الله يردد بأنه لا يعلم على وجه الأرض بلداً تطبق الشريعة وتلتزم بالعقيدة الصحيحة مثل هذه البلاد كما كان رحمه الله يحث على معالجة الأمور بالحكمة والموعظة الحسنة واللين دون العنف وما كان اللين في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه.
.. * .. * .. *. .* ..
س: طلب من الشيخ رحمه الله تعجبت منه وترددت في تنفيذه؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/246)
ج: قد يخفى على الجميع أنني كنت لا أحسن القراءة والكتابة بمعنى أنني لم أتلق تعليماً من أي نوع وبعد اقتراني بالشيخ رحمه الله كنت مهمومة ومنشغلة بخدمته وتوفير البيئة المناسبة والمريحة له لينطلق رحمه الله في طلب العلم والتعليم وبعد إنجاب أبنائنا انشغلت وتفرغت لتربيتهم إضافة إلى معاونتي ومعاضدتي للشيخ رحمه الله في حياته العلمية والعملية وبعد أن كبر الأولاد وبدأت أشغالي ومسئولياتي تقل نوعاً ما تفاجأت بأن الشيخ رحمه الله بدأ يشجعني ويحثني على الالتحاق بمدارس الكبيرات وقد ترددت في البداية ولكن ما لبثت أن قررت الالتحاق بالمدرسة وقد كان رحمه الله طوال فترة دراستي يتابع مستوى تحصيلي بل كان لا يرضى أن يوقع على كشف النتائج الخاص بي أحد من أبنائي بل يقول أنا من يوقع كل ما يخصك من الشؤون المدرسية وقد كانت فترة الدراسة فترة لا تنسى فيها من المواقف الرائعة والفوائد الجمة ما لا يمكن حصره.
.. * .. * .. *. .* ..
س: ما نوع الهدايا التي يقدمها رحمه الله لك ولأبنائه والناس؟
ج: طوال عمره رحمه الله لم يبخل على قريب ولا بعيد بكل ما يستطيع ولكن أعز الهدايا التي يقدمها لنا هي دعواته رحمه الله لي ولأبنائي التي أسأل الله تعالى أن يتقبلها ويكتبها في ميزان حسناته وأن يرزقني وأبناءه رحمه الله بره بعد وفاته إنه سميع مجيب.
.. * .. * .. *. .* ..
س: سؤال من د. يوسف السعيد: هل كان الشيخ رحمه الله ينقل لك ما يحدث في المسجد من أحداث ظريفة؟
ج: كان يذكر رحمه الله تعالى دائماً بعض المواقف التي يرى أنه من الملائم ذكرها لنا أما قصة الابن د. يوسف فربما أنه ذكرها لكن طول المدة وتقادم الوقت أدى إلى نسيانها.
.. * .. * .. *. .* ..
س: الشيخ رحمه الله حينما كان يسافر للدعوة كيف تتعاملين معه؟
ج: كنت أحثه وأشجعه وأسهل عليه وأوفر له ما يحتاجه وفي العموم كانت سفراته رحمه الله قليلة وكنت أرافقه في معظم رحلاته وسفراته، أما السفر إلى خارج المملكة فلم يسافر رحمه الله إلا مرة واحدة وهي رحلته العلاجية إلى أمريكا والتي لم تستغرق إلا حوالي عشرة أيام وكنت أرافقه فيها.
.. * .. * .. *. .* ..
س: ما هو تعامل الشيخ رحمه الله مع الانترنت في أول دخول لها بالمملكة؟
ج: كان من المبادرين إلى الاستفادة من هذه الخدمة وتسخيرها لخدمة العلم الشرعي ونشره وما أدل على ذلك من عمله رحمه الله على إنشاء موقع له على الإنترنت يحوي جميع نتاجه العلمي والذي قامت ولله الحمد مؤسسته الخيرية بعد وفاته رحمه الله بتطويره والإشراف عليه.
.. * .. * .. *. .* ..
س: متى اشترى الشيخ رحمه الله جهاز الرد الآلي؟
ج: من الأشياء التي تخفى عن الكثيرين أن الشيخ رحمه الله كان مهتماً بكل ما يتعلق بالأجهزة والألكترون يات الحديثة بل أن هناك من يزوده بكل ما يستجد حتى أنك تجد عند الشيخ رحمه الله بعض الأجهزة التي ربما لم تنتشر في الأسواق ومن أمثلة هذه الأشياء ما يتعلق بالساعات الألكتروني ة وأجهزة تحديد القبلة وأجهزة التسجيل والهواتف الثابتة والنقالة وأجهزة تخزين المعلومات الصوتية وأجهزة الرد الآلي على الهاتف وغيرها وبناءً على ذلك فقد كان الشيخ رحمه الله من المبادرين لاقتناء جهاز الرد الآلي أول ما نزل إلى أسواق المملكة وكان رحمه الله يحتاجه كثيراً وكان يبرمجه ويسجل عليه الرسائل بنفسه خاصة في حالة سفره حيث يقوم بتغيير الرسائل المسجلة من أماكن إقامته وكان مرجعاً لنا في مثل هذه الأمور.
.. * .. * .. *. .* ..
س: هل يشتري الشيخ رحمه الله الجرائد؟ وكيف يعرف الشيخ الأخبار المحلية والعالمية؟
ج: كانت تأتي إلى المنزل إحدى الجرائد المحلية بصورة إهداء وهي جريدة الجزيرة وكان رحمه الله يطلع عليها ويتصفحها إذا سمح وقته بذلك وربما طلب منا قص بعض المقالات أو الأخبار المهمة لأنه رحمه الله يحتفظ ببعض منها، كما كان يتزود بالأخبار عن طريق المذياع وخاصة في وقت الإفطار في الثامنة أو السابعة صباحاً حيث يستمع على إذاعة القرآن الكريم وإذاعة لندن كما كان يطيل الاستماع إلى التقارير الإذاعية في حالة وجود أخبار أو أحداث هامة.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كم عرض على الشيخ رحمه الله الانتقال للرياض؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/247)
ج: عرض عليه رحمه الله الانتقال من عنيزة عدة مرات فقد عرض عليه الانتقال إلى المدينة المنورة وإلى مكة المكرمة وإلى الرياض كما عين رحمه الله قاضياً في الإحساء ولكن رحمه الله كان يرى بأن بقاءه في عنيزة فيه مصلحة أكبر ولذلك رفض جميع هذه العروض.
.. * .. * .. *. .* ..
س: حين زيارة الملك فيصل والملك خالد والملك فهد رحمهم الله وغيرهم من الأمراء ماذا كان الشيخ رحمه الله يقدم لهم؟
ج: زار الشيخ رحمه الله في منزله الطيني بعنيزة كل من الملك سعود والملك خالد والملك فهد رحمهم الله جميعاً وكانوا غفر الله لهم يعجبون من بساطة مسكنه وورعه وزهده في هذه الدنيا.
.. * .. * .. *. .* ..
س: هل اقترح أحد على الشيخ رحمه الله تركيب جهاز للصدى في مسجده وهل ركب الجهاز في المسجد؟
ج: كان الشيخ رحمه الله لا يرى ذلك.
.. * .. * .. *. .* ..
س: هل كان الشيخ رحمه الله متزوج من غيرك؟ وكم زوجة كان متزوجاً؟
ج: لا لم يكن الشيخ رحمه الله متزوجاً من غيري فقد تزوج الشيخ رحمه الله تعالى زوجتين توفيت عنه الأولى ثم تزوج من الثانية ولكن لم يرد الله سبحانه وتعالى أن يدوم ذلك الزواج.
.. * .. * .. *. .* ..
س: نريد منك نصيحة للرجال من لديهم أكثر من زوجة؟
ج: العدل .. العدل .. العدل.
.. * .. * .. *. .* ..
س: لو طلبت من الوالد رحمه الله أن ينصحني فبماذا تتوقعين أن يوجه نصحه لي كفتاة؟
ج: ينصحك كما ينصح بناته وجميع بنات المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن وطاعة وبر الوالدين وصلة الرحم وحفظ الزوج واتقاء الله سبحانه وتعالى في تربية الأبناء تربية إسلامية صحيحة مبنية على اللين والرفق.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كيف تلقى الشيخ رحمه الله خبر إصابته بالمرض وكيف أخبركم بذلك؟
ج: تلقى رحمه الله خبر إصابته بالمرض بالصبر والاحتساب حتى أنه رحمه الله حمل هم تلقينا نحن للخبر وقد ذكر لي أحد أبنائي بعد ذلك بأن الوالد رحمه الله طلب منهم عدم ذكر شيء لوالدتكم وأخواتكم واتركوا ذلك لي، وقد قام رحمه الله بنقل الخبر لنا بالتدريج نسأل الله تعالى أن يغفر له ويسكنه فسيح جناته.
.. * .. * .. *. .* ..
س: هل كان الشيخ رحمه الله يحدثكم عن المجاهدين في الشيشان وغيرها خصوصاً أنه بلغنا أنه كان حريصاً على أخبارهم بل وإفتائهم؟
ج: كان يحرص رحمه الله على متابعة أحوال المسلمين في كل مكان في فلسطين وفي الجزائر وأفغانستان والشيشان.
.. * .. * .. *. .* ..
س: يا ليت تعطينا كم موقف مر فيها الشيخ رحمه الله أثناء الدعوة؟
ج: المواقف كثيرة وقد أوردها الكثير من الذين كتبوا عن الشيخ رحمه الله بعد وفاته.
.. * .. * .. *. .* ..
س: علمنا أن الشيخ رحمه الله في مرضه كان يرفض أن يطلق على المرض بالخبيث وكان يسميه الخطير .. هلا حدثتنا عن هذه النقطة وعن صور صبره رحمه الله؟
ج: لم يكن ذلك بعد مرضه فقط بل كان هذا رأيه رحمه الله من قبل ذلك وكأنه رحمه الله يكره كلمة خبيث، أما صور صبره رحمه الله فقد تجلت أثناء مرضه فقد كنت أعلم أنه يعاني من ألم شديد وقد كان الألم يوقظه من نومه عدة مرات في الليل ولكنه عندما يسأل عن الألم كان يرد بوجود ألم ولكنه يضيف بأنني أقول ذلك من باب الإخبار وليس من باب الشكوى لأنه رحمه الله يعرف جزاء الصابرين.
http://alsaha2.fares.net/sahat?128@176.HhbeuJl1Asi.0@.1dd879f6
ـ[سعيد الحلبي]ــــــــ[09 - 12 - 05, 02:10 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ورحم الله الشيخ
وبارك في عقبه
وأخلف المسلمين خيرا منه
ـ[أبو عبدالله الجبوري]ــــــــ[09 - 12 - 05, 03:10 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ...
ورحم الله الشيخ، وغفر له، وبارك في أهله وذريته ...
ـ[ Abou Anes] ــــــــ[09 - 12 - 05, 03:56 ص]ـ
بارك الله فيك على نقلك لهذا الموضوع الطيب الشيق الماتع، فكم استمتعت بقراءته.
نوّر الله قبره وفي غرف الجنة أرقده.
ـ[محمد أفندي]ــــــــ[09 - 12 - 05, 05:06 ص]ـ
رحم الله الشيخ كان مدرسة فى العلم والأخلاق
ـ[نياف]ــــــــ[09 - 12 - 05, 06:16 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ...
ورحم الله الشيخ، وغفر له، وبارك في أهله وذريته ...
ـ[المسيطير]ــــــــ[09 - 12 - 05, 10:32 م]ـ
س: ما هو تعامل الشيخ رحمه الله مع الانترنت في أول دخول لها بالمملكة؟
ج: كان من المبادرين إلى الاستفادة من هذه الخدمة وتسخيرها لخدمة العلم الشرعي ونشره وما أدل على ذلك من عمله رحمه الله على إنشاء موقع له على الإنترنت يحوي جميع نتاجه العلمي والذي قامت ولله الحمد مؤسسته الخيرية بعد وفاته رحمه الله بتطويره والإشراف عليه.
.. * .. * .. *. .* ..
جزى الله الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى خير الجزاء وجمعنا وإياه في الفردوس الأعلى، وبارك الله في مؤسسة الشيخ وأعانهم ويسر لهم أمورهم.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[09 - 12 - 05, 10:46 م]ـ
رحمه الله.
ـ[ابو سعد الحميّد]ــــــــ[10 - 12 - 05, 02:45 ص]ـ
جزى الله أم عبدالله خير الجزاء ورحم الله الشيخ رحمة واسعة ولكن الأسئلة كان مستواها ضعيف نوعاً ما والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/248)
ـ[فادي قراقرة]ــــــــ[10 - 12 - 05, 05:54 م]ـ
رحم الله الإمام إبن عثيمين رحمة واسعة و أسكنه فسيح جناته
و الله إن العين لتدمع على أمثالهم و ليس فينا أمثالهم و إن القلب ليحزن على ما أصاب الأمة بعد موتهم،
فما أدين الله به و أعتقده أن هؤلاء الأعلام ابن عثيمين و ابن باز و الألباني رحمهم الله تعالى قد تركوا فراغاً واسعاًَ جداً بموتهم فإنا لله و إنا إليه راجعون
هناك شريط جميل عن شيخنا ابن عثيمين و مواقفه للشيخ الفاضل توفيق الصائغ بعنوان (وداعاً يا ابن عثيمين)
فقد أثر هذا الشريط في نفسي و إني أنصح بسماعه
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[10 - 12 - 05, 11:22 م]ـ
رحمه الله وغفر له كم تأثرت بهذه المقالة وكم تأثرت في حياتي وطلبي للعلم بالشيخ رحمه الله وجزاك الله خيرا يا شيخنا المسيطير وجعلم مفتاحا للخير.
شيخنا المسيطير طالت مدة الانقطاع فاين رسائلك الأخوية الرقيقة؟؟؟
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[10 - 12 - 05, 11:40 م]ـ
بارك الله فيكم
ورحم الله شيخنا ووالدنا الفاضل ابن عثيمين وجعل الله قبره روضه من رياض الجنة وجمعنا به في الفردوس الأعلى
لقد فُقدنا بفقدهم
ـ[المسيطير]ــــــــ[11 - 12 - 05, 10:57 م]ـ
مواقف طريفة مع الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
أ. د عبدالرزاق حمود الزهراني*
رغم ما يراه الإنسان العادي من صرامة الناجحين وجديتهم التي لولاها لما وصلوا إلى نجاحاتهم، وعلى ذلك فإن الناجحين يبقون بشراً، يحبون ويكرهون، يجوعون ويعطشون، ويميلون إلى المرح والمتعة المباحة، ويحاولون إدخال البسمة على الآخرين، وقد عُرف الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بالجد والزهد، والقسوة على نفسه في سبيل مبادئه وإيمانه وقناعاته. وربما ظن البعض أن حياته كلها تسير على هذا المنوال، ولكن الأيام أثبتت أنه - رحمه الله - كان حاضر البديهة، لطيف المعشر، سريع الإجابة، وله مواقف طريفة منها:
أن الملك كان قادماً لزيارته في منزله في عنيزة، وعندما حان وقت الصلاة ذهب الشيخ إلى المسجد، وبعد الصلاة توجه إلى بيته ليستعد لاستقبال الملك، ولكنه فوجئ بأن الطرق قد أغلقها الجنود، وعندما اقترب من منزله اعترضه أحدهم وحاول منعه، لأن المنطقة مغلقة تمهيداً لوصول الزائر الكبير. فقال الشيخ: إن الملك آتٍ لزيارتي .. !! فصوّب إليه الجندي نظرة استغراب، وكأن لسان حاله يقول: أن شكل هذا الشخص بملابسه المتواضعة ولحيته البيضاء لا يرقى إلى المستوى الذي يجعل الملك يأتي لزيارته، ولم يعلم أن المظهر لا يعكس المخبر، وأن الشيخ وعاء ملئ علماً، وشخصية كلها تواضع وزهد وتقشف، ولولا قدره الكبير، وعلمه الغزير لما قدم الملك لزيارته، وأخيراً جاء من يعرف الشيخ وتم إفساح الطريق له.
ومن المواقف الطريفة للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - أنه كان في مكة، وكان يستقل سيارة أجرة، فسأله سائق السيارة عن اسمه، فقال محمد بن عثيمين، فقال السائق، وقد ضرب بكفه على صدره: معك الشيخ ابن باز .. !! فقال الشيخ: ابن باز كفيف، ولا يمكن أن يقود السيارة، فقال السائق: وابن عثيمين في عنيزة، وإذا أتى مكة لا يركب سيارات أجرة. ولكن السائق اكتشف عند وصول الشيخ إلى وجهته أنه فعلاً ابن عثيمين.
ومن المواقف الطريفة التي مرت بالشيخ ابن عثيمين - رحمه الله- أن أحد كبار السن من سكان البادية، أدركته صلاة العشاء وهو قريب من مسجد الشيخ، فدخل ليصلي، وهو لا يعرف الشيخ، وأثناء القراءة أخطأ الشيخ في التلاوة، فرد عليه عدد كبير من طلابه، وبعد الصلاة، قال لهم الشيخ: إن التصحيح لا يكون بصورة جماعية، فقال البدوي: المفروض في (الشيبان) الذين لا يجيدون القراءة مثلك ومثلي أن يعودوا إلى الصفوف الخلفية، ويتركوا الصلاة للشباب المتعلم .. !! وقابله أحدهم في المستشفى، فسأله: ماذا تفعل هنا يا فضيلة الشيخ؟. قال الشيخ: أحلل السكر. فقال السائل: كلنا نعرف أن السكر حلال، ابحث لنا عن شيء آخر وحلله لنا، وسأله أحدهم: ما يفعل الشخص بعد أن ينتهي من الدعاء؟ فرد الشيخ: ينزل يديه ... !! وسأله آخر: إذا كان الشخص يستمع إلى شريط مسجل ووردت آية فيها سجدة، هل يسجد؟ فقال الشيخ: نعم، إذا سجد المسجل .. !!. وكان الشيخ يلقي درساً في باب النكاح عن عيوب النساء. فسأله أحدهم: لو تزوجت ووجدت أن زوجتي ليس لها أسنان، هل يبيح لي هذا العيب فسخ النكاح؟؟. فقال: الشيخ هذه امرأة جيدة، إنها لا يمكن أن تعضك .. !! ومن المعروف أن التوجيه الرباني يقول {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} ويقول سبحانه: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}.
كان الشيخ في يوم من الأيام ذاهباً إلى المسجد بمبخر فيه جمر، فاعترضه شاب في يده سيجارة، وكان هذا الشاب لا يحب المتدينين، ولا يحب مجالسهم، فقال: ياشيخ يمكن أولع .. ؟ .. فقال الشيخ: تفضل يا ولدي. لم تمض فترة حتى كان الشيخ من أحب الناس إلى ذلك الشاب، ومن أكثرهم ملازمة لدروسه. ولو نهره أو طرده لتمادى في غيه، ولزاد بعده عن أهل الإيمان ومجالسهم، ولكن مثل هذا التصرف لا يقوم به إلا الذين صبروا، والذين لهم حظ عظيم في فعل الخير، والتأثير في الآخرين، إن مجتمعنا بحاجة إلى هذه الروح التي تقسو على نفسها، وتتسامح مع الآخرين، وتعامل الناس بالتي هي أحسن، وتبتعد عن الغلو والتزمت والتشدد، إن الإسلام دين الوسطية، ودين اليسر، وكله خير للفرد والمجتمع، وبخاصة في زمننا هذا الذي طغت فيه المادة، وغلب عليه الاتجاه الفردي، وغابت فيه القيم الرفيعة، والمشاعر النبيلة تجاه الآخرين، إلا من رحم ربك وقليل ماهم. نسأل الله أن يتغمد الشيخ - وجميع موتى المسلمين- برحمته الواسعة، وأن ينفع بما تركه من علم ومن ذكر طيب لمن يريد أن يقتدي بالنجوم التي سارت وتسير على هذه الأرض.
رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية
http://alsaha.fares.net/sahat?128@5.2Exgu10ZCyY.0@.1dd87a51
---
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/249)
ـ[المسيطير]ــــــــ[11 - 12 - 05, 11:07 م]ـ
الأخ المسيطير طالت مدة الانقطاع فاين رسائلك الأخوية الرقيقة؟؟؟
الشيخ المبارك / الحنبلي السلفي وفقه الله تعالى
الحق لكم، والعذر عند أمثالكم مأمول، وما منعني عن مراسلتكم إلا حيائي منكم بسبب عجزي عن تنفيذ ما تعلم، ولا زالت المحاولات مستمرة.
أسأل الله تعالى أن ييسر ما كان عسيرا ويقرب ماكان بعيدا.
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[12 - 12 - 05, 09:15 م]ـ
مواقف طريفة مع الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
كان الشيخ في يوم من الأيام ذاهباً إلى المسجد بمبخر فيه جمر، فاعترضه شاب في يده سيجارة، وكان هذا الشاب لا يحب المتدينين، ولا يحب مجالسهم، فقال: ياشيخ يمكن أولع .. ؟ .. فقال الشيخ: تفضل يا ولدي. لم تمض فترة حتى كان الشيخ من أحب الناس إلى ذلك الشاب، ومن أكثرهم ملازمة لدروسه. ولو نهره أو طرده لتمادى في غيه، ولزاد بعده عن أهل الإيمان ومجالسهم،
http://alsaha.fares.net/sahat?128@5.2Exgu10ZCyY.0@.1dd87a51
---
!!!!!!
ـ[المسيطير]ــــــــ[12 - 12 - 05, 09:24 م]ـ
الأخ الفاضل / عبدالله المحمد
جزاك الله خير الجزاء.
فعلا، في متن هذه القصة نكارة ظاهرة، إذ كيف يعين الشيخ - رحمه الله - هذا الشاب على فعل منكر ظاهرٌ تحريمه.
وأحسب أن القصة لا تصح مع اشتهارها!!.
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[12 - 12 - 05, 09:38 م]ـ
وأيضا أبو محمد الرابط الذي أشرت إليه (الساحة المفتوحة) كلام لأحدهم يحكي قصة حول ذلك ومنها قوله عندما سقطت سيجارة صاحبه ورآه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قال (فاخذ الشيخ رحمه الله السيجاره ومدها لي وقال لا تستحي من الشيخ اذا كنت ترى فيها فائدة لك .. )!
ـ[عبد القادر المغربي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 04:00 م]ـ
وكانت في حياتك لي عظات **** و أنت اليوم اوعظ منك حيا
رحمه الله
ـ[المسيطير]ــــــــ[05 - 12 - 07, 11:54 م]ـ
وأيضا أبو محمد الرابط الذي أشرت إليه (الساحة المفتوحة) كلام لأحدهم يحكي قصة حول ذلك ومنها قوله عندما سقطت سيجارة صاحبه ورآه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قال (فاخذ الشيخ رحمه الله السيجاره ومدها لي وقال لا تستحي من الشيخ اذا كنت ترى فيها فائدة لك .. )!
قال الشيخ / فهد بن عبدالله بن إبراهيم السنيد وفقه الله في كتابه: (الكنز الثمين في سؤالات ابن سنيد لإبن عثيمين) " القصة بمعناها ":
سألتُ الشيخ - رحمه الله - عن سؤال وجه إليه عن حكم لبس العقال؟.
فأخذ الشيخُ العقالَ فلبسه من بداية المحاضرة إلى نهايتها .... فهل حدث هذا؟.
فقال الشيخ رحمه الله: خذ وخل .... (يعني هذا الكلام لا يصح).
قلت: ولعل قصة السيجارة من هذا القبيل .... أعني: (خذ وخل).
ـ[محبة الجنه]ــــــــ[06 - 12 - 07, 01:15 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا الموضوع الرائع الذي يحمل في طياتهالفائده العظيمه
رحم الله شيخنا ووالدنا الشيخ محمد بن عثيمين وجمعنا به في جنات النعيم
ـ[أبو عروة]ــــــــ[06 - 12 - 07, 04:16 م]ـ
رحم الله الشيخ ابن عثيمين وبارك الله فيمن بقي وعوض الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم
ـ[أبو خالد الكمالي]ــــــــ[06 - 12 - 07, 06:04 م]ـ
رحم الله الشيخ، و الناظر في كتب الشيخ يُدرك تماما أن الأمة قد فقدت عالما جليلا، نسأل الله أن يغفر له و يرحمه.
ـ[بزيد]ــــــــ[06 - 12 - 07, 07:47 م]ـ
رحم الله الشيخ
وكم فرحت بهذا اللقاء.
ـ[ابومحمد السهلي]ــــــــ[08 - 12 - 07, 02:05 ص]ـ
رحم الله الشيخ العالم الرباني
ـ[أبو أسامة الشمري]ــــــــ[08 - 12 - 07, 05:55 ص]ـ
جزيت الخير على نقلك للمقابلة
هناك شريط جميل عن شيخنا ابن عثيمين و مواقفه للشيخ الفاضل توفيق الصائغ بعنوان (وداعاً يا ابن عثيمين)
فقد أثر هذا الشريط في نفسي و إني أنصح بسماعه
سيرة العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله (ملف مرئي)
حلقة تتناول الحديث عن سيرة هذا العالم الجليل رحمه الله يحكيها بعض طلبة العلم وبعض أفراد الأسرة. من إنتاج: فريق عمل إذاعة طريق الإسلام
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=61257
ـ[عبد الحميد الفيومي]ــــــــ[08 - 12 - 07, 06:57 ص]ـ
س: ما تعلمت من الشيخ رحمه الله؟ وهل تعلمت أمور الفتوى؟ هل أفتيتي في يوماً ما؟
ج: تعلمت من الشيخ رحمه الله كل شيء يتعلق بأمور الحياة سواءً من الناحية الاجتماعية أو الشرعية، أما أمور الفتوى فلم أكن أتجرأ على ذلك ولكن كنت أعرض ما أتلقاه من أسئلة عليه رحمه الله ثم انقل فتاواه وإجاباته إلى السائلين.
أنظر إلى قولها: (أما أمور الفتوى فلم أكن أتجرأ على ذلك)! مع طول ملازمتها للشيخ رحمه الله، وحفظها وبارك فيها ونفع بها.
كان الشيخ في يوم من الأيام ذاهباً إلى المسجد بمبخر فيه جمر، فاعترضه شاب في يده سيجارة، وكان هذا الشاب لا يحب المتدينين، ولا يحب مجالسهم، فقال: ياشيخ يمكن أولع .. ؟ .. فقال الشيخ: تفضل يا ولدي.
سؤال: ما هو تأويل فعل الشيخ ـ رحمه الله ـ مع قول الله تبارك و تعالى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة: من الآية2)؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/250)
ـ[ابو محمد مطيع الرحمن]ــــــــ[08 - 12 - 07, 10:00 ص]ـ
رحمه الله الشيخ انا احبه حبا شديدا رحمه الله الشيخ
ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[17 - 12 - 07, 07:57 م]ـ
رحمه الله تعالى ......
ـ[عبد الحميد الفيومي]ــــــــ[17 - 12 - 07, 08:56 م]ـ
اقتباس:
كان الشيخ في يوم من الأيام ذاهباً إلى المسجد بمبخر فيه جمر، فاعترضه شاب في يده سيجارة، وكان هذا الشاب لا يحب المتدينين، ولا يحب مجالسهم، فقال: ياشيخ يمكن أولع .. ؟ .. فقال الشيخ: تفضل يا ولدي.
سؤال: ما هو تأويل فعل الشيخ ـ رحمه الله ـ مع قول الله تبارك و تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (المائدة: من الآية2)؟
ألا من مجيب بارك الله فيكم؟
ـ[طيب طيب]ــــــــ[17 - 12 - 07, 09:50 م]ـ
فتشبهوا ان لم تكونوا مثلهم
ان التشبه بالكرام فلاح
ـ[المسيطير]ــــــــ[17 - 12 - 07, 11:48 م]ـ
سؤال: ما هو تأويل فعل الشيخ ـ رحمه الله ـ مع قول الله تبارك و تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (المائدة: من الآية2)؟
ألا من مجيب بارك الله فيكم؟
الأخ الحبيب / عبدالحميد الفيومي
بارك الله فيك.
والقصة كما مر في المشاركة 16 فيها نكارة في المتن، وهي تتداول في بعض المجالس، ولايعرف رجالها .... فالسند رجاله مجاهيل كلهم.
ولا يمكن أن تصدر من الشيخ رحمه الله، بله ولا من أصغر طلابه.
ـ[عبد الحميد الفيومي]ــــــــ[18 - 12 - 07, 12:07 ص]ـ
والقصة كما مر في المشاركة 16 فيها نكارة في المتن، وهي تتداول في بعض المجالس، ولايعرف رجالها .... فالسند رجاله مجاهيل كلهم.
ولا يمكن أن تصدر من الشيخ رحمه الله، بله ولا من أصغر طلابه.
بارك الله فيك أخي الكريم، أثلجت صدري و الله، و لم أكن تنبهت إلى المشاركة 16.
لكن لا يزال الأمر مشكل عندي؛ إذ ما المراد من إيراد القصة طالما لم تصح، و لم ينبه على عدم صحتها؟
جزى الله خيراً من أزال هذا الإشكال.
ـ[أبو عبد الله النعيمي]ــــــــ[10 - 12 - 08, 11:37 ص]ـ
مقابلة طيبة مع شيخ جليل أثر في حياتي كثيراً ...
أسأل الله جل في علاه أن يجمعني وإياه في جنات النعيم ..
وأن يجعل درجته في عليين ..
وأن يبارك في أهله وأولاده .. وأن يتغمده برحمته ..
إنه ولي ذلك والقادر عليه ...
ـ[عبد الرحمن الجزائري]ــــــــ[11 - 12 - 08, 12:58 ص]ـ
جزاك الله تعالى خيرا أخي الفاضل على هذه الترجمة الماتعة لسماحة الأمام العلامة الفقيه الأصولي الداعي ألى الله تعالى على بصيرة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى رحمة واسعة كما أهتبلها فرصة لتحذير بعض المتعالمين الذين يوجهون طعناتهم _ سرا و جهرا تحت أي مسمى كان _ لعلماء الأمة الكبار كالعلامة بن عثيمين و أخوانه العلماءكالعلامة الفقيه الوالد الزاهد الورع بقية السلف الأمام الرباني عبد العزيز بن باز و العلامة المحدث الفقيه أبي عبد الرحمن محمد ناصر الألباني _ رحمهما الله تعالى _ من هذا الفعل المشين، و أذكرهم بالحديث القدسي الثابت الذي يرويه رسول الله صلى الله تعالى عليه و على أله و سلم عن الله تبارك و تعالى أنه قال: (من عادى لي وليا فقد أذنته بالحرب).
ـ[علي خان الكردي]ــــــــ[16 - 09 - 10, 03:51 ص]ـ
س: سؤال من د. يوسف السعيد: هل كان الشيخ رحمه الله ينقل لك ما يحدث في المسجد من أحداث ظريفة؟
ج: كان يذكر رحمه الله تعالى دائماً بعض المواقف التي يرى أنه من الملائم ذكرها لنا أما قصة الابن د. يوسف فربما أنه ذكرها لكن طول المدة وتقادم الوقت أدى إلى نسيانها.
.. * .. * .. *. .* ..
http://alsaha2.fares.net/sahat?128@176.HhbeuJl1Asi.0@.1dd879f6
عفوا هل أنا لم أفهم الجواب
أم في الجواب إشكال؟(55/251)
ما ترتيب هذه المفاهيم وما أحكامها؟ فرض - ركن - جائز - مندوب - سنة
ـ[أحمد محمود حمدي]ــــــــ[09 - 12 - 05, 05:39 ص]ـ
اخواني في الله لم أقف على ترتيب لهذه المفاهيم او الفروق بينهم من حيث القوة والضعف والحكم والكفارة ان وجدت فساعدوني:
فرض - ركن - جائز - مندوب - سنة - شرك أكبر - شرك أصغر - حرام - فرض كفاية - فرض عين - سنة مؤكدة - لا يجوز - مكروه - مباح
والفرق بين هذه أيضا: ركن من أركان الايمان - ركن من أركان الاسلام
وما أهمية "الاحسان" وحكمه؟
لأنها مختلطة عندي وان كان هناك أخرى فأرجو توضيحها
وجزاكم الله عني كل خير
ـ[أحمد محمود حمدي]ــــــــ[10 - 12 - 05, 06:37 ص]ـ
الرجاء الرد
جزاكم الله خيرا
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[10 - 12 - 05, 07:45 ص]ـ
السلام عليكم.
- الشرك الأكبر: هو أعظم الذنوب ولا يغفره الله إلا بالتوبة منه، ?إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك?، وهو صرف أي عبادة -أيا كانت- لأحد سوى الله -أيا كان-، وهو مخرج من الملة، وموجب للخلود في النار، ومما شاع صرفه لغير الله: الدعاء والاستغاثة ونحوهما.
- والشرك الأصغر: ذنوب ومعاصي كبيرة سماها الشرع بأنها شرك، ولكنها لا تبلغ الشرك الأكبر، كقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ”أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر: الرياء“ أو كما قال، وكقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ”من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك“.
ولخص الشيخ صالح الفوزان الفروق بينهما فقال: وهي:
1 - الشرك الأكبر: يُخرج من الملة، والشرك الأصغر لا يُخرج من الملة، لكنه ينقص التوحيد.
2 - الشرك الأكبرُ يخلَّدُ صاحبه في النار، والشرك الأصغر لا يُخلَّد صاحبُه فيها إن دَخَلها.
3 - الشركُ الأكبرُ يحبطُ جميعَ الأعمال، والشركُ الأصغرُ لا يُحبِطُ جميع الأعمال، وإنما يُحبِطُ الرياءُ والعملُ لأجل الدنيا العملَ الذي خالطاه فقط.
4 - الشرك الأكبر يبيح الدم والمال، والشرك الأصغر لا يبيحهما. انتهى كلامه.
- الحرام: ما يأثم فاعله، ويثاب تاركه قصدًا، وإنما قلنا قصدًا تمييزًا بين تارك الحرام لله وبين غيره، والمحرمات منها كبائر وصغائر، ولا يحتمل المقام تفصيلاً أكثر، ومثله قولك: لا يجوز، أو بكلمة أدق: غير الجائز.
- المكروه: ما لا إثم في فعله ويثاب تاركه قصدًا، وهذا اصطلاح غالب الفقهاء، والمكروه يطلق في القرءان والسنة وكلام السلف ويراد به المحرم.
- المباح: ما لا إثم ولا ثواب في فعله أو تركه، ويختلف حكمه باختلاف النية، أما لذاته: فلا إثم ولا ثواب في فعله أو تركه.
- السنة: لها إطلاقات كثيرة، أظنك تهتم بإطلاقها الفقهي، وهي: ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، وتسمى بالمندوب والمستحب، والسنة المؤكدة: ما واظب عليه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وحث عليه.
- الفرض: ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه، وهذا هو فرض العين، وفرض الكفاية: إن قام به البعض سقط الإثم عن الكل وإلا أثموا جميعًا.
- والركن: جزء ماهية الشيء، ولو تركه الإنسان بطل عمله، مثلاً كالركوع في الصلاة، فالركوع جزء ماهية الصلاة فلو ترك لما سميت صلاةً.
- وأما أركان الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، ومنكر أحدها كافر.
- وأركان الإسلام: الشهادتان وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج على القادر، وتارك الشهادتين كافر بلا نزاع، وتارك الصلاة فيه خلاف والجمهور أنه كافر كفرًا أصغر.
- والإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
وأخيرًا الموضوع يحتاج تفصيلاً أكثر، ولا تنس الدعاء، والسلام عليكم.
ـ[أحمد محمود حمدي]ــــــــ[10 - 12 - 05, 08:06 م]ـ
جزاك الله عني خيرا أعلم أن الموضوع جد خطير ويحتاج من التفصيل الكثير
عموما هذه بعض الاشكالات التى لازالت:
- الفرق بين الكفر والشرك سواء أصغر أم أكبر: فلغة الجحود بالشئ غير الاشراك
- حكم ترك السنة "المؤكدة" واذكر منها اعفاء اللحية كمثال هل هو حرام أم مكروه؟
- وكنت أريد من الاحسان أهميته في التوحيد وحكمه كحكم أركان الاسلام مثلا ام ماذا فغالب الناس لا تطيق تقوى الله الحقة فتعمل بما تطيق فان تخاذلت فترة فماذا يكون حكمها؟
اولا واخيرا بارك الله فيك وزادك من التقوى والصلاح والفقه و جزاك الله عني كل خير
ـ[أحمد محمود حمدي]ــــــــ[04 - 01 - 06, 07:57 ص]ـ
جزاك الله عني خيرا أعلم أن الموضوع جد خطير ويحتاج من التفصيل الكثير
عموما هذه بعض الاشكالات التى لازالت فبرجاء الاهتمام ...
شكرا لكم(55/252)
حيص بيص
ـ[هشام الهاشمي]ــــــــ[09 - 12 - 05, 07:14 ص]ـ
تاريخ الإسلام ج40/ص141
4 سعد بن محمد بن سعد بن صيفي شهاب الدين أبو الفوارس الشاعر المشهور الملقّب بالحيص بيص ومعناهما الشدّة والاختلاط
قيل إنه رأى الناس في شدّة وحركة فقال ما للناس في حيص بيص فلزمه ذلك وكان من فضلاء العالم
وتفقه على مذهب الشافعي بالري على القاضي محمد بن عبد الكريم الوزّان وتكلم في مسائل الخلاف
وذكره ابن السمعاني في ذيله فقال كان فصيحاً حسن الشعر
وذكره ابن أبي طيء في تاريخ الشيعة فقال شاعر فاضل بليغ وافر الأدب عظيم المنزلة في الدولتين العباسية والسلجوقية وكان ذا معرفة تامة بالأدب وباع في اللغة وحفظ كثير للشعر وكان إماماً في الرأي حسن العقيدة
حدّثني عبد الباقي بن زريق الحلبي الزاهد قال رأيته واجتمعت به فكان صدراً في كل علم عظيم النفس حسن الشارة يركب الخيل العربية الأصيلة ويتقلّد بسيفين ويحمل حلقة الرمح
انتهى ..
ـ[أحمد محمود حمدي]ــــــــ[09 - 12 - 05, 07:18 ص]ـ
الموضوع على رابط آخر في نفس المنتدى بارك الله فيك:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=42093
ـ[هشام الهاشمي]ــــــــ[09 - 12 - 05, 07:33 ص]ـ
عذرا
الرجاء حذف الموضوع لعدم التكرار(55/253)
قصة قرأتها قبل مدة لكني أنسيت أين قرأتها
ـ[أبو عبدالله الجبوري]ــــــــ[09 - 12 - 05, 03:07 م]ـ
رجل من السلف جاءته امرأة قبيحة فعرضت نفسها عليه، فقبلها وعاش معها سنين طويلة، وهو مبغض لها، وهي تظن أنه محب لها.
وكانت تمنعه من الذهاب لبعض حاجاته فيستجيب لها، ولم يتزوج عليها حتى ماتت.
أنسيت العالم وأنسيت الكتاب.
أرجو ممن مرت عليه هذه القصة أن يزودنا بالمرجع
والله يحفظكم
والسلام
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[11 - 12 - 05, 10:06 ص]ـ
اخي العزيز
القصة موجودة في صيد الخاطر لامام ابن الجوزي
فصل 296
عندما اشتكي لابن الجوزي رجل انه يبغض زوجته
ونصحه نصيحة عظيمة لو اخذ الناس بها لكفتهم
ولقل الطلاق والفراق بين النساء والرجال ...
اما
صاحب القصة فهو أبو عثمان النيسابوري
واظن كذلك القصة موجودة في صفة الصفوة (ولست متاكدا)
ـ[أبو عبدالله الجبوري]ــــــــ[12 - 12 - 05, 01:09 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ...
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[12 - 12 - 05, 01:13 ص]ـ
و الله يعلم الله أنني أحب هذا المنتدى و أهله
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[12 - 12 - 05, 09:03 ص]ـ
وفيك يا اخي الحبيب
ولقد بحثته في الانترينت وها هو:
http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=188&CID=12#s28
ولقد وضعته في موضوع مستقل:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=372465#post372465
اخي العسقلاني نسئل الله ان يجعلنا ممن يجتمعون علي حبه ....(55/254)
تكسير البلاط على من قال بأخوة الأقباط
ـ[محمد محمود الحنبلي]ــــــــ[09 - 12 - 05, 04:57 م]ـ
1 - رأي الشيخ بن باز (رحمه الله)
لا أخوة بين المسلمين والكافرين ولا دين حق غير دين الإسلام
القسم: إملاءات > مراسلات
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد: فقد نشرت صحيفة عكاظ في عددها 3031 الصادر بتاريخ 27/ 8/1394هـ خبرا يتعلق بإقامة صلاة الجمعة في مسجد قرطبة، وذكرت فيه أن الاحتفال بذلك يعد تأكيدا لعلاقات الأخوة والمحبة بين أبناء الديانتين الإسلام والمسيحية. انتهى المقصود.
كما نشرت صحيفة أخبار العالم الإسلامي في عددها 395 الصادر بتاريخ 29/ 8/1394هـ الخبر المذكور وذكرت ما نصه (ولا شك أن هذا العمل يعتبر تأكيدا لسماحة الإسلام وأن الدين واحد) إلى آخره.
ونظرا إلى ما في هذا الكلام من مصادمة الأدلة الشرعية الدالة على أنه لا أخوة ولا محبة بين المسلمين والكافرين، وإنما ذلك بين المسلمين أنفسهم، وأنه لا اتحاد بين الدينين الإسلامي والنصراني، لأن الدين الإسلامي هو الحق الذي يجب على جميع أهل الأرض المكلفين إتباعه، أما النصرانية فكفر وضلال بنص القرآن الكريم، ومن الأدلة على ما ذكرنا قول الله سبحانه في سورة الحجرات: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [1] الآية، وقول الله عز وجل في سورة الممتحنة: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءآؤا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [2] الآية، وقوله سبحانه في سورة المجادلة: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [3] وقوله تعالى في سورة التوبة: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [4] الآية وقوله سبحانه في سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [5] وقوله عز وجل في سورة آل عمران: {إِنَّ لداِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ} [6] الآية، وقوله تعالى في السورة المذكورة: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [7] وقوله عز وجل في سورة المائدة: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [8] الآية، وقوله سبحانه في سورة المائدة أيضا: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ} [9] الآية، وقوله تعالى في سورة الكهف: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [10] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله ولا يكذبه)) الحديث رواه مسلم، ففي هذه الآيات الكريمات والحديث الشريف وما جاء في معنى ذلك من الآيات والأحاديث ما يدل دلالة ظاهرة على أن الأخوة والمحبة إنما تكون بين المؤمنين أنفسهم.
أما الكفار فيجب بغضهم في الله ومعاداتهم فيه سبحانه، وتحرم موالاتهم وتوليهم حتى يؤمنوا بالله وحده ويدعوا ما هم عليه من الكفر والضلال.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/255)
كما دلت الآيات الأخيرة على أن الدين الحق هو دين الإسلام الذي بعث الله به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وسائر المرسلين، وهذا هو معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((نحن معاشر الأنبياء ديننا واحد)) رواه البخاري في صحيحه، أما ما سواه من الأديان الأخرى سواء كانت يهودية أو نصرانية أو غيرهما فكلها باطلة، وما فيها من حق فقد جاءت شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم به أو ما هو أكمل منه، لأنها شريعة كاملة عامة لجميع أهل الأرض، أما ما سواها فشرائع خاصة نسخت بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم التي هي أكمل الشرائع وأعمها وأنفعها للعباد في المعاش والمعاد كما قال الله سبحانه يخاطب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [11] الآية، وقد أوجب الله على جميع المكلفين من أهل الأرض اتباعه والتمسك بشرعه، كما قال تعالى في سورة الأعراف بعد ذكر صفة محمد عليه الصلاة والسلام: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [12] ثم قال عز وجل بعدها: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [13] ونفى الإيمان عن جميع من لم يحكمه، فقال سبحانه في سورة النساء: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [14] وحكم على اليهود والنصارى بالكفر والشرك من أجل نسبتهم الولد لله سبحانه، واتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله عز وجل بقوله تعالى في سورة التوبة: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كره المشركون} [15].
ولو قيل أن هذا الاحتفال يعتبر تأكيدا لعلاقات التعاون بين أبناء الديانتين فيما ينفع الجميع، لكان ذلك وجيها ولا محذور فيه، ولواجب النصح لله ولعباده رأيت التنبيه على ذلك؛ لكونه من الأمور العظيمة التي قد تلتبس على بعض الناس.
واسأل الله أن يوفقنا وسائر المسلمين للأخوة الصادقة في الله والمحبة فيه ومن أجله، وأن يهدي أبناء البشرية جميعا للدخول في دين الله الذي بعث به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، والتمسك به وتحكيمه ونبذ ما خالفه، لأن في ذلك السعادة الأبدية والنجاة في الدنيا والآخرة، كما أن فيه حل جميع المشاكل في الحاضر والمستقبل أنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه.
[1] سورة الحجرات الآية 10.
[2] سورة الممتحنة الآية 4.
[3] سورة المجادلة الآية 22.
[4] سورة التوبة الآية 71.
[5] سورة المائدة الآية 51.
[6] سورة آل عمران الآية 19.
[7] سورة آل عمران الآية 85.
[8] سورة المائدة الآية 72.
[9] سورة المائدة الآية 73.
[10] سورة الكهف الآيات 103 - 105.
[11] سورة المائدة الآية 48.
[12] سورة الأعراف الآية 157.
[13] سورة الأعراف الآية 158.
[14] سورة النساء الآية 65.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/256)
[15] سورة التوبة الآيات 30 - 33.
المصدر:-
http://www.binbaz.org.sa/index.php?pg=mat&...=article&id=262
______
_
2- الشيخ خالد المصلح (حفظه الله)
. قولنا لأهل الكتاب: إخواننا.
السؤال:
ما حكم قول البعض عند الحديث عن اليهود والنصارى: " إخواننا " وهل يجوز أن نقولها ونعني إخواننا في الإنسانية؟ وهل في قوله تعالى: ?وإلى عاد أخاهم هوداً? دليل على مشروعية ذلك القول؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة في الأصل معنى يثبت للمشارك لك في الولادة. وقد جرى استعمالها في كل مشارك لغيره في القبيلة أو الصنعة أو الدين أو المعاملة أو المودة أوغيرها من المعاني والمناسبات. ولما كانت الأخوة في الدين أقوى هذه الوشائج والصلات جعلها الله تعالى محصورة في المؤمنين دون غيرهم فقال تعالى: ?إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ? (الحجرات: 10). قال الشافعي رحمه الله في الأم 6/ 40: "جعل الأخوة بين المؤمنين وقطع ذلك بين المؤمنين والكافرين". وهذه الأخوة لا تثبت إلا لأهل الإيمان قال الله تعالى: ?فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ? (التوبة: 11). قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة ص73: "فعلق الأخوة في الدين على التوبة من الشرك وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والمعلق بالشرط ينعدم عند عدمه فمن لم يفعل ذلك فليس بأخ في الدين ومن ليس بأخ في الدين فهو كافر". وما جاء من إضافة الأخوة لغير المسلم كما في قوله تعالى: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً)، وقوله تعالى: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً)، وقوله تعالى: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً) وما أشبه ذلك فهي إما أخوة نسب أو سبب، وقد وردت في مساق الخبر لا لإنشاء حكم بخلاف الأخوة الإيمانية فقد رتب الله تعالى ورسوله عليها أحكاماً وحقوقاً كما في قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات: 10)، وكما جاء فيما رواه البخاري (6591) ومسلم (2568) من طريق عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته. وما أشبه ذلك من النصوص.
فالذي أرى أنه لا يجوز إطلاق الأخوة في حق الكفار لأن الله تعالى قطع ذلك بين المؤمنين والكافرين. ولأن في هذا الإطلاق تلبيساً يفضي إلى اختلال الأحكام واختلاط الحقوق وإضعاف أخوة الإيمان. أما إذا قيد إطلاق الأخوة بالنسب أو السبب وظهر ذلك بما لا اشتباه فيه كما جاء في الآيات فإنه لا بأس بإطلاقها حينئذ لتبينها و تميزها عن أخوة الدين وما تستوجبه من حقوق وواجبات. ومثل هذا في الحكم ما لو كان المقصود مجرد النداء كما يستعمله البعض، وعلى كل حال الواجب الاحتياط في مواطن الاشتباه. أما إطلاق أخوة اليهود والنصارى وغيرهم استناداً إلى الأخوة الإنسانية فهذا مما لا يرتاب عالم بالشرع ومدرك لمآلات الأقوال أنه لا يجوز، فإن الشرع الحنيف لم يقم لهذه الوشيجة والصلة اعتباراً خاصاً مع كونها قائمة وقت التشريع بل كان خطابه العام للمسلمين والكفار يقول: ياأيها الناس أو يا بني آدم. كما أنه مهما فتش الإنسان في دواوين الإسلام وكتبه على اختلاف الفنون وتنوعها من تفسير وحديث وفقه وغيره فلا إخاله يظفر بكلمة واحدة عن أحد من علماء الملة وأئمة الدين يستأنس بها في تجويز إطلاق الأخوة على الكفار استناداً إلى الأخوة الإنسانية. وإن مما يدل على تحريم إطلاق تسمية الكفار إخواناً للمسلمين أنه يفضي إلى التسوية بين من فرق الله بينهم في مثل قوله تعالى: ?أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ? (صّ: 28)، وقوله تعالى: ?أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ? (الجاثية: 21). وإن مما يوكد تحريم إطلاق تسمية الكفار
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/257)
إخواناً للمسلمين أن دعاة الإفساد والشر جعلوا الدعوة إلى الأخوة الإنسانية وسيلة وسلماً إلى تهوين شأن الكفر، وقبول أهله وموادتهم وموالاتهم، كما أنهم اتخذوها أداة لترويج كثير من الأفكار المنحرفة والمشاريع المشبوهة؛ ومن القواعد المتفق عليها أن ما كان وسيلة إلى محرم فهو محرم، فكيف والكل محرم؟ وفي الختام يجدر التنبيه إلى أن قطع الأخوة بين المؤمنين والكافرين لا يترتب عليه إهدار حقوق المعصومين الكفار ولا يسوغ انتهاكها، فحقوقهم محفوظة وحرماتهم مصونة ما دامت لهم عصمة الإسلام بالذمة أو العهد أو الأمان، والله أعلم.
أخوكم/
خالد بن عبدالله المصلح
3/ 1/1425هـ.
http://www.almosleh.com/publish/article_884.shtml
_________
الأخ هيثم حمدان (حفظه الله) من ملتقى أهل الحديث
له مقالة بعنوان
استدلال د. القرضاوي بحديث: " ... أنا شهيد أنّ العباد كلّهم إخوة"
يستدلّ د. يوسف القرضاوي على جواز اعتبار اليهود والنّصارى إخوة للمسلمين، وعلى جواز استعمال عبارة "إخواننا النصارى" وما شابهها بما رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والنّسائي (الكبرى)، وأبو يعلى، والطبراني (الكبير)، والبيهقي (شعب الإيمان)، والديلمي (الفردوس) بأسانيد إلى:
المعتمر بن سليمان قال سمعت داود الطفاوي قال حدثني أبو مسلم البجلي عن زيد بن أرقم قال سمعت نبي الله (صلى اللهم عليه وسلم) يقول في دبر صلاته: "اللهم ربّنا وربّ كل شيء، أنا شهيد أنك أنت الربّ وحدك لا شريك لك ... أنا شهيد أنّ العباد كلهم إخوة".
قلت: الحديث ضعيف لآفتين:
1) داود الطفاوي: قال عنه ابن معين: "ليس بشيء" (ضعفاء العقيلي)، والعقيلي: "حديثه باطل" (ضعفاء العقيلي)، والدارقطني: "يُترك" (سؤالات البرقاني)، وابن حجر: "ليّن الحديث" (التقريب).
2) أبو مسلم البجلي: تفرّد بتوثيقه ابن حبّان، وقال عنه الذهبي: "لا يُعرف" (ميزان الاعتدال)، وابن حجر: "مقبول" (التقريب)، وقد أورده البخاري (التاريخ الكبير) وابن أبي حاتم (الجرح والتعديل) دونما جرح أو تعديل.
وبه يظهر ضعف الحديث وبطلان الاستدلال به على المطلوب. وقد ضعفه العلامة الألباني (رحمه الله) في (ضعيف سنن أبي داود).
وعلى فرض صحّة الحديث فإنّه يحمل على أنّ المقصود بـ "العباد" هم "المسلمون" لا كلّ البشر، مماثلاً لقوله (صلى الله عليه وسلّم): "وكونوا عباد الله إخواناً"، وهو خطابٌ للمسلمين.
والله أعلم.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=587&highlight=%C7%D3%CA%CF%E1%C7%E1
______
وقد سئلت الشيخ عبد الرحمن السحيم (حفظه الله)
فقلت له (حفظه الله)
ما حكم من يطلق لفظ الأخوة على النصارى والكفرة
مستدل على ذلك بقوله تعالى (وإلى عاد أخاهم هودا)
؟
وجزاكم الله خيرا
لجواب:
وجزاك الله خيراً.
مَنْ أَطْلَق على اليهود والنصارى لفظ الأخوة؛ فهو كما قال!
أي أنهم إخوة له!
قال عليه الصلاة والسلام: من حلف على ملة غير الإسلام فهو كما قال. رواه البخاري ومسلم.
ولا يكون المسلم أخاً للكافِر، إلا بإسلام الكافر، أو بِكفر المسلم.
قال تعالى عن الكافرين: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
وقال تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ) الآية.
وقال عن المنافقين: (أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) الآية.
وأما ما جاء في قصص الأنبياء من لَفْظ (أخاهم) فهذا محمول على أخوّة النسب لا أخوة الدِّين.
ولذلك لا يأتي هذا اللفظ في حق عيسى عليه الصلاة والسلام، لأنه ليس له أبٌ ولا نَسَب في قومه.
وكذلك لم يأتِ في حق شُعيب مع أصحاب الشجرة.
وهذا سبق بيانه في جواب هذا السؤال:
في سورة الشعراء لفظ (أخاهم) مع: نوح وهود وصالح ولوط بخلاف شعيب، فلماذا؟
http://www.almeshkat.net/index.php?pg=fatawa&ref=560
والله تعالى أعلم.
(تم تصحيح صيغة السؤال من قبلي)
المصدر
http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?threadid=41634
وأنتظروا المزيد إن شاء الله تعالى ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/258)
ـ[محمد محمود الحنبلي]ــــــــ[09 - 12 - 05, 05:28 م]ـ
بل وقد سئل الشيخ عبد الله بن جبرين (حفظه الله) عن حكم تسمية النصارى بالمسيحيين ..
فأجاب:-
[س 11]: هل يجوز تسمية النصارى بالمسيحيين؟
المفتي: الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين
الجواب: الاسم الذي ورد في الكتاب والسنة هو النصارى كما قال تعالى: وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى - وقال تعالى: وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وقال تعالى: وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا وقال تعالى: وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وغير ذلك من الأدلة، فعلى هذا
[42]
يعرفون بالاسم الذي ورد في كتاب الله تعالى وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
فأما تسميتهم بالمسيحيين فيفهم منه أنهم أتباع المسيح أو على دينه، وليسوا كذلك حيث غلوا فيه فكفرهم الله بذلك، كما في قوله تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ فقد حكى الله تعالى عن المسيح -عليه السلام- دعوته إلى عبادة الله والاعتراف بأنه ربه وربكم، وتحذيره من الشرك، فالنصارى ليسوا على ملة المسيح ولا هم أتباعه، فهو بريء منهم، فكيف ينسبون إليه، وهم قد خالفوا دعوته وسنته؟
ولعل اشتهارهم بهذا الاسم صدر من بعض المتأخرين لما رأوا انتماءهم إليه وكثرة ذكره في كتبهم. ثم إن عيسى -عليه السلام- يعرف في كتبهم باليسوع ويسمون الآن أنفسهم باليسوعيين، وهذا الاسم للمسيح مخالف للاسم الذي ورد في الكتاب والسنة، فينهى عن استعماله أيضا، ولو اشتهر فيما بينهم.
http://www.ibn-jebreen.com/controller?acti...ted=1#SearchHit
..
ملحوظة: من المناسبة أنني رأيت شخص من الأشخاص البارزة من الإخوان من المسلمين يقول (أخي أسامه وأخي جرجس!!!!) والعياذ بالله ...
.
ـ[أبو الحسن السلفي]ــــــــ[10 - 12 - 05, 10:46 ص]ـ
ملحوظة: من المناسبة أنني رأيت شخص من الأشخاص البارزة من الإخوان من المسلمين يقول (أخي أسامه وأخي جرجس!!!!) والعياذ بالله ...
لا تعجب يا أخي فكم سمعنا هذا القول من مشايخهم و مرشديهم و على رأسهم القرضاوي و مرشدهم العام و غيرهم تطبيقا للقاعدة الفاسدة التي ينطلقون منها و هي قاعدة المعذرة و التعاون فاللهم اهدهم إلى دينك الحق
ـ[محمد محمود الحنبلي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 12:37 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي أبو الحسن السلفي,
ونسأل الله أن يهدي إخواننا المنتمين لهذه الجماعة فأنا حزنت كثيرا عندما رأيت هذا المنظر , بل قد حكى لي أحد الإخوان أنهم في أثناء الإنتخابات جائهم قسيس وسلم عليهم ومن حكى لي كان في فرح وسعادة (ومبسوط) كما نقول!!!
أحزن كثيرا والله من هذا التهاون والتميع في عقيدة أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح ...
.. , وإنتظروا المزيد إن شاء الله من الفتاوى التي ستجاب عليها قريبا إن شاء الله ....
تحت عنوان يناسب الواقع:-
تكسير البلاط على من قال بأخوة الأقباط!!!!!!!!!!!!!!!!
ملحوظة:- جملة تكسير البلاط أقتبستها من شيخي الحبيب كان يمزح معنا فقال لنا تكسير البلاط على من قال بجواز الإختلاط أو شئ من قبيل ذلك ... فوجدتها مناسبة لهذا الموضوع أيضا ...
اللهم ثبتنا على دينك., اللهم آمييييين.
ـ[عادل المامون]ــــــــ[11 - 12 - 05, 01:11 ص]ـ
اخوتي في الله جزاكم الله خير الجزاء علي هذا الموضوع العظيم الذي هو
من اصول عقيدتنا والتي وللاسف الشديد جهلها كثير من الناس
ولكن اريد ان اقول شيء والله راجعت نفسي كثيرا هل اذكره ام لا؟
وهذا الامر هو ان شيخنا الكبير الشيخ ابو بكر الجزائري كان قد ذكر اخي النصراني واخي اليهودي واخي الشيعي؟ وان ذكرت ذلك للتنويه لانني اعتقدت هذا الكلام لفتره ولكن ظهر الحق بفضل الله علي يد مشايخنا ثم علي ايديكم واسال الله تعالي ان يغفر لنا ويجمعنا في الجنه مع نبينا محمد ................
ـ[العكاشى]ــــــــ[11 - 12 - 05, 01:48 ص]ـ
اخوانى
السلام عليكم ورحمة والله وبركاته
جزاكم الله خيرا جميعا ولكم جزيل الشكر
فان كان لى من مشاركة فاقول
ان هولاء اناس يعيشون على السياسة
سمعت شيخنا شفاه الله وعفاه فى مجلس خاص ينكر عليهم انكارا شديدا
بل وقال فى مجلس عام ان كبيرهم لما تكلم على بابا الفاتيكان قال نسال الله ان يجعل اعماله فى ميزان حسناته
وكفى
ـ[محمد محمود الحنبلي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 09:38 م]ـ
اخوتي في الله جزاكم الله خير الجزاء علي هذا الموضوع العظيم الذي هو
من اصول عقيدتنا والتي وللاسف الشديد جهلها كثير من الناس
ولكن اريد ان اقول شيء والله راجعت نفسي كثيرا هل اذكره ام لا؟
وهذا الامر هو ان شيخنا الكبير الشيخ ابو بكر الجزائري كان قد ذكر اخي النصراني واخي اليهودي واخي الشيعي؟ وان ذكرت ذلك للتنويه لانني اعتقدت هذا الكلام لفتره ولكن ظهر الحق بفضل الله علي يد مشايخنا ثم علي ايديكم واسال الله تعالي ان يغفر لنا ويجمعنا في الجنه مع نبينا محمد ................
أخي ممكن من فضلك تأتي بمصدر ما ذكرت؟
لأن قد يكون معنى السياق شئ آخر .. كأن يكون الشيخ (حفظه الله) يرد علي من يقول بذلك (مثلا)؟
رجاء من فضلكم إتيان المصدر ...
جزاكم الله خيرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/259)
ـ[محمد محمود الحنبلي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 09:50 م]ـ
فتوى الشيخ المحدث عبد الكريم الخضير (حفظه الله)
سئلت الشيخ على رابطه http://www.islamlight.net/alkhadher/
فأرسل لي الجواب على بريدي الألكتروني ونصه:-
محمد /أخي السائل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذا السؤال المرسل شيخنا الحبيب (حفظكم الله) ما رأيكم في من يطلق لفظ الأخوة على الكفار (مثل الكفار إخوانهم في الإنسانية مثلا) مستدل على ذلك بقوله تعالى (وإلى عاد أخاهم هودا)؟ وجزاكم الله خيرا أجاب عنها فضيلة الشيخ اللجنة العلمية نص الاجابة على السؤال أخي السائل: توجيه الاية هو أنه المراد بالأخوة هي أخوة النسب لا أخوة الدين. فهو أخوهم بإعتبار أنه من قبيلتهم. ولذلك كان الله تبارك وتعالى يرسل النبي الى بني قومه أولا. ولهذا قال تعالى: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (الشعراء: 214) ولا يجوز إطلاق القول بأنهم إخوان لنا في كل حال. والله الموفق
ـ[محمد محمود الحنبلي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 09:55 م]ـ
_____
رقم الفتوى: 8900
المفتي: الشيخ عبد الله بن جبرين (حفظه الله ورعاه)
موضوع الفتوى: إنخداع الشباب بالرافضة ومعاملتهم كأخوة مسلمين
السؤال: كثر الرافضة في البلاد إمامية وإسماعيلية يعملون مع أهل السنة، وانخدع بعض الشباب بهم وعاملوهم كأخوة مسلمين مع أنهم يصلون في المساجد صلاتهم الخرافية؟
الإجابة:
علم أهل السنة الحذر منهم ومعرفة أنهم ليسوا مسلمين والشرك ظاهر في أعمالهم، وكذا رد السنة وتكفير سلف الأمة والطعن في القرآن، فعليكم الحذر منهم والتحقير لشأنهم. والله أعلم.
http://www.ibn-jebreen.com/controller?acti...waView&fid=8900
قم الفتوى: 1140
موضوع الفتوى: حدود المعاملة مع غير المسلمين
السؤال: س: أنا مسلم أعيش في بلغاريا حيث أعمل ولدي أصدقاء من غير المسلمين، أعاملهم كما أعامل أخوتي المسلمين تمامًا دون تفريق أملا في أن يهديهم الله للإسلام فهل هناك حدود لمثل هذه المعاملة؟
الإجابة:
يجوز ذلك بقدر الحاجة رجاء أن يهتدي من أراد الله به خيرًا، ولكن متى عرفت إصرارهم على الكفر أو البدعة أو المعصية وعدم تأثرهم بمعاملتك الحسنة فعليك مقاطعتهم والبراءة منهم وإظهار مقتهم وبغضهم وتحقيرهم، فإن تابوا وأسلموا بعد ذلك جاز أن تعود إلى معاملتهم كما تعامل المسلمين.
http://www.ibn-jebreen.com/controller?acti...waView&fid=1140
وانتظروا المزيد إن شاء الله قريبا ....(55/260)
الإجماع على أن خطبة العيد خطبتين
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[09 - 12 - 05, 05:05 م]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد دار بينى وبين بعض طلبة العلم نقاش حول خطبة العيد هل هى خطبة واحدة أم خطبتين؟؟
فقلت له قد وقع الإجماع على أنها خطبتين كالجمعة نقل الإجماع ابن المنذر وتبعه العلماء على ذلك وقال ابن حزم الظاهرى _رغم تشدده فى نقل الإجماع _ليس فى ذلك خلاف
فقال الإجماع إدعائه صعب وهو غير ممكن الوقوع
فقلت له وقوع الإجماع ممكن وأكبر دليل على ذلك أنه وقع فى كثير من المسائل مثل الإجماع على أن فرض الوضوء مرة مرة وأن ابن الإبن يحجب بالإبن وتقديم الدين على الوصية وغير ذلك من المسائل التى ذكرها العلماء
وقلت من ادعى عدم وقوع الإجماع فعليه أن يثبت الخلاف وخاصة إذا نقل الإجماع من هو أعلم الناس بالخلاف مثل ابن المنذر وابن حزم ولا خلاف فى المسألة
فقال هناك رواية عن مالك والشافعى أنها خطبة
فقلت ما مصدر هذا النقل؟؟؟ فالذى أعرفه عنهما ومن مذهبهما خلاف ذلك وأنها خطبتين لا خطبة وهذا موجود فى المدونة والأم وفى كتب الملكية والشافعية التى يعتمد عليها فى الفتوى
وقد بحثت فى كتب الإختلاف وكتب الشافعية والمالكية فلم أجد أحدا نقل مانقلت عن مالك والشافعى
وقد ذكر القفال الشاشى فى الحلية فى مسألة جلوس الإمام على المنبر فى أول الخطبة فى صلاة العيد روايتين عن مالك وقولين عن الشافعى ولكن عند عرضه للمسألة لم يصورها جيدا بل إختصر الكلام
فلعله إختلط على الناقل من أجل هذا
وكان من ذهب إلى هذا القول إستدل بظاهر الأحاديث مثل حديث خروج النبى صلى الله عليه وسلم بغير منبر ومثل حديث خطب النبى صلى الله عليه وسلم قائما فقلت يدخل على ظاهر أدلتكم أربعة إحتمالات:
1_ أنه لايلزم من عدم أخذ المنبر أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يجلس لاحتمال أن يكون جلس على شى آخر كما سيأتى
2_ أنه لا يلزم من عدم الجلوس أن الخطبة واحد لاحتمال أن يخط خطبتين من غير جلوس
3_ أنه قد ورد فى البخارى من حديث ابن عباس " ثم نزل النبى صلى الله عليه وسلم " فدل على أنه كان على شى مرتفع وللجمع بين الأحاديث يقال كان يخطب على صخرة أو أى شى مرتفع كما قال فى زاد المعاد
4_ أنه قد ورد فى أحاديث صحيحة أن النبى صلى الله عليه وسلم خطب العيد على ناقته
فإذا كان ذلك كذلك علم أن ترك هذا القول المخالف للإجماع أولى من تبنيه والله أعلم
وقد سألت الشيخ خالد المشيقح من خلال موقعه هل تعلم فى المسألة خلاف ينقض الإجماع فقال لا بل الذى أعلمه إطباق الأئمة الأربعة وغيرهم على أنها خطبتين والله أعلم
ـ[أبو جهاد السلفي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 10:49 ص]ـ
الحديث المذكور والذي يقول بأنها خطبتين هو حديث ضعيف جدا كما قال أبو مالك والشيخ العدوي
وقال سيد سابق في فقه السنة: وكل ما ورد في أن للعيد خطبتين فكله ضعيف
قال الإمام النووي (من شُرَّاح الشافعية): لم يثبت في ذلك شئ
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[11 - 12 - 05, 10:59 ص]ـ
نسلم أن الحديث ضعيف
لكن الدليل هو الإجماع
ـ[زياد عوض]ــــــــ[12 - 12 - 05, 01:34 ص]ـ
قال العلّامة ابن عثيمين في الشرح الممتع:
قوله: "فإذا سلم خطب خطبتين"، أي: إذا سلم الإمام من الصلاة يخطب خطبتين، وإن خطب غيره فلا بأس كالجمعة، فيجوز أن يخطب واحد، ويصلي آخر.
وقوله: "خطبتين" هذا ما مشى عليه الفقهاء - رحمهم الله - أن خطبة العيد اثنتان؛ لأنه ورد هذا في حديث أخرجه ابن ماجه بإسناد فيه نظر، ظاهره أنه كان يخطب خطبتين، ومن نظر في السنّة المتفق عليها في الصحيحين وغيرهما تبين له أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب إلا خطبة واحدة، لكنه بعد أن أنهى الخطبة الأولى توجه إلى النساء ووعظهنّ، فإن جعلنا هذا أصلاً في مشروعية الخطبتين فمحتمل، مع أنه بعيد؛ لأنه إنما نزل إلى النساء وخطبهنّ لعدم وصول الخطبة إليهن وهذا احتمال.
ويحتمل أن يكون الكلام وصلهن ولكن أراد أن يخصهنّ بخصيصة، ولهذا ذكرهنّ ووعظهنّ بأشياء خاصة بهنّ. 0 انتهى كلامه رحمه الله تعالى
ـ[زياد عوض]ــــــــ[12 - 12 - 05, 01:46 ص]ـ
4631 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يخطب الإمام في العيد خطبة واحدة أو خطبتين؟
فأجاب فضيلته بقوله: المشهور عند الفقهاء ـ رحمهم الله ـ أن خطبة العيد اثنتان لحديث ضعيف ورد في هذا، لكن في الحديث المتفق على صحته أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يخطب إلا خطبة واحدة، وأرجو أن الأمر في هذا واسع.
* * *
5631 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما هو الثابت في خطبة العيد هل هي واحدة؟
فأجاب فضيلته بقوله: خطبة العيد: اختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ فيها.
فمنهم من قال: إن العيد له خطبتان يجلس بينهما.
ومنهم من قال: ليس له إلا خطبة واحدة، ولكن إذا كانت النساء لا يسمعن الخطيب فإنه يخصص لهن خطبة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما خطب الناس يوم العيد نزل إلى النساء فوعظهن وذكرهن، وهذا التخصيص في وقتنا الحاضر لا نحتاج إلي؛ لأن النساء يسمعن عن طريق مكبرات الصوت فلا حاجة إلى تخصيصهن، لكن ينبغي أن يوجه الخطيب كلمة خاصة بالنساء كحثهن مثلاً على الحجاب والحشمة وما أشبه ذلك.
* * *
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/261)
ـ[زياد عوض]ــــــــ[12 - 12 - 05, 01:50 ص]ـ
فأين الإجماع الموافق للحديث الضعيف المخالف للحديث الصحيح!!؟؟
ـ[أبو عبد الله الورد]ــــــــ[12 - 12 - 05, 06:53 ص]ـ
الإجماع مقدم على قول كل مخالف
فكيف ولا دليل في المسألة إلا حديث الخطبتين
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[12 - 12 - 05, 11:07 ص]ـ
ليس فى المسألة حديث صحيح وما ذكره الشيخ بن عثيمين إنما ذكره بالمعنى أى معنى الأحاديث التى ذكرتها أنا فى أول الموضوع وإلا فليس هناك حديث صحيح بهذا اللفظ "خطب النبى صلى الله عليه وسلم يوم العيد خطبة واحدة" ولو كان لكان الفيصل فى المسألة
واكن مقصود الشيخ ظاهر الأحاديث الصحيحة وقد قدمت ان ظاهرها معارض باحتمالات وبظاهر أحاديث أخرى
أما ماذكره الشيخ من الإختلاف فلم يسمى لنا من هؤلاء العلماء المخالفين
ولعل الشيخ يقصد الخلاف بين علماء العصر كالألبانى وغيره
والإجماع لا ينقض بهذا والله أعلم
ـ[محب السلف]ــــــــ[12 - 12 - 05, 09:44 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم أمجد الفلسطيني.
قلتَ وفقك الله:
(قد وقع الإجماع على أنها خطبتين كالجمعة نقل الإجماع ابن المنذر وتبعه العلماء على ذلك)
أتمنى أن تحيلني إلى المرجع الذي نقل فيه ابن المنذر الإجماع في المسألة.
ولك الشكر الجزيل مقدماً.
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[15 - 12 - 05, 10:06 ص]ـ
عذرا على التأخير
الإجماع عن ابن المنذر أخبرنى به الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان وبحثت عنه فى كتاب الإجماع لابن المنذر فلم أجده فلعله فى كتبه الأخرى
وسوف أسأل الشيخ عن المرجع إن شاء الله قريبا
ـ[سيدي محمد اندي]ــــــــ[30 - 09 - 08, 12:46 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[ابن أبي عبدالتسميني]ــــــــ[21 - 09 - 09, 04:03 ص]ـ
للرفع
ـ[ايهاب اسماعيل]ــــــــ[21 - 09 - 09, 01:53 م]ـ
أتمنى أن تحيلني إلى المرجع الذي نقل فيه ابن المنذر الإجماع في المسألة
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[21 - 09 - 09, 02:01 م]ـ
أتمنى أن تحيلني إلى المرجع الذي نقل فيه ابن المنذر الإجماع في المسألة
نفس الطلب
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[19 - 11 - 09, 06:57 ص]ـ
السؤال:
ذهب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله إلى أن خطبة العيد واحدة، وقد استشكل هل سبقه إلى ذلك أحد من العلماء فيما سبق، فأرجو ذكر من قاله به: قائلا وكتابا بجزئه وصفحته، وما رأيكم في هذه المسألة مع بيان الدليل؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
ذهب عامة أهل العلم إلى أن للعيد خطبتين، وقد حكى الإجماع على ذلك غير واحد من أهل العلم منهم ابن حزم في المحلى (3/ 293). ولم أقف مع طول البحث على من قال بأن خطبة العيد خطبة واحدة لا من أهل العلم المتقدمين ولا فقهاء المذاهب ولا غيرهم من أهل العلم إلا ما قد يفهم من كلام الصنعاني حيث قال في شرحه لحديث أبي سعيد رضي الله عنه: (وفيه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى وأول شيء يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس على صفوفهم فيعظهم ويأمرهم) في سبل السلام (2/ 140): "وليس فيه أنه خطبتان كالجمعة وأنه يقصد بينهما ولعله لم يثبت ذلك من فعله وإنما صنعه الناس قياساً على الجمعة " وبالنظر إلى كلام الفقهاء وأهل العلم يتبين أنهم قاسوها على الجمعة وذكروا أدلة في ثبوتها نظر فاستدلوا بما رواه ابن ماجه من طريق إسماعيل بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال: خرج الرسول صلى الله عليه وسلم يوم فطر وأضحى قائماً ثم قعد قعدة ثم قام. وإسماعيل بن مسلم مجمع على ضعفه وكذا ما رواه البزار في مسنده من حديث سعد بن أبي وقاص وكان يخطب خطبتين يفصل بينهما بجلسة قال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 203): "وفي إسناده من لم أعرفه " وقال النووي في الخلاصة: ولم يثبت في تكرير الخطبة شيء ولكن المعتمد فيه القياس على الجمعة هذا غاية ما وقفت عليه فلعل شيخنا محمد العثيمين رحمه الله وقف على ما هو أصرح من هذا مما يوافق ظاهر الأحاديث التي تدل على أن خطبة العيد خطبة واحدة فقد ذكر الخلاف في ذلك مراراً وتكراراً ورجح أنه خطبة واحدة، والله تعالى أعلم.
أخوكم
خالد بن عبدالله المصلح
17/ 9/1424هـ
ـ[أبو إلياس الرباطي]ــــــــ[25 - 11 - 09, 10:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/262)
وبعد:
فهذا بحث مختصر في مسألة صلاة العيدين؛ هل لها خطبة أم خطبتين فأقول وبالله التوفيق مستعينا به سبحانه وتعالى أخذا بقوله عزو وجل: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً?. (النساء: 59):
لم يثبت عن النبي ? تكرار الخطبة في العيدين، بخلاف الجمعة.
وكلُّ مَن تكلّم وقال بالخطبتين في العيدين إنما قاس على خطبتي الجمعة, ولم يُثبِتوا حديثاً عن النبي ? صريحاً صحيحاً, ولا عن أحد من أصحاب رسول الله ?.
وغاية ما استدلّوا به: حديثُ جابرٍ ? قال: ((خرج رسول الله ? يوم الفطر - أو أضحى - فخطب قائماً, ثم قعد مقعده, ثم قام)).
ضعيف: أخرجه ابن ماجه: (1289) , والبوصيري في " الزوائد ": (رقم: 417) , وكتابه المسمّى " مصباح الزّجاجة ": (1289)، وقال الألباني " منكر " سنداً ومتناً.
وفيه:
أوّلاً: أنّ قوله: (ثم قام) ليس بصريح أنّه قام إلى الخطبة الثانية.
ثانياً: اضطّراب المتن.
فقد وقع في رواية النّسائي في ((الصغرى)) كما ذكر البوصيري في ((الزوائد)) فقال: ((رواه النسائي في ((الصغرى)) من حديث جابر, إلا قوله: [يوم فطر أو أضحى]))
المصدر السّابق.
وفي رواية ابن ماجه [يوم فطر أو أضحى] على الشّكّ أيضاً بين العيدين.
ثالثاً: نكارة المتن والسّند.
قال الألباني عن هذا الحديث: ((منكر سندًا ومتنًا، والمحفوظ أنّ ذلك في خطبة الجمعة، ومن حديث جابر بن سُمرة كما في (م)، والتعليق على ابن خزيمة (2/ 349)، وانظر الحديث: (1105 - 1106). [وهما في ((صحيح ابن ماجه)) برقم: 907، 908])) انتهى كلامُ الألباني - حفظه الله -. " ضعيف سنن ابن ماجه " للألباني: (1289).
أما حديث جابر بن سمرة فهو من طريق سِمَاك قال: (أنبأني جابر بن سمرة: أنّ رسول الله ? كان يخطُب قائمًا، ثم يجلِس، ثم يقوم فيخطُب قائمًا، فمن نبّأك أنه كان يخطُب جالسًا فقد كذب، فقد - والله - صلّيت معه أكثر من ألفيْ صلاة).
أخرجه مسلم: (862)، واللفظ الثّاني من حديث ابن عمر (رقم: 861)، وأخرج الأوّل- أيضًا -: ابن ماجه: (110، 1106)، والنسائي: (1416)، وابن خزيمة: (1447). قال الألباني في تعليقه على ابن خزيمة: " قلت: هذا الحديث في خطبتي الجمعة بدليل: رواية خالد بن الحارث: حدّثنا عبيد الله به، ولفظه: (كان رسول الله ? يخطُب يوم الجمعة قائمًا ... ) الحديث. فقوله في الكتاب (الخطبتين) اللاّم فيه للعهد وليس للاستغراق، فتنبه " اهـ.
وفي لفظٍ: (كان رسول الله ? يخطُب يوم الجمعة قائمًا، ثم يجلس، ثم يقوم).
رابعًا: ضعفُ الإسناد.
أما إسناد الحديث ففيه: عبد الرّحمن بن عثمان أبو بحر البصري، قال أحمدُ بن حنبل: ((طرحَ الناسُ حديثه))، وقال يحيى بن معين: ((ضعيف))، وقال ابن المديني: ((ذهب حديثه))، وقال أبو حاتم: ((ليس بقويّ؛ يُكتَبُ حديثُه، ولا يُحتجّ به))، وقال النسائي: ((ضعيف))، وقال ابن حبّان: ((يروى المقلوبات عن الأثْبات، ويأتي عن الثقات ما لا يشبه أحاديثهم؛ فلايجوز الاحتجاج به))، وقال أبو داود: ((وتركوا حديثه))، وقال ابن حجر: ((ضعيف، من التّأسعة))، قال ابن عديّ: ((له أحاديث غرائب عن شُعبة وعن غيره من البصريّين)).
راجع ترجمته في: " التّاريخ الكبير " (5/ 331)، و" الصغير ": (2/ 253) للبخاري، " الضعفاء والمتروكين " للنسائي: (206 ترجمة: 357)، و" الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم: (5/ 264)، و" الكامل في ضعفاء الرّجال " لابن عديّ: (4/ 296)، و" المجروحين " لابن حبّان: (2/ 61)، و" تهذيب الكمال " للمزيّ: (17/ 271)، و" ميزان الاعتدال ": (2/ 578)، و" المغني في الضعفاء ": (2/ 383)، و" الكاشف ": (1/ 363) للذهبي، و" التهذيب ": (6/ 205)، و" التقريب ": (346 ترجمة: 3943) لابن حجر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/263)
وفي الإسناد - أيضًا -: إسماعيل بن مسلم المكّي، أجمعوا على ضعفه: قال أحمد: ((منكر الحديث))، وقال يحيى القطّان: ((لم يزل مخلِّطًا يحدّثنا بالحديث الواحد على ثلاثة أضراب))، وقال عمرو بن عليّ: ((ضعيف في الحديث، يَهِمُ فيه؛ وكان صدوقًا يكثر الغلط))، وقال إبراهيم بن يعقوب السعدَيّ: ((واهي الحديث جدًّا))، وقال أبو زُرْعة: ((ضعيف الحديث))، وقال البخاري: ((تركه يحيى وابن مهدي وابن المبارَك))، وقال النسائي: ((متروك الحديث)).
راجع ترجمته في: " طبقات ابن سعد ": (7/ 274) , و" التاريخ الكبير ": (1/ 372/ 1179) , و" الضّعفاء الصغير ": (20 ترجمة: 19) للبخاري, و" الضّعفاء والمتروكين " للنسائي: (151 ترجمة: 36) , و" الضعفاء الكبير " للعقيلي: (1/ 91/ 104) , و " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم: (2/ 198/ 669) , و" الكامل في الضّعفاء " لابن عديّ: (1/ 282/ 120) , و" الضّعفاء والمتروكين " للدّار قطني: (134 ترجمة: 77) , و" المجروحين " لابن حبّان: (1/ 120) , و" تهذيب الكمال " للمزّي: (3/ 198/ 483) , و" ميزان الاعتدال ": (1/ 248/ 945) , و" المعنى ": (87 ترجمة: 716) , و" الكاشف ": (1/ 249/ 408) للذهبي, و" التهذيب ": (1/ 289/ 598) , و" التقريب ": (110 ترجمة: 484) لابن حجر.
في سنده - أيضًا -: أبو الزّبير، مدلِّس، وقد عنعن.
ومما استُدلّ به - من قال بالخطبتين في العيدين -:
أثر ابن عبّاس: ((أنّ رسول الله ? كان يقعُد يوم الجمعة والفطر والأضحى على المنبر، فإذا سكت المؤذّن يوم الجمعة قام فخطب ثم جلس، ثم يقوم فيخطُب، ثم ينزل فيصلّى)). ضعيف: أخرجه البيهقي في " الكبرى ": (3/ 299).
قال البيهقي عقب هذا الحديث: ((فجمع - إنْ كان محفوظاً - بين الجمعة والعيدين في العقدة, ثم رجع الخبر إلى حكاية الجمعة)) انتهى.
في هذا الحديث اضطّرابٌ في المتن: فصدرُ الحديث جمع بين الجمعة والعيدين, وعجز الخبر؛ في الجمعة فقط.
وأيضا: ليس للعيدين أذان, ثم إنّ صلاة العيدين قبل الخطبة, ووقع في الخبر أنّ الصلاة بعد الخطبة!! , فتنبّه!!!!.
ثانياً: ضعف الإسناد.
في سند الحديث: الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عبّاس بن عبد المطّلب القرشي الهاشمي, قال أحمد: ((له أشياء منكَرة)) , قال البخاري: ((قال علي: تركت حديثه, وتركه أحمد)) , قال أبو زُرعة: ((ليس بالقويّ)) , قال أبو حاتم: ((ضعيف لا يُحتجّ بحديثه)) , قال الجوزجاني: ((لا يُشتَغل بحديثه)) , قال النّسائي: ((متروك)) , قال ابن حبّان: ((يقلِّب الأسانيد, ويرفع المراسيل)) , قال يحيى بن معين: ((ضعيف)) , قال ابن حجر: ((ضعيف, من الخامسة)).
راجع ترجمته في: " طبقات ابن سعد ": (9/ 246) , و" التاريخ الكبير ": (2/ 388) , و " الصغير ": (2/ 51) , و" الضعفاء الصّغير ": (رقم: 78) , و" المعرفة والتّاريخ ": (1/ 511، 512) , و" الضعفاء والمتروكين ": (رقم: 145) , و " الضعفاء الكبير ": (1/ 245)، و" الجرح والتعديل ": (3/ 57/ 258) و" الكامل ": (2/ 349) , و" المجروحين ": (1/ 242) , و" تهذيب الكمال ": (6/ 383) , و" ميزان الاعتدال ": (1/ 537) , و" المغنى ": (1/ 172) , و" الكاشف ": (1/ 333) , و" التهذيب ": (2/ 296)، و " التقريب ": (رقم:1326).
فالحديث لا يصحّ مرفوعاً ولا موقوفاً, ومن ثَمّ لا يصحّ الاحتجاج به.
وممّا قد يتشبّث به من تشبّث:
أثرُ عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه قال: ((السنّة: أن يخطُب الإمام في العيدين خطبتين, يفصل بينهما بجلوس)).
ضعيف: رواه الشّافعيّ, انظر: " شفاء العي بتخريج وتحقيق مسند الإمام الشافعي, بترتيب العلاّمة السندي " لأبي عمرو مجدي بن محمد المصري: (1/ 324) , وأخرجه البيهقي في " الكبرى ": (3/ 299).
في هذا الأثر:
أولاً: سنده ضعيف جدّاً, وهو مرسل. فمثله لا يُحتجّ به, ولا حتّى في المتابَعات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/264)
فيه: إبراهيم بن محمد بن يحيى شيخ الإمام الشافعي -: قال عنه الإمام أحمد: ((قدري, معتزلي, جهميّ؛ كل بلاء فيه, ترك الناس حديثه)) , وقال يحيى القطّان: ((كذّاب)) , قال البخاري: ((كان يرى القدر, جهمي, تركه ابن المبارك والناس)) , قال أحمدُ مرّة: ((يروي أحاديث ليس لها أصل)) , قال ابن معين: ((كذّابٌ, رافضي, قدريّ)) , قال ابن حبّان: ((كان مالك وابن المبارك ينهيان عنه, وتركه يحيى القطّان وابن مهدي؛ وكان يرى القدر, ويذهب إلى كلام جهم, ويكذب في الحديث)).
راجع ترجمته في: " طبقات ابن سعد ": (5/ 425) , و" معرفة الثقات " للعجلي: (1/ 209) , و" التاريخ الكبير ": (1/ 323) , و" الضعفاء الصغير ": (17) للبخاري و" الضعفاء والمتروكين " للنسائي: (146) , و" الضعفاء الكبير " للعقيلي: (1/ 63)، و" الجرح و التعديل " لابن أبي حاتم: (2/ 125) , و" الكامل " لابن عديّ: (1/ 217) , و" المجروحين " لابن حبّان: (1/ 105) , و" تهذيب الكمال " للمزّي: (2/ 184) , و" ميزان الاعتدال ": (1/ 57) , و" المغني ": (23) , و" الكاشف ": (1/ 222) للذهبي, و" التهذيب ": (1/ 137) , و" التقريب ": (93) لابن حجر.
ثانياً: ((عُبيد الله بن عبد الله من فقهاء التّابعين, وليس قولُ التابعي (من السنّة) ظاهراً في سنة النبي ? كما تقرّر في الأصول)). " نيل الأوطار " للشّوكاني: (3/ 305).
وبعد أن عرفنا ضعف أسانيد الآثار التي جاءت بخير خطبتين للعيدين, فإنّه لا حجة لأحدٍ فيها بتعليق الحكم عليها.
ولم تثبُت خطبتين للعيدين, وكلُّ مَن قال بالخطبتين إنما هو قياس على خطبتي الجمة, وإليك أقوالهم:
قال البيهقي: ((ثم قيامه وخطبته بينهما جلسة خفيفة قياساً على خطبتيّ الجمعة)).
" السنن الكبرى ": (3/ 299).
قال ابن حجر متعقّباً قول الرافعي: ((قوله: (ويجلس بينهما كما في الجمعة) متقضاه: أنه احتجّ بالقياس)). " التلخيص الحبير ": (2/ 86).
قال شمس الدين السّرخسي: ((والخطبة في العيد كهي في الجمة, يخطُب خطبتين يجلس بيهما جلسة خفيفة)). " المبسوط ": (2/ 37).
قال النووي في " الخلاصة ": ((وما روي عن ابن مسعود أنه قال: السنة أن يخطب في العيد خطبتين يفصل بينهما بجلوس, ضعيف غير متصل ولم يثبُت في تكرير الخطبة شيء, ولكن المعتمد فيه القياس على الجمعة)).
نقله الزّيلعي في " نصب الرّاية ": (2/ 221) , الآيادي في " عون المعبود ": (4/ 4).
قال الشّوكاني في أثر عبيد الله بن عبد الله المتقدِّم: ((يرجّّحه القياس على الجمعة)). " نيل الأوطار ": (3/ 305).
أما الأخبار الصحيحة التي جاءت بخبر خطبته ? في العيدين فإنّها لم تذكُر الجلسة ولا الخطبة الثانية:
فعن جابر بن عبد الله قال: ((إن النّبي ? قام فبدأ بالصّلاة, ثم خطب الناس بعدُ, فلما فرغ نبي الله ? نزل, فأتى النساء فذكّرهُنّ وهو يتوكّأ على يد بلال, وبلالٌ باسطٌ ثوبه, يلقي فيه النساء صدقة)). أخرجه البخاري: (918) , وغيره.
ومثل الجلسة بين الخطبتين والخطبة الثانية أمرٌ ظاهر, ولا بدّ من نقل الصحابة له لو حدث؛ فلمّا لم يفعلوا عُلم أنّه لم تكن ثمَّ جلسة ولا خطبة ثانية، وقد جاءت الأحاديث في الجمعة بذكر الجلسة والخطبة الثانية، فَلِمَ لَمْ تُذكر في العيدين؟!!.
وخطبة العيدين من العبادات السّنويّة، ولها أهميّة ومكانه عظيمة في نفوس المسلمين، وقد نقل الصحابة ? ما هو أدق من ذكر الخطبة الثانية والجلوس قبلها.
فمن ذلك: أنّه ? صلّى قبل الخطبة، وأنّه خطب على ناقته في الحج، وقام على رجليه في الفطر متوكِّأً على بلال، وأنّه استقبل الناس بوجهه، وبعد فراغه من الخطبة توجّه نحو النّساء فوعظهنّ وبلالٌ باسطٌ ثوبه للنساء يُلقين بالفتح والخواتيم والخرص.
كلُّ هذا نقله الصحابة الكرام الأُمناء - رضوان الله عليهم -، فكيف يُهمِلون ذكر ما هو أهمّ وأعظم؛ مثل الخطبة الثانية، والجلوس قبلها في العيدين؟. فتأمّل!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/265)
ولو حدث وأن خطب رسول الله ? خطبتين في العيد؛ نقول: قد يفوت على آحاد الصحابة ذلك، فهل يفوتُ على جميع الصحابة ? ذلك نقلٌه؟! ولو عن طريق الآحاد والصحابة الذين حجوا معه ? نحوًا من مئة ألف شخص، كما تذكر ذلك كتب السير أو يزيدون ثم إن هناك لفتة مهمة في الحديث في قوله: ((ثم خطب الناس بعدُ، فلما فرغ نبي الله نزل)).
وهو أنه لا يتبادر إلى الذهن إلا أنه ? خطب خطبة واحدة لاخطبتين. وقوله: (فأتى النساء فذكرهن).
هل يستطيع أحد أن يقول إنها الخطبة الثانية؟!
وإن قلنا أنه خطب على المنبر خطبتين، فهل يستطيع أحد أن يقول تذكيره ? النساء؛ خطبة ثالثة؟!
إذا لم يكن ذاك ولا ذاك. فنستطيع أن نقول أنه خطب خطبة واحدة للرجال، ثم نزل وأتى النساء فوعظهن وذكرهن؛ لأن صوته لم يبلُغهن وهو في الخطبة؛ هذا ما يُفهم من سياق هذا الحديث الصحيح، والشِّبْه صريح في بيان أن للعيدين خطبة واحدة. والله أعلم.
وقد سألت شيخنا إمام أهل السنة في عصره الشيخ الوالد عبد العزير بن باز ـ حفظه الله ـ في أثناء ما أنا أكتب وأبحث في هذه المسالة وكنت أتناول وجبة الغداء معه في منزله بمدينة الطائف في صيف هذا العام 1417هـ، فسألته قائلاً:
هل يصح في الخطبتين للعيد حديث؟
فقال: لا يصح فيها حديث.
ولكنهم يقيسون على الجمعه.
قال بعضهم:
ذهب عامة الفقهاء ولا يُعرَف لهم مخالف إلى أنّ خطبة العيد خطبتان، يفصل بينهما بجلوس.
واستندوا في ذلك على أحاديث ضعيفة، منها:
ما رواه جابر بن عبد الله قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فخطب قائمًا ثم قعد قعدة ثم قام
وما رواه عامر بن سعد عن أبيه سعد: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم صلّى العيد بغير أذان ولا إقامة، وكان يخطب خطبتين قائمًا، فيفصل بينهما بجلسة.
قال النووي: "وما روي عن ابن مسعود أنّه قال: (السنة أن يخطب في العيدين بخطبتين يفصل بينهما بجلوس) = ضعيف غير متصل، ولم يثبت في تكرير الخطبة شيء، والمعتمد فيه القياس على الجمعة".
قال الشيخ ابن عثيمين معلِّقًا على قول الحجَّاوي: "فإذا سلّم خطب خطبتين"، قال: "هذا ما مشى عليه الفقهاء – رحمهم الله – أنّ خطبة العيد اثنتان؛ لأنّه ورد هذا في حديث أخرجه ابن ماجه بإسناد فيه نظر: (أنه كان يخطب خطبتين)، ومن نظر في السنة المتفق عليها في الصحيحين وغيرهما تبين له أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب إلاّ خطبة واحدة، لكنه بعد أن أنهى الخطبة الأولى توجه إلى النساء ووعظهنّ، فإن جعلنا هذا أصلاً في مشروعية الخطبتين فمحتمل، مع أنّه لا يصحّ؛ لأنه إنّما نزل إلى النساء وخطبهنّ لعدم وصول الخطبة إليهن، وهذا احتمال"
وكأنّ الشيخ – رحمه الله – يميل بهذا القول إلى أنّ العيد يخطب له خطبة واحدة، وهو قول له قوة ووجاهة، فهو موافق لظاهر الروايات الصحيحة في خطبة العيد أنّها خطبة واحدة، ولكن عامة فقهاء الأمة على أنّها خطبتان يقعد بينهما، ولا يسعنا أن نخرج عن أقوالهم – رحمة الله عليهم -.
كما لا يسعنا أن ننكر عن مَن أخذ بظاهر الروايات الصحيحة، وخطب خطبة واحدة، والله تعالى أعلم.
مراجع يستفاد منها في المسألة:
شرح فتح القدير (2/ 78، 79)، المبسوط (2/ 3، المدونة (1/ 170)، الرسالة (ص: 144)، الكافي (1/ 264)، عقد الجواهر (1/ 243)، الأم (1/ 211)، الحاوي (2/ 492)، فتح العزيز (5/ 51)، نهاية المحتاج (2/ 391)، حلية (2/ 306)، شرح الزركشي (2/ 226)، المقنع (5/ 351)، الشرح الكبير (5/ 351)، الإنصاف (5/ 351)، المستوعب (3/ 63)، المغني (3/ 276)، الشرح الممتع (5/ 191)، المحلى (5/ 72).
هذا ما تيسر جمعه في هذه المسألة والله أعلم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه اجمعين،،
كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
19/ 5/1418
ـ[عبد الرحمن السعودي]ــــــــ[07 - 08 - 10, 10:13 م]ـ
هذهِ من الشَّعائرِ الظَّاهرةِ، وقد تتابعتِ الأمَّةُ على خطبتينِ للعيدِ، ولن تتابعَ هذهِ الأمَّةُ على غيرِ مشروعٍ؛ إذْ لا تزالُ طائفةٌ من الأمَّةِ على الحقِّ، فأينَ في كتبِ الحديثِ والأثرِ والفقهِ والخِلافِ، والتاريخِ وأيَّامِ النَّاسِ من قالَ أنَّ للعيدِ خطبةً واحِدة؟
فمن وجدَ ذلِكَ فليُخْبِرنا، وجزاكمُ الله خيراً.
ـ[أبو أنس دريابادي الهندي]ــــــــ[07 - 08 - 10, 10:33 م]ـ
لكن الدليل هو الإجماع [/
السؤال
UOTE]
" ومن نظر في السنّة المتفق عليها في الصحيحين وغيرهما تبين له أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب إلا خطبة واحدة، لكنه بعد أن أنهى الخطبة الأولى توجه إلى النساء ووعظهنّ، فإن جعلنا هذا أصلاً في مشروعية الخطبتين فمحتمل، مع أنه بعيد؛ لأنه إنما نزل إلى النساء وخطبهنّ لعدم وصول الخطبة إليهن وهذا احتمال"
لايكون ينعقد الإجماع خلاف الحديث الصحيح وإذاتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب إلا خطبة واحدة فبطل الإجماع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/266)
ـ[سعيد الحلبي]ــــــــ[08 - 08 - 10, 12:05 ص]ـ
يا إخوة الخير
من كان مناقشا في المسألة فليقصد إلى لبها
ليست المسألة ترجيحا بين آراء؛ فتبسط فيها البحوث!
الأخ يريد من ينقل عن إمام متقدم ما ينفي الإجماع
وأما الاستدلال بالحديث فلم تقعوا عليه قبلهم
ولا يمكن أن يغيب الحق عن الأمة كلها زمنا طويلا
إذ هي معصومة من جمعها على ضلالة
فمحل النقاش إذن:
هل قال بالخطبة الواحدة إمام من السلف؟
وأما كلام النووي رحمه الله: " ولم يثبت في تكرير الخطبة شيء، والمعتمد فيه القياس على الجمعة"
فغايته نفي صحة أحاديث التكرير , لا قوله بالخطبة الواحدة لا رأيا ولا نقلا
...
ملحوظة:
ما زلت أخطب العيد خطبة واحدة , إذ لم تقع عيناي على الإجماع من قبل
ـ[أبو أنس دريابادي الهندي]ــــــــ[08 - 08 - 10, 12:23 ص]ـ
قد رأيت جميع أهل الحديث في الهند يخطبون خطبة واحد للعيدين، هل رأيت بأنهم خالفوا الإجماع؟
ـ[عبد الرحمن السعودي]ــــــــ[08 - 08 - 10, 01:28 ص]ـ
حتَّى الآنَ، لم يَذكر أحدٌ قائلاً من القرونِ العشرةِ الأولى، قالَ بأنَّها واحِدة.
والحديثُ الذي يستدلّ به من قال واحدة، في الصحيحينِ، لا يخفى على علماء أمَّة محمَّد على تتابع القرون! فهذا سبيلُهم
ونحن لانريد إلا قائلاً واحِداً.
أمَّا قولُ الفاضلِ: إنَّ الإجماعَ لا يَنعقِدُ على خلافِ الحديثِ، فحقٌّ، ولانقول بأنَّه مخالفٌ للحديثِ، إذ الحديثُ ليسَ نصّاً في المسألةِ، ثمّ الاتفاقُ حجّة قائمة، والمتفقونَونَ عرفوا هذا الحديث، وردّ اتِّفاقهِم بدعوى مخالفةِ الحديثِ غلطٌ في المُحاجَّةِ، إذ أنَّ اتفاقهُم إذا كانَ حجّة، وكانوا لا يتفقونَ على خطأ، وكانَ الحقّ لابدّ أن يظهر في طائفةٍ من الأمَّة، تبيَّنَ أنَّ اتّفاقهم حقٌّ وإذا كانَ حقاً وجبَ اتّباعهُ، وإذا وجبَ اتّباعهُ، وجبَ حملُ الحديثِ على محملٍ لايُخالِفٌ عملَ الأمَّةِ، خاصّة والحديث ليس نصاً في كونها واحدة.
أبا أنس: أهلُ الحديثِ ملحُ الارضِ، وبركةُ الدُّنيا، وزينةُ الهندِ وخيرتُها وطيبها، وأهل التوحيدِ والسُّنَّة.
وكلّ هذا الذي أذكره ليسَ ترجيحاً ولا فتوى، بل هوَ التماسٌ من ذوي الفضلِ ان يدلّونا على واحدٍ قالَ: إنَّها واحدة.
وجزاكم الله خيراً.
ـ[تركي النجدي]ــــــــ[08 - 09 - 10, 07:17 م]ـ
فتح الباري لابن رجب - (7/ 124)
16 - [باب
واختلف القائلون بأنه يخطب - وهم الجمهور -: هل يخطب خطبة واحدة، أو خطبتين؟ على قولين:
أحدهما: يخطب خطبة واحدة، وهو قول ابن مهدي وأحمد وأبي يوسف ومحمد.
والثاني: أنه يخطب خطبتين، بينهما جلسة كالعيد، وهو قول الليث ومالك والشافعي، وروي عن الفقهاء السبعة، وهو وجه ضعيف لأصحابنا.
وقالت طائفة: يخير بين الأمرين، وهو قول ابن جرير الطبري، وحكي مثله عن أبي يوسف ومحمد -أيضا.
**
يقول كالعيد ,
وكذلك أن الصحابة رضي الله عنهم نقلوا حتى صفة اليدين في الصلاة والسبابة والقصر وغيرها
فهل يعقل أن يجتمعوا على خلاف فعله؟!(55/267)
متى يرد العمل؟
ـ[صالح بن علي]ــــــــ[09 - 12 - 05, 06:33 م]ـ
المتابعة لا تتحقق إلا إذا كان العمل موافقاً للشريعة في ستة أمور:-
1 - سببه:
وذلك بأن يفعل الإنسان عبادة لسبب لم يجعله الله سبباً مثل أن يصلي ركعتين كلما دخل البيت (فيه حديث في البزار و لا يصح هذا الحديث) فهذا مردود مع أن الصلاة أصلها مشروع لكن لما قرنها بسبب لم يكن سبباً شرعيا صارت مردودة.
مثال آخر لو جعل أحد المسلمين عيداً لانتصار المسلمين ببدر فإنه يرد لأنه ربطه بسبب لم يجعله الله ولا رسوله.
2 - جنسه:
أن يكون العمل موافقاً للشريعة في الجنس، فلو تعبد لله بعبادة لم يشرع جنسها فهي غير مقبولة، لأنه مخالف للشريعة من حيث الجنس، فلو أن أحداً ضحى بفرس فإن ذلك يكون مردوداً عليه لأن الله لم يشرعه، إذ إن الأضاحي إنما تكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم.
أما لو ذبح فرسا ليتصدق بلحمها فهو جائز.
3 - قدره:
أن يكون العمل موافقاً للشريعة من حيث القدر، فلو تعبد شخص لله عز وجل بقدر زائد على على الشريعة لم يقبل منه ومثال ذلك رجل توضأ أربع مرات أي غسل كل عضو أربع مرات فالرابعة لا تقبل لأنها زائدة على ما جاء في الشريعه بل قد جاء في الحديثأن النبي صلى الله عليه وسلم قال> من زاد على ذلك فقد أساء وتعدى وظلم < أخرجه أحمد (6684) والنسائي، كتاب الطهارة، باب الإعتداء في الوضوء (140) وابن ماجة، كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في القصد في الوضوء وكراهة التعدي فيه (422)
4 - كيفيته:
أن يكون العمل موافقاً للشريعة في الكيفية، فلو عمل شخص عملاً يتعبد به الله وخالف الشريعة في كيفيته لم يقبل منه وعمله مردود عليه مثلاً لو أن رجلاً صلى وسجد قبل أن يركع فصلاته باطلة مردودة لأنها لم توافق الشريعة في الكيفية وكذلك لو توضأ منكسا بأن بدأ بالرجل ثم الرأس ثم اليد ثم الوجه فوضوؤه باطل لأنه مخاف للشريعة في الكيفية.
5 - زمانه:
أن يكون العمل موافق للشريعة في الزمان، فلو صلى صلاة قبل دخول وقتها فالصلاة غير مقبولة للأنها في زمن ما حدده الشرع ولو ضحى قبل الصلاة صلاة العيد لم تقبل لأ، ه لم يوافق الشريعة في الزمان.
6 - مكانه:
أن يكون العمل موافق للشريعة في الزمان، فلو أن أحدا ًاعتكف في غير المساجد كأن يعتكف في المدرسة أ في البيت فإن اعتكافه لا يصح لأنه لم يوافق الشريعه في مكان الإعتكاف فالإعتكاف محله المسجد.
فانتبه لهذه الأصول الستة وطبق عليها كل ما يرد عليك.
من شرح الأربعين النوويه للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى.(55/268)
سؤال حول مشروع مقهى الإنترنيت
ـ[ضفيري عزالدين]ــــــــ[09 - 12 - 05, 07:38 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
هل مشروع مقهى الإنترنيت من المشاريع المباحة، علما أن أكثر من يرتادهذه المقاهي هم الباحثون عن مواقع الدردشة و غيرها من المواقع التي لا تباح.
ـ[عمر نزالي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 04:56 ص]ـ
http://www.ferkous.com/res800600/Bh42
في حكم أخذ ثمن على وقت لم يتم استغلاله
السؤال: أنا شاب أعمل في مقهى إنترنت حيرني ما حكم أخذ مال مقدار (1) دينار مثلا عندما يأتي شخص ويستعمل الجهاز مثلا (55) دقيقة وسعر الساعة (50) دج علما أنّني احتسبها بسعر ساعة وأطلب منه دفع (50) دج.؟
الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فالمقرّر شرعا أنّ ثمن العوض بحسب ما اتفق عليه، أمّا إن كان دون الوقت المستعمل المتفق عليه فالواجب تحديد سعر كلّ فترة بثمنها أو تغطية سعر الفترة بقيمة معينة يعلمها الزبون أو المتعاقد معه، وهذا الذي ينبغي أن يجري بين المتعاقدين، لكن إذا لم يحدّد سعر الفترة المستغلّة وأخذ منه سعرها مع عدم استكماله لها فالواجب إخباره عنها فإن تنازل له عنها بطيب نفس جازت له، وإن امتنع عن التنازل عنها وجب ردّ قيمة الفترة غير المستغلّة، لأنّ الغنم بالغرم، فإن لم يعد إليه، أنفقه في المرافق العامة أو على الفقراء والمساكين.
ملاحظة: ينبغي الحرص على توجيه مقاهي الإنترنيت باستخدامها في منافع المسلمين بما يرضي الله تعالى والحذر من الانحراف بها في إفساد دينهم وأخلاقهم.
والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على نبينا محمّد وعلى آله وسلّم تسليما.
الجزائر في:20 جمادى الثانية 1426هـ
الموافق لـ: 26 جويلية 2005 م.
ـ[ضفيري عزالدين]ــــــــ[11 - 12 - 05, 07:19 م]ـ
أخي الكريم
أشكرك على هذا الرابط، لكنني أريد الأدلة الشرعية الدامغة على إباحة مشروع مقهى الإنترنيت لا مجرد أقوال الشيوخ، أرجو إن كانت لك أدلة على الإباحة أو الحضر أن تخبرني بها، و جزاك الله خيرا في كل حال.
ـ[أبو إسلام عبد ربه]ــــــــ[12 - 12 - 05, 05:06 م]ـ
بسم الله الرخمن الرحيم
الكلام التالي ليس فتوى وإنما هو مجرد مناقشة ومباحثة
مقهى الإنترنت يقوم فيه المستخدم بممارسات بعضها - إن لم يكن أكثرها - غير شرعية , وهذا أمر معلوم ومشاهد ولا يمكن إنكاره 0
وبالتالي فعند مناقشة المسألة سنحتاج إلى نهيه تعالى عن التعاون على الإثم والعدوان
ولا يمكن إدعاء أن المقهى مثله مثل بيع السكين أو بيع الراديو , حيث قد يستخدم المشتري الراديو في المباح أو في المحرم , وكذلك لا يمكن إدعاء أنه مثل بيع العنب , حيث قد يُؤكل وقد يعصره المشتري خمرا
ففي هذه الأمثلة نجد أن هناك احتمال للإستخدام المحر م , ووجود هذا الإحتمال لم يمنع من جواز البيع
نحن نعلم قطعا أن البائع لو علم أن المشتري سيعصر العنب خمرا فحينئذ لا يجوز له بيع العنب له
كذلك إذا علم صاحب المقهى أن المستخدم يتحدث عبر النت مع فتاة بما لا يجوز شرعا فهنا يحرم عليه تمكينه من إستخدام الكمبيوتر وإلا كان متعاونا معه على الإثم والعدوان , وبالتالي يكون المال الذي تم تحصيله بهذه الوسيلة محرما لأنه كان في مقابل عمل محرم , هذا العمل هو تأجير الكمبيوتر لمن نعلم أنه يستخدمه في معصية
فإذا افترضنا أن باحثا علميا أراد تأجير الكمبيوتر للبحث عبر النت , فهذا شيء مباح طالما أنه لا يتضمن اعتداء على حقوق الآخرين
والسؤال الآن:
هل يستطيع صاحب المقهى التحكم في ذلك والسيطرة عليه؟!!!
إن إدراك الواقع له دور في تكييف المسألة
كذلك يقوم بعض الأولاد باللعب games وقد يستخدم في اللعبة شخصيات نسائية أجسادها عارية ,
فهل يستطيع صاحب المقهى منع الولد من اختيار شخصية نسائية أثناء ممارسة اللعبة؟!!!!
كذلك قد يتأثر صاحب المقهى مع الوقت وتضعف عزيمته وتقل درجة مراقبته للمستخدمين , وقد يستسلم لضغط الواقع , وقد يقع في مشكلات بسبب كثرة الموانع التي سيفرضها على المستخدمين
وهنا سيبدأ في الإستسلام والإنقياد لضغط الواقع , فيقع في التعاون على الإثم بتمكينه المستخدمين من إستخدام أجهزته فيما حرمه الله تعالى
وهنا تظهر أهمية اتقاء الشبهات وألا يكون كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه
وأخيرا أكرر أن هذا الكلام ليس فتوى , وإنما هو مجرد تفكير بصوت مرتفع
ـ[ضفيري عزالدين]ــــــــ[17 - 12 - 05, 11:50 م]ـ
شكر الله لك ... وعلى كل حال الموضوع مطروح للنقاش، و أرجو من الشيوخ الحديث في هذا الأمر، لأنني أعلم أن بعض الشباب صار يفكر جديا في إنشاء هذا المشروع الذي يدر على صاحبه أرباحا خيالية.
