بسم الله الرحمن الرحيم
مجلة مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة
العدد الأول
---
المحتويات
افتتاحية ... رئيس التحرير
تقديم ... صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز آل سعود
تأثير التنمية الحضرية على المظهر العام للمدينة المنورة ... د. محمد شوقي بن إبراهيم مكي
مقتنيات الحجرة النبوية الشريفة في تقرير عثماني عام 1326هـ ... د. سهيل صابان
أبو بكر المراغي وكتابه تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة- عرض ودراسة ... أ.د. عبدالله بن عبدالرحيم عسيلان
تقرير حول تطور كتابة المصحف الشريف وطباعته وعناية المملكة العربية السعودية بطبعه ونشره ... أ.د. محمد سالم بن شديد العوفي
محمد كبريت الحسني المدني أدبه ومؤلفاته الأدبية ... د. عائض الردادي
المدينة المنورة في عيون أدباء شبه القارة الهندية ... د. سمير عبدالحميد إبراهيم
مع الدكتور الرويثي في كتابه جوانب من الشخصية الجغرافية للمدينة المنورة ... أ.د. مصطفى محمد خوجلي
المدينة المنورة في كتابات الرحالة العرب ... أ. ليلى سعيد سويلم الجهني
دليل الرسائل الجامعية عن المدينة المنورة ... د. عبدالباسط بدر
تقرير عن مركز بحوث ودراسات ... هيئة التحرير
افتتاحية:(1/1)
حظيت مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم بعناية خاصة من لدن العلماء والمؤرخين قديماً وحديثاً، وتجلى ذلك في كثرة ما دار حولها من المؤلفات والبحوث والدراسات منذ وقت مبكر إلى يومنا هذا، وكل ذلك يعكس ما لمدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم من مكانة سامية وعالية في نفوس المسلمين، ومنذ عهد المؤسس الباني الملك عبدالعزيز وهذه المدينة المباركة تعيش في قلوب ولاة الأمر حباً وعناية واهتماماً وحرصاً على رقيها وازدهارها وإظهارها على النحو الذي يتناسب مع مكانها ومنزلها في نفوس المسلمين عموماً، ومن يتأمل واقعها اليوم يدرك ما شهدته من مشاريع عملاقة، ولعل من أبرزها مشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة المسجد النبوي، توسعة تنطق عن نفسها وتترجم عن حقيقة ماثلة للعيان تؤكد مدى عناية ولاة الأمر بهذه المدينة وتلبية تطلعات المسلمين الذين يتجهون إليها بقلوبهم وأرواحهم قبل أجسامهم على مدار العام حيث مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم الذي تشد إليه الرحال، وهذه الصورة المشرقة لمدينة المصطفى يسعى مركز بحوث ودراسات المدينة إلى بلورتها ومواكبة توهجها وإشراقاتها من خلال تحقيق أهداف هذا المركز في العناية بكل ما يتعلق بهذه المدينة من بحوث ودراسات في مناشط عديدة يقوم بها المركز ولا يتسع المقام في هذا التقديم للحديث عنها، وكان من بينها إصدار دورية تسند هذه الغاية وتسعى لتحقيق ما يصبو إليه المركز، وقد لقيت هذه الدورية الدعم من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز الذي كان وراء قيام هذا المركز وحرص كل الحرص على دعمه ومؤازرته، ثم تابع هذه المسيرة خَلَفُهُ صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز وكان خير خلف لخير سلف، وأود أن أشير هنا إلى أن هذه الدورية تفتح أبوابها لكل بحث أو دراسة علمية جادة، وتسعى إلى إضفاء الصبغة العلمية على ما ينشر فيها من بحوث ودراسات، لذا فإن ما تنشره يخضع للتحكيم من قبل الأساتذة(1/2)
المتخصصين في بعض الجامعات السعودية ومراكز الأبحاث، والمجلة تأمل من جميع الباحثين وأساتذة الجامعات التفاعل معها وتزويدها بالبحوث العليمة في مجالاتها المتعددة، وهم بذلك إنما يسهمون في إثراء حركة البحث العلمي في بلادنا الحبيبة، كما يعملون على دعم هذه المجلة وما تسعى إليه من هدف نبيل في خدمة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك تعبير صادق عن حب هذه المدينة التي أحبها الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا إلى حبها، كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم ( اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد) والله ولي التوفيق وهو الهادي إلى سواء السبيل.
رئيس التحرير
تقديم
بقلم/ صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز(1)
تعتبر مراكز البحوث في العصر الحديث علامة بارزة على تطور الأمم والشعوب، ومؤشراً على وعي الأمة التي تهتم بهذا الجانب الحضاري، ولهذا تمتد على أرض العالم مراكز دراسات وأبحاث
لا نقول: بالمئات، ولكن نقول: بعشرات الألوف، وعلى درجات فيما بينها من جهة الأهمية، ولعل من أهم دعائم البحث العلمي المراكز العلمية التي تصدر منها البحوث المؤثرة في أحد الميادين، ولذا تولي الدول المتقدمة أهمية قصوى لهذه المراكز لما لها من أثر على التقدم في كثير من مناحي الحياة، فتُنفق عليها الكثير من المال لأن الفائدة منها تزيد على قيمة ما أنُفق عليها.
وتوفر هذه المراكز أرضية خصبة وهامة تُساعد الباحث وتزيد من همته، لكونها تساهم بتيسير البحث العلمي وتدعم جهود الباحث، وأشير هنا إلى أن مصدر المعلومات عن هذه المراكز هو مما أخذته منها من منشورات، مع الاستفادة من مواقعها على الشبكة العالمية إذا كان لها مواقع.
__________
(1) * أمير منطقة المدينة المنورة رئيس مجلس إدارة مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة .(1/3)
وقد أولت حكومتنا الرشيدة رعاها الله اهتماماً كبيراً للبحث العلمي ومراكز البحوث التي انتشرت في العديد من المناطق في المملكة العربية السعودية، وهي متنوعة ومتخصصة في العديد من المجالات.
ويعتبر مؤسس هذا الكيان الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يرحمه الله من أول من اهتم بهذا الجانب ووضع اللبنة الأساسية لهذا الغرض الحيوي، ثم تواصلت الاهتمامات حتى انتشرت هذه المراكز في العديد من المدن، وجاء مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة كحلقة مميزة في عقد جميل من المراكز العالمية ويعود الفضل في إنشاء هذا المركز بعد الله عز وجل إلى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة خلال تولي سموه مهام إمارة منطقة المدينة المنورة في إطار حرص سموه على خدمة هذه المنطقة، وقد أكمل هذا المركز آليته الكبيرة لخدمة الباحثين من خلال موقعه المتميز على شبكة الإنترنت وإصدار العديد من الإصدارات المختصة بالمدينة المنورة.
وبين أيديكم الآن الإصدار الدوري للمركز، والذي جاء كخطوة رائدة وهامة لتفعيل دور هذا المركز، ولترسيخ أهمية البحث العلمي، خاصة وأن المستقبل يتطلب بقوة مهارات عالية وقدرات ذهنية متفوقة وروح الابتكار وأنماطاً جديدة للسلوك الإنساني وعلاقة راسخة بين قوى الإنتاج وقوى العلم والمعرفة، وقوى الروح والثقافة، ومراكز البحوث في الوطن العربي هي الجهة الوحيدة المهيئة التي يقع عليها العبء في كسر حالة التخلف والانتقال بالثقافة العربية التقليدية إلى آفاق أوسع وأرحب.
تأثير التنمية الحضرية
على المظهر العام للمدينة المنورة
د.محمد شوقي بن إبراهيم مكي
تقديم(1/4)
كانت المدينة المنورة تقدم نسيجاً عمرانياً وحضارياً فريداً طُرِّزَ خلال مراحل متعددة من تاريخها الطويل. ولا تزال بقايا هذا التطريز تتجلى في تركيبها ومظهرها الحضاري العام. كان هناك تناغم كبير بين تركيب المدينة Structure ومظهرها العام Landscapeويبدو أنه خلال نحو الأربعة عشر قرناً الماضية قد أصاخ البناؤون والمخططون سمعهم وسلوكهم لما كان يهمس به هذا المظهر العام، وأن تصرفاتهم كانت تتم بناء على هذا الانسجام بين الإنسان وظروف البيئة الطبيعية والبشرية المحيطة بها. وقد أوجدت الخصائص الفريدة للمكان الملامح التي اعتمدت عليها برامج تطوير وتنمية المدينة المقدسة.
وبينما يظهر تحليل خصائص المكان بعض التناقضات الظاهرية التي تبدوا أنها معيقة لاستمرار التناغم بين عناصر المظهر العام إلا أن هناك عوامل رئيسية ثلاثة تؤكد خصوصية التجربة الحضرية للمدينة المنورة هي:
1- الاختلاف المميز بين خصائص الموضع المتمثلة في السهل والجبل والحرار المحيطة بالمظهر الحضاري العام الذي يُظهر الصبغة المحلية للامتداد المكاني، والصبغة العضوية في المخطط الذي يمثل عمراً زمنياً متفاوتاً، والصبغة العالمية المتمثلة في اجتذاب الزوار من الآفاق والتي انعكست في شبكة من الأنماط المعمارية والسلوكية في المجتمع المدني. ولقد أدت الأهمية الروحية للمكان إلى المزيد من الترابط بين السكان على الرغم من الأنماط الحضارية المختلفة التي انصهرت ضمن تعاريج المكان بين السهل والجبل والوادي. ولم تؤد هذه التعاريج والاختلافات إلى التنافر وإنما إلى التأكيد على التوجيه المحافظ على خصائص المكان والسكان.(1/5)
2- ويظهر العامل الثاني في النمط المعماري الإسلامي الراقي للمسجد النبوي الشريف قبل التوسعة السعودية الأولى وبعدها، وانسجامه مع الاستخدامات السكنية والتجارية والخدمية حوله. فقد كان المسجد النبوي الشريف يمثل الصورة المركزية لهذا المظهر العام والذي كان يجذب الزائر من أي اتجاه قدم منه للمدينة ويربطه روحياً بهذا المكان. وفي الواقع يشعر الزائر أو المقيم العائد للمدينة المنورة دون أدنى شك بأن هذا المركز وجد ليكون هناك، وأن عليه أن يصل إلى هذا المكان بأي طريق. وقد لاحظ فيلبي أنه على الرغم من ازدحام المباني حول الجانب الجنوبي للمسجد النبوي إلا أنه تميز بإمكانية رؤيته من عدة أماكن خارج المدينة، وأن هذه الرمزية مهمة ليست للمدينة فقط وإنما للجزيرة العربية كلها(1) .
ولم يكن أي مبنى في المدينة حتى الثمانينات من القرن الرابع عشر الهجري يحجب رؤية هذا المركز لمسافة تصل إلى أكثر من 20كم في الجهة الغربية، ونحو 15كم في الجهة الشرقية، ونحو 7كم في الجهة الشمالية، ونحوها في الجهة الجنوبية (صورة رقم1).
صورة رقم (1أ): المدينة المنورة وتبرز فيها منائر المسجد النبوي الشريف.
صورة رقم (اب): المدينة المنورة في سنة 1402هـ ولا تزال تبرز فيها منائر المسجد النبوي الشريف
__________
(1) Arabia, A pilgrim in pp-6 1Philby, H(1/6)
ولقد كانت اللوحة المعمارية للمسجد النبوي ابتكاراً ونصراً هندسياً وضعت أسسه من عند الخالق عز وجل عندما أمر القصواء بالإناخة في موضع المسجد(1). و برع المعماريون على مر الزمان في حل إشكالية الربط المتواصل بين المركز والبيئة المحيطة، بحيث أصبح هذا المركز بقبته الخضراء علامة مميزة طبيعية وحضارية وروحية تهفو إليها أفئدة كل مسلم، وتعكس مهارات عظيمة مارسها الإنسان في التخطيط والبناء والرسم والخط والربط بين عناصر استخدامات متعددة، مما يمثل تراثا إنسانياً تجب المحافظة عليه.
__________
(1) جاء في زاد المعاد في فصل " ذكرى الهجرتين الأولى والثانية" في رواية طويلة منها:" ركب ناقته وسار، وجعل الناس يكلمونه في النزول عليهم، ويأخذون بخطام الناقة، فيقول: (خلوا سبيلها فإنها مأمورة) فبركت عند مسجده اليوم، وكان مربداً لسهل وسهيل، غلامين من بني النجار ( ابن قيم الجوزية، أبي عبدالله شمس الدين محمد، زاد المعاد في هدي خير العباد 1/69-856).(1/7)
3- ويتمثل العامل الثالث في سيادة الخضرة في المدينة القديمة والتي تطوقها كتطويق السوار للمعصم، بل وتتخللها كتخلل الشرايين للجسم مع الأودية التي تتخلل المدينة وتسيل في الفصول المطيرة، مما يشكل صورة جانبية حادة وسطحا أفقيا منسجما يربط بين المظهر العام الممثل للمدينة والريف (صورة رقم2). فليس هناك فصل بين حياة المدينة والريف، وإنما يشكل المظهر العام كلا متكاملا مكانيا واقتصاديا واجتماعيا حتى في فترات بناء الأسوار حول المدينة خلال العصور الوسطى لغرض الحماية. لقد قامت المزارع داخل المدينة وحولها بوظائف هامة للإنتاج الاقتصادي، وكمتنفس يوفر الهواء النظيف داخل البيئة الحضرية وحولها، بالإضافة إلى أنها مكان مناسب جدا للترفيه وقضاء أيام الإجازات بأجر أو بتأثير الروابط الاجتماعية التي تربط بين أصحاب المزارع وسكان المدينة المنورة. فكما لاحظ فيلبي قيام أهل المدينة بالنزهة في البساتين المحيطة بها على ظهور الحمير والبغال، وخلال موسم الحج عندما تتوفر سيارات نقل الحجاج بين مكة والمدينة تستخدم هذه السيارات للنزهة والزيارات للأهالي والحجاج(1)
__________
(1) .(Philby, H., Apilgrim in Arabia, p73)(1/8)
لقد تغيرت هذه المظاهر خلال الثلاثين سنة الماضية، فبدأت تظهر كثير من المباني المتباينة الارتفاع والمختلفة في التصميم المعماري، مما حجب هيمنة المسجد النبوي الشريف على خط الأفق، وبدأ الإنسان يسوى الأرض، وينسف الجبال، ويبني في مكانها المباني الشاهقة، ويبني في بطون الأودية بعد أن أقام السدود وحجب مرور المياه داخل المدينة، مما أفقد التناغم السابق بين البيئة الطبيعية والمظهر الحضاري العام. والأهم من هذا وذاك هو إزالة المساحات الخضراء داخل المدينة القديمة وخارجها بشتى الطرق، واستبدالها بالكتل العمرانية، مما أدى إلى تناقص هذه المساحات وأصبح يهددها بالزوال، مما يعني فقد المدينة لميزة فريدة استمرت لقرون عديدة. وأتى الإنسان المعاصر في خلال نحو ثلث قرن ليعبث ويخرب ما بني بعرق الرجال خلال مئات السنين، فأوجد تحولا وعزلا مفاجئا بين المدينة والريف (صورة رقم3).
صورة رقم (2): جانب من المظهر العام في المدينة المنورة الممثل للحياة الحضرية والريفية (منطقة العوالى وقربان وقباء).
صورة رقم (3): مزارع تتحول تدريجياً إلى مباني.(1/9)
وعلى أية حال، فبالإضافة إلى العوامل الرئيسية السابقة فإن تميز المدينة المنورة يبرز أيضاً من خلال التنوع في الخصائص، فهي مكان له خصوصية دينية لوجود قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجده ثاني أهم مسجد تشد له الرحال ويزوره المسلمون من كل أنحاء العالم، وهي مكان اقتصادي يشجع على الإنتاج والتجارة والصناعة لوجود الموارد المائية والتربة الصالحة للزراعة والنقل الجيد والموقع الاستراتيجي الذي يمكن من جلب المواد الخام غير المحلية وتصدير المواد المصنعة، فهي إذن مكان للطبيعة والحضارة، مكان حضري وريفي، ومكان تذكاري ومحلي تبرز فيه التقنيات الحضارية العالمية والأفكار الأصيلة التراثية المرتبطة بالحرف والصناعات المحلية. وهي مكان يرتبط بإدارة محلية، ولكنه ذو علاقات إقليمية ووطنية وقومية ودولية بارزة لأهميته الإسلامية. فهي قطب مهم للتنمية والحضارة في غرب المملكة العربية السعودية، ومن ثم فإنه ليس من المستغرب أن تبذل عناية كبيرة في تخطيط المدينة المنورة وتنميتها المتوازنة والحذرة.
إن النوعية المميزة للمظهر العام للمدينة المنورة على مدى قرون عديدة تعكس العناية التي حظيت بها المدينة طيلة هذه القرون من قبل القطاعين العام والخاص. فهذه العناية لم تقتصر على الحاكم أو الأمير، وإنما اهتم بها القاضي والمحتسب، والتاجر والمزارع، والمقيم والزائر، والموظف والعامل وغير العامل.
ومن هنا تبرز أهداف الدراسة في تحديد الخصائص الطبيعية والحضارية للمدينة المنورة، مع إبراز الثغرات التي حصلت خلال الثلاثين أو الأربعين سنة الماضية على هذه الخصائص والتعرف على تأثير التفاعل البشري البيئي على احتمال تدهور خصائص البيئة المحلية، ومن ثم وضع التصورات التي يمكن أن تحفظ البقية الباقية من هذه الخصائص. ولتحقيق هذه الأهداف قد تبرز بعض التساؤلات التي يمكن أن تقود عمليات البحث وهي:(1/10)
1- ما هي الخصائص الطبيعية والحضارية التي تميز المدينة المنورة؟.
2- هل كل هذه الخصائص جيدة ومساعدة على استمرار الحياة المنسجمة للسكان؟.
3- ما نوع التغييرات التي حصلت على هذه الخصائص خلال تاريخها الطويل وهل التغيرات تتجه إلى الأحسن أم إلى الأسوأ؟
4- هل يمكن المحافظة على الجيد من هذه الخصائص ومعالجة السيئ منها؟.
خصائص المكان وآثارها:
كان الموقع الأصلي للمدينة المنورة عدة قرى أهمها قرية يثرب التي يعتقد أنها تقع في ما يعرف الآن بالعيون والتي سكنت من قبل جماعة من العماليق يقال لهم عابيل، ثم توالت الهجرات إلى هذا الموضع والمواضع القريبة منه حتى جاء الإسلام في سنة 622م ووحدها في مدينة واحدة أصبح يطلق عليها المدينة المنورة(1).
وتقع هذه المدينة على خط الطول 36 39 شرقاً ودائرة العرض 38 24 شمالا.
ويمكن اعتبار المدينة المنورة من مدن الواحات المحاطة بالجبال والحرات، وتتخللها أو تحيط بها الوديان الكبيرة (بطحان، العقيق، قناة)، والصغيرة (مذينيب، مهزور، رانوناء). وتنتشر المزارع على ضفاف هذه الوديان حيث تتوفر التربة المناسبة للزراعة، والموارد المائية الكافية في فصل الأمطار وخارج هذا الفصل الذي هو غالبا فصل الشتاء أو الربيع.
ويرتبط امتداد هذه الأودية ومظاهر السطح الرئيسية في المدينة بالتركيب الجيولوجي للمدينة. ويعكس هذا التركيب تنوعا واضحا في الخصائص الطبيعية للمكان، حيث نجد التركيبات التالية (شكل رقم 1):
1- التكوين الرباعي الذي يغطي معظم المدينة المنورة، ويمتد نحو الجنوب على شكل جيب مفتوح نحو الشمال. ويتألف هذا التكوين من الحصباء والرمل الطيني والغريني المتراكم من تفتت الصخور المنقولة من التكوينات البركانية القديمة وتكوينات ما قبل الكمبري.
__________
(1) مكي، محمد شوقي بن إبراهيم، أطلس المدينة المنورة، ص30(1/11)
2- تكوينات ثلاثية ورباعية تحيط بالجيب الرباعي من الشرق والجنوب والغرب، وتتألف هذه التكوينات من صخور بازلتية.
3- تكوينات الأندسايت القديمة وتمتد بشكل رئيسي غرب المدينة المنورة، والتي تضم التراكيت وبعض الرايولايت والفونولايت.
4- الجرانيت الأحمر الذي يمتد غربي المدينة جهة جبال الجماوات التي تعتبر مصدرا رئيسيا لتوفير الرمل والحجر الأحمر.
وبالإضافة إلى هذه التكوينات الرئيسية تتناثر تكوينات أخرى وتتداخل مع التكوينات السابقة مثل التكوينات الأسيدية النارية، والجرانيت النيسوزي، والشست السرسايني والكلورايتي، وهناك بعض الصدوع الممتدة على شكل أنصاف دوائر غربي المدينة المنورة المنحدرة نحو الشرق والجنوب الشرقي. كما توجد بعض السبخات الملحية، وخاصة في شمال المدينة.
الشكل رقم (1)
التركيب الجيولوجي للمدينة المنورة
المصدر: مكي، محمد شوقي إبراهيم، أطلس المدينة المنورة، ص13.
ومن الواضح أن هذا التعقيد في التركيب الجيولوجي لموضع المدينة المنورة أدى إلى وجود العديد من العناصر التعدينية الهامة التي استغلت منذ فترات طويلة، ويمكن أن يطور استغلالها اقتصاديا ضمن برامج تنمية المدينة المنورة، مثل استخدام المواد الحرارية (الصلصال والمغنسيوم والسيليكا)، واستخدام الطين والحجر والرخام كمواد بناء أساسية. كما أدى ذلك التعقيد إلى تكون تربة غنية ساعدت على النمو الزراعي، خاصة في جنوب المدينة المنورة حيث تختلط التكوينات الرباعية بمفتتات الصخور البركانية، مما أدى إلى تكون تربات صلصالية ثقيلة في مناطق العوالي وقربان وقباء، بالإضافة إلى التربات الصلصالية الخفيفة في مناطق العيون وسيد الشهداء شمالي المدينة المنورة. وهناك التربة الغرينية عالية الخصوبة على ضفاف وبطون الأدوية. كما توجد الترب الرملية عند أقدام الجبال الغربية في منطقة آبار علي، والشمالية الغربية في منطقة الجرف.(1/12)
وتتميز المرتفعات حول الجيب الرباعي الذي تشغله المدينة المنورة بكونها مرتفعات فردية لم تستغل للسكن أو البناء، كما يحدث في المدن الأخرى إما للأهمية الدينية والتاريخية لهذه الجبال مثل جبل أحد لقوله صلى الله عليه وسلم: (هذا جبل يحبنا ونحبه) (1)، أو لورود بعض الروايات عن عدم محبة بعض الجبال مثل جبل عير(2) لقوله صلى الله عليه وسلم: (..وهذا جبل يبغضنا ونبغضه إنه على باب من أبواب النار) (3). وقد ضعف الألباني والهيثمي هذا الحديث
وتنحدر أرض المدينة المنورة بشكل عام من الجنوب إلى الشمال، حيث يبلغ معدل الارتفاع في الجنوب 620م، وفي الشمال 595م، مما جعل معظم أودية المدينة تتجه من الجنوب إلى الشمال، حيث تجتمع في مجمع الأسيال غربي جبل أحد، ثم تتجه نحو الشمال الغربي لتلتقي مع أودية النقمي والحمض الذي ينتهي على ساحل البحر الأحمر.
أما مناطق الحرات فهي أقل ارتفاعا من هذه الجبال، وتقع في الغالب في شرق وغرب وجنوب المدينة المنورة، وتتميز بهشاشة صخورها وتضرسها وكثرة الشقوق والأطراف الحادة خلالها.
__________
(1) البخاري، أبي عبد الله محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، حديث رقم 2889/ص555)
(2) يقع جبل أحد على بعد نحو 5.5كم من المسجد النبوي الشريف، ويرتفع عن المناطق المحيطة به بنحو 480م، ويمتد على طول نحو 8كم، أما جبل عير فيقع على بعد نحو 8 كم من المسجد النبوي، ويرتفع عن المناطق المحيطة به بنحو 955م، بطول نحو 3كم. وهناك جبل سلع الذي يبعد نحو 500م عن المسجد النبوي، ويرتفع نحو 80م عن المنطقة المحيطة به، وقد تآكلت أجزاء كبيرة من هذا الجبل نتيجة مشروعات التطوير والتنمية في المنطقة المركزية للمدينة المنورة.
(3) الألباني، محمد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ج4، حديث رقم 1618، ص122؛ الهيثمي، نور الدين، مجمع الزوائد، ج4، ص13).(1/13)
ويتميز مناخ المدينة المنورة بخصائص معينة كانت لها انعكاسات عديدة. ويمكن وصف مناخ المدينة المنورة بشكل عام بأنه مناخ مداري قاري حار، يتأثر بخصائص مناخ البحر المتوسط في الشمال، والمناخ الموسمي في الجنوب، والمناخ القاري في الشرق، كونها تقع في العروض المدارية بارتفاع محدود عن سطح البحر (590-620م)، وبعيدة عن المسطحات المائية حيث تبعد عن ساحل البحر الأحمر الشرقي بنحو 240كم. ولهذا كان المتوسط العام لدرجات الحرارة مرتفعاً، يصل إلى نحو 28م، ويرتفع هذا المتوسط إلى نحو 36م في شهر يوليو، وينخفض إلى نحو 18م في شهر يناير. وقد تصل درجات الحرارة الفعلية إلى قيم تختلف كثيرا عن هذه المعدلات حيث تسجل أحيانا درجات تصل إلى 48م في شهر يوليو، كما حدث في سنة 1987م، وتمتد الفترات التي يمكن أن تسجل فيها مثل هذه الدرجات المرتفعة إلى ما بين شهري أبريل وأكتوبر (نحو 7 أشهر من السنة). كما تنخفض درجات الحرارة إلى أقل من 15م في بعض أيام شهري ديسمبر ويناير، ثم ترتفع درجات الحرارة إلى أكثر من 20ْ في بقية السنة، مما يعني أن درجات الحرارة مرتفعة في معظم أشهر السنة.(1/14)
ونتيجة لهذه الصفات القارية يتميز مناخ المدينة المنورة بالجفاف، إذ يبلغ متوسط التساقط السنوي نحو 42ملم يصل معظمه في أشهر نوفمبر ويناير، أو مارس وإبريل، ونادرا ما تسقط الأمطار في فصل الصيف، وهي غالبا من الأمطار الإعصارية التي تجلب السيول التي تمتليء بها أودية المدينة المنورة. وقد ترتفع معدلات المطر في بعض السنوات، كما حدث في سنة 1971م حين بلغ المعدل السنوي نحو 104ملم، وتنخفض في بعض السنوات إلى أقل من 1مم، كما حدث في سنة 1973م. ولعل هذا هو السبب الرئيسي في انخفاض معدل الرطوبة النسبية في المدينة المنورة إلى أقل من 5% في أشهر يونيو ويوليو، وارتفاعها النسبي في أشهر نوفمبر ويناير وفبراير إلى نحو 55%. والرياح السائدة في المدينة المنورة هي الرياح الغربية، والجنوبية الغربية، والشمالية الغربية، والجنوبية الشرقية، وهي رياح متوسطة السرعة تتراوح بين 20-25 عقدة/الساعة، وقد تتسرب في بعض أيام السنة الرياح الشرقية، أو الشمالية الشرقية، وهي رياح حارة تحدث غالبا في فصل الصيف. أما الرياح الشديدة التي تتجاوز سرعتها 40 عقدة/الساعة فهي نادرة وغالبا ما تأتي من الاتجاهات الغربية والجنوبية الغربية. ولعل سبب ذلك هو انخفاض الضغط الجوي بشكل عام في المدينة المنورة، فإنه يتراوح بين 932-935 مليبارا في أشهر الصيف، ويرتفع قليلا في أشهر الشتاء إلى نحو 950مليبارا.(1/15)
وقد نتج عن هذه الخصائص العديد من الآثار التي صاغت تميز المدينة المنورة في نموها المحلي ومظهرها العام، وأهميتها الخارجية. فلقد أدت الخصائص الطبوغرافية للموضع إلى ظهورها النشأة الأولى للمدينة المنورة في المنطقة المنخفضة المستوية السطح، ثم نمت تدريجيا على المناطق المتوسطة الارتفاع في جنوب المدينة، ولكنها لم تتجه إلى المناطق الجبلية المرتفعة على الرغم من حدوث النزاعات العرقية والقبلية بين سكانها في الفترات السابقة للإسلام، واستخدمت بدلا عن ذلك الحصون والآطام للحماية. وبذلك بقيت بعض الجبال أعلاما ترصع محيط المدينة مثل جبال أحد، وسلع، والجماوات، وعير. ولعل تحديد نقطة الصفر الديموغرافية تظل نظرية إذ لا توجد أدلة قطعية تحدد تاريخا دقيقا لنشوء المدينة، فتنامي المجتمعات الحضرية يخضع لشروط معقدة تتصل بخصائص المكان الطبيعية والبيئية. وهناك آراء عديدة حول نقطة الصفر هذه، لعل أقربها ما ذكر من احتمال الاستيطان الأول في المدينة في النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد(1).وقد كانت المنطقة خلال هذه الفترة تتميز بوفرة أمطار البلايستوسين، خاصة خلال الدور الرطب الثاني الذي امتد حتى الألف الأول قبل الميلاد، وربما حتى القرون الأولى من الميلاد. ولهذا وصفت الجزيرة العربية بأنها كانت كالجنات التي تجري بها المياه، وتنمو فيها النباتات الوفيرة(2).ولهذا استغلت مجاري الوديان في المدينة وضفافها للاستخدام الزراعي.
__________
(1) مكي، محمد شوقي بن إبراهيم، أطلس المدينة المنورة، ص30).
(2) عبده، طلعت أحمد محمد، الجغرافيا التاريخية في البلايستوسين، ص372-374).(1/16)
ولكن التغيرات المناخية التالية والتي جلبت الجفاف للمنطقة جعلت هذه الأودية وما تختزنه من مياه الأمطار حيوية وكافية في الوقت نفسه لذلك الاستخدام، وشكلت هذه الاستخدامات نظاما لتوزيع الأراضي الزراعية والحضرية التي توضح العلاقة القوية بين عناصر البيئة المحلية وطبوغرافيتها. ولكن مع تطور الزراعة في القرن العشرين واستخدام وسائل السحب الحديثة حدث خلل في التوازن بين ما يترشح إلى الطبقات الحاملة للمياه وبين ما يسحب منها للاستخدامات الزراعية وغير الزراعية، مما شكل بداية معاناة المدينة المنورة من شح المياه الصالحة للاستخدام الآدمي منذ السبعينات. وهذا يعني أن الخصائص الحضارية لامست وتفاعلت مع الخصائص الطبيعية في المنطقة.
وكانت مياه الأمطار تجري في الوديان فتغذي الطبقات الحاملة للمياه على طول مجاريها الجنوبية والشمالية، ويخترق بعضها المدينة، فيغير قليلاً من مورفولوجيتها ـ ولو لبعض الوقت ـ مما يشكل متنفساً ترفيهياً رائعاً لسكان المدينة. ونظرا لانسداد بعض المجاري المائية نتيجة عمل الإنسان وعدم وجود الجسور فقد كانت هذه السيول كثيراً ما تسبب عزلة بعض الأحياء السكنية أو غرقها بالمياه، كما حصل لمنطقة جنوب قباء فيما يسمى بمنطقة كبري المدرج رقم (2)، ولحي المشرفية في سنة 1377هـ
((1/17)
1975م) نتيجة لفيضان وادي بطحان. كما أن تجمع المياه في برك وأحواض صغيرة بعد توقف جريان الوادي كثيراً ما يؤدي إلى انتشار الأمراض التي تنقلها الحشرات التي تقتات على هذه البرك. ولكن بناء السدود على مجاري الأودية الرئيسية مثل سد وادي العاقول سنة 1375هـ (1955م)، وسد وادي العقيق، وسد وادي بطحان في سنة 1386هـ (1966م) أوقف خطر دخول المياه إلى المدينة، ولكنه أدى إلى جفاف الآبار والعيون داخل المدينة وفي الأجزاء الشمالية منها، مما أدى إلى تدهور مساحات زراعية وغابية هامة في منطقة العيون والخليل، وتحولها تدريجياً إلى مناطق عمرانية أو شاغرة كما سنرى لاحقاً. وفي الوقت نفسه فقد حققت هذه السدود فوائد صحية كبيرة بنقل تجمعات المياه إلى خارج المنطقة السكنية المعمورة، ومع أن ذلك لم يمنع نشاط فرق مكافحة البعوض الذي قد ينقل الأمراض من مثل هذه التجمعات المائية. ولكن مع تزايد أعداد السكان أصبحت هذه الموارد غير كافية لتلبية حاجتهم من مياه الشرب أو الري، مما أدى إلى البحث عن مصادر جديدة تمثلت في جلب الماء من شرق منطقة قباء في حرة رهط، ومن بئر الماشي جنوب غرب المدينة على بعد نحو 20كم، بالإضافة إلى جلب مياه البحر المحلاة من ينبع. وقد انتهت حتى الآن مرحلتان من مشاريع التحلية في سنة 1410هـ (1980) و 1420هـ (1999م)، جلبت نحو 20مليون جالون من المياه، و25 ميجاوات من الكهرباء للمدينة في بداية المرحلة الأولي، ونحو 91 مليون جالون من المياه، و35ميجاوات من الكهرباء في اليوم في المرحلة الثانية(1)
__________
(1) الرويثي، محمد أحمد، جوانب من الشخصية الجغرافية للمدينة المنورة، ص95؛ المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، مشروع محطتي التحلية،ص1)..(1/18)
وإذا عرفنا تزايد كميات استهلاك المياه في المدينة المنورة بنسبة 1900% حيث ازدادت من نحو 12500م3 في اليوم في سنة 1393هـ إلى 250000م3 في اليوم في سنة 1420هـ لعرفنا مقدار الضغط على موارد المياه ومقدار الجهد اللازم لتوفير وتوزيع هذه الكميات الضخمة من المياه(1) .
لقد أدت هذه الخصائص المناخية مع الخصائص الطبوغرافية إلى بقاء الوحدة العضوية للتركيب العمراني للمدينة منذ نشأتها، وزاد من هذا التلاحم العامل الأمني الذي أدى إلى بناء الأسوار، مما حافظ على المظهر العام للمدينة المنورة لقرون عديدة في شكل شبه بيضاوي تمتد أكبر محاوره من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي (شكل رقم2). وقد بنى أول سور للمدينة المنورة إسحق بن محمد الجعدي في عام 263هـ (876-877م) من قبل الخليفة العباسي المعتضد بالله. وقد رمم ووسع هذا السور عدة مرات كان أهمها البناء الضخم في عهد السلطان سليم العثماني (937-948هـ)، وقد بلغ طوله نحو 4000ذراع (2). وقد أزيل هذا السور في العهد السعودي خلال فترة التوسعة السعودية الأولى للمسجد النبوي الشريف (1370-1375هـ/1950-1955م)، وأزيلت بقاياه خلال التوسعة السعودية الأخيرة للمسجد النبوي الشريف (1405-1413هـ/1985-1993م).
__________
(1) مصلحة المياه والصرف الصحي بمنطقة المدينة المنورة، ص1،3).
(2) حافظ، علي، فصول من تاريخ المدينة المنورة، ص35، 37-38).(1/19)
وقد كان النمط المعماري للبناء خلال هذه القرون بين بناء السور الأول وهدم السور الأخير متقاربا تظهر فيه نماذج معمارية تمثل الطراز العمراني العربي المبكر، والطراز الأموي، والطراز العباسي، والطراز الفارسي ـ التركي، والطراز المملوكي، والطراز العثماني، والطراز الهندي ولكن بتناسق كبير نتيجة استخدم مواد بناء محلية متجانسة تتمثل في الحجر والطين. واستخدم المخطط والمعماري خصائص المكان بمهارة فائقة ظهرت بجلاء في تركيب المسكن، وتوزيع الغرف، وتصميم واجهات المباني وتوجيهها. فنتيجة لظهور النواة الأولى للمدينة في منطقة منبسطة كان من البديهي أن يظهر نظام الفناء الذي تحيط به الغرف، مما يساعد على سهولة دوران الهواء وتلطيف الجو.
وقد نجد في مساكن الأثرياء مظاهر أخرى مضافة للفناء، مثل البئر أو النافورة، أو بعض الشجيرات التي تزيد من تلطيف الجو الذي يتميز بسيادة المناخ الحار والجاف. كما عمد البناؤون إلى مراعاة العادات والتقاليد الاجتماعية بتطبيق المداخل المنكسرة للمباني حتى تعطي خصوصية أكبر لمن بداخل المسكن من الأعين الفضولية خارج المبنى. وغالباً ما توزع غرف استقبال الضيوف أو المجالس في مقدمة المسكن، وغرف النوم والطبخ والخزن في خلفية المسكن.
ولا نجد في المدينة القديمة دورة مياه تواجه القبلة أي ناحية الجنوب تطبيقا للحديث الشريف الذي رواه البخاري والترمذي عن أيوب الأنصاري: (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا..) (1) الحديث ..ويعني ذلك تأثير جوانب العقيدة في توجيه الاستخدامات داخل المباني الإسلامية. وللأسف فإننا لا نجد تطبيق هذه القاعدة اليوم في كثير من المدن الإسلامية.
شكل رقم (2)
النمو العمراني في المدينة المنورة
المصادر: 1- Makki, Ms., 1992 2- أطلس المدن السعودية،1406هـ.
__________
(1) آل الشيخ، صالح بن عبد العزيز، موسوعة الحديث الشريف، ص 162،34،15).(1/20)
3- معهد بحوث الفضاء، 1421هـ.
ولسيادة الرياح الجنوبية الغربية والشمالية الغربية في المدينة فغالبا ما نجد الشوارع في المدنية القديمة تتخذ الاتجاهات الشرقية الغربية حتى تجعل المباني تواجه الواجهات الشمالية والجنوبية، مما يزيد من كسر قوة الرياح، ويسمح باستقبال الرياح الشمالية التي تلطف الجو، خاصة في أشهر اعتدال الحرارة نوعا ما وفي الصباح الباكر (شكل رقم3). وتميزت الشوارع بين الأبنية بعدم الاتساع (تتراوح بين 5، 1-4م) لتحقيق فوائد عديدة أهمها توفير الظل، وكسر قوة الرياح، وتوفير المكان للنمو الحضري داخل الأسوار. ومما ساعد على هذا النمو اختلاف ارتفاعات المباني التي كانت تترواح في الغالب بين 2-4 أدوار، وكذلك يقل عرض المبنى عن طوله (عمقه إلى الداخل)، وذلك بهدف تعريض أقل مسطح من المباني للشمس(1).
شكل رقم (3)
اتجاهات الرياح الرئيسية في المدينة المنورة
المصدر: مكي، محمد شوقي إبراهيم، أطلس المدينة المنورة، ص9.
__________
(1) طه، حاتم عمر، ملامح من فن العمارة في المدينة المنورة، ص64).(1/21)
ومع مرور الزمن تطورت واجهات المباني فأصبحت تسود النوافذ الخشبية الواسعة البارزة وغير البارزة (المشربية والروشان) التي تسمح بدخول الهواء والضوء مع حجب الرؤية عن ما يوجد داخل الغرفة من قبل المارة في الطريق والممرات بين المساكن، وتقلل من وصول أشعة الشمس والأتربة إلى داخل المبنى. وغالبا ما نجد البنائين يحاولون ألا تكون النوافذ متقابلة تماما بين المساكن المتقابلة، وإنما تتراوح إلى جوانب نوافذ الجار حتى توفر قدرا أكبر من الخصوصية بين الجيران، ولا تمنع الاتصال كذلك بين نساء الجيران في وقت خروج الرجال إلى أعمالهم. ومن أبرز هذه الشوارع شارع الساحة شمال غربي المسجد النبوي الشريف (صورة رقم 4). ويتفرع من هذه الشوارع ما يسمى بالاحوشة أو ما يمكن أن يطلق عليه ـ بمصطلح العصرـ بالمجاورات، وهي أحياء سكنية غير نافذة في أغلب الأحيان.
صورة رقم (4): واجهات المباني القديمة وتعلوها الرواشين والمشربيات.
وتميزت المدينة بظاهرة فريدة جعلتها تختلف عن كثير من المدن القديمة إسلامية كانت أو غير إسلامية. فمن المعتاد أن يوجد السوق المركزي في قلب المدينة القديمة حول المسجد الجامع أو مكتب الحاكم، ولكننا نجد في المدينة المنورة قيام الأسواق خارج المدينة القديمة حول ما يعرف اليوم بمسجد الغمامة (مصلى العيد). ولعل هذا الاختلاف يؤكد ما ذهب إليه بعض الباحثين من أن العامل الديني كان أقوى عوامل ظهور الحياة المدنية، ويؤكد ذلك أن كثيراً من المدن القديمة لا يوجد السوق المركزي داخلها(1).
__________
(1) Bookcgin, M., The Rise of Urbanization and the Decline of Citizenship,pp.21-22)(1/22)
وكانت الأسواق في المدينة المنورة مؤقتة تخلو من المباني حتى عهد هشام بن عبد الملك الذي أقام أول مبان في السوق خلال فترة حكمه (724-743هـ). ولعل مرد ذلك ما ورد من أحاديث حول فضل العبادة في المساجد على قضاء الوقت في الأسواق، وذم تضييق السوق على المسلمين، والبناء حتماً سيؤدي إلى استقطاع جزء من مساحة السوق. فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال (أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها) (1). كما روى عمر ابن شبة عن عطاء بن يسار حديثا في إسناده ضعف، قال: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل للمدينة سوقا أتى سوق بني قينقاع، ثم جاء سوق المدينة فضربه برجله وقال: (هذا سوقكم فلا يضيق ولا يؤخذ فيه خراج) (2)
__________
(1) آل الشيخ، صالح بن عبد العزيز، موسوعة الحديث الشريف، حديث رقم 1528، ص782) ذكر السيوطي ماروي عن ابن عباس:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل : ( سل ربك أي البقاع خير وأي البقاع شر)، فغاب عنه جبريل، ثم أتاه فقال له: لقد وقفت اليوم موقفاً لم يقفه ملك قبلي ، كان بيني وبين الجبار تبارك وتعالى سبعون ألف حجاب، من نور، الحجاب يعدل العرش والكرسي والسموات والأرض بكذا وكذا ألف عام، فقال أخبر محمداً أن خير البقاع المساجد وشر البقاع الأسواق، ولكن في سند الحديث عثمان بن عبدالله فإن كان هو الأموي الشامي فهو ممن يروي الموضوعات عن الثقات ( السيوطي أبي عبدالرحمن جلال الدين، اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 1/23).
(2) ابن شبة، أبي زيد عمر، كتاب تاريخ المدينة المنورة، ج1، حديث رقم 662، ص 183)..(1/23)
ونقل السمهودي عن ابن شبة وابن زبالة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدق على المسلمين بأسواقهم، واستمر المنع بصرامة عن البناء في السوق، خاصة في عهد عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز، حتى أحدث إبراهيم بن هشام في عهد هشام بن عبد الملك الدور الشوارع في السوق(1).
ومع السبعينات من القرن 14هـ (الخمسينات من القرن 20م) حدث في المدينة نمو سريع نتيجة تفاعل عدة متغيرات تمثلت في العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والطبيعية. فالنمو العمراني تضمن النمو السكاني، والتوسع المكاني للمناطق المبنية ونظام ملكية الأرض وتغيير النشاطات الاقتصادية. ومع هذه التغيرات هدمت أسوار المدينة، فانفرط عقد التجمع الذي عرفت به المدينة، وخرجت من عقالها، وتوسعت في كل الاتجاهات، خاصة الاتجاهات الشمالية والشمالية الشرقية على طول طريقي أبي بكر الصديق (سلطانة) والمطار. وأدى النمو السكاني إلى زيادة الطلب على الإسكان المنخفض التكلفة، وعلى العديد من الخدمات مثل تمويل الماء والكهرباء والتخلص من النفايات(2).
__________
(1) السمهودي، نور الدين، وفاء الوفاء، ج2، ص 749،747).
(2) تضاعف عدد السكان بين سنتي 1350-1382هـ 2.4 مرة، ثم تضاعف بين سنتي 1382-1413هـ8.5 مرة ( شكل رقم 7).(1/24)
وقد أدى ذلك إلى التوسع في بناء أنواع مختلفة من المساكن، وظهرت بعض المباني غير القانونية التي امتدت خارج المدينة على المناطق التي كانت في السابق تحد من النمو. ونتيجة للفجوة بين نمو الطلب على المباني السكنية داخل البيئة الحضرية وبين إمكانيات العرض المحلية حدث اختلال في العلاقة بين الاستيطان البشري والبيئة حيث كثر التعدي على جميع الأراضي التي يمكن البناء عليها، سواء كانت زراعية، أو في مجاري الوديان، أو في الحرات. وأصبحت الأراضي الحافية التي تشكل منطقة اتصال بين المركز والمناطق الزراعية مركبة من استخدامات متنوعة للأرض الزراعية والسكنية والتجارية والصناعية والخدمية. وأظهرت الاستخدامات الأخيرة تحديا للاستخدامات الزراعية إذ تفوقت قيم الأرض لتلك الاستخدامات على الاستخدام الزراعي. وبذلك بدأ المخططون والمعماريون في المدينة يتخلون عن النمط السابق المتجمع، وبدأت مشاريع توسعة الشوارع القديمة (ليصل عرض بعضها إلى 60-80م)، وبناء طرق جديدة لمرور السيارات السريعة، وبناء المساكن في كل الاتجاهات، وأخذ يتسع استخدام النوافذ الزجاجية، وتتعدد الأدوار إلى ارتفاعات لم تعهدها المدينة من قبل، وتسود أنماط جديدة من الوحدات السكنية المتمثلة في الشقق التي تتميز بصغر حجمها وتوجهها الخارجي، مما قضى على نظام الفناء الداخلي للمساكن، وظهر بدلا عنها الفناء الخارجي المحيط بالمسكن، والذي يخلو في الغالب من أي استخدام مفيد فعلا لسكان هذه المباني. وقد خططت هذه الأقنية الخارجية بطرق تمكن من احتوائها على شجيرات تقلل من درجات الحرارة حول هذه المساكن، ولكن نظرا لتعدد الوحدات السكنية الصغيرة في المبنى وشح المياه أصبح من الصعب في كثير من الأحيان إيجاد من يهتم بهذه الشجيرات فتتحول بعض هذه الأقنية إلى فراغات شاغرة قد تصبح مأوى للنفايات والقاذورات.(1/25)
وأقيمت أحياء جديدة في مناطق الحرات التي كانت مناطق طاردة للسكان، فأصبحت في البداية مكانا لإيواء محدودي الدخل حيث نمت الأحياء العشوائية في الحرة الغربية من المدينة. فبنيت المساكن دون سندات استحكام وإنما تحت طائلة قاعدة إحياء الأرض الموات. وقد أدى هذا النمو العشوائي غير المخطط إلى آثار سلبية واضحة على البيئة المحلية واستغلال الموارد الوطنية بشكل عام. فقد بنيت أحياء سكنية كثيفة دون تنظيم مناسب لمرور الخدمات وتوفير البيئة الصحية المناسبة للسكان، حتى أن بعض المساكن لا يمكن الوصول إليها إلا مشيا على الأقدام. كما أن نقص المساحات الفضاء أدى إلى نقص أماكن الترويح للسكان ونقص المحلات التجارية، مما كان يعني ضرورة الانتقال لمسافات أكبر من سكان الأحياء الأخرى للحصول على احتياجاتهم اليومية، ولو أن ذلك التقارب مكن من استمرار الترابط الاجتماعي بين السكان الذين غالبا ما يكونون من أسر ذات قرابة عائلية أو قبلية. ولا شك أن معالجة هذه الإشكاليات تتطلب أموالا طائلة من خزينة الدولة لإعادة تخطيط هذه المناطق وتطويرها، مما حدا باستشاري التطوير إلى تبني سياسة خلخلة النسيج العمراني في المنطقة، مما تطلب تكاليف إضافية كان بالإمكان توفيرها لو خططت المنطقة منذ البداية (شكل رقم4). ولمقابلة هذه التحديات دخل التخطيط الحديث إلى الحرة الشرقية حيث وضعت المخططات لتستوعب أعدادا متزايدة من سكان المدينة، خاصة أولئك الذين نقلوا من مركز المدينة نتيجة أعمال توسعة المسجد النبوي الشريف وتطوير المنطقة المركزية.
وبدأت تظهر أنماط جديدة من المباني في المدينة المنورة، ويمكن تقسيم مباني المدينة بعد هدم كامل المدينة القديمة في التوسعة الفهدية الأخيرة للمسجد النبوي الشريف إلى الفئات الآتية:(1/26)
1- البيت العربي التقليدي: اختفى هذا النمط من المدينة القديمة، وظهرت مبان جديدة تحاكي هذا النمط بشيء من التشويه في أحياء محدودي الدخل على أطراف المدينة، كما هو الحال مثلا في الأحياء الغربية من المدينة.
شكل رقم (4)
مخطط تطوير الحرة الغربية في المدينة المنورة
المصدر: كعكي، عبد العزيز بن عبد الرحمن، معالم المدينة المنورة، ج2، ص491.
2- مساكن انتقالية: تأخذ هذه المباني شيئاً من النمط التقليدي والنمط الحديث فيبنى الدور الأول بالحجر أو الآجر، وتبنى الأدوار المتكررة بالأسمنت مع استخدام الأسقف الخشبية والتوزيعات التقليدية للفراغات داخل المبنى (صورة رقم5).
صورة رقم (5): المساكن الانتقالية (تصميم ومواد بناء مختلطة).
3- مباني الشقق: تطلق موسوعة بريتانيكا اسم العمارة العلمانية على هذا النوع من المباني(1)والتي تتميز بالوحدات الصغيرة المتعددة في المبنى الواحد. ويتراوح عدد الغرف في الشقة الواحدة بين 2-4 غرف. وقد بدأت تظهر في العشر سنوات الأخيرة بعض الشقق الكبيرة الحجم في الأحياء الخارجية، يصل عدد الغرف فيها إلى 6 أو 7 غرف.
4- مباني الفلل والقصور: تتميز هذه المباني بالانفصالية والمساحات الكبيرة والكثرة في مناطق ذوي الدخل المرتفع، وبتوفر مساحات أكبر للزراعة خارج المبنى. وفي الآونة الأخيرة بدأت تظهر بعض الفلل والقصور التي بدأت في العودة إلى النمط المعماري التقليدي، وذلك بإنشاء الفناء الداخلي. وتوجد مثل هذه الوحدات في أحياء النسيم والخالدية وغيرها.
__________
(1) Encyclopaedia Britannica Co. Ltd., Encylopaedia Britannica, Vol.17, p.652(1/27)
وتعتبر هذه الأنماط سجلا يعكس نمط العمارة السائد في المدينة على مر السنين. ويمكن هذا السجل من المقارنة بين خصائص مكونات هذه الأنماط. فمثلا نجد أن الأنماط التقليدية والانتقالية لم تزل تستخدم التصاميم والمواد التقليدية، مما يعني استمرار المحافظة على عناصر العمارة الأصلية في المدينة. أما مباني الشقق والفلل فقد بدأت تدخل عليها عناصر جديدة بعضها مفيد وبعضها الآخر لا يتلاءم مع الخصائص الطبيعية والحضارية للمنطقة. فمثلا نلاحظ تحول توجه هذه المساكن للخارج، وضعف الوظيفة الاجتماعية للداخل والتي كانت تؤديها المساكن التقليدية.
وهناك تحول جذري آخر في استخدام مواد البناء إذ أصبحت تسود المواد الإسمنتية والخرسانة المسلحة، وهذه المواد قد توفر الانسجام والتناسق في سطوح جدران وأرضيات الوحدات السكنية، ولكنها من جهة أخرى تمتص الحرارة ولا يمكن للإنسان العيش داخلها إلا باستخدام وسائل تكييف اصطناعية تقلل من درجات الحرارة. وبالرغم من استخدام وسائل عزل حديثة للأسطح والجدران إلا أن هذه المواد لا تزال تستهلك طاقة أكبر من المساكن التقليدية. فنجد مثلا أن معدل قيمة فاتورة استهلاك الكهرباء في البيت التقليدي في أشهر الصيف يصل إلى نحو 70 ريالا، بينما يرتفع في الفلل التي تستخدم التكييف المركزي إلى 345 ريالا.
كما أن استخدام النوافذ الزجاجية الواسعة عزز من زيادة صرف الطاقة، وقلل من الخصوصية داخل المبنى لأن فتح النوافذ يؤدي إلى نفاذ العين الخارجية بسهولة إلى داخل المنزل، بالإضافة إلى تسرب الأتربة وأشعة الشمس إلى داخل المسكن. وحتى مع استخدام الزجاج العاكس فإن ذلك يؤدي بعض الغرض خلال ساعات النهار، ولكنه لا يقوم بالدور نفسه خلال ساعات المساء، مما يعني الحاجة إلى مصاريف إضافية لتغطية هذه النوافذ في المساء (صورة رقم 6).
صورة رقم (6أ): واجهات المباني الزجاجية تزداد اتساعا.(1/28)
وقد أدرك الإنسان هذه المساوئ، ولذلك بدأ بعض مستخدمي هذه الوحدات السكنية الحديثة بتغطيتها بنوافذ خشبية على نمط المشربيات لتوفير الخصوصية وتمكين فتح النوافذ الزجاجية لتسمح للضوء والهواء بالنفاذ إلى داخل المسكن (صورة رقم 7). ولكن هذه الإضافات مكلفة، مما يعني عبئا اقتصاديا على المستخدم، الأمر الذي قد لا يتحمله إلا أصحاب الدخل المتوسط والمرتفع.
صورة رقم(6ب): النوافذ الزجاجية في المباني الحديثة تزداد اتساعاً.
صورة رقم (7): رواشن خشبية تغطي النوافذ الزجاجية.
ومع امتداد النمو العمراني أصبحت الخدمات السابقة قاصرة عن تلبية حاجة السكان. فالمدينة المنورة كانت تعتمد على الآبار الخاصة والعيون، وقنوات العين الزرقاء التي مدت في عهد معاوية بن أبي سفيان (41-64هـ/661-683م) لتزويد سكان المدينة المنورة بمياه الشرب والري. ولم تكن هذه القنوات تصل إلى كل مسكن، وإنما كانت لها نقاط توزيع رئيسية في مناطق محددة داخل المدينة وينساب الفائض منها إلى شماليها حيث مجمع الأسيال. ومع التوسع الحضري، وبناء السدود، وبناء الطرق والأنفاق تحولت بعض الأرضي الزراعية إلى استخدامات سكنية وصناعية وخدمية، مما أثر على النظام الطبيعي لقنوات المياه الباطنية، وبالتالي توقف انسياب المياه في العديد من العيون، وجفاف بعض الآبار أو زيادة نسبة الملوحة في بعضها الآخر. وقد قدر علي حافظ عدد العيون والخيوف في المدينة بأربع وأربعين عينا وخيفا، توقف عدد كبير منها بعد سنة 1355هـ، وكان آخرها توقفا في سنة 1385هـ(1).
__________
(1) حافظ، علي، فصول من تاريخ المدينة المنورة، ص 293-297).(1/29)
ومع جفاف الكثير من هذه العيون والآبار مدت شبكات من الحديد الزهر والمعدن المقاوم للصدأ لتوفير ماء الشرب للسكان، ودخلت هذه الشبكة إلى داخل المساكن، كما مدت شبكة للصرف الصحي انتهت في شمالي جبل أحد بمسافة لا تزيد عن نحو 1كم. ويرجع تاريخ شبكة الصرف الصحي في المدينة المنورة إلى فترات قديمة عندما كانت هناك مراكز تسمى "الخرزات" لتصريف المياه الفائضة في قنوات العين الزرقاء (مرفق تزويد المدينة المنورة بمياه الشرب). وتتجمع هذه المياه في قنوات تصريف تسمى "دبول" تبدأ من خرزة المناخة في منطقة باب الشامي، وتتجه شمالا لتصب في مجمع للصرف الصحي في المنطقة المسماة بالبركة. وتتجمع مياه الصرف الصحي من جميع مراكز التغذية في قناة التصريف الرئيسية "الدبل" التي تتكون من جدارين من الحجر يفصل بينهما نحو 60سم ـ 3م، ويتراوح عمقها بين 1 و 3م من سطح الأرض. وقد كان يهتم بهذه القنوات وينظم شؤونها مرفق الصرف الصحي الذي كان يتبع إدارة المرافق العامة بوزارة الشؤون البلدية والقروية حتى ضم مرفقي العين الزرقاء والصرف الصحي في مصلحة واحدة هي: (مصلحة المياه والصرف الصحي بالمدينة المنورة) في شهر رجب من سنة 1398هـ، ثم وسعت صلاحياتها في سنة 1421هـ لتشمل منطقة المدينة المنورة. وقد تم استبدال هذه القنوات والخرزات على مشاريع الصرف الصحي الحديثة ـ التي بدأت مرحلتها الأولى (1384-1395هـ) في عهد الملك فيصل رحمه الله ـ بأنابيب من الفخار المزجج أو الخرسانة المسلحة المبطنة برقائق من كلوريد البولي فينيل. ومرت هذه الشبكة بثلاث مراحل للتطوير كان نتيجتها بناء 1600كم من شبكات الصرف الصحي الرئيسية والفرعية، 24 محطة رفع من المناطق المنخفضة، ومحطتي تنقية بطاقة 120000م3 يوميا، والعمل جار في توسعتها لتستوعب 300000م3 يوميا.(1/30)
وتعني هذه الأرقام أن المدينة تعاني حالياً من مشكلة صرف صحي، وبعد انتهاء أعمال التوسعة يؤمل أن يحدث التوازن بين المياه المستهلكة والمعالجة في محطات الصرف الصحي.
ورغم أهمية وفائدة هذه الشبكة في تنظيم الصرف الصحي وإبعاد أخطار الصرف داخل أو جوار الوحدات السكنية إلا أن اختيار موقع محطة تجميع ومعالجة مياه الصرف الصحي لم تكن موفقة، فقد أدت إلى انتشار الروائح الكريهة في المنطقة المحيطة بجبل أحد، خاصة في مناطق العيون والخليل والجرف، مما أدى إلى تدهور أسعار الأراضي هناك(1)، ودخول استخدامات غير مرغوبة داخل المدينة مثل حراج المواد المستعملة وسوق الغنم والماشية، مما يعني التأثير في نمط استخدام الأرض نتيجة لهذه التغيرات. وكان الأولى بجبل أحد الذي أحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزه عن مثل هذه الاستخدامات التي كان بالإمكان إبعادها إلى الشمال أكثر في جهات وادي النقمي، أو كما كان الحال سابقاً في منطقة البركة.
__________
(1) يشير أحمد زعفراني أحد تجار العقار في المنطقة إلى أن سعر المتر المربع في منطقة العيون كان في بداية التسعينات من القرن الرابع عشر الهجري يساوي 30 ريالاً، ثم انخفض مع منتصف التسعينات إلى 25 ريالاً، ثم ارتفع بعد ذلك إلى أقصى حد 130 ريالاً مع أنه ارتفع كثيراً في مناطق أخرى في المدينة إلى نحو 250-350 ريالاً.(1/31)
واتجهت المخططات الجديدة إلى السماح ببناء المباني الأكثر ارتفاعاً على المحيط الخارجي للمناطق السكنية الحديثة التي تطل على شوارع رئيسية تفصل الأحياء عن بعضها البعض، ولكن سرعان ما تتحول الأدوار الأرضية وربما الأولى الواقعة على واجهات هذه المباني إلى محلات تجارية وخدمية على جانبي هذه الشوارع المحيطة بالمنطقة، الأمر الذي يؤدي إلى تحول هذه الشوارع من كونها حدودا فاصلة بين المناطق السكنية إلى محاور تؤدي إلى تركز الحركة، وتحول الشوارع إلى محاور للخدمات للمناطق المتجاورة وربما للمرور العابر، وتحول جوانب الشوارع إلى مواقف للسيارات، مما يؤدي إلى خلل في وظيفة الشارع التي صمم من أجلها. ومن جراء ذلك قد تفقد منطقة الخدمات المركزية في كل حي وظيفتها وتقل الحركة والمرتادون لهذه المراكز، على عكس المناطق الهامشية التي ترتفع فيها أسعار الأراضي والعقارات، وبذلك تنقلب المعايير التخطيطية نتيجة سوء التنفيذ والتطبيق.(1/32)
ولعله من الخطأ تطبيق النموذج الغربي في التنمية الحضرية على المدن القديمة لسيادة عناصر الكتل الخرسانية المسلحة، والسيارات، والأماكن الخضراء أو المفتوحة داخل المدينة، مثل الحدائق والساحات العامة التي تحاكي الطبيعة في هذا النموذج. أما المناطق الزراعية التي تعتبر مناطق هامة لتمويل المدن بالغذاء فقد أصبحت في هذا النموذج متعارضة مع نمط الحياة الحضرية المثالية لما تسببه من مخلفات تزيد من مشكلة التخلص من نفايات المناطق الحضرية، خاصة إذا اشتملت المزارع على حظائر لتربية الحيوانات، ولهذا تمنع أمانة المدينة المنورة تربية الحيوانات داخل المناطق السكنية، خاصة إذا تضرر الجيران من الروائح المنبعثة منها. ولهذا كان لا بد من العمل على تعديل النظام الزراعي التقليدي ليستجيب لاحتياجات سكان المدينة، وكذلك تبني مشاريع تدوير تستخدم نفايات المدن والمزارع كمصدر لتغذية التربة والحيوان أو النبات. وقد أخذت مثل هذه المشاريع تنتشر في العالم للتخلص من النفايات بطريقة عضوية تخرج عددا من المنتجات الثانوية مثل صنع السماد وتوفير الطاقة، بالإضافة إلى التخلص من النفايات الصلبة للتغلب على المشاكل الناتجة من تراكم نفايات المدن (1).ولا شك أن مثل هذه المشاريع ستوفر فرصا وظيفية لسكان المدن والريف، مما يدعم استقرار السكان، ويقلل من بواعث الهجرة إلى مركز المدينة، كما أنها يمكن أن توفر نشاطات اقتصادية تدعم الدخل المحلي والوطني بتشجيع قيام مشاريع توليد الطاقة من النفايات التي يفكر فيها العالم للتحول من استخدام المواد الأحفورية غير المتجددة إلى الموراد الطبيعية المتجددة.
__________
(1) يوسف، درويش إبراهيم، مدن تحل أزماتها البيئية، المدينة العربية، ص23).(1/33)
وكما أشار بوكشن Bookchin إلى الحاجة إلى إدراك أهمية العلاقات الاجتماعية والأيكولوجية التي توجد داخل المدن والتي تتعدى العمليات الاقتصادية في الإنتاج والاستهلاك(1).
الأهمية الدينية لقلب المدينة المنورة:
يمثل المسجد النبوي الشريف القلب النابض للمدينة المنورة، بل يمتد أثره إلى العالم الإسلامي، إذ يفد إليه سنويا مئات الآلاف من الحجاج والزوار للصلاة فيه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهنا ظهر أهم مظهر حضاري للعالم الإسلامي ببناء المسجد النبوي الشريف في السنة الأولى بعد الهجرة من مكة إلى المدينة. وعلى غرار هذا المسجد بنيت المساجد في مختلف أمصار العالم الإسلامي مثل مساجد البصرة والكوفة والفسطاط ودمشق والقيروان وغيرها.
وقد نقل الزركشي عن الزهري قوله: بركت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موضع مسجده، وهو يومئذ يصلي فيه رجال من المسلمين، وكان مربدا لسهل وسهيل غلامين يتيمين من الأنصار... وكان فيه شجر ونخل وقبور للمشركين(2).فابتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم المربد (وهو الموضع الذي يجعل فيه التمر والزرع للتيبس)، وقطع الشجر، ونبش القبور، ونقل بقاياها إلى مكان آخر، وبنى مسجده من اللبن، وقيل من الحجارة، ومساكن زوجاته خلال نحو سبعة أشهر قضاها في ضيافة أبي أيوب الأنصاري(3).
__________
(1) Bookchin,M., The Rise and Decline of Citizenship, p)
(2) الزركشي، محمد بن عبد الله، إعلام الساجد بأحكام المساجد، ص 223).
(3) السمهودي، نور الدين، وفاء الوفاء، ج1،ص 265-266).(1/34)
وقد بنى الرسول صلى الله عليه وسلم مسجده 70 ذراعا في 63ذراعا (35×32م)، وبنيت جدرانه الأربعة باللبن، وسقف جزء منه بسعف النخيل، وترك الجزء الآخر مكشوفا، وجعلت عمد المسجد من جذوع النخيل. ولم يتغير هذا النمط إلا في عهد عثمان رضي الله عنه حيث زاد فيه زيادة كبيرة، وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصة، وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج (1).
وكان للمسجد ثلاثة أبواب: باب جبريل وباب النساء وباب الرحمة، وجعل قبلته إلى بيت المقدس (الشمال)، ثم حولت القبلة بأمر من الله سبحانه وتعالى في السنة الثانية من الهجرة. وخط رسول الله صلى الله عليه وسلم الخطط للأرض حول المسجد النبوي الشريف، وسمح للفقراء بالإقامة في مؤخرة المسجد في المكان الذي يعرف بالصفة. وتعني هذه الخطوات أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسى الوظائف الأساسية للمكان بإعادة صياغتها بما يتناسب مع الدين الإسلامي، ووضع التصميم المناسب لعمارة المباني حسب وظائفها، ونظم طريقة البناء في العمارة الجديدة، واستعمل المواد المناسبة للبيئة المحلية.
وقد وصف السمهودي طريقة بناء حوائط المسجد النبوي حيث بناه الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات: الأولى بالسميط، وهي لبنة على لبنة، والثانية بالسعيدة، وهي لبنة ونصف في عرض الحائط، والثالثة بالأنثى والذكر، وهي لبنتان تعرض عليهما لبنة(2).ويدل هذا على وضع أساس المرونة في البناء والتطوير حسب الحاجة عند ما اتسع المسجد وأصبح يحتاج إلى أساليب تقوي من عمارة المسجد وتسهل من أداء وظيفته بيسر وأمان.
__________
(1) البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، حديث رقم (446،ص 107).
(2) السمهودي، نور الدين، وفاء الوفاء، ج1، ص335).(1/35)
ولعل بناء مساكن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ملاصقة للمسجد من الجهة الشرقية، ثم من الجهة الشمالية دليل على أهمية ارتباط دار الحكم بالمسجد، والتي أصبحت قاعدة في تخطيط المدن الإسلامية كما تم في حواضر الكوفة والفسطاط وغيرها من مدن الإسلام. وسمح الرسول صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في خطط المدينة القديمة والجديدة، مما أرسى قواعد المجاورة السكنية للأعمال المحلية وربطها بالقلب حيث يمارس في هذه المساجد أداء الصلوات الخمس، ويأتي المسلمون إلى المسجد النبوي لأداء صلاة الجمعة، مما أرسى معايير تصنيف المساجد إلى مساجد عادية ومساجد جمعة.
ويتصف جميع البناء للمسجد والدور حوله بالبساطة، وسهولة أداء الوظيفة، وتوافر الخصوصية، والتوافق مع ظروف البيئة. وقد نقل محمد عزب ما أوجزه ابن قيم الجوزية من استنباط الهدي النبوي في شروط المسكن: "فلم يكن من هديه وهدي أصحابه ومن تبعه الاعتناء بالمساكن وتشييدها وتعليتها وزخرفتها وتوسيعها، بل كانت من أحسن منازل المسافر تقي الحر والبرد، وتستر من العيون، وتمنع من ولوج الدواب، ولا يخاف سقوطها لفرط ثقلها، ولا تعشش فيها الهوام لسعتها، ولا تعتور عليها الأهوية والرياح المؤذية لارتفاعها، وليسن تحت الأرض فتؤذي ساكنها، ولا في غاية الارتفاع عليها، بل وسط، وتلك أعدل المساكن وأقلها حرا وبردا، ولا تضيق على ساكنها فينحصر، ولا تفضل عنه بغير منفعة ولا فائدة فتأوي الهوام في خلوها، ولم يكن فيها كنف تؤذي ساكنها برائحتها، بل رائحتها من أطيب الروائح، لأنه كان يحب الطيب، ولم يكن في الدار كنيف تظهر رائحته، ولا ريب أن هذه من أعدل المساكن وأنفعها وأوفقها للبدن وحفظ صحته(1).