و أقول لأخي أبو إسلام ... ما الفرق بين بيع المذياع أو الهوائي و بين فتح مقهى الإنترنيت علما أن الإستعمالات في كل ذلك متعددة ... فالبعض يستعمله للدردشة و قد تجد من يستعمل الإنترنيت لأغراض مباحة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/269)
ـ[أبو إسلام عبد ربه]ــــــــ[18 - 12 - 05, 01:34 ص]ـ
أخي العزيز ضفيري عز الدين
دعنا نتصور واقعتين:
الواقعة الأولى:
لنفترض أنك صاحب محل بيع أجهزة كهربائية , وجاء زبون (عميل) ليشتري راديو , فهنا يجوز لك البيع؛ لأن الراديو له إستخدامات متعددة , وأنت غير مكلف بسؤال كل عميل عن الطريقة التي سيستخدم بها الراديو لكي تقرر هل يجوز لك البيع له أم لا؟
تماما مثل بائع العنب؛ فإنه غير مكلف بسؤال كل من يشتري منه: هل سيعصره خمرا أم سيأكله؟
بل نعلم أنه يجوز له البيع بدون أن يُكلف بالبحث عن طريقة الإستخدام
ولكننا نعلم أيضا أن بائع العنب إذا علم أن هذا العميل جاء ليشتري العنب ليعصره خمرا , فهنا هل يجوز البيع له؟
قطعا لا يجوز؛ لأنك تعلم أن البيع سيكون قطعا وسيلة إلى محرم , ولا يجوز معاونة الغير على معصية
كذلك إذا كنت تمتلك مقهى إنترنت , فعندما يجلس العميل أمام الجهاز ويرتكب محرما , فهنا تكون أنت قد تركت جهازك لمن تعلم قطعا أنه يستخدمه في معصية
وهذا لا يجوز أبدا
ـ[ضفيري عزالدين]ــــــــ[27 - 12 - 05, 01:06 ص]ـ
أخي أبو اسلام جزاك الله خيرا و الحقيقة لم تترك لي ما اقوله.(55/270)
هل يحسب للمسلم أجر العبادات إن كان ماله حراما
ـ[ضفيري عزالدين]ــــــــ[09 - 12 - 05, 07:44 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
هل يحسب للمسلم أجر العبادات إن كان ماله حراما، علما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " إن الله تعالى طيبب لا يقبل إلا طيبا " أم أن الأمر يتعلق بجهتان منفكتان لا علاقة لأحدهما بالأخرى؟
ـ[ضفيري عزالدين]ــــــــ[11 - 12 - 05, 07:32 م]ـ
لا زلت أنتظر الجواب.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[15 - 12 - 05, 01:19 ص]ـ
هل تقصد بالعبادات، العبادات المالية؟ .. أما هذا فنعم .. إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا
ـ[ضفيري عزالدين]ــــــــ[17 - 12 - 05, 11:34 م]ـ
سأعيد صياغة السؤال
إن كنت أصلي و أصوم و أزكي ... لكن مطعمي حرام و مشربي و ملبسي حرام، فهل صلاتي و زكاتي و صيامي لي أجر عليها ... أم أنني كمن يسقط الدين عن نفسه فقط.؟
ـ[ابو بكر جميل بن صبيح]ــــــــ[22 - 12 - 05, 11:04 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
في قصة خيبر وما أخرج من حصن الصعب بن معاذ قال: وزقاق خمر فأهريقت , وعمد يومئذ رجل فشرب منه , فرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكره ذلك وخفقه بنعله وأمرهم فخفقوه بنعالهم , وكان يقال له: عبد الله الحمار , وكان لا يصبر عن الشراب فضربه رسول الله مرارا , فقال عمر: اللهم العنه , ما أكثر ما يضرب! فقال: لا تفعل يا عمر , فإنه يحب الله ورسوله. و قال شيخ الاسلام في المنتهاج: حديث ثابت و ضعفه غيره.
المعنى أنه اثبت له " حب الله و رسوله " مع أنه كان سكرانا ً و " حب الله و رسوله " المذكور هنا هو من باب " الفضل " اي من باب الشئ الزائد على الأصل والا لو كان شيئا لا تبرأ الذمة الا به لما مدحه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بذلك فليس كل مسلم (يتضح) عليه حب الله و رسوله. و قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من ولده ووالده ... الحديث " يراد به كمال الايمان و الا قل من تجده مسلما بهذا القيد.
و المسألة في العبادات مشهورة كأن يصلي في ثوب حرير و غير ذلك وليس فيها نص صريح غير حديث ورد عند ابي داود بعدم قبول من صلى في الحرير و هو حديث ضعيف و يعضد عدم البطلان حديث الخاتم عند مسلم الذي صلى به الصحابي ثم نزعه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فالقاه ولم يأمره باعادة صلاه غير ان الخاتم ليس داخل في شروط الصلاه.
و ثبت في الاحاديث الصحيحة عن امرأة من بني اسرائيل انها كانت زانية ومع عهرها و فجورها سقت كلبا قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فشكر الله لها فغفر لها " ومعلوم أن سقيا الكلب ليست فرضا على بني اسرائيل وانما تطوع ومع هذا شكر الله لها و أثابها على ذلك و غفر لها.
و في السلسلة الصحيحة للالباني بسند جيد:" مر رجل ممن كان قبلكم بجمجمة، فنظر إليها، فحدث نفسه بشيء ثم قال: يا رب! أنت أنت، وأنا وأنا، أنت العواد بالمغفرة، وأنا العواد بالذنوب! وخر لله ساجدا، فقيل له: ارفع رأسك، فأنت العواد بالذنوب، وأنا العواد بالمغفرة، فرفع رأسه، فغفر له" و حسنه ابن عدي في الكامل. ومعلوم أن هذه السجدة لم تكن فرضا على هذا الرجل العواد بالذنوب ومع هذا تقبلها الله عز وجل و غفر له بها.
و ثبت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال في صدقات الكفار أن الله عز وجل يثيبهم عليها في الدنيا و ليس لهم يوم القيامة شئ في احاديث اثبتها الالباني في صحاح كتبه فان كان هذا حال الكافر في تفضله فكيف بحال المسلم؟
و كذلك ما جاء في الصحيح من أن الله عز وجل يكافئ - احسبه - ابا لهب على اعتاقه جاريته التي بشرته بمولد رسول الله وجعلها مرضعة له بان يفجر له في ابهام يده ماء يمصه في جهنم.
و ثبت في الصحيحين من حديث ابي هريرة:" لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده و يسرق الحبل فتقطع يده " ومعلوم ان السارق مأكله و مشربه حرام ولو كان يترتب على ذلك رد كل عمل له يبتغي به وجه الله عز وجل للامه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لفقد كل ذلك الفضل العظيم ولم يقتصر في لومه على فقده ليده!.
ويقول الله عز وجل " ومن يعمل مثقال ذرة خير يره " و يقول تعالى " ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما " وهذه عمومات لا اعلم شيئا يخصصها الا في مسألة رد الدعاء والدعاء قد يكون مسألة فيكون حاجة وعبادة او يكون حاجة فقط كمسألة المضطر الذي لا يعني بها التذلل لله والخضوع بين يديه فقد يكون من الصالحات و قد لا يكون و قد يكون الشئ من الصالحات ولكن صاحبه ليس بمؤمن و لا مخلص فيه فلا يثاب عليه.
و إن قيل بأن المعصية إن خالطت البدن صار هذا البدن عاطلا عن عمل الصالحات لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " جسد نبت من السحت النار اولى به " فهذا دليل على دخوله النار ان لم يتب وليس دليل على بطلان كل عمل لذلك الجسد و الا فالمصلي يصلي وهو يوسوس و يفكر في اشياء يخجل المرء من ذكرها ومع هذا قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:" ان الله تجاوز عن امتي ما حدثت به انفسها " فهذه معصية في حال الطاعة مرتبطة بذهن وقلب الانسان ومع هذا لم تبطل العبادة.
المعنى من كل هذا أن فضل الله واسع ولكن الله لا يعبد بالمعصيه و لا بالحرام و المال الحرام يفسد كل شئ وان لم يفعل فانه ينقص الاجر فثوب حرام وماء حرام ودار حرام ثم يقول " أصلي بها!!! " أين أجري؟
هذا أمر خطير حتى وان قيل بأن الله تعالى لا يظلم مثقال ذرة ....
والمسألة لها فروع من حيث الاجزاء ومن حيث التطوع فيما ليس فيه اجزاء ومن حيث ما يتصل و من حيث المنفك الذي لا يتصل ...
والله أعلم(55/271)
من يوضح لي عبارة الشيخ بكر في كتابه ...
ـ[أبو المنذر الأثري]ــــــــ[09 - 12 - 05, 10:19 م]ـ
السلام عليكم
قال الشيخ حفظه الله (وبما ان جزيرة العرب دار اسلام ابدا، فهي جميعا ارض عشر، لاتكون
خراجية أبدا لأن الخراج بمنزلة الجزيه) .. المصدر / خصائص جزيرة العرب ص 36
ليت احد إخواننا طلاب العلم يوضح هذه العباره، وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو المنذر الأثري]ــــــــ[14 - 12 - 05, 12:25 ص]ـ
للرفع، رفع الله قدر من يشارك
ـ[عزت المصرى]ــــــــ[14 - 12 - 05, 01:11 ص]ـ
الأحاديث الدالة على أن الجزيرة ستظل دار اسلام مثل (ان الشيطان يئس أن يعبده المصلون فى ...... ) و (لا هجرة بعد الفتح) فلا يتصور عودتها دار حرب يفتحها المسلمون ويأخذون خراجها بل تجبى منها الزكاة لأنها دار اسلام
ـ[أبو عبدالله الجبوري]ــــــــ[14 - 12 - 05, 11:55 ص]ـ
لو قال الشيخ، حفظه الله: أن جزيرة العرب تبقى دار اسلام ما شاء الله بدل قوله" أبدا" لكان في ظني أولى
فعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى " فقلت: يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله: هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون أن ذلك تاما قال " إنه سيكون من ذلك ما شاء الله، ثم يبعث الله ريحا طيبة، فتوفى كل من في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، فيبقى من لا خير فيه، فيرجعون إلى دين آبائهم " رواه مسلم
وفي حديث آخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة " " وذو الخلصة طاغية دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية " رواه البخاري ومسلم
والله أعلم
المراجع:
http://204.97.230.60/Hadith.aspx?Type=S&HadithID=183925
http://204.97.230.60/Hadith.aspx?Type=S&HadithID=192133(55/272)
أفيدونا رجل قتل خطأً فهل يجوز لوليه أن يعفي القاتل من الديه علماً أن المقتول له اولاد
ـ[إبراهيم الخوجة]ــــــــ[10 - 12 - 05, 12:14 ص]ـ
رجل قتل خطأً فهل يجوز لوليه أن يعفي القاتل من الديه علماً أن المقتول له اولاد دون سن البلوغ
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[10 - 12 - 05, 01:26 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص بعض الفقهاء على أنه إذا استقل الصغير باستحقاق الدم، جاز لوليه النظر في ما هو أصلح له من القصاص أو الدية، قال الخرشي في شرحه على مختصر خليل عند قول خليل: ولوليه النظر في القتل أو الدية كاملة. (يعني لو كان مستحق الدم هو الصغير وحده، فإن وليه من أب أو وصي أو غيرهما ينظر في أمر محجوره، فإن رأى القصاص هو الأصلح في حق محجوره اقتص له من الجاني، وإن رأى أخذ الدية الكاملة هو الأصلح في حق محجوره أخذها، ولا يجوز للولي أن يصالح على أقل من الدية حيث كان القاتل مليئا). انتهى المقصود.
ويعني بقوله: مليئاً أي غنياً، وهذا يعني أن الجاني إن كان معسراً جاز للولي أن يصالحه بأقل من الدية، كما ذكر ذلك في ما بعد عند قول خليل: إلا لعسر.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الفقهاء إلى أنه يشترط في العافي أن يكون بالغاً عاقلاً، فلا يصح العفو من الصبي والمجنون، وإن كان الحق ثابتاً لهما، لأنه من التصرفات المضرة فلا يملكانه، وينظر للصغار وليهم في القود والعفو على مال. انتهى المقصود.
وعلى هذا .. فيجوز لهذا الولي أن يصالح على الدية كاملة إن كان الجاني مليئاً، أو على أقل من الدية إن كان الجاني معسراً، ولا يجوز له العفو لأنه إبطال لحق الصغير.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د. عبدالله الفقيه
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=42725&Option=FatwaId
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[10 - 12 - 05, 01:56 ص]ـ
السؤال
لدي ابن أخت توفي بحادث مروري وقد تسبب في الحادث شاب متهور وكان في حالة سكر والخطأ عليه100% هل من الأفضل أخذ الدية وصرفها في صدقة جارية كبناء مسجد أو حفر بئر أوالسماح عن هذا الشاب. مع العلم أن أصحاب الديه لا يريدون منها لخاصتهم أي مبلغ بل سوف يضعونها بأكملها في صدقة جارية لابنهم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله عز وجل سمى العفو عن الدية صدقة حثاً على ذلك، فقال جل شأنه: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا [النساء:92].
ولكن العفو ينبغي أن يلاحظ فيه الإصلاح، فإن العفو لا يمدح إلاَّ إذا صاحبه الإصلاح، كما قال سبحانه: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى: 40]
فإن كانت بوادر التوبة قد ظهرت على هذا المتسبب في هذا القتل وكانت به حاجة فالأفضل العفو عن الدية، وإلاَّ فالأفضل أخذها ووضعها في صدقة من الصدقات الجارية، كما ذكر في السؤال.
والله أعلم.
المفتي:
مركز الفتوى بإشراف د. عبدالله الفقيه
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=18249&Option=FatwaId
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[10 - 12 - 05, 01:59 ص]ـ
السؤال
ماحكم الشرع في قاتل هذه صورته بعدما قتل لم يتنازل جميع أبناء المقتول ماعدا الابن الأكبر. فمن يؤخذ كلامه أو على فرض أنه تنازل أبناء القتيل كلهم ماعدا واحد ما الحكم؟ جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فإذا تنازل أحد أولياء الدم عن حقه في القصاص سقط حقه فيه وبذلك يسقط القصاص كله، لأن القصاص لا يتصور تجزؤه فإذا سقط بعضه سقط جميعه ضرورة. ويستوي في ذلك أن يتنازل واحد منهم فقط، أو يتنازل أكثرهم ومن لم يتنازل منهم فله أن يأخذ نصيبه من الدية من مال القاتل أو من بيت مال المسلمين ولا يأخذه من عصبة القاتل ما لم يتطوعوا إذ لا يلزمهم دفع الدية إلا في الخطأ. وقد روى هذا عن عمر وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم ولم ينكر عليهم.
والدليل هو: أن الله جل وعلا جعل حق القصاص بيد الأولياء فإذا تنازل أحدهم بطل القصاص. وعليك أن ترجع إلى المحاكم الشرعية التي في بلدك. فهي التي ستبت في القضية، فإن لم تكن فيه محاكم شرعية، فحكموا بينكم وبين القاتل جماعة من المسلمين الصالحين العالمين بأحكام الشرع حتى يبت في الموضوع.
والله تعالى أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د. عبدالله الفقيه
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=3673&Option=FatwaId(55/273)
هل كره أحد العلماء شرب الشاهي أو القهوة؟
ـ[خالد السبهان]ــــــــ[10 - 12 - 05, 04:23 ص]ـ
وجزاكم الله خير وأحسن إليكم
ـ[نياف]ــــــــ[10 - 12 - 05, 06:08 ص]ـ
القهوة بين التحليل والتحريم:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showt...%E1%DE%E5%E6%C9(55/274)
هل فهم السلف حجة في فهم العقيدة؟
ـ[عبدالله السيباني]ــــــــ[10 - 12 - 05, 07:02 ص]ـ
(الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح) مقولة كثيرا ما نرددها عند الحديث عن الاستدلال بالكتاب والسنة وخصوصا في مسائل العقيدة، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو هل فهم السلف حجة في فهم العقيدة؟ بمعنى ألا يمكن أن نفهم العقيدة بدون أن نحصرها بفهم السلف. هذا الموضوع أضعه للأخوة طلبة العلم للنقاش حوله ويا حبذا لو تتحفونا بمقولات وآراء شيخ الإسلام ابن تيمية في تحقيق المسألة وكذلك أهم الكتب والرسائل المتعلقة بالموضوع ومنتظر مشاركتكم في التعليق على هذا الموضوع.
ـ[عبدالله السيباني]ــــــــ[11 - 12 - 05, 04:55 ص]ـ
لا أدري هل الأخوة طلاب العلم لا توجد عندهم تعليقات ومشاركات في مناقشة هذا الموضوع أم أن المشاركة حجبت عن الظهور؟ أم أن الموضوع لا يليق بهم المشاركة فيه؟
أم حذف الموضوع أصلا من المنتدى؟ لا أدري ماذا أقول!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[11 - 12 - 05, 05:26 ص]ـ
أنت قلت: ((من يرجح بين هذه الأقوال؟)).
أي أقوال بارك الله فيك؟!!
وباختصار -لاستعجالي- أقول: فهم السلف -وهم القرون الثلاثة الأولى- حجة في الدين كله، وليس العقيدة فقط، ولا يمكن فهم الدين فهمًا صحيحًا إلا إذا فهمناه كفهمهم.
وسبب إحجام الإخوة عن المشاركة أن الموضوع محسوم أصلاً، حتى أني احترت ماذا أكتب بالضبط (ابتسامة).
وفقك الله وأعانك.
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[11 - 12 - 05, 07:06 ص]ـ
أنا مع الأخ أسامة فأنا دخلت و قرأت و لكن ظننت أن الرد محسوم كما قال
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[11 - 12 - 05, 07:14 ص]ـ
أنا مع الأخ أسامة فأنا دخلت و قرأت و لكن ظننت أن الرد محسوم كما قالحتى أني استغربت السؤال
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[11 - 12 - 05, 08:47 ص]ـ
أحسن الله إليك.
انظر هنا لعلك تجد فائدة:
http://www.sahab.com/go/fatwa.php?id=699
http://www.salafi.net/books/book4.html
ـ[عبدالله السيباني]ــــــــ[11 - 12 - 05, 10:09 ص]ـ
بارك الله في الأخوة الذين شاركوا على مضض في التعليق على تعليقي الذي أوتي ثماره وإن كانت مُرّة، وعلى كل لا بأس إذا كان الأمر محسوما عند الأخوة من سحب الموضوع والغائه على الرغم من عدم منطقية هذا السبب ووجاهته، ولكن أقف قليلا عند بعض ما جاء في ملاحظات بعض الأخوة السابقين حيث ذكر أحدهم أن الأمر محسوم ولذلك أحجم الأخوة عن المشاركة وأقول نعم الأمر محسوم عندي أنا أيضا وعندك وعند فلان وفلان وغيرهم من السلفيين و لو نظرنا إلى الموضوع من هذه الزاوية فلا حاجة إذا للخوض في المسائل العقدية التي وقع فيها الخلاف بين السلفيين وغيرهم من الفرق الأخرى، ولا حاجة للخوض في قضية الأسماء والصفات، والعقل والنقل، والقدر والجبر، والشفاعة ومرتكب الكبيرة، وووووو وهلم جرا من المسائل التي وقع فيها الطحن والطحين بين السلفية وأرباب الفرق الأخرى، كما أقول أن الأمر محسوم نعم عندنا نحن السلفيين ولكن عند غيرنا ممن هم يمثلون جزء من الأمة الإسلامية لا زال الأمر يحتاج إلى دراسة وإقناع، الأمر محسوم عندنا نحن الذين نعيش في بيئات محافظة وسنية ولله الحمد ولا نسمع ولا يمر على اسماعنا غير كلام السلفية والسلفيين، ولا نرى إلا هم ولا نعيش إلا معهم، بهذا المعنى يكون الأمر محسوما وهذا غير منطقي وغير مقبول إطلاقا في مجال البحث والمنهجية العلمية لذا وجب التنبيه والمعذرة على طرح هذا الموضوع المحسوم والسلام عليكم.
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[11 - 12 - 05, 09:04 م]ـ
الأمر محسوم عندنا نحن الذين نعيش في بيئات محافظة وسنية ولله الحمد ولا نسمع ولا يمر على اسماعنا غير كلام السلفية والسلفيين، ولا نرى إلا هم ولا نعيش إلا معهم، بهذا المعنى يكون الأمر محسوما وهذا غير منطقي وغير مقبول إطلاقا في مجال البحث والمنهجية العلمية لذا وجب التنبيه والمعذرة على طرح هذا الموضوع المحسوم والسلام عليكم.
من قال اننا في بيئات سنية سلفية أنا في مصر في أقاربي صوفية و في مسجدنا من يتطوح قبل الفجر يمين و يسار و الصوفية منتشرة و السلفيون مضيق عليهم
و أنا أسأل ما معنى (لا نرى و لا نسمع الا هم ........ و هذا غير منطقي و غير مقبول في مجال البحث .... الخ)
ما معناه لن أرجم بالغيب و لكن أريد ان أمكن تبيينا
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[11 - 12 - 05, 09:42 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، أحب أن أشاركك أخي عبد الله السيباني
بسم الله
النقطة الأولى: فهم الصحابة رضي الله عنهم في هذه المسائل حجة بالدليل الشرعي: ((والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه .. )) سورة التوبة.
ـ[جمعه بن آل طاحون]ــــــــ[11 - 12 - 05, 09:43 م]ـ
اخى عبد الله اتوجه بالاعتذار لك على ما وجدته من اذى وتجاهل في هذه المشاركة واعاذنا الله واياكم من التكبر بالعلم او ان نكتم علما عرفناه وتحملنا مشقة نشره اما ما تسال عنه اخى الحبيب فنعم ولا شك ان فهم السلف ملزم لنا خاصة في العقيدة وذلك لانهم عاشروا الرسول وكا ن الوحى بالنسبة لهم غضا طريا وكذلك هم اهل اللغة اما من بعدهم فشتان شتان ولا بد ان يختلف فهم كل انسان عن اخر وما حدثت البدع مثل القدرية الا بفهم سىء وانظلر لما قاله بن عمر عنهم فهو رضى الله عنه تبرء منهم ومن قولهم وكذلك الخوارج الذين فهموا النصوص بفهمهم القاصر وقام بن عباس رضى الله عنه بمحاجتهم هذا بعض ما لدى الان واعتذر عن التكملة وافسح الطريق لبعض اخوانى نظرا لاشغال طارئه وفقنا الله واياكم الى ما يحب ويرضى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/275)
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[11 - 12 - 05, 09:45 م]ـ
نرجو أن يرجع حبيبنا عبد الله.
ـ[جمعه بن آل طاحون]ــــــــ[11 - 12 - 05, 09:54 م]ـ
امييييييييييييين قال النبى صلى الله عليه وسلم ان منكم منفرين نسال الله ان يعفوا عنا
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 10:26 م]ـ
ربما تنشأ شبهات خاصة في العقيدة حول فهم السلف لأن البعض يزعم أنهم لم يكونوا متمكنين في العقيدة (أي علم الكلام من وجهة نظرهم) وكانوا يخلطون بين الفرق - أعوذ بالله من هذا الكلام!
وها هو كلام أحدهم عن السلف بأنهم فشلوا في الرد على المخالفين من متكلمي المعتزلة:
فنجد أن بعض السلف ممن لم يلم بالكلام وطرقه – وكان هذا علما غير شائع وسطهم – وأعيته الحجة بسبب ذلك واندحر أمام براهين المعتزلة – وهم فحول الكلام – العقلية وشعر بضعفه أمامهم استعاض عن ذلك بنبز المعتزلة بأقبح لقب يمكن أن تلقب به طائفة وهو (الجهمية) إما عن علم بالفارق الكبير جدا بين المعتزلة - وهم من هم في النظر والفهم والعلم والكلام والورع - وبين هذا الجهم الجاهل بغية تنفير عامة الناس منهم خاصة وأن السلطة آلت إليهم وصار هذا هو سلاح الضعيف في وجه من جمع إلى الحجة العقلية المال والسلطان وهما وحدهما كافيان في استمالة العوام إلى صفهم فما بالك إن أضيف إليهما الحجج العقلية والبراهين الكلامية!!
و البعض من السلف – وهذا هو الغالب على حالهم – ولقلة خبرتهم بالكلام لم يكونوا يميزون حقيقة بين الجهمية والمعتزلة والقدرية فيلزقون بهذه لقب تلك وبتلك لقب هذه وهكذا.
فربما هذه هي الشبهة التي أراد الأخ السيبياني .. واعتذر إن كان في هذا نقل لشبهات المخالفين، فإن رأى السادة المشرفين حفظهم الله حذف هذا الكلام، فلهم كل الحق.
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[12 - 12 - 05, 12:59 ص]ـ
بارك الله فيك د. هشام
ـ[الغواص]ــــــــ[12 - 12 - 05, 07:00 ص]ـ
قال الضال:
... فنجد أن بعض السلف ممن لم يلم بالكلام وطرقه – وكان هذا علما غير شائع وسطهم – وأعيته الحجة بسبب ذلك واندحر أمام براهين المعتزلة – وهم فحول الكلام – العقلية وشعر بضعفه أمامهم ..
لهذا وأمثاله نصيب من قوله سبحانه:
(فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) (غافر:83)
وقوله سبحانه:
(شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) (الأنعام: من الآية112)
ولو علمَ أمثال هذا الضال أن معظم شبهاتهم قد جاء المشركون بما يشبهها لما افتخر بما لا مفخرة فيه
فعلا ضلال مركب .. ضال ويظن أنه مهتدٍ ..
(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) (فاطر:8)
يكفيك من ضلالهم فرحتهم باسمهم (أهل كلام)
:)
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 11:29 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أظن أن الأخ عبد الله السبياني يقصد أن فهم السلف ليس بحجة عند المخالفين فكيف يُحتج على المخالف بفهمهم؟
فأقول لأخي الكريم:
أولاً: لقد أخطأت فى قولك:
... فنجد أن بعض السلف ممن لم يلم بالكلام وطرقه – وكان هذا علما غير شائع وسطهم – وأعيته الحجة بسبب ذلك واندحر أمام براهين المعتزلة – وهم فحول الكلام – العقلية وشعر بضعفه أمامهم ..
وذلك لأن السلف لم يندحروا أمام أية براهين ولا أمام أية فرقة سواء كانت معتزلة أو غيرها وذلك لأن معهم كتاب الله وسنة رسوله اللذان لا يخالفان العقل الصحيح، بل إنك لو راجعت المناظرات التى دارت بين السلف وبين المعتزلة لوجدت السلف يحتجون على المعتزلة بأدلة عقلية استنبطوها من الكتاب والسنة حار فى ردها من يزعمون أنهم أهل العقل بل بُهتوا عندما ذُكرت لهم ..
ثانياً: أقول أخي الكريم لو أنك ستحاور أحداً ممن لا يعتقد بحجية فهم السلف فعليك أولاً أن تتفق معه على الأصول التى سيتم التحاور على أساسها ومن تلك الأصول فهم السلف وهو حجة ثابتة بالكتاب والسنة، وأما إن رفض من تحاوره قبول هذا الأصل فعليك بالقول المعروف (ألزموهم بما التزموا) فإن كان من تحاوره قد التزم بحجية العقل فهذه الحجة مع أهل السنة وليست مع غيرهم لأن العقل الصحيح لا يخالف النص الصريح والنص مع أهل السنة كما أن العقل مع أهل السنة ..
ثالثاً: أنصحك أخي الكريم بقراءة كتاب (درء تعارض العقل والنقل) لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فهو مفيد جداً فى هذا الأمر، وكذلك عليك بكتب العقيدة التى دونها السلف -رضوان الله عليهم- خاصة التى كانت من قبيل الرد على المخالفين فهي نفيسة جداً فى بابها، وكذلك تجد كتباً لأهل السنة تجدها ردت على المخالفين بأصولهم وليس بأصول أهل السنة وكما يقال (من فمكَ أُدينك) وهي رائعة جداً فى بابها ..
ختاماً أقول أن كل ما كتبته إنما هو بناءاً على ما فهمته من أقوالك والذي أفتتحت به كلامي، فإن كان فهمي صحيحاً فعسى أن يفيدك كلامي هذا وإن كان غير ذلك فعسى أن ينفع الله به أحداً من الأخوة -بارك الله فيهم- ...
وأسأل الله أن يريح بالك أخي عبد الله وأن يقر عينك بكل خير ..
وحفظ الله المشايخ الفضلاء الذين شاركوا فى هذا الموضوع وأنصح الأخ الفاضل عبد الله السبياني أن يستفيد من علمهم فهم أهلٌ لذلك -نحسبهم كذلك والله حسيبهم- ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/276)
ـ[أبو حمزة النوبي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 11:43 م]ـ
فهم السلف حجة قال تعالي ((فإن أمنوا بمثل ما أمنتم به فقد أهتدوا))
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[13 - 12 - 05, 06:22 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الأحبة:
من من السلف اندحر عند النقاش؟؟؟؟؟؟.
هذا من أعظم الكذب.
ثانيا: من قال أن علم الكلام علم توحيد أليس هو من ديكارت وديفد هيوم وأرسطاطيلس وغيرهم مما لا يعرفون شيئا عن الإسلام.
لم يذهب إلى أن علم الكلام علم التوحيد إلا أهل البدع من المعتزلة وأفراخهم الأشاعرة.
ومتى كانت المقدمات العقلية مسلمبها.حتى عندهم ألم يشكك الغزالي بها كلها.
الم يقدم الرازي قانونه على الوحي.
أما ألزمهم خصومهم بإلزامات لا مخرج منها فنحن نعلم مذهبهم واقوالهم وما عندهم إلا جهالات بعضها فوق بعض.
نعوذ بالله من الخذلان.
خذ من شئت منهم وانظر حيرته ألم تقرأ نهاية إقدام العقول عقال ... ولم نستفد طول عمرنا إلا أن جمعنا قيل وقالوا.
اما حارت عقولهم حتى تمنو ان يموتوا على إيمان العجائز.
أما حار الغزالي في إيمانه شهرا حتى استفاق بحديث ضعيف الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا.
أي علم توحيد هذا هراء على هراء على هراء.
لن اطيل حتى لا تتأذو بذكر علم الكلام الذي قال فيه الغزالي إلجام العوام عن علم الكلام.
فهل العقيدة خاص بالعلماء دون العوام رحم الله الأعراب والأعاريب من المسلمين ورحم الله عجائز نيسابور.
ـ[عبدالله السيباني]ــــــــ[13 - 12 - 05, 04:33 م]ـ
بارك الله في جميع الأخوة الأفاضل الذين شاركوا بآرائهم وأقوالهم في إثراء الموضوع الذي وضعته أشكر لهم ذلك وأسأل الله أن يجزيهم خير الجزاء.
وأحب أن أعلق على مشاركاتهم ببعض التعليقات التي أرى ضرورة التعليق بها وهي:
أولا: أن السبب الذي دعاني لطرح هذا الموضوع للنقاش هو محاولة لإثارة الأذهان حول بعض الأمور المسلمة التي لا تقبل النقاش عند البعض لمعرفة أصولها وأدلتها والأسس التي تقوم عليها لكي نبني قناعاتنا وأفكارنا على أرض صلبة راسخة. كذلك احببت أن أتعرف على مدى صلاحية الموضوع وقابليته للدراسة والبحث لأن الموضوع مرشح عندي من ضمن عدة مواضيع لتحضير رسالة الدكتوراة في العقيدة. والسبب الأخير هو تسليط الضوء على آراء وأفكار المخالفين في هذه القاعدة وهي (فهم السلف حجة في فهم العقيدة) وهي قاعدة مسلم بها عندنا نحن السلفيين ولكنها تحتاج إلى مزيد من تسليط الضوء والدراسة لتثبيتها وإيصالها إلى أفهام المخالفين بصورتها الصحيحة.
ثانيا: أن هذه القاعدة تعرضت في الآونة الأخيرة إلى المزيد من التشكيك والأعتراض والنقد من قبل من يسمون أنفسهم بالمفكرين الإسلاميين ومن العلمانيين والعصرانيين وغيرهم ممن وجدوا فيها حجر عثرة يقف أمامهم في سبيل عصرنة الإسلام وتجديده بما يسمونه القراءات الجديدة للنصوص الشرعية ليفتحوا المجال أمام زبالات عقولهم وخرافات أفكارهم لضرب العقيدة والتشكيك فيها والطعن في أصولها وقد ألتقيت ببعض هؤلاء ودرست على يديهم وحضرت بعض المحاضرات والندوات لهم ورأيت العجب العجاب في طرح أفكارهم وطريقة تفسيرهم للنصوص وتنزيلها على ما يريدون ويهوون دون ضوابط وقانون إلا ضابط الفوضوية والجرأة على الثوابت الشرعية.
ثالثا: أن هذا الموضوع وهو (فهم السلف) يحتاج إلى شيء من التدقيق والضبط حتى لا حصل به التلاعب والاستغلال السييء من قبل البعض حيث أنه يحتوي على بعض العموميات وبعض التساؤلات التي تحتاج إلى إجابة وتوضيح ومنها:
- ما المراد بالسلف هنا؟ هل هم من عاش في القرون الثلاثة الأولى؟ هل هم الأئمة الأربعة؟ هل هم من التزموا بضوابط منهج معين دون غيرهم؟ هل يدخل في السلف هنا أئمة علماء الكلام ممن عايشوا السلف أيضا؟ ولماذا لا نحتج بأقوالهم ونحتج بمن جاء بعدهم ممن يعتبرون من السلف؟
- هل المقصود بحجية فهم السلف إجماعهم أم أفرادهم؟ بمعنى ما هو الحجة هل ما حصل عليه إجماع السلف أم يدخل فيه اجتهادات أفرادهم؟
- هل مسائل العقيدة كلها تم بحثها من جميع السلف وأبدوا فيها برأيهم أم لا؟
- هل اعتماد هذه القاعدة يلغي دور الاجتهاد وإعمال الفكر في مسائل العقيدة ويصبح الخوض فيها بعدهم محظور؟
- كيف نجمع بين دعوة الإسلام واحترامه للعقل والتفكير وبين حصر الأفهام بفهم سلف القرون الأولى الذي يقتضي منه التقليد والتبعية.
هذه بعض التساؤلات التي أرى ضرورة مناقشتها وإشباعها بحثا ودراسة لكي تكون الصورة والرؤية واضحة في المسألة.
والذي أحب أن أركز عليه في دراسة هذا الموضوع هو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية في المسألة وجعلتها نموذج للبحث والدراسة لما تعلمون من جهود ابن تيمية في تقرير المنهج السلفي في العقيدة.
هذه بعض التعليقات والملاحظات أحببت ن ألقيها عليكم لتعرفوا وجهة نظري وأرجوا من القراء ألا يسيئوا الظن بما قلته وما قدمته لأن مشكلتنا اليوم الحكم على الآخرين من خلال تقديم سوء الظن على حسن الظن والذي هو الأصل في الحكم والتعامل مع الآخرين كما أرجو أن لا يدخلوا ولا يخرجوا من يشاؤن من السلفية بمجرد مقالات وكتابات كتبها الآخرون يعرضوا فيها وجهة نظرهم وأفكارهم والمطلوب منا أن نناقشها ونحكم عليها لا نحكم على أصحابها من خلالها إلا بعد شروط وموانع.
وعلى كل هذا الموضوع لا زال مفتوحا للنقاش لمن أحب ولكن بطريقة علمية ومنهجية والسلام عليكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/277)
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[13 - 12 - 05, 06:05 م]ـ
و الله يا أخي أنا آسف ان كان بدا منا سوء الظن و لكن سر وفقك الله لانني وجدت فعلا اننا بحاجة للرسوخ العلمي مع المخالف
ـ[عبدالله السيباني]ــــــــ[13 - 12 - 05, 06:40 م]ـ
لا عليك يا أخي أبى الحسن أنا لا أقصد بكلامي السابق شخص بعينه وإنما هي ملاحظة للجميع أردت التنبيه عليها لا غير ولم يخطر ببالي عند كتابتها أي أحد لا أنت ولا غيرك ولكنها ملاحظه عامة أرجو المعذرة إن أسأت التعبير فيها وأسعد دوما بملاحظاتك.
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[13 - 12 - 05, 09:10 م]ـ
أسأل الله أن يوفقك
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[14 - 12 - 05, 05:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ عبد الله حفظه الله.
عندما طرح الإخوة ما حكوه لم يكن ردهم مقصود به شخصكم الكريم بل الفكرة المطروحة.
غير أنه حفظك الله لو أبنت غرضك من السؤال لكان أولى.
كما أنه لايخفى عليكم أن كثيرا ممن يطرحون مثل هذه الأسئلة على باب التشويش هم أهل البدع وقل أن يطرحها سني للحوار والمذاكرة.
فإن كان من كلام يحمل على وجهين أي على الكاتب والمكتوب فغالب الظن نقض المكتوب وتنبيه الكاتب إن كان هذا مذهبه ولا أقول تقريع.
فياليتك أخانا الحبيب تميز لنا في المرات القادمة حتى ياخذ المر حذر قلمه.
وفقكم الله.
وانظر بريدك الخاص غير مأمور(55/278)
من هو " النجم " الذي يكثر ترداده في " كشف الخفاء "؟؟
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[10 - 12 - 05, 08:23 ص]ـ
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله -:
... وقال فيه الشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني في كتابه (كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس) قال النجم: رواه أحمد والنسائي وابن حبان عن أبي بن كعب رضي الله عنه.
ومراده بالنجم: الشيخ محمد نجم الدين الغزي في كتابه المسمى (إتقان ما يحسن من الأخبار الدائرة على الألسن).
" أضواء البيان " شرح آية {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} / الإسراء
ـ[زياد عوض]ــــــــ[12 - 12 - 05, 12:33 ص]ـ
جزاك الله خيراً، وأحسن إليك0
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 12:43 ص]ـ
الله يجبر بخاطرك يا شيخ زياد
وحمدا لله على سلامتك
ـ[خادم أهل الحديث]ــــــــ[12 - 12 - 05, 01:34 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال صاحب "كشف الخفاء ج1ص8": ... وحيث أقول قاله النجم فالمراد شيخ مشايخنا العلامة محمد نجم الدين الغزي في كتابه المسمى اتفاق مايحسن من الأخبار الدائرة على الألسن .......
وجزيتم خيرا
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 02:00 ص]ـ
جزاك الله خيرا
هل " إتقان " أم " اتفاق "؟
ـ[زياد عوض]ــــــــ[12 - 12 - 05, 02:27 ص]ـ
سلّمك الله يا شيخ إحسان،ورفع قدرك في الدنيا،والأخرة0
ـ[السدوسي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 10:10 ص]ـ
جزاك الله خيرا ياشيخ إحسان، وما هي بأول حسناتك، جعلك الله مفتاحا للخير، مغلاقا للشر.
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 10:17 ص]ـ
وجزاك وبارك فيك
وأحب إثراء البحث في اسم كتاب النجم
وفي شيء من سيرته وحياته وأقواله
حتى تعم الفائدة
وما يذكر عادة في مثل هذه المواضيع إنما هو مفتاح لهذه الفوائد(55/279)
ما هو حكم وجود المرحاض داخل الحمام
ـ[أبو موفق الحلبي]ــــــــ[10 - 12 - 05, 11:15 ص]ـ
ما هو حكم قضاء الحاجة في الحمام وما هو حكم وضع المرحاض داخل الحمام كما يفعل الكثير في هذه الأيام؟
ـ[أبو غازي]ــــــــ[10 - 12 - 05, 03:56 م]ـ
كما يفعل الكثير في هذه الأيام؟؟
وماذا تفعل أنت؟؟
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[10 - 12 - 05, 04:03 م]ـ
أظن أن هذا هو الجاري في كل العالم!!!!!!!!!
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[10 - 12 - 05, 06:46 م]ـ
أحسن الله إليكم.
لعل الأخ الكريم يقصد الحمامات المعروفة بالشام وحلب وتركيا بأقسامها - البراني والوسطاني والجواني - ... فهذه ليس بها مراحيض فيما أحسب .... وإنما هي حمامات للإغتسال ومعالجة الأبراد و التعرق و تنشيط الجسم ...
أما حمامات البيوت ... فأمرها يختلف ... فهناك ممن وسع الله عليه دنياه من يبني الحمام منفردا ... والمرحاض لقضاء الحاجة منفردا ... ومنهم من يفصل بينهما بجدار من زجاج سميك ... أو غير ذلك من الفواصل ... والغالبية من الناس تجمع بين المرحاض ومحل الغسل (الحمام) في مكان واحد بدون فاصل لأسباب ... فما حكم ذلك ... وما حكم الوضوء وذكر الله به ... ؟
ولعل في هذا الرابط جواب سؤالك:
http://www.islamonline.net/livefatwa/arabic/Browse.asp?hGuestID=KC14PF(55/280)
الى طلاب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ((من يحل لي هذا الاشكال))؟؟
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[10 - 12 - 05, 01:23 م]ـ
نقل ابن رشد رحمه الله اجماع الأئمة في البداية
على مسألة في الرهن واليكم ما قاله رحمه الله
قال رحمه الله:
وأما الشرط المحرم الممنوع بالنص فهو أن يرهن الرجل رهنا على أنه
إن جاء بحقه عند أجله وإلا فالرهن له فاتفقوا على أن
هذا الشرط يوجب الفسخ وأنه معنى قوله عليه الصلاة والسلام لا يغلق الرهن .........
وقال القرافي في الذخيرة:
قال صاحب القبس لم يصح إلا حديثان هذا _ يقصد رهن النبي عند اليهودي _
وفي البخاري الرهن محلوب ومركوب ويركب بنفقته ويحلب بنفقته
وآخر أرسله مالك في الموطأ قال عليه السلام لا يغلق الرهن
غير أن الفقهاء اتفقوا على الآخذ به
والشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع يقول:
وحينئذ يكون القول الثاني أن هذا الشرط صحيح فإذا قال
الراهن للمرتهن:
ان جئتك بحقك في وقت كذا وكذا والا فالرهن
لك , وقبلَ فهو صحيح وبهذا أخذ الامام أحمد رحمه الله
في فعله فإنه اشترى من بقال شيئا ورهنه نعليه وصار
يمشي حافيا وقال له ان جئتك بحقك في وقت كذا والا فالنعال لك 9/ 162
الاشكال: أليست هذه مسألة غلق الرهن المجمع على منعها
يراجع الموضوع على هذا الرَّابط
بسبب طرح أبي دانية له مرتين في الملتقى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=67524
تم قفل الموضوع من قبل ## المشرف ##
ـ[ابو بكر جميل بن صبيح]ــــــــ[10 - 12 - 05, 10:41 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله:
قوله:" لا يغلق الرهن " له معانٍ عده ...
- أي لا تنتهي منفعته لا عن صاحبه و لا عن المرتهن فلو رهنت داراً مؤجرة فأجارها لك إنما رهنت أصلها و إن رهنت دابة تركب للمرتهن أن يركبها و يحلبها و عليه علفها و مؤونتها فهو لا يغلق عليك ولا على المرتهن.
- و الاغلاق يأتي بمعنى الاكراه كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لا عتاق و لا طلاق في اغلاق " فلو رهنت رهنا و لم تقل إن لم اعطك فهو لك ثم جاء الاجل و لم تعطه فليس له امساك الرهن و تملكه بحجة انه رهن مضى اجل الشئ الذي ارتهن عليه فهو له بمضي الأجل! و ورد في ذلك حديث مرسل عن معاوية بن عبد الله بن جعفر:أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال " لا يغلق الرهن "، وإن رجلا رهن دارا بالمدينة إلى أجل، فلما جاء الأجل قال الذي ارتهن: هي لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يغلق الرهن. رواه البيهقي. ومعناه واضح انه يعنى به الاكراه في تملك الرهن بعد مضي الاجل.
- و الاغلاق يأتي بمعنى الاحاطة , أغلق عليه أي أحيط به و استغلق الامر عليه أي احاط به الغموض و الحيرة , وهو على هذا المعنى يقصد به أن الرهن لا يذهب برمته من صاحبه الذي رهنه حتى و إن وافق هو على ذلك لأن في هذا فتح باب للظلم كأن يكون لك عندي حق يساوي الف دينار فتطلب ان ترتهن مني شيئا يساوي خمسة الآف دينار ثم تقول إن لم تعطني حقي في موعده فالرهن لي! ففي هذا ظلم و استغلال لحاجة المحتاجين و لهذا نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن ذلك وقد رواه مرسلا سعيد بن المسيب وفيه تفسير الزهري و قال البيهقي روي موصولا ايضا:" أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: لا يغلق الرهن. قلت للزهري: أهو قول الرجل إن لم آتك بمالك، فالرهن لك؟ قال: نعم، قال: ثم بلغني أنه قال: إن هلك لم يذهب حق هذا، إنما هلك من رب الرهن، له غنمه وعليه غرمه "
و الذي يتضح أن القول:" إن لم أعطك مالك في وقته فالرهن لك " لا غبار عليه لأنه معاوضة مشروعة ولكن إن لم يكن فيها غبن للراهن فهي لا تجوز مطلقا في حق المرتهن دون رضا الراهن وتجوز في حقهما مع الرضى إن لم يكن فيها غبن و لا تجوز مع الغبن.
ثم أن حديث " لا يغلق الرهن " ضعفه الألباني في صحيح الجامع و في المشكاة و حسن اسناده ابن حزم ...
ففي ثبوته نظر , و حديث في مثل درجته من الثبوت لا يعول عليه في مخالفة القواعد العامة للشريعة بل أن بعض العلماء يعمل بالقواعد العامة للشريعة و يترك حديثا ً يثبت فيه تحريم صورة معينه من التعامل لمجرد أن العلماء اختلفوا في تأويله كحديث " نهى عن شرطين في بيع و عن بيعتين في بيع " فبها يحرم ابن باز قول الرجل لصاحبه لا ابيعك هذه حتى تبيعني هذه و يجيز ذلك شيخنا ابن جبرين و يقول ان كان على رضا منهما فلا بأس به قاله في شرح البيوع على متن البعلي.والله أعلم.
ثم أني لست من طلاب ابن عثيمين رحمه الله ... غير أني وجدت الباب مفتوح فدخلت!
و فق الله الجميع
ـ[معبد]ــــــــ[10 - 12 - 05, 11:18 م]ـ
في الإنصاف مع الشرح الكبير (11/ 250): " قال الشيخ تقي الدين: لا يبطل الشرط ـ يعني شرط أنه إن جاءه بحقه و إلا فالرهن له ـ و إن لم يأته صار له، و فعله الإمام، قاله في الفائق ".
فلعل ذكر الاتفاق في النصين المذكورين لا يراد به الإجماع.(55/281)
أسلوب إنكار المنكر والأمر بالمعروف؟ كيف؟ وهل ....
ـ[جميل الكرمي]ــــــــ[10 - 12 - 05, 05:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد،
من يسعفني بكتاب للسلف الصالح أو كتاب جديد جامع لأسلوب تربية الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة؟
وكتاب آخر لتربية الأطفال؟
والأهم من ذلك هل يوجد كتاب جامع حول أسلوب إنكار المنكر والأمر بالمعروف؟ أي متى يكون بالشدة ومتى يكون باللين؟
وشكرا على جهودكم الخيرة.
ـ[جميل الكرمي]ــــــــ[18 - 12 - 05, 04:46 م]ـ
أين أنتم يا طلاب العلم؟؟؟(55/282)
صلاتان فرض لا تصحان إلا بجماعة
ـ[محمد الأثري]ــــــــ[10 - 12 - 05, 06:30 م]ـ
أفيدونا
ـ[أبو جهاد السلفي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 10:46 ص]ـ
على ما أظن الجمعة .... والعيد على قول من قال بوجوبها
ـ[محمد الأثري]ــــــــ[11 - 12 - 05, 08:23 م]ـ
الظهر والعصر جمعاً يوم عرفة
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 09:43 م]ـ
الأخ الكريم محمد الأثري وفقه الله تعالى لكل خير
ما قاله الأخ أبو جهاد السلفي هو الصواب إن شاء الله فالجمعة لا بد فيها من الجماعة والعيد كذلك لا بد فيها من الجماعة والجمعة فرض بالاتفاق والعيد هناك من يقول من أهل العلم بأنها فرض كفاية
أما ما تفضلت به فرغم أنه الواقع في كثير من السنوات من أن الحجاج يصلون الظهر والعصر جماعة، لكن الصلاة تصح من غير جماعة فلو صلى حاج الظهر والعصر في يوم عرفة منفردا كانت صلاته صحيحة
على كل فما كان ينبغي لي أن أقضي بينكما فأنت (الأثري) وهو (السلفي) وكله قريب (مداعبة)
وقد قلت في كلامك أفيدونا ثم تبين أنك تختبر الناس،
وفقنا الله وإياكم للخيرات
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[11 - 12 - 05, 10:33 م]ـ
الأخ الكريم محمد الأثري وفقه الله تعالى لكل خير
ما قاله الأخ أبو جهاد السلفي هو الصواب إن شاء الله فالجمعة لا بد فيها من الجماعة والعيد كذلك لا بد فيها من الجماعة
نعم هناك من قال ان صلاة العيد فرض كفاية بل و اوجبها أبوحنيفة رحمه الله ولكن من قال أن أدائها فى جماعة شرط فى صحتها؟ اعلمنا أفادك الله.
اما بالنسبة الى السؤال فأعتقد أن بجانب صلاة الجمعة هناك صلاة الكسوف و صلاة الخسوف فمن العلماء من اشترط الجماعة لصحتها و إن كان غير الراجح
قال فى النيل:
وقد ذهب مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء إلى أن صلاة الكسوف والخسوف تسن الجماعة فيها. وقال أبو يوسف ومحمد: بل الجماعة شرط فيهما. وقال الإمام يحيى: إنها شرط في الكسوف فقط
ولكنهما سنةمؤكدة وليستا بفرض
وإن كان الشافعى قال فى الام فيما يتعلق بالخائف و صلاته (ولا أرخص لهم في ترك صلاة الكسوف)
ولكن حملوا كلامه على الكراهه
ـ[أبو موفق الحلبي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 11:53 م]ـ
هل الصواب أن نقول صلاتان فرض أم أن نقول صلاتا فرض
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 10:59 ص]ـ
الأخ المفضال أبو حفص السكندري وفقه الله تعالى لكل خير
لا يخفى على مثلكم إن شاء الله أن كثيرا من الأحكام الفقهية الفرعية فيها اختلاف بين علمائنا الأجلاء وصلاة العيد هناك من قال بوجوبها وهناك من لم يقل بوجوبها كما أن هناك من اشترط الجماعة أو قال بوجوبها كما أن هناك من لم يشترط أو يقل بالوجوب، وقد سألتني وفقك الله تعالى إلى من اشترط لها الجماعة وهاأنذا بفضل من الله تعالى أجمع لك بعض كلام أهل العلم في ذلك، والمسألة من بعد ومن قبل ليست من مسائل الإجماع وإنما هي من مسائل الاختلاف (أو السعة على قول الإمام الجليل أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى)
جاء في المبسوط فقه حنفي:"والحاصل أنه يشترط لصلاة العيد ما يشترط لصلاة الجمعة إلا الخطبة فإنها من شرائط الجمعة وليست من شرائط العيد"
وفي بدالئع الصنائع فقه حنفي:"وأما بيان ما يفسدها (أي صلاة العيد) وبيان حكمها إذا فسدت أو فاتت عن وقتها فكل ما يفسد سائر الصلوات وما يفسد الجمعة يفسد صلاة العيدين من خروج الوقت في خلال الصلاة أو بعد ما قعد قدر التشهد وفوت الجماعة على التفصيل والاختلاف الذي ذكرنا في الجمعة غير إنها إن فسدت بما يفسد به سائر الصلوات من الحدث العمد وغير ذلك يستقبل الصلاة على شرائطها وإن فسدت بخروج الوقت أو فاتت عن وقتها مع الإمام سقطت ولا يقضيها عندنا"
وقال ابن رشد في بداية المجتهد (فقه مالكي) واختلفوا فيمن تجب عليه صلاة العيد: أعني وجوب السنة فقالت طائفة: يصليها الحاضر والمسافر وبه قال الشافعي والحسن البصري وكذلك قال الشافعي إنه يصليها أهل البوادي ومن لا يجمع حتى المرأة في بيتها وقال أبو حنيفة وأصحابه: إنما تجب صلاة الجمعة والعيدين على أهل الأمصار والمدائن. وروي عن علي أنه قال: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع. وروي عن الزهري أنه قال: لا صلاة فطر ولا أضحى على مسافر. والسبب في هذا الاختلاف اختلافهم في قياسها على الجمعة فمن قاسها على الجمعة كان مذهبه فيها مذهبه في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/283)
الجمعة ومن لم يقسها رأى أن الأصل وهو أن كل مكلف مخاطب بها حتى يثبت استثناؤه من الخطاب"
وفي المغني لابن قدامة (فقه حنبلي):"قال القاضي: كلام أحمد يقتضي روايتين: إحداهما لا يقام العيد إلا حيث تقام الجمعة وهذا مذهب أبي حنيفة إلا أنه لا يرى ذلك إلا في مصر لقوله: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع والثانية يصليها المنفرد والمسافر والعبد والنساء على كل حال وهذا قول الحسن و الشافعي لأنه ليس من شرطها الاستيطان فلم يكن من شرطها الجماعة كالنوافل إلا أن الإمام إذا خطب مرة ثم أرادوا أن يصلوا لم يخطبوا وصلونا بغير خطبة كيلا يؤدي إلى تفريق الكلمة والتفصيل الذي ذكرناه أولى ما قيل به إن شاء الله تعالى"
وجاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة:"في حكم صلاة العيدين ووقتهما تفصيل في المذاهب فانظره تحت الخط (الشافعية قالوا: هي سنة عين مؤكدة لكل من يؤمر بالصلاة وتسن جماعة لغير الحاج أما الحجاج فتسن لهم فرادى
المالكية قالوا: هي سنة عين مؤكدة تلي الوتر في التأكد يخاطب بها كل من تلزمه الجمعة بشرط وقوعها جماعة مع الإمام وتندب لمن فاتته معه وحينئذ يقرأ فيها سرا كما تندب لمن لم تلزمه كالعبيد والصبيان ويستثنى من ذلك الحاج فلا يخاطب بها لقيام وقوفه بالمشعر الحرام مقامها نعم تندب لأهل " منى " غير الحجاج وحدانا لا جماعة لئلا يؤدي ذلك إلى صلاة الحجاج معهم
الحنفية قالوا: صلاة العيدين واجبة في الأصح على من تجب عليه الجمع بشرائطها سواء كانت شرائط وجوب أو شرائط صحة إلا أنه يستثنى من شرائط الصحة الخطبة فإنها تكون قبل الصلاة في الجمعة وبعدها في العيد ويستثنى أيضا عدد الجماعة فإن الجماعة في صلاة العيد تتحقق بواحد مع إمام بخلاف الجمعة وكذا الجماعة فإنها واجبة في العيد يأثم بتركها وإن صحت الصلاة بخلافها في الجمعة فإنها لا تصح إلا بالجماعة وقد ذكرنا معنى الواجب عند الحنفية في " واجبات الصلاة " وغيرها فارجع إليه
الحنابلة قالوا: صلاة العيد فرض كفاية على كل من تلزمه صلاة الجمعة فلا تقام إلا حيث تقام الجمعة ما عدا الخطبة فإنها سنة في العيد بخلافها في الجمعة فإنها شرط وقد تكون صلاة العيد سنة وذلك فيمن فاتته الصلاة مع الإمام فإنه يسن له أن يصليها في أي وقت شاء "
شكر الله لكم وجزاكم خيرا وأثابكم
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 11:04 ص]ـ
الأخ الكريم أبو موفق الحلبي سلمه الصمد
الصواب أن يقال:صلاتا فرض (مضاف ومضاف إليه) أو يقال صلاتان فرضا (فرضا هنا تمييز) والله تعالى أعلم
ـ[أبو موفق الحلبي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 12:50 ص]ـ
أو أن نقول صلاتان فرضان مبتدأ وخبر حيث يجوز هنا الابتداء بالنكرة باعتبار أن صلاتان تدخل في باب العموم وكما قال بن مالك رحمه الله:
ولا يجوز الابتدا بالنكرة
ما لم تفد كعند زيد نمرة
والله أعلم بالصواب
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 01:56 م]ـ
الأخ الكريم أبو موفق ما ذكرته صحيح لكن التخريج الذي أوردته غير صحيح فصلاتان نكرة وجاز الابتداء بها لأنها موصوفة وصفتها لفظ فرضان أما قولك بأن صلاتان تدخل في باب العموم فكلام غير صحيح وعلى ذلك يكون إعراب الجملة ما يلي:
صلاتان مبتدأ، فرضان صفة، وجملة لا تصحان إلا بجماعة في محل رفع خبر
قال ابن مالك رحمه الله تعالى:
ولا يجوز الابتدا بالنكره مالم تفد كعند زيد نمره
وهل فتى فيكم فما خل لنا ورجل من الكرام عندنا
ورغبة في الخير خير وعمل بر بزين ولبقس ما لم يقل
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه(55/284)
كيف نفهم حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام لا تشرك بالله شيئا وإن قُطعت؟
ـ[ .. فارس .. ]ــــــــ[10 - 12 - 05, 10:56 م]ـ
حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام الصحيح
لا تشرك بالله شيئا، وإن قطعت، وحرقت، و لا تترك صلاة مكتوبة متعمدا، فمن تركها متعمدا فقد برئت منه الذمة، و لا تشرب الخمر، فإنها مفتاح كل شر
ونقرأ في كتاب الله عز وجل
* من كفر بالله من بعد ايمانه الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم *
فكيف نفهم الحديث؟
ـ[ .. فارس .. ]ــــــــ[11 - 12 - 05, 08:39 م]ـ
لا تشرك بالله شيئا، وإن قطعت، وحرقت
وفي حديث آخر إسناده صحيح
أخذ المشركون عمار بن ياسر، فلم يتركوه، حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر آلهتهم بخير، فتركوه، فلما أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال ما وراءك؟ قال: شر يا رسول الله، ما تركت حتى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير، قال صلى الله عليه وسلم: فكيف تجد قلبك؟ قال: مطمئنا بالإيمان، قال صلى الله عليه وسلم: فإن عادوا فعد
* من كفر بالله من بعد ايمانه الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم *
قكيف نفهم حديث وإن قطعت وحرقت؟
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[11 - 12 - 05, 09:10 م]ـ
الظاهر عندي كقارئ، لا عالم أن معنى الحديث: لا يتغير قلبك وإن قطعت وحرقت.
فلا معارضة. والآية وحديث (كيف تجد قلبك)، يبيحان تغير اللسان لا القلب.
ملحوظة: هذا كلامي كقارئ.
ـ[جمعه بن آل طاحون]ــــــــ[11 - 12 - 05, 09:21 م]ـ
اخى الكريم ثبت العرش ثم انقش هل هذا الحديث صحيح ابتداء
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[11 - 12 - 05, 09:34 م]ـ
حسّنه الألباني في سنن ابن ماجه.
ـ[جمعه بن آل طاحون]ــــــــ[11 - 12 - 05, 09:46 م]ـ
اخى حمد ما رقمه بارك الله فيك
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[11 - 12 - 05, 09:51 م]ـ
أنا عندي طبعة مضغوطة، انظر باب: الصبر على البلاء، في كتاب الفتن.
ـ[ .. فارس .. ]ــــــــ[11 - 12 - 05, 10:01 م]ـ
((موقع الدرر السنية))
لا تشرك بالله شيئا، وإن قطعت، وحرقت، و لا تترك صلاة مكتوبة متعمدا، فمن تركها متعمدا فقد برئت منه الذمة، و لا تشرب الخمر، فإنها مفتاح كل شر
الراوي: أبو الدرداء - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 7339
ـ[جمعه بن آل طاحون]ــــــــ[11 - 12 - 05, 10:19 م]ـ
اخى الكريم نظرا لان الحديث صحيح وان كنت لم اتاكد منه لشغل وضيق الوقت الا اننا يمكننا القول بان النبى كان يقول لبعض الصحابة ما يناسب مقتضى حالهم ويقول للاخرين ما يناسبهم والناظر لاول وهلة يظن ان هناك تعارض وهو غير ذلك انما ياتى التعارض من فهم الادلة فقد قال بن خزيمة او بن حبان لا اتذكر اخبرونى باى حديثين متعارضان فاؤلف بينهم اما ما نحن بصدده نقول وبالله التوفيق ان النبى قد يكون اخبر احد الصحابة ممن زاد عزمهم بذلك امثال بلال رضى الله عنه وكذلك في نفس الوقت حث بعضهم على الصبر كخباب بن الارت وعمار بن ياسر رضى الله عنهم جاء التخفيف من الله عز وجل فلا تعارض بينهم كما يفعل مثلا فى صلاة القصر فجائز ان تاخذ بالرخصة وجائز ان تاخذ بالعزيمة هذا ما نشطت اليه الان واسال الله ان يغفر لي ذلاتى
ـ[ .. فارس .. ]ــــــــ[11 - 12 - 05, 10:27 م]ـ
فجائز ان تاخذ بالرخصة وجائز ان تاخذ بالعزيمة هذا ما نشطت اليه الان
أخي الكريم بارك الله فيك وجزاك الله خيرا .. ننتظر منكم المزيد(55/285)
هل الأذكار التي تقال بعد الصلاة تختص بفرائض الصلاة أو أنها تقال حتى بعد النوافل
ـ[أبو معاذ باوزير]ــــــــ[10 - 12 - 05, 11:14 م]ـ
لدي سؤال آمل من أحبتي في الله أن يجيبوا عليه وهو:
هل الأذكار التي تقال بعد الصلاة تختص بفرائض الصلاة أو أنها تقال حتى بعد النوافل بما فيها صلاة الاستسقاء والعيدين ونحو ذلك من النوافل؟ أرجو إجابة علمية موثقة وجزاكم الله عني كل خير؟
أخوكم / خالد سالم باوزير
ـ[ابونوفل]ــــــــ[11 - 12 - 05, 11:11 ص]ـ
الاخوة الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ارجو افادتى بما يلى
شركة قائمة منذ سنتين ولم توزع ارباحها للمشاركين وذلك لاستخدام هذه الارباح بشراء معدات اضافية للشركة. وسؤالى هل على الاخوة المساهمين زكاة فى أرباحهم وجزاكم الله خيرا.
ـ[المحبرة]ــــــــ[26 - 07 - 10, 02:30 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كنا نبحث في مواضيعكم عن شرح باب ذوي الأرحام، لأنا قلنا لعلهم أفردوه في موضوع جديد ولم نره ..
فصادفنا هذا الموضوع، واطلعنا على السؤال الذي قد راودنا أيضا، فبحثنا ووجدنا جوابًا من الشيخ:
عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى ..
السؤال: أذكار ما بعد السلام في الصلاة، هل يجب أن تكون بعد الصلاة المكتوبة مباشرة، أم يمكنني أن أؤدي السنة البعدية ثم أداء تلك الأذكار؟
لا، السنة أن تأتي بالأذكار قبل السنة البعدية، تأتي بالأذكار ثم السنة الراتبة، أذكار الظهر قبل السنة الراتبة، وأذكار المغرب قبل السنة الراتبة، والعشاء كذلك، كان يأتي بها قبل عليه الصلاة والسلام.
اسم المفتي: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ( http://www.midad.me/books/author/70)
أضيفت بتاريخ: 2008 - 12 - 30
المصدر: http://www.midad.me/fatwa/view/sub/357295
ـ[عبدالله اليمانى]ــــــــ[26 - 07 - 10, 08:22 ص]ـ
النبى كان اذا انفتل من صلاته استغفر ثلاثا ثم شرع فى الاذكار
ـ[أبو معاذ باوزير]ــــــــ[26 - 07 - 10, 10:25 م]ـ
سبحان الله!
من بعث هذا الموضوع من مرقده؟!
ـ[أبي الأنوار]ــــــــ[29 - 07 - 10, 10:19 م]ـ
في حديث معاذ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخذ بيده وقال «يا معاذ والله إنى لأحبك والله إنى لأحبك». فقال «أوصيك يا معاذ لا تدعن فى دبر كل صلاة تقول اللهم أعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك».
وفي حديث عقبة بن عامر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال أمرنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقرأ بالمعوذات دبر كل صلاة.
وفي حديث عبد الله بن الزبير 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أنه كان يقول دبر كل صلاة، حين يسلم: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون»
وفي حديث أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى، والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال، يحجون، ويعتمرون، ويجاهدون، ويتصدقون. فقال: «ألا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «تسبحون، وتحمدون، وتكبرون، خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين»
فما وجه تخصيص الفريضة بذلك دون النافلة؟.
ـ[سيف جمعه]ــــــــ[01 - 08 - 10, 01:59 ص]ـ
التسبيح والدعاء بعد صلاة الفريضة يمكن أن نعملها بعد صلاة السنة، –أي: بعد الانتهاء من الصلاة- وما هو الدعاء والتسابيح المأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم-؟
التسبيحات المأثورة، كلها بعد الفجر، يسمعها في الصلاة ويعلمها الصحابة، أما بعد النوافل ما فيه شيء في موضعه إلا الاستغفار، إذا سلم من النافلة يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، أما الأذكار الأخرى كلها جاءت بعد الفريضة، أما هذا فهذا بعد الفرض والنفل، يقول ثوبان رضي الله عنه: كان النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا انصرف من صلاته، استغفر الله ثلاثاً وقال: (اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام)، رواه مسلم، وغيره، ولم يقل المكتوبة، فدل على أنه في كل صلاة، النافلة والفرض، أما الأذكار لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه .... إلخ هذه إنما جاءت بعد الفرائض، لم تبلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم- إلا بعد الفرائض، ولم يبلغنا عنه أنه فعلها بعد النوافل عليه الصلاة والسلام.
http://www.binbaz.org.sa/mat/11511
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/286)
ـ[المحبرة]ــــــــ[01 - 08 - 10, 02:03 ص]ـ
بارك الله فيكم، جزاكم الله خيرا(55/287)
عقبات فى طريق طلب العلم وكيف تخطيناها ..
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[11 - 12 - 05, 12:24 ص]ـ
هذا الملتقى المبارك يتميز بأنه يضم باقة من المشايخ الفضلاء مثل الشيخ أبو محمد أحمد بن شحاته الألفى و الشيخ أبو خالد وليد بن إدريس السلمي و الشيخ حاتم الشريف والشيخ عبدالرحمن الفقيه والشيخ هيثم حمدان و الشيخ محمد بن القاضي و الشيخ أبو إسحاق التطواني
وال شيخ وغيرهم فهذه الأسماء على سبيل المثال لا الحصر.
وبه أيضا الكثير جدا من طلبة العلم المتقنين الذين قطعوا شوطا كبيرا فى الطلب.
لذلك فقد فكرت فى الإستفادة من إجتماع هذه الزمرة الطيبة فى تقديم حلول عملية لمشاكل طلبة العلم التى غالبا ما تكون متماثلة أو متشابهة وذلك لأسباب عديدة منها ان المنهج واحد والغربة واحدة و المقصد واحد والمسلك واحد والظروف فى أحيان كثيرة تكون واحدة.
والإستفادة تكون عن طريق تفضل مشايخنا و إخواننا بكتابة العقبات التى واجهتهم فى طريق الطلب و كيف تعاملوا معها و بهذا يجد كل واحد فينا مشكلته و كيف حلت بطريقة مجربة ناجحة.
و يمكن للإخوة أيضا أن يطرحوا بعض المشاكل التى يواجهونها فى صورة بنود، مثال ذلك و سأذكر بعض المشاكل بعضه عندى وبعضها لا و الحمد لله.
1 / عدم الصبر على القراءة لفترات طويلة.
2/ عدم القدرة على الإنتهاء من كتاب بدأته فكلما شرعت فى كتاب و قطعت فيه شوطا تركته وبدأت فى أخر.
3/ عدم القدرة على تنظيم الوقت.
4/ ضعف الذاكرة و بطء التحصيل.
5/ارتفاع اسعار الكتب والمراجع.
6/ عدم القدرة على التمييز بين العلماء و الدعاة و الخلط بين المادة العلمية والمادة الدعوية (وهذه
فى ظنى مهمة جدا فالتمييز و معرفة ممن تأخذ أول خطوات الطلب).
7/التوفيق بين العمل و الطلب.
هذه بعض المشاكل التى يمر بها أو يسمعها كل واحد فينا.
الموضوع مهم و مفيد فى ظنى.
أرجوا منكم الإهتمام .. وهذا عهدنا بكم.
ـ[جمعه بن آل طاحون]ــــــــ[11 - 12 - 05, 12:28 ص]ـ
كذلك اخى عدم وجود الشيخ المتابع
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[11 - 12 - 05, 12:34 ص]ـ
نعم أخى الاريسي هذه مشكلة فعلا ..
ـ[أبو البراء الجبرتي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 12:49 ص]ـ
جزاك الله على الموضوع المهم أخي الكريم، ولكي لانثقل على المشايخ خاصة في أسئلة المهارات كالحفظ و الذاكرة، اسمح لي بهذه المداخلة فقد تكون نافعة بإذن الله ...
في مايخص الذاكرة هناك شريط لأحد طلبة العلم في الكويت "نجيب الرفاعي" وهو مختص في التنمية البشرية وكل مايخص المهارات البشرية كتقوية الذاكرة و الإبداع وتحفيز النفس على القيام بالأعمال بحماس والنجاح الخ، ويستخدم الشيخ شيء أشبه بالتنويم المغناطيسي وهو الـ NLP، لاأطيل عليك فهي مفيدة بس اتبع التعليمات وأنت تسمع الشريط فهو يطلب منك أن ترقد حتى يدخلك في حالة أشبه بالنوم ثم يبدأ يبرمج عقلك على الشيء الذي تريده ... إليك الروابط
تحسين قدرات الذاكرة
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=25021
الإبداع في العمل والحياة
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=24937
دورة إدارة الوقت
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=6728
وهناك دورة متكاملة لطلاب الجامعات لرفع التحصيل الدراسي: سلسلة دورة مهارات دراسية
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=240
ملاحظة: هذا في مايخص جانب المهارات فقط وطلب العلم الشرعي لايعتمد فقط على المهارات، فنحن في انتظار خبرات المشايخ ونصائحهم في طريقة الطلب والحرص والثبات عليه. وبارك الله فيكم.(55/288)
سؤال عن خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم التي تفرد بها عن الأنبياء الآخرين؟
ـ[عادل المامون]ــــــــ[11 - 12 - 05, 01:17 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوتي في الله اود ان اسال ماهي خصائص النبي التي اختص بها عن الانبياء
والخصائص التي اختص بها عن الناس اجمعين؟
وهل يجوز ان نقول ان من خصائصه انه كان يصطحب احدي زوجاته في فتوحاته؟(55/289)
فضل السلف ...
ـ[عادل المامون]ــــــــ[11 - 12 - 05, 01:40 ص]ـ
الحمد لله والصلاه والسلام علي رسول الله
اما بعد
أطرح لكم هذا الموضوع واود الاخوه ان يردوا عليه ولايبخلوا بشيء
وهو لماذا كان السلف افضل منا؟
ولماذا نقدم كلامهم علي راينا؟
وهل نقدم كل كلامهم؟
وماهي العوامل التي ساعدتهم علي افضليتهم؟
وهل هناك فرق بين السلف القديم والسلف القريب؟
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[12 - 12 - 05, 10:45 م]ـ
أخي وفقك الله ...
هناك رسالة قيمة للأمام الحافظ ابن رجب رحمه الله عنوانها (فضل علم السلف على علم الخلف)
قد تجد فيها بعض ماتريده ...
ـ[المحب الكبير]ــــــــ[15 - 12 - 05, 12:26 ص]ـ
^^^(55/290)
هل هناك تعارض؟؟
ـ[محمود المحلي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 07:22 ص]ـ
السلام عليكم
من أهم الأدلة التي نستدل بها على أن القرآن كلام الله، وليس من صنع محمد، صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله كان أميا، فكيف يمكن له أن يكتب ذلك القرآن مع ما فيه من فصاحة وبلاغة؟ ولكننا عندما نتحدث عن الحديث النبوي الشريف نقول: إن الرسول هو أفصح العرب، لهذا فأحاديثه تحتل مرتبة عالية من مراتب الفصاحة والبلاغة. وسؤالي، الذي سألني إياه أحد غير المسلمين، هو: أليس هناك تناقض بين القولين؟
جزاكم الله خيرا، وبارك الله فيكم
والسلام عليكم
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[11 - 12 - 05, 07:30 ص]ـ
اذا كان الرسول فصيحا فألف القرآن على زعم الكافرين فلم لم يعارضه فطاحلة العرب بل و حتى الآن
و جاءت تجربة مضحكة عن شيء اسمه فرقان حق و هو ليس الا عين الباطل
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[11 - 12 - 05, 07:57 ص]ـ
السلام عليكم
من أهم الأدلة التي نستدل بها على أن القرآن كلام الله، وليس من صنع محمد، صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله كان أميا، فكيف يمكن له أن يكتب ذلك القرآن مع ما فيه من فصاحة وبلاغة؟ ولكننا عندما نتحدث عن الحديث النبوي الشريف نقول: إن الرسول هو أفصح العرب، لهذا فأحاديثه تحتل مرتبة عالية من مراتب الفصاحة والبلاغة. وسؤالي، الذي سألني إياه أحد غير المسلمين، هو: أليس هناك تناقض بين القولين؟
جزاكم الله خيرا، وبارك الله فيكم
والسلام عليكم
من الذي ذكر أنه من أهم الأدلة؟
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[11 - 12 - 05, 08:52 ص]ـ
أعتقد أن أميا لها علاقة بمسألة قآءة الكتب السماوية السابقة و أنه لم يعلمه أحد ذلك(55/291)
سيتم نقل المواضيع إلى هنا تباعا بإذن الله تعالى
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[11 - 12 - 05, 08:48 ص]ـ
سيتم هنا نقل المواضيع السابقة في المنتدى التخصصي، ونسأل الله الإعانة والتوفيق.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=41465
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[11 - 12 - 05, 02:21 م]ـ
اللهم اعنهم ووفقهم
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[20 - 12 - 05, 12:57 م]ـ
بارك الله فيكم وأعانكم الله
ولكني أظن أن هناك تداخلا بين مواضيع المنتدى الشرعي العام ومنتدى الدراسات الفقهية ومنتدى العلوم الشرعية التخصصي(55/292)
لماذا اهتز العرش لموت سيدنا سعد
ـ[أبو موفق الحلبي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 08:57 ص]ـ
لماذا اهتز العرش لموت سيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه
ـ[أبو عبدالله الجبوري]ــــــــ[12 - 12 - 05, 03:12 ص]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: "وكان سعد بن معاذ خلاف ما يظن به بعض قومه، كان مقدما لرضى الله ورسوله على رضى قومه؛ ولهذا لما مات اهتز له عرش الرحمن فرحا بقدوم روحه، فحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى حريمهم، وتقسم أموالهم. فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (لقد حكمت فيهم بحكم الملك) وفي رواية: (لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات). ". انتهى
المرجع:
http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=252&CID=610
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[13 - 12 - 05, 02:37 م]ـ
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
ـ[عبد القادر المغربي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 04:05 م]ـ
و لكن هل شيخ الإسلام يقصد أن العرش اهتز فرحا؟ و هنا أثبت الفرح كصفة للعرش لا أعلم لها دليلا
أم يقصد رحمه الله أن الفرح لله و هو تعالى من أوحى للعرش أن يهتز؟
ارجو الجواب مع الدليل
وفقكم الله(55/293)
اسئله لا اعرف جوابها قول بعضهم ربنا لا اسالك رد القضاء
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[11 - 12 - 05, 02:17 م]ـ
اسئله اريدمعرفه جوابها
الاول حول قول بعضهم ربنا لا اسالك رد القضاء
الثانى هل يكره التكلم اثناء الوضوء وهذا يسالونى فيه الناس كثيرا
ـ[جمعه بن آل طاحون]ــــــــ[11 - 12 - 05, 02:41 م]ـ
اما الاول فامرنا النبى ان تدعو لرفع القضاء فالدعاء والقدر يتحاجان في السماء ولا يرفع القدر الا الدعاء وقال الشيخ بن عثيمين في شرحه للعقيدة السفارنية ان لا يجوز هذا الدعاء وانه مخالف للعقيدة او قال شىء من هذا القبيل اما الثانى فلا دليل علي كراهة التكلم اثناء الوضوء الا حديث قال عنه اهل الاختصاص انه منكر وهو المتوضىء علية خيمة ان تكلم صعدت عنه والله اعلى واعلم
ـ[أبو تراب السلفي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 07:27 م]ـ
لا يكره التكلم أثناء الوضوء ولكن احذر من الأدعية البدعية المنتشرة.
فلم يثبت أن النبي (ص) تكلم ولم ينهي عن التكلم فالهدي في السكوت ولكن الكلام مباح.
كذا لم يثبت أنه (ص) دعا فيه فلذا فإن الدعاء فيه بدعة لأن الدعاء من صنف العبادة فلا يربط بعبادة أخرى وهي الوضوء.
والله أعلم .....
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[12 - 12 - 05, 04:04 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=31861&stc=1
ـ[ابو سعد الحميّد]ــــــــ[12 - 12 - 05, 07:25 ص]ـ
هذه المصورة من أي كتاب ومن مؤلفه؟؟
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[12 - 12 - 05, 07:28 ص]ـ
كتاب أخطاء لفظية شائعة، للشيخ أبي أيوب العشري عمران هاشم.
راجع هذا: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=39957 ، فبعض الدعاية لمواضيعي لن تضر (ابتسامة).(55/294)
الاكتتاب عند الصحابة!!!
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[11 - 12 - 05, 02:25 م]ـ
قال الامام البخاري رحمه الله في صحيحه:
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان عن عمرو عن أبي معبد عن بن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم فقام رجل فقال يا رسول الله اكتتبت في غزوة كذا وكذا وخرجت امرأتي حاجة قال اذهب فحج مع امرأتك .......
ـ[الغواص]ــــــــ[12 - 12 - 05, 06:41 ص]ـ
اللهم نسألك الشهادة في سبيلك ابتغاء وجهك(55/295)
لماذا سميت هذه الخطبه خطبه الحاجه
ـ[ابو بكر المرعى]ــــــــ[11 - 12 - 05, 04:33 م]ـ
السلام عليكم
اخوانى لماذا سميت خطبه الحاجه
كان يخطب الناس فيحمد الله ويثني عليه بما هو أهله ثم يقول: من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة في النار
الراوي: - - خلاصة الدرجة: إسناده صحيح - المحدث: ابن تيمية - المصدر: بيان الدليل - الصفحة أو الرقم: 172
ارجوا مع توضيح التفصيل والمراجع التى تكلمت بهذه الحاجه
ـ[جمعه بن آل طاحون]ــــــــ[11 - 12 - 05, 05:49 م]ـ
من افضل ما كتب فى ذلك كتاب خطبة الحاجة للشيخ الالبانى رحمه الله
ـ[أبو موفق الحلبي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 11:36 م]ـ
ولا ننسى كتاب الشيخ عبد الفتاح أبو غدة(55/296)
عون الودود لتيسير ما في السلسلة ((الضعيفة)) من الفوائد والردود
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[11 - 12 - 05, 05:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا اله ألا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد
فإن أصدق الحديث كتاب الله , وأحسن الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم , وشر الأمور محدثاتها , وكل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة , وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد
فهذه الفوائد والردود التي ذكرها الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني في السلسلة الضعيفة جمعتها في هذا الكتاب حتى يسهل الأستفادة منها للعامة والخاصة وأسميته (عون الودود لتيسير مافي السلسلة الضعيفة من الفوائد والردود) , فأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يعنني على هذا العمل وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن يتغمد برحمته الشيخ الألباني , ويسكنه فسيح جناته آمين.
ملاحظات:
1 - ترقيم الأحاديث هي نفس الترقيم الموجودة في السلسلة لكي يسهل الرجوع إليها.
2 - تبويب المواضيع هي نفس ما بوب لها الشيخ إلا ما لم يبوب لها فقد وضعت لها أبواباً من عندي.
3 - كتابة جميع الفوائد والردود كاملة بدون أي أختصار إلا ماكان يتعلق بالموضيع الحديثة فلم اكتبها.
هذه الفوائد المذكورة في المجلد الأول من سلسلة الأحاديث الضعيفة , ونسأل الله العون والتوفيق في اتمام بقية الأحاديث.
كتاب العقيدة
حقيقة التوسل بجاه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
22 - (توسلوا بجاهي , فإن جاهي عند الله عظيم) لا أصل له.
ومما لا شك فيه أن جاهه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومقامه عند الله عظيم , فقد وصف الله تعالى موسى بقوله (وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً) الأحزاب69 , ومن المعلوم أن نبينا محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل من موسى , فهو بلا شك أوجه منه عند ربه سبحانه وتعالى , ولكن هذا شيء , والتوسل بجاهه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيء آخر , فلا يليق الخلط بينهما كما يفعل بعضهم , إذ إن التوسل بجاهه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقصد به من يفعله أنه أرجى لقبول دعائه , وهذا أمر لا يمكن معرفته بالعقل , إذ إنه من الأمور الغيبية التي لا مجال للعقل في إدراكها , فلا بد فيه من النقل الصحيح الذي تقوم به الحجة , وهذا مما لا سبيل إليه البتة , فإن الأحاديث الواردة في التوسل به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تنقسم إلى قسمين: صحيح , وضعيف.
أما الصحيح , فلا دليل فيه البتة على المدعى , مثل توسلهم به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الاستسقاء , وتوسل الأعمى به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َفإنه توسل بدعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لا بجاهه ولا بذاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ولما كان التوسل بدعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى غير ممكن , كان بالتالي التوسل به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد وفاته غير ممكن , وغير جائز.
ومما يدلك على هذا أن الصحابة رضي الله عنهم لما استسقوا في زمن عمر , توسلوا بعمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العباس , ولم يتوسلوا به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وما ذلك إلا لأنهم يعلمون معنى التوسل المشروع , وهو ما ذكرناه من التوسل بدعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولذلك توسلوا بعده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدعاء عمه , لأنه ممكن ومشروع , وكذلك لم ينقل أن أحداً من العميان توسل بدعاء ذلك الأعمى , وذلك لأن السر ليس في قول الأعمى: (اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة .... ) , وإنما السر الأكبر في دعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له كما يقتضيه وعده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياه بالدعاء له , ويشعر به قوله في دعائه: (اللهم فشفعه في) , أي: أقبل شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أي: دعاءه في , (وشفعني فيه) , أي: اقبل شفاعتي , أي: دعائي في قبول دعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/297)
فموضوع الحديث كله يدور حول الدعاء , كما يتضح للقاريء الكريم بهذا الشرح الموجز , فلا علاقة للحديث بالتوسل المبتدع , ولهذا أنكره الإمام أبوحنيفة , فقال: (أكره أن يسأل الله إلا بالله) كما في "الدر المختار" , وغيره من كتب الحنفية.
وأما قول الكوثري في " مقالاته ": (وتوسل الإمام الشافعي بأبي حنيفة مذكورة في أوائل تاريخ الخطيب بسند صحيح).
فمن مبالغاته , بل مغالطاته , فإنه يشير بذلك إلى ما أخرجه الخطيب من طريق عمر بن إسحاق بن إبراهيم قال: نبأنا علي بن ميمون قال: سمعت الشافعي يقول: (إني لأتبرك بأني حنيفة , وأجيء إلى قبره في كل يوم – يعني زائراً – فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين , وجئت إلى قبره , وسألت الله تعالى الحاجة عنده , فما تبعد عني حتى تقتضى) , فهذه رواية ضعيفة , بل باطلة.
وقد ذكر شيخ الإسلام في " اقتضاء الصراط المستقيم" معنى هذه الرواية , ثم أثبت بطلانه فقال: (رحمه الله فأجاب أو كلاما هذا معناه وهذا كذب معلوم كذبه بالاضطرار عند من له أدنى معرفة بالنقل فإن الشافعي لما قدم ببغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة بل ولم يكن هذا على عهد االشافعي معروفا وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عند قبر أبي حنيفة ثم أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن
ابن زياد وطبقتهم لم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند قبر أبي حنيفة ولا غيره ثم قد تقدم عن الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور الصالحين خشية الفتنة بها وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه وإما أن يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعر).
وأما القسم الثاني من أحاديث التوسل , فهي أحاديث ضعيفة و تدل بظاهرها على التوسل المبتدع , فيحسن بهذه المناسبة التحذير منها , والتنبيه عليها فمنها:
23 - (الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت, اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها, بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين) حديث ضعيف.
ومن الأحاديث الضعيفة في التوسل , الحديث الآتي:
24 - (مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً وَخَرَجْتُ اتِّقَاءَ سُخْطِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُعِيذَنِي مِنْ النَّارِ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفِ مَلَكٍ) حديث ضعيف.
ومن الأحاديث الضعيفة , بل الموضوعة في التوسل:
25 - (لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك) موضوع.
من قال بشهادتين ولم يفهم معناهما أو فهم ولكنه أخل بهما عملياً لم تنفعه
94 - (عرى الإسلام وقواعد الدين ثلاثة , عليهن أسس الإسلام , من ترك واحدة منهن , فهو بها كافر حلال الدم: شهادة أن لا إله إلا الله , والصلاة المكتوبة , وصوم رمضان) حديث ضعيف.
هذا الحديث مخالف للحديث المتفق على صحته: (بني الإسلام على خمس .... ) الحديث , وذلك من وجهين:
الأول: أن هذا جعل أسس الإسلام خمسة , وذاك صيرها ثلاثة.
الآخر: أن هذا لم يقطع بكفر من ترك شيئاً من الأسس , بينما ذاك يقول: (من ترك واحدة منهن فهو كافر) , وفي رواية سعيد بن حماد: (فهو بالله كافر).
ولا أعتقد أن أحداً من العلماء المعتبرين يكفر من ترك صوم رمضان مثلاً غير مستحل له , خلافاً لما يفيده ظاهر الحديث , فهذا دليل عملي من الأمة على ضعف هذا الحديث , والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/298)
ومما لا شك فيه أن التساهل بأداء ركن واحد من هذه الأركان الأربعة العملية مما يعرض فاعل ذلك للوقوع في الكفر , كما أشار إلى ذلك قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) رواه مسلم وغيره.
فيخشى على من تهاون بالصلاة أن يموت على الكفر والعياذ بالله تعالى , لكن ليس في هذا الحديث الصحيح , ولا في غيره , القطع بتكفير تارك الصلاة , وكذا تارك الصيام , مع الإيمان بهما , بل هذا مما تفرد به هذا الحديث الضعيف , والله أعلم.
وأما الركن الأول من هذه الأركان الخمسة: (شهادة أن لا إله إلا الله) , فبدونها لا ينفع شيء من الأعمال الصالحة , وكذلك إذا قالها ولم يفهم حقيقة معناها , أو فهم , ولكنه أخل به عملياً , كالاستغاثة بغير الله تعالى عند الشدائد , ونحوها من الشركيات.
الحجر الأسود
223 - (الحجر الأسود يمين الله في الأرض , يصافح بها عباده) منكر.
قال ابن الجوزي: (حديث لا يصح , وقال ابن العربي: هذا حديث باطل فلا يلتفت إليه).
فإذا كان كذلك , فمن العجائب أن يسكت عن الحديث الحافظ ابن رجب في "ذيل الطبقات" , ويتأول ما روي عن ابن الفاعوس الحنبلي أنه كان يقول: (الحجر الأسود يمين الله حقيقة) , بأن المراد بيمينه أنه محل الاستلام والتقبيل , وأن هذا المعنى هو حقيقة في هذه الصورة وليس مجازاً , وليس فيه ما يوهم الصفة الذاتية أصلاً.
وكان يغنيه عن ذلك كله التنبيه على ضعف الحديث , وأنه لا داعي لتفسيره أو تأويله , لأن التفسير فرع التصحيح , كما لا يخفى.
من أكاذيب الشيعة
350 - (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) لا أصل له بهذا اللفظ
وقد قال الشيخ ابن تيمية والله ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا وإنما المعروف ما روى مسلم أن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)
وهذا الحديث رأيته في بعض كتب الشيعة , ثم في بعض كتب القاديانية , يستدلون به على وجوب الإيمان بدجالهم ميرزا غلام أحمد المتنبي , ولو صح هذا الحديث , لما كان فيه أدنى إشارة إلى ما زعموا , وغاية ما فيه وجوب اتخاذ المسلمين إماماُ يبايعونه , وهذا حق , كما دل عليه حديث مسلم , وغيره.
ثم رأيت الحديث في كتاب ((الأصول من الكافي)) للكليني من علماء الشيعة , رواه (1\ 377) عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن الفضيل عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبدالله مرفوعاُ.
وأبو عبد الله هو الحسين بن علي رضي الله عنهما.
لكن الفضيل هذا – وهو الأعور- أورده الطوسي الشيعي في ((الفهرست)) ص 126 , ثم أبو جعفر السروي في ((معالم العلماء)) , ولم يذكرا في ترجمته غير أن له كتاباُ , وأما محمد بن عبد الجبار , فلم يورداه مطلقاُ , وكذلك ليس له ذكر في شئ من كتبنا , فهذا حال هذا الإسناد الوارد في كتابهم ((الكافي)) الذي هو أحسن كتبهم , كما جاء في المقدمة ص 33.
ومن أكاذيب الشيعة التي لا يمكن حصرها قول الخميني في ((كشف الأسرار): (وهناك حديث معروف لدى الشيعة وأهل السنة , منقول عن النبي .... ).
ثم ذكره دون أن يقرنه بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم , وهذه عادته في هذا الكتاب فقوله: ((وأهل السنة)) كذب ظاهر عليه , لأنه غير معروف لديهم , كما تقدم , بل هو بظاهره باطل إن لم يفسر بحديث مسلم , كما هو محقق في ((المنهاج)) , و ((مختصره)) , وحينئذ فالحديث حجة عليهم , فراجعهما.
عدم جواز التمسح بالقبر
373 - (لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله) ضعيف.
أخرجه أحمد والحاكم من طريق عبد الملك بن عمرو حدثنا كثير بن زيد عن داود بن أبي صالح قال:
أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر فقال: أتدري ما تصنع فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب فقال: نعم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم آت الحجر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله.
وقد شاع عند المتأخرين الاستدلال بهذا الحديث على جواز التمسح بالقبر , لوضع أبي أيوب وجهه على القبر , وهذا مع أنه ليس صريحاُ في الدلالة على أن تمسحه كان للتبرك – كما يفعل الجهال- فالسند إليه بذلك ضعيف , فلا حجة فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/299)
وقد أنكر المحققون من العلماء كالنووي وغيره التمسح بالقبور , وقالوا: إنه من عمل النصارى. وقد ذكرت بعض النقول في ذلك في ((تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد)) , وهي الرسالة الخامسة من رسائل كتابنا: ((تسديد الإصابة إلى من زعم نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة)) , وهي مطبوعة والحمد لله.
الإيمان يزيد وينقص
464 - (الإيمان مثبت في القلب كالجبال الرواسي وزيادته ونقصه كفر) موضوع.
وهذا الحديث مخالف للآيات الكثيرة المصرحة بزيادة الإيمان كقوله تعالى ( ...... ليزداد الذين آمنوا إيماناٌ) الفتح4. فكفى بهذا دليلاٌ على بطلان مثل هذا الحديث , وأن قال بمعناه جماعة.
كتاب الطهارة
الوضوء بعد الحدث والصلاة بعد الوضوء من المستحبات
44 - (من أحدث ولم يتوضأ , فقد جفاني , ومن توضأ ولم يصل , فقد جفاني , ومن صلى ولم يدعني , فقد جفاني , ومن دعاني فلم أجبه , فقد جفيته , ولست برب جاف) موضوع.
ومما يدل على وضعه أن الوضوء بعد الحدث , والصلاة بعد الوضوء , إنما ذلك من المستحبات , والحديث يفيد أنهما من الواجبات , لقوله: (فقد جفاني) , وهذا لا يقال في الأمور المستحبة كما لا يخفى.
الأحاديث الواردة في صفة وضوئه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس في شيء منها ذكر لمسح الرقبه
69 - (مسح الرقبة أمان من الغل) موضوع.
هذا الحديث منكراً , مخالف لجميع الأحاديث الواردة في صفة وضوئه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إذ ليس في شيء منها ذكر لمسح الرقبه , اللهم إلا في حديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال: (رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح رأسه مرة واحدة حتى بلغ القذال , وهو أول القفاء).
وفي رواية: (ومسح رأسه من مقدمه إلى مؤخره حتى أخرج يديه من تحت أذنيه).
أخرجه أبو داود وغيره , وذكر عن ابن عيينة أنه كان ينكره , وحق له ذلك , فإن له ثلاث علل , كل واحدة منها كافية لتضعيفة , فكيف بها وقد اجتمعت , وهي:الضعف , والجهالة , والاختلاف في صحبة والد مصرف , ولهذا ضعفه النووي وابن تيمية والعسقلاني وغيرهم , وقد بينت ذلك في "ضعيف سنن أبي داود".
الواجب اجتناب النجاسة ولو كانت أقل من الدرهم
149 - (الدم مقدار الدرهم , يغسل , ويعاد منه الصلاة) موضوع.
اعلم أن هذا الحديث هو حجة الحنفية في تقدير النجاسة المغلظة بالدرهم , وإذا علمت أنه حديث موضوع , يظهر لك بطلان التقييد به , وأن الواجب اجتناب النجاسة ولو كانت أقل من الدرهم , لعموم الأحاديث الآمرة بالتطهير.
وجوب غسل يوم الجمعة
158 - (اغتسلوا يوم الجمعة , ولو كأساً بدينار) موضوع.
ويغني عنه الأحاديث الصحيحة في الأمر بالغسل يوم الجمعة , كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (غسل الجمعة واجب على كل محتلم) رواه الشيخان وغيرهما.
وقد تساهل أكثر الناس بهذا الواجب يوم الجمعة , فقل من يغتسل منهم لهذا اليوم , ومن اغتسل فيه فإنما هو للنظافة , لا لأنه من حق الجمعة , فالله المستعان.
غسل اليدين قبل وبعد الوضوء ليس من الأمور التعبدية
168 - (بركة الطعام الوضوء قبله وبعده) حديث ضعيف.
قال المنذر: (وقد كان سفيان يكره الوضوء قبل الطعام , قال البيهقي: وكذلك مالك بن أنس كرهه , وكذلك صاحبنا الشافعي استحب تركه , واحتج بالحديث , يعني حديث ابن عباس قال: [كنا عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتى الخلاء , ثم إنه رجع , فأتي بالطعام , فقيل: ألا تتوضأ؟ قال: لم أصل فأتوضأ] رواه مسلم وأبوداود , والترمذي , بنحوه إلا أنهما قالا: [إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة]).
قلت: فهذا دليل على ضعف الحديث , وهو ذهاب هؤلاء الأئمة الفقهاء إلى خلافه , ومعهم ظاهر هذا الحديث الصحيح.
وقد تأول بعضهم الوضوء في هذا الحديث بمعنى غسل اليدين فقط , وهو معنى غير معروف في كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى" , فلو صح هذا الحديث لكان دليلاً ظاهراً على استحباب الوضوء قبل الطعام وبعده , ولما جاز تأويله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/300)
هذا , واختلف العلماء في مشروعية غسل اليدين قبل الطعام على قولين , منهم من استحبه , ومنهم من لم يستحبه , ومن هؤلاء سفيان الثوري , فقد ذكر أبو داود عنه أنه كان يكره الوضوء قبل الطعام , قال ابن القيم: (والقولان هما في مذهب أحمد وغيره , والصحيح أنه لا يستحب).
قلت: وينبغي تقييد هذا بما إذا لم يكن على اليدين من الأوساخ ما يستدعي غسلهما , وإلا فالغسل والحالة هذه لا مسوغ للتوقف عن القول بمشروعيته , وعليه يحمل ما رواه الخلال عن أبي بكر المروذي قال: (رأيت أبا عبدالله [يعني الإمام أحمد] يغسل يديه قبل الطعام وبعده , وإن كان على وضوء).
والخلاصة: أن الغسل المذكور ليس من الأمور التعبدية , لعدم صحة الحديث به , بل هو معقول المعنى , فحيث وجد المعنى شرع , وإلا فلا.
المتيمم يصلي بتيممه ما شاء من الصلوات الفروض والنوافل ما لم ينتقض تيممه
423 - (من السنة أن لا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة ثم يتيمم للصلاة الأخرى) موضوع
أخرجه الطبراني من طريق الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن مجاهد عن ابن عباس قال ..... فذكره.
وهذا الحديث لا يصح عن ابن عباس مرفوعاُ , ولا موقوفاُ , بل قد روي عنه خلافه , كما ذكره ابن حزم في ((المحلى)) , يعني أن المتيمم يصلي بتيممه ما شاء من الصلوات الفروض والنوافل , ما لم ينتقض تيممه بحدث أو بوجود الماء.
وهذا هو الحق في هذه المسألة , كما قرره ابن حزم , وانظر ((الروضة الندية)).
لا يصح حديث في إيجاب الوضوء من خروج الدم
470 - (الوضوء من كل دم سائل) ضعيف.
والحق أنه لا يصح حديث في إيجاب الوضوء من خروج الدم. والأصل البراءة. روى ابن أبي شيبة في المصنف والبيهقي بسند صحيح أن ابن عمر عصر بثرة في وجهه فخرج شيء من دم فحكه بين أصبعيه ثم صلى ولم بتوضأ ثم روى ابن أبي شيبة نحوه عن أبي هريرة وقد صح عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه أنه بزق دما في صلاته ثم مضى فيها راجع صحيح البخاري مع فتح الباري وتعليقي على مختصر البخاري.
كتاب الصلاة
الذي يصلي خير من الذي لا يصلي وأقرب إلى الله منه وأن كان فاسقاً
وهو مع اشتهاره على الألسنة لا يصح من قبل إسناده , ولا من جهة متنه , فالحديث لا يصح إسناده إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وإنما صح من قول ابن مسعود , والحسن البصري , وروي عن ابن عباس.
وأما متن الحديث , فإنه لا يصح لأن ظاهره يشمل من صلى صلاة بشروطها وأركانها , بحيث إن الشرع يحكم عليها بالصحة , وإن كان هذا المصلي لا يزال يرتكب بعض المعاصي , فكيف يكون بسببها لا يزيد بهذه الصلاة إلا بعداً؟ هذا مما لا يعقل , ولا تشهد له الشريعة , ولهذا تأوله شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: (وقوله: " لم يزدد إلا بعداً " , إذا كان ما ترك من الواجب منها أعظم مما فعله , أبعده ترك الواجب الأكثر من الله , أكثر مما قربه فعل الواجب الأقل).
وهذا بعيد عندي , لأن ترك الواجب الأعظم منها , معناه ترك بعض ما لا تصح الصلاة إلا به , كالشروط والأركان , وحينئذ فليس له صلاة شرعاً , ولا يبدو أن هذه الصلاة هي المرادة في الحديث المرفوع والموقوف , بل المراد الصلاة الصحيحة التي لم تثمر ثمرتها التي ذكرها الله تعالى في قوله: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَر) العنكبوت45 , وأكدها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قيل له: إن فلاتاً يصلي الليل كله , فإذا أصبح سرق , فقال: (ستنهاه ما تقول) , أو قال: (ستمنعه صلاته) وراه أحمد , والبزار , والطحاوي , والبغوي , وأبوبكر الكلاباذي , بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة.
فأنت ترى أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبر أن هذا الرجل سينتهي عن السرقة بسبب صلاته - إذا كانت على الوجه الأكمل طبعاً , كالخشوع فيها , والتدبر في قراءتها – ولم يقل إنه (لا يزداد بها إلا بعداً) , مع أنه لما ينته عن السرقة.
ولذلك قال عبدالحق الإشبيلي في "التهجد": (يريد عليه السلام أن المصلي على الحقيقة , المحافظ على صلاته , الملازم لها , تنهاه صلاته عن ارتكاب المحارم , والوقوع في المحارم).
فالحديث ضعيف سنداً ومتناً , والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/301)
ثم رأيت الشيخ أحمد بن محمد عز الدين بن عبدالسلام نقل أثر ابن عباس هذا في كتابه "النصيحة بما أبدته القريحة" عن تفسير الجاربردي , وقال: (ومثل هذا ينبغي أن يحمل على التهديد , لما تقرر أن ذلك ليس من الأركان والشرائط).
ثم استدل على ذلك بالحديث المتقدم: (ستمنعه صلاته) , واستصوب الشيخ أحمد كلام الجاربردي هذا , وقال: (لا يصح حمله على ظاهره , لأن ظاهره معارض بما ثبت في الأحاديث الصحيحة المتقدمة من أن الصلاة مكفرة للذنوب , فكيف تكون مكفرة , ويزداد بها بعداً؟ هذا مما لا يعقل).
ثم قال: (قلت: وحمل الحديث على المبالغة والتهديد ممكن على اعتبار إنه موقوف على ابن عباس أو غيره , وأما على اعتبار كلامه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فهو بعيد عندي والله أعلم).
قال (ويشهد لذذلك ما ثبت في البخاري أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة , فذكر ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فأنزل الله تعالى (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات) هود114.
ثم رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قال في بعض فتاواه: (هذا الحديث ليس بثابت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لكن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر كما ذكر الله في كتابه , بكل حال فالصلاة لا تزيد صاحبها بعداً , بل الذي يصلي خير من الذي لا يصلي , وأقرب إلى الله منه , وأن كان فاسقاً).
قلت: فكأنه يشير إلى تضعيف الحديث من حيث معناه أيضاً وهو الحق.
وقد نقل الذهبي في "الميزان" عن ابن الجنيد أنه قال في هذا الحديث: (كذب وزور).
الإقامة للصلاة
35 - (من أذن , فليقم) لا أصل له بهذا اللفظ.
وإنما روي بلفظ: (من أذن فهو يقيم) وهو حديث ضعيف.
ومن آثار هذا الحديث السيئة أنه سبب لإثارة النزاع بين المصلين , كما وقع ذلك غيرما مرة , وذلك حين يتأخر المؤذن عن دخول المسجد لعذر , ويريد بعض الحاضرين أن يقيم الصلاة , فما يكون من أحدهم إلا أن يعترض عليه محتجاً بهذا الحديث , ولم يدر المسكين أنه حديث ضعيف لا يجوز نسبته إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فضلاً عن أن يمنع به الناس من المبادرة إلى طاعة الله تعالى , ألا وهي إقامة الصلاة.
كيفية الأذان
71 - (التكبير جزم) لا أصل له.
كما قال الحافظ ابن حجر , والسخوي , وكذا السيوطي , وله رسالة خاصة في الحديث في كتابه "الحاوي للفياوي" وقد بين فيها أنه من قول إبراهيم النخعي , وأن معنى قوله: (جزم): (لا يمد) , ثم ذكر قول من فسره بأنه لا يعرب , بل يسكن آخره , ثم رده من وجوه ثلاثة أوردها , فليراجعها من شاء.
ثم أن الحديث , مع كونه لا أصل له مرفوعاً , وإنما هو من قول إبراهيم , فإنما يريد به التكبير في الصلاة , كما يستفاد من السيوطي في الرسالة المشار إليها فلا علاقة له بالأذن كما توهم بعضهم , فإن هناك طائفة من المنتمين للسنة في مصر وغيرها تؤذن كل تكبيرة على حدة: (الله أكبر) , (الله أكبر) , عملاً بهذا الحديث زعموا , والتأذين على هذه الصفة مما لا أعلم له أصلاً في السنة , بل ظاهر الحديث الصحيح خلافه , فقد روى مسلم في "صحيحه" من حديث عمر بن الخطاب مرفوعاً (إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر , فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر , ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله , قال: أشهد أن لا إله إلا الله ..... الحديث).
ففيه إشارة ظاهرة إلى أن المؤذن يجمع بين كل تكبيرتين , وأن السامع يجيبه كذلك , وفي "شرح صحيح مسلم" للنووي ما يؤيد هذا فليراجعه من شاء.
ومما يؤيد ذلك ما ورد في بعض الأحاديث أن الأذان كان شفعاً شفعاً.
تحية المسجد والإمام يخطب
87 - (إذا صعد الخطيب المنبر , فلا صلاة , ولا كلام) باطل.
قد اشتهر بهذا اللفظ على الألسنة , وعلق على المنابر , ولا أصل له وإنما رواه الطبراني في "الكبير" عن ابن عمرو مرفوعاً بلفظ: (إذا دخل أحدكم المسجد والإمام على المنبر , فلا صلاة , ولا كلام , حتى يفرغ الإمام).
وفيه أيوب بن نهيك قال ابن حاتم في "الجرح والتعديل": (سمعت أبي يقول: هو ضعيف الحديث , سمعت أبا زرعة يقول: لا أحدث عن أيوب بن نهك , ولم يقرأ علينا حديثه , وقال: منكر الحديث).
وقال الهيثمي: (وهو متروك , ضعفه جماعة ... ).
ولهذا قال الحافظ في "الفتح": (إنه حديث ضعيف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/302)
وأخرجه البيهقي من حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: (خروج الإمام يوم الجمعة للصلاة يقطع الكلام) , وقال: (رفعه خطاً فاحش , وإنما هو من كلام سعيد بن المسيب , أو الزهري) , وأقره الزيلعي.
وإنما حكمت على الحديث بالبطلان , لأنه - مع ضعيف سنده – يخالف حديثين صحيحين:
الأول: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام , فيصل ركعتين) , أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحهما" من حديث جابر , وفي رواية أخرى عنه قال: (جاء سليك الغطفاني ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب , فقال له: يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما , ثم قال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة , والإمام يخطب , فليركع ركعتين , وليتجوز فيهما) , أخرجه مسلم وغيره , وهو مخرج في "صحيح أبي داود".
والآخر: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة , والإمام يخطب , فقد لغوت) , متفق عليه , وهو مخرج في "الإرواء".
فالحديث الأول صريح بتأكد أداء الركعتين بعد خروج الإمام , بينما حديث الباب ينهى عنهما , فمن الجهل البالغ أن ينهى بعض الخطباء عنهما من أرد أن يصليهما وقد دخل والإمام يخطب , خلافاً لأمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وإني لأخشى على مثله أن يدخل في وعيد قوله تعالى: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى) العلق 10,9 , وقوله: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) النور63 , ولهذا قال النووي رحمه الله: (هذا نص لا يتطرق إليه التأويل , ولا أظن عالماً يبلغه ويعتقده صحيحاً فيخالفه).
والحديث الآخر يدل بمفهوم قوله: (والإمام يخطب) , أن الكلام والإمام لا يخطب لا مانع منه , ويؤيده جريان العمل عليه في عهد عمر رضي الله عنه , كما قال ثعلبة بن أبي مالك: (إنهم كانوا يتحدثون حين يجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر, حتى يسكت المؤذن , فإذا قام عمر على المنبر , لم يتكلم أحد حتى يقضي خطبتيه كلتيهما).
أخرجه مالك , والطحاوي , والسياق له وابن أبي حاتم , وإسناد الأولين صحيح.
فثبت بهذا أن كلام الإمام هو الذي يقطع الكلام , لا مجرد صعوده على المنبر , وأن خروجه عليه لا يمنع من تحية المسجد , فظهر بطلان حديث الباب , والله تعالى هو الهادي للصواب.
العمامة من سنن العادة لا من سنن العبادة
127 - (صلاة بعمامة تعدل خمساً وعشرين صلاة بغير عمامة , وجمعة بعمامة تعدل سبعين جمعة بغير عمامة. إن الملائكة ليشهدون الجمعة معتمين , ولا يزالون يصلون على أصحاب العمائم حتى تغرب الشمس) موضوع.
128 - (ركعتان بعمامة خير من سبعين ركعة بلا عمامة) موضوع.
129 - (الصلاة في العمامة تعدل بعشرة آلاف حسنة) موضوع.
ولا شك عندي في بطلان هذا الحديث , وكذا الحديثين قبله لأن الشارع الحكيم يزن الأمور بالقسطاس المستقيم , فغير معقول أن يجعل أجر الصلاة في العمامة مثل أجر صلاة الجماعة , بل أضعاف أضعافها , مع الفارق الكبير بين حكم العمامة وصلاة الجماعة فإن العمامة غاية ما يمكن أن يقال فيها: إنها مستحبة , والراجح أنها من سنن العادة لا من سنن العبادة , أما صلاة الجماعة , فأقل ما قيل فيها: نها سنة مؤكدة. وقيل إنها ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا بها. والصواب أنها فريضة تصح الصلاة بتركها مع الإثم الشديد , فكيف يليق بالحكيم العليم أن يجعل ثوابها مساوياً لثواب الصلاة في العمامة , بل دونها بدرجات؟ ولعل ابن حجر لا حظ هذا المعنى حين حكم على الحديث بالوضع.
ومن آثار هذه الأحاديث السيئة , وتوجيهاتها الخاطئة , أننا نرى بعض الناس حين يريد الدخول في الصلاة يكور على رأسه أو طربوشه منديلاً , لكي يحصل بزعمه على هذا الأجر المذكور , مع أنه لم يأت عملاً يطهر به نفسه ويزكيها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/303)
ومن العجائب أن ترى بعض هؤلاء يرتكبون إثم حلق اللحية , فإذا قاموا إلى الصلاة لم يشعروا بأي نقص يلحقهم بسبب تساهلهم هذا , ولا يهمهم ذلك أبداً , أما الصلاة في العمامة , فأمر لا يستهان به عندهم , ومن الدليل على هذا أنه إذا تقدم رجل ملتح يصلي بهم لم يرضوه حتى يتعمم , وإذا تقدم متعمم – ولو كان عاصياً بحلقه للحيته – لم يزعجهم ذلك , ولم يهتموا له , فعكسوا شريعة الله حيث استباحوا ما حرمه , وأوجبوا – أو كادوا أن يوجبوا – ما أباحه.
والعمامة – إن ثبت لها فضيلة – فإنما يراد بها العمامة التي يتزين بها المسلم في أحواله العادية , ويتميز بها عن غيره من المواطنين , وليس يراد بها العمامة المستعارة التي يؤدى بها عبادة في دقائق معدودات , فما يكاد يفرغ منها حتى يسجنها في جيبه , والمسلم بحاجة إلى عمامة خارج الصلاة أكثر من حاجته إليها داخلها , بحكم أنها شعار للمسلم تميزه عن الكافر , ولا سيما في هذا العصر الذي اختلطت فيه أزياء المؤمن بالكافر , حتى صار من العسير أن يفشي المسلم السلام على من عرف ومن لم يعرف , فانظر كيف صرفهم الشيطان عن العمامة النافعة إلى العمامة المبتدعة , وسول لهم أن هذه تكفي وتغني عن تلك , وعن إعفاء اللحية التي تميز المسلم من الكافر كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خالفوا المشركين , احفوا [وفي رواية: قصوا] الشوارب , وأوفوا اللحى) رواه الشيخان وغيرهما عن ابن عمر وغيره.
وما مثل من يضع هذه العمامة المستعارة عند الصلاة إلا كمثل من يضع لحية مستعارة عند القيام إليها , ولئن كنا لم نشاهد هذه اللحى المستعارة في بلادنا , فإني لا أستبعد أن أراها يوماً ما بحكم تقليد كثير من المسلمين للأوربيين , فقد قرأت في "جريدة العلم" الدمشقية ما نصه (لندن – عندما اشتدت وطأة الحر , وانعقدت جلسة مجلس اللوردات , سمح لهم الرئيس بأن يخلعوا لحاهم المستعارة) , فهل من معتب؟
عدم مشروعية صلاة ركعتين للمسافر عند الخروج
372 - (ما خلف عبد على أهله أفضل من ركعتين يركعهما عندهم حين يريد سفرا) ضعيف.
ثم إن النووي رحمه الله استدل بالحديث على أنه يستحب للمسافر عند الخروج أن يصلي ركعتين , وفيه نظر بين , لأن الاستحباب حكم شرعي لا يجوز الاستدلال عليه بحديث ضعيف , لأنه لا يفيد إلا الظن المرجوح , ولا يثبت به شيء من الأحكام الشرعية , كما لا يخفى , ولم ترد هذه الصلاة عنه صلى الله غليه وسلم , فلا تشرع , بخلاف الصلاة عند الرجوع , فإنها سنة.
وأغرب من هذا جزمه –أعني النووي رحمه الله- بأنه: (يستحب أن يقرأ سورة ((لإيلاف قريش)) , فقد قال السيد الجليل أبو الحسن القزويني الفقيه الشافعي صاحب الكرامات الظاهرة والأحوال الباهرة والمعارف المتظاهرة: إنه أمان من كل سوء).
قلت: وهذا تشريع في هذا الدين دون أي دليل إلا مجرد الدعوى , فمن أين له أن ذلك أمان من كل سوء؟ لقد كان مثل هذه الآراء التي لم ترد في الكتاب ولا في السنة من أسباب تبديل الشريعة وتغييرها من حيث لا يشعرون , لولا أن الله تعهد بحفظها , ورضي الله عن حذيفة بن اليمان إذ قال: (كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها). وقال ابن مسعود رضي الله عنه (اتبعوا ولا تبتدعوا ةفقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق).
ثم وقفت على حديث يمكن أن يستحب به صلاة ركعتين عند النصر , وهو مخرج في الصحيحة.
السفر ليس له حد في اللغة ولا في الشرع , والمرجع فيه إلى العرف
439 - (يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان) موضوع.
ومما يدل على وضع الحديث , وخطأ نسبته إليه صلى الله عليه وسلم , ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته في أحكام السفر: هذا الحديث إنما هو من قول ابن عباس. ورواية ابن خزيمة. وغيره له مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم باطل بلا شك عند أئمة أهل الحديث. وكيف يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة بالتحديد وإنما أقام بعد الهجرة زمنًا يسيرًا، وهو بالمدينة لا يحد لأهلها حدًا كما حده لأهل مكة، وما بال التحديد يكون لأهل مكة دون غيرهم من المسلمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/304)
وأيضًا، فالتحديد بالأميال والفراسخ يحتاج إلى معرفة مقدار مساحة الأرض، وهذا أمر لا يعلمه إلا خاصة الناس. ومن ذكره فإنما يخبر به عن غيره تقليدًا وليس هو مما يقطع به، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقدر الأرض بمساحة أصلاً، فكيف يقدر الشارع لأمته حدًا لم يجر له ذكر في كلامه وهو مبعوث إلى جميع الناس، فلابد أن يكون مقدار السفر معلومًا علمًا عامًا،
ومن ذلك أيضاٌ أنه ثبت بالنقل الصحيح المتفق عليه بين علماء الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع كان يقصر الصلاة بعرفة , ومزدلفة , في أيام منى , وكذلك أبوبكر وعمر من بعده , وكان يصلي خلفهم أهل مكة , ولم يأمرهم بإتمام الصلاة , فدل هذا على أن ذلك سفر , وبين مكة وعرفة بريد , وهو نصف يوم بسير الإبل والأقدام.
والحق أن السفر ليس له حد في اللغة ولا في الشرع , فالمرجع فيه إلى العرف , فما كان سفراُ في عرف الناس , فهو السفر الذي علق به الشارع الحكم.
وتحقيق هذا البحث الهام تجده في رسالة ابن تيمية المشار إليها آنفاُ فراجعها , فإن فيها فوائد هامة لا تجدها عند غيره.
كل ما جاء من الأحاديث في الحض على ركعات معينة بين المغرب والعشاء لا يصح
467 - (من صلى بين المغرب والعشاء عشرين ركعة بنى الله له بيتا في الجنة) موضوع.
واعلم أن كل ما جاء من الأحاديث في الحض على ركعات معينة بين المغرب والعشاء لا يصح , وبعضه أشد ضعفاُ من بعض , وإنما صحت الصلاة في هذا الوقت من فعله صلى الله عليه وسلم دون تعيين عدد , وأما قوله صلى الله عليه وسلم , فكل ما روي عنه واه لا يجوز العمل به.
ومن هذا القبيل:
468 - (من صلى ست ركعات بعد المغرب قبل أن يتكلم غفر له بها ذنوب خمسين سنة) ضعيف جدا.
469 - (من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة) ضعيف جدا.
كتاب الزكاة
اللعنة لا تقوم مقام الصدقة
104 - (من لم يكن عنده صدقة , فليلعن اليهود) موضوع.
قال الشيخ علي القاري في هذا الحديث: (لا يصح) , يعني أنه موضوع.
ونقل "ص109" عن ابن القيم أن من علامات الحديث الموضوع أن يكون باطلاً في نفسه , فيدل بطلانه على أنه ليس من كلامه عليه الصلاة والسلام , ثم ساق أحاديث هذا منها , وقال: (فإن اللعنة لا تقوم مقام الصدقة أبداً).
ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة
463 - (فيما سقت السماء العشر وفيما سقي بنضح أو غرب نصف العشر في قليله وكثيره) موضوع بهذه الزيادة (في قليله وكثيره).
ومما يدل على كذب هذا الحديث أن البخاري أخرجه في صحيحه من حديث ابن عمر دون قوله (في قليله وكثيره).
وكذلك رواه مسلم من حديث جابر , والترمذي من حديث أبي هريرة , وهو مخرج في الإرواء.
فهذه الزيادة باطلة دون شك أو ريب , ويزيدها بطلاناُ ما في الصحيحين وغيرهما عنه صلى الله عليه وسلم (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) وهو مخرج في الإرواء أيضاُ.
وبهذا الحديث الصحيح أخذا الإمام محمد , خلافاُ لشيخه أبي حنيفة , كما صرح به في كتاب الآثار , والموطأ.
فهذا أيضاُ من آثار الأحاديث الضعيفة , إيجاب ما لم يوجبه الله على عباده , وعلى الرغم من هذا , فإننا لا نزال نسمع بعضهم يجهر بمثل هذا الإيجاب , أخذاُ بما تقتضيه المصلحة , كما زعموا.
كتاب الصيام
زكاة الفطر
43 - (شهر رمضان معلق بين السماء والأرض , ولا يرفع إلى الله , إلا بزكاة الفطر) حديث ضعيف.
قال أحمد بن عيسى المقدسي في "فضائل جرير": (ومعناه لا يرفع إلى الله عز وجل بغفران مما جني فيه إلا بزكاة الفطر).
قلت أن الحديث لو صح لكان ظاهر الدلالة على أن قبول صوم رمضان متوقف على إخراج الفطر , فمن لم يخرجها لم يقبل صومه , ولا أعلم أحداً من أهل العلم يقول به , والتأويل الذي نقلته آنفاً عن المقدسي بعيد حداً عن ظاهر الحديث على التأويل فرع التصحيح , والحديث ليس بصحيح.
أقول هذا , وأنا أعلم أن بعض المفتين ينشر هذا الحديث على الناس كلما أتى شهر رمضان , وذلك من التساهل الذي كنا نطمع في أن يحذروا الناس منه , فضلاً عن أن يقعوا فيه هو أنفسهم.
فضل صيام يوم عاشوراء
285 - (ليس ليوم فضل على يوم في الصيام , إلا شهر رمضان , ويوم عاشوراء) منكر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/305)
أخرجه الطبراني , والطحاوي , وأبو سهل الجواليقي , ومن طريقه أبو مطيعع المصري , وابن عدي , والخطيب في "اتلأمالي بمسجد دمشق" من طريق عبدالجبار بن الورد عن ابن أبي مليكة عن عبيدالله بن أبي يزيد عن ابن عباس مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد ضعيف , ورجاله ثقات , كما قال المنذري في "الترغيب" , والهيثمي في "المجمع" , ولكن عبدالجبار بن الورد في حفظه ضعف كما أشار لذلك البخاري بقوله: (يخالف في بعض حديثه).
وقال ابن حبان: (يخطىء ويهم).
وأنا أشك أنه أخطأ في رواية هذا الحديث لأمرين:
الأول: أنه اضطرب في إسناده , فمرة قال: (عن ابن أبي مليكة) , كما في هذه الرواية , ومرة أخرى قال: (عن عمرو بن دينار) , رواه الطبراني , وهذا يدل على أنه لم يحفظ.
الآخر: أنه قد خولف في متن الحديث , فرواه جماعة من الثقات عن عبيدالله بن يزيد عن ابن عباس قال: (ما رأيت النبي يتحرى صيام يوم فضيله على غيره إلا هذا اليوم , يوم عاشوراء , وهذا الشهر , يعني: شهر رمضان) , رواه البخاري , ومسلم , وأحمد , والطحاوي , والطبراني , والبيهقي , من طرق عن عبيدالله به , وأحد أسانيده عند أحمد ثلاثي.
فهذا هو أصل الحديث , وهو كما ترى من قول ابن عباس , ولفظه بناء على ما علمه من صيامه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فجاء عبدالجبار هذا , فرواه مرفوعاً من قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وشتان ما بين الروايتين , فإن هذه الرواية الضعيفة تتعارض مع الأحاديث الأخرى التي تصرح بأن لبعض أيام أخرى غير يوم عاشوراء فضلاً على سائر الأيام , كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (صوم يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية) , رواه مسلم , وغيره عن أبي قتادة , وهو مخرج في "الإرواء" فكيف يعقل مع هذا أن يقول عليه السلام مارواه عنه عبدالجبار هذا؟
أما الرواية الصحيحة لحديث ابن عباس , فإنما فيها إثبات التعارض بين نفي ابن عباس فضل يوم غير عاشوراء , وإثبات غيره , كأبي قتادة , وهذا الأمر فيه هين , لما تقرر في الأصول أن المثبت مقدم على النافي , وإنما الإشكال الواضح أن ينسب النفي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مع أنه قد صرح فيما صح عنه بإثبات ما عزي إليه من النفي.
ومما تقدم تبين أن لا إشكال , وأن نسبة النفي إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم من بعض الرواة , والحمد لله على توفيقه.
مشروعية السواك للصائم في أي وقت شاء أول النهار أو آخره
401 - (إذا صمتم فأستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي إلا كانت نورا بين عينيه يوم القيامة) ضعيف.
وقد روى ما يعارض هذا الحديث , وهو:
402 - (كان يستاك آخر النهار وهو صائم) باطل
ويغني عن هذا الحديث في مشروعية السواك للصائم في أي وقت شاء أول النهار أو آخره عموم قوله صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة. متفق عليه وهو مخرج في الارواء رقم 70. وروى الطبراني بإسناد يحتمل التحسين عن عبد الرحمن بن غنم قال سألت معاذ بن جبل أأتسوك وأنا صائم قال نعم قلت أي النهار أتسوك قال أي النهار شئت غدوة أو عشية قلت إن الناس يكرهونه عشية ويقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخلوف الصائم أطيب عند الله من ريح المسك فقال سبحان الله لقد أمرهم بالسواك وهو يعلم أنه لابد أن يكون بفي الصائم خلوف وإن استاك وما كان بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمدا ما في ذلك من الخير شيء بل فيه شر إلا من ابتلى ببلاء لا يجد منه بدا قلت والغبار في سبيل الله أيضا كذلك إنما يؤجر من اضطر إليه ولايجد عنه محيصا قال نعم فأما من ألقى نفسه في البلاء عمدا فما له من أجر. وقال الحافظ في التلخيص إسناده جيد.
ثم قال الزيلعي: (ويدخل فيه أيضاُ من تكليف الدوران , وكثرة المشي إلى المساجد , بالنسبة إلى قوله صلى الله عليه وسلم ((وكثرة الخطا إلى المساجد)) , ومن يصنع في طلوع الشيب في شعره بالنسبة إلى قوله صلى الله عليه وسلم ((من شاب شيبة في الإسلام)) , إنما يؤجر عليهما من بلي بهما).
حكم صوم يوم عرفة بعرفة
404 - (نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة) ضعيف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/306)
نقول هذا بياناُ لحقيقة هذا الحديث , ولكي لا يغتر به جاهل , فيحرم به صيام يوم عرفة على الحاج , تمسكاُ بظاهر النهي , وإلا فالأحب إلينا أن يفطر الحاج هذا اليوم , لأنه أقوى له على أداء النسك , ولأنه هو الثابت عنه صلى الله عليه وسلم من فعله في حجة الوداع.
انظر رسالتنا ((حجة النبي صلى الله عليه وسلم)) وإليه يشير كلام أحمد رحمه الله , فقد قال ابنه عبد الله بن أحمد في مسائله سألت أبي عن الرجل يصوم تطوعا في السفر فهل يأثم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس من البر الصوم في السفر فقال إن صام في سفر صوم فريضة أجزأه ولايعجبني أن يصوم تطوعا ولا فريضة في سفر.
النهي عن صيام الدهر
459 - (صام نوح عليه الصلاة والسلام الدهر إلا يوم الفطر ويوم الأضحى) ضعيف.
ثم إن الحديث لو صح , لم يجز العمل به , لأنه شريعة من قبلنا , وهي ليست شريعة لنا على ما هو الراجح عندنا , ولا سيما وقد ثبت النهي عن صيام الدهر في غيرما حديث عنه صلى الله عليه وسلم , حتى قال صلى الله عليه وسلم في رجل يصوم الدهر: (وددت أنه لم يطعم الدهر) رواه النسائي بسند صحيح.
كتاب الحج
زيارة قبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
45 - (من حج البيت , ولم يزرني , فقد جفاني) موضوع.
ومما يدل على وضعه أن جفاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الكبائر , إن لم يكن كفراً , وعليه فمن ترك زيارته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكون مرتكباً لذنب كبير , وذلك يستلزم أن الزيارة واجبة كالحج , وهذا مما لا يقوله مسلم , ذلك لأن زيارته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإن كانت من القربات , فإنها لا تتجاوز عند العلماء حدود المستحبات , فكيف يكون تاركها مجافياً للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعرضاً عنه؟
47 - (من حج , فزار قبري بعد موتي , كان كمن زارني في حياتي) موضوع.
اعلم أنه قد جاءت أحاديث أخرى في زيارة قبره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وقد ساقها كلها السبكي في "الشفاء" , وكلها واهية , وبعضها أوهى من بعض , وهذا أجودها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الآتي ذكره , وقد تولى بيان ذلك الحافظ ابن عبد الهادي في الكتاب المشار إليه آنفاً بتفصيل وتحقيق لا تراه عند غيره , فليرجع إليه من شاء.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "القاعدة الجليلة": (أحاديث زيارة قبره كلها ضعيفة لا يعتمد على شىء منها في الدين. ولهذا لم يرو أهل الصحاح والسنن شيئاً منها، وإنما يرويها من يروى الضعاف كالدارقطنى والبزار وغيرهما).
ثم ذكر هذا الحديث , ثم قال: (فإن هذا كذبه ظاهر مخالف لدين المسلمين، فإن من زاره في حياته وكان مؤمناً به كان من أصحابه، لا سيما إن كان من المهاجرين إليه المجاهدين معه، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تسبوا أصحابي، فوالذى نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ م أحدهم ولا نَصِيفه) أخرجاه في الصحيحين والواحد من بعد الصحابة لا يكون مثل الصحابة بأعمال مأمور بها واجبة كالحج والجهاد والصلوات الخمس والصلاة عليه، فكيف بعمل ليس بواجب باتفاق المسلمين "يعني زيارة قبره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" بل ولا شرع السفر إليه، بل هو منهي عنه وأما السفر إلى مسجده للصلاة فيه فهو مستحب).
تنبيه: يظن كثير من الناس أن شيخ الإسلام ابن تيمية ومن نحى نحوه من السلفيين يمنع من زيارة قبره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا كذب وافتراء , وليست هذه أول فرية على ابن تيمية رحمه الله تعالى وعليهم , وكل من اطلاع على كتب ابن تيمية يعلم أنه يقول بمشروعية زيارة قبره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستحبابها إذا لم يقرن بها شيء من المخالفات والبدع , مثل شد الرحل , والسفر إليها , لعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/307)
والمستثنى منه في هذا الحديث ليس هو المساجد فقط – كما يظن كثيرون – بل هو كل مكان يقصد للتقرب إلى الله فيه , سواء كان مسجداً , أو قبراً , أو غير ذلك , بدليل ما رواه أبوهريرة قال "في حديث له": فلقيت بصرة بن أبي بصرة الغفاري , فقال من أين أقبلت؟ فقلت: من الطور. فقال: لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت , سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: (لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد ..... ) الحديث , أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح , وهو مخرج في "أحكام الجنائز".
فهذا دليل صريح على أن الصحابة فهموا الحديث على عمومه , ويؤيده أنه لم ينقل عن أحد منهم أنه شد الرحل لزيارة قبر ما , فهم سلف ابن تيمية في هذه المسألة , فمن طعن فيه , فإنما يطعن في السلف الصالح رضي الله عنهم , ورحم الله من قال:
وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف
الأصل الإحرام من المواقيت المعروفة
210 - (من تمام الحج أن تحرم من دويرة أهلك) منكر.
أخرجه البيهقي , عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله عز وجل: (وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّه) البقرة196 , قال فذكره.
وقد روى البيهقي كراهة الإحرام قبل الميقات عن عمر وعثمان رضي الله عنهما , وهو الموافق لحكمة تشريع المواقيت.
وما أحسن ما ذكره الشاطبي رحمه الله في "الاعتصام" ومن قبله الهروي في "ذم الكلام" عن الزبير بن بكار قال: حدثني سفيان بن عيينة قال: (سمعت مالك بن أنس , وأتاه رجل , فقال: با ابا عبدالله , من أين أحرم؟ قال: من ذي الحليفة , من حيث أحرم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد عند القبر , قال: لا تفعل , فإني أخشى عليك الفتنة , فقال: وأي فتنة في هذه؟ إنما هي أميال أزيدها , قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ إني سمعت الله يقول: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) النور63.
فانظر مبلغ أثر الأحاديث الضعيفة في مخالفة الأحاديث الصحيحة والشريعة المستقرة , ولقد رأيت بعض مشايخ الأفغان هنا في دمشق في إحرامه , وفهمت منه أنه أحرم من بلده , فلما أنكرت ذلك عليه احتج علي بهذا الحديث , ولم يدر المسكين أنه ضعيف لا يحتج به لمخالفته سنة المواقيت المعروفة , وهذا مما صرح به الشوكاني في "السيل الجرار".
ونحو هذا الحديث الآتي:
211 - (من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر , أو وجبت له الجنة) حديث ضعيف.
قال السندي , وتبعه الشوكاني: (يدل على جواز تقديم الإحرام على الميقات).
قلت: كلا , بل دلالته أخص من ذلك , أعني أنه إنما يدل على أن الإحرام من بيت المقدس خاصة أفضل من الإحرام من المواقيت , وأما غيره من البلاد , فالأصل الإحرام من المواقيت المعروفة , وهو الأفضل , كما قرره الصنعاني في "سبل السلام" , وهذا على فرض صحة الحديث , أما وهو لم يصح , فبيت المقدس كغيره في هذا الحكم , لما سبق بيانه قبل حديث , ولا سيما أنه قد روي ما يدل عليه بعمومه , وهو:
212 - (ليستمتع أحدكم بحله ما استطاع , فإنه لا يدري ما يعرض في إحرامه) حديث ضعيف.
الحج راكبا أفضل
495 - (من حج من مكة ماشيا حتى يرجع إلى مكة كتب الله له بكل خطوة سبع مئة حسنة كل حسنة مثل حسنات الحرم قيل وما حسنات الحرم قال لكل حسنة مائة ألف حسنة) ضعيف جدا.
496 - (إن للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها راحلته سبعين حسنة والماشي بكل خطوة يخطوها سبع مئة حسنة) ضعيف.
وروي بلفظ (من حج راكبا كان له بكل خطوة حسنة ومن حج ماشيا كان له بكل خطوة سبعين حسنة من حسنات الحرم قال قلت وما حسنات الحرم قال الحسنة بمئة ألف) ضعيف.
وكيف يكون صحيحا وقد صح أنه عليه الصلاة والسلام حج راكبا فلو كان الحج ماشيا أفضل لاختاره الله لنبيه صلى الله عليه وسلم. ولذلك ذهب جمهور العلماء إلى أن الحج راكبا أفضل.
كتاب المرأة والنكاح وما يتعلق به و تربية الأولاد
جواز الطلاق
147 - (تزوجوا ولا تطلقوا , فإن الطلاق يهتز له العرش) موضوع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/308)
وكيف لا يكون هذا الحديث موضوعاً , وقد طلق جماعة من السلف , بل صح أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طلق زوجته حفصة بنت عمر رضي الله عنهما؟.
جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه
195 - (إذا جامع أحدكم زوجته أو جاريته , فلا ينظر إلى فرجها , فإن ذلك يورث العمى) موضوع.
والنظر الصحيح يدل على بطلان هذا الحديث , فإن تحريم النظر بالنسبة للجماع , من باب تحريم الوسائل , فإذا أباح الله تعالى للزوج أن يجامع زوجه , فهل يعقل أن يمنعه من النظر إلى فرجها؟ اللهم لا , ويؤيد هذا من النقل حديث عائشة قالت: (كنت أغتسل أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إناء بيني وبينه واحد , فيبادرني , حتى أقول: دع لي , دع لي) أخرجه الشيخان وغيرهما.
فإن الظاهر من الحديث جواز النظر , ويؤيده رواية ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته؟ فقال: سألت عطاء فقال: سألت عائشة , فذكرت هذا الحديث بمعناه.
قال الحافظ: (وهو نص في جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته , وعكسه).
وإذا تبين هذا , فلا فرق حينئذ بين النظر عند الاغتسال أو الجماع , فثبت بطلان الحديث.
استحباب الإذان وغرابة الإقامة في أذن المولود
321 - (من ولد له مولود , فأذن في أذنه اليمنى , وأقام في أذنه اليسرى , لم تضره أم الصبيان) موضوع.
قلت: وقد خفي وضع هذا الحديث على جماعة ممن صنفوا في الأذكار والأوراد , كالإمام النووي رحمه الله , فإنه أورده في كتابه برواية ابن السني , دون أن يشير ولو إلى ضعفه فقط , وسكت عليه شارحه ابن علان , فلم يتكلم على سنده بشيء , ثم جاء ابن تيمية من بعد النووي , فأورده في "الكلم الطيب" ثم تبعه تلميذه ابن القيم في "الوابل الصيب" , إلا أنهما قد أشارا إلى تضعيفه بتصديرهما إياه بقولهما: "ويذكر" , وهذا وإن كان يرفع عنهما مسؤولية السكوت عن تضعيفه , فلا يرفع مسؤولية إيراده أصلاً , فإن فيه إشعار أنه ضعيف فقط , وليس بموضوع , وإلا لما أورداه إطلاقاً , وهذا ما يفهمه كل من وقف عليه في كتابيهما.
ولا يخفى ما فيه , فقد يأتي من بعدهما من يغتر بصنيعهما هذا –وهما الإمامان الجليلان- فيقول: لا بأس , فالحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال , أو يعتبر شاهداً لحديث آخر ضعيف يقويه به , ذاهلاً عن أنه يشترط في هذا أو ذاك أن لا يشتد ضعفه.
وقد رأيت من وقع في شيء مما ذكرت , فقد روى الترمذي بسند ضعيف عن أبي رافع قال: (رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة) , وقال الترمذي: (حديث صحيح , والعمل عليه) , فقال شارحه المباركفوري بعد أن بين ضعف إسناده مستدلاً بكلمات الأئمة في رواية عاصم بن عبيدالله: (فإن قلت: كيف العمل عليه وهو ضعيف؟ قلت: نعم , وهو ضعيف , لكنه يعتضد بحديث الحسين بن علي رضي الله عنهما , الذي رواه أبو يعلى الموصلي وابن السني).
فتأمل كيف قوى الضعيف بالموضوع , وما ذلك إلا لعدم علمه بوضعه , واغتراره بإيراده من ذكرنا من العلماء , وكدت أن أقع أنا أيضاً في مثله , فانتظر.
نعم , يمكن تقوية حديث أبي رافع بحديث ابن عباس: (أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن في أذن الحسن بن علي يوم ولد , وأقام في أذنه اليسرى) , أخرجه البيهقي في "الشعب" مع حديث الحسن بن علي , وقال: (وفي إسنادهما ضعف) , ذكره ابن القيم في "التحفة".
قلت: فلعل إسناد هذا خير من إسناد حديث الحسن , بحيث إنه يصلح شاهداً لحديث رافع , والله أعلم.
فإذا كان كذلك , فهو شاهد للتأذين , فإنه الذي ورد في حديث أبي رافع , وأما الإقامة فهي غريبة, والله أعلم.
وجوب التسوية بين الأولاد في العطية
359 - (كل أحد أحق بماله من والده وولده والناس أجمعين) ضعيف
ومن الغريب أن بعضهم استدل بهذا الحديث على عدم وجوب التسوية بين الأولاد في العطية خلافا للحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم لبشر والد النعمان وكان أعطى أحد أولاده غلاما أعطيت سائر ولدك مثل هذا قال لا قال فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما من حيث النعمان بن بشير وفي رواية لمسلم وغيره فليس يصلح هذا وإني لا أشهد إلا على حق وفي رواية فإني لا أشهد على جور. وانظر الحديث رقم 340
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/309)
ومع أن الحديث ضعيف لا يجوز الاحتجاج به , فإنه لا يخالف حديث النعمان بن بشير , والتوفيق بينهما ممكن , وذلك أن يقال: هذا عام , وحديث النعمان خاص , وهو مقدم عليه , فيكون معنى الحديث – لو صح-: كل أحد أحق بماله إذا صح أنه ماله شرعاُ , وابن بشير لم يتملك الغلام شرعاُ كما أفاده حديث النعمان فلا تعارض , وراجع لهذا البحث (الروضة الندية).
حكم نكاح الرجل ابنته من الزنى
387 - (ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام) باطل.
وقد استدل بهذا الحديث على تحريم نكاح الرجل ابنته من الزنى , وهو قول الحنيفية , وهو وإن كان الراجح من حيث النظر , لكن لا يجوز الاستدلال عليه بمثل هذا الحديث الباطل , وقد قابلهم المخالفون بحديث آخر , وهو:
388 - (لا يحرم الحرام إنما يحرم ما كان بنكاح حلال) باطل
أخرجه الطبراني , وابن عدي , وابن حبان , والدارقطني , و البيهقي , عن عائشة قالت: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يتبع المرأة حراماُ , أينكح ابنتها , أو يتبع الابنة حراماُ , أينكح أمها؟ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ....... ) فذكره.
وقد استدل بالحديث الشافعية وغيرهم على أنه يجوز للرجل أن يتزوج ابنته من الزنى , وقد علمت أنه ضعيف , فلا حجة فيه.
والمسألة اختلف فيها السلف , وليس فيها نص مع أحد الفريقين , وإن كان النظر والاعتبار يقتضي تحريم ذلك عليه , وهو مذهب أحمد وغيره , ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية فانظر ((الاختيارات)) له , وتعليقنا على الصفحة 36 - 39 من كتابنا ((تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد)).
لم يثبت في السنة التفريق بين عورة الحرة وعورة الأمة
424 - (لا بأس أن يقلب الرجل الجارية إذا أراد أن يشتريها وينظر إليها ما خلا عورتها وعورتها مابين ركبتيها إلى معقد إزارعا) موضوع.
واعلم أنه لم يثبت في السنة التفريق بين عورة الحرة وعورة الأمة , وقد ذكرت ذلك مع شيء من التفصيل في كتابي ((حجاب المرأة المسلمة)) , فليراجع إليه من شاء , وهو الآن تحت الطبع مع زيادات وفوائد جديدة ومقدمة ضافية في الرد على متعصبة المقلدين بإذنه تعالى.
مشاورة النساء
430 - (شاوروهن يعني النساء وخالفوهن) لا أصل له.
كما أفاده السخاوي , ثم المناوي , ولعل أصل هذه الجملة ما رواه العسكري في الأمثال عن عمر قال (خالفوا النساء فإن في خلافهن البركة). وسنده ضعيف.
ثم إن معنى الحديث ليس صحيحاٌ على إطلاقه , لثبوت عدم مخالفته صلى الله عليه وسلم لزوجته أم سلمة حين أشارة عليه بأن ينحر أمام أصحابه في صلح الحديبية حتى يتابعوه في ذلك.
أفضل الأسماء
437 - (من ولد له ثلاثة فلم يسم أحدهم محمدا فقد جهل) موضوع.
هذا وإننا نعلم أن كثيراٌ من الصحابة كان لهم ثلاثة أولاد وأكثر , ولم يسم أحداٌ منهم محمداٌ , مثل عمر بن الخطاب وغيره , وأيضاٌ فقد ثبت أن أفضل الأسماء عبدالله , وعبدالرحمن , وهكذا عبدالرحيم , وعبداللطيف , وكل اسم تعبد لله عز وجل , فلو أن مسلماُ سمى أولاده كلهم عبيد لله تعالى , ولم يسم أحدهم محمداُ , لأصاب , فكيف يقال فيه (فقد جهل)؟ ولا سيما أن في السلف من ذهب الى كراهة التسمي بأسماء الأنبياء , وأن كنا لا نرصى ذلك لنا مذهباُ.
وإن من توفيق الله عز وجل إياي أن ألهمني أن أعبد له أولادي كلهم , وهم:عبدالرحمن , وعبدالرزاق , من زوجتي الأولى –رحمهما الله تعالى- وعبدالمصور , وعبدالأعلى , من زوجتي الأخرى , والاسم الرابع ما أظن أن أحداُ سبقني إليه على كثرة ما وقفت عليه من الأسماء من كتب الرجال والرواة , ثم اتبعني على هذه التسمية بعض المحبين , ومنهم واحد من فضلاء المشائخ جزاهم الله خيراُ.
أسأل الله تعالى أن يزيدني توفيقاُ , وأن يبارك لي آلي () الفرقان74.
ثم رزقت سنة 1383هـ وأنا في المدينة المنورة غلاماُ , فسميته محمداُ , ذكرى مجينته صلى الله عليه وسلم , وعملاُ بقوله صلى الله عليه وسلم (تسموا باسمى , ولا تكنوا بكنيتي) متفق عليه.
وفي سنة 1386هـ رزقت بأخ له , فسميته عبدالمهيمن , والحمد لله على توفيقه.
كتاب المرض والطب والعيادة و الجنائز والقبور
قراءة القرآن عند القبور بدعة
50 - (من زار قبر والديه كل جمعة , فقرأ عندهما أو عنده [يس] , غفر له كل آية أو حرف) موضوع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/310)
الحديث يدل على استحباب قراءة القرآن عند القبور , وليس في السنة الصحيحة ما يشهد لذلك , بل هي تدل على أن المشروع عند زيارة القبور إنما هو السلام عليهم , وتذكر الآخرة فقط , وعلى ذلك جرى عمل السلف الصالح رضي الله عنهم , فقراءة القرآن عندها بدعة مكروهة , كما صرح جماعة من العلماء المتقدمين , منهم أبوحنيفة , ومالك , وأحمد في رواية كما في "شرح الإحياء" للزبيدي قال: (لأنه لم ترد به سنة , وقال محمد بن الحسن وأحمد في رواية: لا تكره , لما روي عن ابن عمد أنه أوصى أن يقرأ على قبره وقت الدفن بفواتح سورة البقرة وخواتمها).
قلت: هذا الأثر عن ابن عمر لا يصح سنده إليه , ولو صح , فلا يدل إلا على القراءة عند الدفن لا مطلقاً , كما هو ظاهر.
فعليك أيها المسلم بالسنة , وإياك والبدعة , وإن رآها الناس حسنة , فإن (كل بدعة ضلالة) , كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
من سنته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القولية والفعلية المعالجة بالأدوية المادية
152 - (استشفوا بما حمد الله به نفسه قبل أن يحمده خلقه , وبما مدح الله به نفسه: (الْحَمْدُ للّه) , و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) , فمن لم يشفيه القرآن , فلا شفاه الله) حديث ضعيف جداً.
هذا الحديث يوحي بترك المعالجة بالأدوية المادية , والأعتماد فيها على تلاوة القرآن , وهذا شيء لا يتفق في قليل ولا كثير مع سنته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القولية والفعلية , فقد تعالج صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالأدوية المادية مراراً , وأمر بذلك فقال: (ياعباد الله تداووا , فإن الله لم ينزل داء إلا وأنزل له دواء) أخرجه الحاكم بسند صحيح , وهو مخرج في "غاية المرام" عن جمع من الصحابة نحوه.
153 - (من استشفى بغير القرآن , فلا شفاه الله تعالى) موضوع.
وأصل هذا اللفظ في الحديث الذي قبله.
لعن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج
225 - (لعن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زائرات القبور , والمتخذين عليها المساجد والسرج) ضعيف بهذا السياق والتمام.
قلت: فهذا الحديث لا يحسن تحسينه , كما فعل الترمذي , فكيف تصحيحه , كما فعل أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" وعلى "سنن الترمذي"؟ وهذا التحسين والتصحيح بالإضافة إلى اشتهار الاستدلال بهذا الحديث على تحريم إيقاد السرج , حملني على أن أبين حقيقة إسناد هذا الحديث , لكي لا ينسب إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لم يقله.
نعم , قد جاء غالب الحديث من طرق أخرى , فلعن زائرات القبور , رواه ابن ماجه , والحاكم , والبيهقي , وأحمد , من حديث حسان بن ثابت , والترمذي وابن ماجه , والبيهقي , والطيالسي , وأحمد عن أبي هريرة بلفظ: (زوارات القبور) , انظر "أحكام الجنائز".
ولعن المتخذين على القبور المساجد , متواتر عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في "الصحيحين" وغيرهما من حديث عائشة , وابن عباس , وأبي هريرة , وزيد بن ثابت , وأبي عبيدة بن الجراح , وأسامة بن زيد , وقد سقت أحاديثهم وخرجتها في "التعليقات الجياد على زاد المعاد" ثم في "تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد".
ونص حديث عائشة وابن عباس مرفوعاً: (لعنة الله على اليهود والنصارى , اتخذوا من قبور أنبيائهم مساجد) , زاد أحمد في روايته: (يحرم ذلك على أمته).
وأخرج أيضاً حديث ابن مسعود مرفوعاً: (إن شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء , ومن يتخذ القبور مساجد).
ومع هذه الأحاديث الكثيرة في لعن من يتخذ المساجد على القبور , تجد كثيراً من المسلمين يتقربون إلى الله ببنائها عليها والصلاة فيها , وهذا عين المحادة لله ورسوله.
وأما لعن المتخذين عليها السرج , فلم نجد في الأحاديث ما يشهد له , فهذا القدر من الحديث ضعيف , وإن لهج إخواننا السلفيون في بعض البلاد بالاستدلال به , ونصيحتي إليهم أن يمسكوا عن نسبته إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لعدم صحته , وأن يستدلوا على منع السرج على القبور بعمومات الشريعة , مثل قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كل بدعة ضلالة , وكل ضلالة في النار) , ومثل نهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن إضاعة المال , ونهيه عن التشبه بالكفار , ونحو ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/311)
الجوع يفيد في شفاء الأمراض الامتلائية
252 - (البطنة أصل الداء , والحمية أصل الدواء , وعودوا كل جسم ما اعتاد) لا أصل له.
قال المحقق ابن القيم في "زاد المعاد": (وأما الحديثُ الدائرُ على ألسنةِ كثير من الناس: "الحِميةُ رأسُ الدواءِ، والمَعِدَةُ بيتُ الداءِ، وعوِّدُوا كلَّ جسم ما اعتاد" فهذا الحديث إنما هو من كلام الحارث ابن كلَدَةَ طبيب العرب، ولا يصحُّ رفعُه إلى النبى صلى الله عليه وسلم، قاله غيرُ واحد من أئمة الحديث).
لكن ذكر السخاوي أن الخلال روى من حديث عائشة: (الأزم دواء , والمعدة داء , وعودوا بدناً ما اعتاد) , وظاهره أنه مرفوع , وقد صرح بذلك السيوطي في "الدرر" كما في "كشف الخفاء" , وأورده في "الجامع الكبير" , ولكنهم لم يذكروا إسناده لينظر فيه , وغالب الظن أنه لا يصح , والله أعلم.
ثم رأيت ابن القيم ذكره في "الزاد" من كلام الحارث بن كلدة أيضاً بهذا اللفظ , وهو الأشبه.
ثم قال ابن القيم: (والأزْمُ دَوَاءٌ، والأزم: الإمساكُ عن الأكل يَعنى به الجوع، وهو من أكبر الأدوية فى شفاء الأمراض الامتلائية كلِّها بحيثُ إنه أفضلُ فى عِلاجها من المستفرغات).
وبهذه المناسبة أقول: لقد جوعت نفسي في أواخر سنة 1379 أربعين يوماً متتابعاً , لم أذق في أثنائها طعاماً قط , ولم يدخل جوفي إلا الماء , وذلك طلباً للشفاء من بعض الأدواء , فعوفيت من بعضها دون بعض , وكنت قبل ذلك تداويت عند بعض الأطباء نحو عشر سنوات دون فائدة ظاهرة , وقد خرجت من التجويع المذكور بفائدتين ملموستين:
الأولى: استطاعة الإنسان تحمل الجوع تلك المدة الطويلة , خلافاً لظن الكثيرين من الناس.
والأخرى: أن الجوع يفيد في شفاء الأمراض الامتلائية , كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى , وقد يفيد في غيرها أيضاً , كما جرب كثيرون , ولكنه لا يفيد في جميع الأمراض على اختلاف الأجسام , خلافاً لما يستفاد من كتاب "التطبيب بالصوم" لأحد الكتاب الأوروبيين , وفوق كل ذي علم عليم.
لم يرد إطلاق الحج إلى شيء مما يزار إلا بيت الله الحرام
265 - (يا أبا هريرة , علم الناس القرآن , وتعلمه , فإنك إن مت وأنت كذلك , زارت الملائكة قبرك كما يزاز البيت العتيق , وعلم الناس سنتي , وإن كرهوا ذلك , وإن أحببت أن لا توقف على الصراط طرفة عين حتى تدخل الجنة , فلا تحدث في دين الله حدثاً برأيك) موضوع.
أخرجه الخطيب , وأبو الفرج بن المسلمة , من طريق عبدالله بن صالح اليماني: حدثني أبو همام القرشي عن سليمان بن المغيرة عن قيس بن مسلم عن طاوس عن أبي هريرة مرفوعاً.
ومن هذا الوجه ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" , وقال: (لا يصح , وأبو همام: محمد بن مجيب [الأصل ك مجبب , وهو تصحيف] , قال يحيى: كذاب , وقال حاتم: ذاهب الحديث).
وتعقبه السيوطي في "اللآلىء بقوله: (قلت: له طريق آخر , قال أبو نعيم: حدثنا عبدالله بن محمد بن جعفر حدثنا محمد بن عبدالرحيم بن شبيب عن محمد بن قدامة المصيصي عن جرير عن الأعمش عن صالح عن أبي هريرة مرفوعاً).
قلت: فذكره نحوه , إلا أنه قال (فإن أتاك الموت وأنت كذلك , حجت الملائكة إلى قبرك , كما يحج المؤمنون إلى بيت الله الحرام).
وسكت عليه السيوطي , وهو بهذا اللفظ أشد نكارة عندي من الأول , لما فيه من ذكر الحج إلى القبر , فإنه تعبير مبتدع لا أصل له في الشرع , ولم يرد فيه إطلاق الحج إلى شيء مما يزار إلا بيت الله الحرام , وإنما يطلق الحج إلى القبور , المبتدعة الذين يغالون في تعظيم القبور , مثل شد الرحال إليها , والبيات عندها , والطواف حولها , والدعاء والتضرع لديها , ونحو ذلك مما هو من شعائر الحج , حتى لقد ألف بعضهم كتاباً سماه "مناسك حج المشاهد والقبور" , على ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه , وهذا ضلال كبير لا يشك مسلم شم رائحة التوحيد الخالص في كونه أكره شيء إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فكيف يعقل إذن أن ينطق عليه السلام بهذا الكلمة: (حجت الملائكة إلى قبرك كما يحج المؤمنون إلى بيت الله الحرم)؟ , اللهم إن القلب يشهد أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما صدر منه حرف من هذا , فقبح الله من وضعه.
كتاب التاريخ والسيرة وفضائل الصحابة
لا يجوز نفى النسيان عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/312)
101 - (أما إني لا أنسى , ولكن أنسى لأشرع) باطل لا أصل له.
ظاهر الحديث أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا ينسى بباعث البشرية , وإنما ينسيه الله ليشرع , وعلى هذا فهو مخالف لما ثبت في "الصحيحين" وغيرهما من حديث ابن مسعود مرفوعاً: (إنما أنا بشر أنسى كما تنسون , فإذا نسيت فذكروني).
ولا ينافي هذا أن يترتب على نسيانه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حكم وفوائد من البيان والتعليم , والقصد أنه لا يجوز نفى النسيان الذي هو طبيعة البشر عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهذا الحديث الباطل , لمعارضته لهذا الحديث الصحيح.
الملائكة لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون
170 - (إِنَّ آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَهْبَطَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْأَرْضِ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ أَيْ رَبِّ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ قَالُوا رَبَّنَا نَحْنُ أَطْوَعُ لَكَ مِنْ بَنِي آدَمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ هَلُمُّوا مَلَكَيْنِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ حَتَّى يُهْبَطَ بِهِمَا إِلَى الْأَرْضِ فَنَنْظُرَ كَيْفَ يَعْمَلَانِ قَالُوا رَبَّنَا هَارُوتُ وَمَارُوتُ فَأُهْبِطَا إِلَى الْأَرْضِ وَمُثِّلَتْ لَهُمَا الزُّهَرَةُ امْرَأَةً مِنْ أَحْسَنِ الْبَشَرِ فَجَاءَتْهُمَا فَسَأَلَاهَا نَفْسَهَا فَقَالَتْ لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَكَلَّمَا بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ الْإِشْرَاكِ فَقَالَا وَاللَّهِ لَا نُشْرِكُ بِاللَّهِ أَبَدًا فَذَهَبَتْ عَنْهُمَا ثُمَّ رَجَعَتْ بِصَبِيٍّ تَحْمِلُهُ فَسَأَلَاهَا نَفْسَهَا فَقَالَتْ لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَقْتُلَا هَذَا الصَّبِيَّ فَقَالَا وَاللَّهِ لَا نَقْتُلُهُ أَبَدًا فَذَهَبَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ بِقَدَحِ خَمْرٍ تَحْمِلُهُ فَسَأَلَاهَا نَفْسَهَا قَالَتْ لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَشْرَبَا هَذَا الْخَمْرَ فَشَرِبَا فَسَكِرَا فَوَقَعَا عَلَيْهَا وَقَتَلَا الصَّبِيَّ فَلَمَّا أَفَاقَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُمَا شَيْئًا مِمَّا أَبَيْتُمَاهُ عَلَيَّ إِلَّا قَدْ فَعَلْتُمَا حِينَ سَكِرْتُمَا فَخُيِّرَا بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا) باطل مرفوعاً.
ومما يدل على بطلان الحديث أن فيه وصف الملكين بأنهما عصيا الله تبارك وتعالى بأنواع من المعاصي على خلاف وصف الله تعالى لعموم ملائكته في قوله عز وجل: (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون) التحريم6.
وقد رويت فتنة الملكين في أحاديث أخرى ثلاثة , سيأتي الكلام عليها في المجلد الثاني أن شاء الله تعالى.
لوعاش إبراهيم لكان نبياً
220 - (إِنَّ لَه [يعني إبراهيم بن محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] ُمُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ وَلَوْ عَاشَ لَكَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا وَلَوْ عَاشَ لَعَتَقَتْ أَخْوَالُهُ الْقِبْطُ وَمَا اسْتُرِقَّ قِبْطِيٌّ) حديث ضعيف.
أخرجه ابن ماجه من طريق إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَال: فذكره. َ
وهذا سند ضعيف من أجل إبراهيم بن عثمان , فإنه متفق على ضعفه.
ولكن الجملة الأولى من الحديث وردت من حديث البراء , رواه أحمد , وغيره بأسانيد بعضها صحيح.
والجملة الثانية وردت عن عبدالله بن أبي أوفى , قيل له: رأيت إبراهيم ابن رسول الله؟ قال: (مات وهو صغير , ولو قضي أن يكون بعد محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبي , لعاش ابنه , ولكن لا نبي بعده) رواه البخاري في "صحيحه" , وابن ماجه , وأحمد ولفظه: (ولو كان بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبي ما مات ابنه إبراهيم).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/313)
وعن أنس قال: (رحمة الله على إبراهيم , لو عاش , كان صديقاً نبياً) أخرجه أحمد , بسند صحيح على شرط مسلم , ورواه ابن منده وزاد: (ولكن لم يكن ليبقى , لأن نبيكم آخر الأنبياء) كما في "الفتح" للحافظ ابن حجر وصححه.
وهذه الرويات , وإن كانت موقوفة , فلها حكم الرفع إذ هي من الأمور الغيبية التي لا مجال للرأي فيها , فإذا عرفت هذا يتبين لك ضلال القاديانية في احتجاجهم بهذه الجملة: (لو عاش إبراهيم لكان نبياً) , على دعواهم الباطلة في استمرار النبوة بعده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنها لا تصح هكذا عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وإن ذهبوا إلى تقويتها بالآثار التي ذكرنا كما صنعنا نحن فهي تلقمهم حجراً , وتعكس دليلهم عليهم , إذ إنها تصرح أن وفاة إبراهيم عليه السلام صغيراً كان بسبب أنه لا نبي بعده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ولربما جادلوا في هذا – كما هو دأبهم – وحاولوا أن يوهنوا من الاستدلال بهذا الآثار , وأن يرفعوا عنها حكم الرفع , ولكنهم لم ولن يستطيعوا الانفكاك مما ألزمناهم به من ضعف دليلهم هذا , ولو من الوجه الأول , وهو أنه لم يصح عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرفوعاً صراحة.
قصة افتتان داود عليه السلام
313 - (كان خطيئة داود عليه السلام النظر) موضوع.
رواه الديلمي بسند عن مجالد بن سعيد [عن] الشعبي عن الحسن عن سمرة قال: قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفد عبد القيس , وفيهم غلام ظاهر الوضاءة , فأجلسه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلف ظهره , وقال: فذكره.
قال ابن الصلاح في "مشكل الوسيط": (لا أصل لهذا الحديث).
وقال الزركشي في "تخريج أحاديث الشرح": (هذا حديث منكر فيه ضعفاء , ومجاهيل , وانقطاع , قال: وقد استدل على بطلانه بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إني أراكم من وراء ظهري).
كذا في "ذيل الأحاديث الموضوعة" للسيوطي , و"تنزيه الشريعة" لابن عراق.
قلت: والاستدلال المذكور فيه نظر , لأن رؤية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خلفه إنما هي في حالة الصلاة , كما تدل عليه الأحاديث الواردة في الباب , وليس هناك ما يدل على أنها مطلقة في الصلاة وخارجها , فتأمل.
وللحديث طريق أخرى , رواها أبو نعيم في "نسخة أحمد بن نبيط" , وهي موضوعة.
ولعل أصله من الإسرائليات التي كان يرويها بعض أهل الكتاب , تلقاها عنه بعض المسلمين , فوهم بعض الرواة , فرفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد رأيت الحديث في "كتاب الورع" لابن الدنيا موقوفاً على ابن جبير , فقال نا محمد بن حسان الستمي عن خلف بن خليفة عن أبي هاشم عن سعيد بن جبير قال: (كانت فتنة داود عليه السلام في النظر).
وهذا الإسناد ضعيف , وهو مع ذلك أولى من المرفوع.
وقصة افتتان داود عليه السلام بنظره إلى امرأة الجندي (أوريا) مشهورة مبثوثة في كتب قصص الأنبياء , وبعض كتب التفسير , ولا يشك مسلم عاقل في بطلانها , لما فيها من نسبة ما لا يليق بمقام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام , مثل محاولته تعرض زوجها للقتل , ليتزوجها من بعده.
وقد رويت هذا القصة مختصرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فوجب ذكرها , والتحذير منها , وبيان بطلانها , وهي:
314 - (إن داود النبي عليه السلام حين نظر إلى المرأة فهم بها قطع على بني إسرائيل بعثا وأوحى إلى صاحب البعث فقال إذا حضر العدو فقرب فلانا وسماه قال فقربه بين يدي التابوت قال وكان ذلك التابوت في ذلك الزمان يستنصر به فمن قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل أو ينهزم عنه الجيش الذي يقاتله فقتل زوج المرأة ونزل الملكان على داود فقصا عليه القصة) باطل.
رواه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعاً , كما في "تفسير القرطبي" , وقال ابن كثير في تفسيره: (رواه ابن أبي حاتم , ولا يصح سنده , لأنه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس , ويزيد , وإن كان من الصالحين , لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/314)
والظاهر أنه من الإسرائيليات التي نقلها أهل الكتاب الذين لا يعتقدون العصمة في الأنبياء , أخطأ يزيد الرقاسي , فرفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وقد نقل القرطبي عن ابن العربي المالكي أنه قال: (وأما قولهم: إنها أعجبته , أمر بتقديم زوجها للقتل في سبيل الله , فهذا باطل قطعاً , فإن داود صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن ليريق دمه في غرض نفسه).
الصواب في الذبيح هو إسماعيل عليه السلام
332 - (الذبيح إسحاق) ضعيف.
واحتمال أن يكون من الإسرائيليات , بل هو الغالب , ولقد ذهب المحققون من العلماء , كشيخ الإسلام ابن تيمية , وابن القيم , وابن كثير , وغيرهم إلى أن الصواب في الذبيح أنه إسماعيل عليه السلام , قال ابن القيم في الزاد ((وأمّا القول بأنه إسحاق فباطل بأكثر من عشرين وجهاً، وسمعت شيخ الإِسلام ابن تيمية قدّس اللّه روحه يقول: هذا القول إنما هو متلقى عن أهل الكِتاب، مع أنه باطل بنص كتابهم، فإن فيه: إن اللّه أمر إبراهيم أن يذبح ابنَه بكره، وفي لفظ: وحيده، ولا يشكُّ أهلُ الكِتاب مع المسلمين أن إسماعيل هو بكر أولاده، والذي غرَّ أصحاب هذا القول أن في التوراة التي بأيديهم: اذبح ابنك إسحاق، قال: وهذه الزيادة من تحريفهم وكذبهم، لأنها تناقض قوله: اذبح بكرك ووحيدك، ولكن اليهود حسدت بني إسماعيل على هذا الشرف، وأحبوا أن يكون لهم، وأن يسوقوه إليهم، ويختاروه لأنفسهم دون العرب، ويأبى اللَّهُ إلا أن يجعل فضله لأهله. وكيف يسوغ أن يُقال: إن الذبيح إسحاق، واللّه تعالى قد بشر أم إسحاق به وبابنه يعقوب، فقال تعالى عن الملائكة: إنهم قالوا لإِبراهيم لما أتوه بالبشرى: {لاَ تَخَفْ إِنّا أُرْسِلْنَا إِلَىَ قَوْمِ لُوطٍ * وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: 70 - 71] فمحال أن يبشرها بأنه يكون لها ولد، ثم يأمر بذبحه ... )).
ثم ذكر وجوهاً أخرى في إبطال أنه إسحاق , وتصويب أنه إسماعيل , فليراجعا من شاء.
تفسير قوله تعالى فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا
342 - (لما حملت حواء طاف بها ابليس وكان لا يعيش لها ولد، فقال: سميه عبد الحارث، فسمته عبد الحارث، فعاش، وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره) ضعيف.
ومما يبين ضعف هذا الحديث الذي فسر به قوله تعالى (فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) الأعراف190 , أن الحسن نفسه فسر الآية بغير ما في حديثه هذا , فلو كان عنده صحيحاُ مرفوعاُ , لما عدل عنه , فقال في تفسيرها: (كان هذا بعض أهل الملل ,ولم يكن بآدم).
ذكر ذلك ابن كثير من طرق عنه , ثم قال: (وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن أنه فسر الآية بذلك , وهو من أحسن التفاسير , وأولى ما حملت عليه الآية). وانظر تمام كلامه , فإنه نفيس.
ونحوه في (التبيان في أقسام القرآن) لابن القيم.
نبينا صلى الله عليه وسلم هو سيد المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين
353 - (إن الله تعالى أوحى إلي في علي ثلاثة أشياء ليلة أسري بي أنه سيد المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين) موضوع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (هذا حديث موضوع عند من له أدنى معرفة بالحديث , ولا تحل نسبته إلى الرسول المعصوم , ولا نعلم أحداُ هو: سيد المسلمين , وإمام المتقين , وقائد الغر المحجلين غير نبينا صلى الله عليه وسلم , واللفظ مطلق , ما قال فيه: من بعدي).
وأقره الذهبي في (مختصر المنهاج).
معرفة آدم عليه السلام لمحمد صلى الله عليه وسلم
403 - (نزل آدم بالهند واستوحش فنزل جبريل فنادى بالأذان الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله مرتين أشهد أن محمدا رسول الله مرتين قال آدم من محمد قال آخر ولدك من الأنبياء صلى الله عليه وسلم) ضعيف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/315)
وهذا الحديث مع ضعفه أقوى من الحديث المتقدم بلفظ: (لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى إسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك) وهو صريح في أن آدم عليه السلام كان يعرف النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الجنة قبل هبوطه إلى الأرض , وهذا صريح في أن آدم عليه السلام لم يعرف محمد صلى الله عليه وسلم حتى بعد نزوله إلى الأرض , ولذلك سأل جبريل: ومن محمد , فهذا من أدلة بطلان ذلك الحديث , كما سبق بيانه عند تحقيق الكلام على وضعه , فتذكر أو راجع إن شئت.
وأنا لا أجير لنفسي الاحتجاج بمثل هذا الحديث , كما هو ظاهر , ولكن التحقيق العلمي يسمح برد الحديث الواهي بالحديث الضعيف ما دام ضعفه أقل منه كما لا يخفى على من مارس هذا العلم الشريف.
أفضل النبيين هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
(ألا أخبركم بأفضل الملائكة جبريل عليه السلام وأفضل النبيين آدم وأفضل الأيام يوم الجمعة وأفضل الشهور شهر رمضان وأفضل الليالي ليلة القدر وأفضل النساء مريم بنت عمران) موضوع.
هذا وأن أفضل النبيين إنما هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , بدليل الحديث الصحيح (أنا سيد الناس يوم القيامة ..... ) أخرجه مسلم.
فهذا يدل على وضع هذا الحديث.
كتاب المستقبل و أشراط الساعة
الطائفة القاديانية
77 - (لا مهدي إلا عيسى) منكر.
أخرجه ابن ماجه , والحاكم , وابن الجوزي , وابن عبدالبر , وأبو عمرو الداني , والسلفي , والخطيب من طريق مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَنَدِيُّ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مرفوعاً بلفظ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً وَلَا الدُّنْيَا إِلَّا إِدْبَارًا وَلَا النَّاسُ إِلَّا شُحًّا وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ وَلَا الْمَهْدِيُّ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَم).َ
هذا الحديث تستغله الطائفة القاديانية في الدعوة لنبيهم المزعوم , ميرزا غلام أحمد القاداني الذي ادعى النبوة , ثم ادعى أنه عيسى بن مريم المبشر بنزوله في آخر الزمان وأنه لا مهدي إلا عيسى بناء على هذا الحديث المنكر , وقد راجت دعواه على كثيرين من ذوي الأحلام الضعيفة ,شأن كل دعوة باطلة لا تعدم من يتبناها ويدعو إليها , وقد ألفت كتب كثيرة في الرد على هؤلاء الضلال , ومن أحسنها رسالة الأستاذ الفاضل المجاهد أبي الأعلى المودودي رحمه الله في الرد عليها , وكتابه الآخر الذي صدر أخيراً بعنوان "البيانات" , فقد بين فيهما حقيقة القاديانيين , وأنهم مرقوا من دين المسلمين بأدلة لا تقبل الشك , فليراجع إليها من شاء.
تنبيه: قوله في هذا الحديث: (ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس) , هذه الجملة منه صحيحة ثابتة عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى من حديث عبدالله بن مسعود , خرجه مسلم وأحمد.
لا يجوز في الشرع أن يقال فلان خليفة الله
85 - (يقتل عند كنزكم ثلاثة , كلهم ابن خليفة , ثم لا يصير إلى واحد منهم , ثم تطلع الريات السود من قبل المشرق , فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم , ثم ذكر شيئاً لا أحفظه , فقال: فإذا رأيتموه , فبايعوه , ولو حبواً على الثلج , فإنه خليفة الله المهدي).
وفي رواية: (إذا رأيتم الرايات السود من قبل خرسان , فأتوها , ولو حبواً .... إلخ) منكر.
وهذا الحديث صحيح المعنى دون قوله: (فإن فيها خليفة الله المهدي).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/316)
فهذه الزيادة ليس لها طريق ثابت , ولا ما يصلح أن يكون شاهداً لها , فهي منكرة , ومن نكارتها أنه لا يجوز في الشرع أن يقال: فلان خليفة الله , لما فيه إيهام ما لا يليق بالله تعالى من النقص والعجز , وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى , فقال في "الفتاوى": (وقد ظن بعض القائلين الغالطين ـ كابن عربي ـ أن الخليفة هو الخليفة عن الله، مثل نائب الله، والله لا يجوز له خليفة؛ ولهذا لما قالوا لأبي بكر: يا خليفة الله! قال: لست بخليفة الله، ولكني خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حسبي ذلك. بل هو ـ سبحانه ـ يكون خليفة لغيره، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم أنت الصاحب في السفر، الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا، واخلفنا في أهلنا)؛ وذلك لأن الله حي، شهيد، مهيمن، قيوم، رقيب، حفيظ، غني عن العالمين، ليس له شريك، ولا ظهير، ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه. والخليفة إنما يكون عند عدم المستخلف بموت أو غيبة، ويكون لحاجة المستخلف إلي الاست. وسمي [خليفة] لأنه خلف عن الغزو، وهو قائم خلفه، وكل هذه المعاني منتفية في حق الله تعالي، وهو منزه عنها؛ فإنه حي قيوم شهيد، لا يموت ولا يغيب، وهو غني يرزق ولا يرزق، يرزق عباده، وينصرهم، ويهديهم، ويعافيهم، بما خلقه من الأسباب التي هي من خلقه، والتي هي مفتإليه كافتقار المسببات إلي أسبابها. فالله هو الغني الحميد، له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما {يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29]، {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ ِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84]، ولا يجوز أن يكون أحد خلفًا منه، ولا يقوم مقامه؛ لأنه لا سمي له، ولا كفء له. فمن جعل له خليفة فهومشرك به).
يدعى الناس يوم القيام بأسمائهم وأسماء آبائهم
433 - (يدعى الناس يوم القيامة بأمهاتهم سترا من الله عز وجل عليهم) موضوع.
هذا وقد ثبت ما يخالف هذا الحديث , ففي سنن أبي داود بإسناد جيد , كما قال النووي في الأذكار من حديث أبي الدرداء مرفوعاٌ (إنكم تدعون يوم القيام بأسمائكم وأسماء آبائكم).
وفي الصحيح من حديث عمر مرفوعاُ (إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة , يرفع لكل غادر لواء , فيقال هذا غدرة فلان بن فلان).
والله أعلم.
كتاب المعاملات والآداب والحقوق العامة
كل ما ورد في فضل العقل من الأحاديث لا يصح منها شيء
1 - (الدين هو العقل , ومن لا دين له لا عقل له) حديث باطل.
ومما يحسن التنبيه عليه أن كل ما ورد في فضل العقل من الأحاديث لا يصح منها شيء , وهي تدور بين الضعف والوضع , وقد تتبعت ما أورده منها أبوبكر بن أبي الدنيا في كتابه "العقل وفضله" , فوجدتها كما ذكرت , لا يصح منها شيء , فالعجب من مصححه الشيخ محمد زاهد الكوثري كيف سكت عنها؟ بل أشار في ترجمته للمؤلف إلى خلاف ما يقتضيه التحقيق العلمي , عفا الله عنا وعنه.
وقد قال العلامة ابن القيم في "المنار":أحاديث العقل كلها كذب.
الأحاديث الواردة في الحدة
26 - (الحدة تعتري خيار أمتي) حديث ضعيف.
وقد ورد الحديث بألفاظ وطرق أخرى لا تخلو من كذاب , أذكر ثلاثة منها:
27 - (الحدة تعتري حملة القرآن , لعزة القرآن في أجوافهم) موضوع.
28 - (الحدة لا تكون إلا في صالحي أمتي وأبرارها , ثم تفيء) موضوع.
29 - (خيار أمتي أحداؤهم , إذا غضبوا , رجعوا) باطل.
أن هذه الأحاديث في الحدة كلها موضوعة الحديث الأول فهو ضعيف لإرساله , والله أعلم.
ومن آثار هذه الأحاديث السيئة أنها توحي للمرء بأن يظل على حدته , وأن لا يعالجها , لأنها من خلق المؤمن , وقد وقع هذا فإني ناظرت شيخاً من الأزهر في مسألة لا أذكرها الآن , فاحتد في أثنائها , فأنكرت عليه حدته , فاحتج علي بهذا الحديث فأخبرته بأنه ضعيف , فازداد حدة , وافتخر علي بشهادته الأزهرية , وطالبني بالشهادة التي تؤهلني لأن أنكر عليه , فقلت: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من رأى منكم منكراً ... ) الحديث رواه مسلم.
التمتع في الدنيا وطيباتها
32 - (الدنيا حرام على أهل الآخرة والآخرة حرام على أهل الدنيا والدنيا والآخرة حرام على أهل الله) موضوع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/317)
وحري بمن روى هذا الخبر أن يكون غير ثقة , بل هو كذاب أشر , فإنه خبر باطل لا يشك في ذلك مؤمن عاقل , إذ كيف يحرم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المؤمنين أهل الآخرة ما أباحه الله لهم من التمتع بالدنيا وطيباتها , كما في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعا) البقرة29 , وقوله: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) الأعراف32.
ثم كيف يجوز أن يقال: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرم الدنيا والآخرة معاً على أهل الله تعالى , وما أهل الله إلا أهل القرآن , القائمين به , والعاملين بأحكامه , وما الآخرة إلا جنة أو نار , فتحريم النار على أهل الله مما أخبر به الله تعالى , كما أنه تعالى أوجب الجنة للمؤمنين به , فكيف يقول هذا الكذاب: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرم عليهم الآخرة وفيها الجنة التي وعد المتقون , وفيها أعز شيء عليهم , وهي رؤية الله , كما قال سبحانه: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) القيامة23,22 , وهل ذلك إلا في الآخرة؟ وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ [لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ] يونس26) مسلم وغيره
والذي أراه أن واضع هذا الحديث هو رجل صوفي جاهل , أراد أن يبث في المسلمين بعض عقائد المتصوفة الباطلة , التي منها تحريم ما أحل الله بدعوى تهذيب النفس , كأنما جاء به الشارع الحكيم غير كاف في ذلك حتى جاء هؤلاء يستدركون على خالقهم سبحانه وتعالى , ومن شاء أن يطلع على ما أشرنا إليه من التحريم فليراجع كتاب "تلبيس إبليس" للحافظ أبي الفرج ابن الجوزي , ير العجب العجاب.
حب الوطن
36 - (حب الوطن من الإيمان) موضوع.
ومعناه غير مستقيم , إذ إن حب الوطن كحب النفس والمال ونحوه , كل ذلك غريزي في الإنسان , لا يمدح بحبه , ولا هو من لوازم الإيمان , ألا ترى أن الناس كلهم مشتركون في هذا الحب , لا فرق في ذلك بين مؤمنهم وكافرهم؟
جواز النوم بعد العصر
39 - (من نام بعد العصر , فاختلس عقله , فلا يلومن إلا نفسه) حديث ضعيف.
قال مروان: قلت لليث بن سعد – ورأيته نام بعد العصر في شهر رمضان – يا أبا الحارث , مالك تنام بعد العصر وقد حدثنا ابن لهيعة .... ؟ فذكره , قال الليث: لا أدع ما ينفعني بحديث ابن لهيعة عن عقيل.
قلت: ولقد أعجبني جواب الليث هذا , فإنه يدل على فقه وعلم , ولا عجب , فهو من أئمة المسلمين , والفقهاء المعروفين , وإني لأعلم أن كثيراً من المشايخ اليوم يمتنعون من النوم بعد العصر , ولو كانوا بحاجة إليه , فإذا قيل له: الحديث فيه ضعف , أجابك على الفور: "يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال" , فتأمل الفرق بين فقه السلف , وعلم الخلف.
هل الولد سر أبيه
48 - (الولد سر أبيه) لا أصل له.
معناه ليس مضطرداً , ففي الأنبياء من كان أبوه مشركاً , مثل آزر والد إبراهيم عليه السلام , وفيهم من كان ابنه مشركاً , مثل نوح عليه السلام.
كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سريع المشي
55 - (سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن) منكر جداً.
ويكفي في رد هذا الحديث أنه مخالف لهدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مشيه , فقد كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سريع المشي , كما ثبت ذلك عنه في غيرما حديث , وروى ابن سعد في "الطبقات" عن الشفاء بنت عبدالله أم سليمان قالت: (كان عمر إذا مشى أسرع).
ولعل هذا الحديث من افتراء بعض المتزهدين الذين يرون أن الكمال أن يمشي المسلم متباطئاً متماوتاً كأن به مرضاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/318)
وهذه الصفة ليست مرادة قطعاً بقوله تعالى (وَعِبَادُ الرّحْمََنِ الّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىَ الأرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً) الفرقان 63.
قال الحافظ ابن كثير في تفسيرها:
(هَوْناً):أي بسكينة ووقار من غير جبرية ولا استكبار كقوله تعالى "ولا تمش في الأرض مرحا" الآية فأما هؤلاء فإنهم يمشون من غير استكبار ولا مرح ولا أشر ولا بطر وليس المراد أنهم يمشون كالمرضى تصنعا ورياء فقد كان سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم إذا مشى كأنما ينحط من صبب وكأنما الأرض تطوى له.
وقد كره بعض السلف المشي بتضعف وتصنع حتى روي عن عمر أنه رأى شابا يمشي رويدا فقال ما بالك أأنت مريض؟ قال لا يا أمير المؤمنين فعلاه بالدرة وأمره أن يمشي بقوة.
وإنما المراد بالهون هنا السكينة والوقار.
وقد روى الإمام أحمد من حديث ابن عباس: (أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا مشى مشى مجتمعاً , ليس فيه كسل) , ورواه البزار أيضاً , وسنده صحيح , وله شاهد عن أبي الحكم مرسلاً , وراه سعد.
حديث مفترى ملحون
76 - (الناس كلهم موتى , إلا العالمون , والعالمون كلهم هلكى , إلا العاملون , والعاملون كلهم غرقى , إلا المخلصون , والمخلصون على خط عظيم) موضوع.
أورده الصنعاني وقال: (وهذا الحديث مفترى ملحون , والصواب في الإعراب: "العالمين" , و "العاملين" , و "المخلصين").
قلت: وهو شبيه بكلام الصوفية , ومثله قول سهل بن عبدالله التستري: (الناس كلهم سكارى إلا العلماء , والعلماء كلهم حيارى إلا من عمل بعلمه).
رواه الخطيب في "اقتضاء العلم العمل" , ثم روى من طريق أخرى عنه قال: (الدنيا جهل وموات إلا العلم , والعلم كله حجة إلا العمل به , والعمل كله هباء إلا الإخلاص , والإخلاص على خطر عظيم حتى يختم به).
قلت: وهذا أقرب إلى هذا الحديث , فلعله هو أصله , رفعه بعض جهلة الصوفية.
عدم التساهل برواية الأحاديث ونسبتها إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
125 - (سوء الخلق ذنب لا يغفر , وسوء الظن خطيئة تفوح) باطل لا أصل له.
وقد أورده الغزالي جازماً بنسبة إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وإذا جاز أن يخفى عليه بطلانه من الناحية الحديثية , فلست أدري كيف خفي عليه بطلانه من الناحية الفقهية؟ فإن الحديث معارض تمام المعارضة لقوله تعالى (إِنّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ) النساء 48.
ولعل في هذا عبرة لمن يتساهلون برواية الأحاديث , ونسبتها إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , دون أن يتثبتوا من صحتها على طريقة المحدثين , جزاهم الله عن المسلمين خيراً.
تحسين الخلق
135 - (إذا سمعتم بجبل زال عن مكانه , فصدقوا , وإذا سمعتم برجل تغير خلقه , فلا تصدقوا به , وإنه يصير إلى ما جبل عليه) حديث ضعيف.
هذا الحديث يستشم منه رائحة الجبر , وأن المسلم لا يملك تحسين خلقه , لأنه لا يملك تغييره , وحينئذ , فما معنى الأحاديث الثابتة في الحض على تحسين الخلق , كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه) رواه أبو داود , وغيره في حديث , وسنده صحيح.
فهذا يدل على أن حديث الباب منكر , والله أعلم.
كل ما جاء في المسوخ في غير القرد والخنزير باطل وكذب موضوع
151 - (العنكبوت شيطان مسخه الله , فاقتلوه) موضوع.
ومما يدل على بطلان هذا الحديث أنه مخالف لما ثبت في "الصحيح" مرفوعاً: (إن الله لم يجعل لمسخ نسلاً ولا عقباً) رواه مسلم.
وقال ابن حزم في "المحلى": (وكل ما جاء في المسوخ في غير القرد والخنزير , فباطل , وكذب موضوع).
عدم التعامل مع الناس بسوء الظن
156 - (احترسوا من الناس بسوء الظن) حديث ضعيف جداً.
ثم إن الحديث منكر عندي , لمخالفته للأحاديث الكثيرة التي يأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها المسلمين بأن لا يسيئوا الظن بإخوانهم , منها قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إياكم والظن , فإن الظن أكذب الحديث ...... ) , رواه البخاري , وغيره , وهو مخرج في "غاية المرام".
ثم إنه لا يمكن التعامل مع الناس على أساس سوء الطن بهم , فكيف يعقل أن يأمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمته أن يتعاملوا على هذا الأساس الباطل؟.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/319)
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ
160 - (أحبوا العرب لثلاث , لأني عربي , والقرآن عربي , وكلام أهل الجنة عربي) موضوع.
161 - (أنا عربي , والقرآن عربي , ولسان أهل الجنة عربي) موضوع.
ومما يدل على بطلان نسبة هذا الحديث إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن فيه افتخاره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعروبته , وهذا شيء غريب في الشرع الإسلامي , ولا يلتئم مع قوله تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) الحجرات13 , وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا فضل لعربي على عجمي ..... إلا بالتقوى) رواه أحمد بسند صحيح , وهو مخرج في "الصحيحة" , ولا مع نهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الافتخار بالآباء , وهو قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إن الله عز وجل أذهب عنكم عيبة الجاهلية , وفخرها بالآباء , الناس بنو آدم , وآدم من تراب , مؤمن تقي , وفاجر شقي , لينتهين أقوام يتفخرون برجال إنما هم فحم من فحم جهنم , أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع النتن بأفواهها) رواه أبو داود , والترمذي وحسنه , وصححه ابن تيمية وغيره وهو مخرج في "غابة المرام".
فإذا كانت هذه توجهاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأمته , فكيف يعقل أن يخالفهم إلى ما نهاهم عنه؟.
الجمعة لا تحبس عن سفر
218 - (من سافر من دار إقامته يوم الجمعة , دعت عليه الملائكة أن لا يصحب في سفره) حديث ضعيف.
وللحديث طريق أخرى , لكنها موضوعة , وهو:
219 – (من سافر يوم الجمعة , دعا عليه ملكاه أن لا يصحب في سفره ولا تقضى له حاجة) موضوع.
وليس في السنة ما يمنع من السفر يوم الجمعة مطلقاً , بل روي عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سافر يوم الجمعة من أول النهار , ولكنه ضعيف لإرساله.
وقد روى البيهقي عن الأسود بن قيس عن أبيه قال: (أبصر عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلاً عليه هيئة السفر , فسمعه يقول: لولا أن اليوم يوم جمعة لخرجت , قال عمر رضي الله عنه: اخرج , فإن الجمعة لا تحبس عن سفر) رواه ابن أبي شيبة مختصراً.
وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات , وقيس والد الأسود , وثقه النسائي وابن حبان.
فهذا الأثر مما يضعف هذا الحديث , وكذا المذكور قبله , إذ الأصل أنه لا يخفى على أمير المؤمنين عمر لو كان صحيحاً.
حقوق الجار
274 - (أوصاني جبريل عليه السلام بالجار إلى أربعين داراً , عشرة من ها هنا , وعشرة من ها هنا , وعشرة من ها هنا , وعشرة من ها هنا) حديث ضعيف.
275 - (ألا إن أربعين داراً جوار , ولا يدخل الجنة من خاف جاره بوائقه , قيل للزهري: أربعين داراً؟ قال: أربعين هكذا , وأربعين هكذا) حديث ضعيف.
أما قوله: (ولا يدخل الجنة ... فصحيح , لأنه جاء من حديث أبي هريرة مرفوعاًة بلفظ: (لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه) أخرجه مسلم و البخاري في "الأداب المفرد" وهو مخرج في "السلسلة الصحيحة".
وقد روي الحديث عن أبي هريرة وهو:
276 - (حق الجوار إلى أربعين داراً , وهكذا , وهكذا , وهكذا , يميناً وشمالاً , وقدام وخلف) ضعيف جداً.
277 - (الساكن من أربعين داراً جار) حديث ضعيف.
وقد اختلف العلماء في حد الجوار على أقوال , ذكرها في "الفتح" , وكل ما جاء تحديده عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأربعين , ضعيف لا يصح , فالظاهر أن الصواب تحديده بالعرف , والله أعلم.
الأكل مع المسلمين والكفار والمنافقون
315 - (من أكل مع مغفور له , غفر له) كذب لا أصل له.
قال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) التحريم10.
(وقد استدل بهذه الآية الكريمة بعض العلماء على ضعف الحديث الذي يأثره كثير من الناس: "من أكل مع مغفور له غفر له" , وهذا الحديث لا أصل له , وإنما يروى هذا عن بعض الصالحين أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام , فقال: يا رسول الله أنت قلت: من أكل .... الحديث؟ قال لا , ولكني الآن أقوله).
وفي "المقاصد" قال شيخنا "يعني ابن حجر": (كذب موضوع).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/320)
وسبقه إلى ذلك ابن القيم في "المنار".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في أحاديث سئل عنها "رقم 23" من نسختي: (هذا ليس له إسناد عند أهل العلم , ولا هو في شيء من كتب المسلمين , إنما يروونه عن سنان , وليس معناه صحيحاً على الإطلاق , فقد يأكل مع المسلمين والكفار والمنافقون).
ضعف معنى كما تكونوا يولى عليكم
320 - (كما تكونوا يولى عليكم) حديث ضعيف.
ثم إن الحديث معناه غير صحيح على إطلاقه عندي , فقد حدثنا التاريخ يولي رجل صالح عقب أمير غير صالح , والشعب هو هو.
عدم جواز قيام الرجل للرجل
345 - (يقوم الرجل للرجل , إلا بني هاشم لا يقومون لأحدٍ) موضوع.
ومما يدل على وضع هذا الحديث أنه يقرر عادة تخالف ما كان الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم – وهو سيد بني هاشم- فإنهم كانوا لا يقومون له صلى الله عليه وسلم لما يعلمون من كراهيته لذلك , وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
على أنه قد جاء ما يخالف هذا الحديث نصاُ , ولكن إسناده ضعيف عندنا , فلا يحتج به , وهو الحديث الآتي:
346 - (لا تقوموا كما تقوم الأعاجم , يعظم بعضها بعضاُ) ضعيف.
نعم , معنى هذا الحديث صحيح من حيث دلالته على كراهة القيام للرجل إذا دخل , وقد جاء في ذلك حديث صحيح صريح فقال أنس بن مالك رضي الله عنه (ما كان شخص في الدنيا أحب إليهم رؤية من رسول الله صلى الله عليه وسلم , وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك) الصحيحة 358.
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره هذا القيام لنفسه , وهي المعصومة من نزعات الشيطان , فبالأحرى أن يكرهه لغيره ممن يخشى عليه الفتنة , فما بال كثير من المشائخ وغيرهم قد استساغوا هذا القيام , وألفوه , كأنه أمر مشروع , كلا , بل إن بعضهم ليستحبه مستدلاُ بقوله صلى الله عليه وسلم (قوموا إلى سيدكم) , ذاهلين عن الفرق بين القيام للرجل احتراماُ , وهو المكروه , وبين القيام إليه لحاجة , مثل الاستقبال , والإعانة على النزول , وهو المراد بهذا الحديث الصحيح , ويدل عليه رواية أحمد له بلفظ (قوموا إلى سيدكم , فأنزلوه) الصحيحة رقم 67.
اجر من عشق وكتم وعف
409 - (من عشق وكتم وعف فمات فهو شهيد) موضوع
وقد عدا النبي صلى الله عليه وسلم الشهداء في الصحيح , فذكر المقتول في الجهاد , والحرق , والغرق , والمبطون , والنفساء يقتلها ولدها , وصاحب ذات الجنب , ولم يذكر منهم من يقتله العشق.
وحسب قتيل العشق أن يصح له هذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما على أنه لا يدخل الجنة حتى يصبر لله , ويعف لله , ويكتم لله , لكن العاشق إذا صبر , وعف , وكتم , مع قدرته على معشوقه , وآثر محبته لله , وخوفه , ورضاه , فهو من أحق من دخل تحت قوله تعالى (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) النازعات40 - 41 , وتحت قوله تعالى (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) الرحمن46.
قال ابن القيم: ((فإنَّ هذا الحديثَ لا يصِحُّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز أن يكونَ من كلامه، فإنَّ الشهادة درجةٌ عالية عند الله، مقرونةٌ بدرجة الصِّدِّيقية، ولها أعمال وأحوال، هى شرط فى حُصُولها، وهى نوعان: عامةٌ وخاصةٌ.
فالخاصة: الشهادةُ فى سبيل الله.
والعامةُ خمسٌ مذكورة فى ((الصحيح)) ليس العشقُ واحداً منها. وكيف يكون العشقُ الذى هو شِرْكٌ فى المحبة، وفراغُ القلب عن الله، وتمليكُ القلب والروح، والحب لغيره تُنال به درجةُ الشهادة، هذا من المحال، فإنَّ إفساد عشق الصور للقلب فوقَ كل إفساد، بل هو خمرُ الروح الذى يُسكرها، ويصدُّها عن ذكر الله وحبِّه، والتلذذِ بمناجاته، والأنسِ به، ويُوجب عبودية القلب لغيره، فإنَّ قلبَ العاشق مُتَعبِّدٌ لمعشوقه، بل العشقُ لُبُّ العبودية، فإنها كمال الذل، والحب والخضوع والتعظيم، فكيف يكون تعبُّد القلب لغير الله مما تُنال به درجةُ أفاضل الموحِّدين وساداتهم، وخواص الأولياء، فلو كان إسنادُ هذا الحديث كالشمسِ، كان غلطاً ووهماً، ولا يُحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لفظُ العشق فى حديث صحيح ألبتة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/321)
ثم إنَّ العشق منه حلالٌ، ومنه حرامٌ، فكيف يُظَن بالنبىِّ صلى الله عليه وسلم أنه يحكم على كُلِّ عاشقٍ يكتُم ويَعِفُّ بأنه شهيد، فترَى مَن يعشق امرأةَ غيره، أو يعشق المُرْدانَ والبغَايا، يَنال بعشقه درجةَ الشهداء، وهل هذا إلا خلافُ المعلوم من دينه صلى الله عليه وسلم بالضرورة؟ كيف والعشقُ مرض من الأمراض التى جعل اللهُ سبحانه لها الأدويةَ شرعاً وقدراً، والتداوى منه إما واجب إن كان عشقاً حراماً، وإما مُسْتَحَب
وأنت إذا تأملت الأمراضَ والآفاتِ التى حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابها بالشهادة، وجدتها من الأمراض التى لا علاج لها، كالمطعون، والمَبْطُون، والمجنون، والحريقِ، والغرِيقِ، وموتِ المرأة يقتُلها ولدُها فى بطنها، فإنَّ هذه بلايَا من الله لا صُنع للعبد فيها، ولا عِلاجَ لها، وليست أسبابُها محرَّمة، ولا يترتب عليها مِن فساد القلب وتعبُّده لغير الله ما يترتب على العشق، فإن لم يكفِ هذا فى إبطال نسبة هذا الحديثِ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلِّدْ أئمةَ الحديث العالمين به وبعلله، فإنه لا يُحفظ عن إمام واحد منهم قَطُّ أنه شهد له بصحة، بل ولا بحُسن، كيف وقد أنكروا على سُويدٍ هذا الحديث، ورموه لأجله بالعظائم، واستحلَّ بعضُهم غزوَه لأجله)).
تحريم كل اسم معبد لغير الله
411 - (أحب الأسماء إلى الله ما عبد وحمد) لا أصل له.
نقل ابن حزم الاتفاق على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد العزى , وعبد الكعبة ....... وأقره العلامة ابن القيم في ((تحفة المودود)) ,وعليه فلا تحل التسمية بـ عبد علي , وعبد الحسين , كما هو مشهور عند الشيعة , ولا بـ عبد النبي أو عبد الرسول , كما يفعله بعض الجهلة من أهل السنة.
لا يقتل مسلم بكافر
460 - (أنا أولى من وفى بذمته قاله صلى الله عليه وسلم حين أمر بقتل مسلم كان قتل رجلا من أهل الذمة) منكر.
أخرجه ابن شيبة , وعبدالرزاق , وأبوداود , والطحاوي , والدارقطني ,والبيهقي , من طريق ربيعة بن أبي عبدالرحمن عن عبدالرحمن ابن البيلماني: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل من المسلمين قد قتل معاهداُ من أهل الذمة , فأمر به , فضرب عنقه , وقال أنا أولى من وفى بذمته قاله صلى الله عليه وسلم حين أمر بقتل مسلم كان قتل رجلا من أهل الذمة).
ويزيد الحديث ضعفاُ أنه معارض للحديث الصحيح , وهو قوله صلى الله عليه وسلم (لا يقتل مسلم بكافر) البخاري.
وبه أخذ جمهور الأئمة , وأما الحنفية , فأخذوا بالأول على ضعفه ومعارضته للحديث الصحيح , وقد أنصف بعضهم , فرجع إلى الحديث الصحيح , فروى البيهقي , والخطيب في الفقيه عن عبدالواحد بن زياد قال (لقيت زفر , فقلت له:صرتم حديثاُ في الناس وضحكة , قال: وما ذلك؟ قال: قلت: تقولون في الأشياء كلها: ادرؤوا الحدود بالشبهات. وجئتم إلى أعظم الحدود , فقلتم:تقام بالشبهات قال: وما ذلك؟ قلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يقتل مسلم بكافر) فقلتم يقتل به قال: فإني أشهدك الساعة أني قد رجعت عنه).
الرفق بالحيوان
493 - (نهى أن يركب ثلاثة على دابة) ضعيف.
وقد صح ركوبه صلى الله عليه وسلم على الدابة , وأمامه عبدالله ابن جعفر , وخلفه الحسن أو الحسين , رواه مسلم , وهو مخرج في صحيح أبي داود , فإن صح النهي حمل على الدابة التي لا تطيق , وذلك من باب الرفق بالحيوان , وقد صح ذلك الكثير الطيب , انظر المجلد الأول من الصحيحة.
كتاب فضائل القرآن والأدعية والأذكار والرقى
بدعة الذكر المقرون بالصياح والتحلق والرقص التي يفعلها بعض أهل الطرق
11 - (إنما بعثت معلماً) ضعيف.
أخرجه الدارمي , من طريق عبدالله بن يزيد – وهو أبو عبدالرحمن المقري- وابن وهب , وعبدالله بن المبارك , وعنه الحارث , والطيالسي , كلهم عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِمَجْلِسَيْنِ فِي مَسْجِدِهِ فَقَالَ كِلَاهُمَا عَلَى خَيْرٍ وَأَحَدُهُمَا أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِهِ أَمَّا هَؤُلَاءِ فَيَدْعُونَ اللَّهَ وَيَرْغَبُونَ إِلَيْهِ فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُمْ وَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَيَتَعَلَّمُونَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/322)
الْفِقْهَ أَوْ الْعِلْمَ وَيُعَلِّمُونَ الْجَاهِلَ فَهُمْ أَفْضَلُ وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا).
قد اشتهر الاحتجاج بهذا الحديث على مشروعية الذكر على الصورة التي يفعلها بعض أهل الطرق من التحلق والصياح في الذكر , والتمايل يمنة ويسرة , وأماماً وخلفاً مما هو غير مشروع باتفاق الفقهاء المتقدمين , ومع أن الحديث لا يصح , فليس فيه هذا الذي زعموه , بل غاية ما فيه جواز الاجتماع على ذكر الله تعالى , وهذا فيه أحاديث صحيحة في مسلم وغيره تغني عن هذا الحديث , وهي لا تفيد أيضاً إلا مطلق الاجتماع , أما ما يضاف إليه من التحلق , وما قرن معه من الرقص , فكله بدع وضلالات تتنزه الشرع عنها.
الدعاء هو العبادة
21 - (حسبي من سؤالي علمه بحالي) لا أصل له.
قد أورده بعضهم من قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام , وهو من الإسرائيليات , ولا أصل له في المرفوع , وقد ذكره البغوي في تفسير سورة الأنبياء مشيراً لضعفه , فقال:
(روي عن كعب الأحبار أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام .... لما رموا به في المنجنيق إلى النار استقبله جبريل , فقال: يا إبراهيم ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا. قال جبريل: فسل ربك. فقال إبراهيم: حسبي من سؤالي علمه بحالي).
وقد أخذ هذا المعنى من صنف في الحكمة على طريقة الصوفية , فقال: (سؤالك منه – يعني الله تعالى – اتهام له).
وهذه ضلالة كبري , فهل الأنبياء طلوات الله عليهم متهمين لربهم حين سألوه مختلف الأسئلة؟ فهذا إبراهيم عليه الصلاة والسلام يقول: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) إبراهيم 37 - 41 , إلى آخر الآيات , وكلها أدعية , وأدعية الأنبياء في الكتاب والسنة لا تكاد تحصى , والقائل المشار إليه قد غفل عن كون الدعاء الذي هو تضرع والتجاء إلى الله تعالى عبادة عظيمة , وبغض النظر عن ماهية الحاجة المسؤةلة , ولهذا قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الدعاء هو العبادة) صحيح.
ثم تلا قوله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين) غافر60.
ذلك لأن الدعاء يطهر عبودية العبد لربه , وحاجته إليه , ومسكنته بين يديه , فمن رغب عن دعائه , فكأنه رغب عن عبادته سبحانه وتعالى , فلا جرم جاءت الأحاديث متضافرة في الأمر به , والحض عليه , حتى قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (من لا يدع الله , يغضب عليه) حديث حسن.
قالت عائشة رضي الله عنها: (سلوا الله كل شيء , حتى الشسع , فإن الله عز وجل , إن لم ييسره لم يتيسر) حسن.
وبالجملة , فهذا الكلام المعزو لإبراهيم عليه الصلاة والسلام لا يصدر من مسلم يعرف منزلة الدعاء في الإسلام , فكيف يصدر ممن سمانا المسلمين؟
ثم وجدت الحديث قد أورده ابن عراق في "تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشبيعة الموضوعة " وقال: (قال ابن تيمية:موضوع).
أسعد الناس بهذا الحديث المكذوب هم أولئك الأكلة الر قصة
115 - (أذيبوا طعامكم بذكر الله والصلاة , ولا تناموا عليه , فتقسوا قلوبكم) موضوع.
اعلم أن أسعد الناس بهذا الحديث المكذوب هم أولئك الأكلة الر قصة الذين يملؤون بطونهم بمختلف الطعام والشراب , ثم يقومون آخذاً بعضهم بيد بعض يذكرون الله تعالى –رعموا- يميلون يمنة ويسرة وأماماً وخلفاً , وينشدون الأشعار الجميلة بالأصوات المطربة , حتى يذوب ما في بطونهم , ومع ذلك فهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً , وصدق من قال:
متى علم الناس في ديننا بأن الغنا سنة تتبع
وأن يأكل المرء أكل الحما ر ويرقص في الجمع حتى يقع
وقالوا: سكرنا بحب الإلـ ـه وما أسكر القوم إلا القصع
كذاك البهائم إن أشبعت يرقصها ريها والشبع
فيا للعقول وياللنهى ألا منكر منكم للبدع
تهان مساجدنا بالسما ع وتكرم عن مثل ذاك البيع
الحسنة لا يمكن أن تصير سيئة أبداً
100 - (حسنات الأبرار سيئات المقربين) باطل لا أصل له.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/323)
معنى هذا الحديث غير صحيح عندي , لأن الحسنة لا يمكن أن تصير سيئة أبداً , مهما كانت منزلة من أتى بها , وإنما تختلف الأعمال باختلاف مرتبة الآتين بها إذا كانت من الأمور الجائزة التي لا توصف بحسن أو قبح , مثل الكذبات الثلاث التي أتي بها إبراهيم عليه السلام , فإنها جائزة , لأنها كانت في سبيل الإصلاح , ومع ذلك فقد اعتبرها إبراهيم عليه السلام سيئة , واعتذر بسببها عن أن يكون أهلاً لأن يشفع في الناس صلى الله عليه وعلى نبينا وسائر إخوانهما أجمعين.
وأما اعتبار الحسنة التي هي قربة إلى الله تعالى سيئة بالنظر إلى أن الذي صدرت منه من المقربين , فمما لا يكاد يعقل.
الحسنة سبب في زيادة الرزق و إطالة العمر
181 - (إن الرزق لا تنقصه المعصية , ولا تزيده الحسنة , وترك الدعاء معصية) موضوع.
ومما يدل على بطلان هذا الحديث قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من أحب أن يبسط له في رزقه , وأن ينسأ له في أثره , فليصل رحمه) رواه الشيخان وغيرهما وهو مخرج في "صحيح أبي داود".
فهذا يدل على أن الحسنة سبب في زيادة الرزق , كما أنها سبب في إطالة العمر , ولا تعارض بين هذا وبين قوله تعالى: (فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) النحل61 , ولبسط هذا موضع آخر.
أن الصلاة عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الجمعة تبلغه ولا يسمعها من المصلي عليه
203 - (من صلى علي عند قبري , سمعته , ومن صلى علي نائياً , وكل بها ملك يبلغني , وكفي بها أمر دنياه وآخرته , وكنت له شهيداً أو شفيعاً) موضوع بهذا التمام.
فائدة: قال الشيخ ابن تيمية: (وهو لو كان صحيحاً , فإنما أنه يبلغه صلاة من صلى عليه نائباً , ليس فيه أنه يسمع ذلك , كما وجدته منقولاً عن هذا المعترض [يعني الأخنائي] , فإن هذا لم يقله أحد من أهل العلم , ولا يعرف في شيء من الحديث , وإنما يقوله بعض المتأخرين الجهال , يقولون: [إنه ليلة الجمعة ويوم الجمعة , يسمع بأذنيه صلاة من يصلي عليه].
فالقول إنه يسمع ذلك من نفس المصلين عليه باطل , وإنما في الأحاديث المعروفة أنه يبلغ ذلك , ويعرض عليه , وكذلك السلام تبلغه إياه الملائكة).
قلت: ويؤيد بطلان قول أولئك الجهال قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة , فإن صلاتكم تبلغني ...... ) الحديث , وهو صحيح , فإنه صريح في أن هذه الصلاة يوم الجمعة تبلغه ولا يسمعها من المصلي عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الأقربون أولى بالمعروف ليست آية
376 - (الأقربون أولى بالمعروف) لا أصل له بهذا اللفظ.
كما أشار إليه السخاوي في ((المقاصد)) , وبعضهم يتوهم أنه آية وإنما في القرآن قوله تعالى: (قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) البقرة215.
كتاب الجنة والنار
الجزاء إنما يكون على الكسب والعمل
130 - (إن الله تعالى لا يعذب حسان الوجوه , سود الحدق) موضوع.
ولست أشك في بطلان هذا الحديث , لأنه يتعارض مع ما ورد في الشريعة , من أن الجزاء إنما يكون على الكسب والعمل (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) الزلزال8,7 , لا على ما صنع ولا يد للإنسان فيه , كالحسن , أو قبح , وإلى هذا أشار صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: (إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم , ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) رواه مسلم وغيره.
ومثل هذا الحديث الموضوع في البطلان الحديث الآتي , وهو:
131 - (عليكم بالوجوه الملاح , والحدق السود , فإن الله يستحي أن يعذب وجهاً مليحاً بالنار) موضوع.
ـ[جمعه بن آل طاحون]ــــــــ[11 - 12 - 05, 05:54 م]ـ
جزاك الله خيرا فهو موضوع هام
ـ[أبو تراب السلفي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 06:54 م]ـ
بارك الله فيك يا أخي
هلا وضعته على هيئة ملف ملحق ( attatchment) .....
ـ[الاستاذ]ــــــــ[11 - 12 - 05, 07:23 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه الفوائد.
ولقد جمعت مثل هذه الفوائد , وأودعتها كتابي (فرائد الشوارد لما في كتب الألباني من فوائد) ويقع في مجلدين كبار. وهو من مطبوعات دار الأنصار.
ـ[أبو تراب السلفي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 07:31 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء
وأتوقع أن أجد فوائد أخرى منك يا أستاذي الأستاذ فهلا أتحفتنا إن وجد ..
ـ[الاستاذ]ــــــــ[11 - 12 - 05, 08:16 م]ـ
وجزاكم الله مثله أيها الحبيب.
ولو كنت أملك أن أضع لكم الكتاب هنا لوضعته , فحجمه كبير جدا , والماسح الضوئي الذي أملكه لا يتمكن من تصويره.
فلو نشط أخي طالب العلم لهذه المهمة فجزاه الله خيرا.(55/324)
هذه عطاءات البلد الحرام: فماذا أعطيناه .. للشريف حاتم بن عارف العوني
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[11 - 12 - 05, 06:37 م]ـ
إلى ساكني البلد الحرام ..
إلى محبي الكعبة المشرفة ..
إلى كل مسلم على وجه الأرض ..
إلى كل محب يسعى للقاء محبوبه، ليعيش في أكنافه، ويسعد لوصاله.
رسالة يبثها ابن البلد الحرام .. ومحدث البلد الحرام .. يبعثها من روحه إلى كل
من سكن هذه الأرض المباركة ..
المصدر: http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_*******.cfm?id=37&catid=188&artid=6548
نص المقال:
هذه عطاءات البلد الحرام: فماذا أعطيناه
الشريف حاتم بن عارف العوني 3/ 11/1426
05/ 12/2005
في خضمّ أحداث الحياة، وصخب الحضارة، وازدحام المشاغل، وهموم المعاش، وأكدار الدنيا من الأمراض والأتعاب وأنواع الابتلاءات = هناك لحظات في حياة المسلم تسمو على ذلك كُلّه، ترتاح فيها نفُسه من أنواع الهموم والغموم، بل تصفو من آثارها، وتعلو عليها، وتحلّقُ إلى السماء، في خطاب ربّ السماء (سبحانه)؛ إنها اللحظات التي يتوجّه فيها المسلم في كل بقاع الأرض إلى البلد الحرام لأداء الصلاة خمس مَرّات في اليوم والليلة.
شاء الله تعالى أن يجعل التوجُّه إليه والخضوع له واللجوء إلى جنابه منوطاً بالتوجُّه إلى البلد الحرام، في الصلاة والدعاء (إذ من مُستحبّات الدعاءِ وأسباب الإجابة التوجُّهُ إلى القبلة)، وفي الحج ومناسكه، وفي كل ساعات القُرب ومجالس الشَرفِ على مَدى الحياة، بل إلى ما بعد الممات، عندما يُوّجَّهُ المسلمون في قبورهم إلى القبلة= كل ذلك والمسلمون متعلّقةٌ قلوبهم بالبلد الحرام!!
- فإلى جهته: يُوحَّدُ الله تعالى.
- وإلى جهته: تُنْصَبُ القامات، وتذلُّ الأنوف الشامخات، وتسجد الجبهات، في الصلوات والدعوات وصنوف القُربات.
- وإلى جهته: يرفع المسلمون حاجاتهم، وتضرُّعَ دعواتهم، إلى ربهم، الذي أحبّ أن يجعل البلد الحرام جهةَ التوجُّهِ إليه.
عندها .. تتحقّق الحاجات، وتنزل الرحمات، وتُحيط بالمسلم الألطاف، وتحفُّه الملائكة الأشراف.
وعندها .. يرضى الرحمن، ونتحبّبُ إلى ربّنا المنّان، وتعلو منازلنا في الجنان، ونفوز بالنجاة من النيران.
هذه العطاءات كلّها (وهي كل العطاءات، فبها تتحقّق سعادة الدنيا والآخرة) قدّرها الله تعالى بالتوجُّه إلى البلد الحرام!!
فلا عجب بعد ذلك أن تُصبح القلوبُ به متعلّقةً، والأفئدةُ له هاويةً، والوجوهُ إليه متوجهةً!
ولا عجب بعد ذلك أن لا يُذكر البَلَدُ الحرام في كل بقاع الأرض إلا رفرفرت قلوبُ المسلمين شوقاً إليه، وذرفت عيونهم صادق العبرات في انتظار لحظات اكتحالها برؤياه، والتنعُّم بقُرْبه والتقلُّبِ في أكنافه والبكاءِ على أعتابه والدعاءِ عند بابه.
لا عجب .. لأن بلداً ذاك هو عطاؤه (بتقدير الله تعالى)، حتى كان لقاءُ المسلم بربّه لا يصحّ في صلاته إلا بالتوجُّه إليه= سَتُطْبَعُ القلوب على محبّته، فتجري الدماءُ على ذكراه، وتذوب المشاعر على أمل لُقْياه.
فإذا حّرَك الحنينُ أقدامَ المحبّين، وانسابت خُطاهم كما تنساب حبّات الماء إلى مستقرّها، واتّبعوا نداء أبي الأنبياء وخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام "وأذّن في الناس بالحجّ يأتوك رجالاً"، ذلك النداء الذي يكاد أَصَدَاهُ أن تسمعه الآذان، بعد أن سمعتّه القلوبُ الحنيفيّةُ المسلمةُ: ملة أبينا إبراهيم –عليه السلام- (1) فحرّك فيها ذاك النداءُ المشاعر، وحَرَّق لديها الأشواق، وخرَّقَ عليها حجابَ الصبر دون ساعات اللقاء. فخرجت كالأمّ تسمع أنين رضيعها، لا تلوي على شيء، ولا تفكّر بشيء، إلا أن تلقاه. نعم .. قاصدُ البلد الحرام كالأم في شدة الوَلَهِ وغياب الوعي إلا عن ذلك النداء لرضيعها، لكنه هنا ليس هو الأم التي تعطي بل قاصد البلد الحرام في العطاء هو الابن، وأمُّه هو البلد الحرام! فَحُقَّ لهذه البلدة أن تكون (أمّ القرى)، بل أن تكون (أم القلوب)؛ لأنّها أمّ العطاءات!!!
إبراهيمُ (عليه السلام) يؤذّن في الناس بالحجّ من آلاف السنين، فيستقرُّ في قلوب المسلمين ذاك النداء إلى يوم القيامة. يتشوّقون لساعة الإجابة، التي ينادون فيها: لبيك اللهم لبيك!!!
إنها قصّة حُبّ أزليّة، هي أقدم قصة حب بين إنسان وموضع على وجه الأرض، إنه حُبّ مكّة المكرّمةّّّ!!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/325)
فإذا اقتربت أقدام المحبين من الأعتاب، وأوشكت قلوبُهم أن تطرق الباب: فلا تسل عن أصوات البكاء من شوق اللقاء!! ولا تسل عن رفرفة الأرواح تكاد تخرج إلى تلك البطاح!!! فالقلوب تكابد الشوق من حين أن سمعت نداء الخليل –عليه السلام- من آلاف السنين، وتُجدِّدُ نارَ هذا الشوق في كل يوم وليلة بذاك التوجّه بالروح والجسد إليه، في أجلّ ساعات وأصفى لحظات وأهنأ أوقات.
فإذا شاء الله تعالى للقلوب أن تنعم باللقاء، فدخل الحُجّاج والمعتمرون والعاكفون والطائفون والركّع السجودُ البلدَ الحرام: فيا لله كيف ثبَّتَ اللهُ القلوب؟! فلو كان ما فيها بالجبال لانصدعت، إنه لقاء حُبٍّ قديم متجدِّد وشوقٍ من آلاف السنين!!!
قِفْ وانظر تلك الوجوه في تلك اللحظة: عبراتٌ مسفوحة، وأفراح تعجز عنها الأرواح، فترى هذا غَشْيانَ، وهذا دهشان لا يدري أهو في أرض أم سماء. وذاك يعانق البيت قبل أن يصل إليه؛ لأن روحه قد سبقته فصوّرته أنه بين يديه. والآخر عاجزٌ عن الحراك أيُّها البيتُ لمّا رآك، يخشى أن يكون ما فيه حُلمٌ سينتهي إن حاول أن يعانقك. وهناك من لا يكاد يرفع بصره إليك، واكتفى بالسجود لله تعالى بين يديك، هيبةً وتعظيماً. وأما هذا فلا يدري من أين يبدأ اللقاء، وكيف تكون طقوس الحب والوفاء، يحسب أنه لن تنطفئ أشواقُه إلا أن يموت هناك، وتطويه تلك البقاع في جوفها. وذاك أشرق وَجْهُهُ، ولم تعد تَطْرُفُ عينُه، لمّا اكتحل برؤياك، يخشى من النوم كما يخشى غيره الموت؛ لأنه سيمنعه من النظر إليك، ألا ترى أنه يخرج حين يخرج راجعاً القهقرى إلى ظهره، ودَّ أن يترك بصره عندك، بعد أن ترك قلبه لديك. وآخر استحضر التاريخ، فغلبه تاريخك العظيم، فرضي منه بلحظة واحدة، فتمثّل رسولَ الله –صلى الله عليه وسلم- يُصلّي خلف المقام، فكادت روحه أن تزهق لجلال هذا المقام، هُنَا صَلَّى الحبيبُ المصطفى –صلى الله عليه وآله وسلم-، وهنا طاف، وهنا ركع وسجد، وهُنا قام ودعا، وهنا بكى وبلّلت دموعه المباركة المكان، وهنا خَطَا، وهنا نام ... يا الله! آمنت أن الآجال بيد الله، وإلا لما كان للأرواح أن تصبر بعد هذا كُلّه.
مئاتُ الملايين من البشر حجّت هذا البيت الحرام، كل واحد منهم قد فاض قَلْبُه بجلال هذا الموقف، كل واحد منهم يظن نفسه وحيدَ حُبِّه وفريدَ وَلَهِه؛ لأنه يرى الأرض والسماء قد ضاقت عن مشاعره، فكيف يشاركه غيره من أهل السماء والأرض في تلك المشاعر التي ملأت السماءَ والأرض من القِدَم، فما بقي فيهما لغير مشاعره –فيما يحسب- موضعٌ لغير حُبَّه هو وحده. لكن العجيب أن هذه المشاعر نفسها، قد ملأت سماء وأرض مئات ملايين البشر ممّن حجّ هذا البيت الحرام!!!
مئات الملايين من البشر جاؤوا إلى البلد الحرام، فوسع أفئدتهم كلّهم وضمّها إليه، فلا ضاق عن شوقٍ لقاؤه، ولا عجز عن قديم العهد وفاؤه، ولا تفلَّتَ من بين ملايين القاصدين قلبٌ لم يرُضه بلذاذة الوصال، ولا ادعى أحدٌ منهم أنه قصّر في تحقيق مالهم فيه من مُنْتهى الآمال.
هذه عطاءات البلد الحرام.
ثم بعد أن يظنّ هؤلاء المحبّون أن دهشة اللقاء الأولى قد انقضت (وسيعلمون إذا انتهت مناسكهم وأرادوا الرجوع إلى بلدانهم أنهم ما زالوا في لفيف الدهشة الأولى ما برحوها)، عظّموا الله تعالى بالطواف حول البيت، تطوف قلوبهم بأجسادهم لا أجسادُهم بقلوبهم، فالطواف رَمْزُ التبعيّة: من طواف ما حول نواة الذرّة بها، إلى طواف الكواكب حول شمسها، إلى طواف المجموعات في أفلاكها، إلى طواف الملائكة حول عرش ربّها عز وجل.
إن إقرار العبد بأنه عَبْدٌ، وفرحه بعبوديّته، وإعلانه الانقياد المطلق لربّه بالطواف حول بيته الذي نصبه رمزاً للتوجُّه إليه= يدل على كمال محبّة العبد لربّه. ولا أحبَّ عَبْدٌ من استعبده إلا لكمال في هذا المستعبِد، جعل الاستعبادَ المكروهَ للنفس في العادة محبوباً لها لمّا كانت عبوديّةً لصاحب ذلك الكمال. والكمال المطلق لله تعالى وحده، ولذلك وَجَبَ على عبيده أن يفرحوا غاية الفرح بعبوديّتهم لله تعالى، وأن يحقّقوا هذه العبودية على أقصى مايستطيعون.
وممّا زادني شرفاً وفخراً
وكدت بأخمصي أطأ الثريّا
وقوعي تحت قولك يا عبادي
وأن صيرت أحمد لي نبيّا
وقوعي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيّا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/326)
وهذا ما يشعر به الطائف بالبيت، تراه يطأ أرض المطاف، وهو يَشْعُرُ أنه يطأ النجوم؛ لأنه العَبْدُ التامّ العبوديّة لله العظيم الذي لا إله إلا هو وحده، فهو يحقّق هذه العبودية الشريفةَ الكريمةَ بطوافه.
فأيّ شعور أعظم من هذه الشعور؟! وأي حقيقةٍ غائبة عن الناس أهداهم إيّاها هذا البلد الحرام بالطواف حول الكعبة المشرّفة؟!
هذه عطاءات البلد الحرام.
فإذا أقبل الطائفون إلى الحجر الأسود لتقبيله، وهو من الجنّة، قبّلوا فيه أرضّ موطنهم الأول: الجنّة، التي أخرج الشيطانُ (عدوُّهم الأول) أبويهم منها. وهنا تستعر لواعج الأشواق وتحترق خوالج العُشاق إلى الموطن الأول لهذه البشرية، وهي الجنّة، فتحنّ إليها أشد ما يكون حنين الغريب الطريد من وطنه إليه، إذا ما رأى ما يذكّره به. فحُقّ أن يُقال عند تقبيل الحجر: هُنا تسكب العبرات!! (2).
وهذا الحنين إلى الجنّة، الذي أذكاه تقبيل الحجر الأسود، سيكون دافعاً إلى أن يسعى هذا الغريبُ المطرودُ إلى أن يعود إلى وطنه، بسلوك الجادّة التي وضعها ربُّه إليه، ويحذر سُبُلَ الشيطان عدوّه الأول الذي كان سبب خروجه من الجنة.
وهكذا تكون عطاءات البلد الحرام.
فإذا ذهب إلى المقام ليصلي خلفه سنة الطواف، ورأى مقام إبراهيم، وهو آيةٌ بيّنةٌ على التوحيد "فيه آيات بيّنات مقام إبراهيم" لأنه بقيّةُ أبي الأنبياء وباني كعبة التوحيد على وجه الأرض.
كل بقعةٍ في هذا البلد الحرام لها مع التوحيد قصةٌ قديمة وتاريخٌ عريق، حتى ذلك الحجر المسمى بمقام إبراهيم.
إنه بلدُ التوحيد، ولن تجد بلداً أولى بهذا اللقب من مكّة المكرمة، ولن تجد لقباً أولى بها منه. وإلاّ فَأَوْجِدْ لي بلداً له بإمام الحنفاء إبراهيم –عليه السلام- وبإمام الأنبياء محمد –صلى الله عليه وسلم- أوثق صلة، كما لمكة!
إنه بلد التوحيد .. منه بدأ التوحيد، ومنه انتشر، وفيه آياته ورموزه.
وإذا قلنا: (التوحيد) فهو أوّل وأعظم عبادة، بل هو الذي لا عبادة إلا به. فلا رضى لربنا –عز وجل- إلا به، ولا نجاة من الخلود في النار إلا بتحقيقه.
وكان هذا (التوحيد) أحدّ عطاءات البلد الحرام ... وهكذا تكون عطاءاتُه!
أمّا ماء زمزم فهو خير ماء على وجه الأرض: طعامُ طُعْمٍ، وشفاءُ سُقم.
يُقبل عليه قاصدوه بعد أن أحرقت أجوافهم آهاتُ اللقاء، وسكبوا الدموع في تلك الساحات، فما نضب عطاؤه، ولا نقِص عن رِيٍّ ماؤه. يتضلّعون منه، فهو بركةُ التوكّل، وخفقةُ مَلَكٍ، له من البشر صلةٌ بإحدى أجلّ العبادات، وهي التوكّل، وله من طُهر السماء وبركتها خَفقةٌ من جناح أحد الملائكة. فكان الماءَ المباركَ الذي ما عرفت البشريّةُ أطهر ولا أعظم بركةً ولا أروى منه!!
هل تعرفون ماءً ما اعتاده أحدٌ إلا غصَّ بماءٍ سواه، والله إنه ماء زمزم! اسألوا أهل مكّة ممن اعتاد أن لا يشرب إلا ماء زمزم، هل طاب له ماءٌ سواه بعده، وكأنّ مريئًا أهْنَاه ماءُ زمزم لن يهنأ بغيره، ولو كان ماءً من النيل أو الفرات.
الماء رمز الطهارة .. وماء زمزم أطهر ماء
الماء سَبَبُ الحاة .. وماء زمزم سببٌ لأطيب حياة: حياة إيمان وعافية
الماء إنما يروي .. وماء زمزم لا ريَّ كرِيَّه، وهو طعام يُغني عن الطعام.
الماء قد يحمل الداء .. وماء زمزم شفاءٌ -بإذن الله- من كل داء
الماء شُرْبُهُ عادة .. وماء زمزم شربه عبادة
الماء نعمةٌ تستوجب الحمد ... وماء زمزم قُرْبَةٌ يُجيب لها ربُّنا دعاء العبد: "ماء زمزم لما شُرب له".
الماء لا علامة في شربه على الإيمان .. وماء زمزم علامةٌ للإيمان، وعدم التضلّع منه علامة على النفاق "آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلّعون من ماء زمزم".