__________
(1) ابن قيم الجوزية، أبي عبد الله، زاد المعاد، ج4، ص 328،329؛ عزب، خالد محمد، المدينة المنورة: العمارة النبوية، ص 58-59).(1/36)
وقد استمرت المنطقة المركزية في المدينة المنورة بمسجدها ومساكنها وأسواقها تحقق هذه الشروط لقرون عديدة من البساطة والتوافق مع ظروف البيئة وتوفير الخصوصية، وتمنع من انتشار الهوام، ومقاومة الرياح الشديدة السرعة أو المحملة بالأتربة، مع الاقتصاد في المكان بالتلاحم وعدم ترك فراغات غير مستخدمة أو مفيدة للمستخدمين من المصلين والمقيمين والعابرين.
وتوالت التوسعات على المسجد النبوي الشريف من القرن الأول حتى القرن الخامس عشر الهجريين (السابع- 20الميلاديين). ولعل أضخم هذه التوسعات هي التوسعة السعودية الأخيرة (جدول رقم1). فقد أضيف للمساحة الأرضية إمكانية الاستفادة من سطح التوسعة (حوالي 7000م2)،
جدول رقم (1): توسعات المسجد النبوي الشريف.
التوسعة ... التاريخ ... المساحة ... المساحة الإجمالية
البناء الأول في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ... 2هـ/624م ... 1060 م2 ... 1060م2
التوسعة الأولى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ... 7هـ/ 628م ... م2 ... 2475 م2
توسعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ... 17هـ/638م ... 1100 م2 ... 3575 م2
توسعة عثمان بن عفان ... 29-30هـ ... م2 ... 4071 م2
رضي الله عنه ... /649-650م
توسعة الوليد بن عبد الملك ... 88-91-هـ/707-710م ... م2 ... 6440م2
توسعة المهدي ... -169هـ ... 2450 م2 ... 8890 م2
775-785م
توسعة الأشرف قايتباي ... -880هـ ... 120 م2 ... 9010 م2
1475-1476م
توسعة السلطان عبدالمجيد العثماني ... -1277هـ ... 1293 م2 ... 10303م2
1839-1861م
توسعة الملك عبد العزيز آل سعود ... -1375هـ ... 6024 م2 ... م2
1951-1955م
توسعة الملك فيصل آل سعود ... 1395هـ/1975م ... 35000 م2 ... 51327 م2
43000 م2 ... 94327 م2
98327 م2
توسعة الملك خالد آل سعود ... 1397هـ/1977م
توسعة الملك فهد آل سعود ... 1405-1414هـ/1985-1994م ... 82000 م2
المصادر: 1- الخياري، أحمد ياسين، تاريخ معالم المدينة المنورة قديما وحديثاً، ص79. ... وتجديد إنعامه كل عام
2- الأنصاري، ناجي محمد حسن، عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ، ص 111،97،92.(1/37)
والساحات المحيطة بالمسجد النبوي (235000 م2) للصلاة، مما رفع الطاقة الاسيعابية للمسجد إلى 700000مصل، وقد تصل هذه الطاقة إلى مليون مصل في أوقات الذروة، مثل أشهر رمضان والحج. وظهرت في هذه التوسعات أنماط معمارية جديدة مثل المحراب والمئذنة اللتين أحدثهما عمر ابن عبد العزيز في عمارة الوليد، الذي جعل للمسجد محرابا مجوفا وأربع مآذن للمسجد النبوي الشريف، فجعل في كل ركن من أركان المسجد مئذنة، ثم خفضت بعد ذلك إلى ثلاث مآذن حيث هدمت مئذنة باب السلام في الركن الجنوبي الغربي، لأنها كانت تطل على منزل مروان بن الحكم(1).ومع أن أصل هذا المظهر عرف منذ العهد النبوي، حيث كان بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذن على أسطوان مرتفع في دار عبد الله بن عمر في قبلة المسجد، وقيل في منزل امرأة من بني النجار، إلا أنه ترسخ واستمر رمزا من رموز المدينة الإسلامية(2).
__________
(1) الأنصاري، السمهودي، نور الدين، وفاء الوفاء، ج2، ص525؛ ناجي محمد حسن، عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ، ص 107-204).
(2) السمهودي، نور الدين، وفاء الوفاء، ج2 ص 529-530).(1/38)
وقد أدت التوسعة السعودية الأخيرة إلى تغيير جذري في استخدامات الأرض المركزية، حيث ازدادت مساحة الاستخدام الديني (المساجد والمقابر) من 1082% من مجموع المساحة داخل الحلقة الدائرية الأولى في 1405هـ مع بداية التوسعة 28 60% في سنة 1414هـ مع نهاية التوسعة (شكل رقم 5). وفي المقابل تناقصت المساحة السكنية من 5201% من مجموع المساحة داخل الحلقة الدائرية الأولى في سنة 1405هـ إلى 41021% في سنة 1414هـ(1) ولكن برع المصمم والمنفذ في ربط تصميم التوسعة السعودية الأخيرة بتصميم التوسعة السعودية الأولى التي اتسقت مع التصميم العثماني في قبلة المساجد المتميز بالتصميمات الموظفة للعقود المقنطرة والأسقف القبابية مع البساطة في تصميم السطوح الجدارية والأرضيات والأسقف وخلوها من الزخارف المعقدة أو الألوان الفاقعة حيث اكتست جميعها باللون الوردي والأبيض والأسود الخفيف. كما حليت إطارات مصابيح التوسعة بتصاميم تتفق مع تيجان الأعمدة والعقود المواجهة لها. واستخدمت الألوان الزرقاء الخفيفة والسماوية والخضراء في كتابة الآيات القرآنية والزخارف البسيطة التي تزين حوائط المسجد النبوي. ولهذه الألوان أبعاد رمزية وسيكولوجية تراعي الموقف الذي يقفه الإنسان في هذا المكان(2).وهذا امتداد آخر استمر بين العمارة القديمة والحديثة للمسجد النبوي الشريف.
__________
(1) مكي، محمد شوقي بن إبراهيم، النمو العمراني وتأثيره على المعالم الحضارية في المدينة المنورة، ص642).
(2) عزاب، يوسف خليفة، المسجد النبوي والعلاقات اللونية، ص 50-51)،(1/39)
وصحب هذه التوسعة أيضاً تغيير كبير في الساحات المحيطة بالمسجد النبوي الشريف، حيث أدت مشاريع التطوير إلى ضعف التلاحم الكبير بين الاستخدامات الدينية والتجارية والسكنية الذي كان سائدا في الماضي، وأزيلت المجاورات السكنية القديمة (الأحواش) التي عملت على تقوية ذلك التلاحم. فأصبحت المناطق المطورة أكثر انفتاحا على الشوارع الرئيسية التي تتميز بالاستقامة، وارتفاع عدد أدوار المباني على جانبيها (تصل إلى 10أدوار فأكثر)، مما أفقد الوحدات السكنية كثيرا من الخصوصية والتقارب بين الجيران. ولقد أدى هذا التغيير إلى ضعف هيمنة المسجد النبوي الشريف بمنائره وقبته الخضراء على المظهر العام للمدينة التي اختفت خلف هذه العمائر التي أخذت تسد الأفق من بعض الجهات الرئيسية أو الفرعية للقادم إلى المدينة المنورة أو لقلبها النابض.
شكل رقم (5)
تغير استخدامات الأرض في المنطقة المركزية بالمدينة المنورة
أ- المنطقة المركزية بعد التوسعة السعودية الأولى للمسجد النبوي الشريف ( 1371-1375 هـ)
ب- المنطقة المركزية بعد التوسعة السعودية الأخيرة للمسجد النبوي الشريف (1405-1414 هـ)
المصدر : مكي محمد شوقي إبراهيم، المدينة المنورة ص33 .
اللجنة التنفيذية لتطوير اللجنة المركزية بالمدينة المنورة.
وفي هذا إضعاف للرابط الروحي بين الزائر وعمق المكان الذي قطع مئات وربما آلاف الأميال للوصول إليه. فمع تعقيدات وماديات الحياة الحديثة ما يضطرنا إلى الحرص على هذا الرابط وإيجاد البدائل للمشاريع التي تؤدي إلى إضعافه. ولا يتصور أن يكون المخططون والمعماريون المتأخرون قاصرين عما حققه أجدادهم خلال مئات السنين.(1/40)
ولقد أدت مظاهر التنمية الحديثة وإعادة البناء والخلخلة في المنطقة المركزية إلى ظهور أحياء جديدة على أطراف المدينة المنورة، مما زاد من الضغوط على الأجهزة البلدية في توفير ومد الخدمات إلى هذه الأحياء التي لا تزال تفتقد إلى بعض الخدمات، مثل شبكات المياه والصرف الصحي، كما هو الحال مثلا في أحياء الدعيثة شمالي المدينة، والهجرة جنوب غربيها.
كما أدت عمليات التنمية إلى اختفاء كثير من المعالم الأثرية والأنماط المعمارية التقليدية، سواء بالنسبة للمباني السكنية أو التجارية المتمثلة بالمباني ذات الأفنية الداخلية أو أبراج التهوية واختفاء الأسواق المسقوفة، وإن صممت بعض المباني الحديثة بمواصفات تقتبس من التراث الحضاري في تصميم النوافذ أو الأسواق المغطاة، ولكن زيادة الارتفاع خلق مشكلة كبيرة في المركز. فبالإضافة إلى حجب خط الأفق فقد أدى تعدد الأدوار إلى زيادة مساحات الاستخدام التجاري والسكني، مما يعني زيادة الحركة وزيادة الحاجة إلى مواقف للسيارات، الأمر الذي لم يتوفر بالقدر الكافي للمستخدمين والزائرين لهذه المنطقة. ومع هذا فإن هذا الاقتباس في العمارة الحديثة من التراث المعماري سيدعم ولو جزئيا التواصل بين أنماط العمارة في الماضي والحاضر. أما بناء مجمع سكني ـ تجاري (مركز طيبة السكني التجاري ـ البرج الشرقي) يضم 360 وحدة سكنية و280 محلا تجاريا، ويقيم ويعمل به نحو 1800نسمة، ونحو 500فرد على التوالي، ويتوفر به 450 موقفا للسيارات فيوضح عدم التوازن بين الاستخدام والاستعمال، إذ يعني ذلك توفر موقف واحد لكل خمسة أفراد، ناهيك عن الزوار والمتسوقين من خارج المجمع، مما يعني وجود مشكلة حادة في نقص المواقف التي لا تتناسب مع زيادة الكثافة (صورة رقم 8).
صورة رقم (8) : موقع مركز طيبة- البرج الشرقي والمباني المجاورة له والمقابلة للواجهة الشمالية للمسجد النبوي الشريف.(1/41)
وما أحرانا بالمحافظة على هذه المعالم والأنماط التي تربط بين حاضرنا وتراثنا وسيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح، لأن كثيرا من معالم السيرة النبوية لا تعلم إلا إذا عرف موقعها. وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على المحافظة على معالم المدينة فيما رواه الطحاوي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تهدموا الآطام، فإنها زينة المدينة)، وفي رواية أخرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاهم عن هدم آطام المدينة لأنها زينة لها(1). وقد أحسن المخططون صنعا في تبني فكرة إنشاء مجمعات تجارية خارج المنطقة المركزية، مما يخفف من تركز المتسوقين في المركز وجذبهم إلى هذه المجمعات الجديدة. كما أدى تبني فكرة الحلقات الدائرية إلى ظهور طرق عريضة وسريعة تتناسب مع وسائل النقل الحديثة، وتزيح قسماً من حركة المرور من المركز إلى المناطق الخارجية من المدينة. كما أدى نقل بعض الاستخدامات المولدة للحركة مثل المستشفيات والدوائر الحكومية من منطقة المركز أو المناطق المحيطة به إلى المناطق الخارجية من المدينة إلى تخفيف الضغوط على المنطقة المركزية في الأوقات العادية. إلا أن المشكلة لا تزال موجودة في مواسم الذروة مثل رمضان والحج. وهذا أمر عهدته المدينة منذ وقت طويل. فقد لاحظ فيلبي مثلاً زيادة ازدحام شوارع المدينة في مواسم الحج والعمرة(2)
( للبحث صلة)
المراجع:
- السيوطي، أبو الفضل جلال الدين بن عبد الرحمن بن أبي بكر(849-911هـ)، 1417م، اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، دار الكتب العلمية، بيروت (تخريج وتعليق أبو عبد الرحمن صلاح بن محمد بن عويضه).
__________
(1) الطحاوي، أبو جعفر، ج4، ص 194؛ العزامي، خليل إبراهيم، ص124-125)
(2) .( Medina,vol.10,p.508 Philby,st.J.B., Mecca and)(1/42)
- إبراهيم، عبد الباقي، 2000م، "نحو نظرية جديدة في تنمية المجتمعات الحديثة"، المدينة العربية، ع97، ص 6-13.
- إدارة الإحصاء والبحوث، 1419هـ، إحصائيات البلديات، وزارة الشؤون البلدية والقروية، وكالة الوزارة للتخطيط والبرامج، الرياض.
- إدارة الدراسات الاقتصادية والإحصاء، 1999م، التعداد الزراعي الشامل: تقرير جمع البيانات، تقرير غير منشور، مديرية الشؤون الزراعية، المدينة المنورة.
- آل الشيخ، صالح بن عبد العزيز، 1420هـ، موسوعة الحديث الشريف، دار السلام للنشر والتوزيع، الرياض.
- الألباني، محمد ناصر الدين، 1399هـ، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة، المكتب الإسلامي، بيروت.
- الآلوسي، محمود شاكر، دون تاريخ، بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب، ط3، دار الكتب الحديثة، القاهرة.
- الأنصاري، ناجي محمد حسن، 1416هـ، عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ، نادي المدينة المنورة الأدبي، رقم 95، المدينة المنورة.
- ابن النجار، أبو عبد الله محمد بن محمود، 1401هـ، أخبار مدينة الرسول، ط3، مكتبة الثقافة، مكة المكرمة (تحقيق صالح محمد جمال).
- ابن شبة، أبو زيد عمر (ت 262هـ)، 1417هـ، كتاب تاريخ المدينة المنورة، دار الكتب العلمية، بيروت.
- ابن قيم الجوزية، أبو عبد الله شمس الدين محمد (691-751هـ)، 1407هـ، زاد المعاد في هدي خير العباد، ط15، مؤسسة الرسالة، بيروت (تحقيق وتخريج شعيب الأرنؤوط، وعبد القادر الأرنؤوط).
- حافظ، علي، 1405هـ، فصول من تاريخ المدينة المنورة، ط2، شركة المدينة المنورة للطباعة والنشر، جدة.
- الخياري، أحمد ياسين، 1411هـ، تاريخ معالم المدينة المنورة قديماً وحديثاً، نادي المدينة المنورة الأدبي، رقم 59، المدينة المنورة (تعليق وتخريج عبيد الله محمد كردي).
- الرويثي، محمد بن أحمد، 1413هـ،"جوانب من الشخصية الجغرافية للمدينة المنورة"، المنهل، م54، ع499، ص 84-105.(1/43)
- الزركشي، محمد بن عبد الله (745-794هـ)، 1384هـ، إعلام الساجد بأحكام المساجد، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة (تحقيق أبي السقا مصطفى الرازي).
- السرياني، محمد بن محمود، 1418هـ، "المدينة المنورة: دراسة في تطور النمو الحضري"، في الرويثي، محمد بن أحمد وخوجلي، مصطفى محمد (محرران)، المدينة المنورة: البيئة والإنسان، دار الواحة العربية، المدينة المنورة، ص 158-253.
- السمهودي، نور الدين، 1393هـ، وفاء الوفاء بأخبار المصطفى، ط2، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
- شعبة الإحصاء والاقتصاد الزراعي، 1382هـ، نتائج الحصر الزراعي، وزارة الزراعة والمياه، الرياض.
- الطحاوي، أبو جعفر أحمد بن محمد (ت 321هـ)، 1414هـ، شرح معاني الآثار، عالم الكتب، بيروت (تحقيق محمد زهري النجار، ومحمد سيد جاد الحق.
- طه، حاتم عمر،1413هـ،"ملامح من فن العمارة في المدينة المنورة"، المنهل، م54، عدد 499، ص 62-69.
- العزامي، خليل إبراهيم ملا، 1421هـ، ساكن المدينة المنورة منزلته ومسؤوليته، دار القبلة للثقافة الإسلامية، جدة.
- عزب، خالد محمد، 1413هـ،"المدينة المنورة.. العمارة النبوية"، المنهل، م54، عدد 499، ص 56-60.
- علاقات الملاك، دون تاريخ، مركز طيبة السكني والتجاري، مطابع الصناعات المساندة، الدمام.
- علي، زين العابدين، 1420هـ، مبادئ تخطيط النقل الحضري، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان.
- علي، زين العابدي، 1999م، مبادئ تخطيط النقل الحضري، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان.
- العمري، عبد العزيز بن إبراهيم، 1985م، الحرف والصناعات في الحجاز في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، مركز التراث الشعبي لدول الخليج العربية، الدوحة.
- غراب، يوسف خليفة، 1413هـ،" المسجد النبوي والعلاقات اللونية"، المنهل، م54،ع499، ص ص48-54.(1/44)
- المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، 1999م، مشروع محطتي التحلية بالتبخير الوميضي والتناضح العكسي ومحطة توليد الطاقة الكهربائية، المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، الرياض.
- المحرر، 1420هـ،" دراسة الخواص الجيوفيزيائية والهيدرولوجية لشمال غربي المدينة المنورة"، العلوم والتقنية، م13، عدد 50، ص54.
- المحرر، 1421،"المدينة المنورة: آفاق التنمية الإقليمية المستقبلية لعام 1450هـ"، أهلا وسهلا، م 24، عدد 12، ص ص 32-38.
- مصلحة الإحصاءات العامة، 1397هـ، التعداد العام للسكان 1394هـ/ 1974م: البيانات التفصيلية ـ منطقة المدينة المنورة، وزارة المالية والاقتصاد الوطني، الرياض.
- مصلحة الإحصاءات العامة، 1417هـ، النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والمساكن لعام 1413هـ، وزارة التخطيط، الرياض.
- مصلحة المياه والصرف الصحي بمنطقة المدينة المنورة، 1421هـ، معلومات عن المياه والصرف الصحي بالمدينة المنورة، تقرير غير منشور،ص 4.
- معهد بحوث الفضاء، 1987،2000م، بيانات القمر الأمريكي لاندسات، المسار170، الصف 43، المركز السعودي للاستشعار عن بعد، مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، الرياض.
- مكي، محمد شوقي بن إبراهيم، 1417هـ،"النمو العمراني وتأثيره على المعالم الحضارية في المدينة المنورة"، المدينة العربية وتحديات المستقبل، المعهد العربي لإنماء المدن، الرياض، ص 639-660.
- مكي، محمد شوقي بن إبراهيم مكي، 1408هـ، "توزيع الحدائق العامة في المدينة المنورة"، الدارة، م14، عدد 1، ص 192-207.
- مكي، محمد شوقي بن إبراهيم، 1405هـ، أطلس المدينة المنورة، جامعة الملك سعود، الرياض.
- مكي، محمد شوقي بن إبراهيم، 1405هـ، سكان المدينة المنورة،دار العلوم، الرياض.
- مكي، محمد شوقي بن إبراهيم، 1413هـ، "الحدائق العامة في المدينة المنورة"، ملف العقيق، م2، عدد3-4، ص 133-140.(1/45)
- الهيثمي، نور الدين علي بن أبي بكر (ت807هـ)، دون تاريخ، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، ط3، مؤسسة المعارف، بيروت.
- وكالة تخطيط المدن، 1409هـ، أطلس المدن السعودية: النطاق العمراني، وزارة الشؤون البلدية والقروية، الرياض.
- يوسف، درويش إبراهيم، 1999، "مدن تحل أزماتها البيئية"، المدينة العربية، عدد91، ص 18-25.
Bookchin, M.,1987 The Rise and Decline of Citizenship, -Sierra Club Books, San Francisco.
Cooper, D., 1999, "Keeping an Eye on Nature", Durham -First, No.9,pp.10-11.
Encyclopaedia Britannica Co. Ltd., 1929, Encyclopaedia -Britannica,14th ed.,
Losada, H., et.,1998, "Urban Agriculture in the Metropolitan Zone of Mexico City:Changes over Time in Urban, Suburban and Peri-Urban Areas", Environment and Urbanization, Vol.10,No.2,pp.37-54.
Makki, M.S., 1982, Medina-Saudi Arabia: A Geographical Analysis of the City and Regions, Avebury, London.
Philby, - Philby, H.St.J.B., 1946, A Pilgrim in Arabia, Robert Hale Ltd., London. H. st. J.B., 1933, "Mecca and Medina", Jour. Of the Royal Central Asian Society, Vol.10,pp,504-518.
Roth, G.,1999, "Combating Congestion with Cash", Urban Age, Vol.7,No.2,pp.4-6.
مقتنيات الحجرة النبوية الشريفة
بموجب تقرير عثماني عام 1326هـ
د. سهيل صابان
المقدمة
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ومن سار على نهجه واتبع هداه. أما بعد؛(1/46)
فإن دراسة تاريخ المدينة المنورة، والحرم النبوي الشريف، وآثارهما العمرانية والثقافية، تعيد الذاكرة إلى عصر الإسلام الأول، عندما كانت الوفود تتقاطر إلى يثرب ، للتشرف بالسلام على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، والدخول في هذا الدين، الذي أخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ..
ويجد الباحث متعة روحية في قراءة كل ما يمت إلى طيبة الطيبة، سواء من آثارها التاريخية، أو فضائلها التي ورّثت القاطنين فيها دماثة خلق، وحسن عشرة. كما شهد الباحث نفسه ، لا في زياراته إليها والتقائه بأهلها فحسب؛ بل بشهادة زائريها الذين التقاهم الباحث أيضاً ، أو قرأ عن رحلاتهم إلى المدينة المنورة(1).
وبناءً على تلك الصفات التي تمتاز بها المدينة المنورة على غيرها من الحواضر الإسلامية، فقد اختار أعداد من المسلمين من أقطار العالم الإسلامي الإقامة بجانب الحبيب المصطفى والرسول المجتبى أولاً، ثم الاستفادة من المزايا المعنوية والمادية التي كانت خاصة بأهالي الحرمين الشريفين ثانياً. ولا سيما في عهد الدولة العثمانية. حيث أعفت الدولة المقيمين فيها من الضرائب المفروضة على غيرها من الولايات العثمانية، كما أعفت الشباب المقيمين فيها من الخدمة العسكرية الإلزامية(2).
__________
(1) زار متصرف نجد علي سعاد المدينة المنورة في عام 1330هـ، ودهش بما رآه من صدق معاملة التجار، والأخلاق الحميدة التي تخلق بها أهل المدينة المنورة. انظر:
Seyahatlarim/Ali Suad; Hazirlayan: N.Ahmet Ozalp.- Istanbul: Kitabevi, 1996.sy.125
(2) من وثائق الأرشيف العثماني:المدينة المنورة قبيل الحرب العالمية الأولى / سهيل صابان ـ صحيفة الوطن (السعودية). ع60، 62 (2/9/1421، 4/9/1421هـ). نقلاً عن الأرشيف العثماني، تصنيف Dh. I. Um. E-4/17(1/47)
ولقد ظهر ذلك الاهتمام بالمدينة المنورة في العهد العثماني بإنشاء العديد من الأوقاف التي شملت المدارس والمكتبات، التي احتوت على نفائس المخطوطات، وعلى رأسها مصحف سيدنا عثمان(1) ـ رضي الله عنه ـ، بالإضافة إلى الكثير من الأوقاف التي خصص ريعها للحرمين الشريفين، لا في البلاد العربية فحسب؛ بل حتى في الأناضول والبلقان.
وما زال هذا الاهتمام بالحرمين الشريفين قائماً حتى يومنا هذا، ولا سيما في التوسعة التي شهدها الحرمان الشريفان في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، الذي أنشأ أيضاً أكبر صرح علمي لخدمة كتاب الله العزيز، القرآن الكريم، وهو مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة.
وهذا البحث الذي نقدمه للمهتمين بتاريخ المدينة المنورة والحرم النبوي الشريف، يعد إسهاماً بسيطاً في الحديث عن آثار المدينة المنورة ومقتنيات الروضة المطهرة. وهو تقرير من مشيخة الحرم النبوي إلى نظارة الأوقاف العثمانية، التي رفعته بدورها إلى الصدر الأعظم لإطلاع السلطان على مضمونه. ويحوي المقتنيات التي أهداها المسلمون إلى الحرم النبوي الشريف بشكل عام والحجرة النبوية الشريفة على وجه الخصوص، في مختلف العهود. وكانت تلك المقتنيات موجودة في حين إعداد التقرير وهو العاشر من شهر رمضان المبارك عام 1326هـ. وقد ورد أسماء كافة المسؤولين عن الحرم النبوي الشريف ومناصبهم في ديباجة التقرير، بما فيهم محافظ المدينة المنورة، وذكر أنهم حضروا عملية الإحصاء. ويبدو أن الختم الأكبر، من الختمين الصغيرين الموجودين في نهاية التقرير، كان ختم نظارة الأوقاف، التي صادقت على التقرير بتاريخ 27 ذي الحجة 1326هـ.
والتقرير موجود في الأرشيف العثماني المعروف بأرشيف رئاسة الوزراء في إستانبول، تحت تصنيف يلدزMTV.526/73.
بعض الملحوظات المنهجية على التقرير
__________
(1) الأرشيف العثماني، تصنيف Duit 52/2-3(1/48)
هذا التقرير أحد التقارير المهمة؛ لا من حيث احتواؤه على المقتنيات الموجودة بالحجرة النبيوية الشريفة، فهذا أمر مفروغ منه. وإنما لكونه قد اشتمل أيضاً على العديد من النقاط التي يجدر ذكرها، ولا سيما للمتخصصين في الضبط والتحليل من أساتذة علم المكتبات والآثار والتاريخ بشكل عام. منها:
1- الدقة في ضبط المقتنيات وبيان أوصافها، وتحديد الخصائص التي تميز بها كل غرض من الأغراض عن غيرها.
2- بيان أسماء المُهدين لتلك الأغراض، مع ذكر تاريخ الإهداء في قليل من الأحيان، والإشارة إلى النقص إن كان فيها نقص أو أنها بحاجة إلى الترميم، أثناء إجراء الكشف على المقتنيات.
3- ذكر بعض العبارات العربية الواردة على المقتنيات. ويمكن إجراء دراسة عليها.
4- التعهد الذي أُخذ على بوابي الحجرة النبوية الشريفة من الأغوات، وبيان مسؤوليتهم عنها، والحرص الشديد على المحافظة عليها.
5-كثرة عدد العلاَّقات والقناديل المهداة إلى الحجرة النبوية الشريفة والروضة المطهرة، مع غلاء أسعارها، مما يدل على تعلق المسلمين بالحرم النبوي الشريف، وتقديم الأغراض الثمينة له.
محتوى التقرير:
يتكون التقرير من 29صفحة من القطع الكبير، تتضمن المقتنيات الموجودة في الحجرة النبوية الشريفة والحرم النبوي الشريف، وعددها 391 قطعة ، شملت الأحجار الكريمة من الألماس والزمرد والياقوت ..الخ، والأدوات الذهبية والفضية، والشمعدانات والقناديل والمزهريات، وغيرها من المقتنيات التي استفيد من معظمها في إنارة الحجرة النبوية الشريفة والروضة المطهرة.(1/49)
وكانت تلك المقتنيات من إهداء المسلمين من مختلف البلاد الإسلامية إلى الروضة النبوية الشريفة والحرم النبوي الشريف. وكان نصيب الحكام، وخاصة السلاطين العثمانيون وحكام مصر والهند من المسلمين، كبيراً. ولا سيما تلك الأمانات باهظة الثمن، من أحجار الألماس والذهبيات. وأكثر المهدين كان السلطان محمود الثاني (1199/1255هـ). يليه ابنه السلطان عبد المجيد الأول (1237/1277هـ). أما أغلى الإهداءات فكان من السلطان مصطفى خان بن أحمد الثالث (1129/1187هـ)، وتمثلت هديته في علاقة من الزمرد الكبير سداسية الشكل، مزينة بطرفيها بالألماس والعقد الذهبية، وفي وسطها قبة مزينة بالألماس، أما العلاّقة الموجودة بالأسفل فهي أيضاً مرصعة باللؤلؤ، وقدرت قيمتها بخمسة ملايين ليرة عثمانية، بعملة ذلك العهد. تليها في القيمة علاقة ذهبية مرصعة بست قطع من الزمرد سداسي الشكل، إحداها عادية، واثنتان منها مثلثة، وثلاث منها مغطاة بالزمرد المصبوب المرصّع، محاطة بسلسلة من اللؤلؤ، وفي الأسفل سلسلة من الألماس. وقدرت قيمتها بمليون وثلاثمائة ألف ليرة عثمانية. وكان اسم الواقف غير معلوم. والجدير بالذكر أن الليرة العثمانية في ذلك العهد كانت مرتفعة القيمة. ويكفي أن نعلم أن راتب العامل الذي كان يشتغل في تلك
الفترة بأعمال تمديد خط حديد الحجاز كان مائة قرش شهرياً(1).
وفيما يلي أسماء أصحاب الإهداءات الأكثر:
1- السلطان محمود الثاني. (11 قطعة, ). [3، 15، 52، 55، 154 183، 199، 238، 245، 246، 247].
2- السلطان عبد المجيد خان الأول. (11 قطعة). [7، 155، 160، 181، 187، 17، 228، 243، 244، 269، 277].
3- السيدة برتونيال، زوجة السلطان محمود الثاني ووالدة السلطان عبد العزيز. (10 قطع) [50، 91، 124، 125، 130، 149، 151، 153 -159، 270].
__________
(1) Hicaz Demiryolu/Ufuk Gulsoy.-Istanbul: Eren yay. 1993.sy. 118(1/50)
4- عباس باشا، والي مصر. (10 قطع) [90، 136، 186، 249، 250، 251، 252، 254، 255، 256].
5- عادلة سلطان(1)، ابنة السلطان محمود الثاني. (9 قطع) [2، 64، 96، 127، 140، 175، 295، 296].
6- الحاج علي باشا، من أخوياء أحد السلاطين العثمانيين. [7 قطع] [350، 359، 360، 361، 362، 363، 364].
7- خوشيار قادين (2)، زوجة السلطان محمود الثاني. (7 قطع) [40، 57، 85، 86، 87، 94، 191].
8- نوفدان قادين (3)، زوجة السلطان محمود الثاني. [6 قطع) [30، 32 33، 66 188، 310].
9- الحاكم الهندي بيغم. [6 قطع] [51، 53، 61، 166، 167، 380].
وقد تبين من القائمة السابقة أن أسرة السلطان محمود الثاني، بما فيها السلطان نفسه، كانوا أكثر المهدين للروضة النبوية الشريفة والحرم النبوي الشريف. على الرغم مما يعرف عن هذا السلطان أنه كان من أوائل من نفذ برنامج التغريب في الدولة العثمانية ومؤسساتها الثقافية والاجتماعية، وأنظمتها الإدارية والسياسية(4).وفيما يلي أسماء أفراد أسرة السلطان محمود الثاني الذين قدموا الأشياء الثمينة للروضة النبوية الشريفة:
1- السلطان محمود الثاني. (11 قطعة) [3، 15، 52، 55، 154، 183، 199، 238، 245، 246، 247].
__________
(1) كلمة السلطان المركبة مع اسم المرأة في الاصطلاح العثماني تدل على أن صاحبته ابنة أحد السلاطين.
(2) وهناك سيدة أخرى من سيدات القصر العثماني بهذا الاسم، هي زوجة السلطان عبد المجيد الأول.
(3) كلمة قادين المركبة مع اسم المرأة في الاصطلاح العثماني تدل على أن صاحبته زوجة أحد السلاطين. وهذه الكلمة إذا استخدمت بشكل مجرد في اللغة التركية تعني المرأة .
(4) للتفصيل في هذا الموضوع انظر: حركة الإصلاح العثماني في عصر السلطان محمود الثاني: 1808-1839م/ محمد عبد اللطيف البحراوي – القاهرة: دار التراث، 1398هـ /1978م.(1/51)
2- السلطان عبد المجيد خان الأول، ابن السلطان محمود الثاني. (11 قطعة ) [7، 155، 160، 181، 187، 17، 228، 243، 244، 269، 277].
3- السيدة برتونيال، زوجة السلطان محمود الثاني ووالدة السلطان عبد العزيز. (10 قطع) [50، 91، 124، 125، 130، 149، 151، 153 159، 270].
4- عادلة سلطان، ابنة السلطان، ابنة السلطان محمود الثاني. (9 قطع) [2، 64، 96، 127، 140، 175، 295، 296].
5- خوشيار قادين، زوجة السلطان محمود الثاني. (7 قطع) [40، 57، 85، 86، 87، 94، 191].
6- نوفدان قادين، زوجة السلطان محمود الثاني. (6 قطع) [30، 32 33، 66، 188، 310].
7- حسن ملك، زوجة السلطان محمود الثاني. (قطعتان) [291 – 294].
8- أسماء سلطان، ابنة السلطان محمود الثاني. ( قطعتان) [31 –34]
9 - أبرز فتان [أبري رفتار] زوجة السلطان محمود الثاني. (قطعة واحدة ) [228]
10- فاطمة قادين، زوجة السلطان محمود الثاني. (قطعة واحدة) [98]
11- قمر قادينن زوجة السلطان محمود الثاني. (1 قطعة) [35]
12- نورتاب قادين، الزوجة الرابعة للسلطان محمود الثاني. (قطعة واحدة) [157].
13- صالحة سلطان، ابنة السلطان محمود الثاني. (قطعة واحدة) [36].
ويتبين من القائمة السابقة أن مجموع القطع التي أهديت للروضة النبوية الشريفة والحرم النبوي الشريف من لدن أسرة السلطان محمود الثاني وحدها كانت ثلاثاً وستين قطعة. مما يدل على تعلق هذه الأسرة بالحرم النبوي الشريف، ورغبتها الشديدة في وقف الأشياء الثمينة له. وهو مثال بسيط من أوقافها إلى الحرم النبوي الشريف. أما غيرها من الأوقاف العينية غير المنقولة والنقدية التي كانت ترسل مع الصرة الهمايونية إلى الحجاز فهي كثيرة، يزخر بها الأرشيف العثماني.
ويلاحظ في هذا الجدول أن النساء من أسرة السلطان محمود الثاني، كان نصيبهن أكثر في الإهداء من الرجال.(1/52)
وفيما يلي ترجمة لمضمون الوثيقة، علماً أن ما وضع بين المعقوفتين [ ] للبيان والتوضيح من وضع الباحث: نظارة الأوقاف الهمايوني . مكتب التحرير [الرقم] 738
إلى مقام الصدارة العظمى
سيدي صاحب الدولة؛
بناءً على الأمر السلطاني القاضي بتقديم قائمة بمحتوى الأغراض الموجودة بالروضة النبوية المطهرة من لدن خزينة الأوقاف، وبموجب المذكرة الصادرة من صدارتكم في 9 كانون الأول 324[28/11/1326هـ]؛ تجدون بطيه صورة مصدقة من إدارة المصروفات من تلك القائمة. والأمر والفرمان لحضرة من له اللطف والإحسان..
11محرم 1327هـ ..21 كانون الثاني 1324
ناظر الأوقاف الهمايوني
(التوقيع)
الباب العالي - دائرة الصدارة
ديوان آمدي الهمايوني ... ... ... ... ... [الرقم] 21
لقد تم بطيِّ مذكرةِ نظارة الأوقاف الهمايوني تقديمُ القائمة الخاصة
بالروضة النبوية المطهرة إلى مقام جناب السلطان، والتي تم إعدادها بموجب الأوامر الصادرة من جنابه..
14محرم 327 [1هـ] 2400 كانون الثاني 1324
الصدر الأعظم
كامل
بسم الله الرحمن الرحيم
قائمة بمحتويات خزانة المصاحف الشريفة وأجزائها والأمانات المقدسة المباركة المحفوظة في الروضة النبوية المطهرة، أدام الله عزها إلى يوم القيامة. وهي من إعداد المميز الأول في إدارة المصروفات بخزينة الأوقاف الهمايوني، محمد حلمي ـ الذي توجه إلى المدينة المنورة بأمر سلطاني ـ، وكاتب [ولاية] الحجاز بالإدارة المذكورة السيد معمر، وموظف الخزينة الجليلة بـ [نظارة] المالية السيد محمد علي بك، وذلك بدلالة مدير الحرم الشريف الحافظ نظام الدين بك، ويحضور من يلزم حضورهم [من المسؤولين]، بعد الكشف على تلك الأمانات وتحديد قيمتها على سبيل التقدير:(1/53)
1- مصحف شريف من القطع الكبير بالخط الكوفي، دوّنه شخصياً على جلد الغزال سيدنا عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، وكان يقرأ في حياته كلها منه. عدد المجلدات (1). كان موضوعاً على الرَّحلة المخصوصة في الروضة النبوية المطهرة.
2- مصحف شريف من القطع الكبير بالخط الكوفي، والصفحة الأولى والثانية المتضمنتين لسورتي الفاتحة والبقرة بخط الثلث، مجهول الكاتب. عدد المجلدات (1). اسم الواقف غير معلوم.
3- مصحف شريف من القطع المتوسط بالخط الكوفي، محفوظ في كيس مخملي أخضر, عدد المجلدات (1).وهذا أيضاً اسم الواقف غير معلوم.
4- مصحف شريف مذهّب ومجلد ومحفوظ في محفظة فضية مع سلسلة من قطع [مصاحف] الأوقاف، بخط محمد أمين وهبي عام 1266هـ . عدد المجلدات (1). من وقف المترجم الأسبق في الديوان الهمايوني السيد تجلي أفندي.
5- مصحف شريف محفوظ في محفظة، من خط شعبان بن محمد في عام 1044هـ. عدد المجلدات (1) من وقف مدير الترميمات الأسبق بالمدينة المنورة خورشيد أفندي.
47(1) أجزاء المصحف الشريف بخط النسخ الراقي، كتبها علي البغدادي، مزركشة ومذهبة، وفيها الجداول والوقفات وفواصل بدايات السور، وبحاشية أطرافها تفسير القاضي البيضاوي، وفيها إشارات بالقراءات السبعة. (30جزءاً، 7أسطر). وهي من وقف أمير الحج الكتخذا عبدالرحمن قارغلي.
48 أجزاء المصحف الشريف، بخط النسخ كتبها علي رختوان، وهي مزوقة ومذهبة بطراز نفيس، وفيها فواصل أوائل السور، وأماكن الوقف، وبحاشية أطرافها القراءات السبعة. (30 جزء 9 أسطر) وهذه الأجزاء أيضاً من وقف الكتخذا عبد الرحمن.
51 أجزاء المصحف الشريف بخط النسخ الراقي، كتبها علي رختوان، مزركشة ومذهبة بطراز نفيس، وفيها جداول وفواصل السور وأماكن الوقوف. (30 جزءاً 9 أسطر) من وقف الأمير آلاي كتخذا [هكذا].
__________
(1) اتبعنا هنا الترقيم المتسلسل حسب الوثيقة العثمانية، دون تدخل..(1/54)
122 أجزاء المصحف الشريف، مكتوب على غلافها سورة الأحقاف، كتبها مصطفى خواجه، وهي مزوقة ومذهبة وبها جداول. (10أجزاء 11 سطر) من وقف الحاج عبد الله آغا.
قائمة مبينة بأحجار الألماس الكبيرة المعروفة بالكوكب الدري، و(المجوهرات الأخرى) الموجودة في الحجرة المعطرة في جهة المواجهة الجليلة:
1- [ أربع قطع من الألماس وصفها كما يلي:]
الأولى: قطعة ألماس كبيرة، على قاعدة ذهبية، تزن مائة قيراط تقريباً، وبأطرافها عشرة أعداد من ألماس بحجم البندق، ومزينة بأعداد أخرى من الألماس الصغير، وذلك كما اتضح من شكلها
الثانية: وهذه أيضاً كما اتضح من شكلها قطعة ألماس كبيرة، على قاعدة ذهبية،تزن ثمانين قيراطاً تقريباً، وهي مزينة من أطرافها بعشرة أعداد من الألماس الأصغر من الأولى.
الثالثة: وهذه أيضاً كما اتضح من شكلها قطعة ألماس، على قاعدة من الذهب الأبيض، تزن أربعين قيراطاً تقريباً، وهي مزينة من أطرافها بعشرة أعداد من الياقوت الأكبر من حبة الحمص، وهي مزينة بأطرافها أيضاً بالألماس.
الرابعة: وهذه أيضاً كما اتضح من شكلها قطعة ألماس على قاعدة من الذهب، تزن عشرين قيراطاً تقريباً، وهي مزينة من أطرافها بأعداد من الياقوت الصغير المستقيم، وهي أيضاً مزينة بأحجار من الألماس الصغير. القيمة التقديرية لهذه الألماسات الأربعة مليون وثلاثمائة ألف ليرة عثمانية. أهداها السلطان أحمد خان الأول.
2- لوحة ذهبية شريفة معلقة في المواجهة، وبداخلها كلمة التوحيد مرصعة بحجر برلانته، وبطرفيها رباط مرصع، وبداخله نقوش وردية مرصعة. العدد: 1. القيمة المقدرة سبعمائة [ ليرة عثمانية]. أهدتها عادلة سلطان، ابنة السلطان محمود خان وزوجة الصدر الأعظم محمد علي باشا.(1/55)
3- علاقة ذهبية على هيئة بيض النعام، على أرضية بنفسجية وبنية مزينة بالحجر الفلمنكي، ومرصعة بثلاث طغرات، بداخل إطار ذهبي، وتزن خمسة وأربعين [قيراطاً]. العدد: 1. القيمة المقدرة تسعمائة وخمسون [ ليرة عثمانية]. أهداها السلطان محمود الثاني ابن السلطان عبد الحميد خان الأول.
4- علاقة ذهبية على هيئة بيض النعام، على أرضية بنفسجية وبنية مزينة بالحجر الفلمنكي، ومرصعة بثلاث طغرات، بداخل إطار ذهبي، وتزن ثلاثة وخمسين [قيراطاً]. العدد: 1. القيمة المقدرة سبعمائة وثمانون ليرة عثمانية. أهداها السلطان سليم خان الثالث ابن السلطان مصطفى خان الثاني.
5- علاقة من الزمرد الكبير، سداسية الشكل، مزينة بطرفيها بالألماس والعقد الذهبية، وفي وسطها على هيئة قبة مزينة أيضاً بالألماس، أما العلاقة الموجودة بالأسفل فهي أيضاً مرصعة. باللؤلؤ. العدد: 1. القيمة المقدرة خمسة ملايين ليرة عثمانية [هكذا] . أهداها السلطان مصطفى خان ابن السلطان أحمد الثالث.
6- علاقة من الزمرد الكبير،سداسية الشكل،على هيئة قبة،مزينة من أطرافها بألماس وياقوت،وعلى رأس القبة حجر فلمنكي،في إطار من الذهب،مزينة بالأطراف بألماس ثنائي الصف،على ست قواعد من قطع من اللؤلؤ. العدد:1. القيمة المقدرة ستة آلاف ليرة عثمانية. أهداها السلطان أحمد خان الأول ابن السلطان محمد خان الثاني،كما هو مكتوب على العلاقة.ولم يظهر الحجر الفلمنكي رباعية الشكل على الغطاء.(1/56)
7- علاقة مغلفة بالذهب،وعلى غلافها بيت [من الشعر] مزينة بالورود المرصعة، وعلى رأسها قطعة من الزمرد سداسي الشكل، تزن خمسة وعشرين قيراطاً، يليه زمرد كبير مرصع أيضاً، يتصل به زمرد من الحجم الأوسط مرصع، وعليه حجر فلمنكي على هيئة التاج القادري، وعليها أربع قطع من اللؤلؤ الكبير والأوسط، وفي أعلى العلاقة خمسة وأربعون قطعة من لؤلؤ المسابح المصفوفة في سلسلة، وبجانبها ثلاث وستون قطعة من اللؤلؤ الكبير المرصعة في سلسلة أخرى، وعلى رأس السلسلتين قطعة من الزمرد الكبير، وهي كلها محاطة بسلسلة من الذهب. العدد: 1. القيمة المقدرة ثلاثمائة ألف ليرة عثمانية. أهداها السلطان عبد المجيد خان الأول. تبين أن قطعة من الزمرد مكسورة، وقطعها موجودة.
8- علاقة ذهبية، مرصعة بست قطع من الزمرد سداسي الشكل، إحداها عادية، واثنتان منها مثلثة الشكل، وثلاث منها مغطاة بالزمرد المصبوب المرصع، محاطة بسلسلة من اللؤلؤ، وفي الأسفل سلسلة من الألماس. العدد: 1. القيمة المقدرة مليون وثلاثمائة ألف ليرة عثمانية اسم الواقف غير معلوم، وبناءً على شكلها وقيمتها المقدرة، فيبدو أنها أهديت من لدن أحد سلاطين الدولة العثمانية.
9- علاقة، أحد أطرافها من الذهب، والآخر مغطى بالفضة، مزينة بالياقوت والزمرد والفيروز واللؤلؤ، وفي وسطها خمسة من أحجار النجف الكبيرة، مرصعة بجوهر من الجواهر النفيسة، محاطة بسلسلة من الفضة. العدد: 1. القيمة المقدرة مائة وخمسون. اسم الواقف غير معلوم.(1/57)
10- نوع من العلاقات على هيئة سمك، مغطى بالذهب، وفي وسطه جوهر هندي كبير من نوع بدخشان وجوهر آخر أصغر منه، وتحته جوهر آخر في حجم الخمس من الجوهر الكبير، والحجر الآخر [الثاني] محاط بحجرين من الحجر الذي يطلق عليه كبيري، وهو من جنس الياقوت، وحجرين كذلك من الزمرد فاتح اللون، وتحت الياقوت خمسة أعداد من الجواهر الشبيهة بأحجار الزبرجد والزمرد، وعدد واحد من الفيروز، محاط باثني عشر جوهراً من بدخشان، واثنين من الزمرد، ويحيط به حجر من الزبرجد واثنان من أحجار البرلانته. أما مؤخرة العلاقة فقطعته من الزمرد الصافي المصبوب، يقدر بخمسة قراريط، يحيط به ثلاثة ورود، وفي أعلاها تسعة قطع من الزبرجد المحاط بالفضة. [اسم الواقف]غير معلوم القيمة المقدرة ألف وخمسمائة.
11- لوحة صغيرة من النوع القديم، مغطاة بالذهب،العدد: 1. القيمة المقدرة أربعون ليرة عثمانية. هذه أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم]. وتبين نقص ياقوته صغيرة وثلاث لآلئ مفردة.
12- علاقة ذهبية من الطراز القديم، مزينة بأحجار اللؤلؤ والزمرد الصغيرة من الوسط والأطراف، على هيئة إبرة الساعة. العدد: 1.القيمة المقدرة ثلاثون ليرة عثمانية . هذه أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم]
13- علاقة قنديل، مرصعة بحجر فلمنكي على أرضية خضراء، ذات نجوم مشبكة على هيئة خاتم وردي، ذات سلسلة من الفضة. العدد: 1. القيمة المقدرة أربعمائة [ليرة عثمانية] . أهدتها السيدة فاطمة، ابنة المرحوم نافذ باشا.
14- علاقة قنديل، مرصعة بحجر فلمنكي على أرضية خضراء، ذي نجوم مشبكة، على هيئة خاتم وردي، ذي سلسلة من الفضة. العدد 1. أهدتها السيدة نورية، زوجة الباشا المذكور [أي نافذ باشا].(1/58)
15- علاقة قنديل، مرصعة بحجر فلمنكي، ومزينة بثمانية وثلاثين من الأحجار الكبيرة والصغيرة، وثلاثة أحجار من اللؤلؤ، ذات سلسلة من الفضة. العدد: 1. القيمة المقدرة ألف وأربعمائة وثلاثة عشر ليرة عثمانية. أهداها السلطان محمود خان الثاني.
16- علاقة قنديل ذهبية، على هيئة القناديل البلورية، مغطاة بستة فصوص من أحجار فلمنكية، مزينة بأحجار. العدد:1. القيمة المقدرة سبعمائة وخمسون. أهدتها السيدة مهر شاه سلطان، والدة السلطان سليم الثالث.
17- علاقة قنديل ذهبية، مشبكة ومرصعة بستة أحجار من الألماس والزمرد، ذات سلسلة من الذهب. العدد:1. القيمة المقدرة سبعمائة [ليرة عثمانية]. اسم الواقف غير معلوم.
18- علاقة قنديل ذهبية، مزينة بالألماس والياقوت، والغلاف أيضاً من الذهب، وأعلى الغلاف مرصع، والعلاقة محاطة بسلسلة من اللؤلؤ. العدد:1. القيمة المقدرة ثلاثمائة وخمسون. وهذه أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم]. وقد تبين نقص في اللؤلؤ.
19- علاقة ذهبية، في زاويتيها قطعتان من الزمرد الكبير، وفي وسطها ثلاث قطع من الزمرد الصغير، مع سلسلة ذهبية للتعليق. العدد: 1. القيمة المقدرة مليون ليرة عثمانية. على الرغم من عدم معرفة اسم الواقف؛ إلا أنه يبدو أنها من وقف أحد سلاطين الدولة العثمانية
20- علاقة فضية مشبكة، مزينة بصفين من حجر روزا، أحد الصفوف يتكون من ستة وثلاثين حجراً، والآخر من اثني عشر حجراً، مع سلسلة فضية للتعليق. العدد: 1. القيمة المقدرة ثلاثون ليرة عثمانية. اسم الواقف غير معلوم.
21- علاقة فضية مشبكة، مزينة بسلسلتين من أحجار الألماس في الوسط والأسفل، محاطة بأشكال قمرية، ومرصعة بأحجار الآجر. العدد:1. القيمة المقدرة سبعون ليرة عثمانية. وهذه أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].(1/59)
22- علاقة فضية مشبكة، على هيئة خاتم وردي، مرصعة بخمس عشرة قطعة من أحجار الروزا، ومزينة بنجوم ذهبية. العدد:1. القيمة المقدرة اثنان وعشرون [ ليرة عثمانية]. وهذه أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
23- علاقة نجف، على هيئة مشربية، مزينة ببعض أحجار الزمرد والياقوت، الفوهة من الفضة، والحيز الأوسط مزين بالذهب والياقوت والزمرد. العدد:1. القيمة ثلاثمائة ليرة عثمانية. أهداها السلطان أحمد الثالث.
24- علاقة نجف، على هيئة مراحي، وسطها مزينة بالياقوت، وفوهتها على هيئة الورق مزينة بالزمرد الصغير، والحيز الوسطاني من الذهب، والسلسلة من الفضة. العدد:1
القيمة المقدرة ثلاثون ليرة عثمانية. وهذه أيضاً [أي إهداء من السلطان أحمد الثالث]
25- علاقة نادرة الأمثال، مذهبة وملونة باللون البنفسجي والكحلي، والسلسلة من الذهب. العدد:1 القيمة المقدرة خمسمائة [ ليرة عثمانية] . أهدتها بيجان سلطان، في عام 1228هـ
26- علاقة قنديل، أسفلها مشبك، على هيئة دائرة نصف قمرية، معلقة بسلسلة ذهبية، زينت حلقاتها بالذهب المصبوب. العدد:1 القيمة المقدرة خمسمائة. اسم الواقف غير معلوم.
27- علاقة قنديل ذهبية، مشبكة بالبياض، ومزينة باللؤلؤ.العدد:1. القيمة المقدرة ثلاثمائة ليرة عثمانية. وهذه أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم]
28- علاقة قنديل صغيرة، سلسلتها ذهبية. العدد:1. القيمة المقدرة مائة. وهذه أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم]
29- علاقة قنديل فضية، من القطع المتوسط، مزينة بالنجوم الذهبية. العدد:1. القيمة المقدرة عشرة ليرات عثمانية. وهذه أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم]
30- علاقة فضية، موقع القنديل مشبك، سلسلتها فضية. العدد:1. القيمة المقدرة عشرة ليرات عثمانية. أهدتها السيدة نوفدان قادين [زوجة السلطان محمود الثاني](1/60)
31- علاقة قنديل فضية من القطع المتوسط،مزينة بالنجوم الذهبية ومشبكة، على هيئة زهرة سداسية. العدد:1. القيمة المقدرة خمس وعشرون [ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة أسماء سلطان، ابنة السلطان عبد الحميد خان الأول وزوجة وزير البحرية كوجوك حسن باشا
32- علاقة قنديل مشبكة، فوهتها على هيئة نصف شمس، والماسورة والسلسلة من الفضة. العدد:1. القيمة المقدرة مائة [ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة نوفدان قادين زوجة السلطان محمود خان الثاني.
33-(1) علاقة قنديل كبيرة مشبكة فضية، سلسلتها على هيئة الورق. العدد: 1. القيمة المقدرة مائة وخمسون[ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة أسماء سلطان [ابنة السلطان محمود الثاني]
34- علاقة قنديل كبيرة مشبكة فضية، سلسلتها على هيئة الورق. العدد:1. القيمة المقدرة مائة وخمسون [ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة أهدتها السيدة أسماء سلطان [ابنة السلطان محمود الثاني.
35- علاقة قنديل مشبكة فضية، على هيئة السطل. القيمة المقدرة خمس عشرة ليرة عثمانية. أهدتها السيدة قمر قادين، الزوجة الثانية من زوجات السلطان محمود خان الثاني.
36- علاقة قنديل مشبكة فضية، على هيئة السطل. العدد: 1. القيمة المقدرة ثماني ليرات عثمانية. أهدتها السيدة صالحة سلطان، ابنة السلطان محمود الثاني، وزوجة قائد الجيش العثماني رفعت باشا.
37- علاقة مشبكة فضية من الصناعات الهندية، بغطاء. العدد:اثنان. وسطى وصغيرة. القيمة المقدرة أربع عشرة [ليرة عثمانية]. اسم الواقف غير معلوم. العلاقة الصغيرة غير ملائمة للاستعمال.
38- علاقة على هيئة مزهرية، ذات ثلاث وصلات، وسلسلتها بغطاء. العدد: 1. القيمة المقدرة اثنتا عشرة ليرة عثمانية. أهداها إبراهيم آغا، محافظ ينبع الحر [هكذا ويبدو أنها ينبغ البحر]، ومن بوابي القصر السلطاني.
__________
(1) هكذا وردت في الوثيقة الأصلية والمرجح أنها قطعتان متماثلتان سجلتا منفصلتين.(1/61)
39- علاقة فضية، بثلاثة قناديل، وسلسلة ونجوم، إحداهما معلقة باتجاه رأس سيدتنا فاطمة الزهراء ـ رضي الله تعالى عنها ـ، والأخرى باتجاه أقدامها. العدد: 2. القيمة المقدرة مائتا ليرة عثمانية. أهدتها والدة السلطان عبد الحميد خان الأول.
40- قنديل مشبك قديم، بحجمين: وسط وصغير. العدد: 6. القيمة المقدرة أربعون ليرة عثمانية. أهدتها السيدة فاطمة سلطان، والسيدة زينب الصغيرة، والسيدة خوشيار قادين، وباش قادين، والسيدة نسرا، والمعلمة [بالقصر] نادرة، والعاملة تغافل.
41- علاقة فضية، بست مواسير وغطاء علوي مع سلسلة. العدد:1. القيمة المقدرة مائة وخمسون [ ليرة عثمانية]. أهداها مصطفى بك، من عمال محصل قبرص الحاج محمد آغازاده الشامي.
42- قنديل فضي، على هيئة القناديل البلورية مع سلسلة. العدد: 1. القيمة المقدرة عشرة ليرات عثمانية. اسم الواقف غير معلوم.
43- قناديل فضية، بعضها مشبكة وبعضها الآخر على هيئة أقلام، وهي قديمة، وحجمها صغير ووسط. العدد:22 القيمة المقدرة خمس وأربعون [ ليرة عثمانية]. اسم الواقف غير معلوم.
44- علاقة قنديل فضية، على هيئة كمثرى وأقلام، وهي قديمة وبحجم وسط مع سلسلة. العدد:3. القيمة المقدرة خمس ليرات عثمانية. اسم الواقف غير معلوم.
45- فانوس بلوري، محاط بالفضة. العدد:1. القيمة المقدرة ثمان ليرات عثمانية. أهداه الحاج علي يدكجي زاده.
46- فانوس علاقي، على هيئة كرة، أحدهما من النحاس العادي، والآخر من النحاس أيضاً مزين بمائة وأربعة من الأحجار. العدد:2. القيمة المقدرة عشرون ليرة [ عثمانية ]. اسم الواقف غير معلوم
47- علاقة فضية قديمة، من الصناعات الهندية. العدد:1. القيمة المقدرة أربع ليرات عثمانية. أهداها حيدر زاده غلام عباس أمين، من أهالي الهند.
48- علاقة قنديل فضية كبيرة، بثلاث شمعات، ونجوم ذهبية. العدد:1. القيمة المقدرة مئة ليرة عثمانية. أهداها المرحوم خسرو باشا(1/62)
49- علاقة بخور، على هيئة طبق القهوة. العدد:2. القيمة المقدرة عشرة ليرات عثمانية. أهداها المرحوم محمد طيفور آغا.
50- [علاقة] فضية، موضوعة على زوايا صندوق سيدتنا فاطمة الزهراء ـ [رضي الله تعالى عنها]ـ، مرصعة بالألماس، على هيئة نصف القمر. العدد: 4. القيمة المقدرة ستون ليرة عثمانية. أهدتها السيدة بَرْتَوِنْيال [زوجة السلطان محمود الثاني].
51- فضية على هيئة [لم يتضح المعنىِ] [العدد]: 190. القيمة المقدرة 3ليرات عثمانية. أهداها الحاكم الهندي بيغم.
52- سلاسل فضية قدمت من بعض الشخصيات، لإيقاد القناديل عليها داخل الحرم النبوي الشريف.العدد: 333 المعلقة داخل الحرم الشريف .
والعدد: 434 المحفوظة في الصناديق في الحجرة النبوية. القيمة المقدرة ألف وخمسمائة وأربع وثلاثون [ ليرة عثمانية]. أهداها كل من السلطان محمود خان الثاني، والسلطان مصطفى خان، وابنته خديجة سلطان، وشيخ الحرم الأسبق الحافظ عيسى، وعنبر آغا، ووكيل الخزنة علي الجوهر، ومصطفى ابن رجب.
53- علم فضي على هيئة اليد. العدد: 1. القيمة المقدرة خمس ليرات عثمانية. أهداها الحاكم الهندي بيغم.
54- خاتم وردي، مرصع بخمس قطع صغيرة من الألماس، ووسطه بألماس على خمسة قراريط. العدد:1. القيمة المقدرة ثمانون ليرة عثمانية. اسم الواقف غير معلوم
55- القيمة المقدرة خمسة آلاف وستمائة وخمس وعشرون [ ليرة عثمانية ] السلاسل الذهبية، المعلقة في داخل الحجرة النبوية الشريفة، للقناديل المعلقة. العدد: 75. أهداها السلطان محمود خان.
56- جوهرة وردية، مرصعة بعشرين قيراطاً من ألماس تقريباً ، وبها ثلاثة أنواع من الألماس. القيمة المقدرة ثلاثمائة وستون ليرة عثمانية. أهدتها زوجة [الاسم هنا غير واضح] والي مصر المرحوم محمد علي باشا. وهي محفوظة في الصندوق البلوري الموجود في جهة قدم سيدتنا فاطمة الزهراء ـ رضي الله تعالى عنها ـ(1/63)
57- وردة كبيرة مرصعة بأحجار الألماس على أربعة أنواع، وعليها حجر بقيراطين ونصف. العدد:1. القيمة المقدرة مائة وخمس وسبعون [ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة خوشيار قادين، زوجة السلطان محمود الثاني. وهي أيضاً محفوظة في الصندوق المذكور.
58- وردة على هيئة النجم، مرصعة بحجر الروزا على قيراطين ونصف. العدد1. القيمة المقدرة مائة وخمسون [ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة فاطمة، زوجة عبد العزيز بك، الضابط في دار الهندسة. وهي أيضاً محفوظة في الصندوق المذكور.
59- وردة دائرية، على تسعة أغصان فضية، تزن ـ تقريباً ـ تسعة قراريط. العدد: 1. القيمة المقدرة خمسون [ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة نورس قادين، زوجة المرحوم نافذ باشا. وهي أيضاً محفوظة في الصندوق المذكور.
60- وردة مرصعة بالألماس على قاعدة فضية. العدد: 1. القيمة المذكورة. أهدتها والدة المرحوم عباس باشا. وهي أيضاً محفوظة في الصندوق المذكور.
61- وردة مرصعة بالألماس الهندي، مزينة بصفوف من اللؤلؤ، تتخلل تلك اللآلئ أحجار الزمرد. العدد:1. القيمة المقدرة أربعمائة [ ليرة عثمانية]. أهداها الحاكم الهندي بيغم.
62- [علاقة] مرصعة بأحجار الزمرد الكبير، لتعليقها على صندوق سيدتنا فاطمة الزهراء ـ رضي الله تعالى عنها ـ وهي محاطة بأربعة أوراق، ومقبضها من الذهب، وعليه ماس لندني على خمسة وعشرين قيراطاً. وأحجارها مكتملة. العدد:1. القيمة المقدرة مائة وعشرون [ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة شمس، أمينة خزنة الحرم الهمايوني [بالقصر السلطاني في إستانبول].
63- وردة ماسية، تزن قيراطين ونصف تقريباً، محاطة بستين قطعة من حجر الروزا، محفوظة في صندوق سيدتنا فاطمة الزهراء، رضي الله تعالى عنها. العدد: 1. القيمة المقدرة خمس عشرة ليرة عثمانية. أهدتها زوجة سركار فؤاد [؟] من رعايا دولة إيران. وهي محفوظة في صندوق سيدتنا فاطمة الزهراء، رضي الله تعالى عنها.(1/64)
64- لوحة تحمل لفظ الجلالة بأحجار النجف، وهو محاط باثني عشر ياقوتة حمراء، في إطار من أحجار الألماس، يليه لفظ "محمد" ثم لفظ "علي "، معلقة بسلسلة فضية، مرصعة بأحجار الألماس. العدد: 1. القيمة المقدرة خمسمائة ليرة [ عثمانية]. أهدتها السيدة عادلة سلطان. وهي مكررة بموجب الشرح الوارد في 271.
65- علاقة على هيئة وردة ذهبية، علقت على صندوق السيدة فاطمة الزهراء، رضي الله تعالى عنها. العدد: 1. القيمة المقدرة عشرون. أهداها مراد ميرزا.
66- حلية شريفة، كتب عليها اسم النبي صلى الله عليه وسلم ، مزينة بالألماس اللندني، مطرزة باللؤلؤ والنجوم على أرضية خضراء من المخمل، وعلى الوجه الثاني حياكة بالفضة للشمس في إطار من الفضة أيضاً. العدد: 1. أهدتها السيدة خواجة نوفدان قادين، زوجة السلطان محمود الثاني.
67- مسبحة من المرجان، كبيرة، ورأسها (أي الإمامة) من الذهب. العدد: 1 خمسمائة [حبة]. معلقة على جهة الرأس من سيدتنا فاطمة الزهراء، رضي الله تعالى عنها.
68- مسبحة من المرجان، خالية من الرأس، كبيرة. العدد: 1 ثلاثمائة وخمسة وتسعون [حبة] . القيمة المقدرة مائتان وأربعون [ليرة عثمانية]. اسم الواقف غير معلوم، محفوظة في صندوق سيدتنا فاطمة الزهراء، رضي الله تعالى عنها.
69- مسبحة من القطع المتوسط، خالية الرأس. العدد:1 ثلاث وتسعون حبة. القيمة المقدرة عشرون [ ليرة عثمانية] . اسم الواقف غير معلوم، وهي أيضاً محفوظة في المحل المذكور [أي في الصندوق]
70- مسبحة من اللؤلؤ، من القطع المتوسط، فيها حبات من الزمرد، برأس [أي إمامة] وعلامات. العدد: 1 مائة حبة. القيمة المقدرة مائة وخمسون [ ليرة عثمانية]. اسم الواقف غير معلوم.
71- مسبحة كبيرة، برأس وعلامات، مخلوطة بالفضة. العدد: 1 مائة حبة. القيمة المقدرة مائة وخمسون [ ليرة عثمانية]. أهداها أحد التجار الهنود.(1/65)
72 - باب [لوحة] مغطى بالذهب، مرصع بالفيروز والياقوت، يحمل آيات قرآنية. العدد: 1. القيمة المقدرة خمسمائة [ ليرة عثمانية]. اسم الواقف غير معلوم.
73 - باب [لوحة] مغطى بالذهب، مرصع بالفيروز والياقوت والزمرد، يحمل آيات قرآنية. العدد: 1. القيمة المقدرة ثلاثمائة ليرة عثمانية. اسم الواقف غير معلوم. وهو ضمن الأغراض التي أهداها صادق باشا.
74- باب صغير [لوحة] مغطى بالذهب، مرصع بالفيروز والياقوت والزمرد، يحمل آيات قرآنية. العدد: 1. القيمة المقدرة مائتا ليرة عثمانية. اسم الواقف غير معلوم.
75- باب [لوحة] مغطى بالذهب، مرصع بالفيروز والياقوت، يحمل آيات قرآنية. العدد: 1. القيمة المقدرة خمسمائة. وهذا أيضاً أي اسم الواقف غير معلوم].
76- رَحْلَة مغطاة بقطعة واحدة من الفضة، عليها نجوم. في داخل محفظة. العدد: 1. القيمة المقدرة عشرون [ ليرة عثمانية]. أهداها عمر آغا، رئيس الجوقدار [أي المسؤول عن ملابس السلطان] في عام 1231هـ
77- رَحلة مغطاة بالمخمل [من نوع كوكر] مزينة أطرافها وبعض الأماكن منها بالفضة. العدد: 1. القيمة المقدرة خمس ليرات عثمانية.
اسم الواقف غير معلوم.
78- غطاء واقي من الذباب، مغطى بالذهب، عليه أحجار صغيرة من الياقوت والزمرد. العدد: 1. القيمة المقدرة ثلاث ليرات عثمانية. وهذه أيضاً [أي اسم الواقف] ساقط منها.
79- غطاء واقي من الذباب، مغطى بالفضة ذو مقبضين. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. وهذه أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم]
80- غطاء واقي من الذباب من الفضة، ومن الصناعات الهندية، أحدهما من العاج والثاني من ريش النعام. العدد: 2. القيمة المقدرة ليرتان عثمانيتان. اسم الواقف غير معلوم.
81- سيف من الفضة، مقبضه من الكركدان. العدد: 1. القيمة المقدرة مائتان وخمسون [ ليرة عثمانية]. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم] باقية من عهد الوهابيين.(1/66)
82- سيف من الصناعات الشرقية، مكتوب عليه بحروف ذهبية، مقبضه من الفضة. العدد: 1. القيمة المقدرة مائتان وخمسون [ليرة عثمانية]. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
83- قائمة بالأغراض التي وجدت في صندوق: مجموع القيمة المقدرة للأغراض 8460 قرش عثماني.
83/1- خاتم من ألماس. العدد: 1. القيمة مائة قرش.
83/2- شمعدان. سبعمائة وخمسون قرشاً.
83/3- حبات من اللؤلؤ والألماس. العدد: 61. ثلاثمائة وعشرون قرشاً.
83/4- سلسلة.. العدد: 1. ثلاثمائة وعشرون قرشاً.
83/5- حبات من اللؤلؤ.. ألف وستمائة قرش.
83/6- ذهب آرمودي. العدد: 3. ثلاثمائة وعشرون قرشاً.
83/7- سلاسل اللؤلؤ الساقطة من العلاقات. العدد: 45. ألف وستمائة قرش.
83/8- ذهب بعيار عشرين. العدد: 4. مائة قرش.
83/9- علاقة ذهبية. العدد: 2. ستمائة قرش.
83/10- قلادة من الذهب. العدد: 1. ثلاثمائة قرش.
83/11- ذهب وفضة خردة. العدد2. مائة قرش.
83/12- قطعتان من الذهب بعيار عشرين. العدد: 4. مائة قرش.
83/13- ذهب بندقي قديم. العدد: 2. مائتا قرش.
83/14- أحجار الزمرد بمختلف الأبعاد. العدد: 10. ألف قرش.
83/15- خردة من الذهب. العدد: 1. سبعمائة قرش.
83/16- قطعة من الذهب. العدد: 1. ثلاثمائة قرش.
83/17- سوار فضي قديم. العدد: 4. خمسون قرش.
84- مكحلة ومبخرة مغطاة بالذهب، مرصعة بأربعين قطعة من ألماس على خمسة وعشرين قيراطاً. القيمة المقدرة ثلاثمائة ليرة عثمانية. اسم الواقف غير معلوم.
85- قطعة ذهب، مغطاة بالألماس واللؤلؤ. العدد: 1، 84 حبة. القيمة المقدرة مائة [ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة خوشيار قادين، زوجة السلطان محمود الثاني. تبين نقص ألماس واحد.
86- مبخرة ذهبية، على أربعة مقاعد، مرصعة بالألماس. العدد: 1 302 حبة. القيمة المقدرة مائتا ليرة عثمانية. أهدتها خوشيار قادين.(1/67)
87- مبخرة، مرصعة باثنتي عشرة حبة من ألماس، حجم الواحدة بمقدار حبة القمح، محاطة بثلاثة حبات من ألماس كبير، عليها رسم سراي بروني [القصر السلطاني بإستانبول، المطل على البحر]. العدد: 1، 39 حبة. أهدتها السيدة خوشيار قادين. تبين أن غلاف المبخرة ساقط. وأنها بحاجة إلى الترميم.
88- مبخرة. على قاعدة من الذهب طويلة، الطرف العلوي منها أخضر على كحلي، مزينة بحبات الشعير، بغطاء: العدد: 1، حبة 707؛ العدد: 1، حبة 286؛ العدد: 2، حبة 417؛ العدد: 1، حبة 76. مجموعها: 5؛ مجموع حياتها: 1486. القيمة المقدرة ألف وخمسمائة. أهدتها والدة إلهامي باشا، ابن عباس باشا والي مصر.
89- مبخرة ومعطرة، على قاعدة ذهبية. العدد: 1، حبة 370؛ العدد: 1، حبة112؛ العدد: 1، حبة 110؛ العدد: 1، حبة 376. المجموع 4أعداد، مجموع حباتها 968. القيمة المقدرة خمسمائة [ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة خديجة سلطان، ابنة السلطان مصطفى خان.
90- مبخرة ومعطرة بقواعد، مغطاة بالذهب ومزينة بأوراق.. العدد: 2. القيمة المقدرة ثمانمائة ليرة عثمانية. أهداها والي مصر عباس باشا.
91- مبخرة ومعطرة كبيرة من الفضة، بقواعد ومزينة بأوراق. العدد: 4. القيمة المقدرة خمس وعشرون [ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة برتونيال قادين.
92- مبخرة ومعطرة من الفضة، كبيرة، بقواعد ومزينة بأوراق. العدد: 4. القيمة المقدرة خمس وعشرون [ ليرة عثمانية]. أهدتها برتو قادين، الزوجة الرابعة للسلطان.
93- مبخرة ومعطرة كبيرة، من الفضة، بقواعد ومزينة بأوراق. العدد1. القيمة المقدرة عشرون[ ليرة عثمانية]. أهدتها الزوجة الثالثة للسلطان عبدالحميد [الاسم غير واضح].
94- مبخرة ومعطرة بأسياخ. العدد: 2معطرة، العدد: 2/4قاعدة مبخرة. القيمة المقدرة أربع وعشرون [ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة خوشيار قادين.(1/68)
95- مبخرة ومعطرة كبيرة بأسياخ وتبسي. العدد: 2تبسي من الفضة؛ العدد: 1 مبخرة؛ العدد: 1 معطرة. القيمة المقدرة ثماني عشرة[ ليرة عثمانية]. أهدتها رأفت قادين الزوجة الرابعة للسلطان سليم الثالث.
96- مبخرة ومعطرة من الفضة، مزينة بنجوم وآلات القتال. العدد: 4مبخرة كبيرة؛ العدد: 2معطرة؛ العدد: 4 شمعدان صغير للبخور. القيمة المقدرة أربع وأربعون[ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة عادلة سلطان.
97- مبخرة ومعطرة عادية، على هيئة الفستق. العدد: 1معطرة؛ العدد: 2/1 مبخرة. القيمة المقدرة ليرتان عثمانيتان. اسم الواقف غير معلوم.
98- مبخرة ومعطرة صغيرة من الفضة. العدد: 2. القيمة المقدرة ليرتين. أهدتها السيدة قاطمة قادين [زوجة السلطان محمود الثاني}
99- مبخرة ومعطرة من الفضة، عادية. العدد: 2معطرة صغيرة؛ العدد1/3 مبخرة صغيرة. القيمة المقدرة أربع ليرات عثمانية. أهداها المصاحب بسيم آغا.
100- مبخرة ومعطرة من الفضة على الطراز القديم. العدد: 1 مبخرة؛ العدد: 2/1 معطرة. القيمة المقدرة ثلاث ليرات عثمانية. أهدتها أمينة خاتون، زوجة الحافظ مصطفى باشا، أمين .
101- مبخرة ومعطرة كبيرة، من الفضة، من النوع القديم. العدد: 1مبخرة؛ العدد: 2/1 معطرة. القيمة المقدرة أربع ليرات عثمانية. أهداها المعلم لبابة جاشتي كبير.
102- مبخرة ومعطرة كبيرة من الفضة، من النوع القديم. أهداها سنبل آغا.
103- مبخرة ومعطرة من النوع الهندي القديم، من الفضة، من قطع متوسط. العدد: 2. القيمة المقدرة ليرتان عثمانيتان. أهدتها السيدة أمينة، والدة طوسون باشا.
104- مبخرة فضية من النوع القديم. العدد: 1. القيمة المقدرة ست ليرات عثمانية. أهداها علي آغا رئيس الحلاقين.
105- مبخرة كبيرة من النوع القديم. العدد: 1. القيمة خمس عشرة ليرة عثمانية. اسم الواقف غير معلوم.(1/69)
106- مبخرة صغيرة من الفضة من النوع القديم. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. اسم الواقف غير معلوم.
107- مبخرة صغيرة من النوع القديم، على هيئة رمان. العدد: 1. القيمة المقدرة ثلاث ليرات عثمانية. أهداها كل فر.
108- مبخرة من النوع القديم، خالية من الزينة. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. وهذه أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
109- مبخرة من النوع القديم، ذات قبضة. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. وهذه أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
110- مبخرة قديمة مشبكة من الذهب. العدد: 1. القيمة المقدرة ستون ليرة عثمانية. أهداها لازأغلو محمد بك، مدير أعمال والي مصر محمد علي باشا.
111- مبخرة صغيرة من الفضة. العدد: 3. مبخرة؛ العدد: 4/1 معطرة. القيمة المقدرة ست ليرات عثمانية. أهداها طيفور آغا، آغا دار السعادة [باستانبول].
112- مبخرة من النوع القديم متوسطة الحجم. العدد: 1. القيمة المقدرة ست ليرات عثمانية. اسم الواقف غير معلوم.
113- علبة المبخرة، من الفضة، من النوع القديم. العدد: 1. القيمة المقدرة نصف ليرة عثمانية. أهدتها السيدة معزز سلطان.
114- شمعة بخور تزن أربعمائة وستين مثقالاً، مع مبخرة بسبع فتحات على قاعدة ذهبية. العدد: 1. القيمة المقدرة ثلاثمائة ليرة عثمانية. أهداها السلطان مراد الرابع.
115- علاقة مبخرة من الفضة مع سلسلة مغطاة بالذهب. العدد: 1. القيمة المقدرة ثماني ليرات عثمانية. أهداها إبراهيم محلاوي.
116- علاقة مبخرة مشبكة من الفضة من النوع القديم، مع سلسلة مغطاة بالذهب. العدد: 1. القيمة المقدرة أربع ليرات عثمانية. قدمت من خزنة دار السعادة [بإستانبول].
117- علاقة كبيرة من الفضة، من صناعات زنجبار. العدد: 3. القيمة - المقدرة مائة وخمسون [ ليرة عثمانية]. أهداها السلطان عبدالحميد خان.(1/70)
118- مبخرة مشبكة من الفضة، ذات مقبض من الصناعات الهندية.. قدمها [ واحد] من أهالي الهند.
119- مبخرة من الفضة على هيئة شمعدان.. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. اسم الواقف غير معلوم.
120- علاقة قهوة كبيرة من الذهب، بها ثلاث سلاسل من الذهب. وهذه أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
121- مبخرة من الفضة على هيئة فانوس مقعّد، مزينة ببعض الأحجار. وهذه أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
122- علبة العود من الخشب، ذات مقبضين مغطاة بالفضة من النوع القديم. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرتان عثمانيتان. أهدتها السيدة نقش فلك.
123- علبة بخور من الخشب مغطاة بالفضة، من النوع القديم. العدد: 1. اسم الواقف غير معلوم.
124- تبسي صغير للبخور من الفضة. العدد: 1. القيمة المقدرة نصف ليرة. أهدته السيدة برتونيال قادين.
125- تبسي صغير للبخور من الفضة. العدد: 1. القيمة المقدرة نصف ليرة عثمانية. وهذا أيضاً [أي أهدته السيدة برتونيال قادين].
126- تبسي وسط للبخور من الفضة. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرتان عثمانيتان. أهدته زوجة طوسون باشا.
127- تبسي للبخور وسط صغير من الفضة. العدد:1. القيمة المقدرة خمسون [ ليرة عثمانية]. أهدته السيدة عادلة سلطان.
128- تبسي للبخور طويل من الفضة. القيمة المقدرة أربع ليرات عثمانية. أهدته السيدة شايسته قادين [من زوجات السلطان عبدالمجيد الأول].
129- تبسي للبخور مربع طويل من الفضة. العدد: 1. القيمة المقدرة ثمانون ليرة عثمانية. أهدته زوجة طوسون باشا.
130- تبسي للبخور أبيض من الفضة ذو مقبضين. العدد: 1. القيمة المقدرة اثنتان وثلاثون [ ليرة عثمانية]. أهدته السيدة برتونيال قادين.
131- كير النار للبخور، مذهب. العدد1، مشبك؛ العدد1سادة ومشبك من الفوهة؛ العدد: 1/3 بدون مقبض ومكسور. القيمة المقدرة خمسون [ليرة عثمانية]. أهدته والدة السلطان مراد خان [شوق أفزا].(1/71)
132- تشت وإبريق من الفضة من النوع القديم. العدد: 1 تشت مع غطاء؛ العدد: 2/1. القيمة المقدرة خمس عشرة ليرة عثمانية. أهدته السيدة زوجة طوسون باشا.
133- تشت وإبريق من الفضة، من الصناعات الهندية. العدد: 1 تشت مع غطاء؛ العدد: 2/1 إبريق. القيمة المقدرة عشرون [ ليرة عثمانية]. أهداه هندي يدعى أبو البركات.
134- سطل وإبريق زيت الزيتون من الفضة. العدد: 3إبريق؛ العدد: 6/9 سطل. القيمة المقدرة ستون ليرة عثمانية. أهدته السيدة خديجة سلطان، ابنة السلطان مصطفى خان.
135- إبريق زيت الزيتون من الفضة. العدد: 1. القيمة المقدرة سبع ليرات عثمانية. أهدته السيدة فاطمة دل بريز [زوجة السلطان مصطفى الرابع].
136- فرش [مغطى] بالفضة [العدد]: 1. القيمة المقدرة عشرون [ ليرة عثمانية]. أهداه السيد عباس باشا.
137- فرش [مغطى] بالفضة. [العدد]: 1. القيمة المقدرة عشرون. أهداه السيد جروشة، أمين خزنة السلطان محمود خان.
138- مكبه. [هكذا. ولم يتضح معناه] من الفضة. القيمة المقدرة خمس عشرة ليرة عثمانية. أهداه الحاج مصطفى رشدي أفندي.
139- مكبة من الفضة، وردت لاستخدامها في الحجرة النبوية المعطرة. [العدد]: 2، حبة 300. القيمة المقدرة خمس ليرات عثمانية. أهداها السيد بسيم آغا، رئيس آغاوات السيدة عادلة سلطان.
140- دواة من الفضة، خاصة بكاتب السلطان. [العدد]: 1. القيمة المقدرة ليرتان عثمانيتان. أهدتها السيدة عادلة سلطان.
141- بابا [هكذا] العلم من الفضة. [العدد]: 2. القيمة المقدرة أربع ليرات عثمانية. أهداه والي مصر سعيد باشا.
142- علم مزخرف [بحبات على هيئة] الرز. العدد: 2 اسم الواقف غير معلوم.
143- بابا الصندوق من الفضة. [العدد]: 4 ذو ثماني خانات على هيئة الكمثرى، من إهداء المعلمة خديجة؛ [العدد]: 6/10 من إهداء خديجة، ابنة داماد إبراهيم باشا بتاريخ 1163هـ. القيمة المقدرة ثماني ليرات عثمانية.(1/72)
144- كير النار من الفضة. [العدد]: 1. القيمة المقدرة أربع ليرات عثمانية. أهداه الحاج حسين آغا.
145- قفل علاقي من النوع القديم. العدد: 3. القيمة المقدرة ثماني ليرات عثمانية. أهداه السلطان أحمد الأول.
146- قفل علاقي من النوع القديم من الفولاذ، مطرز بالذهب. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرتان عثمانيتان. اسم الواقف غير معلوم.
147- مفتاح قفل من النوع القديم، موضوع في محفظة. القيمة المقدرة عشر ليرات عثمانية. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
148- علم السنجق مطرز بالفضة. العدد: 2. القيمة المقدرة عشرون[ ليرة عثمانية]. أهداه السلطان محمود خان الأول.
149- غطاء الحذاء الشريف من الفضة. العدد: 5. القيمة المقدرة خمس وخمسون [ ليرة عثمانية]. أهدته السيدة برتونيال قادين.
150- غطاء الحذاء الشريف من الفضة. العدد: 4. القيمة المقدرة خمس وستون ليرة عثمانية. أهدته السيدة زينب، ابنة والي مصر محمد علي باشا.
151- تبسي للحذاء الشريف من الفضة. العدد: 10. القيمة المقدرة مائتان وأربعون [ ليرة عثمانية]. أهدته السيدة برتونيال قادين.
152- تشت كبير من النحاس للحذاء الشريف، مغطى بالذهب. العدد: 4. القيمة المقدرة خمس ليرات عثمانية. أهداه بشير آغا، نائب شيخ الحرم الأسبق.
153- تبسي للحذاء الشريف. العدد: 10. القيمة المقدرة مائتان وأربعون [ ليرة عثمانية]. أهدته السيدة برتونيال قادين.
154- قفل علاقي من النوع القديم. العدد: 1. القيمة المقدرة خمس ليرات عثمانية. أهداه السلطان محمود خان [الثاني].
155- غطاء سنجق مطرز بالفضة. العدد: 2. القيمة المقدرة ثماني ليرات عثمانية. أهداه السلطان عبدالمجيد خان.
156- حبل، حافتاه مطرزتان بالفضة، لتعليق القناديل الموجودة بالحجرة النبوية الشريفة. العدد: 14. القيمة المقدرة عشرون[ ليرة عثمانية]. اسم الواقف غير معلوم.(1/73)
157- تشت ومشربة لغسل القناديل. العدد: 2تشت؛ العدد: 2مشربة. القيمة المقدرة تسعون ليرة عثمانية. أهدته الزوجة الرابعة للسلطان محمود خان [وهي نورتاب قادين].
158- مكنسة بمقبض من الفضة. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. أهدتها والدة عباس باشا.
159- مكنسة من الفضة. العدد: 1. القيمة المقدرة عشرون[ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة برتونيال قادين.
160- مبخرة علاقية بأربع سلاسل ذهبية. القيمة المقدرة خمس ليرات عثمانية. أهداها السلطان عبدالمجيد خان [الأول].
161- علبة الزيت من الفخار، مشبك طولي مربع، مزين بأربعة أوراق في نطاق الخزنة، مقاعده بحجم حبة البندق. القيمة المقدرة ليرتان عثمانيتان. أهداه الحاج حبيب أفندي.
162- شمعدان البخور من الفضة، ثلاثي الشكل. العدد: 2. القيمة المقدرة أربع ليرات عثمانية. اسم الواقف غير معلوم.
163- مبخرة من الفضة. العدد: 1. القيمة المقدرة أربع ليرات عثمانية. أهدتها من القصر السيدة نور مثال قادين.
164- معطرة من الفضة. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. وهذه أيضاً [أي من إهداء السيدة نور مثال].
165- شمعدان البخور من الفضة، مزخرفة، ذات قبة متوسط الحجم، وستة فتحات. العدد:1. القيمة المقدرة أربع ليرات عثمانية. أهدتها السيدة الثانية لطف يار قادين.
166- معطرة من الذهب، من الصناعات الهندية، بثلاثة ألوان: أخضر وأحمر وكحلي، مرصعة بالألماس والياقوت، مع سبع حبات من الزمرد في الوسط. العدد: 1. القيمة المقدرة خمسمائة [ ليرة عثمانية]. أهداها الحاكم الهندي "بيغم".
167- معطرة من الذهب على هيئة شجرة، من الصناعات الهندية، باللون الأحمر والأخصر، على طاولة صغيرة من اللون الأحمر، أطرافها مزينة بالألماس واللؤلؤ والياقوت، ومحل وضع العطور باللون الكحلي مرصع بألماس الهندي. العدد: 1. القيمة المقدرة مائتي ليرة عثمانية. وهذه أيضاً [أي من إهداء الحاكم الهندي بيغم].(1/74)
168- معطرة ومبخرة مع طاولة، بغطاء ومقبض وسبع فتحات، أطرافها محفورة، وبعضها مزينة. العدد: 1. القيمة المقدرة ست ليرات عثمانية. أهدتها زوجة الكاتب في المابين.
169- مبخرة من الفضة، أطرافها مزينة، مهيأة لوضع قطع شجرة العود عليها، ذات ثلاث مقاعد. العدد: 1. القيمة المقدرة عشر ليرات عثمانية. أهدتها السيدة زبيدة، زوجة تحسين أفندي، من أعضاء لجنة الحسابات في الديوان.
170- معطرة من الفضة على هيئة الكمثرى، أطرافها مزينة. العدد: 1. القيمة المقدرة مائتي ليرة عثمانية. وهذه أيضاً [أي من إهداء السيدة زبيدة].
171- مبخرة من الفضة، مع طاولة، أطرافها مزينة، ذات مقاعد.. العدد: 1. القيمة المقدرة ثلاثون ليرة عثمانية. أهدتها السيدة شوق أفسار قادين، من زوجات السلطان عبدالمجيد [الأول].
172- مبخرة من الفضة، على طاولة ذات ثلاث مقاعد، مزينة الأطراف، على هيئة الورد. العدد: 1. القيمة المقدرة عشر ليرات عثمانية. أهدتها السيدة شب آهنك، من زوجات السلطان عبدالعزيز خان.
173- معطرة من الفضة، ذات قواعد، على هيئة الورد، لوضع قطع شجرة العود عليها. العدد: 1. القمية المقدرة ليرتان عثمانيتان. أهدتها السيدة شب آهنك، من زوجات السلطان عبدالعزيز خان.
174- معطرة ومبخرة، مصنوعة من الفضة، ذات مقاعد وفتحات ومقابض. العدد: 2 معطرة؛ العدد: 2 مبخرة. القيمة المقدرة ثلاثون ليرة عثمانية. أهدتها السيدة .
175- مبخرة ومعطرة من النوع الكبير. العدد: 4مبخرة كبيرة، العدد: 2/6 معطرة. القيمة المقدرة ستون ليرة عثمانية. أهدتها السيدة عادلة سلطان.
176- مبخرة من الذهب، من الصناعات الهندية. العدد: 2. القيمة المقدرة مائتان وخمس ليرات عثمانية. أهداها الحاكم الهندي كل علي خان.
177- علبة العود والبخور، مصنوعة من الفضة. العدد: 3. القيمة المقدرة ثماني ليرات عثمانية. أهداها محمد كامل آغا، حارس باب السيدة برتونيال قادين.(1/75)
178- علبة الزيت، من الذهب، ذات غطاء ومقبض. 63مثقال. القيمة المقدرة خمسون[ ليرة عثمانية]. أهداها صاحب الشهامة محمد عبدالواسع خان.
179- سفر من الذهب، من القطع المتوسط، ذات شمعدان وست غطاء من الجلد. العدد: 2. القيمة المقدرة أربعمائة[ ليرة عثمانية]. أهدتها والدة السلطان محمود خان.
180- شمعدان المحراب من الذهب. العدد: 3. القيمة المقدرة مائتا ليرة عثمانية. أهداها والي مصر محمد علي باشا. تبين نقص في أحد الشمعات.
181- شمعدان من الذهب، مرصع بستة آلاف ومائتين وثمانين قطعة من الألماس، من الحجم الكبير. العدد: 10. القيمة المقدرة سبعون ألف ليرة عثمانية. أهداها السلطان عبدالمجيد خان [الأول] تبين نقص بعض أحجار ألماس من بعضها.
182- غطاء الشمعدان على هيئة تبسي، للشمعدانات المذكورة [أي الواردة في الرقم181]. العدد: 2. القيمة المقدرة اثنتان وثلاثون[ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة المعلمة شوق نهال أمينة خزنة السلطان عبدالمجيد خان [الأول].
183- شمعدان محراب من الذهب، من القطع المتوسط، مع الشمعة. العدد: 8. القيمة المقدرة ألفان وستمائة. أهداها السلطان محمود خان. تبين نقص في رأس الشمعدان، والشمعدان الذي كان يوضع على القدم الشريف.
184- شمعدان من الفضة كبير مع الشمع. العدد: 2. القيمة المقدرة مائة ليرة عثمانية. أهداه محمد علي باشا والي مصر.
185- شمعدان محراب من الفضة، من القطع الكبير. العدد: 2. القيمة المقدرة أربعون ليرة عثمانية. اسم الواقف غير معلوم.
186- شمعدان كبير من الفضة مع الشمعة. العدد: 7. القيمة المقدرة خمسمائة. أهداه والي مصر عباس باشا.
187- طاولة شمعدان كبيرة من الفضة. العدد: 7. القيمة المقدرة ثلاثمائة وخمسون[ ليرة عثمانية]. أهداها السلطان عبدالمجيد خان [الأول].(1/76)
188- شمعدان من الفضة مع الطاولة والشمعة، ذو أسياخ. العدد: 2. شمعدان؛ العدد: 2/4 طاولة. القيمة المقدرة عشرة ليرات عثمانية. أهدته السيدة نوفدان قادين، من زوجات السلطان محمود خان.
189- شمعدان من الفضة، من القطع المتوسط. العدد: 2. القيمة المقدرة ست عشرة. اسم الواقف غير معلوم.
190- شمعدان من الفضة من القطع المتوسط، مع طاولة وأسياخ. العدد: 2 شمعدان؛ العدد: 2/4 طاولة. القيمة المقدرة ليرتان عثمانيتان. اسم الواقف غير معلوم.
191- شمعدان من الفضة من القطع المتوسط، ذو ثلاث شمعات. العدد: 1. القيمة المقدرة خمس وعشرون. أهدته السيدة خوشيار قادين.
192- شمعدان من النحاس. العدد: 2. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. أهدته السيدة رقية، زوجة مشير طرابزون عثمان باشا خزينة دار زاده.
193- شمعدان قديم من الفضة مع طاولة من القطع المتوسط. العدد: 2. القيمة المقدرة ثمان وأربعون[ ليرة عثمانية]. أهدته السيدة أمينة، زوجة والي مصر محمد علي باشا.
194- شمعدان قديم من الفضة، من القطع المتوسط، ذو ملقط. العدد: 2. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. اسم الواقف غير معلوم.
195- شمعدان البخور قديم، من القطع المتوسط. العدد: 2، من تركة علي آغا بربر باشي؛ العدد: 1، إهداء من السيدة صاري كلكشلي؛ العدد: 3/6، اسم الواقف غير معلوم. القيمة المقدرة أربع وعشرون[ عثمانية].
196- شمعدان من الفضة، من القطع المتوسط، ذو شمعات. العدد: 1، شمعدان؛ العدد: 2/1 طبلة قديمة من الفضة. القيمة المقدرة أربع ليرات عثمانية. أهداه والي مصر محمد علي باشا. تبين نقص في أحد الشمعات.
197- شعدان محراب من النحاس مغطى بالذهب. العدد: 20. القيمة المقدرة خمس عشرة ليرة عثمانية. أهداه السلطان عبدالمجيد خان [الأول]. تبين نقص في بعضها.
198- شمعدان البخور قديم من الفضة. العدد: 28، شمعدان؛ العدد: 7طبلات. القيمة المقدرة ثلاثون ليرة عثمانية. أهداه السلطان أحمد خان.(1/77)
199- شمعدان قديم من الفضة، متوسط الحجم، مع شمعات. العدد: 1. القيمة المقدرة أربع ليرات عثمانية. أهداه السلطان محمود خان.
200- شمعدان قديم صغير الحجم. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. اسم الواقف غير معلوم.
201- مقراص الشمع من الفضة. العدد: 2. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. أهدته السيدة أمينة، زوجة والي مصر محمد علي باشا.
202- شمعدان متوسط الحجم. العدد: 1. القيمة المقدرة . اسم الواقف غير معلوم.
203- مقراص الشمع على هيئة الطير. العدد: 1. القيمة المقدرة . اسم الواقف غير معلوم.
204- مقراص الشمع من الفضة. العدد: --. القيمة المقدرة ثلاث ليرات عثمانية. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
205- غطاء شمعدان من الفضة، بثلاثة مقاعد. القيمة المقدرة ست ليرات عثمانية. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
206- مقراص الشمع من الذهب، كبير الحجم وصغيره. العدد: 2كبير؛ العدد: 1 وسط؛ العدد: 1 صغير. القيمة المقدرة مائة وخمس وعشرون [ ليرة عثمانية]. اسم الواقف غير معلوم.
207- شمعدان صغير من الفضة. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
208- شمعدان كبير من الفضة ذو أسياخ. العدد: 1. ـ أهدته السيدة نازلي، ابنة والي مصر محمد علي باشا.
209- غطاء الشمعدان السابق من الفضة. العدد: 2. القيمة المقدرة ثمان ليرات عثمانية. أهدته السيدة نازلي، ابنة والي مصر محمد علي باشا.
210- شمعدان من حجر [مدينة] أسكي شهر، صغير مع شمعة واحدة. العدد: 1. ـ . اسم الواقف غير معلوم.
211- شمعدان مزخرف.. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
212- شمعدان صب، مع تبسي. العدد: 2. القيمة المقدرة ليرتان عثمانيتان. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
213- شمعدان رز صغير. العدد: 1. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].(1/78)
214- شمعدان.. ـ . وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
215- شمعدان بخور قديم. العدد: 4. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
216- شمعدان بخور من النحاس. العدد: 2. القيمة المقدرة نصف ليرة عثمانية. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
217- شمعدان من الصناعات الهندية. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
218- شمعدان رز للبخور. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
219- مقراص الشمع صغير. العدد: 11. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
220- قنديل علاقي، من الفضة، مع جيز وسلاسل. العدد: 24. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. أهدته السيدة بسيمة، زوجة إسكندر بك بن درويش باشا.
221- مزهرية علاقية، مزينة ومزخرفة، ذات سلاسل، ولها فتحات من الجوانب.. العدد: 1. أهدتها السيدة خواجة، زوجة ناظر المالية الأسبق نافذ باشا.
222- شمعدان ومقراص من الفضة، ذو شمعة واحدة، كانت في الروضة المطهرة. العدد: 2. القيمة المقدرة أربعون ليرة عثمانية. أهداه محمد عادل والحاج حسن هندي. تم نقله من الروضة المطهرة إلى الحجرة النبوية الشريفة.
223- شمعدان، متوسط الحجم، من الفضة المحمودية، خال من الشمعة، مزخرف. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. أهدتها السيدة سر أفراز.
224- معطرة من الفخار. العدد: 5. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. اسم الواقف غير معلوم.
225- علبة عود، مزين بعدد واحد من حجر سرجه. العدد: 2. القيمة المقدرة ليرتان عثمانيتان. أهداها عاصم بك جاوش باشي زادة.(1/79)
226- إبريق على هيئة إبريق الشاي، مع تبسي من الفضة، ومقراض الشمع، من الصناعات الهندية. العدد: 1 إبريق؛ العدد: 2/3 مقراض. القيمة المقدرة ست ليرات عثمانية. أهدته المعلمة [في القصر] ناز .
227- مشربية صغيرة من الفضة، ذات غطاء. العدد/: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. أهداها صاحب الشهامة محمد عبدالواسع خان.
228- مبخرة من الفضة، خاصة بإطفاء الشمعات في الحجرة النبوية الشريفة. العدد: 1. أهداها السلطان عبدالمجيد خان في 1230هـ والسيدة أبرو فتان في عام 1230هـ.
229- طاسة من الفضة. اسم الواقف غير معلوم.
230- منقل [صغير] من النحاس. اسم الواقف غير معلوم.
231- مشربية على هيئة الفيل. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم]. نظرا لعدم ورود ذكرها في الدفتر فيه الشرح.
232- بابا [هكذا] من النحاس. العدد: 5. القيمة المقدرة ليرتان عثمانيتان. وهذا أيضا. نظرا لعدم ورود ذكرها في الدفتر فقد جرى فيه الشرح.
233- منقل صغير ذو مقبض. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. اسم الواقف غير معلوم.
234- منقل صغير ذو مقبض. [العدد]: 3. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. اسم الواقف غير معلوم.
235- إبريق مزخرف. العدد: 1. ــ . وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
236- قدر من النحاس، من الصناعات الهندية.. القيمة المقدرة عشرون. اسم الواقف غير معلوم.
237- مغرف من النحاس. العدد: 1. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
238- كسوة وستارة وأستار الأبواب الشريفة، من القماش الأطلسي الأخضر، مطرز بالذهب. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
239- ستارة لداخل الحجرة النبوية الشريفة، من القماش الأطلسي الأخضر، المطرز بالحرير.. العدد: 2. اسم الواقف غير معلوم.
240- ستارة المنبر الشريف، من القماش المخملي الأخضر، مطرزة بالذهب. العدد: 2. أهداها والي مصر سعيد باشا.(1/80)
241- الستارة الداخلية القديمة للحجرة النبوية الشريفة، من القماش الأطلسي الأخضر، مطرزة بالذهب. العدد: 12. اسم الواقف غير معلوم.
242- ستارة المحاريب الثلاثة والأبواب الشريفة والحجرة النبوية. .
243- ستارة صندوق السيدة فاطمة الزهراء، مطرزة بالذهب. أهداها السلطان عبدالمجيد خان [الأول].
244- ستارة شبابيك الحجرة النبوية الشريفة، من القماش الأطلسي الأخضر. العدد: 11. أهداها السلطان عبدالمجيد خان [الأول].
245- شمعدان رز كبير للمحراب، بأسياخ، في داخل المحراب النبوي. [العدد]: 2 كبير و2 صغير شمعدان في المحارب النبوي؛ [العدد]: 2 كبير و2 صغير شمعدان في المحراب العثماني. القيمة المقدرة مائة وستون ليرة عثمانية.
246- شمعدان رز للمحراب السليماني، بأسياخ. [العدد]: 2 صغير. القيمة المقدرة خمس ليرات عثمانية. وهذا أيضاً [أي من إهداء السلطان محمود خان].
247- شمعدان بشمعة واحدة في أطراف الروضة النبوية المطهرة. العدد: 8. القيمة المقدرة ليرتان عثمانيتان. أهداه السلطان محمود خان.
248- علاقة من الفضة، متوسطة الحجم، مزينة ذات سلاسل وشمعات في المواجهة. العدد: 2. القيمة المقدرة ثمانون ليرة عثمانية. أهدتها والدة السلطان عبدالمجيد خان [الأول].
249- مزهرية كبيرة من الفضة، مزينة ومعلقة في المحراب العثماني. العدد: 1. القيمة المقدرة مائة وخمسون [ ليرة عثمانية]. أهداها والي مصر عباس باشا.
250- مزهرية كبيرة من الفضة، معلقة في المواجهة، بثلاثين شمعة. العدد: 1. القيمة المقدرة مئتا [ ليرة عثمانية]. أهداها والي مصر عباس باشا.
251- مزهرية كبيرة من البلور بدون فانوس، في القدم الشريف، بأربع وعشرين شمعة. العدد: 1. وهذا أيضاً [أي من إهداء والي مصر عباس باشا].
252- مزهرية كبيرة داخل الروضة المطهرة، بفانوس وثمانين شمعة. العدد: 1. وهذا أيضاً [أي من إهداء والي مصر عباس باشا].(1/81)
253- مزهرية كبيرة داخل الروضة المطهرة، بفانوس وثمانية شمعات. العدد: 2. أهداها التاجر الهندي إبراهيم.
254- شمعدان كبير بشمعة واحدة، على هيئة شجرة. العدد: 1. أهداه والي مصر عباس باشا.
255- شمعدان كبير من البلور بثمان وعشرين شمعة، على هيئة شجرة، في الروضة المطرة. العدد: 1. وهذا أيضاً [أي من إهداء والي مصر عباس باشا].
256- شمعدان كبير من البلور بثمان وعشرين شمعة، على هيئة شجرة، في الحرم الشريف. العدد: 1. وهذا أيضاً [أي من إهداء والي مصر عباس باشا].
257- شمعدان من المعدن بخمس شمعات وفانوس، على طاولة، في الحرم الشريف. العدد: 2. أهداه التاجر الهندي إسماعيل.
258- مزهرية من البلور بست شمعات وفانوس، في باب الوقوف بالروضة المطهرة. العدد: 1. أهداه عبدالله أفندي محافظ المدينة المنورة الأسبق.
259- مزهرية علاقية، بشمعة واحدة في الروضة المطهرة. العدد: 1. أهداه عبد الفتاح أفندي، من تجار بيروت.
260- مزهرية من البلور، باثنتي عشرة شمعة وفانوس. العدد: 1. أهداها التاجر الهندي الخواجة إسماعيل.
261- مزهرية من البلور، باثنتي عشرة شمعة وفانوس. العدد: 1. وهذه أيضاً [أي أنها من إهداء التاجر الهندي الخواجة].
262- مزهرية من البلور، باثنتي عشرة شمعة وفانوس، [ متوضع] تحت المنارة الرئيسية. العدد: 1. أهداها التاجر يعقوب الهندي.
263- مزهرية من البلور بشمعة وفانوس، بجوار المحراب العثماني. العدد: 1. وهذه أيضاً [أي من إهداء التاجر الهندي يعقوب].
264- مزهرية من البلور، بثماني شمعات وفانوس. العدد: 1. أهداها التاجر الهندي إبراهيم.
265- مزهرية من البلور بقناديل، خاصة بالحرم النبوي الشريف. [العدد]: 14؛ واحدة منها نقلت لمسجد سيدنا عثمان. أهداها عبدالله أفندي، محافظ المدينة المنورة الأسبق.
266- مزهرية بسبع شمعات خاصة بالحرم الشريف، وأخرى بقناديل. العدد: 2. اسم الواقف غير معلوم.(1/82)
267- علاقة من الفضة متوسطة الحجم، بست مقابض، معلقة بسلاسل. العدد: 1. القيمة المقدرة ثماني ليرات عثمانية. أهدتها السيدة أسماء.
268- مزهرية من الفضة، بسبعة عشر شمعدان. [العدد]: 1. القيمة المقدرة مائة[ ليرة عثمانية]. أهداها الحاكم الهندي ميرخان.
269- ساعة كبيرة في دكة الأغوات. العدد: 1. القيمة المقدرة مائتا ليرة عثمانية. أهداها السلطان عبدالمجيد خان [الأول].
270- ساعة كبيرة في التهجد الشريف. العدد: 1. القيمة المقدرة عشر ليرات عثمانية. أهدتها السيدة برتونيال قادين.
271- هذه هي اللوحة المذكورة في الرقم [التسلسلي] 64، وقد صرح بذلك الآغاوات. مكرر.
272- شمعدان من الفضة، مزينة. العدد: 4. القيمة المقدرة مائة [ ليرة عثمانية]. أهداها السلطان عبدالحميد خان الثاني.
273- رَحْلَة على أربعة قواعد من الفضة. العدد: 1. القيمة المقدرة ثلاثون ليرة عثمانية. أهدتها السيدة إنجي، زوجة والي مصر سعيد.
274- شمعدان متوسط الحجم، من الفضة. العدد: 2. القيمة المقدرة ثمان وعشرون [ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة عطر شاه، مديرة أعمال السيدة إنجي.
275- مزهرية من الفضة على هيئة قنديل. [العدد]: 1. القيمة المقدرة أربع ليرات عثمانية. أهداها أحمد فوزي، مدير مكتب والي أرضروم.
276- كرسي من الفضة، على هيئة قبة مستديرة، لاستخدامه [ هنا ثلاث كلمات غير واضحة]. العدد: 1. القيمة المقدرة ثلاثون ليرة عثمانية. أهدتها السيدة زينب، ابنة والي مصر محمد علي باشا.
277- سلسلة خاصة لتعليق مفتاح الحجرة النبوية الشريفة. [العدد]: 1. القيمة المقدرة اثنتا عشرة ليرة عثمانية. أهداها السلطان عبدالمجيد خان [الأول].
278- [مقبض] حديدي مستدير للقناديل المستعملة في الحجرة النبوية الشريفة. [العدد]: 54. القيمة المقدرة أربع وخمسون[ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة ملك بر، زوجة والي مصر سعيد باشا.(1/83)
279- مقبض حديدي من الطراز الجديد. [العدد]: 3. قد أعير لاستخدامه من جديد.
280- مبخرة ومعطرة.. العدد: 4. القيمة المقدرة أربع وثلاثون[ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة برستو قادين، الزوجة الرابعة للسلطان عبدالمجيد خان.
281- مقبض من الفضة. [العدد]: 2. كما جاء في الشرح [هكذا]. لم يظهر.
282- شمعدان صغير من الفضة. القيمة المقدرة خمس ليرات عثمانية. أهدتها السيدة كلفتان، زوجة نوري باشا.
283- مبخرة من الفضة. [العدد]: 1. القيمة المقدرة أربع ليرات عثمانية. أهدتها السيدة الحاجة أم كلثوم، زوجة محمود بن إمام، من أمراء دارفور.
284- فنار من الفضة. العدد: 2. القيمة المقدرة ثماني ليرات عثمانية. أهدتها السيدة نائلة سلطان.
285- مقبض من الفضة. [العدد]: 3. القيمة المقدرة ثماني ليرات عثمانية. أهداه الحافظ بهرام آغا. من آغاوات دار السعادة [إستانبول].
286- مبخرة من الفضة. [العدد]: 1. القيمة المقدرة خمس ليرات عثمانية. أهدتها السيدة تسار، ابنة سعيد باشا السيواسي.
287- مبخرة ومعطرة من الفضة. [العدد]: 2. كما ورد في الشرح. أهدتها السيدة نائلة سلطان.
288- علاقة من الفضة مزينة. العدد: 8. القيمة المقدرة ثلاثون ليرة عثمانية. وهذه أيضاً [أي من إهداء أهدتها السيدة نائلة سلطان].
289- علمان نحاسيان، من القماش الأطلسي الأخضر، وجههما مزينان بالآيات والأحاديث، وداخلهما بعبارة "محمد رسول الله" مطرزة بالأصفر. العدد: 2. أرسلا من مصر.
290- علاقة من الفضة. [العدد]: 2. القيمة المقدرة أربع ليرات عثمانية. أهداها حاجي أفندي آغا قلة زاده العينتابي.
291- علبة الصابون من الفضة مع تشت، لاستخدامها أثناء غسل القناديل. [العدد]: 10. القيمة المقدرة ثمان ليرات عثمان. أهدتها السيدة حُسن ملك، من [زوجات] السلطان محمود الثاني.
292- مقبض من الفضة مزدوج. [العدد]: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. أهداه ناظر البحرية حسن.(1/84)
293- مبخرة من الذهب، مرصعة بألماس المحلي ومزينة. العدد: 3. القيمة المقدرة ستمائة ليرة عثمانية. أهدتها السيدة جميلة ابنة السلطان عبدالمجيد خان [الأول].
294- [بعض الأدوات] التي تستعمل أثناء غسل القنديل. مجموعها: 20. القيمة المقدرة أربعون ليرة عثمانية. أهدتها السيدة حُسن ملك، من [زوجات] السلطان محمود الثاني.
295- علاقة مزخرفة ومزينة بقطعة كبيرة واثنتي عشر قطعة صغيرة من أحجار الزمرد واللآلي، مكتوب عليها بالفضة لفظ الجلالة وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم]."محمد" عليه السلام، والسيدة فاطمة والحسن والحسين، يليه في الأسفل زينة بالألماس بسبعة ـ ثمانية قيراط، مع زخرفة. القيمة المقدرة مائتان وخمس وثمانون[ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة عادلة سلطان. تبين نقص في عدد الأحجار الصغيرة.
296- مزهرية بست وثلاثين شمعة، مزينة بالأصفر. العدد: 1. وهذه أيضاً [أي من إهداء السيدة عادلة سلطان].
297- مقبض من الفضة. العدد: 2. القيمة المقدرة خمس وليرات عثمانية. أهدته السيدة مثل [؟] شمس، أمينة خزنة السلطان عبدالمجيد خان.
298- [بعض الأدوات] التي تستخدم أثناء غسل القناديل، وكلها من الفضة. [مجموعها] 56. القيمة المقدرة خمس وثلاثون[ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة برستو [زوجة السلطان عبدالمجيد الأول].
299- كأس ماء صغير. [العدد]: 2. القيمة المقدرة ست ليرات عثمانية. أهدتها السيدة المعلمة جزمي رنو.
300- [مكنسة] خاصة بإزالة الغبار، من الريش. [العدد]: 3. أهدتها السيدة باك دل.
301- مزهرية صغيرة من الفضة. [العدد]: 1. القيمة المقدرة أربع ليرات عثمانية. أهداها الفريق عثمان نوري باشا، رئيس أطباء الجيش العثماني الخامس.
302- كأس من الفضة مع غطاء. [العدد]: 2. القيمة المقدرة عشر ليرات عثمانية. أهدتها السيدة سيمبر، أمينة خزنة السلطان عبدالحميد الثاني.(1/85)
303- مبخرة ومعطرة صغيرة، مزخرفة، ملاصقة بتبسي من الفضة, أعلاها على هيئة الفانوس، مع زخرفة من شكل الكمثرى. [العدد]: 3. وهذه أيضاً [أي من إهداء السيدة سيمبر].
304- مقبض من الفضة. العدد: 2. القيمة المقدرة ثماني ليرات عثمانية. أهديت باسم الحاج بسيم آغا. من بوابي عادلة سلطان.
305- مقبض من الفضة. العدد: 2. القيمة المقدرة ثماني ليرات عثمانية. أهدته المعلمة ناز فلك، من جواري السيدة عادلة سلطان.
306- مبخرة من الفضة. [العدد]: 4. القيمة المقدرة سبع عشرة. أهداها نشأت آغا، من [خدم] السيدة عادلة سلطان.
307- علبة عود من الفضة. العدد: 2. القيمة المقدرة ليرتان عثمانيتان. وهذه أيضاً [أي من إهداء نشأت آغا].
308- مبخرة ومعطرة من الفضة. [العدد]: 4. القيمة المقدرة مائة[ ليرة عثمانية]. أهداها عثمان آغا، الآغا الخامس لدى عادلة سلطان.
309- مفك صغير صب. [العدد]: 2. وهذا أيضاً [أي من إهداء عثمان آغا].
310- جلة [ولم يتضح معناها] من الفضة، مزخرفة بالورود. القيمة المقدرة خمس ليرات عثمانية. أهدتها السيدة نوفدان قادين.
311- شمعدان من الفضة، مكتوب عليها عبارة "وقف للحرم النبوي الشريف". [العدد]: 2. القيمة المقدرة خمس ليرات عثمانية. أهداه سعدي خان الإيراني.
312- مزهرية من الفضة، بستة مقابض، على هيئة علم، مكتوب عليها "الغلام علي جام: دخيل هذا الموقع المقدس". [العدد]: 1. القيمة المقدرة عشرون[ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة حفيظة، ابنة خليل صاوا.
313- علاقة من الفضة، حفر عليها "الحرم النبوي الشريف" [العدد]: 1. القيمة المقدرة عشرون[ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة حفيظة، ابنة خليل صاوا.
314- علاقة من الفضة، بها محل وضع البخور عليها، بثلاثة مقابض. [العدد]: 2. القيمة المقدرة ثماني ليرات عثمانية. أهداها الحاج عثمان بك طرابزونلي علي زاده.(1/86)
315- قنديل مبروم مشبك، على هيئة البطيخ، مزين في بعض الأطراف، مع غطاء وسلسلة ومقبض ومبخرة. العدد: 9. القيمة المقدرة مائة واثنتانن وخمسون[ ليرة عثمانية]. إهداء من نواب بشر الدولة عمدة الملك الأعظم الأمير خواجة عبدالصمد.
316- طفاية الشمع من الفضة. قطعة: 5. القيمة المقدرة ثلاث ليرات عثمانية. إهداء من نواب حيدر آباد بشر الدولة إيمان.
317- علبة الصابون من الفضة بلا غطاء. [العدد]: 1. القيمة المقدرة سبع ليرات عثمانية. أهدتها السيدة فاطمة علية، زوجة حسن فهمي.
318- مبخرة من الفضة، بأربع ورود، مع غطاء مشبك، على ثلاث قواعد. [العدد]: 1. القيمة المقدرة ثماني ليرات عثمانية. أهداها أحمد محمد خان، من أهالي دهلي [دلهي في الهند].
319- شمعدان البخور مغطى بالفضة، ومزين. [العدد]: 4. اسم الواقف غير معلوم.
320- علاقة من البلور، مطرزة بالفضة، بثلاث سلاسل فضية. العدد: 1. القيمة المقدرة خمسون[ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة أمينة، زوجة الحاج محمد أفندي، رئيس سقاة القهوة لدى جناب كمال أفندي.
321- شمعدان يد من الفضة. [العدد]: 1. أهدتها السيدة ندرة، زوجة الأمير آلاي جميل بك.
322- تبسي من الفضة، متوسط الحجم، مزين بورود بارزة، بمقبضين. العدد: 2. القيمة المقدرة ست ليرات عثمانية. أهداه نشأت آغا، آغا بوابي السيدة عادلة سلطان.
323- علاقة القهوة من الفضة، بثلاث سلاسل. العدد: 1. القيمة المقدرة ست ليرات عثمانية. وهذه أيضاً [أي من إهداء نشأت آغا].
324- علاقة بخور، بثلاث سلاسل، مزينة. [العدد]: 1. القيمة المقدرة ليرتان عثمانيتان. أهداها بشير آغا، نائب الحرم [المدني] سابقاً.
325- معطرة صغيرة من الفضة، بعض أماكنها مزينة، من الصناعات الهندية.. [العدد]: 2. القيمة المقدرة ليرتان عثمانيتان. اسم الواقف غير معلوم.(1/87)
326- مبخرة ومعطرة من الفضة، مع طبلة صغيرة. العدد: 1 مبخرة؛ العدد: 2/1 طبلة معطرة. القيمة المقدرة ثلاث ليرات عثمانية. أهدتها السيدة الحاجة فاطمة الزهراء بنت .
327- مبخرة من الفضة، على هيئة الكمثرى، مزينة بالورود، مع علبة العود الملاصق بها. العدد: 1. القيمة المقدرة ست ليرات عثمانية. اسم الواقف غير معلوم.
328- علم مصنوع من الرز، مع قمر ونجوم. [العدد]: 2. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
329- علم مصنوع من الرز. [العدد]: 1. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
330- مبخرة من النحاس بثلاث سلاسل. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
331- تبسي من الرز، وقف على الحجرة [النبوية] المطهرة. العدد: 4. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. اسم الواقف غير معلوم.
332- تبسي من الرز، أبيض اللون، بأربع قواعد. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
333- مبخرة على هيئة التاج القادري، مشبكة بست طبلات، ملاصقة بها، بأربع قواعد، أحد أطرافها مكسور. العدد: 1. ــ. اسم الواقف غير معلوم.
334- سلسلة القناديل، مزينة بالورود بمقبض من الفضة. [العدد]: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
335- غطاء صغير وجديد من الفضة، بأسياخ. [العدد]: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
336- صحن البخور من الفضة. العدد: 12. القيمة المقدرة ست ليرات عثمانية. أهدتها السيدة نازك أدا، من زوجات السلطان عبدالحميد الثاني.
337- بعض الخردوات. [العدد]: 2. إبريق من النحاس؛ العدد: 2، شمعدان أصفر؛ العدد: 1 شمعدان من النحاس؛ العدد: 1 شمعدان أصفر؛ العدد: 1 علاقة من النحاس. [المجموع]: 7.(1/88)
338- محرقة من الذهب المخفض، مع علبة البخور. القيمة المقدرة مائة[ ليرة عثمانية]. وهذه أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
339- مزهرية من البلور، بثلاث عشرة شمعة وفانوس، معلقة على صندوق السيدة فاطمة الزهراء، رضي الله تعالى عنها. العدد: 1. أهداها شريف أفندي، حافظ الكتب في مكتبة عارف حكمت أفندي.
340- مزهرية من البلور، بستة فوانيس وشمعة، معلقة على صندوق السيدة فاطمة الزهراء، رضي الله تعالى عنها. [العدد]: 1. أهداها حسن أفندي الصندقجي.
341- علاقة من البلور، على هيئة فانوس، مزينة بورود، في الواجهة الشريفة. [العدد]: 2. اسم الواقف غير معلوم.
342- مزهرية من البلور، بثمانية فوانيس وشمعة. [العدد]: 1. أهداها صادق أفندي.
343- مزهرية من البلور، بستة فوانيس وشمعة، بمقابض صفراء. العدد: 1. أهداها عزت أفندي، مدير مكتب خزينة الديوان.
344- شمعدان من الرز، على هيئة شجرة، بثمانية عشر فانوس وشمعة، مزينة بالورود، معلقة في الروضة المطهرة. العدد: 1. أهداها أحمد رشيد باشا المصري.
345- علاقة قنديل، باثنتي عشر شمعة، مزينة بالورود والبلور. أهداها حسن أفندي الصندقجي.
346- مزهرية من البلور، بأربعة وعشرين فانوساً وشمعة، بمقبض أصفر. العدد: 1. أهداها على سعيد باشا، قائد الجيش العثماني السابق.
347- علاقة صغيرة، على هيئة ورد، بثلاث سلاسل وشمعة واحدة، مزينة بألماس. [العدد]: 1. اسم الواقف غير معلوم.
348- علاقة قنديل كبيرة، على هيئة ورد، بأربعة مقابض وسلاسل. [العدد]: 2. وهذه أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
349- مزهرية من البلور، بستة وثلاثين فانوس وشمعة. [العدد]: 1. أهداها علي سعيد باشا، قائد الجيش العثماني السابق.
350- مزهرية من البلور، بثمانية عشر فانوس. [العدد]: 1. أهداها صاحب الدولة الحاج علي باشا، من أخوياء السلطان.
351- مزهرية من البلور، بسبع شمعات وفانوس، مع مقبض أصفر. [العدد]: 1. أهداها إسماعيل حبيب الهندي.(1/89)
352- مزهرية من البلور، بأربعة فوانيس وشمعة. [العدد]: 1. أهداها الإسكندراني.
353- بلور، بثمانية عشر فانوس وشمعة. [العدد]: 1. أهدته زوجة محرم بك.
354- مزهرية كبيرة حمراء، بفانوس وشمعة. [العدد]: 2. أهداها أحمد عيسى.
355- مزهرية من البلور، باثني عشر فانوساً وشمعة، مع مقبض أصفر. [العدد]: 1. أهداها حسن حسني باشا، ناظر البحرية السابق.
356- مزهرية من البلور بفانوس وشمعة. [العدد]: 1. أهداها السيد أسعد أفندي.
357- شمعدان صب أصفر، من شمعدانات التراويح. العدد: 3. القيمة المقدرة ليرة عثمانية. اسم الواقف غير معلوم.
358- مزهرية بيضاء، بثمانية فوانيس وثماني شمعات، ومقبض صب. العدد: 8. أهداها إسماعيل حبيب.
359- صحن القنديل من الفضة. العدد: 1. القيمة المقدرة خمس ليرات عثمانية. أهداه الحاج علي باشا، من أخوياء السلطان.
360- صحن القنديل من الفضة. العدد: 1. القيمة المقدرة خمس ليرات عثمانية. وهذه أيضاً [أي من إهداء الحاج علي باشا، من أخوياء السلطان].
361- سلسلة من الفضة. [العدد]: 1. القيمة المقدرة ثلاث ليرات عثمانية. وهذه أيضاً [أي من إهداء الحاج علي باشا، من أخوياء السلطان].
362- سلسلة من الفضة. [العدد]: 1. القيمة المقدرة ثلاث ليرات عثمانية. وهذه أيضاً [أي من إهداء الحاج علي باشا، من أخوياء السلطان].
363- سلسلة من الفضة. [العدد]: 1. القيمة المقدرة ثلاث ليرات عثمانية. وهذه أيضاً [أي من إهداء الحاج علي باشا، من أخوياء السلطان].
364- سلسلة من الفضة. [العدد]: 1. القيمة المقدرة ثلاث ليرات عثمانية. وهذه أيضاً [أي من إهداء الحاج علي باشا، من أخوياء السلطان].
365- شمعدان من الفضة. [العدد]: 1. القيمة المقدرة ثمان وعشرون[ ليرة عثمانية]. أهداه مظفر آغا، وكيل أمانة الخزنة.
366- شمعدان من الفضة. [العدد]: 1. القيمة المقدرة ثمان وعشرون. وهذا أيضاً [أي من إهداء مظفر آغا، وكيل أمانة الخزنة].(1/90)
367- ساعة من الصناعات الإنجليزية، مستديرة الشكل، مزينة بحبات من الذهب، بقواعد. العدد: 2. القيمة المقدرة عشرون[ ليرة عثمانية]. أهداها شريف عدنان باشا.
368- صحن صابون من الفضة، مستدير الشكل. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. أهدتها السيدة نازك أدا [من زوجات السلطان عبدالحميد الثاني].
369- تبسي كبير الحجم للغاية، بيضاوي الشكل، أطرافه محفورة ومزينة بالورود، بمقبضين. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. أهدته ابنة السيدة شايستة، من زوجات السلطان عبدالمجيد خان [الأول].
370- علاقة صدر صغيرة، على هيئة نجم. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. اسم الواقف غير معلوم.
371- علاقة صدر صغيرة، على هيئة نجم. العدد: 1. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. اسم الواقف غير معلوم.
372- علاقة صدر من ذي قبل [أي الواردة في الرقم 371]، على هيئة نجم. العدد: 2. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. وهذه أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
373- مسبحة خضراء، يطلق عليها شاه مقو. العدد: 1.، عدد حباتها: 99. القيمة المقدرة خمس ليرات عثمانية. الرباط الموجود عليها من الذهب، والإمامة والشواهد من الياقوت الأحمر المغطى بالذهب مع عدد من أحجار ألماس.
374- كيسان من القماش المخملي الأخضر، خاصان بوضع مفتاح الحجرة النبوية الشريفة فيهمان مكتوب على أحد طرفيهما كلمة التوحيد، وعلى الأخرى "هو الذي ترجى شفاعته"، مطرزان. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. أهدتهما السيدة أمينة.
375- قنديل في داخل علاقة من الفضة، بثلاث سلاسل. العدد: 1. القيمة المقدرة عشر ليرات عثمانية. أهداه السيد محمد جوفاني من بومبي.
376- طبلة مغطاة بالذهب، على أرضية سوداء، مصنوعة من الوبر. [العدد]: 30. القيمة المقدرة خمس عشرة ليرات عثمانية. أهديت من الخزينة السلطانية الخاصة [في إستانبول].(1/91)
377- مزهرية من البلور الأبيض، بستة شمعات وفانوس، مقابضها أحمر اللون، مزينة بأنواع من الزينة. [العدد]: 1. أهداها الحاج محمد، من أهالي إيكي بازار.
378- علاقة قنديل، بعشر سلاسل مستديرة، أعلاها وأسفلها مغطيان بالذهب، ومزينان بالورود. العدد: 1؛ الحبة 200. القيمة المقدرة خمس وثلاثون[ ليرة عثمانية]. أهدتها السيدة عائشة، ابنة تقي شاهين كنج باشاه، ناظر الحربية المصري.
379- مسبحة من شجر العود، بثلاث وثلاثين حبة كبيرة وإمامة. العدد: 1. القيمة المقدرة عشرون. أهداها المتسلم [المقاول] عبدالسلام أفندي.
380- معطرة ومبخرة وشادروان من فضة، بفانوسين. [العدد]: 1. شادروان؛ [العدد]: 2 معطرة؛ [العدد]: 3 معطرة. أهداها نواب [الحاكم الهندي] بيغم.
381- غطاء مبخرة من فضة، محفورة الأطراف مع مبخرة بطبلة. [العدد]: 1. القيمة المقدرة سبع ليرات عثمانية. أهداها الشيخ سعيد.
382- قصيدة شريفة، بخط تعليق على ورق من ذهب، محاط بسلسلة من فضة. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. أهداها حمدي أفندي، مدير المالية في طرابزون.
383- قطعة من سيف، مكتوب عليها عبارة "لا إله إلا الله" و[تحتها] "لا سيف إلا ذو الفقار"، وعلى مقبضها "محمد رسول الله" مع أبيات تركية، مع غمد من حديد، مزخرف بالذهب، وفي وسطه قطعة من فضة كتب عليها "من بوابي الحجرة المعطرة عنبر آغا صالح". القيمة المقدرة خمسون[ ليرة عثمانية]. أهداها عنبر آغا صالح.
384- كيس الجزء [يبدو أجزاء القرآن الكريم] مطرز بالفضة. العدد: 3. القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. اسم الواقف غير معلوم.
385- لوحة شريفة من فضة, [مكتوب عليه] "من زار قبري". [العدد]: 1. القيمة المقدرة مائة[ ليرة عثمانية]. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
386- درج من فضة. العدد: 1. القيمة المقدرة عشرون[ ليرة عثمانية]. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].(1/92)
387- شمعدان البخور من فضة أربعة أعداد. العدد: 4. القيمة المقدرة اثنا عشر ليرة عثمانية. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
388- لوحة قديمة من فضة، مكتوب عليها "حلمي أفندي". القيمة المقدرة ليرة عثمانية واحدة. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
389- علاقة بخور من ذهب. العدد: 1. القيمة المقدرة خمسمائة[ ليرة عثمانية]. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
390- سلسلة المفتاح من فضة. [العدد]: 1. القيمة المقدرة أربع ليرات عثمانية. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
391- درج أنتيك، بقطعة واحدة، مزين بالصدف، وفي وسطها كتابة سميكة بالحركات، ما بين السطور مزين بالورود بالطريقة العربية. القيمة المقدرة خمسمائة [ ليرة عثمانية]. وهذا أيضاً [أي اسم الواقف غير معلوم].
لقد تم الكشف عن المواد المحفوظة بالحجرة النبوية الشريفة، من مصاحف وأجزائها الشريفة والأمانات المباركة، واحدة بواحدة، وأجريت المقارنة بينها وبين ما ورد في الدفتر القديم [القائمة السابقة]، فوضعت القيمة المقدرة أمام تلك الأمانات [المقتنيات]، وتمت إعادتها كلها في المواجهة إلى مقرها الشريف من طرفنا، مقرين بمسؤوليتنا عن تسلمها وتسليمها بالكامل. وبناء على ذلك تم [ختم و] تمهير هذه المجلة [القائمة].
[10] رمضان 326 [1هـ].. 23 أيلول 324 [1 رومي]
أمين خزنة الحرم النبوي الشريف محمد راسم
لقد اختتم الكشف على الأمانات الشريفة المذكورة أعلاه، بموجب أصل [القائمة] القديمة. وإننا نقر بحسن الحفاظ عليها، ومسؤوليتنا عنها.
10 رمضان 326[1هـ]. 23 أيلول 324[1]
بواب الحجرة [النبوية] الشريفة بواب الحجرة [النبوية] الشريفة
ياسين آغا، تابع إسحاق آغا عبد الكريم آغا مرجان
بواب الحجرة [النبوية] الشريفة بواب الحجرة [النبوية] الشريفة
ألماس آغا، عبد الله طنطاوي محمد سرور(1/93)
بواب الحجرة [النبوية] الشريفة نقيب آغاوات الحرم النبوي الشريف ... إبراهيم مرجان محمد أمين( بواب الحجرة النبوية) ... مستلم الحرم النبوي الشريف
بلال عنبر
لقد تم الكشف عن المصاحف الشريفة وأجزائها المباركة والأمانات المباركة الواردة في هذا الدفتر، واحدة واحدة، وأجريت المقارنة بينها وبين ما ورد في الدفتر القديم، وتم تسلميها كلها إلى راسم آغا، أمين خزنة الحرم النبوي الشريف، وبما أنها منذ القديم تحت حفظ الآغاوات وصونهم، فقد تم تفهيمهم بمسؤوليتهم تجاه تلك الأمانات، وضرورة حفظها وصونها كما في السابق على أحسن صورة، وبناء على ذلك أعد هذا المحضر.
10 رمضان 326[1هـ].. 23 أيلول 324[1]
كاتب الآغاوات مقيد واردات الحرم النبوي الشريف
السيد إبراهيم أحمد فائق
الكاتب الأول لحسابات الحرم النبوي الشريف متولي حسابات الحرم النبوي
محمد مقصود مسعود محمد عارف بن أحمد نظيف
موظف الحسابات بالحرم النبوي الشريف موظف الحسابات بالخزنة النبوية الشريفة
معمر [؟] بن شكري محمد علي بن مصطفى
موظف الحسابات بالخزنة النبوية الشريفة مدير الحرم النبوي الشريف
حلمي نظام الدين بن عارف
شيخ الحرم النبوي الشريف ومحافظ المدينة المنورة
الأمير لواء
نفيد أن هذه الصورة من الدفتر المنظم بموجب الأصول السابقة للهدايا الكريمة في الروضة النبوية المطهرة لسيد الكائنات، والأمانات المباركة فيها، والذي تم تنظيمه وإرساله من محله [المدينة المنورة] موافق ومطابق للأصل المحفوظ.
27 ذي الحجة 326[1هـ].. كانون الثاني 324[1]
ختمان صغيران [ويبدو أنهما ختما نظارة الأوقاف بإستانبول]
أبو بكر المراغي وكتابه تحقيق النصرة
بتلخيص معالم دار الهجرة: عرض ودراسة
أ.د. عبد الله بن عبدالرحيم عسيلان
أولاً: أبو بكر المراغي
1- اسمه ونسبه:(1/94)
هو أبو بكر بن الحسين بن أبي حفص عمر بن أبي عبد الله محمد بن يونس بن أبي الفخر بن عبد الرحمن بن نجم بن طولو الزين أبو محمد القرشي العبشمي الأموي العثماني المراغي المصري، ويقال: اسمه عبد الله، ووجد بخط الكمال الشمني: المشهور أن اسمه كنيته، ويعرف بابن الحسين المراغي، وربما يقال العثماني، كما ذكر السخاوي في الضوء اللامع(1)، وأشار السخاوي نفسه في التحفة اللطيفة إلى شيء من الخلاف في سلسلة النسب هذه حين ترجم لابنه محمد وبعد أن وصل إلى (ابن طولون) قال: وقيل: بينهما عبد الوهاب بن محمد، ومنهم من جعل بعد عمر بدل محمد (ابن يونس عبد الله بن أبي العز بن نجم بن طولون)(2) (والمراغي) نسبة إلى بلدته (المراغة) في صعيد مصر، وهي ـ كما حدثني الدكتور محمد العدوي عن واحد من أهلها ـ مركز من مراكز محافظة سوهاج، وتبعد عن سوهاج قرابة (17) كيلاً، وتطل على النيل من الناحية الشرقية وتميزت بكثرة الحفاظ لكتاب الله، لكثرة ما فيها من كتاتيب تعليم القرآن، وبها معهد أزهري باسم الشيخ مصطفى المراغي شيخ الأزهر في وقته.
2- نشأته ومسيرته العلمية:
__________
(1) الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (11/28).
(2) التحفة اللطيفة (3/531) وفيها (ابن طولون) بينما في الضوء اللامع (ابن طولو).(1/95)
ولد المراغي بالقاهرة سنة سبع وعشرين وسبعمائة، وكانت القاهرة إبان القرن الثامن وقبله وبعده مهوى أفئدة طلاب العلم والعلماء، وإليها يفد كثير منهم كي ينهلوا من منابع العلم، فهي تعج بالعلماء والمدارس ودور العلم على مر العصور، وحسبك من ذلك الجامع الأزهر الذي كان مصدر إشعاع لعلوم الشريعة الإسلامية واللغة العربية، وينوه بأثره مؤرخ مصر الخطيب المقريزي المتوفى سنة 845هـ حين قال: (لا يزال جامع الأزهر عامراً بتلاوة القرآن ودراسته، وتلقينه والاشتغال بأنواع العلوم: الفقه على المذاهب الأربعة، والحديث والتفسير والنحو ومجالس الوعظ وحلق الذكر ... )(1)
__________
(1) الخطط للمقريزي (3/163)..(1/96)
وفي هذه البيئة العلمية الخصبة نشأ المراغي، ولا غرو إذاً أن يجد فيها بغيته حين تطلع إلى العلم والمعرفة، ولِمَ لا وهو يرى نصب عينيه منابع العلم الثرة في شتى الميادين والعلوم والفنون، وعندما سما قدراً من علم القراءة والكتابة لم يقف به طموحه، أو تقصر به همته عند هذا الحد، بل تطلع إلى المزيد من العلم على أيدي أئمة معروفين مشهورين بتبحرهم في العلم فلازمهم، وتلقى عنهم ما يروي غلته ويطفئ أوار عطشه إلى تحصيل أكبر قدر من العلم في الحديث والفقه والسيرة النبوية، وسمع عن الأئمة الأعلام أهم المصادر في هذه العلوم، وحصل منهم على إجازات بسماعها، ويؤكد ذلك ويوضحه السخاوي حين أشار إلى أنه (اشتغل كثيراً عند التَّقِيّ السبكي، ولازم الأسنوي حتى مهر وأذن له في الإفتاء، ومما قرأه عليه زوائد المنهاج الأصلي له، وحضر دروس الشمس بن اللبان، وأخذ عن الفخر بن مسكين القرافي بأخذه له عن مؤلفه، وسمع من العلاء مغلطاي الحديث، ومما سمعه منه السيرة النبوية من تلخيصه، وسمع على الميدومي المسلسل والغيلانيات، وأجزاء من أبي داود، وسمع على أبي الفرج بن عبد الهادي صحيح مسلم، وعلى ناصر الدين التونسي المالكي سنن النسائي وغيرها، وسمع على مظفر الدين العطار جامع الترمذي، وعلى عبد القادر بن الملوك ثاني الطهارة، كما سمع من ناصر الدين الأيوبي، وصالح مختار، وأحمد بن كشغري، وعبد الرحمن بن معمر البغدادي، وعائشة الصنهاجية، وتواصلت عنده مسيرة السماع والتلقي عن كبار العلماء، فحين استوطن المدينة سمع فيها سنة سبع وخمسين وسبعمائة من ابن سبع، صحيح البخاري، ومن البدر بن فرحون اليسير من الأنباء المبينة(1)،
__________
(1) الضوء اللامع (11/29)..(1/97)
ويبدو أن حظه من السماع والإجازة كان وافراً، وأن ذويه عنوا به وهيؤوه للعلم والتلقي منذ أن كان طفلاً فقد ذكر السخاوي في الضوء اللامع ((أن أول سماعه كان سنة اثنتين وثلاثين، وأجاز له في سنة تسع وعشرين الحجار وأبو العباس المزير، والمزي، وأيوب الكحال، وابن أبي التائب وخلق، انفرد بالرواية عن كثير منهم سماعاً وإجازة في سائر الآفاق))(1) وإذا عرفنا أن المراغي ولد سنة سبع وعشرين وسبعمائة، والسخاوي يذكر أنّ أول سماعه كان سنة اثنتين وثلاثين، والإجازة له سنة تسع وعشرين، فهذا يعني أنه جلس للسماع وهو ابن خمس سنوات، وأُجِيزَ وهو ابن سنتين، وذلك أمر قد يبدو غريباً لمن هو في هذا السن غير أن علماء أصول الحديث ذكروا أن ذلك ممكن، كما ذكر ابن الصلاح في النوع الرابع والعشرين حول معرفة كيفية سماع الحديث وتحمله من كتابه علوم الحديث، فقد أشار إلى حضور الصبيان إلى مجالس الحديث، وصحة سماع الصغير وتحديد ذلك بخمس سنوات(2)، أما الإجازة فيفهم من كلام علماء أصول الحديث أنها لا تخضع لتحديد سن معين(3) وقد أشار المراغي نفسه إلى بعض شيوخه في كتابه تحقيق النصرة، ومنهم أبو السِّيادة عفيف الدين عبد الله بن محمد بن أحمد المطري(4)، وهو ابن صاحب كتاب "التعريف بما آنست الهجرة من معالم دار الهجرة" ومنهم عز الدين بن جماعة الكناني(5)، وهو عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم إمام وفقيه تولى قضاء مصر(6)، وذكر صاحب شذرات الذهب أن أبا العباس ابن الشحنه أجاز له، وكان آخر من حدث عنه في الدنيا بالإجازة(7).