فإذا ما نَعِمَ المشتاقون بوصال البيت المعظَّم، وانطفأت نيرانُ أكبادهم بماء زمزم، وسرت في دمائهم حبّاتُ قطراته، مطهّرةً مجاري الشيطان في عروقهم ببركاته. تكاد ترى قلوبهم قد خالطتها بشاشةُ التوكّل وثقتُه وعزّه المؤمنين به؛ لأنه الاعتماد على خالق الأرض والسماء وربِّ كل شيءٍ ومليكِهِ. وتكاد ترى مسحةَ المَلَكِ في نضارة جلودهم وضياء وجوههم؛ لأنهم قد غسلوا أجوافهم بماءٍ من خفقةٍ بجناح مَلَكٍ كريم.
وهكذا عطاءات البلد الحرام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/327)
عندها يحتاجون إلى درسٍ عميقٍ حتى يصحّ منهم التوكُّل على الله تعالى، فيخرجون إلى السعي بين الصفا والمروة، رَمْزُ اتّباع الأسباب والأخذ بها، الذي علّمته الأمُّ هاجَر للبشريّة، بعد أن علمتهم التوكّل بقولها لزوجها الخليل –عليه السلام-: "من أمرك أن تضعنا بأرض ليس فيها زرعٌ ولا ضرعٌ ولا أنيس ولا زاد ولا ماء، فقال –عليه السلام-: ربي أمرني، فقالت: فلن يضيّعنا"، نعم لقد قالتها بكل وضوح وسهولة؛ لأنها قالتها بكمال الإيمان وتمام التوكّل: "لن يضيعنا". ومع ذلك خرجت تسعى بحثاً عن الماء بين الصفا والمروة، وتكرّر السعي بينهما، لترفع مناراً للتوكّل الصحيح، وأنه التوكل الذي لا يُغْفِل الأسباب، بل الذي يبذل الأسباب كلّها، ولا يعجز ولا ييأس من تكرار الأخذ بها حتى ينجحَ، ويحقّقَ الله ُ تعالى له المطلوب.
إنه درسٌ عميق للتوكّل الصحيح، ودرسٌ عميقٌ في بيان الصلة بين الدين والدنيا، وشرحٌ عمليٌّ للعبادة بمعناها الكامل الشامل، وبيانٌ واضحٌ لفهم هذه الملّة للعلاقة بين العبد وربّه. لو وَعَتْ أمّتنا هذه الدروس، ولو فقهت الحِكمة التي بذلتها لها هذه الشعائر، لما كانت يوماً إلا الأمّة القائدة الرائدة!!!
إنه الدرس الذي يُطبّقه القاصدون للصَّفا، والذي لا يخلو في كل خطوةٍ من خطواته من الارتباط الكامل بالرب سبحانه؛ ولذلك يتوجّهون إلى البيت كلّما صعدوا الصفا والمروة بالتهليل والتكبير والدعاء. وهُمْ بهذا التوجُّه إلى البيت، وهذا التوجُّه المتكرّر في خضمِّ ذلك السعي المتكرّر، يعلنون استمرار الولاء، وكأنّهم يُقسمون على حفظ العهد الذي بينهم وبين هذا البيت، وأنهم لن ينسوه في خِضِمّ (السعي)، نعم لن ينسوه في خضم حياتهم ولَهَثِم في طلب المعاش، والذي لن تجد أصدق وصفاً عليه من أنه (سَعْىٌ) في طلبه.
إنّ هذا الاستحضار للصلة بين العبد وربّه، التي لا تكون فقط في العبادة المحضة في حياة المسلمين، بل تكون فيها وفي كُلّ لحظات اليوم والنهار، وفي ساعات الانشغال بالدنيا وإعمارها= هذا ما ميّزَ المسلمين عن غيرهم: ممّن فصلوا الدين عن الدنيا (كالغرب حاليّاً والأنظمة العلمانية)، وممّن جعلوا الدين بلا دنيا (كالغرب في القرون الوسطى، وكالفكر الصوفي في القرون المتأخّرة في العالم الإسلامي).
إنّ تلك الصلة الدائمة بين المسلم وربِّه، هي التي فسّرت العبادة في الإسلام بذلك التفسير الفذّ، الذي لا يعرفه الناس (كل الناس) إلا في الإسلام. إذ إن العبادة بمعناها الكامل الشامل في الإسلام هي تحقيق السعادة .. نعم .. وأنا أعني ما أقول: العبادة هي تحقيق السعادة؛ لأن الله تعالى الذي خلق البشر وركّبهم على ماهم عليه من العقول والرغبات والحاجات الجسديّة والنفسية، قد أنزل لهم دينه الذي لا دين له تعالى سواه، وهو دين الإسلام "إن الدين عند الله الإسلام"، "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين". والمقصود من الدين أن يكون نظاماً إلهيّاً للبشرية، به تتمّ علاقاتهم على الوجه الأكمل: بينهم وبين ربّهم، وبينهم وبين أبناء جنسهم من البشر، وبينهم وبين المخلوقات جميعاً. وإذا صحّت هذه العلاقة الشاملة، وتنظّمت التنظيم الإلهيّ الدقيق، القائم على العدل والإحسان= تحقّقت السعادة للبشريّة في الدنيا، فاستحقّت السعادة الأبديّة في الآخرة؛ لأنّها لم ترفض نعمة ربِّها العظمى، وهي دينّه وشريعتُه (ونظامُه)، ولم تكفرها، بل شكرت وآمنت، واتّبعت ذلك التنظيم الإلهي: الشامل للعبادات المحضَة ولكل شؤون الحياة؛ وبذلك جعل الإسلامُ حياة المسلم كلّها عبادة، وجعل القيام بهذه العبادة تحقيقاً للسعادة في الدنيا والآخرة: "من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيّبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون".
فما أجلّ هذا الدرس الذي أهداناه البلدُ الحرام، ولم يَرْضَ في توضحيه إلا أن يكون درساً عمليّاً، لنستفيده بكل وضوح!! فهل استفدناه بوضوح؟!!!
لكن .. هكذا تكون عطاءات البلد الحرام.
وهذه هي بعض عطاءات البلد الحرام لقاصديه من غير أهله، هذه بعض عطاءاته لهم، وبقي من عطاءاته الجليلة واللطيفة، ما لا يكاد يتسع له كتاب، ولا يطيقه كاتب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/328)
أمّا عطاءاته لأهله وقاطنية، ومَنْ حَظُوا بنعمة المجاورة فيه، الذين ما عرفوا إلا لذّة الوصال، ولا أضناهم الحنين، ولا أقلقهم الشوق، فهم في نعيم القُرب متقلّبون، وفي أعماق العناق قائمون نائمون= فلا تسل عمّا أعطاهم البلد الحرام، ولكن سل: ما الذي بخل عليهم به البلدُ الحرام؟!!
"أولم نمكّن لهم حرماً ءامناً يُجبى إليه ثمراتُ كل شيء رزقاً من لدنّا" [القصص: 57].
"أولم يرو أنّا جعلنا حرماً آمناً ويُتخطّف الناس من حولهم" [العنكبوت:67].
"ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرع عند بيتك المحرَّم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون" [إبراهيم:37].
فيا أهل مكّة: أنتم آمنون حين يخاف الناس، طاعمون حين يجوع الناس، أفئدة الناس إليكم مقبلة، ووجوههم إلى بلدكم آمّة. لكم حُرمة البلد الحرام، وما عرفنا البلاد إلا وأهلها يحمونها؛ إلا أنتم، فبلدكم يحميكم. وما عهدنا بلداً تأتيه ثمرات كل شيء من خارجه، مكفولةً أرزاقه؛ إلا بلدكم. ولا عَرَفَ التاريخُ بلداً يشتاق إليه غير أهله أكثر من اشتياقهم إلى بلدانهم وأوطانهم، إلا بلدكم.
يا أهل مكة: يفرُّ الناس عند الخوف إليكم، ولا تفرّون من بلدكم إلى غيره. أَمِنَ الطيرُ والوحشُ فيه، أمِنَ العُشْب والشجر .. حتى الشوك فيه آمن. أمن فيه كل شيء، فأمنت فيه القلوب، فَحُقّ له أن يُسمَّى بـ (البلد الأمين)، وأن يُقسم به ربُّنا عز وجل "وهذا البلد الأمين".
يا أهل مكّة: أفئدتكم في بلدكم قارّة، لا تشتاق إلى غيره. وقلوب غيركم إلى بلدكم فارّة، لا تعرف القرار إلا فيه.
يا أهل مكّة: أنتم في أحبّ البلاد إلى الله، وما أخرجكم منه أحد، فاحمدوا الله على هذه النعمة التي تأسّف عليها خير البريّة وسيّد البشريّة محمدٌ –صلى الله عليه وسلم-، عندما قال: "والله إنك لخير أرض الله، وأحبُّ أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرجتُ منك ما خَرْجَتُ".
يا أهل مكة: كم مَرّة أثقلت الذنوبُ كواهلكم، فجئتم مسجدكم، فحططتم عنده الأوزار، ورجعتم كحمائم البيت طُهراً وخِفّة ظهر من الآثام، حتى كادت أرواحكم بالسعادة تطيرُ معها. وكم مَرّةً تغشتكم الهموم والغموم، وقد علمتم أن جلاءها بالله عند حرمه، فما أتيتموه في أيّ ساعةٍ من ليل أو نهار، إلا وخرجتم منه وقد قويت قلوبكم على مكابدة الحياة، وفاقت عزائمُكم كُلّ عقبات الدنيا. وكم مَرّةً لفظتكم الأقاربُ، وتنكّرَ لكم الأهلُ والجيران، فما بئستم ولا يئستم؛ لأن عندكم حرمَ الله: ملاذَ الطريد، وملجأ الخائف، وحمى المستجير، وبيتَ ابنِ السبيل، وفيه طعامه وشرابه: ماء زمزم، وفيه الصلوات المضاعفات، والدعوات المستجابات.
يا أهل مكّة: الناس يصلّون وأنتم تُصلون، لكن صلاتكم بمائة ألف صلاة في غير بلدكم. والناس آمالُهم وأمانيهم تنحصر في أن يتيسّر لهم الطواف حول البيت، وقد لا تتحقِّق تلك الآمال إلا إذا شاخ أحدهم ومال، ولا يبلغ الآخر منه مُنَاهُ إلا وقد شابَ رأسُه وفؤاده. أمّا أنتم فتطوفون بالرضيع والفطيم، ويطوف منكم الصغير والكبير، وتطوفون بالناس تعلمونهم مناسكهم، ولا يمنعكم أحدٌ من حرمكم في جميع أيام عمركم. حتى إذا حَلّ من أحدكم الأجل: صُلّي عليه عند الكعبة، ودُفن بالحرم، فما غُبط أهلُ بلدٍ كما غُبطتم: في الحياة .. وبعد الممات، فهنيئاً لكم.
وهكذا عطاءات البلد الحرام.
يا أهل مكّة: كل عطاءات البلد الحرام لغير أهله هي لكم بأوفر حظٍّ منها وأتمِّ نصيب، ولكم من عطاءاته ما لا يحصل لغيركم، والناس من غير أهل بلدكم قد أعظموا عطاءاته لهم، حتى كان له في نفوسهم من الحُبّ والشوق مَا لا يُعرف لبلد غيره، ولا يَعْرِفُه قلبٌ لبلد ولا بلدٌ من قلب. فماذا يجب أن يكون في قلوبكم لبلدكم هذا، الذي لا يُوجَدُ بلدٌ عطاؤه كعطائه، ولن يوجد؟!!
يا أهل مكّة: أنتم في خير أرض الله، وفي أحب البلاد إلى الله؛ فكونوا خيرَ عباد الله وأحبَّ عباد الله إلى الله "الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات".
لئن كانت هذه بعض عطاءات البلد الحرام، فماذا أعطينا البلد الحرام؟!!!
سؤال يحتاج إلى جواب: "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان".
--------------------------------------------------------------------------------
(1) قال سعيد بن جبير ومجاهد في قوله تعالى "وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً": "وقرت في قلب كل مؤمن ذكر وأُنثى". (تفسير أبن جرير:16/ 515، 517).
وصحّ عن عدد من السلف: منهم ابن عباس –رضي الله عنه: أن الناس كلّهم سمعوا نداء إبراهيم عليه السلام، حتى من هُم في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فأجابه من آمن ممن سبق في علم الله تعالى أن يحجّ إلى يوم القيامة: لبيِك اللهم لبيك. (تفسير الطبري: 16/ 514 - 517)، واخبار مكة للفاكهي: رقم (973 - 978).
(2) حديث "هنا تكسب العبرات" لا يصح، لكن صحح ابن خزيمة أن النبي –صلى الله عليه وسلم- حين استلم الحجر فأضت عيناه بالبكاء، ووافقه على تصحيحه الحاكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/329)
ـ[المقدادي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 06:46 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الشريف حاتم العوني
و نحن مشتاقين لزيارة مكة و المسجد الحرام يسر الله لنا ذلك(55/330)
سؤال في الجمع1
ـ[ضفيري عزالدين]ــــــــ[11 - 12 - 05, 07:56 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
لو أديت صلاة الظهر و العصر جمعا بعد أن عزمت على السفر، ثم وقع لي طارئ حتى أذن العصر في مكان إقامتي، فهل أعيد صلاة العصر؟
ـ[زياد عوض]ــــــــ[12 - 12 - 05, 02:52 ص]ـ
لا إعادة عليك لأنّ ذمتك برأت من العباده والله تعالى لم يوجب علينا العصر في اليوم الواحد إلّا مرة واحدة
ولكن لا تجمع حتى تفارق عامر بلدك على قول جماهير أهل العلم 0(55/331)
سؤال في الجمع 2
ـ[ضفيري عزالدين]ــــــــ[11 - 12 - 05, 07:59 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
هل لي أن أصلي الظهر و العصر جمعا، مع العلم أنني سأصل الى البلد الذي أقصد السفر إليه قبل صلاة العصر؟
ـ[زياد عوض]ــــــــ[12 - 12 - 05, 02:47 ص]ـ
نعم، لك أن تجمع بينهما، ولو وصلت قبل الثانية لأنّك مسافر رخص لك في الجمع، ولكن لا تجمع ولا تقصر حتى تفارق عمران بلدك على قول جماهير أهل العلم 0(55/332)
من أنشأ ميقات ذات عرق .. ؟
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[11 - 12 - 05, 09:00 م]ـ
قد أختلف أهل العلم في أنشاء ميقات ذات عرق وهل صحيح أن الذي أنشائه هو الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[11 - 12 - 05, 10:39 م]ـ
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسيره:
وأما الميقات الخامس الذي اختلف العلماء فيه، هل وقته رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو وقته عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فهو: ذات عرق لأهل العراق، فقال بعض أهل العلم. توقيت ذات عرق، لأهل العراق من النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: هو بتوقيت عمر رضي الله عنه. وقال ابن حجر في فتح الباري: كون توقيت ذات عرق، ليس منصوصاً من النبي صلى الله عليه وسلم بل بتوقيت عمر، هو الذي قطع به الغزالي، والرافعي في شرح المسند، والنووي في شرح مسلم، وكذا وقع في المدونة لمالك وصحح الحنفية، والحنابلة، وجمهور الشافعية، والرافعي في الشرح الصغير، والنووي في شرح المهذب: أنه منصوص. انتهى محل الغرض من فتح الباري.
وقال النووي في شرح مسلم في الكلام على ميقات ذات عرق: واختلف العلماء، هل صارت ميقاتهم بتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم، أم باجتهاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟ وفي المسألة وجهان لأصحاب الشافعي أصحهما، وهو نص الشافعي رضي الله عنه في الأم: بتوقيت عمر رضي الله عنه. انتهى محل الغرض منه. وقال النووي في شرح المهذب، وممن قال إنه مجتهد فيه من السلف، طاوس، وابن سيرين، وأبو الشعثاء جابر بن زيد وحكاه البيهقي وغيره عنهم، وممن قال من السلف إنه منصوص عليه: عطاء بن أبي رباح وغيره، وحكاه ابن الصباغ، عن أحمد، وأصحاب أبي حنيفة، وإذا عرفت اختلاف أهل العلم فيمن وقت ذات عرق لأهل العراق، فهذه تفاصيل أدلتهم.
أما الذين قالوا: إنه باجتهاد من عمر فاستدلوا بما رواه البخاري في صحيحه:
حدثني علي بن مسلم، حدثنا عبد الله بن نمير، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما فتح هذان المصران أتوا عمر فقالوا: يا أمير المؤمنين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّ لأهل نجد: قرناً، وهو جَوْرٌ عَنْ طريقنا، وإنا إن أردنا قرناً شق علينا. قال: فانظروا حذوها من طريقكم، فحدَّ لهم ذات عرق ا هـ منه. قالوا: فهذا الحديث الصحيح صريح في أن توقيت ذات عرق باجتهاد من عمر، وقد جاءت بذلك أيضاً آثار عن بعض السلف.
وأما الذين قالوا: إنه بتوقيت النَّبي صلى الله عليه وسلم، فاستدلوا بأحاديث منها: ما رواه مسلم في صحيحه، وحدثني محمد بن حاتم، وعبد بن حميد، كلاهما عن محمد بن بكر، قال عبد: أخبرنا محمد، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يسأل عن المهل؟ فقال: سمعت أحسبه رفع إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم، فقال: مهل أهل المدينة، من ذي الحليفة والطريق الآخر الجحفة، ومهل أهل العراق: من ذات عرق، ومهل أهل نجد: من قرن. ومهل أهل اليمن: من يلملم. انتهى منه. وهذا الإسناد صحيح كما ترى إلا أنه ليس فيه الجزم برفع الحديث إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم. وقال النووي في شرح المهذب في هذا الحديث: فهذا إسناد صحيح، لكنه لم يجزم برفعه إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم: فلا يثبت رفعه بمجرد هذا، ورواه ابن ماجه من رواية إبراهيم بن يزيد الخوزي بضم الخاء المعجمة بإسناده عن جابر مرفوعاً بغير شك، لكن الخوزي ضعيف، لا يحتج بروايته ورواه الإمام أحمد في مسنده، عن جابر، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، بلا شك أيضاً، لكنه من رواية الحجاج بن أرطاة، وهو ضعيف، وعن عائشة «أن النَّبي صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل العراق: ذات عرق» رواه أبو داود والنسائي والدارقطني وغيرهم بإسناد صحيح، لكن نقل ابن عدي: أن أحمد بن حنبل أنكر على أفلح بن حميد روايته هذه، وانفراده به مع أنه ثقة، وعن الحارث بن عمرو السهمي الصحابي رضي الله عنه: «أن النَّبي صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل العراق: ذات عرق» رواه أبو داود، وعن عطاء عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: «أنه وقت لأهل المشرق: ذات عرق» رواه البيهقي، والشافعي بإسناد حسن، عن عطاء، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وعطاء من كبار التابعين. وقد قدمنا في مقدمة هذا الشرح أن مذهب الشافعي الاحتجاج بمرسل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/333)
كبار التابعين، إذا اعتضد بأحد أربعة أمور.
منها: أن يقول به بعض الصحابة، أو أكثر العلماء، وهذا قد اتفق على العمل به الصحابة، ومن بعدهم، قال البيهقي: هذا هو الصحيح من رواية عطاء أنه رواه مرسلاً، قال: وقد رواه الحجاج بن أرطاة، عن عطاء وغيره متصلاً، والحجاج ظاهر الضعف. انتهى كلام النووي. وقال صاحب نصب الراية: وأخرجه الدارقطني في سننه، وابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي في أسانيدهم، عن حجاج، عن عطاء، عن جابر. وحجاج لا يحتج به، وذكر الحافظ في الفتح أن أحمد روى هذا الحديث من طريق ابن لهيعة من غير شك في الرفع.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر القولين عندي دليلاً أن ذات عرق، وقتها النَّبي صلى الله عليه وسلم لأهل العراق، والدليل على ذلك من وجهين:
أحدهما: أن ذلك ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، في أحاديث منها: ما هو صحيح الإسناد، ومنها: ما في إسناده كلام، وبعضها يقوي بعضاً.
قال أبو داود رحمه الله في سننه: حدثنا هشام بن بهرام المدائني، ثنا المعافى بن عمران، عن أفلح يعني: ابن حميد، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق» انتهى من سنن أبي داود، وهذا الإسناد صحيح كما ترى، لأن طبقته الأولى هشام بن بهرام المدائني أبو محمد، وهو ثقة، وطبقته الثانية: المعافى بن عمران الأزدي الفهمي أبو مسعود الموصلي، وهو ثقة عابد فقيه. وطبقته الثالثة: أفلح بن حميد بن نافع المدني أبو عبد الرحمن، ويقال له: ابن صغيراء، وهو ثقة، وطبقته الرابعة، والخامسة القاسم بن أبي بكر، عن عمته عائشة رضي الله عنها، فهذا إسناد في غاية الصحة كما ترى.
وقال النسائي في سننه: حدثنا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، قال: حدثنا أبو هاشم محمد بن علي عن المعافى، عن أفلح بن حميد، عن القاسم، عن عائشة قالت «وقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة: ذا الحُليفة، ولأهل الشام ومصر: الجحفة، ولأهل العراق: ذات عرق، ولأهل نجد: قرناً، ولأهل اليمن: يلملم» وهذا إسناد صحيح أيضاً، لأن طبقته الأولى محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي وهو ثقة حافظ، وطبقته الثانية هي أبو هاشم محمد بن علي الأسدي، وهو ثقة عابد وباقي الإسناد، هو ما تقدم الآن في إسناد أبي داود، وكلهم ثقات كما أوضحناه الآن، فهذا الإسناد لا شك في صحته ومتنه فيه التصريح بتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم ذات عرق لأهل العراق.
واعلم أن تضعيف من ضعف هذا الحديث بأن الإمام أحمد رحمه الله، أنكر على أفلح بن حميد ذكره في هذا الحديث لذات عرق، وأنه انفرد بذلك غير مسلم لأن أفلح بن حميد ثقة وزيادة العدل مقبولة، ولا يضره انفراد المعافى بن عمران أيضاً لأنه ثقه، وكم من حديث صحيح غريب انفرد به ثقة عن ثقة، كما هو معلوم في الأصول وعلم الحديث. وقال الشيخ الذهبي رحمه الله في ميزان الاعتدال في نقد الرجال في ترجمة أفلح بن حميد المذكور: وثقه ابن معين، وأبو حاتم. وقال ابن صاعد: كان أحمد ينكر على أفلح بن حميد قوله: ولأهل العراق ذات عرق، وقال ابن عدي في الكامل: هو عندي صالح، وهذا الحديث ينفرد به المعافى بن عمران، عن أفلح، عن القاسم عن عائشة.
قلت: هو صحيح غريب. انتهى كلام الذهبي. وتراه صرح بأن هذا الحديث صحيح غريب، مع أن هذا الحديث في توقيت النبي صلى الله عليه وسلم ذات عرق، لأهل العراق له شواهد متعددة.
منها: حديث جابر في صحيح مسلم، وإن كان لم يجزم فيه بالرفع، لأن قوله: أحسبه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ظن من أبي الزبير أن جابراً رفع الحديث، وهذا الظن يقوي الروايات، التي فيها الجزم بالرفع.
ومنها: ما رواه أبو داود في سننه: حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج، حدثنا عبد الوارث، حدثنا عتبة بن عبد الملك السهمي، حدثني زرارة بن كريم: أن الحارث بن عمرو السهمي، حدثه: قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمنى أو بعرفات، وقد أطاف به الناس قال: فتجيء الأعراب، فإذا رأوا وجهه قالوا: هذا وجه مبارك، قال: ووقت ذات عرق: لأهل العراق. انتهى منه. وهذا الإسناد لا يقل عن درجة الحسن، لأن طبقته الأولى: عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج أبو معمر المقعد التميمي المِنْقَري، وهو ثقة ثبت رمِيَ بالقدر، وطبقته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/334)
الثانية: عبد الوارث وهو ابن سعيد بن ذكوان العنبري مولاهم أبو عبيدة التنوري، وهو ثقة ثبت رمِيَ بالقدر ولم يثبت عنه، وطبقته الثالثة: عتبة بن عبد الملك السهمي، وهو بصري. ذكره ابن حبان في الثقات، وطبقته الرابعة: زرارة بن كريم بن الحارث بن عمرو السهمي، وهو له رؤية،
وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وطبقته الخامسة: الحارث بن عمرو السهمي الباهلي رضي الله عنه وهو صحابي، فهذا الإسناد لا يقل عن درجة الحسن، وهو صالح لأن يعتضد به حديث عائشة المتقدم عند أبي داود، والنسائي الذي قدمنا: أن إسناده صحيح، وقد سكت أبو داود على هذا الحديث. ومعلوم أن أبا داود إذا سكت على حديث، فهو صالح للاحتجاج عنده، كما قدمناه مراراً. وقد ذكر ابن حجر في الإصابة في ترجمة الحارث بن عمر والمذكور: أن حديثه هذا صححه الحاكم، ولم يتعقب ذلك بشيء. وذكر البخاري هذا الحديث في تاريخه في ترجمة زرارة بن كريم بالسند الذي رواه به أبو داود، ولم يتعقبه بشيء.
ومنها: ما رواه أحمد، وابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم والدارقطني في سننه: عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت ذات عرق: لأهل العراق من غير شك في الرفع، وقد قدمنا في كلام النووي، والزيلعي، وابن حجر: أن في إسناده ابن لهيعة، والحجاج بن أرطاة، وكلاهما ضعيف.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: لا شك أن رواية الحجاج بن أرطاة معتبر بها صالحة لاعتضاد غيرها، ومن أجل ذلك أخرج له مسلم في صحيحه مقروناً بغيره، كما قاله الذهبي في الميزان، وقد أثنى عليه غير واحد، وروى عنه شعبة وقال: اكتبوا حديث حجاج بن أرطاة، وابن إسحاق، فإنهما حافظان. وقال فيه الثوري: ما بقي أحد أعرف بما يخرج من رأسه منه، وقال فيه حماد بن زيد: كان أقهر عندنا لحديثه من سفيان. وقال فيه الذهبي في الميزان: هو أحد الأعلام على لين في حديثه. وقال فيه الذهبي: وأكثر ما نقم عليه التدليس، وفيه تيه لا يليق بأهل العلم، وقال فيه ابن حجر في التقريب: صدوق كثير الخطأ والتدليس ا هـ.
وعلى كل حال: فلا شك في الاعتبار بروايته، وصلاحها لتقوية غيرها، وابن لهيعة لا شك في أن روايته تعضد غيرها، وقد أخرج له مسلم أيضاً مقروناً بغيره. وقد قدمنا الكلام عليه. وعلى كل حال فرواية الحجاج وابن لهيعة عاضدة للرواية الصحيحة. ومنها الحديث الذي رواه عطاء مرسلاً كما قدمنا في كلام النووي، وقد قال: إنه رواه الشافعي والبيهقي بإسناد حسن ومرسل عطاء هذا في توقيت النبي صلى الله عليه وسلم: ذات عرق لأهل العراق محتج به عند الأئمة الأربعة. أما مالك، وأبو حنيفة، وأحمد، فالمشهور عنهم الاحتجاج بالمرسل كما قدمناه مراراً. وأما الشافعي: فقد قدمنا عن النووي: أنه يعمل بمرسل التابعي الكبير إن قال به بعض الصحابة أو أكثر أهل العلم، ومرسل عطاء هذا أجمع على العمل به الصحابة، فمن بعدهم إلى غير ذلك من الأدلة العاضدة، لأن توقيت ذات عرق لأهل العراق من النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن حجر في فتح الباري بعد أن ساق بعض طرق حديث توقيت النبي صلى الله عليه وسلم ذات عرق لأهل العراق ما نصه: وهذا يدل على أن للحديث أصلاً، فلعل من قال: إنه غير منصوص لم يبلغه، ورأى ضعف الحديث باعتبار أن كل طريق لا يخلو من مقال. انتهى محل الغرض منه.
وقد بينا أن بعض روايات هذا الحديث صحيحة، ولا يضرها انفراد بعض الثقات بها.
الأمر الثاني من الأمرين المذكورين في أول هذا المبحث: هو إنما ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عمر، مما يدل على أن توقيت ذات عرق، لأهل العراق باجتهاد من عمر، كما قدمناه لا يعارض هذه الأدلة التي ذكرناها، على أنه منصوص، لاحتمال أن عمر لم يبلغه ذلك، فاجتهد فوافق اجتهاده توقيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهو رضي الله عنه معروف أنه وافقه الوحي في مسائل متعددة، فلا مانع من أن تكون هذه منها لا شرعاً ولا عقلاً ولا عادة. وأما إعلال بعضهم حديث ذات عرق، بأن العراق لم تكن فتحت يومئذ فقد قال فيه ابن عبد البر: هي غفلة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت لأهل النواحي قبل الفتوح، لأنه علم أنها ستفتح، فلا فرق في ذلك بين الشام والعراق. انتهى بواسطة نقل ابن حجر في الفتح.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[12 - 12 - 05, 05:57 ص]ـ
الذي أنشأ ميقات ذات عرق هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ومن رفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد غلط.(55/335)
أول من أقرّ الإجازة الإسبوعية في يومي الخميس والجمعة.
ـ[المسيطير]ــــــــ[11 - 12 - 05, 11:19 م]ـ
ذكر معالي الشيخ صالح آل الشيخ وفقه الله تعالى في إحدى لقاءته بأن أول من أقرّ الإجازة الإسبوعية في يومي الخميس والجمعة دون غيرهما من الأيام هو:
أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولم يُحِلْ إلى مرجع.
فهل سمع الإخوة بذلك؟.
ـ[السدوسي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 10:15 ص]ـ
لعلك تسأله عن المرجع.
والذي أعرفه أنه لايعرف عند السلف شيء اسمه إجازة، حتى يوم الجمعة كان يوم عمل عندهم ولهذا اجتهد عثمان في سن الأذان الأول ليعلم البائعين بقرب الأذان الثاني كي يستعدوا.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[12 - 12 - 05, 05:39 م]ـ
وفقكم الله.
نعم ذكر ذلك بعض الناس عن الخليفة الراشد عمر - رضي الله عنه - ولكن الذي أذكره أن ذلك خاص بالصبيان في الكتاتيب ممن يحفظون القرآن ... لعل ممن ذكر ذلك العلامة الشيخ عبد الحي الكتاني في < التراتيب الإدارية >.
وأذكر أن الشيخ ناصر الدين الألباني - رحمه الله - عدّ العطلة يوم الجمعة من البدع في رسالته < الأجوبة النافعة > أظنه نقل ذلك عن الإمام الغزالي - رحمه الله -.
ـ[المسيطير]ــــــــ[12 - 12 - 05, 09:19 م]ـ
نعم ذكر ذلك بعض الناس عن الخليفة الراشد عمر - رضي الله عنه - ولكن الذي أذكره أن ذلك خاص بالصبيان في الكتاتيب ممن يحفظون القرآن ... لعل ممن ذكر ذلك العلامة الشيخ عبد الحي الكتاني في < التراتيب الإدارية >.
الشيخ الكريم / الفهم الصحيح
جزاك الله خير الجزاء،،،
بحثت في الكتاب ولم أجد شيئا.
وفقك الله أينما كنت.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[13 - 12 - 05, 01:18 ص]ـ
وفقك الله لكل خير ... ورفع درجتك في عليين.
لعلك تنظر في الجزء الثاني صـ 293 من الطبعة الأولى أو مصورتها ... أدام الله توفيقك معانا مبرورا.
ـ[العوضي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 07:06 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم (المسيطير) على ما تنقله لنا
ــــــــــــــ
أخي الكريم (الفهم الصحيح) أرجو أن تراسلني على البريد المذكور في توقيعي للأهمية
ـ[المسيطير]ــــــــ[13 - 12 - 05, 02:00 م]ـ
وفقك الله لكل خير ... ورفع درجتك في عليين.
لعلك تنظر في الجزء الثاني صـ 293 من الطبعة الأولى أو مصورتها ... أدام الله توفيقك معانا مبرورا.
الشيخ الفاضل / الفهم الصحيح
أعتذر، حيث أن الطبعة التي لديّ هي الطبعة الأولى، لكنها في جزء واحد، لذلك اختلفت عليّ.
فليتك تتكرم ببيان أي فصل يندرج تحته المطلوب.
وفقك الله.
الأخ الكريم / العوضي
جزاك الله خير الجزاء.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[13 - 12 - 05, 05:03 م]ـ
نعم أخي المسيطير حبا وكرامة ...
نعم ذكر ذلك بعض الناس عن الخليفة الراشد عمر - رضي الله عنه - ولكن الذي أذكره أن ذلك خاص بالصبيان في الكتاتيب ممن يحفظون القرآن ... لعل ممن ذكر ذلك العلامة الشيخ عبد الحي الكتاني في < التراتيب الإدارية >.
قال الشيخ عبد الحي الكتاني - رحمه الله - في كتابه الماتع < التراتيب الإدارية > 2/ 293 - 294 " باب في المكاتب لقراءة الصبيان ": ( .... وسئل الأستاذ الكبير الشيخ المختار الكتبي عن الأصل في ترك المعلم للصبي قراءة الخميس والأربعاء والجمعة، فأجاب: بأن الصحابة كانوا قبل ولاية عمر إنما يقرئ الرجل ابنته وأخاه الصغير، ويأخذ الكبير عن الكبير، مفاهمة لسيلان أذهانهم، فلما كثرت الفتوحات وأسلمت الأعاجم وأهل البوادي وكثر الولدان أمر عمر ببناء بيوت المكاتب ونصب الرجال لتعليم الصبيان وتأديبهم، وكانوا يسرمدون القراءة في الأسبوع كله، فلما فتح عمر الشام ورجع قافلا للمدينة؛ تلقاه أهلها ومعهم الصبيان، وكان اليوم الذي لاقوه فيه يوم الأربعاء، فظلوا معه عشية الأربعاء ويوم الخميس وصدر يوم الجمعة، فجعل ذلك لصبيان المكاتب، و أوجب لهم سنة الإستراحة، ودعا على من عطل هذه السنة، ثم اقتدى به السلف في الإستراحات المشروعة إلى يومنا هذا، وهي يوم النحر، وثلاثة أيام بعده، ويوم الاثنين سروا بمولد المصطفى - عليه السلام - وثلاثة أيام قبل المولد، وثلاثة أيام بعده، ويوم المولد كانوا يسمونها التجميمات).
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[13 - 12 - 05, 05:54 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/336)
من المدونة 1/ 164 (الألفية): "قال مالك: وبلغني أن بعض أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كانوا يكرهون أن يترك الرجل العمل يوم الجمعة كما تركت اليهود والنصارى العمل في السبت والأحد".
ـ[المسيطير]ــــــــ[13 - 12 - 05, 09:01 م]ـ
الشيخ المبارك / الفهم الصحيح
جزاك الله خير الجزاء، وبارك الله فيك وفي عمرك وعلمك وعملك وأهلك وذريتك ومالك، ورزقك من خيري الدنيا والآخرة من حيث لاتحتسب.
الشيخ الفاضل / هيثم حمدان
جزاك الله خيرا.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[14 - 12 - 05, 03:02 ص]ـ
ولك مثل ذلك أخي الفاضل المسيطير ... وأدام الله مودتك ... وكلاءك بحفظه التام ...
======================
من المدونة 1/ 164 (الألفية): "قال مالك: وبلغني أن بعض أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كانوا يكرهون أن يترك الرجل العمل يوم الجمعة كما تركت اليهود والنصارى العمل في السبت والأحد".
أحسن الله إليك أيها المشرف العام ... وهداك الله وجميع إخوانك لما فيه الخير والرشاد والسداد ...
حديثنا السابق إنما كان عن ذكر المصادر التي نسبت إلى الخليفة الراشد عمر - رضي الله عنه - إقرار العطلة الأسبوعية ... أما مشروعية ذلك من عدمه؛ فقد أشرت إلى ذلك بقولي:
وأذكر أن الشيخ ناصر الدين الألباني - رحمه الله - عدّ العطلة يوم الجمعة من البدع في رسالته < الأجوبة النافعة > أظنه نقل ذلك عن الإمام الغزالي - رحمه الله -.
وما ذكرتَه عن المدونة مشهور معلوم من مذهب مالك - رحمه الله - ولذا قال عميد المالكية وملخص مذهبهم خليل بن إسحاق الجندي - رحمه الله رحمة واسعة وأنصفه من منتقديه ظلما - مع شرح العلامة الحطاب - رحمه الله -:
(وَالْعَمَلُ يَوْمَهَا) ش: أَيْ يُكْرَهُ تَرْكُ الْعَمَلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُرِيدُ إذَا تَرَكَهُ تَعْظِيمًا لِلْيَوْمِ كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ الْكِتَابِ وَأَمَّا تَرْكُ الْعَمَلِ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَمُبَاحٌ قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَتَرْكُهُ لِلِاشْتِغَالِ بِأَمْرِ الْجُمُعَةِ مِنْ دُخُولِ حَمَّامٍ وَتَنْظِيفِ ثِيَابٍ وَسَعْيٍ إلَى مَسْجِدٍ مِنْ بُعْدِ مَنْزِلٍ فَحَسَنٌ يُثَابُ عَلَيْهِ انْتَهَى).
ملاحظة: أغلب كتب المالكية التي وقفتُ عليها عزت النص عن الإمام الذي نقلتَه - مشكورا - إلى العتبية ... مع وجوده بالمدونة ... وهي أرفع من العتبية بدرجات ... فالله أعلم بسبب ذلك.
ـ[السنافي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 05:23 ص]ـ
ولذا قال عميد المالكية وملخص مذهبهم خليل بن إسحاق الجندي - رحمه الله رحمة واسعة وأنصفه من منتقديه ظلما -.
آمين ... و لكن السؤال: من هم منتقدوه ظلماً؟؟ (أحتاج إلى الأسماء من فضلك).
و بارك الله فيكم أجمعين.
ـ[المسيطير]ــــــــ[28 - 11 - 06, 05:10 م]ـ
الإخوة الأكارم /
جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[28 - 11 - 06, 08:37 م]ـ
شيخنا الفهم الصحيح
والله أنني أحب اقرأ لك، واي موضوع امامه اسمك لا اتوانى عن دخوله للاستفادة منكم جزاكم الله خيرا
فهلا افدتنا بخصوم خليل؟؟؟ ولماذا دعوتَ عليهم؟؟
ـ[المسيطير]ــــــــ[13 - 12 - 06, 11:49 م]ـ
(تغيير العطلة الأسبوعية إلى الجمعة والسبت) للشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=87775
ـ[ابن وهب]ــــــــ[08 - 05 - 07, 09:02 ص]ـ
يقولون في المثل
أثقل من طلعة يوم السبت على الصبيان
ولابن الرومي
أثقل من طلعة يوم السبت
على ابن خمس وعلى ابن ست
ولابن الرومي أيضا
كأنما عض على جلفت
أثقل من طلعة يوم السبت
فيوم السبت بالنسبة للصبيان كان يوما ثقيلا
ووعلى هذا درج الصبيان من قديم الزمان
لأنهم كانوا يودون الراحة
ويوم الخميس إجازة
ـ[المسيطير]ــــــــ[24 - 03 - 08, 10:49 م]ـ
الأخ الفاضل / ابن وهب
جزاك الله خير الجزاء، وأجزله، وأكمله، وأوفاه.
ـ[المسيطير]ــــــــ[25 - 03 - 09, 06:19 م]ـ
قال الشيخ بكر أبوزيد رحمه الله تعالى في كتابه: (حلية طالب العلم) ص65:
" ولهذا كانت العطل الأسبوعية للطلاب منتشرة منذ أمد بعيد، وكان الأغلب فيها؛ يوم الجمعة، وعصر الخميس، وعند بعضهم يوم الثلاثاء، ويوم الأثنين، وفي عيدي الفطر والأضحى من يوم إلى ثلاثة أيام وهكذا " أ. هـ
--
لطيفة:
من عجائب الموافقات أن بين هذه المشاركة والمشاركة التي قبلها سنة كاملة بالضبط:).(55/337)
هل الاصل فى العبادات القياس؟؟؟
ـ[ابو بكر السلفى]ــــــــ[11 - 12 - 05, 11:45 م]ـ
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
ارجوا الافاده فى هذا الامر:
هل الاصل فى العبادت انها توقفيه ام الاصل فيها القياس؟؟
وان كانت على القياس!! فهل بذلك نحن نفتح باب كبير للاجتهاد فى انشاء او ابتداع عبادات جديده
وان كانت كذلك فعلا فما هو حد القياس؟؟
وجزاكم الله خيرا
[/]
ـ[ابوعبدالله اليافعي]ــــــــ[11 - 12 - 05, 11:48 م]ـ
الأصل فيها التوقف ويأتي التفصيل ان شاء الله
ـ[ماجد الودعاني]ــــــــ[12 - 12 - 05, 01:17 م]ـ
ينص الأصوليون في حديثهم في مباحث القياس ألا مدخل للقياس في العبادات ..
ـ[ابو بكر السلفى]ــــــــ[13 - 12 - 05, 04:32 م]ـ
?????????(55/338)
كتاب شرح منتهى الإرادات
ـ[الصحبة الصالحة]ــــــــ[11 - 12 - 05, 11:58 م]ـ
ماهو أفضل شرح وطبعة لكتاب منتهى الإرادات؟
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[12 - 12 - 05, 12:04 ص]ـ
هنا فائدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=26747&highlight=%E1%E3%E4%CA%E5%EC
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 12:25 ص]ـ
هنا فائدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=33380
ـ[عبد البصير]ــــــــ[12 - 12 - 05, 10:36 ص]ـ
من أفضل الشروح شرح البهوتي (دقائق أولي النهى) بتحقيق التركي.(55/339)
قاعدة ذكرها الشيخ عبدالله آل بسام في العذر بالجهل
ـ[أبو عبدالله الجبوري]ــــــــ[12 - 12 - 05, 02:26 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
قال الشيخ عبدالله آل بسام: " إن المأمورات لايعذر فيها بالجهل، بخلاف المنهيات. وهذه قاعدة عامة نافعة ".
انتهى من كتاب تيسير العلام شرح عمدة الأحكام عند شرح الحديث التاسع والثلاثين بعد المائة.
فهل هذه القاعدة عامة كما قال الشيخ أم لا؟
والله يحفظكم
والسلام
ـ[الغواص]ــــــــ[12 - 12 - 05, 06:38 ص]ـ
الأصل العموم فما الدليل من الكتاب أو السنة على هذا التفريق!؟ وما السبب الذي دفعهم لهذا القول؟!!
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[12 - 12 - 05, 07:25 ص]ـ
أخطأ أخونا الجبوري في النقل، أو أن الخطأ ممن نقل هو عنه، وسأورد الحديث المشار إليه، ثم أورد الكلام كاملاً.
الحديث هو: عَن البَرَاءِ بن عَازبٍ رَضيَ الله عَنهمَا قَالَ: خَطَبَنَا النَّبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمَ الأضْحَى بَعْدَ الصَّلاة، فَقَال: ”من صَلَّى صَلاَتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا فَقَدْ أصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصلاةِ فَلاَ نُسُكَ لَه“.
ثم شرع الشيخ في بيان غريب الحديث، ثم المعنى الإجمالي، ثم ما يؤخذ من الحديث، وقال تحته:
(قال ابن دقيق العيد: وفيه دليل على أن المأمورات إذا وقعت على خلاف مقتضى الأمر لم يعذر فيها بالجهل، بخلاف المنهيات، فقد فرقوا في ذلك، فعذروا في المنهيات بالنسيان والجهل، وقال الصنعاني: ويدل على ذلك أمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المسيء في صلاته بإعادتها مع تصريحه بأنه لا يحسن سواها، وكذلك أمر من نحر قبل الصلاة بالإعادة، وهذه قاعدة نافعة) انتهى.
فالكلام ليس على الإثم، بل على عدم الإجزاء إذا أدي المأمور به على خلاف الشرع، بل تجب الإعادة وإن لم يكن ثَمَّ إثم، وأما إذا ارتكب محظورًا ناسيًا أو جاهلاً فلا شيء عليه، ودليله حديث معاوية بن الحكم الذي تكلم في صلاته قبل أن يعلم، فعلمه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولم يأمره بالإعادة.
أرجو أن يكون اللبس قد اتضح، والله المستعان.
ـ[أبو عبدالله الجبوري]ــــــــ[12 - 12 - 05, 02:05 م]ـ
لم يخطئ أخوكم الجبوري في النقل، بل ذلك النص موجود كما نقل في النقطة الثامنة من الاستنباطات التي ذكرها الشيخ، ص 340، الجزء الأول، طبعة دار أم القرى للطباعة والنشر، القاهرة.
وليس في الطبعة المشار إليها ذكر لابن دقيق في شرح هذا الحديث.
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[09 - 07 - 07, 12:04 ص]ـ
!!!!!!!!!
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[09 - 07 - 07, 12:10 ص]ـ
نعم لم يخطى أخونا الجبوري في النقل بل وقال الشيخ هذا الكلام أيضا في توضيح الأحكام من بلوغ المرام، ودليل الشيخ قصة معاوية بن الحكم السلمي عندما تكلم في صلاته لم يؤمر بالإعادة فعذر بجهله حرمة الكلام في الصلاة لأنه ارتكب نهيا، والدليل الاّخر قصة المسيء صلاته فلم يعذر بجهله لتركه مأمورا وهو الطمأنينة.
وهناك من العلماء من جمع جمعا اّخر فمن قائل إن معاوية بن الحكم كان متأولا، بخلاف المسيء صلاته، فكل من كان متأولا تجزئه عبادته، ومنهم من قال لأن الكلام كان مباحا في بادىء الأمر ...... إلخ
وجزاكم الله خيرا.
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[09 - 07 - 07, 12:25 ص]ـ
(قال ابن دقيق العيد: وفيه دليل على أن المأمورات إذا وقعت على خلاف مقتضى الأمر لم يعذر فيها بالجهل، بخلاف المنهيات، فقد فرقوا في ذلك، فعذروا في المنهيات بالنسيان والجهل، وقال الصنعاني: ويدل على ذلك أمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المسيء في صلاته بإعادتها مع تصريحه بأنه لا يحسن سواها، وكذلك أمر من نحر قبل الصلاة بالإعادة، وهذه قاعدة نافعة) انتهى.
نقل الأخ أسامة عباس نقل صحيح ...
انظر:
طبعة دار الميمان (1/ 383)
طبعة دار الذخائر ومؤسسة الريان (ص310)
مع العلم أن طبعة الميمان آخر طبعات هذا السِفر المبارك، وأشرف على إخراجها ابن الشيخ/بسام بن عبدالله البسام الذي قال في المقدمة:
(فهذا الكتاب الذي بين يديك هو الطبعة الشرعية الأولى والوحيدة بعد وفاة المؤلف رحمه الله)
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[09 - 07 - 07, 01:45 ص]ـ
حيا الله أخانا الجبوري بعد طول غياب عسى المانع فيه خيرا.
لقد سألت عنك في المنتدى، لكن ما من مجيب!
على كل حال حياك الله أخي الحبيب.(55/340)
أخ سائل، هل يذهب ليتعلم اللغة والنحو عند جماعة من الصوفية
ـ[أبو البراء الجبرتي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 05:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أخواني ومشائخي الكرام بارك الله فيكم، عندي أخ وصديق حميم من البوسنة، كان قد طلب العلم عن طريق بعض المراكز الصيفية في البوسنة التي نظمتها كلٌ من مركز الحرمين والندوة العالمية للشباب الإسلامي، وقرأ لكتب بعض العلماء، وهو يرأس مركزاً إسلامياً في السويد وعمر هذا الشاب 27، فأراد أن يتعمق في طلب العلم ليقوم بالدعوة بين جماعته المتؤثرة بالبدع والتقاليد، والمفتاح لذلك هي اللغة العربية، فوجد فرصة في مجمع الشيخ كفتارو في سوريا، والذي أعلمه أنه الشيخ صوفي وقد يكون من أتباع الطرق والله أعلم.
واستشارني هذا البوسنوي في الذهاب هناك إذن أن الفرصة سانحة، فهل هناك خطر على عقيدته ومنهجه إذا التحق بهذا المجمع، مع العلم أنه حاول إيجاد بديل كجامعة المدينة ولكن القوانين هناك لاتسمح لمن تجاوز عمره الخامسة والعشرين ولايجد بديل أخر، فماذا يفعل أشيرونا بارك الله فيكم.
هذا رابط المجمع http://www.abunour.net/Arabic/index.htm
ـ[حارث همام]ــــــــ[12 - 12 - 05, 10:11 ص]ـ
الأخ الكريم ..
لعل من الحكمة أن تنصحه بعدم الذهاب إلى هناك لأجل تعلم اللغة العربية، فليس بمتعذر طلب تعلم اللغة العربية في غيره ولو عن طريق الشريط أو أنماط الدراسة عن بعد.
خاصة وأن المركز لن يدرس اللغة فحسب، بالإضافة إلى بعض الأفكار المشكلة التي عرف بها كالدعوة إلى تقارب الأديان، وقد سمعت قديماً كلمات لهم في هذا الباب يشكل تخريجها بحق.
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 02:37 م]ـ
لم يضيق الله تعالى عليه، ومن طلب العلم وجده، فعليه أن يبحث عن وسيلة أخرى، لا سيما أن هذا الأخ غير عربي فيخشى عليه من مثل هذه الأماكن، ولو ذهب للأزهر لكان خيرا له وأولى من ذلك بكثير، مع أن الأزهر لا تدرس فيه عقيدة السلف لكنه أخف بكثير جدا من مثل تلك الأماكن والله تعالى أعلم
ـ[أبو البراء الجبرتي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 11:22 م]ـ
جزاكم الله خيراً على الإجابة، نصحته بذلك بالفعل، وأخبرني أنه كان قد راسل المجمّع فأرسلوا له استمارة للتسجيل، واشترطوا عليه أن يسلّمهم جواز سفره إلى إنتهاء دراسته في المجمع! (يبدو غريباً وغير منطقياً)
والشاب يبدو أنه مغتر شيئاً ما لأنه لايخشى على نفسه من الفتنة أو التأثر بشبهاتهم، لذلك من كان عنده معلومات أكثر عن المجمع فاليأتنا بها مشكوراً، بالذات عن مايخص مناهجهم وأهدافهم، وهل هم ممن يعادون أهل السنة هناك كالنصيرية والأحباش. أفيدونا بارك الله فيكم.
ملاحظة: من كان يعرف معهداً لتعليم العلوم الشرعية مع اللغة العربية فاليدلنا عليه، فإيجاد البديل السليم مهم جداً، وبارك الله فيكم.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[13 - 12 - 05, 09:52 م]ـ
لا أنصحه بالذهاب، فيستطيع أن يتعلم النحو و علوم اللغة عن طريق الأشرطة، و قد سمعت العلامة ابن عثيمين في شرح حلية طالب العلم يقول: إن الأشرطة تغني عن الرحلة في طلب العلم، إلا أن للرحلة فوائدج أخرى من الأخذ عن الشيخ مباشرة، و طرح الأسئلة عن المشكلات، و كذلك أخذ الأخلاق من الشيخ، و غير ذلك.
لكن المقصود، أنه يمكن أن يحصل، و ما أحسن ما قاله أحد العلماء: إن السماع من الشريط، كسماع المرأة من وراء حجاب.
فلا أنصح أخي بالذهاب، خاصة و أن أهل السنة متوافرون، و لعل الإخوة يعينونك في تحصيل مرادك.
ـ[ابو ساري]ــــــــ[13 - 12 - 05, 10:08 م]ـ
انصحه كذلك بعدم الذهاب ومثل ماذكرو الاخوه عليه بالاشرطه في موضوع النحو
غير اني انصحه في المقام الاول ان يتعلم العقيدة الصحيحه وهو الواجب لحق الله تعالي ومن ثم بعد ذلك يتعلم ماتبقي من العلوم كحديث النبي صلي الله عليه وسلم والتفقه بالدين واللغه العربيه لاشك في اهميتها لاكن يبداء الاهم فالاهم ... والله اعلم
ـ[السنافي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 03:41 ص]ـ
اعوجاج لسانه أهون من اعوجاج عقيدته ..... !
و من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه.
ـ[سليمان المصرى]ــــــــ[14 - 12 - 05, 03:17 م]ـ
فما فائدة تعلمه العقيدة؟ انه يتعلمها لكى لا يقع فى الخطاء وبعدها فليدرس على شيعى ان شاء لانه يعلم شبهاته ولكن هناك اماكن افضل من هذا لتعلم اللغه العربيه ان كان الشاب حاصل على مؤهل عالى فلينتسب الى كلية دار العلوم فهى لا تدرس العقيده اصلا ولا يوجد بها سوى مواد الفلسفه كدراسه علميه لا عقديه اما ما قيل عن طلب العلم على الشرائط فهذا مضحك اذ كيف يستفسر من الشريط ان لم يفهم شيئا ما او ورد لديه تساؤل؟
ـ[عصام البشير]ــــــــ[14 - 12 - 05, 08:45 م]ـ
اما ما قيل عن طلب العلم على الشرائط فهذا مضحك اذ كيف يستفسر من الشريط ان لم يفهم شيئا ما او ورد لديه تساؤل؟
ليس في الأمر ما يضحك، بل هو اقتراح جاد ومفيد، خاصة عند الاضطرار.
وهذه الأشرطة من نعم الله على المسلمين عامة، وطلبة العلم خاصة، فليغتنمها من سمت همته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/341)
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[14 - 12 - 05, 09:10 م]ـ
بارك الله فيك
الدراسة على الاشرطة اقتراح جاد ومفيد للغاية كما ذكر الاخ الفاضل عصام البشير
واما عن طريقة الاستفسار فاتصال هاتفي نهاية كل اسبوع استفسار عن بعض الاشكالات
1 -
شرح الشيخ ابن عثيمين في الاشرطة و شرح الشيخ عبدالله الفوزان
واخر كل اسبوع ويتصل سواء على الشيخ عبدالله الفوزان
او رسالة بريدية على موقعه
http://www.islamlight.net/alfuzan/index.php?option=*******&task=view&id=1361&Itemid=51
او الشيخ اللغوي عبدالعزيز الحربي "شارح الالفية"
http://www.islamtoday.net/hotline/hotline2.cfm
2- اقتراح اخر للاخ الفاضل:
الاكاديمية الاسلامية المفتوحة في قناة المجد العلمية:
شرحوا الاجرومية واستضافوا الشيخ النحوي حسن الحفظي - حفظه الله -
وهم الان يعيدون الشرح مع الشيخ السبييهين
وبامكانك ارسال الاسئلة والاختبار فيها كذلك
وسيشرحون الفية ابن مالك بعد ذلك في المستوى الثالث
3 -
اقتراح اخر:
دروس فضيلة الشيخ احمد عمر الحازمي - حفظه الله - في اللغة
ويشرح الجوهر المكنون في فن البلاغة
www.liveislam.net (http://www.liveislam.net/)
وقد شرح السنة الماضية
نظم الاجرومية للشنقيطي
ومتن البناء في الصرف
وطريقة الاستفسار:
بامكانك الاتصال عليه هاتفيا وتنحل الاشكالات
هذه ثلاثة اقتراحات
واتمنى للاخ التوفيق واسال الله ان يجد من اخوانه هنا لين اليد وتوطئة الكنف
ـ[سليمان المصرى]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:54 م]ـ
انا لم اقل ان الاشرطه لاتفيد ولكن لا غنى عن التلقى المباشر على يد المشائخ والاستفسار الهاتفى لن يماثل التلقى المباشرة والا لكانت درجة الكتابه فى التحديث مثل السماع
ـ[أبو البراء الجبرتي]ــــــــ[15 - 12 - 05, 09:14 م]ـ
الأخوة الكرام جزاكم الله خيراً وبارك لكم في أوقاتكم، ولتتسع صدورنا لبعض إن شاء الله، فالمسألة فيها تعقيد، الأشرطة مفيدة لكن صعبة بالنسبة إلى شخص ماتعلم حتى نصف المفردات الدارجة في اللغة العربية، فهو لايتسغني عن المعلم وكان بودي لو أشار أحدكم إلى معهد تعليمي أو شرعي يعطي منحاً بالأخص لأبناء هذه الدول المسلمة التي فعل بها الكفار ماتعلمون، والأخ يواجه مشاكل في المسجد الذي مسؤول عنه، لأن الناس عندهم تعودت على التقاليد لذلك فإنهم يتهمونه بأنه وهاّبي الخ. على العموم ماطرحتموه من اقتراحات كان مفيداً إن شاء الله، سأعرض عليه أن أجلس معه بنفسي مع بعض الكتب التعليمية السهلة وأساعده في تعلم المباديء حتى يصل إلى مستوى لابأس به (إبتدائي أو أعلى) على أن يعدِل عن السفر إلى ذلك المجمّع والله أعلم ونسأله التيسير في ذلك عز وجلّ. وبارك الله فيكم.(55/342)
هل تشتكي من خلق زوجتك؟ يجيبك الإمام ابن الجوزي.
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[12 - 12 - 05, 08:59 ص]ـ
يكثر الطلاق فتجد الرجل يطلق زوجته ويضع الملامة عليها
وتجد الثاني يشتكي من حياته الزوجية وانه يعيش في نكد ومشاكل
والاخر يبكي والثالث علي وشك فراق وقد تزوج قبل بضعة اشهر والله لانها لمأساة يندي لها الجبين
ولكن ما هو سر تمرد وعصيان النساء لازواجهم؟
وما هو سر نشوزهم؟ ولماذا خلقها سئ تجاهك
هل تعرفون ما هو سبب؟ انما هو من معصية الله
وقد كان بعض السلف يعرفون معصيتهم من خلق اهلهم ودوابهم
وكذلك اذا رأيت ابنك او ابنتك تؤذيك فلا تشتكي ولكن انظر الي نفسك وارجع اليها لعلك
تجزي بذنب فعلته في ايام شبابك
وها هو الامام ابن الجوزي يعظ رجلا اشتكي اليه من زوجته
ويعظه موعظة لو اخذ بها الناس في هذا العصر لقل الطلاق والفراق ...
ولم يتركه علي حاله بل وصف له الدواء ونعم الدواء هو وهذا الدواء لا تحتاج ان تذهب الي الصيدلة
ولا ان يعمل عليك عملية ....
================
قال الامام ابن الجوزي رحمه الله:
شكا لي رجل من بغضه لزوجته ثم قال: ما أقدر على فراقها لأمور منها كثرة دينها علي وصبري قليل ولا أكاد أسلم من فلتات لساني في الشكوى وفي كلمات تعلم بغضي لها.
فقلت له: هذا لا ينفع وإنما تؤتى البيوت من أبوابها! فينبغي أن تخلو بنفسك فتعلم أنها إنما سلطت عليك بذنوبك فتبالغ في الاعتذار والتوبة.
فأما التضجر والأذى لها فما ينفع كما قال الحسن بن الحجاج: عقوبة من الله لكم فلا تقابلوا عقوبته بالسيف وقابلوها بالاستغفار.
واعلم أنك في مقام مبتلي ولك أجر بالصبر " وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم " فعامل الله سبحانه بالصبر على ما قضى واسأله الفرج.
فإذا جمعت بين الاستغفار وبين التوبة من الذنوب والصبر على القضاء وسؤال الفرج حصلت ثلاثة فنون من العبادة تثاب على كل منها.
ولا تضيع الزمان بشيء لا ينفع ولا تحتل ظاناً منك أنك تدفع ما قدر: " وإن يمسسك اللّه بضر فلا كاشف له إِلاَّ هو ".
وقد روينا أن جندياً نزل يوماً في دار أبي يزيد فجاء أبو يزيد فرآه فوقف وقال لبعض أصحابه: أدخل إلى المكان الفلاني فاقلع الطين الطري فإنه من وجه فيه شبهة فقلعه فخرج الجندي.
وأما أذاك للمرأة فلا وجه له لأنها مسلطة فليكن شغلك بغير هذا.
وقد روي عن بعض السلف أن رجلاً شتمه فوضع خده على الأرض وقال اللهم اغفر لي الذنب الذي سلطت هذا به علي.
قال الرجل: وهذه المرأة تحبني زائداً في الحد وتبالغ في خدمتي غير أن البغض لها مركوز في طبعي.
قلت له: فعامل الله سبحانه بالصبر عليها فإنك تثاب.
وقد قيل لأبي عثمان النيسابوري: ما أرجى عملك عندك.
قال: كنت في صبوتي يجتهد أهلي أن أتزوج فآبي.
فجاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان إني قد هويتك وأنا أسألك بالله أن تتزوجني.
فأحضرت أباها - وكان فقيراً - فزوجني منها وفرح بذلك.
فلما دخلت إلي رأيتها عوراء عرجاء مشوهة.
وكانت لمحبتها لي تمنعني من الخروج فأقعد حفظاً لقلبها ولا أظهر لها من البغض شيئاً وكأني على جمر الغضا من بغضها.
فبقيت هكذا خمس عشرة سنة حتى ماتت فما من عملي شيء هو أرجى عندي من حفظي قلبها.
قلت له: فهذا عمل الرجال وأي شيء ينفع ضجيج المبتلى بالتضجر وإظهار البغض.
وإنما طريقه ما ذكرته لك من التوبة والصبر وسؤال الفرج.
وبالغ فإن وقع فرج فشيء كأنه ليس في الحساب وإلا فاستعمال الصبر على القضاء عبادة.
وتكلف إظهار المودة لها وإن لم تكن في قلبك تثبت على هذا.
وليس القيد ذنباً فيلام إنما ينبغي التشاغل مع من قيدك به والسلام
ـ[أبومشعل]ــــــــ[12 - 12 - 05, 05:19 م]ـ
رائع جدا!!
ما أحوجنا لمثل هذا!!
لا تحرمنا من مثلها ..
جزاك الله خيراً.
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[13 - 12 - 05, 07:11 ص]ـ
واياك يا اخي الحبيب(55/343)
ابطال لقصة الشافعي (القصة المشهورة في القرآن)
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 09:44 ص]ـ
قال السخاوي في الإعلام بتوبيخ من ذم التاريخ
في معنى كلامه (أن الشافعي لم يقل هذا الكلام لأن الشافعي لم يدرك المأمون فمات قبل ذلك)
والمعذره على عدم الدقة في النقل لأني سمعتها فأحببت إفادتكم والكتاب ليس متوفر عندي
ـ[المسيطير]ــــــــ[12 - 12 - 05, 11:00 م]ـ
الأخ الفاضل / أبامهند
ليتك تتفضل بذكر القصة، ولو بالمعنى.
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 10:42 م]ـ
القصة كما هي معلوم أنه سأل عن القرآن هل هو مخلوق أو لا؟
فأجاب ويشير إلى أصابع يده القرآن والزبور ... كلها مخلوقة(55/344)
هناك ميقات للقادم لمكة من جهة المدينة قبل مكة ب: 150 كيلو تقريبا؟ ما اسم هذا الميقات؟
ـ[صالح العقل]ــــــــ[12 - 12 - 05, 12:02 م]ـ
بسم الله ..
هناك ميقات للقادم لمكة من جهة المدينة قبل مكة ب: 150 كيلو تقريبا؟ ما اسم هذا الميقات؟
ومن أي المواقيت هو؟
ـ[أبو هاشم الحسني]ــــــــ[12 - 12 - 05, 01:05 م]ـ
أخي الفاضل
هو ميقات الجُحْفَة: وهو ميقات أهل الشام ومصر، ومن مرّ عليهما من غير أهلهما. وهي قريبة من رابغ.
وهي تبعد عن مكة حوالي 204 كم والله اعلم
والخلاف في أهل مصر وغيرهم ممن يأتون عبر ميناء جدة أو مطارها معلوم
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[أبو هاشم الحسني]ــــــــ[12 - 12 - 05, 01:06 م]ـ
وإليك هذاا الرابط لترى الجحفة على الخريطة
http://www.naseej.com/islamic/hajj/moaqet.html
ـ[صالح العقل]ــــــــ[12 - 12 - 05, 06:22 م]ـ
وإليك هذاا الرابط لترى الجحفة على الخريطة
http://www.naseej.com/islamic/hajj/moaqet.html
لعله: ميقات محاذ لأحد المواقيت الأخرى.
هل هناك تفصيل أكثر؟
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[12 - 12 - 05, 06:30 م]ـ
لعله: ميقات محاذ لأحد المواقيت الأخرى.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم) متفق عليه.
ـ[صالح العقل]ــــــــ[12 - 12 - 05, 09:40 م]ـ
يحتمل أن يكون الميقات المذكور: محاذ لقرن المنازل.
وقد نسيت اسم الموقع.
ياليت من يعرف الموقع يفيدنا.
ـ[أحمد المحيل]ــــــــ[13 - 12 - 05, 01:52 ص]ـ
المتعارف عليه عند أهل مدينة ((مهد الذهب)) وما حولها أو ما قبلها أن الذي يريد العمره أو الحج فإنه يحرم من محطة الشلاحي القريبه من الخط السريع (المدينه-مكه).
والمحطه محاذيه لأحد المواقيت ولو وصل خط ما بين ذو الحليفه وذات عرق فإنه سيمر بها والله أعلم.(55/345)
ترقبوا .. علماء مغاربة لا يعرفهم المشارقة
ـ[وائل النوري]ــــــــ[12 - 12 - 05, 05:44 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
وبعد:
كنت عرضت على بعض الاخوة الأفاضل ممن عرفوا بالطلب بحثا علميا عن الاستقامة تأصيلا وتفريعا، تنكيتا على مقال لي بالمنتدى وسمته بأعظم الكرامة لزوم الاستقامة، فلم أجد عليه أعوانا .. فأخرت النظر فيه.
ثم بدا لي عند قراءتي لمقال الأخ الفاضل عبد الله راشد في من لم يشتهر بين الناس من علماء مصر.
أن أسلك سبيله مبادرا منتهزا الفرصة حتى لا تفوت علي طلبا للمثوبة والأجر، وتعريفا بحملة العلم الموقعين عن الله تعالى .. وإنها بحق لسنة حسنة في الخير. فجزاك ربي عني خيرا.
وحتى لا يذهب بنا بعض الاخوة المحبين للمشاركة يمينا أو شمالا. اشترطت في ذلك أمورا:
1ـ أن يكون المترجم له على سبيل السلف الصالح.
2ـ أن لا يكون معروفا عند المشارقة.
3ـ أن لا يتوسع في الترجمة إلا فيما دعت إليه الحاجة.
أخوكم وائل
ـ[ابو العز السلمى]ــــــــ[13 - 12 - 05, 02:26 م]ـ
عمل رائع.
جزاك الله خيرا.
ـ[أبو هاشم]ــــــــ[13 - 12 - 05, 02:45 م]ـ
يسر الله لك وجزاك خيرا بالانتظار
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[13 - 12 - 05, 06:18 م]ـ
و الله يا أخي رغم انني لا أعرف شيئ عن بلاد المغرب و لكن أشعر أن العلم مازال باقيا فيها
ـ[وائل النوري]ــــــــ[23 - 12 - 05, 06:54 م]ـ
بعد طول غياب أتحف الاخوة الأفاضل بنادرة من النوادر لا يعرفها كثير من المغاربة فضلا عن المشارقة. أقدم لكم:
العالم العلم محي السنة وقامع البدعة العلامة عبد الرحمان بن محمد بن إبراهيم النتيفي الجعفري ينتهي نسبه إلى زينب بنت فاطمة رضي الله عنها.
ولد سنة 1303هـ حفظ القرآن في صغره، وفي سنة 1316هـ أكمل قراءة الكسائي وحمزة. وفي سنة 1319هـ بدأ قراءة العلم.
فأخذ عن العالم بوشعيب البهلولي والعالم الفاطمي الشرايبي والعالم محمد التهامي كنون والعالم محمد بن جعفر الكتاني والعالم محمد بن الحاج وغيرهم كثير.
وتتلمذ عليه جمع منهم العالم قاضي مراكش جعفر النتيفي والعالم عباس المعداني والفقيه علال التدلاوي وغيرهم من القضاة والعدول والأعلام.
حج وجاهد الاحتلال الفرنسي وحضر مواقع عدة ثم جلس لينشر العلم ويرفع الجهل ويحيي الإسلام والسنة في القبائل البربرية خاصة، فنفع الله تعالى به.
فقد بصره فعوضه الله تعالى بنور البصيرة فكان آية في الذكاء وقوة الحفظ يسرد مئات الأحاديث بأسانيدها عن ظهر قلب، كان من أرباب المناظرة والجدال ظهر فيها علمه وفضله.
عرف بمواقفه العزيزة في الذب عن السنة ونصرة المنهج السلفي في الاعتقاد والاستدلال، كان بحق من مجتهدي الزمان لا يتقيد بمذهب بل يدور مع الدليل.
كان صاحب أخلاق فاضلة، طيب الأعراف، جميل المعاشرة، عذب الفكاهة، مليح النادرة، غاية في الجود والكرم.
أثنى عليه جمع من أهل العلم قال أبو شعيب الدكالي: الألمعي الذكي الحافظ اللودعي الفقيه.
وقال ابن الخياط: الفقيه الأجل المدرس المحقق النفاعة المبارك الأمثل.
وممن أثنى عليه المؤرخ العلامة ابن زيدان والعلامة محمد بن العربي العلوي شيخ العلامة تقي الدين الهلالي رحمه الله.
ولو تتبعنا من أثنى عليه لخرجنا عن المقصود.
مؤلفاته سارت بها الركبان منها:
الاقتصار في جواز الشكوى والانتصار. رد فيه على جماعة من المتصوفة.
الاستفاضة في أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرى بعد وفاته يقظة. رد فيه على السيوطي.
الذكر الملحوظ في نفي رؤية اللوح المحفوظ. رد فيه على المتصوفة. وله كتب عدة في الرد عليهم.
السيف المسلول في الرد على من حكم بتضليل من ترك السيادة في صلاة الرسول.
الأبحاث البيضاء مع الشيخين عبده ورشيد رضا. وهو رد على بعض آرائهما. وله كتاب آخر في الرد عليهما في تعدد الزوجات.
الفائدة المسموعة في لزوم الواحدة في الثلاث المجموعة. وهو حول الطلاق الثلاث في كلمة واحدة.
إرشاد الحيارى في تحريم زي النصارى.
القول المؤيد في أن التيمم يرفع الحدث الرفع المقيد.
أوثق العرى في الأحكام المتعلقة بالشورى.
ومؤلفات الشيخ كثيرة متنوعة أغلبها في الرد على أهل الأهواء.
توفي الشيخ رحمه الله ليلة الثلاثاء 23 ذي القعدة عام 1385هـ بعد مرض دام سنوات أوصى بعدم البناء على قبره، وتأبينه، وكانت جنازته مشهودة.
ـ[محمد بشري]ــــــــ[23 - 12 - 05, 08:54 م]ـ
جزاك الله تعالى خيرا،ومن مؤلفاته النفيسة كتاب تحفة الأكياس في الرد على جهمية البيضاء وفاس. وسأعرض لاحقا مقدمة الكتاب.
والمعذرة على المقاطعة.
ـ[العاصمي]ــــــــ[06 - 01 - 06, 02:50 ص]ـ
جزاكما الله خيرا ...
وقع في مقال الأخ الفاضل الكريم وائل النّوريّ: " طيب الأعراف ".
والظاهر أنّ الصواب: طيّب الأعراق ...
وللأستاذ الفاضل محمّد آل زحل - زاده الله توفيقا - مقالان نفيسان في ترجمة الإمام السّلفيّ النّتيفيّ - رحمه الله رحمة واسعة -، نشره في مجلّة الفرقان المغربيّة، وقد تفضّل ذو الفهم الصحيح، والعقل الرجيح؛ فأفادنا بأكثره في موضوع سبق قبل نحو ثلاثة أشهر، تحت عنوان " هل يوجد من علماء المغرب من يعرف بالنتيفي؟ ".
وقد عدّ له الأستاذ زحل سبعين كتابا، وذكر أنّه يملك أكثرها؛ فليت إخواننا المغاربة يتكاتفون ويتعاضدون على نشر تلك النفائس والكنوز ...
وأرجو من أخينا الفاضل وائل أن يتحفنا بترجمة الشيخ أحمد اكرام المرّاكشيّ، وقد قيل: إنّه من ذرّيّة أبي بكر بن العربيّ المعافريّ المالكيّ، وكان من كبار أفاضل علماء مرّاكش ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/346)
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[06 - 01 - 06, 03:28 ص]ـ
راجع إضافات حول ترجمة الفقيه النتيفي على الرابط التالي:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=39447&highlight=%C7%E1%E4%CA%ED%DD%ED
ـ[السنافي]ــــــــ[06 - 01 - 06, 03:29 ص]ـ
وأرجو من أخينا الفاضل وائل أن يتحفنا بترجمة الشيخ أحمد اكرام المرّاكشيّ، وقد قيل: إنّه من ذرّيّة أبي بكر بن العربيّ المعافريّ المالكيّ، وكان من كبار أفاضل علماء مرّاكش ...
نعم. . . و أثَنِّي على طَلَب أخي قنّاص الفوائد العاصمي - وفقه الله -. . . فقد سمعنا أنَّ الشيخ المذكور من شيوخ العلامة أبا عبيدة المراكشي (وهو نفسه يحتاج إلى ترجمة خاصة).
بارك الله فيكم، عجِّلوا علينا.
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[06 - 01 - 06, 03:45 ص]ـ
نسل القاضي أبي بكر تحدث عنهم جدنا الإمام محمد بن جعفر الكتاني رحمه الله تعالى في "سلوة الأنفاس" وترجم لبعض الأعلام الكبار من ذريته.
أما نسبة آل أكرّام للقاضي أبي بكر فقد أكدها المختار السوسي في "المعسول" ورفع نسبهم إليه. وذكر مجموعة من اعلام هذه العائلة.
على فكرة؛ ترجمة الحافظ أكرام السوسي توجد في "المعسول" بنوع من التفصيل، وبإتحاف المطالع، وأشك هل هي موجودة في سل النصال.
ـ[العاصمي]ــــــــ[06 - 01 - 06, 04:22 ص]ـ
جزاك الله تعالى خيرا، ومن مؤلفاته النفيسة كتاب تحفة الأكياس في الرد على جهمية البيضاء وفاس.
وسأعرض لاحقا مقدمة الكتاب.
نحن إلى ما وعدتنا به بالأشواق؛ فعجّل، بارك الله فيك.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[06 - 01 - 06, 09:24 م]ـ
الشيخ أحمد أكرام من شيوخ الوالد حفظه الله تعالى.
وقد كان ذكر لي طرفا من أخباره في ورقات جمع فيها شيوخه بمراكش.
منهم من درس عليه في السلك التعليمي النظامي بجامعة ابن يوسف مثل الشيخ محمد عثمان صاحب كتاب (الجامعة اليوسفية بمراكش في تسعمائة سنة) والشيخ عبد القادر المسفيوي فقيه مراكش في ذلك العصر، والرحالي الفاروق، وهو أصغر منهما سنا، وغيرهم - رحمهم الله أجمعين.
ومنهم مَن درس عليه خارج السلك النظامي مثل:
- الشيخ أحمد أكرام الداعية السلفي، قرأ عليه طرفا من صحيح مسلم، وأمورا أخرى. واستفاد من هديه ودعوته كثيرا. وقد كان له مع الطرقية صولات وجولات. وكان لطيف المعشر، مستفرغا جهده في الدعوة إلى الله.
- الشيخ العلامة المتفنن محمد المختار السوسي قرأ عليه في الأدب من شرح رسالة ابن زيدون.
وغيرهما.
وقد بحثت عن تلك الورقات فلم يتيسر لي إيجادها بعدُ.
والفقيه محمد أكرام مترجم في سل النصال لابن سودة، أذكر أني قرأت ترجمته فيه. والكتاب ليس بين يدي.
والله أعلم.
ـ[محمد بشري]ــــــــ[06 - 01 - 06, 10:02 م]ـ
غدا أخي العاصمي أعرض مقدمة تحفة الأكياس بحول الله وقوته.
ـ[العاصمي]ــــــــ[06 - 01 - 06, 10:15 م]ـ
أعانك الله أخي محمّد، وزادك توفيقا.
وبارك الله في الفاضل المفضال البشير بن عصام، وفي أبيه، وأدعو الله - تعالى -، وأتضرّع إليه: أن يمنّ عليه بتيك الورقات المباركات، وأن يحتسب في إفادة إخوانه بأخبار أولئك الشيوخ الأفاضل؛ الذين مهّدوا سبيل تمسّك الناس اليوم بالسّنّة، لكن قلّ من شبابنا من يعرف قدرهم ... رحم الله موتاهم، وحفظ أحياءهم ...
ـ[صالح العقل]ــــــــ[07 - 01 - 06, 03:45 ص]ـ
اشترطت في ذلك أمورا:
1ـ أن يكون المترجم له على سبيل السلف الصالح.
.
أخوكم وائل
أخي الكريم: جزيت خيرا على هذا الشرط الذي اشترطته على نفسك، (ما أقلهم!!)(55/347)
عون الودود لتيسير مافي السلسلة الصحيحة من الفوائد والردود
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[12 - 12 - 05, 08:00 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عون الودود لتيسير مافي السلسلة الصحيحة من الفوائد والردود
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا اله ألا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد
فإن أصدق الحديث كتاب الله , وأحسن الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم , وشر الأمور محدثاتها , وكل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة , وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد
فهذه الفوائد والردود التي ذكرها الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني في السلسلة الصحيحة جمعتها في هذا الكتاب حتى يسهل الأستفادة منها للعامة والخاصة وأسميته (عون الودود لتيسير مافي السلسلة الصحيحة من الفوائد والردود) , فأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يعنني على هذا العمل وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن يتغمد برحمته الشيخ الألباني , ويسكنه فسيح جناته آمين.
ملاحظات:
1 - ترقيم الأحاديث هي نفس الترقيم الموجودة في السلسلة لكي يسهل الرجوع إليها.
2 - تبويب المواضيع هي نفس ما بوب لها الشيخ إلا ما لم يبوب لها فقد وضعت لها أبواباً من عندي.
3 - كتابة جميع الفوائد والردود كاملة بدون أي أختصار إلا ماكان يتعلق بالموضيع الحديثة فلم اكتبها.
هذه الفوائد المذكورة في المجلد الأول والثاني من سلسلة الأحاديث الصحيحة , ونسأل الله العون والتوفيق في اتمام بقية الأحاديث.
كتاب العقيدة
القدر وحديث القبضتين حق
46 - (هؤلاء لهذه وهؤلاء لهذه).
رواه المخلص , والبزار , والطبراني من حديث إبراهيم بن سعيد الجوهري: ثنا أبوأحمد: ثنا سفيان عن أيوب وإسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال في القبضتين (هؤلاء لهذه وهؤلاء لهذه) , وزاد (فتفرق الناس , وهم لا يختلفون في القدر).
47 - (إن الله عز وجل قبض قبضة، فقال: في الجنة برحمتي، وقبض قبضة، وقال: في النار ولا أبالي).
48 - (إن الله عز وجل خلق آدم، ثم أخذ الخلق من ظهره، وقال: هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي، وهؤلاء إلى النار ولا أبالي، فقال قائل: يا رسول الله فعلى ماذا نعمل؟ قال: على مواقع القدر).
49 - (خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ حِينَ خَلَقَهُ فَضَرَبَ كَتِفَهُ الْيُمْنَى فَأَخْرَجَ ذُرِّيَّةً بَيْضَاءَ كَأَنَّهُمْ الذَّرُّ وَضَرَبَ كَتِفَهُ الْيُسْرَى فَأَخْرَجَ ذُرِّيَّةً سَوْدَاءَ كَأَنَّهُمْ الْحُمَمُ فَقَالَ لِلَّذِي فِي يَمِينِهِ إِلَى الْجَنَّةِ وَلَا أُبَالِي وَقَالَ لِلَّذِي فِي كَفِّهِ الْيُسْرَى إِلَى النَّارِ وَلَا أُبَالِي).
50 - (إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَبَضَ قَبْضَةً بِيَمِينِهِ فَقَالَ هَذِهِ لِهَذِهِ وَلَا أُبَالِ وَقَبْضَةً أُخْرَى يَعْنِي بِيَدِهِ الْأُخْرَى فَقَالَ هَذِهِ لِهَذِهِ وَلَا أُبَالِ فَلَا أَدْرِي فِي أَيِّ الْقَبْضَتَيْنِ أَنَا).
رواه أحمد والبزار مختصرأً عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ مَرِضَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ فَبَكَى فَقِيلَ لَهُ مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَلَمْ يَقُلْ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْ مِنْ شَارِبِكَ ثُمَّ أَقِرَّهُ حَتَّى تَلْقَانِي قَالَ بَلَى وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَبَضَ قَبْضَةً بِيَمِينِهِ وَقَالَ هَذِهِ لِهَذِهِ وَلَا أُبَالِي وَقَبَضَ قَبْضَةً أُخْرَى بِيَدِهِ الْأُخْرَى جَلَّ وَعَلَا فَقَالَ هَذِهِ لِهَذِهِ وَلَا أُبَالِي فَلَا أَدْرِي فِي أَيِّ الْقَبْضَتَيْنِ أَنَا.
اعلم أن الباعث على تخريج هذا الحديث وذكر طرقه أمران:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/348)
الأول: أن أحد أهل العلم وهو الشيخ محمد طاهر الفتني الهندي أورده في كتابه (تذكرة الموضوعات) (12) , وقال فيه (مضطرب الإسناد) , ولا أدري ما وجه ذلك؟ فالحديث صحيح , ولا اضطراب فيه , إلا أن يكون اشتبه عليه بحديث آخر مضطرب , أو عنى طريقاً أخرى من طرقه , ثم لم يتتبع هذه الطرق الصحيحة له , والله أعلم.
والثاني: أن كثيراً من الناس يتوهمون أن هذه الأحاديث – ونحوها أحاديث كثيرة – تفيد أن الإنسان مجبور على أعماله الاختيارية , ما دام أنه حكم عليه منذ القديم وقبل أن يخلق: بالجنة أو النار.
وقد يتوهم آخرون أن الأمر فوضى أو حظ , فمن وقع في القبضة اليمنى , كان من أهل السعادة , ومن كان من القبضة الأخرى , كان من أهل الشقاوة.
فيجب أن يعلم جميعاً أن الله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) الشورى 11 , لا في ذاته , ولا في صفاته , فإذا قبض قبضة , فهي بعلمه وعدله وحكمته , فهو تعالى قبض باليمنى على من علم أنه سيطيعه حين يؤمر بطاعته , وقبض بالأخرى على من سبق في علمه تعالى أنه سيعصيه حين يؤمر بطاعته , ويستحيل على عدل الله تعالى أن يقبض باليمنى على من هو مستحق أن يكون من أهل القبضة الأخرى , والعكس بالعكس , كيف والله عز وجل يقول (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) القلم 35 - 36.
ثم إن كلاً من القبضتين ليس فيها إجبار لأصحابهما أن يكونوا من أهل الجنة أو من أهل النار , بل هو حكم من الله تبارك وتعالى عليهم بما سيصدر منهم , من إيمان يستلزم الجنة , أو كفر يقتضي النار والعياذ بالله تعالى منها , وكل من الإيمان أو الكفر أمران اختياريان , لا يكره الله تبارك وتعالى أحداً من خلقه على واحد منهما (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) الكهف 29 , وهذا مشاهد معلوم بالضرورة , ولولا ذلك , لكان الثواب والعقاب عبثاً , والله منزه عن ذلك.
ومن المؤسف حقاً أن نسمع من كثير من الناس – حتى من بعض المشايخ – التصريح بأن الإنسان مجبور لا إرادة له , وبذلك يلزمون أنفسهم القول بأن الله يجوز له أن يظلم الناس , مع تصريحه تعالى بأنه لا يظلمهم مثقال ذرة , وإعلانه بأنه قادر على الظلم , ولكنه نزه نفسه عنه , كما في الحديث القدسي المشهور (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي .. ) , وإذا جوبهوا بهذه الحقيقة , بادروا إلى الاحتجاج بقوله تعالى (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) الأنبياء 23 , مصرين بذلك على أن الله تعالى قد يظلم , ولكنه لا يسأل عن ذلك تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
وفاتهم أن الآية حجة عليهم ,لأن المراد بها – كما حققه العلامة ابن القيم في (شفاء العليل) وغيره- أن الله تعالى لحكمته وعدله في حكمه ليس لأحد أن يسأله عما يفعل , لأن كل أحكامه تعالى عدل واضح , فلا داعي للسؤال.
وللشيخ يوسف الدجوي رسالة مفيدة في تفسير هذه الآية , لعله أخذ مادتها من كتاب ابن القيم المشار إليه آنفاً , فليراجع.
هذه كلمة سريعة حول الأحاديث المتقدمة , حاولنا فيها إزالة شبهة بعض الناس حولها , فإن وفقت لذلك , فبها ونعمت , وإلا أحيل القارئ إلى المطولات في هذا البحث الخطير , مثل كتاب ابن القيم السابق , وكتب شيخه ابن تيمية الشاملة لمواضيع هامة هذا أحدها.
لا خير في العرب ولا في العجم إلا بالإسلام
51 - (أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ الْعَرَبِ و الْعُجْمِ أَرَادَ اللَّهُ بِهِمْ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامَ ثُمَّ تَقَعُ الْفِتَنُ كَأَنَّهَا الظُّلَلُ).
رواه أحمد , والحاكم , والبيهقي , وابن الأعرابي , وقال الحاكم: صحيح وليس له علة , وأقره الذهبي , وهو كما قالا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/349)
وروى الحاكم (1/ 61 - 62) من طريق ابن شهاب قال: (خرج عمر بن الخطاب إلى الشام ومعنا أبو عبيدة بن الجراح فأتوا على مخاضة وعمر على ناقة فنزل عنها وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة فقال أبو عبيدة يا أمير المؤمنين أأنت تفعل هذا تخلع خفيك وتضعهما على عاتقك وتأخذ بزمام ناقتك وتخوض بها المخاضة ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك فقال عمر أوه لو يقل ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله).
والظلل: هي كل ما أظلك , واحدتها ظلة , أراد كأنها الجبال والسحب.
إن المؤمن لا يقبل منه عمله الصالح إذا لم يقصد به وجه الله
52 - (إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ).
وسببه كما رواه أَبِو أُمَامَةَ قَالَ: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَالَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شَيْءَ لَهُ فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شَيْءَ لَهُ ثُمَّ قَالَ: (فذكره).
فهذا الحديث وغيره يدل على أن المؤمن لا يقبل منه عمله الصالح إذا لم يقصد به وجه الله عز وجل وفي ذلك يقول تعالى (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) الكهف110 , فإذا كان هذا شأن المؤمن , فماذا يكون حال الكافر بربه إذا لم يخلص له في عمله؟ الجواب في قول الله تبارك وتعالى (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) الفرقان23.
وعلى افتراض أن بعض الكفار يقصدون بعملهم الصالح وجه الله على كفرهم , فإن الله تعالى لا يضيع ذلك عليهم , بل يجازيهم عليها في الدنيا , وبذلك جاء النص الصحيح الصريح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو:
53 - (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَتةً يُعْطَى بِهَا [وفي رواية: يثاب عليها الرزق فِي الدُّنْيَا] , وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الْآخِرَةِ لَمْ يكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا).
تلك هي القاعدة في هذه المسألة: أن الكافر يجازى على عمله الصالح شرعاً في الدنيا , فلا تنفعه حسناته في الآخرة , ولا يخفف عنه العذاب بسببها , فضلاً عن أن ينجو منه.
(تنبيه): هذا في حسنات الكافر الذي يموت على كفره , كما هو ظاهر الحديث , وأما إذا أسلم , فإن الله تبارك وتعالى يكتب له كل حسناته التي عمل بها في كفره , ويجازيه بها في الآخرة , وفي ذلك أحاديث كثيرة , كقوله صلى الله عليه وسلم (إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ كُلَّ حَسَنَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا) الحديث.
هذا , وقد يظن بعض الناس أن في السنة ما ينافي القاعدة المذكورة من مثل الحديث الآتي:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ:
54 - (لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ).
وجوابنا على ذلك من وجهين أيضاً:
الأول: أننا لا نجد في الحديث ما يعارض القاعدة المشار إليها , إذ ليس فيه أن عمل أبي طالب هو السبب في تخفيف العذاب عنه , بل السبب شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهي التي تنفعه.
ويؤيد هذا الحديث التالي:
عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ قَالَ:
55 - (نَعَمْ هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ وَلَوْلَا أَنَا [أي: شفاعته] لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/350)
فهذا الحديث نص في أن السبب في التخفيف إنما هو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي شفاعته كما في الحديث قبله , وليس هو عمل أبي طالب , فلا تعارض حينئذ بين الحديث وبين القاعدة السابقة.
ويعود أمر الحديث أخيراً إلى أنه خصوصية للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكرامة أكرمه الله تبارك وتعالى بها , حيث قبل شفاعته في عمه وقد مات على الشرك , مع أن القاعدة في المشركين أنهم كما قال الله عز وجل. (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ) المدثر 48 , ولكن الله تبارك وتعالى يخص بتفضله من شاء , ومن أحق بذلك من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيد الأنبياء عليهم جميعاً صلوات الله؟.
والجواب الثاني: أننا لو سلمنا جدلاً أن سبب تخفيف العذاب عن أبي طالب هو انتصاره للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع كفره به , فذلك مستثنى من القاعدة , ولا يجوز ضربها بهذا الحديث , كما هو مقرر في علم أصول الفقه , ولكن الذي نعتمده في الجواب إنما هو الأول لوضوحه , والله أعلم.
كَرَاهِيَةِ الْحَلْفِ بِالْأَمَانَةِ
94 - (مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا).
قال الخطابي في (معالم السنن) تعليقاً على الحديث: (هذا يشبه أن تكون الكراهة فيها من أجل أنه إنما أمر أن يحلف بالله وصفاته , وليست الأمانة من صفاته , وإنما هي أمر من أمره وفرض من فروضه , فنهوا عنه , لما في ذلك من التسوية بينها وبين أسماء الله عز وجل وصفاته).
من عظمة العرش والكرسي
109 - (ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة).
رواه محمد بن أبي شيبة عن أبي ذر الغفاري قال: (دخلت المسجد الحرام , فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحده , فجلست إليه , فقلت: يارسول الله أيما نزلت آية عليك أفضل؟ قال: آية الكرسي , ما السماوات السبع ... ) الحديث.
والحديث خرج مخرج التفسير لقوله تعالى: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) البقرة 255 , وهو صريح في كون الكرسي أعظم المخلوقات بعد العرش , وأنه جرم قائم بنفسه وليس شيئاً معنوياً , ففيه رد على من يتأوله بمعنى الملك وسعة السلطان , كما جاء في بعض التفاسير , وما روي عن ابن عباس أنه العلم , فلا يصح إسناده إليه , لأنه من رواية جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عنه , رواه ابن جرير.
قال ابن منده: (ابن أبي المغيرة ليس بالقوي في ابن جبير).
وأعلم أنه لا يصح في صفة الكرسي غير هذا الحديث , كما في بعض الرويات أنه موضع القدمين , وأن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد , وأنه يحمله أربعة أملاك , لكل ملك أربعة وجوه , وأقدامهم في الصخرة التي تحت الأرض السابعة .... إلخ , فهذا كله لا يصح مرفوعاً عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وبعضه أشد ضعفاً من بعض , وقد خرجت بعضها فيما علقناه على كتاب (ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة البرهان) ملحقاً بآخره طبع المكتب الإسلامي.
جواب: من خلق الله
116 - (إِنَّ أَحَدَكُمْ يَأْتِيهِ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَكَ فَيَقُولُ اللَّهُ فَيَقُولُ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقْرَأْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُذْهِبُ عَنْهُ).
رواه أحمد: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فذكره).
117 - (يَأْتِي شَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ من خلق كذا؟ حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ).
وللحديث طريق أخرى عن أبي هريرة بلفظ:
118 - (يوشك الناس يتساءلون بينهم، حتى يقول قائلهم: هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله عز وجل؟ فإذا قالوا ذلك، فقولوا: [الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد]، ثم ليتفل أحدكم عن يساره ثلاثا، وليستعذ من الشيطان).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/351)
لقد دلت هذه الأحاديث الصحيحة على أنه يجب على من وسوس إليه الشيطان بقوله: من خلق الله؟ أن ينصرف عن مجادلته إلى إجابته بما جاء في الأحاديث المذكورة , وخلاصتها أن يقول: (آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ , الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، ثم يتفل عن يساره ثلاثا، ويستعيذ بالله من الشيطان , ثم ينتهي عن الانسياق مع الوسوسة).
وأعتقد أن من فعل ذلك , طاعة لله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مخلصاً في ذلك , أنه لا بد أن تذهب الوسوسة عنه , ويندحر شيطانه , لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَإِنَّ ذَلِكَ يُذْهِبُ عَنْهُ).
وهذا التعليم النبوي الكريم أنفع وأقطع للوسوسة من المجادلة العقلية في هذه القضية , فإن المجادلة قلما تنفع في مثلها , ومن المؤسف أن أكثر الناس في غفلة عن هذا التعليم النبوي الكريم , فتنبهوا أيها المسلمون , وتعرفوا إلى سنة نبيكم , واعملوا بها , فإن فيها شفاءكم وعزكم.
أول مخلوق
133 - (إن أول شيء خلقه الله تعالى القلم، وأمره أن يكتب كل شيء يكون).
في الحديث إشارة إلى رد ما يتناقله الناس , حتى صار ذلك عقيدة راسخة في قلوب كثير منهم , وهو أن النور المحمدي هو أول ما خلق الله تبارك وتعالى , وليس لذلك أساس من الصحة , وحديث عبدالرزاق غير معروف إسناده , ولعلنا نفرده بالكلام في الأحاديث الضعيفة إن شاء الله تعالى.
وفيه رد على من يقول بأن العرش هو أول مخلوق , ولا نص في ذلك عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وإنما يقول به من قال كابن تيمية وغيره استنباطاً واجتهاداً , فالأخذ بهذا الحديث – وفي معناه أحاديث أخرى – أولى , لأنه نص في المسألة , ولا اجتهاد في مورد النص كما هو معلوم.
وتأويله بأن القلم مخلوق بعد العرش باطل , لأنه يصح مثل هذا التأويل لو كان هناك نص قاطع على أن العرش أول المخلوقات كلها , ومنها القلم , أما ومثل هذا النص مفقود , فلا يجوز هذا التأويل.
وفيه رد أيضاً على من يقول بحوادث لا أول لها , وأنه ما من مخلوق إلا وهو مسبوق بمخلوق قبله , وهكذا إلى ما لا بداية له , بحيث لا يمكن أن يقال: هذا أول مخلوق , فالحديث يبطل هذا القول , ويعين أن القلم أول مخلوق , فليس قبله قطعاً أي مخلوق.
ولقد أطال ابن تيمية رحمه الله في الكلام في رده على الفلاسفة محاولاً إثبات حوادث لا أول لها , وجاء في أثناء ذلك بما تحار فيه العقول , ولا تقبله أكثر القلوب , حتى اتهمه خصومه بأنه يقول بأن المخلوقات قديمة لا أول لها , مع أنه يقول ويصرح بأن ما من مخلوق إلا وهو مسبوق بالعدم , ولكنه مع ذلك يقول بتسلسل الحوادث إلى ما لا بداية له , كما يقول هو وغيره بتسلسل الحوادث إلى ما لا نهاية , فذلك القول منه غير مقبول , بل هو مرفوض بهذا الحديث , وكم كنا نود أن لا يلج ابن تيمية رحمه الله هذا المولج , لأن الكلام فيه شبيه بالفلسفة وعلم الكلام الذي تعلمنا منه التحذير والتنفير منه , ولكن صدق الإمام مالك رحمه الله حين قال: (ما منا من أحد إلا رد عليه إلا صاحب هذا القبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
حديث البطاقة
135 - (إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَقُولُ أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ لَا يَا رَبِّ فَيَقُولُ أَفَلَكَ عُذْرٌ؟ فَيَقُولُ لَا يَا رَبِّ فَيَقُولُ بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَيَقُولُ احْضُرْ وَزْنَكَ فَيَقُولُ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ فَقَالَ إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ قَالَ فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كَفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كَفَّةٍ فَطَاشَتْ السِّجِلَّاتُ وَثَقُلَتْ الْبِطَاقَةُ فَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/352)
وفي الحديث دليل على أن ميزان الأعمال له كفتان مشاهدتان , وأن الأعمال وإن كانت أعراضاً فإنها توزن , والله على كل شئ قدير , وذلك من عقائد أهل السنة , والأحاديث في ذلك متضافرة إن لم تكن متواترة.
من الآداب الواجبة مع الله
136 - (قولوا: ماشاء الله ثم شئت، وقولوا: ورب الكعبة).
أخرجه الطحاوي , والحاكم , والبيهقي , وأحمد , من طريق المسعودي عن سعيد بن خالد عن عبدالله بن يسار عن قتيلة بنت صيفي امرأة من جهينة قالت: (إن حبراً جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إنكم تشركون , تقولون: ما شاء الله وشئت , وتقولون: والكعبة , فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فذكره).
ولعبدالله بن يسار حديث آخر نحو هذا , وهو:
137 - (لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ).
138 - (إِنَّ طُفَيْلًا رَأَى رُؤْيَا فَأَخْبَرَ بِهَا مَنْ أَخْبَرَ مِنْكُمْ وَإِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَقُولُونَ كَلِمَةً كَانَ يَمْنُعُنِي الْحَيَاءُ مِنْكُمْ أَنْ أَنْهَاكُمْ عَنْهَا قَالَ لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ مُحَمَّدٌ).
وللحديث شاهد آخر من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُرَاجِعُهُ في بعض الْكَلَامَ فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
139 - (أجعلتني مع الله عدلاً [وفي لفظ: نداً]؟! لا، بل ما شاء الله وحده).
وفي هذه الأحاديث أن قول الرجل لغيره (ما شاء الله وشئت): يعد شركاً في الشريعة , وهو من شرك الألفاظ , لأنه يوهم أن مشيئة العبد في درجة مشيئة الرب سبحانه وتعالى , وسببه القرن بين المشيئتين , ومثل ذلك قول بعض العامة وأشباههم ممن يدعي العلم (مالي غير الله وأنت) و (وتوكلنا على الله وعليك) , ومثله قول بعض المحاضرين: (باسم الله والوطن) , أو (باسم الله والشعب) , ونحو ذلك من الألفاظ الشركية التي يجب الانتهاء عنها والتوبة منها , أدباً مع الله تبارك وتعالى.
ولقد غفل عن هذا الأدب الكريم كثير من العامة , وغير قليل من الخاصة الذين يسوغون النطق بمثل هذه الشركيات , كمناداتهم غير الله في الشدائد , والاستنجاد بالأموات من الصالحين , والحلف بهم من دون الله تعالى , والإقسام بهم على الله عز وجل , فإذا ما أنكر ذلك عليهم عالم بالكتاب والسنة , فإنهم بدل أن يكونوا عوناً على إنكار المنكر , عادوا بالإنكار عليه , وقالوا: إن نية أولئك المنادين غير الله طيبة , وإنها الأعمال بالنيات كما جاء في الحديث.
فيجهلون أويتجاهلون – إرضاء للعامة – أن النية الطيبة وإن وجدت عند المذكورين , فهي لا تجعل العمل السيئ صالحاً , وأن معنى الحديث المذكور إنما الأعمال الصالحة بالنيات الخالصة , لا أن الأعمال المخالفة للشريعة تنقلب إلى أعمال صالحة مشروعة بسبب اقتران النية الصالحة بها , ذلك ما لا يقوله إلا جاهل أو مغرض , ألا ترى أن رجلاً لو صلى تجاه القبر , لكان ذلك منكراً من العمل , لمخالفته للأحاديث والآثار الواردة في النهي عن استقبال القبر بالصلاة , فهل يقول عاقل: إن الذي يعود إلى الاستقبال – بعد علمه بنهي الشرع عنه – إن نيته طيبة وعمله مشروع؟ كلا ثم كلا , فكذلك هؤلاء الذي يستغيثون بغير الله تعالى , وينسونه تعالى في حالة هم أحوج ما يكونون فيها إلى عونه ومدده , لا يعقل أن تكون نياتهم طيبة , فضلاً عن أن يكون عملهم صالحاً , وهم يصرون على هذا المنكر وهم يعلمون.
مسمى الإسلام غير مسمى الإيمان
155 - (أَسْلَمَ النَّاسُ وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِي).
وفي الحديث منقبة عظيمة لعمرو بن العاص رضي الله عنه , إذ شهد له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه مؤمن , فإن هذا يستلزم الشهادة له بالجنة , لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح المشهور (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ) , متفق عليه , وقال تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) التوبة72.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/353)
وعلى هذا , فلا يجوز الطعن في عمرو رضي الله عنه – كما يفعل بعض الكتاب المعاصرين وغيرهم من المخالفين – بسبب ما وقع له من الخلاف – بل القتال – مع علي رضي الله عنه , لأن ذلك لا ينافي الإيمان , فإنه لا يستلزم العصمة كما لا يخفى , لا سيما إذا قيل: إن ذلك وقع منه بنوع الاجتهاد , وليس اتباعاً للهوى.
وفي الحديث إشارة إلى أن مسمى الإسلام غير الإيمان , وقد اختلف العلماء في ذلك اختلافاً كثيراً , والحق ما ذهب إليه جمهور السلف من التفريق بينهما , لدلالة الكتاب والسنة على ذلك فقال تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) الحجرات14, وحديث جبريل في التفريق بين الإسلام والإيمان معروف مشهور.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتاب الإيمان (ص 305 - طبع المكتب الإسلامي): (والرد إلى الله ورسوله في مسألة الإسلام والإيمان يوجب أن كلاً من الاسمين , وإن كان مسماه واجباً , ولا يستحق أحد الجنة إلا بأن يكون مؤمناً مسلماً , فالحق في ذلك ما بينه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث جبريل , فجعل الدين وأهله ثلاث طبقات: أولها الإسلام , وأوسطها الإيمان , وأعلاها الإحسان , ومن وصل إلى العليا فقد وصل إلى التي تليها , فالمحسن مؤمن , والمؤمن مسلم , وأما المسلم , فلا يجب أن يكون مؤمناً).
ومن شاء بسط الكلام على هذه المسألة مع التحقيق الدقيق , فليرجع إلى الكتاب المذكور , فإنه خير ما ألف في هذا الموضوع.
عاقبة من لم يؤمن به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
157 - (والذي نفسي بيده؛ لا يسمع بي رجل من هذه الأمة، ولا يهودي، ولا نصراني، ثم لم يؤمن بي؛ إلا كان من أهل النار).
والحديث صريح في أن من سمع بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما أرسل به , بلغه ذلك على الوجه الذي أنزله الله عليه , ثم لم يؤمن به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أن مصيره إلى النار , لا فرق في ذلك بين يهودي أو نصراني أو مجوسي أو لا ديني.
واعتقادي أن كثيراً من الكفار لو اتيح لهم الاطلاع على الأصول والعقائد والعبادات التي جاء بها الإسلام , لسارعوا إلى الدخول فيه أفواجاً , كما وقع ذلك في أول الأمر , فليت أن بعض الدول الإسلامية ترسل إلى بلاد الغرب من يدعو إلى الإسلام ممن هو علىعلم به علي حقيقته , وعلى معرفة بما ألصق به من الخرافات والبدع والافتراءات , ليحسن عرضه على المدعوين إليه , وذلك يستدعي أن يكون على علم بالكتاب والسنة الصحيحة , ومعرفة ببعض اللغات الأجنبية الرائجة , وهذا شئ عزيز يكاد يكون مفقوداً , فالقضية تتطلب استعدادات هامة , فلعلهم يفعلون.
الجاهليون ليسوا من أهل الفترة
158 - (لَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُسْمِعَكُمْ [من] عَذَابَ الْقَبْرِ [ما أسمعني]).
قال الإمام أحمد حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِنَخْلٍ لِبَنِي النَّجَّارِ فَسَمِعَ صَوْتًا فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا قَبْرُ رَجُلٍ دُفِنَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فذكره).
وله شاهد من حديث جابر قال: (دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا نَخْلًا لِبَنِي النَّجَّارِ فَسَمِعَ أَصْوَاتَ رِجَالٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزِعًا فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ تَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ)، أخرجه أحمد بسند صحيح متصل علي شرط مسلم.
وله شاهد آخر من حديث زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مرفوعاً , وهو:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/354)
159 - (إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا , فَلَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا , لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْه. قال زيد:ُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ , فَقَالَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ فَقَالَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ قَالَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ قَالَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ).
أخرجه مسلم من طريق ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَلَمْ أَشْهَدْهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ حَدَّثَنِيهِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ وَنَحْنُ مَعَهُ إِذْ حَادَتْ بِهِ فَكَادَتْ تُلْقِيهِ وَإِذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ – شك الجريري - فَقَالَ مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الْأَقْبُرِ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا قَالَ فَمَتَى مَاتَ هَؤُلَاءِ قَالَ مَاتُوا فِي الْإِشْرَاكِ فَقَالَ (فذكره).
وفي هذه الأحاديث فوائد كثيرة أذكر بعضها أو أهمها:
1 - إثبات عذاب القبر , والأحاديث في ذلك متواترة , فلا مجال للشك فيه بزعم أنها آحاد , ولو سلمنا أنها آحاد , فيجب الأخذ بها لأن القرآن يشهد لها , قال تعالى (وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) غافر45 - 46 , ولو سلمنا أنه لا يوجد في القرآن ما يشهد لها , فهي وحدها كافية لإثبات هذه العقيدة , والزعم بأن العقيدة لا تثبت بما صح من أحاديث الآحاد زعم باطل دخيل في الإسلام , لم يقل به أحد من الأئمة الأعلام – كالأربعة وغيرهم- بل هو مما جاء به بعض علماء الكلام بدون برهان من الله ولا سلطان , وقد كتبنا فصلاً خاصاً في هذا الموضوع الخطير في كتاب لنا , أرجو أن أوفق لتبييضه ونشره على الناس.
2 - أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمع ما لا يسمع الناس , وهذا من خصوصياته عليه الصلاة والسلام , كما أنه كان يرى جبريل ويكلمه والناس لا يرونه ولا يسمعون كلامه , فقد ثبت في البخاري وغيره أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال يوماً لعائشة رضي الله عنها: (هذا جبريل يقرئك السلام , فقالت: وعليه السلام يارسول الله ترى ما لا نرى).
ولكن خصوصياته عليه السلام إنما تثبت بالنص الصحيح , فلا تثبت بالنص الضعيف ولا بالقياس والأهواء , والناس في هذه المسألة على طرفي نقيض , فمنهم من ينكر كثيراً من خصوصياته الثابتة بالإسانيد الصحيحة , إما لأنها غير متواترة بزعمه , وإما لأنها غير معقولة لديه , ومنهم من يثبت له عليه السلام ما لم يثبت , مثل قولهم: إنه أول المخلوقات , وإنه كان لا ظل له في الأرض , وإنه إذا سار في الرمل , لا تؤثر قدمه فيه , بينما إذا داس على الصخر علم عليه , وغير ذلك من الأباطيل.
والقول الوسط في ذلك أن يقال: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشر بنص القرآن والسنة وإجماع الأمة , فلا يجوز أن يعطى له من الصفات والخصوصيات إلا ما صح به النص في الكتاب والسنة , فإذا ثبت ذلك , وجب التسليم له , ولم يجز رده بفلسفة خاصة علمية أو عقلية زعموا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/355)
ومن المؤسف أنه قد انتشر في العصر الحاضر انتشاراً مخيفاً رد الأحاديث الصحيحة لأدنى شبهة ترد من بعض الناس , حتى ليكاد يقوم في النفس أنهم يعاملون أحاديثه عليه السلام معاملة أحاديث غيره من البشر الذين ليسوا معصومين , فهم يأخذون منها ما شاؤوا , ويدعون ما شاؤوا , ومن أولئك طائفة ينتمون إلى العلم وبعضهم يتولى مناصب شرعية كبيرة , فإنا لله وإنا إليه راجعون , ونسأله تعالى أن يحفظنا من شر الفريقين المبطلين والغالين.
3 - إن سؤال الملكين في القبر حق ثابت , فيجب اعتقاده أيضاً , والأحاديث فيه أيضاً متواترة.
4 - إن فتنة الدجال فتنة عظيمة , ولذلك أمر بالاستعاذة من شرها في هذا الحديث وفي أحاديث أخرى , حتى أمر بذلك في الصلاة قبل السلام , كما ثبت في البخاري وغيره , وأحاديث الدجال كثيرة جداً , بل هي متواترة عند أهل العلم بالسنة.
ولذلك جاء في كتب العقائد وجوب الإيمان بخروجه في آخر الزمان , كما جاء فيها وجوب الإيمان بعذاب القبر وسؤال الملكين.
5 - إن أهل الجاهلية الذين ماتوا قبل بعثته عليه الصلاة والسلام معذبون بشركهم وكفرهم , وذلك يدل على أنهم ليسوا من أهل الفترة الذين لم تبلغهم دعوة نبي , خلافاً لما يظنه بعض المتأخرين إذ لو كانوا كذلك , لم يستحقوا العذاب لقوله سبحانه وتعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) الإسراء 15.
وقد قال النووي في شرح حديث مسلم: (إن رجلاً قال: يارسول الله , أين أبي؟ قال في النار ... ) الحديث , قال النووي: فيه أن من مات على الكفر فهو في النار , ولا تنفعه قرابة المقربين , وفيه أن من مات علي الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار , وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة , فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم.
لا طاعة لبشر في معصية الله
179 - (لَا طَاعَةَ لِأَحَدٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى).
رواه أحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: أَرَادَ زِيَادٌ أَنْ يَبْعَثَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ عَلَى خُرَاسَانَ فَأَبَى عَلَيْهِمْ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ أَتَرَكْتَ خُرَاسَانَ أَنْ تَكُونَ عَلَيْهَا قَالَ فَقَالَ إِنِّي وَاللَّهِ مَا يَسُرُّنِي أَنْ أُصَلِّيَ بِحَرِّهَا وَتُصَلُّونَ بِبَرْدِهَا إِنِّي أَخَافُ إِذَا كُنْتُ فِي نُحُورِ الْعَدُوِّ أَنْ يَأْتِيَنِي كِتَابٌ مِنْ زِيَادٍ فَإِنْ أَنَا مَضَيْتُ هَلَكْتُ وَإِنْ رَجَعْتُ ضُرِبَتْ عُنُقِي قَالَ فَأَرَادَ الْحَكَمَ بْنَ عَمْرٍو الْغِفَارِيَّ عَلَيْهَا قَالَ فَانْقَادَ لِأَمْرِهِ قَالَ فَقَالَ عِمْرَانُ أَلَا أَحَدٌ يَدْعُو لِي الْحَكَمَ قَالَ فَانْطَلَقَ الرَّسُولُ قَالَ فَأَقْبَلَ الْحَكَمُ إِلَيْهِ قَالَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ فَقَالَ عِمْرَانُ لِلْحَكَمِ أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (فذكره)؟ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ عِمْرَانُ لِلَّهِ الْحَمْدُ أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ.
180 - (لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى).
وللحديث شاهد من حديث علي , وفيه تفصيل قصة الأمير الذي أمر جنده بدخول النار , وهو:
181 - (لَا طَاعَة [لبشر] َ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ).