3- مكانته العلمية:
__________
(1) المصدر السابق (11/29).
(2) علوم الحديث لابن الصلاح (ص 114-116).
(3) انظر المصدر السابق (ص140-141).
(4) تحقيق النصرة بمعالم دار الهجرة (ص10).
(5) المصدر السابق (ص63).
(6) انظر التحفة اللطيفة (3/36-38).
(7) شذرات الذهب (7/130).(1/98)
احتل المراغي مكانة علمية رفيعة بما عرف عنه من تضلعه في علوم كثيرة ولاسيما علوم الشريعة من فقه وحديث، إلى جانب عنايته بتاريخ المدينة النبوية، وتشهد بذلك آثاره ومؤلفاته، وما كان من ثناء العلماء عليه، إلى جانب حرص عدد من العلماء وطلاب العلم على الالتقاء به والجلوس إليه والإفادة من علمه، ويمكن إيضاح ذلك فيما يأتي:
أ- ثناء العلماء عليه:
أثنى عليه عدد من العلماء البارزين، ووصفوه بسعة العلم ورسوخ القدم
فيه مما يوحي بتمكنه من علوم عديدة، وانتشار صيته بين أهل العلم، وليس
ذلك بغريب فقد كان حريصاً على نشر العلم وإذاعته بين الناس عن طريق التدريس في الحرمين مكة والمدينة، وعن طريق مؤلفاته المفيدة، وقد جعل له ذلك مكانة في نفوس العلماء، ومنهم شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي المؤرخ والمحدث والفقيه والعالم المشهور المتوفى عام 902هـ فقد تحدث عن المراغي في كتابه الضوء اللامع، وأشار إلى وصفه (بالفقيه الإمام العالم العامل مفتي المسلمين المدرس والمتصدر بالحرم الشريف)(1)، واتفق المؤرخان المشهوران المقريزي والنويري على وصفه بأنه من الفقهاء الفضلاء(2)، ووصفه السمهودي في وفاء الوفا حين ينقل عنه بعبارة لها دلالة على منزلة المراغي في نفسه وهي قوله (ذكره شيخ مشائخنا الزين المراغي)(3).
__________
(1) الضوء اللامع للسخاوي (11/29).
(2) السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي: الجزء الرابع القسم الأول (277،278) والنجوم الزاهرة للنويري (4/125).
(3) وفاء الوفا (1/334).(1/99)
ويتواصل الثناء عليه من أئمة العلم الأعلام، فنجد ابن الجزري محمد بن محمد شيخ القراء في زمانه يثني على كتابه تحقيق النصرة بعد أن قرأه عليه ثم يصف مؤلفه بقوله: الإمام العالم العامل الحبر البحر الفريد الحجة المحقق القدوة مفتي المسلمين زين الملة والدين جمال العلماء العاملين شرف الأعيان والمدرسين(1).
ب- تلاميذه:
عرفنا ما وصل إليه المراغي من مرتبة عالية في العلم وما ناله من حظ
وافر من المعارف والعلوم حتى ذاع صيته وانتشر بين أهل العلم، مما جعله
مورداً عذباً يقصده العلماء وطلاب العلم ينهلون من علمه، ويحرصون على اللقاء به، والقراءة عليه في أمهات كتب العلم، وقد أخذ عنه وسمع منه وتتلمذ عليه عدد من العلماء المشهورين أمثال الحافظ ابن حجر العسقلاني، فقد أشار في كتابه (إنباء الغمر) إلى أنه سمع عليه بمنى وبالمدينة وبمكة(2) وأيضاً خرّج له الحافظ ابن حجر أربعين حديثاً عن أربعين شيخاً(3) كما خرّج له الحافظ جمال الدين بن موسى مشيخة عن شيوخه بالسماع والإجازة، وحدث بها، وتفرد بالرواية عن أكثر شيوخه(4)، ومن تلاميذه ابنه محمد بن أبي بكر بن الحسين المراغي المتوفى سنة تسع عشرة وثمانمائة تفقه على والده وناب عنه في الخطابة والإمامة والقضاء بالمدينة(5).
__________
(1) الضوء اللامع (11/30) ، وانظر ترجمة ابن الجزري فيه (9/255).
(2) إنباء الغُمر لابن حجر (7/129).
(3) انظر المصدر السابق (7/128) وشذرات الذهب (7/130).
(4) إنباء الغُمر لابن حجر (7/128).
(5) التحفة اللطيفة (3/531-534).(1/100)
ومن تلاميذه أحمد بن محمد بن عبد الرحمن ابن الإمام أبي حامد المطري المدني سمع منه سنة خمس عشرة وثمانمائة في البخاري(1)، وكذلك عبد الرحمن بن الحسين بن الزين المدني الشافعي المؤذن بالمسجد النبوي سمع منه سنن ابن ماجه ومؤلفه تاريخ المدينة(2)، وأشار السخاوي إلى بعض من سمع من المراغي فذكر أولاده وسبطه المحب المطري، والفاسي شيخ السخاوي، ومن لا يحصيهم كثرة، ونبّه إلى أن أصحابه بالإجازة معدودون ولا يعلم بالسماع منهم أحداً سوى أبي الفتح بن علبك بالمدينة، وأبي بكر بن مهند بمكة، بل آخرهم بالحضور أبو بكر بن علي بن موسى القرشي، وكتب عنه ابن الملقن قديماً(3)، ومنهم أيضاً محمد بن حسن بن أحمد بن محمد الشمس أبو عبد الله الكردي ثم المقدسي نزيل مكة، توفي في شعبان سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة، وسمع من المراغي بمكة(4).
جـ ـ مؤلفاته:
ترك لنا المراغي مؤلفات عديدة تدور حول السيرة النبوية والتاريخ والفقه وقد أشارت المصادر التي بين أيدينا إلى ما له من كتب في هذه المجالات وهي كما يأتي:
1- روائح الزهر: وهو اختصار لكتاب الزهر الباسم في سيرة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم لمغلطاي.
2- تحقيق النصرة بمعالم دار الهجرة: وهو الكتاب الذي بين أيدينا، وسيأتي الحديث عنه بالتفصيل.
3- اختصار كتاب الحرز المعد لمن فقد الولد: لأبي القاسم عبد الغفار بن محمد السعددي.
4- مرشد الناسك إلى معرفة المناسك.
5- الوافي بتكملة الكافي: وهو تكملة لشرح شيخه الأسنوي على كتاب منهاج الطالبين في فروع الفقه الشافعي، ويقال: إنه شرع فيه في حياته.
6- العمد في شرح الزبد، وهو شرح لكتاب الزبد للبارزي في الفقه.
4- المراغي في المدينة:
__________
(1) التحفة اللطيفة (1/236-237).
(2) المصدر السابق (2/482-483).
(3) الضوء اللامع (11/29).
(4) التحفة اللطيفة (3/556).(1/101)
ولد المراغي بالقاهرة ونشأ بها عام (727هـ) كما ذكر السخاوي، ويبدو أن قلب المراغي تعلق بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فعقد العزم على الرحيل من القاهرة والإقامة بالمدينة، ولم تنص المصادر التي بين أيدينا على السنة التي قدم فيها من القاهرة إلى المدينة للاستيطان بها، ويمكن أن نستنتج ذلك من خلال ما جاء عند السخاوي من الإشارة إلى سماع المراغي في المدينة سنة (757هـ) وما ذكره أيضاً من أنه أقام بها نحو خمسين عاماً(1)،
__________
(1) الضوء اللامع (11/29)..(1/102)
فعلى القول بسماعه في المدينة سنة سبع وخمسين، فهذا يعني أنه كان موجوداً بها في هذا التاريخ، أو قبله، وليس في عبارة السخاوي ما يوحي بأن هذا القدوم للاستيطان أو الزيارة، فإذا كان للاستيطان، فإن إقامته في المدينة تصبح أكثر من الخمسين عاماً التي ذكرها السخاوي في عبارة أخرى له، إذ يكون بهذا الاعتبار قد أقام (59هـ) عاماً، وإذا كان التاريخ الذي أشار إليه السخاوي وهو عام (757هـ) يمثل أول قدوم له لزيارة المدينة، فإن قدومه للاستيطان يكون عام(766هـ) ويكون عمره عندما غادر القاهرة (39) عاماً، وذلك انطلاقاً مما ذكره السخاوي حين حدد إقامته في المدينة بخمسين عاماً، مع الأخذ في الاعتبار بما هو معروف عن تاريخ ميلاده ووفاته كما سبق، وقد وجد المراغي في المدينة حين استوطن واستقرّ بها بغيته، ومهوى فؤداه وقلبه بما لها من مكانة سامية في نفوس المسلمين جميعاً إذ بها مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي تشد إليه الرحال، وحيث البيئة العلمية الخصبة التي تعج بأهل العلم وطلابه في رحاب المسجد النبوي، وتسنى له أن يلتقي بكوكبة من علماء المدينة، ويفيد من علمهم ـ كما مر فيما سبق ـ وصار له في المدينة مكانة علمية بارزة، فقد أصبح محل تقدير العلماء وطلاب العلم، وحرص عدد منهم على الالتقاء به، والإفادة من علمه خاصة بعد أن أصبحت له حلقة درس في المسجد النبوي، وذكر السخاوي أن المراغي تزوج من المدينة وله عدة أولاد، وولي قضاء المدينة، كما تولى الخطابة والإمامة في المسجد النبوي في حادي عشر ذي الحجة سنة تسع وثمانمائة عوضاً عن البهاء محمد بن المحب الزرندي، فسار فيها سيرة حسنة، ثم صرف بعد سنة ونصف في صفر سنة إحدى عشرة بزوج ابنته الرضي أبي حامد المطري(1)
__________
(1) انظر الضوء اللامع للسخاوي (11/ 29) وإنباء الغمر لابن حجر (7/129)..(1/103)
ويبدو أن المراغي حين تسنم ذروة هذه المناصب كان متقدماً في السن، فقد كان عمره وقتها (82) عاماً أي قبل وفاته بما يقرب من ستة أعوام، فقد تولاها في حدود عام (809هـ) ثم توفي عام (816هـ) ولم يمكث طويلاً فيها فقد صُرف عنها بعد سنة ونصف كما ذكر السخاوي، وليس في عبارته ما يوحي بشكل قاطع أنه أعفي منها، أو أنه آثر إعفاء نفسه للظروف القاهرة التي مر بها في غمرة الأحداث التي عاشتها المدينة زمن جماز بن هبه بن جماز بن منصور الذي كان أميراً عليها، والذي انتهز الفرصة في دوامة الصراع على السلطة، فهاجم المدينة، وقام بأعمال النهب والسلب فيها، وتجرأ على سلب ونهب ما يوجد في المسجد النبوي والحجرة النبوية من أشياء قيمة وثمينة، وكان المراغي وقتها هو قاضي المدينة، وهو المسؤول، ولديه مفاتيح الحاصل والحجرة النبيوية، وقد حاول جماز تحقيقاً لمطامعه في النهب والسلب أن يستميل إليه الخدام بالمسجد النبوي، فاستدعاهم غير أنهم امتنعوا عن الحضور إليه، فاتجه إلى المراغي، وطلب منه مفاتيح الحاصل، ولكنه لم يجب طلبه، ورفض تسليمه المفاتيح، وحاول منعه من تحقيق مآربه، غير أن جمازاً لم يلتفت لمنعه، ولجأ إلى القوة، فأخذ المفاتيح منه وأهانه ((وأتى إلى القبة وضرب شيخ الخدام بيده فألقاه على الأرض، وكسر الأقفال، ودخلها ومعه جماعة، فأخذ ما هناك))(1)وقد أورد السمهودي عن ابن حجر ما يفيد أن جمازاً لقي جزاءه لما أقدم عليه، ولم يهنأ بما أخذه من المسجد النبوي حيث لم يعش بعد ذلك سوى شهور قليلة ربما كانت أقل من سنة.
__________
(1) انظر توضيح هذه الحادثة في إتحاف الورى بأخبار أم القرى لابن فهد (3/463) ووفاء الوفا للسمهودي (2/585-587) والضوء اللامع للسخاوي (11/29) والتحفة اللطيفة (1/427-428).(1/104)
إذ ـ كما يبدو ـ أنه أقدم على ما أقدم عليه في حدود سنة إحدى عشرة وثمانمائة، ثم قتل سنة اثنتي عشرة وثمانمائة في حرب جرت بينه وبين أعدائه، فلم يمهل(1) ويظهر أن حب المراغي للمدينة وعشقه لها جعله يُعْنى بمعالمها ويتفاعل معها متأملاً ومحباً ومدققاً وباحثاً ومؤرخاً، وكان من نتاج ذلك كتابه الذي بين أيدينا (تحقيق النصرة بمعالم دار الهجرة).
5- وفاته:
توفي المراغي في المدينة، ودفن في البقيع مستهل ذي الحجة سنة ست عشرة وثمانمائة عن عمر يناهز التسعين عاماً قضاها في طلب العلم وفي حلقات الدرس متعلماً ومعلماً، وفي التأليف رحمه الله رحمة واسعة، وكأن بعض أهل العلم ذهب إلى أنه تغير واختلط في آخر حياته غير أن هناك من تعقب هذا القول ورد عليه، ومنهم التقي بن فهد كما أشار السخاوي(2)، وأبرز من نفى عنه ذلك الحافظ ابن حجر في كتابه إنباء الغمر حين قال: (وكان بعض من يتعصب عليه ينسبه إلى الخرف والتغيير، ولم يقع ذلك، فقد سمعت عليه بمكة سنة خمس عشرة وهو صحيح، وأخبرني من أثق به أنه استمر على ذلك)(3) وكان كلامه هذا قبل وفاته بعام واحد، وله أبيات من الشعر قالها بعد أن تجاوز الثمانين يحمد الله فيها على ما وصل إليه من عمر مديد ونعمة وفضل وعلم أوردها السخاوي في آخر ترجمته وهي قوله:
0@حمدتُ إلهي على فضله
بلغت الثمانين وبضْعاً لها ... وأمثال عصري قضوا بالحِمَام
وقد نلت سمع حديث بها ... ويا حبهذا ببيتٍ حرام
وما كنت أهلاً له قبلها ... وأرجو من الله حسن الختام(4)
)
ثانياً: كتابه تحقيق النصرة: عرض وتحليل
1- الكتاب ونسبته إلى مؤلفه:
__________
(1) انظر وفاء الوفا (2/587).
(2) الضوء اللامع (11/30-31).
(3) إنباء الغمر بأنباء العمر لابن حجر (7/129).
(4) لضوء اللامع (11/31).(1/105)
جاء الكتاب في النسخة الأم والنسخ الأخرى المعتمدة منصوصاً على عنوانه وهو (تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة) ومؤلفه هو (أبو بكر بن عمر بن محمد بن يونس بن أبي الفخر العثماني المراغي الشافعي، ويؤيد ذلك أن المؤلف نص على كتابه في المقدمة، إلى جانب ما جاء في المصادر التي ترجمت للمؤلف، وأشهر من نص على ذلك السخاوي في الضوء اللامع (11/29) حيث قال في ترجمته (وعمل للمدينة تاريخاً حسناً سماه (تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة)، وتبعه في ذلك حاجي خليفة في كشف الظنون (1/378) والبغدادي في هدية العارفين (1/236) وليس ثمّ ما يشكك في صحة الكتاب ونسبته إلى مؤلفه، بل يؤكد ذلك أيضاً النقول الكثيرة التي أوردها السمهودي في وفاء الوفا عن المراغي.
2- سبب تأليف الكتاب ومضمونه وموضوعه:(1/106)
من الكتاب، ومقدمته وموضوعاته يظهر أن المؤلف قصد أن يكون تاريخاً موجزاً لمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتعريفاً ووصفاً مركزاً لمعالمها، ولعل الدافع له على تأليف هذا الكتاب يكمن فيما للمدينة من منزلة سامية في نفسه ونفوس المسلمين جميعاً؛ لما تتمتع به من خصائص ومناقب حباها الله بها فهي دار هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتشرَّفت بمسجده الذي تشد إليه الرحال وتضاعف فيه الصلوات، وهي مأرز الإيمان، إلى غير ذلك مما أفصح عنه المؤلف في كتابه، وإلى جانب ذلك رغبته في الجمع بين مصدرين مهمين ومعتمدين في تاريخ المدينة، وهما: الدرة الثمينة لابن النجار، والتعريف للمطري، مع شيء من التهذيب والتحرير، والإيضاح والإضافة التي يتطلبها المقام ومما فاتهما ذكره، والحديث عنه، حيث أحس بقصور المتأخر منهما عن الإلمام بما ذكره، سابقه ابن النجار من مقاصد ومعالم، كما نبه المؤلف نفسه عن ذلك حين قال: (فهو وإن حرر بسبب تأخره ما أهمله ابن النجار من معاهده قد أخل بكثير من مقاصده(1) .
__________
(1) تحقيق النصرة ص 6.(1/107)
وأَلمّ المراغي في كتابه هذا بجانب ذي بال من تاريخ المدينة؛ حيث تحدث عن فضائل المدينة، وفضل سكانها، وأسماء المدينة، وتناول بشيء من الإيضاح تاريخ المسجد النبوي متحدثاً عن بنائه وما طرأ عليه من زيادات في عصور الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، واستمر في الحديث عن أطوار بناء المسجد إلى عصر الدولة العباسية زمن الخليفة المهدي، وما تلا ذلك إلى عصره، واشتمل حديثه عن المسجد على وصف لمعالمه وقياس المساحة، وحدوده، ومنائره، وأساطينه، ومنبره، وخوخه، وأبوابه، وتناول ما جرى للمسجد من أحداث كالحريق، وما تم فيه من تعديلات وتحسينات في بنائه، وفي إطار حديثه عن المسجد النبوي تطرق إلى ذكر آداب تتعلق به، ثم آداب الزيارة، وتلا ذلك حديث عن وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ووفاة صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وأفرد عنواناً يتحدث فيه عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه شيء من التجاوزات والأخطاء التي تم التنبيه عليها في مواضعها، ثم أتبع ذلك بالحديث عن حياة الأنبياء، ومنه انتقل إلى ذكر معالم المدينة، فتحدّث عن البقيع، وفضله ومن دفن فيه من الصحابة رضوان الله عليهم، وكان لمساجد المدينة نصيب وافر من الكتاب، إذ عمد إلى التعريف بها سواء أكان منها ما هو مشهور في الغزوات، أم كان مما عُرِفتْ جهته ولم تعرف عينه، أم المساجد التي نُقِل أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيها بين مكة والمدينة وتبوك، وتناول في حديثه هذا ما يقرب من (48) مسجداً، وقد حاول التعريف بهذه المساجد وحدد مواقع بعضها، ووصفها، وأورد بعض ما جاء حولها من أحاديث وآثار، ومن المواضع والمعالم التي تحدث عنها أيضاً وعرّف بها الآبار والعيون والأودية، منها ما يقرب من أربعة عشر بئراً وعيناً، وستة أودية، ثم تحدث عن صدقات النبي صلى الله عليه وسلم، وبعض الحصون، وخص الخندق، وحدود الحرم بفصل لكل منهما، وتناول في الفصل الرابع خصائص المدينة، وفي الفصل(1/108)
الخامس أشار إلى ما يؤول إليه أمرها وأمر مسجدها، ثم جاءت الخاتمة مشتملة عن فصلين الأول في فضل الموت بالمدينة والثاني في ذكر بعض ما يشوّق إليها من الأشعار.
3- أهمية الكتاب وقيمته في تاريخ المدينة:
ألف المراغي كتابه هذا لكي يكون تاريخاً مختصراً ومركزاً وواضحاً
للمدينة النبوية ومعالمها، وجمع فيه بين محاسن من تقدمه ممن ألف في تاريخها، وبين ما أضافه إليه من الشوارد والفوائد التي وقف عليها ولم يتناولها من سبقه، ولقي صنيعه هذا استحساناً من العلماء والمؤرخين، ومنهم السخاوي الذي قال عنه (عمل للمدينة تاريخاً حسناً سماه تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة)(1)وأشار إلى عناية العلماء به وحرصهم على قراءته وسماعه من مؤلفه، ثم أورد ثناء عاطراً على الكتاب لابن الجزري الذي قرأه على مؤلفه، وأعجب به، وعبّر عن ذلك بقوله: (إنه ملأ العيون، وشنّف المسامع، فهيّج لي بذلك المغنى طرباً، وجدد الأشواق أرباً، وأدار على مسمعي مدامة توشحت حبباً، فقلت والقلب يقوم شوقاً، ويقعد أدباً:
أقول لصحبي عند رؤية طيبة ... وقد أطرب الحادي بأشرف مرسل
خليليّ هذا ذكره ودياره ... قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
وسمعه منه المحدث الشريف القدسي، وقف عليه القاضي ناصر الدين بن الميلق وقال:
وقف ابن ميلق الفقير على الذي ... أعيت أماليه النهى إعياء
فتقاصرت عن شأوه مداحه ... ولقد سموا نحو السماء ثناء(2)
وإلى جانب ماذكرته يمكن أن نتبين أهمية الكتاب وقيمته في تاريخ المدينة مما يأتي:
1- أن مؤلفه من العلماء المشهود لهم بتبحرهم في العلم، ولا سيما العلم الشرعي كما عرفنا في ترجمته.
__________
(1) الضوء اللامع (11/ 29).
(2) المصدر السابق (11/30).(1/109)
2- أن المؤلف جمع في كتابه هذا بين كتابين يعدان من أشهر مصادر تاريخ المدينة وهما الدرة الثمينة في أخبار المدينة لابن النجار، والتعريف بما آنست دار الهجرة من معالم دار الهجرة للمطري، ولم يقتصر عمله على مجرد الجمع، بل تأمل في الكتابين وعمل على تهذيبهما، وأضاف إلى ما أخذه منهما إضافات عديدة في وصف المعالم وتحديدها وتاريخها، وما وقع فيها من أحداث، وما طرأ على المسجد النبوي والمعالم الأخرى من أطوار وتجديد مما لم يتطرق إليه من سبقه، وجاءت هذه الإضافات والزيادات فيما يقرب من (105) موضع في الكتاب وقد ميّزها المؤلف ببعض العبارات التي تدل عليها مثل قوله (قيل كذا، أو نقل كذا، أو نقل عن فلان كذا، وينبغي أن يعلم) ومن يتأمل هذه الزيادات والإضافات في الكتاب يجد أنها تشمل جل موضوعاته، وبعض هذه الإضافات يأتي في سطور، وحيناً قد تستغرق أكثر من صفحة كما حدث فيما يتعلق بزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم (ص161)، وكذلك التنبيه الثاني حول حياة الأنبياء جاء في أكثر من صفحة، وهو فصل جديد لا يوجد عند ابن النجار، أو عند المطري، وكذلك الشأن فيما تحدث به المؤلف عن صدقات النبي صلى الله عليه وسلم.
3- اعتمد المؤلف في كتابه على مجموعة قيمة من المصادر في تاريخ المدينة، وبعض هذه المصادر مفقود لا أثر له ولا نملك منها إلا ما ورد عنها من نقول في المصادر المتأخرة عنها، ومنها كتاب المراغي، فقد أورد فيه نقولاً عديدة عن كتاب أخبار المدينة ليحيى بن الحسن العلوي المتوفى سنة 277هـ، أو 278هـ ونقل عنه في (26) موضعاً، ونقل أيضاً عن تاريخ المدينة لابن زبالة في (92) موضعاً، ونقل عن أخبار دار الهجرة لرزين العبدري في (32) موضعاً وهذه الكتب كلها مفقودة، فيكون بذلك حفظ لنا نصوصاً كثيرة منها، ويسر لنا الاطلاع على ما جاء فيها مما يتعلق بجوانب عديدة في تاريخ المدينة.(1/110)
4- عناية العلماء بكتابه، وحرصهم على قراءته وسماعه من مؤلفه وروايته عنه، وطلب الإجازة حوله، ويظهر ذلك مما أشار إليه السخاوي في الضوء اللامع(1)، وكذلك مما جاء في آخر النسخة التي اعتمدت عليها في تحقيق الكتاب، حيث جاءت مذيلة بسماعات وقراءات لعدد ليس بالقليل من العلماء المعروفين، ولا شك أن في ذلك دليلاً على أهمية الكتاب وقيمته.
5- إن من جاء من العلماء والمؤرخين الذين عنوا بتاريخ المدينة أفادوا من كتاب المراغي، وكان من مصادر بعضهم، ومن أبرزهم وأشهرهم السمهودي مؤرخ المدينة المشهور صاحب وفاء الوفا، فقد اطلع على كتاب المراغي وأفاد منه، وأخذ عنه، واهتم به وناقشه في بعض ما ذهب إليه، وجاء ذلك في مواضع عديدة من كتابه وفاء الوفا، فيما يقرب من (34) موضعاً حول المسجد النبوي، وصورة القبور، ومسجد قباء، ومسجد الفسح، وحرة شوران، ووادي مهزور، والحديث عن السّنح، والتوسل. ويمكن أن أشير هنا إلى تلك المواضع من وفاء الوفا ففي المجلد الأول (ص 334-335-343-347-371- ومن المجلد الثاني ص 404-407-408-492-493-525-558-560-562-567-571-572-583-613-686- ومن المجلد الثالث ص 804-809-848-993-1019-1025-1077- ومن المجلد الرابع ص 1237-1240-1371-1394).
ومن دلائل تقدير السمهودي للكتاب وقيمته ومكانة مؤلفه نجده يمهد لبعض النقول منه بقوله (ذكره شيخ مشايخنا الزين المراغي 1/334).
6- أن المؤلف وقف على بعض المعالم وتحدث عنها، ووصفها مشاهدة وعياناً وتابع ما طرأ على معالم المدينة من أطوار وأحوال وأحداث إلى عصره في أوائل القرن التاسع الهجري.
4- منهج الكتاب وأبرز سماته وملامحه:
__________
(1) الضوء اللامع (11/29-30).(1/111)
الذي يتأمل الصفحات الأولى من مقدمة الكتاب يحس أن المراغي يتطلع منذ البداية إلى وضع المنهج السليم الذي سار عليه في كتابه؛ حيث نوّه في المقدمة إلى أنه عمد إلى الجمع بين كتابي ابن النجار الدرة الثمينة، وكتاب المطري التعريف لما أحس به من تقصير الثاني منهما في ذكر ما جاء عند سابقه من أخبار ومقاصد ومعالم، فاتّجه إلى إكمال النقص في الكتابين سالكاً في ذلك نهج من ذيّل مع تحرير عبارة، وتنقيح إشارة، ثم ضم إليهما ما اقتنصه من سوانح وشوارد، وفرائد الفوائد مما لم يذكراه، وعظم عند الخاصة وقعه، وربما ألجأته الرغبة في الترتيب والتنسيق إلى شيء من التقديم والتأخير والحذف مما فيه تطويل أو تكرير، وبما أن المؤلف جاء بإضافات وزيادات على جهود من سبقه، فإنه رغب في تمييز جهوده، ووضع علامات تدل على ما أضافه أو زاده، واصطلح على أن يكون استهلاله لكل إضافة بقوله (قيل كذا، أو نقل كذا، أو نقل فلان كذا، أو ينبغي كذا ثم يختم كلامه بقوله: والله أعلم) ((ليكون هذا الفرع لما حواه الأصل جامعاً منفرداً بفوائد جليلة))(1).
ويمكن توضيح أبرز سمات الكتاب وملامح منهجه فيما يأتي:
1- يفسر بعض الألفاظ الواردة فيما يسوقه من أحاديث كما جاء في الصفحة رقم 8-9-12-22-29-37.
2- لا يقوم بالحكم على الأحاديث التي تحتاج إلى حكم مما لم يرد في الصحيحين البخاري ومسلم إلا في القليل النادر كما فعل في حديث الأربعين صلاة (ص26) حين قال: أورده الحافظ المنذري ورواته رواة الصحيح، والغالب أنه ينوه في صدر الحديث بالمصدر الذي ورد فيه، فكثيراً ما يقول: روينا في الصحيحين، أو في صحيح البخاري، أو في صحيح مسلم كما جاء مثلاً :(ص13).
3- يذكر أحياناً أكثر من رواية للحديث في الموضوع الواحد كما جاء (ص10-11-14-15) وبعض هذه الروايات عن ابن زبالة، ويأتي ببعض الروايات أحياناً مدعومة بما يقويها من الصحيحين كما جاء (ص29).
__________
(1) انظر مقدمة الكتاب (ص6-7).(1/112)
4- يحذف أسانيد ما يذكره من أحاديث، ولكنه ينوه بأن المصدر الذي أخذ عنه رواه بالسند، فنجده يقول في أكثر من موضع: روى ابن النجار بسنده كما جاء على سبيل المثال (ص35).
5- ينبه على بعض الأحكام الفقهية التي تتعلق ببعض المعالم التي يتحدث عنها كما هو الشأن في حديثه عن المسجد النبوي (ص32) حول حكم النافلة.
6- يستخدم ثقافته في أصول الفقه عند حديثه عن بعض المعالم كما هو
الشأن في كلامه عن الروضة، والقول باتساعها إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم (ص38).
7- لا يفوته ذكر الأقوال المتعددة التي ترد في المسألة، كما حدث في ذكر قدوم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة (انظر ص45-46) وكذلك الشأن حول بعض المعالم حيث نجده أحياناً يذكر أكثر من اسم لها، كما فعل مثلاً في حديثه عن أُطم مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري، فبعد أن ذكره قال: ونقل ابن زبالة أن اسمه الأجرد (ص244).
8- محاولة تحديد بعض المواضع بذكر أكثر من وجهة نظر مع الميل إلى أحداها أو ترجيحه، كما فعل في حديثه عن بئر أبي أيوب، فبعد أن ذكر أكثر من تحديد قال: ولعل الأولى أقرب إلى المراد والله أعلم (ص67-68).
9- وَصَف بعض المعالم وما جرى عليها من أحداث وتجديد وبناء وصف عيان ومشاهدة، كما فعل في الحديث عن حريق المقصورة مع حريق المسجد النبوي ولا يكتفي بذلك بل يتأكد حول بعض ما يقرره مشاهدة من خلال سؤال بعض شيوخ العلم من أهل الحرم، انظر مثلاً (ص73-83).
10- التحقيق في تواريخ بعض الأعمال التي تمت في المسجد النبوي أو في المدينة عموماً، كما فعل في تاريخ زيادة عثمان في المسجد النبوي وتحديد وقتها وزمنها انظر (ص73).
11- يحاول أن يبدي ما يراه حول حدود ونوعية المواد المستخدمة في البناء. انظر (ص74).(1/113)
12- القيام بتحديد مساحات المسجد النبوي بالذراع مع الإشارة إلى ما في ذلك من أقوال، ومحاولة الجمع بينها، مع الاستدراك على من سبقه في ذلك كابن النجار ويبدو شيء من ذلك في حديثه عن مساحة المسجد النبوي، ويعتمد في ذلك على سؤال أهل الخبرة، ثم ما يقوم به هو نفسه من قياس للتأكد مما قيل عند بعض المؤرخين، ويفصح عن ذلك بقوله:واعتبرت ذرعه. انظر (ص 86-87-92).
13- لا يفوته التنبيه على بعض المظاهر البدعية التي يقوم بها بعض الناس عند بعض المعالم في المسجد النبوي، مع الإشارة إلى ما يؤول إليه أمرها في عصره، كما حصل في حديثه عن الجذع (ص97).
14- يعقب على ابن النجار، ويذكر رأيه فيما قاله، ويصرح بعدم موافقته له، وجاء ذلك في أكثر من موضع. منها نقده لما ذكره ابن النجار حول الجذع في الدرة الثمينة حيث عقب عليه بقوله: قلنا هذا فيما قبل حريق المسجد يمكن تسليمه، أما بعده فلا. انظر (ص235-236).
15- يحرص على ذكر تواريخ الأحداث والأعمال والمعالم التي تشيد في المسجد النبوي، والمدينة بعامة، وهذا واضح في كل موطن يستدعي ذلك.
16- يحكي بعض المظاهر التي تحدث، أو تقام لبعض المناسبات في المسجد النبوي مثل تزيين أبواب المسجد بالستائر. انظر (ص103-104).
17- يحاول أحياناً أن يربط بين السابق واللاحق من الأحداث، أو الأعمال مما ورد في كتابه وتطرق له في موضع سابق، كما حصل في سياق حديثه عن بيت فاطمة رضي الله عنها حين قال: وقد سبق أن عمر بن عبد العزيز أدخل بعض هذا البيت فيما حوّطه على الحجرة الشريفة (ص117).(1/114)
18- لا يكتفي بمجرد النقل عن السابقين، بل نجده أحياناً يعقب على ما ينقله بما يوضح موقفه منه، كما جاء في حديثه عن أبواب المسجد حين قال: (وينبغي أن يحمل ما سبق نقله من أنه لم يُغير عن جهة موضعه، وإلا فيخالف هذا والله أعلم انظر (ص 118-119)، بل نراه يعلن أحياناً اعتراضه صراحة، كما حصل في حديثه عن الباب الثامن من أبواب المسجد وما قيل من دخول مروان منه، حين قال: وينبغي الاعتراض. انظر (ص124)، وقد نقل السمهودي في وفاء الوفا هذا الاعتراض عنه وناقشه (2/705)، وتكرر عند المؤلف مثل هذا التعقيب انظر مثلاً (ص 83-129-130-253) حيث عقب على ابن النجار وعلى المطري في بعض ما ذكراه.
19- التنويه بما يحدث من تجديد، أو تطور لواقع بعض المعالم في المسجد النبوي، أو في غيره من معالم المدينة عبر العصور إلى عصره، كما فعل في حديثه عن الحجرة الشريفة حين نبه على ما كان من إضافة باب رابع (ص 130-131) مع الإشارة إلى من قام بذلك من الحكام والأعيان، كما حصل في تجديد رخام الحجرة النبوية الشريفة. انظر (ص83)، وانظر (ص293) حول بئر رومة.
20- لا يفوته التنبيه بوجهة النظر المخالفة لبعض ما يعرضه حول ما يقام من معالم، كما فعل في حديثه عن بناء القبة على قبر عثمان بن عفان رضى الله عنه، فبعد أن ذكر أن الباني لها أسامة بن سنان. عقب فقال: ونقل أبو شامة أن الباني لها عز الدين بن سلمة. والله أعلم (ص 208).
21- يستشهد بما ورد من أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم حول بعض ما يذكره من معالم المدينة، كما جاء في العقيق، وأحد، والمسجد النبوي، والمنبر وغيرها.(1/115)
22- يسعى إلى تحديد المعالم التي يرد ذكرها عنده معتمداً في بعض الأحيان على ما يأخذه من شيوخه عنها، أو من بعض المصادر، وقد يورد حول بعضها أكثر من تحديد مأثور حولها كما فعل في التعريف بجبل ورقان (ص 215)، ولا يغفل عن ذكر بعض ما تتميز به بعض المعالم عند وصفها، كما أشار إلى وجود العسل في ورقان (ص 215).
23- يشير إلى بعض الأحداث التاريخية، أو الغزوات المتعلقة ببعض المعالم، كما فعل في حديثه عن أحد والخندق (ص217-330).
24- يسعى إلى تحديد المسافة بين المدينة وبين بعض المعالم بالميل، أو ما يقابله كالفرسخ، كما صنع في مواضع عديدة منها تحديده لمسافة مشهد حمزة رضي الله عنه (ص221).
25- يشير إلى الاسم المشهور والمأثور لبعض المساجد أو المعالم، ثم يردفه بما يعرف به عند الناس في وقته، كما فعل مثلاً في مسجد بني ظفر حين قال: ويعرف اليوم بمسجد البغلة (ص 225-226-227).
26- يصرح أو يفصل في بعض ما يأتي عند المطري على سبيل الإجمال أو العموم، كما يظهر من بعض تعقيباته عليه، ومنها ما جاء (ص 236) حين ذكر كلام المطري عن المسجد الذي يقع على ثنية الوداع، فقال المراغي معقباً: وكأنه يريد المسجد المعروف بمسجد الراية.
27- ينبه على بعض الآثار التي اندثرت، أو لها بقايا إلى عصره، وجاء ذلك في أكثر من موضع منها: ما جاء في حديثه عن أطم مالك بن سنان: قال عنه: وبعضه باق اليوم (ص 244)، وكذلك في حديثه عن مسجد بدر (ص 279) وعن بئر بضاعة (ص 293)، وغيرها.
28- ينبه على سبب تسمية بعض المعالم، كما فعل في حديثه عن حرة واقم (ص 248)، وكذلك في سبب تسمية العقيق (ص 309-310).
29- يمعن النظر في أسماء بعض المعالم، ويحمل بعضها على شيء من التقدير الذي يظهر له كما فعل في حديثه عن رانوناء حين أشار إلى عوساء، وقدر أنها ربما تكون حوساء على وجه التقدير وليس الجزم (ص 315).(1/116)
30- يقارن بعض الأحيان بين ما جاء عند ابن النجار وما جاء عند المطري من نصوص، ويشير إلى ذلك في أكثر من موطن بقوله: نقله ابن النجار وتبعه المطري (ص 348)، أو بين رزين وابن النجار (ص 217) وانظر (ص297).
5- مصادره:
اعتمد المراغي في كتابه هذا على مصادر عديدة وقيمة، منها ما هو مفقود كما أشرت في الحديث عن أهميته، ويظهر أنه اعتمد كثيراً على كتابين سابقين في تاريخ المدينة، وهما كتاب ابن النجار والمطري، وسبقت الإشارة إلى أنه لم يكتف بمجرد النقل عنهما، بل أضاف إليهما إضافات كثيرة وعقب عليهما فيما يحتاج إلى تعقيب وتحرير، كما أفاد من بعض المصادر القديمة في تاريخ المدينة، وبعضها مفقود مثل كتاب ابن زبالة، ويحيى، ورزين العبدري، وفي نقوله عنها ما يوحي بأنه اطلع عليها، وهناك مصادر عديدة ورد ذكرها عنده وأفاد منها في الحديث والتاريخ، والفقه، واللغة، والسيرة ومعاجم البلدان، ومنها صحيح البخاري ومسلم، وسنن أبي داود، ومعجم الطبراني، وسنن النسائي، وسنن ابن ماجه، والترمذي، والسيرة لابن إسحاق، وشفاء السقام للسبكي، والتلخيص في الفقه الشافعي، والكامل للمبرد، والصحاح للجوهري، ومعجم ما استعجم للبكري، ومعجم البلدان لياقوت الحموي، وترتيب المدارك للقاضي عياض، وسير الروضة للنووي، وشرح مسلم للنووي، والأحكام الصغرى لعبد الحق، وتحفة الزائر لابن عساكر. والله ولي التوفيق. ... ...
أ.د. عبد الله بن عبدالرحيم عسيلان
أستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
تقرير حول
"تطور كتابة المصحف الشريف وطباعته
وعناية المملكة العربية السعودية بطبعة ونشره"
أ. د. محمد سالم بن شديد العوفي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:(1/117)
فقد عرفت العرب الكتابة في جاهليتها وعدَّتها شرطاً في كمال الرجل العربي، مثلَ معرفة السباحة والرماية وركوب الخيل، وتعود معرفتُهم بالكتابة إلى اتصالهم بالأمم المتحضرة في بلاد اليمن وتخوم الشام، عندما أنشؤوا ممالكهم على أطراف تلك البلاد، وكانت مملكة النَّبَط إحدى هذه الممالكِ التي قامت على أطراف بلاد الشام، في الناحية الشمالية الغربية من شبه الجزيرة العربية (169ق.م-106م)، واتخذت البتراء ((سلع)) عاصمة لها، وكانت لهم صِلاتٌ بالآراميين؛ فتأثروا بهم، وتحدَّثوا لغَتَهم، واستنبطوا لأنفسهم خطّاً خاصاً بهم عُرف بالخط النَّبطي، اشتق منه عربُ الشَّمال خطهم الأولَ، فعرف الخط الأنباري، والخط الحيري، أو الخط المدوّر، والخط المثلث.
وفي الحجاز، حيث كان يحتكر أهل الكتاب معرفة الكتابةِ عُرف خط التِّئم؛ أو الجَزْم. وعندما ظهر الإسلامُ أصبحت الكتابةُ وسيلة هامة من وسائل نشر الدين، وضرورة من ضرورات الحكم.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمة أميَّة، لا تكاد تعرف القراءة والكتابة إلا نزراً يسيراً. قال تعالى: {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبين}.
فشجع صلى الله عليه وسلم أصحابَه على تعلُّم الكتابِة، وسلك في ذلك وسائلَ مختلفةً، حتى إنه اشترط لفكاك الأسير من قريش في بدرٍ تعليمَ عشْرة مِن صبيان المدينة الكتابةَ؛ فراجت الكتابةُ في عصره صلى الله عليه وسلم، حتى بلغ عدد كتاب الوحي أكثرَ من أربعين كاتباً.(1/118)
وتعدُّ الحجاز أولَ بلاد العرب معرفةً للكتابة، وكانت قريشُ في مكةَ، وثقيف في الطائف أكثرَ القبائل شهرةً بها، ومن أبنائهما اختير كتابُ صحف أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه يقول، كما روى جابرُ بنُ سَمُرَةَ: لا يُمْلِيَن في مصاحفنا هذه إلا غِلمانُ ثقيف. وعندما جمع عثمانُ بن عفانَ رضي الله عنه مصاحفهُ قال: اجعلوا المُمْلِيَ من هذيلٍ، والكاتبَ من ثقيف.
كان القرآن الكريم يتنزل منجَّماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيحفظُه ويبلِّغُه للناس، ويأمرُ بكتابته، فيقول: ضعوا هذه السورة بجانب تلك السورة، وضعوا هذه الآية بإزاء تلك الآية. فيُحفظ ما كُتب في منزله صلى الله عليه وسلم، بعد أن ينسخَ منه كتّابُ الوحيِ نسخاً لأنفسهم.
وكُتب القرآن الكريم في العسب واللخاف، والرّقاع، وقِطع الأديم، وعظام الأكتاف، والأضلاع.
ومن الصحابة من اكتفى بسماعه من فيه صلى الله عليه وسلم فحفظه كله، أو حفظ معظمه، أو بعضاً منه، ومنهم من كتب الآيات، ومنهم من كتب السورة، ومنهم من كتب السور، ومنهم من كتبه كلَّه. فحُفظ القرآن في عهده صلى الله عليه وسلم في الصدور وفي السطور.
وكُتب القرآن الكريم كاملاً في عهد النبوة إلا أنه لم يُجمع في مصحف واحدٍ لأسباب منها: ما كان يترقبه صلى الله عليه وسلم من زيادَةٍ فيه، أو نَسْخ مِنه، ولأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يعتنون بحفظه واستظهاره أكثر من عنايتهم بكتابته.(1/119)
وفي السنة الحاديةَ عشرةَ من الهجرة وقعت معركةُ اليمامةِ المشهورةُ بين المرتدين، والمسلمين، واستحرَّ القتل في المسلمين، واستشهد منهم سبعون من القرَّاء؛ فارتاع عمر بن الخطاب، وخاف ذهابَ القرآن، بذهابِ هؤلاء القرَّاء، ففزع إلى أبي بكر الصديق، وأشار عليه بجمع القرآن، فخاف أبو بكر أن يضع نفسه في منزلة من يزيدُ احتياطُه للدين على احتياط رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما زال متردداً حتى شرح الله صدره، واطمأن إلى أن عملَه مستمدٌ من تشريع رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابة القرآن.
وكان زيدُ بن ثابت مداوماً على كتابة الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهِد العرضةَ الأخيرةَ للقرآن، وكان ذا عقل راجح وعدالة ورويَّة، مشهوداً له بأنه أكثرُ الصحابة إتقاناً لحفظ القرآن، وأداءً لقراءته، وضبطاً لإعرابه ولغاته؛ فوقع عليه الاختيار رغم وجود من هو أكبر منه سناً، وأقدمُ إسلاماً، وأكثر فضلاً.
يقول زيد: ((فو الله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقلَ عليَّ مما أمرني به من جمع القرآن)). فشرح الله صدَر زيدٍ كما شرح صدر أبي بكر، ورغم حفظه وإتقانه، إلا أنه أخذ يتتبعُ القرآن، ويجمَعه من العسب واللخاف والرقاع وغيرها، مما كان مكتوباً بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن صدور الرجال، وكان لا يكتب شيئاً حتى يشهدَ شاهدان على كتابته وسماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فرتبه على حسب العرضة الأخيرة التي شهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبقيت هذه الصحفُ في رعاية أبي بكر، ثم في رعاية عمر، ثم عند أم المؤمنين حفصة، حتى أُحرقت بعد وفاتها رضي الله عنها.
اتسعت الفتوح، وانتشر الصحابة في الأمصار، وأصبح أهل كلِّ مِصرٍ يقرؤون بقراءة الصحابي الذي نزل في مصرهم؛ ففي الشام بقراءة أبي بن كعب، وفي الكوفة بقراءة عبد الله بن مسعود، وفي البصرة بقراءة أبي موسى الأشعري.(1/120)
وكان مِن الصحابة الذين استقروا في البلاد المفتوحة مَن لم يشهدْ العرضة الأخيرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقفْ على ما نُسخ من أحرفٍ وقراءات في هذه العرضة، بينما وقف صحابة آخرون على ذلك، وكان كلُ صحابي يقرأ بما وقف عليه من القرآن، فتلقى الناسُ عنهم ذلك، فاختلفت قراءاتُهم، وخطَّأ بعضُهم بعضاً.
وفي فتح أذربيجانَ وأرمينيةَ، في السنة الخامسةِ والعشرين من الهجرة اجتمع أهلُ الشام والعراق، فتذاكروا القرآنَ، واختلفوا فيه، حتى كادت تقع الفتنةُ بينهم، فكان حذيفةُ بن اليمان مشاركاً في هذا الفتحِ؛ فَذُعِر ذُعْراً شديداً، وركِب إلى عثمان في المدينة، ولم يدخل دارهَ حتى أتى عثمان، فقال له: ((يا أميرَ المؤمنين أدرك الناسَ. قال: وما ذاك؟! قال: غزوت مَرْج أرمينيةَ، فإذا أهلُ الشام يقرؤون بقراءة أبي بن كعب، فيأتون بما لم يسمع أهلُ العراق، وإذا أهل العراق يقرؤون بقراءة عبد الله بن مسعود، فيأتون بما لم يسمع به أهلُ الشام، فيكفرُ بعضُهم بعضاً)).
وكان عثمانُ قد وقع له مثلُ ذلك، حتى إنه خطب في الناس، وقال لهم: أنتم عندي تختلفون فيه وتلحنون، فمن نأى عنى من أهل الأمصار أشدُ فيه اختلافاً، وأشدُ لحناً، اجتمعوا يا أصحابَ محمد، واكتبوا للناس إماماً.
وكتب عثمانُ إلى حفصةَ: أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخُها في المصاحف، ثم نردُّها إليك، فأرسلت بها.
يقول زيد بن ثابت: فأمرني عثمان بن عفان أن أكتب مصحفاً، وقال: إني مُدخلٌ معك رجلاً لبيباً فصيحاً، فما اجتمعتما عليه فاكتباه، وما اختلفتما فيه فارفعاه إليّ.
وفي رواية عن مصعبِ بن سعدٍ: فقال عثمانُ: من أكتبُ الناس؟ قالوا: كاتبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدُ بن ثابت. قال: فأيُّ الناس أعربُ وفي رواية أفصحُ ـ؟ قالوا: سعيدُ بن العاص. قال: فليمل سعيدٌ، وليكتب زيدٌ.(1/121)
اختلفت الروايات في عدد المصاحف التي كتبها عثمانُ، فالمشهور أنها خمسةٌ، وورد أنها أربعةٌ، وورد أنها سبعةٌ، بعث بها إلى مكةَ، والشامِ، واليمنِ، والبحرينِ، والبصرةِ، والكوفةِ، وأبقى واحداً بالمدينة سُمي ((المصحفَ الإمامَ)).
أمر عثمان بما سوى المصحف الذي كتبه والمصاحفِ التي استكتبها منه أن تحرق.
وهكذا كان الجمعُ الثاني للقرآن الكريم في عهد عثمانَ رضي الله عنه، أشرف عليه بنفسه، بمشاركة كبارِ الصحابة رضوانُ الله عليهم، وموافقِتهم وإجماعهم. فجمع بهذا العمل الجليل كلمة المسلمين، وحسم ما ظهر بينهم من خلاف.
كُتبت مصاحف عثمانَ خالية من النقط والشكل؛ حتى تحتملَ قراءتُها الأحرفَ السبعةَ التي نزل بها القرآنُ الكريم، وعندما أرسلها إلى الأمصار رضي بها الجميعُ، ونسخوا على غرارها مصاحفَ كثيرةً خاليةً من النقط والشكل. واستمروا على ذلك أكثر من أربعين سنة.
وخلال هذه الفترة توسعت الفتوح، ودخلت أممٌ كثيرة لا تتكلم العربيةَ في الإسلام؛ فتفشت العجمةُ بين الناس، وكثرُ اللحنُ، حتى بين العرب أنفسهم؛ بسبب كثرة اختلاطهم ومصاهرتهم للعجم، ولما كان المصحف الشريف غيرَ منقوط خشي ولاةُ أمر المسلمين عليه أن يتطرق إليه اللحنُ والتحريف.(1/122)
وكان أولَ من التفت إلى نقط المصحف الشريف زيادُ بن أبيه؛ الذي طلب من أبي الأسود الدؤلي أن يضع شيئاً يصلح به كلامَهم ويعربون به كتابَ الله فاختار أبو الأسودِ رجلاً من عبد القيس، وقال له: ((خذِ المصحفَ، وصبغاً يخالف لونَ المداد، فإذا رأيتَني فتحت شفتي بالحرف فانقط واحدة فوقه، وإذا كسرتُها فانقط واحدة أسفَلهَ، وإذا ضَمَمْتُها فاجعل النقطةَ إلى جانب الحرف (أي أمامه)، فإذا أتبعت شيئاً من هذه الحركات غنة (أيْ تنويناً)، فانقط نقطتين)). فأخذ أبو الأسودِ يقرأُ المصحفَ بالتأني، والكاتبُ يضع النقْطَ، واستمر على ذلك حتى أعرب المصحفَ كلَّه، وكان كلما أتم الكاتبُ صحيفةً، أعاد أبو الأسودِ نَظرةَ فيها.
وجاء تلاميذُ أبي الأسود بعده، وتفننوا في شكل النقطة؛ فمنهم مَن جعلها مربعةً، ومنهم من جعلها مدورةً مطموسة الوسطِ، ومنهم من جعلها مدورة خاليةَ الوسط.
وقد تطور هذا النقطُ فيما بعدُ على يد إمام اللغة في عصره الخليلِ بن أحمدَ الفراهيديِّ على هيئةٍ تميزت بالوضوحِ وسهولة الفهمِ، وكان هذا النقط يُسمى شكلاً، أو ضبطاً؛ لأنه يدل على شكل الحرف وصورتهِ، وما يعرض له من حركة، أو سكون، أو شد، أو مد، ونحو ذلك.
أما نقط الإعجام، فهو ما يدل على ذات الحرف، ويميز المتشابهَ منه؛ لمنع العجمةِ، أو اللبسِ. كحروف الباء والتاء والثاء والياء، والجيم والحاء والخاء والراء والزاي، والسين والشين، والعين والغين، والفاء والقاف، ونحوها مما يتفق في الرسمِ ويختلف في المعنى، فقد دعت الحاجةُ إليه عندما كَثرُ الداخلون في الإسلام من الأعاجمٍ، وكثرُ التصحيفُ في لغة العرب، وخيف على القرآن أن تمتدَ له يدُ العبث.(1/123)
واختلفت الآراءُ في أولِ من أخذ بهذا النقط، وأرجَحُها في ذلك ما ذَهَب إلى أن أولَ من قام به هما: نصرُ بن عاصم، ويحيى بن يَعْمَر؛ بأمر من الحجاج بن يوسف الثقفي (75-95هـ) والي العراق في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان حيث كانا أعرفَ أهلِ عصرهما بعلوم العربية وأسرارها، وفنون القراءات وتوجيهها.
تجويد الخط:
جاء في الفهرست: أنَّ أول مَن كتب المصاحف في الصدر الأول، ووصف بحسن الخط ((خالدُ بن أبي الهياج))، وكان كاتباً للوليد بن عبد الملك (86-89هـ/705-715م)، كتب له المصاحفَ والأشعارَ والأخبار، وكان عمرُ بن عبد العزيز مِمن اطّلع على خطّه وأعجب به، وطلب منه أن يكتب له مصحفاً تفنن في خطه، فقلَّبه عمر واستحسنه إلا أنه استكثر ثمنه فرده عليه.
وممن اشتهر بتجويد الخط في العصر الأموي ((قطبةُ المحرِّر)) وهو من كتاب الدولة، يقول عنه ابنُ النديم: ((استخرج الأقلامَ الأربعةَ، واشتق بعضَها من بعض، وكان قطبةُ من أكتبِ الناس على الأرض بالعربية)). وإليه ينسب تحويلُ الخط العربيِّ من الكوفيِّ إلى الخط الذي هو عليه الآن.
أما في العصر العباسي، وفي خلافة أبي العباس السفاح (132-136هـ/749-754م) فقد انتهت جودة الخط إلى ((الضحاك بن عجلان)) يقول ابن النديم: ((فزاد على قطبةَ، فكان بعده أكتبَ الخلق)).
وظل الخطُ العربيُّ يترقَّى ويتنوعُ حتى وصل إلى عشرين نوعاً على رأس المائة الثالثة من الهجرة عندما انتهت رئاسةُ الخط إلى الوزير أبي علي محمدِ بن عليِ بن مقلةَ، وأخيه أبي عبد الله الحسنِ بن علي.
ومع نهاية القرن الرابع الهجري، وبداية القرن الخامس الهجري انتقلت رِئاسة الخط العربي إلى أبي الحسن علي بن هلال الكاتب البَغْدادي المعروفِ بابن البواب، أو بابن السَّتَري.
وفي القرن السابع الهجري انتهت رئاسة الخط إلى عدد من الخطاطين منهم: ياقوتُ بن عبد الله الموصلي أمينُ الدين الملكي، المتوفى سنة 618هـ.(1/124)
ومنهم ياقوتُ بن عبد الله الرومي الحموي، شهاب الدين، المتوفى سنة 626هـ.
ومنهم ياقوتُ بن عبد الله الرومي المُستَعْصِمي، المتوفى ببغداد سنة 698هـ.
وكان ياقوت المستعصمي يمثل نهاية الاحتكار العراقي للخط المجوَّد المنسوب، حيث أخذت المراكزُ الثقافيةُ الأخرى في العالم الإسلامي تنافس بغداد في الاهتمام بالخط وتجويده.
وفي مصر عُرف تجويدُ الخط منذ عصر الدولة الطولونية (254-292هـ/868-905م)، وفي العصر الفاطميِّ (358-567هـ/968-1171م) وصلت إلى مستوى المنافسة مع بغدادَ عاصمةِ العباسيين، واستمرت كذلك في عصر الأيوبيين (569-650هـ/1174-1252م) إلى أن جاء العصرُ المملوكيُّ (648-932هـ/1220-1517م)، حيث بلغت مركزَ الصدارة.
وفي شمال الشام تطور فنُّ الخط منذ أواخر القرن الخامس الهجري، وأجاد السوريون الشماليون خطَّ النسخ، وخطَّ الطومار ومشتقاته.
وفي تركيا، حيث قامت الدولةُ العثمانيةُ (699-1341هـ/1299-1922م) بلغت العنايةُ بتجويد الخط حداً بعيداً، وأنشئت في الآستانة سنة 1326هـ أولُ مدرسة خاصةٍ لتعليم الخط والنقش والتذهيب.
ولم يزل الأتراك ممسكين بزمام التفوق في تطور الخط العربي حتى سنةِ 1342هـ عندما استبدلوا بالحرف العربي الحرفَ اللاتيني، حيث انتقل قيادُ التفوقِ الخطّي إلى مصر مرة أخرى.
وفي منتصف شهر أكتوبر سنة 1922م فُتحت في مصر مدرسةٌ لتعليم الخطوط العربية، وبعد فترة ألحق بها قسمٌ في فن الزخرفة والتذهيب.
واستقطبت مصرُ عدداً من الخطاطين الأتراك الذين تخرج على أيديهم عدد من الخطاطين المصريين، وغيرِهم من مختلف البلاد الإسلامية.
وفي إيران لم تكن العناية بالخط العربي، وكتابة المصاحف أقلَ منها في تركيا، ونبغ الإيرانيون في مجال التذهيب، حتى تفوقوا على الأتراك في هذا الفن.
أما شمالُ إفريقيةَ فقد انتقل الخط إليها عن طريق المدينة، ثم الشام، فعُرف الخط المغربي وانتشر في شمال إفريقيةَ ووسطها وغربِها وفي الأندلس.(1/125)
وفي الجناح الشرقي من البلاد الإسلامية كان الغزنويون والسلاجقةُ العظامُ، لا يقلون اهتماماً بالخط عن نظرائهم في البلاد الإسلاميةِ الأخرى، ومثلُهم في ذلك الأيلخانيون، والتيموريون، والجلائريون في القرنين السابعِ والثامنِ الهجريين.
الطَبَعات المبكرة للمصحف الشريف:
في أوربا:
تحدث الدكتور يحيى محمود جنيد عن طبعات ثلاث للمصحف الشريف في أوربا في القرنين السادسَ عشرَ والسابعَ عشرَ الميلاديين، هي:
طبعةُ البندقيةِ عامَ 1537م أو 1538م، وطبعةُ هامبورج عام 1694م، وطبعةُ بتافيا عام 1698م.
وكانت الطبعةُ الأولى يلفها الغُمُوض في تحديد تاريخها، ومكانها والجهة المشرفة عليها ومصيرها.
أما مكان الطبع فاختلف فيه أيضاً؛ فقيل في البندقية، وقيل في روما، وكذلك المشرفُ على طبعه، ورغم ما يتردد من شك حول اكتشاف نسخة من هذه الطبعةِ في مكتبة الدَّيْر الفرنسسكاني القديس ميخائيل بالبندقية على يد أنجيلا نيوفو Angela Novo، إلا أن هناك اتفاقاً على أن هذه الطبعةَ أتلفت بأمر من البابا، وإذا كان هناك من الباحثين من يرجع سببَ إتلافها إلى رداءة طباعتها، وعدمِ تقيدِها بالرسم الصحيح للمصحف، حسب ما اتفق عليه علماءُ المسلمين مما جعل المسلمين يحجمون عن اقتنائها، إلا أن تدخلَ البابا، وأمرَه بإتلافها يوحي بأن هناك دافعاً دينياً أيضاً وراء إتلاف هذه الطبعة.
أما طبعةُ هامبورج Hamburgh في عام 1125هـ (1694م)، فقد قام بها مستشرقٌ ألمانيٌّ ينتمي إلى الطائفة البروتستنتية، هو إبراهام هنكلمان Ebrahami Hincklmani، وقد حدد أن أهدافه من هذه الطبعة ليس نشر الإسلام بين البروتستانت وإنما التعرفُ على العربية والإسلام.
طبعة بتافيا: صدرت هذه الطبعةُ من مطبعة السمناريين عام 1698م.(1/126)
وفي روسيا طبع المصحفُ الشريفُ في ((سانت بتر سبورغ)) عام 1787م، وأشرف على هذه الطبعة مولاي عثمانُ، وفي عام 1848م ظهرت طبعة أخرى في ((قازان)) أشرف عليها محمد شاكر مرتضى أوغلي.
وفي عام 1834م ظهرت طبعة للمصحف الشريف في مدينة ((ليبزيغ)) أشرف عليها ((فلوجل)) Flugel، ورغم اهتمام الأوربيين بها، وإقبالهم عليها، إلا أنها لم تحظ بعناية المسلمين؛ لمخالفتها قواعدَ الرسمِ العثمانيَّ الصحيحِ.
وفي إيران طبع المصحف طبعتين حجريتين في كل من طهرانَ عام 1244هـ (1828م)، وتبريز عام 1248هـ (1833م).
كما ظهرت طبعات أخرى في الهند، وفي الآستانة بدءاً بالعام 1887م.
إلا أن الملاحظَ على جميع تلك الطبعاتِ عدمُ التزامها بقواعد الرسم العثماني، الذي حظي بإجماع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجرت على قواعد الرسم الإملائيِّ الحديثِ، إلا في نزرٍ يسير من الكلمات كتبت بالرسم العثماني.
واستمر الوضعُ على ذلك حتى عامِ 1308هـ (1890م) عندما قامت المطبعةُ البهيةُ بالقاهرة، لصاحبها ((محمد أبو زيد )) بطبع المصحف الذي كتبه الشيخُ المحقق ُ ((رضوانُ بنُ محمد)) الشهيرُ بالمخللاتي، والتزم فيه بخصائصِ الرسمِ العثماني، واعتنى بأماكنِ الوقوف مميزاً كلَّ وقف بعلامة دالةٍ عليه.
عُرف هذا المصحفُ بمصحف المخللاتي، وكان المقدمَ على غيره من المصاحفِ، إلا أن رداءةَ ورقه، وسوءَ طباعته الحجريةِ، دفع مشيخةَ الأزهر إلى تكوين لجنة؛ للنظر فيه، وفي ما ظهر من هَنَاتٍ في رسمه وضبطهِ، فكُتب مصحفٌ بخط الشيخ محمدِ علي خلفِ الحسيني، على قواعد الرسم العثماني، وضُبط على ما يوافق روايةَ حفصٍ عن عاصمٍ، على حسب ما ورد في كتاب ((الطراز على ضبط الخراز)) للتَّنَسي، مع إبدال علاماتِ الخليل بن أحمدَ وتلاميذهِ من المشارقة بعلامات الأندلسيين والمغاربة، وظهرت الطبعةُ الأولى منه عام 1342هـ (1923م)، فتلقاها العالم الإسلاميُّ بالرضا والقبولِ.(1/127)
ثم توالت طبعاتُ المصحفِ الشريف في مدنٍ مختلفة من العالم الإسلاميِّ مع تطور آلات الطباعة وانتشارها، بما فيها المغربُ العربيُّ، الذي لم يتأخر كثيراً في طباعة المصحف الشريف عن المشرق، وإن لم يُعرف على وجه الدقة تاريخُ بدء الطباعة فيها، إلا أنها التزمت في علامات الضبط بما جاء عند الخراز.
عناية المملكة العربية السعودية بطباعة المصحف الشريف:
وفي المملكة العربية السعودية، تعودُ بدايةُ طباعةِ المصحف الشريف إلى عامِ 1369هـ عندما ظهر المصحفُ المعروفُ بمصحفِ مكةَ المكرمةِ، والذي طبعته شركةُ مصحفِ مكة المكرمةِ بعد خمس سنوات استغرقها العملُ بين الكتابة والتصحيح، وقد كتب هذا المصحفَ الخطاطُ الشهير محمد طاهر الكردي وصححته لجنة من علماء مكة ثم أرسل إلى مشيخة الأزهر فوافقت على التصحيح.
وكان صدى ظهورِ هذا المصحفِ واسعاً داخل المملكة وخارجها، وكانت فرحةُ الملك عبد العزيز رحمه الله بظهوره كبيرةً، وقدم للقائمين عليه دعماً مادياً ومعنوياً سخياً، وكذلك أصحابُ السموِّ الأمراءُ والمعالي الوزراءُ وكبارُ موظفي الدولة، كما لاقى استحسانَ المسلمين وثناءَهم خارجَ المملكة، وأشادت به الصحف الصادرةُ في بعض تلك البلاد.
وبعد ثلاثين عاماً من ظهور مصحف مكةَ، ظهر مصحفٌ آخر في مدينة جدة، وذلك في عام 1399هـ، بمطابع الروضة، بعد مراجعته والموافقة عليه من الجهة المخولة بذلك في الملكة العربية السعودية.
وفي شهر المحرم من عام 1405هـ، (1984م) أُعلن عن افتتاح أعظم منشأة في العالم تقوم على خدمة القرآن الكريم وهو مجمعُ الملك فهدٍ لطباعة المصحف الشريف، وهو أول عمل حكوميِّ رسميِّ لطباعة القرآن الكريم، وفتح عظيمٌ نفع الله به ملايين المسلمين في مختلف بقاع الأرض.(1/128)
ووقع الاختيارُ على مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم، لتكون مقراً لهذه المنشأةِ العظيمةِ؛ لمكانتها في نفوسِ المسلمين، ولأنها عاصمةُ الإسلام الأولى التي تنزل فيها الوحيُ على خير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، وشع منها نورُ القرآنِ فأضاءَ أنحاءَ المعمورةِ.
واتفق على تسمية المصحف الذي يتم طبعهُ في هذا المجمعِ بمصحف المدينة النبوية؛ تيمناً بهذه البقعة المباركة.
كان حدثاً عظيماً أثلج صدورَ المسلمين، عندما أزاح خادمُ الحرمين الشريفين الملكُ فهدُ بن عبد العزيز الستار إيذاناً بتشغيل المجمع، بعد أن اكتمل بناؤه وتجهيزاتهُ الفنيةُ، والبشريةُ.
طُبع المصحفُ الشريفُ في المجمع برواية حفص عن عاصم، وهي الرواية التي يُقرأ بها في معظمِ بلاد العالم الإسلاميِّ، وكتب هذا المصحفُ على قواعدِ الرسم العثماني، وضُبط على ما قرره علماءُ الضبط مع الأخذ بعلامات الخليل بن أحمدَ وأتباعه من المشارقة.
كما طُبع برواية ورش عن نافعٍ المدني، وهي الروايةُ التي يُقرأ بها في معظم دولِ المغرب العربي (المغرب، والجزائر، وتونس، وموريتانيا) إضافة إلى السنغال، وتشاد، ونيجيريا، وكتب هذا المصحف بالخط المشرقيِّ على حسب قواعد الرسم العثماني، وضُبط بالضبط المغربي.
كما طبع برواية الدوري عن أبي عمرو البصري، وكتب بالخط المشرقي على حسب قواعد الرسم العثماني، وضبط على ما قرره علماءُ الضبط مع الأخذ بعلامات الخليل بن أحمدَ وأتباعِه من المشارقة، ما عدا بعضاً يسيراً، فقد روعي في ضبطه مذهبُ أكثرِ المغاربةِ، وما جرى العملُ به في السودان.
كما طبع مصحف نسخ تعليق برواية حفص عن عاصم، على حسب قواعد الرسم والضبط المتعارف عليها في باكستان وما جاورها.
كتبت مصاحفُ المجمع بيد خطاطٍ متمرسٍ، مشهودٍ له بالتفوق في كتابة المصاحفِ، هو الخطاطُ عثمان طه.(1/129)
وتشرف على كتابتها وطبعها لجنةٌ علميةٌ مختارة بعناية من المختصين في علوم التجويد، والقراءات، والرسم، والضبط، وعد الآي، والوقوف، والتفسير، والفقه، واللغة، والنحو والصرف.
وتتلخص الضوابطُ التي تسير عليها اللجنةُ في مراجعتها للمصحف الشريف فيما يلي:
1. اشتراطُ الإجماع في كل خطوة، والمصادرُ الأساسيةُ من كتب المتقدمين وكتبِ المتأخرين هي المرجعُ في حسم أي خلاف.
2. التمسكُ بالحجة إن ظهرت، وإسقاط ما عداها، والحجة مبنية على الرواية وكلامِ الأئمة المتقدمين، ولا دخل للرأي والاستحسانِ فيها.
3. اتباعُ قواعد الرسم العثماني، الذي حظي بإجماع الصحابة والتابعين.
4. تجريدُ المصحف مما عدا القرآنَ الكريمَ لقوله صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح مسلم: ((لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غيرَ القرآن فَلْيَمْحه))، وذلك خَشية اختلاطِ نص القرآن بغيره والتباسِ ذلك على الناس، مما قد يكون مدخلاً وسبباً للتحريف والزيادة، متأسيةً في ذلك بما سار عليه الصحابةُ رضي الله عنهم في تجريد المصاحفِ العثمانيةِ مما سوى القرآن الكريم، مما لم يحظ بالتواتر والقطع واليقين، كترقيم السور، وعدد آياتِها وبيان المكيِّ والمدنّي منها، مما هو داخل في نطاق النص القرآنيِّ، حيث يمكن تفصيلُ الأقوال فيه، وبيانِ الراجِح مِن المرجوح في كتب التفسير، وعلوم القرآن الكريم.
5. أما أسماءُ السور، ورموزُ الوقوف، والنقْطُ والشكلُ، فقد دعت الحاجةُ إلى إثباتها؛ لالتصاقها بالنص القرآني. أما ما هو خارجُ نطاق النص القرآني في حواشي الصفحات، كاسم السورة، ورقمِ الجزء، أو في جانب الصفحات، كرموز الأجزاء، والأحزاب، والأرباع، والأعشار، والأخماس، ورموز السجدات، والسكتات، فلقلّة المحذور فيها؛ لبعدها عن مجال النص القرآني أُثبتت بإخراج طباعي يختلف عن النص القرآني.
وبعد:(1/130)
فقد كان القرآن الكريم موضعَ اهتمام المسلمين من أول يوم تنزل فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوعاه الصحابةُ وحفظوه، وكتبوه، وطبقوا ما فيه، وكان ما قام به أبو بكر الصديقُ بمشورة عمرَ رضي الله عنهما من جمع القرآن مما هو مكتوبُ، ومحفوظٌ في عهده صلى الله عليه وسلم عملاً عظيماً حُفظ به القرآنُ، وسار على نهجه عثمانُ بنُ عفانَ رضي الله عنه، عندما جمع الناسَ على مصحف واحد، ومنعَ الاختلاف بين المسلمين، وقد نال زيد بن ثابت رضي الله عنه شرف تحمل مسؤوليةِ جمعِ القرآن في عهد أبي بكرٍ، وكتابتهِ في عهد عثمان.
وكان حرصُ المسلمين على تَعَلُّم الكتابةِ، وتطوير الخطِ مرتبطاً بحرصهم على قراءة القرآن الكريم وتدبره وحفظه، والعناية بكتابته ونشره.
وقد تفنن المسلمون في العصور اللاحقة في تجويد كتابة مصاحفهم وزخرفتها وتذهيبها والعناية بها، وفي كل عصر، بل وفي كل قُطر برز خطاطون بلغوا الكمالَ في حسن الخط وتجويده، فجاؤوا بما يُبْهر من الخطوط المنسوبة، التي خلَّدت ذكرَهم على مرّ العصور.
لم يؤثر ظهورُ المطابع الحديثة في اهتمام المسلمين بجودة الخط، والتفنن في كتابة مصاحفهم، واستمروا على ذلك حتى وقتنا الحاضر، رغم ما يشهده من زَحَمِ في وسائلِ التقنية الحديثة التي تعنى بالكتابة وزخرفتها وتطويرها.
تنامى اهتمام المسلمين بكتابة وطباعة المصحف الشريف، واستخدام وسائلِ الطبعِ الحديثة في بعض البلاد الإسلامية، والعملِ على نشر القرآن الكريم بوسائلَ مختلفةٍ، وكان أعظمُ عنايةٍ بالقرآن الكريم في الوقت الحاضر هو ما قامت به المملكة العربية السعودية من إنشاء مجمع لخدمة القرآن الكريم والسنة والسيرة النبوية المطهرة تشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد وهو مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.(1/131)
سدَّ المجمع حاجة ماسة عند المسلمين لمصاحفَ متقنةٍ سليمةٍ في رسمها وضبطها من أي خطأ أو تحريف، سار في كتابتها على ما ارتضاه وأجمع عليه الصحابةُ والتابعونَ، وقد بلغ إنتاجُه حتى عامِ 1421هـ أكثر من مائة وستين مليون نسخة من مختلف الإصدارات، وزع منه على المسلمين في مختلف أنحاء العالم أكثرُ من مائة وتسعة وثلاثين مليون نسخة هديةً من حكومة المملكة العربية السعودية؛ إيماناً منها برسالتها، وإدراكاً لمسؤوليتها تُجاه كتابِ الله وسنةِ رسوله صلى الله عليه وسلم، وخدمةً للدين ونشره في أرجاء الأرض.
لم تقتصر عنايةُ المملكة العربية السعودية على طبع المصحف الشريف ونشره، بل امتدت إلى ترجمة معانيه إلى لغات العالم التي بلغت حتى عامِ 1421هـ أربعين لغةً، وكذلك العنايةُ بتفسيره وعلومهِ المختلفةِ، والعنايةُ بالسنة والسيرة النبوية المطهرة.
أ. د. محمد سالم بن شديد العوفي
الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
بالمدينة المنورة
محمد كبريت الحسيني المدني
أدبه ومؤلفاته الأدبية
د.عائض الردادي
... انحسر الدور السياسي للجزيرة العربية بعد انتهاء الخلافة الراشدة، ولكن الانتعاش الأدبي بقي لها زمن بني أمية وشطراً يسيراً من العصر العباسي الأول ثم بدأ الاهتمام الأدبي بها يخفت قليلاً قليلاً حتى فُقد خلال العصور الوسيطة ولم يعد الاهتمام بها إلا في العصر الحديث بعد عودتها للمشاركة في الحياة العامة.(1/132)
... وقد تهيب كثير من الباحثين خوض غمار دراسة أدب الجزيرة في تلك العصور ليس ممن عنوا بدراسة الأدب في مراكز الثقافة في مصر والشام والعراق والمغرب وحسب، بل ومن أبناء الجزيرة العربية الذين سار كثير منهم على خطى سابقيهم في الإعراض عن دراسة أدب الجزيرة العربية في تلك العهود أيضاً، غير أن نفراً قليلاً خاضوا في دراسة أدب الجزيرة في العصور الوسيطة واستطاعوا أن يوجهوا نظر الدارسين إلى ضرورة إزالة هذا الظلم الذي لحق بهذه البلاد من الدارسين، ومازالت الدراسات تتوالى دراسة وتحقيقاً، وتكشف للباحثين مصادر البحث التي بدأت تعنى بها مراكز البحوث والدراسات التي أنشئت في مختلف أنحاء الجزيرة العربية.
ولا بد لي من الحديث بإيجاز عن البيئة الثقافية والاجتماعية في الحجاز في القرن الحادي عشر الهجري الذي عاش فيه محمد كبريت بن عبد الله الحسيني قبل الحديث عن أدبه ومؤلفاته الأدبية، فتلك البيئة هي المناخ الذي هيأ لظهور أدب ذلك الزمن.
البيئة الثقافية:
... قابل موجة النزوح البشري من الجزيرة العربية في القرون الأولى موجة تدفق بشري عليها من شتى الشعوب الإسلامية من القرن السابع الهجري وما بعده، وبدأ المجاورون يكثرون في القرن الثامن ثم بلغوا المئات في القرنين التاسع والعاشر ممن ترجم لهم السخاوي في ( الضوء اللامع) والشوكاني في ( البدر الطالع) والغَزي في (الكواكب السائرة) وابن القاضي في ( درة الحجال في أسماء الرجال) والخفاجي في ( ريحانة الألباء) وغيرهم.
... وتميز القرن التاسع بخاصة بالمدرسة الفكرية التي تزعمها السخاوي بمكة المكرمة والمدينة المنورة في مجاورته وزيارته للمدينتين، وشهدت القرون الثلاثة ( الثامن والتاسع والعاشر) موجة مجاورة للعلماء بالحجاز آتت أكلها في عودة الحياة الثقافية ساعد عليها عناية سلاطين ذلك الزمان بإنشاء المدراس والأربطة وإيقاف الأوقاف.(1/133)
... وقد امتد هذا التدفق البشري في القرن الحادي عشر، ولئن كان يغلب عليه في القرون السابقة العلماء فإنه في هذا القرن كثرت فيه دهماء الناس إلى جانب العلماء حتى أصبحت ظاهرة المجاورة ظاهرة اجتماعية بارزة ليس المجال هنا مجال حديث عنها، وما يهمنا هنا مجاورة العلماء ذات الأثر الثقافي ممن نجد تراجمهم في كتاب "خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر" للمحبي و "عقد الجواهر والدرر في أخبار القرن الحادي عشر" للشلي وفي كتاب "فوائد الارتحال ونتائج السفر في أخبار القرن الحادي عشر" لابن فتح الله الحموي الذي يعد أجمع كتاب في تراجم علماء وأدباء الشام والحجاز واليمن في ذلك القرن أما تراجم أدباء الحجاز بخاصة في ذلك الزمن فنجدها في كتب "سلافة العصر" لابن معصوم و "نفحة الريحانة وذيلها" للمحبي، و"نفحات الأسرار المكية ورشحات الأفكار الذهبية" للذهبي، و"ريحانة الألباء" للخفاجي وغيرها.(1/134)
... وقد تحدث المؤرخون عن الأثر الكبير للمجاورة في بعث حياة ثقافية في الحجاز، فها هو أبو سالم العياشي الرحالة المغربي(1037-1090هـ) يتحدث عمن لقيه من العلماء الساكنين والمجاورين في المدينتين المقدستين، ويصف مكتباتهم ويورد شعرهم في رحلته( ماء الموائد)(1)ومثله عبد الرحمن الذهبي(ت1120هـ) الذي رحل في طلب العلم سنة 1078هـ إلى كل من القسطنطينية وبغداد وحلب واللاذقية والقاهرة ثم توجه إلى مكة والمدينة ومما قال: "وكان القصد بعد أداء الحج في ذلك العام التوجه بنية الإقامة بمدينة النبي _ عليه أفضل الصلاة وأتم السلام _ حيث وجدت فيهم من تشد إليه الرحال، وتنتهي عند رؤيته نهاية الآمال، بساحة فضله أنخت الركاب، وألقيت العصا والجراب"(2)وكان من ثمرة ذلك تأليف كتابه" نفحات الأسرار المكية ورشحات الأفكار الذهبية" وقد علل هذه التسمية بقوله فيه:"أكثر تراجمه أنشأتها مدة مجاورتي بمكة المكرمة وأنا مقيم بحجرة لي في إحدى المدارس السليمانية"(3).
... وكان غرس الدين الخليلي ثم المدني من أشهر المجاورين وقد وجه لخطابة المسجد النبوي فصار منهلاً للواردين طلباً للعلم، ومرجعاً للفتوى، ومن ذوي الجاه فيها، وقد رفع باسم أهلها الشكاوى شعراً، في قصيدة خاطب بها الصدر الأعظم مصطفى باشا(رئيس وزراء السلطان مراد بن أحمد بن محمد بن مراد) طالباً منه عزل شيخ الحرم وحاثّاً إياه على إزالة العبيد الخصيان من المسجد النبوي الشريف وذلك سنة 1048هـ، ومنها(4):
__________
(1) ماء الموائد1/315 ومابعدها، فهرسها محمد حجي،ط2 مصورة، الرباط سنة 1396هـ/1977م.
(2) نفحات الأسرار المكية،ورقة/4، مخطوطة مصورة لدى الكاتب من مكتبة برلين.
(3) المصدر نفسه،ورقة/7.
(4) المحبي: نفحة الريحانة4/346، تحقيق د.عبد الفتاح الحلو،ط1، سنة 1387هـ/1967م، عيسى البابي الحلبي وشركاه.وخلاصة الأثر3/247، دار صادر بيروت وغيرهما.(1/135)
... يا مصطفى، بالمصطفى العدناني ... وبآي قرآنٍ عظيم الشان
... لا تجعلنْ على المدينة أسوداً ... شيخاً على حرم النبي العدناني
إلى أن يقول :
... إن لم يجز إلا خصياً أسوداً ... فاخصوا لنا شيخاً من البيضان
... وقد درس هؤلاء المجاورون ودرَّسوا، وألفوا الكتب وألفت عنهم، وتطارحوا الإخوانيات مع شعراء الحجاز مما كان سبباً من أسباب انتعاش الشعر في ذلك الزمن وسوف يتضح لنا فيما بعد أثر المجاورة في أدب محمد كبريت ومؤلفاته.
الرحلات:
... أما الأمر الثاني الذي لا بد من التعرض له لما له من أثر في أدب محمد كبريت ومؤلفاته فهو الرحلات، وقد ازدهر أدب الرحلات في القرن الحادي عشر الهجري، وكانت كتب الرحلات من أبرز مظاهر الثقافة فيه، والراحلون قسمان: أحدهما رحل إليه والآخر منه، وكل منهما أثر في انتعاش الأدب والثقافة، وزاد تأثير الرحلات عن المجاورة بأنه لم يقتصر على تأثير الرحالة الوافدين بل إن الرحالة الحجازيين أموا الأقطار الأخرى فأخذوا عن علمائها، والتقوا بشعرائها، وألفوا عن رحلاتهم وبذلك أضافوا ثماراً أخرى إلى ثمار رحلات الرحالة الوافدين إليهم.(1/136)
... أما الرحالة الذين وفدوا للديار المقدسة فهم أوسع من أن يتسع المقال للكلام عنهم أو عن رحلاتهم، ومن أشهرهم أبو سالم العياشي صاحب رحلة "ماء الموائد" ويكفي عنها ما قاله علامة الجزيرة الأستاذ حمد الجاسر حين قال: "والواقع أنها جديرة بالدراسة العميقة ولا سيما ما يتعلق منها بالحجاز، فهي_ ولاشك_ من أوفى المراجع وأصحها لكل من يريد أن يدرس حالة هذه البلاد في القرن الحادي عشر الهجري"(1)ونذكر في هذا المجال أن بعض المؤلفين عن الأدباء حين هموا بتأليف كتبهم الأدبية وخانتهم المصادر عن أدباء الحجاز لم يجدوا بداً من شد الرحال إليه، وتأليفها هناك كالشهاب الخفاجي حين ألف " ريحانة الألباء"(2)والذهبي في كتابه "نفحات الأسرار المكية"(3)والمحبي في كتابه "نفحة الريحانة" ومما قال في ذلك "فحين منَّ الله عليَّ_ وله المنة والمنحة التي لا يشوبها كدر المحنة _ بالحج والمجاورة في بيته المحترم، وبسمت لي من أهله ثغور الفضل والكرم، حصلت على ضالتي التي أنشد ... فتناولت من أشعارهم ما نمقته وشياً مذهباً بذكرهم"(4).
__________
(1) مجلة العرب، سنة12 العددان 1و2ص68 وانظر عن الرحلات إلى الحجاز كتابي: الشعر الحجازي في القرن الحادي عشر الهجري 1/133 ومابعدها ط2، الرياض،1413هـ/1992م، مطابع الشريف.
(2) انظر مقدمة ريحانة الألباء1/9، تحقيق د. عبد الفتاح الحلو،ط1، 1386هـ/1967م، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه.
(3) وقد سبق نص ماقاله في ذلك.
(4) نفحة الريحانة 1/13و14.(1/137)
... والرحالة من الحجاز إلى الأقطار الأخرى اضطرتهم ظروف قاسية للسفر، منهم محمد كبريت في رحلته" رحلة الشتاء والصيف" التي سنتحدث عنها، ومنهم إبراهيم الخياري (ت1083هـ) الذي رحل سنة 1080هـ إلى الشام لمقابلة العلماء فلما جاءه الخبر بأن التدريس في المدرسة الذي ورثه فيها عن والده قد انتزع منه وأعطى وَقْفها لغيره؛ قصد القسطنطينية وقابل شيخ الإسلام يحيى بن عمر المنقاري (ت1088هـ) ودخل في رحلته دمشق والقدس والخليل وغزة والقاهرة، وممن قابلهم عبد الغني النابلسي صاحب رحلة " الحقيقة والمجاز في رحلة الشام ومصر والحجاز" وألف رحلته " تحفة الأدباء وسلوة الغرباء" وهي مطبوعة في 3 أجزاء، أما قيمتها الثقافية فيقول عنها الأستاذ حمد الجاسر:" والواقع أن رحلة الخياري من أهم المصادر لدراسة كثير من أحوال القرن الحادي عشر الهجري في الحجاز وفي الشام، وفي بلاد الترك التي زارها، ففي هذه الرحلة معلومات جغرافية وتاريخية وأدبية، وفيها تراجم لكثير من العلماء، وفيها شعر كثير"(1).
... وتأتي رحلة ابن معصوم المدني" سلوة الغريب وأسوة الأديب" من أهم الرحلات حيث دون مشاهداته وتجارب سفره في عدة بلدان من بينها الهند والعراق وإيران واليمن وهي رحلة مطبوعة(2).
... والخلاصة أن الرحلات أثرت البيئة الثقافية بانفتاح الحجاز على البلاد الأخرى بعد أن مكث قروناً منطوياً على نفسه مما أنعش الأدب فيه ووجه نظر المؤلفين للاهتمام به.
مناهل العلم:
__________
(1) مجلة العرب ، السنة الرابعة12/1107 وانظر كتابي، الشعر الحجازي في القرن الحادي عشر الهجري1/142 ومابعدها.
(2) 10) انظر عنها كتابي السابق1/145 ومابعدها.(1/138)
... أما مناهل العلم فمن أهمها حلقات العلم في الحرمين الشريفين، وفي منازل العلماء، ومدارس كثيرة في مكة المكرمة خصص لها علي الطبري (ت1070هـ) فصلاً في كتابه "الأرج المِسْكي في التاريخ المكي" ووُجد مدارس مثلها في المدينة المنورة، وقلّ أن تجد مدرسة بلا رباط وأوقاف ومكتبة موقوفة عليها فكانت حلقات العلماء في المسجدين الشريفين وفي منازلهم ودروسهم في المدارس سبباً في انتعاش الثقافة(1).
... وحفلت مكتبات مكة المكرمة والمدينة المنورة بالكتب، وقد وصف العياشي مكتبات مكة والمدينة في رحلته وما كانت عامرة به من الكتب وبخاصة النوادر، وما لحق بها من كوارث مما لا يتسع المجال للإطالة فيه، ولكنه كان سبباً من أسباب انتعاش الثقافة في ذلك الزمن(2).
... هذه خلاصة موجزة جداً عن البيئة الثقافية التي نشأ وعاش فيها أديبنا محمد كبريت الحسيني، فمن هو؟
محمد كبريت:
... هو محمد كبريت بن عبد الله بن محمد الحسيني المدني، ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، ولد بالمدينة المنورة وعاش ما بين سنتي (1012_1070هـ) فهو من أهل القرن الحادي عشر الهجري، واسمه المركب" محمد كبريت" ورد في شعره فقد قال مورِّياً ومضمناً(3):
... يا من تمادى بهجرٍ ماله سبب ... وصدَّ عمداً يرى في ذاك تبكيتي
كأن هجرك بعد الوصل يا أملي "أوائل النار في أطراف كبريت"
والشطر الأخير مأخوذ من قول الشاعر في زهرة البنفسج:
كأنها فوق قاماتٍ ضعفن بها ... أوائل النار في أطراف كبريت
ثقافته:
__________
(1) 11) انظر عن المدارس والأربطة المرجع السابق1/148-165.
(2) 12) انظر المرجع السابق1/165-175.
(3) 13) ابن معصوم:سلافة العصر/258،ط 2 ، 1382هـ مطابع علي بن علي بالدوحة.(1/139)
... حفظ القرآن الكريم، وبرَّز في علوم النحو والصرف والبلاغة ، وأخذ العلم عن كثير من العلماء داخل المدينة وخارجها، واجتمع بكثير منهم أثناء رحلته، ودرَس بالجامع الأزهر، ويمكن أن يقال عنه: إنه كان واسع الاطلاع، منهوماً بالمعرفة ، فهو ذو ثقافة واسعة في علو م الدين والعربية والزراعة والفلك، أما الشعر فقد حفظ الكثير منه ولهذا امتلأت كتبه بالاستشهاد به.
... إن مؤلفاته تدل على رسوخ قدمه في كثير من العلوم، ومما يدل على ذلك ما كتبه في رحلته عن دهشته لما وجده من مستوى ثقافي متواضع في القسطنطينية عندما زارها سنة 1039هـ حيث قال(1):" ولقد كنت أزعم أن أصير باختلاطي بالروم(2)بعد العرب جامع الفضيلتين، ولا أقول القياس يتبع أخس المقدمتين، إلا أنني حصلت من الفقه على مسائل الطهارة، وفي الإشارة ما يغني عن العبارة، وصرت لا أعرف من النحو بعد ذلك الثبوت إلا كثرة شربي السويق وهو ملتوت، ولا أفهم من التصريف مقالاً إلا قاتل يقاتل مقاتلة وقتالاً، ومن المنطق بعد بذل المجهود إلا إذا كانت الشمس طالعة فالنهار موجود".
... إنه شاعر ، مؤلف، رحالة، مؤرخ، وسنقتصر على أدبه فقط وبعض مؤلفاته ذات الصلة بالأدب أما الجوانب الأخرى فهي تحتاج إلى بحوث أخرى .
رجل الإصلاح:
... حظي محمد كبريت بمكانة بين معاصريه في المدينة وفي البلاد التي زارها، وأظهر العلماء ذلك الإكبار له حين ترجموا له في كتبهم، كقول المحبي عنه في خلاصة الأثر في أهل القرن الحادي عشر(3):"كان من أعجب خلق الله تعالى في الأخذ بأهداب الفنون، كثير النوادر، جم المناقب".
__________
(1) 14) رحلة الشتاء والصيف/179، تحقيق محمد سعيد الطنطاوي،ط 2 ، 1385هـ المكتب الإسلامي ، بيروت.
(2) 15) الروم: الترك
(3) 16) 4/28(1/140)
... وكقول ابن معصوم في سلافة العصر(1):لا تمل ندماؤه مجالسته، ولا تسأم أصحابه مؤانسته، إلى فصاحة ولسن، وتجمُّل بكل خلق حسن، تقنع بقناع القناعة والكفاف، واشتمل بأبراد الصون والعفاف، سلك مسلك من نبذ الدنيا وراء ظهره، ورضي منها بمسالمة خطوب دهره".
... ولقي محمد كبريت من الناس ما يلقاه كل عف يد ولسان من إنكار وجحود فقد نقم كبريت على بعض أهل زمانه تكالبهم على الدنيا، ومضايقتهم للناس في عيشهم، فهو يرى أن يتصف العلماء بالصون والعفاف ويصونوا علمهم عن الابتذال، وهذا ما أتعبه حتى وصل به الحال أن يرى نفسه غريباً في أرضه وبين أهله، كما عبر عن ذلك شعراً بقوله(2):
ليست على الحر الكريم مشقةٌ ... ... بأضرّ من ألاَّ يُرى أمثالُهُ
ذاك الغريب وإن يكن في أهله ... ... وارحمتاه له لِمَا قد ناله
فقد كان له موقف من الفساد الإداري، ومنه ما ذكره في كتابه( الجواهر الثمينة في محاسن المدينة)(3)من سوء توزيع للتَّفْرِقَة السلطانية وهي الحنطة التي كانت تصل إلى المدينة من الأوقاف لتوزع على أهلها، فقد ذكر أنه يجتمع لتوزيعها الكتَبَة مع القاضي وشيخ الحرم ( كبير الخدم) وتُفرَّق بمقتضى الدفاتر، وكانت توزع على رأس كل شهر، لكل شخص حصة، ثم آل الأمر إلى أن صار يكتب للرجل الواحد المنفرد نحو الستين حصة بالوجاهة وغيرها، ومن وُلد له من ضعفاء المدينة لا سبيل إلى كتابة اسمه، ويذكر أن جملة الأسماء كانت تناهز ستة آلاف، فتجاوزت _ وإن خلا أكثرها من المسميات _ عشرين ألفاً".
__________
(1) 17) ص/357
(2) 18) المحبي :نفحة الريحانة4/358.
(3) 19) 1/300، تحقيق:عائض الردادي،ط2، 1419هـ/1998م، مطبعة سفير، الرياض.(1/141)
وكان موقفه الإصلاحي من الفساد الإداري سبباً لرحلته إلى القسطنطينية ثم لتأليف كتابه الجواهر الثمينة في محاسن المدينة، ولكنه لم يجن من ذلك إلا مواجهة الناس له، ولم يلق من عفافه وعزته إلا الفقر بعد الغنى، والشدة بعد الرخاء التي عبر عنها في قوله(1):
الحمد لله على ما أرى ... من ضيعتي ما بين هذا الورى
صيَّرني الدهر إلى حالة يرثي لها الشامت مما يرى
بُدّلت من بعد الرخا شدةً وبعد خبز البيت خبزَ الشِّرا
وبعد سكنى منزل مبهج سكنت بيتاً من بيوت الكِرا
ولو تحقّقتَ الذي نالني ... لارتفع الشك، وزال المرا
... لقد رأى كبريت أنه ضائع في مجتمع تهالك الناس فيه على المادة وأصبح لا مكان فيه لمن يحمل بين جنبيه نفساً أبيّة وأن من يرجى هو من بيده الدينار، فقال في ذلك(2):
إذا عزَّ من تهوى ولم ترَ حيلةً فليس سوى الدينار أرجى وأرجحُ
يهوّن صعب الأمر في كل مُعْضل ... وفي كل أمر، فهْو أنجى وأنجح
ولهذا فكر في أن يرحل علّه يجد من يعرف قدره، فقال(3):
ينازعني شوقي إلى الهند تارةً
وأخرى لأرض الروم، والشوق لا يجدي
وما الهند من قصدي ولكنْ بسوحها
رأى قصده فيها الفؤادُ من الوجد
وهكذا نرى أنه أخذ يفكر بالرحلة للهند أو أرض الروم ( القسطنطينية) عاصمة الخلافة، أما الهند فلأن نظام الدين أحمد بن معصوم والد علي بن معصوم المشهور استدعاه ملك حيدر آباد وزوجه ابنته وولاه الوزارة، وقد قصده هناك كثير من شعراء الحجاز في ذلك الوقت، ومنهم الشاعر المدني حسن بن شدقم الحسيني الذي رحل للهند وقال في ذلك أبياتاً ثلاثة استشهد بها كبريت في رحلته مقدماً له بقوله: ما أصدق ما قال الحسن ابن شَدْقَم(4):
وليس غريباً من نأى عن دياره ... إذا كان ذا مالٍ، وينسب للفضل
__________
(1) 20) المحبي :نفحة الريحانة4/361.
(2) 21) رحلة الشتاء والصيف/179.
(3) 22) المحبي :نفحة الريحانة4/357.
(4) 23) رحلة الشتاء والصيف/106.(1/142)
وإني غريب بين سكان طيبةٍ ... وإن كنت ذا مالٍ وعلمٍ وفي أهلي
وليس ذهاب الروح يوماً منيَّةً ... ولكنْ ذهاب الروح في عدم الشِّكْل
غير أن كبريت حزم أمره ورحل إلى القسطنطينية حاملاً شكوى أهل المدينة من سوء الأحوال السياسية والاقتصادية وقد وصف معاناته في رحلته التي سمَّاها (رحلة الشتاء والصيف) وسنأتي على شيء منها عند الكلام عن مؤلفاته.
... لقد سافر كبريت إلى القسطنطينية سنة 1039هـ ولكن رحلته باءت بالإخفاق ولم تثمر إلا ثمرة ثقافية هي معاناته التي ألف عنها رحلته ( رحلة الشتاء والصيف) غير أنه لم يستسلم بل سلك مسلكاً آخر فألف كتابه( الجواهر الثمينة في محاسن المدينة) الذي ضمنه شكواه مما تعاني منه المدينة وأهداه إلى قاضي مصر شعبان بن ولي الدين النَّوَسِيلي البوسنوي الذي حج سنة 1048هـ وبرر فيه سبب إيجازه في الكتاب بما هو فيه من هموم، ومما قاله في ذلك(1):" وكيف تصفو القريحة وصفاء الوقت تكدَّر، وسيلُ المحن من أعلى الراوبي تحدَّر، مع أني في زمن تشابه فيه الضاحك والباكي، وقلَّ به الشاكر وكثر الشاكي، وفيما دُفعت إليه من المضايق، وحال دون آمالي من العوائق ما يُرْتَج به الكلامُ على الفصيح، ويشتبه الصواب على الحازم المشيح".
... على أن حال كبريت قد انتهت إلى همّ الدَّيْن ومراقبة الناس له، فوجد أن في الانطواء واعتزال الحياة العامة مخرجاً مما هو فيه من هموم حتى توفاه الله عام 1070هـ.
أدبه:
... يمكن أن أقسم الكلام عن أدب كبريت إلى ما يلي:
1- رحلته
2- شعره
3- تذوقه واختياره
أولاً: رحلته:
__________
(1) 24) الجواهر الثمينة1/133.(1/143)
... حاول محمد كبريت أن يكون رجل إصلاح اجتماعي واتصف بعفاف اليد واللسان، وأراد أن يكون أهل زمانه أهل عفاف وقناعة، ولكن تلك المثالية التي طلبها كبريت من مجتمعه جلبت له كثيراً من الحسّاد الذين ذموه بل ضايقوه حتى تحوّل من موسر إلى فقير مدقع، وصيره زمانه إلى حالة يرثي لها شامته كما عبر في أبياته السابقة، ولم يجد بدّاً من السفر عام 1039هـ إلى القسطنطينية قاصداً شيخ الإسلام يحيى بن زكريا بن بيرام ليشكو إليه سوء حاله وفساد الإدارة في المدينة، وكان ثمرة رحلته هذه ما دونه عن معاناته وخيبة أمله في كتاب سمَّاه" رحلة الشتاء والصيف" وقد طبعت مرتين أولاهما عام 1293هـ في القاهرة وعدد صفحاتها 142 صفحة والثانية عام 1385هـ بتحقيق محمد سعيد الطنطاوي في (360) صفحة ونشرها محمد نصيف.
... والرحلة عمل أدبي رائع، عبر فيه مؤلفه عن شكاته من أهل زمانه، وخيبة أمله، وضمنه شعره وشعر غيره من معاصريه وسابقيه، مستشهداً بكل في موضعه،، واصفاً المدن التي دخلها في الشام وتركيا ومصر، وحسبنا ما قاله عنها في آخرها حين قال(1): "وقد احتوت على كثير من مفيد الأخبار، وانطوت على مواعظ ترتضيها الأحبار، إلى غير ذلك مما يفيد سلامة الطبع، لمن كان له قلب أو ألقى السمع :
... يا رحلةً جمَّعتُها ... ... ألفاظها تستعذب
... لا تستقلّوا حجمها ... ... فيها الكثير الطيّب
فلتكن تذكرة في الحياة، وأثراً بعد الممات، تصلح لمسامرة الجليس وتكون للوحيد نعم الأنيس".
... وقد عبَّر فيها عن أسباب سفره بقوله فيها(2):" وكنت ممن ناوأه الزمان، وكرَّ عليه بسيف حيفه الحَدَثان ، أتقلب من الحسرات على فَرْش الغضا، وأجد لما بي أضيق ما يكون سعة الفضا" إلى أن يقول" ولما عيل مني الصبر، وأعياني هذا الأمر، دعاني داعي الأماني والآمال، وحرَّكني فيه الرجاء والالتجاء إلى الكريم المتعال، أن امتطي غارب الاغتراب".
__________
(1) 25) ص/248.
(2) 26) ص/4(1/144)
... وكان يؤمل أن يكون في اغترابه أمل في حل مصابه ومما قال في ذلك(1): "فامتطيت غارب الأمل إلى الغربة، وركبت مراكب المذلة والكربة، قاصداً استعتاب الدهر الكالح، واستعطاف الزمان الغشوم الجامح، اغتراراً بأن في الحركة بركة، وأن الاغتراب داعية الاكتساب" إلى أن يقول: " وهيهات مع حرفة الأدب بلوغ وطرٍ أو إدراك أرب، أو مع عبوس الحظ ابتسام الدهر الفظ".
... أما المنهج الذي سار عليه فهو سرد لمراحل سفره منذ خروجه من المدينة إلى أن عاد إليها معبراً عن معاناته، معرّفاً بالمدن والأعلام والآثار، متمثلاً كثيراً بالشعر، مستطرداً حينما يتاح له الاستطراد، مبتعداً عن الألفاظ النابية، يقول محقق الرحلة محمد سعيد الطنطاوي(2)":أما كتابنا هذا فقد استعرضته من أوله إلى آخره، فلم أجد فيه لفظة نابية، ولا طُرفاً من المجون، وإن كان يلاحظ عليه بوضوح بعض الحياد (غير الممدوح أحياناً) فلا عصبية لفئة، ولا انقياد لطريقة، وإنما ينقل مدح هؤلاء وهجاءهم، وأخباراً عن أولئك والرد عليهم".
... والمؤلف نفسه ذكر نهجه في كتابة مادة رحلته حين قال(3):" وكنتُ مهما وقفت عليه من خبر لطيف سطّرته، وأيما شعر ظريف ظفرت به قيدته وحبّرته، حتى وُجدت لدي جملة من اللطائف والظرائف قد جمعَتْها أيدي الأقلام، وأوقعتني عليها الأيام:
... إن الغريب إذا ما كان ذا قلم ... فليس سلوته إلا بقُرْطاس
... فيه يقيد ما يلقاه من نُكَت ... ومن طرائف يبديها من الراس
إلى أن يقول:" وأودعها ما أقف عليه في سفري من لطائف الأشعار، وغرائب النكت التي هي لدى طالبها غالية الأسعار، إلى غير ذلك من منثور ومنظوم".
__________
(1) 27) ص/5
(2) 28) مقدمة الرحلة /د
(3) 29) ص/5.(1/145)
والكلام يطول إن أردنا الكلام عن الرحلة من كل جوانبها فهي جديرة بالدراسة لما احتوت عليه من معلومات نفيسة، وتعبيرات أدبية ظريفة، وحسبنا أن نقتصر على بعض ما ورد من تعبير الكاتب عن تجربته الشعورية حين خاب أمله الذي أمّل، ولم يظفر حتى بخفي حنين.
... لقد وجد في القسطنطينية خلاف ما أمَّل حيث وجد هناك صراعات على حطام الدنيا أشد مما فرَّ منه في المدينة، وحيل بينه وبين لقاء السلطان مما عبّر عنه بقوله(1): "وقد تحجَّب أهل الكرم في الأبنية، فلم أرَ من السُّعُودات إلا سعد الأخبية، ولعمر الله، إنهم معذورون في ذلك، فلقد رأيت فيما هنالك من الطوائف القدسيين والشاميين وغيرهم ذوي عمائم كأبراج، وأكمام كالأخراج، وقد لزموا تلك الأبواب لزوم الكاتبَيْن، وصار أحدهم مع الرئيس كالخصمين المتحاسبين".
... ثم يأتي وصف موقفه من هذا الصّد الذي لقيه؛ لأن خلقه لايجاري أولئك فيما يهدم الدِّين، ويورد عدداً من الشواهد الشعرية في ذلك منها:
... إنما الذل في سؤالك للنا ... س ولو في سؤال أين الطريقُ
حتى ينتهي للقول عن نفسه(2):" فها أنا أخفض لهم الجَناح، وأرفع عنهم الجُناح؛ لأن الأمر مراحمة لا مزاحمة، ومحاسنة لا مخاشنة، ومناسبة لا محاسبة:
... وعنيَ بالتلويح يفهم ذائق ... غنيّ عن التصريح للمتعنّتِ
فمشيت على هذا السنن القويم، والمسلك المستقيم، متحاشياً عن المباراة، متجنباً ما استطعت عن المماراة؛ فإنهما يهدمان الدين، ويُعْدمان اليقين:
وما كنت أدري قبل عزّة ما البكا ... ولا موجعاتُ القلب حتى تولّتِ
فإن أجنِ من غرس المنى ثمرَ العنا فلله نفسٌ في مناها تعنَّت
ولست بالمتصدي للقيل والقال ولا المتعدي بالجدال إلى المِحال".
__________
(1) 30) ص/180
(2) 31) ص/181(1/146)
... ثم يصف ما انتهى به إليه المطاف من خيبة الأمل، فرضي من الغنيمة بالإياب وقبَّح لنفسه ما كان لها قد زان، ومما قال في ذلك(1):" ثم إني لم أزل مع الزمان في تفنيد وعتاب، حتى رضيت من الغنيمة بالإياب، ... ولما وقفتُ على الجملة بالتفصيل، وتحققت أن الآمال سوفت بالأباطيل، أغمضت عما هو بيد الزمان، وقبَّحت للنفس ما كان قد زان، وقد نبذت المرام إليه، وقلت: خذه غير مأسوف عليه، فَسَخَت النفس بما زاد عن الزاد، ولم يبق لي من الأماني سوى الرجوع إلى أوطاني".
... ثم جسَّد ما لحقه من الألم شعراً فقال(2):" ولما تزايد ما بي من الألم، ولم يبق مني عضو إلا وبه ألم، توسلت في تلك الحال، إلى العلي المتعال، أن يردّني إلى حرمه، بمنه وكرمه، وكثيراً ما كنت أتوسل بهذه الأبيات:
إلهيَ، طال بُعديَ واغترابي ... ... وفي جنح الدجى طال التهابي
ونحو أحبتيْ قد زاد شوقي ... ... لأهليَ والأقارب والصحابِ
إلهي، قد وهى جلَديْ وصبري ... ... لميليَ نحو هاتيك الشعاب
إلهي، من سواك بنا رحيم ... يوفّقنا إلى سنن الصواب
إلهي، أنت أولى من عفا عن ... ... ذنوب مثلِ أعداد التراب
إلهي، جد بقربٍ عن قريب ... ... ومُنَّ على ذهابيَ الإياب
إلهي، واقضِ ليْ يا خير قاضٍ برؤيا سفح هاتيك القباب
... واعتذر كبريت عما في تعبيره عن خيبة أمله من قسوة؛ لأنه تعبير عن تجربة شعورية مُرَّة، فقال(3):" فيا ناظراً إلى ما جرى به القلم، من تسطير المشقة والألم، ليس من شرعة العقل سرعة العَذْل؛ فإن من عيَّر شخصاً ابتلي بدائه، ومن حكم الأقضية فقد أزرى برأيه، وإنما هذه نفثة مصدور،جواباً لسؤال مقدّر أو مذكور، حيث الأيام فرص مغتنمة، وغصص مقسَّمة، نسائمها سمائم، ومغانمها مغارم".
__________
(1) 32)ص/183
(2) 33) ص/185
(3) 34) ص/184(1/147)
... وعندما أتم كتابة الرحلة وضَّح بكل جلاء أنها نتاج قلب مكسور، وفؤاد مصدوع، ويرجو من المنصف المعذرة فيما طغى به القلم، أما الحاسد فهو لا يفتأ يبحث عن السقطات، فقال معبراً عن ذلك(1):" هذا آخر هذه الرحلة المكتوبة، ولله الحمد على فراق تلك الأوقات المتعوبة، فليكن محمولاً على متن الحلم كلامُها الموضوع، فقد علم الله تعالى أنها صدرت عن قلب مكسور، وفؤاد مصدوع، ... .فالمرجو من ذوي الإنصاف، والمعصوم عن وصمة الاعتساف، المعذرةُ فيما طغى به القلم، وزلت فيه القدم، على أن المعترض مصاب وإن أصاب:
وليس اعتقاد المرء ما خط كفه كما أن حاكي الكفر ليس بكافرِ
على أن الحاكم بالتخطئة لا يخلو من حسد أو عناد، ولا ينجو من هوى يعدل به عن سبيل الرشاد، وعسى أن يظفر بمخرج صالح لو دقّق النظر، أو يقف على منهج واضح إن لاحظ المقصد المعتبر، ولكن من جُبلت جبلّته بماء التعسف، وخمرت طينته بالعناد والتكلف، لا يزال يرفع عن قبول الحق شامخ أنفه، وإن أوتي الحق الصريح الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه".
... والخلاصة أن ( رحلة الشتاء والصيف) عمل أدبي رائع جمع فيه مؤلفه بين أدب الرحلات، وبَرَز فيه حسن ذوقه في اختيار شعر غيره، وضمّنهُ كثيراً من شعره، وعبّر فيه عن ألمه وأمله، وارتقى فيه بجمال العبارة، إضافة إلى وصفه للديار والآثار والرجال، ففيه تنوع ممتع، وقد قرَّظ هذه الرحلة أحد شعراء زمانه بأبيات كتبها على غلاف الرحلة وهو الشاعر حسين بن عبد الملك العصامي (والد عبد الملك العصامي، صاحب كتاب سمط النجوم العوالي) في قوله مخاطباً محمد كبريت(2):
جمَعْتَ في رحلة أنشأتها أدباً وكان من قبلُ فيه أيُّ تشتيتِ
وقد أقرَّ لك الراوون حين بدت ... تميس في حُلّتيْ درّ وياقوتِ
لا تعجبوا أن جَلَتْ عنكمْ غياهبكم ... فإنها جذوة من نار كبريت
شعره:
__________
(1) 35)ص/248
(2) 36) ابن معصوم:سلافة العصر/276.(1/148)
... لقد عرضنا سابقاً نماذج من شعر كبريت تظهر شيئاً من شاعريته، وهو واحد من شعراء الحجاز في القرن الحادي عشر الهجري، وقد درستُ شعره ضمن دراستي للشعر الحجازي في القرن الحادي عشر، ولم أجد من ذكر له ديواناً ممن ترجموا له، وقد يكون له ديوان، فهو له شعر كثير في مؤلفاته، وفي مصادر ترجمته وهناك شعر لم ينسبه لنفسه في بعض مؤلفاته وإن كان السياق يدل على أنه له كالأبيات التي أنشدها في مقدمة كتابه" الجواهر الثمينة في محاسن المدينة" التي مطلعها(1)
بلدة ما رأيتها قط إلا قلت: هذي أرضي ومسقط رأسي
لستُ أشكو بها من العيش إلا ... أنني لا أزال في جلاسي
بذلوا لي مع السماحة ودًّا ... وهو منهم يزيد في إيناسي
وكقوله(2):
لست آسى على تفرق شملي ... غير قبري بأي أرض يكون
أبأرض البقيع تحت تراب ... ... فيه جدّي ووالدي مدفون
بين قوم أعزَّةٍ في حماهم ولهم عند ربهم تمكين
... أم بأرض أخرى، فياليت أني ... في سوى أرض طيبةٍ لا أكون؟
... تلك أرض لخاطري مثل ليلى ... وفؤادي بحبها المجنون
... وثراها لمقلتي إن تراها ... إثمد منه تستنير العيون
... إن ظني بخالقي لجميل ... ليس في مثله تخيب الظنون
فالنَّفَس العام لهذه الأبيات فيه طابع شعره: في حبه للمدينة، ووصفه لأماكنها، ويرجح ذلك أن بعض هذا الشعر (الذي نغلّب أنه له) قد ورد منسوباً إليه في مؤلفات غيره، وإن لم ينسبه لنفسه في مؤلفاته، وهذا النوع من الشعر يوجد في كتبه وبخاصة "الجواهر الثمينة في محاسن المدينة" وفي رحلته، وفي كتابه" المطلب الحقير" وكتابه "نصر من الله وفتح قريب" وهو في بعض الأحيان يصرح بشعره بقوله" قلت في ذلك وإن لم أكن هنالك".
__________
(1) 37) الجواهر الثمينة في محاسن المدينة1/118.
(2) 38) المصدر نفسه 1/171.(1/149)
... ويدور ما ورد من شعره في المصادر حول المدينة المنورة، وحبه لها، وشوقه إليها، ووصف بعض أماكنها، وفي فخره بنفسه، وفي مدح بعض العلماء، وفي الحكمة، والإخوانيات، وفيه غزل قليل، وليس له مدح أو هجاء بالرغم من حاجته للمدح والهجاء لما سبق أن ذكرنا من علاقته بمجتمعه، ولكنه كان ذا نفس كريمة، تأبى الذل وتترفع عن الابتذال، وتكرم نفسها عن ذم الناس وإن نالوا منه، وهو يتفق في هذا مع شاعر المدينة المعاصر له محمد بن رسول البَرْزَنجي(ت 1103هـ) وهو من أبناء عمومته أيضا الذي عبّر عن ترفعه عن هجاء من نالوا منه بقوله في قصيدة من عيون الشعر في مكارم الأخلاق(1):
وكل حكيم مبتلى أي بجاهل ... ولو أنه لقمان أو هو أحكم
وإني علتْ بي همتي مفرق السها ... فلست لجيفات الدّنى أتشمَّم
وقد اقتصر مدح كبريت على العلماء، كقصيدته في مدح شيخ الإسلام يحيى بن زكريا بن بيرام حين قصده في القسطنطينية شاكياً إليه سوء الأحوال في المدينة المنورة، ومطلعها(2):
... الجودُ بالجاه فوق الجود بالمال فكيف بالجود بالأمرين في الحالِ
... وذاك فيمن سَمَا قدراً ومرتبة ... وخص باليُمن في حال وفي قال
... حبر العلوم ومن أضحت براعته ... تهدي إلى الحق في حل وتَرْحال
ومن شعره في الحكمة قوله في قيمة العلم والمال(3):
... ... قيمة الإنسان بالعلم كما قيمة العلم بمال مسعدِ
... ... فاسعَ في تحصيل كل منهما فهما للمرء أهنا موردِ
وقال في صيانة العلم عن الابتذال(4)بمناظرة الجهول:
... وإذا جلست مع الرجال وأشرقت في جوّ باطنك المعاني الشرَّدُ
... فاحذر مناظرة الجهول فربما تغتاظ أنت ويستفيد فيَحْسُدُ
تذوقه واختياراته:
__________
(1) 39) انظر القصيدة في كتابي : الشعر الحجازي في القرن الحادي عشر2/643
(2) 40) ابن معصوم: سلافة العصر/257 وانظر الشعر الحجازي 2/598.
(3) 41) الجواهر الثمينة2/554.
(4) 42) ابن معصوم:سلافة العصر/285 وغيره.(1/150)
... كما أن كبريت كان عف اللسان واليد فهو عف القلم أيضاً، فقد ابتعدت عباراته وشعره عن الألفاظ النابية حتى مع الذين ضايقوه أو ذموه بل اتهموه في دينه بتهمة الإلحاد، ولم يزد في رده عليهم عن قوله(1):" على أن الحاكم بالتخطئة لا يخلو من حسد أو عناد، ولا ينجو عن هوى يعدل به عن سبل الرشاد، وعسى أن يظفر بمخرج صالح لو دقق النظر ... ".
... ومن أفضل ما قيل في الدفاع عنه ما قاله الزركلي حين ترجم له في الأعلام حيث قال(2):" ووصمه بعض معاصريه بالإلحاد على عادتهم فيمن خالف أساليبهم في البحث" وكل ذلك برز في كتب كبريت كلها فلم ينل ممن نالوا منه، ولم يسف في عباراته حتى إذا لمّح لشيء من ذلك لمّح بأسلوب عف راق، وقد امتاز في كتبه بإبداء رأيه فيما كَتَبَ عنه، وبذكر الرأي وضده، فحيناً يرجح، وحيناً آخر لا يرجح، وامتاز أيضاً بالحياد عند إيراده آراء الآخرين، والأدب الجم معهم، واستشهد على نهجه هذا بقول الشاعر(3):
... هذا اختياري فوافق إن رضيت به أوْ لا فدعني ومن أهوى وأختار
وفي كتابه "الجواهر الثمينة في محاسن المدينة" أمثلة كثيرة لذلك.
... وهو في اختياراته الشعرية يفوق شاعريته، وتدل تلك الاختيارات على سعة حفظه من الشعر الذي ملأ به كتبه كالجواهر الثمينة في محاسن المدينة، ورحلته، ونصر من الله وفتح قريب، والمطلب الحقير، وغيرها فما طرق موضوعاً فيها إلا أورد فيه شعراً في الشيء وضده، ومن مختلف القرون السابقة له(4).
__________
(1) 43) رحلته/248.
(2) 44) الأعلام6/240.
(3) 45) انظر الجواهر الثمينة1/184.
(4) 46) انظر مثلاً ما أورده في العلم ، الجواهر الثمينة 2/551.(1/151)
... إن محمد كبريت أديب في مؤلفاته من حيث نزاهة الرأي، واحترام الرأي الآخر، والسمو بالكلمة، وحسن اختيار الشواهد، والتعالي عن النيل من الآخرين، فهو أديب في نفسه، وأديب في قلمه، وصاحب نَفَس أدبي في أسلوبه في كل مؤلفاته، التي جمع فيها بين رقة العبارة، ودقة المعنى، وتلك قدرة لا يمتلكها كثير من المؤلفين والكتَّاب.
مؤلفاته:
... ألف كبريت مؤلفات بديعة كما قال عنه المحبي في خلاصة الأثر(1)أو هي " مؤلفات وسام، كأنها في فم الزمان ابتسام" كما قال ابن معصوم في سلافة العصر(2)وقال عنها الحموي في فوائد الارتحال ونتائج السفر(3):" وكلها مقبولة متداولة ، وقد وقفت على غالبها وطالعته فوجدته أحسن الجمع فيها جداً".
... وقد أحصيتُ له (19) كتاباً بعضها مطبوع، وأكثرها مخطوط، وبعضها لم أجده ولكن ذكرته مصادرُ ترجمته والكتبُ التي عُنيت بالتعريف بالمؤلفات، والمطبوع منها(4) فقط، وقد وضحت ما طبع منها وما هو مخطوط، وما نصَّ عليه مترجموه أو المعنيون بالتعريف بالمؤلفات(4)، وذلك كله في تقديمي لكتابه الجواهر الثمينة في محاسن المدينة الذي حققته ونشرته، وسأقتصر هنا على(4) منها لصلتها بأدبه الذي هو مجال البحث:
1- رحلته وقد سماها رحلة الشتاء والصيف، وقد سبق الكلام عنها.
__________
(1) 47) 4/28.
(2) 48) ص/257.
(3) 49) 1/ورقة 133.
(4) 50) انظر تفصيل ذلك في مقدمتي للجواهر الثمينة 1/26-30.(1/152)
2- الجواهر الثمينة في محاسن المدينة، وقد وفقني الله لتحقيقه ونشره في عام 1419هـ (1998م) وهو يأتي في منظومة الكتب التي ألفت في فضائل المدينة المنورة وإن كان المؤرخون صنفوه من كتب التاريخ، والجغرافيون صنفوه من كتب الجغرافيا، والأدباء صنفوه من كتب الأدب، ولو صنف من كتب الزراعة أو الفلك أو الاجتماع لكان ذلك ممكناً يضاف إلى ذلك كثرة استطراداته واحتواؤه على (325) حديثاً نبوياً أكثرها في فضائل المدينة، وعلى(88) أثراً و(92) كتاباً ذكرها في متنه ناقلاً عنها و(37) مسألة طبية أكثرها يتعلق بالماء والتمر وغير ذلك مما وضحته في الفهارس التي ألحقتها به.
... وقد قسّمه مؤلفه إلى مقدمة فمقالتين جعلهما في أبواب، فخاتمة، وخصص المقالة الأولى لمحاسن المدينة في المكان بحيث ذكر محاسن كل مكان في المدينة الطاهرة من جميع الجوانب، وخصص المقالة الثانية لمحاسن المدينة في الزمان، وذكر فيها ما يكون في المدينة من مناسبات خلال شهور السنة العربية أو فصولها وبروجها ثم أنهى الكتاب بتتميم فيما أسعد الله به أهل المدينة، فخاتمة فيما حصل لهم من شرف الجوار، ذاكراً شمائلهم وما لهم من حق الرعاية، واضعاً منهجاً لمن أراد المجاورة بها، وجاء في أثناء ذلك كله باستطرادات استدعتها الحاجة وكانت من جنس حشو اللوز ينج كما قال.
... وتظهر في الكتاب ثقافة المؤلف الواسعة في مختلف الفنون التي طرقها، ومما يحمد له فيه حياده عند إيراد الآراء ونسبة كل قول لقائله في المسائل التي فيها رأي، وقد يؤخذ عليه إيراد الآراء المتضاربة ، ولكنه نهج اتخذه لنفسه، تاركاً للقارئ أن يميل إلى ما يراه.(1/153)
... أما سبب تأليفه فهو كرَّة أخرى منه، بعد إخفاقه في رحلته عام 1039هـ، فقد ألفه سنة 1048هـ وضمنه الشكوى المرَّة مما لحق به من مجتمعه، وصرح فيه في أكثر من موضع أن شكواه من ثقل الدَّين، مورداً فيه ما حصل من تجاوز الكتَبَة والقضاة وشيخ الحرم في توزيع ريع الأوقاف والصدقات، وكان يطمح أن يندرج كتابه في خزائن السلطان العثماني مراد بن أحمد خان، ولكن الثريا كانت أقرب تناولاً من ذلك المرام، فسلك طريقاً آخر وهو إهداؤه لشعبان بن ولي الدين النَّوَسِيلي البوسْنَوي قاضي مصر إذ ذاك الذي حج سنة 1047هـ فتعرف عليه كبريت ولذا أهدى إليه الكتاب حين ألفه سنة 1048هـ.
غير أن كبريت الذي أخفق سنة 1039هـ ولم تثمر رحلته السفرية سوى رحلته المكتوبة (رحلة الشتاء والصيف) قد تكرر إخفاقه في محاولته الثانية ولم تكن لتلك الشكوى الثانية من ثمرة سوى كتاب الجواهر الثمينة الذي بقي أثراً له، وتاريخاً لحياته ومجتمعه.
3- نصر من الله وفتح قريب، وقد طبع طبعة قديمة، وله عدة نسخ مخطوطة، والباعث لكبريت على تأليفه أن درويش مصطفى بن قاسم النابلسي نزيل المدينة (ت1080هـ) نظم في مجاورته سنة 1032هـ أبياتاً في مدح مكان بناه شيخ الحرم المدني، فلما شاعت الأبيات السبعة وقف عليها فتح الله بن النحاس الحلبي الشاعر المعروف _ وكان مجاوراً بالمدينة_ فهزئ بها، وألف رسالة سمَّاها ( التفتيش عن خبالات درويش) فألف كبريت كتابه (نصر من الله وفتح قريب) انتصاراً لدرويش، شارحاً كل بيت من حيث اللغة والعروض والمعنى والمحسنات البديعية، وفي البيت الأخير زاد وجهاً عن فن التاريخ والتَّعْمِية، وقد أورد المؤلف في كتابه كثيراً من الأشعار والتراجم لمعاصريه وسابقيه، وكثيراً من الاستطرادات المفيدة، ومخطوطته في مكتبة عارف حكمت(214) ورقة، وفيها من العناية بكتابتها وحسن خطها وتلوينها ما يشد الانتباه أما مخطوطة جامعة الملك سعود فهي في 336ورقة.(1/154)
4- المطلب الحقير في وصف الغني والفقير وتوجد منه نسخة مخطوطة في جامعة الملك سعود أوراقها 142 ورقة ، وهو من أعجب كتبه، ويكمل فيه ما تناوله في رحلته وفي كتاب الجواهر الثمينة من صراع الناس على حطام الدنيا، ويغني عن الإطالة في وصف الكتاب ما قاله مؤلفه في أوله(1):" وقد بنيتُ هذا الكتاب العجيب الخطاب على أربعة أبواب، الباب الأول في الفقر المُظْلم، الباب الثاني في الفقر المُشْرق، الباب الثالث في الغنى المفسد، الباب الرابع في الغنى المسعد، وسميته المطلب الحقير في وصف الغني والفقير، وحقيقته رمز في غمز، وإشارة في عبارة، وهداية إلى كفاية" وقال في آخره(2):
... لِلّه تأليف غدا جامعاً ... ... بين النقيضين لمن يعقل
... جامعه أغرب في نقله ... ... لكنه لم يدرِ ما ينقل
د.عائض الردادي
المدينة المنورة
في عيون أدباء شبه القارة الهندية
د. سمير عبدالحميد إبراهيم
مدخل
__________
(1) 51) ورقة/3.
(2) 52) ورقة 142.(1/155)
كتب أدباء شبه القارة الهندية خواطرهم عن أسفارهم إلى الأماكن المقدسة، إلا أنهم سطروا هذه الخواطر في البداية باللغة الفارسية، وهكذا كتب الشيخ عبدالحق محدث دهلوي رحلته بعنوان جذب القلوب إلى ديار المحبوب، عن زيارته للأماكن المقدسة سنة 997هـ / 1589م، كما كتب شاه ولي الله الدهلوي صاحب كتاب حجة الله البالغة عن رحلته للحج ضمن كتابه "فيوض الحرمين" سنة 1140هـ/1728م وتضمنت كتابته شرحا لآيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية والقضايا الفقهية فلم يكن هدف الشيخ الكتابة عن صعوبات السفر أو وصف مشاهداته بل كان هدفه تبليغ الدين، ويذكر أن هناك رحلة لخواجه محمد معصوم الذي سافر إلى الحج مع سبعة آلاف حاج، ولم يكتبها بنفسه بل كتبها خواجه محمد عبد الله باللغة العربية بعنوان "يواقيت الحرمين" ثم ترجمها إلى الفارسية الشيخ محمد شاكر بن مولانا بدر الدين السرهندي بعنوان "حسنات الحرمين" ثم ترجم الرحلة بعد ذلك سيد زرار حسين شاه النقشبندي بعنوان "معصومية"، ورغم أن القرن 12هـ/18م شهد تطور النثر الأدبي الأردي إلا أن الغلبة ظلت للغة الكتابة الفارسية وهكذا كتب رفيع الدين المراد آبادي تلميذ شاه ولي الله الدهلوي رحلته بعنوان مشاهدات حرمين شريفين أو سوانح حرمين وقد ترجمت فيما بعد إلى الأردية.
ظل الأدباء يكتبون بالفارسية حتى في أوائل القرن 13هـ/19م فها هو نواب محمد مصطفى خان شيفته شاعر الأردية والفارسية يكتب عن رحلته إلى الحج (1254- 1256هـ) كتابا بعنوان ترغيب السالك إلى أحسن الممالك وقد ترجم إلى الأردية فيما بعد.
المدينة المنورة في كتابات الهنود الأوائل:(1/156)
ترجع أهمية ما كتبه الأدباء عن أسفارهم تلك، والذي اندرج تحت النمط الأدبي المعروف بأدب الرحلات، إلى الفترة التاريخية التي كتبت فيها والمعلومات التي يمكن الاستفادة منها، وعلى سبيل المثال تطالعنا رحلة لمحمد عمر خان الذي قدم للحج سنة 1297هـ / 1880م، وهي مكتوبة بلغة أردية يغلب عليها استخدام التعبيرات الفارسية، ووردت فيها معلومات مهمة منها قوله:
"على كل حاج احتياطا أن يقلل من استخدامه للحم والدهن والسمن، وعليه أن يأخذ معه السمن من الهند، وعلى الحاج أيضاً ألا يخرج إلى أي مكان في الليل، وللسفر إلى المدينة المنورة يدفع الحجاج من الطائفة الاثنى عشرية بالإضافة إلى الأجرة ريالين لإطعام الناقة ويدفع الحجاج من السُّنَّةِ ريالا.."
كما كتب سيد كاظم في رحلته " حرمين شريفين " يصف مشاهداته في المدينة: "في جيوب أهل المدينة ساعات أستنبولية، والغروب هنا يكون في تمام الساعة الثانية عشرة، ولا تطلق المدافع هنا كما يحدث في بلاد الهند، والنساء هنا حين يخرجن من بيوتهن يلتزمن الحجاب من الرأس إلى القدمين.."
ولم يكتف الأدباء بوصف مشاهداتهم في المدينة فقط بل تنوعت موضوعاتهم واتسعت،ومثال ذلك ماورد في كتاب الشيخ حسين أحمد مدني عن أوضاع المدينة خلال المواجهة بين شريف مكة والأتراك وحصار رجال الشريف للمدينة:(1/157)
" بعد انقضاء العيد كان أهل المدينة كلهم على وشك الهلاك جوعا فذهبوا للحكام (الأتراك) واشتكوا لهم وقالوا لم يعد لدينا طعام وقد ذبحنا ما كنا نركب من أنعام ولم يعد لدينا منها ما نشرب من الحليب كما نفذ مخزون الحبوب، فتصرفوا.. إننا نموت جوعا فقال الحكام: حسنا، سوف نسمح لكم بالذهاب من باب ابن عباس من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الثانية عشرة وطالما كنتم داخل حدودنا فلن نصيبكم بأذى ولكن إذا أصابكم رجال الشريف بضرر أو أذى فلسنا عنكم بمسئولين (1).
وقد ورد في هذه الرحلة أيضاً خبر اعتقال الشيخ محمود الحسن الذي هاجر من ديوبند إلى الحجاز فاعتقل وأرسل إلى مالطا.
أما إلياس برني فقد سطر في رحلته "صراط الحميد" ما شاهده بأم رأسه، وألقى الضوء على العلاقة بين الأتراك وشريف مكة شاكيا من الوضع المتردي نتيجة للمشاكل القائمة بين الأتراك وشريف مكة:
"المدينة دار الحبيب هي اليوم مدينة مظلومة، ومكة المكرم بفضل الله آمنة، لكن منذ عدة سنوات، ونتيجة للإضرابات التي حدثت تعرضت المدينة المنورة باستمرار للهجوم وظلت الأموال تسلب والأرواح تزهق، بل تعرضت بعض أحيائها للقصف بالقنابل، ودمر البعض الآخر، وما حدث أثر كثيرا على الحجاج، وإذا نظرت إلى الحرم الشريف، وجدت العباد الزهاد، كبار السن، ممن فقدوا أقاربهم وأحباءهم من الشباب في المعارك..
وقد قام الأتراك بوقف المنح والإعانات، وخفضوا الدعم، وما كانوا يقدمون من أجل دعم الخدمات..
استند هؤلاء العباد الزهاد على الأعمدة، يحاولون ضبط مشاعرهم وسط جو القتال والحرب، يجلسون في وقار، ويعبرون عن أحاسيسهم وما يجول بخواطرهم في اقتضاب شديد، إذا ما وجدوا من يتعاطف معهم ولو من بعيد"(2).
__________
(1) الرحلة بعنوان سفرنامه حجاز ومصر انظر 129ص طبع مكتبة محمودية لاهور 1974م
(2) إلياس برني صراط الحميد طبع أعظم حاجي حيدر آباد الهند 1928م ص 187(1/158)
أثر تطور النثر الفني في الأدب الأردي على أسلوب الأدباء وهم يصفون مشاعرهم عن بالمدينة المنورة، فعبر عبد الماجد الدريابادي عما في قلبه، وهو يودع المدينة بعد زيارته للحرم النبوي الشريف:
"منظر وداع المدينة منظر خاص ... العيون مغرورقة بالدموع، والآهات على الشفاه، والوجوه مضطربة، والبعض قد أصابه شعور خاص، وصل أحيانا إلى حد الإغماء وفقدان الوعي، وهذا هو حال السمع والبصر أيضاً، لكن ماذا أقول عن إنسان قسا قلبه، مثل هذا الشخص يختلف حاله بالضرورة عن الجميع .. في روضة الجنة، وعلى مصلى المصطفى وأثناء الدعاء تطرأ على القلب رقة، لكن بعدها تضيع هذه الرقة.. أما الألم وصدمة الفراق فشأنهما شأن آخر.."
المدينة في أوئل القرن الرابع عشر الهجري /20م
في سنة 1321هـ/1903م زار نواب حاجي أحمد حسين خان (أمير منطقة حسن بور مراد باد) الجزيرة العربية ومصر، وقد وصف المدينة المنورة وصفا دقيقاً في رحلته سفرنامه حجاز ومصر، ومما جاء في وصفه:
".. المدينة المنورة مدينة طيبة، ورد وصفها على لسان النبي المبارك صلى الله عليه وسلم، وللمدينة بوابات وأسوار عالية، السور الأول عليه أبواب العنبرية، والقبا، والكوفة، والطوابي، والسور الثاني عليه خمسة أبواب: المجيدي، والجمعة، والشامي والصغير، والمصري.
ويبلغ تعداد سكان المدينة المنورة سبعون ألف نسمة تقريباً، منهم عشرون ألفا أو أكثر قليلا من الشيعة الذين يسكنون خارج المدينة، يتولون أعمال الكراية والبساتين وغيرها(1) والسوق ليست كبيرة كما أنها ليست واسعة وتوجد فيها محلات من كل نوع، وأصحاب الدكاكين أيضاً من كل جنس، وهم على خلق طيب، وتوجد كل أنواع الخضار والفاكهة والماء هنا كثير جدا، وفي كل بيت تقريبا يوجد بئر، وهناك نهر يسمى نهر بير خانم يبعد عن المدينة مسافة كوس، شقه السلطان سليم وماؤه عذب.
__________
(1) الرحلة 142وما بعدها(1/159)
وفي المدينة المنورة مكتب بريد وبرق أيضاً وتوجد بها أربطة (رواق خانه) يصل عددها إلى أربعمائة رباط، ولكل بلد رباط خاص به مثل الرباط المصري، والرباط الشامي، والرباط البخاري، والرباط التركي والرباط الهندي، والرباط الحيدر آبادي وغيرها.. ويسكن في هذه الأربطة مجانا أهل كل بلد، والمستشفى هنا كبير جدا، ومديره هو أمين أفندي الذي يعمل معه جراحان مع أربعة مساعدين، وقد درس أمين أفندي الطب باللغة الفرنسية والتركية والعربية، والجميع هنا يمتدحونه وهو رجل مهذب وعلى خلق(1).
تكثر البساتين في المدينة وهناك 127 نوعاً من أنواع التمور منها العجوة وهو معجزة المدينة، ويعد من أفخم أقسام التمور وأغلاها ومنها أيضاً الشلبي، والبرني، والصفاوى، والحلوة، واللبانة، والشرقية والرباعي، والسوكي، والبيد، والبترجلي، والمجهول، والسبع، والأفندية وغيرها(2)والعنب في المدينة لذيذ وثمنه زهيد، وهناك أنواع كثيرة من الليمون والنارنج..
تنتشر بالمدينة بساتين النخيل التي تزرع فيها أشجار أخرى والزراعة بالمدينة مزدهرة تقوم على الري كما يوجد سمن البقر والماعز.." (3) وقد فصل الكاتب الحديث عن المساجد الموجودة داخل المدينة وخارجها كما وصف البقيع(4) ولم يفته ذكر الألفاظ التي يكثر استخدامها على ألسنة البدو لما في ذلك من فائدة للمسافرين ومن أمثلة ما ذكره:
"اركب / انزل / اول قدم / ميزان بطال / سوا سوا (كتبها سباسبا) ومعناها بالتساوي، برابرا (كتبها باربار) هيا هيا (كتبها حي حي) وهكذا.