أخرجه البخاري , ومسلم , و وأبوداود , والنسائي , والطيالسي , وأحمد , عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا فَأَوْقَدَ نَارًا وَقَالَ ادْخُلُوهَا فَأَرَادَ نَاسٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا وَقَالَ الْآخَرُونَ إِنَّا قَدْ فَرَرْنَا مِنْهَا فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَمْ تَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَقَالَ لِلْآخَرِينَ قَوْلًا حَسَنًا وَقَالَ: (فذكره).
وفي هذا الحديث فوائد كثيرة , أهمها أنه لا يجوز إطاعة أحد في معصية الله تبارك وتعالى و سواء في ذلك الأمراء والعلماء والمشايخ.
ومنه يعلم ضلال طوائف من الناس:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/356)
الطائفة الأول: بعض المتصوفة الذين يطيعون شيوخهم , ولو أمروهم بمعصية ظاهرة و بحجة أنها في الحقيقة ليست بمعصية , وأن الشيخ يرى ما لا يرى المريد , وأعرف شيخاً من هؤلاء نصب نفسه مرشداً قص على أتباعه في بعض دروسه في المسجد قصة خلاصتها أن أحد مشايخ الصوفية أمر ليلة أحد مريديه بأن يذهب إلى أبيه فيقتله على فراشه بجانب زوجته , فلما قتله عاد إلى شيخه مسروراً لتنفيذ أمر الشيخ , فنظر إليه الشيخ , وقال: أتظن أنك قتلت أباك حقيقة؟ إنما هو صاحب أمك , وأما أبوك فهو غائب , ثم بنى على هذه القصة حكماً شرعياً بزعمه , فقال لهم: إن الشيخ إذا أمر مريده بحكم مخالف للشرع في الظاهر أن على المريد أن يطيعه في ذلك , قال: ألا ترون إلى هذا الشيخ أنه في الظاهر أمر الولد بقتل والده , ولكنه في الحقيقة إنما أمره بقتل الزاني بوالدة الولد , وهو يستحق القتل شرعاً , ولا يخفى بطلان هذه القصة شرعاً على وجوه كثيرة:
أولاً: أن تنفيذ الحد ليس من حق الشيخ مهما كان شأنه , وإنما هو من حق الأمير أو الوالي.
ثانياً: أنه لو كان له ذلك , فلماذا نفذ الحد بالرجل دون المرأة , وهما في ذلك سواء؟.
ثالثاً: أن الزاني المحصن حكمه شرعاً القتل رجماً , وليس القتل بغير الرجم.
ومن ذلك يتبين أن ذلك الشيخ قد خالف الشرع من وجوه , وكذلك شأن ذلك المرشد الذي بنى على القصة ما بنى من وجوب إطاعة الشيخ ولو خالف الشرع ظاهراً , حتى لقد قال لهم: إذا رأيتم الشيخ على عنقه الصليب , فلا يجوز لكم أن تنكروا عليه.
ومع وضوح بطلان مثل هذا الكلام , ومخالفته للشرع , والعقل معاً نجد في الناس من ينطلي عليه كلامه , وفيهم بعض الشباب المثقف.
ولقد جرت بيني وبين أحدهم مناقشة حول تلك القصة , وكان قد سمعها من ذلك المرشد , وما بنى عليها من حكم , ولكن لم تجد المناقشة معه شيئاً , وظل مؤمناً بالقصة , لأنها من باب الكرامات في زعمه , قال: وأنتم تنكرون الكرامة , ولما قلت له: لو أمرك شيخك بقتل والدك فهل تفعل؟ فقال إنني لم أصل بعد إلى هذه المنزلة.
فتباً لإرشاد يؤدي إلى تعطيل العقول والإستسلام للمضلين إلى هذه المنزلة فهل من عتب بعد ذلك على من يصف دين هؤلاء بأنه أفيون الشعب؟
الطائفة الثانية: وهم المقلدة الذين يؤثرون اتباع كلام المذهب على كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع وضوح ما يؤخذ منه , فإذا قيل لأحدهم مثلاً لا تصل سنة الفجر بعد أن أقيمت الصلاة لنهي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك صراحة , لم يطع , وقال المذهب: يجيز ذلك , وإذا قيل له: إن نكاح التحليل باطل , لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعن فاعله , أجابك بقوله: لا , بل هو جائز في المذهب الفلاني , وهكذا إلى مئات المسائل , ولهذا ذهب كثير من المحقيقين إلى أن أمثال هؤلاء المقلدين ينطبق عليهم قول الله تبارك وتعالى في النصارى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) التوبة31 , كما بين ذلك الفخر الرازي في تفسيره.
الطائفة الثالثة: وهم الذين يطيعون ولاة الأمور فيما يشرعونه للناس من نظم وقرارات مخالفة للشرع , كالشيوعية وما شابهها , وشرهم من يحاول أن يظهر أن ذلك موافق للشرع غير مخالف له , وهذه مصيبة شملت كثيراً ممن يدعي العلم والإصلاح في هذا الزمان , حتى اغتر بذلك كثير من العوام , فيصح فيهم وفي متبوعيهم الآية السابقة (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) التوبة31 , نسأل الله الحماية والسلامة.
كراهة الاكتواء والاسترقاء
244 - (مَنِ اكْتَوَى أَوِ اسْتَرْقَى فَقَدْ بَرِئَ مِنَ التَّوَكُّلِ).
وفي الحديث كراهة الاكتواء والاسترقاء: أما الأول , فلما فيه من التعذيب بالنار , وأما الآخر , فلما فيه من الاحتياج إلى الغير فيما الفائدة فيه مظنونة غير راجحة , ولذلك كان من صفات الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون , كما في حديث ابن عباس عند الشيخين , وزاد مسلم في روايته فقال: لا يرقون ولا يسترقون , وهي زيادة شاذة كما بينته فيما علقته على كتابي مختصر صحيح مسلم.
الكافر إذا أسلم نفعه عمله الصالح في الجاهلية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/357)
247 – (إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ كُلَّ حَسَنَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا وَمُحِيَتْ عَنْهُ كُلُّ سَيِّئَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا ثُمَّ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقِصَاصُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا).
قال الحافظ في الفتح:
(وقد ثبت في جميع الروايات ما سقط من رواية البخاري وهو كتابة الحسنات المتقدمة قبل الإسلام , وقوله " كتب الله " أي أمر أن بكتب , وللدارقطني من طريق زيد بن شعيب عن مالك بلفظ " يقول الله لملائكته اكتبوا " فقيل إن المصنف أسقط ما رواه غيره عمدا لأنه مشكل على القواعد وقال المازري: الكافر ليس كذلك , فلا يثاب على العمل الصالح الصادر منه في شركه , لأن من شرط المتقرب أن يكون عارفا لمن يتقرب إليه والكافر ليس كذلك. وتابعه القاضي عياض على تقرير هذا الإشكال , واستضعف ذلك النووي فقال: الصواب الذي عليه المحققون - بل نقل بعضهم فيه الإجماع - أن الكافر إذا فعل أفعالا جميلة كالصدقة وصلة الرحم ثم أسلم ثم مات على الإسلام أن ثواب ذلك يكتب له , وأما دعوى أنه مخالف للقواعد فغير مسلم لأنه قد يعتد ببعض أفعال الكافر في الدنيا ككفارة الظهار فإنه لا يلزمه إعادتها إذا أسلم وتجزئه انتهى).
ثم قال الحافظ: (والحق أنه لا يلزم من كتابة الثواب للمسلم في حال إسلامه تفضلا من الله وإحسانا أن يكون ذلك لكون عمله الصادر منه في الكفر مقبولا , والحديث إنما تضمن كتابة الثواب ولم يتعرض للقبول , ويحتمل أن يكون القبول يصير معلقا على إسلامه فيقبل ويثاب إن أسلم وإلا فلا , وهذا قوي , وقد جزم بما جزم به النووي إبراهيم الحربي وابن بطال وغيرهما من القدماء والقرطبي وابن المنير من المتأخرين , قال ابن المنير: المخالف للقواعد دعوى أن يكتب له ذلك في حال كفره , وأما أن الله يضيف إلى حسناته في الإسلام ثواب ما كان صدر منه مما كان يظنه خيرا فلا مانع منه كما لو تفضل عليه ابتداء من غير عمل , وكما يتفضل على العاجز بثواب ما كان يعمل وهو قادر , فإذا جاز أن يكتب له ثواب ما لم يعمل البتة جاز أن يكتب له ثواب ما عمله غير موفي الشروط واستدل غيره بأن من آمن من أهل الكتاب يؤتى أجره مرتين كما دل عليه القرآن والحديث الصحيح , وهو لو مات على إيمانه الأول لم ينفعه شيء من عمله الصالح , بل يكون هباء منثورا. فدل على أن ثواب عمله الأول يكتب له مضافا إلى عمله الثاني , وبقوله صلى الله عليه وسلم لما سألته عائشة عن ابن جدعان: وما كان يصنعه من الخير هل ينفعه؟ فقال " إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " فدل على أنه لو قالها بعد أن أسلم نفعه ما عمله في الكفر).
قلت: وهذا هو الصواب الذي لا يجوز القول بخلافه , لتضافر الأحاديث على ذلك ولهذا قال السندي رحمه الله في حاشيته على النسائي: (وهذا الحديث يدل على أن حسنات الكافر موقوفة إن أسلم تقبل وإلا ترد وعلى هذا فنحو قوله تعالى (والذين كفروا أعمالهم كسراب) النور 29 , محمول على من مات على الكفر والظاهر أنه لا دليل على خلافه وفضل الله أوسع من هذا وأكثر فلا استبعاد فيه وحديث الإيمان يجب ما قبله من الخطايا في السيئات لا في الحسنات).
قلت: ومثل الآية التي ذكرها السندي رحمه الله سائر الآيات الواردة في إحباط العمل بالشرك , كقوله تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) الزمر 65 , فإنها كلها محمولة على من مات مشركاً , ومن الدليل على ذلك قوله عز وجل: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة217.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/358)
ويترتب على ذلك مسألة فقهية , وهي أن المسلم إذا حج ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام , لم يحبط حجه , ولم يجب عليه إعادته , وهو مذهب الإمام الشافعي , وأحد قولي الليث بن سعد , واختاره ابن حزم وانتصر له بكلام جيد متين , أرى أنه لا بد من ذكره , قال رحمه الله تعالى: (مَسْأَلَةٌ: مَنْ حَجَّ وَاعْتَمَرَ , ثُمَّ ارْتَدَّ , ثُمَّ هَدَاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَاسْتَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ فَأَسْلَمَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْحَجَّ، وَلاَ الْعُمْرَةَ , وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ , وَأَحَدُ قَوْلَيْ اللَّيْثِ.
وقال أبو حنيفة , وَمَالِكٌ , وَأَبُو سُلَيْمَانَ: يُعِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ , وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ) الزمر65 , مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَهَا , وَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهَا ; لإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ فِيهَا: لَئِنْ أَشْرَكَتْ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُك الَّذِي عَمِلْت قَبْلَ أَنْ تُشْرِكَ , وَهَذِهِ زِيَادَةٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لاَ تَجُوزُ , وَإِنَّمَا أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ يَحْبَطُ عَمَلُهُ بَعْدَ الشِّرْكِ إذَا مَاتَ أَيْضًا عَلَى شِرْكِهِ لاَ إذَا أَسْلَمَ وَهَذَا حَقٌّ بِلاَ شَكٍّ. وَلَوْ حَجَّ مُشْرِكٌ أَوْ اعْتَمَرَ , أَوْ صَلَّى , أَوْ صَامَ , أَوْ زَكَّى , لَمْ يُجْزِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، عَنِ الْوَاجِبِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ قوله تعالى فِيهَا: (وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ) الزمر65 , بَيَانُ أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا رَجَعَ إلَى الإِسْلاَمِ لَمْ يَحْبَطْ مَا عَمِلَ قَبْلُ إسْلاَمِهِ أَصْلاً بَلْ هُوَ مَكْتُوبٌ لَهُ وَمُجَازًى عَلَيْهِ بِالْجَنَّةِ ; لاَِنَّهُ لاَ خِلاَفَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الآُمَّةِ فِي أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا رَجَعَ إلى الإِسْلاَمَ لَيْسَ مِنْ الْخَاسِرِينَ , بَلْ مِنْ الْمُرْبِحِينَ الْمُفْلِحِينَ الْفَائِزِينَ , فَصَحَّ أَنَّ الَّذِي يَحْبَطُ عَمَلُهُ هُوَ الْمَيِّتُ عَلَى كُفْرِهِ مُرْتَدًّا أَوْ غَيْرَ مُرْتَدٍّ , وَهَذَا هُوَ مِنْ الْخَاسِرِينَ بِلاَ شَكٍّ , لاَ مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ كُفْرِهِ أَوْ رَاجَعَ الإِسْلاَمَ بَعْدَ رِدَّتِهِ.
وَقَالَ تَعَالَى (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ، عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ) البقرة217 , فَصَحَّ نَصُّ قَوْلِنَا: مِنْ أَنَّهُ لاَ يَحْبَطُ عَمَلُهُ إنْ ارْتَدَّ إلاَّ بِأَنْ يَمُوتَ وَهُوَ كَافِر.
وَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: (أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) ال عمران195 , وَقَالَ تَعَالَى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه) الزلزلة7 , ُوَهَذَا عُمُومٌ لاَ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ , فَصَحَّ أَنَّ حَجَّهُ وَعُمْرَتَهُ إذَا رَاجَعَ الإِسْلاَمَ سَيَرَاهُمَا، وَلاَ يَضِيعَانِ لَهُ.
وروينا من طرق كالشمس عن الزهري وعن هشام بن عروة المعنى كلاهما عن عروة بن الزبير أن حكيم بن حزام أخبره أنه قال لرسول الله عليه السلام: أي رسول الله , أرأيت أموراً كنت أتحنث بها في الجاهلية من صدقة أو عتاقة أو صلة رحم , أفيها أجر؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
248 - (أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أسَلَفتَ مِنْ خَيْرٍ).
أخرجه الشيخان وغيرهما.
قال ابن حزم: (فَصَحَّ أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا أَسْلَمَ , وَالْكَافِرُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ قَطُّ , إذَا أَسْلَمَا فَقَدْ أَسْلَمَا عَلَى مَا أَسَلَفَا مِنْ الْخَيْرِ , وَقَدْ كَانَ الْمُرْتَدُّ إذَا حَجَّ وَهُوَ مُسْلِمٌ قَدْ أَدَّى مَا أُمِرَ بِهِ , وَمَا كُلِّفَ كَمَا أُمِرَ بِهِ فَقَدْ أَسْلَمَ الآنَ عَلَيْهِ , فَهُوَ لَهُ كَمَا كَانَ , وَأَمَّا الْكَافِرُ يَحُجُّ كَالصَّابِئِينَ الَّذِينَ يَرَوْنَ الْحَجَّ إلَى مَكَّةَ دِينِهِمْ , فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ ; لاَِنَّهُ لَمْ يُؤَدِّهِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ; لإِنَّ مِنْ فَرْضِ الْحَجِّ وَسَائِرِ الشَّرَائِعِ كُلِّهَا أَنْ لاَ تُؤَدَّى إلاَّ كَمَا أَمَرَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/359)
بِهَا رَسُولُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فِي الدِّينِ الَّذِي جَاءَ بِهِ , الَّذِي لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ تَعَالَى دِينًا غَيْرَهُ , وَقَالَ عليه السلام: (مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمَرْنَا فَهُوَ رَد) ٌّ, وَالصَّابِئُ إنَّمَا حَجَّ كَمَا أَمَرَهُ يوراسف , أَوْ هُرْمُسُ فَلاَ يُجْزِئُهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَيَلْزَمُ مَنْ أَسْقَطَ حَجَّهُ بِرِدَّتِهِ أَنْ يُسْقِطَ إحْصَانَهُ , وَطَلاَقَهُ الثَّلاَثَ , وَبَيْعَهُ , وَابْتِيَاعَهُ , وَعَطَايَاهُ الَّتِي كَانَتْ فِي الإِسْلاَمِ , وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا ; فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ).
وإذا تبين هذا , فلا منافاة بينه وبين حديث: (أن الكافر يثاب على حسناته ما عمل بها لله في الدنيا) , لأن المراد به الكافر الذي سبق في علم الله أنه يموت كافراً , بدليل قوله في آخره: (حتى إذا أفضى إلى الآخرة , لم يكن له حسنة يجزى بها) , وأما الكافر الذي سبق في علم الله أنه يسلم ويموت مؤمناً , فهو يجازى على حسناته التي عملها حالة كفره في الآخرة , كما أفادته الأحاديث المتقدمة , ومنها حديث حكيم بن حزام الذي أورده ابن حزم في كلامه المتقدم وصححه ولم يعزه لأحد من المؤلفين , وقد أخرجه البخاري , ومسلم , وأبوعوانة , وأحمد.
ومنها حديث عائشة في ابن جدعان الذي ذكره الحافظ غير معزو لأحد , فأنا أسوقه الآن وهو:
249 - (لَا يَا عَائِشَةُ إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ).
أخرجه مسلم , وأبو عوانة , وأحمد , وابنه عبدالله , وأبوبكر العدل , والواحدي , من طرق عَنْ دَاوُدَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوق – ولم يذكر الأخيران مسروقاً - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ وَيُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ قَالَ (فذكر).
وفي هذا الحديث دلالة ظاهرة على أن الكافر إذا أسلم نفعه عمله الصالح في الجاهلية , بخلاف ما إذا مات على كفره , فإنه لا ينفعه , بل يحبط بكفره , وقد سبق بسط الكلام في هذا في الحديث الذي قبله.
وفيه دليل أيضاً على أن أهل الجاهلية الذين ماتوا قبل البعثة المحمدية ليسوا من أهل الفترة الذين لم تبلغهم دعوة الرسل , إذ لو كانوا كذلك , لم يستحق ابن جدعان العذاب , ولما حبط عمله الصالح , وفي هذا أحاديث أخرى كثيرة سبق أن ذكرنا بعضها.
تحريم سؤال شئ من أمور الدنيا بوجه الله تعالى وتحريم عدم إعطاء من سأل به تعالى
255 - (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلًا قُلْنَا بَلَى قَالَ رَجُلٌ ممسك بِرَأْسِ فَرَسِه- أو قال فرس - ِ فِي سَبِيلِ اللَّه حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُقْتَلَ. قال - وَأُخْبِرُكُمْ بِالَّذِي يَلِيهِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: امرؤ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ , يُقِيمُ الصَّلَاةَ , وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ , وَيَعْتَزِلُ النَّاسِ , قال: فَأُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاس منزلة؟ قُلْنَا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي يُسْأَلُ بِاللَّهِ العظيم وَلَا يُعْطِي بِهِ).
في هذا الحديث تحريم سؤال شئ من أمور الدنيا بوجه الله تعالى , وتحريم عدم إعطاء من سأل به تعالى.
قال السندي في حاشية على النسائي: (الذي يسأل بالله على بناء الفاعل أي الذي يجمع بين القبيحتن أحدهما السؤال بالله والثاني عدم الإعطاء لمن يسأل به تعالى فما يراعي حرمة اسمه تعالى في الوقتين جميعا وأما جعله مبنيا للمفعول فبعيد إذ لا صنع للعبد في أن يسأله السائل بالله فلا وجه للجمع بينه وبين ترك الإعطاء في هذا المحل).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/360)
قلت: ومما يدل على تحريم عدم الإعطاء لمن يسأل به تعالى حديث ابن عمر (من استعاذكم بالله؛ فأعيذوه، ومن سألكم بالله؛ فأعطوه، ومن دعاكم؛ فأجيبوه، [ومن استجار بالله؛ فأجيروه]، ومن أتى إليكم معروفا؛ فكافئوه، فإن لم تجدوا؛ فادعوا الله له حتى تعلموا أن قد كافأتموه) , وحديث ابن عباس مرفوعاً (من استعاذ بالله فأعيذوه , ومن سألكم بوجه الله فأعطوه) , ويدل على تحريم السؤال به تعالى حديث: (لا يسأل بوجه الله إلا الجنة) , ولكنه ضعيف الإسناد , كما بينه المنذري وغيره , ولكن النظر الصحيح يشهد له , فإنه إذا ثبت وجوب الإعطاء لمن سأل به تعالى كما تقدم , فسؤال السائل به قد يعرض المسؤول للوقوع في المخالفة , وهي عدم إعطائه إياه ما سأل , وهو حرام , وما أدى إلى محرم فهو حرام , فتأمل.
ولقد كره عطاء أن يسأل بوجه الله أو بالقرآن شئ من أمور الدنيا.
ووجوب الإعطاء إنما هو إذا كان المسؤول قادراً على الإعطاء , ولا يلحقه ضرر به أو بأهليه , وإلا , فلا يجب عليه , والله أعلم.
بطلان الحديث الشائع: لهم ما لنا وعليهم ما علينا
303 - (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنْ يَسْتَقْبِلُوا قِبْلَتَنَا وَيَأْكُلُوا ذَبِيحَتَنَا وَأَنْ يُصَلُّوا صَلَاتَنَا فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ [فقد] حُرِّمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ).
في هذا الحديث دليل على بطلان الحديث الشائع اليوم على ألسنة الخطباء والكتاب: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في أهل الذمة: (لهم ما لنا , وعليهم ما علينا).
وهذا مما لا أصل له عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بل هذا الحديث الصحيح يبطله , لأنه صريح في أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما قال فيمن أسلم من المشركين وأهل الكتاب , وعمدة أولئك الخطباء على بعض الفقهاء الذين لا علم عندهم بالحديث الشريف , كما بينته في الأحاديث الضعيفة والموضوعة , فراجعه , فإنه من المهمات.
وللحديث شاهد بلفظ آخر , وهو:
304 - (من أسلم من أهل الكتاب؛ فله أجره مرتين، وله مثل الذي لنا، وعليه مثل الذي علينا، ومن أسلم من المشركين، فله أجره، وله مثل الذي لنا، وعليه مثل الذي علينا).
إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ
331 – (إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ).
والرقى: هي هنا كل ما فيه الاستعاذة بالجن أو لا يفهم معناها مثل كتابة بعض المشايخ من العجم على كتابهم لفظة (يا كبيكج) لحفظ الكتب من الأرضة زعموا.
والتمائم: جمع تميمة , وأصلها خرزات تعلقها العرب على رأس الولد لدفع العين , ثم توسعوا فيها , فسموا بها كل عوذة.
قلت: ومن ذلك تعليق بعضهم نعل الفرس على باب الدار , أو في صدر المكان , وتعليق بعض السائقين نعلاً في مقدمة السيارة أو مؤخرتها , أو الخرز الأزرق على مرآة السيارة التي تكون أمام السائق من الداخل , كل ذلك من أجل العين زعموا.
وهل يدخل في - التمائم – الحجب التي يعلقها بعض الناس على أولادهم أو على أنفسهم إذا كانت من القرآن أو الأدعية الثابتة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ للسلف في ذلك قولان , أرجحهما عندي المنع , كما بينته فيما علقته على الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية.
والتولة: بكسر التاء وفتح الواو , ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر وغيره , قال ابن الأثير: (جعله من الشرك لاعتقادهم أن ذلك يؤثر ويفعل خلاف ما قدره الله تعالى).
الملائكة فقط هم الذين خلقوا من نور
458 - (خلقت الملائكة من نور، وخلق إبليس من نار السموم، وخلق آدم عليه السلام مما قد وصف لكم).
في الحديث إشارة إلى بطلان الحديث المشهور على ألسنة الناس: (أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر) , ونحوه من الأحاديث التي تقول بأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلق من نور , فإن هذا الحديث دليل واضح على أن الملائكة فقط هم الذين خلقوا من نور , دون آدم وبنيه , فتنبه ولا تكن من الغافلين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/361)
وأما ما رواه عبدالله بن أحمد في " السنة " " ص 151 " عن عكرمة قال: (خلقت الملائكة من نور العزة , وخلق إبليس من نار العزة) , وعن عبدالله بن عمرو قال: (خلق الله الملائكة من نور الذراعين والصدر).
قلت: فهذا كله من الإسرائيليات التي لا يجوز الأخذ بها , لأنها لم ترد عن الصادق المصدوق صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
لا نبوة ولا وحي بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
473 - (كان إذا انصرف من صلاة الغداة يقول: هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا؟ ويقول: ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة).
والحديث نص في أنه لا نبوة ولا وحي بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا المبشرات: الرؤيا الصالحة , وهي جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة.
ولقد ضلت طائفة زعمت بقاء النبوة واستمرارها بعده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وتأولوا – بل عطلوا – معنى هذا الحديث ونحوه مما في الباب , وكذلك حرفوا قول الله تعالى: (وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) الأحزاب40 , بمثل قولهم: أي زينة النبيين , وتارة يقولون: هو آخر الأنبياء المشرعين , ويقولون ببقاء النبوة غير التشريعية.
ومن المؤسف أن أحدهم كان استخرج كلمات الشيخ محيي الدين بن عربي (النكرة) الدالة على بقاء هذه النبوة المزعومة من كتابه " الفتوحات المكية " في كراس نشر على الناس , ثم لم يستطيع أحد من المشايخ أن يرد عليهم , وكانوا من قبل قد ألفوا بعض الرسائل في الرد عليهم , وإنما أمسكوا عن الرد على هذا الكراس , لأن من مكر جامعه أنه لم يضع فيه من عند نفسه شيئاً سوى أنه ذكر فيه كلمات الشيخ المؤيدة لضلالهم في زعمهم المذكور , فلو ردوا عليه , لكان الرد متوجهاً إلى الشيخ الأكبر وذلك مما لا يجرؤ أحد منهم عليه , هذا إن لم يروه زندقة , فكأنهم يعتقدون أن الباطل إنما هو باعتبار المحل , فإذا قام فيمن يعتقدونه كافراً , فهو باطل , وأما إذا قام فيمن يعتقدونه مسلماً – بل ولياً فهو حق , والله المستعان.
فيما جاء في النذر
478 - (قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَأْتِي النَّذْرُ عَلَى ابْنِ آدَمَ بِشَيْءٍ لَمْ أُقَدِّرْهُ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ أَسْتَخْرِجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ يُؤْتِينِي عَلَيْهِ مَا لَا يُؤْتِينِي عَلَى الْبُخْلِ , وفي رواية: ما لم يكن آتاني من قبل).
أخرجه الإمام أحمد: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فذكره).
قلت وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , وقد أخرجاه في " صحيحهما " , وأبو داود , وغيرهم من طرق أخرى عن أبي الزناد به , إلا أنهم لم يجعلوه حديثاً قدسياً , وقد ذكرت لفظه ومن خرجه وطرقه في "إرواء الغليل".
ورواه النسائي من طريق أخرى عن سفيان به مختصراً.
وتابعه همام بن منبه عن أبي هريرة به.
أخرجه ابن الجارود , وأحمد بإسناد صحيح على شرطيهما , ولم يخرجاه من هذا الطريق , ولا بلفظ الحديث القدسي.
وللحديث طريق ثالث بلفظ: (لَا تَنْذِرُوا فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يُغْنِي مِنْ الْقَدَرِ شَيْئًا وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ) , أخرجه مسلم , وصححه الترمذي.
وقد دل هذا الحديث بمجموع ألفاظه أن النذر لا يشرع عقده , بل هو مكروه , وظاهر النهي في بعض طرقه أنه حرام , وقد قال به قوم , إلا أن قوله تعالى: (أَسْتَخْرِجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ): يشعر أن الكراهة أو الحرمة خاص بنذر المجازاة أو المعاوضة , دون نذر الابتداء والتبرر , فهو قربة محضة , لأن للناذر فيه غرضاً صحيحاً , وهو أن يثاب عليه ثواب الواجب , وهو فوق ثواب التطوع , وهذا النذر هو المراد – والله أعلم – بقوله تعالى (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) الإنسان 7 , دون الأول.
قال الحافظ في الفتح: (وقد أخرج الطبري بسند صحيح عن قتادة في قوله تعالى (يوفون بالنذر) قال كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة ومما افترض عليهم فسماهم الله أبرارا , وهذا صريح في أن الثناء وقع في غير نذر المجازاة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/362)
وقال قبل ذلك: (وجزم القرطبي في " المفهم " بحمل ما ورد في الأحاديث من النهي على نذر المجازاة فقال: هذا النهي محله أن يقول مثلا إن شفى الله مريضي فعلي صدقة كذا , ووجه الكراهة أنه لما وقف فعل القربة المذكور على حصول الغرض المذكور ظهر أنه لم يتمحض له نية التقرب إلى الله تعالى لما صدر منه بل سلك فيها مسلك المعاوضة , ويوضحه أنه لو لم يشف مريضه لم يتصدق بما علقه على شفائه , وهذه حالة البخيل فإنه لا يخرج من ماله شيئا إلا بعوض عاجل يزيد على ما أخرج غالبا. وهذا المعنى هو المشار إليه في الحديث بقوله " و إنما يستخرج به من البخيل ما لم يكن البخيل يخرجه " وقد ينضم إلى هذا اعتقاد جاهل يظن أن النذر يوجب حصول ذلك الغرض , أو أن الله يفعل معه ذلك الغرض لأجل ذلك النذر , وإليهما الإشارة بقوله في الحديث أيضا " فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئا " والحالة الأولى تقارب الكفر والثانية خطأ صريح).
قال الحافظ: (قلت: بل تقرب من الكفر أيضا. ثم نقل القرطبي عن العلماء حمل النهي الوارد في الخبر على الكراهة وقال: الذي يظهر لي أنه على التحريم في حق من يخاف عليه ذلك الاعتقاد الفاسد فيكون إقدامه على ذلك محرما والكراهة في حق من لم يعتقد ذلك ا هـ. وهو تفصيل حسن , ويؤيده قصة ابن عمر راوي الحديث في النهي عن النذر فإنها في نذر المجازاة).
قلت: يريد بالقصة ما أخرجه الحاكم من طريق فليح بن سليمان عن سعيد بن الحارث أنه سمع عبدالله بن عمر وسأله رجل من بني كعب يقال له مسعود بن عمرو , يا أبى عبد الرحمن إن ابني كان بأرض فارس فيمن كان عند عمر بن عبيد الله , وإنه وقع بالبصرة طاعون شديد , فلما بلغ ذلك , نذرت: إن الله جاء بابني أن أمشي إلى الكعبة , فجاء مريضاً فمات , فما ترى؟ فقال ابن عمر: أولم تنهوا عن النذر؟ إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخره , فإنما يستخرج به من البخيل) , أوف بنذرك.
وبلجملة ففي الحديث تحذير للمسلم أن يقدم على نذر المجازاة , فعلى الناس أن يعرفوا ذلك حتى لا يقعوا في النهي وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
479 - (النذر نذران: فما كان لله , فكفارته الوفاء , وما كان للشيطان , فلا وفاء فيه , وعليه كفارة يمين).
وفي الحديث دليل على أمرين اثنين:
الأول: أن النذر إذا كان طاعة لله , وجب الوفاء به , وأن ذلك كفارته , وقد صح عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ) متفق عليه.
والآخر: أن من نذر نذراً فيه عصيان للرحمن , وإطاعة للشيطان , فلا يجوز الوفاء به , وعليه الكفارة كفارة اليمين , وإذا كان النذر مكروهاً أو مباحاً , فعليه الكفارة من باب أولى , ولعموم قوله عليه الصلاة والسلام: (كفارة النذر كفارة اليمين) , وأخرجه مسلم وغيره من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه , وهو مخرج في " الإرواء ".
وما ذكرنا من الأمر الأول والثاني متفق عليه بين العلماء , إلا في وجوب الكفارة في المعصية ونحوها , فالقول به مذهب الإمام أحمد وإسحاق , كما قال الترمذي , وهو مذهب الحنفية أيضاً , وهو الصواب , لهذا الحديث وما في معناه مما أشرنا إليه.
مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ
492 - (مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ).
أخرجه الإمام أحمد , والحارث بن أبي أسامة في " مسنده " ومن طريقه أبو الحسن محمد بن محمد البزاز البغدادي عن عبدالعزيز بن منصور: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ عَنْ دُخَيْنٍ الْحَجْرِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ إِلَيْهِ رَهْطٌ فَبَايَعَ تِسْعَةً وَأَمْسَكَ عَنْ وَاحِدٍ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايَعْتَ تِسْعَةً وَتَرَكْتَ هَذَا قَالَ إِنَّ عَلَيْهِ تَمِيمَةً فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَقَطَعَهَا فَبَايَعَهُ وَقَالَ: (فذكره).
التميمة: خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم , يتقون بها العين في زعمهم , فأبطلها الإسلام , كما في " النهاية " لابن الأثير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/363)
قلت: ولا تزال هذه الضلالة فاشية بين البدو والفلاحين وبعض المدنيين , ومثلها الخرزات التي يضعها بعض السائقين أمامهم في السيارة يعلقونها على المرآة , وبعضهم يعلق نعلاً عتيقه , في مقدمة السيارة أو في مؤخرتها , وغيرهم يعلقون نعل فرس في واجهة الدار أو الدكان , كل ذلك لدفع العين زعموا , وغير ذلك مما عم وطم بسبب الجهل بالتوحيد , وما ينافيه من الشركيات والوثنيات التي ما بعثت الرسل ولا أنزلت الكتب إلا من أجل إبطالها والقضاء عليها , فإلى الله المشتكى من جهل المسلمين اليوم وبعدهم عن الدين.
ولم يقف الأمر ببعضهم عند مجرد المخالفة , بل تعداه إلى التقرب بها إلى الله تعالى فهذا الشيخ الجزولي صاحب " دلائل الخيرات " يقول في الحزب السابع في يوم الأحد: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد , ما سجعت الحمائم , وحمت الحوائم , وسرحت البهائم , ونفعت التمائم).
وتأويل الشارح لـ (الدلائل) بأن (التمائم جمع تميمة , وهي الورقة التي يكتب فيها شيء من الأسماء أو الآيات , وتعلق على الرأس مثلاً للتبرك) فمما لا يصح لأن التمائم عند الإطلاق إنما هي الخرزات , كما سبق عن ابن الأثير , على أنه لو سلم بهذا التأويل , فلا دليل في الشرع على أن التميمة بهذا المعنى تنفع , ولذلك جاء عن بعض السلف كراهة ذلك كما بينته في تعليقي على "الكلم الطيب".
يانعايا العرب
508 - (يا نعايا العرب , يا نعايا العرب [ثلاثاً] , إن أخوف ما أخاف عليكم الرياء , والشهوة الخفية).
تنبيه: الرياء , بالراء. ووقع في " الترغيب " و " المجمع ": الزنا , بالزاي. وقال المنذري: (وقد قيده بعض الحفاظ " الرياء " بالراء والياء).
قلت: وكذلك هو في كل الكصادر المحفوظة وغيرها التي عزونا الحديث إليها , وكذلك أورده ابن الأثير في "النهاية" وقال: (وفي رواية:"يا نعيان العرب". يقال: نعى الميت ينعاه نعياً: إذا أذاع موته وأخبر به وإذا نربه , قال الزمخشري: في " نعايا " ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون جمع " نعي " وهو المصدر كصفي وصفايا.
والثاني: أن يكون اسم جمع كما جاء في أخيه أخايا.
والثالث: أن يكون جمع نعاء التي هي اسم الفعل.
والمعنى: يانعايا العرب , جئن فهذا وقتكن وزمانكن , يريد: أن العرب قد هلكت , والنعيان مصدر بمعنى النعي , وقيل: إنه جمع ناع , كراع ورعيان , والمشهور في العربية أن العرب كانوا إذا مات منهم شريف أو قتل , بعثوا راكباً إلى القبائل ينعاه إليهم , يقول: نعاء فلاناً أو يانعاء العرب , أي: هلك فلان , أو هلكت العرب بموت فلان , فنعاه من نعيت , مثل: نظار ودراك , فقوله: نعاء فلاناً معناه: انع فلاناً , كما تقول: دراك فلاناَ , أي: أدركه , فأما قوله: "يانعاء العرب" مع حرف النداء , فالمنادى محذوف تقديره: ياهذا نع العرب , أو ياهؤلاء انعوا العرب بموت فلان , كقوله تعالى (ألا يا اسجدوا) , أي: ياهؤلاء اسجدوا , فمن قرأ بتخفيف (ألا) ".
عقوبة من قتل مؤمناً متعمداً
511 - (كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا).
أخرجه أبوداود , وابن حبان , والحاكم , وكذا أبونعيم , وابن عساكر من طريق خَالِدِ بْنِ دِهْقَانَ قَالَ:
كُنَّا فِي غَزْوَةِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ بِذُلُقْيَةَ فَأَقْبَلَ رَجُلُ مِنْ أَهْلِ فِلَسْطِينَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ وَخِيَارِهِمْ يَعْرِفُونَ ذَلِكَ لَهُ يُقَالُ لَهُ هَانِئُ بْنُ كُلْثُومِ بْنِ شَرِيكٍ الْكِنَانِيُّ فَسَلَّمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا وَكَانَ يَعْرِفُ لَهُ حَقَّهُ قَالَ لَنَا خَالِدٌ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا قَالَ سَمِعْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ تَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (فذكره).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/364)
والحديث في ظاهره مخالف لقوله تعالى (إِنّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ) , لأن القتل دون الشرك قطعاً , فكيف لا يغفره الله؟ وقد وفق المناوي تبعاً لغيره بحمل الحديث على ما إذا استحل , وإلا فهو تهوبل وتغليظ , وخير منه قول السندي في حاشيته على النسائي: (وكأن المراد كل ذنب ترجى مغفرته ابتداء إلا قتل المؤمن فإنه لا يغفر بلا سبق عقوبة وإلا الكفر فإنه لا يغفر أصلا ولو حمل على القتل مستحلا لا يبقى المقابلة بينه وبين الكفر [يعني: لأن الاستحلال كفر , ولا فرق بين استحلال القتل أو غيره من الذنوب , إذ كل ذلك كفر]. ثم لابد من حمله على ما إذا لم يتب وإلا فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له كيف وقد يدخل القاتل والمقتول الجنة معا كما إذا قتله وهو كافر ثم آمن وقتل).
النهي عن سب الدهر
531 - (قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَقُولُ يَا خَيْبَةَ الدَّهْر [وفي رواية: يَسُبُّ الدَّهْرَ] فَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرُ أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ فَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُمَا).
معني الحديث:
قال المنذري: (ومعنى الحديث: أن العرب كانت إذا نزلت بأحدهم نازلة وأصابته مصيبة أو مكروه , يسب الدهر اعتقاداً منهم أن الذي أصابه فعل الدهر , كما كانت العرب تيتمطر بالأنواء وتقول: مطرنا بنوء كذا , اعتقاداً أن ذلك فعل الأنواء , فكان هذا كاللاعن للفاعل , ولا فاعل لكل شيء إلا الله تعالى خالق كل شيء وفاعله , فنهاهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك.
وكان [محمد] بن داود ينكر رواية أهل الحديث: " وأنا الدهر " بضم الراء ويقول: لو كان كذلك كان الدهر اسماً من أسماء الله عز وجل , وكان يرويه: " وأنا الدهر أقلب الليل والنهار " بفتح راء الدهر , على النظر في معناه: أنا طول الدهر والزمان أقلب الليل والنهار , ورجح هذا بعضهم ورواية من قال: "فإن الله هو الدهر " يرد هذا , والجمهور على ضم الراء , والله أعلم".
وللحديث طريق أخرى بلفظ وهو:
532 - (لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ أَنَا الدَّهْرُ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي لِي أُجَدِّدُهَا وَأُبْلِيهَا وَآتِي بِمُلُوكٍ بَعْدَ مُلُوكٍ).
من لقي الله مدمن خمر مستحلاً لشربه، لقيه كعابد وثن
677 - (مُدْمِنُ الْخَمْرِ إِنْ مَاتَ لَقِيَ اللَّهَ كَعَابِدِ وَثَنٍ).
أخرجه احمد (1/ 272):ثنا اسود بن عامر: ثنا الحسن –يعني: ابن صالح-عن محمد بن المنكدر قال: حدثت عن ابن عباس انه قال: قال رسول لله صلى عليه وسلم: فذكره.
ورواه عبد بن حميد في ((المنتخب)) (80/ 1) والخلعي في ((الفوائد)) (501/ 1) عن الحسن بن صالح به.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم، غير شيخ ابن المنكدر فهو مجهول لم يسم، وقد جاء مسمى في بعض الطرق، فأخرجه ابن حبان في ((صحيحه)) (1379)، وعنه الضياء المقدسي في ((الأحاديث المختارة)) (154/ 1)، وابن عدي في ((الكامل)) (220/ 1)) عن عبدالله بن خراش: حدثنا العوام بن حوشب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به نحوه. وقال ابن عدي:
((عبد الله بن خراش منكر الحديث)).
قلت: ولم يتفرد به، فقد رواه اسرئيل: نا حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير به.
أخرجه ابن أبي حاتم (2/ 26)، والسلفي في ((الطيوريات)) (198/ 1)، وكذا ابونعيم في ((الحلية)) (9/ 253) من طرق عن اسرئيل به. قال ابن أبي حاتم:
((ورواه احمد بن يونس فقال: عن اسرئيل عن ثوير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم،قال أبي: حديث حكيم عندي اصح. قلت لأبي: فحكيم بن جبير أحب إليك اوثوير؟ فقال:ما فيهما إلا ضعيف غال في التشيع ز قلت: فأيهما أحب أليك؟ قال:هما متقاربان)).
وقد أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) (3/ 161/2)،وابن بشران في ((الامالي)) (52/ 87/2) عن ثوير بن أبي فاختة به.
ثم روى ابن أبي حاتم عن أبي زرعة انه رجح أيضا حديث حكيم.
قلت: وهو ضعيف كما في ((التقريب))، وكذلك ثوير.
ثم قال ابن أبي حاتم (2/ 27).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/365)
((سالت أبي عن حديث رواه المؤمل بن إسماعيل عن سفيان عن محمد بن المكندر عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:فذكره. سمعت أبي يقول:هذا خطا،أنما هو كما رواه حسن بن صالح عن محمد بن المكندر قال: حدثت عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم)).
قلت: وقد أخرجه من حديث ابن عمرو أبو الحسن الحربي في ((الفوائد المنتقاة)) (3/ 155/2) من طريق المؤمل به.
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعاً مختصراً بلفظ:
((مدمن الخمر كعابد وثن)).
أخرجه البخاري في ((التاريخ الكبير)) (1/ 1/386)،وابن ماجه (3375)،وأبو بكر الملحمي في ((الوسيط)) (1/ 255)، والضياء المقدسي في ((المنتقى من الأحاديث الصحاح والحسان)) (278/ 2) من طرق عن محمد بن سليمان بن الأصبهاني عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. وقال الآبنوسي:
((قال الدارقطني: تفرد به محمد بن سليمان عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة)).
قلت: وفي رواية للبخاري عن سليمان عن سهيل بن أبي صالح عن محمد بن عبد الله عن أبيه قال النبي صلى الله عليه وسلم:فذكره. وقال: ((لا يصح حديث أبي هريرة في هذا)).
قلت: وأكثر الرواة عن محمد بن سليمان وصلوه، وهو الأرجح عندي.
ومحمد بن سليمان قال الذهبي في ((الضعفاء)):
((صدوق، قال ابوحاتم: لا يحتج به)).
وقال الحافظ في ((التقريب)):
((صدوق يخطئ)).
قلت: فالحديث بمجموع طرقه حسن أو صحيح.والله اعلم.
(فائدة): ذكر الضياء عن ابن حبان –وهو في صحيحه- الإحسان)) (7/ 367) -أنه قال:
((يشبه أن يكون معنى الخبر: من لقى الله مدمن خمر مستحلاً لشربه، لقيه كعابد وثن، لا ستوائهما في حالة الكفر)).
الفرق بين التطير والتفاؤل
762 - (كَانَ لَا يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيْءٍ، وَكَانَ إِذَا بَعَثَ عَامِلًا سَأَلَ عَنْ اسْمِهِ، فَإِذَا أَعْجَبَهُ اسْمُهُ فَرِحَ بِهِ، وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِه، ِ وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهُ رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَإِذَا دَخَلَ قَرْيَةً سَأَلَ عَنْ اسْمِهَا، فَإِنْ أَعْجَبَهُ اسْمُهَا فَرِحَ بها، وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهَا رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ).
أخرجه أبودود (2/ 859)،وابن حبان (1430)،وتمام في ((الفوائد)) (109/ 2)،وأحمد (5/ 347 - 348)،وابن أبي خيثمة في ((التاريخ)) (1920)،وابن عساكر (2/ 136/1)،عن هشام عن قتادة عن عبدالله بن بريدة عن أبيه مرفوعاً.
وليس عند ابن حبان قضية العامل، وهي عند تمام دون قضية القرية.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
أخرجه ابن عدي (28/ 2) من طريق أوس بن عبدالله بن بريدة عن حسين بن واقد عن عبدالله بن بريدة عن أبيه قال:
((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتطير، ولكن يتفائل. فذكر قصة إسلام بريدة. الحديث)).
و أوس هذا ضعيف جداً، ولكن تفاؤله صلى الله عليه وسلم ثابت عنه في غير ما حديث، وما قبله صحيح بمتابعة قتادة. والله أعلم.
والحديث عزاه في ((الجامع)) للحكيم والبغوي عن بريده. قال المناوي:
((ورواه عنه أيضاً قاسم بن أصبغ، وسكت عليه عبدا لحق مصححاً له.
قال ابن القطان: وما مثله يصح. فإن فيه أوس بن ... منكر الحديث وروى أبودود عنه قول ((كان لا يتطير)). قال: وإسناده صحيح)).
قلت: الصواب تصحيح عبدا لحق، وليس هو تصحيحاً لذته حتى يرد عليه ما تعقبه ابن قطان، وإنما هو التفصيل الذي ذكرته، فتنبه ولا تكن من الغافلين.
ثم وجدت للحديث شاهداً من حديث ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً بلفظ:
((كان يتفاءل ولا يتطير)).
ويأتي تخريجه قريباً إن شاء الله تعالى برقم (777).
(فائدة): في الحديث أوس بن عبدالله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: من أنت؟ قال: بريدة، فقال صلى الله عليه وسلم ((برد امرنا وصلح)) وعزاه ابن تيمية في آخر ((الكلم الطيب)) إلي (الصحاح) هو وهم تبعه عليه ابن القيم، وحاباهما الشيخ إسماعيل الأنصاري كما هي عادته، وقد رددت عليه في ((الضعيفة)) (4112).
معنى خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ
862 - (إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ).
أخرجه أحمد (2/ 244): ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/366)
وهذا سند صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه؛ وإنما أخرج مسلم (8/ 31)، وكذا البخاري (5/ 182/2559)، وابن حبان (5575 - الإحسان) منه الشطر الأول بلفظ:
((إذا قاتل أحدكم أخاه .... )). وليس عند البخاري ((أخاه)).
وأخرجه بتمامه الآجري في ((الشريعة)) (ص314) والبيهقي في ((الأسماء)) (ص290) من طرق عن سفيان به.
ثم أخرجه أخرجه من طريق ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة به.
و أخرجه البخاري في ((الأدب لمفرد)) (ص27) عن ابن عجلان قال: أخبرني أبي وسعيد عن أبي هريرة مرفوعاً دون السطر الثاني. وهو حسن أيضاً.
وكذلك أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (5/ 182) من وجه آخر ضعيف عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة.
ورواه أحمد عن ابن عجلان بلفظ:
((إذا ضرب أحدكم فليتجنب الوجه، ولا تقل قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك؛ فإن الله تعالى خلق آدم على صورته)).
قال أحمد (2/ 25و434):ثنا يحيى عن ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة مرفوعاً. وهذا سند حسن.
وأخرجه ابن خزيمة في ((التوحيد)) (ص26)، والبيهقي في ((الأسماء والصفات** (ص291)،وقال البخاري في ((الأدب المفرد)): ثنا عبدالله بن محمد قال: ثنا ابن عينية عن ابن عجلان به؛ إلا أنه أوقفه على أبي هريرة به، وعلقه الآجري ورواه البخاري من طريق أخرى عن عينية به مرفوعاً مقتصراً على قوله: ((لا تقولوا قبح الله وجهه))، فالظاهر أن ابن عجلان كان تارة يرفعه وأخرى يوفقه، والحديث مرفوع بلا شك.
وأخرج الشطر الأول منه أبودود (2/ 243) من طريق عمر-يعني: ابن أبي سلمة- عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً.
وسنده حسن في المتابعات.
فائدة: يرجع الضمير في قوله: (على صورته) إلي آدم عليه السلام؛ لأنه أقرب مذكور؛ ولأنه مصرح به في رواية آخر للبخاري عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ ((خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعاً))، وقد مضى تخريجه برقم (449)،وأما حديث (( .... على صورة الرحمن)؛ فهو منكر، كما حققته في الكتاب (1176)، مع الرد على من صححه من المعاصرين كالشيخ التويجري رحمه الله وغيره
اثبات العلو للعلي القدير
925 - (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ تبارك وتعالى، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ((الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ)).
ورواه أبو داود (4941)، والترمذي (1/ 350)، وأحمد (2/ 160)، والحميدي (591)، وعنه البخاري في ((التاريخ / الكنى)) (64/ 574)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (8/ 526)، والحاكم (4/ 159) وصححه، ووافقه الذهبي، والخطيب في ((التاريخ)) (3/ 260)، والبيهقي في ((شعب الأيمان)) (7/ 476/11048)،وأبو الفتح الخرقي في ((الفوائد الملتقطة)) (222ـ223)، كلهم عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي قابوس مولى عبد الله بن عمرو مرفوعاً. وقال الترمذي:
((هذا حديث حسن صحيح)).
وصححه الخرقي أيضا، وقواه الحافظ في ((الفتح)) (10/ 440) بسكوته عليه.
قلت: ورواه العراقي في ((العشاريات)) (59/ 1) من هذا الوجه مسلسلاً بقول الراوي)):وهو أول حديث سمعته منه))، ثم قال: ((هذا حديث صحيح)).
وصححه أيضاً ابن ناصر الدين الدمشقي في بعض مجالسه المحفوظة في ظاهرية دمشق؛ لكن أوراقها مشوشة الترتيب، وقال:
((ولأبي قابوس متابع رويناه في ((مسندي أحمد بن حنبل وعبد بن حميد)) من حديث أبي خداش حبان بن زيد الشرعبي الحمصي-أحد الثقات عن عبد الله بن عمرو بمعناه، وللحديث شاهد عن نيف وعشرين صحابياً؛ منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم)).
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي قابوس فقال الذهبي:
((لا يعرف)).
وقال الحافظ:
((مقبول)). يعني: عند المتابعة. وقد توبع كما تقدم عن ابن ناصر الدين؛ مع الشواهد التي أشار إليها؛ ومنها حديث إسحاق عن أبي ظبيان عن جرير مرفوعاً بلفظ:
(من لا يرحم من في الأرض؛ لا يرحمه من في السماء)).
أخرجه ابن أبي شيبة (8/ 528/5416) والطبراني في ((المعجم الكبير)) (1/ 118/2).قال المنذري في ((الترغيب)) (3/ 155):
((وإسناده جيد قوي)) كذا قال، وأقره العلجوني، والصواب قول الذهبي في ((العلو)) (رقم5 - مختصر))،والحافظ في ((الفتح)) (رواته ثقات).
وذلك لأن أبا إسحاق-وهو السبيعي-كان اختلط، ثم وهو مدلس. والجملة الأولى منه عند الشيخين، وهو مخرج في ((مشكلة الفقر)) (108).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/367)
(تنبيه): المتابعة التي أشار إليها الحافظ ابن ناصر الدين هي بلفظ آخر، وقد مضى تخريجه برقم (482)، وهي متابعة قاصرة فتنبه.
(فائدة):قوله في هذا الحديث ((في)): هو بمعنى ((على))؛ كما في قوله تعالى ((قل سيروا في الأرض))، فالحديث من الأدلة الكثيرة على أن الله تعالى فوق المخلوقات كلها، وفي ذلك ألف الحافظ الذهبي كتابه ((العلو للعلي القدير))، وقد انتهيت من اختصاره قريباً، ووضعت له مقدمة ضافية، وخرجت أحاديثه وآثاره، ونزهته من الأخبار الواهية. وقد يسر الله طبعه، والحمد لله.
وقد أنكر الملقب بـ (السقاف) المعنى المذكور، ولذا ابطل الحديث، وانظر ((الاستدراك)) (11).
مذهب السلف إمرار احاديث الصفات على ظاهرها
756 - (إذا جمع الله الأولى والأخرى يوم القيامة، جاء الرب تبارك وتعالى إلى المؤمنين فوقف عليهم، والمؤمنون على كوم _ فقالوا لعقبة ما الكوم؟ قال: مكان مرتفع _ فيقول هل تعرفون ربكم؟ فيقولون إن عرفنا نفسه عرفناه. ثم يقول لهم الثانية فيضحك في وجوههم، فيخرون له سجدا).
أخرجه ابن خزيمة في ((التوحيد) (ص153) من طريق فرقد بن الحجاج قال: سمعت عقبة بن أبي الحسناء قال: سمعت أبا هريرة
يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قلت: وهذا إسناد لا بأس به في الشواهد، غير عقبة هذا فهو مجهول، وأما ابن حبان فذكره في ((الثقات)) لكن يشهد له حديث جابر المتقدم.
وأعلم أن هذا الحديث-كغيره من أحاديث الصفات-يجب أمراره على ظاهره دون تعطيل، أو تشبيه، كما هو مذهب السلف، وليس مذهبهم التفويض كما يزعم الكوثري وأمثاله من المعطلة، كما شرحه ابن تيمية في رسالته (التدمرية) وغيرها والتفويض بزعمهم إمرار النصوص بدون فهم مع الإيمان بألفاظها ولازم ذلك نسبة الجهل إلي السلف بأعز شئ لديهم وأقدسه عندهم وهو أسماء الله وصفاته.
ومن عرف هذا علم خطورة ما ينسبونه إليهم. والله المستعان ورجع ذلك مقدمتي لكتابي (مختصر العلو للذهبي)،يسر الله طبعه. ثم طبع والحمد لله.
يحرم شد الرحل لغير المساجد الثلاثة
997 - (إنما تضرب أكباد المطي إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى).
أخرجه أبو يعلى في ((مسنده)) (ق306/ 1): ثنا محمد بن المنهال: ثنا يزيد بن زريع: ثنا روح عن زيد بن أسلم عن سعيد بن أبي سعيد المقبري:
((أن أبا بصرة جميل بن بصرة لقي أبا هريرة وهو مقبل من (الطور)، فقال: لو لقيتك قبل أن تأتيه لم تأته؛ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول)) فذكره.
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات، وهو على شرط الشيخين إن كان محمد بن المنهال هذا هو التميمي الحافظ، وفي طبقته محمد بن المنهال البصري الأنماطي أخو الحجاج، وهو ثقة اتفاقاً، وكلاهما يروي بن زريع، وعنهما أبو يعلى.
وقد أخرجه الطبراني (2/ 310/2159) من طريق أخرى صحيحة عن يزيد بن زريع به.
ثم أخرجه هو وأحمد (6/ 7و397) من طريق أخرى صحيحة عن أبي بصرة.
والحديث في ((الصحيحين)) وغيرهما من طرق عن أبي هريرة بلفظ ((لا تشد الرحال))، وقد خرجتها في ((أرواء الغليل)) (رقم951)، وإنما خرجته هنا لهذه الزيادة التي فيها إنكار أبي بصرة على أبي هريرة رضي الله عنهما سفره إلي الطور، ولها طرق أخرى أوردتها هناك، فلما وقفت على هذه الطريق أحببت أن أقيدها هنا، وقد فاتني ثم.
وفي هذه الزيادة فائدة هامة؛ وهي أن راوي الحديث-وهو الصحابي الجليل أبو بصرة رضي الله عنه-وقد فهم من النبي صلى الله عليه وسلم أن النهي يشمل غير المساجد الثلاثة من المواطن الفاضلة كالطور؛ وهو جبل كلم الله عليه موسى تكليماً، ولذلك أنكر على أبي هريرة سفره إليه، وقال ((لو لقيتك قبل أن تأتيه لم تأته))، وأقره على ذلك أبو هريرة ولم يقل كما يقول بعض المتأخرين:
((الاستثناء مفرغ، والمعنى: لا يسافر لمسجد للصلاة فيه إلا لهذه الثلاثة))
بل المراد: لا يسافر إلي موضع من المواضع الفاضلة التي تقصد لذاتها ابتغاء بركتها وفضل العبادة إلا إلي ثلاثة مساجد.
وهذا هو الذي يدل عليه فهم الصحابيين المذكورين، وثبت مثله عن ابن عمر رضي الله عنه؛ كما بينته في كتابي ((أحكام الجنائز وبدعها)) (ص226)، وهو الذي أختاره جماعة من العلماء: كالقاضي عياض، والإمام الجويني، والقاضي حسين؛ فقالوا:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/368)
((يحرم شد الرحل لغير المساجد الثلاثة؛ كقبور الصالحين، والمواضع الفاضلة)). ذكره المناوي في ((الفيض)).
فليس هو رأي ابن تيمية وحده كما يظن بعض الجهلة، وإن كان له الفضل الدعوة إليه، والانتصار له بالسنة وأقوال السلف بما لا يعرف له مثيل، فجزاه الله عنا خير الجزاء.
فهل آن للغافلين أن يعودوا إلي رشدهم، ويتبعوا السلف في عبادتهم، وأن ينتهوا عن اتهام الأبرياء بما ليس فيهم؟
كتاب الطهارة
مسح الأذنين هل هو فرض أم سنة
36 - (الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ).
فهذا الحديث يدل على مسألتين من مسائل الفقه , اختلفت أنظار العلماء فيهما:
أما المسألة الأول , فهي أن مسح الأذنين هل هو فرض أم سنة؟
ذهب إلى الأول الحنابلة , وحجتهم هذا الحديث , فإنه صريح في إلحاقهما بالرأس , وما ذلك إلا لبيان أن حكمهما في المسح كحكم الرأس فيه.
وذهب الجمهور إلى أن مسحهما سنة فقط , كما في (الفقه على المذاهب الأربعة) (1/ 65) , ولم نجد لهم حجة يجوز التمسك بها في مخالفة هذا الحديث إلا قول النووي في (المجموع) (1/ 415): (إنه ضعيف من جميع طرقه).
وإذا علمت أن الأمر ليس كذلك , وأن بعض طرقه صحيح , لم يطلع عليه النووي , وبعضها الآخر صحيح لغيره , استطعت أن تعرف ضعف هذه الحجة , ووجوب التمسك بما دل عليه الحديث من وجوب مسح الأذنين , وأنهما في ذلك كالرأس , وحسبك قدوة في هذا المذهب إمام السنة أبو عبدالله أحمد بن حنبل , وسلفه في ذلك جماعة من الصحابة , وقد عزاه النووي (1/ 413) إلى الأكثرين من السلف.
وأما المسألة الأخرى , فهي: هل يكفي في مسح الأذنين ماء الرأس أم لا بد لذلك من جديد؟ ذهب إلى الأول الأئمة الثلاثة , كما نص في (فيض القدير) للمناوي , فقال في شرح الحديث:
(الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ: لا من الوجه , ولا مستقلتان , يعني فلا حاجة إلى أخذ ماء جديد منفرد لهما غير ماء الرأس في الوضوء , بل يجزئ مسحهما ببلل ماء الرأس , وإلا لكان بياناً للخلقة فقط , والمصطفى صلى الله عليه وسلم لم يبعث لذلك , وبه قال الأئمة الثلاثة).
وخالف في ذلك الشافعية , فذهبوا إلى أنه يسن تجديد الماء للإذنين ومسحهما على الانفراد , ولا يجب , واحتج النووي لهم بحديث عبدلله بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ لأذنيه ماء خلاف الذي أخذ لرأسه.
قال النووي في (المجموع) (1/ 412): (حديث حسن , رواه البيهقي , وقال: إسناده صحيح).
وقال في مكان آخر (1/ 414): (وهو حديث صحيح كما سبق بيانه قريباً , فهذا صريح في أنهما ليستا من الرأس , إذ لو كانتا منه , لما أخذ لهما ماء جديداً كسائر أجزاء الجسد , وهو صريح في أخذ ماء جديد).
قلت: ولا حجة فيه على ماقالوا , إذ غاية ما فيه مشروعية أخذ الماء لهما , وهذا لا ينافي جواز الاكتفاء بما الرأس , كما دل عليه هذا الحديث , فاتفقا ولم يتعارضا , ويؤيد ما ذكرت أنه صح عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه مَسَحَ بِرَأْسِهِ مِنْ فَضْلِ مَاءٍ كَانَ فِي يَدِهِ) رواه ابوداود بسند حسن كما بينته في صحيح سننه , وهذا كله يقال على فرض التسليم بصحة حديث عبدالله بن زيد , ولكنه غير ثابت , بل هو شاذ كما ذكرت في (صحيح سنن أبي داود) (111) , وبينته في (سلسلة الأحاديث الضعيفة) (997).
وجملة القول: فإن أسعد الناس بهذا الحديث من بين الأئمة الأربعة أحمد بن حنبل رضي الله عنهم أجمعين , فقد أخذ بما دل عليه الحديث في المسألتين , ولم يأخذ به في الواحدة دون الأخرى كما صنع غيره.
التنزه من البول
201 - (مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبُولُ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ مَا كَانَ يَبُولُ إِلَّا قَاعِدًا).
أخرجه النسائي , والترمذي , وابن ماجه , والطيالسي , كلهم عن شَرِيكٌ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: (فذكره).
أعلم أن قول عائشة - في هذا الحديث – إنما هو باعتبار علمها , وإلا فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث حذيفة رضي الله عنه قال: (أتى النبي صلى الله عليه وسلم سباطة قوم , فبال قائماً) , وهو مخرج في الإرواء , ولذلك فالصواب جواز البول قاعداً وقائماً , والمهم أمن الرشاش , فبأيهما حصل وجب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/369)
وأما النهي عن البول قائماً , فلم يصح فيه حديث مثل حديث: (لا تبل قائماً) , وقد تكلمت عليه في الأحاديث الضعيفة.
هل يستحب إطالة الغرة والتحجيل
252 – (تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنْ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوَضُوءُ).
صحيح من حديث أبي هريرة مصرحاً بسماعه من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وله عنه طريقان:
الأولى: عن خَلَفٌ بْنَ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ فَكَانَ يَمُدُّ يَدَهُ حَتَّى يَبْلُغَ إِبْطَهُ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا هَذَا الْوُضُوءُ فَقَالَ يَا بَنِي فَرُّوخَ أَنْتُمْ هَاهُنَا لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ هَاهُنَا مَا تَوَضَّأْتُ هَذَا الْوُضُوءَ سَمِعْتُ خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (فذكره).
والطريق الأخرى عن يحيى بن أيوب البجلي عن أبي زرعة قال (دخلت على أبي هريرة , فتوضأ إلى منكبيه , وإلى ركبتيه , فقلت له: ألا تكتفي بما فرض الله عليك من هذا؟ قال: بلي , ولكني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: مبلغ الحلية مبلغ الوضوء , فأحببت أن يزيدني في حليتي).
هل هذا الحديث يدل على استحباب إطالة الغرة والتحجيل؟
الذي نراه – إذا لم نعتد برأي أبي هريرة رضي الله عنه – أنه لا يدل على ذلك , لأن قوله: (مبلغ الوضوء) , من الواضح أنه أراد الوضوء الشرعي , فإذا لم يثبت في الشرع الإطالة , لم يجز الزيادة عليه , كما لا يخفى.
على أنه إن دل الحديث على ذلك , فلن يدل على غسل العضد , لأنه ليس من الغرة ولا التحجيل , ولذلك قال ابن القيم رحمه الله تعالى في حادي الأرواح: (وقد احتج بهذا الحديث من يرى استحباب غسل العضد وإطالته , والصحيح أنه لا يستحب , وهو قول أهل المدينة , وعن أحمد روايتان , والحديث لا يدل على الإطالة , فإن الحلية إنما تكون زينة في الساعد والمعصم , لا العضد والكتف).
واعلم أن هناك حديثاً آخر يستدل به من يذهب إلى استحباب إطالة الغرة والتحجيل , وهو بلفظ: (إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ) , وهو متفق عليه بين الشيخين , لكن قوله (فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ) , مدرج من قول أبي هريرة , ليس من حديثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كما شهد بذلك جماعة من الحفاظ , كالمنذري , وابن تيمية , وابن القيم , والعسقلاني , وغيرهم , وقد بينت ذلك بياناً شافياً في الأحاديث الضعيفة , فأغنى عن الإعادة , ولو صحت هذه الجملة , لكانت نصاً على استحباب إطالة الغرة والتحجيل لا على إطالة العضد , والله ولي التوفيق.
الترتيب في الوضوء غير واجب
261 - (هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي).
رواه ابن شاهين في الترغيب عن محمد بن مصفى: أنا ابن أبي فديك قال: حدثني طلحة بن يحيى عن أنس بن مالك قال: دعا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوضوء , فغسل وجهه مرة , ويديه مرة , ورجليه مرة مرة , وقال: هذا وضوء لا يقبل الله عز وجل الصلاة إلا به , ثم دعا بوضوء فتوضأ مرتين مرتين , وقال: هذا وضوء من توضأ ضاعف الله له الأجر مرتين , ثم دعا بوضوء فتوضأ ثلاثاً , وقال: هكذا وضوء نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والنبيين قبله , أو قال هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي.
والحديث مع أنه لم يذكر فيه الترتيب صراحة , فلا يؤخذ ذلك من قوله فيه (فغسل وجهه مرة , ويديه مرة , ورجليه مرة مرة , وقال: هذا .. ) , لما اشتهر أن الواو لمطلق الجمع , فلا تفيد الترتيب , لا سيما والأحاديث الأخرى التي أشرنا إليها لم يذكر فيها أعضاء الوضوء , بل جاءت مختصرة بلفظ: (توضأ مرة مرة , ثم قال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به).
ومن الواضح أن الإشارة بـ (هذا) , هنا إنما هو إلى الوضوء مرة مرة , كما أن الإشارة بذلك في الفقرتين الأخريين إنما هو للوضوء مرتين مرتين و الوضوء ثلاثاً ثلاتاً فلا دلالة في الحديث على الموالاة , ولا على الترتيب , والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/370)
وليس هناك ما يدل على وجوب الترتيب , وقول ابن القيم في الزاد (وكان وضوؤه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتباً متوالياَ لم يخل به مرة واحدة البتة) , غير مسلم في الترتيب , لحديث الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيَّ قَالَ (أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) , رواه أحمد , وعنه أبوداود بإسناد صحيح , وقال الشوكاني: (إسناد صالح , وقد أخرجه الضياء في المختارة).
فهذا يدل على أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يلتزم الترتين في بعض المرات , فذلك دليل على أن الترتيب غير واجب , ومحافظته عليه في غالب أحواله دليل على سنيته , والله أعلم.
دم الحيض والدماء
298 – (يَكْفِيكِ الْمَاءُ وَلَا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ).
أخرجه أبوادود وأحمد قالا حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ يَسَارٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَأَنَا أَحِيضُ فِيهِ فَكَيْفَ أَصْنَعُ َقَالَ إِذَا طَهُرْتِ فَاغْسِلِيهِ ثُمَّ صَلِّي فِيهِ فَقَالَتْ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الدَّمُ قَالَ يَكْفِيكِ الْمَاءُ وَلَا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ.
والحديث دليل على نجاسة دم الحيض لأمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغسله , وظاهره أنه يكفي فيه الغسل , ولا يجب فيه استعمال شئ من الحواد والمواد القاطعة لأثر الدم.
ويؤيده الحديث الآتي:
299 - (إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ إِحْدَاكُنَّ الدَّمُ مِنْ الْحَيْضَةِ , فَلْتَقْرُصْهُ , ثُمَّ لِتَنْضِحْهُ بِالْمَاءِ [وفي رواية: ثم اقرصيه بماء , ثم انضحي في سائره] , ثُمَّ لِتُصَلِّ فِيهِ).
أخرجه مالك , وعنه البخاري , ومسلم , وأبوداود , والبيهقي , كلهم عَنْ مَالِك عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهَا قَالَتْ سَأَلَتْ امْرَأَةٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا إِذَا أَصَابَ ثَوْبَهَا الدَّمُ مِنْ الْحَيْضَةِ كَيْفَ تَصْنَعُ فِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فذكره).
وظاهر الحديث يدل كالحديث الذي قبله على أن الماء يكفي في غسل دم الحيض , وأنه لا يجب فيه استعمال شئ من الحواد , كالسدر والصابون ونحوه , لكن قد جاء ما يدل على وجوب ذلك وهو الحديث الآتي:
300 - (حُكِّيهِ بِضِلَعٍ وَاغْسِلِيهِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ).
أخرجه أبوداود , والنسائي , والدارمي , وابن ماجه , وابن حبان , والبيهقي , وأحمد من طرق عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِي ثَابِتٌ الْحَدَّادُ حَدَّثَنِي ْ عَدِيِّ بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ أُمَّ قَيْسٍ بِنْتَ مِحْصَنٍ تقول: سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ دَمِ الْحَيْضَ يكون في الثَّوْبَ قَالَ: (فذكره).
يستفاد من هذه الأحاديث أحكام كثيرة أذكر أهمها:
الأول: أن النجاسات إنما تزال بالماء دون غيره من المائعات , لأن الجميع النجاسات بمثابة دم الحيض , ولا فرق بينه وبينها اتفاقاً , وهو مذهب الجمهور , وذهب ابوحنيفة إلى أنه يجوز تطهير النجاسة بكل مائع طاهر قال الشوكاني: (والحق أن الماء أصل في التطهير لوصفه بذلك كتابًا وسنة وصفًا مطلقًا غير مقيد لكن القول بتعينه وعدم إجزاء غيره يرده حديث مسح النعل وفرك المني وإماطته بأذخرة وأمثال ذلك كثير فالإنصاف أن يقال أنه يطهر كل فرد من أفراد النجاسة المنصوص على تطهيرها بما اشتمل عليه النص لكنه إن كان ذلك الفرد المحال عليه هو الماء فلا يجوز العدول إلى غيره للمزية التي اختص بها وعدم مساواة غيره له فيها وإن كان ذلك الفرد غير الماء جاز العدول عنه إلى غير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/371)
الماء لذلك وإن وجد فرد من أفراد النجاسة لم يقع من الشارع الإحالة في تطهيره على فرد من أفراد المطهرات بل مجرد الأمر بمطلق التطهير فالاقتصار على الماء هو اللازم لحصول الامتثال به بالقطع وغيره مشكوك فيه وهذه طريقة متوسطة بين القولين لا محيص عن سلوكها).
قلت: وهذا هو التحقيق , فشد عليه بالنواجذ.
ومما يدل على أن غير الماء لا يجزئ في دم الحيض قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الثاني: (يَكْفِيكِ الْمَاءُ) , فإن مفهومه أن غير الماء لا يكفي , فتأمل.
الثاني: أنه يجب غسل دم الحيض , ولو قل , لعموم الأمر , وهل يجب استعمال شئ من المواد لقطع أثر النجاسة كالسدر والصابون ونحوهما؟ فذهب الحنفية وغيرهم إلى عدم الوجوب , مستدلين بعدم ورود الحاد في الحديثين الأولين , وذهب الشافعي والعترة – كما في نيل الأوطار – إلى الوجوب , واستدلوا بأمر بالسدر في الحديث الثالث وهو من الحواد , وجنح إلى هذا الصنعاني , وقال في سبل السلام رد على الشارح المغربي – وهو صاحب بدر التمام – أصل السبل – في قوله: (والقول الأول أظهر): (وقد يقال: قد ورد الأمر بالغسل لدم الحيض بماء والسدر , والسدر من الحواد , والحديث الوارد به في غاية الصحة كما عرفت , فيقيد به ما أطلق في غيره – كالحديثين السابقين – ويخص الحاد بدم الحيض , ولا يقاس عليه غيره من النجاسات , وذلك لعدم تحقق شروط القياس , ويحمل حديث (وَلَا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ) , وقول عائشة: (فلم يذهب) , أي: بعد الحاد).
قلت: وهذا هو الأقرب إلى ظاهر الحديث , ومن الغريب أن ابن حزم لم يتعرض له في المحلى بذكر , فكأنه لم يبلغه.
الثالث: أن دم الحيض نجس للأمر بغسله , وعليه الإجماع كما ذكره الشوكاني عن النووي , وأما سائر الدماء , فلا أعلم نجاستها اللهم إلا ما ذكره القرطبي في تفسيره من (اتفق العلماء على نجاسة الدم) , هكذا قال (الدم) , فأطلقه , وفيه نظر من وجهين:
الوجه الأول: أن ابن رشد ذكر ذلك مقيداً , فقال في البداية: (اتفق العلماء على أن دم الحيوان البرئ نجس , واختلفوا في دم السمك .. ).
الوجه الثاني: أنه قد ثبت عن بعض السلف ما ينافي الإطلاق المذكور , بل إن بعض ذلك في حكم المرفوع إلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
1 - قصة ذلك الصحابي الأنصاري الذي رماه المشرك بثلاثة أسهم , وهو قائم يصلي , فستمر في صلاته والدماء تسيل منه , وذلك في غزوة ذات الرقاع كما اخرجه ابوداود وغيره من حديث جابر بسند حسن , كما بينته في صحيح ابي داود , ومن الظاهر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم بها , لأنه يبعد أن لا يطلع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علي مثل هذه الواقعة العظيمة , ولم ينقل أنه اخبره بأن صلاته بطلت كما قال الشوكاني.
2 - عن محمد ابن سيرين عن يحيى الجزار قال: صلي ابن مسعود وعلي بطنه فرث ودم من جزور ونحوها , ولم يتوضأ , واسناده صحيح.
3 - ذكر ابن رشد اختلاف العلماء في دم السمك وذكر: (أن السبب في اختلافهم هو اختلافهم في ميتته فمن جعل ميتته داخلة تحت عموم التحريم , جعل دمه كذلك , ومن اخرج ميتته اخرج دمه قياساً علي الميتة).
فهذا يشعر بأمرين:
أحداهما: أن إطلاق الاتفاق علي نجاسة الدم ليس بصواب , لأن هناك بعض الدماء اختلف في نجاستها , كدم السمك مثلاً , فما دام أن الاتفاق علي إطلاقه لم يثبت , لم يصح الاستدلال به علي موارد النزاع , بل وجب الرجوع فيه إلى النص , والنص إنما دل علي نجاسة دم الحيض , وما سوى ذلك , فهو علي الأصل المتفق عليه بين المتنازعين , وهو الطهارة فلا يخرج منه إلا بنص تقوم به الحجة.
الأمر الآخر: أن القائلين بنجاسة الدماء ليس عندهم حجة , إلا أنه محرم بنص القرآن , فستلزموا من التحريم التنجيس كما فعلوا تماما في الخمر ولا يخفى أنه لا يلزم من التحريم التنجيس , بخلاف العكس , كما بينه الصنعاني في سبل السلام , ثم الشوكاني وغيرهما , ولذلك قال المحقق صديق حسن خان في الروضة الندية بعد أن ذكر حديث أسماء المتقدم وحديث أم قيس الثالث: (فالأمر بغسل دم الحيض , يفيد ثبوت نجاسته , وإن اختلف وجه تطهيره , فذلك لا يخرجه عن كونه نجسا , وأما سائر الدماء , فالأدلة مختلفة مضطربة , والبراءة الأصلية مستصحبة , حتي يأتي الدليل الخالص عن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/372)
المعارضة الراجحة أو المساوية , ولو قام الدليل علي الرجوع الضمير في قوله تعالي: (فإنه رجس) إلي جميع ما تقدم في الآية الكريمة من: الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير , لكان ذلك مفيداً لناجسة الدم المسفوح والميتة , ولكن لم يرد ما يفيد ذلك , بل النزاع كائن في رجوعه إلي الكل أو الأقرب , والظاهر الرجوع إلي الأقرب , وهو لحم الخنزير , لإفراد الضمير , ولهذا جزمنا هنا بنجاسة لحم الخنزير دون الدم الذي ليس بدم حيض , ومن رام تحقيق الكلام في الخلاف الواقع في مثل هذا الضمير المذكور في الآية , فليرجع إلي ما ذكره أهل الأصول في الكلام علي القيد الواقع بعد جملة مشتملة علي أمور متعددة).
ولهذا لم يذكر الشوكاني في النجاسات من الدرر البهية الدم علي عمومه , وإنما دم الحيض فقط , وتبعه علي ذلك صديق حسن خان كما رأيت فيما نقلته عنه آنفاً.
وأما تعقب العلامة أحمد شاكر في تعليقه علي الروضة الندية بقوله: (هذا خطأ من المؤلف والشارح , فإن نجاسة دم الحيض ليست لأنه دم حيض , بل لمطلق الدم , والمتتبع للأحاديث يجد أنه كان مفهوماً أن الدم نجس , ولو لم يأت لفظ صريح بذلك , وقد كانوا يعرفون ما هو قذر نجس بالفطرة الطاهرة).
قلت: فهذا تعقب لا طائل تحته , لأنه ليس فيه إلا مجرد الدعوى , وإلا، فأين الدليل علي أن نجاسة دم الحيض ليس لأنه دم حيض بل لمطلق الدم؟ ولو كان هناك دليل علي هذا , لذكره هو نفسه , ولما خفي إن شاء الله تعالي علي الشوكاني وصديق خان وغيرهما.
ومما يؤيد ما ذكرته أن ابن حزم – علي سعة اطلاعه – لم يجد دليلاً علي نجاسة الدم مطلقاً , إلا حديثاً واحداً , وهو إنما يدل على نجاسة دم الحيض فقط , كما سيأتي بيانه , فلو كان عنده غيره , لأورده، كما هي عادته في استقصاء الأدلة , لا سيما ما كان منها مؤيداً لمذهبه.
وأما قول الشيخ أحمد شاكر: (والمتتبع للأحاديث يجد أنه كان مفهوماً أن الدم نجس) , فهو مجرد دعوى أيضاً , وشئ لم أشعر به البتة فيما وقفت عليه من الأحاديث , بل وجدت فيها ما يبطل هذه الدعوى , كما سبق في حديث الأنصاري وأثر ابن مسعود.
ومثل ذلك قوله: (وقد كانوا يعرفون ما هو قذر نجس بالفطرة الطاهرة) , فما علمنا أن للفطرة مدخلاً في معرفة النجاسات في عرف الشارع , ألا تري أن الشارع حكم بطهارة المني ونجاسة المذي، فهل هذا مما يمكن معرفته بالفطرة، وكذلك ذهب الجمهور إلي نجاسة الخمر وأنها تطهر إذا تخللت فهل هذا مما يمكن معرفته بالفطرة؟ اللهم لا , فلو أنه قال (ما هو قذر) ولم يزد , لكان مسلماً , والله تعالى ولي الهداية والتوفيق.
301 - (إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ فَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ [ثم توضئي لكل صلاة حتى يجئ ذلك الوقت] ثم صَلِّي).
أخرجه الشيخان وأبوعوانة وأصحاب السنن الأربعة ومالك , والدارقطني , والبيهقي , وأحمد من حديث عَائِشَةَ قَالَتْ إن فَاطِمَةُ بِنْتُ حُبَيْشٍ جاءت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إني امرأة أستحاض فلا أطهر , أفأدع الصلاة؟ قال: (فذكره).
والشاهد من الحديث قوله: (فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ) , فهو دليل آخر علي نجاسة دم الحيض.
ومن غرائب ابن حزم أنه ذهب إلي أن قوله فيه (الدم) علي العموم يشمل جميع الدماء من الإنسان والحيون فقال في المحلي: (وهذا عموم منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لنوع الدم , ولا نبالي بالسؤال إذا كان جوابه عليه السلام قائماً بنفسه غير مردود بضمير إلى السؤال).
وقد رد عليه بعض الفضلاء , فقال في هامش النسخة المخطوطة من المحلي – نقلاً عن حاشية المطبوعة – ما نصه: (بل الأظهر أنه يريد دم الحيض , واللام للعهد الذكري الدال عليه ذكر الحيضة والسياق فهو كعود الضمير سواء , فلا يتم قوله: وهذا عموم ... إلخ).
قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه عليه: (وهذا استدراك واضح صحيح).
قلت: فهذا يدلك علي أن الذين ذهبوا إلى القول بنجاسة الدم إطلاقاً ليس عندهم بذلك نقل صحيح صريح , فهذا ابن حزم يستدل عليه بمثل هذا الحديث , وفيه ما رأيت , واقتصاره عليه وحده يشعر اللبيب بأن القوم ليس عندهم غيره وإلا لذكره ابن حزم , وكذا غيره , فتأمل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/373)
وجملة القول: أنه لم يرد دليل فيما نعلم علي نجاسة الدم علي أختلاف أنواعه , إلا دم الحيض , ودعوى الاتفاق علي نجاسته منقوضة بما سبق من القول , والأصل الطهارة , فلا يترك إلا بنص صحيح يجوز به ترك الأصل , وإذ لم يرد شئ من ذلك , فالبقاء علي الأصل هو الواجب , والله أعلم.
جواز تلاوة القرآن للجنب
406 - (كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِه).
أخرجه مسلم , وأبوداود , والترمذي , وابن ماجه , وأبوعوانة , والبيهقي , وأحمد من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه عن خالد بن سلمة عن عبدالله البهي عن عروة عن عائشة مرفوعاً.
في الحديث دلالة على جواز تلاوة القرآن للجنب , لأن القرآن ذكر , (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ) النحل 44 , فيدخل في عموم قولها: (يذكر الله).
نعم , الأفضل أن يقرأ على طهارة , لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين رد السلام عقب التيمم: (إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة) , وهو مخرج في "صحيح أبي داود".
هو الطهور ماؤه , الحل ميتته
480 - (هو الطهور ماؤه , الحل ميتته).
أخرجه مالك عن صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ هُوَ مِنْ آلِ بْنيِ الْأَزْرَقِ عن الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ به؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فذكره).
وفي الحديث فائدة هامة , وهي حل ما مات في البحر مما كان يحيا فيه , ولو كان طافياً على الماء.
وما أحسن ما روى عن ابن عمر أنه سئل: آكل ما طفا على الماء؟ قال: إن طافيه ميتته , وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إن ماءه طهور , وميته حل) , رواه الدارقطني.
وحديث النهي عن أكل ما طفا منه على الماء لا يصح , كما هو مبين في موضع آخر.
كراهية ذكر الله الا على طهارة
834 - (إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا عَلَى طُهْرٍ أَوْ قَالَ عَلَى طَهَارَةٍ).
أخرجه أبودود (1/ 4)، والنسائي (1/ 16)، والدارمي (2/ 287)، وابن ماجه (1/ 145)، وابن خزيمة في (صحيحه) (206)، وعنه ابن حبان (189)، والحاكم (1/ 167)، وعنه البيهقي (1/ 90)، وأحمد (5/ 80) عن قتادة عن الحسن عن حضين بن المنذر أبي ساسان عن المهاجر بن قنفذ:
((أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال)) فذكره. وليس عند النسائي والدارمي المتن المذكور أعلاه. وقال الحاكم:
((صحيح على شرط الشيخين))، ووافقه الذهبي.
كذا قال؛ مع أنه قال في ((الميزان)):
(كان الحسن البصري كثير التدليس؛ فإذا قال في حديث (عن فلان) ضعف احتجاجه؛ ولا سيما عمن قيل: إنه لم يسمع منهم كأبي هريرة ونحوه، فعدوا ما كان له عن أبي هريرة في جملة المنقطع)).
لكن الظاهر أن المراد من تدليسه إنما هو ما كان من روايته عن الصحابة دون غيرهم؛ لأن الحافظ في ((التهذيب)) أكثر من ذكر النقول عن العلماء في روايته عمن لم يلقهم، وكلهم من الصحابة، فلم يذكروا ولا رجلاً واحداً من التابعين روى عنه الحسن ولم يلقه، ويشهد لذلك إطباق العلماء جميعاً على الاحتجاج برواية الحسن وغيره من التابعين؛ بحيث إني لا أذكر أن أحداً أعل حديثاً ما من روايته عن التابعي لم يصرح بسماعه منه، ولعل هذا هو وجه من صحح الحديث ممن ذكرنا، وأقرهم الحافظ في ((الفتح)) (11/ 13)؛ ولا سيما ابن حبان منهم؛ فإنه صرح في ((الثقات)) (4/ 123) بأنه كان يدلس.
هذا ما ظهر لي في هذا المقام. والله سبحانه وتعالى أعلم.
على أن لحديث هذا شاهداً من حديث ابن عمر عند أبي داود (1/ 54 - 55)، والطيالسي (رقم1851) عن محمد بن ثابت العبدي عن نافع عن ابن عمر به نحوه.
وهذا إسناد حسن في الشواهد، إلا أن فيه جملة مستنكرة أنكرت عليه في مسح الذراعين في التيمم، ولذلك أوردته في كتابي ((ضعيف سنن أبي داود)) (رقم58).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/374)
(فائدة): لما كان ((السلام)) اسماً من أسماء الله تعالى- كما سيأتي في الحديث (1894) - كره النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكره إلا على طهارة، فدل ذلك على أن تلاوة القرآن بغير طهارة مكروه من باب أولى، فلا ينبغي إطلاق القول بجواز قراءته للمحدث؛ كما يفعل بعض إخواننا من أهل الحديث.
كتاب الصلاة
سنة متروكة يجب إحياؤها
استفاضت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بإقامة الصفوف وتسويتها , بحيث يندر أن تخفى على أحد من طلاب العلم فضلاً عن الشيوخ , ولكن ربما يخفى على الكثيرين منهم أن إقامة الصف تسويته بالأقدام , وليس فقط بالمناكب , بل لقد سمعنا مراراً من بعض أئمة المساجد – حين يأمرون بالتسوية – التنبيه على أن السنة فيها إنما هي بالمناكب فقط دون الأقدام , ولما كان ذلك خلاف الثابت في السنة الصحيحة , رأيت أنه لا بد من ذكر ماورد من الحديث , تذكيراً لمن أراد أن يعمل بما صح من السنة , غير مغتر بالعادات والتقاليد الفاشية في الأمة.
فأقول: لقد صح في ذلك حديثان:
الأول: من حديث أنس.
والآخر: من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما.
أما حديث أنس فهو:
31 - (أَقِيمُوا صُفُوفَكُم ْ وتراصوا فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي).
رواه البخاري ,وأحمد من طرق عن حميد الطويل: ثنا أنس بن مالك قال: (أقيمت الصلاة , فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه , فقال: (فذكره).
زاد البخاري في رواية: (قبل أن يكبر) , وزاد أيضا في آخره: (وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه , وقدمه بقدمه).
وهي عند المخلص , وكذا ابن ابي شيبة بلفظ: (قال أنس: فلقد رأيت احدنا يلصق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه , فلو ذهبت تفعل هذا اليوم , لنفر أحدكم كأنه بغل شموس).
وترجم البخاري لهذا الحديث بقوله (باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف).
وأما حديث النعمان فهو:
32 - (أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ [ثَلَاثًا] وَاللَّهِ لَتُقِيمُنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ).
وفي هذين الحديثين فوائد هامة:
الأولى: وجوب إقامة الصفوف وتسويتها والتراص فيها , للأمر بذلك , والأصل فيه الوجوب , إلا لقرينة , كما هو مقرر في الأصول , والقرينة هنا تؤكد الوجوب , وهو قوله صلى الله عليه وسلم (أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) , فإن مثل هذا التهديد لا يقال فيما ليس بواجب , كما لا يخفى.
الثانية: أن التسوية المذكورة إنما تكون بلصق المنكب بالمنكب , وحافة القدم بالقدم , لأن هذا هو الذي فعله الصحابة رضي الله عنهم حين أمروا بإقامة الصفوف , والتراص فيها , ولهذا قال الحافظ في (الفتح) بعد أن ساق الزيادة التي أوردتها في الحديث الأول من قول أنس:
(وأفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم , وبهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف وتسويته).
ومن المؤسف أن هذه السنة من التسوية قد تهاون بها المسلمون , بل أضاعوها , إلا القليل منهم , فإني لم أرها عند طائفة منهم إلا أهل الحديث , فإني رأيتهم في مكة سنة (1368هـ) حريصين على التمسك بها كغيرها من سنن المصطفى عليه الصلاة والسلام , بخلاف غيرهم من أتباع المذاهب الأربعة – لا أستثني منهم حتى الحنابلة – فقد صارت هذه السنة عندهم نسياً منسياً , بل إنهم تتابعوا على هجرها والإعراض عنها , ذلك لأن أكثر مذاهبهم نصت على أن السنة في القيام التفريج بين القدمين بقدر أربع أصابع , فإن زاد كره , كما جاء مفصلاً في (الفقه على المذاهب الأربعة) (1\ 207) , والتقدير المذكور لا أصل له في السنة , وإنما هو مجرد رأي , ولو صح لوجب تقييده بالإمام والمنفرد حتى لا يعارض به هذه السنة الصحيحة , كما تقتضيه القواعد الأصولية.
وخلاصة القول: إنني أهيب بالمسلمين – وبخاصة أئمة المساجد – الحريصين على اتباعه صلى الله عليه وسلم , واكتساب فضلية إحياء سنته صلى الله عليه وسلم , أن يعملوا بهذه السنة , ويحرصوا عليها , ويدعوا الناس إليها , حتى يجتمعوا عليها جميعاً , وبذلك ينجون من تهديد: (أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ).
وأزيد في هذه الطبعة فأقول:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/375)
لقد بلغني عن أحد الدعاة أنه يهون من شأن هذه السنة العملية التي جرى عليها الصحابة , وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم عليها , ويلمح إلى أنه لم يكن من تعليمه صلى الله عليه وسلم إياهم , ولم ينتبه – والله أعلم – إلى ذلك فهم منهم أولاً , وأنه صلى الله عليه وسلم قد أقرهم عليه ثانياً , وذلك كاف عند أهل السنة في إثبات شرعية ذلك , لأن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب , وهم القوم لا يشقى متبع سبيلهم.
الثالثة: في الحديث الأول معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم , وهي رؤيته صلى الله عليه وسلم من ورائه , ولكن ينبغي أن يعلم أنها خاصة في حالة كونه صلى الله عليه وسلم في الصلاة , إذ لم يرد في شئ من السنة أنه كان يرى كذلك خارج الصلاة أيضاً , والله أعلم.
الرابعة: في الحديثين دليل واضح على أمر لا يعلمه كثير من الناس , وأن كان صار معروفاً في علم النفس , وهو أن فساد الظاهر يؤثر في فساد الباطن , والعكس بالعكس , وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة , لعلنا نتعرض لجمعها وتخريجها في مناسبة أخرى إن شاء الله تعالى.
الخامسة: أن شروع الإمام في تكبيرة الإحرام عند قول المؤذن: (قد قامت الصلاة) بدعة , لمخالفتها للسنة الصحيحة , كما يدل على ذلك هذان الحديثان , لا سيما الأول منهما , فإنهما يفيدان أن على الإمام بعد إقامة الصلاة واجباً ينبغي عليه القيام به , وهو أمر الناس بالتسوية , مذكراً لهم بها , فإنه مسؤول عنهم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ......... ).
من فضل الأذان
41 - (يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةِ بْجَبَلِ يُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ وَيُصَلِّي فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ يَخَافُ مِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ).
الشظية: قطعة من رأس الجبل مرتفعة.
وفي الحديث من الفقه استحباب الأذان لمن يصلي وحده , وبذلك ترجم له النسائي , وقد جاء الأمر به وبالإقامة في بعض طرق حديث المسئ صلاته , فلا ينبغي التساهل بهما.
42 - (مَنْ أَذَّنَ اثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَكُتِبَ لَهُ بِتَأْذِينِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ سِتُّونَ حَسَنَةً و بإِقَامَةٍ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً).
وفي هذا الحديث فضل ظاهر للمؤذن المثابر على أذانه هذه المدة المذكورة فيه , ولا يخف أن ذلك مشروط بمن أذن خالصاً لوجه الله تعالى , لا يبتغي من ورائه رزقاً ولا رياء ولا سمعة , للأدلة الكثيرة الثابتة في الكتاب والسنة , التي تفيد أن الله تعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص له.
راجع كتاب الرياء في أول (الترغيب والترهيب) للمنذري.
وقد ثبت أن رجلاً جاء إلى ابن عمر , فقال إني أحبك في الله ,قال فاشهد علي أني أبغضك في الله , قال: ولم؟ قال: لأنك تلحن في أذانك , وتأخذ عليه أجراً.أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) (12/ 264/ 13059) وغيره.
وإن مما يؤسف له حقاً أن هذه العبادة العظيمة , والشعيرة الإسلامية , قد انصرف أكثر علماء المسلمين عنها في بلادنا , فلا تكاد ترى أحداً منهم يؤذن في مسجد ما , إلا ما شاء الله , بل ربما خجلوا من القيام بها , بينما تراهم يتهافتون على الإمامة بل ويتخاصمون , فإلى الله المشتكى من غربة هذا الزمان.
لا تدرك صلاة الفجر والعصر إلا بإدراك السجدة الأولى
66 - (إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ [أَوَّلَ] سَجْدَةٍ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ وَإِذَا أَدْرَكَ [أَوَّلَ] سَجْدَةٍ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ).
وإنما آثرت الكلام على هذه الطريق , لورود الزيادتين المذكورتين فيها , فإنهما تحددان بدقة المعنى المراد من لفظة (الركعة) , الواردة في طرق الحديث , وهو إدراك الركوع و السجدة الأولى معاً , فمن لم يدرك السجدة , لم يدرك الركعة , ومن لم يدرك الركعة , لم يدرك الصلاة.
ومن ذلك يتبين أن الحديث يعطينا فوائد هامة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/376)
الأولى: إبطال قول بعض المذاهب أن من طلعت عليه الشمس وهو في الركعة الثانية من صلاة الفجر , بطلت صلاته , وكذلك قالوا فيمن غربت عليه الشمس وهو في آخر ركعة من صلاة العصر , وهذا مذهب ظاهر البطلان , لمعارضته لنص الحديث , كما صرح بذلك الإمام النووي وغيره.
ولا يجوز معارضة الحديث بأحاديث النهى عن الصلاة في وقت الشروق والغروب , لأنها عامة , وهذا خاص والخاص يقضي على العام , كما هو مقرر في علم الأصول.
وإن من عجائب التعصب للمذهب ضد الحديث أن يستدل البعض به لمذهبه في مسألة , ويخالفه في هذه المسألة التي نتكلم فيها , وأن يستشكله آخر من أجلها , فإلى الله المشتكى مما جره التعصب على أهله من المخالفات للسنة الصحيحة.
قال الزيلعي في (نصب الراية) (1/ 229) بعد أن ساق حديث أبي هريرة هذا وغيره مما في معناه:
(وهذه الأحاديث أيضاً مشكلة عند مذهبنا في القول ببطلان صلاة الصبح إذا طلعت عليها الشمس , والمصنف استدل به على أن آخر وقت العصر ما لم تغرب الشمس).
فيا أيها المتعصبون , هل المشكلة مخالفة الحديث الصحيح لمذهبكم؟ أم العكس هو الصواب؟.
الفائدة الثانية: الرد على من يقول إن الإدراك يحصل بمجرد إدراك أي جزء من الصلاة , ولو بتكبيرة الإحرام , وهذا خلاف ظاهر الحديث , وقد حكاه في (منار السبيل) قولاً للشافعي , وإنما هو وجه في مذهبه , كما في (المجموع) للنووي (3/ 63) , وهو مذهب الحنابلة , مع أنهم نقلوا عن الأمام أحمد أنه قال: (لا تدرك الصلاة إلا بركعة) , فهو أسعد الناس بالحديث , والله أعلم.
قال عبدالله بن أحمد في (مسائله) (46): (سألت أبي عن رجل يصلي الغداة؟ فلما صلى ركعة قام في الثانية طلعت الشمس؟ قال: يتم صلاته وهي جائزة قلت لأبي فمن زعم أن ذلك لا يجزئه , فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أدرك من صلاة الغداة ركعة قبل أن تطلع الشمس , فقد أدرك).
ثم رأيت ابن نجيح البزار روى في (حديثه) (ق 111/ 1) بسند صحيح عن سعيد بن المسيب أنه قال: (إذا رفع رأسه من آخر سجدة , فقد تمت صلاته) , ولعله يعني آخر سجدة من الركعة الأولى , فيكون قولاً آخر في المسألة والله أعلم.
الفائدة الثالثة: واعلم أن الحديث إنما هو في المتعمد تأخير الصلاة إلى هذا الوقت الضيق , فهو على هذا آثم بالتأخير – وإن أدرك الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: (تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا) , رواه مسلم وغيره من حديث أنس رضي الله عنه , وهو مخرج في (صحيح أبي داود) (441).
وأما غير المتعمد – وليس هو إلا النائم والساهي – فله حكم آخر , وهو أنه يصليها متى تذكرها , ولو عند طلوع الشمس وغروبها لقوله صلى الله عليه وسلم (مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا , فليصلها إذا ذكرها , لا كفارة لها إلا ذلك , فإن الله تعالى يقول [أَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي]) أخرجه مسلم أيضاً عنه , وكذا البخاري , وهو مخرج في (الصحيح) أيضاً (469).
فإذن هنا أمران: الإدرك , والإثم , والأول هو الذي سيق الحديث لبيانه , فلا يتوهمن أحد من سكوته عن الأمر الأخر أنه لا أثم عليه بالتأخير , كلا بل هو آثم على كل حال , أدرك الصلاة أو لم يدرك , غاية ما فيه أنه اعتبره مدركاً للصلاة بإدراك الركعة , وغير مدرك لها إذا لم يدركها , ففي الصورة الأولى صلاته صحيحة مع الإثم , وفي الصورة الأخرى صلاته غير صحيحة مع الإثم أيضاً , بل هو به أولى وأحرى , كما لا يخفى على أولي النهى.
الفائدة الرابعة: ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم (فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ) , أي: لأنه أدركها في وقتها وصلاها صحيحة , وبذلك برئت ذمته , وأنه إذا لم يدرك الركعة , فلا يتمها , لأنها ليست صحيحة بسبب خروج وقتها , فليست مبرئة للذمة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/377)
ولا يخفى أن مثله – وأولى منه – من لم يدرك من صلاته شيئاً قبل خروج الوقت , فإنه لا صلاة له , ولا هي مبرئة لذمته , أي: أنه إذا كان الذي لم يدرك الركعة لا يؤمر بإتمام الصلاة , فالذي لم يدركها إطلاقاً أولى أن لا يؤمر بها , وليس ذلك إلا من باب الزجر والردع له عن إضاعة الصلاة , فلم يجعل الشارع الحكيم لمثله كفارة كي لا يعود إلى إضاعتها مرة أخرى , متعللاً بأنه يمكنه أن يقضيها بعد وقتها , كلا فلا قضاء للمتعمد كما أفاد هذا الحديث الشريف وحديث أنس السابق (لا كفارة لها إلا ذلك).
ومن ذلك يتبين لكل من أوتي شيئاً من العلم والفقه في الدين , أن قول بعض المتأخرين: (وإذا كان النائم والناسي للصلاة – وهما معذوران – يقضيانها بعد خروج وقتها , كان المتعمد لتركها أولى): أنه قياس خاطئ , بل لعله من أفسد قياس على وجه الأرض , لأنه من باب قياس النقيض على نقيضه , وهو فاسد بداهة , إذ كيف يصح قياس غير المعذور على المعذور والمتعمد على الساهي؟ ومن لم يجعل الله له كفارة على من جعل الله له كفارة؟ وما سبب ذلك إلا من الغفلة عن المعنى المراد من هذا الحديث الشريف , وقد وفقنا الله تعالى لبيانه , والحمد لله تعالى على توفيقه.
وللعلامة ابن القيم رحمه الله تعالى بحث هام مفصل في هذه المسألة , أظن أنه لم يسبق إلى مثله في الإفادة والتحقيق , وأرى من تمام هذا البحث أن أنقل منه فصلين: أحداهما في إبطال هذا القياس , والآخر في الرد على من استدل بهذا الحديث على نقيض ما بينا , قال رحمه الله بعد أن ذكر القول المتقدم: (فجوابه من وجوه:
أحدها: المعارضة بما هو أصح منه أو مثله , وهو أن يقال: لا يلزم من صحة القضاء بعد الوقت من المعذور المطيع لله ورسوله الذي لم يكن منه تفريط في فعل ما أمر به وقبوله منه صحته وقبوله من متعد لحدود الله مضيع لأمره تارك لحقه عمدا وعدوانا فقياس هذا على هذا في صحة العبادة وقبولها منه وبراء الذمة بها من افسد القياس.
الوجه الثاني إن المعذور بنوم أو نسيان لم يصل الصلاة في غير وقتها بل في نفس وقتها الذي وقته الله له فإن الوقت في حق هذا حين يستيقظ ويذكر كما قال صلى الله عليه وسلم (من نسي صلاة فوقتها إذا ذكرها) رواه البيهقي , والدارقطني , فالوقت وقتان وقت اختيار ووقت عذر فوقت المعذور بنوم او سهو هو وقت ذكره واستيقاظه فهذا لم يصل الصلاة إلا في وقتها فكيف يقاس عليه من صلاها في غير وقتها عمدا وعدوانا.
الثالث إن الشريعة قد فرقت في مواردها ومصادرها بين العامد والناسي ويبن المعذور وغيره وهذا مما لا خفاء به فإلحاق أحد النوعين بالآخر غير جائز.
الرابع إنا لم نسقطها عن العامد المفرط ونأمر بها المعذور حتى يكون ما ذكرتم حجة علينا بل ألزمانا بها المفرط المتعدي على وجه لا سبيل له إلى استدراكها تغليظا عليه وجوزنا للمعذور غير المفرط.
فصل: وأما استدلالكم بقول صلى الله عليه وسلم (من ادرك ركعة من العصر قبل ان تغرب الشمس فقد ادرك) فما أصحه من حديث وما أراه على مقتضى قولكم فإنكم تقولون هو مدرك العصر ولو لم يدرك من وقتها شيئا البتة بمعنى إنه مدرك لفعلها صحيحة منه مبرئة لذمته فلو كانت تصح بعد خروج وقتها وتقبل منه لم يتعلق أدراكها بركعة ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد أن من ادرك ركعة من العصر صحت صلاته بلا إثم بل هو آثم بتعمد ذلك اتفاقا فإنه أمر أن يوقع جميعها في وقتها فعلم أن هذا الإدراك لا يرفع الإثم بل هو مدرك آثم فلو كانت تصح بعد الغروب لم يكن فرق بين ان يدرك ركعة من الوقت أولا يدرك منها شيئا.
فإن قلتم إذا أخرها إلى بعد الغروب كان أعظم اثما.
قيل لكم النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين إدراك الركعة وعدمها في كثرة الإثم وخفته وإنما فرق بينهما في الإدراك وعدمه ولا ريب أن المفوت لمجموعها في وقت أعظم من المفوت لأكثرها والمفوت لأكثرها فيه اعظم من المفوت لركعة منها.
فنحن نسألكم ونقول ما هذا الإدراك الحاصل بركعة؟ أهذا إدراك يرفع الإثم؟ فهذا لا يقوله أحد أو إدراك يقتضي الصحة؟ فلا فرق فيه بين ان يفوتها بالكلية أو يفوتها إلا ركعة منها).
حكم تارك الصلاة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/378)
87 - (يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ وَلَا صَلَاةٌ وَلَا نُسُكٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي لَيْلَةٍ فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنْ النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ يَقُولُونَ أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَنَحْنُ نَقُولُهَا).
في الحديث فائدة فقهية هامة , وهي أن شهادة أن لا إله إلا الله تنجي قائلها من الخلود في النار يوم القيامة , ولو كان لا يقوم بشئ من أركان الإسلام الخمسة الأخرى , كالصلاة وغيرها , ومن المعلوم أن العلماء اختلفوا في حكم تارك الصلاة , خاصة مع إيمانه بمشروعيتها , فالجمهور على أنه لا يكفر بذلك , بل يفسق , وذهب أحمد – في رواية – إلى أنه يكفر , وأنه يقتل ردة لا حداً , وقد صح عن الصحابة أنهم كانوا لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة , رواه الترمذي والحاكم.
وأنا أرى أن الصواب رأي الجمهور , وأن ما ورد عن الصحابة ليس نصاً على أنهم كانوا يريدون بالكفر هنا الكفر الذي يخلد صاحبه في النار , ولا يحتمل أن يغفره الله له , كيف ذلك وهذا حذيفة بن اليمان – وهو من كبار أولئك الصحابة – يرد على صلة بن زفر – وهو يكاد يفهم الأمر على نحو فهم أحمد له – فيقول: (مَا تُغْنِي عَنْهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا صَلَاةٌ ... ) فيجيبه حذيفة بعد إعراضه عنه: (يَا صِلَةُ تُنْجِيهِمْ مِنْ النَّارِ ثَلَاثًا).
فهذا نص من حذيفة رضي الله عنه على أن تارك الصلاة – ومثلها بقية الأركان – ليس بكافر , بل مسلم ناج من الخلود في النار يوم القيامة , فاحفظ هذا فإنه قد لا تجده في غير هذا المكان.
وفي الحديث المرفوع ما يشهد له , ولعلنا نذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى.
ثم وقفت على (الفتاوى الحديثية) (84/ 2) للحافظ السخاوي , فرأيته يقول بعد أن ساق بعض الأحاديث الواردة في تكفير تارك الصلاة – وهي مشهورة معروفة -:
(ولكن , كل هذا إنما يحمل على ظاهره في حق تاركها جاحداً لوجودها مع كونه ممن نشأ بين المسلمين , لأنه يكون حينئذ كافر مرتداً بإجماع المسلمين. فإن رجع إلى الإسلام , قبل منه , وإلا قتل , وأما من تركها بلا عذر – بل تكاسلاً مع اعتقاد وجوبها - , فالصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور أنه لا يكفر , وأنه – على الصحيح أيضاً – بعد إخراج الصلاة الواحدة عن وقتها الضروري – كأن يترك الظهر مثلاً حتى تغرب الشمس , أو المغرب حتى يطلع الفجر – يستتاب كما يستتاب المرتد , ثم يقتل إن لم يتب , ويغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين , مع إجراء سائر أحكام المسلمين عليه , ويؤول إطلاق الكفر عليه لكونه شارك الكافر في بعض أحكامه , وهو وجوب العمل , جمعاً بين هذه النصوص وبين ما صح أيضاً عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال (خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ .... [فذكر الحديث , وفيه:] إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ) , وقال أيضاً: (مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ). إلى غير ذلك , ولهذا لم يزل المسلمون يرثون تارك الصلاة ويورثونه , ولو كان كافراً , لم يغفر له , لم يرث ولم يورث).
وقد ذكر نحو هذا الشيخ سليمان بن الشيخ عبد الله في (حاشيته على المقنع) (1/ 95 - 96) , وختم البحث بقوله:
(ولأن ذلك إجماع المسلمين , فإننا لا نعلم في عصر من الأعصار أحداً من تاركي الصلاة ترك تغسيله والصلاة عليه , ولا منع ميراث موروثه , مع كثرة تاركي الصلاة , ولو كفر , لثبتت هذه الأحكام , وأما الأحاديث المتقدمة , فهي على وجه التغليظ والتشبيه بالكفار لا على الحقيقة , كقوله عليه الصلاة والسلام: (سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ) وقوله: (مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْْ أَشْرَكَ) , وغير ذلك. قال الموافق: وهذا أصوب القولين).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/379)
أقول: نقلت هذا النص من (الحاشية) المذكورة , ليعلم بعض متعصبة الحنابلة أن الذي ذهبنا إليه ليس رأياً تفردنا به دون أهل العلم , بل هو مذهب جمهورهم , والمحقيقين من علماء الحنابلة أنفسهم , كالموافق هذا – وهو ابن قدامة المقدسي – وغيره , ففي ذلك حجة كافية على أولئك المتعصبة , تحملهم إن شاء الله تعالى على ترك غلوائهم , والاعتدال في حكمهم.
بيد أن هنا دقيقة قل من رأيته تنبه لها , أو نبه عليها , فوجب الكشف عنها وبيانها , فأقول:
إن التارك للصلاة كسلاً إنما يصح الحكم بإسلامه , ما دام لا يوجد هناك ما يكشف عن مكنون قلبه , أو يدل عليه , ومات على ذلك قبل أن يستتاب , كما هو الواقع في هذا الزمان , أما لو خير بين القتل والتوبة بالرجوع إلى المحافظة على الصلاة , فاختار القتل عليها , فقتل , فهو في هذه الحالة يموت كافراً , ولا يدفن في مقابر المسلمين , ولا تجري عليه أحكامهم , خلافاً لما سبق عن السخاوي , لأنه لا يعقل – لو كان غير جاحد لها في قلبه – أن يختار القتل عليها , هذا أمر مستحيل معروف بالضرورة من طبيعة الإنسان , لا يحتاج إثباته إلى برهان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في (مجموعة الفتاوى) (22/ 48): (ومتي امتنع الرجل من الصلاة حتى يقتل، لم يكن في الباطن مقرًا بوجوبها، ولا ملتزمًا بفعلها، وهذا كافر باتفاق المسلمين، كما استفاضت الآثار عن الصحابة بكفر هذا، ودلت عليه النصوص الصحيحة ..... فمن كان مصرًا على تركها حتى يموت لا يسجد لله سجدة قط، فهذا لا يكون قط مسلمًا مقرًا بوجوبها، فإن اعتقاد الوجوب، واعتقاد أن تاركها يستحق القتل، هذا داع تام إلى فعلها، والداعي مع القدرة يوجب وجود المقدور، فإذا كان قادرًا ولم يفعل قط، علم أن الداعي في حقه لم يوجد).
قلت: هذا منتهى التحقيق في هذه المسألة , والله ولي التوفيق.
تأكيد سنية صلاة الوتر
108 - (إِنَّ اللَّهَ زَادَكُمْ صَلَاةً وَهِيَ الْوِتْرُ فَصَلُّوهَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ).
يدل ظاهر الأمر في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَصَلُّوهَا) على وجوب صلاة الوتر , وبذلك قال الحنفية , خلافاً للجماهير , ولولا أنه ثبت بالأدلة القاطعة – كقول الله تعالى في حديث المعراج: (هن خمس في العمل خمسون في الأجر , لا يبدل القول لدي) متفق عليه , وكقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للأعرابي حين قال: لا أزيد عليهن ولا أنقص: (أفلح الرجل إن صدق) متفق عليه – حصر الصلوات المفروضات في كل يوم وليلة بخمس صلوات , لكان قول الحنفية أقرب إلى الصواب , ولذلك فلا بد من القول بأن الأمر هنا ليس للوجوب , بل لتأكيد الاستحباب , وكم من أوامر كريمة صرفت من الوجوب بأدني من تلك الأدلة القاطعة , وقد انفك الأحناف عنها بقولهم: إنهم لا يقولون بأن الوتر واجب كوجوب الصلوات الخمس , بل هو واسطة بينها وبين السنن , أضعف من هذه ثبوتاً , وأقوى من تلك تأكيداً.