وصف لجوانب الحياة في المدينة المنورة:
__________
(1) الرحلة ص143
(2) الرحلة ص 143
(3) الرحلة ص 146
(4) الرحلة ص 147(1/160)
يعد القاضي محمد سليمان سلمان المنصوري بوري من علماء الهند الكبار كتب رحلته بعنوان سفرنامه حجاز ونشرها سنة 1342هـ/1924م ومثله مثل بقية علماء وأدباء شبه القارة اهتم أيضاً بوصف المدينة المنورة، وقد تنوعت اهتماماته عن المدينة: تاريخها والحياة الاجتماعية فيها، وسكانها، والحرم النبوي والمباني المحيطة به، والمآثر الإسلامية داخل المدينة وخارجها، وعلماء المدينة ومدارسها، والبقيع وطائفة البهرة في المدينة، وهذه ترجمة بعض ما كتبه المؤلف عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية في المدينة المنورة:
".. البيوت في المدينة المنورة مشيدة بالحجارة، والمباني جميلة وإن كانت أقل مستوى من بيوت مكة، وحواري المدينة المنورة القديمة ضيقة، ويعتقد أن هذه كانت وسيلة لتجنب أشعة الشمس، والبيوت من الداخل فسيحة، ويمكن تقسيم سكان المدينة الأصليين إلى قسمين من حيث هيئتهم ولون بشرتهم: القسم الأول: ويضم العرب الشرفاء والقسم الثاني: ويضم السودانيين.
وشرفاء العرب أولادهم حسان الوجوه، يعلو وجوههم بياض تشوبه حمرة، إذا ما نظرت إليهم حسبتهم من كشمير، والحياة الاقتصادية هنا مستواها طيب، فهي حياة كحياة الأمراء، والبيوت نظيفة جدا والمجالس معدة داخل كل بيت ومزينة، والغرف مفروشة بالسجاد، وفي جوانبها الأربعة صفت مساند مغلفة بأغلفة بيضاء ووضعت أيضاً وسائد مزدوجة، بينها مسافات بسيطة، نظمت على شكل مربع في شكل دائري، وتناول الشاي في هذه المجالس أمر عادي كما يروج أيضاً تدخين السجائر، ويتحدث الناس هنا وينطقون اللغة العربية بطريقة صحيحة، ويراعون في كلامهم قواعد النحو العربي، فأهل المدينة أكثر تعليما من أهل مكة.
وقد تركت الحرب أثرها على المدينة بوضوح، وبعد تراجع الجيش التركي، قام البدو بنهب وسلب البيوت الخالية من السكان، وذلك لمدة يومين أو ثلاثة، وهكذا فقد الناس ممتلكاتهم ومحتويات بيوتهم..(1/161)
ويتصف أهل المدينة عموما بالخلق الطيب والتواضع الجم، ترى عندهم الطعام الوفير، ويوجد عندهم التمر بكثرة، ومن أشهر أنواع التمور العنبري، وهو بطول الإصبع وفي حجم الموز الصغير، أما النوع الثاني وهو العجوة فقد ورد ذكره في الأحاديث النبوية بكثرة وفي الصحيحين: "من تصبّح بسبع تمرات عجوة لم يضره اليوم سم وسحر" وفي صحيح مسلم أن عجوة العالية شفاء وأنها ترياق أول البكرة ويباع في السوق بثمن مرتفع ... والنوع الثالث هو البرني وفي رواية الإمام أحمد "خير تمركم البرني يخرج الداء ولا داء فيه " رواه الحاكم أيضاً، وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم قال مخاطبا وفد عبد القيس ما معناه إن البرني يوجد في السوق بكثرة ويؤكل كثيرا وهو حلو لذيذ(1).
وقد وصف صاحب العلامة القاضي محمد سليمان المنصوربوري المباني المحيطة بالحرم النبوي فذكر أن " حول الحرم النبوي من الجانب الغربي دار قضاء عمر الفاروق رضي الله عنه، ودار تميم الداري رضي الله عنه ولا يزال اسمه مكتوبا عليها هكذا: " تميم بن الأوس بن خارجة وكنيته أبو رقية (ورقية ابنته) كان نصرانيا وأسلم في السنة التاسعة للهجرة بعد أن عرف أن شمائل وأوصاف النبي صلى الله عليه وسلم مطابقة لما جاء في التوراة والإنجيل، سكن المدينة حتى زمان شهادة عثمان رضي الله عنه فذهب إلى الشام(2) وفي الجانب الشرقي من المسجد النبوي عدة مبان تاريخية منها:
ـ مشهد عثمان وهو البيت الذي استشهد فيه عثمان رضي الله عنه، وهو يقرأ القرآن الكريم، والبيت محاذ للركن الجنوبي الشرقي للمسجد النبوي، وبينهما مسافة طريق عرضه 15قدما.
__________
(1) الرحلة 174
(2) الرحلة 217(1/162)
ـ وبالقرب منه بيت أبي أيوب الأنصاري الذي سكنه النبي صلى الله عليه وسلم حين وصل إلى المدينة مدة ستة أشهر، واسمه خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة من بني النجار، واستشهد سنة 51 هجرية وهو يجاهد تحت جدار القسطنطينية، وهناك بني مسجد أطلق عليه جامع أبي أيوب الأنصاري(1)
ـ أما دار عمر فتقع خلف المسجد النبوي وهي الآن حديقة صغيرة، تطل عليها نوافذ المسجد وقال لي أحد المعلمين أن بالحديقة شجرة Margosa (وهي شجرة يصنع من غصونها السهام) أحضرتها معها نواب سلطان جهان بيغم حاكمة بهوبال من الهند وزرعتها هنا.
ـ ويتصل بالحديقة بيت أم المؤمنين حفصة بنت عمر الفاروق (وقد ضم الآن إلى المسجد حين قام بتوسعته قايتباي خان)
ـ ويتصل بالحديقة أيضاً دار العشرة المبشرين بالجنة..
ـ ويليها مكتبة شيخ الإسلام، قسطنطينة (هكذا في الأصل-والمقصود الشيخ عارف حكمت من القسطنطينية) والمبنى جميل جدا مفروش بالسجاد، ومجهز بالمساند الوسائد ويوجد في الخزائن ذات الزخارف الجميلة أكثر من سبعة آلاف كتاب، وفي فناء المكتبة حديقة صغيرة تتوسطها نافورة، ويعمل بالمكتبة فتيان أحدهما يعمل من الصباح حتى الظهر والآخر من الظهر حتى المغرب وقال لي أمين المكتبة إن هذا الموضع كان بيت الحسن بن علي رضي الله عنهما، ولكن بعد دراسة وتحقيق عرفت أن هذا كان موضع بيت للإمام حسن العسكري(2)
كان هذا بعض ما سطره المؤلف عن مشاهداته في المدينة المنورة التي غادرها متجها إلى ينبع في 24 محرم سنة 1340هجرية.
المدينة المنورة في منتصف القرن الرابع عشر الهجري :الملك عبدالعزيز في المدينة المنورة
__________
(1) الرحلة 218
(2) الرحلة 222 ، والمكتبة التي يتحدث عنها هي مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت، وتوجد الآن ضمن مكتبة الملك عبدالعزيز.(1/163)
سافر العلامة عبد الماجد الدرياآبادي لأداء فريضة الحج فسطر ذكرياته في كتاب نشره باسم سفر حجاز، وهو أديب وصحافي، كان مديرا لمجلة سج أي الصدق وقد سافر سنة 1349هـ/1931م ويهمنا هنا أن نذكر رأيه فيما يحدث في الحرم النبوي، فبعد أن أشار إلى وجود عدد من المهاجرين الهنود الذين استوطنوا المدينة المنورة، ومنهم الشيخ سيد أحمد الفيض آبادي شقيق مولانا حسين أحمد الذي ترك وطنه منذ أكثر من 25أو 30 سنة (عام 1349هـ) وقدم إلى ديار الرسول، وانشغل بخدمة خلق الله صباح مساء، محتسبا ذلك لوجه الله، بعدها فصل المؤلف الكلام عن حرس وزوار المسجد النبوي آنذاك:
" بعض الحراس لهم أمزجة مختلفة، منهم الصلب شقي القلب الذي يدفع الناس دفعا، ولا يتورع عن ضربهم بالخيرزان، بل لا يتورع عن الإمساك بالنساء ودفعهن دفعا، وبعضهم طيب القلب، متسامح، يكسر القانون من أجل راحة الزوار أحيانا، ولا يتكلم بل يرتل آيات الذكر الحكيم، وبعض الحراس يكون متشددا في البداية ثم يتسامح وكأنه حجر تحول إلى شمع، وبالإضافة إلى الحراس ـ وربما تحت إشرافهم ـ يوجد بضعة رجال من هيئة الأمر بالمعروف يمسكون بالعصي في أيديهم، ويستخدمون ألسنتهم وأيديهم معا لتطبيق الشريعة الحقة ـ من وجهة نظرهم ـ داخل حدود الحرم، بينما كان هجوم الزائرين شديدا لدرجة أن بعضهم كان يتساقط هنا وهناك ... وعلى كل حال كان المزورون يقومون بإرشاد الزائرين في مجموعات، يقرأ المزور الصلاة والسلام، ويردد الزائرون من ورائه ما يقول بصوت عال، لدرجة أن المسجد كان يهتز ويرتج من أصواتهم، ونسي هؤلاء قوله تعالى " لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي " وراحوا يرفعون أصواتهم بكل ما في حناجرهم من قوة.(1/164)
أما الزائرون القادمون من الخارج، فكانوا يراعون الأدب جملة وكانوا في رهبة من المزورين الذين يحترفون إرشاد الناس في زيارتهم للمسجد النبوي، ولم يكونوا يراعون الاحترام والأدب الواجب في المسجد النبوي، وكذلك احترام الناس الذين قدموا من على بعد آلاف الأميال.. وكان أهل الهند جميعاً يتأذون من هذا الأسلوب في الزيارة، لأن رفع الصوت بهذا الشكل فيه إيذاء للجميع وبعيد عن آداب الزيارة الشرعية.. فما يقوم به المسلمون اليوم لا يتطابق أبدا مع التعليمات الإسلامية، فالزائر يأتي لا تمييز عنده، لا يعرف الوقار ولا السكينة، ولا الخشوع، ولا التواضع، والأدهى من هذا أن بعضهم يأتي دون وضوء! ينطلق هنا وهناك، يهرول، يحرك عينيه وكأنه في حيرة، ثم يندفع ناحية قبر الرسول، يدفع من حوله، ومن أمامه، يضع نظره تجاه العساكر السعوديين، ويضع يده على شبكة سياج قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ويحاول أن يضع رأسه أيضاً ويمدها للداخل بجرأة.. بينما تبدأ أصوات المزورين وزبائنهم داخل المسجد النبوي .." (1)
ويمتدح المؤلف موقف الحكومة من توحيد وقت صلاة الجماعة: " في وقت من الأوقات كان في الحرم أربع مصليات، لكل منها إمام والآن لا يوجد إلا مصلى واحد وصلاة واحدة، وهذه " طريقة حسنة " من جانب الحكومة السعودية، إلا أن الحكومة لم تتمكن من إلغاء قيام أئمة المذاهب المختلفة بإمامة صلوات معينة، وليته يتم إلغاء هذه التفرقة والتفكير في وحدة الأمة. (2).
وعن خدام الحرم كتب ما يلي:
" خدام الحرم النبوي هم في العموم من الزنوج والخصيان: الحبشة، ومراكش، وزنجبار وغيرهما مناطق أفريقيا، كانوا يباعون في زمان الأتراك وهم خصيان صغار، فيشتريهم سلاطين الأتراك من أجل خدمة الحرمين..
__________
(1) الرحلة 103-106- الزيارة على النحو الذي أشار إليه لم تعد موجودة اليوم.
(2) الرحلة ص 135- الحالة التي أشار إليها لم تعد موجودة اليوم.(1/165)
وقد أبطل السلطان ابن سعود والحمد لله هذا الدستور الذي لا يتطابق أبدا مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مع سيرة صحابته رضوان الله عليهم، ومع هذا فقد بقي منهم حوالي 25 أو 30 من الخصيان يتولون منذ عدة سنوات خدمة الحرم النبوي، لكن صلاحياتهم قلت كثيرا هذه الأيام، وقلّت مسئولياتهم، وانخفضت مرتباتهم أيضاً، وهم يعيشون على أموال النذور، ومع هذا فلا تزال أخلاقهم الحسنة كما هي، وحبهم لخدمة زائري الحرم كما هو، وحبهم لرسول الله كما هو، وهم يرتدون ملابس بيضاء فضفاضة ويضعون على رؤوسهم عمائم مرتفعة، ويلفون أنفسهم بعباءات واسعة أكمامها طويلة، إذا رأيتهم مرة ظلت صورتهم ماثلة أمام مخيلتك لا تتوارى أبدا، ومهما حاولت إزاحتها فلن تتزخزح أبدا .. وهم يجلسون على دكة الأغوات خلف الحجرة المطهرة في الناحية الشمالية بين باب جبريل وباب النساء، ويقال إن هذه الدكة كانت مكان أصحاب الصفة، ورئيسهم الحالي هو خليل أغا رجل طيب القلب حسن الخلق زار الهند أيضاً " (1)
ثم يذكر المؤلف دعوة أمير المدينة له ولبعض الشخصيات للقاء الملك عبد العزيز أثناء مروره بالمدينة المنورة، قادما من الرياض متوجها إلى مكة المكرمة، يقول:
" ... قررت أن ألتقي بالسلطان،وأخبره بملاحظاتي عن المسجد النبوي والبقيع وغيرها، وأعددت مذكرة بكل شئ لأقدمها للسلطان ابن سعود، وقد صاغها لي باللغة العربية مولانا مناظر أحسن .. وتأخر وصول السلطان إلى المدينة .. ثم أعلن ذات صباح أنه قادم، وأن الدعوة بعد صلاة العصر، وكان مكان الاجتماع حيث محطة سكة حديد الحجاز.
بعد صلاة العصر هطلت الأمطار، وبعدها بقليل خرجت مع مولانا مناظر أحسن الذي سيتولى الترجمة، كان مبنى المحطة قد أعد إعدادا جيدا، وعلته الزينات والزخارف احتفالا بمقدم السلطان ابن سعود، وفي الفناء اصطف رجال الشرطة ورجال الجيش ..
__________
(1) الرحلة ص 147وما بعدها(1/166)
كان مكان اللقاء صالة ضخمة بداخل المبنى، وبدلا من وجود أناس يستقبلون الضيوف على الأبواب وجدنا الحرس، وحين أردنا الدخول وجدنا أحد العساكر لم يستطع أن يفهم كلامنا، ولم يمنعنا من الدخول، وكانت هذه أول تجربة لمشاهدة كرم الضيافة العربية ...
بعد قليل فرغ السلطان من تناول الطعام مع رفاقه وانتقل إلى الشرفة، وجلس على أريكة مزخرفة .. كان لباس السلطان بسيطا لا يختلف حقيقة عن لباس أي شخص آخر، وتميزت شخصيته ببساطة شديدة، ولو لم يخبرنا أحد بأن هذا هو السلطان لما عرفناه، ودعوت له الله أن يجعل حياته وأخلاقه بكل جوانبها بسيطة بساطة لباسه هذا وببساطة شخصيته هذه .. "(1)
والحقيقة أن رحلة مولانا عبد الماجد الدرياآبادي تضمنت معلومات مفيدة عن الحياة في المدينة المنورة منذ أكثر من سبعين سنة، فقد وصف ملامح الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وقدم اقتراحات عرضها على المسئولين، ومن بين هذه المقترحات مقترحات تتعلق بالمدينة المنورة نجملها فيما يلي:
- إعادة النظر فيما يحدث من إخلاء منطقة كبيرة من المسجد النبوي يوم الجمعة أثناء صلاة أمير المدينة المنورة وذلك قبل الصلاة بساعات، وعدم قيام الشرطة بطرد المصلين، ومن يرتلون القرآن، فالسلطان المعظم موحد وعدو للبدعة، ويجب ألا يسكت على هذه البدعة المكشوفة.
- الاهتمام بفرش المسجد النبوي بالسجاد وكذلك الاهتمام بالإضاءة.
- تحتاج أماكن الوضوء في المسجد النبوي إلى إضافة صنابير وإلى توسعة فهي غير كافية، ولا يتمكن بعض الناس من الصلاة في وقتها بسبب الزحام على أماكن الوضوء.
- إن وجود الأحذية برائحتها الكريهة وبما فيها من نجاسة داخل المسجد النبوي ويجوار الأعمدة وبين الصفوف أمر يحتاج إلى اتخاذ قرار حاسم بمنع هذا الأمر.
__________
(1) انظر الجزيرة العربية في أدب الرحلة الأردي ص 249-250(1/167)
- منع المتسولين في المسجد النبوي خاصة أنهم يقلقون المصلين والمتعبدين ويثيرون الفوضى والشغب ونفس الكلام ينطبق على المزورين.
- في المسجد النبوي باب للنساء إلا أن الرجال يمرون منه أيضاً فلو توقف مرور الرجال من هذا الباب وجدت النسوة وخاصة العجائز منهن الراحة والهدوء.
- يجب أن يتجمل الجنود والحراس في المسجد النبوي وبخاصة أولئك المسئولين عن المقصورة الشريفة بحسن الخلق والحلم والتحمل وحلاوة اللسان وألا يستخدموا الألفاظ القاسية.
- هناك ضرورة لتحديد أجرة النقل بين مكة والمدينة وجدة وتنظيم وسائل المواصلات.
وقد قدمت هذه المقترحات وغيرها إلى السلطان عن طريق المقربين من السلطان من أهالي شبه القارة الهندية، وهي اقتراحات لو امتد به العمر لرأى أنها تحققت، بل وتحقق أكثر منها، مما كان يظنه البعض حلما، ولا مجال لتفصيل الحديث هنا فالواقع يشهد بذلك.
العلامة مسعود الندوي ووصف الحياة الثقافية في المدينة:
وننتقل الآن لأديب آخر معروف في العالم العربي والإسلامي بكتابه محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه، وكتاب شهور في ديار العرب الذي صدر في العام الماضي عن مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض، ألا وهو العلامة مسعود عالم الندوي(1)
بدأ العلامة مسعود الندوي رحلته في جمادى الآخرة 1368هـ/ 28 إبريل 1949م واستغرقت سبعة أشهر ونصف، ووصف المدينة المنورة وما شاهده فيها وصفا دقيقا، وكان قد وصل المدينة المنورة في الأسبوع الأول من المحرم سنة 69 هجرية/آخر أكتوبر 1949م والمدينة المنورة لها مكانة في قلوب المسلمين جميعا، عبر عنها العالم الأديب مسعود الندوي بالكلمات التالية:
__________
(1) انظر مقدمة ترجمة شهور في ديار العرب(1/168)
" ... بدأ الاقتراب من المدينة يحرك مشاعري، لا تزال هناك مسافة ثلاث أو أربع ساعات، لكن القلب بدأ يرتجف من الآن، لقد مرت فترات، وفترات، ومضى زمان، وكان شوق زيارة المدينة يثير مشاعر القلب، فيحرك الكلمات بداخلي، فكنت من فرط الشوق أترنم بمطلع قصيدة للشاعر آسي غازي بوري:
" هبي يا رياح الصبا، بلغي سلامي، وأخبري الحبيب أنني أردد اسمه دائما بعد اسم الله، لا إله إلا الله، محمد رسول الله "
أي ساعة هذه! حين يقف العبد المذنب للسلام على رسول الله؟! حين أفكر في هذا الأمر، تغرورق العين بالدموع، فأردد السلام على النبي، وتجري على لساني الأشعار العربية والأردية التي تتناسب مع المقام ... "
" ... تملكني الشوق، ورغم جفاف مشاعري، ورغم سلفيتي الشديدة، التي يعيبني البعض عليها، فقد وجدت قلبي يضطرب، كنت أعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر من هذه الطرق، لم تكن هناك سيارات، ولا مركبات، فلعلي أسأل غبار الطريق لأجد علامات آثار أقدامه، وكما قال الشاعر تعطر وادي النعمان كله بمرور الحبيب:
"تضوع مسكا بطن نعمان إذا أمست بها زينب في نسوة عطرات"
تمنيت منذ فترة طويلة أن أدخل المدينة مشيا على الأقدام، والإمام مالك لم يستعمل أي مركبة أو ركوبة في المدينة المنورة ، فقد كان يعتبر مشي أي حيوان على الأرض التي بها قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حرام، وكان ينشد هذا الشعر بشوق وذوق كبيرين:
وإذا بلغن بنا المُطي محمدا فظهورهن على الرجال حرام
لكن حين حان وقت تحقيق هذه الأمنية، جعلني المرض بلا حول ولا قوة ... ياله من فشل!.. صبرت، وجلست، لكن صوتا كان يردد داخل قلبي بيتا من الشعر الأردي:
فرشت الأهداب طريقا، وجعلت من رأسي جسرا
فتأدب، تأدب، فهذا زقاق الحبيب(1/169)
ووصف العلامة مسعود الندوي ما فعله في المدينة منذ بداية دخوله إليها ومما ذكره: "غيرنا ملابسنا، وتعطرنا، ووصلنا الحرم بقيادة صديقنا شرقي، لم يستغرق الطريق أكثر من دقيقتين، وصلنا إلى الباب، وعلى العكس من خشونة مكة، وبساطة الحرم المكي، بدا الجو هنا لطيفا، وبدا المسجد النبوي عروس المساجد، كلما وجهنا أنظارنا، شاهدنا أعظم وأجمل نماذج الخط العربي والأعمال الفنية، لكن هل هناك فرصة لمشاهدة هذه الخطوط الجميلة أو الأعمال الفنية الرائعة؟!
في جو من الرهبة والتأثُّر صلينا ركعتين تحية المسجد في الروضة المشرفة (أي بين المنبر والقبر الأطهر) ماذا أقول عن الشوق داخل القلب وسط هذا الزحام والهجوم، ووسط الضجيج والصخب؟!
بعد الصلاة تقدمت في أدب إلى الشباك النبوي، وعلى طريقة أهل السلف قلت: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وقرأت الصلاة والسلام على النبي، ثم وقفت أمام قبر الشيخين، وقلت: السلام عليك يا أبا بكر يا خليفة رسول الله، السلام عليك أيها الفاروق ياعمر بن الخطاب، وتقدمت ثم اتجهت ناحية القبلة ودعوت الله ببعض الأدعية المناسبة للزمان والمكان، ثم ألقيت بعد ذلك نظرة سريعة على بقية أجزاء المسجد النبوي، يرشدني في ذلك شرقي، وأخيرا عدت إلى مقر إقامتنا.
كانت هذه المرحلة هي أصعب المراحل، فقد تتعثر القدم وتزل، ويذكر أن ابن عمر حين رجع من السفر قال:(1/170)
- السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت، واكتفى الإمام مالك بأن قال: السلام عليك يا أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ولكن العلماء والصوفية التالين، اخترعوا سلامات طويلة، ولا ندري هل هؤلاء العلماء والصوفية أكثر عشقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن عمر رضي الله عنه ومن الإمام مالك؟ أو أنهم أكثر معرفة بآداب التعبير عن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من ابن عمر رضي الله عنه والإمام مالك.
ومن الأماكن التي فصل المؤلف الحديث عنها مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت الشهيرة ودار الحديث:
"في الصباح زرت مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت الشهيرة، التي أسسها شيخ الإسلام التركي عارف حكمت منذ مائة سنة تقريباً، ولا يوجد بالملكة العربية السعودية مكتبة تماثلها من ناحية ما تضمه من نوادر ومخطوطات، وقد خصص لها شيخ الإسلام مبنى رائعا ضخما، ووقف للإنفاق عليها ممتلكات كثيرة في البلقان ووسط آسيا، إلا أن الممتلكات التي كان قد وقفها في البلقان، ضاعت قبل الحرب العظمى، كما صودرت بقية الممتلكات بعد الانقلاب التركي، كان يعمل بالمكتبة عدد لا بأس به من الموظفين، ولا يوجد الآن سوى مديرها الشيخ إبراهيم حمدي، الذي يحتل وظيفة تتقلدها الأسرة من عهد جده، ومنذ أكثر من عشر سنوات تدهورت الحالة المالية للمكتبة، فقدم إبراهيم حمدي إلى الهند، وقد استضفته في مسكني، الملحق بمكتبة بتنه الشهيرة، وعاد الشيخ بعد أن تلقى وعودا بإرسال مساعدات شهرية معقولة من حيدر آباد وبهوبال، ولا تزال هذه المساعدات تصله حتى الآن، وربما تكون قد توقفت، وهناك توقعات باسترجاع الأوقاف في ظل الحكومة التركية الجديدة، ومن العجيب أن هؤلاء رفضوا قبول معونة حكومة المملكة العربية السعودية!!.(1/171)
هذا هو تاريخ المكتبة باختصار، وكنت قد سمعت عنها منذ مدة طويلة، والآن واتتني الفرصة لمشاهدتها: المبنى رائع ومتين، رتبت الكتب في نظام دقيق، وهي تضم فهارس مرتبة على الطريقة القديمة، ولكن أين القراء؟! وأين المستفيدون؟! والعبد الفقير نفسه، في سفره هذا ـ ترك مسألة التلمذة التي كان عليها، فالقراءة والكتابة تحتاج إلى هدوء وسكون، بينما التعريف بالدعوة، ولقاء الناس أمر يحتاج إلى الحركة هنا وهناك والعدو يمينا وشمالا.
ألقيت نظرة سريعة على المكتبة، فاطمأن قلبي، وقد لقيني الشيخ إبراهيم حمدي الذي اشتهر بين الناس عامة باسم إبراهيم الخربوطلي، لقيني حسب العادة بحرارة شديدة وبحب وإخلاص، وهو في انتظار سيد سليمان الندوي، وظل يسألني عن أخي المحترم سيد هاشم الندوي، لكنني لا أعرف شيئاً عن أحواله منذ زمن طويل.
في المساء ذهبت إلى "دار الحديث" وهي مدرسة دينية، أقامتها جماعة أهل الحديث بالهند، وهي تدار في الغالب بمساعداتهم وتبرعاتهم، ورئيس المدرسين بها يدعى الشيخ عبد الرحمن إفريقي، رجل طيب وصالح، وهو بجانب عمله هذا يلقي دروسا في الحرم أيضاً.
ومن الجدير بالذكر أن الشيخ أبا الحسن الندوي قد ذكر أيضاً هذه المكتبة حين زار المدينة المنورة في أواخر سنة 1366هـ / صيف سنة 1974م:
..(1/172)
في المدينة المنورة وعلى بعد عدة أقدام من باب جبريل توجد مكتبة عارف حكمت الشهيرة، وهي خزانة عامرة بالمخطوطات ونوادر الكتب، والقائم عليها رجل تركي فاضل يدعى الشيخ إبراهيم، كان قد قدم إلى الهند منذ مدة بعيدة، وأقام في الندوة (أي ندوة العلماء) وفي دار المصنفين (أعظم كره) عدة أيام وبينه وبين الشيخ مسعود عالم الندوي علاقات طيبة، وقد دعانا ذات يوم، فلبينا الدعوة، وذكر لنا أن المكان الذي توجد فيه المكتبة هو بيت جدكم حسن المثنى ابن سيدنا حسن بن على رضي الله عنه، وهذا الأمر ثابت بالمستندات التاريخية، فأقيموا هنا ليلة، وقبلنا عرضه، وهكذا أقامت الوالدة مع شقيقتي في قسم النساء وأقمت أنا ومحمد الثاني على السطح(1).
ونعود إلى العلامة مسعود الندوي وهو يصف مساكن وبيوت أهل المدينة:
"تجدر الإشارة إلى أن مساكن العرب هنا فاخرة، ولا يمكن لديوانات أعياننا ورؤسائنا في شبه القارة أن تدانيها فخامة وروعة، لقد وهب الله أهل الحجاز الأموال الكثيرة، لكنها تنتهي تماما مع نهاية كل عام، إذ ينفقونها في أمور لا طائل منها، فينفقونها على مساكنهم وبيوتهم التي تكلف أموالاً باهظة، دون حاجة لذلك."
وذكر لقاءاته بعلماء من العالم الإسلامي يعيشون في المدينة، وعن مسجد قباء كتب ما يلي:
__________
(1) انظر بحث بعنوان أدب الرحلة في كتابات الشيخ أبي الحسن علي الندوي بين العربية والأردية بحث مقدم لندوة الأدب الإسلامي بتركيا ط بيروت 1409هجرية.(1/173)
"يعد مسجد قباء من أهم الأماكن بعد المسجد النبوي، وتبعد قباء عن المدينة المنورة مسافة ميلين أو ميلين وربع، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم حين هاجر من مكة، قد أقام في هذا المكان، قبل دخوله المدينة المنورة، وصلى فيه، ومن هنا يعد هذا أول مسجد في الإسلام، وقد ورد ذكره بصفة خاصة في القرآن الكريم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يذهب إلى مسجد قباء كل يوم سبت، بصفة عامة، ولهذا تمنيت أن أذهب إلى مسجد قباء يوم السبت، ومشيا على الأقدام.
وعن سلوك بعض الجهلة في المدينة المنورة كتب العلامة مسعود عالم الندوي ما يلي:
"مع أن الحكومة الحالية لابن سعود قضت على مراكز البدع كلها، لكن ما هو علاج الجهلة؟! لقد شاهدت عددا من النسوة من منطقة البنجاب يقبلن حائط مسجد قباء، ويجعلن من أنفسهن فداء له!
كما وصف الكاتب أيضا المساجد التي زارها مثل مسجد القبلتين وفصل الحديث عن زيارته لجبل أحد:
"توجد آثار عمران، وأطلال عظيمة الشأن بالقرب من جبل أحد، وقبل أن يؤسس الملك عبد العزير المملكة العربية السعودية ويوحد أجزاء البلاد، كان يقام هنا كل عام " مولد عظيم" (مهرجان ديني عظيم) يستمر عدة أيام، فينتقل هنا جميع سكان المدينة، مثلما ينتقل جميع أهل مكة إلى عرفات، ومثلما كانت نساء مكة يسخرن من أي رجل يشاهدنه في حواري مكة يوم عرفة ، كانت نساء المدينة يسخرن من أي رجل يشاهدنه في حواري المدينة، ولكن هذا المولد أو المهرجان، أُلغي بقوة القانون، وتم القضاء على جميع البدع بجرة قلم، فلا يسمح لأي حاج أو زائر أن بيقي بالليل، وتستحق الحكومة السعودية الشكر، والثناء، والمديح، والإطراء على هذا العمل الإصلاحي العظيم.(
وكتب عن أهل المدينة ما يلي:(1/174)
" ... والناس هنا حسنو العشرة، دمثو الخلق، متواضعون، مهذبون، حدثني قلبي أكثر من مرة أن أبقى بالمدينة، فإذا لم أفكر في أمر الارتباط بالجماعة، والمسؤولية، وخدمة والدي العجوز (أطال الله عمره) لنويت الآن أن أمكث هنا لمدة سنة، والأمر الثاني يتعلق برفيقي، فبيننا اتفاق، وليس من المناسب أن أبقيه هنا كثيرا، وكنت أفكر في أن أتركه هنا فترة أطول، فالأرض هنا خصبة وممهدة وقابلة للزراعة، تحتاج فقط إلى فلاح مجتهد وجاد."
وقبل أن يغادر المدينة عبر عن مشاعره في السطور التالية:
(عقدنا العزم على السفر، مضى علينا بالمدينة عشرون يوما، لكن بدا لنا كأن أقدامنا وطئت هذه الأرض الطيبة حالا، كانت رائحة الألفة الذكية وعبير المحبة ينبعث من الجدران والأبواب، وكانت العين إذا ما وقعت من بعيد على القبة الخضراء، زادت سرعة دقات القلب، لو كان الأمر بيدي لقمت بدور الكنّاس، فما أسعد من يقيم في ديار الحب والألفة، ويقدرها حق قدرها..(
وعن زيارته لمسجد الغمامة وبعض الأماكن الأخرى كتب ما يلي:
بعد العصر زرنا مسجد الغمامة، ففي هذا المكان كانوا يُصلون صلاة العيدين في العهد النبوي، وقد دخل هذا المكان الآن في حيز العمران، وبني هنا مسجد، وتؤدى الصلوات الخمس في جماعة، في وقت كثرة الزوار، لم تكن هناك نقوش أو كتابات، كما أن دليلنا لم يكن على علم بشيء خاص يخبرنا به، وبصفة عامة ترجع جميع المباني الموجودة بالمدينة المنورة وضواحيها إلى العهد التركي.(1/175)
في مكان ما داخل المدينة المنورة، يوجد قبر مالك بن سنان رضي الله عنه (والد أبي سعيد الخدري رضي الله عنه) الذي جُرح في غزوة أحد، وجاء إلى المدينة، ولكنه فارق الحياة، فدفن في بيته، وفي هذا المكان توجد مدرسة لتحفيظ القرآن، يديرها علي السمان الدمشقي، وفي أثناء عودتنا من مسجد الغمامة، وصلنا بالقرب من بيته، فعرفنا أن المدرسة مغلقة اليوم، وستظل مغلقة غدا (الجمعة) أيضاً، ويمكن أن نزورها يوم السبت، فقد غلبنا الشوق لزيارة المكان، واتجهنا إلى بيت على السمان، فلم نفلح أيضاً في مقابلته، لأنه ذهب للصلاة بالحرم النبوي(1) .
عاطفة أهل الهند تجاه المدينة:
من الملاحظ أن عاطفة أهل الهند تجاه المدينة المنورة عاطفة جياشة، قوية تتسبب أحيانا في انزلاق البعض إلى ارتكاب بعض الأخطاء الشرعية، وهذا ما كان يخشاه العلامة مسعود الندوي، وهذا أيضاً ما عبر عنه الأديب ماهر القادري في رحلته بعنوان قافلة الحجاز التي طبعت أول مرة سنة 1373هـ/ 1955م، وقد فاضت مشاعر الأديب وهو يستعد للسفر من مكة الكرمة إلى المدينة المنورة فكتب ما يلي:
" نستعد للسفر إلى المدينة، سنتحرك من مكة إلى المدينة، من النور إلى النور، وبينما كان حزن فراق مكة يسيطر علينا، كان فرح السفر إلى المدينة يطغى على قلوبنا، كيف يمكن التعبير عن حالة القلب، ما أقول عن القلب الطاهر والنفس الطاهرة والنظر الطاهر، وتذكرت هذه الأشعار:
ماذا أقول عن الرحلة من مكة إلى المدينة؟!
ماذا أقول عن أنوار السحر
في أول منازل السفر
بينما الربيع يتراءى من شبابيك الفردوس؟!
إنها حرارة الشوق أيضاً
إنه فصل الصيف أيضاً
ماذا أقول لو أُضيف على كل هذا حرقة الكبد؟!
فالعين تتطلع، تنظر إلى ملامح الطريق..
إلى طبية، مرحبا.. مرحبا
ماذا أقول عن رؤية مكان الروضة في حرم الحبيب؟!
__________
(1) انظر الترجمة العربية ط مكتبة الملك عبد العزيز ترجمة وتعليق سمير عبد الحميد.(1/176)
وفي المدنية عبر الكاتب عن خطورة الانزلاق في الشرك، إذا ما أطلق الإنسان العنان لمشاعره التي تقوده إلى الخروج عن حدود الشريعة بما يلي:
" قبل سنوات كتبت قصيدة جاء فيها:
ها قد جئت لزيارة (طيبة(الطيبة
فوجدت نفسي في عالم الخوف والرجاء
ها هي الشريعة في ناحية
وهو هو الحب في ناحية والنداء..
والآن أجد نفسي واقفاً بين مفترق طريق، يتفرع منه طريق للحب وطريق للعشق، فلو خرجنا عن حدود الشريعة، ودخلنا دوامة المحبة، دخل التوحيد مرحلة الخطر، وتحولت السعادة التي نرجوها إلى تعاسة وسوء توفيق، وكأننا كالذي يضع السم في ماء الحياة، فمعلم التوحيد الأول صلى الله عليه وسلم أرشدنا إلى أن تقبيل اليد عادة من عادات العجم، ونتساءل أليس تقبيل شبابيك وأعمدة مزاره بدعة أوجدها العجم؟
إن المحبة التي تحطم حدود الشريعة التي جاء بها صلى الله عليه وسلم لن تكون سببا في سروره عليه السلام، بل ستكون سببا في غضبه، ومن يتخطى حدود الشريعة تحت اسم أي محبة أو أي عقيدة أو شوق أو ما شابه ذلك هل تقبل زيارته؟ إننا نخشى أن يكون ذلك وبالا على إيمانه وعلى دينه.. إن أمر المحبة أمر دقيق ولا بد من المضي على الدرب باحتياط شديد، فهناك خطر من المبالغة، وحتى يبعد هذا الخطر جاء قوله تعالى: {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله} (الأعراف -188).(1/177)
وفي حضن جبل أحد لا يوجد قبر، ولا شجر، ولا قبة، ومع هذا فإن الحكومة منعت الذهاب إلى هناك، ولكن تبقى مسألة أهل البدعة، فهم يقومون بتقبيل الطرق في المدينة المنورة، ويسجدون للجبال.. فماذا يمكن للحكومة أن تفعل مع هؤلاء؟ إن يد القانون ويد المحتسب لا يمكن أن تصل إلى كل مكان.. كما يقوم أهل البدعة بكتابة عرائض وطلبات لمن يريدون، ويضعونها عند مقام إبراهيم، ولقد شاهدت النساء يسجدن ناحية بيت فاطمة رضي الله عنها في المسجد النبوي، ورغم محاولات الشرطة، يقوم بعض الزائرين بتقبيل شبابيك الروضة المباركة(1)
وقد كتب المؤلف عن مظاهر الحياة في المدينة المنورة، فذكر أنه شاهد مدرسة العلوم الشرعية بالقرب من المسجد النبوي، ويتصل بها حارة تسمى زقاق البدور، كان يلعب فيها أطفال الحسين والصحابة الكرام رضي الله عنهم، وهنا يسكن العالم الجليل صاحب ترجمان السنة الشيخ بدر عالم الميرتهي منذ سنوات عديدة، وأكبر شارع هنا يسمى شارع العينية حيث يوجد سوق القماشة والسوق لا يقصده الحجاج لأنهم يفضلون الشراء من مكة، بينما يشترون من المدينة الخراف والتمور، إذ توجد حول المدينة بساتين للتمر كثيرة وهناك أنواع من التمور لا حصر لها، من أشهرها العنبري، والعجوة، والشلبي، والصفاوي، والبرني، والحلو والربيعة، وأغلاها العنبري (الوقة( بثماني ريالات، والعجوة والبرني من أقدم تمور المدينة، وورد في بعض الكتب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب هذين النوعين من التمور(2) .
كما وصف المؤلف جو المدينة ولياليها الرطبة في الصيف وقدوم الملك سعود إليها:
__________
(1) الرحلة ص 164-178
(2) الرحلة 194(1/178)
" ... في الجزء الأخير من الليل كان من الضروري أن أتلحف بالغطاء، وكنت وأنا نائم أشاهد القبة الخضراء، ومآذن المسجد النبوي.. وهذه نعمة كبرى.. قدم الملك سعود مع خدمه وحاشيته إلى المدينة المنورة، ونزل في قصر شيد حديثا، وهو يقع بالقرب من باب النساء في المسجد النبوي، وحول القصر كان هناك الكثير من الشرطة والموظفين والسيارات الملكية ...
في الفجر نهضت لأشرب فلم أجد في (القلة( ماء وبحثت عن ماء فوجدت صنابير المياه مغلقة، كانت الحكومة تجري توسيعات في هذا الجانب من المسجد ولهذا أقفلوا المحابس حتى لا تتسرب المياه ويؤثر هذا على نظافة الشارع، وخاصة أن الملك سعود كان سيمر من هذا المكان.. وناقشت الأمر مع الحارس الذي تلطف معي، وتركني أفتح المحبس وأفتح صنابير الماء لأحمل ما أريد وأمضي.. والواقع أن الملك سعود ومستشاريه لم يأمروا بغلق صنابير المياه أو محابس المياه، ولكن الأمر عادة يأتي من الموظفين الصغار الذين يرتكبون هذا الخطأ، فيحبسون الماء عن الناس، وهكذا يسيء هؤلاء الصغار إلى الكبار من المسؤولين تحت دعوى تلقيهم أوامر لا بد من تنفيذها(1) ...
وعن توسعة الحرم النبوي كتب ما يلي:
"سمعت أن الحكومة السعودية أنفقت على توسعة المسجد النبوي حتى الآن (يقصد عام 1955م/1374هـ) حوالي 400مليون روبية، وتم الانتهاء من التوسعة ناحية باب الرحمة، والتوسعة بكل المقاييس ليست جميلة فقط بل تستحق المشاهدة، وسوف يستغرق الانتهاء من التوسعة الكلية العديد من السنوات(
وفي موضع آخر كتب ما يلي:
" ... وإذا بقيت هناك بعض المشكلات، فلا بد أن الحكومة السعودية في ظل هذه الإصلاحات ستتلافاها، وتتابع الحكومة تنفيذ إجراءات عديدة لراحة الحجاج.."
وودع الأديب ماهر القادري جزيرة العرب وهو يشعر أنه قد حمل زادا روحيا ومعنويا يكفيه طوال حياته، فأنشد يقول:
__________
(1) الرحلة ص194-195(1/179)
"قال نسيم السحر وهو يمضي من الخميلة، لا حاجة لنا بزاد الطريق في الرحلة الطويلة"
المدينة في عيون الأديب الروائي نسيم حجازي:
وهذا أديب آخر له مكانة عالية في الأدب الأردي فهو روائي كتب عددا كبيرا من الروايات الإسلامية التاريخية، قدم إلى المدينة المنورة سنة 1378هـ/ 1959م وسطر ذكرياته في جريدة " كوهستان" التي يديرها، ثم نشرها بعد ذلك في كتاب بعنوان "من باكستان إلى ديار الحرمين " وقد كتب عن الحالة الاقتصادية في المدينة المنورة أثناء زيارته تلك:
" لا يوجد نقص في المأكولات أو المشروبات في المدينة المنورة، ويمكن أن أقول وبناء على تجربتي الذاتية إن المدينة المنورة من أرخص مدن الشرق الأوسط، فالفاكهة هنا يمكن أن تجدها مثلما تجدها في جدة ومكة المكرمة ومن الملاحظ أن مدن الشرق الأوسط تعاني نقصا في الحليب الطازج إلا أن الأمر يختلف في المدينة المنورة، وعلمت أن الماعز في المدينة المنورة تدر حليبا أكثر من غيرها في الأماكن الأخرى، ولا يقلق أهل المدينة بالنسبة للمرعى فهو متوفر تماما، وتمور المدينة جيدة والإنتاج وفير، فالناس هنا يأكلون التمر ويبيعونه، ويطعمونه غنمهم أيضاً، وأهل المدينة المنورة يحبون ويقدرون الباكستانيين كثيرا، ورأيت بعض المهاجرين الباكستانيين في المدينة يدعون الله أن يحمي باكستان وأن يجعلها من البلدان الراقية المتطورة"
أبو الأعلى المودودي وتوسعة الحرم النبوي:
أما العلامة أبو الأعلى المودودي الذي أقام في المدينة المنورة أسبوعاً تقريباً من 13إلى 19ديسمبر 1959م وجاءت ذكريات سفره للمملكة العربية السعودية في كتاب بعنوان "سفرنامه أرض القرآن " ورد فيه وصف توسعة الحرم النبوي والمنطقة المحيطة:(1/180)
"بدت المدينة المنورة مدينة نظيفة، حين جئنا هنا بعد حج عام 1956م (1375هـ) كانت تجري توسعة الحرم النبوي، وكانت المباني من حوله مهدمة، والشوارع مملوءة بالحفر، والآن تم الانتهاء من كل هذا، وبدا المسجد النبوي بعد التوسعة جميلا جدا وعظيما، وتضاعفت مساحته عما كانت عليه قبلا، ورصفت الشوارع من حوله، فلم تعد هناك أية صعوبة في الدخول والخروج من وإلى الحرم، وتم تخصيص أماكن لانتظار السيارات، وهكذا لم يعد ضجيج السيارات يصل إلى المسجد، ولم يعد لهذا الضجيج أدنى تأثير على قراءة القرآن داخل المسجد(1)
وعن إمارة المدينة ورد ما يلي:
" أمير المدينة من الأسرة المالكة، وهو الآن في نجد، وينيب عنه سكرتيره عبد الله السديري، والسديري من أسرة نجدية طيبة تربطها بآل سعود علاقات قرابة، ويتولى بعض أفرادها مناصب الإمارة أو وكالة الإمارة في تبوك والوجه وحائل.
ومبنى الإمارة في المدينة المنورة مبنى متواضع، ولم نتمكن من لقاء عبدالله السديري والتقينا بابنه الأكبر، وفي المساء التقينا به وهو رجل بسيط جدا، لكنه ذكي على علم ببواطن الأمور، وقد وفر لنا جميع التسهيلات، ووعدنا باستمرار تقديمه لكل التسهيلات طالما نحن على أرض المملكة العربية السعودية(2)
وقد ورد في الرحلة وصف للمآثر الإسلامية التي زارها المودودي وكذا الآثار خارج المدينة المنورة مثل جبل أحد، ومسجد قباء ودار كلثوم، ودار سعد، وبئر الخاتم، وبئر رومة وبئر عثمان، ومسجد القبلتين، ووادي العقيق، وجبل سلع ومسجد الذياب، ومسجد الفتح، ومسجد الشمس، وحصن كعب بن الأشرف(3) بالإضافة إلى مسجد المصلى ومسجد الغمامة وسقيفة بني ساعدة، ودار جعفر الصادق، وأبي أيوب الأنصاري(4)
النهضة التعليمية في المدينة المنورة:
__________
(1) الرحلة ص116وما بعدها
(2) الرحلة 218
(3) الرحلة 220 وما بعدها
(4) الرحلة 233 وما بعدها(1/181)
وقد نالت النهضة التعليمية في المدينة اهتمام بعض أدباء شبة القارة الهندية، فأفرد الدكتور أحمد ناصر في رحلته (1399هـ/1979م) التي نشرها بعنوان "حكاية الجذب والشوق" صفحات كتب فيها عن الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وأشاد بالجامعة وبرسالتها قال:
"ذهبنا إلى جامعة المدينة المنورة وهي على بعد قرابة ثلاثة أميال ... والجامعة مركز للعلوم الدينية، شيدت على مساحة كبيرة، يتعلم فيها مئات الطلاب من البلاد الإسلامية، والجامعة نظامها يقوم على إسكان الطلاب، والتعليم والسكن والكتب وغيرها بالمجان، هذا بالإضافة إلى أن الحكومة السعودية تقدم للطلاب منحة مالية معقولة، والجو في الجامعة جو علمي ديني، كله أمن وسلام، والعلاقة بين الطلاب والأساتذة علاقة مثالية، وأهم ما يميز التعليم هنا هو التركيز على التوحيد، ولا يوجد هنا أي مظهر من مظاهر الشرك، كما لا يوجد في أي مكان في البلاد، فشمع التوحيد الذي أعادت الحكومة السعودية نوره إلى الحجاز يضيء البصائر بالإيمان..
ولا شك أن هذه الجامعة تؤدي خدمة دينية عظيمة شاهدت فيها الكثير من طلاب الهند وباكستان.. ولما كان الإسلام هو الغذاء المادي والروحي للحياة الدنيا والآخرة فإننا نرجو أن تقوم الجامعة بترتيب تدريس العلوم الجديدة والتقنية لطلابها، لأن الدفاع عن العالم الإسلامي وتطوره يحتاج إلى رقي المسلمين، ويحتاج إلى تعرفهم على العلوم والتقنية وليت الحكومة السعودية بخاصة، وبلدان العالم الإسلامي بعامة، توجه اهتماما إلى هذه الضرورة، وتتخذ في سبيلها إجراءات عملية(1) .
__________
(1) الرحلة 214(1/182)
وقد جاء ذكر الجامعة الإسلامية في معظم رحلات الأدباء المتأخرين من شبه القارة، وقد ذكر حافظ لدهياني في كتابه جمال الحرمين(1) الجامعة الإسلامية التي زارها سنة 1410 هـ/1989م وعبر عن إحساسه بأهميتها لأنه رأى فيها امتدادا للمدرسة النبوية في المدينة المنورة يقول:
" ... واليوم يوجد في الأراضي المقدسة مركز هو امتداد لسلسة الرشد والهداية، فقد كان تأسيس الجامعة الإسلامية بغاياتها وأغراضها رمزاً لعاطفة التبليغ والدعوة، ورمزاً للحرص على تعريف شباب العالم الإسلامي بالتعليم الديني، ورمزاً لإيصال فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى أمم الدنيا.."
وأشاد الأديب بالجامعة ورسالتها: "ومما يميز هذه الجامعة المنح والعطايا التي تقدم للطلاب، وأبواب هذه الجامعة مفتوحة لجميع طلاب العالم الإسلامي.. كل هذه التسهيلات، وهذا النظام الجيد، وجميع النفقات والأعباء المالية تعتبرها الحكومة فرضا إسلاميا تؤديه لبلدان العالم الإسلامي، وإنني لأبارك لأهل الحل والعقد في الجامعة، وللمسؤولين في الحكومة ولجميع أبناء العالم الإسلامي هذه الجهود المباركة وأقرر بأن كل مسلم بالضرورة يشعر بالامتنان للحكومة السعودية على هذا العمل الخيري.. (2)
المدينة المنورة ومشاعر الأدباء:
كانت المدينة المنورة ولا تزال المحرك القوي لمشاعر الأدباء، فكل بقعة فيها تذكرهم بسيرة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وتعيد إلى أذهانهم عصر الإسلام الأول، فتجعل قلمهم ينطق بعبارات مؤثرة مثلما فعل الشيخ أسعد كيلاني(3) وهو يقف أمام مقبرة البقيع:
__________
(1) الرحلة 252 وانظر أيضاً لقاء الأديب بمدير الجامعة والعاملين فيها الرحلة ص 155
(2) حين سطر ذكرياته عن سفره عام 1398هـ/1978م
(3) الرحلة ص 111(1/183)
"هنا يرقد أصحاب مقبرة البقيع الذين نمضي على دربهم، تخبرنا آثارهم بأننا جميعاً إلى زوال، وأننا خلقنا من تراب وإلى تراب نمضي.. ومقبرة البقيع مدينة الصامتين، تحوي بداخلها أوراقا لا تعد ولاتحصى من تاريخ الإسلام عبر السنين، كل قبر هنا علامة، وكل جماعة هنا بلا اسم أو عنوان.. لا يدري أحد: كم من أناس دفنوا داخل هذا القبر أو هذه المقبرة؟.. فقط متاع العبرة متناثر في كل مكان..
المدفونون هنا أكثر قيمة من الإنسان الحي الذي جاء يقرأ الفاتحة على كل قبر هنا فأعظم قيمة للإنسان أن تكون صحيفة أعماله على يمينه، فقيمته الأخيرة في الدنيا كومة من تراب، كومة التراب التي هي مدفن الأماني الدنيوية.." (1)
والمشاعر تهتز كثيرا وتتحرك داخل المسجد النبوي وهذا ما حدث للبروفسر عبادت بريلوي حين زار المدينة المنورة في رمضان عام 1407هـ/ أوائل 1987م حيث كتب يقول:
" ... كان هؤلاء من أبناء وطني، يعرفونني، جاءتني نداءاتهم من كل جانب: تفضل! افطر معنا، اعتذرت لهم فقد كنت أريد أن أتقدم إلى الصفوف الأولى لأصلي المغرب هناك، وبينما كنت أتقدم أمسك بي رجل سعودي قائلا: لا بد أن تفطر معنا اليوم ...
وهكذا اضطررت إلى التوقف، وأفطرت معه، قدم لي التمر والبسكويت والخبز وأشياء أخرى ثم قدم لي فنجان قهوة، شربت هذا الفنجان فشعرت بلذة وسعادة، ونودي لإقامة الصلاة، فصليت بجوار هؤلاء العرب، وجلست بجوارهم بعد الصلاة أدعو الله وأسجد شاكرا له.. (2) لقد رأت عيناي هذا المسجد قطعة من نور، فملأت صدري بهذا النور طوال فترة إقامتي، وقد عرفني هذا النور على دنيا قلبي لأول مرة في حياتي.. (3)
__________
(1) أيام في ديار الحبيب ص 48
(2) الرحلة 52
(3) الرحلة ص 210-213(1/184)
وهذا أديب آخر يختلف في بيان مشاعره عمن سبقوه، فوصفه للمشاعر الإنسانية مختلف، ووصفه للإنسان مختلف، ووصفه للطريق مختلف، ومن هنا جاءت براعته، وهو يصف المسجد النبوي، فوصفه له أيضاً يختلف عن وصف من سبقوه، ونقصد هنا الأديب الكبير حافظ لدهياني في كتابه "جمال الحرمين" الذي نشر عام 1410هـ/1989م ويقول فيه:
"حين يُقلّب الخيال صفحات الماضي ليصل إلى صفحة الحاضر، نرى أن المسجد نموذج نادر لفن العمارة، وهو من أحسن المباني في العصر الحاضر، لقد بناه العثمانيون بالإخلاص والحب والاحترام.
ثم كان القسم الثاني من عمارة المسجد في عهد الملك سعود والملك فيصل، وها هي المحبة، وها هو الإخلاص كلاهما نموذجان رائعان مختلفان لفن العمارة، وملامح عمارة كل زمان تختلف عن مثيلتها في روعتها وحسنها، تماما مثلما يختلف ملبس كل زمان عن الزمان الآخر، وهكذا كانت طريقة توسعة عمارة المسجد الحرام متماشية مع مقتضيات العصر الجديد، مع الحفاظ على عمارة المسجد السابقة كما هي ... "(1)
وبينما يصف الأديب حمام الحرم النبوي، انطلقت موهبته الشعرية:
"في فضاء من نور
راح حمام الحرم
يحوم ويدور
وحول القبة الخضراء
يرفرف مثلنا ويدور(2)
توسعة الحرم النبوي في عهد خادم الحرمين الملك فهد:
__________
(1) الرحلة 213
(2) انظر أدب الرحلة في كتابات الشيخ أبي الحسن الندوي بين العربية والأردية(1/185)
نصل إلى أواخر عام 1313هـ/ بداية عام 1993م لنرى كتابا جميلا يصدر بالأردية في لاهور بقلم الدكتور الطبيب خالد عباس الأسدي بعنوان مدينة النبي بين الأمس واليوم، يتضمن ذكريات المؤلف في المدينة المنورة، وترجع أهمية الكتاب إلى أن مؤلفه عمل عدة سنوات بالمدينة في علاج المرضى الذين شاركوا في توسعة الحرم النبوي، كما زين كتابه بالصور الملونة مما جعل منه تحفة فنية، ويوضح المؤلف أن التوسعة التي تمت في الحرم النبوي في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز شملت المدينة المنورة كلها في عهد الرسالة النبوية، ويركز الكتاب على استقراء التاريخ لعرض النهضة العمرانية الحديثة للمسجد النبوي.
خاتمة:
وهكذا وضحت لنا صورة المدينة المنورة في كتابات أدباء شبه القارة الهندية، فقد احتلت المدينة المنورة مكانة سامية في قلوبهم وبخاصة من يقرض الشعر منهم، فلا يصدر عدد من مجلة أدبية، ولا تصدر صحيفة يومية تخلو من بعض أشعار النعت والمديح النبوي وذكر المدينة المنورة، والأدباء الذين كتبوا عن ذكرياتهم في المدينة نثرا، ضمنوا كتاباتهم كثيراً من الأشعار الجميلة، فالشيخ أبو الحسن الندوي يمضي على الدرب الذي يقوده إلى المدينة، فيتأثر ويجري على لسانه الشعر رغما عنه:
"قطعنا الطريق في يوم وليلتين، ولا يمكنني أن أعبر عن مدى سرورنا وما طرأ على قلوبنا من رقة، ونحن نمضي على هذا الطريق، ويحضرني هنا فقط بيتان من الشعر الأردي كانا يجريان على لساني رغما عني:
"هواء النسيم اليوم مفعم بالمسك والطيب
لعلها تناثرت تجاه الريح القادم إلينا
خصلات شعر الحبيب
الذي مر من هنا مرة ولكن
لا تزال حتى الآن نسمات الرحمة الإلهية
تحف بنا، تنثر علينا الورود والطيب" (1)
__________
(1) انظر مقدمة فيوض الحرمين ط ملتان ذو القعدة 1400هـ/ أكتوبر 1980م.(1/186)
وأختار في ختام هذا البحث المختصر بعض الأشعار من كتاب الأديب الشاعر سيد محمد عبد العزيز شرقي بعنوان فيوض الحرمين نشر عام 1400هـ/ 1980م وقدم له الشيخ أبو الحسن الندوي الذي لقي الشاعر في المدينة المنورة(1)
والشاعر يصف في أشعاره المدينة المنورة والمسجد النبوي وقت الفجر، ثم يعبر عن مشاعره وقت الرحيل ويصل إلى الهند فتشده الذكريات مرة أخرى إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذه نماذج من أشعاره:
"يا زائر المدينة
حين يملأ النور صدرك
حين تصل سفينتك إلى ساحل الجزيرة العربية
فلا تنسني بالدعاء
حين تملي أنظارك
حين تروي ظمأك
من ماء زمزم في البطحاء
فاذكرني أيضاً.. اذكرني
ولا تنسني بالدعاء
ستأتي إلى مسجد الرسول للصلاة
حين تشاهد منبره المبارك
وتتذكر سنته الطاهرة
فاذكرني أيضاً.. اذكرني
ولا تنسني بالدعاء"
وعند رحيله من المدينة المنورة نظم ما يلي:
"ياللحسرة!
فؤادي.. عيوني.. عمرت بالنور
سأنوي كل عام أن أشد الرحال
إلى مسجد الرسول..
وأنثر الورود والزهور
فامنحني يا إلهي هذه النعمة
فأنت القادر وعبدك عاجز وشكور" (2)
وفي الهند يجتر الذكريات:
"وصلني سلام من المدينة
وصلتني رسالة من طيبة
من حبيب يجاور الحبيب
فسر القلب وفرح الفؤاد
جاءتني رسالة باسمي
فتلألأ النور في فؤادي
ورسمي!!" (3)
__________
(1) انظر مقدمة فيوض الحرمين ط ملتان ذو القعدة 1400هـ/ أكتوبر 1980م.
(2) فيوض الحرمين ص 129
(3) انظر الطريق إلى المدينة للشيخ أبي الحسن الندوي ص23 وما بعدها ط لكهنو1407هـ وانظر أيضاً إقبال وأرمغان حجاز، سمير عبدالحميد ط 2 المكتبة العلمية لاهور باكستان.(1/187)
وإذا عدنا إلى الوراء قليلا وجدنا الشاعر محمد إقبال ينظم ديوناً كاملا باسم "أرمغان حجاز" أي هدية الحجاز أو هدية العائد من الحج، يبث فيها مشاعره ويوجه فيه نداءاته إلى خالقه، وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى البشرية جمعاء، فالشاعر كان يتوق للسفر لأداء فريضة الحج، وزيارة المسجد النبوي، لكن ظروفه الصحية حالت بينه وبين ذلك رغم أنه كان يردد:
يا رحيما بك للدنيا مفاز كل ما أبغيه موتي بالحجاز
وتخيل إقبال أنه مسافر إلى المدينة المنورة، وبث مشاعر حبه للنبي صلى الله عليه وسلم، وأغرق في ذلك حتى عاب عليه البعض هذا الأمر، فكانت دموعه تسيل على وجنتيه، وهو ينشدهم هذه الأبيات المؤثرة:
"إنني أتوجه إلى المدينة رغم شيبي وتقدم العمر بي
أترنم بالأشعار في سرور وحنين
لا تعجبوا مني
فالطائر المسكين
يظل يحلق في الصحراء
طول نهاره
فإذا أقبل الليل شده الحنين
فأخذ يرفرف بجناحيه
يفكر في وكره
يفكر في عش يأوي إليه"
فالمدينة المنورة هي نهاية مطاف هذا الأديب المسلم الذي شده الحنين لزيارة المسجد النبوي في أواخر أيام حياته.
أهم المصادر والمراجع:
- أبو الأعلى المودودي، سفرنامه قرآن تحرير محمد عاصم ط 2 اسلامك ببلي كيشتر لاهور 1991م
- أبو الحسن علي الحسني الندوي، الطريق إلى المدينة الطبعة الخامسة لكهنو 1407هـ
- أسعد كيلاني، مشاهدات حرمين ط 2 لاهور 1984م
- حافظ لدهياني، جمال حرمين ط أولى لاهور 1989م
- خواجه حسن نظامي، سفرنامه خواجه حسن نظامي بابت سياحت مصر وفلسطين وشام وحجاز (1911م) ط 3 دهلي 1341هـ/ 1923م
- سمير عبد الحميد إبراهيم، إقبال وأرمغان حجاز ط 2 المكتبة العلمية لاهور 1412هـ
- سمير عبد الحميد إبراهيم، أدب الرحلة في كتابات الشيخ أبي الحسن الندوي بين الأردية والعربية، بحث مقدم في ندوة الأدب الإسلامي بتركيا 1997م ط بيروت ضمن أبحاث الندوة 2000م(1/188)
- سمير عبد الحميد إبراهيم، مترجم، سفرنامة خواجه نظامي، ط. المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2000م.
- سمير عبد الحميد إبراهيم، مترجم، شهور في ديار العرب للعلامة مسعود عالم الندوي مكتبة الملك عبد العزيز العامة 1999م
- سمير عبد الحميد إبراهيم، مترجم، يوميات في الجزيرة العربية لغلام رسول مهر، دارة الملك عبد العزيز بالرياض بعنوان الرحلة الحجازية الرياض 1417هـ
- عبادت بريلوي، ديار حبيب مين جند روز اداره ادب وتنقيد لاهور بدون تاريخ
- عبد الماجد دريا آبادي، سفرنامه حجاز ط معارف بريس أعظم كره 1931م
- غلام رسول مهر، سفرنامه حجاز مكتبة أسلوب كراتشي، 1984م.
- ماهر القادري، كاروان حجاز ط 3 كراتشي 1965م
- محمد سليمان سلمان منصوربوري، سفرنامه حجاز (تاريخ حرمين) مرتبه قاضي عبد الباقي قدسي ط 2 باكستان 1404هـ عن الطبعة الأولى 1348هـ
- مسعود عالم الندوي، ديار عرب مين جند ماه اداره معارف اسلامية لاهور 1992م
- نسيم حجازي، باكستان سى ديار حرم تك قومي كتب خانه لاعور 1984م
- نصير أحمد ناصر، ورداد سفر حجاز فيروز سنز لاهور بدون تاريخ.
د. سمير عبدالحميد إبراهيم
أستاذ اللغات الشرقية وآدابها
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- الرياض
مع الدكتور الرويثي في كتابه
جوانب من الشخصية الجغرافية للمدينة المنورة
أ.د. مصطفى محمد خوجلي
هذا كتاب صغير يتألف من 122 صفحة من الحجم المتوسط . والمعروف عن مؤلفه الأستاذ الدكتور محمد أحمد الرويثي أنه نذر حياته للتدريس الجامعي بشكل عام ، والبحث في جغرافية المملكة العربية السعودية بشكل خاص . فمن المؤلفات الكثيرة التي كتبها ـ بالإضافة إلى المؤلف الذي بين أيدينا ـ وسكان المملكة العربية السعودية، 1978م، والموانئ السعودية على البحر الأحمر 1983م، كتاب الشخصية الجغرافية للمملكة العربية السعودية 1995م.(1/189)
لقد كُتبت أبحاث كثيرة جداً عن المدينة المنورة في الماضي وفي الحاضر ، تناولت جوانب متعددة من المدينة. غير أن الجوانب الجغرافية البحتة لم تنل إلا القليل من تلك الأبحاث . ولذا فنعتقد أن هذا الكتاب الذي نناقشه يُعتبر إضافة حقيقية إلى ما كُتب سابقاً ، ويسد ثغرة هامة في أدبيات المدينة المنورة .
والجغرافي الحقيقي عندما يكتب عن أي مكان عليه أن يُبرز العلاقات المتبادلة بين المكان بكل صفاته وبين سكانه ، ونشاطاتهم المختلفة من زراعة وصناعة وسكن 0000الخ وكذلك عليه أن يُعلل اختيار المكان للغرض الذي من شأنه اُختير، ومدى تطابق الوظائف النظرية للمكان مع ما يقوم به فعلياً من وظائف . ولا شك أن السكان الذين اختاروا واستقروا في الأماكن التي كانت يثرب واحدة منها ـ قبل الإسلام ـ كان لهم منطقهم في اختيار تلك المواقع . وبالإضافة إلى ذلك فقد اختار الله سبحانه وتعالى يثرب مهجراً للرسول صلى الله عليه وسلم . ومن ذلك الوقت أصبحت المدينة المنورة المركز الديني والثقافي للمسلمين يزورونها ، والعلماء منهم من يدرس بها والطلاب يجلسون في مسجدها يتلقون العلم .
وقد أفلح الدكتور الرويثي في الفصول الخمسة لكتابه في إظهار العلاقة المتشابكة بين الجوانب الطبيعية للمدينة المنورة وماضيها وحاضرها وتركيبها الوظيفي على مر العصور . وذلك هوالمنهج الجغرافي الذي سلكه في هذا الكتاب وفي أبحاثه الأخرى . فالمدينة المنورة تجمع في ملامحها الطبيعية بين كونها واحة كثيرة المياه وذات تربة رسوبية تصلح للزراعة وبين بداية إعمارها منذ الألف الأولى السابقة للميلاد، حيث جعل الإنسان تلك المنطقة مركزاً للعمران البشري ، وزادت أهميتها زيادة كبيرة نتيجة لكونها مدينة مقدسة في دولة بترولية، وأيضا لتصميم الحكومة السعودية على جعلها مدينة حديثة مع الاهتمام الكبير بوظيفتها الدينية التي ظلت حقيقة مركزية في كل جوانب التخطيط .(1/190)
وسنجد أن الملامح المذكورة ظلت هي المحور الذي دارت حوله الكتابة في الفصول الخمسة للكتاب .
ففي الفصل الأول ناقش الدكتور الرويثي الموقع المتميز للمدينة المنورة بالنسبة للمملكة العربية السعودية، وكذلك بالنسبة للعالم ، وناقش العوامل التي أدت إلى تعاقب فترات النمووفترات الركود النسبي . ففي البداية نشأت المدينة لكونها :
1- واحة كثيرة المياه وسط منطقة صحراوية ، وتربتها طينية خصبة تصلح للزراعة.
2- إحدى المحطات الرئيسية على طريق القوافل القديم.
3- في موقع طبيعي حصين .
وبعد الهجرة النبوية الشريفة أصبحت عاصمة لدولة قوية مترامية الأطراف .
ثم جاءت فترة الركود النسبي مع بقاء المدينة حية تمارس وظيفتها الدينية في كونها البقعة الثانية المقدسة للمسلمين . وأسباب الركود كانت :-
1- نقل العاصمة من المدينة إلى دمشق ثم إلى بغداد ،
2- مع استتاب الأمن الذي وفرته الدولة الإسلامية القوية تحولت التجارة البرية إلى الطرق المائية . وفيما بعد، ونتيجة لاكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح تحولت التجارة بين أوروبا الغربية وجنوب آسيا إلى المحيطين الأطلسي والهندي ، وقلت بشكل كبير التجارة عبر البحر الأحمر والخليج العربي .
ثم جاءت فترة ازدهار عندما رُبطت المدينة مع بلاد الشام بخط حديدي. ولكن تبع ذلك فترة تدهور قصيرة نتيجة للحربين العالميتين الأولى والثانية .
ثم جاءت فترة الازدهار الكبير منذ النصف الثاني من القرن العشرين نتيجة الأسباب الآتية :-
1- استتاب الأمن مع توحيد المملكة.
2- الازدهار الاقتصادي نتيجة لاكتشاف واستخراج البترول في المملكة.
3- خطط الحكومة لتطوير المدينة المنورة.
4- بناء الطرق الداخلية والطرق الرابطة للمدينة بما حولها ومع كل أجزاء المملكة.
5- كذلك منذ فتح قناة السويس رجع للبحر الأحمر أهميته الاقتصادية، وزادت مع الثورة الصناعية واستعمار جنوب آسيا .(1/191)
أما الفصل الثاني فقد خُصص للجوانب الطبيعية : الجيولوجيا والتضاريس والتربة والمناخ والمياه . وقد استعرض الرويثي فيه التكوينات الجيولوجية منذ عصر ما قبل الكمبري حتى الزمن الرابع . كذلك استعرض التضاريس، إذ أن المدينة عبارة عن حوض تحيط به الجبال . وربط الباحث بين الجيولوجيا والتضاريس والتربة من جانب وبين المياه الباطنية من جانب آخر، وربط ذلك بنشأة السكن . كل ذلك مع إعطاء خلفية للمناخ الصحراوي المتميز بندرة الأمطار وتذبذبها وارتفاع درجة الحرارة صيفاً ودفئها شتاءً .