فليعلم أن قول الحنفية هذا قائم على اصطلاح لهم خاص حادث ’ لا تعرفه الصحابة ولا السلف الصالح , وهو تفريقهم بين الفرض والواجب ثبوتاً وجزاء , كما هو مفصل في كتبهم.
وإن قولهم بهذا معناه التسليم بأن تارك الوتر معذب يوم القيامة عذاباً دون عذاب تارك الفرض , كما هو مذهبهم في اجتهادهم , وحينئذ يقال لهم: وكيف يصح ذلك مع قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن عزم على أن لا يصلي غير الصلوات الخمس: (أفلح الرجل)؟ وكيف يلتقي الفلاح مع العذاب؟ فلا شك أن قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا وحده كاف لبيان أن صلاة الوتر ليست بواجبة , ولهذا اتفق جماهير العلماء على سنيته وعدم وجوبه , وهو الحق.
نقول هذا مع التذكير والنصح بالاهتمام بالوتر , وعدم التهاون عنه , لهذا الحديث وغيره , والله أعلم.
السفر الذي يجيز القصر
163 - (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ [شَكَّ شُعْبَةُ] , قصر الصلاة , [وفي رواية: صَلِّي رَكْعَتَيْنِ]).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/380)
الفرسخ: ثلاثة أميال , والميل من الأرض منتهى مد البصر , لأن البصر يميل عنه على وجه الأرض حتى يفنى إدراكه , وبذلك جزم الجوهري , وقيل: حده أن ينظر إلى الشخص في أرض مسطحة فلا يدري أهو رجل أو امرأة , وهو ذاهب أو آت , كما في الفتح , وهو في تقدير بعض علماء العصر الحاضر يساوي 1680م.
وهذا الحديث يدل على أن المسافر إذا سافر مسافة ثلاثة فراسخ (والفرسخ نحو ثمان كيلو مترات) , جاز له القصر , وقد قال الخطابي في معالم السنن: (إن ثبت الحديث كانت الثلاثة الفراسخ حداً فيما يقصر إليه الصلاة , إلا أني لا أعرف أحداً من الفقهاء يقول به).
وفي هذا الكلام نظر من وجوه:
الأول: أن الحديث ثابت , وحسبك أن مسلماً أخرجه ولم يضعفه غيره.
الثاني: أنه لا يضر الحديث ولا يمنع العمل به عدم العلم بمن قال به من الفقهاء , لأن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.
الثالث: أنه قد قال به راويه أنس بن مالك رضي الله عنه وأفتى به يحيى بن يزيد الهنائي راويه عنه كما تقدم , بل ثبت عن بعض الصحابة القصر في أقل من هذه المسافة , فروى ابن أبي شيبة عن محمد بن زيد بن خليدة عن ابن عمر قال: (تقصر الصلاة في مسيرة ثلاثة أميال) , وإسناده صحيح كما في إرواء الغليل.
ثم روى من طريق أخرى عنه أنه قال: (إني لأسافر الساعة من النهار وأقصر). وإسناده صحيح , وصححه الحافظ في الفتح.
ثم روى عنه: (أنه كان يقيم بمكة , فإذا خرج إلى منى قصر) , وإسناده صحيح أيضاً.
ويؤيده أن أهل مكة لما خرجوا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى منى في حجة الوداع , قصروا أيضاً , كما هو معروف مشهور في كتب الحديث والسيرة , وبين مكة ومنى فرسخ , كما في (معجم البلدان).
قال جبلة بن سحيم: سمعت ابن عمر يقول: (لو خرجت ميلاً قصرت الصلاة) , ذكره الحافظ وصححه.
ولا ينافي هذا ما في الموطأ وغيره بأسانيد صحيحة عن ابن عمر أنه كان يقصر في مسافة أكثر مما تقدم , لأن ذلك فعل منه , لاينفي القصر في أقل منها لو سافر إليها , فهذه النصوص التي ذكرناها صريحة في جواز القصر في أقل منها , فلا يجوز ردها , مع دلالة الحديث على الأقل منها.
وقد قال الحافظ في الفتح: (وهو أصح حديث ورد في بيان ذلك وأصرحه , وقد حمله من خالفه على أن المراد به المسافة التي يبتدأ منها القصر لا غاية السفر , ولا يخفى بعد هذا الحمل , مع أن البيهقي ذكر في روايته من هذا الوجه أن يحيى بن يزيد قال " سألت أنسا عن قصر الصلاة وكنت أخرج إلى الكوفة - يعني من البصرة - أصلي ركعتين ركعتين حتى أرجع , فقال أنس فذكر الحديث , فظهر أنه سأله عن جواز القصر في السفر لا عن الموضع الذي يبتدأ القصر منه. ثم إن الصحيح في ذلك أنه لا يتقيد بمسافة بل بمجاوزة البلد الذي يخرج منها , ورده القرطبي بأنه مشكوك فيه فلا يحتج به فأن كان المردود به أنه لا يحتج به في التحديد بثلاثة أميال فمسلملكن لا يمتنع أن يحتج به في التحديد بثلاثة فراسخ , فإن الثلاثة أميال مندرجة فيها فيؤخذ بالأكثر احتياطا , وقد روى ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن ابن حرملة قال " قلت لسعيد بن المسيب: أأقصر الصلاة وأفطر في بريد من المدينة؟ قال: نعم" والله أعلم).
قلت: وإسناد هذا الأثر عند ابن أبي شيبة صحيح.
وروى عن اللجلاج قال: (كنا نسافر مع عمر رضي الله عنه ثلاثة أميال , فنتجوز في الصلاة ونفطر) , وإسناده محتمل للتحسين , رجاله كلهم ثقات , غير أبي الورد بن ثمامة , روى عنه ثلاثة وقال ابن سعد: (كان معروفاً قليل الحديث).
وقد دلت هذه الآثار على جواز القصر في أقل من المسافة التي دل عليها الحديث , وذلك من فقه الصحابة رضي الله عنهم , فإن السفر مطلق في كتاب الله والسنة , لم يقيد بمسافة محدودة , كقوله تعالى: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ) النساء 101 , وحينئذ , فلا تعارض بين الحديث وهذه الآثار , لأنه لم ينف جواز القصر في أقل من المسافة المذكورة فيه , ولذلك قال العلامة ابن القيم في زاد المعاد: (ولم يحدَّ صلى الله عليه وسلم لأمته مسافة محدودة للقصر والفطر، بل أطلق لهم ذلك في مُطلق السفر والضرب في الأرض، كما أطلق لهم التيمم في كل سفر، وأما ما يُروى عنه من التحديد باليوم، أو
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/381)
اليومين، أو الثلاثة، فلم يصح عنه منها شيء البتة، واللّه أعلم).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (كل اسم ليس له حد في اللغة ولا في الشرع , فالمرجع فيه إلى العرف , فما كان سفراً في عرف الناس , فهو السفر الذي علق به الشارع الحكم).
وقد اختلف العلماء في المسافة التي تقصر فيها الصلاة اختلافاً كثيراً جداً , على نحو عشرين قولاً , وما ذكرناه عن ابن تيمية وابن القيم أقربها إلى الصواب , وأليق بيسر الإسلام فإن تكليف الناس بالقصر في سفر محدود بيوم أو بثلاثة أيام وغيرها من التحديدات , يستلزم تكليفهم بمعرفة مسافات الطرق التي قد يطرقونها , وهذ مما لا يستطيعه أكثر الناس , لا سيما إذا كانت مما لم تطرق من قبل.
وفي الحديث فائدة أخرى , وهي أن القصر مبدؤه من بعد الخروج من البلدة , وهو مذهب الجمهور من العلماء كما في نيل الأوطار قال: (وذهب بعض الكوفيين إلى أنه إذا أراد السفر يصلي ركعتين ولو كان في منزله ومنهم من قال إذا ركب قصر إن شاء. ورجح ابن المنذر الأول بأنهم اتفقوا على أنه يقصر إذا فارق البيوت واختلفوا فيما قبل ذلك فعليه الإتمام على أصل ما كان عليه حتى يثبت أن له القصر) , قال: (ولا أعلم أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قصر في سفر من أسفاره إلا بعد خروجه من المدينة).
قلت: والأحاديث في هذا المعنى كثيرة , وقد خرجت طائفة منها في الإرواء من حديث أنس وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم.
جمع التقديم
164 - (كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ زَيْغِ الشَّمْسِ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى أَنْ يَجْمَعَهَا إِلَى الْعَصْرِ فَيُصَلِّيَهُمَا جَمِيعًا وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ عَجَّلَ الْعَصْرَ إِلَى الظُّهْرِ وَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ سَارَ وَكَانَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْعِشَاءِ وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ عَجَّلَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا مَعَ الْمَغْرِبِ).
فقه الحديث:
فيه مسائل:
1 - جواز الجمع بين الصلاتين في السفر , ولو في غير عرفة ومزدلفة , وهو مذهب جمهور العلماء , خلافاً للحنفية , وقد تأولوه بالجمع الصوري , أي: بتأخير الظهر إلى قرب وقت العصر , وكذا المغرب مع العشاء , وقد رد عليهم الجمهور من وجوه:
أولاً: أنه خلاف الظاهر من الجمع.
ثانياً: أن الغرض من مشروعيته التيسير ورفع الحرج كما صرحت بذلك رواية مسلم , ومراعاة الجمع الصوري فيه من الحرج ما لا يخفي.
ثالثاً: أن في بعض أحاديث الجمع ما يبطل دعواهم , كحديث أنس بن مالك بلفظ (أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا) رواه مسلم وغيره.
رابعاً: ويبطله أيضاً جمع التقديم الذي صرح به حديث معاذ هذا: (وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ عَجَّلَ الْعَصْرَ إِلَى الظُّهْرِ) , والأحاديث بهذا المعنى كثيرة كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
2 - وأن الجمع كما يجوز تأخيراً يجوز تقديماً , وبه قال الإمام الشافعي في الأم , وكذا أحمد وإسحاق , كما قال الترمذي.
3 - وأنه يجوز الجمع في حال نزوله كما يجوز إذا جد به السير , قال الإمام الشافعي في الأم بعد أن روى الحديث من طريق مالك: (وهذا وهو نازل غير سائر لأن قوله: [دخل .... ثم خرج] , لا يكون إلا وهو نازل , فللمسافر أن يجمع نازلاً وسائراً.
قلت: فلا يلتفت بعد هذا النص إلى قول ابن القيم رحمه الله في الزاد: (ولم يكن من هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجمع راكباً في سفره كما يفعله كثير من الناس , ولا الجمع حال نزوله أيضاً).
وقد اغتر بكلامه هذا بعض إخواننا السلفيين في بعض الأقطار , فلذلك وجب التنبيه عليه.
ومن الغريب أن يخفى مثل هذا النص على ابن القيم رحمه الله مع وروده في الموطأ , وصحيح مسلم , وغيرهما من الأصول التي ذكرنا , ولكن لعل الغرابة تزول إذا تذكرنا أنه الف الكتاب الزاد في حال بعده عن الكتب وهو مسافر , وهذا هو السبب في وجود كثير من الأخطاء الأخرى فيه , وقد بينت ما ظهر لي منها في التعليقات الجياد على زاد المعاد).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/382)
ومما يحمل على الاستغراب أيضاً أن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله صرح في بعض كتبه بخلاف ما قال ابن القيم رحمه الله , فكيف خفي عليه ذلك وهو أعرف الناس به وبأقواله؟.
قال شيخ الإسلام في مجموعة الرسائل والمسائل بعد أن ساق الحديث: (الجمع على ثلاث درجات: أما إذا كان سائراً في وقت الأولى: فإنما ينزل في وقت الثانية. فهذا هو الجمع الذي ثبت في الصحيحين من حديث أنس وابن عمر، وهو نظير جمع مزدلفة. وأما إذا كان وقت الثانية سائراً أو راكباً، فجمع في وقت الأولى، فهذا نظير الجمع بعرفة، وقد روى ذلك في السنن [يعني حديث معاذ هذا] , وأما إذا كان نازلا في وقتهما جميعاً نزولا مستمرا، فهذا ما علمت روى ما يستدل به عليه إلا حديث معاذ هذا. فإن ظاهره أنه كان نازلاً في خيمة في السفر، وأنه أخر الظهر ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً، ثم دخل إلى بيته، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعاً. فإن الدخول والخروج إنما يكون في المنزل. وأما السائر فلا يقال: دخل وخرج، بل نزل وركب. وتبوك هي آخر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسافر بعدها إلا حجة الوداع. وما نقل أنه جمع فيها إلا بعرفة ومزدلفة، وأما بمنى فلم ينقل أحد أنه جمع هناك؛ بل نقلوا أنه كان يقصر الصلاة هناك، وهذا دليل على أنه كان يجمع أحياناً في السفر وأحياناً لا يجمع ـ وهو الأغلب على أسفاره ـ: أنه لم يكن يجمع بينهما.
وهذا يبين أن الجمع ليس من سنة السفر، كالقصر بل يفعل للحاجة، سواء كان في السفر أو الحضر، فإنه قد جمع ـ أيضاً ـ في الحضر لئلا يحرج أمته. فالمسافر إذا احتاج إلى الجمع جمع، سواء كان ذلك لسيره وقت الثانية، أو وقت الأولى وشق النزول عليه، أو كان مع نزوله لحاجة أخري، مثل أن يحتاج إلى النوم والاستراحة وقت الظهر، ووقت العشاء، فينزل وقت الظهر وهو تعبان، سهران، جائع، محتاج إلى راحة وأكل ونوم، فيؤخر الظهر إلى وقت العصر ثم يحتاج أن يقدم العشاء مع المغرب وينام بعد ذلك ليستيقظ نصف الليل لسفره، فهذا ونحوه يباح له الجمع.
وأما النازل أياماً في قرية أو مصر ـ وهو في ذلك المصر ـ فهذا ـ وإن كان يقصر لأنه مسافر ـ فلا يجمع، كما أنه لا يصلي على الراحلة ولا يصلي بالتيمم، ولا يأكل الميتة. فهذه الأمور أبيحت للحاجة، ولا حاجة به إلى ذلك، بخلاف القصر فإنه سنة صلاة السفر.
مشروعية التكبير جهراً في الطريق إلى المصلى يوم العيد
171 - (كان صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى، وحتى يقضي الصلاة، فإذا قضى الصلاة؛ قطع التكبير).
وفي هذا الحديث دليل على مشروعية ما جرى عليه عمل المسلمين من التكبير جهراً في الطريق إلى المصلى , وإن كان كثير منهم بدؤوا يتساهلون بهذه السنة , حتى كادت أن تصبح في خبر كان , وذلك لضعف الوازع الديني منهم , وخجلهم من الصدع بالسنة والجهر بها , ومن المؤسف أن فيهم من يتولى إرشاد الناس وتعليمهم , فكأن الإرشاد عندهم محصور بتعليم الناس ما يعلمون , وأما ما هم بأمس الحاجة إلى معرفته , فذلك مما لا يلتفتون إليه , بل يعتبرون البحث فيه والتذكر به قولاً وعملاً من الأمور التافهة التي لا يحسن العناية بها عملاً وتعليماً , فإن لله وإنا إليه راجعون.
ومما يحسن التذكير به بهذه المناسبة: أن الجهر بالتكبير هنا لا يشرع فيه الاجتماع عليه بصوت واحد كما يفعله البعض , وكذلك كل ذكر يشرع فيه رفع الصوت أو لا يشرع ’ فلا يشرع فيه الاجتماع المذكور , ومثله الأذان من الجماعة المعروف في دمشق (بأذان الجوق) , وكثيراً ما يكون هذا الاجتماع سبباً لقطع الكلمة أو الجملة في مكان لا يجوز الوقف عنده , مثل: (لا إله) في تهليل فرض الصبح والمغرب كما سمعنا ذلك مراراً.
فلنكن في حذر من ذلك , ولنذكر دائماً قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وخير الهدي هدي محمد).
الصلاة قبل اصفرار الشمس
200 - (نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ).
رواه أبوداود , والنسائي , و أبويعلى , وابن حبان , وابن الجارود , والبيهقي , والطيالسي , وأحمد , والمحاملي , والضياء: عن هلال بن يساف عن وهب بن الأجدع عن علي رضي الله عنه مرفوعاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/383)
قال ابن حزم: (وهب بن الأجدع تابع ثقة مشهور , وسائر الرواة أشهر من أن يسأل عنهم , وهذه زيادة عدل لا يجوز تركها). وصرح ابن حزم في مكان آخر بصحة هذا عن علي رضي الله عنه ولا شك في ذلك , أما البيهقي فقد حاد عن الجادة حين قال: (ووهب أبن الأجدع ليس من شرطهما).
قلت: وهل من شرط صحة الحديث أن يكون علي شرط الشيخين؟ أو ليس قد صححا أحاديث كثيرة خارج كتابيهما وليست علي شرطهما؟ ثم قال: (وهذا حديث واحد وما مضى في النهي عنهما ممتد إلي غروب الشمس حديث عدد؟ فهو أولى أن يكون محفوظاً).
قلت: كلاهما محفوظ وإن كان ما رواه العدد أقوى , ولكن ليس من أصول أهل العلم رد الحديث القوي لمجرد مخالفته ظاهرة لما هو أقوى منه مع إمكان الجمع بينهما , وهو كذلك هنا فإن هذا الحديث مقيد للأحاديث التي أشار إليها البيهقي كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (و َلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ) متفق عليه.
فهذا مطلق يقيده حديث علي رضي الله عنه وإلى هذا أشار ابن حزم بقوله المتقدم: (وهذه زيادة عدل لا يجوز تركها).
ثم قال البيهقي: (وقد روي عن على رضي الله عنه ما يخالف هذا , وروي ما يوافقه) , ثم ساق حديث سفيان قال أخبرني أبواسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي ركعتين في دبر كل صلاة مكتوبة إلا الفجر والعصر).
قلت: وهذا لا يخالف الحديث الأول إطلاقاً , لأنه إنما ينفي أن يكون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلي ركعتين بعد صلاة العصر , والحديث الأول لا يثبت ذلك حتى يعارض بهذا , وغاية ما فيه أنه يدل على جواز الصلاة بعد العصر إلى ما قبل اصفرار الشمس , وليس يلزم أن يفعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كل ما أثبت جوازه بالدليل الشرعي كما هو ظاهر.
نعم , قد ثبت عن أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى ركعتين سنة الظهر البعدية بعد صلاة العصر , وقالت عائشة: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ داوم عليها بعد ذلك , فهذا يعارض حديث علي الثاني , والجمع بينهما سهل , فكل حدث بما علم , ومن علم حجة على من لم يعلم , ويظهر أن علياً رضي الله عنه علم فيما بعد من بعض الصحابة ما نفاه في هذا الحديث , فقد ثبت عنه صلاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد العصر.
وذلك قول البيهقي: (وأما الذي يوافقه ففيما أخبرنا ... ).
ثم ساق من طريق شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة قال: (كنا مع علي رضي الله عنه في سفر , فصلي بنا العصر ركعتين , ثم دخل فسطاطه وأنا أنظر , فصلى ركعتين).
ففي هذا أن علياً رضي الله عنه عمل بما دل عليه حديثه الأول من الجواز.
وروى أبن حزم عن بلال مؤذن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (لم ينه عن الصلاة , إلا عند غروب الشمس).
قلت: وأسناده صحيح , وهو شاهد قوي لحديث علي رضي الله عنه.
وأما الركعتان بعد العصر , فقد روى ابن حزم القول بمشروعيتهما عن جماعة من الصحابة , فمن شاء فليرجع إليه.
وما دل عليه الحديث من جواز الصلاة ولو نفلاً بعد صلاة العصر وقبل اصفرار الشمس هو الذي ينبغي الاعتماد عليه في هذه المسألة التي كثرت الأقوال فيها , وهو الذي ذهب إليه ابن حزم تبعاً لابن عمر رضي الله عنه كما ذكره الحافظ العراقي وغيره , فلا تكن ممن تغره الكثرة , إذا كانت على خلاف السنة.
ثم وجدت للحديث طريقاً أخرى عن علي رضي الله عنه بلفظ: (لا تصلوا بعد العصر , إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة) , أخرجه ألامام أحمد واسناده جيد.
جواز الركوع دون الصف ثم المشي إليه
229 - (إذا دخل أحدكم المسجد والناس ركوع؛ فليركع حين يدخل، ثم يدب راكعا حتى يدخل في الصف؛ فإن ذلك السنة).
ومما يشهد لصحته عمل الصحابة به من بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , منهم أبوبكر الصديق , وزيد بن ثابت , وعبدالله بن مسعود , وعبدالله بن الزبير.
1 - روى البيهقي عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام: أن أبابكر الصديق وزيد بن ثابت دخلا المسجد والإمام راكع , فركعا , ثم دبا وهما راكعان حتى لحقا بالصف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/384)
2 - عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه رأى زيد بن ثابت دخل المسجد والإمام راكع , فمشى حتى أمكنه أن يصل الصف وهو راكع , كبر فركع , ثم دب وهو راكع حتى وصل الصف.
3 - عن زيد بن وهب قال: خرجت مع عبدالله – يعني ابن مسعود – من داره إلى المسجد , فلما توسطنا المسجد , ركع الإمام , فكبر عبدالله وركع وركعت معه , ثم مشينا راكعين حتى انتهينا إلى الصف حين رفع القوم رؤوسهم , فلما قضى الإمام الصلاة , قمت وأنا أرى أني لم أدرك , فأخذ عبدالله بيدي وأجلسني , ثم قال: أنك قد أدركت.
4 - عن عثمان بن الأسود قال: دخلت أنا وعبدالله بن تميم المسجد , فركع الإمام , فركعت أنا وهو ومشينا راكعين حتى دخلنا الصف , فلما قضينا الصلاة , قال لي عمرو: الذي صنعت آنفاَ ممن سمعته؟ قلت من مجاهد , قال: قد رأيت ابن الزبير فعله.
والآثار في ذلك كثيرة , فمن شاء الزيادة , فليراجع المصنفين.
وهذه الآثار تدل على شيء آخر غير ما دل الحديث عليه , وهو أن من أدرك الركوع من الإمام , فقد أدرك الركعة , وقد ثبت ذلك من قول ابن مسعود وابن عمر بإسنادين صحيحين عنهما , وقد خرجتهما في إرواء الغليل , وفيه حديث حسن مرفوع عن أبي هريرة خرجته أيضاً هناك , فلا تغتر بنشرة تخالفه.
وأما ما رواه البخاري في جزء القراءة عن معقل بن مالك قال: ثنا أبو عوانة عن محمد بن إسحاق عن عبدالرحمن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال (إذا أدركت القوم ركوعاً , لم تعتد بتلك الركعة) , فإنه مع مخالفته لتلك الآثار ضعيف الإسناد , من أجل معقل هذا فأنه لم يوثقه غير أبن حبان.
نعم رواه البخاري من طريق أخرى عن ابن إسحاق قال: حدثني الأعرج به لكنه بلفظ: (لا يجزيك إلا أن تدرك الإمام قائماً) , وهذا إسناد حسن , وهذا لا يخالف الآثار المتقدمة , بل يوافقها في الظاهر , إلا أنه يشترط إدراك الإمام قائماً , وهذا من عند أبي هريرة , ولا نرى له وجهاً , والذين خالفوه أفقه منه وأكثر , ورضي الله عنهم جميعاً.
فإن قيل: هناك حديث آخر صحيح يخالف بظاهره هذا الحديث وهو:
230 - (زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ).
رواه أبوداود , والطحاوي , وأحمد , والبيهقي , وابن حزم من حديث أَبَي بَكْرَةَ: أنه جَاءَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّفِّ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ أَيُّكُمْ الَّذِي رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّفِّ فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ أَنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فذكره).
والقصد من ذكره هنا أن ظاهره يدل على أنه لا يجوز الركوع دون الصف ثم المشي إليه , على خلاف ما دل عليه الحديث السابق , فكيف التوفيق بينهما؟
فأقول: إن هذا الحديث لا يدل على ما ذكر إلا بطريق الاستنباط لا النص , فإن قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تعد) , يحتمل أنه نهاه عن كل ما ثبت أنه فعله في هذه الحادثة , وقد تبين لنا بعد التتبع أنها تتضمن ثلاثة أمور:
الأول: اعتداده بالركعة التي إنما أدرك منها ركوعها فقط.
الثاني: إسراعه في المشي , كما في رواية لآحمد من طريق أخرى عن أَبِي بَكْرَةَ أنه: جَاءَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاكِعٌ فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ نَعْلِ أَبِي بَكْرَةَ وَهُوَ يَحْضُرُ [أي يعدو] يُرِيدُ أَنْ يُدْرِكَ الرَّكْعَةَ فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ السَّاعِي قَالَ أَبُو بَكْرَةَ أَنَا قَالَ: (فذكره) , وأسناده حسن في المتابعات , وقد رواه أبن السكن في صحيحه نحوه , وفيه قوله: (ان انطلقت أسعى ... ) , وأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (من الساعي ... )، ويشهد لهذه الرواية رواية الطحاوي من الطريق الأول بلفظ (جئت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ راكع , وقد حفزني النفس , فركعت دون الصف ... ) الحديث وأسناده صحيح , فإن قوله: (حفزني النفس) , معناه: اشتد، من الحفز وهو الحث والإعجال , وذلك كناية عن العدو.
الثالث: ركوعه دون الصف , ثم مشيه إليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/385)
وإذا تبين لنا ما سبق , فهل قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تعد) نهي عن الأمور الثلاثة جميعها أم عن بعضها؟ ذلك ما أريد البحث فيه وتحقيق الكلام عليه فأقول:
أما الأمر الأول , فالظاهر أنه لا يدخل في النهي , لانه لو كان نهاه عنه , لأمره بإعادة الصلاة , لكونها خداجاً ناقصة الركعة , فإذا لم يأمره بذلك , دل على صحتها , وعلى عدم شمول النهي الاعتداد بالركعة بإدرك ركوعها.
وقول الصنعاني في سبل السلام: (لعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأمره لأنه كان جاهلاً للحكم والجهل عذر) فبعيد جداً إذ قد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمسيء صلاته بإعادتها ثلاث مرات , مع أنه كان جاهلاً أيضاً فكيف يأمره بالإعادة وهو لم يفوت ركعة من صلاته , وإنما الاطمئنان فيها , لا يأمر أبا بكرة بإعادة الصلاة , وقد فوت على نفسه ركعة , لو كانت لا تدرك بالركوع؟ ثم كيف يعقل أن يكون ذلك منهياً , وقد فعله كبار الصحابة , كما تقدم في الحديث الذي قبله؟ فلذلك , فإننا نقطع أن هذا الأمر الأول لا يدخل في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تعد).
وأما الأمر الثاني , فلا نشك في دخوله في النهي , لما سبق ذكره من الرويات , ولأنه لا معارض له , بل هناك ما يشهد له وهو حديث أبي هريرة مرفوعاً: (إِذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ والوقار) , متفق عليه.
وأما الأمر الثالث , فهو موضع نظر وتأمل , وذلك لأن ظاهر رواية أبي داود هذه (أَيُّكُمْ الَّذِي رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّفِّ) , مع قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له (لا تعد) , يدل بإطلاقه على أنه قد يشمل هذا الأمر , وإن كان ليس نصاً في ذلك , لاحتمال أنه يعني شيئاً آخر غير هذا مما فعل , وليس يعني نهيه عن كل ما فعل , بدليل أنه لم يعن الأمر الأول كما سبق تقريره , فكذلك يحتمل أنه لم يعن هذا الأمر الثالث أيضاً.
وهذا وإن كان خلاف الظاهر , فإن العلماء كثيراً ما يضطرون لترك ما دل عليه ظاهر النص لمخالفته لنص آخر هو في دلالته نص قاطع , مثل ترك مفهوم النص لمنطوق نص آخر , وترك العام للخاص , ونحو ذلك.
وأنا أرى أن ما نحن فيه الآن من هذا القبيل , فإن ظاهر هذا الحديث من حيث شموله للركوع دون الصف مخالف لخصوص ما دل عليه حديث عبدالله بن الزبير دلالة صريحة قاطعة , وإذا كان الأمر كذلك , فلا بد حينئذ من ترجيح أحد الدليلين على الآخر , ولا يشك عالم أن النص الصريح أرجح عند التعارض من دلالة ظاهر نص ما , لأن هذا دلالته على وجه الاحتمال , بخلاف الذي قبله , وقد ذكروا في وجوه الترجيح بين الأحاديث أن يكون الحكم الذي تضمنه أحد الحديثين منطوقاً به , وما تضمنه الحديث الآخر يكون محتملاً , ومما لا شك فيه أيضاً أن دلالة هذا الحديث في هذه المسألة ليست قاطعة , بل محتملة , بخلاف دلالة حديث ابن الزبير المتقدم , فإن دلالته عليها قاطعة , فكان ذلك من أسباب ترجيحه على هذا الحديث.
وثمة أسباب أخرى تؤكد الترجيح المذكور:
أولاً: خطبة ابن الزبير بحديثه على المنبر في أكبر جمع يخطب عليهم في المسجد الحرام , وإعلانه عليه أن ذلك من السنة دون أن يعارضه أحد.
ثانياً: عمل كبار الصحابة به , كأبي بكر وابن مسعود وزيد بن ثابت – كما تقدم – وغيرهم , فذلك من المرجحات المعروفة في علم الأصول , بخلاف هذا الحديث , فإننا لا نعلم أن أحداً من الصحابة قال بما دل عليه ظاهره في هذه المسألة , فكان ذلك كله دليلاً قوياً على أن دلالته فيها مرجوحة , وأن حديث ابن الزبير هو الراجح في الدلالة عليها , والله أعلم.
وقد قال الصنعاني بعد قول ابن جريج في عقب هذا الحديث: (وقد رأيت عطاء يصنع ذلك).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/386)
قال الصنعاني: (قلت: وكأنه مبني على أن لفظ: [ولاتعد] بضم المثناة الفوقية من الإعادة , أي: زادك الله حرصاً على طلب الخير , ولا تعد صلاتك , فإنها صحيحة , وروي بسكون العين المهملة من العدو , وتؤيده رواية ابن السكن من حديث أبي بكرة [ثم ساقها , وقد سبق نحوها من رواية أحمد , مع الإشارة إلى رواية ابن السكن هذه , ثم قال] والأقرب أن رواية: [ولاتعد] , من العود , أي: لا تعد ساعياً إلى الدخول قبل وصولك الصف , فإنه ليس في الكلام ما يشير بفساد صلاته حتى يفتيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن لا يعيدها , بل قوله: [زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا] , يشعر بإجزائها , أو: [لاتعد] , من [العدو]).
قلت: لو صح هذا اللفظ لكانت دلالة الحديث حينئذ خاصة في النهي عن الإسراع , ولما دخل فيه الركوع خارج الصف , ولم يوجد بالتالي أي تعارض بينه وبين حديث ابن الزبير , ولكن الظاهر أن هذا اللفظ لم يثبت فقد وقع في صحيح البخاري وغيره باللفظ المشهور: [لا تعد].
قال الحافظ في الفتح: (ضبطناه في جميع الرويات بفتح أوله وضم العين من العود).
ثم ذكر هذا اللفظ , ولكنه رجح ما في البخاري , فراجعه إن شئت.
ويتلخص مما تقدم أن هذا النهي لا يشمل الاعتداد بالركعة ولا الركوع دون الصف , وإنما هو خاص بالإسراع , لمنافاته للسكينة والوقار , كما تقدم التصريح بذلك من حديث أبي هريرة , وبهذا فسره الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: (قوله: [لاتعد] يشبه قوله: [لا تأتوا الصلاة تسعون]).
فإن قيل قد ورد ما يؤيد شمول الحديث للأسراع , ويخالف حديث ابن الزبير صراحة وهو حديث أبي هريرة مرفوعا: (إذا أتى أحدكم الصلاة , فلا يركع دون الصف , حتى يأخذ مكانه من الصف).
قلنا لكنه حديث معلول بعلة خفية , وليس هذا مكان بيانها فراجع سلسلة الأحاديث الضعيفة رقم 981.
ثم أن الحديث ترجم له أبن خزيمة بقوله: (باب الرخصة في ركوع المأموم قبل اتصاله بالصف ودبيبه راكعاً حتي يتصل بالصف في ركوعه).
ثم وجدت ما يؤيد هذه الترجمة من قول راوي الحديث نفسه , أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه , كما يؤكد أن النهي فيه: [لاتعد] , لا يعني الركوع دون الصف , والمشي إليه , ولا يشمل الاعتداد بالركعة , فقد روى علي بن حجر في حديثه , حدثنا إسماعيل بن جعفر المدني: حدثنا حميد , عن القاسم بن ربيعة , عن أبي بكرة – رجل كانت له صحبة – أنه (كان يخرج من بيته فيجد الناس قد ركعوا , فيركع معهم , ثم يدرج راكعاً حتى يدخل في الصف و ثم يعتد بها) , قلت وهذا إسناد صحيح , وفيه حجة قوية أن المقصود بالنهي إنما هو الإسراع في المشي , لأن راوي الحديث أدرى بمرويه من غيره , ولا سيما إذا كان هو المخاطب بالنهي , فخذها , فإنها عزيزة قد لا تجدها في المطولات من كتب الحديث والتخريج وبالله التوفيق.
سنة الجمعة والمغرب القبليتان
232 - (ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان).
أخرجه عباس الترقفي , وابن نصر , والروياني , وابن حبان , والطبراني , وابن عدي , والدارقطني , من طريقين عن ثابت بن عجلان عن سليم بن عامر عن عبدالله بن الزبير مرفوعاً.
وقد استدل بالحديث بعض المتأخرين على مشروعية صلاة سنة الجمعة القبلية , وهو استدلال باطل , لأنه قد ثبت في البخاري وغيره أنه لم يكن في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الجمعة سوى الأذان الأول والإقامة , وبينهما الخطبة , كما فصلته في رسالتي الأجوبة النافعة , ولذلك قال البوصيري في الزوائد وقد ذكر حديث عبدالله هذا , وأنه أحسن ما يستدل به لسنة الجمعة المزعومة قال: (وهذا متعذر في صلاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنه كان بين الأذان والإقامة الخطبة , فلا صلاة حينئذ بينهما).
وكل ما ورد من الأحاديث في صلاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنة الجمعة القبلية لا يصح منها شئ البتة , وبعضها أشد ضعفاً من بعض , كما بينه الزيلعي في نصب الراية , وابن حجر في الفتح , وغيرهما , وتكلمت على بعضها في الرسالة المشار إليها , وفي سلسلة الأحاديث الضعيفة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/387)
والحق أن الحديث إنما يدل على مشروعية الصلاة بين يدي كل صلاة مكتوبة ثبت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك أو أمر به أو أقره , كصلاة المغرب , فقد صح فيها الأمر والإقرار , وفي ثبوت فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نظر , كما يأتي.
أما الأمر , فهو في حديث صريح من رواية عبدالله المزني: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى قبل المغرب ركعتين , ثم قال:
233 - (صلوا قبل المغرب ركعتين. ثم قال في الثالثة: لمن شاء؛ خاف أن يحسبها الناس سنة).
أخرجه ابن نصر في قيام الليل: حدثني عبدالوارث بن عبدالصمد بن عبدالوارث بن سعيد: ثني أبي: ثنا حسين عن ابن بريدة أن عبدالله بن مغفل المزني رضي الله عنه حدثه به.
فهذا الحديث صحيح دون الفعل , فهو شاذ كما كنت حققته في الضعيفة , ثم في تمام المنة.
وفي هذا الحديث دليل على أن أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الوجوب حتى يقوم دليل الإباحة , وكذلك نهيه على التحريم إلا ما يعرف إباحته , كذا في شرح السنة للبغوي.
ومعنى قوله: قبل المغرب , أي صلاة المغرب بعد غروب الشمس , فهو في ذلك كالحديث الذي قبله , وبهذا ترجم له ابن حبان , وبه عمل كبار الأصحاب الكرام , كما في الحديث التالي.
وأما تقريره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهاتين الركعتين , فهو في الحديث الآتي:
234 - (كان المؤذن يؤذن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة المغرب، فيبتدر لباب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم السواري؛ يصلون الركعتين قبل المغرب، حتى يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يصلون، [فيجيء الغريب فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليها]، [وكان بين الأذان والإقامة يسيرا]).
وفي هذا الحديث نص صريح على مشروعية الركعتين قبل صلاة المغرب , لتسابق كبار الصحابة عليهما , وإقرار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهم على ذلك , ويؤيده عموم الحديثين قبله , وإلى استحبابهما ذهب الإمام أحمد وإسحاق وأصحاب الحديث , ومن خالفهم – كالحنفية وغيرهم – لا حجة لديهم تستحق النظر فيها , سوى ما روى شعبة عن أبي شعيب عن طاوس قال: (سئل ابن عمر عن الركعتين قبل المغرب؟ فقال: ما رأيت أحداً على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصليهما) , والقلب لا يطمئن لصحة هذا الأثر عن ابن عمر , وقد أشار الحافظ لتضعيفه , فإن صح فرواية أنس المثبتة مقدمة على نفيه كما قال البيهقي ثم الحافظ وغيرهما.
ويؤيده أن ابن النصر روى (أن رجلاً سأل ابن عمر فقال: ممن أنت؟ قال: من أهل الكوفة , قال: من الذين يحافظون على ركعتي الضحي؟ فقال: وأنتم تحافظون على الركعتين قبل المغرب؟ فقال ابن عمر: كنا نحدث أن أبواب السماء تفتح عند كل أذان).
قلت: فهذا نص من ابن عمر على مشروعية الركعتين , على خلاف ما أفاده ذلك الحديث الضعيف عنه , ولكن هذا النص قد حذف المقريزي إسناده كما هو الغالب عليه في كتاب قيام الليل , فلم يتسن لي الحكم عليه بشئ من الصحة أو الضعف.
ومن الطرايف أن يرد بعض المقلدين هذه الدلالات الصريحة على مشروعية الركعتين قبل المغرب , فلا يقول بذلك , ثم يذهب إلى سنية صلاة السنة القبلية يوم الجمعة , ويستدل عليه بحديث ابن الزبير وعبدالله بن مغفل , يستدل بعمومها , مع أن هذا الدليل نفسه يدل أيضاً على ما نفاه من مشروعية الركعتين , مع وجود الفارق الكبير بين المسألتين , فالأولى قد تأيدت بجريان العمل بها في عهده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإقراره , وبأمره الخاص بها , بخلاف الأخرى , فإنها لم تتأيد بشئ من ذلك , بل ثبت أنه لم يكن هناك مكان لها يومئذ , فهل من معتبر؟
جواز الصلاة بعد العصر إذا كانت الشمس مرتفعة
314 - (لا تصلوا عند طلوع الشمس، ولا عند غروبها؛ فإنها تطلع وتغرب على قرن شيطان، وصلوا بين ذلك ما شئتم).
وللحديث شاهد من حديث علي مرفوعاً بلفظ: (لا تصلوا بعد العصر , إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة) , وإسناده صحيح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/388)
وفي هذين الحديثين دليل على أن ما اشتهر في كتب الفقه من المنع عن الصلاة بعد العصر مطلقاً – ولو كانت الشمس مرتفعة نقية – مخالف لصريح هذين الحديثين , وحجتهم في ذلك الأحاديث المعروفة في النهي عن الصلاة بعد العصر مطلقاً , غير أن الحديثين المذكورين يقيدان تلك الأحاديث , فاعلمه.
الاقتصار على التسليمة الواحدة في الصلاة
316 – (كان يُسَلمُ تسلمية واحدة).
وهذا الحديث من أصح الأحاديث التي وردت في التسلمية الواحدة في الصلاة، وقد ساق البيهقي قسماً منها، ولا تخلو أسانيدها من ضعف، ولكنها في الجملة تشهد لهذا، وقال البيهقي عَقِبَها: (ورُوي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنهم سلموا تسليمة واحدة، وهو من الاختلاف المباح، والاقتصار على الجائز).
وذكر نحوه الترمذي عن الصحابة، ثم قال: (قال الشافعي: إن شاء سلَّم تسليمة واحدة، وإن شاء سلَّم تسليمتين).
قلتُ: التسليمة الواحدة فَرْض لا بدَّ منه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (. . . وتحليلها التسليم)، والتسليمتان سنة، ويجوز ترك الأخرى أحياناً لهذا الحديث.
ولقد كان هديه صلى الله عليه وسلم في الخروج من الصلاة على وجوه:
الأول: الاقتصار على التسليمة الواحدة؛ كما سبق.
الثاني: أن يقول عن يمينه: "السلام عليكم ورحمة الله"، وعن يساره: "السلام عليكم".
الثالث: مثل الذي قبله إلا أنه يزيد في الثانية أيضاً: "ورحمة الله".
الرابع: مثل الذي قبله إلا أنه يزيد في التسليمة الأولى: "وبركاته".
وكل ذلك ثبت في الأحاديث، وقد ذكرتُ مُخرجيها في "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم"، فمن شاء راجعه.
لَا غِرَارَ فِي صَلَاةٍ وَلَا تَسْلِيمٍ
318 – (لَا غِرَارَ فِي صَلَاةٍ وَلَا تَسْلِيمٍ).
أخرجه أبو داود , والحاكم , كلاهما عن الإمام أحمد , والطحاوي من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به , زاد أبوداود: (قَالَ أَحْمَدُ يَعْنِي فِيمَا أَرَى أَنْ لَا تُسَلِّمَ وَلَا يُسَلَّمَ عَلَيْكَ وَيُغَرِّرُ الرَّجُلُ بِصَلَاتِهِ فَيَنْصَرِفُ وَهُوَ فِيهَا شَاكٌّ).
ثم روى أحمد عن سفيان قال: (سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سَأَلْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا إِغْرَارَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ لَا غِرَارَ فِي الصَّلَاةِ وَمَعْنَى غِرَارٍ يَقُولُ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ حَتَّى يَكُونَ عَلَى الْيَقِينِ وَالْكَمَالِ).
وقال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم) , ووفقه الذهبي , وهو كما قالا.
قال ابن الأثير في النهاية: (الغرار: النقصان , وغرار النوم: قلته , ويريد بغرار الصلاة: نقصان هيآتها وأركانها , وغرار التسليم: أن يقول المجيب: وعليك , ولا يقول السلام , وقيل: أراد بالغرار النوم , أي ليس في الصلاة نوم.
والتسليم يروى بالنصب والجر , فمن جره , كان معطوفاً على الصلاة كما تقدم , ومن نصب , كان معطوفاً على الغرار , ويكون المعنى: لا نقص ولا تسليم في صلاة , لأن الكلام في الصلاة بغير كلامها لا يجوز).
قلت: ومن الوضح أن تفسير الإمام أحمد المتقدم , إنما هو على رواية النصب , فإذا صحت هذه الرواية , فلا ينبغي تفسير غرار التسليم بحيث يشمل تسليم غير المصلي على المصلي , كما هو ظاهر كلام الإمام أحمد , وإنما يقتصر فيه على تسليم المصلي على من سلم عليه , فإنهم قد كانوا في أول الأمر يردون السلام في الصلاة , ثم نهاهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وعليه يكون هذا الحديث من الأدلة على ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/389)
وأما حمله على تسليم غير المصلي على المصلي , فليس بصواب , لثبوت تسليم الصحابة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غيرما حديث واحد , دون إنكار منه عليهم , بل أيدهم على ذلك بأن رد السلام عليه بالإشارة , من ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: (خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قُبَاءَ يُصَلِّي فِيهِ قَالَ فَجَاءَتْهُ الْأَنْصَارُ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي قَالَ فَقُلْتُ لِبِلَالٍ كَيْفَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ حِينَ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي قَالَ يَقُولُ هَكَذَا وَبَسَطَ كَفَّهُ وَبَسَطَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ كَفَّهُ وَجَعَلَ بَطْنَهُ أَسْفَلَ وَجَعَلَ ظَهْرَهُ إِلَى فَوْقٍ) , أخرجه أبوداود وغيره وهو حديث صحيح.
وقد احتج به الإمام أحمد نفسه , وذهب إلى العمل به , فقال إسحاق بن منصور المروزي في المسائل: (قلت: تسلم على القوم وهم في الصلاة؟ قال نعم , فذكر قصة بلال حين سأله ابن عمر: كيف كان يرد؟ قال: كان يشير).
تارك الصلاة فاسق لا تقبل له شهادة ويخشى عليه سوء الخاتمة
333 - (إن للإسلام صوى ومنارا كمنار الطريق؛ منها أن تؤمن بالله ولا تشرك به شيئا، وإقام الصلاة، وايتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأن تسلم على أهلك إذا دخلت عليهم، وأن تسلم على القوم إذا مررت بهم فمن ترك من ذلك شيئا؛ فقد ترك سهما من الإسلام، ومن تركهن [كلهن]، فقد ولى الإسلام ظهره).
الصوى: جمع صوة , وهي أعلام من حجارة منصوبة في الفيافي والمفازة المجهولة , يستدل بها على الطريق وعلى طرفيها , أراد أن للإسلام طرائق وأعلاماً يهتدى بها.
كذا في لسان العرب , عن أبي عمرو بن العلاء.
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أن ذكر بعد الإيمان أسهما من الإسلام كالصلاة والزكاة: (فمن ترك من ذلك شيئا؛ فقد ترك سهما من الإسلام، ومن تركهن كلهن، فقد ولى الإسلام ظهره).
أقول: فهذا نص صريح في أن المسلم لا يخرج من الإسلام بترك شئ من أسهمه ومنها الصلاة , فحسب التارك أنه فاسق لا تقبل له شهادة , ويخشى عليه سوء الخاتمة , وقد تقدم في بحث مفصل في حكم تارك الصلاة , وهو من الأدلة القاطعة على ما ذكرنا , ولذلك حاول بعضهم أن يتنصل من دلالته بمحاولة تضعيفه , وهيهات فحديث صحيح بالحجة والبرهان.
النهي عن الصلاة بين السواري
335 – (كُنَّا نُنْهَى أَنْ نَصُفَّ بَيْنَ السَّوَارِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُطْرَدُ عَنْهَا طَرْدًا).
قلت: وهذا الحديث نص صريح في ترك الصف بين السواري، وأن الواجب أن يتقدم أو يتأخر، إلا عند الاضطرار؛ كما وقع لهم.
وقد روى ابن القاسم في " المدونة " (1/ 106)، والبيهقي (3/ 104) من
طريق أبي إسحاق عن معدي كرب عن ابن مسعود أنه قال: (لا تصفوا بين السواري).
وقال البيهقي: (وهذا ـ والله أعلم ـ لأن الاسطوانة تحول بينهم وبين وصل الصف).
وقال مالك: (لا بأس بالصفوف بين الأساطين إذا ضاق المسجد).
وفي " المغني " لابن قدامة (2/ 220): (لا يكره للإمام أن يقف بين السواري، ويكره للمأمومين؛ لأنها تقطع صفوفهم، وكرهه ابن مسعود والنخعي، وروي عن حذيفة وابن عباس، ورخص فيه ابن سيرين ومالك وأصحاب الرأي وابن المنذر؛ لأنه لا دليل على المنع، ولنا ما روي عن معاوية ابن قرة. . . ولأنها تقطع الصف، فإن كان الصف صغيراً قدر ما بين الساريتين؛ لم يكره؛ لأنه لا ينقطع بها).
وفي "فتح الباري" (1/ 477): (قال المحب الطبري: كره قوم الصف بين السواري للنهي الوارد في ذلك، ومحل الكراهة عند عدم الضيق، والحكمة فيه إما لانقطاع الصف، أو لأنه موضع النعال.انتهى. وقال القرطبي: روي في سبب كراهة ذلك أنه مصلى الجن المؤمنين).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/390)
قلت: وفي حكم السارية المنبر الطويل ذو الدرجات الكثيرة، فإنه يقطع الصف الأول، وتارة الثاني أيضاً؛ قال الغزالي في " الإحياء " (2/ 139): (إن المنبر يقطع بعض الصفوف، وإنما الصف الأول الواحد المتصل الذي في فناء المنبر، وما على طرفيه مقطوع، وكان الثوري يقول: الصف الأول، هو الخارج بين يدي المنبر، وهو متجه؛ لأنه متصل، ولأن الجالس فيه يقابل الخطيب ويسمع منه).
قلت: وإنما يقطع المنبر الصف إذا كان مخالفاً لمنبر النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان له ثلاث درجات، فلا ينقطع الصف بمثله، لأن الإمام يقف بجانب الدرجة الدنيا منها، فكان من شؤم مخالفة السنة في المنبر الوقوع في النهي الذي في هذا الحديث.
ومثل ذلك في قطع الصف المدافىء التي توضع في بعض المساجد وضعاً يترتب منه قطع الصف؛ دون أن ينتبه لهذا المحذور إمام المسجد أو أحد من المصلين فيه؛ لِبُعْد الناس أولاً عن التفقه في الدين، وثانياً لعدم مبالاتهم بالابتعاد عما نهى عنه الشارع وكرهه.
وينبغي أن يُعلَم أن كل من سعى إلى وضع منبر طويل قاطع للصفوف، أو يضع المدفئة التي تقطع الصف؛ فإنه يخشى أن يلحقه نصيب وافر من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (. . . ومن قطع صفاً قطعه الله)، أخرجه أبو داود بسند صحيح؛ كما بينته في صحيح أبي داود (رقم 672))
مشروعية الإقعاء
383 - (من السنة في الصلاة أن تضع أليتيك على عقبيك بين السجدتين).
أخرجه الطبراني: حدثنا أحمد بن النضر العسكري: حدثنا عبدالرحمن بن عبيدالله الحلبي: نا سفيان بن عيينة عن عبدالكريم عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (فذكره).
وأخرج الطبراني عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاوساً يقول: (قلت لابن عباس في الإقعاء على القدمين؟ قال: هي السنة , فقلت إنا لنراه جفاء بالرجل , قال هي سنة نبيك) , وقد أخرجه مسلم وأبوعوانة , والبيهقي من طريق أخرى عن ابن جريج به.
وهذا سند صحيح.
وله طريق أخرى عن ابن عباس رضي الله عنه يرويه ابن إسحاق قال: حدثني – عن انتصاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عقبيه وصدر قدميه بين السجدتين إذا صلى – عبدالله بن أبي نجيح المكي عن مجاهد بن جبر أبي الحجاج قال: سمعت عبدالله بن عباس يذكره. قال: فقلت له: يا أباالعباس , والله إن كنا لنعد هذا جفاء ممن صنعه , قال: فقال " إنها سنة " أخرجه البيهقي.
قلت وإسناده حسن.
ثم روى بإسناد آخر صحيح عن أبي زهير معاوية بن حديج قال: (رأيت طاوساً يقعي , فقلت: رأيتك تقعي , قال: ما رأيتني أقعي , ولكنها الصلاة , رأيت العبادلة الثلاثة يفعلون ذلك: عبدالله بن العباس , وعبدالله بن عمر , وعبدالله بن الزبير , يفعلونه , قال أبو زهير: وقد رأيته يقعي).
قلت: ففي الحديث وهذه الآثار دليل على شرعية الإقعاء المذكور , وأنه سنة يتعبد بها , وليست للعذر كما زعم بعض المتعصبة , وكيف يكون كذلك وهؤلاء العبادلة اتفقوا على الإيتان به في صلاتهم , وتبعهم طاوس التابعي الفقه الجليل , وقال الإمام أحمد في "مسائل المروزي": وأهل مكة يفعلون ذلك.
فكفى بهم سلفاً لمن أراد أن يعمل بهذه السنة ويحييها.
ولا منافاة بينها وبين السنة الأخرى – وهي الافتراش – بل كل سنة , فيفعل تارة هذه , وتارة هذه , اقتداء به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وحتى لا يضيع عليه شئ من هديه عليه الصلاة والسلام.
النائم عن الصلاة أو الناسي لها لا تسقط عنه الصلاة
396 - (كان في سفره الذي ناموا فيه حتى طلعت الشمس، فقال: إنكم كنتم أمواتا فرد الله إليكم أرواحكم، فمن نام عن صلاة؛ فليصلها إذا اسيقظ، ومن نسي صلاة؛ فليصل إذا ذكر).
وقد جاء معناه هذا الحديث في "الصحيحين" وغيرهما من حديث أنس وغيره من الصحابة , وفي حديثه زيادة: (لا كفارة لها إلا ذلك).
في الحديث دلالة على أن النائم عن الصلاة أو الناسي لها لا تسقط عنه الصلاة , وأنه يجب عليه أن يبادر إلى أدائها فور الاستيقاظ أو التذكر لها.
ودلت زيادة أنس رضي الله على أن ذلك هو الكفارة , وأنه إن لم يفعل فلا يكفره شئ من الأعمال , اللهم إلا التوبة النصوح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/391)
وفي ذلك كله دليل على أن الصلاة التي تعمد صاحبها إخراجها عن وقتها , فلا يكفرها أن يصليها بعد وقتها , لأنه لا عذر له , والله عز وجل يقول (إِنّ الصّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مّوْقُوتاً) النساء103 , وليس هو كالذي نام أو نسيها , فهذا معذور بنص الحديث , ولذلك جعل له كفارة أن يصليها إذا تذكرها , ألست ترى أن هذا المعذور نفسه إذا لم يبادر إلى الصلاة حين التذكر , فلا كفارة له بعد ذلك , لأنه أضاع الوقت الذي شرع الله له أن يتدارك فيه الصلاة الفائتة؟
فإذا كان هذا هو شأن المعذور: أنه لا قضاء له بعد فوات الوقت المشروع له , فمن باب أولى أن يكون المتعمد الذي لم يصل الصلاة في وقتها وهو متذكر لها مكلف بها أن لا يكون له كفارة , وهذا فقه ظاهر لمن تأمله متجرداً عن التأثر بالتقليد ورأي الجمهور.
ومما سبق يتبين خطأ بعض المتأخرين الذين قاسوا المتعمد على الناسي فقالوا: "إذا وجب القضاء على النائم والناسي مع عدم تفريطهما , فوجوبه على العامد المفرط أولى".
مع أن هذا القياس ساقط الاعتبار من أصله , لأنه من باب قياس النقيض على نقيضه , فإن العامد المتذكر ضد الناسي والنائم.
على أن القول بوجوب القضاء على المتعمد ينافي حكمة التوقيت للصلاة الذي هو من شروط صحة الصلاة , فإذا أخل بالشرط , بطل المشروط بداهة.
وقول شيخ الشمال في نشرة له في هذه المسألة: (إن المصلي وجب عليه أمران: الصلاة , وإيقاعها في وقتها , فإن ترك أحد الأمرين , بقي الآخر) , فهذا مما يدل على جهل بالغ في الشرع , فإن الوقت للصلاة ليس فرضاً فحسب , بل وشرط أيضاً , ألا ترى أنه لو صلى قبل الوقت , لم تقبل صلاته باتفاق العلماء.
لكن كلام الشيخ المسكين يدل على أنه قد خرق اتفاقهم بقوله المتقدم , فإنه صريح أنه لو صلى قبل الوقت , فإنه أدى واجباً , وضيع آخر , وهكذا يصدق عليه المثل السائر: "من حفر بئراً لأخيه وقع فيه" فإنه يدندن دائماً حول اتهام أنصار السنة بخرقهم الإجماع أو اتفاق العلماء , فها هو قد خالفهم بقوله المذكور الهزيل , هدانا الله وإياه سواء السبيل.
وبعد فهذه كلمة وجيزة حول هذه المسألة المهمة بمناسبة هذا الحديث الشريف , ومن شاء تفصيل الكلام فيها , فليرجع إلى " كتاب الصلاة " لابن القيم رحمه الله تعالى , فإنه أشبع القول عليها مع التحقيق الدقيق بما لا تجده في كتاب.
واعلم أنه ليس معنى قول أهل العلم المحقيقين – ومنهم العز بن عبدالسلام الشافعي – أنه لا يشرع القضاء على التارك للصلاة عمداً: أنه من باب التهوين لشأن ترك الصلاة , حاشا لله , بل هو على النقيض من ذلك , فإنهم يقولون: إن من خطورة الصلاة وأدائها في وقتها أنه لا يمكن أن يتداركها بعد وقتها إلى الأبد , فلا يكفر ذنب إخراج الصلاة عن وقتها إلا ما يكفر أكبر الذنوب ألا وهو التوبة النصوح.
ولذلك فهم ينصحون من ابتلي بترك الصلاة أن يتوب إلى الله فوراً , وأن يحافظ على أداء الصلاة في أوقاتها مع الجماعة , وأن يكثر من الصلاة النافلة , حتى يعوض بذلك بعض ما فاته من الثواب بتركه للصلاة في الوقت (إِنّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئَاتِ) هود 114 , وقد دل على ذلك حديث أبي هريرة: (انظروا هل لعبدي من تطوع فتكملوا به فريضته؟) , وهو في "صحيح أبي داود.
مشروعية رفع الإمام صوته بالتأمين
464 - (كان إذا فرغ من قراءة أم القرآن , رفع صوته وقال: آمين).
في الحديث مشروعية رفع الإمام صوته بالتأمين , وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم من الأئمة , خلافاً للإمام أبي حنيفة وأتباعه , ولا حجة عندهم سوى التمسك بالعمومات القاضية بأن الأصل في الذكر خفض الصوت فيه , وهذا مما لا يفيد في مقابله مثل هذا الحديث الخاص في بابه , كما لا يخفي على أهل العلم الذين أنقذهم الله تبارك وتعالى من الجمود العقلي والتعصب المذهبي.
وأما جهر المتقدين بالتأمين وراء الإمام , فلا نعلم فيه حديثاً مرفوعاً صحيحاً يجب المصير إليه ولذلك بقينا فيه على الأصل الذي سبقت الإشارة إليه , وهذا هو مذهب الإمام الشافعي في "الأم": أن الإمام يجهر بالتأمين دون المأمومين , وهو أوسط المذاهب في المسألة وأعدلها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/392)
وإني لألاحظ أن الصحابة رضي الله عنهم , لو كانوا يجهرون بالتأمين خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لنقله وائل بن حجر وغيره ممن نقل جهره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به , فدل ذلك على أن الإسرار به من المؤتمين هو السنة , فتأمل.
ثم وقفت على ما حملني على ترجيح جهر المؤتمين أيضاً في بحث أودعته في "الضعيفة" , وبه قال الإمام أحمد في رواية ابنه صالح في مسائله , وكفى به قدوة , وهو مذهب الشافعية كما في "مجموع النووي" والله ولي التوفيق.
جواز الإشارة بالإدن بلفظ التسبيح من الرجل وبالتصفيق من المرأة
497 - (إذا استؤذن على الرجل وهو يصلي , فإذنه التسبيح , وإذا استؤذن على المرأة وهي تصلي , فإذنها التصفيق).
وفي الحديث إشارة إلى ضعف الحديث الذي يورده الحنفية بلفظ: (من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه , فليعد صلاته) , فإن هذا الحديث الصحيح صريح في جواز الإشارة بالإذن بلفظ التسبيح من الرجل , وبالتصفيق من المرأة , فكيف لا يجوز ذلك بالإشارة باليد أو الرأس؟ ولا سيما وقد جاءت أحاديث كثيرة بجواز ذلك , وقد خرجت بعضها في "صحيح أبي داود" وبينت علة الحديث المذكور في الإشارة المفهمة في الأحاديث الضعيفة , ثم في ضعيف أبي داود.
السنة التكبير ثم السجود
604 - (كان إذا أراد أن يسجد كبر ثم يسجد، وإذا قام من القعدة كبر ثم قام).
والحديث نص صريح في أن السنة التكبير ثم السجود , وأنه يكبر وهو قاعد ثم ينهض , ففيه إبطال لما يفعله بعض المقلدين من مد التكبير من القعود إلى القيام.
وفي معناه ما أخرجه البخاري , وأحمد , عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ ثُمَّ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ اللَّيْثِ وَلَكَ الْحَمْدُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ" , وهو مخرج في "صحيح أبي داود".
قلت: فقوله (وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ) , أي: عند ابتداء القيام , وبه فسره الحافظ في الفتح , ويؤيد قوله: (ثم يقول: سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه) , فإن هذا لا يمكن تفسيره إلا بذلك , لأنه ورد الاعتدال , وأما قول النووي في " شرح مسلم ": وقوله: " يكبر حين يهوي ساجداً , ثم يكبر " دليل على مقارنة التكبير لهذه الحركات وبسطه عليها , فيبدأ بالتكبير حين يشرع في الانتقال إلى الركوع وغيره حتى يصل حد الراكع ... ويشرع في التكبير للقيام من التشهد الأول حين يشرع في الانتقال , ويمده حتى ينتصب قائماً ".
قال الحافظ عقبه: " ودلالة هذا اللفظ على البسط الذي ذكره غير ظاهرة ".
قلت: وأغرب من ذلك مد بعض الشافعية التكبير حين القيام من السجدة الثانية , وينتصب قائماً فيالركعة الثانية , ويجلس بين ذلك جلسة الاستراحة " وهي سنة " , فتراه يمد التكبير ويمد حتى يكاد ينقطع نفسه قبل الانتصاب , ولا يشك عالم بالسنة أن هذا من البدع.
سنية جهر المقتدين بآمين وراء الإمام
691 - (إن اليهود قوم حسد وإنهم لا يحسدوننا على شيء كما يحسدوننا على السلام وعلى آمين)
أخرجه ابن خزيمة في ((صحيحه)) (1/ 73/2): ثنا ابوبشر الواسطي: نا خالد- يعني: ابن عبدالله –عن سهيل- وهو ابن أبي صالح- عن أبيه عن عائشة قالت:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/393)
((دخل يهودي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السام عليك يا محمد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:وعليك. فقالت عائشة:فهممت أن أتكلم، فعلمت كراهية النبي صلى الله عليه وسلم لذلك،فسكت. ثم دخل آخر فقال: السام عليك. فهممت أن أتكلم،فعلمت كراهية النبي صلى الله عليه وسلم لذلك،ثم دخل الثالث فقال.السام عليك.فلم أصبر حتى قلت: وعليك السام وغضب الله ولعنته إخوان القردة والخنازير أتحيون رسول الله بما لم يحيه الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أن الله لا يحب الفحش ولا التفحش، قالوا قولاً فرددنا عليهم، أن اليهود ... )). ورواه ابونعيم أيضا مختصراً عن انس، وهو الآتي بعده.
قلت: وهذا إسناد صحيح، ورجاله كلهم ثقات رجال ((الصحيح))،و ابوبشر الو اسطي اسمه إسحاق بن شاهين،وهو من شيوخ البخاري.
والحديث أخرجه ابن ماجه (1/ 281) من طريق حماد بن سلمة: ثنا سهيل بن أبي صالح به مقتصراً على الجملة المذكورة أعلاه بنحوه. وقال البوصيري في ((الزوائد)):
((هذا إسناد صحيح، احتج مسلم بجميع رواته)).
وللحديث طريق آخى يرويه حصين بن عبدالرحمن عن عمرو بن قيس عن محمد بن الأشعث عن عائشة قالت:
((بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ استأذن رجل من اليهود ... )) الحديث بتمامه نحوه وأتم منه: إلا انه لم يذكر الحسد على السلام، ولفظه:
((لا يحسدوننا على شئ كما يحسدوننا على يوم الجمعة التي هدانا الله وضلوا عنها، وعلى القبلة لتي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين)).
أخرجه البخاري في ((التاريخ)) (1/ 1/22)، والبيهقي (2/ 56)،واحمد (6/ 134 - 135).
وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال مسلم، غير محمد بن الأشعث، وقد وثقه ابن حبان، وروى عنه جماعة، وهو تابعي كبير.
وتابعه مجاهد عن محمد بن الأشعث به مختصراً نحو حديث الترجمة.
أخرجه البخاري والبيهقي.
وللترجمة شاهد من حديث أنس بلفظ:
692 - (إن اليهود ليحسدونكم على السلام والتأمين).
أخرجه أبو نعيم في ((أحاديث مشايخ أبي القاسم الأصم)) (35/ 1)، والخطيب في ((التاريخ)) (11/ 43)، والضياء المقدسي في ((المختارة)) (ق45/ 1) من طريق إبراهيم بن إسحاق الحربي: حدثنا أبو ظفر: حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال المقدسي:
((أبو ظفر اسمه عبدا لسلام بن مطهر بن حسام بن مصك بن ظالم بن شيطان الأزدي البصري، روى عنه البخاري وأبو داود)).
قلت: وبقية رجال الإسناد ثقات، فهو صحيح.
فائدة: في هذا الحديث والذي قبله إشارة قوية إلي سنية جهر المقتدين بـ ((آمين)) وراء الإمام، لأن الجهر به هو الذي يثير حفيظة اليهود ويحملهم على الحسد، كالجهر بالسلام، كما هو ظاهر. فتأمل.
الفجر فجران
693 - (الفجر فجران فجر يحرم فيه الطعام وتحل فيه الصلاة وفجر تحرم فيه الصلاة ويحل فيه الطعام).
أخرجه ابن خزيمة في (صحيحه)) (1/ 52/2)،وعنه الحاكم (1/ 425)، والبيهقي (1/ 377و457و4/ 216) من طريق أبي احمد الزبيري: ثنا سفيان عن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال بن خزيمة:
(("لم" يرفعه في الدنيا غير أبي احمد الزبيري)).
وقال الحاكم:
((صحيح الإسناد))،ووافقه الذهبي، وأعله البيهقي بأن غير أبي الزبير رواه عن سفيان الثوري موقوفا، وقال:
((والموقوف أصح)).
قلت: لأن أبا أحمد الزبيري-واسمه محمد بن عبدالله بن الزبير-مع كونه ثقة ثبتاً، فقد نسبوه إلي الخطأ في روايته عن الثوري، لكن للحديث شواهد كثيرة تدل على صحته، منها عن جابر عند الحاكم (1/ 191) والبيهقي، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، ومنها عن عبدالرحمن بن عائش وسيأتي برقم (2002).
من فقه الحديث: قال ابن خزيمة:
((في هذا الخبر دلالة على أن الصلاة الفرض لا يجوز أداؤها قبل دخول وقتها)).
قال:
(("فجر يحرم فيه الطعام":يريد على الصائم. (ويحل فيه الصلاة): يريد صلاة الصبح. (وفجر يحرم فيه الصلاة):يريد صلاة الصبح، إذا طلع الفجر الأول يكون بالليل، ولم يرد أنه لا يجوز أن يتطوع بالصلاة بعد الفجر الأول. وقوله: (ويحل فيه الطعام):يريد لمن يريد الصيام)).
قلت: ومن تراجم البيهقي لهذا الحديث قوله ((باب إعادة صلاة من افتتحها قبل طلوع الفجر الآخر)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/394)
وفيه تنبيه هام إلي وجوب أداء الصلاة بعد طلوع الفجر الصادق، وهذا ما اخل به المؤذنون في كثير من العواصم- منها عمان-فإن الأذان الموحد فيها يرفع قبل الفجر بنحو نصف ساعة بناء على التوقيت الفلكي، وهو ثابت بالمشاهدة وكذلك في كثير من البلاد الأخرى كدمشق والجزائر والمغرب والكويت والمدينة والطائف.والله المستعان.
مشروعية الدعاء في التشهد الأول
878 - (إِذَا قَعَدْتُمْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَقُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ثم َلْيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ).
أخرجه النسائي (1/ 174)، وأحمد (1/ 437)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (3/ 55/1) من طريق شعبة قال: أنبأنا ابوأسحاق: أنا أبو الأحوص عن عبدالله قال:
((كنا لا ندري ما نقول في الركعتين؛ غير أن نسبح، ونكبر، ونحمد ربنا، وإن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم علم فواتح الخير وخواتمه، فقال:)) فذكره.
قلت وهذا إسناد صحيح متصل على شرط مسلم.
وتابعه إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق: حدثني أبي عن أبي إسحاق: أخبرني أبوالأحوص والأسود بن يزيد وعمرو بن ميمون وأصحاب عبدالله أنهم سمعوه يقول: فذكره.
أخرجه الطبراني: حدثنا عبدالله بن حنبل ومحمد بن عبد الله الحضرمي قالا: نا عبد الله بن محمد بن سالم القزاز: نا إبراهيم.
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير القزاز هذا قال الحافظ:
((ثقة ربما خالف))
وفي الحديث فائدة هامة؛ وهي مشروعية الدعاء في التشهد الأول، ولم أر من قال به من الأئمة غير ابن حزم، والصواب معه، وإن كان هو استدل بمطلقات يمكن للمخالفين ردها بنصوص أخرى مقيدة، أما هذا الحديث فهو في نفسه نص واضح مفسر لا يقبل التقليد، فرحم الله امرأً أنصف واتبع السنة.
والحديث دليل من عشرات الأدلة على أن الكتب المذهبية قد فاتها غير قليل من هدى خير البرية صلى الله عليه وسلم؛ فهل ما يجمل المتعصبة على الاهتمام بدراسة السنة، والاستنارة بنورها؟ لعل وعسى.
(تنبيه):وأما حديث:
((كان لا يزيد في الركعتين على التشهد)).
فهو منكر كما حققته في ((الضعيفة)) (5816).
كتاب الزكاة
لا زكاة على غير المؤمن
142 – (على المؤمنين في صدقة الثمار _ أو مال العقار _ عشر ما سقت العين وما سقت السماء، وعلى ما يسقى بالغرب نصف العشر).
إنما أوردت هذه الرواية بصورة خاصة , لقوله في صدرها: (على المؤمنين) , ففيه فائدة هامة لا توجد في سائر الروايات , قال البيهقي: (وفيه كالدلالة على أنها لا تؤخذ من أهل الذمة).
قلت: وكيف تؤخذ منهم وهم على شركهم وضلالهم؟ فالزكاة لا تزكيهم وإنما تزكي المؤمن المزكى من دون الشرك كما قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) التوبة103 , فهذه الآية تدل دلالة ظاهرة على أن الزكاة إنما تؤخذ من المؤمنين , لكن الحديث أصرح منها دلالة على ذلك.
وإن من يدرس السيرة النبوية , وتاريخ الخلفاء الراشدين , وغيرهم من خلفاء المسلمين وملوكهم , يعلم يقيناً أنهم لم يكونوا يأخذون الزكاة من غير المسلمين المواطنين , وإنما كانوا يأخذون منهم الجزية كما ينص عليها الكتاب والسنة.
فمن المؤسف أن ينحرف بعض المتفقهة عن سبيل المؤمنين باسم الإصلاح تارة , والعدالة الاجتماعية تارة , فينكروا ما ثبت في الكتاب والسنة , وجرى عليه عمل المسلمين , بطرق من التأويل أشبه ما تكون بتأويلات الباطنيين من جهة , ومن جهة أخرى يثبتون ما لم يكونوا يعرفون , بل ما جاء النص بنفيه , والأمثلة على ذلك كثيرة وحسبنا الآن هذا المسألة التي دل عليها هذا الحديث وكذا الآية الكريمة.
فقد قرأنا وسمعنا أن بعض الشيوخ اليوم يقولون بجواز أن تأخذ الدولة الزكاة من أغنياء جميع المواطنين , على أختلاف أديانهم , مؤمنهم وكافرهم , ثم توزع على فقرائهم , دون أي تفريق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/395)
ولقد سمعت منذ أسابيع معنى هذا من أحد كبار مشايخ الأزهر في ندوة تلفزونية , كان يتكلم فيها عن الضمان الاجتماعي في الإسلام , ومما ذكره أن الاتحاد القومي في القاهرة سيقوم بجمع الزكاة من جميع أغنياء المواطنين , وتوزيعها على فقرائهم , فقام أحد الحاضرين أمامه في الندوة , وسأله عن المستند في جواز ذلك , فقال: لما عقدنا جلسات الحلقات الاجتماعية , اتخذنا في بعض جلساتها قراراً بجواز ذلك اعتماداً على مذهب من المذاهب الإسلاميه , وهو المذهب الشيعي , وأنا أظن أنه يعني المذهب الزيدي.
وهنا موضع العبرة , لقد أعرض هذا الشيخ ومن رافقه في تلك الجلسة عن دلالة الكتاب والسنة واتفاق السلف على أن الزكاة خاصة بالمؤمنين , واعتمدوا في خلافهم على المذهب الزيدي , وهل يدري القارئ الكريم ما هو السبب في ذلك؟ ليس هو إلا موافقة بعض الحكام على سياستهم الاجتماعية والاقتصادية , وليتها كانت على منهج إسلامي , إذن لهان الأمر بعض الشئ في هذا الخطأ الجزئئ , ولكنه منهج غير أسلامي , بل هو قائم على تقليد بعض الأوربيين الذين لا دين لهم , والإعراض عن الاستفادة من شريعة الله تعالى التي أنزلها على قلب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لتكون نوراً وهداية للناس في كل زمان ومكان.
فإلى الله المشتكى من علماء السوء والرسوم , الذين يؤيدون الحكام الجائرين بفتاويهم المنحرفة عن جادة الإسلام وسبيل المسلمين , والله عز وجل يقول: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) النساء115.
هذا وفي الحديث قاعدة فقهية معروفة , وهي أن زكاة الزرع تختلف باختلاف المؤنة والكلفة عليه , فإن كان يسقى بماء السماء والعيون والأنهار , فزكاته العشر , وإن كان يسقى بالدلاء والنواضح الارتوازية ونحوها , فزكاته نصف العشر.
ولا تجب هذه الزكاة في كل ما تنتجه الأرض , ولو كان قليلاً , بل ذلك مقيد بنصاب معروف في السنة , وفي أحاديث معروفة.
كتاب الصيام
فضل المفطر على الصائم في السفر
85 - (ارْحَلُوا لِصَاحِبَيْكُمْ اعْمَلُوا لِصَاحِبَيْكُمْ ادنوا فكلا).
رواه أبوبكر بن أبي شيبة في (المصنف) والفريابي في (الصيام) عنه وعن أخيه عثمان بن أبي شيبة , قالا ثنا عمر بن سعد أبو داود عن سفيان عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة , قال:
(أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَعَامٍ وهو بِمَرِّ الظَّهْرَانِ فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَدْنِوا فَكُلَا فَقَالَا إِنَّا صَائِمَانِ فَقَالَ ارْحَلُوا لِصَاحِبَيْكُمْ) , الحديث.
ارْحَلُوا لِصَاحِبَيْكُمْ أي: شدوا الرحل لهما على البعير.
مَرِّ الظَّهْرَانِ: بفتح الميم وتشديد الراء: موضع بقرب مكة , (النهاية).
وكذا أخرجه النسائي , وابن خزيمة , وابن حبان , وقال ابن خزيمة: (فيه دليل على أن للصائم في السفر الفطر بعد مضي بعض النهار).
والغرض من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ارْحَلُوا لِصَاحِبَيْكُمْ .... ) , الإنكار , وبيان أن الأفضل أن يفطرا , ولا يحوجا الناس إلى خدمتهما.
ويبين ذلك ماروى الفريابي (67/ 1) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (لا تصم في السفر , فإنهم إذا أكلوا طعاماً قالوا: ارفعوا للصائم , وإذا عملوا عملاً قالوا: اكفلوا للصائم , فيذهبوا بأجرك).
قلت: ففي الحديث توجيه كريم إلى خلق قويم , وهو الاعتماد على النفس , وترك التواكل على الغير أو حملهم على خدمته , ولو لسبب مشروع كالصيام.
أفليس في الحديث إذن رد واضح على أولئك الذين يستغلون علمهم , فيحملون الناس على التسارع في خدمتهم , حتى في حمل نعالهم؟.
ولئن قال بعضهم: لقد كان الصحابة رضي الله عنهم يخدمون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحسن خدمة , حتى كان فيهم من يحمل نعليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وهو عبد الله بن مسعود.
فجوابنا: نعم , ولكن هل احتجاجهم بهذا لأنفسهم إلا تزكية منهم لها , واعتراف بأنهم ينضرون إليها على أنهم ورثته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في العلم حتى يصح لهم هذا القياس؟.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/396)
وآيم الله , لو كان لديهم نص على أنهم الورثة , لم يجز لهم هذا القياس , فهؤلاء أصحابه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المشهود لهم بالخيرية – وخاصة منهم العشرة المبشرون بالجنة – فقد كانوا خدام أنفسهم , ولم يكن واحد منهم يخدم من غيره عشر معشار ما يخدم أولئك المعنيون من تلامذتهم ومريديهم , فكيف وهم لا نص عندهم بذلك , ولذلك فإني أقول: إن هذا القياس فاسد الاعتبار من أصله , هدانا الله تعالى جميعاً سبيل التواضع والرشاد.
جواز إفطار المسافر في رمضان
191 - (كَانَ يَصُومُ فِي السَّفَرِ وَيُفْطِرُ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لَا يَدَعُهُمَا يَقُولُ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِمَا يَعْنِي الْفَرِيضَةَ).
أخرجه الطحاوي , وأحمد , والبزار , من طريق حامد عن إبراهيم عن علقمة عن أبن مسعود مرفوعا.
قلت وهذا سند جيد وهو علي شرط مسلم , والحديث صحيح قطعا بشقيه: أما قصر الصلاة , ففيه أحاديث كثيرة مشهورة عن جماعة من الصحابة فلا نصيل الكلام بذكرها، وأما الصوم في السفر , فقد بدرت من الصنعاني في سبل السلام كلمة نفى فيها أن يكون النبي صلي الله عليه وسلم صام في السفر فرضاً فقال: (ثبت عنه صلي الله عليه وسلم أنه لم يتم رباعية في سفر , ولا صام فيه فرضا).
ولهذا توجهة الهمة إلى ذكر بعض الأحاديث التي تدل على خطأ النفي المذكور فأقول: ورد صومه صلي الله عليه وسلم في السفر عن جماعة من الصحابة، منهم عبدالله بن مسعود، وعبدالله بن عباس، وأنس بن مالك , وابوالدرداء.
1 - أما حديث ابن مسعود فهو هذا.
2 - وأما حديث ابن عباس فقال أبوداود الطيالسي حدثنا سليمان عن سماك عن عكرمة عن ابن مسعود مرفوعا بالشطر الأول منه وسنده حسن.
3 - وأما حديث أنس فرواه عنه زياد النميري: حدثني أنس بن مالك قال: (وافق رسول الله صلي الله عليه وسلم رمضان في سفره فصامه , ووفقه رمضان في سفر فأفطره، رواه البيهقي، وزياد هذا هو أبن عبدالله النميري البصري، ضعيف، يكتب حديثه للشواهد.
4 - وأما حديث أبي الدرداء فيرويه الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ)، أخرجه مسلم.
192 - (هِيَ رُخْصَةٌ [يعني: الفطر في السفر] مِنْ اللَّهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ).
رواه مسلم , والنسائي , والبيهقي , من طريق أَبِي مُرَاوِحٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فذكره).
قال مجد الدين ابن تيمية في المنتقى: (وهو قوي الدلالة على فضلية الفطر).
قلت: ووجه الدلالة قوله في الصائم: (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ) , أي: لا إثم عليه فإنه يشعر بمرجوحية الصيام كما هو ظاهر , لا سيما مع مقابلته بقوله في الفطر (فحسن) , لكن هذا الظاهر غير مراد عندي , والله أعلم , وذلك لأن رفع الجناح في نص ما عن أمر ما لا يدل إلا على أنه يجوز فعله وأنه لا حرج على فاعله , وأما هل هذا الفعل مما يثاب فاعله أو لا , فشي آخر , لا يمكن أخذه من النص ذاته , بل من نصوص أخرى خارجة عنه , وهذا شئ معروف عند تتبع الأمور التي ورد رفع الجناح عن فاعلها , وهي علي قسمين:
أ- قسم منها يراد بها رفع الحرج فقط , مع استواء الفعل والترك , وهذا هو الغالب , ومن أمثلته قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
193 - (خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْفَأْرَة وَالْعَقْرَبُ ُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/397)
ومن الواضح أن المراد من رفع الجناح في هذا الحديث هو تجويز القتل , ولا يفهم منه أن القتل مستحب أو واجب أو تركه أولى.
ب- وقسم يراد به رفع الحرج عن الفعل , مع كونه في نفسه مشروعاً له فضلية , بل قد يكون واجباً , وإنما يأتي النص برفع الحرج في هذا القسم دفعاً لوهم أو زعم من قد يظن الحرج في فعله , ومن أمثلة هذا ما روى الزهري عن عروة قال: (سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقُلْتُ لَهَا أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا فَوَاللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَنْ لَا يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَتْ بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِي إِنَّ هَذِهِ لَوْ كَانَتْ كَمَا أَوَّلْتَهَا عَلَيْهِ كَانَتْ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَطَوَّفَ بِهِمَا وَلَكِنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي الْأَنْصَارِ كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا عِنْدَ الْمُشَلَّلِ فَكَانَ مَنْ أَهَلَّ يَتَحَرَّجُ أَنْ يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَمَّا أَسْلَمُوا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ الْآيَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا).
إذا تبين هذا , فقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث: (وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ) , لا يدل إلا على رفع الإثم عن الصائم , وليس فيه ما يدل على ترجيح الإفطار على الصيام.
ولكن , إذا كان من المعلوم أن صوم رمضان في السفر عبادة , بدليل صيامه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه , فمن البدهي حينئذ أنه أمر مشروع حسن , وإذا كان كذلك , فإن وصف الإفطار في الحديث بأنه حسن لا يدل على أنه أحسن من الصيام , لأن الصيام أيضاً حسن كما عرفت , وحينئذ , فالحديث لا يدل على أفضلية الفطر المدعاة , بل على أنه والصيام متماثلان.
ويؤكد ذلك حديث حمزة بن عمرو من رواية عائشة رضي الله عنها: أن حمزة بن عمرو الأسلمي سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يارسول الله إني رجل أسرد الصوم , فأصوم في السفر؟ قال:
194 - (صم إن شئت، وأفطر إن شئت).
قلت: فخيره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين الأمرين , ولم يفضل له أحداهما على الآخر , والقصة واحدة , فدل على أن الحديث ليس فيه الأفضلية المذكورة.
ويقابل هذه الدعوى قول الشيخ علي القاري في المرقاة إن الحديث دليل على أفضلية الصوم , ثم تكلف في توجيه ذلك.
والحق أن الحديث يفيد التخيير لا التفضيل , على ما ذكرناه من التفصيل.
نعم , يمكن الاستدلال لتفضيل الإفطار على الصيام بالأحاديث التي تقول: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ [وفي رواية: كما يحب أن تؤتى عزائمه]).
وهذا لا مناص من القول به , لكن يمكن أن يقيد ذلك بمن لا يتحرج بالقضاء , وليس عليه حرج في الأداء , وإلا عادت الرخصة عليه بخلاف المقصود , فتأمل.
وأما حديث: (من أفطر [يعني في السفر] فرخصة , ومن صام فالصوم أفضل) , فهو حديث شاذ لا يصح , والصواب أنه موقوف على أنس , كما بينته في الأحاديث الضعيفة , ولو صح , لكان نصاً في محل النزاع لا يقبل الخلاف , وهيهات , فلا بد حينئذ من الاجتهاد والاستنباط , وهو يقتضي خلاف ما أطلقه هذا الحديث الموقوف , وهو التفصيل الذي ذكرته , والله الموفق.
جواز تقبيل الصائم لزوجته في رمضان
219 - (كَانَ يُقَبِّلُنِي وَهُوَ صَائِمٌ وَأَنَا صَائِمَةٌ: يعني عائشة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/398)
أخرجه أبو داود , وأحمد: من طريقين عن سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ الْقُرَشِيَّ - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مرفوعاً.
ثم أخرجه أحمد , والنسائي , والطيالسي , والشافعي , والطحاوي , و البيهقي , وأبو يعلى من طريق أخرى عن سعد بن إبراهيم به بلفظ: (أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقَبِّلَنِي فَقُلْتُ إِنِّي صَائِمَةٌ فَقَالَ وَأَنَا صَائِمٌ ثُمَّ قَبَّلَنِي).
وفي هذا الحديث رد للحديث الذي رواه محمد بن الأشعث عن عائشة قالت: (كان لا يمس من وجهي شيئاً وأنا صائمة) , وإسناده ضعيف.
وحديث الباب يدل على جواز تقبيل الصائم لزوجته في رمضان , وقد اختلف العلماء في ذلك على أكثر من أربعة أقوال ’ أرجحها الجواز , على أن يراعى حال المقبل , بحيث إنه إذا كان شاباً يخشى على نفسه أن يقع في الجماع الذي يفسد عليه صومه , امتنع من ذلك , وإلى هذا أشارت السيدة عائشة رضي الله عنها في الرواية الآتية عنها ( .. وأيكم يملك إربه) , بل قد روي ذلك عنها صريحاً , فقد أخرج الطحاوي عنها قالت (ربما قبلني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وباشرني وهو صائم , أما أنتم , فلا بأس به للشيخ الكبير الضعيف) , ويؤيده قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (دع ما يريبك إلى مالا يريبك).
ولكن ينبغي أن يعلم أن ذكر الشيخ ليس على سبيل التحديد , بل المراد التمثيل بما هو الغالب على الشيوخ من ضعف الشهوة وإلا , فالضابط في ذلك قوة الشهوة وضعفها , أو ضعف الإرادة وقوتها.
وعلى هذا التفصيل تحمل الروايات المختلفة عن عائشة رضي الله عنها , فإن بعضها صريح عنها في الجواز مطلقاً , كحديثها هذا , لا سيما وقد خرج جواباً على سؤال عمرو بن ميمون لها في بعض الروايات , وقالت (لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) , الأحزاب 21 , وبعضها يدل على الجواز حتى للشاب , لقولها: (وأنا صائمة) , فقد توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعمرها 18 سنة.
ومثله ما حدثت به عائشة بنت طلحة أنها كانت عند عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدخل عليها زوجها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق , وهو صائم , فقالت له عائشة: ما منعك أن تدنو من أهلك فتقبلها وتلاعبها؟ فقال: أقبلها وأنا صائم؟ قالت: نعم، أخرجه مالك وعنه الطحاوي , بسند صحيح.
قال ابن حزم: (عائشة بنت طلحة كانت أجمل نساء أهل زمانها , وكانت أيام عائشة هي وزوجها فتيين في عنفوان الحداثة).
وهذا ومثله محمول على أنها كانت تأمن عليهما , ولهذا قال الحافظ في الفتح بعد أن ذكر هذا الحديث من طريق النسائي: [فقال: وأنا صائم؟ فقبلني]: (وهذا يؤيد ما قدمناه أن النظر في ذلك لمن لا يتاثر بالمباشرة والتقبيل , لا للتفرقة بين الشاب والشيخ , لأن عائشة كانت شابة نعم لما كان الشاب مظنة لهيجان الشهوة , فرق من فرق.
220 - (كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكِانَّ أَمْلَكُكُمْ لِإِرْبِهِ).
ومرادها رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان غالباً لهواه , والإرب: هو بفتح الهمزة أو كسرها , قال ابن الأثير: (وله تأويلان: أحدهما: أنه الحاجة , والثاني: أنه أرد به العضو , وعنت به من الأعضاء الذكر خاصة , وهو كناية عن المجامعة).
قال في المرقاة: (وأما ذكر الذكر , فغير ملائم للأنثى , لا سيما في حضور الرجال) , وراجع تمام البحث فيه.
وفي الحديث فائدة أخرى على الحديث الذي قبله , وهي جواز المباشرة من الصائم وهي شئ زائد على القبلة , وقد اختلفوا في المراد منها هنا فقال القاري: (قيل: هي مس الزوج المرأة فيما دون الفرج , وقيل: هي القبلة واللمس باليد).
قلت: ولا شك أن القبلة ليست مرادة بالمباشرة هنا , لأن الواو تفيد المغايرة , فلم يبق إلا أن يكون المراد بها إما القول الأول أو اللمس باليد , والأول هو الأرجح لأمرين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/399)
الأول: حديث عائشة الآخر قالت: (كَانَتْ إحدانا إذا كانت حَائِضًا فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَاشِرَهَا أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا قَالَتْ وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ؟).رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
فإن المباشرة هنا هي المباشرة في حديث الصيام , فإن اللفظ واحد , والدلالة واحدة , والرواية واحدة أيضاً.
بل إن هناك ما يؤيد المعنى المذكور , وهو الأمر الآخر , وهو أن السيدة عائشة رضي الله عنها قد فسرت المباشرة بما يدل على هذا المعنى , وهو قولها في رواية عنها:
221 - (كَانَ يُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ يَجْعَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ثَوْبًا يَعْنِي الْفَرْجَ).
وفي هذا الحديث فائدة هامة , وهو تفسير المباشرة , بأنه مس المرأة فيما دون الفرج , فهو يؤيد التفسير الذي سبق نقله عن القاري , وإن كان حكاه بصيغة التمريض [قيل] , فهذا الحديث يدل على أنه قول معتمد , وليس في أدلة الشريعة ما ينافيه , بل قد وجدنا في أقوال السلف ما يزيده قوة , فمنهم راوية الحديث عائشة نفسها رضي الله عنها , فروى الطحاوي بسند عن حكيم بن عقال أنه قال: (سألت عائشة: ما يحرم علي من امرأتي وأنا صائم؟ قالت فرجها).
الصَّوْمَ وَالْفِطْرَ مَعَ الْجَمَاعَةِ
224 - (الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَالْأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ).
قال الترمذي عقب الحديث: (وَفَسَّرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ إِنَّمَا مَعْنَى هَذَا أَنَّ الصَّوْمَ وَالْفِطْرَ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَعُظْمِ النَّاسِ)
وقال الصنعاني في سبل السلام: (فيه دليل على أن يعتبر في ثبوت العيد الموافقة للناس , وأن المنفرد بمعرفة يوم العيد بالرؤية يجب عليه موافقة غيره , ويلزمه حكمهم في الصلاة والإفطار والأضحية).
وذكر معنى هذا ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن وقال: (وقيل: فيه الرد على من يقول: إن من عرف طلوع القمر بتقدير حساب المنازل , جاز له أن يصوم ويفطر , دون من لم يعلم , وقيل: إن الشاهد الواحد إذا رأى الهلال , ولم يحكم القاضي بشهادته: أنه لا يكون هذا له صوماً , كما لم يكن للناس).
وقال أبو الحسن السندي في حاشيته على ابن ماجه بعد أن ذكر حديث أبي هريرة عند الترمذي: (والظاهر أن معناه أن هذه الأمور ليس للآحاد فيها دخل وليس لهم التفرد فيها بل الأمر فيها إلى الإمام والجماعة ويجب على الآحاد اتباعهم للإمام والجماعة وعلى هذا فإذا رأى أحد الهلال ورد الإمام شهادته ينبغي أن لا يثبت في حقه شيء من هذه الأمور ويجب عليه أن يتبع الجماعة في ذلك).
قلت: وهذا المعنى هو المتبادر من الحديث , ويؤيده احتجاج عائشة به على مسروق حين امتنع من صيام يوم عرفة , خشية أن يكون يوم النحر , فبينت له أنه لا عبرة برأيه , وأن عليه اتباع الجماعة , فقالت: (النحر يوم ينحر الناس , والفطر يوم يفطر الناس).
قلت: وهذا هو اللأئق بالشريعة السمحة التي من غاياتها تجميع الناس وتوحيد صفوفهم , وإبعادهم عن كل ما يفرق جمعهم من الأراء الفردية , فلا تعتبر الشريعة رأي الفرد – ولو كان صواباً من وجهة نظره – في عبادة جماعية كالصوم والتعييد وصلاة الجماعة , ألا ترى أن الصحابة رضي الله عنهم كان يصلي بعضهم وراء بعض وفيهم من يرى أن مس المرأة والعضو وخروج الدم من نواقض الوضوء , ومنهم من لا يرى ذلك , ومنهم من يتم في السفر , ومنهم من يقصر , فلم يكن اختلافهم هذا وغيره ليمنعهم من الاجتماع في الصلاة وراء الإمام الواحد , والاعتداد بها , وذلك لعلمهم بأن التفرق في الدين شر من الاختلاف في بعض الآراء , ولقد بلغ الأمر ببعضهم في عدم الاعتداد بالرأى المخالف لرأي الإمام الأعظم في المجتمع الأكبر - كمنى – إلى حد ترك العمل برأيه إطلاقاً في ذلك المجتمع , فراراً مما قد ينتج من الشر بسبب العمل برأيه , فروى أبو داوود (أن عثمان رضي الله عنه صلى بمنى أربعاً فقال عبدالله بن مسعود منكراً عليه: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين , ومع أبي بكر ركعتين , ومع عمر ركعتين , ومع عثمان صدراً من إمارته ثم أتمها , ثم تفرقت بكم الطرق , فلوددت أن لي من أربع ركعات ركعتين متقبلتين , ثم إن ابن مسعود
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/400)
صلى أربعاً فقيل له عبت على عثمان ثم صليت أربعاً؟ قال الخلاف شر) وسنده صحيح.
وروى أحمد نحو هذا عن أبي ذر رضي الله عنهم أجمعين.
فليتأمل في هذا الحديث وفي الأثر المذكور أولئك الذين لا يزالون يتفرقون في صلواتهم , ولا يقتدون ببعض أئمة المساجد , وخاصة في صلاة الوتر في رمضان بحجة كونهم على خلاف مذهبهم , وبعض أولئك الذين يدعون العلم بالفلك ممن يصوم وحده ويفطر وحده متقدماً أو متأخراً على جماعة المسلمين , معتداً برأيه وعلمه , غير مبال بالخروج عنهم.
فليتأمل هؤلاء جميعاً فيما ذكرناه من العلم , لعلهم يجدون شفاء لما في نفوسهم من جهل وغرور , فيكونون صفاً واحداً مع إخوانهم المسلمين , فإن يد الله على الجماعة.
النهي عن صوم السبت مطلقاً إلا في الفرض
225 - (صِيَامَ يَوْمِ السَّبْتِ لَا لَكِ وَلَا عَلَيْكِ).
أخرجه أحمد: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ وَرْدَانَ عَنْ عُبَيْدٍ الْأَعْرَجِ قَالَ حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَغَدَّى وَذَلِكَ يَوْمَ السَّبْتِ فَقَالَ تَعَالَيْ فَكُلِي فَقَالَتْ إِنِّي صَائِمَةٌ فَقَالَ لَهَا صُمْتِ أَمْسِ فَقَالَتْ لَا قَالَ فَكُلِي فَإِنَّ صِيَامَ يَوْمِ السَّبْتِ لَا لَكِ وَلَا عَلَيْكِ.
والحديث ظاهره النهي عن صوم السبت مطلقاً إلا في الفرض , وقد ذهب إليه قوم من أهل العلم كما حكاه الطحاوي , وهو صريح في النهي عن صومه مفرداً , ولا أرى فرقاً بين صومه – ولو صادف يوم عرفة أو غيره من الأيام المفضلة – وبين صوم يوم من أيام العيد إذا صادف يوم الاثنين أو الخميس , لعموم النهي , وهذا قول الجمهور فيما يتعلق بالعيد , كما في المحلى , وبسط القول في هذه المسألة لا مجال له الآن , فإلى مناسبة أخرى إن شاء الله تعالى.
أَنَا أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِ اللَّهِ
328 – (مَا بَالُ رِجَالٍ بَلَغَهُمْ عَنِّي أَمْرٌ تَرَخَّصْتُ فِيهِ فَكَرِهُوهُ وَتَنَزَّهُوا عَنْهُ فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً)
رواه البخاري , ومسلم , وأحمد , من حديث عَائِشَةَ قَالَتْ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرًا فَتَرَخَّصَ فِيهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فَكَأَنَّهُمْ كَرِهُوهُ وَتَنَزَّهُوا عَنْهُ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: (فذكره).
قلت: والأمر الذي ترخص فيه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو التقبيل في الصيام , خلافاً لما قد يتبادر لبعض الأذهان , والدليل الحديث الآتي:
329 – (أَنَا أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِ اللَّهِ).
رواه أحمد: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَ عَطَاءً أَنَّهُ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَمَرَ امْرَأَتَهُ فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَأَخْبَرَتْهُ امْرَأَتُهُ فَقَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَخَّصُ لَهُ فِي أَشْيَاءَ فَارْجِعِي إِلَيْهِ فَقُولِي لَهُ فَرَجَعَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَخَّصُ لَهُ فِي أَشْيَاءَ فَقَالَ (فذكره).
قلت: وهذا سند صحيح متصل.
الصوم والصدقة عن الوالد المسلم
484 - (أَمَّا أَبُوكَ فَلَوْ كَانَ أَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ فَصُمْتَ وَتَصَدَّقْتَ عَنْهُ نَفَعَهُ ذَلِكَ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/401)
أخرجه الإمام أحمد حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: "أَنَّ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَنْحَرَ مِائَةَ بَدَنَةٍ وَأَنَّ هِشَامَ بْنَ الْعَاصِي نَحَرَ حِصَّتَهُ خَمْسِينَ بَدَنَةً وَأَنَّ عَمْرًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: (فذكره).
والحديث دليل واضح على أن الصدقة والصوم تلحق الوالد ومثله الوالدة بعد موتهما إذا كانا مسلمين , ويصل إليهما ثوابها بدون وصية منهما , ولما كان الولد من سعي الوالدين , فهو داخل في عموم قوله تعالى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) النجم39 , فلا داعي إلى تخصيص هذا العموم بالحديث وما ورد في معناه في الباب , مما أورده المجد ابن تيمية في " المنتقى " كما فعل البعض.
واعلم أن الأحاديث التي ساقها في الباب هي خاصة بالأب أو الأم من الولد فالاستدلال بها على وصول ثواب القرب إلى جميع الموتى كما ترجم لها المجد ابن تيمية بقوله " باب وصول ثواب القرب المهداة إلى الموتى " غير صحيح لأن الدعوى أعم من الدليل , ولم يأت دليل يدل دلالة عامة على انتفاع عموم الموتى من عموم أعمال الخير التي تهدى إليهم من الأحياء , اللهم إلا في أمور خاصة ذكرها الشوكاني في نيل الأوطار , ثم الكاتب في كتابه "أحكام الجنائز وبدعها" , وقد يسر الله – والحمد لله – طبعه , من ذلك الدعاء للموتى , فإنه ينفعهم إذا استجابه الله تبارك وتعالى , فاحفظ هذا تنج من الإفراط والتفريط في هذه المسألة.
وخلاصة ذلك أن للولد أن يتصدق ويصوم ويحج ويعتمر ويقرأ القرآن عن والديه , لأنه من سعيهما , وليس له ذلك عن غيرهما , إلا ما خصه الدليل مما سبقت الإشارة إليه , والله أعلم.
كتاب الحج
توسيع الكعبة وفتح باب آخر لها
43 - (يا عائشة لولا أن قومك حديثو عهد بشرك [وليس عندي من النفقة ما يقوي على بناءه] , [لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله و] لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض [ثم لبنيتها على أساس إبراهيم] وجعلت لها بابين [موضوعين في الأرض] بابا شرقيا [يدخل الناس منه] وبابا غربيا [يخرجون منه] وزدت فيها ستة أذرع من الحجر [وفي رواية: ولأدخلت فيها الحجر] فإن قريشا اقتصرتها حيث بنت الكعبة [فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه فأراها قريبا من سبعة أذرع] وفي رواية عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجدر [أي: الحجر] أمن البيت هو؟ قال: نعم قلت: فلم لم يدخلوه في البيت؟ قال [إن قومك قصرت بهم النفقة] قلت فما شأن بابه مرتفعا قال [فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا [وفي رواية: تعززا أن لا يدخلها إلامن أرادوا فكان الرجل إذا أراد أن يدخلها يدعونه يرتقي حتى إذا كاد أن يدخل دفعوه فسقط] ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم لنظرت أن أدخل الجدر في البيت وأن ألزق بابه بالأرض] , [فلما ملك ابن الزبير هدمها وجعل لها بابين] [وفي رواية: فذلك الذي حمل ابن الزبير على هدمه قال يزيد بن رومان: وقد شهدت ابن الزبير حين هدمه وبناه وأدخل فيه الحجر وقد رأيت أساس إبراهيم عليه السلام حجارة متلاحمة كأسنمة الإبل متلاحكة).
يدل هذا الحديث على أمرين:
الأول: أن القيام بالإصلاح إذا ترتب عليه مفسدة أكبر منه , وجب تأجيله , ومنه أخذ الفقهاء قاعدتهم المشهورة (دفع المفسدة قبل جلب المصلحة).
الثاني: أن الكعبة المشرفة بحاجة الآن إلى الإصلاحات التي تضمنها الحديث , لزوال السبب الذي من أجله ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك , وهو أن تنفر قلوب من كان حديث عهد بشرك في عهده صلى الله عليه وسلم , وقد نقل ابن بطال عن بعض العلماء (أن النفرة التي خشيها صلى الله عليه وسلم: أن ينسبوه إلى الانفراد بالفخر دونهم).
ويمكن حصر تلك الإصلاحات فيما يلي:
1 - توسيع الكعبة وبناؤها على أساس إبراهيم عليه الصلاة والسلام , وذلك بضم نحو ستة أذرع من الحجر.
2 - تسوية أرضها بأرض الحرم.
3 - فتح باب آخر لها من الجهة الغربية.
4 - جعل البابين منخفضين مع الإرض لتنضيم وتيسير الدخول إليها والخروج منها لكل من شاء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/402)
ولقد كان عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما قد قام بتحقيق هذا الإصلاح بكامله إبان حكمه في مكة , ولكن السياسة الجائرة أعادت الكعبة بعده إلى وضعها السابق.
وهاك تفصيل ذلك كما رواه مسلم وأبونعيم بسندهما الصحيح عن عطاء قال:
(لَمَّا احْتَرَقَ الْبَيْتُ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ حِينَ غَزَاهَا أَهْلُ الشَّامِ , فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَان , َ تَرَكَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ حَتَّى قَدِمَ النَّاسُ الْمَوْسِمَ، يُرِيدُ أَنْ يُجَرِّئَهُمْ أَوْ " يُحَرِّبَهُمْ "عَلَى أَهْلِ الشَّامِ , فَلَمَّا صَدَرَ النَّاسُ، قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي الْكَعْبَةِ، أَنْقُضُهَا ثُمَّ أَبْنِي بِنَاءَهَا أَوْ أُصْلِحُ مَا وَهَى مِنْهَا؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَإِنِّي قَدْ فُرِقَ لِي رَأْيٌ فِيهَا أَرَى أَنْ تُصْلِحَ مَا وَهَى مِنْهَا وَتَدَعَ بَيْتًا أَسْلَمَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَأَحْجَارًا أَسْلَمَ النَّاسُ عَلَيْهَا، وَبُعِثَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لَوْ كَانَ أَحَدُكُمْ احْتَرَقَ بَيْتُهُ مَا رَضِيَ حَتَّى يُجِدَّهُ، فَكَيْفَ بَيْتُ رَبِّكُمْ؟ إِنِّي مُسْتَخِيرٌ رَبِّي ثَلَاثًا، ثُمَّ عَازِمٌ عَلَى أَمْرِي فَلَمَّا مَضَى الثَّلَاثُ , أَجْمَعَ رَأْيَهُ , عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا، فَتَحَامَاهُ النَّاسُ أَنْ يَنْزِلَ بِأَوَّلِ النَّاسِ يَصْعَدُ فِيهِ أَمْرٌ مِنْ السَّمَاءِ حَتَّى صَعِدَهُ رَجُلٌ، فَأَلْقَى مِنْهُ حِجَارَةً، فَلَمَّا لَمْ يَرَهُ النَّاسُ أَصَابَهُ شَيْءٌ تَتَابَعُوا فَنَقَضُوهُ حَتَّى بَلَغُوا بِهِ الْأَرْضَ، فَجَعَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَعْمِدَةً فَسَتَّرَ عَلَيْهَا السُّتُورَ حَتَّى ارْتَفَعَ بِنَاؤُهُ، وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِنِّي سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (فذكر الحديث بالزيادة الأولى ثم قال): فَأَنَا الْيَوْمَ أَجِدُ مَا أُنْفِقُ، وَلَسْتُ أَخَافُ النَّاسَ، فَزَادَ فِيهِ خَمْسَ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ، حَتَّى أَبْدَى أُسًّا نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَبَنَى عَلَيْهِ الْبِنَاءَ، وَكَانَ طُولُ الْكَعْبَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا زَادَ فِيهِ، اسْتَقْصَرَهُ , فَزَادَ فِي طُولِهِ عَشْرَ أَذْرُعٍ، وَجَعَلَ لَهُ بَابَيْنِ أَحَدُهُمَا يُدْخَلُ مِنْهُ، وَالْآخَرُ يُخْرَجُ مِنْهُ، فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ كَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ، وَيُخْبِرُهُ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ وَضَعَ الْبِنَاءَ عَلَى أُسٍّ نَظَرَ إِلَيْهِ الْعُدُولُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّا لَسْنَا مِنْ تَلْطِيخِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي شَيْءٍ، أَمَّا مَا زَادَ فِي طُولِهِ فَأَقِرَّهُ , وَأَمَّا مَا زَادَ فِيهِ مِنْ الْحِجْرِ فَرُدَّهُ إِلَى بِنَائِهِ، وَسُدَّ الْبَابَ الَّذِي فَتَحَهُ فَنَقَضَهُ وَأَعَادَهُ إِلَى بِنَائِهِ).
ذلك ما فعله الحجاج الظالم بأمر عبد الملك الخاطئ , وما أظن أنه يسوغ له خطأه ندمه فيما بعد , فقد روى مسلم وأبونعيم أيضاً عن عبدالله بن عبيد قال:
(وَفَدَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فِي خِلَافَتِهِ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَا أَظُنُّ أَبَا خُبَيْبٍ يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ مَا كَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهَا، قَالَ الْحَارِثُ بَلَى، أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْهَا قَالَ سَمِعْتَهَا تَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قالت: فذكر الحديث). قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلْحَارِثِ أَنْتَ سَمِعْتَهَا تَقُولُ هَذَا؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَنَكَتَ سَاعَةً بِعَصَاهُ ثُمَّ قَالَ وَدِدْتُ أَنِّي تَرَكْتُهُ وَمَا تَحَمَّلَ).
وفي رواية لهما عَنْ أَبِي قَزَعَةَ:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/403)
(أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ بَيْنَمَا هُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذْ قَالَ قَاتَلَ اللَّهُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَيْثُ يَكْذِبُ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ سَمِعْتُهَا تَقُولُ (فذكر الحديث) فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ لَا تَقُلْ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَنَا سَمِعْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تُحَدِّثُ هَذَا قَالَ لَوْ كُنْتُ سَمِعْتُهُ قَبْلَ أَنْ أَهْدِمَهُ لَتَرَكْتُهُ عَلَى مَا بَنَى ابْنُ الزُّبَيْرِ).
أقول: كان عليه أن يتثبت قبل الهدم , فيسأل عن ذلك أهل العلم , إن كان يجوز له الطعن في عبد الله بن الزبير واتهامه بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقد تبين لعبد الملك صدقه رضي الله عنه بمتابعة الحارث إياه , كما تابعه جماعة كثيرة عن عائشة رضي الله عنها , وقد جمعت رواياتهم بعضها إلى بعض في هذا الحديث , فالحديث مستفيض عن عائشة , ولذلك فإني أخشى أن يكون عبد الملك على علم سابق بالحديث قبل أن يهدم البيت , ولكنه تظاهر بأنه لم يسمع به إلا من طريق ابن الزبير , فلما جابهه الحارث بن عبدالله بأنه سمعه من عائشة أيضاً , أظهر الندم على ما فعل , ولات حين مندم.
هذا , وقد بلغنا أن هناك فكرة أو مشروعاً لتوسيع المطاف حول الكعبة , ونقل مقام إبراهيم عليه السلام إلى مكان آخر , فأقترح بهذه المناسبة على المسؤولين أن يبادروا إلى توسيع الكعبة قبل كل شئ , وإعادة بنائها على أساس إبراهيم عليه السلام , تحقيقاً للرغبة النبوية الكريمة المتجلية في هذا الحديث , وإنقاذاً للناس من مشاكل الزحام على باب الكعبة الذي يشاهد في كل عام , ومن سيطرة الحارس على الباب , الذي يمنع من الدخول من شاء ويسمح لمن شاء , من أجل دريهمات معدودات.
قلت: ثم بلغنا أنه تحقق المشروع المذكور , فنقل المقام إلى مكان بعيد عن الكعبة , ولم يبن عليه , وإنما وضع فوقه صندوق بلوري , بحيث يرى المقام من تحته , فلعلهم يحققون أيضاً اقتراحنا هذا , والله الموفق.
من مناسك الحج
239 - (إذا رميتم الجمرة , فقد حل لكم كل شئ إلا النساء).
وفي الحديث دلالة ظاهرة على أن الحاج يحلُّ له بالرمي لجمرة العقبة كل محظور من محظورات الإحرام إلا الوطء للنساء؛ فإنه لا يحل له بالإجماع.
وما دل عليه الحديث عزاه الشوكاني (5/ 60) للحنفية والشافعية والعترة، والمعروف عن الحنفية أن ذلك لا يحلُّ إلا بعد الرمي والحلق، واحتج لهم الطحاوي بحديث عمرة عن عائشة المتقدم وهو مثل حديث ابن عباس هذا، لكن بزيادة (وذبحتم وحلقتم)، وهو ضعيف؛ لا حجة فيه، لا سيما مع مخالفته لحديثها الصحيح (حلّ كل شيء إلا النساء)، الذي احتجت به على قول عمر (إذا رميتم الجمرة بسبع حصيات، وذبحتم وحلقتم فقد حلّ لكم كل شيء إلا النساء والطيب)، الموافق لمذهبهم.
نعم؛ ذكر ابن عابدين في "حاشيته" على "البحر الرائق" (2/ 373) عن أبي يوسف ما يوافق ما حكاه الشوكاني عن الحنفية؛ فالظاهر أن في مذهبهم خلافاً، وقول أبي يوسف هو الصواب؛ لموافقته للحديث.
ومن الغرائب قول الصنعاني في شرح حديث عائشة الضعيف: (والظاهر أنه مُجْمَعٌ على حلّ الطيب وغيره ـ إلا الوطء ـ بعد الرمي، وإن لم يحلق). فإن هذا وإن كان هو الصواب؛ فقد خالف فيه عمر وغيره من السلف، وحكى الخلاف فيه غير واحد من أهل العلم؛ منهم ابن رشد في "البداية" (1/ 295)، فأين الإجماع؟!
لكن الصحيح ما أفاده الحديث، وهو مذهب ابن حزم في "المحلى" (7/ 139)، وقال: (وهو قول عائشة وابن الزبير وطاوس وعلقمة وخارجة بن زيد بن ثاب).
كتاب المرأة والنكاح وما يتعلق به و تربية الأولاد
من تربية الأطفال
40 – (إِذَا جُنْحُ اللَّيْلِ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ فَإِذَا ذَهَبَت سَاعَةٌ مِنْ الْعِشَاءِ فَخَلُّوهُمْ).