وقد أشار الدكتور الرويثي في هذا الفصل إلى جانب هام وكأنه يدق ناقوس الخطر . ذلك الجانب هو موضوع المياه الباطنية، وهي مورد مخزون وعرضة للنضوب. وبالفعل قد نضبت في بعض المناطق مع ازدياد السَّحْبِ من المخزون المائي في باطن الأرض وعدم أو قلة التعويض من الأمطار . وذلك خطر ماثل حالياً وسيزداد في المستقبل مع زيادة السكان وازدياد النشاطات الاقتصادية التي تستعمل الماء في الزراعة والصناعة .(1/192)
وقد خصص الدكتور الرويثي الفصل الثالث للنمو العمراني . ففي بداية الفصل يذكرنا الباحث بأسباب نمو معظم المدن السعودية وهي: وجود الماء الباطني والتربة الزراعية في جيوب وسط الصحراء القاحلة . ويدعم تطور تلك المدن كونها تقع على طرق القوافل. ثم يتحدث عن مراحل نشأة وتطور المدينة التي سكن في حي من أحيائها العماليق في الألف الأولى قبل الميلاد . وتتبع الباحث التطور حتى وصل إلى زماننا الحاضر . وتعرض في ثنايا ذلك التطور إلى توزيع السكن الذي كان مبعثراً قبل الإسلام ولكنه تجمع مع ظهور الإسلام، وإلى أنواع مواد البناء ، وإلى سور المدينة الذي بُنى لحماية المدينة عام 876م ، ولكنه هدم في العهد السعودي بعد أن فقد وظيفته وأصبح عائقاً لتمدد السكن مع تزايد أعداد السكان ، وعائقاً أيضاً لإنشاء طرق النقل الحديثة . وقد شهدت المدينة تطوراً كبيراً منذ بداية توحيد المملكة. ولكن الطفرة الكبرى في التطور بدأت مع توسعة الحرم النبوي الشريف عام 1984م، حيث تمددت المدينة في كل الاتجاهات، إذ لا يوجد عائق طبيعي يمنع التمدد . وكذلك تطور في مواد البناء وفي هندسة وشكل معظم المباني، حيث هُدمت كل المباني وسط المدينة وحلت محلها مبانٍ حديثة متعددة الطوابق . كذلك ظهرت أحياء جديدة ذات مساكن حديثة من فلل وعمارات حديثة .(1/193)
وتحدث الباحث في الفصل الرابع عن نموالسكان وتركيبهم النوعي والعمري والوظيفي. وأورد إحصاءات تقديرية لعدد سكان المدينة المنورة ابتداءً من عام 1814م عندما كان العدد بين 15 و20 ألف نسمة. وزاد العدد إلى 80 ألف نسمة مع بناء خط السكة الحديد {إحدى فترات ازدهار المدينة} وانخفض العدد إلى 30 ألفاً بعد الحرب العالمية الأولى والثانية {فترة تدهور } . ولكن بعد ذلك بدأت زيادة السكان في التسارع الشديد حتى وصل العدد عام 1996م إلى حوالي 868 ألف نسمة . والجدير بالذكر أن الدكتور الرويثي أشار إلى أن القسم الغربي من المملكة هو إقليم الثقل السكاني نتيجة لكونه إقليم خدمات ، في مقابله القسم الشرقي حيث إن مدنه مدن تعدين في الأساس . كذلك أن بالإقليم الغربي تتعدد الجنسيات نتيجة لكون كثيرين من الجنسيات المختلفة جاؤوا إلى المدينة واستقروا حول الحرم ، ومن هؤلاء من عمل في التدريس وفي قطاع الخدمات .
ومن حيث التركيب النوعي فإنه كما يُتوقع من أي مدينة كبيرة في العالم أن تزيد نسبة الذكور على نسبة الإناث . والمدينة ليست بدعاً في ذلك حيث إن نسبة الذكور تصل إلى 54في المائة من مجموع السكان .
أما التكوين العمري فنجد أن ما يقرب من 50 في المائة من السكان هم في سن أقل من15 عاماً ، كما أن حوالي 3.9 في المائة هم في سن 65سنة فما فوق .
ومن ناحية التوزيع النسبي للعاملين في الأنشطة الاقتصادية المختلفة نجد أن 46.5 في المائة من القوى العاملة تعمل بقطاع الخدمات ، ويعمل 15.75 في المائة بقطاع التجارة ، في حين إن نسبة العاملين بالقطاع الصناعي تبلغ 2.8 في المائة فقط .(1/194)
أما الفصل الخامس فقد خصصه الباحث لدراسة التباين في وظائف أجزاء المدينة المنورة وما يتبع ذلك من تباين بين المجموعات الاجتماعية . وناقش التغيرات التي حدثت في المدينة المنورة ، وذلك من نواحي النمو السكاني واتساع المساحة العمرانية وطرق النقل داخل المدينة ، والطرق التي تربط المدينة بما حولها وببقية أجزاء القطر . وتلك التغيرات التي أدت إلى ظهور مناطق مميزة خاصة بالتجارة والصناعة والإدارة والسكن . وتبعاً لتلك التغيرات قسم الدكتور الرويثي المدينة إلى مناطق وظيفية:-
1- مناطق تجارية في المركز التجاري المركزي ومحلات التجارة في الأحياء والحوانيت.
2- مناطق للنقل.
3- مناطق للسكن القديم والحديث.
4- مناطق خدمات لخدمة الحجيج والزيارة والتعليم والصحة والخدمات الأخرى .
ونذكر هنا أن الدكتور الرويثي قد أشار بشكل خاص إلى مشاريع وخطط توسعة المسجد النبوي الشريف وإلى ما ترتب على ذلك من هدم لمعظم المدينة القديمة وأسواقها مما أفقد ذلك الجزء مؤقتاً صفة المركزية والتوسط بالنسبة للمدينة . ولم يلبث ذلك التقلب أن زحف نحوالشمال والجنوب والشرق والغرب ، وظهرت مناطق تجارية جديدة في أنحاء من المدينة تستحوذ على مساحات كبيرة ولكنها متباينة في مساحاتها .
وإن كان لنا ما نزيد به على ما قاله الدكتور الرويثي، وذلك لزيادة الإيضاح أكثر من أنها نقاط اختلاف في الرأي ، نقول إنه في أي مدينة صغيرة تكون المنطقة التجارية محصورة في مساحات صغيرة . ولكن كلما زاد عدد السكان كلما توسعت المساحة المسكونة ، وكلما تعددت المناطق التجارية وذلك للأسباب الآتية : -
1- ضرورة أن تكون بعض المحلات التجارية – خاصة التي تتعامل في الأغذية وفي بعض الضروريات قريبة من السكن.
2- ترتفع أسعار الأرض في المنطقة التجارية الرئيسية.(1/195)
3- مساحات المحلات في المنطقة المركزية صغيرة ولا تفي بالغرض. مثال لذلك محلات السوبر ماركت الكبيرة ومعارض السيارات ومعارض السجاد والموكيت فإنها كلها تحتاج إلى مساحات واسعة ، ولذا تخرج إلى أطراف المدينة . وهذا ما حدث بالفعل في المدينة المنورة . ولكن في بعض الأقطار قد تُهجر المنطقة القديمة لصالح المناطق الحديثة . غير أن هذا لم يحدث للمدينة المنورة ، وذلك لوضعها الخاص حيث يوجد المسجد النبوي الشريف في قلب المدينة وذلك يجعل كل وسائل النقل تتجه إلى الوسط الذي به الحرم. وفي ذلك المركز نجد معظم الفنادق وأماكن سكن الحجاج والعمار والزائرين . ومثل ذلك يقال عن المحلات التي تتعامل مع احتياجات الحجاج والزوار ، ومنها محلات المأكولات السريعة وبعض محلات الهدايا من ملابس وذهب ، ومحلات تغير العملة { معظم البنوك خارج المنطقة المركزية ولكنها غير بعيدة عنها }. ولهذا فعلى الرغم من تعدد الأسواق فان المنطقة القديمة ستظل هي القلب التجاري للمدينة . ولهذا السبب فإن تلك المنطقة لم تُهجر ولكنها توسعت وتجددت عن طريق الهدم والبناء المخطط . بحيث أصبحت المدينة المنورة مدينة قديمة وحديثة في نفس الوقت.
والمشكلة الرئيسية التي تقابل هذه المنطقة المركزية هي ازدحام السيارات خاصة في أوقات العمرة والحج والزيارة ، وذلك على الرغم من إنشاء مواقف سيارات واسعة تحت ساحات الحرم النبوي الشريف. تلك مشكلة تحتاج إلى حل في المستقبل .
وفي النهاية نقول إن هذا الكتاب – على الرغم من صغره – وخاصة الفصلان الرابع والخامس – هو تسجيل جغرافي للمدينة المنورة في نقطة زمنية معينة . At a certain point in time. ولذا ففائدة الكتاب لا تقتصر على القارئ الحديث ، لأنه يعتبر وثيقة جغرافية تفيد أي باحث عن المدينة في المستقبل. ومن هذه الناحية سيظل مرجعاً هاماً فيما يأتي من الأيام .(1/196)
ونركز على أنه تسجيل " جغرافي " ، ونعني بذلك أنه ليس سرداً للوقائع ولكن مناقشة لتفاعل الإنسان مع البيئات الطبيعية والسياسية والاقتصادية مع إعطاء كل الحقائق للقارئ .
وهذا التسجيل كُتب بلغة سهلة وسليمة ورجع الباحث فيه إلى الكثير من المراجع العربية والأجنبية وإلى التقارير الرسمية . ودُعم الكتاب بعدد من الجداول والأشكال ، كما أن به قائمة للمراجع لمن يريد الزيادة في المعرفة.
وننتهز هذه الفرصة لندعو الله سبحانه وتعالى أن يرحم ويغفر للأستاذ الدكتور محمد أحمد الرويثي ويثيبه عن كل الأبحاث التي كتبها عن المملكة وعن المدينة المنورة ، وان يطرح البركة في أفراد أسرته وذريته وأن يوفقهم ويوفقنا جميعاً لما فيه الخير .
أ.د. مصطفى محمد خوجلي
أستاذ بكلية التربية للبنات بالمدينة المنورة
المدينة المنورة
في كتابات الرحالة العرب
أ. ليلى سعيد سويلم الجهني
توطئة :
الرحلة نشاط حيوي عريق عرفه الإنسان منذ بداياته الأولى على وجه الأرض؛ إذ ارتحل من جهة إلى أخرى بحثاً عن الكلأ، أو سعياً وراء الرزق، أو طلباً لسلعة لا يجدها في موطنه.
وقد عرف العرب – مثلهم مثل غيرهم من الأمم – الرحلة، وجالوا في الأرض بهدف التجارة، وكان من أشهر رحلاتهم : رحلتا الصيف والشتاء اللتان ذكرهما الله عز وجل في قوله : { لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف} [ قريش : 1 – 2 ].
وعندما جاء الإسلام ظهرت بواعث جديدة للرحلة منها:
الدعوة إلى الله وتبليغ رسالة الإسلام للمجتمعات القريبة والبعيدة، والجهاد في سبيل الله، وطلب العلم، وتدبر آيات الله ونواميسه في الكون، والحج والعمرة، وزيارة المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى... وغير ذلك من البواعث، فازدادت الرحلات، وظهر الرحالة الذين يكتبون عن رحلاتهم رسائل وكتباً تجمع بين الأسلوب الأدبي الممتع والتعريف ببلدان ومجتمعات لايبلغها المرء آنذاك إلا بشق الأنفس.(1/197)
والحقيقة أن الإسلام قد أضفى على الرحلة من خلال رحلة الحج بالذات صبغة دينية متميزة عندما جعلها الركن الخامس من أركانه، والفريضة الحتمية على كل من استطاع إليها سبيلاً، كما أضفى عليها أبعاداً أخرى: اقتصادية، واجتماعية، وثقافية عندما فتح المجال للحجيج ليشهدوا منافع لهم، وقد تنامت هذه الأبعاد مع الأيام، وأَثْرَت في جانبها الثقافي أدب الرحلة، وإن لم تكن قد صنعته، فلم يقتصر كثير من العلماء في رحلاتهم على أداء الفريضة وحسب، بل سعوا إلى لقاء العلماء الآخرين في الأمصار التي يمرون بها أولاً، وفي الحرمين الشريفين من ثمّ، وكان بعضهم يمضي في رحلته الشهور والسنين ليحضر مجالس العلم حيثما يمر، أو يجاور في الحرمين الشريفين ويلقى من فيهما ومن يأتيهما من الشيوخ، ويسجل ذلك في مؤلفات خاصة تعد من صميم أدب الرحلات.
وقد ساهم اتساع الدولة الإسلامية في نمو هذا النوع من الأدب، حيث ارتحل المسلمون في أرجائها وجاب بعضهم بقاعاً مختلفة وسجلوا ملاحظاتهم ومشاهداتهم منهم : المسعودي صاحب كتاب : مروج الذهب، الإدريسي صاحب كتاب : نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، الاصطخري صاحب كتاب : المسالك والممالك.
وقد ازدهر أدب الرحلات في العصور المتأخرة من عمر الدولة الإسلامية عندما اعترى الجمود مختلف مناحي الحياة الثقافية فيها. وكان ذلك – بصورة خاصة – دافعاً للعلماء الذين تبعد بلادهم عن مراكز الإشعاع الثقافي آنذاك – وأهمها القاهرة وبغداد – إلى الارتحال لتحصيل العلوم في طريقهم للحج؛ مدونين تفاصيل رحلاتهم، وما رأوه ومن قابلوه وأخذوا عنه من علماء. وكانت رحلاتهم تلك بمثابة وثائق علمية تشهد لهم بما جنوه من معارف.(1/198)
وقد استأثر الحرمان الشريفان في مكة المكرمة والمدينة المنورة باهتمام معظم الرحالة الذين زاروهما، على تباين توجهاتهم ومقاصدهم. كما شغلت أوصاف المدينتين المقدستين حيزاً مهماً في معظم – إن لم يكن كل – تلك الرحلات. والحقيقة أن أهمية تلك الرحلات تنبع – في تصورنا – من أنها معين ثر يمدنا بقدر من المعلومات التي نستشف منها الأحوال السياسية والثقافية والعمرانية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية التي سادت تينك المدينتين في فترات تاريخية متباينة. كما أنها تتيح لنا فرصة لرصد التغيرات التي طرأت على أوجه الحياة فيهما، خلال الفترات الزمنية التي تغطيها. وتقدم لنا الرحلات في الوقت نفسه، زاداً وفيراً من التراجم لكثير من العلماء الذين غفلت عنهم كتب التراجم أو لم توفِهم حقهم من العناية.
وسوف أعرض في الفصول التالية عدداً من الرحلات لنستشف من خلالها صورة المدينة المنورة في عصر الرحالة الذي زارها والتغيرات التي طرأت عليها مابين رحالة وآخر، وهذا أهم ماقصدناه في هذا العرض.
أولاً: رحلة ابن جبير
لأبي الحسين محمد بن أحمد بن جبير
(سنة580هـ )
محمد بن أحمد بن جبير الكناني الأندلسي، أبو الحسين: رحالة أديب، ولد في بلنسية ونزل بشاطبة. برع في الأدب، ونظم الشعر الرقيق، وحذق الإقراء، أولع بالترحال والتنقل، فزار المشرق ثلاث مرات إحداها عام 578-581هـ وهي التي ألف فيها كتابه: رحلة ابن جبير، ومات في الإسكندرية في رحلته الثالثة، يقال: إنه لم يصنف كتاب رحلته، بل قيد معاني ماتضمنته فتولى ترتيبها بعض الآخذين عنه. من آثاره: نظم الجمان في التشكي من إخوان الزمان؛ وهو ديوان شعره. ونتيجة وجد الجوانح في تأبين القرن الصالح: وهو مجموع مارثى به زوجه أم المجد(1).
__________
(1) الأعلام 5/319-320)(1/199)
في يوم الجمعة المتمم للثلاثين من شهر شوال، عام 578هـ، بدأ ابن جبير رحلته إلى الديار الحجازية : مكة المكرمة والمدينة المنورة على متن سفينة تمخر عباب البحر بمقابلة جبل شُلَيْر (1)، أحد جبال الأندلس. وقد دون الرحالة الأندلسي تفاصيل رحلته تدويناً مباشراً يوماً بيوم الأمر الذي أسبغ عليها حيوية وميزها عن رحلات تلتها سنعرض لها فيما بعد.
استمرت الرحلة أكثر من عامين وثلاثة أشهر، مرَّ خلالها وأقام في عدد من المدن والحواضر من أهمها بالإضافة إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة : الإسكندرية، القاهرة، جدة، بغداد، دمشق، عكا، أطرابينش في
جزيرة صقلية التي انطلق منها عائداً إلى مدينته غرناطة في الأندلس.
وقد تفاوتت مدة إقامته بين مدينة وأخرى؛ فكانت أطول فترة إقامة له في مكة المكرمة التي مكث فيها ثمانية أشهر وثلث الشهر؛ تليها دمشق التي ظل فيها شهرين متتالين؛ ثم بغداد التي قضى فيها ثلاثة عشر يوماً، أما المدينة المنورة فمكث فيها خمسة أيام فقط.
قدَّم ابن جبير في رحلته وصفاً ممتعاً لكل ما شاهده في المدن والحواضر التي مرَّ بها. وتباين وصفه، بين الإجمال والتفصيل، كما زخر باللمحات التي تدل على قوة ملاحظته، إضافة إلى ذكائه وصفاء ذهنه، وسعة اطلاعه.
__________
(1) يعرف اليوم بـ : سيرا نيفادا Sierra Nevada؛ انظر : شمس العرب تسطع على الغرب : 526(1/200)
ولعل أول ما يلفت النظر في رحلته دقة وصفه، واهتمامه بالتفاصيل مهما صَغُرت. ويتجلى هذان الأمران؛ الدقة والاهتمام؛ في وصفه للنواحي العمرانية في الحواضر والمدن التي مرَّ بِها. والحقيقة أنه لم يبدع في وصف شيء؛ على امتداد رحلته؛ قدر إبداعه في وصف المباني والمنشآت، يستوي في ذلك المباني القديمة مثل : منارة الإسكندرية بمصر، أو الحديثة آنذاك مثل: جسر الحلَّة بالعراق. وتلك التي أنشئت لأغراض دينية مثل : جامع الكوفة بالعراق، أو لأغراض دنيوية مثل : القصر الأبيض في مسينة بجزيرة صقلية. وتلك التي تخص المسلمين مثل : مشاهد العلويين في القاهرة بمصر، أو غير المسلمين من النصارى مثل كنيسة الأنطاكي ببَلاَرمة في صقلية(1).
عدا عن ذلك، فإن ابن جبير يفيض بعاطفة دينية متقدة، تظهر في مواقف كثيرة متباينة خلال الرحلة. فهو؛ مثلاً؛ لا يكف عن أن يدعو الله في كل مراحل الرحلة كي يسهلها وييسر مشقتها عليه وعلى من رافقه. كما أنه يدعو لما يمر به من حواضر ومدن بأن يحرسها الله، أو يكلأها، أو يحميها، أو يعمرها. وربما سأل الله أن يدمرها إذا كانت واقعة تحت يد الصليبيين(2).
ولا يمرُّ ابن جبير بمنكر إلا واستقبحه بحدة أحياناً. فهو؛ على سبيل المثال؛ يستنكر ما يفعله محصلو الزكاة في الإسكندرية وغيرها من المدن المصرية عندما يعمدون إلى المراكب فيوقفونَها، ويفتشونَها، ويفتشون راكبيها وما يحملونه من متاع؛ ليحَصِّلوا الزكاة دون أن يراعوا ما أدركه النصاب مما لم يدركه، كما أنه يستنكر أموراً أخرى كثيرة ليس هذا مجالها(3).
__________
(1) انظر: الرحلة : 14 – 15، 21 – 22، 189، 187 – 188، 298، 306 - 307 .
(2) انظر الرحلة : 187، 219، 230، 254، 277.
(3) انظر: الرحلة : 13، 38، 39، 48، 268 – 269، 279 – 280.(1/201)
ومن ناحية أخرى نجده يستحسن ما يصادفه من أمور وعادات ومواقف حسنة، حيث يحمد لأهل دمشق وما جاورها وقوفهم يوم عرفة في مساجدهم وجوامعهم بعد صلاة العصر؛ التماساً لشيء مما يفيض به الله من خيرات على أهل هذا الموقف لبركة الساعة التي يقف فيها الحجيج في عرفات(1).
يصوغ ابن جبير رحلته في لغة سلسة واضحة لا تكلف فيها. وهي؛ إضافة إلى ذلك؛ لغة تنسجم مع المواقف المتباينة التي يمر بِها، والأمكنة المختلفة التي يعبرها، فعندما يكون الأمر متعلقاً بوصف مبنى أو مشهد أو مَعْلَم تنحو تلك اللغة نحو دقة اللفظ، بحيث لا يحتمل أكثر من معنى. ويظهر ذلك في وصف ابن جبير للأهرام؛ إذ يقول إنَّها مربعة الشكل " كأنها القباب المضروبة قد قامت في السماء ... في سعة الواحد منها من أحد أركانه إلى الركن الثاني ثلاثمائة خطوة وست وستون خطوة. وقد أقيمت من الصخور العظام المنحوتة. ورُكِّبَت تركيباً هائلاً بديع الإلصاق دون أن يتخللها ما يعين على إلصاقها، محدودة الأطراف في رأي العين "(2). وفيما عدا ذلك، فإن تلك اللغة تغدو لغة أدبية خالصة، يُعْنَى فيها بالسجع، والتشبيه، وتضمين آيات من القرآن الكريم أو بعض الأمثال أو الأبيات الشعرية. فعندما يصل حلب؛ مثلاً؛ يسترسل في وصف طويل مسجوع يقول في بعضه : " بلدة قدرها خطير، وذكرها في كل زمان يطير، خُطَّابها من الملوك كثير، ومحلها من التقديس أثير ... الخ "(3).
أخيراً، تكمن أهمية رحلة ابن جبير في الصورة التي ترسمها للحياة في كثير من المدن والحواضر الإسلامية وغير الإسلامية التي مرَّ بِها الرحالة خلال الربع الأخير من القرن السادس الهجري. وتعد؛ على نحو خاص؛ وثيقة حافلة بمعلومات قيمة لا يمكن إغفالها عن الحياة في المدن الحجازية في ذلك الوقت خاصةً مكة المكرمة والمدينة المنورة.
تفاصيل زيارة ابن جبير للمدينة المنورة :
__________
(1) انظر: الرحلة : 264.
(2) انظر: الرحلة : 280.
(3) انظر: الرحلة : 225 .(1/202)
وصل ابن جبير إلى المدينة المنورة قادماً من مكة المكرمة، يوم الاثنين المصادف للثالث من المحرم عام 580هـ عقب أدائه مناسك الحج. وما أن دخل المدينة المنورة حتى سارع بالذهاب إلى الحرم النبوي الشريف للسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، والصلاة بالروضة الشريفة. ثم صلى صلاة المغرب جماعةً، ورجع بعد ذلك إلى رحاله. وكما يظهر من الرحلة، فإن ابن جبير ومن معه أقاموا مضاربهم على أطراف المدينة – داخل سورها الخارجي – وكانوا يقضون حوائجهم ثم ينصرفون إلى تلك المضارب. وقد مكث الرحالة في المدينة خمسة أيام فقط؛ إذ غادرها يوم السبت المصادف للثامن من الشهر والعام نفسيهما.
المدينة المنورة كما تبدو في الرحلة
( 1 – 1 ) اهتم ابن جبير في الصورة التي رسمها للمدينة المنورة في رحلته بنواحٍ معينة من أهمها الحرم النبوي الشريف، والمساجد، والمشاهد في البقيع(1)وأُحد(2). ورغم ذلك، فإن ما كتبه عنها لا يخلو من إلماحات صغيرة متفرقة عن عمرانها. فالمدينة المنورة – كما يصف – محاطة بسورين. والحقيقة أن أول إشارة إلى هذين السورين ترد قبل أن يصل إلى المدينة المنورة بمراحل وهو في مكة المكرمة وذلك أثناء حديثه عن آثار ومناقب جمال الدين الأصفهاني(3)،
__________
(1) يقع البقيع شرق المدينة المنورة، وهو مقبرة أهلها. وأصل البقيع كل موضع فيه أروم الشجر من ضروب شتى؛ انظر: وفاء الوفا: 4/1154.
(2) أُحُد : جبل من جبال المدينة، يقع إلى شمالها على مسافة ثلاثة أميال منها تقريباً، وفيه قال الرسول صلى الله عليه وسلم لما بدا له وهو عائد من غزوة خيبر : ( هذا جبل يحبنا ونحبه )؛ وفاء الوفا : 3 / 925.
(3) محمد بن علي جمال الدين أو الجواد الأصفهاني ( الأصبهاني ) ( ... - 559هـ):
كان وزيراً في عهد الأتابك زنكي بن آق سنقر صاحب الموصل. ولي نصيبين، ثم ولي الإشراف على المملكة كلها. تولى الوزارة في عهد سيف الدين غازي، قبض عليه قطب الدين مودود عام 558 هـ ، وسُجن بقلعة الموصل حتى مات، ونُقِل إلى المدينة المنورة حيث دُفِن في رباط أقامه لنفسه هناك. كان من الأجواد المبالغين في الإنفاق، وقد بنى سور المدينة؛ الأعلام : 6 / 278.(1/203)
حيث يقول : " ومن مفاخره ومناقبه [جمال الدين ] أيضاً أنه جعل مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم تحت سورين عتيقين أنفق فيهما أموالاً لا تُحصَى كثرةً"(1). وإن لم يٌعْنَ بإيراد تاريخ إنشاء هذين السورين، إلا أننا نفهم من قوله : عتيقين أن وقتاً طويلاً قد مرَّ على بنائهما.
وللسورين أربعة أبواب، ففي كل سورٍ بابٌ يقابله باب آخر في السور الثاني، وربما كان ذلك لتسهيل حركة الدخول والخروج. والأبواب كلها؛ كما يصفها؛ مصفحة بالحديد. ولكل باب اسمٌ؛ فأحدها : باب الحديد، وثانيها : باب الشريعة، ثم : باب القِبْلَة، وهو مغلق كما يشير دون أن يوضح الأسباب، وأخيراً : باب البقيع، ومنه يخرج المرء إذا قصد زيارة البقيع.
ويبدو أن ابن جبير ذكر الأبواب حسب ترتيب الجهات الجغرافية بدءاً بالشمال وانتهاءً بالشرق عكس عقارب الساعة؛ وبناءً عليه يكون باب الحديد في الشمال، وباب الشريعة في الغرب، وباب القبلة في الجنوب، ثم باب البقيع في الشرق. ويُرجِّح ذلك أن قبلة المدينة المنورة إلى الجنوب، كما أن البقيع يقع شرق المدينة. ولعله كذلك بدأ بذكر أسماء أبواب السور الداخلي، ثم انتقل إلى أبواب السور الخارجي؛ وعليه يكون بابا : الحديد والشريعة في السور الداخلي، فيما يقع بابا : القبلة والبقيع في السور الخارجي.
وكما نلاحظ، فإن ابن جبير مهتم بما داخل الأسوار لا بالأسوار نفسها، إذ لا يُعْنى بوصف هيئة السورين، ولا يذكر مادة بنائهما، ولا طول كل سور منهما بحيث يمكن تقدير مساحة المدينة المنورة آنذاك، ولا يوضح ما إذا كان السوران منفصلين؛ بحيث يحيط السور الخارجي منهما بالداخلي أم لا، وليس فيما يورده من معلومات ما يحدد ما إذا كان السوران يتخذان شكلاً هندسياً منتظماً أم لا. ويبدو أن ابن جبير لم يرَ في سوري المدينة من غريب العمارة وبديعها ما لفت نظره، واستدعى اهتمامه بتدوينه.
__________
(1) الرحلة : 102-103.(1/204)
ويصف لنا الرحالة، على صعيد آخر، شارعاً مُبَلطاً بالحجر المنحوت المفروش يحيط بالحرم. وهو الشارع الوحيد الذي يصفه. وتدل إحاطته بالحرم على أن البيوت والأسواق كذلك كانت تحيط بالحرم باعتباره محوراً أساسياً في حياة المدنيين؛ ذلك أن المسلمين قد دأبوا منذ أيام الهجرة الأولى على بناء بيوتهم قرب الحرم؛ وهكذا أحاطت بالحرم كتلة معمارية تجاورت مبانيها(1).
( 1 – 2 ) لا يغفل ابن جبير عن تتبع مصادر المياه في المدينة المنورة؛ إذ يشير إلى أربعة آبار يُستقَى منها. أولها : بئر تقع داخل مسجد قباء، في الجهة الغربية منه. ويذكر الرحالة هذه البئر دون أن يُعيِّن لها اسماً.
وثانيها : بئر أَرِيْس، التي تقع إزاء دار عائشة قرب مسجد قباء، وسأعرض لهذه الدار بعد قليل، وثالثها : بئر بُضَاعة، وتقع قرب حجر الزيت داخل سور المدينة المنورة. وآخرها : بئر رُومة، التي تقع في الشمال الغربي خارج السور.
__________
(1) انظر : المدينة المنورة " البيئة والإنسان " : 170؛ التاريخ الشامل للمدينة المنورة : 1 / 249.(1/205)
إضافة إلى ما سبق، يذكر ابن جبير عيناً منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم(1). وتقع، كما يذكر ابن جبير، بين المدينة المنورة والخندق ويحيط بِها جدار عظيم مستطيل، ولم تكن العين تستخدم لغرض غير الاستقاء
صوناً لها، ومحافظة عليها؛ ولعل ذلك لنسبتها للرسول صلى الله عليه وسلم(2).
__________
(1) أورد الفيروز آبادي خبر هذه العين برواية عن الزبير بن بكار عن طلحة بن خراش قال: كانوا أيام الخندق، يخرجون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويخافون البيات، فيدخلون به كهف بني حرام، فيبيت فيه، حتى إذا أصبح هبط. وقال: ونقر رسول الله صلى الله عليه وسلم- العيينة التي عند الكهف، فلم تزل تجري حتى اليوم. وهذا الكهف الذي ذكره معروف في غربي جبل سلع، على يمين السالك إلى مساجد الفتح، من الطريق القبلية، وعلى يسار السالك إلى المدينة، إذا زار المساجد وكرَّ راجعاً إلى المدينة، مستقبله للقبلة، تقابله حديقة نخل تُعرف بالغنيمة في بطن وادي بُطحان، غربي جبل سلع، وهذه العين التي ذكرها الزبير من جملة ماذهب ودثر، لايعرف لها اليوم عين ولا أثر، والله تعالى أعلم. وهذه الرواية لا يأخذ بها أهل الحديث لأن في سندها ابن زبالة وهو متهم بالكذب. انظر المغانم المطابة في معالم طابة 3/974.
(2) الرحلة: 175-176 .(1/206)
وفي المدينة المنورة ثلاث سقايات أخرى (1). اثنتان منها ملحقتان بالعين السابق ذكرها، تقعان تحت الجدار المحيط بها. وهما مستطيلتان كذلك، وينزل إليهما المرء على أدراج عددها نحو 25 درجة. أما السقاية الأخيرة فتقع قرب الحرم النبوي الشريف، من جهة باب الحديد، أحد أبواب سور المدينة المنورة. ولها درج كذلك، وماؤها؛ عذب. ويبدو أن هذه السقايات الثلاثة فروع للعين الزرقاء(2). ومما يثير الاستغراب أن الرحالة لم ينتبه إلى ذلك، ولم يكن لديه معلومات عنها رغم تاريخها العريق ورغم كونها المصدر الرئيسي للمياه في المدينة المنورة.
(
__________
(1) مفردها سقاية : بكسر السين أو فتحها موضع السقي، أو ما يبنى لجمع الماء. القاموس المحيط ، (سقي) ص1671.
(2) المستقى الرئيسي لأهل المدينة خلال القرون الماضية، وأصلها بئر يقع غربي مسجد قباء، تجري في قناة تحت الأرض أنشئت بأمر الخليفة معاوية بن أبي سفيان وأشرف على إنشائها مروان بن الحكم الذي كان أميراً على المدينة، وتمتد هذه القناة إلى شوارع المدينة المنورة الرئيسية وتجري بمحاذاتها قناة أخرى لصرف المياه المستعملة وتصب شمالي المدينة وقد تحول مسماها إلى ( مصلحة مياه ومجاري المدينة المنورة عام 1378). انظر: وفاء الوفا : 3 / 985 – 987. التحفة الشماء في تاريخ العين الزرقاء .(1/207)
1 – 3 ) أما أهل المدينة فإن ما يقدمه ابن جبير في رحلته عنهم لا يخلو من طرافة خاصة فيما يتعلق ببعض عاداتهم. وجل ما يرد في الرحلة من معلومات يجيء عبر إلماحات تسبق دخوله المدينة المنورة، أو أثناء تواجده فيها. وهي إلماحات يتحدث فيها عن الحجاز عامة، أو ينطلق فيها من جزء من الحجاز ليعمم على باقي نواحيه. فعند وصوله إلى مدينة جدة؛ مثلاً؛ يذكر أن أكثر سكانها مع ما يليها من الصحراء والجبال أشراف عَلويونَ : حَسَنيونَ وحُسَينِيون وجَعْفَريونَ(1). والمدينة المنورة أولى من جدة بأن يكون
أكثر سكانِها من الأشراف العلويين؛ لأنَّها مقرهم ومنبت بذرتَهم الأولى.
وكما يشير ابن جبير، فإن أهل الحجاز؛ وسكان المدينة المنورة من ضمنهم؛ يعتمدون على الحجاج في معاشهم، فيؤجرون لهم الجمال، ويبيعونَهم اللبن والماء والتمر والحطب. ولا شك أنهم كانوا يتبادلون مع أولئك الحجاج السلع فيوفرون بذلك ما ينقصهم. إضافة إلى أن المدينة المنورة كما ورد من قبل، منطقة زراعية، وقد اشتهرت بذلك على مرِّ التاريخ. ولا شك أن الزراعة كانت طريقة من الطرق التي اعتمد عليها أهل المدينة المنورة في كسب عيشهم متميزين في ذلك عن غيرهم من أهل الحجاز خاصة في جدة ومكة المكرمة، وإن لم يكن ابن جبير قد أشار إلى ذلك.
__________
(1) الحسنيون هم الذين ينتسبون للحسن بن علي رضي الله عنه؛ والحسينيون هم الذين ينتسبون للحسين بن علي رضي الله عنه؛ أما الجعفريون فهم الذين ينتسبون لجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه.(1/208)
أما فيما يتعلق بعادات أهل المدينة فإن ابن جبير يذكر؛ عند حديثه عن دخول شهر جمادى الآخرة من عام 579 هـ؛ أن لأهل المشرق العربي – والمدينة جزء من هذا المشرق – عادة حسنة، إذ يتصافحون، ويهنيء بعضهم بعضاً، ويطلب بعضهم من بعض السماح، ويدعو بعضهم لبعض عند مستهل كل شهر من أشهر العام. ولا يتتبع ابن جبير مبدأ هذه العادة؛ لكنه يستحسنها، ويستحسن وقعها الجميل في النفس وما يرافقها من دعاء ومصافحة.
ويسجل لنا ابن جبير أثناء تواجده في المدينة المنورة ملاحظات يلمس القارئ من خلالها رقة قلوب أهلها التي تتجلى في تأثرهم بِما يُلقى على أسماعهم من وعظ، ومسارعتهم إلى إعلان التوبة. فما أن يلقي رئيس الشافعية صدر الدين الأصبهاني موعظته ليلة الجمعة المصادفة للسابع من المحرم من عام 580 هـ، حتى تضطرب أحوالهم، وتمتلئ قلوبِهم خشية، ويعمهم الذهول. بل إن بعضهم لشدة تأثره يسلِّم ناصيته لصدر الدين كي يجز شعره معلناً بذلك توبته.
وتكاد تكون رقة القلب هذه منْزعاً طبيعياً لدى عدد غير قليل من الناس، بحيث يؤثر فيهم ما يلقى عليهم من وعظ ونصح؛ حتى إن كان ذلك التأثير وقتياً لا يلبث أن يزول؛ فكيف بِمن جاوروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعاينوا دروباً وبيوتاً ومساجد وأسواقاً شهدت فصولاً من حياته صلى الله عليه وسلم ؟ وكيف إذا كان ذلك الوعظ على مقربة من قبره صلى الله عليه وسلم، وفي مسجده الحرام؟(1/209)
فيما عدا ما سبق فإن رحلة ابن جبير تخلو من أي تفاصيل أخرى عن سكان المدينة المنورة، إذ لم يُقِمْ فيها أكثر من خمسة أيام، انشغل أثناءها بزيارة الحرم النبوي الشريف وما حوله من مشاهد في البقيع وأحد. والأيام الخمسة فترة غير كافية لتتبع شئونِ الحياة اليومية التي يتطلب الإلمام بِها وقتاً طويلاً واختلاطاً بالناس وذلك ما لم يتوافر له. ومما يؤكد ذلك أنه قدم رصداً قيماً لحياة الناس في بعض المدن التي طال مكثه فيها فتجاوز الأسابيع أو الأشهر. ومن تلك المدن على سبيل المثال مكة المكرمة؛ إذ لم يغفل عن شيء من مناشط الناس فيها وعاداتِهم إلا مرَّ عليه (1).
( 1 – 4 – أ ) قدم ابن جبير في رحلته وصفاً ممتعاً للحرم النبوي الشريف، يتميز بدقته وثراء تفاصيله، إذ لم يغادر صغيرة أو كبيرة إلا أحصاها؛ وعلَّق عليها إن لزم الأمر. ويسهل – من خلال ذلك الوصف – تكوين صورة ذهنية واضحة لما كان عليه الحرم عندما شاهده. بل إن ذلك الوصف يمكن أن يكون قاعدة بيانات لرسم مخطط للحرم النبوي الشريف آنذاك؛ خاصة فيما يتعلق بطوله، وعرضه، وعدد أعمدته وأروقته، وموقع المحراب والمنبر، وصفة الحجرة الشريفة، وعدد الأبواب والمآذن ومواقعها. ونشير هنا إلى أن البناء الذي شاهده الرحالة كان بناء التوسعة الخامسة التي أمر بها الخليفة العباسي المهدي(2)في عام 161 هـ، وانتهت في عام 165 هـ. ولم يزد أحد في مساحته بعدها حتى عام 886 هـ (3).
__________
(1) انظر: الرحلة : 101-153.
(2) المهدي أبو عبد الله محمد بن عبد الله ( 127 – 169 هـ ) : تولى الخلافة بعد أبيه المنصور في ذي الحجة عام 158هـ، وأقام في الخلافة عشر سنين وشهراً. مات في ماسبذان صريعاً عن دابته في الصيد، وقيل مسموماً. كان محمود العهد والسيرة محبباً إلى رعيته؛ الأعلام :6 / 221.
(3) تاريخ المسجد النبوي الشريف : 49.(1/210)
والحرم كما يصفه ابن جبير، مستطيل طوله مائة وست وتسعون خطوة، وعرضه مائة وست وعشرون خطوة. يتوسطه صحن مفروش بالرمل والحصى، زُرِعَتْ فيه خمس عشرة نخلةً. ولا يعلق الرحالة على وجود ذلك النخل داخل الحرم، ولا يذكر مبدأه، ويشير كذلك إلى أن الصحن محاط بأروقة من جهاته الأربع كلها؛ خمسة منها في الجهة الجنوبية، وخمسة في الشمالية، وثلاثة في الشرق، وأربعة في الغربية.
وقد اتخذت جدران الحرم زينتها؛ فكُسِي النصفان السفليان من الجدارين الجنوبي والشمالي برخام ملون بديع الصناعة. فيما غُطي نصفاهما العلويان بقطع الفسيفساء الذهبية التي تصور أشجاراً مختلفة الأشكال تميل أغصانُها بثمارها. أما الجداران الشرقي والغربي فمجردان – أي بلا رخام – أبيضان عَلَتْهما مقرنصات ذات رسوم وألوان متباينة.
ويبلغ عدد أعمدة الحرم مائتين وتسعين عموداً، تتصل بالسقف مباشرة؛
وقد بُنيت تلك الأعمدة من حجارة منحوتة متداخلة أنثى في ذكر(1)،
__________
(1) إحدى طرق بناء الطوب وهي لَبِنتان مختلفتان؛ انظر : المدينة المنورة تطورها
العمراني وتراثها المعماري : 60.(1/211)
يُفرَغ بين كل حجرين الرصاص المذاب حتى تتصل الأحجار وتستوي عموداً قائماً، ثم تُكسى بالجير، وتُصقل، وتدلك حتى تبدو كما لو كانت مكسوة برخام أبيض(1). وقد جُعل في أحد تلك الأعمدة؛ وهو الذي يقع إزاء الروضة الشريفة؛ بقية الجذع الذي حنًّ للنبي صلى الله عليه وسلم عندما فارقه واتخذ منبراً(2). وبقية الجذع، كما يصف ابن جبير، ظاهرة في وسط العمود. ولا يورد الرحالة هذا الخبر بصيغة الجزم بل يسبقه بكلمة: يقال؛ رغم أنه ذكر في بداية سرده لتفاصيل زيارته المدينة أنه استلمه بصيغة لا تشكك فيها. ويشير في موضع آخر إلى أن عدداً من أعمدة الحرم قد دخلت في بناء الحجرة الشريفة على النحو التالي: عمودان وما يقارب أربعة أشبار من العمود الثالث من الأعمدة التي تلي صحن الحرم؛ وعمودان من أروقة الجهة الشرقية.
__________
(1) انظر: الرحلة : 171 .
(2) انظر : وفاء الوفا : 2 / 394 – 395، إذ يورد السمهودي تعليقاً جيداً حول هذا الموضوع.(1/212)
أما المحراب فيقع في مقصورة(1) تحفُّ جدار القبلة من غربه إلى شرقه. وعلى رأس المحراب في الجدار الجنوبي ثُبتَ حجر مربع أصفر طوله شبر وعرضه شبر كان مرآة كسرى، كما ثُبتَ مسمار عُلِّق فيه وعاء صغير لا يُدرى مما صُنع كان كأس كسرى. ويورد ابن جبير خبر المرآة والكأس بصيغة متشككة مستخدماً كلمات مثل : الله أعلم، ويُزعَم(2). ونشير هنا إلى أن الحرم لم يكن له محراب في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد خلفائه. وأول من بنى محراباً كان عمر بن عبد العزيز(3)أثناء التوسعة الرابعة للحرم في عهد الوليد بن عبد الملك (4).
__________
(1) قَصَر الشيء : حبسه، ومنه مقصورة المسجد. وقد اختلف في أول من اتخذ مقصورة؛ فقيل عثمان بن عفان رضي الله عنه مخافة أن يقتل عندما ولي الخلافة بعد مقتل عمر رضي الله عنه. بناها من اللَبِن، فجعلها عمر بن عبد العزيز من خشب الساج حين بنى الحرم في عهد الوليد بن عبد الملك. وقيل إن أول من اتخذها مروان بن الحكم بعدما عدا عليه رجل فحاول قتله بسكين كان معه؛ فبنيت من الطين وجعل فيها شبك، وقد احترقت في حريق الحرم الأول سنة 654هـ؛ انظر : وفاء الوفا : 2 / 510 – 512.
(2) انظر: الرحلة: 172.
(3) عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم، أبو حفص ( 61 – 101 هـ ) : أحد خلفاء بني أمية. ولد ونشأ بالمدينة وولي إمارتها في عهد الوليد بن عبد الملك، ثم استوزره سليمان بن عبد الملك بالشام. ولي الخلافة بعهد من سليمان عام 99 هـ، ودامت خلافته عامين ونصف العام. قيل دس له السم وهو في دير سمعان من أرض المعرة فتوفي ودفن هناك، وأخبار عدله وحسن سياسته كثيرة؛ الأعلام : 5 / 50.
(4) وفاء الوفا : 1 / 370، أما الوليد بن عبد الملك ( 48 – 96 هـ ) : فأحد الخلفاء الأمويين، ولي الخلافة بعد أبيه عام 86 هـ. امتدت في عهده حدود الدولة إلى بلاد الهند فتركستان فأطراف الصين شرقاً..كان ولوعاً بالبناء والعمران توفي في دير مران ودفن في دمشق؛ الأعلام : 8 / 121.(1/213)
والراجح أنه هو الذي رآه ابن جبير ووصفه، لأن توسعة المهدي من بعده لم تمس المحراب(1).
وعن يمين الروضة المشرفة يقع منبر الرسول صلى الله عليه وسلم. والمسافة بينه وبين الحجرة الشريفة اثنتان وأربعون خطوة. ويقع المنبر وسط حوض مُرَخَّم طوله أربع عشرة خطوة، وعرضه ست خطواتٍ، وارتفاعه شبر ونصف. ويبعد المنبر عن الروضة ثماني خطوات. ويبلغ ارتفاع المنبر نحو القامة أو أكثر، وعرضه خمسة أشبار، وطوله خمس خطوات. وللمنبر ثماني درجات، وباب على هيئة الشباك مقفل، يفتح يوم الجمعة؛ للخطبة. وطول ذلك الباب أربعة أشبار ونصف شبر. والمنبر مُغشَّى بخشب الآبنوس، ويظهر في أعلاه مقعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن كان قد وُضِعَ فوقه لوح من الآبنوس غير متصل به يحول بين الناس وبين القعود عليه. وعلى الجهة اليمنى منه، حيث يضع الخطيب يده إذا خطب، حلقة مجوفة من الفضة تتحرك في موضعها إذا حُرِّكت؛ يزعم الناس – كما يذكر ابن جبير – أن الحسن والحسين رضي الله عنهما كانا يلعبان بِها عندما كان جدهما صلى الله عليه وسلم يخطب في الناس.
أما الحجرة الشريفة؛ حيث قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما؛ فتقع في الجهة الجنوبية على امتداد جدار الحرم الشرقي. وهي ذات شكل خماسي، وقد حرَّف عمر بن عبد العزيز جدرانَها " مخافة أن يتخذها الناس مصلى " (2). ويبلغ عرض جدارها الجنوبي أربعة وعشرين شبراً، والشرقي ثلاثين شبراً، والشمالي الشرقي خمسة وثلاثين شبراً، والشمالي الغربي تسعة وثلاثين شبراً، أما الجنوبي الغربي فيبلغ أربعة وعشرين شبراً.
__________
(1) انظر: عمارة المسجد النبوي ص 47 محمد عبدالغني إلياس.
(2) الرحلة 169 .(1/214)
وتنقسم جدران الحجرة الشريفة إلى ثلاث طبقات. الطبقة الأولى مما يلي الأرض مغطاة بالرخام البديع المتراكب قطعة فوق قطعة. والطبقة الثانية جدار أبيض تشقق لطول العهد؛ وقد اسوَدَّ ما يقارب نصف شبر منه لكثرة ما علاه من تضميخ المسك والطيب. أما الطبقة الأخيرة فشبابيك من الخشب متصلة بسقف الحرم.
والحجرة مغطاة بأستار لازوردية اللون عليها نقوش بيضاء ثُمانية، ورُباعية، تتوسطها دوائر، وتحف بِها نقط بيض. وفي أعلى الأستار رسم يميل لونه إلى البياض، لعله كان زخرفة نباتية. وكانت الحجرة الشريفة محاطة بشباك من حديد يطل عليها. وفي جدار الحجرة الشمالي الغربي؛ كما يورد؛ موضع أُسبل عليه سِتر، يقال إنه مهبط جبريل عليه السلام. كما يوجد في جدارها الجنوبي مسمار من الفضة مثبت أمام موضع وجهه الشريف صلى الله عليه وسلم، وأمامه يقف الناس للسلام عليه صلى الله عليه وسلم، ثم على صاحبيه رضي الله عنهما. وقد عُلِّق أمام هذا الجدار عشرون قنديلاً، اثنان منها من الذهب، أما البقية فمن الفضة.
وفي شمال الحجرة، حوض صغير مكسو بالرخام، وفي قبلته ما يشبه المحراب، يقال إنه كان بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو هو قبرها (1). وفي الجدار الغربي الجنوبي من الحجرة صندوق من الآبنوس المختوم بخشب الصندل والمكسو بطبقة من الفضة يقع في مقابل رأسه صلى الله عليه وسلم، طوله خمسة أشبار وعرضه ثلاثة وارتفاعه أربعة. ويكتفي ابن جبير بوصف هذا الصندوق دون أن يبين سبب وضعه في ذلك الموضع الكريم، أو وجه استخدامه إن كان له استخدام؛ ولعله الصندوق الذي كانت توضع فيه الرسائل المبعوثة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من بقية الأمصار كما سنرى في رحلة السبتي.
__________
(1) هذا واحد من الأمور التي وهم فيها كثيرون، ففاطمة رضي الله عنها دفنت في البقيع. انظر وفاء الوفا : 2 / 901(1/215)
وبين الروضة والحجرة الشريفة، ثَمَّ محمل كبير مدهون، عليه مصحف كبير في غشاء مقفل عليه، هو أحد المصاحف التي أرسلها عثمان ابن عفان رضي الله عنه إلى الأمصار. كما توجد خزانتان كبيرتان تحويان كتباً ومصاحف موقوفة على الحرم النبوي الشريف. وأمام الروضة صندوق كبير توضع فيه الشموع والأنوار التي توقد أمام الروضة كل ليلة.
ويوجد إلى شمال صحن الحرم قبة كبيرة جديدة(1) تُسمى : قبة الزيت، يُخْزَن فيها جميع آلات الحرم وما يحتاج إليه.
وللحرم تسعة عشر باباً، أُغلِق معظمها، ولم يبقَ منها مفتوحاً إلا أربعة أبواب(2)؛ اثنان منها في الغرب هما : باب الرحمة، وباب الخشية، واثنان في الشرق هما : باب جبريل، وباب الرجاء. أما الأبواب المغلقة فتتوزع على النحو التالي :
- باب صغير جهة القبلة، أي الجنوب.
- أربعة أبواب جهة الشمال.
- خمسة أبواب جهة الغرب.
- خمسة أبواب جهة الشرق.
__________
(1) بنيت هذه القبة عام 576 هـ، أي قبل وفود ابن جبير بأربعة أعوام، ولعل هذا ما جعله يصفها بالجدة، انظر : وفاء الوفا : 2 / 600.
(2) انظر: الرحلة : 172.(1/216)
وهناك دفة مطبقة على وجه الأرض مقفلة تقع في الرواق الثاني من أروقة الجهة الشرقية، تُفْتَح على سرداب يقود إلى خارج الحرم إلى دار أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وعبر ذلك السرداب؛ كما يورد ابن جبير؛ كانت عائشة رضي الله عنها تخرج إلى دار أبيها. ويؤكد ابن جبير أن تلك الدفة هي الخوخة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بسد ما عداها(1). وقد ورد خبرها في الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه أنه صلى الله عليه وسلم : ( خَرَجَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاصِباً رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلاً لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً وَلَكِنْ خُلَّةُ الإِسْلامِ أَفْضَلُ سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ ) (2). ولسنا نشكك في وجود تلك الخوخة في مسجده صلى الله عليه وسلم، غير أننا نشكك في أن تكون تلك الدفة التي وصفها ابن جبير هي الخوخة المقصودة في الحديث الشريف. فالخوخة ودار أبي بكر التي تقود إليها الخوخة تقعان – حسبما يصف في رحلته – شرق الحرم النبوي الشريف، فيما تقع الدار والخوخة – في الواقع – غرب الحرم. وقد دخلت الدار في التوسعة التي أحدثها عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ وهي توسعة تسبق رحلة ابن جبير بأعوام طويلة.
__________
(1) انظر: الرحلة : 171.
(2) متفق عليه، واللفظ للبخاري، كتاب الصلاة ، رقم الحديث: 447.(1/217)
أما الخوخة فقد تحولت إلى باب لأحد مخازن الحرم، قرب باب السلام – وهو أحد أبواب الحرم كما سيتبين لنا في الرحلات المقبلة، ويقع جهة الغرب – على يسار الداخل منه(1). ويبدو أن الرحالة قد وهم في أمر هذه الخوخة، أو أنه نقل أخباراً دون تمحيص.
وللحرم كما يذكر ابن جبير ثلاث مآذن، الأولى منها في الركن الشرقي الجنوبي، أما الأخريان ففي ركني الجهة الشمالية؛ أي في ركني الجدار المواجه للشمال؛ وهما صغيرتان على هيئة برجين(2).
وكان للحرم أكثر من مؤذن. نستشف ذلك من عبارة موجزة وردت في الرحلة يقول فيها " فلمَّا أذن المؤذنون "(3). وفي العبارة كذلك إشارة لطيفة إلى أذان المدينة المنورة الذي اشتهرت به، حيث كان يرفعه أكثر من مؤذن في آنٍ معاً، وسيتبين لنا ذلك بالتفصيل من خلال الرحلات القادمة. ويخص ابن جبير أحد أولئك المؤذنين بالإشارة إلى أنه كان من سلالة بلال بن رباح رضي الله عنه مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويبدو أن المذكور كان رئيس المؤذنين أو كبيرهم. إضافة إلى ما سبق فقد كان يقوم على خدمة الحرم فتيان(4) ذوو هيئات حسنة، وثياب نظيفة. وهم أحباش وصقالبة، ولهم بيت من خشب، يقع في الجهة الشرقية من الروضة المشرفة، يبيت فيه المكلفون بحراسة الحرم النبوي الشريف ليلاً.
__________
(1) وفاء الوفا : 2 / 473 – 474؛ تاريخ المسجد النبوي : 144 – 145.
(2) انظر: الرحلة : 173.
(3) الرحلة : 179.
(4) تذكر بعض المصادر أن صلاح الدين الأيوبي هو أول من أوقف خدماً مخصوصين على الحرمين، وأنهم كانوا من الخصيان الأحباش والصقالبة. انظر: مخطوط : ( تحفة المحب للمحبوب في تنزيه مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم عن كل خصي ومجبوب ص7 . لشمس الدين محمد بن زين الدين.(1/218)
ولا يقف ابن جبير عند ما يورده عن الحرم النبوي الشريف وهو يصفه، بل يعقد المقارنات بينه وبين غيره من المساجد والجوامع التي يزورها أثناء رحلته؛ سواءً كان ذلك في مرحلة متقدمة قبل أن يصل إلى المدينة المنورة، كما يفعل عند الحديث عن طول الحرم المكي الشريف وعرضه؛ مثلاً؛ فيورد معلومات عن طول الحرم النبوي الشريف، وعرضه، وعدد أعمدته ومناراته. أو في مراحل متأخرة عقب مغادرتِها. كما يفعل عندما يقارن بين الحرم النبوي الشريف وجامع الكوفة، فأعمدة الجامع كما يذكر : " لا قسي [ عقود ] عليها، على الصفة التي ذكرناها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم " (1).
والحقيقة أن وصف ابن جبير للحرم يكتسب أهمية بالغة تنبع من كونه يعطي تصوراً دقيقاً لما كان عليه الحرم قبل احتراقه للمرة الأولى، وذلك بعد مرور ما يربو على سبعين عاماً على رحلة ابن جبير؛ في الليلة الأولى من رمضان عام 654 هـ. إذ سيغدو هذا الوصف – كما سيتبين من خلال الرحلات المقبلة – مرجعاً هاماً، ومصدراً لا غنى عنه لعقد المقارنات في هذا المجال.
( 1 – 4 – ب ) يذكر ابن جبير أثناء وصفه للمدينة المنورة ستة من مساجدها هي حسب ترتيب ورودها : مسجد ذي الحُلَيفة، مسجد حمزة رضي الله عنه، مسجد قباء، مسجد علي رضي الله عنه، مسجد سلمان رضي الله عنه، مسجد الفتح. ويشير ابن جبير لتلك المساجد إشارات عابرة، تكاد تنحصر في بعض الأحيان في ذكر اسم المسجد عند المرور على موقعه. ويُستثنى من ذلك مسجدا : حمزة رضي الله عنه، وقباء؛ إذ يسرد بعض التفاصيل المتعلقة بِهما.
__________
(1) الرحلة : 188.(1/219)
يقع مسجد حمزة؛ كما يشير ابن جبير؛ جنوب جبل أحد. وبداخل المسجد قبر حمزة رضي الله عنه. ويبدو أن المسجد كان صغيراً، ولم يكن زاخراً بفنون العمارة حتى أن الرحالة لم يُعنَ بوصفه. ولعل ذلك لكونه يقع خارج أسوار المدينة المنورة، وتفصل بينها وبينه مسافة(1).
أما مسجد قباء، فيذكر ابن جبير أنه جُدِّد(2)، ولا يرد في سياق حديثه ما يدل على تاريخ هذا التجديد(3). والمسجد مربع طوله مثل عرضه. وله مئذنة طويلة بيضاء تُرى من مسافة، وباب واحد يقع جهة الغرب. وفي المسجد سبعة أروقة يتوسطها صحن فيه ما يشبه المحراب مرتفع عن الأرض؛ يذكر ابن جبير أنه أول موضع ركع فيه النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الصحن كذلك مَبْرَكُ ناقته صلى الله عليه وسلم، وقد أُحيط بجدار قصير تمييزاً له.
__________
(1) لا يذكر السمهودي في وفاء الوفا شيئاً عن هذا المسجد عند تعداده لمساجد المدينة المنورة. والمساجد الموجودة قرب أحد ويذكرها ثلاثة : مسجد القبيح [ هكذا ولعله مسجد الفسح ]، ومسجد في ركن جبل عينين الذي وقف عليه الرماة في غزوة أحد، ومسجد العسكر؛ والأخيران كما يذكر متهدمان. ومما يورده السمهودي يتبين أن قبر حمزة رضي الله عنه قائم دون أن يكون عليه مسجد. وربما اختلط الأمر على ابن جبير، أو أن المسجد الذي شاهده على قبر حمزة رضي الله عنه قد هُدِّم. انظر: وفاء الوفا:3/848.
(2) انظر: الرحلة :174.
(3) جدده جمال الدين الأصفهاني عام 555 هـ، وفاء الوفا : 3 / 810.(1/220)
وفيما يتعلق بالمساجد الباقية فإن ابن جبير يكتفي بذكر أسمائها ومواقعها دون أن يصفها ولو وصفاً عابراً. فعن مسجد ذي الحليفة يقول " فنَزلنا ضحى يوم الاثنين ... بوادي العقيق، وعلى شفيره مسجد ذي الحليفة " (1). وعن بقية المساجد يقول : " وفي طريق أُحُد مسجد علي، ومسجد سلمان رضي الله عنهما، ومسجد الفتح " (2). ويخطئ ابن جبير حين يورد أن مسجد الفتح سُمي بذلك لنزول سورة الفتح فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم. والواقع أن المسجد يقع ومسجدي : علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وسلمان الفارسي رضي الله عنهما على سفح جبل سلع(3)من جهته الغربية. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في هذا الموضع على الأحزاب أثناء غزوة الخندق؛ فاستجاب الله دعاءه، وأرسل عليهم ريحاً كفأت قدورهم وقلعت خيامهم؛ فانخذلوا ورحلوا. وسمي باسمه لقوله صلى الله عليه وسلم لما صلى ودعا : أبشروا بفتح الله ونصره؛ وليس لأن سورة الفتح نزلت فيه. فقد نزلت هذه السورة من أولها إلى آخرها بين مكة والمدينة في شأن الحديبية(4).
__________
(1) الرحلة : 167.
(2) الرحلة : 176.
(3) سَلْع : أحد جبال المدينة، ويقع غربها بسوق المدينة. والسلع في اللغة الشق وربما سمي بذلك لكثرة شقوقه. المغانم المطابة 2/846 .
(4) انظر: المساجد الأثرية في المدينة النبوية : 138 – 139.(1/221)
ونذكر هنا أن معظم تلك المساجد كان مواضع صلى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يكن عليها بناء، وظلت هكذا إلى أن جاء عمر بن عبد العزيز أثناء ولايته على المدينة المنورة؛ فبنى عليها مساجد حفظاً للمواقع التي صلى فيها صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم(1). ولعلها كانت صغيرة خاصة مسجد علي رضي الله عنه، ومسجد سلمان رضي الله عنه، ومسجد الفتح(2). وربما لم يكن في بنائها ما يثير الانتباه؛ بحيث يهتم ابن جبير بوصفها. ولعل السبب الأهم في عدم اعتناء ابن جبير بوصف تلك المساجد أنه لم يزرها، وذلك ما يمكن استشفافه من خلال حديثه عنها.
( 1 – 5 ) كان ابن جبير واحداً من الذين اهتموا بمشاهد المدينة وآثارها؛ فمرَّ على عدد منها محدداً موقعها، وواصفاً هيئتها(3). وقد بدأ ذلك بمشهد حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، ويقع في رحبة(4)مسجد حمزة الذي عرضنا له قبل قليل. وكما يصف الرحالة فقد كانت قبور الشهداء إزاءه. ولا يتبيَّن من وصفه ما إذا كان ثم قباب أو شواهد مبنية على قبر حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وما حوله من قبور أم لا.
__________
(1) السابق : 11 – 12.
(2) تقع هذه المساجد على السفح الغربي من جبل سلع، وتعرف اليوم مع مسجدين آخرين بالمساجد السبعة. انظر: المساجد الأثرية ص131.
(3) انظر: الرحلة : 173-176.
(4) رَحَبَة المسجد ساحته وتجمع على رَحَب ورَحَبَات. انظر: القاموس المحيط ، رحب ص113-114 .(1/222)
ويشير ابن جبير كذلك إلى الغار الذي أوى إليه النبي صلى الله عليه وسلم، ويقع قرب قبور الشهداء، أسفل الجبل. والحقيقة أنه لم يرد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوى إلى غار يوم أحد، بل انتهى إلى شعب أحد، وأُسنِد هناك، ثم جلب له علي بن أبي طالب رضي الله عنه ماءً من المهراس(1)وجد له صلى الله عليه وسلم ريحاً؛ فعافه ولم يشرب منه، بل غسل به الدم عن وجهه الكريم وصب بقيته على رأسه(2).
وحول الشهداء، كما يذكر ابن جبير، ثَمَّ تربة حمراء هي التربة التي تنسب لحمزة رضي الله عنه ويتبرك الناس بها. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى الإنسان ألماً، أو كانت به قرحة أو جرح، بَلَّ بريقه سبابته ثم وضعها على الأرض وقال : ( بِسمِ اللَّهِ، تُرَبةُ أَرْضِنا، بِرِيقِة بَعْضِنا، لِيُشْفَى بِه سَقِيمنا، بإذْنْ رَبِّنا ). ولم يخصص صلى الله عليه وسلم تراباً على وجه التقييد؛ إذ أخذ صلى الله عليه وسلم تراباً من بُطحان، فجعله في قدح، ثم نفث عليه بماء، وصبه على ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه عندما عاده وهو مريض. وقال صلى الله عليه وسلم : ( اكشِفِ البَاسَ، رَبَّ النَّاسِ، عَنْ ثَابتِ بنِ قَيسِ بن شَماسٍ ) (3). ولم ترد إشارة لتربة حمزة المذكورة في رحلة ابن جبير في أي حديث. ولعل الناس كانوا يتداوون بها بالطريقة التي وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، يستندون في ذلك إلى أن تراب المدينة شفاء كله، ثم إنها قريبة من جبل أحد وقد تواترت الأحاديث عن فضله وحب الرسول صلى الله عليه وسلم له، وأخيراً قربها من قبور شهداء أحد الذين شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالفضل والسبق.
__________
(1) المِهْراس : ماء بجبل أحد يجتمع في نُقَر كبار وصغار، والمهراس اسم لتلك النقر؛ وفاء الوفا : 4 / 1315.
(2) انظر : السيرة النبوية لابن هشام : 3 / 32؛ وفاء الوفا : 3 / 930، 4 / 1243.
(3) انظر: فضائل المدينة المنورة : 3 / 225 - 231.(1/223)
انتقل ابن جبير بعد ذلك لزيارة مشاهد البقيع الذي يقع خارج أسوار المدينة المنورة، يدل على ذلك أن الخروج إليه يكون عبر أحد أبواب السور وهو باب البقيع(1).
وقد دفن في البقيع عدد غير قليل من الصحابة والصحابيات رضي الله عنهم وعنهن أجمعين. ويسرد الرحالة أسماء عدد منهم مُحدداً موقع قبر كل من يذكر، ومنهم : صفية (2)عمة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإبراهيم(3)ابنه صلى الله عليه وسلم، وعبد الرحمن الأوسط(4)أحد أبناء عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وعقيل بن أبي طالب(5)رضي الله عنه، وعبد الله بن جعفر الطيار(6)
__________
(1) انظر: الرحلة : 173.
(2) صفية بنت عبد المطلب بن هاشم ( ... - 20 هـ ) : إحدى عمات النبي صلى الله عليه وسلم، أسلمت قبل الهجرة. تزوجت الحارث بن حرب بن أمية، ثم العوام بن خويلد ومنه أنجبت الزبير حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد العشرة المبشرين بالجنة. توفيت في المدينة في خلافة عمر بن الخطاب. لها مراثٍ رقيقة وفي شعرها جودة؛ انظر : المعارف : 57؛ الأعلام : 3 / 206.
(3) ولدته أمه مارية القبطية في عام 8 هـ، وعاش سنة وأربعة أشهر وتوفي في شهر ربيع الأول من عام 10 هـ ودفن بالبقيع، انظر : محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم: 367؛ وفاء الوفا : 3 / 891.
(4) عبد الرحمن الأوسط هو : أبو شحمة الذي ضربه أبوه حداً في الشراب وفي أمر آخر فمات؛ المعارف : 81.
(5) عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب ( ... - 60 هـ ) : كنيته أبو يزيد. أعلم قريش بأيامها ومآثرها ومثالبها وأنسابها. صحابي فصيح اللسان، شديد الجواب. أُسر يوم بدر ففداه عمه العباس بن عبد المطلب. أسلم بعد الحديبية، وهاجر إلى المدينة عام 8 هـ. عمي في أواخر حياته، وتوفي في أول أيام يزيد وقيل في خلافة معاوية؛ الأعلام : 4 / 242.
(6) عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ( 1 – 80 هـ ) : صحابي ولد بالحبشة لما هاجر أبواه إليها، وهو أول من ولد بها من المسلمين..وكان كريماً يسمى بحر الجود وللشعراء فيه مدائح. وكان واحداً من أمراء جيش علي رضي الله عنه يوم صفين. توفي ودفن بالمدينة؛ الأعلام : 4 / 76.(1/224)
رضي الله عنه، إضافة إلى قبور أزواجه صلى الله عليه وسلم، وبقربها قبور أولاده صلى الله عليه وسلم، ولعله يقصد بناته إذ لم يمت ويدفن بالمدينة من أولاد الرسول الذكور عدا إبراهيم. وهناك أيضاً قبرا العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، والحسن بن علي رضي الله عنهما.
ويصف ابن جبير هيئة بعض تلك القبور بين فينة وأخرى(1)؛ فعلى قبري العباس والحسن رضي الله عنهما قبة عالية الارتفاع(2)، والقبران مرتفعان عن الأرض، متسعان، تغطيهما ألواح مثبتة بالمسامير بإتقان، ومصفَّحة بالصُّفر (3). ولا يختلف قبر إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم في صورته عن صورة قبري العباس والحسن رضي الله عنهما. أما قبر إمام المدينة مالك بن أنس فعليه قبة صغيرة مختصرة البناء لا تكلف فيها ولا زخرفة، مثلها في ذلك مثل القبة المبنية على قبر عثمان بن عفان رضي الله عنه.
في حين كُتِب على قبر فاطمة بنت أسد (4)رضي الله عنها :
__________
(1) انظر: الرحلة : 173-174.
(2) معلوم أن بناء الشواهد والقباب على القبور من الأمور التي نهى عنها الشرع.