جنح الليل أي إذا أقبل ظلامه , قال الطيبي (جنح الليل: طائفة منه , وأراد به هنا الطائفة الأولى منه , عند امتداد فحمة العشاء)
استحباب النظر إلى المرأة قبل خطبتها
95 - (انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا , يعني: الصغر).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/404)
أخرجه مسلم , وسعيد بن منصور , والنسائي , والطحاوي , وابن حبان , والدارقطني , والبيهقي , عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً من نساء الأنصار فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا) , والسياق للطحاوي , ولفظ مسلم والبيهقي: (كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا قَالَ لَا قَالَ فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا)
وقد جاء تعليل هذا الأمر في حديث صحيح , وهو:
96 - (انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا).
أخرجه سعيد بن منصور , والنسائي , والترمذي , والدارمي , وابن ماجه , والطحاوي , وابن الجارود , والدارقطني , والبيهقي , وأحمد , وابن عساكر , عن بكر بن عبدالله المزني عن المغيرة بن شعبة: (أنه خطب امرأة , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فذكره) , وزاد أحمد والبيهقي: (فأتيتها وعندها أبواها وهي في خدرها , قال: فقلت: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرني أن أنظر إليها , قال: فسكتا , قال فرفعت الجارية جانب الخدر , فقالت:أخرج عليك إن كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرك أن تنظر , لما نظرت , وإن كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأمرك أن تنظر , فلا تنظر , قال فنظرت إليها , ثم تزوجتها , فما وقعت عندي امرأة بمنزلتها , ولقد تزوجت سبعين أو بضعاً وسبعين امرأة).
ومعنى: يُؤْدَمَ , أي تدوم المودة.
قلت: ويجوز النظر إليها , ولو لم تعلم أو تشعر به لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
97 - (إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ امْرَأَةً فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا إِذَا كَانَ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا لِخِطْبَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْلَمُ).
وقد عمل بهذا الحديث بعض الصحابة , وهو محمد بن مسلمة الأنصاري , فقال سهل بن أبي حثمة: (رأيت محمد بن مسلمة يطارد بثينة بنت الضحاك – فوق إجار لها – ببصره طرداً شديداً , فقلت: أتفعل هذا وأنت من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
98 - (إِذَا أَلْقَي فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا).
وما ترجمنا به للحديث قال به أكثر العلماء , ففي فتح الباري: (وقال الجمهور:يجوز أن ينظر اليها إذا أراد ذلك بغير إذنها , وعن مالك رواية: يشترط إذنها , ونقل الطحاوي عن قوم أنه لا يجوز النظر إلى المخطوبة قبل العقد بحال , لأنها حينئذ أجنبية , ورد عليهم بالأحاديث المذكورة.
روى عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن طاوس قال: أردت أن أتزوج امرأة، فقال لي أبي اذهب فانظر إليها فذهبت فغسلت رأسي وترجلت ولبست من صالح ثيابي , فلما رآني في تلك الهيئة , قال لا تذهب.
قلت: ويجوز له أن ينظر منها إلى أكثر من الوجه والكفين , لإطلاق الأحاديث المتقدمة ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
99 - (إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ).
والحديث ظاهر الدلالة لما ترجمنا له , وأيده عمل راويه به , وهو الصحابي الجليل جابر بن عبدالله رضي الله عنه , وقد صنع مثله محمد بن مسلمة , كما ذكرناه في الحديث الذي قبله , وكفى بهما حجة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/405)
ولا يضرنا بعد ذلك مذهب من قيد الحديث بالنظر إلى الوجه والكفين فقط , لأنه تقييد للحديث بدون نص مقيد , وتعطيل لفهم الصحابة بدون حجة , لا سيما وقد تأيد بفعل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فقال الحافظ في التلخيص: (فائدة روى عبد الرزاق (10352) , وسعيد بن منصور في سننه (520 - 521) وابن ابي عمر عن سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي بن الحنفية: أن عمر خطب إلى علي ابنته أم كلثوم , فذكر له صغرها , [فقيل له: إن ردك فعاوده] , فقال [له علي]: أبعث بها إليك , فإن رضيت فهي امرأتك , فأرسل بها إليه , فكشف عن ساقيها , فقالت لولا أنك أمير المؤمنين لصككت عينك , وهذا يشكل على من قال: إنه لا ينظر غير الوجه والكفين).
قلت: ثم وقفت على إسناده عند عبدالرزاق فتبين أن في القصة انقطاعاً , وأن محمد بن على ليس هو ابن الحنفية , وإنما هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب , أبوجعفر , في بحث أودعته في الضعيفة فراجعه فإنه مهم.
وهذا القول الذي أشار الحافظ إلى استشكاله هو مذهب الحنفية والشافعية , قال ابن القيم في تهذيب السنن: (وقال داود: ينظر إلى سائر جسدها , وعن أحمد ثلاث روايات:
إحداهن: ينظر إلى وجهها ويديها.
والثانية: ينظر ما يظهر غالباً كالرقبة والساقين ونحوهما.
والثالثة: ينظر إليها كلها عورة وغيرها , فإنه نص على أنه يجوز أن ينظر إليها متجردة).
قلت: والرواية الثانية هي الأقرب إلى ظاهر الحديث , وتطبيق الصحابة له , والله أعلم.
وقال ابن قدامة في (المغني): (ووجه جواز النظر [إلى] ما يظهر غالباً أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أذن في النظر إليها من غير علمها , علم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر عادة , إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره له في الظهور , ولأنه يظهر غالباً , فأبيح النظر إليه كالوجه , ولأنها امرأة أبيح له النظر إليها بأمر الشارع , فأبيح النظر منها إلى ذلك كذوات المحارم)
ثم وقفت على كتاب (ردود على أباطيل) لفضيلة الشيخ محمد الحامد , فإذا به يقول (ص 43): (فالقول بجواز النظر إلى غير الوجه والكفين من المخطوبة باطل لا يقبل).
وهذه جرأة بالغة من مثله ما كنت أترقب صدورها منه , إذ إن المسألة خلافية كما سبق بيانه , ولا يجوز الجزم ببطلان القول المخالف لمذهبه إلا بالإجابة عن حجته ودليله كهذه الأحاديث , وهو لم يصنع شيئاً من ذلك , بل إنه لم يشر إلى الأحاديث أدنى إشارة , فأوهم القراء أن لا دليل لهذا القول أصلاً , والواقع خلافه كما ترى , فإن هذه الأحاديث بإطلاقها تدل على خلاف ما قال فضيلته , كيف لا وهو مخالف لخصوص قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث – 99 - : (مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا)؟ فإن كل ذي فقه يعلم أنه ليس المراد منه الوجه والكفان فقط , ومثله في الدلالة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث – 97 - : (وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْلَمُ) وتأيد ذلك بعمل الصحابة رضي الله عنهم , وهم أعلم بسنته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومنهم محمد بن مسلمة وجابر بن عبدالله , فإن كلاً منهما تخبأ لخطيبته ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها , أفيظن بهما عاقل أنهما تخبأ للنظر إلى الوجه والكفين فقط؟ ومثل عمر بن الخطاب الذي كشف عن ساقي أم كلثوم بنت علي – إن صح عنه – فهؤلاء ثلاثة من كبار الصحابة – أحدهم الخليفة الراشد – أجازوا النظر إلى أكثر من الوجه والكفين , ولا مخالف لهم من الصحابة فيما أعلم , فلا أدري كيف استجاز مخالفتهم مع هذه الأحاديث الصحيحة؟ وعهدي بأمثال الشيخ أن يقيموا القيامة على من خالف أحداً من الصحابة اتباعاً للسنة الصحيحة , ولو كانت الرواية عنه لا تثبت , كما فعلوا في عدد ركعات التراويح , ومن عجيب أمر الشيخ – عفا الله عنا وعنه – أنه قال في آخر البحث: قال الله تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) النساء 59 , فندعو أنفسنا وإياه إلى تحقيق هذه الآية , ورد المسألة إلى السنة بعدما تبينت , والله المستعان , ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/406)
هذا ومع صحة الأحاديث في هذه المسألة , وقول جماهير العلماء بها – على الخلاف السابق - , فقد أعرض كثير من المسلمين في العصور المتأخرة عن العمل بها , فإنهم لا يسمحون للخاطب بالنظر إلى فتاتهم – ولو في حدود القول الضيق – تورعاً منهم – زعموا – ومن عجائب الورع البارد أن بعضهم يأذن لا بنته بالخروج إلى الشارع سافرة بغير حجاب شرعي , ثم يأبى أن يراها الخاطب في دارها وبين أهلها بثياب الشارع.
وفي مقابل هؤلاء بعض الآباء المستهترين الذين لا يغارون على بناتهم – تقليداً منهم لأسيادهم الأوربيين – فيسمحون للمصور أن يصورهن وهن سافرات سفوراً غير مشروع , والمصور رجل أجنبي عنهم , وقد يكون كافراً , ثم يقدمن صورهن إلى بعض الشبان بزعم أنهم يريدون خطبتهن , ثم ينتهي الأمر على غير خطبة , وتظل صور بناتهم معهم ليتغزلوا بها , وليطفئوا حرارة الشباب بالنظر إليها , ألا فتعساً للآباء الذين لا يغارون , وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الزوجة المؤذية ودعاء الحور العين
173 - (لَا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ لَا تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللَّهُ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكَ دَخِيلٌ يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا).
دَخِيلٌ , أي: ضيف ونزيل , يعني: هو كالضيف عليك , وأنت لست بأهل له حقيقة , وإنما نحن أهله , فيفارقك قريباً , ويلحق بنا.
يُوشِكُ , أي: يقرب , ويسرع , ويكاد.
في الحديث – كما ترى – إنذار للزوجات المؤذيات.
تعليم المرأة الكتابة
178 - (ارقيه، وعلميها حفصة كما علمتيها الكتاب، وفي رواية الكتابة).
أخرجه الحاكم من طريق: إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان ثنا إسماعيل بن محمد بن سعد أن أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة القرشي حدثه أن رجلا من الأنصار خرجت به نملة فدل على أن الشفاء بنت عبد الله ترقي من النملة فجاءها فسألها أن ترقيه فقالت والله ما رقيت منذ أسلمت فذهب الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي قالت الشفاء فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفاء فقال اعرضي علي فأعرضتها عليه فقال: (فذكر الحديث).
غريب الحديث:
نملة: هي هنا قروح تخرج في الجنب.
رقية النملة: , قال الشوكاني في تفسيرها (هي كلام كانت نساء العرب تستعمله يعلم كل من سمعه أنه كلام لا يضر ولا ينفع. ورقية النملة التي كانت تعرف بينهن أن يقال للعروس تحتفل وتختضب وتكتحل وكل شيء يفتعل غير أن لا تعصي الرجل).
كذا قال , ولا أدري ما مستنده في ذلك , ولا سيما وقد بنى قوله الآتي تعليقاً على قوله صلى الله عليه وسلم: [ألا تعلمين هذه]: (فأراد صلى الله عليه وسلم بهذا المقال تأنيب حفصة والتأديب لها تعريضا لأنه ألقى إليها سرا فأفشته على ما شهد به التنزيل في قوله تعالى [وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا] التحريم 3 , وليت شعري , ما علاقة الحديث بالتأنيب لإفشاء السر , وهو يقول: (كما علمتيها الكتاب) فهل يصح تشبيه تعليم رقية لا فائدة منها بتعليم الكتابة؟.
وأيضاً فالحديث صريح في أمره صلى الله عليه وسلم للشفاء بترقية الرجل الأنصاري من النملة , وأمره إياها بأن تعلمها لحفصة , فهل فهل يعقل بأن يأمر صلى الله عليه وسلم بهذا الترقية لو كانت باللفظ الذي ذكره الشوكاني بدون أي سند , وهو بلا شك كما قال: كلام لا يضر ولا ينفع , فالنبي صلى الله عليه وسلم أسمى من أن يأمر بمثل هذه الترقية , ولئن كان لفظ رواية أبي دأود يحتمل تأويل الحديث على التأنيب المزعوم , فإن لفظ الحاكم هذا الذي صدرنا به هذا البحث لا يحتمله إطلاقاً , بل هو دليل صريح على بطلان ذلك التأويل بطلاناً بيناً كما هو ظاهر لا يخفى , وكأنه لذلك صدر ابن الأثير في (النهاية) تفسير الشوكاني المذكور لرقية النملة , وعنه نقله الشوكاني , صدره بقوله (قيل) , مشيراً بذلك إلى ضعف ذلك التفسير , وما بناه عليه من تأويل قوله: (ألا تعلمين).
وفي هذا الحديث فوائد كثيرة أهمها اثنتان:
الأولى: مشروعية ترقية المرء لغيره بما لا شرك فيه من الرقى , بخلاف طلب الرقية من غيره , فهو مكروه لحديث: (سبقك بها عكاشة) , وهو معروف مشهور.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/407)
والأخرى: مشروعية تعليم المرأة الكتابة , ومن أبواب البخاري في الأداب المفرد: باب الكتابة إلى النساء وجوابهن , ثم روى بسنده الصحيح عن موسى بن عبدالله قال: (حدثتنا عائشة بنت طلحة قالت: قلت لعائشة – وأنا في حجرها , وكان الناس يأتونها من كل مصر , فكان الشيوخ ينتابوني لمكاني منها , وكان الشباب يتأخوني فيهدون إلي , ويكتبون إلي من الأمصار , فأقول لعائشة – ياخالة هذا كتاب فلان وهديته , فتقول لي عائشة: أي بنية , فأجيبيه وأثيبيه , فإن لم يكن عندك ثواب , أعطيتك , فقالت: فتعطيني).
وقال المجد ابن تيمية في منتقى الأخبار عقب الحديث: (وهو دليل على جواز تعلم النساء الكتابة).
وتبعه على ذلك الشيخ عبدالرحمن بن محمود البعلبكي الحنبلي في المطلع , ثم الشوكاني في شرحه وقال: (وأما حديث: [لا تعلموهن الكتابة , ولا تسكنوهن الغرف , وعلموهن سورة النور) , فالنهي عن تعليم الكتابة في هذا الحديث محمول على من يخشى من تعليمها الفساد).
قلت: وهذا الكلام مردود من وجهين:
الأول: أن الجمع الذي ذكره يشعر أن حديث النهي صحيح , و إلا لما تكلف التوفيق بينه وبين هذا الحديث الصحيح ,وليس كذلك , فإن حديث النهي موضوع كما قال الذهبي , وطرقه كلها واهية جداً , وبيان ذلك في سلسلة الأحاديث الضعيفة , فإذا كان كذلك , فلا حاجة للجمع المذكور , ونحو صنيع الشوكاني هذا قول السخاوي في هذا الحديث الصحيح: (إنه أصح من حديث النهي) , فإنه يوهم أن حديث النهي صحيح أيضاً , أو على الأقل: هو قريب من الصحة.
والآخر: لو كان المراد من حديث النهي من يخشى عليها الفساد من التعليم , لم يكن هنالك فائدة من تخصيص النساء بالنهي , لأن الخشية لا تختص بهن , فكم من رجل كانت الكتابة عليه ضرراً في دينه وخلقه , أفينهى أيضاً الرجال أن يتعلموا الكتابة؟ بل وعن تعلم القراءة أيضاً , لأنها مثل الكتابة من حيث الخشية.
والحق أن الكتابة والقراءة نعمة من نعم الله تبارك وتعالى على البشر , كما يشير إلى ذلك قوله عز وجل: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) العلق1 - 4 , وهي كسائر النعم التي امتن الله بها عليهم , وأراد منهم استعمالها في طاعته , فإذا وجد فيهم من يستعملها في غير مرضاته , فليس ذلك بالذي يخرجها عن كونها نعمة من نعمه , كنعمة البصر والسمع والكلام وغيرها , فكذلك الكتابة والقراءة , فلا ينبغي للآباء أن يحرموا بناتهم من تعلمها , شريطة العناية بتربيتهن على الأخلاق الإسلامية , كما هو الواجب عليهم بالنسبة لأولادهم الذكور أيضاً , فلا فرق في هذا بين الذكور والإناث.
والأصل في ذلك أن كل ما يجب للذكور وجب للإناث , وما يجوز لهم جاز لهن , ولا فرق , كما يشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما النساء شقائق الرجال) , وهو مخرج في صحيح أبي داود , فلا يجوز التفريق إلا بنص يدل عليه , وهو مفقود فيما نحن فيه , بل النص على خلافه , وعلى وفق الأصل , وهو هذا الحديث الصحيح , فتشبث به , ولا ترض به بديلاً , وتصغ إلى من قال:
ما للنساء وللكتابة والعمالة والخطابة
هذا لنا ولهن منا أن يبتن على جنابة
فإن فيه هضماً لحق النساء وتحقيراً لهن , وهن كما عرفت شقائق الرجال , نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإنصاف والاعتدال في الأمور كلها.
وجه المرأة ليس بعورة والأفضل والأورع ستره
332 – (لقد رأيتنا نصلي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الفجر في مروطنا , وننصرف وما يعرف بعضنا وجوه بعض).
أخرجه أبو يعلي عن عمرة بنت عبدالرحمن أن عائشة قالت: (فذكره).
والحديث في الصحيحين دون ذكر الوجه , ولذلك أوردته , وهي زيادة مفسرة , لا تعارض رواية الصحيحين , فهي مقبولة.
وهو دليل ظاهر على أن وجه المرأة ليس بعورة , والأدلة على ذلك متكاثرة.
ومعنى كونه ليس بعورة: أنه يجوز كشفه , وإلا , فالأفضل والأورع ستره , لا سيما إذا كان جميلاَ , وأما إذا كان مزيناً , فيجب ستره قولاً واحداً , ومن شاء تفصيل هذا الإجمال , فعليه بكتابنا حجاب المرأة المسلمة , فإنه جمع فأوعى , وقد نشر والحمد لله باسم جلباب المرأة المسلمة , مع مقدمة مفيدة وتحقيقات جديدة.
المرأة أحق بولدها ما لم تزوج
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/408)
368 - (المرأة أحق بولدها ما لم تزوج).
أخرجه الدارقطني من طريق المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن أمراة خاصمت زوجها في ولدها , فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فذكره).
قال ابن القيم: (ودلّ الحديث على أنه إذا افترق الأبوانِ، وبينهما ولد، فالأمّ أحقُّ به من الأب ما لم يقم بالأمِّ ما يمنعُ تقديمَها، أو بالولد وصفٌ يقتضي تخييرَه، وهذا ما لا يُعرف فيه نزاعٌ، وقد قضى به خليفةُ رسولِ اللّه صلى الله عليه وسلم على عمر بن الخطاب .... ).
وقد أشار بقوله: " ما يمنع تقديمها ": إلى أنه يشترط في الحاضنة أن تكون مسلمة دينه لأن الحاضن عادة حريص على تربية الطفل على دينه , وأن يربى عليه , فيصعب بعد كبره وعقله انتقاله عنه , وقد تغيره عن فطرة الله التي فطر عليها عباده , فلا يراجعها أبداً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة , فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه) , فلا يؤمن تهويد الحاضن وتنصيره للطفل المسلم.
وأشار بقوله: (أو بالولد وصف يقتضي تخييره) , إلى أن الصبي إذا كان مميزاً , فيخير , ولا يشمله هذا الحديث , لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاماً بين أبيه وأمه) , وهو حديث صحيح كما بينته في الإرواء.
ومن شاء الاطلاع على الأحكام المستنبطة من هذا الحديث مع البسط والتحقيق , فليرجع إلى كتاب العلامة ابن القيم "زاد المعاد".
من الأدلة على أن وجه المرأة ليس بعورة
441 - (مِنْ أَمَاثِلِ أَعْمَالِكُمْ إِتْيَانُ الْحَلَالِ , يعني النساء).
أخرجه أحمد , وأبو نعيم من طريق الطبراني في "الكبير" عَنْ مُعَاوِيَةَ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ عَنْ أَزْهَرَ بْنِ سَعِيدٍ الْحَرَازِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيَّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي أَصْحَابِهِ فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ وَقَدْ اغْتَسَلَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ كَانَ شَيْءٌ قَالَ أَجَلْ مَرَّتْ بِي فُلَانَةُ فَوَقَعَ فِي قَلْبِي شَهْوَةُ النِّسَاءِ فَأَتَيْتُ بَعْضَ أَزْوَاجِي فَأَصَبْتُهَا فَكَذَلِكَ فَافْعَلُوا فَإِنَّهُ مِنْ أَمَاثِلِ أَعْمَالِكُمْ إِتْيَانُ الْحَلَالِ , يعني النساء.
والظاهر من القصة وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أجل ... ): أن المرأة كانت مكشوفة الوجه , فهو من الأدلة الكثيرة على أنه ليس بعورة , وهذا ما كنت حققته في كتابي " حجاب المرأة المسلمة " وقد طبع مرات , ثم زدته تحقيقاً إعداداً له لطبعة جديدة منقحة مزيدة , ثم طبع والحمد لله بعنوان " جلباب المرأة المسلمة " , والله ولي التوفيق.
قدمي المرأة عورة
460 - (جريه شبرا. فقالت [أم سلمة]: إذا تنكشف القدمان! قال: فجريه ذراعا).
أخرجه أبو يعلى في " مسنده ": ثنا إبراهيم بن الحجاج: ثنا حماد عن أيوب عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد عن أم سلمة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قال في جر الذيل ما قال , قالت: يارسول الله فكيف بنا؟ فقال: (فذكره).
في الحديث دليل على أن قدمي المرأة عورة , وأن ذلك كان أمراً معروفاً عند النساء في عهد النبوة , فإنه لما قال: (جريه شبراً) , قالت أم سلمة: (إذن تنكشف القدمان) , مما يشعر بأنها كانت تعلم أن القدمين عورة , لا يجوز كشفهما , وأقرها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ذلك , ولذلك أمرها أن تجره دراعاً.
وفي القرآن الكريم إشارة إلى هذه الحقيقة , وذلك في قوله تعالى: (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) النور31.
وراجع لهذا كتابنا "جلباب المرأة المسلمة" , بعنوانه الجديد.
لا يجوز للمرأة أن تتصرف بمالها الخاص بها إلا بإذن زوجها
775 - (ليس للمرأة أن تنتهك شيئا من مالها إلا بإذن زوجها).
أخرجه تمام في (الفوائد) (10/ 182/2)، والطبراني (22/ 83/201و85/ 206)، وابن عساكر (4/ 24) من طرق صحيحة عن عنبسة عن حماد مولى بني أمية عن جناح مولى الوليد عن واثلة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/409)
قلت: وهذا إسناد ضعيف، حماد مولى بني أمية كأنه مجهول، لم يذكروا فيه شيئاً سوى أن الأزدي تركه، وقد ذكر تمام أن اسم أبيه صالح، وهذه فائدة لم يذكروها في ترجمته، وكذلك لم يذكروا اسم والد شيخه جناح، وقد سماه تمام عباداً، وترجمته ابن أبي حاتم (1/ 1/537) برواية جماعة من الثقات عنه، وأورده ابن حبان في (الثقات) (4/ 118).
وعنبسة بن سعيد، الظاهر أنه أبان ابن سعيد بن العاص أبو خالد الأموي، وثقه الدار قطني.
والحديث عزاه السيوطي للطبراني في ((الكبير)).وقال المناوي:
(قال الهيثمي: وفيه جماعة لم أعرفهم)).
قلت: ما فيهم مجهول سوى حماد، فتنبه.
لكن للحديث شواهد تدل على أنه ثابت، وبعضها حسن لذاته، وهو من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وصححه الحاكم والذهبي.
وروي من حديث عبدا لله بن يحيى الأنصاري عن أبيه عن جده مرفوعاً.
رواه الطحاوي (2/ 403). ومن حديث عبادة بن الصامت.
أخرجه أحمد (5/ 327).
وسيأتي تخريج حديث الأنصاري برقم (820).
ثم وقفت له على شاهد مرسل قوي، ورواه عبد الرزاق (9/ 125/16607) بسند صحيح عن طاوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره بنحوه، وسيأتي لفظه (ص473).
ثم روى نحوه عن عكرمة مرسلا بلفظ: (( ... وصية في مالها ... )).
وفيه رجل لم يسم.
قلت: وهذا الحديث-وما أشرنا إليه مما في معناه-يدل على أن المرأة لا يجوز لها أن تتصرف بمالها الخاص بها إلا بإذن زوجها، وذلك من تمام القوامة التي جعلها ربنا تبارك وتعالى له عليها، ولكن لا ينبغي للزوج-إذا كان مسلماً صادقاً- أن يستغل هذا الحكم-فيتجبر على زوجته ويمنعها من التصرف في مالها فيما لا ضير عليهما منه، وما أشبه هذا الحق بحق ولي البنت التي لا يجوز لها أن تزوج نفسها بدون إذن وليها، فإذا أعضلها رفعت الأمر إلي القاضي الشرعي لينصفها، وكذلك الحكم في مال المرأة إذا جار عليها زوجها فمنعها من التصرف المشروع في مالها، فالقاضي ينصفها أيضاً. فلا إشكال على الحكم نفسه، وإنما الإشكال في سوء التصرف به. فتأمل.
كتاب المرض والطب والعيادة و الجنائز والقبور
ماذا يقول إذا مر بقبر كافر
18 - (حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ كافر فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ).
رواه الطبراني عن عامر بن سعد عن أبيه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فقال: إن أبي كان يصل الرحم , وكان , وكان , فأين هو؟ قال: في النار. فكأن الأعرابي وجد من ذلك , فقال: يا رسول الله فأين أبوك؟ قال: (فذكره). قال: فأسلم الأعرابي بعد , فقال: لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم تعباً: ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار.
وفي هذا الحديث فائدة هامة أغفلتها عامة كتب الفقه , ألا وهي مشروعية تبشير الكافر بالنار إذا مر بقبره , ولا يخفى ما في هذا التشريع من إيقاظ المؤمن , وتذكيره بخطورة جرم هذا الكافر , حيث ارتكب ذنباً عظيماً تهون ذنوب الدنيا كلها تجاهه ولو اجتمعت , وهو الكفر بالله عز وجل والإشراك به , الذي أبان الله تعالى عن شدة مقته إياه حين استثناه من المغفرة فقال: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) النساء48 , ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (أكبر الكبائر أن تجعل لله نداً وقد خلقك) متفق عليه.
وإن الجهل بهذه الفائدة مما أدي ببعض المسلمين إلى الوقوع في خلاف ما أراد الشارع الحكيم منها , فإننا نعلم أن كثيراً من المسلمين يأتون بلاد الكفر لقضاء بعض المصالح الخاصة أو العامة , فلا يكتفون بذلك , حتى يقصدون زيارة بعض قبور من يسمونهم بعظماء الرجال من الكفار ويضعون على قبورهم الأزهار والأكاليل , ويقفون أمامها خاشعين محزونين , مما يشعر برضاهم عنهم , وعدم مقتهم إياهم , مع أن الأسوة الحسنة بالأنبياء عليهم السلام تقضي خلاف ذلك , كما في هذا الحديث الصحيح , واسمع قول الله عز وجل: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا) الممتحنة4.
هذا موقفهم منهم وهم أحياء , فكيف وهم أموات؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/410)
روى البخاري ومسلم والنسائي وابن حبان و الحميدي وعبدالرزاق عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم لما مر بالحجر:
19 - (لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمُعَذَّبِينَ , إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ , [و تقنع بردائه وهو على الرحل]).
وقد ترجم لهذا الحديث صديق خان في (نزل الأبرار) (ص 293) (باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين وبمصارعهم , وإظهار الافتقار إلى الله تعالى , والتحذير من الغفلة عن ذلك).
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا , وأن يلهمنا العمل به , إنه سميع مجيب.
ما لم يعرفه الطب الحديث
37 – (غَطُّوا الْإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ إِلَّا نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ).
أوكوا: أي شدوا رؤوسها بالوكاء , وهو الخيط الذي تشد به القربة ونحوها.
وفي رواية لمسلم وغيره: (غَطُّوا الْإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ وَأَغْلِقُوا الْبَابَ وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَحُلُّ سِقَاءً وَلَا يَفْتَحُ بَابًا وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا أَنْ يَعْرُضَ عَلَى إِنَائِهِ عُودًا وَيَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ فَلْيَفْعَلْ فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ [يعني الفأر] تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ).
38 - (إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ [كله] ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وفي َالْأُخْرَى شِفَاءً).
ورد من حديث أبي هريرة، وابي سعيد الخدري , وأنس بن مالك.
1 - أما حديث ابي هريرة , فله عنه طرق:
الأول: عن عبيد بن حنين قال: سمعت أباهريرة يقول: (فذكره) , أخرجه البخاري , والدارمي , وابن ماجه , وأحمد , وما بين المعكوفتين زيادة له , وهي للبخاري في رواية له.
الثاني: عن سعيد بن أبي سعيد عنه. رواه ابوداود من طريق أحمد وهذا في المسند، والحسن بن عرفة في جزئه , وابن حبان , من طريق محمد بن عجلان عنه به , وزاد: (وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء , فليغمسه كله).
قلت: واسناده حسن.
الثالث: عن حماد بن سلمة عن ثمامة بن عبدالله بن أنس عنه به.
أخرجه الدارمي، وأحمد , وسنده صحيح على شرط مسلم , لولا أنه منقطع بين ثمامة وأبي هريرة فإنه لم يدركه، وقال الدارمي عقبه: (قال غير حماد: ثمامة عن أنس , مكان أبي هريرة).
قلت: وهو أصح.
الرابع: عن محمد بن سيرين عنه به , رواه أحمد وسنده صحيح أيضا.
الخامس: عن أبي صالح عنه،رواه أحمد , والفاكهي , بسند حسن.
2 - وأما حديث أبي سعيد الخدري , فلفظه:
39 - (إِنَّ أَحَدَ جَنَاحَيْ الذُّبَابِ سُمٌّ وَالْآخَرَ شِفَاءٌ فَإِذَا وَقَعَ فِي الطَّعَامِ فَامْقُلُوهُ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ السُّمَّ وَيُؤَخِّرُ الشِّفَاءَ).
رواه أحمد: حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ فَأَتَانَا بِزُبْدٍ وَكُتْلَةٍ فَأُسْقِطَ ذُبَابٌ فِي الطَّعَامِ فَجَعَلَ أَبُو سَلَمَةَ يَمْقُلُهُ بِأُصْبُعِهِ فِيهِ فَقُلْتُ يَا خَالُ مَا تَصْنَعُ فَقَالَ إِنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ حَدَّثَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فذكره).
ورواه ابن ماجه: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ به مرفوعا دون القصة.
ورواه الطيالسي , وعنه رواه النسائي وابويعلى وابن حبان.
قلت: وهذا سند صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير سعيد بن خالد – وهو القارظي – وهو صدوق كما قال الذهبي والعسقلاني.
3 - وأما حديث أنس , فرواه البزار من طريق أبي عتاب سهل بن حماد عن عبدلله بن المثنى عن ثمامة عنه.
قلت: وسنده صحيح رجاله رجال الصحيح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/411)
وبعد أن ثبت الحديث بهذه الأسانيد الصحيحة عن هؤلاء الصحابة الثلاثة: أبي هريرة , وأبي سعيد الخدري , وأنس , ثبوتاً لا مجال لرده ولا للتشكيك فيه , كما ثبت صدق أبي هريرة رضي الله عنه في روايته إياه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافاً لبعض غلاة الشيعة من المعاصرين , ومن تبعهم من الزائغين , حيث طعنوا فيه رضي الله عنه لروايته إياه , واتهموه بأنه يكذب فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم , وحاشاه من ذلك , فهذا هو التحقيق العلمي يثبت أنه برئ من كل ذلك , وأن الطاعن فيه هو الحقيق بالطعن فيه , لأنهم رموا صحابياً بالبهت , وردوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمجرد عدم انطباقه على عقولهم المريضة , وقد رواه عنه جماعة من الصحابة كما علمت.
وليت شعري هل علم هؤلاء بعدم تفرد أبي هريرة بالحديث – وهو حجة ولو تفرد – أم جهلوا ذلك؟
فإن كان الأول , فلماذا يتعللون برواية أبي هريرة إياه , ويوهمون الناس أنه لم يتابعه أحداً من الأصحاب الكرام؟
وإن كان الآخر , فهلا سألوا أهل الاختصاص والعلم بالحديث الشريف؟
وما أحسن ما قيل:
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة .......... وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
ثم إن كثيراً من الناس يتوهمون أن هذا الحديث يخالف ما يقرره الأطباء , وهو أن الذباب يحمل بأطرافه الجراثيم , فإذا وقع في الطعام أو في الشراب , علقت به تلك الجراثيم.
والحقيقة أن الحديث لا يخالف الأطباء في ذلك , بل هو يؤيدهم , إذ يخبر أن في أحد جناحيه داء , ولكنه يزيد عليهم فيقول (و فِي الْأُخْرَى شِفَاءً) , فهذا مما لم يحيطوا بعلمه , فوجب عليهم الإيمان به إن كانوا مسلمين , وإلا , فالتوقف إذا كان من غيرهم إن كانوا عقلاء علماء، ذلك لأن العلم الصحيح يشهد أن عدم العلم بالشئ لا يستلزم العلم بعدمه.
نقول ذلك على افتراض أن الطب الحديث لم يشهد لهذا الحديث بالصحة , وقد اختلفت آراء الأطباء حوله , وقرأت مقالات كثيرة في مجلات مختلفة , كل يؤيد ما ذهب إليه تأييداً أو رداً.
ونحن , بصفتنا مؤمنين بصحة الحديث , وأن النبي صلى الله عليه وسلم (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) النجم 3 , لا يهمنا كثيراً ثبوت الحديث من وجهة نظر الطب , لأن الحديث برهان قائم في نفسه , لا يحتاج إلى دعم خارجي.
ومع ذلك , فإن النفس تزداد إيماناً حين ترى الحديث الصحيح يوافقه العلم الصحيح , ولذلك فلا يخلو من فائدة أن أنقل إلى القراء خلاصة محاضرة ألقاها أحد الأطباء في جمعية الهداية الإسلامية في مصر حول هذا الحديث , قال:
(يقع الذباب على المواد القذرة المملوءة بالجراثيم التي تنشأ منها الأمراض المختلفة , فينقل بعضها بأطرافه , ويأكل بعضاً , فيتكون في جسمه من ذلك مادة سامة يسميها علماء الطب (مبعد البكتيريا) , وهي تقتل كثيراً من جراثيم الأمراض , ولا يمكن لتلك الجراثيم أن تبقى حية , أو يكون لها تأثير في جسم الإنسان في حال وجود (مبعد البكتيريا) , وإن هناك خاصية في أحد جناحي الذباب , هي أنه يحول البكتيريا إلى ناحيته , وعلى هذا , فإذا سقط الذباب في شراب أو طعام , وألقى الجراثيم العالقة بأطرافه في ذلك الشراب , فإن أقرب مبيد لتلك الجراثيم , وأول واقٍ منها هو (مبعد البكتيريا) الذي يحمله الذباب في جوفه قريباً من أحد جناحيه , فإذا كان هناك داء , فدواؤه قريب منه , وغمس الذباب كله وطرحه كاف لقتل الجراثيم التي كانت عالقة , وكاف في إبطال عملها).
وقد قرأت قديماً في هذه المجلة بحثاً ضافياً في هذا المعنى للطبيب الأستاذ سعيد السيوطي (مجلد العام الأول) , وقرأت في مجلد العام الفائت (503) كلمة للطبيبن محمود كمال ومحمد عبدالمنعم حسين , نقلاً عن (مجلة الأزهر).
ثم وقفت على العدد (82) من (مجلة العربي) الكويتية (144) تحت عنوان: (أنت تسأل ونحن نجيب) بقلم المدعو عبدالوارث الكبير , جواباً على سؤال عما لهذا الحديث من الصحة والضعف؟ فقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/412)
(أما حديث الذباب , وما في جناحيه من داء وشفاء , فحديث ضعيف , بل هو عقلاً حديث مفترى , فمن المسلم به أن الذباب يحمل الجراثيم والأقذار .......... ولم يقل أحد قط: إن في جناحي الذبابة داء وفي الآخر شفاء , إلا من وضع هذا الحديث أو افتراه , ولو صح ذلك , لكشف عنه العلم الحديث الذي يقطع بمضار الذباب ويحض على مكافحته).
وفي الكلام – على اختصاره – من الدس والجهل ما لا بد من الكشف عنه , دفاعاً عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , وصيانة له من أن يكفر به من قد يغتر بزخرف القول , فأقول:
أولاً: لقد زعم أن الحديث ضعيف , يعني: من الناحية العلمية الحديثية , بدليل قوله: (بل هو عقلاً حديث مفترى) , وهذا الزعم واضح البطلان , تعرف ذلك مما سبق تخريج الحديث من طرق ثلاث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم , وكلها صحيحة , وحسبك دليلاً على ذلك أن أحداً من أهل العلم لم يقل بضعف الحديث , كما فعل هذا الكاتب الجرئ.
ثانياً: لقد زعم أنه حديث مفترى عقلاً , وهذا الزعم ليس وضوح بطلانه بأقل من سابقه , لأنه مجرد دعوى , لم يسق دليلاً يؤيده به سوى الجهل بالعلم الذي لا يمكن الإحاطة به , أليست تراه يقول (ولم يقل أحد ....... ولو صح , لكشف عنه العلم الحديث .. )؟ , فهل العلم الحديث – أيها المسكين – قد أحاط بكل شئ علما ً , أم أن أهله الذين لم يصابوا بالغرور – كما أصيب من يقلدهم منا – يقولون: إننا كلما ازددنا علماً بما في الكون وأسراره , أزددنا معرفة بجهلنا , وأن الأمر بحق كما قال الله تبارك وتعالى (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا).
وأما قوله: (إن العلم يقطع بمضار الذباب ويحض على مكافحته) , فمغالطة مكشوفة , لأننا نقول: إن الحديث لم يقل نقيض هذا , وإنما تحدث عن قضية أخرى لم يكن العلم يعرف معالجتها , فإذا قال الحديث: (إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ .... ) , فلا أحد يفهم – لا من العرب ولا من العجم , اللهم إلا العجم في عقولهم وأفهامهم – أن الشرع يبارك في الذباب ولا يكافحه.
ثالثاً: قد نقلنا لك فيما سبق ما أثبته الطب اليوم , من أن الذباب يحمل في جوفه ما سموه (مبعد البكتيريا) القاتل للجراثيم , وهذا وإن لم يكن موافقاً لما في الحديث على وجه التفصيل , فهو في الجملة موافق لما استنكره الكاتب المشار إليه وأمثاله من اجتماع الداء والدواء في الذباب , ولا يبعد أن يأتى يوم تنجلي فيه معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم في ثبوت التفاصيل المشار إليها علمياً (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) ص 88.
وإن من عجيب أمر هذا الكاتب وتناقضه , أنه في الوقت الذي ذهب فيه إلى تضعيف هذا الحديث ذهب إلى تصحيح الحديث (طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ) , فقال: (حديث صحيح متفق عليه).
فإنه إذا كانت صحته جاءت من اتفاق العلماء أو الشيخين على صحته , فالحديث الأول صحيح عند العلماء بدون خلاف بينهم , فكيف جاز له تضعيف هذا وتصحيح ذاك؟
ثم تأوله تأويلاً باطلاً يؤدي إلى أن الحديث غير صحيح عنده في معناه , لأنه ذكر أن المقصود من العدد مجرد الكثرة , وأن المقصود من التراب هو استعمال مادة مع الماء من شأنها إزالة ذلك الأثر , وهذا تأويل باطل بين البطلان , وإن كان عزه للشيخ محمود شلتوت عفا الله عنه.
فلا أدري أي خطأيه أعظم؟ أهو تضعيفه للحديث الأول وهو صحيح؟ أم تأويله للحديث الآخر وهو تأويل باطل؟.
وبهذه المناسبة فإني أنصح القراء الكرام بأن لا يثقوا بكل ما يكتب اليوم في بعض المجلات السائرة , أو الكتب الذائعة , من البحوث الإسلامية – وخصوصاً ما كان منها في علم الحديث – إلا إذا كانت بقلم من يوثق بدينه أولاً , ثم بعلمه واختصاصه فيه ثانياً , فقد غلب الغرور على كثير من كتاب العصر الحاضر وخصوصاً من يحمل منهم لقب (الدكتور) فإنهم يكتبون فيما ليس من اختصاصهم , وما لا علم لهم به , وإني لأعرف واحداً من هؤلاء أخرج حديثاً إلى الناس كتاباً جله في الحديث والسيرة , وزعم فيه أنه أعتمد فيه على ماصح من الأحاديث والأخبار في كتب السنة والسيرة , ثم هو أورد فيه من الرويات والأحاديث ما تفرد به الضعفاء والمتروكون والمتهمون بالكذب من الرواة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/413)
, كالواقدي وغيره , بل أورد فيه حديث (نحن نحكم بالظاهر , والله يتولى السرائر) , وجزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم , مع أنه مما لا أصل له عنه بهذا اللفظ , كما نبه عليه حفاظ الحديث , كالسخاوي وغيره.
فاحذروا أيها القراء , أمثال هؤلاء , والله المستعان.
من الطب النبوي
56 - (كَانَ يَأْكُلُ الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ).
57 - (كَانَ يَأْكُلُ الْبِطِّيخَ بِالرُّطَبِ، [فَيَقُولُ نَكْسِرُ حَرَّ هَذَا بِبَرْدِ هَذَا وَبَرْدَ هَذَا بِحَرِّ هَذَا]).
قال ابن القيم في (زاد المعاد) (3/ 175) بعد أن ذكره بالزيادة:
(وفى البِطِّيخ عدةُ أحاديث لا يَصِحُّ منها شىء غيرُ هذا الحديث الواحد، والمرادُ به الأخضر، وهو باردٌ رطب، وفيه جِلاءٌ، وهو أسرعُ انحداراً عن المَعِدَة من القِثَّاء والخيار، وهو سريعُ الاستحالة إلى أى خلط كان صادفه فى المَعِدَة، وإذا كان آكَلُهُ مَحْرُوراً انتفع به جداً، وإن كان مَبْروداً دفع ضررُه بيسير من الزَّنْجَبيل ونحوه، وينبغى أكلُه قبل الطعام، ويُتْبَعُ به، وإلاّ غَثَّى وقيَّأَ. وقال بعض الأطباء: إنه قبل الطعام يَغسلُ البطن غسلاً، ويُذهب بالداء أصلاً).
وهذا الذي عزاه لبعض الأطباء قد روي مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولكنه لا يصح , وقد سبق الكلام عليه في (الأحاديث الضعيفة) (رقم 144) , فليراجعه من شاء.
وقوله: (المراد به الأخضر): هو الظاهر من الحديث , ولكن الحافظ رده في (الفتح) وذكر أن المراد به الأصفر , واحتج بالحديث الآتي , ويأتي الجواب عنه فيه وهو:
58 - (كَانَ يَأْكُلُ الرُّطَبِ مع الْخِرْبِزِ , يعني: الْبِطِّيخَ).
قال النسائي:
(و الْخِرْبِزِ: وهو بكسر الخاء المعجمة وسكون الراء وكسر الموحدة بعدها زاي: نوع من البطيخ الأصفر , وقد تكبر القثاء فتصفر من شدة الحر فتصير كالخربز , كما شاهدته كذلك بالحجاز.
وفي هذا تعقب على من زعم أن المراد بالبطيخ في الحديث الأخضر , واعتل بأن الأصفر حرارة كما في الرطب , وقد ورد التعليل بأن أحداهما يطفئ حرارة الآخر.
والجواب عن ذلك بأن في الأصفر بالنسبة للرطب برودة , وإن كان فيه لحلاوته طرف حرارة , والله أعلم).
أقول: وفي هذا التعقيب نظر عندي , ذلك لأن الحديثين مختلفا المخرج , فالأول من حديث عائشة , وهذا من حديث أنس , فلا يلزم تفسير أحداهما بالآخر , لاحتمال التعدد والمغايرة , ولا سيما أن في الأول تلك الزيادة (نَكْسِرُ حَرَّ هَذَا بِبَرْدِ هَذَا وَبَرْدَ هَذَا بِحَرِّ هَذَا) , ولا يظهر هذا المعنى تمام الظهور بالنسبة إلى الخربز , ما دام أنه يشابه الرطب في الحرارة , والله أعلم.
ومن فوائد الحديث:
قال الخطيب في (الفقيه والمتفقه) (79/ 1 - 2) بعد أن ساق إسناده إلى عبدالله بن جعفر:
(في هذا الحديث من الفوائد: أن قوماً ممن سلك طريق الصلاح والتزهد قالوا: لا يحل الأكل تلذذاً , ولا على سبيل التشهي والإعجاب , ولا يأكل إلا ما لا بد منه لإقامة الرمق , فلما جاء هذا الحديث , سقط قول هذه الطائفة , وصلح أن يأكل الأكل تشهياً وتفكهاً وتلذذاً.
وقالت طائفة من هؤلاء: إنه ليس لأحد أن يجمع بين شيئين من الطعام , ولا بين أدمين على خوان , فهذا الحديث أيضاً يرد على صاحب هذا القول , ويبيح أن يجمع الإنسان بين لونين وبين أدمين فأكثر).
قلت: ولا يعدم هؤلاء بعض أحاديث يستدلون بها لقولهم , ولكنها أحاديث واهية , وقد ذكرت طائفة منها في (سلسلة الأحاديث الضعيفة) (رقم 241و257).
59 - (يَا عَلِيُّ أَصِبْ مِنْ هَذَا فَهُوَ أَنْفَعُ لَكَ).
رواه أبو داود , والترمذي , وابن ماجه , وأحمد , وابن أبي شيبة , والطبراني , والخطيب , من طريق فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ عَنْ أُمِّ الْمُنْذِرِ بِنْتِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام وَعَلِيٌّ نَاقِهٌ وَلَنَا دَوَالِي مُعَلَّقَةٌ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَامَ عَلِيٌّ لِيَأْكُلَ فَطَفِقَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/414)
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَلِيٍّ مَهْ إِنَّكَ نَاقِهٌ حَتَّى كَفَّ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَتْ وَصَنَعْتُ شَعِيرًا وَسِلْقًا فَجِئْتُ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فذكره).
قال ابن القيم رحمه الله في (زاد المعاد) (3/ 97) بعد أن ساق الحديث:
(واعلم أنَّ فى منع النبىِّ صلى الله عليه وسلم لعلىٍّ من الأكل من الدَّوالى، وهو ناقِهٌ أحسنَ التدبير، فإنَّ الدَّوالىَ أَقْنَاءٌ من الرُّطَبُ تعُلَّقُ فى البيت للأكل بمنزلة عناقيدِ العِنَب، والفاكهةُ تضرُّ بالناقِه من المرض لسُرعة استحالتها، وضعف الطبيعة عن دفعها، فإنها لم تتمكن قُوَّتها، وهى مشغولةٌ بدفع آثار العِلَّة، وإزالتها مِن البدن.
وفى الرُّطَبِ خاصةً نوع ثقلٍ على المَعِدَة، فتشتغل بمعالجتِه وإصلاحه عما هى بصدده من إزالة بقية المرض وآثاره، فإما أن تقف تلك البقية، وإما أن تتزايدَ، فلمَّا وُضع بين يديه السِّلْقُ والشعيرُ، أمره أن يُصيب منه، فإنه من أنفع الأغذية للناقِه، ولا سِيَّما إذا طُبِخَ بأُصول السَّلق، فهذا مِن أوفق الغذاء لمن فى مَعِدَتِهِ ضعفٌ، ولا يتولَّد عنه من الأخلاط ما يُخاف منه).
أشد الناس بلاءً
143 - (أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ [وفي رواية: قدر] دِينِهِ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ).
رواه الترمذي , وابن ماجه، والدارمي , والطحاوي , وابن حبان , والحاكم , وأحمد , والضياء من طريق عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً قَالَ (فذكره).
وله شاهد بلفظ:
144 - (أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الصَّالِحُونَ إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيُبْتَلَى بِالْفَقْرِ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُهُمْ إِلَّا الْعَبَاءَةَ التي يُحَوِّيهَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَفْرَحُ بِالْبَلَاءِ كَمَا يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِالرَّخَاءِ).
أخرجه ابن ماجه , وابن سعد , والحاكم من طريق هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: (دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوعَكُ فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ فَوَجَدْتُ حَرَّهُ بَيْنَ يَدَيَّ فَوْقَ اللِّحَافِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَشَدَّهَا عَلَيْكَ قَالَ إِنَّا كَذَلِكَ يُضَعَّفُ لَنَا الْبَلَاءُ وَيُضَعَّفُ لَنَا الْأَجْرُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً قَالَ الْأَنْبِيَاءُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ الصَّالِحُونَ إِنْ كَانَ ... ) الحديث.
وله شاهد آخر مختصر وهو:
145 - (إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءَ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ).
رواه أحمد والمحاملي عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ حُذَيْفَةَ عَنْ عَمَّتِهِ فَاطِمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: (أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعُودُهُ فِي نِسَاءٍ فَإِذَا سِقَاءٌ مُعَلَّقٌ نَحْوَهُ يَقْطُرُ مَاؤُهُ عَلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ مَا يَجِدُ مِنْ حَرِّ الْحُمَّى قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ فَشَفَاكَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فذكره).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/415)
وفي هذه الأحاديث دلالة صريحة على أن المؤمن كلما كان أقوى إيماناً , ازداد ابتلاءً وامتحاناً , والعكس بالعكس , ففيها رد على ضعفاء العقول والأحلام الذين يظنون أن المؤمن إذا أصيب ببلاء , كالحبس أو الطرد أو الإقالة من الوظيفة ونحوها , أن ذلك دليل على أن المومن غير مرضي عند الله تعالى , وهو ظن باطل , فهذا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو أفضل البشر , كان أشد الناس – حتى الأنبياء – بلاء , فالبلاء غالباً دليل خير وليس نذير شر كما يدل على ذلك أيضاً الحديث الآتي:
146 - (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ).
وهذا الحديث يدل على أمر زائد على ما سبق , وهو أن البلاء إنما يكون خيراً , وأن صاحبه يكون محبوباً عند الله تعالى إذا صبر على بلاء الله تعالى , ورضي بقضاء الله عز وجل.
ويشهد لذلك الحديث الآتي:
147 - (عَجِبْتُ لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ إِنْ أَصَابَهُ مَا يُحِبُّ حَمِدَ اللَّهَ وَكَانَ لَهُ خَيْرٌ وَإِنْ أَصَابَهُ مَا يَكْرَهُ فَصَبَرَ كَانَ لَهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ أَمْرُهُ كُلُّهُ خَيْرٌ إِلَّا الْمُؤْمِنُ).
أخرجه الدارمي , وأحمد عن حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: (بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ مَعَ أَصْحَابِهِ إِذْ ضَحِكَ فَقَالَ أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ أَضْحَكُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمِمَّ تَضْحَكُ قَالَ (فذكره).
وله شاهد آخر مختصر بلفظ:
148 - (عَجَبًا لِلْمُؤْمِنِ لَا يَقْضِي اللَّهُ لَهُ شَيْئًا إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ).
للمسلم أن يتولى دفن قريبه المشرك
161 - (اذهب فوار أباك [يعني: عليا رضي الله عنه] قال: [لا أواريه]؛ [إنه مات مشركا] [فقال: اذهب فواره] ثم لا تحدثن [حدثا] حتى تأتيني. فذهبت فواريته، وجئته [وعلي أثر التراب والغبار]، فأمرني فاغتسلت، ودعا لي [بدعوات ما يسرني أن لي بهن ما على الأرض من شيء]).
أخرجه أبو داود , والنسائي , و وابن سعد , وابن أبي شيبة , وابن الجارود , والطيالسي , والبيهقي , وأحمد , وأبومحمد الخلدي من طرق عن أَبُي إِسْحَاقَ عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قد مَاتَ, [فَمَنْ يُوَارِيهِ؟] قَالَ: (فذكره).
من فوائد الحديث:
1 - أنه يشرع للمسلم أن يتولى دفن قريبه المشرك , وأن ذلك لا ينافي بغضه إياه لشركه , ألا ترى أن علياً رضي الله عنه امتنع أول الأمر من مواراة أبيه , معللاً ذلك بقوله (إنه مات مشركا) , ظناً منه أن دفنه مع هذه الحالة قد يدخله في التولي الممنوع في مثل قوله تعالى: (لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) الممتحنة 13، فلما أعاد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه الأمر بمواراته , بادرا لأمتثاله , وترك ما بدا له أول الأمر , , وكذلك تكون الطاعة: أن يترك المرء رأيه لأمر نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ويبدو لي أن دفن الولد لأبيه المشرك أو أمه هو آخر ما يملكه الولد من حسن صحبة الوالد المشرك في الدنيا , وأما بعد الدفن , فليس له أن يدعو له أو يستغفر له , لصريح قوله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى) التوبة 113 , وإذا كان الأمر كذلك , فما هو حال من يدعو بالرحمة والمغفرة على صفحات الجرائد والمجلات لبعض الكفار في إعلانات الوفيات من أجل دريهمات معدودات فليتق الله من كان يهمه أمر آخرته.
2 - أنه لا يشرع له غسل الكافر ولا تكفينه ولا الصلاة عليه ولو كان قريبه , لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لم يأمر بذلك علياً , ولو كان جائزاً لبينه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لما تقرر أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز , وهذا مذهب الحنابلة وغيرهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/416)
3 - أنه لا يشرع لأقارب المشرك أن يتبعوا جنازته , لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يفعل ذلك مع عمه , وقد كان أبر الناس به وأشفقهم عليه , حتى أنه دعا الله له حتى جعل عذابه أخف عذاب في النار كما في الحديث – 53 - , وفي ذلك كله عبرة لمن يغترون بأنسابهم , ولا يعملون لآخرتهم عند ربهم , وصدق الله العضيم إذ يقول: (فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ). المؤمنون 101.
من فوائد العسل
243 - (صدق الله وكذب بطن أخيك).
أخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فقال: أن أخي استطلق بطنه , فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسقه عسلاً , فسقاه , ثم جاء فقال: إني سقيته عسلاً , فلم يزده إلا استطلاقاً , فقال له ثلاث مرات , ثم جاءه الرابعة فقال اسقه عسلاً , فقال: لقد سقيته فلم يزده إلا استطلاقاً , فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فذكره) , فسقاه , فبرأ.
قال ابن القيم بعد أن ذكر كثيراً من فوائد العسل: (فهذا الذى وصف له النبىُّ صلى الله عليه وسلم العَسَل، كان استطلاقُ بطنه عن تُخَمَةٍ أصابته عن امتلاء، فأمره بشُرب العسل لدفع الفُضول المجتمعة في نواحى المَعِدَةَ والأمعاء، فإن العسلَ فيه جِلاء، ودفع للفضول، وكان قد أصاب المَعِدَةَ أخلاط لَزِجَةٌ، تمنع استقرارَ الغذاء فيها للزوجتها، فإن المَعِدَةَ لها خَمْلٌ كخمل المنشفة، فإذا علقت بها الأخلاطُ اللَّزجة، أفسدتها وأفسدت الغِذاء، فدواؤها بما يجلُوها من تلك الأخلاط، والعسلُ مِن أحسن ما عُولج به هذا الداءُ، لا سيما إن مُزج بالماء الحار. وفى تكرار سقيه العسلَ معنى طبى بديع، وهو أن الدواءَ يجب أن يكون له مقدار، وكمية بحسب حال الداء، إن قصر عنه، لم يُزله بالكلية، وإن جاوزه، أوهن القُوى، فأحدث ضرراً آخر، فلما أمره أن يسقيَه العسل، سقاه مقداراً لا يفى بمقاومة الداءِ، ولا يبلُغ الغرضَ، فلما أخبره، علم أنَّ الذى سقاه لا يبلُغ مقدار الحاجة، فلما تكرر تردادُه إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أكَّد عليه المعاودة ليصل إلى المقدار المقاوم للداء، فلما تكررت الشرباتُ بحسب مادة الداء، بَرَأ، بإذن الله، واعتبار مقاديرِ الأدوية، وكيفياتها، ومقدار قوة المرض والمريض من أكبر قواعد الطب. قوله صلى الله عليه وسلم: (صدَقَ الله وكذَبَ بطنُ أخيكَ)، إشارة إلى تحقيق نفع هذا الدواء، وأن بقاء الداء ليس لِقصور الدواء في نفسه، ولكنْ لكَذِب البطن، وكثرة المادة الفاسدة فيه، فأمَره بتكرار الدواء لكثرة المادة.
وليس طِبُّه صلى الله عليه وسلم كطِبِّ الأطباء، فإن طبَّ النبي صلى الله عليه وسلم متيقَّنٌ قطعي إلهىٌ، صادرٌ عن الوحى، ومِشْكاةِ النبوة، وكمالِ العقل. وطبُّ غيرِه أكثرُه حَدْسٌ وظنون، وتجارِب، ولا يُنْكَرُ عدمُ انتفاع كثير من المرضى بطبِّ النبوة، فإنه إنما ينتفعُ به مَن تلقَّاه بالقبول، واعتقاد الشفاء به، وكمال التلقى له بالإيمان والإذعان، فهذا القرآنُ الذى هو شفاء لما في الصدور إن لم يُتلقَّ هذا التلقى لم يحصل به شفاءُ الصُّدور مِن أدوائها، بل لا يزيدُ المنافقين إلا رجساً إلى رجسهم، ومرضاً إلى مرضهم، وأين يقعُ طبُّ الأبدان منه، فطِب النبوةِ لا يُناسب إلا الأبدانَ الطيبة، كما أنَّ شِفاء القرآن لا يُناسب إلا الأرواح الطيبة والقلوب الحية، فإعراضُ الناس عن طِبِّ النبوة كإعراضهم عن الاستشفاء بالقرآن الذى هو الشفاء النافع، وليس ذلك لقصور في الدواء، ولكن لخُبثِ الطبيعة، وفساد المحل، وعدمِ قبوله .. والله الموفق).
فضل الزيت
379 - (كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَة).
يكفي في فضل الزيت قول الله تعالى (يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاّ شَرْقِيّةٍ وَلاَ غَرْبِيّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيَءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ) النور35.
وللزيت فوائد هامة , ذكر بعضها العلامة ابن القيم في " زاد المعاد " , فمن شاء رجع إليه.
مشروعية تلقين المحتضر شهادة التوحيد
467 - (أكثروا من شهادة أن لا إله إلا الله قبل أن يحال بينكم وبينها , ولقنوها موتاكم).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/417)
في الحديث مشروعية تلقين المحتضر شهادة التوحيد , رجاء أن يقولها فيفلح , والمراد بـ (موتاكم): من حضره الموت , لأنه لا يزال في دار التكليف , ومن الممكن أن يستفيد من تلقينه , فيتذكر الشهادة ويقولها , فيكون من أهل الجنة , وأما تلقينه بعد الموت , فمع أنه بدعة لم ترد في السنة , فلا فائدة منه , لأنه خرج من دار التكليف إلى دار الجزاء , ولأنه غير قابل للتذكر , (لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا) يس 70.
وصورة التلقين أن يؤمر بالشهادة , وما يذكر في بعض الكتب أنها تذكر عنده ولا يؤمر بها خلاف سنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كما حققته في "كتاب الجنائز" فراجعه.
حقيقة حياة الأنبياء في قبورهم
621 - (الأنبياء – صلوات الله عليهم – أحياء في قبورهم يصلون).
اعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما هي حياة برزخية , ليست من حياة الدنيا في شيء , ولذلك وجب الإيمان بها دون ضرب الأمثال لها , ومحاولة تكييفها وتشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة الدنيا.
هذا هو الموقف الذي يجب أن يتخذه المؤمن في هذا الصدد: الإيمان بما جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالأقيسة والآراء , كما يفعل أهل البدع الذين وصل الأمر ببعضهم إلى ادعاء أن حياته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قبره حقيقية , قال: يأكل ويشرب ويجامع نساءه , وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى.
فر من المجذوم فرارك من الأسد
971 - (لَا يُورَدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ).
أخرجه البخاري (10/ 198و200)، ومسلم (7/ 32)، وأبو داود (2/ 158)، والطحاوي (2/ 275)، وفي ((المشكل)) (2/ 262)، وأحمد (2/ 406) من طريق الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً به.
وقد تابعه محمد بن عمرو: ثني ابوسلمة به.
أخرجه ابن ماجه (2/ 363)، وأحمد (2/ 434).
وفي معناه قوله صلى الله عليه وسلم للمجذوم:
((إنا قد بايعناك فارجع))، وسيأتي برقم (1968).
(الممرض): هو الذي له أبل مرضى.
و (المصح): من له أبل صحاح.
واعلم أنه لا تعارض بين هذين الحديثين وبين أحاديث ((لا عدوى ... )) المتقدمة برقم (781 - 789)؛لأن المقصود بهما إثبات العدوى، وأنها تنتقل بإذن الله تعالى من المريض إلى السليم، والمراد بتلك الأحاديث نفي العدوى التي كان أهل الجاهلية يعتقدونها، وهي انتقالها بنفسها دون النظر إلي المشيئة الله في ذلك؛ كما يرشد إليه قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي ((فمن أعدى الأول؟)). فقد لفت النبي صلى الله عليه وسلم نظر الأعرابي بهذا القول الكريم إلي المسبب الأول؛ ألا وهو الله عز وجل، ولم ينكر عليه قوله: ((ما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء؛ فيخالطها الأجرب فيخربها))؛ بل إنه صلى الله عليه وسلم أقره على هذا الذي كان يشاهده، وإنما أنكر عليه عند هذا الظاهر فقط بقوله له) (فمن أعدى الأول؟)).
وجملة القول: إن الحديثين يثبتان العدوى، وهي ثابتة تجربة ومشاهدة. والأحاديث الأخرى لا تنفيها؛ وإنما تنفي عدوى مقرونة بالغفلة عن الله تعالى الخالق لها. وما أشبه اليوم بالبارحة فإن الأطباء الأوروبيين في أشد الغفلة عنه تعالى؛ لشركهم وضلالهم، وإيمانهم بالعدوى على الطريقة الجاهلية فلهؤلاء يقال: ((فمن أعدى الأول)) فأما المؤمن الغافل عن الأخذ بالأسباب؛ فهو يذكر بها، ويقال له كما في حديث الترجمة: ((لا يورد الممرض على المصح)) أخذاً بالأسباب التي خلقها الله تعالى، وكما في بعض الأحاديث المتقدمة: ((وفر من المجذوم فرارك من الأسد)).
هذا هو الذي يظهر لي من الجمع هذه الأخبار، وقد قيل غير ذلك مما هو مذكور في ((الفتح)) وغيره. والله أعلم
كتاب التاريخ والسيرة وفضائل الصحابة
معاوية كاتب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
82 - (لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ يعني: مُعَاوِيَةَ).
رواه أبوداود الطيالسي في (مسنده) حدثنا هشام وأبوعوانة عن أبي حمزة القصاب عن ابن عباس: (أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث إلى معاوية ليكتب له , فقال: إنه يأكل , ثم بعث إليه , فقال: إنه يأكل , فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/418)
وقد يستغل بعض الفرق هذا الحديث , ليتخذوا منه مطعناً في معاوية رضي الله عنه , وليس فيه ما يساعدهم على ذلك , كيف وفيه أنه كان كاتب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ولذلك قال الحافظ ابن عساكر: (إنه أصح ما ورد في فضل معاوية).
فالظاهر أن هذا الدعاء منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير مقصود , بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية , كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض نسائه: (عقرى حلقى) , و (تربت يمينك) , وقوله في حديث أنس الآتي (لا كبر سنك).
ويمكن أن يكون ذلك منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بباعث البشرية التي أفصح عنها هو نفسه عليه السلام في أحاديث كثيرة متوترة , منها حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَانِ فَكَلَّمَاهُ بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ فَأَغْضَبَاهُ فَلَعَنَهُمَا وَسَبَّهُمَا فَلَمَّا خَرَجَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَصَابَ مِنْ الْخَيْرِ شَيْئًا مَا أَصَابَهُ هَذَانِ قَالَ وَمَا ذَاكِ قَالَتْ قُلْتُ لَعَنْتَهُمَا وَسَبَبْتَهُمَا قَالَ:
83 - (أَوَ مَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّي قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا)
رواه مسلم مع الحديث الذي قبله في باب واحد , وهو (باب من لعنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلاً لذلك , كان له زكاة وأجراً ورحمة) , ثم ساق فيه من حديث أنس بن مالك قال: (كَانَتْ عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ يَتِيمَةٌ وَهِيَ أُمُّ أَنَسٍ فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَتِيمَةَ فَقَالَ آنْتِ هِيَهْ لَقَدْ كَبِرْتِ لَا كَبِرَ سِنُّكِ فَرَجَعَتْ الْيَتِيمَةُ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تَبْكِي فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مَا لَكِ يَا بُنَيَّةُ قَالَتْ الْجَارِيَةُ دَعَا عَلَيَّ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَكْبَرَ سِنِّي أبداً أَوْ قَالَتْ قَرْنِي فَخَرَجَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مُسْتَعْجِلَةً تَلُوثُ خِمَارَهَا حَتَّى لَقِيَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ فَقَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَدَعَوْتَ عَلَى يَتِيمَتِي قَالَ وَمَا ذَاكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ زَعَمَتْ أَنَّكَ دَعَوْتَ أَنْ لَا يَكْبَرَ سِنُّهَا وَلَا يَكْبَرَ قَرْنُهَا قَالَ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ:
84 - (يَا أُمَّ سُلَيْمٍ أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ شَرْطِي عَلَى رَبِّي أَنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي فَقُلْتُ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بِهَا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟).
ثم أتبع الإمام مسلم هذا الحديث بحديث معاوية , وبه ختم الباب , إشارة منه رحمه الله إلى أنها من باب واحد , وفي معنى واحد , فكما لا يضر اليتيمة دعاؤه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليها – بل هو لها زكاة وقربة – فكذلك دعاؤه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على معاوية.
وقد قال الإمام النووي في (شرحه على مسلم): (وأما دعاؤه على معاوية , ففيه جوابان:
أحدهما: أنه جرى على اللسان بلا قصد.
والثاني: أنه عقوبة له لتأخره , وقد فهم مسلم رحمه الله من هذا الحديث أن معاوية لم يكن مستحقا للدعاء عليه , فلهذا أدخله في هذا الباب , وجعله غيره من مناقب معاوية لأنه في الحقيقة يصير دعاء له).
وقد أشار الذهبي إلى هذا المعنى الثاني , فقال في (سير أعلام النبلاء): (قلت: لعل أن يقال هذه منقبة لمعاوية , لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهم من لعنته أو سببته , فأجعل ذلك له زكاة ورحمة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/419)
واعلم أن قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذه الأحاديث: (إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ .... ) , إنما هو تفصيل لقوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ .... ) الآية 110 الكهف.
وقد يبادر بعض ذوي الأهواء أو العواطف الهوجاء إلى إنكار مثل هذا الحديث , بزعم تعظيم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وتنزيهه عن النطق به , ولا مجال إلى مثل هذا الإنكار , فإن الحديث صحيح , بل هو عندنا متواتر , فقد رواه مسلم من حديث عائشة وأم سلمة كما ذكرنا , ومن حديث أبي هريرة وجابر رضي الله عنهما , وورد من حديث سلمان وأنس وسمرة وأبي الطفيل وأبي سعيد وغيرهم , انظر (كنز العمال 2/ 124).
وتعظيم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تعظيماً مشروعاً , إنما يكون بالإيمان بكل ما جاء عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صحيحاً ثابتاً , وبذلك يجتمع الإيمان به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبداً ورسولاً , دون إفراط ولا تفريط , فهو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشر بشهادة الكتاب والسنة , ولكنه سيد البشر وأفضلهم إطلاقاً بنص الأحاديث الصحيحة , وكما يدل عليه تاريخ حياته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسيرته , وما حباه الله تعالى به من الأخلاق الكريمة والخصال الحميدة التي لم تكتمل في بشر اكتمالها فيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وصدق الله العظيم إذ خاطبه بقوله الكريم: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم 4.
ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك على أن تشعلوا لي منها شعلة
92 - (ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك على أن تشعلوا لي منها شعلة، يعني: الشمس).
رواه أبو جعفر البختري , وابن عساكر من طريق أبي يعلى وغيره كلاهما عن يونس بن بكير: نا طلحة بن يحيى عن موسى بن طلحة: حدثني عقيل بن أبي طالب قال: (جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا: أرأيت أحمد؟ يؤذينا في نادينا وفي مسجدنا , فانهه عن أذانا , فقال: ياعقيل أئتني بمحمد , فذهبت فأتيته به , فقال: يا ابن أخي إن بني عمك زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم وفي مسجدهم , فانته عن ذلك , قال: فلحظ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببصره [وفي رواية: فحلق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببصره] إلى السماء , فقال: ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك على أن تشعلوا لي منها شعلة، يعني: الشمس قال: فقال أبو طالب: ما كذب ابن أخي , فارجعوا) , إسناده حسن.
وأما حديث (يا عم , والله لو وضعوا الشمس في يميني , والقمر في يساري , على أن أترك هذا الأمر , حتى يظهره الله أو أهلك دونه , ما تركته) , فليس له إسناد ثابت ولذلك أوردته في الأحاديث الضعيفة.
من فضائل طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه
125 - (من سره أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض وقد قضى نحبه، فلينظر إلى طلحة).
أخرجه أبن سعد في الطبقات , أخبرنا سعيد بن مسعود قال: نا صالح بن موسي عن معاوية بن إسحاق عن عائشة بنت طلحة عن عائشة قالت: إني لفي بيتي ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه بالفناء , وبيني وبينهم الستر , أقبل طلحة بن عبيد الله , فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فذكره).
126 - (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى شَهِيدٍ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ).
وفي الحديث إشارة إلى قول الله تبارك وتعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) الأحزاب 23 , وفيه منقبة عظيمة لطلحة بن عبيدالله رضي الله عنه , حيث أخبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه ممن قضى نحبه , مع أنه لا يزال حياً ينتظر الوفاء بما عاهد الله عليه.
قال ابن الأثير في النهاية: (النحب: النذر , كأنه ألزم نفسه أن يصدق أعداء الله في الحرب , فوفى به , وقيل: النحب الموت , كأنه يلزم نفسه أن يقاتل حتى يموت).
وقد قتل رضي الله عنه يوم الجمل , فويل لمن قتله.
وصية نوح عليه السلام
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/420)
134 - (إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ نُوحًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِابْنِهِ إِنِّي قَاصٌّ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ وَأَنْهَاكَ عَنْ اثْنَتَيْنِ آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي كِفَّةٍ رَجَحَتْ بِهِنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً إلا قَصَمَتْهُنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فَإِنَّهَا صَلَاةُ كُلِّ شَيْءٍ وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ وَأَنْهَاكَ عَنْ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ قَالَ قُلْتُ أَوْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الشِّرْكُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الْكِبْرُ قَالَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِنَا نَعْلَانِ حَسَنَتَانِ لَهُمَا شِرَاكَانِ حَسَنَانِ قَالَ لَا قَالَ هُوَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِنَا أَصْحَابٌ يَجْلِسُونَ إِلَيْهِ قَالَ لَا قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا الْكِبْرُ قَالَ سَفَهُ الْحَقِّ وَغَمْصُ النَّاسِ).
رواه البخاري في الأداب المفرد , وأحمد , والبيهقي , من طريق الصَّقْعَبِ بْنِ زُهَيْرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ حَمَّادٌ أَظُنُّهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ عَلَيْهِ جُبَّةٌ سِيجَانٍ مَزْرُورَةٌ بِالدِّيبَاجِ فَقَالَ أَلَا إِنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا قَدْ وَضَعَ كُلَّ فَارِسٍ ابْنِ فَارِسٍ قَالَ يُرِيدُ أَنْ يَضَعَ كُلَّ فَارِسٍ ابْنِ فَارِسٍ وَيَرْفَعَ كُلَّ رَاعٍ ابْنِ رَاعٍ قَالَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَجَامِعِ جُبَّتِهِ وَقَالَ أَلَا أَرَى عَلَيْكَ لِبَاسَ مَنْ لَا يَعْقِلُ ثُمَّ قَالَ: (فذكره).
غريب الحديث:
مُبْهَمَةً , أي محرمة مغلقة كما يدل عليه السياق , ولم يورد هذه اللفظة من الحديث ابن الأثير في النهاية , ولا الشيخ محمد طاهر الهندي في مجمع بحار الأنوار) وهي من شرطهما.
قَصَمَتْهُنَّ. وفي رواية: فصمتهن , بالفاء , قال ابن الأثير: القصم: كسر الشئ وإبانته , وبالفاء: كسره من غير إبانة.
قلت: فهو بالفاء أليق بالمعنى , والله أعلم.
سَفَهُ الْحَقِّ , أي: جهله , وإلاستخفاف به , وأن لا يراه على ما هو عليه من الرجحان والرزانة , وفي حديث لمسلم: (بطر الحق) , والمعنى واحد.
غَمْصُ النَّاسِ , أي احتقارهم , والطعن فيهم , والاستخفاف بهم , وفي الحديث الآخر (غمط الناس) , والمعنى واحد أيضاً.
فوائد الحديث:
وفيه فوائد كثيرة , أكتفي بالإشارة إلى بعضها:
1 - مشروعية الوصية عند الوفاة.
2 - فضيلة التهليل والتسبيح , وأنها سبب رزق الخلق.
3 - وأن الميزان يوم القيامة حق ثابت وله كفتان , وهو من عقائد أهل السنة , خلافاً للمعتزلة وأتباعهم في العصر الحاضر ممن لا يعتقد ما ثبت من العقائد في الأحاديث الصحيحة , بزعم أنها أخبار آحاد لا تفيد اليقين , وقد بينت بطلان هذا الزعم في كتابي (مع الأستاذ الطنطاوي) يسر الله إتمامه.
4 - وأن الأرضين سبع كالسماوات وفيه أحاديث كثيرة في (الصحيحين) وغيرهما , ولعلنا نتفرغ لتتبعها وتخريجها , ويشهد لها قول الله تبارك وتعالى: (خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) الطلاق 12 , أي في الخلق والعدد , فلا تلتفت إلى من يفسرها بما يؤول إلى نفي المثلية في العدد أيضاً , اغتراراً بما وصل إليه علم الأوروبيين من الرقي , وأنهم لا يعلمون سبع أرضين , مع أنهم لا يعلمون سبع سماوات أيضاً , أفننكر كلام الله وكلام رسوله بجهل الأوروبيين وغيرهم , مع اعترافهم أنهم كلما ازدادوا علماً بالكون , أزدادوا علماً بجهلهم به , وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) الإسراء 85.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/421)
5 - أن التجمل باللباس الحسن ليس من الكبر في شيء , بل هو أمر مشروع , لأن الله جميل يحب الجمال , كما قال عليه السلام بمثل هذه المناسبة على ما رواه مسلم في صحيحه.
6 - أن الكبر الذي قرن مع الشرك , والذي لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة منه , إنما هو الكبر على الحق , ورفضه بعد تبينه , والطعن في الناس الأبرياء بغير حق.
فليحذر المسلم أن يتصف بشئ من مثل هذا الكبر , كما يحذر أن يتصف بشئ من الشرك الذي يخلد صاحبه في النار.
دعاؤه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنس
140 - (اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا رزقته).
أخرجه الطاليسي في مسنده: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قال: سمعت أَنَساً يقول قَالَتْ أُمِّ سليم: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لَهُ – تعني: أنساً – فقال (فذكره).
وللحديث طريق أخر: قال أحمد حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى أُمَّ حَرَامٍ فَأَتَيْنَاهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ فَقَالَ:
141 - (رُدُّوا هَذَا فِي وِعَائِهِ وَهَذَا فِي سِقَائِهِ فَإِنِّي صَائِمٌ).
قَالَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا فَأَقَامَ أُمَّ حَرَامٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا وَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ فِيمَا يَحْسَبُ ثَابِتٌ قَالَ فَصَلَّى بِنَا تَطَوُّعًا عَلَى بِسَاطٍ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِنَّ لِي خُوَيْصَّةً خُوَيْدِمُكَ أَنَسٌ ادْعُ اللَّهَ لَهُ فَمَا تَرَكَ يَوْمَئِذٍ خَيْرًا مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَلَا الْآخِرَةِ إِلَّا دَعَا لِي بِهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ قَالَ أَنَسٌ فَأَخْبَرَتْنِي ابْنَتِي أَنِّي قَدْ رزقت مِنْ صُلْبِي بِضْعًا وَتِسْعِينَ وَمَا أَصْبَحَ فِي الْأَنْصَارِ رَجُلٌ أَكْثَرَ مِنِّي مَالًا ثُمَّ قَالَ أَنَسٌ يَا ثَابِتُ مَا أَمْلِكُ صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ إِلَّا خَاتَمِي.
من فوائد الحديث وفقهه:
في هذا الحديث فوائد جمة , أذكر بعضها باختصار , إلا ما لا بد فيه من الإطالة للبيان:
1 - أن الدعاء بكثرة المال والولد مشروع , وقد ترجم البخاري للحديث: (باب الدعاء بكثرة المال والولد مع البركة).
2 - وأن المال والولد نعمة وخير إذا أطيع الله تبارك وتعالى فيهما , فما أضل من يسعى لتقليل ولده بشتى السبل , كتحديد النسل أو تنظيمه , فضلاً عن إجهاض الجنين وإسقاطه لأتفه الأسباب , واستصدار الفتاوى لتجويزه.
3 - تحقق استجابة الله لدعاء نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أنس , حتى صار أكثر الأنصار مالاً وولداً.
4 - أن للصائم المتطوع إذا زار قوماً وقدموا له طعاماً أن لا يفطر , ولكن يدعو لهم بخير , ومن أبواب البخاري في الحديث (باب من زار قوماً ولم يفطر عندهم).
5 - أن الرجل إذا ائتم بالرجل , وقف عن يمين الإمام , والظاهر أنه يقف محاذياً له , لا يتقدم عليه ولا يتأخر , لأنه لو كان وقع شئ من ذلك لنقله الراوي , لا سيما وأن الاقتداء به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أفراد الصحابة قد تكرر , فإن في الباب عن ابن عباس في الصحيحين , وعن جابر في مسلم , وقد خرجت حديثهما في إرواء الغليل , وقد ترجم البخاري لحديث ابن عباس رصي الله عنه بقوله: (بَاب يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ بِحِذَائِهِ سَوَاءً إِذَا كَانَا اثْنَيْنِ).
قال الحافظ في الفتح: قوله: (سواء) أي لا يتقدم ولا يتأخر .... وكأن المصنف أشار بذلك إلى ما وقع في بعض طرقه .. عن ابن عباس بلفظ " فقمت إلى جنبه " وظاهره المساواة. وروى عبد الرزاق عن ابن جريج قال قلت لعطاء: الرجل يصلي مع الرجل أين يكون منه؟ قال: إلى شقه الأيمن. قلت: أيحاذى به حتى يصف معه لا يفوت أحدهما الآخر؟ قال: نعم. قلت: أتحب أن يساويه حتى لا تكون بينهما فرجة؟ قال: نعم. وفي الموطأ عن عبد الله بن عتبة ابن مسعود قال " دخلت على عمر بن الخطاب بالهاجرة فوجدته يسبح , فقمت وراءه فقربني حتى جعلني حذاءه عن يمينه ").
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/422)
قلت: وهذا الأثر في الموطأ بإسناد صحيح عن عمررضي الله عنه , فهو مع الأحاديث المذكورة حجة قوية على المساواة المذكورة.
فالقول باستحباب أن يقف المأموم دون الإمام قليلاً , كما جاء في بعض المذاهب , على تفصيل في ذلك لبعضها , مع أنه مما لا دليل عليه في السنة , فهو مخالف لظواهر هذه الأحاديث , وأثر عمر هذا , وقول عطاء المذكور , وهو الإمام التابعي الجليل ابن أبي رباح , وما كان من الأقوال كذلك , فالأحرى بالمؤمن أن يدعها لأصحابها , معتقد أنهم مأجورون عليها , لأنهم اجتهدوا قاصدين إلى الحق , وعليه هو أن يتبع ما ثبت في السنة , فإن خير الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عمرو بن العاص مؤمن
155 - (أَسْلَمَ النَّاسُ وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِي).
وفي الحديث منقبة عظيمة لعمرو بن العاص رضي الله عنه , إذ شهد له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه مؤمن , فإن هذا يستلزم الشهادة له بالجنة , لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح المشهور (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ) , متفق عليه , وقال تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) التوبة 72.
وعلى هذا , فلا يجوز الطعن في عمرو رضي الله عنه – كما يفعل بعض الكتاب المعاصرين وغيرهم من المخالفين – بسبب ما وقع له من الخلاف – بل القتال – مع علي رضي الله عنه , لأن ذلك لا ينافي الإيمان , فإنه لا يستلزم العصمة كما لا يخفى , لا سيما إن قيل: إن ذلك وقع منه بنوع الاجتهاد , وليس اتباعاً للهوى.
وفي الحديث أيضا إشارة إلى أن مسمى الإسلام غير الإيمان , وقد اختلف العلماء في ذلك اختلافاً كثيراً , والحق ما ذهب إليه جمهور السلف من التفريق بينهما , لدلالة الكتاب والسنة على ذلك فقال تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) الحجرات 14, وحديث جبريل في التفريق بين الإسلام والإيمان معروف مشهور.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتاب الإيمان (ص 305 - طبع المكتب الإسلامي): (والرد إلى الله ورسوله في مسألة الإسلام والإيمان يوجب أن كلاً من الاسمين , وإن كان مسماه واجباً , ولا يستحق أحد الجنة إلا بأن يكون مؤمناً مسلماً , فالحق في ذلك ما بينه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث جبريل , فجعل الدين وأهله ثلاث طبقات: أولها الإسلام , وأوسطها الإيمان , وأعلاها الإحسان , ومن وصل إلى العليا فقد وصل إلى التي تليها , فالمحسن مؤمن , والمؤمن مسلم , وأما المسلم , فلا يجب أن يكون مؤمناً).
ومن شاء بسط الكلام على هذه المسألة مع التحقيق الدقيق , فليرجع إلى الكتاب المذكور , فإنه خير ما ألف في هذا الموضوع.
ويشهد للحديث ما يأتي:
156 - (ابْنَا الْعَاصِ مُؤْمِنَانِ هِشَامٌ وَعَمْرٌو).
تسمية أبي بكر بالصديق
306 - (لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى؛ أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه، وسعوا بذلك إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس؟ قال: أو قال ذلك؟ قالوا نعم. قال: لئن كان قال ذلك؛ لقد صدق. قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال: نعم؛ إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك؛ أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة؛ فلذلك سمي أبو بكر: الصديق).
قد جزم الإمام أبو جعفر الطحاوي بأن سبب تسمية أبي بكر رضي الله عنه بالصديق , إنما هو سبقه الناس إلى تصديقه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على إتيانه بيت المقدس من مكة , ورجوعه منه إلى منزله بمكة في تلك الليلة , وإن كان المؤمنون يشهدون لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثل ذلك إذا وقفوا عليه.
أعجزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/423)
313 - (أعجزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل؟ [فقال أصحابه: يا رسول الله! وما عجوز بني إسرائيل؟] قال: إن موسى لما سار ببني إسرائيل من مصر؛ ضلوا الطريق، فقال: ما هذا؟ فقال علماؤهم: [نحن نحدثك:] إن يوسف لما حضره الموت؛ أخذ علينا موثقا من الله أن لا نخرج من مصر حتى ننقل عظامه معنا. قال: فمن يعلم موضع قبره؟ [قالوا: ما ندري أين قبر يوسف إلا] عجوز من بني إسرائيل، فبعث إليها، فأتته، فقال: دلوني على قبر يوسف. قالت: [لا والله؛ لا افعل] حتى تعطيني حكمي. قال: وما حكمك؟ قالت: أكون معك في الجنة. فكره أن يعطيها ذلك، فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها، فانطلقت بهم إلى بحيرة؛ موضع مستنقع ماء، فقالت: أنضبوا هذا الماء، فأنضبوا. قالت: احفروا واستخرجوا عظام يوسف. فلما أقلوها إلى الأرض؛ إذا الطريق مثل ضوء النهار).
أخرجه أبو يعلى , والحاكم من ثلاث طرق عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى قال: أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعربياً فأكرمه , فقال له: ائتنا. فأتاه , فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [وفي رواية: نزل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأعربي فأكرمه , فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تعهدنا ائتنا. فأتاه الأعرابي , فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] سل حاجتك. فقال: ناقة برحلها وأعنزاً يحلبها أهلي , فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فذكره).
فائدة: كنت استشكلت قديماً قوله في هذا الحديث: (عظام يوسف) , لأنه يتعارض بظاهره مع الحديث الصحيح: (إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء) , حتى وقفت على حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َلما بدن , قال له تميم الداري: ألا أتخذ لك منبراً يارسول الله يجمع أو يحمل عظامك؟ قال: بلى , فأتخذ له منبراً مرقاتين).
فعلمت منه أنهم كانوا يطلقون العظام ويريدون البدن كله , من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل , كقوله تعالى (وقرآن الفجر) الإسراء 78 , أي: صلاة الفجر , فزال الإشكال والحمد لله فكتبت هذا لبيانه.
كثرة الأتباع وقلتهم ليست معياراً لمعرفة الحق
397 - (ما صدق نبي [من الأنبياء] ما صدقت؛ إن من الأنبياء من لم يصدقه من أمته إلا رجل واحد).
ويشهد للحديث ما روى ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (عرضت علي الأمم , فرأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه الرهيط , والنبي ومعه الرجل والرجلان , والنبي ليس معه أحد .. الحديث) , أخرجه الشيخان وغيرهما.
وفي الحديث دليل واضح على أن كثرة الأتباع وقلتهم ليست معيارً لمعرفة كون الداعية على حق أو باطل , فهؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام , مع كون دعوتهم واحدة , ودينهم واحداً , فقد اختلفوا من حيث عدد أتباعهم قلة وكثرة , حتى كان فيهم من لم يصدقه إلا رجل واحد , بل ومن ليس معه أحد.
ففي ذلك عبرة بالغة للداعية والمدعوين في هذا العصر , فالداعية عليه أن يتذكر هذه الحقيقة , ويمضي قدماً في سبيل الدعوة إلى الله تعالى , ولا يبالي بقلة المستجيبين له , لأنه ليس عليه إلا البلاغ المبين , وله أسوة حسنة بالأنبياء السابقين الذين لم يكن مع أحدهم إلا الرجل والرجلان.
والمدعوا عليه أن لا يستوحش من قلة المستجيبين للداعية , ويتخذ ذلك سبباً للشك في الدعوة الحق وترك الإيمان بها , فضلاً عن أن يتخذ ذلك دليلاً على بطلان دعوته بحجة أنه لم يتبعه أحد , أو إنما اتبعه الأقلون , ولو كانت دعوته صادقة , لاتبعه جماهير الناس , والله عز وجل يقول: (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) يوسف 103.
من قصص بني إسرائيل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/424)
486 - (كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ امْرَأَةٌ قَصِيرَةٌ فَصَنَعَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ فَكَانَتْ تَسِيرُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ قَصِيرَتَيْنِ وَاتَّخَذَتْ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ وَحَشَتْ تَحْتَ فَصِّهِ أَطْيَبَ الطِّيبِ الْمِسْكَ فَكَانَتْ إِذَا مَرَّتْ بِالْمَجْلِسِ حَرَّكَتْهُ فَنَفَخَ رِيحَهُ وفي رواية وجعلت له غلقاً , فإذا مرت بالملإ او بالمجلس , قالت به , ففتحته , ففاح ريحه).
أخرجه أحمد في " مسنده " " 3/ 40 " حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا الْمُسْتَمِرُّ بْنُ الرَّيَّانِ حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فذكره).
ثم قال " 3/ 46 " حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا الْمُسْتَمِرُّ بْنُ الرَّيَّانِ به وزاد في أوله: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الدُّنْيَا فَقَالَ إِنَّ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَاتَّقُوهَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ ثُمَّ ذَكَرَ نِسْوَةً ثَلَاثًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ امْرَأَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ تُعْرَفَانِ وَامْرَأَةً قَصِيرَةً لَا تُعْرَفُ فَاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ وَصَاغَتْ .... ) الحديث نحوه , وفيه الرواية الأخرى.
في الحديث تنبيه ظاهر إلى أن عادة النساء الفاسقات لبس ما يلفت الأنظار إليهن , ومن ذلك ما شاع بينهن من انتعال النعال العالية الكعاب , وبخاصة منها التي تنعل من أسفلها بالحديد , ليشتد ظهور صوته عند المشي , ولعل أصل ذلك من اختراع اليهود , كما يشير هذا الحديث , فعلى المسلمات أن يتقن ذلك , والله المستعان.
كتاب المستقبل و أشراط الساعة
المستقبل للإسلام
قال الله عز وجل: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) التوبة 33.
تبشرنا هذه الآية الكريمة بأن المستقبل للإسلام بسيطرته وظهوره وحكمه على الأديان كلها , وقد يظن بعض الناس أن ذلك قد تحقق في عهده صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشيدين والملوك الصالحين , وليس كذلك , فالذي تحقق إنما هو جزء من هذا الوعد الصادق كما أشار إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:
1 - (لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ وَالْعُزَّى فَقالْتُ عائشة يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا قَالَ إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ).
وقد وردت أحاديث أخرى توضح مبلغ ظهور الإسلام ومدى انتشاره , بحيث لا تدع مجالاً للشك في أن المستقبل للإسلام بإذن الله وتوفيقه.
وها أنا أسوق ما تيسر من هذه الأحاديث , عسى أن تكون سبباً لحشذ همم العاملين للإسلام , وحجة على اليائسين المتواكلين:
2 - (إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا).
زوى , أي جمع وضم.
وأوضح منه وأعم الحديث التالي:
3 - (لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ).
ومما لا شك فيه: أن تحقيق هذا الانتشار يستلزم أن يعود المسلمون أقوياء في معنوياتهم ومادياتهم وسلاحهم , حتى يستطيعوا أن يتغلبوا على قوى الكفر والطغيان , وهذا ما يبشرنا به الحديث:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/425)
4 - (عن أبي قَبِيلٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي وَسُئِلَ أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ فَدَعَا عَبْدُ اللَّهِ بِصُنْدُوقٍ لَهُ حَلَقٌ قَالَ فَأَخْرَجَ مِنْهُ كِتَابًا قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكْتُبُ إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلًا يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ).
ورومية: هي روما , كما في (معجم البلدان) وهي عاصمة إيطاليا اليوم.
وقد تحقق الفتح الأول على يد محمد الفاتح العثماني , كما هو معروف , وذلك بعد أكثر من ثمانمائة سنة من إخبار النبى صلى الله عليه وسلم بالفتح , وسيتحقق الفتح الثاني بإذن الله تعالى ولا بد , ولتعلمن نبأه بعد حين.
ولا شك أيضاً أن تحقيق الفتح الثاني يستدعي أن تعود الخلافة الراشدة إلى الأمة المسلمة , وهذا مما يبشرنا به صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث:
5 - (تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا الله إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَن ْتكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ الله أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ).
رواه أحمد حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ - وَكَانَ بَشِيرٌ رَجُلًا يَكُفُّ حَدِيثَهُ - فَجَاءَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ فَقَالَ يَا بَشِيرُ بْنَ سَعْدٍ أَتَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأُمَرَاءِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ أَنَا أَحْفَظُ خُطْبَتَهُ فَجَلَسَ أَبُو ثَعْلَبَةَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: (فذكره مرفوعا).
قَالَ حَبِيب ٌ:
فَلَمَّا قَامَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فِي صَحَابَتِهِ فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ أُذَكِّرُهُ إِيَّاهُ فَقُلْتُ لَهُ إِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي عُمَرَ بَعْدَ الْمُلْكِ الْعَاضِّ وَالْجَبْرِيَّةِ فَأُدْخِلَ كِتَابِي عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَسُرَّ بِهِ وَأَعْجَبَهُ.
ومن البعيد عندي حمل الحديث على عمر بن عبدالعزيز , لأن خلافته كانت قريبة العهد بالخلافة الراشدة , ولم يكن بعد ملكان: ملك عاض وملك جبرية , والله أعلم.
أما الحديث الذي رواه الطبراني في الأوسط عن معاذ بن جبل مرفوعاً: (ثلاثون نبوة وملك , وثلاثون ملك وجبروت , وما وراء ذلك لا خير فيه) , فإسناده ضعيف , كما هو مبين في الضعيفة 1399.
هذا , وإن من المبشرات بعودة القوة إلى المسلمين , واستثمارهم الأرض استثماراً يساعدهم على تحقيق الغرض , وتنبئ عن أن لهم مستقبلاً باهراً , حتى من الناحية الاقتصادية والزراعية قوله صلى الله عليه وسلم:
6 - (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَعُودَ أَرْضُ الْعَرَبِ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا).
وقد بدأت تباشير هذا الحديث تتحقق في بعض الجهات من جزيرة العرب , بما أفاض الله عليها من خيرات وبراكات والآت ناضحات تستنبط الماء الغزير من بطن أرض الصحراء , وهناك فكرة بجر نهر الفرات إلى الجزيرة كنا قرأناها في بعض الجرائد المحلية , فلعلها تخرج إلى حيز الوجود , وإن غداً لناظره قريب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/426)
هذا , ومما يجب أن يعلم بهذه المناسبة أن قوله صلى الله عليه وسلم (لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ) رواه البخاري في (الفتن) من حديث أنس مرفوعاً.
فهذا الحديث ينبغي أن يفهم على ضوء الأحاديث المتقدمة وغيرها , مثل أحاديث المهدي , ونزول عيسى عليه السلام , فإنها تدل على أن هذا الحديث ليس على عمومه , بل هو من العام المخصوص , فلا يجوز إفهام الناس أنه على عمومه , فيقعوا في اليأس الذي لا يصح أن يتصف به المؤمن (إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) يوسف 87 , أسأل الله أن يجعلنا مؤمنين به حقاً.
يُسَمُّونَ الْخَمْرِ بِغَيْرِ اسْمِهَا
89 - (إِنَّ أَوَّلَ مَا يُكْفَأُ - يَعْنِي الْإِسْلَامَ - كَمَا يُكْفَأُ الْإِنَاءُ - يَعْنِي الْخَمْرِ - فَقِيلَ فَكَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ فِيهَا مَا بَيَّنَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا).
وقد وجدت للحديث طريقاً آخر أخرجه أبويعلى , ولفظه: (أول ما يكفأ الإسلام كما يكفأ الإناء في شراب يقال له الطلاء) , إسناده صحيح.
والطلاء: قال في النهاية: (بالكسر والمد: الشراب المطبوخ من عصير العنب , وهو الرب) , ثم ذكر الحديث , ثم قال: هذا نحو الحديث الآخر: سيشرب ناس من أمتي الخمر , يسمونها بغير اسمها. يريد أنهم يشربون النبيذ المسكر المطبوخ , ويسمونه طلاء , تحرجاً من أن يسموه خمراً)
وللحديث شاهد صحيح بلفظ:
90 - (لَيَسْتَحِلَّنَّ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ بِاسْمٍ يُسَمُّونَهَا إِيَّاهُ , وفي رواية: يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا).
91 - (لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ وَيَضَعُ الْعَلَمَ وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).
رواه البخاري في صحيحه تعليقاً , فقال: (بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ وَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الْكِلَابِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ أَوْ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ - وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي - سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (فذكره).
وقد وصله أبن حبان , والطبراني , والبيهقي , وابن عساكر , وغيرهم من طرق عن هشام بن عمارة به.
وله طريق آخرى عن عبدالرحمن بن يزيد , فقال ابوداود: حدثنا عبدالوهاب بن نجدة: ثنا بشر بن بكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر به.
ورواه ابن عساكر من طريق آخرى عن بشر به.
قلت: وهذا إسناد صحيح , ومتابعته قوية لهشام بن عمارة وصدقة بن خالد , ولم يقف على ذلك ابن حزم في المحلى , ولا في رسالته في إباحة الملاهي , فأعل إسناد البخاري بالانقطاع بينه وبين هشام وبغير ذلك من العلل الواهية التي بينه العلماء من بعده , وردوا علي تضعيفه للحديث من أجلها , مثل المحقق ابن القيم في تهذيب السنن , والحافظ ابن حجر في الفتح , وغيرهما , وقد فصلت القول في ذلك في جزء عندي في الرد علي رسالة ابن حزم المشار إليها , يسر الله تبييضه ونشره.
وابن حزم رحمه الله , مع علمه وفضله وعقله , فهو ليس طويل الباع في الاطلاع على الأحاديث وطرقها ورواتها , ومن الأدلة علي ذلك تضعيفه لهذا الحديث , وقوله في الإمام الترمذي صاحب السنن (مجهول) – قالها في كتاب الفرائض كما في تهذيب التهذيب – وذلك مما حمل العلامة محمد بن عبدالهادي – تلميذ ابن تيمية – علي ان يقول في ترجمته في (مختصر طبقات علماء الحديث): (وهو كثير الوهم في الكلام في تصحيح الحديث وتضعيفه , وعلى أحوال الرواة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/427)
قلت: فينبغي أن لا يأخذ كلامه علي الأحاديث الا بعد التثبت من صحته وعدم شذوذه , شأنه في ذلك شأنه في الفقه الذي يتفرد به , وعلم الكلام الذي يخالف السلف فيه , فقد قال ابن عبد الهادي بعد ان وصفه بقوة الذكاء وكثرة الاطلاع: (ولكن تبين لي منه إنه جهمي جلد , لا يثبت معاني أسماء الله الحسنى إلا القليل , كالخالق والحق , وسائر الاسماء عنده لا يدل علي معنى أصلاً , كرحيم والعليم والقدير ونحوها , بل العلم عنده هو القدرة، والقدرة هي العلم , وهما عين الذات , ولا يدل العلم على شئ زائد على الذات المجردة أصلاً , وهذا عين السفسطة والمكابرة , وقد كان ابن حزم قد اشتغل في المنطق و الفلسفة , وأمعن في ذلك , فتقرر في ذهنه لهذا السبب معاني باطلة).
غريب الحديث:
الحر: الفرج , والمراد: الزنا.
المعازف: جمع معزفة، وهي آلات الملاهي، كما في (الفتح).
علم: هو الجبل العالي.
يروح عليهم: بحذف الفاعل , وهو الراعي، بقرينة المقام , إذ السارحة لا بد لها من حافظ.
بسارحة: هي الماشية التي تسرح بالغداة إلى رعيها.
يروح: أي: ترجع بالعشي إلى مألفها.
يأتيهم لحاجة: بيانه في رواية الإسماعيلي في (مستخرجه على الصحيح): (يأتيهم طالب حاجة).
فيبيتهم الله: أي يهلكهم ليلاً.
ويضع العلم: أي: يوقعه عليهم.
يستفاد من الأحاديث المتقدمة فوائد هامة نذكر بعضها:
أولاً: تحريم الخمر , وهذا أمر مجمع عليه بين المسلمين والحمد لله , غير أن طائفة منهم – وفيهم بعض المتبوعين – خصوا التحريم بما كان من عصير العنب خاصة , وأما ما سوى ذلك من المشروبات المسكرة , مثل (السكر: وهو نقيع التمر إذا غلى بغير طبخ , و (الجعة): وهو نبيذ الشعير و (السكركة): وهو خمر الحبشة من الذرة , فذلك كله حلال عندهم إلا المقدار الذي يسكر منه , أما القليل منه فحلال , بخلاف خمر العنب , فقليله ككثيره في التحريم.
وهذا التفريق مع مصادمته للنصوص القاطعة في تحريم كل مسكر , كقول عمر رضي الله عنه: (نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ يَوْمَ نَزَلَ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ مِنْ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ). وكقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خمر حَرَامٌ). وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ).
أقول: هذا التفريق مع مصادمته لهذه النصوص وغيرها , فهو مخالف للقياس الصحيح والنظر الرجيح , إذ أي فرق بين تحريم القليل الذي لا يسكر من خمر العنب المسكر كثيره , وبين تحليل القليل الذي لا يسكر من خمر الذرة المسكر؟ وهل حرم القليل إلا لأنه ذريعة إلى الكثير المسكر؟ فكيف يحلل هذا ويحرم ذاك والعلة واحدة؟
تالله إن هذا من الغرائب التي لا تكاد تصدق نسبتها إلى أحد من أهل العلم لولا صحة ذلك عنهم , وأعجب منه أن الذي تبنى القول به هو من المشهورين بأنه من أهل القياس والرأي.
قال ابن القيم في (تهذيب السنن) (5/ 263) بعد أن ساق بعض النصوص المذكورة: (فهذه النصوص الصحيحة الصريحة في دخول هذه الأشربة المتخذة من غير العنب في اسم الخمر في اللغة التي نزل بها القرآن وخوطب بها الصحابة مغنية عن التكلف في إثبات تسميتها خمراً بالقياس مع كثرة النزاع فيه , فإذ قد ثبت تسميتها خمراً نصاً , فتناول لفظ النصوص لها كتناوله لشراب العنب سواء تناولاً واحداً , فهذه طريقة منصوصة سهلة تريح من كلمة القياس في الاسم والقياس في الحكم , ثم إن محض القياس الجلي يقتضي التسوية بينها , لأن تحريم قليل شراب العنب مجمع عليه وإن لم يسكر , وهذا لأن النفوس لا تقتصر على الحد الذي لا يسكر منه , وقليله يدعو إلى كثيره , وهذا المعنى بعينه في سائر الأشربة المسكرة , فالتفريق بينها في ذلك تفريق بين المتماثلات , وهو باطل , فلو لم يكن في المسألة إلا القياس , لكان كافياً في التحريم , فكيف وفيها ما ذكرناه من النصوص التي لا مطعن في سندها , ولا اشتباه في معناها؟ بل هي صحيحة , وبالله التوفيق).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/428)
وأيضاً , فإن إباحة القليل الذي لا يسكر من الكثير الذي يسكر غير عملي , لأنه لا يمكن معرفته , إذ أن ذلك يختلف باختلاف نسبة كمية المادة المسكرة [الكحول] في الشراب , فرب شراب قليل كمية الكحول فيه كثيرة وهو يسكر , ورب شراب أكثر منه كمية الكحول فيه أقل لا يسكر , كما أن ذلك يختلف باختلاف بنية الشاربين وصحتهم , كما هو ظاهر بين , وحكمة الشريعة تنافي القول بإباحة مثل هذا الشراب , وهي التي تقول: (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ) , و (من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه)
واعلم أن ورود مثل هذه الأقوال المخالفة للسنة والقياس الصحيح معاً في بعض المذاهب , مما يوجب على المسلم البصير في دينه الرحيم بنفسه أن لا يسلم قيادة عقله وتفكيره وعقيدته لغير معصوم , مهما كان شأنه في العلم والتقوى والصلاح , بل عليه أن يأخذ من حيث أخذوا من الكتاب والسنة إن كان أهلاً لذلك , وإلا سأل المتأهلين لذلك , والله تعالى يقول: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل 43.
وبالإضافة إلى ذلك , فإنا نعتقد أن من قال بهذا القول من العلماء المشار إليهم , فهو مأجور على خطئه , للحديث المعروف , لأنهم قصدوا الحق فأخطؤوه , وأما من وقف من أتباعهم على هذه الأحاديث المذكورة , فهو – ولا شك - على ضلال مبين , وهو داخل في وعيد هذه الأحاديث التي خرجناها , ولا يفيده شيئاً تسميته لما يشرب بغير اسمه , مثل: الطلاء , أوالنبيذ , أو الوسكي , أو الكونياك .... وغير ذلك من الأسماء التي أشار إليها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذه الأحاديث الكريمة.
وصدق الله العظيم إذ يقول: (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ) النجم 23.
ثانياً: تحريم آلات العزف والطرب , ودلالة الحديث على ذلك من وجوه:
أ- قوله (يَسْتَحِلُّونَ) , فإنه صريح بأن المذكورات – ومنها المعازف – هي في الشرع محرمة , فيستحلها أولئك القوم.
ب- قرن المعازف مع المقطوع حرمته: الزنا والخمر , ولو لم تكن محرمة , ما قرنها معها إن شاء الله تعالى.
وقد جاءت أحاديث كثيرة , بعضها صحيح في تحريم أنواع من آلات العزف التي كانت معروفة يومئذ , كالطبل والقنين – وهو العود – وغيرها , ولم يأت ما يخالف ذلك أو يخصه , اللهم إلا الدف في النكاح والعيد , فإنه مباح على تفصيل مذكور في الفقه , وقد ذكرته في ردي على ابن حزم.
ولذلك اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم آلات الطرب كلها , واستثنى بعضهم – بالإضافة إلى ما ذكرنا – الطبل في الحرب , وألحق به بعض المعاصرين الموسيقى العسكرية , ولا وجه لذلك البتة لأمور:
الأول: أنه تخصيص لأحاديث التحريم بدون مخصص سوى مجرد الرأي والاستحسان , وهو باطل.
الثاني: أن المفروض في المسلمين في حالة الحرب أن يقبلوا بقلوبهم على ربهم , وأن يطلبوا منه نصرهم على عدوهم , فذلك أدعى لطمانينة نفوسهم , وأربط لقلوبهم , فاستعمال الموسيقى مما يفسد ذلك عليهم , ويصرفهم عن ذكر ربهم قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الأنفال 45.
الثالث: أن استعمالها من عادة الكفار (الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ) التوبة 29 , فلا يجوز لنا أن نتشبه بهم , لا سيما فيما حرمه الله تبارك وتعالى علينا تحريماً عاماً , كالموسيقى.
ولا تغتر أيها القارئ الكريم بما قد تسمع عن بعض المشهورين اليوم من المتفقهة من القول بإباحة ألات الطرب والموسيقى , فإنهم – والله – عن تقليد يفتون , ولهوى الناس اليوم ينصرون , ومن يقلدون؟ إنما يقلدون ابن حزم الذي أخطأ فأباح آلات الطرب والملاهي , لأن حديث أبي مالك الأشعري لم يصح عنده , وقد عرفت أنه صحيح قطعاً , وأن ابن حزم أتي من قصر باعه في علم الحديث كما سبق بيانه , وليت شعري , ما الذي حملهم على تقليده هنا دون الأئمة الأربعة مع أنهم أفقه منه وأعلم وأكثر عدداً وأقوى حجة؟ لو كان الحامل لهم على ذلك إنما هو التحقيق العلمي ,
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/429)
فليس لأحد عليهم من سبيل , ومعنى التحقيق العلمي – كما لا يخفى – أن يتتبعوا الأحاديث كلها الواردة في الباب , ويدرسوا طرقها ورجالها , ثم يحكموا عليها بما تستحق من صحة أو ضعف , ثم إذا صح عندهم شئ منها , درسوها من ناحية دلالتها وفقهها وعامها وخاصها , وذلك كله حسبما تقتضيه قواعد علم أصول الحديث وأصول الفقه , لو فعلوا ذلك , لم يستطع أحد انتقادهم , ولكانوا مأجورين , ولكنهم – والله – لا يصنعون شيئاً من ذلك , ولكنهم إذا عرضت لهم مسألة , نضروا في أقوال العلماء فيها , ثم أخذوا ما هو الأيسر أو إلى تحقيق المصلحة – زعموا- دون أن ينظروا موافقة ذلك للدليل من الكتاب و السنة , وبعضهم يقول: لا يوجد دليل قطعي على التحريم , فكم شرعوا للناس – بهذه الطريقة – أموراً باسم الشريعة , يبرأ الإسلام منها , فإلى الله المشتكى.
فاحرص أيها المسلم على أن تعرف إسلامك من كتاب ربك وسنة نبيك ولا تقل: قال فلان , فإن الحق لا يعرف بالرجال , بل اعرف الحق تعرف الرجال ورحمة الله على من قال:
العلم قال الله قال رسوله ........... قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة ........... بين الرسول وبين رأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها ........... حذراً من التمثيل والتشبيه
ثالثاً: أن الله عز وجل قد يعاقب بعض الفساق عقوبة دنيوية مادية , فيمسخهم فيقلب صورهم – وبالتالي عقولهم – إلى بهيمة.
قال الحافظ في الفتح في صدد كلامه على المسخ المذكور في الحديث: (قال ابن العربي: يحتمل الحقيقة كما وقع للأمم السالفة , ويحتمل أن يكون كناية عن تبدل أخلاقهم. قلت: والأول أليق بالسياق).
أقول: ولا مانع من الجمع بين القولين – كما ذكرنا – بل هو المتبادر من الحديثين , والله أعلم.
وقد ذهب بعض المفسرين في العصر الحديث إلى أن مسخ بعض اليهود قردة وخنازير لم يكن مسخاً حقيقياً بدنياً , وإنما كان مسخاً خلقياً وهذا خلاف ظاهر الآيات والأحاديث الواردة فيهم , , فلا تلتفت إلى قولهم , فإنهم لا حجة لهم فيه , إلا الاستبعاد العقلي المشعر بضعف الإيمان بالغيب , نسأل الله السلامة.
رابعاً: ثم قال الحافظ: (وفي هذا الحديث وعيد شديد على من يتحيل في تحليل ما يحرم بتغيير اسمه , وأن الحكم يدور مع العلة. والعلة في تحريم الخمر الإسكار , فمهما وجد الإسكار وجد التحريم ولو لم يستمر الاسم. قال ابن العربي: هو أصل في أن الأحكام إنما تتعلق بمعاني الأسماء لا بألقابها , ردا على من حمله على اللفظ).
من عجائب أشراط الساعة
122 - (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُكَلِّمَ السِّبَاعُ الْإِنْسَ وَيُكَلِّمَ الرَّجُلَ عَذَبَةُ سَوْطِهِ وَشِرَاكُ نَعْلِهِ وَيُخْبِرَهُ فَخِذُهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ).
رواه الإمام أحمد: حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: (عَدَا الذِّئْبُ عَلَى شَاةٍ فَأَخَذَهَا فَطَلَبَهُ الرَّاعِي فَانْتَزَعَهَا مِنْهُ فَأَقْعَى الذِّئْبُ عَلَى ذَنَبِهِ قَالَ أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ تَنْزِعُ مِنِّي رِزْقًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيَّ فَقَالَ يَا عَجَبِي ذِئْبٌ مُقْعٍ عَلَى ذَنَبِهِ يُكَلِّمُنِي كَلَامَ الْإِنْسِ فَقَالَ الذِّئْبُ أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَثْرِبَ يُخْبِرُ النَّاسَ بِأَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ قَالَ فَأَقْبَلَ الرَّاعِي يَسُوقُ غَنَمَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَزَوَاهَا إِلَى زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهَا ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُودِيَ بالصَّلَاةُ جَامِعَةٌ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ لِلرَّاعِي أَخْبِرْهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ) الحديث.