(3) الصُّفر : النحاس.
(4) فاطمة بنت أسد بن هاشم ( ... - نحو 5 هـ ) : أم علي بن أبي طالب رضي الله عنه. نشأت في الجاهلية بمكة، وتزوجت بأبي طالب. وقد أسلمت بعد وفاته، وهاجرت إلى المدينة مع أبنائها. ألبسها الرسول صلى الله عليه وسلم لمَّا ماتت قميصه، وكان قبرها واحداً من خمسة قبور نزلها الرسول صلى الله عليه وسلم واضطجع فيه، وقال بعد دفنها: جزاك الله من أم وربيبة خيراً، فنعم الأم ونعم الربيبة كنت لي، وفاء الوفا : 3 / 898؛ الأعلام : 5 / 30.(1/225)
"ما ضمَّ قبرُ أحدٍ كفاطمة بنت أسد " (1). ويذكر ابن جبير أن هناك بيتاً لفاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم بقرب القبة المبنية على قبري العباس والحسن رضي الله عنهما، يُعرَف ببيت الحزن، أوت إليه، والتزمت فيه الحزن عقب موته صلى الله عليه وسلم. ولا يعلق ابن جبير على هذا الخبر؛ غير أن مما يثير الدهشة أن تلجأ فاطمة الزهراء رضي الله عنها لبيت في البقيع حزناً على أبيها فيما كان بيتها أقرب الدور لحجرة عائشة حيث دفن صلى الله عليه وسلم.
يعرج ابن جبير عقب ذلك على عدد من آثار المدينة المنورة، ويبدأ بذكر عدد من دور الصحابة والصحابيات رضي الله عنهم وعنهن التي بقيت أطلال بعضها، من بينها : دار أبي بكر رضي الله عنه التي تقع شرق الحرم. وكنا قد أشرنا لها من قبل، وأوضحنا أنها قد دخلت في توسعة الحرم التي أحدثت في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويبدو أن ابن جبير لم يتثبت من الخبر، أو أن ثم داراً تقع في تلك الجهة تعارف الناس على أنها دار أبي بكر الصديق فأثبت الرحالة موقعها دون أن يمحص خبرها. وبقرب تلك الدار دار عمر، ودار ابنه عبد الله رضي الله عنهما. ويقابل باب جبريل – أحد أبواب الحرم – أي في جهة الشرق كذلك دار عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهي التي استشهد فيها. إضافة إلى ما سبق، هناك : دار أبي أيوب الأنصاري، ودار عائشة، ودار عمر، ودار فاطمة، ودار أبي بكر رضي الله عنهم وعنهن. ويذكر ابن جبير أنه شاهد تلك الدور في قباء قرب مسجدها(2)، لكن المعروف أن أولئك الصحابة والصحابيات رضي الله عنهم وعنهن قد قطنوا دوراً تحيط بالحرم النبوي الشريف؛ خاصة : عائشة وفاطمة وأبا بكر وعمر رضي الله عنهم وعنهن أجمعين.
__________
(1) الرحلة : 174.
(2) انظر: الرحلة : 175.(1/226)
ومن الدور التي يذكر ابن جبير أنه شاهدها : دار مالك بن أنس(1)التي تقع قرب الحرم النبوي الشريف باتجاه الجنوب. وهناك كذلك : دار الصفة وتقع؛ كما يورد؛ في آخر قباء قرب تل عرفات. وتثير هذه المعلومة الحيرة قليلاً؛ لأن الصفة مكان مظلل في مؤخر الحرم النبوي الشريف. وربما يكون أهل الصفة قد اتخذوا تلك الدار في وقت متأخر فاشتهرت الدار الجديدة بذلك(2). أو أنها دار أنشئت على غرار الصفة ولخدمة أغراضها نفسها؛ فسُميَّت باسمها نفسه. وربما التبس الأمر على ابن جبير، أو اختلطت عليه الأمكنة، وهو ما يمكن أن يقع لمن يزور مكاناً للمرة الأولى.
وعلى مسافة غير بعيدة من سور المدينة المنورة؛ من جهته الغربية؛ يقع الخندق الذي حفره رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم أثناء غزوة الخندق. ولا يصف ابن جبير هيئة الخندق؛ ولعل أجزاءً منه قد رُدِمت لطول العهد. وعلى حافة الخندق قام حصن العزاب الذي بناه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعزاب المدينة. والحصن؛ كما يصف ابن جبير؛ خَرِبٌ تَهدَّم أكثره بفعل السنين والإهمال. وأخيراً، هناك قبة الزيت التي بُنِيت على الحجر الذي رشح منه الزيت للنبي صلى الله عليه وسلم،وتقع على مسافة من الخندق، ويبدو أنَّها كانت داخل نطاق السور الخارجي.
وابن جبير مدرك لقلة ما ذكر عن مشاهد المدينة المنورة وآثارها؛ لذا يعتذر في آخر ما يورده عنها قائلاً : " فهذا ذكر ما تمكن على الاستعجال من آثار المدينة المكرمة ومشاهدها على جهة الاقتضاب والاختصار " (3).
__________
(1) مالك بن أنس بن مالك الأصبحي ( 93 – 179 هـ ) : إمام دار الهجرة، وأحد الأئمة الأربعة، وإليه تنسب المالكية. ولد وتوفي في المدينة. كان صلباً في دينه بعيداً عن الأمراء والملوك. صنف الموطأ وعدداً من المصنفات الأخرى؛ الأعلام : 5 / 257 – 258.
(2) وفاء الوفا : 2 / 453 – 454.
(3) الرحلة : 176.(1/227)
ويُستشف مما أورده ابن جبير أن جُلَّ عناية المدنيين قد انصرفت آنذاك إلى قبور السلف الصالح من الصحابة والتابعين وغيرهم؛ فبنوا فوقها الشواهد والقباب. ولا تسعى هذه الأوراق للتبرير أو التماس الأعذار، فالنصوص الواردة في النهي عن البناء على القبور واضحة صريحة، لكن الأمر يبدو للمتأمل – بعيداً عن الحكم عليه – كما لو كانت تلك العناية طريقة المدنيين في إظهار محبتهم للسلف الصالح؛ خاصة الصحابة وآل البيت. وقد شاركهم في ذلك عدد من الولاة والحكام والسلاطين. ولعل مما يلفت النظر؛ مع عنايتهم بالقبور؛ أنهم لم يعنوا بكثير من الآثار المرتبطة بالسيرة النبوية في المدينة، وعلى رأسها الخندق؛ إذ لم يهتموا بتحديد مكانه. وقد شاركهم في هذا الرحالة الذين مروا بالمدينة. وإن كان ابن جبير قد أشار إلى الخندق – ولم يصفه – فإن ذكره سيغيب في رحلات تالية.
( 1 – 6 ) يعطي ابن جبير تفاصيل قليلة جداً عن الحياة العلمية في المدينة المنورة إبان زيارته لها. ولعل ذلك يرجع أول ما يرجع إلى أنه قصد برحلته زيارة الأمكنة المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ولم يقصد طلب العلم. ويُرجِّح ذلك أن كل لقاءاته بأهل العلم في المدينة وغيرها كانت لقاءات عابرة غير مقصودة لذاتِها، وهي فوق ذلك قليلة.(1/228)
ولم يلقَ ابن جبير من أهل العلم في المدينة المنورة عدا صدر الدين الأصبهاني رئيس الشافعية. الذي رآه في مجلس وعظ في الحرم النبوي الشريف، ولو لم يكن ذلك لما أورد ابن جبير شيئاً عنه. وكان الأصبهاني إضافة إلى علمه الذي ورثه كابراً عن كابر : رجلاً موسراً، ذا جاه وثراء، طلق الوجه، مستبشره، يُكرم زائريه ويبرهم. وقد زاره ابن جبير واستجازه(1)؛ فأجازه نثراً ونظماً. وكان، كما يقرر الرحالة، أعظم من شاهد في الحجاز علماً ومعرفة. وكان الأصبهاني هذا زائراً ولم يكن مقيماً بالمدينة، إذ زاره ابن جبير في مِضرَب؛ أي خيمة عظيمة؛ أطال التعجب من فخامتها وغرابة شكلها وهيئتها، وبديع صنعتها.
وقد قدم ابن جبير وصفاً مفصلاً لموعظة الأصبهاني؛ فما أن استوى على كرسٍ أُعِدَّ له بجوار الحجرة الشريفة؛ على ساكنها السلام؛ حتى شرع قراؤه في تلاوة القرآن بنغمات عجيبة، وألحان مطربة شجية، فيما الأصبهاني يرنو إلى الحجرة الشريفة ويبكي. وعندما انتهى قراؤه، بدأ في خطبة بليغة، وكان يخطب بلغتين إحداهما العربية، والأخرى الفارسية. وكان يختم كل جزء من خطبته ببيت شعر من نظمه استحسنه ابن جبير يقول فيه :
هاتيك روضته تفوح نسيما صلوا عليه وسلموا تسليما
__________
(1) الإجازة شهادة قيمة يعطيها أحد العلماء لطالب العلم تشهد على صحة رواية ما تلقاه الطالب عنه من علم، انظر : تاريخ النظم والحضارة الإسلامية : 254 – 256.(1/229)
وقد ظل الأصبهاني يعتذر من تقصيره، ويعجب من اجترائه؛ وهو الأعجم الألكن؛ على أن يخطب في حضرة أفصح العرب صلى الله عليه وسلم. وبلغ من قوة خطبته وبلاغتها أن سارع بعض الحاضرين إلى إعلان توبتهم، كما ورد في موضع سابق، مُسلِّمين نواصيهم له كي يجز شعورهم. ولم يكتفِ الأصبهاني بذلك، بل كان يعمد إلى عمامته التي على رأسه فينْزِعها كي يضعها على رأس ذاك الذي جز ناصيته. وكما يورد ابن جبير، فإنه لم يطلب من وراء وعظه أمراً دنيوياً. وكل ما طلبه من الناس عقب انتهائه أن يضرعوا داعين كي يرضى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم(1)؛ فيسترضي الله عزَّ وجلَّ له. وقد سارع الناس بتلبية حاجته.
(
__________
(1) يطلب الرضى من الله عز وجل وليس من خلقه.(1/230)
1 – 7 ) يسرد ابن جبير في رحلته موقفاً شهده في اليوم الأخير من أيام إقامته بالمدينة المنورة – في حرمها الشريف – أثار سُخطه، وبلغ من شناعته أن نادى : يا لله؛ يا للمسلمين. وبدأ الموقف – كما يحكيه الرحالة – بوصول خطيب الحرم يوم الجمعة السابع من المحرم عام 580هـ : " فصعد منبر النبي صلى الله عليه وسلم، وهو [ الخطيب ]، على ما يُذْكَر، على مذهب غير مرضي، ضد الشيخ الإمام العجمي [ صدر الدين الأصبهاني] الملازم صلاة الفريضة في المسجد المكرم. ... فلما أذن المؤذنون قام هذا الخطيب المذكور للخطبة، وقد تقدمته الرايتان السوداوان، وقد رُكِزتا بجانبي المنبر الكريم، فقام بينهما، فلما فرغ من الخطبة الأولى، جلس جلسة خالف فيها جلسة الخطباء المضروب بها المثل في السرعة، وابتدر الجمع مَرَدَةٌ من الخدمة يخترقون الصفوف، ويتخطون الرقاب، كُدْيةً(1)على الأعاجم والحاضرين لهذا الخطيب القليل التوفيق، فمنهم من يطرح الثوب النفيس، ومنهم من يخرج الشقة(2)الغالية من الحرير فيعطيها، وقد أعدها لذلك، ومنهم من يخلع عمامته فينبذها، ومنهم من يتجرد عن بُرْده(3)فيلقي به، ومنهم من لا يتسع حاله لذلك فيسمح بفضلة من الخام(4)، ومنهم من يدفع القُراضة من الذهب، ومنهم من يمد يده بالدينار والدينارين إلى غير ذلك، ومن النساء من تطرح خلخالها وتخرج خاتمها فتلقيه ... .
__________
(1) الكدية : الاستجداء والاستعطاء بإلحاح وما جمع من طعام أو شراب؛ وتجمع على كُدًى. القاموس المحيط ( كدى) ص1711 .
(2) الشِّقة : ما شُقَّ من ثوب أو نحوه مستطيلاً، وتجمع على شِقَق وشِقَاق. القاموس المحيط ( شقق) ص1159 .
(3) البُرد : كساء أسود مربع تلبسه الأعراب ويجمع على بُرَد. القاموس المحيط ( برد) ص341.
(4) الخام : الجلد لم يدبغ أو لم يبالغ في دبغه. القاموس المحيط ( خيم) ص1427 .(1/231)
والخطيب، في أثناء هذه الحال كلها، جالس على المنبر يلحظ هؤلاء المستَجْدين ... إلى أن كاد الوقت ينقضي ... وقد ضج من له دين وصحة من الناس ... فاجتمع له من ذلك السحت المؤلف كوم عظيم أمامه، فلما أرضاه قام وأكمل الخطبة بالناس"(1).
ينم الموقف؛ الذي أوردناه كما جاء في الرحلة؛ عن جملة من الأشياء :
-أولها تديّن ابن جبير العميق الذي تجلى في أكثر من موضع من رحلته؛ إذ لم يصادف معروفاً إلا استحسنه وحمد أهله، ولم يرَ منكراً إلا استقبحه بحدة – أحياناً – وحمل على أهله. ويمكن أن نلحظ؛ بالنسبة للموقف السابق؛ تلك الحدة النابعة من غضب الرحالة ماثلة في الكلمات التي صاغ بها الموقف فالخطيب : على مذهب غير مرضٍ، وهو قليل التوفيق، أراق عن وجهه ماء الحياء. أما الخدم الذين شرعوا في الاستجداء فكانوا مَرَدة، فيما سمى ما جمعه الخدم بـ : السُّحْت. ولم يكتفِ ابن جبير بذلك، بل رأى في الموقف نذيراً بضياع الدِّين وعلامة من علامات الآخرة.
-الأمر الثاني أن ابن جبير وإن كان أشار إلى أن الخطيب كان على مذهب غير مرضٍ؛ أي أنه كان شيعياً؛ فإنه لم يركز على الصراعات المذهبية، أو لم ينتبه لها. ولعل ذلك يرجع إلى أن تلك الصراعات لم تكن ظاهرة بدرجة كبيرة في مواسم الحج لغلبة الزوار من أهل السنة. وربما كان السبب في ذلك أن ابن جبير نفسه لم يختلط بأهل المدينة بحيث يلحظ مثل هذه الأمور فيكتب عنها. إضافة إلى أن أمير المدينة المنورة آنذاك القاسم بن مهنا كان على صلة بالسلطان صلاح الدين الأيوبي كما سيتبين في نقطة تالية، وقد كان لهذه الصلة أثرها القوي؛ حتى أن الأمير أسقط من الأذان عبارة : حي على خير العمل التي كانت تقال على مآذن المدينة المنورة(2).
__________
(1) انظر: الرحلة : 179 – 180.
(2) انظر: التاريخ الشامل للمدينة : 2 / 182 – 183.(1/232)
-الأمر الثالث أن هذا الموقف يدفعنا للتساؤل عن الدوافع الحقيقية وراءه. فلا يبدو مما ورد في الرحلة عن المدينة المنورة أنها كانت تعيش ضائقة اقتصادية، أو ظروفاً صعبة اضطرت هذا الخطيب لبث أعوانه كي يستجدوا له من الحاضرين. ولا ندري إن كان يقتسم ما يجمع معهم أم أنه يحوزه وحده ! وإن كان الطمع هو الدافع الرئيس لتصرف الخطيب كما يظهر من وصف ابن جبير؛ فإن من المستغرب أن يسكت الناس عنه؛ خاصة وأن الأمر؛ كما ظهر في الرحلة، كان عادة جارية وليس حدثاً طارئاً بدليل أن بعض الحضور قد استعدوا لهذا الاستجداء فحملوا معهم ما يقدمونه. ويبدو أن هذا الصمت هو الذي دفع الخطيب إلى التمادي إلى حد تعطيل الفريضة حتى يجتمع له أكبر قدر ممكن من المال.
-الأمر الأخير أن ابن جبير؛ وإن لم يُعنَ بالحياة السياسية في المدينة المنورة
آنذاك؛ فإن سرده للموقف تضمن إشارة لطيفة إلى طرف من تلك الحياة؛ إذ
يقول : " وقد تقدمته [ الخطيب ] الرايتان السوداوان"(1). ونفهم من هذه
الإشارة أن ولاء المدينة المنورة في ذلك الوقت كان للخلافة العباسية التي اتخذت السواد شعاراً لها. وقد كان هذا الولاء ولاءً صورياً لا تترتب عليه التزامات تمس الحياة العامة، ويكاد ينحصر في ذكر اسم الخليفة والدعاء له في الخطبة. واستمر ولاء المدينة المنورة للعباسيين حتى عندما اتصل أميرها آنذاك : القاسم بن مهنا بالسلطان صلاح الدين الأيوبي فزوده بأموال كثيرة لإصلاح مرافقها. ساعد على ذلك أن صلاح الدين نفسه لم يفكر في تغيير الإمارة في المدينة، أو ضمها إلى سلطنته؛ لانشغاله بمواجهة الصليبيين من جهة، ولمكانة الحرمين الشريفين : مكة والمدينة في نفسه من جهة أخرى. فاكتفى بذكر اسمه بعد اسم الخليفة في الخطبة وأقر أميرها على إمارتها (2).
(للبحث صلة)
أ. ليلى سعيد سويلم الجهني
__________
(1) الرحلة : 179.
(2) التاريخ الشامل للمدينة المنورة : 2 / 169 – 170، 182 – 183، 191 – 192.(1/233)
محاضرة بكلية التربية للبنات بالمدينة المنورة
دليل الرسائل الجامعية
عن المدينة المنورة
د. عبدالباسط بدر
تتميز الرسائل الجامعية عادة بأنها بحوث منهجية جادة يعدها طلاب الدراسات العليا في مرحلتي الماجستير والدكتوراه تحت إشراف أستاذ ذي خبرة عالية، تمرس في البحث العلمي وأمضى سنوات عدة أستاذاً وباحثاً جامعياً يوجه الطالب ويعينه على الإبداع وفق قواعد الكتابة الموضوعية.
ولئن كانت مرحلة الماجستير مرحلة اكتساب الدربة والمهارة في البحث العلمي فإن مرحلة الدكتوراه مرحلة الإبداع والابتكار، يُطلب فيها من الباحث أن يرود فضاء لم يسبقه إليه أحد، ويدرس موضوعاً بكراً لم تعرفه الساحة الثقافية من قبل، فيكون موضوعه جديداً ومهماً يسد ثغرة في المكتبة ويكشف مجاهيل نتطلع إلى كشفها.
ومن هنا فإن موضوع الرسالة الجامعية في الأصل متميز في أهميته وجدته، يزيده أهمية توجيه المشرف وملاحظات المناقشين التي تجعل نتائجه وتوصياته موضوعية ذات مكانة علمية عالية.(1/234)
وعندما نستعرض قائمة الموضوعات التي بحثتها الرسائل الجامعية العليا في مستوييها الماجستير والدكتوراه نجد للمدينة المنورة حظاً وافراً ينافس كثيراً من المدن العربية والإسلامية الأخرى، ونجد لها حضوراً واسعاً يتجاوز الجامعات السعودية ويصل إلى الجامعات العربية والإسلامية، بل وبعض الجامعات الأوربية والأمريكية، ونجد هذه الموضوعات تتناول جوانب كثيرة من ماضيها وحاضرها، وتشمل تاريخها على امتداد العصور، بدأً بالحلقة الذهبية التي أكسبتها ميزة على سائر المدن ، حلقة العهد النبوي، ووصولاً إلى عصرنا الحاضر، وتشمل الأحداث التي وقعت بين جنباتها، والأدب الذي ظهر فيها، والمدارس الفقهية التي نبتت في حلقات مسجدها النبوي ومدارسها، والأعلام الذين نبغوا فيها ، كما تشمل معالمها، الأثرية وتكوينها الجيولوجي والأنشطة الاقتصادية والظواهر الاجتماعية التي تظهر فيها والقضايا التربوية التي تبدو في مدارسها وجامعاتها، والتطورات العمرانية التي شهدتها قديماً وحديثاً، وهكذا لاتكاد الرسائل تغادر جانباً في حياتها إلا وتعكف عليه بحثاً ودراسة لتصنع إضافة جديدة إلى مكتبة المدينة المنورة المتنامية.
وأحسبني في غنى عن تعليل هذه الظاهرة، ظاهرة إقبال الباحثين في الدراسات العليا على المدينة المنورة ليتخذوا من جوانب الحياة المتعددة الكثيرة والغنية فيها موضوعاً لرسائلهم الجامعية، فمكانتها المتميزة في القلوب، وما تمثله من معان وقيم إيمانية وإرث نبوي يمتد فيها عبر العصور يجعلها حبيبة إلى النفوس، تشترك في دوافع بحوثها البواعث الإيمانية والعلمية، ويستوي في الإقبال عليها من ولد فيها أو أقام، أو خفق قلبه عن بعد بحبها، وتمنى أن يراها ويقضي أهنأ ساعات العمر في صلاة متبتلة بمسجدها النبوي .(1/235)
وقد سعينا لتتبع هذه الرسائل في جامعات المملكة والبلاد العربية وغير العربية، وجمعنا معلومات عن عدد لابأس به، لكنه لايمثل العدد النهائي، فبعض الجامعات لم يصلنا جوابها بعد، وبعضها لم نصل إليها، وما تحصل لدينا شجعنا على أن نبدأ النشر، ونضع منهجاً يتوافق مع تتبعنا ومتابعتنا الدؤوبة، وقسمنا وفق هذا المنهج الدليل من حيث لغة الرسالة الجامعية إلى قسمين: قسم يشمل الرسائل الجامعية المقدمة باللغة العربية، وقسم يشمل الرسائل المقدمة بلغات أخرى، كما قسمناه من حيث موضوع الرسالة إلى قسمين آخرين: قسم يضم الرسائل التي تقتصر على المدينة المنورة لاتشركها فيه مدينة أخرى، وقسم تكون المدينة المنورة جزءاً مهماً فيها، كالرسائل عن الحرمين الشريفين، والرسائل عن الحجاز، والرسائل عن المنطقة الغربية للمملكة العربية السعودية- وهكذا.
ويسرنا اليوم أن نقدم القائمة الأولى من هذا الدليل، وتضم قسماً من الرسائل الجامعية المكتوبة باللغة العربية عن المدينة المنورة وحدها، والتي تقتصر موضوعاتها على قضية أو أكثر من قضاياها لاتشترك معها مدينة أخرى. وتبرز أحداثاً تاريخية أو ظواهر بيئية أو عمرانية أو ثقافية فيها، وسنفرد قائمة أخرى لأعلامها على مر العصور، كما نفرد قائمة للاستدراكات التي تصلنا من بقية الجامعات العربية والإسلامية لاحقاً، والتي نجتهد في متابعتها إلى درجة إرسال مندوبين شخصيين إلى تلك الجامعات.
ولعلها مناسبة نناشد فيها المسؤولين في الجامعات التي اتصلنا بها أن تستجيب لرجائنا وتزودنا بالمعلومات التي طلبناها عن الرسائل الجامعية المقدمة إليها عن المدينة، سواء كانت مقتصرة عليها أو بالمشاركة.(1/236)
ولايخفى على أحد أهمية هذا الدليل وفوائده، وأهونها تسهيل الوصول إلى تلك البحوث العلمية التي نشر أقلها ومازال معظمها حبيس الخزائن والرفوف ، وحفظ جهود الباحثين من أن تبدد في أعمال مكررة، وموضوعات درست وربما قتلت بحثاً ودراسة، فضلاً عما تحمله البحوث عن المدينة من معطيات أخرى كثيرة.
ونتقدم بهذه المناسبة بجزيل الشكر للجامعات والهيئات الثقافية الأخرى التي تعاونت معنا، وفي مقدمتها جامعات المملكة العربية السعودية ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ومكتبة الملك فهد الوطنية والباحثين والمراجعين الذين لم يضنوا علينا بمعلوماتهم و ملاحظاتهم القيمة.
والله ولي التوفيق،،،
القائمة الأولى
1- اتجاهات الشعر المعاصر في المدينة المنورة
عليان دخيل الله الحازمي
كلية اللغة العربية/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية/ الرياض
دكتوراه 1417هـ 1997م
2- الاتجاهات النفسية نحو التوجيه والإرشاد الطلابي وعلاقتهما ببعض المتغيرات الشخصية لدى عينة من ذوي العلاقة بالإرشاد الطلابي بالمدينة المنورة.
عبد الجليل بن محمد عواد أبو زيد
كلية التربية/ جامعة أم القرى/ مكة المكرمة
ماجستير 1419هـ 1999م
3- أثر استخدام الألعاب التعليمية على تحصيل واحتفاظ تلميذات الصف الأول الابتدائي في القراءة والكتابة بالمدينة المنورة
نوال حسن إبراهيم ناظر
كلية التربية بالمدينة المنورة / فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1421هـ 2001م
4- أثر استخدام التغذية الراجعة ووضوح الأهداف على الأداء والتحصيل وتنمية الميول العلمية في مادة العلوم لطالبات الصف الثاني المتوسط بالمدينة المنورة
وفاء مقبل يوسف الجيار
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبدالعزيز
ماجستير 1421هـ 2001م
5- أثر استخدام الحاسب الآلي على تحصيل واحتفاظ طالبات الصف الأول متوسط في مقرر اللغة الإنجليزية بالمدينة المنورة (دراسة تجريبية)
حنان نصار بجاد الجرماوي(1/237)
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1421هـ 2001م
6- أثر استخدام الحاسب الآلي في تدريس العلوم على التحصيل الدراسي
محمد على إسماعيل مصلوخ
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1413هـ 1993م
7- أثر استخدام الرسوم المتحركة في ترسيخ بعض القيم العامة لدى أطفال المرحلة التمهيدية في المدينة المنورة
ليلى سعيد سويلم الجهني
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1420هـ 2000م
8- أثر استخدام المناقشة وتتابعها مع العروض العملية على تحصيل طلاب السنة الثانية المتوسطة في مادة العلوم في المدينة المنورة
علي رضا عبد الله أحمد
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1413هـ 1993م
9- أثر استخدام المنظم المتقدم على التحصيل الدراسي في مادة العلوم لطالبات الصف الخامس الابتدائي بالمدينة
إيمان محمد ياسين فهيم الدين
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1413هـ 1993م
10- أثر برنامج (افتح ياسمسم) على تحصيل تلاميذ الصف الأول الابتدائي في القراءة والكتابة والرياضيات في بعض مدارس المدينة المنورة
خالد بن أحمد عزو الشنتوت
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1408هـ
11- أثر العادات الغذائية على ليبيدات الدم في الأصحاء ومرضى الذبحة الصدرية والاحتشاء القلبي بالمدينة المنورة
عفاف حمزة بشير عامر
كلية التربية للبنات بجدة/ الرئاسة العامة لتعليم البنات
دكتوراه 1418هـ 1998م
12- الأحاديث الواردة في فضائل المدينة ـ جمعاً ودراسة
صالح بن حامد بن سعيد الرفاعي
قسم الدراسات العليا/ الجامعة الإسلامية/ المدينة المنورة
دكتوراه 1411هـ 1991م
13- أخبار قبائل الخزرج لشرف الدين الدمياطي ـ دراسة وتحقيق
عبد العزيز بن عمر محمد البيتي(1/238)
كلية الدعوة وأصول الدين/ الجامعة الإسلامية/ المدينة المنورة
دكتوراه 1416هـ 1996م
14ـ أخبار المدينة النبوية من تاريخ ابن زبالة ـ جمع النصوص ودراسة المنهج
صلاح عبد العزيز سلامة
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية/ جامعة أم القرى/ مكة المكرمة
ماجستير 1421هـ 2001م
15- أخبار الوفود التي قدمت إلى المدينة في العهد النبوي ـ جمعاً ودراسةً
محمد بن عبد الرحمن إبراهيم الدخيل
كلية الدعوة وأصول الدين/ الجامعة الإسلامية/ المدينة المنورة
ماجستير 1411هـ 1991م
16- إدارة وتنظيم الاجتماعات المدرسية في المدارس المتوسطة والثانوية الحكومية للبنات بالمدينة المنورة
صبرية مسلم سليم اليحيوي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1412هـ 1992م
17- إدارة الوقت وعلاقتها ببعض المتغيرات لدى مديري مدارس مراحل التعليم العام في المدينة المنورة
خالد حسن نجيب حماد
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير – س 1413هـ.
18- الأدب في المدينة في عهد بني صمادح
القوشي قدري آلوبي الشريف
كلية الآداب/ جامعة حلب/ سوريا
ماجستير 1404هـ 1984م
19- إعادة تعمير بعض المناطق الأثرية بالمدينة المنورة.
عبد العزيز بن عبد الرحمن كعكي
كلية الهندسة/ جامعة الأزهر
ماجستير 1415هـ 1995م
20- إعداد واختيار مديري المدارس بالمدينة المنورة: دراسة ميدانية
محمود بن محمد عمر السالك
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1410هـ 1990م
21- الإعلام الإسلامي في مجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة
عبد الوهاب أحمد محمد كحيل
كلية الآداب بسوهاج /فرع جامعة أسيوط/ مصر
دكتوراه 1403هـ 1983م
22- إقليم المدينة المنورة: دراسة في أحوال السكان وأنماط الاستيطان .
عائشة محمد الحاج أحمد عبد القادر
كلية التربية للبنات بجدة/ الرئاسة العامة لتعليم البنات
ماجستير 1405هـ 1985م(1/239)
23- الأنماط الإدارية لمديري المدارس وعلاقتها بالنمو المهني للمعلمين: دراسة ميدانية في المدارس المتوسطة بالمدينة
تنضيب بن عواد هريسان الفايدي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1408هـ 1988م
24- أنماط التفاعل اللفظي في تدريس التربية النسوية ومدى ملاءمتها للأهداف التدريسية في الصف الثاني المتوسط بالمدينة المنورة
مدنية حامد أبو عوف
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1414هـ 1994م
25- أهم المشكلات التي تحول دون استخدام المعامل من قبل تلاميذ القسم العلمي بالمرحلة الثانوية بمدارس البنين بالمدينة
سلمان سليمان معوض الرحيلي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1413هـ 1993م
26 - بحوث الدراسات العليا في مجال العقيدة في الجامعة الإسلامية/ المدينة المنورة منذ تأسيس شعبة العقيدة حتى نهاية العام الدراسي 1408هـ - عرض وتحليل
عطيه بن عطية الله مفرج المزيني
قسم الدراسات العليا /الجامعة الإسلامية/ المدينة المنورة
دكتوراه 1411هـ ـ 1991م
27- بعض العوامل المؤثرة على استخدام الوسائل التعليمية في تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة المتوسطة بالمدينة المنورة
عبد الرحمن عويضة فضي المحمدي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1417هـ 1997م
28- بعض العوامل المتعلقة باستخدام الوسائل التعليمية بواسطة معلمي المرحلة المتوسطة بالمدينة المنورة: دراسة ميدانية
عبد الله بن حبيب عتيق الرحيلي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1413هـ 1993م
29- بعض المبادئ التربوية المستنبطة من غزوة الأحزاب (الخندق)
... أحمد علي حسن نحاس
... كلية التربية/ جامعة أم القرى/ مكة المكرمة
... ماجستير- د. ت.
30- تاريخ الحياة العلمية في المدينة المنورة خلال القرن الثاني الهجري
سعد موسى حمد الموسى(1/240)
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية /جامعة أم القرى/ مكة المكرمة
ماجستير 1409هـ 1989م
31- تحليل لغوي لقدرة طلاب كلية التربية بالمدينة المنورة على استخدام التراكيب الظرفية الإنجليزية
هاشم حمزة عباس نور
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1407هـ 1987م
32- التخطيط للنشاط الطلابي في كلية التربية بالمدينة المنورة
عليان عيد حامد الحربي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1412هـ 1992م
33- ترشيد استخدام اللجان المؤقتة لحل المشكلات في الأجهزة الأمنية: دراسة على الأجهزة الأمنية بمنطقة المدينة المنورة
خالد مريشد العتيبي
معهد الدراسات العليا/ أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية/ الرياض
ماجستير 1420هـ / 1999م
34- التعريف بما آنست الهجرة من معالم دار الهجرة لمحمد بن أحمد المطري: تحقيق ودراسة
عبد الله بن سليمان محمد اللهيب
كلية الآداب والعلوم الإنسانية/ جامعة الملك عبد العزيز/ جدة
ماجستير 1409هـ 1989م
35- التعليم الأهلي في المدينة المنورة من عام 1344-1408هـ: دراسة تاريخية وصفية
دخيل الله عبد الله الحيدري
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1411هـ 1991م
36- تعليم التفكير الإبداعي الناقد من خلال مقرر البلاغة والنقد لطالبات الصف الثالث الثانوي الأدبي بالمدينة المنورة
خديجة محمد عمر حاجي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1420هـ 2001م
37- التعليم في المدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
سند لافي الشاماني الحربي
كلية التربية بالمدينة المنورة / فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1411هـ 1991م
38- تقويم برامج تدريب مديرات المدارس التابعة للرئاسة العامة لتعليم البنات في المدينة المنورة: دراسة ميدانية
زينب أحمد محمد الأزهري(1/241)
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1416هـ 1996م
39- التقييم الجيولوجي الهندسي للشقوق الأرضية في وادي اليتمة جنوب المدينة المنورة
خالد أحمد بانخر
كلية علوم الأرض/ جامعة الملك عبد العزيز/ جدة
ماجستير
40- التقييم المبدئي لأوضاع التربة في المدينة المنورة
محمد بن إبراهيم متساه
كلية علوم الأرض/ جامعة الملك عبد العزيز/جدة
ماجستير 1409هـ 1989م
41- تكنولوجيا الاتصال والمجتمع: دراسة استطلاعية وصفية للدور الاجتماعي للهاتف بالمدينة المنورة
فاطمة محمد صالح المحضار
كلية الأداب والعلوم الإنسانية /جامعة الملك عبد العزيز/ جدة
ماجستير 1411هـ 1991م
42- التنظيم السياسي للدولة العربية الأولى في الإسلام في المدينة
محمد ممدوح علي محمد العربي
كلية الآداب/ جامعة الإسكندرية
ماجستير 1400هـ 1980م
43- التوافق الشخصي والاجتماعي لتلاميذ المدارس المتوسطة العامة وتلاميذ المدارس المتوسطة لتحفيظ القرآن الكريم بالمدينة المنورة
عبد العزيز أحمد حمزة معلا
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1412هـ 1992م
44- ثورة أهل المدينة (63هـ ـ 683م)
لؤي إبراهيم البواعنة
كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية /الجامعة الأردنية
ماجستير 1418هـ 1998م
45- جهد الماء الباطني في جنوب المدينة
النذير قسم السيد آدم
كلية علوم الأرض/ جامعة الملك عبدالعزيز/ جدة
ماجستير 1403هـ 1983م
46- الجوانب الإدارية والتنظيمية للتوجيه والإرشاد الطلابي في منطقة المدينة المنورة: دراسة ميدانية
عبد الوهاب محمد فراس زمان
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1411هـ 1991م
47- الجوانب التربوية في الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة
لينا عبد الله علي الزعبي
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية/ جامعة اليرموك/ الأردن
ماجستير 1418هـ 1998م(1/242)
48- حديث القرآن عن غزوات بني النضير وبني المصطلق والأحزاب
محمد بن بكر بن إبراهيم عابد
كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية /الجامعة الإسلامية/ المدينة المنورة
ماجستير 1404هـ 1984م
49- الحركة العلمية في المدينة المنورة: من القرن الثالث الهجري إلى نهاية الدولة العباسية 656هـ
جمال محمد صادق القاضي
كلية الدعوة وأصول الدين/ الجامعة الإسلامية/ المدينة المنورة
دكتوراه 1416هـ 1996م
50- الحياة الاجتماعية والاقتصادية في المدينة المنورة في صدر الإسلام
نورة عبد الملك إبراهيم آل الشيخ
كلية التربية للبنات بجدة / الرئاسة العامة لتعليم البنات
ماجستير 1402هـ 1982م
51- الحياة الأدبية والثقافية بالمدينة المنورة في الجاهلية وصدر الإسلام
محمد العيد فرج الخطراوي
كلية اللغة العربية / جامعة الأزهر
دكتوراه1400هـ 1980 م
52- خرائط النقاط العددية والنسبية: دراسة مقارنة بالتطبيق على توزيع السكان في منطقة المدينة المنورة
فايز محمد مشبب آل سليمان العسيري
كلية الآداب / جامعة الملك سعود/ الرياض
ماجستير 1417هـ / 1996م
53- خصائص مرتكبي جريمة قتل النفس في منطقة المدينة المنورة
حمدان الجهني
معهد الدراسات العليا/ أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية/ الرياض
1420هـ / 1999م
54- الخلافة: نشأتها وتطورها في المدينة زمن الراشدين
سمير محمود عبد المطلب
كلية الآداب / الجامعة الأردنية
ماجستير 1395هـ 1975م
55- دراسات بيئية على المجتمعات النباتية في بعض وديان منطقة المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية
محمد بن عبد العزيز بن صالح الصالح
ماجستير 1408هـ 1988م
56- دراسات عن أنزيمات البيتة لاكتاميز واسع المدى وتعدد المقاومة في بعض عزلات البكتيريا سالبة الجرام المعزولة من مستشفيات المدينة المنورة
عبد الله عبيد الرفيعي
العلوم الطبية التطبيقية/ جامعة الملك سعود/ الرياض
ماجستير 1418هـ 1998م(1/243)
57- دراسة على بعض آفات تمور منطقة المدينة المنورة
سعيد سعيد ربيع الأحمدي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1407هـ 1987م
58- دراسة لمهام المشرفة الفنية بمدارس الرئاسة العامة لتعليم البنات بالمدينة المنورة
عائشة سيف صالح الأحمدي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1412هـ 1992م
59- دراسة مدى إتقان طلاب كلية إعداد المعلمين المتوسطة بالمدينة لمهارة التقدير التقريبي وإعداد برنامج لتنميتها لديهم
محمد عبد العزيز الحجيلي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1413هـ 1993م
60- دراسة مقارنة في تحديد مفهوم الذات بين الأطفال المحرومين وغير المحرومين من الأب في المدينة المنورة
عبد الرحمن محمد يحيى الفضيلي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1408هـ 1988م
61- دور البحث الجنائي في الكشف عن الجرائم المقيدة ضد مجهول: دراسة تطبيقية عن السرقة والقتل بمنطقة المدينة المنورة
جزاء غازي العصيمي
معهد الدراسات العليا/ أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية/ الرياض
ماجستير 1417هـ/ 1996م
62- الدور القيادي لطلاب كلية التربية بالمدينة المنورة وعلاقته ببعض العوامل العقلية والانفعالية
مطر مسفر الزهراني
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1411هـ 1991م
63- دور مدير المدرسة الإبتدائية كموجه تربوي بالمدينة المنورة: دراسة ميدانية
إبراهيم بن داد محمد النواب
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1410هـ 1990م
64- دور الوقف الإسلامي في الحياة العلمية والتعليمية بالمدينة المنورة في العهد السعودي
سحر عبد الرحمن مفتي صديقي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1422هـ 2001م(1/244)
65- رحلة أبي سالم العياشي: الحزء الخاص بالمدينة المنورة
محمد أمحزون
كلية الآداب / جامعة الملك سعود/ الرياض
ماجستير 1404هـ 1984م
66- الزراعة في منطقة المدينة المنورة الإدارية: دراسة جغرافية
فوزي عبد الله محمد أورقنجي
كلية العلوم الاجتماعية/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية/ الرياض .
دكتوراه – س 1415هـ.
67ـ السمات العامة لمراكز الاستيطان الريفي في إمارة منطقة المدينة المنورة ـ دراسة جغرافية العمران الريفي
عائشة بنت محمد الحاج أحمد عبد القادر
كلية التربية للبنات بجدة / الرئاسة العامة لتعليم البنات
دكتوراه 1413هـ 1993م
68- شبكة النقل البري في منطقة المدينة المنورة (الطرق البرية ـ خطوط الأنابيب)
جميلة أحمد الفوتاوي
كلية التربية للبنات بجدة / الرئاسة العامة لتعليم البنات
ماجستير 1418هـ 1998م
69- الشعر في المدينة قبل الإسلام
ساهرة عبد الكريم حافظ
كلية الآداب / جامعة بغداد
ماجستير 1396هـ 1976م
70- شعراء يثرب في العصر الجاهلي وصدر الإسلام
ورد محمدي مكاوي عزب
كلية الأداب / جامعة الاسكندرية
دكتوراه 1410هـ 1990م
71- الطبقات الكبرى لابن سعد: من تابعي أهل المدينة ومن بعدهم من الطبقة الثالثة إلى السادسة
زياد محمد منصور
كلية الحديث الشريف/ الجامعة الإسلامية/ المدينة المنورة
ماجستير 1400هـ 1980م
72- العلاقة بين دولة الرسول صلى الله عليه وسلم والقبائل العربية المقيمة حول المدينة (1-11هـ / 622-632م)
محمد صالح محمد العسكر
كلية الآداب / جامعة الملك سعود/ الرياض
دكتوراه – س 1419هـ.
73- العلاقة بين المناخ المدرسي ونتائج التحصيل الدراسي بالمدارس الثانوية في المدينة المنورة: دراسة ميدانية
عبد العزيز بن سليمان بن محمود الحازمي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1408هـ 1988م
74- عمارة المسجد النبوي في العصر المملوكي (648-923هـ)
... محمد هزاع الشهري(1/245)
... كلية الشريعة/ جامعة أم القرى/ مكة المكرمة
... ماجستير 1402هـ 1982م
75- عمل أهل المدينة بين مصطلحات مالك وآراء الأصوليين
... أحمد محمد نور سيف بن هلال
... كلية الدعوة وأصول الدين/ جامعة أم القرى/ مكة المكرمة
... ماجستير 1392هـ 1972م
76- غزوة أحد: دراسة دعوية
محمد بن عيظة بامدحج
كلية الدعوة بالمدينة المنورة / جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
ماجستير 1416هـ 1996م
77- فاعلية الخطط الفرضية في رفع كفاءة أداء منسوبي الدفاع المدني بالمدينة المنورة.
عبد الرحمن عبد الحميد الحربي
معهد الدراسات العليا / أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية/ الرياض
ماجستير 1420هـ 1999م
78- فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه
محمد بن عبد الله بن عبد القادر الغبان
الدعوة وأصول الدين / الجامعة الإسلامية/ المدينة المنورة
ماجستير 1416هـ 1996م
79- الفيديو في مدارس المرحلة المتوسطة بالمدينة، استخدامه ومشكلاته: دراسة ميدانية
قاسم حسين رشيد الفار النخلي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1415هـ 1995م
80- القبائل وعلاقتها بدولة المدينة خلال حياة محمد صلى الله عليه وسلم
مراد اليعقوبي
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية / جامعة تونس
دكتوراه – د.ت
81- القدرات العقلية المسهمة في نجاح طلاب مركز التدريب المهني بالمدينة المنورة
سهيل بن أحمد عبد القادر قشقري
كلية التربية بالمدينة المنورة / فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1410هـ 1990م
82- القدرات القيادية وعلاقتها بالمناخ التنظيمي في المدارس الابتدائية بالمدينة المنورة من وجهة نظر المديرين والمعلمين : دراسة ميدانية
عبد الله بجاد
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1418هـ/1997م
83- الكفاءات الإدارية المرغوبة في برامج تدريب مديري المدارس المتوسطة والثانوية بالمدينة المنورة: دراسة ميدانية
أحمد محمد مسعود الشريف(1/246)
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1410هـ 1990م
84- مجتمع الشناقطه بالمدينة المنورة
محمد صالح حمزة عسيلان
كلية الآداب / جامعة الملك سعود/ الرياض
ماجستير 1404هـ 1984م
85- مجتمع المدينة في عهد الخلفاء الراشدين
عبد الوهاب إبراهيم شيرة
كلية الآداب / جامعة الملك سعود/ الرياض
دكتوراه 1418هـ 1998م
86- مجتمع المدينة المنورة وتنظيم القبائل سياسياً واجتماعياً في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم
عبد الله عبد العزيز إدريس
كلية الآداب / جامعة الملك سعود/ الرياض
ماجستير 1399هـ 1979م
87- المدارس الثانوية للبنين في ريف المدينة المنورة : دراسة في تحديد نطاقها الجغرافي
خالد عتيق سليمان الصيدلاني
كلية الآداب / جامعة الملك سعود/ الرياض
ماجستير 1417هـ 1997م
88- المدينة المنورة: دراسة في جغرافية العمران
خالد الصالح القاضي
كلية العلوم الاجتماعية / جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية/ الرياض
ماجستير 1403هـ 1983م
89- المدينة المنورة عاصمة الإسلام في العصر الأول للإسلام
فاروق أرميش
جامعة أنقرة / تركيا
دكتوراه 1399هـ 1979م
90- المدينة المنورة عاصمة الإسلام ودولته الأولى: الأوضاع الدينية السياسية الاجتماعية الاقتصادية
محمد السيد أحمد الوكيل
كلية اللغة العربية / جامعة الأزهر
دكتوراه 1399هـ 1979م
91- المدينة المنورة في العصر المملوكي( 648-923هـ/ 1250-1517م): دراسة تاريخية
عبد الرحمن بن مديرس بن عبد المحسن المديرس
كلية الآداب / جامعة الملك سعود/ الرياض
دكتوراه 1417هـ 1997م
92- المدينة (يثرب) في العهد الأموي
فيصل الطرابلسي
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية / جامعة تونس
ماجستير –د.ت
93- المراكز الصيفية في المدينة المنورة وأثرها في الدعوة إلى الله
حسن بن حامد بن أحمد الحازمي
كلية الدعوة بالمدينة المنورة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
ماجستير 1413هـ 1993م(1/247)
94- مرويات تاريخ يهود المدينة في عهد النبوة
أكرم حسين علي السندي
كلية الحديث الشريف / الجامعة الإسلامية/ المدينة المنورة
ماجستير 1400هـ 1980م
95- مرويات سيف الدين بن عمر في تاريخ الطبري عن مقتل عثمان بن عفان : دراسة نقدية
خالد محمد عبد الله الغيث
كلية الدعوة وأصول الدين / جامعة أم القرى / مكة المكرمة
ماجستير 1411هـ 1991م
96- مرويات غزوة أحد
حسين أحمد صالح الباكري
كلية الحديث الشريف / الجامعة الإسلامية/ المدينة المنورة
ماجستير 1400هـ 1980م
97- مرويات غزوة الخندق : جمع ودراسة وتحقيق
إبراهيم بن محمد بن عمير مدخلي
كلية الحديث الشريف / الجامعة الإسلامية/ المدينة المنورة
ماجستير 1402هـ 1982م
98- المساجد التذكارية في المدينة المنورة
محمد محمود الديب
كلية الآداب / جامعة القاهرة
ماجستير 1390هـ 1970م
99- مسجد المدينة وأثره في مساجد العراق
سليمة عبدرب الرسول
كلية الآداب/ جامعة بغداد
ماجستير 1385هـ 1965م
100- المسجد النبوي في العصر العثماني: دراسة معمارية حضارية
... محمد هزاع الشهري
... كلية الشريعة/ جامعة أم القرى/ مكة المكرمة
... دكتوراه 1407هـ 1987م
101- المشكلات الاجتماعية لتعليم الكبار ومحو الأمية التي تواجه المعلمين والدارسين في فصول محو الأمية بمنطقة المدينة المنورة: دراسة استطلاعية
معلا بن علي سالم العوفي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1410هـ 1990م
102- المشكلات التي تواجه المدرسة الابتدائية من قبل المعلمين: دراسة ميدانية بمدارس منطقة المدينة المنورة
حسين حمزة محمود عويضة
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1410هـ 1990م
103- مشكلات تدريس مادة التربية النسوية بالمرحلة المتوسطة بالمدينة
آمنة محمد إسماعيل الرفاعي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير- س 1411هـ(1/248)
104- مشكلات الصحة النفسية لذوات القدرة الابتكارية من طالبات المرحلة المتوسطة بالمدينة المنورة
عزيزة أحمد عبد الله هب الريح
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1405هـ 1985م
105- مشكلات المباني المدرسية الابتدائية الحكومية في منطقة المدينة المنورة
حمد عبد الله المحيسن
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1411هـ 1991م
106- مصادر التوتر النفسي لدى مديري المدارس الإبتدائية الحكومية بمنطقة المدينة المنورة التعليمية
ياسين سالم سعيد الجهني
كلية الدراسات العليا / الجامعة الأردنية
ماجستير 1421هـ 2001م
107- مصادر ومشكلات الثقافة في رياض الأطفال بالمدينة المنورة
دلال محمد عبد الله حنفي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير – س 1409هـ
108- المعاهد والدور التابعة للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ورسالتها: دراسة وصفية تحليلية
حامد بن محمد بن حمدان الصاعدي
كلية التربية / جامعة أم القرى / مكة المكرمة
ماجستير 1417هـ 1997م
109- المكتبات العامة بالمدينة المنورة: ماضيها وحاضرها
حمادي علي التونسي
كلية الآداب والعلوم الإنسانية / جامعة الملك عبد العزيز/ جدة
ماجستير 1401هـ / 1981م
110- المكونات العاملية للابتكار في الرياضيات لدى طالبات الصف الأول الثانوي بالمدينة المنورة
شرف حامد عبد الله الأحمدي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1420 هـ 2000م
111- الممارسات الوظيفية لمديري المدارس الإبتدائية بالمدينة المنورة : دراسة ميدانية
عتيق الله بن دخيل الله الرحيلي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1408هـ 1988م
112- مناهج مؤرخي المدينة المنورة في القرن التاسع الهجري
ابتسام عبد المحسن السويلم
كلية الآداب / جامعة الملك سعود/ الرياض
دكتوراه 1420هـ 2000م(1/249)
113- منطقة المدينة المنورة: دراسة في الجغرافيا الإقليمية
عبد العزيز محمد عبد الله السويلم
كلية العلوم الاجتماعية / جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية / الرياض
ماجستير 1409 هـ 1989م
114- موقف اليهود من رسالة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم في ضوء القرآن الكريم
عبد الله حسين عبد الله الشهراني
كلية التربية / جامعة الملك سعود / الرياض
ماجستير 1418هـ 1998م
115- النشاط الاقتصادي بمنطقة المدينة المنورة في العهد النبوي
عبد الله بن عثمان بن عبد الكريم الخراشي
كلية الآداب / جامعة الملك سعود/ الرياض
دكتوراه 1418هـ 1998م
116- النمط القيادي لمدير المدرسة والروح المعنوية لدى المعلمين: دراسة ميدانية على المدارس المتوسطة بالمدينة المنورة.
... حامد عبدالعزيز محمد
... كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبدالعزيز
... ماجستير 1407هـ 1987م
117- الهدر في التعليم الابتدائي بالمدينة المنورة
سعد بن جود الكريم زين الرحيلي
كلية التربية بالمدينة المنورة/ فرع جامعة الملك عبد العزيز
ماجستير 1410هـ 1990م
118- اليهود في يثرب ومواقفهم من الرسول صلى الله عليه وسلم
عبد الرحمن بن محمد عبد الله العبيد
كلية اللغة العربية / جامعة الأزهر
ماجستير 1395هـ 1975م
تقرير عن
مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة
مسوغات إنشائه – أهدافه- هيكله الإداري- إنجازاته
تجمع الروايات التاريخية العربية على أن المدينة المنورة من أقدم مدن العالم، أسسها حفيد رسول الله نوح عليه السلام يثرب بن قانياء في الجيل الرابع أو السادس أو الثامن بعد الطوفان وسميت باسمه (يثرب).(1/250)
وعندما هاجر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الثالث عشر من البعثة النبوية بدأ تاريخها الذهبي، فصارت محضن المجتمع الإسلامي الأول، وعاصمة دولته المتنامية، واستمرت كذلك مدة العهد الراشدي، ثم تخففت من الأعباء السياسية عندما تحول ثقل الدولة إلى دمشق عاصم الأمويين، وخلصت للقيم الدينية والعطاءات الثقافية، ورحل إليها طلاب العلم والعلماء، يَدْرسون ويُدَّرسون في مسجدها النبوي، وتوالت إليها وفود المسلمين من أنحاء الأرض في مواسم الحج والعمرة، وكتب فيها وعنها الكثيرون على امتداد العصور التالية، فصار لها تراث ثقافي هائل يتحدث عن فضائلها ومعالمها، والأحداث المتميزة التي وقعت فيها، وأعلامها، وعطاءاتهم في فروع المعرفة كافة، من السيرة النبوية إلى الشعر، ولا تكاد تجد قرناً، بل جيلاً إلا وفيه كتابات عن المدينة المنورة، فقد زرع الله محبتها في القلوب استجابة لدعائه صلى الله عليه وسلم ( اللهم حبب إلينا المدينة) .
غير أن هذا التراث الضخم يشكو من همين : التوزع في المكتبات ودور الوثائق والمخطوطات في أنحاء العالم ، وقلة الدارسين الذين يعكفون على مخطوطاته ووثائقه وكتبه النادرة دراسة وتمحيصاً، ويخرجون للساحة الثقافية معلومات موثقة، بريئة من تزيد الرواة وأهواء المغالين.
لذلك كله، ولما للمدينة المنورة من مكانة في قلوب المسلمين جميعاً أنشئ مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة لينهض بهذه المهمة الكبيرة، وجُعل وقفاً خيرياً مؤبداً ليكون امتداداً لعطاءات الوقف الإسلامي العظيمة في القرون السابقة، وصرحاً علمياً رائداً يسعى لتحقيق الأهداف التالية:
1- جمع المعلومات عن المدينة المنورة في اللغات المختلفة من مختلف المصادر وأوعية المعلومات: كالكتب والمقالات والبحوث والوثائق، وحفظها، والتعامل معها بمختلف الوسائل الملائمة.(1/251)
2- إعداد ونشر البحوث والدراسات المنهجية الجادة، التي تتميز بالأصالة والدقة والتوثيق العلمي، عن المدينة المنورة وجوانب الحياة فيها قديماً وحديثاً، وتحقيق تراثها المخطوط، ورصد التطورات المستجدة دائماً.
3- تقديم خدمات المعلومات الموثقة لمراكز البحوث، والباحثين، ولمن يستفيد من المعلومات، سواء كان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وسواء تم ذلك بالطريقة العادية أو بالطرق المستحدثة كشبكات الاتصالات المحلية والعالمية.
ويسعى المركز لتحقيق هذه الأهداف بكافة الوسائل المناسبة وخاصة:
1- إنشاء مكتبة متخصصة.
2- إنشاء قاعدة معلومات بالحاسب الآلي.
3- إصدار دائرة معارف عن المدينة المنورة تجدد كلما دعت الحاجة إلى ذلك.
4- إصدار دوريات علمية متخصصة ونشرات.
5- إعداد خرائط ومصورات ومجسمات تمثل المدينة المنورة في مختلف العصور التاريخية.
6- إقامة محاضرات وندوات ومؤتمرات عن المدينة المنورة.
7- استخدام الوسائل التقنية المتقدمة لجمع المعلومات ونقلها.
8- الاستعانة بالخبراء والباحثين المتخصصين من داخل المملكة وخارجها.
9- التعاون مع مراكز البحوث والدراسات المشابهة.
هيكل المركز:
يتكون المركز مما يلي:
مجلس الإدارة - المدير العام - المجلس العلمي - الأقسام العلمية - الأقسام الإدارية.
مجلس الإدارة:
مجلس الإدارة هو المرجع الأعلى للمركز ويتكون من:
1- صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز
أمير منطقة المدينة المنورة رئيساً.
2- فضيلة الدكتور صالح بن عبد الرحمن المحيميد
رئيس المحاكم الشرعية بالمدينة المنورة نائباً للرئيس.
3- معالي المهندس عبد العزيز بن عبدالرحمن الحصين
أمين المدينة المنورة ... ... عضواً.
4- سعادة المهندس عبد الكريم بن سالم الحنيني
... وكيل إمارة منطقة المدينة المنورة عضواً.
5- سعادة الأستاذ عبد الرحمن المويلحي
... مدير فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ... ... ... عضواً.(1/252)
6- ثلاثة من المهتمين باختصاصات المركز، وقد تم اختيار كل من:
معالي الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين، الوزير والمستشار بمجلس الوزراء سابقاً . عضواً.
سعادة الدكتور محمد سالم شديد العوفي، الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف. ... عضواً.
سعادة الدكتور حمدان بن راجح الشريف، الأستاذ بالجامعة الإسلامية ورئيس جمعية الخدمات الاجتماعية سابقاً. عضواً.
- سعادة الدكتور عبد الباسط بن عبد الرزاق بدر المدير العام للمركز عضواً وأميناً للمجلس .
المجلس العلمي المركز :
للمركز مجلس علمي يضم كلاً من:
1- مدير عام المركز.
2- مساعد المدير العام.
3- رؤساء الأقسام العلمية في المركز.
4- عدد من المهتمين باختصاصات المركز من خارجه يعينهم مجلس الإدارة لمدة سنتين. وقد تم تعيين كل من:
- الأستاذ الدكتور عبدالله بن عبد الرحيم عسيلان، الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو مجلس الشورى.
- الأستاذ الدكتور يوسف بن أحمد حوالة، الأستاذ بجامعة الملك عبدالعزيز فرع المدينة المنورة
- الأستاذ الدكتور يحيى بن إبراهيم اليحيى، الأستاذ بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
-الأستاذ الدكتور عبدالله دمفو ، الأستاذ بجامعة الملك عبدالعزيز فرع المدينة المنورة.
ويختص المجلس العلمي للمركز بالأمور التالية:
1-اقتراح الخطة السنوية للنشاط العلمي للمركز.
2-اقتراح البحوث والدراسات التي يكلف بها باحثون من خارج المركز.
3-تقويم الأعمال العلمية التي يريد المركز إصدارها وتقديم تقرير بشأنها إلى مجلس الإدارة.
يضم المركز الأقسام العلمية التالية:
1-قسم البحوث والترجمة: ويختص بإعداد الكتب والموسوعات والبحوث والدراسات والتقارير وترجمة ما يحقق أهداف المركز.(1/253)
2-قسم قاعدة المعلومات: ويختص بتلقي المعلومات المتعلقة بأهداف المركز ومجالات عمله وتصنيفها وتوثيقها وتخزينها في أجهزة الحاسب وجعلها في متناول الباحثين والجامعات والمراكز المتخصصة، ويتبع هذا القسم مكتبة متخصصة ومركز للحاسب الآلي ووحدة للصيانة.
3- قسم المخطوطات والوثائق: ويختص هذا القسم بجمع المخطوطات والوثائق أو صورها عن المدينة المنورة حيثما وجدت، ويهتم بحفظها ودراستها وإعداد فهارس عامة وفهارس تفصيلية عنها، وتحقيق المخطوطات التي يتقرر تحقيقها في المركز، وإخراج دراسات من واقع الوثائق التي يقتنيها.
4-المكتبة:
تتبع الأقسام العلمية مكتبة عامة متخصصة بكتب المدينة المنورة ومصادر دراستها وفيها قسم للمؤلفات بغير اللغة العربية ، وتستقبل المكتبة إضافة للعاملين في الأقسام العلمية الباحثين والمراجعين من خارج المركز.
إنجازات المركز:
تم خلال فترة الإعداد لإنشاء المركز وحتى تاريخ صدور هذا العدد إنجاز الأعمال التالية:
ـ إنشاء مكتبة عن المدينة المنورة تجمع الكتب المتخصصة فيها والمصادر والمراجع التي تحوي معلومات عنها.
ـ إنشاء قاعدة معلومات بالحاسب الآلي عن المدينة المنورة تتضمن معلومات واسعة عن معالم المدينة المنورة وأعلامها وأحداثها التاريخية والنشاطات الحيوية: التعليم - الصحة - الصناعة- التجارة- الزراعة - الخدمات الفندقية- المواصلات- والاتصالات - الجمعيات والأندية- العادات والتقاليد...إلخ.
ـ إعداد برامج عن المدينة المنورة مسجلة على أسطوانات ليزر، هي: زيارة إلى المدينة المنورة، وموسوعة المدينة المنورة، وعمارة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ. ويجري تسويقها بالتعاون مع مؤسسات محلية.
ـ إعداد فيلم وثائقي إعلامي عن المدينة المنورة بعنوان: المدينة المنورة تاريخ وحضارة بسبع لغات.
ـ جمع 200 مصورة ورقية وفلمية لمخطوطات عن المدينة المنورة.(1/254)
ـ جمع 3500 وثيقة عن المدينة المنورة من مراكز وثائقية داخل المملكة وخارجها.
ـ إعداد برنامج ((الحافظة)) لحفظ صور الوثائق وفهرسة المعلومات الواردة فيها وتيسيرها للباحثين.
ـ استخراج المعلومات المدونة عن المدينة المنورة من 600 كتاب، يتراوح حجم الكتاب الواحد بين مجلد واحد وستة وثلاثين مجلداً، وتصنيف هذه المعلومات، وإدخالها داخل قاعدة المعلومات في الحاسب الآلي.
ـ ترجمة ثلاثة كتب من الإنجليزية هي:
1-الحج إلى مكة والمدينة تأليف: ريتشارد بيرتون.
2-رحلات إلى بلاد العرب (قسم الرحلة إلى المدينة) تأليف: جون بيركهارت.
3-رحلة إلى المدينة. تأليف لويس كنت.
ترجمة ثلاثة كتب من اللغة التركية الحديثة والقديمة:
1- آخر الأتراك في ظل نبينا تأليف: فريدون كندمير.
2- الدفاع عن المدينة تأليف: ناجي قاصف كيشمان.
3- رسالة طيبة الأذكار في وصف المدينة عام 1206هـ تأليف:أحمد بشكاري زاده.
ـ أنجز المركز مشروعاً من مشاريع خدمة تراث المدينة المنورة الموجود لدى جهات أخرى، وذلك بالتعاون مع كل من: مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة، ووقف مدرسة بشير آغا، وتم في هذا المشروع فهرسة وتصنيف المخطوطات الموجودة في مكتبة بشير آغا الأثرية، ويبلغ عدد عناوينها الرئيسية 1180 عنواناً، تتضمن مخطوطات مفردة ومجاميع تحوي رسائل وكتباً عدة باللغات العربية والفارسية والعثمانية، وقد بلغ عدد الكتب والرسائل التي تتضمنها 1828 كتاباً ورسالة، وصدر المشروع في كتاب وأسطوانة ليزر.
ـ أنشأ المركز وحدة للإنتاج والتسويق تتولى تمويل وتسويق مشروعات المركز الثقافية والإعلامية والسياحية المتعلقة بالمدينة المنورة مثل: الكتب والبرامج الحاسوبية والأشرطة الصوتية والمرئية والهدايا. وأقامت مراكز للتوزيع في المنطقة المركزية حول المسجد النبوي لتكون عائداتها رافداً من روافد ميزانية المركز . كما أنشأ ((نادي الإنترنت)) لخدمة الجمهور.(1/255)
ـ أنشأ المركز شبكة المدينة - madinahnet.net - وهي أكبر موسوعة معلوماتية لمدينة على شبكة الإنترنت. تقدم معلومات تاريخية وإدارية ودينية وسياحية، وتتضمن قاعدة معلومات خاصة بالمسجد النبوي، وبثا للخطب والدروس وقراءات الأئمة.
ـ إنشاء موقع خاص بالمركز في شبكة الإنترنت العالمية باللغتين العربية والإنجليزية
وعنوانه:
Internet: WWW. Al-madinah.org
والبريد الإلكتروني:
E- mail: info @al-madinah.org
ـ أنجز المركز قاعدة معلومات خاصة بالمدينة المنورة في مطلع العهد السعودي تتضمن معلومات وافية عن مساجدها وأسواقها وشوارعها وأحواشها وأزقتها وبيوتها وأسوارها وبساتينها وحماماتها وسكانها...إلخ. وتتصل هذه القاعدة بجهاز متطور يقدم عرضاً متميزاً بالصوت والضوء.
ـ أنجز المركز موسوعة المسجد النبوي تتضمن معلومات شاملة عن تاريخ المسجد النبوي وتطور عمرانه، وأهم الأحداث التي جرت في رحابه، وأشهر أعلامه من الشيوخ والإداريين والخطباء والمدرسين والأئمة والمؤذنين، وعن معالمه قديماً وحديثاً بتفصيل وافٍ. ويعد المركز لإصدارها مطبوعة وفي برنامج حاسوبي.
ـ أنجز المركز - بالتعاون مع أمانة المدينة المنورة - مجسماً كبيراً للمدينة المنورة في مطلع العهد السعودي (1345-1925م) مساحته 45م2 يمثل الحالة العمرانية للمدينة المنورة في ذلك الوقت وما تتضمنه من تراث يرجع إلى العصر العباسي والمملوكي والعثماني، وتكفلت أمانة المدينة المنورة بتمويل تكاليفه.
ـ أصدر المركز الكتب التالية:
- المدينة المنورة في مائة مخطوط. فهرس تحليلي.
- مخطوطات مكتبة بشير آغا . فهرس وصفي.
- المدينة المنورة في الوثائق العثمانية (الجزء الأول).
- المدينة المنورة في الدوريات السعودية (الجزء الأول).
- المدينة المنورة في صور .
- مجتمع الحجاز في العهد الأموي د. عبد الله سالم الخلف.(1/256)
ـ أنجز فريق عمل خاص مؤلف من باحثين في المركز وعدد من أساتذة الجامعات المختصين تحقيق كتاب (المغانم المطابة في معالم طابة للفيروزآبادي ت 817هـ) والذي يعد أكبر موسوعة تراثية عن المدينة المنورة، (وصدر الكتاب في أربعة مجلدات).
- تحقيق كتابي: الدرة الثمينة لابن النجار و إتحاف الزائر لابن عساكر ويعد لإصدارهما هذا العام إن شاء الله.
وأما قصة ولادة مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة وتطوره من قاعدة معلومات إلى مركز كبير، فتتضمن سطوراً ناصعة لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز عندما بادر بوقف أرض لإنشاء وتشغيل المركز، سجل في المحكمة الشرعية الكبرى بالمدينة المنورة بتاريخ 28/1/1418هـ ترأس سموه أول مجلس إدارة للمركز .
وعندما انتقل سموه إلى إمارة مكة المكرمة خلفه شقيقه الوفي صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز الذي تولى إمارة منطقة المدينة المنورة فحبا المركز برعايته ودعمه، وتواصلت مسيرة النماء والعطاء واستطاع المركز أن ينجز ما أنجزه في فترة قياسية، ومازال يسعى في ظل رعاية سموه الكريم إلى المزيد.
ونذكر بالفضل جهود أصحاب المعالي والفضيلة والسعادة أعضاء مجلس الإدارة الذين يضعون سياسته وخططه السنوية ويتابعون تنفيذها ويسددون خطوات إدارتها لتكون الثمار أنضج وأفتى.
جعل الله عطاءات هذا المركز سطوراً ناصعة في صفحات حسناتهم وأثابهم عليها أجر المحسنين.
مجلة مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة
- تمّ العدد الأول - ويليه العدد الثاني ، وفيه :
الأمانات المنقولة من الحجرة النبوية إلى استانبول ... الدكتور سهيل صابان
تأثير التنمية الحضرية على المظهر العام في المدينة المنورة ... الدكتور محمد شوقي مكي
أول كتاب في تاريخ المدينة المنورة ... صلاح عبد العزيز سلامة
البيوت التقليدية القديمة في المدينة المنورة ... الدكتور عبد العزيز بن عبد الرحمن كعكي(1/257)
توسعة خادم الحرمين الشريفين للمسجد النبوي ... الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الفالح
وقف العلماء والمدرسي في المدينة المنورة ... سحر عبد الرحمن مفتي
رحلة السبتي إلى المدينة المنورة عام 684هـ ... ليلى سعيد سويلم الجهني
المدينة المنورة في الدوريات السعودية ... الدكتور عبد الباسط بدر
فقه أم سلمة في الطهارة ... الدكتورة راوية بنت أحمد الظهار(1/258)