الرد على من يقول أن النبي هو من أوحي إليه ولم يؤمر بالتبليغ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/430)
241 – (إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ مُهْلِكَتِي ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ هَذِهِ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنْ اسْتَطَاعَ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ).
أخرجه مسلم , والسياق له والنسائي , وابن ماجه , وأحمد , من طرق عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَأَتَيْتُهُمْ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (فذكره) , وزاد في آخره: فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ لَهُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَلْبِهِ بِيَدَيْهِ وَقَالَ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي فَقُلْتُ لَهُ هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا وَاللَّهُ يَقُولُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا قَالَ فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ أَطِعْهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ.
وليس عند غير مسلم قوله: (فقلت له: هذا ابن عمك .... ) إلخ.
غريب الحديث:
فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا: أي: يجعل بعضها بعضا رقيقا , أي: خفيفاً , لعظم ما بعده , فالثاني يجعل الأول رقيقا.
صَفْقَةَ يَدِهِ: أي: معاهدته له والتزام طاعته , وهي المرة من التصفيق باليدين , وذلك عند البيعة بالخلافة.
ثَمَرَةَ قَلْبِهِ: أي: خالص عهده أو محبته بقلبه.
فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ: قال النووي: (معناه: ادفعوا الثاني , فإنه خارج على الإمام , فإن لم يندفع إلا بحرب وقتال , فقاتلوه، فإن دعت المقاتلة إلي قتله , جاز قتله , ولا ضمان فيه , لأنه ظالم متعدٍ في قتاله).
وفي الحديث فوائد كثيرة , من أهمها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َيجب عليه أن يدعو أمته إلى الخير ويدلهم عليه , وينذرهم شر ما يعلمه لهم , ففيه رد صريح على ما ذكر في بعض كتب الكلام أن النبي من أوحي إليه ولم يؤمر بالتبليغ.
لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَنْفِيَ الْمَدِينَةُ شِرَارَهَا
274 - (أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى يَقُولُونَ يَثْرِبُ وَهِيَ الْمَدِينَةُ تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ).
أخرجه البخاري , ومسلم , ومالك , والطحاوي , وأحمد , والخطيب، وأبويعلى عن ابي هريرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: (فذكره).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/431)
وفي رواية من طريق أخرى عنه مرفوعاً بلفظ: (يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَدْعُو الرَّجُلُ ابْنَ عَمِّهِ وَقَرِيبَهُ هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ رَغْبَةً عَنْهَا إِلَّا أَلف اللَّهُ فِيهَا خَيْرًا مِنْهُ أَلَا إِنَّ الْمَدِينَةَ كَالْكِيرِ تُخْرِجُ الْخَبِيثَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَنْفِيَ الْمَدِينَةُ شِرَارَهَا كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ)، أخرجه مسلم , وابن حبان.
الغريب:
1 - (أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ) , قال الخطيب: (المعنى: أمرت بالهجرة إلى قرية , تَأْكُلُ الْقُرَى , أي يأكل أهلها القرى كما قال الله تعالى (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً) , النحل 112 , يعني: قرية كان أهلها مطمئنين , وكان ذكر القرية عن هذا كناية عن أهلها , وأهلها المرادون بها لا هي , والدليل على ذلك قوله تعالى (فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) , النحل 112 , والقرية لا صنع لها , وقوله: (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ) , النحل 112 , والقرية لا كفر لها.
2 - (تَأْكُلُ الْقُرَى) , بمعنى تقدر عليها , كقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا) النساء 10 , ليس يعني بذلك أكلتها دون محتجبيها عن اليتامى لا بأكل لها , وكقوله تعالى (وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا) النساء 6 , يعني: تغلبوا عليها إسرافاً على أنفسكم , وبداراً أن يكبروا , فيقيموا الحجة عليكم بها , فينتزعوها منكم لأنفسهم , فكان الأكل فيما ذكرنا يراد به الغلبة على الشئ , فكذلك في الحديث.
من أعلام نبوته
279 - (لا تقوم الساعة حتى يبني الناس بيوتا يوشونها وشي المراحل).
المراحل: فسرها إبراهيم شيخ البخاري بأنها الثياب المخططة , وفي النهاية: المرحل: الذي قد نقش فيه تصاوير الرحال , ومنه الحديث: (كان يصلي وعليه من هذه المرحلات) , يعني: المروط المرحلة , وتجمع على المراحل , ومنه هذا الحديث .. يوشونها وشي المراحل , ويقال لذلك العمل الترحيل.
393 - (كلوا من جوانبها، ودعوا ذروتها؛ يبارك لكم فيها. ثم قال: خذوا فكلوا؛ فوالذي نفس محمد بيده؛ ليفتحن عليكم أرض فارس والروم، حتى يكثر الطعام، فلا يذكر اسم الله عليه).
رواه أبوبكر الشافعي , وعنه ابن عساكر , والبيهقي , والضياء عن عمرو بن عثمان: ثنا أبي: ثنا محمد بن عبدالرحمن بن عرق: ثنا عبدالله بن بسر قال: " أهديت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شاة , والطعام يومئذ قليل , فقال لأهله: اطبخوا هذه الشاة , وانظروا إلى هذا الدقيق فاخبزوه , اطبخوا وأثردوا عليه , قال: وكان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قصعة يقال لها: الغراء , يحملها أربهة رجال , فلما أصبح وسبحوا الضحى , أتى بتلك القصعة , والتقوا عليها , فإذا كثر الناس , جثا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فقال أعرابي: ما هذه الجلسة؟ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله جعلني عبداً كريماً , ولم يجعلني جباراً عنيداً , ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فذكره).
والحديث علم من أعلام نبوته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فقد فتح سلفنا أرض فارس والروم , وورثنا ذلك منهم , وطغى الكثيرون منا , فأعرضوا عن الشريعة وآدبها , التي منها ابتداء الطعام بـ (بسم الله) , فنسوا هذا حتى لا تكاد فيهم ذاكراً.
جواز تمني الموت تديناً
578 - (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولَ يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ مَا بِهِ حُبُّ لِقَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/432)
ومعنى الحديث أنه لا يتمنى الموت تديناً وتقرناً إلى الله وحباً في لقائه , وإنما لما نزل به من البلاء والمحن في أمور دنياه , ففيه إشارة إلى جواز تمني الموت تديناً , ولا ينافيه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به .. ) , لأنه خاص بما إذا كان التمني لأمر دنيوي كما هو ظاهر.
قال الحافظ: (ويؤيده ثبوت تمني الموت عند فساد أمر الدين عن جماعة من السلف , قال النووي: لا كراهة في ذلك , بل فعله خلائق من السلف , منهم عمر بن الخطاب و ..... ).
من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر
695 - (إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر).
أخرجه ابن المبارك في ((الزهد)) (61)، وعنه أبو عمرو الداني في ((الفتن)) (62/ 2) و اللا لكائي في ((شرح أصول السنة)) (230/ 1 - كواكب576)، وكذا الطبراني في ((الكبير))،وعنه الحافظ عبد الغني المقدسي في ((العلم)) (ق16/ 2)،وابن منده في ((المعرفة)) (2/ 220/1)، وابن عبدالبر في (جامع العلم) (1/ 157 - 158)، والخطيب في ((الفقيه والمتفقه)) (2/ 79) عن ابن المبارك عن لهيعة عن بكر بن سوداة عن أبي أمية الجمحي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وزاد الأول:
((قال ابن المبارك: الأصاغر:أهل البدع)).
قلت: وهذا إسناد جيد، لأن حديث ابن لهيعة صحيح إذا كان من رواية أحد العبادلة عنه، وابن المبارك منهم. فما نقله المناوي عن الهيثمي أنه أعله بقوله (فيه ابن لهيعة ضعيف) ليس بجيد.
ولذلك قال الحافظ المقدسي عقبه:
((وإسناده حسن)).
ورواه الهروي في ((ذم الكلام)) (ق137/ 2) من هذا الوجه مرفوعاً، وعن ابن مسعود موقوفاً عليه.
وكذا رواه اللالكائي عنه وابن عبد البر والخطيب، وهو شاهد قوي لأنه لا يقال بالرأي، ولفظه:
((لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم،فإذا أخذوه من أصاغرهم وشرارهم هلكوا)).وإسناده صحيح.
(تنبيه): يبدو لي أن المراد بـ (الأصاغر) هنا الجهلة الذين يتكلمون بغير فقه في الكتاب والسنة، فيضلون ويضلون كما جاء في حديث (انتزاع العلم)،ومن الأمثلة ذاك المصري الذي كتب رسالة أسماها ((اللباب في فريضة النقاب)) فعارضه آخر فيما سماه ((تذكير الأصحاب بتحريم النقاب)) والحق بينهما وهو الاستحباب.
فضل أهل الشام
965 - (لَا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ).
رواه مسلم (6/ 54)، وابويعلى في ((مسنده)) (2/ 118/783)، وأبو عمرو الداني في ((الفتن)) (ق44/ 2)، وابن الأعرابي في ((المعجم)) (31/ 1/112/ 1)، والجرجاني (424)، والدورقي في ((مسند سعد)) (3/ 136/2)، وابونعيم في ((الحلية)) (3/ 95 - 96)، وابن منده في ((المعرفة)) (2/ 179/1) من حديث أبي عثمان سعد بن أبي وقاص مرفوعاً. وقال أبو نعيم:
((حديث ثابت مشهور)).
واعلم أن المراد بأهل الغرب في هذا الحديث أهل الشام؛ لأنهم يقعون في الجهة الغربية الشمالية بالنسبة للمدينة المنورة التي فيها نطق عليه الصلاة والسلام بهذا الحديث الشريف، وبهذا فسر الحديث الإمام أحمد رحمه الله. وأيده شيخ الإسلام ابن تيمية في عدة مواضع من ((الفتاوى)) (7/ 446و27/ 41و507و28/ 531و552)، وقد أبعد النجعة من فسره من المعاصرين ببلاد (المغرب) المعروفة اليوم في شمال إفريقيا؛ لأنه مما لا سلف له؛ مع مخالفته لإمام السنة وشيخ الإسلام.
وإذا عرفت هذا ففي الحديث بشارة عظيمة لمن كان في الشام من أنصار السنة المتمسكين بها، والذابين عنها، والصابرين في سبيل الدعوة إليها. نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم، وأن يحشرنا في زمرتهم تحت لواء صاحبها محمد صلى الله عليه وسلم.
الخلافة والملك
976 - (تَدُورُ رَحَى الْإِسْلَامِ بعد خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، أَوْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، أَوْ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ، فَإِنْ يَهْلَكُوا فَسَبِيلُ مَنْ هَلَكَ، وَإِنْ يَقُمْ لَهُمْ دِينُهُمْ يَقُمْ لَهُمْ سَبْعِينَ عَامًا. قُلْتُ: ((وفي رواية: قال عمر يانبي الله) مِمَّا بَقِيَ أَوْ مِمَّا مَضَى؟ قَالَ مِمَّا مَضَى).
هذا حديث صحيح من معالم نبوته صلى الله عليه وسلم، يرويه عنه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وله عنه طرق:
الأولى: عن منصور عن ربعي بن حراش عن البراء بن ناجية عنه به.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/433)
أخرجه أبودود (4254)، والطحاوي في ((مشكل الآثار)) (1/ 235و236)، والحاكم (4/ 521)، وأحمد (1/ 393)، وأبو يعلى في ((المسند)) أيضاً (ق255/ 1)، وابن الأعرابي في ((معجمه)) (ق141/ 2)، وابن عدي في ((الكامل)) (ق91/ 1)، والخطيب في ((الفقيه والمتفقه)) (ق63/ 2)، والخطابي في ((غريب الحديث)) (ق116/ 2 - 117/ 1) من طرق عن منصور به. وقال الحاكم:
((صحيح الإسناد) 9، ووافقه الذهبي.
قلت: وهو كما قالا، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير البراء بن ناجية وهو ثقة.
الثانية: عن قاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عنه مرفوعاً به دون قوله: ((قلت ... )).
أخرجه أحمد (1/ 390و451)، وأبو يعلى (8/ 425/5009و9/ 201/5298 - ط) والطحاوي وابن الأعرابي، وابن حبان في ((صحيحه)) (1865 - موارد)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (10/ 211/10356)، والخطابي من طرق عنه.
قلت: وهذا سند صحيح أبضاً على شرط الشيخين؛ على ما في سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود من أبيه من الاختلاف، والراجح عندي أنه سمع منه؛ كما هو مبين في غير هذا الموضع.
الثالثة: عن شريك عن مجالد عن الشعبي عن مسروق عنه.
أخرجه الطحاوي، والطبراني (10/ 195/10311).
(فائدة):قال الخطيب رحمه الله تعالى:
((قوله: ((تدور رحى الإسلام)) مثل؛ يريد أن هذه المدة إذا انتهت حدث في الإسلام أمر عظيم، يخاف لذلك على أهله الهلاك، يقال للأمر إذا تغير واستحال: قد دارت رحاه، وهذا _ والله أعلم _ إشارة إلى انقضاء مدة الخلافة.
وقوله: ((يقم لهم دينهم))، أي: ملكهم وسلطانهم، والدين: الملك والسلطان، ومنه قوله تعالى ((ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك))،وكان بين مبايعة الحسن بن علي معاوية بن أبي سفيان _ إلى انقضاء ملك بني أمية من المشرق _ نحواً من سبعين سنة)).
وقال الطحاوي رحمه الله تعالى:
((وقوله: ((بعد خمس وثلاثين، أو ست وثلاثين ... )) ليس ذلك على الشك، ولكن يكون ذلك فيما يشاء الله عز وجل من تلك السنين، فشاء عز وجل أن كان ذلك في سنة خمس وثلاثين، فتهيأ فيها على المسلمين حصر إمامهم، وقبض يده عما يتولاه عليهم؛ مع جلالة مقداره؛ لأنه من الخلفاء الراشدين المهديين، وحتى كان ذلك سبباً لسفك دمه رضوان الله عليه، وحتى كان ذلك سبباً لوقوع اختلاف الآراء، فكان ذلك مما لو هلكوا عليه لكان سبيل من هلك لعظمه، ولما حل بالإسلام منه، ولكن الله ستر وتلافى، وخلف في أمته من يحفظ دينهم عليهم، ويبقي ذلك لهم)).
كتاب المعاملات والآداب والحقوق العامة
حض الإسلام على استثمار الأرض وزرعها
7 - (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ).
8 - (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إِلَّا كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً وَمَا سُرِقَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةٌ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ وَمَا أَكَلَتْ الطَّيْرُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ وَلَا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ [إلى يوم القيامة]).
يَرْزَؤُهُ: أي ينقصه ويأخذ منه.
9 - (عن أنس رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ و في َيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيغرسها).
رواه أحمد، والطيالسي، والبخاري (في الأدب المفرد)، وابن الأعرابي عن هشام بن زيد عنه.
الفسيلة: هي النخلة الصغيرة , وهي الودية.
ولا أدل على الحض على الاستثمار في هذه الأحاديث الكريمة , لا سيما الحديث الأخير منها , فإن فيه ترغيباً عظيماً على اغتنام آخر فرصة من الحياة في سبيل زرع ما ينتفع به الناس بعد موته , فيجرى له أجره , وتكتب له صدقته إلى يوم القيامة.
وقد ترجم الإمام البخاري في المصدر السابق لهذا الحديث بقوله: (باب اصطناع المال).
ثم روى عن الحارث بن لقيط قال: (كان الرجل منا تنتج فرسه , فينحرها , فيقول: أنا أعيش حتى أركب هذه؟ فجاءنا كتاب عمر أن أصلحوا ما رزقكم الله , فإن في الأمر تنفساً) , وسنده صحيح.
وروي أيضا بسند صحيح عن داود قال: قال لي عبد الله بن سلم: (إن سمعت بالدجال قد خرج وأنت علي ودية تغرسها , فلا تجعل أن تصلحه , فإن للناس بعد ذلك عيشاً).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/434)
وروى أبن جرير عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: (سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي: ما يمنعك أن تغرس أرضك؟ فقال له أبي: أني شيخ كبير أموت غداً فقال له عمر: أعزم عليك , لا تغرسنها، فلقد رأيت عمر بن خطاب يغرسها بيده مع أبي).
ولذلك عد بعض الصحابة الرجل يعمل في إصلاح أرضه عاملا من عمال الله عز وجل.
فروى البخاري في (الأدب المفرد) عن نافع بن عاصم إنه سمع عبدالله بن عمر قال لابن أخ له خرج من الوهط: أيعمل عمالك؟.قال لا أدري. قال: أم لو كنت ثقفياً , لعلمت ما يعمل عمالك. ثم ألتفت إلينا فقال: إن الرجل أذا عمل مع عماله في داره [وقال الراوي مرة في ماله] , كان عاملا من عمال الله عز وجل) , وسنده حسن أن شاء الله تعالى.
والوهط في اللغة: هو البستان , وهي أرض عظيمة كانت لعمرو بن العاص بالطائف على ثلاثة أميال من وج , يبدو أنه خلفها لأولاده.
هذا بعض ما أثمرته تلك الأحاديث في جملتها من السلف الصالح رضي الله عنهم.
وقد ترجم البخاري في صحيحه للحديثين الأولين بقوله: (باب فضل الزرع إذا أكل منه).
قال ابن المنذر: (أشار البخاري إلى إباحة الزرع وأن من نهى عنه – كما ورد عن عمر – فمحله ما إلى شغل الحرث عن الحرب ونحوه من الأمور المطلوبة وعلى ذلك يحمل حديث أبى أمامة المذكور في الباب الذي بعده).
قلت: سيأتي الكلام على الحديث المشار إليه قريبا ان شاء الله تعالى.
التكالب على الدنيا يورث الذل
ذكرت آنفاً بعض الأحاديث الواردة في الحض على استثمار الأرض , مما لا يدع مجالاً للشك في أن الإسلام شرع ذلك للمسلمين , ورغبهم فيه أيما ترغيب.
والآن نورد بعض الأحاديث التي قد يتبادر لبعض الأذهان الضعيفة أو القلوب المريضة أنها معارضة للأحاديث المتقدمة , وهي في الحقيقة غير منافية لها , إذا ما أحسن فهمها , وخلت النفس من اتباع هواها.
10 - (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ وَرَأَى سِكَّةً وَشَيْئًا مِنْ آلَةِ الْحَرْثِ فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَدْخُلُ هَذَا بَيْتَ قَوْمٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الذُّلَّ).
وقد وفق العلماء بين هذا الحديث والأحاديث المتقدمة آنفاً بوجهين اثنين:
الأول: أن المراد بالذل ما يلزمهم من حقوق الأرض التي تطالبهم بها الولاة من خراج أو عشر , فمن أدخل نفسه في ذلك , فقد عرضها للذل.
قال المناوي في (الفيض):
(ليس هذا ذماً للزراعة , فإنها محمودة مثاب عليها , لكثرة أكل العوافي منها , إذ لا تلازم بين ذل الدنيا وحرمان ثواب البعض)
ولهذا قال ابن التين:
(هذا من إخباره صلى الله عليه وسلم بالمغيبات , لأن المشاهد الآن أن أكثر الظلم إنما هو على أهل الحرث).
الثاني: أنه محمول على من شغله الحرث والزرع عن القيام بالواجبات , كالحرب ونحوه , وإلى هذا ذهب البخاري , حيث ترجم للحديث بقوله: (باب ما يحذر من عواقب الاشتغال بآلة الزرع , أو مجاوزة الحد الذي أمر به).
فإن من المعلوم أن الغلو في السعي وراء الكسب يلهي صاحبه عن الواجب , ويحمله على التكالب على الدنيا , والإخلاد إلى الأرض , والإعراض عن الجهاد , كما هو مشاهد من الكثيرين من الأغنياء.
ويؤيد هذا الوجه قوله صلى الله عليه وسلم:
11 - (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ).
فتأمل كيف بين هذا الحديث ما أجمل في حديث أبي أمامة المتقدم قبله؟ فذكر أن تسليط الذل ليس لمجرد الزرع والحرث , بل لما اقترن به من الإخلاد إليه , والانشغال به عن الجهاد في سبيل الله , فهذا هو المراد بالحديث , وأما الزرع الذي لم يقترن به شئ من ذلك , فهو المراد بالأحاديث المرغبة في الحرث , فلا تعارض بينها ولا إشكال.
تنبيه:
من البواعث على كتابة هذا المقال: أن مستشرقاً ألمانياً زعم لأحد الطلاب المسلمين السوريين هناك أن الإسلام يحذر أهله من تعاطي أسباب استثمار الأرض , واحتج بهذا الحديث , وقال: إنه في البخاري , متعامياً عن المعنى الذي ذكره البخاري نفسه في ترجمته للحديث كما سبق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/435)
12 - (لَا تَتَّخِذُوا الضَّيْعَةَ فَتَرْغَبُوا فِي الدُّنْيَا).
واعلم أن هذا التكثر المفضي إلى الانصراف عن القيام بالواجبات – التي منها الجهاد في سبيل الله – هو المراد بالتهلكة المذكورة في قوله تعالى (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) البقرة 195 , وفي ذلك نزلت الآية , خلافاً لما يظن كثير من الناس , فقد قال أسلم أبو عمران:
13 - (غَزَوْنَا مِنْ الْمَدِينَةِ نُرِيدُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ [وعلى أهل مصر عقبة بن عامر] , وَعَلَى الْجَمَاعَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَالرُّومُ مُلْصِقُو ظُهُورِهِمْ بِحَائِطِ الْمَدِينَةِ فَحَمَلَ رَجُلٌ [منا] عَلَى الْعَدُوِّ فَقَالَ النَّاسُ مَهْ مَهْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يُلْقِي بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ [الأنصاري: إنما تأولون هذه الآية هكذا , أن حمل رجل يقاتل يلتمس الشهادة ,أو يبلي من نفسه] إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ لَمَّا نَصَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ قُلْنَا [بيننا خفياً من رسول الله صلى الله عليه وسلم]: هَلُمَّ نُقِيمُ فِي أَمْوَالِنَا وَنُصْلِحُهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ فَالْإِلْقَاءُ بِالْأَيْدِي إِلَى التَّهْلُكَةِ أَنْ نُقِيمَ فِي أَمْوَالِنَا وَنُصْلِحَهَا وَنَدَعَ الْجِهَادَ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ فَلَمْ يَزَلْ أَبُو أَيُّوبَ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى دُفِنَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ).
من أدبه صلى الله عليه وسلم عند التوديع
14 – (أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ).
15 - (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْخَطْمِيِّ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ الْجَيْشَ قَالَ أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكُمْ وَأَمَانَتَكُمْ وَخَوَاتِيمَ أَعْمَالِكُمْ).
16 - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا وَدَّعَ أَحَدًا قَالَ أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ)
يستفاد من هذا الحديث الصحيح جملة فوائد:
الأولى: مشروعية التوديع بالقول الوارد فيه: (أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ)، ويجيبه المسافر فيقول: (أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه) , أنظر " الكلم الطيب "
الثانية: الأخذ باليد الواحدة في المصافحة , وقد جاء ذكرها في أحاديث كثيرة , وعلى ما دل عليه هذا الحديث يدل اشتقاق هذه اللفظة في اللغة , ففي (لسان العرب):
(والمصافحة: الأخذ باليد , والتصافح مثله , والرجل يصافح الرجل: إذا وضع صفح كفه في صفح كفه , وصفحا كفيهما: وجهاهما , ومنه حديث المصافحة عند اللقاء , وهي مفاعلة من إلصاق صفح الكف بالكف , وإقبال الوجه على الوجه).
قلت: وفي بعض الأحاديث المشار إليها ما يفيد هذا المعنى أيضاً , كحديث حذيفة مرفوعاً (إن المؤمن إذا لقي المؤمن , فسلم عليه , وأخذ بيده فصافحه , تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر).
فهذه الأحاديث كلها تدل على أن السنة في المصافحة الأخذ باليد الواحدة , فما يفعله بعض المشايخ من التصافح باليدين كلتيهما خلاف السنة , فليعلم هذا.
الفائدة الثالثة: أن المصافحة تشرع عند المفارقة أيضاً , ويؤيده عموم قوله صلى الله عليه وسلم (من تمام التحية المصافحة).
وهو حديث جيد باعتبار طرقه , ولعلنا نفرد له فصلاً خاصاً إن شاء الله تعالى , ثم تتبعت طرقه , فتبين لي أنها شديدة الضعف , لا تصلح للاعتبار وتقوية الحديث بها , ولذلك أوردته في (السلسلة الأخرى) (1288).
ووجه الاستدلال – بل الاستشهاد – به إنما يظهر باستحضار مشروعية السلام عند المفارقة أيضاً , لقوله صلى الله عليه وسلم (إِذَا دخل أَحَدُكُمْ الْمَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ وَإِذَا خرجَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتْ الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنْ الْآخِرَى) رواه ابوداود والترمذي وغيرهما بسند حسن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/436)
فقول بعضهم , إن المصافحة عند المفارقة بدعة , مما لا وجه له.
نعم , إن الواقف على الأحاديث الواردة في المصافحة عند الملاقاة يجدها أكثر وأقوى من الأحاديث الواردة في المصافحة عند المفارقة , ومن كان فقيه النفس , يستنتج من ذلك أن المصافحة الثانية ليست مشروعيتها كالأولى في الرتبة , فالأولى سنة , والأخرى مستحبة , وأما أنها بدعة , فلا , للدليل الذي ذكرنا.
وأما المصافحة عقب الصلوات فبدعة لا شك فيها , إلا أن تكون بين اثنين لم يكونا قد تلاقيا قبل ذلك , فهي سنة كما علمت.
من الرفق بالحيوان
20 - (أَفَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ).
روه أبوداود، والحاكم، وأحمد، وابويعلى، والبيهقي، وابن عساكر، والضياء من طريق محمد بن عبدالله بن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ وَكَانَ أَحَبُّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ هَدَفًا أَوْ حَائِشَ النَخْلٍ فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَإِذَا جَمَلٌ (فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَ سراته إلى سنامه و ذِفْرَاهُ فسكن) فَقَالَ مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ فَجَاءَ فَتًى مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: (فذكر الحديث)، قال الحاكم (صحيح الإسناد) ووفقه الذهبي، وهو كما قالا.
والزيادة التي بين القوسين لابن عساكر والضياء.
تدئبه: تكده وتتعبه، كما في النهاية.
21 - (ارْكَبُوا هَذِهِ الدَّوَابَّ سَالِمَةً وَايْتَدِعُوهَا سَالِمَةً وَلَا تَتَّخِذُوهَا كَرَاسِيَّ).
أخرجه ابن حبان , والحاكم , والبيهقي , وأحمد , وابن قانع , وابن عبدالحكم , وابن عساكر , عن الليث بن سعد عن يزيد بن حبيب عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه – وكانت له صحبة – مرفوعاً.
قال الحاكم: صحيح الإسناد , ووافقه الذهبي , وهو كما قالا.
وقد أخرجه أحمد من طريق ابن لهيعة: ثنا الزبان عن سهل به , وزاد: (فَرُبَّ مَرْكُوبَةٍ خَيْرٌ مِنْ رَاكِبِهَا وَأَكْثَرُ ذِكْرًا لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ) , وهذه الزيادة ضعيفة , لما عرفت من حال راويه زبان عن سهل , ولا سيما أن فيه ابن لهيعة , وهو ضعيف أيضاً.
وقوله: وايتدعوه، أي: أتركوها ورفهوا عنها إذا لم تحتاجوا إلى ركوبها، وهو افتعال من ودع – بالضم – وداعة ودعة أي: سكن وترفه , وايتدع , فهو متدع , أي: صاحب دعة , أو من ودع إذا ترك , يقال اتدع وايتدع علي القلب والإدغام والإظهار , كذا في النهاية ولسان العرب، ومنه يتضح ان قوله وايتدعوها صواب خلافاً لظن أحد المصحيحين الفضلاء فقتضى التنبيه والله الموفق.
تنبيه: وقع خطاء مطبعي فاحش في تفسير ابن كثير (3/ 42) , فإنه ساق فيه رواية أحمد من طريق ابن لهيعة عن زبان المتقدمة من روايته عن سهل بن معاذ ابن أنس , فتحرف على الطابع (بن أنس) إلى (عن أنس) فصار الحديث من مسند أنس ولم يتنبه لهذا الخطأ الشيخ الصابوني لجهله الشديد بهذا العلم الشريف , فجعل الحديث في (مختصره) (2/ 379) من رواية أحمد عن أنس وهذا مما لا أصل له في كتب السنة إطلاقاً.
ومع هذا الخطأ الفاحش منه , فإن إراده لهذا الحديث الضعيف مما يؤكد جهله المذكور , ويدل على كذبه فيما ادعاه في مقدمة (مختصره) أنه لم يورد فيه إلا الأحاديث الصحيحة , وقد نبهت على كثير من أحاديثه الواهية في مناسبات كثيرة من هذه السلسلة وغيرها , فانظر مثلاً مقدمة المجلد الرابع من الضعيفة , ومقدمة الصحيحة المجلد الرابع , الأمر الذي يجعل الباحث يقطع بأنه دعي يتشبع بما لم يعط , والله المستعان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/437)
22 - (إِيَّاكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا ظُهُورَ دَوَابِّكُمْ مَنَابِرَ فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُبَلِّغَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ وَجَعَلَ لَكُمْ الْأَرْضَ فَعَلَيْهَا فَاقْضُوا حَاجَتَكُمْ).
23 - (اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْمُعْجَمَةِ فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً وَكُلُوهَا صَالِحَةً).
رواه ابوداود من طريق مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ عَنْ سَهْلِ ابْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعِيرٍ قَدْ لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ فَقَال: (فذكره).
وقد تابعه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ به أتم منه , ولفظه: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ فَمَرَّ بِبَعِيرٍ مُنَاخٍ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ ثُمَّ مَرَّ بِهِ آخِرَ النَّهَارِ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ فَقَالَ أَيْنَ صَاحِبُ هَذَا الْبَعِيرِ فَابْتُغِيَ فَلَمْ يُوجَدْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ ثُمَّ ارْكَبُوهَا صِحَاحًا وَارْكَبُوهَا سِمَانًا كَالْمُتَسَخِّطِ آنِفًا.
رواه ابن حبان , وأحمد , والطبراني , وسنده صحيح على شرط البخاري.
تنبيه: قوله: َكُلُوهَا: قيدوها بضم الكاف , من الأكل , وعليه جرى المناوي في شرح هذه الكلمة , فإذا صحة الرواية بذلك , فلا كلام , وإلا فالأقرب عندي أنها: كلوها بكسر الكاف , من وكل يكل كل , أي: اتركوها , هذا هو المتبادر من سياق الحديث ويؤيده الحديث المتقدم بلفظ: (ارْكَبُوا هَذِهِ الدَّوَابَّ سَالِمَةً وَايْتَدِعُوهَا سَالِمَةً وَلَا تَتَّخِذُوهَا كَرَاسِيَّ) , أي: اتركوها سالمة والله أعلم.
الْمُعْجَمَةِ: أي: التي لا تقدر على النطق , فتشكوا ما أصابها من جوع أو عطش , وأصل الأعجم: الذي لا يفصح بالعربية ولا يجيد التكلام بها , عجمياً كان أو عربياً , سمي به لعجمة لسانه , والتباس كلامه.
24 – (أفلا قبل هذا؟ أو تريد أن تميتها موتتين؟).
رواه الطبراني في الكبير والأوسط , والبيهقي عن يوسف بن عدي: ثنا عبدالرحيم بن سليمان الرازي عن عاصم الأحول عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل واضع رجله على صفحة شاة، وهو يُحد شفرته، وهي تلحظ إليه ببصرها , فقال: (فذكره).
25 – (مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا).
رواه البخاري في (الأدب المفرد) , وابوداود , والحاكم عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَرَأَيْنَا حُمَرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا فَجَاءَتْ الْحُمَرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرِشُ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ (فذكره).
والسياق لأبي داود , وزاد: (وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا فَقَالَ مَنْ حَرَّقَ هَذِهِ؟ قُلْنَا: نَحْنُ. قَالَ: إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ) , وسنده صحيح.
الْحُمَرَةُ: بضم الحاء وفتح الميم المشددة: طائر صغير كالعصفور , أحمر اللون.
تَفْرِشُ: بحذف إحدى التاءين , كـ (تذكر) , أي: ترفرف بجناحيها , وتقترب من الأرض.
26 - (وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللَّهُ).
رواه البخاري في (الأدب المفرد) , والطبراني , وكذا أحمد , والحاكم , وابن عدي , وأبونعيم , وابن عساكر من طرق عن مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَجُل: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأَذْبَحُ الشَّاةَ فأَرْحَمُهَا. قال: (فذكره) , وزاد البخاري: (مرتين) وسنده صحيح.
27 - (من رحم ولو ذبيحة عصفور، رحمه الله يوم القيامة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/438)
28 – (عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا سَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْض).
خَشَاشِ الْأَرْض: هي الحشرات والهوام.
29 - (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ إِذْ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ وَخَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ فَقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنْ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ مِنِّي فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا فَقَالَ فِي كُلِّ ذِات كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ).
30 - (بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ).
الركية: بئر لم تطو أو طويت.
ومن الآثار في الرفق بالحيوان:
أ – عن المسيب بن دار قال: (رأيت عمر بن الخطاب ضرب جمالاً , وقال: لم تحمل على بعيرك ما لا يطيق؟).
ب- عن عاصم بن عبيدالله بن عاصم بن عمر بن الخطاب: (أن رجلاً حد شفرة , وأخذ شاة ليذبحها , فضربه عمر بالدرة , وقال: أتعذب الروح؟ ألا فعلت هذا قبل أن تأخذها؟).
ج – عن محمد بن سيرين: (أن عمر رضي الله عنه رأى رجلاً يجر شاة ليذبحها , فضربه بالدرة وقال: سقها – لا أم لك – إلى الموت سوقاً جميلاً).
د- عن وهب بن كيسان: (أن ابن عمر رأى راعي غنم في مكان قبيح , وقد رأى ابن عمر مكاناً أمثل منه , فقال ابن عمر: ويحك ياراعي حولها , فإني سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: [كل راع مسؤول عن رعيته]).
هـ - عن معاوية بن قرة قال: (كان لأبي الدرداء جمل يقال له: [دمون] , فكان إذا استعاروه منه , قال: لا تحملوا عليه إلا كذا وكذا , فإنه لا يطيق أكثر من ذلك , فلما حضرته الوفاة قال: يا دمون لا تخاصمني غداً عند ربي , فإني لم أكن أحمل عليك إلا ما تطيق).
و – وعن أبي عثمان الثقفي قال: (كان لعمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه غلام يعمل على بغل له , يأتيه بدرهم كل يوم , فجاء يوماً بدرهم ونصف , فقال أما بدا لك؟ قال: نفقت السوق , قال: لا , ولكنك أتعبت البغل أجمه ثلاثة أيام).
تلك هي بعض الآثار التي وقفت عليها حتى الآن، وهي تدل على مبلغ تأثر المسلمين الأولين بتوجهات النبى صلى الله عليه وسلم في الرفق بالحيوان , وهي في الحقيقة قل من جل ونقطة من بحر , وفي ذلك بيان واضح أن الإسلام هو الذي وضع للناس مبدأ الرفق بالحيوان , خلافاً لما يظنه بعض الجهال بالإسلام أنه من وضع الكفار الأوربيين , بل ذلك من الآداب التي تلقوها عن المسلمين الأولين , ثم توسعوا فيها , ونظموها تنظيماً دقيقاً , وتبنتها دولهم , حتى صار الرفق بالحيوان من مزاياهم اليوم , حتى توهم الجهال أنه من خصوصياتهم وغرهم في ذلك أنه لا يكاد يرى هذا النظام مطبقاً في دولة من دول الإسلام , وكانوا هم أحق بها وأهلها.
وقد بلغ الرفق بالحيوان في بعض البلاد الأوربية درجة لا تخلو من المغالاة , ومن الأمثلة على ذلك ما قرأته في (مجلة الهلال) (مجلد 27ج9ص126) تحت عنوان (الحيوان والإنسان):
(إن محطة السكك الحديدية في (كوبنهاجن) كان يتعشعش فيها الخفاش زهاء نصف قرن , فلما تقرر هدمها وإعادة بنائها , أنشأت البلدية برجاٍ كلفته عشرات الألوف من الجنيهات , منعاً من تشرد الخفاش).
وحدث منذ ثلاث سنوات أن سقط كلب صغير في شق صغير بين صخرتين في إحدى قرى (إنكلترا) فجند له أولو الأمر مائة من رجال المطافئ لقطع الصخور وإنقاذ الكلب.
وثار الرأي العام في بعض البلاد أخيراً عندما اتخذ الحيوان وسيلة لدراسة الظواهر الطبيعية , حين أرسلت روسيا كلباً في صاروخها , وأرسلت أمريكا قرداً.
فضل إطعام الطعام
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/439)
44 - (قال عمر لصهيب: أي رجل أنت , لولا خصال ثلاث فيك , قال: وما هن , قال: اكتنيت وليس لك ولد , وانتميت إلى العرب وأنت من الروم , وفيك سرف في الطعام. قال: أما قولك: اكتنيت ولم يولد لك , فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناني أبا يحيى. وأما قولك: انتميت إلى العرب ولست منهم , وأنت رجل من الروم , فإني رجل من النمر بن قاسط , فسبتني الروم من الموصل بعد إذ أنا غلام عرفت نسبي. وأما قولك: فيك سرف في الطعام , فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خِيَارُكُمْ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ).
وفي هذا الحديث فوائد:
الأولى: مشروعية الاكتناء لمن لم يكن له ولد , بل قد صح في البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كنى طفلة صغيرة حينما كساها ثوباً جميلاً , فقال لها (هذا سنا ياأم خالد , هذا سنا يا ام خالد).
وقد هجر المسلمون – لا سيما الأعاجم منهم – هذه السنة العربية الإسلامية , فقلما تجد من يكتني منهم , ولو كان له طائفة من الأولاد , فكيف من لا يولد له؟.
وأقاموا مقام هذه السنة ألقاباً مبتدعة , مثل الأفندي , والبيك , و الباشا , ثم السيد , أو الأستاذ , ونحو ذلك مما يدخل بعضه أو كله في باب التزكية المنهي عنها في أحاديث كثيرة , فلينتبه لهذا.
الثانية: فضل إطعام الطعام , وهو من العادات الجميلة التي امتاز بها العرب على غيرهم من الأمم , ثم جاء الإسلام واكد أيما توكيد , كما في الحديث الشريف , بينما لا تعرف ذلك أوربا , و تستذوقه اللهم إلا من دان بالإسلام منها , كالألبان ونحوهم.
وإن مما يؤسف له أن قومنا بدؤوا يتاثرون بأوربا في طريقة حياتها – ما وافق الإسلام منها وما خالف – فأخذوا لا يهتمون بالضيافة , ولا يلقون لها بالاً , اللهم إلا ما كان منها في المناسبات الرسمية , ولسنا نريد هذا , بل إذا جاءنا أي صديق مسلم , وجب علينا أن نفتح له دورنا , وأن نعرض عليه ضيافتنا , فذلك حق له علينا ثلاثة أيام كما جاء في الأحاديث الصحيحة.
وإن من العجائب التى يسمعها المسلم في هذا العصر الاعتزاز بالعربية ممن لا يقدرها قدرها الصحيح , إذ لا نجد في كثير من دعاتها اللفظيين من تتمثل فيه الأخلاق العربية , كالكرم , والغيرة , والعزة , وغيرها من الأخلاق الكريمة التي هي من مقومات الأمم , ورحم الله من قال:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت .............. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وأحسن منه قول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
45 - (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مكارم – وفي رواية صَالِحَ – الْأَخْلَاقِ).
من أدب النوم والسفر
60 - (نَهَى عَنْ الْوَحْدَةِ أَنْ يَبِيتَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ أَوْ يُسَافِرَ وَحْدَهُ).
61 - (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ فِي الْوَحْدَةِ ما أعلم مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ [أَبَدًا]).
62 - (الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ).
رواه مالك , وعنه ابوداود، وكذا الترمذي , والحاكم , والبيهقي , وأحمد، والخطيب من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً.
وسببه كما في " المستدرك " والبيهقي: أم رجلاً قدما من سفره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صحبت؟ فقال: ما صحبت أحداً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فذكره
في هذه الأحاديث تحريم سفر المسلم وحده , وكذا لو كان معه آخر , لظاهر النهي في الحديث الذي قبل هذا ولقوله فيه شيطان , أي عاص , كقوله تعالى (شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ) , فإن معناه: عصاتهم , كما قال المنذري.
وقال الطبري:
(هذا زجر أدب وإرشاد , لما يخاف على الواحد من الوحشة , وليس بحرام فالسائر وحده بفلاة , والبائت في بيت وحده , لا يأمن من الاستيحاش , سيما إن كان ذا فكرة رديئة , أو قلب ضعيف , والحق أن الناس يتفاوتون في ذلك , فوقع الزجر لحسم المادة , فيكره الانفراد سداً للباب , والكراهة في الاثنين أخف منها في الواحد) , ذكره المناوي في الفيض.
قلت: ولعل الحديث أراد السفر في الصحارى والفلوات التي قلما يرى المسافر فيها أحداً من الناس , فلا يدخل فيها السفر اليوم في الطرق المعبدة الكثيرة المواصلات. والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/440)
ثم إن فيه رداً صريحاً على خروج بعض الصوفية إلى الفلاة وحده للسياحة وتهذيب النفس – زعموا – وكثيراً ما تعرضوا في أثناء ذلك للموت عطشاً وجوعاً , أو لتكفف أيدي الناس , كما ذكروا ذلك في الحكايات عنهم , وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
حكم القيام للداخل
67 - (قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ فَأَنْزَلُوهُ فَقَالَ عُمَرُ سَيِّدُنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ أَنْزِلُوهُ فَأَنْزَلُوهُ).
أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) , والإمام أحمد والسياق له , وابن سعد , وابن حبان عن مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ قَالَتْ:
(خَرَجْتُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَقْفُو آثَارَ النَّاسِ قَالَتْ فَسَمِعْتُ وَئِيدَ الْأَرْضِ وَرَائِي يَعْنِي حِسَّ الْأَرْضِ قَالَتْ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَمَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ يَحْمِلُ مِجَنَّهُ قَالَتْ فَجَلَسْتُ إِلَى الْأَرْضِ فَمَرَّ سَعْدٌ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ مِنْ حَدِيدٍ قَدْ خَرَجَتْ مِنْهَا أَطْرَافُهُ فَأَنَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أَطْرَافِ سَعْدٍ قَالَتْ فَمَرَّ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ لَبث قَلِيلًا يُدْرِكُ الْهَيْجَا حَمَلْ مَا أَحْسَنَ الْمَوْتَ إِذَا حَانَ الْأَجَلْ قَالَتْ فَقُمْتُ فَاقْتَحَمْتُ حَدِيقَةً فَإِذَا فِيهَا نَفَرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَإِذَا فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ سَبْغَةٌ لَهُ يَعْنِي مِغْفَرًا فَقَالَ عُمَرُ مَا جَاءَ بِكِ لَعَمْرِي وَاللَّهِ إِنَّكِ لَجَرِيئَةٌ وَمَا يُؤْمِنُكِ أَنْ يَكُونَ بَلَاءٌ أَوْ يَكُونَ تَحَوُّزٌ قَالَتْ فَمَا زَالَ يَلُومُنِي حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنَّ الْأَرْضَ انْشَقَّتْ لِي سَاعَتَئِذٍ فَدَخَلْتُ فِيهَا قَالَتْ فَرَفَعَ الرَّجُلُ السَّبْغَةَ عَنْ وَجْهِهِ فَإِذَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَ يَا عُمَرُ إِنَّكَ قَدْ أَكْثَرْتَ مُنْذُ الْيَوْمَ وَأَيْنَ التَّحَوُّزُ أَوْ الْفِرَارُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَتْ وَيَرْمِي سَعْدًا رَجُلٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْعَرِقَةِ بِسَهْمٍ لَهُ فَقَالَ لَهُ خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْعَرَقَةِ فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ فَقَطَعَهُ فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَعْدٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَا تُمِتْنِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ قُرَيْظَةَ قَالَتْ وَكَانُوا حُلَفَاء وَمَوَالِيَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَتْ فَرَقَى كَلْمُهُ – أي: جرحه - وَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الرِّيحَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَكَفَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَوِيًّا عَزِيزًا فَلَحِقَ أَبُو سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ بِتِهَامَةَ وَلَحِقَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ وَمَنْ مَعَهُ بِنَجْدٍ وَرَجَعَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ فَتَحَصَّنُوا فِي صَيَاصِيهِمْ وَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَوَضَعَ السِّلَاحَ وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَضُرِبَتْ عَلَى سَعْدٍ فِي الْمَسْجِدِ قَالَتْ فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام وَإِنَّ عَلَى ثَنَايَاهُ لَنَقْعُ الْغُبَارِ فَقَالَ أوَقَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ وَاللَّهِ مَا وَضَعَتْ الْمَلَائِكَةُ بَعْدُ السِّلَاحَ اخْرُجْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَقَاتِلْهُمْ قَالَتْ فَلَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأْمَتَهُ وَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ أَنْ يَخْرُجُوا فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَّ عَلَى بَنِي غَنْمٍ وَهُمْ جِيرَانُ الْمَسْجِدِ حَوْلَهُ فَقَالَ مَنْ مَرَّ بِكُمْ فَقَالُوا مَرَّ بِنَا دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ وَكَانَ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ تُشْبِهُ لِحْيَتُهُ وَسِنُّهُ وَوَجْهُهُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَتْ فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً فَلَمَّا اشْتَدَّ حَصْرُهُمْ وَاشْتَدَّ الْبَلَاءُ قِيلَ لَهُمْ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/441)
انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَشَارُوا أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنَّهُ الذَّبْحُ قَالُوا نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَنَزَلُوا وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَأُتِيَ بِهِ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ إِكَافٌ مِنْ لِيفٍ قَدْ حُمِلَ عَلَيْهِ وَحَفَّ بِهِ قَوْمُهُ فَقَالُوا يَا أَبَا عَمْرٍو حُلَفَاؤُكَ وَمَوَالِيكَ وَأَهْلُ النِّكَايَةِ وَمَنْ قَدْ عَلِمْتَ فلم يرجع إليهم شيئاً , وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِمْ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ دُورِهِمْ الْتَفَتَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ قَدْ آنَ لِي أَنْ لَا أُبَالِيَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَلَمَّا طَلَعَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ فَأَنْزَلُوهُ فَقَالَ عُمَرُ سَيِّدُنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ أَنْزِلُوهُ فَأَنْزَلُوهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْكُمْ فِيهِمْ قَالَ سَعْدٌ فَإِنِّي أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ وَتُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحُكْمِ رَسُولِهِ قَالَتْ ثُمَّ دَعَا سَعْدٌ قَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ عَلَى نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْئًا فَأَبْقِنِي لَهَا وَإِنْ كُنْتَ قَطَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ قَالَتْ فَانْفَجَرَ كَلْمُهُ وَكَانَ قَدْ بَرِئَ حَتَّى مَا يُرَى مِنْهُ إِلَّا مِثْلُ الْخُرْصِ وَرَجَعَ إِلَى قُبَّتِهِ الَّتِي ضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَحَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ قَالَتْ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ بُكَاءَ عُمَرَ مِنْ بُكَاءِ أَبِي بَكْرٍ وَأَنَا فِي حُجْرَتِي وَكَانُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ قَالَ عَلْقَمَةُ قُلْتُ أَيْ أُمَّهْ فَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ قَالَتْ كَانَتْ عَيْنُهُ لَا تَدْمَعُ عَلَى أَحَدٍ وَلَكِنَّهُ كَانَ إِذَا وَجِدَ فَإِنَّمَا هُوَ آخِذٌ بِلِحْيَتِهِ).
فيه فائدتان:
الأولي: اشتهر رواية الحديث بلفظ (لسيدكم) , والرواية في الحديثين كما رأيت: (إلى سيدكم) , ولا أعلم للفظ الأول أصلاً , وقد نتج منه خطأ فقهي , وهو الاستدلال به على استحباب القيام للقادم كما فعل ابن بطال وغيره.
قال الحافظ محمد بن ناصر أبو الفضل في (التنبيه على الألفاظ التي وقع في نقلها وضبطها وتصحيف وخطأ في تفسيرها ومعانيها وتحريف في كتاب الغريبين عن أبي عبيد الهروي) (ق 17/ 2):
(ومن ذلك ما ذكره في هذا الباب من ذكر السيد , وقال كقوله لسعد حين قال: قوموا لسيدكم , أراد أفضلكم رجلاً , قلت: والمعروف أنه قال: قوموا إلى سيدكم , قاله صلى الله عليه وسلم لجماعة من الأنصار لما جاء سعد بن معاذ محمولاً على حمار وهو جريح ..... أي: أنزلوه واحملوه , لا قوموا له من القيام له , فإنه أراد بالسيد: الرئيس المتقدم عليهم , وإن كان غيره افضل منه).
الثانية: اشتهر الاستدلال بهذا الحديث على مشروعية القيام للداخل , وأنت إذا تأملت في سياق القصة , يتبين لك أنه استدلال ساقط من وجوه كثيرة: أقواها قوله صلى الله عليه وسلم: (فأنزلوه) , فهو نص قاطع على أن الأمر بالقيام إلى سعد إنما كان لإنزاله من أجل كونه مريضاً , ولذلك قال الحافظ: (وهذه الزيادة تخدش في الاستدلال بقصة سعد على مشروعية القيام المتنازع فيه , وقد احتج به النووي في كتاب القيام).
وجوب التفكر في خلق السماوات والأرض
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/442)
68 - (لقد نزلت علي الليلة آيات، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها: [إن في خلق السماوات والأرض] الآية).
رواه أبو الشيخ ابن حبان في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وابن حبان في " صحيحه " عن يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن سعد بن سويد النخعي: نا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء قال: (دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها , فقال بن عمير: حدثينا بأعجب شئ رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم , فبكت وقالت: قام ليلة من الليالي، فقال: يا عائشة ذريني أتعبد لربي. قالت: فقلت: والله إني لأحب قربك , وأحب ما يسرك. قالت: فقام فتطهر، ثم قام يصلي , فلم يزل يبكي حتى بل حجره، ثم بكى، فلم يزل يبكي حتي بل الأرض، وجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي قال: يا رسول الله تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكورأً؟ لقد نزلت ... ) الحديث
فيه فضل النبي صلى الله عليه وسلم , وكثرة خشيته وخوفه من ربه , وإكثاره من عبادته , مع أنه تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر , فهو المنتهى في الكمال البشري , ولا جرم في ذلك , فهو سيد البشر صلى الله عليه وسلم.
لكن , ليس فيه ما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم قام الليل كله , لأنه لم يقع فيه بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم , ابتدأ القيام من بعد العشاء أو قريباً من ذلك , بل إن قوله (قام ليلة من الليالي , فقال ... ) الظاهر أن معناه: (قام من نومه .. ) , أي نام أوله ثم قام , فهو على هذا بمعنى حديثها الآخر: (كَانَ يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَيُحْيِ آخِرَهُ .. ) , أخرجه مسلم.
وإذا تبين هذا , فلا يصح حينئذ الاستدلال بالحديث على مشروعية إحياء الليل كله , كما فعل الشيخ عبد الحي اللكنوي في (إقامة الحجة على أن الإكثار من التعبد ليس بدعة) , قال (ص 13):
(فدل ذلك على أن نفي عائشة قيام الليل كله محمول على غالب أوقاته صلى الله عليه وسلم).
قلت: يشير بـ (نفي عائشة) إلى حديثها الآخر: (َلَمْ يَقُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً يُتِمُّهَا حتى الصَّبَاحِ وَلَمْ يَقْرَأْ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ قَطُّ) , أخرجه مسلم , وأبوداود , واللفظ له.
قلت: فهذا نص في النفي المذكور لا يقبل التأويل , وحمله على غالب الأوقات إنما يستقيم لو كان حديث الباب صريح الدلالة على أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام تلك الليلة بتمامها , أما وهو ليس كذلك كما بينا , فالحمل المذكور مردود , ويبقى النفي المذكور سالماً من التقييد , وبالتالي تبقى دلالته على عدم مشروعية قيام الليل كله قائمة , خلافاً لما ذهب إليه الشيخ عبد الحي في كتابه المذكور , وفيه كثير من المؤخذات التي لا مجال لذكرها الآن , وإنما أقول: إن طابعه التساهل في سرد الروايات المؤيدة لوجهة نظره , من أحاديث مرفوعة , وأثار موقوفة , وحسبك مثالاً على هذا أنه ذهب إلى تحسين حديث (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) , تقليداً منه لبعض المتأخرين , دون أن ينظر في دعواهم: هل هي تطابق الحقيقة وتوافق القواعد العلمية؟ مع ما في التحسين المذكور من المخالفة لنصوص الأئمة المتقدمين , كما بينته في (الأحاديث الضعيفة 52) , فراجعه لتزداد بصيرة بما ذكرنا.
من أدب الطعام
71 - (كَانَ إِذَا قُرِّبَ إليهُ طَعَامٌ يقَولَ بِسْمِ اللَّهِ فَإِذَا فَرَغَ قَالَ اللَّهُمَّ أَطْعَمْتَ وَأَسْقَيْتَ وَأَقْنَيْتَ وَهَدَيْتَ وأحييتَ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَعْطَيْتَ).
أقنيت , أي: ملكت المال وغيره.
وفي هذا الحديث الشريف أن التسمية في أول الطعام بلفظ (بِسْمِ اللَّهِ) , لا زيادة فيها , وكل الأحاديث التي وردت في الباب – كهذا الحديث – ليس فيها الزيادة , ولا أعلمها وردت في حديث , فهي بدعة عند الفقهاء بمعنى البدعة , وأما المقلدون , فجوابهم معروف: (شو فيها؟).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/443)
فنقول: فيها كل شئ , وهو الاستدراك على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي ما ترك شيئاً يقربنا إلى الله إلا أمرنا به وشرعه لنا , فلو كان ذلك مشروعاً ليس فيه شئ , لفعله ولو مرة واحدة , وهل هذه الزيادة إلا كزيادة الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من العاطس بعد الحمد؟ وقد أنكرها عبد الله بن عمر رضي الله عنه , كما في (مستدرك الحاكم) , وجزم السيوطي في (الحاوي للفتاوي) بأنها بدعة مذمومة , وقال ابن عابدين في (الحاشية) , بكراهيتها , فهل يستطيع المقلدون الإجابة عن السبب الذي حمل السيوطي على الجزم بذلك؟ قد يبادر بعض المغفلين منهم فيتهمه – كما هي عادتهم – بأنه وهابي , مع أن وفاته كانت قبل وفاة محمد بن عبدالوهاب بنحو ثلاث مئة سنة.
ويذكرني هذا بقصة طريفة في بعض المدارس في دمشق , فقد كان أحد الأساتذة المشهورين من النصارى يتكلم عن حركة محمد بن عبدالوهاب في الجزيرة العربية , ومحاربتها للشرك والبدع والخرافات , ويظهر أنه أطرى في ذلك , فقال بعض تلامذته: يظهر أن الأستاذ وهابي.
وقد يسارع آخرون إلى تخطئة السيوطي , ولكن , أين الدليل؟ والدليل معه , وهو قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ) , متفق عليه , وهو مخرج في (غاية المرام) , وفي الباب غيره مما سنجمعه في كتابنا الخاص بالمحدثات , والمسمى بـ (قاموس البدع) نسأل الله تعالى أن ييسر لنا إتمامه بمنه وفضله.
من مكارم الأخلاق
72 - (أحب للناس ما تحب لنفسك).
73 - (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ [مِنْ الْخَيْرِ]).
وأعلم أن هذه الزيادة [مِنْ الْخَيْرِ] زيادة هامة تحدد المعنى المراد من الحديث بدقة , إذ إن كلمة [الْخَيْرِ] كلمة جامعة تعم الطاعات والمباحات الدنيوية والأخروية وتخرج المنهيات , لأن اسم الخير لا يتناولها كما هو واضح , فمن كمال خلق المسلم أن يحب لأخيه المسلم من الخير مثلما يحب لنفسه , وكذلك أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه من الشر , وهذا وإن لم يذكر في الحديث , فهو من مضمونه , لأن حب الشئ مستلزم لبغض نقيضه , فترك التنصيص عليه اكتفاء , كما قال الكرماني , ونقله الحافظ في (فتح الباري) وأقره.
وقد عزا هذه الزيادة بعض المخرجين للشيخين , وذلك من جهلهم بهذا العلم.
من آداب الرؤيا
119 - (لَا تَقُصُّوا الرُّؤْيَا إِلَّا عَلَى عَالِمٍ أَوْ نَاصِحٍ).
أخرجه الترمذي والدارمي عن يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: (فذكره).
وقد جاء الحديث من طريق أخرى عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفيه زيادة توضح سبب هذا النهي وهو:
120 - (إن الرؤيا تقع على ما تعبر، ومثل ذلك مثل رجل رفع رجله فهو ينتظر متى يضعها، فإذا راى أحدكم رؤيا، فلا يحدث بها إلا ناصحا أو عالما).
والحديث صريح بأن الرؤيا تقع على مثل ما تعبر , ولذلك أرشدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أن لا نقصها إلا على ناصح أو عالم , لأن المفروض فيهما أن يختارا أحسن المعاني في تأويلها , فيقع على وفق ذلك , لكن مما لا ريب فيه أن ذلك مقيد بما إذا كان التعبير مما تحتمله الرؤيا , ولو على وجه , وليس خطأ محضاً , وإلا , فلا تأثير له حينئذ , والله أعلم.
وقد أشار إلى هذا المعنى الإمام البخاري في كتاب التعبير من صحيحه بقوله (بَاب مَنْ لَمْ يَرَ الرُّؤْيَا لِأَوَّلِ عَابِرٍ إِذَا لَمْ يُصِبْ) , ثم ساق حديث الرجل الذي رأى في المنام ظلة , وعبرها أبوبكر الصديق , ثم قال: فأخبرني يارسول الله بأبي أنت , أصبت أم أخطأت؟ قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
121 - (أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا).
وهو من حديث ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ولفظه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/444)
(أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ ظُلَّةً تَنْطُفُ بالسَّمْنَ وَالْعَسَلَ فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنْ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ ثُمَّ أَخَذَه رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ ثُمَّ أَخَذَهِ رَجُلٌ فَانْقَطَعَ ثُمَّ وُصِلَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَاللَّهِ لَتَدَعَنِّي فَأَعْبُرَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له اعْبُرْهَا قَالَ أَمَّا الظُّلَّةُ فَالْإِسْلَامُ وَأَمَّا الَّذِي يَنْطُفُ مِنْ الْعَسَلِ وَالسَّمْنِ فَالْقُرْآنُ حَلَاوَتُهُ تَنْطُفُ فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ فَالْحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللَّهُ ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ فَيَعْلُو بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ بهُ رَجُلٌ فَيَنْقَطِعُ بِهِ ثُمَّ يُوَصَّلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا قَالَ فَوَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ قَالَ لَا تُقْسِمْ).
غريب الحديث:
ظلة , أي: سحابة لها ظل , وكل ما أظل من سقيفة ونحوها يسمى ظلة.
تنطف , أي: تقطر , والنطف: القطر.
يتكففون , أي: يأخذون بأكفهم.
سبب , أي: حبل.
فضل الكفاف والقناعة به
129 - (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ).
وفي هذا الحديث فضل الكفاف والقناعة به , ومثله الحديث الآتي:
130 - (اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا).
في هذا الحديث والذي قبله دليل على فضل الكفاف , وأخذ البلغة من الدنيا والزهد فيما فوق ذلك , رغبة في توفر نعيم الآخرة , وإيثاراً لما يبقى على ما يفنى , فينبغي للأمة أن تقتدي به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في ذلك , وقال القرطبي: (معنى الحديث أنه طلب الكفاف , فإن القوت ما يقوت البدن ويكف عن الحاجة , وفي هذه الحالة سلامة من آفات الغنى والفقر جميعاً , كذا في فتح الباري).
قلت: ومما لا ريب فيه أن الكفاف يختلف باختلاف الأشخاص , والأزمان والأحوال , فينبغي للعاقل أن يحرص على تحقيق الوضع الوسط المناسب له , بحيث لا ترهقه الفاقة , ولا يسعي وراء الفضول الذي يوصله إلى التبسط والترفه , فإنه في هذه الحال قلما يسلم من عواقب جمع المال , لا سيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه مفاتنه , وتيسرت على الأغنياء سبله , أعاذنا الله تعالى من ذلك , ورزقنا الكفاف من العيش.
التكني ممن ليس له ولد
132 - (اكْتَنِي [بابنك عبدالله – يعني: ابن الزبير] أَنْتِ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ).
أخرجه الإمام أحمد: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ نِسَائِكَ لَهَا كُنْيَةٌ غَيْرِي فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فذكره بدون الزيادة) قال: فَكَانَ يُقَالُ لَهَا أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى مَاتَتْ وَلَمْ تَلِدْ قَطُّ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/445)
وفي الحديث مشروعية التكني ولو لم يكن له ولد , وهذا أدب إسلامي ليس له نظير عند الأمم الأخرى فيما أعلم , فعلى المسلمين أن يتمسكوا به رجالاً ونساء , ويدعوا ما تسرب إليهم من عادات الأعاجم مثل كـ (البيك) و (الأفندي) و (الباشا) , ونحو ذلك كـ (المسيو) , أو (السيد) , و (السيدة) , و (الآنسة) , إذ كل ذلك دخيل في الإسلام , وقد نص فقهاء الحنفية على كراهية (الأفندي) , لما فيه من التزكية , كما في (حاشية ابن عابدين) , والسيد إنما يطلق على من كان له نوع ولاية ورياسة , وفي ذلك جاء حديث (قوموا إلى سيدكم) , وقد تقدم برقم – 66 - ولا يطلق على كل أحد لأنه من باب التزكية أيضاً.
فائدة: وأما ما روي عن عائشة رضي الله عنها , أنها أسقطت من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سقطاً فسماه عبدالله , وكناها به , فهو باطل سنداً ومتناً , وبيانه في المجلد التاسع من الضعيفة.
من حقوق الجار
149 - (ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه).
وفي الحديث دليل واضح على أنه يحرم على الجار الغني أن يدع جيرانه جائعين , فيجب عليه أن يقدم إليهم ما يدفعون به الجوع , وكذلك ما يكتسون به إن كانوا عراة , ونحو ذلك من الضروريات.
ففي الحديث إشارة إلى أن في المال حقاً سوى الزكاة , فلا يظنن الأغنياء أنهم قد برئت ذمتهم بإخراجهم زكاة أموالهم سنوياً , بل عليهم حقوق أخرى لظروف وحالات طارئة , من الواجب عليهم القيام بها , وإلا دخلوا في وعيد قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) التوبة 34 - 35.
النهي عن التقبيل عند اللقاء
160 - (لا و لكن تصافحوا يعني: لا ينحني لصديقه. . . ولا يقبله حين يلقاه).
رواه الترمذي , وابن ماجه , والبيهقي , وأحمد من طريق حَنْظَلَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّدُوسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَدُنَا يَلْقَى صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا قَالَ فَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ قَالَ لَا قَالَ فَيُصَافِحُهُ قَالَ نَعَمْ إِنْ شَاءَ).
إذا عرفت ذلك , ففيه رد على بعض المعاصرين من المشتغلين بالحديث من ذوي الأهواء والطرق , وهو الشيخ عبدالله بن محمد الصديق الغماري , فقد ألف جزءاً صغيراً أسماه (إعلام النبيل بجواز التقبيل) , حشد فيه كل ما وقف عليه من أحاديث التقبيل – ما صح منها وما لم يصح - , ثم أورد هذا الحديث وضعفه بحنظلة , ولعله لم يقف على هذه المتابعات التي تشهد له , ثم تأويله بحمله على ما إذا كان الباعث على التقبيل مصلحة دنيوية , كغنى أو جاه أو رياسة مثلاً , وهذا تأويل باطل , لأن الصحابة الذين سألوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التقبيل , لا يعنون به قطعاً التقبيل المزعوم , بل تقبيل تحية , كما سألوه عن الانحناء والمصافحة , فكل ذلك إنما عنوا به التحية , فلم يسمح لهم من ذلك بشئ إلا المصافحة , فهل هي المصافحة لمصلحة , دنيوية؟ اللهم لا.
فالحق أن الحديث نص صريح على عدم مشروعية التقبيل عند اللقاء, ولا يدخل في ذلك تقبيل الأولاد والزوجات , كما هو ظاهر , وأما الأحاديث التي فيها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل بعض الصحابة في وقائع مختلفة , مثل تقبيله واعتناقه لزيد بن حارثة عند قدومه المدينة , واعتناقه لأبي الهيثم بن التيهان , وغيرهما , فالجواب عنها من وجوه:
الأول: أنها أحاديث معلولة لا تقوم بها حجة , ولعلنا نتفرغ للكلام عليها وبيان عللها إن شاء الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/446)
الثاني: أنه لو صح شئ منها , لم يجز أن يعارض بها هذا الحديث الصحيح , لأنها فعل من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحتمل الخصوصية أو غيرها من الاحتمالات التي توهن الاحتجاج بها , على خلاف هذا الحديث , لأنه حديث قولي وخطاب عام موجه إلى الأمة , فهو حجة عليها , لما تقرر في علم الأصول أن القول مقدم على الفعل عند التعارض , والحاظر مقدم على المبيح , وهذا الحديث قول وحاظر , فهو المقدم على الأحاديث المذكورة لو صحت.
وأما الالتزام والمعانقة , فما دام أنه لم يثبت النهي عنه في الحديث كما تقدم , فالواجب حينئذ البقاء على الأصل وهو الإباحة , وبخاصة أنه قد تأيد ببعض الأحاديث والآثار فقال أنس: (كان أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا تلاقوا , تصافحوا , وإذا قدموا من سفر , تعانقوا).
وروى البخاري في الأدب المفرد , وأحمد , عن جابر بن عبدالله قال: (بَلَغَنِي حَدِيثٌ عَنْ رَجُلٍ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاشْتَرَيْتُ بَعِيرًا ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَيْهِ رَحْلِي فَسِرْتُ إِلَيْهِ شَهْرًا حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ الشَّامَ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ فَقُلْتُ لِلْبَوَّابِ قُلْ لَهُ جَابِرٌ عَلَى الْبَابِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ قُلْتُ نَعَمْ فَخَرَجَ يَطَأُ ثَوْبَهُ فَاعْتَنَقَنِي وَاعْتَنَقْتُهُ) الحديث , وإسناده حسن.
وصح التزام ابن التيهان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين جاءه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى حديقته , كما في مختصر الشمائل.
وأما تقبيل اليد ففي الباب أحاديث وآثار كثيرة , يدل مجموعها على ثبوت ذلك عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والسلف , فنرى جواز تقبيل يد العالم إذا توفرت الشروط الآتية:
1 - أن لا يتخذ عادة بحيث يتطبع العالم على مد يده إلى تلامذته , ويتطبع هؤلاء على التبرك بذلك , فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإن قبلت يده , فإنما كان ذلك على الندرة , وما كان كذلك , فلا يجوز أن يجعل سنة مستمرة , كما هو معلوم من القواعد الفقهية.
2 - أن لا يدعو ذلك إلى تكبر العالم على غيره ورؤيته لنفسه ,كما هو الواقع مع بعض المشائخ اليوم.
3 - أن لا يؤدي ذلك إلى تعطيل سنة معلومة , كسنة المصافحة , فإنها مشروعة بفعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقوله , وهي سبب شرعي لتساقط ذنوب المتصافحين ,كما روي في غيرما حديث واحد , فلا يجوز إلغاؤها من أجل أمر أحسن أحواله أنه جائز.
توحيد الموازين
165 - (الْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ).
قال الإمام الطحاوي رحمه الله: (تأملنا هذا الحديث , فوجدنا مكة لم يكن بها ثمرة ولا زرع حينئذ , وكذلك كانت قبل ذلك الزمان ألا ترى إلى قول إبراهيم عليه السلام (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) إبراهيم 37 , وإنما كانت بلد متجر , يوافي الحاج إليها بتجارات فيبيعونها هناك , وكانت المدينة بخلاف ذلك , لأنها دار النخل , ومن ثمارها حياتهم , وكانت الصدقات تدخلها , فيكون الواجب فيها من صدقة تؤخذ كيلاً , فجعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأمصار كلها لهذين المصرين أتباعاً , وكان الناس يحتاجون إلى الوزن في أثمان ما يبتاعون , وفيما سواها مما يتصرفون فيه من العروض ومن أداء الزكوات وما سوى ذلك مما يستعملونه , فيما يسلمونه فيه من غيره من الأشياء التي يكيلونها , وكانت السنة قد منعت من إسلام موزون في موزون , ومن إسلام مكيل في مكيل , وأجازت إسلام المكيل في موزون , والموزون في مكيل , ومنعت من بيع الموزون بلموزون , إلا مثلاً بمثل , ومن بيع المكيل بالمكيل , إلا مثلاً بمثل , وكان الوزن في ذلك أصله مكان عليه كان بمكة , والمكيال مكيال أهل المدينة , لا يتغير عن ذلك , وإن غيره الناس عما كان عليه إلى ما سواه من ضده , فيرحبون بذلك إلى معرفة الأشياء المكيلات التي لها حكم المكيال إلى ماكان عليه أهل المكاييل فيها يومئذ , وفي الأشياء الموزونات إلى ماكان عليه أهل الميزان يومئذ , وأن أحكامها لا تتغير عن ذلك ولا تنقلب عنها إلى أضدادها).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/447)
قلت: ومن ذلك يتبين لنا أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو أول من وضع أصل توحيد الموازين والمكاييل , ووجه المسلمين إلى الرجوع في ذلك إلى أهل هذين البلدين المفضلين: مكة المكرمة والمدينة المنورة.
فليتأمل العاقل هذا , ولينظر حال المسلمين اليوم واختلافهم في مكاييلهم وموازينهم , على أنواع شتى , بسبب هجرهم لهذا التوجيه النبوي الكريم , ولما شعر بعض المسؤولين في بعض الدول العربية المسلمة بسوء هذا الاختلاف , اقترح البعض عليهم توحيد ذلك وغيره كالمقاييس بالرجوع إلى عرف الكفار فيها , فوا أسفاه , لقد كنا سادة وقادة لغيرنا بعلمنا وتمسكنا بشريعتنا , وإذا بنا اليوم أتباع ومقلدون , ولمن؟ لمن كانوا في الأمس القريب يقلدوننا , ويأخذون العلوم عنا , ولكن لا بد لهذا الليل من أن ينجلي , ولا بد للشمس أن تشرق مرة أخرى , وها قد لا حت تباشير الصبح , وأخذت بعض الدول الإسلامية تعتمد على نفسها في كل شؤون حياتها , بعد أن كانت فيها عالة على غيرها , ولعلها تسير في ذلك على هدي كتاب ربها وسنة نبيها , ولله في خلقه شؤون.
التحذير من ترك كلمة الحق
168 - (لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلًا هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا عَلِمَهُ [أَوْ شَهِدَهُ أَوْ سَمِعَهُ]).
وفي هذا الحديث: النهي المؤكد عن كتمان الحق خوفاً من الناس , أو طمعاً في المعاش , فكل من كتمه مخافة إيذائهم إياه بنوع من أنواع الإيذاء , كالضرب والشتم وقطع الرزق , أو مخافة عدم احترامهم إياه , ونحو ذلك , فهو داخل في النهي ومخالف للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإذا كان هذا حال من يكتم الحق وهو يعلمه , فكيف يكون حال من لا يكتفي بذلك , بل يشهد بالباطل على المسلمين الأبرياء , ويتهمهم في دينهم وعقيدتهم , مسايرة منه للرعاع , أو مخافة أن يتهموه هو أيضاً بالباطل إذا لم يسايرهم على ضلالهم واتهامهم؟ فاللهم ثبتنا على الحق , وإذا أردت بعبادك فتنة , فاقبضنا إليك غير مفتونين.
من أدب المجالسة والمباحثة
170 - (إِذَا قُلْتَ لِلنَّاسِ أَنْصِتُوا وَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ فَقَدْ أَلْغَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ [يعني: يوم الجمعة]).
رواه الإمام أحمد , ثنا عبد الرزاق بن همام , ثنا معمر بن همام عن بي هريرة قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
قلت: فذكر أحاديث كثيرة هذا أحداها. وهذا سند صحيح علي شرط الشيخين وقد أخرجاه في الصحيحين من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: (إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب , فقد لغوت).
أَلْغَيْتَ ,أي: قلت اللغو وما لا يحسن من الكلام , قال الراغب الأصبهاني في المفردات: (اللغو من الكلام ما لا يعتد به , وهو الذي يورد لا عن روية فكر , فيجري مجرى اللغا , وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور , قال أبو عبيدة: لغو ولغا , نحو عيب وعاب , وأنشدهم: عن اللغا ورفث التكلم , يقال: لغيت تلغى , نحو , لقيت تلقى , وقد يسمى كل كلام قبيح لغواً).
قلت: وفي الحديث التحذير من الإخلال بأدب رفيع من آداب الحديث والمجالسة , وهو أن لا يقطع على الناس كلامهم , بل ينصت هو حتى ينتهي كلامهم , وإن كان كبير القوم , ثم يتكلم هو بدوره إن شاء ,فذلك أدعى إلى حصول الفائدة من الكلام المتبادل بين الطرفين , لا سيما إذا كان في بحث علمي شرعي , وقد أخل – مع الأسف – بهذا الأدب أكثر المتباحثين , فإليه نلفت أنظارهم , أدبنا الله تعالى جميعاً بأدب نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثم وقفت على الحديث في صحيفة همام بن منبه التي يرويها الحافظ الثقة أحمد بن يوسف السلمي (رقم 120) حدثنا عبدالرازاق به , وزاد ما استدركته في هذه الطبعة وجعلته بين المعكوفتين في متن الحديث , وكذلك هي في مصنف عبدالرزاق (3/ 223/5418) من كتاب الجمعة , وهي من رواية الدبري عنه وفيها كلام , فالعمدة على رواية السلمي عنه.
وحينئذ , فالحديث لا علاقة له بما كنا عنوناً عنه , بل هو كحديث سعيد بن المسيب وغيره عن أبي هريرة , فاقتضى التنبيه , والله أعلم.
الصحة خير من الغنى
174 - (لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنْ اتَّقَى وَالصِّحَّةُ لِمَنْ اتَّقَى خَيْرٌ مِنْ الْغِنَى وَطِيبُ النَّفْسِ مِنْ النَّعِيمِ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/448)
أخرجه ابن ماجه , والحاكم , وأحمد من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ بن أبي سلمة أنه سمع مُعَاذُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: كُنَّا فِي مَجْلِسٍ فجاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى رَأْسِهِ أَثَرُ مَاءٍفقال له بعضنا نَرَاكَ اليوم طَيِّبَ النَّفْسِ فقَالَ أَجَلْ الحمد لله ثُمَّ أفاض الْقَوْمُ فِي ذِكْرِ الْغِنَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنْ اتَّقَى وَالصِّحَّةُ لِمَنْ اتَّقَى خَيْرٌ مِنْ الْغِنَى وَطِيبُ النَّفْسِ مِنْ النَّعِيمِ).
الشراب قائماً
175 - (لَا يَشْرَبَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَائِمًا).
وقد ورد الحديث بلفظ آخر , وهو:
176 - (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِي يَشْرَبُ وَهُوَ قَائِمٌ مَا فِي بَطْنِهِ لَاسْتَقَاءَهُ).
وفي الحديث تلميح لطيف إلى النهي عن الشرب قائماً , وقد جاء التصريح بذلك من حديث أنس رضي الله عنه , وهو:
177 - (نَهَى [وفي لفظ زَجَرَ] عَنْ الشُّرْبِ قَائِمًا).
وظاهر النهي في هذه الأحاديث يفيد تحريم الشراب قائماً بلا عذر , وقد جاءت أحاديث كثيره أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرب قائماً , فاختلف العلماء في التوفيق بينهما , والجمهور على أن النهي للتنزيه , والأمر بالاستقاء للاستحباب , وخالفهم ابن حزم , فذهب إلى التحريم , ولعل هذا هو الأقرب للصواب , فإن القول بالتنزيه لا يساعد عليه لفظ (زجر) , ولا الأمر بالاستقاء , لأنه – أعني: الاستقاء – فيه مشقة شديدة على الإنسان , وما أعلم أن في الشريعة مثل هذا التكليف كجزاء لمن تساهل بأمر مستحب , وكذلك قوله (قد شرب معك الشيطان) فيه تنفير شديد عن الشرب قائماً , وما إخال ذلك يقال في ترك مستحب.
وأحاديث الشرب قائماً يمكن أن تحمل على العذر , كضيق المكان , أو كون القربة معلقة , وفي بعض الأحاديث الإشارة إلى ذلك , والله أعلم.
ثم رأيت كلاماً جيداً لابن تيمية يشبه هذا , فراجعه في المجموع.
من آداب زيارة الإخوان
182 - (إذا زار أحدكم أخاه، فجلس عنده؛ فلا يقومن حتى يستأذنه).
وفي الحديث تنبيه على أدب رفيع , وهو أن الزائر لا ينبغي أن يقوم إلا بعد أن يستأذن المزور , وقد أخل بهذا التوجيه النبوي الكريم كثير من الناس في بعض البلاد العربية فتجدهم يخرجون من المجلس دون استئذان , وليس هذا فقط , بل وبدون سلام أيضاً , وهذه مخالفة أخرى لأدب إسلامي آخر , أفاده الحديث الآتي:
183 - (إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتْ الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنْ الْآخِرَةِ).
والسلام عند القيام من المجلس أدب متروك في بعض البلاد , وأحق من يقوم بإحيائه هم أهل العلم وطلابه , فينبغي لهم إذا دخلوا على الطلاب في غرفة الدرس مثلاً أن يسلموا , وكذلك إذا خرجوا , فليست الأول بأحق من الأخرى , وذلك من إفشاء السلام المأمور به في الحديث الآتي:
184 - (إن السلام اسم من أسماء الله تعالى، وضعه في الأرض، فأفشوا السلام بينكم).
والأحاديث في الأمر بإفشاء السلام كثيرة صحيحة , وبعضها في الصحيح , وقد اخترت منها هذا الحديث للكلام عليه , لأنه ليس في الصحيح , مع أن إسناده صحيح , وله تلك الشواهد , فأحببت أن أبين ذلك.
إذا عرفت هذا فينبغي أن تعلم أن إفشاء السلام المأمور به دائرته واسعة جداً ضيقها بعض الناس جهلاً بالسنة , أو تهاملاً في العمل بها.
فمن ذلك السلام على المصلي فأن كثيراً من الناس يظنون أنه غير مشروع , بل صرح النووي في " الأذكار " بكرهته , مع أنه صرح في " شرح مسلم ": (أنه يستحب رد السلام بالإشارة)، وهو سنة , فقد جاءت أحاديث كثيرة في سلام الصحابة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فأقرهم على ذلك، ورد عليهم السلام، فأنا أذكر هنا حديثاً واحداً منها، وهو حديث ابن عمر قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/449)
185 - (خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قُبَاءَ يُصَلِّي فِيهِ فَجَاءَتْهُ الْأَنْصَارُ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي قَالَ فَقُلْتُ لِبِلَالٍ كَيْفَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ حِينَ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي قَالَ يَقُولُ هَكَذَا وَبَسَطَ كَفَّهُ وَبَسَطَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ كَفَّهُ وَجَعَلَ بَطْنَهُ أَسْفَلَ وَجَعَلَ ظَهْرَهُ إِلَى فَوْقٍ).
وقد ذهب إلى الحديث الإمامان أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه , فقال المروزي في المسائل: (قلت: - يعني لأحمد -: يسلم على القوم وهم في الصلاة؟ قال: نعم , فذكر قصة بلال حين سأله ابن عمر: كيف كان يرد؟ قال: كان يشير , قال إسحاق: كما قال).
واختار هذا بعض محققي المالكية , فقال القاضي أبوبكر بن العربي في العارضة: (قد تكون الإشارة في الصلاة لرد السلام لأمر ينزل بالصلاة , وقد تكون في الحاجة تعرض للمصلي , فإن كانت لرد السلام , ففيها الآثار الصحيحة , كفعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قباء وغيره , وقد كنت في مجلس الطرطوشي , وتذاكرنا المسألة , وقلنا الحديث , واحتججنا به , وعامي في آخر الحلقة , فقام وقال: ولعله كان يرد عليهم نهياً لئلا يشغلوه , فعجبنا من فقهه , ثم رأيت بعد ذلك أن فهم الراوي أنه كان لرد السلام قطعي في الباب , على حسب ما بيناه في أصول الفقه).
ومن العجب أن النووي بعد أن صرح في الأذكار بكراهة السلام على المصلي قال ما نصه: (والمستحب أن يرد عليه في الصلاة بالإشارة , ولا يتلفظ بشئ).
أقول: ووجه التعجب أن استحباب الرد منه , يستلزم استحباب السلام عليه , والعكس بالعكس , لأن دليل الأمرين واحد , وهو هذا الحديث وما في معناه , فإذا كان يدل على استحباب الرد , فهو في الوقت نفسه يدل على استحباب الإلقاء , فلو كان هذا مكروهاً , لبينه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ولو بعدم الإشارة بالرد , لما تقرر أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز , وهذا بين ظاهر , والحمد لله.
ومن ذلك أيضاً السلام على المؤذن وقارئ القرآن , فإنه مشروع , والحجة ما تقدم , فإنه إذا ثبت استحباب السلام على المصلي , فالسلام على المؤذن والقائ أولى وأحرى , وأذكر أنني كنت قرأت في المسند حديثاً فيه سلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على جماعة يتلون القرآن وكنت أود أن أذكره بهذه المناسبة وأتكلم على إسناده , ولكنه لم يتيسر لي الآن.
وهل يردان السلام باللفظ أم بالإشارة؟ الظاهر الأول , قال النووي: (وأما المؤذن , فلا يكره له رد الجواب بلفظ المعتاد , لأن ذلك يسير , لا يبطل الأذان ولا يخل به).
ومن ذلك تكرار السلام بعد حصول المفارقة , ولو بعد مدة يسيرة , لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
186 - (إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ أَوْ حَجَرٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ أَيْضًا).
وقد ثبت أن الصحابة كانوا يفعلون بمقتضى هذا الحديث الصحيح , فروى البخاري في "الأدب"عن أنس بن مالك: (أن أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانوا يكونون , فتستقبلهم الشجرة , فتنطلق طائفة منهم عن يمينها وطائفة عن شمالها , فإذا التقوا , سلم بعضهم على بعض).
ويشهد له حديث المسئ صلاته المشهور عن أبي هريرة: (إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل المسجد فدخل رجل فصلى , ثم جاء فسلم على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فرد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السلام , قال: ارجع فصل فإنك لم تصل , فرجع الرجل فصلى كما كان صلى , ثم جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسلم عليه [فعل ذلك ثلاث مرات]) , أخرجه الشيخان وغيرهما , وبه استدل صديق حسن خان في نزل الأبرار على أنه: (إذا سلم عليه إنسان , ثم لقيه على قرب , يسن له أن يسلم عليه ثانياً وثالثاً).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/450)
وفيه دليل أيضاً على مشروعية السلام على من في المسجد , وقد دل على ذلك حديث سلام الأنصار على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مسجد قباء كما تقدم.
ومع هذا كله نجد بعض المتعصبين لا يعبؤون بهذه السنة , فيدخل أحدهم المسجد ولا يسلم على من فيه , زاعمين أنه مكروه , فلعل فيما كتبناه ذكرى لهم ولغيرهم , والذكرى تنفع المؤمنين.
تعلم لغة الأجانب وكتابتهم
187 - (تعلم كتاب اليهود؛ فإني لا آمنهم على كتابنا).
رواه أبوداود , والترمذي , والحاكم , وأحمد , والفاكهي , واللفظ له , كلهم عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد عن أبيه قال: لما قدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة , أتي بي إليه , فقرأت عليه , فقال لي: (فذكره) , قال: فما مر بي خمس عشرة , حتى تعلمته , فكنت أكتب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وأقرأ كتبهم إليه.
قلت: وهذا الحديث في معنى الحديث المتداول على الألسنة: (من تعلم لسان قوم , أمن من مكرهم) , ولكن لا أعلم له أصلاً بهذا اللفظ , ولا ذكره أحد ممن ألف في الأحاديث المشتهرة على الألسنة , فكأنه إنما اشتهر في الأزمنة المتأخرة.
تغييره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للأسماء القبيحة
207 _ (كان يغير الاسم القبيح إلى الاسم الحسن).
208 - (كان إذا سمع اسما قبيحا؛ غيره، فمر على قرية يقال لها: عفرة فسماها خضرة).
209 - (كان إذا أتاه الرجل وله اسم لا يحبه؛ حوله).
هذه بعض الأسماء التي غيرها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما جاء في الأحاديث الصحيحة: برة , عاصية , حزن , شهاب , جثامة.
وإليك بعض الأحاديث في ذلك:
210 - (لا تزكوا أنفسكم؛ فإن الله هو أعلم بالبرة منكن والفاجرة، سميها زينب).
211 - (كان اسم زينب برة [فقيل: تزكي نفسها]، فسماها النبي صلى الله عليه وسلم زينب).
212 - (كانت جويرية اسمها برة، فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها جويرية، وكان يكره أن يقال: خرج من عند برة).
213 - (أنت جميلة عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اسم عاصية، وقال: أنت جميلة).
214 - (أنت سهل).
215 - (بل أنت هشام).
216 - (بل أنت حسانة المزنية).
قال الطبري: (لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى , ولا باسم يقتضي التزكية له , ولا باسم معناه السب , ولو كانت الأسماء إنما هي أعلام للأشخاص , لا يقصد بها حقيقة الصفة , لكن وجه الكراهة أن يسمع بالاسم , فيظن أنه صفة للمسمى , فلذلك كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحول الاسم إلى ما إذا دعي به صاحبه , كان صدقاً).
قال: (وقد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أسماء) ذكره في الفتح.
قلت: وعلى ذلك , فلا يجوز التسمية بـ[عز الدين] و [محيي الدين] و [ناصر الدين] .... ونحو ذلك , ومن أقبح الأسماء التي راجت في العصر , ويجب المبادرة إلى تغييرها لقبح معانيها , هذه الأسماء التي أخذ الآباء يطلقونها على بناتهم , مثل [وصال] و [سهام] و [نهاد: وهي المرأة إذا كعب ثديها و وارتفع عن الصدر , صارله حجم] و [غادة: وهي المرأة الناعمة اللينة البينة الغيد] و [فتنة] .. ونحو ذلك , والله المستعان.
تحريم البصق إلى القبلة
222 - (مَنْ تَفَلَ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وتَفْلتُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ).
وللحديث شاهد بلفظ:
223 - (يجيء صاحب النخامة في القبلة يوم القيامة وهي في وجهه).
وفي الحديث دلالة على تحريم البصاق إلى القبلة مطلقاً , سواء ذلك في المسجد أو غيره , وعلى المصلي وغيره , كما قال الصنعاني في سبل السلام قال: (وقد جزم النووي بالمنع في كل حالة داخل الصلاة وخارجها , وفي المسجد أو غيره).
قلت: وهو الصواب.
والأحاديث الواردة في النهي عن البصق في الصلاة تجاه القبلة كثيرة مشهورة في الصحيحين وغيرهما , وإنما آثرت هذا دون غيره , لعزته , وقلة من أحاط علمه به , ولأن فيه أداباً رفيعاً مع الكعبة المشرفة , طالما غفل عنه كثير من الخاصة فضلاً عن العامة , فكم رأيت في أئمة المساجد من يبصق إلى القبلة من نافذة المسجد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/451)
وفي الحديث أيضاً فائدة هامة , وهي الإشارة إلى إن النهي عن استقبال القبلة ببول أو غائط إنما هو مطلق , يشمل الصحراء والبنيان , لأنه إذا أفاد الحديث أن البصق تجاه القبلة لا يجوز مطلقاً فالبول والغائط مستقبلاً لها لا يجوز بالأولى , فمن العجائب إطلاق النووي النهي في البصق , وتخصيصه في البول والغائط (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) ق 37
تحريم مصافحة النساء
226 - (لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له).
وفي الحديث وعيد شديد لمن مس امرأة لا تحل له , ففيه دليل على تحريم مصافحة النساء , لأن ذلك مما يشمله المس دون شك , وقد بلي بها كثير من المسلمين في هذا العصر , وفيهم بعض أهل العلم , ولو أنهم استنكروا ذلك بقلوبهم , لهان الخطب بعض الشيء , ولكنهم يستحلون ذلك بشتى الطرق و التأويلات , وقد بلغنا أن شخصية كبيرة جداً في الأزهر قد رآه بعضهم يصافح النساء , فإلى الله المشتكى من غربة الإسلام.
بل إن بعض الأحزاب الإسلامية قد ذهبت إلى القول بجواز المصافحة المذكورة , وفرضت على كل حزبي تبنيه , واحتجت لذلك بما لا يصلح , معرضة عن الاعتبار بهذا الحديث والأحاديث الأخرى الصريحة في عدم مشروعية المصافحة.
ليس من الآداب الإسلامية أن يقوم الرجل عن مجلسه ليجلس فيه غيره
228 - (لَا يَقُومُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ مِنْ مَجْلِسِهِ وَلَكِنْ أَفْسِحُوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ).
وللحديث شاهدان ذكرهما الحافظ في الفتح , وفاته هذا الحديث المشهود له , فقال تعليقاً على قول البخاري: (وكان ابن عمر يكره أن يقوم الرجل من مجلسه ثم يجلس مكانه) , قال: أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" بلفظ: (وكان ابن عمر إذا قام له رجل من مجلسه , لم يجلس فيه) وكذا أخرجه مسلم.وعن ابن عمر قال: (لايقم الرجل الرجل من مجلسه ثم يقعد فيه).
والحديث ظاهر الدلالة على أنه ليس من الآداب الإسلامية أن يقوم الرجل عن مجلسه ليجلس فيه غيره , يفعل ذلك احتراماًَ له , بل عليه أن يفسح له في المجلس وأن يتزحزح له إذا كان الجلوس على الأرض , بخلاف ما إذا كان على الكرسي , فذلك غير ممكن , فالقيام والحالة هذه مخالف لهذا التوجيه النبوي الكريم , ولذلك كان ابن عمر يكره أن يقوم الرجل من مجلسه , ثم يجلس هو فيه كما تقدم عن البخاري , والكراهة هو أقل ما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَقُومُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ ... ) , فإنه نفي بمعني النهي , والأصل فيه التحريم لا الكراهة , والله اعلم.
ثم إنه لا منافاة بين هذا الحديث وبين حديث ابن عمر المتقدم- (لايقم الرجل الرجل من مجلسه ثم يقعد فيه) - في الصحيح , لأن فيه زيادة حكم عليه , والأصل أنه يؤخذ بالزائدة فالزائدة من الأحكام , وحديث ابن عمر إنما فيه النهي عن الإقامة , وليس فيه نهي الرجل عن القيام , بخلاف هذا الحديث , ففيه هذا النهي , وليس فيه النهي الأول إلا ضمناً , فإنه إذا كان قد نهي عن القيام , فلأن ينهى عن الإقامة من باب أولى , وهذا بين لا يخفى إن شاء الله تعالى , وعليه يدل حديث ابن عمر , فإنه مع إنه روى النهي عن الإقامة , كان يكره الجلوس في مجلس من قام عنه له , وإن كان هو لم يقمه , ولعل ذلك سداً للذريعة وخشية أن يوحى إلى الجالس بالقيام , ولو لم يقمه مباشرة , والله أعلم.
من أدب المجلس
330 - (كُنَّا إِذَا انْتَهَيْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ أَحَدُنَا حَيْثُ يَنْتَهِي).
وفي الحديث تنبيه على آداب المجالس في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طالما أهمله الناس اليوم حتى أهل العلم , وهو أن الرجل إذا دخل المجلس , يجلس فيه حيث ينتهي به المجلس , ولو عند عتبة الباب , فإذا وجد مثله , فعليه أن يجلس فيه ولا يترقب أن يقوم له بعض أهل المجلس من مجلسه , كما يفعل بعض المتكبرين من الرؤساء , والمتعجرفين من المتمشيخين , فإن هذا منهي عنه صراحة في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَقْعَدِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا) , أخرجه مسلم , وزاد في رواية: (وكان ابن عمر إذا قام له رجل من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/452)
مجلسه , لم يجلس فيه).
بل ثبت نهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرجل أن يقوم للرجل من مجلسه كما تقدم فنتبه.
يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبَ عَلَى الْإِنْسَانِ الشِّعْرُ حَتَّى يَصُدَّهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّه
336 - (لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا).
ورد هذا الحديث عن جماعة من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , منهم أبوهريرة , وعبدالله بن عمر , وسعد بن أبي وقاص , وأبو سعيد الخدري , وعمر , وغيرهم.
1 - أما حديث أبي هريرة , فأخرجه البخاري , وفي" الأداب المفرد " , ومسلم , وأبوداود , والترمذي , وابن ماجه , والطحاوي , وأحمد من طرق عن الأعمش عن أبي صالح عنه , وقد صرح الأعمش بالتحديث في رواية البخاري.
2 - وأما حديث ابن عمر , فأخرجه البخاري في صحيحه , وفي "الأداب المفرد " , والدارمي , وأحمد عن حنظلة عن سالم عنه.
3 - وأما حديث سعد بن أبي وقاص , فأخرجه مسلم , والترمذي , وابن ماجه , وأحمد , وأبو يعلى , وأبو عبيدالقاسم من طرق عن شعبة عن قتادة عن يونس بن جبير عن محمد بن سعد عن سعد به.
4 - وأما حديث أبي سعيد , فأخرجه مسلم , وأحمد من لَيْثٌ عَنِ ابْنِ الْهَادِ عَنْ يُحَنَّسَ مَوْلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ عنه به قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرْجِ إِذْ عَرَضَ شَاعِرٌ يُنْشِدُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا الشَّيْطَانَ أَوْ أَمْسِكُوا الشَّيْطَانَ لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا.
5 - وأما حديث عمر فأخرجه الطحاوي من طريق خلاد بن يحيى قال: ثنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن عمرو بن حريث عن عمر بن الخطاب به , وهذا إسناده صحيح على شرط البخاري.
وفي الباب عن جماعة آحرين من الصحابة , خرج أحاديثهم الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد , فمن شاء الاطلاع عليها فليرجع إليه.
قلت: وكل هذه الأحاديث عن هؤلاء الصحابة موافقة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه , وذلك مما يدل على صدقه وحفظه.
وقد كتبت هذا التحقيق رداً على بعض الشيعة والمتشيعين من المعاصرين الذين يطعنون في أبي هريرة رضي الله عنه أشد الطعن , وينسبونه إلى الكذب على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والافتراء عليه – حاشاه من ذلك – فقد زعم أبوريا من أذنابهم – عاملهم الله بما يستحقون – أن أباهريرة رضي الله عنه لم يحفظ الحديث عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما نطق به , وزعم أن في آخره زيادة لم يذكرها أبوهريرة , وهي: " هجيت به " , وأن عائشة ححفظت ذلك عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وردت به على أبي هريرة , وكل ذلك مما لا يصح إسناده , كما بينته في " سلسلة الأحاديث الضعيفة 1111 ".
ونحن , وإن كنا لا ننكر جواز وقوع النسيان من أبي هريرة – على حفظه – لأنه ليس معصوماً , ولكننا ننكر أشد الإنكار نسبته إلى النسيان – بل الكذب – لمجرد الدعوى وسوء الظن به , وهذا هو المثال بين أيدينا , فإذا كان جائزاً كما ذكرنا أن يكون أبوهريرة لم يحفظ تلك الزيادة المزعومة , فهل يجوز أن لا يحفظها أيضاً أولئك الجماعة من أصحابه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
على أن هذا الحديث في سياقه ما يدل على بطلان تلك الزيادة من حيث المعنى , فإنه لم يذم الشعر مطلقاً , وإنما الإكثار منه , وإذا كان كذلك , فقوله " هجيت به " يعطي أن القليل من الشعر الذي فيه هجاؤه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جائز , وهذا باطل , وما لزم منه باطل , فهو باطل.
جاء في " فيض القدير ": (وقال النووي: هذا الحديث محمول على التجرد للشعر , بحيث يغلب عليه , فيشغله عن القرآن والذكر , وقال القرطبي: من غلب عليه الشعر , لزمه بحكم العادة الأدبية الأوصاف المذمومة , وعليه يحمل الحديث , وقول بعضهم: عنى به الشعر الذي هجي به هو أو غيره , رد بأن هجوه كفر كثر أو قل , وهجو غيره حرام وإن قل فلا يكون لتخصيص الذم بالكثرة معنى).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/453)
وما ذكره من النهي هو الذي ترجم به البخاري في صحيحه للحديث , فقال: (بَاب مَا يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبَ عَلَى الْإِنْسَانِ الشِّعْرُ حَتَّى يَصُدَّهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّه).
وتقدمه إلى ذلك الإمام أبوعبيد القاسم بن سلام , فقال بعد أن ذكر قول البعض المشار إليه: (والذي عندي في هذا الحديث غير هذا القول , لأن الذي هجي به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لو كان شطر بيت , لكان كفراً , فكأنه إذا حمل وجه الحديث على امتلاء القلب منه أنه قد رخص في القليل منه , ولكن وجهه عندي أن يمتلئ قلبه من الشعر حتى يغلب عليه فيشغله عن القرأن وعن ذكر الله , فيكون الغالب عليه , فأما إذا كان القرآن والعلم الغالبين عليه , فليس جوفه ممتلئاً).
تحريم لبس الذهب والحرير
337 – (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر , فلا يلبس حريراً ولا ذهباً).
وفي الحديث دلالة بينة على تحريم الذهب والحرير , وهو بعمومه يشمل النساء مع الرجال , إلا أنه قد جاءت أحاديث تدل على أن النساء مستثنيات من التحريم , كالحديث المشهور: (هَذَان حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي , حل لإناثها).
إلا أن هذا ليس على عمومه , فقد جاءت أحاديث صحيحة تحرم على النساء جنساً معيناً من الذهب , وهو ما كان طوقاً أو سواراً أو حلقة , وكذلك حرم عليهن الأكل والشراب في آنية الذهب كالرجال , راجع الأدلة في " آداب الزفاف ".
فبقي الحرير وحده مباحاً لهن إباحة مطلقة , لم يستثن منه شئ.
نعم , قد استثني من جنس المباح لهن أمهات المؤمنين , فقد صح عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه منع أهله منه , كما في الحديث الآتي:
338 - (كَانَ يَمْنَعُ أَهْلَهُ الْحِلْيَةَ وَالْحَرِيرَ وَيَقُولُ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ حِلْيَةَ الْجَنَّةِ وَحَرِيرَهَا فَلَا تَلْبَسُوهَا فِي الدُّنْيَا).
قال السندي في " حاشية على النسائي: (وقوله: " أهل الحلية " , بكسر فسكون , الظاهر أنه يمنع أزواجه الحلية مطلقاً سواء كان من ذهب أو فضة , ولعل ذلك مخصوص بهم , ليؤثروا الآخرة على الدنيا , وكذا الحرير , ويحتمل أن المراد بـ" الأهل " الرجال من أهل البيت , فالأمر واضح).
قلت: هذا الاحتمال بعيد غير متبادر , فالاعتماد على ما ذكره أولاً , والله أعلم.
وأقول: فهذا الحديث يدل على مثل ما دل عليه الحديث المشهور الذي سبق آنفاً من إباحة الحرير لسائر النساء , إلا أنه قد يقال: إن الأولى بهن الرغية عنه وعن الحلية مطلقاً تشبهاً بنسائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لا سيما وقد ثبت عنه أنه قال:
339 - (ويل للنساء من الأحمرين: الذهب والمعصفر).
نقل المناوي في معنى الحديث عن " مسند الفردوس ":
(يعني: يتحلين بحلي الذهب , ويلبسن الثياب المزعفرة , ويتبرجن متعطرات متبخترات – كأكثر نساء زمننا – فيفتن بهن).
سبب النهي عن المشي في نعل واحدة
348 - (إن الشيطان يمشي في النعل الواحدة).
أخرجه الطحاوي عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (فذكره).
وهذا الحديث في " الصحيحين " , وغيرهما من طريق أبي الزناد عن الأعرج به بلفظ: (لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا او ليخلعهما جميعاً) , وله شاهد من حديث جابر مرفوعاً بلفظ: (لَا تَمْشِ فِي نَعْلٍ وَاحِدٍ) , أخرجه مسلم , وأحمد , وغيرهما.
قلت: فالحديث في النهي عن المشي في نعل واحدة صحيح مشهور , وإنما خرجت حديث الطحاوي هذا لتضمنه علة النهي , فهو يرجح قولاً واحداً من الأقوال التي قيلت في تحديدها , فجاء في الفتح: (قال الخطابي: الحكمة في النهي أن النعل شرعت لوقاية الرجل عما يكون في الأرض من شوك أو نحوه , فإذا انفردت إحدى الرجلين احتاج الماشي أن يتوقى لإحدى رجليه ما لا يتوقى للأخرى فيخرج بذلك عن سجية مشيه , ولا يأمن مع ذلك من العثار. وقيل: لأنه لم يعدل بين جوارحه , وربما نسب فاعل ذلك إلى اختلال الرأي أو ضعفه. وقال ابن العربي: قيل العلة فيها أنها مشية الشيطان , وقيل: لأنها خارجة عن الاعتدال. وقال البيهقي: الكراهة فيه للشهرة فتمتد الأبصار لمن ترى ذلك منه. وقد ورد النهي عن الشهرة في اللباس. فكل شيء صير صاحبه شهرة فحقه أن يجتنب).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/454)
فأقول: الصحيح من هذه الأقوال هو الذي حكاه ابن العربي: أنها مشية الشيطان , وتصدره إياه بقوله " قيل " , مما يشعر بتضعيفه , وذلك معناه أنه لم يقف على هذا الحديث الصحيح المؤيد لهذا الـ" قيل " , ولو وقف عليه , لما وسعه إلا الجزم به , وكذلك سكوت الحافظ عليه يشعرنا أنه لم يقف عليه أيضاً , وإلا لذكره على طريقته في جمع الأحاديث , وذكر أطرافها المناسبة للباب , لا سيما وليس في تعيين العلة وتحديدها سواه.
فخذها فائدة نفيسة عزيزة ربما لا تراها في غير هذا المكان , يعود الفضل فيها إلى الإمام أبي جعفر الطحاوي , فهو الذي حفظها لنا بإسناد صحيح في كتابه دون عشرات الكتب الأخرى لغيره.
تنبيه: أما الحديث الذي رواه ليث عن عبدالرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: (ربما مشى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نعل واحدة) , فهو ضعيف لا يحتج به.
فإذا عرفت هذا , فلا يجوز معارضة حديث الباب بهذا الحديث الواهي , كما فعل بعض أهل الجهل بالآثار , فيما ذكره الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى , وبخاصة أنه رواه سفيان عن عبدالرحمن بن القاسم به عن عائشة موقوفاً عليها , وهذا أصح كما قال الترمذي.
تحريم الصورة واقتناء الكلب لأنهما سبب لمنع دخول الملائكة
356 - (أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ إِنِّي كُنْتُ أَتَيْتُكَ اللَّيْلَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَدْخُلَ عَلَيْكَ الْبَيْتَ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فِي الْبَيْتِ تِمْثَالُ رَجُلٍ وَكَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ يُقْطَعْ فَيُصَيَّرَ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ وَمُرْ بِالسِّتْرِ يُقْطَعْ [وفي رواية إن في البيت ستراً في الحائط فيه تمثال فاقطعوا رؤوسها فجعلوها بساطاً او وسائد فأوطئوه , فإنا لا ندخل بيتاً فيه تمثال] , فَيُجْعَلَ مِنْهُ وِسَادَتَانِ تُوطَآَنِ وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَيُخْرَجَ فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا الْكَلْبُ جَرْوٌ كَانَ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَام تَحْتَ نَضَدٍ لَهُمَا قَالَ وَمَا زَالَ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَوْ رَأَيْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُه).
أخرجه أحمد والسياق له , وأبو داود , والترمذي , وابن حبان من طريق يُونُسُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فذكره).
فقه الحديث:
الأول: تحريم الصورة , لأنها سبب لمنع دخول الملائكة , والأحاديث في تحريمها أشهر من أن تذكر.
الثاني: أن التحريم يشمل الصورة التي ليست مجسمة ولا ظل لها , لعموم قول جبريل عليه السلام: (فإنا لا ندخل بيتاً فيه تماثيل) , وهي الصور , ويؤيده أن التماثيل التي كانت على القرام لا ظل لها , ولا فرق في ذلك بين ما كان منه تطريزاً على الثوب أو كتابة على الورق أو رسماً بالآلة الفوتوغرافية , إذ كل ذلك صورة وتصوير , والتفريق بين التصوير اليدوي والتصوير الفوتوغرافي – فيحرم الأول دون الثاني – ظاهرية عصرية , وجمود لا يحمد , كما حققته في " آداب الزفاف ".
الثالث: أن التحريم يشمل الصورة التي توطأ أيضاً إذا تركت على حالها ولم تغير بالقطع , وهو الذي مال إليه الحافظ في " الفتح ".
الرابع: أن قوله: (حتي تصير كهيئة الشجرة) , دليل على أن التغيير الذي يحل به استعمال الصورة , إنما هو الذي يأتي على معالم الصورة , فيغيرها حتى تصير على هيئة أخرى مباحة كالشجرة.
وعليه , فلا يجوز استعمال الصورة , ولو كانت بحيث لا تعيش لو كانت حية كما يقول بعض الفقهاء , لأنها في هذه الحالة لا تزال صورة اسماً وحقيقة , مثل الصورة النصفية وأمثالها , فاعلم هذا , فإنه مما يهم المسلم معرفته في هذا العصر الذي انتشرت فيه الصور وعمت وطمت , وأن شئت زيادة التحقيق في هذا فراجع المصدر السابق (ص 111 – 112).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/455)
الخامس: فيه إشارة إلى أن الصورة إذا كانت من الجمادات , فهي جائزة , ولا تمنع من دخول الملائكة , لقوله: (كهيئة الشجرة) , فإنه لو كان تصوير الشجرة حراماً كتصوير ذوات الأرواح , لم يأمر جبريل عليه السلام بتغييرها إلى صورة شجرة , وهذا ظاهر , ويؤيده حديث ابن عباس رضي الله عنه: (وإن كنت لا بد فاعلاً , فاصنع الشجرة , وما لا نفس له) , رواه مسلم , وأحمد.
السادس: تحريم اقتناء الكلب , لأنه أيضاً سبب يمنع من دخول الملائكة , وهل يمنع منه لو كان كلب ماشية أو صيد؟ الظاهر لا , لأنه يباح اقتناؤه.
ويؤيده أن الصورة إذا كانت مباحة لا تمنع أيضاً من دخول الملائكة , بدليل أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تقتني لعب البنات , وتلعب بها هي ورفيقاتها على مراى من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فلا ينكرها عليها , كما ثبت في " صحيح البخاري " وغيره , فلو كان ذلك مانعاً من دخول الملائكة , لما أقرها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه , والله أعلم.
تحريم حب الداخل على الناس القيام منهم له
357 - (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الناس قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ).
أخرجه البخاري في " الأدب " , وأبوداود , والترمذي , والطحاوي , واللفظ له , وأحمد , والدولابي , والمخلص , وعبد بن حميد , والبغوي , وأبو نعيم من طرق عن حبيب بن الشهيد عن أبي مجلز قال: " دخل معاوية بيتاً فيه عبدالله بن الزبير وعبدالله بن عامر , فقام ابن عامر وثبت ابن الزبير , وكان أدربهما – وفي رواية البخاري أرزنهما , ولعلها أصح – فقال معاوية: أجلس يا أبن عامر , فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: (فذكره) , وقال الترمذي: حديث حسن.
قلت بل هو صحيح.
وله طريق أخرى , قال المخلص في " الفوائد " حدثنا عبدالله: نا داود: نا مروان: نا مغيرة بن مسلم السراج عن عبدالله بن بريدة قال: (خرج معاوية , فرآهم قياماً لخروجه , فقال لهم: اجلسوا , فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: من سره أن يقوم له بنو آدم , وجبت له النار).
قلت: وهذا إسناد صحيح.
وللحديث شاهد مرسل في قصة طريفة أخرجه من طريق عبدالرازق عن سليمان بن علي بن الجعد قال: سمعت أبي يقول: (لما أحضر المأمون أصحاب الجوهر , فناظرهم على متاع كان معهم , ثم نهض المأمون لبعض حاجته , ثم خرج فقام كل من كان في المجلس إلا ابن الجعد , فإنه لم يقم , قال: فنظر إليه المأمون كهيئة المغضب , ثم استخلاه , فقال: ياشيخ ما منعك أن تقوم لي كما قام أصحابك؟ قال: أجللت أمير المؤمنين للحديث الذي نأثره عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قال: وما هو؟ قال علي بن الجعد: سمعت المبارك بن فضالة يقول: سمعت الحسن يقول: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فذكره بالفظ الأول) , قال: فأطرق المأمون متفكراً في الحديث , ثم رفع رأسه , فقال: لا يشترى إلا من هذا الشيخ , قال: فاشترى منه في ذلك اليوم بقيمة ثلاثين ألف دينار).
قلت: فصدق في علي بن الجعد – وهو ثقة ثبت – قول الله عز وجل: (وَمَن يَتّقِ اللّهَ يَجْعَل لّهُ مَخْرَجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) الطلاق2.
ونحو هذه القصة ما أخرج الدينوري في: المنتقى من المجالسة " حدثنا أحمد بن علي البصري قال: (وجه المتوكل إلى أحمد بن العدل وغيره من العلماء , فجمعهم في داره , ثم خرج عليهم , فقام الناس كلهم إلا أحمد بن العدل , فقال المتوكل لعبيدالله: إن هذا الرجل لا يرى بيعتنا , فقال له: بلى يا أمير المؤمنين , ولكن في بصره سوء , فقال أحمد بن العدل: يا أمير المؤمنين ما في بصري من سوء , ولكنني نزهتك من عذاب الله تعالى , قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أحب أن يمثل له الرجال قياماً , فليتبوا مقعده من النار , فجاء المتوكل , فجلس إلى جنبه).
وروى ابن عساكر في " تاريخ دمشق " بسنده عن الأوزاعي: حدثني بعض حرس عمر بن عبدالعزيز قال: (خرج علينا عمر بن عبدالعزيز ونحن ننتظره يوم الجمعة , فلما رأيناه , قمنا , فقال: إذا رأيتموني , فلا تقوموا , ولكن توسعوا).
فقه الحديث:
دلنا هذا الحديث على أمرين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(55/456)